You are on page 1of 27

‫الباحة والجارة والجعالة‬

‫الـتـصـمـيـم‬
‫‪:‬‬ ‫مقــدمــــة‬

‫الفصــــل الول ‪ :‬البـــــــــاحة‬


‫المبحث الول ‪ :‬حقيقة الباحة‬
‫المطلب الول ‪ :‬الباحة عند الصوليين وعند الفقهاء‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الباحة في القانون‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أساليب الباحة وأقسامها وآثارها‬
‫المطلب الول ‪ :‬أساليب الباحة وأقسامها‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أقسام الباحة‬

‫الفصـــل الثاني ‪ :‬الجــــارة‬


‫المبحث الول ‪ :‬الجارة وأركانها‬
‫المطلب الول ‪ :‬الجارة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أركان الجارة‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬انقضاء عقد الجارة‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬الجعالة‬


‫المبحث الول ‪ :‬الجعالة ومشروعيتها‬
‫المطلب الول ‪ :‬تعريف الجعالة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مشروعية الجعالة‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الجعالة أساليبها وشروطها‬
‫المطلب الول ‪ :‬صيغة الجعالة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط الجعالة‬

‫‪1‬‬
‫الـمـقـدمـة‬

‫تطرقت معظم التشريعات الوضعية إلى تعريف اللتزام القانوني بييأنه رابطيية قانونييية‬
‫بين شخصين بمقتضاها يتمكن الدائن من إكراه المدين على أن يؤدي إليه مبلغا ميين المييال‪ ،‬أو‬
‫يسلمه شيئا أو يتم عمله أو يقوم بعمل ومنهم من عرفه بتعريف العقييد‪ ،‬وهييذا فيييه اقتبيياس ميين‬
‫الشريعة السلمية التي عرفت اللتزام بتعريف العقد‪ ،‬بصفتها أول تشريع سن حرية التعامل‬
‫وأخرج البشرية من تعقيداته الشكلية‪ ،‬التي توارثها المتعاملون أيام الرومان ومن سبقهم‪.‬‬
‫فالشريعة السلمية عرفت اللييتزام ميين خلل تعريفهييا للعقييد نفسييه وذلييك فييي غييالب‬
‫تعريفاتها لهذا المبدأ‪ ،‬ثم عرف الفقهاء العقد بأنه عبارة عن الييتزام العاقييدين وتعهييدهما بييأمر‪،‬‬
‫وهو عبارة عن ارتباط اليجاب بالقبول‪.‬‬
‫ويرى الدكتور محمد مصطفى شلبي " أن العقــد واللــتزام‪ ،‬والتصــرف‪ ،‬كلمــات ثلث‬
‫يرد ذكرها في ثنايا بحوث الفقهاء‪ ،‬ويختلــط أمرهــا أحيانــا علــى بعــض القــارئين‪ ،‬لمــا بيــن‬
‫معانيها من التشابه من بعض الوجوه‪ ،‬وهــذا يقتضــي توضــيح الفــرق الحاصــل بينهمــا قبــل‬
‫التعريف بالعقد‪ ،‬وهذه العبارة الثلثة عرفها فقهاء الشريعة بتعاريف متعددة منها‪:‬‬
‫أول ‪ :‬التصرف هو ما يصدر من الشخص المميز بإرادته‪ ،‬ويرتييب عليييه الشييارع نتيجيية ميين‬
‫النتائج سواء كانت في صالح ذلك الشخص أم ل‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اللتزام كل تصرف متضمن إرادة إنشاء حق من الحقييوق أو إنهييائه أو إسييقاطه سييواء‬
‫كان من شخصه واحد أو من عدة أشخاص‪.‬‬
‫هذه هي المبادئ العامة التي نظر من خللها التشريعان جييانب المعيياملت‪ ،‬وهييو الموضييوع‬
‫الذي اخترنا أن نفتتح به موضوع المناظرة بين التشريعين السلمي والوضييعي‪ ،‬وباختصييار‬
‫فإنها تثبت حالتين‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫أول ‪ :‬تفوق الصياغة الفقهية السلمية‪ ،‬علييى الوضييعية الييتي يظهيير كييل تعييبير منهييا متييأثرا‬
‫بظرف من ابتكروه‪ ،‬بينما الصياغة الفقهية اكتسييبت دقيية تعبيرهييا ميين ثبييات النصييوص الييتي‬
‫استخلصت منها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعثر التعريفات الوضعية بآثار الشكلية التي أتييت تتمييرد عليهييا‪ ،‬فجعلهييا ذلييك تفييترض‬
‫سوء النيية مسيبقا بمحاولية اسيتحواذ النيص عليى جمييع جزئييات العقيد‪ ،‬لن اليوازع اليديني‬
‫والتربية النفسية‪ ،‬ل أثر لستحضار المشرع لهما حين صياغته لتلييك القواعييد القانونييية بينمييا‬
‫الشريعة السلمية عبر في ذلك بصيغ عامة تستحضر دائما الييوازع الييديني‪ .‬ومييا ينجييم عنييه‬
‫من صدق في التعامل‪ ،‬علما بأنها لم تذهب مع حسن الظن إلى الحد الييذي تضيييع معييه حقييوق‬
‫الغير‪.‬‬
‫وتتضح المقارنة بين الشريعة السلمية والتشييريعات الوضييعية ميين خلل تنيياول كييل‬
‫منهما للمبادئ التالية والتي ستقتصر على بعض منها ليكون موضوعا لبحثنا وهي كالتي ‪:‬‬
‫‪ -1‬البيع‬
‫‪ -2‬الهبة‬
‫‪ -3‬الوقف‬
‫‪ -4‬الباحة‬
‫‪ -5‬الجارة‬
‫‪ -6‬الوعد بالجائزة‬
‫هذه الوقائع تنشأ عنها حقوق أصبح يطلق عليها اللتزام بمعناه العييام‪ ،‬فهييي منطلييق للحقييوق‪،‬‬
‫ومن ثم فإن التعرض إليها من خلل نظرة أصولية سيمكنها من رصييد السييابقة الفكرييية لنظييم‬
‫الشريعة السلمية‪ ،‬وتأثيرها على كل من التزم بالقيم والخلق من التشريعات الوضعية‪.‬‬
‫كما قلنا في السابق فإننا سنقتصيير علييى بعييض هييذه المبييادئ وهييي الباحيية والجييارة‬
‫والجعاليية وذلييك ميين خلل ثلث فصييول‪ ،‬حاولنييا دراسييتهم دراسيية شيياملة ومستفيضيية قييدر‬
‫المكان‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفصل الول ‪ :‬البـاحـة‬

‫تـمـهـيـد ‪ :‬اسـتـعـمــال‬
‫يستعمل لفظ الباحة في اللغة ثلثيا فيقال ‪ :‬باح بمعنى ظهر‪ ،‬وهو فييي هييذا السييتعمال‬
‫لزم‪ .‬كما يقال باح بسره أظهره فهي بمعنى المتعييدي أبيياح وليسييت متعييديا‪ ،‬ومصييدر الول‪.‬‬
‫البؤح‪ ،‬ومصدر الثاني الباحة‪ ،‬والمباح اسم مفعول من الجابة‪.1‬‬
‫والواقع أن معنييى الباحيية فييي اللغيية أوسييع‪ .‬ففييي لسييان العييرب‪ " 2‬إن البييوح ظهييور‬
‫الشيء‪ ،‬وباح الشيء ظهر‪ ،‬وباح به بوحا وبؤوحا وبؤوحة أظهره‪ ،‬وباح ما كتمت‪ ،‬وبيياح بييه‬
‫صاحبه وباح بسره أظهره‪ ،‬وأبحتك الشيء أحللت لييك‪ ،‬وأبيياح الشيييء أطلقييه والمبيياح خلف‬
‫المحظور‪.‬‬
‫وأما المباح لغة‪ ،‬فهو اسم مفعول من أباح الشيء بمعانيه اللغوييية المختلفيية السييابقة‪ .‬فهييو اسييم‬
‫لكل ما وقعت عليه الباحة بكل معنى من تلك المعاني‪.‬‬
‫وبعد هذا التمهيد الذي تناول التعريف اللغوي للفييظ الباحيية سيينتناول تعريييف الباحيية‬
‫عند الصوليين والفقهاء في )مبحث أول( ثم نتناول تعريف الباحة في القانون‪.‬‬
‫ثم في الخير نقوم بإجراء مقارنة بين الشرع والقانون في مفاهيم الباحة‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬الباحة عند الصوليين وعند الفقهاء‬

