You are on page 1of 23

‫الباب األوال‬

‫المقدمة‬

‫أسباب الكتابة‬

‫من املعروف أن يف ديننا دين اإلسالم هناك اخلطابة والتبليغ والدعوة ليكون املخاطب زاد‬

‫فيهم إميانا ولو كان الكالم ما يبث أمور اإلسالم تفصيليا‪ ,‬يف احلقيقة لكل منها متساوي‬

‫‪.‬يعىن إعطاء الكالم أو النصيحة اجليدة إىل املخاطب‬

‫وقد كثرت آيات ىف القرآن الكرمي الذي يتعلق هبذا وكذا احلديث‪ .‬قال اهلل تعاىل ادع إىل‬

‫سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احلسنة وجاداهم بالىت هي أحسن ‪ ...‬وقال رسول اهلل صلى‬

‫اهلل عليه وسلم خاطب الناس علي قدر عقوهلم ‪ ...‬ويف حديث آخر قال بلغوا عين ولو اية‬

‫‪...‬‬

‫وإن كان متساويا يف احلقيقة‪ ,‬هلا خصائص اليت يتميز بعضها بعض من أي جهة كانت‪.‬‬

‫‪.‬لذالك لقد أرفنا ما يفرق بينها الذي إن شاء اهلل سبأيت يف السأالت التالية‬

‫المسأالت‬

‫ما هي خطابة سياسية ؟ ‪۱‬‬

‫‪ ٢‬ما هي اخلطابة القضائية ؟‬

‫‪ ٣‬ما هي خطب الصلح ؟‬

‫‪1‬‬
‫‪ ٤‬ما هي اخلطابة العسكرية ؟‬

‫‪ ٥‬ما هي اخلطب االجتماعية ؟‬

‫‪ ٦‬ما هي خطب احملافل ؟‬

‫األغراض‬

‫‪ ١‬يعرف عن خطابة سياسية‬

‫‪ ٢‬يعرف عن اخلطابة القضائية‬

‫‪ ٣‬يعرف عن خطب الصلح‬

‫‪ ٤‬يعرف عن اخلطابة العسكرية‬

‫‪ ٥‬يعرف عن اخلطب االجتماعي‬

‫‪ ٦‬يعرف عن حطب احملافل‬

‫‪2‬‬
‫باب الثاني‬
‫البحث‬
‫‪ .١‬خطابة سياسية‬
‫يقصد باخلطابة السياسية اخلطبة الىت توجه حكومة الدولة إىل وجهة معينة سواء‬
‫‪.‬يف عالقتها اخلارجية أو أعماهلا الداخلية‬
‫اخلطبة السياسية ‪ :‬مكونات‬
‫ليس كل خطبة سياسية مما ينال جناحا و قبوال لدى السامعني‪ ,‬و كثريا ما ينصت‬
‫السامعون احرتاما للخطيب‪ ,‬و لكنهم غري مقتنعني برأيه‪ ,‬و جناح اخلطبة يقوم‬
‫على اإلقناع و االستمالة‪ ,‬و هي بوجه عام تعتمد على عملني‪ :‬تأييد رأى‬
‫اخلطيب و هدم األراء املعارضة‪ ,‬ذلك ألن اخلطيب إذ يزيد رأيه ال يدع جماال‬
‫للرأى األخر أن يربز يف ذهن سامعيه بل ينفرهم منه و يطرده عنهم‪ ,‬و أهم‬
‫‪:‬قواعد اجلانبني ما يلى‬
‫‪ .١‬على اخلطيب أن يدرس املوضوع الذي يريد أن يتخذه موضوع خطابته ‪ ,‬و‬
‫يتعمق يف معانيه ليمكن أن يقدم ملستمعيه شيأ جديدا مقنعا‪ ,‬مث إن هذه الدراسة‬
‫متكنه من الرد على معارضيه و تفجؤهم مببادئ و معان مل ختط بباهلم فال جيدون‬
‫قدره على ردها و االعرتاض عليها‪ ,‬و جيب أن يعد اخلطيب جبانب هذه الدراسة‬
‫‪.‬عبارات خطبته الىت يوضح هبا األفكار الىت درسها‬

