You are on page 1of 32

‫مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء‬

‫فى العصر الحديث‬


‫د‪.‬أحمد عبدالدايم محمد حسين‬
‫مدرس التاريخ الحديث والمعاصر‬
‫معهد البحوث والدراسات الفريقية‬
‫جامعة القاهرة‬

‫كتاب الملتقى الفريقى )‪( 2‬‬


‫يصدر عن جمعية الملتقى الفريقى‬

‫‪1‬‬
‫جمعية الملتقى الفريقى‬
‫رئيس مجلس الدارة‬
‫أ‪.‬د‪ .‬السيد على أحمد فليفل‬
‫رئيس التحرير‬
‫د‪ .‬أحمد يوسف القرعى‬
‫مدير التحرير‬
‫ناصر فرغل‬
‫هيئة التحرير‬
‫أ‪.‬د‪ .‬محمود أبو العينين‬
‫أ‪.‬د‪ .‬فرج عبدالفتاح‬
‫د‪ .‬صبحى قنصوة‬
‫د‪ .‬هويدا عبدالعظيم‬
‫د‪ .‬أحمد ابراهيم‬
‫د‪ .‬أيمن السيد عبدالوهاب‬
‫أ‪ .‬أيمن شبانة‬

‫مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى العصر الحديث‬


‫د‪.‬أحمد عبدالدايم محمد حسين‬
‫مدرس التاريخ الحديث والمعاصر‬
‫معهد البحوث والدراسات الفريقية‬
‫جامعة القاهرة‬
‫لما كان الطعام له مكانة متميزة فى حياة كل شعب‪ ،‬والتغذية تعد مؤشرا ً بارزا ً‬
‫للفوارق الجتماعية‪ ،‬فقد كان من الطبيعى أن تعدد وجهات النظر حول وجود أو عدم‬
‫وجود مشكلة غذائية فى افريقيا فى مرحلة ما قبل الستعمار‪ .‬غير أن وجهات النظر‬
‫جميعها‪ ،‬اتفقت على أن المرأة الفريقية كانت طرفا ً أصيل ً لدى كل الوجهات؛ فتارة‬
‫لعبت دورا ً مميزا ً فى حل مشكلة الغذاء‪ ،‬وتارة أخرى أسهمت فى عدم بروز المشكلة‬
‫من الساس‪ .‬ومن ثم تأتى ورقتنا عن " تاريخ مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء‬
‫فى العصر الحديث " لتتناول حيثيات تلك المواجهه‪ ،‬وكيف كان دورها فاعل ً فى مواجهة‬
‫تحديات الطبيعة من جهة‪ ،‬أو القيود التى فرضها المستعمر الوروبى من جهة أخرى ‪.‬‬
‫وقبل أن ننطلق لستعراض تلك الحيثيات يجب أن ننبه القارئ الكريم بأن الورقة‬
‫لوان لن نستفيد ‪ ،‬نحن جيل شباب مؤرخى‬ ‫تتبنى منهجية حديثة التناول‪ .‬حيث أنه َان ا َ‬
‫المدرسة المصرية فى مجال التاريخ الفريقى‪ ،‬من تطور مناهج الدراسات الغربية فى‬
‫مجالت التاريخ المختلفة‪ ،‬دونما النظر إلى تلك التابوهات المفروضة والمخطوطة من‬
‫قبل مؤرخى الجيل الول والثانى من مؤسسى هذه المدرسة‪ .‬فالوثائق والتقنيات‬
‫الجديدة والمناهج الحديثة كلها وغيرها تساعدنا على ضرروة‪ ،‬بل وجوب هذا التحول عن‬

‫‪2‬‬
‫الموضوعات النمطية السائدة‪ .‬لذا فإن صعوبة الورقة ل تتمثل فى أن تاريخ التغذية فى‬
‫جملته هو صيحة جديدة ً واتجاها ً حديثا ً تماما ً فى مجال الدراسات التاريخية فقط‪ .‬بل فى‬
‫اقتران موضوعها بالمرأة ومواجهتها لتلك المشكلة عبر تاريخ افريقيا الحديث‪ ،‬فالكتابات‬
‫عن تاريخ المرأة الفريقية قليلة للغاية‪ .‬لذا كان لبد من إعادة النظر والتركيز على‬
‫المتروك والمهجور وغير المطروق فى المصادر والمراجع ليكون بمثابة العمود الفقرى‬
‫للدراسة‪ .‬ومن ثم تأتى ورقتنا هذه‪ ،‬ليست فريدة فى نوعيتها فقط‪ ،‬بل وفى اهتماماتها‬
‫أيضا‪ .‬لذا سنقسم الدراسة إلى ثلثة محاور رئيسة‪ :‬أولها‪ ،‬الغذاء ومشكلته فى عصر ما‬
‫قبل الستعمار‪ .‬ثانيها‪ ،‬مواجهة المرأة الفريقية للمشكلة الغذائية فى عصر ما قبل‬
‫الستعمار‪ .‬ثالثها ‪ ،‬مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى العصر الستعمارى‪.‬‬
‫ل‪ -‬الغذاء ومشكلته فى عصر ما قبل الستعمار ‪-:‬‬ ‫أو ً‬
‫لبد لنا قبل أن نستعرض مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى عصر ما قبل‬
‫الستعمار أن نستوثق من مسألة وجود أو عدم وجود مشكلة الغذاء ذاتها‪ .‬فلقد تباينت‬
‫وجهات النظر بخصوص مسألة الغذاء فى القارة الفريقية فى تلك الفترة‪ .‬فمنها ما‬
‫رَاها فترة ً جادت فيها الطبيعة بكل خيراتها‪ .‬ومنها ما رَاها قحطا ً ومشكلة عويصة‪ ،‬ضنت‬
‫فيها الطبيعة وبخلت بجل خيراتها‪ .‬لذا فإن تفاصيل مواجهة المرأة وأهمية دورها ل تفهم‬
‫إل بعد إيضاح تلك الختلفات الحادثة بشأن مسألة الغذاء ‪ ،‬والتى نجملها حول رأيين‬
‫مهمين‪:‬‬
‫الرأى الول ‪ -‬عدم وجود مشكلة غذائية؛ وينطلق هذا الرأى من أن اقتصاديات‬
‫أوربا وافريقيا كانت ‪ -‬فى الوقت الذى وصل فيه كريستوفر كولمبس إلى امريكا سنة‬
‫‪ -1492‬غير نامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى‪ .‬فالصناعة فى أوروبا وافريقيا كانت‬
‫ل تزال فى مرحلة حرفية‪ ،‬وظلت الزراعة فى مرحلة ما قبل الرأسمالية‪ .‬ولم تتباعد‬
‫المسافات بين اقتصاديات القارتين إل بحلول العقود الوسطى من القرن التاسع‬
‫عشر)‪ .(1‬وهذا يعنى بأن افريقيا كانت على القل ندا ً لوربا فى مستويات المعيشة خلل‬
‫القرنيين السادس عشر والسابع عشر‪.‬‬
‫وهناك اسطورتان روجتهما الكتابات الغربية تدعمان هذا الرأى‪ :‬أولهما‪ ،‬اسطورة‬
‫افريقيا البدائية‪ ،‬التى تصور قاطنى القارة على أنهم أقرب إلى الهمج‪ ،‬ولترى لهم‬
‫فضل ً قدموه فى خلق أطر ثابتة للحصول على الغذاء‪ .‬فهم ما إل مجموعات من البشر‬
‫السذج البلداء وأنصاف الشياطين وأنصاف الطفال‪ .‬وبالتالى فإن الطبيعة هى التى كان‬
‫لها كل الفضل الكبر فى توفير الغذاء لهؤلء الكسالى‪ .‬ثانيهما‪ ،‬اسطورة افريقيا‬
‫المرحة‪ ،‬التى ترى أن عصر ما قبل الستعمار كان عصرا ً ذهبيا ً نعمت فيه أجيال من‬
‫الفارقة بحياة ملئمة‪ ،‬حيث كانت وسائل كسب الرزق ميسورة ‪ ،‬لن الموارد الغذائية‬
‫كن السكان من التركيز على الستمتاع‬ ‫تنمو تلقائية وبوفرة‪ .‬وهذا الحظ السعيد م ً‬
‫بأوقات الفراغ وقضاء الوقت فى قرع الطبول ‪.‬وبالتالى لم تكن هناك أدنى مشكلة‬
‫)‪(2‬‬

‫غذائية تواجه الفريقيين فى هذا الطار‪ .‬وبالغ البعض بالقول بأن الطبيعة ‪ -‬رغم قسوتها‬
‫‪ -‬وفرت لهم الغذاء‪ ،‬مما جعل الكسل أبرز صفاتهم‪ ،‬فأدى هذا المر إلى تراكم الثروة‬
‫دون الستفادة بها إلى الحد الذى يكفل لهلها مستوى اجتماعيا ً راقيا ً)‪.(3‬وبالطبع ل يمكن‬
‫القطع بأن السطورتين السابقتين تنطبقان على كل افريقيا‪ ،‬فإذا كان يمكن تصديق‬
‫هذه القوال على منطقة الغابات‪ ،‬فإنه ل يمكن تعميم ذلك على بقية القارة الفريقية‪.‬‬
‫فهناك كثير من الدلئل تشير بأن الفريقيين كانوا يبدون عناية خاصة بطعامهم‪ .‬فما‬
‫أشار إليه ابن بطوطة حينما تحدث عن مدينة كوكو – إحدى مدن السودان الغربى ‪-‬‬
‫بقوله بأنها تنتج الفقوس العنابى والملوخية البرية والثوم والكرنب والباذنجان‪ ،‬كما يكثر‬
‫عندهم نبات القرعة‪ ،‬فيستعملونه فى غذائهم ويصنعون منه أوانى يزينونها )‪ ،(4‬يدلل‬
‫على أن الفريقيين ليس لهم دور فى انتاج الغذاء فقط‪ ،‬بل فى تصنيفه للعديد من‬
‫الشكال أيضًا‪ .‬ورغم وفرة الغذاء إل أنه لم يكن يروق للرحالة أحيانًا‪ .‬فمع أن الذرة‬
‫المجروشة المخلوطة بالصلصات‪ ،‬وتلك المخلوطة بالعسل واللبن هى أكثر الوجبات‬