‫‪ – 1‬محمد سلم مذكور نظرية الباحة عند الفقهاء ص ‪.31‬‬


‫‪ – 2‬أبي فضل جمال الدين محمد بن المكرم المعروف بييابن منظييور الفريقييي المصييري ج ‪4‬ص ‪ 131‬ط‪.‬‬
‫دار الصاوي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫اااا ‪ :‬ااااااا ااا ااااااااا‬
‫الباحة مأخوذة من أبحتك الشيء بمعنى أحللته لك وأطلقتك فيه‪.‬‬
‫فالصوليون يعرفونها بأنها التخيير بين فعل الشيء وتركه‪ ،‬ويعرفون المباح بييأنه هييو الميير‬
‫الذي خير الشارع بييين فعلييه وتركييه وهييذا مفيياد تعريييف الغزالييي للجييواز الييذي هييو مييرادف‬
‫الباحة عنده إذ يقول ‪ :‬إن الجواز هو التخييير بيين الفعيل واليترك بتسيوية الشيرع‪ .‬وقيد درج‬
‫على اختيار هذا التعريف للباحة المام البيضاوي في المنهاج عند تعريفاته لقسام الحكم بما‬
‫دل على أنها حدود لتلك القسام‪ .‬فالصلة مثل في أول وقتها الموسع‪ ،‬فإن المكلف مخيير بيين‬
‫فعلها وتركها وليست الصلة ول الكفارة مباحة بل واجبة‪.‬‬
‫ولقد وضع المدي تعريفا للمباح إذ قال‪ :‬إن القرب في ذلك أن يقال‪ :‬إن المباح مييا دل الييدليل‬
‫السمعي على خطاب الشارع بييالتخيير فيييه بييين الفعييل والييترك ميين غييير بييدل"‪ .‬والييذي يفيييد‬
‫الباحة عنده على هذا دللة خطاب الشارع على التخيييير بييين فعييل الشيييء وتركييه ميين غييير‬
‫بدل‪.‬‬
‫وقد سلك ابن السبكي في كتابه جمع الجوامع‪1‬مسلكا قريبا ميين هييذا إذا أورد فييي صييدد‬
‫تقسين الخطاب‪ ،‬ما يفيد أن الباحة عبارة عن التخيير بييين فعييل الشيييء وتركييه‪ ،‬وعلييى ذلييك‬
‫فالمباح هو ما دل خطاب الشارع المتعلق بفعل المكلف على التخيير بين فعله وتركه‪.‬‬
‫وعرف الشوكاني في كتابه إرشاد الفحول‪" : 2‬المباح بأنه مييا ل يمييدح علييى فعلييه ول‬
‫على تركه"‪ .‬وهذا ما يفيد أن الباحة وصف في الفعل يوجب عدم المدح على فعله ول تركييه‪.‬‬
‫وقييال الشييوكاني أيضييا‪ " :‬إن المبيياح يطلييق علييى مييا ل ضييرر علييى فيياعله وإن كييان تركييه‬
‫محظورا"‪ .‬فالباحة على هذا تطلق على وصف في الفعييل يييوجب عييدم الضييرر علييى فيياعله‬
‫وإن كان الترك محظورا‪.‬‬
‫وبعد ما أوردناه من تعريفات الصوليين للباحيية والمبياح نتجيه إلييى التعريييف الييذي وضييعه‬
‫المدي لما فيه من استقامة ووضوح وعدم احتياج إلى قيد يبين المراد‪.‬‬
‫ااااا ‪ :‬ااااااا ااا ااااااا‬

‫‪ – 1‬تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي الشافعي ج ‪ 1‬ص ‪ ،5‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ - 2‬المام محمد بن علي بن محمد الشوكاني كتاب إرشاد الفحول ص ‪ ،6‬الطبعة الولى‬

‫‪5‬‬
‫يستعمل الفقهاء لفظ الباحة كثيرا وخاصة الحناف عند الكلم عن الحظر والباحة‪ .‬فالباحة‬
‫عند الفقهاء هي الذن بإتيان الفعل حسب مشيئة الفاعل في حييدود الذن‪ .‬وقييد تطلييق الباحيية‬
‫على ما قابل الحظر‪ ،‬فتشمل الفرض واليجاب والندب‪.‬‬
‫وقد جاء في تعريف للستاذ مصطفى الزرقا بأنها الذن باستهلك الشيء باسييتعماله وهييي ل‬
‫تجعله مملوكا بل هي دون التمليك وقد يكييون هييذا الذن ميين الشييارع‪ ،‬ويكييون فييي السييتيلء‬
‫على المال المباح وهو كل ما خلفه ال لينتفه به الناس على وجه معتاد وليس فييي حيييازة احييد‬
‫مع إمكان حيازة مما يكون في مجرد النتفاع كييالذن فييي النتفيياع بالمسيياجد والطرقييات بمييا‬
‫شرعت له‪.‬‬
‫وكما يكون الذن من ال فإنه قد يكون الذن من الفراد بعضهم مع بعييض سييواء أكييان الذن‬
‫بالعين لرقبتها كمن ينثر النقود في الفراح ويقييدم الطعييام والشييراب للضييياف‪ ،‬وهييذا النييوع‬
‫يرى البعض أنه على ملك صاحبه حتى يتناوله المباح له فيمتلكه بالتناول وذهب آخرون إلييى‬
‫أن المباح له‪ ،‬ل يمتلك المال بتناوله‪ ،‬وإنما يبقى على مليك صياحبه حييتى يسيتهلكه المبياح لييه‬
‫وهو على ملك صاحبه بإذن منه على ما سنبينه في موضعه من البحث‪.‬‬
‫أو كان إذن العباد بعضهم لبعض بمنفعة العين فقييط كميين يييدعوك لركييوب سيييارته أو‬
‫السماع من مذياعه‪ ،‬أو مشاهدة مسرحية عنده أو التفرج بصور في معرضه إلى غير ذلك من‬
‫صور إباحة المنافع‪ ،‬وهذا النوع يتم استحقاقه واستيفاؤه بمجرد النتفيياع لن المنييافع تسييتهلك‬
‫وتنقذي وتزول ساعة فساعة‪.‬‬
‫بقي أن نشير هنا إليى الباحية ليسيت مين قبييل التعاقيد‪ ،‬فهيي ل تحتياج إليى اليجياب‬
‫والقبول وإنما توجد بمجرد وجود الذن القولي أو العملييي كمييا أنييه ل يشييترط فيهييا أن يكييون‬
‫المييأذون لييه معينييا معلومييا للذن وقييت الذن ل بشخصييه ول باسييمه‪ ،‬فميين يضييع الميياء فييي‬
‫الباريق ويضعها على قارعة الطريق‪ ،‬فييإنه يبيييح بييذلك لكييل ميين يميير أن يشييرب منهييا دون‬
‫تعيين للمأذون لهم ل بالسم ول بالوصف‪ ،‬وكييذلك فييإن الباحيية جييائزة كمييا يقييول ابيين حييزم‬
‫الظيياهري فييي المجهييول بخلف العطييية‪ ،‬والهدييية‪ ،‬والصييدقة والعمييرى والرقييبى والحبييس‬
‫وغيره‪ ،‬وذلك كطعييام يييدعى إليييه قييوم يبيياح لهييم أكلييه ول يييدرى كييم يأكييل كييل منهييم‪ ،‬وهييذا‬

‫‪6‬‬
‫منصوص من عهد الرسول )ص( فقييد قييال ‪ :‬ميين شيياء أن يقتطييع إذا نحيير الهييدي‪ ،‬كمييا أميير‬
‫المرسل بالهدي إذا عطب أن ينحره ويخلى بينه وبين الناس‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حقيقة الباحة في القانون‬


‫اااا ‪ :‬اا ااا ااااااا ااااااا‬
‫من تتبع كتابان فقهاء القانون الجنائي واستعمالتهم للفظي الباحة والمباح يجد الباحة‬
‫عندهم تطلق باطلقين‪ ،1‬إباحة أصلية‪ ،‬وإباحة طارئة‪.‬‬
‫أ‪ -‬الباحة الصلية‪ :‬المقصود بالباحة عنييدهم أل ينييص القييانون علييى التحريييم بفعييل‬
‫شيء من الشياء ول إيقاع عقاب عليه‪ .‬وليس لها سبب أكثر ميين عييدم النييص القييانوني علييى‬
‫هذا التحريم كما تفيده قاعدة "ل جريمة ول عقوبة إل بقييانون" فييإنهم يقولييون بنيياء علييى هييذه‬
‫القاعدة‪ :‬إن التجريم والعقاب من عمل المشرع ومصدرهما واحد هو القانون المكتوب‪ ،‬وغيين‬
‫القاضي ل يملك التجريم فيما لييم ييرد نيص بتجريميه‪ ،‬ول المعاقبية عليى أمير فرضييه النييص‬
‫الجنائي دون أن يقرر لمخالفته عقابا‪ ،‬كما يقولون إن القانون هو الحكم فيما هو جائز وما هييو‬
‫ممنوع‪ ،‬فل يفاجأ شخص بعقوبة عن فعل لم يكن هناك قانون سابق بنص على تجريمه‪ .‬فمبدأ‬
‫التجريم وشروطه وتحديد العقوبة وبيييان مقييدارها" كييل ذلييك يييدخل فييي اختصيياص المشييرع‬
‫وليس للقاضي فيه إل التطبيق‪ :‬ومؤدى ذلك أن القياس غير جائز في مجال التجريم‪.‬‬
‫وقاعدة ل جريمة ول عقوبة إل بنص صرحت بمدلولها معظم التشييريعات ولييم تكتييف‬
‫بعضها بالنص عليها في قانون العقوبات بيل سيجلها لهميتهيا فيي الدسيتور كمبيدأ أساسيي ل‬
‫يجوز مخالفته في قانون عادي‪ ،‬على أن هييذه القاعييدة تفضييي إليهييا أصييولها النظييام الطييبيعي‬
‫العام‪.‬‬

