Professional Documents
Culture Documents
1
جمعية الملتقى الفريقى
رئيس مجلس الدارة
أ.د .السيد على أحمد فليفل
رئيس التحرير
د .أحمد يوسف القرعى
مدير التحرير
ناصر فرغل
هيئة التحرير
أ.د .محمود أبو العينين
أ.د .فرج عبدالفتاح
د .صبحى قنصوة
د .هويدا عبدالعظيم
د .أحمد ابراهيم
د .أيمن السيد عبدالوهاب
أ .أيمن شبانة
2
الموضوعات النمطية السائدة .لذا فإن صعوبة الورقة ل تتمثل فى أن تاريخ التغذية فى
جملته هو صيحة جديدة ً واتجاها ً حديثا ً تماما ً فى مجال الدراسات التاريخية فقط .بل فى
اقتران موضوعها بالمرأة ومواجهتها لتلك المشكلة عبر تاريخ افريقيا الحديث ،فالكتابات
عن تاريخ المرأة الفريقية قليلة للغاية .لذا كان لبد من إعادة النظر والتركيز على
المتروك والمهجور وغير المطروق فى المصادر والمراجع ليكون بمثابة العمود الفقرى
للدراسة .ومن ثم تأتى ورقتنا هذه ،ليست فريدة فى نوعيتها فقط ،بل وفى اهتماماتها
أيضا .لذا سنقسم الدراسة إلى ثلثة محاور رئيسة :أولها ،الغذاء ومشكلته فى عصر ما
قبل الستعمار .ثانيها ،مواجهة المرأة الفريقية للمشكلة الغذائية فى عصر ما قبل
الستعمار .ثالثها ،مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى العصر الستعمارى.
ل -الغذاء ومشكلته فى عصر ما قبل الستعمار -: أو ً
لبد لنا قبل أن نستعرض مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى عصر ما قبل
الستعمار أن نستوثق من مسألة وجود أو عدم وجود مشكلة الغذاء ذاتها .فلقد تباينت
وجهات النظر بخصوص مسألة الغذاء فى القارة الفريقية فى تلك الفترة .فمنها ما
رَاها فترة ً جادت فيها الطبيعة بكل خيراتها .ومنها ما رَاها قحطا ً ومشكلة عويصة ،ضنت
فيها الطبيعة وبخلت بجل خيراتها .لذا فإن تفاصيل مواجهة المرأة وأهمية دورها ل تفهم
إل بعد إيضاح تلك الختلفات الحادثة بشأن مسألة الغذاء ،والتى نجملها حول رأيين
مهمين:
الرأى الول -عدم وجود مشكلة غذائية؛ وينطلق هذا الرأى من أن اقتصاديات
أوربا وافريقيا كانت -فى الوقت الذى وصل فيه كريستوفر كولمبس إلى امريكا سنة
-1492غير نامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى .فالصناعة فى أوروبا وافريقيا كانت
ل تزال فى مرحلة حرفية ،وظلت الزراعة فى مرحلة ما قبل الرأسمالية .ولم تتباعد
المسافات بين اقتصاديات القارتين إل بحلول العقود الوسطى من القرن التاسع
عشر) .(1وهذا يعنى بأن افريقيا كانت على القل ندا ً لوربا فى مستويات المعيشة خلل
القرنيين السادس عشر والسابع عشر.
وهناك اسطورتان روجتهما الكتابات الغربية تدعمان هذا الرأى :أولهما ،اسطورة
افريقيا البدائية ،التى تصور قاطنى القارة على أنهم أقرب إلى الهمج ،ولترى لهم
فضل ً قدموه فى خلق أطر ثابتة للحصول على الغذاء .فهم ما إل مجموعات من البشر
السذج البلداء وأنصاف الشياطين وأنصاف الطفال .وبالتالى فإن الطبيعة هى التى كان
لها كل الفضل الكبر فى توفير الغذاء لهؤلء الكسالى .ثانيهما ،اسطورة افريقيا
المرحة ،التى ترى أن عصر ما قبل الستعمار كان عصرا ً ذهبيا ً نعمت فيه أجيال من
الفارقة بحياة ملئمة ،حيث كانت وسائل كسب الرزق ميسورة ،لن الموارد الغذائية
كن السكان من التركيز على الستمتاع تنمو تلقائية وبوفرة .وهذا الحظ السعيد م ً
بأوقات الفراغ وقضاء الوقت فى قرع الطبول .وبالتالى لم تكن هناك أدنى مشكلة
)(2
غذائية تواجه الفريقيين فى هذا الطار .وبالغ البعض بالقول بأن الطبيعة -رغم قسوتها
-وفرت لهم الغذاء ،مما جعل الكسل أبرز صفاتهم ،فأدى هذا المر إلى تراكم الثروة
دون الستفادة بها إلى الحد الذى يكفل لهلها مستوى اجتماعيا ً راقيا ً).(3وبالطبع ل يمكن
القطع بأن السطورتين السابقتين تنطبقان على كل افريقيا ،فإذا كان يمكن تصديق
هذه القوال على منطقة الغابات ،فإنه ل يمكن تعميم ذلك على بقية القارة الفريقية.
فهناك كثير من الدلئل تشير بأن الفريقيين كانوا يبدون عناية خاصة بطعامهم .فما
أشار إليه ابن بطوطة حينما تحدث عن مدينة كوكو – إحدى مدن السودان الغربى -
بقوله بأنها تنتج الفقوس العنابى والملوخية البرية والثوم والكرنب والباذنجان ،كما يكثر
عندهم نبات القرعة ،فيستعملونه فى غذائهم ويصنعون منه أوانى يزينونها ) ،(4يدلل
على أن الفريقيين ليس لهم دور فى انتاج الغذاء فقط ،بل فى تصنيفه للعديد من
الشكال أيضًا .ورغم وفرة الغذاء إل أنه لم يكن يروق للرحالة أحيانًا .فمع أن الذرة
المجروشة المخلوطة بالصلصات ،وتلك المخلوطة بالعسل واللبن هى أكثر الوجبات
3
انتشارا ً فى السودان الغربى ،وتعد أشهى الطعمة من وجهة نظرهم ،إل أنها لم تعجب
ابن بطوطة المتأنق فى مأكله ،فلم يستسغ طعمها).(5وإذا كانت وفرة الطعام ل تعد
مؤشرا ً على أن التغذية المتوفرة سليمة ومستساغة ،إل أن عدم استساغتها من قبل
بعض الرحالة ل يدلل على وجود مشكلة غذائية ،فالفروق الثقافية تلعب دورا ً هاما ً فى
عملية قبول أو رفض الطعام .ورغم أن المناطق الفريقية ليست متشابهة غذائيًا ،إل أن
الفارقة كانوا مع حلول القرن 15قد توصلوا فى كل مكان عبر القارة إلى فهم ل بأس
به بعلقة بين الكائنات الحية وبيئتها ،خصوصا ً ما يتعلق بالتربة والمناخ والحيوانات
والنباتات .بل كانت الزراعة هى النشاط السائد بشكل ساحق خلل القرون السابقة
على الصلة بالوربيين .وأهم تطور ُرصد فى هذا التجاه تمثل فى إدخال الدوات
الجديدة ) الفأس ( بدل ً من الدوات الخشبية ) .(6وأن بعض المناطق أهتمت بتربية
الماشية من أجل اللحوم واللبان .ومن ثم فإن تجارة الغذاء الحيوانية – خصوصا ً
الماشية -سبقت مجئ الوربيين فى القرن الخامس عشر .لهذا لم تكن الماشية مجرد
وسيلة لكسب المال من خلل بيع اللبن والسماد للمجتمعات الزراعية ،بل عدت
استثمارا ً طويل الجل .ومع ذلك ُأعتبرت استثمارا ً يمكن فقده بسهوله بسبب المرض.
كما حدث فى أواخر القرن التاسع عشر عندما أدى طاعون الماشية إلى هلك القطعان
فى أجزاء كثيرة من القارة ) .(7وطبقا لهذا الرأى كانت الحالة الغذائية فى افريقيا خلل
تلك الفترة جيدة للغاية.
والعلة التى قدمها أنصار هذا الرأى للرد على حجة معارضيهم ،بأن القزام هم خير
دليل على وجود مشكلة غذائية -بأن قزامة القزام وراثية ،إذ أن بيئتهم داخل الشريط
المحصور بين خطى عرض 4°شمال ً و 5°جنوبا تعد أغنى وأزخر البيئات التى تجود
بالغذاء من بيئة جيرانهم الزراع طوال القامة .وأن عضلتهم أكثر تماسكًا ،كما أن بنيتهم
مكتنزة بالنسبة لرتفاع القامة) .(8وتركيز هؤلء على علة العامل الوراثى فى وجود
القزام فى افريقيا ،يدلل على محاولتهم لتحييد البيئة ،باعتبار أن منطقة الغابات ل تعد
من المناطق القاحلة غذائيًا.
كما أن النمط الستهلكى السائد فى النتاج يعد خير دليل للقائلين بعدم وجود
مشكلة .فقد كان الناس ينتجون لتلبية احتياجاتهم الخاصة دون السيطرة على وسائل
النتاج ،فى ظل وجود أشكال هزيلة للقطاع تختلط مع نظام اللماناة) سيد الرض(
السائد خلل الفترة من القرن .(9) 18 -16وأن الربعة طرق الرئيسية فى الحصول
على الغذاء -الصيد وجمع الثمار ،وتربية الحيوانات المستأنسة ،والزراعة ،وصيد
السماك -وأنماط التحركات الناتجة عن تلك الطرق ) (10ل تشير إلى وجود مشكلة
غذائية ،بقدر ما تشير إلى تلك الختلفات ما بين عملية جمع الطعام وعملية انتاجه .
والسؤال الذى يطرح نفسه هل تمكن أنصار هذا الرأى من تقديم نماذج لماكن الطعام
للستدلل بها على وفرة الغذاء فى افريقيا ككل خلل تلك الفترة ؟ والجابة تقول بأنهم
بالفعل حشدوا قدرا ً ل بأس به من الدلة للتدليل على أن الطعام كان متوفرا ً فى
مختلف أنحاء افريقيا .فمنطقة غرب افريقيا؛ ذكروا بأن منطقة السفانا – على
سبيل المثال -كانت بدورها تتاجر فى الماشية والملح والسماك المجففة مع سكان
الغابات مقابل جوزة الكول . وكانت هناك حركة محدودة للمواد الغذائية خارج موقع
النتاج؛ فمركز تمبكتو التجارى كان يستورد الحبوب والخضر والماشية منذ القرن ،12
وكانت هناك تجارة هامة فى الدخن والرز والماشية منذ القرن .(11) 15وقالو بأن غذاء
بعض مناطق السودان الغربى قد ارتبط بالجراد ،فهو يحمص ويؤكل أو يجفف ويطحن.
وأنهم كانوا يتناولون السماك طرية أو مجففة ،ويصدرون جزءا ً منها إلى الشمال
الفريقى لتباع هناك بأثمان مرتفعة).(12وأن الكسافا والبطاطس تنتشر فى منطقة
ل ،إذ تسلق وتدهق بنين والمنطقة الساحلية حيث كانت البطاطا بدورها طعاما ً مفض ً
وتصنع منها فطائر تؤكل مع لحم البقر والضأن والدجاج .أما الفقراء فيأكلون السمك
المجفف أو المدخن مع الخبز).(13وفى واجادوجو استدلوا على وفرة الغذاء من وجود
4
اثنين من جامعى الضرائب؛ أحدهما يهتم بالرسوم على الحيوانات المذوبوحة والثانى
يهتم بالسلع ).(14واستدلوا من وصف أحد البرتغاليين فى القرن السادس عشر على
وفرة منطقة سيرليون بالغذاء ،حينما أشار بأن سكانها كانوا ينتجون الفلفل والسكر
والعنبر والرز وصيد البحر ويزرعون نخيل الزيت ).(15واستدلوا من العادات الغذائية فى
منطقة غرب افريقيا على أن المحاصيل الجذرية التى تنتجها الوحدة من الرض يزيد
وزنها حوالى عشرة أمثال ما تنتجه هذه الوحدة من الحبوب ،وأن باستطاعتها إعالة
كثافات سكانية أكبر .وأن زراعة المحاصيل الجذرية فى منطقة غابات غرب افريقيا
ساعدت فى استقطاب عدد من السكان ،مثلما فعلت تجارة الصحراء حين ساعدت
على إقامة مستوطنات كبيرة يبلغ الواحدة منها عشرة َالف نسمة فى حقبة ما قبل
الستعمار ).(16
وكان هناك جدل حول موضوع ثورة انتاج الغذاء فى افريقيا الغربية؛ فالبعض يرى أن
الزراعة كانت معروفة منذ القدم ،ممثلة فى الغذية الرئيسية؛ الدخن والرز والفونيو
فى منطقة السافانا ،واليام ونخيل الزيت فى الغابات .وأنه مع الصلت مع العالم
الخارجى فى عصر ما قبل الستعمار استمر تدفق النباتات إلى افريقيا الغربية ،حيث
لسيوى ويام الكاكاو والموز والبلنتين .ومن إشارة الرحالة النجليزى وصل اليام ا َ
جوبسون ،الذى زار ساحل غمبيا فى القرن السابع عشر ،بأن " الحرفة العامة التى ل
يعفى منها غير الملوك وكبار المسئولين هى الزراعة ....وأن الناس فى جميع
الطبقات يخضعون لها حسب قدراتهم " ) .(17نستشف قدرة الهالى فى الحصول على
الغذاء سواء من خلل تكييفهم للبئية المحلية أو عبر تبنيهم لنمط النتاج الستهلكى.
ومن وصف فليكس ديبوا -فى نهاية القرن -19بأن جل أهالى السودان الغربى
يعتمدون فى الحصول على الزبدة من شجرة الزبدة أو الكاريتا بعد قلى ثمارها .وأن
شجرة الناتا Nataتعطيهم الدقيق الذى يبيعونه فى كل أسواق المنطقة لغناه بالمواد
السكرية ،ناهيك عن أن اشارته لشجرة الجبن cheeseوالتى يستخرج منها كبسولت
طويلة تشبه الحرير ،وأن أهم السلع التى تصدرها باماكو تتمثل فى شجرة الزبدة وجوز
الكول والحبوب) ،(18نستدل على أن الرحالة قد شهدو بأن بيئة غرب افريقيا لم تضن
على أهلها بمقومات العيش .ونستشف من إشارة فليكس ديبوا بأنه حينما اتخذ بيتا ً فى
تمبكتو ،وأنه قد امتل بهدايا الهالى من البيض والملح والدجاج والكتاكيت والغنام،
وإيضاحه بأن أهلها يأكلون جوز الكول والتمور والبسكويت والكسكسى ولحوم الحمام
والماعز ،ويشربون الشاى والقهوة أحيانا ً ) ،(19دليل ً هاما ً ليس على وفرة المنطقة
بالمواد الغذائية فقط ،بل على دور السكان المحليين فى الستفادة بأقصى صورة
ممكنة من بيئتهم التى تجود بالخيرات.
وإذا نظرنا إلى قائمة المواد الغذائية المعروضة فى سوق ايجيرين ) نيجيريا( فى
سبتمبرعام 1892والمتمثلة فى :جوزة أصال والفول وبذور البنى وبذور ايجوسى
ودقيق البطاطا والفول السودانى وثمرة الخروب والذرة والبامية وزيت النخيل والفلفل
وزبدالشى واليام ودقيق اليام .ومن قائمة المعروض بالنسبة للمواشى والدواجن:
العجول والبط والماعز ودجاج غينيا والحمام والخراف والديوك الرومية) ،(20نستدل على
تنوع وثراء المنطقة بالمحاصيل الغذائية ،ونقدر الجهد الذى بذله القائلين بعدم وجود
مشكلة غذائية بحشدهم العديد من الدلة التى تقوى حجتهم .
وفيما يتعلق ببلدان شمال افريقيا؛ قالوا بأنها عرفت التخصص فى زراعة
المنتجات الغذائية ،فسجلماسة على سبيل المثال كان بها نخيل كثير وأنواع من التمر ل
يشبه بعضها بعضا ً ) ،(21وأن َاثار الغزو المغربى لمنطقة السودان الغربى فى نهاية
القرن السادس عشر ،تدلل على دخول تلك البذور والمزروعات الغذائية التى تخصص
فيها المغرب ،كالحوامض والبطيخ الحمر والقمح الصلب والتبغ وقصب السكر ).(22وأن
مصر فى القرن 18تخصصت فى زراعة القمح والذرة والشعير والرز وقصب السكر
والبصل والقرطم والفول والعدس ).(23فى حين ظلت صناعات استخراج زيت النخيل
5
وزيت الفول السودانى وحرف الجزارين والعطارين والبقاليين فى اطار الصناعات
المنزلية).(24وكما هو معروف كان الشمال الفريقى متقدما فى انتاج المحاصيل
الغذائية ،وكانت هناك فروق واضحة بينه وبين بقية القارة الفريقية .فمن تشكلية
الطعمة التى دخلت من شمال افريقيا إلى أرض الهوسا فى القرنين ) 18 ،17الكاكى
والكولس والجناجيس والجراسا والكسكسى وغيرها( ) ،(25يمكننا استيضاح الفروق فى
ثقافة الغذاء بين الطرفين .وأن الشمال الفريقى كان يقرض اسلوبه الغذائى لكافة
المناطق الملتصقة به من ناحية الجنوب ،حيث لم نجد أية اشارة تبين تأثر الشمال
بنوعية الطعمة التى تم تناولها فى تلك المناطق ،اللهم إل استيراد بعض أنواع السمك.
