You are on page 1of 121

‫الكاديمية العربية المفتوحة‬

‫في الدنمارك‬
‫كلية القانون والسياسة‬

‫)التدخل الدولي النساني (‬


‫مشروعية التدخل السوري في لبنان وتداعياته‬

‫بحث مقدم لنيل درجة الماجستير‬


‫في القانون الدولي‬

‫باشراف الدكتور‪:‬‬ ‫اعداد الباحث‪:‬‬


‫محمد سعيد الشكرجي‬ ‫موسى موسى‬

‫لجنة المناقشة‬
‫رئيساً‬ ‫الستاذ الدكتور‪ :‬نوري جعفر لطيف‬
‫عضوًا‬ ‫الدكتور‪ :‬سمير جميل حسن‬
‫عضوًا‬ ‫الدكتور‪ :‬سويم العزي‬
‫)التدخل الدولي النساني (‬
‫مشروعية التدخل السوري في لبنان وتداعياته‬
‫) تاريخ مناقشة الطروحة ‪ 10:‬آب ‪( 2007‬‬
‫الفهرس‬

‫المقدمة‬

‫الباب الول‬
‫الصفحة‬

‫‪9‬‬ ‫القانون الدولي العام والقانون الدولي النساني‬ ‫فصل تمهيدي ‪:‬‬

‫‪10‬‬ ‫تعريف القانون الدولي العام‬ ‫المبحث الول ‪:‬‬

‫‪12‬‬ ‫غاية القانون الدولي العام‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫‪14‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬مصادر القانون الدولي العام‬

‫‪16‬‬ ‫أشخاص القانون الدولي العام‬ ‫المبحث الرابع ‪:‬‬

‫‪21‬‬ ‫القانون الدولي النساني‬ ‫الفصل الول ‪:‬‬

‫‪22‬‬ ‫النشأة والتطور‬ ‫المبحث الول ‪:‬‬

‫‪26‬‬ ‫مصادره‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫‪27‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬ماهيته‬

‫‪27‬‬ ‫المبحث الرابع ‪ :‬نطاق تطبيق القانون الدولي النساني‬

‫‪31‬‬ ‫عدم جواز التدخل في شؤون الدول‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪32‬‬ ‫مبدأ عدم جواز التدخل‬ ‫المبحث الول ‪:‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬ظهور مبدأ عدم جواز التدخل‬


‫المطلب الثاني ‪ :‬مبدأ عدم جواز التدخل في المواثيق الدولية‬
‫ل ‪ :‬ميثاق المم المتحدة‬
‫أو ً‬

‫ملحظات وتوضيح بشأن المادة ‪ 2/‬ف ‪ 3‬من الميثاق‬


‫في الفقه الدولي‬ ‫‪-1‬‬
‫في القضاء الدولي‬ ‫‪-2‬‬
‫ج‪ -‬ما استقر عليه العمل في المنظمة الدولية‬
‫قرارات الجمعية العامة للمم المتحدة‬ ‫ثانيًا ‪:‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬مبدأ عدم التدخل في ميثاق جامعة الدول العربية‬
‫رابعًا ‪ :‬منظمة الدول المريكية ومبدأ عدم التدخل‬
‫مفهوم عدم التدخل وصوره ومدى مشروعيتة‬ ‫المطلب الثالث ‪:‬‬
‫ل ‪ :‬مفهوم التدخل الدولي‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا ‪ :‬أشكال التدخل الدولي‬
‫ثالثًا ‪ :‬مشروعية التدخل الدولي‬
‫التدخل دفاعًا عن حقوق الدولة‬ ‫‪-1‬‬
‫التدخل لحماية حقوق ومصالح رعايا الدولة‬ ‫‪-2‬‬
‫التدخل الجماعي طبقًا لميثاق المم المتحدة‬ ‫‪-3‬‬
‫التدخل بناء على طلب‬ ‫‪-4‬‬
‫التدخل ضد التدخل‬ ‫‪-5‬‬
‫التدخل من أجل حماية حقوق النسان وتحقيق النسانية‬ ‫‪-6‬‬

‫‪42‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬التدخل الدولي لحماية حقوق النسان‬


‫لمحة عن التطورالتاريخي للقانون الدولي النساني‬

‫المطلب الول ‪ :‬مشروعية التدخل الدولي لحماية حقوق النسان‬


‫ل ‪ :‬تدويل قواعد حقوق النسان‬‫أو ً‬
‫ثانيًا ‪ :‬القانون الدولي ومشروعية التدخل الدولي النساني‬
‫ميثاق المم المتحدة‬ ‫‪-1‬‬
‫العلن العالمي لحقوق النسان‬ ‫‪-2‬‬
‫اتفاقية منع جريمة البادة الجماعية والمعاقية عليها‬ ‫‪-3‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬المم المتحدة والتدخل الدولي النساني‬
‫فترة ما قبل عام ‪1990‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فترة ما بعد عام ‪1990‬‬ ‫‪-2‬‬
‫العراق‬ ‫‪-‬‬
‫الصومال‬ ‫‪-‬‬
‫يوغسلفيا‬ ‫‪-‬‬
‫رابعًا ‪ :‬ضمانات حماية حقوق النسان‬

‫شروط التدخل الدولي لحماية حقوق النسان‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫‪ -1‬وجوب الستناد الى قواعد القانون الدولي‬
‫‪ -2‬التدخل عبر المنظمات الدولية‬
‫‪ -3‬حدود التدخل الدولي المشروع لحماية حقوق النسان‬

‫الباب الثاني‬
‫التدخل الدولي في لبنان‬

‫‪57‬‬ ‫الفصل الول ‪ :‬التدخل السوري في لبنان‬


‫لمحة موجزة عن تاريخ الصراعات في لبنان‬

‫‪61‬‬ ‫المبحث الول ‪ :‬اهداف التدخل السوري في لبنان‬


‫المطلب الول ‪ :‬الهداف المعلنة للتدخل السوري‬
‫ل ‪ :‬ايقاف الحرب واحلل السلم‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا ‪ :‬تكوين نواة دفاع مشترك في وجه اسرائيل‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الهداف غير المعلنة‬
‫ضبط المنظمات الفلسطينية وتسييرها وفق مصالحها‬
‫‪ -1‬ضبط الوضع اللبناني وتحويله الى ورقة ضغط سورية‬

‫‪67‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬مشروعية التدخل السوري في لبنان‬


‫المطلب الول ‪ :‬مشروعية التدخل السوري‬
‫‪ -1‬التدخل عبر جيش التحرير الفلسطيني‬
‫التد‬ ‫‪-2‬‬
‫خل بطلب من السلطة الدستورية – ممثلة برئيس الجمهورية ‪-‬‬
‫التد‬ ‫‪-3‬‬
‫خل باقرار عربي شامل‬
‫‪ - 4‬التدخل بموافقة امريكية مبطنة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تحول الوجود السوري الى نظام وصاية‬
‫‪ -‬خلفية وثيقة الوفاق الوطني ‪ -‬اتفاقية الطائف ‪. -‬‬
‫‪ -‬مؤتمر القمة العربي الغير عادي في الدار البيضاء ‪. 26/5/1989‬‬
‫‪ -‬وثيقة الوفاق الوطني اللبناني –اتفاقية الطائف ‪ 1989‬وتحول الوجود السوري‬
‫الى نظام وصاية لفترة محدودة ‪.‬‬
‫خرق وثيقة الوفاق الوطني والتحول الى نظام وصاية غير شرعي ‪.‬‬
‫ل ‪ :‬آلية التحول الى نظام وصاية ‪.‬‬‫أو ً‬
‫‪ -1‬التدخل في الحياة السياسية والدستورية ‪ -‬التطبيق الختيار لوثيقة الوفاق‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫حل الميليشيات ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تسليم أسلحة الميليشيات للدولة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫بشأن الدوائر النتخابية ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ء‪ -‬بشأن قانون النتخابات ‪.‬‬
‫ه‪ -‬ربط لبنان بمعاهدة دفاعية وأمنية ‪.‬‬
‫و‪ -‬ترتيب الوزارة ومجلس النواب كتمهيد للتطبيق الختياري لوثيقة الوفال‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫‪ -2‬التجاوزات القتصادية ‪.‬‬
‫‪ -3‬انتهاكات حقوق النسان ‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬نتائج تحول الوجود السوري في لبنان الى نظام وصاية ‪.‬‬
‫صدور القرار ‪. 1559‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تمديد ولية الرئيس إميل لحود ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كيفية مجيئ العماد إميل لحود الى الرئاسة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫في التمديد ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫السباب الموجبة للتمديد ‪.‬‬
‫أ‪ -‬فترة الرئيس الياس الهراوي ‪.‬‬
‫ب‪ -‬فترة الرئيس إميل لحود ‪.‬‬
‫‪ -3‬اغتيال الرئيس رفيق الحريري ‪.‬‬
‫‪ -4‬انسحاب القوات السورية من لبنان ‪.‬‬

‫‪84‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬التدخل الدولي النساني في لبنان ‪.‬‬

‫‪84‬‬ ‫المبحث الول ‪ :‬التدخل العسكري للمم المتحدة في لبنان ‪.‬‬


‫المطلب الول ‪ :‬قرار إنشاء قوة للمم المتحدة في لبنان ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مهمات قوات المم المتحدة في لبنان ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬منافع تواجد قوات المم المتحدة في لبنان ‪.‬‬

‫‪87‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬التدخل القضائي للمم المتحدة في لبنان ‪.‬‬


‫المطلب الول ‪ :‬لجنة تقصي الحقائق في عملية اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬
‫‪ -1‬قرار الجمعية العامة بشأن التدابير الرامية الى القضاء على الرهاب ‪.‬‬
‫‪ -2‬تقرير بعثة تقصي الحقائق في ملبسات وأسباب وعواقب تفجير ‪ 4‬شباط ‪2005‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬لجنة التحقيق الدولية ‪ -‬في قضية اغتيال الحريري ‪ -‬المنشأة بموجب قرار مجلس‬
‫المن رقم ‪. 1595‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬القضاء المختص بالنظر في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬
‫ل ‪ :‬الوصف القانوني ) الجنائي ( لجريمة اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬ ‫او ً‬
‫ثانيًا ‪ :‬المحكمة المختصة بالنظر في عملية اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬

‫‪94‬‬ ‫خاتمة ‪.‬‬


‫‪95‬‬ ‫ملحق ‪.‬‬
‫‪116‬‬ ‫المصادر ‪.‬‬

‫كلمة شكر‪:‬‬
‫أشكر كل من ساعدني في اتمام بحثي هذا وأخص بالشكر ‪:‬‬
‫الدكتور محمد سعيد الشكرجي الذي كان له الفضل الكبر في مساعدتي وتوجيهي في اختيار الموضوع‬
‫وتسهيل عملية البحث ‪.‬‬
‫كما أبدي الشكر للقائمين على مكتبات جامعة المنار والمكتبة الوطنية بتونس في تسهيل الحصول على‬
‫المراجع‪.‬‬
‫وجزيل الشكر أقدمه للمعهد العربي لحقوق النسان في تونس لما قدموه لي من مواد أفادني في إغناء‬
‫بحثي هذا ‪.‬‬
‫كما اقدم شكري الى الذين سهلوا لي عملية الحصول على المراجع في كل من مصر ودولة المارات‬
‫العربية ‪.‬‬
‫المقدمة‬
‫لقد بات موضوع التدخل الدولي في شؤون الدول بعد انتهاء الحرب الباردة ‪ ،‬يأخذ منحىً جديدًا يختلف‬
‫بمبرراته عن تلك التدخلت السابقة التي كانت في أغلبها تدخلت عسكرية بقصد الحتلل والحاق‬
‫أجزاء من أقاليم الدول لصالحها ‪ ،‬مستندة على ما تمتلكها من قوة في غياب القانون الدولي ‪ .‬حيث لم‬
‫تكن باستطاعة المبادئ الفلسفية ‪ ،‬أو الدينية لجم تلك التدخلت ‪ .‬لكن التوجه الدولي نحو ضرورة‬
‫التعاون على القضاء على المشاكل التي تهدد البشرية أو مجموعة من الناس تجمعهم صفة معينة أو‬
‫حتى فردًا واحدًا ‪ ،‬أدى الى التعاون الدولي والتعاقد فيما بينها لمواجهة ما يهدد الستقرار والمن ‪،‬‬
‫ويسهل عملية التواصل الفكري ‪ ،‬والثقافي ‪ ،‬والتجاري ‪ ،‬والصناعي لما فيه مصلحة الدول جميعًا‬
‫والنسانية‪ ،‬وبما يكفل قدرًا من الكرامة وسيادة الجميع على ثرواته وتوجيهها نحو رفاهية‬
‫النسان‪،‬جعل من التدخل الدولي يخضع لنظام قانوني نشأ مجمله في التفاقيات الدولية في ظل‬
‫المنظمات الدولية والقليمية التي كانت لها التأثير في توجه الدول الى ادراجها ‪،‬ولو بعضها‪ ،‬في‬
‫دساتيرها الوطنية بعد أن عانت البشرية من ويلت حريين عالميتين في العصر الحديث ‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ظلت النتهاكات التي يتعرض لها النسان في دوله المستقلة مستمرة من قبل الحكومات دون رادع‬
‫يردعها في ظل القطبية الثنائية‪ ،‬متحصنين بمبدأ السيادة وعدم جواز التدخل ‪ .‬لكن تطور القانون الدولي‬
‫وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وتوسيع نطاق تطبيقه الذي شمل الكثير من المجالت التي كانت‬
‫محفوظة للدول‪ ،‬والدور النضالي لحركات الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬ودور النسان في النضال ضد‬
‫طغيان واستبداد الحكام‪ ،‬أثره في وضع التشريعات التي تحميه من تلك النتهاكات‪ ،‬حتى أصبح لزامًا‬
‫على الدول في إطار منظومة المم المتحدة بدءًا من العلن العالمي لحقوق النسان وكافة التفاقيات‬
‫الدولية أن تدرج في دساتيرها ما يحمي النسان من مختلف أشكال القمع والستبداد‪ ،‬ومع ذلك بقي‬
‫النسان ومازال يتعرض لها لعدم تمسك الدول بتلك التفاقيات سواًء بالنضمام والتصديق أم بالتنفيذ‬
‫مستغلة عدم جدية منظمومة المم المتحدة ‪ ،‬في عدم قدرتها على اجبار الدول العضاء في تنفيذها لما‬
‫جاء في تلك التفاقيات بشأن ممارسة النسان لحقوقه الثقافية والسياسية والجتماعية أو حمايته من‬
‫ضروب المعاملت القاسية التي يتعرض لها‪ ،‬كما كان بامكان الدول من ممارسة قمعها في الخفاء وعدم‬
‫اعلنها في ظروف النعزال الدولي ضمن قطبين يحافظ كل منهما على بقاء النظمة التي ترعى‬
‫مصالحها القتصادية وتوجهاتها السياسية واليديولوجية ‪ ،‬الى أن زال ذلك الجدار الفاصل بين القطبين‪،‬‬
‫ولم تبقى فكرة السيادة قوقعة يحتمى بها الحكام لمنع التدخل الدولي ‪ ،‬بل أصبح الكثير من القضايا‬
‫خارجة عن نطاق فكرة سيادة الدولة ‪ ،‬وأصبح من اهتمامات القانون الدولي‪ ،‬وأصبح بامكان المم‬
‫المتحدة نفسها أو بتكليفها لدولة أو لمجموعة من الدول بالتدخل في شؤون الدول إذا ما تبين لها بان‬
‫الوضاع الجارية في تلك الدولة من شأنها ان تهدد المن والسلم الدوليين ‪ ،‬أو بان انتهاكات مريعة‬
‫وجرائم بشعة تحدث بحق النسانية ‪ ،‬وقد أثارموضوع التدخل الدولي بشكليه الشرعي والغير شرعي ‪،‬‬
‫اهتمامي للبحث فيه وخاصة التدخل السوري في لبنان وما صاحبه من أحداث منذ دخوله الى التفجير‬
‫الرهابي في ‪ 14‬شباط ‪ 2005‬في بيروت الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري الذي كان من‬
‫نتيجته تدخل المم المتحدة القضائي لملحقة ومعاقية منفذي ومخططي ذلك النفجار ‪.‬‬
‫ول أخفي بان الموضوع الذي وقع اختياري عليه ‪ ،‬فيه من الصعوبة الشيئ الكثير في غياب الوثائق‬
‫والدلة المتعلقة بموضوع البحث فيما يخص بالنتهاكات المرتكبة أو الملءات التي فرضتها سلطة‬
‫التدخل على السلطات اللبنانية ‪ ،‬فليس هناك في العالم دولة تترك خلفها وثيقة تثبت فيه أوامرها في‬
‫الفرض على سلطات الدولة المتدخل في امرها ‪ ،‬لتتخذ منهجًا سياسيًا أو اقتصاديًا أو ايديولوجيًا معينًا ‪.‬‬
‫ان التدخل الدولي في لبنان لم يقتصر على دولة واحدة ‪ ،‬فالتدخل السرائيلي بأشكاله المختلفة وصل في‬
‫اكثر من مرة الى احتلل جزء من الراضي اللبنانية ‪ ،‬حتى بيروت العاصمة لم تنجو من الحتلل‬
‫‪-6-‬‬
‫السرئيلي ‪ ،‬لكنني اقتصرت على موضوع ‪ ،‬التدخل الدولي في لبنان من اجل انهاء الزمة اللبنانية ‪،‬‬
‫وكان التدخل السوري بطلب من السلطات الدستورية اللبنانية بهدف انهاء الزمة هو موضوع البحث ‪،‬‬
‫وكذلك لدخول المم المتحدة بشكليه العسكري والقضائي لنهاء الحتلء السرائيلي والحفاظ على‬
‫المن والسلم الدوليين ‪.‬‬
‫وباعتبار ان موضوع التدخل الدولي هو من أهم مواضيع القانوني الدولي والقانون الدولي النساني ‪،‬‬
‫ل تمهيديًا من الباب الول للقانون الدولي من حيث الماهية‬ ‫لذلك رأيت من الضروري أن أخصص فص ً‬
‫ل للقانون الدولي النساني من حيث كيفية نشؤه ومصادره‬ ‫ل أو ً‬
‫والغاية والمصادر والشخاص ‪ ،‬وفص ً‬
‫ل ثانيًا لمبدأ عدم جواز التدخل ‪،‬‬
‫والحالت والفئات التي يشملها القانون الدولي النساني ‪ ،‬وفص ً‬
‫أوضحت فيه كيفية ظهور المبدأ‪ ،‬ومن ثم النص على المبدأ في مواثيق وقرارات المم المتحدة ‪ ،‬كما‬
‫عرجت على مبدأ عدم جواز التدخل في تلك المنظمات الدولية والقليمية ‪ .‬وكان لمفهوم التدخل وأشكاله‬
‫ومشروعيته الهمية الكبرى في موضوع البحث ‪ ،‬حيث يعتبر الساس في الرجوع اليه والحكم على‬
‫التدخلت الدولية بموجبه من حيث شرعيتها من عدمها ‪.‬‬
‫أما الباب الثاني فقد خصصته للتدخل الدولي في لبنان مقتصرًا على التدخل السوري ‪ ،‬موضحًا تاريخ‬
‫الصراعات في لبنان وتغييرخارطته الجغرافية الذي أحدث في فترة من الفترات صراعًا بين‬
‫القوىالسياسية اللبنانية والسورية والجنبية ‪ ،‬الى ان حصلت لبنان على استقللها ‪ ،‬ومازالت بعض‬
‫الفكار والدعاوي التي تعود الى ذلك التاريخ سائدة في أذهان بعض الناس بان لبنان هو جزء من‬
‫سوريا ‪ ،‬ولست هنا بصدد الدفاع ‪ ،‬أو الضد من تلك الدعاوي والمعتقدات ‪ ،‬فلكل مرحلة من مراحل‬
‫التاريخ في اقليم معين أفكار تسود أذهان الناس في ذلك القليم‪.‬‬
‫لكن السؤال الذي كان يطرح نفسه ويلح في طلب الجابة منذ دخول القوات السورية الى لبنان في الول‬
‫من حزيران ‪ 1976‬الى أن خرجت القوات السورية من لبنان بقرار مجلس المن رقم ‪ 1559‬تاريخ ‪2.‬‬
‫أيلول ‪. 2004‬‬
‫ل شرعيًا أم ل ؟‬‫هو هل كان دخول القوات السورية الى لبنان دخو ً‬
‫وهل أصبحت القوات السورية قوات وصاية واحتلل في لبنان ؟‬
‫وكان للجواب على هذين السؤالين ‪ ،‬أو بالحرى البحث في شرعية دخول القوات السورية الى لبنان‬
‫وبقاء تلك القوات ضمن الشرعية أو الخروج منها ‪،‬الموضوع الساسي في بحثي هذا ‪ ،‬وحاولت جاهدًا‬
‫أل أخرج عن اسلوب البحث العلمي ‪ ،‬دون أن أنزلق في دعوات السياسة لتمكن من البحث بحياد‬
‫ونزاهة رغم ان الموضوع اللبناني خلل ازمته ‪ -‬فترة الحرب الهلية‪ -‬كان وضعًا سياسيًا بحتًا تجاذبت‬
‫القوى السياسية والدول المختلفة بالتدخل كل لمصالحه الخاصة غير آبهين بدولة لبنان وشعبها وما رأتها‬
‫من مآسي اكثر من ثلثين عامًا ‪ ،‬فأزمة لبنان ل تعود الى ‪ 13‬نيسان ‪ 1975‬بل الى ما قبل ذلك بكثير‪،‬‬
‫وقد أوضحت ذلك في اللمحة الموجزة عن تاريخ الصراعات في لبنان ‪ ،‬ورغم الدور السوري اليجابي‬
‫منذ دخوله الى لبنان وباعتراف أطراف النزاع جميعهم إل انني لم أقف في بحثي هذا على ذلك الدور‪،‬‬
‫حيث انطلقت دائمًا من موقع الباحث الذي ينطلق من طرح عشرات السئلة والفرضيات ليتمكن من‬
‫اختزالها في جواب واحد بعد أن حام حول الموضوع ووضع شباكه عليها ‪ ،‬ولهذا شكل التدخل السوري‬
‫بشكله العسكري ‪ ،‬وتدخل المم المتحدة عسكريًا وقضائيًا في لبنان ‪ ،‬عصب هذا البحث ول أدعي باني‬
‫قدمت بحثًا فيه الحقيقة كلها بل آمل ان اكون قدمت على القل بعض العناوين التي تساعد غيري في‬
‫البحث عنها لحقًا ‪.‬‬
‫‪-7-‬‬

‫الباب الول‬
‫القانون الدولي العام والقانون الدولي النساني‬

‫إن دراسة مبدأ عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول ‪ -‬باعتباره أحد‬
‫مبادئ القانون الدولي ‪ -‬تتطلب التعرف على القانون الدولي العام ‪،‬كونه الناظم لعلقات‬
‫الدول فيما بينها ‪.‬‬
‫كما ان النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي ‪ ،‬والنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي‬
‫‪،‬وممارسة السلطات الحاكمة في اضطهاد القليات في بعض الدول وانتهاكات حقوق النسان ‪ ،‬أدت‬
‫الى ظهور مجموعة من القواعد القانونية ‪ ،‬وعقدت التفاقيات والمعاهدات الدولية لحماية النسانية‬
‫وعدم التمييز ‪ ،‬ما استدعاني الى تقسيم الباب الول الى فصول ثلثة كالتالي ‪:‬‬

‫فصل تمهيدي ‪ :‬القانون الدولي العام ‪.‬‬


‫الفصل الول ‪ :‬القانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬عدم جواز التدخل في شؤون الدول ‪.‬‬
‫‪-8-‬‬

‫فصل تمهيدي‬
‫القانون الدولي العـــام‬
‫سأتناول في هذا الفصل القانون الدولي العام وفق التقسيم التالي ‪:‬‬
‫المبحث الول – تعريف القانون الدولي العام ‪.‬‬
‫المبحث الثاني – غاية القانون الدولي العام ‪.‬‬
‫المبحث الثالث – مصادر القانون الدولي العام ‪.‬‬
‫المبحث الرابع – أشخاص القانون الدولي العام ‪.‬‬
‫‪-9-‬‬

‫المبحث الول _التعريف بالقانون الدولي العام ‪.‬‬

‫لقد حاول النسان منذ بداية الخليقة أن يقترب من أخيه النسان ومن ثم يوسع من دائرة القتراب‬
‫تلك ‪،‬حتى تشابكت العلقات ‪ ،‬وتنوعت لتشمل كافة مجالت الحياة ‪ ،‬وقد اتسمت في بعض الوقات‬
‫بالسلمية ‪ ،‬وفي بعضها الخر بالتوتر الذي أدى في الكثير من الحيان إلى نشوب الحروب التي من‬
‫جرائها خسرت البشرية المليين من أبنائها‪ .‬لكن النسان سعى كفرد وكجماعات ـ ومنها الدول‪-‬‬
‫لقامة أفضل العلقات مع الغير‪.‬‬
‫إن التقدم الذي حصل تدريجيًا منذ البدايات ‪ ،‬وتسارعه في القرنين الماضيين خاصًة ‪ ،‬جعل علقة‬
‫النسان بالنسان ‪ ،‬وعلقات المجتمعات ‪ ،‬والدول فيما بينها من أقصى مشارق الرض إلى مغاربها‬
‫يزداد تعقيدًا ‪ ،‬ويأخذ طابعًا يوميًا مع أنهم جميعًا يعيشون في بقعة صغيرة من الرض ‪ -‬بتلشي‬
‫البعاد والمسافات بين البلدان‪ -‬أدت الى تشابك المصالح والشتراك العالمي في الحضارة والثقافة‬
‫وامتزاجها‪ .‬كما أن التقدم الصناعي والتقني ‪ ،‬والكتشافات العلمية ‪ ،‬والتقنية الحديثة في التصالت‪،‬‬
‫والقدرة السريعة على البيع والشراء ـ أسهمًا كانت أم أرصدة أم موادًا‪ -‬جعل التوجه نحوالستقرارفي‬
‫العلقات ‪ ،‬والتعاون ‪ ،‬والهدوء في النظمة السياسية أكثرإهتمامًا ‪ ،‬ولم يعد الهدوء الداخلي وحده في‬
‫دولة بعينه كافيًا لتحسين العلقات فيما بين الدول ‪ ،‬فما يحدث في دولة ما من منازعات داخلية قد يهدد‬
‫السلم ‪ ،‬والمن في دول أخرى ‪ .‬لذلك كان ل بد للقانون الذي ينظم العلقات فيما بين الدول من أن‬
‫يتطور‪ ،‬وينظم تلك العلقات طردًا مع ما يتناسب من التطوروالتقدم الحاصل في المجتمع البشري‪.‬‬

‫إن التطورالذي حصل في المجتمع البشري الذي كان من نتيجته نشوء الدول كارقى شكل من أشكال‬
‫التنظيم في المجتمعات ‪ .‬والدولة ‪ -‬بين جماعة الدول‪ -‬كالفرد بين باقي أبناء جنسه ‪ ،‬حيث لم تقتصر‬
‫الحاجة إلى التعاون بين الفراد ضمن الدولة ‪ ،‬بل الدول أيضًا فيما بينها هي أحوج إلى التعاون‬
‫المتبادل ‪ ،‬حيث يصعب عليها البقاء في عزلة عن بقية الدول ‪ ،‬فقد يتوفرلديها من الحاجيات أكثرمما‬
‫يلزمها ‪ ،‬في حين قد تنقصها بعض الحاجيات الخرى مما هو متوفر لدى غيرها من الدول ‪ ،‬وهذا‬
‫الحتياج يدفعها أن تدخل مع غيرها من الدول في علقات التبادل والتعاون ‪ ،‬ولبد أن يكون لعلقة‬
‫التبادل والتعاون هذه من منظومة ينظمها ‪ ،‬وتتمثل تلك المنظومة في القانون الدولي العام ‪ ،‬شأنه في‬
‫ذلك شأن القانون الداخلي في تنظيم العلقات بين هيئات الدولة الواحدة وبين أفرادها‪ .‬وعلى ذلك يمكن‬
‫تعريف القانون الدولي العام بأنه ‪" :‬مجموعة القواعد التي تنظم العلقات بين الدول‪ ،‬وتحدد حقوق كل‬
‫منها وواجباتها" )‪. (1‬‬
‫ويمكننا ذكر بعض التعاريف التي أوردها كل من ‪:‬‬
‫‪ -1‬الدكتور مفيد محمود شهاب ‪ ":‬بأنه مجموعة القواعد التي تحكم علقات الدول‪ ،‬وتحدد حقوق كل‬
‫منها والتزاماتها" )‪. (2‬‬

‫ومن الفقه الغربي نورد تعاريف كل من ‪:‬‬


‫‪ -2‬الستاذ روسوحيث يعرفه بأنه ‪ ":‬ذلك الفرع من القانون الذي يحكم الدولة في علقاتها‬
‫المتبادلة")‪. (3‬‬
‫‪ _3‬جورج سل ويعرفه بأنه ‪ ":‬النظام القانوني الذي يتضمن المبادئ المنشئة والمنظمة للمجتمع‬
‫الدولي " )‪. (4‬‬
‫‪ _4‬أوبنهايم ويعرفه بأنه ‪ ":‬مجموعة القواعد العرفية ‪ ،‬والتفاقية التي تعتبرها الدول المتمدنة ملزمة‬
‫لها في تصرفاتها المتبادلة" )‪. (5‬‬
‫‪-10-‬‬
‫‪ _5‬شتروب ويعرفه بأنه ‪ ":‬مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن حقوق الدول ‪ ،‬وواجباتها‪،‬‬
‫وحقوق ‪ ،‬وواجبات غيرها من أشخاص القانون الدولي" )‪.(6‬‬

‫أما الفقهاء السوفييت وعلمائهم ‪ ،‬فلهم نظرة خاصة للقانون الدولي لذا يقول ‪:‬‬
‫‪_1‬فيتشنسكي السياسي السوفييتي المعروف ‪" :‬نحن نعرف القانون الدولي بأنه مجموعة القواعد‬
‫التي تعبر عن إرادة الطبقات الحاكمة ‪ ،‬والتي تهدف إلى تنظيم العلقات بين الدول خلل صراعها‬
‫وتعاونها" )‪.(7‬‬
‫‪_2‬أما كروفين أحد أقطاب رجال القانون السوفييت يعرف القانون الدولي بما يلي‪ " :‬نحن نعرف‬
‫القانون الدولي بانه مجموعة القواعد التي تعبر عن ارادة الطبقات الحاكمة والتي تهدف الى تنظيم‬
‫العلقات بين الدول ‪ ،‬تلك العلقات التي تنشأ نتيجة صراعها وتعاونها داخل الحظيرة الدولية " )‪. (8‬‬

‫من خلل التعاريف المذكورة وما سنورده لحقًا يتبين لنا بان القانون الدولي ينظم العلقات فيما بين‬
‫الدول ‪ ،‬أي ان الدول هي موضوع القانون الدولي العام ‪ ،‬وهذا ما يستدعينا بالضرورة أن نفرق بين‬
‫العام منه والخاص ‪ .‬فالقاعدة القانونية التي تمس الدولة ‪ ،‬أو تلك التي تكون الدولة طرفًا فيها بصفة‬
‫الدولة ‪ ،‬تكون من قواعد القانون العام ‪ .‬أما اذا اقتصرت القاعدة القانونية على تنظيم الروابط بين‬
‫الفراد فتكون من قواعد القانون الخاص ‪ ،‬لذلك يكون ضابط التمييزبين القانون العام والقانون‬
‫الخاص هو وجود الدولة في الرابطة القانونيةالتي تنظمها القاعدة القانونية ‪ ،‬ول يجب أن ننسى بأن‬
‫الدولة موضوع القانون العام يقصد بها باعتبارها تلك الوحدة السياسية المستقلة ذات السيادة ‪،‬ل‬
‫باعتبارها فقط شخصًا قانونيًا عاديًا ‪ ،‬وعندها تكون موضوعًا للقانون العام الداخلي وليس الدولي ‪.‬‬
‫فالقانون العام هو ‪ ":‬مجموعة القواعد المنظمة لسلطات الدولة ‪ ،‬والعلقات بالفراد وبغيرها من‬
‫الدول بعكس القانون الخاص الذي ينظم روابط الفراد ببعضهم مثل قواعد القانون المدني ‪ ،‬و‬
‫التجاري"‪.‬‬
‫والقانون العام يتفرع الى فرعين رئيسين هما ‪:‬‬
‫‪ _1‬القانون العام الداخلي ‪:‬‬
‫وهو مجموعة القواعد التي تنظم الدولة في ذاتها ‪ ،‬وتحكم علقاتها بالفراد مثل القانون الدستوري‪،‬‬
‫والداري‪.‬‬
‫‪ _2‬القانون الدولي العام ‪:‬‬
‫ل تصرفات جماعة الدول المتمدنة فيما يقوم بينها من علقات)‪. (9‬‬ ‫هو مجموعة القواعد التي تحكم فع ً‬
‫كما ل يمكننا العزل ‪ ،‬أوالفصل بين القانون الدولي العام وبين المجتمع الدولي ‪ ،‬فالخير يعتبرموضوعًا‬
‫للول لذلك يرى الفقه بوجود رابطة بينهماعندما يعرف المجتمع الدولي بأنه ‪:‬‬
‫"مجموعة من الوحدات السياسية المستقلة ‪ ،‬أو صاحبة السيادة التي تدخل في علقات متبادلة استنادًا‬
‫الى قواعد سلوك تعترف بها كقواعد ملزمة تطبق في وقت السلم والحرب"‪.‬‬
‫وقد قرر القضاء الدولي أيضًا هذا الربط بينهما عندما قررت المحكمة الدائمة للعدل الدولية في قضية)‬
‫‪ (Lotus‬في ‪ 7‬سبتمبر ‪ 1927‬من أنها ‪" :‬تعتقد أن معنى اصطلح قواعد القانون الدولي ل يمكن أن‬
‫يعنى وفقًا لستعماله الجاري إل القانون الدولي المطبق بين مختلف المم التي يتكون منها المجتمع‬
‫الدولي)‪ .(10‬لكن القانون الدولي نفسه له تسميات عديدة ‪ ،‬فالفقهاء ل يجتمعون على تسمية واحدة‪،‬‬
‫فمنهم من يطلق عليه اسم القانون الدولي أوقانون المم ‪ ،‬ومنهم من يسميه بقانون الشعوب‪،‬‬
‫أوقانون البشروهناك من يسميه بقانون الحرب ‪ ،‬أو قانون الجنس البشري‪ ،‬أو القانون السياسي‪.‬‬
‫والستاذ الدكتورمحمد المجذوب يرى بأن الختلف في التسمية ليس هو الختلف الوحيد بين الفقهاء‪،‬‬
‫‪-11-‬‬
‫ويرى بأن هناك اختلفات كثيرة حتى في التعريف ‪،‬ولذلك يورد تعريفًا يعتبره من أفضل التعاريف‬
‫للقانون الدولي أل وهو‪" :‬مجموعة القواعد القانونية التي تحدد حقوق الدول‪ ،‬وتعين واجباتها وتنظم‬
‫علقاتها المتبادلة في السلم والحرب " )‪. (11‬‬

‫المبحث الثاني _غاية القانون الدولي العام‬


‫لقد كان قصدنا من إيراد التعريف بالقانون الدولي العام هو الوصول إلى معرفة الغاية منه‪ .‬فالرتباط‬
‫بينهما وثيق جدًا ل يمكن فصل أحدهما عن الخر‪ ،‬ولم يكن باستطاعة الجماعات البشرية منذ القديم أن‬
‫تعيش في حالة النعزال عن بعضها ‪ ،‬فقد تداخلت فيما بينها ولوبالحد الدنى في البدايات ‪ ،‬وقد تطور‬
‫ذلك التعامل مع تطور وتقدم الفكرالبشري حتى أصبح المجتمع منتظمًا في دول ‪ ،‬أخذت العلقات أيضًا‬
‫فيما بينها طابعًا تنظيميًا تتعلق بمسألة السيادة الوطنية ‪ ،‬أوالقليمية‪ .‬كذلك مسائل الحدود فيما بين الدول‬
‫أصبحت تشكل حاجزًا لبد من عبوره للدخول أوالخروج بموجب قوانين ‪ ،‬ومعاهدات تنظم ذلك العبور‪.‬‬
‫كما أن الجرائم التي أصبحت تحدث في إقليم دولة ما بتوافرعنصرخارجي استلزمت بالضرورة إيجاد‬
‫قوانين تنظم تلك الحالت من حيث القانون الواجب التطبيق على سبيل المثال ‪ ،‬حيث أن ‪:‬‬

‫التطور الهائل في مجال الصناعة ‪ ،‬ووسائل النقل ‪ ،‬والتصال في عصرنا هذا جعل‬ ‫‪-1‬‬
‫ل ببعضه بصلت وثيقة‪ .‬فارتباط الثقافة ‪ ،‬والقتصاد ‪،‬‬ ‫من المجتمع الدولي مرتبطًا ومتص ً‬
‫والسياسة ‪ ،‬والحاجيات ببعضها بحيث من الصعوبة على إحدى الدول إمكانية العيش في عزلة‬
‫عن البقية ‪ ،‬وبتوسع العلقات المرتبطة هذه ازدادت الحاجة إلى تنظيم تلك العلقات بشكل‬
‫دقيق وإيجاد ‪ ،‬وتطويرمنظومة قانونية تنظمها بغية التفاهم واستتباب المن ‪،‬‬
‫واستمرارالستقرار‪.‬‬

‫فالختراعات الحديثة التي تمت ل يمكن استغللها على وجهها الكمل إل إذا تم ذلك في المحيط‬
‫الدولي بشكل واسع كالطيران ‪ ،‬واللسلكي ‪ ،‬والنقل البحري وغيرهما‪ .‬إن ضرورة التعاون هذه‬
‫لبد أن يتم ضمن أنظمة دولية ‪ ،‬وفي ظل علقات مستقرة فيما بين الدول‪ ،‬ومهمة القانون الدولي‬
‫هي تنظيم هذه العلقات ‪ ،‬وغايته في ذلك تيسير سبل الحياة للفراد ‪ ،‬وضمان رفاهيتهم بالتعاون‬
‫للحصول على جميع حاجاتهم على اعتبارهم أعضاء في المجتمع النساني دون النظرإلى جنسياتهم‬
‫‪ ،‬أو لغاتهم ‪،‬أو معتقداتهم ‪.‬‬
‫و من جهة أخرى ‪ ،‬إن نمو الوعي ‪ ،‬والتفكير‪ ،‬والتقدم الحاصل في المجالت الطبية ‪ ،‬ولد الشعور‬
‫بضرورة التعاون الدولي في القضاء على ما يصيب النسان من أمراض يكون من الصعوبة بمكان‬
‫لدولة بعينها القضاء على أسبابها ‪ ،‬كما هو حاصل اليوم مع مرض انفلونزا الطيور‪ ،‬الذي ليكون‬
‫بوسع دولة ما اغلق حدودها أوأجوائها ‪ ،‬أوعزل هوائهاعن البقية ‪،‬هذه الحالة استوجبت التعاون‬
‫الدولي في مكافحته لئل يفتك الوباء بالبشرية جمعاء‪.‬‬

‫كما إن تحسين عوامل النتاج‪ ،‬وتأثيره الطردي على نمو وازدياد السكان‪ ،‬وبالمقابل احتياجات السكان‬
‫في دول أخرى للغذاء ‪ ،‬والكساء ‪ ،‬والمأوى نتيجة النقص الحاصل لديها سواء أكان بسبب سياساتها‬
‫القتصادية ‪ ،‬أوإهدارها للثروات ‪ ،‬وما تسببها من حالت الفقر‪ ،‬والشغب ‪ ،‬والحروب الداخلية المتزايدة‬

‫التأثير في الكثير من الحيان إلى زيادة معدلت الهجرة ‪،‬هربًا من القمع الحاصل ‪،‬أو بحثًا عن ملذ‬
‫آمن‪ ،‬من الجوع وانعدام الرعاية الصحية‪.‬‬
‫كل ذلك دفع الكثيرين إلى العتقاد بضرورة التعاون‪ ،‬وتبادل الثروات المادية والفكرية مما ولد حركة‬
‫اتصال دائمة بين الدول ‪ ،‬وأنشأ علقات كان لبد من تنظيمها لكي ل تؤدي الى الفساد ‪ ،‬وسوء التفاهم ‪،‬‬
‫ونشوء الحروب التي تؤثر سلبًا على العلقات القائمة‪ .‬إن القانون الدولي العام تبنى في بعض تجلياته‬
‫مهمة تنظيم تلك الجهود لتحقيق التوازن في العلقات بين الدول سواء تلك القوية ‪ ،‬أوالكبيرة في‬
‫مساحتها أوسكانها أوالغنية بمواردها ‪ ،‬أو تلك الضعيفة ‪ ،‬أوالصغيرة ‪ ،‬أو الفقيرة من حيث مواردها‪.‬‬
‫‪-12-‬‬
‫‪ -2‬خلل فترة طويلة امتدت الى بدايات القرن العشرين‪ ،‬كان القانون الدولي التقليدي يعتبر الحرب‬
‫ل مشروعًا ينطلق دائمًا من حق الدولة ان تأتيه كلما اقتضت مصلحتها ذلك )‪ .(12‬ومن جهة أخرى‬ ‫عم ً‬
‫اعتمد القانون الدولي مبدأ المساواة بين الدول )الوربية في حينها( ولكن الحروب وما سببته من مآسي‬
‫عالمية بالضافة إلى دخول الدول الجديدة في آسيا ‪ ،‬وأفريقيا ‪ ،‬وأمريكا اللتينية الى الساحة الدوليةكل‬
‫ل( وأنتج‬‫ذلك دفع الدول إلى الهتمام بموضوعة السلم والمن الدوليين ) كميثاق المم المتحدة مث ً‬
‫كذلك تطورًا مهمًا ‪ ،‬وهو القبول بمبدأ عدم التفريق بين الدول بمواصفاتها المختلفة وانتماءاتها الثنية‬
‫‪،‬أوالدينية وهوما أكد صفة السموالنساني التي يتسم بها القانون الدولي العام ‪ ،‬ل سيماإذا تذكرناإهتمامه‪،‬‬
‫بالتأكيد على نبذ العنف ‪ ،‬والتشجيع على العلقات الطيبة بين الدول بدفعها إلى اللجوء في حل مشاكلها‬
‫إلى أساليب التفاوض السلمية ‪ ،‬والمساعي الحميدة‪ .‬كما أن المهمة النسانية التي يقوم بها القانون الدولي‬
‫العام بتنظيمه لقواعد الحرب في حالت النزلق إلى القتتال على القل‪ ،‬لتخفيف ويلت الحروب‬
‫وتنظيم وتقديم المساعدات وإجراء التصالت بالطراف المتقاتلة لحل أزماتها ‪ ،‬إضافة إلى المحاولة‬
‫الجادة لعادة السلم والمن إلى ربوع تلك الدول ونشرالسلم كغايته السامية‪.‬‬

‫‪ -3‬وهكذا لم يبق القانون الدولي العام على حاله ‪ ،‬فقد تطور كثيراً‪ ،‬واكتسب مفاهيم ‪ ،‬ومبادئ جديدة ‪،‬‬
‫تعبرعن ميزان القوى العالمي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬وانقسام العالم إلى معسكرين ‪ ،‬وقيام‬
‫نظام جديد للعلقات الدولية أساسه القطبية الثنائية ‪ ،‬وإستقلل الكثير من البلدان في العالم الثالث كما‬
‫ل وطنية انضم الكثير منها إلى مجموعة دول عدم النحياز في ظل الحرب الباردة‬ ‫ذكرنا ‪ ،‬وتأسيسها دو ً‬
‫‪ .‬كل ذلك وسع دائرة إهتمام القانون الدولي وأعطى للبلدان النامية مكانة فيه ‪ ،‬وقد عبرت فترة‬
‫الستقلل السياسي للكثير من الدول بعد الحرب العالمية الثانية – في ظل القطبية الثنائية ‪ ،‬وتوازنات‬
‫الحرب الباردة ‪ -‬عن التقاء مصالح الدول ‪ ,‬وعكس إرادة شعوبها التعايش في المجتمع الدولي ‪ .‬حيث‬
‫مثل‪ ،‬ويمثل مرحلة النتقال من القواعد القديمة للقانون الدولي ‪ ،‬إلى القواعد الجديدة التي تشكلت إحدى‬
‫أهم أعمدتها قاعدة )صيانة السلم العالمي( ‪.‬‬

‫‪ -4‬وبتلشي أحد القطبين أصبحت البشرية تعيش في ظل نظام عالمي جديد أساسه أحادية القطب منذ‬
‫بداية التسعينات من القرن الماضي ‪ ،‬وظهرت معه مفاهيم ‪ ،‬وظواهرجديدة كالعولمة ‪ ،‬والتأكيد على‬
‫حقوق النسان مع التوجه نحو التدخل باسم التدخل النساني في شؤون الدول الخرى تحت ذريعة‬
‫حماية حقوق النسان من العتداءات الصارخة ‪ ،‬وكان لذلك أثره في ظهور بعض المنازعات‪.‬‬

‫من جهة أخرى لم يقتصرالتعاون بين الدول على ناحية واحدة بل امتد ليشمل كافة النواحي القتصادية‬
‫منها ‪ ،‬والعلمية ‪ ،‬والفكرية ‪ ،‬والفنية وحتى الروحانية فالبعض ينتفع من اكتشافات ‪ ،‬واختراعات البعض‬
‫الخر‪ .‬كما إن للتقدم الدبي والفكري في بلد ما تأثيره على الحياة الفكرية في البلد الخرى ‪.‬‬
‫‪ -5‬إن استمرارالعلقات الودية ‪ ،‬وحسن التفاهم بين الدول يسهل غاية القانون الدولي لكن كثيرًا ما‬

‫تعجزالوسائل الودية من فض النزاعات ‪ ،‬ويصبح اللجوء إلى إستعمال القوة أمرًا محتومًا ‪ ،‬وعندها‬
‫أيضًا يتدخل القانون الدولي ليخفف من الويلت الناجمة عن إستعمال القوة‪.‬‬
‫إن القانون الدولي لم يكن بمقدوره حتى الن إبعاد شبح الحروب التي مازالت هي الوسيلة الوحيدة في‬
‫كثير من الحيان لتسوية المنازعات الدولية والداخلية ‪ ،‬كما حدث في بداية التسعينيات إلى أواخره ‪ ،‬في‬
‫العراق أثناء غزوه للكويت ‪ ،‬وفي يوغسلفيا السابقة لوقف إنتهاكات السلطة في صربيا بقيادة سلوبودان‬
‫ميلوسوفيتش ضد مسلمي البوسنة والبان كوسوفو ‪ ،‬ومرة أخرى في العراق للطاحة بنظام صدام‬
‫حسين رغم عدم اتفاق الدول الكبرى فيما بينها على هذه الخطوة ‪ ،‬فهي تدخل في إطارهذا النهج ‪ ،‬أي‬
‫التدخل بذريعة الحفظ على السلم ‪ ،‬أومنع النتهاكات الصارخة لحقوق النسان‪.‬‬
‫إن تمسك الدول بسيادتها المطلقة ‪ ،‬وإغلق أبوابها في وجه مبادئ القانون الدولي يزيد من آلم الشعوب‬
‫تحت قمع السلطات الدكتاتورية ‪ ،‬وكأنها تعيش في جزيرة معزولة عن العالم ‪ ،‬تطبق فيها القانون‬
‫المعبرعن إرادة الحكام في القتل ‪ ،‬والنهب والتسلط‪،‬وكم الفواه‪ .‬لكن الجهود المبذولة من قبل المنظمات‬
‫الدولية ‪ ،‬والجهات الفنية بتوفيرحرية ‪ ،‬وضمان حقوق النسان ‪ ،‬وعقد التفاقات الدولية في هذا الشأن‬
‫‪-13-‬‬
‫يؤدي إلى تقليل حالت تعنت الدول باسم السيادة ‪ ،‬وإلى زيادة التزامها بقواعد القانون الدولي ‪ ،‬وتطبيقها‬
‫للمعاهدات المبرمة إذ تشعرالدول يومًا بعد يوم بأن الدول القوية سواء بتكليف من المنظمة الدولية‬
‫)المم المتحدة( أم بالحصول على غطا ء شرعي لحقًا ‪ ،‬تجعل من حماية حقوق النسان‪ ،‬والديمقراطية‬
‫‪ ،‬ومكافحة الرهاب ذريعة للتدخل والطاحة بالنظم الدكتاتورية )أفغانستان‪ ،‬والعراق بعد أيلول)‬
‫‪ .(2001‬ويأمل العديد من أساتذة القانون الدولي أنه سوف يأتي اليوم الذي تقتنع فيه الدول بأن التعسف‬
‫في إستخدام السلطة ‪ ،‬والحروب مهما كانت مغانمها ستجرالوبال عليها ‪ ،‬وعلى الكل‪ ،‬وإن التفاهم ‪،‬‬
‫والتعاون ‪ ،‬واحترام الحقوق أجدى وأنفع من اللتجاء إلى العنف ‪ ،‬والقوة )‪. (13‬‬

‫المبحث الثالث _مصادر القانون الدولي‪:‬‬


‫ان نشوء العلقات الدولية فيما بين الدول لم تقم إل بالتقاء إرادات الدول الثنائية أو أكثر فيما بينها تحت‬
‫أوصاف مختلفة ‪:‬‬
‫أ_كالمعاهدات‪.‬‬
‫ب_ التفاقات الدولية التي تنظم تلك العلقات فيما بينها ‪ ،‬والتي اعتبرت مصدرًا من مصادر القانون‬
‫الدولي ‪ ،‬يجعل من القضاء الدولي الرجوع إليها للبت في المنازعات المعروضة عليه ‪ ،‬كون القاضي‬
‫الدولي يعتمد في الحكم على القضية المعروضة عليه على ضوء القوانين الوضعية التي أقرتها إرادات‬
‫الدول من الطراف المتنازعة ‪ ،‬بخلف القاضي الوطني الذي يحكم سواء وجدت قاعدة قانونية ‪ ،‬أو لم‬
‫توجد‪.‬‬
‫إن اختلف النظام القانوني الدولي ‪ ،‬عن النظام القانوني الوطني أي الداخلي ‪ ،‬على القل في مصدره‬
‫الساسي الذي يمثله التشريع في النظام القانوني الوطني والذي تم وصفه بوجود سلطة عليا في الدولة‬
‫بخلف النظام القانوني الدولي الذي يعتمد في مصدره الساسي على إرادات الدول التي تلقت في‬
‫معاهدة ‪ ،‬أو اتفاقية توضح بان مصادر القانون الدولي العام تتجسد أول ما تتجسد في التفاقيات‬
‫والمعاهدات الدولية التي تأخذ ‪:‬‬
‫‪ _1‬المظهر الصريح للقاعدة القانونية ‪.‬‬
‫‪ _2‬المظهر الضمني للقرارالذي يكون بسير الدول في تصرفاتها على مقتضى القاعدة الدولية المنشأة‬
‫نتيجة الحاجة ذاتها ‪ ،‬وشعورالدول بضرورتها‪.‬‬
‫ويقسم الفقهاء مصادر القانون الدولي إلى ‪:‬‬
‫‪ -1‬المصادر المادية‪:‬وهي تلك التي تتمثل في السس‪ ،‬والعناصرالجتماعية الدولية‪ .‬أي كافة القيم ‪،‬‬
‫والمثل‪ ،‬والمفاهيم السائدة في المجتمع الدولي ‪ ،‬والتي تزود القاعدة المعنية بمادتها سواء أكانت‬
‫سياسية ‪ ،‬أم إقتصادية أم أخلقية‪.‬‬
‫‪ -2‬المصادر الشكلية ‪ :‬وهي تلك التي يقصد بها القوالب التي تفرغ فيها القاعدة الدولية لتتخذ من‬
‫خللها شكلها الخارجي ‪ ،‬وتلك هي المصادرالتي يعتد بها عند القول بوجود ‪ ،‬أوعدم وجود القاعدة‬
‫القانونية الوضعية )‪.(14‬‬
‫كما أن القضاء الدولي في قيامه بتطبيق القانون الدولي على المنازعات المعروضة أمامه ‪ ،‬لم يقتصر‬
‫على العتداد بالقواعد التي صاغتها المصادر الشكلية للقانون الدولي ‪ ،‬وإنما استبق التكوين النهائي‬
‫لبعض القواعد وصياغتها في معاهدة ‪ ،‬أوعرف ‪ ،‬وعبرعن ذلك بما جاء في التفاق بين ليبيا وتونس‬
‫على اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ‪ ،‬في مصدر الفريز القاري بينهما الصادر عام ‪ 1982‬والذي‬
‫دعت فيه الدولتان المتنازعتان المحكمة أن تعتد في حكمها ‪ ،‬بالتجاهات الجديدة في القانون الدولي‬
‫الجديد للبحار)‪ ، (15‬كل ذلك قبل أن يتم التوقيع على معاهدة المم المتحدة لقانون البحار في إكتوبر‬
‫‪ 1982‬وقبل أن تدخل حيز التنفيذ‪.‬‬
‫ويوجد في القانون الدولي العام المعاصر نصان يتناولن تحديد القواعد التي يلجأ إليها القاضي الدولي‬
‫للفصل في المنازعات المعروضة عليه ‪:‬‬
‫‪_1‬النص الول‪ :‬المادة ‪ -7-‬من معاهدة لهاي الثالثة عشرة المبرمة في ‪ 18‬اكتوبر ‪ 1907‬الخاصة‬
‫بإنشاء محكمة دولية للغنائم ‪ ،‬فقد نصت المادة المذكورة على ما يلي‪" :‬إذا نص في إتفاقية نافذة بين‬
‫الدولتين المتنازعتين على القضية القانونية المثارة ‪ ،‬فإن المحكمة تتقيد بأحكام هذه التفاقية ‪ ،‬وإذا كانت‬
‫‪-14-‬‬
‫هذه التفاقية خالية من النص المناسب ‪ ،‬فإن المحكمة تطبق قواعد القانون الدولي ‪ ،‬وعند عدم وجود‬
‫قواعد معترف بها ‪ ،‬فإن المحكمة تقضي وفق المبادئ العامة للحق والنصاف" )‪ (16‬فهذا النص يصنف‬
‫مصادر القانون الدولي في ثلثة‪:‬‬
‫أ_ التفاقية‪ ،‬أو المعاهدة الدولية‪.‬‬
‫ب_ قواعد القانون الدولي‪.‬‬
‫ج_ المبادئ العامة للحق والنصاف‪.‬‬
‫لكن هذا النص لم يدخل حيز التطبيق بسبب عدم إنشاء المحكمة الدولية للغنائم‪.‬‬
‫‪_2‬أما النص الثاني‪ :‬فهو نص المادة ‪ -38-‬من النظام الساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي الصادر‬
‫في ‪ ، 16/2/1920‬كانت هذه المحكمة تابعة لعصبة المم المتمدنة ‪ ،‬وعندما أنشأت هيئة المم المتحدة ‪،‬‬
‫وضم نظام محكمة العدل الدولية إلى الميثاق الممي تبنت المادة ‪ -38-‬من النظام الساسي لمحكمة‬
‫العدل الدولية على مايلي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ "إن وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع وفقًالحكام القانون الدولي‪ ،‬وهي تطبق في‬
‫هذا الشأن‪:‬‬
‫آـ التفاقيات الدولية العامة ‪ ،‬والخاصة التي تضع قواعد معترفًا بها صراحة من جانب الدول المتنازعة‪.‬‬
‫ب ـ العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواترالستعمال ‪.‬‬
‫ج ـ مبادئ القانون العامة التي أقرتها المم المتحدة‪.‬‬
‫د ـ أحكام المحاكم ‪ ،‬ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف المم ‪ ،‬ويعتبرهذاأوذاك‬
‫مصدرًااحتياطيًا لقواعد القانون وذلك مع مراعاة أحكام المادة ‪. -59-‬‬
‫‪ 2‬ـ ل يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلل بما للمحكمة من سلطةالفصل في القضية ‪ ،‬وفقًا لمبادئ‬
‫العدل‪ ،‬والنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك )‪. (17‬‬
‫وهكذا حدد النظام الساسي لمحكمة العدل الدولية مصادر القانون الدولي ‪ :‬آ ـ بالمعاهدات ‪.‬‬
‫ب ـ العادات )العرف( الدولية المرعية ‪.‬‬
‫ج ـ مبادئ القانون العامة التي أقرتها المم المتمدنة ‪.‬‬
‫د ـ أحكام المحاكم ‪.‬‬
‫ه ـ مذاهب كبار المؤلفين في القانون العام‪.‬‬
‫و ـ مبادئ العدل‪ ،‬والنصاف متى وافقت أطراف الدعاوي على ذلك‪.‬‬

‫وبشأن الترتيب الوارد في نص المادة ‪ -38-‬من النظام الساسي لمحكمة العدل الدولية في تعداده‬
‫لمصادرالقانون الدولي ‪ ،‬يذهب الرأي الراجح في الفقه إلى أن ذلك الترتيب ل يعنى أي نوع من أنواع‬
‫التدرج ‪ ،‬ويبقى القاضي متمتعًا بكامل الحرية في حكم النزاع المطروح أمامه دون التقيد بذلك الترتيب‪.‬‬
‫وقد جاء بنفس المعنى قرار محكمة العدل في حكم لها صادر في النزاع بين الوليات المتحدة المريكية‬
‫ونيكاراغوا عام ‪ 1986‬جاء فيه ‪:‬‬
‫"إنه إذا تضمنت معاهدة ما تقنينًا لقاعدة عرفيه ‪ ،‬فإن ذلك ل يعني حلول المعاهدة محل القاعدة العرفيه ‪،‬‬
‫أواستيعابها لها‪ .‬ومن ثم ل يجوز القول بإمكانية الستغناء بالمعاهدة عن القاعدة العرفيه حتى ولوإتحد‬
‫موضوع كل منهما" )‪. (18‬‬
‫‪-15 -‬‬
‫المبحث الرابع _أشخاص القانون الدولي‪:‬‬
‫أوًل _ الدول ‪:‬‬
‫من خلل التعريف بالقانون الدولي العام الذي ينظم العلقة فيما بين الدول يكون واضحًا بأن الشخاص‬
‫المخاطبين به هم الدول ‪ ،‬وهم الذين يتمتعون بالحقوق ويلتزمون بالواجبات التي نظمتها لهم قواعد‬
‫القانون الدولي ‪ ،‬لذلك تعتبر الدول من أشخاص القانون الدولي العام ‪ ،‬وخاصة أن قواعد القانون الدولي‬
‫أقر لهم بتلك الصفة لنهم قادرون على إنشاء قواعد دولية بالتراضي مع غيرهم من الدول‪.‬‬
‫وقد نشأ القانون الدولي من أجل الدول حيث لولها لما كان هناك حاجة لوجود ذلك القانون‪ .‬وكون‬
‫الدول من أكثر أشخاص القانون الدولي اختصاصًا ‪ ،‬يزيدها أهمية على بقية أشخاص القانون الدولي‪،‬‬
‫ولكن التطورات والتغيرات التي تطرأ على الدولة ‪ ،‬واختلف أشكالها يجعل من الوضع القانوني لتلك‬
‫الشكال المختلفة مثار خلف بين فقهاء القانون الدولي العام ‪.‬‬
‫إن أشخاص القانون الدولي باعتبارها ل تشكل الموضوع الرئيسي لمجال البحث هذا ‪ ،‬لكن لبد من‬
‫التطرق إلى الدولة ‪ ،‬وأشكالها ‪ ،‬وأوضاعها القانونية ولو بشيء من الختصار نظرًا لهميتها في‬
‫موضوع البحث الرئيسي ألوهوالتدخل الدولي ‪.‬‬
‫‪ _1‬والدولة في نظر هوريو هي ‪" :‬مجموعة بشرية على أرض معينة ‪ ،‬و تتبع نظاما إجتماعيا وسياسيا‬
‫‪ ،‬وقانونيا يهدف إلى الصالح العام ‪ ،‬و تستند الى سلطة مزودة بصلحيات الكراه" )‪. (19‬‬
‫‪ _2‬ويراها الدكتور فؤاد العطاربأنها ‪":‬ظاهرة سياسية ‪ ،‬و قانونية تعني جماعة من الناس يقطنون رقعة‬
‫جغرافية معينة بصفة دائمة ‪ ،‬ومستقرة ‪ ،‬و يخضعون لنظام سياسي" )‪ (20‬و يبدوالختلف ظاهرًا بين‬
‫الفقهاء فيعرفها ‪:‬‬
‫‪ Carrede Malberg _3‬من الفقه الفرنسي بأنها" مجموعة من الفراد مستقرة على إقليم معين ‪،‬ولها‬
‫من التنظيم ما يجعل للجماعة في مواجهة الفراد سلطة عليا آمرة و قاهرة"‪.‬‬
‫‪ _4‬ومن الفقه النجلوسكسوني يعرفها ‪ Salmon‬بأنها‪" :‬مجموعة من الفراد مستقرة على إقليم محدد‬
‫لقامة السلم ‪ ،‬و العدل عن طريق القوة"‪.‬‬
‫‪_5‬أما ‪ bluntshli‬من الفقه اللماني يعرفها بأنها ‪" :‬خليط أو مجموعة من الفراد مستقرة على إقليم‬
‫معين في شكل حكومة ‪ ،‬و محكومين‪ ،‬ومتحدين في شخص منظم )‪. (21‬‬
‫‪_6‬ويعرفهاالستاذ الدكتور عبد الحميد متولي بأنها ذلك الشخص المعنوي الذي يمثل أمة تقطن أرضا‬
‫معينة ‪ ،‬والذي بيده السلطة العامة ‪ ،‬أوكما يسمونها السيادة ‪. (Souverainete (22‬‬
‫‪_7‬أما جارنر ‪ Garner‬فيعرفها بقوله ‪" :‬إن الدولة كمفهوم في علم السياسة و القانون العام هي‬
‫مجموعة من الناس يزيدون‪ ،‬أويقلون عددا‪ ،‬ويشغلون بصفة دائمة قطعة محددة من الرض‪،‬‬
‫ويكونوامستقلين تماما ‪ ،‬أو تقريبا من السيطرة الخارجية ‪ ،‬ويملكون حكومة منظمة تدين لها هيئة‬
‫المواطنين بالطاعة المعتادة" )‪. (23‬‬
‫أما الدكتورإبراهيم عبد العزيز شيحا فيرى أن إختلف زاوية البحث ‪ ،‬وتباين المعاييرالتي اعتمد عليها‬
‫ـ ومن خلل التعاريف السابقة ـ يتبين بأن هناك أركان أساسية ثلثة لقيام الدولة تتمثل في )‪: (24‬‬
‫أـ مجموعة من الناس والتي تعرف باسم الشعب‪.‬‬
‫ب ـ رقعة من الرض‪ ،‬و تسمى بالقليم‪.‬‬
‫ج ـ سلطة سياسية تبسط سلطتهاعلى ذلك القليم ‪ ،‬وعلى ذلك الشعب الذي يعيش عليه‪.‬‬

‫لكن الركان الثلثة السابقة الذكرل يرتب نشأة الشخصية القانونية للدولة ‪،‬إلإذا توافرعنصرالعتراف‬
‫بها من جانب الدول الخرى ‪ ،‬وبالعتراف يتم القبول بالتعامل معها كعضو في الجماعة الدولية ‪،‬‬
‫وهكذا يكون توافرعناصرالدولة شرطآ لزمًا ‪ ،‬وإن كان غيركاف لكتسابها الشخصية القانونية ‪،‬‬
‫ل تامآ ‪ ،‬كما إذا اقتسمت بعض الدول إقليم دولة‬
‫وتنقضي تلك الشخصية إذامازال أحد عناصرالدولة زوا ً‬
‫معينة ‪ ،‬أو إذا دخلت دولة في وحدة حقيقية مع دولة أخرى ‪ .‬أما مجرد التغيير في تعداد شعب الدولة ‪،‬‬
‫أو في مساحة القليم زيادة أو نقصانًا ‪ ،‬كما إن التغيير في شكل نظام الحكم ل يؤثرعلى الشخصية‬
‫القانونية الدولية‪.‬‬
‫‪- 16 -‬‬

