You are on page 1of 142

‫سلسة أين نحن من هؤلء ؟‬

‫‪3‬‬ ‫أحصاه الله‬


‫ونسوه‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫المقدمة‬
‫الحمصصصد للصصصه رب العصصصالمين والصصصصلة‬
‫والسلم على أشرف المرسلين‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫أقصصدم للقصصارئ الكريصصم الجصصزء السصصادس‬
‫مصصن سلسصصلة أيصصن نحصصن مصصن هصصؤلء؟ تحصصت‬
‫عنوان‪" :‬أحصاه الله ونسوه" الصصذي يتحصصدث‬
‫عن آفات اللسان ومزالقه‪.‬‬
‫وقد بدأت بمداخل عن اللسصصان وعظصصم‬
‫أمصصره‪ ،‬ثصصم آفصصة الغيبصصة وأتبعتهصصا النميمصصة‬
‫والكذب والستهزاء‪.‬‬
‫وهي أمصصراض خبيثصصة تسصصري فصصي جسصصد‬
‫المصصة فتحصصصد الحسصصنات وتجلصصب السصصيئات‬
‫وتضيع الوقات‪ ..‬بزلصصة واحصصدة تهصصدم السصصر‬
‫وتفصصرق الحبصصة وتقطصصع الرحصصام‪ ..‬وبكلمصصة‬
‫واحصصدة ربمصصا يهصصوى بهصصا صصصاحبها فصصي النصصار‬
‫سبعين خريفًا‪.‬‬
‫وقد ساعد على تفشي هذه الفات فصصي‬
‫المجتمع قلة الوازع الديني‪ ،‬وتيسصصر أسصصباب‬

‫‪-3-‬‬
‫‪4‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫المعيشصصة وكصصثرة أوقصصات الفصصراغ‪ ،‬كمصصا أن‬


‫لسهولة التصالت الهاتفية سهم في ذلك‪.‬‬
‫حفظ اللصصه ألسصصنتنا ونصصزه أسصصماعنا عصصن‬
‫كل ما يعيب‪.‬‬
‫وجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم‪.‬‬
‫عبد الملك بن محمد بن عبد‬
‫الرحمن القاسم‪.‬‬

‫‪-4-‬‬
‫‪5‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫مدخل‬
‫إن اللسصصان مصصن نعصصم اللصصه العظيمصصة‬
‫ولطائف صنعه الغريبصصة فصصإنه صصصغير جرمصصه‪،‬‬
‫عظيم طاعته وجرمه‪ ،‬إذ ل يسصصتبين الكفصصر‪،‬‬
‫واليمصصان إل بشصصهادة اللسصصان وهمصصا غايصصة‬
‫الطاعة والعصيان)‪.(1‬‬
‫فهذا المخلوق الصغير يعبر النسان عن‬
‫بغيته ويفصح عن مشاعره‪ ،‬به يطلب حاجته‬
‫ويدافع عن نفسه ويعبر عن مكنصصون فصصؤاده‪،‬‬
‫يحادث جليسه ويآنس رفيقصصه‪ ،‬بصصه السصصقطة‬
‫والدنو وبه تظهر الهمة والعلو‪.‬‬
‫واللسان‪ :‬رحب الميدان ليس له مرد‪،‬‬
‫ول لمجاله منتهى وحد‪ ،‬له في الخير مجصصال‬
‫رحصصب ولصصه فصصي الشصصر ذيصصل سصصحب‪ ،‬فمصصن‬
‫أطلقه عذبه اللسان وأهمله مرخصصى العنصصان‬
‫سلك به الشيطان فصصي كصصل ميصصدان وسصصاقه‬
‫إلى شفا جرف هار إلى أن يضطره إلى دار‬
‫البصصوار‪ ،‬ول يكصصب النصصاس فصصي النصصار علصصى‬
‫مناخرهم إل حصائد‪ .‬ألسنتهم ول ينجصصو مصصن‬

‫)( الحياء‪.117 /3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-5-‬‬
‫‪6‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫شر اللسان إل من قيده بلجصصام الشصصرع‪ ،‬فل‬


‫يطلقه إل فيمصصا ينفعصصه فصصي الصصدنيا والخصصرة‪،‬‬
‫ويكفه عن كل ما يخشى غائلته فصصي عصصاجله‬
‫وآجله‪.‬‬
‫وعلصصم مصصا يحمصصد فيصصه إطلق اللسصصان أو‬
‫يذم غامض عزيز والعمل بمقتضاه على من‬
‫عرفه ثقيل عسير‪ ،‬وأعصصصى العضصصاء علصصى‬
‫النسان اللسان‪ ،‬فصصإنه ل تعصصب فصصي إطلقصصه‬
‫ول مؤنة في تحريمه وقد تساهل الخلق في‬
‫الحصصتراز عصصن آفصصاته وغصصوائله والحصصذر مصصن‬
‫مصائده وحبائله‪ ،‬وإنه أعظم آلصصة الشصصيطان‬
‫في استغواء النسان)‪.(1‬‬
‫إذا تصصرك لصصه العنصصان يصصصول ويجصصول‪..‬‬
‫يتحصصدث عصصن فلن ويغتصصاب فلن‪ ،‬يسصصتهزئ‬
‫بهذا ويشتم هذا‪.‬‬
‫وقلة هم الذين أمسكوا بعنصصان ألسصصنتهم‬
‫ووقفوا به عن ما ل يعنيهم‪.‬‬
‫فحصصد الكلم فيمصصا ل يعنيصصك أن تتكلصصم‬
‫بكلم لو سكت عنه لم تأثم ولم تستضر بصصه‬

‫)( الحياء‪.117 /3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-6-‬‬
‫‪7‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫في حال ول مال‪.‬‬


‫وينبغللي لكللل مكلللف‪ :‬أن يحفصصصظ‬
‫لسصصانه عصصن جميصصع الكلم‪ :‬إل كلمصصا ظهصصرت‬
‫فيه المصلحة‪ ،‬ومصصتى اسصصتوى الكلم وتركصصه‬
‫في المصلحة فالسنة المساك عنه‪ ،‬لنه قد‬
‫ينجصصز الكلم المبصصاح إلصصى حصصرام أو مكصصروه‪،‬‬
‫وذلك كثير فصي العصادة‪ ،‬والسصلمة ل يعصدلها‬
‫شيء)‪.(1‬‬
‫وفي اللسان آفتان عظيمتان‪ :‬إن‬
‫خلص من أحدهما لصصم يخلصصص مصصن الخصصرى‪،‬‬
‫آفة الكلم وآفة السكوت‪.‬‬
‫وقد يكون كل منهما أعظم من الخصصرى‬
‫في وقتها‪ ،‬فالساكت عصصن الحصصق شصصيطان‬
‫أخرس‪ ،‬عاص لله‪ ،‬مراء مداهن إذا لم يخف‬
‫علصصى نفسصصه والمتكلللم بالباطصصل شصصيطان‬
‫ناطق عاص لله‪ ،‬وأكثر الخلق منحصصرف فصصي‬
‫كلمه وسصصكوته‪ ،‬فهصصم بيصصن هصصذين النصصوعين‪،‬‬
‫وأهل الوسط وهم أهل الصراط المستقيم‪،‬‬
‫كفوا ألسنتهم عصصن الباطصصل وأطلقوهصصا فيمصصا‬

‫)( رياض الصالحين )‪.(414‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-7-‬‬
‫‪8‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫يعصصود عليهصصم نفعصصه فصصي الخصصرة‪ ،‬فل تصصرى‬


‫أحدهم يتكلم بكلمة تصصذهب عليصصه ضصصائعة بل‬
‫منفعة‪ ،‬فضل عن أن تضره في آخرتصصه‪ ،‬وإن‬
‫العبصصد ليصصأتي يصصوم القيامصصة بحسصصنات أمثصصال‬
‫الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها‪.‬‬
‫ويصصأتي بسصصيئات أمثصصال الجبصصال فيجصصد‬
‫لسانه قد هصصدمها مصصن كصصثرة ذكصصر اللصصه ومصصا‬
‫اتصل به)‪.(1‬‬
‫وكللثرة آفلات اللسللان‪ :‬مصصن الخطصصأ‬
‫والكذب والغيبة والنميمة والنفاق والفحصصش‬
‫والمصصراء وتزكيصصة النفصصس والخصصواص فصصي‬
‫الباطصصل والخصصصومة والفضصصول والتحريصصف‬
‫والزيصصادة والنقصصصان‪ ،‬وإيصصذاء الخلصصق وهتصصك‬
‫العصصورات‪ ،‬فهصصذه آفصصات وهصصي سصصياقة إلصصى‬
‫اللسان ل تثقل عليه ولها حلوة في القلصصب‬
‫وعليها بواعث مصصن الطبصصع ومصصن الشصصيطان‪،‬‬
‫والخائض فيها قلما يقدر أن يمسك اللسصصان‬
‫فيطلقه بما يحب ويكفه عما ل يحب‪.‬‬
‫ففصصي الخصصواص خطصصر وفصصي الصصصمت‬

‫)( الجواب الكافي )‪.(173‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-8-‬‬
‫‪9‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫سلمة فذلك عظمت فضصصيلته‪ ،‬هصصذا مصصع مصصا‬


‫فيه من جمع الهمصصم ودوام الوقصصار والفصصراغ‬
‫للفكر والذكر والعبادة والسلمة من تبعصصات‬
‫القول في الدنيا ومن حسابه في الخرة)‪.(1‬‬
‫وقد قال شيخ السلم ابن تيميللة‬
‫حا حال الكثيرين‪:‬‬‫موض ً‬
‫ومصصن العجصصب أن النسصصان يهصصون عليصصه‬
‫التحفظ والحتراز من أكل الحصصرام والظلصصم‬
‫والزنا والسرقة وشرب الخمر‪ ،‬ومن النظصصر‬
‫المحرم وغير ذلك‪ ،‬ويصصصعب عليصصه التحفصصظ‬
‫من حركة لسانه‪ ،‬حتى تصصرى الرجصصل ليشصصار‬
‫إليصصه بالصصدين والزهصصد والعبصصادة‪ ،‬وهصصو يتكلصصم‬
‫بالكلمات من سخط اللصصه ل يلقصصي لهصصا بصصا ً‬
‫ل‪،‬‬
‫ينزل بالكلمة الواحصصدة منهصصا أبعصصد ممصصا بيصصن‬
‫المشصصرق والمغصصرب‪ ،‬وكصصم تصصرى مصصن رجصصل‬
‫متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفصصري‬
‫في أعراض الحياء والموات‪ ،‬ول يبصصالي مصصا‬
‫يقول)‪.(2‬‬

‫)( الحياء )‪.(121 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الجواب الكافي )‪.(171‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-9-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫آفات اللسان‬
‫آفات اللسان كصثيرة متنوعصة‪ ،‬ولهصا فصي‬
‫القلب حلة ولها بواعث من الطبع‪ ،‬ول نجاة‬
‫مصصن خطرهصصا إل بالصصصمت أو التحصصرز فصصي‬
‫الكلم‪.‬‬
‫ومن آفات اللسان ما يلي‪:‬‬
‫الفة الولى‪:‬‬
‫الكلم فيمصصا ل يعنصصي‪ ...‬اعلصصم أن مصصن‬
‫عرف قدر زمانه‪ ،‬وأنه رأس ماله‪ ،‬لم ينفقصصه‬
‫إل في فائدة‪ ،‬وهذه المعرفصصة تصصوجب حبصصس‬
‫اللسصان عصن الكلم فيمصصا ل يعنصي‪ ،‬لن مصصن‬
‫ترك ذكر اللصصه واشصصتغل فيمصصا ل يعنصصي كصصان‬
‫كمن قدر على أخصصذ جصصوهرة‪ ،‬فأخصصذ عوضصصها‬
‫بدرة وهذا خسران العمر‪.‬‬
‫الفة الثانية‪:‬‬
‫الخصصوض فصصي الباطصصل‪ ،‬وهصصو الكلم فصصي‬
‫المعاصي‪ ،‬كذكر مجالس الخمصصر‪ ،‬ومقامصصات‬
‫الفساق‪ ،‬وقريب من ذلك الجصصدال والمصصراء‪،‬‬
‫وهو كصصثرة الملحصصاة للشصصخص لبيصصان غلطصصه‬
‫وإفحامه‪ ،‬والباعث على ذلك الترفع فينبغصصي‬
‫للنسان أن ينكر المنكر مصصن القصصول‪ ،‬ويصصبين‬

‫‪-10-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الصواب فإن قبل منصصه وإل تصصرك الممصصاراة‪،‬‬


‫هذا إذا كان معلقا بالدين‪ ،‬فإما إن كان فصصي‬
‫أمور الدنيا فل وجه للمجادلة فيه‪.‬‬
‫الفة الثالثة‪:‬‬
‫التقعصصصصر فصصصصي الكلم‪ ،‬وذلصصصصك يكصصصصون‬
‫بالتشدق‪ ،‬وتكلف السجع‪.‬‬
‫الفة الرابعة‪:‬‬
‫الفحش والسب والبذاء‪.‬‬
‫الفة الخامسة‪:‬‬
‫المزاح‪ ...‬أما اليسصصير فل ينهصصى عنصصه إذا‬
‫كان صدقا‪.‬‬
‫الفة السادسة‪:‬‬
‫السخرية والستهزاء‪ ..‬ومعنى السصصخرية‬
‫الحتقصصار والسصصتهانة والتنصصبيه علصصى العيصصوب‬
‫والنقائص على وجه يضحك منه‪.‬‬
‫الفة السابعة‪:‬‬
‫إفشاء السر وإخلف الوعد والكذب في‬
‫القول واليمين‪ ،‬وكل ذلك منهي عنه‪ ،‬إل مصصا‬
‫رخص فيه من الكذب لزوجته وفي الحصصرب‬
‫فإن ذلك يباح‬
‫وضللابطه‪ :‬أن كصصل مقصصصود محمصصود ل‬

‫‪-11-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫يمكن التوصصصل إليصصه إل بالكصصذب‪ ،‬فهصصو فهصصي‬


‫مباح إن كان ذلك المقصود مباحا‪ ،‬وإن كصان‬
‫المقصصصود واجبصصا فهصصو واجصصب‪ ،‬فينبغصصي أن‬
‫يتحرز عن الكذب مهما أمكن‪.‬‬
‫الفة الثامنة‪:‬‬
‫الغيبة‪ ،‬هي ذكر أخاك الغائب بما يكرهه‬
‫إذا بلغه‪ ،‬سواء كان نقصصًا فصصي بصصدنه أو فصصي‬
‫نسبه أو في ثوبه)‪.(1‬‬
‫الفة التاسعة‪:‬‬
‫النميمة‪ ،‬وهي إفشاء السر وهتك الستر‬
‫عما يكره كشفه‪.‬‬
‫وهنصصاك آفصصات أخصصرى كصصثيرة ل يتسصصع‬
‫المقام لذكرها‪ ..‬وقد حذر الله جل وعل من‬
‫تلك الفصات وأخصبر أنهصا مصن العمصال الصتي‬
‫تحصى على ابن آدم ويحاسب عليها‪.‬‬
‫ل إ ِّل‬‫و ٍ‬
‫ق ْ‬‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ظ ِ‬ ‫ف ُ‬‫ما ي َل ْ ِ‬
‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫د‪‬‬ ‫عِتيللللللللل ٌ‬‫ب َ‬‫قيللللللللل ٌ‬ ‫ل َلللللللللدَي ْ ِ‬
‫ه َر ِ‬
‫]ق‪.[18 :‬‬

‫)( مختصر منهصصاج القاصصصدين ‪ 165‬ومصصا بعصصدها‬ ‫‪1‬‬

‫باختصار‪.‬‬

‫‪-12-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ما ل َي ْ ل َ‬
‫س‬ ‫ف َ‬ ‫ق ُ‬ ‫وَل ت َ ْ‬
‫وقال جل وعل‪َ  :‬‬
‫وال ْب َ َ‬
‫صلللَر‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬
‫سللل ْ‬ ‫ن ال ّ‬‫م إِ ّ‬ ‫عل ْللل ٌ‬‫ه ِ‬ ‫ك ب ِللل ِ‬‫ل َللل َ‬
‫سللُئوًل‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عْنلل ُ‬‫ن َ‬ ‫ك َ‬
‫كا َ‬ ‫ل ُأول َئ ِ َ‬ ‫ؤادَ ك ُ ّ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫َ‬
‫‪] ‬السراء‪.[36 :‬‬
‫ومصصن الحصصاديث مصصا رواه أبصصو هريصصرة‬
‫رضصصي اللصصه عنصصه أن رسصصول اللصصه ‪ ‬قصصال‪:‬‬
‫"من كان يللؤمن بللالله واليللوم الخللر‬
‫فليقل خيرا أو ليصمت" رواه البخصصصاري‬
‫وعنه ‪ ‬أنه قال‪" :‬من حسن إسلللم‬
‫المرء تركه ما ل يعنيلله" رواه الترمصصذي‬
‫وابن ماجه‪.‬‬
‫وحين سئل رسول الله ‪ ‬عن أكصصثر مصصا‬
‫يدخل النار؟ قال‪" :‬الفم والفرج" وعندما‬
‫سصصأل معصصاذ بصصن جبصصل رسصصول اللصصه ‪ ‬عصصن‬
‫العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النصصار‪،‬‬
‫أخصصصبره النصصصبي ‪ ‬برأسصصصه وعمصصصوده وذروة‬
‫سنامه‪ ،‬ثم قال‪" :‬أل أخبرك بملك ذلللك‬
‫كللله؟" قصصال‪ :‬بلصصى يصصا رسصصول اللصصه‪ ،‬فأخصصذ‬
‫بلسان نفسه‪ ،‬ثم قال‪" :‬كف عليللك هللذا"‬
‫فقال‪ :‬وإنا لمؤاخذون بما نتكلم بصصه؟ فقصصال‪:‬‬

‫‪-13-‬‬
‫‪14‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫"ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس‬


‫على وجوههم أو علللى منللاخرهم إل‬
‫حصائد ألسنتهم" رواه الترمذي‪.‬‬
‫وانظصصر أخصصي الكريصصم إلصصى عظصصم المصصر‬
‫وخطورة الكلمة فقد قصصال رسصصول اللصصه ‪:‬‬
‫"إن العبللد ليتكلللم بالكلمللة مللا يتللبين‬
‫فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بيللن‬
‫المشرق والمغرب" متفق عليه‪.‬‬
‫وهصصذا أبصصو بكصصر رضصصي اللصصه عنصصه آخصصذا‬
‫بطصصرف لسصصانه ويقصصول‪ :‬هصصذا الصصذي أوردنصصي‬
‫الموارد)‪.(1‬‬
‫والكلم أسصصيرك فصصإذا خصصرج مصصن فيصصك‬
‫صرت أنصصت أسصصيره‪ ،‬واللصصه عنصصد لسصصان كصصل‬
‫ل إ ِّل ل َلدَي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫و ٍ‬ ‫ن َ‬
‫قل ْ‬ ‫مل ْ‬ ‫فل ُ‬
‫ظ ِ‬ ‫مللا ي َل ْ ِ‬
‫قائل‪َ  :‬‬
‫عِتيدٌ ‪] ‬ق‪.(2)[18 :‬‬ ‫ب َ‬‫قي ٌ‬
‫َر ِ‬
‫وحين سئل الحسن يوما‪ :‬كيف أصصصبحت‬
‫يا أبا سعيد؟ قال‪ :‬والله ما من انكسرت بصصه‬
‫سفينة في لجج البحر بأعظم منصصي مصصصيبة‪،‬‬

‫)( صفة الصفوة )‪.(253 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الجواب الكافي )‪(173‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-14-‬‬
‫‪15‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫قيل‪ :‬ولم ذاك؟ قال‪ :‬لني من ذنصصوبي علصصى‬


‫يقيصصن‪ ،‬ومصصن طصصاعني وقبصصول عملصصي علصصى‬
‫وجصصل‪ ،‬ل أدري أقبلصصت منصصي أم ضصصرب بهصصا‬
‫وجهي‪.‬‬
‫فقيل له‪ :‬وأنت تقول ذلك يا أبا سصصعيد؟‬
‫فقال‪ :‬ولم ل أقول ذلصصك‪ ،‬مصصا الصصذي يصصؤمنني‬
‫من أن يكون الله سبحانه وتعصصالى قصصد نظصصر‬
‫ي وأنا على بعض هناتي نظرة مقتني بهصصا‪،‬‬ ‫إل ّ‬
‫فأغلق عني بصاب التوبصة‪ ،‬وحصال بينصي وبيصن‬
‫المغفرة‪ ،‬فأنا أعمل في غير معتمل)‪.(1‬‬
‫وعن ابن عباس رضي الله عنهما قصصال‪:‬‬
‫ما من شيء يتكلم به ابن آدم إل كتب عليه‬
‫حتى أنينه فصصي مرضصصه‪ ،‬فلمصصا مصصرض المصصام‬
‫سا كصصان يكصصره أنيصصن‬
‫أحمد فقيل له‪ :‬إن طاو ً‬
‫المرض‪ ،‬فتركه)‪.(2‬‬
‫والكصصثير الن ل يعصصد الكلم مصصن العمصصل‬
‫وما علم أنه يحصصصى عليصصه كصصل لفصصظ وقصصول‬
‫وأنه غدا محاسب على كل كلمة وحديث‪.‬‬

‫)( الحسن البصري لبن الجوزي )‪.(12‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( البداية والنهاية )‪.(272 /9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-15-‬‬
‫‪16‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫قال عمر بن عبد العزيز‪ :‬مصصن علصصم‬


‫أن كلمه من عمله قل كلمه إل فيما يعنيصصه‬
‫وينفعه)‪.(1‬‬
‫وأكد ذلك المصصام الوزاعصصي بقصصوله‪ :‬مصصن‬
‫أكثر ذكر الموت كفاه اليسصصير‪ ،‬ومصصن عصصرف‬
‫أن منطقه من عمله قل كلمه)‪.(2‬‬
‫ولكصصثرة آفصصات اللسصصان والتهصصاون فيهصصا‬
‫وإطلق اللسصصن فصصي كصصل مكصصان وحصصديث‪،‬‬
‫قال الحسللن بللن صللالح‪ :‬فتشصصنا الصصورع‬
‫فلصصصم نجصصصده فصصصي شصصصيء أقصصصل منصصصه فصصصي‬
‫اللسان)‪.(3‬‬
‫وغالب آفة اللسان أذى للمسلم ونقصصص‬
‫في قدره ورمي له بالتحقير والتصغير ‪...‬‬
‫والفضيل بن عياض يقول في ذلصصك‪:‬‬
‫والله ما يحل لصصك أن تصصؤذي كلبصصا أو خنزي صًرا‬
‫بغير حق‪ ،‬فكيف تؤذي مسلما؟!)‪.(4‬‬

‫)( البداية والنهاية )‪(225 /9‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( السير )‪(117 /7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( صفة الصفوة‪ (154 /3) :‬حلية الولياء )‪/7‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.(32‬‬
‫)( السير )‪.(8/427‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-16-‬‬
‫‪17‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫وفي حديث صصصادق ونصصصائح غاليصصة هصصذا‬


‫ابن عباس رضي الله عنهمصصا يقصصول‪ :‬خمصصس‬
‫ي مصصن الصصدهم الموقوفصصة‪ ،‬ل‬ ‫لهصصن أحصصب إلصص ّ‬
‫تتكلصصم فيمصصا ل يعنيصصك فصصإنه فضصصل ول آمصصن‬
‫عليك الوزر‪ ،‬ول تتكلم فيما يعنيك حتى تجصصد‬
‫ب متكلم في أمر يعنيه قد‬ ‫له موضعا فإنه ر ّ‬
‫وضصصعه فصصي غيصصر موضصصعه فعنصصت‪ ،‬ول تمصصار‬
‫حليما ول سفيها فإن الحليم يقلبك والسفيه‬
‫يؤذيك‪ ،‬واذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحصصب‬
‫أن يذكرك به‪ ،‬واعفصصه بمصصا تحصصب أن يعفيصصك‬
‫منه‪ ،‬وعامل أخاك بما تحب أن يعاملصصك بصصه‪،‬‬
‫واعمصصصل عمصصصل رجصصصل يعلصصصم أنصصصه مجصصصازى‬
‫بالحسان مأخوذ بالجترام)‪.(1‬‬
‫ول مثل عقل‬ ‫لعمرك ما للمرء‬
‫للمرء( واعظ‬
‫)‪2‬‬ ‫المرء‬ ‫حافظ‬
‫يلقيك‬ ‫كالرب‬
‫لسانك ل‬
‫أنت لفظ‬
‫في الغي لفظه‬
‫قصصال عطللاء بللن ربللاح‪ :‬إن مصصن كصصان‬
‫قبلكم كصصانوا يعصصدون فضصصول الكلم مصصا عصصدا‬
‫كتصصاب اللصصه‪ ،‬أو أمصصر بمعصصروف أو نهصصي عصصن‬
‫منكر‪ ،‬أو أن تنطق في معيشتك الصصتي ل بصصد‬

‫)( الحياء )‪ (122 /3‬أمراض النفوس )‪.(30‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الصمت‪.(305) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-17-‬‬
‫‪18‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫منهصصا‪ ،‬أتنكصصرون أن عليكصصم حصصافظين كرامصصا‬


‫كاتبين‪ ،‬عن اليمين وعن الشصصمال قعيصصد‪ ،‬مصصا‬
‫يلفصصظ مصصن قصصول إل لصصديه رقيصصب عتيصصد‪ ،‬أمصصا‬
‫يسصصتحي أحصصدكم لصصو نشصصرت صصصحيفته الصصتي‬
‫أملى صدر نهاره‪ ،‬وليس فيها شيء من أمر‬
‫آخرته)‪.(1‬‬
‫هذه حالهم في ذلصصك الزمصصن وهصصم أهصصل‬
‫الطاعة والذكر‪ ،‬مجالسهم خالية من الغيبصصة‬
‫والنميمصصة والكصصذب والسصصتهزاء بصصل كصصانوا‬
‫يطصصصرزون مجالسصصصهم بالبكصصصاء والخشصصصوع‬
‫وإظهصصار الجصصزع‪ ،‬وكصصان عامصصة كلمهصصم مثصصل‬
‫كلم أحدهم وهو ابن سيرين‪ ..‬سصصبحان اللصصه‬
‫العظيم سبحان الله وبحمده‪.‬‬
‫هذا نموذج لمجالسهم العامرة بصصالخير‪..‬‬
‫وزيادة في الحرص كان عبد الله بن الخيصصار‬
‫يقصصول فصصي مجلسصصه‪ :‬اللهصصم سصصلمنا‪ ،‬وسصصلم‬
‫المؤمنين منا)‪.(2‬‬
‫وكان عمر بن الخطاب يقول‪ :‬مصصن كصصثر‬
‫كلمه كثر سقطه‪ ،‬ومن كثر سصصقطه كصصثرت‬

‫)( السير )‪ (86 /5‬الحياء )‪.(123 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تذكرة الحفاظ‪.(139 /1) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-18-‬‬
‫‪19‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ذنصصوبه ومصصن كصصثرت ذنصصوبه كصصانت النصصار‬


‫أولى به)‪.(1‬‬
‫وللخوف من السقوط في النار‪ ...‬ومصصن‬
‫خوف شدة الحساب غدا‪.‬‬
‫أخي‪:‬‬
‫تعهد نفسك في ثلثة مواضع‪ :‬إذا علمت‬
‫فاذكر نظصصر اللصصه تعصصالى عليصصك وإذا تكلمصصت‬
‫فانظر سمع اللصصه إليصصك‪ ،‬وإذا سصصكت فصصانظر‬
‫علم الله فيك)‪.(2‬‬
‫قال سلمة بن دينار‪ :‬ينبغصصي للمصصؤمن أن‬
‫يكصصون أشصصد حفظصصا للسصصانه منصصه لموضصصع‬
‫قدمه)‪.(3‬‬
‫ول يكون هذا الحفصصظ سصصهل إل بمراقبصصة‬
‫الله جل وعل في كل كلمة تخرج وفصصي كصصل‬
‫حركصصة تظهصصر‪ .‬والقتصصصاد فصصي الكلم مصصن‬
‫علمات التيقظ والتنبه‬
‫قللال ابللن مسللعود‪ :‬إيصصاكم وفضصصول‬

‫)( جامع العلوم والحكم‪.(161) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( حلية الولياء )‪.(75 /8‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( صفة الصفوة‪.57 /2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-19-‬‬
‫‪20‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الكلم حسب امرئ ما بلغ حاجته)‪.(1‬‬