أما فيما يختص بمنطقة شرق ووسط افريقيا ،فقالوا بأن سكان جزيرة
مدغشقر كانوا مشهورين بانتاج المواد الغذائية ،فكانوا يزرعون الموز والرز والتارو ،بل
صدروا مواد غذائية فى اطار التجارة السواحلية إلى ساحل شرق افريقيا منذ القرن
الحادى عشر ،ودخلت زراعة البن فى جزيرة مورشيوس فى القرن .(26) 18وقالوا
بنشأة تجارة محلية حول بحيرتى تنجانيقا والبرت فى زيت النخيل والماشية والملح
قبيل النصف الثانى من القرن التاسع عشر .وأن العرب قد أنشأوا أسواقا ً يومية غرب
بحيرة تنجانيقا وشرقيها ،تحدث عن أحدها الرحالة كميرون سنة – 1874سوق
أوجيجى -بأنه كان مملوءا ً بالضجيج ،وأن الناس كانوا يتاجرون فى البطاطا واليام
والفواكه وزيت النخيل والخضروات واللحوم وقصب السكر .وقد أشاد البلجيكيون بما
وجدوه فى سوق كاسونجو سنة 1893وأن العرب قد امتلت مخازنهم بكميات وفيرة
من الرز والشعير والرمان والناناس والطعام) .(27واستدلوا من أراضى الكاساى
وروافده؛ بأن النونو والنتوبا -ابتداء من القرن – 18كانوا ينتجون الملح وكحول قصب
السكر لسوق نهر الكونغو ،حيث كانت التجارة المحلية تشمل نوعين من السلع :السلع
الغذائية؛ وتتمتع بسوق ضخم ونخيل الزيت يوفر سلعا ً مفيدة ومتعددة ،وهناك الملح
وأنواع المشروبات الكحولية المنزلية).(28فقد كان توافر الملح حول بحيرة البرت قد
جعل منطقة كاتوى لها شهرة واسعة فى إمداد المناطق حولها بهذه السلعة .بل إن
الرحالة ليفنجستون تحدث سنة 1869عن توافر الملح حول بحيرة نياسا) .(29وهناك
اشارات بأن عملية بيع السلع الغذائية قد انتعشت عبر أسواق شرق افريقيا ،وأن هناك
تجارة فى المواد الغذائية بين ساحل شرق افريقيا والداخل ،أشار إليها أحد الضباط
البريطانيين سنة 1890حين ذكر بأنه استطاع فى بضعة أيام شراء عشرة أطنان من
الغذاء فى جنوب بلد كيكويو) .(30ونخلص من ذلك بأن منطقة شرق ووسط أفريقيا
كانت كغيرها من المناطق الفريقية تنتج المحاصيل الغذائية ،ول توجد بها أدنى مشكلة
بشأن الغذاء.
أما فيما يختص بمنطقة الجنوب الفريقى ،فقد ظل الدور الرئيسى لطبقة
الفلحين فى جنوب افريقيا متمثل ً فى إنتاج الغذاء للفريقيين ) الذرة والقمح والبطيخ
وخلفه ( .وهناك تقارير كثيرة تحدثت عن الحالة القتصادية الجيدة للفريقيين قبل
مرحلة الستيطان الوربى .فقد ذكرت تقارير الرحالة والمبشرين والتجار البيض بأن
الفريقيين كانوا يزرعون أربعة أنواع من الذرة ،ونوعين من الفول ونوعين من
البطاطس ،وأربعة أنواع من قصب السكر والقرع ،ويزرعون الخضروات
والفواكه).(31ومن ثم فإن التقارير أظهرت بأن الغذاء الذى كان ينتجه الفلحون
الفريقيون كان غذاًء جيدا ً به بورتينات وسعرات حرارية وفيتامينات .وقالوا بأن البيئة
الطبيعية هى المصدر الرئيسى لغذاء البانتو ،حيث تتوفر الحيوانات البرية التى تمدهم
باللحوم ،ناهيك عن تربيتهم للماشية والماعز والغنام والطيور .وأن بيئتهم الزراعية
كانت تمدهم بالخضروات والفواكه ) ،(32بما يدلل على أن البيئة الفريقية وفرت لهم كل
الفرص للحصول على الغذاء الجيد .بل إن حديث الرحالة فى القرنيين 17و 18عن
ثراء منطقة الجنوب الفريقى بالماشية والسماك والغنام والملح واللبان ،وتركيزهم
على دور السكان فى زراعة اللوبيا والذرة والفاصوليا وأشجار الفاكهه والقمح
6
والخضروات ) .(33يقطع بأن منطقة الجنوب الفريقى كانت -كغيرها -حافلة بكثير من
الخيرات.
ومن ثم فإن استعراض أنصار هذا الرأى لجغرافيا الطعام فى افريقيا فى عصر ما
قبل الستعمار يشير إلى انحياز الطبيعة لسكانها فى توفير مجمل احتياجاتهم الغذائية.
وننتهى من استعراض هذا الرأى إلى نتيجتين هامتين :أولهما ،أن الغذاء كان متوفرا ً فى
كافة المناطق الفريقية ،ومن ثم لم تميز الطبيعة فريقا ً من السكان وتضن على فريق
َاخر .ثانيهما ،أن القائلين بعدم وجود مشكلة غذائية ل يركزون على دور البيئة فقط فى
توفير الغذاء ،بل يعترفون بجهد الهالى فى استغلل تلك البيئة وتطويعها لنتاج الغذاء.
ومن ثم فإن حديثنا عن مواجهة بين المرأة ومشكلة الغذاء فى ظل هذه البيئة السعيدة
ل يعد نوعا ً من السفه .خاصة إذا ما أخذنا فى العتبار ما قدمته المرأة الفريقية فى
هذه المرحلة ،لقلنا بأن المرأة – كما سنعرف – كانت طرفا ً أصيل فى صياغة تلك البيئة
السعيدة الخالية من أية مشاكل غذائية.
الرأى الثانى – وجود مشكلة غذائية؛ وهو يدور حول أن المشكلة الغذائية كانت
انعكاسا ً لطبيعة القتصاد الفريقى فى تلك الفترة .فهناك من يرى بأن القطاع الزراعى
السائد كان مصابا ً بالشلل نتيجة عدة عوامل من بينها التكنولوجيا البدائية والحيازة
الجماعية للرض والسرة الممتدة ،وبالتالى لم تكن هناك أية سوق لعوامل النتاج ،أى
لم تكن هناك أية وسائل مؤسسية منتظمة لبيع الرض أو لستئجار اليدى العاملة ،أو
لجمع الموال ،وكانت النتيجة أن ظلت العوامل النتاجية المحتملة غير مستثمرة).(34
والبعض يرى أن الصورة النمطيه لقاطن المناطق الستوائية القانع الذى يجمع ثمرة
الخبز ثم يركن إلى سبات مزمن إلى أن يوقظه مستكشف أجنبى ،هى صورة ل
أساس لها .ذلك أن جمع الحبوب والجذور والفاكهة البرية لم يكن فى العادة أكثر من
تكملة عرضية للزراعة .وحينما كان جمع الثمار هاما ً للقتصاد المحلى ،كما فى أجزاء
من السافانا خلل فصل الجفاف ،فإنه علمة ل على الترف وإنما على المشقة .فسكان
جدوا فى طلب امدادات عذائية تلك المناطق كانوا يرغمون بحكم الضرورة لن ي ً
ً
اضافية .فاقتناص الحيوانات وصيد السماك كانا نشاطين أكثر تخصصا من جمع الثمار
لنهما يتطلبان درجة أعلى من المهارة .وكان اقتناص الحيوانات ذا أهمية خاصة فى
الغابات ،حيث يوجد نقص فى اللحوم ،وكان يصل إلى ذروته فى موسم الجفاف ،عندما
ينخفض الطلب على اليدى العاملة الزراعية إلى أدنى مستوى ،وعندما يؤدى شح
امدادات المياة إلى تيسير التعرف على أماكن الطرائد .فلم يحدث أى تحسن لنوعية
الغذاء الذى تحصل عليه الجماعات التى تعيش فى الغابات إل بعد تحسن وسائل الصيد
باستخدامهم للسلحة النارية بعد الحتكاك باوروبا ) .(35ومن ثم كانت هناك مشكلة
غذائية خطيرة تعانى منها كافة المناطق الفريقية .وبالطبع سوف ل نسير على نمط ما
سرنا عليه فى الرأى الول ،باستعراض كافة الحجج ،لكن بحكم ميلنا للرأى الثانى،
القائل بوجود مشكلة غذائية ،نستشهد بأمور ستة تدعم هذا الرأى:
أولها ،انتشار الخسائر البشرية وأكل الطعمة غير المألوفة ،حيث يشير
بانيكار -اعتمادا ً على رواية البكرى -بأن أهل سجلماسة كانوا يسمنون الكلب
ويأكلونها كما يصنع أهل مدينة قفصة وقسطيلة).(36ولشك أن الفعل ليس من أمر
الدين ،ومع ذلك ل نعرف ما هى الدوافع التى جعلتهم يلجأون لمثل هذا الفعل ،خصوصا
وأنه غير مرتبط بمجاعة .فالمجاعات هى التى تتسبب فى التيان بأفعال غير مألوفة.
ففى شرق افريقيا الوسطى تسبب الجفاف فى حدوث مجاعات كبيرة فى أواخر القرن
.16ومن المرجح أن الجفاف الذى حدث خلل أربع فترات من سنة 1588إلى 1621
قد تسبب فى خسائر بشرية فادحة .بل اتسمت النباء الواردة من مصر بفظاعة
شديدة ،فقد أصبح أكل لحوم البشر والجيف ظاهرة مألوفة ،ومات جوعا ً ما يقدر
7
بنصف سكان البلد ،وربما ما ذكر عن مصر يصدق أيضا ً على معظم أنحاء منطقة
البحيرات الكبرى ).(37
وحينما حدثت المجاعة عبر بحيرة تشاد فى القرنيين السابع عشر والثامن عشر –
وأكثرها خطورة تلك التى حدثت عام – 1680استولى سكان دجنة على مخازن
أسيادهم .وعندما امتدت من ساحل سنغامبيا إلى المجرى العلى للنيل " باع العديد من
أنفسهم كعبيد بهدف وحيد وهو البقاء " .وتكررت هذه الحالة أيضا ً بين العوام -1738
1756عندما عرفت افريقيا الغربية أكبر أزمة معيشية مأسوية أحدثها الجفاف والجراد
معا ً وقيل أنها قتلت نصف سكان تومبكتو " الناس الكثر تميزا ً لم يأكلوا سوى ...
الحبوب والعشاب ..أو جميع أنواع الحبوب التى لم يكن يأكلها فى الوقات العادية
سوى الناس الفقراء والعامة " بل إن الفقراء تحولوا إلى أكلة لحوم البشر .وفى
الرأس الخضر حدثت ثلث مجاعات بين العوام 1866-1773قتلت كل واحدة حوالى
أربعين ألفا ً من السكان ).(38وبالطبع ساعدت تلك المجاعات على انتشار ثورات
الفلحين خلل القرنين السابع عشر والثامن عشر ضد أنظمة حكمها السياسية فى
شمال ووسط وجنوب افريقيا) .(39هذا بالضافة أنه خلل اجتياح الجراد للشاطئ
الموزمبيقى فى عام " 1589كان يوجد نقص فى التموين ،مما دفع الرجال لبيع
أنفسهم كعبيد ،فقط من أجل الحصول على القوت ،كما قايضوا أولدهم مقابل حفنة
من الدخن ").(40
وفيما بين العوام 1500و 1800عرف المغرب عشرة أوبئة من الطاعون على
القل ،كانت مأسوية فى القرن . 17فالمجاعة التى عرفتها فاس فى 1662-1661
مات فيها الثرياء بصورة كبير،ة شأنهم شأن بقية الفقراء ،لهذا لم يزد سكان المغرب،
البالغ عددهم ثلثة مليين عام ،1500إل مليونا ً حتى عام .1800وعرفت مصر وبائين
للكوليرا فى النصف الول من القرن 19أحدهما فى عام 1831قتل 150000شخص
لخر عام 1835قتل 200000شخص ).(41وهذا ما يدلل على أن الجفاف والوبئة ،وا َ
عانت منهما كافة المناطق الفريقية ،وأنهما لم يستثنيا منطقة دون أخرى ،ومن ثم
فإن ردود الفعال بأكل الجيف والطعمة غير المألوفة وحدوث الخسائر البشرية
تشابهت فى مختلف المناطق .
ثانيها ،وجود القزام فى افريقيا ،فقد أوضحت الدراسات الخاصة بالتغذية وجود
نقص واضح فى كسترول المصل ونقص فى نسبة البروتين ،وفسر البعض أن وجود
القزام يرجع إلى نقص هرمون الثيروكسين من الغدة الدرقية ،حيث يصحب نقص
افراز ذلك الهرمون عدم نشاط عملية التمثيل الغذائى .ويرى البعض بأن القزمية هى
مرض ينشأ عن نقص اليود فى الغذاء ،فيسبب نقص افراز الغدة الدرقية فى الم خلل
فترة الحمل اصابة اطفالها بالقماءة ) .(42ومن ثم فإن وجود هؤلء القزام يعد خير دليل
على وجود مشكلة غذائية كبيرة .
ورغم أن كل الذين روجوا لعدم وجود مشكلة غذائية قد استشهدوا بالقزام وحياتهم
المرتكزة على القنص والصيد ،إل أن حصيلة صيدهم وطريقة تبادلههم مع الجماعات
الزنجية المجاورة لهم للحصول منهم على المواد الغذائية )الخضروات والذرة والكاسافا
والموز( ) ،(43تدلل على وجود مشكلة غذائية يعانى منها هؤلء القزام .
ثالثها ،حدوث النكبات المرتبطة بالمجاعات ،فحينما كانت تحل المجاعات
بإحدى المناطق كانت تسبب حدوث نكبة ومشاكل للفريقيين .فعلى سبيل المثال
قللت عدد السكان فى الجزاء الوسطى من السودان الغربى بصورة كبيرة فى القرنين
السابع عشر والثامن عشر).(44بل كان حلول القحط والجفاف أحيانا ً يرغم الفريقيين
على ترك أراضيهم والدخول فى خدمة الوربيين .وهذا ما حدث فى جنوب افريقيا فى
أواخر القرن ، 19حينما تسبب القحط فى حدوث مشكلة غذائية فى مناطق
الفريقيين ،فانعكس تحولهم عن أراضيهم والدخول فى خدمة الوربيين حل مشكلة
الخيرين وتفاقم المشكلة الغذائية فى مناطق الفريقيين).(45
8
ويمكن استيضاح وجود مشكلة غذائية من النكبات المرتبطة بسياسة السكان فى
تدبير الغذاء فى فترات المجاعة ،فقد ثبت أن الفكرة التى تزعم أن فلحى الشونا
) فى زيمبابوى( كانوا ضحايا ل حول لهم ول قوة أمام المجاعات ل تستند إلى أساس.
حيث أوضح الدكتور ريشارد موتيتوا أن سكان الجنوب الشرقى على سبيل المثال كانت
لهم عدة طرق للتنبؤ بالمجاعة وأخرى لمكافحتها ،منها مقايضة الحبوب بالملح ،ومنها
لجوئهم إلى التسول أحيانا ،ومنها اقتراضهم للحبوب مقابل ردها فى الموسم الجيد
التالى ،وفى الحوال الصعبة كان الرجل يرهن ابنته ،ومنها أيضا ً أنهم يلجأون لصيد
السماك والحيوانات ).(46
ويورد موتيتوا فى دراسته حججا ً على أن مشكلة التخزين لم تكن ذات خطر ،لنه
يمكن تخزين الذرة والسرغم لمدة عام أو أربعة أعوام بسهولة .ولحظ بيتش أن
الرطوبة كانت تزيد من بلل سلل الحبوب أثناء موسم المطار ،وهو ما كان يتسبب إما
فى تعطن الحبوب أو فى تسهيل التهام الحشرات القارضة إليها .لهذا تغطى سلل
الحبوب بعناية من الداخل ثم تغلق بإحكام لتصبح مصمتة .كذلك توضع السلل على
صخور عارية لمنع النمل من الوصول اليها .وفى حالة عدم وجود هذه الصخور كانت
سلل الحبوب توضع على صوارى مرتفعة إلى حد معقول كى يمكن اكتشاف النمل قبل
أن يتطرق اليها أى تلف).(47
وأفرط بعض المؤرخون فى التعميم بصدد المجاعات التى حدثت فى افريقيا قبل
العهد الستعمارى ،فلم يناقشوا الكيفية التى استجاب بها الفارقة للجفاف على نحو
خلق .ولم يناقشوا كيف كانت موجات الجفاف تؤثر وتسهم على سبيل المثال فى
ادخال تغييرات فى نظم النتاج والتوزيع ،وفى تحسين المحاصيل الغذائية وأساليب
حفظ الغذاء).(48وتتصل مسألة موجات الجفاف والمجاعات بقضية أوسع نطاقا ً هى
كفاءة القتصاد الفريقى فى عصر ما قبل الستعمار .ويوضح فانسينا أن الفترة من
1500إلى ، 1800شهدت ظهور تكنولوجيات مكثفة لستخدام الراضى سمحت
بدورها بوجود كثافة سكانية أعلى.فرغم أن ممارسة الزراعة الكثيفة قد تقادمت فى
شمال افريقيا ،إل أن جيوب هذه الزراعة التكثيفية قد ظهرت فى غرب افريقيا
ووسطها .حيث استخدمت أساليب زراعية متقدمة مثل إنشاء المصاطب والدورة
الزراعية والسماد الخضر والزراعة المختلطة وزراعة المستنقعات المنظمة).(49بل
تسببت استراتيجية النتاج للسر المعيشية المحلية التى نتجت عن الختلفات فيما تهبه
البيئة المحدودة من الموارد الطبيعية والبشرية ،فى نشأة التجارة القريبة .فالهدف
الساسى لغالبية السر المعيشية كان ضمان المنتجات اللزمة للحفاظ على مستوياتها
المعيشية المألوفة ،وبغية ذلك كانت تزرع مقدار المحاصيل اللزمة للبقاء فيما كان
يعرف من واقع خبرتهم أنه سنة مجدبة.وفى بعض الحيان كان يتم تخزين المحاصيل
للستعمال المقبل ،ولم يكن هذا ممكنا ً دائما ً مع وجود أصناف قابلة للتلف .فقد كانت
هناك حدود لمقدار الغذاء الذى تستطيع جماعة واحدة أن تأكله فى فترة زمنية قصيرة،
لهذا تتم المتاجرة فى الناتج المحلى إذا كانت القرى المجاورة تعانى نقصا ً فى المواد
الغذائية ).(50
وفى شرق افريقيا كانت أعمال الزراعة والرعى تهدف إلى إبعاد أخطار المجاعة ،
فقد كان الجوع يأخذ أشكال عدة ؛ فقد كان سكان الكامبو فى منطقة غرب تنزانيا
يعتبرون الشهر الثلثة السابقة للمحصول " الذى يبحث عن الطحين " بمثابة فترة
مجاعة .وهناك مواسم رديئة تحدث كل خمس أو عشر سنوات .أما المجاعة الكبرى
عندهم فهى المجاعة التى تقتل ،وهناك الكارثة الممتدة على سنوات عدة ،والتى
حسب روايات شمال أوغندا أو أنجول كانت تحصل مرة فى حياة كل انسان .هذه
الكارثة أحدثتها غيوم من الجراد كانت تصحب مجاعة عام 1589على ساحل موزمبيق.