‫‪3‬‬
‫انتشارا ً فى السودان الغربى‪ ،‬وتعد أشهى الطعمة من وجهة نظرهم ‪ ،‬إل أنها لم تعجب‬
‫ابن بطوطة المتأنق فى مأكله‪ ،‬فلم يستسغ طعمها)‪.(5‬وإذا كانت وفرة الطعام ل تعد‬
‫مؤشرا ً على أن التغذية المتوفرة سليمة ومستساغة‪ ،‬إل أن عدم استساغتها من قبل‬
‫بعض الرحالة ل يدلل على وجود مشكلة غذائية‪ ،‬فالفروق الثقافية تلعب دورا ً هاما ً فى‬
‫عملية قبول أو رفض الطعام‪ .‬ورغم أن المناطق الفريقية ليست متشابهة غذائيًا‪ ،‬إل أن‬
‫الفارقة كانوا مع حلول القرن ‪ 15‬قد توصلوا فى كل مكان عبر القارة إلى فهم ل بأس‬
‫به بعلقة بين الكائنات الحية وبيئتها‪ ،‬خصوصا ً ما يتعلق بالتربة والمناخ والحيوانات‬
‫والنباتات‪ .‬بل كانت الزراعة هى النشاط السائد بشكل ساحق خلل القرون السابقة‬
‫على الصلة بالوربيين‪ .‬وأهم تطور ُرصد فى هذا التجاه تمثل فى إدخال الدوات‬
‫الجديدة ) الفأس ( بدل ً من الدوات الخشبية )‪ .(6‬وأن بعض المناطق أهتمت بتربية‬
‫الماشية من أجل اللحوم واللبان‪ .‬ومن ثم فإن تجارة الغذاء الحيوانية – خصوصا ً‬
‫الماشية‪ -‬سبقت مجئ الوربيين فى القرن الخامس عشر‪ .‬لهذا لم تكن الماشية مجرد‬
‫وسيلة لكسب المال من خلل بيع اللبن والسماد للمجتمعات الزراعية ‪ ،‬بل عدت‬
‫استثمارا ً طويل الجل ‪ .‬ومع ذلك ُأعتبرت استثمارا ً يمكن فقده بسهوله بسبب المرض‪.‬‬
‫كما حدث فى أواخر القرن التاسع عشر عندما أدى طاعون الماشية إلى هلك القطعان‬
‫فى أجزاء كثيرة من القارة )‪ .(7‬وطبقا لهذا الرأى كانت الحالة الغذائية فى افريقيا خلل‬
‫تلك الفترة جيدة للغاية‪.‬‬
‫والعلة التى قدمها أنصار هذا الرأى للرد على حجة معارضيهم‪ ،‬بأن القزام هم خير‬
‫دليل على وجود مشكلة غذائية‪ -‬بأن قزامة القزام وراثية‪ ،‬إذ أن بيئتهم داخل الشريط‬
‫المحصور بين خطى عرض ‪ 4°‬شمال ً و ‪ 5°‬جنوبا تعد أغنى وأزخر البيئات التى تجود‬
‫بالغذاء من بيئة جيرانهم الزراع طوال القامة‪ .‬وأن عضلتهم أكثر تماسكًا‪ ،‬كما أن بنيتهم‬
‫مكتنزة بالنسبة لرتفاع القامة)‪ .(8‬وتركيز هؤلء على علة العامل الوراثى فى وجود‬
‫القزام فى افريقيا‪ ،‬يدلل على محاولتهم لتحييد البيئة‪ ،‬باعتبار أن منطقة الغابات ل تعد‬
‫من المناطق القاحلة غذائيًا‪.‬‬
‫كما أن النمط الستهلكى السائد فى النتاج يعد خير دليل للقائلين بعدم وجود‬
‫مشكلة‪ .‬فقد كان الناس ينتجون لتلبية احتياجاتهم الخاصة دون السيطرة على وسائل‬
‫النتاج‪ ،‬فى ظل وجود أشكال هزيلة للقطاع تختلط مع نظام اللماناة) سيد الرض(‬
‫السائد خلل الفترة من القرن ‪ .(9) 18 -16‬وأن الربعة طرق الرئيسية فى الحصول‬
‫على الغذاء‪ -‬الصيد وجمع الثمار‪ ،‬وتربية الحيوانات المستأنسة‪ ،‬والزراعة‪ ،‬وصيد‬
‫السماك‪ -‬وأنماط التحركات الناتجة عن تلك الطرق )‪ (10‬ل تشير إلى وجود مشكلة‬
‫غذائية‪ ،‬بقدر ما تشير إلى تلك الختلفات ما بين عملية جمع الطعام وعملية انتاجه ‪.‬‬
‫والسؤال الذى يطرح نفسه هل تمكن أنصار هذا الرأى من تقديم نماذج لماكن الطعام‬
‫للستدلل بها على وفرة الغذاء فى افريقيا ككل خلل تلك الفترة ؟ والجابة تقول بأنهم‬
‫بالفعل حشدوا قدرا ً ل بأس به من الدلة للتدليل على أن الطعام كان متوفرا ً فى‬
‫مختلف أنحاء افريقيا ‪.‬فمنطقة غرب افريقيا؛ ذكروا بأن منطقة السفانا – على‬
‫سبيل المثال ‪ -‬كانت بدورها تتاجر فى الماشية والملح والسماك المجففة مع سكان‬
‫الغابات مقابل جوزة الكول‪ . ‬وكانت هناك حركة محدودة للمواد الغذائية خارج موقع‬
‫النتاج؛ فمركز تمبكتو التجارى كان يستورد الحبوب والخضر والماشية منذ القرن ‪،12‬‬
‫وكانت هناك تجارة هامة فى الدخن والرز والماشية منذ القرن ‪ .(11) 15‬وقالو بأن غذاء‬
‫بعض مناطق السودان الغربى قد ارتبط بالجراد‪ ،‬فهو يحمص ويؤكل أو يجفف ويطحن‪.‬‬
‫وأنهم كانوا يتناولون السماك طرية أو مجففة‪ ،‬ويصدرون جزءا ً منها إلى الشمال‬
‫الفريقى لتباع هناك بأثمان مرتفعة)‪.(12‬وأن الكسافا‪ ‬والبطاطس تنتشر فى منطقة‬
‫ل‪ ،‬إذ تسلق وتدهق‬ ‫بنين والمنطقة الساحلية حيث كانت البطاطا بدورها طعاما ً مفض ً‬
‫وتصنع منها فطائر تؤكل مع لحم البقر والضأن والدجاج‪ .‬أما الفقراء فيأكلون السمك‬
‫المجفف أو المدخن مع الخبز)‪.(13‬وفى واجادوجو استدلوا على وفرة الغذاء من وجود‬

‫‪4‬‬
‫اثنين من جامعى الضرائب؛ أحدهما يهتم بالرسوم على الحيوانات المذوبوحة والثانى‬
‫يهتم بالسلع )‪.(14‬واستدلوا من وصف أحد البرتغاليين فى القرن السادس عشر على‬
‫وفرة منطقة سيرليون بالغذاء‪ ،‬حينما أشار بأن سكانها كانوا ينتجون الفلفل والسكر‬
‫والعنبر والرز وصيد البحر ويزرعون نخيل الزيت )‪.(15‬واستدلوا من العادات الغذائية فى‬
‫منطقة غرب افريقيا على أن المحاصيل الجذرية التى تنتجها الوحدة من الرض يزيد‬
‫وزنها حوالى عشرة أمثال ما تنتجه هذه الوحدة من الحبوب‪ ،‬وأن باستطاعتها إعالة‬
‫كثافات سكانية أكبر‪ .‬وأن زراعة المحاصيل الجذرية فى منطقة غابات غرب افريقيا‬
‫ساعدت فى استقطاب عدد من السكان ‪ ،‬مثلما فعلت تجارة الصحراء حين ساعدت‬
‫على إقامة مستوطنات كبيرة يبلغ الواحدة منها عشرة َالف نسمة فى حقبة ما قبل‬
‫الستعمار )‪.(16‬‬
‫وكان هناك جدل حول موضوع ثورة انتاج الغذاء فى افريقيا الغربية؛ فالبعض يرى أن‬
‫الزراعة كانت معروفة منذ القدم‪ ،‬ممثلة فى الغذية الرئيسية؛ الدخن والرز والفونيو‬
‫فى منطقة السافانا‪ ،‬واليام ونخيل الزيت فى الغابات‪ .‬وأنه مع الصلت مع العالم‬
‫الخارجى فى عصر ما قبل الستعمار استمر تدفق النباتات إلى افريقيا الغربية‪ ،‬حيث‬
‫لسيوى ويام الكاكاو والموز والبلنتين‪ .‬ومن إشارة الرحالة النجليزى‬ ‫وصل اليام ا َ‬
‫جوبسون‪ ،‬الذى زار ساحل غمبيا فى القرن السابع عشر‪ ،‬بأن " الحرفة العامة التى ل‬
‫يعفى منها غير الملوك وكبار المسئولين هى الزراعة ‪ ....‬وأن الناس فى جميع‬
‫الطبقات يخضعون لها حسب قدراتهم " )‪ .(17‬نستشف قدرة الهالى فى الحصول على‬
‫الغذاء سواء من خلل تكييفهم للبئية المحلية أو عبر تبنيهم لنمط النتاج الستهلكى‪.‬‬
‫ومن وصف فليكس ديبوا ‪ -‬فى نهاية القرن ‪ -19‬بأن جل أهالى السودان الغربى‬
‫يعتمدون فى الحصول على الزبدة من شجرة الزبدة أو الكاريتا بعد قلى ثمارها‪ .‬وأن‬
‫شجرة الناتا ‪ Nata‬تعطيهم الدقيق الذى يبيعونه فى كل أسواق المنطقة لغناه بالمواد‬
‫السكرية‪ ،‬ناهيك عن أن اشارته لشجرة الجبن ‪ cheese‬والتى يستخرج منها كبسولت‬
‫طويلة تشبه الحرير‪ ،‬وأن أهم السلع التى تصدرها باماكو تتمثل فى شجرة الزبدة وجوز‬
‫الكول والحبوب)‪ ،(18‬نستدل على أن الرحالة قد شهدو بأن بيئة غرب افريقيا لم تضن‬
‫على أهلها بمقومات العيش‪ .‬ونستشف من إشارة فليكس ديبوا بأنه حينما اتخذ بيتا ً فى‬
‫تمبكتو‪ ،‬وأنه قد امتل بهدايا الهالى من البيض والملح والدجاج والكتاكيت والغنام‪،‬‬
‫وإيضاحه بأن أهلها يأكلون جوز الكول والتمور والبسكويت والكسكسى ولحوم الحمام‬
‫والماعز‪ ،‬ويشربون الشاى والقهوة أحيانا ً )‪ ،(19‬دليل ً هاما ً ليس على وفرة المنطقة‬
‫بالمواد الغذائية فقط‪ ،‬بل على دور السكان المحليين فى الستفادة بأقصى صورة‬
‫ممكنة من بيئتهم التى تجود بالخيرات‪.‬‬
‫وإذا نظرنا إلى قائمة المواد الغذائية المعروضة فى سوق ايجيرين ) نيجيريا( فى‬
‫سبتمبرعام ‪ 1892‬والمتمثلة فى‪ :‬جوزة أصال والفول وبذور البنى وبذور ايجوسى‬
‫ودقيق البطاطا والفول السودانى وثمرة الخروب والذرة والبامية وزيت النخيل والفلفل‬
‫وزبدالشى واليام ودقيق اليام‪ .‬ومن قائمة المعروض بالنسبة للمواشى والدواجن‪:‬‬
‫العجول والبط والماعز ودجاج غينيا والحمام والخراف والديوك الرومية)‪ ،(20‬نستدل على‬
‫تنوع وثراء المنطقة بالمحاصيل الغذائية‪ ،‬ونقدر الجهد الذى بذله القائلين بعدم وجود‬
‫مشكلة غذائية بحشدهم العديد من الدلة التى تقوى حجتهم ‪.‬‬
‫وفيما يتعلق ببلدان شمال افريقيا؛ قالوا بأنها عرفت التخصص فى زراعة‬
‫المنتجات الغذائية‪ ،‬فسجلماسة على سبيل المثال كان بها نخيل كثير وأنواع من التمر ل‬
‫يشبه بعضها بعضا ً )‪ ،(21‬وأن َاثار الغزو المغربى لمنطقة السودان الغربى فى نهاية‬
‫القرن السادس عشر‪ ،‬تدلل على دخول تلك البذور والمزروعات الغذائية التى تخصص‬
‫فيها المغرب‪ ،‬كالحوامض والبطيخ الحمر والقمح الصلب والتبغ وقصب السكر )‪.(22‬وأن‬
‫مصر فى القرن ‪ 18‬تخصصت فى زراعة القمح والذرة والشعير والرز وقصب السكر‬
‫والبصل والقرطم والفول والعدس )‪.(23‬فى حين ظلت صناعات استخراج زيت النخيل‬