‫وحصصصتى فضصصصول الكلم الصصصذي هصصصو دون‬
‫الضرر فإنه حسرات يوم القيامة لن أزمنصصة‬
‫في ما ل فائدة فيه حسرة وندامة‪...‬‬
‫قال بعض السلف‪ :‬يعرض على ابصصن‬
‫آدم يصصوم القيامصصة سصصاعات عمصصره‪ ،‬فكصصل‬
‫ساعة‪ ،‬لم يذكر الله فيها تتقطع نفسه عليها‬
‫حسرات‪.‬‬
‫مصصن هنصصا يعلصصم أن مصصا ليصصس بخيصصر مصصن‬
‫الكلم فالسكوت عنه أفضل من التكلم بصصه‪،‬‬
‫اللهصصم إل مصصا تصصدعو إليصصه الحاجصصة ممصصا ل بصصد‬
‫منه)‪.(2‬‬
‫لعلي حين أصبح‬ ‫وما أدري وإن‬
‫أمسي‬
‫)‪(3‬‬ ‫لست‬ ‫أنًراكل‬
‫ترعم‬
‫أملت‬
‫ألم‬
‫من أمس‬
‫صباح يوم‬
‫قال ابن عباس رضي الله عنهمصصا‪ :‬يصصا‬
‫لسان قصصل خيصصر تغنصصم‪ ،‬أو اسصصكت عصصن شصصر‬
‫تسلم)‪.(4‬‬

‫جامع العلوم والحكم‪.(161) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫جامع العلوم والحكم‪.(161) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫جامع العلوم والحكم‪.(466) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫كتاب الصمت )‪.(66‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-20-‬‬
‫‪21‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫فإن العبد ل يبلغ حقيقصصة اليمصصان حصصتى‬


‫يحصصل بصصذروته ول يحصصل بصصذروته حصصتى يكصصون‬
‫الفقر أحب إليه من الغنى‪ ،‬والتواضصصع أحصصب‬
‫إليه من الشرف‪ ،‬وحتى يكون حامده وذامه‬
‫عنصصده سصصواء‪ ،‬وإن الرجصصل ليخصصرج مصصن بيتصصه‬
‫ومعه دينه فيرجع وما معه من شيء‪ ،‬ويأتي‬
‫الرجل ول يملك له ول لنفسه ضرا ول نفعا‪،‬‬
‫فيقسم له بالله إنك لصصذيت ولصصذيت‪ ،‬فيرجصصع‬
‫ومصصاجني مصصن حصصاجته بشصصيء ويسصصخط اللصه‬
‫عليه)‪.(1‬‬
‫فهذا الرجل عاد وقصصد أسصصخط اللصصه جصصل‬
‫وعل بسبب لسانه الذي لم يتحفظ منصصه بصصل‬
‫أطلقه باليمان الكاذب‪ ،‬هذا موقف واحد‪.‬‬
‫أما من تربع في مجلس ساعات طصصوال‬
‫لم يسلم المسلمون من لسانه غيبة ونميمة‬
‫وإفشصصاء سصصر وإشصصاعة فاحشصصة فصصإن ذلصصك‬
‫محاسب عليصصه‪ ..‬ل يصصرى عيبصصا إل أشصصاعه ول‬
‫يسمع حديثا إل تكلم به‪.‬‬
‫قال عبد الله بن مسصصعود‪ ،‬كفصصى بصصالمرء‬

‫)( الفوائد‪.193 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-21-‬‬
‫‪22‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫إثما‪ ،‬أن يحدث بكل ما سمع)‪.(1‬‬


‫أخي الكريم‪:‬‬
‫ليكصصن حصصظ المصصؤمن منصصك ثلث خصصصال‬
‫لتكون من المحسنين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬إنك إن لم تنفعه فل تضره‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬إن لم تسره فل تغمه‪.‬‬
‫والثالثة‪ :‬إن لم تمدحه فل تذمه)‪.(2‬‬
‫فإن أكصثر النصاس خطايصا أفرغهصم لصذكر‬
‫خطايصصا النصصاس كمصصا قصصال ذلصصك محمصصد بصصن‬
‫سيرين)‪:(3‬‬
‫فكيف يعيب الناس‬ ‫فإن عبت قوما‬
‫أعور؟‪(4‬‬
‫)‬ ‫من هو‬ ‫مثله‬
‫فيكقوما‬
‫بالذيعبت‬
‫وإن‬
‫والناس أكبر‬
‫بالذي ليس فيهم‬
‫إن اتباع الهوى وطول المصصل مصصادة كصصل‬
‫فسصصاد فصصإن اتبصصاع الهصصوى يعمصي عصن الحصق‬
‫معرفة وقصدا‪ ،‬وطول المل ينسي الخصصرة‪،‬‬
‫ويصد عن الستعداد لها)‪.(5‬‬

‫تذكرة الحفاظ‪.3 :‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫تنبيه الغافلين )‪.(178 /1‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫كتاب الصمت )‪.(104‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫منهاج القاصدين‪.(187) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫الفوائد‪.(130) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫‪-22-‬‬
‫‪23‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫فمن طال أمله قصصل عملصصه ومصصن نسصصي‬


‫الخرة لم يحاسب نفسه‪...‬‬
‫مجالسصصنا الطويلصصة بمصصاذا نعمرهصصا وبصصأي‬
‫أمر نجملها وهي مجالس طويلة بعضها يمتد‬
‫لساعات طوال‪.‬‬
‫قال الزهري‪ :‬إذا طال المجلس كصصان‬
‫للشيطان فيه نصيب)‪.(1‬‬
‫وإذا لصم تكصصن مجصصالس خيصر وذكصصر فصصإن‬
‫الشيطان يحرك اللسصصن ويشصصفي الصصصدور‪،‬‬
‫وقد ينزل إلى شهوات البطصن والفصصرج وقصد‬
‫قصصال الحنصصف بصصن قيصصس يحكصصي صصصفات‬
‫الرجولة الحقة‪ ..‬جنبوا مجالسنا ذكر النسصصاء‬
‫والطعام‪ ،‬إني أبغصصض الرجصصل يكصصون وصصصافا‬
‫لفرجه وبطنه)‪.(2‬‬
‫ولو خطر في بال أحصصدنا أن يسصصجل مصصا‬
‫يتحدث به في مجلس واحد‪ ..‬لرأى كصم مصن‬
‫الوراق يحتصصاج‪ ..‬ولصصو حاسصصب نفسصصه لوجصصد‬
‫الكثير من الزلت والسقطات‪.‬‬
‫وقد حدد الربيع بصصن خصصثيم الكلم بصصأنه ل‬
‫)( الحياء‪.(366 /3) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( السير )‪.(94 /4‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-23-‬‬
‫‪24‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫خير فيه إل في تسع‪.‬‬


‫تهليل وتكبر‪ ،‬وتسبيح وتحميد‪ ،‬وسصصؤالك‬
‫مصصن الخيصصر‪ ،‬وتعصصوذك مصصن الشصصر‪ ،‬وأمصصرك‬
‫بصصالمعروف ونهيصصك عصصن المنكصصر‪ ،‬وقراءتصصك‬
‫القرآن)‪.(1‬‬
‫أخي الكريم‪:‬‬
‫هصصل وقفنصصا بألسصصنتنا عنصصد هصصذه المصصور‬
‫التسعة‪ ،‬فأضحى التهليل والتكبير ملزما لنا‪،‬‬
‫وأصبحنا والقرآن ربيع قلوبنا؟‬
‫أم أن نصصصيب الصصدنيا فصصي ألسصصنتنا هصصو‬
‫الغالب وذكر الله وقراءة القرآن هو النادر‪..‬‬
‫ونحن فصصي منحصصدر مصصن الصصدنيا وإقبصصال علصصى‬
‫الخرة؟‬
‫درج الجنان بها‬ ‫تصل الذنوب إلى‬
‫فوز العابد )‪(2‬‬ ‫وترتجي‬ ‫الذنوب‬
‫ونسيت أن الله‬
‫بذنب واحد‬
‫ً‬ ‫أخرج آدما‬
‫سفيان قال‪ :‬طصصول الصصصمت مفتصصاح‬ ‫عن‬
‫العبادة)‪.(3‬‬
‫فإن في طول الصمت تفكًرا وكًفصصا عصصن‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(84‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( عقود اللؤلؤ‪.36 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كتاب الصمت‪.222 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-24-‬‬
‫‪25‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫مصصصا ل ينبغصصصي‪ ،‬واسصصصتفادة مصصصن الوقصصصات‪..‬‬


‫ومحاسبة للزلت‪.‬‬
‫قال الفضيل بن عياض‪ :‬ما حج ول رباط‬
‫ول جهصصاد أشصصد مصصن حبصصس اللسصصان‪ ،‬ولصصو‬
‫أصصصبحت يهمصصك لسصصانك‪ ،‬أصصصبحت فصصي هصصم‬
‫شديد)‪ ،(1‬هصصم وهصصو يتعاهصصد لسصصانه ويحصصافظ‬
‫على كلماته‪.‬‬
‫فصصإن اللفظصصات حفظهصصا بصصأن ل يخصصرج‬
‫لفظة ضائعة بأن ل يتكلم إل فيما يرجو فيصصه‬
‫الربح والزيادة في دينه‪ ،‬فإذا أراد أن يتكلصصم‬
‫بالكلمة نظر‪ ،‬هل فيها ربح وفائدة أم ل؟‬
‫فإن لم يكن فيها ربح أمسك عنهصصا‪ ،‬وإن‬
‫كان فيها ربح نظر‪.‬‬
‫هل تفوت بها كلمة هي أربصصح منهصصا؟ فل‬
‫يضيعها بهذه وإذا أردت أن تستدل علصصى مصصا‬
‫في القلب فاسصصتدل عليصصه بحركصصة اللسصصان‪،‬‬
‫فصصإنه يطلعصصك علصصى مصصا فصصي القلصصب‪ ،‬شصصاء‬
‫صاحبه أم أبى‪.‬‬
‫قللال يحيللى بللن معللاذ‪ :‬القلصصصوب‬

‫)( جامع العلوم والحكم‪.(162) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-25-‬‬
‫‪26‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫كالقدور تغلي بما فيهصصا‪ ،‬وألسصصنتها مغارفهصصا‪،‬‬


‫فانظر إلى الرجل حيصصن يتكلصصم فصصإن لسصصانه‬
‫يغترف لصصك ممصصا فصصي قلبصصه‪ ،‬حلصصو وحصصامض‪،‬‬
‫وعذب وأجاج‪ ،‬وغير ذلصصك‪ ،‬ويصصبين لصصك طعصصم‬
‫قلبه اغتراف لسانه‪ ،‬أي كما تطعم بلسصصانك‬
‫طعم مصصا فصصي القصصدور مصصن الطعصصام فتصصدرك‬
‫العلم بحقيقته‪ ،‬كصصذلك تطعصصم مصصا فصصي قلصصب‬
‫الرجل من لسانه فتذوق مصصا فصصي قلبصصه مصصن‬
‫لسصصانه كمصصا تصصذوق مصصا فصصي تلصصك القصصدور‬
‫بلسانك)‪.(1‬‬
‫عا عصصن خيصصر ودعصصوة‬ ‫والكلم إذا كان دفا ً‬
‫إلى علم وقراءة للقصصرآن وذكصصر للصصه فصصذلك‪.‬‬
‫أكثر منه فقد سصصلكت الجصصادة‪ ،‬فصصإنه يسصصرك‬
‫يصصوم القيامصصة إذا نظصصرت فصصي صصصحيفتك‪..‬‬
‫وأخذت كتابك بيمينك‪.‬‬
‫قيل ليلاس بلن معاويلة‪ :‬إنصصك تكصصثر‬
‫الكلم؟ قال‪ :‬أفبصواب أتكلم أم بخطأ؟‬
‫قصصصالوا‪ :‬بصصصصواب‪ ،‬قصصصال‪ :‬فالكثصصصار مصصصن‬
‫الصواب أفضل)‪.(2‬‬
‫)( الجواب الكافي )‪.(170‬‬ ‫‪1‬‬

‫)(كتاب الصمت‪.(303) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-26-‬‬
‫‪27‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫أخي الحبيب‪ :‬اعلم أن الكلم ترجمان‬


‫يعصصصبر عصصصن مسصصصتودعات الضصصصمائر ويخصصصبر‬
‫بمكنونصصصات السصصصرائر‪ ،‬ل يمكصصصن اسصصصترجاع‬
‫بصصوادره‪ ،‬ول يقصصدر علصصى رد شصصوارده‪ ،‬فحصصق‬
‫على العاقل أن يحترز من زللصه‪ ،‬بالمسصصاك‬
‫عنه أو بالقلل منه)‪.(1‬‬
‫هنا موقف أبان فيه اللسان عن حقيقصصة‬
‫الرجل ولو سكت لجهصصل أمصصره‪ ،‬فقصصد حكصصي‬
‫عن أبي يوسف الفقيه أن رجل كان يجلصصس‬
‫إليه‪ ،‬فيطيل الصمت‪ ،‬فقال له أبصصو يوسصصف‪:‬‬
‫أل تسأل؟‬
‫قال‪ :‬بلى‪ ،‬متى يفطر الصائم؟ قصصال‪ :‬إذا‬
‫غربت الشمس‪ ،‬قال‪ :‬فصصإن لصصم تغصصرب إلصصى‬
‫نصف الليل؟ فتبسم أبو يوسف رحمصصه اللصصه‬
‫وتمثل ببيتين من الشعر‪:‬‬
‫وصمت الذي قد‬ ‫عجبت لزراء العي‬
‫بالقول( أعلما‬
‫)‪2‬‬ ‫كان‬ ‫بنفسهالصمت ستر‬
‫وفي‬
‫أن يتكلما‬
‫للعي وإنما‬
‫أقصصام المنصصصور بصصن المعصصتز‪ :‬لصصم يتكلصصم‬
‫بكلمة بعد العشاء الخرة‪.‬‬

‫)( أدب الدنيا والدين )‪.(265‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أدب الدنيا والدين )‪.(266‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-27-‬‬
‫‪28‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫أربعين سنة‪ ،‬وقيل‪ :‬ما تكلصصم الربيصصع بصصن‬


‫خثيم بكلم الصصدنيا عشصصرين سصصنة‪ ،‬وكصصان إذا‬
‫أصبح وضع دواة وقرطاسصا وقلمصا فكصل مصا‬
‫تكلصصم بصصه كتبصصه ثصصم يحاسصصب نفسصصه عنصصد‬
‫المساء)‪.(1‬‬
‫أخي الحبيب أين نحن من هؤلء؟‬
‫قيصصل للقمان الحكيللم‪ :‬مصصا حكمتصصك؟‬
‫قال‪ :‬ل أسصصأل عمصصا كفيصصت ول أتكلصصف مصصا ل‬
‫يعنيني)‪.(2‬‬
‫وحكي أن بعض الحكماء رأى رجل يكصثر‬
‫الكلم ويقل السكوت‪ ،‬فقال‪ :‬إن الله تعالى‬
‫إنما خلق لك أذنين ولسانا واحدا ليكصصون مصصا‬
‫تسمعه ضعف ما تتكلم به)‪.(3‬‬
‫والكثير الن تجصصاوز هصصذا الضصصعف‪ ،‬يهصصذر‬
‫بما يعلم وما ل يعلم‪ ،‬ل يتحدث في علصصم إل‬
‫له فيه قول‪ ...‬ول يمر اسم فلن من الناس‬
‫إل لمزه وغمزه‪.‬‬
‫وقد حذر الجنيد من ذلك بقوله‪ :‬أقل مصصا‬

‫)( الحياء )‪.(121 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء )‪.(121 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أدب الدنيا والدين‪.(268) :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-28-‬‬
‫‪29‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫في الكلم سقوط هيبة الرب جل جلله من‬


‫القلب‪ ،‬والقلب إذا عصصرى مصصن الهيبصصة عصصرى‬
‫من اليمان)‪.(1‬‬
‫ولكي يسلم المتحصصدث مصصن الزلصصل فصصي‬
‫حصصديثه والنقصصص فصصي مقصصاله فصصإن عليصصه أن‬
‫يراعي شروطا أربعة‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن يكون الكلم لصصداع‬
‫يصصدعو إليصصه‪ ،‬إمصصا فصصي اجتلب نفصصع‪ ،‬أو دفصصع‬
‫ضرر‪.‬‬
‫الشللرط الثللاني‪ :‬أن يصصأتي بصصه فصصي‬
‫موضعه‪ ،‬ويتوخى به إصابة فرصته‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن يقتصر منصصه علصصى‬
‫قدر حاجته‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أن يتخير اللفظ الذي‬
‫يتكلم به)‪.(2‬‬
‫إذا تصصصوافرت هصصصذه الشصصصروط فعليصصصك‬
‫بالحصصديث وإل فصصإن الصصصمت يجمصصع للرجصصل‬
‫خصصصلتين‪ :‬السصصلمة فصصي دينصصه‪ ،‬والفهصصم عصصن‬

‫)( السير‪.(68 /14) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أدب الدنيا والدين )‪.(266‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-29-‬‬
‫‪30‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫صاحبه)‪.(1‬‬
‫ومن يقدر الن على الصمت ونحن فصصي‬
‫زمن يخيل للسامع أن النسان خلق بلسصصان‬
‫دون أذن‪ ..‬فالكصصل يتحصصدث ترتفصصع الصصصوات‬
‫فصي المجصصالس ويكصثر اللغصط ول تعلصم مصصن‬
‫يحدث من ؟ ومن يستمع لمن؟‬
‫تصصرى اثنيصصن يتحصصدثان بصصصوت مرتفصصع‪..‬‬
‫وتبحث عن المستمع فل ترى أحدا‪.‬‬
‫الكل يتحدث‪ ..‬ولكن أين المستمع؟‬
‫هصصذا عبصصد اللصصه بصصن أبصصي زكريصصا يقصصول‪:‬‬
‫عصصالجت الصصصمت ثنصصتي عشصصرة سصصنة‪ ،‬فمصصا‬
‫بلغت منه ما كنت أرجو)‪.(2‬‬
‫وقال‪ :‬مورق العجلي‪ :‬أمر أنصصا أطلبصصه‬
‫منذ عشر سنين لم أقدر عليه ولست بتارك‬
‫طلبه‪ ،‬قالوا‪ :‬وما هو يصصا أبصصا المعتمصصر؟ قصصال‪:‬‬
‫الصمت عما ل يعنيني)‪.(3‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪ (69‬الحياء )‪.(120 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(303‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪ (97‬جامع العلصصوم والحكصصم‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪ (138‬الحيصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصاء‬
‫)‪.(122 /3‬‬

‫‪-30-‬‬
‫‪31‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫أخللي الحللبيب‪ :‬أيللن نحللن مللن‬


‫هؤلء؟‬
‫قوم جاهصدوا أنفسصهم وحصاولوا سصنوات‬
‫طويلصصة‪ ،‬أفل نفكصصر ولصصو أيصصام معصصدودة فصصي‬
‫الصمت عما ل يعنينا؟ ولو لساعات فقط؟‬
‫ولكن المر كما قال محمد بن واسع‬
‫لمالك بن دينار‪ :‬يا أبا يحيصصى حفصصظ اللسصصان‬
‫أشصصصد علصصصى النصصصاس مصصصن حفصصصظ الصصصدينار‬
‫والدرهم)‪.(1‬‬
‫مع أنه ما من أحد من الناس يكون منصصه‬
‫لسانه علصصى بصصال إل رأيصصت صصصلح ذلصصك فصصي‬
‫سائر عمله)‪.(2‬‬
‫وليس يصاب المرء‬ ‫يصاب الفتى من‬
‫من عثرة الرجل)‪(3‬‬ ‫بلسانه‬
‫بالقول‬ ‫عثرة‬
‫فعثرته‬
‫تبري على مهل‬
‫تذهب رأسه‬
‫انظر يا أخي إلصصى قصصول الوزاعصصي‪ :‬مصصن‬
‫أكثر من ذكر الموت كفاه اليسير ومن علم‬
‫أن منطقه من عمله قل كلمه‪.‬‬

‫)( الحياء‪.(120 /3) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء )‪.(120 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( شذرات الذهب )‪.(106 /2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-31-‬‬
‫‪32‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ومصصن قصصل كلمصصه فيمصصا ل فصصائدة فيصصه‪..‬‬


‫اسصصتكثر ممصصا ل ينفصصع فصصي الخصصرة‪ ..‬وحصصدد‬
‫محمصصد بصصن عجلن الكلم بأربعصصة أن تصصذكر‬
‫الله‪ ،‬وتقرأ القرآن وتسأل عصصن علصصم فتخصصبر‬
‫به‪ ،‬أو تتكلم فيما يعنيك من أمر دنياك)‪.(1‬‬
‫فإنه حق على العاقل أن يكصصون عارًفصصا‬
‫بزمانه حاف ً‬
‫ظا للسانه‪ ،‬مقبل ً على شأنه)‪.(2‬‬
‫فالمر كما قال الحسن‪ :‬مصصا عقصصل دينصصه‬
‫من لم يحفظ لسانه)‪.(3‬‬
‫فصصإن مصصن المحافظصصة علصصى ديصصن المصصرء‬
‫المحافظة على اللسان‪ ..‬قال رجصصل لحامصصد‬
‫اللفاف‪ ،‬أوصيني قصصال‪ :‬اجعصصل لصصدينك غلفًصصا‬
‫كغلف المصصصحف أن تدنسصصه الفصصات قصصال‪:‬‬
‫وما غلف الدين؟ قال‪ :‬ترك طلب الصصدنيا إل‬
‫مما ل بد منه وترك كصصثرة الكلم إل فيمصصا ل‬
‫بد منه وترك مخالطة النصصاس إل فيمصصا ل بصصد‬
‫منه)‪.(4‬‬

‫جامع العلوم والحكم )‪.(162‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الحياء )‪.(120 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الحياء )‪.(3/120‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الحياء )‪.(58 /4‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-32-‬‬
‫‪33‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫وسصصبقه عمصصر بصصن عبصصد العزيصصز برسصصالة‬


‫بعث بها‪ :‬أما بعد‪ :‬فإن من أكثر ذكر المصصوت‬
‫رضي من الدنيا باليسير‪ ،‬ومن عد كلمه من‬
‫عمله قل كلمه إل فيما يعنيه)‪.(1‬‬
‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫من منا الن من يعد كلمه‪ ..‬ويقف دون‬
‫زلتصصه‪ ...‬لنعصصد لحظصصات نسصصعد فيهصصا بسصصماع‬
‫حديث السلف‪ ..‬نتربى في مدارسهم ونسير‬
‫على أثرهم‪.‬‬
‫قال الفضيل‪ :‬أعرف مصن يعصد كلمصه‬
‫من الجمعة إلى الجمعة)‪.(3)(2‬‬
‫وربمصصصا نحصصصاول فصصصي مجلصصصس أن نعصصصد‬
‫كلمنصصا‪ ...‬فل نسصصتطيع‪ ..‬مصصا بالصصك إذا كصصانت‬
‫أعواما وشهور!!‪.‬‬
‫صحب بعضهم الربيع بن خصصثيم عشصصرين‬
‫ما‪ ..‬فقال‪ :‬ما سمعت منه كلمة تعاب)‪.(4‬‬ ‫عا ً‬

‫)( الحياء )‪.(120 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أعرف الن من يعد كلمه من الجمعة إلصصى‬ ‫‪2‬‬

‫الجمعة‪.‬‬
‫)( صيد الخاطر‪.(619) :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( السير )‪.(259 /4‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-33-‬‬
‫‪34‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫إن في الصمت‬ ‫استر العي ما‬


‫للصموت‬
‫‪(1‬‬ ‫)‬ ‫راحة‬ ‫بصمت‬
‫إن‬ ‫الصمت‬‫استطعت‬
‫واجعل‬
‫في السكوت‬
‫عييت جوابا‬
‫وحتى في السكوت ربما يلحقك مذمصصة‪،‬‬
‫ويتبعصصك ملمصصة ولكصصن عليصصك أخصصي الحصصبيب‬
‫بقول أبي الدرداء‪ :‬أدركصصت النصصاس ورقً صا ول‬
‫شوك فيه‪ ،‬فأصبحوا شصصوكًا ل ورق فيصصه‪ ،‬إن‬
‫نقصصدتهم نقصصدوك‪ ،‬وإن تركتهصصم ل يصصتركوك‪،‬‬
‫قصصالوا‪ :‬فكيصصف نصصصنع؟ قصصال‪ :‬تقرضصصهم مصصن‬
‫عرضك ليوم فقرك)‪.(2‬‬
‫فصصأقرض يصصا أخصصي مصصن عرضصصك ليصصوم‬
‫فقرك‪ .‬واعلم أنها حسنات تجمع لصصك تراهصصا‬
‫يوم القيامة مثل الجبال‪ ،‬يسرك مقدمها في‬
‫ذلك اليوم العصيب‪.‬‬
‫قصصال‪ :‬ربللاح القيللس‪ :‬قصصال لصصي عتبصصة‬
‫)الغلم( يصصا ربصصاح‪ :‬إن كنصصت كلمصصا دعتنصصي‬
‫نفسي إلى الكلم تكلمت‪ ،‬فبئس الناظر لها‬
‫أنا يا رباح‪ ..‬إن لي موقًفا تغتبط فيه بطصصول‬

‫)( كتاب الصمت‪.(300) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( صفة الصفوة )‪ (638 /1‬حلية الولياء‪/1) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.(218‬‬

‫‪-34-‬‬
‫‪35‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الصمت عن الفضول)‪.(1‬‬
‫وهو موقف يصصوم يشصصيب فيصصه الولصصدان‪..‬‬
‫حساب ومنصرفان‪.‬‬
‫إمصصا إلصصى الجنصصة أو إلصصى النصصار ولهصصذا‬
‫الموقف قال أبو حازم‪ :‬انظر الذي تحب أن‬
‫يكصصون معصصك فصصي الخصصرة‪ ،‬فقصصدمه اليصصوم‪،‬‬
‫وانظصصر الصصذي تكصصره‪ ،‬أن يكصصون معصصك ثصصم‪،‬‬
‫فاتركه اليوم)‪.(2‬‬
‫أخي‪ :‬يكفي من طول بعض المجصصالس‬
‫قليصصل مصصن الصصوقت‪ ..‬فصصإن طصصال المجلصصس‪..‬‬
‫انتهى حديث السلم والسؤال‪ ،‬وبدأت آفات‬
‫اللسان‪ .‬فاحفظ أمرك وحاسب نفسك‪.‬‬
‫سوى الهذيان من‬ ‫لقاء الناس ليس‬
‫قيل وقال )‪(3‬‬ ‫شيئا‬
‫من لقاء‬ ‫يفيد‬
‫فأقلل‬
‫إصلح حال‬
‫الناس إل‬
‫قال ابن الحسن بصصن بشصصار‪ :‬منصصذ ثلثيصصن‬
‫سنة ما تكلمت بكلمة أحتاج أن اعتذر منها‪.‬‬
‫لهصصم بصصاع فصصي الحصصديث وفصصي تسصصيد‬
‫المجالس لو أرادوا ولكنهصصم عفصصوا وحفظصصوا‬

‫)( صفة الصفوة‪.(372 /3) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( شرح الصدور‪.(21) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( وفيات العيان‪.(283 /4) :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-35-‬‬
‫‪36‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ألسصصنتهم يخصصافون يومصصا يرجعصصون فيصصه إلصصى‬


‫الله‪.‬‬
‫قال عمر بن عبد العزيصصز‪ :‬إنصصه ليمنعنصصي‬
‫من كثير من الكلم مخافة المباهاة)‪.(1‬‬
‫والنسصصان ل يخلصصو مصصن محادثصصة الكصصثير‬
‫ممصن تتفصصاوت عقصصولهم وتختلصصف مصداركهم‪،‬‬
‫وتتلون طباعهم ووجه وهصصب بصصن منبصصه لهصصذا‬
‫المر بقصصوله‪ :‬دع المصصراء والجصصدل‪ ،‬فصصإنه لصصن‬
‫يعجصصز أحصصد رجليصصن‪ ،‬رجصصل هصصو أعلصصم منصصك‪،‬‬
‫فكيف تعادي وتجادل من أعلم منك؟‬
‫ورجل أنت أعلم منه‪ ،‬فكيف مصصن أنصصت‬
‫أعلم منه‪ ،‬ول يطيعك؟)‪.(2‬‬
‫وخيصصر للمصصرء إن أراد المحافظصصة علصصى‬
‫دينه من النقص وعلى كرامته مصصن الخصصدش‬
‫أن يلزم الصمت أو يقول خيًرا‪.‬‬
‫ول خير في الحياة كما قال سعيد بللن‬
‫عبد العزيز‪ :‬إل لحد رجلين‪ :‬صصصموت واع‪،‬‬
‫وناطق عارف)‪.(3‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(88‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( السير )‪.(549 /4‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( السير )‪.(36 /8‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-36-‬‬
‫‪37‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫أخي‪ :‬أل ترى معي أن‪:‬‬