‫وقد حدد مجمع القانون الدولي معنى العتراف بأنه ‪":‬التصرف الحر الذي تقر دولة ‪ ،‬أومجموعة من‬
‫الدول بمقتضاه وجود جماعة لها تنظيم سياسي في إقليم معين ‪ ،‬وتتمتع بالستقلل عن باقي الدول‪،‬‬
‫وتقدرعلى الوفاء باللتزامات القانونية الدولية" )‪. (25‬‬
‫كما عرف ميثاق بوجوتاالعتراف بأنه ‪" :‬قبول الدول التي تمنحه شخصية الدولة الجديدة ‪ ،‬والتسليم‬
‫بحقوقها وواجباتها" )‪. (26‬‬
‫وتملك الدول حرية اختياركبيرة ‪ ،‬وسلطة تقديرية واسعة في العتراف من عدمه لدرجة إنه يمكن القول‬
‫بأن العتراف هوعملية سياسية أكثرمنها قانونية ‪ ،‬أي أنه مرتبط بالقرارالسياسي في الدولة الراغبة‬
‫بالعتراف ‪ ،‬ومع أن العتراف ليس بالزام أو واجب ‪ ،‬لكن الواجب يقتضي في عدم العتراف‬
‫ل ‪ ،‬وبهذاالمعنى صدرمن‬ ‫بالوضاع الغير مشروعة والباطلة ‪ ،‬وإذاتم العتراف بها فيكون ذلك باط ً‬
‫مجلس المن الدولي القرار رقم ‪ / 662 /‬في ‪. (27) 1990- 08-02-‬‬
‫__________________________‬
‫)‪ (27‬القرار رقم ‪ /662/‬تاريخ ‪ 1990‬في ‪ /9/‬اغسطس الخاص بالحالة بين العراق والكويت ‪.‬‬
‫إن مجلس المن إذ يشير إلى قراريه ‪ 660‬المؤرخ في‪ /3 /‬أب ‪ ،1990‬والقرار رقم‪ /661 /‬المؤرخ في ‪ /6 /‬أب ‪ ،1990‬وإذ يثيربالغ جزعه‬
‫إعلن العراق إندماجه التام والبدي ‪ ،‬وإذ يطالب مرًة أخرى بأن يسحب العراق فورًا‪ ،‬وبدون أي قيد‪ ،‬أو شرط جميع قواته إلى المواقع التي‬
‫كانت تتواجد فيها في‪ 1/ /‬أب ‪ ، 1990‬وقد صمم على إنهاء احتلل العراق للكويت‪ ،‬واستعادة سيادة الكويت‪ ،‬واستقللها وسلمتها القليمية ‪،‬وقد‬
‫صمم أيضًا على استعادة سلطة الحكومة الشرعية للكويت ‪،‬‬
‫ل‪.‬‬
‫‪1‬ـ يقررأن ضم العراق للكويت بأي شكل من الشكال‪ ،‬وبأية ذريعة كانت ليست له أية صلحية قانونية ويعتبرلغياً‪ ،‬وباط ً‬
‫‪2‬ـ يطلب إلى جميع الدول‪ ،‬والمنظمات الدولية‪ ،‬والوكالت المتخصصةعدم العتراف بذلك الضم والمتناع عن إتخاذ أي إجراء‪ ،‬أوالقدام على‬
‫أية معاملت قد تفسرعلى أنها إعتراف غير مباشر بالضم ‪.‬‬
‫‪3‬ـ يطالب بأن يلغي العراق إجراءاته التي إدعى بها ضم الكويت إليه‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ يقررأن يبقى هذا البند في جدول أعماله وأن يواصل جهوده لوضع حد مبكر للحتلل ‪.‬‬

‫اتخذ بالجماع في الجلسة ‪. /3934/‬‬


‫‪-17-‬‬

‫ثانيًا‪ -‬المنظمات الدولية‪:‬‬


‫إن القدرة على إنشاء قواعد قانونية دولية لم تعد تقتصرعلى الدول ‪ ،‬فمنذ أوائل القرن العشرين تكونت‬
‫وحدات دولية استطاعت أن تنشئ مع الوحدات المماثلة لها قواعد قانونية دولية ‪ ،‬وأصبحت مخاطبة‬
‫بأحكام القانون الدولي وأصبحت كذلك متمتعة بالحقوق التالية ‪:‬‬
‫أـ حق إبرام المعاهدات‪.‬‬
‫ب ـ حق إرسال ‪ ،‬واستقبال المبعوثين الدبلوماسيين‪.‬‬
‫ج ـ حق المطالبة بأعمال قواعد المسؤولية الدولية ‪ ،‬أواللتزام بالخضوع لها‪.‬‬
‫د ـ حق إعلن الحرب‪.‬‬

‫وتلك الوحدات هي المنظمات الدولية‪ .‬لكن الشخصية القانونية للدول ل تتطابق مع الشخصية القانونية‬
‫للمنظمات الدولية ‪ ،‬فهي مختلفة عنها وذلك أن المنظمات الدولية ل تكون إل بالقدر‪ ،‬والحدود التي‬
‫ذكرها التفاق المنشئ للمنظمة الدولية ‪ ،‬في حين أن الشخصية القانونية للدول تكون مطلقة من كل قيد )‬
‫‪ .(28‬والمنظمات الدولية هي ‪:‬‬
‫أ_منظمات دولية حكومية حسبما جاء في إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات )‪ ،(29‬ويقصد بالمنظمات‬
‫الدولية الحكومية تلك التي تنشئها الحكومات بموجب إتفاق دولي حكومي ‪.‬‬
‫وتقابلها المنظمات الدولية الغير حكومية التي لم تؤسسها الحكومات ‪ ،‬ولم تنشئ بموجب اتفاق دولي‬
‫حكومي ‪ ،‬ومن هذه المنظمات الغير حكومية ما تكون عملها محصورًا في بلد معين‪ ،‬وعندها تعتبر‬
‫منظمة وطنية غيرحكومية ‪ ،‬ومنها ما يتجاوزعملها حدود دولة معينة فتصبح منظمة دولية‬
‫غيرحكومية ‪ ،‬وقد عرف المجلس القتصادي ‪ ،‬والجتماعي لهيئة المم المتحدة في قراره رقم ‪288‬‬
‫الصادرعام ‪ 1992‬المنظمات الغير حكومية بأنها ‪ ،‬كل منظمة ل يتم تأليفها نتيجة إتفاق بين الحكومات‬
‫بما فيها المنظمات التي تقبل أعضاء يتم إختيارهم من قبل سلطات حكومية ‪ ،‬شرط أن ل يؤدي ذلك‬
‫للساءة إلى حرية التعبيرعن رأي هذه المنظمات)‪. (30‬‬

‫ثالثًا _ الفراد ‪:‬‬


‫يرى الدكتورمحمد طلعت الغنيمي بأن هناك فريقان مختلفان من الفقهاء حيال مركز الفرد في القانون‬
‫الدولي ‪.‬‬
‫أ ـ فريق وضعي ‪ :‬يرفض العتراف للفرد بالشخصية الدولية على أساس أن القانون الدولي ينظم‬
‫العلقات بين الدول ‪.‬‬
‫ب ـ وفريق واقعي ‪ :‬يرى في الفرد شخصًا من أشخاص القانون الدولي ‪ ،‬ويعتمد هذا الفريق على أن‬
‫لغيرمشروعة في حكم القانون الدولي ‪ ،‬وعندئذ لتثورمسؤولية الدولة‬ ‫الفراد يمكن أن يرتكبوا أفعا ً‬
‫فحسب ‪ ،‬بل تثورمسؤوليتهم الشخصية كذلك )‪ .(31‬وقد خاطب القانون الدولي الفرد في الكثيرمن‬
‫ل لكتساب الحقوق ‪ ،‬وتحمل اللتزامات دون أن يرتقي‬ ‫المعاهدات ‪ ،‬والتفاقيات الدولية مما جعل أه ً‬
‫الفرد إلى مستوى الدولة ‪ ،‬فهو أدنى منها ‪ ،‬ولذلك ل يمكن مساواته بها ‪ ،‬وإطلق نفس الصفة عليه ‪ ،‬فل‬
‫يمكن إعتباره من أشخاص القانون الدولي إل على وجه الستثناء بعكس الدولة التي تعتبرالشخص‬
‫الساسي المخاطب بها من قبل القانون الدولي ‪.‬‬
‫كما ل يمكن إنكارالصفة الدولية على تلك الحقوق التي يكتسبها الفرد على الصعيد الدولي ‪ ،‬وقد ازداد‬
‫الهتمام بالفرد على المستوى الدولي من خلل العمل الدولي المشترك بصفته المستقلة عن الدولة ‪،‬‬
‫وجاء ذلك على سبيل المثال في ‪:‬‬
‫آـ العهد الدولي الخاص بالحقوق القتصادية ‪ ،‬والجتماعية ‪ ،‬والثقافية )‪. (32‬‬
‫ب ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية ‪ ،‬والسياسية )‪. (33‬‬
‫‪-18-‬‬
‫ج ـ نظام الوصاية التي تمنح سكان القاليم الخاضعة حق التقدم بعرائض لكل من الجمعية العامة للمم‬
‫المتحدة ‪ ،‬ومجلس الوصاية )‪. (34‬‬
‫د ـ التفاق الخاص بتجريم ‪ ،‬ومعاقبة جريمة إبادة الجنس البشري ‪.‬‬
‫ه ـ التفاق الخاص بإزالة كافة صورالتمييز العنصري ‪.‬‬
‫و ـ التفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين ‪ ،‬وأفراد أسرهم )‪ . (35‬وقد بدأ نفاذ التفاقية‬
‫الدولية هذه في تموز ‪ 2003‬وتنص على مجموعة من المعايير الدولية الملزمة ‪ ،‬لتناول معاملة‬
‫المهاجرين الحائزين للوثائق اللزمة والمهاجرين الغيرحائزين لهاعلى السواء ‪ ،‬ورعايتهم ‪ ،‬وضمان‬
‫ل عن التزامات ‪ ،‬ومسؤوليات الدول المرسلة ‪ ،‬والدول المستقبله ‪ .‬وقد‬ ‫حقوق النسان الخاصة بهم فض ً‬
‫تطرقت التفاقية الى المهاجرين بأنه ‪ " :‬يوجد أكثر من ‪ 175‬مليون شخص من بينهم عمال مهاجرون ‪،‬‬
‫ولجؤون ‪ ،‬وملتمسواللجوء ‪ ،‬ومهاجرون دائمون وغيرهم ‪ ،‬يعيشون ‪ ،‬ويعملون في بلد غير بلد مولدهم‬
‫‪ ،‬أوجنسيتهم"‪ .‬وقدعرفت التفاقية العامل المهاجرفي الفقرة ‪ -1-‬من المادة ‪ -2-‬من التفاقية المذكورة‬
‫على أنه ‪:‬‬
‫"الشخص الذي سيزاول ‪ ،‬أويزاول ‪ ،‬أومابرح يزاول نشاطًا مقابل أجر في دولة ليس من رعاياها"‪.‬‬
‫فالشخص القانوني ‪ :‬هو الشخص الذي يخاطبه القانون‪ ،‬ويتمتع في ظله بمجموعة من الحقوق ‪ ،‬ويتحمل‬
‫اللتزامات ‪ .‬لذلك يعتبرالفرد في النظام القانوني الداخلي شخصًا قانونيًا ‪ ،‬والنظمة القانونية ‪ :‬هي‬
‫الكفيلة بتحديد أشخاصه المخاطبين به‪ .‬فل توجد في النظمة القانونية هذه الصفة ‪ ،‬فالفرد يعتبر في‬
‫النظام القانوني الداخلي شخصًا قانونيًا بخلف العبيد الذين لم يكونوا يتمتعون في بعض النظمة‬
‫القانونية القديمة بهذه الصفة ‪ .‬فالفرد ل يعد حتى في أيامنا هذه شخصًا في القانون الدولي لنه غير‬
‫مخاطب بأحكام هذا القانون إل من خلل الدولة التي يتبعها)‪.(36‬‬
‫ويرى الدكتور مفيد محمود شهاب ‪ ،‬بأنه إذا كان التمتع بوصف القدرة على إنشاء القواعد القانونية‬
‫الدولية يؤدي بالضرورة إلى توافر أهلية اكتساب الحقوق واللتزام بالواجبات ‪ ،‬إل ان العكس غير‬
‫صحيح ‪ .‬فقد تتفق الدول على ترتيب حقوق الفراد دون أن يصبحوا نتيجة ذلك أشخاصًا دوليين‪ ،‬ذلك‬
‫أنهم ل يستطيعون أن ينشؤوا مع غيرهم من الفراد قواعد قانونية دولية ‪ .‬وبالرغم من إهتمام القانون‬
‫الدولي العام بالفراد لحمايتهم من المؤسسات السياسية التي ينتمون إليها ‪ ،‬أو لحماية هذه المؤسسات من‬
‫بعض تصرفاتهم الضارة )‪ ،(37‬لذلك تضمن القانون الدولي بعض النصوص التي تلزم الدول باحترام‬
‫بعض الحقوق الفردية ‪ ،‬أوإلزام الفراد بمراعاة بعض الواجبات تجاه الدول ‪ .‬ويخرج حقوق الفراد‬
‫السياسية والمدنية من نطاق إهتمام القانون الدولي ‪ ،‬وإنما ينحصرفي الحقوق الطبيعية والساسية‬
‫باعتباره كائنًا إنسانيًا ‪ ،‬ومع ذلك ينكر القانون الدولي الوضعي على الفرد الشخصية الدولية ‪ ،‬ويحرمه‬
‫من حق السهام في العلقات الدولية ‪ ،‬ومن حق النضمام إلى المنظمات الدولية ‪ ،‬لكن التطورالحاصل‬
‫في القانون الدولي بإحاطته بالفرد ‪ ،‬وتوسيع دائرة الهتمام به أخذ يتضاعف ‪ ،‬ويضعه في دائرة‬
‫الرتباط بالقانون الدولي ‪ ،‬ويلحظ ذلك ما جاء في ميثاق المم المتحدة الذي منح سكان القاليم‬
‫الخاضعة للوصاية حق تقديم العرائض الشفوية ‪ ،‬والمكتوبة إلى مجلس الوصاية ‪ ،‬وكذلك أجازاخضاع‬
‫الفرد لختصاص قضاء جنائي دولي وأجازمعاقبته بواسطة محاكم دولية ‪.‬‬
‫‪-19-‬‬

‫خلصة الفصل التمهيدي ‪:‬‬

‫لقد تبين من خلل عرضنا لتعريف القانون الدولي بان هناك جانبًا تطرق اليه الفقهاء والعلماء السوفييت بشأن تعريف‬
‫القانون الدولي ‪:‬‬
‫‪ -1‬فالقانون الدولي عن الفقهاء الغربيين ينصب على حقوق الدول والتزاماتها أما عند الفقهاء السوفييت فينصب جل‬
‫اهتمامهم في الجهة التي تعبر عنها القانون الدولي ‪ ،‬وهي عندهم ارادة الطبقة الحاكمة بالضافة الى تنظيمها للعلقات‬
‫بين الدول خلل صراعها وتعاونها ‪ ،‬حيث نظرتهم تلك نابعة من النهج الماركسي الذي يعتمد على تحليل البنية التحتية‬
‫للمجتمع ‪-‬القتصاد‪ -‬لمعرفة الطبقات الجتماعية والصراع بينها ‪.‬‬
‫‪ -2‬رغم الختلف لدى فقهاء القانون حيال مركز الفرد في القانون الدولي إل ان واقع القانون الدولي الحالي هو الهتمام‬
‫بالفرد اهتمامًا اكبر مما كان عليه في السابق ‪ ،‬وقد خاطب الكثير من المعاهدات والتفاقيات الدولية الفرد ‪ ،‬في ضرورة‬
‫تمتعه بحقوقه وتحمله لللتزامات ‪ ،‬رغم عدم بلوغه الى مستوى الدولة ‪ .‬أي انه أصبح شخصًا من أشخاص القانون‬
‫الدولي دون أن يرتقي الى مستوى الدولة ‪.‬‬
‫‪-20-‬‬

‫الفصل الول‬
‫القانون الدولي النساني‬

‫لقد مر القانون الدولي النساني بمراحل متعددة ‪ ،‬حيث أنبثق من الديان المختلفة ‪ ،‬كما وجد في فكر‬
‫الفلسفة والصلحيين الى أن بدأ يتقنن من خلل المعاهدات ‪ ،‬والتفاقات الدولية لتشمل حالت معينة ‪،‬‬
‫وفئات محددة من الناس ‪ .‬لذلك وجدت من الضروري تقسيم هذا الفصل كالتالي ‪:‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬نشأة وتطورالقانون الدولي النساني ‪.‬‬


‫المبحث الثاني ‪ :‬مصادرالقانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬ماهية القانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬نطاق تطبيق القانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫‪-21-‬‬

‫المبحث الول ‪ -‬نشأة وتطور القانون الدولي النساني ‪:‬‬


‫ظلت فكرة حماية النسان من ويلت الحروب عالقة لدى جميع الشعوب منذ العصورالقديمة ‪ ،‬إل أن‬
‫ل في القرن التاسع عشر‪ ،‬وكان الحدث‬ ‫إضفاء طابع النسانية على النزاعات المسلحة ‪ ،‬شهد تطوًرا هائ ً‬
‫الحاسم في ذلك هوتأسيس اللجنة الدولية للصليب الحمرعام ‪1863‬وتوقيع إتفاقية تحسين‬
‫مصيرالعسكريين الجرحى في القوات المسلحة في الميدان ‪ ،‬في اغسطس عام ‪ ،(1) 1864‬حيث لم‬
‫تفتقرالحروب المندلعة منذ القديم من ممارسات همجية ‪ ،‬ووحشية من ظلم ‪ ،‬و عدوان وسفك للدماء ‪،‬‬
‫امتدت لتشمل المدنيين من غيرالمقاتلين ‪ ،‬بالضافة إلى عدم التفريق بين الوضاع الخاصة لبعض‬
‫الفراد من الكهلة ‪ ،‬والشيوخ ‪ ،‬والصغار والنساء الحوامل ‪ ،‬كما لم يميز القائمون على تلك الحروب بين‬
‫دورالثقافة ‪ ،‬و المباني ‪ ،‬وينابيع المياه ‪ .‬لكن التصرفات القاسية هذه في ساحات القتال بدأت تخفف من‬
‫حدتها تحت تأثيرالديان ‪ ،‬فوجدت فكرة القانون النساني في الشرائع السماوية ‪ ،‬وعلى الخصوص‬
‫الشريعة السلمية )‪ ،(2‬ولم يفتقرالدين على السلم فقط ‪ ،‬فالشعائرالتي يؤديها النسان في كافة بقاع‬
‫الرض آتية من أديان مختلفة تعود أغلبها الى ما قبل اليهودية التي أصبحت اليوم الفاصل بين الكتب‬
‫السماوية ‪ ،‬و غيرها‪ .‬فتلك الكتب مختصرة على القرآن الكريم ‪ ،‬والعهدين القديم ‪ ،‬والجديد‪ .‬أما البقية‬
‫التي يعتمد النسان في إقامة شعائره ‪ ،‬ويعتبرها مرجعًا لعقائده ليست سماوية بل وضعية من صنع‬
‫الفلسفة ‪ ،‬والصلحيين ‪ ،‬ورغم ذلك تحتوي على مبادئ انسانية ‪ ،‬واخلقية أصبحت مصدرًا غنيًا‬
‫لقواعد القانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫‪ -‬فالثقافة التي يكتسبها النسان الفرد عبرعملية التنشئة الجتماعية نتيجة التراكم الثقافي في المجتمع‪،‬‬
‫يتأثر بها قواعد القانون الدولي النساني ‪ ،‬فالجنود المتعلمين ‪ ،‬والمثقفين أكثرتفهماًللعدو‪ ،‬ومعاملة‬
‫جنوده ‪ ،‬ومواطنيه بروح إنسانية ‪ ،‬من الجنود الميين ‪ .‬كما أن الطلع على القواعد الساسية للقانون‬
‫الدولي النساني هي أكثر يسرًا للجنود المتعلمين ‪ ،‬والمثقفين من غيرهم ‪ ،‬وقد أدركت اللجنة الدولية‬
‫للصليب الحمر في جنيف أهمية إدخال القانون الدولي النساني في الثقافة العامة الوطنية على مستوى‬
‫المناهج التدريسية في مراحله المتوسطة و العالية )‪. (3‬‬
‫____________________________‬
‫بشأن نشر قواعد القانون الدولي أنظر في ‪ :‬إتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في ‪ 12‬آب ‪ /‬أغسطس ‪. 1949‬‬
‫المــادة )‪(127‬تتعهد الطراف السامية المتعاقدة‪ ،‬بأن تنشرنص هذه التفاقية على أوسع نطاق ممكن في بلدانها‪ ،‬في وقت السلم كما في وقت‬
‫الحرب‪ ،‬وتتعهد بصفة خاصة بأن تدرج دراستها ضمن برامج التعليم العسكري‪ ،‬والمدني إذا أمكن‪ ،‬بحيث تصبح المبادئ التي تتضمنها معروفة‬
‫لمجموع قواتها المسلحة والسكان‪،‬ويتعين على السلطات العسكرية‪،‬أوغيرها والتي تضطلع في وقت الحرب بمسؤوليات إزاء أسرى الحرب أن‬
‫تكون حائزة لنص التفاقية‪،‬وأن تلقن بصفة خاصة أحكامها‪.‬‬
‫إتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في ‪12‬آب‪/‬أغسطس ‪1949‬‬
‫المــادة )‪(144‬‬
‫تتعهد الطراف السامية المتعاقدة بأن تنشر نص هذه اللتفاقية على أوسع نطاق ممكن في بلدانها‪ ،‬في وقت السلم كما في وقت الحرب‪ ،‬وتتعهد‬
‫بصفة خاصة بأن تدرج دراستها ضمن برامج التعليم العسكري‪ ،‬والمدني إذا أمكن‪ ،‬بحيث تصبح المبادئ التي تتضمنها معروفة لمجموع السكان‪.‬‬
‫يتعين على السلطات المدنية‪ ،‬والعسكرية‪ ،‬والشرطة‪،‬أوالسلطات الخرى التي تضطلع في وقت الحرب بمسؤوليات إزاء الشخاص المحميين‪ ،‬أن‬
‫تكون حائزة لنص التفاقية‪ ،‬وأن تلقن بصفة خاصة أحكامها‪.‬‬
‫الملحق "البروتوكول" الول الضافي إلى إتفاقيات جنيف المعقودة في ‪ 12‬آب ‪ /‬أغسطس ‪1949‬المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية‬
‫المسلحة‬
‫المــادة ‪ : 83‬النشــر‬
‫‪ -1‬تتعهد الطراف السامية المتعاقدة بالقيام في زمن السلم‪،‬وكذا أثناء النزاع المسلح بنشرنصوص التفاقيات‪ ،‬ونص هذا الملحق "البروتوكول"‬
‫على أوسع نطاق ممكن في بلدها‪ ،‬وبإدراج دراستها بصفة خاصة ضمن برامج التعليم‬
‫العسكري‪ ،‬وتشجيع السكان المدنيين على دراستها‪ ،‬حتى تصبح هذه المواثيق معروفة للقوات المسلحة‪ ،‬وللسكان‬
‫المدنيين‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب على أية سلطات عسكرية‪،‬أو مدنية تضطلع أثناء النزاع المسلح بمسؤوليات تتعلق بتطبيق التفاقيات وهذا الملحق "البروتوكول" أن‬
‫تكون على إلمام تام بنصوص هذه المواثيق‪.‬‬
‫‪-22-‬‬

‫وقد عقد المؤتمرالدبلوماسي لتأكيد وتطويرالقانون الدولي المطبق في المنازعات المسلحة ‪ -‬الذي‬
‫دعاإليه المجلس التحادي السويسري ‪ -‬أربع دورات في جنيف لدراسة مشروعي الملحقين "‬
‫البروتوكولين" الضافيين اللذين أعدتهما اللجنة الدولية للصليب الحمر‪(4).‬‬
‫_________________________‬

‫)‪ (4‬قرار رقم }‪{21‬‬


‫قراربشأن نشر القانون الدولي النساني المطبق في المنازعات المسلحة‪:‬‬

‫إن المؤتمرالدبلوماسي لتأكيد‪ ،‬وتطوير القانون الدولي النساني المطبق في المنازعات المسلحة في جنيف ‪1977 – 1974‬‬
‫ل جوهريًا في تطبيقه الفعال‪،‬‬ ‫اقتناعًا منه بأن اللمام الجيد بالقانون الدولي النساني يشكل عام ً‬
‫وثقة منه بأن نشرهذا القانون يسهم في الترويج للمثل النسانية العليا‪ ،‬وإشاعة روح السلم بين الشعوب‪.‬‬
‫‪ -1‬يذكر بأنه طبقًا لتفاقيات جنيف الربع لعام ‪ ،1949‬التزمت الطراف السامية المتعاقدة بنشر أحكام هذه التفاقيات على أوسع نطاق ممكن‪،‬‬
‫وبأن الملحقين "البروتوكولين" الضافيين اللذين أقرهما هذا المؤتمر يؤكدان من جديد هذا اللتزام‪ ،‬ويتوسعان فيه‪.‬‬
‫‪ -2‬يدعو الدول الموقعة إلى إتخاذ جميع التدابيرالمجدية لضمان نشرفعال للقانون الدولي النساني المطبق في المنازعات المسلحة‪ ،‬وللمبادئ‬
‫الساسية التي تشكل أساس هذا القانون‪ ،‬وبوجه خاص إتخاذ التدابير التالية ‪:‬‬
‫أ ( تشجيع السلطات المختصة على وضع وتنفيذ طرق لتدريس القانون الدولي النساني تتلءم والظروف الوطنية‪ ،‬وبالخص في صفوف القوات‬
‫المسلحة والسلطات الدارية المختصة‪ ،‬مع اللجوء إذا دعت الحاجة إلى مساعدة اللجنة الدولية للصليب الحمر‪،‬وإلى ما تسديه من مشورة‪.‬‬
‫ب( القيام في زمن السلم بتدريب موظفين مؤهلين قادرين على تعليم القانون الدولي النساني‪ ،‬وتيسير تطبيقه‪ ،‬ول سيما بالمفهوم الوارد في‬ ‫‌‬
‫المادتين ‪ 6‬و ‪ 82‬من الملحق "البروتوكول" الول‪.‬‬
‫ج ( توصية السلطات المعنية بتعزيز تعليم القانون الدولي النساني في الجامعات )في كليات الحقوق‪ ،‬والعلوم السياسية‪ ،‬والطب‪...‬الخ (‪.‬‬
‫د ( توصية السلطات المختصة بإدخال منهج لتعليم مبادئ القانون الدولي النساني في المدارس الثانوية أو ما يماثلها‪.‬‬
‫‪ -3‬يدعو الجمعيات الوطنية للصليب الحمر )الهلل الحمر‪ ،‬السد والشمس الحمرين( إلى تقديم مؤازرتها للسلطات الحكومية المختصة بغية‬
‫السهام في تفهم‪،‬ونشرالقانون الدولي النساني على نحو فعال‪.‬‬
‫‪ -4‬يدعو اللجنة الدولية للصليب الحمر إلى أن تساند على نحو إيجابي المجهود الذي يبذل لنشر القانون الدولي النساني‪ ،‬وعلى الخص ‪:‬‬
‫أ ( بنشر المواد التي من شأنها تيسير تعليم القانون الدولي النساني‪ ،‬والعمل على تداول جميع المعلومات المجدية لنشر اتفاقيات جنيف واللحقين‬
‫"البروتوكولين" الضافيين‬
‫بتنظيم حلقات دراسية ومحاضرات عن القانون الدولي النساني سواء كان ذلك من تلقاء نفسها‪ ،‬أم بناًء على طلب الحكومات أم الجمعيات‬
‫الوطنية‪ ،‬والتعاون في سبيل تحقيق هذا الغرض مع الدول‬
‫والمؤسسات المناسبة‪.‬‬

‫الجلسة العامة الخامسة والخمسون‬


‫‪ 7‬حزيران‪/‬يونيو ‪1977‬‬

‫الملحق "البروتوكول" الول الضافي إلى اتفاقيات جنيف المعقودة في ‪ 12‬آب ‪ /‬أغسطس ‪1949‬المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية‬
‫المسلحة‬

‫المــادة ‪ :6‬العاملون المؤهلون‪:‬‬

‫‪ -1‬تسعى الطراف السامية المتعاقدة في زمن السلم أيضًا بمساعدة الجمعيات الوطنية للصليب الحمر )الهلل الحمر‪ ,‬السد والشمس‬
‫الحمرين( لعداد عاملين مؤهلين بغية تسهيل تطبيق التفاقيات وهذا الملحق "البروتوكول" وخاصة فيما يتعلق بنشاط الدول الحامية‪.‬‬

‫‪ -2‬يعتبر تشكيل وإعداد مثل هؤلء من صميم الولية الوطنية‪.‬‬

‫‪ -3‬تضع اللجنة الدولية للصليب الحمر رهن تصرف الطراف السامية المتعاقدة قوائم بالشخاص الذين أعدوا على النحو السابق‪ ,‬التي تكون قد‬
‫وضعتها الطراف السامية المتعاقدة وأبلغتها إلى اللجنة لهذا الغرض‪.‬‬
‫‪ -4‬تكون حالت إستخدام هؤلء العاملين خارج القليم الوطني‪ ,‬في كل حالة على حدة محل إتفاقات خاصة بين الطراف المعنية‪.‬‬

‫المــادة ‪ : 82‬المستشارون القانونيون في القوات المسلحة‬


‫تعمل الطراف السامية المتعاقدة دومًا‪ ،‬وتعمل أطراف النزاع أثناء النزاع المسلح على تأمين توفر المستشارين القانونيين‪ ،‬عند القتضاء لتقديم‬
‫المشورة للقادة العسكريين على المستوى‬
‫المناسب‪ ،‬بشأن تطبيق التفاقيات وهذا الملحق "البروتوكول" وبشأن التعليمات المناسبة التي تعطى للقوات المسلحة فيما يتعلق بهذا الموضوع ‪.‬‬
‫‪-23-‬‬

‫وفي مجال الثقافة المجتمعية ‪ :‬قد فطنت اللجنة الدولية للصليب الحمرإلى الحضارة والثقافة السلمية‬
‫كمصدرثري من مصادرالقانون الدولي النساني ‪ ،‬فأصدرت منشورًا مصورًا بعنوان " من ذاكرة‬
‫ل عربيه مشهورة في مجال تطبيق التعاليم النسانية في السلم ‪،‬‬ ‫التاريخ العربي السلمي"‪ .‬ضمنته أقوا ً‬
‫والحرب ‪ ،‬كما كرست تقويم العام ‪1994‬لثنتي عشرةمنظمة عربية تشكل بعض أهم معطيات القانون‬
‫الدولي النساني وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬اغث من استغاث بك )لمحي الدين بن عربي( ‪.‬‬
‫‪ -2‬ل عذر في عذر )لبي حيان التوحيدي( ‪.‬‬
‫‪ -3‬هم أساري مناياهم فما لهم إذا أتاهم أسير ليفكونه )لبي علء المصري( ‪.‬‬
‫‪ -4‬الصلح من ذي قدرة أصلح )للشيخ الشيرازي( ‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا دان العدى وجب المان )لولي الدين يكن( ‪.‬‬
‫‪ -6‬فهل تركنا النبت ماكان أخضرا )لحنظلة بن عرادة( ‪.‬‬
‫‪ -7‬ل تقتلوا مدبرًا ‪ ،‬ول تصيبوامعورًا ‪ ،‬ولتجهزواعلى جريح ‪ ،‬ولتهيجواالنساء بأذى ‪) .‬لعلي بن أبي‬
‫طالب( ‪.‬‬
‫‪ -8‬من يكن له كرم تكرم بساحته للسرى )لبي علء المصري( ‪.‬‬
‫‪ -9‬عالج عدوك كما تعالج حبيبك )للطبيب علي بن رضوان( ‪.‬‬
‫‪ -10‬إني أمنتكم على أنفسكم ‪ ،‬وأموالكم ‪ ،‬وكنائسكم ‪ ،‬وبيعكم ‪ ،‬وسورمدينتكم ‪) .‬لحبيب بن مسلمة‬
‫الفهري( )‪. (5‬‬

‫كماأن التاريخ على مرالعصورلم يعرف أبلغ من وصية الخليفة أبي بكر(ض) التي يمكن اعتبارها من‬
‫أهم مبادئ القانون الدولي النساني المعاصر‪ ،‬وذلك في وصيته الموجهة إلى قائد جيشه أسامة بن زيد‬
‫حين قال مخاطبًا إياه جنده ‪:‬‬
‫"أيها الناس قفوا أوصكم بعشر فاحفظوها عني ‪ :‬لتخونوا وتكفروا‪ ،‬ول تغدروا‪ ،‬ول تمثلوا‪،‬ولتقتلوا‬
‫ل ‪ ،‬ول تحرقوه ‪ ،‬ولتقطعواشجرة مثمرة ‪،‬‬ ‫ل صغيرا‪ ،‬ولشيخًا كبيرا‪ ،‬ولامرأة ‪ ،‬ولتعقروانخ ً‬ ‫طف ً‬
‫ولتذبحواشاة ‪ ،‬ولبقرة ‪ ،‬ولبعيرًا إل لمأكل ‪ ،‬وسوف تمرون بأقوام قد فرغواأنفسهم في الصوامع ‪،‬‬
‫فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ‪ ،‬وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآية فيها ألوان من الطعام ‪ ،‬فإذا أكلتم‬
‫منها فاذكروا اسم ال عليه"‪.‬‬

‫‪ -2‬وفي مجال الخلق ‪ ،‬فالتشريعات الشرقية من ‪ :‬سومر وبابل والهند والصين قد ثبتت الكثيرمن‬
‫مبادئ الخلق التي كانت سائدة في تلك المجتمعات‪.‬‬
‫‪ -1‬ففي الهند كان قانون مانوا سائدًا في حوالي ‪ /1000 /‬ق‪.‬م قد أوجب على المحارب أن ل يقتل‬
‫عدوًا استسلم ‪ ،‬ول أسير حرب ‪ ،‬ولعدوًا نائمًاأوأعزل ‪ ،‬ول شخصًا مسالمًا غير محارب ‪ ،‬ول عدوًا‬
‫مشتبكًا مع خصم آخر )‪.(6‬‬
‫ب‪ -‬وفي الحضارة العربية السلمية كانت الخلق الحميدة نبراسًا يتقيد به الخلفاء والقادة العرب ‪،‬‬
‫والمسلمون في حروبهم ضد الخرين ‪ ،‬أوفي علقتهم مع الشعوب الخرى في السلم ‪ ،‬أوالحرب‪.‬‬
‫وقد أشارالكثيرمن الكتاب ‪ ،‬والمفكرين الوربيين المعاصرين بذلك حيث يقول البارون دوتوب ‪ ،‬في‬
‫محاضرته التي القاها في أكاديمية القانون الدولي في لهاي عام ‪ ":1926‬بأن أهمية السلم عمومًا في‬
‫تطويرالحضارة ضمن حوض البحر البيض المتوسط تجعلنا نقبل العتراف بأن العالم السلمي قد‬
‫ساهم بتشكيل بعض نظم قانون الحرب ‪ ،‬وعاداته بين شعوب أوربا حيث أن هذه الشعوب وجدت لدى‬
‫أعدائها الذين ناصبتهم العداء أثناء الحروب الصليبية قواعد جاهزة تتعلق بإعلن الحرب ‪ ،‬والتمييز بين‬
‫المقاتلين ‪ ،‬وغيرالمقاتلين ‪ ،‬ومعاملة المرضى والجرحى وأسرى الحرب وتقسيم الغنائم الحربية ‪ ،‬ومنع‬
‫بعض وسائل الضرار بالعدو‪. (7) " ...‬‬
‫ويقول ابن شداد مؤرخ سيرة صلح الدين اليوبي ‪ ":‬إنه كان يحسن معاملة السرى ‪ ،‬ويخص‬
‫البارزين منهم بحسن المعيشة ‪ ،‬وخلع الثياب عليهم ‪ ،‬وعندما أحضر الناس قتلهم ‪ ،‬وكنت حاضرًا ذلك‬
‫‪-24-‬‬

‫المجلس ‪ ،‬أكرم رحمه ال المتقدمين منهم ‪ ،‬وأخلع على مقدمي العسكرالفرنسي فردة خاصة ‪ ،‬وأمر‬
‫لكل واحد من الباقين بفردة خرجية ‪ ،‬لن البرد كان شديدًا ‪ ،‬وحين كانت المعركة ‪ ،‬أوالحصار تنتهي‬
‫باستلم الطرف الخر)‪ ،(8‬كان ينفذ شروط الستسلم بدقة ‪ ،‬بل ينفذها لمصلحة المستسلمين أكثر مما‬
‫تتطلبه الشروط أحياناً‪ ،‬وحين يدفع السرى فداءهم يرسل من يحرصهم حتى يصلوا الى مأ منهم "‪.‬‬

‫ج‪ -‬أما الحضارة الوربية فإن روح الفروسية التي سادت البلدان الوربية خلل مرحلة القرون‬
‫الوسطى ‪ ،‬قد أمربمثل هذه المبادئ مثل حماية النساء ‪ ،‬وإغاثة الملهوف ‪ ،‬وعدم مهاجمة الفارس الذي‬
‫يسقط عن فرسه ‪ ،‬والكف عن مقاتلة الخصم الذي ينكسرسيفه في يده‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫لذلك اعتبربعض فقهاء القانون الدولي إن مبادئ الفروسيةهيمن على مصادر القانون الدولي النساني‬
‫كما إن الراء الفلسفية التي نادى بها كل من روسو ومونتسكيو‪ ،‬وايمريك فاتيل ‪ ،‬وبنيامين فرانكلين ‪،‬‬
‫أثرت في تدعيم الساس الخلقي للقانون الدولي النساني ‪.‬‬

‫‪ -3‬أما الدين ‪:‬‬


‫أ_ ففي المسيحية ‪ :‬ان أول من نادى بالتمييز بين الحرب العادلة ‪ ،‬والحرب الغيرعادلة ‪ ،‬كان الراهب ‪،‬‬
‫والقديس التونسي أوغستينوس ‪ ،‬كما طالب بإحترام المعاهدات ‪ ،‬وأعراف الحرب ‪ .‬وبعده بقرون أتى‬
‫القديس توما الكويني ‪ ،‬ووجد بأن القانون الطبيعي ‪ ،‬والنساني ليتعارضان مع القانون اللهي ‪ .‬كما‬
‫أن المبادئ الساسية التي دعت إليها المسيحية شكلت ثورة متقدمة في مجتمع كانت تسوده القسوة ‪،‬‬
‫والشدة ‪ ،‬فقد جاء في العهد الجديد ‪ ":‬احبواأعداءك ‪ ،‬أحسنوا إلى مبغضيكم ‪ ،‬من ضربك على خدك‬
‫اليمن‪ ،‬فاعرض له خدك اليسر" ‪.‬‬
‫ب_ السلم‪ :‬لقد دخل السلم الحرب مع الشعوب التي وقفت بالضد من إنتشار شريعة ال على يد‬
‫النبي الكريم محمد )ص( ‪ ،‬ومعاملة المجاهدين المسلمين مع الطرف الخرمن المقاتلين لم تكن مجردة‬
‫من كل قيد ‪ ،‬كون السلم لم يكن دينًا فقط‪ ،‬بل شريعة ‪ ،‬وقانونًا ‪ ،‬وأخلقًا نظم علقة النسان بالنسان‬
‫أيضًا في معاملته المختلفة حتى في الحرب ‪ ،‬وساحات القتال ‪ .‬لذلك جاء القرآن الكريم ‪ ،‬والسنة النبوية‬
‫الشريفة ‪ ،‬ووصاياالخلفاء ‪ ،‬والقادة للجنود بالكثيرمن القواعد الشرعية التي تعتبرمراعاتها ‪ ،‬والتقيد‬
‫بهاواجبًا ‪ ،‬وليس فقط مبادئ أخلقية يجوزالتيان بها ‪ ،‬أو الكف عنها ‪ ،‬ومن هذه القواعد الشرعية ‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم جواز القتل إلبسب شرعي كما في نص الية الكريمة‪:‬‬
‫ن ِإْمل ٍ‬
‫ق‬ ‫ساًنا َول َتْقُتُلوا َأْولَدُكْم ِم ْ‬
‫حَ‬ ‫ن ِإ ْ‬
‫شْيًئا َوِباْلَواِلَدْي ِ‬
‫شِرُكوا ِبِه َ‬
‫ل ُت ْ‬
‫عَلْيُكْم َأ ّ‬
‫حّرَم َرّبُكْم َ‬ ‫ل َما َ‬ ‫ل َتَعاَلْوا َأْت ُ‬
‫ُق ْ‬
‫ل ِإ ّ‬
‫ل‬ ‫حّرَم ا ُّ‬
‫س اّلِتي َ‬ ‫ن َول َتْقُتُلوا الّنْف َ‬ ‫ظَهَر ِمْنَها َوَما َبطَ َ‬ ‫ش َما َ‬ ‫ح َ‬‫ن َنْرُزُقُكْم َوِإّياُهْم َول َتْقَرُبوا اْلَفَوا ِ‬ ‫حُ‬ ‫َن ْ‬
‫)‪. (9‬‬ ‫صاُكْم ِبِه َلَعّلُكْم َتْعِقُلو َ‬
‫ن‬ ‫ق َذِلُكْم َو ّ‬ ‫حّ‬‫ِباْل َ‬

‫وقد حرم التمثيل بالجثت لقدسية الميت‪،‬وإنسانيتة‪ .‬حيث يروى عن الرسول )ص(‪" :‬إياكم والمثلة ولوب‬
‫القلب العقور" ‪.‬‬

‫‪ -2‬قصرالسلم القتال على رجال العدوالمحاربين فقط‪.‬حيث أوصى الرسول )ص( زيدًا بن حارثة لما‬
‫ل بصومعة")‪. (10‬‬ ‫أنفذه الى مؤتة‪" :‬لتقتلوا‪ ،‬وليداً‪،‬ولامرأة‪ ،‬ول كبيرًا ول فانياً‪،‬ولمنعز ً‬
‫ح ّ‬
‫ب‬ ‫ل ل ُي ِ‬
‫ن ا َّ‬‫سَواٍء ِإ ّ‬ ‫عَلى َ‬ ‫خَياَنًة َفاْنِبْذ ِإَلْيِهْم َ‬
‫ن َقْوٍم ِ‬
‫ن ِم ْ‬‫خاَف ّ‬
‫وفي الخيانة جاء في القرآن الكريم َوِإّما َت َ‬
‫)‪. (11‬‬ ‫خاِئِني َ‬
‫ن‬ ‫اْل َ‬
‫وفي المان لمن يطلبه من مقاتلي العدو نصت الية الكريمة‪:‬‬
‫ك ِبَأّنُهْم َقوٌْم ل َيْعَلُمو َ‬
‫ن‬ ‫ل ُثّم َأْبِلْغُه َمْأَمَنُه َذِل َ‬
‫سَمَع َكلَم ا ِّ‬‫حّتى َي ْ‬ ‫جْرُه َ‬ ‫ك َفَأ ِ‬
‫جاَر َ‬
‫سَت َ‬
‫ناْ‬
‫شِرِكي َ‬
‫ن اْلُم ْ‬
‫حٌد ِم ْ‬
‫ن َأ َ‬‫َوِإ ْ‬
‫)‪. (12‬‬
‫وهكذا يتبين من اليات الكريمة ‪ ،‬والسنة النبوية الشريفة ‪ ،‬ووصايا الخلفاء ‪ ،‬والقادة المسلمين شروطًا ‪،‬‬
‫وأحكامًا واجبة على المقاتلين التقيد بها ‪.‬‬
‫‪-25-‬‬

‫المبحث الثاني ـ مصادر القانون الدولي النساني ‪:‬‬


‫كانت مصادرالقانون الدولي النساني حتى منتصف القرن التاسع عشر تعتمد على العرف الدولي ‪،‬‬
‫لكنها بدأت تتقنن من خلل المعاهدات ‪ ،‬والتفاقات الدولية‪ .‬كمابدأت القواعد العرفية تدخل الى تلك‬
‫المعاهدات شيئًا فشيئاً‪ ،‬وقد شهد القرن التاسع عشر وما بعده مجموعة من التفاقيات التي تعتبرأهم‬
‫مصادرالقانون الدولي النساني وهي ‪:‬‬

‫‪ -1‬إتفاقية باريس لعام ‪ 1856‬كأول معاهدة جماعية تتضمن تنظيمًا دوليًا بشأن سلوك المحاربين ‪ ،‬حيث‬
‫الغيت بموجبها القرصنة ‪ ،‬ومهاجمة الفراد لسفن العدو والستيلء عليها بتفويض من الحكومة ‪.‬‬
‫‪ -2‬وتلتها إتفاقية جنيف ‪ 1864‬المعدلة في سنة ‪ 1906‬الخاصة بالمعاملة التي يتعين أن يلقاها الجرحى‬
‫العسكريون في ميدان القتال من الجهزة الصحية ووسائل النقل الصحي ‪ ،‬والخدمات الصحية ‪،‬‬
‫واحترام المتطوعين بذلك الشأن ‪.‬‬
‫‪ -3‬مؤتمر باريس للصليب الحمرعام ‪ 1867‬ليشمل الجرحى في الحرب البحرية بعد أن كانت إتفاقية‬
‫جنيف لعام ‪ 1864‬مقتصرة علىجرحى الحرب البرية ‪.‬‬
‫‪ -4‬مؤتمرلهاي للسلم لعام ‪ ،1899‬وعام ‪ 1907‬انبثق عنه إتفاقية لملئمة الحرب البحرية لمبادئ‬
‫إتفاقية جنيف ‪.‬‬
‫‪ -5‬إتفاقية جنيف ‪ 1906‬والتي جاءت متممة ومطورة لتفاقية جنيف الولى لعام ‪. 1864‬‬
‫‪ -6‬إتفاقية جنيف لسنة ‪1929‬جاءت تطويرًالتفاقية ‪1906‬وكانت مبادرة اللجنة الدولية للصليب‬
‫الحمرمنذ نهاية الحرب العالمية الولى مسعًا لتحقيق المزيد من التقدم في الحقل القانوني النساني ‪ ،‬فتم‬
‫إنعقاد مؤتمر جنيف الدبلوماسي بدعوة من الحكومة السويسرية عام ‪1929‬وتم إبرام إتفاقيتين ‪:‬‬

‫ا‪ -‬الولى هي ‪ :‬إتفاقية جنيف المتعلقة بتحسين حال الجرحى ‪ ،‬والمرضى العسكريين في الميدان‬
‫والمؤرخة في ‪. 27/7/1929‬‬

‫ب‪ -‬الثانية‪ :‬إتفاقية جنيف المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب المؤرخة في ‪. 27/7/1929‬‬

‫‪ -7‬إتفاقيات جنيف الربعة المؤرخة في عام ‪12/8/1949‬والتي عقدت بعد دعوة الحكومة السويسرية‬
‫لتلفي المخاطرالناجمة عن الحرب العالمية الثانية فتم إبرام أربعةإتفاقيات هي المطبقة حاليًا في‬
‫النزاعات المسلحة ‪.‬‬

‫‪ -8‬البروتوكولن الضافيان لتفاقيات جنيف لعام ‪ 1977‬كما سابقتها بدعوة من الحكومة السويسرية‬
‫بعد أن تبين أوجه النقص والقصور في إتفاقيات جنيف الربعة ‪ ،‬والتي لم تعد تتناسب مع‬
‫الخطارالناجمة عن إستخدام السلحة المتطورة ‪ ،‬وقد جاء هذان البروتوكولن مكسبًا للثوار‪،‬‬
‫ولحركات التحررالوطني في بلدان العالم الثالث من أجل الستقلل الوطني ‪ ،‬وضد النظمة‬
‫العنصرية ‪ ،‬وذلك لممارسة حق الشعوب في تقريرمصيرها‪.‬‬
‫‪- 26 -‬‬
‫المبحث الثالث _ تعريف القانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫لقد ورد مجموعة من التعاريف في منشورات اللجنة الدولية للصليب الحمر منها ‪:‬‬
‫القانو‬ ‫‪-1‬‬
‫ن الدولي النساني المطبق في المنازعات المسلحةهو ‪ ":‬مجموعة القواعد الدولية الموضوعة‬
‫بمقتضى معاهدات ‪ ،‬أوأعراف ‪ ،‬والمخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة النسانية‬
‫الناجمة مباشرة عن المنازعات المسلحة الدولية ‪ ،‬أو غير الدولية ‪ ،‬والتي تحد لعتبارات‬
‫إنسانية من حق أطراف النزاع في اللجوء الى ما يختارونه من أساليب ‪ ،‬أووسائل للقتال ‪،‬‬
‫وتحمي الشخاص والممتلكات التي تصاب بسسب النزاع")‪. (13‬‬
‫‪ -2‬هو مجموعة القواعد التي تسعى لسباب إنسانية للحد من تأثيرات النزاع المسلح ‪ ،‬ويحمي‬
‫الشخاص غيرالمشاركين ‪ ،‬أوالمتوقفين عن المشاركة في العمال العدائية ‪ ،‬ويقيد وسائل وأساليب‬
‫الحرب ويعرف القانون الدولي النساني كذلك باسم قانون النزاع المسلح )‪. (14‬‬
‫‪ -3‬ويعرف جان بيكتيه نائب رئيس اللجنة الدولية للصليب الحمر سابقًا والستاذ المحاضربجامعة‬
‫جنيف بأن القانون الدولي النساني يتكون بمعناه الواسع من كافة الحكام القانونية الدولية سواء في‬
‫التشريعات‪،‬أوالقوانين العامة والتي تكفل احترام الفرد ‪ ،‬وتعزيزإزدهاره ‪.‬‬
‫ويتكون القانون الدولي النساني الن عند بيكتيه من فرعين ‪:‬‬
‫ا‪ -‬قانون الحرب‪ .‬ب‪ -‬حقوق النسان ‪.‬‬
‫وقانون الحرب بالمفهوم العريض حسبما يراه بيكتيه ‪ ،‬هو قانون النزاعات المسلحة ‪ ،‬يهدف إلى وضع‬
‫قواعد منظمة للعمليات الحربية ‪ ،‬وتخفيض الضرار الناجمة عنها الى أقصى حد نتيجة الضرورة‬
‫العسكرية‪.‬‬
‫وهو ينقسم إلى فرعين‪:‬‬
‫ا‪ -‬قانون لهاي أو قانون الحرب ‪ :‬حيث يحدد حقوق المتحاربين ‪ ،‬وواجباتهم في إدارة العمليات ‪ ،‬ويقيد‬
‫اختياروسائل اليذاء‪.‬‬
‫ب‪ -‬قانون جنيف أو القانون النساني ‪ :‬يستهدف على وجه التحديد حماية العسكريين العاجزين عن‬
‫القتال ‪ ،‬والشخاص الذين ل يشتركون في العمليات الحربية )‪. (15‬‬
‫‪ -4‬القانون الدولي النساني هو مجموعة من القواعد التي تعاهدت عليها الدول ‪ ،‬أو العرفية التي ترمي‬
‫إلى حل المشكلت الناشئة مباشرة عن النزاعات المسلحة الدولية ‪ ،‬وغير الدولية‪ .‬والهدف من تلك‬
‫القواعد هي حماية الشخاص ‪ ،‬والممتلكات التي تتأثرأوقد تتأثر بالنزاع المسلح ‪ .‬كما يقيد حقوق‬
‫الطراف المتنازعة في اختيار أساليب ووسائل قتالية معنية )‪. (16‬‬

‫المبحث الرابع ‪ -‬نطاق تطبيق القانون الدولي النساني‪:‬‬


‫من خلل مراجعة نصوص المعاهدات‪،‬والتفاقيات الدولية يلحظ بأن هناك‪:‬‬
‫ا‪ -‬حالت يشملها القانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫ب‪ -‬فئات يشملها القانون الدولي النساني ‪.‬‬

‫أوًل_الحالت التي يشملها القانون الدولي النساني‪:‬‬


‫ا‪ -‬تنص المادة الثانية من إتفاقية لهاي لعام ‪ 1899‬بأن أحكامها تطبق في حالة الحرب‪.‬‬
‫ب‪ -‬إتفاقيات جنيف لعام ‪ 1949‬تنص في مادتها الثانية المشتركة على أنها‪:‬‬
‫"تطبق في حالة الحرب المعلنة ‪ ،‬أوأي نزاع مسلح آخر ينشب بين طرفين‪ ،‬أوأكثر من الطراف‬
‫السامية المتعاهدة حتى وإن لم يعترف بحالة الحرب"‪.‬‬
‫وتطبق أيضًا في "جميع حالت الحتلل الجزئي ‪ ،‬أوالكلي لقليم أحد الطراف وإن لم يلق مقاومة‬
‫مسلحة"‪.‬‬
‫ج‪ -‬البروتوكول الضافي الول العام ‪ 1977‬ينص في ‪:‬‬
‫م ‪ 1‬ـ ف ‪3‬ـ ينطبق هذا الملحق ـ البروتوكول ـ الذي يكمل إتفاقيات جنيف لحماية ضحايا الحرب‬
‫الموقعة بتاريخ ‪12‬آب ‪1949‬على الوضاع التي نصت عليها المادة الثانية المشتركة فيما بين هذه‬
‫التفاقيات ‪:‬‬
‫ف ‪ 4‬ـ تتضمن الوضاع المشارإليها في الفقرة السابقة ‪،‬المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب‬
‫‪- 27 -‬‬
‫ضد التسلط الستعماري ‪ ،‬والحتلل الجنبي ‪ ،‬وضد النظمة العنصرية ‪ ،‬وذلك في ممارساتها لحق‬
‫الشعوب في تقريرالمصير‪ ،‬كما كرسه ميثاق المم المتحدة والعلن المتعلق بمبادئ القانون الدولي‬
‫الخاصة بالعلقات الودية ‪ ،‬والتعاون بين الدول طبقًا لميثاق المم المتحدة ‪.‬‬
‫هذا بالنسبة لحالت النزاع المسلح الدولي ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للنزاعات المسلحة غيرذات الطابع الدولي ‪:‬‬
‫أوًل ـ تنص المادة الثالثة من إتفاقيات جنيف المشتركة لعام ‪ 1949‬على أنه ‪:‬‬
‫المــادة )‪(3‬‬
‫في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الطراف السامية المتعاقدة يلتزم كل‬
‫طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الحكام التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬الشخاص الذين ل يشتركون مباشرة في العمال العدائية‬


‫بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقواعنهم أسلحتهم ‪،‬‬
‫والشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض‪،‬أوالجرح‬
‫‪،‬أوالحتجاز‪،‬أولي سبب آخر‪ ،‬يعاملون في جميع الحوال معاملة‬
‫إنسانية ‪ ،‬دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر‪ ،‬أو اللون ‪ ،‬أو‬
‫الدين ‪ ،‬أوالمعتقد ‪ ،‬أوالجنس ‪ ،‬أوالمولد ‪ ،‬أوالثروة ‪ ،‬أوأي‬
‫معيارمماثل آخر‪.‬‬
‫ولهذا الغرض ‪ ،‬تحظر الفعال التالية فيما يتعلق بالشخاص المذكورين أعله ‪ ،‬وتبقى محظورة في‬
‫جميع الوقات والماكن ‪:‬‬
‫) أ( العتداء على الحياة ‪ ،‬والسلمة البدنية ‪ ،‬وبخاصة القتل بجميع أشكاله ‪ ،‬والتشويه ‪ ،‬والمعاملة‬
‫القاسية ‪ ،‬والتعذيب‪.‬‬
‫)ب( أخذ الرهائن‪،‬‬
‫) ج( العتداء على الكرامة الشخصية ‪ ،‬وعلى الخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة‪،‬‬
‫ل قانونيًا‪،‬‬
‫) د( إصدار الحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكي ً‬
‫وتتكفل جميع الضمانات القضائية اللزمة في نظر الشعوب المتمدنة‪.‬‬
‫‪ (2‬يجمع الجرحى ‪ ،‬والمرضى ‪ ،‬ويعتني بهم‪.‬‬
‫ويجوز لهيئة إنسانية غير متحيزة كاللجنة الدولية للصليب الحمرأن تعرض خدماتها على أطراف‬
‫النزاع‪.‬‬
‫وعلى أطراف النزاع أن تعمل فوق ذلك عن طريق إتفاقات خاصة على تنفيذ كل الحكام الخرى من‬
‫هذه التفاقية ‪ ،‬أوبعضها‪.‬‬
‫وليس في تطبيق الحكام المتقدمة ما يؤثر على الوضع القانوني لطراف النزاع‪.‬‬

‫ثانيًا ‪:‬المادة الولى من البروتوكول الثاني لعام ‪،1977‬تنص على ‪:‬‬

‫المــادة الولى ‪ :‬المجال المادي للتطبيق‪:‬‬


‫‪ -1‬يسري هذا الملحق "البروتوكول" الذي يطور ويكمل المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف‬
‫المبرمة في ‪ 12‬آب ‪ /‬أغسطس ‪ 1949‬دون أن يعدل من الشروط الراهنة لتطبيقها على جميع‬
‫المنازعات المسلحة التي ل تشملها المادة الولى من الملحق "البروتوكول" الضافي إلى إتفاقيات‬
‫جنيف المعقودة في ‪ 12‬آب ‪ /‬أغسطس ‪،1949‬المتعلقة بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة‬
‫الملحق "البروتوكول" الول والتي تدورعلى إقليم أحد الطراف السامية المتعاقدة بين قواته المسلحة ‪،‬‬
‫وقوات مسلحة منشقة ‪ ،‬أوجماعات نظامية مسلحة أخرى ‪ ،‬وتمارس تحت قيادة مسؤولة على جزء من‬
‫إقليمه من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة ‪ ،‬وتستطيع تنفيذ هذا‬
‫الملحق "البروتوكول"‪.‬‬
‫‪ -2‬ل يسري هذا الملحق "البروتوكول" على حالت الضطرابات ‪ ،‬والتوتر الداخلية مثل الشغب ‪،‬‬
‫وأعمال العنف العرضية الندرى ‪ ،‬وغيرها من العمال ذات الطبيعة المماثلة التي ل تعد منازعات‬
‫مسلحة‪.‬‬
‫‪- 28 -‬‬
‫وهكذا حددت إتفاقية لهاي لعام ‪ 1899‬واتفاقيات جنيف لعام ‪ 1949‬والبروتوكول الضافي‬
‫الول‪،‬والثاني لعام ‪ 1977‬الحالت المشمولة بتطبيق قانون النزاعات المسلحة هي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ حالة الحرب ‪ ،‬أوأي نزاع مسلح آخر بين الطراف المتعاقدة ‪.‬‬
‫‪2‬ـ جميع حالت الحتلل الجزئي ‪ ،‬أوالكلي لقليم أحد الطراف ‪.‬‬
‫‪3‬ـ النزاعات المسلحة التي تقوم بها الشعوب ضد الستعمار‪ ،‬والحتلل والنظمة العنصرية ‪.‬‬
‫اما الحالت التي ل يشملها فهي ‪:‬‬
‫حالت الضطرابات ‪ ،‬والتوترات الداخلية مثل الشغب ‪ ،‬وأعمال العنف العرضية وغيرها من‬
‫العمال ذات الطبيعة المماثلة التي ل تعد منازعات مسلحة ‪.‬‬

‫ثانياًـ الفئات التي يشملها القانون الدولي النساني ‪:‬‬


‫نصت مواد إتفاقيات جنيف على الشخاص المشمولين بالحماية ‪ ،‬وحددتهم بالجرحى ‪ ،‬والمرضى ‪،‬‬
‫والغرقى من أفراد القوات المسلحة ‪ ،‬وكذلك المدنيين وقت الحرب ‪ .‬وقد جاء في الملحق الضافي ـ‬
‫لعام ‪ 1977‬ـ لتفاقيات جنيف لعام ‪ 1949‬وأعطت بعض التعاريف منها ‪:‬‬
‫‪ _1‬الجرحى والمرضى ‪ :‬بأنهم الشخاص العسكريون ‪ ،‬أوالمدنيون‪،‬الذين يحتاجون إلى مساعدة ‪،‬‬
‫أورعاية طبية بسبب الصدمة ‪ ،‬أوالمرض ‪ ،‬أوأي إخلل ‪ ،‬أوعجزبدنياًكان ‪ ،‬أم عقليًا الذين يحجمون‬
‫عن أي عمل عدائي ‪ ،‬ويشمل هذان التعبيران أيضًا حالت الوضع ‪ ،‬والطفال حديثي الولدة ‪،‬‬
‫والشخاص الخرين الذين قد يحتاجون إلى مساعدة ‪ ،‬أورعاية طبية عاجلة ‪ ،‬مثل ذوي العاهات ‪،‬‬
‫وأولت الحمال الذين يحجمون عن أي عمل عدائي ‪.‬‬
‫‪ _2‬المنكوبون في البحار‪ :‬هم الشخاص العسكريون ‪ ،‬أوالمدنيون الذين يتعرضون للخطر في‬
‫البحار‪،‬أوأية مياه أخرى نتيجة لما يصيبهم ‪ ،‬أويصيب السفينة ‪ ،‬أوالطائرة التي تقلهم من نكبات ‪،‬‬
‫والذين يحجمون عن أي عمل عدائي ‪ ،‬ويستمرإعتبارهؤلء الشخاص منكوبين في البحارأثناء إنقاذهم‬
‫‪ ،‬إلى أن يحصلواعلى وضع آخربمقتضى التفاقيات ‪ ،‬أوهذاالملحق ـ البروتوكول ـ وذلك بشرط أن‬
‫يستمروا في الحجام عن أي عمل عدائي ‪.‬‬
‫‪-29 -‬‬
‫خلصة الفصل الول ‪:‬‬
‫لوحظ من خلل الفصل الول ‪:‬‬
‫‪ -1‬ان القانون الدولي النساني وجد أساسه في الشرائع السماوية وخاصة الشريعة السلمية بما حملته من مبادئ انسانية‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬ان المعاناة التي لزمت وجود النسان في حياته أثناء الحروب و قساوتها رغم المبادئ النسانية التي أتت بها الديان‬
‫ل ولم يكن بمقدور القانون الدولي العام حماية النسانية في ظل تلك الحروب ‪ ،‬الى أن لحقه‬ ‫‪ ،‬إل انها امتدت زمنًا طوي ً‬
‫التطور في ابراز جانبه النساني والهتمام بالنسان والتميز بين المقاتليين وغيرهم وكذلك بين البنية المستخدمة في‬
‫الشؤون العسكرية وغيرها في فترات القتال ‪ ،‬فكان نشوء القانون الدولي النساني وظهوره كقانون يسعى لنقاذ البشرية‬
‫وحمايتها من تأثير النزاعات المسلحة ‪ ،‬وحماية الغير مشاركين أو المتوقفين عن المشاركة في العمال القتالية وكذلك‬
‫تحريم بعض وسائل القتال الفتاكة ‪.‬‬
‫‪ -3‬لم يقتصر القانون الدولي النساني على حماية الفرد الغير مقاتل أثناء النزاعات المسلحة ‪ ،‬بل كان نطاق الحماية في‬
‫الساس هو حقوق المقاتلين من الجرحى والمرضى والغرقى من القوات المسلحة وكذلك السرى في الحفاظ على حياتهم‬
‫ومداواة المرضى منهم ‪،‬وعدم قتل السرى أو تعذيبهم ‪،‬وعدم التمثيل بالقتلى إكرامًا لدميتهم‪.‬‬
‫‪ -4‬انتقال القانون الدولي النساني من العرف الدولي الى التقنين في المعاهدات والتفاقات الدولية ‪.‬‬
‫‪ -5‬الدور المتميز للمنظمات النسانية الدولية في تطوير وتطبيق قواعد القانون الدولي النساني وخاصةً اللجنة الدولية‬
‫للصليب الحمر الدولي ودورها المتميز في إضفاء الطابع النساني على النزاعات المسلحة ‪.‬‬
‫‪- 30 -‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫عدم جواز التدخل في شؤون الدول ‪.‬‬

‫ان مبدأ عدم التدخل ‪ ،‬في المواثيق الوطنية والدولية حديث العهد‪ .‬وقد بدأ بالنتشار منذ الثورة الفرنسية‬
‫وأخذت به الدول كافة من خلل العهود والمواثيق الدولية والقليمية ‪ ،‬وقد أصبح التدخل في شؤون‬
‫الدول محرمًا دوليًا بكافة أشكاله باستثناء بعض حالت المشروعية‪.‬‬
‫لذلك تقتضى دراسة مبدأ عدم جوازالتدخل في شؤون الدول الى تقسيمه الى مبحثين رئيسيين كالتالي ‪:‬‬

‫المبحث الول‪ :‬مبدأعدم جواز التدخل في شؤون الدول ‪.‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬مشروعية التدخل الدولي ‪.‬‬
‫‪- 31 -‬‬
‫المبحث الول‬
‫مبدأ عدم جواز التدخل في شؤون الدول ‪.‬‬
‫سأتناول في هذا المبحث ‪ ،‬مبدأ عدم جواز التدخل من خلل ظهوره تاريخيًا ومن ثم اقراره في المواثيق‬
‫الدولية ‪ ،‬وكذلك ماهيته وأشكاله ومدى مشروعيته ‪ ،‬وذلك حسب التقسيم التالي ‪:‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬ظهور مبدأ عدم جواز التدخل ‪.‬‬


‫المطلب الثاني ‪ :‬مبدأ عدم جواز التدخل في المواثيق الدولية ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬مفهوم التدخل وصوره ومدى مشروعيته ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪:‬ظهور مبدأ عدم جواز التدخل ‪.‬‬