‫‪ – 1‬وهبة الزحيلي ‪ :‬الفقه السلمي وأدلة‬

‫‪7‬‬
‫كما أن الغرض الول من مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات هو كفالة حرية الفراد فييي أفعييالهم‬
‫وتصرفاتهم لنه لو ترك أمر التجريم للقاضي لضحى الفراد في حيرة من أمرهم ل يدرون‬
‫بصفة قاطعة ما هو مباح لهم‪.‬‬
‫وما هو محظور عليهم‪ ،‬ولذا فإن المر يتطلب إنذار الفراد مقييدما بمييا يتعرضييون لييه إذا مييا‬
‫صدرت عنهم أعمال أو تصرفات معينة‪ ،‬ففي هذه القاعييدة إذن ضييمان لكفاليية حقييوق الفييراد‬
‫من تعسف السييلطات وصيييانة المصييلحة العاميية إذ يييأمن الفييراد معهييا حريتهييم فييي مباشييرة‬
‫مختلف أوجه النشاط لنها على الباحة الصلية‪ .‬فما لم ينص عليه في القانون الجنائي يعتييبر‬
‫مباحا‪ ،‬فما دام الفعل الذي ارتكب ل يعد جريمة من الناحية القانونية فييإنه ل تنشييأ عنييه سييلطة‬
‫للدولة في معاقبة فاعله‪.‬‬
‫ب‪ -‬الباحة الطارئة‪ :‬الذن بالفعل الذي كان ممنوعا إذا وجد سبب من أسباب الباحيية‬
‫المنصوص عليها في القانون ومن أمثلة ذلك‪ ،‬الدفاع الشرعي‪ ،‬وتنفيييذا أميير الرئيييس إذا كييان‬
‫المنفذ موظفا‪ ،‬فقد يرتكب الشخص فعل محظييورا‪ ،‬ومييع ذلييك ل يعياقب لسييباب مختلفية ميين‬
‫أجلها ل يعد الفعل جريمة‪ ،‬ويدخل في هذا عدم اكتمال العناصر اللزمة لقيام الجريميية‪ ،‬ومييع‬
‫اعتبار الفعل جريمة قد ل يطبق النصر لنه ل يسرى في الوقت أو على المكان الذي وقع فيه‬
‫الفعل وتطبيق النص وتتوافر عناصر المسئولية الجنائية ومع ذلك ل يعاقب لقيام سبب قانوني‬
‫يحول دون العقاب‪.‬‬
‫اا‬ ‫ا اا ا ااا‬ ‫ا اااااا‬ ‫ا ‪ :‬اااا‬ ‫اااا‬
‫ااااااا اااااا‬
‫إذا تتبعنا ما جاء في شروح القانون المدني‪ ،‬وكتب أصول القوانين نجد أن القوانين في‬
‫الصل لم توضيع إل لضيبط علقييات النياس ووضيع أحكيام لهييا‪ ،‬ميع أن الصيل فيي ضييبط‬
‫علقاتهم بعضهم مع بعض ترجع إليى إرادتهيم وميا يتفقيون علييه وليو كيان ذليك مخالفيا لميا‬
‫وضعه القانون الخاص من أحكام‪.‬‬
‫وهذا التفويض الييذي قييرره القييانون لرادة الفييراد فييي تنظيييم عقييود المالييية لييم يمنييع‬
‫المشرع ميين التييدخل فييي تنظيييم هييذه العقييود بقواعييد تشييريعية‪ ،‬وهييذه القواعييد الصييادرة ميين‬
‫المشرع لم تصدر منه في صيييغة الميير والنهييي‪ ،‬وإنميا فييي صييغة البيييان والقيتراح‪ ،‬وهييي‬

‫‪8‬‬
‫قواعييد مقييررة أو مفسييرة أو مكمليية لرادة المتعاقييدين‪ .‬القواعييد القانونييية الييتي تييرد فييي هييذه‬
‫الدوائر ليست قواعد ملزمة لهم إلزاما مطلقا‪ ،‬وإنما يخيرون في اللتزام بهييا أو العييدول عنهييا‬
‫إلى حكم مخالف‪ ،‬غير أنهم إن سكتوا ولم يتفقوا على مييا يخالفهييا كييان ذلييك رضيياء بالحكييام‬
‫إليها‪ ،‬ولذا اعتبرت مكملة لرادة المتعاقدين أو مفسرة لسكوتهم أو مقررة لرادتهم الضمنية‪.‬‬
‫والقانون المدني في المييادة ‪ 147‬ينييص علييى أن العقييد شييريعة المتعاقييدين أي يخضييع‬
‫لرادتهم إل إذا كان التفاق مخالفا للنظام العام والداب م ‪.135‬‬
‫وهذا في جملته يتفق مع معنى الباحة إذ الفييراد مخيييرون فييي تصييرفاتهم حييتى ولييو‬
‫خالفت القانون الموضوعي الخاص دون مسيياس بالنظييام العييام أو الداب ولييذلك سييميت هييذه‬
‫القوانين الخاصة بالقوانين المقررة لنها تسمح لطرفي العقد بحق التحلل منها‪ ،‬والتفاق علييى‬
‫غيرها إذ المقصود من هذا القانون تنظيم العلقات على وجه يمنييع النييزاع والخصييومة‪ ،‬فييإذا‬
‫نظموها بأنفسهم فقد تحقيق المطلييوب وإل فيإذا لييم يتفييق المتعاقيدون عليى تنظييم خياص فهييم‬
‫ملزمون بالخضوع لحكام القانون الخاص‪ .‬ويجوز أن يمتلكه أول واضع يد عليه ‪.‬‬
‫مقارنة بين الشرع والقانون في مفاهيم الباحة‪:‬‬ ‫•‬
‫إذا كان القييانون المييدني قييد جيياءت أحكييامه فييي الغييالب تخييرييية‪ ،‬يبيياح التفيياق علييى‬
‫مخالفتها وتحكيم ما يتفق عليه المتعاقدان من نصوص يييذكرونها‪ .‬إل بالنسييبة للمييواد المتعلقيية‬
‫بالنظام العام‪ ،‬والتي ل يجوز التفاق علييى مخالفتهييا‪ ،‬إذ العقييد شييريعة المتعاقييدين‪ ،‬فييإن الفقييه‬
‫السلمي حدد للناس حدودا في عقودهم لن العقود أسباب جعلية شيرعية للحكيام بمعنيى أن‬
‫العاقد بإرادته يتكون العقد‪ ،‬أما الحكم المتعلق به فهو من جعييل الشييارع وترتيبييه‪ .‬وقييد وضييع‬
‫الشارع حدودا للعقد ولكل ما يشترط الناس في عقودهم‪ ،‬إن التزموها كييانت العقييود صييحيحة‬
‫والشروط ملزمة‪ ،‬وما لم يرد نص يمنعه وحظره من العقود والشروط فالظاهرية ومن تابعهم‬
‫جعلوا الصل الحظر‪ ،‬فل يباح إل ما قام الدليل من الشارع على صحته‪ ،‬بينما يرى فريق من‬
‫فقهاء الحنابلة وبعض الشيعة أن الصل في العقود والشروط الباحة فكل ما يحدثه الناس ميين‬
‫عقود ويتفقون عليه من شروط ولم يكن ورد نص يمنعه فهو على الباحة الصلية‪.‬‬
‫وبييذلك نييرى أن دائرة الباحيية إذن فييي القييانون المييدني أوسييع منهييا فييي دائرة الفقييه‬
‫السلمي‪ ،‬إذ في الول جعل العقد شريعة المتعاقدين ولم يحد من سييلطات المتعاقييدين إل بمييا‬

