You are on page 1of 139

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫جامعة ‪ 80‬ماي ‪ * 5491‬قالمة *‬

‫كلية العلوم االنسانية والعلوم اإلجتماعية‬


‫قسم التاريخ‬
‫تخصص‪ :‬تاريخ عام‬

‫مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر نظام جديد *ل م د* في التاريخ‬

‫أهم التطورات السياسية واالقتصادية والثقافية للجزائر في‬


‫عهد الرئيس الراحل هواري بومدين‬
‫‪5691-5691‬‬

‫االستاذ المشرف‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبات‪:‬‬


‫لعيادة نجيبة‬
‫‪-‬محمد شرقي‬ ‫منايعية وردة‬

‫الجامعة‬ ‫الصفة‬ ‫الرتبة العلمية‬ ‫االسم واللقب‬


‫‪0‬ماي‪5491‬‬ ‫رئيسا‬ ‫استاذ مساعد –أ‪-‬‬ ‫أ‪-‬السبتي بن شعبان‬
‫‪8‬ماي‪5491‬‬ ‫مشرفا‬ ‫‪-‬استاذ مساعد –أ‪-‬‬ ‫أ‪.‬د‪-‬محمد شرقي‬
‫‪8‬ماي‪5491‬‬ ‫مناقشا‬ ‫‪-‬استاذ مساعد –أ‪-‬‬ ‫أ‪.‬د‪ -‬رمضان بورغدة‬

‫السنة الجامعية‪/6852 :‬م‪6852‬‬


I
‫ق ال تعالى‪:‬‬
‫اع َملُوا فَ َسيََرى اللَّ ُه‬
‫{ َوقُل ْ‬
‫وَ }‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫م‬‫ؤ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫و‬
‫ََ ُ َ‬ ‫س‬‫ر‬ ‫و‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬
‫صدق اهلل العظيم‬
‫عز و جل الذي منى علينا و قدرنا على إتمام بحثنا هذا‬
‫الشكر هلل ّ‬
‫نتوجه بالشكر الى األستاذ المشرف "محمد شرقي" الذي كان‬

‫عونا بنصائحه و توجيهاته القيمة‬

‫الشكر لكل األسرة العلمية بقسم التاريخ بجامعة ق المة‬

‫إلى كل من قدم يد المساعدة من قريب أو بعيد‬

‫و في األخير نشكر كافة عمال المكتبة‬


‫الحمد هلل ذي القدرة الق اهرة ‪ ،‬و اآليات الباهرة‪ ،‬و اآلالء الظاهرة‬
‫و النعم المتظاهرة‪ ،‬حمدًا تؤذن بمزيد نعمه‪ ،‬و يكون حصانا مانعا‬
‫من نقمه‪ ،‬و صلى اهلل على األولين و اآلخرين من النبيين و‬
‫الصديقين‪ ،‬محمد النبي و الرسول األمي و على آله الكرام و‬
‫أتباعه سرج الظالم‬

‫اتقدم بإهداء ثمرة جهدي إلى ‪:‬‬

‫والداي الكريمين جزاهما اهلل عني خير جزاء و أطال في عمرهما‬

‫إلى الذين كانوا لي نعم السند و لم ينجلوا عليا بالدعم‬

‫إخوتي األعزاء و كل العائلة الكريمة‬

‫إلى الذي تحمل معي مشقة هذا البحث العلمي زوجي الغالي‬

‫إلى رفق اء مسيرتي العلمية و التعلمية أصدق ائي األعزاء‬

‫نجيبة‬
‫اتقدم بإهداء ثمرة جهدي الى‪:‬‬

‫علي‬
‫نبع الحنان و قرة عيني "امي الحبيبة" ‪ ،‬التي كانت نعمة اهلل ّ‬
‫التي تعبت من أجل تربيتي و تعليمي‬

‫و التي صبرت معي و رعتني ‪ ،‬حماها اهلل لي و أطال في عمرها‬

‫الى الذين كانوا لي نعم السند‪:‬‬

‫الى أخي و أبي الثاني "سمير" جزاه اهلل على وقوفه معي في مشواري‬
‫الدراسي و حفظه و عائلته‬

‫الى أختي الغالية "وهيبة" حماها اهلل و عائلتها‬

‫الى أخي العزيز "عادل" حفظه اهلل و عائلته‬

‫الى كل اقربائي و اصدق ائي و زمالئي الذي ال يتسع المكان لهم‬

‫شكرا‬
‫مقدمة‬

‫إن هدف مواثيق الثورة التحريرية (بيان أول نوفمبر ‪ ،4591‬و مرو ار بميثاق طرابلس)‬

‫هو بناء دولة جزائرية حديثة ألنها ستجدد مالمح المجتمع التي طمسها االستعمار و شوه البنية‬

‫السياسية و االجتماعية و الثقافية فبعد استرجاع الجزائر لسيادتها قامت دوامة من الصراعات‬

‫على ال سلطة بين القادة الجزائريين‪ ،‬يوسف بن خدة‪ ،‬رئيس الحكومة المؤقتة و هواري بومدين‬

‫الذي كان رئيس هيئة األركان و هذه األزمة التي عرفت فيما بعد بأزمة صائفة ‪ 4591‬و التي‬

‫أدت إلى اجراء اإلنتخابات الرئاسية في ‪ 12‬سبتمبر ‪ 4591‬و التي عين من خاللها أحمد بن‬

‫أول رئيس للحكوم ة الجزائرية المستقلة و عين بومدين وزي ار للدفاع بها وقد عرفت الجزائر في‬

‫حكم بن بلة وضعا اقتصاديا و اجتماعيا كارثيا حيث اعتبره حكمه غياب ما يعتبره البعض‬

‫استراتيجية بناء الدولة و اقتصادها‪ ،‬كما أصبحت كل السلطات بيده ماعدا السلطة العسكرية‬

‫التي كانت بيد بومدين و أيضا سلطة كنائب ثاني للرئيس مم أدى إلى تخوف بن بلة من هيمنة‬

‫بومدين على الجيش فأراد أن يحد منها و هنا بدأ تفكير بومدين في اإلطاحة بين بلة و كان‬

‫ذلك عن طريق انقالب ‪ 45‬جوان ‪ 4599‬و استالمه السلطة في الجزائر من ‪ 4599‬إلى غاية‬

‫سنة ‪ 4591‬أو قد حاولنا دراسة واقعه و تقييم تجربته بما كل ما فيها من تحوالت و تطورات‬

‫سياسية و اقتصادية و ثقافية‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫أسباب إختيار الموضوع‪:‬‬

‫الرغبة في التعرف على شخصية هواري بومدين و كيفية وصوله إلى حكم الجزائر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الحث عن االنجازات التي قام بها هواري بومدين للدولة الجزائرية خاصة بسبب إختالف‬ ‫‪‬‬

‫الرؤى حول شخصيته‪.‬‬

‫أهمية الموضوع حيث يتناول فترة حكم و حساسه في تاريخ الجزائر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫معرفة أسباب ظهور الحركات المعارضة لبومدين و طريقته في مواجهتها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إشكالية الموضوع‪:‬‬

‫بعد إنقالب العقيد بومدين على الرئيس بن بلة قام بوضع سياسات جديدة للدولة‬

‫الجزائرية و إيجاد حلول جديدة لمحو آثار التخلف االقتصادي و االجتماعي الموروث من‬

‫الحقبة االستعمارية‪ ،‬والسترجاع الجزائر سيادتها و هيبتها الدولية‪.‬‬

‫فطرحنا حول هذا الموضوع االشكالية التالية كيف كانت مساهمة هواري بومدين في تطور‬

‫الجزائر من الناحية السياسية و االقتصادية و الثقافية أثناء فترة حكمه من ‪ 4599‬إلى ‪4591‬؟‬

‫و لإلجابة على هذا االشكال وضعنا مجموعة من التساؤالت تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ _ 4‬من يكون هواري بومدين؟ و فيم يتمثل دوره في أحداث الجزائر من الثورة الجزائرية إلى‬

‫غاية انقالبه على الرئيس بن بلة؟‬

‫‪ _1‬كيف كانت األوضاع السياسية الداخلية و الخارجية في فترة حكم الرئيس بومدين؟‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫‪ _ 3‬فيما تمثلت السياسة االقتصادية؟ و كيف كانت نتائجها على اقتصاد الجزائر؟‬

‫‪ _ 1‬فيما تجلت التطورات الثقافية التي وضعها الرئيس هواري بومدين ؟ و كيف ساهمت في‬

‫بناء المجتمع؟‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫ولإلجابة على هذه التساؤالت قسمنا الموضوع إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬تحدثنا فيه عن شخصية هواري بومدين‪ ،‬حيث تضمن ثالث عناصر‪ ،‬أوال نشأة‬

‫بومدين األسرية والتعليمية‪ ،‬ثانيا دوره في الثورة التحريرية حيث احتوى على كيفية التحاق‬

‫بومدين بالثورة ثم توليه منصب نائب ثم قائد للوالية الخامسة ثم رئاسته لهيئة األركان أما‬

‫العنصر الثالث نشوب الصراع بين بومدين والحكومة المؤقتة والتي أدت إلى أزمة صائفة‬

‫‪ 4591‬و التي أدت إلى تصحيح الثوري ‪ 45‬جوان ‪ 4599‬و التي أطاحت فيها أحمد بن بلة‪،‬‬

‫و تولي هواري بومدين إلى استالم السلطة في الجزائر‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬والذي تطرقنا من خالله إلى سياسة بومدين في الجزائر في ‪ 4599‬إلى ‪4519‬‬

‫و تضمن كذلك على ثالث عناصر أوال سياسة بومدين الداخلية من بناء جهاز الدولة و‬

‫المنظمات الوطنية التي وضعها و المؤسسات اإلدارية المحلية و سن ميثاق و دستور ‪4599‬‬

‫أما العنصر الثاني فتضمن السياسات المعارضة لهواري بومدين و أهمها قضية الربيري و‬

‫محاولة انقالبه و معارضة قايد أحمد و المعارضة التقليدية و المعارضة االسالمية و البربرية‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫أما ثالثا فتضمن السياسة الخارجية للجزائر في عهد بومدين من عالقات الجزائر مع الوطن‬

‫العربي و القضية الفلسطينية و عالقاتها مع المغرب العربي و م حركة عدم االنحياز‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬احتوى على التطورات االقتصادية في الجزائر من ‪ 4599‬إلى ‪ 4593‬تضمن‬

‫عنصرين‪ ،‬أوال الثورة الصناعية و المخططات االقتصادية الكبرى‪ :‬المخطط الثالثي‬

‫‪4599‬م_‪4595‬م و المخطط الرباعي األول ‪ 4592‬إلى ‪ 4593‬و المخطط الرباعي الثاني‬

‫‪ 4599_4591‬و نتائج هذه المخططات أما العنصر الثاني فكان عن الثورة الزراعية و الذي‬

‫تحدثنا فيه عن التطور الزراعي الملحوظ و الزراعة النباتية و الحيوانبية و بناء السدود كالسد‬

‫األخضر و نتائجها على اقتصاد الجزائر‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬تضمن ثالث عناصر أوال سياسة التعريب حيث عمل بومدين على ترسيخ الوحدة‬

‫الوطنية القائمة على اللغة و الدين و التاريخ و العمل على نمو الثورة الثقافية و ذلك بتحول‬

‫جذري في جميع األنظمة أما العنصر الثاني فعن تشجيعه للتربية و التعليم و عن‬

‫المناهج المعتمدة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المنهج التاريخي الوصفي‪ :‬الذي كان في سرد ووصف األحداث التاريخية و تسلسلها من‬

‫حيث الزمان و المكان و الظواهر االجتماعية و الوقائع الثقافية حتى تتضح معالم الموضوع‬

‫أكثر‪.‬‬

‫د‬
‫مقدمة‬

‫ثانيا‪ :‬المنهج التحليلي‪ :‬الذي سلكته في تحليل المادة الخيرية و استخالص النتائج المختلفة‬

‫حول البحث‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المنهج المقارن‪:‬‬

‫الفترة الزمنية‪:‬‬

‫يقع الموضوع المدروس في هذه المذكرة خالل المرحلة الواقعة بين ‪ 4599‬و‪ 4591‬وهي‬

‫مرحلة متنوعة و غنية باألحداث السياسية و االقتصادية و الظواهر الثقافية حيث ركزنا على‬

‫التطور التي عرفته الجزائر في فترة حكم الرئيس هواري بومدين‪.‬‬

‫المصادر و المراجع بالموضوع‪:‬‬

‫من أهم المصادر و المراجع التي اعتمدنا عليها في انجاز هذا البحث‪:‬‬

‫أوال المصادر ‪ :‬و أهمها كتاب رحلة أمل و إغتيال حلم للكتاب محمد الصالح شيروف الذي‬

‫اعتمدنا عليه في بداية حياة هواري بومدين و كيفية إنخراطه في الثورة التحريرية و دوره الفعال‬

‫فيها إضافة إلى شاهد على اغتيال الثورة للكتاب تحضر بورقعه حيث روى أيضا تفاصيل حول‬

‫دوره في الثورة و كذلك أفادنا في السياسات المعارضة لهواري بومدين إضافة إلى جهود‬

‫السنوات العشر و الميثاق الوطني ‪ 4599‬التي صدرت من طرف الجمهورية الجزائرية و قد‬

‫استعناها في السياسة الداخلية في الجزائر و الننسى كتاب في الثورة و عن الثورة و بالثورة‬

‫حوار مع بومدين للطفي الخولي الذي ساعدنا كثي ار في معرفة السياسة الداخلية للجزائر‪.‬‬

‫ه‬
‫مقدمة‬

‫ثانيا المراجع ‪ :‬و من بينها كتاب بومدين و الىخرون ما قاله وما أثبتته األيام للكتاب عمار‬

‫بومايدة و قد استعنا به في العالقات الداخلية و الخارجية للجزائر في عهد هواري بومدين و‬

‫كذلك كتاب النظام السياسي الجزائري للكاتب صالح بلحاج وقد اعتمدنا عليه في النظام‬

‫السياسي الذي اعتمده بومدين في الجزائر إضافة إلى كتاب رؤساء الجزائر في ميزان التاريخ‬

‫لرابح لونيسي و الذي درس فسه السياسة الداخلية و الخارجية لهواري بومدين إضافة تحدثه عن‬

‫الثورة الصناعية‪.‬‬

‫أما الرسائل الجامعية‪:‬‬

‫فاعتمدنا على مذكرة إشكالية بناء الدولة في الجزائر ‪ 4511_4591‬لـ‪ :‬إسمهان تمغارت‬

‫التي أفادتها في الثورة الزراعية والمخططات الكبرى التي وضعها بومدين‬

‫أما بالنسبة للمراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪Talel Ibrahimi Ahmed, Mémoire d’un Algérie, Tome 2‬‬

‫فكانت االستعانة فيه على السياسة الداخلية والخارجية للجزائر‬

‫أهم الصعوبات‪:‬‬

‫فال شك أن أي موضوع من موضوعات البحث سيكون مصحوب بصعوبات ومن‬

‫الصعوبات التي واجهتنا كثرة المادة العلمية‪ ،‬وبالتالي اختالف اآلراء حول شخصية هواري‬

‫بومدين فمنهم من يؤيد سياسته ومنهم من يعارضها‪.‬‬

‫و‬
‫مقدمة‬

‫طول الفترة الزمنية للموضوع المدروس مما تعذر علينا التعمق بشكل كبير نظ ار لقصر‬

‫الفترة الزمنية المخصصة لدراسة الموضوع‪.‬‬

‫ز‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المولد والنشأة األسرية والتعليمية‪:‬‬

‫‪ 1-1‬مولده ونشأته‪:‬‬

‫هو أحد أبناء بلد المليون ونصف مليون شهيد بلد الجهاد والمجاهدين الذين تصدوا بكل‬

‫جد ارة لالحتالل الفرنسي لبالدهم‪ ،‬محمد بو خروبة أو كما عرف في مسيرته الثورية باسم هواري‬

‫بومدين ولد يوم ‪ 32‬أوت ‪2323‬م‪ ،‬الموافق ليوم الثالثاء ربيع الثاني ‪2232‬ه‪ ،‬بقرية بني‬

‫عدي* بلدية عين حساينية سابقا هواري بومدين حاليا‪ ،‬غرب مدينة قالمة (‪ 23‬كلم)‪.1‬‬

‫وهناك اختالف في تاريخ ميالده فهناك مصادر تقول أنه ولد ما بين عامي "‪2333‬م و‬

‫‪2323‬م" والسيرة الرسمية تقول أنه ولد يوم ‪ 32‬أوت ‪2 2323‬وهو من عائلة فالحية فقيرة والده‬

‫توفيت سنة ‪ 32391‬وله‬ ‫**‬


‫إبراهيم خروبة (‪2392‬م‪2391-‬م) وأمه تدعى تونس بوهزيلة‬

‫شقيقان عبد اهلل والسعيد وأربع شقيقات الزهرة‪ ،‬العارف‪ ،‬يمينة‪ ،‬عائشة وله عم واحد يدعى‬

‫الطيب بوخروبة وعمة واحدة تدعى الحميدة عقيلة بوخروبة‪.4‬‬

‫*صورة لمنزل عائلة محمد بوخروبة‪ ،‬أنظر الملحق رقم ‪.92‬‬


‫‪ 1‬عبد الكريم بوصفصاف‪ ،‬معجم أعالم الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين‪ ،‬ج‪ ،2‬مخبر الدراسات التاريخية والفلسفية‪،‬‬
‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة منثوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،3993 ،‬ص‪.239‬‬

‫‪ 2‬عمار بومايدة‪ ،‬بومدين واالخرون ما قاله وما أثبتته األيام‪ ،‬تقديم عبد الحميد مهري‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪3999 ،‬م‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫**صورة لمحمد بوخروبة مع والدته‪ ،‬أنظر الملحق رقم ‪.93‬‬
‫‪3‬أحمد بن مرسلي‪ ،‬دراسة شخصية بومدين‪ ،‬مجلة المصادر‪ ،‬العدد األول‪2399 ،‬م‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ 4‬محمد الصالح شيروف‪ ،‬هواري بومدين رحلة أمل واعتيال حلم‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،3993 ،‬ص‪.32‬‬

‫‪9‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫نشأ بومدين نشأة دينية تحت رعاية والديه‪ ،‬حيث كان جده عبد اهلل يقوم بتعليم القران‬

‫الكريم‪ ،‬وبذلك عاش بومدين بأرض األجداد بين أحضان الطبيعة التي يغلب عليها الطابع‬

‫الجبلي‪ 1‬كما تعود أصول عائلته الى عرش –ورزدالين‪-‬بالعوانة احدى دوائر والية جيجل‬

‫وجذورها عربية أصيلة تمتد الى جمهورية اليمن حاليا بالمشرق العربي‪ ،2‬تزوج بومدين سنة‬

‫‪ 2312‬م من السيدة أنيسة التي كان والدها من أصل جزائري وأمها من أصل سويسري كانت‬

‫تمتهن المحاماة‪.3‬‬

‫‪ 2-1‬تعلمه‪:‬‬

‫أما عن تعلمه فقد بدأ محمد بوخروبة تعليمه لدى الكتاب لحفظ القران‪ ،‬وكان عمره ‪1‬‬

‫سنوات‪ ،‬وعند بلوغه سن السادسة التحق بالمدرسة الفرنسية ألمبير سابقا محمد عبدو حاليا‬

‫بوالية قالمة‪ ،‬كان يالزم الكتاب من طلوع الفجر حتى السابعة والنصف صباحا هذا قبل ذهابه‬

‫الى المدرسة‪ ،‬وأيضا بعد خروجه على الساعة الرابعة مساءا‪ ،‬مما جعله يختم القران الكريم في‬

‫سن العاشرة من عمره‪.4‬‬

‫‪1‬عامر بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬


‫‪2‬محمد الصالح شيروف‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.9 ،3‬‬
‫‪3‬عمار بولمايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪4‬يحي أبو زكريا‪ ،‬الجزائر من أحمد بن بلة الى عبد العزيز بوتفليقة‪ ،‬دار النشر والتوزيع‪ ،3992 ،‬ص‪.32‬‬

‫‪10‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كما تابع د ارسته في سنة ‪2313‬م بمعهد الكتانية* بقسنطينة مرحلة االكمالية حتى سنة‬

‫‪ 2333‬م‪ ،‬حيث تميز بالذكاء والذاكرة القوية والنبوغ بين أقرانه بقسنطينة‪ ،‬وأتقن العلوم التي كانت‬

‫تدرس في ذلك المعهد كاآلداب واللغة والتاريخ والنحو والبالغة‪.1‬‬

‫وعند حلول سنة ‪2332‬م نظم محمد بوخروبة رحلة للتمدرس متوجها الى القاهرة ‪,‬اخبر‬

‫صديقه محمد الصالح شيروف ألنه كان أحد المتحمسين للمغامرة وكان هذا كله في سرية تامة‬

‫ورغم فقر بومدين اال أنه باع كل ما يملك من متاع من أجل هذه الرحلة‪.2‬‬

‫حيث استغرقت هذه الرحلة ‪ 2‬أشهر ونصف بحيث عب ار تونس وليبيا ثم القاهرة مشيا‬

‫على األرجل وذلك خوفا من رجال األمن ووصال الى القاهرة في ‪ 23‬فيفري ‪2333‬م والتحقا‬

‫كما التحقا بالثانوية الخديوية التي تقع بقلب القاهرة حيث تعلم اللغة اإلنجليزية‬ ‫**‬
‫بجامع األزهر‬

‫واتقانه كذلك للغة الفرنسية‪.3‬‬

‫* معهد الكتانية سابقا‪ :‬تكميلية الكتانية حاليا‪ ،‬الواقعة بالغرب من سوق العصر بقسنطينة (ينظر‪ :‬محمد الصالح شيروف‪ ،‬هواري‬
‫بومدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.)39‬‬
‫‪1‬بشير بالح‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصر‪2929 ،‬م‪2393 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬دار المعرفة للنشر‪ ،‬الجزائر‪3999 ،‬م‪ ،‬ص‪.293 ،299‬‬
‫‪2‬بوكحيل‪" ،‬الصقر وعهد الصقور"‪ ،‬الوحدة‪ ،‬العدد ‪ ،999‬منشورات مجلة الوحدة‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫** جامع األزهر بناه جوهر الصقلي قائد المعز لدين اهلل الفاطمي عام ‪399‬ه ‪ ،‬يعتبر أقدم وأكبر جامعة إسالمية (ينظر‬
‫محمد العيد مطمر‪ ،‬الرئيس هواري بومدين رجل القيادة الجماعية‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،3992 ،‬ص‪.)33‬‬
‫‪ 3‬عبد الناصر‪ ،‬حوار مع السيد محمد الصالح شيروف‪ ،‬جريدة الشروق‪ ،‬ج‪ ،3‬العدد ‪ ،1313‬الجزائر‪3922 ،‬م‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪11‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كما اهتم الطالب بوخروبة بجل العلوم‪ ،‬فقد كان شغوفا بكتب الفكر واألدب والسياسة‪،‬‬

‫وعين عضوا للهيئة اإلدارية لفرع الطلبة الجزائريين بمكتب رابطة المغرب العربي بالقاهرة ودامت‬

‫اقامته بمصر ‪ 1‬سنوات‪.1‬‬

‫‪1‬محمد العيد مطمر‪ ،‬الرئيس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪12‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬دوره في الثورة التحريرية‪:‬‬

‫اندلعت الثورة المسلحة في أول نوفمبر ‪ 2331‬وكان خبر اندالعها مفرح لهواري بومدين‬

‫الذي أصبح يتابع أخبارها باهتمام مع تفكيره للعودة الى الوطن‪.1‬‬

‫‪ 1-2‬التدريس في القاهرة ونقل السالح‪:‬‬

‫التحق الشاب محمد بوخروبة بالثكنات العسكرية الموجودة في مصر وبدأ التدريب على‬

‫السالح على يد خبراء عسكريين مصريين‪ ،‬حيث تعلم العديد من التقنيات الحربية‪.2‬‬

‫وفي سنة ‪ 2333‬انضم بومدين لصفوف الثورة قادما من القاهرة مع ستة من الطلبة‬

‫التي كانت محملة باألسلحة الى جيش التحرير الوطني‪،‬‬ ‫**‬


‫الجزائريين*على متن باخرة "دينا"‬

‫ورست الباخرة على منطقة الناظور قرب الحدود المغاربية مفرغة حمولتها هناك‪.‬‬

‫فكانت مهمة بومدي ن تدريب المجاهدين على استعمال السالح ونصب الكمائن وكذلك‬

‫جلب األسلحة من الحدود‪.3‬‬

‫‪1‬بشير بالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.239‬‬


‫‪2‬محمد الصالح شيروف‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص‪.223 ،222‬‬
‫* ستة طلبة هم‪ :‬محمد شنوت‪ ،‬عبد العزيز مشري‪ ،‬علي مجازي‪ ،‬محمد الصالح عرفاوي‪ ،‬حسين محمد‪ ،‬محمد عبد الرحمن‪،‬‬
‫(ينظر‪ :‬رابح عدالة‪ ،‬هواري بومدين رجل الكفاح ومواقف‪ ،‬دار المجتهد‪ ،‬الجزائر‪ ،3922 ،‬ص‪.)93‬‬
‫** دينا‪ :‬باخرة دينا‪ :‬وهي هدية الملك حسين عامل األردن الى زوجته األولى دينا عبد الحميد لزواجها منه وقد وضعته تحت‬
‫تصرف الثورة الجزائرية (ينظر‪ :‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)29‬‬
‫‪3‬محمد الصالح شيروف‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.)1‬‬

‫‪13‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 2-2‬نائب ثم قائد للوالية الخامسة‪:‬‬

‫قائد‬ ‫**‬
‫عند انعقاد مؤتمر الصومام* في ‪ 39‬أوت ‪ 2333‬أصبح عبد الحفيظ بو صوف‬

‫الوالية الخامسة وهي ناحية وهران‪ ،‬وعين بومدين نائبا له‪ 1‬وبعد استشهاد القائد محمد العربي بن‬

‫بتونس ‪ 2331‬وبهذا رقي‬ ‫****‬


‫عين بوصوف في مكانه كرئيس لجنة التنسيق والتنفيذ‬ ‫***‬
‫مهيدي‬

‫بومدين الى رتبة عقيد وتولى قيادة المنطقة الخامسة وعمره ال يتجاوز ‪ 33‬سنة‪.2‬‬

‫*مؤتمر الصومام‪ :‬عقد مؤتمر الصومام بوادي الصومام وترأس جلساته عبان رمضان مع اسناد األمانة للعربي بن مهيدي‪،‬‬
‫استعرض خالله النقائص والسلبيات التي رافقت انطالق الثورة وانعكاساتها‪ ،‬أسفرت جلساته عن تحديد األطر التنظيمية‬
‫السياسية والعسكرية واالجتماعية والفكرية وطور العالقات بين أجهزة العمل الثوري (عمر سعد اهلل‪ ،‬الحكومة الجزائرية المؤقتة‬
‫والقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مجلة المصادر‪ ،‬المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية‪ ،‬العدد ‪ ،21‬الجزائر‪،3999 ،‬‬
‫ص‪ ،‬ص‪.)19 ،11‬‬
‫**عبد الحفيظ بوصوف‪ :‬ولد سنة ‪2339‬م بميلة‪ ،‬عضو في لجنة ‪ ،33‬قائد المنظمة الخامسة مع العربي بن مهيدي‪ ،‬كان‬
‫عضو في المجلس الوطني للثورة في ‪ 2339-2331‬توفي في ‪( ،2313-23-22‬ينظر‪ :‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.)31‬‬
‫‪ 1‬محمد العيد مطهر‪ ،‬الرئيس هواري بومدين رجل القيادة الجماعية‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،3992 ،‬ص‪.33‬‬