‫‪3‬‬
‫‪ .٢‬جيب أن يكون مقتنعا باملبدأ الذى يدعو إليه فهذا اإلقناع مينحه حرارة و قوة‬
‫يف خطابة و ميده أيضا مبعان جديدة‪ ,‬مث عليه أن يقدم للناس نفس األسباب الىت‬
‫اقتنع هو هبا‪ ,‬و أن جيمع ىف خطابه – شأن اخلطابة عامة – بني األسباب املقنعة‬
‫و األخرى املثرية للعاصفة‪ ,‬ألنه هبا يشتميل مشاعرهم ‪ ,‬و لكن خماطبة اجلماهري‬
‫الىت حتتاج إىل هذه اإلثارة ال تستغىن عن املنطق الذى تعتمد عليه‪ ,‬و بغري ذلك‬
‫يتحمس الناس للخطيب أثناء خطابته ‪ ,‬فإذا انصرفوا من موقفه ال جيدون ىف‬
‫‪.‬أذهاهنم ما يغذى عاطفتهم فتكون اخلطبة ضعيفة األثر‬
‫‪ .٣‬عليه أيضا أن يدرس أراء معارضيه ليفندها و يضعف تأثريها ‪ ,‬و هو يف هذا‬
‫يوازن بني مذهبه ومذهب األخرين املعارضني ‪ ,‬و يبني ما ملذهبه من مزايا و‬
‫‪.‬منافع عامة للناس وما للمذهب األخر من أضرار و قلة جدوى‬
‫و يغتفر للخطيب يف هذا أن يستعمل سخرية قليلة عارضة‪ ,‬أو يرسل نكتة عابرة‬
‫للنيل من خصومه فهذا يكسبه شجاعة يف موقفه و إيهام الناس أن املذهب‬
‫املعارض مفروغ من دحضه و قلة نفعه‪ ,‬و لكن ال جيوز أن يتناول خصومه من‬
‫اجلوانب الشخصية أو أن يبحث عن مغامز يف سلوكهم أو تارخيهم فهذا إسفاف‬
‫‪.‬يزرى باخلطيب نفسه و قد ينتج عكس ما يريد‬
‫‪ .٤‬اخلطيب السياسي ىف أكثر مواقفه كاملناظر قلما يسلم من معارضني‪ ,‬و قد‬
‫يفاجأ مبن يقاطعه يف حديث أو يبدى عليه اعرتاضا‪ ,‬و هلذا جيب أن يكون رابط‬
‫اجلأش ثابت القلب حاضر الذهن فال يتزعزع هلذه املقاطعة ‪ ,‬و رمبا عدل إىل‬
‫جانب أخر من احلديث و ترك اعرتاض صاحبه أو رد عليه ردا غري كاف ليشغل‬

‫‪4‬‬
‫الناس حبديثه اجلديد‪ ,‬و بعبارة أخرى يقابل اهلجوم عليه هبجوم أخر و هذا النوع‬
‫‪.‬قد يكفى ىف اخلطابة السياسية و لكن ال ينجح ىف اخلطب القضائية‬
‫‪:‬كذلك جيب أن تتوافر ىف اخلطيب السياسي زيادة على ما تقدم الصفات االتية‬
‫األوىل ‪ :‬أن يكون ذا دراية تامة بالقوانني الدولية‪ ,‬و احلقوق الشخصية و املدنية‬
‫ملما بأسرار الدولة الداخلية و اخلارجية و أحواهلا املادية و األدبية لصلة ذلك‬
‫حبياة األمة يف صعودها و هبوطها فيتسىن له إظهار العدل و نصرة احلق و إدراك‬
‫‪.‬الصواب و العمل على ما فيه سعادة األمة‬
‫الثانية ‪ :‬أن يكون خملصا ىف حمبة وطنه‪ ,‬بريئا من كل أنانية و غرض شخصى أو‬
‫حتيوز إىل نصرة إنسان أو خذالنه فال يرى إال حياة األمة وال يعمل إال للخري‬
‫‪.‬احملص‬
‫الثالثة ‪ :‬أن حيسن درس األمور الىت يدور عليها البحث و ميعن النظر ىف مجيع‬
‫‪.‬وجوهها ليكون حكمه على بصرية تامة بعيدا عن اخلطإ و الزلل‬
‫الرابعة ‪ :‬أن يكون شجاعا ذا عارضة لسنا بعيدا عن الغضب ليستطيع أن يقوم يف‬
‫‪.‬وجه معارضيه و يلزمهم احلجة‬
‫و من خطبة لإلمام كرم اهلل وجهه يبني أنه ال بد للناس من أمري حيث قال ىف‬
‫اخلوارج ملا مسع قوهلم ‪ :‬ال حكم إال هلل‪ ,‬و لكن هؤالء يقولون ‪ :‬ال إمرة إال هلل‪,‬‬
‫و إنه ال بد للناس من أمري بر أو فاجر‪ ,‬يعمل ىف إمرته املؤمن و يستمتع فيها‬
‫الكافر‪ ,‬و يبلغ اهلل فيها األجل ‪ ,‬و جيمع به الفئ ‪ ,‬و يقاتل به العدو‪ ,‬و تأمن به‬
‫‪.‬السبل‪ ,‬و يؤخذ به للضعيف من القوى حىت يسرتح به بر و يسرتاح من فاجر‬

‫‪5‬‬
6
‫‪ .٢‬الخطابة القضائية‬
‫اخلطابة القضائية هي الىت يلقيها وكيل النيابة أو احملامى أمام القضاء إثباتا حلق‪,‬‬
‫أو تربئه ملتهم‪ ,‬أو طالبا حلكم ىف أمر من األمور العامة أو اخلاصة‪ ,‬وهي ختتلف‬
‫باختالف احملاكم الىت تلقى هبا‪ ,‬فقد تكون ىف أمر جناية أو أمر مدىن أو حالة من‬
‫األحوال الشخصية‪,‬وموقف اخلطيب –احملامى أو وكيل النيابة –خيتلف باختالف‬
‫‪.‬القضية الىت يتكلم فيها من حيث نوعها وأمهيتها‪ ,‬واألحداث الىت بنيت عليها‬