‫‪5‬‬
‫وزيت الفول السودانى وحرف الجزارين والعطارين والبقاليين فى اطار الصناعات‬
‫المنزلية)‪.(24‬وكما هو معروف كان الشمال الفريقى متقدما فى انتاج المحاصيل‬
‫الغذائية‪ ،‬وكانت هناك فروق واضحة بينه وبين بقية القارة الفريقية‪ .‬فمن تشكلية‬
‫الطعمة التى دخلت من شمال افريقيا إلى أرض الهوسا فى القرنين ‪) 18 ،17‬الكاكى‬
‫والكولس والجناجيس والجراسا والكسكسى وغيرها( )‪ ،(25‬يمكننا استيضاح الفروق فى‬
‫ثقافة الغذاء بين الطرفين‪ .‬وأن الشمال الفريقى كان يقرض اسلوبه الغذائى لكافة‬
‫المناطق الملتصقة به من ناحية الجنوب‪ ،‬حيث لم نجد أية اشارة تبين تأثر الشمال‬
‫بنوعية الطعمة التى تم تناولها فى تلك المناطق‪ ،‬اللهم إل استيراد بعض أنواع السمك‪.‬‬
‫أما فيما يختص بمنطقة شرق ووسط افريقيا‪ ،‬فقالوا بأن سكان جزيرة‬
‫مدغشقر كانوا مشهورين بانتاج المواد الغذائية‪ ،‬فكانوا يزرعون الموز والرز والتارو‪ ،‬بل‬
‫صدروا مواد غذائية فى اطار التجارة السواحلية إلى ساحل شرق افريقيا منذ القرن‬
‫الحادى عشر‪ ،‬ودخلت زراعة البن فى جزيرة مورشيوس فى القرن ‪.(26) 18‬وقالوا‬
‫بنشأة تجارة محلية حول بحيرتى تنجانيقا والبرت فى زيت النخيل والماشية والملح‬
‫قبيل النصف الثانى من القرن التاسع عشر‪ .‬وأن العرب قد أنشأوا أسواقا ً يومية غرب‬
‫بحيرة تنجانيقا وشرقيها‪ ،‬تحدث عن أحدها الرحالة كميرون سنة ‪ – 1874‬سوق‬
‫أوجيجى‪ -‬بأنه كان مملوءا ً بالضجيج‪ ،‬وأن الناس كانوا يتاجرون فى البطاطا واليام‬
‫والفواكه وزيت النخيل والخضروات واللحوم وقصب السكر‪ .‬وقد أشاد البلجيكيون بما‬
‫وجدوه فى سوق كاسونجو سنة ‪ 1893‬وأن العرب قد امتلت مخازنهم بكميات وفيرة‬
‫من الرز والشعير والرمان والناناس والطعام)‪ .(27‬واستدلوا من أراضى الكاساى‬
‫وروافده؛ بأن النونو والنتوبا ‪ -‬ابتداء من القرن ‪ – 18‬كانوا ينتجون الملح وكحول قصب‬
‫السكر لسوق نهر الكونغو‪ ،‬حيث كانت التجارة المحلية تشمل نوعين من السلع‪ :‬السلع‬
‫الغذائية؛ وتتمتع بسوق ضخم ونخيل الزيت يوفر سلعا ً مفيدة ومتعددة‪ ،‬وهناك الملح‬
‫وأنواع المشروبات الكحولية المنزلية)‪.(28‬فقد كان توافر الملح حول بحيرة البرت قد‬
‫جعل منطقة كاتوى لها شهرة واسعة فى إمداد المناطق حولها بهذه السلعة‪ .‬بل إن‬
‫الرحالة ليفنجستون تحدث سنة ‪ 1869‬عن توافر الملح حول بحيرة نياسا)‪ .(29‬وهناك‬
‫اشارات بأن عملية بيع السلع الغذائية قد انتعشت عبر أسواق شرق افريقيا‪ ،‬وأن هناك‬
‫تجارة فى المواد الغذائية بين ساحل شرق افريقيا والداخل‪ ،‬أشار إليها أحد الضباط‬
‫البريطانيين سنة ‪ 1890‬حين ذكر بأنه استطاع فى بضعة أيام شراء عشرة أطنان من‬
‫الغذاء فى جنوب بلد كيكويو)‪ .(30‬ونخلص من ذلك بأن منطقة شرق ووسط أفريقيا‬
‫كانت كغيرها من المناطق الفريقية تنتج المحاصيل الغذائية‪ ،‬ول توجد بها أدنى مشكلة‬
‫بشأن الغذاء‪.‬‬
‫أما فيما يختص بمنطقة الجنوب الفريقى ‪ ،‬فقد ظل الدور الرئيسى لطبقة‬
‫الفلحين فى جنوب افريقيا متمثل ً فى إنتاج الغذاء للفريقيين ) الذرة والقمح والبطيخ‬
‫وخلفه (‪ .‬وهناك تقارير كثيرة تحدثت عن الحالة القتصادية الجيدة للفريقيين قبل‬
‫مرحلة الستيطان الوربى ‪ .‬فقد ذكرت تقارير الرحالة والمبشرين والتجار البيض بأن‬
‫الفريقيين كانوا يزرعون أربعة أنواع من الذرة ‪ ،‬ونوعين من الفول ونوعين من‬
‫البطاطس ‪ ،‬وأربعة أنواع من قصب السكر والقرع ‪ ،‬ويزرعون الخضروات‬
‫والفواكه)‪.(31‬ومن ثم فإن التقارير أظهرت بأن الغذاء الذى كان ينتجه الفلحون‬
‫الفريقيون كان غذاًء جيدا ً به بورتينات وسعرات حرارية وفيتامينات‪ .‬وقالوا بأن البيئة‬
‫الطبيعية هى المصدر الرئيسى لغذاء البانتو‪ ،‬حيث تتوفر الحيوانات البرية التى تمدهم‬
‫باللحوم‪ ،‬ناهيك عن تربيتهم للماشية والماعز والغنام والطيور‪ .‬وأن بيئتهم الزراعية‬
‫كانت تمدهم بالخضروات والفواكه )‪ ،(32‬بما يدلل على أن البيئة الفريقية وفرت لهم كل‬
‫الفرص للحصول على الغذاء الجيد‪ .‬بل إن حديث الرحالة فى القرنيين ‪ 17‬و ‪ 18‬عن‬
‫ثراء منطقة الجنوب الفريقى بالماشية والسماك والغنام والملح واللبان ‪ ،‬وتركيزهم‬
‫على دور السكان فى زراعة اللوبيا والذرة والفاصوليا وأشجار الفاكهه والقمح‬

‫‪6‬‬
‫والخضروات )‪ .(33‬يقطع بأن منطقة الجنوب الفريقى كانت ‪ -‬كغيرها ‪ -‬حافلة بكثير من‬
‫الخيرات‪.‬‬
‫ومن ثم فإن استعراض أنصار هذا الرأى لجغرافيا الطعام فى افريقيا فى عصر ما‬
‫قبل الستعمار يشير إلى انحياز الطبيعة لسكانها فى توفير مجمل احتياجاتهم الغذائية‪.‬‬
‫وننتهى من استعراض هذا الرأى إلى نتيجتين هامتين‪ :‬أولهما‪ ،‬أن الغذاء كان متوفرا ً فى‬
‫كافة المناطق الفريقية‪ ،‬ومن ثم لم تميز الطبيعة فريقا ً من السكان وتضن على فريق‬
‫َاخر‪ .‬ثانيهما‪ ،‬أن القائلين بعدم وجود مشكلة غذائية ل يركزون على دور البيئة فقط فى‬
‫توفير الغذاء‪ ،‬بل يعترفون بجهد الهالى فى استغلل تلك البيئة وتطويعها لنتاج الغذاء‪.‬‬
‫ومن ثم فإن حديثنا عن مواجهة بين المرأة ومشكلة الغذاء فى ظل هذه البيئة السعيدة‬
‫ل يعد نوعا ً من السفه‪ .‬خاصة إذا ما أخذنا فى العتبار ما قدمته المرأة الفريقية فى‬
‫هذه المرحلة‪ ،‬لقلنا بأن المرأة – كما سنعرف – كانت طرفا ً أصيل فى صياغة تلك البيئة‬
‫السعيدة الخالية من أية مشاكل غذائية‪.‬‬
‫الرأى الثانى – وجود مشكلة غذائية؛ وهو يدور حول أن المشكلة الغذائية كانت‬
‫انعكاسا ً لطبيعة القتصاد الفريقى فى تلك الفترة‪ .‬فهناك من يرى بأن القطاع الزراعى‬
‫السائد كان مصابا ً بالشلل نتيجة عدة عوامل من بينها التكنولوجيا البدائية والحيازة‬
‫الجماعية للرض والسرة الممتدة ‪ ،‬وبالتالى لم تكن هناك أية سوق لعوامل النتاج‪ ،‬أى‬
‫لم تكن هناك أية وسائل مؤسسية منتظمة لبيع الرض أو لستئجار اليدى العاملة‪ ،‬أو‬
‫لجمع الموال‪ ،‬وكانت النتيجة أن ظلت العوامل النتاجية المحتملة غير مستثمرة)‪.(34‬‬
‫والبعض يرى أن الصورة النمطيه لقاطن المناطق الستوائية القانع الذى يجمع ثمرة‬
‫الخبز‪ ‬ثم يركن إلى سبات مزمن إلى أن يوقظه مستكشف أجنبى‪ ،‬هى صورة ل‬
‫أساس لها ‪ .‬ذلك أن جمع الحبوب والجذور والفاكهة البرية لم يكن فى العادة أكثر من‬
‫تكملة عرضية للزراعة‪ .‬وحينما كان جمع الثمار هاما ً للقتصاد المحلى ‪ ،‬كما فى أجزاء‬
‫من السافانا خلل فصل الجفاف‪ ،‬فإنه علمة ل على الترف وإنما على المشقة‪ .‬فسكان‬
‫جدوا فى طلب امدادات عذائية‬ ‫تلك المناطق كانوا يرغمون بحكم الضرورة لن ي ً‬
‫ً‬
‫اضافية‪ .‬فاقتناص الحيوانات وصيد السماك كانا نشاطين أكثر تخصصا من جمع الثمار‬
‫لنهما يتطلبان درجة أعلى من المهارة ‪ .‬وكان اقتناص الحيوانات ذا أهمية خاصة فى‬
‫الغابات‪ ،‬حيث يوجد نقص فى اللحوم‪ ،‬وكان يصل إلى ذروته فى موسم الجفاف‪ ،‬عندما‬
‫ينخفض الطلب على اليدى العاملة الزراعية إلى أدنى مستوى‪ ،‬وعندما يؤدى شح‬
‫امدادات المياة إلى تيسير التعرف على أماكن الطرائد‪ .‬فلم يحدث أى تحسن لنوعية‬
‫الغذاء الذى تحصل عليه الجماعات التى تعيش فى الغابات إل بعد تحسن وسائل الصيد‬
‫باستخدامهم للسلحة النارية بعد الحتكاك باوروبا )‪ .(35‬ومن ثم كانت هناك مشكلة‬
‫غذائية خطيرة تعانى منها كافة المناطق الفريقية‪ .‬وبالطبع سوف ل نسير على نمط ما‬
‫سرنا عليه فى الرأى الول‪ ،‬باستعراض كافة الحجج‪ ،‬لكن بحكم ميلنا للرأى الثانى‪،‬‬
‫القائل بوجود مشكلة غذائية‪ ،‬نستشهد بأمور ستة تدعم هذا الرأى‪:‬‬
‫أولها‪ ،‬انتشار الخسائر البشرية وأكل الطعمة غير المألوفة ‪ ،‬حيث يشير‬
‫بانيكار ‪ -‬اعتمادا ً على رواية البكرى‪ -‬بأن أهل سجلماسة كانوا يسمنون الكلب‬
‫ويأكلونها كما يصنع أهل مدينة قفصة وقسطيلة)‪.(36‬ولشك أن الفعل ليس من أمر‬
‫الدين‪ ،‬ومع ذلك ل نعرف ما هى الدوافع التى جعلتهم يلجأون لمثل هذا الفعل‪ ،‬خصوصا‬
‫وأنه غير مرتبط بمجاعة‪ .‬فالمجاعات هى التى تتسبب فى التيان بأفعال غير مألوفة‪.‬‬
‫ففى شرق افريقيا الوسطى تسبب الجفاف فى حدوث مجاعات كبيرة فى أواخر القرن‬
‫‪ .16‬ومن المرجح أن الجفاف الذى حدث خلل أربع فترات من سنة ‪ 1588‬إلى ‪1621‬‬
‫قد تسبب فى خسائر بشرية فادحة‪ .‬بل اتسمت النباء الواردة من مصر بفظاعة‬
‫شديدة‪ ،‬فقد أصبح أكل لحوم البشر والجيف ظاهرة مألوفة‪ ،‬ومات جوعا ً ما يقدر‬