‫***محمد العربي بن مهيدي‪ :‬ولد في ‪2332‬م بعين مليلة‪ ،‬ناضل في حزب الشعب وأصبح من كوادر تنظيمه المسلح‪ ،‬عضو‬
‫في لجنة التنسيق والتنفيذ ‪ ،2339‬قتل بالسجن في ليلة ‪ 1-2‬مارس ‪( 2331‬ينظر‪ :‬سليمان بارور‪ :‬حياة البطل محمد العربي‬
‫بن مهيدي‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2393 ،‬ص‪.)1‬‬
‫****لجنة التنسيق والتنفيذ‪ :‬أقرها مؤتمر ال صومام وتمثل هيئة األركان الحرب‪ ،‬ولها السلطة المطلقة في مراقبة المنظمات‬
‫السياسية والعسكرية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬ومكلفة بإنشاء اللجان المختلفة ولها ‪ 3‬أعضاء هم‪ :‬عبا رمضان‪ ،‬كريم بلقاسم‪،‬‬
‫بن يوسف بن خدة‪ ،‬محمد العربي بن مهيدي‪( ،‬ينظر‪ :‬محمد العيد مطمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)21‬‬
‫‪2‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬هواري بومدين الرئيس القائد ‪ ،2319-2323‬قصر الكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،2331 ،‬ص‪.31‬‬

‫‪14‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اهتم بومدين بإقامة نظام محكم من المخابرات العسكرية حيث أشرف على تخريج دورات‬

‫من الشبان المتعلم في مجال االتصال والبث واالستقبال وهي بداية تأسيس نظام المخابرات‬

‫العسكرية في جيش التحرير الوطني‪.1‬‬

‫ولكن تعرض بومدين للكثير من المتاعب عند قيادته للوالية الخامسة والتي تعود أسبابها‬

‫أوال لسرعة ارتقائه في المناصب والسبب الثاني هو نقل قيادة الوالية الخامسة الى وجدة بالمغرب‬

‫األقصى وتمثلت هذه المتاعب في تمرد مجموعة من النقباء والمالزمين والذي بلغ عددهم ‪32‬‬

‫ضابطا ولكن هذا التمرد لم ينجح في إزاحة بومدين وجماعته‪.2‬‬

‫‪ 3-2‬رئاسته لهيئة األركان‪:‬‬

‫تم اإلعالن عن تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في ‪ 23‬سبتمبر ‪2339‬‬

‫برئاسة فرحات عباس* والتي هدفها التعريف بالقضية الجزائرية في المحافل الدولية وقد واجهت‬

‫هذه الحكومة العديد من المشاكل من بينها أن قادة الواليات في الداخل اعتبروا انشاء هاته‬

‫‪1‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء الجزائر في ميزان التاريخ‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪ ،3922 ،‬ص‪.239‬‬
‫*فرحات عباس‪ :‬من مواليد ‪ 31‬أكتوبر ‪ 2933‬بالطاهير والية جيجل‪ ،‬مناضل في صفوف حركة الشباب الجزائري بزعامة‬
‫األمير خالد‪ ،‬من دعاة االدماج والمساواة أحد أهم ناشطي حركة أحباب البيان والحريات‪ ،‬عضو في المجلس الوطني للثورة‬
‫ولجنة تنسيق والتنفيذ‪ ،‬ترأس الحكومة المؤقتة بين ‪2339‬و‪ 2392‬وقدم استقالته في ‪2392‬توفي في ‪ 32‬ديسمبر ‪2393‬‬
‫(ينظر‪ :‬رشيد بن يوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.)233 ،239‬‬

‫‪15‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الحكومة دون استشارتهم خرقا للقانون وكذلك تقديم محمد دباغين استقالته كوزير للخارجية بعد‬

‫ستة أشهر بسبب الصراعات داخل الحكومة‪.1‬‬

‫ونتيجة لهذه األوضاع المتدهورة والصراعات بين الداخل والخارج عجزت الحكومة عن‬

‫تسيير األحداث مما اضطر بعض القادة العسكريين الى عقد اجتماعهم وتمت دعوة العقداء‬

‫العشر* في أواخر جويلية ‪ 2333‬بتونس‪.2‬‬

‫وكان الغرض من االجتماع الدعوة الى اإلصالح وتشكيل قيادة جديدة تشرف على‬

‫وفي األخير لتفقوا على تكوين مجلس الثورة‬ ‫‪3‬‬


‫تسيير الدولة‪ ،‬وبعد ‪ 31‬يوم انتهى االجتماع‬

‫مهمته وضع استراتيجية جديدة للثورة والذي عقد اجتماع في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 2339‬بطرابلس وامتد‬

‫الى غاية ‪ 39‬جانفي ‪ 2399‬وقد نتج عنه عدة ق اررات أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬إعادة تشكيل الحكومة المؤقتة وذلك بإبقاء فرحات عباس رئيسها‪.‬‬

‫‪ 1‬علي كافي‪ ،‬مذكرات الرئيس علي كافي من المناضل السياسي الى القائد العسكري‪ ،2393-2319 ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬
‫القصبة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.293‬‬
‫* العقداء العشر هم‪ :‬بن طوبال‪ ،‬بوصوف‪ ،‬كريم بلقاسم‪ ،‬عبيدي الحاج لخضر قائد الوالية األولى‪ ،‬علي كافي قائد الوالية‬
‫الثانية‪ ،‬محمد يزوران قائد الوالية الثالثة‪ ،‬سليمان دهليس قائد الوالية الرابعة‪ ،‬بودعن بن علي قائد الوالية الخامسة‪ ،‬هواري‬
‫بومدين قائد جيش الحدود الغربية‪ ،‬محمدي السعيد قائد جيش حدود الشرقية (ينظر‪ :‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪ ،‬ص‪.)33 ،39‬‬
‫‪ 2‬رابح عدالة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد اهلل مقالتي‪ ،‬تاريخ الثورة الجزائرية ونصوصها األساسية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،3923 ،‬ص‪.211‬‬

‫‪16‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬تكوين هيئة األركان العامة للجيش التحرير الوطني بقيادة العقيد هواري بومدين ويساعده‬

‫وعز الدين زراري‪.‬‬ ‫**‬


‫الرائدين علي منجلي *وسي سليمان‬

‫‪ ‬تعيين كريم بلقاسم وزير للخارجية بدال من القوات المسلحة‪ 1‬وفور تعيين بومدين قائدا‬

‫لهيئة األركان في ‪ 2339‬عمل جاهدا على تنظيم وتطوير الجيش وذلك بتجنيد الشباب‬

‫وتدريبهم تدريبا عصريا واختيار إطارات جيش التحرير الوطني من المثقفين‪.2‬‬

‫وركز اهتمامه في تكوين جيش الحدود مستعينا بالضباط الفارين من الجيش الفرنسي ومن هؤالء‬

‫الفارين محمد زرقيني‪ ،‬وسليمان هوفمان ومحمد بوتلة الذين أشرفوا على المكتب التقني لجيش‬

‫الحدود بالضافة الى حمو بوزادة ومصطفى شلوفي اللذان أشرفا على محطة التسليح‪.3‬‬

‫*علي منجلي‪ :‬من مواليد ‪ 2333‬بسكيكدة‪ ،‬انخرط في صفوف الحركة الوطنية لحزب الشعب وحركة انتصار الحريات‬
‫الديم قراطية‪ ،‬باندالع الثورة انضم الى صفوف الوالية الثانية ‪ 9‬عضو في القيادة العامة لجيش التحرير‪ ،‬وعضو في مجلس‬
‫الثورة‪ ،‬بعد استقالل انتخب عضوا في الجمعية التأسيسية‪ ،‬توفي في ‪ 21‬أفريل ‪( 2339‬ينظر‪ :‬رشيد بن يوب‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪ ،‬ص‪).* 219 ،211‬‬
‫**سي سليمان‪ :‬اسمه أحمد قايد من مواليد ‪ 2332‬بتيارت‪ ،‬مناضل في صفوف التحاد الديمقراطي ألحباب البيان والتحق‬
‫بالثورة في ‪ ،2333‬وفي ‪ 2331‬أصبح نقيب في جيش التحرير ثم مساعد قيادة األركان شارك في مفاوضات ايفيان (ينظر‪:‬‬
‫رشيد بن يوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪).** 291‬‬
‫‪1‬سليمان الشي خ‪ ،‬الجزائر تحمل سالح أو زمن اليقين‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد حافظ الجمالي‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬الجزائر‪ ،3992 ،‬ص‪.119‬‬
‫‪2‬محمد العيد مطمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪3‬عبد الحميد ابراهيمي‪ ،‬في أصل المأساة ‪ ،2333-2339‬مركز دراسة الوحدة العربية‪ ،‬لبنان‪ ،3992 ،‬ص‪ ،‬ص‪.19 ،11‬‬

‫‪17‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬التصحيح الثوري ‪ 11‬جوان ‪1191‬م‪:‬‬

‫‪ 1-3‬أزمة صانغة ‪1192‬م‪:‬‬

‫في يوم ‪ 31-33‬فيفري ‪ 2393‬م اجتمع المجلس الوطني للثورة في طرابلس وذلك إلجراء‬

‫التصويت على قرار وقف اطالق النار وكانت النتيجة ‪ 13‬نعم و‪ 1‬بال‪ ،‬وهؤالء األربعة هم قادة‬

‫هيئة األركان* ولذلك لرفضهم طلب فرنسا المتمثل في حل الجيش الفرنسي فبدأت المفاوضات‬

‫بين الجزائر وفرنسا في ‪ 1‬مارس ‪ 2393‬م‪ ،‬وانتهت بقرار وقف اطالق النار في ‪ 23‬مارس‪.1‬‬

‫قامت هيئة األركان بدعوة القادة الخمس الذين خرجوا من السجن بعد تلك المفاوضات‬

‫الى مقرها بـ‪ :‬وجدة لالحتفال بوقف اطالق النار فقام قادة هيئة األركان بطرح موضوع األزمة‬

‫التي بينهم وبين الحكومة المؤقتة‪ 2‬ألحمد بن بلة** وهنا حدث تحالف بن بلة مع هيئة األركان‬

‫ضد الحكومة المؤقتة‪ ،‬وهذا ما اكسب هواري بومدين غطاء سياسي للتغلب على الحكومة‬

‫المؤقتة‪.‬‬

‫*قادة هيئة األركان هم هواري بومدين‪ ،‬ومنجلي وسي السليمان‪ ،‬رائد مختار بزيزم‪.‬‬
‫‪1‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪2‬رابح عدالة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫**أحمد بن بلة‪ :‬ولد في ‪ 33‬ديسمبر ‪ ،2329‬بمغنية شارك كمجند في الحرب العالمية الثانية في ‪2319‬م‪ ،‬انضم الى حزب‬
‫حركة انتصار الحريات الديمقراطية في ‪2311‬م‪ ،‬ثم مسؤول المنظمة السرية في منطقة الغرب ثم مسؤولها على المستوى‬
‫الوطني في ‪ 2313‬وعضو المجلس الوطني للثورة في ‪( 2339‬ينظر‪ :‬رشيد بن يوب‪ ،‬دليل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)239‬‬
‫‪2‬رابح عدالة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪18‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫قام بن بلة وقادة هيئة األركان بإرسال طلب الى مكتب المجلس الوطني للثورة إلقامة‬

‫اجتماع للمجلس فوافقوا على عقد اجتماع بعد عدة محاوالت ومشاورات مع أعضاء الحكومة‬

‫المؤقتة‪.1‬‬

‫عقد مؤتمر بمدينة طرابلس في ‪ 31‬ماي ‪ 2393‬وتضمن جدول أعماله نقطتين‪:‬‬

‫‪ -2‬اعداد برنامج سياسي يحدد سياسة بناء الجزائر الجديدة الذي عرف بميثاق طرابلس‬

‫حيث تمت الموافقة باإلجماع‪.‬‬

‫‪ -3‬انتخاب قيادة جديدة لجبهة التحرير الوطني‪.2‬‬

‫جرت مناقشة في هذه النقطة وأصبح الجو مكهربا حيث ظهر تياران مختلفان منهم مؤيد‬

‫ومنهم معارض‪.‬‬

‫‪ -‬التيار األول‪ :‬بن يوسف بن خدة رئيس الحكومة المؤقتة ويدعمه الباءات الثالثة* وبعض‬

‫قادة واليات الداخل باعتبارهم القيادة الشرعية للبالد‪.‬‬

‫‪ -‬التيار الثاني‪ :‬تزعمه قادة هيئة والزعماء الخمس ما عدا بوضياف**‪.‬‬

‫‪1,‬راابح عدالة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬


‫‪2‬عمار قليل‪ ،‬ملحمة الجزائر الجديدة‪ ،‬ج‪ ،2‬دار البعث‪ ،‬الجزائر‪2332 ،‬م‪ ،‬ص‪.311‬‬
‫*الباءات الثالثة‪ :‬كريم بلقاسم‪ ،‬بوصوف‪ ،‬بن طوبال‪.‬‬
‫**محمد بوضياف‪ :‬ولد في ‪ 32‬جوان ‪ 2323‬بمسيلة‪ ،‬جند سنة ‪ ،2312‬ثم أصبح مسؤوال لحزب الشعب الجزائري في ‪2311‬‬
‫كلف ببناء المنظمة الخاصة‪ ،‬كان من مجموعة ‪( 33‬ينظر‪ :‬محمد بوضياف‪ ،‬الجزائر الى أين؟‪ ،‬ترجمة‪ ،‬محمد بن زغيبة ويحي‬
‫الزغدودي‪ ،‬مطبعة النخلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2333 ،‬ص‪.)3‬‬

‫‪19‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعند نهاية التصويت كان لبن بلة ‪ 22‬صوت مقابل ‪ 22‬صوت لكريم بلقاسم اال أنه رغم‬

‫هذه النتيجة التي أسفرت عنها عملية التصويت فإنها ال تمنح الشرعية القانونية لقائمة بن بلة‬

‫حيث حدثت مناوشات دون المستوى‪.1‬‬

‫وبهذا بدأت األزمة تعرف منعرجا خطي ار بين األركان والحكومة المؤقتة التي سعت الى‬

‫نقل الصراع على السلطة من الخارج الى الداخل وذلك للتفوق على هيئة األركان‪ 2‬ونتيجة هذه‬

‫الظروف اجتمع قادة الواليات الثانية والثالثة والرابعة وفد ار لية تونس وفرنسا في يومي ‪33 ،31‬‬

‫جوان ‪ 2393‬بزمورة*‪.‬‬

‫وخلق هذا االجتماع عدة نصوص وأهم القضايا المطروحة نذكر‪:‬‬

‫‪ ‬االنشقاق وسط الحكومة الذي أدى الى المساس بسلطتها وسيادتها‪.‬‬

‫‪ ‬غياب السلطة الفعلية جعل الواليات تتصرف بمفردها‪.‬‬

‫‪ ‬التنديد بتمرد هيئة األركان التي هدفها االستيالء على السلطة‪.3‬‬

‫ومن خالل هذا كله تم االتفاق على ق اررين هما‪:‬‬

‫انشاء لجنة التنسيق والتنفيذ وللمحافظة على وحدة البالد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬الصراع السياسي في الجزائر خالل عهد الرئيس أحمد بن بلة‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر‪ ،3991 ،‬ص‪31.‬‬
‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫*زمورة‪ :‬بلدة واقعة في مفترق الطرق بين الوالية األولى والوالية الثانية (ينظر محمد تقية‪ ،‬الثورة الجزائرية المصر الرمز‬
‫واألمان‪ ،‬تر عبد السالم عزيزي‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬الجزائر‪ ،3929 ،‬ص ‪).399‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص‪.393‬‬

‫‪20‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تقديم نداء موجه الى كل أعضاء الحكومة المؤقتة ليحافظوا على وحدتهم الى غاية‬ ‫‪‬‬

‫انتخابات الجمعية التأسيسية للحفاظ على مصالح األمة‪.1‬‬

‫في ‪ 29‬جوان ‪ 2393‬أقيلت هيئة األركان من طرف الحكومة المؤقتة‪ ،‬حيث اعتبرت هيئة‬

‫األركان هذا القرار غير شرعي وثم رفضه من طرف بن بلة فقررت الحكومة تجريد كل من‪:‬‬

‫بومدين‪ ،‬منجلي‪ ،‬سي سليمان من رتبهم ورفض كل أمر صادر منهم‪.2‬‬

‫في ‪ 2‬جويلية ‪ 2393‬دخل بن خدة الى الجزائر العاصمة أما بن بلة فدخل الى تلمسان‬ ‫‪‬‬

‫والتحق به‪ :‬هواري بومدين‪ ،‬وفرحات عباس وبعدها تم اإلعالن عن تشكيل المكتب السياسي في‬

‫‪ 33‬جويلية ‪ ،2393‬حيث اعترف بن خدة بسلطة هذا المكتب معلنا نقل السلطات والصالحيات‬

‫من الحكومة المؤقتة الى المكتب السياسي وأمام هذه المجموعة تشكلت مجموعة أخرى عرفت‬

‫بمجموعة تيزي وزو بقيادة كريم بلقاسم‪ ،‬بوضياف وايت أحمد الذين رفضوا االشتراك في المكتب‬

‫السياسي‪3‬بدعم من محمد أولحاج *قائد الوالية الثالثة القبائل الكبرى‪ ،‬وبعد عدة مواجهات التي‬

‫حدثت بين المكتب السياسي والوالية الثالثة وافقت الوالية الثالثة على المكتب وذلك بشرط‬

‫استبدال محمد ي السعيد بكريم بلقاسم‪ ،‬أما الوالية الرابعة كانت محايدة في قرارها‪.‬‬

‫‪1‬علي هارون‪ ،‬خيبة االنطالق أو فتنة صيف ‪ ،2393‬ترجمة‪ :‬الصادق عماري وأمال فالح‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬الجزائر‪،3993 ،‬‬
‫ص‪.12‬‬
‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪3‬األمين شريط‪ ،‬التعددية الحزبية في تجربة الحركة الوطنية ‪ 2393-2323‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،2339 ،‬ص‪.233‬‬
‫*محمد أولحاج‪ :‬اسمه الحقيقي أكلي مقران من مواليد ‪ 2321‬بتيزي وزو‪ ،‬التحق بالثورة وأصبح مالزم ثم نقيب ‪ 2331‬ثم رائد‬
‫رقي الى رتبة عقيد عام ‪ 2399‬توفي في ‪ 3‬ديسمبر ‪( 2313‬ينظر‪ :‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)33‬‬

‫‪21‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وبعد جملة من األحداث أعلن محمد خيضر تعيين السعدي ياسف مسؤوال للمنتخبين في‬

‫إطار لجنة الحزب للجزائر الكبرى‪ ،‬إضافة الى تأجيل االنتخابات الى أجل غير معروف‪ ،‬وهنا‬

‫ثارت الوالية الرابعة على هذا القرار‪.1‬‬

‫وفي ‪ 33‬أوت ‪ 2393‬حدث أول صدام بين عناصر السعدي وقوات الوالية الرابعة الذي‬

‫خلف ‪ 22‬قتيل هذا ما أدى بن بلة لإلعالن عن الزحف للعاصمة وذلك في ‪ 2‬سبتمبر ‪2393‬‬

‫وحوصرت من طرف قوات الوالية الثانية واألولى والسادسة والخامسة الذين قاموا بالزحف على‬

‫الجزائر العا صمة كما حدثت معارك بين الجزائريين وهنا حطت طائرة نزل منها بن بلة وأمر‬

‫بوقف إطالق النار وخرجت الجماهير الجزائرية متأثرة مرددة شعار " سبع سنين بركات "‪.‬‬

‫وفي ‪ 39‬سبتمبر ‪ 2393‬تم انتخاب المجلس التأسيسي يرأسه فرحات عباس وفي ‪33‬‬

‫أوت سبتمبر ‪ 2393‬عين المجلس أحمد بن بلة رئيسا وبومدين وزير للدفاع‪.2‬‬

‫استطاع هواري بومدين بكل ذكاءه من االستحواذ على الثقة بن بلة ومن ثم بدأ يخطط‬

‫ألحكام سيطرته على القوات المسلحة الجزائرية وقد تمكن من إعادة التنظيم لقوات المسلحة‬

‫الجزائرية وتعيين قادة تشكيالتها من القادة الذي اختارهم من معاونيه والموالين له ولم يكف‬

‫‪–1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬الصراع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪ 2‬لخضر بورقعة‪ ،‬شاهد على اغتيال الثورة‪ ،‬تحرير‪ ،‬صادق بخوش‪ ،‬تقديم الفريق سعد الدين الشاذلي‪ ،‬ط‪ ،3‬دار األمة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،3999‬ص‪.293‬‬

‫‪22‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بومدين بسيطرته على الجيش بل وعمل وبصورة تدريجية على تفريق وحدة صفوف رفاق بن بلة‬

‫من المناضلين األوائل‪.1‬‬

‫ويمكن القول أن هذه الفترة من الصراع حول السلطة قد انتهت بتوطيد أركان المكتب‬

‫السياسي والبرلمان والجيش وأجهزة الحكومة واستمر هذا الى غاية سنة ‪.22392‬‬

‫اقترح بن بلة أثناء عقد مؤتمر حزب جبهة التحرير ‪ 21‬أفريل ‪ 2391‬من انشاء ميليشيا‬

‫تابعة للحزب ومنفصلة عن الجيش‪ ،‬عارض بومدين‪ ،‬ولكن األغلبية وافقوا على االقتراح وكان‬

‫قرار انشاء ميليشيا هو قرار الخالف بين الطرفين ولم يكتف بن بلة بذلك بل أصدر ق ار ار منفردا‬

‫اخر حاول خالله ضم العقيد محمد شعباني* القائد العسكري للوالية السادسة الى المكتب‬

‫السياسي للحزب‪.3‬‬

‫وبعد أن أصبح شعباني عضوا في المكتب السياسي حتى طلب منه بن بلة ضرورة أن‬

‫يتنحى عن قيادة الصحراء‪ ،‬ألنه ال يمكن أن يجمع بين المنصبين هنا أفاق شعباني للخديعة‬

‫‪1‬فتحي الذيب‪ ،‬جمال عبد الناصر وثورة الجزائر‪ ،‬ط‪ ، 2‬دار المستقبل العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2391 ،‬ص‪.929‬‬
‫‪ 2‬حميد عبد القادر‪ ،‬سلسلة عبر التاريخ‪ ،‬فرحات عباس رجل الجمهورية‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بولوغين‪ ،‬الجزائر‪ ،3992 ،‬ص‪.332‬‬
‫* محمد شعباني‪ :‬اسمه الحقيقي الطاهر الشعباني‪ ،‬من مواليد ‪ 1‬سبتمبر ‪ ،2321‬بأوماش بسكرة‪ ،‬مع اندالع الثورة أصبح كاتب‬
‫لسي الحواس بمنطقة الصحراء ورقي لمرتبة مالزم‪ ،‬في أفريل ‪ ،2339‬أصبح ضابطا أول‪ ،‬وفي ‪ 2331‬عين على رأس‬
‫المنطقة الثالثة من الوالية السادسة التي ترأسها بعد استشهاد سي الحواس‪ ،‬حكم عليه باالعدام يوم ‪ 92‬سبتمبر ‪( 2391‬ينظر‪:‬‬
‫عمار بومايدة‪ ،‬بومدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.)22 ،23‬‬
‫‪3‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.33 ،39‬‬

‫‪23‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لكنه لألسف أقدم بعصبيته على تصرف خاطئ‪ ،‬فرفض طلب التنحي وعاد الى الصحراء وقام‬

‫بتمرده العسكري ضد الدولة والجيش في جويلية ‪.12391‬‬

‫لقد كان لشعباني العديد من األسباب أدت به الى بداية المناوشات مع السلطة خاصة‬

‫مع الرئيس أحمد بن بلة ووزير الدفاع بومدين ومن أهم هذه األسباب‪:‬‬

‫عدم قبول شعباني لسرعة اصدار قرار حل جيش التحرير الوطني واستبداله بجيش‬

‫الوطني الشعبي‪ ، 2‬واسناد المراكز الحساسة في و ازرة الدفاع الى الضباط الفارين من الجيش‬

‫الفرنسي‪ ،‬الذي كان يعتبرهم شعباني خط ار حقيقيا على الجزائر‪ 3‬وهنا بدأ اختالف اآلراء بين‬

‫ش عباني وبومدين الذي قال‪ " :‬تصفية الضباط الفارين من الجيش الفرنسي والذين التحقوا بالثورة‬

‫يعني أننا سنضطر الى االعتماد على الخبرات العسكرية األجنبية في تأهيل الجيش وهذا ما‬

‫يجعل أس اررنا العسكرية مكشوفة‪.4 "...‬‬

‫اعتراض شعباني لطريقة معاملة السلطة للمجاهدين وعائالت الشهداء فلم يهتم الوظيف‬

‫‪1‬فايزة سعد‪ ،‬سنوات الدم‪ ،‬مجلة الوحدة‪ ،‬العدد ‪ ،999‬منشورات مجلة الوحدة‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪2‬الهادي أحمد درواز‪ ،‬العقيد محمد شعباني األمل واأللم‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2333 ،‬ص‪.32‬‬
‫‪3‬الشاذلي بن جديد مذكرات الشاذلي بن جديد مالمح حياة ‪ ،2313-2333‬تحرير‪ :‬عبد العزيز بوباكير‪ ،‬ج‪ ،2‬دار القصبة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2333 ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ 4‬الطاهر زبيري‪ ،‬نصف قرن من الكفاح مذكرات قائد أركان جزائري‪ ،‬تحرير‪ :‬مصطفى دالع‪ ،‬الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،3922‬ص‪.339‬‬

‫‪24‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العمومي بوضعيتهم االجتماعية واالقتصادية والصحية وهم غير قابلين للترسيم وال العمل‬

‫في مؤسسات الدولة‪.1‬‬

‫عدم تلبية شعباني أمر بن بلة وبومدين في توحيد قواته ضد منطقة القبائل‪ ،‬للقضاء على‬

‫المتمردين وتصفيتهم والذين يمثلون منظمة *» ‪ « FFS‬مبر ار أنه ال يعلم خفايا كواليس السلطة‬

‫لهذا القرار‪ ،‬وأن ال يكون طرفا في ازهاق أرواح اخوانه الجزائريين‪.2‬‬

‫انهاء صالحية الوالية السادسة ونقلها من بسكرة الى ورقلة‪ ،‬وعين عمار مالح قائدا‬

‫لها ته الناحية بدل العقيد شعباني الذي أمر بااللتحاق بالمكتب السياسي وهذا كله ضمن قرار‬

‫رئاسي أعلنه في ‪ 91‬مارس ‪ 32391‬لكن شعباني عصى أوامر بن بلة ووصفه بالسياسي‬

‫المتعفن ونتيجة لكالمه غضب بن بلة وأمر بومدين باإلعداد بالقبض على شعباني وأصدقائه‬