أو المجاعة التى حلت بساحل جنوب افريقيا سنة 1652وواجهها المستعمرون
9
الهولنديون .أو كتلك التى واجهتها قبائل التسوانا فى القرن ،18فقد كانوا يسلمون
على بعضهم بالقول :ماذا تأكل؟ .بل إنها أصابت أيضا المناطق ذات المطار الغزيرة،
فقد كان فى البوجندا َالهة للجفاف .وعرفت رواندا وبورندى الكثير من المجاعات ،حيث
كان سكانها يهتمون بأخذ بعض الحتياطات للتقليل من الخطر فى شكل مخازن
للحبوب وماشية تستخدم كاحتياط فى حال القحط .فقبائل السان فى جنوب افريقيا
كانت تلجأ للتبادل والمساعدة اليومية وأحيانا يبيعون ممتلكاتهم ويهاجرون .ولم يكن
البرازيروس ) فئة نشأت نتيجة زواج البرتغاليين مع أهالى موزمبيق وأنجول( يعتقون
عبيدهم إل فى وقت المجاعة .وكانت الروابط العائلية تتفكك ،وكانت الوفيات ترتفع إلى
أقصى حد عندما يضاف العنف إلى المجاعة كما يقول المثل الصومالى " حرب وجفاف
،وسلم وحليب " ) .(51ونخلص من ذلك إلى أن تواتر المجاعات وانتشارها عبر القارة
الفريقية فى فترة ما قبل الستعمار هى خير دليل على وجود مشكلة غذائية عويصة
ومستمرة تعانى منها كافة مناطق القارة .
رابعها ،الواردات الغذائية؛ رغم عدم وجود دلئل تشير الى أن الفارقة كانوا طرفا ً
ملزما ً فى فرض هذه السلع الغذائية المستوردة ،إل أن استيرادها فى ذاته ينم على أن
القارة كان ينقصها مواد غذائية كثيرة ل يتم انتاجها داخل القارة .والمحاصيل الغذائية
القادمة من أمريكا وَاسيا خير دليل على هذا المر .فقد كان يتم تجربتها بحذر ،حيث لم
يكن متصور أن تعرض أية جماعة امداداتها الغذائية المستقرة للمخاطرة من خلل
التسرع بزراعة محصولت جديدة غير مختبرة .فالكاسافا التى ُأدخلت فى القرن
السابع عشر لم تبدأ فى النتشار إل فى نهاية القرن الثامن عشر .وحيث تم القبال
على نباتات وبذور جديدة لم يكن سبب ذلك أنها استحوذت على إعجاب ُأناس بدائيين،
ولكن لنه نظر إليها على أنها إضافات مفيدة إلى ما يوجد من الغذية .وهكذا نجد أن
الذرة انتشرت فى المناطق التى كان يسود فيها محصول اليام والسرغم لنها تعطى
محصولين فى السنة لكل منهما غلة طيبة ،على حين أصبحت الكاسافا شائعة فى
المناطق المنتجة لليام ،لن زراعتها سهلة ولنها تنتج الغذاء طوال العام .ومع أن أنواع
اليام ظلت غذاًء مفضل ً للفريقيين فيما بعد ،لن قيمتها الغذائية أعلى ،إل أنها كانت
ترهق التربة وتتطلب قدرا ً أكبر من العمل ) .(52وبالتالى فإن الغذاء الجديد لم يستطع
البقاء بحجة الخوف من حدوث مجاعة إل عندما قبله الفارقة طعاما ً لهم .وما يعنينا
فى هذا الطار هو التوصل إلى نتيجة مفادها أن العادات الغذائية الجديدة احتاجت إلى
قرنيين كامليين لن تتجذر داخل المجتمعات الفريقية .فقد ظل السرغم والدخن
طوال القرن 18هما المحصولين الرئيسيين فى الراضى المنخفضة فى منطقة
البحيرات .ولم يتمكن البرتغاليون من إضافة الذرة والمنيهوت والفاصوليا والبطاطا من
أصل امريكى إل فى نهاية الحقبة .مع العلم بأن الذرة وصلت منذ القرن 17إلى
الشعوب التى تتكلم لغة ناجوبى فى الجنوب الشرقى لفريقيا ) .(53وعلى كل الحوال
فإن إضافة موارد غذائية جديدة يعد دليل قويا ً على أن الموارد الموجودة ل تستطيع أن
تتكيف مع الوقائع الجارية على أرض القارة الفريقية .
فقد كان ادخال محاصيل غذائية جديدة له الثر اليجابى فى إحداث تغييرات فى
النظام الغذائى وتحسين صحة الفارقة وزيادة السكان .فقد سمحت المحاصيل
المستجلبة من القارة المريكية لفريقيا الستوائية ولمناطق الغابات بوجه خاص بتغذية
أعداد من السكان تزيد عما كانت عليه فى الماضى عدة مرات .وأحدث إدخال الذرة
والفول السودانى والكاسافا وأنواع مختلفة من اليام والبطاطا الحلوة والفواكة
الحمضية والطماطم والبصل والتبغ تغييرا ً دائما ً فى العلقات القائمة بين الفارقة
وبيئتهم .ومن ثم يتضح بأن اعتماد الفارقة على الذرة الرفيعة واليام وأنواعه بوصفهما
المحصوليين الرئيسيين -إلى اليوم -يرجع الى الفترة من . 1800 -1500فقد أسهمت
هذه الثورة الزراعية فى تقسيم العمل ،وبدأ الرجال شيئا فشيئا فى ترك المهام
الزراعية – مثل تطهير الرض وإعداد المحاصيل -للنساء والعبيد مؤسرين تكريس
10
أنفسهم للتجارة التى كانت أكثر إدرارا ً للربح).(54وهذا يعنى أن جلب محاصيل غذائية
جديدة كان له دور كبير فى توجيه النساء الفريقيات للعمل فى الراضى الزراعية.
خامسها ،وجود تباين اجتماعى ،فوجود أغذية خاصة بالفقراء وأخرى خاصة
بالغنياء ملمح غاية فى الهمية للقرار بوجود مشكلة غذائية .فتشير التقارير إلى أن
الطبقات الثرية كان باستطاعتها الحصول على الصناف الغالية الثمن ،مثل اللحم
والقمح واليام ،وكذلك الملح وسلع الترف من الخارج ،كهؤلء الذين كانوا يحيون حياة
القصور المحصنة على غرار الغزاة الفولنى فى هضاب غينيا .أما الفقراء فى افريقيا
الغربية فى عصر ما قبل الستعمار ،فكان عليهم أن يقنعوا باللحوم غير الصالحة
والحبوب الرديئة أو الكاسافا أو بدائل الملح غير المستوفية للشروط ،وفى أوقات
الفاقة الشديدة كان يتعين على الرجال الحرار أن يرهنوا أنفسهم أو أفرادا ً من أسرهم
لدى الدائنين الثرياء) .(55ومن ثم فإن المستويات الغذائية المختلفة تعد مؤشرا ً هاما ً
على وجود تباينات اجتماعية تقول بوجود الطبقية داخل المجتمعات الفريقية فى الفترة
التى سبقت الستعمار الوربى للقارة .
فقد كان الفقراء دائما ً هم الذين يجابهون تلك المشكلة .وتدلل إحدى الدراسات بأن
معظم سكان نانجودى ) شمال شرق غانا( كانوا يعانون نقصا ً خطيرا ً فى وزن الجسم
فى الفترة الحرجة التى تسبق الحصاد ،حيث يكون هناك نقص فى الغذاء ،ومع ذلك
تكون هناك حاجة إلى مجهود كبير لجمع المحاصيل .وأوضحت بأن الجوع كان يدفع
المهاجرين نحو المناطق الخصبة والنهرية والجذابة ،حيث يصابون بمرض العمى النهرى
ويرغمون على تركها بعد سنوات قليلة ،بعد أن تكون أعدادهم قد تضاءلت بشكل كبير.
وإذا أخذنا الملح -كضرورة من ضروريات البقاء -مؤشرا ً على المستوى الجتماعى.
نجد أن الفقراء هم الذين يعانون من ندرة وجوده فى منطقة السودان الغربى ) .(56لذا
فإن ارتفاع أعداد الفقراء خلل تلك الفترة هو دليل مهم على وجود أزمة غذائية.
سادسها -انتشار الحروب والصراعات الداخلية؛ فعصر تجارة الرقيق ،الذى
يمتد فى افريقيا طوال الفترة من القرن ، 19-17نشر الحروب والصراعات فى كل
أنحاء القارة ،فقد كانت الحروب والغارات هى الوسيلة الرئيسية للحصول على الرقيق
طوال القرنيين 17و .(57) 18بل إن القرن التاسع عشر اتسم بالتصارع والتطاحن بين
الدول والجماعات الفريقية بعضها البعض؛ الماندنجو ضد التكرور ،والشانتى ضد
الفانتى ،والباجندا ضد البنيورو ،والماشونا ضد الندبيلى .بل إن الفريقيين تحالفوا مع
الوربيين ضد بعضهم البعض ،حيث تحالف الباجندا مع البريطانيين ضد البنيورو ،
وتحالف الباروتسى مع البريطانيين ضد الندبيلى ،وتحالف البمبارا مع الفرنسيين ضد
التكرور) .(58وكان من الطبيعى أن تنشأ من جراء كل تلك الحروب والصراعات أزمات
ومشكلت غذائية ،قدمت فيها المرأة الفريقية – كما سنرى -صورة غير مسبوقة فى
الكفاح والمواجهه ضد تلك المشكلة .ونخلص من ذلك إلى أن مشكلة الغذاء كانت
مشكلة حقيقية طوال فى الفترة التى سبقت الحتلل الوربى لفريقيا ،أى قبل
ثمانينيات القرن التاسع عشر .
ثانيًا -مواجهة المرأة الفريقية للمشكلة الغذائية فى عصر ما قبل
الستعمار -:
بعد أن اتضحت لنا معالم المشكلة الغذائية التى تعانى منها القارة الفريقية فى
لن أن نقدم صورة مركبة لمواجهة المرأة مرحلة ما قبل الستعمار الوروبى ،يمكننا ا َ
الفريقية المباشرة وغير المباشرة للمشكلة :
أ -المواجهة المباشرة :
الحديث عن المرأة الفريقية فى مواجهة مشكلة الغذاء ل يتطرق لكل أنواع النساء
خصوصا هؤلء اللتى كن ذات ثراء نتيجة اشتغالهن بالتجارة أو لزواجهن من تجار )،(59
فمنذ قبيل العهد المغربى كانت تعيش جاليات أجنبية كبيرة فى السودان الغربى
ارتبطت بالطبقات الحاكمة بروابط المصاهرة) ،(60ول يتطرق للسرارى اللتى كان لهن
11
وجود فى بلط اسكيا محمد وخليفته وفى منازل القضاة والفقهاء ) ،(61أو لمثل هؤلء
العابثات الباحثات عن اللذة اللتى أشار اليهن بارث عندما زار أودغست الصحراء
الكبرى ) ،(62أو لهؤلء اللتى كن مصدر انتقال الحكم ،عبر تلك الدول التى تؤمن
بتوريث الحكم عن طريق النظام المومى سواء فى الصحراء أو زنوج الغابة الستوائية
) ،(63أو حتى لهؤلء اللتى أشار اليهن الرحالة الفرنسى فيلكس ديبوا اللتى يقمن إلى
جانب أعمالهن المنزلية بشغل أوقاتهن فى القراءة واللعب على البيانو وزيارة
الصديقات وتدخين الغليوم والنشغال بوسائل التسلية) ،(64أو يتطرق لهؤلء اللتى أشار
اليهن بارث من عينه زوجات الحاج بشير مستشارعمر بن الشيخ الكانمى )-1835
(1880الذى حكم كانم والبرنو ) ،(65أو حتى لعينه المحاربات المازونات فى مملكة
داهومى واللتى بدأ اشتراكهن فى الجيش منذ بداية القرن الثامن عشر ) ،(66ول نقصد
أيضا هؤلء الصنف من نساء تمبكتو من الطبقة الرستقراطية اللتى وصفهن الرحالة
فيلكس ديبوا فى نهاية القون ،19بالجميلت ذوات العيون المدهشة ،المستخدمات
لكل أدوات الزينة اللتى يصففن شعورهن ويقمن بتنظيم الظافر وطلئها بالحناء،
ً )(67
، ويغطين أجسادهن حتى القدام بملبس مصنوعة فى أوروبا وجزيرة العرب ومحليا
فهؤلء جميعا ً كن فى صحة جيدة ول يجدن صعوبات فى الحصول على الغذاء الكافى
والجيد ،فمن وصف المصادر لحالتهن المورفولوجية والصحية تظهر َاثار التغذية الجيدة،
وأنهن لم يدخلن فى مواجهات بشأن الحصول على الغذاء ،وإن كان لهن فضل فى
تشكيل هذا الغذاء ،واضافة باقة من الطعمة التى لم تعرفها بعض المناطق من قبل،
فهؤلء جميعا ً يتعارض وضعهن مع المرأة الفلحة ،المزارعة ،التى دخلت فى مواجهة
مباشرة لنتاج الغذاء .ففى غرب افريقيا على سبيل المثال نجد أن معظم العمال
الشاقة المفروضة على النساء من اللتى يشكلن غالبية عبيد المنطقة ) .(68لهذا فإن
حديثنا فى المواجهة المباشرة سيتركز حول نوعين من النساء :
النوع الول يتمثل فى النساء المشاركات فى النتاج الغذائى ؛ فحديثنا
عن المواجهة المباشرة لبد أن ينصب على هؤلء النسوة اللتى دخلن فى مواجهة
مفتوحة مع مشكلة الغذاء ،وتعدى دورهن عملية الحصول عليه فقط إلى مرحلة
المشاركة فى انتاجه .فقد كان العمل فى الرض منذ ما قبل القرن 15يعتمد على
السرة بحيث كان يتم حشدها فى أعمال الصيد السنوية .وكانت النساء فى مجتمعات
القزام فى حوض الكونغو تقوم بدور مهم فى تلك العملية .حيث تقوم بمطاردة
الحيوانات فى اتجاه الشباك ،فى حين يتركز عمل الرجال فى نصب الشباك والنتظار
بعيدا ً ممسكين بالحراب .وتقوم نساء المبوتى بجمع الفاكهة البرية والجذور واليرقات
والعسل البرى وصيد السماك وجمع المحار ).(69وكان صيد السماك يتم أيضا ً عن
طريق السرة الممتدة بأسرها أو مجتمع القرية .وكان يجرى توزيع المحاصيل والخيرات
على أساس علقات القرابة بإعتبارها من نتاج وحصيلة عمل السرة ) .(70ومن ثم فإن
النساء شكلن طرفا ً أصيل ً فى عملية جمع الغذاء لدى المجتمعات الفريقية التى
اعتمدت على الصيد .
ولم يقتصر دور المرأة على عملية جمع الغذاء بل شاركت فى انتاجه .ونلحظ فى
عملية مشاركة المرأة فى انتاج الغذاء تغير نسبة مساهمة النساء فى العمال
الزراعية .فقد كانت قوية وظاهرة عند التيو فى زائير وضئيلة عند اليوربا فى نيجيريا .
وكقاعدة عامة فإن أعمال استصلح الراضى كانت تقع على عاتق الرجال ،فيما
الهتمام بالغرس وإزالة العشاب المضرة ولسيما الحصاد ،كانت من حصة النساء .لذا
كان للنساء فى بعض المجتمعات الزراعية استقللية مالية كبيرة خاصة فى الغابة
والقسم الجنوبى من السهوب ،فقد كن يسيطرن على التجارة الصغيرة ).(71
12
وإذا أخذنا بعض النماذج لدور النساء فى انتاج الطعام ،فسوف نجد أنه فى منطقة
وسط افريقيا وقع عليهن عبء عملية النتاج الزراعى .ففى منطقة البحيرات
الكبرى تحملن هذا العبء نتيجة انشغال الرجال بالنزاعات والحروب المستمرة الناشئة
من الصراع على العرش فى منطقة أوغندا طوال فترة ما قبل الستعمار .فقاعدتهم
الزراعية التى تعتمد على النساء ،أتاحت للذكور من سكانها ما لم يتح لهم فى الدول
الرئيسية الخرى من تفرغ للحرب والسياسة ) .(72ومن ثم لعبت النساء فى هذه
المناطق الدور الرئيسى فى توفير وانتاج الغذاء .
ومما يدل على أن النتاج الغذائى كان يعتمد فى جملته على العمل النسائى ،نجد فى
بوغندا وكل مجتمعات المومة فى وسط افريقيا بأن الرجال كانوا يطلبون من زوجاتهم
السماح لهم بدخول بساتين الموز .حيث كان وضع النساء فى تلك المجتمعات جيدًا،
حسبما تظهره مدافن النساء فى سانجا أو المنحوتات الخشبية فى شرق زائير .وكانت
المرأة فى منطقة البحيرات تزرع بستان الموز الذى يظل لمدة خمسين سنة ،لتنتج ما
يكفى إطعام ثلثة أو أربعة رجال .وقد لحظ الوربيون الوائل الذين وصلوا إلى رواندا ،
المكانة المخصصة للمهارات الزراعية عند النساء ،إذ كانت الم تحتفظ بالدوات
الزراعية وتستخدمها أحيانا كوسيلة من وسائل تسلية الطفال .وفى بورندى كانت
النساء ابتداء من القرن الثامن عشر يقمن بزراعة الفاصوليا والذرة البيضاء وبتحويل
السرغم والدخن إلى البيرة ) .(73ونستخلص من ذلك أن المرأة الفريقية فى وسط
افريقيا تحملت بمفردها تقريبا ً عبء عملية النتاج الغذائى .
وفى منطقة الجنوب الفريقى؛ كان اهتمام الرجال بالرعى قد فرض المزيد
من العمال الزراعية على النساء ،فرب السرة عند التسوانا كان ُيدفن تحت زريبة
الماشية ،فيما تدفن زوجته تحت بيدر الدرس .وكان شائعا أن الرجال ل يتولوا إل
مسئولية استصلح الراضى ،أما زراعتها فكانت تتعهدها النساء).(74وكان دور المرأة مهم
جدا ً فى حياة السرة والقبيلة فى جنوب افريقيا ،فهى أول فرد تصحو مبكرًا ،فتذهب
لحضار الماء والخشاب لعداد وجبة الصباح ،وبعد النتهاء من إعداد الوجبة تذهب
النساء الكبيرات فى السن لحضار المزيد من الماء والخشاب ،أما النساء الشابات
والفتيات فيبقين فى المنزل للقيام بأعمال التنظيف والغسيل وطهى الطعام والعتناء
بالطفال وبصناعة البيرة وإعدادها .وهناك قاعدة عامة فى المجتمع الفريقى ،أن لكل
امرأة قطعة أرض عليها واجب العتناء بها ،وأحيانا ً تعمل المرأة بنفسها فى قطعتها،
وأحيانا ً تساعدها نساء أخريات ).(75ومن ثم كان للمرأة الفريقية دور مهم ليس فى
اعداد الطعام فقط ،بل المشاركة فى انتاجه أيضًا.