‫‪9‬‬
‫سن المشرع حماية للنظام العلم‪ ،‬وأما فيما عدا ذلك فقد أباح التفيياق علييى مخالفيية النصييوص‬
‫التي جاء بها القانون نفسه‪ ،‬أما في الفقه السلمي فإنه يعتبر مخالفة ما تتطلب المتعاقدات في‬
‫العود والشروط يجعل العقد غير صحيح أي أنه لم يبح مخالفة مييا نييص عليييه ميين أحكييام فييي‬
‫هذا‪ ،‬فضل عما أشرنا إيه من اختلف الفقهاء فيما لم ينص عليه‪ ،‬هل هو مباح أم محظور‪.‬‬
‫فالشارع الحكيم تولى الشراف في هذه المور فيي دائرة ميا عليم أنيه ل ييترتب عليى‬
‫صل فعله أو تركه نفع أو ضرر‪ ،‬بخلف القانون الييذي يكيياد أن يكييون أطلييق العنييان لهييم فييي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫أما فيما بين نظرة القانون الجنائي ونظرة الفقه السلمي لمفهوم الباحة فإن نظرة كل‬
‫منهما للباحة الصلية ل تكاد تختلف عن النظرة الخرى من جهة ما يتجه كل منهما إليه من‬
‫تخيير الناس بين الفعل والترك‪ ،‬وعدم ترتب ثواب ول عقاب على ذلك‪.‬‬
‫إل أن القانون الجنائي يعتبر كل ما لم ينص على منعه وتجريمه فهييو مبيياح‪ ،‬أميا الفقييه‬
‫السلمي فإن الفعل المباح‪ :‬ما دل الدليل الشرعي على التخيير فيه أو حكم به الحيياكم العييادل‬
‫في حدود قواعد الشرع ومسايرة مصالح الناس‪.‬‬
‫أما المسكوت عنه فهو مباح أيضا بالباحة الصلية‪ ،‬خلفا للمعتزلة الذين يييرون فييي الفعييال‬
‫حسنا وقبحا يدرك بالعقل وتجب مراعاته ولو لم ينص عليه الشارع‪ ،‬إذ حكم الشرع إنما جيياء‬
‫مؤيدا لحكم العقل‪ ،‬على أن المسكوت عنه الذي يرد نص بمنعه وتجريمه قد يكون مأمورا بييه‬
‫لورود الخطاب بذلك‪ ،‬فيثاب المرء على فعله أي ل يقف عند العقاب وعدمه فقط وإنميا يتجيه‬
‫ناحية الجر والثواب وفي هذا تشجيع على المتثال والطاعة‪.‬‬
‫وأما الباحة الطارئة في نظر الفقه الجنائي فهي أشبه بالباحة بييالطلق الثيياني الييذي‬
‫ذكره الشوكاني من الصوليين فإنك ل تستعمل إل في الفعل الذي كان في ذاته غيير مبياح ثيم‬
‫عرض له ما يجعله مباحا‪ ،‬وقد مثل له الشوكاني بإباحة دم المرتد‪ ،‬وقييد مثييل لييه غيييره أيضييا‬
‫بافتداء المرأة من زوجها إن خافا أل يقيما حدود ال‪ .‬ففي الشريعة السلمية أن الفعل في ذاته‬
‫قد يكون غير مباح ثم يعرض له ما يجعله مباحييا كيالمجنى عليييه إذا كيان غييير معصيوم الييدم‬
‫فالقتل أمر محرم في الشرع في كل اعتبار‪ ،‬ولكن إذا وقع من شييخص مييا يقتصييد إباحيية دمييه‬

‫‪10‬‬
‫كالمرتد عن السلم فإنه يكون مباح الدم بالباحة الطارئة‪ ،‬ويصير الفعل بعد أن كان جريميية‬
‫أمرا مباحا‪ .‬سبب إباحة ما طرأ مما جعل الشخص غير محقون الدم‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن الباحة الطارئة في اصطلح شراح القييانون الجنييائي تشييبه ميين‬
‫بعض الوجوه ما أورده الصوليون والفقهاء من الترخيص بأشييياء أصييلها كييان محظييورا ثييم‬
‫رفع الضرر لموجب اقتضى ذلك‪ ،‬سواء رفع ذلك الحظر إلى ما يسمى في عرفهييم إباحيية‪ ،‬أو‬
‫وجوبا‪ ،‬أو ندبا‪ .‬فإن المقصود من ذلك انه ارتفعت المؤاخذة ولم يكن هناك سبيل على الفاعييل‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك شرب الخمر‪ ،‬واكل لحم الميتة لكل من المضطر والمكره‪ ،‬وإتلف مال الغير‪،‬‬
‫ومن ذلك في العبادات إجراء كلميية الكفيير‪ ،‬وتييرك الصييوم للسييفر والمييرض‪ ،‬والكييراه‪ ،‬وقييد‬
‫صرح كل من البزدوى وصاحب كشف السرار على البزدوي بتسمية ذلك مباحا حيث قييال‪:‬‬
‫" وتمام الكراه بأن يجعل عذرا يبيح الفعل" ثم قال صيياحب كشييف السييرار ‪ " :‬فييإن ثبتييت‬
‫الباحة في حال الكراه عرف أن الضطرار قد تحدث وأن الكراه صار ملجئا"‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أساليب الباحة وأقسامها وآثارها‬


‫المطلب الول ‪ :‬أساليب الباحة وأقسامها‬
‫اااااا اااااا ‪ :‬اااااا ااااااا‬
‫المراد بأساليب ما دل عليها وتستفاد علييى منييه سييواء أكييان ذلييك بدلليية لفظييية حديثيية‬
‫كانت أو مجازة‪ ،‬أو كان ذلك بقرينة ميين القيرائن اللعقلييية‪ .‬فأسياليبها متنوعية‪ ،‬وهيذا التنيوع‬
‫وفي جملته مظهر من مظاهر ثروة اللغة العربية وقوة التعبير فيها والدللة علييى أنهييا جييديرة‬
‫أن تكون مجال لجتهاد المجتهدين وتنافسهم في فهم النصوص الشرعية‪.‬‬
‫أول ‪ :‬الباحة والجواز ‪:‬‬
‫اختلف الصوليون والصلة بين الباحة والجييواز‪ ،‬فمنهييم ميين قييال ‪ :‬إن الجييائز يطلييق‬
‫على خمسة معان المباح‪ ،‬وما ل يمتنع شرعا‪ ،‬وما ل يمتنع عقل‪ ،‬أو ما اسييتوى فيييه المييران‬
‫والمشكوك في حكمه ومنهم من أطلقه على المبياح‪ ،‬ومنهيم مين قصيره علييه‪ ،‬فجعيل الجيواز‬
‫مرادفييا للباحيية والفقهيياء يسييتعمل فييي الجييواز فيمييا قابييل الحييرام ‪ ،‬فيحمييل المكييروه وهنيياك‬

‫‪11‬‬
‫استعمال فقهي لكلمة بمعنى الصحة وهي موافقة الفعييل ذي الييوجهين للشييرع‪ ،‬والجييواز بهييذا‬
‫الستعمال حكم وضعي وبالستعمالين السابقين حكم تكليفي‪.‬‬
‫ثــــانيا ‪ :‬الباحة والحل ‪:‬‬
‫الباحة فيها تخيير‪ ،‬أما الحييل فيإنه أعييم ميين ذلييك شييرعا‪ ،‬لنييه يطلييق علييى مييا سييوى‬
‫التحريم‪ ،‬وقد جاء مقابل له في القرآن والسنة‪ ،‬كقوله تعالى " وأحــل الـ الــبيع وحــرم الربــا"‬
‫وقوله ‪" :‬يا أيها النبي لم تحرم ما أحل ال لك" وقوله )ص( " أما إنــي وال ـ ل أحــل حرامــا‬
‫وأحرم حلل"‪ .‬ولما كان الحلل مقابل للحرام شمل ما عييدا ميين المبيياح والمنييدوب والييواجب‬
‫والمكييروه مطلقييا عنييد الجمهييور‪ ،‬وتنزيهييا عنييد أبييي حنيفيية‪ .‬ولهييذا قييد يكييون الشيييء حلل‬
‫ومكروها في آن والحد كالطلق‪ ،‬فإنه مكروه‪ ،‬وإن وصييفه الرسييول)ص( بييانه حلل‪ ،‬وعلييى‬
‫ذلك يكون كل مباح حلل ول عكس‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الباحة والصحة‬
‫الصحة هي موافقة الفعل ذي الوجهين للشيرع ومعنيى كيونه ذا وجهيين أنيه يقييع تيارة‬
‫موافقا للشرع‪ ،‬لشتماله على الشروط التي اعتبرها الشارع‪ ،‬ويقع تارة أخرى مخالفا للشييرع‪.‬‬
‫والباحة التي فيها تخيير بين الفعل والترك مغايرة للصحة وإن كانا من الحكام الشرعية‪ ،‬إل‬
‫أن الباحة حكم تكليفي‪ ،‬والصحة حكم وضعي على رأي الجمهور‪ .‬منهم من يرد الصحة إلييى‬
‫الباحة فيقول ‪ :‬إن الصحة إباحة النتفاع‪ .‬والفعل المباح قد يجتمع مع الفعل الصحيح‪ ،‬فصيوم‬
‫يوم من غير رمضييان مبيياح‪ ،‬أي ميأذون فيييه ميين الشييرع‪ ،‬وهييو صييحيح إن اسييتوفى أركييانه‬
‫وشروطه وقد يكون الفعل مباحا في أصله وغير صحيح لختلل شرطه‪ ،‬كالعقود الفاسدة وقد‬
‫يكون صحيحا غير مباح كالصلة فييي ثييوب مغصييوب إذا اسييتوفت أركانهييا وشييروطها عنييد‬
‫أكثر الئمة‪.‬‬
‫الباحة والتخيير ‪:‬‬
‫الباحة تخيير من الشارع بييين فعييل الشيييء وتركييه‪ ،‬مييع اسييتواء الطرفييين بل يرتييب‬
‫ثواب أو عقاب‪ ،‬أما التخيير فقد يكون على سبيل الباحيية‪ ،‬أي بييين فعييل المبيياح وتركييه‪ ،‬وقييد‬
‫يكون بين الواجبات بعضها وبعض‪ ،‬وهي واجبات ليست على التعيين كما في خصال الكفارة‬
‫في قييوله تعييالى ‪" :‬ل يؤاخــذكم الـ بــاللغو فــي أيمــانكم ولكــن يؤاخــذكم بمــا عقــدتم اليمــان‬

