Professional Documents
Culture Documents
الإباضية في ميدان الحق ناصر بن مطر المسقري
الإباضية في ميدان الحق ناصر بن مطر المسقري
المقدمة
بسم ال الرحمن الرحيم
الحمد ل القائل " :واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا " ،والصلة والسلم على سيدنا محمد
الداعي إلى الوحدة والوئام والناهي عن الفرقة والخصام وعلى آله وصحبه الكرام
وبعد ،،،
إن التباين و الختلف سمة من سمات البشر تعود إلى طبيعة العجز البشري ،وقد ابتليت بالفتراق كل
المم ولم تسلم حتى أمة محمد -صلى ال عليه وآله وسلم -التي أرسل ال إليها أعظم رسول وأنزل
إليها أجلّ كتاب حذرت فيه من الفرقة حيث قال ال سبحانه " واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا "
آل عمران ، 103وقال سبحانه " ول تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك
لهم عذاب عظيم " آل عمران ، 105وقال سبحانه " ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " النفال 46
،
ليس العيب أن يخطئ النسان أو يقصر أو يخالف فل كمال إل ل ،فالخطأ مع الستغفار يغتفر وإن كان
فادحا ولكن الذي ل يغتفر هو خلق مكابرة الحق بالباطل والصرار عليه والستكبار عن الرجوع للحق
والعراض عن منهج القرآن الذي فيه هداية الناس والذي أمر ال سبحانه وتعالى فيه أن يحتكم إليه
في أي نزاع حيث قال سبحانه " يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك خير وأحسن
تأويل " النساء ، 59
وليس عيبا النقد التقويمي والبَنّاء ،بل هو أحد خصائص السلم الكبرى وهو وظيفة اجتماعية
ضرورية لكشف جوانب الخطأ لن النسان قد ل يكتشف خطأه أو خطأ جماعته وقد يصعب عليه
العتراف بالخطأ ويحاول الهروب منه ،ملقيا اللوم على غيره .
وإنما العيب تلك الحملة الهوجاء التي يشنها أصحاب بعض الفرق السلمية على الفرق الخرى
لمحاولة تشويه تلك الفرق وطمس حقيقتها وتفريق أمة السلم التي ل يستفيد منه إل أعداء ال الذين
يكيدون للسلم ليل نهار من غير هوادة 0
والباضية ممن أصلوا بنار الفتنة التي أوقدها هؤلء المتعصبون الذين توجههم السياسة الماكرة
وأهواؤهم النفسية معرضين عن تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي تدعو للوحدة
وتحذر من الفرقة وتحذر من الكذب وظلم الخرين وتدعو إلى العدل مهما بلغ بغض أولئك القوم يقول
ال تعالى " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين ل شهداء بالقسط و ل يجرمنكم شنآن قوم على أن ل
تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا ال إنّ ال خبير بما تعملون "سورة المائدة 8
فهذه الحملة التعسفية التي شنها هؤلء على الباضية بالفتراءات التي سطروها في كتبهم أو بما
تفوهت به ألسنتهم لطمس الحق بإخفاء حقيقة المذهب الباضي عن الناس هي سبب كتابة هذه
الرسالة الصغيرة الني سميتها " الباضية في ميدان الحق " لزاحة ركام الباطل وظلمة الظلم بنور
الحق الذي جاء به القرآن والسنة النبوية وذلك بالحتكام إلى كتاب ال وسنة نبيه صلى ال عليه وسلم
واتباع هديهما في قول الصدق وقبول الحق " ضمنتها خمسة فصول :الول في معرفة الحقيقة
والثاني في ذكر بعض الدعاءات على الباضية وبيان كذبها وثالثها في مفاهيم يجب أن تختفي والرابع
في المسائل الخلفية وختمت ذلك بذكر أدلة استقامة الباضية ،هذا وصلى ال على سيدنا محمد وآله
وصحبه وسلم
الفصل الول
معرفة الحقيقة وأسباب الجنوح الفكري
الباب الول
الطريق الصحيح لمعرفة الحقيقة
إن من يريد الخير لمة السلم عليه أن يبحث عن الحقيقة ويعبر عنها كما هي وهذا سيقرب المسلمين
من بعضهم حيث أن نقاط الخلف تكون قليلة جدا بخلف الحاقدين الذين يجعلون الخلف يزيد ويتسع
فإذا كان في خمس نقاط يجعلونه عشرا 0
ول يمكن أن يصل الباحث إلى الحقيقة وهو يبحث عنها من غير مصدرها فكيف يعرف حقيقة فرقة من
عند خصومها – إن صح التعبير –
وكذلك ل يمكن أن يصل إلى الحقيقة إل باستقراء تام للفرقة أو الموضوع وأيضا ل يمكن الوصول إلى
الحقيقة إل بالتخلص من أسباب الخطأ والجنوح الفكري الذي يعمي النسان ويصمه فيرى مال ترى
عيناه ويسمع مال تسمع أذناه .
ولقد أجاد العلمة الشيخ عبدالرحمن الميداني في كتابه " بصائر للمسلم المعاصر " في إيضاح الطريق
التي توصل إلى الحقيقة وإيضاح أسباب الجنوح الفكري التي تبعد النسان عن إدراك الحقيقة .
ومن تمام الفائدة نبقى مع العلمة الميداني نقلت ذلك مع بعض التصرف بالختصار والزيادة.
يقول الميداني في الكتاب المذكور -:
( إن لكل أمر حقيقة ،ولكل حقيقة حدود ومقادير وكل إدراك أو تعبير عنه يهدف إلى إصابة الحقيقة ولو
دعاء له أحد الوجوه التالية -:
( )1أن يطابق الحقيقة مطابقة تامة وهو تمام الحق 0
( )2أن يزيد عليها من غيرها وذلك تجاوز وغلو وفيه من الباطل بقدر الزيادة 0
( )3أن ينقص منها وذلك تقصير أو قصور فإن كان مع إدعاء المطابقة ففيه باطل بقدر النقص .
( )4أن ينحرف عن مطابقتها وذلك تجاوز وقصور وفيه من الباطل بمقدارهما إن كان مع إدعاء المطابقة
.
( )5أن يخرج عن الحقيقة خروجا كليا وهو إدراك أو تعبير كله باطل .
إن الزيادة على حدود الحقيقة التي يوجه لها الدراك مع تصور أو ادعاء إن هذه الزيادة داخلة في حدود
الحقيقة تعميما فاسدا غير مطابق للحقيقة يسند إليها أحكاما وصفات ليست لها .
والتعميم الفاسد في الحكم قد ينجم عنه قلب الحق باطل والباطل حقا ،والمعمم تعميما فاسدا قد يقبل
المذهب كله لنه قد رأى بعضه حقا ،وقد يرفض المذهب كله لنه قد رأى بعضه باطل.
إن على الباحث طالب الحق أن يجزئ عناصر الموضوع العام أو عناصر المذهب ،ويبحث كل جزء
فيه بحثا مستقل ويعطي حكمه عليه بالدليل ول يصح له أن يعطي حكما عاما بالصحة لمجرد أن رأى
بعض عناصر الموضوع صحيحة أو رأى بعض مسائل المذهب صحيحة ،فكثير من الخطاء تأتي من
الحكم على الكل بسبب ما اقتضاه الحكم على البعض ويسقط في الخطأ أو الغلط هنا فريقان -:
(أ) فريق يحكم ببطلن كل عناصر الموضوع أو المذهب وقضاياه ومقولته لنه رأى خطأ أو بطلنا في
بعضها 0
(ب) وفريق يحكم بالصحة لكل عناصر الموضوع أو كل مسائل المذهب وقضاياه ومقولته لنه رأى
بعضها صحيحا 0
والمنهج الفكري السليم الذي يجب إتباعه في الحكام التعميمية هو أن الجزم بالتعميم ل يكون إل
باستقراء تام لكل الوحدات الجزئية التي تدخل في العموم ،لن الستقراء الناقص دللته ضعيفة ل يصلح
العتماد عليه ،و إن على الباحث أن يقسم الموضوع إلى عناصره ليعرف مدى صحة كل عنصر حتى
()1
يأتي عليها كلها ول يغتر بالعناصر الصحيحة لن قليل من السم يكفي للفساد
إن معظم السقطات الشنيعة تأتي من التعميمات الفاسدة ومن المثلة على التعميمات الفاسدة رفض كل ما
عند المذاهب المخالفة لن بعض ما فيها باطل ،واعتقاد أن كل مسائل المذهب الذي ينتمي إليه المعمم
هي حق ،مع أنه ل يفحص كل مسألة من مسائله فحصا عمليا استدلليا .إن مثل هذا التعميم ل يقبل به
()1
منطق الحق ،إنما يدفع إليه التعصب والجهل وعدم البصيرة العلمية الربانية .
الباب الثاني
أسباب الخطأ أو الجنوح الفكري
السبب الول
الوهم الناشئ عن اضطراب نفسي أو عدم اتزان فكري :
فكم يكون الخطأ أو الجنوح الفكري عن الحقيقة ناشئا عن الوهم الذي يحدثه الخوف أو الطمع أو الشهوة
العارمة أو الغضب ،وبالوهم يرى الرائي ما ل ترى عيناه ويسمع ما ل تسمع أذناه ويصغّر الكبير ويكبّر
الصغير ( ) )2فيجانب الحقيقة ول يقبل النصح والرشاد .
فكم من أخطاء تقع بهذه السباب .
فكم من أناس وقعوا في الباطل ومعصية ال بسبب الخوف .
وكم من أخطاء وقعت بالطمع ربما من أقلها أن يزوج الرجل ابنته لمن يدفع له أكثر .
وكم وقع العشاق في ضياع لحياتهم بسبب متابعة شهواتهم .
وأما الغضب فأخطاؤه كثيرة جدا ،يقول صاحب تهذيب الحياء :وأما أثره في اللسان فانطلقه بالشتم
والفحش من الكلم الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عند فتور الغضب ،وربما انطلقت لسانه
بما يسبب له مشاكل اجتماعية مثل الطلق ،وأما أثره على العضاء فالضرب والتهجم والتمزيق والقتل
() 1
والجرح عند التمكن من غير مبالة .
السبب الثاني
ضعف الدراك أو وسيلته مع الغرور النفسي :
ينتج عن هذا السبب توهم كمال الدراك وكمال الوسيلة ثم ينتج عنه توهم معرفة الحقيقة معرفة كاملة
مستوعبة .
والغرور بالنفس ينفخ فيها حتى تتورم تورما مرضيا فيغشي البصيرة والفكر وأدوات الحس وقد يطمسها
أحيانا فيقع المغتر في أخطاء كثيرة تجر عليه ولمن تبعه نكبات وبليا وشرور عظيمة .
إن الغرور بالنفس يصيب الفراد والجماعات .
ومن هنا وقع الذين ينكرون الغيبيات كالملئكة والجن توهما منهم بأن لديهم الداة المدركة مع وسائلها
التي تجعلهم يدركون حقيقة الواقع بصفة استغراقية فما لم يدركوه فهو غير موجود .
وهذا الغرور بوسائلهم الضعيفة قد عطّل عقولهم عن التسليم بالبديهة التي تقرر أن عدم وجدان صاحب
() 2
الدراك الناقص للشيء ل يدل على عدم وجود ذلك الشيء).
وكم من إنسان يغتر بكثرة أتباعه وحزبه أو مذهبه فل يلتفت إلى غيره معتقدا أنه مصيب للحق وللطريقة
السليمة والكثرة هي دليل ذلك مع أن كثرة الناس في إتباع شيء معين ل تدل على أنه حق ،ويدل على
ذلك القرآن والواقع وسنوضحه في موضعه إن شاء ال .
السبب الثالث
انحراف النظر عن رقعة الحقيقة :
وهذا نوع من الحول الفكري ( فقد يبدأ النظر برؤية الجزاء الولى من الحقيقة ثم ينحرف عنها فيغره
البدء الصحيح ثم ل يدرك أنه قد انحرف عن الحقيقة بعد ذلك ،كمن يبدأ السير في طريق بداية صحيحة
ثم يسير غير متحرٍ لصحة مسيره مع كل خطوة ويضل ول يصل إلى الهدف بل يقع في المتاهات وهو
يزعم أنه على صواب متوهما ذلك بسبب بدايته الصحيحة ).
السبب الرابع
اشتباه الحقيقة بما جاورها :
بهذا السبب تختلط أرض الحقيقة بما جاورها فيحدث الخطأ وقد نبّه رسول ال – صلى ال عليه وسلم –
على ضرورة أخذ الحذر من الوقوع في المشتبهات في الحديث الذي رواه مسلم والبخاري عن النعمان
بن بشير – رضي ال عنهما قال سمعت رسول ال – صلى ال عليه وسلم يقول " إن الحلل بيّن
والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات ل يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه
وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام "00000الحديث .
السبب الخامس
تشابه الحقائق في صفاتها ولو تباعدت :
قد ينشأ الخطأ عن تشابه الحقيقة مع غيرها في الشكل أو الصورة أو اللون أو غير ذلك ولو لم يكن
المتشابهان متجاورين كمن يرى السراب ماء .
وكذلك نظر الكافرين إلى أعمالهم حيث يرون أنها تشبه العمال التي تحقق لصحابها السعادة فيجتهدون
في سبيل ذلك ول يصلون إلى هدفهم ،قال ال تعالى في سورة الكهف " قل هل ننبئكم بالخسرين أعمال
،الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ،أولئك الذين كفروا بآيات ربهم
ولقائه فحبطت أعمالهم فل نقيم لهم يوم القيامة وزنا (105-103
ومن الغلط التي وقع فيها كثير من الناس بهذا السبب إطلقهم على نظام السلم أسماء مبادئ غير
إسلمية بل هي مضادة للسلم إل أن بينها وبين نظام السلم شبها جزئيا فاشتبه المر عليهم وساعد
على هذا الرؤية الفاسدة والتسرّع في الحكم ،ومن أمثلة ذلك إطلق أسماء الشتراكية أو الرأسمالية أو
الديمقراطية أو الدكتاتورية على نظام السلم الذي هو شيء آخر .
السبب السادس
ردود الفعال الفكرية السريعة بمؤثرات نفسية :
وكثيرا ما يكون الخطأ الفكري ناشئا عن ردود الفعال الفكرية السريعة إلى الضد القصى المقابل لفكرة
باطلة رفضوها أو مذهب رأوا فساده فلم يقبلوه .
وبسبب هذا النتقال السريع الذي هو من قبل ردود الفعال غير الواعية يتركون الوساط التي قد تكون
الحقيقة في واحد منها أو موزعة الجزاء بين الوساط وقد يكون ما رفضوه بعض الحق مختلطا بباطل
كثير وفيما انتقلوا إليه بعض الحق مختلطا بباطل كثير وبعملهم هذا ينتقلون من خطأ إلى خطأ آخر مثل
الذي فرّوا منه ،وربما يكون الذي انتقلوا إليه أفحش وأشد بعدا عن الحقيقة .
ومثال ذلك حقد العمّال على الرأسمالية المقيتة فثاروا عليها ورفضوها لكنهم انتقلوا _ بردود الفعال
السريعة المعاكسة _ إلى الضد القصى فسقطوا في براثن المنظمات الشيوعية والشتراكية وتركوا
الوسط الذي هو النفع والصلح والعدل وهو نظام السلم ،فعندما اشتووا بنار الشيوعية المقيتة عميت
بصائرهم مرة أخرى وقاموا ينادون بالرأسمالية .
السبب السابع
سوابق الفكار :
إن سوابق الفكار الثابتة حول موضوع معين تجعل فكر النسان موجها شطر هذه السوابق ومحجوبا
عن غيرها .
فهي تغشي البصر والبصيرة وتجعل الفكر يجنح وينحرف عن وجه الصواب إل في حال أن تكون
سوابق الفكار من الحقائق الواضحة غير مختلطة بباطل .
ويضل كثير من الناس متخبطا ل يتضح له الحق ول ينكشف له وجهه مع أن الموضوع يتعلق بقضية من
القضايا الساسية المهمّة مهما عرضت له الدلّة والبراهين ،ل لن الدلة غير كافية للقناع بالحق ولكن
لن سوابق الفكار كان لها سلطان على عقولهم وتأثير فيها وتغشية على بعض قدرات الرؤية لديها .
:
اللف فلللف استهواء خاص يجعل المألوف محببا للنفوس ،ومحلّ للطمأنينة والسكينة ،ويجعله مأنوسا
غير مستغرب لدى العقول حتى يكون كالبديهيات التي ل تناقش ول تحتاج إلى أدلّة أو براهين ،فهي
تتمسك به على أنه حق جليّ جدا ولو كان باطل واضح البطلن في حقيقة أمره إل أن اللف حجب
بصيرة العقل عن فحصه وتقويمه بميزان المنطق السليم والنظر التأملي الصحيح فجعله من المسلّمات
التي ل تحتاج نظرا ول استدلل .
الستكبار عن التهام بالتزام الخطأ وعدم استبصاره طوال المدة السالفة التي استبدت فيها سوابق الفكار
بقناعة العقل وارتياح النفس .
ويبدوا أن الرجوع عن الخطأ إلى الصواب يجرح كبر المتكبرين أصحاب النانيات فيصرون على الخطأ
ويعاندون ولو ظهر لهم وجه الحق وكثيرا ما يحجب عنهم كبرهم رؤية وجه الحق والصغاء إلى دليله .
وقد وقع كثير من المشركين في هذا الخطأ لنهم صعب عليهم ترك ما ألفوه من الصنام والرجوع إلى
()1
حقيقة التوحيد ولن كبرهم منعهم من أن يتهموا هم وآباؤهم بأنهم كانوا في ضلل وجهل ).
ونجد عند أصحاب المذاهب كثيرا من هذا العناد الصارف عن الحق فل يقبلوا الحق في أي مسألة قال به
مذهب آخر بسبب سوابق الفكار التي سيطرت عليهم في مذهبهم وحب مذهبهم فنجد أنهم يمتنعون حتى
عن الحوار في ذلك بدعوى أنه إظهار للباطل ،فلينتبه إلى ذلك لنه من أسباب فرقة المسلمين وعدم
الوصول إلى وحدتهم .
السبب الثامن
التعصب لشخص أو قوم أو جماعة أو فكرة قديمة :
إن التعصب ظاهرة موجودة في مختلف المجتمعات البشرية وفي مختلف مستوياتها .
يقول العلّمة عبد الرحمن الميداني " :وهذه ظاهرة تمثل انحرافا مرضيا حينما ل تكون ذات مضمون
أخلقي كريم لنتصار حزب ال وجماعة الحق فيما يدعون إليه من الحق على أننا حينئذ ل نسميه تعصبا
بل هو انتصار للحق بالحق " ( ، )1ولكن ل يؤخذ النتصار للحق ذريعة لتقليد أعمى .
والتعصب فرع من فروع النانية الفردية أو الجماعية ،فليحذر المسلم من اتباعها لنها مناصرة للباطل
سواء مناصرة لهواه وشهواته أو لجماعته أو لمن يواليه عامة .
وللسف الشديد نلحظ أن التعصب موجود عند معظم الفرق والطوائف وأصناف الناس حتى عند العلماء
.
وهو الداء المهيمن على عقول ونفوس الماديين وأصحاب الهواء ومتبعي الديان المحرّفة كاليهود
والنصارى .
وموجود في دوائر جزئية عند المسلمين أيضا ،فنلحظه عند الفقهاء والمفسرين والدباء والشيوخ
والدعاة والوعّاظ وغيرهم .
إنهم في غمرة التعصب يندفعون اندفاع السكارى واندفاع محجوبي البصار إل من زاوية الرؤية التي
حصروا أنفسهم فيها فهم ل يرون إل من خللها ،كوحيد القرن الذي يرتبط بصره بخطوط الرؤية
()1
المتصلة برأس قرنه الذي يريد أن يبعج به بطن عدوه وهو هائج ثائر .
السبب التاسع
التسرّع في الحكم مع عدم وضوح الرؤية :
إن التسرع والندفاع في إصدار الحكام دون روية ودون تحرّ للحقيقة ول صبر في البحث عنها بل
الكتفاء ببادئ الرأي يوقع في أخطاء كثيرة ،يقول الشيخ أحمد بن النظر :
() 2
ل تلوميه على ما صنعا كل ما طار وشيكا وقعا
(والكتفاء ببادئ الرأي سمة العامة والدهماء الذين تحركهم العواطف النية وتوجههم النفعالت غير
الواعية وتتحكم بهم الغوغائية ويشغلهم عادة أصحاب المصالح والهواء ،ولذلك إن أكثر الفكار
المسيطرة عليهم التي تتحكم بها تعميمات باطلة ومبادئ ل تعتمد على حق وعقائد ل تستند إلى براهين
()1
ول أدلة كافية للقناع بل عواطف ل قيمة لها في ميزان الفكر السليم ول في ميزان الواقع التجريبي .
وهذا ليس منهاج المسلم المستنير بالقرآن والسنة لن القرآن الكريم حذّر من ذلك وأخبر أن ذلك يوقع في
الظلم وتكون عاقبته الندامة ،قال تعالى " :يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا
قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " الحجرات ، 6ويقول الرسول – صلى ال عليه وسلم – " :
التأني من ال والعجلة من الشيطان " رواه الترمذي .
فعلى المسلم أن يضبط نفسه ول يندفع تحت أي تأثير لصدار الحكام والردود السريعة ويفحص القضية
فحصا دقيقا ويتأكد من صحة الخبر .
السبب العاشر
مؤثرات الهواء والشهوات والمصالح الخاصة :
يقول الشيخ نور الدين السالمي – رحمه ال : -
حبـك للشـيء يغطي عيبه ويستـرنّ عيبـه وريبه
حبـك يعـمي ويصمّ فاحذر من الهـوى فإنـه لم يذر
()1
بـل حـب ما يحبه مولكا من دينه فهو الذي هداكا
ويقول العلّمة عبد الرحمن الميداني " :ومن شأن أهواء النفوس وشهواتها ومصالحها الخاصة أن تعمي
بصيرة النسان وتصيبها بالعشى أو تمدّ عليها غشاوة ما فيرى النسان بسبب ذلك الحق باطل والباطل
حقا ،أو تختلط عليه المور وتلتبس في فكره صور الشياء بنسبة ما وذلك على مقدار غلظ الغشاوة .
ومما ل شك فيه أن الهوى الطاغي يعمي عن رؤية الحق ويصم الذان عن سماع كلمة الحق فمن كان له
هوى في اتجاه فكري معين حجب عنه هذا الهوى رؤية التجاهات الخرى فهو ل يرى إل الذي دفعه أو
جذبه إليه هواه ومن يريد إقناعه بتصحيح رؤيته لغير اتجاه هواه ل يجد لديه أذنا تسمع له نصحا ،أو
فكرا يفهم منه بيانا ،لن ذهنه منصرف عنه انصرافا كليّا ،والسبب في ذلك مؤثرات الهوى التي حجبت
الذهن والبصيرة عن الحقيقة وعزلت الحواس عن إدراك ما يعرض عليها ،فالعين ل ترى إل أشكال
ورسوما وظواهر ،والذن ل تسمع إل أصواتا وحروفا فمخاطبتها كالذي ينعق بما ل يسمع إل دعاء
() 1
ونداء .
السبب الحادي عشر
التقليد العمى :
التقليد العمى ينشأ عن التعصب أو الثقة الجمالية بالمام المقلّد أو الثقة بمنهجه أو طريقة اجتهاده .
فالمقلّد للمام دون بصيرة في كل خطوة يخطوها يقع في كل الخطاء التي يقع فيها إمامه تلقائيا .
ومن الحق أن التقليد ضرورة إذ ل يمكن أن يكون كل إنسان مجتهد بنفسه ولنا في أصحاب رسول ال –
صلى ال عليه وسلم – أسوة حسنة حيث كان فيهم أئمة يستنبطون ويفتون وآخرون يستفتون ويعملون بما
يفتيهم به أئمتهم ،لكن من الخطأ أن يدّعي المقلّد أن إمامه على صواب وما عداه باطل ،لن مثل هذا
الدعاء ل يملكه إمامه نفسه لن الجتهاد في المسائل الجتهادية الخلفية ل يقدم أكثر من دليل ترجيحي
والدليل الترجيحي ل يعطي يقينا بأن ما وصل إليه الجتهاد هو الحق قطعا وما عداه باطل قطعا (، )2
والعصمة للنبياء فقط .
الفصل الثاني
افتراءات كتّاب المقالت على الباضية
الباب الول
أسباب التعصب ضد الباضية
أول :إنكارهم الظلم في كل زمان وخاصة زمن بني أمية حيث سلطت عليهم الدولة الموية إعلمها
طمّاعون فيما لدى الدولة ،وليس
الهادر فكالت عليهم التهم كيل فانطلت على البعض وساعد في نشرها ال ّ
من المستغرب وجود مثل هؤلء الطماعين فهم موجودون في كل زمان ،كذلك ليس من المستغرب كيل
التهم على المصلحين فرسول ال – صلى ال عليه وسلم – لم يسلم من ذلك ،وهذه طريقة متبعة إلى
يومنا هذا .
ثانيا :كون الباضية متفقين مع الخوارج في الخروج عن علي – كرم ال وجهه – بسبب عدم قبول
التحكيم سهّل إلصاقهم بالخوارج .ومروق الخوارج من الدين سهل الفتراء على الباضية .