وإذا ركزنا على نساء غرب افريقيا كنموذج مهم نتبين بأن دور المرأة الفريقية لم
ل ،بل إن إشارات المؤرخين والرحالة تحمل فى ثناياها الكثير من تفاصيل يكن مجهو ً
تلك المواجهة التى دخلتها المرأة الفريقية بشأن مسألة الغذاء .فها هو محمود كعت
ينبهنا من خلل حديثه عن احترام حكام صنغى للنساء ،وأنهن كن يعملن على الحفاظ
على أولدهن ،ويسعين دوما ً للملمة شمل أسرهن ) .(76فنستشف من حديثه تعاطفا ً مع
النسوة الفقيرات اللتى يقضين حياتهن من أجل ابنائهن .وهذا هو الحسن بن الوزان
يخبرنا بأن إماء تمبكتو كان يقع عليهن مسئولية تغذية أطفالهن من خلل بيعهن لكل
الشياء المأكولة ) .(77بما يشير إلى قدرتهن على إنتاج الغذاء ثم بيعه.
13
وحينما توغل الرحالة رتشارد جوبسون Richard Jobsonلمسافة تجاوزت الربعمائة
ميل فى نهر غمبيا سنة 1620قدم لنا وصفا ً مهما ً عن حياة سكانها من نساء الماندنجو
الكادحة ،من حيث أنهن يقمن بحراثة الرض ،وكن ينقلن الذرة والغلل لبيوتهن بمشقة
لتخزن لمدة شهرين ،أما بقية السنة فيعيش أهلها على الصيد فى الغابة والسماك من
النهر .وتحدث عن بيوتهن العامرة بالحيوانات الرابضة والدجاج وغيره من الطيور
المنزلية ). (78ولم يقتصر المر على منطقة السنغال ،فها هو الرحالة منجو بارك يعطينا
فى 20يوليو 1796لقطة من منطقة أخرى ،حينما تحدث عن أنه رأى إمراة فى سيجو
) تقع فى مالى الحالية( عائدة لتوها من عملها فى الحقل عند المساء ،وأن عملها هذا
ساعدها فى الخروج من دائرة الفقر ،فأكرمته وقدمت له طعاما ً لعشائه )عبارة عن
سمكة( .ونستشف من الصورة التى رسمها منجو بارك ملمحا ً فى غاية الهمية عن
حياة الكد والكفاح لهذه المرأة وبقية نساء أسرتها ،حينما ذكر بأنهن سهرن حتى وقت
متأخر من الليل يغزلن القطن ) . (79وهذا يدلل على أن المرأة الفريقية كانت طرفا ً
أصيل ً ومهما فى تلك المواجهة المفتوحة مع مشكلة الغذاء .
وليس شرطا ً أن نقارن بين صورة العاملت فى الحقول وهؤلء اللتى أتاحت لهن
ظروف الحياة قدرا ً من حظها السعيد ،مثلما قارن دنهام فى 21نوفمبر 1824بين
نساء مرزق ونساء السود حول بحيرة تشاد ووصف الخيرات " بالقذرات ") .(80دونما
أن يشير للعامل القتصادى ودوره فى منشأ هذه القذارة التى تأفف منها.
ودنهام نفسه هو الذى تحدث بتاريخ 30يناير 1823بأنه استفاد من هؤلء النسوة
اللتى لعبن دورا ً فى توفير الغذاء ،حينما أشار بأنه اشترى لبنا ً من إحدى نساء التيبو ،
وقال بأن معظم أهلها يعيشون على بيع اللبن واستخراج الحبوب من الرض مثل فول
الصويا).(81ومن ثم كانت صورة هؤلء النساء القائمات على انتاج الغذاء والتكسب من
بيعه موجودة فى سجلت وكتابات معظم الرحالة الذين توغلوا داخل القارة الفريقية.
ففى بورنو يصف دنهام فى 11أغسطس 1823بأنه شاهد إحدى الرقيقات عائدة
إلى منزلها بعد حصاد القمح فى كوا ) Kowaتبعد عشرة أميال عن بورنو( .بل أشار
بأنه شاهد فصل ً دراسيا ً خاصا ً للرقيق من النساء للتدريب على العمل فى الحقول .فقد
كانت النساء -على حد وصفه -يقمن بكل العمال المنزلية والشاقة أيضًا ،فهن
صبورات على جمع المحاصيل لذا كن يتعرضن لختطاف السود فى موسم حصاد
القمح السنوى ) .(82ومن هذا الوصف يمكننا القول بأن اشتغال المرأة الفريقية
بالزراعة كان أمرا ً شائعا ً ومنتشرا ً فى معظم المناطق الفريقية .بل يمكننا القول بأن
كل الحرف المتصلة بتوفير وحفظ الغذية كانت تقوم بها النساء .فصناعة الفخار على
سبيل المثال كانت حرفة واسعة النتشار فى افريقيا الغربية فى عصر ما قبل
الستعمار ،لتوفر الوعية اللزمة لحفظ السوائل والمواد الغذائية وأغلبها تقوم بصناعته
السرة المعيشية .وتجدر الشارة بأن تجهيز الغذية الساسية والمشروبات للبيع خارج
السرة المعيشية المعنية كان نشاطا ً يغلب عليه عمل النساء فى المراكز الحضرية
وعلى طرق التجارة).(83
ولم يكن هناك تقسيم صارم للعمل بين الرقيق الذكور والناث ،لكن ربما يصح القول
بأن النساء كن يستخدمن أساسا ً فى العمال المنزلية والنتاج الحرفى والزراعة .غير
ن جميعا ً يشغلن وظائف ثانوية .فبعضهن مثل السيدة المشهورة مدام أن النساء لم يك ً
كدن مساواة المرأة عن طريق شراء أعداد كبيرة من الرقيق تينوبو من ابيوكوتا ،أ ً
الذكور) .(84ونعرف من حديث دنهام عن برنو بأن انتاجها من الغذاء كان يعتمد على
النساء ،فقد كن يزرعن الدخن )يسمى بالعشب ( gussubالذى يأكله الفقراء طازجا ً أو
مجففًا ،وحينما يتم غليه وتصنع منه عجينة يأكله الثرياء .وكن يقمن بزراعة أربعة أنواع
14
من الفول ليأكلها العبيد والفقراء ،ويقمن بزراعة الرز والقمح الهندى ،ويجمعن
المحصول خلل شهرين أو ثلثة من بذره فى الرض ).(85
ولما كانت الوحدة القتصادية الكثر أهمية فى كل مجتمعات افريقيا الغربية ،هى
السرة المعيشية ،لذا فإن السرة الصغيرة كانت لها الهيمنة على الزراعة الكثيفة
السائدة بين قبيلة كوفيار فى وسط نيجيريا .وفى الكميرون كان الطلب على اليدى
العاملة سببا ً لنمو السر المتعددة الزوجات .وكانت هناك مجتمعات افريقية تميز بين
عمل الرجال وعمل النساء ،ففى بامندا) الكميرون( كانت للنساء أهمية خاصة فى
العمل الزراعى ،على حين كانت التجارة تشغل جانبا ً أكبر من وقت نساء اليوربا.
وكانت هناك درجة من التخصص المهنى ،سواء على أساس موسمى أو دائم ،وهو ما
كان يعجل وييسر تقسيم العمل بين الرجل والمرأة .وعلى الرغم من أن انتشار السلم
داخل تلك المجتمعات قد شجع على وجود موقف أكثر تشددا ً من عمل النساء ،فإن
المرأة الفريقية تكيفت مع هذا الوضع ببراعة شديدة عن طريق إيجاد نظام للتسويق
يقوم على مجمع من بيوتات تجارية بدل ً من ساحة القرية) .(86لذا كان عمل المرأة
المرتبط بإنتاج الغذاء هو أهم ما يميز مجتمعات غرب افريقيا.
وحديث بايو فى سنة 1900بأن السر المعيشية فى غرب افريقيا كانت تنتج الجزء
الكبر من السلع الغذائية ) ،(87يدلل على أن المرأة الفريقية كانت طرف المعادلة
الرئيسى فى حل مشكلة الغذاء .فقد كانت الجماعات المستقبلة لنباتات الكاسافا
والذرة تظهرعند الضرورة إستعدادا ً لتطويع الشكال القائمة للتنظيم الزراعى .فإنتشار
الكسافا بين اليوربا ،على سبيل المثال ،كان يعنى أن النساء أصبحن مشتركات بدرجة
أكبر فى النتاج الزراعى ،لنه عهد إليهن بمهمة تجهيز المحصول) .(88ومن ثم لعبت
النساء فى مجتمعات غرب افريقيا دورا ً مهما ً فى تطويع امكانيات المنطقة لتوفير
متطلبات الغذاء.
النوع الثانى ،النساء العاملت من أجل توفير الغذاء لسرهن؛ فقد شاركت
النساء الفريقيات فى توفير الغذية لسرهن عبر اشتغالهن بالعديد من العمال ،كتلك
التى أشار إليها الملح الفينيسى كاداموستو ،فى القرن الخامس عشر ،من أن النساء
المسلمات كن يتاجرن عادة داخل مجمعاتهن السكنية .بل إن وصفه لسوق محلية قرب
نهر السنغال وأن الرجال والنساء يتجمعون ببضائعهم ،على مبعدة أربعة أو خمسة
أميال من بيوتهم ،وأن الفقر المدقع يتجلى فى بضائعهم الموجودة التى تتكون " من
بضع قطع من الملبس القطنية وغزل القطن والبقول والزيت والذرة والمطارق
الخشبية وحصير النخيل " ) ،(89يدلل على أن المرأة شاركت الرجل الفريقى فى العمل
من أجل توفير القوت لسرتها.
ً ً
ويبدوا أن نساء دولة صنغى قد قدمن نموذجا فريدا فى القرن السادس عشر للدور
الذى لعبته المرأة الفريقية فى مجال توفير الغذية لسرهن من خلل الشتغال
بالعمال الحرفية ،فقد كن يقمن بتنظيف القطن وحلجه وإعداده لمرحلة الحياكة .ولم
تكن صناعة الصوف تختلف عن صناعة القطن إل فيما يتعلق بإعداده للحياكة ،فقد
)(90
كانت النساء أيضا يستعملن أقواسا ً من الخشب والكتان فى تليين الصوف وغزله
.ومن ثم كانت حصيلة بيع ذلك النتاج تعود على السرة فى شكل مواد غذائية .بل إنه
فى عهد الحكم المغربى للسودان الغربى كانت النساء يباشرن أعمال التطريز فى
البيوت ويبعن الثياب والجلد المطرز لصحاب الدكاكين ).(91
وإذا انتقلنا لصورة النساء العاملت فى وسط وشرق افريقيا .ففى مقديشيو -على
سبيل المثال -كانت توجد فى القرن 18معامل حقيقية للقطن ،كانت تستخدم النساء
للغزل والرجال للنسيج .ووصل إنتاجها إلى 300ألف قطعة وزعتها على طول امتداد
الساحل ،حتى وصلت إلى مصر عن طريق البحر الحمر) .(92وصورة المرأة الفريقية
فى الرسوم الشعبية بين النحاتين الفارقة فى وسط افريقيا ،كتلك التى تمثل المرأة
الحامل أو الم التى ترضع صغيرها ،تعد أشكال ً طقوسية تمجد سرمدية الحياة
15
واستمراريتها .وتدلل تماثيل قبائل السنوفو التى تظهر فيها المرأة المرضعة والعرافة
والكاهنة على بعض العمال التى تقوم بها النساء .وتدلل تماثيل الم فى زائير على
شكل الحكم ،فهى رمز لسلطة الزعيم وإليها يعود الجانب العظم فى عبادة السلف.
وهناك تماثيل فى زائير والكونغو واليومبى على هيئة الم والطفل ،وتماثيل تشير لنساء
ترجع أصولهن لعائلت غنية ).(93وكل ذلك يشير إلى وسائل التكسب التى تعيش منها
المرأة ،وأنها شاركت الرجل فى جل العمال للحفاظ على حياة من يعولون .
ويحمل لنا القرن التاسع عشر صورا ً عديدة لمشاركة النساء فى شتى مجالت العمل
،ففى غرب افريقيا يشير دنهام فى مارس 1824إلى أنه شاهد خمسة أنوال منزلية
فى القطن فى لوجون ) قريبة من كوكا( حيث تقوم البنات الجوارى بتجهيزه ووصباغته
باللون الزرق الغامق ،ناهيك عن قيامهن بصناعة الزجاج والثواب والقمصان ).(94
وقدم لنا كلبرتون فى 17يناير 1824صورة لنساء منتجات ،حينما ذكر أنه شاهد
النساء فى منطقة زنجيا ) قريبة من شرق كانو( وهن يغزلن القطن على جانب
الطريق ويعرضن إنتاجهن للبيع ،فضل عن قيامهن ببيع اللحوم المشوية والبطاطا
والجوز والفول لكل القوافل المارة بالمنطقة ) .(95بما يشير إلى أن قطاع من النساء ل
يقتصر دورهن على انتاج الطعام ،بل التجارة والتكسب من حرفة تصنيعه .
بل إن كلبرتون نفسه قدم لنا فى 16فبراير 1824صورة أخرى لنساء عاملت،
حينما قال بأن نساء كانو ُيجدن صناعة الزلع من الصلصال وذلك لحفظ الدهون والزبدة
والعسل وأن شعبها يعرف فن التعليب .ورغم دورهن فى العمل فى برنو،إل أنه ل
ُيسمح لهن بمشاركة الرجال فى مضغ نبات الجوا الممزوج Tornaأوتدخين التبغ .
)(96
وكما هو واضح بأن معظم هذه الحرف مرتبطة إما بالحصول على الغذاء أو حفظه.
فوصف كلبرتون فى 3مايو 1824لنساء سوكتو وبأنهن من أشهر من يقمن بالغزل ،
وأنه فى طريق عودته إلى كاتسينا فى 14مايو ُأهدى طباخة ماهرة لتقوم بتمريضه
ورعايته ) ،(97يدلل على أن نساء المنطقة لم يتمتعن بأى قسط من الرفاهية اللهم إل
القطاع الذى استبعدناه سابقًا .وهكذا كان حال المرأة الفريقية فى كد وشقاء من أجل
توفير لقمة العيش لها ولفراد أسرتها .بل نستدل من كتابات الرحالة بأن بعض الحرف
والعمال ،وأشهرها صناعة القطن التى انتشرت على نطاق غرب افريقيا بأكمله ،كانت
حكرا ً على النساء .وخير دليل على ذلك تلك الصور التى رسمها لنا الرحالة عن نساء
اليوربا والهوسا ).(98
ولم يقتصر دور النساء فى غرب افريقيا على العمل والتصنيع اليدوى بل اشتغلن
بحرفة التجارة وشاركن فى عملية التبادل المحلى .فقد كانت النساء يعملن لبعض
الوقت لن التجارة تعتبر تكملة لعمالهن الخرى ،فيعملن فيها على نطاق صغير
لفتقارهن لرأس المال اللزم ،كما كن يتميزن بكثرة العدد لن التجارة المحلية كانت
بوجه عام طريقا ً ميسرا ً لزيادة الدخل من الزراعة ،إذ لم تكن تتطلب سوى مهارات
إدارية وتقنية محدودة وقليل من رأس المال) .(99لهذا يمكن القول بأن المرأة الفريقية
قدمت فى المواجهة المباشرة ملمحا فى غاية الهمية فى كيفية تصدى المجتمع
الفريقى لمشكلة الغذاء .
وثمة نتائج ثلث يمكن أن نخلص إليها :أولها ،أن المرأة الفريقية لعبت الدور الرئيسى
فى المواجهة المباشرة لمشكلة الغذاء ،وقدمت صورة من صور الكفاح المعيشى
يصعب تصور أبعادها إذا لم تقم المرأة بهذا الدور .ثانيها ،أن المجتمعات الفريقية كانت
سباقة فى عملية قبول عمل المرأة ،قبل أن تناضل مجتمعات الغرب مئات السنيين
لفرض هذا القبول .ثالثها ،أن التاريخ العائلى الفريقى وتاريخ عملية تقدم أو تأخر
الزراعة فى افريقيا ل يمكن فهمها إل بفهم تاريخ المرأة الفريقية .
ب -المواجهة غير المباشرة:
16
مثلما لعبت قطاعات من النساء الفريقيات دورا ً مهما ً فى المواجهة المباشرة
للتصدى للمشكلة الغذائية التى سادت معظم المناطق الفريقية فى عصر ما قبل
الستعمار ،لعبت قطاعات أخرى دورا ً غير مباشر فى تلك المواجهة ،سواء من خلل
حصر المجتمع لهن فى وظيفة إعداد الطفال أو من خلل قيامهن بإعداد الطعام
وتهذيب نواتج تلك المحاصيل الغذائية القليلة التى سمحت بها طبيعة القارة وبيئتها.
والسؤال الذى يطرح نفسه ما هو الرتباط بين توظيف المرأة لمهمة النجاب
ومشكلة الغذاء ؟ والجابة تقول بأن اهتمام الفريقيين بإنجاب الطفال كان نتيجة
للنسبة المرتفعة فى وفيات الطفال .فقد كان النمو السكانى يتوقف على بقاء
المولودين على قيد الحياة ،حتى أن ملك البنيورو توجب عليه الطلب من أول زائر
أوروبى " هل يوجد طب خاص بالطفال أو النساء ،يمنع وفيات الطفال بعد ولدتهم ".
فالتغذية والبقاء على قيد الحياة حصل نتيجة التنوع الزراعى خاصة بعد إدخال الموز
والذرة فى القرنيين 17و .18ولما كانت النساء هى الوسيلة لدى الفريقى لنجاب
المزيد من الطفال للتغلب على شظف الحياة ،لذا فإننا نفهم سخرية الفلكلور
الشعبى لفريقيا الجنوبية من النساء العاقرات .فالمنافسة بين الفريقيين عن طريق
النجاب كانت من أجل البقاء .لهذا كانت كلمة المرأة العاقر فى كيفو ) شرق زائير(
فى القرن 18تنطبق على المرأة التى لديها أقل من ثلثة أطفال ،بل إن شاعر
السواحيلى سخر فى شعره من النساء اللتى يعتبرن أنفسهن جميلت قبل
النجاب) .(101إذا ً شظف الحياة كان له دور كبير فى قسوة المجتمع الفريقى تجاه
المرأة بخصوص مسألة النجاب وكثرة وفيات الطفال.
ومن ثم فإننا ل نندهش حينما نعرف بأن زيادة عدد النساء لدى الفريقى يعد علمة
من علمات الثراء .وما رواه أحد المبشرين عن منطقة الكسوزا فى جنوب افريقيا بأن
" الزوج من العامة يستطيع أن يكتفى بزوجة واحدة أو اثنتين ،أما الزعماء فكان
عندهم أربع أو خمس " .ومن وصف أحد الرحالة البرتغاليين فى القرن 16بأن الفرد
من قبيلة الشونا يستطيع الحصول على زوجة نتيجة العمل لدى أبيها ) ،(102نستشف
بأن وجود أكبر عدد من النساء لدى الفريقى يدلل على قدرته على إنجاب المزيد من
17
الطفال من ناحية ،وإذا كانت تلك النساء بناته تكون لديه القدرة على استقطاب المزيد
من العمال فى أرضه من ناحية أخرى.