‫‪ :‬وأهم ما تعتمد عليه اخلطبة القضائية‬


‫‪ .١‬درس القضية درسا عميقا شامال حبيث ال تغيب عن اخلطيب أدىن جزئية‬
‫‪.‬منها‬
‫‪.٢‬وضعها ىف الصورة القانونية املالئمة حبيث ينجح طلبه بأقصى ما يستطيع‬
‫‪.‬ويبحث اقتناع القاضى أنه يعتمد على القنون العلى التهريج واإلثارة‬
‫‪ .٣‬أن تصاغ اخلطبة ىف صورة منطقية متسلسلة تسلم كل نقطة إىل تاليتها بدون‬
‫‪.‬أن يشعر السامع بفجوة أو انقطاع‪,‬فهذا يوهن اخلطبة وينىبء عن عجز صاحبه‬
‫‪.٤‬جودة األسلوب وقوة التعبري مما له أثر كبري ىف إجناح اخلطبة القضائية وكبار‬
‫احملامني يطبعون خطبهم ليقرأها من مل يشهد إلقاءها ويستفيد منها احملامون‬
‫‪.‬اآلخرون واخلطباء‬
‫‪.٥‬قد جيد لقاضى أن القانون العام ليس مسفعا وال واضح التطبيق ىف قضيته وهلذا‬
‫يلجأ إىل القوانني اخلاصة الىت وضعها القانونيون شرحا للقانون العام وما هلم فيها‬

‫‪7‬‬
‫من أراء فرعية‪,‬كما يلجأ احملامى ىف األحوال الشخسية إىل أقوال فقهاء من‬
‫‪.‬املذاهب الفقيهة الكثرية الىت ترد ىف القانون‬

‫‪ .٣‬خطب الصلح‬
‫يتصل باخلطب القضائية خطب الصلح بني املتخاصمني‪ ,‬و الغرض األساس منها‬

‫هو إصالح ذات بينهم ‪ ,‬وإزالة ما بينهم من إحن و ضغائن ‪ ,‬وهي من اخلطب‬

‫القضائية ألن جملس املصاحلة العرىف أو الوسيط بني اخلصوم قد حيكم على أحد‬

‫‪,‬الطرفني بدفع غرامة مالية أعقوبة أدبية‬

‫وخطبة الصلح يف الواقع عمل قضائي حياول به الوسيط أو الوسطاء إحالل‬

‫املودة مكان اخلصام‪ ,‬وهذا العمل و اخلطب الىت تقال فيه ليس شيئا مستحدثا‬

‫ولكنه معروف منذ العصر اجلاهلى‪ ,‬ففى أعقاب احلروب يتوسط بعض الكرباء أو‬

‫يتحملون ديات القتلى‪ ,‬كما فعل هرم ابن سنان و احلارث ابن عوف ىف حرب‬

‫‪.‬داحث و الغرباء‬

‫واستمرت هذه اخلطيب ىف العصر اإلسالمى واألمو ِى ‪ ,‬ألن األسالم يؤثر الصلح‬

‫على القضاء ملا فيه من إزالة الشحناء ‪ ,‬وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫متفائال مبتهجا بااحلسن ابن على ويقول إن اهلل سيصلح به بني فئتني من‬
‫‪8‬‬
‫املسلمني‪ ,‬ومع كل هذا ليس لدينا مأثورات واسعة من خطب الصلح ‪ ,‬والذى‬

‫وصل إلينا ليس جاريا على شريطة شراح اخلطب ومؤرخيها من حيث طوله‪,‬‬

‫فقد ذكر أبو هالل العسكرى أن الناس كانوا إذا خطبوا ىف الصلح بني العشائر‬

‫‪.‬أطالوا‬

‫ومل ترد إلينا خطبة مطولة من هذا النوع ‪ .‬وكان اخلطيب ىف خطب الصلح‬

‫‪.‬خيطب وافقا ‪ ,‬بينما يكون جالسا ىف خطب األمالك‬

‫وال نزال ىف وقتنا احلاضر حنتاج إىل هذا النوع من اخلطب ونستعمله خصوصا ىف‬

‫املنازعات الىت حتدث ىف الريف وبني القبائل ىف صعيد مصر ‪ ,‬وقدجيعل الواعظ‬

‫خطيبه إلصالح موضوعا عاما خلطبة اجلمعة حيث يسمعها الكثريون ‪ ,‬وقد تعقد‬

‫هلا جمالس خاصة حيضرها بعض الكرباء وبعض رجال احلكومة فيتداول الرأى‬

‫وتبحث األحداث أوال مث يأتى دورالوعظ ليلقي نصائحه مدعمة بااألدلة الدينية و‬

‫‪.‬العقلية‬

‫واالجتاح العام ىف خطبته الصلح أهنا تدعو إىل التسامح و العفو وترغب يف الصفح‬

‫وعدم اإلنتقام ‪ ,‬كما تنفر من املعارك ومن إراقة الدماء ‪ ,‬وقد يذكر الواعظ ىف‬

‫هذاملقام عفو رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عمن أساءو ا إليه من قومه حىت‬
‫‪9‬‬
‫الذين حاربوه ومهوا مرارا بقتله ‪ ,‬وهو يوم الفتح سأل عن عتبة ومعتب ابىن أىب‬