‫من منطق في‬ ‫الصمت أزين‬
‫غير حينه‬
‫القول عندي‬ ‫في‬ ‫بالفتى‬
‫والصدق أجمل‬
‫يمينه‬
‫تلوح على‬ ‫من‬
‫سمت‬ ‫بالفتىالفتى‬
‫وعلى‬
‫جبينه‬ ‫بوقاره‬
‫جعلني اللصصه وإيصصاك ممصصن إذا تكلصصم نفصصع‬
‫وكان حديثا في موازين أعماله‪ ،‬وإن سصصكت‬
‫كان خيرا له‪.‬‬
‫قصصال بشصصر بصصن منصصصور كنصصا عنصصد أيصصوب‬
‫السختياني فلغطنا وتكلمنا‪ ،‬فقال لنا‪ :‬كفوا‪..‬‬
‫لو أردت أن أخبركم بكل شصصيء تكلمصصت بصصه‬
‫اليوم لفعلت)‪.(1‬‬
‫وحديثهم إن تحدثوا فهصصي كلمصصات خيصصر‪.‬‬
‫موزونة معلومة‪ ..‬ل لغط فيها ول منكر‪.‬‬
‫حدث أبو حيصصان الصصتيمي عصصن أبيصصه قصصال‪:‬‬
‫رأيت ابنة الربيع بصصن خصصثيم أتتصصه فقصصالت‪ :‬يصصا‬
‫أبتصاه أذهصب ألعصصب؟ قصصال‪ :‬يصصا بنيصصتي اذهصبي‬
‫قولي خيرا)‪.(2‬‬
‫وكصصل ذلصصك خوفصصا مصصن أن تسصصجل كلمصة‬
‫عليه أل وهي‪ ..‬المر باللعب وهو يعلصصم أنهصصا‬

‫)( حلية الولياء )‪.(8 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(218‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-37-‬‬
‫‪38‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ما خلقت لهذا‪.‬‬


‫ووالله إن حفظ اللسان مصصن المجاهصصدة‬
‫والمكابرة‪ ..‬قال محمد بن واسع لمالك بصصن‬
‫دينار‪ :‬يا أبا يحيى حفظ اللسصصان أشصصد علصصى‬
‫الناس من حفظ الدينار والدرهم)‪.(1‬‬
‫وانظر يا أخصصي إلصصى أحصصوال النصصاس فصصي‬
‫البيع والشراء والخذ والعطاء‪ ..‬ربما يجصصادل‬
‫الواحد منهم وقتا طويل في سبل دريهمات‪،‬‬
‫إن لم يكصصن فيهصصا شصصيء مصصن ضصصياع الصصوقت‬
‫وارتفاع الصوات فإن فيها من رداءه الخلق‬
‫وشح النفس الشيء الكثير‪.‬‬
‫قصصال شللداد بللن أوس يومصصا‪ :‬هصصاتوا‬
‫السفرة نعبث بها‪ ،‬فأخذوها عليه‪ ،‬فقال‪ :‬أي‬
‫بني أخي‪ :‬إني ما تكلمت بكلمة منصصذ بصصايعت‬
‫رسول الله ‪ ‬إل كلمة مزمومصصة مخطومصصة‬
‫قبل هذه)‪.(2‬‬
‫وأكثر ألسن الناس اليوم ليس لها زمام‬
‫ول خطام‪ ،‬ولو أن هصصذه اللسصصن تسصصير فصصي‬

‫)( الحياء )‪.(120 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( حليصصة الوليصصاء )‪،/1‬صص ‪ ،(265‬والحيصصاء )‪/3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.(336‬‬

‫‪-38-‬‬
‫‪39‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الشوارع والطرقات لضاقت بها الرض ولما‬


‫وجدنا موطئ قدم من كثرتها‪.‬‬
‫رأى إبراهيم بن أدهصصم رجل يحصصدث مصصن‬
‫كلم الدنيا‪ ،‬فوقصصف عليصصه وقصصال لصصه‪ :‬كلمصصك‬
‫هذا ترجو فيه؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قصصال فتصصأمن عليصصه؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فما تصنع بشيء ل ترجو فيصصه‬
‫ول تأمن عليه)‪.(1‬‬
‫سريع إلى المرء‬ ‫تعاهد لسانك إن‬
‫يدل قتله‬
‫الرجال على‬ ‫في‬ ‫اللسان‬
‫اللسان بريد‬ ‫وهذا‬
‫عقله‬ ‫الفؤاد‬
‫قال أبو الدرداء رضي الله عنصصه‪ :‬أنصصصف‬
‫أذنيك من وفيك‪ ،‬فإنما جعل للنسان أذنان‪،‬‬
‫وفم واحد‪ ،‬لتسمع أكثر مما تقول‪.‬‬
‫فإلزم الصصصمت‪ ،‬فصصإنه يكسصصبك صصصنوف‬
‫المحبة‪ ،‬ويؤمنك سوء المغبة ويلبسصصك ثصصوب‬
‫الوقار ويكفيك مؤنة العتذار)‪.(2‬‬
‫قال رجل من بني تيم‪ :‬جالسصصت الربيصصع‬
‫بن خثيم‪ ،‬عشر سنوات فمصصا سصصمعته يسصصأل‬
‫عن شيء من أمصصور الصصدنيا إل مرتيصصن‪ ،‬قصصال‬
‫مصصرة‪ :‬والصصدتك حيصصة؟ وقصصال مصصرة‪ :‬كصصم لكصصم‬
‫)( حلية الولياء )‪.(16 /8‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أدب الدنيا والدين‪.265 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-39-‬‬
‫‪40‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫دا)‪(1‬؟‬
‫مسج ً‬
‫وواقعنا اليوم مثصصل رجصصل قصصال لسصصلمان‬
‫الفارسي‪ :‬أوصني قصصال‪ :‬ل تتكلصصم‪ ،‬قصصال‪ :‬مصصا‬
‫يستطيع من عاش في النصصاس أن ل يتكلصصم‪،‬‬
‫قال‪ :‬فإن تكلمت فتكلم بحق أو أسكت)‪.(2‬‬
‫وهذه النصيحة تصلح لكل زمان ولزماننا‬
‫خاصة ولكن يبقى فقط أن نطبقها في واقع‬
‫حياتنا وفي مجالسنا‪ ،‬ومكالمتنا الهاتفية‪.‬‬
‫عن عبصصد اللصصه بصصن مسصصعود قصصال‪ :‬واللصصه‬
‫الذي ل إله إل هو ما على وجه الرض شيء‬
‫أحوج إلى سجن من لسان)‪.(3‬‬
‫فإن لم يسلجن وأطلصصق لصصه العنصصان‬
‫فإنه كمصصا وصصصف طصصاوس‪ :‬لسصصاني سصصبع إن‬
‫أرسلته أكلني)‪.(4‬‬
‫وهو والله أشد يأكل الحسصصنات ويجلصصب‬
‫السصصصيئات‪ ،‬تفاجصصصأ يصصصوم القيامصصصة بصصصذنوب‬
‫كالجبال‪ ،‬من آفات وسقطات اللسان‪.‬‬

‫حلية الولياء‪.(110 /2) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫جامع العلوم والحكم )‪.(162‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫صفة الصفوة )‪.(450 /1‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الحياء‪.120 /3 :‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-40-‬‬
‫‪41‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫يتعلصصق بصصك مصصن بهتصصه ويمسصصك بصصك مصصن‬


‫اغتبته‪ . .‬ويقبض على رقبتك مصصن اسصصتهزأت‬
‫ه‪‬‬ ‫َ‬
‫سللو ُ‬
‫ون َ ُ‬
‫ه َ‬
‫صاهُ الل ُ‬
‫ح َ‬‫به قال تعالى‪ :‬أ ْ‬
‫حديثك تنساه بمجرد إطلق الكلمصصة وانتهصصاء‬
‫المجلس‪ ..‬ولكنه محصصصى عليصصك‪ ..‬موقصصوف‬
‫أنت حتى يقتص منك‪ ..‬يؤخصصذ مصصن حسصصناتك‬
‫لهم فإن فنيصصت حسصصناتك أخصصذ مصصن سصصيئاتك‬
‫فحطت عليك‪!...‬‬
‫مصيبة أن تفجصع فصي ذلصك اليصوم بمثصل‬
‫هذا وأنت أحوج ما تكون للحسنة الواحدة‪.‬‬
‫لنرى تحفصصظ مصصن سصصبقنا‪ ..‬وكيصصف كصانوا‬
‫يملئون صحائفهم؟‬
‫قيل للمعافي بن عمران‪ :‬مصصا تصصرى فصصي‬
‫الرجصصل يقصصرض الشصصعر ويقصصوله؟ قصصال‪ :‬هصصو‬
‫عمرك فأفنه بما شئت‪.‬‬
‫وسصصئل مسصصروق عصصن بيصصت مصصن شصصعر‬
‫فكرهه‪ ،‬فقيل له؟ فقال‪ :‬إني أكره أن يوجد‬
‫في صحيفتي شعر)‪.(1‬‬
‫هصصذا الشصصعر ضصصرب مصصن ضصصروب الكلم‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(282‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-41-‬‬
‫‪42‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫حسنه حسن ورديئه رديصصء‪ ،‬ولكصصن أصصصحاب‬


‫الهمم ومن يرى أن تسصصبيحه وتحميصصده خيصصر‬
‫له‪ ،‬حفظ سطور صحائفه إل في رفع درجصصة‬
‫وحط خطيئة‪.‬‬
‫وقد قال رجل للربيع بن خثيم ما يمنعك‬
‫أن تمثل بيتا من الشصصعر فصصإن أصصصحابك قصصد‬
‫كصصانوا يفعلصصون ذلصصك؟ قصصال‪ :‬إنصصه ليصصس أحصصد‬
‫يتكلم بكلم إل كتب‪ ،‬ثصصم يعصصرض عليصصه يصصوم‬
‫القيامة‪ ،‬فإني أكره أن أقرأ في كتصصابي يصصوم‬
‫القيامة بيت شعر)‪.(1‬‬
‫ويا أخي الكريم‪ :‬هصصو لسصصانك‪ ،‬وهصصذه‬
‫صحيفتك‪ ..‬فأمل ما شئت‪ ،‬وقل ما شئت‪.‬‬
‫اجتمصصع قصصس بصصن سصصاعدة وأكثصصم بصصن‬
‫صيفي‪ ،‬فقال أحدهما لصصصاحبه‪ :‬كصصم وجصصدت‬
‫في ابن آدم من العيوب؟ فقصصال‪ :‬هصصي أكصصثر‬
‫من أن تحصى‪ ،‬والذي أحصصصيته ثمانيصصة آلف‬
‫عيب‪ ،‬ووجدت خصصصلة إن اسصصتعملها سصصترت‬
‫العيوب كلها‪ ،‬قال ‪ :‬ومصصا هصصي؟ قصصال‪ :‬حفصصظ‬

‫)( كتصصاب الصصصمت )‪ (308‬حليصصة الوليصصاء )‪/2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(113‬‬

‫‪-42-‬‬
‫‪43‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫اللسان)‪.(2‬‬

‫)( الذكار النووية )‪.(287‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-43-‬‬
‫‪44‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫للسصصان آفصصات كصصثيرة‪ ،‬ومزالصصق خطيصصرة‬
‫وسأقتصر على أربع آفات فقط‪.‬‬
‫الفة الولى‪ :‬الغيبة‪.‬‬
‫الفة الثانية‪ :‬النميمة‪.‬‬
‫الفة الثالثة‪ :‬الكذب‪.‬‬
‫الفة الرابعة‪ :‬الستهزاء‪.‬‬

‫‪-44-‬‬
‫‪45‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الفة الولى‬
‫الغيبة‬

‫‪-45-‬‬
‫‪46‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الغيبة‬
‫اعلصصم أخصصي الكريصصم أن الغيبصصة أن تصصذكر‬
‫أخصصاك بمصصا يكرهصصه‪ ،‬لصصو بلغصصه‪ ،‬سصصواء ذكرتصصه‬
‫بنقص في بدنه أو نسبه أو في خلقه أو فصصي‬
‫فعله أو في قوله أو في دينه‪ ،‬حتى في ثوبه‬
‫وداره ودابته‪.‬‬
‫أما البدن‪ :‬فكذكرك العمصصش والحصصول‬
‫والقرع والقصر والطول والسواد والصصصفرة‬
‫وجميع ما يتصور أن يوصف بصصه ممصصا يكرهصصه‬
‫كيفما كان‪.‬‬
‫وأما النسب‪ :‬فبأن تقول أبصصوه قبطصصي‬
‫أو هندي أو فاسق‪ ،‬أو خسصصيس أو إسصصكافي‬
‫أو زبال‪ ،‬أو شيء مما يكرهه كيفما كان‪.‬‬
‫أمللا الخلللق‪ :‬فبصصأن تقصصول هصصو سصصيئ‬
‫الخلق‪ ،‬بخيل‪ ،‬متكبر‪ ،‬مراء‪ ،‬شديد الغضصصب‪،‬‬
‫جبان‪ ،‬عصصاجز‪ ،‬ضصصعيف القلصصب‪ ،‬متهصصور‪ ،‬ومصصا‬
‫يجري مجراه‪.‬‬
‫وأما في أفعاله المتعلقة بالدين‪:‬‬
‫فكقولك هو سارق أو كذاب أو شارب خمصصر‬
‫أو خصصائن أو ظصصالم أو متهصصاون بالصصصلة أو‬

‫‪-46-‬‬
‫‪47‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الزكاة أو ل يحسن الركوع أو السصصجود أو ل‬


‫يتحرز من النجاسات أو ليس بارا بوالديه أو‬
‫ل يضع الزكاة موضصصعها ول يحسصصن قسصصمها‪،‬‬
‫أو ل يحصصرس صصصومه عصصن الرفصصث والغيبصصة‬
‫والتعرض لعراض الناس‪.‬‬
‫وأما فعله المتعلق بالدنيا‪ :‬فكقولك‬
‫إنه قليل الدب متهصصاون بالنصصاس‪ ،‬أو ل يصصرى‬
‫لحد على نفسه حقا أو يصصرى لنفسصصه الحصصق‬
‫علصصى النصصاس‪ ،‬أو أنصصه كصصثير الكلم نئوم ينصصام‬
‫فصصي غيصصر وقصصت النصصوم‪ ،‬ويجلصصس فصصي غيصصر‬
‫موضعه‪.‬‬
‫وأما في ثللوبه‪ :‬فكقولصصك إنصصه واسصصع‬
‫الكم طويل الذيل وسخ الثياب)‪.(1‬‬
‫وهذه أمثلصصة بسصصيطة وإل ففصصي أحصصاديث‬
‫المجالس كثير من أنواع الغيبة‪.‬‬
‫والغيبة محرمة‪ :‬بالجماع ول يستثنى‬
‫من ذلصصك إل مصصا رجحصصت مصصصلحته كمصصا فصصي‬
‫الجرح والتعديل والنصيحة)‪.(2‬‬
‫م‬‫ضلك ُ ْ‬
‫ع ُ‬
‫ب بَ ْ‬ ‫وَل ي َ ْ‬
‫غَتل ْ‬ ‫قال جصصل وعل‪َ  :‬‬
‫)( الحياء )‪.(152 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تفسير ابن كثير )‪.(222 /4‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-47-‬‬
‫‪48‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ه‬
‫خي ِ‬‫م أَ ِ‬
‫ح َ‬ ‫ن ي َأ ْك ُ َ‬
‫ل لَ ْ‬
‫حب أ َحدك ُ َ‬
‫مأ ْ‬‫َ ُ ْ‬
‫بع ً َ‬
‫ضا أي ُ ِ ّ‬ ‫َ ْ‬
‫ه ‪] ‬الحجرات‪.[12 :‬‬ ‫مو ُ‬‫هت ُ ُ‬ ‫فك َ ِ‬
‫ر ْ‬ ‫مي ًْتا َ‬‫َ‬
‫قال ثعلب في تفسير هذه اليصصة‪ :‬أي ل‬
‫يتنصصاول بعضصصكم بعضصصا بظهصصر الغيصصب بمصصا‬
‫يسوءه‪.‬‬
‫وفي الية إشارة إلى أن عرض النسان‬
‫كلحمه‪ ،‬وكما أنصه يحصصرم أكصصل لحمصصه‪ ،‬يحصصرم‬
‫الستطالة في عرضه‪ ،‬وفي هذا من التنفيصصر‬
‫عصصن الغيبصصة والتوبيصصخ لهصصا والتوبيصصخ لفاعلهصصا‬
‫والتشصصنيع عليصصه مصصا ل يخفصصى‪ ،‬فصصإن لحصصم‬
‫النسان مما تنفر عن أكله الطباع النسانية‬
‫وتستكرهه الجبلة النسانية‪ ،‬فضل عن كصصونه‬
‫محرما شرعا)‪.(1‬‬
‫وقصصد أبصصان ‪ ‬الغيبصصة فعصصن أبصصي هريصصرة‬
‫رضصصصصصصصي اللصصصصصصصه عنصصصصصصصه أن رسصصصصصصصول‬
‫الله ‪ ‬قال‪" :‬أتدرون ما الغيبة؟" قصصالوا‪:‬‬
‫الله ورسصصوله أعلصصم‪ ،‬قصصال‪" :‬ذكرك أخللاك‬
‫بما يكره" قيل‪ :‬أفرأيت إن كان فصصي أخصصي‬
‫ما أقول؟ قال‪" :‬إن كان فيله ملا تقلول‬
‫فقللد اغتبتلله‪ ،‬وإن لللم يكللن فيلله مللا‬
‫)( فتح القدير‪.(65 /5) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-48-‬‬
‫‪49‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫تقول فقد بهته" رواه مسلم‪.‬‬


‫وبهذا يبين ‪ ‬الفرق بين الغيبة والبهتان‬
‫وأن الكصصذب عليصصه بهت ًصصا لصصه‪ ،‬فالكصصذب علصصى‬
‫الشصصخص حصصرام كلصصه سصصواء كصصان الرجصصل‬
‫ما أو كافًرا‪ ،‬بّرا أو فاجًرا‪ ،‬لكن الفصصتراء‬
‫مسل ً‬
‫على المؤمن أشد‪ .‬بل الكذب كله حصصرام)‪.(1‬‬
‫والغيبة تعد على أعراض المسلمين والنصصبي‬
‫‪ ‬قال فصصي خطبتصصه يصصوم النحصصر بمنصصى فصصي‬
‫حجصصة الصصوداع‪" :‬إن دمللاءكم وأمللوالكم‪،‬‬
‫وأعراضللكم‪ ،‬حللرام عليكللم‪ ،‬كحرمللة‬
‫يومكم هللذا‪ ،‬فللي شللهركم هللذا فللي‬
‫بلدكم هذا‪ ،‬أل هل بلغت" متفصصق عليصصه‪.‬‬
‫وفصصصصصصصصصصصي الحصصصصصصصصصصصديث الخصصصصصصصصصصصر‬
‫قصصال ‪" :‬كل المسلللم علللى المسلللم‬
‫حرام‪ ،‬دمه وماله وعرضه" رواه مسلم‪.‬‬
‫والغيبة ‪ :‬تتناول العرض وقصصد جمصصع اللصصه‬
‫بينه وبين المال والدم)‪.(2‬‬
‫قال أنس رضي الله عنه خطبنا رسصصول‬
‫الله ‪ ‬فذكر الربا وعظم شأنه فقصصال‪" :‬إن‬

‫)( الفتاوى‪.(223 /28) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء )‪.(152 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-49-‬‬
‫‪50‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الللدرهم يصلليبه الرجللل مللن الربللا أ‬


‫عظم عند الله في الخطيئة من ست‬
‫وثلثين زنيللة يزنيهللا الرجللل‪ ،‬وأربللى‬
‫الربا عرض المسلم"‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضصصي اللصصه عنصصه قصصال‪:‬‬
‫كنا جلوس عنصصد النصصبي ‪ ‬فقصصال رجصصل مصصن‬
‫القوم‪ :‬يا رسول الله ما أعجز فلنصصا؟ فقصصال‬
‫رسصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصول‬
‫اللصصصصصه ‪" :‬أكلتللللم لحللللم أخيكللللم‪،‬‬
‫واغتبتموه")‪.(1‬‬
‫ويقول المام القرطصبي والجمصصاع علصصى‬
‫أنها من الكبائر وأنه يجصصب التوبصة منهصا إلصى‬
‫الله‪.‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(136‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-50-‬‬
‫‪51‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫بواعث الغيبة‬
‫ل شك أن هناك بواعث للغيبة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه‬
‫وعشائره‪ ،‬مع علمه أن المغتاب بريصصء ممصصا‬
‫يقولون أو فيه بعض ما يقولصصون‪ ،‬لكصصن يصصرى‬
‫أنه لو أنكر عليهم لقطع المجلس واسصصتثقله‬
‫أهل المجلس ونفروا منه‪.‬‬
‫‪ -2‬ومنهم من يخرج الغيبة فصصي مصصواكب‬
‫شتى تارة في قصصالب ديانصصة وصصصلح‪ ،‬ويقصصول‬
‫دا إل بخيصصر‪ ،‬ول‬
‫ليس لي عصصادة أن أذكصصر أح ص ً‬
‫أحب الغيبة والكذب‪ ،‬وإنما أخصبركم بصأحواله‬
‫ويقول‪ :‬والله إنه مسكين ورجل جيد‪ ،‬ولكن‬
‫فيه كيصت وكيصت‪ ،‬وربمصا يقصول‪ :‬دعونصا منصه‬
‫اللصصه يغفصصر لنصصا ولصصه‪ ،‬وقصصصده مصصن ذلصصك‬
‫استنقاصه‪.‬‬
‫‪ -3‬ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة‬
‫فيجمع بين أمرين قبيحين‪ :‬الغيبة والحسد‪.‬‬
‫‪ -4‬ومنهم من يخصصرج الغيبصصة فصصي قصصالب‬
‫تسصصخر ولعصصب‪ ،‬ليضصصحك غيصصره باسصصتهزائه‬
‫ومحاكاته واستصغار المستهزأ به‪.‬‬
‫‪ -5‬ومنهم من يخصصرج الغيبصصة فصصي قصصالب‬

‫‪-51-‬‬
‫‪52‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫التعجب‪ ،‬فيقول‪ :‬تعجبت مصصن فلن‪ ،‬كيصصف ل‬


‫يفعل كيت وكيت‪ ،‬ومن فلن كيف وقع منصصه‬
‫كيت وكيت‪.‬‬
‫‪ -6‬ومنهم من يخصصرج الغيبصصة فصصي قصصالب‬
‫الغتمصصام فيقصصول مسصصكين فلن‪ ،‬غمنصصي مصصا‬
‫جرى له‪ ،‬وما تم له‪ ،‬فيظن من يسصصمعه أنصصه‬
‫يغتم له ويتأسف وقلبه منطو على التشصصفي‬
‫به‪ ،‬ولو قدر لزاد على مصصا بصصه وربمصصا يصصذكره‬
‫عند أعدائه ليتشفوا به‪.‬‬
‫‪ -7‬ومنهم من يظهصصر الغيبصصة فصصي قصصالب‬
‫غضصصصب وإنكصصصار منكصصصر‪ ،‬وقصصصصده غيصصصر مصصصا‬
‫أظهر)‪.(1‬‬
‫أخي الكريم‪:‬‬
‫هذه بواعث للنفوس الضعيفة والقلصصوب‬
‫المريضصصصة وإل فصصصالمؤمن ل يصصصترك لنفسصصصه‬
‫هواها بل يراعي فصصي ذلصصك حصصدود اللصصه ومصصا‬
‫نهى عنه‪.‬‬
‫ذكر عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله أنه‬
‫أضصصاف أناسصصا فلمصصا قعصصدوا علصصى الطعصصام‪،‬‬
‫جعلوا يتناولون رجل‪ ،‬قال إبراهيم‪ :‬إن الذين‬
‫)( الفتاوى باختصار يسير )‪.(237 /28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-52-‬‬
‫‪53‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫كانوا قلنا ‪ ،‬كانوا يأكلون الخبز قبصصل اللحصصم‪،‬‬


‫وأنتم بدأتم باللحم قبل الخبز)‪.(1‬‬
‫وفي ذلك إشارة إلى أنهم يصصأكلون لحصصم‬
‫أخيهم المسلم‪ ..‬وانظصصر إلصصى أثصصر ذلصصك فصصي‬
‫دين الرجل‪.‬‬
‫قال الحسن‪ :‬والله للغيبة أسصصرع فصصي‬
‫دين المؤمن من الكلة في جسده)‪.(2‬‬
‫وقال سفيان بن عيينة‪ :‬الغيبصصة أشصصد‬
‫مصصصن الصصصدين‪ ،‬الصصصدين يقضصصصى والغيبصصصة ل‬
‫تقضي)‪.(3‬‬
‫ولكي ل يكصصون عليصصك ديصصن ل يقضصصى إل‬
‫يوم القيامة‪ ..‬ليكن حظ المصصؤمن منصصك ثلث ًصصا‬
‫إن لم تنفعه فل تضصصره‪ ،‬وإن لصصم تفرحصصه فل‬
‫تغمه وإن لم تمدحه فل تذمه)‪.(4‬‬
‫قللال سللفيان بللن الحصللين‪ :‬كنصصت‬
‫جالسا عنصصد إيصصاس بصصن معاويصصة فمصصر رجصصل‪،‬‬
‫فنلصصت منصصه‪ ،‬فقصصال‪ :‬اسصصكت‪ ،‬ثصصم قصصال لصصي‬

‫تنبيه الغافلين‪.(177) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫كتاب الصمت )‪ (129‬الحياء )‪.(152 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫حلية الولياء )‪.(275 /7‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫صفة الصفوة )‪.(91 /4‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-53-‬‬
‫‪54‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫سفيان‪ :‬هل غزوت الصصروم؟ قلصصت‪ :‬ل‪ ،‬قصصال‪:‬‬


‫غزوت الصصترك؟ قلصصت‪ :‬ل‪ ،‬قصصال‪ :‬سصصلم منصصك‬
‫الروم وسلم منك الصصترك‪ ،‬ولصصم يسصصلم منصصك‬
‫أخوك المسلم‪ ،‬قصصال‪ :‬فمصصا عصصدت إلصصى ذلصصك‬
‫بعد)‪.(1‬‬
‫ولعلنا نكون مثله فيسلم المسلمون منا‬
‫ونسصصلم منهصصم وكفصصى المصصرء نبل أن تعصصد‬
‫معايبه‪ ..‬يقول شيخ السلم ابن تيمية‬
‫إن بعصصض النصصاس ل تصصراه إل منتقصصدا داء‬
‫ينسى حسنات الطصصوائف والجنصصاس ويصصذكر‬
‫مثالبهم‪ ،‬فهو مثل الذباب يترك موضع البرء‬
‫والسلمة ويقصصع علصصى الجصصرح والذى‪ ،‬وهصصذا‬
‫من رداءة النفوس وفساد المزاج‪.‬‬
‫أخللي الحللبيب‪ :‬هصصل تقبصصل أن تكصصون‬
‫كذلك؟ أم تقبل أن تكون مستمًعا لما حصصرم‬
‫الله من الغيبة؟ وأنت تعلم أن المغتصصاب لصصو‬
‫لم يجد أذن ًصصا صصصاغية لمصصا اغتصصاب واسترسصصل‬
‫فصصي الحصصديث‪ ..‬فصصأنت باسصصتماعك تكصصون‬
‫مشجعا وعونصصا لصصه علصصى المعصصصية فل تكصصن‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(178 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-54-‬‬
‫‪55‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫كا في الثم‪.‬‬‫شري ً‬
‫قلللال الملللام الشلللافعي‪ :‬قبصصصول‬
‫السصصعاية أضصصر مصصن السصصعاية‪ ،‬لن السصصعاية‬
‫دللة‪ ،‬والقبول إجازة‪ ،‬وليصصس مصصن دل علصصى‬
‫شيء كمن قبل وأجصصاز‪ ،‬والسصصاعي ممقصصوت‬
‫إذا كصصان صصصادًقا لهتكصصه العصصورة وإضصصاعته‬
‫الحرمة‪ ،‬ومعاتب إن كان كاذًبا لمبارزته الله‬
‫بقول البهتان وشهادة الزور)‪.(1‬‬
‫واعلم أخي‪ :‬أن مجصصالس الغيبصصة ليسصصت‬
‫بمجصصالس خيصصر وهصصي مجصصالس تؤكصصل فيهصصا‬
‫لحوم المسلمين‪.‬‬
‫روي عصصن حللاتم الزاهللد رحمصصه اللصصه‬
‫تعالى أنصصه قصصال‪ :‬ثلثصصة إذا كصصن فصصي مجلصصس‬
‫فالرحمصصصة عنهصصصم مصصصصروفة‪ :‬ذكصصصر الصصصدنيا‪،‬‬
‫والضحك‪ ،‬والوقيعة في الناس)‪.(2‬‬
‫وقال بكر بللن عبللد الللله‪ :‬إذا رأيتصصم‬
‫الرجل مصصوكل ً بعيصصوب النصصاس‪ ،‬ناسصًيا لعيبصصه‪،‬‬

‫)( حلية الولياء )‪ (123 /9‬صفة الصصصفوة )‪/2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(253‬‬
‫)( تنبيه الغافلين‪.(178 /1) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-55-‬‬
‫‪56‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫فأعلموا أنه قد مكر به)‪.(1‬‬