ثالثا :الكاذيب التي سطرها كتاب المقالت في كتبهم ،فكتاب المقالت الذين سطروا الكاذيب ضلوا
وأضلوا وصاروا قنطرة عبور للحاقدين سواء قصدوا ذلك أو وقعوا ضحية .
أما كونهم ضلوا فهم مسئولون عما كتبوه يوم القيامة .
وأما كونهم أضلوا فكتبهم أصبحت مرجعا لكل من أراد أن يعرف شيئا عن الباضية ،ووثقوا بها فيما
قالت لسببين :لكون هؤلء الكتاب من العلماء المشهورين ،ولكون هذه الدعاءات موجودة في عدة كتب
مع أن مصادر هذه الكتب غير متنوعة وإنما نقل الثاني ما كتبه الول وهكذا .
فكونت هذه الكتب لدى قارئها صورة بغيضة عن هذه الفرقة السلمية فرأى أن من واجبه حماية الناس
من الوقوع فيها وإنقاذ المنتمين إليها من الضياع ،وهذا رأي في محله لو كان ما كتب عن الباضية
صحيحا لن ما كتب عنهم ينفر منه الطبع السليم ،ولكن في الحقيقة من وقع في شباك هذه الكتب جرفه
السيل وهو ل يدري ،لن ما كتب عنهم ل يمت إليهم بصلة .
فإن من يقرأ عن الباضية في كتب المقالت ويقارن ذلك بكتب الباضية يجد عجبا ،حيث ل يجد أي أثر
لما كتب عنهم وذلك لن كتّاب المقالت لم يكتبوا شيئا حقيقيا عن الباضية بسبب أن الباضية في نظرهم
فرقة ضالة يجب أن يلقى بها في مكان سحيق ،سواء كان هذا الحكم نابعا منهم أو وقعوا ضحية لغيرهم
فقاموا بالتضليل على هذا المذهب وطمس حقيقته بشتى الساليب ،واتفاق الكثير منهم على ذلك ليس
صدفة وإنما بسبب وحدة عقيدتهم عن هذا المذهب وأخذ الثاني ما كتبه الول وتبعهم الخرون من غير
تتبع للحقيقة من كتب الباضية مع أن بعضهم شرط على نفسه أخذ ذلك من كتبهم .باستثناء بعض الكتاب
المنصفين فلهم الشكر والتقدير .
ويدل على ما أقول :
( )1إنهم لم يكتبوا شيئا عن أئمة الباضية مثل جابر بن زيد وأبي عبيدة وغيرهم
( )2لم يذكروا عقائد الباضية .
( )3لم يذكروا شيئا من آراء الباضية الفقهية .
( )4لم يذكرا إل النزر اليسير من مبادئ الباضية تنحصر في السياسة وحقوق المسلمين على بعضهم .
بل ذكروا بدائل للتضليل
فقسموا الباضية إلى فرق أصلية ،وأخرى فرعية استنتجوها من وحي خيالهم لمسرحية بيع أمة وذكروا
لها عقائد شرك بال .
والباضية ل يعرفون شيئا عن تلك الفرق ول يوجد أي ذكر لها ول لعقائدها ول لئمتها في كتب
الباضية سواء الذي ألفت قبل كتب المقالت أو التي ألفت بعدها ويبرؤن منها إن كان لها وجود أصل
وممن ألصقها بهم .
حاولوا طمس الحقيقة بالتعميمات الفاسدة حيث أنهم ألصقوا الباضية بالخوارج والفرق الضالة وشتى
التهامات الخرى سأذكرها فيما بعد .
وانتشرت هذه الفتراءات في الكتب الخرى وعلى السنة الخطباء الحاقدين وفي الشرطة السمعية إلى
يومنا هذا مثل كتاب الباضية الذي سيأتي الرد عليه المحشي بالكاذيب وبقى الباضية يعانون منها
متخذين موقف الدفاع عن أنفسهم
وما كنت اكتب كلمة واحدة مما قاله أهل المقالت السابقين مما خالفوا فيه الواقع لو أن المتأخرين اتبعوا
الحق و لم يظلوا يرددون تلك الكاذيب.
من يعرف النطق منكم صار يشتمنا كأنه فرض عين عندكم شهرا
ولكن ما الذي حمل هؤلء الكتّاب على هذه الفتراءات حيث دونوا اسم الباضية وكتبوا أشياء ل تمت
إليهم بصلة ؟!!
يقول البعض ربما أن ذلك يعود إلى قلة معرفتهم بالمذهب الباضي بسبب أن حركته كانت سرية ،وفي
الحقيقة أن هذا ليس شيئا مقنعا لمرين :
أول -:إن كتب المقالت التي كثر فيها الكذب على الباضية بدأ تأليفها في القرن الرابع الهجري وقبل
كتابتهم هذه كان المذهب منتشرا ،ففي عمان بويع بالخلفة قبل هذا التاريخ حوالي ستة أئمة ،بدءا من
المام الجلندى بن مسعود الذي بويع في عام 132ه وفي المغرب الئمة الرستميون كانت دولتهم تغطي
حيزا كبيرا من المغرب العربي من الجزائر إلى ليبيا ودامت أكثر من 150سنة ،من 296- 144هـ وهو
قبل القرن الرابع الهجري وكذلك المام عبدال بن يحيى الكندي في اليمن وصل نفوذه إلى الحجاز فهل
بعد هذا تعذر الحصول على المعلومات ،هذا بالنسبة للقدماء فكيف بالمتأخرين ؟
ثانيا -:إذا كانوا أخذوا من غير الثقات فقد وقعوا فيما نهى ال عنه حيث قال ال سبحانه " :يا أيها الذين
آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "الحجرات 6
وفيما عده رسول ال صلى ال عليه وسلم كذبا في قوله " :كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع "
متفق عليه
ثالثا -:إن كانوا ل يعرفون شيئا عن الباضية وكتبوا عنهم لكمال كتبهم فقد وقعوا فيما نهى ال عنه
حيث قال " -:ول تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤول )
السراء 36
وإن كان قد حملتهم إلى ذلك كراهية هذا المذهب فال سبحانه نهى أن يحمل النسان بغضه على الظلم
وأمره بدل ذلك بالعدل حيث قال عز من قائل " ل يجرمنكم شنئان قوم على أن ل تعدلوا اعدلوا هو أقرب
للتقوى " المائدة ) 8أي ل يحملكم بغض أي قوم على ظلمهم وإنما عليكم العدل في كل شيء .
وأي ظلم يعمله هؤلء على هذا المذهب أكثر من وصفهم بالضلل ونسبة الشرك إليهم وال يقول " إن
الشرك لظلم عظيم " لقمان 13
وإن كان قصدهم النتصار للحق لكون أنهم يرون أنفسهم على حق وغيرهم على باطل ،فإن هذه
الدعوى كل يدعيها كما نص على ذلك حديث الفتراق ولكن الحق غير محتاج إلى تأييد بالباطل فالحق
والباطل ضدان ،قال ال تعالى " -:وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " السراء 81
وقال "-:بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " النبياء 18
لم تقم السماوات والرض إل بالحق بل لم يخلق ال هذا الكون إل بالحق والباطل ل يأتي إل بباطل ،
كيف يدعي شخص أن الفرقة التي ينتمي إليها متبعة الحق وهو في نفس الكتابة التي كتبها لم يستطع
سلوك طريق الحق ؟!
الباب الثاني
ردود على كتاب المقالت
أبو الحسن من علماء القرن الرابع الهجري وهو من أوائل من كتب في الفرق السلمية وكتابه " مقالت
السلميين واختلف المصلين " أخطر كتاب حيث أن عددا كبيرا ممن جاءوا بعده اعتمدوا على كتابه
إلى يومنا هذا ربما ثقة به لسعة علمه ،فيا ليته كتب الحقيقة لينال أجرها عند ال ،ولكنه كتب أشياء ل
أساس لها على القل بالنسبة للباضية حيث قسمهم إلى فرق ليس لها وجود عند الباضية ونسب إليهم
أقوال ل تمت إليهم بصلة )1(.حيث قال:
الفرقة الولى -:الحفصية إمامهم حفص بن أبي المقدام ،زعم أن بين الشرك واليمان معرفة ال وحده
فمن عرف ال سبحانه ثم كفر بما سواه من رسول أو جنة أو نار أو عمل بجميع الخبائث من قتل نفس
واستحلل الزنى وسائر ما حرم ال من فروج النساء فهو كافر برى من الشرك .
الفرقة الثانية -:يسمون اليزيدية ،إمامهم يزيد بن أنيسة ،زعم أن ال سبحانه سيبعث رسول من العجم
وينزل عليه كتابا من السماء يكتب في السماء وينزل عليه دفعة واحدة وتولى أبو يزيد هذا من شهد للنبي
صلى ال عليه وسلم بالنّبوءة من أهل الكتاب وإن لم يدخل في دينه ولم يعمل بشريعته وزعم أنهم بذلك
مؤمنون .
الفرقة الثالثة -:من الباضية أصحاب حارث الباضي ،قالوا في القدر بقول المعتزلة وخالفوا فيه سائر
الباضية ،وقالوا دار السلطان دار كفر "
الفرقة الرابعة -:يقولون بطاعة ل يراد ال بها على مذهب أبي الهذيل ،ومعنى ذلك أن النسان قد يكون
مطيعا ل إذا فعل شيئا أمره ال به وإن لم يقصد ال بذلك الفعل ول أراده به 0
وقال بعضهم ليس على الناس المشي إلى الصلة ول الركوب إلى الحج ول شيء من أسباب الطاعات
التي يتوصل بها إليها إنما عليهم فعلها فقط "
وقال جميعهم إن يستتيبوا من خالفهم في تنزيل أو تأويل فإن تاب وإل قتل كان ذلك الخلف فيما يسع
جهله أو فيما ل يسع جهله 0
وقالوا من زنى أو سرق أقيم عليه الحد ثم استتيب فإن تاب وإل قتل 0
وقال بعضهم ليس من جحد ال وأنكره مشركا حتى يجعل مع ال غيره 0
وقال بعضهم بتحليل الشربة التي يسكر كثيرها إذا لم تكن الخمر بعينها 0
إن ال يؤلم أطفال المشركين على طريق اليجاب ل طريق التجويز .
أورد أبو الحسن قصة عن بيع الماء للمخالفين ،فذكر في هذه القصة أسماء منكرة النسب مثل إبراهيم
وميمون وعبد الجبار وسلمان وثعلبة وعبد الكريم بن عجرد وأم سعيد وأورد فيها أن إبراهيم أفتى
بالجواز وميمون برئ منه وقوم وقفوا وذكر في القصة أوصاف مثل العلماء والماء وامرأة ثعلبة وتكفير
بعضهم لبعض .
إن ما قاله الشعري ل يعدو أن يكون سطورا من الفتراءات قصد بها التشنيع على المذهب الباضي
وتكريههم إلى الفرق السلمية الخرى ،ربما أن الشيخ الشعري وقع ضحية لصحاب الحقاد ضد
الباضية ولكن ذلك ل يخرجه من قوله صلى ال عليه وسلم -:كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع "
متفق عليه
ويدل على ما أقول -:
أول -:إن الشعري قسم الباضية إلى أربع فرق ليس لها علقة بالمذهب الباضي في قليل أو كثير ،
فالفرق السلمية تنسب إلى المام الذي تقتنع تلك الفرق بآرائه الدينية وتأويله لنصوص العقيدة وهذا ل
يوجد له أثر بين الباضية والفرق المزعومة ،وكتب الباضية التي ألفت قبل وبعد الشعري شاهدة بذلك
ومستعدون لتوفير أي مرجع يريده الباحث المنصف 0
فالئمة الذين ذكرهم مجهولون ليس لهم أي ذكر في أي كتاب من كتب الباضية ل كتاب سيرة ول فقه
ول عقيدة ول غير ذلك 0
ونرى الشعري بنفسه أتى ببعضهم بدون أب وبعض الفرق لم يجد لها إماما قط 0
كما أن العقائد التي ذكرها الشعري لهذه الفرق هي عقائد شرك فكيف تعد من الفرق السلمية ؟ وهي ل
شك مخالفة لعقائد الباضية بل البعد بينهما أكثر من البعد ما بين السماوات والرض .
فإن كان ل يوجد أي أثر لسيرة أئمة الفرق المذكورة عند الباضية ول عقائدهم ول آرائهم فكيف ساغ
للشعري أن يلحقهم بالباضية بل أن يجعلهم الباضية أنفسهم ؟!
ثانيا -:إن الشعري نسب أقوال لجميع الباضية وأقوال أخرى لبعضهم هي أيضا مخالفة لقوال
الباضية تماما 0
بعض الدلة من كتب الباضية على صحة ما أقول
( )1الفرقة الولى نسب إليها القول -:إن الكفر بالرسل والجنة والنار ليس شركا
يقول العلّمة نور الدين السالمي الباضي في غاية المراد
وقد أتـت حجج البرهان ناطقة بالموت والبعث والحسبان فامتثل
وأنـه من أطـاع ال يدخـله جناتـه أبـدا ل يبتـغـي نـقل
() 1
ومن عصاه ففي النيران مسكنه ولم يجد مفزعا عنـها فينـتقـل
( )2الفرقة الثانية نسب إليها القول -:إن ال سيبعث رسول من العجم ويتولون أهل الكتاب الذين شهدوا
برسالة الرسول صلى ال عليه وسلم وإن لم يدخلوا في دينه والشيخ العلّمة نور الدين السالمي يقول في
بهجة النوار -:
قـد نسخت شرائع الجميع سوى الهدى بشرعنا البديع
ومـاله أي شـرعنا مـغير فـهو علـى الدوام ل يغير
ويقول :
والحب للمؤمن من حـقوقه والبغض للكافر من عقوقه
والكل واجب على من عقل ويلزم الوقوف عمن جهل
-3والفرقة الثالثة نسب إليها القول -:أنها قالت بقول المعتزلة في القدر
والباضية ل يقولون بقول المعتزلة في القدر ،قال نور الدين السالمي في غاية المراد :
وإنما الفعل مخلوق ومكتسب فالخلق ل والكسب لمن عقل
-4والفرقة الرابعة نسب إليها القول -:صحة العمل ل من غير نية
والباضية يرون النية من قواعد الدين ل يتم العمل إل بها ،وثاني حديث في مسند الربيع بن حبيب قوله
صلى ال عليه وسلم (( العمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى )) .
ويقول العلمة السالمي في غاية المراد :
قواعد الدين علم بعده عمل ونية ورع عن كل ما حظل
وأما القول بأن الباضية ل يوجبون المشي للصلة والركوب للحج فهذا باطل
لن الباضية يرون أن كل مال يتم الواجب إل به فهو واجب 0
وأما القول باستتابة مخالفيهم فإن تابوا وإل قتلوا ،وكذلك القول بقتل السارق فهذا باطل لن الباضية
متقيدون بما جاء في القرآن والسنة من الحدود ول يزيدون عليها حرفا واحدا ،قال أبو حمزة الشاري –
رحمه ال -وهو على منبر رسول ال – صلى ال عليه وسلم " : -الناس منا ونحن منهم إل ثلثة :
مشركا بال عابد وثن ،أو كافرا من أهل الكتاب ،أو متسلطا في الرض يحكم في عباد ال بغير ما أنزل
ال "
ويقول الباضية على لسان العلمة نور الدين السالمي – رحمه ال تعالى
ونحن ل نطـالب العبـادا فـوق شهـادتيـهم اعتـقادا
فمن أتـى بالجمـلتين قلنا إخـواننـا وبالحقـوق قمـنا
إل إذا مـا أظهروا ضلل واعتقـدوا فـي دينهم محال
قمنا نبيـن الصـواب لهم ونحسبـن ذاك مـن حقـهم
فما رأيـته مـن التحرير في كتـب التوحيـد والتقرير
حـل مسـائـل ورد شبه جـاء بـها مـن ضل للمنتبه
قمنا نردهـا ونبدي الحقا بجهدنا كي ل يـضل الخلقا
(1
لو سكتوا عنا سكتنا عنهم ونكتفي منهـم بأن يسـلموا
وأما القول -:ليس من جحد ال مشركا حتى يجعل معه شريكا فهذا باطل ،
يقول العلمة السالمي في غاية المراد 0
والشرك لبد من أن تعرفنه لكي تكون في مقعد عن غيه اعتزل
() 1
وهو المساواة بين ال جل وبين الخلق أو جحده سبحانه وعل
وأما القول بتحليل المسكر غير الخمر ،فهذا أيضا مخالف لقول الباضية
يقول العلمة ابن النظر في الدعائم :
والسكر مكروه حرام كله من كل مشروب ولو من ماء
وأما القول بأن ال يؤلم أطفال المشركين على طريق اليجاب ل على طريق التجويز فهو مخالف لما
يقوله الباضية
لن الباضية يقولون بان أطفال المشركين خدم لهل الجنة 0
ثالثا :قضية المة -:وأما قضية بيع المة المنسوبة إلى الباضية والتي ضلت السنة الحاقدين الذين
اتخذوا السب ديدنهم مثل مقبل الوادعي ترددها إلى اليوم فهي ل تعدو أن تكون مسرحية لشخصيات
مجهولة سواء ذكر منها بالسم أو بالوصف تمثل مشاجرة ،فما قيمة هذه المشاجرة بين أناس مجهولين
في تحقيق علمي يراد به إثبات العقائد وتصنيف فرق المة 0
إنها ليست إل أسماء مجردة ،ما الدليل أنهم من الباضية ؟!! لماذا ل يكونون من الفرق الخرى ؟!!
إن الباضية ل يكفرون الفرق الخرى ماداموا متأولين لكتاب ال أو سنة رسوله فكيف يكفرون بعضهم
بعضا ؟!!
كيف يكون تكفير في مسائل فقهيه اجتهادية ؟!!
الظاهر أن الباضية لم يحضروا هذا النزاع في بيع الماء لنهم ل يعرفون عنه شيئا تاريخيا ول دينيا ،
ولم يدخلوا تلك السوق الحامية ول شهدوا ذلك العرس الذي نتج عنه سيل من الشتائم وتبادل اللعنات
فنسبة هذه القصة إلى الباضية من أعجب العجب ونسبة أبطالها إلى أئمتهم وعلمائهم من أكاذيب التاريخ
التي لم تستتر حتى بقليل من الحياء ،وإن جازت حتى على كبار الئمة أمثال ابن الحسن 0
إن مخترع هذه القصة أراد أن يكثر من عدد الفرق المنسوبة إلى الباضية والتي ل أساس لها أصل حتى
يظهرهم بمظهر المتشرذمين الذين يتنازعون لتفه السباب فيتخالفون ويتفرقون انسياقا وراء العواطف
ودوافع الغضب أكثر مما هو انسياقا وراء دوافع العقيدة والدين .
رابعا -:إن جميع السماء التي وردت فيما كتبه أبو الحسن عن الباضية ل علقة لها بالباضية إل
اسمين هما عبدال بن أباض و عبدال بن يزيد الفزاري كان من الباضية وخالفهم في بعض المسائل
فانفصل عنهم وانظم في فرقة النكار ،وقد ذكر ابن النديم عدد من الكتب المنسوبة إليه منها -:
كتاب التوحيد ،كتاب الرد على المعتزلة ،وكتاب الرد على الرافضة ،وكتاب الستطاعة ،ول أعلم أن
شيئا من هذه الكتب قد بقي ،وأما أصحاب هذه الفرقة فليس لهم وجود فيما أعلم 0
وحتى هذا الفزاري ل يعد من الباضية بدليلين -:
لنه خالف الباضية في العقيدة وانقسام الفرق بسبب العقائد ،وهذا الشعري نفسه كان من المعتزلة لمدة
أربعين سنة ( ، )1فعند ما خالفهم ولم ينظم إلى عقائد فرق أخرى نسب إليه فرقة 0
خامسا -:إن أبا الحسن لم يذكر أحدا من أئمة الباضية كجابر بن زيد وجعفر السماك العبدي وأبي
سفيان قنبر وصحار العبدي وأمثالهم من أئمتهم في النصف الثاني من القرن الول ول ذكر شيئا من
أقوالهم 0
ولم يذكر أحدا من أئمتهم في النصف الول من القرن الثاني أمثال أبي عبيدة ،مسلم أبي كريمة التميمي
وضمام ابن السائب وأبي نوح وصالح الدهان و عبدال بن يحيى الكندي ،والجلندى بن مسعود العماني
والخطاب عبدالعلى المعافري ،وهلل بن عطية الخراساني وأضرابهم ،ولم يذكر شيئا من أقوالهم ولم
يذكر أحدا من علماء النصف الثاني من القرن الثاني أمثال الربيع بن حبيب وأبي سفيان ومحبوب بن
الرحيل وعبدالرحمن بن رستم ول ذكر شيئا من أقوالهم 0
ولم يذكر أحدا من علمائهم في النصف الول للقرن الثالث أمثال أفلح بن عبد الوهاب والمهنا بن جيفر
وموسى بن علي وأضرابهم ول ذكر شيئا من أقوالهم 0
ولم يذكر أحدا من علمائهم في النصف الثاني من القرن الثالث أمثال محمد بن محبوب ومحمد بن عباد
()2
والصلت بن مالك وغيرهم ول شيئا من أقوالهم .
سادسا -:إن بعض من ذكرهم من أئمة الباضية ذكر لهم فرقا غير الباضية مثل العجاردة
سابعا -:إن تجاهل الشعري أئمة الباضية الحقيقيين ونسبتهم إلى أئمة مجهولين يؤدي إلى صرف
الناس عن معرفة حقيقة المذهب الباضي ويسهل الكذب عليهم لثبات تهمة الضلل عليهم بخلف لو أن
ذكرهم بأئمة معروفين عند الناس لن أئمة الباضية معروفين باتباع الحق وعدم الزيغ عنه مثل جابر بن
زيد وأبي عبيده وعبد ال بن يحيى 0
إن الشعري لو نسب الباضية إلى أئمتهم الحقيقيين مثل جابر بن زيد وأبو عبيده وعبد ال بن يحيى
وغيرهم لم يستطع أن يشوههم وينسبهم إلى الضلل لنهم معروفين عند الناس فأي شيء ينسبه إليهم
مخالف للواقع يكون معروفا ويكشف بسرعة ولكنه اختار أن يسلك بالباضية طريقا مظلما ل تتضح فيه
الرؤية 0
فأئمة الباضية ليس من ساقهم الشعري كالقطيع وأدخلهم في الباضية وإنما ينتمون إلى أئمة يشهد
التاريخ بعدالتهم 0
يقول المام إبراهيم بن قيس الحضرمي -:
أدين دين المصطفى المكرم
من معـرب بسـموله أو مـعجـم اقفـو سبيل جـابر ومسـلم
وابـن الرحيـل العالـم المـحـكم إني إلى المسنتصرين أنتمـي
إنـي لربـاب العـل لسـتـمي إني من القوم القيـام القــوم
الـرائـمـيـن فـوق روم الـروم الشاريين الخطبـاء الحــكم
البـاهــرين بالمـقال الـمفحـم كابن بذيل وابن حصـن المعلم
والراسـبـي الشـاري المـعمـم وابن حديـر السيـد المـقدم
وطالب الحق ابن يحيى الحضرمـي وابن حميـد ذي العلوم الضيغم
إنـا لهـل العـدل والتـقـــدم إنا لصـحاب الصـراط القيم
الديـن ما دنـّا بـل تـوهــــم الحق فينـا الحق غـير أطسم
يا جـاهل بأمـرنـا ل تغـشــم توسمـن أو سل أولي التوسم
()1
البغدادي والفرق السلمية
لقد جاء البغدادي بعد قرن من الشعري مقتفيا طريقه وملتمسا خطواته 0
وقد بدأ كتابه(الفرق بين الفرق) في مقدمته بكلمات رنّانة أتبعها بأحكام صارمة حيث قسم المّة إلى ثلثة
أقسام :
قسم حكم بخروجهم من الملّة رغم انتسابهم إلى السلم ،وقسم ما أوردهم إل لذكر فضائحهم والتشنيع
عليهم وتلمس أخطائهم وإظهار ما به ضلوا في نظره 0
ثم حكم على القسمين بالضلل وقذف بهم جميعا في النار.
أما القسم الثالث فقد حكم عليه بالسعادة مسبقا أيضا لنه في نظره من أهل السنة 0
وليته حين تلمس أخطاء تلك الفرق التي عزلها عن السنة ،وفتش عن فضائحهم رجع إلى مصادرهم ولم
يأخذها من مصادر خصومهم – إن صح هذا التعبير .
يقول المؤلف في الفصل الول من نفس الكتاب صفحة " " 13بعد أن ناقش معنى أمة السلم وعلم
تدل ،ما يلي -:
من كانت بدعته من جنس بدعة المعتزلة أو الخوارج أو الرافضة المامية أو الزيدية أو من بدع النجاريه
أو الجهمية أو الضرارية اوالمجسمة فهو من المة في بعض الحكام وهو جواز دفنه في مقابر المسلمين
وفي أل يمنع حضه من الفيء إذا غزا مع المسلمين ،وفي أل يمنع من الصلة في المساجد 0
وليس من المة في أحكام سواها ،وذلك أنه ل يجوز الصلة عليه ول خلفه ول تحل ذبيحته ،ول نكاحه
لمرأة سنيه ول يحل للسني أن يتزوج المرأة منهم إذا كانت على اعتقادهم 0
وهذا الكلم يدل على ما ذكرناه من أنه أخرج المسلمين من ملة السلم رغم انتمائهم إليها لنه حكم
عليهم بأحكام المشركين 0
فقوله ل تجوز الصلة عليهم ول خلفهم دليل على اعتبارهم مشركين لن الرسول صلى ال عليه وسلم
يقول " -:الصلة جائزة خلف كل بار وفاجر وصلوا على كل بار وفاجر " وقال " الصلة على أهل
القبلة المقرين بال ورسوله واليوم الخر واجبة فمن تركها فقد كفر " وفي نسخة أنكرها بدل تركها ،
رواهما الربيع بن حبيب .