‫هلب الذى كان شديد اإليذاء له ‪ ,‬كما يقول مساحمة ابن حنبل كال من املعتصم‬

‫ابن عباس والواثق بعد ما ناله من تعذيبهما وسجنهما له مدة طويلة ‪ ,‬وقد يذكر‬

‫أن الشخص حني ينتقم من خصمه يشعر بغبطة وقتية مث يؤنبه ضمريه ويلومه على‬

‫‪.‬ما فعل ‪ ,‬ودراسة علم النفس كثرية النفع ىف هذه املواقف‬

‫كما يذكر أن توريث احملبة والوئام بني الناشئني والذرية الربيئة خري من توريث‬

‫الشحناء واملطالبة بالثارات ‪ ,‬وحياة األمن والدعة خري من حياة احلروب وطول‬

‫‪.‬النضال ‪ ,‬مث الد مع هذا من االيات القرأنية واألحاديث الشريفة‬

‫‪ .٤‬الخطابة العسكرية‬
‫اخلطبة العسكرية هي اليت يلقيها قواد اجليوش قبل احلرب حيضون فيها اجلند علي‬
‫قتال األعداء‪ ،‬والغاية منها أهناض مهه اجلند‪ ،‬وإذكاء نار احلماسة فيهم‪ ،‬وإثارة‬
‫النخوة واحلمية واإلقدام‪ ،‬وهتوين املوت وحتسني التضحية يف سبيل الشرف‬
‫والكرامة ‪ ،‬وخطرها عظيم فكثرا ما يتوقف عليها إحراج النصر‪ ،‬فإن اجلندى إذا‬
‫حتمس بقول الرئيس نشط للقتال وجاهد العدو غري مبال باخلطر حىت يفوز‬
‫‪.‬بإحدى احلنيني الظفر والغنيمة ‪ ،‬او املوت والشهادة‬

‫‪10‬‬
‫األول ‪ :‬أن يستنهض مهة اجلندى بأن يذكره بأن الشهيد ال يقاسي من اآلم‬
‫نزع الروح ما يقاسيه غريه بل ينتقل مباشرة بغري حساب إىل أعلى درجات اجلنة‬
‫حيث تكون أرواح الشهداء يف جوف الطيور خضر تسبح يف رياض اجلنة مث‬
‫‪.‬تأوى إىل قناديل معلقة بالعرش‬
‫مث يتذكره بأن كل إنسان سيموت عاجال أو آجال والشهيد وحده يتميز بأنه‬
‫‪.‬يظل حيا يرزق لكن يف اجلنة بدال من الدنيا‬
‫الثاين ‪ :‬أن يبغّض إليه العدو وميأل قلبه حنقا عليه ببيان جوره وطعمه يف االحتال‬
‫وحب السيادة علي الشعوب‪ ،‬مث يذل األمر له ببيان ضعف قوته وسهولة‬
‫االنتصار عليه ‪ ،‬والفوز بعدده وذخائره بصدق احلملة ‪ ،‬واالستماتة يف القتال‬
‫‪.‬والثبات يف وجه العدو ثقة با هلل وأمال يف النجاح والظفر‬
‫‪:‬وهلذه اخلطب ثالثة صفات‬
‫األويل ‪ :‬أن يلقيها اخلطيب حبماس عظيم‪ ،‬وانفعال شديد ليجيز يف نفس‬
‫‪ .‬السامعني ما يف نفسه من الشجاعة واحلمية والنشاط‬
‫‪.‬الثانية ‪ :‬أن تكون واضحة يدركها اجلند بسهولة‬
‫‪.‬الثالثة ‪ :‬أن تكون موجزة ألن احلرب ال تدع جماال واسعا‬

‫وقد انتخبكم الوليد بن عبد امللك أمري املؤمنني من األبطال عزبانا‪ ،‬ورضيكم‬
‫للملوك هذه اجلزيرة أصهارا وأختانا‪ ،‬ثقة منه بارتياحكم للطعان ‪ ،‬وإمساحكم‬
‫مبجالدة األبطال والفرسان‪ ،‬ليكون حظه منكم ثواب اهلل علي إعالء كليمته‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫وإظهار دينه هبذه اجلزيرة‪ ،‬وليكون مغنمها خالصا لكم من دونه ومن دون‬
‫‪.‬املؤمنني سواكم‪ ،‬واهلل تعايل ويل إجتادكم علي ما يكون لكم ذكرا يف الدارين‬
‫واعلموا أين أول جميب إيل كا دعيتكم إليه‪ ،‬وإين عندمتلقي اجلمعني حامل بنفسي‬
‫علي طاغية القوم (لذريق) فقاتله إن شاءاهلل فامحلوا معي‪ ،‬فإن هلكت بعده فقد‬
‫كفيتم أمره‪ ،‬ولن يعوزكم بطل عاقل تسندون أموركم إليه‪ ،‬وإن هلكت قبل‬
‫وصويل إليه فاخلفوين يف عزمييت هذه‪ ،‬وامحلو بأنفسكم عليه‪ ،‬واكتفوا املهم من‬
‫‪ .‬فتح هذه اجلزيرة بقتله‪ ،‬فإهنم بعده خيذلون‬

‫وهذه اخلطبة ثرية خبصائص اخلطابة احلرية ‪ ،‬من ناحية التعبري والتصوير‬
‫واالستمالة ‪ ،‬وفيها حفر للغرائم بوسائل شيت‪ ،‬وتبشري بالنصر والغنائم ‪ ،‬ودعوة‬
‫‪.‬إيل اجلهاد ابتغاء الثواب‬

‫‪ .٥‬الخطب االجتماعية‬
‫و هي اخلطبة الىت تلقى يف موضوع يهم اجملتمع و يعود عليه ببعض الفوائدو‪ ,‬و‬
‫من أمثلة ذالك ‪ :‬أن يدعو خطيب القرية النشاء مدرسة أو ناد هبا أو يدعو‬
‫شخص يف جمتمع ما إلنشاء دار أمومة تساعد املرأة املوظفة¸أو إنشاء دار لرعاية‬
‫املسنني أو إنشاء ناد رياضي يشغل وقت الشباب و يرىب أجسامهم و غرائزهم‪ ,‬و‬
‫‪.‬كل هذه إصالحات اجتماعية‪ ,‬و هذه األعمال كثرية و نشيطة يف البالد الراقية‬