‫من الجنود‪.4‬‬

‫وفي يوم ‪ 92‬جويلية ‪ 2391‬تم اعتقال أصدقاء شعباني‪ :‬محمد الشريف خير الدين‪،‬‬

‫‪1‬الهادي أحمد درواز‪ ،‬المرجع السابق ص‪.39‬‬


‫*‪ : FFS‬الجبهة الشعبية للقوات االشتراكية ترأسها ايت حمد بالمنطقة الثالثة القبائل سنة ‪ ،2392‬ضمت ‪ 29‬عضو ومن اهم‬
‫أهدافها تحرير المواطن من االستغالل السياسي للسلطة‪ ،‬ووضع حد لفوضى الحكم وتنقية الجيش الوطني الشعبي من عمالء‬
‫فرنسا‪( ،‬ينظر‪ :‬لخضر بورقعة‪ ،‬شاهد ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص‪.)223 ،221‬‬
‫‪2‬نفسه‪ ،‬ص‪.219‬‬
‫‪3‬م حمد العيد مطمر‪ ،‬العقيد محمد شعباني وجوانب من الثورة التحريرية الكبرى‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،3993 ،‬ص‪ ،‬ص‪،299‬‬
‫‪.291‬‬
‫‪4‬الطاهر زبيري‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.39 ،31‬‬

‫‪25‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫السعيد عبا دو والطاهر جغابة وهذا كتهديد لتسليم شعباني نفسه للسلطة‪ ،‬ولكن لم يتم ذلك‬
‫‪1‬‬

‫وبعدها بدأت العمليات العسكرية تنفذ إللقاء القبض على العقيد شعباني واتجه الجيش نحو‬

‫الناحية الرابعة ولكن تم ابالغ شعباني باألمر قبل وصول القوات العسكرية لمدينة بسكرة وخرج‬

‫متجها الى مدين ة بوسعادة‪ ،‬أما جنوده الذين بقوا ببسكرة سلموا أنفسهم للقوات العسكرية دون‬

‫مقاومة‪.2‬‬

‫بعد أيام في الجبل احتاج شعباني للدواء ألنه كانوا يشكو من داء في معدته‪ ،‬إضافة الى‬

‫الورق لكتابة المناشير للرد على التهم التي وجهت له‪ ،‬فكلفوا شابا الذي اتجه للمدينة فذهب‬

‫للصيدلية لشراء الدواء وبعدها الى المكتبة لشراء الورق والحبر فطلب منه صاحب المكتبة أن‬

‫يعود الحقا وأبل غ عنه األمن الذين ألقوا عليه القبض فاعترف الفتى بأنه مرسل من قبل القوات‬

‫المتواجدة في الجبل وتم القبض على شعباني ليلة ‪ 91‬جويلية ‪ 32391‬حيث نقل العقيد ورفقائه‬

‫الى سجن سيدي الهواري بوهران وظلوا من ‪ 91‬جويلية الى ‪ 93‬سبتمبر ‪ 2391‬للتحقيق معهم‬

‫واعداد ملفات محاكمته م‪ ،‬واختار بن بلة محمد زرطال رئيسا للمحكمة وهو قاضي مدني وطلب‬

‫من بومدين أن يقترح باقي أعضاءها فاختار‪ :‬الشاذلي بن جديد*‪ ،‬الرائد أحمد عبد الغني‪ ،‬عبد‬

‫‪1‬محمد العيد مطمر‪ ،‬العقيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.299‬‬


‫‪2‬الشاذلي بن جديد‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.392‬‬
‫‪ 3‬نصر الدين مصمودي‪ ،‬دور ومواقف العقيد شعباني في الثورة وفي مطلع االستقالل ‪ ،2391-2331‬مذكرة مقدمة‬
‫*الشاذلي بن جديد‪ :‬من مواليد ‪ 21‬أفريل ‪ 2333‬بعنابة‪ ،‬التحق بالتنظيم العسكري لجبهة التحرير سنة ‪ ،2331‬ثم التحق‬
‫بالجيش‪ ،‬في سنة ‪ ، 2339‬رقي الى رتبة نقيب بعد االستقالل عين قائدا للناحية الخامسة القطاع القسنطيني سنة ‪ ،2391‬عين‬
‫على رأس الوالية الثانية وهران‪ ،‬بعد وفاة بومدين انتخب رئيسا في ‪ 91‬فيفري ‪( 2313‬ينظر‪ :‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ص‪.)13 ،11‬‬

‫‪26‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الرحمن بن سالم‪ ،‬أحمد دارية‪ ،‬أحمد بن شريف‪ ،‬سعيد عبيد وفي األخير نطق القاضي بحكم‬

‫اإلعدام على العقيد شعباني أما ص ديقه الجياللي سليم وحسين السياسي فوضعوا تحت اإلقامة‬

‫الجبرية‪ ،1‬طلب من شعباني الرد على الحكم فكانت كلمته "اني أطلب من اهلل ومن الشعب‬

‫الجزائري أن يغفر لي ألني كنت من المساهمين والمساعدين لهذه الفئة الظالمة في الحكم"‬

‫وأوصى محمد الشريف خير الدين خي ار ألمه‪.2‬‬

‫وفي ‪ 92‬سبتمبر ‪ 2391‬أعدم العقيد محمد شعباني مع طلوع الفجر بحضور أعضاء‬

‫المحكمة وبعد اإلعدام دفن في مكان مجهول وفي عام ‪ 2391‬أعيد دفن شعباني بمقبرة الشهداء‬

‫"العالية" وهذا بمناسبة الذكرى الثالثين الندالع الثورة التحريرية وبطلب من الرئيس الشاذلي بن‬

‫جديد‪.3‬‬

‫‪1‬الطاهر الزبيري‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص‪.92 ،99‬‬


‫‪2‬الهادي أحمد درواز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.292‬‬
‫‪3‬محمد العيد مطمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.239‬‬

‫‪27‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 2-3‬التصحيح الثوري ‪ 11‬جوان ‪:1191‬‬

‫‪ ‬أسباب االنقالب‪:‬‬

‫تعود فكرة التخطيط الفعلي لإلحاطة بالرئيس أحمد بن بلة عندما أظهر بن بلة نواياه‬

‫الحقيقية في التحضير لإلزاحة بالعقيد بومدين والجيش الوطني الشعبي ألنهم أصبحوا يشكلون‬

‫خط ار عليه‪ 1‬فقام بعدة أعمال لتحقيق رغبته وهي‪:‬‬

‫اقتراح بن بلة خالل انعقاد مؤتمر التأسيس لحزب جبهة التحرير الوطني في ‪ 29‬أفريل‬

‫‪ 2391‬بإنشاء ميليشيا شعبية تابعة للحزب لحماية مسيرة الثورة االشتراكية‪ ،‬وهدفه من هذا‬

‫االقتراح هو تكوين جيش خاص ليتحرر من قبضة وزير الدفاع بومدين‪.2‬‬

‫عندما سافر بومدين الى موسكو يوم ‪ 93‬ماي ‪ 2393‬لتمثيل الجزائر في احتفاالت‬

‫شعبية* انتهز بن بلة الفرصة وقام بتعيين الطاهر زبيري قائد لهيئة األركان العامة دون استشارة‬

‫بومدين وكان هدفه خلق صراع بين الطرفين إلضعاف المؤسسة العسكرية اال أن بن بلة كان‬

‫أذكى حيث سعى الى اكتساب زبيري الى صفه‪.3‬‬

‫‪1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬حزب جبهة التحرير الوطني من الرئيس هواري بومدين الى الرئيس الشاذلي بن جديد‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬

‫‪،3923‬ص‪.23‬‬

‫‪2‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬الصراع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.239‬‬


‫*احتفاالت ذكرى تأسيس الجيش األحمر السوفياتي الموافقة ل‪ 93‬ماي (ينظر ايراهيم لونيسي‪ ،‬حزب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪)21‬‬
‫‪3‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬الصراع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪28‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عمل بن بلة على تفكيك جماعة بومدين المسماة بجماعة وحدة‪ ،‬فقام بدفع أحمد‬ ‫‪‬‬

‫مدغري* على و ازرة الداخلية وقايد أحمد من و ازرة السياحة وقلص صالحيات الشريف بلقاسم في‬

‫و ازرة التوجيه الوطني‪.‬‬

‫استغالل بن بلة سفر بومدين لتمثيل الجزائر في القاهرة لتمثيل الجزائر في اجتماع‬ ‫‪‬‬

‫رؤساء الحكومات العربية لمساندة القضية الفلسطينية وقام باإلقدام على تنحية عبد العزيز‬

‫من و ازرة الخارجية‪ 1‬ولكن بوتفليقة رفض طلب بن بلة مبر ار أنه ليس من صالحيات‬ ‫**‬
‫بوتفليقة‬

‫األخير اقالته من منصبه‪ ،‬كما قام باالتصال ببومدين الذي عاد بسرعة الى الجزائر‪ 2‬وقرر فو ار‬

‫* أحمد مدغري‪ :‬من مواليد ‪ 32‬جويلية ‪ 2321‬بسعيدة‪ ،‬التحق بالثورة بالوالية الخامسة برتبة رائد‪ ،‬بعد االستقالل عين واليا على‬
‫تلمسان ثم وزير للداخلية‪ ،‬شارك في انقالب ‪ 23‬جوان ‪ 2393‬وأصبح عضوا في مجلس الثورة ووزير الداخلية توفي يوم ‪29‬‬
‫ديسمبر ‪ 2311‬في ظروف غامضة (ينظر‪ :‬رشيد بن يوب‪ ،‬دليل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)212‬‬
‫**عبد العزيز بوتفليقة‪ :‬المدعو عبد القادر‪ ،‬ولد في ‪ 3‬مارس ‪ 2321‬بوجدة‪ ،‬التحق بالثورة في ‪ ،2331‬عين عضوا في هيئة‬
‫قيادة العمليات العسكرية بالناحية الغرب بعد االستقالل عين بالمجلس التأسيس ثم وزي ار للشباب والسياحة‪ ،‬وعين وزي ار للخارجية‬
‫في عهد بومدين‪ ،‬انتخب رئيسا للجزائر في ‪ 23‬أفريل ‪( ،2333‬ينظر‪ :‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪ 19‬ـ ـ ـ ‪)11‬‬

‫‪1‬لطفي الخولي‪ ،‬عن الثورة في الثورة و بالثورة حوار مع بودين‪ ،‬منشورات التجمع الجزائري البومديني اإلسالمي‪ ،‬الجزائر[د‬
‫ت]‪ ،‬ص ص‪.299 ،293‬‬
‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.213‬‬

‫‪29‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫االجتماع لجماعته‪ :‬الطاهر زبيري* بوتفليقة‪ ،‬شريف بلقاسم‪ ،‬قايد أحمد‪ ،‬مدغري وبعد دراسة‬

‫القضية مع أحمد محساس و بشير بومعزة **قدروا اإلطاحة بالرئيس بن بلة‪.1‬‬

‫أحداث االنقالب‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫بعد االجتماع الذي أقيم بين بومدين وجماعته كلف أحمد مدغري وبوتفليقة بلقاسم وقايد‬

‫أحمد بتحرير بيان ‪ 23‬جوان ‪ 2393‬الذي يبرر االنقالب وكلف كل من‪ :‬الطاهر زبيري‪ ،‬العقيد‬

‫عباس‪ ،‬عبد الرحمن بن سالم‪ ،‬سعيد عبيد‪ ،‬عبد القادر موالي شابو‪ ،‬أحمد دراية بتنفيذ اعتقال‬

‫بن بلة فقاموا بالتوجه الى مسكن هذا األخير في ليلة ‪ 23‬جوان ‪ 2393‬على الساعة الثانية‬

‫صباحا ودخلوا غرفة ا لتي كان بها وقال لهم‪" :‬أعتقد أن هناك حادث خطير" فأجابه الزبيري‪" :‬‬

‫سي أحمد عندك عدة دقائق كي تلبس وتتبعنا دون مقاومة" وهنا أدرك بن بلة بأن أمره انتهى‪.2‬‬

‫أما األحداث التي وقعت بالجزائر فعشية ‪ 23‬جوان قام بومدين بنشر الجيش والدبابات‬

‫في جميع المناطق خوفا من أي مظاهرات وفعال قام الشعب بمظاهرات بسيطة وقام بومدين في‬

‫*الطاهر زبيري‪ :‬من مواليد ‪ 21‬أفريل ‪ 2333‬بسوق أهراس‪ ،‬انخرط بصفوف حزب الشعب في ‪ ،2339‬ثم بالثورة التحريرية‪،‬‬
‫عين قائد لوالية األوراس سنة ‪ ، 2399‬وعين بعدها قائد لهيئة األركان ولمنه انقلب على بومدين وفر الى تونس (ينظر‪ :‬عمار‬
‫بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.)22 ،29‬‬
‫**شير بومعزة ولد سنة ‪ 2331‬بخراطة‪ ،‬انضم لحزب الشعب ثم الى حركة انتصار الحريات الديمقراطية‪ ،‬ثم الى حزب جبهة‬
‫التحرير الوطني‪ ،‬بعد االستقالل عين وزي ار للعمل‪ ،‬وفي عهد زروال عين رئيسا لمجلس االمة سنة ‪( 2399‬ينظر‪ :‬عمار‬
‫بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)12‬‬
‫‪1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬حزب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪2‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.92 ،93‬‬

‫‪30‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫نفس اليوم بالظهور عبر شاشة التلفزيون ليخبر المواطنين بما حدث ويعلمهم أسباب االنقالب‬

‫وأهدافه‪.1‬‬

‫مبررات االنقالب وأهدافه‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫لقد برر بومدين انقالبه على الرئيس بن بلة وذلك ألنه وقع في العديد من األخطاء التي‬

‫كشفها مجلس الثورة وأهم هذه األخطاء‪:‬‬

‫‪ ‬حصر حريات المواطنين عليهم وتعذيبهم بدون مبررات أو أسباب فعند سقوط بن بلة‬

‫كانت السجون تحوي ‪ 3399‬سجين الذين قام بومدين بإطالق سراحهم‪.‬‬

‫‪ ‬بعثرة أموال الدولة والشعب واستخدامها ألغراضه الشخصية السياسية من أجل حكمه‬

‫الفردي الديكتا توري وفي هذا المجال يقول هواري بومدين " ال تكونوا في خدمة رجل وال‬

‫تهتفوا باسم شخص‪ ،‬اهتفوا باسم الجزائر"‪.2‬‬

‫‪ ‬احتكار السلطة لنفسه أي كان يطلق الحكم الفردي على مؤسسات وصالحيات الوطن‪.‬‬

‫‪ ‬ابعاد المجاهدين عن مؤسسات الدولة والعناصر التي أسهمت في إنجاح الثورة عن‬

‫مؤسسات الدولة وزرع الصراع بين حزب جبهة التحرير الوطني والجيش‪ ،‬وخلق الفوضى‬

‫داخل مؤسسة الجيش‪.3‬‬

‫‪1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬حزب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬


‫‪2‬لطفي الخولي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.93 ،99‬‬
‫‪3‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.233 ،232‬‬

‫‪31‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬القيام بعمليات تخريبية عمدية متتالية ضد وحدة القوى الثورية للمناضلين عامة وللوحدة‬

‫الوطنية ووحدة الجيش الشعبي خاصة‪.‬‬

‫‪ ‬فشل السياسة االقتصادية وخاصة الزراعية خاصة نتيجة التصفية واخفاء األخطاء‬

‫المرتكبة‪.1‬‬

‫أما بالنسبة ألهداف االنقالب التي أعلنها مجلس الثورة فتمثلت فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬العمل على وحدة جميع القوى الثورية في الجزائر‪ ،‬بجمع كل المناضلين ألن لهم الحق‬

‫جميعا في المساهمة لبناء الجزائر‪.‬‬

‫‪ ‬عزل كل السياسيين الذين يدعون الزعامة التاريخية والوقوف ضد كل من يقوم بالزعامة‬

‫الفردية‪.‬‬

‫‪ ‬بناء الجزائر بناءا اشتراكيا حقيقيا* وتطوير االقتصاد الوطني وتنميته‪.‬‬

‫‪ -‬بناء حزب ثوري يقوم ببناء النظام االشتراكي والديموقراطية االشتراكية وال يحل مكان‬

‫الدولة وال يصبح تابعا لها‪.‬‬

‫‪1‬لطفي الخولي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬


‫*اشتراكيا حقيقيا ‪ :‬أي االشتراكية التي تستعمل الشعارات الحقيقية‪ ،‬وتستهدف الغاء االستغالل االنسان ألخيه االنسان‬
‫واالشتراكية في الجزائر جزء من حركة الثورة ومبادئها وأهدافها‪ ،‬وهي ال تعادي الدين فهما جزء واحد بال تناقض‪( ،‬ينظر‪ :‬لطفي‬
‫الخولي المصدر السابق‪ ،‬ص‪.)229‬‬

‫‪32‬‬
‫هواري بومدين ودوره في الثورة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬العمل لنشر التعريب في جميع مجاالت مؤسسات الدولة وفق خطة علمية واسعة‪.1‬‬

‫‪ ‬إقرار مبدأ القيادة الجماعية‪.‬‬

‫‪ ‬احترام مجلس الوطني والدستور والحزب‪ ،‬والعمل على نشر االمن والسهر على سير‬

‫المؤسسات والمرافق العامة‪.2‬‬

‫نتائج االنقالب‪:‬‬

‫بنجاح عملية االنقالب التي أسماها بومدين "التصحيح الثوري"‪ ،‬أي تصحيح مسار‬

‫الدولة للسير في الطريق الذي وضعته الثورة الجزائرية وتطبيق الحكم الجماعي وليس الفردي‪،‬‬

‫نصب بومدين نفسه رئيسا لمجلس الثورة والحكومة الجزائرية‪ ،‬كما قررت المجموعة االنقالبية‬

‫تجميد والغاء دستور ‪ ،2392‬وميثاق الجزائر ‪ ،2391‬وأصدرت ‪ 29‬جويلية ‪2393‬أم ار يتضمن‬

‫تأسيس الحكومة بناءا على بيان ‪ 23‬جوان ‪ 2393‬ريثما يتم المصادقة على الدستور ويعتبر‬

‫مجلس الثورة هو صاحب السيادة‪.3‬‬

‫‪1‬لطفي الخولي‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص ص‪.223 ،221‬‬


‫‪2‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬الصراع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،‬ص‪.222 ،229‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬حزب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،‬ص ‪.32،33‬‬

‫‪33‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬سياسة بومدين الداخلية في الجزائر‬

‫‪ :5-5‬بناء جهاز الدولة‪:‬‬

‫ألقي العقيد بومدين خطابا في يوم ذكرى االستقالل الموافق لـ‪ 5‬جويلية ‪ 5695‬حيث ركز‬

‫فيه على ضرورة بناء جهاز دولة حقيقي وفعال‪ ،‬وفي يوم ‪ 51‬جويلية ‪ 5695‬أصدر أمر‬

‫بإنشاء ثالث مؤسسات هي مجلس الثورة والحكومة ومؤسسة رئيس مجلس الثورة ورئيس مجلس‬

‫الوزراء‪.1‬‬

‫مجلس الثورة ‪ :‬يعتبر الهيئة العليا للثورة وهو الذي يخط سياسة جبهة التحرير وصاحب‬ ‫‪‬‬

‫االختصاص للتقرير في مصير الجزائر‪ 2‬شكل مجلس الثورة في البداية من ‪ 69‬عضوا موزعين‬

‫من حيث ماضيهم ووظ ائفهم على النحو التالي‪ :‬ثمانية مدنيين كانوا منحدرين من جيش التحرير‬

‫الوطني وقادة الواليات الخمس وعضوان من قيادة األركان العامة وقائد الدرك الوطني وقائد‬

‫مصالح األمن الوطنية‪ ،‬ومسؤوالن مدنيان كانا من حاشية بن بلة سابقا‪ ،‬باإلضافة الى العقيد‬

‫بومدين ورئيس ديوانه الرائد شابو‪ 3‬ومهمة مجلس الثورة تتمثل في اتخاذ كافة الق اررات الحاسمة‬

‫وتحديد التوجهات الكبرى وله سلطة مراقبة الحكومة‪ ،‬وهو وراء كل التنظيمات الحزبية حيث‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري من ‪ 5696‬الى ‪( 5691‬السلطة‪ ،‬المؤسسات‪ ،‬االقتصاد والسياسة‪ ،‬االيديولوجيا)‪،‬‬
‫دار الكتاب الحديث للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،5‬القاهرة‪ ،6152 ،‬ص‪.555‬‬
‫‪2‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬دليل مصطلحات الثورة التحرير الكبرى‪ ،‬المطبعة الحديثة للفنون المطبعية‪ ،‬الجزائر‪ ،6115 ،‬ص‪.95‬‬
‫‪3‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.559‬‬

‫‪35‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عمل على تقديم الحكومة الجديدة في ‪ 52‬جويلية ‪ 5695‬وانشاء األمانة التنفيذية مكان المكتب‬

‫السياسي في ‪ 59‬جويلية ‪.15695‬‬

‫وفي بعض األحيان يتخذ مجلس الثورة إجراءات نافذة مباشرة دون تدخل من جانب‬

‫الحكومة كما هو الحال بالنسبة الى مجموعة المقررات التي اتخذها‪ 2‬وكان أهمها قرار ‪69‬‬

‫أكتوبر ‪ 5699‬الذي يتضمن التسيير الذاتي والالمركزية والقيادة الجماعية‪ ،‬وق اررات قانونية‬

‫كتحديد تاريخ االنتخابات البلدية‪ 3‬وانشاء اللجان المكلفة بوضع قوائم المرشحين وتعيين عضو‬

‫لإلشراف على تنفيذ ق اررات المجلس‪.4‬‬

‫الحكومة‪ :‬يرئسها هواري بومدين رئيس مجلس الثورة‪ ،‬وتمارس مهامها تحت رقابة مجلس‬ ‫‪‬‬

‫الثورة الذي هو السلطة التنفيذية والتشريعية وذلك عن طريق األوامر والمراسيم‪ 5‬حيث نصت‬

‫المادة الخامسة من أمر ‪ 51‬جويلية ‪ 5695‬على أن "الحكومة تمارس بتفويض من مجلس‬

‫الثورة السلطات الضرورية لعمل أجهزة الدولة ولحياة األمة" ونصت المادة الرابعة من األمر "أن‬

‫‪6‬‬
‫الوزراء مسؤولون فرديا أمام رئيس الحكومة ورئيس مجلس الوزراء وجماعيا أمام مجلس الثورة"‬

‫‪1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬خطب الرئيس بومدين ‪ 5691-5665‬المطبعة الرسمية الجزائر‪ ،5691 ،‬ص‪.55‬‬
‫‪2‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.551‬‬
‫‪3‬الطاهر بن خرف اهلل‪ ،‬النخبة الحاكمة في الجزائر‪ ،5616-5696 ،‬ج‪ ،6‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪4‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.559‬‬
‫‪5‬اسمهان تمغارت‪ ،‬إشكالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪6‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.551‬‬

‫‪36‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وألنه ال غنى ألي نظام عن حكومة فقد أسست حكومة مختصة بمهام التسيير وممارسة‬

‫السلطتين التنفيذية والتشريعية بتفويض من مجلس الثورة‪ ،‬صاحب السلطتين األصلي‪.1‬‬

‫رئيس مجلس الثورة ومجلس الوزراء ‪ :‬يتمتع رئيس مجلس الثورة بكل السلطات السامية‬ ‫‪‬‬

‫للدولة‪ ،‬فهو أيضا رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع‪ ،‬القائد العام للقوات المسلحة‪ ،‬قائد األركان‬

‫واألمين العام للحزب فبومدين هو المسيطر على كل المناصب االستراتيجية باسم مجلس الثورة‬

‫فهو باعتباره رئيسا للدولة يعتمد السفراء األجانب ويوقع على األوامر الخاصة‪ 2‬بإجراءات العفو‬

‫وبصفته ممثال لمجلس الثورة الذي هو السلطة العليا للحزب والدولة يصدر التعليمات الخاصة‬

‫بتنفيذ الق اررات التي يتخذها المجلس‪ ،‬وكونه ممثال للهيئة العليا في الحزب والدولة يخضع‬

‫إلرادته كافة السلطات الحزبية‪ ،‬وبصفته رئيسا لمجلس الوزراء يحق له أن يحاسب أي وزير عن‬

‫أعماله ويوقع على االعمال الحكومية‪.3‬‬

‫‪ 5-5‬حزب جبهة التحرير الوطني‪:‬‬

‫إذا كان الجيش الوطني الشعبي واألمن الوطني واإلدارة هي أدوات نظام بومدين لفرض‬

‫سلطته المباشرة‪ ،‬فان حزب جب هة التحرير الوطني أراده أن يكون أداته إلقناع الشعب بشرعيته‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.556‬‬


‫‪2‬اسمهان تمغارت‪ ،‬إشكالية‪ ،‬بناء الدولة في الجزائر ‪ ،5611-5696‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستر في العالقات الدولية‪،‬‬
‫كلية العلوم السايسة واالعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪،‬جامعة الجزائر‪ ،6116،‬ص‪.99‬‬
‫‪3‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.565 ،561‬‬

‫‪37‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وطروحاته األيديولوجية وكسب الدعم له‪ 1‬حيث أكد بومدين على ضرورة إعادة تعيين هيئات‬

‫حقيقية وأكثر فعالية للحزب‪ ،‬ففي ‪ 59‬جويلية ‪ 5695‬عوض المكتب السياسي باألمانة‬

‫التنفيذية‪ 2‬ولكن في هاته الفترة لم تكن للحزب أهمية فلم تمنح له أي فرصة للمشاركة في مسيرة‬

‫التنمية االقتصادية والثقافية للبالد‪ ،‬وكان يعتمد عليه اعتمادا اشكاليا تنحصر أعماله في اعداد‬

‫القوائم االنتخابية واالشراف على بعض الحمالت بالشرح والتوعية‪.3‬‬

‫وفي ‪ 51‬ديسمبر ‪ 5699‬تم تعيين قائد أحمد مسؤوال عن الحزب من طرف بومدين‬

‫وذلك للعودة بمكانة الحزب وأولويته على الدولة‪ 4‬ألن الحزب حسب قول بومدين "هو سلطة‬

‫توجيه وتخطيط ورقابة أما الدولة فهي الة تنفيذ لهذا التخطيط في ضوء التوجيه والرقابة"‪ 5‬ودعي‬

‫بومدين الى تحويل حزب جبهة التحرير الوطني الى حزب طالئعي* وذلك لصدور ميثاق‬

‫‪ 5699‬الذي أكد على أولوية الحزب على الدولة والغرض من ذلك التحويل هو بناء مجتمع‬

‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة الصراع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.559‬‬


‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.651‬‬
‫‪3‬سعيد بو الشعير‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،5661 ،‬ص‪.519‬‬
‫‪4‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬حزب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪5‬لطفي الخولي‪ ،‬عن الثورة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.559‬‬
‫*حزب طالئعي‪ :‬هو تنظيم يضم مناضلين غير منتمين الى السلطة وساعد القيادة على تحقيق المشروع الذي سطرته الثورة‬
‫وهو االشتراكية كما يقوم الحزب بمهمة تشييد االشتراكية في اطار القيم الوطنية العربية اإلسالمية (ينظر‪ ،‬سعيد بو الشعير‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)559‬‬

‫‪38‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اشتراكي وأن مؤتمره يعد الهيئة العليا الذي يصادق على قوانين الحزب األساسية‪ 1‬وتم تعيين‬

‫محمد الصالح اليحياوي مسؤول تنفيذي لجهاز الحزب في ‪ 55‬نوفمبر ‪ ،5699‬وكلفه بومدين‬

‫بمهمة بناء فعلي للحزب‪ 2‬ونجح يحياوي بدوره وذلك بعقد عدة مؤتمرات لمختلف المنظمات‬