‫أخللي‪ :‬اعلصصم أن أحسصصن أحوالصصصك أن‬
‫تحفصصظ ألفاظصصك مصصن جميصصع الفصصات وتتكلصصم‬
‫فيما هو مبصصاح ل ضصصرر عليصصك فيصصه ول علصصى‬
‫ل‪ ،‬إل أنك تتكلم بما أنت مسصصتغن‬ ‫مسلم أص ً‬
‫عنه ول حاجة لك إليه فإنك تضيع به زمانك‪،‬‬
‫وتحاسب على عمل لسانك وتستبدل الصصذي‬
‫هو أدنى بالصصذي هصصو خيصصر‪ ..‬ولصصو هللصصت اللصصه‬
‫سبحانه وسبحته لكصصان خيصصر لصصك‪ ،‬فكصصم مصصن‬
‫كلمة يبني بها قصًرا فصصي الجنصصة‪ ،‬ومصصن قصصدر‬
‫على أن يأخذ كنزا من الكنوز‪ ،‬فأخصصذ مكصصانه‬
‫قذرة ل ينتفع بها كان خاسًرا خسراًنا مبيًنصصا‪،‬‬
‫وهذا مثال من ترك ذكر الله تعالى واشتغل‬
‫بمباح ل يعنيه‪ ،‬فإنه وإن لم يأثم فقصصد خسصصر‬
‫حيث فاته الربح العظيصصم بصصذكر اللصه تعصالى‪،‬‬
‫فإن المؤمن ل يكون صمته إل فكًرا ونظصصره‬
‫إل عصصبرة ونطقصصه إل ذكصصًرا‪ ،‬بصصل رأس مصصال‬
‫العبد أوقاته‪ ،‬ومهما صرفها إلى مصصا ل يعنيصصه‬
‫ولم يدخر بهصصا ثواب ًصصا فصصي الخصصرة فقصصد ضصصيع‬

‫)( صفة الصفوة‪.(249 /3) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-56-‬‬
‫‪57‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫رأس ماله)‪.(1‬‬
‫وذكر ذلصصك عون بللن عبللد الللله فصصي‬
‫قوله‪ :‬ما أحسب أحدا تفرغ لعيب النصصاس إل‬
‫من غفلة غفلها عن نفسه)‪.(2‬‬
‫وهل هنصصاك أكصصثر مصصن غفلصصة عصصن جلصصب‬
‫الحسنات واستبدالها بسيئات؟ والمغتاب إذا‬
‫أطلق لسانه قد ل يسلم منه حصصتى مصصن قصصد‬
‫رحلوا إلى الدار الخرة‪ ،‬بصصل للحيصصاء نصصصيب‬
‫وللموات‪.‬‬
‫قال يحيللى بللن معيللن‪ :‬إنصصا لنطعصصن‬
‫على أقصصوام لعلهصصم قصصد حطصصوا رحصصالهم فصصي‬
‫الجنة من أكثر من مائتي سنة)‪.(3‬‬
‫واجنب لما يلهي‬ ‫دع عنك ذكر فلنة‬
‫الرحمن‬
‫فوق‬ ‫عن‬
‫وجميع ما‬ ‫وفلن بأن الموت‬
‫واعلم‬
‫)‪(4‬‬ ‫البسيطة فان‬ ‫فإلى بغتة‬
‫متى تلهو‬ ‫يأتي‬
‫الحشر والميزان‬
‫وقلبك غافل‬
‫ذكر عن إبراهيصصم بصصن أدهصصم‪ ..‬أنصصه دعصصي‬

‫)( الحياء )‪.(121 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( صفة الصفوة )‪.(3/101‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( السصصصير )‪ (94 /11‬تصصصذكرة الحفصصصاظ )‪/3‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.(831‬‬
‫)( شذرات الذهب )‪.(281 /5‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-57-‬‬
‫‪58‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫إلى طعام فلمصصا جلصصس قصصالوا‪ :‬إن فلنصصا لصصم‬


‫يجئ فقال رجل منهم‪ :‬إن فلنا رجل ثقيصصل‪،‬‬
‫فقال إبراهيم‪ :‬إنما فعل هذا بي بطني حيصصن‬
‫شهدت طعامًا‪ ،‬اغتبصصت فيصصه مسصصلما‪ ،‬فخصصرج‬
‫ولم يأكل ثلثة أيام)‪.(1‬‬
‫أخي الحبيب أين نحن من هؤلء؟‬
‫قصصال مالصك بصصن دينصصار‪ :‬لصو كلصف النصاس‬
‫الصحف لقلوا من المنطق)‪.(2‬‬
‫والله لحتاج البعض إلى من يحمل معصصه‬
‫تلك الصحف‪.‬‬
‫وأذكر أن إحدى قريبصصاتي ذهبصصت لزيصصارة‬
‫امرأة بهصصا صصصمم فل تسصصمع وكصصانت طريقصصة‬
‫التفاهم معها هي الكتابة وذلك لعدم إجادتها‬
‫ما وأوراًقا وعنصصدما‬‫لغة الشارات فحملت قل ً‬
‫عادت بصصدأت تقلصصب مصصاذا كتبصصت فصصإذا المصصر‬
‫مهصصول‪ ..‬ولصصو قصصامت بإحصصصاء حصصديث الغيبصصة‬
‫لطال الحساب وهي زيصصارة لصصم تصصدم سصصوى‬
‫فترة زمنية قصصصيرة‪ ..‬أمصصا الحصصديث الصصذي ل‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(179 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(484‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-58-‬‬
‫‪59‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫فائدة فيه فهو كثير‪.‬‬


‫فكيف إذا أحصصصى حصصديث اللسصصان وهصصو‬
‫أسرع من الكتابة خاصة أن انتظار الجصصواب‬
‫كتابة أيضا وهذا يعني ضياع جزء من الوقت‬
‫في نفس الكتابة فحسب‪.‬‬
‫فكيف لصصو كصصان اللسصصان منطلًقصصا والذن‬
‫تسصصمع‪ ،‬فكصصم مصصن حصصديث يحاسصصب عليصصه‬
‫النسصان وهصو ل يصصدري مصن سصرعة مصروره‬
‫وتهاونه فيه ولكن المر كما قصصال أبللو بكللر‬
‫بن عبد الرحمللن‪ :‬ل يلهينصصك النصصاس عصصن‬
‫ذات النفس‪ ،‬فإن المر يخلص إليصصك دونهصصم‬
‫ول تقطع نهارك بكيت وكيت‪ ،‬فإنه محفصصوظ‬
‫عليك ما قلت)‪.(1‬‬
‫ومحاسب على ما قلت‪ ..‬في يصصوم أنصصت‬
‫أحوج فيه إلى جلب حسنة وإلى دفع سصصيئة‪.‬‬
‫مر الحسن بشاب وهو مستغرق في ضحكه‬
‫وهو جالس مع قوم في مجلصصس‪ ،‬فقصصال لصصه‬
‫الحسن‪ :‬يا فتى هل مررت بالصراط؟ قصصال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬قال فهل تدري إلى الجنة تصصصير أم إلصصى‬

‫)( البداية والنهاية )‪.(130 /9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-59-‬‬
‫‪60‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫النار؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فما هذا الضصصحك؟ فمصصا‬


‫رؤي ذلك الفتى بعدها ضاح ً‬
‫كا)‪.(1‬‬
‫وكصصان الربيع بللن خللثيم إذا قيصصل لصصه‬
‫كيف أصبحتم؟ قصصال‪ :‬ضصصعفاء مصصذنبين نأكصصل‬
‫أرزاقنا وننتظر آجالنا)‪.(2‬‬
‫أخللي‪ :‬والحصصال هصصذه‪ ،‬أعمارنصصا تجصصري‪،‬‬
‫وألسصصنتنا تنطصصق وصصصحائفنا تسصصجل‪ ،‬كيصصف‬
‫الخلص من تلك الفة التي تفتك بالحسنات‬
‫وتأتي بالحسرات‪ ،‬هذا أحد من حرص علصصى‬
‫مجاهدة لسانه ومحاسصصبته‪ ،‬يصصروي لنصصا كيصصف‬
‫تخلص من هذه الفة‪.‬‬
‫قللال ابللن وهللب‪ :‬نصصذرت إنصصي كلمصصا‬
‫اغتبصصت إنسصصانا أن أصصصوم يومصصا‪ ،‬فأجهصصدني‬
‫فكنصصت أصصصوم وأغتصصاب‪ ،‬فنصصويت إنصصي كلمصصا‬
‫اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم‪ ،‬فمصصن حصصب‬
‫الدراهم‪ ،‬تركت الغيبة)‪.(3‬‬

‫)( الحياء‪.(194 /4) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( السير )‪.(259 /4‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( السير )‪.(28 /9‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-60-‬‬
‫‪61‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫أخي المسلم‪:‬‬
‫لصصو هللصصت اللصصه وذكرتصصه وسصصبحته لكصصان‬
‫خيرا لك فكم من كلمة يبني بها قص صًرا فصصي‬
‫الجنة‪ ،‬ومن قدر أن يأخصصذ كن صًزا مصصن الكنصصوز‬
‫فأخذ مكانه مدرة ل ينتفصصع بهصصا كصصان خاسصًرا‬
‫خسراًنا مبيًنا‪ ،‬وهذا مثال من ترك ذكر اللصصه‬
‫تعالى واشتغل بمباح ل يعنيه‪ ،‬فصصإنه وإن لصصم‬
‫يأثم فقصصد خسصصر حيصصث فصصاته الربصصح العظيصصم‬
‫بصصذكر اللصصه تعصصالى‪ ،‬فصصإن المصصؤمن ل يكصصون‬
‫صمته إل فكرا ونظصصره إل عصصبرة ونطقصصه إل‬
‫ذكرا)‪.(1‬‬
‫وعن الحنصصف قصصال‪ :‬قصصال لصصي عمصصر بصصن‬
‫الخطصصاب‪ :‬يصصا أحنصصف مصصن كصصثر كلمصصه كصصثر‬
‫سقطه‪ ،‬ومن كثر سقطه قصصل حيصصاؤه‪ ،‬ومصصن‬
‫قل حياؤه قل ورعه‪ ،‬ومن قصصل ورعصصه مصصات‬
‫قلبه)‪.(2‬‬
‫ولو تأمل القارئ كيف تدرج المر حصصتى‬
‫وصصصل إلصصى مصصوت القلصصب وتسصصاوي الشصصياء‬

‫)( الحياء‪.(121 /3) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( صفوة الصفوة )‪.(87 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-61-‬‬
‫‪62‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫لنزه نفسه عصصن هصصذا وحصصرص علصصى منطقصصه‬


‫وحفظ جوارحه‪.‬‬
‫اغتصصاب رجصصل عنصصد معصصروف الكرخصصي‬
‫فقال‪ :‬اذكر القطن إذا وضع على عينيك)‪.(1‬‬
‫فمن تصصذكر تلصصك اللحظصصات‪ ...‬ومصصصيره‬
‫بعدها لتراجع عن غيبته وأعاد لسانه قبل أن‬
‫يتحدث‪.‬‬
‫هصصذا عبصصد اللصصه بصصن أبصصي زكريصصا‪ :‬يقصصول‪:‬‬
‫مكثصصت اثنصصتي عشصصرة سصصنة أتحفصصظ مصصن‬
‫لساني)‪.(2‬‬
‫فمثل نفسك يصصا مغصصرور وقصصد حلصصت بصصك‬
‫السكرات‪ ،‬ونزل بك النين والغمرات‪ ،‬فمن‬
‫قائل يقول‪ :‬إن فلنصصا قصصد أوصصصى ومصصاله قصصد‬
‫أحصصصى‪ ،‬ومصصن قصصائل يقصصول‪ :‬إن فلن ًصصا ثقصصل‬
‫لسانه‪ ،‬فل يعرف جيرانصصه ول يكلصصم إخصصوانه‪،‬‬
‫فكأني أنظر إليك تسمع الخطصصاب ول تقصصدم‬
‫علصصى رد الجصصواب‪ ،‬ثصصم تبكصصي ابنتصصك وهصصي‬
‫كالسيرة وتتضرع وتقول‪ :‬حبيبي أبصصي‪ ،‬مصصن‬

‫)( السير‪.(141 /9) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الزهد لبي عاصم‪.39 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-62-‬‬
‫‪63‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ليتمصصي بعصصدك؟ مصصن لحصصاجتي؟ وأنصصت واللصصه‬


‫تسمع الكلم ول تقدر على رد الجواب‪:‬‬
‫على وجنتي حيًنا‬ ‫وأقبلت الصغرى‬
‫صدري‬ ‫تنادي‪:‬على‬
‫أبي إني‬ ‫وحيًنا‬ ‫خدها‬
‫خديها‬ ‫تمرع‬
‫وتمسك‬
‫الصبر‬
‫)‪(1‬‬ ‫غلبت على‬ ‫بحرقة‬
‫من‬ ‫وتبكي أبي‬
‫حبيبي‬
‫بعيد من الوكر‬
‫لليتامى تركتهم‬
‫ورحصصل بصصك مصصن هصصذه الصصدنيا إلصصى الصصدار‬
‫الخصصرة‪ ..‬حملصصت أوزارك معصصك ‪ ..‬ورحلصصت‬
‫وحيدًا حيث الحساب والجصصزاء‪ ،‬فرحصصم اللصصه‬
‫من حفظ لسصصانه ليصصوم فقصصره‪ ..‬ورحصصم اللصصه‬
‫مصصن اسصصتبدل مكصصان الشصصر خيصصرا فسصصرته‬
‫صحيفته إذا رآها غدا‪.‬‬
‫قال سصصفيان الثصصوري‪ :‬أقصصل مصصن معرفصصة‬
‫الناس تقل غيبتك)‪.(2‬‬
‫سوى الهذيان من‬ ‫لقاء الناس ليس‬
‫وقال‬
‫قيل)‪(3‬‬ ‫شيًئا‬
‫من لقاء‬ ‫يفيد‬
‫فأقلل‬
‫حال‬
‫الناس إل‬
‫قال رجصصل للفضلليل بللن عيللاض‪ :‬إن‬
‫فلنًصصا يغتصصابني قصصال‪ :‬قصصد جلصصب لصصك الخيصصر‬

‫)( التذكرة )‪.(24‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( حلية الولياء )‪ (7/8‬السير )‪.(276 /7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تذكرة الحفاظ‪.(1222 /4) :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-63-‬‬
‫‪64‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫جلبا)‪.(1‬‬
‫وكتب أشهب بن عبللد العزيللز‪ :‬إلصصى‬
‫رجل كان يقع فيه‪ :‬أما بعد‪ :‬فإنه لم يمنعنصصي‬
‫أن أكتب إليصصك أن تتزايصصد ممصصا أنصصت فيصصه إل‬
‫كراهية أن أعينك على معصية اللصصه‪ ،‬وأعلصصم‬
‫أني أرتصصع فصصي حسصصناتك كمصصا ترعصصى الشصصاة‬
‫الخضر والسلم)‪.(2‬‬
‫وقال‪ :‬عبد الرحمن بن مهدي‪ :‬لو ل‬
‫أني أكره أن يعصى الله تمنيصصت أن ل يبقصصى‬
‫في هذا العصر أحد وإل وقصصع فصصي واغتصصابني‬
‫فأي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في‬
‫صحيفته يوم القيامصة لصم يعملهصا ولصم يعلصم‬
‫بها)‪.(3‬‬
‫ويظصصن البعصصض أن الغيبصصة تقتصصصر علصصى‬
‫أناس دون آخريصصن وعلصصى مجتمصصع دون آخصصر‬
‫بل هصصي تشصصمل الجميصصع وإنهصصا لعمصصري فصصي‬
‫العلماء أعظم وأشنع كمصصا أنهصصا فصصي غيرهصصم‬
‫سواء‪ ..‬يتساوى فصصي ذلصصك مصصن ارتفعصصت بصصه‬

‫)( حلية الولياء‪.(108 /8) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( ترتيب المدارك )‪.(450 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( صفة الصفوة )‪.(5 /4‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-64-‬‬
‫‪65‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫درجات الدنيا ومن قصرت ممن ولهم اللصصه‬


‫أمور المسلمين‪.‬‬
‫قال سفيان‪ :‬لو كان معكم من يرفصصع‬
‫الحصصديث إلصصى السصصلطان‪ ،‬أكنتصصم تتكلمصصون‬
‫بشيء؟ قلنا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فإن معكم مصصن يرفصصع‬
‫الحديث‪..‬‬
‫فلل ُ‬
‫ظ‬ ‫ما ي َل ْ ِ‬
‫يعني الملكان المصصوكلن‪َ  :‬‬
‫عِتيدٌ ‪.‬‬
‫ب َ‬
‫قي ٌ‬ ‫ل إ ِّل ل َدَي ْ ِ‬
‫ه َر ِ‬ ‫و ٍ‬ ‫ن َ‬
‫ق ْ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫أخللي الحللبيب‪ :‬إن مصصن تغتصصابه غالبصصا‬
‫تكرهه وتحمل عليه‪ ،‬ولكن انظر ماذا يصصصنع‬
‫معك‪ ..‬إنه يأخذ منصصك أكصصثر ممصصا تأخصصذ منصصه‪.‬‬
‫وأين؟ إنه في وقت الشدة وزمن الحاجة‪:‬‬
‫ويعطيك أجري‬ ‫يشاركك المغتاب‬
‫وصلته‬
‫من‬ ‫صومه‬
‫النجب‬ ‫عن‬ ‫حسناته‬
‫وزرا عنك‬ ‫في‬
‫ويحمل‬
‫بإمعانهوبناته‬
‫فينفع‬ ‫أبنائه‬ ‫بحمله من‬
‫ضنتعجبوا‬
‫فل‬
‫)‪(1‬‬ ‫بعض عداته‬ ‫مننفسه‬
‫أوزاره‬ ‫ويحملضر‬
‫جاهل‬
‫تخليصه ونجاته‬
‫وذنوبه‬
‫من تريد تحقيره في هذه الدنيا‪ ..‬ها هصصو‬
‫الفوز اليوم ‪ ..‬أخذ من حسناتك‪.‬‬
‫فهل ضننت بحسناتك لنفسك‪.‬‬
‫قصصال ابصصن مسصصعود‪ :‬أنصصذرتكم فضصصول‬
‫)( إرشاد العباد )‪.(26‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-65-‬‬
‫‪66‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫كلمكم‪ ،‬حسب امرئ من الكلم ما بلصصغ بصصه‬


‫حاجته)‪.(1‬‬
‫وقال الحسن‪ :‬يا ابن آدم بسطت لك‬
‫صصحيفة ووكصل بهصا ملكصان كريمصان يكتبصان‬
‫أعمالك فاعمل ما شئت وأكثر أو أقل)‪.(2‬‬
‫دخل على أبي دجانة‪ :‬وهو مريض وكان‬
‫وجهصصه يتهلصصل‪ ،‬فقيصصل‪ :‬مصصا لوجهصصك يتهلصصل؟‬
‫فقال‪ :‬ما من عملي شيء أوثق عنصصدي مصصن‬
‫اثنتين‪ :‬أما أحصصدهما فكنصصت ل أتكلصصم فيمصصا ل‬
‫يعنيني وأما الخرى فكان قلصصبي للمسصصلمين‬
‫ما‪.‬‬
‫سلي ً‬
‫والمؤمن كما قال إبراهيصصم الصصتيمي‪ :‬إذا‬
‫أراد أن يتكلم نظر فإن كصصان لصصه تكلصصم وإل‬
‫أمسك‪ ،‬والفاجر إنما لسانه رسل رسل)‪.(3‬‬
‫وفي حال الدنيا يتحرز بعض الناس فصصي‬
‫المجالس‪ ...‬والسؤال ما دافع هذا التحرز؟‬
‫لم يكن هذا الدافع هو الخوف من الله‪.‬‬
‫بل إنه حضور شخص له مكانته وهيبتصصه‪،‬‬
‫)( الحياء )‪.(124 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء )‪.(3/124‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( الحياء )‪.(124 /3‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-66-‬‬
‫‪67‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫فل تسمع في المجلس إل خيًرا‪ ..‬فصصأين هصصم‬


‫من حساب الله يصصوم القيامصصة؟ وهصصم الصصذين‬
‫يتحرزون عند حضور هذا الرجل ول يخافون‬
‫من الله وهو مطلع على السرائر؟‬
‫عن حاتم الصم قصال‪ :‬لصو أن صصاحب‬
‫خير جلس إليك لكنت تتحصصرز منصصه‪ ،‬وكلمصصك‬
‫يعرض على الله فل تتحرز منه)‪.(1‬‬
‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫ل يكن الله أهون الناظرين إليك‪..‬‬
‫وإياك الغيبة فإنها كما قصصال عنهصصا علي‬
‫بن الحسين‪ :‬إدام كلب الناس)‪.(2‬‬
‫)‪(3‬‬
‫بالظنون وقيل‬ ‫ومن ذا الذي ينجو‬
‫ما‬
‫من الناس سال ً‬
‫قال جبير بن عبد الله‪ :‬شهدت وهب بن‬
‫منبه وجاءه رجل فقال‪ :‬إن فلنصصا يقصصع منصصك‬
‫فقال وهبك أما وجد الشيطان أحدا يستخف‬
‫بصصه غيصصرك؟ فمصصا كصصان بأسصصرع مصصن أن جصصاء‬
‫الرجل فرفع مجلسه وأكرمه)‪.(4‬‬

‫السير )‪.(487 /11‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫منهاج القاصدين‪.(185) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫ديوان أبي العتاهية‪.(121) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الورع لعبد الله بن حنبل )‪.(186‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-67-‬‬
‫‪68‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫وقال رجل للفضل بن بصصزوان‪ :‬إن فلًنصصا‬


‫يقع فيك‪ ،‬قال‪ :‬لغيظن من أمره‪ ،‬غفر اللصصه‬
‫له‪ ،‬قيل له‪ :‬من أمره؟ قال الشيطان)‪.(1‬‬
‫وهذا رجل قال لبكر بصصن محمصصد‪ :‬بلغنصصي‬
‫أنك تقع في ‪ ،‬قال أنت إذا أكصصرم علصصي مصصن‬
‫نفسي‪.‬‬
‫وقصد من هذا أن الحسنات التي يعملها‬
‫تذهب له إذا اغتابه فجعله بهذا العمل أكصصرم‬
‫من نفسه ومقدم عليها في جلب الحسنات‪.‬‬
‫وروى الربيصصع بصصن صصصبيح أن رجل ً قصصال‬
‫للحسن‪ :‬يا أبا سعيد إنصصي أرى أمصًرا أكرهصصه‪،‬‬
‫قال‪ :‬وما ذاك يا ابن أخي‪ ،‬قال‪ :‬أرى أقوامصصا‬
‫يحضرون مجلسصصك يحفظصصون عليصصك سصصقط‬
‫كلمك ثم يحكونك ويعيبونك فقصصال‪ :‬يصصا ابصصن‬
‫أخي‪ ،‬ل يكبرن هصصذا عليصصك‪ ،‬أخصصبرك بمصصا هصصو‬
‫أعجب‪ ،‬قال‪ :‬وما ذاك يا عم؟ قصصال‪ :‬أطعصصت‬
‫نفسي فصصي جصصوار الرحمصصن وملصصوك الجنصصان‬
‫والنجاة من النيصران‪ ،‬ومرافقصة النبيصاء ولصصم‬
‫أطع نفسي في السمعة من النصصاس‪ ،‬أنصصه لصصو‬
‫سلم مصصن النصصاس أحصصد لسصصلم منهصصم خصصالقهم‬

‫)( صفة الصفوة )‪.(73 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-68-‬‬
‫‪69‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الذي خلقهم فإذا لم يسلم خلقهم فصصالمخلوق‬


‫أجدر أن ل يسلم)‪.(1‬‬
‫وقد كان السلف يحاسب أحدهم نفسصصه‬
‫في قوله‪ :‬يوم حار‪ ،‬ويصصوم بصصارد‪ ،‬ولقصصد رؤي‬
‫بعصصض الكصصابر مصصن أهصصل العلصصم فصصي النصصوم‬
‫فسئل عصصن حصصاله‪ ،‬فقصصال أنصصا موقصصوف علصصى‬
‫كلمصصة قلتهصصا‪ ،‬قلصصت‪ :‬مصصا أحصصوج النصصاس إلصصى‬
‫غيصصث‪ ،‬فقيصصل لصصي‪ :‬ومصصا يصصدريك؟ أنصصا أعلصصم‬
‫بمصلحة عبادي)‪.(2‬‬
‫قال محمد بن سيرين‪ :‬يحصصدث رج ً‬
‫ل‪ :‬مصصا‬
‫رأيت الرجل السود ثم قال‪ :‬اسصصتغفر اللصصه‪،‬‬
‫ما أراني إل اغتبت الرجل)‪.(3‬‬
‫والمللام البخللاري صصصاحب الكتصصاب‬
‫المعروف الذي جصصاب الفصصاق يجمصصع حصصديث‬
‫الرسول ‪ ‬يقصصول‪ :‬أرجصصو أن ألقصصى اللصصه ول‬
‫يحاسبن باغتياب أحد)‪.(4‬‬
‫وعقصصب علصصى هصصذا المصصر أبصصو عبصصد اللصصه‬

‫أمراض النفوس )‪.(59‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الجواب الكافي )‪.(173‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫صفة الصفوة )‪.(242 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫طبقات الشافعية )‪.(223 /2‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-69-‬‬
‫‪70‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الحافظ بقوله‪ :‬يشصصهد لهصصذه المقالصصة كلمصصه‬


‫في الجرح والتعديل فإن أبلغ ما يقصصول فصصي‬
‫الرجصصل المصصتروك أو السصصاقط‪ :‬فيصصه نظصصر‪،‬‬
‫سصصكتوا عنصصه ول يكصصاد يقصصول فلن كصصذاب‪،‬‬
‫وفلن يضصصصع الحصصصديث وهصصصذا مصصصن شصصصدة‬
‫ورعه)‪.(1‬‬
‫أخللي الحللبيب‪ :‬أيللن نحللن مللن‬
‫هؤلء؟‬
‫رأى عمر بللن عتبللة مصصوله مصصع رجصصل‬
‫وهصصو يقصصع فصصي آخصصر‪ :‬فقصصال لصصه‪ :‬ويلصصك نصصزه‬
‫سمعك عن استماع الخنا‪ ،‬كما تنصصزه نفسصصك‬
‫عن القصصول بصصه‪ ،‬فالمسصصتمع شصصريك القصصائل‪،‬‬
‫وإنما نظر إلى شصصر مصصا فصصي وعصصائه فصافرغه‬
‫في وعائك‪ ،‬ولو رددت كلمة سفيه فصصي فيصصه‬
‫لسعد بها رادها كما شقي بها قائلها)‪.(2‬‬
‫تزود من الدنيا فإنك ميت وإنك مسئول‬
‫فما أنت قائله)‪.(3‬‬

‫)( طبقصصات الشصصافعية‪ (2/224) :‬السصصير )‪/12‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(439‬‬
‫)( البداية والنهاية‪.(179 /10) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫‪-70-‬‬
‫‪71‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ووالله إن الزاد هو زاد الخصصرة‪ ..‬فبمصصاذا‬


‫تزودنا وكيف تجهزنا؟‬
‫عصصن أبصصي ذر قصصال‪ :‬مصصالي وللنصصاس وقصصد‬
‫تركت لهم بيضاءهم وصفراءهم)‪.(1‬‬
‫لقد ترك الناس وسلم منه المسلمون‪..‬‬
‫ترك أعراضصصهم فلصصم يتناولهصصا وهجصصر ذهبهصصم‬
‫وفضتهم‪ .‬ماله وللنصصاس رحمصصه اللصصه اسصصتعد‬
‫لنزل دائم وظل ل يزول‪ ،‬في جنات عرضصصها‬
‫السموات والرض‪.‬‬
‫قال‪ :‬أبو عاصم النبيل رحمه الله‪ :‬ما‬
‫ما منصصذ علمصصت أن اللصصه حصصرم‬ ‫اغتبصصت مسصصل ً‬
‫الغيبة)‪.(2‬‬
‫من بعد تقوى الله‬ ‫أدبت نفسي فما‬
‫من صمتها‬‫أدب‬ ‫من‬
‫أفضل‬ ‫كللها‬
‫حالتها‬ ‫وجدت‬
‫في‬
‫الكذب‬
‫عن )‪(3‬‬ ‫قصرت فضة‬
‫وإنكان من‬
‫إن‬
‫ذهب‬
‫كلمك يا‬
‫والغيبة محرمة بنص كلم الله جصصل وعل‬
‫وعلى لسان نبيه ‪ ‬فمصصا هصصذا التجصصرؤ علصصى‬
‫محصصارم اللصصه وحصصدوده‪ ..‬أل نكصصون وقصصافين‬

‫)( الزهد لبي عاصم‪.(42) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(300‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(312‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-71-‬‬
‫‪72‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫عندها‪ ،‬طائعين لما فيها؟‬