‫‪12‬‬
‫و خطيب املشروع االجتماعي كأى خطيب أخر البد له من درس موضوعه‬
‫درسا عميقا جيعله يدرك غايته و فوائده و يدرك ما يستدعيه نظامه و قيامه من‬
‫مشاق‪ ,‬و هبذا يستطيع أن يدفع آراء كعارضيهز‬
‫‪:‬و لكي ينجح اخلطيب يف موقفه هذا يتبع هذه اخلطوات‬
‫‪ .١‬يقدم ملشروعه مبقدمة مناسبةز‬
‫‪ .٢‬يعرض مزايا مشروعه و فوائده‪ ,‬وعليه أن يتوسع يف هذا اجلانب و يستقصيه‬
‫لريى أن نفعه يعم الفقراء و األغنياء مجيعا‪ ,‬و يرفع مستوى جمتمعه‪ ,‬و يسد نقصا‬
‫‪.‬فيه‪ ,‬فهذا هو موضوع اخلطبة الذى هو أهم أجزائها‬
‫‪ .٣‬عليه أن يذكر أمثلة هلذا املشروع و نظائر له من مشروعات أخرى كانت‬
‫رغم ما كلفت من مشقة و جهد ذات نفع عظيم تنسى مثرته كل ما بذل من‬
‫مشقاتز‬
‫‪ .٤‬إعداد العبارات و تنسيق األسلوب و االستشهاد باألحداث و األحاديث و‬
‫آيات القرآن مما يدعو له اخلطيب‪ ,‬ألن إدخال املوضوع االجتماعي يف الدين‬
‫جيعل املشارك فيه متطلعا إىل مثوله اهلل و إىل إدراج نفسه ىف سلسلة الصاحلني و‬
‫‪.‬رجال اإلصالح‬
‫‪ .٥‬من املفيد جدا أن يستأنس اخلطيب بأعمال العظماء و املشهورين يف ميدان‬
‫اإلصالح االجتماعي‪ ,‬و ما أنشؤو من مشروعات كانت يف بدايتها صغرية مث‬
‫‪.‬منت و صارت ذات نفع عظيم‪ ,‬و بقيت حتمل ذكراهم و تذكر الناس بأيادهم‬

‫‪13‬‬
‫‪ .٦‬خطب المحافل‬
‫و هي ما يلقى يف حفالت التكرمي‪ ,‬و التأبني و املدح‪ ,‬و الشكر‪ ,‬و خطب‬
‫‪ :‬النكاح‪ ,‬و سوف نتكلم عن كل نوع بكلمة موجزة و ذالك فيما يلى‬
‫‪ -١:‬خطب التكرمي‬
‫و هي الىت تلقى لتكرمي شخص أسدى إىل الناس عمال جليال‪ ,‬أو كان يف منصب‬
‫و أحيل إىل التقاعد أو كان يف سفر فحضر‪ ,‬إىل غري ذالك من األغراض الىت‬
‫تقتضى تكرمي بعض الناس‪ ,‬و أمهية هذا النوع من اخلطابة ترجع إىل تقدير‬
‫أصحاب األعمال اجلليلة و اخلدمات االجتماعية العظيمة حىت هبم يقتدى غريهم‪,‬‬
‫يف عمل اخلري و الفضائل‪ ,‬ولكن اخلطيب ىف خطبته هذه عليه أن يراعي األمور‬
‫‪:‬التالية‬
‫أن يتخذ اخلطيب من عمل خاص للمحتفى به حمورا خلطبته فيبني أثر هذا ‪).‬أ(‬
‫العمل‪ ,‬و يدعو الناس إىل حماكاته أو إكماله أو ابتداع شيئ مثله فهو هبذا يكرم‬
‫مبدأ أو عمال‪ ,‬و حيفر السامئني لعمل مثله‪ ,‬و إذا كان للشخص املكرم عدد من‬
‫األعمال اجلليلة مر هبا اخلطيب سريعا أو سردها بإمجال مث وقف لدى عمل واحد‬
‫‪:‬أو اثنني لتحليلهما و بيان آثارمها‬
‫يقول الدكتور عبد اجلليل شلىب‪ :‬وقف مجاعة من اخلطباء يرثون املرحوم الشيخ‬
‫حممود شلتوت فتحدث واحد منهم عن كتابه " اإلسالم عقيدة و شريعة" و‬
‫شرح منهجه فيه و طريقة عرضه و فهمه األحكام الفقهية‪ ,‬و حتدث أخر عن‬
‫فتاواه و بني ماله فيها من آراء جديدة و كيف هتدى إىل أدلتها‪ ,‬و عرض بعضا‬