‫الجماهيرية وتنصيب المحافظين الجدد‪.3‬‬

‫‪ 2-5‬المنظمات الوطنية‪:‬‬

‫ان تأطير جميع الفئات االجتماعية وتعبئتها من أول الوظائف الحزبية ويقتضي ذلك‬

‫انشاء منظمات جماهيرية شاملة لقطاعات المجتمع بأسرها‪.4‬‬

‫تنظيم الشباب‪ :‬اهتم الرئيس هواري بومدين بفئة الشباب* وانعقدت الندوة الوطنية‬ ‫‪‬‬

‫الخاصة بهم في أيام ‪ 56‬الى ‪ 65‬ماي‪ 5695 5‬رأس أشغالها رئيس الدولة بنفسه وشارك فيها‬

‫كل من شبيبة جبهة التحرير والكشافة والطلبة الجامعين وتالمذة الثانويات وكان مدار أشغالها‬

‫المصادقة على المنظمة المقبلة يعني االتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية‪ ،‬واقرار أرضيتها‬

‫األيديولوجية والسياسية وبرنامج عملها‪ 6‬ومنه تم تنظيم االتحاد الذي ركز على عنصرين هما‪:‬‬

‫‪1‬سعيد بو البشير‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.559‬‬


‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.559‬‬
‫‪3‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬حزب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪4‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.625‬‬
‫‪5‬‬
‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود النوات العشر‪ ،‬الطابعة الشعبية للجيش‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫*الرئيس هواري بومدين‪ ،‬يتحاور مع أبناء الشعب‪ ،‬أنظر الملحق رقم‪.04‬‬
‫‪6‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.651‬‬

‫‪39‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫توفير بعض الظروف المالئمة لتقدم الشباب وازدهارهم‪.‬‬

‫تقديم الوسائل الالزمة حتى يشتركوا في حياة البالد السياسية‪.1‬‬

‫حيث قال الرئيس بومدين في خطابه يوم ‪ 65‬جوان ‪" 5699‬ان شبيبتنا البد لها أن تكون‬

‫على أتم االستعداد لتحل محل هؤالء األجانب لكي تتسلم مقاليد الحكم في جميع الميادين الفنية‬

‫والعملية"‪.2‬‬

‫وبالنسبة لكثرة الشباب أي حوالي ‪ %59‬فما فوق من تعداد السكان ورغم كبر السن أي‬

‫‪ 51‬سنة‪ ،‬قام بومدين بتسطير التعليم المجاني وفتح أبواب التكوين والجامعات كما أقر الخدمة‬

‫الوطنية لكل الشباب مهما كان مستواهم التعليمي واالجتماعي وذلك من خالل سنة ‪.35696‬‬

‫تنظيم المرأة (النساء) ‪ :‬اهتم بومدين اهتماما كبي ار بالمرأة وذلك لدورها البارز في الثورة‬ ‫‪‬‬

‫التحريرية حيث وفر لها كل الظروف لتأسيس اتحاد وطني لتربية الجماهير في إطار أهداف‬

‫الثورة ومقاصدها‪ 4‬فالمرأة هي عضو حي وعامل في المجتمع الجزائري حيث قال بومدين‪" :‬‬

‫فالمرأة في ثورة التحرير ثارت كما ثار الرجل أخوها‪ ...‬ابنها‪ ...‬وزوجها‪ ،‬وأقول كما ثار الرجل‬

‫على االستعمار فهي ثارت ال على االستعمار فقط ولكن ثارت على بعض التقاليد الرجعية‬

‫البالية فكسرت بذلك السالس ل التي كانت تربطها ووجدت المكانة الالئقة بها في المجتمع فهذا‬

‫‪1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬


‫‪2‬سعد بن البشير عمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.556‬‬
‫‪3‬عمار بومايدة‪ ،‬بومدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪4‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫‪40‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حق حصلت عليه بفضل مجهوداتها وتضحياتها"‪ 1‬كما يقول كذلك‪" :‬نحن نؤمن بحقوق المرأة‬

‫ألننا عشنا معها في ميدان الكفاح في الجبال والوديان‪ ،‬وأن المرأة الجزائرية التي أكدت وجودها‬

‫عبر مراحل التاريخ في مرحلة البناء والتشييد وبناء المجتمع الجزائري"‪.2‬‬

‫تنظيم العمال أو االتحاد العام للعمال الجزائريين‪ :‬أسس االتحاد العام للعمال الجزائريين‬ ‫‪‬‬

‫في‪ 65‬فيفري ‪ 5659‬وكان الداعي على تأسيسه عوامل كثيرة أولها تصميم بعض النقابين‬

‫الجزائريين على تكوين منظمة تمكن العمال الجزائريين من المشاركة في حرب التحرير‪ 3‬وقد تم‬

‫االهتمام باتحاد العمال بعد ‪ 56‬جوان ‪ 5695‬من خالل مشاركتهم في التشييد االشتراكي‬

‫وتكوين مجالس العمال التي يستطيعون بها ممارسة حقوقهم تحت رقابة السلطة‪.4‬‬

‫‪ 3-5‬المؤسسات اإلدارية المحلية‪:‬‬

‫المؤسسة البلدية‪ :‬صدر قانون البلدية في يوم ‪ 61‬جانفي ‪ 55699‬حيث تعتبر البلدية‬ ‫‪‬‬

‫الشرط األول في بناء الدولة وبداية اإلصالح المؤسساتي وهدفها الرئيسي هو زيادة مشاركة‬

‫‪1‬سعد بن البشير عمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.555 ،552‬‬


‫‪2‬عمار بومايدة‪ ،‬بومدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪3‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.655‬‬
‫‪4‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.599‬‬
‫‪5‬نور الدين زمام‪ ،‬السلطة الحاكمة والخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري‪ ،5661-5696 ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،6116‬ص‪.565‬‬

‫‪41‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫السكان المحليين في التسمية االقتصادية العامة ألنها اكتسبت استقالال ذاتيا وقانونيا وماليا‬

‫واقتصاديا‪.1‬‬

‫تتألف اإلدارة البلدية من هيئتين‪ :‬هيئة مداولة تسمى المجلس الشعبي البلدي وجهاز‬

‫تنفيذي يسمى الهيئة التنفيذية البلدية‪ 2‬ينتخب المجلس الشعبي البلدي لمدة أربع سنوات من اقتراح‬

‫الحزب ويقوم بإدارة الشؤون الداخلية للبلدية عن طريق برنامجها الخاص‪ 3‬ويشترط أن يكون‬

‫المنتخب ليس لديه سوابق عدلية‪ ،‬وأن يكون يسكن البلدية منذ ستة أشهر على األقل وسنه‬

‫يتجاوز ‪ 62‬سنة إضافة الى نزاهته وكفاءته‪.4‬‬

‫أما بالنسبة للهيئة التنفيذية البلدية تتألف من الرئيس ونوابه ويتراوح عدد أعضاءها بين‬

‫ثالثة وتسعة عضوا تبعا لحجم البلدية والمجلس هو الذي ينتخبها من بين أعضائه بطريق‬

‫التصويت السري‪.5‬‬

‫‪ ‬المؤسسة الوالئية‪ :‬صدر قانون الوالية في ‪ 23‬ماي ‪.65696‬‬

‫‪ 1‬عبد العالي دبلة‪ ،‬الدولة الجزائرية الحديثة‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،6115 ،‬ص‪.95‬‬
‫‪2‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.661‬‬
‫‪3‬بنجامين ستورا‪ ،‬تاريخ الجزائر بعد االستقالل ‪ ،5611-5696‬ترجمة صباح ممدوح كعدان‪ ،‬منشورات الهيئة العامة السورية‬
‫للكتاب‪ ،‬دمشق‪ ،6156 ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ 4‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 5‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.662‬‬
‫‪ 6‬نور الدين زمام‪ ،‬السلطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.565‬‬

‫‪42‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫تتألف الوالية من أجهزة وهي المجلس الشعبي الوالئي والهيئة التنفيذية للوالية والوالي‪.‬‬

‫فالمجلس الشعبي الوالئي هو الجهاز األساسي للوالية‪ ،‬ينتخب من طرف الحزب لمدة‬

‫خمس سنوات‪ ،‬حيث يوجد أكثر من قاسم مشترك بين النظام االنتخابي الوالئي والنظام‬

‫االنتخابي البلدي فالمجلس الشعبي للوالية ينتخب بطريق االقتراع العام‪ ،2‬فبالنسبة للمنتخبين‬

‫يخضعون لنفس شروط المرشحين للمجالس الشعبية البلدية‪ ،‬ومهمة مجلس الوالية هي تسيطر‬

‫برنامجه والتنسيق بين البلديات‪ ،‬ويساعده في ذلك المجلس التنفيذي برئاسة الوالي الذي تعينه‬

‫الحكومة‪ ،‬وذلك بدوره الفعال في الوالية إضافة الى الوصاية المالية واإلدارية للبلديات‪.3‬‬

‫واختصاصات المجلس تشمل تقريبا كافة مجاالت الحياة السياسية واإلدارية واالقتصادية‬

‫في الوالية‪ ،‬والمشاركة أيضا في بعض األنشطة الوطنية‪ 4‬كما يقوم بدراسة كافة المشاكل‬

‫المتعلقة بالوالية فهو يصوت على الميزانية ويتصرف فيها ويملك حرية وضع منهاج عمله‪ ،‬كما‬

‫يتكفل ببناء عدد من المشاريع وهي‪ :‬بناء المدارس‪ ،‬المساكن الشعبية والرياضية والسياسية‬

‫ومعاهد التكوين المهني وغيرها من المؤسسات‪.‬‬

‫أصبحت الجزائر في عهد الرئيس بومدين تشمل ‪ 25‬والية و‪ 965‬بلدية‪.5‬‬

‫‪ 1‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.255‬‬


‫‪2‬صالح بلحاج‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص‪.255‬‬
‫‪ 3‬بن جامين ستورا‪ ،‬تاريخ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ 4‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.259‬‬
‫‪5‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪43‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 4-5‬ميثاق دستور ‪:5699‬‬

‫في سنة ‪ 5699‬أنتجت الجزائر الرسمية وثيقتين أساسيتين األولى سياسة أيديولوجية‬

‫سميت الميثاق والثانية مؤسساتية قانونية هي الدستور ‪.5699‬‬

‫ميثاق ‪ : 5699‬ان المشروع التمهيدي لهذا الميثاق كان موضوع نقاش أمام مجلس الثورة‬ ‫‪‬‬

‫ومجلس الوزراء وكذلك كان أمام الشعب الجزائري قبل أن يتم طرحه لالستفتاء والمناقشة وقد‬

‫كانت مدة المناقشة التي دارت بين المجلسين حوالي أسبوعين وذلك من ‪ 59‬فيفري الى ‪2‬‬

‫مارس ‪ 15699‬وقد اختار بومدين لوضع ميثاق العديد من الشخصيات مسندا اليها مهامها‬

‫كاالتي‪:‬‬

‫محمد الصديق بن يحي لصياغة الجزء الخاص بالمسألة السياسية وبلعيد عبد السالم‬ ‫‪-‬‬

‫لصياغة الجزء الخاص بالصياغة االقتصادية ومصطفى األشرف الجزء الخاص بالثقافة ورضا‬

‫مالك لصياغة المسألة األيديولوجية ووزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة لصياغة الجزء الخاص‬

‫بالسياسة الخارجية‪ 2‬وفي يوم ‪ 66‬جوان ‪ 5699‬عرض الميثاق على االستفتاء ونال نسبة‬

‫‪ %61،55‬من األصوات وأصبح وثيقة أيديولوجية لسياسة األمة وقوانين الدولة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ahmed Taleb Ibrahim, Mémoire d'un algérien, Iome2 Edition casbah, Alger, 2008,p418.‬‬
‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.565‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.565‬‬

‫‪44‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يحتوي الميثاق الوطني على مقدمة وسبعة أبواب تمثلت في ‪ 611‬صفحة باللغة العربية‬ ‫‪-‬‬

‫ركن المقدمة على مفهوم الدولة االشتراكية ومدى نجاحها‪ ،‬والفصل األول الذي درس إعطاء‬

‫الشرعية لالختبار االشتراكي في الجزائر تحت عنوان "المجتمع االشتراكي"‪ 1‬وعنوان الفصل‬

‫الثاني "الحزب والدولة" ويحدد النظام السياسي للجزائر بحيث يقوم على نظام الحزب الواحد وال‬

‫يجوز أن يحل الحزب محل الدولة فهي دولة اشتراكية تتدخل في جميع النشاطات كما تعتمد‬

‫على مبدأ الديمقراطية وتحقق مبدأ الالمركزية‪ 2‬أما الفصل الثالث تضمن المصادر الكبرى لبناء‬

‫االشتراكية والتي تتلخص في خمسة محاور وهي الثورات الثالث‪ :‬الصناعية والزراعية والثقافية‪،‬‬

‫باإلضافة الى التوازن الجهوي والتسيير االشتراكي للمؤسسات‪ ،‬أما الباب الرابع فخصص للدفاع‬

‫الوطني وتشييد مجتمع جديد‪ 3‬والباب الخامس درس السياسة الخارجية للجزائر وتضمن البابين‬

‫السادس والسابع موضوع التنمية واتجاهاتها وأهدافها‪ 4‬ويؤكد الميثاق على بعث السيادة الوطنية‬

‫وبناء االشتراكية‪ ،‬مكافحة التخلف‪ 5‬كما أكد كذلك بأن اإلسالم دين الدولة واعتبره أحد المقومات‬

‫األساسية للشخصية الوطنية كما اعتبرت اللغة عامال أساسيا للهوية الثقافية للشعب الجزائري‪.6‬‬

‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.569‬‬


‫‪ 2‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الميثاق الوطني ‪ ،5699‬المعهد التربوي الوطني‪ ،‬الجزائر‪ ،5699 ،‬ص‪.565‬‬
‫‪3‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.561‬‬
‫‪4‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الميثاق‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.596‬‬
‫‪5‬بنجامين ستورا‪ ،‬تاريخ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪6‬زبيحة زيدان المحامي‪ ،‬جبهة التحرير الوطني جذور األزمة‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،6116 ،‬ص ‪.655‬‬
‫*مقتطفات من دستور الجزائر انظر الملحق رقم ‪.04‬‬

‫‪45‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫دستور ‪ :5699‬تم اإلعالن عن دستور ‪ ،5699‬الذي تم االستفتاء الشعبي عليه يوم‬ ‫‪‬‬

‫‪ 56‬نوفمبر ‪ 5699‬وطبق في ‪ 66‬نوفمبر ‪ 5699‬يتألف الدستور من ‪ 566‬بند وهو يحدد ستة‬

‫وظائف منها‪ :‬السياسة‪ ،‬التشريعية‪ ،‬القضائية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬التأسيسية‪ ،‬الرقابية‪ ،1‬حيث يمنح‬

‫الدستور الطابع القانوني على أهداف الميثاق الوطني ويحدد كذلك طرق تحمل المسؤوليات‬

‫داخل أجهزة الدولة وكيفية تنظيم المجتمع‪ 2‬وأعطى صالحيات واسعة لرئيس الجمهورية‪ 3‬حيث‬

‫حددت المادة ‪ 555‬من الدستور صالحيات الرئيس األخرى وهي‪ :‬تمثله للدولة داخل البالد‬

‫وخارجها حماية الدستور‪ ،‬تجسيد وحدة القيادة السياسية للحزب والدولة‪ ،‬يسهر على تنظيم‬

‫القوانين وغيرها من الصالحيات‪ ، 4‬كما يستطيع رئيس الجمهورية التحكم في الدستور والوظيفة‬

‫الدستورية بحيث ال يمكن ألي هيئة أن تطالب بمراجعة الدستور أو تعديله‪.5‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 569‬من الدستور على تأسيس المجلس الوطني الشعبي أي البرلمان‬

‫إلتمام نظام المجالس البلدية والوالئية ثم ذلك في ‪ 65‬جويلية ‪ 5699‬واختير رابح بيباط رئيسا‬

‫له ويتكون المجلس من ‪ 61‬نائب‪ 6‬كما منح الدستور للمجلس السلطة التشريعية‪.7‬‬

‫‪‬مقتطفات من دستور الجزائر‪ ،‬أنظر الملحق رقم ‪.5‬‬


‫‪1‬‬
‫‪Ahmed Taleb Ibrahimi, Mémoire op. cit p424.‬‬
‫‪2‬نور الدين زمام‪ ،‬السلطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.566‬‬
‫‪3‬اسمهان تمغارت‪ ،‬إشكالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪4‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬دستور ‪ ،5699‬المطبعة الرسمية‪ ،‬الجزائر‪ ،5699 ،‬ص‪.96‬‬
‫‪ 5‬محمد بوضياف‪ ،‬مستقبل النظام السياسي الجزائري‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم‬
‫السياسية واالعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،6111 ،‬ص‪.51‬‬
‫‪6‬بنجامين ستورا‪ ،‬تاريخ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪7‬اسمهان تمغارت‪ ،‬إشكالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪46‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وكان للمجلس الشعبي الوطني بحسب الدستور السلطات االتية‪:‬‬

‫يعد القوانين ويصوت عليها في المجال الذي حدد معالمه الدستور وضمن القيود‬

‫المفروضة عليه (المادة ‪ ) 569‬ويراقب الحكومة حسب اإلجراءات المبنية في الدستور في إطار‬

‫القيود المتعلقة بذلك (خاصة المادتان ‪ ،)596 ،595‬في مجال السياسة الخارجية بإمكان‬

‫المجلس أن يصدر الئحة عن السياسة الخارجية (المادة ‪ )559‬وله صالحية الموافقة على‬

‫المعاهدات الدولية السياسية قبل قيام رئيس الجمهورية بالمصادقة عليها (المادة ‪ )551‬ويمكنه‬

‫اجراء تحقيق حول أي قضية ذات مصلحة عامة اذا انقضت الضرورة (المادة ‪ )511‬وله‬

‫صالحية مراقبة المؤسسات االشتراكية (المادة ‪ )516‬واقرار التعديل الدستوري الذي يبادر به‬

‫رئيس الجمهورية (المادة ‪.1)566‬‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.561 ،569‬‬

‫‪47‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬بومدين والمعارضة‪:‬‬

‫‪ 5-2‬قضية الزبيري ومحاولة انقالبه‪:‬‬

‫بعد نحو سنتين من االنقالب (‪ 56‬جوان ‪ )5695‬عين الزبيري غطرسة بومدين وغروره‬

‫وانفراده با الشراف على شؤون المجلس واتخاذ ق ارراته في دائرة ضيقة مع أصحابه‪ 1‬ومن بين‬

‫األسباب التي أدت بالزبيري الى االنقالب هو تعيين بومدين للضباط الفارين في مناصب سامية‬

‫على حساب المجاهدين الحقيقيين‪ ،‬كذلك تجاوز بومدين مبدأ القيادة الجماعية لشؤون الدولة‬

‫حيث أصبح الشعب ني عت الزبيري وجماعة االنقالب قائلين‪" :‬عزلتم بن بلة بحجة أنه كان‬

‫دكتاتوريا ولكنكم نصبتم شخصا أكثر منه دكتاتورية"‪.2‬‬

‫قام الزبيري بالتحضيرات من أجل االنقالب ففي ليلة ‪ 55‬ديسمبر ‪ 5699‬تقدمت ثالثة‬

‫فيالق عسكرية‪ 3‬الفيلق األول القادم من مليانة بقيادة المالزم معمر قارة‪ ،‬والثاني قادم من مليانة‬

‫بقيادة المالزم عبد السالم مباركية والفيلق الثالث قادم من األصنام مكون من دبابات بقيادة‬

‫المالزم العياشي حواسنية‪.4‬‬

‫وعندما وصلت الدبابات األولى الى جسر العفرون وجدت القوات النظامية في انتظارها‬

‫بقيادة سليمان هوفمان ومحمد زرقيني‪ ،‬وهما من الضباط الفارين من الجيش الفرنسي‪ ،‬وتتشكل‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫‪2‬وردة بوجملين‪" ،‬حوار مع العقيد الطاهر زبيري"‪ ،‬جريدة الشروق‪ ،‬العدد ‪ ،5651‬الجزائر‪ ،‬جانفي ‪ ،6155‬ص‪.55‬‬
‫‪3‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة الصراع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.552‬‬
‫‪4‬لخضر بورقعة‪ ،‬شاهد على اغتيال الثورة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.595‬‬

‫‪48‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القوات النظامية من قوات الدرك وتالميذ مدرسة أشبال الثورة بالقليعة وتفاجأت قوات الزبيري‬

‫فبدت الفوضى في صفوفها وتوقفت عن الحركة ألن الدبابة األولى توقفت وسدت الطريق على‬

‫الدبابات والقوات الموجودة وراءها‪ ،1‬لكن لم تدم المعركة طويال وتوقفت دون غلبة أحد من‬

‫الطرفين الى أن وصلت طائرتان عسكريتان الى أرض المعركة وبدأتا تلقيان القنابل عشوائيا‪،‬‬

‫ولم تسلم من دمارها حتى القوات النظامية نفسها وبهذا قام الجنود والضباط بالزحف نحو‬

‫الغابات واألودية المحيطة بالمنطقة‪ 2‬وفي اليوم نفسه تمكن الزبيري من الوصول الى ساحة‬

‫المعركة فشاهد جثث التالميذ معروضة امام الناس هامدة غارقة في الدماء‪ ،‬عندئذ فكر في‬

‫ضعف وسائله وفي الخسائر التي تكون اذا استمرت المواجهة فأمر قواته بإيقاف السير نحو‬

‫البليدة وأقر بفشله‪.3‬‬

‫ومن بين األسباب التي أدت الى فشل هذا االنقالب‪:‬‬

‫‪ ‬قيام الضباط الفارين من الجيش الفرنسي يمنع تزويد الفيالق الخاضعة لسلطة الزبيري‬

‫بالذخائر ألنهم كانوا على رأس مديريات التموين‪.‬‬

‫‪ ‬هطول األمطار بغ ازرة واألرض كانت موحلة في منطقة العفرون‪.4‬‬

‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.552‬‬


‫‪2‬لخضر بورقعة‪ ،‬شاهد‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.511‬‬
‫‪3‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪4‬الطاهر الزبيري‪ ،‬ص‪.655 ،651‬‬

‫‪49‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬أن بومدين كان أقوى من الزبيري في اإلمكانيات وأوسع منه خبرة في تنفيذ االنقالبات‪.1‬‬

‫‪ ‬عدم التخطيط المحكم والتهور في اتخاذ الق اررات‪.‬‬

‫‪ ‬عدم ضمان والء كل قادة الجيش له خاصة ضباط الفارين من الجيش الفرنسي الذي‬

‫استعان بهم بومدين في القضاء على االنقالبين‪.‬‬

‫‪ ‬استحالة تنقل الذبابات لمسافة أكثر من ‪ 611‬كلم (الشلف الى العاصمة) دون أن‬

‫تكشفها القوات النظامية‪.‬‬

‫‪ ‬الفوضى التي دبت في القوات الموالية للطاهر الزبيري عند أول اصطدام لها بالقوات‬

‫الموالية لبومدين والتخلي عن الزبيري بعد فشل المحاولة‪.‬‬

‫‪ ‬انعدام عنصر المفاجأة في العملية االنقالبية ويعتبر العامل الرئيسي في فشل هذه‬

‫المحاولة التمردية‪.2‬‬

‫‪ ‬تكديس جسر برومي الذي يعد المنفذ الوحيد نحو البليدة بالسيارات المدينة والشاحنات‬

‫أدى الى شل حركة تقدم القوات‪.‬‬

‫وبعد هذه األحداث تمكن الزبيري من الهروب الى األوراس ثم الى المنفى بتونس قائال‪:‬‬

‫"ان حركة ‪ 55‬ديسمبر ‪ ، 5699‬لم تكن محاولة انقالب عسكري كما يعتقد الكثيرون ألننا‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.555 ،555‬‬

‫‪50‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ببساطة لم نكن نسعى لإلحاطة ببومدين من السلطة وانما كان هدفنا األساسي هو الضغط عليه‬

‫إلعادة الشرعية للبالد"‪.1‬‬

‫وكان لفشل انقالب الطاهر الزبيري عدة انعكاسات على نظام بومدين‪:‬‬

‫‪ ‬توطيد حكمه بعد ابعاد الطاهر الزبيري أخطر منافسيه داخل الجيش ومجلس الثورة‪.‬‬

‫‪ ‬ابعاد مجموعة الشرق ومعارض بومدين من النظام‪.‬‬

‫‪ ‬ترقية ضباط الجيش الفارين من الجيش الفرنسي في الرتب ألنه لم يبقى اال بومدين وبن‬

‫شريف كعقداء في الجيش‪.‬‬

‫‪ ‬اخضاع بومدين للكثير من الضباط الكبار واسكاتهم بالتلويح لهم بأنه يعلم بمشاركتهم‬

‫من قريب أو من بعيد في المحاولة االنقالبية للطاهر الزبيري لكنه سامحهم بشرط‬

‫الخضوع التام له وتنفيذ أوامره دون نقاش‪.2‬‬

‫‪ 2-2‬معارضة قايد أحمد‪:‬‬

‫في سنة ‪ 5696‬حاول قايد أحمد معارضة الرئيس بومدين رغم أنهما كانا يعمالن مع‬

‫بعضهما في مجلس الثورة وهيئة األركان العامة وهذا لعدة أسباب منها‪:‬‬

‫‪1‬الطاهر الزبيري‪ ،‬نصف قرن‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.656 ،651‬‬


‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.556‬‬

‫‪51‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬أراد تجسيد فكرة أن الشعب صاحب السيادة وأن حزب جبهة التحرير هو المسؤول عن‬

‫قيادة البالد وليس مجلس الثورة‪.1‬‬

‫‪ ‬عدم تقبل قايد أحمد سلطة بومدين وانفراده بالحكم‪.2‬‬

‫‪ ‬كذلك رفضه مشروع الثورة الزراعية ألن الفالحين وجدوا صعوبة في تطبيق قوانينها‬

‫نتيجة تعقدها وعدم تعودهم على التعاونيات اإلنتاجية‪ ،‬لكن بومدين أصر على المشروع‬

‫وأمر بنفي قايد أحمد لمعارضته‪.3‬‬

‫‪ 3-2‬المعارضة التقليدية‪:‬‬

‫تتمثل المعارضة التقليدية في الخارج في حزب الثورة االشتراكية (‪ (PR5‬بزعامة محمد‬

‫بوضياف وحزب القوى االشتراكية (‪ (FF5‬بزعامة حسين ايت أحمد‪.4‬‬

‫والحركة الديمقراطية الثورية (‪ )MDR‬بزعامة كريم بلقاسم ومن أهم أهدافها اإلطاحة‬

‫بنظام الحكم في الجزائر والعمل على تطهير صفوف جيش التحرير الوطني من العمالء‬

‫الفرنسيين وبناء الجزائر المستقلة‪.5‬‬

‫‪1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬حزب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22 ،26‬‬


‫‪2‬الطاهر خوف هللا‪ ،‬النخبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.592‬‬
‫‪3‬الشاذلي بن جديد‪ ،‬المصدر السابق‪.651 ،‬‬
‫‪4‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.591‬‬
‫‪5‬لخضر بورقعة‪ ،‬شاهد‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.565 ،561‬‬

‫‪52‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ولم تشكل المعارضة التقليدية في الخارج في حقيقة األمر أي خطر على نظام بومدين‬

‫باستثناء منافسته على الشرعية التاريخية والثورة خاصة من جانب كل من بوضياف وايت أحمد‬

‫وكريم بلقاسم‪ 1‬ولكن لم تدم هذه المعارضة كثي ار فقد تمت تصفية بلقاسم بفندق بألمانيا من طرف‬

‫المخابرات الجزائرية‪ 2‬كما يعود سبب ضعف المعارضة الى التنافس حول الزعامة واالختالفات‬