‫‪7‬‬
‫بنصف سكان البلد ‪ ،‬وربما ما ذكر عن مصر يصدق أيضا ً على معظم أنحاء منطقة‬
‫البحيرات الكبرى )‪.(37‬‬
‫وحينما حدثت المجاعة عبر بحيرة تشاد فى القرنيين السابع عشر والثامن عشر –‬
‫وأكثرها خطورة تلك التى حدثت عام ‪ – 1680‬استولى سكان دجنة على مخازن‬
‫أسيادهم‪ .‬وعندما امتدت من ساحل سنغامبيا إلى المجرى العلى للنيل " باع العديد من‬
‫أنفسهم كعبيد بهدف وحيد وهو البقاء " ‪ .‬وتكررت هذه الحالة أيضا ً بين العوام ‪-1738‬‬
‫‪ 1756‬عندما عرفت افريقيا الغربية أكبر أزمة معيشية مأسوية أحدثها الجفاف والجراد‬
‫معا ً وقيل أنها قتلت نصف سكان تومبكتو " الناس الكثر تميزا ً لم يأكلوا سوى ‪...‬‬
‫الحبوب والعشاب ‪ ..‬أو جميع أنواع الحبوب التى لم يكن يأكلها فى الوقات العادية‬
‫سوى الناس الفقراء والعامة " بل إن الفقراء تحولوا إلى أكلة لحوم البشر‪ .‬وفى‬
‫الرأس الخضر حدثت ثلث مجاعات بين العوام ‪ 1866-1773‬قتلت كل واحدة حوالى‬
‫أربعين ألفا ً من السكان )‪.(38‬وبالطبع ساعدت تلك المجاعات على انتشار ثورات‬
‫الفلحين خلل القرنين السابع عشر والثامن عشر ضد أنظمة حكمها السياسية فى‬
‫شمال ووسط وجنوب افريقيا)‪ .(39‬هذا بالضافة أنه خلل اجتياح الجراد للشاطئ‬
‫الموزمبيقى فى عام ‪ " 1589‬كان يوجد نقص فى التموين ‪ ،‬مما دفع الرجال لبيع‬
‫أنفسهم كعبيد‪ ،‬فقط من أجل الحصول على القوت ‪ ،‬كما قايضوا أولدهم مقابل حفنة‬
‫من الدخن ")‪.(40‬‬
‫وفيما بين العوام ‪ 1500‬و ‪ 1800‬عرف المغرب عشرة أوبئة من الطاعون على‬
‫القل‪ ،‬كانت مأسوية فى القرن ‪ . 17‬فالمجاعة التى عرفتها فاس فى ‪1662-1661‬‬
‫مات فيها الثرياء بصورة كبير‪،‬ة شأنهم شأن بقية الفقراء‪ ،‬لهذا لم يزد سكان المغرب‪،‬‬
‫البالغ عددهم ثلثة مليين عام ‪ ،1500‬إل مليونا ً حتى عام ‪ .1800‬وعرفت مصر وبائين‬
‫للكوليرا فى النصف الول من القرن ‪ 19‬أحدهما فى عام ‪ 1831‬قتل ‪ 150000‬شخص‬
‫لخر عام ‪ 1835‬قتل ‪ 200000‬شخص )‪.(41‬وهذا ما يدلل على أن الجفاف والوبئة‬ ‫‪ ،‬وا َ‬
‫عانت منهما كافة المناطق الفريقية ‪ ،‬وأنهما لم يستثنيا منطقة دون أخرى‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن ردود الفعال بأكل الجيف والطعمة غير المألوفة وحدوث الخسائر البشرية‬
‫تشابهت فى مختلف المناطق ‪.‬‬
‫ثانيها‪ ،‬وجود القزام فى افريقيا‪ ،‬فقد أوضحت الدراسات الخاصة بالتغذية وجود‬
‫نقص واضح فى كسترول المصل ونقص فى نسبة البروتين‪ ،‬وفسر البعض أن وجود‬
‫القزام يرجع إلى نقص هرمون الثيروكسين من الغدة الدرقية‪ ،‬حيث يصحب نقص‬
‫افراز ذلك الهرمون عدم نشاط عملية التمثيل الغذائى‪ .‬ويرى البعض بأن القزمية هى‬
‫مرض ينشأ عن نقص اليود فى الغذاء ‪ ،‬فيسبب نقص افراز الغدة الدرقية فى الم خلل‬
‫فترة الحمل اصابة اطفالها بالقماءة )‪ .(42‬ومن ثم فإن وجود هؤلء القزام يعد خير دليل‬
‫على وجود مشكلة غذائية كبيرة ‪.‬‬
‫ورغم أن كل الذين روجوا لعدم وجود مشكلة غذائية قد استشهدوا بالقزام وحياتهم‬
‫المرتكزة على القنص والصيد ‪ ،‬إل أن حصيلة صيدهم وطريقة تبادلههم مع الجماعات‬
‫الزنجية المجاورة لهم للحصول منهم على المواد الغذائية )الخضروات والذرة والكاسافا‬
‫والموز( )‪ ،(43‬تدلل على وجود مشكلة غذائية يعانى منها هؤلء القزام ‪.‬‬
‫ثالثها‪ ،‬حدوث النكبات المرتبطة بالمجاعات ‪ ،‬فحينما كانت تحل المجاعات‬
‫بإحدى المناطق كانت تسبب حدوث نكبة ومشاكل للفريقيين‪ .‬فعلى سبيل المثال‬
‫قللت عدد السكان فى الجزاء الوسطى من السودان الغربى بصورة كبيرة فى القرنين‬
‫السابع عشر والثامن عشر)‪.(44‬بل كان حلول القحط والجفاف أحيانا ً يرغم الفريقيين‬
‫على ترك أراضيهم والدخول فى خدمة الوربيين‪ .‬وهذا ما حدث فى جنوب افريقيا فى‬
‫أواخر القرن ‪ ، 19‬حينما تسبب القحط فى حدوث مشكلة غذائية فى مناطق‬
‫الفريقيين‪ ،‬فانعكس تحولهم عن أراضيهم والدخول فى خدمة الوربيين حل مشكلة‬
‫الخيرين وتفاقم المشكلة الغذائية فى مناطق الفريقيين)‪.(45‬‬