‫إن أغلب النظم السياسية التي كانت سائدة في أوربا ‪ ،‬حتى منتصف القرن السادس عشر‪ ،‬كانت نظماً‬
‫ملكية ‪ ،‬لكن نجاح الثورة الفرنسية عام ‪ 1789‬وإتيانها بنظام سياسي جديد إلى أوربا ‪ ،‬أدى إلى إنتشار‬
‫الخوف من اهتزاز عروش الملوك ‪ ،‬مما أدى إلى تهديدات بالتدخل في الشؤون الفرنسية الداخلية‬
‫والخارجية من طرف الدول الوربية )‪ ، (1‬ردًا على إعلن الثورة في استعدادها لتلبية نداء الشعوب في‬
‫الطاحة بنظمها الملكية ‪ .‬وقد نص الدستور الفرنسي لعام ‪ ، 1793‬على أنه يمتنع الشعب الفرنسي عن‬
‫التدخل في شؤون حكومة دولة أخرى ‪ ،‬ول يقبل أن تتدخل الحكومات الخرى في شؤونها الداخلية ‪.‬‬
‫وهكذا كان مبدأ عدم التدخل في ـ أصله ـ يرجع إلى الثورة الفرنسية‪ .‬وقد أخذت أمريكا بمبدأ عدم‬
‫التدخل بدءًا من رسالة الوداع التي وجهها رئيس جمهورية الوليات المتحدة المريكية جورج واشنطن‬
‫إلى شعوب أمريكا ‪ ،‬بمناسبة إنتهاء رئاسته ‪ ،‬والتي جاء فيها ‪:‬‬
‫"لتتدخلوا في الشؤون الوربية ‪ ،‬وحاذروا من أن تنساقوا إلى الشتراك في المنازعات بين دول أوربا‪.‬‬
‫إبقوا بعيدين ‪ ،‬ول يكن لكم مع دول أوربا غير علئق تجارية دون إرتباطات سياسية‪ .‬وإذا اشتبكت هذه‬
‫الدول في حرب بينها فأتركوها وشأنها ‪ ،‬وحاولوا الستفادة من حرب الغير‪ ،‬لتوسعوا نطاق تجارتكم ")‬
‫‪. (2‬‬
‫لكن الحداث المتسارعة في أمريكا الجنوبية التي كانت خاضعة للستعمار السباني ‪ ،‬جعلت من‬
‫الرئيس المريكي حينذاك جيمس مونرو‪ ،‬أن يقف بحزم في وجه التدخل الوربي ‪ ،‬في شؤون القارة‬
‫المريكية ‪ ،‬وقد حاولت الدول الوربية ـ التي كانت منظمة في الحلف المقدس ـ لسترداد المستعمرات‬
‫______________________‬
‫يقول الدكتورعلي صادق أبوهيف في مرجعه السابق ص ‪: 48‬‬

‫"إن التحالف المقدس تم باجتماع قيصرروسيا‪ ،‬وملك النمسا‪ ،‬وملك بروسيا بموافقة انكلترا في سبتمبر عام ‪ ،1815‬وعقدوا فيما بينهم ما يسمى‬
‫بالتحالف المقدس ‪ ،‬غرضه الظاهر تطبيق مبادئ الخلق المسيحية في إدارة شؤون الدول الداخلية‪ ،‬والخارجية ‪ ،‬وغرضه الحقيقي ضمان بقاء‬
‫الحالة التي أقرها مؤتمر فيينا‪ ،‬والعمل على قمع الثورات التي تهدد عروش البيوت المالكة" ‪.‬‬
‫‪-32-‬‬
‫السبانية إلى اسبانيا ‪ ،‬بعد أن قامت الثورات في تلك المستعمرات ابتداًء من عام ‪ ،1823‬وأعلنت‬
‫استقللها من اسبانيا ‪ ،‬فوجه جيمس مونرو رسالته الشهيرة إلى الكونغرس المريكي في واشنطن في ‪2‬‬
‫ديسمبر سنة ‪ 1823‬ملخصًا فيها السياسة المريكية تجاه الدول الوربية جاء فيها ‪ " :‬إن القارة‬
‫المريكية قد وصلت إلى درجة من الحرية والستقلل ‪ ،‬ل يصح معها إحتلل أي جرء من أراضيها‪،‬‬
‫من قبل إحدى الدول الوربية" )‪. (3‬‬
‫وعلى الرغم من الترحيب الذي لقاه تصريح مونرو في البداية ‪ ،‬من دول القارة المريكية ‪ ،‬أبدى‬
‫الكثير من تلك الدول مخاوفها نتيجة التدخل المريكي في شؤونها ‪ ،‬رغم إقرارها لمبدأ عدم التدخل ‪،‬‬
‫وقد طلبت الرجنتين ‪ ،‬في مؤتمرهافانا عام ‪ 1928‬صراحة ‪ ،‬عن وقف التدخل المريكي في شؤون‬
‫دول القارة )‪. (4‬‬
‫وقد تضمن تصريح مونرو‪:‬‬
‫آـ مبدأ عدم شرعية الستعمار‪.‬‬
‫ب ـ ومبدأ عدم التدخل‪.‬‬
‫ج ـ ومبدأ النعزال ‪.‬‬
‫وقد تباينت مواقف الدول المختلفة إزاء المبادئ التي جاءت في تصريح مونرو‪ ،‬فقد أعلنت بعض الدول‬
‫من القارة المريكية ‪ ،‬إعتراضها كالرجنتين ‪ .‬لكن بعض الدول الوربية ‪ ،‬لم تبدي تعارضها لعدم‬
‫إعتبارها تصريح مونرو ‪ ،‬قاعدة جديدة من قواعد القانون الدولي ‪ ،‬فقد سبق أن نادت به فرنسا بعد‬
‫ثورتها ‪.‬‬
‫أما الدول المعارضة من القارة الوربية ‪ ،‬فكانت كل من روسيا وبروسيا وإسبانيا والنمسا‪ ،‬كونهم‬
‫يعتمدون سياسة التوسع من ناحية ‪ ،‬ومواجهة الفكار الليبرالية من ناحية ثانية )‪ ، (5‬لكن أمريكا نفسها‬
‫لم تستطع مواجهة التدخلت بالقوة ‪ ،‬عندما قامت بريطانيا بالستيلء على جزر فوكلند ‪ ،‬وصراع‬
‫فرنسا مع الرجنتين ‪ ،‬حول منطقة لبلتا ‪ ،‬وقيام فرنسا بحملة على المكسيك من عام ‪،1867-1861‬‬
‫وقد ميزت أمريكا بين التدخلت المشروعة نتيجة إنتهاك المبادئ العامة للقانون الدولي ‪ ،‬والتدخلت‬
‫غير المشروعة )‪ . (6‬لذلك اعتبرت أمريكا إن التدخل في المكسيك عام ‪ 1860‬بسبب رفضها تقديم‬
‫تعويضات لفرنسا ‪ ،‬وبريطانيا ‪ ،‬وإسبانيا ‪ ،‬وفي هاييتي عام ‪ 1872‬من أجل إجبارها على إصلح‬
‫الضرارالتي لحقت بألمانيا ‪ ،‬و بفنزويل عام ‪ 1902‬بسبب رفضها تعويض الجانب المقيمين فيهاعن‬
‫الضرارالتي لحقت بهم خلل الثورة الداخلية في فنزويل ‪ ،‬في نهاية القرن التاسع عشرأمرًا مشروعًا )‬
‫‪. (7‬‬
‫وقد نزلت أمريكاعند رغبة كل من بريطانيا ‪ ،‬وفرنسا خلل الحرب العالمية الولى ‪ ،‬عند شكواهما‬
‫على كل من كولومبيا والكوادور بسبب خروجهما على قواعد الحياد ‪ ،‬والسماح للمانيا بإقامة منشآت‬
‫عسكرية على أراضيهما ‪ ،‬فكان رد أمريكا على الشكوى هو ‪ ":‬إنها ل ترى مانعًا من أن تقوم الدول‬
‫الشاكية بإنزال بعض قواتهما على أرض الدولتين المشكو منهما ‪ ،‬لتلف منشآت العدو بشرط أن ل‬
‫يؤدي هذا إلى إحتلل دائم" )‪ . (8‬ويعد هذا الموقف ترجمة للسياسة المريكية التي أعلن عنها رئيسها‬
‫روزفلت ‪ ،‬في خطابه في ‪ 3‬ديسمبر ‪ 1901‬الذي جاء فيه ‪" :‬لنضمن حماية أية دولة ‪ ،‬إذا تصرفت‬
‫بسوء ‪ ،‬ولكن ل يجب أن يأخذ العقاب شكل إحتلل للقليم من طرف قوة غيرأمريكية في أمريكا" )‪. (9‬‬
‫أما بالنسبة للتدخلت التي تعتبرها أمريكا غير شرعية فهي التدخلت التي تحدث لتغييرالنظمة‬
‫السياسية ‪ ،‬كما حدث في المكسيك ‪ ،‬عندما دخلتها الجيوش الفرنسية لسقاط النظام الجمهوري المؤسس‬
‫من قبل الشعب )‪. (10‬‬
‫‪-33-‬‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬مبدأ عدم جواز التدخل في المواثيق الدولية‪.‬‬
‫أوًل‪ :‬ميثاق المم المتحدة‪:‬‬
‫لقد نصت المادة ‪/‬م ‪ 2‬ف ‪ /7‬من ميثاق المم المتحدة ‪":‬ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للمم المتحدة أن‬
‫تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما‪ ،‬وليس فيه ما يقتضى العضاءأن‬
‫يعرضوا مثل هذه المسائل‪،‬لن تحل بحكم هذا الميثاق‪ ،‬على أن هذا المبدأ ل يخل بتطبيق تدابير القمع‬
‫الواردة في الفصل السابع" ‪.‬‬

‫ويعتبر مبدأ عدم التدخل ‪ ،‬من المبادئ الساسية التي تعمل الهيئة وفقها‪ ،‬وتلك المبادئ كما جاءت في‬
‫نص المادة الثانية هي ‪:‬‬
‫ا‪ -‬المساواة في السيادة بين جميع أعضائها‪.‬‬
‫ب‪ -‬إلتزام الدول بالوفاء بالتزاماتها الدولية وفق مقتضيات حسن النية‪.‬‬
‫ج‪ -‬إلتزام الدول بتسوية منازعاتها بالطرق السلمية‪.‬‬
‫ء‪ -‬إمتناع الدول العضاء في علقاتهم الدولية ‪،‬عن التهديد بإستعمال القوة ‪ ،‬وإستخدامها ضد سلمة‬
‫الراضي ‪،‬أوالستقلل السيادي ‪ ،‬أوعلى أي وجه ليتفق ومقاصد المم المتحدة ‪.‬‬
‫ه‪ -‬تقديم الدول العضاء العون للمم المتحدة في أعمالها المتخذة وفق هذا الميثاق ‪.‬‬
‫و‪ -‬عدم التدخل في شؤون الدول بما ليخل بتطبيق تدابيرالقمع الواردة في الفصل السابع ‪.‬‬

‫وعدم التدخل الذي ورد ذكره هنا ‪ ،‬ل يكون على إطلقه ‪ ،‬حيث استثنى من ذلك ‪ ،‬بموجب الفصل‬
‫ل من أعمال العدوان )‪، (11‬‬ ‫السابع‪ ،‬ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم ‪ ،‬أو إخلل به ‪ ،‬أوماكان قد وقع ‪،‬عم ً‬
‫أن يدعو المتنازعين للخذ بما يراه ضروريًا ‪ ،‬أو مستحسنًا من تدابير مؤقتة )‪. (12‬‬
‫أما إذا رأى مجلس المن إن التدابيرالمؤقتة ‪ ،‬والمنصوص عليها في المادة ‪ /14/‬لتفي بالغرض‪،‬أو‬
‫ثبت إنها لم تف به ‪ ،‬جازله بطريق القوات الجوية ‪ ،‬والبحرية من العمال ‪ ،‬ما يلزم لحفظ السلم ‪،‬‬
‫والمن الدولي ‪،‬أولعادته إلى نصابه )‪. (13‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة م ‪ 2/‬ف ‪ / 7‬يرى بأنها لم تحدد الشؤون التي تكون من صميم السلطان‬
‫الداخلي‪ ،‬كما لم يشرميثاق المم المتحدة كله إلى ذلك التحديد ‪ .‬وربما كان القصد من عدم التحديدهو‬
‫تركه للتطورات التي تحدث في مجال العلقات الدولية وغيرها‪ .‬لكن عدم التحديد نفسه من شأنه أن‬
‫يضع مجلس المن ‪ ،‬بل المنظمة الدولية في وضع حرج ‪ ،‬في تغيير دائم يتوقف على درجة تطور‬
‫المجتمع الدولي ‪.‬‬

‫ملحظات وتوضيح بشأن المادة‪ 2/‬ف ‪ / 7‬من الميثاق ‪.‬‬


‫لم تقصد المادة المذكورة الدول في عدم التدخل ‪ ،‬بل قصدت عدم تدخل المنظمة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫استثنت المادة المذكورة تدابير القمع الواردة ذكرها في الفصل السابع من الميثاق ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫لم توضح المادة المذكورة ماهية العمال التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول‬ ‫‪-3‬‬
‫أو ما يسمى بالمجال المحفوظ للدول ‪ ،‬أو الشؤون التي تكون من صميم الختصاص الوطني‬
‫للدولة ‪ ،‬كما ولم تحدد الجهة المختصة بتحديد هذا المجال ‪.‬‬
‫وقد تعرض الفقه الدولي الى العمال التي تكون من صميم الشؤون الداخلية للدول ‪ ،‬كما ان للقضاء‬
‫الدولي باعًا في ذلك ‪،‬بالضافة الى ما تقوم به المنظمة الدولية من تطبيقات في ذلك الشأن ‪.‬‬
‫ففي الفقه الدولي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬جاء في قرارلمجمع القانون الدولي عام ‪ /1954/‬إن‪" :‬المسائل التي تعد من صميم السلطان الداخلي‬
‫هي تلك النشطة التي تمارسها الدولة ‪ ،‬والتي يعد فيها إختصاص الدولة غير مقيد بالقانون الدولي ‪.‬‬
‫ويتوقف مدى ‪ ،‬أو نطاق هذه المسائل على القانون الدولي‪ ،‬ويختلف تبعًا لتطوره" )‪. (14‬‬
‫وعليه يمكن للدول ان تمارس اختصاصها على كافة المشاكل الغير محددة بقواعد القانون الدولي ‪ ،‬وان‬
‫ل غير مشروع ‪.‬‬‫أي تدخل فيها يعتبر تدخ ً‬
‫ب‪ -‬كما ان الرئيس السابق للمحكمة الوربية لحقوق النسان ‪ -‬السيد هنري رولن ‪ -‬أشار في تقرير له‬
‫أن " الختصاص الوطني ‪،‬الذي يحميه الميثاق من كل تدخل من جانب المم المتحدة يشمل جميع‬
‫‪-34-‬‬
‫ل أخرى ‪(15)".‬‬ ‫المسائل التي لم ينظمها قانون الشعوب ‪ ،‬والتي ل يمكن أن تهم دو ً‬
‫ال ان القانون الدولي كمعيارلتحديد الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول قد تعرض‬
‫للنقد من جانب البعض أمثال فرستردالس ‪،‬باعتبار ان القانون الدولي يغضع لتغيرات وتقلبات مستمرة‬
‫)‪.(16‬‬
‫في القضاء الدولي ‪:‬‬
‫لقد عرضت الكثير من الدعاوي على محكمة العدل الدولية وتعرضت هي بدورها في الفصل في تلك‬
‫الدعاوي إل انها عدلت وغيرت في بعض أحكامها على بعض القضايا ‪ -‬موضوع النزاع ‪ -‬المعروضة‬
‫عليها‪،‬فقد كانت قضية شركة الزيت النكلو ايرانية من القضايا المهمة المعروضة عليها فقد أعلنت عن‬
‫عدم اختصاصها في النظر فيها وأعتبرت ان قضايا التأميم تدخل في صميم الشؤون الداخلية للدول ‪،‬‬
‫المر الذي أحدث تعارضًا بين قرارها تلك والمر الذي كانت قد أصدرته سابقًا بالحفاظ على الترتيبات‬
‫التي كانت موجودة قبل صدور قرارات التأميم ‪ ،‬وبالمتناع عن اتخاذ التدابير التي من شأنها المساس‬
‫بحقوق الفرقاء ‪ ،‬وبعد العتراض اليراني على اختصاص المحكمة في النظرفي تلك القضية أصدرت‬
‫المحكمة حكمها بعدم النظر في الدعوى لنها تتعلق بمسألة داخلية لدولة ذات سيادة )‪.(17‬‬
‫لذلك من الصعوبة تحديد مضمون اللتزام بعدم التدخل ‪ ،‬أوالمجال المحجوز للدول ‪ ،‬نتيجة عدم وجود‬
‫معيار دقيق ‪ ،‬يمكن الستناد عليه للفصل بين المسائل التي تدخل في النطاق المحجوز للدول ‪ ،‬وتلك‬
‫التي يجوز للهيئات الدولية التدخل فيها )‪ ، (18‬لن ما يدخل اليوم ضمن النطاق المحجوز للدول ‪ ،‬قد‬
‫تتحول غدًا الى دائرة إهتمام القانون الدولي بسبب تطورالعلقات الدولية ‪ ،‬فمسائل حقوق النسان‬
‫وإجراء الصلحات الديمقراطية ‪ ،‬باعتبارها السبيل المثل لمكافحة الرهاب الدولي ‪ ،‬كانت تعتبر من‬
‫صميم السلطان الداخلي والمجال المحجوزللدول ‪ ،‬لكنها أصبحت اليوم في دائرة الهتمام الدولي ‪ ،‬وقد‬
‫إتسع نطاق المسائل التي أصبحت خارجة عن المجال المحفوظ للدول ‪ ،‬فالمناهج الدراسية ‪ ،‬وضرورة‬
‫تغييرها أصبحت تأخذ حيزًا‪ ،‬في خطب‪ ،‬وأحاديث رؤساء الدول الكبرى‪،‬وخاصة أمريكا ‪ ،‬مهددين به‬
‫الكثير من دول الشرق الوسط ‪ ،‬وخاصة العربي والسلمي منها بالتدخل ‪ ،‬رغم أن تلك المسائل‬
‫كانت من صميم المسائل الداخلية للدول ‪ ،‬بالضافة إلى التطورات الحديثة في مجال التصالت ‪،‬‬

‫وماأفرزته التوجه ‪ ،‬نحو النظام العالمي الجديد ‪ ،‬وإتفاقيات الجات التي تستهدف إلى عولمة العالم ‪،‬‬
‫وتأثيراتها على العلقات الدولية وتشابكها ‪ ،‬مماأدى إلى تقليص مفهوم السيادة ‪ ،‬وتضييق نطاق المجال‬
‫المحفوظ للدول‪.‬‬
‫ما أستقر عليه العمل في المنظمة الدولية ‪:‬‬
‫يتبين بوضوح بان المم المتحدة تجيز تدخلها في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول‬
‫إذ ما أصبح ذلك الشان موضوع ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬اتفاق أو معاهدة دولية ‪ ،‬باعتبارها تأخذ طابعًا دوليًا‪ ،‬حيث أقرت المم المتحدة اختصاصها في‬
‫قضية معاملة حكومة جنوب افريقيا لبعض المواطنين من أصل هندي ‪،‬لوجود اتفاق بين حكومة الهند‬
‫وحكومة جنوب افريقيا ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أو تحقق مصلحة دولية ‪ ،‬أو إهتمام دولي ‪ .‬فالقضايا التي تثير الهتمام الدولي تبرر اختصاص‬
‫المنظمة الدولية بالتدخل ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬أوإذا ما تعلق المر بغرض من أغراض المنظمة الدولية ‪ .‬فالمور المتعلقة بعمل المنظمة في‬
‫قيامها بأعمالها تخرج من نطاق الختصاص الداخلي للدول )‪. (19‬‬
‫ثانيًا‪ :‬قرارات الجمعية العامة للمم المتحدة ‪.‬‬
‫‪ -1-1‬القرار )‪ A/RES 31)/2131/‬كانون الول ‪. 1965‬‬
‫)إعلن عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول‪ ،‬وحماية إستقللها وسيادتها( ‪.‬‬
‫نصت الفقرة الولى من هذا القرار بأنه ‪ ،‬ليس لية دولة حق التدخل بصورة مباشرة‪،‬أوغيرمباشرة‪،‬‬
‫ولي سبب كان في الشؤون الداخلية ‪ ،‬أوالخارجية لية دولة‪.‬‬
‫كما شجبت كل تدخل مسلح ‪ ،‬أوغيرمسلح ‪،‬أوتهديد ‪ ،‬يستهدف شخصية الدول ‪ ،‬أوعناصرها السياسية ‪،‬‬
‫والثقافية‪ ،‬والقتصادية ‪ ،‬كما أشارت الفقرة أيضًا ‪ :‬إلى عدم جوازإستخدام أي تدبيرلكراه دولة أخرى‬
‫‪-35-‬‬
‫على النزول عن ممارسة حقوقها السيادية )‪. (20‬‬
‫أصدرت الجمعية العامة للمم المتحدة جملة من القرارات ‪ -‬من وقت إنشائها إلى اليوم‪ -‬التي حثت على‬
‫ل ليستند على أية مشروعية‪،‬‬ ‫عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الخرى ‪ ،‬وتعتبرالتدخل عم ً‬
‫لذلك شجبته ‪ ،‬وحثت الدول على عدم التدخل ‪ ،‬أوممارسة أي نوع من أنواع الضغط والكراه على‬
‫الدول الخرى ‪، .............‬‬
‫ومن تلك القرارات ‪:‬‬
‫‪ -1-2‬القرار )‪ A/RES 24)/2625‬تشرين الول ‪. 1970‬‬
‫)إعلن مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات الودية ‪ ،‬والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق المم المتحدة(‬
‫والذي يعتبرالحرص على ضمان تطبيق تلك المبادء على أفضل وجه في المجتمع الدولي‪ ،‬وتدوينها‬
‫وإنمائها التدريجي ‪ ،‬من شأنه تعزيز تحقيق مقاصد المم المتحدة‪.‬‬
‫وتلك المبادئ كما جاء في القرار المذكور هي ‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ امتناع الدول في علقاتها الدولية ‪ ،‬عن التهديد بإستعمال القوة ‪ ،‬أو إستعمالها ضد السلمة‬
‫القليمية ‪،‬أولستقلل السياسي لية دولة ‪،‬أوعلى نحو يتنافى مع مقاصد المم المتحدة ‪ ،‬وكذلك مبدأ‬
‫فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية ‪ ،‬ووجوب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم‬
‫الولية القومية لدولة ما ‪ ،‬وفقًا للميثاق وما إلى ذلك )‪. (21‬‬

‫‪ -1-3‬القرار )‪ A/RES 16)/2734‬كانون الول ‪) 1970‬العلن الخاص بتعزيز المن الدولي( ‪،‬‬
‫حيث تؤكد الجمعية العامة في قرارها تلك وبشكل رسمي ‪ ،‬بإن لمقاصد المم المتحدة ‪ ،‬ومبادئة صحة‬
‫كلية مطلقة ‪ ،‬من حيث هي أساس العلقات بين الدول ‪ ،‬بصرف النظر عن حجمها‬
‫‪،‬أوموقعهاالجغرافي ‪،‬أو مستوى نمائها ‪ ،‬أونظامهاالسياسي‪ ،‬والقتصادي ‪ ،‬والجتماعي ‪ ،‬وتعلن كذلك‬
‫إن خرق تلك المبادئ ل يمكن تبريره أيًا كانت الظروف ‪ ،‬كما طلبت الجمعية ‪/‬الدول جمعيًا‪ /‬بأن تلتزم‬
‫بدقة في علقاتها الدولية ‪ ،‬مقاصد الميثاق وأهدافه ‪ ،‬بما فيها مبدأ إمتناع الدول في علقاتها الدولية ‪،‬‬
‫عن التهديد بإستعمال القوة ‪،‬أو إستعمالها ضد السلمة القليمية ‪،‬أوالستقلل السياسي لية دول ‪ ،‬أوعلى‬
‫أي نحوآخريتنافى ‪ ،‬ومقاصد المم المتحدة ‪ ،‬وكذلك وجوب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من‬
‫صميم الولية القومية لدولة ما‪ ،‬وفقًا للميثاق‪ .‬بالضافة إلى الستفادة الكاملة من الوسائل‪،‬والطرق التي‬
‫ينص عليها الميثاق ‪ ،‬لتسوية أي نزاع ‪،‬أوأية محاولة يكون من شأنها إستمرارها تعريض السلم والمن‬
‫الدوليين للخطر )‪. (22‬‬

‫‪ -1-4‬القرار )‪ ، A/RES 1974)/3314‬بشأن تعريف العدوان ‪.‬‬


‫حيث بينت المادة الولى ‪ ،‬بما يعني إن كل استعمال للقوة المسلحة ‪ ،‬من قبل دولة ما ‪ ،‬ضد سيادة دولة‬
‫أخرى ‪ ،‬أو سلمتها القليمية ‪،‬أوإستقللها ‪ ،‬يعتبر عدوانًا )‪. (23‬‬

‫‪ -1-5‬القرار )‪ A/RES 19)/155/32‬كانون الول ‪). 1977‬إعلن تعميم‪،‬وتدعيم النفراج الدولي( ‪.‬‬
‫حيث جاءت الفقرة الخامسة من هذا العلن بما يلي ‪" :‬أن تمتنع من التهديد بالقوة ‪ ،‬أو استعمالها ‪،‬‬
‫وأن تلتزم في علقاتها مع الدول الخرى بمبادئ التساوي في السيادة ‪ ،‬والسلمة القليمية‪ ،‬وعدم جواز‬
‫انتهاك حرمة الحدود الدولية ‪ ،‬وعدم جواز حيازة وإحتلل أراضي الدول الخرى بالقوة وتسوية‬
‫المنازعات ‪ -‬بما في ذلك منازعات الحدود‪ -‬بالوسائل السلمية دون غيرها‪ ،‬وعدم التدخل في الشؤون‬
‫الداخلية للدول الخرى‪ ،‬واحترام حقوق النسان‪ ،‬وإحترام حق جميع الدول‪ ،‬في أن تختار بحرية‪،‬‬
‫نظمها الجتماعية والسياسية‪،‬والقتصادية‪ ،‬وفي أن تنمي علقاتها الخارجية ‪ ،‬بالطريقة التي ترى أنها‬
‫تخدم مصلحة شعوبهاعلى أفضل وجه وفقا للميثاق‪.‬‬

‫‪-36-‬‬

‫‪1‬ــ ‪ - 6‬القرار )‪ RES (A 9//103/39‬كانون الول ‪.1981‬‬


‫)إعلن بشأن عدم جوازالتدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية للدول( ‪.‬‬
‫جاء في مادته الولى ‪ :‬ل يحق لية دولة ‪ ،‬أو مجموعة من الدول ‪ ،‬أن تتدخل بصورة‬
‫مباشرة‪،‬أوغيرمباشرة لي سبب كان‪ ،‬في الشؤون الداخلية والخارجية للدول اللخرى‪ .‬وقد حدد في‬
‫فقرته الثانية نطاق مبدأ عدم التدخل‪ ،‬وعددته بحيث شمل ‪:‬‬
‫ا ـ السيادة‪.‬‬
‫ب ـ الستقلل السياسي ‪.‬‬
‫ج ـ السلمة القليمية ‪.‬‬
‫د ـ الوحدة الوطنية ‪ ،‬والمن‪ ،‬والهوية الوطنية ‪.‬‬
‫ه ـ التراث الثقافي للسكان ‪.‬‬
‫وـ حق الدولة في تقرير نظامها السياسي‪ ،‬والقتصادي‪ ،‬والثقافي والجتماعي بحرية‪.‬‬
‫ز ـ تنمية علقاتها الدولية ‪ ،‬والسيادة الدائمة على مواردها الطبيعية‪ ،‬دون أي تدخل أو تهديد بأي شكل‬
‫من الشكال‪.‬‬
‫ح ـ الحق في الوصول الحرإلى المعلومات )‪.(24‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬مبدأ عدم التدخل في ميثاق جامعة الدول العربية ‪.‬‬


‫يعتبر بروتوكول السكندرية ‪،‬أول وثيقة تخص الجامعة العربية‪ ،‬حيث يمثل الوثيقة الرئيسية التي على‬
‫أساسها وضع ميثاق الجامعة‪ .‬وقد جاء ذلك البروتوكول نتيجة المشاورات‪،‬واللقاءات الثنائية‪ ،‬ومتعددة‬
‫الجوانب بين ممثلي بعض الدول العربية‪ ،‬بمبادرة مصرية آنذاك ‪،‬أسفرت عن إجتماع لجنة تحضيرية‬
‫في الفترة من ‪ 25/9‬إلى ‪ 1944 /7/10‬من ممثلين عن كل من‪ ،‬سوريا ‪ ،‬ولبنان ‪ ،‬والردن ‪ ،‬والعراق‪،‬‬
‫ومصر‪ ،‬واليمن )بصفة مراقب( استقرت على تسمية الرابطة المجسدة لوحدة الدول العربية‪ ،‬بجامعة‬
‫الدول العربية ‪ ،‬وتم التوصل إلى بروتوكول السكندرية ‪ ،‬الذي نص على بعض المبادئ منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬صيانة إستقلل‪ ،‬وسيادة الدول العربية من كل اعتداء‪ ،‬بالوسائل السياسية الممكنة‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم جوازاللتجاء إلى القوة ‪ ،‬لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة‪.‬‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ – 3‬العتراف بسيادة‪،‬وإستقلل الدول المنضمة إلى الجماعة بحدودها القائمة فع ً‬

‫كما اشتمل البروتوكول على قرار خاص بضرورة إحترام إستقلل لبنان وسيادته ‪.‬‬
‫وبعد مرور أقل من ثلثين عامًا من صدور ذلك القرار‪،‬بدأ إحترام إستقلل وسيادة لبنان ‪ ،‬يخف بين‬
‫أدراج الرياح السياسية‪ ،‬وعانت ما عانته عقدًا من الزمن‪ .‬وفي آذار ‪ 1945‬رأى ميثاق الجامعة النور‪،‬‬
‫بعد أن كلف بروتوكول السكندرية لجنة سياسية فرعية ‪ ،‬لعداد الميثاق مع مندوبي الدول العربية‬
‫الموقعين على البروتوكول‪ ،‬مضافًا اليهم مندوب كل من السعودية واليمن ‪ -‬اللتين وقعتا على الميثاق‬
‫لحقًا‪ -‬وحضور مندوب الحزاب الفلسطينية كمراقب‪.‬‬
‫لقد كان الهدف من إنشاء جامعة الدول العربية ‪،‬هو التعاون‪ ،‬وتدعيم الروابط بين الدول العربية ‪ ،‬في‬
‫كافة الشؤون السياسية ‪ ،‬والقتصادية ‪ ،‬والجتماعية والثقافية ‪ ،‬التي تهم الدول العربية ‪ ،‬وشعوبها‪.‬‬
‫وقد جاء الميثاق متضمنًا نفس المبادئ التي أقرتها بروتوكول السكندرية ‪ ،‬حيث نصت المادة الثانية من‬
‫الميثاق على أن‪":‬الغرض من الجامعة ‪ ،‬توثيق الصلت بين الدول المشتركة فيها‪ ،‬وتنسيق خططها‬
‫السياسية‪ ،‬تحقيقًا للتعاون بينها ‪ ،‬وصيانة لستقللها‪،‬وسيادتها‪ ،‬والنظر بصفة عامة في شؤون البلد‬
‫العربية ومصالحها‪."...‬‬

‫إن مبدأ صيانة الستقلل‪،‬والسيادة الذي جاء في نص المادة المذكورة‪ ،‬تربطه علقة وثيقة الصلة بمبدأ‬
‫عدم التدخل‪ ،‬حيث شكل هذا النص بدون شك دافعًا قويًا لنضمام الدول العربية المستقلة إليها‪،‬وعدم‬
‫النظرإليها نظرة شك ‪ ،‬حيث ل يمكن لدولة مستقلة النضمام إلى منظمة دولية دون أن ينص ميثاقها‬
‫على احترام السيادة والستقلل‪ .‬وجاءت المادة ‪ / 5 /‬تأكيدًا على صيانة الستقلل‪،‬والسيادة حيث نصت‬
‫على أنه‪" :‬ل يجوزاللتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أوأكثر من دول الجامعة‪ .‬فإذا نشب‬
‫بينهما خلف ل يتعلق بإستقلل الدولة‪،‬أوسيادتها‪،‬أوسلمة أرضها ‪،‬ولجأ المتنازعون إلى المجلس لفض‬
‫‪-37-‬‬
‫هذا الخلف ‪ ،‬كان قراره عندئذ نافذًا وملزما "‪.‬‬
‫وبتحليل المادة ‪ / 5 /‬يتبين أن الخلفات بين الدول العضاء ‪ ،‬بشأن السيادة والستقلل ‪ ،‬لتخضع‬
‫للزامية قرارات الجامعة ‪ ،‬بمعنى أن اللزام هو فرض القرارعلى الغير ‪ ،‬ولفرض القرارأشكال عدة‬
‫يكون إحداها بالقوة‪ .‬وقد جاءت المادة ‪ 2/‬ف ‪ /3‬من ميثاق المم المتحدة مطابقًا لنص ‪/‬المادة ‪ /5‬من‬
‫ميثاق الجامعة العربية في عدم جواز اللجوء للقوة في فض المنازعات‪.‬‬

‫إن إحترام النظم القائمة قد يحظى بإهتمام الدول العضاء في الجامعة‪ ،‬على اعتبارأي محاولة لتغيير‬
‫ل في شؤون الدولة‪ .‬وقد أصدرت الجمعية العامة للمم المتحدة‪ ،‬الكثير من القرارات‬ ‫تلك النظم يعد تدخ ً‬
‫التي أتت متطابقة مع نصوص ميثاق الجامعة العربية‪ ،‬مما يعطي دللة واضحة على أن هناك مبادئ‬
‫أساسية ‪ ،‬وحقوق دولية تحظى بإهتمام المجتمع الدولي من خلل منظماته الدولية‪،‬والقليمية ‪.‬‬
‫فقد جاء البند الول ف ا‪ -‬من معاهدة الدفاع العربي المشترك ‪،‬والتعاون القتصادي ما يلي ‪:‬‬
‫(جاء في ديباجة ميثاق الجامعة العربية بأن وثيقتين رسميتين تكملن الميثاق وهما‪ :‬معاهد الدفاع‬
‫العربي المشترك في إبريل ‪ ،1950‬وميثاق العمل القتصادي القومي نوفمبر ‪. (1980‬‬
‫حيث أبدت معاهدة الدفاع هذه رغبتها في تقوية وتوثيق التعاون بين دول الجامعة العربية ‪ ،‬حرصًا على‬
‫إستقللها‪،‬ومحافظة على تراثها المشترك ‪ ،‬واستجابة لرغبة شعوبها في ضم الصفوف لتحقيق الدفاع‬
‫المشترك عن كيانها ‪ ،‬وصيانة المن والسلم‪ ،‬ووفقًا لمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق المم‬
‫المتحدة قداتفقت على عقد معاهدة لهذه الغاية‪.‬‬
‫ونصت المادة الولى من المعاهدة ‪":‬تؤكد الدول المتعاقدة‪ ،‬حرصًا على دوام المن والسلم‬
‫واستقرارها‪،‬وعزمها على فض جميع منازعاتها الدولية بالطرق السلمية ‪ :‬سواء في علقاتها المتبادلة‬
‫فيما بينهما‪،‬أو في علقاتها مع الدول الخرى"‪.‬‬
‫وهناك ترابطًا بين هذه المادة ‪ ،‬والمادة الثالثة التي تنص على أن ‪" :‬تتشاور الدول المتعاقدة فيما بينها‪،‬‬
‫بناء على طلب إحداها كلما هددت سلمة أراضي أية واحدة منها ‪،‬أوإستقللها‪،‬أوأمنها ‪ ،‬وفي حالة خطر‬
‫حرب داهم ‪ ،‬أو قيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها‪ ،‬تبادر الدول المتعاقدة على الفورإلى توحيد‬
‫خططها‪،‬ومساعيها في إتخاذ التدابيرالوقائية ‪ ،‬والدفاعية التي يقتضيها الموقف "‪.‬‬
‫ل سافرًا‬‫ول يمكن فصل نص المادتين سالفتي الذكرعن مبدأ عدم التدخل‪ ،‬أو العداون‪ ،‬الذي يشكل تدخ ً‬
‫في شؤون الدول‪ ،‬رغم عدم النص بصراحة اللفظ على التدخل‪ ،‬ولكن ما تعنيه تلك النصوص‪ ،‬هو‬
‫الوقوف على مبدأ عدم التدخل وتحريمه‪.‬‬
‫ويعتبر عدم التدخل والحفاظ على الستقلل‪،‬والسيادة ‪ -‬بالنسبة للدول العربية ‪ -‬مسألة سياسية‪،‬‬
‫وتعتبرمن أهم المسائل التي كانت تعيشها البلد ان العربية ‪ ،‬كون المنازعات بين الدول العربية في‬
‫أغلبها كانت سياسية ‪ ،‬لن عدم التطور في كافة المجالت ‪،‬و بقاء التبادل القتصادي والتجاري بشكله‬
‫المتخلف فيما بينها جعلت الخلفات والمنازعات السياسية هي الكثر ظهورًا على السطح ‪ ،‬لذلك‬
‫إحتلت المناقشات‪،‬والمباحثات السياسية أكثر مساحة في مناقشات الجامعة العربية ‪ ،‬وتعذر على الغلب‬
‫في الوصول بشأنها إلى التفاق‪،‬والحلول الدائمة ‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬منظمة الدول المريكية ‪ ،‬ومبدأ عدم التدخل ‪.‬‬


‫تأثرت الدول المريكية بالتدخلت الوربية في شؤونها ‪ ،‬وخاصة دول أمريكا اللتينيةالتي كانت‬
‫خاضعة للستعمارالوربي ‪ ،‬فرفعت شعار مبدأ عدم التدخل وتمسكت به‪،‬وكانت رسالة الوداع التي‬
‫وجهها الرئيس المريكي آنذاك جورج واشنطن إلى شعوب أمريكا بمثابة نداء إلى الشعوب المريكية‬
‫في عدم التدخل في شؤون القارة الوربية ‪.‬‬
‫أما رسالة الرئيس جيمس مونروإلى الكونغرس المريكي في ديسمبر ‪ 1823‬جاءت واضحة في عدم‬
‫جواز التدخل الوربي في شؤون القارة المريكية‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ /15/‬من ميثاق منظمة الدول المريكية )‪ (25‬مؤكدة على مبدأ عدم التدخل على أنه‬
‫"ل يحق لية دولة ‪ ،‬أومجموعة من الدول أن تتدخل بصورة مباشرة‪ ،‬أوغيرمباشرة ‪ ،‬سواء في‬
‫الشؤون الداخلية‪،‬أو الخارجية لدول أخرى ‪ .‬إن هذا المبدأ يحرم اللجوء للقوة المسلحة‪ ،‬وكذلك كافة‬
‫أشكال التدخل‪ ،‬والتجاهات الرامية إلى إنتهاك شخصية الدول‪،‬أو عناصرها السياسية ‪ ،‬والقتصادية ‪،‬‬
‫‪-38-‬‬
‫والثقافية" ‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ /16/‬من الميثاق على أنه "ل يحق لية دولة أن تستعمل أو تشجع على إستعمال‬
‫إجراءات الكراه ذات الطابع القتصادي‪ ،‬والسياسي لفرض إرادة الدول على سيادة دول أخرى‬
‫‪،‬أوللحصول منها على بعض المزايا"‪.‬‬
‫إن معاناة الدول المريكية من التدخلت كانت الدافع وراء النص على تحريم كافة أشكال التدخل من‬
‫قبل الدول ‪ ،‬منفردة أو مجموعة ‪ ،‬مباشرة أو غير مباشرة ‪ ،‬ولم يقتصرالنص على عدم جوازالتدخل‬
‫ليس فقط في الشؤون الداخلية ‪ ،‬بل شمل الشؤون الخارجية أيضاً‪ ،‬ولم يقتصركذلك على تحريم التدخل‬
‫بالقوة ‪ ،‬بل اعتبرالشكال الخرى أيضًا غير جائزة‪.‬‬

‫المطلب الثالث – مفهوم عدم التدخل وصوره ومدى مشروعيته‬


‫أوًل‪ :‬مفهوم التدخل الدولي ‪:‬‬
‫ان ما نقصده بالتدخل هو التدخل الدولي ‪ ،‬أي ذلك الذي يتم من قبل دولة في شؤون دولة أخرى ‪ ،‬وقد‬
‫عرف شتروب بان التدخل هو‪ ،‬تعرض دولة للشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى دون أن يكون‬
‫لهذا التعرض سند قانوني ‪ ،‬بغرض الزام الدولة المتدخل في أمرها علىاتباع ماتمليها عليها ‪ -‬في شأن‬
‫من شؤنها الخاصة ‪ -‬الدولة أو الدول المتدخلة )‪. (26‬‬
‫ويعرفه الغنيمي بانه تعرض دولة لشؤون دولة أخرى بطريقة استبدادية وذلك بقصد البقاء على‬
‫المور الراهنة للشياء أو تغييرها )‪ ،(27‬ومثل هذا التدخل قد يحصل بحق أو بدون حق‪ ،‬ولكنه ‪ -‬في‬
‫كافة الحالت‪ -‬يمس الستقلل الخارجي أو السيادة القليمية للدولة المعنية ولذلك فانه يمثل أهمية كبيرة‬
‫بالنسبة للوضع الدولي للدولة‪.‬‬
‫ويرى شارل روسو ‪ ،‬ان التدخل هو عبارة عن قيام دولة بتصرف ‪ ،‬بمقتضاه تتدخل الدولة في الشؤون‬
‫الداخلية والخارجية لدولة أخرى‪ ،‬بغرض اجبارها على تنفيذ أو عدم تنفيذ عمل ما‪ ،‬ويضيف بان الدولة‬
‫المتدخلة تتصرف في هذه الحالة كسلطة وتحاول فرض ارادتها بممارسة الضغط بمختلف الشكال ‪،‬‬
‫كالضغط السياسي والقتصادي والنفسي والعسكري )‪. (28‬‬

‫من خلل التعاريف المذكورة ‪ ،‬يبدو ان أغلب الفقهاء يجمعون على ان التدخل يكون من طرف دولة في‬
‫شؤن دولة أخرى ‪ ،‬أي بين أشخاص القانون الدولي ‪ ،‬بغرض التأثير على الدولة المتدخل في امرها‬
‫بإتيان أو المتناع عن عمل من شأنه البقاء أو التغيير في أحد الوضاع الراهنة في الدولة ‪ .‬وهناك‬
‫إشارات عند الفقهاء من خلل تصديهم لمفهوم التدخل بانه استبداد ل يستند على أساس قانوني ‪ ،‬بل‬
‫تعتمد على قوة الدولة في ممارسة الضغط بأشكاله المختلفة ‪ ،‬وقد جاء تحريم تلك الشكال كافة في‬
‫مواثيق المنظمات الدولية وقراراتها كونها كانت تمارس من قبل الدولة ضد دولة أخرى ‪ ،‬ولو ل‬
‫ممارسة تلك الشكال من الضغوط من قبل الدولة لما جاء تحريمها بعبارات صريحة في قرارات‬
‫المنظمات الدولية ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬اشكال التدخل ‪:‬‬
‫يقسم الفقهاء التدخل الى اشكال متعدده حيث يرى الدكتور الغننيمي ان للتدخل شكل خارجي وداخلي و‬
‫عقابي ‪:‬‬
‫‪ _1‬ويكون الشكل الخارجي بتدخل دولة في علقات دولة اخرى مثل تدخل ايطاليا في الحرب العالمية‬
‫الثانية الى جانب المانيا ضد بريطانيا ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أما الشكل الداخلي للتدخل فيكون منصبًا على ما يجري داخل الدولة ويمثل في تدخل دولة لصالح‬
‫أحد الطراف المتنازعة داخل الدولة ‪ -‬كما في حالة الثورة‪ -‬الحكومة أو الثورة‪.‬‬
‫ج‪ -‬والشكل العقابي يمثله حالة القمع التي تفرضه الدولة بسبب ضرر ألحقتها الدولة المتدخل في شأنها‬
‫بالدولة المتدخلة ‪ ،‬كالحصر السلمي على شواطئ الدولة ‪ ،‬ولم يقتصر الغنيمي على تقسيماته هذه فيشير‬
‫الى ان بعض الفقهاء يضيفون التدخل القتصادي والتدخل الهدام أيضًا‪.‬‬
‫‪-39-‬‬
‫د‪ -‬والتدخل القتصادي هو أحد أشكال التدخل الذي تمارسه الدولةعلى اقتصاد دولة أخرى )‪. (29‬‬
‫أما الدكتور على صادق ابو هيف فيقسم التدخل الى السياسي والعسكري والفردي والجماعي والصريح‬
‫والمباشر‪:‬‬
‫ا‪ -‬التدخل السياسي هو ذلك التدخل الذي يحصل بطريق رسمي وبصفة علنية ‪ ،‬أو بطريق غير رسمي‬
‫ودون علنية ‪ ،‬ويكون التدخل بطلب كتابي أو شفوي من الدولة المتدخلة الذي قد يتحول الى تدخل‬
‫عسكري أو التهديد به إذا لم تجيب الدولة المتدخل في أمرها لطلبات الدولة المتدخلة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التدخل الفردي أو الجماعي ‪ :‬قد يكون التدخل من طرف دولة واحدة وقد يكون جماعيًا ‪ ،‬ويكون‬
‫للتدخل الجماعي آثارًا أقل خفًة وحدًة من التدخل الفردي كونه ل يأتي ضمانًا لمصلحة دولة بذاتها ‪.‬‬
‫وجاء في المادة ‪14‬والمادة ‪ 36‬من ميثاق المم المتحدة بانه يكون للجمعية العامة أو لمجلس المن ان‬
‫يوصي كل منهما باتخاذ ما يراه ملئمًا من تدابير لتسوية أي موقف يضر بالرفاهية العامة أو يعكر‬
‫صفو العلقات الودية بين المم )‪. (30‬‬
‫ج‪ -‬التدخل الصريح أو الضمني ‪ :‬كثيرًا ما تتدخل دولة ما في شؤون دولة أخرى ‪ ،‬وكي تنفرد هي‬
‫بالمغنم ‪ -‬الذي تراه ‪ -‬تجعل من تدخلها خفيًا ‪ ،‬وكثيرًا ما ينتج عن التدخل الخفي آثارًا سيئة وضارة‬
‫كونها تحصل دون سلطات الدولة المتدخل في أمرها ‪ ،‬بعكس التدخل العلني والصريح )‪. (31‬‬

‫ثالثًا‪ :‬مشروعية التدخل‪:‬‬


‫الصل في التدخل غير جائز‪ ،‬وهذا ما أكدته مواثيق المنظمات الدولية وقراراتها حفاظًا على حقوق‬
‫الدول التي تقضي بالتزام الدول بتلك الحقوق‪ ،‬كما ان غالبية الفقه أيضًا يشجبون التدخل ويحرمونه‪،‬‬
‫ل منهم أباح التدخل إذا ماكانت للدولة مصلحة‬
‫ورغم توجه غالبية الفقه في ذلك التجاه إل ان نفرًا قلي ً‬
‫فيه )‪ (32‬منهم كامبتز اللماني وباتور الفرنسي ‪.‬‬
‫ال ان الفيلسوف النكليزي كانت ‪ ،‬والعلمة الفرنسي لويس ربنو‪ ،‬يران عدم جواز التدخل على‬
‫الطلق ‪ ،‬إل إذا كانت الدولة في حالة دفاع شرعي )‪. (33‬‬
‫ورغم أصالة عدم جواز التدخل إل ان هناك استثناءات على ذلك الصل تبيح بعض حالت التدخل منها‬
‫‪:‬‬

‫‪ -1‬التدخل دفاعًا عن حقوق الدولة‪:‬‬


‫ان ممارسة الدولة لحقوقها ليس مستثنيًا من كل قيد فكل حق يقابله التزام ‪ ،‬وممارسة الدولة لحقوقها‬
‫يقابلها التزامات ‪ ،‬عليها أن تحترمها ‪ ،‬ومن التزاماتها عدم الضرار بالغير‪ ،‬كما ان اساءة استعالها‬
‫لحقوقها قد يكون فيه ضرر بدولة أخرى ‪ ،‬وعندئذ يحق لتلك الدولة التدخل ‪ ،‬إذا لم تكن الوسائل السلمية‬
‫بأشكالها المختلفة مجدية في ذلك ‪ ،‬وقد حدد فوشي بعض الحالت التي يجوز فيها التدخل وهي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬زيادة التسليح من قبل دولة معروفة بميلها للعدوان ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬قيام الدولة بمؤامرة بغرض اشعال ثورة أو قلب نظام الحكم في دولة أخرى ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬قيام ثورة في دولة ما يخشى من انتشارها على سلمة الدول المجاورة ‪.‬‬
‫ه ‪ -‬حالة تصريح دولة علنًا على عزمها في بسط نفوذها على دولة أخرى )‪. (34‬‬
‫‪ -2‬التدخل لحماية حقوق ومصالح رعايا الدولة‪:‬‬
‫للدول الحق في حماية رعاياها في الدول الخرى و انها مكفلة بذلك إذا ما كان قانونها الداخلي يلزمها‬
‫بذلك ‪ -‬وهو حالة أغلب الدول‪ -‬ولكن تدخل الدولة لحماية مصالح وحقوق رعاياها غير مطلقة من كل‬
‫قيد ‪ ،‬وباعتباران الدول تمتلك نظمًا قانونية ‪ ،‬فل يجوز التدخل ال اذا كانت تلك النظم القانونية غير‬
‫كافية لحماية رعايا الدول الخرى وأمنهم ومصالحهم ‪ ،‬في حالة خرق حقوق الجانب وعدم الحفاظ‬
‫على أمنهم كبقية المواطنين ‪ ،‬أو تعرضهم لعتداءات غير مشروعة ‪ ،‬عندئذ يحق للدول أن تتدخل‬
‫لحماية حقوق ومصالح وأمن رعاياها )‪. (35‬‬

‫‪-40-‬‬
‫‪ -3‬التدخل الجماعي طبقًا لميثاق المم المتحدة ‪.‬‬
‫يرى الدكتور الغنيمي مشروعية التدخل الجماعي استنادًا الى الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة‬
‫التي تبيح التدخل إذا ما أقدمت الدولة المعنية –المتدخل في أمرها‪ -‬على بعض العمال التي تكون من‬
‫شأنها تهديد المن والسلم الدوليين ‪ ،‬أو في حالة قيام الدولة المعنية بالعدوان على دولة أخرى )‪. (36‬‬
‫وحالت التدخل الجماعي كثيرة آخرها كانت التدخل الدولي – قوات التحالف – في العراق بقواتها‬
‫العسكرية ‪ .‬ويشكل التدخل الجماعي الذي يتم بقرار من المنظمة الدولية – المم المتحدة – جائزًا‬
‫لستناده على شرعية دولية ‪ ،‬لكن بعض حالت التدخل الجماعي يفتقد الى تلك الشرعية من المنظمة‬

‫الدولية الى ما بعد حين ‪ ،‬ثم تحصل الدول المتدخلة على غطاء شرعي لتدخلها من تلك المنظمة مما‬
‫يشير بان المم المتحدة نفسها تخضع في كثير من الحيان الى المر الواقع الذي يتخذه الدول القوية ‪.‬‬

‫التدخل بناء على طلب ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬


‫يجيز كونيديك >>‪ <<F.GONIDIC‬التدخل إذا كان بناء على طلب ‪ ،‬أي دون أي ضغط ‪ ،‬ويجب‬
‫أن يأتي الطلب حسب رأيه من طرف الحكومة الفعلية ‪.‬‬
‫ويرى الفقيه الفرنسي شارل شومان ‪ ،‬ان العتراف للحكومات القائمة بحق الحصول على مساعدات‬
‫عسكرية خارجية أمر ليتفق ومبدأ عدم التدخل ‪ ،‬لن الشرعية الدولية لتبقى دائمًا الى جانب‬
‫الحكومات القائمة ‪ ،‬ففي حالة حق الشعوب في تقرير مصيرها تحل الشرعية للشعوب ‪ ،‬لذلك ليجب‬
‫مراقبة الشرعية القائمة من قبل الدول الجنبية )‪. (37‬‬

‫التدخل ضد التدخل ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬


‫إذا ما تدخلت دولة في شؤون دولة أخرى يجب التفرقة بين حالة ما إذا كان التدخل مشروعًا أم غير‬
‫ل مشروعًا ‪ ،‬ويجوز‬ ‫مشروع ‪ ،‬فل يجوز التدخل من قبل دولة ثالثة إذا ما كان التدخل الول تدخ ً‬
‫التدخل إذا كان هناك أضرار بمصالح الدولة المتدخلة ‪ ،‬أو اضرار للصالح العام لجماعة الدول ‪.‬‬
‫ومن المثلة على ذلك هو تدخل بريطانيا سنة ‪ 1826‬في شؤون البرتغال لتمنع تدخل اسبانيا‪ .‬وكذلك‬
‫تدخل بريطانيا وفرنسا سنة ‪ 1854‬لتمنع تدخل روسيا في شؤون تركيا )‪. (38‬‬

‫التدخل من أجل حماية حقوق النسان وتحقيق الحماية النسانية‬ ‫‪-9‬‬


‫يرى البعض من الفقهاء والشراح جواز التدخل دفاعًا عن النسانية في حالت الضطهاد التي تمس‬
‫حقوق القليات في دولة ما ‪ ،‬وان العتداء على حياتهم وحرياتهم وحقوقهم هو اخلل بقواعد القانون‬
‫الدولي ومبادئ النسانية ‪ ،‬وبالمقابل هناك من يرى بان هذا الشكل من التدخل ل يستند على أساس‬
‫قانوني ‪ ،‬ومع ذلك من الجائز التدخل للحماية النسانية ‪ .‬واكتفي بهذا القدر فيما يخص هذا الشكل من‬
‫التدخل كوني خصصت المبحث الثاني للتدخل من اجل حماية حقوق النسان ‪.‬‬
‫‪- 41 -‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫التدخل الدولي لحماية حقوق النسان‬
‫بعد لمحة تاريخية موجزة عن نشوء القانون الدولي النساني بقسميه وقت السلم‪ ،‬وأثناء النزاعات‬
‫المسلحة ‪ ،‬سأتناول في هذا المبحث كما سيأتي بيانه وفق التقسيم التالي ‪:‬‬
‫المطلب الول – مشروعية التدخل الدولي لحماية حقوق النسان ‪.‬‬
‫المطلب الثاني – شروط التدخل الدولي لحماية حقوق النسان ‪.‬‬

‫لمحة عن التطور التاريخي للقانون الدولي النساني‬


‫ان المعاملة النسانية التي اكدت عليها الشرائع السماوية وخاصة السلمية في نطاقها الواسع في‬
‫القرآن الكريم والسنة النبوية ووصايا وخطب الخلفاء لقادة الجنود‪ ،‬والتي شملت السرى والجرحى من‬
‫العدو‪ ،‬وكذلك موارد الرزق‪ ،‬وأمكنة العبادة ‪ ،‬والشخاص الغير قادرين على المشاركة في القتال من‬
‫الشيوخ ‪ ،‬والطفال‪ ،‬وذوات الحمال‪ ،‬وتوفير الحماية لهم ‪ ،‬شكلت اسسًا لميلد القواعد القانونية‬
‫النسانية ‪ ،‬رغم ان البعض من الفقه يرى ان ميلد تلك القواعد يعود الى الغرب بنتيجة الحروب التي‬
‫نشبت في اوربا وأدت الى الكفاح من اجل انشاء مؤسسات دولية للعمل على تخفيف المعانات النسانية‬
‫من جراء النزاعات المسلحة‪ .‬لكن ذلك كله كان يتوقف على الطراف التي تنطلق من تلك المبادئ‬
‫بموجب معتقداتها ‪ ،‬فتلتزم بها معتبرة تلك المبادئ ‪ ،‬قواعد ملزمة لها دون أن يكون هناك آلية تفرض‬
‫على الطراف المتصارعة الخرى ‪ ،‬لعدم امكان عقد معاهدات تلتزم بها الطراف المتصارعة‬
‫المختلفة ‪ ،‬الى ان جاء ميثاق المم المتحدة الموقعة من الدولة المنشأة لها‪ ،‬وانضمام الدول المستقلة تباعاً‬
‫اليها ‪ ،‬حيث حظرت استخدام القوة أو القدام على العدوان‪ ،‬أو التدخل في شؤون الدول الخرى‪ .‬وكان‬
‫مبدأ السيادة الذي حظي بموجب المادة م ‪ / 2‬ف ‪ /4‬من ميثاق المم المتحدة على منع الدول العضاء‬
‫في علقاتهم الدولية من التهديد باستعمال القوة ‪ ،‬أو استخدامها ضد سلمة الرضي‪ ،‬أو الستقلل‬
‫السياسي لية دولة ‪ ،‬أو على أي وجه آخر ليتفق ومصالح المم المتحدة ‪ ،‬وكذلك قرار الجمعية العامة‬
‫رقم ‪ 2131‬لعام ‪ 1965‬الخاص باعلن عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحماية استقللها‬
‫وسيادتها‪.‬‬
‫وكذلك القرار ‪ 2625‬لعام ‪ 1970‬الخاص باعلن مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات الودية‬
‫والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق المم المتحدة ‪ .‬والقرار رقم ‪ 2734‬لعام ‪ 1970‬الخاص بتعزيز المن‬
‫الدولي ‪ .‬والقرار ‪ 155‬لعام ‪ 1977‬الخاص بتعميق وتدعيم الفراج الدولي و غيرها من القرارات التي‬
‫جاءت كلها تطبيقًا لنص المادة الثانية من الميثاق على أساس احترام سيادة الدول‪.‬‬
‫لكن انحسار الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي وانهيار التحاد والسوفياتي‪ ،‬ظهر تطور‬
‫جديد في السياسة الدولية ‪ ،‬حيث لم يعد يشكل مفهوم السيادة أمرًا مسلمًا به أو مانعًا من التدخل في‬
‫شؤون الدول‪.‬‬

‫وقد قدم السيد بطرس غالي ‪ ،‬المين السابق للمم المتحدة ‪ ،‬تقريرًا بناًء على دعوة من مجلس المن في‬
‫بيانه المؤرخ في ‪ 31‬كانون الثاني ‪ 1992‬جاء فيه ‪:‬‬
‫ل‪ -‬السياق المتغير‪.‬‬ ‫" أو ً‬
‫‪...........................‬‬
‫‪ -8‬خلل السنوات القليلة الماضية ‪ ،‬انهار الحاجز اليديولوجي الهائل الذي أثار على مدى عقود من‬
‫الزمن‪ ،‬حالة من عدم الثقة والعداء‪ ،‬وتداعت أدوات الدمار الرهيبة التي لزمتها‪....‬‬

‫‪-42-‬‬
‫‪ -9‬لقد حلت قوى اكثر ديمقراطية وحكومات اكثر استجابة محل النظمة التسلطية ‪.‬‬
‫‪ -11‬لقد دخلنا مرحلة انتقالية على الصعيد العالمي تتسم بانماط فريدة من التقارب ‪ ،‬وثمة ترابطات‬
‫اقليمية وقارية بين الدول‪ ،‬تتمخض عن سبل لتعميق التعاون والتخفيف من بعض السمات محل الخلف‬
‫في توجهات التنافس السيادية والقومية‪ .‬ويتضاءل وضوح الحدود الوطنية بتقدم التصالت‪ ،‬والتجارة‬
‫العالمية ‪ ،‬وبالقرارات التي تتخذها الدول للتخلي عن بعض امتيازاتها السيادية لصالح الترابطات‬
‫السيادية المشتركة والوسع‪...‬‬
‫‪..................................‬‬
‫‪ -17‬حجر الزاوية في هذا العمل هو الدولة ‪ ،‬ويجب أن يظل كذلك ‪ ،‬فاحترام صميم سيادة الدولة‬
‫وسلمتها هو أمر حاسم لتحقيق أي تقدم دولي مشترك‪ .‬بيد ان زمن السيادة المطلقة الخالصة قد مضى‪،‬‬
‫فنظريتها لم تتماشى أبدًا مع الواقع‪. (39) "....‬‬
‫وقد اوضح التقرير المقدم من المين العام ‪ ،‬الفارق بين فترة الحرب الباردة والفترة التي تلتها‪ ،‬حيث‬
‫بين بانه في ظل الحرب الباردة ورغم النتهاكات الجسمية لحقوق النسان‪ ،‬إل إن سيادة الدولة كانت‬
‫مانعًا من التدخل‪ ،‬لكن الفترة اللحقة على الحرب الباردة كسرت ذلك الحاجز وألغت السيادة المطلقة‬
‫للدول‪ ،‬بمعنى امكانية جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول ‪.‬‬
‫ان فكرة حماية النسان أو مواطني دولة ما‪ ،‬من النتهاكات التي تمارسها السلطات الحاكمة تخضع‬
‫للقانون الدولي لحقوق النسان )حقوق النسان وقت السلم (‪ ،‬بخلف القانون الدولي النساني‪ ،‬الذي‬
‫يهتم بالنسان في النزاعات المسلحة‪ ،‬رغم ان كل القانونين يهتمان بالشخص النساني‪ ،‬كما ينبعان من‬
‫الصل المشترك أل وهو القانون الدولي العام ‪ ،‬رغم تطورهما بشكل منفصل عن بعضهما‪ .‬وقد تأكد‬
‫النفصال جليًا بين كل القانونيين في التفاقيات الدولية لحقوق النسان‪ ،‬فالعلن العالمي لحقوق‬
‫النسان الصادر عام ‪ 1948‬لم يتطرق الى احترام حقوق النسان في النزاعات المسلحة‪ .‬كما ان‬
‫اتفاقيات جنيف لعام ‪ 1949‬لم تتطرق الى احترام حقوق النسان في وقت السلم بل لحقوقه اثناء‬
‫النزاعات المسلحة‪.‬‬
‫كما ان ميثاق المم المتحدة لم يتعرض للقانون الدولي النساني )حماية حقوق النسان في النزاعات‬
‫المسلحة( ‪.‬‬
‫وباعتبار ان موضوع الحماية والتدخل مرتبطان‪ ،‬لذلك ذهب اتجاه من الفقه الى ان التدخل النساني‬
‫ل بأحكام المادة م ‪ 2‬ف ‪ 4‬من ميثاق‬ ‫بالقوة من قبل المم المتحدة لم يكن واردًا قبل الحرب الباردة اعما ً‬
‫المم المتحدة ‪ ،‬كما ان الميثاق نفسه لم يتضمن امكانية التدخل واستخدام القوة لحماية حقوق النسان ‪.‬‬
‫وقد كان التدخل في السابق أمرًا مشروعًا لتوفير الحماية لمواطني الدولة أو الدول المختلفة‪ .‬أما فكرة‬
‫التدخل الدولي النساني لحماية مواطني الدولة التي تنتهك فيها حقوق النسان فحديث العهد‪ ،‬ومع ذلك‬
‫وجدت اتجاهات ثلثة فيما يتعلق بالتدخل النساني لحماية حقوق النسان ‪:‬‬
‫‪ -1‬اتجاه ينطلق من ضرورة التدخل في حالت معينة ‪ ،‬فيرى أصحابه ان التدخل النساني هو‬
‫"المساعدة باستخدام القوة‪ ،‬بهدف توفير الحماية لمواطني دولة ما إزاء المعاملة التعسفية والمتجاوزة‬
‫للحد‪ ،‬والتي لم تراع تلك الدولة ان سياستها تفترض ان تقوم على أسس من العدالة والحكمة" )‪. (40‬‬
‫‪ -2‬اتجاه يرفض فكرة التدخل النساني ‪ ،‬ويشدد على وجوب اللتزام بعدم جواز استخدام القوة لي‬
‫سبب كان فيما عدا حالة الدفاع الشرعي عن النفس‪ .‬لكن البعض من أصحاب هذا الرأي يميز بين‬
‫التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما ولو لعتبارات انسانية ‪ ،‬وبين المهام النتقادية لمواطنيها‪ ،‬أو‬
‫للفراج عن الرهائن )‪. (41‬‬
‫‪ -3‬أما التجاه الثالث فيرى ان التدخل النساني هو" رد فعل ملزم للنتهاك الصارخ لحقوق النسان "‬
‫)‪. (42‬‬
‫ويرى انصاره جواز شن الحرب دفاعًا عن حقوق النسان والحريات العامة التي تتعرض لنتهاكات‬
‫جسيمة‪ .‬كما في حالت التطهير العرقي وابادة الجنس البشري أو القتل الجماعي ‪.‬‬