‫األيديولوجية بينهما وضعف برامجها السياسية وأكثر من هذا فيبدو أن هذه المعارضة مراقبة من‬

‫جهاز األمن العسكري‪.3‬‬

‫‪ 4-2‬المعارضة اإلسالمية والبربرية‪:‬‬

‫وهي معارضة شبانية في الداخل وتتمثل في التيارين اإلسالمي والبربري اللذان بر از منذ‬

‫السبعينيات ورك از في معارضتهما للنظام على الهويتين اإلسالمية للتيار األول والبربرية للتيار‬

‫الثاني‪.4‬‬

‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.591‬‬


‫‪2‬لخضر بورقعة‪ ،‬شاهد‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.565‬‬
‫‪3‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.595‬‬
‫‪4‬رابح لونيسي‪ ،‬الجزائر في دوامة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.556‬‬

‫‪53‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المعارضة اإلسالمية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫رفضت سياسة بومدين االشتراكية واعتبرتها الحادا ومن ضمن المعارضين عبد اللطيف‬

‫سلطاني ومحفوظ نحناح‪ ‬الذي أسس جماعة الموحدين التي كانت وراء أعمال تخريبية وقد‬

‫ركزت هذه المعارضة على الجانب الديني كما وزعت مناشير في البالد في ‪ ،5695‬تهتف‬

‫وتندد بابتعاد بومدين عن تعاليم اإلسالم وتطالب بانتخاب مجلس تأسيسي يضع دستو ار للبالد‬

‫على أساس مبادئ اإلسالم‪ ،1‬قام بومدين بسجن جماعة محفوظ نحناح في عام ‪ 5695‬ألن‬

‫هذه الجماعة وقفت موقفا معاديا لسياسته االجتماعية وللثورة الزراعية التي طبقها والتي يراها‬

‫أنها تتفق مع المبدأ اإلسالمي "األرض لمن يخدمها" وليس ألنه معارض التيارات االسالمية‪.2‬‬

‫المعارضة البربرية (األمازيغية)‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ركزت على المطالبة بضرورة استكمال مقومات الهوية الوطنية أي أخذ االعتبار‬

‫باألمازيغية والعربية واإلسالم مع بعض وبدأت هذه الحركة بتوزيع مناشير وكتب ومجالت‬

‫صادرة في أغلبها عن األكاديمية البربرية التي أسسها محند أعراب بسعود‪ ‬في سنة ‪5699‬‬

‫‪*‬محفوظ نحناح‪ :‬من مواليد ‪ 5656‬بالبليدة‪ ،‬اشتغل أستاذا لمدة ‪ 65‬سنة تم اهتم بالسياسة انتقد النهج االشتراكي لبومدين‪ ،‬حكم عليه بالسجن مدة ‪55‬‬
‫سنة قفي منها ‪ 5‬سنوات‪ ،‬واصل نشاطه المعارض في صفوف التيار اإلسالمي وأسس مع محمد بوسليماني جمعية اإلصالح واإلرشاد عام‬
‫‪).‬‬
‫‪ 5616‬وتحولت الى حركة حماس (ينظر‪ :‬رشيد بن يوب‪ ،‬دليل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪515‬‬
‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.592‬‬
‫‪2‬نفسه‪ ،‬ص‪.592‬‬
‫محن د أعراب بسعود‪ :‬ضابط جيش في التحرير‪ ،‬عضو مؤسس لجبهة القوى االشتراكية في ‪ 5692‬اختار باريس كمنفى وملجأ‬
‫للمعارضة وله عدة مؤلفات منها (الهوية المؤقتة) و (سعداء هم الشهداء الذين لم يروا شيئا) (ينظر‪ :‬رشيد بن يوب‪ ،‬دليل‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)515‬‬

‫‪54‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بباريس وقد عانى هو والكثير من مؤسسي األكاديمية من تشويه النظام لتاريخهم وسمعتهم كما‬

‫سجن بسعود وهو في فرنسا في ‪ 5691‬وبعدها انتقل الى بريطانيا‪ ،‬وعاد الى الجزائر في ‪5‬‬

‫نوفمبر ‪.15669‬‬

‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.619‬‬

‫‪55‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬السياسة الخارجية للجزائر في عهد بومدين‪:‬‬

‫كانت السياسة الخارجية للجزائر تهدف الى‪:‬‬

‫‪ ‬رفض كل أنواع التدخل األجنبي في الشؤون الداخلية للدول‪.‬‬

‫‪ ‬الدفاع عن االستقالل الوطني‪.‬‬

‫‪ ‬استعادة الهوية الوطنية‪.‬‬

‫‪ ‬التضامن مع حركات التحرر الوطني‪.‬‬

‫‪ ‬محاربة التخلف‪.1‬‬

‫‪ 5-3‬عالقات الجزائر مع الوطن العربي والقضية الفلسطينية‪:‬‬

‫كان على الجزائر بعد أن حصلت على استقاللها أن تبقى وفية لنفسها وأن تحترم‬

‫التزاماتها وأن تقدم المساعدة والتأييد للقضايا العادلة وللشعوب المكافحة من أجل حريتها‬
‫‪2‬‬

‫فقضية فلسطين تعتبر في نظر الرئيس بومدين القضية المركزية للعرب فهي قلب العرب‪.3‬‬

‫‪1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬


‫‪2‬أحمد طالب االبراهيمي‪ ،‬مذكرات جزائري‪ ،‬هاجس البناء (‪ )5691-5695‬ج‪ ،6‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪،6111 ،‬‬
‫ص‪.55‬‬
‫‪3‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61 ،69‬‬

‫‪56‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫في يوم جوان ‪ 5699‬هاجمت إس ارئيل على بلدان من المشرق العربي فأعلن بومدين‬

‫قائال‪" :‬شعبنا مستعد لكي يشارك بجميع الوسائل في المعركة المقدسة من أجل تحرير فلسطين"‬

‫وقام بإرسال وحدات لصد إسرائيل‪.1‬‬

‫فالجزائر عالقتها الدبلوماسية بالواليات المتحددة لدعمها الصهاينة في ‪ 65‬أوت ‪،5699‬‬

‫ومع النظام األردني في عام ‪ 5691‬لقمعه الثورة الفلسطينية وحرضت الدول االفريقية على قطع‬

‫عالقتها بالكيان الصهيوني بعد حرب ‪.25699‬‬

‫كما وضع جميع شركات الواليات المتحدة تحت رقابة الدولة‪ ،‬ومنع جميع الصادرات‬

‫اليها بما فيها البترول واغالق ميناء الجزائر في وجهة أعداء األمة العربية‪.3‬‬

‫وفي ‪ 61‬سبتمبر ‪ 5691‬توفي الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي كان يواجه‬

‫العدوان اإلسرائيلي بكل قوته باإلضافة الى الطائرات الحربية التي قدمها بومدين بعد جمال عبد‬

‫الناصر تولى أنور السادات الحكم بمصدر وفكر في شن هجوم على إسرائيل وثم ذلك في ‪9‬‬

‫أكتوبر ‪ 5692‬حيث ش نت الطائرات المصرية هجوما على المواقع اإلسرائيلية وأوقعت بها‬

‫العديد من الخسائر‪ 4‬وأرسلت الجزائر قوة عسكرية كبيرة الى جبهة القتال‪ ،‬واشترى بومدين أسلحة‬

‫‪1‬‬
‫‪Ahmed Taleb Ibrahimi, mémoire, opcit. P398.‬‬
‫‪2‬‬
‫بشير بالج‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصر من ‪ ،5616 ،5121‬ص‪.252‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ahmed Taleb Ibrahimi, Mémoire, opcit, p304.‬‬
‫‪4‬رابح عدالة‪ ،‬هوارين المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99 ،95‬‬

‫‪57‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لكل من مصر وسوريا ب ‪ 611‬مليون دوالر‪ 1‬ذلك ألن أنور السادات أخبر الرئيس بومدين أن‬

‫االتحاد السوفياتي أن يتخلى عن مد وتموين العرب باألسلحة‪ ،‬فغضب بومدين وانتقل الى‬

‫موسكو ليال وعند وصوله مباشرة طلب االجتماع بالقادة السوفياتية وقال لها بالحرف الواحد‪:‬‬

‫"اعتبروني تاج ار جاء ليعقد صفحة أسلحة ودفع ثمنها على الفور"‪ 2‬كما يقول كذلك في خطابه‬

‫يوم ‪ 5‬جويلية ‪ " 5696‬فاذا أردنا نحن ا لعرب أن نسترجع كرامتنا وأن نساعد الشعب الفلسطيني‬

‫على استرجاع حقوقه المغتصبة فعلينا أن نكون شاعرين بانه ليس أمامنا اال المعركة والنضال‬

‫والتضحيات وليس هناك طريق اخر بديل غير طريق الهزيمة وطريق االستسالم‪.3‬‬

‫وفي سنتي ‪ 5619-5699‬كثف بومدين جهوده إليجاد حل للقضاء على الخطر‬

‫اإلسرائيلي‪ ،‬وقام بالعديد من الجوالت في الدول العربية واالفريقية وذلك إلشعارهم بخطر‬

‫المخطط األمريكي اإلسرائيلي الذي يهدف الى الهيمنة والسيطرة في المنطقة العربية كما وقف‬

‫ضد زيارة السادات للقدس عام ‪ 5699‬للتفاوض مع اإلسرائيليين واعتبر هذه الزيارة اعتراف‬

‫بفلسطين ودعي الى تشكيل جبهة الصمود والتصدي التي جاءت كرد فعل على هاته الزيارة‬
‫‪4‬‬

‫وعقدت أول قمة لهذه الجبهة بطرابلس في ديسمبر ‪ 5699‬بمشاركة من الجزائر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬سوريا‪،‬‬

‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.62‬‬


‫‪2‬بشير بالح‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫‪ 3‬بشير عمامرة‪ ،‬هواري بومدين الرئيس القائد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.551‬‬
‫‪4‬عمار بومايدة‪ ،‬بومدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.62‬‬

‫‪58‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اليمن‪ ،‬ومنطقة التحرير الفلسطينية حيث قال بومدين‪" :‬أنا مؤهل باسم جبهة الصمود والتصدي‬

‫لكي ا علن بأن الشعب الفلسطيني لم يكلف الرئيس السادات لكي يتحدث باسمه"‪.1‬‬

‫كما يقول بومدين في احدى المناسبات‪ :‬من حقنا أن نقول باسم الجزائر بأنه ليس ألحد‬

‫الحق وال ألي رئيس دولة عربية الحق وال ألي مسؤول عربي الحق في أن يتصرف في القضية‬

‫الفلسطينية بدون أن تحفظ ونؤيد أهداف الثورة حتى ولو اختلفنا مع الكثير من الدول العربية وان‬

‫كانت هذه الدول قريبة ما في الهدف وفي النضال وفي المصير"‪ 2‬ألن بومدين انسان مبدئي‬

‫فان القدس وفلسطين تجد حي از في فكره وممارسته السياسية والنضالية فهو صاحب المقولة‪" :‬ان‬

‫الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"‪.3‬‬

‫‪ 2-3‬عالقات الجزائر مع المغرب العربي‪:‬‬

‫يقول بومدين‪" :‬المغرب العربي البد أن يبنى في يوم من األيام سواء يبنيه جيلنا أم تبنيه‬

‫األجيال القادمة ألن هذه المسألة ليست مسألة عاطفية فقط رغم التاريخ والدين واللغة والروابط‪،‬‬

‫فمصلحة أبناء المغرب العربي تقتضي أن يتجهوا نحو بناء مستقبالتهم وتحتم عليهم أن يعملوا‬

‫من أجل خلق مجموعة متكاملة منسجمة"‪.4‬‬

‫‪1‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬


‫‪ 2‬تحية من ثورة الجزائر الى ثورة فلسطين في ذكراها الرابعة عشر‪ ،‬مجلة المجاهد العدد ‪ 5 ،695‬جانفي ‪ ،5696‬ص‪.59‬‬
‫‪3‬مولود قاسم بومدين والقدس الشريف‪ ،‬جريدة الشعب‪ ،‬العدد ‪ 66 ،61 ،1551‬ديسمبر ‪ ،5661‬ص‪.65‬‬
‫‪4‬سعد بن بشير العمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.555‬‬

‫‪59‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وبهذا أبرمت الجزائر اتفاقيات تعاون مع موريتانيا سنة ‪ ،5699‬أما المغرب وتونس‬

‫فكانتا في صراعات مع الجزائر حول الحدود‪ ،‬والتي حلت بالتوقيع على ترسيم الحدود الجزائرية‬

‫معهما ما بين ‪ 5696-5696‬كما تم عقد معاهدة للتعاون وحسن الحوار مع تونس وليبيا في‬

‫فيفري ‪ 5696‬واعترفت المغرب رسميا بالجمهورية الموريتانية تحت الحاح بومدين في ‪5696‬‬

‫ديسمبر فقد كان هو المحفز والمناضل والمكافح على جميع المساعي التي تهدف الى بناء‬

‫مغرب عربي‪ 1‬لكن في عام ‪ 5695‬اندلعت مشكلة الصحراء الغربية والتي تمثلت في عودة‬

‫األطماع الغربية الستراد ما تعتبر أراضي تابعة لها وهذا ما دفع بالجزائر للوقوف في وجهها‬

‫ودعم شعب الصحراء الغربية مما أدى الى سباق نحو التسلح لكل من المغرب والجزائر‬

‫لمواجهة ما يعتبرونه تهديدات وتحرشات على الحدود‪.2‬‬

‫‪ 3-3‬عالقة الجزائر مع حركة عدم االنحياز‪:‬‬

‫يقول بومدين إذا طبقت سياسة عدم االنحياز بوفاء والتزام لشكلت قوة لها وزنها بين‬

‫الكتل المتصارعة وكانت سندا لقضايا الحرية والعدالة في العالم‪ ،‬وأن السياسة الحقيقية لعدم‬

‫االنحياز تندرج في تيار تجديد الشعوب التي ما ت ازل مضطهدة وضمن سياسة االستقاللية‬

‫وطنية اتجاه كل الكتل كما تندرج في تنمية منسجمة لكل الشعوب‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ahmed Taleb Ibrahimi, Mémoire , OP, cit, p335.‬‬
‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.629‬‬
‫‪3‬سعد بن بشير العمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.551‬‬

‫‪60‬‬
‫التطورات السياسية في الجزائر في ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كان بومدين يرى أن التعاون يكون مثم ار بين الدول التي كانت مستعمرة إذا خرجت عن‬

‫الكتل العسكرية واالقتصادية أي المعسكر الشرقي "االتحاد السوفياتي" والمعسكر الغربي‬

‫"الوال يات المتحدة األمريكية" اللذان يعمالن على تفرقة الشعوب‪ ،1‬وبهذا انعقد بالجزائر المؤتمر‬

‫الرابع لحركة عدم االنحياز في سنة ‪ 5692‬التي تم بنجاح حيث دعي هذا المؤتمر الى إعادة‬

‫النظر في النظام االقتصادي العالمي المجفف في حق الشعوب العالم الثالث وخاصة في تأميم‬

‫مواردها الطبيعية‪.2‬‬

‫كان بومدين صوت العالم الثالث فقط عمل على انشاء منظمة تدافع على أسعار المواد‬

‫األولية‪ ،‬حيث حمل مطالبه وتطلعاته الى منبر هيئة األمم المتحدة في ‪ 5695‬التي خصصت‬

‫جمعيتها العامة مؤتم ار حول المواد األولية في أفريل ‪ 5695‬الذي ألقي فيه قدرة تحكم البلدان‬

‫النامية في مواردها األولية وتشجيع الحوار بين عالمي الشمال والجنوب‪.3‬‬

‫‪1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.55‬‬


‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.625‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.625‬‬

‫‪61‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الثورة الصناعية‪:‬‬

‫في أواخر الستينيات انتهت فترة التردد فأعلن النظام الجزائري أنه وجد طريق ومفاتيح‬

‫لحل جميع المشاكل ووضع لنفسه استراتيجية ضامنة للتنمية واللحاق بمستوى البلدان المتطورة‬

‫وبدأ الحديث عنها في الداخل وفي بعض األوساط بالخارج وأن الجزائر اتخذت لنفسها نموذج‬

‫تنمويا فريدا سيمكنها من النجاح بمعنى بناء اقتصاد وطني قوي مستقل والقضاء على المظاهر‬

‫التخلف واثاره الرهيبة‪ ،‬وقد ارتبط وجود الدولة في عهد الرئيس بومدين بوجود اقتصاد قوي‬

‫يستجيب لتطلعات الشعب من جهة والتخلص من التبعية األجنبية من جهة أخرى وقد سلكت‬

‫السلطة الحاكمة في ذلك عدة خطوات واجراءات بداية من المخططات التنموية‪ :‬المخطط‬

‫الثالثي‪ ،‬المخطط الرباعي األول‪ ،‬المخطط الرباعي الثاني‪ ،‬وشملت هذه السياسة الثورين‬

‫الصناعية والزراعية‪ ،‬إضافة الى االهتمام بالسياسة المالية والتجارية ولهذا سندرس محتوى‬

‫السياسة االقتصادية ونتائجها على أوضاع الجزائر‪.‬‬

‫‪-5‬الثورة الصناعية‪:‬‬

‫تعد الثورة الصناعية أهم ثورة ضمن الثورات الثالث (الثورة الصناعية‪ ،‬الثورة الزراعية‪،‬‬

‫الثورة الثقافية) واستند بومدين على المصنعة‪ ،‬فبدال من بيع البترول أو الحديد كمواد خام‬

‫‪63‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وبأسعار رخيصة يتم تحويلها محليا الى مواد صالحة لالستعمال‪ ،‬فالصناعة البتروكيماوية‬

‫ستؤدي الى صناعة اآلالت والعربات‪.1‬‬

‫يمثل نموذج الصناعات المصنعة األولوية للقطاع الصناعي* وباألخص الصناعات‬

‫الثقيلة في عملية التنمية بشكل تعيد فيه هذه الصناعات هيكلة االقتصاد‪ ،‬حيث تدر االستقطاب‬

‫على باقي القطاعات االقتصادية ألنها تزودها بوسائل انتاج المواد االستهالكية المطلوبة في‬

‫السوق‪ ،‬فطبقا لهذا النموذج نجد أن كل القطاعات مرتبطة ببعضها ويتم التداخل بين القطاعات‬

‫الصناعية‪ ،‬وبين الصناعة والزراعة‪.2‬‬

‫وقد استهدفت الثورة الصناعية في استراتيجيتها تحقيق المهام التالية‪:‬‬

‫‪ ‬استثمار الموارد الطبيعية ووضع حد للتخصص في ممارسة االقتصاديات البدائية التي‬

‫حاول االستعمار على العالم الثالث‪.‬‬

‫‪ ‬بناء صناعة للتجهيز وللمواد األساسية الضرورية لتنمية اقتصادية حقيقية‪.‬‬

‫‪ ‬خلق وظائف للتشغيل وترقية العمال تقنيا واجتماعيا وهذا بمضاعفة النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪ ‬توفير المنتوجات الضرورية لالستهالك الوطني بدال من استيرادها من الخارج‪.‬‬

‫‪ ‬المساهمة في المبادالت التجارية مع الخارج بتصدير المواد المصنعة أو نصف مصنعة‪.‬‬

‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬رؤساء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.912‬‬

‫*مخطط الصناعات المصنعة ينظر الملحق رقم ‪.05‬‬

‫‪2‬اسمهان تيمغارت‪ ،‬إشكالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.22 ،29‬‬

‫‪64‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪ ‬موازنة أسعار المواد الغذائية بما يناسب المواطن الجزائري حتى يتمكن من اقتناءها‪.‬‬

‫‪ ‬بناء مصانع عبر انحاء الوطن وتكوين اطارات من الجيل الجديد القادر على التحكم في‬

‫وسائل االنتاج‪.1‬‬

‫‪ 5-5‬المخططات االقتصادية الكبرى‪:‬‬

‫رافق تبلور استراتيجية التنمية الجزائرية على سياسة التخطيط لتسيير األعمال‬

‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسير في طريق التنمية البعيدة المدى وحدد األهداف‬

‫األساسية التي ينبغي للتخطيط أن يتضم نها بالجزائر حيث أن هذه األخيرة بحاجة الى مخطط‬

‫انعاش الستئناف استغالل القدرات وأن األهداف األساسية لهذا المخطط استعادة اإلنتاج‬

‫الفالحي والمنجمي وتحسين الخدمات‪ 2‬والمخطط االقتصادي االشتراكي هو مجموعة من‬

‫الق اررات والتدابير توضع من اجل تطبيق مشروع يخص كل الحياة االقتصادية وله صفة االلزام‬

‫على األجهزة اإلدارية المعنية بتطبيقه‪.3‬‬

‫استند بومدين على المخططات االقتصادية الثالث وهي المخطط الثالثي ‪-1291‬‬

‫‪ ،1292‬المخطط الرباعي األول ‪ ،1211-1211‬المخطط الرباعي الثاني ‪،1211-1211‬‬

‫‪1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬


‫‪2‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪3‬اسمهان تمغارت‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪65‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وتعتبر هاته المخططات نقطة تحول في المنظومة االقتصادية والبدء بأحدث عمليات اإلنتاج‬

‫وأعالها تطو ار‪.1‬‬

‫المخطط الثالثي ‪:5696-5699‬‬ ‫‪5-5-5‬‬

‫يوصف هذا المخطط بأنه المخطط التمهيدي أو شبه مخطط وذلك بكونه يقوم بتهيئة للمخطط‬

‫الرباعي الموالي (توقعت االفاق) وكان الحجم االستثماري المستهدف تحقيقه هو ‪ 2،19‬مليار‬

‫دينار جزائري‪ ،‬أما تكاليف برنامجه فكان تقديرها ‪ 12،59‬مليار دينار جزائري‪ ،‬والمقصود بهذه‬

‫التكاليف هو ما يقدر المخطط أن يتطلبه انجاز المشاريع المبرمجة من االستثمارات وقد كان‬

‫توزيع هاته االستثمارات بين ثالث مجموعات‪:‬‬

‫‪ -1‬االستثمارات اإلنتاجية المباشرة كالمنتجات الزراعية والصناعية خصصت لها ‪ 12‬و‪ 9‬مليار دج‬

‫موزعه على‪ :‬الزراعة ‪ 1،99‬مليار دج‪ ،‬والصناعة ‪ 1،21‬مليار دج‪.‬‬

‫‪ -9‬االستثمارات شبه اإلنتاجية‪ :‬التجارة‪ ،‬النقل‪ ،‬والمواصالت خصصت لها ‪ 1،12‬مليار دج‪.‬‬

‫‪ -1‬االستثمارات اإلنتاجية‪ :‬وتتمثل في البناءات السكنية والمدارس والمستشفيات والمؤسسات‬

‫اإلدارية‪ :‬الطرق‪ ،‬الماء‪ ،‬الكهرباء وغيرها‪ ،‬خصصت لها ‪ 9،11‬مليار دج‪.2‬‬

‫‪ 1‬سليمان والرياشي واخرون‪ ،‬األزمة الجزائرية "الخلفيات السياسية واالجتماعية والثقافية"‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،1229‬ص‪.111‬‬
‫‪2‬محمد بلقاسم وحسن بهلول‪ ،‬سياسة تخطيط التنمية واعادة تنظيم مسارها في الجزائر‪ ،‬ج‪ ،1‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،1222 ،‬ص‪ ،‬ص‪.192 ،199‬‬

‫‪66‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وكانت الصناعة الثقيلة التي اشتهرت أيضا بعبارة "الصناعات المصنعة" بمنزلة العمود الفقري‬

‫للنموذج الجزائري‪ ،‬حيث يالحظ انقطاع المحروقات والحديد والصلب والبتروكيماويات‬

‫والميكانيك قد استحوذت على ‪ %15‬من مجموع االستثمارات وقد بلغت نسبة اإلنجاز في هذا‬

‫المخطط ‪.1%99‬‬

‫وتمثلت المشاريع التي أنجزت في مركب الحديد والصلب بعناية والوحدات البتروكيماوية‬

‫بأرزيو‪ ،‬مصنع الج اررات‪ ،‬واالسمنت بقسنطينة‪ ،‬ومصانع أخرى للمواد الغذائية عبر أنحاء‬

‫الوطن‪.2‬‬

‫أما بالنسبة للتأميمات ففي ‪ 11‬فيفري ‪ 1299‬ثم تأميم الشركات الخاصة بتوزيع‬

‫المحروقات ثم في ‪ 91‬ماي ‪ 1299‬تم تأميم ‪ 91‬مؤسسة متخصصة في البناءات الميكانيكية‬

‫واألسمدة ومعدات البناء وفي جويلية ‪ 1299‬تم تأميم ‪ 19‬شركة صناعية للبناءات المعدنية‬

‫والقرميد والشركة المنجمية والفوسفوتية‪.3‬‬

‫وقد حرص الرئيس بومدين المسؤولين على القيام برقابة دورية على المنتوجات الوطنية‬

‫ومعرفة حاجيات السوق الوطنية وقام رفقته طاقمه الحكومي بزيارات ميدانية وتحدث مع‬

‫المسؤولين والعمال عن المشاكل التي تقف أمامهم وحثهم على ضرورة تحسين نوعية وجودة‬

‫‪1‬نور الدين زمام‪ ،‬السلطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199‬‬


‫‪2‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪3‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.992‬‬

‫‪67‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المنتوجات الصناعية لتحقيق هذا الهدف أنشأ في العديد من المؤسسات مخابر تتكفل بمراقبة‬

‫المنتوجات المحلية ومقارنتها مع المنتوجات المستوردة من الخارج‪.1‬‬

‫المخطط الرباعي األول ‪:5691-5691‬‬ ‫‪5-5-5‬‬

‫كان هذا المخطط بمثابة االنطالقة الحقيقية للتخطيط القائم على النمط االشتراكي وكان‬

‫هدفه فك أزمة الشغل وتوفير اليد العاملة الى غاية ‪ 1291‬باإلضافة الى استكمال ما بدأ‬

‫المخطط السابق من مشاريع‪ ،‬وتحقيق مشاريع جديدة أكثر نجاحا‪ 2‬فقامت الدولة برفع مستوى‬

‫االستثمارات لتحقيق مستويات عالية من التقدم االقتصادي من أجل التغلب على المشكالت‬

‫التخلف والفقر‪.3‬‬

‫جدول يبين حجم استثمارات المخطط الرباعي األول‪5691-5691 :‬م‪.‬‬

‫المالي االستثمارات الفعلية‬ ‫البرنامج الترخيص‬ ‫تكاليف‬ ‫القطاعات‬

‫(مليار دج)‬ ‫(مليار دج)‬ ‫(مليار دج)‬

‫‪95،12‬‬ ‫‪11،11‬‬ ‫‪19،91‬‬ ‫‪-1‬القطاع المنتج‬

‫‪91،11‬‬ ‫‪19،11‬‬ ‫‪11،15‬‬ ‫‪-‬الصناعة‬

‫‪1،15‬‬ ‫‪1،21‬‬ ‫‪2،12‬‬ ‫‪-‬الزراعة‬

‫‪1‬رابح عدالة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬


‫‪2‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪3‬محمد بلقاسم وحسن بهلول‪ ،‬سياسة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.121‬‬

‫‪68‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪9،91‬‬ ‫‪1،91‬‬ ‫‪1،11‬‬ ‫‪-9‬قطاع شبه منتج‬