‫‪8‬‬
‫ويمكن استيضاح وجود مشكلة غذائية من النكبات المرتبطة بسياسة السكان فى‬
‫تدبير الغذاء فى فترات المجاعة ‪ ،‬فقد ثبت أن الفكرة التى تزعم أن فلحى الشونا‬
‫) فى زيمبابوى( كانوا ضحايا ل حول لهم ول قوة أمام المجاعات ل تستند إلى أساس‪.‬‬
‫حيث أوضح الدكتور ريشارد موتيتوا أن سكان الجنوب الشرقى على سبيل المثال كانت‬
‫لهم عدة طرق للتنبؤ بالمجاعة وأخرى لمكافحتها‪ ،‬منها مقايضة الحبوب بالملح ‪ ،‬ومنها‬
‫لجوئهم إلى التسول أحيانا ‪ ،‬ومنها اقتراضهم للحبوب مقابل ردها فى الموسم الجيد‬
‫التالى‪ ،‬وفى الحوال الصعبة كان الرجل يرهن ابنته‪ ،‬ومنها أيضا ً أنهم يلجأون لصيد‬
‫السماك والحيوانات )‪.(46‬‬
‫ويورد موتيتوا فى دراسته حججا ً على أن مشكلة التخزين لم تكن ذات خطر‪ ،‬لنه‬
‫يمكن تخزين الذرة والسرغم لمدة عام أو أربعة أعوام بسهولة‪ .‬ولحظ بيتش أن‬
‫الرطوبة كانت تزيد من بلل سلل الحبوب أثناء موسم المطار‪ ،‬وهو ما كان يتسبب إما‬
‫فى تعطن الحبوب أو فى تسهيل التهام الحشرات القارضة إليها‪ .‬لهذا تغطى سلل‬
‫الحبوب بعناية من الداخل ثم تغلق بإحكام لتصبح مصمتة ‪ .‬كذلك توضع السلل على‬
‫صخور عارية لمنع النمل من الوصول اليها‪ .‬وفى حالة عدم وجود هذه الصخور كانت‬
‫سلل الحبوب توضع على صوارى مرتفعة إلى حد معقول كى يمكن اكتشاف النمل قبل‬
‫أن يتطرق اليها أى تلف)‪.(47‬‬
‫وأفرط بعض المؤرخون فى التعميم بصدد المجاعات التى حدثت فى افريقيا قبل‬
‫العهد الستعمارى‪ ،‬فلم يناقشوا الكيفية التى استجاب بها الفارقة للجفاف على نحو‬
‫خلق‪ .‬ولم يناقشوا كيف كانت موجات الجفاف تؤثر وتسهم على سبيل المثال فى‬
‫ادخال تغييرات فى نظم النتاج والتوزيع ‪ ،‬وفى تحسين المحاصيل الغذائية وأساليب‬
‫حفظ الغذاء)‪.(48‬وتتصل مسألة موجات الجفاف والمجاعات بقضية أوسع نطاقا ً هى‬
‫كفاءة القتصاد الفريقى فى عصر ما قبل الستعمار‪ .‬ويوضح فانسينا أن الفترة من‬
‫‪ 1500‬إلى ‪ ، 1800‬شهدت ظهور تكنولوجيات مكثفة لستخدام الراضى سمحت‬
‫بدورها بوجود كثافة سكانية أعلى‪.‬فرغم أن ممارسة الزراعة الكثيفة قد تقادمت فى‬
‫شمال افريقيا ‪ ،‬إل أن جيوب هذه الزراعة التكثيفية قد ظهرت فى غرب افريقيا‬
‫ووسطها‪ .‬حيث استخدمت أساليب زراعية متقدمة مثل إنشاء المصاطب والدورة‬
‫الزراعية والسماد الخضر والزراعة المختلطة وزراعة المستنقعات المنظمة)‪.(49‬بل‬
‫تسببت استراتيجية النتاج للسر المعيشية المحلية التى نتجت عن الختلفات فيما تهبه‬
‫البيئة المحدودة من الموارد الطبيعية والبشرية‪ ،‬فى نشأة التجارة القريبة‪ .‬فالهدف‬
‫الساسى لغالبية السر المعيشية كان ضمان المنتجات اللزمة للحفاظ على مستوياتها‬
‫المعيشية المألوفة ‪ ،‬وبغية ذلك كانت تزرع مقدار المحاصيل اللزمة للبقاء فيما كان‬
‫يعرف من واقع خبرتهم أنه سنة مجدبة‪.‬وفى بعض الحيان كان يتم تخزين المحاصيل‬
‫للستعمال المقبل ‪ ،‬ولم يكن هذا ممكنا ً دائما ً مع وجود أصناف قابلة للتلف‪ .‬فقد كانت‬
‫هناك حدود لمقدار الغذاء الذى تستطيع جماعة واحدة أن تأكله فى فترة زمنية قصيرة‪،‬‬
‫لهذا تتم المتاجرة فى الناتج المحلى إذا كانت القرى المجاورة تعانى نقصا ً فى المواد‬
‫الغذائية )‪.(50‬‬
‫وفى شرق افريقيا كانت أعمال الزراعة والرعى تهدف إلى إبعاد أخطار المجاعة ‪،‬‬
‫فقد كان الجوع يأخذ أشكال عدة ؛ فقد كان سكان الكامبو فى منطقة غرب تنزانيا‬
‫يعتبرون الشهر الثلثة السابقة للمحصول " الذى يبحث عن الطحين " بمثابة فترة‬
‫مجاعة‪ .‬وهناك مواسم رديئة تحدث كل خمس أو عشر سنوات‪ .‬أما المجاعة الكبرى‬
‫عندهم فهى المجاعة التى تقتل‪ ،‬وهناك الكارثة الممتدة على سنوات عدة ‪ ،‬والتى‬
‫حسب روايات شمال أوغندا أو أنجول كانت تحصل مرة فى حياة كل انسان‪ .‬هذه‬
‫الكارثة أحدثتها غيوم من الجراد كانت تصحب مجاعة عام ‪ 1589‬على ساحل موزمبيق‪.‬‬
‫أو المجاعة التى حلت بساحل جنوب افريقيا سنة ‪ 1652‬وواجهها المستعمرون‬

‫‪9‬‬
‫الهولنديون‪ .‬أو كتلك التى واجهتها قبائل التسوانا فى القرن ‪ ،18‬فقد كانوا يسلمون‬
‫على بعضهم بالقول ‪ :‬ماذا تأكل؟ ‪ .‬بل إنها أصابت أيضا المناطق ذات المطار الغزيرة‪،‬‬
‫فقد كان فى البوجندا َالهة للجفاف‪ .‬وعرفت رواندا وبورندى الكثير من المجاعات‪ ،‬حيث‬
‫كان سكانها يهتمون بأخذ بعض الحتياطات للتقليل من الخطر فى شكل مخازن‬
‫للحبوب وماشية تستخدم كاحتياط فى حال القحط‪ .‬فقبائل السان فى جنوب افريقيا‬
‫كانت تلجأ للتبادل والمساعدة اليومية وأحيانا يبيعون ممتلكاتهم ويهاجرون‪ .‬ولم يكن‬
‫البرازيروس ) فئة نشأت نتيجة زواج البرتغاليين مع أهالى موزمبيق وأنجول( يعتقون‬
‫عبيدهم إل فى وقت المجاعة‪ .‬وكانت الروابط العائلية تتفكك‪ ،‬وكانت الوفيات ترتفع إلى‬
‫أقصى حد عندما يضاف العنف إلى المجاعة كما يقول المثل الصومالى " حرب وجفاف‬
‫‪ ،‬وسلم وحليب " )‪ .(51‬ونخلص من ذلك إلى أن تواتر المجاعات وانتشارها عبر القارة‬
‫الفريقية فى فترة ما قبل الستعمار هى خير دليل على وجود مشكلة غذائية عويصة‬
‫ومستمرة تعانى منها كافة مناطق القارة ‪.‬‬
‫رابعها‪ ،‬الواردات الغذائية؛ رغم عدم وجود دلئل تشير الى أن الفارقة كانوا طرفا ً‬
‫ملزما ً فى فرض هذه السلع الغذائية المستوردة ‪ ،‬إل أن استيرادها فى ذاته ينم على أن‬
‫القارة كان ينقصها مواد غذائية كثيرة ل يتم انتاجها داخل القارة‪ .‬والمحاصيل الغذائية‬
‫القادمة من أمريكا وَاسيا خير دليل على هذا المر‪ .‬فقد كان يتم تجربتها بحذر‪ ،‬حيث لم‬
‫يكن متصور أن تعرض أية جماعة امداداتها الغذائية المستقرة للمخاطرة من خلل‬
‫التسرع بزراعة محصولت جديدة غير مختبرة ‪ .‬فالكاسافا التى ُأدخلت فى القرن‬
‫السابع عشر لم تبدأ فى النتشار إل فى نهاية القرن الثامن عشر ‪ .‬وحيث تم القبال‬
‫على نباتات وبذور جديدة لم يكن سبب ذلك أنها استحوذت على إعجاب ُأناس بدائيين‪،‬‬
‫ولكن لنه نظر إليها على أنها إضافات مفيدة إلى ما يوجد من الغذية‪ .‬وهكذا نجد أن‬
‫الذرة انتشرت فى المناطق التى كان يسود فيها محصول اليام والسرغم لنها تعطى‬
‫محصولين فى السنة لكل منهما غلة طيبة‪ ،‬على حين أصبحت الكاسافا شائعة فى‬
‫المناطق المنتجة لليام‪ ،‬لن زراعتها سهلة ولنها تنتج الغذاء طوال العام ‪ .‬ومع أن أنواع‬
‫اليام ظلت غذاًء مفضل ً للفريقيين فيما بعد‪ ،‬لن قيمتها الغذائية أعلى ‪ ،‬إل أنها كانت‬
‫ترهق التربة وتتطلب قدرا ً أكبر من العمل )‪ .(52‬وبالتالى فإن الغذاء الجديد لم يستطع‬
‫البقاء بحجة الخوف من حدوث مجاعة إل عندما قبله الفارقة طعاما ً لهم ‪ .‬وما يعنينا‬
‫فى هذا الطار هو التوصل إلى نتيجة مفادها أن العادات الغذائية الجديدة احتاجت إلى‬
‫قرنيين كامليين لن تتجذر داخل المجتمعات الفريقية‪ .‬فقد ظل السرغم والدخن‬
‫طوال القرن ‪ 18‬هما المحصولين الرئيسيين فى الراضى المنخفضة فى منطقة‬
‫البحيرات‪ .‬ولم يتمكن البرتغاليون من إضافة الذرة والمنيهوت والفاصوليا والبطاطا من‬
‫أصل امريكى إل فى نهاية الحقبة‪ .‬مع العلم بأن الذرة وصلت منذ القرن ‪ 17‬إلى‬
‫الشعوب التى تتكلم لغة ناجوبى فى الجنوب الشرقى لفريقيا )‪ .(53‬وعلى كل الحوال‬
‫فإن إضافة موارد غذائية جديدة يعد دليل قويا ً على أن الموارد الموجودة ل تستطيع أن‬
‫تتكيف مع الوقائع الجارية على أرض القارة الفريقية ‪.‬‬
‫فقد كان ادخال محاصيل غذائية جديدة له الثر اليجابى فى إحداث تغييرات فى‬
‫النظام الغذائى وتحسين صحة الفارقة وزيادة السكان‪ .‬فقد سمحت المحاصيل‬
‫المستجلبة من القارة المريكية لفريقيا الستوائية ولمناطق الغابات بوجه خاص بتغذية‬
‫أعداد من السكان تزيد عما كانت عليه فى الماضى عدة مرات‪ .‬وأحدث إدخال الذرة‬
‫والفول السودانى والكاسافا وأنواع مختلفة من اليام والبطاطا الحلوة والفواكة‬
‫الحمضية والطماطم والبصل والتبغ تغييرا ً دائما ً فى العلقات القائمة بين الفارقة‬
‫وبيئتهم‪ .‬ومن ثم يتضح بأن اعتماد الفارقة على الذرة الرفيعة واليام وأنواعه بوصفهما‬
‫المحصوليين الرئيسيين‪ -‬إلى اليوم ‪ -‬يرجع الى الفترة من ‪ . 1800 -1500‬فقد أسهمت‬
‫هذه الثورة الزراعية فى تقسيم العمل‪ ،‬وبدأ الرجال شيئا فشيئا فى ترك المهام‬
‫الزراعية – مثل تطهير الرض وإعداد المحاصيل‪ -‬للنساء والعبيد مؤسرين تكريس‬