‫‪-43-‬‬

‫المطلب الول ‪ -‬مشروعية التدخل الدولي لحماية حقوق النسان ‪.‬‬


‫ان التدخل الدولي لسباب انسانية له انصاره الذين يدافعون عنه ليس لغايته‪ ،‬بل يرونها وسيلة لحماية‬
‫النسان ‪ ،‬وبرأيهم لم تعد علقة الدولة مع مواطنيها أمرًا داخليًا يمنع على الدول الخرى من التدخل في‬
‫أمرها بشأن القضايا المتعلقة بالوضاع النسانية‪ .‬وتختلف الوضاع النسانية المزرية من دولة الى‬
‫أخرى ‪ -‬رغم عدم جوازها ‪ -‬ففي بعضها تصل تلك الوضاع الى حد الكوارث تمتد بآثارها الى دول‬
‫أخرى‪ ،‬لذلك لم يعد المر في هذه الوضاع يخص الدولة المعنية ‪ ،‬المر الذي يكون من الواجب التدخل‬
‫لوضع حد لتلك النتهاكات الكارثية كالجرائم ضد النسانية وإبادة الجنس البشري )‪. (43‬‬
‫وقد عبر الدكتور بطرس غالي المين السابق للمم المتحدة في كلمته الفتتاحية أمام المؤتمر العالمي‬
‫حول حقوق النسان المنعقد في فيينا عام ‪ 1993‬بقوله "إن المجتمع الدولي يوكل الى الدولة مهمة تأكيد‬
‫حماية الفراد ‪ ،‬ولكنه حال خرق هذه الدول للمبادئ الساسية التي وضعها الميثاق‪ ،‬فان ذلك يوجب‬

‫على المجتمع الدولي أن يعمل محل الدولة حال فشل الخيرة في التزاماتها" )‪. (44‬‬
‫يتبين مما سبق ان علقة الدولة مع مواطنيها لم تعد أمرًا داخليًا‪ ،‬خاصة إذا ما أدى سلوك الدولة نحو‬
‫مواطنيها الى كوارث انسانية تمتد بآثارها الى دول اخرى ‪ ،‬ولهذا يبرر انصار التدخل الدولي لسباب‬
‫انسانية مشروعية التدخل ‪ ،‬ويرون ان قدسية المفهوم التقليدي للسيادة الوطنية الذي كان يشكل عائقًا أمام‬
‫التدخل الدولي لحماية النسان قد بدأ يتراجع أمام اهتمام المجتمع الدولي بتلك القضايا ‪ ،‬وبضرورة‬
‫احترام السلطات في الدولة لحقوق الفراد وكذلك الهتمام بقضاياه النسانية والسياسية والقتصادية‬
‫والجتماعية ‪ ،‬وإل فان المجتمع الدولي سيكون مضطرًا للتدخل تنفيذًا للمبادئ الواردة في ميثاق المم‬
‫المتحدة والعلن العالمي لحقوق النسان والتفاقيات الدولية المتعلقة بالوضاع النسانية ‪ ،‬وخاصة‬
‫بعد أن أنتقل القانون الدولي النساني من العرف الى التقنين والتدويل ‪.‬‬

‫أوًل ‪ :‬تدويل قواعد حقوق النسان ‪.‬‬


‫كانت القواعد المتعلقة بحقوق النسان تعتبر من صميم السلطان الداخلي للدول التي يحرم التدخل من‬
‫اجلها في شؤون الدول الخرى ‪،‬حيث نصت المادة ‪2/‬ف ‪ /7‬من ميثاق المم المتحدة ‪ ،‬على عدم جواز‬
‫التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما‪ .‬ورغم اعتبار مبدأ عدم التدخل من‬
‫المبادئ الساسية التي تعمل هيئة المم المتحدة وفقها ‪ ،‬إل ان استثناًء ورد في ميثاق المم المتحدة‬
‫بموجب الفصل السابع بشأن تهديد المن والسلم الدوليين أو الخلل به أو حالة وقوع عمل من أعمال‬
‫العدوان ‪،‬أن يدعو مجلس المن المتنازعين ‪ ،‬للخذ بما يراه ضروريًا أو مستحسنًا من تدابير مؤقتة‪،‬أما‬
‫إذا رأى مجلس المن إن التدابير المؤقتة والمنصوص عليها في المادة ‪ /14/‬لتفي بالغرض جاز له‬
‫بطريقة القوات الجوية والبحرية من العمال ‪ ،‬ما يلزم لحفظ السلم والمن الدولي‪،‬أو إعادته الى‬
‫نصابه ‪.‬‬
‫ورغم ان المقصود به هو حالت تهديد السلم والمن الدولي للخطر إل ان هذا ل يستبعد أن يكون‬
‫التدخل مشروعًا لجل الحماية النسانية ‪ ،‬وخاصة إذا ما أدى سلوك الدول الى انتهاكات خطيرة قد تمتد‬
‫تأثيراتها الى دول أخرى مما يهدد المن والسلم الدوليين للخطر‪ .‬كما ان عدم التدخل الذي ورد في مواد‬
‫ميثاق المم المتحدة لم يتم تحديده ‪ ،‬بل ترك ذلك للتطورات التي تحدث في مجال العلقات الدولية‪.‬‬
‫وبمرور اكثر من خمسون عامًا على نشأة المم المتحدة الى يومنا هذا انتقل الكثير من المور التي‬
‫كانت تعتبر من صميم السلطان الداخلي للدول ‪ ،‬الى مجال الهتمام الدولي‪،‬وأصبح التدخل لجلها في‬
‫شؤون الدول مشروعًا ‪ ،‬وهذا ما نلحظه في مسائل الصلحات الديمقراطية والرهاب وحقوق‬
‫النسان‪.‬‬
‫ورغم النص على ضرورة احترام حقوق النسان في ميثاق المم المتحدة ال انه لم ينشأ التزامات على‬
‫عاتق الدول ‪ ،‬ما يستوجب احترامها ‪ ،‬كما لم يقرر عقوبات عليها في حالة انتهاكها )‪ . (45‬لكن‬
‫التفاقيات الدولية المبرمة واللحقه على ميثاق المم المتحدة بدءًا من العلن العالمي لحقوق النسان‬
‫عام ‪ 1948‬الصادر عن الجمعية العامة للمم المتحدة استطاعت أن تخفف من وطأة النظمة التي‬
‫أنتهكت وتنتهك حقوق النسان ‪ ،‬كما استطاعت بموجب تلك التفاقيات أن تساعد الكثير من الشعوب‬
‫‪- 44 -‬‬
‫التي عانت من سلوك الحكومات في انقاذهم من جرائم ابادة الجنس البشري وغيرها ‪ ،‬كما في جنوب‬
‫العراق وشماله عندما تعرض الشيعة ‪ ،‬والكراد لجرائم البادة والجرائم ضد النسانية ‪ ،‬بغض النظر‬
‫إذا ما كانت المنظمة الدولية أو المنظمات القليمية قد نجحت في كل مساعيها في مختلف الزمنة‬
‫والمكنة أم ل‪.‬‬

‫ثانيًا‪ -‬القانون الدولي و مشروعية التدخل الدولي النساني ‪.‬‬


‫‪ -1‬ميثاق المم المتحدة ‪:‬‬
‫وقع ميثاق المم المتحدة في ‪ 26‬حزيران عام ‪ 1945‬في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر المم المتحدة‬
‫الخاص بنظام الهيئة الدولية ‪.‬‬
‫وحسب ما جاء في الديباجة ‪ ،‬آل شعوب المم المتحدة على انفسهم أن ينقذوا الجيال المقبلة من ويلت‬
‫الحرب ‪ ،‬كما أكدوا من جديد ايمانهم بالحقوق الساسية للنسان وبكرامة الفرد وقدره ‪ ،‬وبما يكون‬
‫للرجال والنساء حقوقًا متساوية ‪ ،‬كما وللمم الصغيرة نفس الحقوق التي للكبيرة ‪.‬‬
‫كما وقد ركزت الديباجة أيضًا على الحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام اللتزامات‬
‫الناشئة عن المعاهدات ‪ ،‬وغيرها من مصادر القانون الدولي ‪ ،‬وان يدفعوا بالرقي الجتماعي قدمًا ‪،‬‬
‫وأن يرفعوا مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح ‪.‬‬
‫ان ديباجة ميثاق المم المتحدة ‪ ،‬ل يمكن فصلها عن مواده ‪ ،‬بل كلها جزء ل يتجزء ‪ ،‬بمعنى ان حقوق‬
‫النسان الساسية ‪ ،‬والمكرسة في الديباجة ‪ ،‬هي صحته ومعيشته وأمنه وأمانه‪ ،‬وهي كلها حقوقًا‬
‫شخصية يلمس النسان والمجتمع ‪ ،‬وبهذا قد منع الميثاق على الدول القدام على ما يخالف ذلك ‪،‬‬
‫فتلك الحقوق أصبحت معنية بها بموجب القانون الدولي ‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪1/‬ف ‪ /3‬من الميثاق على تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة‬
‫القتصادية والجتماعية والثقافية والنسانية‪ ،‬وعلى تعزيز احترام حقوق النسان وحرياته الساسية‬
‫دون أي تمييز بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين ‪ ،‬وكما لم يفرق بين النساء والرجال ‪.‬‬
‫وقد حسمت المادة ‪ 4/‬ف ‪ /1‬بان العضوية في المم المتحدة تكون للدول المحبة للسلم ‪ ،‬وتلتزم بما‬
‫يتضمنه الميثاق ‪ ،‬وبهذا حمل الميثاق التزامًا على عاتق الدول العضاء ‪،‬عليهم تنفيذها ‪ ،‬دون أي مجال‬
‫للتنحي عن التزاماتهم تلك ‪ ،‬وقد جاءت صياغة المادة المذكورة بعبارتها الصريحة دون اي لبس أو‬
‫غموض ‪.‬‬
‫وقد أوكلت المادة ‪ /10/‬من الميثاق‪ ،‬للجمعية العامة ‪ ،‬مناقشة كافة المسائل التي تدخل في نطاق الميثاق‬
‫‪ ،‬وباعتبار ان المسائل المتعلقة بالحقوق والحريات هي من صلب الميثاق ‪ ،‬لذلك تدخل في نطاق‬
‫المناقشة وتوصي بها اعضاء الهيئة أو مجلس المن أو كليهما بما تراه مناسبًا ‪.‬‬
‫ولمجلس المن ‪ ،‬بموجب الفصل السابع ‪ ،‬أن يتخذ ما يراه ضروريًا أو مستحسنًا من تدابير مؤقتة ‪،‬‬
‫ويجوز لمجلس المن أن يقرر التدابير التي ل تتطلب استخدام القوة ‪ ،‬مثل وقف العلقات القتصادية‬
‫والمواصلت بأشكاله المختلفة وقفًا جزئيًا أو كليًا ‪ ،‬وقطع العلقات الدبلوماسية ‪ ،‬أما إذا رأت ان تلك‬
‫التدابير ل تفي بالغرض ‪ ،‬فلها أن تستعمل القوة لحفظ السلم والمن ‪ ،‬وكثيرًا ما أصبحت ارتكاب‬
‫الجرائم بحق النسانية في دولة ما تهديدًا للمن والسلم الدوليين ‪ ،‬خاصة في حالت امتداد تأثير تلك‬
‫الجرائم الى الدول الخرى ‪ ،‬مما استوجب تدخل المم المتحدة لوقف تلك النتهاكات باستعمال القوة ‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ /55/‬تأكيدًا على إشاعة احترام ومراعاة حقوق النسان وحرياته الساسية بل تمييز‪،‬‬
‫كما أكدت على عملها في تحقيق مستوى أعلى للمعيشة ‪ ،‬وتوفير أسباب الستخدام المتصل لكل فرد‬
‫والنهوض بعوامل التطور والتقدم القتصادي والجتماعي ‪.‬‬

‫وعاد الميثاق ليذكر المم في المادة ‪ /56/‬بتعهد جميع العضاء ‪ ،‬منفردين أو مشتركين ‪ ،‬بما يجب‬
‫عليهم من عمل بالتعاون مع الهيئة لما جاء في المادة ‪ . /55/‬وقد جاءت العلنات ‪ -‬العلن العالمي‬
‫لحقوق النسان ‪ -‬والتفاقيات الدولية تكريسًا لما جاء في الميثاق وتقريرًا للحقوق والحريات ‪.‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫‪ -2‬العلن العالمي لحقوق النسان ‪.‬‬
‫صدر العلن العالمي لحقوق النسان عن الجمعية العامة للمم المتحدة في ‪ 10‬كانون الول‬
‫‪1948‬على شكل مناداة ‪ ،‬كما ورد في الديباجة " فان الجمعية العامة تنادي بهذا العلن العالمي لحقوق‬
‫النسان‪ "...‬كما واعتبرت الديباجة ‪ ،‬العلن ‪ ،‬يشكل مستوى ينبغي ان تستهدفه كافة الشعوب والمم ‪،‬‬
‫بمعنى ان يكون بما ورد في العلن ‪ ،‬من مبادئ ‪،‬أهدافًا على الشعوب والمم السعي لبلوغها ‪ .‬ولجل‬
‫ذلك البلوغ ‪ ،‬لبد من وجود آليات ‪ ،‬للسير عليه حتى يتم ذلك البلوغ بهدف اسعاد البشرية من خلل‬
‫العيش الحر والكريم للنسان ‪ ،‬وتلك الليات ‪ ،‬من وجهة نظري ‪ ،‬تكمن في التفاقيات الدولية اللحقة‬
‫على العلن ‪ ،‬أما العلن نفسه رغم نشره للحقوق التي يجب ان يتمتع بها النسان ‪ ،‬فلم تصبح هي‬
‫المسعى ‪ ،‬بل توطيد واحترام ما ينص عليه من خلل التعليم والتربية ‪ ،‬واتخاذ اجراءات مطردة قومية ‪،‬‬

‫وعالمية لضمان العتراف بها ‪ ،‬ومراعاتها بصورة عالمية فعالة ‪ .‬وأرى من جانبي ان الجراءات‬
‫القومية والعالمية تكمن في وجوب ادراج نصوص العلن في الدساتير‪ ،‬والنص عليها في القوانين ‪،‬‬
‫وادراجها في المناهج الدراسية ‪.‬‬
‫وقيمة العلن تكمن في كونها مبادئ ‪ ،‬ل يجوز للدول تركها دون ان تنص دساتيرها وقوانينها عليها ‪.‬‬
‫وقد انقسم الفقه حول القيمة القانونية للعلن من حيث الزام الدول أو عدم الزامهم في تبنيه ‪ ،‬رغم عدم‬
‫وجود مايشير في العلن من عقوبات على الخلل به الى ‪:‬‬
‫ا‪ -‬اتجاه يرى التشكيك في القيمة القانونية للعلن العالمي لحقوق النسان ‪ ،‬كون صياغته يحتوي على‬
‫عبارات تنطوي على الدعوات ‪ ،‬والمتيازات ‪ ،‬كما ان صدوره عن الجمعية العامة للمم المتحدة في‬
‫شكل توصيات ‪ ،‬والتي تختلف عن القرارات ‪ ،‬لذلك ل يتمتع بأية قيمة إلزامية )‪. (46‬‬

‫ب‪ -‬اتجاه يرى بان العلن يتمتع بقيمة معنوية وأدبية ‪ ،‬كونه أول وثيقة عالمية صادرة عن منظمة‬
‫دولية بالجماع دون اعتراض من اي دولة‪ ،‬بالضافة الى تبني الكثير من الدول لنصوصه في دساتيرها‬
‫وتشريعاتها )‪.(47‬‬

‫‪ -3‬اتفاقية منع جريمة البادة الجماعية والمعاقبة عليها ‪.‬‬


‫اعتمدت هذه التفاقية وعرضت للتوقيع والتصديق ‪ ،‬أو للنضمام بقرار الجمعية العامة رقم ‪ 260‬ألف )‬
‫د‪ ( 3-‬المؤرخ في ‪ 9‬كانون الول ‪ 1948‬ليبدأ نفاذه في ‪ 12‬كانون الول ‪ 1951‬وفقًا لحكام المادة ‪/13/‬‬
‫حيث رأت الجمعية العامة وأعلنت ان البادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي‪ ،‬وجاءت المادة ‪/‬‬
‫‪ /1‬من التفاقية لتعلن مصادقة الطراف المتعاقدة على اعتبار البادة الجماعية ‪ ،‬سواء في أيام السلم أو‬
‫أثناء الحرب ‪ ،‬هي جريمة بمقتضى القانون الدولي وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها ‪.‬‬
‫وقد بينت المادة ‪/ 3/‬منها ‪ ،‬بان العقاب يشمل الفاعلين ‪ ،‬والمتآمرين ‪،‬والمحرضين‪ ،‬والذين يحاولون‬
‫ارتكاب البادة الجماعية ‪ ،‬وكذلك المشاركون في جرائم البادة الجماعية ‪.‬‬
‫ولم تستثنى التفاقية أحدًا ‪ ،‬من الذين حددتهم المادة الثالثة ‪ ،‬من العقاب سواًء أكانوا حكامًا دستوريين ‪،‬‬
‫أم موظفين عاديين ‪ ،‬أم أفرادًا ‪ ،‬اي ان انزال العقوبة يشمل حتى رئيس الدولة اذا ما اتهم بتلك الفعال ‪.‬‬
‫وقد جاء عدم الستثناء من العقوبة كي ل يفلت الحكام من العقوبة بدعوى الحصانة التي يتمتعون بها ‪،‬‬
‫إضافة الى امكانية المحاكمة خارج الدولة المعنية لعتبارات حسن سير عملية المحاكمة ‪ ،‬فكثيرًا ما‬
‫تخضع المحاكمات الوطنية في سيرها تحت تأثير أصحاب النفوذ ‪ ،‬مما يفقد القضاء استقلليته فيفلت‬
‫الجاني من العقاب ‪.‬‬
‫ويلحظ من نص المادة ‪ /8/‬عدم سريان التفاقية على الطراف الموقعة فقط ‪ ،‬بل يشمل جميع الدول ‪،‬‬
‫بدللة قبول اجهزة المم المتحدة لطلب أحد الطراف المتعاقدة ‪،‬من اتخاذ ما تراه مناسبًا من التدابير‬
‫لمنع وقمع أفعال البادة الجماعية ‪ ،‬أو أي من الفعال الخرى ‪ ،‬المذكورة في المادة الثالثة ‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة ل تقوم اجهزة المم المتحدة باتخاذ التدابير بناًء على ان تلك الفعال تشكل تهديدًا للسلم‬
‫والمن الدوليين ‪ ،‬بل تتخذ التدابير باعتبار ان جريمة البادة الجماعية قد وقعت وخاصًة اذا ما شكلت‬
‫تلك الجريمة تهديدًا للسلم والمن الدوليين‪ ،‬أواذا كان هناك تآمرًا على ارتكابه ‪ ،‬أو تحريضًا ‪ ،‬أو‬
‫‪- 46 -‬‬
‫محاولة ‪ ،‬بمعنى انه يجوز لجهزة المم المتحدة المختصة اتخاذ التدابير حتى قبل وقوع جريمة البادة‬
‫الجماعية ‪ ،‬أي انه من الجائز التدخل واتخاذ ما تراه المم المتحدة مناسبًا ‪ ،‬وقاية للجماعة البشرية من‬
‫جريمة البادة الجماعية التي تنتظره ‪ ،‬كون جريمة البادة الجماعية تعتبر من أشد الجرائم خطورة‬
‫موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره كما جاء في المادة ‪ /5/‬من نظام روما الساسي للمحكمة الجنائية‬
‫الدولية المعتمد من قبل مؤتمر المم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة‬
‫جنائيةدوليةبتاريخ ‪ 17‬تموز ‪ 1998‬تاريخ النفاذ ‪ 1‬حزيران ‪ ، 2001‬ولخطورتها تلك أصبحت واحدة‬
‫من الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص محكمة الجنايات الدولية بجانب الجرائم ضد النسانية –‬
‫وجرائم الحرب – وجريمة العدوان‪.‬‬
‫وتطابقت المادة ‪ /6/‬من نظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية مع المادة ‪ /2/‬من اتفاقية منع‬
‫جريمة البادة الجماعية والمعاقبة عليها ‪ ،‬في توصيف البادة الجماعية بانها تعني أيًا من الفعال التالية‬
‫المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية ‪ ،‬أو اثنية ‪ ،‬أو عنصرية ‪ ،‬أو دينية بصفتها هذه ‪:‬‬
‫‪ -1‬قتل اعضاء من الجماعة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحاق اذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬إخضاع الجماعة ‪ ،‬عمدًا ‪ ،‬لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا ‪.‬‬
‫ء‪ -‬فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الطفال داخل الجماعة ‪.‬‬
‫ه‪ -‬نقل اطفال من الجماعة ‪ ،‬عنوة الى جماعة أخرى ‪.‬‬
‫ول يجب أن ينسى بان الختصاص الزمني لمحكمة الجنايات الدولية بموجب المادة ‪ /11/‬اختصاص‬
‫النظر فقط فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام ‪ ،‬أي اعتبارًا من ‪ 1‬حزيران ‪2001‬‬
‫بموجب المادة ‪. /126/‬‬
‫أما بشأن جرائم البادة وجرائم ضد النسانية المرتكبة قبل ذلك التاريخ فهي ل تخضع للتقادم الزمني‬
‫بموجب ‪:‬‬
‫اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد النسانية ‪ ،‬المؤرخ في ‪ 26‬تشرين الثاني ‪1968‬‬
‫تاريخ النفاذ ‪ 11‬تشرين الثاني ‪. 1970‬‬
‫فقد نصت المادة ‪ /1/‬منها ‪ ،‬بانه ل يسري أي تقادم على الجرائم التالية بصرف النظر عن وقت‬
‫ارتكابها ‪:‬‬
‫‪ -1‬جرائم الحرب ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجرائم المرتكبة ضد النسانية ‪ ،‬سواء في زمن الحرب أو في زمن السلم ‪ ،‬والطرد بالعتداء‬
‫المسلح أو الحتلل ‪ ،‬والفعال المنافية للنسانية والناجمة عن سياسة الفصل العنصري ‪ ،‬وجريمة‬
‫البادة الجماعية ‪ ،‬كما واعتبرت التفاقية في ديباجتها ان انتهاك حقوق سكان البلد الصليين‬
‫القتصادية والسياسية من ناحية ‪ ،‬وسياسة الفصل العنصري ‪ ،‬جريمتان ضد النسانية ‪.‬‬
‫وبالضافة الى ميثاق المم المتحدة والعلن العالمي لحقوق النسان والتفاقيات الدولية المذكورة‬
‫سابقًا ‪ ،‬هناك الكثير من التفاقيات الدولية الخرى التي تناولت المسائل المتعلقة بحماية حقوق النسان‬
‫وحرياته الساسية مثل ‪:‬‬
‫‪ -1‬اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي لعام ‪. 1948‬‬
‫‪ -2‬التفاقية الخاصة بوضع اللجئين لعام ‪. 1951‬‬
‫‪ -3‬اتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة لعام ‪. 1952‬‬
‫‪ -4‬التفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري لعام ‪.1965‬‬
‫‪ -5‬العهد الدولي الخاص بالحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية لعام ‪. 1966‬‬
‫‪ -6‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام ‪. 1966‬‬
‫‪ -7‬التفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها لعام ‪. 1976‬‬
‫‪ -8‬اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام ‪. 1979‬‬
‫‪ -9‬اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة‬
‫لعام ‪. 1984‬‬
‫‪ -10‬اتفاقية حقوق الطفل لعام ‪. 1989‬‬
‫كما وهناك الكثيرمن التفاقيات الدولية المعنية بالحقوق والحريات الساسية للنسان ‪.‬‬
‫‪- 47 -‬‬
‫لذلك لم تبقى مسائل حقوق النسان حبيسة الدولة ‪ ،‬ضمن حدودها الدولية‪ ،‬بل أصبحت تنتقل رويداً‬
‫رويدًا من الختصاص الداخلي للدولة الى مجال الهتمام الدولي ‪ ،‬بدءًا من تاريخ انشاء منظمة المم‬
‫المتحدة ‪ ،‬وسريان ميثاقها وابرام الكثير من المعاهدات والتفاقيات الدولية ‪ ،‬والعلنات الصادرة من‬
‫المنظمات الدولية ‪ ،‬والقليمية واجهزتها المتخصصة ‪ ،‬فأصبحت تلك المسائل تنظم وتحمى بموجب‬
‫القانون الدولي ‪ ،‬وتشرف على تطبيقها واحترامها المنظمات والمحاكم الدولية ‪ ،‬مما أدى الى عدم‬
‫امكانية الفراد سواًء أكانوا حكامًا دستوريين ‪ ،‬أم افرادًا عاديين ‪ ،‬من القدام على انتهاك واهدار حقوق‬
‫النسان ‪ ،‬وحرياته الساسية ‪ ،‬دون أن يفلتوا من الملحقة القضائية ‪ ،‬وطنية كانت ام دولية ‪.‬‬

‫ثالثًا – المم المتحدة والتدخل الدولي النساني ‪.‬‬


‫أ ‪ -‬فترة ما قبل ‪: 1990‬‬
‫لقد كانت جهود المم المتحدة حثيثة منذ نشأتها في العمل على تحقيق المقاصد التي أنشأت من أجلها‪،‬‬
‫وكانت نظرتها الى مسألة التدخل الدولي النساني ليست على وتيرة واحدة‪ ،‬حيث أتخذت السياسة‬
‫ى جديدًا‪،‬بدأت بها الوليات المتحدة‬‫الدولية بانتهاء الحرب الباردة وانهيار التحاد السوفياتي منح ً‬
‫المريكية في ظل القطبية الحادية وأصبحت المسائل المتعلقة بحقوق النسان والديمقراطية ومحاربة‬
‫الرهاب ‪ -‬التي بلغت أوجها بعد أحداث سبتمبر‪ -‬على رأس مهام الدول القوية‪ ،‬وخاصة أمريكا‪،‬‬
‫وجعلتها ذريعة للتدخل في شؤون الدول حتى ولو لم تحظى على موافقة المنظمة الدولية ‪ -‬المم‬
‫المتحدة‪ -‬إل فيما بعد ‪ .‬كما ان المم المتحدة نفسها اتخذت لها مسارًا جديدًا بدءًا من نهاية الحرب الباردة‬
‫في بداية التسعينات من القرن الماضي حيث أعطت أهمية أكثر لمسائل حقوق النسان وحرياته‪ ،‬وقد‬
‫جاء ذلك على لسان المين السابق للمم المتحدة السيد بطرس غالي في كلمته الفتتاحية أمام المؤتمر‬
‫العالمي حول حقوق النسان المنعقد في فيينا عام ‪ 1993‬بقوله "إن المجتمع الدولي يوكل الى الدولة‬
‫مهمة تأكيد حماية الفراد ولكنه حال خرق هذه الدول للمبادئ الساسية التي وضعتها الميثاق ‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يوجب على المجتمع الدولي أن يحل محل الدولة حال فشل الخيرة في التزاماتها " ‪.‬‬
‫كما ان تقرير السيد بطرس غالي المين السابق للمم المتحدة الذي قدمه بناء على دعوة مجلس المن‬
‫المؤرخ في ‪ 31‬كانون الثاني ‪ 1992‬جاء فيه‪:‬‬
‫ل – السياق المتغير ‪..........‬‬
‫" أو ً‬
‫‪ -8‬خلل السنوات القليلة الماضية ‪ ،‬انهار الحاجز اليديولوجي الهائل ‪ ....‬وتداعت أدوات الدمار‬
‫الرهيبة التي لزمتها ‪...‬‬
‫‪ -9‬لقد حلت قوى اكثر ديمقراطية وحكومات اكثر استجابة محل النظمة التسلطية ‪. "...‬‬
‫حيث يبين المين العام تسلطية نظام التحاد السوفياتي وايديولوجيته التي أثارت على مدى عقود من‬
‫الزمن‪،‬حالة من عدم الثقة والعداء ‪ .‬وقد تداعت الن وانهارت أدوات الدمار الرهيبة التي لزمتها كما‬
‫يبين في تقريره بان على الدول ان تتخلى عن بعض امتيازاتها السيادية لصالح الترابطات السياسية‬
‫المشتركة الوسع ‪.‬‬
‫ففي هذه الفترة أي ما قبل ‪ 1990‬كان تدخل المم المتحدة بشكل فعلي يقتصر على اصدار القرارات‬
‫والتوصيات دون أن تتدخل في شؤون الدول على أساس أعمال قواعد حقوق النسان‪،‬وكانت تتمسك‬
‫بضرورة موافقة الدول المعنية حتى تمكنها المشاركة في التدخل النساني)‪ ،(48‬كما في تدخلها في‬
‫نيجيريا حول اقليم بيافر سنة ‪ 1967‬لتقديم المساعدات النسانية لضحايا الصراع المسلح بناًء على‬
‫موافقة الحكومة الفيدرالية هناك )‪. (49‬‬
‫وقد جاء في قرار الجمعية العامة رقم ‪ 103‬بشأن عدم جواز التدخل بجميع انواعه في الشؤون الداخلية‬
‫الصادر في ‪ 9‬كانون الول عام ‪ 1981‬على ان " واجب في المتناع عن استغلل وشؤون قضايا‬
‫حقوق النسان كوسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول أو لممارسة الضغط على دول أخرى أو خلق‬
‫عدم الثقة والفوضى خارج الدول " ‪،‬مما يشير بان التوجه نحو التدخل الدولي النساني في شؤون‬
‫الدول لحماية حقوق النسان أصبح ملحًا وضروريًا في فترة ما بعد ‪.1990‬‬
‫ب ‪ -‬فترة ما بعد ‪ : 1990‬في معرض حديث للسيد بطرس غالي المين العام السابق للمم المتحدة في‬
‫مقابلته مع العربية بتاريخ الحد ‪26/9/2004‬‬
‫قال ‪ " :‬قبل نهاية الحرب الباردة كان من الصعب للمم المتحدة أن تتدخل في الشئون الداخلية للدول ‪.‬‬
‫‪-49-‬‬
‫ل أختارت النظام الشيوعي ‪ .‬وعندما انتهت الحرب‬ ‫ل أختارت النظام الديمقراطي الغربي‪،‬ودو ً‬ ‫لن دو ً‬
‫الباردة وأصبح النظام السائد في مختلف انحاء العالم هو الديمقراطي ‪ ،‬حينئذ استطعنا أن نربط بين‬
‫حقوق النسان والديمقراطية ‪،‬على أساس ان حكومة غير ديمقراطية ل تستطيع أن تدافع عن حقوق‬
‫النسان ‪ ،‬وبالتالي انفتحت الى حد ما امكانية تدخل المنظمات القليمية الى جانب المم المتحدة لكي‬
‫تطلب الى جانب الدفاع عن حقوق النسان‪،‬الدفاع عن النظام الديمقراطي ‪ ،‬على أساس ان النظام‬
‫الديمقراطي هو الوحيد الذي يستطيع أن يحمي حقوق النسان" ‪.‬‬
‫وسأعرض هنا أمثلًة ثلثة في سياق حديث السيد بطرس غالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬العراق‬
‫ان النتهاكات التي تعرض لها الشعب العراقي ‪ ،‬من اهدار الحقوق والقصاء عن الحياة السياسية‬
‫والجتماعية والقتصادية ‪ ،‬وصل الى الحد الذي امتدت نتائجها الى الدول المجاورة ‪ ،‬و الى المجتمع‬
‫الدولي ‪ ،‬وخاصة النتهاكات بحق الشيعة والكراد والتي ازدادت اكثر اثناء الحرب العراقية اليرانية ‪،‬‬
‫وما تبعها من استعمال السلح الكيميائي في الشمال ضد الكراد والجنوب والوسط ضد الشيعة ‪ ،‬كما‬
‫امتد الى الثروة المائية ‪ ،‬والبيئة الطبيعية من تسميم وتجفيف الهوار‪ ،‬وجرف مزارع النخيل بهدف‬
‫القضاء على شيعة العراق وعلى ثروة مناطقه ‪ ،‬الى أن أصدر مجلس المن قراره رقم ‪ 688‬المؤرخ‬
‫في ‪ 5‬نيسان ‪ 1991‬والذي جاء فيه ‪:‬‬
‫" ‪ -1‬يدين القمع الذي تتعرض له السكان المدنيون‪،‬العراقيون في اجزاء كثيرة من العراق ‪ ،‬والذي شمل‬
‫مؤخرًا المناطق السكانية الكردية ‪ ،‬وتهدد نتائجه السلم والمن الدوليين في المنطقة ‪.‬‬
‫‪ -2‬يطالب بأن يقوم العراق على الفور كاسهام منه في ازالة الخطر الذي يتهدد السلم والمن الدوليين‬
‫في المنطقة‪ ،‬بوقف هذا القمع ‪ ،‬ويعرب عن المل في السياق نفسه في إقامة حوار مفتوح لكفالة احترام‬
‫حقوق النسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين العراقيين ‪.‬‬
‫‪ -3‬يصر على أن يسمح العراق ‪ ،‬بوصول المنظمات النسانية الدولية على الفور الى جميع من‬
‫يحتاجون الى المساعدة في جميع أنحاء العراق‪ ،‬ويوفر جميع التسهيلت اللزمة لعملياتها" ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصومال‬
‫كان من نتائج الحرب الهلية التي اندلعت في الصومال بعد سقوط نظام سياد بري في ‪ 1991‬مقتل ما‬
‫يقارب ‪ /300/‬الف شخص‪ ،‬وهجرة مليوني صومالي كلجئين الى الدول المجاورة لها ‪ .‬فأصدر مجلس‬
‫المن القرار ‪ 733‬في ‪ 23‬كانون الثاني لعام ‪ 1992‬معتبرًا ان استمرار تلك الوضاع يشكل تهديدًا‬
‫للمن والسلم الدوليين ‪ ،‬وطالب الى المين العام للمم المتحدة‪ ،‬باقناع الطراف المتحاربة بوقف‬
‫اطلق النار والسماح بوصول الغاثات النسانية ‪ ،‬وتضمن القرار بندًا بموجب الفصل السابع ‪ ،‬يفرض‬
‫ل على توريد السلحة والمعدات العسكرية للفصائل المتحاربة ‪ ،‬بهدف تحقيق السلم‬ ‫فيه حظرًا شام ً‬
‫والستقرار ‪.‬‬
‫كما واصدر قرارًا آخر برقم ‪ (1992) 775‬هدد فيه باستعمال سلطاته بموجب الفصل السابع من‬
‫الميثاق ‪ ،‬كما اثنى فيه بجهود المين العام على المبادرة التي اتخذها في الميدان النساني ‪ ،‬وشعر بالقلق‬
‫من ان استمرار الحال هذه يشكل ‪ -‬كما جاء في تقرير المين العام ‪ -‬تهديدًا للسلم والمن الدوليين‬
‫‪،‬ويطلب من المين العام ‪ ،‬أن يتطلع فورًا بالجراءات اللزمة لزيادة المساعدة النسانية التي تقدمها‬
‫المم المتحدة ‪ ،‬ووكالتها المتخصصة الى السكان المتضررين في جميع انحاء الصومال ‪ ،‬كما ويطلب‬
‫من المين العام ‪ ،‬أن يقوم بالتعاون مع المين العام لمنظمة الوحدة الفريقية ‪ ،‬والمين العام لجامعة‬
‫الدول العربية ‪ ،‬بالتصال فورًا بجميع الطراف المشتركة في ذلك الصراع ‪ ،‬والتماس التزامها بوقف‬
‫العمال العدائية لتاحة توزيع المساعدة النسانية والتشجيع على اللتزام بوقف اطلق النار‪،‬‬
‫والمتثال‬
‫له والمساعدة في عملية ايجاد تسوية سياسية للصراع في الصومال ‪ ،‬ويحث بشدة جميع أطراف‬
‫الصراع على أن توقف العمال العدائية فورًا‪ ،‬وتتفق على وقف لطلق النار وتعزيز عملية المصالحة‬
‫والتسوية السياسية في الصومال ‪ .‬وجاء في البند الخامس من القرار ‪ ،‬استعماله لسلطته بموجب الفصل‬
‫السابع من الميثاق ‪ ،‬على أن تقدم جميع الدول فورًا من أجل تحقيق مقاصد اقرار السلم والستقرار في‬
‫الصومال ‪ ،‬بتنفيذ حظر عام كامل على تسليم أي نوع من انواع السلحة ‪ ،‬والمعدات العسكرية‬
‫للصومال ‪ ،‬الى أن يقرر المجلس خلف ذلك ‪ .‬كما واصدرالمجلس القرار رقم ‪ 794‬في ‪ 3‬كانون الول‬
‫‪ 1992‬جاء في البند ‪ /7/‬منه ‪ ،‬ان مجلس المن يؤيد توصية المين العام الواردة في رسالته المؤرخة‬
‫‪-50-‬‬
‫في ‪ 29‬تشرين الثاني ‪ 1992‬باتخاذ تدابير‪ ،‬بموجب الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة ‪ ،‬من اجل‬
‫تهيئة بيئة آمنة لعمليات الغاثة النسانية في الصومال في أسرع وقت ممكن ‪.‬‬
‫أما البند ‪ /10/‬نص على اذن المجلس ‪ ،‬بموجب الفصل السابع من الميثاق‪ ،‬للمين العام وللدول‬
‫العضاء والمتعاونة في تنفيذ العرض المشار اليه في الفقرة ‪ /8/‬أعله باستخدام كل الوسائل اللزمة‬
‫لتهيئة بيئة آمنة لعمليات الغاثة النسانية في الصومال في أسرع وقت ممكن ‪.‬‬
‫كما أصدر مجلس المن القرار رقم ‪ 814‬في ‪ 26‬آذار لعام ‪ 1993‬يسلم فيه بضرورة التحول الفوري‬
‫والسلس والتدريجي لقوة العمل الموحدة الى عملية المم المتحدة الموسعة في الصومال ‪.‬‬

‫‪ -3‬يوغسلفيا‬
‫أصدر مجلس المن قراره رقم ‪ 713‬في ‪ 25‬ايلول لعام ‪ . 1991‬مبديًا فيه شعوره ببالغ القلق ازاء‬
‫القتال في يوغسلفيا ‪ ،‬الذي يسبب خسارة فادحة في الرواح وأضرارًا مادية ‪ ،‬ويساوره القلق‪،‬لن‬
‫استمرار هذه الحالة يشكل تهديدًا للسلم والمن الدوليين ‪ ،‬وإذ يشير الى مسؤوليته الرئيسية بموجب‬
‫ميثاق المم المتحدة عن صون السلم والمن الدوليين ‪ ،‬ويشير كذلك الى المبادئ ذات الصلة المجسدة‬
‫في الميثاق ‪ ،‬وإذ يحيط علمًا في هذا السياق بالعلن الذي أصدرته في ‪ 2‬أيلول ‪ 1992،‬الدول‬
‫المشاركة في مؤتمر المن والتعاون في اوربا بعدم قبول أي مكاسب أو تغيرات إقليمية داخل يوغسلفيا‬
‫تأتي عن طريق العنف ‪.‬‬
‫وقد قرر المجلس‪،‬في البند السادس‪،‬أن تنفذ جميع الدول على الفور‪،‬لغراض اقرار السلم والستقرار‬
‫ل على تسليم اية اسلحة ‪ ،‬او معدات عسكرية ليوغسلفيا ‪ ،‬حتى يقرر‬ ‫في يوغسلفيا ‪ ،‬حظرًا عامًا وكام ً‬
‫المجلس غير ذلك ‪ ،‬بعد التشاور بين المين العام وحكومة يوغسلفيا‪.‬‬
‫كما واصدر قرارًا برقم ‪ 752‬في ‪ 10‬أيار ‪ 1992‬جاء في البند ‪ /3/‬منه ‪ ،‬مطالبة المجلس بالوقف‬
‫الفوري لجميع أشكال التدخل من خارج البوسنة والهرسك‪،‬بما في ذلك من جانب وحدات الجيش الشعبي‬
‫ل عن عناصر الجيش الكرواتي‪،‬وان تتخذ جارات البوسنة والهرسك تدابيرعاجلة‬ ‫اليوغسلفي فض ً‬
‫لنهاء مثل هذا التدخل‪،‬وان تحترم السلمة القليمية للبوسنة والهرسك ‪.‬‬
‫كما طالب في النبد ‪ /4/‬بوجوب سحب وحدات الجيش الشعبي اليوغسلفي وعناصر الجيش الكرواتي‬
‫الموجودة الن في البوسنة والهرسك أو خضوعها لسلطة حكومة البوسنة والهرسك أو تسريحها ‪.‬‬
‫واكد في البند السابع من القرار‪،‬على الحاجة الملحة الى تقديم مساعدات انسانية ومادية ومالية‪،‬مع‬
‫مراعاة العدد الكبير للجئين والمشردين‪ .‬وجاء قرار مجلس المن رقم ‪ 757‬في ‪ 30‬أيار لعام ‪1992‬‬
‫ل على جمهورية يوغسلفيا )صربيا والجبل السود ( ‪.‬حيث تصرف المجلس‬ ‫ليطبق حظرًا شام ً‬
‫بموجب الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة وقرر أن تمنع جميع الدول ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ان تستورد من اقاليمها أية سلعة اساسية ومنتجات يكون منشؤها جمهورية يوغسلفيا التحادية‬
‫)صربيا والجبل السود ( وتكون مصدره منها بعد تاريخ هذا القرار ‪ .‬وكذلك قرر أن تمتنع جميع الدول‬
‫عن توفير أية أموال أو أية موارد مالية أو اقتصادية أخرى للسلطات في جمهورية يوغسلفيا التحادية‬
‫)صربيا والجبل السود ( أو لية مشاريع تجارية أو صناعية أو المرافق العامة ‪.‬‬
‫كما قرر أن تقوم جميع الدول بعدم السماح لية طائرة باقلع من اقليمها ‪ ،‬أو الهبوط فيه ‪ ،‬أو التحليق‬
‫فوقه إذا كانت متجهة الى الهبوط في اقليم جمهورية يوغسلفيا )صربيا والجبل السود ( أو كانت قد‬
‫أقلعت منه ما لم تكن تلك الرحلة بالذات كانت لغراض انسانية ‪.‬‬
‫كما قرر بتخفيف عددالموظفين في البعثات الدبلوماسية ليوغسلفيا و منع المشاركة في النشطة‬
‫الرياضية ‪ ،‬وتعليق التعاون التقني ‪.‬‬
‫وبهذه القرارات قد تم العتراف بانفصال البوسنة والهرسك من التحاد اليوغسلفي السابق وطبقت‬
‫جميع انواع الحظر على الخيرة باستثناء تقديم المعونات النسانية للجميع‪.‬‬

‫رابعًا – ضمانات حماية حقوق النسان ‪.‬‬


‫بعد انتقال المسائل المتعلقة بحقوق النسان من سلطان الختصاص الداخلي للدول الى الختصاص‬
‫الدولي‪،‬من خلل التفاقيات الدولية‪،‬وبارادات الدول ذاتها نتيجة اشتراكها وانضمامها الى تلك التفاقيات‬
‫والتزامها بنصوصها بدءًا من ميثاق المم المتحدة‪،‬أصبحت تلك القواعد ملزمة للدول‪،‬تولدت عنها‬
‫‪-51-‬‬
‫التزامات دولية بضمان احترام الحقوق والحريات الساسية للنسان‪،‬كما ان قبول الجهات المختصة في‬
‫المم المتحدة‪،‬كمجلس حقوق النسان‪،‬التقارير من الدول حول مدى احترامها للحقوق والحريات الواردة‬
‫في العهود والمواثيق الدولية‪،‬وقبولها واستقبالها للجان الدولية العاملة في مجال حقوق النسان‪،‬لزيارة‬
‫الدول ورصدها لوضاع حقوق النسان‪،‬ومنها زيارة السجون والتعرف على واقع المساجين‪،‬مما يدل‬
‫على ان الدول قبلت بالتزاماتها حيال تلك المسائل‪،‬كونها أصبحت قواعد قانونية آمرة‪،‬تتعلق بالنظام‬
‫القانوني الدولي‪،‬ومخالفتها تستوجب الملحقة القضائية وانزال العقاب على مرتكبيها من خلل المحاكم‬
‫الوطنية أو أمام محكمة الجنايات الدولية أو محاكم جنائية خاصة ‪ ،‬تنشأ خصيصًا لمحاكمة مرتبكي‬
‫الجرائم التي نصت التفاقيات الدولية عليها‪،‬كالجرائم ضد النسانية‪،‬وجرائم البادة الجماعية‪،‬وجرائم‬
‫الحرب وغيرها ‪ .‬والسوابق الدولية تشير الى العديد من تلك المحاكمات كما في المانيا واليابان وراوندا‬
‫ويوغسلفيا والعراق‪،‬وقد شكلت بشأنها محاكم خاصة لمحاكمة مرتكبي الجرائم‪،‬جزاًء على ما اقترفوه‬
‫بحق النسانية ‪.‬‬
‫وقد تكرست الضمانات لحماية حقوق النسان في ‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتماد القوانين الوطنية لقواعد القانون الدولي لحقوق النسان‪ ،‬حيث تبنت أغلب دساتير دول العالم‬
‫القواعد المتعلقة بالحقوق والحريات الساسية التي وردت في المواثيق الدولية ‪ .‬وباعتبار الدستور في‬
‫كل دولة هو القانون الساسي‪،‬لذلك ل يجوز ان تسن القوانين التي تأتي في المرتبة الدنى منه بما‬
‫يخالفه‪،‬وقد كفل نظام الرقابة على دستورية القوانين‪،‬عدم مخالفة القوانين للدستور‪،‬أو الغاء القوانين التي‬

‫تصدر مخالفًا للدستور‪ ،‬مما يجعل ‪ -‬ولو نظريًا ‪ -‬الحقوق والحريات الساسية مصانة من كل مخالفة ‪.‬‬
‫‪ -2‬نظام قبول التبليغات والشكاوي والطعون الفردية ضد النتهاكات المرتكبة بالحقوق والحريات‬
‫الساسية للنسان‪ ،‬والذي يقوم مجلس حقوق النسان – لجنة حقوق النسان سابقًا – بدراستها وفحصها‬
‫وتقديم التوصيات بشأنها وتحويلها الى الجمعية العامة للمم المتحدة ‪.‬‬
‫‪ -3‬دور المين العام للمم المتحدة على تنفيذ المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق النسان ‪.‬‬
‫‪ -4‬الحماية الجنائية الدولية والمتمثلة في المحكمة الجنائية الدولية ‪ ،‬ومحاكم الجنايات الخاصة والمنشأة‬
‫لمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم ‪ ،‬وانزال العقاب عليهم ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ -‬شروط التدخل الدولي لحماية حقوق النسان ‪.‬‬


‫‪ -1‬وجوب الستناد الى قواعد القانون الدولي ‪:‬‬
‫لكي يكون التدخل الدولي لحماية حقوق النسان مشروعًا ل بد وأن يستند الى قواعد القانون الدولي ‪،‬‬
‫في شقه المتعلق بحقوق النسان‪ ،‬ويتمثل تلك القواعد في التفاقيات الدولية‪،‬التي أقدمت الدول بارادتها‬
‫الحرة في التوقيع والمصادقة عليها‪ ،‬أو النضمام اليها لحقًا‪ ،‬بما يولد من التزامات على الطراف‬
‫المتعاقدة التي يكون من الواجب تنفيذ تلك اللتزامات‪،‬حتى وإذا كان اللتزام يخرج بعض المسائل من‬
‫الختصاص الداخلي للدولة ‪ ،‬فالعقد الدولي الذي نشأ بين الدول ‪ ،‬لم ينشأ إل ليحافظ على أمن المجتمع‬
‫الدولي واستقراره ‪ ،‬وليحمي النسان والجيال القادمة من النتهاكات التي ترتكب أو قد ترتكب ‪ ،‬ول‬
‫يتم ذلك إل إذا قررت الدول المنضمة الى ذلك العقد بالتنازل ‪ -‬ضمنيًا ‪ -‬عن بعض اختصاصاتها‬
‫ل عن سيادة الدولة على اقليمها من أرض وشعب وثراوات ‪.‬‬ ‫الداخلية والتي لم تعد تناز ً‬
‫ومن أمثلة ذلك ‪ ،‬تدخل الجمعية العامة للمم المتحدة من أجل تنفيذ المواثيق والتفاقيات الدولية المتعلقة‬
‫بحقوق النسان‪،‬واصدار قرارها في ‪ /22 /‬تشرين الول ‪ 1949‬المتعلق بانتهاكات حقوق النسان في‬
‫المجر وبلغاريا ورومانيا )‪ ، (50‬وقد انكرت الدول الثلث‪،‬التهامات الموجهة اليها وعادت الجمعية‬
‫العامة اكثر من مرة لتشيرالى انتهاكات الدول الثلث‪،‬مما أدى بالدول الثلث تلك الى الدفع أمام محكمة‬
‫العدل الدولية بدعوى تجاوز الجمعية العامة سلطتها بالتدخل في الشؤون الداخلية لإثنائها عن تبني‬
‫المذهب الشتراكي ‪ ،‬وقد رفضت محكمة العدل الدولية دفع الدول الثلث مؤكدة انه تم تدويل مسائل‬
‫حقوق النسان‪ ،‬وانها لم تعد تدخل في صميم الختصاص الداخلي للدول‪ ،‬وذلك بعد تناول هذه المسائل‬
‫في اتفاقيات ومواثيق حقوق النسان الدولية )‪. (51‬‬

‫‪-52-‬‬
‫‪ -2‬التدخل عبر المنظمات الدولية ‪:‬‬
‫ومؤدى ذلك أن يصدر قرار التدخل من منظمة المم المتحدة‪،‬والهيئات الدولية المخولة‪،‬بموجب‬
‫التفاقيات الدولية‪،‬كون المنظمة الدولية مكلفًة بموجب المواثيق والتفاقيات الدولية بحماية حقوق‬
‫النسان وحرياته الساسية ‪.‬‬
‫وان قبول مجلس حقوق النسان‪ ،‬للشكاوي‪ ،‬والتبليغات‪ ،‬التي ترد اليها من الفراد‪ ،‬والدول ضحايا تلك‬
‫ل لتحرك تلك الوكالت المتخصصة أو مجالس ولجان حقوق النسان‪ ،‬لرصد‬ ‫النتهاكات‪ ،‬قد يكون سبي ً‬
‫واستطلع أحوال حقوق النسان في دولة ما‪ ،‬ودراسة مجلس حقوق النسان التابع للمم المتحدة‬
‫للتقارير الواردة اليها وفحصها ومن ثم ابداء النصائح والستشارات‪ ،‬لتخفيف عملية النتهاكات أو‬
‫انهائها‪ ،‬وتحويل تلك التقاريرالى الجمعية العامة ‪،‬لتخاذ ما تراه مناسبًا ‪،‬ل يعني بان هناك عملية التفاف‬
‫ل من خلل شكاويها وتبليغاتها بهدف‬ ‫على الجمعية العامة من قبل أجهزة متخصصة‪،‬أو أفرادًا ‪،‬أو دو ً‬
‫تشجيع المنظمة الدولية ‪،‬باصدار قرار التدخل في دولة ما للحماية النسانية ‪.‬‬
‫ان عملية رصد احوال حقوق النسان في دولة ما من قبل المم المتحدة أصبحت اكثر سهولة بتوافر‬
‫الليات العديدة التي تسهل من عملية الرصد‪ ،‬من نظام الشكاوي والتبليغات وضرورة تقديم الدول‬
‫تقاريرعن أحوال حقوق النسان فيها والنتشار الواسع لمنظمات حقوق النسان الغير حكومية ‪،‬مما‬
‫يشير بان حماية حقوق النسان من النتهاكات سيكون أفضل من السابق‪،‬بالضافة الى الهتمام المتزايد‬
‫من قبل المنظمات الدولية والقليمية بمسائل حقوق النسان ‪ .‬مما يستدعي عدم استفراد الدول منفردة‬
‫بدعوى حقوق النسان بالتدخل في شؤون دولة أخرى بارادتها المنفردة أو المشتركة مع دول أخرى‬
‫لتسييس الحالة في دعمها لحد الطراف دون غيرها )‪. (52‬‬

‫‪ -3‬حدود التدخل الدولي المشروع لحماية حقوق النسان ‪.‬‬


‫ان قواعد القانون الدولي هي التي يجب على المنظمات الدولية الخضوع لها والتقيد بما ينص عليها‬
‫التفاقيات الدولية من أهداف التدخل‪ ،‬والغرض منه ضمن الحدود المشروعة‪،‬بعيدًا عن التحيز‪ ،‬والتمييز‬
‫بين الفراد والطراف ‪ .‬فالعملية النسانية من مساعدة وحماية ل تجب أن يتمتع بها فردًا أو طرفًا دون‬
‫آخر‪ ،‬لذلك يكون التقيد بالحيدة والنزاهة والعدالة والموضوعية حدودًا مشروعة‪ ،‬يعد تجاوزها بهدف‬
‫تسييس قضايا حقوق النسان خارجًاعن المشروعية )‪ ،(53‬وكثيرًا ما تخضع الدولة أو مجموعة الدول‬
‫التي تتدخل في شؤون دولة ما بتقديم أحد الطراف على الخر في المناصرة‪ ،‬فتصبح تصرفاتها تلك‬
‫مدانة من قبل الشعوب أو الدول أو حتى من منظمة المم المتحدة نفسها‪،‬لن تدخل تلك الدول على تلك‬
‫الشاكلة لتتم وفقًا لعتبارات الحاجة النسانية‪،‬بل تخضع لعتباراتها السياسية‪ ،‬وقد عل نجم منظمة‬
‫الصليب الحمر الدولية‪،‬في تقديمها للمساعدة والحماية النسانية دون اية اعتبارات سوى الحاجة ودون‬
‫أي تمييز ‪ .‬وكي تسير عملية الحماية النسانية من قبل دولة أو مجموعة من الدول مفوضًة من المم‬
‫المتحدة بحياد وموضوعية‪ ،‬يجب أن تكون تلك العمليات تحت رقابة المنظمة الدولية بشكل دائم ‪،‬حفاظًا‬
‫على العدل‪،‬وتحقيقًا للنسانية ‪.‬‬

‫‪-53-‬‬

‫الخلصة ‪:‬‬

‫لقد كان عدم جواز التدخل في أول ظهوره مبدًأ أعلنته فرنسا إبان نجاح ثورتها ‪ ،‬وتم ادراجه في الدستور الفرنسي لعام‬
‫‪ 1793‬ومن ثم انتشر في القارة الوربية والمريكية الى أن تقنن بعد إدراجه في المواثيق الدولية ‪ .‬فقد كان عدم جواز‬
‫التدخل في بداية ظهوره ‪:‬‬
‫‪ -1‬مبدًأ تحول الى قاعدة قانونية في المواثيق الدولية وبذلك أكتسب قوته اللزامية ‪.‬‬
‫‪ -2‬تعميم قاعدة عدم جواز التدخل من خلل منظمة المم المتحدة وذلك بالنص عليها في ميثاقها وتحريمها في الكثير من‬
‫قرارات الجمعية العامة ‪.‬‬
‫‪ -3‬رغم تحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدول إل ان الكثير من الدول استطاعت التملص من تلك القاعدة بحجج‬
‫الحماية النسانية ‪.‬‬
‫‪ -4‬ان الغموض وعدم تحديد الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول بدقة يجعل النزاع قائمًا بين الدول‬
‫والمنظمة الدولية ‪ -‬المم المتحدة ‪ -‬بشأن الجهة صاحبة تعيين الشأن ‪ ،‬إذا ما كان الشأن داخليًا أم ل ‪.‬‬
‫ل من‬‫‪ -5‬تخلف المم المتحدة عن مواكبة التطورالسريع في الكثير من المجالت ‪ ،‬وخاصة تلك التي تعتبر ممارستها شك ً‬
‫أشكال التدخل ‪ ،‬كالعلم الذي يلعب دورًا سيكولوجيًا في إثارة الفتن أوتوجيه الهمم أو تثبيطها لصالح طرف في مواجهة‬
‫الطرف الخر ‪.‬‬
‫‪-54-‬‬

‫مصادر الفصل التمهيدي ‪:‬‬


‫‪ -1‬ابو هيف)د‪ .‬على صادق( – القانون الدولي العام‪ -‬الطبعة التاسعة منشأة المعارف السكندرية ‪ 1971‬ص‬
‫‪. 17‬‬
‫‪ -2‬شهاب )د‪ .‬مفيد محمود( – القانون الدولي العام‪ -‬الطبعة الثانية ‪ 1985-‬دار النهضة العربية ص ‪. 20‬‬
‫‪ -3‬شهاب )د‪ .‬مفيد محمود( – نفس المرجع ص ‪. 21‬‬
‫‪ 4+5+6+7+8‬ابو هيف )د‪ .‬علي صادق( _ المرجع السابق ص ‪ 17‬هامش ‪.‬‬
‫‪ -9‬حافظ )د‪ .‬محمود( – القانون الدولي العام‪ -‬الطبعة الثانية )منقحة ومزودة‪-‬مكتبة النهضة المصرية ‪1958‬‬
‫ص‪.(2‬‬
‫‪ -10‬شهاب )د‪ .‬مفيد محمود( – المرجع السابق ص ‪. 20‬‬
‫‪ -11‬المجذوب )د‪ .‬محمد( – القانون الدولي العام‪ -‬الدار الجامعية ‪ 1994‬بيروت ص ‪. 9‬‬
‫‪ -12‬شعبان )د‪.‬عبد الحسين( – النسان هو لصل _مدخل الى القانون النساني وحقوق النسان‪ .‬مركز القاهرة‬
‫لدراسات حقوق النسان ‪ 2002‬ص ‪. 34‬‬
‫‪ -13‬ابو هيف )د‪ .‬علي صادق( – المرجع السابق ص ‪. 21‬‬
‫‪ -14‬الدقاق )د‪.‬محمد سعيد( – القانون الدولي العام‪ -‬الجزء الول ‪ 1989‬دار المطبوعات الجامعية –السكندرية‬
‫ص ‪ . 59+58‬كذلك د‪ .‬شعبان – المرجع السابق ص ‪. 62‬و كذلك د‪ .‬ابو هيف –المرجع السابق ص ‪. 23‬‬
‫‪ -15‬الدقاق )د‪ .‬محمد سعيد( – المرجع السابق ص ‪. 60+59‬‬
‫‪ -16‬المجذوب )د‪ .‬محمد( – المرجع السابق ص ‪ . 45‬وكذلك د‪ .‬شهاب –المرجع السابق ص ‪. 63‬‬
‫‪ -17‬النظام الساسي لمحكمة العدل الدولية ‪.‬‬
‫‪ -18‬الدقاق )د‪ .‬محمد سعيد( – المرجع السابق ص ‪. 63‬‬
‫‪ -19‬ابو عامر )د‪ .‬علء( – العلقات الدولية_ الظاهرة والعلم _ الدبلوماسية والستراتيجية‪ -‬الطبعة الول ‪2004‬‬
‫دار الشروق _عمان _ ص ‪. 30‬‬
‫‪ -20‬ابو عامر )د‪ .‬علء( – نفس المرجع ص ‪. 30‬‬
‫‪ -21‬عصفور )د‪ .‬سعد( – المبادئ الساسية في القانون الدستور والنظمة السياسية _ منشأة المعارف‬
‫السكندرية _ ص ‪ 107‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -22‬متولي )د‪ .‬عبد الحميد( – القانون الدستوري والنظمة السياسية _مع المقارنة بالمبادئ الدستورية في‬
‫الشريعة السلمية _ طبعة سادسة منقحة _ منشأة المعارف ‪ ،‬السكندرية ‪ _ 1989‬ص ‪. 30‬‬
‫‪ -23‬شطناوي )د‪ .‬فيصل( – النظم السياسية والقانون الدستوري _ الطبعة الولى ‪ 2003‬دار مكتبة الحامد _‬
‫عمان ص ‪ . 26‬إشارة الى د‪ .‬محمد عبد العزيز نصر‪ ،‬في النظريات والنظم السياسية‪ -‬دار النهضة العربية‬
‫بيروت ‪ 1981‬ص ‪. 25‬‬
‫‪ -24‬شيحا )د‪ .‬ابراهيم عبد العزيز( – القانون الدستوري والنظم السياسية – الدار الجامعية بيروت _ ‪ 1994‬ص‬
‫‪. 223‬‬
‫‪ 25+26‬شهاب )د‪ .‬مفيد محمود( – المرجع السابق ص ‪ 159‬هامش ‪.‬‬
‫‪ -27‬قرار مجلس المن رقم ‪ 662‬تاريخ ‪. 1990-8-2‬‬
‫‪ -28‬شهاب )د‪ .‬مفيد محمود( – المرجع السابق ص ‪. 98‬‬
‫‪ -29‬ابو عامر )د‪ .‬علء(– المرجع السابق ص ‪. 33‬‬
‫‪ -30‬ابو عامر )د‪ .‬علء(– نفس المرجع ص ‪. 42‬‬
‫‪ -31‬الغنيمي )د‪ .‬محمد طلعت(– الغنيمي الوجيز في قانون السلم‪ -‬منشأة العارف بالسكندرية بل تاريخ ‪ ،‬ص‬
‫‪ 336‬وما بعدها ‪.‬‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية لعام ‪. 1966‬‬ ‫‪-32‬‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام ‪. 1966‬‬ ‫‪-33‬‬
‫ميثاق المم المتحدة _ المادة ‪ / 76 /‬في نظام الوصاية الدولي ‪.‬‬ ‫‪-34‬‬
‫التفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد اسرهم ‪.‬‬ ‫‪-35‬‬
‫شهاب )د‪ .‬مفيد محمود( – المرجع السابق ص ‪ 95‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫‪-36‬‬
‫المجذوب )د‪ .‬محمد( – المرجع السابق ص ‪. 185‬‬ ‫‪-37‬‬
‫مصادر الفصل الول ‪:‬‬
‫‪www.icrc.org/ara -1‬‬
‫الموقع اللكتروني للجنة الدولية للصليب الحمر الدولي‪ -‬الخلفية التاريخية للقانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫تمت زيارة الموقع في ‪. 10/02/2006‬‬
‫‪ -2‬الشللدة )د‪ .‬محمد فهاد( – دور منظمة المم المتحدة في تطوير القانون الدولي النساني المطبق في النزاعات المسلحة – المجلة الدولية‬
‫للصليب الحمر – السنة الحادية عشرة العدد ‪ 62‬ديسمبر ‪. 1998‬‬
‫‪ -3‬هندي )د‪ .‬احسان( – اثر الثقافة والخلق والدين في القانون الدولي النساني ‪ -‬المجلة الدولية للصليب الحمر – السنة السابعة‪ -‬العدد ‪40‬‬
‫نوفمبر‪+‬ديسمبر ‪ 1994‬وما قبلها ‪.‬‬
‫‪.www.icrc.org/ara -4‬‬
‫الموقع اللكتروني للجنة الدولية للصليب الحمر الدولي ‪ .‬اتفاقيات جنيف والبروتوكولين و القرار رقم ‪ 21‬بشأن نشر القانون الدولي النساني‬
‫المطبق في المنازعات المسلحة ‪.‬‬
‫تمت زيارة الموقع في ‪. 11/02/2006‬‬
‫‪ 5+6‬هندي )د‪ .‬احسان( المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ -7‬هندي )د‪ .‬احسان( المرجع السابق مشيرًا الى د‪ .‬امون رباط ‪.‬‬
‫‪ -8‬ابن شداد – النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية ‪ ،‬كما ورد في كراس )من ذاكرة التاريخ العربي السلمي( اصداراللجنة الدولية للصليب‬
‫الحمر – القاهرة– اشار اليه د‪ .‬احسان هندي‪.‬‬
‫‪ -9‬سورة النعام – الية )‪. (151‬‬
‫‪ -10‬الزمالي )د‪ .‬عامر( – مدخل الى القانون الدولي النساني – منشورات العهد العربي لحقوق النسان واللجنة الدولية للصليب الحمر تونس‬
‫‪ 1997‬ص ‪. 10‬‬
‫‪ -11‬سورة النفال – الية )‪. (58‬‬
‫‪ -12‬سورة التوبة – الية )‪. (6‬‬
‫‪- 55-‬‬
‫‪ -13‬شطناوي )د‪ .‬فيصل( – حقوق النسان والقانون الدولي – الطبعة الثانية ‪ 2001‬دار الحامد للنشر عمان ص ‪. 190‬‬
‫‪ -14‬الموقع اللكتروني للجنة الدولية للصليب الحمر – لمحة سريعة عن القانون الدولي النساني ‪.‬‬
‫‪ -15‬بيكتيه )د‪ .‬جان( ‪ -‬القانون النساني وحماية ضحايا الحرب ‪ -‬معهد هنري دوفان – جنيف ‪ 1986‬ص ‪. 14 -10‬‬
‫‪www.icrc.org/ara -16‬‬
‫الموقع اللكتروني للجنة الدولية للصليب الحمر – القانون الدولي النساني والقانون الدولي لحقوق النسان – اوجه الشبه والختلف ‪.‬‬
‫تمت زيارة الموقع في ‪. 12/02/2006‬‬
‫مصادر الفصل الثاني ‪:‬‬
‫‪ -1‬بوكرا ) ادريس ( – مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر – المؤسسة الوطنية للكتاب – الجزائر ‪ 1990‬ص ‪. 22‬‬
‫‪ -2‬ابو هيف )د‪ .‬علي صادق( – القانون الدولي العام – الطبعة ‪ – 9‬منشأة المعارف السكندرية ‪ 1971‬ص ‪. 226‬‬
‫‪ -3‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 34‬‬
‫‪ -4‬ابو هيف )د‪ .‬علي صادق( – المرجع السابق ص ‪. 228‬‬
‫‪ -5‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 28+27‬‬
‫‪ -6‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 38‬‬
‫‪ -7‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 39‬‬
‫‪ -8‬ابو هيف )د‪ .‬على صادق( المرجع السابق ص ‪. 229‬‬
‫‪ -9‬بوكرا )ادريس( – المرجع السابق ص ‪. 39‬‬
‫‪ -10‬بوكرا )ادريس( – المرجع السابق ص ‪. 39‬‬
‫‪ -11‬ميثاق المم المتحدة – م ‪. 39‬‬
‫‪ -12‬ميثاق المم المتحدة م ‪. 40‬‬
‫‪ – 13‬ميثاق المم المتحدة م ‪. 42‬‬
‫‪ -14‬أبوالوفا )د‪ .‬احمد( – الوسيط في القانون الدولي العام – الطبعة الرابعة ‪ 2004 -‬دار النهضة العربية القاهرة ص ‪ 362‬هامش ‪.‬‬
‫‪ -15‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 94‬‬
‫‪ -16‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 95‬‬
‫‪ -17‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 97‬‬
‫‪ -18‬عمر )د‪ .‬حسين حنفي( – التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق النسان ط ‪ 2004/2005 . 1‬دار النهضة العربية القاهرة ص ‪. 18‬‬
‫‪ -19‬بوكرا)ادريس( المرجع السابق ص ‪ 98‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -20‬قرار الجمعية العامة رقم ‪ 2131‬تاريخ ‪ 31‬كانون الول ‪ . 1965‬انظر نصه في الملحق ‪.‬‬
‫‪ -21‬القرار رقم ‪ 2625‬تاريخ ‪ 24‬تشرين الثاني ‪ . 1970‬انظر نصه في الملحق ‪.‬‬
‫‪ -22‬قرار الجمعية العامة ‪ A/RES/2734‬تاريخ ‪ 16‬كانون الول ‪. 1970‬‬
‫‪ -23‬قرار الجمعية العامة رقم ‪ 3314‬لعام ‪ . 1974‬انظر نص الرار في الملحق ‪.‬‬
‫‪ -24‬القرار رقم ‪ 155‬تاريخ ‪. 1977‬انظر نصه في الملحق ‪.‬‬
‫‪ -25‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 137‬‬
‫‪ -26‬ابو هيف )د‪ .‬على صادق( – المرجع السابق ص ‪. 217-216‬‬
‫‪ -27‬الغنيمي )د‪ .‬محمد طلعت( – الغينمي الوجيز في قانون السلم – منشأة المعارف بالسكندرية ‪،‬بل تاريخ ص ‪. 311‬‬
‫‪ -28‬بوكرا ) ادريس ( المرجع السابق ص ‪. 27‬‬
‫‪ -29‬الغنيمي )د‪.‬محمد طلعت( المرجع السابق ‪. 214‬‬
‫‪ -30‬ابو هيف )د‪ .‬علي صادق( المرجع السابق ص ‪. 218‬‬
‫‪ 31‬ابو هيف )د‪ .‬على صادق( المرجع السابق ص ‪. 219‬‬
‫‪ -32‬فوشي – مشار اليه من قبل ابو هيف المرجع السابق ص ‪. 219‬‬
‫‪ -33‬فوشي – مشار اليه من قبل ابو هيف المرجع السابق ص ‪. 220‬‬
‫‪ -34‬فوشي – مشار اليه من قبل ابو هيف المرجع السابق ص ‪. 221‬‬
‫‪ -35‬الغنيمي )د‪ .‬محمد طلعت( – المرجع السابق ص ‪. 314‬‬
‫‪ -36‬الغنيمي )د‪.‬محمد طلعت( – المرجع السابق ص ‪. 313‬‬
‫‪ -37‬بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص ‪. 229‬‬
‫‪ -38‬ابو هيف )د‪.‬على صادق( المرجع السابق ص ‪. 225‬‬
‫‪ -39‬تقرير المين العام للمم المتحدة عن اعمال المنظمة – الدورة ‪ – 47‬عام ‪. 1992‬‬
‫‪ -40‬مركز زايد للتنسيق والمتابعة – التدخل الدولي النساني وإشكالياته – دولة المارات العربية المتحدة بل تاريخ ص ‪. 18‬‬
‫‪ -41‬مركز زايد – المرجع السابق ص ‪. 18‬‬
‫‪ -42‬مركز زايد – المرجع السابق ص ‪ 18‬مشيرًا الى د‪ .‬عزالدين فودة – الضمانات الدولية لحقوق النسان – المجلة المصرية للقانون الدولي‬
‫‪ 1964‬مجلد ‪ /20/‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -43‬عبدال الشيخ )د‪ .‬فتح الرحمن( – مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي – الدوحة ‪ 1998‬ص ‪. 108‬‬
‫‪ -44‬عبدال الشيخ )د‪ .‬فتح الرحمن( – المرجع السابق ص ‪. 109‬‬
‫‪ -45‬عمر )د‪ .‬حسين حنفي( – المرجع السابق ص ‪. 313‬‬
‫‪ -46‬عمر)د‪ .‬حسين حنفي( ‪ -‬المرجع السابق ص ‪. 314‬‬
‫‪ -47‬عمر)د‪ .‬حسين حنفي( ‪ -‬المرجع السابق ص ‪. 314‬‬
‫‪ -48‬قاسم )د‪ .‬مسعد عبد الرحمن زيدان( – تدخل المم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي – الدار الجامعة الجديدة‬
‫بالسكندرية ‪ 2003‬ص ‪. 429‬‬
‫‪ -49‬المرجع السابق ص ‪. 229‬‬
‫‪ -50‬د‪ .‬حسين حنفي عمر – المرجع السابق ص ‪. 325‬‬
‫‪ -51‬المرجع السابق ص ‪. 329‬‬
‫‪ -52‬المرجع السابق ص ‪. 335‬‬
‫‪ -53‬عبدال الشيخ )د‪ .‬فتح الرحمن( – المرجع السابق ص ‪. 118‬‬
‫‪-56-‬‬

