You are on page 1of 3

‫جريمة الفصل العنصري‬

‫ففففف فففففف فففف‬

‫تم استخدام مصطلح الفصل العنصري ‪ Apartheid‬للمرة الولى في عام ‪1944‬م من قبل رئيس وزراء جمهورية جنوب‬
‫أفريقيا ‪ Daneil Malan‬للشارة إلى سياسات جنوب أفريقيا في العزل والتمييز العنصريين ‪Racial Segregation and‬‬
‫‪ Discrimination‬بين البيض والجماعات العرقية المختلفة في جنوب أفريقيا ‪.‬‬
‫لقد تفردت هذه السياسات بين السياسات التمييزية المنتشرة في دول العالم باستنادها إلى الدستور ‪ ،‬فقد سن البرلمان البريطاني‬
‫بداية القانون الخاص بجنوب أفريقيا عام ‪1909‬م والذي دخل حيز النفاذ كدستور للبلد في عام ‪1910‬م ‪ ،‬ومنح هذا الدستور‬
‫البرلمان في جنوب إفريقيا صلحية إصدار أي تشريع يمنع غير البيض من النتخاب أو يمنع أن يتم انتخابهم كأعضاء‬
‫للبرلمان أو أن ُيعهد إليهم أي مناصب عليا ‪ ،‬ولقد انهالت على البلد استنادا إلى ذلك القوانين العنصرية في مختلف‬
‫المجالت ‪ ،‬وفي عام ‪1948‬م تزايدت وتيرة الممارسات والسياسات التمييزية إثر هيمنة الحزب الوطني على النتخابات ‪،‬‬
‫بحيث طال التمييز مختلف نواحي الحياة القتصادية والجتماعية والقانونية والسياسية بطريقة اتسمت بالوحشية والنتهاكات‬
‫الجسيمة لحقوق النسان ‪ ،‬مما لفت أنظار المجتمع الدولي لخطورة الفصل العنصري وضرورة اتخاذ ما يلزم من خطوات‬
‫سريعة فتم إدراج جريمة الفصل العنصري في تعريف الجرائم ضد النسانية في نظام المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬

‫الركن الشرعي لجريمة الفصل العنصري ‪:‬ـ‬


‫استمر اهتمام المجتمع الدولي بحقوق النسان وحرياته الجوهرية في تزايد مضطرد منذ الحرب العالمية الولى والتي شهدت‬
‫نهايتها ظهور العديد من وثائق حماية القليات ‪ ،‬ومع نهاية الحرب العالمية الثانية واستنادا لمبدأ المساواة في الكرامة والحقوق‬
‫للجميع ‪ ،‬صدرت عدة إعلنات عالمية وعقدت اتفاقيات مهمة تتعلق بالتمييز بوجه عام والفصل العنصري بوجه خاص والذي‬
‫أصبح الهتمام بحظره جزءا ل يتجزأ من مهام العديد من هيئات المم المتحدة حيث أصدرت الجمعية العامة العديد من‬
‫القرارات التي اعتبرت فيها سياسات وممارسات الفصل العنصري جريمة ضد النسانية ‪ ،‬كما أكد مجلس المن تهديد‬
‫ممارسات المستمرة والمنهجية للفصل العنصري للسلم والمن الدوليين ‪ ،‬إضافة للنصوص القانونية التي تناولتها الفرع‬
‫الثلثة الرئيسية للقانون الدولي على النحو التالي ‪:‬‬