وبقوله ل تحل ذبيحتهم جعلهم أشد كفرا من أهل الكتاب وساوى بينهم والوثنيين والشيوعين لن أهل
الكتاب تحل ذبائحهم 0
ويؤكد ذلك قوله :ول يحل للسني أن يتزوج المرأة منهم ،لن المسلم يباح له أن يتزوج الكتابية
الباضية عند البغدادي
لقد سلك البغدادي في كتابته عن الباضية مسلك الشعري في التضليل وعدم الرجوع إلى مصادر
الباضية ،بل إنه اعتمد عليه كثيرا ،تارة ينقل نفس العبارة وتارة أخرى ببعض التصرف ومع هذا لم
يذكر أنه نقل عنه 0
يقول في كتابه الفرق بين الفرق " ص " 103ما يلي -:
أجمعت الباضية على القول بإمامة عبدال بن أباض ،وافترقت فيما بينها فرقا يجمعها القول بأن كفار
هذه المة يعنون مخالفيهم من هذه المة ،براء من الشرك واليمان ،وانهم ليسوا مؤمنين ول مشركين
ولكنهم كفار ،وأجازوا شهادتهم وحرموا دمائهم في السر واستحلوها في العلنية وصححوا مناكحتهم
والتوراث منهم وزعموا أنهم في ذلك محاربون ل ورسوله ل يدينون دين الحق ،وقالوا باستحلل بعض
أموالهم دون بعض والذي استحلوه الخيل والسلح ،فأما الذهب والفضة فإنهم يردونها على أصحابها
عند الغنيمة 0
ثم افترقت الباضية فيما بينها إلى أربع فرق وهي الحفصية والحارثية واليزيدية وأصحاب طاعة ل يراد
بها ال 0
مناقشة ما قاله :
( )1أما قوله -:افترقت فيما بينها فرقا ،مجانب للصواب لعدة أسباب :
أول -:إن الباضية لم تفترق لن الفرقة تخرج عن الفرقة الصل إذا خالفت في العقائد وليس في
المسائل الجتهادية وعقائد الباضية ثابتة مدونة في كتبهم من قبل البغدادي والشعري وإلى يومنا هذا لم
تختلف بل ليس عندهم سلف وخلف كما عند غيرهم 0
ثانيا -:إن الفرق التي ذكرها مجهولة لدى الباضية تماما وليس لها ذكر ول لعقائدها 0
ثالثا -:إن هذه الفرق كما ذكرنا سابقا نسب إليها عقائد شرك ،إن كان لها وجود أصل وما في كتب
الباضية مخالف لها تماما سواء الكتب القديمة أو الحديثة 0
( )2أما قوله -:يجمعها القول بأن كفار هذه المة يعنون مخالفيهم من المة براء من الشرك واليمان ،
فيه تضليل بسبب نسبة الكفر للمخالفين والحقيقة أن الباضية يطلقون على العاصي كافر كفر نعمة وهو
ما يسمى كفر دون كفر سواء كان العاصي مخالفا أو إباضيا ول معنى لتخصيص المخالفين .
والذي أخرج فرق المسلمين المخالفة لمذهبه من السلم هو لنه حكم بعدم الصلة عليهم وتحريم
ذبائحهم كما ذكرناه سابقا 0
( )3وأما قوله -:حرموا دماءهم في السر واستحلوها في العلن قصد به التضليل أيضا لن الباضية ل
يستحلون دماء المسلمين من أي فرقة بسبب خلفهم للباضية ل في السر ول في العلنية يقول العلّمة
السالمي -:
وأول الفرض من تأصيله جمل ثلثة فزت إن تستحضر الجمل
() 1
وإن أتيت بها نطقا حفظت بها للنفس والمال والسبي بهاحظل
ولكن الباضية يقاتلون الباغي سواء كان من الباضية أو من غيرهم ول علقة له بالمذهبية وهذا ما
قصد به جواز قتلهم في العلن 0
( )4وأما قوله -:وصححوا مناكحتهم والتوارث منهم ،وزعموا في ذلك أنهم محاربون ل ورسوله ،
فنسبة القول بصحة التوارث والمناكحة صحيح ولكن هل أباحوا ذلك لنهم محاربون ال ورسوله ؟! ما
هذا إل تضليل 0
( )5وأما قوله -:استحلوا الخيل والسلح ،فهذا غير صحيح
يقول المام الشاري إبراهيم بن قيس الحضرمي :
ول هاربا ولىّ من الزحف مدبـرا ول تغنـموا مـن مسلميـن غنائـمـا
فإن حزتم من آلة الحرب منهــم سيوفا وأفـراسا ونـبل كـرائـمــا
فل بأس أن تستكتموها لحربــهم إلى أن يزول الحـرب عنـهم تنادمـا
()2
ول غرم في أوزارهم إن تحطمت لدى الحرب بل بعض يرى الغرم لزما
( )6وأما قوله -:وزعمت الباضية كلها أن دار مخالفيهم من أهل مكة دار توحيد ،إل معسكر السلطان
فإنه دار بغي عندهم 0
هذا القول أيضا فيه تضليل ومجانبة للحق في نقطتين -:
(أ) تخصيص المخالفين من أهل مكة ،فإن الباضية يعتبرون أي بلد ينطق أهلها بالشهادتين فهي دار
توحيد ،من أي فرقة من الفرق السلمية كانت وأي بلد 0
(ب) قوله دار السلطان دار بغي ،لن الباضية يعتبرون دار السلطان العادل دار توحيد وعدل من أي
فرقة إسلمية كان 0وإذا كان غير عادل فهي دار ظلم من أي فرقة كان 0
وقد نقل البغدادي الكاذيب الذي قال بها الشعري ،منها -:
(أ) عدم وجوب المشي للصلة .
(ب) استتابة مخالفيهم وإل قتلوا .
(ج) وقتل الزاني والسارق إذا لم يتوبا .
وهذه كلها قد سبق تبيين عدم صحتها عن الباضية
وقد جاء بعموميات من القول ل أساس لها تركتها خوف الطالة .
والمهم أن البغدادي قد اعتبر الباضية من الخوارج فرقة ضالة يجب أن يقال عنها فضائح وشنائع ليقذف
بها بعيدا فهذا هدفه الذي ذكرهم من أجله
ويدل على ذلك -:
( )1ابتعاده عن ذكر أئمة الباضية الحقيقيين مثل جابر بن زيد وأبو عبيده وغيرهم ،ونسبتهم إلى أئمة
مجهولين تبعا للشعري 0
( )2تجاهله لعقائد الباضية ،وذكر الكاذيب والقوال المبهمة بدلها ليسلك بالباضية نفس الطريق
المظلم الذي سلكه الشعري ،وإل فالبغدادي كان يعيش في القرنين الرابع والخامس توالى قبل عهده عدة
أئمة في عمان واليمن والمغرب
( )3بالضافة إلى دعوته للفرقة وإيقاد الفتنة وشق الصفوف حيث دعى إلى عدم زواج المسلمين من
بعضهم البعض وعدم الصلة خلف بعضهم وعدم أكل ذبائحهم 0
أيها القـادح فيـنا أقصـر أتدر ماذا قلت أم لم تشعر
قدحت في مذهب أهل الحق ويحك أغضبت إله الخلق
() 1
فما الباضيـون إل عـلما لخلفاء الحق منا فاعلمـا
عاش في القرن الخامس الهجري وقد عني بالمذاهب السلمية ،وقد سلك ابن حزم هو الخر مسلك
المشنعين والكاذبين على الباضية بل في الحقيقة لم يذكر شيئا حقيقيا عن الباضية حالته حالة أسلفه ،
فلم يذكر أئمة الباضية والذين تعاقبوا في المشرق والمغرب كما بينا سابقا ولم يذكر عقائد الباضية ول
شيئا من سيرتهم مع مخالفيهم ،بل إنه أضاف افتراءات جديدة
فقد بدأ كلمه في كتابه " الفصل في الملل والنحل " ص *)2( 188بذكر الفرق المجهولة عند الباضية
فرقة يزيد بن أنيسة أو فريد كما قال هو وما قالته تلك الفرق من الشرك ثم عقب عليه أن الباضية
يكفرون من قال بهذه القوال ؟ فما الغرض من ذكرها إلّ إظهار التفرق في الباضية والبعد عن ذكر
الحقائق ،ولماذا ألحقها أصل بفرق المسلمين ؟0
ثم قال " وقالت طائفة من أصحاب حارث الباضي إن من زنى أو سرق أو قذف فإنه يقام عليه الحد ،ثم
يستتاب مما فعل فإن تاب ترك وإن أبى التوبة قتل على الردة "
نرى ابن حزم يأتي بالفرقة الثانية التي ذكرها الشعري فرقة حارث الباضي وقد قدمنا الرد على إلصاق
هذه الفرقة بالباضية عند الرد على الشعري .
وقوله قتل على الردة ،فالباضية ل يعتبرون صاحب الكبيرة مشركا وذكرت ذلك في الفرق بين
الباضية والخوارج .
وقال في ص : 189
" وشاهدنا الباضية عندنا بالندلس يحرمون طعام أهل الكتاب ويحرمون أكل قضيب التيس والثور
والكبش ويوجبون القضاء على من نام نهارا فاحتلم و يتيمّمون وهم على رؤوس البار التي يشربون
منها إل قليل منهم "
نرى ابن حزم يريد استكمال التشنيع الذي بدأه باستبدال أئمة الباضية بأئمة غيرهم وعقائد غير عقائدهم
بأن يضيف تشنيعات في المسائل الجتهادية التي تختلف فيه الفرقة الواحدة إلى عدة أقوال ليظهر اختلف
الباضية 0
فلنلقي نظرة عما قاله عن الباضية -:
( )1تحريم طعام أهل الكتاب
إطلق قول تحريم طعام أهل الكتاب غير صحيح لن الباضية يقولون بتحليل طعام أهل الكتاب وهناك
قول بأن طعام أهل الذمة منهم فقط ،لنهم يروا أن الية في أهل الذمة ولكن قطب الئمة يرجح القول
الول حيث يقول (في المذهب قول آخر أن تحل ذبائحهم ونكاح حرائرهم ولو لم يعطوا الجزية ولو
حاربوا لطلق القرآن عن اشتراط الجزية ونزل القرآن فيهم وهم محاربون ولم يشترطها وهو قول
() 1
قومنا وبعض أصحابنا وهو الصحيح)
أما تحريم طعام أهل الكتاب على الطلق غير صحيح .
( )2تحريم قضيب التيس والثور والكبش
يقول الشيخ علي يحيى معمر لست أدري لماذا هذا الهتمام الكبير من العالم الكبير بهذه التي ل يعمد إلى
أكلها أحد ول يستسيغها أحد سواء كانت حلل أو حراما ،وقد صدق ابن حزم في هذه القضية فإن
الباضية يبعدونها لسببين -:
(أ) لنها أشياء قذرة تقزز منها النفوس وينفر منها الطبع وليس فيها ما يغري على الكل أو يفيد الجسم 0
(ب)إنها حاملة بول ول تخلوا منه والبول عند كثير من المذاهب ومنها الباضية نجس
( )3القضاء على المحتلم ،يقول " -:ويوجبون القضاء على من نام نهارا في رمضان فاحتلم "
وليس المر هكذا بهذا الجمال وإنما يوجبون القضاء على من أصبح جنبا مع شيء من التفريط عمل
بالحديث الشريف الذي رواه الربيع بن حبيب والبخاري ومسلم ومالك في الموطأ فهم يرون إن الصائم
الذي ينام في النهار فتصيبه الجنابة يجب عليه عند الستيقاظ المبادرة إلى الغتسال ول شيء عليه إذا لم
يهمل أو يتهاون ،أما إذا أهمل أو تهاون فيجب عليه القضاء لنه ضيع 0
( )4التيمم عند وجود الماء 0
هذه دعوى باطلة فالباضية يعيشون مع الفرق الخرى فمن شاهد الباضية يعملون ذلك ليؤيد قول ابن
حزم ؟ أو من وجد جواز ذلك في كتبهم ؟!! ،بل يرون أن من تيمم ورأى الماء فسد تيممه وبطلت صلته
إن كان في الصلة يقول العلمة نور الدين السالمي في جوهر النظام -:
ومن رأى الماء وقد تيمما فإن ذاك يفسد التيمما
ولو رأى ذلك في الصلة فإنها تبوء بالبتـات
ويقول ابن حزم ص ، 191والى قول الثعالبة رجع عبدال بن أباض فبرئ منه أصحابه فهم ل يعرفونه
اليوم ،ولقد سألت من هو في مقدمهم في علمهم ومذهبهم عنده فما عرف أحد منهم 0
يقول الشيخ علي يحيى معمر وهذا القول من أغرب القوال وإن كان قد تردد على كثير من اللسنة
والقلم ،من هم الثعالبة ؟وما هو قولهم الذي رجع إليه عبدال ابن أباض ؟ ولماذا رجع ؟ وهل رجع في
قول واحد أو في عدد من القوال ؟ أسئلة ليس لها جواب عند ابن حزم 0
وكيف ل يعرفه من هو في مقدمهم عنده وهو مذكور في معظم كتب السيرة سواء الباضية أو غيرها ؟
وكيف يبرؤون منه وهم ل يعرفونه ؟
لم يزعم أحد من الباضية أن عبدال بن أباض رجع إلى قول الثعالبة ول يوجد أحد منهم يبرأ من عبدال
بن أباض ،يقول السالمي عن ابن أباض -:
فأظهر الحق على رغم العدى والكل من أعدائـه قد شهـدا
قد كان في أيـام عبـدالمـلك مع شدة المر وضيق المسلك
ناقـشـه وبيّـن الصـوابـا ولم يكن لبأسـه قـد هـابـا
وكان ل يـدعـوه إل بـاسمه تـعـززا بحـقـه وعـلمه
() 1
فصار معروفا مـع الجميـع لما حـوى مـن شرف رفيع
ويقول ابن حزم في ص 191ما يلي -:
" ومن حماقاتهم قول بكر بن أخت عبد الواحد بن يزيد ،فإنه كان يقول -:
كل ذنب صغير أو كبير ولو كان أخذ حبة من خردل بغير حق أو كذبة خفيفة على سبيل المزاح فهي
شرك بال " 0
يقول الشيخ على بن يحيى بن معمر " -:هذه ليست من حماقات الباضية وإنما حماقات العالم الكبير ابن
حزم ،من هو هذا البكر الذي ل يعرف أبوه ول أمه ول حتى عصبة أبيه وإنما ينسب إلى أخواله ؟ ثم
يكون هذا البكر المجهول النسب إماما له أقوال يعتد بها ويذكر في الكتب ،ثم ساقه هذا العالم إلى صفوف
الباضية ونسبه إليهم وألقي عليهم تبعة حماقته،
في الواقع ل شيء أسخف من هذا التشنيع حيث يؤتى برجل مجهول يلقى به في قوم ويجعل إماما ويلقى
بتبعاته على تلك الفرقة .
هذه ليست إل حماقات نسج خيوطها التعصب والنغلق والدعاية الفاجرة والخيال السقيم وعدم المانة
() 1
في النقل والشهادة ثم توجيه السياسة الماكرة بأساليبها المختلفة .
ويقول ابن حزم عن الباضية -:ل يجيزون أكل السمك إل بعد ذبحه
هذه فرية ظاهرة يشهد ببطلنها الواقع على مر القرون ،فهل أحد يدعي أنه رأى إباضيا يذبح سمكا ؟!!
ويقول يجيزون الحج في أي شهر من شهور السنة .
وهذا أيضا إدعاء باطل يكذبه الواقع ،من رأى إباضيا حج في غير الوقات المحددة بالسنّة النبوية ؟!!
يقول العلمة الشيخ أحمد الخليلي -:وكيف يقولون ذلك وهم أحرص الناس على أداء مناسك الحج في
أوقاتها من غير تقديم أو تأخير
الصبر في الملك الديان مفروض فاصبر فإن سبيل الحق ميغوض
من علماء القرن الخامس الهجري ،كتب عن الفرق السلمية في كتابه " التبصير " والقارئ لهذا
الكتاب يلحظ أنه صورة من كتاب البغدادي في عنفه وتهجمه على الفرق السلمية .
ويلحظ انسياقه خلف الكتاب السابقين بنقل أكاذيب من غير تمحيص ،وقد لحظ محقق الكتاب محمد
الكوثر ملحظتين هي العنف وعدم عزو القوال .
فذكر عن الباضية أنهم يستبيحون دماء مخالفيهم في العلنية ،وأنهم يستحلون بعض غنائم مخالفيهم
ويحرمون بعضها فيستحلون السلح والخيل وقد ذكر الفرق السابقة التي نسبها الشعري إلى الباضية
وكذلك البغدادي وعقائدهم الفاسدة 0
وقد عرض لمسرحية بيع الجارية التي استخرج منها أئمة فرق وتكفير ولكنه اختصرها 0
وهذه كلها أكاذيب قيلت عن الباضية وبينت سابقا كذبها ومخالفتها لما في كتب الباضية القديمة
والحديثة مما يدل أن المؤلف لم يثبت شيئا مما قاله وربما حقده وبغضه لهذه المذهب دفعه لذلك ،ولكن
ال يقول " -:ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين ل شهداء بالقسط و ل يجرمنكم شنآن قوم على إل تعدلوا
اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا ال إن ال خبير بما تعملون " المائدة 8
وربما أنه جرى خلف السياسة حيث أننا نراه يتهجم تهجما شديدا على الفرق المعادية للظالمين ويفتخر
بالملوك الظالمين مما يدل على أن الهوى يسوقه وليس الحق
ومن هنا تعرف أن الهوا تقودهم للحق حين يروى
يقول في كتابه "التبصير" ص )1(176وهو يعد مآثر أهل السنة 0
وأما أنواع الجتهادات الفعلية التي مدارها على أهل السنة والجماعة في بلد السلم فمشهورة مذكورة
مثل المساجد والرباطات المثبتة في بلد أهل السنة ،إما في أيام بني أمية وإما في أيام بني العباس مثل
مسجد دمشق المبني في أيام الوليد بن عبدالملك وكان سنيا قتل في أيامه ما شاء ال من الخوارج
والروافض
نستنتج من هذه الجمل ما يلي -:
( )1تمجيده للظلمة مما يؤكد اتباعه هواه .
( )2قوله " -:وكان سنيا قتل في أيامه ما شاء ال من الخوارج والروافض "
يدل دللة واضحة بأن تسميه المذاهب الربعة " أهل السنة " ليس نسبة إلى سنة الرسول صلى ال عليه
وسلم لن الوليد توفي سنة 96والمذاهب التي يطلق عليها لفظ أهل السنة لم توجد بعد فأبو حنيفة كان
غلما ومالك كان ابن سنة واحدة ،أما الشافعي وأحمد فلم يولدا بعد .
وليس قتل المسلمين اتباعا للسنة ،
أبو الفتح الشهر ستاني والباضية
كان من علماء النصف الول من القرن السادس الهجري ويعتبر الكثيرون كتابه " الملل والنحل " من
أهم المراجع ويعتمدون عليه كمصدر ثابت ل يناقش ،فلنرى هل استطاع تجنب الخطاء الذي وقع فيها
غيره ؟
يقول في ص : 6وشرطي على نفسي أن أورد مذهب كل فرقة على ما وجدته في كتبهم من غير تعصب
لهم ول كسر عليهم ،دون أن أبين صحيحه من فاسده وأعين حقه من باطلة 0
وللسف أنه لم يوف بشروطه ،يقول الشيخ علي يحيى معمر " ومن مقدمة الكتاب جرد سيفه وجعل
ينظم صفوف الفرق ويصفها طوابير طويلة تمتد جذورها في أعماق التاريخ من عصره إلى عهد إبليس ،
متخذة في كل عصر مظهرا مناسبا من موقف إبليس إلى موقف المشركين والمنافقين إلى موقف الفرق
الضالة ،ويحاول ربط العلئق الوثيقة بين هذه الفرق الضالة وأسلفها في نظره من المنافقين أو
الشياطين 0
كما أنه لم يوف بشروطه في نقل عقائد المذاهب من كتبهم على القل بالنسبة للباضية 0
حيث قال في الجزء الول ص : 212
" إن عبدال بن أباض خرج في عهد مروان بن محمد وقتل بثبالة ".
وهذا خطأ لن عبدال بن أباض كان في زمن عبدالملك بن مروان ومكاتباته له موجودة ،وقد توفي في
أواخر أيام عبدالملك 0
وقد نسب إلى الباضية ما قال به سابقوه من استحلل غنيمة السلح ،وإن دار السلطان دار بغي وهذا لم
يصح عن الباضية كما بينت ذلك
فعدم ذكر عقائد الباضية الصحيحة وذكر ما تناقلته كتب المقالت دليل على أنه لم يرجع إلى كتب
()1
الباضية .
ولكن الذي يستحق عليه الثناء أنه لم يذكر مسرحية المة وحسب الفرق المزعومة من الباضية
كالحفصية واليزيدية والحارثية فرقا مستقلة ،وهذا يعتبر في حد ذاته ردا على كتّاب المقالت 0
هو مؤلف كتاب " تاريخ الفرق السلمية " بذل في كتابته جهدا مشكورا ليظهر بمظهر العتدال وعدم
التعصب وحاول جمع الفرق على صعيد المحبة ولكن بسبب اعتماده على كتب المقالت وثقته بهم لم
يسلم من النزلقات ،فمعظم ما كتبه مجانب للواقع ،بل اعتمد في بعض الحيان على المستشرقين وكان
الولى أن يتبع الحقيقة من أصولها فيكتب عن كل فرقة من كتبها .
حاول أن ل ينساق مع التيار وأن يعمل بوعي ولكن مصادره حيرته 0
فعند عرضه لحركة الخوارج في التاريخ حسب مصادره السابقة ،ذكر أن أهل النهروان قتلوا جميعا ولم
ينج منهم إل تسعة أشخاص من أربعة آلف وإن الربعة آلف لم يستطيعوا أن يقتلوا من عدوهم إل تسعة
أشخاص كأنهم مقيدون وأولئك التسعة تفرقوا في البلد ول شك على هذا الحال ل تقوم لهم قائمة 0
ولكنه فوجئ وهو يستعرض أحداث التاريخ بأن العصر الموي ابتدأ من معاوية كان مشحونا بحركة
دائبة للخوارج فلم يظهر له كيف يربط الصلة ،فحاول أن يقدم حل بأن يجعل المحكمة سلفا للخوارج ،
ولكنه وجد أن المحكمة حسب مصادره انتهت في 37هجري وحركة الخوارج بقيادة الزارقة والنجدات
بدأت في أربعة وستين للهجرة كما يرى الغوابي ،إذن هناك انفصام تأريخي عملي بين المحكمة
والخوارج 0
وعندما استعرض مبادئ الخوارج وأفكارهم وجد مصادره ترميهم بالشذوذ والتشدد وضئالة الفهم ،فلما
استعرض فرقة الباضية التي يعتبرها من الخوارج حسب مصادره لم يجد فيها تلك الصورة الشرسة
البغيضة التي ترسم عن الخوارج فوقف وقفته الثانية من التأمل والتفكير ومصادره ل تقدم له الحل
فوضع فرضية أن الخوارج هم سلف الباضية ،والباضية هم الخلف ،ثم جعل هذه الفرضية حقيقة بني
عليها بحثه فيما بقي .
وهذا مجانب للحقيقة من وجوه -:
( )1ليس للباضية سلف وخلف فالباضية مواقفهم ثابتة في الكتب التي ألفت منذ القرون الولى والى
يومنا هذا ،وسير الئمة الذين بويعوا بالمامة في عمان والمغرب والذين ذكرتهم سابقا موجودة وشاهدة
بذلك 0
( )2تكاد تجمع كتب التاريخ أن نافع بن الزرق هو الذي حكم بالشرك على مخالفيهم ،وأسقط عنهم
حقوق المسلمين وكذلك تكاد تجمع على أن عبدال بن أباض من أوائل من رد على نافع هذا رأيه 0
( )3إن سلف الباضية هو جابر بن زيد وعبد ال بن إباض وجعفر بن السماك العبدي وصحار بن
()1
العباس العبدي وليس فوقهم إل صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم 0
ومن النزلقات التي أوقعته فيها مصادره هو متابعة تلك القوال المنسوبة إلى الباضية ،فذكر نفس
الفرق التي ذكرها من قبله وغيره وذكر القوال مثل جواز غنيمة السلح 0
وعلى كل حال فهو يشكر على محاولته اتباع الحقيقة وإن أبعدته عن ذلك مصادره 0
مع الستاذ عبدالقادر شيبة الحمد
هو مؤلف كتاب " الديان والفرق والمذاهب المعاصرة " والكتاب مقرر على طلب الشهادة العالية
بكلتي الشريعة وأصول الدين والستاذ مدرس بجامعة المدينة المنورة ،ويلقي دروسا في مسجد الرسول
صلى ال عليه وسلم 0
كانت الظروف مهيأة له لو أراد أن يدعوا إلى وحدة الكلمة ولم الشمل وكان من اليسير عليه أن يتصل
بعلماء الفرق وهم يتوافدون على مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فيما يريد هو كتابته ولكن
كراهيته للفرق المخالفة لمذهبه جعلته ل يعطيها اهتماما ،فرق الباضية إلى سبع فرق وقال إن عبدال
() 1
بن أباض خرج زمن مروان بن محمد وأنه رجع إلى الثعالبة
وهذه كلها غير صحيحة بينت عدم صحتها سابقا 0
لخص مبادئ الباضية في خمس نقاط بعضها غير صحيح ،وكأنّ الباضية ليس لديهم من الدين إل
النزر اليسير .