‫‪10‬‬
‫أنفسهم للتجارة التى كانت أكثر إدرارا ً للربح)‪.(54‬وهذا يعنى أن جلب محاصيل غذائية‬
‫جديدة كان له دور كبير فى توجيه النساء الفريقيات للعمل فى الراضى الزراعية‪.‬‬
‫خامسها‪ ،‬وجود تباين اجتماعى‪ ،‬فوجود أغذية خاصة بالفقراء وأخرى خاصة‬
‫بالغنياء ملمح غاية فى الهمية للقرار بوجود مشكلة غذائية‪ .‬فتشير التقارير إلى أن‬
‫الطبقات الثرية كان باستطاعتها الحصول على الصناف الغالية الثمن‪ ،‬مثل اللحم‬
‫والقمح واليام‪ ،‬وكذلك الملح وسلع الترف من الخارج‪ ،‬كهؤلء الذين كانوا يحيون حياة‬
‫القصور المحصنة على غرار الغزاة الفولنى فى هضاب غينيا‪ .‬أما الفقراء فى افريقيا‬
‫الغربية فى عصر ما قبل الستعمار‪ ،‬فكان عليهم أن يقنعوا باللحوم غير الصالحة‬
‫والحبوب الرديئة أو الكاسافا أو بدائل الملح غير المستوفية للشروط‪ ،‬وفى أوقات‬
‫الفاقة الشديدة كان يتعين على الرجال الحرار أن يرهنوا أنفسهم أو أفرادا ً من أسرهم‬
‫لدى الدائنين الثرياء)‪ .(55‬ومن ثم فإن المستويات الغذائية المختلفة تعد مؤشرا ً هاما ً‬
‫على وجود تباينات اجتماعية تقول بوجود الطبقية داخل المجتمعات الفريقية فى الفترة‬
‫التى سبقت الستعمار الوربى للقارة ‪.‬‬
‫فقد كان الفقراء دائما ً هم الذين يجابهون تلك المشكلة‪ .‬وتدلل إحدى الدراسات بأن‬
‫معظم سكان نانجودى ) شمال شرق غانا( كانوا يعانون نقصا ً خطيرا ً فى وزن الجسم‬
‫فى الفترة الحرجة التى تسبق الحصاد‪ ،‬حيث يكون هناك نقص فى الغذاء‪ ،‬ومع ذلك‬
‫تكون هناك حاجة إلى مجهود كبير لجمع المحاصيل‪ .‬وأوضحت بأن الجوع كان يدفع‬
‫المهاجرين نحو المناطق الخصبة والنهرية والجذابة‪ ،‬حيث يصابون بمرض العمى النهرى‬
‫ويرغمون على تركها بعد سنوات قليلة‪ ،‬بعد أن تكون أعدادهم قد تضاءلت بشكل كبير‪.‬‬
‫وإذا أخذنا الملح ‪ -‬كضرورة من ضروريات البقاء‪ -‬مؤشرا ً على المستوى الجتماعى‪.‬‬
‫نجد أن الفقراء هم الذين يعانون من ندرة وجوده فى منطقة السودان الغربى )‪ .(56‬لذا‬
‫فإن ارتفاع أعداد الفقراء خلل تلك الفترة هو دليل مهم على وجود أزمة غذائية‪.‬‬
‫سادسها‪ -‬انتشار الحروب والصراعات الداخلية؛ فعصر تجارة الرقيق‪ ،‬الذى‬
‫يمتد فى افريقيا طوال الفترة من القرن ‪ ، 19-17‬نشر الحروب والصراعات فى كل‬
‫أنحاء القارة ‪ ،‬فقد كانت الحروب والغارات هى الوسيلة الرئيسية للحصول على الرقيق‬
‫طوال القرنيين ‪ 17‬و ‪ .(57) 18‬بل إن القرن التاسع عشر اتسم بالتصارع والتطاحن بين‬
‫الدول والجماعات الفريقية بعضها البعض؛ الماندنجو ضد التكرور‪ ،‬والشانتى ضد‬
‫الفانتى‪ ،‬والباجندا ضد البنيورو‪ ،‬والماشونا ضد الندبيلى ‪ .‬بل إن الفريقيين تحالفوا مع‬
‫الوربيين ضد بعضهم البعض‪ ،‬حيث تحالف الباجندا مع البريطانيين ضد البنيورو ‪،‬‬
‫وتحالف الباروتسى مع البريطانيين ضد الندبيلى ‪ ،‬وتحالف البمبارا مع الفرنسيين ضد‬
‫التكرور)‪ .(58‬وكان من الطبيعى أن تنشأ من جراء كل تلك الحروب والصراعات أزمات‬
‫ومشكلت غذائية ‪ ،‬قدمت فيها المرأة الفريقية – كما سنرى ‪ -‬صورة غير مسبوقة فى‬
‫الكفاح والمواجهه ضد تلك المشكلة‪ .‬ونخلص من ذلك إلى أن مشكلة الغذاء كانت‬
‫مشكلة حقيقية طوال فى الفترة التى سبقت الحتلل الوربى لفريقيا‪ ،‬أى قبل‬
‫ثمانينيات القرن التاسع عشر ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ -‬مواجهة المرأة الفريقية للمشكلة الغذائية فى عصر ما قبل‬
‫الستعمار ‪-:‬‬
‫بعد أن اتضحت لنا معالم المشكلة الغذائية التى تعانى منها القارة الفريقية فى‬
‫لن أن نقدم صورة مركبة لمواجهة المرأة‬ ‫مرحلة ما قبل الستعمار الوروبى‪ ،‬يمكننا ا َ‬
‫الفريقية المباشرة وغير المباشرة للمشكلة ‪:‬‬
‫أ‪ -‬المواجهة المباشرة ‪:‬‬
‫الحديث عن المرأة الفريقية فى مواجهة مشكلة الغذاء ل يتطرق لكل أنواع النساء‬
‫خصوصا هؤلء اللتى كن ذات ثراء نتيجة اشتغالهن بالتجارة أو لزواجهن من تجار )‪،(59‬‬
‫فمنذ قبيل العهد المغربى كانت تعيش جاليات أجنبية كبيرة فى السودان الغربى‬
‫ارتبطت بالطبقات الحاكمة بروابط المصاهرة)‪ ،(60‬ول يتطرق للسرارى اللتى كان لهن‬

‫‪11‬‬
‫وجود فى بلط اسكيا محمد وخليفته وفى منازل القضاة والفقهاء )‪ ،(61‬أو لمثل هؤلء‬
‫العابثات الباحثات عن اللذة اللتى أشار اليهن بارث عندما زار أودغست الصحراء‬
‫الكبرى )‪ ،(62‬أو لهؤلء اللتى كن مصدر انتقال الحكم ‪ ،‬عبر تلك الدول التى تؤمن‬
‫بتوريث الحكم عن طريق النظام المومى سواء فى الصحراء أو زنوج الغابة الستوائية‬
‫)‪ ،(63‬أو حتى لهؤلء اللتى أشار اليهن الرحالة الفرنسى فيلكس ديبوا اللتى يقمن إلى‬
‫جانب أعمالهن المنزلية بشغل أوقاتهن فى القراءة واللعب على البيانو وزيارة‬
‫الصديقات وتدخين الغليوم والنشغال بوسائل التسلية)‪ ،(64‬أو يتطرق لهؤلء اللتى أشار‬
‫اليهن بارث من عينه زوجات الحاج بشير مستشارعمر بن الشيخ الكانمى )‪-1835‬‬
‫‪(1880‬الذى حكم كانم والبرنو )‪ ،(65‬أو حتى لعينه المحاربات المازونات فى مملكة‬
‫داهومى واللتى بدأ اشتراكهن فى الجيش منذ بداية القرن الثامن عشر )‪ ،(66‬ول نقصد‬
‫أيضا هؤلء الصنف من نساء تمبكتو من الطبقة الرستقراطية اللتى وصفهن الرحالة‬
‫فيلكس ديبوا فى نهاية القون ‪ ،19‬بالجميلت ذوات العيون المدهشة‪ ،‬المستخدمات‬
‫لكل أدوات الزينة اللتى يصففن شعورهن ويقمن بتنظيم الظافر وطلئها بالحناء‪،‬‬
‫ً )‪(67‬‬
‫‪،‬‬ ‫ويغطين أجسادهن حتى القدام بملبس مصنوعة فى أوروبا وجزيرة العرب ومحليا‬
‫فهؤلء جميعا ً كن فى صحة جيدة ول يجدن صعوبات فى الحصول على الغذاء الكافى‬
‫والجيد‪ ،‬فمن وصف المصادر لحالتهن المورفولوجية والصحية تظهر َاثار التغذية الجيدة‪،‬‬
‫وأنهن لم يدخلن فى مواجهات بشأن الحصول على الغذاء‪ ،‬وإن كان لهن فضل فى‬
‫تشكيل هذا الغذاء‪ ،‬واضافة باقة من الطعمة التى لم تعرفها بعض المناطق من قبل‪،‬‬
‫فهؤلء جميعا ً يتعارض وضعهن مع المرأة الفلحة ‪ ،‬المزارعة ‪ ،‬التى دخلت فى مواجهة‬
‫مباشرة لنتاج الغذاء‪ .‬ففى غرب افريقيا على سبيل المثال نجد أن معظم العمال‬
‫الشاقة المفروضة على النساء من اللتى يشكلن غالبية عبيد المنطقة )‪ .(68‬لهذا فإن‬
‫حديثنا فى المواجهة المباشرة سيتركز حول نوعين من النساء ‪:‬‬
‫النوع الول يتمثل فى النساء المشاركات فى النتاج الغذائى ؛ فحديثنا‬
‫عن المواجهة المباشرة لبد أن ينصب على هؤلء النسوة اللتى دخلن فى مواجهة‬
‫مفتوحة مع مشكلة الغذاء‪ ،‬وتعدى دورهن عملية الحصول عليه فقط إلى مرحلة‬
‫المشاركة فى انتاجه‪ .‬فقد كان العمل فى الرض منذ ما قبل القرن ‪ 15‬يعتمد على‬
‫السرة بحيث كان يتم حشدها فى أعمال الصيد السنوية‪ .‬وكانت النساء فى مجتمعات‬
‫القزام فى حوض الكونغو تقوم بدور مهم فى تلك العملية‪ .‬حيث تقوم بمطاردة‬
‫الحيوانات فى اتجاه الشباك‪ ،‬فى حين يتركز عمل الرجال فى نصب الشباك والنتظار‬
‫بعيدا ً ممسكين بالحراب‪ .‬وتقوم نساء المبوتى‪ ‬بجمع الفاكهة البرية والجذور واليرقات‬
‫والعسل البرى وصيد السماك وجمع المحار )‪.(69‬وكان صيد السماك يتم أيضا ً عن‬
‫طريق السرة الممتدة بأسرها أو مجتمع القرية‪ .‬وكان يجرى توزيع المحاصيل والخيرات‬
‫على أساس علقات القرابة بإعتبارها من نتاج وحصيلة عمل السرة )‪ .(70‬ومن ثم فإن‬
‫النساء شكلن طرفا ً أصيل ً فى عملية جمع الغذاء لدى المجتمعات الفريقية التى‬
‫اعتمدت على الصيد ‪.‬‬