‫‪ .1‬الفصل العنصري في قانون حقوق النسان ‪:‬ـ‬


‫حظرت نصوص عديدة في قانون حقوق النسان التمييز في الحقوق والحريات النسانية على أسس متعددة منها القائم على‬
‫أساس العرق أو العنصر ‪ ،‬فوردت نصوص في العلن العالمي لحقوق النسان ) م‪ (2/‬وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية ) م‪ ،2/‬م‪ ( 26 /‬والتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام ‪1965‬م حيث يتسم‬
‫خطورة التمييز العنصري في الطبيعة النظامية والمنهجية في فرض فئة عنصرية سيطرتها على الخرى ‪ ،‬وقد اعتمدت‬
‫الجمعية العامة هذه التفاقية في قرارها الصادر في ‪1/12/1965‬م وأعلن عن بدء نفاذها في ‪4/2/1969‬م ‪ ،‬وعّرفت التفاقية‬
‫ل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب‬ ‫في مادتها الولى التمييز العنصري بأنه " أي تمييٍز أو استثناٍء أو تقييٍد أو تفضي ٍ‬
‫أو الصل القومي أو الثني ‪ ،‬ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة العتراف بحقوق النسان والحريات السياسية أو التمتع‬
‫ن آخر من ميادين‬ ‫بها أو ممارستها على قدم المساواة في الميدان السياسي أو القتصادي أو الجتماعي أو الثقافي أو في ميدا ٍ‬
‫الحياة العامة " ‪.‬‬
‫وقد ذكرت التفاقية الفصل العنصري ‪،‬صراحة في مادتها الثالثة معبرة عن إدانته من قبل الدول الطراف التي تعهدت بعدم‬
‫ل من أعمال التمييز العنصري ضد الشخاص أو الجماعات أو المؤسسات أو تشجيع مثل هذه العمال ‪ ،‬كما‬ ‫ممارسة أي عم ٍ‬
‫تعهدت باتخاذ ما يلزم من إجراءات لعادة النظر في سياساتها الحكومية وتعديل أو إبطال جميع القوانين والنظمة التي تشجع‬
‫التفرقة العنصرية ‪.‬‬
‫صدق عدد كبير من الدول على اتفاقية التمييز العنصري ‪ ،‬وأنشأؤوا استنادا للمادة الثامنة منها لجنة القضاء على التمييز‬
‫العنصري ‪ ،‬والتي تتكون من ثمانية عشر خبيرا مشهودا لهم بالنزاهة يتم انتخابهم من قبل الدول الطراف لمدة أربع سنوات ‪،‬‬
‫وتقدم اللجنة تقريرها السنوي إلى الجمعية العامة للمم المتحدة وتمارس عملها عن طريق فحص التقارير الدورية المقدمة من‬
‫الدول الطراف ) م‪ (9/‬وعن طريق تسوية المنازعات بين الدول الطراف )م‪ ،11/‬م‪ (13 /‬كما تتلقى اللجنة ما يرد من‬
‫الفراد والجماعات من ضحايا التمييز العنصري ) م‪ (14/‬إضافة لدراسة التقارير المتعلقة بالقاليم الخاضعة للوصايا والقاليم‬
‫المتمتعة بالحكم الذاتي )م‪ (15/‬وتكمن مهمة هذه اللجنة قبل تجريم الفصل العنصري في اتفاقية عام ‪1973‬م في الرقابة على‬
‫ممارسات الدول الطراف ‪.‬‬

‫‪ .2‬الفصل العنصري في القانون الدولي النساني ‪:‬ـ‬


‫إضافة للنصوص العديدة التي تضمنتها اتفاقيات جنيف الربع لعام ‪1949‬م والتي تحظر التمييز في معاملة الشخاص‬
‫المحميين بموجب نصوصها ‪ ،‬نصت المادة ) ‪ (85‬من البروتوكول الول الملحق بالتفاقية صراحة على أن الممارسة المبنية‬
‫على الفصل العنصري تشكل انتهاكا جسيما لنصوصها ‪.‬‬

‫‪ .3‬الفصل العنصري في القانون الجنائي الدولي ‪:‬‬


‫عدد المختصين في مجال القانون الجنائي الدولي أكثر من سبع عشرة وثيقة قانونية دولية تتصل بجريمة الفصل العنصري‬
‫ومنها اتفاقية البادة الجماعية لعام ‪1948‬م والتي كانت الستجابة الفورية للفظائع العرقية المرتكبة خلل الحرب العالمية‬
‫الثانية إضافة إلى اتفاقية منع تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد النسانية لعام ‪1968‬م التي ذكرت الفصل العنصري صراحة‬
‫وتضمنت في الفقرة ) و( من المادة )‪ (18‬منها اعتبار التمييز المؤسسي المستند إلى العرق أو الدين أو الصل الثني التي‬
‫تتسم بالوحشية المفرطة ‪ ،‬جريمة ضد النسانية والتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والعقاب عليها لعام ‪1973‬م‬
‫ويعد هذه التفاقية نموذجا بالغ الهمية لما له من أثر كبير في تطوير وثائق القانون الجنائي الدولي حيث كانت التفاقية الوثيقة‬
‫الولى التي تجرم الفصل العنصري كجريمة دولية حين أعلنت في مادتها الولى عن اعتبار الفصل العنصري جريمة ضد‬
‫النسانية واعتبار الفعال اللإنسانية الناجمة عن سياسات الفصل العنصري وما يماثلها من سياسات وممارسات العزل‬
‫والتمييز العنصريين جرائم تشكل انتهاكا لحكام القانون الدولي العام ولسيما مبادئ المم المتحدة ‪ ،‬كما تشكل تهديدا خطيرا‬
‫للسلم و المن الدوليين ورتبت التفاقية في الفقرة الثانية من المادة ذاتها المسؤولية الجنائية الدولية على كل الفراد والمنظمات‬
‫والمؤسسات التي ترتكب مثل هذه الممارسات العنصرية ونصت المادة الثانية من التفاقية على تعريف الفصل العنصري بما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫تشمل جريمة الفصل العنصري الفعال اللإنسانية التي ترتكب بغرض إقامة أو إدامة هيمنة فئة عنصرية ما من البشر على‬
‫أية فئة عنصرية أخرى من البشر وإضطهادها وسيطرتها بصورة منهجية وتتمثل هذه الفعال في السياسات والممارسات‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‌أ( حرمان عضوا أو أعضاء في فئة أو فئات عنصرية من الحق في الحياة والحرية الشخصية‬
‫‪ .1‬بقتل أعضاء فئة أو فئات عنصرية‬
‫‪ .2‬بإلحاق أذى خطير بدني أو عقلي بأعضاء فئة أو فئات عنصرية أو بالتعدي على حريتهم أو كرامتهم أو بإخضاعهم للتعذيب أو‬
‫للمعاملة والعقوبة القاسية أو اللإنسانية أو الحاطة بالكرامة ‪.‬‬
‫‪ .3‬بتوقيف أعضاء فئة أو فئات عنصرية تعسفا وسجنهم بصورة غير قانونية‬
‫ب( إخضاع فئة أو فئات عنصرية عمدًا لظروف معيشية يقصد منها أن يفضي بها إلى الهلك الجسدي كليًا أو جزئيًا ‪.‬‬ ‫‌‬
‫ج( اتخاذ أية تدابير تشريعية أو غير تشريعية يقصد بها منع فئة أو فئات عنصرية من المشاركة في الحياة السياسية‬
‫والجتماعية والقتصادية والثقافية للبلد وتعمد خلق ظروف تحول دون النماء التام لهذه الفئة أو الفئات وخاصة بحرمان‬
‫أعضاء فئة أو فئات عنصرية من حريات النسان وحقوقه الساسية بما في ذلك الحق في العمل والحق في تشكيل نقابات‬
‫معترف بها والحق في التعليم والحق في مغادرة الوطن والعودة إليه والحق في حمل الجنسية والحق في حرية التنقل والقامة‬
‫والحق في حرية الرأي والتعبير والحق في حرية الجتماع وتشكيل الجمعيات سلميًا ‪.‬‬