‫‪14‬‬
‫منها فقال إنه ال يوافقه على ما استدل به‪ ,‬و ال ما انتهى إليه فيها‪ ,‬و هذا ال يضر‬
‫أبدا‪ ,‬فال يعىن تكرمي الشخص حيا أو ميتا أننا نوافقه على كل رأي له‪ ,‬و الثناء‬
‫على الشخص ىف هذه احلالة أو تكرميه يرجع إىل ما بذل من جهد‪ ,‬و ما كان له‬
‫من ذكاء و صفات علمية و حتليل منهج الشخص الفكري هو نفسه تكرمي و إن‬
‫‪.‬مل نوافقه عليه‬
‫و ذكر ثالث تفسريه‪ ,‬و رابع درسه الفقه املقارن‪ ,‬و هكذا كل ذالك حسن و‬
‫‪.‬مجيل‪ ,‬و منه خيرج السامعون بفائدة و تبقى بسببه ملن يكرم ذكرى‬
‫أن يكون لدى اخلطيب معلومات خاصة عن احملتفى به‪ ,‬و دراية بأعمال ‪).‬ب(‬
‫قيمة له فيكشفها أو يكشف ما جيوز التحدس عنه هبا‪ ,‬فهذا إذا يرفع قدر احملتفى‬
‫‪.‬به يوجه الناس إىل حماكاته أيضا‬
‫قد جينح اخلطيب إىل احلديث عن الوظيفة الىت شغلها احملتفى به‪ ,‬و أنه حقق ‪).‬ج(‬
‫‪.‬كثريا منها أو قام بكذا و كذا و ينتظر من خلفه أن حيقق ما بقى‬
‫قد يبدأ اخلطيب بإلقاء عدد من األسئلة التمهيدية كأن يسال ملاذا حيتفى هبذا )د(‬
‫الشخص ؟ وما هى األعمال الىت جعلته موضع تقدير وإجالل ؟ مث يبدأ فيعرض‬
‫‪.‬أعماله‬
‫‪ :‬مثال خلطبة التكرمي‬
‫دخل واعضا قرية أو جمتمعا فوجد الناس يكرمون أحد نواب اجمللس النياىب‬
‫لنجاحه ىف اإلنتخاب وهو ليس لديه معلومات وافيه عنه وال كان ىف ذهنه أن‬

‫‪15‬‬
‫خيطب ولكنه وجد امسه يعلن من البو واملكان يفسخ له فوق منصة اخلطابة فماذا‬
‫يفعل أو ماذا فعل ؟‬
‫‪ :‬مما يناسب هذا املوقف على سبيل املثال شان يقول‬
‫إن املنصب النياىب‪ ,‬وتبوأ أى شخص مقعدا ىف جملس الشعب ليس أمرا هينا ‪ ,‬إنه‬
‫أمر خطري حقا ‪ ,‬ال ترجع خطورته إىل ما يبذل املرشحون من جهد وعرق‬
‫ومال‪ ,‬ال‪ ,‬وال ترجع إىل أنه منصب خطري يعطى صاحبه حق استجواب الوزراء‬
‫والكرباء‪ ,‬إنه أمر فوق هذا كله ‪ ,‬إنه منصب أمانة ورسالة أكثر مما هو موقف‬
‫مادة أيا كان نوع املادة‪,‬يكفى من ينجح ىف هذه االنتخابات أنه أحرز الثقة من‬
‫أبناء دائرته‪ ,‬يكفى أهنم رأوه وحده دون اآلخرين موضع ثقتهم وائتماهنم وأنه‬
‫اجلدير أن يلقوا بني يديه أمانتهم ومستقبلهم‪ ,‬لقد وثقوا ىف عقله وتفكريه‪ ,‬كما‬
‫وثقوا ىف أمانته وضمريه‪ ,‬وىف جرأته ومثابرته وعطفه عليهم وحبه هلم ‪ ...‬هذه‬
‫الثقة الغالية هى نفسها تكرمي وتقدير وبقدر ما نوىل نوابنا من ثقة نبىن عليهم‬
‫اآلمال ‪ ,‬ونتقدم هلم بكل مطالبنا وحنن واثقون مطمئنون ‪ ,‬ليس هذا املنصب‬
‫‪.‬تكرميا فقطا ‪ ,‬ولكنه أيضا مسؤلية وجهاد وكفاح لصلح الوطن واألمة مجيعا‬
‫سيدى النائب احلرتم‪ ,‬إننا من قبلنا نصبناك قائدا لنا وإماما رفعناك وتواضعنا ‪ ,‬قد‬
‫مناك وتراجعنا ‪ ,‬بقى أن نطلب منك ما أملنا ‪ ,‬وأعتقد أننا وقفنا فيما اخرتنا ‪,‬‬
‫وهتدينا إىل احلق ىف اختيارنا ‪ ,‬ونسأل اهلل أن يوقفك ىف النهوض مبا يلقى عليك‬
‫‪.‬من أعباء‬

‫‪16‬‬
‫هبذا خيلص اخلطب نفسه من مسئولية الثناء على مامل يعلم ‪ ,‬وقد حتدث عن‬
‫‪.‬املنصب أكثر مما حتدث عن شاغله وكالمه مقبول خطبته ناجحة‬
‫‪ -٢ :‬خطبة التأ بني‬
‫هى اخلطبة الىت تلقى على قرب الراحل العظيم أو املتوىف العزيز ‪ ,‬أو ىف حفل‬
‫‪.‬تأبيه ‪,‬أو ىف ذكرى وفاته‬
‫فيبني اخلطيب عظم الفجيعة فيه ‪ ,‬ويعدد مناقبه ‪ ,‬وجيلى آثاره ‪ ,‬ويواسى أهله‬
‫‪.‬وأحبابه‬
‫واملتبع أن يبدأ اخلطيب مبا يناسب املقام من آيه كرمية أو حديث نبوى ) أ (‬
‫شريف أو حكمة أو بيت من الشعر يشسر إىل زوال الدنيا ‪ ,‬وأن ما فيها إىل فناء‬
‫‪ ,‬كقوله تعاىل " كل نفس ذائقة املوت " ‪ ,‬كل شيء هالك إال وجهه " كل من‬
‫‪".‬عليها فان ويبقى وجه بك ذو اجلالل واإلكرام‬
‫‪ :‬وكقول الشاعر‬
‫حكم املنية ىف الربيّة جارى ‪ #‬ما هذه الدنيا بدار قرار‬
‫‪ :‬وكقول بعض األدباء‬
‫إن احلبيب من األحباب خمتلس ‪ #‬ال مينع املوت بواب وال حرس‬
‫‪ #‬فىت يعد عليه اللفظا والنّفس‬ ‫وكيف يفرح بالدنيا ولذهتا‬
‫يبني ما نزل بالناس من حزن وأمل مبوت ذلك اجلليل العظيم وأن املصيبة ) ب (‬
‫قد عمت اجلميع لفقده ومل ختص أهله وحدهم‬