‫‪12‬‬
‫فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمــون أهليكــم أو كســوتهم أو تحريــر رقبــة"‬
‫فإن فعل أي واحد منها يسقط المطالبة‪ ،‬لكن تركها كلها يقتضي الثم‪ .‬وقد يكييون التخيييير بييين‬
‫المنيدوبات كالتنقيل قبيل صييلة العصيير‪ ،‬فالمصييلى مخيير بييين أن يتنقيل بركعييتين أو بيأربع‪.‬‬
‫والمندوب نفسه في مفهومه تخيير بين الفعل والييترك‪ ،‬وإن رجييع جييانب الفعييل‪ ،‬وفيييه ثييواب‪،‬‬
‫بينما التخيير في الباحة ل يرجع فيه جانب على جانب‪ ،‬ول يترتب عليه ثواب ول عقاب‪.‬‬

‫الباحة والعفو ‪:‬‬


‫من العلماء ميين جعييل العفييو الييذي رفعييت فيييه المؤاخييذة‪ ،‬ونفييي فيييه الحييرج‪ ،‬مسيياويا‬
‫للباحة‪ ،‬كما جاء في الحديث "إن ال فرض فرائض فل تضيعوها‪ ،‬وحد حدودا فل تعتدوها‪،‬‬
‫وحرم أشياء فل تنتهكوها وعفا عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فل تبحثوا عنها"‬
‫وهو ما يحل عليه قوله تعالى ‪" :‬ل تسألوا عن أشياء إن تبد لكــم تســؤكم وإن تســألوا‬
‫عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا ال عنها"‪ .‬فما عفا ال عنه لم يكلفنا به فعل أو تركا‪ ،‬ولم‬
‫يرتب عليه مثوبة ول عقابا‪ .‬وهو بهذا مساو للمباح‪.‬‬

‫اااااا ااااااا ‪ :‬ااااا ااااااا‬


‫للجابة تقسيمات شتى باعتبارات مختلفة وقد تقدم أكثرهييا‪ .‬وبقييي الكلم عيين تقسيييمها‬
‫من حيث مصدرها ومن حيث الكلية والجزئية‪.‬‬
‫أول ‪ :‬تقسيمها من حيث مصدرها‬
‫تقسم بهذا العتبار إلى إباحة أصلية‪ ،‬بأل يييرد فيهييا نصيير ميين الشييارع‪ ،‬وبقيييت علييى‬
‫الصل‪ ،‬وقد سبق بيانها وإباحة شرعية‪ :‬بمعنى ورود نصر من الشارع بييالتخيير‪ ،‬وذلييك إمييا‬
‫ابتداء كإباحة الكل والشرب‪ ،‬وإما بعد حكم سابق مخيالف كمييا فييي النسييخ أو الرخييص‪ ،‬وقييد‬
‫سبق‪ .‬على أنه مما ينبغي ملحظتييه أنييه بعييد ورود الشييرع أصييبحت الباحيية الصييلية إباحيية‬
‫شرعية لقوله تعالى ‪" :‬هو الذي خلق لكم ما في الرض جميعا" وقوله ‪" :‬وسخر لكم مــا فــي‬

‫‪13‬‬
‫السماوات وما في الرض جميعا من" فإن هذا النص يييدل علييى أن كييل مييا خلفييه الي يكييون‬
‫مباحا إل ما ورد دليييل يثبييت لييه حكمييا آخيير‪ ،‬علييى خلف وتفضيييل يرجييع إليييه فييي الملحييق‬
‫الصولي‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تقسيمها باعتبار الكلية والجزئية‪:‬‬
‫إباحة للجزء طلييب الكييل علييى جهيية الوجييوب‪ ،‬كالكييل مثل‪ ،‬فيبيياح أكييل نييوع‬ ‫‪-1‬‬
‫وترك آخر مما أذن به الشرع واكن المتناع عن الكل جملة حرام لما يييترتب عليييه ميين‬
‫الهلك‪.‬‬
‫إباحة للجزء مع طلب الكيل عليى جهية النيدب‪ ،‬كيالتمتع بميا فيوق الحاجية مين‬ ‫‪-2‬‬
‫طيبات الكل والشرب‪ ،‬فذلك مباح يجييوز تركييه فييي بعييض الحيييان‪ ،‬ولكيين هييذا التمتييع‬
‫مندوب إليه باعتبار الكل‪ ،‬على معنيى أن تركيه جملية يخيالف ميا نييدب إلييه الشيرع مين‬
‫التحدث بنعمة ال والتوسعة‪ ،‬كما في حييديث " إن الي تعييالى يحييب أن يييرى أثيير نعمتييه‬
‫على عبده‪ ،‬وكما قال عمر بن الخطاب )ض( إذا أوسع ال عليكم فأوسعوا على أنفسكم‪.‬‬
‫إباحة للجزء مع التحريم باعتبار الكل‪ ،‬كالمباحيات الييتي تقييدح المداوميية عليهييا‬ ‫‪-3‬‬
‫في العدالة‪ ،‬كاعتياد الحلف‪ ،‬وشتم الولد فذلك مباح في الصل‪ ،‬لكنه محرم بالعتياد‪.‬‬
‫إباحة للجزء مع الكراهة باعتبار الكل‪ ،‬كاللعب المباح‪ ،‬فإن ذلك وإن كان مباحا‬ ‫‪-4‬‬
‫بالصل إل أن المداومة عليه مكروهة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬آثار الباحة‬


‫إذا ثبتت الباحة ثبت لها من الثار ما يلي‪:‬‬
‫رفع الثم والحرج وذلك ما يدل عليه تعريف الباحة بأنه ل يترتب على الفعييل‬ ‫‪-1‬‬
‫المباح إثم‪.‬‬
‫التمكين من التملك المستقر بالنسبة للعين‪ ،‬والختصاص بالنسبة للمنفعة‪ :‬وذلييك‬ ‫‪-2‬‬
‫لن الباحة طريق لتملك العين المباحة‪ .‬هذا بالنسبة للعين‪ .‬أما بالنسبة للمنفعة المباحيية‬
‫فإن أثر الباحة فيها اختصاص المبيياح لييه بالنتفيياع‪ ،‬وعبييارات الفقهيياء فييي المييذاهب‬
‫المختلفة تتفق في أن تصرف المأذون له في طعام الوليمة قبل وضعه في فمه ل يجوز‬

‫‪14‬‬
‫بغير الكل‪ ،‬إل إذا أذن له صاحب الوليمة أو دل عليه عييرف أو قرينيية‪ .‬وبهييذا تفييارق‬
‫الباحة الهبة والصدقة بأن فيهمييا تمليكييا‪ ،‬كمييا أنهييا تفييارق الوصييية حيييث تكييون هييذه‬
‫مضافة على ما بعد الموت‪ ،‬ولبد فيها من إذن الدائنين والورثة أحيانييا‪ ،‬كمييا لبييد ميين‬
‫صيغة في الوصية‪.‬‬
‫هذه هي آثار الباحة للعيان في إذن العباد‪ .‬أما آثار الباحة للمنافع فإن إباحتها ل تفيد إل‬
‫حل النتفاع فقط‪ ،‬على ما تقدم تفصيييله‪ .‬فحييق النتفيياع المجييد ميين قبيييل الييترخيص بالنتفيياع‬
‫الشخصييي دون المتلك‪ ،‬وملييك المنفعيية فييي اختصيياص حيياجز لحييق المسييتأجر ميين منييافع‬
‫المؤجر‪ ،‬فهو أقوى وأشمل‪ ،‬لن فيه حق النتفاع وزيادة‪ .‬وآثار ذلك قد تقدم الكلم عليها‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الجـارة‬

‫المبحث الول ‪ :‬الجارة وأركانها‬


‫المطلب الول ‪ :‬تعريف الجارة‬
‫الجارة في اللغة اسم للجرة وهي كراء الجير وهي بكسر الهمزة وهو المشييهور وحكييم‬
‫الضم بمعنى المأخوذ وهو عوض العمل ونقل الفتح أيضا‪ ،‬فهي مثلثة‪ ،‬لكن نقل عن المبرد انه‬
‫يقال‪ :‬أجر وآجر إجارا وإيجييارة وعليييه فتكييون مصييدرا وهييذا المعنييى هييو المناسييب للمعنييى‬
‫الصطلحي‪.‬‬
‫وعرفها الفقهاء بأنها عقد معاوضة على تمليك منفعة بعوض‪ .‬ويخص المالكييية غالبييا لفييظ‬
‫الجارة بالعقد على منافع الدمي وما يقبل النتقال غير السفن والحيوان ويطلقون عليى العقيد‬
‫على منافع الراضي والدور والسفن والحيوانيات لفيظ كيراء‪ ،‬فقيالوا الجيارة والكيراء شييء‬
‫واحد في المعنى‪.‬‬
‫الصل في عقد الجارة عند الجمهور اللزوم فل يملك أحد المتعاقدين النفراد بفسخ العقييد‬
‫إل لمقتضى تنفسييخ بييه العقييود اللزميية‪ ،‬ميين ظهييور الغيييب أو ذهيياب محييل اسييتيفاء المنفعيية‬
‫واستدلوا بقوله تعالى‪" :‬أوفــوا بــالعقود" وقييال أبييو حنيفيية وأصييحابه‪ :‬يجييوز للمكييتري فسييخ‬