والشارة إلى تقاليد المجتمعات الفريقية فى تملك الراضى بصورة مجانية ،تفيدنا
فى فهم عقلية الفريقيين فى زيادة عدد النساء والولد الذين سيزرعون هذه الرض.
ومن ثم فإن دور المرأة الفريقية لم يتوقف على انتاج المواد الغذائية فقط ،بل تعداه
لمسألة توفير الدعم الجتماعى للرجل .فأهمية المرأة الفريقية فى العلقة بين
النجاب ومسألة الغذاء تظهر فى انتشار نظام التعويض عبر زواج الختطاف بين بعض
المجتمعات .بأن يقوم الزوج بتعويض عائلة العروس مقابل فقدان الخصاب والعمل،
فثلث زواجات اليوربا فى القرن 19كانت من هذا النوع ).(103وهذا ل يدلل أهمية
المرأة الفريقية فى العمل الزراعى فقط ،بل كان لخصوبتها دور عبر نظم الزواج
والقرابة فى طبيعة النتاج الغذائى عبر القارة الفريقية أيضا ً .
-2دور المرأة فى إعداد الطعام وتأصيل الهوية الثقافية الفريقية :
يمثل انحياز المرأة الفريقية للمحاصيل الغذائية المحلية نوعا ً من الوفاء والرتباط
بالهوية الثقافية الفريقية .فلم تكن المرأة فى يوم من اليام وسيلة ضغط لفرض
الطعمة المستوردة ،بل بالنظر لدورها فى اختيار الطعام وطرق إعداده نتأكد بأنها
كانت الطرف الصيل فى عملية العتماد الذاتى على المواد الغذائية المنتجة داخل
القارة .ومن المؤكد بأن المرأة لعبت دورا ً مهما ً ليس فقط فى الحفاظ على هوية
القارة الثقافية ،بل فى تشكيلها أيضا ً .
أ -اختيار الطعام؛ لم تفرض المرأة الفريقية أنواع معينة من الطعمة اللهم إل لتلك
التى تنتجها القارة الفريقية ،أو المستوردة من داخلها .وهذا ل يعنى أنها وقفت كحائط
صد ضد استيراد الطعمة ،لكن لكونها كانت طرفا ً أصيل ً فى عملية انتاج الغذاء ،بالتالى
كان من الطبيعى أن تنحاز لتلك المنتجات التى شاركت فى انتاجها .واذا كانت قد
تدخلت فى فرض استيراد أقمشة من الخارج) ،(104إل أنها فى مجال الطعام لم تشكل
عبئا ً لفرض الطعمة المستوردة .ونستشف من وصف دنهام فى فبراير ومارس 1823
بأن نساء برنو يفضلن سوق كوكا لشهرته ليس فقط بالمنتجات الغذائية )مثل القمح
والرز والجوز والفاكهة والبصل والطماطم حيث كانت الخضروات نادرة( بل لتوافر
السماك واللحوم والدواجن ) ،(105أنها كانت ترتضى ما يطرح من منتجات غذائية محلية.
ومن ثم يمكن القول بأن المرأة الفريقية قد لعبت دورا ً مؤثرا ً فى تحديد الختيار
والقبول الثقافى من الفارقة لنوعية الطعمة المحلية .وبالتالى شاركت فى تأسيس
هوية وطنية أوجدت لها أطعمة وطنية تختلف عن أطعمة واختيارات الشعوب الخرى،
حيث شاركت فى صياغة قائمة الطعام سواء فى فترات الرخاء واليسر أم فى فترات
القحط والمجاعات.
وما أشار إليه كلبرتون بتاريخ 18يناير 1824بأنه شاهد فى سوق مدينة جيركوا
) قريبة من شرق كانو( فتاة من الفلتا ذاهبة إلى السوق حاملة اللبن والزبد ،ومن شدة
اعجابه بطريقة صناعتها للزبدة ومقولته الشهيرة " وربما أضيف معلومات شيقة عن
ربات البيوت فى وطنى حيث أن صناعة الزبدة مثلما هى عندنا من عمل الفلتا وهى
نظيفة وممتازة " ) ،(106يدلل على أن محلية اختيار الطعام والتفوق فى صناعته واعداده
قد جعل الرحالة يعترفون بعدم وجود فوراق بين طريقة العداد الفريقية وطريقة
العداد فى انجلترا.
واشارة نيلسون مانديل فيما بعد بأن النساء الفريقيات كن يتفنن فى إعداد وجبات
الذرة ، وأن بعضهن يطحن حباتها بالحجر ويصنعن الخبز ،وبعضهن يقلينها ثم يضفن
جريشا ً يؤكل مع اللبن الحامض ،أو عصيدا ً يؤكل مخلوطا ً بالفاصوليا ) ،(107يدلل على أن
18
الختيار الذى فرضته البيئة المحلية قد استطاعت المرأة الفريقية أن تقدمة أطباقا ً
وأنواعا مختلفة للتخفيف من قسوة المنتجات التى زرعت داخل القارة .لهذا لبد من
التعرف على المرأة الفريقية وفنون الطهى للستنتاج بأن تلك الفنون جاءت ردا ً غير
مباشر لما فرضته الرض الفريقية من مواد غذائية ضيئلة.
ب -فنون الطهى والتجاوب مع منتجات البيئة الفريقية :
استطاعت المرأة الفريقية من خلل إجادتها لفنون طهى وإعداد الطعام أن تجعل من
المحاصيل الغذائية الفريقية مستساغة لدى الفريقيين ،بل تعد هى المؤسس الحقيقى
للهوية القومية المرتبطة ببعض الطباق الوطنية المتميزة فى أنحاء العالم .وكما تحدثنا
من قبل فإن الختيارات المعروضة على المرأة الفريقية كان يفرض عليها أن تتجاوب
مع تلك الختيارات المحدودة ،بل وتتألق فى أن تجبر الرحالة فى أن يتحدثوا عن قدرتها
وإجادتها لفنون طهى الطعام .فحسب رواية البكرى يشير بانيكار إلى أنه كان بإمكان
المسافر من سجلماسة إلى أودغست ) قرابة شهرين من السفر ( أن يجد الراحة فى
هذه المدينة التى اشتهرت بجودة طعامها ،وتفوقت طاهياتها فى صنع الفطائر والكعك
المحشو بالجوز والشعرية بالعسل ولحوم الجمال المجففة والثعابين المطهوة فى الماء
والملح .ومما يدلل على إجادة الفريقيات لفنون طهى الطعام هو اعتراف البكرى بأن
الطعام كان شهيا ً وله مذاق خاص وأن أثمان الطاهيات كانت مرتفعة ،حيث تباع
الواحدة منهن بمائة مثقال ذهبا ً " بها سودانيات طباخات محسنات تباع الواحدة منهن
بماية مثقال وأكثرهن تحسن عمل الطعمة الطيبة من الجوزنيقات والقطايف وأصناف
الحلوات وغير ذلك " ) .(108وهذا يدلل على أن المرأة الفريقية كانت طاهية ممتازة،
وأنها استطاعت أن تتعامل مع المنتجات الغذائية المحلية وتشكل منها أطباقا ً محلية
عديدة.
ونفس المر أشار اليه ريتشارد جوبسون فى نهاية القرن 18حينما تحدث عن نساء
الماندنجو ،وأشار بأنهن كن يسحقن الحبوب فى الهاون )لنتاج الدقيق( مستخدمات
عصيا ً غليظة ويقمن بتنقية الرز وضربه ،ويفعلن الشيء نفسه بالنسبة لسائر الحبوب.
فالنساء هن وحدهن العاملت فى هذا المضمار ،وهن اللتي يعددن كل الوجبات التى
. )(109
يتناولها الرجال ويحضرن الطعام ويضعنه على الحصيرة أمام الرجال ثم ينسحبن
وفيما يتعلق بوجبة الناس العاديين فى الماندنجو ،والتى يتناولونها بعد الغروب ،فقد
تدخلت النساء لتهذيب تلك الوجبة وتقديمها فى أحسن صورة .فقد أشاد ريشارد
جوبسون ببراعة نساء هذه الطبقة فى إجادة طهى وتقديم تلك الوجبة ،فقد كن يقمن
بغرف الرز وبعض الحبوب المسلوقة فى أوان ويقدمنه ساخنا ً ). (110مما يدلل على أن
النساء تدخلن فى هندسة تلك الوجبة الفقيرة .ناهيك عن عنايتهن بنظافة الوانى
وتغطيتها ) .(111وهذا ما يشير إلى أن المرأة الفريقية كانت منتبهة تماما ً إلى مطبخها،
وأنها استخدمته وسيلة للتحايل فى تحلية المواد الغذائية المفروضة.
وما أشار إليه دنهام وكلبرتون أمر يستحق الوقفة .فقد تحدث دنهام عن إحدى نساء
الزنوج فى تيجرى )فى الطريق الى برنو(فى 29يوليو 1822قد قدمت للرحالة
الثلث) دنهام وكلبرتون وأودنى( وجبة من الكسكسى ،وأشار بأن الوجبة كانت رديئة
لن الدهن كان فاسدا ً وكرية المزاق) .(112بما يشير إلى أن الظروف المحلية ل يمكنها
فى بعض الحيان أن تخدمها مهما تحايلت المرأة أن تعدل من طبيعة الطعام الموجود
فى البيئات الفقيرة .
وتسجيل دنهام فى 20ابريل 1823بأنه عندما وصل إلى ديلهاى ) إحدى قرى عرب
الشوا فى تشاد ( بأن الطعام الذى قدم له على أوان نحاسية مكون من أرز مخلوط
19
بالماء والعسل ،وأن المشروبات قدمت له فى أوعية خشبية) ،(113يدلل على اختلف
طبيعة الطعمة بين المناطق الفريقية.
وفى سبها وخلل رحلة عودته يشير دنهام بتاريخ 18ديسمبر 1824إلى أن بيت
صديقه عبدالله صديق قدم له الكسكسى واللحوم والشربة ،بما يعنى أنه دخل إلى
منطقة مختلفة فى ثقافة الغذاء عن تلك الموجود فى تشاد وغرب افريقيا .ونستشعر
ذلك فى إشادته باجادة نساءها لفنون الطبخ .بل إن إشادته بالطعام الذى قدمته له أم
الهنا ) تبلغ 17سنة ( والتى اعتبرها أجمل من رأى فى فزان ،حيث صنعت له طبقا
فريدا ً اعتبره من أحسن الطباق العشرين التى قدمتها المدينة له ،يدلل على وجود
تمايزات فى فنون الطهى داخل المنطقة الثقافية الواحدة ) .(114ونخلص من ذلك بنتيجة
هامة تتمثل فى أن الختلفات التى شهدتها المناطق الفريقية فى فنون الطهى ل تدلل
على الفوارق الغذائية فقط ،بل تشى بمدى تقدم فنون الطهى فى منطقة دون
الخرى.
فشعب برنو أو الكاتورى ل تنتج دولتهم إل القليل من الحبوب ،لذا فإن الطبق
المفضل لدى سلطانها هو الدقيق المصنوع على شكل فطيرة محلة بالعسل والزبدة،
وهم ل يعرفون الخبز وعلى هذا ل يزرعون إل قليل من القمح ول يوجد إل فى منازل
كبار القوم ،وأن الشعير كان نادرا ً ويزرع القليل منه بين محصول القمح ).(115
وحديث كلبرتون عن نساء كانو بتاريخ 10فبراير 1824وبأنهن كن يخبزن دقيق
القمح بأشكال ثلثة ،الفطيرة المستديرة ،والفطيرة الملفوفة ،و الكعك الخفيف
الممزوج بالعسل مصبوبا ً عليه الزبد المذاب .وأن عربها يأكلون لحم البل بإعتباره لذيذ
الطعم عندما يكون السنام مليئا بالدهون ،يدلل على تفوق نساء كانو فى فنون
الطهى .بل إن حديثه عن النساء المسئولت عن محلت الطبخ الموجودة فى الهواء
الطلق ،وأن كل محل كان مزودا ً بقطع من الخشب للشعال توضع عليه قطع اللحم
مع الدهن وتشوى على نيران الخشب ،وأن إحدى النساء تقوم بالشراف على المائدة
وتضع طبقا ً على ركبتها فوق حصير المائدة ،حيث يتجمع الضيوف حولها ،وأن بعد
تناولهم للوجبة يتناولون مشروبا ً من الجوز ،وبأن سعر الوجبة ل يزيد عن عشرين
صدفة أى ما يساوى نصف البنس ،وأن الذين يمتلكون منازل ل يذهبون إلى مثل هذه
المحلت بل يتناولون الطعام فى منازلهم ،وأن النساء ل يذهبن إطلقا ً الى هذه
المطاعم ) ،(116يدلل على أن المرأة الفريقية قد تفوقت فى فنون الطهى فنالت
إعجاب الرحالة فى القرن .19وخير دليل على ذلك إشادة كلبرتون السابقة بمطابخ
الفريقيات المفتوحة فى كانو .بما يدل على المكانة الكبيرة التى بلغتها المرأة ليس
فقط فى إعداد الطعام لبنى جلدتها ،بل فى إجتذاب الغرباء لتناول هذا الطعام والشادة
به .فالمطابخ المفتوحة هى إبداع محلى للمرأة الفريقية لظهار ثراء المنطقة بالطعام
فى أعين الغرباء ،حيث كانت تلك المطابح منفذا للغرباء فى الحصول على الطعام.
وفى منطقة الجنوب الفريقى يشير الرحالة فرانسيس جالتون خلل رحلته لبلد
الوفامبو )ناميبيا حاليًا( فى الفترة 1850-1845بأن للمرأة دور اقتصادى كبير فى
حياة الدامارا ،فكن يطبخن الطعام ول يكلفن الرجال شيئا ،حيث يقمن بجمع الثمار
وإعداد الطعام اللزم للسرة ) .(117بما يدلل على أنهن ارتضين طعام البيئة المحلية،
فشاركن فى تهذيب ما يتم التقاطه وجمعه منها .أما فى جنوب افريقيا فقد فرضت
البيئة هناك ضرورة تعامل نسائها مع وجبة الذرة ،فكن كل مساء يقمن بعمل الوجبة،
عبارة عن عصيدة سميكة عليها بعض اللحم ،وإذا لم يجدنه يضفن لها صلصه ).(118
وهكذا استطاعت المرأة الفريقية أن تتعامل مع نوعية الطعام الذى تفرضه بيئة كل
منطقة ،وأن تتفنن فى عرضه لسرتها وضيوفها وزبائنها حسب مقتضيات واختلفات
المناطق بعضها عن البعض ا َ
لخر.
20
ونخلص من ذلك بنتيجتين هامتين :أولهما ،أن المرأة الفريقية أسهمت فى المواجهة
المباشرة لمشكلة الغذاء واستطاعت أن تشارك الرجل فى النتاج الغذائى ،وأن تتحمل
بمفردها أحيانا ً مسئولية هذا النتاج .لذا كان تاريخها خلل الفترة التى سبقت الستعمار
سلسلة من الكفاح والكد والشقاء .ثانيهما ،أن معالجات المرأة للمواد الغذائية
المفروضة من قبل البيئة الفريقية جعلت دورها متميزا ً فى إطار المواجهة غير
المباشرة للمساعدة فى حل مشكلة الغذاء .بل لم يقتصر دورها على تلك المعالجات
عبر فنون الطهى وتهذيب الطعام ،بل عبر قبولها للمهمة التى أوكلت إليها فى إنجاب
المزيد والمزيد من الطفال .
ثالثًا -مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى العصر الستعمارى -:
عرفنا من قبل كيف كانت مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى عصر ما قبل
لن فسنتعرض لصور مواجهتها لذات المشكلة خلل العصر الستعمارى. الستعمار ،أما ا َ
حيث أن طبيعة المشكلة ستتغير بالقيود القتصادية التى فرضها المستعمر على اقتصاد
القارة .لهذا ُتركت المرأة الفريقية أحيانا ً كثيرة -فى الحربين العالميتين وفترات
الكساد -وحيدة فى تلك المواجهة ،ومن ثم تأتى مواجهتها خلل العصر الستعمارى
فريدة وثقيلة عن الفترة التى سبقت الستعمار.
أ -طبيعة المشكلة الغذائية فى عصر الستعمار :
بالنظر لتقديرات سكان افريقيا فى الفترة الستعمارية ،حيث نجد من يقدرهم سنة
1880بأقل من 100مليون أو أكثر من 150مليون ،ومن يقدرهم سنة 1900بـ 115
مليون و 155مليون ،ومن يشير بأن عددهم تجاوز الـ 150مليون نسمة سنة 1935
).(119نستطيع أن نلمس أهمية الدور الذى لعبته المرأة الفريقية خلل بعض سنوات
الفترة الستعمارية فى إطعام قطاع كبير من السكان .
ويزداد التقدير لدور المرأة حينما نعرف بأن فترات كثيرة من تاريخ الستعمار فى
القارة الفريقية قد ارتبطت بأزمات غذائية ،سواء عبر الحربين العالميتين أو خلل فترة
الكساد الكبير .ففى فترة اقتصاد الحرب الذى ساد الفترة 1918-1915سادت
المصادرة الرسمية للمواد الغذائية لطعام سكان الدولة الستعمارية ،وفى نفس الوقت
كان الجنود) َ 10الف فى افريقيا الستوائية الفرنسية وأكثر من 160ألف فى افريقيا
الغربية الفرنسية ( يستنفدون موارد الريف .ففى الجابون ،على سبيل المثال ،لم ُيترك
للستهلك المحلى إل ربع المحاصيل الغذائية .ومن ثم أتت السلطات الستعمارية فى
افريقيا الغربية الفرنسية على كل احتياطات الحبوب .فنتج عن ذلك حدوث مجاعات
تسببت فى هلك عشر سكان افريقيا الستوائية الفرنسية .وكانت المجاعات الناجمة
عن نقص الغذية بسبب النظام الستعمارى من الظواهر المتكررة فى تلك الفترة ،
وخير مثال ما حدث فى رواندا البلجيكية -التى كانت تعتبر مخزن غلل الكونغو
البلجكى -فى عامى 1928و ، 1929وما حدث فى النيجر سنة .(120)1930
ونستشعر أهمية الدور الذى لعبته المرأة الفريقية فى مواجهة المشكلة الغذائية،
حينما نعرف أن القتصادات الستعمارية قد انقسمت إلى قطاعين أساسيين :قطاع
ينتج المواد الولية اللزمة للتصدير ،وقطاع ينتج للسوق المحلية .وكان القطاع الخير قد
وصل الى مستوى كبير من التطور قبل الحكم الستعمارى ،لذلك لم يحظ إل باهتمام
ضئيل من جانب السلطات الستعمارية .فظل فلحو غرب افريقيا ينتجون الموز
والبطاطا والرز والذرة الصفراء بنفس التقنيات التى وجدها البريطانيون فى نهاية
القرن .19ولم يختلف الحال بالنسبة لنتاج الموز والذرة والمنيهوت والدخن وغيرها
من المحاصيل فى شرق ووسط افريقيا ).(121
21
والمر الملفت للنظر فى تلك التغيرات القتصادية هو عدم انحياز السلطات
الستعمارية لنتاج المواد الغذائية .فقد كانت أهم المحاصيل التى انتشرت خلل الفترة
الستعمارية هى المحاصيل النقدية مثل الكاكاو والبن والطباق والفول السودانى
والسيزل والمطاط .فى حين كانت المحاصيل الزراعية تمثل %50من الناتج المحلى
الجمالى لفريقيا الغربية الفرنسية .وكان للعتماد البالغ على المحاصيل النقدية أن تأثر
القطاع الغذائى .فاذا كان لم يحدث أن احتاج المر إلى استيراد الغذاء أو السمك
لطعام أحد فى فترة ما قبل الستعمار ،فالملحظ أن القطاع الهلى أصبح مهم ً
ل.