‫قال عبد الله بن محمد بصصن زيصصاد‪ :‬كنصصت‬
‫عند أحمد بن حنبل فقال له رجل‪ :‬يا أبا عبد‬
‫الله قد اغتبتك‪ ،‬فاجعلني في حل‪ ،‬قال‪ :‬أنت‬
‫في حل إن لم تعد‪ ،‬فقلت لصصه‪ :‬أتجعلصصه فصصي‬
‫حل يا أبا عبد الله وقصصد اغتابصصك؟ قصصال‪ :‬ألصصم‬
‫ترني اشترطت عليه)‪.(1‬‬
‫وجاء ابن سيرين أناس فقصصالوا‪ :‬إنصصا نلنصصا‬
‫منك فاجعلنصصا فصصي حصصل‪ ،‬قصصال‪ :‬ل أحصصل لكصصم‬
‫شيئا حرمه الله)‪.(2‬‬
‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫وحظك موفور‬ ‫إذا شئت أن تحيا‬
‫صين‬ ‫وعرضك‬
‫عورات‬ ‫فكلك‬ ‫سالم‬
‫تذكر به‬ ‫ودينك‬
‫لسانك ل‬
‫ألسن(‬
‫)‪3‬‬ ‫وللناس‬ ‫امرئأبدت‬ ‫عورة‬
‫وعينك إن‬
‫للناس أعين‬
‫إليك معايبا‬
‫قال طللوق بللن منبلله‪ :‬دخلصصت علصصى‬
‫محمد بن سيرين فقال‪ :‬كأني أراك شصصاكًيا؟‬
‫قلت‪ :‬أجل‪ ،‬قال‪ :‬أذهصصب إلصصى فلن الطصصبيب‬
‫فاستوصفه ثم قصصال‪ :‬اذهصصب إلصصى فلن فصصإنه‬

‫)( حلية الولياء )‪.(174 /9‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( السير )‪.(620 /4‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( شذرات الذهب )‪.(350 /3‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-72-‬‬
‫‪73‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫أطب منه‪ ،‬ثم قال‪ :‬استغفر اللصصه أرانصصي قصصد‬


‫اغتبته)‪.(1‬‬
‫وانظر أخي إلى العاقبة الدنيوية لزلت‬
‫اللسان‪.‬‬
‫قال ابن سيرين عيصصرت رجل ً وقلصصت‪ :‬يصصا‬
‫مفلس‪ ،‬فأفلست بعد أربعين سنة)‪.(2‬‬
‫أعرفه عندي فوق‬ ‫يمنعني من عيب‬
‫العيب‬
‫ولست من عيبي‬ ‫الذيبالظن‬
‫غيري لهم‬
‫عيبي‬
‫)‪(3‬‬ ‫في ريب‬ ‫لهمعيبي‬
‫منيكان‬
‫إن‬
‫عالم الغيب‬
‫غاب عنهم فقد‬
‫قصصال بعضصصهم‪ :‬أدركنصصا السصصلف وهصصم ل‬
‫يصصرون العبصصادة فصصي الصصصوم ول فصصي الصصصلة‬
‫ولكن في الكف عن أعراض الناس)‪.(4‬‬
‫أخللي الحللبيب‪ :‬هصصصذه نصصصصيحة مصصصن‬
‫الفاروق عمر بن الخطاب‪ .‬عليكم بذكر الله‬
‫تعالى فإنه شفاء‪ ،‬وإياكم وذكر النصصاس فصصإنه‬
‫داء)‪.(5‬‬

‫صفة الصفوة )‪.(242 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫صيد الخاطر‪.(44) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫طبقات الحنابلة )‪.(190 /1‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الحياء )‪.(152 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫الحياء )‪.(152 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫‪-73-‬‬
‫‪74‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫وبما أن ذكصصر النصصاس داء فصصإن لصصه دواء‪،‬‬


‫أفل نبحث عنه لنعالصصج نفوسصصنا ونصصبرأ جصصراح‬
‫ألسنتنا‪ ،‬ونرفع في الخرة درجاتنا‪.‬‬

‫‪-74-‬‬
‫‪75‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫بيان العلج الذي يمنع اللسان‬


‫عن الغيبة‬
‫ل‪ :‬أن يعلم أنه بغيبته تعرض لسخط‬ ‫أو ً‬
‫الله تعالى مقته وشديد عقابه‪.‬‬
‫ثانًيللا‪ :‬ل بصصد أن يصصدرك أن عملصصه هصصذا‬
‫محبط لحسناته يوم القيامة‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬أن يتدبر في نفسه ويصلح عيوبه‬
‫ويتدارك نفسه‪.‬‬
‫عا‪ :‬إن كان ما اغتصصاب فصصي المسصصلم‬ ‫راب ً‬
‫مصصن عيصصب غيصصر موجصصود فيصصه فليحمصصد اللصصه‬
‫وليشكره على نعمته‪.‬‬
‫سللا‪ :‬مصصصن اغتصصصابه علصصصى سصصصبيل‬ ‫خام ً‬
‫التنقيصصص والحتقصصار‪ ،‬فصصاز بحسصصنات يصصوم‬
‫القيامصصة فهصصو يأخصصذ الحسصصنات والمغتصصاب‬
‫يكسب السيئات والوزار‪.‬‬
‫سا‪ :‬أن يتصصصور حيصصن يغتصصاب أخصصاه‬ ‫ساد ً‬
‫المسلم أنه كمن يأكل لحمه وهو ميت‪.‬‬
‫عا‪ :‬أن يتذكر وهو يغتاب أنصصه يأكصصل‬ ‫ساب ً‬
‫وينهش في لحم أخيه المسلم‪.‬‬
‫عا‪ :‬أن يتذكر مصصوقفه يصصوم القيامصصة‬ ‫تاس ً‬

‫‪-75-‬‬
‫‪76‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫عند الحساب ذليل كبلتصصه الصصذنوب وأحصصاطت‬


‫به الوزار‪.‬‬

‫‪-76-‬‬
‫‪77‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫)‪(1‬‬
‫باب ما يباح من الغيبة‬
‫قد يفاجأنا أخ كريم بقوله إن هصصذه غيبصصة‬
‫مباحة‪ ..‬فنعرض قصصوله علصصى شصصروط إباحصصة‬
‫الغيبة‪ ..‬فإن وافقت فقد أصاب وإل فل‪.‬‬
‫تبصصاح الغيبصصة لغصصرض صصصحيح شصصرعي ل‬
‫يمكصصن الوصصصول إليصصه إل بهصصا‪ ،‬وهصصي سصصتة‬
‫أسباب‪:‬‬
‫الول‪ :‬التظلصصصم فيجصصصوز للمظلصصصوم أن‬
‫يتظلصصم إلصصى السصصلطان والقاضصصي وغيرهمصصا‬
‫ممن له وليصصة‪ ،‬أو قصصدرة علصصى إنصصصافه مصصن‬
‫ظالمه فيقول ظلمني فلن بكذا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الستعانة علصصى تغييصصر المنكصصر‪،‬‬
‫ورد العاصصصي إلصصى الصصصواب‪ ،‬فيقصصول لمصصن‬
‫يرجو قدرته على إزالة المنكصصر‪ ،‬فلن يعمصصل‬
‫كصصذا فصصازجره عنصصه‪ ،‬ونحصصو ذلصصك‪ ،‬ويكصصون‬
‫مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر‪ ،‬فإن لصصم‬
‫ما‪.‬‬
‫يقصد ذلك كان حرا ً‬
‫الثللالث‪ :‬السصصتفتاء فيقصصول للمفصصتي‪:‬‬
‫ظلمنصصي أبصصي‪ ،‬أو أخصصي‪ ،‬أو زوجصصي أو فلن‬
‫)( للستزادة انظصصر ريصصاض الصصصالحين )‪،(419‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحياء )‪.(161 /3‬‬

‫‪-77-‬‬
‫‪78‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫بكصصذا‪ ،‬فهصصل لصصه ذلصصك؟ ومصصا طريقصصي فصصي‬


‫الخلص منه‪ ،‬وتحصيل حقي ودفصصع الظلصصم؟‬
‫ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة‪ ،‬ولكن الحصصوط‬
‫والفضل أن يقصول‪ :‬مصا تقصول فصي رجصصل أو‬
‫شخص‪ ،‬أو زوج‪ ،‬قال أمره كذا؟ فإنه يحصل‬
‫به الغرض من غير تعيين ومع ذلك فالتعيين‬
‫جائز‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬تحصصذير المسصصلمين مصصن الشصصر‬
‫ونصصصيحتهم‪ ،‬مثصصل جصصرح المجروحيصصن مصصن‬
‫الصصرواة والشصصهود‪ ،‬ومنهصصا المشصصاورة فصصي‬
‫مصاهرة إنسصصان أو مشصصاركته أو غيصصر ذلصصك‪،‬‬
‫فله أن يبين حاله بنية النصيحة‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أن يكون مجاهًرا بفسقه‪ ،‬أو‬
‫بصصدعته كالمجصصاهر بشصصرب الخمصصر وتصصولي‬
‫المور الباطلة فيجوز ذكره بمصصا يجصصاهر بصصه‪،‬‬
‫ويحرم ذكره بغيره من العيوب إل أن يكصصون‬
‫لجوازه سبب آخر مما ذكر‪.‬‬
‫السادس‪ :‬التعريف فإذا كصصان النسصصان‬
‫معروًفا بلقب‪ ،‬كالعمش والعرج‪ ،‬والصم ‪،‬‬
‫والعمصصى‪ ،‬والحصصول‪ ،‬جصصاز تعريفهصصم بصصذلك‪،‬‬

‫‪-78-‬‬
‫‪79‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ويحرم إطلقه على جهة التنقص‪ ،‬ولو أمكن‬


‫تعريفه بغير ذلك كان أولى‪.‬‬
‫أخي الحبيب‪ :‬إن ضعفت عصصن ثلث‪،‬‬
‫فعليك بثلث‪ ،‬إن ضعفت عن الخير فأمسك‬
‫عصصن الشصصر‪ ،‬وإن كنصصت ل تسصصتطيع أن تنفصصع‬
‫الناس‪ ،‬فأمسصصك عنهصصم ضصصرك‪ ،‬وإن كنصصت ل‬
‫تستطيع أن تصوم فل تأكل لحوم الناس)‪.(1‬‬
‫روي عن الحسن أن رجل ً قال‪ :‬إن فلن ًصصا‬
‫قد اغتابك ‪ ،‬فبعث إليه طبًقصصا مصصن الرطصصب‪،‬‬
‫ي حسصصناتك‪،‬‬ ‫وقصصال‪ :‬بلغنصصي أنصصك أهصصديت إل ص ّ‬
‫فأردت أن أكافئك عليها‪ ،‬فأعصصذرني فصصإني ل‬
‫أقدر أن أكافئك بها على التمام)‪.(2‬‬
‫وذكر عن أبي أمامة الباهلي رضي اللصصه‬
‫تعالى عنه أنه قال‪ :‬إن العبصصد ليعطصصى كتصصابه‬
‫يصصوم القيامصصة فيصصرى فيصصه حسصصنات لصصم يكصصن‬
‫عملها فيقول يا رب‪ ،‬من أين لي هذا؟‬
‫فيقول‪ :‬هذا بما اغتابصصك النصصاس وأنصصت ل‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(179‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪ ،(176‬الحياء )‪.(164 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-79-‬‬
‫‪80‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫تشعر)‪.(1‬‬
‫وليس لذي نشتاق‬ ‫فيا عجبا ندري‬
‫نحذرفينا‬
‫تلكبقي‬ ‫أو‬
‫فماذا‬ ‫وجنة‬
‫يكن خوف‬ ‫بنارلم‬
‫إذا‬
‫يذكر‬ ‫الخير‬
‫على‬ ‫من‬
‫فكيف‬ ‫صابرينحيا‬
‫ول‬ ‫شوق ول‬ ‫ول‬
‫ولسنا‬
‫تلكيا قوم‬
‫فليتحسر‬ ‫النيران‬
‫على‬ ‫بلى‬
‫وفوت جنات الخلد‬
‫المتحسر‬ ‫أعظم حسرة‬
‫روى خالصصصد الربعصصصي قصصصال‪ :‬كنصصصت فصصصي‬
‫ل‪ ،‬فنهيتهم عن‬ ‫المسجد الجامع‪ ،‬فتناولوا رج ً‬
‫ذلك‪ ،‬فكفصصوا وأخصصذوا فصصي غيصصره‪ ،‬ثصصم عصصادوا‬
‫إليه‪ ،‬فدخلت معهصصم فصصي شصصيء مصصن أمصصره‪،‬‬
‫فرأيت تلك الليلصصة فصصي المنصصام كصصأني أتصصاني‬
‫رجل أسود طويل‪ ،‬ومعه طبق عليصصه قطعصصة‬
‫من لحم خنزير‪ ،‬فقال لي‪ :‬كل‪ ،‬فقلت‪ :‬آكصصل‬
‫لحم خنزير؟ والله ل آكلصصه فصصانتهرني انتهصصاًرا‬
‫دا‪ ،‬وقال‪ :‬قصصد أكلصصت مصصا هصصو شصصر منصصه‪،‬‬ ‫شدي ً‬
‫فجعل يدسه في فمي‪ ،‬حتى استيقظت من‬
‫مصصا أو‬‫منصصامي‪ ،‬فصصوالله لقصصد مكثصصت ثلثيصصن يو ً‬
‫مصصا‪ ،‬إل وجصصدت‬ ‫مصصا‪ ،‬مصصا أكلصت طعا ً‬
‫أربعيصصن يو ً‬
‫طعم ذلك اللحم ونتنه في فمي)‪.(2‬‬
‫وذكر عن إبراهيم بن أدهم‪ ،‬أنه قال‪ :‬يصصا‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(177‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(177‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-80-‬‬
‫‪81‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫مكصصصذب‪ ،‬بخلصصصت بصصصدنياك علصصصى أصصصصدقائك‬


‫وسصصخوت بآخرتصصك علصصى أعصصدائك‪ ،‬فل أنصصت‬
‫فيما بخلت به معذور‪ ،‬ول أنت فيما سصصخوت‬
‫به محمود)‪.(1‬‬
‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫وأمض عنه بسلم‬ ‫خل جنبيك لرام‬
‫)‪(2‬‬
‫الكلم‬ ‫مت بداء الصمت‬
‫خير‬
‫والكثير بحمد الله‪ ،‬تتحرك الكلمة على‬
‫لسانه وتضصصطرم فصصي صصصدره ولكنصصه يمنعهصصا‬
‫مخافة من الله عز وجل ورغبصصة فيمصصا عنصصده‬
‫أولئك الحبصصة الصصذين قصصدموا الباقيصصة علصصى‬
‫العاجلة‪ ،‬جعلنا الله منهم ورزقنصصا نصصصيًبا مصصن‬
‫صمتهم وسكوتهم عما حرم الله‪.‬‬
‫ذكر عن عيسى ابن مريم عليه السلم‪:‬‬
‫أنه قال لصحابه‪ :‬أرأيتم لو أتيتم على رجصصل‬
‫قائم‪ ،‬قد كشف الريح عند بعض عورته كنتم‬
‫تسترون عليه؟‬
‫قصصالوا‪ :‬نعصصم قصصال‪ :‬بصصل كنتصصم تكشصصفون‬
‫البقيصة‪ ،‬قصالوا‪ :‬سصبحان اللصه‪ ،‬كيصف نكشصف‬
‫)( تنبيه الغافلين )‪.(177‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تاريخ بغداد )‪.(193 /14‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-81-‬‬
‫‪82‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫البقية‪.‬‬
‫قصصصال‪ :‬أليصصصس يصصصذكر عنصصصدكم الرجصصصل‪،‬‬
‫فتصصذكرونه بأسصصوأ مصصا فيصصه‪ ،‬فصصأنتم تكشصصفون‬
‫بقية الثوب عن عورته‪.‬‬
‫حمانصصصا اللصصصه وإيصصصاكم كشصصصف عصصصورات‬
‫المسلمين وهتك أعراضصهم والخصوض فيهصا‪،‬‬
‫باللسان وغيره‪.‬‬
‫اعلم أخي أن الذكر باللسان إنمصصا حصصرم‬
‫لن فيه تفهيم الغير نقصان أخيصصك وتعريفصصه‬
‫بما يكرهه فالتعريض به كالتصريح‪ ،‬والفعصصل‬
‫فيصصه كصصالقول‪ ،‬والشصصارة واليمصصاء والغمصصز‬
‫والهمصصز والكتابصصة والحركصصة‪ ،‬وكصصل مصصا يفهصصم‬
‫المقصود فهو داخل في الغيبة وهو حرام‪.‬‬
‫فمن ذلك قول عائشة رضي اللصصه عنهصصا‬
‫دخلت علينا امرأة فلما ولت‪ ،‬أومصصأت بيصصدي‬
‫أنها قصيرة‪ ،‬فقال عليه السلم "اغتبتيها"‬
‫ومن ذلك المحاكاة يمشصصي متعارجصا أو كمصا‬
‫يمشي فهو غيبة‪ ،‬بصصل هصصو أشصصد مصصن الغيبصصة‪،‬‬
‫لنه أعظم فصصي التصصصوير والتفهيصصم‪ ،‬وكصصذلك‬

‫‪-82-‬‬
‫‪83‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الغيبة بالكتابة فإن القلم أحد اللسانين)‪.(1‬‬


‫روي عن جابر بن عبد اللصصه رضصصي اللصصه‬
‫عنهمصصا قصصال‪ :‬هصصاجت ريصصح منتنصصة علصصى عهصصد‬
‫رسول الله ‪ ‬فقال النصصصبي ‪" :‬إن أناسا‬
‫من المنافقين‪ ،‬قد اغتابوا أناسا مللن‬
‫المسلمين فلذلك هلاجت هللذه الريللح‬
‫النتنة")‪.(2‬‬
‫وقيل لبعض الحكمصصاء‪ :‬مصصا الحكمصصة فصصي‬
‫أن ريح الغيبة ونتنها كانت تتصصبين علصصى عهصصد‬
‫رسول الله ‪ ‬ول تتبين في يومنا هذا؟‬
‫قال‪ :‬لن الغيبة قصصد كصصثرت فصصي يومنصصا‪،‬‬
‫فامتلت النوف منها‪ ،‬فلصصم تتصصبين الرائحصصة ‪،‬‬
‫وهي النتن‪ ،‬ويكصون مثصصال هصصذا‪ ،‬مثصصال رجصصل‬
‫دخل الدباغين‪ ،‬ل يقدر على القرار فيها مصصن‬
‫شدة الرائحة‪ ،‬وأهل تلك الدار‪ ،‬يأكلون فيهصصا‬
‫الطعام‪ ،‬ويشصصربون الشصصراب ول تتصصبين لهصم‬
‫الرائحة لنه قد امتلت أنوفهم منهصصا‪ ،‬كصصذلك‬
‫أمر الغيبة في يومنا هذا)‪. (3‬‬

‫)( الحياء )‪.(154 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تنبيه الغافلين‪.(175) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪(175‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-83-‬‬
‫‪84‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ولننظصصر إلصصى صصصفاء النفصصوس‪ ،‬ورفعصصة‬


‫النفصصس وقبصصل ذلصصك طاعصصة اللصصه عصصز وجصصل‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫ذكر عن وهب المكي أنصه قصال‪ :‬لن أدع‬
‫الغيبة أحب إلي من أن تكون لي الدنيا ومصصا‬
‫فيها‪ ،‬منذ خلقت إلى أن تفنى‪ ،‬فأجعلها فصصي‬
‫سصبيل اللصه تعصالى ولن أغصصض بصصري عمصا‬
‫حرم الله تعالى أحب إلي من أن تكون لصصي‬
‫الدنيا وما فيها فاجعلها في سبيل الله ثم تل‬
‫ضللا‬
‫ع ً‬‫م بَ ْ‬‫ض لك ُ ْ‬ ‫ع ُ‬‫ب بَ ْ‬‫غت َ ْ‬‫وَل ي َ ْ‬‫قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫ملل ْ‬ ‫قلل ْ‬ ‫‪ ‬وتل قصصوله تعصصالى‪ُ  :‬‬
‫م ‪.(1)‬‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬‫صا ِ‬
‫ن أب ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ضوا ِ‬‫غ ّ‬
‫يَ ُ‬
‫ومع السف انتشصصر فصصي مجصصالس بعصصض‬
‫القصصوم مصصن جعصصل الغيبصصة مصصصدر رزق لصصه‬
‫فيسأل عن فلن‪ ..‬فيتحدث حديًثا بيصن الجصد‬
‫والهزل تتبعه ضصصحكات القصصوم‪ ..‬ويسترسصصل‬
‫في الغيبة ونهش أعصصراض المسصصلمين علصصى‬
‫سبيل الضحاك‪ ..‬فل يبقى لحما لمسلم لصصم‬
‫يصصأكله‪ ،‬ول يبقصصى عظمصصا لخصصر لصصم ينهشصصه‪..‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(179‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-84-‬‬
‫‪85‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫ويكافصصأ علصصى مصصا حصصرم اللصصه بملصصئ بطنصصه أو‬


‫بملئ كمصصه‪ ..‬يسصصتظرف حصصديثه‪ ..‬ويسصصتخف‬
‫دمه‪ ..‬ليعيث غيبة في أعراض المسلمين‪.‬‬
‫وكان جصصزاؤه فصصي مصصا سصصبق إسصصكاته أو‬
‫إخراجصصه مصصن المجصصالس لكصصي ل يفسصصدها‬
‫بمعصية الله جل وعل‪ ،‬وفي بعض المجالس‬
‫الن يسصصأل عصصن غيصصابه ولمصصاذا لصصم يصصأت‬
‫فسبحان الله‪.‬‬
‫ولربمصصا رأيتصصه فصصي مجلصصس آخصصر ينهصصش‬
‫أعراض من تعشى معهم مساء البارحة‪.‬‬
‫فانظر إلى العدل في المعاملة‪..‬‬
‫أما في مجتمع بعض النساء‪ ..‬فالحصصديث‬
‫ل يمل‪..‬‬
‫والنصات مستمر‪ ..‬ولو تأملت المتحدثة‬
‫لرأيتها تجول وتصول في العراض‪.‬‬
‫عصصن يحيصصى بصصن معصصاذ قصصال‪ :‬ليكصصن حصصظ‬
‫المصصصؤمن منصصصك ثلث خصصصصال لتكصصصون مصصصن‬
‫المحسنين‪.‬‬
‫إحداها‪ :‬إنك لم تنفعه فل تضره‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬إن لم تسره فل تغمه‪.‬‬

‫‪-85-‬‬
‫‪86‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫والثالثة‪ :‬إن لم تمدحه فل تذمه)‪.(1‬‬


‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫عصصن أنصصس رضصصي اللصصه عنصصه قصصال‪ :‬قصصال‬
‫رسصصول اللصصه ‪" :‬لما عللرج بللي مللررت‬
‫بقلللوم لهلللم أظفلللار ملللن نحلللاس‬
‫يخمشللون بهللا وجللوههم وصللدورهم‬
‫فقلت‪ :‬من هللؤلء يللا جبريللل؟ قللال‪:‬‬
‫هللؤلء الللذين يللأكلون لحللوم النللاس‪،‬‬
‫ويقعون في أعراضهم" رواه أبو داود‪.‬‬
‫وعن أبصي هريصرة رضصي اللصه عنصه عصن‬
‫النصصبي ‪ ‬قصصال‪" :‬من كللان يللؤمن بللالله‬
‫واليللللوم الخللللر فليقللللل خيللللرا أو‬
‫ليصمت" متفق عليه‪.‬‬
‫وهذا الحديث صريح في أنه ينبغي أن ل‬
‫يتكلصصم إل إذا كصصان الكلم خيصصرا وهصصو الصصذي‬
‫ظهرت مصصصلحته ‪ ،‬ومصصتى شصصك فصصي ظهصصور‬
‫المصلحة فل يتكلم)‪.(2‬‬
‫أخي الحبيب ‪:‬‬
‫هذا اللسان الكريه‪ ،‬العاصي لربه‪ ..‬هصصل‬

‫)( تنبيه الغافلين‪.(178) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رياض الصالحين )‪.(418‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-86-‬‬
‫‪87‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫نتركه يلوث مجالسنا ويحبط أعمالنا‪.‬‬


‫انظر لعظم أجر إسكات المغتاب والصصرد‬
‫عليصصصه والصصصدفاع عصصصن أعصصصراض المسصصصلمين‬
‫وعرضصصك مصصن أعراضصصهم ولسصصان المغتصصاب‬
‫ربما افترى عليصصك فصصي مجلصصس أنصصت غصصائب‬
‫عنه‪.‬‬
‫عن أبصصي الصصدرداء رضصصي اللصصه عنصصه عصصن‬
‫النبي ‪ ‬قال‪" :‬من رد عن عرض أخيلله‪،‬‬
‫رد الله عن وجهه النار يوم القيامللة"‬
‫رواه الترمذي وقال حديث حسن‪.‬‬
‫وعن النصصبي ‪ ‬أنصصه قصصال‪" :‬من حمللى‬
‫مؤمنا من منللافق يغتللابه‪ ،‬بعللث الللله‬
‫تعللالى إليلله ملكللا يحمللي لحملله يللوم‬
‫القيامة مللن نللار جهنللم‪ ،‬ومللن رمللى‬
‫مؤمنا بشيء يريللد سللبه حبسلله الللله‬
‫تعالى على جسر جهنللم حللتى يخللرج‬
‫مما قال"‪.‬‬
‫وعن النبي ‪ ‬أنه قال‪" :‬ما من امرئ‬
‫ما في موضع تنتهك‬ ‫ءا مسل ً‬ ‫يخذل امر ً‬
‫فيه حرمته وينتقص فيه مللن عرضلله‬

‫‪-87-‬‬
‫‪88‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫إل خذله الله تعالى في مواطن يحب‬


‫فيهللا نصللرته‪ ،‬ومللا مللن امللرئ ينصللر‬
‫ءا مسلما في موضع ينتقص فيلله‬ ‫امر ً‬
‫من عرضه وينتهك فيه من حرمته إل‬
‫نصره الله عز وجل في مواطن يحب‬
‫فيها نصرته" تفرد به أبو داود‪.‬‬
‫قال كعب الحبار‪ :‬قرأت فصصي كتصصاب‬
‫النبياء عليهم السلم أن من مات تائبصصا مصصن‬
‫الغيبة كان آخر من يدخل الجنة‪ ،‬ومن مصصات‬
‫مصرا عليها كان أول من يدخل النار)‪.(1‬‬
‫وروي أن رجل أتى ابصصن سصصيرين فقصصال‪:‬‬
‫إني اغتبتك فاجعلني في حل فقصصال‪ :‬وكيصصف‬
‫أحل ما حرم الله؟‬
‫فكأنه أشار إليه بالستغفار‪ ،‬والتوبة إلى‬
‫الله تعالى مع استحلل منه)‪.(2‬‬
‫وقصصال عبصصد اللصصه بصصن المبصصارك‪ :‬قلصصت‬
‫لسفيان الثوري‪ :‬يا أبا عبد الله مصصا أبعصصد أبصصا‬
‫حنيفة عن الغيبة‪ ،‬ما سمعته يغتاب عدوا لصصه‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(177‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(179‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-88-‬‬
‫‪89‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫قط‪ ،‬فقال‪ :‬هو أعقصصل مصصن أن يسصصلط علصصى‬


‫حسناته ما يذهبها‪.‬‬
‫أخي‪:‬‬
‫هصصذه أعصصراض المسصصلمين فكمصصا أنصصك ل‬
‫تقبصصل أن يكصصون عرضصصك حصصديث المجصصالس‬
‫فكيف تقبل هصصذا لمسصصلم مثلصصك‪ ..‬فربمصصا إذا‬
‫استمعت للمغتاب اليوم استمع لغيبتك غصدا‪،‬‬
‫ولكن رد عن أعراض المسصصلمين ليصصرد اللصصه‬
‫عنك‪ ،‬ول تقبصصل أن يكصصون مجلسصصك مجلصصس‬
‫سوء وشر‪.‬‬

‫‪-89-‬‬
‫‪90‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫كفارة الغيبة‬
‫تؤرقنصصا تلصصك الهنصصات‪ ..‬وتصصزل ألسصصنتنا‪..‬‬
‫فكيف الطريصق إلصى محصو السصيئات وإقالصة‬
‫العثرات‪.‬‬
‫تنصصصازع العلمصصاء فصصصي كفصصارة المغتصصصاب‬
‫ولكنهم اتفقصصوا جميعصصا علصصى تصصوبته كخطصصوة‬
‫أولى‪.‬‬
‫وقال العلماء‪ :‬إن التوبة واجبة مصصن كصصل‬
‫ذنب‪.‬‬
‫وشروط توبة المغتاب أربعة‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن يقلع عن الغيبة‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانًيا‪ :‬أن يندم على فعلها‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬أن يعصصزم علصصى أن ل يعصصود إليهصصا‬
‫أبدا‪.‬‬
‫عا‪ :‬اسصصتحلل مصصن وقصصع فصصي غيبتصصه‪،‬‬ ‫راب ً‬
‫فإن لم تبلغ إلى صاحبه تلك الغيبة أو خشي‬
‫أن يصصصيبه ضصصرر مصصن إخبصصاره‪ ،‬فتصصوبته أن‬
‫يستغفر الله تعالى‪.‬‬
‫أخي الكريللم‪ :‬هصصذه شصصروط التوبصصة‪..‬‬
‫وهذا طريق الطاعة‪ ..‬وإذا كان من الصعوبة‬

‫‪-90-‬‬
‫‪91‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫اسصصتحلل مصصن نغتصصابهم فصصإن المصصر السصصهل‬


‫حفظ ألسنتنا وجوارحنا‪.‬‬
‫هيا نبادر وخيرنا من إذا سمع وعصصى وإذا‬
‫ذكر ذكر‪ ..‬وإذا عوتب أناب وعاد‪.‬‬
‫فاللهم سلم المسلمين منا وسلمنا مصصن‬
‫المسلمين يا أرحم الراحمين‪.‬‬