‫‪15‬‬
‫الجارة للعذر الطارئ علييى المسييتأجر مثييل أن يسييتأجر دكانييا يتجيير فيييه فيحييترق متيياعه أو‬
‫يسرق لن طروء هذا أو أمثاله‪ ،‬يتعذر معه استيفاء المنفعة المعقود عليها‪ ،‬وذلييك قياسييا علييى‬
‫هلك العين المستأجرة‪ ،‬وحكى ابن رشد انه عقد جائز‪.‬‬
‫ومادامت الجارة عقد معاوضة فيجوز للمؤجر استيفاء الجر قبل انتفيياع المسييتأجر علييى‬
‫التفصيل الذي سيرد في موضعه‪.‬‬
‫والصل في عقد الجارة انه مشروع على سبيل الجواز‪ .‬والدليل على ذلك الكتاب والسيينة‬
‫والجماع والمعقول أما الكتاب فمنه قوله تعالى ‪ " :‬فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن"‪.‬‬
‫ومن السنة ما رواه أبو سعيد الجدري رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال ي عليييه وسييلم‬
‫قال‪ ":‬من استأجر أجيرا فليعلمه لجره" وقوله‪" :‬أعطوا الجير أجره قبييل أن يجييف عرقييه"‬
‫وقوله ‪" :‬ثلثة أنا خصمهم يوم القيامة" الحديث وعد منهم رجل استأجر أجيرا فاسييتوفى منييه‬
‫ولم يعطه أجره"‪.‬‬
‫وأما الجماع فإن المة أجمعت على العمل بها منذ عصر الصحابة وإلى الن وأما دليلهييا‬
‫من المعقول فلن الجارة وسيلة للتسيير على الناس في الحصول على ما يبتغونه من المنييافع‬
‫التي ل يملك لهم في أعيانها‪ ،‬فالحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى العيييان‪ ،‬فييالفقير محتيياج إلييى‬
‫مال الغني والغني محتاج إلى عمل الفقير‪ .‬ومراعاة حاجة الناس أصل في شرع العقود‪ .‬وبعييد‬
‫تعريف الجارة لغة واصطلحا وبيان حكمها الشرعي سننتقل إلى توضيح أركان الجارة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أركان عقد الجارة‬


‫يختلف الفقهاء في تعييداد أركييان الجييارة فييالجمهور ذهبييوا علييى أنهييا الصيييغة )اليجيياب‬
‫والقبول(‪ ،‬والعاقدان‪ ،‬والمعقود عليه فأطراف للعقد ومقوماته‪ ،‬فل يقام للعقد إل باجتميياع ذلييك‬
‫كله‪ .‬فالخلف لفظي ل ثمرة له‪.‬‬
‫الــصـيـغـة ‪:‬‬
‫صيغة عقد الجارة ما يتم بها إظهييار إرادة المتعاقييدين ميين لفييظ أو مييا يقييو مقييامه‪ ،‬وذلييك‬
‫بإيجاب يصدره المملك‪ ،‬وقبول يصدره المتملك على ما يرد الجمهور في حييين يييرى الحنفييية‬
‫أن اليجاب ما صدر أول من أحد المتعاقدين والقبول ما صدر بعد ذلك ميين الخيير‪ .‬فالجييارة‬

‫‪16‬‬
‫تنعقد بأي لفظ دال عليها كالستئجار والكتراء والكراء وتنعقد بأعرتك هذه الدار شهرا بكذا‬
‫لن العارية بعوض إجارة‪ .‬كما تنعقد بوهبتك منافعها شهرا بكييذا‪ ،‬وصييالحتك علييى أن تسييكن‬
‫الدار لمدة شهر بكذا‪...‬‬
‫ويشترط في الصيغة أن تكون واضحة الدللة فييي لغيية المتعاقييدين وعرفهمييا‪ ،‬قاطعيية فييي‬
‫الرتبة دون تسويف أو تعليق‪.‬‬
‫الـعــاقـــدان ‪:‬‬
‫ميين أركييان عقييد الجييارة عنييد غييير الحنفييية العاقييدان –المييؤجر والمسييتأجر – والحنفييية‬
‫يعتبرونها من أطراف العقد ل من أركانه‪.‬‬
‫ويشترط فيهما لنعقاد العقد‪ ،‬فل تنعقد الجارة من المجنون ول من الصبي الييذي ل يميييز‬
‫فل خلف في أنها ل تنعقد إل من جائز‪.‬‬
‫التصرف في المال‪ .‬ويشترط في العاقدين للصييحة أن يقييع بينهمييا عيين تييراض‪ ،‬فييإذا وقييع‬
‫العقد مشوبا بإكراه فإنه يفسد‪ ،‬كما يشترط في العاقدين للصحة أن يقع بينهما عن تراض‪ ،‬فييإذا‬
‫وقع العقد مشوبا بإكراه فإنه يفسد‪ .‬كما يشترط الشيافعية والحنابلية ومين معهيم للصيحة وليية‬
‫إنشاء العقد‪ ،‬فعقد الفضولي يعتبر عندهم فاسدا‪ ،‬ويشترط في العاقدي للنفاذ عند أبي حنيفيية أل‬
‫يكون العاقد مرتييدا إن كييان رجل‪ ،‬لنييه يييرى أن تصييرفاته تكييون موقوفيية‪ ،‬بينمييا الصيياحبان‬
‫وجمهور الفقهاء ل يشترطون ذلك لن تصرفات المرتد عندهم نافذة‪ .‬كما يشترط عند الحنفية‬
‫والمالكية الذين يرون أن الولية شرط للنفاذ‪ ،‬بينما يرى آخرون أنها شرط للصحة‪.‬‬
‫مـحـل الجـــارة‪:‬‬
‫الكلم هنا يتناول بمنفعة العين المؤجرة والجرة‪.‬‬
‫أول منفعة العين المؤجرة‬
‫المعقود عليه في الجارة عند الحنفييية هيو المنفعية‪ ،‬وهيي تختلييف بيياختلف محلهييا وعنيد‬
‫المالكية والشافعية أن المعقود عليييه إمييا إجييارة منييافع أعيييان‪ ،‬وإمييا إجييارة منييافع فييي الذميية‪،‬‬
‫واشترطوا في إجارة الذمة تعجيل النقد‪ ،‬للخروج من الدين بالدين‪ .‬وعنيد الحنابلية محيل العقيد‬
‫أحد ثلثيية‪ :‬الول ‪ :‬إجييارة عمييل فييي الذميية فييي محييل معييين أو موصييوف‪ .‬وجعلييوه نييوعين‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫استئجار العامل مدة لعمل بعينه‪ ،‬واستئجاره على عمل معين في الذمة كخياطيية ثييوب ورعييي‬
‫غنم‪ .‬الثاني ‪ :‬إجارة عين موصوفة في الذمة‪ .‬الثالث‪ :‬إجارة عين معينة لمدة محددة‪.‬‬
‫الجــــرة ‪:‬‬
‫الجرة هي ما يلتزم به المستأجر عوضييا عيين المنفعيية الييتي يتملكهييا‪ .‬وكييل مييا يصييلح أن‬
‫يكون ثمنا في البيع يصلح أن يكون أجرة في الجارة وقال الجمهور‪ :‬أنه يشييترط فييي الجييرة‬
‫ما يشترط في الثميين‪ .‬ويجييب العلييم بييالجر لقييول النييبي )ص( " ميين اسييتأجر أجيييرا فليعلمييه‬
‫أجره"‪ ،‬وإن كان الجر مما يثبت دينا في الذميية كالييدراهم والييدنانير والمكيلت والموزونييات‬
‫والمعدودات المتقاربة فلبد من بيان نسبه ونوعه وصفته وقدره‪ .‬ولو كييان فييي الجيير جهاليية‬
‫مفضية للنزاع فسد العقد‪ ،‬فإن استوفيت المنفعة في أجر المثل وهو ما يقدره أهل الخبرة‪.‬‬
‫وجوز الجمهور أن تكون الجرة منفعة من جنس المعقود عليه‪ .‬يقول الشيييرازي‪ :‬ويجييوز‬
‫إجازة المنافع من جنسها ومن غير جنسها‪ ،‬لن المنيافع فيي الجيارة كالعييان فيي اليبيع‪ .‬ثيم‬
‫العيان يجوز بيع بعضها ببعيض فكييذلك المنييافع‪ .‬ويقيول ابين رشييد‪ :‬أجيياز ماليك إجييارة دار‬
‫بسكنى دار أخرى‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬ا نقضاء عقد الجارة‬


‫اتفق الفقهيياء علييى أن الجييارة تنتهييي بانتهيياء المييدة‪ ،‬أو بهلك المعقييود عليييه المعييين‪ ،‬أو‬
‫بالقالة‪ .‬وذهب الحنفية إلى أنها تنقضي أيضا بموت أحد المتعاقدين‪ ،‬أو حدوث عذر يمنع ميين‬
‫النتفاع بالعين المستأجرة‪ ،‬وذلك بناء على أنهم يرون أن الصل في الجرة أنها تتجدد بتجدد‬
‫المنفعة‪ .‬وذهبت المذاهب الخرى إلى عدم انقضاء الجارة بهذه المور بناء على أنهم يييرون‬
‫أن الجرة تثبت بالعقد‪ ،‬كالثمن يثبت بنف البيع‪ .‬وسنفصل ذلك على الشكل التي‪:‬‬
‫أول ‪ :‬انقضاء المدة‬
‫إذا كانت الجارة محددة المدة‪ ،‬وانتهت هذه المدة‪ ،‬فإن الجارة تنتهي بل خلف‪ .‬غير أنييه‬
‫قييد يوجييد عييذر يقتضييي امتييداد المييدة‪ ،‬كييأن تكييون أرضييا زراعييية‪ ،‬وفييي الرض زرع لييم‬
‫يستحصد‪ ،‬أو كانت سفينة في البحر‪ ،‬أو طائرة في الجييو‪ ،‬وانقضييت الميدة قبيل الوصييول إليى‬