‫الباب الثاني‬
‫التدخل الدولي في لبنان‬

‫الفصل الول‬
‫التدخل السوري في لبنان‬
‫خخخخخ خخخ خخخخخ خخخ خخخخخخ خخخخخخخ خخ خخخخخ‬
‫خخخخخخخ خ خخ خخخخخ خخخخخخ ‪:‬‬

‫المبحث الول‪ -‬أهداف التدخل السوري ‪.‬‬


‫المبحث الثاني – مشروعية التدخل السوري ‪.‬‬

‫لمحة موجزة عن تاريخ الصراعات في لبنان ‪.‬‬

‫مع اعلن دولة لبنان الكبير‪ ،‬اعتبر البعض ان الدولة اللبنانية الجديدة اعتدت على سوريا بسلخها مدن ‪،‬‬
‫بيروت وطرابلس وصيدا‪ ،‬والقضية الربعة ‪ -‬البقاع‪ -‬راشيا ‪ -‬حاصبيا‪ -‬بعلبك ‪ ،‬عن ولية الشام ‪،‬‬
‫وضمها الى دولة لبنان ‪ ،‬بينما اعتبرها اللبنانيون ان القضية الربعة ومدن الساحل أعيدت الى لبنان‬
‫لنها سلخت من المارة سنة ‪ ، 1860‬وهي مدن وأقضية لبنانية تم الحاقها بولية الشام بموجب تسوية‬
‫بين السلطنة العثمانية والوربيين سنة ‪ 1864‬حيث وضع نظام جديد لجبل لبنان وهو نظام المتصرفية )‬
‫‪ ، (1‬الذي أسس حكم المشاركة الطائفية في لبنان بعد وضع حد للمجازر التي ارتكبت بحق المسيحيين ‪،‬‬
‫فتدخلت الدول الوربية وأرسل جيشًا فرنسيًا الى لبنان لوضع حد لتلك المجازر ‪ ،‬وتم تعيين متصرف‬
‫مسيحي ‪ ،‬لتولي الحكم في جبل لبنان ‪ ،‬يعاونه مجلس ادارة مؤلف على أساس التمثيل الطائفي تنفيذًا‬
‫للتفاقية الوربية العثمانية بشأن صيغة الحكم في جبل لبنان‪.‬‬
‫استمر العمل بنظام المتصرفية في جبل لبنان حتى الحرب العالمية الولى‪ ،‬فأخضع الجبل الى الحكم‬
‫العسكري المباشر مع البقاء على صيغة النظام المتصرفي ‪ .‬وخلل الحرب العالمية الولى تكونت‬
‫ثلث تيارات بشأن لبنان وسوريا ‪:‬‬
‫‪ -1‬التيار العربي بقيادة الشريف حسين وابنه فيصل ‪ ،‬الذي أراد انشاء دولة عربية يكون هو ملكًا‬
‫عليها ‪ ،‬وقد تم ذلك من عام ‪ 1920 -1918‬الى ان دخل الفرنسيون سوريا بعد انتصارهم في معركة‬
‫ميسلون ‪.‬‬
‫‪ -2‬التيار السوري الذي دعا الى قيام سوريا الكبرى ‪.‬‬
‫‪ -3‬تيار لبناني دعا الى استقلل لبنان مع الراضي التي كانت قد انتزعت منها في سنة ‪، 1861‬‬
‫وتشكيل حكومة لبنانية ديمقراطية مؤسسة على المساواة والخوة وقد تم ذلك لحقًا اثناء استقلل لبنان )‬
‫‪. (2‬‬

‫في خضم تلك الصراعات استطاعت لبنان وبدعم بريطاني ‪،‬على استقللها عام ‪ ، 1943‬وظهر فيها‬
‫اتجاهان سياسيان بالرغم من الجذور الطائفية لتلك التجاهات ‪:‬‬
‫‪ -1‬اتجاه اغلبه مسيحي من الداخل اللبناني ‪ ،‬ومن بلدان الغتراب يميلون الى استقلل لبنان دون‬
‫التغاضي عن العلقات مع سوريا ‪.‬‬
‫‪ -2‬اتجاه اغلبه اسلمي يدعوا الى الستقلل ضمن اطار الوحدة السورية كخطوة على طريق الوحدة‬
‫العربية الشاملة ‪.‬‬
‫لكن التحول الكبير الذي تم في السياسة اللبنانية ‪ ،‬كان انتخاب المجلس النيابي للسيد بشارة‬
‫الخوري رئيسًا للجمهورية ‪ ،‬الذي كلف بدوره السيد رياض الصلح لتأليف الحكومة ‪ ،‬وفور تشكيل‬
‫الحكومة تم تعديل الدستور الذي اعتبر اعلنًا لستقلل لبنان من طرف واحد في ‪ 2‬تشرين الثاني‬
‫‪ .1943‬وكذلك بيان حكومة الصلح أمام المجلس النيابي في ‪ 7‬تشرين الول ‪ 1942‬الذي جاء فيه ‪:‬‬
‫"‪ ...‬وستقبل الحكومة على إقامة هذه العلقات على أسس متينة تكفل احترام الدول العربية لستقلل‬
‫‪-57-‬‬
‫لبنان ‪ ،‬وسيادته التامة ‪ ،‬وسلمة حدوده الحاضره ‪ ،‬فلبنان وطن ذو وجه عربي يستسيغ الخير النافع من‬
‫حضارة الغرب ‪ .‬ان إخواننا في القطار العربية ل يريدون للبنان ال ما يريده الباة الوطنيون ‪ ،‬فنحن‬
‫ل نريده للستعمار مقرًا ‪ ،‬ول لخواننا في البلد العربية ممرًا‪ ،‬بل نحن وهم نريده وطنًا سيدًا حرًا‬
‫ل " )‪. (3‬‬‫مستق ً‬
‫وقد اعتبر خطابه هذا ميثاقًا للبنان ‪ .‬وقد اعترفت الدول العربية ومنها سوريا ‪ ،‬باستقلل لبنان وسيادته‬
‫على ارضه ضمن الحدود الحالية في القرار الذي اتخذته الدول العربية في اجتماع السكندرية بين ‪25‬‬
‫ايلول ‪ 1944‬و ‪ 7‬تشرين الول ‪ 1944‬والذي اتخذ جملة من القرارات كانت إحداها خاصًا بلبنان جاء‬
‫فيه ‪:‬‬
‫" تؤيد الدول العربية ‪ ،‬الممثلة في اللجنة التحضيرية ‪ ،‬مجتمعة احترامها لستقلل لبنان ‪ ،‬وسيادته‬
‫بحدوده الحاضرة ‪ ،‬وهو ما سبق لحكومات هذه الدول ان اعترفت به بعد أن انتهج سياسة استقللية‬
‫اعلنتها حكومته في بيانها الوزاري ‪ ،‬الذي نالت عليه موافقة المجلس النيابي في ‪ 7‬تشرين الول‬
‫‪. "1943‬‬
‫وبهذا جاء العتراف العربي بدولة لبنان مع القضية الربعة ‪ ،‬ومدن الساحل حسمًا للدعوات التي‬
‫كانت تطلق بين الحين والخر بان مناطق مقتطعة من سوريا قد ألحقت بلبنان ‪.‬‬
‫ل عن سوريا ‪ .‬وبهذا‬ ‫كما وجاء القرار كذلك حسمًا ‪ ،‬للموقع الطبيعي الذي يجب أن يكون فيه لبنان مستق ً‬
‫انتقل الصراع الطائفي والدعوات السياسية المختلفة من العلنية والظهور الى الخفاء ‪ .‬وفي هذا الشأن‬
‫قال الشيخ بشارة الخوري أحد صانعي دولة لبنان ‪ ،‬ردًا على الرؤية التي ترى بان المسيحيين تخلوا عن‬
‫الحماية الغربية ‪ ،‬لقاء تخلي المسلمين عن الوحدة مع سوريا ‪ ،‬أي لبننة المسلمين وتعريب المسحيين ‪.‬‬
‫فقال بانه ‪:‬‬
‫" ليس مجرد مصالحة بين جماعتين ‪ ،‬بل هو ايضًا تحقيق لنصهار بين نظريتين ‪ :‬النظرية التي ترى‬
‫مستقبل لبنان في اندماجه بدولة أخرى ‪ .‬والنظرية التي ترى بقاءه رهنًا بالحماية الجنبية ‪ .‬جاء الميثاق‬
‫الوطني ليلغي بالتفهم والوفاق هاتين النظريتين المتناقضتين ‪ ،‬ويحل محلهما ايمانًا واحدًا ‪ ،‬وايمانًا وطنيًا‬
‫لبنانيًا ‪ ،‬كما انه بما أثمر من تعايش بين مختلف طوائف الوطن ‪ ،‬شكل أساس بناء الدولة وتكوين الوطن‬
‫" )‪.(4‬‬
‫وقد تبين لحقًا من خلل الحروب الهلية بين الطوائف اللبنانية في الخمسينيات والسبعينيات من القرن‬
‫الماضي ‪ ،‬ان الميثاق الوطني لم يستطع صهر الطوائف اللبنانية في بوتقة لبنان الوطن ‪ ،‬فقد سبق من‬
‫خلل نظام حكم المتصرفية في جبل لبنان ‪ ،‬بتأثير الدول الجنبية من ارساء الطائفية في لبنان ‪ ،‬وكذلك‬
‫ترسيخها في عهد النتداب الفرنسي من خلل الدستور المؤقت لعام ‪ 1926‬وكذلك قرار المفوض‬
‫السامي رقم ‪ 60‬تاريخ ‪ 13‬آذار ‪ 1936‬ليثبت الطائفية في لبنان ‪ ،‬بتحديد الطوائف الى سبعة عشرة‬
‫طائفة ‪ ،‬والنص عليها في بطاقة الهوية ‪ ،‬مما فرض على اللبنانيين النتماء الى احدى تلك الطوائف ‪،‬‬
‫وقد أثبت عدم فاعلية الميثاق الوطني لعام ‪ 1943‬وخاصة بعد اغتيال رياض الصلح سنة ‪ 1951‬وسقوط‬
‫بشارة الخوري من الحكم على أثر احداث ‪. (5) 1952‬‬
‫ان ترسيخ الطائفية الدينية في لبنان ‪ ،‬والتي نصت عليها المواثيق والقوانين اللبنانية منذ عهد النتداب ‪،‬‬
‫كقانون الحوال الشخصية للطائفة الدرزية‪ ،‬بالضافة الى القانون الخاص بتحديد صلحيات المراجع‬
‫المذهبية المسيحية‪ ،‬ومرجع الطائفة السرائيلية والقرار رقم ‪ /5/‬في آذار ‪ 1967‬الخاص باستقلل السنة‬
‫في ادارة شؤونهم الدينية وأوقافهم الخيرية ‪ ،‬والدستور اللبناني الذي كان له أثره في ذلك ‪ ،‬فرغم عدم‬
‫النص على تحديد طائفة كل من رئيس الجمهورية ‪ ،‬ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة ‪ ،‬إل ان‬
‫العرف المتعامل عليه في لبنان هو ان يكون الول مارونيًا والثاني شيعيًا والثالث سنيًا‪.‬‬
‫هذا الترسيخ الطائفي داخل لبنان ‪ ،‬أدى الى وجود سلطة مركزية ضعيفة ‪ ،‬بالضافة الى دور المنظمات‬
‫الفلسطينية وتناميها وامتلكها للسلحة ودعمها داخليًا من المسلمين في لبنان ‪ ،‬وخارجيًا من الدول‬
‫العربية ‪،‬على مستوى الحكومات ‪ ،‬أظهر ضعف السلطة اللبنانية وقواها المسلحة في الحفاظ على ضبط‬
‫المن لحقًا ‪ .‬فقد بدأ توافد الفلسطينيين الى لبنان بعد نزوحهم من فلسطين منذ عام ‪ 1948‬فكانت‬
‫العلقات بينهم وبين السلطات اللبنانية علقة دولة مع نازحين ‪ ،‬لكن سرعان ما تحولت العلقة في‬
‫أواخر الستينات الى علقة دولة بثوار فلسطين ‪ ،‬بعد أن تصاعد العمل الفدائي منذ ما بعد هزيمة‬
‫‪-58-‬‬
‫حزيران ‪، 1967‬حيث استطاع الفلسطينيون ان ينشأوا منظمة التحرير الفلسطينية ‪ ،‬بقرار من جامعة‬
‫الدول العربية ‪ ،‬حيث جاء في البند الخامس من قرار مؤتمر القمة العربية الول المنعقد في القاهرة من‬
‫‪ 17- 13‬كانون الثاني عام ‪ 1964‬بما يلي ‪:‬‬
‫" أن يستمر السيد أحمد الشقيري ‪ ،‬ممثل فلسطين لدى جامعة الدول العربية ‪ ،‬في اتصالته بالدول‬
‫العضاء والشعب الفلسطيني ‪ ،‬بغية الوصول الى إقامة القواعد السليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني ‪،‬‬
‫وتمكينه من القيام بدوره في تحرير وطنه " )‪. (6‬‬
‫لكن العدوان السرائيلي عام ‪ 1967‬أدى الى التدفق الكبير للنازحين الفلسطينيين الى الدول المجاورة ‪،‬‬
‫فتضاعف عددهم في لبنان بعد نزوح عام ‪ . 1948‬وباستلم ياسر عرفات ‪ ،‬مؤسس حركة فتح ‪ ،‬رئاسة‬
‫منظمة التحرير الفلسطينية في ‪ 13/2/1969‬استطاع ان ينقل العمل الفلسطيني الى العمل العسكري ‪،‬‬
‫رغم تنفيذ القوى الفلسطينية لبعض العمليات العسكرية في العمق السرائيلي قبل ذلك التاريخ ‪ ،‬وأصبح‬
‫لبنان والردن من الدول التي انطلقت منهما العمليات الفلسطينية ضد اسرائيل ‪ ،‬المر الذي دفع الخير‬
‫بالهجوم على قواعد الفدائيين في بلدة الكرامة الردنية عام ‪ 1968‬وتلتها بروز التناقضات والخلفات‬
‫بين الفدائيين الفلسطينيين والسلطات الردنية ‪ ،‬فشنت القوات الردنية هجومًا على القوى الفلسطينية‬
‫أدى الى مقتل الكثيرين منهم فيما سمي باليلول السود ‪ ،‬كان من نتيجته نزوح الكثير من الفلسطينيين‬
‫وقادتهم بشكل خاص الى لبنان ومنهم ياسر عرفات ‪،‬وسبق ذلك هجومًا جويًا اسرائيليًاعلى مطار‬
‫بيروت ودمرت ‪ /13/‬طائرة لبنانية جانحة على المطار‪ ،‬بحجة قيام الفلسطينيين بخطف طائرة من‬
‫شركة العال من مطار أثينا )‪ . ( 7‬وقد أدت هذه العملية الى زيادة حدة التوتر القائم بين الجيش اللبناني‬
‫وقوات المقاومة الفلسطينية ‪ ،‬ادى الى وقوع صدام عسكري بينهما في ربيع ‪ ، 1969‬اعقبتها مجموعة‬
‫من الصدامات المسلحة في المدن اللبنانية الكبرى ‪ ،‬بيروت وطرابلس وصيدا ‪ ،‬أدى الى حدوث أزمة‬
‫حكومية مما أضطر الرئيس شارل الحلو بتوجيه خطاب متلفز جاء فيه بانه " ل يمكن أن يسمح بتنقل‬
‫الفدائيين بحرية في لبنان ‪ ،‬وانه يرفض ان يرى بلده يتحول الى نقطة مواجهة مع اسرائيل ‪ ،‬حيث تلقت‬
‫ثلث دول عربية في عام ‪ 1967‬هزيمة موجعة خلل حرب اليام الستة ‪ .‬فلبنان والحال هذه ل يمكنه‬
‫مواجهة اسرائيل وحده ")‪. (8‬‬
‫ووجدت هذه الزمة مخرجًا لها في اتفاقية القاهرة عام ‪ 1969‬بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة‬
‫اللبنانية وصدق عليه البرلمان اللبناني حيث سمح فيه للمقاومة الفلسطينية ‪:‬‬
‫‪ -1‬ان تتواجد مسلحًا في المخيمات وبعض مناطق الجنوب – منطقة العرقوب‪ -‬للقيام بعمليات ضد‬
‫اسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -2‬سمح للمقاومة بنقل السلح والمقاتلين الى الجنوب عبر طريق عسكري جبلي ‪.‬‬
‫‪ -3‬السماح للفلسطينيين بادارة المخميات )‪. (9‬‬

‫وقد شعر المسيحيون ان اتفاق القاهرة جاء ليطلق العنان للمنظمات الفلسطينية في لبنان ‪ ،‬ويعتبر‬
‫استسلمًا بحق الدولة اللبنانية ‪ ،‬حيث أدى الى التصعيد المكثف في العمليا العسكرية ضد‬
‫اسرائيل‪،‬وبالتالي تنامي الغارات السرائيلية انتقامًا للبنان ‪ ،‬وعجز الدولة اللبنانية عن تأمين المن‬
‫والستقرار دفع بالحزاب اللبنانية المسيحية الى تدريب ميليشياتها وخاصًة ‪ -‬حزب الكتائب ‪ -‬وحزب‬
‫الوطنيين الحرار‪ -‬وآل فرنجية في زغرتا‪ -‬ومعروف سعد الزعيم السني في صيدا ‪ -‬فحصلت أول‬
‫اشتباك مسلح بين الفلسطينيين ومجموعات مسلحة من الحزاب المسيحية في آذارعام ‪ 1970‬في منطقة‬
‫الكحالة المارونية ‪ ،‬عند مرور قافلة فلسطينية تحمل شهيدًا فلسطينيًا لدفنه في دمشق ‪ ،‬أدى الى سقوط‬
‫عشرات القتلى من الفلسطينيين‪ ،‬وبعدها بدأت المعارك شبه اليومية بين الطرفين ‪ ،‬وقد أحدث عملية‬
‫شارع فردان في بيروت اثناء الهجوم السرائيلي على ثلثة من القادة الفلسطينيين في نيسان ‪1973‬‬
‫وهم كما ناصر ‪ -‬محمد يوسف نجار‪ -‬كمال عدوان‪ -‬ازمة بين السلطات اللبنانية والفلسطينيين ‪ ،‬حيث‬
‫أتت العملية ردًا على عملية قام بها الفدائيون الفلسطينيون في السودان في ‪ 2‬آذار ‪ 1973‬واغتالت سفير‬
‫الوليات المتحدة المريكية في الخرطوم ‪،‬ومستشاره الول ‪ ،‬وكذلك مستشار السفارة البلجيكية‬
‫‪،‬واحتجزت سفير السعودية والردن رهائن لديها ‪ .‬وتوالت بعدها الصدامات المسلحة بين الجيش‬
‫اللبناني والقوات الفلسطينية ‪ ،‬ففي ‪ 2‬أيار ‪ 1973‬استمرت المعركة بين الطرفين ودامت عشرة أيام ‪،‬‬
‫ل و ‪ 9‬جرحى من الفلسطينيين‬ ‫ل و ‪ 4‬جريحًا من الجيش اللبناني و ‪ 19‬قتي ً‬‫أسفرت رسميًا عن ‪ 13‬قتي ً‬
‫‪-59-‬‬
‫دخلت خللها أي في ‪ 3‬أيار لواءً سوريًا مولفًا من اكثر من ‪ 4000‬جندي مجهز بالمدرعات والمدافع‬
‫‪،‬تحت اسم وحدات من قوات الصاعقة ومن جيش التحرير الفلسطيني )‪. (10‬‬
‫ثم اندلعت حرب تشرين عام ‪ 1973‬بهجوم شنتها القوات السورية والمصرية بالتوافق معًا في وقت‬
‫واحد ‪ ،‬لكن دخول مصر في اتفاقية فصل القوات في ‪ 18/1/1974‬بمعزل عن سوريا أضعف الموقف‬
‫العربي وفقد صلبته ‪ ،‬فاتخذت سوريا قرارها بخوض حرب الستنزاف في الجولن وجبل الشيخ في‬
‫‪ 8/8/1974‬استمرت ‪ 82‬يومًا )‪ . (11‬ورغم عدم الهدوء في الساحة اللبنانية إل ان شرارة الحرب‬
‫الهلية في لبنان انطلقت في ‪ 13‬نيسان ‪ 1975‬عندما فتحت مجموعة مسلحة النار على حافلة ركاب ‪،‬‬
‫نقل عددًا من الفلسطينيين ‪ ،‬اثناء مرورها في منطقة عين الرمانه في بيروت وقتل معظمهم ‪ ،‬وقد حمل‬
‫رئيس وزراء لبنان رشيد الصلح آنذاك ‪ ،‬حزب الكتائب مسؤلية هذا العمل ‪ ،‬على الرغم من استنكار‬
‫بيير الجميل له ‪ .‬وقد ابرق ياسر عرفات الى الملوك والرؤساء العرب يطلب منهم التدخل ‪ ،‬ودعوة‬
‫فرنجية لمعاقبة الكتائب ‪ ،‬وقد استجاب عدد من الرؤساء العرب ‪ .‬وتصاعدت الحداث المنية من قتل‬
‫وخطف وعدم استقرار)‪. (12‬‬
‫‪-60-‬‬

‫المبحث الول‬
‫اهداف التدخل السوري في لبنان‬
‫سأتطرق في هذا المبحث الى المطالب التالية ‪:‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬الهداف المعلنة للتدخل السوري ‪.‬‬


‫المطلب الثاني ‪ :‬الهداف غير المعلنة ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬الهداف المعلنة للتدخل السوري ‪.‬‬

‫أوًل ‪ -‬ايقاف الحرب واحلل السلم في لبنان ‪.‬‬


‫في خضم المعارك بين القوى الفلسطينية واللبنانية ‪،‬والتدخل السياسي السوري عن طريق الوفود ظل‬
‫أعمال القتل والخطف والغتيالت سائدًا في الساحة اللبنانية ‪ ،‬كما اهتمت الدول العربية والوربية‬
‫بالوضع لكن دون ان تستطيع على وضع حد لعمال العنف تلك ‪ .‬ورغم مناداة الجميع بضرورة وقف‬
‫اعمال القتل ‪ ،‬والتفاق على سلم يسود لبنان وطوائفه ‪ ،‬إل ان ذلك لم يحدث ‪ .‬ورأت القيادة السورية‬
‫بان المور تتطور نحو السوء ‪ ،‬مما يستدعي التحرك اعلميًا ‪ ،‬وعمليًا لحل الزمة ‪ ،‬فقد صرح السيد‬
‫عبد الحليم خدام ‪ -‬وزير الخارجية السوري آنذاك‪ -‬أثناء وجوده في الكويت في ‪ 8/1/1976‬بما يلي ‪:‬‬
‫" يقوم عملنا في لبنان على أساس مساعدة الطراف اللبنانية ‪،‬على أن تتلقى لحل الزمة ‪ ،‬لن نسمح‬
‫بتقسيم لبنان ‪ .‬فلبنان كان جزءًا من سوريا ولسوف نعيده لدى أي محاولة فعلية للتقسيم ‪ .‬ان محاولت‬
‫التعريب تعني كثرة الطباخين وتعني تشتيت المساعي لقامة الحل المنشود والذي يستهدف المصلحة‬
‫اللبنانية معًا" )‪. (13‬‬
‫يتبين من خلل تصريح وزير الخارجية السورية بان العمل السوري في لبنان يستهدف ‪:‬‬
‫‪ -1‬مساعدة الطراف اللبنانية لتلفي الزمة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الحفاظ على وحدة لبنان ضمن حدوده الدولية ‪.‬‬
‫‪ -3‬إيجاد حل للزمة اللبنانية بما فيه المصلحة اللبنانية ‪.‬‬

‫وقد قصد السيد وزير الخارجية بمحاولت التعريب تلك محاولت الرئيس المصري انور السادات في‬
‫ايجاد حل للزمة اللبنانية في اطار الدول العربية ‪،‬وهذا ما كانت ترفضه سوريا كون الزمة اللبنانية –‬
‫حسب الرأي السوري‪ -‬ازمة داخلية بين الطوائف اللبنانية كما كانت سوريا ترفض ومنذ البداية تدويل‬
‫الزمة اللبنانية محاولة بذلك ‪ -‬على ما يفهم سياسيًا منه‪ -‬التفرد بالتحكم على مسار الزمة سواًء‬
‫نحوالتفعيل أو الحل ‪.‬‬
‫كما وصدر بيان من الحكومة السورية في الول من نيسان ‪ 1976‬موضحًا فيه بان مخطط الحداث‬
‫ترمي الى ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬تمرير اتفاق سيناء وتغطيته ‪.‬‬
‫‪ -2‬خلق حدث جديد في المنطقة يستقطب اهتمامات العرب ويحولها عن الصراع الساسي بين المة‬
‫العربية والعدو الصهيوني ‪.‬‬
‫‪ -3‬زج المقاومة الفلسطينية في معركة لبنانية داخلية ذات طابع بغيض‪ ،‬واغراقها في احداث القطر‬
‫اللبناني لمنعها من أداء واجبها في مواجهة العدو سعيًا وراء تصفيتها في نهاية المر ‪.‬‬
‫‪ -4‬الهاء القطر العربي السوري بالمشكلة اللبنانية ‪ ،‬وإشغاله بها ‪ ،‬وبالتالي إعاقة تحركه في خطه‬
‫القومي ‪ ،‬لمواجهة مؤامرات التصفية التي تحاك ضد المة العربية ‪.‬‬
‫‪-61-‬‬
‫‪ -5‬خلق حالة من النقسام في بيئة الشعب العربي في لبنان ‪ ،‬تتجسد في تقسيم داخلي لوحدة القطر‬
‫اللبناني ‪ ،‬وإقامة دويلت فيه على أساس طائفي بغيض ‪ ،‬في اطار السياسة العامة للعدو العنصري‬
‫الصهيوني في تمزيق المة العربية ‪،‬ونسف مقومات القومية العربية تبريرًا لكيانه العنصري)‪. (14‬‬
‫مع ان التطابق بين البند الخامس من بيان الحكومة السورية ‪،‬مع تصريحات وزير الخارجية السوري ‪-‬‬
‫السيد خدام آنذاك ‪ -‬إل ان بقية البنود تكشف الدور السوري الوحيد ‪ ،‬بين دول الجوار السرائيلي ‪ ،‬في‬
‫الخط القومي العربي وصموده في وجه مخططات اسرائيل ‪ ،‬الرامية الى تصفية القضية العربية ككل ‪،‬‬
‫والقضية الفلسطينية التي تعتبر قضية العرب المركزية ‪.‬مع ان الطرف الخر ل يرى ذلك ‪ ،‬بل يرى‬
‫بان سورية هي صاحبة الدور الساسي في تصعيد تلك العمال ‪،‬لتنقل حربها ضد اسرائيل الى لبنان‬
‫بعد اتفاقية فصل القوات بينها وبين اسرائيل على جبهة الجولن السوري ‪.‬‬
‫وقد جاء البيان السوري ليوضح بان مخططي أحداث لبنان هم ‪:‬‬
‫‪ -1‬اسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -2‬النظام المصري ‪ -‬آنذاك في عهد انور السادات ‪. -‬‬
‫‪ -3‬حلفاء اسرائيل سواًء من الداخل اللبناني أومن خارجه ‪.‬‬

‫ثانيًا‪ -‬تكوين نواة دفاع مشترك في وجه اسرائيل ‪.‬‬


‫اتخذ مؤتمر حزب البعث العربي الشتراكي المنعقد عام ‪ 1966‬قرارًا بانشاء منظمة فدائية خاصة‬
‫تعرف باسم الصاعقة بقيادة زهير محسن أحد الضباط الفلسطينيين في الجيش السوري‪ ،‬ردًا على قرار‬
‫حركة فتح ‪ ،‬في استقللية قراها في المراقبة والتوجيه للعمليات العسكرية الفلسطينية رغم الدعم‬
‫السوري لها ‪ ،‬حيث كانت النتكاسة والهزيمة التي مني بها العرب ‪ ،‬تعود بسببها الى الضعف العربي ‪،‬‬
‫مما خلق شعورًا بمسؤلية العرب ‪ ،‬في عدم القدرة على فشل المخطط السرائيلي والجنبي في إقامة‬
‫كيان اسرائيلي في فلسطين عام ‪ ، 1948‬بالضافة الى نتائج العدوان الثلثي على مصر وفشل‬
‫محاولت الوحدة العربية ‪ ،‬أدى الى اعتماد حركة التحرير القومية الفلسطينية )فتح( ‪ -‬التي انشأت عام‬
‫‪ 1956‬كل من ياسر عرفات وصلح خلف وخليل الوزير ‪ -‬المادي على الدول العربية مع استقللية‬
‫القرار‪ .‬كما اتجهت الحركة القومية العربية بزعامة جورج حبش آنذاك والتي تأسست عام ‪ ، 1948‬الى‬
‫التحول من العتماد على العرب الى العتماد على الفكر الماركسي نهجًا وممارسة ‪ ،‬نتيجة خزلن‬
‫العرب في إقامة الوحدة بين الدول العربية ‪ ،‬مما أدى بالفلسطينيين الى الشعور بانهم فقط هم الملزمين‬
‫بالقيام بما يريدون تحقيقه ‪ ،‬وخاصة في استقللهم بقرارهم ‪ ،‬مع الرتباط بالدول العربية ومطالبتهم‬
‫باستخدامهم لراضي تلك الدول ‪ ،‬للنضال والنطلق منها في سبيل تحرير فلسطين دون أي عائق ‪.‬‬
‫وبنتيجة العمليات الفدائية المنطلقة من البلدان العربية المجاورة بدءًا من عام ‪ ، 1968‬أصبحت تلك‬
‫البلدان مستهدفة من قبل الغارات السرائيلية انتقامًا على العمليات الفدائية ‪ ،‬فساور الخوف تلك البلدان‬
‫وبدأت الحملت للسيطرة على العمل الفدائي توقيًا من الغارات السرائيلية النتقامية ‪ ،‬فأصبحت‬
‫القضية الفلسطينية مركز استقطاب الحكومات العربية وبدأت تلك الدول تتسابق في استمالة المنظمات‬
‫الفلسطينية واخضاعها لها ‪ ،‬أو انشاء منظمات بديلة عن تلك التي لم تخضع لتلك الحكومات وذلك‬
‫لضبطها )‪. (15‬‬
‫بعد أحداث ايلول في الردن عام ‪ 1970‬والتي سميت بايلول السود ‪ ،‬فقدت المنظمات الفلسطينية اكبر‬
‫وأقرب معقل لها ‪ ،‬فتوجهت نحو لبنان ‪ ،‬لكن حرب اكتوبر عام ‪ 1973‬والذي شعر فيه‬
‫العرب جميعًا بانهم استطاعوا أن يوحدوا الكلمة والبندقية نحو اسرائيل ‪ ،‬سرعان ما تبدد بعد اتفاق فك‬
‫الرتباط بين القوات المصرية والسرائيلية ومن بعدها القوات السورية ومن ثم مباحثات السلم‬
‫واتفاقية كامب ديفيد مما أدى الى ‪:‬‬
‫‪ -1‬استحالة شن الحرب أو أي هجوم من الراضي المصرية والسورية على اسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -2‬خروج مصر كأكبر قوة عربية من المواجهة بعد اتفاقياته مع اسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -3‬البحث عن ساحة ممكنة لشن العمليات العسكرية ضد اسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -4‬محاولة سورية لفشل التفاقيات العربية المنفردة مع اسرائيل ‪.‬‬
‫وكانت الساحة البديلة هي الرض اللبنانية ‪ ،‬للسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم وجود أرض لبنانية محتلة من قبل اسرائيل ‪.‬‬
‫‪-62-‬‬
‫‪ -2‬عدم وجود اتفاق لبناني اسرائيلي يحجم الهجوم من ارضها ‪.‬‬
‫‪ -3‬الوجود الفلسطيني المكثف والمسلح في لبنان ‪.‬‬
‫‪ -4‬حرية حركة المنظمات الفلسطينية المسلحة في لبنان ‪ ،‬مع العتراف بحقهم في عمليات ضد اسرائيل‬
‫من الرض اللبنانية بموجب اتفاق القاهرة لعام ‪(16) 1969‬‬
‫____________________________‬
‫)‪ (2‬اتفاق القاهرة ‪:‬‬
‫قرار الجمعية العربية رقم‪/ 2550 :‬د ‪ /52-‬تاريخ ‪. 13/9/1969‬‬
‫اتفاق سري للغاية ‪.‬‬
‫في يوم الثنين ‪ 3‬تشرين الثاني ‪ 1969‬اجتمع في القاهرة الوفد اللبناني برئاسة عماد الجيش إميل البستاني ‪ ،‬ووفد منظمة التحرير برئاسة السيد‬
‫ياسر عرفات رئيس المنظمة ‪ ،‬وحضر من الجمهورية العربية المتحدة السيد محمود رياض وزير الخارجية ‪ ،‬والسيد الفريق أول محمد فوزي‬
‫وزير الحربية ‪.‬‬
‫انطلقًا من روابط الخوة والمصير المشترك فان علقات لبنان والثورة الفلسطينية ل بد وأن تتسم دومًا بالثقة والصراحة والتعاون اليجابي لما‬
‫فيه مصلحة لبنان والثورة الفلسطينية وذلك ضمن سيادة لبنان وسلمته‪ ،‬واتفق الوفدان على المبادئ والجراءات التالية‪:‬‬
‫ا‪ -‬الوجود الفلسطيني‪:‬‬
‫تم التفاق على إعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان على أساس‪:‬‬
‫‪ -1‬حق العمل والقامة والتنقل للفلسطينيين المقيمين حاليًا في لبنان‪.‬‬
‫‪ -2‬إنشاء لجان محلية من الفلسطينين في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية وضمن السيادة‬
‫اللبنانية‪.‬‬
‫‪ -3‬وجود نقاط للكفاح الفلسطيني المسلح داخل المخيمات ‪ ،‬تتعاون مع اللجان المحلية لتأمين حسن العلقات مع السلطة ‪ ،‬وتتولى هذه النقاط‬
‫موضوع تنظيم وجود السلحة وتحديدها في المخيمات ‪ ،‬وذلك ضمن نقاط المن اللبناني ومصلحة الثورة الفلسطينية‪.‬‬
‫‪ -4‬السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية من خلل الكفاح المسلح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلمته‪.‬‬
‫ب‪ -‬العمل الفدائي ‪:‬‬
‫تم التفاق على تسهيل العمل الفدائي عن طريق‪:‬‬
‫‪ -1‬تسهيل المرور للفدائيين وتحديد نقاط المرور والستطلع في مناطق الحدود‪.‬‬
‫‪ -2‬تأمين الطريق الى منطقة العرقوب‪.‬‬
‫‪ -3‬تقوم قيادة الكفاح المسلح بضبط تصرفات كافة أفراد منظماتها وعدم تدخلهم في الشؤون اللبنانية‪.‬‬
‫‪ -4‬ايجاد ارتباط مشترك بين الكفاح المسلح والجيش اللبناني ‪.‬‬
‫‪ -5‬إيقاف الحملت العلمية من الجانبين‪.‬‬
‫‪ -6‬القيام بإحصاء عدد عناصر الكفاح المسلح الموجود في لبنان بواسطة قيادتها‪.‬‬
‫‪ -7‬تعيين ممثلين عن الكفاح المسلح في الركان اللبنانية يشتركون بحل جميع المور الطارئة‪.‬‬
‫‪ -8‬دراسة توزيع أماكن التمركز المناسبة في مناطق الحدود التي يتم التفاق عليها مع الركان اللبنانية‪.‬‬
‫‪ -9‬تنظيم الدخول والخروج والتجول لعناصر الكفاح المسلح‪.‬‬
‫‪ -10‬إلغاء قاعدة جيرون‪.‬‬
‫‪ -11‬يسهل الجيش للبناني أعمال مراكز الطبابة والخلء والتموين للعمل الفدائي‪.‬‬
‫‪ -12‬الفراج عن المعتقلين والسلحة المصادرة ‪.‬‬
‫‪ -13‬ومن المسلم به ان السلطات اللبنانية من مدنيه وعسكرية تستمر في ممارسة صلحياتها ومسؤلياتها كاملة في جميع المناطق اللبنانية وفي‬
‫جميع الظروف‪.‬‬
‫‪ -14‬يؤكد الوفدان ان الكفاح المسلح الفلسطيني عمل يعود لمصلحة لبنان كما هو لمصلحة الثورة الفلسطينية والعرب جميعهم‪.‬‬
‫‪ -15‬يبقى هذا التفاق سريا للغاية ول يجوز الطلع عليه إل من من قبل القيادات فقط ‪.‬‬
‫رئيس الوفد الفلسطيني‬ ‫رئيس الوفد اللبناني‬
‫المضاء‪ /‬عرفات‬ ‫المضاء‪ /‬بستاني‬
‫في ‪ 3‬نوفمبر )تشرين ثاني( ‪1969‬‬

‫‪-63-‬‬
‫وبذلك التقت مصالح المنظمات الفلسطينية والحكومة السورية رغم تناقضاتهما في الدفاع ضد التقارب‬
‫المصري السرائيلي ‪ ،‬وبدأوا بالعمل ضد ذلك التفاق لسقاطه ‪ ،‬وبدأت بذلك تكوين نواة دفاع فلسطيني‬
‫سوري ضد إسرائيل من ارض لبنان ‪ ،‬منبهين بذلك اسرائيل ومصر ‪ ،‬بإن التوجه والسير في عمليات‬
‫صلح و سلم منفردة ل يمكنه ان تتم دون مشاركتهم ‪ ،‬وإن أي صلح منفرد لصالح إحدى الدول‬
‫العربية دون أن يشمل القضية الفلسطينية ل يمكن تحقيقه ‪ ،‬لن محور الصراع هو قضية فلسطين ‪،‬‬
‫ويجب أن يشملهم الصلح قبل غيرهم ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬الهداف غير المعلنة‬


‫‪ -1‬ضبط المنظمات الفلسطينية وتسييرها وفق مصالحها ‪.‬‬
‫لقد كان قدر المنظمات الفلسطينية أن تنشأ في أرضها التي لتحكمها بنفسها ‪ ،‬بل يحكمها التي من‬
‫الخارج ‪ ،‬بعد أن اسس كيان له ‪ ،‬لذلك من الطبيعي أن تتخذ المنظمات الفلسطينية من التحرير هدفها‬
‫الساسي ‪ ،‬بخلف المنظمات التي تنشأ في دولها المستقلة والتي تناضل من أجل مبادئ أخرى كالتحرر‬
‫من التخلف القتصادي والسياسي والجتماعي أو الفساد الداري ‪...‬الخ ‪ ،‬وقد شهد قواد المنظمات‬
‫الفلسطينية ومؤسسيها بأنفسهم ما جرى لهم ولشعبهم من اغتصاب الرض فلم يكن لهم إل النضال من‬
‫أجل إما ‪:‬‬
‫‪ -1‬طرد المغتصب ‪.‬‬
‫‪ -2‬العيش المشترك معهم في دولتين مستقلتين ‪.‬‬
‫‪ -3‬العتراف باسرائيل وإقامة سلطة فلسطينية ) ليست دولة ( ‪.‬‬
‫‪ -4‬الخضوع للمر الواقع والعيش في دولة اسرائيلية كمواطنين من الدرجة الثانية ‪.‬‬
‫في بداية الهجرة اليهودية الى فلسطين بعد وعد بلفور ‪ -‬في إقامة كيان لهم في فلسطين ‪ -‬كان ظاهراً‬
‫للعيان بان العرب هم القوى في فلسطين ‪ ،‬حيث كان اليهود عبارة عن موجات مهاجرة من مختلف‬
‫البلدان ‪ ،‬ل يملكون الرض ول الرادة في التشبث ‪ ،‬موجات قليلة نحو بحر من العرب ‪،‬ل يستطيعوا‬
‫أن يشكلوا جزيرة صغيرة فيها ‪ ،‬فكان الخيار الفلسطيني هو الغاء الوجود السرائيلي‪،‬وطردهم ليس الى‬
‫بلدانهم التي هاجروا منها بل الى البحر‪ ،‬دون أن يستشعروا بان قرار الوعد لهم أتخذته قوى اجنبية‬
‫مستعدة للمزيد من الدعم المادي والمعنوي والعسكري وبتخطيط قد أمنوا أسباب نجاحه ‪ ،‬وقد دل على‬
‫ذلك قرار التقسيم بعد وعد بلفور ومن ثم تحالف الدول الكبرى ومدهم بالمساعدة ‪ ،‬إلى ان‬
‫شعرالفلسطينيون والعرب جميعًا بان القرار الفلسطيني والعربي في طرد المغتصب كان وهمًا فبدأوا‬
‫يتنازلون عنه شيئًا فشيئًا ‪.‬‬
‫بدأت الدول العربية والعرب جميعًا في كل مكان بدعم المنظمات الفلسطينية والشعب الفلسطيني على‬
‫أمل تحقيق ما تصبوا اليه ‪ ،‬الى أن تحولت سياسة الدول العربية المجاورة لفلسطين بشأن القضية‬
‫الفلسطينية وبشأن الصراع العربي ‪ ،‬فبدأت الدول العربية تحرك القوى السياسية الفلسطينية والعربية‬
‫الموالية لها في الدول الخرى ‪ ،‬وبذلك بدأت الدول العربية كل على حدة بالبحث عن قوى موالية لها‬
‫لتقوية نفوذها لتمرير مصالحها تجاه الخرى فأصبحت لبنان الساحة الكبر ملئمة لتحقيق مصالح‬
‫الدول فيها للسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬نظام الحكم البرلماني المطبق في لبنان وانعدام سلطة الجيش ‪.‬‬
‫‪ -2‬الديمقراطية السياسية التي استقطبت كافة المعارضات العربية ‪.‬‬
‫‪ -3‬الساحة الكثر ملئمة للتحرك الفلسطيني ضد اسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -4‬دعوات التوجه الى لبنان حر مستقل غير مؤمن بالدخول في عملية الوحدة العربية المحتملة ‪.‬‬
‫‪ -5‬شعور الطائفة المسيحية بالغبن ‪ ،‬وفقدانها لمركز نفوذها مقابل النفوذ الفلسطيني والسلمي‬
‫السني بقواه الوطنية والتقدمية ‪.‬‬
‫‪ -6‬ظهور الشيعة كحركة دينية سياسية على المسرح السياسي اللبناني ‪.‬‬

‫هذا الفسيفساء السياسي والطائفي جعل من الوضع في لبنان معقدًا وبؤرة للتوتر‪ .‬حيث انظار الدول‬
‫العربية والجنبية لتحقيق مصالحها والنطلق منها بالعتماد على القوى الموالية لها أدى بالسلطة‬
‫‪-64-‬‬
‫السورية وحزب البعث إلى ضرورة الستعجال في ضبط الوضاع لتأمين مصالحها السياسية‬
‫والمنية ‪ ،‬ولتجعل من نفسها قوة اقليمية مؤثرة ل يمكن تحقيقها إل بذلك الضبط ومحاولة السيطرة‬
‫على الوضع في لبنان باضعاف كافة القوى العاملة على تلك الساحة وضبطها لتحريكها وفقًا للسياسة‬
‫التي ترسمها لهدافها في الداخل السوري وشعاراتها في القومية العربية التي رفعها حزب البعث‬
‫كشعار لها ‪ ،‬يعلو على كافة المصالح ‪ ،‬مع الستعداد بالتضحية بنمائها القتصادي والجتماعي خدمًة‬
‫للهداف القومية – كما تدعي – ‪.‬‬

‫إضافة إلى إعتبار السلطة في سوريا ‪ ،‬إ ن منظمة التحرير ل تمتلك شيئًا إل الرمزية ولسنا بحاجة الى‬
‫ابتلعها ‪ ،‬كما تعتبر إن القضية الفلسطينية هي ليست قضية شعب مظلوم بل قضية وطنية ‪ ،‬وإن‬
‫الصراع بين سوريا والحركة الصهيونية منذ وعد بلفور واحتلل الجولن يعود بسببه إلى تلك القضية‬
‫)‪.(17‬‬

‫‪ -2‬ضبط الوضع اللبناني وتحويله الى ورقة ضغط سورية ‪.‬‬


‫ل زال الفكر السائد لدى الوساط الحاكمة في سوريا هو وحدة الشعبين ‪ ،‬السوري واللبناني ‪ ،‬رغم‬
‫الحدود الدارية التي رسمتها فرنسا وبريطانيا في العشرينات من القرن الماضي دون أن تستطع إلغاء‬
‫الروابط القومية والوطنية والعائلية والسرية والثقافية والقتصادية بين البلدين ‪ ،‬وتستند السلطات‬
‫الحاكمة في سورياوحدة الشعبين تلك على التقسيمات الدارية التي كانت موجودة أيام الحكم العثماني ‪،‬‬
‫حيث كانت هناك في ما يتعلق بلبنان وسورية ‪:‬‬
‫‪ -1‬ولية دمشق التي كانت تضم القسم الجنوبي من سوريا بما في ذلك الردن حاليًا وقسمًا من اراضي‬
‫لبنان الحالية ‪.‬‬
‫‪ -2‬ولية بيروت وكانت تضم المناطق الساحلية من لبنان الحالي ومنطقة اللذقية والقسم الشمالي من‬
‫فلسطين ‪.‬‬

‫أما خارج نطاق الجغرافيا والتاريخ ‪ ،‬فهناك الفكر القومي الذي ينادي به حزب البعث الحاكم في سوريا‬
‫‪ .‬في الوحدة بين القطار العربية والسعي من اجله مضحيًا من اجل ذلك – في زعمه – الشأن الوطني‬
‫الداخلي واعتبار الفرد و الوطن والمواطن مراتب ثانوية بعد المرتبة القومية ‪.‬‬
‫ويلحظ من حديث السيد الرئيس حافظ السد لمجلة النهار العربي والدولي ‪ ،‬إن الدفاع عن الرض‬
‫اللبنانية التي احتلها العدو ‪ ،‬مهما كلف ذلك من تضحيات ‪ ،‬واجبًا ليتوقف القيام به على طلب من أحد )‬
‫‪. (18‬‬
‫ان العلقة المتبادلة بين المن القطري والقومي يكون من الساسيات التي ينطلق منها الفكر القومي‬
‫العربي الذي يعتمد عليه حزب البعث _ الذي يقود المجتمع والدولة بموجب الدستور – وعليه يرفض‬
‫كل الحلول الجزئية التي تقوم بها دولة عربية منفردة في سعيها للصلح مع اسرائيل‪.‬‬
‫وقد اعتبرت السلطات السورية على لسان السيد عبد الحليم خدام وزير خارجيتها آنذاك ‪ ،‬ان ما يجري‬
‫في لبنان هو جزء من مخطط كبير يستهدف لبنان وسوريا والثورة الفلسطينية كما من شأنه خدمة‬
‫اسرائيل والوليات المتحدة وتحقيق الهداف الخفية لتفاقية سيناء )‪. (19‬‬
‫وقد اختزل الرئيس الراحل حافظ السد ذلك كله في أقواله التالية ‪ " :‬تختلف سوريا عن كل الدول‬
‫العربية الخرى ‪ ...‬نحن نجسد دعوة القومية العربية وكل ما هو عربي هو نحن ‪ ...‬نحن نتميز‬
‫بقومية عربية تدخلية ‪ ،‬ل يمكن تصور أية وحدة عربية دون سوريا ‪ ،‬ول أي حرب دونها كذلك ‪ ،‬فلو‬
‫كانت لنا حدود مشتركة مع مصر ‪ ،‬لدخل اليها حتمًا جيشنا بعد زيارة السادات الى القدس ‪ ...‬سوريا هي‬
‫عقدة المشكلة ومفتاح الحل في الشرق الوسط " )‪. (20‬‬
‫لقد أدركت سورية خطورة الوضع اللبناني على سوريا والعرب جميعًا ‪ ،‬انطلقًا من مفهوم المن‬
‫القطري‪ ،‬حيث تعتبر لبنان خاصرة سورية الغربية الضعيفة ‪ ،‬والمفهوم القومي الذي أدرك بوجود‬
‫‪-65-‬‬
‫عناصر وقوى التقسيم الطائفي في لبنان التي تسعى الى خروج لبنان بدعم من القوى الغربية‬
‫واسرائيل من عروبته والقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية ‪ ،‬وعلى هذا الساس يمكن تحديد‬
‫أطراف النزاع الساسية وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬المنظمات الفلسطينية ‪.‬‬
‫‪ -2‬القوى اللبنانية ذو الميول التقسيميه ‪.‬‬
‫‪ -3‬القوى اللبنانية المؤمنة باللبنان العربي ‪.‬‬
‫بالضافة الى هذه القوى تواجدت على الساحة قوى متدخلة وداعمة للقوى الساسية و هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬اسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الدول العربية بدرجات متفاوتة ولمصالح متعارضة ‪.‬‬
‫ويبدو من خلل مجريات الحداث من بداياته ان سوريا كانت اكثر تضررًا من تفاقم الزمة للمصلحة‬
‫الوطنية والقومية ‪ ،‬لذلك أصبحت من اكثر القوى التي ارادت التدخل بكافة أشكاله لضبط الوضع‬
‫اللبناني والمساك به للضغط على اسرائيل وجره الى مفاوضات عربية اسرائيلية شاملة‪ ،‬يضمن به‬
‫استرجاع اراضيها المحتلة وحل القضية الفلسطينية والبقاء على لبنان العربي بالضافة الى عدم ترك‬
‫الساحة اللبنانية أرضًا مفتوحة للقوى المناوئة لسوريا الذين توافدوا الى لبنان للنضال منه ضد سوريا ‪.‬‬
‫وقد أشار جورج حاوي المين العام السبق للحزب الشيوعي اللبناني الى ذلك بقوله ‪:‬‬
‫" لن سوريا كانت تريد أن تقبض على الورقة اللبنانية والورقة الفلسطينية لتذهب تحت ما كان يحضر‬
‫له من مؤتمر دولي لحل أزمة الشرق الوسط في جنيف " )‪. (21‬‬
‫‪-66-‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مشروعية التدخل السوري في لبنان‬

‫المطلب الول ‪ :‬مشروعية التدخل السوري‬

‫‪ -1‬التدخل عبر جيش التحرير الفلسطيني‬


‫كانت العلقات السورية اللبنانية علقات شائكة ‪ ،‬وكانت لسورية تأثيرعلى السياسة اللبنانية منذ‬
‫الستقلل ‪-‬إستقلل البلدين‪ -‬كان هذا التأثيريزداد أحيانًا ‪ ،‬ويتراجع أحيانًا أخرى ‪ ،‬حيث أخذت العلقات‬
‫في مرحلة ما بعد ‪ /1970/‬منحى جديدًا بسبب رغبة البلدين بالتعاون نتيجة وجود الرئيس سليمان‬
‫فرنجية في رئاسة الجمهورية ‪ ،‬ومع ذلك ورغم العلقة الوطيدة التي نشأت بين الرئيس فرنجية ‪،‬‬
‫وسورية حدثت خلفات في عام ‪ 1971‬بسبب إصرارالقيادة السورية على إبعاد الرئيس صائب سلم‬
‫عن رئاسة الحكومة ‪ ،‬وتمسك الرئيس فرنجية بمقاليد الحكم ‪ .‬ثم زال التوتر وعادت العلقات تجري في‬
‫مسارها الجيد بين الرئيسين ‪ ،‬والحكومتين ‪.‬‬
‫في عام ‪ 1973‬أنفجرت مشكلة بين الفلسطينين ‪ ،‬والحكومة اللبنانية حيث نشب قتال بين الجيش‬
‫اللبناني ‪ ،‬والفصائل الفلسطينية‪ .‬وجرى تدخل سياسي لسوريا لوقف هذا القتال حيث تمكن الوفد‬
‫السوري برئاسة وزيرالخارجية آنذاك عبد الحليم خدام من وضع ترتيبات لوقف إطلق النار‪ .‬وبالفعل‬
‫نجحت الجهود السورية في وقف القتتال الذي كان من الممكن أن يتطور إلى حرب أهلية في لبنان ‪،‬‬
‫وتؤثر سلبًا على الترتيبات التي كانت تعدها سوريا مع مصر لخوض حرب ضد إسرائيل‪ .‬لكن الوضع‬
‫العسكري عاد بالنفجار مرة ثانية في ‪ 13‬نيسان عام ‪ 1975‬بعد حادثة عين الرمانة ‪ .‬إذ انفجر القتال‬
‫بين الفلسطينين من جهة تؤازرهم الحزاب اللبنانية التي شكلت جبهة بقيادة المرحوم كمال جنبلط ‪،‬‬
‫وبين الجيش اللبناني ‪ ،‬وأحزاب الكتائب‪ ،‬والحرا ر‪ ،‬وتنظيمات أخرى في المنطقة الشرقية من جهة‬
‫ثانية ‪ ،‬وجرت أحداث دامية أخذت طابع طائفي ‪ ،‬وقتال على الهوية ‪ ،‬فأزداد الضغط على بيروت بعد‬
‫أن قامت القوات اللبنانية التابعة لحزب الكتائب باجتياح تجمعات إسلمية في بيروت الشرقية منها برج‬
‫حمود ‪ ،‬والكرنتينا ‪ ،‬والمسلخ ‪ .‬وقتل مئات الناس وهجرجميع المسلمين من تلك المناطق ‪ .‬في تلك‬
‫الساعات جرى قصف كبير في بيروت فاتصل المرحوم الرئيس رشيد كرامي بوزيرالخارجية السوري‬
‫السيد عبد الحليم خدام ‪ ،‬وطلب المساعدة كما طلب لقاءً لكل من الرئيس كرامي ‪ ،‬والستاذ كمال جنبلط‬
‫‪ ،‬والسيد موسى الصدر‪ ،‬وعدد آخر من القادة ‪ ،‬فجاؤوا إلى دمشق في نفس اليوم ‪ ،‬واجتمعوا بالرئيس‬
‫السد في كانون الول ‪ . 1975‬وبعد النقاش طلب مساعدتهم في حماية بيروت من الجتياح ‪ .‬فقد‬
‫ل وصلت‬ ‫قررت القيادة السورية إرسال كتيبتين من جيش التحريرالفلسطيني للدفاع عن بيروت ‪ ،‬وفع ً‬
‫الكتيبتان إلى بيروت واتصل الرئيس فرنجية بالرئيس السد محتجًا على ذلك ‪ ،‬فجاوب السد بان الناس‬
‫ذبحوا في بيروت الشرقية ‪ ،‬ول نريد أن تقع مذبحة جديدة في بيروت الغربية ‪ ،‬وجاء الناس يستنجدون‬
‫والجيش اللبناني لم يفعل شيئًا لحمايتهم ‪ .‬وبعد ذلك جرى إتصال آخرعبرموفد أرسله الرئيس فرنجية ‪،‬‬
‫وتم التفاق على قيام سورية بمبادرة في وقف الحرب‪ .‬وبالفعل بعد إتصالت مكثفة مع الطراف‬
‫اللبنانية من كل التجاهات ‪ ،‬ومع الفصائل الفلسطينية تم التفاق على ما أطلق عليه الوثيقة الدستورية ‪،‬‬
‫والتي أذيعت في شباط ‪.(22) /1976/‬‬

‫‪ -2‬التدخل بطلب من السلطة الدستورية ‪ -‬ممثلًة برئيس الجمهورية ‪-‬‬


‫لم تطبق الوثيقة الدستورية بسبب خلفات نشأت بين الرئيس فرنجية ‪ ،‬والرئيس كرامي حول قيادة‬
‫الجيش ‪ .‬إذ أراد الرئيس فرنجية إقالته ورفض الرئيس كرامي ذلك ‪ .‬كما حدث انقلب مسرحي قام به‬
‫اللواء عزيز الحدب بدعم من حركة فتح وتعقدت المور‪ ،‬واستأنفت العمليات القتالية في لبنان ‪ ،‬وازداد‬
‫الضغط على المناطق المسيحية في جبل لبنان ‪ ،‬وفي الشمال ‪ ،‬وفي الجنوب ‪ ،‬وفي بيروت أيضاً‪ .‬وبدأ‬
‫القتال يأخذ منحى الهزيمة لقوات الجبهة اللبنانية وبصورة خاصة بعد أن بدأ الجيش يتفكك ‪ ،‬وخرجت‬
‫مجموعات منه تحت عناوين مختلفة‪ .‬وبعد ذلك جرت محاولت لتسوية الموضوع ‪ ،‬وإيقاف القتال عبر‬
‫إنتخاب رئيس جديد للبنان عوضًا عن الرئيس فرنجية الذي تركزت عليه حملة كبيرة من الجانبين‬
‫الفلسطيني ‪ ،‬والسلمي ‪ .‬وبالفعل تم التفاق بين كل الطراف على تعديل الدستور‪ ،‬وانتخاب رئيس‬
‫‪-67-‬‬
‫جديد قبل إنتهاء ولية الرئيس فرنجية ‪ .‬وبالفعل تم التفاق على إجراء إنتخابات في ‪ /5/‬أيار وتنافس‬
‫السيدان المرحومان الياس سركيس ‪ ،‬وريمون إده ‪ ،‬ونجح الرئيس سركيس لكن الرئيس فرنجية‬
‫أصرعلى عدم ترك موقع الرئاسة حتى آخر يوم من وليته ‪ .‬جرت محاولت لوقف إطلق‬
‫النارولقاءات عديدة شارك فيها الرئيس سركيس كما جرت إتصالت عربية لكن مع ذلك لم تنجح تلك‬
‫الجهود ليقاف إطلق النار‪ .‬في أواخرأيارأرسل الرئيس فرنجية يطلب التدخل العسكري السوري‬
‫لمساعدة الدولة اللبنانية لوقف الحرب الهلية ‪ ،‬وإعادة السلم ‪ .‬ناقشت القيادة السورية هذا المر واتخذت‬
‫قرارًا بإدخال القوات لسيما كانت مدينة زحلة محا صرة من قبل قوات التحالف الوطني الفلسطيني ‪،‬‬
‫وكذلك بلدتي القبيات ‪ ،‬وعندقت بعكار‪ ،‬وكان وضع هذه المدن سيئًا جدًا إذ إنقطعت جميع موارد الغذاء‬
‫والدواء‪ .‬وبالفعل دخلت القوات السورية في الول من حزيران ‪ 1976‬وأنهت الحصارعن زحلة ‪،‬‬
‫وحول القبيات ‪ ،‬وعندقت ثم تقدمت القوات في الجبل ‪ ،‬ورفعت الحصارعن بعض المناطق ‪ ،‬وتل ذلك‬
‫تقدمها بإتجاه بيروت دون أن تواجه أية مشكلة بسبب إتفاق الحركة الوطنية اللبنانية ‪ ،‬والفصائل‬
‫الفلسطينية على عدم التصادم مع القوات السورية )‪. (23‬‬