‫‪17‬‬
‫يتجه إىل ذكر مناقب املتوىّف وفضائله فيذكرها مث إىل آثاره الىت خلفها ىف ) ج (‬
‫‪.‬أمته فيبينها ‪ ,‬وأنه قد ترك ذكرا حسنا ولسانا عطرا يتحدث به الناس عنه‬
‫يسلى أهله وأقرباءه وذويه ويبني أن الكل يشار كوهنم احلزن‪ ,‬ويشاطروهنم ) د (‬
‫‪.‬األسى ‪ ,‬وأهنم ليسوا وحدهم املصابني بل هلم شركاء ىف ذلك‬
‫حث السامعني على اقتفاء أثره ‪ ,‬والسري على ) ه (‬
‫مث ينتقل من هذا إىل ّ‬
‫‪.‬مناهجه‪ ,‬والعمل مبثل ما عمل ‪ ,‬وهبذا خيتم قوله‬
‫وألفاظ اخلطابة التأبينية تكون من األلفاظ السهلة وجيب أن يكون ىف نربات‬
‫‪.‬الصوت ونغماته ما يشعر باحلزن العميق ‪ ,‬ويبىن عن األمل الدفني‬
‫ومن أجود ما جاء ىف خطب التأبني ماقاله على بن أىب طالب ىف رثاء أىب بكر‬
‫الصديق رضى اهلل عنه إذ وقف يناجيه يوم وفاته وقال ‪ " :‬رمحك اهلل أبا بكر ‪:‬‬
‫كنت و اهلل أول القوم إسالما ‪ ,‬وأخلصهم إميانا‪ ,‬وأشدهم يقينا ‪ ,‬وأعظمهم‬
‫غىن ‪ ,‬وأحفظهم على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ,‬وأعضمهم غىن ‪,‬‬
‫وأحفضهم على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ,‬وأحدهبم على اإلسالم‬
‫وأمحاهم عن أهله ‪ ,‬وأشبههم برسول اهلل خلقا وفضال وهديا ومستا فجزاك اهلل‬
‫عن اإلسالم وعن رسوالهلل وعن املسلمني خريا ‪ ,‬صدقت رسول اهلل حني كذبه‬
‫التاس ‪ ,‬وواسيته حني خبلوا‪ ,‬وقمت معه حني قعدوا ومساك اهلل ىف كتابه صديقا‬
‫فقال ‪ ":‬والذى جاء باحلق وصدق به" كنت واهلل لإلسالم حصنا‬

‫‪18‬‬
‫وللكافرين ناكيا مل تضلل حجتك و مل تضعف بصريتك ‪ ,‬و مل جتنب نفسك ‪...‬‬
‫كنت كما قال رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم ضعيفا يف بدنك قويا يف دينك‪,‬‬
‫‪.‬متواضعا يف نفسك عظيما عند اهلل جليال يف األرض كبريا عند املؤمنني‬
‫‪ .٣ :‬خطب املدح و الشكر‬
‫و هي ما تلقى متضمنة ذكر مناقب و صفات املمدوح إعالء لشأنه‪ ,‬و تشريفا‬
‫‪.‬له‪ ,‬أو إلظهار شعوره حنوه‪ ,‬وما يكنه له إجالل واحرتام‬
‫‪ :‬و املنهج العلمى هلا ما يلى‬
‫‪ .١‬ذكر ما يتحلى به املمدوح من سجايا و صفات و أخالق رفعته إىل هذه‬
‫‪.‬املنزلة الرفيعة‬
‫‪ .٢‬يبني أياديه البيضاء على اجلماعة الىت يعيش فيها و فضله إن كان له عليها‬
‫‪.‬فضل‬
‫‪ .٣‬ليس هناك مانع من أن يذكر ش ِرف نسبه و فضل أسرته و كرمها و مكانتها‬
‫بني الناس‪ ,‬هذا إذا كان املمدوح ممن هلم شرف ىف النسب‪ ,‬فإن كان من‬
‫‪.‬العصاميني ذكر صفاته الشخصية و أخالقه و منزلته العلمية‬
‫و خطب الشكر يسري فيها اخلطيب أيضا على هذا املنهج و يزيد عليها النغمة الىت‬
‫غمره هبا املمدوح وقتها‪ ,‬و أهنا جاءت عفوا من غري طلب و يدعو أخريا لصانع‬
‫‪.‬اجلميل و صاحب النعمة‬
‫‪ .٤ :‬خطب النكاح‬