‫‪18‬‬
‫الرض‪ .‬وإذا كانت الجارة غير محددة المدة‪ ،‬كأن يؤجر له الدار مشاهرة كل شهر بكذا دون‬
‫بيان عدد الشهر‪ ،‬فإن لكل ذلك أحكاما مفصلة سيأتي ذكرها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬انقضاء الجارة بالقالة‬
‫كما أن القالة جائزة في البيع‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬من أقال نادما بيعتييه أقييال ال ي‬
‫عثرته يوم القيامة" فهو كذلك جائزة في الجارة‪ ،‬لن الجارة بيع منافع‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬انقضاء الجارة بهلك المأجور‬
‫تفسخ الجارة بسبب هلك العين المسيتأجرة بحييث تفيوت المنيافع المقصيودة منهيا كليية‪،‬‬
‫كالسفينة إذا انقضت وصارت ألواحا‪ ،‬أو الدار إذا انهدمت وصارت أنقاضا‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬انفساخ الجارة بالموت‬
‫سييبق أن ذكيير أن الحنفييية العاقييدين للييذين يعقييدان لنفسيييهما‪ ،‬كمييا تنقضييي بمييوت أحييد‬
‫المسيتأجرين أو أحيد الميؤجرين فيي حصيته فقيط‪ .‬ورجيع الزليعيي اليرأي الول‪ .‬وقيال‪ :‬لن‬
‫الشروط يراعى وجودها في البتداء دون البقاء‪ .‬وعلل لنفساخ الجارة بييالموت‪ ،‬فقييال ‪ :‬لن‬
‫العقد ينعقد ساعة فساعة بحسب حدوث المنافع‪ ،‬فإذا مات المؤجر فالمنافع التي تستحق بالعقييد‬
‫هي التي تحدث على ملكه‪ ،‬فلم يكن هو عاقدا ول راضيا بها‪ .‬وإن مات المستأجر فغن المنفعة‬
‫ل تورث‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬الـجـعـالــة‬

‫المبحث الول ‪ :‬الجعالة ومشروعيتها‬


‫الجعالة أو الجعل أو الجعلية لغيية‪ :‬هييي مييا يجعييل للنسييان علييى فعييل شيييء أو مييا يعطيياه‬
‫النسان على أمر يفعله‪ .‬وتسمد عند القانونيين‪ :‬الوعد بالجائزة أي المكافأة أو الجعل أو الجر‬
‫المعين‪ .‬فهي عقد أو التزام بإرادة منفردة‪.‬‬
‫وشرعا ‪ :‬التزام عوض معلوم على عمل معين أو مجهول‪ ،‬عسر علمه‪.‬‬
‫وعرفها المالكية‪ ،1‬كما جاء في كتابه بداية المجتهد لبن رشد‪ :2‬بأنها الجييارة علييى منفعيية‬
‫مظنون حصولها‪ ،‬مثل قول القائل‪ :‬من رد علي دابتي الشاردة أو متاعي الضائع‪ ،‬أو بنييي لييي‬
‫هذا الحائط أو حفر لي هذا البئر حتى يصل إلى الماء‪ ،‬أو خاط لي قميصا أو ثوبا فله كذا‪.‬‬
‫ومنها ما يخصص من المكافآة لوائل الناجحين أو المتسابقين فيما يحل فيييه السييباق أو مييا‬
‫يلتزمه القائد من مبلغ معين أو سهم من الغنيمة لمن يقتحم حصيينا للعييدو‪ ،‬أو يسييقط عييددا ميين‬
‫الطائرات‪ .‬ومنها اللتزام بمبلغ مالي لطبيب يشفي مريضا من مرض معييين‪ ،‬أو لمعلييم يحفييظ‬
‫ابنه القرآن‪.‬‬
‫ويمثل الفقهاء عادة بحالة رد الدابة الضالة )الضائعة‪ ،‬والعبد البق )الهارب((‪.‬‬

‫‪ – 1‬مغني المحتاج ‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪.429‬‬


‫‪ – 2‬بداية المجتهد ج ‪ 2‬ص ‪232‬‬

‫‪20‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مشروعية الجعالة‬
‫ل تجوز الجعالة عند الحنفية‪ 3‬لما فيها من الغرر أي جهالة العمل والمدة قياسا علييى سييائر‬
‫الجارات التي يشترط لها معلومييية العمييل والمييأجور والجييرة والمييدة‪ .‬وغنمييا أجييازوا فقييط‬
‫استحسانا دفع الجعل لمن يرد العبد البق‪4‬أي الهارب من مستأجره أو الوصي عليييه‪ ،‬ولييو بل‬
‫شرط‪ ،‬من مسيرة ثلثة أيام فصاعدا‪ ،‬ومقدار الجعل أربعييون درهمييا‪ ،‬تغطييية للنفقيية فييي مييدة‬
‫السفر‪ .‬وإن رده لقل من ذلييك المقييدار‪ ،‬فبحسييابه‪ ،‬اعتبييار القييل بييالكثر‪ ،‬فييإذا رده مثل ميين‬
‫مسافة يومين فله ثلثاها‪ ،‬ومن يوم ثلثها‪ ،‬ومن رده من أقل منه‪ ،‬أو وجده في البلييد يرضييخ لييه‪،‬‬
‫أي يعطي بنسبة عمله‪ .‬وسبب استحقاق الجعل‪ :‬هو أخذ البييق لصيياحبه‪ ،‬فييدفع الجعييل طريييق‬
‫للمالك لصيانة ماله‪.‬‬
‫وتجوز الجعالة شرعا عند المالكية كما جاء في كتاب بداية المجتهد لبن رشد بييدليل قييوله‬
‫تعالى في قصة يوسف مع إخوته‪" :‬قالوا‪ :‬تفقد صواع الملك‪ ،‬ولمن جاء به حمل بعيــر‪ ،‬وأنــا‬
‫به زعيم"‪ 1‬أي كفيل‪ .‬وبييدليل مييا جيياء فييي السيينة ميين أخييذ الجييرة علييى الرقييية بالفاتحيية )أم‬
‫القرآن(‪ ،‬وهو ما رواه الجماعة إل النسييائي عيين أبييي سييعيد الخييدري‪ :‬أن ناسييا ميين أصييحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أتوا حيا من أحياء العرب‪ ،‬فلم يقروهم )يضيفوهم(‪ ،‬فبينما هييم‬
‫كذلك إذ لدغ سييد أولئك‪ ،‬فقيالوا ‪:‬هيل فيكيم راق؟ فقيالوا‪ :‬ليم تقرونيا‪ ،‬فل نفعيل أو تجعليوا لنيا‬
‫جعل‪ ،‬فجعلوا لهم قطيع شاء‪ ،‬فجعل رجل يقرأ بأم القرآن‪ ،‬ويجمع بزاق ويتفل‪ ،‬فييبرأ الرجييل‪،‬‬
‫فأتوهم بالشاء‪ ،‬فقالوا ل تأخذها حتى نسأل رسول ال صلى ال عليه وسلم فسييألوا رسييول الي‬
‫)ص( عن ذلك‪ ،‬فضحك‪ ،‬وقال‪" :‬وما أدراك‪ ،‬إنها رقية‪ ،‬خذوها واضربوا لي فيها بسهم"‪.‬‬
‫والمعقول يؤيد ذلك‪ :‬وهو أن الحاجة تدعو إلى الجعاليية‪ ،‬ميين رد ضييالة‪ ،‬وآبييق‪ ،‬وعمييل ل‬
‫يقدر عليه صاحبه‪ ،‬فجاز بذلك الجعل‪ ،‬كالجارة والمضيياربة‪ ،‬إل أن جهاليية العمييل والمييدة ل‬
‫تضر بخلف الجييارة‪ ،‬لن الجعاليية غييير لزميية والجييارة لزميية وتفتقيير إلييى تعيييين المييدة‬
‫لمعرفة قدر المنفعة‪ ،‬ولن الجعالة رخصة اتفاقا لما فيها من الجهالة‪ ،‬وأجيييزت لذن الشييارع‬
‫بها‪.‬‬