ولو ألقى نظرة بسيطة إلى تآليف الباضية لوجد منها ما يصل إلى تسعين مجلد مثل قاموس الشريعة
ومنها سبعون مجلد ومنها خمسون مجلد ومنها مخصصة في أصول الدين وبعضها في أصول الفقه 0
ولكن ذكر هذه النقاط القليلة يشوه سمعة الباضية .
كاتب معاصر ألف كتيّبه الصغير المسمى " الباضية " متضمنا 16صفحة من الحجم الصغير ونشره
في سنة 1412هجري ،محشي بالتضليل ومخالفة الواقع سالكا طريق المغرورين بمذهبهم والذين ل
يرون الحق إل فيما قالوه وكأنه قرآن منزل وما عداه زيغ وضلل متهجمين على الفرق السلمية 0
( )1يقول في ص " 5ل شك أن الباضية شرذمة قليلون "
ولسان حاله يقول " وإنهم لنا لغائضون " فنراه استخدم لهجة فرعون وهذا يكفي للرد عليه لن القليلين
هم قوم موسى والكثيرين هم قوم فرعون 0
( )2وفي نفس الصفحة يقول " -:وأمر آخر جعلني أهتم بهم وهو دعوى علماء الباضية أنهم ليسوا من
الخوارج واتهامهم لكتّاب الفرق بالتحامل عليهم 0
أما كون الباضية ليسوا من الخوارج فسأوضح ذلك في باب " إلصاق الباضية بالخوارج " وأما إن كان
يريد تصديق كتّاب المقالت وتكذيب الباضية فليأت بدليل على صدق ما قاله كتّاب المقالت ،وكتب
الباضية موجودة ،فليأت بالفرق التي ذكروها أو العقائد المنسوبة إلى الباضية 0
( )3وذكر في ص 6أنهم ل يريدون مناظرة مع الباضية وقال :إن المناظرة توقع الناس في شكوك
وشبهات 0
صحيح ذلك ولكن هذه الشكوك ستقع ليس في الحق وإنما على المذهب الذي ل يسير على بينة واضحة ،
فالحق ليس محتاجا إلى مناصرة بالخفاء لن ال تكفل بإحقاقه ،ول يكون ذلك بإخافئه 0
وإذا كانت المناظرة ل تصلح لظهار الحق فهل يظهر الحق بالفتراءات والتضليل المتتابع على المذاهب
الخرى من غير بينة بل بدعوى مجردة باتباع الحق من غير إيضاح والعتماد على ما قيل على أن هذه
الفرق ضالة وتلك على حق ،أو العتماد قول من قال أن الكثرة ل يمكن أن تكون على باطل غير متدبرا
آيات القرآن التي تذم الكثرة وتمدح القلة والتي تعد بالعشرات 0
( )4يقول في ص " 7أخبرني بعض الثقاة أن أحدا من طلبة العلم المغمورين من أبناء السنة قد ناقش
المفتي الخليلي في بعض مسائل العتقاد وأدحض شبهه وأظهر الحق أمامه حتى بهت " 0
ربما هذا الطالب صار أعلم من الذي امتنعوا عن المناظرة وأنا ل أوبخ العلماء بل أحترمهم لعلمهم ولكن
أوبخ من ينشر الكذب والفتراءات على العلماء بل على فرق إسلمية بأكملها ،وأقول له إننا ل نعمل في
الخفاء فال أمر بإظهار الدين وليس بإخفائه والدعوة مفتوحة لتظهر ما تقول 0لو كان حقا صريحا ما
تروجه ما كنت بالحق هيابا ومستترا
( )5ويقول في ص 7أيضا فهم أصحاب عبدال بن أباض الذي خرج أيام مروان بن محمد 0
وقوله هذا يكذبه بنفسه ص 13حيث يقول " إن عبدال بن إباض يعتبر نفسه امتدادا للمحكمة الولى كما
في الرسالة التي بعثها إلى عبدالملك بن مروان " ،فإذا كان خروجه زمن مروان بن محمد فكيف يبعث
رسالة لمن كان قبله ؟!! .
( )6ونراه في ص 8يعيش في ضلل قديم ،حيث ذكر الفرق المزعومة للباضية الحفصية واليزيدية
والحارثية وقد بينت كذب هذه الدعاءات وبين كذب نسبة هذه الفرق إلى الباضية قبلي الشيخ علي يحيى
معمّر في كتابه " الباضية بين الفرق السلمية " ولكن أمثال هؤلء ل يتحرّون الصدق وإنما يتحرون
الكذب .
( )7وقد قال في ص " 10ويعطلون السنة النبوية ،بحديث جاء في مسند المام الربيع " إنكم ستختلفون
من بعدي ،فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب ال فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني " .
إذا كان رد السنة النبوية على القرآن تعطيل فماذا يقول في قول عمر بن الخطاب في حديث فاطمة بنت
قيس " ل أدع قول ربي لقول امرأة ل أدري أحفظت أم نسيت ،وعائشة أم المؤمنين في حديث عذاب
الميت ببكاء أهله احتجت في رد الحديث بقوله تعالى " ول تزر وازرة وزر أخرى " هل عطل
السنة ؟!!قال ابن القيم في "المنار المنبف" وللحديث الموضوع علمات منها مخالفة الحديث لصريح
القرآن )1( .ويقول نور الدين السالمي في شرحه لهذا الحديث ( قوله " فماوافقه فعني" وهذا فيما وقع فيه
الختلف بين المة بدليل قوله " إنكم ستختلفون من بعدي " أما المتفق عليه أنه عنه صلى ال عليه وسلم
فل يحتاج إلى عرض ،بل يجب العمل به وإن خالف ظاهر الكتاب ،لنه إما ناسخ أو مخصص 00إلى
() 1
آخره )
( )8وفي ص 11يقول " ويجهلون الحاديث الصحيحة ويمتطون التأويل المتعسف فيحرفون الكلم عن
مواضعه " ويحتج في ذلك بتفسير الشيخ سالم بن حمود السمائلي " يقول السمائلي " وحديث من قال ل
إله إل ال دخل الجنة وإن زنى وإن سرق) ثم تاب فالزنى والسرقة ل يمنعان دخول الجنة للتائب من
الذنب فالتائب من الذنب كمن ل ذنب له .
وفي الحقيقة أن هذا التأويل الذي انتقده يتفق مع قول ال تعالى " :وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل
صالحا ثم اهتدى " طه 82وأين هذا المضلل من الحاديث التي تتوعد من يأكل أموال الناس بالنار ولو
كان قليل ،فكيف أحد يسرق من أموال الناس ما يشاء ويدخل الجنة من غير توبة ؟!!
( )9ويقول في صفحة 12في رده على السمائلي " وقوله عن حديث من مات ل يشرك بال شيئا دخل
الجنة " إذا مات غير مقترف لثم دخل الجنة " وصف هذا التأويل بأنه فاسد ومظلم .
ولعل هذا المضلل يريد أن التأويل المشرق هو أن الشرك هو السبب الوحيد الذي يدخل النار متعاميا عن
اليات والحاديث الكثيرة في الكبائر الخرى التي تدخل النار .
( )10وفي ص 16ينصح الباضية أن يتجردوا بالدليل وأن يتخلوا عن ربقة التعصب والتقليد للباء .
إن التقليد الذي وصف به الباضية ليس هو إل تقليد لمن قالوا ذلك قبله ونقل أشياء ل حقيقة لها قيلت من
ألف عام ،وإل فليأتنا بمسألة واحدة عن الباضية ل تستند إلى الكتاب والسنة .
ل يزال الحق فينا مذهبا رضي الخصم علينا أم أبى
قال سماحة الشيخ أحمد الخليلي ( أن أحد الكاتبين كتب تعليقا على كتاب عماني في النساب ،جاء فيه
ذكر بني سليمة ،وإن منهم المام الشاري أبا حمزة المختار بن عوف الذي عرفه المام مالك ،كتب هذا
الكاتب تعليقا على هذا الكلم قال " :نعم لقد عرف المام مالك أبا حمزة باغيا ضال عن سبيل
المؤمنين ،حين هاجم الحرمين الشريفين خارجا على الدولة السلمية" ورد سماحته على هذا الكاتب
يقوله:
أي إنصاف في كلم هذا الكاتب الذي كتب عن أبي حمزة !! ،ووصفه بالخروج على الدولة السلمية
والضلل والضلل !! ،مع أن أبا حمزة لم يخرج إل على البغي والضلل ،ولم يقاوم إل الباطل وهذا
القائل يعني بالدولة السلمية بني أمية التي انتهكت حرمة الكعبة المشرفة فقصفتها بالمنجنيق ،وال
تعالى حرم القتال حول المسجد الحرام ،والدولة الموية هي التي قتلت سبط رسول ال _ صلى ال عليه
وسلم _ الحسين بن علي ،وهي التي استباحت حرم رسول ال _ صلى ال عليه وسلم _ ثلث أيام
بالمدينة المنورة ،وكانت وقعة الحرة التاريخية التي قتل فيها أكثر من عشرة آلف من أصحاب النبي _
صلى ال عليه وسلم _ ولم يبق بعدها بدري واحد ،وقد قيل أنه حمل في هذه الوقعة 300من البكار من
أهل المدينة بسبب معرة الجيش الموي ،فهل من الممكن أن توصف أنها متمسكة بالسلم ؟! ،وإن من
خرج عليها ضال مضل ،وإنه أحق أن يوصف بالبغي ؟! ،ومتى هاجم أبو حمزة الحرمين الشريفين
؟! ،إن أبا حمزة لم يقاتل في الحرمين الشريفين ،ولكنه قاتل في قديد لما اعترضه أهل المدينة وحاول
أن يقنعهم أن يرجعوا عنه ،ولكنهم أبوا الرجوع ،ثم قال لصحابه " -:كفوا عنهم ول تبدءوهم بالقتال
حتى يبدءوكم " ،ولما رموا أصحابه بسهامهم وأصاب بعضها بعضا من رجاله قال لصحابه " -:
دونكم الن فقد حل قتالهم " 0
وقد كان تاريخه كله مثال للستقامة والنزاهة والبعد عن المؤثرات النفسية ،وكان أكثر ما يكون بعدا عن
النتقام للنفس أو لصحابه كما شهد التاريخ بذلك ،كما جاء في كتاب البلذري في " فتوحات البلدان " ،
وكتاب " الغاني " ،لبي الفرج الصفهاني وكتاب " مختارات الغاني " ،لبن منظور ،وهذه الكتب
كلها ليست عن الباضية ،فكيف يوصف الباضية بعد ذلك بالضلل ؟!! .
عندما خرج قائد بني أمية ابن عطية ليقاتل الباضية الذين كانوا تحت لواء أبي حمزة الشاري بالمدينة
المنورة ،منع أبو حمزة أصحابه من قتالهم حتى يقيم الحجة على ابن عطية ،قال له ماذا تصنعون بكتاب
ال ؟ فأجابه أبن عطية نضعه في الجوالق ،قال له -:وماذا تصنعون باليتيم ؟ فأجابه نأكل ماله ونفجر
بأمه !! فهل السلم يقتضي أن يوضع كتاب ال في الجوالق ؟! ،وأن يؤكل مال اليتيم ويفجر بأمه ؟!
وهل السلم يقتضي أن من التزم طريق الحق وعمل بكتاب ال وسنة رسوله – عليه أفضل الصلة
والسلم – يعتبر من المارقين الخارجين عن هذا الدين الحنيف حتى يوصف أبو حمزة بأنه ضال مضل
()1
خارج عن الدولة السلمية .
الفصل الثالث
مفـاهيـم يـجـب أن تـخـتـفـي
الباب الول
مسألة أن الحق عند الكثرة
يستدل البعض على أنهم على حق وأن غيرهم على باطل بكثرتهم وقلة غيرهم ويقولون ل يمكن أن يكون
هذا السواد العظم على باطل وفرقة صغيرة على حق .
نقل الشيخ العلمة الميداني عن ابن تيمية قوله " 00ولهذا توصف الفرقة الناجية بأنهم أهل السنة
والجماعة وهم الجمهور الكبر والسواد العظم ،أما الفرق الباقية فإنهم أهل الشذوذ والتفرق والبدع
والهواء ،ول تبلغ الفرقة من هؤلء قريبا من مبلغ الفرقة الناجية فضل أن تكون بقدرها بل قد تكون
()1
الفرقة منها غاية في القلة وشعار هذه الفرق مفارقة الكتاب والسنة والجماع " 000انتهى .
ويقول عبد العزيز بن محمد عن الباضية " :وهي فرقة ذات أقلية مبعثرة في بعض بلد المسلمين ،
ويقول " :ل شك أن الباضية شرذمة قليلون( )1هذا في كتابه وأما ضميره فيقول بما يتبع هذه الية بدليل
تهجمه على المذهب بالباطل كما أوردت ذلك .
وبسبب هذا الغترار بالكثرة جعلهم يعتقدون أن أقوالهم على حق بل من البديهيات التي ل تناقش بدليل
أنهم يرفضون الحوار مع المذاهب الخرى ومن بينهم الباضية ويدعون أن غيرهم على ضلل .
فهل ما يقولونه له أساس من الصحة أم أوقعتهم فيه أسباب الخطأ من غرور وسوابق الفكار والتعصب
للمذهب وغيرها ؟ فلنناقش هذه المسألة .
لو عقدنا مقارنة لوجدنا :
إن المسلمين أقل من المشركين " أعاذنا ال جميعا منهم "
والمؤمنين أقل من الفاجرين إلى غير ذلك .
ولكن نترك هذا جانبا ولنحتكم إلى القرآن استجابة لقوله تعالى " :يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا
الرسول وأولي المر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم
الخر ذلك خير وأحسن تأويل " النساء 59
الباب الثاني
مسألة اتهام الباضية بكراهية الصحابة
لقد كثر التشنيع على الباضية في قضية الصحابة ممن يقتفون نهج المفسدين وممن ضلوا بضللهم ،
فمنهم القائل -:إن الباضية يكرهون الصحابة ،ومنهم القائل يكفرون الصحابة إلى غير ذلك 0
ويتخذون من فتنة الصحابة ذريعة للتشنيع ونشروا هذه الشاعات في المحاضرات والكتب التي ألفوها
والتي تبع فيها الخر ما قاله الول في هذه القضية ،وفي كثير من القضايا من غير بحث عن الحقيقة أو
تحرّ لها .
وهم ل شك مجانبون للحقيقة كما سيتضح ذلك إن شاء ال فيما يلي -:
أول -:إن آراء الباضية ومواقفهم في أي مسألة من مسائل الدين ل تبنى من قول فلن وفلن ول
تحركها الهواء والطماع ،وإنما هي مواقف ثابتة مستمدة من أصول الدين الحنيف ،وموقف الباضية
من الصحابة رضوان ال عليهم كغيره مستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية ،فهم يحترمون الصحابة
ويقدرونهم تبعا للقران الكريم قال ال تعالى " -:محمد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار رحماء
بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضل من ال ورضوانا ،سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم
في التوراة ومثلهم في النجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزرّاع
ليغيض بهم الكفار وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " سورة الفتح 29
وقوله تعالى " -:والسابقون الولون من المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي ال عنهم
ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " التوبة 100
وفي رواية البخاري عن عمران بن حصين قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " خير أمتي قرني ثم
الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "0
ولوان أحد أنفق مثل أحد ذهبا لما ساوى مد أحدهم أو نصيفه كما أخبر بذلك الرسول صلى ال عليه وسلم
0
فلهم الفضل في السبق إلى السلم ولهم الفضل بصحبة الرسول – صلى ال عليه وسلم ، -ولهم الفضل
في الدفاع عنه – صلى ال عليه وسلم ،ولهم الفضل في بذل أرواحهم لنشر السلم .
فهم الحجّة والقدوة ونكنّ لهم الحترام والتقدير ،وندعو لهم بالرحمة والمغفرة وكتبنا شاهدة بذلك .
يقول نور الدين السالمي – رحمه ال – في أول قصيدة غاية المراد في العتقاد:
ثم الصلة علـى المختـار سيدنـا ومن إلى قاب قوسين دنا فعـل
والل والصحب ما كان الهدى علما يهدي به ال للخيرات من عقل
ويقول في آخر القصيدة :
ثم الـصـلة وتسـليم يقـارنـها على الذي ختم المولى به الرسل
والل والصحب ما لحت فضائلهم ومن لهم في سبيل المكرمات تل
ويقول الشيخ العلمة ناصر بن سالم الرواحي – رحمه ال : -
وآمنــت برسـول ال طـائفة أعطاهم السبق فيه سـابق القدر
زكى قلوبهم النور المبـين كمـا يزكو النبات بما يلقى من المطر
لقى صدورهم اليمان فانشرحت له وقاموا به في عزم منتصـر
نور بواطنهم نـور ظـواهـرهم نور خلئقهم في الفعل والخبر
تضائق المل العلـى مكانتهـم في فطرة ال ل في فطرة البشر
خير القرون قرن المصطفى وكذا حكم القرينين ل ينفك من أثـر
()1
فمات عنهم رسـول ال عـدّتهم كالنبياء عدول الحكم والسيـر
ولكن هنالك ثوابت جاء بها السلم يجب التقيّد بها وعدم الزيغ عنها لن أي خروج عنها يعني التخبّط
والتخليط في المواقف إذا لم تكن مبنية على قواعد متينة .
ومن هذه الثوابت أن ل عصمة إل للنبياء فقط ،وأما الصحابة – رضوان ال عليهم – فهم كغيرهم من
الناس معرّضون للخطأ وقد حدث ذلك عند بعضهم ،فمنهم من أنزل ال فيه قوله " :يا أيها الذين آمنوا
إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " الحجرات 6ومنهم
صاحب الشملة التي أخذها قبل قسم الغنائم وأخبر الرسول صلى ال عليه وسلم بأنها ستشتعل عليه نارا ،
وغير ذلك .
يقول العلمة ناصر بن عديّم الرواحي – رحمه ال – :
وهم وإن شرفوا من أجل صـحبته فحكم تكليفهم كالحكم فـي البشـر
ومدحه لهـم فـرع استقامتــهم في طاعة ال ل مدحا على الغـير
وللموفّــين في اليمـان متجـه ما جاء من مدحهم في محكم السور
والحب والبغض فرضان استحقهما خصمان في ال من بر ومن فجـر
ويقول :
نادى العشيرة في رأس الصفا عـلنا وصاح فيهم رسول ال بالنـذر
فانظر إلى حكمة التخصيص كيف أتت للقربين من أهل البدو والحضر
ليـعـلموا أنـه التكليـف ل نسـب يغني ول فيه دون ال من وزر
لو كان بالشـرف التكلـيف مرتفعـا إذن تعطل عدل ال فـي الفطـر
()1
ثانيا :
موقف الباضية من الخليفتين عثمان بن عفّان وعلي بن أبي طالب – كرم ال وجهه
من أقوال المشنعين في هذه القضية :أن الباضية يقولون عن عثمان أنه صاحب بدع ويكفرون علي بن
أبي طالب .
ولقد ردّ عليهم سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي( )1بقوله " :وهل قال الباضية عن عثمان أكثر مما
قاله ابن قتيبة في كتابه المامة والسياسة في ص 35و 36حيث قال " :وذكروا أنه اجتمع أناس من
أصحاب النبي – صلى ال عليه وسلم – فكتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول ال –
صلى ال عليه وسلم – وسنة صاحبيه ،وما كان من هبته خمس أفريقية لمروان وفيه حق ال ورسوله ،
ومنهم ذوي القربى واليتامى والمساكين ،وما كان من تطاوله في البنيان حتى عدوا سبعة دور بناها في
المدينة ،دار لنائلة ودار عائشة وغيرهما من بنات أهله ،وبنيان مروان القصور بذي خشب ،وعمارته
للموال من الخمس الواجب ل ورسوله ،وما كان من إفشائه العمل والوليات في أهله وبني عمه من
بني أمية أحداث غلمة ،ل صحبة لهم للرسول-صلى ال عليه وسلم -ول تجربة لهم بالمور ،وما كان
من الوليد بن عقبة بالكوفة -وهو أمير عليها – إذ صلى بهم الصبح وهو سكران أربع ركعات ،ثم قال :
إن شئتم زدتكم ثلثا ،وتعطيله إقامة الحد وتأخيره ذلك عنه .
وتركه المهاجرين والنصار ل يستعملهم على شيء ،ول يستشيرهم واستغنى برأيه عن رأيهم ،وما
كان من الحمى الذي حمى حول المدينة ،وما كان من إدارة القصائع والرزاق والعطيات على أقوام
بالمدينة ليس لهم صحبة بالنبي ،ثم ل يغدون ول يذبون ،وما كان من مجاوزته الخيزران إلى السوط ،
وأنه أول من ضرب بالسياط ظهور الناس ،وإنما كان ضرب الخليفتين بالدرة والخيزران .
ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان ،وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن السود
وكانوا عشرة ،فلما خرجوا والكتاب بيد عمار جعلوا يتسللون عن عمار حتى بقي وحده ،فمضى حتى
جاء دار عثمان ،فاستأذن عليه فأذن له في يوم شات ،فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني
أمية ،فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال له :أنت كتبت هذا الكتاب ؟ فقال نعم ،قال :ومن كان معك ؟ فقال :
كان معي نفر تفرقوا فرقا منك ،قال من هم ؟ قال :ل أخبرك بهم ،قال :فلم اجترأت عليّ من بينهم ؟
قال مروان :يا أمير المؤمنين :إن هذا العبد السود – يعني عمارا – قد جرأ الناس عليك ،وإنك إن
قتلته نكلت به من وراءه ،فقال عثمان :اضربوه فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه ،
فأغشي عليه ،فجروه حتى تركوه على باب الدار ،فأمرت به أم سلمة – زوج النبي – صلى ال عليه
وسلم – فأدخل منزلها ،وغضبت فيه بنو المغيرة – وكان حليفهم – فلما خرج عثمان لصلة الظهر
عرض له هشام بن الوليد فقال له :أما وال لو مات عمار من ضربه لقتلن به رجل عظيما من بني أمية
،فقال عثمان :لست هناك 000الخ " .
وليس أكثر مما قاله الداعية سيد قطب في كتابه العدالة الجتماعية في السلم ص 159حيث قال " :
وهذا التصور لحقيقة الحكم تغير شيئا ما دون شك على عهد عثمان ،وإن بقي في سياج السلم ،لقد
أدركت الخلفة عثمان وهو شيخ كبير ،ومن وراءه مروان بن الحكم يصرف المر بكثير من النحراف
عن السلم ،كما أن طبيعة عثمان الرخية ،وحدبه الشديد على أهله ،قد ساهم كلهما في صدور
تصرفات أنكرها الكثيرون من الصحابة من حوله ،وكانت لها معاقبات كثيرة ،وأثار في الفتنة التي
عانى السلم منها كثيرا .
منح عثمان من بيت المال زوج ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مائتي ألف درهم ،فلما أصبح الصباح
جاءه زيد بن أرقم خازن بيت مال المسلمين ،وقد بدا في وجهه الحزن ،وترقرقت في عينه الدموع ،
فسأله أن يعفيه من عمله ،ولما علم منه السبب وعرف أنه عطيته لصهره من مال المسلمين ،فقال
مستغربا " :أتبكي يا ابن أرقم أن وصلت رحمي " فرد الرجل الذي يستشعر روح السلم المرهف " ل
يا أمير المؤمنين ولكن أبكي لني أظنك أخذت هذا المال عوضا عما أنفقته في سبيل ال في حياة الرسول
– صلى ال عليه وسلم ، -وال لو أعطيته مائة درهم لكان كثيرا " فغضب عثمان على الرجل الذي ل
يطيق صدره هذه التوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفة المسلمين ،وقال له " :ألق يا ابن أرقم
فإنا سنجد غيرك "
والمثلة كثيرة في سيرة عثمان على هذه التوسعات ،فقد منح الزبير ذات يوم تسعمائة ألف ،ومنح طلحة
مائتي ألف ،ونفل مروان بن الحكم ثلث خراج أفريقية ،ولقد عاتبه في ذلك ناس من الصحابة على
رأسهم علي بن أبي طالب فأجاب :إن لي قرابة ورحما ،فأنكروا عليه وسألوه :فما كان لبي بكر وعمر
قرابة ورحم ؟ فقال :إن أبا بكر وعمر يحتسبان في منع قرابتهما وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي ،فقاموا
عنه غاضبين يقولون :فهديهما وال أحب إلينا من هذا .
وغير المال كانت الوليات تغدق على الولة من قرابة عثمان ،وفيهم معاوية الذي وسع عليه في الملك
فضم إليه فلسطين وحمص ،وجمع له قيادة الجناد الربعة ،ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلفة
علي ،وقد جمع المال والجناد ،وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول ال – صلى ال عليه وسلم – الذي
آواه عثمان ،وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرف ،وفيهم عبدال بن سعد بن أبي السرح أخوه
من الرضاعة .