‫موقف القانون الدولي من التدخل السوري في لبنان بناء على طلب الحكومة ‪.‬‬
‫لقد اقتصرت بحثي هذا على التدخل السوري وتدخل المم المتحدة في لبنان دون التدخلت الدولية‬
‫الخرى ‪ .‬والتدخل السوري في لبنان لم يأتي نتيجة لرد عدوان دولة على لبنان ‪ ،‬بل جاء ذلك التدخل‬
‫لوقف النزاع الداخلي الذي تم بين مجموعات مسلحة مقيمة في لبنان شرعًا‪ ،‬وبين القوى اللبنانية‬
‫المسلحة من ناحية‪ ،‬وبين قوات الجيش اللبنانية من جهة ثانية‪ ،‬فالوجود الفلسطيني الشعبي نتيجة لجوئهم‬
‫الى لبنان هربًا من الحروب السرائيلية وأساليبها في طرد الشعب الفلسطيني‪،‬أصبحت لبنان ساحة‬
‫استقطاب للفلسطينيين بطريقتين ‪:‬‬
‫الول‪ :‬اللجوء النساني للفلسطينيين الى لبنان وإقامتهم الطبيعية فيها ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬لجوء قوات المنظمات الفلسطينية الى لبنان ومتابعة نشاطهم السياسي والمسلح فيها ‪.‬‬
‫ونتيجة للزخم الفلسطيني الهائل في لبنان تابعت المنظمات الفلسطينية تنظيم الفلسطينيين وتسليحهم‬
‫للنطلق منها في عملياتهم العسكرية ضد اسرائيل ‪ ،‬دون أن تقتصر عملياتهم وتسليحهم على‬
‫المخيمات ‪ ،‬بل امتد في الكثير من الحيان الى خارجها مما أدى الى تخوف الكثير من اللبنانيين من تلك‬
‫المظاهر المسلحة‪ ،‬وخاصة بعض المظاهر التي اعتبرتها القوى السياسية اللبنانية والسلطات اللبنانية‬
‫بانها تعتبر تعديًا على سلطة الدولة ‪ ،‬وتناميًا مسلحًا يعيق بسط سلطة الدولة اللبنانية قانونيًا على الكافة ‪،‬‬
‫مواطنين وغير مواطنين‪ ،‬هذا التنامي الفلسطيني المسلح الذي دفع ببعض القوى المسيحية أيضًا بالتسلح‬
‫حماية لنفسهم وطائفتهم ‪ -‬كما أدعوا‪ ، -‬وهذا الوضع المسلح الثنائي ‪ -‬منظمات فلسطينية ‪ ،‬وقوى‬
‫مسيحية ضمن الدولة اللبنانية ‪ -‬أحدث الكثير من الشتباكات أدى الى احتفاظ المجموعات الفلسطينية‬
‫والمسيحية المسلحةعلى بعض مناطقهم بقوة السلح ‪ ،‬مما اضعف سلطة الدولة اللبنانية و تقلصها ‪،‬‬
‫وأثار خوفها من ضياع الدولة‪ ،‬وتحويل الجميع الى ميليشيات ‪ ،‬فكان ل بد من قيام السلطات اللبنانية‬
‫الدستورية بصلحياتها لوقف الوضع الذي بدأ بالتدهوربالطريقة التي تحافظ على وحدة الراضي‬
‫اللبنانية ‪.‬‬
‫ان قيام السلطات اللبنانية الدستورية في الدفاع عن نفسها هو حق طبيعي لها كدولة ‪ ،‬بموجب المادة‪/‬‬
‫‪ /51‬من ميثاق المم المتحدة‪ ،‬التي تؤكد على حق الدول في الدفاع عن انفسهم إذا ما اعتدت قوة مسلحة‬
‫عليها ‪.‬‬
‫وتعتبر العمال القتالية المتبادلة بين القوى الفلسطينية المسلحة‪ ،‬والقوى المسيحية المسلحة في لبنان‪،‬‬
‫اعتداء على الدولة اللبنانية لنها أدت الى تقلص سلطة الدولة‪ ،‬بعدم خضوعهم للقانون اللبناني‪ ،‬وتعديًا‬
‫على سيادة الدولة التي تؤكد عليه كافة المواثيق الدولية ‪.‬‬

‫رغم اتفاقية القاهرة لعام ‪ 1969‬الذي تم بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية‪ ،‬الذي اعاد‬
‫تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان وفسح امام منظمة التحرير الكثير من السبل‪ ،‬لتسهيل الحصول على‬
‫السلحة والتدريب والتجوال ضمن الراضي اللبنانية و تأمين الطرقات الى الجنوب اللبناني لتسهيل‬
‫‪-68-‬‬
‫قيامهم بالعمليات الفدائية ضد اسرائيل‪،‬ال انه لم يمنع من وقوع الشتباكات بينهم ‪،‬وبين القوى‬
‫المسيحية‪ ،‬والسلطات اللبنانية مما حدا بالرئيس اللبناني سليمان فرنجية بدعوة سوريا بالتدخل ليقاف‬
‫النزاع واحلل السلم في لبنان ‪.‬‬
‫إذًا التدخل السوري كان نتيجة ‪:‬‬
‫لصراع لبناني داخلي‪ ،‬لم تستطع السلطات اللبنانية من منع وقوعه أو ايقافه‪ ،‬ودفاع الدولة اللبنانية عن‬
‫نفسها بالطريقة المناسبة التي تراها هو دفاع شرعي ‪ ،‬استعمل فيه الرئيس اللبناني صلحياته‬
‫الدستورية‪ ،‬فهو‪-‬الرئيس‪ -‬بموجب الدستوري اللبناني‪ ،‬رمز وحدة الوطن‪ ،‬ويحافظ على استقلل لبنان‬
‫ووحدته وسلمة أرضه ‪.‬‬
‫وقد أشاد ميثاق المم المتحدة في المادة‪ /52 /‬بدور المنظمات القليمية في معالجة المور المتعلقة بحفظ‬
‫السلم والمن الدولييين‪ ،‬وقد تدخلت جامعة الدول العربية كمنظمة اقليمية عربية مرارًا لنهاء الزمة‬
‫اللبنانية ‪ ،‬وأضفى الشرعيةعلى التدخل السوري بقواته العسكرية في لبنان تحت اسم قوات الردع‬
‫العربية ‪ ،‬بمشاركة قوات عسكرية من بعض الدول العربية‪،‬على أن يكون تحت تصرف الرئيس‬
‫اللبناني‪ .‬وبهذا يكون الطلب من السلطات الدستورية اللبنانية من سوريا بالتدخل لمساعدة سلطاتها في‬
‫الحفاظ على وحدة أراضي دولة لبنان‪ ،‬وانهاء الزمة لتمكينها من بسط سيادة القانون على الفراد وعلى‬
‫القليم ‪،‬هو تدخل مشروع بموجب القانون الدولي وخاصة ان الوضع اللبناني كان من شأنه أن يهدد‬
‫السلم والمن الدوليين ‪،‬علمًا بأنه اثناء فترة النزاع المسلح بين الطراف اللبنانية ‪ ،‬وكذلك بين الطراف‬
‫الفلسطينية والسلطة اللبنانية ‪ ،‬وقيام المنظمات الفلسطينية بالعمليات الفدائية ضد اسرائيل منطلقًا من‬
‫الراضي اللبنانية سبب في الهجوم السرائيلي واحتلل اجزاء من الراضي اللبنانية اكثر من مرة مما‬
‫هدد السلم والمن الدوليين في المنطقة ‪.‬‬

‫‪ -3‬اقرار عربي شامل‬


‫بعد هذه التطورات قام جللة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية‬
‫بمبادرة مع صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح أمير دولة الكويت ‪ ،‬لعقد قمة عربية في دورة‬
‫غير عادية تكون سداسية في الرياض يحضره كل من الرؤساء انور السادات ‪-‬حافظ السد ‪ -‬الياس‬
‫سركيس ‪ -‬ياسر عرفات‪ -‬الشيخ صباح السالم الصباح ‪ -‬جللة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود‬
‫لبحث الزمة في لبنان ‪ ،‬ودراسة وسائل حلها والتفاق على الخطواط اللزمة لوقف نزيف الدم في‬
‫ل من القتال ‪ ،‬واتخذت جملة من القرارات منها ‪:‬‬ ‫لبنان واللجوء الى الحوار بد ً‬
‫‪ -1‬وقف اطلق النار وانهاء القتتال في كافة الراضي اللبنانية من قبل جميع الطراف بصورة‬
‫نهائية اعتبارًا من الساعة السادسة صباح يوم ‪.21/10/1976‬‬
‫‪ -2‬تعزيز قوات المن العربية الحالية لتصبح قوة ردع تعمل داخل لبنان بامرة رئيس الجمهورية‬
‫اللبنانية شخصيًا على أن تكون في حدود الثلثين ألف جندي )‪. (24‬‬
‫كما و اجتمع ملوك ورؤساء دول الجامعة العربية بمقر الجامعة في القاهرة في دورته العادية الثامنة‬
‫وقرروا ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬المصادقة على البيان والقرارات وملحقها الصادر عن مؤتمر القمة العربية السداسي بالرياض في‬
‫يوم ‪. (25) 18/10/1976‬‬
‫وبعد ذلك حسب قرار القمة العربية وضعت هذه القوات بإمرة الياس سركيس‪ ،‬وتم تشكيل لجنة ممثلة‬
‫ب‪ ":‬مصر‪ ،‬و سوريا ‪ ،‬والسعودية ‪ ،‬والكويت"‪ .‬لمساعدته في تنفيذ قرارات القمة ‪ ،‬وإعادة المن إلى‬
‫لبنان ‪ .‬هذه اللجنة واجهت صعوبات كبيرة منها غياب القرارالحاصل لدى إلياس سركيس من جهة ‪،‬‬
‫ومناورات قيادة منظمة التحرير من جهة ثانية ‪ ،‬فتعطلت أعمال اللجنة ثم جاءت زيارة الرئيس‬
‫أنورالسادات إلى القدس مما كان له تأثيركبيرعلى تطورالحداث في لبنان ‪ .‬ومع ذلك استمر العمل‬
‫العربي فتشكلت مجموعة عربية أخرى وجرت لقاءات في بيت الدين بلبنان للوصول الى نتائج إيجابية )‬
‫‪.(26‬‬

‫‪ - 4‬موافقة أمريكية مبطنة ‪.‬‬


‫ل‪:‬‬‫في لقاء لكيسنجر مع السيد غسان تويني مندوب لبنان لدى المم المتحدة صرح قائ ً‬
‫‪-69-‬‬
‫"المهم كان إنقاذ المسيحيين الذين كان الفلسطينيون سيهزمونهم ويهددون مصيرهم ‪ ...‬وكان ثمة خطر‬
‫تدخل اسرائيلي باجتياح كاسح ‪ ،‬تصل معه جيوشهم بيروت ‪ ،‬وإن واشنطن لم تشجع سوريا على التدخل‬
‫‪ ،‬انما كانت سوريا هي أقل الشرور والعنصر الوحيد المحتمل تدخله بشكل مقبول عربيًا ‪ ،‬وأجرت‬
‫دمشق وواشنطن الحسابات ذاتها ووصلتا إلى نفس النتائج العملية ولو بدون تشاور ‪ ،‬باستثناء المشاورة‬
‫حول " الخط الحمر " ‪. (27) "...‬‬
‫إن موازنة الحسابات السياسية من خلل التقارير واللقاءات هي من المور التي يعتمد عليها صناع‬
‫القرارات في الدول وبها يتمكنون معرفة مدى توافق رؤاهم مع رؤية الطراف الخرى في الصراع ‪،‬‬
‫وقد تمكنت سوريا من الستنتاج بالموافقة المريكية لتدخلها العسكري في لبنان‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تحول الوجود السوري الى نظام وصاية ‪.‬‬


‫بالضافة الى بعض الخصوصيات التي تتميز بها كل من سوريا ولبنان فهما محكومتان بالتصال معًا‬
‫وتطويرها الى درجات أرقى في شكل المعاهدات والتفاقيات ‪ ،‬بحكم وجودهما ضمن السرة الدولية ‪،‬‬
‫فلم تبقى المنتجات المادية والفكرية حبيسة منطقة بعينها بل تتجاوز الحدود الدولية ‪ ،‬تؤثر‬
‫وتتأثربالمتغيرات ‪ ،‬هذا التبادل نتيجة التصال والتعاقد تسوء وتتحسن بحسب الظروف المختلفة سواء‬
‫تلك العائدة للفراد أم للشخاص المعنوية من افكار ومصالح وغيرها ‪ .‬أما الخصوصيات التي تتميز‬
‫بها كل من سورية ولبنان كأغلب البلدان المجاورة لبعضها ‪ ،‬من تداخل عائلي وطائفي ومذهبي‬
‫وتبادل مصلحي بنتيجة عوامل جغرافية وتاريخية معينة وكلها تنصب في مجرى الحسن في العلقات‪،‬‬
‫ل مختلفة يساهم البعض في تقاربها‬ ‫مقابل توترها وتسييرها نحو مصلحة أحد الطراف‪ ،‬فتأخذ أشكا ً‬
‫والبعض الخر في تباعدها ‪ ،‬وقد احتوى لبنان ذلك النموذجيين من الطراف بنتيجة الوضع الطائفي‬
‫وتمايزه عن غيره من البلدان المجاورة لفلسطين التي أصبحت قضيتها مركزية بالنسبة لقضايا العرب ‪،‬‬
‫بعد انشاء كيان اسرائيلي فيه ‪ ،‬وأصبحت لبنان مركز استقطاب الكثيرمن الدول العربية والجنبية لتقوية‬
‫نفوذها مع القوى اللبنانية والفلسطينية المتواجدة فيها لتمرير طروحاتها السياسية واليديولوجية‬
‫المختلفة ‪ ،‬عانت لبنان جرائهاخمسةعشر عامًا من القتل والدمار الى أن تم التفاق على وثيقة الوفاق‬
‫الوطني في الطائف والتي تسمى ب اتفاقية الطائف ‪. 1989‬‬

‫خلفية وثيقة الوفاق الوطني ‪:‬‬


‫ان التدخل الذي تم بين مجموعة من العناصر المتجاذبة والمتعارضة بنفس الوقت أوصلت لبنان الى‬
‫نزاع مسلح ‪ -‬حرب أهلية – شمل كافة الراضي اللبنانية ولو بدرجات متفاوقة ‪ .‬فكانت العناصر‬
‫الداخلية لسباب النزاع متوافرة دائمًا في لبنان وهي تتوافر في أغلب ‪ -‬ان لم نقل كل‪ -‬دول منطقة‬
‫الشرق الوسط ‪ ،‬لكن العناصر الداخلية لم تكن كافية ليصال لبنان الى الحالة التي وصلت اليها من‬
‫النزاع المسلح الذي دام بشكل رسمي من عام ‪ 1975‬حتى ‪ 1989‬وبشكل غير رسمي قبل وبعد ذلك‬
‫التاريخ ‪ ،‬وقد حدث ذلك أيضًا في عام ‪ 1958‬لكنها سرعان ما توقفت ‪ ،‬أما ميزة النزاع المسلح في‬
‫السبعينيات ‪ -‬من القرن الماضي ‪ -‬عما قبلها ‪ ،‬فتكمن في ازدياد التدخل الخارجي بأشكال مختلفة أثارت‬
‫العناصر الداخلية وأخرجتها من كبوتها ‪ ،‬ومع ذلك لم تتوقف الجهود العربية من السعي ليجاد مخرج‬
‫للزمة ‪ ،‬إل إن الظروف الدولية كانت تساعد مختلف اطراف النزاع في إدامة الصراع حتى شعرت‬
‫الطراف جميعها ضمنيًا بان الخاسر الوحيد من هذا الصراع هو لبنان والشعب اللبناني ‪ ،‬مع شعورهم‬
‫بانه لم يخرج من النزاع أي من الطراف منتصرًا ‪ ،‬فأراد الجميع إنهاء الزمة دون أن يعرفوا كيف ‪،‬‬
‫حتى قام جللة الملك خالد بن عبد العزيز مع سمو الشيخ صباح السالم أمير دولة الكويت لعقد قمة‬
‫ل في الوصول الى حل نهائي للزمة اللبنانية ‪.‬‬‫عربية أم ً‬

‫مؤتمر القمة العربي الغير عادي في الدار البيضاء ‪. 26/5/1989‬‬


‫بمبادرة من جللة الملك الحسن الثاني ملك المملكة المغربية وبدعوة من جللته انعقد المؤتمر واتخذت‬
‫جملة من القرارات التالية بشأن الزمة اللبنانية ‪:‬‬
‫أول‪ -‬التأكيد على عروبة لبنان ووحدة اراضيه واستقلله وان اى حل ل يتم فى اطار الحفاظ على هذه‬
‫العناصر الرئيسية ل يمكن ان يمثل حل حقيقيا للمشكلة اللبنانية ‪ ،‬وان الطار العربى هو الطار‬
‫‪-70-‬‬
‫الطبيعي لحل الزمة اللبنانية ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التأكيد على المسئوليات العربية العامة عن الوضع فى لبنان والتزام الدول العربية جميعا‬
‫بالمشاركة اليجابية فى مناقشة ودراسة وتقديم المقترحات اللزمة للحل وكذلك العون المادى والسياسى‬
‫المطلوب‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬المطالبة باحترام وقف إطلق النار‪ :‬مطالبة كافة الطراف اللبنانية باحترام وقف اطلق النار وفق‬
‫قرار مجلس الجامعة العربية الصادر فى ‪ 27‬ابريل ‪.1989‬‬
‫رابعًا‪ :‬تشكيل لجنة مكونة من جللة الملك الحسن الثانى ملك المملكة المغربية ومن خادم الحرمين‬
‫الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية وفخامة الرئيس الشاذلى بن جديد‬
‫رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬وتخويلها الصلحيات الشاملة والكاملة لتحقيق‬
‫الهداف التى اقرها المؤتمر لحل الزمة اللبنانية‪.‬‬
‫وتكون مهمتها على النحو التالى‪:‬‬
‫أ(القيام بالتصالت والجراءات التى تراها مناسبة بهدف توفير المناخ الملئم لدعوة اعضاء‬
‫مجلس النواب اللبنانى‪ -‬حتى خارج لبنان عند الضرورة ‪ -‬لعداد ومناقشة وثيقة الصلحات السياسية‬
‫التى يمكن ان تعتبر اساسا للحوار والوفاق الوطنى حتى يقرها مجلس النواب اللبنانى فى اول اجتماع‬
‫له‪.‬‬
‫ب( دعوة مجلس النواب اللبنانى للنعقاد فى العاصمة اللبنانية بيروت للتصديق على وثيقة الصلحات‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ج( بعد التصديق على وثيقة الصلحات السياسية ينتخب مجلس النواب رئيس الجمهورية الذى يشكل‬
‫حكومة وفاق وطنى تلتزم بوثيقة الصلحات السياسية وتبدأ على الفور فى اتخاذ الجراءات الدستورية‬
‫لوضع هذه الوثيقة موضع التنفيذ‪ ،‬ويعدل على أساسها‪ ،‬باعتبارها وثيقة دستورية‪ ،‬النظام السياسى‬
‫اللبنانى بما يحقق سيادته الوطنية ويؤكد وحدته وهويته العربية ويرسى مبادىء الحرية والعدل‬
‫والمساواة‪.‬‬
‫د( دعم الحكومة اللبنانية المنبثقة عن الوفاق الوطنى فى اتخاذ الجراءات التى تراها ضرورية‬
‫لممارسة سيادتها الكاملة على الراضى اللبنانية‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬تنفيذ الجراءات فى ‪ 6‬اشهر واستعداد المؤتمر للنعقاد اذا تطلب المر ذلك ‪.‬‬

‫وثيقة الوفاق الوطني اللبناني ‪ -‬اتفاقية الطائف ‪-1989‬‬


‫) تحول الوجود السوري شرعيًا الى نظام وصاية لفترة محددة (‪.‬‬
‫بقرار من مؤتمر القمة العربي في الدار البيضاء تم تشكيل لجنة ثلثية مع تخويلها بصلحيات شاملة‬
‫لتحقيق الهداف التي اقرها المؤتمر لحل الزمة اللبنانية ‪ ،‬وقد باشرت اللجنة عملها بالتصال مع‬
‫النواب اللبنانيين للحضور الى الطائف والتفاق على وثيقة وفاق وطني ‪ ،‬إل إن اقتصار اللجنة على‬
‫المغرب والسعودية والجزائر‪ -‬دون سوريا كونها أحد اطراف النزاع – أثار حفيظة سوريا ‪ ،‬إل ان‬
‫توصل الرئيس السوري حافظ السد الى تسوية مع الرئيس الجزائري في اعقاب مؤتمر دول عدم‬
‫النحياز في يوغسلفيا ‪ 1989‬قضت بتعديل ما جاء في مشروع الوثيقة عبارة " انسحاب الجيش‬
‫السوري " بعبارة " اعادة تجميع القوات السورية " ‪ ،‬ومع ذلك تابعت اللجنة عملها بدعوة النواب‬
‫اللبنانيين لعقد مؤتمر في الطائف بالمملكة العربية السعودية لمناقشة مشروع الوثيقة واصدارها بعد‬
‫التفاق عليها ‪ ،‬واستطاع مندوب اللجنة الثلثية الخضر البراهيمي ان يقنع العماد ميشيل عون على‬
‫مشاركة النواب القاطنين في المنطقة الشرقية من بيروت التي تخضع لسيطرته ‪ ،‬وقد تم افتتاح المؤتمر‬
‫في صباح ‪ 30‬ايلول ‪ 1989‬وقد حضر ‪ 62‬نائبًا من اصل ‪ 73‬للخروج بوثيقة وفاق وطني )‪.(28‬‬

‫وقد جاءت في الوثيقة فيما يخص السيادة اللبنانية والعلقات مع سوريا مايلي ‪:‬‬
‫ل‪................................":‬‬
‫او ً‬

‫‪-71-‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الراضي اللبنانية‬
‫بما انه تم التفاق بين الطراف اللبنانية على قيام الدولة القوية القادرة‬
‫المبنية على أساس الوفاق الوطني ‪ .‬تقوم حكومة الوفاق الوطني بوضع‬
‫خطة أمنية مفصلة مدتها سنة ‪،‬هدفها بسط سلطة الدولة اللبنانية تدريجيا ً‬
‫على كامل الراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية‪ ،‬وتتسم خطوطها‬
‫العريضة بالتي‪:‬‬
‫‪ -1‬العلن عن حل جميع الميليشيات اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة‬
‫اللبنانية خلل ستة اشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني‬
‫وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وإقرار الصلحات‬
‫السياسية بصورة دستورية ‪.‬‬
‫وحيث أن هدف الدولة اللبنانية هو بسط سلطتها على كامل الراضي اللبنانية‬
‫بواسطة قواتها الذاتية المتمثلة بالدرجة الولى بقوى المن الداخلي ‪ .‬ومن‬
‫واقع العلقات الخوية التي تربط سوريا بلبنان ‪ ،‬تقوم القوات السورية‬
‫مشكورة بمساعدة قوات الشرعية اللبنانية لبسط سلطة الدولة اللبنانية في‬
‫فترة زمنية محددة أقصاها سنتان تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني‬
‫وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني ‪ ،‬وإقرار الصلحات‬
‫السياسية بصورة دستورية وفي نهاية هذه الفترة تقرر الحكومتان‪ ،‬الحكومة‬
‫السورية وحكومة الوفاق الوطني اللبنانية‪ ،‬إعادة تمركز القوات السورية في‬
‫منطقة البقاع ومدخل البقاع الغربي في ضهر البيدر حتى خط حمانا المديرج‬
‫عين داره‪ ،‬وإذا دعت الضرورة في نقاط أخرى يتم تحديدها بواسطة لجنة‬
‫عسكرية لبنانية سورية مشتركة‪ .‬كما يتم اتفاق بين الحكومتين يجري بموجبه‬
‫تحديد حجم ومدة تواجد القوات السورية في المناطق المذكورة أعله وتحديد‬
‫علقة هذه القوات مع سلطات الدولة اللبنانية في أماكن تواجدها‪ .‬واللجنة‬
‫الثلثية العربية العليا مستعدة لمساعدة الدولتين في الوصول إلى هذا التفاق‬
‫إذا رغبتا في ذلك ‪.‬‬

‫ثالثًا‪.............‬‬
‫رابعا ً‪ :‬العلقات اللبنانيةـ السورية‬
‫إن لبنان‪ ،‬الذي هو عربي النتماء والهوية‪ ،‬تربطه علقات أخوية صادقة‬
‫بجميع الدول العربية‪ ،‬وتقوم بينه وبين سوريا علقات مميزة تستمد قوتها من‬
‫جذور القربى والتاريخ والمصالح الخوية المشتركة ‪ ،‬وهو مفهوم يرتكز عليه‬
‫التنسيق والتعاون بين البلدين وسوف تجسده اتفاقات بينهما ‪ ،‬في شتى‬
‫المجالت ‪ ،‬بما يحقق مصلحة البلدين الشقيقين في إطار سيادة واستقلل‬
‫كل منهما‪ .‬استنادا ً إلى ذلك‪ ،‬ولن تثبيت قواعد المن يوفر المناخ المطلوب‬
‫لتنمية هذه الروابط المتميزة‪ ،‬فإنه يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لمن‬
‫سوريا وسوريا لمن لبنان في حال من الحوال ‪ .‬وعليه فإن لبنان ل يسمح‬
‫بأن يكون ممرا ً أو مستقرا ً لي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه‬
‫أو أمن سوريا‪ .‬وإن سوريا الحريصة على أمن لبنان واستقلله ووحدته ووفاق‬
‫أبنائه ل تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلله وسيادته " ‪.‬‬
‫ان دعوة الملك الحسن الثاني الى انعقاد مؤتمر قمة عربي غير عادي في الدار البيضاء وحضور‬
‫مصر بعد القطيعة نتيجة اتفاقياته مع اسرائيل ‪،‬بدأ المر جليًا بان الزمة اللبنانية ستجد لها طريقًا للحل‬
‫‪ ،‬وكإن المر بات قطعيًا ‪ ،‬وقد استنتجت سوريًا أيضًا ذلك وهي المتنبهة للمتغيرات والتطورات على‬
‫الساحة العربية والدولية ‪ ،‬فحاولت جاهدة لكي تثبت نفوذها في لبنان وخاصة ان ميثاق الوفاق الوطني‬
‫ينص على حل الميليشيات المسلحة كافة‪ ،‬ويبسط السيادة اللبنانية على كافة أراضيها مع بقاء القوات‬
‫السورية في لبنان‪ ،‬الى مدة اقصاها سنتين بعد بعض الترتيبات وخاصة إزالة سيطرة العماد ميشيل‬
‫عون على المنطقة الشرقية ‪ ،‬فعارضت سوريا عبارة انسحاب الجيش السوري الواردة في الميثاق الى‬
‫‪-72-‬‬
‫ل لترتيب الوضاع ‪ ،‬فاستخدمتها سورية‬ ‫عبارة إعادة تمركز قواتها ‪ ،‬مما فسح الميثاق لها مجا ً‬
‫بالشكل الذي يضمن لها نفوذًا في لبنان ‪ ،‬وخلل تواجد قواتها العسكرية والمنية منذ دخولها الى لبنان‬
‫في حزيران ‪ 1976‬الى ما بعد اتفاق الطائف ‪ ،‬استطاعت أن تفرض على الجميع إملءاتها في‬
‫التعيينات في مراكز السلطة السيادية ‪ ،‬مستفيدة في ذلك من وضعين أساسيين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن طريق قواتها العسكرية والمنية والمنظمات الموالية لها في فرض سيطرتها قبل‬
‫الطائف ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬وثيقة الوفاق الوطني التي اعطتها الشرعية في ترتيب الوضاع في لبنان ومنها حل‬
‫الميليشات المسلحة ‪ ،‬فاستخدمتها كرافعة لبسط سيطرتها من خلل حل الميليشات وإعادة القسم‬
‫الشرقي من بيروت من سيطرة العماد ميشيل عون من خلل الهجوم وانهاء حالة التمرد ‪ ،‬وباتت‬
‫السيادة اللبنانية تتكامل على الرض اللبنانية بمساعدة القوات السورية ‪ ،‬لكنها سرعان ما ربطت‬
‫لبنان بمعاهدة الخوة والتعاون والتنسيق بين ‪ ،‬وكذلك اتفاقية الدفاع والمن ‪ ،‬ملغيًا بتلك التفاقيتين ما‬
‫اتفق عليه اللبنانيون في الطائف في استمرار تواجد قواتها العسكرية والمنية إلى ان خرجت بقرار‬
‫مجلس المن رقم ‪ 1559‬الصادرفي ‪ 2‬أيلول ‪. 2004‬‬
‫وفي ذلك يقول الرئيس سليم الحص في كتابه المفتوح الى قادة الرأي في لبنان وسوريا ‪:‬‬
‫" لدور سوريا في الوقت الحالي وجهان ‪ :‬وجه قومي مشهود له ووجه ملتبس ‪ .‬والوجهان في حال‬
‫صراع ‪ .‬حذار أن يغلب الوجه الثاني على الول ‪ ،‬فذلك سيكون في حجم الكارثة ليس لسوريا فحسب‬
‫بل ايضًا للبنان العربي ‪ .‬الوجه القومي المشهود له يتجلى في استمرار سوريا في موقع القلعة القومية‬
‫التي لم تتهاوى أمام عصف الضغوط الهالكة التي تهب عليها من جانب الصهيونية والقوى الدولية التي‬
‫تناصرها من اجل حملها على الستلم ‪ .‬وهي تجد في تماهيها في هذا الموقف مع لبنان قوة ومنعة ل‬
‫حدود لها‪ .‬أما الوجه الملتبس فقد بات هدفًا للعتراض والرشق والتنديد من جانب فريق من اللبنانيين ‪،‬‬
‫وهذا الفريق يتنامى مده مع الزمن ول يتضاءل وهو يلقى مددًا متعاظمًا من قوى خارجية كان آخر‬
‫تجلياته القرار الدولي ‪ . 1559‬الدرع التي يحتمي بها لبنان في مواجهة هذه التحديات العاتية هي وثيقة‬
‫الوفاق الوطني ومعاهدة الخوة والتسنيق والتعاون مع سوريا ‪ ...‬وحدتنا الوطنية مهددة ‪ ،‬اذن وجودنا‬
‫في الميزان ‪.‬‬
‫مصدر التهديد هو في ما تتعرض له الدرع من ضغوط عبر التنكر لتفاق الطائف ومعاهدة الخوة ‪.‬‬
‫اتفاق الطائف يكاد يكون في حكم المغيب ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا لم تكتمل عملية اعادة انتشار القوات العربية السورية الى منطقة البقاع ‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا لم يوضع اتفاق بين البلدين يحدد حجم القوة السورية المتبقية وماهية العلقة بينها وبين السلطات‬
‫اللبنانية في منطقة انتشارها ‪ ،‬ومدة بقائها التي يمكن أن تجدد ما دامت حال الحرب مع العدو الصهيوني‬
‫قائمة ‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا أطلقت الطبقة الحاكمة في لبنان ‪ ،‬ومن ورائها الطبقة السياسية ‪ ،‬العنان للفساد على غاربه فدب‬
‫في أوصال المجتمع والدولة دبيب السرطان في الجسم " )‪.(29‬‬

‫أما النائب بطرس حرب فيقول ‪:‬‬


‫" ان لبنان يدار وكانه محافظة سورية تحكمها المخابرات السورية عبر بعض الجهزة التي ‪-‬ركبتها‪-‬‬
‫هذه المخابرات في لبنان لتكون في خدمتها "‬
‫وأضاف " ان ل أحد في السلطة اللبنانية يجرؤ على دعوة دمشق الى فتح ملف الوجود العسكري‬
‫السوري في لبنان وتطبيق ما نص عليه اتفاق الطائف في هذا المجال والذي يفترض ان ينفذ منذ العام‬
‫‪.(30) " 1992‬‬

‫‪-73-‬‬
‫خرق وثيقة الوفاق الوطني والتحول الى نظام وصاية غير شرعي ‪.‬‬
‫أوًل ‪ -‬الية التحول الى نظام وصاية ‪:‬‬
‫‪ – 1‬التدخل في الحياة السياسية والدستورية ‪ -‬التطبيق الختياري لوثيقة الوفاق الوطني ‪. -‬‬
‫أ ‪ -‬حل الميليشيات ‪ :‬نصت وثيقة الوفاق الوطني على " العلن عن حل جميع الميليشيات اللبنانية‬
‫وتسليم اسلحتها الى الدولة اللبنانية خلل ستة أشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني‬
‫وإقرار الصلحات السياسية بصورة دستورية ‪ ...‬وفتح باب التطوع لجميع اللبنانيين دون استثناء"‪.‬‬
‫ى اخر بخلف ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني ‪ ،‬حيث قدم وزيرالدفاع‬ ‫لكن حل الميليشيات أخذ منح ً‬
‫ميشيل المر اقتراحًا باستيعاب عشرون ألفًا من عناصر الميليشيات ‪ ،‬دفعًا لخطر تشريد الشباب‬
‫اللبناني المنضوي تحت لواء الميليشيات وإلقائهم في الشارع ‪ ،‬ذلك الخطر الذي تذرع به الوزراء من‬
‫الميليشيات والمتعاطفين معهم من المحسوبين على سوريا ‪ ،‬مما سهل عملية التسلل الميليشيوي الى‬
‫داخل المؤسسات العسكرية مخالفًا بذلك الحل ‪ ،‬الوثيقة الوطنية التي تعتبر دستورًا للبنان ما بعد‬
‫الطائف )‪.(31‬‬

‫ب – تسليم اسلحة الميليشيات للدولة ‪:‬‬


‫لقد تم القفز على ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني ‪ ،‬حيث لم يتم تسليم السلح الى الدولة اللبنانية ‪ ،‬بل‬
‫ردها البعض الى سوريا وردها البعض الخر الى اسرائيل أما البعض الخرفقد باع ما لديهم من أسلحة‬
‫)‪. (32‬‬

‫أما حزب ال فقد حافظ على سلحه وبقيت ميليشياته بكل تشكيلته مدعومًا من سوريا ومن السلطات‬
‫اللبنانية ‪ ،‬الى أن صدر مجلس المن الدولي القرار رقم ‪ 1559‬في ايلول ‪ 2004‬والذي يدعو في بنده‬
‫الثاني الى حل جميع الميليشيات اللبنانية ونزع سلحها ‪ ،‬ورغم صدور القرار ال ان تنفيذه يلقي‬
‫صعوبات ‪،‬لرتباط سلح حزب ال بالحتلل السرائيلي لراضي لبنانية ومنها مزارع شبعا المتنازع‬
‫عليها كل من سوريا ولبنان ‪.‬‬

‫ج – بشأن الدوائر النتخابية ‪:‬‬


‫جاءت في الفقرة الرابعة من بند الصلحات السياسية في وثيقة الوفاق الوطني بان الدائرة النتخابية‬
‫هي المحافظة ‪ ،‬لكن قانون النتخابات اللبناني لعام ‪ 1992‬لم يأخذ بما جاء في الوثيقة بل أخذ بالنظام‬
‫المختلط ‪ ،‬ففي بعض المناطق اعتبرت المحافظة دائرة انتخابية ‪ ،‬وفي بعض المناطق الخرى اعتبر‬
‫القضاء دائرة انتخابية )‪.(33‬‬

‫د – بشأن قانون النتخابات ‪:‬‬


‫تم زيادة عدد المقاعد النيابة الى ‪ 128‬مقعدًا بخلف ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني التي حددت‬
‫المقاعد النيابية ب ‪ 108‬مقاعد ‪.‬‬

‫ه ‪ -‬ربط لبنان بمعاهدة دفاعية وأمنية ‪:‬‬


‫ان اتفاقية الدفاع والمن التي ابرمت استنادًا الى معاهدة الخوة والتعاون والتنسيق كان من المفروض‬
‫أن تستند الى وثيقة الوفاق الوطني التي نصت على انه يتم اتفاق بين الحكومتين يجري بموجبه تحديد‬
‫حجم هذه القوات وعلقتها مع الدولة اللبنانية وتحديد أماكن تواجدها ‪ .‬ولكن اتفاقية الدفاع والمن رغم‬
‫ل من أن تقرر ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني لم تتطرق الى تحديد حجمها‬ ‫طابعها العسكري بد ً‬
‫وعلقتها ‪ ،‬بل ربطت لبنان بسورية )‪. (34‬‬

‫ويقول البير منصور الذي كان وزيرًا للعلم آنذاك ‪ ،‬ان المعاهدات بين سوريا ولبنان اقرت خارج‬
‫مجلس الوزراء وفرضت عليه فرضًا ‪ .‬وان التفاق المني بين لبنان وسوريا لم يسمح لمجلس الوزراء‬
‫‪-74-‬‬
‫بتعديل ولوحرف فيه ‪ ،‬وإن قرار حل الميشيات وإيجاد الحل لها واستيعاب عناصرها وقرار تعيين‬
‫النواب وتسميتهم ‪ ،‬وقرار التعيينات المنية والعسكرية ‪ ...‬وقرار تعيين السفراء ‪ ...‬وقرار مشروع‬
‫قانون النتخابات اتخذت خارج مجلس الوزراء ‪ ،‬ومناقشتها داخله كانت شكلية ومن قبل القلة الوزارية‬
‫التي لم تكن في صلب تواطؤ المقررين )‪.(35‬‬

‫و ‪ -‬ترتيب الوزارة ومجلس النواب كتمهيد للتطبيق الختياري لوثيقة الوفاق الوطني ‪.‬‬
‫اراد الرئيس الياس الهراوي التخلص من حكومة الرئيس سليم الحص بما تحويها من المتمسكين بتطبيق‬
‫وثيقة الوفاق الوطني ومنهم وزير الدفاع البير منصور ورئيس الحكومة سليم الحص الذي كان يتململ‬
‫من رحلت رئيس الجمهورية الياس الهراوي المنفردة الى دمشق خلفًا لنظام الحكم البرلماني ‪ ،‬ونتيجًة‬
‫للضغوطات التي أراد بها الرئيس الهراوي في إعادة ترتيب الوزارة بتوزير المقربين والموالين لسوريا‬
‫‪ ،‬قدم الرئيس الحص استقالة الحكومة في جلسة مجلس الوزراء في كانون الول ‪ ، 1990‬وعلى أثرها‬
‫تشكلت وزارة جديدة مّثل ثلثها أحزابًا ميليشياوية حليفة لسوريا ‪ ،‬وثلثها الخرتم نسقه مباشرًة مع دمشق‬
‫)‪ ، (36‬تمهيدًا لتغيير الحياة السياسية والدستورية بما يوافق والرغبة السورية في إعادة ترتيب الوضاع‬
‫بخلف ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني ‪ ،‬وقد تم اختيار ‪ /55/‬نائبًا في ايار ‪ 1991‬تنفيذًا لتفاق‬
‫الطائف إضافًة للنواب السابقين حيث أصبح عدد النواب ‪ / 108/‬نائبًا مثلما نص التفاق عليه ‪ ،‬لكن‬
‫طريقة اختيار النواب كما يقول البير منصور ‪ -‬الذي كان وزيرًا للعلم انذاك – بالتفاق بين‬
‫المسؤولين السوريين ورئيس الجمهور ورئيس الوزراء ‪ ،‬وصادق المجلس النيابي المشكل بتلك‬
‫الطريقة على معاهدة الخوة والتعاون والتنسيق في ‪/27/‬ايار ‪. 1991‬‬

‫‪ - 2‬التجاوزات القتصادية‬
‫ل عدة يدخل ضمنها الرشاوي على شكل هدايا‬ ‫ان التجاوزات التي تم على القتصاد اللبناني أتخذ أشكا ً‬
‫وفرض التاوات من قبل حواجز القوات السورية وعلى المنتجين من أصحاب الشركات والمعامل ‪،‬‬
‫ومن الصعب الحصول على دلئل ووثائق تثبت على ذلك ‪ ،‬وقد قام الخبير لقتصادي كمال ديب‬
‫بدراسة على التاوات التي فرضتها حواجز القوات السورية على السيارات العابرة للحواجز الذي‬
‫وصل عدده في لبنان الى نحو ‪ 300‬حاجز‪ ،‬فوصل الى نتيجة ما دفعه اللبنانيون للحواجز السورية من‬
‫عام ‪ 1976‬حتى عام ‪ 1990‬مليارًا و ‪ 600‬مليون دولر ‪.‬‬
‫أما عمليات البتزاز والسلب والعمولت عام ‪ 2005‬على اكثر من ‪ 100‬ألف مؤسسة تجارية بمبالغ‬
‫شهرية راوحت بين ‪ 100‬دولر الى ‪ 10000‬دولر وأحيانًا اكثر‪ ،‬بالضافة إلى التاوات المفروضة‬
‫على كازينو لبنان ‪ .‬وقد شمل النهب آلف السيارات المرتفعة الثمان من اصحابها ‪ ،‬أما قضية بنك‬
‫المدينة فهي معروفة من قبل المسؤليين اللبنانيين ‪ ،‬وكذلك صفقات الفيول المستعمل في الكهرباء ‪.‬‬
‫ويتابع كمال ديب من خلل بحثه ‪ ،‬استيلء القوات السورية على مواد البناء والمفروشات والجهزة‬
‫اللكترونية دون سداد أثمانها ‪ ،‬وقد قدر البتزاز للمؤسسات القتصادية واللبنانية والشركات ‪،‬‬
‫والختلسات خلل ‪ 20‬عامًا بنحو ‪ 4،5‬مليار دولر بمعدل ‪ 180‬مليون دولر في السنة )‪. (37‬‬

‫وقد صرح العماد ميشيل عون في محاضرته في " مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية " يقول ‪:‬‬
‫في ظل النظام السوري ازدهرت زراعة المخدرات وصناعتها ‪ ،‬ووضع النظام السوري يده على‬
‫كل لبنان بعد الجتياح في ‪ 13‬تشرين الول ‪ ، 1990‬وعمد الى تهديم منظم لبنى المجتمع اللبناني ‪.‬‬
‫حيث فرضت على لبنان سياسة مالية اعتباطية تتأقلم مع المصالح الخاصة للعائلت الحاكمة وبعيدة عن‬
‫القواعد والمعايير العلمية الحديثة ‪ ...‬وإذا كانت بعض المجتمعات تشكو من وجود المافيا بينها ‪ ،‬ومن‬
‫بعض الفساد فيها ‪ ،‬فانه وبفضل الحتلل السوري ‪ ،‬أصبحت المافيا هي التي تملك في مجتمعنا وتنشر‬
‫كل الفساد" )‪. (38‬‬
‫وفي بث مباشر لفضائية الجزيرة في برنامجه الحوار المفتوح بتاريخ ‪ 22/3/2005‬مع الدكتور عصام‬
‫خليفة استاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية قال ‪" :‬هناك نظام مخابراتي نخر جسم المجتمع اللبناني ‪ ،‬وأنا‬
‫كأستاذ جامعة ‪ ،‬ومنذ اربعة اشهر ونصف بل عمادة ‪ ،‬لن المخابرات تتقاتل على من يضعوا في‬
‫الجامعة ‪ ،‬ثم في النوادي وفي النقابات وفي الحزاب وفي الهيئات الدينية وفي كل مظاهر المجتمع ‪...‬‬
‫‪-75-‬‬
‫في القتصاد ثلث مليارات ونصف هذه المافيا المشتركة تنهب الشعب اللبناني "‪.‬‬
‫ويتابع قوله ‪" :‬هناك سلطتان ‪ ،‬سلطة حقيقية هي المخابرات السورية ‪ ،‬تدخل في كل تفاصيل المجتمع‬
‫اللبناني ‪ ،‬في غرف المخابرات ينجح هذا أو ذاك في هذه الحملة أوتلك ‪ ،‬يتعين هذا الموظف ‪ ،‬يتعين هذا‬
‫المدير ‪ ،‬يتعين هذا العميد في الجامعة ‪،‬الى اخره ‪ ،‬تصدر البيانات عن القادة الدينيين دون أن يعرفوا ‪،‬‬
‫إذًا هذه هي السلطة الفعلية والخرى هي سلطة ظاهرية " )‪.(39‬‬

‫ويمكننا تقسيم المتحدثين عن الواقع اللبناني السياسي والقتصادي والجتماعي من خلل الطلع الى‬
‫قسمين ‪:‬‬
‫‪ -1‬قسم يحمل السلطة السورية ‪ ،‬من خلل قواتها العسكرية والمنية الموجودة في لبنان ‪ ،‬كل‬
‫المسؤولية ‪.‬‬
‫‪ -2‬قسم يحمل المسؤولية على السلطات اللبنانية والسورية معًا ‪.‬‬
‫وقد صرح الرئيس السوري الدكتور بشار السد في خطابه المتلفز مباشرًة من مجلس الشعب ‪:‬‬
‫" ‪...‬ل يعنى أن ممارساتنا فى لبنان كانت صوابا كلها ‪ ،‬بل لبد من العتراف‬
‫بكل وضوح وشفافية ‪ ،‬أن ثمة أخطاء ارتكبت على الساحة اللبنانية ‪ ،‬حيث‬
‫غرقنا فى بعض التفاصيل والجراءات ‪ ،‬واندفعنا بعض الحيان فى علقاتنا مع‬
‫بعض اللبنانيين على حساب البعض الخر ‪ ،‬لعتقادنا بأن التعامل مع الوضع‬
‫الراهن يعزز الدور السوري فى مساعدة لبنان على تحقيق الستقرار ‪ ،‬ولكن‬
‫الواقع لم يكن كذلك ‪ ،‬كما أن استغلل البعض لوجود القوات السورية‬
‫لعتبارات مصلحية ضيقة مادية أو سياسية أو انتخابية أو غيرها ‪ ،‬أدى الى الكثير‬
‫من التراكمات السلبية " )‪. (40‬‬

‫‪ - 3‬انتهاكات حقوق النسان‬


‫سلطت منظمة العفو الدولية الضوء على بعض انتهاكات حقوق النسان في لبنان خلل الحرب الهلية‬
‫في لبنان محملًة سوريا والمنظمات الموالية لها مسؤولية تلك النتهاكات خلل وثيقة أصدرتها بتاريخ‬
‫‪ 18‬ايار ‪ 2005‬جاء فيها ‪:‬‬
‫" خلل الحرب الهلية اللبنانية ارُتكبت انتهاكات هائلة لحقوق النسان‪ ،‬مثل عمليات قتل غير المقاتلين‬
‫وخطف المواطنين اللبنانيين والفلسطينيين والجانب والعتقال التعسفي من جانب مختلف الميليشيات‬
‫المسلحة والقوات العسكرية الجنبية‪.‬‬

‫ومن جملة المئات من السجناء السياسيين اللبنانيين والفلسطينيين الذين احُتجزوا أو "اختفوا" كما يبدو‬
‫طوال سنوات في سوريا ‪ ،‬هناك العشرات من الذين اعتقلتهم أو خطفتهم القوات المسلحة السورية خلل‬
‫خطفوا من جانب‬ ‫عملها في لبنان ونقلتهم إلى سوريا خارج أي إطار قانوني‪ .‬وُقبض على آخرين أو ُ‬
‫سلموا إلى السلطات‬ ‫الميليشيات اللبنانية أو الفلسطينية خلل الحرب التي دارت رحاها في لبنان و ُ‬
‫السورية‪ .‬واحُتجزت مجموعة أخرى في سوريا بدون مذكرات اعتقال قضائية واعُتقلت من دون اتباع‬
‫الجراءات القانونية الواجبة‪ .‬واحُتجزوا جميعهم طوال سنوات رهن العتقال التعسفي أو ُقدموا إلى‬
‫محاكمات سرية وبإجراءات مقتضبة في المحاكم العسكرية غالبًا بتهم تعميمية‪ .‬واحُتجز معظمهم بمعزل‬
‫عن العالم الخارجي وبدون أية اتصالت معه؛ ولم ُيسمح إل لقلة بتلقي زيارات عرضية من عائلتهم‬
‫"‪.‬‬
‫شّكلت لجنة تحقيق أخرى بأمر من رئيس الجمهورية اللبنانية للنظر في‬ ‫وفي يناير‪/‬كانون الثاني ‪ُ ،2001‬‬
‫شكاوى أقرباء الذين "اختفوا" إما في سوريا أو في إسرائيل‪ .‬ورغم أن اللجنة المعنية بشكاوى أقرباء‬
‫المختفين أنهت عملها في يونيو‪/‬حزيران ‪ ،2002‬ورغم قضائها ‪ 18‬شهرًا في جمع الدلة وتلقي‬
‫الشكاوى من العائلت وعقد جلسات شملت حوالي ‪ 700‬حالة‪ ،‬إل أنها لم تصدر تقريرًا أو حتى بيانًا‬
‫علنيًا حول النتائج التي توصلت إليها‪ .‬ولم تقدم السلطات أي توضيح حول ما إذا كان قد تم حل اللجنة‬
‫من عدمه )‪.(41‬‬
‫وفي محاضرة للعماد ميشيل عون في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية" في واشنطن يقول ‪:‬‬
‫‪-76-‬‬
‫" ما بين العامين ‪ 1976‬و ‪ ،1982‬كانت "قوات الردع العربية" بقيادة رئيس الجمهورية اللبنانية‪ ،‬ولكن‬
‫القسم السوري منها‪ ،‬وهو الكبر‪ ،‬تصّرف باستقللية تامة عن باقي القوى‪ ،‬وعن رئيس الجمهورية‪،‬‬
‫فقصف الحياء السكنية وارتكب المجازر‪ ،‬فرض الرقابة على الصحف وأقفل بعضها‪ ،‬اغتال سياسيين‬
‫جر معظم مواقع الدبلوماسية الدولية من‬ ‫ورجال دين وصحافيين ودبلوماسيين ونسف سفارات‪ ،‬وه ّ‬
‫جع على ارتكاب المجازر في‬ ‫ت وأفرادًا من المواطنين‪ ،‬وقام بتصفيتهم‪ ،‬وش ّ‬
‫بيروت‪ ،‬كما خطف جماعا ٍ‬
‫بعض المناطق‪ ،‬كما اغتال السرى العسكريين‪ ،‬ول يزال يحتفظ في سجونه بكثير من المخطوفين )‪.(42‬‬

‫إن ما يمكن العتماد عليه ‪ -‬بشأن انتهاكات حقوق النسان ‪ -‬هو تقارير المنظمات الدولية كمنظمة العفو‬
‫الدولية ولجنة مراقبة حقوق النسان التابعة للمم المتحدة ‪ ،‬أما أقوال وتصريحات الشخاص‬
‫والمسؤولين مهما كانت درجة صحتها فهي تنبع من واقعهم السياسي وصراعهم مع الطرف الخر فل‬
‫يمكن الخذ بها كوقائع حقيقية بل كقرائن ‪ ،‬إل إذا ثبت ذلك بالدليل القطعي ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ -‬نتائج تحول الوجود السوري في لبنان الى نظام وصاية ‪.‬‬
‫ل شك إن دخول القوات السورية والهتمام السوري السياسي قبل دخول قواتها الى لبنان كان لمساعدة‬
‫لبنان في وقف النزيف الداخلي جراء القتتال الداخلي بين الطراف اللبنانية المتصارعة للمحافظة على‬
‫لبنان دولة مستقرة ل ينفذ منها ما يهدد أمن سوريا ‪ ،‬لكن عدم إقدام سوريا على تطبيق بنود وثيقة الوفاق‬
‫الوطني – اتفاقية الطائف ‪ – 1989‬واللتفاف عليها منذ عام ‪ ، 1992‬اثار غضب جميع الطراف‬
‫اللبنانية ‪ ،‬كما ان المتغيرات القليمية التي لم تشعر بها سوريا ‪ ،‬و تصرفها مع تلك المتغيرات كما في‬
‫الثمانينات أثار غضب الدول الوربية وأمريكا فكان ‪:‬‬

‫‪ – 1‬صدور القرار ‪. 1559‬‬


‫مهما يكن خلفيات القرار ‪ 1559‬لكنه صدر وكان في صدوره أثر الصاعقة على السلطتين في سوريا‬
‫ولبنان بما له من مخاطر ‪ -‬حسب رأيهم ‪-‬‬
‫والقرار ‪ 1559‬يؤكد دعوته لحترام سيادة لبنان ‪ ،‬وسلمة أراضيه ‪ ،‬واستقلله السياسي ‪ ،‬كما يطالب‬
‫بانسحاب جميع القوات الجنبية ‪ ،‬وحل ونزع سلح الميليشيات اللبنانية وغيرها ‪ ،‬ليدعم سلطة الدولة‬
‫على كافة أراضيه‪ ،‬ويدعو الى عميلة انتخابات رئاسية عادلة وحرة ونزيهة ‪ ،‬وفقًا للسس الدستورية‬
‫اللبنانية ‪.‬‬
‫ل شك إن للقرارخلفياته السياسية ‪ ،‬أما القرار نفسه ومن خلل مقارنة بنوده مع بنوداتفاق الطائف ‪ ،‬فل‬
‫خلف بينهما ولو تم تطبيق وثيقة الوفاق الوطني ‪-‬اتفاق الطائف ‪ -‬في حينه لما جاء القرار ‪ 1559‬في‬
‫شكله الحالي ‪ .‬فانسحاب القوات الجنبية لم تنفذه سورية بموجب اتفاق الطائف ‪ ،‬وكذلك حل الميلشيات‬
‫وسيطرة سلطة الدولة على الراضي اللبنانية أيضًا ‪ ،‬ومحاولة سوريا لفرض املءاتها على النتخابات‬
‫النيابية والرئاسية ‪.‬‬
‫ان الخلل في تنفيذ الطائف أو في تطبيقه الختياري حسب المصلحة ‪ ،‬جعل كل البنود التي أتت في‬
‫القرار ‪ 1559‬هي نفسها المنصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني ‪ ،‬لذلك كان وقعه على على‬
‫السلطات السورية واللبنانية كوقع الصاعقة ‪ ،‬وهناك تأكيدات من قبل الكثيرين بانه لول تمديد فترة‬
‫الرئاسة للرئيس ‪ ،‬المنتهي وليته الدستورية اميل لحود ‪ ،‬لما صدر القرار ‪ 1559‬وبعد صدور القرار‬
‫بأقل من ‪ /24/‬ساعة عقد المجلس النيابي اللبناني جلسة لتعديل الدستور‪ ،‬وتمديد فترة رئاسة إميل لحود‬
‫ثلثة سنوات رغم معرفتهم ‪ -‬حسب رأيهم ‪ -‬بخطورة القرار ‪ 1559‬ورغم الشارة الواضحة في القرار‬
‫بانتخابات رئاسية حرة ونزيهة وفقًا للجراءات الدستورية ‪ ،‬ومع ذلك لم يبالوا بالقرار ‪ 1559‬واضعين‬
‫بعدم مبالتهم تلك ‪ ،‬لبنان في المواجهة مع الشرعية الدولية ‪ ،‬وعملوا بالضد من القرار في التمديد‬
‫للرئيس إميل لحود ردًا على القرار ‪ ،‬وكان بالمكان تجنبه كما يقول السيد عبد الحليم خدام النائب‬
‫السابق لرئيس الجمهورية ‪ ،‬والذي انشق على الحكم وشكل تيارًا معارضًا فيما بعد ‪ ،‬في حوار مع‬
‫صحيفة الشرق الوسط حيث قال ‪:‬‬
‫"‪ ...‬اتخذ الرئيس بشار قرار التمديد للحود رغم انني قد نبهته من أن سورية ل تستطيع تحمل تبعات‬
‫هذا القرار‪ .‬وهنا أكشف أنه جاءته فرصة قبل صدور القرار ‪ 1559‬لتفادي ذلك ولكنها ضيعت‪ .‬فقد‬
‫‪-77-‬‬
‫طلب بشار السد من الشرع أن يتصل بوزير خارجية اسبانيا‪ ،‬موراتينوس‪ ،‬لمساعدة سورية على تفادي‬
‫صدور القرار المذكور مقابل التخلي عن التمديد للحود‪ .‬وطلب موراتينوس أن يتصل بشار برئيس‬
‫الوزراء السباني‪ .‬هذا ما تم‪ .‬ومن جهته قام موراتينوس بمشاورة شيراك وبلير وشرويدر وبوش وتم‬
‫التوصل الى اتفاق على أن يصرف النظر عن القرار شرط أن يلغي رئيس البرلمان اللبناني الدعوة‬
‫لجتماع البرلمان‪ .‬وأبلغ موراتينوس هذا الموقف للشرع الذي أصر على أن يقوم موراتينوس شخصيا‬
‫بالتصال ببري‪ .‬وعندما فعل أجابه هذا الخير‪ :‬لبنان بلد مستقل وسورية ل تستطيع أن »تمون« علينا‪.‬‬
‫ولم يلغى الجتماع‪ .‬وبعد ساعتين اجتمع مجلس المن وصدر القرار المذكور‪ .‬وهنا أنا أسأل‪ :‬لماذا غير‬
‫السد موقفه؟ " )‪.(43‬‬

‫وقد أعتبر البعض ان القرار جاء تحقيقًا لمصالح اسرائيلية ‪ ،‬واعتبر البعض الخر ومنهم دولة الرئيس‬
‫نبيه بري بان القرار ليس في محله لنه يتعلق ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬بمسألة سيادية داخلية تتصل بالستحقاق الرئاسي ‪.‬‬
‫ب‪ -‬العلقات اللبنانية السورية )‪. (44‬‬

‫‪ -2‬تمديد ولية الرئيس إميل لحود ‪.‬‬


‫أ‪ -‬كيفية مجئء العماد إميل لحود الى الرئاسة ‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ /49/‬من الدستور اللبناني والمعدل بالقانون الدستوري الصادر في ‪ 21/9/1990‬بشأن‬
‫رئيس الجمهورية ‪:‬‬
‫" ‪ ...‬كما وانه ل يجوز إنتخاب القضاة وموظفي الفئة الولى ‪ ،‬وما يعادلها في جميع الدارات العامة‬
‫والمؤسسات العامة وسائر الشخاص المعنويين في القانون العام ‪ ،‬مدة قيامهم بوظيفتهم وخلل السنتين‬
‫اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليًا من وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد " ‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1998‬عند انتهاء فترة ولية الرئيس الياس الهراوي الممدة ‪ ،‬اجتمع مجلس النواب وعدل‬
‫الدستور لجهة السماح لقائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود ‪ ،‬لكي يصار الى ترشيحه رئيسًا للجمهوية ‪،‬‬
‫كون القائم على رئاسة الجيش معتبرًا من موظفي الفئة الولى حيث لم يسمح لهم دستوريًا بالترشيح‬
‫لرئاسة الجمهورية إل بعد مرور فترة السنتين على الستقالة او التقاعد ‪ ،‬فقد تم التعديل و أجاز للعماد‬
‫إميل لحود الترشيح لرئاسة الجمهورية ‪ ،‬وقد انتخب من مجلس النواب رئيسًا للجمهورية في عام ‪1989‬‬
‫‪ ،‬وهكذا عدل الدستور لتيانه الى رئاسة الجمهورية ‪.‬‬

‫ب‪ -‬في التمديد ‪ :‬تنص المادة ‪ /49/‬من الدستور اللبناني بشأن رئيس الجمهورية والمعدلة بالقانون‬
‫الدستوري الصادر في ‪ 21/9/1990‬بما يلي ‪:‬‬
‫" ‪ ...‬وتدوم رئاسته ست سنوات ‪ ،‬ول يجوز إعادة انتخابه إل بعد ست سنوات لنتهاء وليته ‪"...‬‬

‫وبعد أن أتى العماد إميل لحود الى رئاسة الجمهورية لفترة ستة سنوات من ‪ 1998‬الى ‪ 1994‬فترة‬
‫نهاية وليته الدستورية ‪ ،‬اجتمع مجلس النواب اللبناني ليعدل الدستور مرة ثانية لصالح العماد إميل‬
‫لحود في تمديد وليتة لمدة ثلثة سنوات ‪ ،‬بعد أن كان التعديل الول في عام ‪ 1998‬لصالحه في إيتانه‬
‫الى رئاسة الجمهورية ‪.‬‬
‫وقد عدلت المادة ‪ /49/‬بتاريخ ‪ 4/9/2004‬بموجب قانون صادر عن مجلس النواب اللبناني رقم ‪585‬‬
‫تاريخ ‪ ، 4/9/2004‬حيث أضيفت الى المادة ‪ 49‬من الدستور الفقرة التالية ‪:‬‬
‫" لمرة واحدة وبصورة استثنائية ‪ ،‬تستمر ولية رئيس الجمهورية الحالي ثلثة سنوات تنتهي في الثالث‬
‫والعشرون من تشرين الثاني ‪. " ...‬‬
‫وهكذا عدل الدستور اللبناني لتمديد ولية الرئيس إميل لحود ثلث سنوات ‪.‬‬
‫إن الجراءات الدستورية التي حصلت لغاية تعديل الدستورفي عامي ‪ 1998‬و ‪ 2004‬هي إجراءات‬
‫صحيحة في الشكل ‪ ،‬ولكن سر التعديل الول لصالح العماد إميل لحود وإتيانه دون غيره الى الرئاسة ‪،‬‬
‫وكذلك التعديل الثاني في التمديد له ‪ ،‬يبقى صفقة سياسية طرفاها السلطتين اللبنانية والسورية ‪ ،‬وبدأ‬
‫الشعبين اللبناني والسوري يدفع ضريبة تلك الصفقة ‪.‬‬
‫‪-78-‬‬
‫السباب الموجبة للتمديد ‪:‬‬
‫أ‪ -‬فترة الرئيس الياس الهراوي ‪.‬‬
‫انتهت ولية الرئيس الياس الهراوي في تشرين الثاني ‪ ، 1995‬ولم يمكن خللها من ممارسة سلطاته‬
‫في الوجه المطلوب إل خلل الفترة الخيرة من وليته بسبب الوضع المتأزم ‪ ،‬فتدخلت سورية في‬
‫التمديد له ‪ ،‬وكان السبب الساسي لطرح فكرة التمديد من قبل المسؤولين عن الملف اللبناني آنذاك هو‬
‫قطع الطريق أمام إنتخاب العماد لحود لرئاسة الجمهورية لقناعة هؤلء المسؤولين ‪ ،‬إن لبنان ليتحمل‬
‫رئيس عسكري ‪ ،‬حيث كان هناك إصرار من الرئيس السد في إنتخاب العماد لحود رئيسًا للجمهورية ‪،‬‬
‫وبالتالي تم اللتفاف على هذا الصرار والطرح ‪ ،‬فكرة التمديد تحت ذريعة إن الرئيس الهراوي خلل‬
‫السنوات الثلثة الولى من رئاسته ‪ ،‬لم يمارس الحكم بسبب الصراعات التي نشأت فيما بين الطراف‬
‫اللبنانية المختلفة )‪.(45‬‬
‫ب – فترة الرئيس إميل لحود ‪.‬‬
‫خلل فترة وليته شهدت لبنان داخليًا وضعًا متأزمًا من الوجود السوري في لبنان ومن تسلط الموالين‬
‫للنظام السوري ‪ ،‬لذلك تشكلت معارضة قوية في مطالبتها بأمرين ‪:‬‬
‫انهاء الوجود السوري في لبنان ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم التمديد للرئيس إميل لحود ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويبدو إن قرار التمديد قد أتخذ لمواجهة الوضاع السياسية الخارجية دون مبالة الوضع الداخلي ‪ ،‬حيث‬
‫يقول دولة الرئيس نبيه بري في مذكرته المقدمة الى التحاد البرلماني العربي ‪:‬‬
‫" ‪...‬وصادف موعد انتهاء ولية الرئيس لحود ‪ ،‬وضعًا استثنائيًا حرجًا تمر به منطقة الشرق الوسط‬
‫سواء في فلسطين أم في العراق ‪ ،‬مع ما يرافق ذلك من تعنت إسرائيلي في قمع الفلسطينيين في داخل‬
‫فلسطين ‪ ،‬وإصرار على سياسة توطينهم حيث هم ‪ ،‬ونتيجة الوضع الدولي العاجز عن معالجة قضايا‬
‫المنطقة ‪ ،‬واستباقًا لمخاطر قد تنجم عن تمادي النظام الحادي الذي يفرض إرادته على العالم شعرت‬
‫الكثرية النيابية بضرورة تعديل الدستور وتمديد ولية الرئيس الحالي لمدة ثلث سنوات تنتهي في‬
‫تشرين الثاني )نوفمبر( سنة ‪.(46) "... 2007‬‬

‫‪ – 3‬اغتيال الرئيس رفيق الحريري ‪.‬‬


‫تولى رفيق الحريري منصب رئاسة الوزراء طوال الفترة التي تلت الحرب الهلية في لبنان ‪ ،‬وذلك‬
‫خلل الفترة بين عامي ‪ 1998 – 1992‬وأيضًا من ‪ ، 2004 – 2000‬وعلى أثر تصاعد الخلف بينه‬
‫وبين الرئيس إميل لحود قدم استقالته من الحكومة ‪ ،‬بعد أن أيد التمديد للرئيس لحود بضغط من سوريا‬
‫ومن رئيسها بشار السد ‪ -‬حسبما ورد في تقرير لجنة التحقيق الدولية برئاسة المحقق اللماني ديتليف‬
‫ميليس‪. -‬‬