‫‪-91-‬‬
‫‪92‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫النميمة‬

‫‪-92-‬‬
‫‪93‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫النميمة‬
‫حرم الله على المؤمنين ما يوقصصع بينهصصم‬
‫مللا‬ ‫العداوة والبغضاء كما قصصال تعصصالى‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫م‬ ‫ع ب َي ْن َ ُ‬ ‫َ‬ ‫شلللي ْ َ‬ ‫ريلللدُ ال ّ‬
‫كللل ُ‬ ‫قللل َ‬ ‫ن ُيو ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫طا ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ر‬‫ملللل ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫فللللي ال ْ َ‬ ‫ضللللاءَ ِ‬ ‫غ َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫وةَ َ‬ ‫دا َ‬ ‫علللل َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫عل ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر الل ِ‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫صدّك ُ ْ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫س ِ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫هو َ‬ ‫من ْت َ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫ال ّ‬
‫وأمتن على عباده بالتأليف بيصصن قلصصوبهم‬
‫ه‬
‫ة الل ل ِ‬ ‫مل َ‬ ‫ع َ‬ ‫واذْك ُُروا ن ِ ْ‬ ‫كما قصصال تعصصالى‪َ  :‬‬
‫ن‬ ‫ف ب َْيلل َ‬ ‫فللأ َل ّ َ‬ ‫داءً َ‬ ‫علل َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫م إ ِذْ ك ُن ُْتلل ْ‬ ‫كلل ْ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫وان ًللا ‪‬‬ ‫قل ُللوبك ُم َ َ‬ ‫ُ‬
‫خ َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫مت ِل ِ‬ ‫ع َ‬ ‫م ب ِن ِ ْ‬ ‫حت ُ ْ‬ ‫ص لب َ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫ه‬ ‫ر ِ‬ ‫صللل ِ‬ ‫ك ب ِن َ ْ‬ ‫ذي أ َي ّلللدَ َ‬ ‫و ال ّللل ِ‬ ‫هللل َ‬ ‫وقصصصال‪ُ  :‬‬
‫و‬ ‫م َللل ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫قلللوب ِ ِ‬
‫ن ُ ُ‬ ‫ف ب َي ْ َ‬ ‫وأ َل ّ َ‬ ‫ن* َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وِبال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ف َ‬ ‫ما أ َل ّ ْ‬ ‫عا َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ق َ‬ ‫ف ْ‬ ‫أ َن ْ َ‬
‫م‪‬‬ ‫هلل ْ‬ ‫ف ب َي ْن َ ُ‬ ‫ه أ َل ّ َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قلوب ِ ِ‬
‫ن ُ ُ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫)‪.(1‬‬
‫وكل أمر يقطع وشصصائج المحبصصة وينقصصض‬
‫عرى الخوة فهو ممصا حصذر اللصه منصه‪ ،‬فصإن‬
‫المصصؤمنين أخصصوة يجمعهصصم الخيصصر والتصصآزر‬

‫)( جامع العلوم والحكم‪.(328) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-93-‬‬
‫‪94‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫والتآلف‪.‬‬
‫ولهذا المعنى حرم المشي بالنميمة لما‬
‫فيها إيقاع العداوة والبغضصصاء وإحلل التصصدابر‬
‫والتفرق مكان المحبة والجتماع‪.‬‬
‫والنميمة‪ :‬من آفصصات اللسصصان وتطلصصق‬
‫فصصي الغصصالب علصصى نقصصل قصصول إنسصصان فصصي‬
‫إنسان‪.‬‬
‫مثل أن يقول‪ :‬قال فيك فلن كذا وكذا‪،‬‬
‫وليس مخصوصة بهذا‪.‬‬
‫بل حدها‪ :‬كشف ما يكره كشصصفه سصصواء‬
‫كان مصصن القصصوال أو العمصصال حصصتى لصصو رآه‬
‫يدفن مال لنفسه فذكره‪ ..‬فهو نمام)‪.(1‬‬
‫وحقيقة النميمة‪ :‬إفشاء السر وهتك‬
‫السصصتر عمصصا يكصصره كشصصفه‪ ،‬بصصل كصصل مصصا رآه‬
‫النسصصان مصصن أحصصوال النصصاس ممصصا يكصصره‪،‬‬
‫فينبغي أن يسكت عنه إل في حكايته فصصائدة‬
‫لمسصصلم أو دفصصع لمعصصصية‪ ،‬كمصصا إذا رأى مصصن‬
‫يتناول مال غيره‪ ،‬فعليه أن يشهد به مراعاة‬
‫لحق المشهود له‪ ،‬فأمصصا إذا رآه يخفصصي مصصال‬

‫)( مختصر منهاج القاصدين )‪.(174‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-94-‬‬
‫‪95‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫لنفسه فذكره فهو نميمة وإفشاء للسر‪.‬‬


‫فإن كصصان مصصا ينصصم بصصه نقصصصا وعيبصصا فصصي‬
‫المحكصصي عنصصه‪ ،‬كصصان قصصد جمصصع بيصصن الغيبصصة‬
‫والنميمة)‪.(1‬‬
‫والباعث على النميمة‪ :‬قلة الخصصوف‬
‫من الله جل وعل وعدم مراقبته‪.‬‬
‫وكذلك إما إرادة السصصوء للمحكصصي عنصصه‬
‫أو إظهار الحب والتقرب للمحكى له‪.‬‬
‫أو لتفصصصرج بالحصصصديث والخصصصوض فصصصي‬
‫الفضول والباطل‪.‬‬
‫كما أن التشصصفي والحسصصد والغيصصظ مصصن‬
‫أهم دوافع النميمة‪.‬‬
‫والنميمة خصلة ذميمة قال الله تعصصالى‪:‬‬
‫ل‬ ‫ميم ٍ ‪ ‬ثم قال‪ُ  :‬‬
‫عت ُ ّ‬ ‫ء ب ِن َ ِ‬ ‫م ّ‬
‫شا ٍ‬ ‫ز َ‬‫ما ٍ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ه ّ‬
‫ك َزِنيم ٍ ‪.‬‬ ‫عدَ ذَل ِ َ‬
‫بَ ْ‬
‫قال عبد الله بصصن المبصصارك‪ :‬الزنيصصم ولصصد‬
‫الزنا الذي ل يكتصم الحصديث وأشصار بصه إلصصى‬
‫كل من لم يكتم الحصصديث ومشصصي بالنميمصصة‬
‫دل علصصى أنصصه ولصصد زنصصا اسصصتنباطا مصصن اليصصة‬

‫)( الحياء )‪.(165 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-95-‬‬
‫‪96‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫الكريمة)‪.(1‬‬
‫وقصصال ‪" :‬ل يللدخل الجنللة قتللات"‬
‫وهو النمام‪.‬‬
‫فإذا لم يدخل الجنصصة لصصم يكصصن مصصأواه إل‬
‫النار لنه ليس هناك إل الجنصصة أو النصصار فصصإذا‬
‫ثبصصت أنصصه ل يصصدخل الجنصصة ثبصصت أن مصصأواه‬
‫النار)‪.(2‬‬
‫وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما‬
‫قال‪ :‬مصر النصبي ‪ ‬بقصبرين جديصدين فقصال‪:‬‬
‫"إنهمللا ليعللذبان‪ ،‬ومللا يعللذبان فللي‬
‫كبير‪ ،‬أمللا أحللدهما فكللان ل يستنلللزه‬
‫من البول‪ ،‬وأما الخللر فكللان يمشللي‬
‫بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة فشقها‬
‫نصفين وغرز فللي كللل قللبر واحللدة"‬
‫فقالوا يا رسول الله لم صنعت هذا؟ فقصصال‪:‬‬
‫"لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسللا"‬
‫رواه البخاري‪.‬‬
‫ومعنصصى قصصوله‪" :‬ومللا يعللذبان فللي‬
‫كللبير" يعنصصي ليصصس بكصصبيرة عنصصدكم ولكنصصه‬
‫)( مكاشفة القلوب )‪.(453‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تنبيه الغافلين‪.(89) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-96-‬‬
‫‪97‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫كبيرة عند الله)‪.(1‬‬


‫ب‪‬‬ ‫حطَ ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫مال َ َ‬ ‫وقال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ح ّ‬
‫قال أكصصثر المفسصصرين‪ :‬إن الحطصصب أراد بصصه‬
‫النميمة وإنما سصصميت النميمصصة حطبصصا‪ ،‬لنهصصا‬
‫سبب للعداوة والقتال فصصصار بمنصصصزلة إيقصصاد‬
‫النار)‪.(2‬‬
‫والنميمة حرام لما فيها مصصن السصصعي‬
‫بالوشاية بين الناس وإفساد قلصصوبهم وتغييصصر‬
‫أخلقهم وطبائعهم‪.‬‬
‫كان بكر بن عبد الله يقول‪ :‬عليكم بأمر‬
‫إن أصبتم أجرتصصم‪ ،‬وإن أخطصصأتم لصصم تصصأثموا‪،‬‬
‫وإياكم وكل أمر إن أصصصبتم لصصم تصصؤجروا وإن‬
‫أخطأتم أثمتصصم قيصصل‪ :‬ومصصا هصصو؟ قصصال‪ :‬سصصوء‬
‫الظن بالناس‪ ،‬فإنكم لو أصبتم لصصم تصصؤجروا‪،‬‬
‫وإن أخطأتم أثمتم)‪.(3‬‬
‫وكصصان سللليمان بللن عبللد الملللك‬
‫جالسا وعنده الزهري‪ ،‬فجاءه رجل فقال له‬
‫سليمان‪ :‬بلغني أنك وقعت فصصي وقلصصت كصصذا‬

‫)( تنبيه الغافلين‪.89 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تنبيه الغافلين‪.(89) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( حلية الولياء‪.(226 /2) :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-97-‬‬
‫‪98‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫وكذا فقال الرجل‪ :‬ما فعلت ول قلت فقصصال‬


‫سليمان‪ :‬إن الذي أخبرني صادق‪ ،‬فقصصال لصصه‬
‫الزهصصري‪ :‬ل يكصصون النمصصام صصصادقا‪ ،‬فقصصال‬
‫سصصليمان‪ :‬صصصدقت ثصصم قصصال للرجصصل‪ :‬اذهصصب‬
‫بسلم)‪.(1‬‬
‫فانظر إلصى نتيجصة عمصل النمصام ومقصام‬
‫الرجصل بيصن يصدي ولصي المصر‪ ،‬فلربمصا كصان‬
‫سببا في هلكه أو سجنه أو إيذائه‪ ،‬وأقل مصصا‬
‫يصصأتيه ترويعصصه بهصصذا المصصر ول يجصصوز ترويصصع‬
‫المسلم بشيء‪.‬‬
‫وقد روى عن عمر بن عبد العزيز رضي‬
‫الله عنه أنه دخل عليه رجل فصصذكر لصصه عصصن‬
‫رجل شيئا فقال لصصه عمصصر‪ :‬إن شصصئت نظرنصصا‬
‫في أمرك فإن كنصصت كاذبصصا فصصأنت مصصن أهصصل‬
‫ق ب ِن ََبللإ ٍ‬
‫سلل ٌ‬
‫فا ِ‬ ‫م َ‬ ‫جللاءَك ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫هصصذه اليصصة ‪‬إ ِ ْ‬
‫فت َب َي ُّنوا ‪ ‬وإن كنت صادقا فأنت من أهصصل‬ ‫َ‬
‫مي لم ٍ ‪ ‬وإن‬ ‫ء ب ِن َ ِ‬
‫شللا ٍ‬ ‫م ّ‬
‫ز َ‬‫ما ٍ‬‫ه ّ‬ ‫هذه الية‪َ  :‬‬
‫شصصئت عفونصصا عنصصك؟ فقصصال‪ :‬العفصصو يصصا أميصصر‬

‫)( الحياء )‪ (166 /3‬مختصر منهاج القاصدين‬ ‫‪1‬‬

‫)‪.(174‬‬

‫‪-98-‬‬
‫‪99‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫ونسوه‬

‫المؤمنين‪ ،‬ل أعود إليه أبدا)‪.(1‬‬


‫وكصصان يقصصال‪ :‬عصصذاب القصصبر ثلثصصة أثلث‪:‬‬
‫ثلث من الغيبة وثلث من البصصول وثلصصث مصصن‬
‫النميمة)‪.(2‬‬
‫فهل منا مصصن يطيصصق عصصذاب القصصبر ونصصار‬
‫الخرة‪..‬؟‬
‫وقال رجل لعمر بن عبيد‪ :‬إن السواري‬
‫ما يزال يذكرك في قصصه بشر‪ ،‬فقصصال لصصه‬
‫عمصصرو‪ :‬يصصا هصصذا‪ ،‬مصصا رعيصصت حصصق مجالسصصة‬
‫الرجصل حيصصث نقلصت إلينصصا حصديثه‪ ،‬ول أديصصت‬
‫حقصصي حيصصن أعلمتنصصي عصصن أخصصي مصصا أكصصره ‪،‬‬
‫ولكن أعلمه أن الموت يعمنا والقصصبر بضصصمنا‬
‫والقيامة تجمعنا والله تعالى يحكم بيننا وهو‬
‫خير الحاكمين‪.‬‬
‫يوم القيامة‬ ‫مثل لقلبك أيها‬
‫على تمور‬
‫رأس‬ ‫والسماء‬
‫حًرا‬ ‫المغرور‬
‫كورت شمس‬ ‫قد‬
‫تفور‬
‫مثل‬ ‫العباد‬
‫فرأيتها‬ ‫وصغفت‬
‫تقلعت‬ ‫النهار‬
‫الجبال‬ ‫وإذا‬
‫السحاب تسير‬ ‫بأصولها‬

‫)( الحيصصاء‪ (166 /3) :‬تنصصبيه الغصصافلين‪/1) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(186‬‬
‫)( تنبيه الغافلين‪.(89) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-99-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪0‬‬ ‫ونسوه‬

‫خلت الديار فما بها‬ ‫وإذا العشار‬


‫مغرورالحساب‬
‫خوف‬ ‫أهلها‬ ‫تعطلت عن‬
‫الجنين بأمه‬ ‫وإذا‬
‫مذعور)‪(1‬‬ ‫وقلبه‬ ‫متعلق‬
‫بل ذنب يخاف‬ ‫هذا‬
‫الذنوب دهور‬
‫لهوله‬
‫رفع بعض السعاة إلى الصاحب بن عباد‬
‫رقعة نبه فيها على مصصال يصصتيم يحملصصه علصصى‬
‫أخذه لكثرته فوقصصع علصصى ظهرهصصا‪ :‬السصصعاية‬
‫قبيحصصصة‪ ،‬وإن كصصصانت صصصصحيحة‪ ،‬فصصصإن كنصصصت‬
‫أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أفضل‬
‫من الربح‪ ،‬ومعاذ الله أن نقبصصل مهتوكصصا فصصي‬
‫مسصصتور‪ ،‬ولصصول أنصصك فصصي خفصصارة شصصيتك‬
‫لقابلناك بما يقتضيه فعلك في مثلصصك فتصصوق‬
‫العيب‪ ،‬فإن الله أعلم بالغيب الميصت رحمصه‬
‫الله واليصصتيم جصصبره اللصصه والمصصال ثمصصرة اللصصه‬
‫والساعي لعنه الله)‪.(2‬‬
‫هصصذه النميمصصة لصصو لقيصصت بابصصا مفتوحصصا‬
‫لتعدت على مال يتيم والله تعالى يقصصول ‪‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫مى‬ ‫ل ال ْي ََتللا َ‬‫وا َ‬‫ملل َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ن َيللأك ُُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن اّللل ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫م ن َللاًرا‬
‫ه ْ‬ ‫فللي ب ُطللون ِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما ي َأك ُُلو َ‬ ‫ظُل ْ ً‬
‫ما إ ِن ّ َ‬

‫)( عقود اللؤلؤ‪.(352) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء‪.(167 /3) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-100-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪1‬‬ ‫ونسوه‬

‫عيًرا ‪.‬‬‫س ِ‬
‫ن َ‬ ‫صل َ ْ‬
‫و َ‬ ‫سي َ ْ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫فانظر إلصصى أيصصن يصصصير وأيصصن مسصصتقره‪،‬‬
‫والعياذ بالله ولكن رحم اللصصه مصصن ردة مثصصل‬
‫الصاحب ذليل فهذا أقل ما يقابل به‪.‬‬
‫قال أكثم بن صيفي‪ :‬الذلء أربعصصة‪:‬‬
‫النمام والكذاب والمديون واليتيم)‪.(1‬‬
‫فالواجب على النمام أن يتوب إلى اللصه‬
‫تعالى فإن النمام ذليل في الصصدنيا وهصصو فصصي‬
‫عذاب القبر بعد مصصوته وهصصو فصصي النصصار يصصوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫آيس من رحمصة اللصه تعصالى فصإن تصاب‬
‫قبل موته تاب الله عليه)‪.(2‬‬
‫قال يحيى بن أكثم‪ :‬النمام شر مصصن‬
‫السصصاحر‪ ،‬ويعمصصل النمصصام فصصي سصصاعة مصصا ل‬
‫يعمل الساحر في شهر)‪.(3‬‬
‫بكلمصة واحصدة يفصرق بيصن زوج وزوجتصه‬
‫وبصصأخرى يقطصصع الرحصصام ويسصصبب العصصداوات‬
‫وهو في كل ذلك ينم لك اليصصوم وينصصم عليصصك‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(89‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(89‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(89‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-101-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪2‬‬ ‫ونسوه‬

‫غدا‪.‬‬
‫قللال الشللافعي‪ :‬مصصن نصصم لصصك نصصم‬
‫عليك)‪.(1‬‬
‫وهصصذا إشصصارة إلصصى أن النمصصام ينبغصصي أن‬
‫يبغض ول يوثق بقصصوله ول بصصصداقته‪ ،‬لنصصه ل‬
‫يخاف من الله عز وجصصل فهصصذا ديدنصصة وتلصصك‬
‫مهنته يحب الفرقة ويصصزرع الشصصتات‪ ،‬ل يهنصصأ‬
‫بعيش وهو يرى الجتماع والئتلف‪.‬‬
‫بلغ المكروه إل‬ ‫مل عن النمام‬
‫من نقل‬ ‫وأزجره فما‬
‫روي عن علي رضصي اللصه عنصصه أن رجل‬
‫سعى إليه برجل فقال له‪ :‬يا هذا نحن نسأل‬
‫عما قلصصت‪ ،‬فصصإن كنصصت صصصادقا مقتنصصاك‪ ،‬وإن‬
‫كنصصت كاذبصصا عاقبنصصاك‪ ،‬وإن شصصئت أن نقيلصصك‬
‫أقلناك‪ ،‬فقال‪ :‬أقلني يا أمير المؤمنين)‪.(2‬‬
‫ويقصصال‪ :‬عمصصل النمصصام أضصصر مصصن عمصصل‬
‫الشصصصيطان لن عمصصصل الشصصصيطان بالخيصصصال‬
‫والوسوسصصصة‪ ،‬وعمصصصل النمصصصام بالمواجهصصصة‬
‫والمعاينة)‪.(3‬‬

‫)( السير )‪.(10/99‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء )‪.(166 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪.(89‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-102-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪3‬‬ ‫ونسوه‬

‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫على الصديق ولم‬ ‫من نم في الناس‬
‫أفاعيهول‬ ‫تؤمن‬
‫أين جاء‬ ‫من‬ ‫عقاربه‬
‫ل‬ ‫تؤمنبالليل‬ ‫لم‬
‫كالسيل‬
‫يأتيه(‬
‫)‪1‬‬ ‫من أين‬ ‫أحد منه‬ ‫الويل به‬
‫للعهد‬ ‫يدري‬
‫كيف ينعيه‬
‫كيف ينقضه‬
‫قال رجل لعبد الله بن عمر وكان أميصصرا‬
‫بلغني أن فلنا أعلم المير أني ذكرته بسوء‬
‫قال‪ :‬قد كان ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فصصأخبرني بمصصا قصصال‬
‫لك حتى أظهر كذبه عندك؟ قصصال‪ :‬مصصا أحصصب‬
‫أن أشتم نفسي بلساني‪ ،‬وحسصصبي أنصصي لصصم‬
‫أصدقه فيما قال‪ ،‬ول أقطع عنك الوصال)‪.(2‬‬
‫أما البهتان على الللبريء‪ :‬فأثقصصل‬
‫مصن السصموات‪ ،‬وويصل لمصن سصعى بوشصاية‬
‫بريء عند صاحب سلطان‪ ..‬فصصصدقه فربمصصا‬
‫جنى على هذا المسلم بأمر يسصصوءه وليصصس‬
‫له ذنب إل وشاية كاذبة‪.‬‬
‫قال مصعب بن الزبير‪ :‬نحن نرى أن‬
‫قبصصصول السصصصعاية شصصصر مصصصن السصصصعاية‪ ،‬لن‬
‫السعاية دللصة والقبصصول إجصصازة‪ ،‬وليصصس مصن‬
‫دل على شيء فأخبر به كمن قبله وأجصصازه‪،‬‬

‫)( مكاشفة القلوب )‪.(354‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء )‪.(166 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-103-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪4‬‬ ‫ونسوه‬

‫فاتقوا الساعي‪ ،‬فلو كان صصصادقا فصصي قصصوله‬


‫لكصصان لئيمصصا فصصي صصصدقه حيصصث لصصم يحفصصظ‬
‫الحرمة ولم يستر العورة‪.‬‬
‫والسعاية هي النميمة إل أنهصصا إذا كصصانت‬
‫إلى من يخاف جانبه سميت سعاية)‪.(1‬‬
‫والنميمصصة يصصا أخصصي مبنيصصة علصصى الكصصذب‬
‫والحسد والنفاق وهي أثافي الذل‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬لو صح مصصا نقلصصه النمصصام‬
‫إليصصك لكصصان هصصو المجصصترئ بالشصصتم عليصصك‬
‫والمنقول عنه أولى بحلمك لنه لصصم يقابلصصك‬
‫بشتمك)‪.(2‬‬
‫وقد ذكصصر أن حكيمصصا مصصن الحكمصصاء زاره‬
‫بعصصض إخصصوانه فصصأخبره بخصصبر عصصن بعصصض‬
‫أصدقائه فقال له الحكيصصم‪ :‬قصصد أبطصصأت فصصي‬
‫الزيارة وأتيت بثلث جنايات‪:‬‬
‫بغضت أخي إلي‪ ،‬وشغلت قلبي الفارغ‪،‬‬
‫واتهمت نفسك المينة)‪.(3‬‬
‫هصصذه ثلث مسصصاوئ مصصن أثصصر النميمصصة‬

‫)( الحياء )‪.(3/167‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء )‪.(167 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( الحياء‪(167 /3) :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-104-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪5‬‬ ‫ونسوه‬

‫وهناك شصصرور أشصصد ومسصصاوئ أكصصبر‪ ،‬وإليصصك‬


‫قصة تحكي شرا من شصصرور النميمصصة وأثصصرا‬
‫من آثارها‪.‬‬
‫روي عن حماد بن سلمة أنصصه قصصال‪ :‬بصصاع‬
‫رجل غلما فقال للمشتري‪.‬‬
‫ليس فيه عيب إل أنصصه نمصصام‪ ،‬فأسصصتخفه‬
‫المشتري فاشتراه على ذلك العيب‪ ،‬فمكث‬
‫الغلم عنده أياما‪ ،‬ثم قال لزوجة مصصوله‪ :‬إن‬
‫زوجك ل يحبك وهو يريد أن يتسصصرى عليصصك‪،‬‬
‫أفتريدين أن يعطف عليك؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‬
‫لها‪ :‬خصصذي الموسصصى وأحلقصصي شصصعرات مصصن‬
‫بصصاطن لحيتصصه إذا نصصام‪ ،‬ثصصم جصصاء إلصصى الصصزوج‬
‫وقصصال‪ :‬إن امرأتصصك تخصصادنت )يعنصصي اتخصصذت‬
‫ل( وهصصي قائلتصصك‪ :‬أتريصصد أن يتصصبين لصصك‬ ‫خلي ً‬
‫ذلك؟ قصصال‪ :‬نعصصم‪ ،‬قصصال فتنصصاوم لهصصا‪ ،‬فتنصصاوم‬
‫الرجصصل‪ ،‬فجصصاءت امرأتصصه بموسصصى لتحلصصق‬
‫الشعرات فظن الزوج أنها تريد قتله‪ ،‬فأخصصذ‬
‫منها الموسى فقتلها‪ ،‬فجاء أولياؤها فقتلوه‪،‬‬
‫فجصصاء أوليصصاء الرجصصل ووقصصع القتصصال بيصصن‬
‫الطرفين)‪.(1‬‬

‫)( تنبيه الغافلين )‪(89‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-105-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪6‬‬ ‫ونسوه‬

‫أخي المسلم‪:‬‬
‫يجب على كل من حملت إليصصه النميمصصة‬
‫وقيل له‪ :‬إن فلنصصا قصصال فيصصك كصصذا وكصصذا‪ ،‬أو‬
‫فعل في حقك كذا‪ ،‬أو هو يصصدبر فصصي إفسصصاد‬
‫أمرك‪ ،‬أو في ممالة عدوك أو تقبيصصح حالصصك‬
‫أو ما يجرى مجراه‪ ،‬فعليه ستة أمور‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن ل يصدقه لن النمام فاسصصق‬
‫وهو مردود الشهادة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ينهاه عصصن ذلصصك وينصصصح لصصه‬
‫ويقبح عليه فعله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يبغضه في الله تعالى فصصإنه‬
‫بغيصصض عنصصد اللصصه تعصصالى ويجصصب بغصصض مصصن‬
‫يبغض الله تعالى‪.‬‬
‫الرابللع‪ :‬أن ل تظصصصن بأخيصصصك الغصصصائب‬
‫السوء‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أن ل يحملصصك مصصا حكصصي لصصك‬
‫على التجسس والبحث للتحقق‪.‬‬
‫السللادس‪ :‬أن ل ترضصصى لنفسصصك‪ ،‬مصصا‬
‫نهيت النمام عنه‪ ،‬ول تحكي نميمته فتقصصول‪:‬‬
‫فلن قد حكى لي كذا وكذا‪ ،‬فتكون به نماما‬

‫‪-106-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪7‬‬ ‫ونسوه‬

‫ومغتابا وقد تكون أتيت ما عنه نهيت)‪.(1‬‬

‫)( الحياء )‪.(165 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-107-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪8‬‬ ‫ونسوه‬

‫أعظم من الغيبة والنميمة‬


‫وأعظم أخي الكريم من الغيبة والنميمة‬
‫هذا الذي يتردد من المتعصصاديين‪ ،‬ويكلصصم كصصل‬
‫واحد منهما بكلم يوافقه‬
‫قال ‪" :‬من كان للله وجهللان فللي‬
‫الللدنيا كللان للله لسللاًنا مللن نللار يللوم‬
‫القيامة")‪.(1‬‬
‫وقصصال ‪" :‬تجللدون مللن شللر عبللاد‬
‫الله يللوم القيامللة ذا الللوجهين الللذي‬
‫يأتي هؤلء بحللديث وهللؤلء بحللديث"‬
‫أخرجه الشيخان نحوه وهو عنصصد أبصصي الصصدنيا‬
‫بهذا اللفظ‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬بماذا يصير الرجل ذا لسانين‬
‫وما حد ذلك؟ فأقول إذا دخل على متعاديين‬
‫وجامل كل واحد منهما وكان صادقا فيه لصصم‬
‫يكن منافقا ول ذا لسانين‪ ،‬فصصإن الواحصصد قصصد‬
‫يصصصادق متعصصاديين ولكصصن صصصداقة ضصصعيفة ل‬
‫تنتهصصي إلصصى حصصد الخصصوة‪ ،‬إذ لصصو تحققصصت‬

‫)( رواه أبصصو داود وانظصصر سلسصصلة الحصصاديث‬ ‫‪1‬‬

‫الصحيحة )‪.(889‬‬

‫‪-108-‬‬
‫‪10‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪9‬‬ ‫ونسوه‬

‫الصداقة لقتضت معصصاداة العصصداء‪ ،‬نعصصم لصصو‬


‫نقل كلم كل واحد منهما إلى الخر فهصصو ذو‬
‫لسانين وهو شر من النميمة)‪.(1‬‬
‫وملللن ذي اللللوجهين‪ :‬مصصصن يمصصصدح‬
‫النسان في وجهصصه ويبصصالغ فصصي ذلصصك لقصصصد‬
‫دنيوي ثم في غيبته يذمه عند الناس ويعيبصصه‬
‫وهكذا يفعل مع أغلب من ل يناسبه‪.‬‬
‫فل تكن أخصصي المسصصلم عونصصا للشصصيطان‬
‫بتفريق وتمزيق المحبة واللفة بينهم بل كن‬
‫صاحب خير ورسول صلح إلى المتخاصصصمين‬
‫تنال بذلك الجر وكن صدوقا تظهر ما تبطن‬
‫ل تكن متزلفا ثم مغتابا‪.‬‬
‫أخي ها هو ذو الوجهين‪:‬‬
‫)‪(2‬‬
‫الوجهين كياد‬ ‫يسعى عليك كما‬
‫يسعى إليك فل‬