‫د( اتخاذ أية تدابير بما فيها التدابير التشريعية تهدف إلى تقسيم السكان وفق معايير عنصرية بخلق محتجزات ومعازل‬
‫مفصولة لعضاء فئة أو فئات عنصرية وبحظر التزاوج فيما بين الشخاص المنتسبين إلى فئات عنصرية مختلفة ونزع ملكية‬
‫العقارات المملوكة لفئة أو فئات عنصرية أو لفراد منها ‪.‬‬
‫هـ( استغلل عمل أعضاء فئة أو فئات عنصرية ولسيما بإخضاعهم للعمل القسري ‪.‬‬

‫و( اضطهاد المنظمات والشخاص بحرمانهم من الحقوق والحريات الساسية لمعارضتهم الفصل العنصري ‪.‬‬

‫رتبت المادة الثالثة من التفاقية المسؤولية الجنائية الدولية على كل من الفراد والمنظمات والمؤسسات عن ارتكاب هذه‬
‫الجريمة بغض النظر عن الدوافع ‪ ،‬أما عن النواحي الجرائية في التفاقية ‪،‬فقد تعهدت الدول الطراف باتخاذ إجراءات‬
‫تشريعية وقضائية وإدارية وفقًا لوليتها القضائية ‪،‬وملحقة ومحاكمة وعقاب المسؤولين عن ارتكاب جريمة الفصل‬
‫العنصري مهما كانت جنسيتهم ‪ ،‬وأشارت المادة الخامسة من التفاقية إلى إمكانية محاكمة الجناة أمام المحاكم الوطنية للدول‬
‫الطراف ذات ولية على المتهمين وأمام محكمة دولية تنشأ لهذا الخصوص ‪.‬‬

‫أركان جريمة الفصل العنصري ‪:‬ـ‬


‫ل ل إنسانيًا ضد شخص أو أكثر ‪.‬‬ ‫‪ .1‬أن يقترف مرتكب الجريمة فع ً‬
‫‪ .2‬أن يكون ذلك الفعل من الفعال المشار إليها في الفقرة )‪ (1‬من المادة )‪ (7‬من النظام الساسي ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون مرتكب الجريمة على علٍم بالظروف الواقعية التي تثبت طبيعة ذلك الفعل ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يرتكب السلوك في إطار نظام مؤسسي قائم على القمع والسيطرة بصورة منهجية من جانب جماعة عرقية ضد جماعة‬
‫عرقية أخرى ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن ينوي مرتكب الجريمة من خلل سلوكه البقاء على ذلك النظام ‪.‬‬
‫‪ .6‬أن يرتكب السلوك كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين‬
‫‪ .7‬أن يعلم مرتكب الجريمة بأن السلوك جزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين أو أن ينوي أن يكون هذا‬
‫السلوك جزء من ذلك الهجوم ‪.‬‬

You might also like