‫‪9،91‬‬ ‫‪1،91‬‬ ‫والنقل ‪1،11‬‬ ‫‪-‬التجارة‬

‫والمواصالت‬

‫‪1،29‬‬ ‫‪9،51‬‬ ‫‪-1‬القطاع غير المنتج ‪11،91‬‬

‫‪1،91‬‬ ‫‪1،11‬‬ ‫التحتية ‪9،15‬‬ ‫‪-‬البنية‬

‫االقتصادية‬

‫‪9،11‬‬ ‫‪1،11‬‬ ‫التحتية ‪15،91‬‬ ‫‪-‬البنية‬

‫االجتماعية‬

‫‪19،11‬‬ ‫‪91،95‬‬ ‫‪99،59‬‬ ‫مجموع االستثمارات‬

‫المصدر‪ :‬محمد بلقاسم وحسن بهلول‪ ،‬سياسة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬

‫يتضح من الجدول بأن هذا المخطط أطول من المخطط الثالثي وحجم االستثمارات‬

‫أعلى بكثير من المخطط السابق‪ ،‬اذ تزيد عنه بأكثر من ثالث مرات ويعود ذلك بسبب زيادة‬

‫حجم االستثمار ألن الدولة قررت انشاء عدد هام من الصناعات األساسية‪ ،‬فرع المحروقات‬

‫وفرع الصناعات الميكانيكية رغبة من ها في إرساء القواعد الصناعة الثقيلة التي تساعد المجتمع‬

‫على توفير التكامل االقتصادي‪ ،‬إضافة الى الشروع في تطوير قطاع التغذية والنسيج والجلود‬

‫واقامة مركبات تحويل الحطب والورق وتوسيع صناعة مواد البناء‪.1‬‬

‫‪1‬محمد بلقاسم وحسن بهلول‪ ،‬سياسة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.122 ،129‬‬

‫‪69‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وفعال تم تطبيق المخطط الرباعي األول بشكل جيد ومن أهم إنجازاته‪:‬‬

‫‪ ‬تدشين طريق الوحدة االفريقية الرابط بين المنيعة وعين صالح في ‪ 19‬سبتمبر ‪1211‬‬

‫والذي كلف جنود الخدمة الوطنية إلنجازه ويستهدف ربط الجزائر ببلدان القارة السمراء ما‬

‫يسمح للجزائر بتسويق منتجاتها في هذه البلدان‪.‬‬

‫‪ ‬وضع الحجر األساسي لمركب الحافالت بالرويبة في ‪ 11‬فيفري ‪1219‬م‪.‬‬

‫‪ ‬انطالق أشغال األنبوب الرابط بين حاسي رمل وارزيو في ‪ 99‬مارس ‪.1219‬‬

‫‪ ‬تدشين األنبوب الرابط بين حاسي الرمل وسكيكدة في ‪ 11‬ماي ‪.1219‬‬

‫‪ ‬تدشين معمل الصلب والصفائح لمركب الحجار* للحديد والصلب ومصنع األسمدة‬

‫الفوسفاتية بعناية ‪.1219‬‬

‫‪ ‬تدشين مركب سكيكدة لتمييع الغاز في ‪ 12‬جوان ‪.11219‬‬

‫قام الرئيس بومدين في ‪ 42‬فيفري ‪5695‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬تأميم ‪ %51‬من أسهم الشركات البترولية الفرنسية‪.‬‬

‫‪ -‬تأميم الغاز الطبيعي الموجود في الصحراء بنسبة ‪.%111‬‬

‫*ينظر الملحق رقم‪.9 ،‬‬


‫‪1‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.911‬‬

‫‪70‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وسمح تأميم المحروقات في الرفع من إنتاج البترول من ‪ 91‬مليون طن سنة ‪ 1295‬الى‬

‫‪ 51‬مليون طن سنة ‪ ،1215‬والغاز الطبيعي في ‪ 1،5‬مليار م‪ ³‬سنة‪ 1295‬الى ‪ 15‬مليار م‪³‬‬

‫سنة ‪.11215‬‬

‫كما تم انشاء شركة وطنية تتكفل بتحويل المواد الطاقوية الخام الى مواد مصنعة وكان‬

‫الهدف من إقامة الصناعات التحويلية الخفض من نسبة استيراد الوسائل اإلنتاجية بالعملة‬

‫الصعبة ورفع مستوى االستثمار وكانت هذه االستراتيجية سبب في توسيع مساحة األبحاث‬

‫والتنقيب‪ 2‬حيث كانت المساحة المخصصة لألبحاث سنة ‪ 1295‬ال تتجاوز ‪ 115‬ألف كلم‪²‬‬

‫لترفع الى ‪ 995‬ألف كم‪ ²‬سنة ‪ ،1215‬ونتج عن هذه األشغال اكتشاف أكثر من ‪ 91‬منبع‬

‫يحتوي على ‪ 511‬مليون من احتياطي البترول و‪ 151‬مليار م‪ ³‬من الغاز الطبيعي وأصبح‬

‫نصيب الجزائر ‪ %15‬من البترول سنة ‪ 1219‬بعد أن كان ‪ %11‬سنة ‪ ،1299‬أما الغاز‬

‫الطبيعي وصل الى ‪ %19‬سنة ‪ 1215‬بعد أن كان ال يتجاوز ‪ %19‬سنة ‪ ،1299‬وأصبحت‬

‫الجزائر في مقدمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي في العالم‪.3‬‬

‫‪1‬رابح عدالة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.12 ،19‬‬


‫‪2‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.59 ،51‬‬
‫‪3‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪71‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪1-5-5‬المخطط الرباعي الثاني ‪:5699-5692‬‬

‫كان هذا المخطط بمثابة تكملة للمخطط الرباعي األول حيث استمر في تحقيق أهداف الثورة‬

‫الصناعية‪ ،‬وذلك بتكثيف الجهد المبذول وترقية العمل التنموي الى مستوى أعلى من‬

‫المخططات السابقة‪.1‬‬

‫وقد قدر مجموع االستثمارات التي خصصت لهذا المخطط ‪ 111،99‬مليار دج وهي‬

‫ضعف االستثمارات المخصصة للمخطط الرباعي األول بأربعة اضعاف وقسمت هذه‬

‫االستثمارات كما يلي‪:‬‬

‫االستثمارات الصناعية ‪ 51،11‬مليار دج‪.‬‬

‫االستثمارات الزراعية ‪ 19،19‬مليار دج‪.‬‬

‫االستثمارات في قطاع التوزيع كالمواصالت والتخزين والتجارة ‪ 11،5‬مليار دج‪.‬‬

‫االستثمارات في قطاع البنية التحتية االقتصادية ‪ 1،12‬مليار دج‪.‬‬

‫االستثمارات في قطاع البنية التحتية االجتماعية ‪99،19‬مليار دج‪.2‬‬

‫وتمثلت اتجاهات المخ طط وذلك بتدعيم وتوسيع التعبيرات االجتماعية أي تجنيد السكان‬

‫وخاصة العمال وكذلك تطوير القاعدة المادية عن طريق تنمية القوى اإلنتاجية للمجتمع وأهمها‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.52 ،59‬‬


‫‪2‬محمد بلقاسم وحسن بهلول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.995‬‬

‫‪72‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫توفير الطب المجاني لكي تستفيد منه الطبقة الفقيرة من الشعب‪ ،‬إضافة الى إعطاء فرص‬

‫للتعاون الخارجي مع دول العالم الثالث من أجل التعاون االقتصادي المشترك‪.1‬‬

‫فقد كان تنمية القطاع الصناعي أكبر اهتمامات الدولة فقد اعتبرته محرك التنمية‬

‫الشاملة للمجتمع‪ ،‬وهذا بالتركيز على مواصلة االستثمار في المواد األولية خاصة في مجاالت‬

‫الصناعات البتروكيماوية ومواد البناء كاإلسمنت وتحويل الخشب والورق والجلود والنسيج‪ ،‬وكان‬

‫الهدف من هذه االستراتيجية الصناعية الرفع من اإلنتاج المحلي وتزويد السوق الوطنية بما‬

‫تحتاج اليه من منتوجات والتقليص من الواردات‪.2‬‬

‫‪ 2-5-5‬نتائجها‪:‬‬

‫تتلخص هذه األهداف في عدد من النقاط أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬تحقيق االهتمام بين مختلف الصناعات‪ ،‬كما جاء في خطاب الرئيس بومدين بالحجار‬

‫في ‪ 15‬ماي ‪ 1219‬قوله‪" :‬لقد أظهرت التجربة الجزائرية الشابة بأن بناء الصناعة‬

‫الثقيلة لم يمنع انشاء صناعات خفيفة موفرة للتشغيل ومنتجة لمواد االستهالك‪."...‬‬

‫‪ -‬ادماج الزراعة في الصناعة فاألولى توفر التقنيات والمعدات واألسمدة التي تساعد على‬

‫زيادة اإلنتاجية‪ ،‬كما توفر الزراعة األولية التي تدخل في الصناعات التحويلية المختلفة‪.3‬‬

‫‪1‬محمد بلقاسم وحسن بهلول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.991 ،951‬‬


‫‪2‬رابح عدالة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪3‬نور الدين زمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.111 ،192‬‬

‫‪73‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫كما ظهرت في عهد بومدين عدة شركات عمالقة تهتم بالصناعات األساسية أهمها‪:‬‬

‫السونطراك‪ ،‬الشركة الوطنية للحديد والصلب‪ ،‬السوناكوم‪ ،‬شركة الصناعات الميكانيكية‪،‬‬

‫السوني الك األجهزة الكهربائية وااللكترونية‪ ،‬السوناريم شركة البحث في المناجم‪ ،‬وكانت تأخذ‬

‫هذه الشركات الحصة األكبر في مجال االستثمارات وقد قدرت عام ‪ 1211‬ب‪ ،1%15‬إضافة‬

‫الى مركب الحديد والصلب بالحجار في عنابة لمعالجة معدن الحديد االتي من الونزة ومصنع‬

‫لتمييع الغاز الطبيعي بسكيكدة طاقته معالجة ‪ 1،5‬ماليير متر مكعب‪ ،‬ومصنعات لتكرير النفط‬

‫أحدهما بسكيكدة واألخر بأرزيو وغيرها‪.2‬‬

‫وما أن وصلت سنة ‪ ،1215‬حتى أصبح للجزائر ‪ 12‬شركة وطنية في ميدان الصناعي‬

‫و‪ 12‬شركة دولة للخدمات‪ ،‬و‪ 9‬تنظيمات بنكية ومالية‪ 3‬أما بالنسبة لالستثمارات فقد ارتفعت‬

‫نسبتها من ‪ 12،1‬مليار دينار سنة ‪ 1291‬الى ‪ 51،1‬مليار دينار سنة ‪.41212‬‬

‫جدول يبين االستثمارات في الجزائر ما بين ‪ 5696-5699‬بماليين الدينارات‪:‬‬

‫‪5691‬‬ ‫مخطط‬ ‫مخطط‬ ‫مخطط‬ ‫القطاعات‬

‫‪5696‬‬ ‫‪5696-5692‬‬ ‫‪5691-5691 5696_5699‬‬

‫اإلنجاز‬ ‫االنجاز‬ ‫األهداف‬ ‫األهداف االنجاز‬ ‫االنجاز‬

‫‪1‬رابح لونيسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.991‬‬


‫‪2‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.152‬‬
‫‪3‬عبد العالي دبلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪4‬نور الدين زمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.199‬‬

‫‪74‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪1416‬‬ ‫‪1651‬‬ ‫‪54111‬‬ ‫‪2111‬‬ ‫‪2521‬‬ ‫‪5911‬‬ ‫الزراعة‬

‫‪99192‬‬ ‫‪91511 21111 41111 54211‬‬ ‫‪2911‬‬ ‫الصناعة‬

‫‪519916‬‬ ‫‪61411 551451 19469 49921‬‬ ‫‪6545‬‬ ‫مجمل‬

‫القطاعات‬

‫المصدر‪ :‬نور الدين زمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.199‬‬

‫وحسب ما جاء في الجدول نالحظ ارتفاع حجم االستثمارات منذ ‪ 1211‬فقد تجاوزت في‬

‫المتوسط ‪ %15‬الى أن وصلت الى نسبتي ‪ 1212-1219‬الى ‪ %12‬كذلك نالحظ الحجم‬

‫الهائل من االستثمارات موجه نحو القطاع الصناعي حيث كانت النسبة الموجه لهذا القطاع ثم‬

‫أكثر من ‪ %51‬في المخطط الرباعي األول لتصل الى ‪ %91‬في المخطط الرباعي الثاني‪،‬‬

‫وأخي ار ‪ %11‬سنة ‪.11212‬‬

‫وكذلك من نتائج الثورة الصناعية خلق العديد من المناصب الشغل فارتفع عدد الوظائف‬

‫خارج قطاع المحروقات من ‪ 95‬ألف الى ‪ 911‬ألف وظيفة أي نسبة االرتفاع قدرت ب‪%19‬‬

‫سنويا خالل مدة ‪ 1215-1295‬وكان التطور في القطاعات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الصناعة الميكانيكية وفرت ‪ 91‬ألف منصب شغل‪.‬‬

‫‪ -‬الحديد والصلب ‪ 11‬ألف منصب شغل‪.‬‬

‫‪1‬نور الدين زمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199‬‬

‫‪75‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪ -‬صناعات الحطب والورق وفرت حوالي ‪ 9‬االف منصب شغل‪.1‬‬

‫لكن بالرغم من األعمال اإليجابية التي حققتها الثورة الصناعية اال أنها تعرضت الى‬

‫عدة انتقادات أهمها‪:‬‬

‫أن الدولة الجزائرية انطلقت في مشروعها الصناعي الذي يخدم العمال وصغار الفالحين‬

‫أي ال طبقة الفقيرة اال أنه أعطى النفوذ للنخب البيروقراطية* التي استطاعت أن تحتل مواقع‬

‫قيادية إضافة الى مدراء المؤسسات االقتصادية لم يكونوا مراقبين مما سمح لهم بتكوين ثروات‬

‫هائلة كلما كان من المفروض أن يحصل توازن بين سكان الريف والمدينة ولكن ما حدث هو‬

‫ظهور فروق ب ين المدن في حد ذاتها مم أدى الى نزوح سكان الريف الى هذه المراكز الصناعية‬

‫الجديدة‪.2‬‬

‫اهتمام السياسة االقتصادية بالصناعات الثقيلة التي ال تدر ربحا على المدى القريب‪،‬‬

‫وتحتاج الى تكنولوجيا عالية جدا التي هي غير متوفرة في الجزائر مما ربطها بتكنولوجيا‬

‫الغرب‪.‬‬

‫االهتمام بالصناعة على حساب الزراعة فكان ذلك مقامره واللعب بمستقبل الجزائر وأن‬

‫الزراعة والفالحة تستحق عناية مكثفة من أجل ضمان األمن الغذائي ومساهمتها في‬

‫‪1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.112 ،119‬‬


‫*البيروقراطية‪ :‬طبقة موروثة من عهد االستعمار اكتسبت مكانة وسلطة حتى بعد االستقالل وتتميز بقربها من مراكز أخذ القرار‬
‫ألن لها خبرة في تسيير البالد‪( ،‬ينظر‪ :‬محمد بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.)119‬‬
‫‪2‬محمد بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫‪76‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫إيقاف الهجرة من األرياف وقد أثر ذلك سلبا على الزراعة وكمثال ذلك انخفاض انتاج‬

‫القمح الذي هو الغذاء الرئيسي للجزائريين‪ 1‬ففي سنة ‪ 1291‬كان انتاجه يصل الى‬

‫‪ 12،9‬مليون قنطار لينخفض الى ‪ 19،1‬مليون قنطار عام ‪ ،1291‬ثم الى ‪15،1‬‬

‫مليون قنطار عام ‪ 1219‬مم أدى ذلك الى ارتفاع كبير لفاتورة استيراد الحبوب التي‬

‫انتقلت من ‪ 1،5‬مليون قنطار سنة ‪ 1299‬الى ‪ 99،1‬ميلون قنطار سنة ‪.21219‬‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.159‬‬


‫‪2‬رابح لونيسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.991‬‬

‫‪77‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬الثورة الزراعية‪:‬‬

‫استثر موضوع الثورة الزراعية في السنين التالية من ‪ 1295‬الى ‪ 1292‬وبقى ذكره قليال‬

‫متقطعا في األيديولوجيا الجزائرية ولكنه عاد بقوة وكثافة مع عملية الثورة الزراعية التي انطلقت‬

‫من ‪ 9‬نوفمبر ‪ 11211‬ويقول هواري بومدين في هذا الصدد‪" :‬الثورة الزراعية مطلب مقدس‬

‫كافح من أجله ماليين الجزائريين القاطنين باألرياف‪ ،‬ونحن عندما نتحدث عن الثورة الزراعية‬

‫انما نقصد بذلك تغيير الريف الجزائري والقضاء على البؤس والفقر‪.2......‬‬

‫فاإلنتاج الزراعي الخام كان يصل الى ‪ 9111‬مليون دينار عام ‪ 1291‬ثم صعد الى‬

‫‪ 9519‬مليون سنة ‪ 1295‬لكنه انخفض الى ‪ 1211‬مليون عام ‪ 1299‬فالزراعة التي كانت‬

‫تمثل ‪ %99‬من اإلنتاج الوطني الخام سنة ‪ 1291‬لم تعد تمثل منه سوى ‪ %15،9‬فالحبوب‬

‫مثال التي تحتل زراعتها ‪ %91‬من األراضي الزراعية كانت تعطي محاصيل قدرها ‪ 91‬مليون‬

‫قنطار عام ‪ 1291‬و‪ 11‬مليون عام ‪ 1295‬ثم ‪ 9‬مليون سنة ‪ ،1299‬أما النتاج الحيواني وال‬

‫سيما العنف الذي ال يزال بين أيدي المربين الخواص التقليديين فقد سجل تحسنا‪ ،‬اذ ارتفع عدد‬

‫األغنام من ‪ 5،1‬مليون رأس سنة ‪ 1291‬الى ‪ 1،1‬مليون عام ‪ 31291‬ونتيجة لهذا االنخفاض‬

‫في اإل نتاج الزراعي وتدهور حالة الفالحين كان يجب على القيادة السياسية أن تتدخل بسرعة‬

‫لوضع إصالحات تساعد على تجاوز الوضعية النقدية المنخفضة في المجال الزراعي ووضع‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫‪2‬خطب الرئيس هواري بومدين‪ 12 :‬جوان ‪ 12 ،1295‬جوان ‪ ،1211‬ج‪ ،1‬ص‪.11‬‬
‫‪3‬أحمد هني‪ ،‬اقتصاد الجزائر المستقلة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.11 ،19‬‬

‫‪78‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫أهداف أساسية للحد من هذا التدهور‪ 1‬وأهمها إيقاف النزوح الريفي أو باحتمال تقليل حجمه‬

‫ولتنشيط اإلنتاج ا لفالحي بإعادة توجيه أنظار الناس نحو الفالحة وغيرها‪.‬‬

‫وفعال فقد اهتمت الدولة بتطوير الفالحة في ثالث اتجاهات أولها بتطوير الري من الري‬

‫الطبيعي أي من األمطار الى الري الصناعي وثانيا تطوير اإلنتاج النباتي والحيواني عن طريق‬

‫التوسع في التشجير وزراعة الحبوب واالهتمام بتربية المواشي مع تدعيم الزراعة بأدوات‬

‫ميكانيكية متطورة‪ ،‬أما ثالثا فهو تدعيم الفالحين وخاصة الصغار منهم‪.2‬‬

‫فاستطاعت بذلك الدولة زيادة االستثمارات الزراعية الفعلية من ‪ 1،99‬مليار دينار خالل‬

‫المخطط الثالثي الى ‪ 1،15‬مليار خالل المخطط الرباعي األول وهذا يدل على االهتمام الفعلي‬

‫للدولة بتلبية حاجات تطوير الزراعة كقطاع منتج وقسمت االستثمارات الزراعية خالل المخطط‬

‫الرباعي األول على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬تقوية وتجهيز مياه الري ‪ 1،2‬مليار دج‪ ،‬الفالحة ‪ 9،29‬مليار دج‪ ،‬الصيد ‪ 191‬مليون‬

‫دج‪ ،‬أما بالنسبة للمخطط الرباعي الثاني االستثمارات الزراعية مقدار ‪ 19،19‬مليار دج‬

‫وأهم الفروع المستثمرة‪:‬‬

‫‪ ‬الزراعة النباتية والحيوانية ‪ 19‬مليار دج‪ ،‬استثمرت في استصالح األراضي والغابات‬

‫واإلنتاج الحيواني‪.‬‬

‫‪1‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬


‫‪2‬محمد بلقاسم وحسن بهلول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬صن ص‪.915 ،911‬‬

‫‪79‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪ ‬أعمال الري ‪ 1،9‬مليار دج‪ ،‬استثمرت في بناء السدود والتنقيب وصرف المياه‪ ،‬الري‬

‫الزراعي‪ ،‬المياه الصالحة للشرب‪.‬‬

‫‪ ‬الصيد البحري ‪ 1،19‬مليار دج‪ ،‬استثمرت في الثورات السمكية‪ ،‬تربية األسماك في‬

‫أحواض السفن‪ ،‬مركبات لخفض األسماك‪.‬‬

‫‪ ‬وكان من أهداف االستثمار الزراعي خالل فترة المخطط الرباعي الثاني ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬غرس ‪ 111،111‬هكتار جديدة من األراضي باألشجار المثمرة‪.‬‬

‫‪ ‬استصالح ‪ 511،111‬هكتار من األراضي الجديدة‪.1‬‬

‫جدول يوضح قيمة االستثمارات في القطاع الزراعي خالل المخططات التنموية الثالث‪:‬‬

‫الرباعي‬ ‫الرباعي المخطط‬ ‫الثالثي المخطط‬ ‫المخطط‬ ‫الفترة‬

‫‪-1211‬‬ ‫الثاني‬ ‫‪1211-1211‬‬ ‫‪1292-1291‬‬ ‫المجال‬

‫‪1211‬‬

‫‪19،9‬‬ ‫‪1،1‬‬ ‫زراعة ‪ +‬ري (مليار ‪1،2‬‬

‫دج)‬

‫‪15‬‬ ‫‪11،5‬‬ ‫‪11‬‬ ‫زراعة ‪ +‬ري (‪)%‬‬

‫المصدر‪ :‬عبد العالي دبلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪1‬محمد بلقاسم وحسن بهلولي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.921 ،991‬‬

‫‪80‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫يظهر لنا من خالل الجدول أن قيمة االستثمارات في قطاع الزراعة قد ازدادت خالل‬

‫الفترة الزمنية ‪ ،1211-1291‬من ‪ 1،2‬مليار دج الى ‪ 19،9‬مليار دج وهي نسبة تعتبر عالية‬

‫نسبيا‪ ،‬أما على مستوى اإلنتاج ورغم هذه اإلصالحات فانه ظل في حالة تدهور ولم تستطع‬

‫الجزائر تحقيق االكتف اء الذاتي في هذا المجال‪ ،‬فمثال بالنسبة للقمح كان االستهالك ‪ 9،9‬مليون‬

‫طن ولكن نسبة اإلنتاج كانت ‪ 1،1‬مليون طن وهذا أدى الى العجز‪.1‬‬

‫لقد اعداد الثورة الزراعية وتطبيقها على أسس من المعرفة المحددة حول إعادة توزيع‬

‫األمالك العقارية في البلد‪ ،‬ففي سنة ‪ 1219‬كانت المعطيات العامة المدعمة بالتحقيقات‬

‫والدراسات المنفردة مع انعدام نظام مسح األراضي سببا في تعطيل التدخالت السريعة لتنظيم‬

‫‪2‬‬
‫الهيكل العقاري‪ ،‬ولتفادي هذه الصعاب كان ذلك من خالل أمر ‪ 9‬نوفمبر ‪ 1211‬يتمثل‪:‬‬

‫‪ -‬التصريح االجباري بمكان اإلقامة لصاحب الملكية لألراضي الفالحية أو ذات الصبغة‬

‫الفالحية‪.‬‬

‫‪ -‬إحصاء األراضي العمومية والخاصة التي يجب أن تتحول الى الصندوق الوطني للثورة‬

‫الصناعية طبقا ألحكام األمر المتعلق بذلك‪.3‬‬

‫‪1‬عبد العالي دبلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬


‫‪2‬مصطفى طالس‪ ،‬بسام العسلي‪ ،‬الثورة الجزائرية‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬طالس للدراسات والترجمة‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪،1291 ،‬‬
‫ص‪.991‬‬
‫‪3‬و ازرة االعالم والثقافة‪ ،‬خطب الرئيس بومدين ‪ 5‬ماي ‪ 12 -1219‬جوان ‪ ،1211‬ج‪ ،5‬إدارة الوثائق والمنشورات‪ ،‬ص‪.151‬‬

‫‪81‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪ 5-4‬أهداف الثورة الزراعية‪:‬‬

‫‪ ‬توفير الهياكل األساسية لقطاع الزراعة كالج اررات والحاصدات‪.‬‬

‫‪ ‬إعطاء األولوية لزراعة المحاصيل واسعة االستهالك كالقمح‪ ،‬البطاطا‪ ،‬الطماطم‪...،‬‬

‫للحد من االستيراد من الخارج بالعملة الصعبة‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد أسعار المنتوجات الغذائية التي ال يستطيع المواطن الجزائري االستغناء عنها‪.‬‬

‫‪ ‬انتهاج سياسة الملكية الجماعية لألراضي الزراعية‪.‬‬

‫‪ ‬مراقبة المشاريع الزراعية بصفة دورية والوقوف على مدى انجازها‪.‬‬

‫‪ ‬توزيع األرباح على الفالحين والقضاء على نظام الخماسة‪.‬‬

‫‪ ‬اعداد تشجير الغابات‪.‬‬

‫‪ ‬استصالح األراضي الممكن استغاللها لغرس األشجار المثمرة والحبوب‪.‬‬

‫‪ ‬البحث عن المنابع المائية وحسن استغاللها‪.1‬‬

‫كما تم انشاء الديوان القومي لآلالت الزراعية "أوناما" الذي يضم اتحادات محلية وجهوية‬

‫لآلالت الزراعية ووظيفته تموين القطاع الزراعي وخاصة منه المسير ذاتيا بمختلف المعدات‬

‫واآلالت‪ ،‬وصدرت قوانين تمنح العمال حق التمتع باإلجازة واعطاء تعويضات لمن يتضرر‬

‫نتيجة لحوادث العمل والمنحة العائلية‪.2‬‬

‫‪1‬رابح عداله‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.95 ،91‬‬


‫‪2‬مصطفى طالس‪ ،‬بسام العسلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.919‬‬

‫‪82‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫حيث كان الهدف األساسي للثورة الزراعية في إعادة توزيع عادل وفعال لوسائل اإلنتاج‪،‬‬

‫واألراضي على الفالحين وادماجهم في مجهود تنمية البالد وتحسين ظروف معيشتهم‪ ،‬على أن‬

‫يشارك الفالحون في اختيار شكل التنظيم األكثر مالئمة الحتياجاتهم‪.1‬‬

‫ومن أهم ما تضمنته نصوص الثورة الزراعية هي‪:‬‬

‫أ‪ -‬تأسيس الصندوق الوطني للثورة الزراعية بحيث تأمم األراضي والنخيل وتلحق لهذا الصندوق‬

‫ثالث وضعيات هي‪:‬‬

‫‪ ‬انطالقا من مبدأ " األرض لمن يخدمها" يعد متغيبا كل مالك ال يستغل أرضه شخصيا ومنه‬

‫فالتغيب عن األرض ممنوع وعليه تأمم أراضي المالكين المتغيبين وال تطبق هذه القاعدة على‬