‫‪19‬‬
‫هي ما تلقى يف مناسبة عقد القران و النكاح و أكثر ما نستعمله حنن األن بعد أن‬
‫يتم عقد القران ليكون هتنئة للزوجني و ألسرتيهما‪ ,‬و كانوا قدميا يستعملونه قبل‬
‫إجراء العقد جيعلونه إعالنا من الزوج و أله ‪ ,‬و رغبة يف األصهار إىل أل الزوجة‪,‬‬
‫و كانت العادة اجلارية‪ ,‬أن يطيل اخلاطب و يقصر اجمليب من أل الزوجة ‪,‬‬
‫واخلاطب أو من ينوب عنه هو الذي يبدأ مث جييب أل اخلطيبة أو ال جيبون‪ ,‬و‬
‫خطبة النكاح يف أيامنا هذه ال مشقة فيها عند من تدرب على اخلطابة‪ ,‬غري أنه‬
‫قد اثر عن عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه أنه قال ‪" :‬ما يتصعدىن كالم كما‬
‫تتصعدين خطبة النكاح" وسئل عبد اهلل بن املقفع عن هذاالقول فقال "ما أعرفه‬
‫إال أن يكون أراد قرب احلدق من أجواف احلدق و أنه إذا كان جالسا معهم‬
‫‪.‬كانوا نظراء و أكفاء‪ ,‬فإذا عال املنرب صاروا كأهنم سوقة و رعية‬
‫و قال اجلاحظ "يرجع إىل أن اخلطيب ال جيد بدأ من تزكية اخلاطب فلعله كره أن‬
‫ميدحه مبا ليس فيه فيكون قد قال زورا" و مل يرض اجلاحظ هذا التعليل ألن عمر‬
‫و أمثاله لك يكونوا ليمتدحوا شخصا إال مبا هو فيه‪ ,‬و مل يكونوا ليتكلفوا‬
‫ذلك ‪ ,‬و هبذا يكون اجلاحظ قد قبل قول ابن املقفع‪ ,‬و لكن عمر و أمثاله أيضا‬
‫مل يكن يرهقهم نظراحلدق من أجواف احلدق‪ ,‬وال اخلطبة من جلوس فيمن‬
‫‪.‬يساووهنم‬
‫‪ :‬و يتميزخطب النكاح مبا يأتى‬
‫‪ .١.‬ابتداؤها دائما حبمد اهلل و الثناء عليه‬

‫‪20‬‬
‫‪ .٢‬الثناء على العروسني مبا فيهما من صفات كرمية و خصال محيدة‪ ,‬وما هلما‬
‫‪.‬من أصل كرمي و حسب عظيم‬
‫‪ .٣‬توصية كل من الزوجني باألخر بأن يراعى كل منهما حقوق الزوجية و‬
‫واجبتها وأن حيسن العشرة و الصحبة فان الزواج سكن و طمأنينة و مودة و‬
‫‪.‬رمحة‬
‫‪ .٤‬اإلجياز و القصر إال إذا اقتضى املقام اإلطناب‪ ,‬و قد كان لبعض اخلطباء‬
‫عبارات موجزة يكررها عند احلديث عن الزواج و عقد النكاح كقول احلسن‬
‫البصرى بعد محد اهلل و الثناء عليه ‪: :‬أما بعد فإن اهلل مجع هبذا النكاح األرحام‬
‫املنقطعة و اإلنساب املتفرقة ‪ ,‬و جعل ذلك ىف سنة من دينه و منهاج واضح من‬
‫أمره ‪ ,‬و قد خطب إليكم فالن و عليه من اهلل نعمة‪ ,‬و هو يبذل من الصداق‬
‫‪".‬كذا‪ ,‬فاستخريوا اهلل وردوا خريا يرمحكم اهلل‬
‫و من خطب النكاح املشهورة خطبة أيب طالب عم رسول اهلل صلى اهلل عليه و‬
‫سلم عند زواج رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم من السيدة خدجية رضي اهلل‬
‫‪ :‬عنها و فيها يقول‬
‫احلمد هلل الذي جعلنا من ذرية احلمد هلل الذي جعلنا من ذرية إبراهيم و زرع "‬
‫إمساعيل‪ ,‬و جعل لنا بلدا حراما‪ ,‬و بيتا حمجوجا‪ ,‬و جعلنا احلكام على الناس ‪ ,‬مث‬
‫إن حممد بن عبد اهلل ابن أخي من ال يوازن به فىت من قريش إال رجح عليه برا و‬
‫فضال‪ ,‬و كرما و عقال‪ ,‬و جمدا نبيال‪ ,‬و إن كان ىف املال قل فإمنا املال ظل زائل و‬

‫‪21‬‬
‫عارية مسرتجعة ‪ ,‬و له ىف خدجية بنت خويلد رغبة و هلا فيه مثل ذلك وما‬
‫‪.‬أحببتم من الصداق فعلى‬
‫و قد كان يقع ىف خطاب النكاح من النوادر املضحكة الشيء الكثري من ذلك ما‬
‫أورده صاحب البيان و التبيني من أن مصعب بن حيان قد هتيأ إللقاء خطبة مث‬
‫حصر و ارتج عليه و مل جيد شيأ يقوله فقال ‪" :‬لقنوا موتاكم قول ال إله إال اهلل"‬
‫"!فقالت أم الفتاة ‪ :‬عجل اهلل موتك أهلذا دعونك‬

‫‪22‬‬
‫باب الثالث‬
‫االستنباط‬
‫‪ :‬قسم العلماء اخلطابة باعتبار موضوعاهتا إىل األنواع األتية‬
‫‪ .١‬خطابة سياسية‬
‫‪ .٢‬خطابة قضائية‬
‫‪ .٣‬خطابة عسكرية‬
‫‪ .٤‬خطب الصلح‬
‫‪ .٥‬خطابة اجتماعية‬
‫‪ .٦‬خطابة حفلية‬

‫‪23‬‬

You might also like