‫ولم يقتصر دور المرأة على عملية جمع الغذاء بل شاركت فى انتاجه‪ .‬ونلحظ فى‬
‫عملية مشاركة المرأة فى انتاج الغذاء تغير نسبة مساهمة النساء فى العمال‬
‫الزراعية‪ .‬فقد كانت قوية وظاهرة عند التيو فى زائير وضئيلة عند اليوربا فى نيجيريا ‪.‬‬
‫وكقاعدة عامة فإن أعمال استصلح الراضى كانت تقع على عاتق الرجال ‪ ،‬فيما‬
‫الهتمام بالغرس وإزالة العشاب المضرة ولسيما الحصاد‪ ،‬كانت من حصة النساء ‪ .‬لذا‬
‫كان للنساء فى بعض المجتمعات الزراعية استقللية مالية كبيرة خاصة فى الغابة‬
‫والقسم الجنوبى من السهوب ‪ ،‬فقد كن يسيطرن على التجارة الصغيرة )‪.(71‬‬

‫‪12‬‬
‫وإذا أخذنا بعض النماذج لدور النساء فى انتاج الطعام‪ ،‬فسوف نجد أنه فى منطقة‬
‫وسط افريقيا وقع عليهن عبء عملية النتاج الزراعى‪ .‬ففى منطقة البحيرات‬
‫الكبرى تحملن هذا العبء نتيجة انشغال الرجال بالنزاعات والحروب المستمرة الناشئة‬
‫من الصراع على العرش فى منطقة أوغندا طوال فترة ما قبل الستعمار‪ .‬فقاعدتهم‬
‫الزراعية التى تعتمد على النساء‪ ،‬أتاحت للذكور من سكانها ما لم يتح لهم فى الدول‬
‫الرئيسية الخرى من تفرغ للحرب والسياسة )‪ .(72‬ومن ثم لعبت النساء فى هذه‬
‫المناطق الدور الرئيسى فى توفير وانتاج الغذاء ‪.‬‬

‫ومما يدل على أن النتاج الغذائى كان يعتمد فى جملته على العمل النسائى‪ ،‬نجد فى‬
‫بوغندا وكل مجتمعات المومة فى وسط افريقيا بأن الرجال كانوا يطلبون من زوجاتهم‬
‫السماح لهم بدخول بساتين الموز‪ .‬حيث كان وضع النساء فى تلك المجتمعات جيدًا‪،‬‬
‫حسبما تظهره مدافن النساء فى سانجا أو المنحوتات الخشبية فى شرق زائير‪ .‬وكانت‬
‫المرأة فى منطقة البحيرات تزرع بستان الموز الذى يظل لمدة خمسين سنة‪ ،‬لتنتج ما‬
‫يكفى إطعام ثلثة أو أربعة رجال‪ .‬وقد لحظ الوربيون الوائل الذين وصلوا إلى رواندا ‪،‬‬
‫المكانة المخصصة للمهارات الزراعية عند النساء‪ ،‬إذ كانت الم تحتفظ بالدوات‬
‫الزراعية وتستخدمها أحيانا كوسيلة من وسائل تسلية الطفال‪ .‬وفى بورندى كانت‬
‫النساء ابتداء من القرن الثامن عشر يقمن بزراعة الفاصوليا والذرة البيضاء وبتحويل‬
‫السرغم والدخن إلى البيرة )‪ .(73‬ونستخلص من ذلك أن المرأة الفريقية فى وسط‬
‫افريقيا تحملت بمفردها تقريبا ً عبء عملية النتاج الغذائى ‪.‬‬

‫وفى منطقة الجنوب الفريقى؛ كان اهتمام الرجال بالرعى قد فرض المزيد‬
‫من العمال الزراعية على النساء‪ ،‬فرب السرة عند التسوانا كان ُيدفن تحت زريبة‬
‫الماشية‪ ،‬فيما تدفن زوجته تحت بيدر الدرس‪ .‬وكان شائعا أن الرجال ل يتولوا إل‬
‫مسئولية استصلح الراضى‪ ،‬أما زراعتها فكانت تتعهدها النساء)‪.(74‬وكان دور المرأة مهم‬
‫جدا ً فى حياة السرة والقبيلة فى جنوب افريقيا ‪ ،‬فهى أول فرد تصحو مبكرًا‪ ،‬فتذهب‬
‫لحضار الماء والخشاب لعداد وجبة الصباح ‪ ،‬وبعد النتهاء من إعداد الوجبة تذهب‬
‫النساء الكبيرات فى السن لحضار المزيد من الماء والخشاب ‪ ،‬أما النساء الشابات‬
‫والفتيات فيبقين فى المنزل للقيام بأعمال التنظيف والغسيل وطهى الطعام والعتناء‬
‫بالطفال وبصناعة البيرة وإعدادها‪ .‬وهناك قاعدة عامة فى المجتمع الفريقى ‪ ،‬أن لكل‬
‫امرأة قطعة أرض عليها واجب العتناء بها ‪ ،‬وأحيانا ً تعمل المرأة بنفسها فى قطعتها‪،‬‬
‫وأحيانا ً تساعدها نساء أخريات )‪.(75‬ومن ثم كان للمرأة الفريقية دور مهم ليس فى‬
‫اعداد الطعام فقط ‪ ،‬بل المشاركة فى انتاجه أيضًا‪.‬‬

‫وإذا ركزنا على نساء غرب افريقيا كنموذج مهم نتبين بأن دور المرأة الفريقية لم‬
‫ل‪ ،‬بل إن إشارات المؤرخين والرحالة تحمل فى ثناياها الكثير من تفاصيل‬ ‫يكن مجهو ً‬
‫تلك المواجهة التى دخلتها المرأة الفريقية بشأن مسألة الغذاء‪ .‬فها هو محمود كعت‬
‫ينبهنا من خلل حديثه عن احترام حكام صنغى للنساء‪ ،‬وأنهن كن يعملن على الحفاظ‬
‫على أولدهن‪ ،‬ويسعين دوما ً للملمة شمل أسرهن )‪ .(76‬فنستشف من حديثه تعاطفا ً مع‬
‫النسوة الفقيرات اللتى يقضين حياتهن من أجل ابنائهن‪ .‬وهذا هو الحسن بن الوزان‬
‫يخبرنا بأن إماء تمبكتو كان يقع عليهن مسئولية تغذية أطفالهن من خلل بيعهن لكل‬
‫الشياء المأكولة )‪ .(77‬بما يشير إلى قدرتهن على إنتاج الغذاء ثم بيعه‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وحينما توغل الرحالة رتشارد جوبسون ‪ Richard Jobson‬لمسافة تجاوزت الربعمائة‬
‫ميل فى نهر غمبيا سنة ‪ 1620‬قدم لنا وصفا ً مهما ً عن حياة سكانها من نساء الماندنجو‬
‫الكادحة ‪ ،‬من حيث أنهن يقمن بحراثة الرض‪ ،‬وكن ينقلن الذرة والغلل لبيوتهن بمشقة‬
‫لتخزن لمدة شهرين ‪ ،‬أما بقية السنة فيعيش أهلها على الصيد فى الغابة والسماك من‬
‫النهر‪ .‬وتحدث عن بيوتهن العامرة بالحيوانات الرابضة والدجاج وغيره من الطيور‬
‫المنزلية )‪. (78‬ولم يقتصر المر على منطقة السنغال‪ ،‬فها هو الرحالة منجو بارك يعطينا‬
‫فى ‪ 20‬يوليو ‪ 1796‬لقطة من منطقة أخرى‪ ،‬حينما تحدث عن أنه رأى إمراة فى سيجو‬
‫) تقع فى مالى الحالية( عائدة لتوها من عملها فى الحقل عند المساء‪ ،‬وأن عملها هذا‬
‫ساعدها فى الخروج من دائرة الفقر ‪ ،‬فأكرمته وقدمت له طعاما ً لعشائه )عبارة عن‬
‫سمكة( ‪ .‬ونستشف من الصورة التى رسمها منجو بارك ملمحا ً فى غاية الهمية عن‬
‫حياة الكد والكفاح لهذه المرأة وبقية نساء أسرتها ‪ ،‬حينما ذكر بأنهن سهرن حتى وقت‬
‫متأخر من الليل يغزلن القطن )‪ . (79‬وهذا يدلل على أن المرأة الفريقية كانت طرفا ً‬
‫أصيل ً ومهما فى تلك المواجهة المفتوحة مع مشكلة الغذاء ‪.‬‬
‫وليس شرطا ً أن نقارن بين صورة العاملت فى الحقول وهؤلء اللتى أتاحت لهن‬
‫ظروف الحياة قدرا ً من حظها السعيد‪ ،‬مثلما قارن دنهام فى ‪ 21‬نوفمبر ‪ 1824‬بين‬
‫نساء مرزق ونساء السود حول بحيرة تشاد ووصف الخيرات " بالقذرات ")‪ .(80‬دونما‬
‫أن يشير للعامل القتصادى ودوره فى منشأ هذه القذارة التى تأفف منها‪.‬‬
‫ودنهام نفسه هو الذى تحدث بتاريخ ‪ 30‬يناير ‪ 1823‬بأنه استفاد من هؤلء النسوة‬
‫اللتى لعبن دورا ً فى توفير الغذاء‪ ،‬حينما أشار بأنه اشترى لبنا ً من إحدى نساء التيبو ‪،‬‬
‫وقال بأن معظم أهلها يعيشون على بيع اللبن واستخراج الحبوب من الرض مثل فول‬
‫الصويا)‪.(81‬ومن ثم كانت صورة هؤلء النساء القائمات على انتاج الغذاء والتكسب من‬
‫بيعه موجودة فى سجلت وكتابات معظم الرحالة الذين توغلوا داخل القارة الفريقية‪.‬‬
‫ففى بورنو يصف دنهام فى ‪ 11‬أغسطس ‪ 1823‬بأنه شاهد إحدى الرقيقات عائدة‬
‫إلى منزلها بعد حصاد القمح فى كوا ‪ ) Kowa‬تبعد عشرة أميال عن بورنو( ‪ .‬بل أشار‬
‫بأنه شاهد فصل ً دراسيا ً خاصا ً للرقيق من النساء للتدريب على العمل فى الحقول‪ .‬فقد‬
‫كانت النساء ‪ -‬على حد وصفه‪ -‬يقمن بكل العمال المنزلية والشاقة أيضًا‪ ،‬فهن‬
‫صبورات على جمع المحاصيل لذا كن يتعرضن لختطاف السود فى موسم حصاد‬
‫القمح السنوى )‪ .(82‬ومن هذا الوصف يمكننا القول بأن اشتغال المرأة الفريقية‬
‫بالزراعة كان أمرا ً شائعا ً ومنتشرا ً فى معظم المناطق الفريقية‪ .‬بل يمكننا القول بأن‬
‫كل الحرف المتصلة بتوفير وحفظ الغذية كانت تقوم بها النساء ‪ .‬فصناعة الفخار على‬
‫سبيل المثال كانت حرفة واسعة النتشار فى افريقيا الغربية فى عصر ما قبل‬
‫الستعمار‪ ،‬لتوفر الوعية اللزمة لحفظ السوائل والمواد الغذائية وأغلبها تقوم بصناعته‬
‫السرة المعيشية‪ .‬وتجدر الشارة بأن تجهيز الغذية الساسية والمشروبات للبيع خارج‬
‫السرة المعيشية المعنية كان نشاطا ً يغلب عليه عمل النساء فى المراكز الحضرية‬
‫وعلى طرق التجارة)‪.(83‬‬
‫ولم يكن هناك تقسيم صارم للعمل بين الرقيق الذكور والناث ‪ ،‬لكن ربما يصح القول‬
‫بأن النساء كن يستخدمن أساسا ً فى العمال المنزلية والنتاج الحرفى والزراعة ‪ .‬غير‬
‫ن جميعا ً يشغلن وظائف ثانوية‪ .‬فبعضهن مثل السيدة المشهورة مدام‬ ‫أن النساء لم يك ً‬
‫كدن مساواة المرأة عن طريق شراء أعداد كبيرة من الرقيق‬ ‫تينوبو من ابيوكوتا ‪ ،‬أ ً‬
‫الذكور)‪ .(84‬ونعرف من حديث دنهام عن برنو بأن انتاجها من الغذاء كان يعتمد على‬
‫النساء ‪ ،‬فقد كن يزرعن الدخن )يسمى بالعشب ‪ ( gussub‬الذى يأكله الفقراء طازجا ً أو‬
‫مجففًا‪ ،‬وحينما يتم غليه وتصنع منه عجينة يأكله الثرياء‪ .‬وكن يقمن بزراعة أربعة أنواع‬