‫حصل الرئيس الحريري على ثقة ومصداقية مختلف شرائح المجتمع اللبناني ‪ ،‬بما فيها القوى السياسية‬
‫والثقافية ‪.‬‬
‫ساهم مساهمة فعالة في انقاذ لبنان من ازمتها القتصادية عقب الجتياح السرائيلي للبنان عام ‪. 1992‬‬
‫واستطاع أن يعمل استقرارًا اقتصاديًا في لبنان ‪ ،‬فقد ارتفع سعر الليرة اللبنانية مباشرة بعد توليه رئاسة‬
‫الحكومة ‪ ،‬وتدفقت على لبنان شركات الستثمار والرساميل العربية والجنبية نتيجًة للستقرار الذي‬
‫حققته حكومة الحريري ‪.‬‬
‫استطاع الحريري أن ينشأ علقات شخصية ودولية ‪ ،‬تحولت الى صداقات بينه وبين الخرين امثال‬
‫الرئيس الفرنسي جاك شيراك ‪.‬‬
‫وفي المجال الجتماعي ‪ ،‬انشأ الحريري مؤسسة سميت باسمه لتقدم خدمات صحية واجتماعية وثقافية‬
‫للبنانيين المحتاجين ‪ ،‬وكذلك قامت مؤسسته بالنشطة الثقافية والعمال الخيرية للطفال ‪ ،‬وقدمت منحًا‬
‫دراسية لكثر من ‪ 30‬ألف طالب لبناني للدراسة في لبنان وخارجه ‪.‬‬
‫استطاع الحريري أن يبني جسرًا للحوار في الداخل بين مختلف القوى حتى أصبح رمزًا للحوار‬
‫‪-79-‬‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫بدأ الحريري حياته القتصادية في السعودية وانطلق من التدريس ثم العمل في إحدى شركات المقاولت‬
‫‪ ،‬ومن ثم أسس لنفسه شركة خاصة للمقاولت ‪ .‬و استطاع بذكائه ودقته في العمل ‪ ،‬والنزاهة ‪ ،‬بتنفيذ‬
‫عقوده في مواعيده المحددة ‪ ،‬أن يكسب ثقة السعوديين ‪.‬‬
‫اشترى الحريري في اواخر السبعينيات شركة النشاءات الفرنسية الضخمة " اوجيرا" واصبح‬
‫وشركته على قمة امبراطورية المقاولت في العالم العربي ‪.‬‬
‫استطاعت شركته أن ينجز فندق ‪/‬مسره‪ /‬في ستة أشهر لستضافة مؤتمر القمة السلمية ‪ ،‬وبحلول‬
‫مطلع الثمانينات أصبح واحدًا من ‪ 100‬أغنى رجل في العالم ‪.‬‬
‫ل في لبنان والعالم ‪.‬‬
‫لهذا كله احدث اغتيال الرئيس الحريري زلزا ً‬
‫لم يكن الرئيس الحريري الشخص الوحيد الذي تم اغتياله في لبنان ‪ ،‬فقد اغتيل الكثيرون من قبله من‬
‫قادة التيارات السياسية والدينية والقادة الوطنيين ‪ ،‬كما استمر الغتيال بعد الحريري أيضًا وبشكل‬
‫مكثف مستهدفًا الوزراء والنواب والعلميين ‪ ،‬إل ان تدخل المم المتحدة قضائيًا في قضية التحقيق في‬
‫اغتيال الرئيس الحريري ‪ ،‬ل يعتبر انتقاصًا من السيادة الوطنية ‪ ،‬وهو تدخل شرعي لسباب عديدة‬
‫منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬المكانة التي كان يتميز بها الرئيس الحريري وطنيًا واقليمًا ودوليًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬الشعبية التي كان يتميز بها لدى كافة الطوائف والمذاهب والتجاهات السياسية ‪.‬‬
‫‪ -3‬العمار والبناء والحفاظ على القتصاد اللبناني من التدهور في فترة وليتة كرئيس‬
‫للحكومة ‪.‬‬
‫‪ -4‬مساعدته لشريحة واسعة من الشعب اللبناني ‪ ،‬واعماله الخيرية المختلفة التي شملت لبنان‬
‫كله ‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم استطاعة السلطة اللبنانية في حماية المواطنين عامة والوزراء والنواب بشكل خاص ‪.‬‬
‫‪ -6‬التهديدات التي تلقاها الحريري من السلطات السورية ‪ ،‬والرئيس السوري مباشرة إذا لم يخضع‬
‫لملءاتها – حسب المصادر التي وردت في تقرير لجنة التحقيق الدولية ‪.-‬‬
‫‪ -7‬تدخل سوري مباشر في الشأن اللبناني وفرض اشخاص من الموالة لستلم المراكز السيادية‬
‫ليفرض على لبنان إنتهاج سياسة معينة ‪.‬‬
‫‪ -8‬استهداف المعارضة اللبنانية بشكل مخطط ومنهجي ‪.‬‬
‫‪ – 9‬طبيعة الجريمة – جريمة ارهابية – التي تستدعي التعاون الدولي والتدخل لمكافحة الرهاب ‪.‬‬
‫حيث ان علقة الدولة مع مواطنيها بعد انتهاء ظروف الحرب الباردة لم تعد أمرًا داخليًا ‪ ،‬خاصًة إذا ما‬
‫أدى سلوك الدولة نحو مواطنيها الى كوارث ‪ ،‬وهذا ما حدث للرئيس الحريري ‪ ،‬حيث لم تعد الدولة‬
‫ل الى الغتيال ‪ ،‬في‬ ‫بقادرة على حماية مواطنيها ونواب الشعب ووزرائه ‪ ،‬مرورًا بالنتهاكات وصو ً‬
‫دولة قائمة بجميع مؤسساتها ‪ ،‬وبوجود ل يقل عن خمسة عشر ألفًا من القوات السورية ‪ ،‬بالرغم من ان‬
‫الميليشيات المسلحة قد تم حلها وتجريدها من سلحها باستثناء حزب ال‪ .‬كما ان حالة الشلل الذي‬
‫اصاب جميع مؤسسات الدولة ‪ ،‬والشك في عدم قدرة القضاء على ملحقة النتهاكات التي ترتكبها‬
‫الجناة ‪ ،‬والسير في بعضها الى مرحلة ما ومن ثم التوقف عن المتابعة ‪ ،‬يؤكد عدم نزاهتها وتبعيتها ‪،‬‬
‫المر الذي أعطى الشرعية للمنظمة الدولية للتدخل قضائيًا في لبنان ‪.‬‬

‫‪ – 4‬انسحاب القوات السورية من لبنان‬


‫رغم إن وثيقة الوفاق الوطني – اتفاقية الطائف ‪ -1989‬نصت علىإعادة انتشار القوات السورية العاملة‬
‫في لبنان الى منطقة البقاع اللبناني تمهيدًا لنسحابها الكامل من الراضي اللبنانية ‪ ،‬إل إنها لم تدخل‬
‫حيز التنفيذ ‪ ،‬إل إن تغيير السياسة الدولية عما كانت عليه حتى في بداية التسعينيات ‪ ،‬فكان له اثره على‬
‫التحرك الدولي وخاصًة فرنسا وأمريكا لقناع مجلس المن في إصدار قراٍر يعجل خروج القوات‬
‫السورية من لبنان ‪ ،‬وكان للتعنت السوري وعدم التعامل بدبلوماسيٍة مرنة مع القوى الكبرى التي تستأثر‬
‫بالقرار السياسي الدولي الثر الكبر في الستعجال بصدور القرار ‪ 1559‬تاريخ ‪ 2‬أيلول ‪ 2004‬أشار‬
‫فيه الى انسحاب جميع القوات غير اللبنانية من لبنان وطالب‬
‫‪-80-‬‬
‫أ‪ -‬في البند الثاني منه ‪ ،‬بالتالي " يطالب جميع القوات الجنبية المتبقية بالنسحاب من لبنان "‬

‫ب‪ -‬كما طالب في البند السادس منه جميع الطراف المعنيين بالتعاون تعاونًا تامًا وعلى وجه الستعجال‬
‫مع مجلس المن من اجل التنفيذ الكامل لهذا القرار ‪.‬‬
‫ج‪ -‬وفي البند السابع منه ‪ ،‬طالب مجلس المن ‪ ،‬المين العام للمم المتحدة ان يوافي مجلس المن في‬
‫غضون ثلثين يومًا بتقرير عن تنفيذ الطراف لهذا القرار ‪.‬‬

‫وفي ‪ 26‬نيسان ‪ 2005‬بعث وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع ‪ ،‬عن طريق الممثل الدائم‬
‫لسوريا لدى المم المتحدة ‪ ،‬رسالًة يبلغ فيها رسميًا إن القوات السورية العاملة في لبنان بطلب لبناني‬
‫وتفويض عربي ‪ ،‬قد عادت بكامل قواتها العسكرية والمنية ومعداتها الى مواقعها في سوريا هذا اليوم‬
‫الموافق ‪ 2005 /26/04‬بعد ان استكملت انسحاباتها المتتالية التي بدأت منذ أعوام )‪.(47‬‬

‫في الفترة الممتدة بين اتفاق الطائف ‪ - 1989‬الذي حدد خروج القوات السورية من لبنان بعد سنتين من‬
‫تنفيذ التفاق – وصدور القرار ‪ 1559‬لعام ‪ 2004‬خمسة عشر سنة ‪ ،‬غضت سوريا خللها الطرف‬
‫ي لبناني تضمن لها بقاءًا ونفوذًا معنويًا‬
‫ل من ان تخرج بقواتها بتفاهٍم سور ٍ‬
‫عن تلك التفاقية ‪ ،‬وبد ً‬
‫وصداقات مشرفة ‪ ،‬إل إنها أبت ذلك إلى أن انصاعت للضغوط الجنبية ولقرار مجلس المن رقم‬
‫‪. 1559‬‬

‫‪-81-‬‬

‫خلصة الفصل الول ‪:‬‬

‫لقد كان تدخل القوات السورية في لبنان حصيلة الكثير من الحداث في المنطقة العربية عامة ولبنان‬
‫خاصة نتيجة قضية فلسطين التي تعتبر القضية المركزية بالنسبة للعرب ‪ ،‬حيث الوجود الفلسطيني‬
‫المكثف في لبنان مع حرية النشاط السياسي والعسكري بموجب اتفاق القاهرة ‪ 1969‬بين الفلسطينيين‬
‫والسلطات اللبنانية ‪ ،‬وكذلك بعض التجاهات السياسية في لبنان والتي ل تلتقي مع وجهة النظر‬
‫السورية وحزب البعث العربي الشتراكي الذي يقود الدولة والمجتمع السوري بموجب المادة ‪ /8/‬من‬
‫الدستور السوري النافذ حاليًا ‪ ،‬وكذلك الصراع العربي السرائيلي والتأثير المتبادل والمباشر لدول‬
‫الجوار الفلسطيني ‪ ،‬مثل مصر والردن وسوريا ودولة ‪ -‬كيان‪ -‬اسرائيل بشأن القضية الفلسطينية الذي‬
‫أصبحت مركز استقطاب الكثير من القوى القليمية والعالمية ‪ ،‬وقد كان لحرب تشرين ‪1973‬الذي شنته‬
‫القوات المصرية بالتوافق مع القوات السورية ومن ثم خروج مصر من معركة الصراع العربي‬
‫السرائيلي بتوقيعه اتفاقية فصل القوات في ‪ 18/1/1974‬بمعزل عن سوريا ‪ ،‬ومن ثم توقيع اتفاقيات‬
‫سيناء كل ذلك كان له الثر الكبر في اندلع شرارة الحرب الهلية في لبنان لجعله ساحة تتصارع فيها‬
‫جميع الطراف كل لمصلحته ‪ .‬وقد كان لذلك القتتال الداخلي أثره البالغ في حياة اللبنانيين من قتل‬
‫وتهجير ‪ ،‬إل ان دخول القوات السورية الى لبنان كان بقرار سياسي وبهدف سياسي نتيجة الوضاع‬
‫السياسية التي كانت سائدة آنذاك في المنطقة ‪ ،‬ويمكن القول بان ذلك التدخل كان له من الفوائد على‬
‫اللبنانيين في حمايتهم من القتل على الهوية ‪ ،‬بماكان له من الثر في تقليص نفوذ بعض الطراف‬
‫المسلحة وتطويقهم وعدم السماح لهم بالعتداء الكيفي ضبطًا للوضع اللبناني لصالح سورية ‪.‬‬
‫ورغم شرعية التدخل السوري في لبنان إل انها لم تبقىعليها ‪ ،‬بل خرجت عنها وذلك لعدم تطبيقها‬
‫لوثيقة الوفاق الوطني ‪ -‬اتفاقية الطائف ‪ -‬أو التطبيق الختياري لتلك الوثيقة ‪ ،‬والتجاوزات السياسية‬
‫والدستورية والقتصادية بحق دولة لبنان والتدخل في حياة الفراد مما أدى الى انهيار الدولة اللبنانية‬
‫تحت سيطرة وسيادة القوات السورية الذي كان من نتائجه صدور القرار الدولي رقم ‪ 1559‬الذي طالب‬
‫بانسحاب جميع القوات الجنبية وحل ونزع سلح الميليشيات ‪ ،‬وكذلك النفجار الرهابي الذي أدى‬
‫بحياة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ‪.‬‬
‫تلك التداعيات التي جعلت لبنان في أزمةٍ رغم انسحاب القوات السورية بموجب القرار الدولي‪/‬‬
‫‪ /1559‬وما زال لبنان ‪ -‬دولةً وشعبًا ‪ -‬دفع ضريبة المصالح القليمية والدولية ‪.‬‬

‫‪-82-‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫التدخل الدولي النساني في لبنان‬

‫مثل التدخل الدولي النساني في لبنان بتدخل المم المتحدة ‪ ،‬بشكله العسكري بدءًا من عام ‪، 1978‬‬
‫وشكله القضائي عام ‪ 2005‬عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري ‪ ،‬لذلك قسمت هذا الفصل الى‬
‫المبحثين التاليين ‪:‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬التدخل العسكري للمم المتحدة في لبنان‬


‫المبحث الثاني ‪ :‬التدخل القضائي للمم المتحدة في لبنان‬
‫المحبث الول‬
‫التدخل العسكري للمم المتحدة في لبنان‬
‫ل عسكريًا كما جاء في نص‬ ‫إن الشكل الذي دخلت به المم المتحدة في لبنان ‪ -‬جنوب لبنان ‪ -‬كان تدخ ً‬
‫قرارمجلس المن رقم ‪ /425/‬المنشئ لتلك القوة ‪ ،‬لذلك أستدعى تقسيم هذا المبحث الى المطالب التالية‪:‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬قرار إنشاء قوة للمم المتحدة في جنوب لبنان ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مهمات قوات المم المتحدة في جنوب لبنان ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬منافع تواجد قوات المم المتحدة في جنوب لبنان ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬قرار إنشاء قوة للمم المتحدة في لبنان ‪.‬‬


‫صدر عن مجلس المن الدولي في ‪ 19‬آذار ‪ 1978‬قرارًا برقم ‪ /425/‬جاء فيه ‪:‬‬
‫"ان مجلس المن ‪... ،‬‬
‫‪ -1‬يدعو الى الحترام الصارم لوحدة أراضي لبنان ولسيادته ولستقلله السياسي داخل حدوده‬
‫المعترف بها دوليًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬يطلب من اسرائيل أن توقف فورًا عملها العسكري ضد سلمة الراضي اللبنانية ‪ ،‬وان تسحب فورًا‬
‫قواتها من الراضي اللبنانية كافة ‪.‬‬
‫‪ -3‬يقرر ‪ ،‬في ضوء طلب حكومة لبنان ‪ ،‬انشاء قوة دولية مؤقتة في جنوب لبنان ‪ ،‬تكون تحت امرته ‪،‬‬
‫وذلك للتأكد من انسحاب القوات السرائيلية ‪ ،‬وإعادة السلم والمن الدوليين الى سابق عهدهما ‪،‬‬
‫ومساعدة حكومة لبنان في توفير عودة سلطتها الفعالة في المنطقة ‪ ،‬على ان تؤلف القوات من عناصر‬
‫تابعة لدول اعضاء في المم المتحدة " ‪.‬‬

‫وقدم المين العام للمم المتحدة تقريره الى مجلس المن ‪ ،‬فوافق المجلس على مقترحاته وأصدر القرار‬
‫رقم‪ /426 /‬الذي ينص على ان " مجلس المن ‪...،‬‬
‫‪ -1‬يوافق على تقرير المين العام عن تطبيق قرارمجلس المن رقم ‪. (1978) 425‬‬
‫‪ -2‬يقرر ان القوة ستشكل ‪ ،‬بموجب التقريرالمذكور أعله لمدة ستة أشهر أولية ‪ ،‬وستتابع عملها بعد‬
‫ذلك إذا اقتضت الضرورة ‪ ،‬شرط أن يقرر مجلس المن ذلك " ‪.‬‬
‫وقد حدد قرار مجلس المن رقم ‪ /426/‬مدة قوات المم المتحدة في لبنان بستة أشهر قابلة للتجديد ‪،‬‬
‫ولزالت تتجد تلك المدة من ذلك التاريخ الى الن ‪.‬‬
‫وقد أصدر مجلس المن الدولي قراره هذا عقب الجتياح السرائيلي لجنوب لبنان في ‪ 14‬آذار ‪. 1978‬‬
‫وقد سبق صدور قرار مجلس المن الدولي ‪ ،‬بيانًا من وزارة الخارجية المصرية حول العتداء‬
‫السرائيلي على لبنان نشرتها )صحيفة الهرام – القاهرة ‪ 16/3/1978‬جاءت فيها ‪:‬‬

‫‪-84-‬‬
‫"‪ ...‬ان مصر ترى ان العالم أجمع ‪ ،‬والدول الخمس الكبرى بصفة خاصة ‪ ،‬تتحمل مسؤولياتها لوقف‬
‫العدوان فورًا ‪ ،‬والتحرك السريع لتحويل مسار الحداث في اتجاه السلم العادل والدائم في المنطقة‬
‫والذي يقوم على احترام حقوق الشعب الفلسطيني ‪ ،‬وانسحاب اسرائيل التام من الراضي المحتلة‬
‫وتخليها عن أهدافها العدوانية والتوسعية ‪.‬‬

‫كما أبرق الملك خالد ملك المملكة العربية السعودية ‪ ،‬الى الرئيس جيمي كارتر رئيس جمهورية‬
‫الوليات المتحدة المريكية ‪ ،‬حول الهجوم السرائيلي على جنوب لبنان نشرتها )صحيفة الرياض‬
‫‪( 16/3/1978‬‬
‫جاءت فيها ‪:‬‬
‫" أننا نناشدكم بوقف العدوان الغاشم ‪ ،‬الذي شنته اسرائيل على جنوب لبنان ‪ ،‬متحديًة بذلك نصائح‬
‫فخامتكم ‪ ،‬وغير مكترثة للجهود التي تبذلونها في سبيل التوصل الى سلم عادل ودائم في هذه المنطقة‬
‫الحساسة من العالم ‪ ،‬وخشية من تصاعد الحداث واتساع نطاق الفتنة ‪ ،‬فاننا نهيب بفخامتكم ان تولوا‬
‫هذا الموضوع اهتمامكم البالغ ‪ ،‬وتوقفوا المعتدي عند حدوده ‪ ،‬وتواصلوا سعيكم في احلل السلم لن‬
‫الفرصة التي هيأها فخامتكم لن تعود "‪.‬‬

‫ان تدخل القوات الدولية في لبنان جاء بقرار من الشرعية الدولية التي تمثلها المم المتحدة‬
‫ل لعادة السلم‬
‫‪ -‬مجلس المن ‪ -‬لوقف العمليات العسكرية السرائيلية دون أن تكون طرفًا رادعًا بل تدخ ً‬
‫والمن الدوليين في المنطقة ‪ ،‬ول يخلوا من جانبه النساني في المساعدة التي قدمتها لهالي منطقة‬
‫الجنوب اللبناني من الخدمات الساسية وكذلك مرافقة الفلحين ليتمكنوا من زراعة الراضي وجني‬
‫المحاصيل بالرغم من ان المهمة الساسية للقوات المتدخلة كان إزالة نتائج الحرب ‪ ،‬والتي تمثلت في‬
‫النسحاب السرائيلي ‪ ،‬ومساعدة السلطات اللبنانية في بسط سيطرتها على المنطقة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مهمات قوات المم المتحدة في لبنان‬


‫لقد حدد القرار ‪ /425/‬الصادر من مجلس المن الدولي بشأن تشكيل قوة دولية مؤقتة في جنوب لبنان‬
‫المهمات الموكولة لتلك القوة والتي تتحدد في ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التأكد من انسحاب القوات السرائيلية من جنوب لبنان ‪.‬‬
‫‪ -2‬إعادة السلم والمن الدوليين في تلك المنطقة الى ما كانت عليهما ‪.‬‬
‫‪ -3‬مساعدة حكومة لبنان في عودة سلطتها الفعالة في المنطقة ‪ -‬جنوب لبنان ‪.-‬‬
‫ول شك ان مهمة القوة الدولية ‪ ،‬هي مراقبة الوضع المني والعسكري في المنطقة ‪ ،‬ورفع التقارير الى‬
‫المم المتحدة بناء على مراقبتها واتصالتها ‪ ،‬دون أن تكون قوة محاربة ضد اسرائيل ‪ .‬ومن طبيعة‬
‫قرارات مجلس المن انها تصدر دون أن توضح بشكل تفصيلي طبيعة العمل واللية التي تسير عليها ‪،‬‬
‫ل لكي يستطاع العمل به بمرونه ‪ ،‬واستخدام كافة الوسائل الشرعية دون ان تقتصر على‬ ‫بل تأتي شام ً‬
‫واحدة منها ‪ ،‬لذلك يبقى مجال العمل بالقرار واسعًا ‪ ،‬ومثالها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬في البند الثالث ‪ ،‬حيث إعادة السلم والمن الدوليين الى ما كانت عليهما تكون بوسائل عدة ‪ .‬ب‪ -‬أما‬
‫مساعدة الحكومة اللبنانية في إعادة سلطتها على المنطقة ‪ ،‬أيضًا لم يقتصر القرار تلك المساعدة على‬
‫وسيلة واحدة ‪ ،‬بل فتح المجال واسعًا أمام كافة وسائل المساعدة ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬منافع تواجد قوات المم المتحدة في لبنان ‪.‬‬


‫لقد كان انشاء قوة المم المتحدة في لبنان مؤقتة لمدة ستة أشهر‪ ،‬وقد تم تجديد تلك المدة منذ نشأتها ‪-‬‬
‫كل ستة أشهر‪ -‬وفي نهاية كل مدة كان المين العام للمم المتحدة يرفع تقريره الى مجلس المن يتضمن‬
‫تفاصيل الوضع المني الراهن ‪ ،‬كما كان يتضمن كافة العمال التي كانت تقوم بها القوة من اتصالت‬
‫ومراقبة وتقديم الخدمات ‪ .‬ومن خلل مراجعة تلك التقارير يمكن التمييز بين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة ما قبل النسحاب السرائيلي من جنوب لبنان في عام ‪. 2000‬‬
‫ب‪ -‬مرحلة ما بعد النسحاب ‪.‬‬
‫ويلحظ من خلل التقارير ما يلي ‪:‬‬
‫‪- 85 -‬‬
‫أ – منافع وجود قوة المم المتحدة قبل النسحاب السرائيلي عام ‪. 2000‬‬
‫ان خيرما نعتمد عليه لمعرفة منافع قوة المم المتحدة المؤقتة في لبنان ‪ ،‬هو تقارير المين العام‬
‫للمم المتحدة المرفوعة الى مجلس المن كل ستة أشهر‪ ،‬من خلل عملية الرصد اليومي وتثبيت ما تم‬
‫من العمال ‪ ،‬وقد كانت التقارير كلها حتى عام ‪ 2000‬متشابهة ‪ ،‬حيث المنافع كانت هي نفسها‬
‫ونستطيع أن نجملها بالتالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التصال المباشر مع الطراف المتنازعة والحث على احترام الوضع غير القتالي للمدنيين ‪.‬‬
‫‪ -2‬بذل ومواصلة الجهد لمنع العناصر المسلحة من استخدام منطقة تواجد قوات المم المتحدة لغراض‬
‫القتال ‪.‬‬
‫‪ -3‬تفجير وازالة اللغام والقنابل المزروعة على جانبي الطريق ومخلفات الحرب التي لم تنفجر ‪.‬‬
‫‪ -4‬تقديم المساعدة النسانية الى السكان المدنيين في شكل رعاية طبية ولوازم أساسية وأعمال هندسية‬
‫وإصلحات للمباني التي أصيبت بالضرار نتيجة أعمال القتال ‪.‬‬
‫‪ -5‬مرافقة المزارعين لتمكينهم من العمل في الحقول التي تقع في نطاق مواقع قوات الدفاع‬
‫السرائيلية ‪/‬قوات المر الواقع‪. /‬‬
‫‪ -6‬تقديم الخدمات الطبية لعدد يبلغ متوسطه الشهري ‪ 2500‬شخص ‪.‬‬

‫ب‪ -‬منافع وجود قوة المم المتحدة بعد عام ‪2000‬‬


‫ل عن‬‫بالضافة الى الخدمات الجتماعية والمنية التي قدمتها قوة المم المتحدة منذ نشأتها ‪ ،‬وفض ً‬
‫مهماتها الساسية في التأكد من النسحاب السرائيلي من جنوب لبنان ومساعدة الجيش اللبناني من‬
‫تمكين سيطرته عليها وإعادة السلم والمن الى المنطقة ‪ ،‬إل ان منافعها تضاعفت على ما كان عليه في‬
‫الماضي ‪ ،‬ويمكن اجمالها بالضافة الى المنافع السابقة ذكرها بالتالي ‪:‬‬
‫ل للقرار ‪/ 425‬‬ ‫‪ -1‬استكمال التحقيق ‪ ،‬من التأكيد من ان القوات السرائيلية قد انسحبت من لبنان امتثا ً‬
‫‪. /1978‬‬
‫‪ -2‬الحصول من جيش الدفاع السرائيلي على خرائط للمناطق المزروعة باللغام المعروفة لديها‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل على ازالة اللغام الغير متفجرة حفاظًا على أمن المواطنين ‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪ -4‬مساعدة الجيش اللبناني على بسط سيطرته على المناطق التي انسحبت منها اسرائيل‬
‫باستثناء الخط الزرق التي رفضت السلطات اللبنانية النتشار فيها بحجة عدم حصول سلم شامل مع‬
‫اسرائيل ‪. -‬‬

‫خلصة القول يمكننا القول بان قوة المم المتحدة استطاعت الى حد كبير الحد من التوتر وتقديم‬
‫الخدمات للمواطنين ومساعدة الجيش اللبناني في النتشار في تلك المنطقة ‪ ،‬ولول وجود القوات المؤقتة‬
‫للمم المتحدة في جنوب لبنان لما استطاع سكان المنطقة ‪ ،‬و السلطات اللبنانية من توفير المعالجة‬
‫الطبية ‪ ،‬والتعليم ‪ ،‬والماء ‪ ،‬والكهرباء للمنطقة ‪.‬‬
‫كما ان الهدوء المني ساد المنطقة بفضل تواجد وبجهود القوة المؤقتة ‪ ،‬و لولها وعن طريق مجلس‬
‫المن والمم المتحدة ‪ ،‬لما تم النسحاب السرائيلي من جنوب لبنان ‪.‬‬

‫‪- 86 -‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫التدخل القضائي للمم المتحدة في لبنان‬

‫المطلب الول ‪ :‬لجنة تقصي الحقائق في عملية اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬لجنة التحقيق الدولية في عملية اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬القضاء المختص بالنظر في عملية اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ -‬لجنة تقصي الحقائق في عملية اغتيال الرئيس الحريري‬


‫في الجلسة ‪ 5122‬لمجلس المن المعقودة في ‪ 15‬شباط ‪ 2005‬أدلى رئيس مجلس المن بيانًا أدان فيه‬
‫التفجير الرهابي الذي وقع في ‪ 14‬شباط ‪ 2005‬في بيروت ‪ ،‬وأسفر عن مصرع رئيس وزراء لبنان‬
‫السابق رفيق الحريري وآخرين ‪.‬‬
‫ودعا رئيس مجلس المن في بيانه حكومة لبنان الى ان تقدم الى العدالة مرتكبي ‪ ،‬ومنظمي ‪ ،‬وراعيي‬
‫ذلك العمل الرهابي الشنيع ‪ ،‬كما وحث جميع الدول على ابداء التعاون التام في مكافحة الرهاب ‪،‬‬
‫وطلب من المين العام أن يتابع عن كثب الحالة في لبنان ‪ ،‬وأن يقدم على وجه السرعة تقريرًا عن‬
‫الملبسات التي أحاطت بهذا العمل الرهابي ‪ ،‬وما يترتب عليه من عواقب ‪.‬‬
‫ويلحظ من بيان رئيس مجلس المن ما يلي ‪:‬‬
‫ل ارهابيًا ‪.‬‬
‫‪ -1‬اعتبار التفجير الذي وقع في ‪ 14‬شباط ‪ 2005‬بيروت عم ً‬
‫‪ -2‬دعا حكومة لبنان الى تقديم كل من له صلة بذلك العمل الرهابي الى العدالة ‪.‬‬
‫‪ -3‬حث جميع الدول على ابداء التعاون لمكافحة الرهاب ‪.‬‬
‫‪ -4‬الطلب من المين العام لمتابعة الحالة في لبنان ‪ ،‬وتقديمه تقريرًا عن ظروف وملبسات ذلك العمل‬
‫الرهاربي ‪.‬‬
‫كما ويلحظ من بيان رئيس مجلس المن بانه وصف عملية اغتيال الرئيس الحريري بوصف‬
‫الرهاب ‪ ،‬وبذلك قد وضع رئيس مجلس المن يد المنظمة الدولية ‪ -‬المم المتحدة ‪ -‬على ذلك العمل‬
‫الرهابي في مساعدة السلطات اللبنانية وبالتفاق معها بموجب القانون الدولي بالستناد الى قرارات‬
‫الجمعية العامة وتقرير بعثة تقصي الحقائق كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬قرار الجمعية العامة ‪ A/RES/60/49‬تاريخ ‪ 9‬كانون الول ‪ 1994‬وقد اتخذت الجمعية العامة‬
‫للمم المتحدة هذا القرار بناء على تقرير ] اللجنة السادسة ) اللجنة القانونية للمم المتحدة )‬
‫‪ [ (A/49/743‬بشأن ‪:‬‬
‫التدابير الرامية الى القضاء على الرهاب الدولي ‪ ،‬حيث اعلن مجلس المن رسميًا ما يلي ‪:‬‬
‫او ً‬
‫ل‬
‫‪ -1‬ان الدول العضاء في المم المتحدة تعيد رسميًا تأكيد إدانتها القاطعة لجميع أعمال‬
‫الرهاب واساليبه ‪ ،‬وممارساته تشكل انتهاكًا خطيرًا لمقاصد ومبادئ المم المتحدة ‪ ،‬وقد تشكل تهديدًا‬
‫للسلم والمن الدوليين ‪ ،‬وتعرض للخطر العلقات الودية بين الدول ‪..‬‬
‫‪ -2‬إن العمال الجرامية التي يقصد منها ‪ ،‬أو يراد بها إشاعة حالة من الرعب ‪ ،‬لغراض سياسية‪،‬‬
‫بين عامة الجمهور أو جماعة من الشخاص ‪ ،‬أوأشخاص معينين هي أعمال ل يمكن تبريرها بأي حال‬
‫من الحوال أيًا كان الطابع السياسي أو الفلسفي أو العقائدي أو العنصري أو الثني أو الديني ‪ ،‬أو أي‬
‫طابع آخر للعتبارات التي قد يحتج بها لتبرير تلك العمال ‪.‬‬
‫‪ -5‬أ‪ -‬المتناع عن تنظيم النشطة الرهابية أو التحريض عليها أو تيسيرها أو تمويلها أو تشجيعها أو‬
‫التغاضي عنها ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ضمان القبض على مرتكبي العمال الرهابية ومحاكمتهم أو تسليمهم وفقًا للحكام ذات الصلة من‬
‫قانونها الوطني ‪.‬‬

‫‪-87-‬‬

‫ثانياً‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫ثالثًا‬
‫‪ -10‬ينبغي أن يساعد المين العام في تنفيذ هذا العلن ‪ ،‬وذلك بأن يتخذ في حدود الموارد الموجودة‪،‬‬
‫التدابير التالية لتعزيز التعاون الدولي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬جمع البيانات عن حالة التفاقات المتعددة الطراف ‪ ،‬والقليمية والثنائية المتصلة بالرهاب الدولي ‪،‬‬
‫وعن تنفيذها ‪ ،‬بما في ذلك المعلومات عن الحوادث التي يسببها الرهاب الدولي وعن المحاكمات‬
‫والحكام الجنائية اسنادًا الى المعلومات المتلقاة من ودعاء تلك التفاقات ‪ ،‬ومن الدول العضاء ‪.‬‬
‫وعليه قام المين العام للمم المتحدة تنفيذًا للقرارين ‪ A/RES/49/60‬و ‪ S/PRST/2005/4‬لجمع‬
‫المعلومات عن هذا العمل الرهابي من الملبسات التي أحاطت به ‪ ،‬وما يترتب عليه من عواقب بايفاد‬
‫بعثة بقيادة نائب مفوض الشرطة اليرلندية ‪ -‬بيترفيتز جيرالد ‪ -‬الى لبنان للتحقيق في أسباب اغتيال‬
‫رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وملبساته وتبعاته ‪.‬‬

‫‪ -2‬تقرير بعثة تقصي الحقائق في ملبسات وأسباب وعواقب تفجير ‪ 14‬شباط ‪. 2005‬‬
‫تنفيذًا لبيان رئيس مجلس المن في ‪ 15‬شباط ‪ 2005‬الذي طلب فيه من المين العام للمم المتحدة ‪،‬أن‬
‫يتابع عن كثب الحالة في لبنان ‪ ،‬وأن يقدم تقريرًا عن الملبسات التي أحاطت بالعمل الرهابي في ‪14‬‬
‫سباط ‪ 2005‬في بيروت وأدى الى مقتل الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ‪ ،‬شكل المين العام بعثًة‬
‫لتقصي الحقائق ‪ ،‬لمعرفة ملبسات وعواقب ذلك العمل الرهابي ‪ ،‬وأسند رئاسة البعثة لنائب مفوض‬
‫الشرطة اليرلندية بيتر فيتزجيرالد ‪ ،‬حيث وصلت البعثة في ‪ 25‬شباط ‪ 2005‬الى بيروت والتقى عددًا‬
‫من المسؤولين اللبنانيين من مختلف المجموعات السياسية‪ ،‬وعاينوا مسرح الجريمة والدلة التي‬
‫جمعتها الشرطة اللبنانية ‪ ،‬كما قاموا بتحليل العينات اللزمة واستجوبوا بعض الشهود ‪ ،‬واختتمت البعثة‬
‫تحريها في ‪ 16‬اذار ‪ ،‬رافعًا تقريرها الى المين العام للمم المتحدة ‪ .‬وأهم ما جاء في التقرير ‪:‬‬
‫‪ -1‬ل يمكن التأكد بشكل موثوق من السباب المحددة لغتيال الرئيس الحريري إل بعد إحضار مقترفي‬
‫هذه الجريمة أمام العدالة ‪.‬‬
‫‪ -2‬من الواضح ان الغتيال جرى في سياق سياسي وأمني ‪.‬‬
‫‪ -3‬اجهزة المن اللبنانية والمخابرات العسكرية السورية تتحمل المسئولية الرئيسية عن انعدام المن‬
‫والحماية والقانون والنظام في لبنان ‪ ،‬مع الهمال الجسيم والمضطرد لجهزة المن اللبناني في القيام‬
‫بواجباتها ‪ ،‬واجهزة المخابرات السورية مشتركة عن ذلك الهمال بقدر تسيير لجهزة المن اللبنانية ‪.‬‬
‫‪ -4‬الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية عن التوتر السياسي الذي سبق عملية الغتيال بتدخلها‬
‫في تفاصيل الحكم في لبنان باسلوب جائر وعنيد ‪.‬‬
‫‪ -5‬عملية التحقيق التي أجرتها الجهزة المنية اللبنانية يعتورها خلل خطير‪ ،‬ول يمكنها التوصل الى‬
‫نتائج مرضية وموثوق بها ‪ ،‬لذلك ومن اجل كشف الحقيقة ل بد من أن يعهد بالتحقيق الى لجنة دولية ‪.‬‬
‫‪ -6‬من الممكن ان تكون للغتيال عواقب بعيدة المدى ‪ ،‬فقد أدى الى فتح الباب امام الضطرابات‬
‫السياسية‪.‬‬
‫‪ -7‬القصور في الحفاظ على مكان الجريمة ‪ ،‬بما يضمن الحفاظ على جميع الدلة المتاحة ‪ ،‬مما نجم‬
‫عنه رفع أو تدمير أدلة مهمة دون تسجيل ‪.‬‬
‫‪ -8‬ثمة أدلة قوية توحي بان قضاة التحقيق لم يكن لديهم سيطرة على مجريات التحقيق ‪.‬‬

‫‪ - 9‬ان طريقة التحقيق في الجانب المتعلق بالشاحنة المشبوهة تنم عن درجة خطيرة من الهمال على‬
‫اقل تقدير ‪ ،‬ويمكن ان يكون ذلك الهمال مصحوبًا بأعمال اجرامية ينبغي ان يحاسب عليها الضالعون‬
‫فيها ‪.‬‬
‫ولهذا كله رأت اللجنة ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل من اجل كشف الحقيقة ‪.‬‬

‫‪-88-‬‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬لجنة التحقيق الدولية المنشأة بموجب قرار مجلس المن رقم ‪. 1595‬‬

‫في جلسته ‪ /5160/‬المعقودة في ‪ 7‬نيسان ‪ 2005‬اتخذ مجلس المن القرار رقم ‪ /1595/‬بعد دراسة‬
‫تقرير لجنة تقصي الحقائق الموفدة الى لبنان للتحقيق في ملبسات العمل الرهابي ‪ ،‬الذي أودى بحياة‬
‫الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ‪ ،‬وأسبابه وعواقبه وقررإنشاء لجنة مستقلة دولية للتحقيق لمساعدة‬
‫السلطات اللبنانية في التحقيق الذي تجريه في جميع جوانب ذلك العمل الرهابي ‪ ،‬استنادًا الى ما‬
‫استخلصته بعثة تقصي الحقائق ‪ ،‬من ان ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬عملية التحقيق اللبنانية تشوبها عيوب جسيمة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وانها تفتقر الى القدرة واللتزام الضروريين للتوصل الى نتيجة مرضية ذات مصداقية ‪-‬مثلما جاء‬
‫في تقريربعثة تقصي الحقائق ‪. -‬‬
‫ج ‪ -‬اجماع الشعب اللبناني على المطالبة بالكشف عن هوية المسؤولين عن الجريمة ومحاسبتهم ‪ .‬د ‪-‬‬
‫موافقة الحكومة اللبنانية على القرار الذي سيتخذه مجلس المن ‪.‬‬

‫أما بشأن الضمانات المقررة لفعالية اللجنة في القيام بواجباتها جاء في القرار ما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التعاون التام من جانب السلطات اللبنانية للحصول والوصول الى ما لديها من معلومات الواردة في‬
‫شهادة الشهود ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬للجنة سلطة جمع المعلومات والدلة الضافية المتصلة بذلك العمل الرهابي ‪ .‬ويمكننا ربط هذه‬
‫الفقرة مع الفقرة التي يطلب فيها مجلس المن من جميع الدول وجميع الطراف ‪ ،‬أن تتعاون تعاونًا تامًا‬
‫مع اللجنة ‪ ،‬وعلى وجه الخصوص أن تزودها بأي معلومات ذات صلة قد تكون في حوزتها ‪ ،‬تتعلق‬
‫بالعمل الرهابي المذكور ‪ .‬ما يمكن استنتاجهه بان القرار أعطى للجنة صلحية جمع المعلومات‬
‫والدلة خارج الحدود اللبنانية أيضًا ‪ ،‬وعلى هذا الساس وبناًء على المعلومات التي حصلت عليها‬
‫اللجنة من لبنان ‪ ،‬اتصلت مع السلطات السورية للفادة أو الشهادة أو الحصول على أية معلومات تفيد‬
‫التحقيق ‪ ،‬دون أن يكون ذلك انتقاصًا من السيادة الوطنية السورية على أراضيها ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ -‬القضاء المختص بالنظر في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬
‫ان الوصف القانوني ) الجنائي ( للجريمة يحدد القضاء المختص بالنظر اليها ‪ ،‬لذلك ولمعرفة القضاء‬
‫المختص ل بد من توصيف جريمة الغتيال تلك وصفَا جنائيًا ‪.‬‬
‫اوًل ‪ :‬الوصف القانوني )الجنائي( لجريمة اغتيال الرئيس الحريري ‪.‬‬
‫لقد اعتبر رئيس مجلس المن في بيانه في ‪ 15‬شباط ‪ 2005‬عملية اغتيال الرئيس الحريري بالجريمة‬
‫الرهابية ‪ .‬كما ان قرار مجلس المن رقم ‪ /1595/‬الصادر بعد دراسة تقرير بعثة المم المتحدة لتقصي‬
‫الحقائق ‪ ،‬قرر انشاء لجنة تحقيق دولية لعدة اعتبارات منها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬توصيف الجريمة بالرهابية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجريمة وقعت في سياق سياسي وأمني ‪.‬‬
‫د‪ -‬الخلل الخطير في عملية التحقيق الوطني )اللبنانية( مما يستبعد التوصل الى نتائج مرضية وموثوق‬
‫بها ‪.‬‬

‫الرهاب في القانون الوطني والدولي ‪.‬‬


‫‪ -1‬الرهاب في القانون اللبناني ‪ :‬عرف قانون العقوبات اللبنانية في المادة‪ /314 /‬العمال الرهابية‬
‫بالتالي ‪" :‬يعنى بالعمال الرهابية جميع الفعال التي ترمي الى ايجاد حالة ذعر‪ ،‬وترتكب بوسائل‬
‫كالدوات المتفجرة والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو المكروبية ‪،‬‬
‫التي من شأنها أن تحدث خطرًا عامًا" ‪.‬‬
‫‪ -2‬الرهاب في قانون العقوبات السوري ‪ :‬نصت المادة‪/ 304 /‬من قانون العقوبات السوري بانه‬
‫"يقصد بالعمال الرهابية ‪ ،‬جميع الفعال التي ترمى الى ايجاد حالة ذعر‪ ،‬وترتكب بوسائل كالدوات‬
‫المتفجرة والسلحة الحربية والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو‬
‫الجرثومية التي من شأنها أن تحدث خطرًا عامًا "‬
‫‪-89-‬‬
‫‪ -3‬الرهاب في القانون الجزائي الفرنسي ‪ :‬تنص المادة‪ / 421 /‬منه على ‪" :‬تعتبر أعمالً‬
‫ارهابية‪،‬العمال التالية عندما ترتكب بشكل متعمد من قبل فرد أو جماعة بقصد احداث اضطراب‬
‫خطير في النظام العام باللجوء الى التخويف والتهديد ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الجرائم المرتكبة ضد حياة وسلمة الفراد ‪...‬‬

‫‪ -4‬الرهاب في قرار الجمعية العامة للمم المتحدة ‪.‬‬


‫بناء على تقرير اللجنة السادسة ‪ ( (A/49/743‬أصدرت الجمعية العامة قرارًا برقم ‪ 49/60‬تاريخ‬
‫كانون الول ‪ 1994‬بشأن التدابير الرامية الى القضاء على الرهاب الدولي ‪،‬بين فيه ان العمال‬
‫الرهابية واساليبه وممارساته تشكل انتهاكًا خطيرًا لمقاصد المم المتحدة ‪ ،‬وتشكل تهديدًا للسلم والمن‬
‫الدوليين ‪ ،‬وتعرض للخطر العلقات الودية بين الدول ‪.‬‬

‫ويقصد بالعمال الرهابية من خلل العرض السابق ‪ ،‬تلك التي يراد بها إشاعة حالة من‬
‫الرعب‪،‬لغراض سياسية بين عامة الجمهور أو جماعة من الشخاص أو أشخاص معينين ‪ ،‬هي أعمال‬
‫ل يمكن تبريرها بأي حال من الحوال أيًا كان الطابع السياسي أو الفلسفي أو العقائدي أو العنصري أو‬
‫الثني ‪ .‬ولذلك يمكن اطلق وصف الرهاب على جريمة اغتيال الحريري بموجب القانون اللبناني‬
‫ف اخرى ‪ ،‬فوصف‬ ‫وكذلك القانون الدولي ‪ .‬وبغض النظر إذا ما كانت الجريمة نفسها تدخل تحت أوصا ٍ‬
‫الجريمة بالرهابية كافية لن تخضع للقانون الدولي ‪.‬‬
‫والجريمة الرهابية قد تكون جريمة ارهابية وطنية أي تتخطى بنتائجها الجرمية ‪ ،‬نطاق اقليم الدولة‬
‫التي ارتكبت فيها الجريمة من حيث الضحايا أو حالة الرعب والذعر التي تخلقها الجريمة‪.‬‬
‫اما جريمة الرهاب الدولية فهي التي تتخطى اقليم الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة من حيث حالة‬
‫الرعب والذعر أم من حيث الضحايا والخراب بواسطة المواد المتفجرة أو الوسائل الخرى إضافة الى‬
‫تهديدها للمن والسلم الدوليين ‪.‬‬
‫وعليه يمكن توصيف جريمة اغتيال الرئيس الحريري بجريمة ارهاب دولي ‪ ،‬وتخضع لحكام القانون‬
‫الدولي نظرًا للتالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬انها ارتكبت في سياق سياسي وامني ‪.‬‬
‫‪ -2‬انها جريمة ارهاب دولية ‪.‬‬
‫‪ -3‬انها تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي النساني ولحقوق النسان ‪.‬‬
‫‪ -4‬انها تؤدي الى تهديد المن والسلم الدوليين ‪.‬‬
‫‪ -5‬عجزالقضاء اللبناني والسلطات اللبنانية عن ملحقة ومعاقبة مرتكبيها ‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ -‬المحكمة المختصة بالنظر في عملية اغتيال الرئيس الحريري ‪:‬‬


‫إن اطلق وصف الرهاب الدولي على جريمة ما ‪ ،‬تكون كافية لخضوعها للقانون الدولي ‪ ،‬وبغض‬
‫النظر عن اوصافها الجرمية الخرى ‪ ،‬يكون صلحية النظر في جريمة الرهاب التي أودت بحياة‬
‫الرئيس الحريري ورفاقه للقضاء الوطني اللبناني في ملحقة ومعاقبة مرتكبيها ‪ ،‬استنادًا الى القانون‬
‫الوطني ‪ ،‬وخاصًة ان قانون العقوبات اللبناني قد اعطى مفهومًا لجرائم الرهاب في المادة‪/ 314 /‬‬
‫وحدد العقوبات على مرتكبي جرائم الرهاب في المادة‪/ 315 /‬من قانون العقوبات ‪ ،‬حيث استوجبت‬
‫الشغال الشاقة لخمس سنوات على القل والشغال الشاقة المؤبدة إذا نتج عنه التخريب ولو جزئيًا في‬
‫بناية عامة أومؤسسة صناعية أوسفينة أومنشات اخرى أو التعطيل في سبل المخابرات والمواصلت‬
‫والنقل ‪ ،‬ويقضي بالعدام إذا أدى الفعل الرهابي الى موت انسان أو هدم البنيان بعضه أو كله وفيه‬
‫شخص أو عدة اشخاص‪ .‬كما أناط قانون العقوبات اللبناني للمحاكم العسكرية صلحية النظر في جرائم‬
‫الهاب ‪.‬‬
‫أما جريمة الرهاب الدولي ‪،‬فان الملحقة القضائية تتم أساسًا بواسطة المحاكم الوطنية اللبنانية استنادًا‬
‫الى القانون الوطني و الدولي كما جاء في نصوص التفاقيات الدولية المتعلقة بالرهاب على اساس‬
‫مبدأ "التسليم أو المحاكمة" ومن تلك التفاقيات ‪:‬‬
‫أ – اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية أو اللإنسانية أو المهينة‬
‫‪-90-‬‬
‫)المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة رقم ‪ 39/46‬تاريخ ‪ 10‬كانون الول ‪. (1984‬‬
‫ب – اتفاقية منع جريمة البادة الجماعية والمعاقبة عليها )قرار الجمعية العامة ‪ 260‬تاريخ ‪ 9‬كانون‬
‫الول ‪.( 1948‬‬
‫ج – مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب‬
‫وجرائم ضد النسانية )قرار الجمعية العامة رقم‪/ 4047 /‬تاريخ ‪ 3‬كانون الول ‪. (1973‬‬
‫د – التفاقية الدولية لقمع الهجمات الرهابية بالقنابل عام ‪. 1979‬‬
‫هذه التفاقيات وغيرها التي اجمعت على مبدأ "التسليم أو المحاكمة " والتعاون الدولي في مجال‬
‫القضاء وتسليم واسترداد المجرمين ‪ .‬وعلى الرغم من عدم وجود قضاء دولي مختص بملحقة ومعاقبة‬
‫مرتكبي جرائم الرهاب ‪،‬ال ان بعضها تدخل في صلحية محكمة الجنايات الدولية إذا ما وصفت جنائيًا‬
‫تحت وصف اخر ‪،‬كالجرائم ضد النسانية وجرائم البادة التي هي في نفس الوقت جرائم ارهابية ‪.‬‬
‫وللقضاء اللبناني في الساس صلحية النظر في جرائم الرهاب المرتكبة على القليم اللبناني‪،‬لكن عدم‬
‫استقلليته وعجزه عن ملحقة ومعاقبة مرتكبيها جعل من مجلس المن أن يصدر قراره رقم‪/1664 /‬‬
‫تاريخ ‪ 29‬اذار ‪ 2006‬يطلب فيه مجلس المن من المين العام أن يتفاوض مع حكومة لبنان على اتفاق‬
‫يرمي الى انشاء محكمة ذات طابع دولي لملحقة ومعاقبة كل من تثبت مسؤوليتهم عن التفجيرالرهابي‬
‫الذي وقع في ‪ 14‬شباط وأدى الى مقتل الرئيس الحريري ورفاقه ‪.‬‬

‫‪-91-‬‬
‫خلصة الفصل الثاني‬
‫لقد أتخذ التدخل الدولي النساني في لبنان ‪ ،‬نوعين من انواع تدخل المم المتحدة ‪ ،‬تخللت بينهما فترة‬
‫زمنية طويلة ‪ ،‬وقد تم التدخل بموجب قرارات مجلس المن ‪ .‬إل ان الشكال الذي أردت أن أبينه بشأن‬
‫ذلك النوعين من التدخل هو ‪:‬‬
‫ل انسانيًا صرفًا ‪ ،‬حيث كان أصل التدخل لجل الفصل بين‬ ‫‪ -1‬لم يكن تدخل قوات المم المتحدة تدخ ً‬
‫القوات السرائيلية واللبنانية والعمل على انسحاب اسرائيل ومساعدة السلطات اللبنانية في سيطرتها‬
‫على الجنوب اللبناني‪.‬‬
‫‪ -2‬طغيان الجانب النساني على عمل قوات المم المتحدة في الجنوب اللبناني وبأشكال مختلفة ‪ ،‬من‬
‫تقديم الرعاية الصحية ‪ ،‬والخدمات الجتماعية الخرى ‪ ،‬ومساعدة الفلحين في استغلل اراضيهم ‪،‬‬
‫وإزالة اللغام الغير متفجرة لحماية المواطنين ‪.‬‬
‫‪ -3‬إزالة التوترفي المنطقة حفظًا على السلم والمن الدوليين ‪ ،‬لذلك يمكن إعتبار تدخل قوات المم‬
‫ل انسانيًا بما قدمته من خدمات ‪.‬‬
‫المتحدة في الجنوب اللبناني تدخ ً‬
‫ل انسانيًا بشكله القضائي الذي جاء بعد‬
‫أما الشكل الخر من تدخل المم المتحدة في لبنان فقد كان تدخ ً‬
‫التدخل العسكري بأكثر من خمسة وعشرون عامًا ‪ ،‬ضمن خطة محاربة الرهاب ‪ ،‬وذلك لتقديم‬
‫مرتكبي النفجار الرهابي الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في بيروت في ‪ 14‬شباط‬
‫‪ 2005‬الى العدالة ‪ ،‬حيث يشكل الرهاب وممارسته أعمالً ضد النسانية أينما كانت ‪ ،‬ورغم محاولة‬
‫بعض المؤسسات الدستورية والسياسية اللبنانية وكذلك عرقلة السلطات السورية لعمل لجنة التحقيق‬
‫الدولية لعتبارات مصلحية معنية تدخل في الطار السياسي ‪ ،‬إل ان مجلس المن الدولي عازم على‬
‫متابعة عمل لجنة التحقيق وتشكيل محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة كل من تثبت مسؤليته عن ذلك‬
‫التفجير الرهابي ‪ ،‬وبعض العمال التي سبقته أو لحقته وذلك حسب التحديد الزمني الذي ينص عليه‬
‫قانون المحكمة المزمع تشكيلها ‪.‬‬

‫‪-92-‬‬
‫مصادر الباب الثاني‬
‫‪ -1‬منصور ) البير ( ‪ -‬موت جمهورية ‪ -‬دار الجديد بيروت ط‪ 1994 /‬ص ‪. 299‬‬
‫‪ -2‬منصور ) البير ( المرجع السابق ص ‪. 30-18‬‬
‫‪ -3‬منصور ) البير ( المرجع السابق ص ‪. 36‬‬
‫‪ -4‬منصور )البير ( المرجع السابق ص ‪. 36‬‬
‫‪. http://www.ssnp.info/thenews/daily/Makalat/Mounir%20Isam3il/Mounir-12-10-05.htm-5‬‬
‫اسماعيل )د‪ .‬منير ( ‪ .‬الطائفية ومقومات الدولة الحديثة ‪.‬‬
‫تمت الزيارة في ‪. 19/05/2006‬‬
‫‪ -6‬قرار مؤتمر القمة العربية الول في القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -7‬هانف ) تيودور( ‪ -‬لبنان تعايش في زمن الحرب ‪ -‬مركز الدراسات العربي الوربي ‪ -‬باريس ‪ 1993‬ترجمة موريس صليبا ‪.‬‬
‫‪ -8‬عزام )روجيه ( ‪ -‬دهاليز المأساة اللبنانية ‪ -‬منشورات المركز اللبناني للعلم ايار ‪ 2001‬ص ‪. 51‬‬
‫‪ -9‬منصور) البير( ‪ -‬موت جمهورية ‪ -‬دار الجديد ‪ -‬بيروت ط‪ 1994/‬ص ‪. 165‬‬
‫‪ -10‬عزام )روجيه ( المرجع السابق ص ‪. 218‬‬
‫‪www.syria-neus.com -11‬‬
‫طلس ) العماد مصطفى( ‪ -‬مرآة حياتي ‪ -‬الحلقة ‪. 27‬‬
‫تمت زيارة الموقع في ‪. 04/03/2006‬‬
‫‪ -12‬المرجع السابق الحلقة ‪. 29‬‬
‫‪ -13‬المرجع السابق الحلقة ‪. 30‬‬
‫‪ -14‬المرجع السابق الحلقة ‪. 30‬‬
‫‪ -15‬هانف ) تيودور( المرجع السابق ص ‪. 215-183‬‬
‫‪ -16‬اتفاق القاهرة عام ‪. 1969‬‬
‫‪ -17‬مقابلة نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام مع مراسل موقع الصنارة اللكتروني في ‪. 16/3/2006‬‬
‫‪ -18‬طلس ) العماد مصطفى ( المرجع السابق الحلقة ‪. 12‬‬
‫‪ -19‬طلس )العماد مصطفى( المرجع السابق الحلقة ‪. 29‬‬
‫‪ -20‬بقردوني ) كريم ( ‪ -‬السلم المفقود ‪ -‬عهد الياس سركيس ‪ 1982-1976‬ط‪ 2/‬بيروت ‪ ،1984‬ص ‪. 78‬‬
‫‪ -21‬لقاء المين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي مع قناة العربية في ابريل ‪. 2005‬‬
‫‪ -22‬عبد الحليم خدام ‪ -‬لقاء خاص في اواخر آذار ‪.2006‬‬
‫ملحظة ‪ :‬ان روجيه عزام يقول بان لواًء سوريًا مؤلفًا من اكثر من ‪ 4000‬جدي مجهز بالمدرعات دخل لبنان في ‪ 3‬أيار تحت اسم الصاعقة‬
‫وجيش التحرير الفلسطيني ‪ ،‬وقد سبق وان أوضحنا ذلك ‪.‬‬
‫‪ -23‬عبد الحليم خدام ‪ -‬لقاء خاص ‪.‬‬
‫‪ -24‬قرار القمة العربي السداسي ‪ ،‬دورة غير عادية في الرياض بتاريخ ‪. 18/10/1976-16‬‬
‫‪ -25‬قرار مؤتمر القمة العربي في دورته الثامنة بالقاهرة بتاريخ ‪. 26/10/1976‬‬
‫‪ -26‬عبد الحليم خدام ‪ ،‬لقاء خاص ‪.‬‬
‫‪ -27‬تويني ) غسان ( ‪ -‬رسائل الى الريئس الياس سركيس ‪ - 1982-1978‬دار النهار ‪ -‬بيروت ‪ ،‬ايلول ‪ 1995‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ -28‬منصور) البير ( ‪ -‬انقلب على الطائف ‪ -‬دار الجديد بيروت ط‪ 1993/‬ص ‪. 68-27‬‬
‫‪ -29‬صحيفة النهار اللبنانية ‪. 31/12/2004‬‬
‫‪ -30‬صحيفة الرأي العام ‪. 31/12/2004‬‬
‫‪ -31+32‬منصور) البير ( المرجع السابق ص ‪. 150‬‬
‫‪ -33‬نص وثيقة الوفاق الوطني ‪ -‬اتفاقية الطائف ‪. 1989‬‬
‫‪ -34‬وثيقة الوفاق الوطني ‪ -‬كذلك معاهدة المن والدفاع بين سوريا ولبنان ‪.‬‬
‫‪ -35‬منصور ) البير ( المرجع السابق ص ‪. 189‬‬
‫‪ -36‬منصور ) البير ( المرجع السابق ص ‪. 150-128‬‬
‫‪ 37‬صحيفة النهار ‪. 4/4/2005‬‬
‫‪http://www.tayyar.org/files/gma1/tayyar030307_aoundefensedemocratyaabic.htm -38‬‬
‫الموقع اللكتروني للتيار الوطني الحر نص المحاضرة الملقاة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في واشنطن و المنشورة بتاريخ ‪ 7‬آذار‬
‫‪. 2003‬‬
‫تمت الزيارة في ‪. 20/05/2006‬‬
‫‪ -39‬فضائية الجزيرة برنامج الحوار المفتوح تاريخ ‪. 22/3/2005‬‬
‫‪ -40‬خطاب الرئيس بشار السد في مجلس الشعب تاريخ ‪. 5/3/2005‬‬
‫‪ -41‬منظمة العفوالدولية ‪ ،‬الوثيقة رقم ‪ MDE 18-005-2005‬تاريخ ‪. 2005 /18/5‬‬
‫‪http://www.tayyar.org/files/gma1/tayyar030307_aoundefensedemocratyaabic.htm -42‬‬
‫الموقع اللكتروني للتيار الوطني الحر‪ ،‬في لبنان ‪ ،‬محاضرة العماد ميشيل عون في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ‪ ،‬واشنطن في ‪ 7‬اذار ‪.‬‬
‫‪ - 43‬صحيفة الشرق الوسط تاريخ ‪ 6‬كانون الثاني ‪. 2006‬‬
‫‪ - 44‬مذكرة الرئيس نبيه بري الى التحاد البرلماني العربي ‪ -‬مجلة البرلمان العربي‪ -‬السنة ‪ ، 25‬العددان ‪ ، 92 – 91‬تموز‪ -‬كانون الول‬
‫‪. 2004‬‬
‫‪ – 45‬عبد الحليم خدام ‪ -‬لقاء خاص ‪.‬‬
‫‪ – 46‬مذكرة الرئيس نبيه بري المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ – 47‬رسالة وزيرالخارجية السوري الى المم المتحدة بشأن انسحاب القوات السورية من لبنان‪ ،‬وهي مرفقة مع تقرير المين العام للمم‬
‫المتحدة رقم ‪ S/2005/272‬تاريخ ‪. 26/4/2005‬‬

‫‪-93-‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫لقد رأيت من الضرورة في بحثي هذا أن أتطرق الى القانون الدولي العام من حيث ماهيته ومصادره‬
‫واشخاصه وكذلك للقانون الدولي النساني ليتوضح الفارق بينهما رغم ان موضوع بحثي هذا هو عدم‬
‫جواز التدخل وبصفة خاصة التدخل السوري في لبنان وتداعياته ‪ ،‬وباعتبار ان القانون الدولي النساني‬
‫هو فرع من فروع القانون الدولي العام والذي تطور بشكل منفصل عنه لذلك آثرت الوقوف على كليهما‬
‫‪.‬‬
‫أما بشأن عدم جواز التدخل فقد بينت بان عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول قد تحول من مبدأ‬
‫عام الى قاعدة قانون تم ادراجها في المواثيق والمعاهدات الدولية وبذلك اكتسبت تلك القاعدة صفتها‬
‫اللزامية ‪ .‬إل ان الغموض وعدم التوضيح الدقيق لمفهوم التدخل الدولي في ميثاق المم المتحدة قد‬
‫أعتراه بعض اللبس ‪ ،‬فقد جاء في الميثاق في أغلب الحيان مقولة "استعمال القوة أو التهديد باستعمالها‬
‫" ‪ .‬لذلك ل بد من الملحظات التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود الكثير من الثغرات القانونية بشأن قاعدة عدم جواز التدخل بحيث تستطيع الكثير من الدول‬
‫استغللها واللتفاف حولها لتبرر تدخلها في شؤون الدول ‪ ،‬ومنها التدخل القتصادي والعلمي‬
‫ومساعدة القوى المناهضة أو أحد الطراف بطرق خفية ‪.‬‬
‫‪ -2‬ان التدخل الدولي كان مقتصرًا في السابق على الدول القوية ‪ ،‬إل ان الدول الصغيرة في العصر‬
‫الراهن بدأت تتدخل في شؤون الدول الخرى ‪ ،‬كالتدخل السوري في لبنان وتدخل الدول الفريقية في‬
‫شؤون بعضها ‪.‬‬
‫‪ -3‬ان التدخل الدولي في السابق كان مقتصرًا على التدخل العسكري ورغم بقاء هذا الشكل من أشكال‬
‫ل أخرى مورست في الوقت الراهن والتي تفوق تأثيراته على تأثير التدخلت‬ ‫التدخل إل ان أشكا ً‬
‫العسكرية ‪.‬‬
‫‪ -4‬ان عدم تبيان وعدم الوضوح الدقيق للشؤون التي تكون من صميمم السلطان الداخلي للدول جعل‬
‫مجال التدخل الدولي مفتوحًا على مصراعية لصالح الدول الراغبة في التدخل في شؤون دولة ما ‪.‬‬
‫‪ -5‬ان المسائل المتعلقة بالديمقراطية وحقوق النسان والقليات أصبحت حججًا للدول الراغبة في‬
‫التدخل في شؤون بعض الدول التي ل تروق لها نظمها السياسية أو القتصادية ‪.‬‬
‫‪ -6‬ان أغلب التدخلت الدولية تحدث خارج إطار منظمة المم المتحدة وفي الخفاء ‪.‬‬
‫‪ -7‬اغلب التدخلت الدولية تحدث في إطار سياسي توافقي مما يشير بان التحالفات الدولية الثنائية أو‬
‫الجماعية هي أقوى من العهود والمواثيق الدولية التي تنشأ في أروقة المم المتحدة والتي تخص الدول‬
‫كافة ‪.‬‬
‫‪ -8‬ان تدخل المم المتحدة يأتي متأخرًا عن تدخل الدول في شؤون الدول الخرى ‪ ،‬ولم تستطع لجم تلك‬
‫التدخلت نتيجة تشتت رأيها بين الراء المختلفة للدول في شأن من الشؤون ‪ ،‬ومن ثم خضوعها تحت‬
‫تأثير الدول المتقدمة والقوية ‪.‬‬