‫)( الحياء )‪.(168‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( مكاشفة القلوب )‪.(355‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-109-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪0‬‬ ‫ونسوه‬

‫الكذب‬
‫الكصصذب مصصن قبصصائح الصصذنوب وفصصواحش‬
‫العيوب‪.‬‬
‫ما ل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫ف َ‬‫ق ُ‬‫وَل ت َ ْ‬‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫م‪‬‬ ‫عْلللللللللللل ٌ‬‫ه ِ‬ ‫َلللللللللللل َ‬
‫ك ِبللللللللللل ِ‬
‫]السراء‪.[36 :‬‬
‫وقصصال رسصصول اللصصه ‪" :‬إن الصللدق‬
‫يهدي إلى الللبر وإن الللبر يهللدي إللى‬
‫الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتللب‬
‫عند الله صللديقا‪ ،‬وإن الرجللل ليكللذب‬
‫حتى يكتب عند الله كذابا" متفق عليه‪.‬‬
‫وقال ‪" ‬أربع مللن كللن فيلله‪ ،‬كللان‬
‫صا‪ ،‬ومن كانت فيه خصلة‬ ‫قا خال ً‬ ‫مناف ً‬
‫منهن‪ ،‬كللانت فيلله خصلللة مللن نفللاق‬
‫حللتى يللدعها‪ ،‬إذا اؤتمللن خللان‪ ،‬وإذا‬
‫حللدث كللذب‪ ،‬وإذا عاهللد غللدر‪ ،‬وإذا‬
‫خاصم فجر" متفق عليه‪.‬‬
‫وقصصال ‪" :‬ول يللزال العبللد يكللذب‬
‫ويتحرى الكذب حتى يكتللب عنللد الللله‬
‫كذابا"‪.‬‬

‫‪-110-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪1‬‬ ‫ونسوه‬

‫فالكذب على الشخص حرام سواء كان‬


‫الرجل مسلما أو كافًرا‪ ،‬بّرا أو فصصاجًرا‪ ،‬لكصصن‬
‫الفتراء على المؤمن أشد‪ ،‬بل الكصصذب كلصصه‬
‫حرام)‪.(1‬‬
‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫إياك والكذب فصصإنه يفسصصد عليصصك تصصصور‬
‫المعلومات على ما هي عليه‪ ،‬ويفسد عليصصك‬
‫تصصصويرها وتعليمهصصا للنصصاس‪ ،‬فصصإن الكصصاذب‬
‫ما‪،‬‬
‫دا‪ ،‬والموجود معصصدو ً‬ ‫يصور المعدوم موجو ً‬
‫والحق باط ً‬
‫ل‪ ،‬والباطصصل حّقصصا‪ ،‬والخيصصر ش صّرا‪،‬‬
‫والشر خيصًرا‪ ،‬فيفسصصد عليصه تصصصوره وعلمصصه‬
‫عقوبصصة لصصه‪ ،‬ونفصصس الكصصاذب معرضصصة عصصن‬
‫الحقيقة الموجودة نزاعة إلى العصصدم مصصؤثرة‬
‫للباطل)‪.(2‬‬
‫والكصصذب أسصصاس الفجصصور كمصصا قصصال ‪:‬‬
‫"إن الكذب يهللدي إلللى الفجللور‪ ،‬وإن‬
‫الفجور يهدي إلى النار"‪.‬‬
‫وأول ما يسرى الكذب من النفس إلصصى‬

‫)( الفتاوى )‪.(223 /28‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الفوائد‪.(178) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-111-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪2‬‬ ‫ونسوه‬

‫اللسان فيفسصصده ثصصم يسصصري إلصصى الجصصوارح‬


‫فيفسصصد عليهصصا أعمالهصصا كمصصا أفسصصد اللسصصان‬
‫أقصصصواله فيعصصصم الكصصصذب أقصصصواله وأعمصصصاله‬
‫وأحواله‪ ،‬فيستحكم عليصصه الفسصصاد ويصصترامى‬
‫داؤه إلى الهلكة إن لم يتصصداركه اللصصه بصصدواء‬
‫الصدق يقلع تلك المادة من أصلها)‪.(1‬‬
‫قال‪ :‬مالك بن دينار‪ :‬الصدق والكذب‬
‫يعتركصصان فصصي القلصصب حصصتى يخصصرج أحصصدهما‬
‫صاحبه)‪.(2‬‬
‫وقال الحسن‪ :‬تكلم قوم عند معاويصصة‬
‫رحمه الله والحنف بن قيس ساكت‪ ،‬فقصصال‬
‫له‪ :‬ما لك يصصا أبصصا بحصصر ل تتكلصصم؟ فقصصال لصصه‪:‬‬
‫أخشصصصصى اللصصصصه إن كصصصصذبت وأخشصصصصاك إن‬
‫صدقت)‪.(3‬‬
‫وقد قال‪ :‬عمر بن عبد العزيز رضصصي‬
‫الله عنه‪ :‬ما كصصذبت منصصذ علمصصت أن الكصصذب‬
‫يضر أهله)‪.(4‬‬
‫فالكذب يا أخي يسقي باب كل شر كما‬
‫الفوائد‪(178) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الحياء )‪.(146 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الحياء )‪.(120 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫السير )‪.(5/121‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-112-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪3‬‬ ‫ونسوه‬

‫يسقى الماء أصول الشجر)‪.(1‬‬


‫ولنه باب كل شر قال المام الشصصافعي‬
‫رحمه الله تعالى‪ :‬ما حلفت بالله صصصادقا ول‬
‫كاذبا)‪.(2‬‬
‫وافترى رجل علصصى زيصصن العابصصدين بيصصن‬
‫الحسصصين فقصصال لصصه‪ :‬إن كنصصت كمصصا قلصصت‬
‫فاستغفر الله‪ ،‬وإن لم أكن كما قلت‪ ،‬فصصالله‬
‫يغفر لك‪ ،‬فقبل رأسه وقصصال‪ :‬جعلصصت فصصداك‬
‫لسصصت كمصصا قلصصت‪ ،‬فصصاغفر‪ ،‬قصصال‪ :‬غفصصر اللصصه‬
‫لك)‪.(3‬‬
‫وقال رجصصل للشصصعبي كلمصصا أقصصذع فيصصه‪:‬‬
‫فقال له‪ :‬إن كنت صادقا غفر اللصصه لصصي وإن‬
‫كنت كاذبا غفر الله لك)‪.(4‬‬
‫وأصصصل أعمصصال القلصصوب كلهصصا الصصصدق‬
‫وأضدادها من الرياء والعجب والكبر والفخر‬
‫والخيلء والبطصصر والشصصر والعجصصز والجبصصن‬
‫والمهانة وغيرها أصلها الكصصذب‪ ،‬فكصصل عمصصل‬

‫كتاب الصمت )‪.(250‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫السير )‪.(36 /10‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫شذرات الذهب )‪.(105 /1‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫وفيات العيان )‪.(14 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-113-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪4‬‬ ‫ونسوه‬

‫صالح ظاهر أو باطن فمنشؤه الصدق‪ ،‬وكل‬


‫عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب‪،‬‬
‫واللصصه تعصصالى يعصصاقب الكصصذاب بصصأن يقعصصده‬
‫ويثبطه عن مصالحه ومنافعه ويثيب الصادق‬
‫بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته‪ ،‬فما‬
‫اسصصتجلبت مصصصالح الصصدنيا والخصصرة بمثصصل‬
‫الصصصدق‪ ،‬ول مفاسصصدهما ومضصصارهما بمثصصل‬
‫الكذب)‪.(1‬‬
‫أو مفعلة السوء‬ ‫ل يكذب المرء إل‬
‫أو من قلة الدب‬ ‫في مهانته‬
‫ولقد استرسل بعض الناس في الكصصذب‬
‫وعدوه مندحة وذكصصاء‪ ،‬والكصصذب هصصو الكصصذب‬
‫لي سبب كان‪ ،‬قال عبد الله بن عامر‪ :‬جصصاء‬
‫رسول الله ‪ ‬إلى بيتنا وأنا صغير‪ ،‬فصصذهبت‬
‫للعب فقالت أمي‪ :‬يا عبد الله تعصصالى حصصتى‬
‫أعطيك‪ ،‬فقال رسول الله ‪" :‬ومللا أردت‬
‫أن تعطيه" قالت‪ :‬تمرا‪ ،‬فقال‪" :‬أما إنللك‬
‫لو لم تفعلي لكتبت عليك كذبللة" رواه‬
‫أبو داود‪.‬‬
‫روي عن أبي عبد الرحمن الخريللبي‬

‫)( الفوائد‪.(178) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-114-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪5‬‬ ‫ونسوه‬

‫قال‪ :‬ما كذبت إل مرة واحدة قصصال لصي أبصصي‬


‫قرأت على المعلم؟ قلصصت‪ :‬نعصصم‪ ،‬ولصصم أكصصن‬
‫قرأت)‪.(1‬‬
‫وسمع طلحة بن أبللي مصللرف رجل‬
‫يعتذر إلى رجل فقال‪ :‬ل تكثر العتصصذار إلصصى‬
‫أخيك أخاف أن يبلغ بك الكذب)‪.(2‬‬
‫وقال علي بصصن أبصصي طصصالب رضصصي اللصصه‬
‫عنصصه‪ :‬أعظصصم الخطايصصا عنصصد اللصصه اللسصصان‬
‫الكذوب وشر الندامة ندامة يوم القيامة)‪.(3‬‬
‫ول مثل عقل‬ ‫لعمرك ما للمرء‬
‫للمرء( حافظ‬
‫)‪4‬‬ ‫المرء‬ ‫حافظ‬
‫يلقيك‬ ‫كالرب‬
‫لسانك ل‬
‫أنت لفظ‬
‫في الغي لفظه‬
‫أخللي الحللبيب‪ :‬لنصصرى مصصدى الوفصصاء‬
‫بوعودهم وصدق حديثهم‪ ..‬لما حضرت عبد‬
‫الله بن عمرو الوفاة قال‪ :‬إنه كان خطب‬
‫إلي ابنتي رجل من قريش‪ ،‬وقصصد كصصان منصصي‬
‫إليه شبيه الوعد‪ ،‬فو اللصصه ل ألقصصى اللصصه عصصز‬
‫وجل بثلث النفاق‪ ،‬اشهدوا أنصصي قصصد زوجتهصصا‬

‫تذكرة الحفاظ‪.(338 /1) :‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫حلية الولياء )‪.(17 /5‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الحياء )‪.(146 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫كتاب الصمت )‪.(305‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫‪-115-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪6‬‬ ‫ونسوه‬

‫أياه)‪.(1‬‬
‫من بعد تقوى الله‬ ‫أدبت نفسي فما‬
‫من صمتها‬ ‫أدب‬ ‫من‬
‫أفضل‬ ‫كللها‬
‫حالتها‬ ‫وجدت‬
‫في‬
‫الكذبالجلل‬ ‫عن‬
‫حرمها ذو‬ ‫قصرت‬
‫الناس إن‬ ‫وإن‬
‫وغيبة‬
‫الكتب‬
‫في )‪(2‬‬ ‫كان من فضة‬‫غبتهم‬
‫إن‬
‫ذهب‬
‫كلمك يا‬
‫جاءت أخت الربيع بن خثيم عصصائدة إلصصى‬
‫بني له‪ ،‬فأنكبت عليه‪ ،‬فقالت‪ :‬كيف أنصصت يصصا‬
‫بنصصي؟ فقصصال الربيصصع‪ :‬أرضصصعتيه؟ قصصالت‪ :‬ل‪،‬‬
‫قصصال‪ :‬مصصا عليصصك لصصو قلصصت يصصا ابصصن أخصصي‪،‬‬
‫فصدقت)‪.(3‬‬
‫وهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله‬
‫تعالى يقصصول‪ :‬مصصا كصصذبت كذبصصة منصصذ شصصددت‬
‫على إزاري)‪.(4‬‬
‫وحين سئل خالد بللن صللبيح أيسصصمى‬
‫الرجل كاذبا بكذبة واحدة؟ قال‪ :‬نعم)‪.(5‬‬
‫وكانوا مصن شصدة حرصصهم علصى تصوخي‬

‫صفة الصفوة )‪.(1/659‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫كتاب الصمت )‪.(312‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫كتاب الصمت )‪.(255‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫كتاب الصمت )‪.(241‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫الحياء )‪.(146 /3‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫‪-116-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪7‬‬ ‫ونسوه‬

‫الصدق يعدون زلت لسانهم فهذا الحنللف‬


‫بن قيس يقول‪ :‬ما كذبت منصصذ أسصصلمت إل‬
‫مرة واحصصدة‪ ،‬فصإن عمصر سصصألني عصن ثصصوب‪:‬‬
‫بكم أخذته؟ فأسقطت ثلثي الثمن)‪.(1‬‬
‫لنرى بعضا من خلق المصصام أبصصي حنيفصصة‬
‫رحمه الله تعالى‪:‬‬
‫كان أبو حنيفة قد جعل علصصى نفسصصه أن‬
‫ل يحلف بالله فصصي عصصرض كلمصصه إل تصصصدق‬
‫بصصدرهم‪ ،‬فحلصصف فتصصصدق بصصه ثصصم جعصصل أن‬
‫يتصدق بدينار‪ ،‬فكصصان إذا حلصصف صصصادقا فصصي‬
‫عرض الكلم تصدق به‪ ،‬وكان إذا أنفق على‬
‫عياله نفقة تصدق بمثلها‪ ،‬وكصصان إذا اكتسصصى‬
‫ثوبا جديدا كسى بقدر ثمنه الشيوخ العلماء‪،‬‬
‫وكان إذا وضع بيصصن يصصديه الطعصصام أخصصذ منصصه‬
‫فوضصعه علصى الخصبز حصتى يأخصذ منصه بقصدر‬
‫ضعف ما كان يأكل‪ ،‬فيضعه على الخصصبز ثصصم‬
‫يعطيه إنسانا فقيرا‪ ،‬فإن كان في الدار مصصن‬
‫عيصصاله إنسصصان يحتصصاج إليصصه دفعصصه إليصصه‪ ،‬وإل‬
‫أعطاه مسكيًنا)‪.(2‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(253‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تاريخ بغداد )‪.(358 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-117-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪8‬‬ ‫ونسوه‬

‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫هل نعجز أن نستفيد من بعض أفعصصالهم‬
‫فنطبقها على أنفسنا شصصيئا فشصصيئا فصصالنفس‬
‫إذا كان لديها الرغبة في الخيصصر أعانهصصا اللصصه‬
‫ووفقها فلماذا ل نبصصادر ونعصصود النفصصس علصصى‬
‫الخير والمعروف‪.‬‬
‫عن أبي بصصردة بصصن عبصصد اللصصه قصصال كصصان‬
‫يقال‪ :‬إن ربعي بللن ح لراش رضصصي اللصصه‬
‫عنه لم يكذب كصصذبا قصصط‪ ،‬فأقبصصل ابنصصاه مصصن‬
‫خرسان قد تأجل فجاء العريف إلى الحجصصاج‬
‫فقصال‪ :‬أيهصا الميصر‪ :‬إن النصاس يزعمصون أن‬
‫ربعي بن حراش لم يكصذب قصط‪ ،‬وقصد قصدم‬
‫ابنصصاه مصصن خرسصصان وهمصصا عاصصصيان‪ ،‬فقصصال‬
‫الحجللاج علللي بصصه فلمصصا جصصاء قصصال‪ :‬أيهصصا‬
‫الشيخ‪ ،‬قال‪ :‬ما تشاء؟ قال‪ :‬ما فعل ابناك؟‬
‫قال‪ :‬الله المسصصتعان خلفتهمصصا فصصي الصصبيت؟‬
‫قصصال‪ :‬ل جصصرم واللصصه ل أسصوءك فيهمصصا همصصا‬
‫لك)‪.(1‬‬
‫بأذهب للمروءة‬ ‫وما شيء إذا‬
‫والجمال‬ ‫فكرت فيه‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(229‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-118-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪9‬‬ ‫ونسوه‬

‫)‪(1‬‬
‫الرجال‬ ‫من الكذب الذي ل‬
‫خير فيه‬
‫وقد نقل عن السلف أن في المعصصاريض‬
‫مندوحة عن الكذب قال رضي الله عنه‪ :‬أما‬
‫في المعاريض ما يكفي الرجل عن الكذب؟‬
‫وإنمصصا أرادوا بصصذلك إذا اضصصطر النسصصان‬
‫إلصصى الكصصذب فأمصصا إذا لصصم تكصصن لصصه حاجصصة‬
‫وضصصرورة فل يجصصوز التعريصصض ول التصصصريح‬
‫جميعا‪ ،‬ولكن التعريض أهون‪.‬‬
‫وكان إبراهيم النخعي إذا طلبصصه مصصن‬
‫يكصصره أن يخصصرج إليصصه وهصصو فصصي الصصدار قصصال‬
‫للجارية‪ :‬قولي لصصه اطلبصصه فصصي المسصصجد ول‬
‫تقولي له ليس ههنا كيل يكون كذبا‪.‬‬
‫وكصصان الشصصعبي إذا طلصصب فصصي المنصصزل‬
‫وهو يكرهه خط دائرة وقال للجارية‪ :‬ضصصعي‬
‫الصبع فيها وقولي ليس ههنا‪.‬‬
‫وهذا كله في موضصصع الحاجصصة فأمصصا فصصي‬
‫غيصصر موضصصع الحاجصصة فل‪ ،‬لن هصصذا تفهيصصم‬
‫الكذب‪ ،‬وإن لم يكن اللفظ كذبًا فهو مكروه‬

‫)( أدب الدنيا والدين )‪.(253‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-119-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪0‬‬ ‫ونسوه‬

‫على الجملة)‪.(2‬‬
‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫إن اللسان لما‬ ‫عود لسانك قول‬
‫عودت معتاد‬
‫لنفسك‬ ‫فاختر‬ ‫موكل تحظ به‬
‫بتقاضي ما‬ ‫الخير‬
‫وانظر كيف ترتاد‬ ‫سننت له‬

‫)( الحياء )‪.(149 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-120-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪1‬‬ ‫ونسوه‬

‫)‪(1‬‬
‫الستهزاء‬
‫ممصصا شصصاع بيصصن النصصاس وفصصي بعصصض‬
‫المجالس السخرية والستهزاء وهصصو محصصرم‬
‫من ُللوا َل‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫هللا ال ّل ِ‬‫قصصال تعصصالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫كوُنوا‬‫ن يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫خْر َ‬
‫سى أ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬‫قو ٌ‬ ‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫سللى‬ ‫ع َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ن نِ َ‬‫م ْ‬ ‫ساءٌ ِ‬ ‫وَل ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬
‫خي ًْرا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن ‪] ‬الحجرات‪.[11 :‬‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫خي ًْرا ِ‬‫ن َ‬ ‫ن ي َك ُ ّ‬‫أ ْ‬
‫ومعنصصى السصصخرية السصصتهانة والتحقيصصر‬
‫والتنبيه على العيوب والنقصصائص وقصصد يكصصون‬
‫ذلصصك بالمحاكصصاة فصصي الفعصصل والقصصول‪ ،‬وقصصد‬
‫يكون بالشارة واليماء)‪.(2‬‬
‫وأشد أنلواع السللتهزاء‪ :‬السصصتهزاء‬
‫بالدين وأهله‪ ،‬ولخطورته وعظم أمصصره فقصصد‬
‫أجمصصع العلمصصاء علصصى أن السصصتهزاء بصصالله‬
‫وبدينه وبرسوله كفر بواح‪ ،‬يخرج من الملصصة‬
‫بالكلية‪.‬‬
‫قصصصال شصصصيخ السصصصلم ابصصصن تيميصصصة‪ :‬إن‬
‫الستهزاء بصالله وآيصصاته ورسصصوله كفصصر يكفصصر‬

‫)( هذا الموضصصوع لصصم يكصصن فصصي أصصصل الكتصصاب‬ ‫‪1‬‬

‫ولهميته أضفته على ما فيه من قصور‪.‬‬


‫)( الحياء )‪.(140 /3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-121-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪2‬‬ ‫ونسوه‬

‫صاحبه بعد إيمانه)‪.(3‬‬


‫ولقصصصد تفنصصصن فصصصي أنصصصواع السصصصخرية‬
‫والستهزاء فهناك من يهصصزأ بالحجصصاب وآخصصر‬
‫بتنفيصصذ الحكصصام الشصصرعية ولرجصصال المصصر‬
‫بالمعروف والنهي عصصن المنكصصر نصصصيب مصصن‬
‫ذلك‪ ..‬كما أن السنة أيضصصا لهصصا نصصصيب فهصصذا‬
‫الستهزاء باللحية وقصر الثوب وغيره‪.‬‬
‫ولنعلصصم خطصصورة السصصتهزاء علصصى ديصصن‬
‫الرجل‪ ..‬ما نسمعه يتلى في سصصورة التوبصصة‪:‬‬
‫َ‬
‫مللا ك ُّنللا‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬ ‫قللول ُ ّ‬ ‫م ل َي َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫سللأل ْت َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ول َئ ِ ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫قلل ْ َ‬
‫ه‬
‫وآَيللات ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل أِبللالل ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫علل ُ‬ ‫ون َل ْ َ‬ ‫ض َ‬‫خللو ُ‬ ‫نَ ُ‬
‫ن * َل‬ ‫زُئو َ‬ ‫ه ِ‬ ‫سللللت َ ْ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ه ك ُن ُْتلللل ْ‬ ‫سللللول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م إِ ْ‬‫مللان ِك ُ ْ‬ ‫ع لدَ ِإي َ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫فْرت ُل ْ‬ ‫ق لد ْ ك َ َ‬ ‫ذُروا َ‬ ‫عت َ ِ‬‫تَ ْ‬
‫ة‬‫فلل ً‬‫طائ ِ َ‬‫ب َ‬ ‫عللذّ ْ‬ ‫م نُ َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ف ٍ‬ ‫طائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫َ‬
‫ن ‪] ‬اليتصصان‪،65 :‬‬ ‫مي ل َ‬ ‫ر ِ‬‫ج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ك َللاُنوا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب ِأن ّ ُ‬
‫‪[66‬‬
‫وقد ورد في سبب نزولهصصا أن رجل مصصن‬
‫المنصصافقين قصصال‪ :‬مصصا أرى قراءنصصا هصصؤلء إل‬
‫أرغبنصصا بطونصصا‪ ،‬وأكصصذبنا ألسصصنة‪ ،‬وأجبنصصا عنصصد‬

‫)( الفتاوى‪.(273 /7) :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-122-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪3‬‬ ‫ونسوه‬

‫اللقاء فرفع ذلك إلى الرسول ‪ ‬فجاء إلصصى‬


‫رسصصول اللصصه ‪ ‬وقصصد ارتحصصل وركصصب نصصاقته‬
‫فقال يا رسول الله‪ :‬إنما كنا نخوض ونلعصصب‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ك ُن ُْتلل ْ‬‫سللول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬
‫وآَيللات ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫فقال‪ :‬أِبالل ِ‬
‫ن‪‬‬ ‫مي َ‬ ‫ر ِ‬‫ج ِ‬‫م ْ‬‫ن ‪ ‬إلى قصصصوله‪ُ  :‬‬ ‫زُئو َ‬ ‫ه ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫تَ ْ‬
‫وإن رجليصصه لتنسصصفان الحجصصارة ومصصا يلتفصصت‬
‫إليصصه رسصصول اللصصه ‪ ‬وهصصو متعلصصق بنسصصعة‬
‫رسول الله ‪.(1)‬‬
‫وثابت من سصصيرة رسصصول اللصصه ‪ ‬أنصصه‬
‫أرحم النصصاس بالنصصاس‪ ،‬وأقبصصل النصصاس عصصذرا‬
‫للنصصاس‪ ،‬ومصصع ذلصصك كلصصه لصصم يقبصصل عصصذرا‬
‫لمسصصصتهزئ ولصصصم يلتفصصصت لحجصصصة سصصصاخر‬
‫ضاحك)‪.(2‬‬
‫ولعلك أخي لحظصت فصي اليصة الكريمصة‬
‫أن الله شهد لهصصم باليمصصان قبصصل السصصتهزاء‬
‫م ‪.‬‬ ‫مان ِك ُ ْ‬‫عدَ ِإي َ‬‫م بَ ْ‬‫فْرت ُ ْ‬‫قد ْ ك َ َ‬‫فقال‪َ  :‬‬
‫ولقصصصصد فضصصصصح اللصصصه تعصصصالى موقصصصصف‬
‫المسصصتهزئين بصصالمؤمنين فقصصال تعصصالى‪ :‬‬

‫)( تفسير ابن كثير )‪.(111 /4‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الستهزاء بالدين وأهله )‪.(11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-123-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪4‬‬ ‫ونسوه‬

‫حَيللاةُ الللدّن َْيا‬ ‫فللُروا ال ْ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ل ِّللل ِ‬ ‫ُزّيلل َ‬


‫ن‬‫ذي َ‬ ‫وال ّل ِ‬ ‫من ُللوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّل ِ‬ ‫مل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫خُرو َ‬ ‫س َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫والللل ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ملل ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫م َيلل ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫و َ‬ ‫فلل ْ‬ ‫وا َ‬ ‫قلل ْ‬ ‫ات ّ َ‬
‫ب‪‬‬ ‫سللا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْللل ِ‬ ‫شلللاءُ ب ِ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫مللل ْ‬ ‫َيللْرُزقُ َ‬
‫]البقرة‪. [212 :‬‬
‫والبعصصض إذا قيصصل لصصه هصصذا مصصن بصصاب‬
‫السصصتهزاء بالصصدين‪ ،‬قصصال‪ :‬نحصصن لصصم نقصصصد‬
‫الدين‪ ،‬ولم نقصصصد الرجصل بصصذاته‪ ،‬بصصل نمصزح‬
‫ونمرح‪ ..‬ومصصا علصم إلصصى أيصصن يصصؤدي بصصه هصصذا‬
‫المرح وذاك المزاح؟‬
‫خزي في الدنيا وعذاب في الخرة‪.‬‬
‫هلك ودمار في العاجلصصة وعصصذاب مقيصصم‬
‫في الجلة)‪.(1‬‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫سُئوا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫لا ْ‬ ‫قا َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن‬ ‫ملل ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ريلل ٌ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كللا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن * إ ِّنلل ُ‬ ‫مللو ِ‬ ‫وَل ت ُك َل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫فْر ل َن َللا‬ ‫غ ِ‬ ‫فللا ْ‬ ‫من ّللا َ‬ ‫ن َرب ّن َللا آ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫عَباِدي ي َ ُ‬ ‫ِ‬
‫ن*‬ ‫وارحمن َلللا َ‬
‫ميللل َ‬ ‫ح ِ‬ ‫خي ْلللُر الّرا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وأن ْللل َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫وك ُ ْ‬ ‫سل ْ‬ ‫حت ّللى أن ْ َ‬ ‫رّيا َ‬ ‫خ ِ‬ ‫سل ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مو ُ‬ ‫خلذْت ُ ُ‬ ‫فات ّ َ‬ ‫َ‬

‫)( الستهزاء بالدين وأهله )‪ (71‬يرجع للكتصصاب‬ ‫‪1‬‬

‫ففيه مباحث هامة واستشهادات جيدة‪.‬‬

‫‪-124-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪5‬‬ ‫ونسوه‬

‫ن * إ ِن ّللي‬ ‫كو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ضل َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫هل ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫وك ُن ْت ُ ْ‬‫ري َ‬ ‫ِذك ْ ِ‬


‫َ‬
‫م‬‫هل ُ‬‫م ُ‬ ‫هل ْ‬ ‫ص لب َُروا أن ّ ُ‬ ‫مللا َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫و َ‬‫م ال ْي َ ْ‬ ‫ه ُ‬‫جَزي ْت ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ‪] ‬المؤمنون‪.[111-108 :‬‬ ‫فائ ُِزو َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬
‫ذو َ‬ ‫ؤ ُ‬‫ن يُل ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫واّللل ِ‬ ‫وقصصال جصصل وعل‪َ  :‬‬
‫ملللا‬ ‫ر َ‬ ‫غْيللل ِ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫مَنلللا ِ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫مللل ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫وإ ِث ْ ً‬
‫مللا‬ ‫هَتان ًللا َ‬ ‫مل ُللوا ب ُ ْ‬
‫حت َ َ‬‫دا ْ‬ ‫قل ِ‬ ‫ف َ‬ ‫سلُبوا َ‬ ‫اك ْت َ َ‬
‫مِبيًنا ‪] ‬الحزاب‪.[58 :‬‬ ‫ُ‬
‫قصصصال رسصصصول اللصصصه ‪" :‬إن الرجللل‬
‫ليتكلم بالكلمة ليضللحك بهللا جلسللاءه‬
‫يهوي بها مللن أبعللد مللن الثريللا" رواه‬
‫أحمد‪.‬‬
‫وعندما رأى أبو الصصدرداء امصصرأة سصصليطة‬
‫اللسان قال‪ :‬لصصو كصصانت هصصذه خرسصصاء لكصصان‬
‫خيرا لها)‪.(1‬‬
‫وقصصال عبللد الللله بللن مسللعود‪ :‬لصصو‬
‫سخرت من كلب‪ ،‬لخشصصيت أن أكصصون كلبصصا‪،‬‬
‫وإني أكره أن أرى الرجل فارغصصا ليصصس فصصي‬
‫عمل آخرة ول دينا)‪.(2‬‬