وأضطر الفريقيون للنصراف عن إنتاج الطعام لستهلكهم الخاص من أجل انتاج
محاصيل للتصدير .وعلى ذلك فقد أصبح من الضرورى استيراد الغذية التى كان عامة
الناس يضطرون إلى إعادة شرائها بأسعار مرتفعة كى يطعموا أنفسهم .ففى غامبيا
أجبروا على التخلى عن زراعة الرز لصالح الفول السودانى .وفى فوتا دجالون تخلوا
عن الرز لصالح المطاط ،ومن ثم أصبح من الضرورى استيراد الرز .وكانت مصر منذ
قرون تصدر الحبوب والمواد الغذائية ،لكنها أصبحت مضطرة لستيراد الذرة والقمح
منذ بداية القرن العشرين بسبب التركيز الزائد على القطن .وحدث نفس الشئ فى
ساحل الذهب التى ركزت على انتاج الكاكاو .ويتضح هذا من أقوال أ .و .كاردينال ،أحد
الموظفين الستعماريين الواعيين للحقائق فى الثلثينيات -الذى شكا من أن البلد كان
يمكنه أن ينتج بنفسه " نصف كميات السماك والتوابل والخضروات
الطازجة) المستوردة( أى بعبارة أخرى يمكن أن يوفر 200000جنية" .وكان هذا
الهمال لنتاج الغذاء مقترنا ً بالعمل القسرى ،هو الذى أدى إلى انتشار سوء التغذية
على نطاق واسع ،إلى جانب المجاعات الشديدة والوبئة التى حدثت فى بعض أجزاء
افريقيا فى أوائل أيام الستعمار .ونخلص من ذلك بأن الفارقة فى ظل النظام
الستعمارى كانوا يضطرون فى معظم الحالت إلى انتاج ما ل يستهلكون وإلى استهلك
ما ل ينتجونه ) .(122بل حدث تغيير فى النمط الغذائى لسكان جنوب افريقيا السود ،
فبعد أن كان طعامهم قبل الستيطان البيض يعتمد على الذرة ،اللحوم ،اللبن ،
والبيرة المصنوعة فى المنزل – أصبح يعتمد على محصول غذائى واحد ).(123
لذا فإن التقدير الدقيق للدراسات الغذائية العلمية فى افريقيا جنوب الصحراء يبين
بأن المنيهوت قد أصبح فى العهد الستعمارى أكثر الغذية شيوعا ً على الساحل ،ابتداء
من ساحل العاج حتى انجول ،وفى الداخل حتى السفوح الغربية لمرتفعات شرق
افريقيا .وأكثر المحاصيل الضافية استخداما ً فى هذه المنطقة هو الذرة ،الذى أصبح
فى انجول وفى منطقة شاسعة من شرق افريقيا ،تمتد من كينيا إلى ليسوتو وناتال -
هو الغذاء الرئيسى .أما فى رواندا وبورندى فنجد أن الغذية الرئيسية بترتيب أهميتها
هى :الفاصوليا ،والبطاطا الحلوة ،والمنيهوت ،والبطاطس .لهذا فإن التغييرات الغذائية
التى حدثت فى العصر الستعمارى لم تكن نتيجة تغيير ثورى قام به الستعمار ،بل تعد
امتدادا ً وتأكيدا ً لتغييرات سابقة عن العصر الستعمارى).(124
وكان أول إقرار حكومى رسمى بوجود مشكلت غذائية فى مستعمرات
المبراطورية البريطانية فى القرن العشرين ،متعلقا ً بحيوانات المزارع وليس بالناس ،
ففى سنة 1925حدثت خسائر جسيمة فى الماشية بجنوب أفريقيا ،بلغ من خطورتها
أن حولت إلى لجنة البحاث المدنية التابعة لمجلس الوزراء ،فقامت بتعيين لجنة فرعية
لبحث محتوى المعدنيات فى المراعى واختير السيد جون بويدادر لرئاسة لجنة البحث ،
فكانت أبحاث الرجل فى كينيا بعد ذلك -عن قبيلتى الماسا والكيكويو -هى أساس
البحث فى مسألة اكتشاف سوء التغذية عند الفريقيين ).(125
وصدرت رسالة دورية سنة 1936أن مسحا ً ضخما ً لسوء التغذية فى المستعمرات ،
سيجرى تنظيمه بواسطة لجنة فرعية يكونها المجلس الستشارى القتصادى
البريطانى ،وطلبت الرسالة الدورية من حكومات المستعمرات :أو ً
ل ،توفير المعلومات
22
عن وضع التغذية بالنسبة لسكانها المحليين .وثانيًا ،أن تستكشف سياسات العمل
الزراعية بقصد التوصل إلى توازن أفضل بين المحاصيل التصديرية ومحاصيل الطعام
المحلية .وأعلن تقرير اللجنة النهائى سنة 1939بأن سبب سوء التغذية هو الفقر ثم
الجهل .وكان الرأى أن الفقر ناتج عن عدم الكفاية فى إنتاج محاصيل الطعام وعن
الجور المنخفضة وقلة المحاصيل ،أما الجهل فرأت اللجنة أنه ل يعود إلى السكان
الصليين بل يعزى إلى الحكومة وأولئك الذين لديهم سلطة التحكم فى تغذية الخرين ،
مثل أصحاب العمل ورجال الرساليات والمدرسين).(126لذا أوفد مسئول بريطانى
لمنطقة غرب افريقيا سنة 1939لفحصها ودراستها بغرض تحسين الزراعة فيها ).(127
وخلل المؤتمر الذى عقد سنه 1949على مستوى القارة الفريقية بشأن مسألة
الغذاء ،ظهر أن كميه الطعام التى يأكلها الفريقى تعطيه 1800وحده حرارية ،بينما
يحتاج جسم النسان ما بين ثلث إلى أربعه َالف وحده حرارية .وأكدت الوساط الطبية
بأن أكثر من 1/2سكان القارة يحصلون فى اليوم الواحد على أقل من ألف وحده
حرارية .وحسب تقارير اللجان الصحية عن وجبات الطعام للفريقى ،فإن هناك نقصا ً
فى الطعمة الزوتية الحيوانية والنباتية المعدنية .وقالت بأن الختلل فى توازن التغذية
على أشده بين عمال المدن لن هؤلء ل توجد عندهم ثمار بريه وصيد وقنص مثل
القرويين ،وهم مضطرون للعتماد على ما يشترونه من السواق التجارية ،لذلك ل
يستطيعون إل شراء المواد الرخيصة التى ل وحدات حرارية فيها).(128
ولم يحدث توسع فى انتاج الغذاء وزيادة حجم المواد الغذائية المطروحة فى السوق إل
فى الفترة التى أعقبت الحرب الثانية .ففى افريقيا الغربية الفرنسية أفاد أحد
التقديرات بأن انتاج المواد الغذائية قد زاد فى الفترة بين عامى 1954-1947بمعدل
، %50وكان الطلب المتصاعد يلبى تنمية المناطق المتخصصة فى انتاج الغذية فى
افريقيا الغربية ،فقد كانت سيرليون تصدر الرز إلى غمبيا والسنغال ونيجيريا
المعتمدتين على إنتاج الفول السودانى على حساب محاصيل الغذية ).(129
وتجدر الشارة هنا إلى سمتين جديدتين للتجارة فى المواد الغذائية للمقارنة بفترة ما
قبل الستعمار .أولهما أن التحسن فى وسائل تخزين المحصولت عمل على تخفيف
حدة التغيرات الموسمية فى توفير الغذية فى السواق ،حيث توسع تجار الغذية فى
أعمالهم .ثانيهما ،أن تطورات النقل خصوصا بالشاحنات طمست التمييز بين التجارة
المحلية والتجارة البعيدة .فللمرة الولى أصبحت التجارة فى المحصولت الغذائية
الرئيسية خارج منطقة النتاج عمل ً مربحا ً .كما توضح حالة أكرا ،ففى الفترة من
1958 -1957استوردت أكرا من الداخل 144ألف طن من المواد الغذائية ) وأساسا ً
البلنتين والكسافا وجذور الكاسافا( .ويمكن رؤية امتداد مماثل لتجارة الغذية فى
أجزاء أخرى من افريقيا الغربية .ففى ساحل العاج كان مزارعو الكاكاو والبن
يستوردون فى العقد السادس حوالى 12ألف طن من الرز من الجزاء الشمالية
للبلد .وفى نيجيريا كانت محصولت الرز واللوبيا وقمح غينيا ترسل إلى مقاطعات
الجنوب .وبالمثل توسعت التجارة فى السماك ومبادلة ملح النيجر بحبوب نيجيريا
الشمالية .وظل الجزء الغربى من منطقة السافانا يعتمد على استيراد الكول من
ساحل العاج وسيراليون ،وكان ثلث هذا المجموع موجها إلى السنغال .وظلت نيجيريا
تعتمد على ساحل العاج فى استيراد جوزة الكول وتطور نقلها عبر استخدام السكة
الحديد التى وصلت إلى كانو من الساحل .أما فيما يتعلق بالتجارة فى الماشية ،فكانت
لها أهمية فى افريقيا الغربية الفرنسية ،ففى سنة 1936صدرت النيجر ومالى ما ل
يقل عن 65ألف رأس من الماشية إلى أنحاء أخرى من غرب افريقيا .ووصلت سنة
1956إلى 200ألف رأس إلى السنغال وساحل العاج وساحل الذهب ونيجيريا ،ناهيك
عن البقار والخراف).(130
ب -مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى العصر الستعمارى :
23
لقد وقع على المرأة الفريقية عبء ثقيل فى العصر الستعمارى ،بعضه مرتبط
بالرث الثقافى الفريقى بإعتبارها ليس مصدرا ً لجلب الطفال فقط) ،(131بل
لمشاركتهن الفعالة فى توفير الغذاء ورعاية السرة .وهذا ما يفسر بأن انتشار تعدد
الزوجات فى المجتمع الفريقى قد يكون وراءه هدف اقتصادى أكثر من كونه وسيلة
لجلب الطفال .فالدلئل المستمدة من افريقيا المدارية تشير بأن عدد حالت الولدة
فى نظام تعدد الزوجات أقل من نظيره فى ظل نظام الزوجة الواحدة).(132ورغم أن
المرأة الفريقية رضيت بتلك الظروف التى فرضتها ثقافة وطبيعة القارة ،إل أن طبيعة
المعركة مع الحياة فى ظل الستعمار قد فرضت عليها تحديات جديدة ،ألزمتها بأن
تتصدر بطولة المواجهة مع المشكلة الغذائية .ولما كان من غير الممكن تعقب كل تلك
المواجهات ،فقد أثرنا أن نتبين دورها من خلل لقطات أربع تبرز وتلخص جهودها فى
تلك المواجهة :
اللقطة الولى؛ تتمثل فى مواجهتها للمحاصيل النقدية ،فل شك أن
الحاصلت النقدية المفروضة من قبل النظم الستعمارية قد جذبت أكبر نسبة من
السكان الفريقيين .فى حين اقتصرت الحاصلت الزراعية على استهلك السرة ،لذا لم
يتح للحاصلت الغذائية أن تنافس النقدية لعدم إقبال الدول المستعمرة على إستيرادها
).(133ولما لجأت الدارات الستعمارية لنظام السخرة فى المزارع التجارية ) حيث أخذت
الرهائن من النساء والطفال لرغام الفريقيين على العمل فيها( بات العمل فى زراعة
المحاصيل الغذائية مقصورا ً على النساء) ،(134لهذا تحملت المرأة الفريقية عبء توفير
الغذاء فى شتى المناطق الفريقية .ومن الصورة التى حملها لنا الفلكلور الشعبى
لمراة شهيرة كانت تعتبر ذات كفاءة استثنائية فى زراعة نبات المنيهوت ،كدليل على
مواصلة الكفاح من أجل البقاء ) ،(135نتبين بأن الوعى الشعبى الفريقى قد ظل يحتفظ
بهذا الجميل فى عنقه لنسائه.
وإذا ما نظرنا إلى السبب الرئيسى لختلل تركة الزراعة الستعمارية نجده فى "
التحيز للذكور" .فالنساء يشاركن فى جزء كبير من أنشطة الزراعة التقليدية فى
افريقيا .ولم يؤد تأثير الستعمار إلى إنهاء الغلبة العددية للنساء ،ولكنه ساهم فى
تهميشهن .ففى المجتمع التقليدى كان للمرأة صوت مسموع فى تحديد قيمة السلع.
وحتى بعد ظهور القتصاد النقدى كان للمرأة الدور الرئيسى فى تحديد أسعار السوق
المحلية من خلل عمليات المساومة والمقايضة المتعارف عليها .ولكن عددا ً من
التغيرات الناتجة عن الستعمار ساعد على ترجيح كفة الرجال لسيما فى تحديد قيمة
المنتجات الزراعية .ومن تلك العوامل مجالس التسويق التى كان معظم العاملين بها
من الذكور.ومن ثم كانت المؤسسة الحاجزة بين المنتجين والمستهلكين حكرا ً على
الذكور ،ومن ثم همشت المرأة فى تحديد قيمة المنتجات الزراعية .إل أن القتصادات
المحلية التقليدية كانت تمنح المرأة سلطة ل يستهان بها فى عمليات المقايضة.
وأسهمت الزراعة النقدية فى افريقيا فى تهميش المرأة المزارعة بسبب القيود
المحلية المفروضة على ملكية النساء للراضى من جهة ،وتحيز المؤسسات المصرفية
فيما يختص بالجدارة الئتمانية ضد المرأة من جهة أخرى .وكان نشر الزراعة النقدية قد
جعل المرأة تسيطر فى معظم الحالت على زراعة المواد الغذائية )اليام والكاسافا
والذرة ( .أما فى زراعة التبغ فى روديسيا الجنوبية ،أو السكر فى أوغندا أو السيزال
فى تنجانيقا ،فقد بدأت خبرات المرأة فى النحسار أمام حسابات الذكور وخططهم.
ومن المسلم به أن اليد العاملة النسائية ظلت مطلوبة فى زراعة المحاصيل النقدية .
فأغلب عمال قطف الشاى فى كاريشو بكينيا من النساء .والتحول الدارى لصالح
الرجال كان فى المسائل المتعلقة بالمحاصيل النقدية ،إل أن عمليات اتخاذ القرار
بشأن النتاج الغذائى التقليدى كانت تسمح باسناد دور أكبر للمرأة مقارنة بالقرارات
المتعلقة بالمحاصيل النقدية).(136ونستخلص من ذلك بأن المرأة هى التى تحملت عبء
النتاج الغذائى فى ظل اجتذات الدرات الستعمارية للفريقيين لزراعة المحاصيل
24
النقدية .ومن ثم حافظت المرأة الفريقية من خلل هذا الدور فى زراعة المحاصيل
الغذائية باستبقاء قطاعات كبيرة من الفريقيين على قيد الحياة .
اللقطة الثانية؛ تتمثل فى تحمل المرأة لعملية توفير الغذاء خلل
الحربين العالميتين وفترة الكساد العالمى؛ فقد عرفنا من قبل كيف قامت
السلطات الستعمارية بتجنيد الهالى للمشاركة فى الحرب ،وكيف ُنهبت الغذية لصالح
الدولة المستعمرة وجنودها ! ،لهذا كان من الطبيعى أن تكون المرأة الفريقية هى
بطلة هذه اللقطة أيضًا .فعلى سبيل المثال حينما لجأت بريطانيا لحشد الجنود من
المستعمرات خلل الحرب العالمبة الثانية ،كانت كل التقارير تقول بأن عبء تزايد
الطلب على إنتاج المواد الغذائية قد وقع على النساء).(137وفى مزارع الشاى فى
نياسالند )ملوى( كانت حياة العمال بين الحربين –،بما فى ذلك النساء والطفال-
خاضعة لصحاب المزارع دون تدخل يذكر من جانب الممثل المحلى للدارة
البريطانية).(138بل إن الجملة الشهيرة التى قالها أحد الداريين الفرنسيين خلل فترة
الكساد العالمى " بأن أسر السكان الصليين لم تكن لتستطيع مطلقا ً بأن تفى
بإحتياجاتها فى حدود مواردها ،مهما كانت ميزانيتها سليمة ومنظمة ،والواقع أن حياة
السكان الصليين كانت معجزة متكررة بل انقطاع" ) ،(139تدلل على صعوبة المسئولية
التى ألقيت على عاتق النساء خلل تلك الفترات التى تشكل بمفردها ثلث الفترة
الستعمارية.
بل إن المر لم ينته بانتهاء الحرب ،فقد أجاز التحادان الفرنسيان ) افريقيا الستوائية
الفرنسية وافريقيا الغربية الفرنسية(رسميا ً بعد الحرب إستخدام اليدى العاملة بدون
أجر فى المشروعات الستعمارية .ومما زاد من إستياء المواطنيين أن مهمة إطعام
. )(140
العمال ظلت ملقاة على النساء اذا كان العمل فى حدود مسيرة يوم من القرية
وهذا يدلل على أن المرأة الفريقية تحملت المواجهة بمفردها دونما شعور الدارات
الستعمارية حتى بمسئولية إطعام هؤلء المشتركين فى العمال الجبارية ،وترك مهمة
إطعام الطفال وشيوخ السر عليها .بما يشير بأن المرأة الفريقية بثباتها فى هذه
المواجهة تعد مشاركة فى كل النجازات التى يتباهى الستعمار بتقديمها كالسكك
الحديدية وبعض المنشئات التعليمية والصحية ،بل تعد مشاركة بطريقة غير مباشرة فى
الجهود الحربية خلل الحربين الولى والثانية.