ولقد كان الصحابة يرون هذه التصرفات خطيرة العواقب فيتداعون إلى المدينة لنقاذ تقاليد السلم ،
وإنقاذ الخليفة من المحنة ،والخليفة في كبرته ل يملك أمره من مروان ،وإنه لمن الصعب أن تتهم روح
السلم في عثمان ،ولكن من الصعب أيضا أن نعفيه من الخطأ الذي نلتمس أسبابه في ولية مروان
الوزارة في كبرة عثمان.
ولقد اجتمع الناس فكلفوا علي بن أبي طالب أن يدخل فيكلمه ،فدخل إليه ،فقال :الناس وراءي وقد
كلموني فيك ،وال ما أدري ما أقول لك ،وما أعرف شيئا تجهله ،ول أدلك على شيء ل تعرفه ،إنك
لتعلم ما نعلم ،ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ول خلونا بشيء فنبلغكه ،ول خصصنا بأمر دونك ،
وقد رأيت وسمعت وصحبت رسول ال – صلى ال عليه وسلم – ونلت صهره ،وما ابن قحافة بأولى
بعمل الحق منك ،ول ابن الخطاب بأولى بشيء من الخير منك ،وإنك أقرب إلى رسول ال – صلى ال
عليه وسلم – منهما ونلت ما لم ينال ،ول سبقاك إلى شيء ،فال ال في نفسك ،فإنك وال ما تبصر من
عمى ول تعلم من جهل ،وإن الطريق لواضح بيّن ،وإن أعلم الدين لقائمة .
تعلم يا عثمان أن أفضل عباد ال عند ال إمام عادل هدي وهدى ،فأقام سنة معلومة ،وأمات بدعة
متروكة ،فو ال إن كليهما لبين ،وإن السنن لقائمة لها أعلم ،وإن شر الناس عند ال إمام جائر ضل
وضل به ،فأمات سنة معلومة وأحيا بدعة متروكة ،وإني سمعت رسول ال – صلى ال عليه وسلم –
يقول " :يؤتى يوم القيامة بالمام الجائر وليس معه نصير ول عاذر فيلقى في جهنم " .
فقال عثمان " :قد وال علمت ليقولن الذي قلت ،أما وال لو كنت مكاني ما عنفتك ول أسلمتك ول عبت
عليك ،وما جئت منكرا أن وصلت رحما وسددت خلة ،وآويت ضائعا ،ووليت شبيها بمن كان عمر
يولي ،أنشدك ال يا علي ،هل تعلم أن المغيرة بن شعبة ليس هناك ؟ ،قال نعم ،قال :فلم تلوموني إن
وليت ابن عامر في رحمه وقرابته ؟ فقال علي :سأخبرك ،إن عمر كان كل من ولى فإنما يطأ على
صماخه إن بلغه عنه حرف جلبه ،ثم بلغ به أقصى الغاية ،وأنت ل تفعل ،ضعفت ورققت على
أقاربك ،قال عثمان :وأقرباؤك أيضا ،قال علي :لعمري إن رحمهم مني لقريبة ولكن الفضل في
غيرهم ،قال عثمان :هل تعلم أن عمر ولى معاوية خلفته كلها ؟ فقد وليته ،قال علي :أنشدك ال هل
تعلم أن معاوية كان أخوف من عمر من يرف غلم عمر منه ؟ قال نعم ،قال علي :فإن معاوية يقطع
المر دونك ،وأنت ل تعلمها فيقول للناس هذا أمر عثمان فيبلغك ول تغير على معاوية .
ثم يقول الستاذ شهيد السلم بعد ذلك ":وأخيرا ثارت الثائرة على عثمان واختلط فيها الحق بالباطل
والخير بالشر ،ولكن ل بد لمن ينظر في المور بعين السلم ويستشعر المور بروح السلم أن يقرر
أن تلك الثورة في عمومها كانت ثورة من روح السلم ،وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد
اليهودي عبدال بن سبأ " .
ولننقل هنا أيضا ما قاله ابن قتيبة في كتاب " المامة والسياسة " ص 46في دفن عثمان لنستجلي الحقيقة
،يقول " :وذكروا أن عبدالرحمن بن أزهر قال " :لم أكن دخلت في أمر عثمان ل عليه ول له ،فإني
لجالس بفناء داري ليل بعد ما قتل عثمان بليلة إذ جاءني المنذر بن الزبير فقال :إن أخي يدعوك فقمت
إليه ،فقال :إنا أردنا أن ندفن عثمان فهل لك ؟ فقلت :وال ما دخلت في شيء من شأنه وما أريد من ذلك
ثم انصرف فاتبعته ،فإذا هم في نفر فيهم جبير بن مطعم ،وأبو الجهم بن حذيفة ،والمسور بن مخرمة ،
وعبد ال بن أبي بكر ،وعبد ال بن الزبير ،فاحتملوه على الباب ،وإن رأسه ليقول طق طق ،فوضعوه
في موضع الجنائز ،فقام إليهم رجال من النصار فقالوا لهم :ل وال ل تصلون عليه ،فقال أبو جهم :
أل تدعونا نصلي عليه فقد صلى عليه ال تعالى وملئكته ،فقال له رجل :إن كنت فأدخلك ال مدخله ،
فقال :حشرني ال معه فقال :إن ال حاشرك مع الشياطين ،وال إن تركناكم به لعجز منا ،فقال القوم
لبي الجهم :أسكت عنهم وكف ،فكف واحتملوه ،ثم انطلقوا مسرعين ،وإني أسمع وقع رأسه على
اللوح حتى وضعوه في أدنى البقيع ،فأتاه جبلة بن عامر الساعدي من النصار ،فقال :ل وال ل تدفنوه
في بقيع رسول ال – صلى ال عليه وسلم ،ول نترككم تصلون عليه ،فقال أبو الجهم :انطلقوا بنا فإن
لم نصل عليه فإن ال قد صلى عليه ،فخرجوا ومعهم عائشة بنت عثمان معها مصباح في "حق" حتى
إذا أتوا " حش كوكب " حفروا له حفرة ثم قاموا يصلون عليه ،وأمهم جبير بن مطعم ،ثم أدلوه في
حفرته ،فلما رأته ابنته صاحت ،فقال :وال لئن لم تسكتي لضربن الذي في عينيك ،فدفنوه ولم يلحدوه
باللبن ،وحثوا عليه التراب " .
وأضيف إلى ذلك :وهل أكثر مما نقله ابن الثير والطبري عن الصحابة رضوان ال عليهم حيث قال " :
وقيل كتب جمع من أهل المدينة من الصحابة وغيرهم إلى من بالفاق منهم :إن أردتم الجهاد فهلموا إليه
()1
فإن دين محمد قد أفسده خليفتكم فأقيموه " .
فلما كان ما قاله الباضية لم يزد حرفا واحدا عما قاله منتقدوهم في كتبهم فلماذا يُخصّ الباضية بأنهم
قالوا إن عثمان صاحب بدع إل للتشنيع ؟!!
وقفة تأمل
إذا تأملنا موقف الباضية من الصحابة وجدنا :
إن الباضية يكنون للصحابة الحترام والتقدير ويعتبرونهم الحجة والقدوة ويعترفون لهم بالفضل في
أشياء عديدة .
إن القول بأن الباضية يكرهون الصحابة قول ل دليل عليه إذ أن الباضية يتولون الصحابة بدليل أنهم
يترضون عنهم ويترحمون لهم والترضي والترحم هما عين الولية وكتبهم مليئة بذلك .
إن الباضية يرون الصحابة – رضوان ال عليهم -هم كغيرهم من البشر غير معصومين من الخطأ إذ
لم يقم دليل على عصمتهم .
إن القول بأن الباضية يقولون عن عثمان :بأنه صاحب بدع ،يقصد به التشنيع على الباضية وإل فإن
الباضية لم يزيدو حرفا واحدا عما ذكرته كتب المشنعين أنفسهم ،فلماذا يجعل هذا القول من خصائص
المذهب الباضي ؟!!
إن الباضية لم يكفروا علي بن أبي طالب ول أحدا من المسلمين مادام متأول ولكن يسمون العاصي كافر
نعمة بمعنى أنه لم يستخدم هذه النعم في طاعة ال تعالى .وربما استوهم البعض من ذلك
إنهم يعتبرون تحكيم الحكمين خطأ ليس لهوى نفس أو مطمع سياسي أو دنيوي وإنما مستند على أدلة .
إن قول من قال بأن عثمان بن عفان قتل ظلما وعدوانا هو بمثابة من يبني قصرا ويهدم مصرا لنه برأ
واحدا ووجه التهمة إلى عشرات اللف من الصحابة إذ أن ما نقل عن أهل المدينة يدل على رضاهم
بذلك لما ثبت في كتب التأريخ من كلمهم ،ولما ذكرته كتب التأريخ من الحداث التي عملها عثمان ،
وطول الحصار وهم ساكتون ،ولنهم منعوا من دفنه في البقيع ولم يشيعوا جنازته ،فالقول بقتله ظلما
يعني رضا الصحابة بذلك الظلم .
إن القول بأن عثمان منع أهل المدينة من الدفاع عنه ليس بشيء لما ذكر أنه استنجد بمعاوية وهو في
الشام فكيف يمنع أهل المدينة من الدفاع عنه ويستنجد بمن في الشام ؟!! بالضافة إلى أنه ذكر في رسالته
لمعاوية عدم رضا أهل المدينة عنه .
إن القول بأنهم كلهم مجتهدون خطأ فلو كان المر كذلك لكانت كل الفرق السلمية ناجية ،مع ما ثبت أن
معاوية لم يخرج لنصرة الدين .
تنبيه هام
إن قضية الصحابة ينبغي الكف عن ذكرها واتباع قول ال تعالى " :تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم
ما كسبتم ول تسألون عما كانوا يعملون "البقرة 134واتباع قوله – صلى ال عليه وسلم – " إذا وصلتم
أصحابي فكفوا " ،وما كنت لكتب كلمة واحدة في هذا المختصر عن هذه القضية لول أن زُجّ بنا في
ذلك زجّا حيث جعلت قضية تشنيع على المذهب الباضي وإظهاره بالنحراف ليظهر المشنعون أنهم
على الحق وغيرهم على باطل .
فليس من ديننا الشتم ول اللعن ول التشهير ،هذا إذا كان في غير الصحابة فكيف بصحابة رسول ال –
صلى ال عليه وسلم . -
وفي هذا الموضوع يقول العلمة نور الدين السالمي – رحمه ال : -
نحن اللى نسكت عما قد مضى ول نعد الشـتم دينا يرتضى
ومـا ذكـرتـه بهـذا الـنظم لم يك بالسـب ول بـالشتم
لكنه كـشـف لصـل المـر ليظهر المخطئ من ذي العذر
نقول تـلك أمـة وقـد خلـت وكل فرقة لها مـا كسـبت
وديـنـنـا لـم يـتوقـفـنـا لشتم مـن ضـل فنـشـتمنا
وفي صنوف طاعـة الرحمـن شغل عن الفضـول باللسـان
يلزمنا أن نـنكـرن المـنكرا وما يزيـد لـم يكـن ليذكرا
لو كـان العـتقاد موقوفا على ذكـر المضلـين إذن تـطوّل
وامتـلت مجـلـدات العـلم بالسب والشـتم لهل الظـلم
()1
هيهات لـيـس ذاك عندنا بشي بل فعـله يعـرف عندنا بغيّ
الباب الثالث
مسألة إلصاق الباضية بالخوارج
كثيرا ما نقرأ ونسمع ما يبذله بعض المذاهب في إلصاق الباضية بالخوارج وذلك ل لشيء إل لقصد
التشنيع عليهم واظهارهم بالفساد والمروق من الدين بل إنهم عندما يذكرون الخوارج يقولون " الباضية
حاليا
ولكن ما الذي يدل على أنه ل ينبغي وصف الباضية بأنهم خوارج ؟
الجواب :أشياء كثيرة .
أول :إذا نظرنا إلى التعريفات التي أوردها أصحاب المقالت للخوارج مثل الشهرستاني والشعري
نجدها عامة تنطبق على الكثيرين من أصحاب الفتنة وغيرهم .
فتعريف الشهرستاني للخوارج :هو كل من خرج على المام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه ،يسمى
خارجيا سواء كان الخروج أيام الصحابة على الئمة الراشدين أو كان بعدهم من التابعين لهم بإحسان
والئمة في كل زمان.
()1
وتعريف الشعري " :والسبب الذي سموا له خوارج خروجهم على علي بن أبي طالب "
فإذا فكرنا في التعريفين وجدناهما يؤكدان أن سبب التسمية هو الخروج على المام سواء من خصه
بالمام علي أو من عمم .
فما الذي جعل الباضية من الخوارج ومعاوية وأتباعه ليسوا من الخوارج ؟!!
ثانيا :إذا كانوا يصفون الباضية بأنهم خوارج لتأييدهم المحكمة و يعتبرن خروج المحكمة مروق من
الدين فكيف يكون خروج المحكمة عن علي – كرم ال وجهه – مروق من الدين وخروج معاوية وأتباعه
ولعن علي على المنابر ليس مروقا من الدين ؟!!
مع أن خروج المحكّمة ليس لطلب الدنيا مثلما هو الحال عند معاوية وعمرو بن العاص ولم ينسب اليهم
أي قول أو فعل يدل على مروقهم من الدين،والخوارج الذين نسبت اليهم أعمال وأقوال تدل على المروق
من الدين بدؤوا من نافع بن الزرق بعد أكثر من ثلثين سنة ،وإنما أنكر المحكمة على علي توقفه عن
قتال البغاة وتحكيم الحكمين في شيء حكم ال فيه بقوله تعالى " :فإن بغت إحداهما على الخرى فقاتلوا
التي تبغي حتى تفيء إلى أمر ال " .
فقد قالوا لبن عباس " إن البغي جريمة مثل جريمة السرقة ،قد حكم ال فيها بقتال الباغي حتى يرجع
عن بغيه مثلما حكم على السارق بقطع يده ،فهل السارق إذا وجب عليه الحد يبعث إليه حكم ؟
وعندما حجهم ابن عباس بقوله تعالى " :يا أيها الذين آمنوا ل تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم
متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة " المائدة ، 95قالوا له :
أخبرنا عن من قتل الصيد وهو محرم هل يسعه أن يحكّم في الصيد من دينه استحلل قتل الصيد وهو
محرم ويستحل قتل الصيد في الحرم ؟ قال :ل ،قالوا :كيف يسع عليا أن يحكم في دين ال من يدين
باستحلل ما حرم ال من دماء المسلمين ويحرم ما أحل ال من قتال الفئة الباغية .
ثم قالوا :نذكرك بال يا ابن عباس :هل تعلم أن أبا موسى كان شاكا في قتال الفئة الباغية ،يحرم ما أحل
ال من قتال الفئة الباغية ويخذل الناس عن القتال ،وعمرو بن العاص استحل ما حرم ال من دماء
() 1
المسلمين فقال :اللهم نعم .
ثالثا :إن اسم الخوارج يطلق على الفرق التي مرقت من الدين لحكمهم على المسلمين بأحكام المشركين
مثل جواز قتل المسلمين وسبي نسائهم وذرياتهم وغنم أموالهم ،ويدل على ذلك ما نراه من تفسير
أحاديث المروق من الدين فيهم ،وإن كان علماء الباضية يقولون ليس بالضرورة أن تكون هذه
الحاديث خاصة بهم إذ يمكن أن تشمل علماء السوء في كل زمان فإنهم يتفقون مع من يقول إن هذه
الفرق مثل الزارقة والصفرية وغيرهم مرقت من الدين ،يقول العلمة نور الدين السالمي في جوهر
النظام :
ومال أهل البغي ل يحل وإن يكن قوم له استحلوا
ثم ذكر الذين استحلوا أموال المسلمين ووصفهم بالمروق حيث قال :
خوارج ضلت فصارت مارقة من دينها صـفرية أزارقة
فعرضوا للناس بالسيـف كما قد استحلوا المال منهم مغنما
وأمـة المـختـار فارقتـهم وضـللـتهـم وفسـقتـهم
ووردت فيـهم عـن المختار جمـلة أخبـار مـع الثار
وفيـهـم المـروق يعـرفنا ومنـهم ل شـك نـبـرأنا
ونستنتج من هذا :
إن هذه التسمية ذم مطلق .
إن الباضية ليسوا منهم لنهم ل يشاركونهم في السبب الذي سموا من أجله بهذا السم .
إن الباضية يبرؤون من هذه الفرق وهذا دليل أنهم ليسوا منهم .
إن تسمية الباضية بالخوارج هو من باب التنابز باللقاب الذي نهى ال تعالى عنه ،خاصة أن المعنى
المعول عليه في عصرنا الحاضر هو المروق من الدين لنه ل يكاد يذكر أحد الخوارج إل ويربطه
بأحاديث المروق من الدين .
حتى على فرض إن المحكمة الذين يؤيدهم الباضية يسمون بالخوارج فل ينطبق على الباضية فالفرقة
السلمية تسمى بإمامها الذي اقتنعت بآرائه والباضية لهم اسم مستقل ولهم أئمة .
فإطلق أي لقب على إنسان يكره ذلك اللقب هو تنابز باللقاب حتى ولو كان له علقة بذلك اللقب ،فكيف
والباضية ل تنطبق عليهم هذه التسمية ويكرهونها لما تحمل من معنى النحراف عن الدين .
رابعا :إن الحجة التي يحتجون بها على إن الباضية من الخوارج هي كون الباضية يتفقون مع
الخوارج في بعض النقاط القليلة .
ولكن هذه حجة واهية لن الفرق السلمية ل بد أن تلتقي مع بعضها في بعض النقاط .
والختلف بين الباضية والخوارج في العقيدة وغيرها كثير سأذكره إن شاء ال .
وبالرغم من هذا كله أخذوا يتبعون شتى الساليب في إثبات هذه التهمة
لمحاولة التلعب بعقول الناس بإظهار السلوب العقلي في بعض الحيان .
الخوارج :
( )1اعتبروا أنفسهم المسلمين المؤمنين المستخلفين في الرض واعتبروا أعدائهم مشركين .
( )2أباحوا دماء المسلمين في السر والعلنية .
الباضية
قد تقدم قول أبي حمزة " الناس منا ونحن منهم " 000وقول السالمي -:
ونحن ل نطالب العبادا فوق شهادتيهم اعتقادا
فأين مقال الباضية من مقالهم
( )3الخوارج :يقولون :ما كف أحد عن القتال منذ أنزل ال البسط إل وهو كافر ،يعني يكفرون القاعد
عن القتال .
الباضية :
يعتمدون على الدعوة والقناع ول يلجئون إلى العنف ،وأدل شيء على ذلك طريقة الكتمان والدعوة
السرية مثل ما فعل أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي وجابر بن زيد الزدي رغم إنكارهم الشديد
على حكام الدولة الموية لسلوكها المنحرف عن الكتاب والسنة .
وطريقة الكتمان باللجوء إلى الدعوة السرية ليست مخصصة بوقت بل هي طريقة يتبعها الباضية عندما
يظهر أعداء السلم ولم يكن لهم القدرة لمقاومتهم حتى يستطيعوا ذلك وذلك عندما يكونوا نصف عدوهم.
( )4يقول الخوارج :إن صاحب الكبيرة مشرك ،ويقول بعضهم إن الصرار على الصغيرة شرك وعدم
الصرار ولو على كبيرة ليس بشرك .
والباضية ل يقولون بذلك كما يدل على ذلك قول أبي حمزة المتقدم " الناس منا ونحن منهم 000إلخ "
وقول السالمي المتقدم " ونحن ل نطالب العبادا 000الخ " ،لكنهم يسمون العاصي كافر نعمة بمعنى أنه
استخدم شيئا من نعم ال في معصية ال وهذا ما يسمى كفر دون كفر وله أدلة كثيرة .
( )5الخوارج :أوجدوا مبدأ امتحان لكل من يلتحق بهم ليتأكدوا من مطابقة آرائه لرائهم وعقائدهم .
والباضية ل يوجد لديهم مثل هذا المبدأ ويعتبرون جميع المسلمين متساوين في الحقوق فل يمتحنوا أحدا
لهذا الغرض ول يتجسسوا عليه لن التجسس عندهم حرام حتى على الكافر إل في حالت شرعها
السلم .
( )6الخوارج :يعتقدون أنه يجوز أن يبعث ال نبيا يعلم أنه يكفر بعد نبوته وأنه كان كافرا قبل بعثته .
والباضية يقولون بعصمة النبياء يقول نور الدين السالمي رحمه ال :
وواجب عليك أن تعرف ما يجوز للرسل وما قد لزما
وما استحال عنهم فاللزم في حقهم نعتا هي المكارم
كالصدق والتبليغ والمانة والعقل والضبط وكالفطانة
() 1
والمستحيل ضدها كالكذب وكالجنون وارتكاب الريب
( )7الخوارج :يستحلون دماء أهل العهد والذمة وأموالهم ويستحلون دماء من يعيشون في كنفهم من
المسلمين .
الباضية :يقول المام السالمي – رحمه ال : -
()2
ويرفع الحرب لجزية أتت منهم وفي المجوس حكمهم ثبت
( )8الخوارج :تولوا أصحاب الحدود والجنايات منهم .
الباضية :يقول المام السالمي – رحمه ال : -
() 3
ولية المؤمن فرض حققا وهكذا براءة الذ فسقا
()9الخوارج قالوا لعل ال يعذب المؤمنين بذنوبهم بغير النار ثم يدخلهم الجنة
الباضية :يقول الشيخ أبي طاهر الجيطالي :مما يجب اعتقاده على كل مكلف أن يعلم إن ل ثوابا ليشبهه
()1
ثواب وثوابه الجنة وهي ثواب ال لوليائه في الخرة.
( )10أجمعت النجدات من الخوارج أن ل حاجة للناس إلى إمام وإنما عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم .
والباضية ،يقول نور الدين السالمي في غاية المراد:
إن المامة فرض حينما وجبت شروطها ل تكن عن شرطها غفل
( )11يقول بعض الخوارج :الفعل من العبد خلق وإبداع لن ال تعالى فوضها للعباد .
والباضية يقولون :
ومن يقل إلهـنا لـم يـخلق أفعالنا بعدا لـه مـن أحمـق
لقولـه لكـل شـيء خالق سبحانه الـرب المليك الرازق
لو كـان خـالق سواه لزما تعدد اللـه قـطعـا حتـما
ولـو تعـدد اللـه لـظهر فسـاد هـذا العالم الذي بهر
لكن لنا في فعلـنا اكتسـاب به الثـواب وبـه العـقـاب
)2
من ثم قد نيل به على الرتب إل النبـوات فلـيس تكتسب
ويقول الشيخ ابن النظر :
خلق العالم ذو العـز ومـا أحدث العالم من خير وشـر
()1
فالفاعيـل اكتساب للورى ومن الرحمن خلـق وفطر
الباب الرابع
اتهام الباضية بالبدعة والتقليد
يورد البعض اتهامات وهمية على المذهب الباضي منبعثة من كراهية هذا المذهب أو جريا وراء التقليد
العمى والتعصب واتباع الهوى من غير دليل واحد يثبت شيئا من هذه التهامات ،وهذه التهامات هي
:
الباضية أهل بدعة
الباضية يقلدون أشياخهم ول يقبلون الدليل .
الباضية متعصبون
إلى غير ذلك من التهامات الباطلة التي تتكرر في الكتب والمحاضرات .
وأنا أتساءل لماذا يصرون على إلصاق هذه التهامات بالباضية ؟
هل الباضية يعبدون القبور ؟ هل يقدسون الشخاص كما يفعل غيرهم ؟ هل هناك أي مسألة عند
الباضية ل تستند إلى دليل من القران أو السنة ؟
أدعو أي باحث عن الحقيقية أن يأتي ولو بمسألة واحدة عند الباضية ل تستند إلى دليل .أو تقرب إلى ال
بما لم يأذن به الشرع
ومن أجل توضيح الحق في هذا الجانب وبيان من الولى بهذه التهامات الباضية أم الحشوية والذين
يلصقون أنفسهم بأهل السنة نناقش شيئين ،
أول :أقوال الطرفين في هذا الجانب ثم نناقش المسائل الخلفية بين الباضية وأهل السنة لنه إذا كان
هناك ابتعاد للباضية عن الدليل من القرآن والسنة فل يكون في المسائل المتفق عليها وإنما في المسائل
الخلفية
وأريد أن أنبه أن المسائل الخلفية بين الباضية وأهل السنة ليس كما يظن من وقعوا ضحية للمشنعين
أنها ل تعد ول تحصى وإنما في عدد قليل ،ولكن أبدأ أول بما يقوله كل من الباضية والحشوية في
الدعوة إلى اتباع الدليل أو إلى اتباع التقليد .
أول :أقوال الحشوية الملصقين أنفسهم بأهل السنة في الدعوة إلى التقليد :
يقول الصاوي في حاشيته على تفسير الجللين في تفسير سورة الكهف " :يجب على الناس جميعا أن
يتبعوا المذاهب الربعة ويجب على الناس أن يقلدوا الئمة الربعة ومن لم يقلدهم فهو ضال مضل ،ول
يبعد أن يقع في الكفر ولو أنه وافق ظاهر القرآن والحاديث الصحيحة وأقوال الصحابة " .