‫‪ – 3‬الدر المختار ‪3/243 :‬‬


‫‪ – 4‬الباق ‪ :‬انطلق العبد تمرد من مستأجره‬
‫‪ – 1‬سورة يوسف الية ‪.12‬‬

‫‪21‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الجعالة أساليبها وشروطها‬
‫المطلب الول ‪ :‬صيغة الجعالة‬
‫الجعالة التزام بيإرادة واحيدة فل تتحقييق إل بصييغة ميين الجاعيل ميين الصيييغ السييابقة فيي‬
‫تعريفها ونحوها‪ ،‬تدل على إذن بالعمل بطلب صريح‪ ،‬بعوض معلوم مقصود عادة ملتزم بييه‪،‬‬
‫فلو عمل العامل بل إذن‪ ،‬أو أذن الجاعل لشخص‪ ،‬فعمل غيره‪ ،‬فل شيء له‪ ،‬لن الول عميير‬
‫متبرعا‪ ،‬والشخص المعين في الحالية الثانيية ليم يعميل ول يشيترط فيي الجاعيل كيونه مالكيا‪،‬‬
‫فيصح لغيره أن يلتزم بجعل ويستحقه العامل الذي رد الشيء‪.‬‬
‫كما ل يشترط قبول العامل‪ ،‬وإن عينه الجاعل‪ ،‬لن الجعالة التزام ميين جييانب واحييد‪ ،‬كمييا‬
‫أوضحت ويصح أن تكون الجعالة لواحد معين‪ ،‬أو لغير معين‪ ،‬كمييا يصييح أن يجعييل الجاعييل‬
‫للمعين عوضا ولسائر الناس عوضا آخر‪.‬‬
‫وتفترق الجعالة عيين الجيارة عليى عميل معليوم كبنياء وخياطية ثييوب وحمييل شييء إلييى‬
‫موضوع معلوم من نواح أربعة وهي‪:‬‬
‫أول ‪ :‬ل يتم استيفاء المنفعة للجاعل إل بتمام العمل كرد الشارد وبييرء المريييض‪ .‬أمييا فييي‬
‫الجارة فيتم استيفاء المنفعة للمسييتأجر بمقييدار مييا عمييل الجييير‪ .‬وبعبييارة أخييرى‪ :‬ل تتحقييق‬
‫المنفعة في الجعالة إل بتمييام العمييل‪ ،‬أمييا فييي الجييارة فتتحقييق المنفعيية للمسييتأجر بجييزء ميين‬
‫العمل‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬ل يستحق العامل في الجعالة شيئا إل بتمام العمييل‪ .‬وإذا عمييل الجييير فييي‬
‫الجارة بعض العمل استحق من الجر بحساب )أو مقدار( ما عمل‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إن الجعالة عقد يحتمل فيها الغرر‪ ،‬وتجييوز جهاليية العمييل والمييدة بخلف الجييارة‬
‫فالعمل في الجعالة قد يكون معلوما‪ ،‬أو مجهيول غيير معليوم‪ ،‬كيرد بهيمية ضيالة‪ ،‬وحفير بئر‬
‫حتى يخرج منها الماء‪ ،‬وكما تصح الجعالة على عمل مجهول أو معلوم‪ ،‬تصييح جهاليية المييدة‪.‬‬
‫أما الجارة فلبد من أن يكون العمل فيها معلوما كالخياطة والبناء والمدة معلومة‪ .‬وإذا قدرت‬
‫الجارة بمدة لزم الجير العمل في جميع المدة‪ ،‬ول يلزمه العمييل بعييدها‪ .‬أمييا الجعاليية فييالمهم‬
‫فيها إنجاز العمل دون تقيد بالمدة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ل يجوز اشتراط تقديم الجرة في الجعالة بخلف الجارة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫رابعا‪ :‬الجعالة عقيد جيائز غيير لزم فيجيوز فسيخه‪ ،‬بخلف الجييارة‪ ،‬فإنهيا عقيد لزم ل‬
‫يفسخ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط الجعالة‬


‫يشترط في الجعالة ما يأتي‪: 1‬‬
‫أول ‪ :‬أهلية التعاقد‪:‬‬
‫يشترط عند الشافعية والحنابلة في الجاعل مالكا كان أو غيييره أن يكييون مطلييق التصييرف‬
‫)بالغا‪ ،‬عاقل‪ ،‬رشيدا(‪ ،‬فل يصح من صبي ومجنون ومحجور سفه‪ .‬وأمييا العامييل ‪ :‬فييإن كييان‬
‫معينا اشترط فيه أهلية العمل‪ ،‬فل يصح كونه عاجزا عن العمل كصغير ل يقييدر علييى العمييل‬
‫لن منفعته محدودة‪ .‬وإن كان غير معين مبهما كفى علمه بإعلن النداء على الجعييل‪ .‬وتصييح‬
‫الجعالة عند المالكية والحنفية من المميز وأما التكليف فهو شرط لزوم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬كون الجعل )أو الجرة( مال معلوما‪.‬‬
‫فإن كان الجعل مجهول فسد العقد لجهالة العوض‪ ،‬مثل من وجد سيارتي فله ثوب ونحره‪،‬‬
‫ويكون للواجد )الراد( أجرة مثله‪ ،‬كالجارة الفاسدة‪.‬‬
‫وإن كان الجعل حراما كخمر أو مغصوب‪ ،‬فسد العقد أيضييا لنجاسيية عييين الخميير‪ ،‬وعييدم‬
‫القدرة على تسليم المغصوب‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن تكون المنفعة معلومة حقيقة‪ ،‬مباحا النتفاع بها شرعا‪ ،‬فل تجوز الجعاليية علييى‬
‫إخراج الجن من شخص‪ ،‬ول على حل سحر مثل لنه يتعذر معرفة كييون الجيين خييرج أم ل‪،‬‬
‫أو انحل السحر أم ل‪ ،‬كما ل تجوز الجعالة على ما يحرم نفعه كالغناء والزم والنييواح وسييائر‬
‫المحرمات‪ .‬والقاعدة في ذلك‪ :‬أن كل ما جاز أخذ العوض عليه في الجارة‪ .‬جاز أخذ العوض‬
‫عليه في الجعالة وما ل يجوز أخذ العوض عليه في الجارة‪ ،‬ل يجوز أخذ الجعل عليه‪ ،‬لقوله‬

‫‪ – 1‬القوانين الفقهية ص ‪.286‬‬

‫‪23‬‬
‫تعالى ‪" :‬ول تعاونوا على الثم والعدوان" ]المائدة ‪ .[5/2‬وأضاف المالكية‪" :‬كل ما جاز فيه‬
‫الجعل كحفر البار في فلة‪ ،‬جازت فيه الجارة‪ ،‬ل العكس‪ ،‬فليس كل ما جازت فيه الجارة‪،‬‬
‫جاز فيه الجعل" مثل بيع سلع‪ 2‬وخدمة شهر‪ ،‬فالجارة أعم ميين ناحييية المحييل المعقييود عليييه‪،‬‬
‫والسبب في عدم صحة الجعالة فيما ذكير‪ :‬أن الجعاليية تكيون فيميا ل يحصيل للجاعيل نفييع إل‬
‫بتمام العمل‪ ،‬وهذه المور يبقى فيها للجاعل منفعة إذا لم يتم العامل العمل‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬اشترط المالكية أل يحدد للجعالة أجل‪ ،‬وقال غيرهم ‪ :‬يصح الجمع بين تقييدير المييدة‬
‫والعمل‪ ،‬مثل من خاط لي هذا الثوب في يوم فله كذا‪ ،‬فإن أتى به في المدة استحق الجعييل ولييم‬
‫يلزمه شيء آخر‪ ،‬وإن لم يف به فيها فل يلزمه شيء له‪ ،‬وذلك بخلف الجارة‪.‬‬
‫وأضاف بعض المالكية )القاضي عبد الوهاب خلفا لبيين رشييد( شييرطا خامسييا‪ :‬وهييو أن‬
‫تكون الجعالة في العمل اليسير‪ ،‬ولو كان متعددا كإبييل كييثيرة شييردت‪ .‬واشييترط المالكييية كمييا‬
‫تقدم عدم شرط النقد للجعل‪ ،‬فإن شرط النقد يفسدها‪ ،‬لنه سييلف جيير نفعييا بطريييق الحتمييال‪،‬‬
‫وأما تعجيل الجعل بل شرط فل يفسدها‪.‬‬

‫‪ – 2‬بيع سلع من ثياب أو إبل إذا لم يأخذ العامل الجعل إل على بيع الجميع لن تعدد السلع بمثابة عقود‬
‫متعددة يستحق الجعل في كل سلعة‬

‫‪24‬‬
‫لئحة المراجع‬

‫وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه السلمي وأدلته‪ ،‬الجزء الخامس‪.‬‬


‫محمد سلم مذكور‪ ،‬نظرية الباحة عند الفقهاء‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫المام محمد بن علي بن محمد الشوكاني‪ ،‬كتاب إرشاد الفحول‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أبي فضل جمال الدين محمد بن مكرم المعروف بأبي منظور الفريقي‪ ،‬الجزء‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ 4‬طبعة دار الصاوي‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫القانونية‬ ‫العلوم‬ ‫كلية‬ ‫جامعة الحسن الول‬
‫والقتصادية والجتماعية بسطات‬

‫وحدة التكوين والبحث قانون العمال‬


‫مادة فـقـه الـمـعـامـلت‬

‫عرض في مـوضوع‪:‬‬

‫الستاذ المشرف‪:‬‬ ‫للطلبة الباحثين‪:‬‬


‫* د‪ /‬شبيهنا الحمداتي‬ ‫ميمونة حامد‬ ‫•‬
‫مريم خليفة‬ ‫•‬
‫نبيل أبو مسلم‬ ‫•‬

‫‪26‬‬
‫عبد المجيد بن جلون‬ ‫•‬

‫السنة الجامعة ‪2006/2007 :‬‬

‫‪27‬‬

You might also like