اللقطة الثالثة ،مواجهتها لمشكلة الغذاء فى ظل القيود الستعمارية
عليها ،فهناك بعض القيود التى فرضها المستعمرون أدت إلى تدهور أوضاع المرأة .
فقد منعت السلطات الستعمارية النساء من الشتراك فى معظم أنواع النشاط التى
استحدثتها أو كثفتها ،مثل التعليم الغربى وزراعة المحاصيل المخصصة للتصدير ،أو
الشتغال فى مجالت القانون والطب والتعدين وغير ذلك .فقد كان عالم الستعمار
عالما ً للرجال فقط ،ل تجد النساء تشجيعا ً على النهوض فيه بأى دور له مغزى).(141لهذا
لم يتح لها إل العمل الزراعى ،لهذا حاولت كثير منهن التمرد على تلك القيود .ففى
داهومى واجهت النساء -عام - 1891القيود التى فرضت على عملهن فى
الكاميرون).(142وفى جنوب افريقيا واجهت المرأة الريفية القيود المتمثلة فى الضغط
الشديد على الرض ،والتحكم فى أعداد الحيوانات ،وزيادة الضريبة) ،(143بأن تحملن
مسئولية اقتصاد السرة فى ظل غياب الزواج للعمل فى الحضر .فقد تعين عليهن
قطع مسافات طويلة لجلب الماء والخشاب ،ودق الذره وجرشها ،وتوفير بعض
الضرورات الغذائية .وعلى الرغم من ذلك الجهد الهائل الذى بذلنه فى كل هذه العمال
،تعين عليهن أن يخصصن ما بين ست وثمانى ساعات فى اليوم للعمل فى الحقول.
ومع ذلك فإن جهودهن تذهب هباء فى ظل أرض عاجزة تماما ً أن تعيل من
عليها).(144وفى حضر جنوب افريقيا تشابهت ظروف المرأة الفريقية فى مواجهة
25
مشكلة الغذاء؛ فتارة نراها ُتضرب اعتراضا ً على زيادة أسعار اللحوم ) ،(145وتارة أخرى
نراها )سنة ( 1928تقاطع صالت البيرة ) ،(146حيث لجأت المرأة الفريقية لتصنيع
وبيع الخمور والمشروبات لحل مشكلة دخل السرة المتدنى للغاية ،ولو تخلت المرأة
عن هذا الدور لتعرضت السرة الفريقية للهلك والموت).(147
وفى نيجيريا الشرقية قامت النساء بأعمال شغب كبيرة سنة 1929لتأثر مصالحهن
التجارية).(148وفى لجوس قدمن نموذجا ً مهما ً فى العمل التنظيمى ،فقد استطعن
ن أيضا اتحاد بائعات
تنظيم الشركة التجارية النسائية لتحاد الكور سنة ،1939وكو ً
الدقيق سنة .(149)1940ول يعنى هذا عدم وجود نماذج لنساء اخترقن تلك القيود ،بل
هناك نماذج لنساء مارسن التجارة فى افريقيا الغربية استفدن من بعض الفرص التى
خلقها الستعمار للهالى المحليين ) ،(150إل أن السمة الرئيسية فى العصر الستعمارى
كانت اشتغال المرأة بما يتناسب مع توفير الطعام لسرهن .
اللقطة الرابعة ،تحملها مسئولية الغذاء خلل مرحلة الكفاح الوطنى ضد
الستعمار ،فقد لعبت المرأة الفريقية دورا ً متميزا ً فى معظم حركات الكفاح
الوطنى ،ففى كينيا،على سبيل المثال ،كانت نساء الكيكويو والميرو واليمبو ) فى
المقاطعة الوسطى( يخاطرن بحياتهن ويرسلن الغذية والمعلومات إلى المحاربين من
الرجال فى غابات أبردير .وبوجه عام يمكن القول بأن الكفاح الداخلى من أجل التحرير
فى أى بلد افريقى محارب كان يفسح مجال ً أكبر للنساء ،مما كانت تتيحه حروب
التحرير فى المنفى .حيث وقع عليهن عبء توفير الغذاء لسر هؤلء المقاومين وهم
عشرات اللوف) ،(151بل إذا استقطعنا فترة الحربين العالميتين وفترة الكساد وفترة
المقاومة الفريقية لوجدنا أن المرأة الفريقية تحملت بمفردها مسئولية توفير الغذاء
خلل تلك الفترات.
ونخلص من خلل استعراض هذه اللقطات الربع بأن المرأة الفريقية كانت تقوم بدور
البطولة فى كل المشاهد بحكم القيود المستحدثة من قبل الستعمار تارة ،وبحكم
ثقافة المجتمع الفريقى وغياب الرجال فى معظم الفترات تارة أخرى .
خاتمة :
تخلص الدراسة فى نهايتها إلى عدد من النتائج أهمها ما يلى -:
♦♦ أثبتت الدراسة بأن طبيعة المشكلة الغذائية فى عصر ما قبل الستعمار قد فرضت
على المرأة الفريقية تحديات جلها ارتبط بالبيئة الفريقية ،الطبيعية والثقافية.
وأستطاعت المرأة خلل تلك الفترة أن تقدم كل طاقتها وجهدها لنتاج الغذاء وتوفيره
لسرتها ،واجتهدت قدر استطاعتها فى أن تحافظ على بنى جلدتها.
♦♦ لعبت المرأة الفريقية دورا ً مهما ً فى اثراء التاريخ الفريقى بنماذج مختلفة لتفاعل
النسان مع البيئة ،أثبتت فيها المرأة قدرتها على توظيف البيئة لصالحها وصالح أسرتها
ومجتمعها.
♦♦ أثبتت الدراسة بأن المرأة الفريقية كان لها دور كبير فى زراعة وتأسيس الهوية
الوطنية المرتبطة بثقافة الطعام ،وأن مواجهتهن المباشرة وغير المباشرة لمشكلة
الغذاء أفرزت عن معدن المرأة الفريقية المرتبط بهويتها الوطنية وبيئتها الغذائية،
فغالبيتهن ارتضين بما قسمته الطبيعة من مواد غذائية ،استطعن من خللها تأسيس ما
يجوز تسميته بـ" مدرسة محلية فى فنون الطهى" .
♦♦ خلصت الدراسة بأن عبء حياة الفريقيين ومعيشتهم فى العصر الستعمارى قد
وقع على النساء .واستطعن بالفعل تحمل فترات الحروب والكساد القتصادى ،وتحملن
بمقدرة تستحق النظر قيام المستعمرين باجبار الرجال ،إما على التجنيد فى الجيوش
26
الستعمارية أو العمل فى مشروعاتهم .لذا كانت حياة المرأة الفريقية سواء فى الفترة
التى سبقت الستعمار أم فى العصر الستعمارى سلسلة متواصلة من الكد والشقاء
والكفاح المستمر.
27
(1) 1فتركزت الصناعة فى شمال غرب اوربا ،وزراعة المحاصيل المعيشية وجمع المنتجات البرية فى افريقيا ،للمزيد
انظر ،ج .أ .اينيكورى -:افريقيا فى تاريخ العالم :تجارة تصدير الرقيق من افريقيا وظهور النظام الطلسى ،تاريخ
افريقيا العام ،المجلد الخامس ،اليونسكو ،1997 ،ص . 145
(2) 2أ .ج .هوبكنز -:التاريخ القتصادى لفريقيا الغربية ،ترجمة احمد فؤاد بلبع ،المشروع القومى للترجمة ،العدد ، 33
المجلس العلى للثقافة ، 1998 ،ص ص .20 ، 19
(3) 3زاهر رياض -:استعمار افريقيا واستقللها ،دار المعرفة ،1966 ،ص . 29
(4) 4الهادى المبروك الدالى -:التاريخ السياسى والقتصادى لفريقيا فيما وراء الصحراء منذ نهاية القرن الخامس عشر
إلى بداية القرن الثامن عشر ،الدار المصرية اللبنانية ،القاهرة ،1999 ،ص . 274
(5) 5نرى هذا فى ملحظته حينما دعاهم مشرف ايوالتن " الهذا دعانا السود " ،للمزيد انظر ،ك .مادهو بانيكار -:الوثنية
والسلم تاريخ المبراطورية الزنجية فى غرب افريقيا ،ترجمة أحمد فؤاد بلبع ،المشروع القومى للترجمة ،العدد ، 30
ط ، 2المجلس العلى للثقافة ، 1998 ،ص . 486
(6) 6والتر رودنى -:أوروبا والتخلف فى افريقيا ،ترجمة د .احمد القصير ،سلسلة عالم المعرفة ،العدد ،1988 ،132ص
ص . 63 ،62
(7) 7أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص .81
(8) 8فاروق عبدالجواد شويقة -:القزام الفريقيون ،مجلة الدراسات الفريقية ،العدد الخامس ، 1976 ،ص ص ، 13
. 15
(9) 9ب .دياين -:البنى السياسية والقتصادية فى افريقيا خلل الفترة من ، 1800-1500تاريخ افريقيا العام ،المجلد
الخامس ،اليونسكو ،1997 ،ص . 49
(10) 10فى فترة جمع العسل ونضوج الثمار ،أو ترقب انتقال الحيوانات نحو برك النهار ،أو سقوط المطار ،للمزيد انظر ،
ى .فانسينا -:تحركات السكان وظهور اشكال جديدة للتنظيم الجتماعى والسياسى فى افريقيا ،تاريخ افريقيا العام ،
المجلد الخامس ،اليونسكو،1997 ،ص ص . 75 ، 74
هى منشط معتدل يحتوى على الكافيين ،وكانت تمضغ لتخفف التعب وللتغلب على العطش وأكثرها يزرغ فيما يسمى
بغينيا وساحل الذهب.
(11) 11أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص .117
(12) 12الهادى المبروك الدالى -:المرجع السابق ،ص ص . 280 ، 279
القيمة الغذائية للكاسافا أقل من اليام لقلة نسبة البروتين بها ،وهى تحتاج إلى ظروف طبيعية ملئمة لزراعتها حيث تحتاج
الى درجة حرارة مرتفعة .
(13) 13وبالنسبة للشراب فنجد أن عرقى البح ،يصنع من الذرة ،هو المشروب الشائع ،فالسنغى والبمبرة والهوسا يولعون
بالشراب ،وقد ترتب على التصال بالوربيين فى المنطقة الساحلية معرفة الروم والجن والبراندى التى أصبحت من
المشروبات الوطنية ،للمزيد انظر ،ك .مادهو بانيكار -:المرجع السابق ،ص . 486
(14) 14جوزيف – كى -زيربو -:تاريخ افريقيا السوداء ،القسم الول ،ترجمة يوسف شلب الشام ،منشورات وزارة
الثقافة ،دمشق ،سوريا، 1994 ،ص . 282
(15) 15إما من طبيعتها ،كما هو الحال فى الحبوب الزيتيةوالبهارات ،أو من جنسها ،كما هو الحال فى الحيوانات حية أو
مذبوحة ،للمزيد انظر ،جوزيف – كى -زيربو -:المرجع السابق ،ص ص . 399 ،398
(16) 16أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص . 35 ، 34
(17) 17نفسه ،ص ص .59 -57
(18) 18فليكس ديبوا -:تمبكت العجيبة ،ترجمة عبدالله عبدالرازق ،المشروع القومى للترجمة ،العدد ، 589المجلس
العلى للثقافة ، 2003 ،ص ص . 64 ، 63
(19) 19نفسه ،ص .215 ، 175
(20) 20أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص .109 ، 108
(21)21ك .مادهو بانيكار :المرجع سابق ،ص . 383
(22) 22د .أ .م .كانى -:مطاهر التصالت الفكرية والثقافية بين شمال افريقيا ووسط السودان بين سنة 700م و 1700م
مع إشارة خاصة الى كانم – برنو وارض الهوسا ،مجلة البحوث التاريخة ،مركز جهاد الليبيين ،السنة ، 3العدد الول ،ص
. 25
(23) 23عبدالرحيم عبدالرحمن -:الريف المصرى فى القرن الثامن عشر ،ط ، 2مكتبة مدبولى ،القاهرة ،1986 ،ص ص
. 203-201
(24) 24ب .دياين -:المرجع السابق ،ص . 58
(25) 25محمد زروق -:العلقات العربية الفريقية فى القرن السادس عشر ) الوجود المغربى بالسودان الغربى كنموذج( ،
مجلة البحوث التاريخة ،مركز جهاد الليبيين ،السنة السابعة ،العدد ،2ص . 90
(26) 26رونالدو أوليفر ،أنتونى أتمور -:افريقيا منذ عام ، 1800ترجمة فريد جورج بورى ،المشروع القومى للترجمة ،
العدد ، 948المجلس العلى للثقافة ، 2005 ،ص . 51
(27) 27أحمد عبدالدايم محمد حسين -:الوجود العربى فى منطقة البحيرات الفريقية الكبرى فى النصف الثانى من القرن
التاسع عشر ،مجلة كلية الداب ،جامعة حلوان ،العدد ،21السنة ،2007 ، 11ص ص . 479 ، 469، 467
(28) 28مبولوكو -:من أراضى الكميرون المعشبة إلى أعالى النيل تاريخ افريقيا العام ،المجلد الخامس ،اليونسكو،
،1997ص ص .601 ، 600
(29) 29أحمد عبدالدايم محمد حسين -:المرجع السابق ،ص ص .456 ، 455
(30)30جون َاليف -:الفارقة تاريخ قارة ،ترجمة أمل موسى ،سلسلة دراسات افريقية ،العدد ، 7الدار الجماهيرية للنشر
والتوزيع والعلن،الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ،2001 ،ص . 318
Webster, David J. : The Political Economy of Food Producation and Nutrition in Southern Africa in Historical (31) 31
.Perspective, Modern Africans Studies, Vol. 24, No. 3, 1986, PP. 449, 450, 454
Shcpera and A.J.H. Goodwin: Work and Wealth, Schapera : A Handbook of Tswana, Law and Custom, Oxford (32) 32
.University Press, London, New York, Capetown, 1959, PP. 131, 132
(33) 33اريك اكسيلون -:أشهر الرحلت فى جنوب افريقيا ،ترجمة عبدالرحمن عبدالله الشيخ ،الهيئة المصرية العامة
للكتاب ،اللف كتاب الثانى ،العدد ، ، 28متفرقات .
(34) 34أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص .18
ثمرة شجر من فصيلة الخبزيات ذى ثمار كبيرة تشتمل على لب نشوى يستعمل كالخبز.