ويقول الطحان في شريط مسجل " :ل خير في قرآن بل سنة ول خير في سنة بل فهم لسلفنا الكرام "
وقال " :فكل من يدعو إلى قرآن بل سنة فهو
()1
ضال وكل من يدعو إلى كتاب وسنة بل فهم لسلفنا البرار فهو ضال "
لم تقتصر تشتم الخيار قاطبة حتى تجهمت أمرا يجلب الخطرا
تقول ل خير في القرآن قط ول في سنة سنها من أنقذ البشرا
في أي شيء يكون الخير بعدهما أفي الخزعبلة العمياء أنت ترى
فهل أحد من الباضية يدعو إلى تقليد الباضية ولو خالف القرآن
والسنة ؟!!
وهل يوجد في الباضية من ينفي الخير عن القرآن والسنة ويثبته في سلفه ؟!!
مع أن ال سبحانه وتعالى يقول " :ذلك الكتاب ل ريب فيه هدى للمتقين " سورة البقرة 2
ويقول " :تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين " النمل 2-1
أليس منطق هذا الحشوي يتفق مع منطق الكافرين كما وصفهم ال بقوله " :وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما
أنزل ال وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم ل يعلمون شيئا ول يهتدون "
المائدة . 104
ثانيا :أعمال الحشوية التعصبية :
سب الباضية في الكتب والمحاضرات .
الكذب على الباضية المدون في الكتب من غير استحياء والذي ل يعد ول يحصى متجاهلين نهي ال
ورسوله عن الكذب والظلم .
حرق كتب الباضية علنا وإن كان ليس فيها أمور خلفية .
عدم ذكر أي قول من أقوال الباضية وكأنها لم تكن من أقوال علماء المسلمين .
ثالثا :ما يقوله الباضية عن التقليد :
يقول الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي :
لن نرتضي التقليد دون تحقق إل لرسل ال يتلوا مصـحفه
ويقول نور الدين السالمي رحمه ال :
والصل للفقه كتـاب الباري إجماع بعد سنـة المختـار
()1
والجتهاد عند هـذي مـنعا وهالك مـن كان فيها مبدعا
ويقول :
نقدم الحديث مهـما جـاء على قيـاسنـا ول مـراء
ويقول :
حسبك أن تتـبع المـختارا وإن يقـولوا خالـف الثارا
ويقول :
ونحن حيث أمر القرآن ل حيث ما قال لنا فلن
ويقول :
فنأخذ الحـق مـتى نـراه لو مبـغض لنـا بـه أتـاه
والباطل المردود عندنا ولو أتى به الخل الذي له اصطفوا
ويقول :
لنني أقفـو الدليـل فاعلمـا لم أعتمد على مقـال العلـما
فالعلماء استخرجوا ما استخرجوا من الدليـل وعليـه عرجوا
فهـم رجـال وسـواهم رجـل والحق ممن جاء حتما يقبـل
إن قول الباضية إنهم يتبعون الدليل ول يرضون التقليد ليست كلمات رنانة وإنما هو مبدأ ملزم هالك من
خالفه هذا ما يقوله نور الدين السالمي :
والجتهاد عند هذي منعا وهالك من كان فيها مبدعا
كما إن الباضية لم يقتصروا في أخذ الدليل من مسند المام الربيع وحده كما يقول المظللون وإنما كتب
الحديث جميعها هي مصدر لتلقي الحديث مثل البخاري ومسلم والموطأ والنسائي وغيره ،وكتب
الباضية مليئة بالستدلل بهذه الحاديث الموجودة في تلك الكتب .
وأيضا فإن قول الباضية إنهم يأخذون الحق متى يرونه ليس ادعاء باطل وإنما هي حقيقة ثابتة فالمكتبة
الباضية مليئة بكتب المخالفين من تفاسير وكتب السنة وشرحها وكتب عديدة في جميع الفنون ،كما أن
أقوال الئمة الربعة وغيرهم من العلماء مليئة بها كتب الباضية والعالم يرجح القول الذي يرى الدليل
معه بغض النظر عن قائل هذا القول ،وإن شئت أن تتأكد إن هذه هي طريقة المذهب فخذ معارج المال
للمام نور الدين السالمي العماني ،وخذ البعد المكاني فانظر الذهب الخالص وشامل الصل والفرع
للشيخ محمد بن يوسف إطفيش وهو من المغرب .
وهنا يرى الباحث المنصف الفرق الكبير بين من يقتني كتب المخالفين وينقل منها ويحترم آراءها وبين
من يحرقها علنا ويسب أصحابها .
الباب الخامس
اتهام الباضية بالتعطيل
الباضية والحمد ل يثبتون جميع صفات ال الذاتية والفعلية ،فماذا يقصد هؤلء الحشوية بأن الباضية
معطلة ؟
هل يقصدون قول الباضية إن صفات ال هي ذاته وينفون الزيادة ،فهذا القول يتناسب مع كمال ال
سبحانه ،حيث أنه يقتضي أن ذات ال كاملة سميعة وبصيرة وعليمة وغير ذلك من الصفات يعني أنها
غير مفتقرة إلى جهاز سمعي وجهاز بصري إلى غير ذلك .
ولكن القول بأن صفات ال شيء زائد على الذات يقتضي أن الذات ليست سميعة بنفسها وليست بصيرة
بنفسها بل هي مفتقرة إلى أجهزة سمعية وبصرية .
يقول ابن العربي الندلسي المالكي :ل فرق بين قول القائل ان صفات ال غيره وبين قول اليهود إن ال
() 1
فقير إل تحسين العبارة " .
أم لنهم قاموا بتأويل المتشابه من القرآن والخبار تنزيها ل تعالى
فهذا التأويل لم ينفرد به الباضية ،فهذا الفخر الرازي يقول " :إن جميع فرق السلم مقرّة بأنه ل بد
من التأويل في بعض ظواهر القرآن والخبار ،ويواصل الستدلل بقوله :أما في القرآن بعدة وجوه :
الول :هو أنه ورد في القرآن ذكر الوجه وذكر العين وذكر الجنب الواحد وذكر اليدي وذكر الساق
الواحدة ،فلو أخذنا بالظاهر يلزمنا إثبات شخص له وجه واحد وعلى ذلك الوجه أعين كثيرة وله جنب
واحد وعليه أيد كثيرة وله ساق واحدة ول نرى في الدنيا شخصا أقبح صورة من هذه الصورة القبيحة
المتخيلة ،ول أعتقد أن عاقل يرضى بأن يصف ربه بهذه الصفة .
الثاني :قوله تعالى " :ولتصنع على عيني " لو فسر بظاهره لقتضى أن يكون موسى – عليه السلم –
مستقرا على تلك العين ملتصقا بها ،وذلك ل يقوله عاقل .
الثالث :قال ال تعالى " :فقدموا بين يدي نجواكم صدقة " وقال " :بين يدي رحمته " فالنجوى
() 1
والرحمة ليس لهما عضوان مسميان باليدين .
الرابع :إن قولهم في تفسير قوله تعالى " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " بأن ال أمر الملئكة تسجد
لدم لنه خلقه بيده ،ولو كانت اليد عبارة عن القدرة لكانت علة هذه المسجودية حاصلة في كل
المخلوقات .
الجواب :لو كان خلق آدم باليدين هو سبب اصطفائه لستحقت البهائم أيضا هذا الصطفاء لقوله تعالى :
" أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون " يس 71
الخامس -:إن ال قال " نسو ال فنسيهم " التوبة 67وقال " :وما كان ربك نسيا " ولو كان النسيان في
اليتين بمعنى واحد فكيف يثبته ال ثم ينفيه ؟!!
هل يريدون منا أن نصف ال بصفات خلقه كما فعل الحشوية المشبهة حيث وصفوا ال بصفات خلقه
ونفوا اللوهية عمن ل يتصف بهذه الصفات
()1
كقول ابن خزيمة " إن من ل رجل له ول يد ول عين ول أذن فهو غير جدير باللوهية " .
محتجا في ذلك بقوله تعالى " :ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم
لهم آذان يسمعون بها " العراف ، 195ونسي أن الية تعني أنكم أكمل من هذه الصنام فكيف تعبدونها
،ول تعني أن الخالق ل بد أن توجد فيه هذه الصفات تعالى ال عن ذلك .
يقول سماحة الشيخ أحمد الخليلي :
(ولقد رد على الحشوية كثير من المحققين من أهل السنة من المذاهب الربعة بمن فيهم المذهب الحنبلي
الذي ألصق الحشوية أنفسهم به واعتبروا هذه العقيدة يهودية المنبت واعتبروهم كفارا .
ومن أئمة المذاهب الربعة الذين قالوا ذلك العلمة تقي الدين الحصني الشافعي في كتابه الذي سماه "
دفع شبه من شبه وتمرد " ونسب ذلك إلى السيد الجليل المام أحمد " فقد جاء في مقدمة هذا الكتاب " :
وبعد فإن سبب وضعي لهذه الحرف اليسيرة ما دهمني من الحيرة من أقوام أخباث السريرة يظهرون
النتماء إلى مذهب السيد الجليل المام أحمد ،وهم على خلف ذلك والفرد الصمد ،والعجب أنهم
يعظمونه في المل ،ويتكاتمون إضلله مع بقية الئمة ،وهم أكفر ممن تمرد وجحد ويضلون عقول
العوام وضعفاء الطلبة "
ثم استمر على ذلك إلى أن قال بعد ما وصف كلم كل من ابن حامد والقاضي وابن الزاغوني من أئمة
هؤلء الحشوية المشبهة ،وما جاء في كلمهم من التشبيه ل تبارك وتعالى بخلقه ،قال في هؤلء " :
هي نزعة سامرية في التجسيم ونزعة يهودية في التشبيه ،وكذا نزعة نصرانية .
ونجد أن العلمة الكبير الزبيدي الحسيني الشافعي قال في كتابه القيم " إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء
علوم الدين " )1( :قال ابن القشيري :وقد نبغت نابغة من الرعاع لول استزل لهم العوام بما يقرب من
أفهامهم ويتصور في أوهامهم لجللت هذا المكتوب عن تلطيخه بذكرهم ،يقولون :نحن نأخذ بالظاهر
ونتحرى اليات الموهمة تشبيها والخبار المقتضية حدا وعضوا على الظاهر ،ول يجوز أن نطرق
التأويل إلى شيء من ذلك ،ويتمسكون بقول ال تعالى " :وما يعلم تأويله إل ال " وهؤلء – والذي
أرواحنا بيده – أضر على السلم من اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الوثان لن ضللت الكفار
ظاهرة يتجنبها المسلمون ،وهؤلء أتوا الدين والعوام من طريق يغتر به المستضعفون ،فأوحوا إلى
أوليائهم بهذه البدع وأحلوا في قلوبهم وصف المعبود سبحانه بالعضاء والجوارح والركوب والنزول
والتكاء والستلقاء والستواء بالذات والتردد في الجهات ،فمن أصغى إلى ظاهرهم يبادر بوهمه إلى
تخيل المحسوسات ،فاعتقد الفضائح فسال به السيل وهو ل يدري .
ولنترك ما يقوله علماء المذاهب الثلثة الحنفية والشافعية والمالكية ولنأت إلى ما يقوله أحد علماء الحنابلة
،مع أن هؤلء الحشوية يلتصقون بالمذهب الحنبلي ،فهذا العلمة الكبير أبو الفرج عبد الرحمن بن
الجوزي الحنبلي يقول في مقدمة كتابه " دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه " " :ورأيت من أصحابنا من
تكلم في الصول بما ل يصلح وانتدب للتصنيف ثلثة :أبو عبدال بن حامد وصاحبه القاضي وابن
الزاغوني ،فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب ورأيتهم نزلوا إلى مرتبة العوام ،فحملوا الصفات على
مقتضى الحس ،فسمعوا أن ال خلق آدم على صورته ،فأثبتوا له صورة ووجها زائدا على الذات
وعينين ولهوات ،وأضراسا وأضواء لوجهه هي السبحات ،ويدين وأصابع وكفا ،وخنصرا وإبهاما ،
وصدرا وفخذا ،وساقين ورجلين ،وقالوا :ما سمعنا بذكر الرأس ،وقالوا :يجوز أن يمس ،ويدني العبد
من ذاته ،وقال بعضهم :ويتنفس ،ثم يرضون العوام بقولهم :ل كما يعقل ،وقد أخذوا بالظاهر في
السماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة ،ل دليل لهم في ذلك من النقل ول من العقل ،ولم
يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة ل تعالى ،ول إلى إلغاء ما يوجبه
الظاهر من صفات الحدوث ،ولم يقتنعوا بأن يقولوا صفة فعل ،حتى قالوا صفة ذات ،ثم لما أثبتوا أنها
صفات ذات قالوا :ل نحملها على توجيه اللغة ،مثل يد على نعمة وقدرة ،ومجيء وإتيان على بر
ولطف ،وساق على شدة بل قالوا :نحملها على ظواهرها المتعارفة ،والظاهر هو المعهود من نعوت
الدميين ،والشيء إنما يحمل على حقيقته إذا أمكن ،ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم
ويقولون :نحن أصحاب السنة ،وكلمهم صريح في التشبيه ،وقد تبعهم خلق من العوام .
وقال في نفس الكتاب ص " : 274وقال ابن حامد المجسم :رأيت بعض أصحابنا يثبتون ل وصوفا في
ذاته بأنه يتنفس ،قال :وقالوا الرياح الهابة مثل الرياح العاصفة والعقيم ،والجنوب والشمال ،والصبا
والدبور ،مخلوقة إل ريحا من صفاته هي ذات نسيم حياتي وهي من نفس الرحمن ،قلت – أي ابن
الجوزي : -على من يعتقد هذه اللعنة ،لنه يثبت جسدا مخلوقا ،وما هؤلء بمسلمين "
فترون أن ابن الجوزي نفى عنهم السلم ،ولئن لم يكونوا مسلمين فما هم إل كفار ،فهذا نص أحد أئمة
الحنابلة بل هو من أكبر علمائهم .
ونجد العلمة السيد محمد رشيد رضا الذي عصفت به العواصف فألقته في قاع العقيدة الحشوية ،وذلك
واضح في تفسيره المنار عندما يأتي إلى اليات المتشابهات ،فإنه عندما يتحدث عن أي آية من هذه
اليات يحاول جهده أن يحملها على ظاهرها .
يقول في كتابه " الوحي المحمدي " ص " 146إن الركن الول والعظم من هذه الركان ،وهوا
اليمان بال تعالى قد ضل فيه جميع القوام والمم ،حتى أقربهم عهدا بهداية الرسل ،فاليهود على
حفظهم لصل عقيدة التوحيد ،قد غلب عليهم التشبيه ،وغاب عنهم أن يجمعوا بين النصوص المتشابهة
في صفات ال وبين عقيدة التنزيه ،وقد جعلوا ال كالنسان يتعب ويندم .
فترون أنه يثبت بأن منشأ ضلل اليهود هو كونهم عجزوا عن الجمع بين النصوص المتشابهة وبين
عقيدة التنزيه ،وهذا المر عينه هو الذي وقعت فيه المجسمة الحشوية ،فإنهم عجزوا عن ذلك ،بل
()1
أخلدوا إلى الخذ باليات المتشابهة وتركوا الخذ باليات المحكمة ).
الفصل الرابع
المـسـائل الـخـلفـيـة
والن نستعرض المسائل الخلفية بين الباضية وأهل السنة لنرى إن كان الباضية مبتدعين ول يقبلون
بالدليل ويتبعون أقوال شيوخهم ويتركون السنة كما يقول بذلك المشنعون على الباضية متبعا مبدأ الدليل
والمقارنة .
الباب الول
الجانب السياسي
(أ) قول أهل السنة :الخلفة تكون في قريش ول يجوز الخروج على الحاكم ما دام يقول ل إله إل ال "
ب – قول الباضية :يرى الباضية أن إقامة الخلفة السلمية فرض واجب اذا كملت شروطها ول
يشترطون القرشية ول يلجئون إلى استخدام العنف فل يحملون سيوفهم ضد الناس بتهور .
ولكنهم يعتمدون على الدعوة والقناع إن هدفهم الساسي هو إقامة شرع ال في الرض ،ولكن الصراع
بين الحق والباطل هو سنة ال في أرضه جعله ال ابتلء واختبارا لعباده المخلصين لدينه .
والباضية عندما يرون أعداء ال متسلطين في الرض بغير الحق وليس لهم القدرة على مقاومتهم
لظهار الحق يلجئون إلى الكتمان وذلك بنشر الوعي الديني ليزيد حزب ال ويقاوم الفساد فإذا أنسوا من
أنفسهم القوة وذلك بأن يكونوا نصف عدوهم بناء على قوله تعالى " :فإن يكن منكم مائة يغلبوا مائتين
" ،في ذلك الحين يرى الباضية أن ليس للمسلمين العذر في البقاء تحت إمرة الظلمة مع قدرتهم على
مقاومة الظلم وإقامة العدل فيرون أن مبايعة خليفة للمسلمين يقوم بالعدل أمر واجب ،يقول المام نور
الدين السالمي – رحمه ال – :
()1
إن المامة فرض حينما وجبت شروطها ل تكن عن شرطها غفل
ولقد لخص الشيخ علي يحيى معمر – رحمه ال – أهم أصول الباضية السياسية ( )2في النقاط التالية :
عقد المامة فريضة بفرض ال المر والنهي – والقيام بالعدل وأخذ الحقوق من مواضعها ووضعها في
مواضعها ،ومجاهدة العدو والدليل عليها من الكتاب والسنة والجماع .
رئاسة الدولة السلمية ( الخلفة ) ليست مقصورة على قريش أو على العرب وإنما يراعى فيها الكفاءة
المطلقة فإن تساوت الكفاءات كانت القرشية أو العروبة مرجحة .
ل يحل الخروج على المام العادل .
الخروج على المام الجائر ليس واجبا كما تقول الخوارج ،وليس ممنوعا كما يقول الشاعرة والسلفية
وإنما هو جائز بترجح استحسان الخروج إذا غلب الظن نجاحه ،ويستحسن البقاء تحت الحكم الظالم إذا
غلب على الظن عدم نجاح الخروج أو خيف أن يؤدي إلى مضرة تلحق بالمسلمين أو تضعف قوتهم على
العداء في أي مكان من بلد السلم .
والباضية عندما يتكلمون عن الئمة الجورة ل يقصدون مخالفيهم فقط كما توحي به عبارات المؤرخين
وكتاب المقالت ،وإنما يقصدون أئمة الجور الذين انحرفوا عن حكم ال سواء كانوا من أتباع المذهب
الباضي أو من أتباع غيره ،فالجور ليس له مذهب .
المام يختار عن طريق الشورى واتفاق أغلبية أهل الحل والعقد .
المام هو المسئول عن تصرفات ولته ،ويستحسن له أن يستشير أهل الحل والعقد من أهل كل منطقة
في تولية العمال عليهم وعزلهم عنهم .
ل يجوز أن تبقى المة السلمية دون إمام أو سلطان .
الحاكم الجائر يطالب أول بالعدل فإن لم يستجب طولب باعتزال أمور المسلمين فإن لم يستجب جاز القيام
عليه وعزله بالقوة ولو أدى ذلك إلى قتله إذا كان ذلك ل يؤدي إلى فتنة أكبر .
الحاكم الجائر سواء كان من الباضية أو من غيرهم هو وأعوانه في براءة من المسلمين ومعسكره
معسكر بغي .
بلد المخالفين لهم في المذهب بلد إسلم ولو كان سلطانهم جائرا .
ل يجوز العتداء على دولة مسلمة قائمة داخل حدودها إل ردا لعدوان
يجوز أن تتعدد المامات في المة المسلمة إذا اتسعت رقعتها وبعدت أطراف البلد عنها أو قطع بين
أجزاءها عدو بحيث يعسر حكمها بنظام واحد أو يكون ذلك سببا لنهيارها وتشتت قواها وتعطل مصالح
الناس فيها
وهكذا لقد عمل الباضية على تطبيق مبدأ وجوب إقامة الخلفة السلمية والذي يسمونها بالمامة وهي
عبارة عن قيادة دينية سياسية مأخوذة من قول ال تعالى لعبده إبراهيم – عليه السلم – " إني جاعلك
للناس إماما " أي قدوة وقائدا في الخير .
ولقد ابتدأت الخلفة السلمية عند الباضية منذ القرن الثاني الهجري فقد بويع المام طالب الحق في
اليمن عام 128هـ كما بويع المام الجلندى بن مسعود في عُمان عام 132وبويع المام أبو الخطاب
المعافري عام 140في طرابلس ،ولقد بويع في عُمان وحدها أكثر من ستين إماما أقاموا شرع ال في
أرضه .
يقول الشيخ ناصر بن سالم الرواحي – رحمه ال : -
تعـاقبـت خلفـاء ال منـصبها منذ الجلندى وختـم الكـل عزّان
أئمـة حفـظ الديـن الحنيف بهم مـن يـوم قيـل لديـن ال أديان
صيد شراة أباة الضيم أسد شرى شمـس العـزائم أواهون رهبان
سفن النجاة هداة النـاس قادتـهم طهر السـرائر للسـلم حيطان
وقف على السنة البيضاء سعيـهم وفي الجهادين ان عزوا وإن هانوا
ما زايلت خطوة المختار خطوتهم ول ثنى عـزمهم نفـس وشيطان
()1
فجاهدوا واستقاموا في طريقتـه عزومهم لصـروح الديـن أركان
ويقول الدكتور حسين عيد غانم غباش في كتابه " عمان والديمقراطية السلمية " في مقدمة الكتاب " :
ينم تأريخ عمان وثقافتها_ وهما في الكثر مجهولن_ عن صنوف من الصالة ويفتحان على أبواب من
الخصائص المميزة ،فلقد التصق هذا التأريخ منذ القرن الثاني الهجري ( الثامن الميلدي ) ولفترة تزيد
على ألف عام في جوهره بتأريخ حركة فريدة نشأت وازدهرت على خلفية مذهب إسلمي أقلي هو
المذهب الباضي ،وانطبعت هذه الحقيقة بالسعي إلى تشييد إمامة عادلة وناجحة وفق النموذج الباضي
للدولة السلمية .
ولقد وجدت الحركة الباضية هويتها العقائدية والفكرية في زمن مبكر ،ومن خلل محافظتها على مبدأ
الشورى والنتخاب الحر للئمة مبدأ الجماع والتعاقد يمكن أن تعد وأن تعد نفسها الوريث الحقيقي لتقاليد
الخلفاء الراشدين 11هـ 632م –40هـ 661م ،وبشكل خاص الفترة الولى من فترة أبي بكر وعمر بن
الخطاب رضي ال عنهما .
تعد دولة الخلفة هذه الفترة المثالية والنموذجية للدولة السلمية بعد وفاة الرسول – صلى ال عليه وسلم
– وتمثل هذه الفترة بالنسبة للباضية وغيرهم المرجعية السلمية الوحيدة ،ومنها استلمت الحركة
الباضية رؤيتها وشرعيتها ومبادئها وقوانينها الدستورية وكل ذلك في سبيل إقامة الدولة والمجتمع
السلميين المثاليين من خلل تشييد نظام المامة "
شروط المام
وفق الدستور الباضي يجب على المام أن يكون عادل حكيما شجاعا شريفا قادرا على نشر العدالة بين
الناس والسهر على حقوقهم ومصالحهم وأن يحكمهم بالعدل التام حسب الشريعة السلمية ،ول ينبغي
أن يكون المام حسودا ول حقودا ول بخيل ول متعجل ول مبذرا ول غدّارا ،ويجب أل يكون ماكرا ول
()1
مقعدا ول أعمى ول أبكم ول أصم ".
يقول المام الشاري إبراهيم بن قيس الحضرمي يصف الهدف الذي قامت المامة من أجله
وال ل أشرا قـمنا ول بـطرا ل ول طلبـا ملـكا وعـدوانا
لكن كقدوتنا بالعـدل إذ نبـذت آيات خـالقنا والحـق قـد بانا
شكرا لخالقنا إذ نحن ليس كمن ضل السبيل ورام المـلك طغيانا
إن الله هدانا جلّ جـلّ إلـى أهدى الهداية والعرفـان عرفانا
إنا نقول بحكـم ال قـد شهدت كل البـرية فـي التحكيم قتلنا
إنا على بصر من ديننـا وعلى قصد السبيل أخو العـدوان يلقانا
إنا نحث على مرضـاة خـالقنا دينا ونخلع من قـد رام عصيانا
إنا نميز مـا بيـن الولـي وما بين العدوّ كما قـد قـال مولنا
()1
لم يرض أولـنا قدمـا مداهنة في دينهم وكـذا لم نرض إدهانا
ولقد كان الئمة يأخذون العهود على ولتهم وقضاتهم لقامة العدل ،ولقد اخترت نقل بعض البيات عن
المام الشاري إبراهيم بن قيس الحضرمي لولته وقضاته حيث قال :
نظمت لكم عهدا فل بـد مـن عهد يكـون إلـى قاض ووال عـلى الجند
ليحمـل كـل مـا تحمـل مشـفقا ويعلـم أن ال ل غـيـره قـصـدي
فمن منهمـا خـان اللـه عـزلته ومن لم يخن عهدا شددت بـه عضدي
وما أنـا إل ناقـض العهـد خـائن إذا لم أزل من خان ممن ولـى عهدي
على الناس عصياني وإسقاط حرمتي إذا لم أطع ذا العرش أو لم أصن عقدي
فيا أيهـا القاضـي نصبـت لمعظم من المر فانظر ما تعيـد ومـا تبدي
نصبت ومن ينصب لحكم القضا فقد تنصـب للبـلـوى علـى خـطر أد
حملت أمانات فكـن مـن حسابـها على وجـل واذكـر منـاقشـة الفرد
فإن السما والرض أعرضـن خيفة وأشفقن من حمـل المانـة والعـهد
فخـذ بكـتـاب ال واقتـد بأحـمد وأتباعه ترشـد وترشـد إلـى الرشد
وما غاب من عـلـم عليـك فانـه إلـى العـلمـا بـال بـال فـاستهد
ول تقض إل عـن فـراغ وخلوة عن الملل المذموم والغضب المـردي
وواس بعينيك الخصـوم مـلحـظا وساو سواء مجـلس الحـر والعبـد
وأطرق إذا جاءتـك حجـة مـدع قليل كذا أطـرق إذا احتج ذو الجحد
ول تتهـم خصـما لخصـم ولو بدا لوهمك وهـم مـن سـديد ول وغد
وقال :
ويا أيهـا الوالـي جعلتـك واليـا على طاعة الرحمن والمصطفى النجدي
وللمر بالمعـروف والنـفي للذى وإخماد نـار الجـور والقـمع للضد
وترك الهـدايـا والتـجـارة إنـها تبث علـى الوالي أذى العزل والطرد
()1
ولطفك والحسان بالنـاس كـن بهم رؤوفا لطـيفا بالمـشيب وبـالمـرد
الباب الثاني
مسائل الخلف في العقيدة
إن مسألة قدم القرآن وخلقه فتنة أثارها اليهودي أبو شاكر الديصاني وكثر الكلم فيها بين القائلين بقدم
القرآن والقائلين بخلقه .