‫‪-94-‬‬
‫ملحق رقم )‪(1‬‬

‫قرار الجمعية العامة رقم ‪ RES / A / 2625 /‬في ‪24‬تشرين الول ‪1970‬‬
‫اعلن مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا‬
‫لميثاق المم المتحدة‪.‬‬
‫ديباجة‪ :‬ان الجمعية العامة إذ تؤكد من جديد ما نص عليه ميثاق المم المتحدة من‬
‫ان صيانة السلم والمن الدوليين ونماء العلقات الودية والتعاون بين الدول من‬
‫مقاصد المم المتحدة الساسية‪ ،‬وإذ تنوه بان شعوب المم المتحدة قد عقدت العزم‬
‫على أخذ نفسها بالتسامح والعيش معًا في سلم وحسن جوار‪.‬‬
‫وإذ تذكر أهمية صيانة وتعزيز السلم الدولي القائم على الحرية والمساواة والعدالة‬
‫واحترام حقوق النسان الساسية واهمية انماء العلقات الودية بين الدول بغض‬
‫النظر عن نظمها السياسية والقتصادية والجتماعية ومستويات نمائها‪.‬‬
‫وإذ تذكر كذلك الهمية الكبرى لميثاق المم المتحدة في تعزيز حكم القانون بين‬
‫المم وإذ ترى ان المراعاة الصادقة لمبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات‬
‫الودية والتعاون بين الدول وتنفيذ اللتزامات التي اضطلعت بها الدول تنفيذًا‬
‫يحدده حسن النية‪ ،‬طبقًا للميثاق أمر ذو أهمية قصوى لصيانة السلم والمن‬
‫الدولين ولتحقيق مقاصد المم المتحدة الخرى‪.‬‬
‫وإذ تلحظ ان التغيرات السياسية والقتصادية والجتماعية الكبيرة التي طرأت‬
‫على العالم منذ اقرار الميثاق والتقدم العلمي الذي شهده في تلك الفترة قد زادت‬
‫من أهمية هذه المبادئ ومن ضرورة تطبيقها بصورة أفعل في سلوك الدول حيثما‬
‫مارسته‪،‬‬
‫وإذ تشير الى المبدأ المستقر القاضي بأن الفضاء الخارجي‪ ،‬بما في ذلك القمر‬
‫والجرام السماوية الخرى‪ ،‬غير قابل للتملك القومي بدعوى السيادة أو بطريق‬
‫الستخدام او وضع اليد أو الحتلل أو بأية وسيلة اخرى وإذ تأخذ بعين العتبار‬
‫ان النظر جار في المم المتحدة في امر اقرار نصوص أخرى مناسبة مستوحاة‬
‫من الروح ذاته‪ ،‬واقتناعًا منها بأن مراعاة الدول الدقيقة لللتزام القاضي بعدم‬
‫التدخل في شؤون أية دولة اخرى هو شرط أساسي لضمان عيش المم مهًا في‬
‫سلم‪ ،‬لن ممارسة أي شكل من أشكال التدخل أمر ل يقتصر على خرق الميثاق‬
‫روحًا ونصًا‪ ،‬بل يؤدي كذلك الى خلق حالت تهدد السلم والمن الدولين وإذ‬
‫تشير الى واجب الدول في المتناع في علقاتها الدولية عن ممارسة الكراه‬
‫العسكري أو السياسي او القتصادي أو غير ذلك من اشكال الكراه الموجه ضد‬
‫الستقلل السياسي أو السلمة القليمية لية دولة‪.‬‬

‫وإذ ترى من الضروري ايضًا ان تفض جميع الدول منازعاتها الدولية بالوسائل‬
‫السلمية وفقًا للميثاق‪ ،‬وإذ تؤكد من جديد الهمية الساسية لمبدأ المساواة في‬
‫‪-95-‬‬
‫السيادة‪ ،‬وفقًا للميثاق‪ ،‬وإذ تشدد على ان مقاصد المم المتحدة ل يمكن ان تتحقق‬
‫إل إذا تمتعت الدول بالمساواة في السيادة‪ ،‬وإذا لبت في علقاتها الدولية مقتضيات‬
‫هذا المبدأ تلبية تامة‪ ،‬واقتناعًا منها بان اخضاع الشعوب لستعباد الجنبي‬
‫وسيطرته واستغلله يشكل عقبة رئيسية في سبيل تحقيق السلم والمن الدوليين‪.‬‬
‫واقتناعًا منها بان مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها‬
‫بنفسها يشكل مساهمة هامة في بناء القانون الدولي المعاصر‪ ،‬وان تطبيق هذا‬
‫المبدأ بصورة فعالة امر ذو أهمية كبرى لتعزيز العلقات الودية بين الدول على‬
‫أساس احترام مبدأ المساواة بينها في السيادة‪ ،‬واقتناعًا منها بالتالي بان كل محاولة‬
‫تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية والسلمة القليمية لية دولة‬
‫أو بلد أو النيل من الستقلل السياسي لية دولة أو بلد تتنافى مع مقاصد الميثاق‬
‫ومبادئه‬
‫وإذ تنظر بعين العتبار احكام الميثاق في مجموعها وتأخذ في حسبانها دور‬
‫مختلف القرارات المتصلة بمحتوى المبادئ والتي أتخذتها هيئات المم المتحدة‬
‫المختصة‪.‬‬
‫وإذ ترى ان النماء التدريجي للمبادئ الواردة أدناه وتدوينها حرصًا على ضمان‬
‫تطبيقها على وجه افضل في المجتمع الدولي‪ ،‬امر من شأنه تعزيز تحقيق مقاصد‬
‫المم المتحدة‪:‬‬
‫ا‪ -‬مبدأ امتناع الدول في علقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها‬
‫ضد السللة القليمية أو الستقلل السياسي لية دولة أو على اي نحو اخر يتنافي‬
‫مع مقاصد المم المتحدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬مبدأ فض الدول لمنازعاتها الدولية بالوسائل السلمية على وجه ل يعرض‬
‫السلم والمن الدوليين ول العدل للخطر‪.‬‬
‫ج‪ -‬واجب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولية القومية لدولة ما‬
‫وفقًا للميثاق‪،‬‬
‫ء‪ -‬واجب الدول في التعاون بعضها مع بعضها وفقًا للميثاق‪.‬‬
‫ه‪ -‬مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها‪.‬‬
‫و‪ -‬مبدأ المساواة في السيادة بين الدول‪.‬‬
‫ز‪ -‬مبدأ تنفيذ الدول لللتزامات التي تضطلع بها طبقًا للميثاق تنفيذًا يحدده حسن‬
‫النية‪.‬‬

‫وقد نظرت في مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات الودية والتعاون بين‬
‫الدول‪،‬‬

‫تعلن رسميًا المبادئ التية‪:‬‬


‫ا‪ -‬مبدأ امتناع الدول في علقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها‬
‫ضد السلمة القليمية او الستقلل السياسي لية دولة أو على اي نحو آخر‬
‫يتنافي مع مقاصد المم المتحدة ‪.‬‬
‫على كل دولة واجب المتناع في علقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو‬
‫استعمالها ضد السلمة القليمية او الستقلل السياسي لية دولة أو على أي نحو‬
‫‪-96-‬‬
‫آخر يتنافي مع مقاصد المم المتحدة ويشكل مثل هذا التهديد باستعمال القوة أو‬
‫هذا الستعمال لها انتهاكًا للقانون الدولي ولميثاق المم المتحدة‪ ،‬ول يجوز أبدا ان‬
‫يتخذ وسيلة لتسوية المشاكل الدولية‪.‬‬
‫وتشكل الحرب العدوانية جريمة ضد السلم تترتب عليها مسؤلية بمقتضى القانون‬
‫الدولي‪.‬‬
‫وطبقًا لمقاصد المم المتحدة ومبادئها‪ ،‬على الدول واجب المتناع عن الدعوة‬
‫للحرب العدوانية‪ .‬وعلى كل دولة واجب المتناع عن التهديد باستعمال القوة‬
‫واستعمالها لخرق الحدود الدولية القائمة لدولة أخرى أو أتخاذ ذلك وسيلة لحل‬
‫المنازعات الدولية بما فيها المنازعات المتعلقة بأقاليم الدول وحدودها‪.‬‬
‫وعلى كل دولة كذلك واجب المتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها‬
‫لخرق الخطوط الدولية الفاصلة‪ ،‬مثال ذلك خطوط الهدنة‪ ،‬التي تكون مقررة في‬
‫اتفاق دولي أو بناء على اتفاق دولي وهي أحد اطرافه أو يقع عليها لسباب اخرى‬
‫واجب احترامه ول يجوز أن يؤول شيئ مما تقدم على انه يمثل اضرارًا بمواقف‬
‫الطراف المعنيين فيما يتعلق بمركز وآثار مثل هذه الخطوط حسب مجموعة‬
‫القواعد والحكام الخاصة المطبقة عليها او على انه يؤثر على طبيعتها المؤقتة‪.‬‬
‫وعلى الدول واجب المتناع عن العمال النتقامية التي تنطوي على استعمال‬
‫القوة‪.‬‬
‫وعلى كل دولة واجب المتناع عن كل عمل قسرى يكون فيه حرمان للشعوب‬
‫المشار اليها في صياغة مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها في تقرير مصيرها‬
‫بنفسها‪ ،‬من حقها في تقرير مصيرها بنفسها وفي الحرية والستقلل‪.‬‬
‫وعلى كل دولة واجب المتناع عن تنظيم أو تشجيع تنظيم القوات غير النظامية‬
‫أو العصابات المسلحة‪ ،‬بما في ذلك المرتزقة‪ ،‬للغارة على اقليم دولة أخرى‪.‬‬
‫وعلى كل دولة واجب المتناع عن تنظيم اعمال الحرب الهلية او العمال‬
‫الرهابية في دولة اخرى‪ ،‬او التحريض عليها‪ ،‬أو المساعدة أو المشاركة فيها‪ ،‬أو‬
‫قبول تنظيم نشاطات في داخل اقليمها تكون موجهة الى ارتكاب مثل هذه العمال‬
‫عندما تكون العمال المشار اليها في هذه الفقرة منطوية على تهديد باستعمال‬
‫القوة أو على استعمالها لها‪.‬‬
‫ل يجوز اخضاع اقليم اية دولة لحتلل عسكري ناجم عن استعمال القوة خلفًا‬
‫لحكام الميثاق‪ .‬ول يجوز اكتساب اقليم اية دولة من قبل دولة اخرى بنتيجة‬
‫للتهديد باستعمال القوة او لستعمالها‪ .‬ول يجوز العتراف بشرعية اي اكتساب‬
‫اقليمي ناتج عن التهديد باستعمال القوة او استعمالها‪ .‬ول يجوز أن يؤول شيئ مما‬
‫تقدم على انه يمس‪:‬‬
‫ا‪ -‬احكام الميثاق أو اي اتفاق دولي سابق على النظام الذي جاء به الميثاق ونافذ‬
‫بمقتضى القانون الدولي‪،‬‬
‫ب‪ -‬او سلطات مجلس المن المقررة بموجب الميثاق‪.‬‬
‫وعلى جميع الدول ان تواصل التفاوض بحسن نية لعقد معاهدة عالمية في وقت‬
‫مبكر بشأن نزع السلح العام الكامل في ظل مراقبة دولية فعالة ‪،‬وان تعمل‬
‫جاهدة على اتخاذ التدابير المناسبة لتخفيف التوترات الدولية وتوحيد الثقة بين‬
‫الدول‪.‬‬
‫‪-97-‬‬
‫وعلى جميع الدول ان تفي بحسن نية بالتزاماتها الناشئة عن مبادئ القانون الدولي‬
‫وقواعده المعترف بها عامة والمتعلقة بصيانة السلم والمن الدوليين‪ ،‬وان تعمل‬
‫على زيادة فعالية نظام المم المتحدة للمن ‪ ،‬القائم على الميثاق‪،‬ول يجوز تأويل‬
‫شئ مما ورد في الفقرات السابقة على انه يتضمن بأية صورة من الصور توسيعًا‬
‫أو تضييقًا لنطاق أحكان الميثاق المتعلقة بالحالت التي يكون استعمال القوة فيها‬
‫مشروعًا‪.‬‬
‫ب‪ -‬مبدأ فض الدول لمنازعاتها الدولية بالوسائل السلمية على وجه ل يعرض‬
‫السلم والمن الدوليين ول العدل للخطر‪.‬‬
‫على كل دولة ان تفض منازعاتها الدولية مع الدول الخرى بالوسائل السلمية‬
‫على وجه ل يعرض السلم والمن الدوليين للخطر ‪ .‬وعلى الدول بالتالي ان‬
‫تلتمس تسوية منازعاتها الدولية تسوية مبكرة عادلة بطريق المفاوضة والتحقيق‬
‫والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية واللجوء الى الوكالت والتفاقات‬
‫القليمية او غير ذلك من الوسائل السلمية التي تختارها‪ .‬وعلى الطراف في‬
‫التماسهم مثل هذه التسوية ان يتفقوا على الوسائل السلمية التي تتلئم وظروف‬
‫النزاع وطبيعته‪.‬وعلى اطراف النزاع‪ ،‬عند الخفاق في التوصل الى حل بأية‬
‫وسيلة من الوسائل السلمية المشار اليها اعله واجب الستمرار في تلمس تسوية‬
‫للنزاع بوسائل سلمية أخرى يتفق عليها فيما بينهم وعلى الدول الطراف في اي‬
‫نزاع دولي وسائر الدول كذلك ان تمتنع عن اتيان اي عمل قد يؤدي الى تفاقم‬
‫الحالة بصورة تعرض السلم والمن الدوليين للخطر ‪ ،‬وعليها ان تتصرف‬
‫وفقًالمقاصد المم المتحدة ومبادئها‪ .‬ويجب ان تفض المنازعات الدولية على‬
‫اساس المساواة في السيادة بين الدول ووفقاًلمبدأ حرية اختيار الوسائل‪ .‬ول يعتبر‬
‫اللتجاء الى اجراء للتسوية تتفق عليه الدول بحرية فيما يتعلق بالمنازعات‪،‬‬
‫الحالية أو المستقبلية التي تكون طرفًا فيها أو قبول مثل هذا الجراء متنافيًا مع‬
‫مبدأ المساواة في السيادة‪.‬‬
‫وليس في مضمون الفقرات السابقة ما يخل بأحكام الميثاق المنطبقة ول سيما تلك‬
‫المتعلقة بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية أو أي تقييد لها‪.‬‬
‫ج‪ -‬المبدأ الخاص بواجب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولية‬
‫القومية لدولة ما وفقًا للميثاق‪.‬‬
‫وليس لية دولة أو مجموعة من الدول ان تتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة‬
‫ولي سبب كان‪،‬في الشؤون الداخلية والخارجية لية دولة أخرى ‪.‬وبالتالي فان‬
‫التدخل المسلح وكافة اشكال التدخل أو محاولت التهديد الخرى التي تستهدف‬
‫شخصية الدولة أو عناصرها السياسية والقتصادية والثقافية تمثل انتهاكًا للقانون‬
‫الدولي ‪.‬‬
‫ول يجوز لية دولة استخدام التدابير القتصادية أو السياسية أو أي نوع اخر من‬
‫التدابير أو تشجيع استخدامها ‪،‬لكراه دولة اخرى على النزول عن ممارسة‬
‫حقوقها السيادية وللحصول منها على أية مزايا ‪ .‬كما انه ل يجوز لية دولة تنظيم‬
‫النشاطات الهدامة أو الرهابية أو المسلحة الرامية الى قلب نظام الحكم في دولة‬
‫اخرى بالعنف ‪ ،‬أو مساعدة هذه النشاطات أو التحريض عليها أو تمويلها أو‬
‫تشجيعها أو التغاضي عنها‪ .‬أو التدخل في حرب أهلية ناشبة في أية دولة أخرى ‪،‬‬
‫‪-98-‬‬
‫ويشكل استعمال القوة لحرمان الشعوب من هويتها القومية خرقاًلحقوقها غير‬
‫القابلة للتصرف وخرقًالمبدأعدم التدخل ولكل دولة حق غير قابل للتصرف في‬
‫اختيار نظمها السياسية والقتصادية والجتماعية والثقافية دون اي تدخل من‬
‫جانب أية دولة اخرى‪.‬‬
‫ول يجوز ان يؤول شئ مما ورد في الفقرات السابقة على انه يتضمن مساسًا‬
‫باحكام الميثاق المتصلة بصيانة السلم والمن الدوليين‪.‬‬
‫د‪ -‬واجب الدول في التعاون بعضها مع بعض وفقًا للميثاق‪.‬‬
‫على الدول بغض النظر عن الختلفات في نظمها السياسية والقتصادية‬
‫والجتماعية‪ ،‬واجب التعاون بعضها مع بعض في شتى مجالت العلقات‬
‫الدولية وذلك من اجل صيانة السلم والمن الدوليين وتعزيز الستقرار والتقدم‬
‫القتصاديين على الصعيد الدولي والرفاه العام للمم والتعاون الدولي المجرد من‬
‫التمييز على اساس هذه الختلفات‪.‬‬
‫وتحقيقًا لهذا الغرض‪:‬‬
‫ا – على الدول ان تتعاون مع الدول الخرى لصيانة السلم والمن الدوليين‪.‬‬
‫ب‪ -‬على الدول ان تتعاون في تعزيز الحترام العالمي لحقوق النسان والحريات‬
‫الساسية للجميع ومراعاتها ‪ ،‬وفي القضاء على جميع أشكال التعصب الديني‪،‬‬
‫ج‪ -‬على الدول ان تسير في علقاتها الدولية في الميادين القتصادية والجتماعية‬
‫والثقافية والتقنية والتجارية وفقًا لمبادئ المساواة في السيادة وعدم التدخل ‪.‬‬
‫د‪ -‬على الدول العضاء في المم المتحدة ان تتعاون‪ ،‬مجتمعة أو منفردة‪ ،‬في‬
‫العمل مع المم المتحدة وفقًا لحكام الميثاق المتصلة بالموضوع‪.‬‬
‫وعلى الدول ان تتعاون في الميادين القتصادية والجتماعية والثقافية وفي ميدان‬
‫العلم والتكنولوجيا‪ ،‬وان تتعاون كذلك في تشجيع التقدم الثقافي والتعليمي على‬
‫الصعيد الدولي‪ .‬وعلى الدول ان تتعاون في تعزيز النمو القتصادي في جميع‬
‫انحاء العالم‪ ،‬وخاصة في البلدان المتنامية‪.‬‬
‫ه‪ -‬مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها‪.‬‬
‫لجميع الشعوب‪ ،‬بمقتضى مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير‬
‫مصيرها بنفسها المكرس في ميثاق المم المتحدة‪ ،‬الحق في ان تحدد‪ ،‬بحرية‬
‫ودون تدخل خارجي‪ ،‬مركزها السياسي‪ ،‬وفي ان تسعى بحرية الى تحقيق انمائها‬
‫القتصادي والجتماعي والثقافي وعلى كل دولة واجب احترام هذا الحق وفقًا‬
‫لحكام الميثاق وعلى كل دولة واجب العمل‪ ،‬مشتركة مع غيرها أو منفردة ‪ ،‬على‬
‫تحقيق مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها‪ ،‬وفقًا‬
‫لحكام الميثاق‪ ،‬وتقديم المساعدة الى المم المتحدة في الضطلع بالمسؤليات‬
‫التي القاها الميثاق على عاتقها فيما يتعلق بتطبيق هذا المبدأ وذلك في سبيل‪:‬‬
‫ا ‪ -‬تعزيز العلقات الودية والتعاون بين الدول‪،‬‬
‫ب ‪-‬انهاء الستعمار على وجه السرعة وفقًا لرغبة الشعوب المعنية بالمر‬
‫المعرب عنها بحرية‪ ،‬علمًا بان اخضاع الشعوب لستعباد الجنبي وسيطرته‬
‫واستغلله يمثل انتهاكًا لهذا المبدأ كما يشكل انكارا لحقوق النسان الساسية وهو‬
‫يناقض الميثاق‪.‬‬
‫وعلى كل دولة واجب العمل‪ ،‬مشتركة مع غيرها او منفردة‪ ،‬على تعزيز‬
‫‪-99-‬‬
‫الحترام العالمي الفعال لحقوق النسان والحريات الساسية طبقًا للميثاق‪.‬‬
‫ويكون انشاء شعب من الشعوب لدولة مستقلة ذات سيادة‪ ،‬او ارتباطه ارتباطا‬
‫حرًا بدولة مستقلة‪ ،‬او اندماجه الحر في هذه الدولة‪ ،‬او اكتسابه اي مركز سياسي‬
‫آخر يحدده بنفسه بحرية إعمال من جانبه لحقه في تقرير مصيره بنفسه‪.‬‬
‫وعلى كل دولة واجب المتناع عن اتيان اي عمل قسري يحرم الشعوب المشار‬
‫اليها اعله في صياغة هذا المبدأ من حقها في تقرير مصيرها بنفسها ومن حريتها‬
‫واستقللها‪ .‬ويحق لهذه الشعوب‪ ،‬في مناهضتها لمثل هذه العمال القسرية وفي‬
‫مقاومتها لها‪ ،‬سعيًا الى ممارسة حقها في تقرير مصيرها بنفسها‪ ،‬ان تلتمس وان‬
‫تتلقى المساندة وفقًا لمقاصد الميثاق ومبادئه‪ ،‬ولقليم المستعمرة او القليم غير‬
‫المتمتع بالحكم الذاتي بمقتضى الميثاق ‪ ،‬مركز منفصل ومتميز عن اقليم الدولة‬
‫القائمة بادارته‪ ،‬ويظل هذا المركز المنفصل والمتميز بمقتضى الميثاق قائمًا حتى‬
‫تتم ممارسة شعب المستعمرة او القليم غير المتمتع بالحكم الذاتي لحقه في تقرير‬
‫مصيره بنفسه وفقًا للميثاق‪ ،‬ول سيما لمقاصد الميثاق ومبادئة‪ .‬ول يجوز أن يؤول‬
‫شيئ مما ورد في الفقرات السابقة على انه يرخص أي عمل أو يشجع على اي‬
‫عمل من شأنه ان يمزق أو يخل جزئيًا أو كليًا بالسلمة القليمية او الوحدة‬
‫السياسية للدول المستقلة ذات السيادة التي تلتزم في تصرفاتها مبدأ تساوي‬
‫الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها الموضع أعله والتي لها‬
‫بالتالي حكومة تمثل شعب القليم كله دون تمييز بسبب العنصر أو العقيدة أو‬
‫اللون‪.‬‬
‫وعلى كل دولة ان تمتنع عن اتيان اي عمل يستهدف التقويض الجزئي او الكلي‬
‫للوحدة القومية والسلمة القليمية لية دولة اخرى أو بلد آخر‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ المساواة في السيادة بين الدول‪.‬‬
‫تتمتع جميع الدول بالمساواة في السيادة‪ .‬ولها حقوق وواجبات متساوية‪ ،‬وهي‬
‫اعضاء متساوية في المجتمع الدولي بغض النظر عن الختلفات ذات الطبيعة‬
‫القتصادية أو الجتماعية أو السياسية أو غيرها‪.‬‬
‫وتتضمن المساواة في السيادة العناصر التية بوجه خاص‪:‬‬
‫ا‪ -‬الدول متساوية من الناحية القانونية‪،‬‬
‫ب‪ -‬تتمتع كل دولة من الدول بالحقوق الملزمة للسيادة الكاملة‪،‬‬
‫ج‪ -‬عل كل دولة واجب احترام شخصية الدول الخرى‪،‬‬
‫د‪ -‬حرمة السلمة القليمية والستقلل السياسي للدولة‪،‬‬
‫ه‪ -‬لكل دولة الحق في ان تختار وان تنمي بحرية نظمها السياسية والجتماعية‬
‫والقتصادية والثقافية ‪،‬‬
‫ل يحدد حسن النية‬ ‫و‪ -‬على كل دولة واجب تنفيذ التزاماتها الدولية تنفيذًا كام ً‬
‫والعيش في سلم مع الدول الخرى‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ تنفيذ الدول لللتزامات التي تضطلع بها طبقًا للميثاق تنفيذا يحدده حسن‬
‫النية‪ .‬على كل دولة واجب تنفيذ اللتزامات التي تضطلع بها طبقًا لميثاق المم‬
‫المتحدة تنفيذًا يحدده حسن النية‪ .‬وعلى كل دولة واجب تنفيذ اللتزامات التي‬
‫تضطلع بها طبقًا لمبادئ القانون الدولي وقواعده المعترف بها عامة تنفيذًا يحدده‬
‫حسن النية‪.‬‬
‫‪-100-‬‬
‫وإذا تعارضت اللتزامات الناشئة عن اتفاقات دولية مع التزامات اعضاء المم‬
‫المتحدة بمقتضي ميثاق المم المتحدة‪ ،‬تكون الرجحية للتزاماتهم طبقًا للميثاق‪.‬‬

‫جزء عام‬
‫‪...............................‬‬
‫‪ -2‬وتعلن ان‪:‬‬

‫‪............................................................................................‬‬

‫المبادئ المبينة اعله مترابطة في تفسيرها وتطبيقها ويؤول كل مبدأ منها في‬
‫ضوء المبادئ الخرى‪.‬‬
‫ل يجوز أن يؤول شيئ مما ورد في هذا العلن على انه يخل على أي وجه من‬
‫الوجوه بأحكام الميثاق أو بالحقوق والواجبات المترتبة على الدول العضاء‬
‫بمقتضى الحقوق الواردة في هذا العلن‪.‬‬
‫‪ -3‬وتعلن كذلك ان‪:‬‬
‫مبادئ الميثاق التي يتضمنها هذا العلن تمثل المبادئ الساسية للقانون الدولي‪،‬‬
‫وهي تناشد بالتالي جميع الدول ان تسترشد بهذه المبادئ في سلوكها الدولي وان‬
‫تنمي علقاتها المتبادلة على أساس المراعاة الدقيقة لهذه المبادئ‪.‬‬

‫‪-101-‬‬

‫ملحق رقم ) ‪( 2‬‬


‫قرار الجمعية العامة رقم ‪) 103‬الدورة ‪ 36‬عام ‪(1981‬‬

‫اعلن عدم جواز التدخل بجميع انواعه في شؤون الداخلية للدول ‪.‬‬

‫ان الجمعية العامة‪ ،‬إذ تؤكد من جديد‪ ،‬ووفقًا لميثاق المم المتحدة‪ ،‬انه ليحق لية‬
‫دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬ولي سبب كان‪ ،‬في الشؤون‬
‫الداخلية‪ ،‬وإذ تؤكد من جديد كذلك المبدأ الساسي للميثاق القائل بأن من واجب‬
‫جميع الدول أل تهدد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سيادة الدول الخرى أو‬
‫استقللها السياسي أو سلمتها القليمية‪ .‬وإذ تضع في اعتبارها ان عملية احلل‬
‫السلم والمن الدوليين والمحافظة عليهما وتعزيزهما تقوم على أساس الحرية‪،‬‬
‫ل عن‬ ‫والمساواة‪ ،‬وتقرير المصير‪ ،‬والستقلل‪ ،‬واحترام سيادة الدول‪ ،‬فض ً‬
‫السيادة الدائمة للدول على مواردها الطبيعية بصرف النظر عن نظمها السياسية‬
‫أو القتصادية أو الجتماعية أو مستويات نموها‪ .‬وإذ ترى ان التقيد التام بمبدأ‬
‫عدم التدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية والخارجية للدول هو أمر ذو‬
‫أهمية عظمى للمحافظة على السلم والمن الدوليين ولتحقيق مقاصد ومبادئ‬
‫الميثاق‪.‬‬
‫وإذ تؤكد من جديد‪ ،‬وفقًا للميثاق‪ .‬حق الشعوب الواقعة تحت السيطرة الستعارية‪،‬‬
‫أو الحتلل الجنبي‪ ،‬أو النظم العنصرية‪ ،‬في تقرير المصير والستقلل‪ .‬وإذ‬
‫تؤكد انه ل يمكن بلوغ أهداف المم المتحدة إل في ظروف تتمتع فيها الشعوب‬
‫بالحرية وتتمتع فيها الدول بالتساوي في السيادة وتفي تمامًا بمتطلبات هذين‬
‫المبدأين في علقاتها الدولية‪ .‬وإذ ترى ان اي انتهاك لمبدأ عدم التدخل بجميع‬
‫أنواعه في الشؤون الداخلية والخارجية للدول يشكل تهديدًا لحرية الشعوب‬
‫ولسيادة الدول واستقللها السياسي ولسلمتها القليمية‪ ،‬وتهديدًا لتنميتها السياسية‬
‫والقتصادية والثقافية‪ ،‬ويعرض أيضًا السلم والمن الدوليين للخطر‪ .‬وإذ ترى ان‬
‫صدور اعلن بشأن عدم جواز التدخل بجميع انوعه في الشؤون الداخلية للدول‬
‫يسهم في تحقيق مقاصد ومبادئ ميثاق المم المتحدة ‪ .‬وإذ تضع في اعتبارها‬
‫أحكام الميثاق ككل‪ ،‬وإذ تأخذ في العتبار القرارات المتصلة بالموضوع التي‬
‫أتخذتها المم المتحدة فيما يتعلق بمضون هذا المبدأ‪ ،‬ل سيما القرارات المتضمنة‬
‫العلن المتعلق بتعزيز المن الدولي‪ ،‬واعلن عدم جواز التدخل في الشؤون‬
‫الداخلية للدول وحماية استقللها وسيادتها‪ ،‬واعلن مبادئ القانون الدولي المتعلقة‬
‫بالعلقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق المم المتحدة‪ ،‬وتعريف العدوان‬
‫‪ ،‬تعلن رسميًا ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ل يحق لية دولة أو مجموعة من الدول ان تتدخل بصورة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة لي سبب كان في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الخرى‪.‬‬
‫‪-102-‬‬
‫‪ -2‬يشمل مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الحقوق‬
‫والواجبات التالية‪:‬‬
‫ل‪ :‬ا‪ -‬سيادة جميع الدول‪ ،‬واستقللها السياسي‪ ،‬وسلمتها القليمية‪ ،‬ووحدتها‬ ‫أو ً‬
‫ل عن الهوية الوطنية والتراث الثقافي لسكانها‪،‬‬
‫الوطنية‪ ،‬وأمنها‪ ،‬فض ً‬
‫ب‪ -‬حق الدولة السيادي غير القابل للتصرف في تقرير نظامها السياسي و‬
‫القتصادي و الثقافي و الجتماعي بحرية‪ ,‬و في تنمية علقاتهاالدولية وفي‬
‫ممارسة سيادتها الدائمة على مواردها الطبيعية وفقا لرادة شعبها دون تدخل أو‬
‫تداخل أو تخريب أو قسر أو تهديد من الخارج بأي شكل من الشكال‪.‬‬
‫ج ـ حق الدول و الشعوب في الوصول الحر الى المعلومات و في تطوير نظامها‬
‫العلمي و وسائط اعلمها الجماهيري تطويرًا تاماًدون تدخل ‪ ،‬وفي استخدام‬
‫وسائط اعلمها الجماهيري في تعزيز مصالحها و أمانيها السياسية و الجتماعية‬
‫و القتصادية و الثقافية‪ .‬استنادا الى أمور ‪ ,‬منها المواد ذات الصلة بالموضوع‬
‫من العلن العالمي لحقوق النسان و مبادئ النظام العلمي الدولي الجديد ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ا‪ -‬واجب الدول في المتناع في علقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة‬
‫أو استعمالها بأي شكل من الشكال‪ ،‬أو عن انتهاك الحدود القائمة المعترف بها‬
‫دوليًا لدولة أخرى أو زعزعة النظام السياسي أو الجتماعي أو القتصادي لدول‬
‫أخرى‪ ،‬أو الطاحة بالنظام السياسي لدولة أخرى أو حكومتها أو تغييرهما‪ ،‬أو‬
‫احداث توتر بين الدول بصورة ثنائية أو جماعية‪ ،‬أو حرمان الشعوب من هويتها‬
‫الوطنية وتراثها الثقافي‪،‬‬
‫ب‪ -‬واجب الدولة في ضمان عدم استخدام اقليمها على أي نحو فيه انتهاك لسيادة‬
‫دولة أخرى ولستقللها السياسي وسلمتها القليمية ووحدتها الوطنية أو زعزعة‬
‫لستقرارها السياسي والقتصادي والجتماعي‪ ،‬ويسري هذا اللتزام ايضًا على‬
‫الدول الموكل اليها مسؤلية أقاليم لم تحقق تقرير المصير والستقلل الوطني بعد‪،‬‬
‫ج‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن التدخل المسلح أو التخريب أو الحتلل‬
‫العسكري أو اي شكل آخر من أشكال التدخل‪ ،‬سافرًا كان أو مستترًا‪ ،‬يوجه الى‬
‫دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو اي عمل من اعمال التدخل العسكري أو‬
‫السياسي أو القتصادي في الشؤون الداخلية لدولة أخرى‪ ،‬بما في ذلك العمال‬
‫النتقامية التي تنطوي على استعمال القوة‪،‬‬
‫د‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن اتخاذ اي اجراء قسري يحرم الشعوب الواقعة‬
‫تحت السيطرة الستعمارية او الحتلل الجنبي من حقها في تقرير المصير‬
‫والحرية والستقلل‪،‬‬
‫ه‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن اي اجراء أو اية محاولة بأي شكل من الشكال‬
‫أو بأي حجة كانت يهدف زعزعة أو تقويض استقرار دولة اخرى أو اي من‬
‫مؤسسساتها‪،‬‬

‫و‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن القيام‪ ،‬بصورة مباشرة أو غير مباشرة بتعزيز‬
‫أو تشجيع أو دعم أنشطة التمرد أو النفصال داخل دول أخرى‪ ،‬بأي حجة كانت‪،‬‬
‫أو اتخاذ أي تدابير تستهدف تمزيق وحدة دول أخرى أو تقويض أو تخريب‬
‫نظامها السياسي ‪.‬‬
‫‪-103-‬‬
‫ز‪ -‬واجب الدولة في منع تدريب المرتزقة وتمويلهم وتجنيدهم في اقليمها‪ ،‬او‬
‫ارسالهم الى اقليم دولة أخرى‪ ،‬وعدم تقديم مايلزم من تسهيلت‪ ،‬بما في ذلك‬
‫التمويل‪ ،‬لتجهيزهم وعبورهم‪،‬‬
‫ح‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن عقد اتفاقات مع دول اخرى تستهدف التدخل‬
‫بأي شكل في الشؤون الداخلية والخارجية لدول ثالثة ‪.‬‬
‫ط‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن اتخاذ اية تدابير تؤدي الى تدعيم التكتلت‬
‫العسكرية القائمة‪ ،‬أو خلق أوتدعيم تحالفات عسكرية جديدة‪ ،‬أو ترتيبات متشابكة‪،‬‬
‫أو توزيع قوات للتدخل‪ ،‬أو قواعد عسكرية وما يتصل بها من منشأت عسكرية‬
‫أخرى مما يمكن أن يدخل في اطار المواجهة بين الدول الكبرى‪،‬‬
‫ى‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن القيام بأي حملة تشهيرية أو قذف أو دعاية‬
‫بغرض التدخل بأي شكل في الشؤون الداخلية لدول أخرى‪،‬‬
‫ك‪ -‬واجب الدولة في المتناع‪ ،‬في تصريف علقاتها الدولية في المجالت‬
‫القتصادية والجتماعية والتقنية والتجارية‪ ،‬عن اتخاذ تدابير من شأنها أن تتشكل‬
‫ل من أي نوع في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى‪ ،‬فتمنعها بذلك‬ ‫تدخ ً‬
‫من تقرير نموها السياسي والقتصادي والجتماعي ويشمل هذا في جملة امور‪،‬‬
‫واجب الدولة في ألتستخدام ضد دولة أخرى برامجها للمساعدة القتصادية‬
‫الخارجية‪ ،‬أو في أن تمارس ضدها أي انتقام أو حصار اقتصادي منفرد أو متعدد‬
‫الطراف‪ ،‬وان تمنع استخدام الشركات عبر الوطنية والمتعددة الجنسية الخاضعة‬
‫لوليتها وسيطرتها أدورات للضغط أو الكراه السياسي ضد تلك الدولة‪ ،‬منتهكة‬
‫بذلك ميثاق المم المتحدة‪.‬‬
‫ل‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن استخدام الممارسات الرهابية سياسة للدولة‬
‫ضد دولة أخرى أو ضد شعوب خاضعة للسيطرة الستعمارية أو الحتلل‬
‫الجنبي أو النظمة العنصرية‪ .‬وفي منع تقديم أي مساعدة الى الجماعات‬
‫الرهابية أو المخربين أو العملء الذين يمارسون نشاطًا هدامًا ضد دول ثالثة‪ ،‬أو‬
‫استخدامهم أو التسامح معهم‪.‬‬
‫ن‪ -‬واجب الدولة في المتناع عن مزاولة أي نشاط اقتصادي أو سياسي أو‬
‫عسكري في اقليم دولة أخرى دون موافقتها‪،‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ا‪ -‬حق الدول وواجبها في الشتراك بنشاط وعلى قدم المساواة في حل‬
‫القضايا الدولية المعلقة‪ ،‬مسهمة بذلك اسهامًا ايجابيًا في ازلة أسباب المنازعات‬
‫والتدخل‪،‬‬
‫‪ -2‬حق الدول وواجبها في أن تدعم دعمًا تامًا حق تقرير المصير والحرية‬
‫والستقلل للشعوب الواقعة تحت السيطرة الستعمارية أو الحتلل الجنبي أو‬
‫ل عن حق هذه الشعوب في أن تخوض كفاحًا سياسيًا‬ ‫النظم العنصرية‪ ،‬فض ً‬
‫ومسلحًا معًا تحقيقًا لهذه الغاية‪ ،‬وفقًا لمقاصد ومبادئ الميثاق‪،‬‬
‫ج‪ -‬حق الدول وواجبها في مراعاة جميع حقوق النسان والحريات الساسية‬
‫وتعزيزها والدفاع عنها داخل اقاليمها الوطنية والعمل على القضاء على‬
‫النتهاكات الجسيمة والصارخة لحقوق الدول والشعوب‪ ،‬وبوجه خاص‪ ،‬العمل‬
‫على القضاء على الفصل العنصري وجميع أشكال العنصرية والتمييز‬
‫العنصري‪،‬‬
‫‪-104-‬‬
‫د‪ -‬حق الدول وواجبها‪ ،‬داخل اطار حقوقها الدستورية‪ ،‬في مكافحة نشر الخبار‬
‫الكاذبة أو المشوهة التي يمكن تفسيرها على أنها تدخل في الشؤون الداخلية للدول‬
‫الخرى أو على انها تضر بتعزيز السلم والتعاون وبالعلقات الودية بين الدول‬
‫والمم‪،‬‬
‫ه‪ -‬حق الدول وواجبها في عدم العتراف بالوضاع التي تنشأ نتيجة التهديد‬
‫باستعمال القوة أو استعمالها أو بالفعال التي تحدث انتهاكًا لمبدأ عدم التدخل‬
‫بجميع أنواعه‪،‬‬

‫‪ -3‬الحقوق والواجبات الواردة في هذا العلن مترابطة وتتفق والميثاق‪.‬‬


‫‪ -4‬ليس في هذا العلن ما يخل على أي نحو بحق الشعوب‪ ،‬الواقعة تحت‬
‫السيطرة الستعمارية او الحتلل الجنبي أو النظم العنصرية‪ ،‬في تقرير‬
‫مصيرها وفي الحرية والستقلل‪ .‬وحقها كذلك في ان تلتمس الدعم وتتلقاه وفقًا‬
‫لمقاصد ومبادئ الميثاق ‪.‬‬
‫‪ -5‬ليس في هذا العلن ما يخل على أي نحو بأحكام الميثاق‬
‫‪ -6‬ليس في هذا العلن مايخل بأي تدابير تتخذها المم المتحدة بموجب الفصلين‬
‫السادس والسابع من الميثاق‪.‬‬

‫‪-105-‬‬
‫ملحق رقم ) ‪( 3‬‬

‫قرار الجمعية العامة رقم ‪) A/RES / 3314‬الدورة ‪(1974 /29/‬‬

‫تعريف العدوان‬

‫ان الجمعية العامة وقد نظرت في تقرير اللجنة الخاصة المعنية بمسألة تعريف‬
‫ل بقرارها ‪) 2330‬د‪ (22-‬المؤرخ في ‪ 18‬كانون الول‬ ‫العدوان‪ ،‬المنشأة عم ً‬
‫‪ 1967‬الذي يتناول اعمال دورتها السابقة المعقودة من ‪ 11‬آذار الى ‪ 12‬نيسان‬
‫‪ 1974‬ويتضمن مشروع تعريف العدوان الذي اعتمدته اللجنة الخاصة باتفاق‬
‫الراء وأوصت الجمعية العامة باقراره‪.‬‬

‫تعريف العدوان‬

‫المادة الولى‪ :‬العدوان هو استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة‬


‫دولة أخرى او سلمتها القليمية او استقللها السياسي‪ ،‬او بأية صورة أخرى‬
‫تتنافى مع ميثاق المم المتحدة‪ ،‬وفقًا لنص هذا التعريف‬

‫ملحظة ايضاحية‪ :‬ان مصطلح )دولة( في هذا التعريف‪:‬‬

‫ا‪ -‬مستخدم دون مساس بمسألة العتراف ول بمسألة كون الدولة أو عدم كونها‬
‫عضوًا في المم المتحدة‪،‬‬
‫ب‪ -‬ويراد به ايضًا عند اقتضاء الحال مجموعة دول‪.‬‬
‫المادة الثانية ‪ :‬المبادأة باستعمال القوة من قبل دولة ما خرقًا للميثاق تشكل بينًة‬
‫ل عدوانيًا‪ ،‬وان كان لمجلس المن‪ ،‬طبقًا للميثاق‪،‬‬ ‫كافية مبدئيا على ارتكابها عم ً‬
‫ل عدوانيًا قد ارتكب وذلك‬ ‫ان يخلص الى انه ليس هناك ما يبرر الحكم بان عم ً‬
‫في ضوء ملبسات اخرى وثيقة الصلة بالحالة ‪ ،‬بما في ذلك أن تكون‬
‫التصرفات محل البحث او نتائجها ليست ذات خطورة كافية ‪.‬‬
‫المادة الثالثة ‪ :‬تنطبق صفة العمل العدواني على اي من العمال التالية‪ ،‬سواء‬
‫باعلن حرب أو بدونه‪ ،‬وذلك دون اخلل بأحكام المادة ‪ /2/‬وطبقًا لها‪:‬‬
‫ا‪ -‬قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو اقليم دولة أخرى او الهجوم عليه‪ ،‬أو أي‬
‫احتلل عسكري‪،‬ولوكان مؤقتًا‪ ،‬ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم‪ ،‬أو اي ضم‬
‫لقليم دولة أخرى او لجزء منه باستعمال القوة‪،‬‬
‫ب‪ -‬قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف اقليم دولة أخرى بالقنابل‪ ،‬أو استعمال‬
‫‪-106-‬‬
‫دولة ما أية أسلحة ضد اقليم دولة أخرى‪،‬‬
‫ج‪ -‬ضرب حصار على موانئ دولة ما أوعلى سواحلها من قبل القوات المسلحة‬
‫لدولة أخرى‪،‬‬
‫د‪ -‬قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو‬
‫الجوية أو السطولين التجاريين البحري والجوي لدولة أخرى‬
‫ه‪ -‬قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل اقليم دولة أخرى بموافقة‬
‫الدولة المضيفة‪ ،‬على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها التفاق‪ ،‬او اي‬
‫تمديد لوجودها في القليم المذكور الى ما بعد نهاية التفاق‪،‬‬
‫و‪ -‬سماح دولة ما وضعت اقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه‬
‫الدولة الخرى لرتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة‪،‬‬
‫ز‪ -‬ارسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قبل‬
‫دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى باعمال من اعمال القوة المسلحة تكون‬
‫من الخطورة بحيث تعادل العمال المعددة أعله او اشتراك الدولة بدور مملوس‬
‫في ذلك ‪.‬‬
‫المادة الرابعة ‪ :‬العمال المعدة اعله ليست جامة مانعة‪ ،‬ولمجلس المن ان يحكم‬
‫ل أخرى تشكل عدوانًا بمقتضى الميثاق ‪.‬‬ ‫بأن اعما ً‬
‫المادة الخامسة ‪ :‬ا‪ -‬ما من اعتبار أيا كانت طبيعته‪ ،‬سواء كان سياسيًا أو اقتصاديًا‬
‫أو عسكريًا أو غير ذلك‪ ،‬يصح أن يتخذ مبررًا لرتكاب عدوان‪.‬‬
‫‪ -2‬والحرب العدوانية جريمة ضد السلم الدولي‪ ،‬والعدوان يرتب مسؤولية دولية‪.‬‬
‫‪ -3‬وليس قانونيًا‪ ،‬ول يجوز أن يعتبر كذلك‪ ،‬أي كسب أقليمي أو أي مغنم خاص‬
‫ناجم عن ارتكاب عدوان‬
‫المادة السادسة ‪ :‬ليس في هذا التعريف ما يجوز تأويله على انه توسيع أو تضييق‬
‫بأنة صورة لنطاق الميثاق بما في ذلك احكامه المتعلقة بالحالت التي يكون‬
‫استعمال القوة فيها قانونًا‪.‬‬
‫المادة السابعة ‪ :‬ليس في هذا التعريف عامة‪ ،‬ول في المادة ‪ /3/‬خاصة‪ ،‬مايمكن‬
‫ان يمس على أي نحو بما هو مستقى من الميثاق من حق تقرير المصير والحرية‬
‫والستقلل للشعوب المحرومة من هذا الحق بالقوة والمشار اليها في اعلن‬
‫مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق‬
‫المم المتحدة‪ ،‬ول سيما الشعوب الخاضعة لنظم استعمارية أو عنصرية أو‬
‫لشكال أخرى من السيطرة الجنبية‪ ،‬أو بحق هذه الشعوب في الكفاح من أجل‬
‫ذلك الهدف وفي التماس الدعم وتلقيه‪ ،‬وفقًا لمبادئ الميثاق وطبقًا للعلن السابق‬
‫الذكر‪.‬‬
‫المادة الثامنة ‪ :‬الحكام الواردة أعله مترابطة في تفسيرها وتطبيقها ويجب أن‬
‫يفهم كل منها في سياق الحكام الخرى‪.‬‬

‫‪-107-‬‬
‫ملحق رقم ) ‪( 4‬‬

‫القرار ‪) 2131‬د‪ 31 (20 -‬كانون الول ‪1965‬‬


‫اعلن عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول‪ ،‬وحماية استقللها وسيادتها‪.‬‬
‫ان الجمعية العامة‪،‬‬
‫إذ يساورها شديد القلق لخطورة الحالة الدولية وللتهديد المتزايد للسلم العالمي‪،‬‬
‫الناجمان عن التدخل المسلح وغيره من الشكال المباشرة أو غير المباشرة‬
‫للتدخل المنطوي على تهديد للشخصية السيادية والستقلل السياسي للدول‪،‬‬
‫وإذ تأخذ بعين العتبار ان المم المتحدة قد قامت‪ ،‬وفقًا لهدفها الرامي الى القضاء‬
‫وعلى الحرب وازالة أسباب تهديد السلم وقمع اعمال العدوان‪ ،‬بانشاء منظومة‬
‫تقوم على المساواة في السيادة بين الدول التي ينبغي ان تقوم العلقات الودية بينها‬
‫على أساس احترام مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها‪،‬‬
‫والتزام اعضائها بالمتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلمة‬
‫القليمية لية دولة أو ضد استقللها السياسي‪،‬‬
‫وإذ تذكر ان الجمعية العامة‪ ،‬إعمال منها لمبدأ تقرير المصير‪ ،‬قد اعربت‪ ،‬في‬
‫اعلن منح الستقلل للبلدان والشعوب المستعمرة في قرارها ‪) /1514/‬الدورة‬
‫‪ (15‬المستخذ في ‪ 14‬كانون الول ‪ ،1960‬عن اقتناع بان لجميع الشعوب حقًا‬
‫غير قابل للتصرف في الحرية التامة وفي ممارسة سيادتها وفي سلمة اقليمها‬
‫القومي‪ ،‬وبان لها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى‬
‫بحرية الى تحقيق انمائها القتصادي والجتماعي والثقافي‪،‬‬
‫وإذ تذكر ان الجمعية العامة قد اعلنت‪،‬في العلن العالمي لحقوق النسان‪ ،‬بأن‬
‫العتراف لفراد السرة البشرية جميعًا بالكرامة النسانية الصيلة والحقوق‬
‫المتساوية غير قابلة للتصرف هو أساس الحرية والعدل والسلم في العالم‪ ،‬دون‬
‫اي تمييز من أي نوع‪،‬‬
‫وإذ تؤكد من جديد مبدأ عدم التدخل الذي اعلن في مواثيق منظمة الدول المريكية‬
‫وجامعة الدول العربية‪ ،‬ومنظمة الوحدة الفريقية‪ ،‬وأكد في المؤتمرات المعقودة‬
‫في مونتفيديو وبوينس آيرس وتشابولتابك وبوغوتا‪ ،‬وكذلك في قرارات المؤتمر‬
‫السيوي‪-‬الفريقي في باندونغ‪ ،‬والمؤتمر الول لرؤساء دول أو حكومات البلدان‬
‫غير المنحازة في بلغراد‪ ،‬وفي برنامج السلم والتعاون الدولي الذي أقر في ختام‬
‫المؤتمر الثاني لرؤساء دول أو حكومات البلدان غير المنحازة في القاهرة‪ ،‬وفي‬
‫العلن الخاص بمشكلة العمال الهدامة الذي أقره في اكرا ‪ ،‬رؤساء الدول أو‬
‫الحكومات الفريقية‪،‬‬
‫وإذ تدرك ان المراعاة التامة لمبدأ عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية‬
‫‪-108-‬‬
‫والخارجية للدول الخرى هي ضرورية لتحقيق مقاصد المم المتحدة ومبادئها‪،‬‬
‫وإذ ترى ان التدخل المسلح يرادف العدوان‪ ،‬ويتنافي بذلك المبادئ الساسية التي‬
‫يجب أن ينبني عليها التعاون الدولي السلمي بين الدول‪،‬‬

‫وإذ ترى كذلك ان التدخل المباشر‪ ،‬واعمال الهدم‪ ،‬وجميع اشكال التدخل غير‬
‫المباشر‪ ،‬امور تتنافى مع هذه المبادئ وتشكل بالتالي خرقًا لميثاق المم المتحدة‪،‬‬
‫وإذ تدرك ان خرق مبدأ عدم التدخل يشكل تهديدًا لستقلل البلدان وحريتها‬
‫ونمائها السياسي والقتصادي والجتماعي والثقافي الطبيعي‪ ،‬لسيما البلدان التي‬
‫تحررت من الستعمار‪ ،‬كما يمكن أن يشكل تهديدًا خطيرًا لصيانة السلم‪،‬‬

‫وإذ تدرك حق الدراك الضرورة المطلقة لتهيئة الحوال الملئمة التي تمكن‬
‫جميع الدول‪ ،‬ولسيما البلدان المتنامية‪ ،‬من أن تختار‪ ،‬دون اي ارغام او اكراه‪،‬‬
‫مؤسساتها السياسية والقتصادية والجتماعية الذاتية‪.،‬‬
‫تعلن رسميًا‪ ،‬في ضوء العتبارات السالفة‪ ،‬مايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ليس لية دولة حق التدخل‪ ،‬بصورة مباشرة أو غير مباشرة ولي سبب كان‪،‬‬
‫في الشؤون الداخلية أو الخارجية لية دولة أخرى‪ ،‬ويشجب بالتالي كل تدخل‬
‫مسلح أو غير مسلح أو كل تهديد يستهدف شخصية الدول أو عناصرها السياسية‬
‫والقتصادية والثقافية‪،‬‬
‫‪ -2‬ل يجوز لية دولة استخدام التدابير القتصادية أو السياسية أو اي نوع آخر‬
‫من التدابير‪ ،‬او تشجيع استخدامها‪ ،‬لكراه دولة اخرى على النزول عن ممارسة‬
‫حقوقها السيادية او للحصول منها على اية مزايا ‪ .‬كما انه ل يجوز لية دولة‬
‫تنظم النشاطات الهدامة او الرهابية او المسلحة الرامية الى تغيير نظام الحكم في‬
‫دولة اخرى بالعنف ‪ ،‬أومساعدة هذه النشاطات ‪،‬او التحريض عليها‪ ،‬أو تمويلها‪،‬‬
‫أو تشجيعها أو التغاضي عنها‪ ،‬أو التدخل في الصراع الداخلي الحاصل في أية‬
‫دولة أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬ان استعمال القوة لحرمان الشعوب من هويتها القومية يشكل خرقًا لحقوقها‬
‫غير القابلة للتصرف وخرقًا لمبدأ عدم التدخل‪.‬‬
‫‪ -4‬ان المراعاة الدقيقة لهذه اللتزامات هي شرط أساسي لضمان عيش المم معًا‬
‫في سلم‪ ،‬لن ممارسة اي شكل من أشكال التدخل ليقتصر أمرها على خرق‬
‫ميثاق المم المتحدة روحًا ونصًا‪ ،‬بل وتؤدي كذلك الى خلق حالت تهدد السلم‬
‫والمن الدوليين بالخطر‪.‬‬
‫‪ -5‬لكل دولة حق غير قابل للتصرف في اختيار نظمها السياسية والقتصادية‬
‫والجتماعية والثقافية‪ ،‬دون اي تدخل من جانب اية دولة أخرى‪.‬‬
‫‪ -6‬على جميع الدول احترام حق الشعوب والمم في تقرير المصير وفي‬
‫الستقلل‪ ،‬وتجرى ممارسة هذا الحق بحرية ودون أي ضغط أجنبي ومع‬
‫الحترام المطلق لحقوق النسان والحريات الساسية‪ ،‬وعلى جميع الدول‪،‬‬
‫بالتالي‪ ،‬السهام في القضاء التام على التميز العنصري والستعماري بكافة‬
‫أشكاله ومظاهرة‬
‫‪ -7‬يقصد بتعبير ‪/‬الدول‪ /‬حسب مدلول هذا العلن‪ ،‬فئتي الدول المنفردة أو‬
‫‪-109-‬‬
‫مجموعات الدول‪.‬‬
‫‪ -8‬يحظر تفسير اي حكم من أحكام هذا العلن على انه يتضمن اي اخلل‬
‫بأحكام ميثاق المم المتحدة المتعلقة بصيانة السلم والمن الد وليين‪ ،‬ولسيما‬
‫الحكام الواردة في الفصول السادس والسابع والثامن‪.‬‬

‫‪-110-‬‬
‫ملحق رقم ) ‪( 5‬‬

‫‪-111-‬‬
-
-112-
-113-
- 115 -
‫مصادرالبحث ‪:‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬ابراهيم عبد العزيز شيحا ‪ -‬القانون الدستوري والنظم السياسية ‪ -‬الدار الجامعية ‪،‬‬
‫بيروت ‪ . 1994‬عدد الصفحات ‪. 493‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬احمد أبو الوفا ‪ -‬الوسيط في القانون الدولي العام ‪ -‬ط ‪ ، 4‬دار النهضة العربية القاهرة ‪. 2004‬‬
‫عدد الصفحات ‪. 937‬‬
‫‪ -3‬ادريس بوكرا ‪ -‬مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر ‪ -‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ . 1990‬عدد الصفحات ‪. 503‬‬
‫‪-4‬البير منصور‪ -‬موت جمهورية ‪ -‬دار الجديد بيروت ‪ .1994‬عدد الصفحات ‪. 428‬‬
‫‪ -5‬البير منصور‪ -‬انقلب على الطائف ‪ -‬دار الجديد بيروت ‪. 1993‬عدد الصفحات ‪. 287‬‬
‫‪ -6‬تيودور هانف ‪ -‬لبنان ‪ ،‬تعايش في زمن الحرب من انهيار دولة الى انبعاث امة ‪ -‬مركز الدراسات‬
‫العربي الوربي ‪ ،‬باريس ‪ ، 1993‬ترجمة موريس صليبا ‪ ،‬عدد الصفحات ‪. 831‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬جان بيكيته ‪ -‬القانون النساني وحماية ضحايا الحرب ‪ -‬معهد هنري دوفان ‪ ،‬جنيف‬
‫‪. 1986‬‬
‫‪ -8‬روجيه عزام ‪ -‬دهاليز المأسات اللبنانية ‪ -‬منشورات المركز اللبناني للعلم ‪ ،‬ايار ‪ . 2001‬عدد‬
‫الصفحات ‪. 319‬‬
‫‪ -9‬د‪ .‬سعد عصفور ‪ -‬المبادئ الساسية في القانون الدستوري والنظمة السياسية ‪ -‬منشأة المعارف‬
‫السكندرية ‪ -‬بل تاريخ ‪ .‬عدد الصحفات ‪. 280‬‬
‫‪ -10‬د‪ .‬عامر الزمالي ‪ -‬مدخل الى القانون الدولي النساني ‪ -‬منشورات المعهد العربي لحقوق النسان‬
‫واللجنة الدولية للصليب الحمر ‪ -‬تونس ‪ . 1997‬عدد الصفحات ‪ -11 .106‬د‪ .‬عبد الحسين شعبان‬
‫‪ -‬النسان هو الصل ‪ -‬مدخل الى القانون الدولي النساني وحقوق النسان ‪ ،‬مركز القاهرة‬
‫لدراسات حقوق النسان ‪. 2002 ،‬‬
‫‪ -12‬د‪ .‬عبد الحميد متولي ‪ -‬القانون الدستوري والنظمة السياسية مقارنة مع المبادئ الدستورية في‬
‫الشريعة السلمية ‪ -‬ط ‪ ، 6‬منشأة المعارف ‪ -‬السكندرية ‪ . 1989‬عدد الصفحات ‪. 486‬‬
‫‪ -13‬د‪ .‬علء ابو عامر ‪ -‬العلقات الدولية ‪ -‬الظاهرة والعلم ‪ -‬الدبلوماسية والستراتيجية ‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار‬
‫الشروق ‪ 2004‬عمان ‪.‬عدد الصفحات ‪. 260‬‬
‫‪ -14‬د‪ .‬علي صادق ابو هيف ‪ -‬القانون الدولي العام ‪ -‬ط ‪ ، 9‬منشأة المعارف ‪ -‬السكندرية ‪. 1971‬‬
‫‪ -15‬عمر حسين حنفي ‪ -‬التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق النسان ‪ -‬ط ‪ ، 1‬دار النهضة‬
‫القاهرة ‪ . 2004/2005‬عدد الصفحات ‪. 425‬‬
‫‪ -16‬غسان تويني ‪ -‬رسائل الى الرئيس الياس سركيس ‪ - 1982 -1978‬دار النهار بيروت ‪. 1995‬‬
‫عدد الصفحات ‪. 205‬‬
‫‪ -17‬د‪ .‬فتح الرحمن عبدال الشيخ ‪ -‬مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي ‪ -‬الدوحة ‪ . 1998‬عدد‬
‫الصفحات ‪. 219‬‬
‫‪ -18‬د‪ .‬فيصل شطناوي ‪ -‬النظم السياسية والقانون الدستوري ‪ -‬ط ‪ ، 2003 ، 1‬دار مكتبة‬
‫الحامد ‪ -‬عمان ‪ .‬عدد الصفحات ‪. 364‬‬
‫‪ -19‬فيصل شطناوي – حقوق النسان والقانون الدولي ‪ ،‬ط ‪ 2‬دار الحامد عمان ‪، 2001‬عدد الصفحات‬
‫‪. 273‬‬
‫‪ -20‬كريم بقردوني ‪ -‬السلم المفقود ‪ -‬عهد الياس سركيس ‪ ،1982 -1976‬ط ‪ 2‬بيروت ‪. 1984‬‬
‫‪ -21‬د‪ .‬محمد المجذوب ‪ -‬القانون الدولي العام ‪ -‬الدار الجامعية بيروت ‪. 1994‬عدد الصفحات ‪. 480‬‬
‫‪ -22‬د‪ .‬محمد سعيد الدقاق ‪ -‬القانون الدولي العام ‪ -‬الجزء الول ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪. 1989‬‬
‫عدد الصحفات ‪. 560‬‬
‫‪ -23‬د‪ .‬محمد طلعت الغنيمي ‪ -‬الغنيمي الوجيز في قانون السلم ‪ -‬منشأة المعارف بالسكندرية ‪ ،‬بل‬
‫تاريخ ‪.‬‬
‫‪ -24‬د‪ .‬محمود حافظ ‪ -‬القانون الدولي العام ‪ -‬ط ‪ ، 2‬مكتبة النهضة المصرية ‪. 1985‬‬

‫‪-116-‬‬
‫‪ -25‬مركز زايد للتنسيق والمتابعة ‪ -‬التدخل الدولي النساني وإشكالياته ‪ -‬دولة المارات العربية‬
‫المتحدة ‪ ،‬بل تاريخ ‪ .‬عدد الصفحات ‪. 98‬‬
‫‪ -26‬د‪ .‬مسعد عبد الرحمن زيدان قاسم ‪ -‬تدخل المم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع‬
‫الدولي ‪ -‬الدار الجامعية الجديدة بالسكندرية ‪ . 2003 ،‬عدد الصفحات ‪. 735‬‬
‫‪ -27‬د‪ .‬مفيد محمود شهاب ‪ -‬القانون الدولي العام ‪ -‬ط ‪ ، 2‬دار النهضة العربية ‪. 1985‬عدد الصفحات‬
‫‪. 279‬‬

‫المواقع اللكترونية ‪:‬‬

‫‪www.icrc.org/ara‬‬
‫‪www.ssnp.info/thenews/daily/Makalat/Mounir%20Isam3il/Mounir-12-10-‬‬
‫‪05.htm‬‬
‫‪www.syria-neus.com‬‬
‫‪www.tayyar.org/files/gma1/tayyar030307_aoundefensedemocratyaabic.htm‬‬
‫‪http://www.assennara.net/article.asp?id=489‬‬

‫المجلت والدوريات ‪:‬‬

‫المجلة الدورية للصليب الحمر ‪:‬‬


‫د‪ .‬محمد فهاد الشللدة ‪ -‬دور منظمة المم المتحدة في تطوير القانون الدولي النساني‬ ‫‪-1‬‬
‫المطبق في النزاعات المسلحة ‪ -‬السنة الحادية عشرة العدد ‪ 62‬ديسمبر ‪.1998‬‬
‫د‪ .‬احسان هندي ‪ -‬اثر الثقافة والخلق والدين في القانون الدولي النساني ‪ -‬السنة‬ ‫‪-2‬‬
‫السابعة ‪ ،‬العدد ‪ 40‬نوفمبر‪ +‬ديسمبر ‪. 1994‬‬
‫مجلة البرلمان العربي ‪:‬‬
‫‪ -1‬مذكرة الرئيس نبيه بري ‪ -‬رئيس البرلمان اللبناني ‪ -‬الى التحاد البرلمان العربي ‪ ،‬السنة ‪ ، 25‬العدد‬
‫‪،92-91‬تموز‪ -‬كانون الول ‪. 2004‬‬

‫المواثيق والعهود الدولية ‪:‬‬

‫‪ -1‬ميثاق المم المتحدة ‪.‬‬


‫‪ -2‬قرارات الجمعية العامة للمم المتحدة ‪.‬‬
‫‪ -3‬تقارير المين العام للمم المتحدة عن أعمال المنظمة ‪.‬‬
‫‪ -4‬تقرير المين العام للمم المتحدةرقم ‪/272/2005‬س ‪ ،‬تاريخ ‪. 26/4/2005‬‬
‫‪ -5‬رسالة وزير الخارجية السوري الى المم المتحدة بشأن انسحاب القوات السورية من لبنان ‪ ،‬مرفقة‬
‫مع تقرير المين العام السابق ذكره ‪.‬‬
‫‪ -6‬النظام الساسي لمحكمة العدل الدولية ‪.‬‬
‫‪ -7‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام ‪. 1966‬‬
‫‪ -8‬التفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد اسرهم ‪.‬‬
‫‪-117-‬‬
‫‪ -9‬قرارات القمم العربية ‪.‬‬
‫‪ -10‬اتفاق القاهرة ‪. 1969‬‬
‫‪ -11‬وثيقة الوفاق الوطني اللبناني )اتفاقية الطائف ‪. (1989‬‬
‫‪ -12‬معاهدة المن والدفاع اللبنانية السورية ‪.‬‬
‫‪ -13‬وثائق منظمة العفو الدولية ‪.‬‬

‫الصحف ‪:‬‬

‫في ‪. 31/12/2004‬‬ ‫‪ -1‬صحيفة النهار اللبنانية‬


‫في ‪. 04/04/2005‬‬ ‫‪ -2‬كذلك ‪....................‬‬
‫في ‪. 31/12/2004‬‬ ‫‪ -3‬صحيفة الرأي العام‬
‫‪ -4‬صحيفة الشرق الوسط اللندنية في ‪. 06/01/2006‬‬

‫مقابلت وحوارات ‪:‬‬

‫‪ -1‬خطاب الرئيس بشار السد في مجلس الشعب السوري بتاريخ ‪. 05/03/2005‬‬


‫‪ -2‬مقابلة عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق ‪ ،‬مع مراسل موقع الصنارة اللكتروني ‪ .‬في ‪. 06/01/2006‬‬

‫‪ -3‬لقاء السيد جورج حاوي ‪ ،‬المين العام للحزب الشيوعي اللبناني ‪ ،‬مع قناة العربية الفضائية في ابريل ‪. 2005‬‬
‫‪ -4‬عبد الحليم خدام ‪ ،‬لقاء خاص في آذار ‪. 2006‬‬
‫‪ -5‬فضائية الجزيرة ‪ ،‬برنامج الحوار المفتوح في ‪. 22/03/2005‬‬

‫القوانين والدساتير ‪:‬‬

‫الدستور اللبناني ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫قانون العقوبات اللبناني ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫قانون العقوبات السوري ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫قانون العقوبات الفرنسي ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
-118-

You might also like