‫ثالث حاالت‪:‬‬

‫‪ ‬حالة الملكية لمساحة صغيرة حدا ال تتجاوز ‪ 5‬هكتارات‪.‬‬

‫‪ ‬حالة اضطرار بعض المالكين لترك أراضيهم على أثر الحرب‪.‬‬

‫‪ ‬حالة األشخاص العاجزين عن خدمة األرض (الشيوخ‪ ،‬العجزة النساء‪ ،‬األيتام الصغيرةـ)‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد ملكية الواسعة بإزالة الفوارق التي تسود العالم الريفي ألن ذلك يمكن من استخدام طاقات‬

‫العمل لعائلة واحدة ومبدأ وضع حد أقصى للملكية الزراعية هو بهدف إعادة بناء الهيكل‬

‫‪1‬محمد العيد مطهر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.51‬‬

‫‪83‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫الزراعي في الجزائر الذي يتشكل من قطاعات متفاوتة القوى اإلنتاجية‪ ،‬ألن أخطر نتيجة في‬

‫الملكية الواسعة هي استغالل الوحدات الزراعية الكبيرة للوحدات الزراعية الصغيرة‪.1‬‬

‫‪ ‬أراضي الجماعات العمومية والخاصة‪ :‬ان نقصان األراضي بالنسبة لعدد الفالحين الذين ال‬

‫يملكون األرض أو يملكون قليال منها يجعل من الضروري استثمار أمالك الدولة والبلدية‬

‫وأراضي العرش والوقف العمومي‪.2‬‬

‫تخصيص أراضي الصندوق الوطني للثورة الزراعية‪ :‬ويتم ذلك وفقا لشروط أهمها‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪ ‬اختيار المستحقين ‪ :‬يجب على الفالح الذي سيعمل في األراضي أن يكون له أهلية‬

‫بدنية الستغاللها‪.‬‬

‫‪ ‬طريقة تخصيص األراضي ‪ :‬ان تخصيص األراضي يكون لفائدة مجموعة من الفالحين‬

‫بقصد قيامهم باالستغالل في إطار تعاونية‪.‬‬

‫‪- ‬حقوق والتزامات المستحقين ‪ :‬ينتفع المستحقون من المساعدة التقنية والمالية بقصد‬

‫تنصيبهم على األراضي التي تخصص لهم‪ ،‬أما التزامات المستحقون فهي خدمة أرضهم‬

‫شخصيا في إطار التوجيهات المقررة في المخطط الوطني‪.3‬‬

‫كما اهتمت الثورة الزراعية بالقرية االشتراكي أي السكن الريفي وذلك بتلبية حاجيات‬

‫المواطن بإنشاء جميع االحتياجات الحياتية الضرورية من ماء وغاز وكهرباء ومراكز للعالج‬

‫‪ 1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الثورة الصناعية‪ ،‬المطبعة الرسمية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.99 ،91‬‬
‫‪2‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الثورة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪3‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الثورة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.95 ،91‬‬

‫‪84‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وأندية ووكالة بريد ومواصالت ومدارس ومساجد فهذه القرى تتميز بأن مكان انشاءها قرب‬

‫األراضي التي يتم توزيعها على المستفيدين‪ ،‬وقد أعطى بومدين أمر بناء ‪ 1111‬قرية اشتراكية‬

‫و‪ 5111‬تعاونية فالحية‪.1‬‬

‫‪ 4-4‬نتائج الثورة الزراعية‪:‬‬

‫بالنسبة للمخطط الثالثي ‪ 1292-1291‬كانت النتائج المتحصلة عليها‪:‬‬

‫‪ ‬تشجير أكثر من ‪ 11‬االف من األراضي وغرس أكثر من ألف هكتار لألشجار المثمرة‪،‬‬

‫إضافة الى اقتناء ‪ 5‬االف جرار‪.‬‬

‫‪ ‬أما المخطط الرباعي األول ‪ 1211-1211‬فأهم النتائج المتحصل عليها هي‪:‬‬

‫‪ ‬توسيع مساحة أراضي المغروسة باألشجار المثمرة الى ‪ 1‬االف هكتار‪.‬‬

‫‪ ‬قلع أكثر من ‪ 91‬ألف قنطار من أشجار العنب المخصصة إلنتاج الخمور‪.2‬‬

‫‪ ‬إعادة تشجير أكثر من ‪ 151‬ألف هكتار من األراضي الزراعية‪.‬‬

‫‪ ‬بلغ عدد البقار الحلوب ‪ 2‬االف‪ ،‬أما النعاج الحلوب بلغت حوالي ‪ 191‬ألف نعجة‪.‬‬

‫‪ ‬انشاء ‪ 15‬معمل مستقل إلصالح المعدات الزراعية و‪ 12‬متنقال و‪ 11‬معصرة زيتون‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمخطط الرباعي الثاني ‪ 1211-1211‬فتمثلت النتائج في‪:‬‬

‫‪ ‬الغاء الضرائب على الفالحين‪.‬‬

‫‪ 1‬و ازرة االعالم والثقافة‪ ،‬الثورة الزراعية القرى االشتراكية‪ ،‬ورشات الفنون الطباعية‪ ،‬اسبانيا‪ ،1219 ،‬ص‪ ،‬ص‪.11 ،11‬‬
‫‪2‬رابح عدالة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.19 ،11‬‬

‫‪85‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪ ‬توسيع الزراعة في البيوت البالستيكية‪.‬‬

‫‪ ‬وأهم عمل للثورة الزراعية كان في بناء السد األخضر* الذي بلغ طوله ‪ 1551‬كلم‬

‫ومتوسط عرضه ‪ 91‬كلم‪ 1‬الذي أسندت مهمة تحقيقه الى سباب خدمة الوطنية الذي‬

‫برزت مجهوداتهم في الكثير من الميادين بصفة خاصة للحد من زحف الرمال الصراء‬

‫فقد تم اختيار خمسة مناطق لجعلها نموذجية هي‪ :‬البيض‪ ،‬افلو‪ ،‬الجلفة‪ ،‬بوسعادة‪،‬‬

‫وتبسة‪ ،‬أما األسباب التي دفعت بو ازرة الفالحة واإلصالح الز ارعي لهذا االختيار كان‬

‫أهمها في‪:‬‬

‫‪ ‬قلة التضاريس مع وجود الحلفاء في كل من البيض وافلو‪.‬‬

‫‪ ‬وجود مساحات مغروسة مع سهولة التوسع في هذا المجال بفضل اإلمكانيات المتوفرة‪.‬‬

‫ولقد ساهم هذا المشروع في استرجاع ‪ 19‬مليون هكتار صالحة للزراعة بينما ال تتعدى‬

‫المساحة المستعملة حاليا ‪ 1‬ماليين هكتار‪.2‬‬

‫وقام بومدين شخصيا باإلشراف على سير العمليات وقام بالعديد من الزيارات عبر أنحاء‬

‫الوطن وشرح لهم أهداف الثورة وأهم إنجازاته‪:‬‬

‫*انظر الملحق رقم‪.11‬‬


‫‪1‬رابح عدالة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪2‬و ازرة االعالم والثقافة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.151 ،151‬‬

‫‪86‬‬
‫التطورات االقتصادية في الجزائر خالل ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫‪ .1‬في ‪ 11‬جوان ‪ 1219‬دشن الرئيس بومدين أول تعاونية فالحية في خميس خنشلة*‪.‬‬

‫‪ .9‬في ‪ 11‬جوان ‪ 1211‬تم تدشين أول قرية اشتراكية في عين النحلة‪.‬‬

‫‪ .1‬في ‪ 11‬يونيو ‪ 1215‬صدور النصوص المتضمنة تطبيق الثورة الزراعية في المناطق‬

‫الرعوية وقرر فيها تأميم أراضي الرعي واستغاللها جماعيا‪.1‬‬

‫‪ .1‬القضاء على الوسطاء المكلفين بتجارة الجملة وأصبح كل فالح بإمكانه بيع انتاجه‪.‬‬

‫‪ .5‬تدشين بومدين العديد من المعاهد والمدارس العليا لتكوين اليد العاملة المختصة في‬

‫الزراعة حيث ارتفع عدد الطلبة في المعهد الوطني الزراعي من ‪ 191‬طالب سنة‬

‫‪ 1295‬الى ‪ 2‬االف طالب سنة ‪.21215‬‬

‫* صورة للرئيس هواري بومدين يقدم شهادة االستفادة ألحد الفالحين ينظر الملحق رقم ‪.9‬‬
‫‪1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬جهود‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.911 ،911‬‬
‫‪2‬‬
‫رابح عدالة هواري المرجع السابق ص ص ‪19-11‬‬

‫‪87‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫اوال‪ :‬سياسة التعريب‪.‬‬

‫تقول أنيسة زوجة بومدين أنه كان مسلما مطبقا‪ ،‬يصلي ويصوم و يزكي و يق أر القرآن‪،‬‬

‫كما كان كذلك يقدس الدين اإلسالمي‪.1‬‬

‫كما يقول كذلك السيد بوعالم بن حمودة أن فكر بومدين سياسي إسالمي ثقافي عربي ومن‬

‫سمات فكره كذلك الطابع الوطني و البعد االنساني و الصلة التاريخية وقد تجلى ذلك في مختلف‬

‫شؤون الحياة كما كانت نظرة بومدين للتعليم و اللغة الوطنية مرتبطة بالمستوى الثقافي‪ 2‬حيث كان‬

‫يحضر المحاضرات و النشاطات الثقافية التي تقيمها الجماعات اإلسالمية وقد مضى أربع سنوات‬

‫عضوا في جمعية ثقافية لإلخوان المسلمين‪ 3‬و للنهوض يجتمع جزائري متفطن وواعي مل بومدين‬

‫على ترسيخ الوحدة الوطنية القائمة على اللغة و الدين و التاريخ و األرض‪ 4‬فالثقافة عند بومدين‬

‫أو الثورة الثقافية ال يمكن ان تتحقق في حد ذاتها إال بحدوث تحول جذري في جميع االنظمة‬

‫فمفهوم الثورة الثقافية غير منفصل عن الناحية التاريخية‪.‬‬

‫ولتحقيق الثورة الثقافية وضع بومدين أهداف تمكن من تكوين مجتمع جديد وهي‪:‬‬

‫التأكد من الهوية الوطنية الجزائرية وتقويتها وتحقيق التنمية الثقافية بجميع أشكالها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬أنيسة بومدين‪" ،‬الوجه اآلخر لبومدين اإلنسان"‪ ،‬مجلة الشعب‪ ،‬العدد ‪ 82_80 ،0448‬ديسمبر‪ ،‬ص‪.92‬‬

‫‪2‬السعيد نجام‪ ،‬ديمقراطية بومدين أشمل‪ ،‬جريدة النصر‪ ،‬العدد ‪82 ،2288‬ديسمبر‪ ،9228‬ص‪.80‬‬
‫‪3‬سي بوعقبة‪ ،‬بومدين في اإلخوان المسلمين‪ ،‬مجلة الوحدة‪ ،‬العدد‪ ،08 ،‬منشورات مجلة الوحدة‪،‬ص ‪.80‬‬
‫ص‪.92‬‬ ‫‪4‬اليثاق الوطني‪ ،‬المحاور الكبرى لبناء اإلشتراكية‪ ،‬مجلة المجاهد‪ ،‬العدد ‪ 0 ،9240‬جوان ‪،9200‬‬

‫‪89‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫الرفع الدائم لمستوى التعليم والكفاءة التقنية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كما أن الثقافة لها وظائف يجب ذكرها وهي‪:‬‬

‫هي أداة إلكتساب الوعي االجتماعي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هي نظال منظم للقضاء على التخلف االجتماعي للبالد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫هي جهد تربوي يهدف إلى محاربة العنصرية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فالثورة الثقافية تستهدف إستعادة مقومات الشخصية الوطنية كاللغة والدين التي طمسها‬

‫اإلستعمار وتستهدف بناء إنسان جزائري جديد للمسلم متفتح على العصر يعتز بدينه ووطنه و‬

‫حضارته اإلسالمية‪ ،‬مثلما كانت تستهدف أيضا إعادة اإلعتبار للغة العربية التي يجب أن تصبح‬

‫لغة العلم و الحديد و الفوالذ حسب تعبير الرئيس بومدين‪.‬‬

‫ففي دستور نوفمبر ‪ 9200‬نص بقول‪" :‬الجزائر دولة إشتراكية واالسالم دين الدولة و‬

‫العربية لغتنا الوطنية و الرسمية"‪.3‬‬

‫‪1‬الميثاق الوطني ‪ ، 9200‬جبهة التحرير الوطني الجمهورية الجزائرية الشعبية‪ ،‬مصلحة الطباعة للعهد التربوي‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،9200‬ص‪.982‬‬
‫‪2‬أحمد طالب اإلبراهيمي‪ ،‬من تصفية االستعمار الى الثورة الثقافية (‪ ،)9202-9208‬ترجمة‪ :‬حنفي بن عيسى‪ ،‬الشركة الوطنية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪3‬‬
‫بشير بالح‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.224‬‬

‫‪90‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫إن الرئيس وقف بحزم في كل عمليات التعريب و التربية الوطنية حيث يقول في هذا‬

‫العدد‪" :‬إن لغتنا هي أحد عناصر شخصيتنا و لساننا الذي ينبغي ان نعبر به عنها هو من أهم‬

‫‪1‬‬
‫مطالب شعبنا طول العهد االستعماري و أحد االهداف األساسية لثورتنا و نضالنا الطويل"‪.‬‬

‫كما جعل من اللغة العربية الشرط االولي لربح معارك المستقبل على سبيل المثال التكوين‬

‫باللغة العربية حيث يقول في ذلك‪" :2‬أود أن أؤكد بديهية من البديهيات هي أن التربية مهما كانت‬

‫راقية إذا لم تكن وطنية فليست بتربية‪ ،‬و التكوين مهما كان عاليا إذ لم يكن بلغة البالد يبقى‬

‫ناقضا أبتر‪ "3‬و إن اللغة العربية ليست الرابطة مع الماضي فقط بل هي وسيلة اإلتصال‬

‫بالجماهير‪ ،‬و في جميع ميادين النشاط الوطني لذلك يجب أن نعطيها مكانتها كلغة وطنية‪ 4‬فهي‬

‫عنصر أساسي لهوية الشعب الجزائري‪ ،‬وال يمكن فصل شخصيتنا عن اللغة الوطنية التي تعبر‬

‫عنها و لهذا السبب أصبحت اللغة العربية من الواجب تعميمها وجعلها وسيلة خالفة ألنها ليست‬

‫‪5‬‬
‫وسيلة للتخاطب فقط بل هي ذات مدلول شامل تعكس حياة الشعب الروحية و الفنية‪.‬‬

‫لذلك حاولت فرنسا م ار ار و تك ار ار القضاء على اللغة العربية و ذلك بإستعمال القوة العسكرية‬

‫حيث تجبر الناس على تعلم الفرنسية و تمنع من يدرس العربية‪ ،‬و من هنا إنتشرت االمية‪ ،‬لكن‬

‫بمجرد إسترجاع الجزائر سيادتها عندت إلى إستعادة الهوية الثقافية الوطنية أي اللغة العربية حيث‬

‫‪1‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.989‬‬


‫‪2‬عبد اهلل مباركية‪ ،‬من معركة التحرير إلى معركة البناء‪ ،‬مجلة الجيش‪ ،‬العدد‪ ،894‬جانفي ‪ ،9208‬ص‪.94‬‬
‫‪3‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.989‬‬
‫‪4‬أحمد طالب اإلبراهيمي‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫ص‪.22‬‬ ‫‪ 5‬حمري بحري‪ ،‬اللغة الوطنية عنوان الشخصية الوطنية‪ ،‬مجلة المجاهد‪ ،‬العدد ‪ 80 ،9282‬ديسمبر ‪،9202‬‬

‫‪91‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫يقول هواري‪" :‬فيما يتعلق باللغة القومية يجب أن يكون واضحا بان سيادة اللغة العربية الشك فيها‬

‫وال منازع لها‪ ،‬و هي إن صح التعبير سيدة ال تقبل المعارضة وأقصد بالضرة اللغة الفرنسية ‪ "1‬و‬

‫يقول كذلك‪" :‬إن ثورتنا الثقافية تعني اللغة الوطنية التي هي الوعاء الحقيقي للشخصية الجزائرية‪،‬‬

‫و تعني التخلص من بقايا المظاهرات التي ورثناها عن االستعمار‪ "2‬كما يقول كذلك‪" :‬لقد إضطرونا‬

‫زمنا طويال إلى مالزمة التحدث بلسان المستعمر‪ ،‬لهذا أصبح من الواجب المقدس أن نعود إلى‬

‫لغتنا"‪.3‬‬

‫إن تعريب اللغة يعتبر اإلختيار األساسي إذ تطور منذ عشر سنوات في التعليم االبتدائي‬

‫والثانوي و كان عليه ان يشمل التعليم العالي‪ ،‬التاريخ‪ ،‬الجغرافيا‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬الحساب‪ .‬بما أن هذه‬

‫كلها تعلم باللغة العربية كان لزاما على الجامعة أن توفر األساتذة الكفيلين بالتعليم باللغة الوطنية‪.4‬‬

‫ومن بين إجراءات التعريب للتعليم نذكر ما يلي‪:‬‬

‫إدخال عشر ساعات من التعريب باللغة العربية وتعريب الحساب ومادة األخالق والمعارف‬ ‫‪‬‬

‫المدنية كذلك التاريخ والجغرافيا كما تم التعريب الكامل للسنتين األولى والثانية من التعليم االبتدائي‪.‬‬

‫إنشاء ‪ 2‬معاهد معربة تعريبا كامال‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إقامة إمتحان إجباري بالعربية في جميع إمتحانات التربية الوطنية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.984‬‬


‫‪ 2‬حوار هام بين الرئيس بومدين ووفد الصحافة الرومانية‪ ،‬مجلة المجاهد‪ ،‬العدد ‪ 8 ،082‬مارس ‪ ،9208‬ص‪.0‬‬
‫‪3‬خطب الرئيس هواري بومدين "‪ 92‬جوان ‪ ، "9208‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.922‬‬
‫‪4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.920‬‬

‫‪92‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫إنشاء شهادات التعليم بالغة الوطنية‪ ،‬ليسانس في التاريخ‪ ،‬و االدب و الحقوق جميعهم‬ ‫‪‬‬

‫باللغة العربية‪ ،‬ففي كلية اآلداب أصبحت جميع شهادات الليسانس التي يتخصص صاحبها في‬

‫التعليم كلها معربة‪ ،‬و في كلية الحقوق أنشأ فرع معرب لتحضير شهادة الكفاءة‪.‬‬

‫فالتعريب في التعليم إنتصر على التعليم باللغة الفرنسية ففي دورة التعليم اإلبتدائي في‬

‫‪ 9209_9202‬كانت لصالح المعربين و في التعليم الثانوي فإن عدد األساتذة باللغة العربية يمثل‬

‫سدس العدد الكامل من كراسي األساتذة الموجودة ‪1‬و كذلك األمر بالنسبة للوظيف العمومي يرمي‬

‫إلى جعل اللغة العربية وسيلة للعمل و نقل األفكار و القوانين حيث قررت الجزائر العمل و‬

‫اإلطالع في تسيير شؤون االدارية بلغة مفهومة لدى كافة الشعب‪.‬‬

‫فالصحافة والنشر و اإلذاعة و التلفزيون تساهم بفعالية في التعريب باللغة العربية فصحيفة‬

‫النصر مثال التي كانت تصدر باللغة الفرنسية أصبحت تصدر باللغة العربية في ‪ 9‬جانفي‬

‫‪ ، 9208‬و كذلك التلفزيون الجزائري يذيع هو اآلخر يوميا دروسا بالعربية للكبار‪ ،2‬و مما سبق‬

‫نستنتج انه رغم تعريب ال لغة و الدراسة بالغة العربية ال يجب على كل فرد التفتح على لغات‬

‫العالم‪ ،‬فكان بومدين أول من طبق ذلك عندما تعلم و أجاد اللغة الفرنسية رغم ثقافته العربية‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬تشجيعه للتربية والتعليم‬

‫‪1‬أحمد طالب االبراهيمي‪،‬من تصفية‪ ،...‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.920‬‬


‫‪2‬نفسه‪ ،‬ص‪.922‬‬
‫ص‪.224‬‬ ‫‪3‬بشير بالح‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬

‫‪93‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫كان التعليم من أكبر اهتمامات الرئيس بومدين حيث أخذ مجاالت واسعة وكان الهدف‬

‫توفير المدرسة للجميع وقد توفرت كل المجهودات والتي استطاعت أن تعطي ثمارها‪.‬‬

‫ففي الموسم الدراسي ‪ 9202_9208‬كان حوالي ‪ 000028‬من األطفال لينتقل في موسم‬

‫‪ 9208_9209‬إلى مليونين من االطفال و هكذا فقد واصلت بقية المستويات التعليم تقدما ملحوظا‬

‫بفتحها األبواب ل ألطفال و خاصة أبناء الطبقات الشعبية األكثر حرمانا و يرجع الهدف األساسي‬

‫إلى تحقيق العدالة المدرسية بين كافة الطبقات هو تمكين كل طفل جزائري أن يتقدم إلى أقصى‬

‫مستوى حتى يأخذ مكانته الالئقة ضمن المجتمع و هكذا فإن التطور المستمر للتعليم المتوسط و‬

‫الثانوي و تتحدث األرقام عن هذا االخير ففي سنة ‪ 9202_9208‬كان عدد التالميذ الثانويين‬

‫‪1‬‬
‫‪ ،22894‬لكنه ارتفع إلى ‪ 882888‬في ‪.9209_9208‬‬

‫وقد إهتمت الدولة بقطاع التعليم حيث خصصت له ‪ %82‬من الميزانية العامة‪ ،‬كما ان‬

‫بومدين هو من جعل بكالوريا التعليم األصلي ذات معادلة دولية‪.2‬‬

‫إبتداءا من موسم ‪ 9209_9208‬أصبحت معاهد التكنولوجيا للتربية البالغ عددها ‪،89‬‬

‫مكان مدارس الترشيح القديمة كذلك القدرة على استقبال عشرات اآلالف من الطلبة من حملة‬

‫‪1‬و ازرة االعالم و الثقافة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.928‬‬

‫‪2‬خطب الرئيس هواري بومدين ‪ 92‬جوان ‪ ،920‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.922‬‬

‫‪94‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫شهادات البكالوريا من تالمذة الثانويات و حتى المترشحين األحرار الطين ارتفع عددهم منذ مرسوم‬

‫‪ 9204_9202‬وكذلك ارتفع عدد المعلمين و األساتذة من األسرة الجامعية بألف أستاذ‪.1‬‬

‫وقد تم منذ سنة ‪ 9208‬انشاء جامعتان إحداهما في وهران حيث تم تحويل ثكنة إلى جامعة و‬

‫الثانية في قسنطينة ‪ 2‬و في نهاية السبعينات و أوائل الثمانينات ظهرت ثالثون مدينة جامعية‬

‫لتسيير دواليب الحكم و إدارة المؤسسات و استثمار الثورات‪.3‬‬

‫وقد وضع برنامج واسع من اجل القضاء على الفوارق بين المتعلمين‪:‬‬

‫‪ ‬إعطاء منح مثل منح الكتب المدرسية‪.‬‬

‫‪ ‬زيادة عدد المطاعم المدرسية‪.‬‬

‫‪ ‬فارتفع عدد الحاصلين على المنح في التعليم الثانوي في ‪ 90888‬في ‪ 9208‬إلى ‪42888‬‬

‫في سنة ‪ ،9208‬و في التعليم العالي عدد الحاصلين على المنح يبلغ ‪ 98488‬مقابل‬

‫‪4‬‬
‫‪ 9002‬في سنة ‪.9202‬‬

‫و لم تهمل قضية محو االمية فقد كان كفاحا منظما حيث بعد االستقالل اعرب األميون‬

‫على تعطشهم للمعرفة و عن رغبتهم في التخلص من حالة من ال يعرف القراءة و ال الكتابة‪،‬‬

‫‪1‬أحمد طالب االبراهيمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.882‬‬


‫‪2‬و ازرة االعالم و الثقافة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.922‬‬
‫‪3‬عبد الكريم بوصفصاف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.900‬‬
‫‪4‬أحمد طالب االبراهيمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.882‬‬

‫‪95‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫واعتبروا التعليم إحدى الوسائل الحاسمة التي تضمن مشاركتهم في بناء مجتمع جديد ووضعوا‬

‫تحت وصاية و ازرة التعليم االبتدائي و الثانوي وهي تقوم بدور جهاز تقني مركزي إلعداد البرامج‬

‫و تطبيقها و تراقب مختلف نشاطات محو األمية و المركز الوطني لمحو االمية الذي يساعده‬

‫فتيون عالميون مندوبون من اليونسكو‪.1‬‬

‫لقد مست عملية التنمية التي اتخذها الرئيس كخط أساسي في جميع المستويات مست‬

‫التعليم العالي‪ ،‬من خالل صدور قانون اصالح التعليم ‪ 9209‬و كان على الجامعة الجزائرية ان‬

‫تدمج في المجتمع الجزائري وال تبقى كيانا غريبا وأن تسخر كأداة لتكوين إطارات جزائرية متشبعة‬

‫لبناء المجتمع وذات كفاءة عالية من الناحية التقنية و يفهم من هذا أن اصالح التعليم جاء ليعيد‬

‫النظر في المفهوم التقليدي و يساهم في تزويد مختلف القطاعات االنتاجية الوطنية باالطارات‬

‫الالزمة بالعدد و النوعية المطلوبين لتطور الجامعة الجزائرية سنة ‪ 9209‬سنة االصالح لغاية‬

‫سنة ‪ 9200‬إلى ‪ 9200‬أي بعد مرور ‪ 2‬سنوات يالحظ بكل تأكيد أن هناك تطور ملحوظ وذلك‬

‫برفع عددها إلى خمس جامعات إضافة إلى الزيادة في المعاهد الكبرى خاصة في ميدان العلوم‬

‫و الصناعات‪.2‬‬

‫‪1‬أحمد طالب االبراهيمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.880‬‬


‫‪2‬كيف حال التعليم العالي‪ ،‬مجلة الجيش‪ ،‬العدد ‪ ،924‬جانفي ‪ ،9200‬ص‪.42‬‬

‫‪96‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مرضه ووفاته‪:‬‬

‫في منتصف جويلية ‪ 9200‬بدا التعب يظهر على الرئيس بومدين حيث قام بالسفر إلى‬

‫أديس بابا لحضور أشغال مؤتمر الوحدة اإلفريقية و بأن عملية التعب الشديد‪ ،‬كما سافر إلى‬

‫دمشق للمشاركة في مؤتمر التصدي و الصمود* من ‪ 82_88‬سبتمبر ‪ 19200‬و أثناء المؤتمر‬

‫أحس الرئيس بوعكة شديدة إضطر بسببها إ لى العودة فور إنتهاء األشغال في منتصف الليل و‬

‫قد أثارت هذه العودة السريعة إستغراب بعض أعضاء الوفد المرافق له‪ ،‬كما أثارت إستغراب‬

‫الرئيس السوري حافظ األسد الذي فوجئ بطلب الرئيس بومدين العودة فو ار إلى أرض الوطن‪.2‬‬

‫و عند وصول بومدين إلى الجزائر قام األطباء بمجوعة من التحاليل الطبية له‪ ،‬و أرسلوا‬

‫ملف التحاليل إلى فرنسا في سرية تامة و قاموا بحذف إسم الرئيس من الملف و كتب إسم آخر‬