أما القائلين بقدم القرآن فقد اختلفوا اختلفا كثيرا ،فلو أخذنا ما تقوله فرقة واحدة مثل الحنابلة وجدناهم قد
اختلفوا في :
(أ) صوت قارئ القرآن وتلوته .
(ب) الحروف الهجائية التي تتركب منها كلمات القرآن وغيره .
(ج) تكلم ال هل بمشيئته أو بدونها .
أول :اختلفهم في الصوت :
ذهب فريق منهم إلى قدم صوت القارئ واعتقاد أنه قائم بذات ال تعالى ،ومن هؤلء محمد بن داود
البصيصي وابن حامد وأبو نصر السجزي والقاضي أبو يعلى وأنكر عليهم ذلك أبو بكر وآخرون ،
وحكوا عن المام أحمد قوله " من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ،ومن قال غير مخلوق فهو
()1
مبتدع " .
ويقول الشيخ أحمد الخليلي " :وفي هذا النص الذي رووه من التناقض ما ل يخفى على عاقل فإنه ل
توسط بين الخلق وعدمه ،فالشيء إما أن يكون مخلوقا أو غير مخلوق ،فإن كان مخلوقا فلماذا يضلل
القائل بخلقه ؟! وإن كان غير مخلوق فلماذا يبدّع من قال بعدم خلقه ؟!
ومن جهة أخرى كيف يكون صوت المخلوقين قديم وقائم بذات ال ؟!!
ثانيا :اختلفهم في الحروف :قال ابن تيمية " :لما تكلموا – أي الحنابلة – في حروف المعجم صاروا
بين قولين طائفة فرقت بين المتماثلين فقالت الحرف حرفان هذا قديم وهذا مخلوق ،فأنكر عليهم كثيرون
()2
وقالوا هذا مخالف للحس والعقل
وذكر ابن تيمية أنه رأى بخط القاضي أبي يعلى قال " :نقلت من آخر كتاب الرسالة للبخاري في أن
القراءة غير المقروء ،وقال وقع عندي عن أحمد بن حنبل على اثنين وعشرين وجها كلها يخالف بعضها
بعضا ،والصحيح عندي أنه قال :ما سمعت عالما يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق ،قال وافترق
())1
أصحاب أحمد بن حنبل على نحو من خمسين " .
يقول سماحة الشيخ أحمد الخليلي – حفظه ال – في الحق الدامغ :
وهم في هذا التنازع ل يرجعون إلى أصل من كتاب أو سنة وإنما كل مستندهم ما يروونه عن المام
أحمد ويتأولون من كلمه فكأنهم جعلوا كلمه أصل من أصول الدين المستند إليها فأين هم من قول ال
تعالى " :فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك خير
وأحسن تأويل " النساء ، 259وأغمضوا أعينهم عن كل ما جاء عن ال ورسوله مما يجلوا وجه الحق
ويكشف سدول الجهل عن حقيقة هذه المسألة "
ثالثا :اختلفهم في كلم ال بمشيئته أو بغيرها :
قال بعضهم :إن ال لم يتكلم بمشيئته ،وهم اتباع بن كلب القاضي وغيره وبنو قولهم هذا على أن كلم
ال الحرفي صفة قديمة قائمة بذات ال عز وجل ،فإن القديم بقدمه ل تسبقه مشيئة كالعلم والقدرة والحياة
وأمثالها من صفات ال تعالى .
وقال بعضهم إن ال متكلم بمشيئته يتكلم متى شاء .
وإذا رجعنا إلى كلم الشيخ ابن تيمية وجدناه يقول " :ول قال أحد منهم – أي السلف – إن نفس الكلم
المعين كالقرآن أو ندائه لموسى أو غير ذلك من كلمه المعين أنه قديم أزلي لم يزل ول يزال ،وأن ال
قامت به حروف معينة قديمة أزلية لم تزل ول تزال ،فإن هذا لم يقله ول دل عليه قول أحمد ول غيره
()1
من أئمة المسلمين ،بل كلم أحمد وغيره من الئمة صريح في نقيض هذا " .
فما دام ابن تيمية ينكر أزلية القرآن فلماذا يقال القرآن غير مخلوق ؟!!
فإن قيل إنكار القول بخلق القرآن هو إنكار كونه ناشئا عن غيره تعالى كما يفيده قول ابن تيمية " مع
قولهم إن كلم ال غير مخلوق وأنه منه بدأ ،ليس بمخلوق ابتدأ من غيره "
يعني أنهم ل يستطيعون إطلق كلمة مخلوق على القرآن حتى ل يفهم أن القرآن ابتدأ من غير ال .
وفي الحقيقة إن وصف الشيء بأنه مخلوق ل يعني أنه ابتدأ من غير ال سبحانه ،فإن مبدأ الكون منه
تعالى ،قال تعالى " :أمّن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والرض أإله مع ال قل هاتوا
برهانكم إن كنتم صادقين " النمل 64
ومن التناقض في قول ابن تيمية قوله " إنه منه بدأ ليس بمخلوق " حيث نفى الخلق وأثبت البداية وهل
() 2
البداية إل خلق ؟!!
قول الباضية في خلق القرآن :
يقول الباضية بخلق القرآن ويستدلون بأربعة عشر دليل من القرآن وحده بالضافة إلى الدلة من السنة
والدلة العقلية ،فمن أدلة القرآن قوله تعالى " وخلق كل شيء فقدره تقديرا " الفرقان ، 2فالقرآن داخل
في عموم قوله " وخلق كل شيء " ومقدرة سوره وآياته وجمله وكلماته وحروفه وحركاته وتلوته
ومعانيه وأحكامه وأخباره ،والدلة موجودة في " الحق الدامغ " وفي مختصره .
فهل هذه القوال المتضاربة متبعة للسنة والباضية الذين اعتمدوا على أدلة من القرآن والسنة هم مبتدعة
؟!!
الخلصة :نقلت هذا الجزء البسيط من أقوال القائلين بقدم القرآن والتي تدور حول ما قاله أئمتهم ليظهر
للباحث المنصف خطأ من قال " إن الباضية أهل بدعة " .
وإل فإننا لو أخذنا المفيد من أقوال أهل السنة وجدنا أن الخلف بين الباضية وأهل السنة في هذه المسألة
ي كما يقول أبو إسحاق " :ولعل أعدل ما في هذه المسألة القول بأن الخلف فيها لفظي لن القائلين لفظ ّ
()1
بالخلق يعنون القرآن المتلو المكتوب وغيرهم يعني معانيه وال أعلم " .
ربما أن التحليلت التالية تدل على ما قاله أبو إسحاق :
( )1إن التكلم بالقرآن غير أزلي وهذا ما يقره الباضية وأهل السنة ،يقول ابن القيم في الصواعق
المرسلة " وكذلك قوله تعالى " وإذا أردنا أن نهلك قرية"السراء 16سواء كان المر هنا أمر تكوين أو
() 1
أمر تشريع فهو موجود بعد أن لم يكن "
( )2إن معنى كلمة " قديم "أي لم يسبق وجوده عدم ،ومعنى " مخلوق " أي سبق وجوده عدم.
فلو جئنا إلى وجود القرآن المتلو المكتوب في المصاحف بهذه الصياغة ،كل حرف محتاج إلى آخر
لتتركب الكلمة وكل كلمة محتاجة إلى كلمة أخرى لتتركب الجملة .
سبق وجوده في المصاحف عدم .لن المصاحف غير أزلية
وسبق وجوده في الصدور عدم لنه قبل أن ينزل لم يكن موجودا ل في مصحف ول في صدر .
وكذلك ليس أزليا في اللوح المحفوظ لن اللوح المحفوظ مخلوق .
وليس قائما بذات ال .
ولكنه أزلي قديم في علم ال سبحانه ،وهذا يتفق عليه الجميع .
إذن الكلم المنزل المركب من الحروف الذي تتلوه اللسن وتسمعه الذان وتعيه العقول التكلم به حادث
في أوقات محددة ( التكلم به غير قديم )
حادث في المصاحف ( وجوده في المصاحف غير قديم )
حادث في الصدور ( وجوده في الصدور غير قديم )
حادث في اللوح المحفوظ ( وجوده في اللوح المحفوظ غير قديم )
غير قائم بذات ال سبحانه ( ل توجد حروف ول أصوات أزلية قائمة بذات ال )
قديم في علم ال .
إذن لم يبق وصف لهذا الكلم المعين بالقد م الّ وجوده في علم ال .
من المعلوم أن الباضية ينفون رؤية ال في الدنيا والخرة ،وأهل السنة يثبتونها ،وأنا لست هنا بصدد
عرض الدلة لني ذكرتها في كتاب " العقيدة السلمية في ضوء العقل والنقل " ،ولكن أنبه على بعض
النقاط بناء على أدلة الطرفين التي ذكرتها هناك .
أقوال المثبتين للرؤية :
بعضهم يقول أنها يمكن أن تقع في الدنيا والخرة .
وبعضهم يقول ل تقع إل في الخرة ول يراه إل المؤمنون .
وقال آخرون إنه يرى ال جميع أهل الموقف مؤمنهم وكافرهم .
وقال آخرون يراه المؤمنون والمنافقون دون الكافرين .
()1
والقوال الثلثة الخيرة في مذهب المام أحمد وهي لصحابه .
ونحن ل نستغرب هذا التضارب في القوال لنها مبنية على أدلة متضاربة .
فحديث أبي هريرة يثبت حسب زعمهم الرؤية في الموقف .
وحديث صهيب يثبتها في الجنة وسياقه دل على أنها أول مرة لو أخذ بظاهره .
وحديث أبي هريرة يثبتها للمؤمنين والمنافقين .
وحديث صهيب يثبتها للمؤمنين فقط .
فنقول أول:
الحق واحد فأين الحق من هذه القوال ؟!!
لو قلتم أن الرؤية للمؤمنين فقط فماذا تعملون بحديث أبي هريرة الذي يثبتها للمنافقين أيضا ؟!!
لو قلتم الحق أن الرؤية للمؤمنين والمنافقين حسب حديث أبي هريرة مع قولكم أن الرؤية أكبر نعيم من
الجنة فلماذا يحرم ال المنافقين من النعيم الصغر ؟!!
وإذا قلتم أن ال يريهم نفسه ثم يحجبون ليتحسروا – كما قال بعضكم – فلماذا ل يدخلهم الجنة ويخرجهم
ليتحسروا ؟!!
لماذا لم يذكر ال نعيم الرؤية بالتفصيل كما ذكر نعيم الجنة بالتفصيل ؟!!
ثانيا :عندما احتج النافون للرؤية بآية محكمة تدل دللة صريحة على نفي الرؤية وهي قوله تعالى " ل
تدركه البصار وهو يدرك البصار وهو اللطيف الخبير " النعام 103رددتم هذا الحتجاج بشبهات من
الخيال ل أساس لها فكيف يطمئن أحد أن يبني عقيدته على تفسر آية محكمة بشبهة من الخيال تغير معنى
الية ول يجد لها أي تأييد في الكتب حيث قلتم :
إن الدراك معناه الحاطة ،ولم نجد في كتب الصحاح من يفسر الدراك بالحاطة ،بل وجدنا حسبما
فسرناه فكيف يكون الرد حقيقة ؟!!
وقلتم أن الية جاءت لسلب العموم ل لعموم السلب فهل تستطيعون أن تطبقوا هذا التعليل على اليات
الخرى التي سيقت للمدح وتضمنت النفي مثل قوله تعالى " إن ال ل يحب المعتدين " البقرة 190؟!!
وقلتم إن عدم رؤيته ل يعد مدحا بسبب مشاركته غيره في ذلك كالرياح والرواح ،فهل تستطيعون
تطبيق هذا التعليل على قوله تعالى " ل تأخذه
سنة ول نوم " البقرة 255لن الجرام السماوية ل تنام ؟!!
أحتج النافون للرؤية بحديث أبي موسى الشعري الذي رواه الشيخان " :جنتان من فضة آنيتها وما فيها
وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إل رداء الكبرياء على وجهه
في جنة عدن
فهل رداء الكبرياء يزول عنه تعالى حتى تحصل الرؤية ؟!! تعالى ال عن ذلك .
وأخيرا هل المذهب الذي قال بأربعة أقوال متضاربة مبنية على أدلة متضاربة لم يستطع المستدلين بها
الجمع بينها هي الحق واتباعا للقرآن والسنة ؟ والمذهب الذي قال بقول واحد تدعمه أدلة استطاع أهله أن
يردوا على جميع اعتراضات استدلله يقال أنه مجانب للحق وأنه مبتدع ؟!!
ثالثا :مسألة الشفاعة وعدم غفران الذنوب من غير توبة
لقد أتبع الحشوية أنفسهم هواها وأتوا لها بالمبررات لتفعل ما تشاء من
المنكرات من غير أن تخاف من عقوبة الملك الديان متبعين التأويل التعسفي
ليات القرآن الكريم والسنة النبوية وفوق ذلك يشنون حملة من النتقادات والسب على من أول تلك
اليات تأويل صحيحا .
فقالوا :إن النسان بمجرد انتمائه إلى الدين السلمي بالنطق بالشهادتين صار له جواز سفر دبلوماسي
لدخول الجنة ،محتجين بقوله – صلى ال عليه وسلم – " من مات ل يشرك بال شيئا دخل الجنة "
وعندما قال الشيخ سالم بن حمود السمائلي هذا إذا لم يقترف إثما آخر ،قالوا هذا تأويل فاسد .
وقالوا لو عمل النسان ما عمل ما دام قال ل إله إل ال فذنوبه مغفورة من غير توبة ( )1محتجين بقوله
تعالى " :إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " النساء 48وبقوله – صلى ال عليه
وسلم – " :من قال ل إله إل ال دخل الجنة وإن زنى وإن سرق " ،وعندما قال الباضية :إذا تاب ،
قالوا :هذا تأويل فاسد ،وقالوا :لو جاء وذنوبه مثل الجبال فسيخرج له بطاقة مكتوب فيها ل إله إل ال
فترجح على كل الذنوب وتلغيها ويدخل الجنة .
وقالوا :إن الرسول سيشفع لهل الكبائر ولو كانت هذه الكبيرة قتل النفس مع أن ال تعالى يقول " :
()1
ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " النساء 93
وقالوا :إن من دخل النار من أهل الكبائر فسيخرج منها .
فإذا كان من مات ل يشرك بال دخل الجنة بغض النظر عن الكبائر الخرى ،وإن الذنوب مغفورة من
غير توبة ،فما الذي يدخلهم النار إل الشرك ؟!! والمشركون مخلدون في النار فمن الذين قالوا عنهم
يخرجون من النار ؟!! ،فل شك إن هذه تأويلت فاسدة تجرىء الناس على معصية ال .
فإذا كان ال سبحانه وتعالى وصف القول بالخروج من النار يسبب الغرور في الدين حيث قال سبحانه :
" ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إل أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون " آل عمران ، 24
فكيف القوال الخرى ؟!!
فلو كان القول بالخروج من النار حقا لما سبب الغرور فالحق ل يسبب الباطل .
ليس المر كما يعتقد هؤلء أن مجرد النتماء إلى هذا الدين يجعل النسان يفلت من الجزاء فلقد نص
القرآن الكريم في آيات كثيرة على أن كل من عمل صالحا جوزي بما عمل ،ومن عمل سيئا جوزي بما
عمل ،وقد حذر ال سبحانه وتعالى هذه المة من الغترار بالماني ،فقد قال عز من قائل " :ليس
بأمانيكم ول أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ول يجد له من دون ال وليا ول نصيرا " .النساء
123
يقول سماحة الشيخ أحمد الخليلي " :وفي ذكر أماني أهل الكتاب مع أماني هذه المة إشارة إلى أن بعض
أفراد هذه المة سوف يغترون كما اغتر أهل الكتاب ،وسوف يتعلقون بالماني راجين من ال سبحانه
وتعالى أن يغفر لهم ذنوبهم بمجرد انتمائهم إلى هذا الدين الحنيف وتصديقهم بالنبي – عليه أفضل الصلة
والسلم – وقد ذكر أماني هذه المة تحذيرا لهذه المة عن مسلك أهل الكتاب ليأخذ كل حذره وليعمل
جهده في طاعة ال سبحانه وتعالى .
وقد جاءت آيات كثيرة تؤيد ما جاءت به الية من أن كل أحد سوف يجازى بعمله ،من ذلك قوله تعالى :
"و من جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إل ما كنتم تعملون " النمل 90،وقوله سبحانه :
" من جاء بالحسنة فله خير منها ،ومن جاء بالسيئة فل يجزى الذين عملوا السيئات إل ما كانوا يعملون
"القصص ، 84وهذه نصوص صريحة ل تقبل الجدل أن ال سبحانه وتعالى يجازي كل أحد بعمله خيرا
كان أو شرا .
وقد بين سبحانه وتعالى أنه يغفر ذنوب التائبين ل ذنوب المصرين ،فقد قال عز من قائل " وإني لغفار
لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى "طه ، 82وبين سبحانه وتعالى أنه يغفر سيئات الذين يجتنبون
الكبائر ،أي يغفر صغائرهم دون كبائرهم ،ول يغفر الصغيرة إل مع اجتناب الكبيرة وشريطة عدم
الصرار عليها لقوله سبحانه وتعالى " :إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم
مدخل كريما "النساء . 31
وإذا أدرك النسان ذلك فهم معنى قوله سبحانه وتعالى " :إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك
لمن يشاء "النساء 48فيغفر لمن يشاء إما بالتوبة والقلع عن الكبائر والرجوع إلى ال سبحانه وتعالى ،
وإما باجتناب الكبائر مع صدور بعض الصغائر من غير قصد الصرار عليها ومن غير الستمرار على
ارتكابها ،هذا هو المقصود بقوله " :ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " ،فقد بين سبحانه في آيات أخرى
من يشاء لهم المغفرة وهم الذين يجتنبون الكبائر ول يصرون على الصغائر ،وقد جاء الحديث عن
رسول ال – صلى ال عليه وسلم " : -ل صغيرة مع الصرار ول كبيرة مع الستغفار " .
وكما أنه سبحانه وتعالى حذر من أماني الغفران ،وبين أن كل أحد سوف يجزى بما كسب ،حذر أيضا
من أماني الشفاعة ،وقد وجه هذا التحذير إلى هذه المة ،فقد قال مخاطبا المؤمنين " :يا أيها الذين آمنوا
أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم ل بيع فيه ول خلة ول شفاعة والكافرون هم الظالمون " البقرة
254وقال سبحانه مخاطبا بني إسرائيل " :واتقوا يوما ل تجزي نفس عن نفس شيئا ول يقبل منها
شفاعة ول يؤخذ منها عدل ولهم ينصرون"البقرة ، 48وفي هذا أيضا تحذير لهذه المة ولغيرها من
التعلق بأماني الشفاعات .وبين تعالى أن الشفاعة ل تكون للظالمين بقوله " :ما للظالمين من حميم ول
شفيع يطاع " غافر . 18وهل من قائل أن أكل مال اليتيم بالباطل أو غصب أموالهم أو أعراضهم أو كان
قاتل أو غير ذلك بأنه غير ظالم ؟!
وأما ما قيل من أن النسان يشفع له النبيون يوم القيامة ،وسوف يتخلص من العقاب ،فقد بين سبحانه
وتعالى الذين يستحقون شفاعة النبيين وغيرهم في قوله " :ول يشفعون إل لمن ارتضى "النبياء 28
فالشفاعة تحق للرضى دون غيره ،وإن كان الرضى يستحق دخول الجنة قد تكون الشفاعة أيضا من
ضمن السباب التي تؤدي إلى دخول الجنة فقد يتوب التائب من معصيته ،ويجعل ال سبحانه وتعالى
()1
للشفاعة نصيبا في قبول توبته ،وأما المصرون على الكبائر فل شفاعة لهم بهذه النصوص القاطعة " .
اختلف المسلمون في خلود أهل الكبائر في النار ،فالبعض يقول يعذبون بقدر أعمالهم ثم يخرجون من
النار والبعض الخر يقول إن من دخل النار ل يخرج منها ،والباضية يقولون بالخلود .
فإذا نظرنا إلى القول بخروج أهل الكبائر من النار وجدناه ضعيفا لعدة أشياء :
أول :إنه جاء من عند اليهود كما صرح القرآن الكريم بذلك حيث قال سبحانه " :وقالوا لن تمسنا النار
إل أياما معدودة قل اتخذتم عند ال عهدا فلن يخلف ال عهده أم تقولون على ال ما ل تعلمون بلى من
كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " البقرة 81-80
ثانيا :إن في الية استنكار لهذه العقيدة وإنها غير مستندة إلى عهد ال .
ثالثا :لقد صرحت الية أن من ارتكب سيئة وأحاطت به خطيئته – يعني أنه لم يتخلص منها بالتوبة –
فهو مخلد في النار .
رابعا :ليس هناك آية واحدة في القرآن الكريم تذكر الخروج من النار بل القرآن أنكر قول اليهود ذلك ،
بالضافة إلى ذلك فإن آيات الخلود كثيرة .
خامسا :هناك أحاديث تنص على خلود أهل الكبائر وغيرهم في النار .
سادسا :كل ما تعلق به القائلون بالخروج من النار بعض الحاديث النبوية ،مع أن أحاديث أخرى تثبت
الخلود ومتفقة مع القرآن .
فهل نأخذ الحاديث المتفقة مع آيات القرآن أم المختلفة معها ؟.
يقول السيد محمد رشيد رضا في تفسير المنار " :وإذا كان من علل الحديث المانعة من وصفه بالصحة
()1
مخالفته رواية لغيره من الثقات فمخالفة القطعي من القرآن أولى بسلب وصف الصحة عنه "
بالضافة إلى ذلك فإن عمر بن الخطاب رد حديث فاطمة بنت قيس لمخالفته القرآن ،كذلك السيدة عائشة
ردت حديث ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله لمخالفته القرآن ،وإذا كانوا في ذلك الوقت يرجعون
أحاديث الرسول – صلى ال عليه وسلم – إلى القرآن حتى ل يقعوا في الخطأ فكيف بعد ما اختلط الحابل
بالنابل .
أما الباضية ومن معهم فقد بنوا قولهم بالخلود لكل من دخل النار ليس اتباعا للهوى وإنما على أدلة
قطعية من القرآن والسنة ل يشك في صحتها عاقل .
فآيات القرآن صرحت في أن أصحاب الكبائر مخلدون في النار إن ماتوا مصرين عليها ولم يتوبوا منها ،
قال ال تعالى " :إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ل يفتر عنهم وهم فيه مبلسون وما ظلمناهم ولكن
كانوا هم الظالمين وقالوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون "الزخرف 75-74
يقول سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي – حفظه ال " : -وهل من قائل يقول إن الزاني الذي مات وهو
مصر على الزنا أو شارب الخمر أو قاتل النفس المحرمة بغير الحق أو آكل الربا أو المصر على ارتكاب
الكبائر ليس من المجرمين ؟!! من الذي يقول إن هؤلء ليسوا مجرمين ؟!! ويقول سبحانه وتعالى " :إن
البرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين " النفطار 16- 13بين
ال سبحانه وتعالى في هذه اليات أن الناس ينقسمون إلى قسمين :أبرار وفجار ،وبين أن البرار في
النعيم وأن الفجار في الجحيم وأنهم ل يغيبون عن هذا الجحيم ،
فهل يقول من يؤمن بال واليوم الخر أن الزنا من البر ؟!! وأن قتل النفس المحرمة من البر ؟!! وأن من
فعل شيئا من ذلك من البرار ؟!! وهل ينكر أحد من المؤمنين بال واليوم الخر أن هذه المعاصي ليست
من الفجور وأن فاعلها ليس من الفجار ؟!! .