(35) 35أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص . 84 - 82
(36)36ك .مادهو بانيكار :المرجع سابق ،ص . 383
(37) 37ج .ب .وبستر و أ .أغوت و ج .ب .كريتيان -:منطقة البحيرات الكبرى من 1500إلى ، 1800فى ب .أ .أغوت،
تاريخ افريقيا العام ،المجلد الخامس ،اليونسكو ،1997 ،ص . 861
(38)38جون َاليف -:المرجع السابق ،ص .120
(39) 39ب .أ .أغوت -:التطور التاريخى للمجتعات الفريقية : 1800-1500خاتمة ،تاريخ افريقيا العام ،المجلد الخامس
،اليونسكو ،1997 ،ص . 992
(40)40جون َاليف -:المرجع السابق ،ص . 205
(41)41نفسه ،ص ص . 284 ،283
(42) 42فاروق عبدالجواد شويقة -:القزام الفريقيون ،مجلة الدراسات الفريقية ،العدد الخامس ، 1976 ،ص ص ، 35
. 36
(43) 43نفسه ،ص .75
(44) 44أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص .31
(45) 45أحمد عبدالدايم محمد حسين -:سياسات الرض تجاه الفريقيين فى جنوب افريقيا" دراسة وثائقية للفترة من
1894الى ، " 1910المجلة التاريخية المصرية ،المجلد رقم 44العدد الثانى مايو ، 2006الجمعية المصرية للدراسات
التاريخية ،ص .293
(46) 46هـ .ك .بهيل -:زامبيزيا الجنوبية ،تاريخ افريقيا العام ،المجلد الخامس ،اليونسكو ،1997 ،ص . 736
(47) 47نفسه ،ص . 736
(48) 48ب .أ .أغوت -:التطور التاريخى للمجتعات الفريقية : 1800-1500خاتمة ،تاريخ افريقيا العام ،المجلد الخامس
،اليونسكو ،1997 ،ص . 996
(49) 49نفسه ،ص . 996
(50) 50أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص .106
(51)51جون َاليف -:المرجع السابق ،ص ص .197 ،196
(52) 52أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص .61-59
(53)53جون َاليف -:المرجع السابق ،ص .192
(54) 54ب .أ .أغوت -:المرجع السابق ،ص ص .995 ، 994
(55) 55أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص .53
لخر عن طريق التبخر (56) 56لم يكن موجود إل على طول الساحل ،وكان يتم الحصول عليه بغلى ماء البحر أو من حين َ
الطبيعى ،غير أنه فى الداخل كان الحصول عليه أشد صعوبة لن مصادره الرئيسية تقع بعيدا ً عن مراكز الطلب ،فقد كان
السودان الغربى تجلب ماداته من خمسة مناجم تقع جميعها فى الصحراء الكبرى ،للمزيد انظر،أ .ج .هوبكنز -:المرجع
السابق ،ص ص . 92 ، 34، 33
(57) 57أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص . 210
(58) 58ج .ن .أوزيغوى -:تقسيم افريقيا وغزوها على يد الوربيين :نظرة عامة ،فى أَ .ادو بواهن -:تاريخ افريقيا العام ،
المجلد السابع ،ط ، 2اليونسكو ،1997 ،ص .58
(59) 59ولهمية التجارة ومكانة التجار قام نائب أسكياالحاج ) يدعى محمد عمر بن محمد الندى ( ،بتزويج اثنتين من بناته
لخوين تاجرين بسبب ثرائهما ،وهناك اشارات كثيرة لزواجات كثيرة تمت من هذا النوع ،للمزيد انظر ،ابن الوزان
الزياتى :وصف افريقيا ،ترجمة د .عبدالرحمن حميدة ،مكتبة السرة ،سلسلة التراث ، 2005 ،ص . 540
(60)60ك .مادهو بانيكار :المرجع سابق ،ص . 387
(61)61محمود كعت التنبكتى :تاريخ الفتاش فى أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس ،نشره هوداس ،مطبعة بردين بمدينة
انجى ،المدرسة الباريزية لتدريس اللسنة الشرقية ، 1913 ،ص ص .83 ، 82
(62)62ك .مادهو بانيكار :المرجع سابق ،ص ص .384 ، 383
(63) 63دونالد وايدنر -:تاريخ افريقيا جنوب الصحراء ،الجزء الول ،ترجمة على أحمد فخرى وشوقى عطاالله الجمل،
مؤسسة سجل العرب ،ص . 21
(64) 64فيلكس ديبوا :المرجع سابق ،ص . 214
(65) 65فقد جمع حريما ً بلغ عددهن خمسة َالف امرأة ،وقال عنه بارث بأنه كان متحفا بشريا لجمال المرأة تميز بجمع
النساء والثروة ,للمزيد انظر ،ك .مادهو بانيكار -:المرجع السابق ،ص ص . 314 ،312
(66) 66المازونات عبارة عن كتيبة كونها اغاجا ) أول حاكم لداهومى ارتقى العرش سنة ( 1708فى جيش داهومى ،كانت
تتكون فى الصل من نساء قبض عليهن بتهمة الزنا او جرائم اخرى ،وتأثر أغاجا بشجاعتهن وجعل منهن الفيلق المختار
فى الجيش فى القرن ، 18للمزيد انظر ،أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص .218 - 216
(67)67فيلكس ديبوا :مرجع سابق ،ص ص . 214 – 213
(68)68جون َاليف -:المرجع السابق ،ص . 166
يعيش المبوتى فى الغابة فى جماعات صيد منفصلة ،يتكون غذائهم الساسى من نباتها ،ومن المأكولت الشائعة جذور
سكرية تسمى ايتابا وتعتبر طعاما ً شهيا ً للقزام ويشربون شراب يسمى ليكو ويصنع من العشاب وحبوب الكول ،اما اللحم
فل يؤكل إل مطهوا ً ،ومن ألذ الطعمة لحم سنديول وهو حيوان من نوع الظباء ،للمزيد انظر ،فاروق عبدالجواد شويقة -:
المرجع السابق ،ص 85
(69) 69فاروق عبدالجواد شويقة -:المرجع السابق ،ص .80
(70) 70والتر رودنى -:المرجع السابق ،ص ص . 58 ،57
(71)71جون َاليف -:المرجع السابق ،ص . 166
(72) 72ج .ب .وبستر و أ .أغوت و ج .ب .كريتيان -:منطقة البحيرات الكبرى من 1500إلى ، 1800فى ب .أ .أغوت،
تاريخ افريقيا العام ،المجلد الخامس ،اليونسكو ،1997 ،ص . 881
(73)73جون َاليف -:المرجع السابق ،ص ص .192،203 ،190
(74)74نفسه ،ص .203
(75)75أحمد عبدالدايم محمد حسين -:الفقر والمرض فى المجتمع الفريقى تحت الحكم العنصرى فى جنوب افريقيا -1948
، 1976رسالة دكتوراه غير منشورة ،معهد البحوث والدراسات الفريقية ،جامعة القاهرة ،2005،ص ، 16وكذلك انظر،
Jensen Krige, Eileenn: Individual Development, Schapera : A Handbook of Tswana, Law and Custom, Oxford University
.Press, London, New York, Capetown, 1959, P. 95
(76)76محمود كعت التنبكتى :مصدر سابق ص ص . 103 ،102
(77) 77ابن الوزان الزياتى -:المرجع السابق ،ص . 540
(78) 78س .هوارد :أشهر الرحلت إلى غرب أفريقيا ،ترجمة عبد الرحمن عبد الله الشيخ ،اللف كتاب الثانى ،العدد
، 230الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1996 ،ص ص . 38 ، 37
(79) 79نفسه ،ص . 112
(80) 80دنهام وكلبرتون وأودنى -:رحلة لستكشاف افريقيا ،ترجمة عبدالله عبدالرازق ابراهيم ،المشروع القومى
للترجمة ،العدد ، 471الجزء الثانى ،المجلس العلى للثقافة ، 2003 ،ص . 84
(81) 81دنهام وكلبرتون وأودنى -:رحلة لستكشاف افريقيا ،ترجمة عبدالله عبدالرازق ابراهيم ،المشروع القومى
للترجمة ،العدد ، 422الجزء الول ،المجلس العلى للثقافة ، 2002 ،ص ص . 100، 99
(82) 82دنهام وكلبرتون وأودنى -:المرجع السابق ،الجزء الول ،ص . 226
(83) 83أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص . 97 ، 96
(84) 84نفسه ،ص .46
(85) 85دنهام وكلبرتون وأودنى -:المرجع السابق ،الجزء الثانى ،ص . 97
(86) 86أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص .44 ،41 ، 40
(87) 87نفسه ،ص .101
(88) 88نفسه ،ص .61
(89) 89نفسه ، 1998 ،ص .108
(90) 90محمد الغربى :الحكم المغربى فى السودان الغربى نشأته واثاره ،كؤسسة الخليج للطباعة والنشر ،الكويت ،ص
ص . 500 ، 498
(91) 91نفسه ،ص . 502
(92) 92جوزيف – كى -زيربو -:تاريخ افريقيا السوداء ،القسم الول ،ترجمة يوسف شلب الشام ،منشورات وزارة
الثقافة ،دمشق ،سوريا ، 1994 ،ص . 559
(93) 93أسامه الجوهرى :الفن الفريقى ،مكتبة السرة ،سلسلة الفنون ، 2005 ،ص ص .193 - 191
(94) 94دنهام وكلبرتون وأودنى -:المرجع السابق ،الجزء الثانى ،ص . 27
(95) 95نفسه ،ص . 151
(96) 96نفسه ،ص ص .169 ،168
(97) 97نفسه ،ص . 208
(98)98ك .مادهو بانيكار :المرجع السابق ،ص . 413
(99) 99أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص .112 ،111
(100)100جون َاليف -:المرجع السابق ،ص ص .123 - 121
(101)101نفسه ،ص ص .201-200
(102)102نفسه ،ص ص .203 ،202
(103)103نفسه ،ص .165
(104)104فيلكس ديبوا :المرجع سابق ،ص . 214
(105) 105دنهام وكلبرتون وأودنى -:المرجع السابق ،الجزء الول ،ص ص .133 ، 127 ، 126
(106) 106دنهام وكلبرتون وأودنى -:المرجع السابق ،الجزء الثانى ،ص . 152
فحياة الفريقيين فى المعازل تعتمد على الماشية لجلب اللبن والغذاء الذى يعتمد على الذرة ،وكانت الذرة والصرغم "
ذرة العويجه " والفاصوليا والقرع ) اليقطين ( أهم مكونات غذاء الفريقيين .وكان الغنياء من الهالى يقتفون إضافة إلى تلك
الشياء الشاى والقهوة والسكر ،والتى كانت تعتبر للغالبية العظمى من الفريقيين من الكماليات التى ل سبيل إلى توفيرها.
(107) 107نلسون مانديل -:رحلتى الطويلة من أجل الحرية ،ترجمة عاشور الشامس ،جمعية نشر اللغة العربية ،جنوب
أفريقيا ، 1998 ،ص ص .9 ، 8
(108)108ك .مادهو بانيكار :المرجع سابق ،ص . 383
(109) 109فقد كان ل يسمح لهن بالجلوس مع الرجال لتناول الطعام معهم ،بل إن ريتشارد جوبسون أشار إلى إنه تناول
عدة وجبات مع ملوك ومع أناس عاديين فلم يجد امرأة واحدة تشاركهم الطعام .وإن كانت هناك زوجة أثيرة بمعنى أنها
مفضلة عن الزوجات الخريات ،فإنه يسمح لها بأن تكون قريبة من الزوج وأن تدرى عن أموره أكثر من الخريات ،ومع
أنه غريب فقد سمح لهذه الزوجة الثيرة أن تظهر لهم ببساطة وتكون بينهم لذا سماها "الزوجة الثيرة" ،وتتمتع هذه
الزوجة بقدر أكبر من الحرية وسمح لها بقبول الهدايا التى قدمها ـ إل أنه حتى هذه الزوجة الثيرة ل يسمح لها بتناول
الطعام مع الرجال وإنما فى منزل آخر ،للمزيد انظر ،س .هوارد :المرجع السابق ،ص ص . 38 ، 37
(110) 110نفسه ،ص . 44
(111)111هوبير ديشان -:الديانات فى أفريقيا السوداء ،ترجمة أحمد صادق حمدى ،سلسلة اللف كتاب ،الناشر دار الكتاب
المصري ،القاهرة ، 1956 ،ص . 50
(112) 112دنهام وكلبرتون وأودنى -:المرجع السابق ،الجزء الول ،ص . 75
(113)113نفسه ،ص ص . 159 ،158
(114) 114دنهام وكلبرتون وأودنى -:المرجع السابق ،الجزء الثانى ،ص . 86
(115)115نفسه ،ص . 96
(116)116نفسه ،ص ص .162،163
(117)117اريك اكسيلون -:المرجع السابق ،ص ص . 390 -387 ،379
(118)118أحمد عبدالدايم محمد حسين -:الفقر والمرض فى المجتمع الفريقى تحت الحكم العنصرى فى جنوب افريقيا
، 1976-1948رسالة دكتوراه غير منشورة ،معهد البحوث والدراسات الفريقية ،جامعة القاهرة ،2005 ،ص ، 16وكذلك
انظر.Jensen Krige, Eileenn: Individual Development, in Schapera : Op, Cit., P. 95 ،
(119)119ش.كالدويل -فيدوروفيتش -:الثار الجتماعية للسيطرة الستعمارية :المظاهر الديموغرافية ،فى أ .ادو بواهن
) محرر( -:تاريخ افريقيا العام ،المجلد السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص .470
(120)120ك .كوكرى -فيدوروفيتش -:القتصاد الستعمارى فى المناطق الفرنسية والبلجيكية والبرتغالية السابقة ،فى أ.
ادو بواهن ) محرر( -:تاريخ افريقيا العام ،المجلد السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص ص .380 ، 379
(121)121م .هـ .ى .كانيكى -:القتصاد الستعمارى :المناطق التى كانت خاضعة للنفوذ البريطانى ،فى أ .ادو بواهن
) محرر( -:تاريخ افريقيا العام ،المجلد السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص .400
(122)122أَ .ادو بواهن -:الستعمار فى افريقياَ :اثاره ومغزاه ،فى أ .ادو بواهن ) محرر( -:تاريخ افريقيا العام ،المجلد
السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص ص .796 ، 795 ، 792
Webster : David : Op, Cit. , P. 460 (123) 123
(124) 124لم يصل محصول الذرة إلى بعض أجزاء الكونغو الشمالى إل بعد ، 1830ثم اصبح أهم محصول لدى قبائل
الزاندى حوالى . 1900وكانت الذرة الرفيعة معروفة فى كينيا فى ثمانينيات القرن ، 19ولكنها بقيت حتى نهاية القرن
غير هامة إل على الساحل .ثم لم تصبح هامة فى أوغندا وروندا وبوروندى إل خلل العقود الولى من القرن العشرين.
وكانت وثبة المنيهوت بدورها لحقة على ذلك ،إذ أن انتشارها فى غرب افريقيا عدم كفاية المعرفة بكيفية تحضيرها
وازالة جميع السموم منها ،الى ان جاء الفرو – برازيليون) وهم افريقيون عائدون من البرازيل التىكانوا قد نقلوا إليها هم
أو اسلفهم كرقيق( الى ساحل غينيا فى القرن التاسع عشر وعلموا السكان كيفية تحضير الـ جارى ) دقيق المنيهوت( ،
وقد بلغ انتشارة اقصى سرعة له منذ عام . 1900ولم تبدا زراعة المنيهوت على نطاق يعتد به فى السنغال ال منذ عام
1900تقريبا وفى نيجيريا شمال نهر النيجر وبنوى منذ عشرينيات القرن العشرين فقط .وتشير كل الدلئل الى نفس
التجاه.أما أصناف الرز السيوية فقد حلت محلها أصناف الرز المحلية ،وخاصة فى مناطق افريقيا البعيدة .خلل القرنين
التاسع عشر والعشرين .بينما جرى استكمال الصناف القدم عهدا من اليام الكوكو) التارو( خلل القرن 19بادخال
أصناف جديدة منه مجلوبة من المحيط الهادى .ومن ثم فإن جزءا ً كبيرا ً من افريقيا جنوب الصحراء قد خضع على مدى
خمسمائة لتغييرات لم يكن هناك بد من أن تؤدى الى حفز النمو السكانى .للمزيد انظر ،ج .ش.كالدويل -فيدوروفيتش -:
الثار الجتماعية للسيطرة الستعمارية :المظاهر الديموغرافية ،فى أ .ادو بواهن ) محرر( -:تاريخ افريقيا العام ،المجلد
السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص ص .480 – 478
(125) 125دافيد ارنولد :الطب المبريالى والمجتمعات المحلية ،ترجمة د .مصطفى ابراهيم فهمى ،سلسلة عالم المعرفة،
العدد ، 236الكويت ،1996ص ص .304 – 302
(126) 126دافيد ارنولد :المرجع سابق ،ص ص .316 - 313
(127)127أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص .69
(128) 128البيردتيودجرى -:إفريقيا الثائره ،تعريب نجده هاجر ،سعيد الغز ،منشورات المكتب التجارى للطباعه والتوزيع
والنشر بيروت ،1960 ،ص .80
(129)129أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص . 489، 488
فقد كانت مزارع الخضر تقوم بتوريد نسبة من المجموع ،ولكن %55منه تجلب من على بعد يتراوح بين 100-50ميل،
وما ل يقل عن %30تجلب من مناطق تبعد اكثر من مائة ميل .لذا كان يجرى تشجيع كل منطقة فى الداخل على التخصص
فى انتاج نوع خاص من الغذية لسوق أكرا.
(130)130أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص . 495 - 490
.Willington John : Southern Africa, A Geographical Study, Vol. 11, Cambridge 1960, PP. 247, 248 (131) 131
(132)132ج .ش.كالدويل -فيدوروفيتش -:المرجع السابق ،ص .492
(133)133و .رودنى -:القتصاد الستعمارى ،فى أ .ادو بواهن ) محرر( -:تاريخ افريقيا العام ،المجلد السابع ،اليونسكو ،ط
،1997 ، 2ص .347
(134)134ج .ش.كالدويل -فيدوروفيتش -:المرجع السابق ،ص ص .485 ، 483
(135)135وولى سوينكا -:الفنون فى افريقيا خلل فترة السيطرة الستعمارية ،فى أ .ادو بواهن ) محرر( -:تاريخ افريقيا
العام ،المجلد السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص ص .554 ، 553
(136)136ماكسويل أووسو -:الزراعة والتنمية منذ عام ، 1935فى على أ .مزروعى و ك .ووندجى ) محرران( -:تاريخ
افريقيا العام ،المجلد الثامن ،اليونسكو ،1998 ، ،ص ص .352 ، 351
(137)137مايكل كراودر -:افريقيا تحت السيطرة البريطانية والبلجيكية ،فى على أ .مزروعى و ك .ووندجى ) محرران( -:
تاريخ افريقيا العام ،المجلد الثامن ،اليونسكو ،1998 ،ص .116
(138) 138نفسه ،ص .106
(139)139ك .كوكرى -فيدوروفيتش -:القتصاد الستعمارى فى المناطق الفرنسية والبلجيكية والبرتغالية السابقة ،فى أ .ادو
بواهن ) محرر( -:تاريخ افريقيا العام ،المجلد السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص .366
(140)140نفسه ،ص ص .367 ، 366
(141)141أَ .ادو بواهن -:الستعمار فى افريقياَ :اثاره ومغزاه ،فى أ .ادو بواهن ) محرر( -:تاريخ افريقيا العام ،المجلد
السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص ص .805 ، 804
(142)142مباى غوبى وأ.ادو بواهن -:المبادرات والمقاومات الفريقية فى غرب افريقيا ،فى أ .ادو بواهن ) محرر( -:تاريخ
افريقيا العام ،المجلد السابع ،اليونسكو ،ط ،1997 ، 2ص .156
.Lodge, Tom: Black Politics in South Africa Since 1945, London, 1983, P. 149 (143) 143
(144) 144جاك ووديس :جذور الثورة الفريقية ،ترجمة وتعليق :أحمد فؤاد بلبع ،مراجعة الترجمة د .عبد الملك عوده ،
الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ، 1971 ،ص ص .83 ، 82
Morrell, Robert: Farmers Randlords and the South African State: Confrantation in the Witwatersrand Beef (145) 145
..Markets 1920 - 1923, Journal of African History, Vol. 27, No. 3, 1986, PP. 520, 530
(146) 146ودخول المرأة مجال العمل وتحملها الكفاح إلى جانب الرجل قد نقل النساء الفريقيات من نساء غير راشدت
مدى الحياة إلى نساء يعتدبهن وسوف يكون لهذه النقلة تأثير كبير على حياة المجتمع الفريقى للمزيد Kuper, Leo : An
African Bourgeoisie, Race, Class and Politics in South Africa, Yale University Press, New Haven and London 1965, PP.
.13 , 231
.Hoagland, Jim: South Africa in Conflict, London, 1992, PP. 95, 96 (147) 147
(148)148أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص . 509
(149) 149على أ .مزروعى -:فاطلبوا أول الملكوت السياسى ،فى على أ .مزروعى و ك .ووندجى ) محرران( -:تاريخ
افريقيا العام ،المجلد الثامن ،اليونسكو ،1998 ، ،ص .127
(150) 150فحياة أومو أوكوى) (1943-1872وهى سيدة بارزة كانت تشتغل بالتجارة فى اونتيشا ) نيجيريا( ،تزودنا بمثال
مشوق لجسارة أهلية .فقد كان توغل الشركات الجنبية فى الداخل بعد عام 1900عونا ً كبيرا ً لنشاطها التجارى ،حيث
أقامت علقات تجارية وثيقة مع شركة النيجر ،وكانت تبيع منتجات النخيل الى الشركة وتمارس تجارة التجزئة فى السلع
المستوردة .وبحلول سنة 1910كانت أعمالها قد توسعت لتمكنها من الحصول على ائتمان شهرى مقداره 400جنية
استرلينى .ومع بداية العقد الثالث نوعت مصالحها ووضعت أموال فى العقارات واستثمرت فى الشاحنات وقوارب الكنو
وقدمت قروضا نقدية للتجار الخرين .وعند وفاتها تركت ثروة صغيرة تضمنت 24بيتا ً فى اونتيشا وحوالى 5الف جنية
استرلينى فى البنك .وتعد حياتها تذكرة بوجود نساء مارسن التجارة فى افريقيا الغربيةاستفادت من الفرص التى خلقها
الستعمار للهالى المحليين ،للمزيد انظر ،أ .ج .هوبكنز -:المرجع السابق ،ص ص . 411 ، 410
(151)151بل إنهن فى كثير من المناطق الفريقية حاربن إلى جانب الرجال فى روديسيا الجنوبية وفى انجول وفى الصومال
وفى جنوب افريقيا ،للمزيد انظر ،على أ .مزروعى -:مقدمة ،فى على أ .مزروعى و ك .ووندجى ) محرران( -:تاريخ
افريقيا العام ،المجلد الثامن ،اليونسكو ،1998 ، ،ص ص .38 -36