‫لذلك إتجه إلى العالج‬ ‫‪**3‬‬


‫و جاءت التحاليل التي أثبتت أن بومدين مصاب بسرطان المثانة‬

‫‪4‬‬
‫باإلتحاد السوفياتي ألنه بلد صديق للجزائر‪ ،‬كذلك لكي يحتفظ بسر مرضه‪.‬‬

‫*مؤتمر التصدي و الصمود‪ :‬هو مؤتمر عدم اإلع تراف بإتفاقية كامب ديفيد التي عقدت بين الرئيس المصري أنور السادات مع‬
‫إسرائيل‪ ،‬وتتضمن معاهدة سالم بين الطرفين (ينظر رابح عدالة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪)00‬‬

‫‪1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.00‬‬


‫‪2‬عمار بومايدة‪ ،‬مومدين وآخرون‪ .‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.808‬‬
‫**صورة لمرض بومدين‪ ،‬أنظر الملحق رقم ‪2‬‬
‫‪3‬سعد بن البشير العمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.900‬‬
‫‪4‬محد الصالح شيروف‪ ،‬هواري‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.928‬‬

‫‪97‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫ووسط هذه اإلشاعات ظهر بومدين في التلفزة الوطنية يوم ‪ 94‬أكتوبر ‪ 9200‬حيث إجتمع بالقادة‬

‫السوفيات و بعدها واصل الرئيس عالجه باإلتحاد السوفياتي‪ ،‬لكن األطباء عجزوا عن ذلك و‬

‫اخبروا الحكومة السوفياتية أن جهاز مناعة الرئيس في تدهور كبير وقد يؤدي إلى وفاته في أية‬

‫لحظة‪ 1‬كما شارك العديد من االطباء الجزائريين في تشخيص حالة بومدين و كذلك متابعة أنيسة‬

‫زوجته ذلك لوضع أفضل عالج‪.2‬‬

‫لكن بدأت حالة بومدين تسوء وتتأزم إلى ان دخل الجزائر في ‪ 92‬نوفمبر ‪ 9200‬بعد عيد‬

‫األضحى بأيام‪ ،‬كما حظر مع بومدين خمس خبراء في الطب من اإلتحاد السوفياتي إنضم إليهم‬

‫أساتذة جزائريين من بينهم تومي و ظريف‪ ،‬و في تلك الليلة وقع بومدين في غيبوبة و نقل إلى‬

‫مصلحة اإلنعاش‪ 3‬و ذلك يوم ‪ 90‬نوفمبر بسبب جلطة في المخ فإستقدم أشهر و أقدم األطباء‬

‫العالم من فرنسا‪ ،‬الواليات المتحدة‪ ،‬اإلتحاد السوفياتي و ألمانيا و السويد و بريطانيا و تطوع دول‬

‫صديقة أخرى مثل كوبا‪ ،‬يوغسالفيا‪ ،‬تونس‪ ،‬الصين‪ ،‬باكستان و رومانيا بإرسال فرق طبية كاملة‬

‫و جيء بأحدث المعدات من أجل تذ ويب الدم المتجمد في الماء لكن المرض الخبيث إستعصى‬

‫على كل األطباء و األدوية‪.4‬‬

‫‪ 1‬رابح عدالة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.08 ،02‬‬


‫‪2‬‬
‫نصير بوعلي‪ ،‬شهادات و مواقف مع أفراد عائلة الرئيس الراحل هواري بومدين‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪،8884 ،‬‬
‫ص‪.80‬‬
‫‪ 3‬قاصدي مرياح‪ ،‬بومدين لم يمت مسموما وال بسبب األشعة‪ ،‬مجلة الفجر‪ 2 ،‬جانفي ‪ ،9229‬العدد ‪ ،22‬ص‪.89‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.828‬‬ ‫عمار بومايدة‪ ،‬بومدين و آخرون‬

‫‪98‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫وفي ‪ 82‬سبتمبر ‪ 9200‬سافر بومدين إلى اإلتحاد السوفياتي وفور وصوله إلى موسكو نقل إلى‬

‫مستشفى تابع للمخابرات السوفياتية‪ 1‬فشهدت الجزائر موجة من الفوضى والتساؤالت حول مصير‬

‫الرئيس هواري بومدين‪ ،‬فقد إختفى عن األنظار تماما منذ ‪ 84‬سبتمبر ‪ ،9200‬وانتشرت الشائعات‬

‫حول هذا اإلختفاء وعمدت الصحف إلى نشر الشائعات وكانت أول من نبهت عن هذا الغياب‬

‫جريدة لورور الفرنسية يوم ‪ 98‬أكتوبر ‪ 9200‬حسب اإلذاعات األجنبية حيث طرحت صحيفة‬

‫لورور أربع فرضيات‪:‬‬

‫‪ _9‬إن الرئيس هواري بومدين أصيب بمرض وأجريت له عملية جراحية جعلته يختفي هذه المدة‪.‬‬

‫‪ _8‬أنه سجين إثر عملية إنقالب‪.‬‬

‫‪ _2‬أنه يحضر لمؤتمر الحزب الذي كان مقرر أن ينعقد في نهاية ‪.9200‬‬

‫‪ _4‬أنه يعد خطة للخروج من األزمة االقتصادية‪.2‬‬

‫أما جريدة االهرام أكدت بأن بومدين أصيب بجراح خطيرة في وجهه نتيجة للرصاص الذي أطلق‬

‫عليه في محاوالت إنقالب فاشلة وأن جراحة عاجلة أجريت إلنقاذ حياته‪.3‬‬

‫‪1‬رابح عدالة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.00‬‬


‫‪2‬أحمد بن علو الزرقاوي‪ ،‬بومدين المرض والوفاة‪ ،‬منشورات دار األديب‪ ،‬الجزائر‪ ،8890 ،‬ص‪.99‬‬
‫ص‪.880‬‬ ‫‪ 3‬علي رحايلية‪ ،‬اليوم األخير‪ ،‬منشورات مؤسسة الشروق لإلعالم و النشر‪ ،‬القبة‪ ،‬الجزائر‪،8888 ،‬‬

‫‪99‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫وظل الرئيس في سجال معه (المرض) طيلة ستة أسابيع كان قلبه يقاوم خاللها مقاومة إندهش‬

‫لها أطباء على العالم إلى أن إنتهى شريط مرضه بعد ‪ 24‬يوم من الصراع مع الموت في حالة‬

‫غيبوبة‪.1‬‬

‫في ‪ 80‬ديسمبر على الساعة الثالثة و خمس و خمسين دقيقة توفي الرئيس بومدين‬

‫بالمستشفى الجامعي* عن عمر يناهز ‪ 40‬سنة‪ 2‬وبعد ثالثة أيام أي في يوم ‪ 82‬ديسمبر ‪9200‬‬

‫أقيمت جنازة** رسمية و أقيمت صالة الجنازة بالمجلس الكبير و نقل جثمانه*** إلى مقبرة العالية‪.3‬‬

‫وتعتبر من أكبر الجنازات التي عرفتها الجزائر إذ حظر الماليين من جموع الشعب الذين‬

‫جاءوا إلى العاصمة لتوديع إبنهم الذي رفع إسم الجزائر عاليا في الخارج‪ ،‬وقد شارك في الجنازة‬

‫****‬
‫الكثير من رؤساء و قادة العالم‪ ،4‬قد ألقي السيد عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية كلمة التأبين‬

‫بمقبرة العالية دامت أكثر من ساعة واعتبرت أحسن مرتبة لرئيس عربي و أشادت بها معظم‬

‫صحف العالم‪.5‬‬

‫‪1‬سعد بن البشير لعمامرة‪ ،‬هواري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.902‬‬


‫* شهادة إثبات الوفاة التي قدمها وزير الصحة أمام المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬أنظر الملحق رقم ‪98‬وشهادة آيت مسعودان وزير‬
‫الصحة أنظر الملحق رقم‪.99‬‬
‫‪2‬محمد العبد مطمر‪ ،‬الرئيس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫** تأدية صالة الجنازة على جثمان الرئيس الراحل بالمسجد الكبير بالعاصمة أنظر الملحق رقم ‪98‬‬
‫*** الصندوق الذي يحوي جثمان الرئيس بجانب القبر بمقبرة العالية‪ ،‬أنظر الملحق رقم ‪98‬‬
‫‪3‬رابح لونسي‪ ،‬رؤساء المرجع السابق‪ ،‬ص‪.848‬‬
‫‪ 4‬بشير بالح‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫****كلمة التأبين انظر الملحق رقم ‪.92‬‬
‫‪5‬أحمد بن علو الزرقاوي‪ ،‬بومدين المرضى و الوفاة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.00‬‬

‫‪100‬‬
‫التطورات الثقافية في الجزائر ‪5691-5691‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫وفي جو من اليئس والحسرة تبكي الجزائر عن رئيسها الراحل القائد العظيم الذي حنكته تجارب‬

‫كفاحه الطويل ضد االستعمار الغاشم وجعلته شعلة تنير أما طريق األجيال القادمة و تبقى ساطعة‬

‫في أذهان المواطنين‪ 1‬فخبر وفاة الرئيس كان رهيبا فقد نزل كالصاعقة على الجزائريين جميعا‬

‫كبا ار وصغا ار رجاال و نساءا شيوخا و أطفاال حيث كان الحزن يلف الجميع في البيوت و في‬

‫الشوارع تلك المرحلة لن نوفيها حقها مهما قلنا أو كتبنا سماه البعض‪ ،‬العهد الذهبي ال يمكن من‬

‫باب التراهة أن ينازع أحد في اإلنجازات الكبرى لنظام بومدين‪.2‬‬

‫‪1‬زعروري عبد الحميد‪ ،‬بومدين رمز نظال الشعوب‪ ،‬النصر‪ ،‬الجمعة ‪ 82‬ديسمبر ‪ ،9200‬ص‪.8‬‬
‫ص‪.888‬‬ ‫‪2‬زيبحة زيدان المحامي‪ ،‬جبهة التحرير الوطني‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬

‫‪101‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫تعد مرحلة الرئيس الراحل هواري بومدين ‪ 5691_5691‬مرحلة في تاريخ الجزائر حيث‬

‫عنل بناء دولة حديثة وقوية تدافع على حقوق الشعب وتكون محترمة لدى العام و الخاص‬

‫كذلك أن تسود العزة و الكرامة و الحرية في كامل ربوع الوطن وعمل على تنظيم السلطة على‬

‫أسس جديدة تمنع التشتت و التقسيم‪.‬‬

‫كما كان مثال القدوة العالية و الفكر العميق حيث اشتهر بذكاءه و شجاعته و إيمانه و‬

‫صالبة مواقفه و تواضعه من خالل دراستنا و تحليلنا لهذه المذكرة استخلصنا عدة نتائج نذكر‬

‫أهمها‪:‬‬

‫أن هواري بومدين وبخصاله الحميدة و شخصيته العظيمة استطاع أن يتحدى الحياة‬ ‫‪‬‬

‫الريفية و تحقيق حكمه في الدراسة بجامع األزهر ورفقاءه و السرعة في دخوله صفوف جيش‬

‫التحرير الوطني‪.‬‬

‫انقالبه على بن بلة و الذي سمي بحركة التصحيح الثوري ألن بن بلة كان دكتاتوريا في‬ ‫‪‬‬

‫حكمه‪.‬‬

‫اعتمد بومدين على سياسة بناء مؤسسات الدولة انطالقا من القاعدة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ظهور العديد من الحركات المعارضة لبومدين و محاولة االطاحة به وكان أخطرها‬ ‫‪‬‬

‫حركة رئيس أركان الجيش الظاهر الزبيري و كان وراءه سعي بومدين إلى االستفراد بالحكم و‬

‫تهميش الزبيري وغيره من المكتب السياسي‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫اهتم بومدين بالقضايا العامة في العالم و دعم حركات التحرر و مواجهة التدخالت‬ ‫‪‬‬

‫األجنبية في الشؤون الداخلية للدول الضعيفة‪.‬‬

‫ساهم في محاولة التخلف مم أدى إلى إعطاء هيبة دولية للجزائر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫نجاح الثورة الصناعية في تطبيقها للمخططات التنموية و تأمين الموارد الطبيعية و بناء‬ ‫‪‬‬

‫مصانع كبرى‪.‬‬

‫توزيع األراضي على الفالحين باإلضافة إلى العتاد الفالحي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كما اهتم بالثقافة و التربية و التعليم حيث وفر سبيل العلم و المعرفة للشباب ألن الثقافة‬ ‫‪‬‬

‫العربية هي حجر الزاوية في بناء الشخصية الوطنية كما هي أداة الكتساب الوعي االجتماعي‬

‫و العمل المالئم في سبيل تحويل البنيات االجتماعية البالية‪.‬‬

‫كذلك لم يهمل أي مجال من المجاالت الخاصة بالثقافة حيث وقف بحزم في كل‬ ‫‪‬‬

‫عمليات التعريب و التربية الوطنية معتب ار اللغة العربية أحد عناصر شخصيتهم‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم‪ :10 :‬بيت الرئيس المرحوم محمد‬


‫بوخروبة‬

‫المصدر‪ :‬متحف المجاهد –قالمة‪.-‬‬

‫‪106‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم‪ :12 :‬الرئيس المرحوم محمد‬


‫بوخروبة برفقة والدته –تونس بهزيلة‪-‬‬

‫المصدر‪ :‬متحف المجاهد‪-‬قالمة‪-‬‬

‫‪107‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم‪ :13 :‬الرئيس المرحوم محمد‬


‫بوخروبة يتحاور مع أبناء الشعب‬

‫المرجع‪ :‬سعد بن البشير لعمامرة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪108‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم‪ :14 :‬مقتطفات من دستور الجزائر‬


‫‪0791‬‬

‫‪109‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫‪110‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫المصدر‪ :‬دستور الجزائر ‪ ،‬نوفمبر‪.1791‬‬

‫‪111‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم‪ : 10 :‬مخطط الصناعات المصنعة يبين العالقة بين قطاعي الصناعة والزراعة‬

‫‪112‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :11‬صورة لمركب الحجار‬

‫‪113‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :19‬السد األخضر‬

‫المصدر‪google earth :‬‬

‫‪114‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ : 10 :‬الرئيس هواري بومدين يقدم شهادة االستفادة من الثورة الزراعية الحد‬
‫الفالحين‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :17‬مرض الرئيس هواري بومدين‬

‫المصدر‪ :‬الساعات األخيرة للرئيس هواري بومدين‬

‫‪https://www.youtube.com/watch?v=eQ_DMKM--ew‬‬

‫‪116‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :01‬شهادة اثبات الوفاة التي قدمها وزير الصحة امام المجلس الشعبي‬
‫الوطني‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬سعد بن البشير لعمامرة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪117‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :00‬شهادة اثبات الوفاة‬

‫المصدر‪ :‬عمار بومايدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪118‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ : 02‬صالة الجنازة بالمسجد الكبير بالعاصمة وعملية الدفن في مقبرة العالية‬

‫سعد بن بشير لعمامرة ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪119‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :03‬كلمة التأبين مقدمة من طرف وزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫‪121‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫‪122‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫‪123‬‬
‫ق ائمة المالحق‬

‫المصدر‪ :‬سعد بن البشير لعمامرة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.112-111‬‬

‫‪124‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫المصادر‪:‬‬

‫‪ .1‬الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية ‪ ،‬الثورة الزراعية‪ ،‬المطبعة الرسمية ‪،‬الجزائر‪،‬‬


‫‪.1791‬‬
‫‪ .2‬الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية‪ ،‬جهود السنوات العشر‪ ،‬الطباعة الشعبية‬
‫للجيش ‪ ،‬الجزائر‪،‬د ت‪.‬‬
‫‪ .3‬الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية‪ ،‬دستور ‪ ،1791‬الجزائر‪.1791 ،‬‬
‫‪ .4‬الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية‪ ،‬الميثاق الوطني ‪ ،1791‬المعهد التربوي‬
‫الوطني‪ ،‬الجزائر‪1791 ،‬‬
‫‪ .5‬الخولي لطفي‪ ،‬عن الثورة و في الثورة و بالثورة ‪ ،‬حوار مع بومدين منشورات التجمع‬
‫البومدينيي االسالمي‪ ،‬مطبعة دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬عين مليلة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ .1‬الشيخ سليمان‪ ،‬الجزائر تحمل السالح أو زمن اليقين‪ ،،‬تر‪ :‬محمد حافظ الجمالي‪ ،‬دار‬
‫القصبة‪ ،‬الج ازئر‪.2003 ،‬‬
‫‪ .9‬بن جديد الشاذلي‪ ،‬مذكرات الشاذلي بن جديد ‪ ،1797-1727‬تحرير عبد العزيز‬
‫بوباكير‪ ،‬ج‪ ،1‬دار القصبة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .8‬بورقعة لحضر‪ ،‬شاهد على اغتيال الثورة‪ ،‬تقديم‪ :‬الفريق سعد الدين الشاذلي‪ ،‬تحرير‪:‬‬
‫صادق بخوش‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار األمة‪ ،‬الجزائر‪.2000،‬‬
‫‪ .7‬بوضياف محمد‪ ،‬الجزائر‪...‬الى أين‪ ،‬ترجمة محمد بن زغيبة و يحي الزغودي‪ ،‬مراجعة‬
‫جمال الدين صالحي‪ ،‬مطبعة النخلة‪،‬الجزائر‪.1772،‬‬
‫تقية محمد‪ ،‬الثورة الجزائرية‪ ،‬المصدر الرمزو اآلمال‪ ،‬ترجمة عبد السالم عزيزي‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫دارالقصبة‪ ،‬الجزائر‪،2010،‬‬

‫‪126‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫دحلب سعد‪ ،‬المهمة المنجزة من أجل استقالل الجزائر‪ ،‬منشورات دحلب‪،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫زبيري الطاهر‪ ،‬نصف قرن من الكفاح‪ ،‬مذكرات قائد أركان جزائري‪،‬تحرير‪:‬‬ ‫‪.12‬‬
‫مصطفى طالع‪ ،‬الشروق لالعالم و النشر‪ ،‬الجزائر ‪.2011،‬‬
‫ستو ار بن جامين‪ ،‬تاريخ الجزائر بعد االستقالل ‪ ،1788-1712‬ترجمة صباح‬ ‫‪.13‬‬
‫ممدوح كعدان‪ ،‬منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب‪ ،‬دمشق‪.2012 ،‬‬
‫شيروف محمد الصالح‪ ،‬هواري بومدين رحلة أمل و اغتيال حلم‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫كافي علي‪ ،‬مذكرات الرئيس علي كافي من المناضل السياسي الى القائد‬ ‫‪.15‬‬
‫العسكري ‪ ،1712-1741‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬الجزائر‪.2011،‬‬
‫هارون علي‪ ،‬خيبة االنطالق أو فتنة صيف ‪ ،1712‬ترجمة‪ :‬الصادق عماري‬ ‫‪.11‬‬
‫و آمال فالح‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫و ازرة االعالم و الثقافة‪ ،‬الثورة الزراعية القوى المشتركة مجموعة نظرات عن‬ ‫‪.19‬‬
‫الجزائر‪ ،‬ورشات الفنون للطباعة‪ ،‬اسبانيا‪.1791 ،‬‬
‫و ازرة االعالم و الثقافة‪ ،‬حطب الرئيس بومدين ‪ 05‬ماي‪ 17 -1792‬جوان‬ ‫‪.18‬‬
‫‪ ،1793‬جزء‪.5‬‬

‫‪127‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫المراجع‪:‬‬
‫الكتب ‪:‬‬
‫‪ -1‬ابو زكريا يحي‪ ،‬الجزائر من أحمد بن بلة الى عبد العزيز بوتفليقة‪ ،‬دار النشر للنشر و‬
‫التوزيع ‪‬د ت‪.3002،‬‬

‫‪ -3‬االبراهيمي أحمد طالب‪ ،‬مذكرات جزائري‪ ،‬هاجس البناء ‪، 1691- 1691‬ج‪، 3‬دار‬
‫القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪.3001،‬‬

‫‪ -2‬االبراهيمي أحمد طالب‪ ،‬من تصفية االستعمار الى الثورة الثقافية‪،‬‬

‫‪ -4‬الذيب فتحي‪ ،‬جمال عبد الناصر و ثورة الجزائر‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المستقبل العربي للنشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬القاهرة‪.1614 ،‬‬

‫‪ -1‬الرياشي سليمان و آخرون‪ ،‬األزمة الجزائرية "الحلفيات السياسية و االجتماعية و الثقافية"‪،‬‬


‫مركز دراسات الوحدة‪ ،‬بيروت‪.1661 ،‬‬

‫‪ -9‬الزرقاوي أحمد بن علي‪ ،‬بومدين المرض و الوفاة‪ ،‬منشورات دار األديب‪،‬‬


‫الجزائر‪.3019،‬‬

‫‪ -9‬المحامي زيحة زيدان‪ ،‬جبهة التحرير الوطني جذور االزمة‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائرن‪.3006‬‬

‫‪ -1‬بارور سليمان‪ ،‬حياة البطل محمد العربي بن مهيدي‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.1616‬‬

‫‪ -6‬بالح بشير‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصر ‪ ، 1616-1120‬ج‪ ،3‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪.3009،‬‬

‫‪ -10‬بلقاسم محمد و بهلول حسن‪ ،‬سياسة تخطيط التنمية وإعادة تنظيم مسارها في‬
‫الجزائر‪،‬ج‪ ،1‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1661،‬‬

‫‪ -11‬بلحاج صالح‪ ،‬النظام السياسي الجزائري ‪" ، 1691 1693‬السلطة‪ ،‬المؤسسات‪،‬‬


‫االقتصاد‪ ،‬السياسة و االيديولوجيا"‪ ،‬دار الكتاب الحديث للنشر و التوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.3012‬‬

‫‪ -13‬بن خرف هللا الطاهر‪ ،‬النخبة الحاكمة في الجزائر ‪ ،1616 1693‬ج‪ ، 3‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪.3009 ،‬‬

‫‪128‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -12‬بن يوب رشيد‪ ،‬دليل الجزائر السياسي‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.1666‬‬

‫‪ -14‬بن البشير العمامرة سعد‪ ،‬هواري بومدين الرئيس القائد ‪ ،1691-1623‬ط‪ ،1‬البليدة‪،‬‬
‫الجزائر‪.1669 ،‬‬

‫‪ -11‬بو الشعير السعيد‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الهدى للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪.1662،‬‬

‫‪ -19‬بومايدة عمار‪ ،‬بومدين و اآلخرون ما قاله و مت أثبتته األيام‪ ،‬تقديم عبد الحميد مهري‪،‬‬
‫دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪.3001 ،‬‬

‫‪ -19‬بوعلي نصير‪ ،‬شهادات و مواقف مع أفراد عائلة الرئيس الراحل هواري بومدين‪ ،‬دار‬
‫الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪.3004 ،‬‬

‫‪ -11‬دبلة عبد العالي‪ ،‬الدولة الجزائرية الحديثة‪ ،‬دار الفجر‪ ،‬القاهرة‪.3004،‬‬

‫‪ -16‬درواز الهادي أحمد‪ ،‬العقيد محمد شعباني األمل و األلم‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.3006،‬‬

‫‪ -30‬رحايلية علي‪ ،‬اليوم األخير‪ ،‬منشورات مؤسسة الشروق لالعالم و النشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.3000‬‬

‫‪ -31‬زمام نور الدين‪ ،‬السلطة الحاكمة و الخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري‪-1693 ،‬‬
‫‪ ،1661‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.1669 ،‬‬

‫‪ -33‬شريط األمين‪ ،‬التعددية الحزبية في تجربة الحركة الوطنية ‪ ، 1693 -1616‬ديوان‬


‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1661،‬‬

‫‪ -32‬عبد القادر حميد‪ ،‬فرحات عباس رجل الجمهورية‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪.3009 ،‬‬

‫‪ -34‬عدالة رابح‪ ،‬هواري بومدين رجل كفاح و مواقف‪ ،‬دار المجتهد‪ ،‬الجزائر‪.3012 ،‬‬

‫‪ -31‬لونيسي إبراهيم‪ ،‬الصراع السياسي في الجزائر خالل الرئيس أحمد بن بلة‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪.3009 ،‬‬

‫‪ -39‬لونيسي إبراهيم‪ ،‬حزب جبهة التحرير الوطني من الرئيس هوواري بومدين الى الرئيس‬
‫الشاذلي بن جديد‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.3013 ،‬‬

‫‪129‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -39‬لونيسي رابح‪ ،‬رؤساء الجزائر في ميزان التاريخ‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪.3011 ،‬‬

‫‪ -31‬محمودي نصر الدين‪ ،‬دور و مواقف العقيد شعباني في الثورة و في مطلع االستقالل‪،‬‬

‫‪ -36‬مرتاض عبد المالك‪ ،‬دليل مصطلحات ثورة التحرير الكبرى‪ ،‬المطبعة الحديثة للفنون‬
‫المطبعية‪ ،‬الجزائر‪.3001 ،‬‬

‫‪ -20‬مطمر محمد العيد‪ ،‬الرئيس هواري بومدين رجل القيادة الجماعية‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.3002‬‬

‫‪ -21‬مطمر محمد العيد‪ ،‬محمد شعباني و جوانب من الثورة التحريرية الكبرى‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬
‫الجزائر‪.3013،‬‬

‫‪ -23‬مقالتي عبد هللا‪ ،‬المرجع في تاريخ الثورة الجزائرية و نصوصها األساسية‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.3013 ،‬‬

‫‪ -22‬هني أحمد‪ ،‬اقتصاد الجزائر المستقلة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬د ت‪.‬‬

‫الرسائل و المذكرات الجامعية ‪:‬‬


‫‪ -01‬بوضياف محمد‪ ،‬مستقبل الدولية ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬أطروحة‬
‫مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية و االعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسة و العالقات‬
‫الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.3001 ،‬‬

‫‪ -03‬تمغارت اسمهان‪ ،‬اشكالية بناء الدولة في الجزائر ‪ ،1611-1693‬مذكرة مقدمة لنيل‬


‫شهادة الماجستير في العالقات الدولية‪ ،‬كلية العلوم السياسية و االعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية‬
‫و العالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.3003 ،‬‬

‫المجالت و الجرائد‪:‬‬

‫‪ -01‬مجلة الجيش‪ ،‬العدد ‪1699 ،114‬م‪.‬‬


‫‪ -03‬مجلة المجاهد‪ ،‬العدد ‪13 ،902‬مارس ‪1693‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬مجلة المجاهد‪ ،‬العدد ‪1611 ،1231‬م‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -04‬مجلة المجاهد‪ ،‬العدد ‪ ،1241‬جوان ‪1619‬م‪.‬‬


‫‪ -01‬مجلة الشعب‪ ،‬العدد ‪1660 ،1440‬م‪.‬‬
‫‪ -09‬مجلة الوحدة‪ ،‬العدد ‪.900‬‬
‫‪ -09‬جريدة النصر‪ ،‬العدد ‪ 36 ،1233‬ديسمبر ‪.1660‬‬
‫المعاجم‪:‬‬

‫‪ -01‬بوصفصاف عبد الكريم‪ ،‬معجم أعالم الجزائر في القرنين التاسع عشر و العشرين‪،‬‬
‫ج‪ ، 1‬محبر الدراسات التاريخية و الفلسفية‪ ،‬كلية العلوم االنسانية و االجتماعية ‪،‬‬
‫جامعة منتوري ‪ ،‬قسنطينة‪ 16 ،‬ماي ‪.3002‬‬
‫المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪Taleb Ibrahim Ahmed , Mémoire d’un Algerien ,tome 2,edition‬‬


‫‪casbah,alger,2008.‬‬

‫مواقع االنترنت‪:‬‬

‫‪-www.google earth.com.‬‬

‫‪-www.youtube.com.‬‬

‫‪131‬‬

You might also like