‫)( كتاب الصمت )‪.(89‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( السير )‪.(496 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-125-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪6‬‬ ‫ونسوه‬

‫وهذا مالك بن دينار يقول‪ :‬كفى بصصالمرء‬


‫خيانة أن يكون أمينا للخونصصة‪ ،‬وكفصصى المصصرء‬
‫شصصصصرا أن ل يكصصصصون صصصصصالحا ويقصصصصع فصصصصي‬
‫الصالحين)‪.(1‬‬
‫وكصصان علللي بللن الحسللين يقصصول‪ :‬ل‬
‫يقول رجل من الخير ما ل يعلصصم‪ ،‬إل أوشصصك‬
‫أن يقول من الشر ما ل يعلم)‪.(2‬‬
‫فأحذر زلة لسان تزل بهصصا القصصدام إلصصى‬
‫نصصار تلظصصى‪ .‬حمانصصا اللصصه وإيصصاكم مصصن زلت‬
‫اللسان ومن غضب الرحمن‪.‬‬
‫أخلللي الحلللبيب‪ :‬قصصصال الرسصصصول ‪‬‬
‫لصحابه‪" :‬أتدرون من المفلس" قصصالوا‪:‬‬
‫يا رسول الله المفلس فينا من ل درهصصم لصصه‬
‫ول متاع قال ‪" :‬إن مفلس أمتي مللن‬
‫يللأتي يللوم القيامللة بقيللام وصلليام‬
‫وصلة وزكاة وحج‪ ،‬ويأتي وقد شللتم‬
‫هذا وسفك دم هذا وأكللل مللال هللذا‪،‬‬
‫ونال من عرض هذا‪ ،‬فيؤخذ لهذا مللن‬
‫حسناته ولهذا من حسناته فإذا فنيت‬

‫)( صفة الصفوة )‪.(286 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( البداية والنهاية )‪.(121 /9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-126-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪7‬‬ ‫ونسوه‬

‫حسناته قبل أن يقضي ما عليلله أخللذ‬


‫من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طللرح‬
‫في النار"‪.‬‬
‫ولقد تحققت كثير مصصن العقوبصصات علصصى‬
‫من استهزأ بشيء مصصن كتصصاب اللصصه أو سصصنة‬
‫رسول الله ‪ ‬أو بعباده الصصصالحين وأوليصصائه‬
‫المتقين‪.‬‬
‫حكى ابن خلكان قصصال‪ :‬بلغنصصا أن رجل‬
‫يدعي أبا سلمة من ناحية بصرى كصصان فيصصه‬
‫مجون واستهتار‪ ،‬فذكر عنصصده السصصواك ومصصا‬
‫فيه من الفضيلة فقصصال‪ :‬واللصصه ل أسصصتاك إل‬
‫فصصي المخصصرج )يعنصصي دبصصره( فأخصصذ سصصواكا‬
‫فوضعه في مخرجه ثم أخرجه‪ ،‬فمكث بعده‬
‫تسصصعة أشصصهر وهصصو يشصصكو مصصن ألصصم البطصصن‬
‫والمخرج‪ ،‬فوضع ولدا علصصى صصصفة الجصصرذان‬
‫له أربعة قوائم ورأسه كرأس السصصمكة ولصصه‬
‫أربعصصة أنيصصاب بصصارزة وذنصصب طويصصل وأربعصصة‬
‫أصابع ولصصه دبصصر كصصدبر الرنصصب‪ ،‬ولمصصا وضصصعه‬
‫صصصاح ذلصصك الحيصصوان ثلث صصصيحات فقصصامت‬
‫ابنصصة ذلصصك الرجصصل فرضصصحت رأس الحيصصوان‬
‫الغريب وعاش ذلك الرجصصل بعصصد وضصصعه لصصه‬

‫‪-127-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪8‬‬ ‫ونسوه‬

‫يومين ومات في الثالث‪.‬‬


‫وكان يقول‪ :‬هذا الحيوان قتلنصصي وقطصصع‬
‫أمعصصائي‪ ،‬قصصال ابصصن كصصثير‪ :‬وقصصد شصصاهد ذلصصك‬
‫جماعة من أهل تلصصك الناحيصصة وخطبصصاء ذلصصك‬
‫المكان ومنهصصم مصصن رأى ذلصصك الحيصصوان حيصصا‬
‫ومنهم من رآه بعد موته)‪.(1‬‬
‫هذه قصة واحدة جرت في زمن مضي‪،‬‬
‫وهناك الكثير لو تتبعنا كتب السير والتاريخ‪.‬‬
‫ونعصود لعصصرنا الحاضصر يحصدثنا العلمصة‬
‫أحمد محمد شاكر رحمه اللصصه فيقصصول‪ :‬كصصان‬
‫)الشصصيخ طصصه حسصصين( طالبصصا فصصي الجامعصصة‬
‫المصرية القديمة‪ ،‬وتقرر إرسصصاله فصصي بعثصصة‬
‫إلى أوربصصا فصصأراد حضصصرة السصصلطان حسصصين‬
‫رحمصصه اللصصه أن يكرمصصه بعطفصصه ورعصصايته‪،‬‬
‫فاستقبله في قصره استقبال كريما‪ ،‬وحبصصاه‬
‫هدية قيمة المغزي والمعنى‪.‬‬
‫وكصصان مصصن خطبصصاء المسصصاجد التصصابعين‬
‫لصصوزارة الوقصصاف‪ ،‬خطيصصب فصصصيح متكلصصم‬

‫‪ (263‬بسصصصصتان‬ ‫)( البدايصصصصة والنهايصصصصة )‪/13‬‬ ‫‪1‬‬

‫العارفين )‪.(51‬‬

‫‪-128-‬‬
‫‪12‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪9‬‬ ‫ونسوه‬

‫مقتدر‪ ،‬هصصو الشصصيخ محمصصد المهصصدي خطيصصب‬


‫مسصصجد عزبصصان‪ ،‬وكصصان السصصلطان حسصصين‬
‫رحمه الله مواظبا على صلة الجمعة‪.‬‬
‫فصصصصلى الجمعصصصة يومصصصا مصصصا‪ ،‬بمسصصصجد‬
‫المبدولي القريب من قصر عابدين العصصامر‪،‬‬
‫وندبت وزارة الوقاف ذلصك الخطيصب لصذلك‬
‫اليصصصوم وأراد الخطيصصصب أن يمصصصدح عظمصصصة‬
‫السلطان‪ ،‬وأن ينوه بما أكصصرم )الشصصيخ طصصه‬
‫حسصصين( وحصصق لصصه أن يفعصصل‪ ،‬ولكصصن خصصانته‬
‫فصصصاحته وغلبصصه حصصب التعصصالي فصصي المصصدح‪،‬‬
‫فزل زلة لم تقم له قائمة من بعدها‪.‬‬
‫إذ قال أثناء خطبتصصه جصصاءه العمصصى فمصصا‬
‫عبس في وجهه وما تولى‪ ،‬وكان من شصصهود‬
‫هصصذه الصصصلة والصصدي الشصصيخ محمصصد شصصاكر‬
‫وكيل الزهصصر سصصابقا رحمصصه اللصصه فقصصام بعصصد‬
‫الصلة يعلن الناس في المسجد أن صلتهم‬
‫باطلصصة‪ ،‬وأمرهصصم أن يعيصصدوا صصصلة الظهصصر‬
‫فأعادوها‪ ،‬ذلك بأن الخطيب كفصصر بمصصا شصصتم‬
‫رسول الله ‪ ‬تعريضا ل تصصصريحا‪ ،‬لن اللصصه‬
‫سبحانه عتصصب علصصى رسصصوله ‪ ‬حيصصن جصصاءه‬

‫‪-129-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪0‬‬ ‫ونسوه‬

‫ابن أم مكتصصوم العمصصى‪ ،‬وهصصو يحصصدث بعصصض‬


‫صناديد قريش يدعوهم إلى السلم‪.‬‬
‫فأعرض عصصن العمصصى قليل ً حصصتى يفصصرغ‬
‫من حديثه فأنزل الله عتاب رسوله في هذه‬
‫السصصورة الكريمصصة ثصصم جصصاء هصصذا الخطيصصب‬
‫الحمصصق الجاهصصل‪ ،‬يريصصد أن يتملصصق عظمصصة‬
‫السلطان رحمه الله وهصصو عصصن تملقصصه غنصصي‬
‫والحمد لله‪ ،‬فمدحه بمصصا يصصوهم السصصامع أنصصه‬
‫يريد إظهار منقبة لعظمته‪ ،‬بالقياس إلى مصصا‬
‫عاتب الله عليه رسوله‪ ،‬واستغفر اللصصه مصصن‬
‫حكاية هذا فكصصان صصصنع الخطيصصب المسصصكين‬
‫تعريضا برسول الله ‪ ‬ل يرضى بصصه مسصصلم‬
‫وفي مقدمة من ينكره السلطان نفسه‪.‬‬
‫ولكن الله لم يدع لهصصذا المجصصرم جرمصصه‬
‫في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الخرى‪،‬‬
‫فأقسم بالله‪ :‬لقد رأيتصصه بعينصصي رأسصصي بعصصد‬
‫بضصصع سصصنين وبعصصد أن كصصان متعاليصصا متنفخصصا‬
‫مستعزا بمن لذبهم من العظماء والكصصبراء‪،‬‬
‫رأيته مهينا ذليل خادما على باب مسجد من‬
‫مسصصاجد القصصاهرة‪ ،‬يتلقصصى نعصصال المصصصلين‬

‫‪-130-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪1‬‬ ‫ونسوه‬

‫يحفظها في ذلة وصغار حتى لقد خجلت أن‬


‫يراني‪ ،‬وأنا أعرفصصه وهصصو يعرفنصصي‪ ،‬ل شصصفقة‬
‫عليه فما كصصان موضصصعا للشصصفقة ول شصصماتة‬
‫فيه فالرجصصل النبيصصل يسصصمو علصصى الشصصماتة‪،‬‬
‫ولكن ما رأيت من عبرة وموعظة)‪.(1‬‬

‫)( كلمة الحق )‪.(173‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-131-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪2‬‬ ‫ونسوه‬

‫كيف كان لسانه ‪‬‬


‫كان النصصبي ‪ ‬يمتصصاز بفصصصاحة اللسصصان‪،‬‬
‫وبلغصصة القصصول‪ ،‬وكصصان مصصن ذلصصك بالمحصصل‬
‫الفضل‪ ،‬والموضصع الصذي ل يجهصل‪ ،‬سلسصة‬
‫لفصصظ وجزالصصة قصصول‪ ،‬وصصصحة معصصان‪ ،‬وقلصصة‬
‫تكلصصف‪ ،‬أوتصصي جوامصصع الكلصصم‪ ،‬وخصصص ببصصدائع‬
‫الحكم وعلم ألسنة العرب)‪.(1‬‬
‫كان ‪ ‬أعدل الناس وأعفهم وأصصصدقهم‬
‫لهجة وأعظمهم أمانة‪ ،‬اعصترف لصه ممصصا ورد‬
‫أعصصداؤه‪ ،‬وكصصان يسصصمى قبصصل نبصصوته الميصصن‪،‬‬
‫ويتحاكم إليه في الجاهلية قبل السلم‪.‬‬
‫روى الترمصصذي عصصن علصصي‪ :‬أن أبصصا جهصصل‬
‫قال له‪ :‬إنا ل نكذبك ولكن نكصصذب بمصصا جئت‬
‫ك‬‫م َل ي ُك َذُّبون َ َ‬ ‫ه ْ‬‫فإ ِن ّ ُ‬‫به فأنزل الله فيهم ‪َ ‬‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫حلل ُ‬
‫ج َ‬‫ه يَ ْ‬‫ت الللل ِ‬ ‫ن ِبآَيا ِ‬
‫مي َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫ول َك ِ ّ‬
‫َ‬
‫‪ ‬وسأل هرقصصل أبصصا سصصفيان‪ ،‬هصصل تتهمصصونه‬
‫بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال‪ :‬ل)‪.(2‬‬
‫وممصصا رواه البحصصتري قصصال‪ :‬مصصا شصصتم‬

‫)( الرحيق المختوم للمباركفوري )‪.(465‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الرحيق المختوم )‪.(461‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-132-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪3‬‬ ‫ونسوه‬

‫رسول الله ‪ ‬أحدا مصصن المصصؤمنين بشصصتيمة‬


‫إل جعل لها كفارة ورحمصصة ومصصا لعصصن امصصرأة‬
‫قصصط ول خادمصصا بلعنصصة‪ ،‬وقيصصل لصصه وهصصو فصصي‬
‫القتصصال‪ :‬لصصو لعنتهصصم يصصا رسصصول اللصصه فقصصال‪:‬‬
‫"إنما بعثت رحمة ولم أبعث لعانا")‪.(1‬‬
‫كصصان ‪ ‬نصصزر الكلم سصصمح المقالصصة إذا‬
‫نطصق ليصس بمهصزار وكصان كلمصه كخصرزات‬
‫نظمن‪ ،‬قالت عائشة رضي الله عنها كصان ل‬
‫يسرد الكلم كسردكم هذا‪ ،‬كان كلمه نصصزرا‬
‫وأنتم تنثرون الكلم نثرا)‪.(2‬‬
‫وكان ‪ ‬يتكلم بجوامع الكلصصم ل فضصصول‬
‫ول تقصير كأنه يتبع بعضه بعضصصا بيصصن كلمصصه‬
‫توقف يحفظه سامعه ويعيه)‪.(3‬‬
‫يحدثنا أنس خصادم رسصول اللصه ‪ ‬وهصو‬
‫الصصصصصصصصصصصصذي خصصصصصصصصصصصصدم رسصصصصصصصصصصصصول‬
‫الله ‪ ‬عشصصر سصصنوات يقصصول‪ :‬مصصا مسسصصت‬
‫جا ول حريًرا ألين من كصصف رسصصول اللصصه‬ ‫ديبا ً‬
‫‪ ‬ول شممت رائحة قط أطيب من رائحصصة‬
‫)( الحياء‪.(394 /2) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحياء )‪.(397 /2‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( الحياء )‪.(397 /2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-133-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪4‬‬ ‫ونسوه‬

‫رسول الله ‪ ‬ولقد خدمت رسصصول اللصصه ‪‬‬


‫عشر سنين فما قال لي قط‪ ،‬أف‪ ،‬ول قصصال‬
‫لشصصيء فعلتصصه‪ ،‬لصصم فعلتصصه؟ ول لشصصيء لصصم‬
‫أفعله‪ :‬أل فعلت كذا‪.‬‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قصصالت‪ :‬لصصم‬
‫يكن رسول الله ‪ ‬فاحشصصا ول متفحشصصا ول‬
‫صصصخابا فصصي السصصواق‪ ،‬ول يجصصزي بالسصصيئة‬
‫ولكن يعفو ويصفح‪.‬‬
‫وكان جل ضحكه ‪ ‬التبسم وإذا غضصصب‬
‫أعرض وأشاح وإذا فرح غض بصره)‪.(1‬‬
‫وكان رسول الله ‪ ‬ل يقوم ول يجلصصس‬
‫إل على ذكر‪.‬‬
‫ولنصصترك هنصصد بصصن أبصصي هالصصة يصصصف لنصصا‬
‫رسول الله ‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬متواصل‬
‫الحزان‪ :‬دائم الفكرة‪ ،‬ليسصصت لصصه راحصصة ول‬
‫يتكلم في غير حاجة‪ ،‬طويل السكوت وكصصان‬
‫يخزن لسانه إل عمصصا يعنيصصه‪ ،‬يؤلصصف أصصصحابه‬
‫ول يفرقهم)‪.(2‬‬
‫وقد وسع الناس بسصصطه وخلقصصه‪ ،‬فصصصار‬

‫)( مختصر الشمائل المحمدية لللباني )‪.(21‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الرحيق المختوم للمباركفوري )‪.(467‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-134-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪5‬‬ ‫ونسوه‬

‫لهم أبا‪ ،‬وصاروا عنده فصصي الحصصق متقصصاربين‬


‫مجلسه مجلس حلم وحياء وصصصبر وأمانصصة ل‬
‫ترفع فيه الصصصوات ول تصصؤبن فيصصه الحصصرم ل‬
‫تخشى فلتصصأته يتعصصاطفون بصصالتقوى يصصوقرون‬
‫الكصصبير‪ ،‬ويرحمصصون الصصصغير‪ ،‬ويرفصصدون ذا‬
‫الحاجة ويؤنسون الغريب‪.‬‬
‫كصصان دائم البشصصر سصصهل الخلصصق‪ ،‬ليصصن‬
‫الجانب‪ ،‬ليس بفظ‪ ،‬ول غليظ ول صخاب ول‬
‫فحاش‪ ،‬ول عتاب‪ ،‬ول مداح‪ ،‬يتغافصل عمصا ل‬
‫يشتهي‪ ،‬ول يقنط منه‪ ،‬قد تصصرك نفسصصه مصصن‬
‫ثلث‪ :‬الريصصاء‪ ،‬والكثصصار ومصصا ل يعنيصصه‪ ،‬وتصصرك‬
‫الناس من ثلث‪ :‬ل يذم أحصصدا ول يعيصصره‪ ،‬ول‬
‫يطلب عورته‪ ،‬ول يتكلم إل فيما يرجو ثوابه‪،‬‬
‫إذا تكلصصصم أطصصصرق جلسصصصاؤه كأنمصصصا علصصصى‬
‫رءوسصصهم الطيصصر‪ ،‬حصصديثهم حصصديث أولهصصم‬
‫يضصصحك بمصصا يضصصحكون منصصه‪ ،‬ويعجصصب ممصصا‬
‫يعجبصصون منصصه‪ ،‬ويصصصبر علصصى الغريصصب علصصى‬
‫الجفصصوة فصصي المنطصصق‪ ،‬ويقصصول‪ :‬إذا رأيتصصم‬
‫صاحب الحاجة يطلبها فأرفصصدوه‪ ،‬ول يطلصصب‬

‫‪-135-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪6‬‬ ‫ونسوه‬

‫الثناء إل من مكافئ)‪.(1‬‬
‫أكمل له جل وعل الصفات وأحسصصن لصصه‬
‫وإ ِن ّ َ‬
‫ك‬ ‫الدب وأثنصصى عليصصه بقصصوله تعصصالى‪َ  :‬‬
‫ظيم ٍ ‪ ‬بصصأبي هصصو وأمصصي ‪‬‬ ‫ع ِ‬
‫ق َ‬ ‫على ُ ُ‬‫لَ َ‬
‫خل ٍ‬
‫اللهصصم اجمعنصصا معصصه فصصي دار كرامتصصك‪ ،‬فصصإن‬
‫كانت بعصصدت بيننصصا اليصصام‪ ..‬اللهصصم ل تحرمنصصا‬
‫شفاعته يوم القيامة يا أرحم الراحمين ‪.‬‬

‫)( الرحيق باختصار )‪.(468‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-136-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪7‬‬ ‫ونسوه‬

‫المصادر‬
‫‪ -1‬الستهزاء بالدين وأهله د‪ /‬محمد بصصن‬
‫سعيد القحطصصاني دار الصصوطن ط ‪ ،1‬ص ‪1412‬‬
‫هص‪.‬‬
‫‪ -2‬الذكار النووية للمصصام محيصصي الصصدين‬
‫يحيى بن شرف النووي‪ /‬دار الملح للطباعة‬
‫‪ 1391‬هص‪.‬‬
‫‪ -3‬إحيصصصاء علصصصوم الصصصدين لبصصصي حامصصصد‬
‫الغزالي دار الكتب العلمية ط ‪ 1406 ،1‬هص‪.‬‬
‫‪ -4‬أدب الصصصدنيا والصصصدين للمصصصاوردي دار‬
‫الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ -5‬إرشاد العباد للستعداد ليوم المعصصاد‪/‬‬
‫عبد العزيز السلمان ط ‪ 1406 /1‬هص‪.‬‬
‫‪ -6‬أمصصراض النفصصوس‪ ،‬إبراهيصصم محمصصد‬
‫الجمل‪ ،‬دار الكتاب العربي ط ‪ 1408 /2‬هص‪.‬‬
‫‪ -7‬البدايصصة والنهايصصة للحصصافظ ابصصن كصصثير‬
‫مطبعة المتوسط‪.‬‬
‫‪ -8‬بستان العصصارفين للمصصام أبصصي يحيصصى‬
‫زكريصصا بصصن شصصرف النصصووي تحقيصصق محمصصد‬
‫الحجار‪.‬‬
‫‪ -9‬تاريخ بغصصداد للخطيصصب البغصصدادي دار‬

‫‪-137-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪8‬‬ ‫ونسوه‬

‫الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ -10‬تذكرة الحفاظ للصصذهبي‪ ،‬دار إحيصصاء‬
‫التراث‪.‬‬
‫‪ -11‬التذكرة في الستعداد لليوم الخر‪،‬‬
‫علي صالح الهزاع )‪(1407 ،2‬هص‪.‬‬
‫‪ -12‬ترتيب المدارك وتقريصصب المسصالك‬
‫لمعرفة أعلم مذهب المام مالصصك للقاضصصي‬
‫عياض‪ ،‬مكتبة الحياة‪.‬‬
‫‪ -13‬تفسير ابن كثير للمام أبي الفداء‬
‫إسصصماعيل بصصن كصصثير‪ ،‬دار الفكصصر للطباعصصة‬
‫والنشر )‪ 1401‬هص(‪.‬‬
‫‪ -14‬تنصصصبيه الغصصصافلين‪ ،‬الفقيصصصه نصصصصر‬
‫السمرقندي‪ ،‬تحقيق عبد العزيز الوكيصصل دار‬
‫الشروق ‪ 1410‬هص‪.‬‬
‫‪ -15‬جصصامع العلصصوم والحكصصم ابصصن رجصصب‬
‫الحنبلي ط ‪1400 /5‬هص‪.‬‬
‫‪ -16‬الجصصواب الكصصافي لمصصن سصصأل عصصن‬
‫الدواء الشصصافي لبصصن قيصصم الجوزيصصة تحقيصصق‬
‫أبي حذيفة دار الكتاب العربي ط ‪1407 ،1‬‬
‫هص‪.‬‬
‫‪ -17‬الحسن البصري لبن الجوزي‪.‬‬

‫‪-138-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪9‬‬ ‫ونسوه‬

‫‪ -18‬حصائد اللسن‪ ،‬حسصصين العوايشصصة‪،‬‬


‫دار عمار ط ‪ 1409 ،2‬هص‪.‬‬
‫‪ -19‬حليصصة الوليصصاء وطبقصصات الصصصفياء‬
‫للحافظ أبي نعيم دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ -20‬ديصصصوان أبصصصي العتاهيصصصة دار صصصصادر‬
‫بيروت ‪ 1400‬هص‪.‬‬
‫‪ -21‬الرحيق المختوم للمباركفوري‪ ،‬دار‬
‫العلم بيروت ط ‪ 1408 /2‬هص‪.‬‬
‫‪ -22‬ريصصاض الصصصالحين مصصن كلم سصصيد‬
‫المرسلين‪ ،‬للمام النووي دار الجيل بيروت‪.‬‬
‫‪ -23‬كتصصاب الزهصصد‪ ،‬أبصصو بكصصر أحمصصد بصصن‬
‫عمرو بن أبي عاصم‪ ،‬الدار السصصلفية بالهنصصد‬
‫ط ‪ 1408 ،2‬هص‪.‬‬
‫‪ -24‬سصصير أعلم النبلء للمصصام الصصذهبي‬
‫تحقيصصق شصصعيب الرنصصاؤوط وحسصصين السصصد‬
‫مؤسسة السالة ‪ 1401‬هص ‪.‬‬
‫‪ -25‬شصصذرات الصصذهب فصصي أخبصصار مصصن‬
‫ذهب‪ ،‬لبن العماد الحنبلي دار إحياء الصصتراث‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪-26‬شرح الصدور بشصصرح حصصال المصصوتى‬

‫‪-139-‬‬
‫‪14‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪0‬‬ ‫ونسوه‬

‫والقبور للحافظ جلل الصصدين السصصيوطي دار‬


‫الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ -27‬صفة الصفوة لبن الجوزي تحقيصصق‬
‫محمود فاخوري محمصصد رواس دار المعرفصصة‬
‫‪ 1405‬هص‪.‬‬
‫‪ -28‬كتاب الصمت وآداب اللسصصان لبصصن‬
‫أبصصي الصصدنيا تحقيصصق أبصصي إسصصحاق الجصصويني‬
‫الثري‪ ،‬دار الكتاب العربي ط ‪ 1410 /1‬هص‪.‬‬
‫‪ -29‬صصصيد الخصصاطر لبصصن الجصصوزي دار‬
‫الكتاب العربي ط ‪ 1407 /2‬هص‪.‬‬
‫‪ -30‬طبقصصصات الحنابلصصصة للقاضصصصي أبصصصي‬
‫يعلصصصى‪ ،‬مطبعصصصة السصصصنة المحمديصصصة ودار‬
‫المعرفة بيروت‪.‬‬
‫‪ -31‬طبقصصات الشصصافعية الكصصبرى لتصصاج‬
‫الصصدين أبصصي نصصصر عبصصد الوهصصاب بصصن علصصي‬
‫السبكي دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬
‫‪ -32‬عقود اللؤلؤ والمرجان في وظائف‬
‫شهر رمضان‪ ،‬إبراهيم ابن عبيد‪.‬‬
‫‪ -33‬مجموع فتاوى ابن تيمية جمع عبصصد‬
‫الرحمن بن قاسم وابنه محمد تصوير ط ‪،1‬‬

‫‪-140-‬‬
‫‪14‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪1‬‬ ‫ونسوه‬

‫‪ 1398‬هص‪.‬‬
‫‪ -34‬فتح القدير للمام محمصد بصصن علصصي‬
‫الشوكاني دار المعرفة‪.‬‬
‫‪ -35‬الفوائد لبن القيم دار النفائس‪.‬‬
‫‪ -36‬كلمة الحق أحمد محمصصد شصصاكر ط‬
‫‪ 1407 /1‬هص دار الكتب السلفية‪.‬‬
‫‪ -37‬مختصر الشمائل المحمدية للمصصام‬
‫الترمصصذي‪ ،‬اختصصصره وحققصصه محمصصد ناصصصر‬
‫الصصدين اللبصصاني المكتبصصة السصصلمية عمصصان‬
‫الردن ط ‪ 1405 ،1‬هص‪.‬‬
‫‪ -38‬مختصصصر منهصصاج القاصصصدين المصصام‬
‫أحمصصد بصصن محمصصد المقدسصصي تحقيصصق زهيصصر‬
‫الشاويش المكتصصب السصصلمي ط ‪،7‬ص ‪1406‬‬
‫هص‪.‬‬
‫‪ -39‬منهاج القاصدين ابن الجوزي‪.‬‬
‫‪ -40‬مكاشصصصفة القلصصصوب لبصصصي حامصصصد‬
‫الغزالي دار إحياء العلوم ط ‪ 1403 ،1‬هص‪.‬‬
‫‪ -41‬كتاب الورع للمصصام أبصصي عبصصد اللصصه‬
‫أحمد بن حنبل تحقيق د‪ /‬زينب القاروط دار‬
‫الكتب العلمية‪.‬‬

‫‪-141-‬‬
‫‪14‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪2‬‬ ‫ونسوه‬

‫‪ -42‬وفيات العيان وأنباء أبناء الزمصصان‪،‬‬


‫ابن خلكان دار صادر بيروت ‪ 1397‬هص‪.‬‬

‫‪-142-‬‬
‫‪14‬‬ ‫أحصاه الله‬
‫‪3‬‬ ‫ونسوه‬

‫الفهرس‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪3.........................................................................‬‬
‫المقدمة‪3.............................................................................................‬‬
‫مدخل‪5..............................................................................................‬‬
‫آفات اللسان‪10.....................................................................................‬‬
‫الفة الولى‪45.....................................................................................‬‬
‫الغيبة‪45.............................................................................................‬‬
‫الغيبة‪46.............................................................................................‬‬
‫بواعث الغيبة‪51...................................................................................‬‬
‫بيان العلج الذي يمنع اللسان عن الغيبة‪75...................................................‬‬
‫باب ما يباح من الغيبة)(‪77......................................................................‬‬
‫كفارة الغيبة‪90.....................................................................................‬‬
‫النميمة‪92...........................................................................................‬‬
‫النميمة‪93...........................................................................................‬‬
‫أعظم من الغيبة والنميمة‪108...................................................................‬‬
‫الكذب‪110..........................................................................................‬‬
‫الستهزاء)(‪121..................................................................................‬‬
‫كيف كان لسانه ‪132.........................................................................‬‬
‫المصادر‪137.......................................................................................‬‬
‫الفهرس‪143........................................................................................‬‬

‫‪-143-‬‬

You might also like