ويقول سبحانه وتعالى " :والذين ل يدعون مع ال إلها آخر ول يقتلون النفس التي حرم ال إل بالحق ول
يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القامة ويخلد فيه مهانا إل من تاب وآمن وعمل
عمل صالحا فأولئك يبدل ال سيئاتهم حسنات وكان ال غفورا رحيما " الفرقان 70_68
لقد نص ال سبحانه وتعالى في هذه اليات أن من قتل النفس المحرمة بغير حق ومن زنى فلهما حكم
المشرك في الخلود في النار .
ولعل قائل يقول :إن الوعيد منصب على من جمع هذه الصفات جميعا ،أي من أشرك مع ال إلها آخر
وقتل النفس المحرمة بغير الحق وزنى .
والجواب :إنه يلزم هذا القائل أن ل يخلد أحد في النار بسبب الشرك حتى يضم إلى الشرك قتل النفس
المحرمة بغير الحق والزنى ،أما إن أشرك ولم يقتل النفس المحرمة بغير الحق ولم يزن ،يلزمهم على
هذا القول أن ل يكون من الخالدين في النار .
ويقول سبحانه وتعالى في آكل الربا " :فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى ال
ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " البقرة ، 275فهذا نص صريح في أن آكل الربا من
أصحاب النار الذين يخلدون فيها .
ويقول تبارك وتعالى " :ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها "000الية ،النساء 93فقد
بين سبحانه وتعالى أن قاتل النفس المؤمنة بغير حق مأواه جهنم وسوف يخلد فيها ،ويقول ال سبحانه
وتعالى " :ومن يعص ال ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين " النساء . 14
فالية جاءت بعد تبيان أحكام المواريث وحكمت على المتعدي فيها بالخلود ،فهل التعدي في الميراث
()1
شرك ؟!! " .
وما وراء ذلك من اليات الكثيرة الناصة على الخلود في النار ،وهذه اليات كلها تدل على خطورة
عقيدة من يعتقد الخروج من النار أو العفو عن أهل الكبائر لما تجره من التهاون بأوامر ال والجرأة على
معاصيه " .
وهناك أدلة أخرى من القرآن ذكرتها في كتاب " العقيدة السلمية في ضوء العقل والنقل " .
وروى البخاري ومسلم وغيرهم من طريق ابن عمر أن النبي – صلى ال عليه وسلم – قال " :يدخل
أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم يا أهل النار ل موت ويا أهل الجنة ل موت كل خالد
فيما هو فيه " وروى مثله البخاري عن أبي هريرة والطبراني والحاكم وصححه من طريق معاذ -
رضي ال عنه . -
ودللة الحديث على الخلود من غير استثناء واضحة .
كما وردت أحاديث صحيحة في مسلم والبخاري وغيرهم تنص بالخلود لمن ارتكب الكبائر ،وقد نصت
على خلود كل من :مدمن الخمر ،والعاق لوالديه ،والديوث ،ومن استرعاه ال رعية فأضاعها ،ومن
اقتطع حق مسلم بيمينه ،ومن قتل نفسه بحديدة أو بسم ،ومن يضربون الناس بالسياط ،والكاسيات
العاريات ،وهذه الحاديث موجودة في كتاب " الحق الدامغ " لسماحة الشيخ الخليلي وفي مختصره
.ومعظمها رواها الشيخان
أليست هذه كبائر غير الشرك ؟!!
هل العقوبة على استحللها دون فعلها ؟!!
يقول العلمة السيد محمد رشيد رضا صاحب تفسير المنار في الجزء الول ص " 112القاعدة السادسة
" أن الجزاء على اليمان والعمل معا لن الدين إيمان وعمل ومن الغرور أن يظن من ينتمي إلى نبي من
النبياء أن ينجوا من الخلود في النار بمجرد النتماء ،والشاهد عليه ما حكاه ال لنا عن بني إسرائيل من
غرورهم في دينهم وما رد به عليهم حتى ل نتبع سنتهم " :وقالوا لن تمسنا النار إل أياما معدودة "وبعد
ذلك يقول :ولكننا قد اتبعنا سننهم شبرا بشبر وذراعا بذراع مصداقا لما ورد في الحديث الصحيح ،وإنما
نمتاز عليهم بأن المتبعين بعض المة ل كلها وبحفظ نص كتابنا كله وضبط سنة نبينا في بيانه وبيان
()1
حجة أهل العلم والهدى قائمة إلى يوم القيامة " .
وقد قال في تفسير آية الربا " وقد أول المفسرون الخلود لتتفق مع المقرر في العقائد والفقه من كون
المعاصي ل توجب الخلود في النار فقال أكثرهم :من عاد إلى أكل الربا واستباحته اعتقادا ،ورده
بعضهم بأن الكلم في أكل الربا ،وما ذكر عند من جعله كالبيع هو بيان لرأيهم فيه قبل التحريم ،فهو
ليس بمعنى استباحة المحرم ،فإذا كان الوعيد قاصرا على العتقاد فحسب فل يكون هناك وعيد على
الكل بالفعل " .
ويتابع السيد محمد رشيد رضا " والحق أن القرآن فوق ما كتب المتكلمون والفقهاء ،يجب إرجاع كل
قول في الدين إليه ،ول يجوز تأويل شيء منه ليوافق كلم الناس ،وما الوعيد بالخلود هنا إل كالوعيد
()1
بالخلود في قتل العمد ،وليست هناك تسمية في اللفظ على إرادة الستحلل " .
الباب الثالث
بعض مسائل الخلف الفقهية
وأما في مقدار المسافة التي يقصر فيها الصلة فقد اختلف العلماء في ذلك فذهب ابن حزم إلى أقل
مسافة وهو ميل واحد وقال البعض ثلثة أميال ،وذهب البعض إلى اشتراط السفر الطويل وأقله
مرحلتان عند البعض وثلث مراحل عند البعض الخر .
وقال الباضية المسافة التي يجب فيها القصر فرسخان محتجين بما رواه أنس قال :صليت مع رسول ال
– صلى ال عليه وآله وسلم – الظهر بالمدينة أربعا وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين " متفق
عليه .
ومما يدل على وجوب القصر في السفر القصير ما روي عن شعبة بن يحيى بن يزيد الهنائي سألت أنسا
عن قصر الصلة فقال :كان رسول ال – صلى ال عليه وسلم – إذا خرج مسيرة ثلثة أميال أو ثلثة
فراسخ صلى ركعتين " شعبة الشاك رواه أحمد ومسلم وأبو داود .
قال في الفتح وهو أصح حديث ورد في ذلك وأصرحه ،
وقد حمله من خالفه على أن المراد المسافة التي يبدأ منها القصر ل غاية السفر ،قال :ول يخفى بعد هذا
الحمل مع أن البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال :سألت أنسا
عن قصر الصلة وكنت أخرج إلى الكوفة يعني من البصرة فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع فقال
أنس :فذكر الحديث ،قال فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر ل عن الموضع الذي يبتدأ منه
() 1
القصر .
وأما الذين اشترط السفر الطويل فقد أورد الرد عليهم سيد سابق حيث قال
" وأما ما ذهب إليه الفقهاء من اشتراط السفر الطويل وأقله مرحلتان عند البعض وثلث مراحل عند
البعض الخر فقد كفانا مؤنة الرد عليهم المام أبو القاسم الخرقي قال في المغني :قال المصنف :ول
أدري لما صار إليه الئمة حجة ،لن أقوال الصحابة متعارضة مختلفة ول حجة فيها مع الختلف ،فقد
روي عن عمر وابن عباس خلف ما احتج به أصحابنا ،ثم لو لم يوجد ذلك لم يكن في قوله حجة مع
()1
قول النبي – صلى ال عليه وسلم – وفعله "
فتبين أن القول بوجوب القصر في السفر القصير والذي بينه الحديث بالمسافة من المدينة إلى ذي الحليفة
وقاسه العلماء فوجدوه 12كم هو الصحيح ،وأن القول باشتراط السفر الطويل ل يستند إلى دليل .
وفي مدة القصر اختلف العلماء إلى أقوال كثيرة فمنهم حدده بثلثة أيام ومنهم من قال ولو إلى سنين
ومنهم من قال غير ذلك .
وقال الباضية بأن مدة القصر ما دام مسافرا وقد قال بهذا القول الصنعاني في سبل السلم وسيد سابق
وابن القيم حيث يرى ان القامة ل تخرج عن حكم السفر طالت أم قصرت ما لم يستوطن المكان الذي
أقام فيه .
ولهذا القول أدلة كثيرة من هدي الرسول – صلى ال عليه وسلم – وهدي أصحابه ،فقد جاء عن الرسول
– صلى ال عليه وسلم :
عن أبي هريرة أنه صلى مع الرسول – صلى ال عليه وسلم – إلى مكة في المسير والمقام بمكة إلى أن
رجعوا ركعتين ركعتين " رواه أبو داود الطيالسي في مسنده .
وعن يحيى بن إسحاق عن أنس قال :خرجنا مع النبي – صلى ال عليه وسلم – من المدينة إلى مكة
فصلى ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة فقلت أفأقمتم بها شيئا قال أقمنا بها عشرا " متفق عليه .
عن جابر قال " :أقام النبي – صلى ال عليه وسلم – بتبوك عشرين يوما يقصر الصلة " رواه أحمد
وأبو داود .
وعن عمران بن حصين قال " :غزوت مع النبي – صلى ال عليه وسلم – وشهدت معه الفتح فأقام بمكة
ثماني عشرة ليلة ل يصلي إل ركعتين يقول يا أهل البلد صلوا أربعا فإنا سفر " رواه أبو داود .
عن ثمامة بن شرحبيل قال :خرجت إلى ابن عمر فقلت :ما صلة المسافر ؟ فقال :ركعتين ركعتين إل
صلة المغرب ثلثا ،قلت أرأيت إن كنا بذي المجاز ؟ قال :وما ذي المجاز ؟ قلت :مكان نجتمع فيه
ونبيع فيه ونمكث عشرين ليلة أو خمس عشرة ليلة ،فقال :يا أيها الرجل :كنت بأذربيجان ل أدري قال
أربعة أو شهرين فرأيتهم يصلون ركعتين ركعتين " رواه أحمد .
صلة المسافر ركعتان حتى يؤوب إلى أهله أو يموت" رواه الخطيب والجصاص.
وأما هدي أصحابه – صلى ال عليه وسلم – فقد أورده سيد سابق في كتابه فقه السنة ( )1حيث قال :
وقال نافع " :أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين وقد حال الثلج بينه وبين الدخول "
وقال حفص بن عبيد ال " :أقام أنس بن مالك بالشام سنتين يصلي صلة المسافر "
وقال أنس " :أقام أصحاب النبي – صلى ال عليه وسلم – برام هرمز سبعة أشهر يقصرون الصلة "
وقال الحسن " :أقمت مع عبدالرحمن بن سمرة بكابل سنتين يقصر الصلة ول يجمع "
وقال إبراهيم " :كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك و بسجستان السنتين " فهذا هدي النبي صلى
ال عليه وسلم وأصحابه كما ترى وهو الصواب .ففي هدي رسول ال صلى ال عليه وسلم النجاة وأما
التقليد العمى فهو سبيل ضعاف اليمان .
وأما مذهب الناس فقال المام أحمد إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم وإن نوى دونها قصر ،وحمل هذه الثار
على أن رسول ال – صلى ال عليه وسلم – لم يجمعوا القامة البتة بل كانوا يقولون :اليوم نخرج غدا
نخرج .
ففي هذا نظر ل يخفى فإن رسول ال – صلى ال عليه وسلم – فتح مكة وهي ما هي وأقام فيها يؤسس
قواعد السلم ويهدم قواعد الشرك ويمهد أمر ما حولها من العرب ،ومعلوم قطعا أن هذا يحتاج إلى
إقامة أيام ول يتأتى في يوم واحد ول يومين ،وكذلك إقامته بتبوك فإنه أقام ينتظر العدو ،ومن المعلوم
قطعا أنه كان بينه وبينهم عدة مراحل يحتاج إلى أيام وهو يعلم أنهم ل يوافون في أربعة أيام ،وكذلك
إقامة ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلة من أجل الثلج ،ومن المعلوم أن مثل هذا الثلج ل
يتحلل ول يذوب في أربعة أيام بحيث تفتح الطرق ،وكذلك إقامة أنس بالشام سنتين يقصر ،وإقامة
الصحابة برام هرمز سبعة أشهر يقصرون ،ومن المعلوم أن مثل هذا الحصار والجهاد ل ينقضي في
أربعة أيام ،وقد قال أصحاب أحمد :إنه لو أقام لجهاد عدو أو حبس سلطان أو مرض قصر سواء غلب
على ظنه انقضاء الحاجة في مدة يسيرة أو طويلة ،وهذا هو الصواب ،لكن شرطوا فيه شرطا ل دليل
عليه من كتاب ول سنة ول إجماع ول عمل الصحابة فقالوا شرط ذلك احتمال انقضاء الحاجة في المدة
التي ل تقطع حكم السفر وهي ما دون الربعة أيام ،فقال :من أين لكم هذا الشرط والنبي – صلى ال
عليه وسلم – لما أقام زيادة على أربع يقصر الصلة بمكة وتبوك لم يقل لهم شيئا ولم يبين لهم أنه لم يعزم
على إقامة أكثر من أربعة أيام وهو يعلم أنهم يقتدون به في صلته ،ويتأسون به في قصرها في مدة
إقامته فلم يقل لهم حرفا واحدا ل تقصروا فوق إقامة أربع ليال وبيان هذا من أهم المهمات ،وكذلك اقتداء
الصحابة به بعده ولم يقولوا لمن صلى معهم شيئا من ذلك ".
إن قول الباضية بأنهم أهل الحق والستقامة ليس مجرد دعوى وإنما تؤيده عدة أدلة يدركها من حرّر
نفسه من ربقة التعصب ،ومن هذه الدلة :
أول :إنها الفرقة التي أقامت الخلفة السلمية لقامة شرع ال في أرضه حيثما وجدت هذه الفرقة في
عمان والمغرب واليمن .
ففي عمان وحدها بويع بالخلفة أكثر من ستين إماما بيعة على مبدأ الشورى والتعاقد على نهج الخلفاء
الراشدين ،وليس هذا ادعاء فقط وإنما هو حقيقة واقعة ابحث عن سيرتهم هل تجدهم قصّروا في شيء
من شرع ال من إقامة حدود وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغير ذلك ؟ هل تجد عندهم
القطاعيات ؟ هل تجدهم يقيمون السهرات الماجنة مثل من تدعوهم الفرق الخرى بالخلفاء من عباسيين
وأمويين وعثمانيين وغيرهم ؟
أنظر عهودهم إلى جيوشهم مثل عهد المام الصلت بن مالك لجيشه الذي أرسله لمقاتلة النصارى في
سقطرى والذي ركز فيه على تحذير الجيش من عصيان ال وحثهم على المعاملة الحسنة ورسم لهم
الخطوط العريضة التي يتبعونها في نهجهم مع أهل سقطرى أكثر من تركيزه على المكاسب العسكرية .
وانظر عهود الئمة إلى ولتهم تدلك على سيرتهم .
ومن جهة أخرى هل يعقل أن تكون الفرقة الناجية من الفرق التي لم تقم الخلفة السلمية لقامة شرع
ال على مر العصور ؟!! بل تحمي الظلمة والمتسلطين بقولها ل يجوز الخروج عليهم .
ثانيا :بعدها عن عقائد اليهود ،مع أن بعض الفرق التي تدعي أنها المحقة اتفقت مع اليهود في خمس
مسائل عقائدية ذكرتها في باب " الفرق بين الباضية والخوارج " .
ثالثا :وحدة رأيهم في مسائل العقيدة ،حتى في المسائل الخلفية ،ففي نفي الرؤية مثل لهم قول واحد
وكذلك في عدم الخروج من النار والشفاعة وغير ذلك ،بينما ل تجد هذا التفاق في الفرق الخرى ،
فالمثبتون للرؤية من أهل السنة لهم في الرؤية عدة أقوال وفي قدم القرآن عشرات القوال وفي الخروج
من النار أكثر من قول .مع ان العقيدة ليس فيها اجتهاد ،فالحق واحد.
رابعا :قوة أقوالهم فليس هناك مسألة في العقيدة إل ولها أساس من القرآن والسنة ولم يستطع المخالفون
نقض تأويلهم لها ،بينما نرى أن لدى المخالفين أقوال تناقض القرآن كما بينت ذلك في نفي الرؤية .
،ويرفضون الحوار باستمرار مدعين أن دلك إظهار للباطل ،وفي الحقيقة هو إفلس من الحجة فمثل
هم دائما يرددون أن الباضية أهل بدعة ،ونراهم يعرفون البدعة بأنها :التقرب إلى ال بما لم يأذن به ال
،والباضية كما ذكرت سابقا ليس لديهم أي نوع من هذه البدع فليس لديهم تمسح بالقبور وليس لديهم
تقديسا لشخاص ولم يذكر المخالفون في كتبهم عن الباضية بدعة محددة .
خامسا :بعدهم عن الكذب عموما وعلى رسول ال – صلى ال عليه وسلم – خصوصا ،فهم أبعد ما
يكون عن وضع الحاديث .
سادسا :عدم مناقضة بعضهم بعضا وسب بعضهم البعض بل ولعن بعضهم البعض كما يفعل غيرهم
وذكرته في باب " الرد على من اتهم الباضية بالتعطيل " نقل من كتبهم .
سابعا :منهجيتهم العلمية :وتبدوا واضحة فيما يلي :
تحري الدقة في أحكامهم في كل شيء حتى مع الفرق الخرى ،ليس كما تفعل الفرق الخرى حيث يبدو
واضحا حكم الشرك على المسلمين في قول البغدادي في عدم جواز الصلة خلف الفرق الخرى ول
عليهم ول مزاوجتهم بالضافة إلى من يكفرون المسلمين ويستحلون دماءهم.
بعدهم عن الكذب على الفرق الخرى لظهار حجتهم عليهم كما رأيناه موجود ا عند الفرق الخرى .
سعة أفقهم ورحابة صدورهم حيث أنهم يتبعون الحق فيأخذون الحاديث النبوية من جميع كتب السنة
وينقلون أقوال المخالفين ويرجحون أي قول يرون دليله أقوى بغض النظر عمن قاله ،وهذا واضح في
كتبهم .
ثامنا :عدالتهم الجتماعية ،فالمواطنون من الفرق السلمية الخرى في ظل الدولة الباضية لهم كافة
الحقوق والواجبات التي يستحقها كل مسلم من إباضي وغيره ،إل الولية (الحب في ال) وإن حدث ما
يخالف ذلك فهو ظلم ،المبادئ الباضية بريئة منه .
الخاتمة
بدا واضحا أن الباضية هم أهل الحق و الستقامة وإن ما قيل عنهم بأنهم أهل ضلل ليس إل ضباب من
الوهم يتلشى مع ظهور الحق 0
أسأل ال العلي القدير أن يوحد كلمة المسلمين على الحق وأن يؤلف بين قلوبهم ،وأن يفرق شمل أعدائهم
إنه سميع مجيب ،وصلى ال على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم
المراجع
فقه السنة ،سيد سابق ،الفتح العربي العلمي ،القاهرة 1414 ،هـ – 1993م .
نيل الوطار ،الشيخ محمد بن علي بن محمد الشوكاني ،مكتبة القاهرة 1398 ،هـ – 1978م .
قناطر الخيرات ،الشيخ أبي طاهر إسماعي ل بن طاهر الجيطالي ،دار النهضة للنشر والتوزيع ،
سلطنة عمان ،ط 1418 ، 2هـ – 1998م .
الدعائم ،الشيخ أحمد بن النظر ،طبع وزارة التراث القومي والثقافة ،سلطنة عمان ،ط 1409 ، 2هـ ،
1988م .
جوهر النظام ،العلمة نور الدين عبدال بن حميد السالمي ،دار المعارف ،لبنان 1410 ،هـ 1989 -م .
تحفة العيان بسيرة أهل عمان ،الشيخ نور الدين السالمي ،مكتبة الستقامة ،سلطنة عمان .
الكامل في التأريخ ،ابن الثير محمد بن علي بن عبد الكريم ،دار الباز ،مكة المكرمة ،ط 1415 ، 2هـ
– 1995م .
الباضية بين الفرق السلمية ،الشيخ علي يحيى معمر ،طبع وزارة التراث القومي والثقافة ،سلطنة
عمان .
الحق الدامغ ،سماحة الشيخ أحمد الخليلي ،مكتبة الضامري للنشر والتوزيع ،سلطنة عمان 1412 ،هـ .
وسقط القناع ،سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ،مكتبة الضامري للنشر والتوزيع ،سلطنة عمان ،
1412هـ .
أضواء على الباضية ،الشيخ علي يحيى معمر ،المطابع العالمية ،روي ،سلطنة عمان .
المهذب من إحياء علوم الدين ،الشيخ صالح أحمد الشامي ،دار القلم ،دمشق 1413 ،هـ – 1993م .
عمان والديمقراطية السلمية ،د .حسين عبيد غانم غباش ،دار الجديد ،لبنان 1997 ،م .
أساس التقديس في علم الكلم ،المام فخر الدين الرازي ،دار الفكر اللبناني ،بيروت ،ط 1993 ، 2م .
البعد الحضاري للعقيدة الباضية ،الدكتور فرحات الجعبيري ،مطبعة اللوان الحديثة ،سلطنة عمان .
الجامع الصحيح ،مسند المام الربيع بن حبيب ،مكتبة مسقط ،سلطنة عمان 1415 ،ه 1994م .
الكشف والبيان ،الشيخ محمد بن سعيد القلهاتي ،وزارة التراث القومي والثقافة ،سلطنة عمان ،
1400هـ .
إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين ،الشيخ محمد بن محمد الحسيني ،دار الكتب العالمية ،
بيروت 1409 ،هـ – 1989م .
المامة والسياسة ،الشيخ محمد بن مسلم بن قتيبة الدينوري ،دار المنتظر ،بيروت 1405 ،هـ –
1985م .
ديوان السيف النقاد ،المام إبراهيم بن قيس الحضرمي ،ط ، 2وزارة التراث القومي والثقافة ،سلطنة
عمان 1409 ،هـ – 1988م .
شرح الجامع الصحيح مسند المام الربيع ،الشيخ نور الدين السالمي ،المطبعة العمومية ،دمشق ،
1383هـ – 1963م .
جامع أبي الحسن البسيوي ،الشيخ علي بن محمد بن علي البسيوي ،وزارة التراث القومي والثقافة ،
سلطنة عمان 1404 ،هـ – 1984م .
كشف الحقيقة لمن جهل الطريقة ،الشيخ نور الدين السالمي ،مخطوطة
غاية المراد في العتقاد ،الشيخ نور الدين السالمي ،مخطوطة .
العقود الفضية في الصول الباضية ،الشيخ سالم بن حمد الحارثي .
دراسات في الفرق والمذاهب القديمة والمعاصرة ،عبد ال المين ،دار الحقيقة ،بيروت .
الفرق السلمية مدخل ودراسة ،د .عبد الفتاح المغربي ،مكتبة وهبة ،ط 1415 ، 2هـ – 1995م .
العدالة الجتماعية في السلم ،سيد قطب ،ط ، 7بيروت 1387 ،هـ _ 1976م
البداية والنهاية ابن كثير دار المعارف بيوت الطبعة الرابعة.
الصول اليمانية لدى الفرق السلمية الدكتور عبد الفتاح أحمد فؤاد دار المعرفة الجامعية السكندرية.
المدخل الى دراسة الديان والفرق والمذاهب العميد محمد أسود.
الفرق بين الفرق عبد القادر بن طاهر البغدادي دار الجيل بيوت 1408ه 1987م
الكشف عن الصابة في اختلف الصحابة محمد بن شامس البطاشي مكتبة الضامري مسقط السيب .
فرق معاصرة تنتسب الى السلم وموقف السلم منها غالب ين علي عواجى مكتبة أضواء المنار
المدينة المنورة 1414 .ه
حادي الرواح إلى بلد الفراح ابن القيم الجوزية دار الكتاب العربي بيروت 1414ه 1994م
زاد المعاد في هدي خير العباد محمد صلى ال عليه وسلم ابن القيم الجوزية دار الكتاب العربي بيروت.
مقالت السلميين واختلف المصلين أبو الحسن علي بن إسماعيل الشعري مكتبة فراتز شتايز نفيسادن
1400ه 1980م
الفصل في الملل والنحل ابو محمد علي بن أحمد دار المعرفة بيوت 1395ه 1975م
الملل والنحل أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني مكتبة النجلو مصرية 1977م
التبصير في الدين أبو المظفر شاهفور بن طاهر السفراييني
الباضية عبد العزيز بن محمد دار طيبة الرياض 1412هـ
أحكام السفر في السلم علي يحيى معمر مكتبة الستقامة روي سلطنة عمان
الذهب الخالص محمد بن يوسف إطفيش المطابع العالمية روي سلطنة عمان
كشف الكرب محمد بن يوسف إطفيش وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان 1405هـ 1985م
قواعد السلم أبي طاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي مكتبة الستقامة روي سلطنة عمان 1413هـ
1992م
المام الربيع بن حبيب مكانته ومسنده الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي مكتبة الضامري سلطنة عمان
1416هـ 1995م
الوحي المحمدي محمد رشيد رضا 1404هـ 1984م
إسلم بل مذاهب الدكتور مصطفى الشكعة الدار المصرية اللبنانية 1414هـ 1994م
الفهرس
33 ثالثا :مسألة الشفاعة وعدم غفران الذنوب من غير توبة 120