Professional Documents
Culture Documents
أتذكر حروف اسمها مطبوعة تحت الصورة وأنا في مكتبي اليوم التالي وما قالته لي وقد التقيتها
ل عن أصل أول مرة في الجامعة وكيف أني استغربت من هذه الفتاة التي أعطتني شرحًا كام ً
وفصل اسمها وأنا لم أسالها سوى "ما اسمك بالخير؟" وقد كان مقعدها بجانب مقعدي الدراسي،
ومنذ سمعت صوتها الذي كان يرقص وابتسمت ،عرفت في لحظتها أنها ستكون مختلفة بالنسبة
ي عن الخريات .أتذكر الصورة الن واسمها وابتسامتها وأفكر بأنني قد أستطيع الوصول إل ّ
إليها عبر معارفي في مجال العلم ،وقد أستطيع الوصول للصحافي أو المصور الذي غطى
خبر حفل الستقبال ذاك ولكن ما الذي سأقوله له "أتعرف تلك الجميلة التي صورتها؟ أين هي؟
ومن ذاك الذي كان معها؟" ول أصدق لوهلة أنني أصبحت أتصرف كمراهق يدق الحب بوابة
قلبه للمرة الولى ،فيرتبك ويغرق في أحـلم اليقظة ..وأغرق في أحــلمي ،أتخيل
سيناريوهــات الـلقـاء بعدما أجـــدها ،كيف ستكون..
"سماور"..
"أنت ..ياسر "..وتقف من وراء طاولة مكتبها ،وتطالعني نظرة الحنين للمجهول تلك التي تنام
في عينيها.
"أنت بخير؟ أنا فقط رأيت صورتك في مجلة ،وبحثت عنك ،وجئت لطمئن عليك".
تصافحني بحرارة وتدعني للجلوس ،وتجلس مقابلتي ..ويغوص قلبي في بحر عينيها..
وسنتحدث ولن أخبرها في أول لقاء بأني تزوجت ،وبأن زوجتي ابنة عائلة كبيرة وبأنها فائقة
الجمال والذكاء ،ولن أستطيع أن أقول إنني أعيش حياة زوجية تعيسة ،وإني تزوجت رغمًا عني
وبضغط من عائلتي ،لنني في الحقيقة تزوجت بكامل إرادتي وعن ..عن حب ..لكنه ليس
كالحب الذي كان ،ليس كذلك الشعور الذي كان بداخلي لك يا سماور ..قبل أن أترك ..نترك ..ل
أدري.
أضطرب لفكرة السيناريو الول ،إذا ابتسمت لي وفتحت لي بوابة قلبها ما الذي سيكون بعد
ذلك؟ ستصبح المور أكثر تعقيدًا ،ربما أشعر بالسعادة في البداية ،ولكن كيف الفرار من
ابتسامتها فيما بعد؟ إذًا سأفكر في السيناريو الثاني..
"سماور"...
"أنت!" وتقف وقد اتسعت حدقتا عينيها ول ابتسامة..
أتلعثم "نعم أنا ..جئت فقط لطمئن عليك"..
ل" تقولها بحزم ول تبتسم.
"الن ..جئت لكي تطمئن؟ كم هو لطيف فع ً
"نعم ..رأيتك صورتك في مجلة ..سماور أنا "..وتقاطعني "أنا بخير يا سيدي وبأفضل حال وقد
تأخرت كثيرًا جدًا ولدي موعد عمل الن لذلك تستطيع الذهاب "..وتجلس وتتظاهر بالنشغال
بالوراق التي بين يديها.
إنها ابنة المتناقضات ..وديعة كفراشة حقل ..أو متوحشة كهرة برية ..بريئة كصلة الطفال..
مذنبة كمراهقة تخفي علقة حب ..ضحية كالمسيح مصلوبًا ..أو ظالمة كالفرعون يأمر بقتل كل
المواليد الذكور.
*************
"عبدالقادر يا صديقي ..كيف حالك؟"
"وال زمان! أحمد ال أن سمعت صوتك قبل أن أموت من أعباء العمل ،والحياة".
يضحكني عبدالقادر هذا دائمًا ،يهوى عمله في التصوير ويعمل بمرتب جيد وفي أحد أهم
المجلت في البلد ولكنه دائم الشكوى ،وكأن الشكوى أصبحت لزمة لكلمه وقد ألفته هكذا
وتعودت شكواه.
"ولماذا تريد أن تعرف أسماء الشركات التي شاركت في حفل الستقبال؟" يسألني.
"لنني أريد أن أدعو تلك الشركات لحفل سيقيمه البنك الذي أعمل فيه".
"ورغم غرابة سؤالك وجوابك الغرب ،إل أنني لن أسأل أكثر يا غريب الطوار!" ونقهقه
سويًا ويكمل هو "لي صديق يعمل بتلك المجلة ،سأعطيك رقمه وسيساعدك ،رائد شخص
متعاون جدًا".
*************
رقمها الن بين يدي ،إنه رقم الهاتف النقال ،لقد كان صديق عبدالقادر متعاونًا جدًا وكانت
المصادفة بغاية الكرم معي ،عندما جعلت سماور من المشرفين على حفل الستقبال فكان رقمها
مع المصور ،وأقنعت نفسي بأنه القدر يعطيني علمات حتى أهاتفها ،وأطمئن عليها ..و ..ول
أدري ماذا أيضًا ،أنا أريد فقط أن أطمئن ،ومن قال إن الحباء السابقين ل يمكن أن يبقوا
أصدقاء؟ أحمق هذا الذي قال ذلك ،كلمه فيه مبالغة كبيرة ..أنظر إلى كل هؤلء الجانب كيف
يحبون ويتزوجون ويتطلقون وقد يلتقون مرة أخرى ويصبحون أصدقاء ..ونحن حتى لم نتزوج،
لم أستطع أن أكمل مشوار الحب معها ،رغم أنني كنت متيمًا ،لكن لسباب ،ربما كانت أسرية،
عقدية ،أسباب لم تعد تهم الن ،اضطررت أن أخبرها بأني سأسافر في ليلة ممطرة طائفيةُ ،
ومازال مطر دموعها يطاردني في المنام.
ترتعش يدي ،لكنني أرى ابتسامتها أمامي وفي موجة شوق عارمة ..أضغط أزرار الهاتف،
وبعد أربع رنات بدت طويلة جدًا ،أسمع صوتها يهتف.
“ألو ..نعم؟” صوتها ليزال يحمل نغمة ضحكة عروس بحر ويخفق قلبي بعنف ..ول أستطيع
أن أرد ،أنظر إلى ساعة يدي وأتمنى لو تقف عقارب الساعة عند صوتها.
أستجمع ما تبقى في حنجرتي من صوت ،ألملم الصور التي كانت تجمعنا قبل خمس سنوات في
مخيلتي وأحاول أن أرتب الكلم ،هل أبدأ بألو؟ أم مرحبا؟ أو ربما أناديها سماور ..أفتح فمي
وقبل أن أنبس بأي حرف ،أسمع صوتًا في الطرف الخر للهاتف ،لطفل يبكي ..ويغطي الجليد
لساني فجأة رغم أني كنت أتصبب عرقًا ..أسمع صوت الطفل يبكي ..وسماور تناجيه “حبيبي
حبيبي ها أنا قادمة.”..
http://www.alwaqt.com/art.php?aid=186498