‫‪14‬‬
‫من الفول ليأكلها العبيد والفقراء‪ ،‬ويقمن بزراعة الرز والقمح الهندى ‪ ،‬ويجمعن‬
‫المحصول خلل شهرين أو ثلثة من بذره فى الرض )‪.(85‬‬
‫ولما كانت الوحدة القتصادية الكثر أهمية فى كل مجتمعات افريقيا الغربية‪ ،‬هى‬
‫السرة المعيشية‪ ،‬لذا فإن السرة الصغيرة كانت لها الهيمنة على الزراعة الكثيفة‬
‫السائدة بين قبيلة كوفيار فى وسط نيجيريا‪ .‬وفى الكميرون كان الطلب على اليدى‬
‫العاملة سببا ً لنمو السر المتعددة الزوجات‪ .‬وكانت هناك مجتمعات افريقية تميز بين‬
‫عمل الرجال وعمل النساء‪ ،‬ففى بامندا) الكميرون( كانت للنساء أهمية خاصة فى‬
‫العمل الزراعى ‪ ،‬على حين كانت التجارة تشغل جانبا ً أكبر من وقت نساء اليوربا‪.‬‬
‫وكانت هناك درجة من التخصص المهنى ‪ ،‬سواء على أساس موسمى أو دائم‪ ،‬وهو ما‬
‫كان يعجل وييسر تقسيم العمل بين الرجل والمرأة‪ .‬وعلى الرغم من أن انتشار السلم‬
‫داخل تلك المجتمعات قد شجع على وجود موقف أكثر تشددا ً من عمل النساء‪ ،‬فإن‬
‫المرأة الفريقية تكيفت مع هذا الوضع ببراعة شديدة عن طريق إيجاد نظام للتسويق‬
‫يقوم على مجمع من بيوتات تجارية بدل ً من ساحة القرية)‪ .(86‬لذا كان عمل المرأة‬
‫المرتبط بإنتاج الغذاء هو أهم ما يميز مجتمعات غرب افريقيا‪.‬‬
‫وحديث بايو فى سنة ‪ 1900‬بأن السر المعيشية فى غرب افريقيا كانت تنتج الجزء‬
‫الكبر من السلع الغذائية )‪ ،(87‬يدلل على أن المرأة الفريقية كانت طرف المعادلة‬
‫الرئيسى فى حل مشكلة الغذاء‪ .‬فقد كانت الجماعات المستقبلة لنباتات الكاسافا‬
‫والذرة تظهرعند الضرورة إستعدادا ً لتطويع الشكال القائمة للتنظيم الزراعى‪ .‬فإنتشار‬
‫الكسافا بين اليوربا‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬كان يعنى أن النساء أصبحن مشتركات بدرجة‬
‫أكبر فى النتاج الزراعى‪ ،‬لنه عهد إليهن بمهمة تجهيز المحصول)‪ .(88‬ومن ثم لعبت‬
‫النساء فى مجتمعات غرب افريقيا دورا ً مهما ً فى تطويع امكانيات المنطقة لتوفير‬
‫متطلبات الغذاء‪.‬‬
‫النوع الثانى‪ ،‬النساء العاملت من أجل توفير الغذاء لسرهن؛ فقد شاركت‬
‫النساء الفريقيات فى توفير الغذية لسرهن عبر اشتغالهن بالعديد من العمال‪ ،‬كتلك‬
‫التى أشار إليها الملح الفينيسى كاداموستو ‪ ،‬فى القرن الخامس عشر‪ ،‬من أن النساء‬
‫المسلمات كن يتاجرن عادة داخل مجمعاتهن السكنية‪ .‬بل إن وصفه لسوق محلية قرب‬
‫نهر السنغال وأن الرجال والنساء يتجمعون ببضائعهم‪ ،‬على مبعدة أربعة أو خمسة‬
‫أميال من بيوتهم‪ ،‬وأن الفقر المدقع يتجلى فى بضائعهم الموجودة التى تتكون " من‬
‫بضع قطع من الملبس القطنية وغزل القطن والبقول والزيت والذرة والمطارق‬
‫الخشبية وحصير النخيل " )‪ ،(89‬يدلل على أن المرأة شاركت الرجل الفريقى فى العمل‬
‫من أجل توفير القوت لسرتها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ويبدوا أن نساء دولة صنغى قد قدمن نموذجا فريدا فى القرن السادس عشر للدور‬
‫الذى لعبته المرأة الفريقية فى مجال توفير الغذية لسرهن من خلل الشتغال‬
‫بالعمال الحرفية‪ ،‬فقد كن يقمن بتنظيف القطن وحلجه وإعداده لمرحلة الحياكة‪ .‬ولم‬
‫تكن صناعة الصوف تختلف عن صناعة القطن إل فيما يتعلق بإعداده للحياكة‪ ،‬فقد‬
‫)‪(90‬‬
‫كانت النساء أيضا يستعملن أقواسا ً من الخشب والكتان فى تليين الصوف وغزله‬
‫‪.‬ومن ثم كانت حصيلة بيع ذلك النتاج تعود على السرة فى شكل مواد غذائية ‪.‬بل إنه‬
‫فى عهد الحكم المغربى للسودان الغربى كانت النساء يباشرن أعمال التطريز فى‬
‫البيوت ويبعن الثياب والجلد المطرز لصحاب الدكاكين )‪.(91‬‬
‫وإذا انتقلنا لصورة النساء العاملت فى وسط وشرق افريقيا‪ .‬ففى مقديشيو ‪-‬على‬
‫سبيل المثال‪ -‬كانت توجد فى القرن ‪ 18‬معامل حقيقية للقطن‪ ،‬كانت تستخدم النساء‬
‫للغزل والرجال للنسيج‪ .‬ووصل إنتاجها إلى ‪ 300‬ألف قطعة وزعتها على طول امتداد‬
‫الساحل‪ ،‬حتى وصلت إلى مصر عن طريق البحر الحمر)‪ .(92‬وصورة المرأة الفريقية‬
‫فى الرسوم الشعبية بين النحاتين الفارقة فى وسط افريقيا‪ ،‬كتلك التى تمثل المرأة‬
‫الحامل أو الم التى ترضع صغيرها‪ ،‬تعد أشكال ً طقوسية تمجد سرمدية الحياة‬

‫‪15‬‬
‫واستمراريتها‪ .‬وتدلل تماثيل قبائل السنوفو التى تظهر فيها المرأة المرضعة والعرافة‬
‫والكاهنة على بعض العمال التى تقوم بها النساء‪ .‬وتدلل تماثيل الم فى زائير على‬
‫شكل الحكم ‪ ،‬فهى رمز لسلطة الزعيم وإليها يعود الجانب العظم فى عبادة السلف‪.‬‬
‫وهناك تماثيل فى زائير والكونغو واليومبى على هيئة الم والطفل ‪ ،‬وتماثيل تشير لنساء‬
‫ترجع أصولهن لعائلت غنية )‪.(93‬وكل ذلك يشير إلى وسائل التكسب التى تعيش منها‬
‫المرأة‪ ،‬وأنها شاركت الرجل فى جل العمال للحفاظ على حياة من يعولون ‪.‬‬
‫ويحمل لنا القرن التاسع عشر صورا ً عديدة لمشاركة النساء فى شتى مجالت العمل‬
‫‪ ،‬ففى غرب افريقيا يشير دنهام فى مارس ‪ 1824‬إلى أنه شاهد خمسة أنوال منزلية‬
‫فى القطن فى لوجون ) قريبة من كوكا( حيث تقوم البنات الجوارى بتجهيزه ووصباغته‬
‫باللون الزرق الغامق ‪ ،‬ناهيك عن قيامهن بصناعة الزجاج والثواب والقمصان )‪.(94‬‬
‫وقدم لنا كلبرتون فى ‪ 17‬يناير ‪ 1824‬صورة لنساء منتجات‪ ،‬حينما ذكر أنه شاهد‬
‫النساء فى منطقة زنجيا ) قريبة من شرق كانو( وهن يغزلن القطن على جانب‬
‫الطريق ويعرضن إنتاجهن للبيع‪ ،‬فضل عن قيامهن ببيع اللحوم المشوية والبطاطا‬
‫والجوز والفول لكل القوافل المارة بالمنطقة )‪ .(95‬بما يشير إلى أن قطاع من النساء ل‬
‫يقتصر دورهن على انتاج الطعام‪ ،‬بل التجارة والتكسب من حرفة تصنيعه ‪.‬‬
‫بل إن كلبرتون نفسه قدم لنا فى ‪ 16‬فبراير ‪ 1824‬صورة أخرى لنساء عاملت‪،‬‬
‫حينما قال بأن نساء كانو ُيجدن صناعة الزلع من الصلصال وذلك لحفظ الدهون والزبدة‬
‫والعسل وأن شعبها يعرف فن التعليب‪ .‬ورغم دورهن فى العمل فى برنو‪،‬إل أنه ل‬
‫ُيسمح لهن بمشاركة الرجال فى مضغ نبات الجوا الممزوج ‪ Torna‬أوتدخين التبغ ‪.‬‬
‫)‪(96‬‬

‫وكما هو واضح بأن معظم هذه الحرف مرتبطة إما بالحصول على الغذاء أو حفظه‪.‬‬
‫فوصف كلبرتون فى ‪ 3‬مايو ‪ 1824‬لنساء سوكتو وبأنهن من أشهر من يقمن بالغزل ‪،‬‬
‫وأنه فى طريق عودته إلى كاتسينا فى ‪ 14‬مايو ُأهدى طباخة ماهرة لتقوم بتمريضه‬
‫ورعايته )‪ ،(97‬يدلل على أن نساء المنطقة لم يتمتعن بأى قسط من الرفاهية اللهم إل‬
‫القطاع الذى استبعدناه سابقًا‪ .‬وهكذا كان حال المرأة الفريقية فى كد وشقاء من أجل‬
‫توفير لقمة العيش لها ولفراد أسرتها‪ .‬بل نستدل من كتابات الرحالة بأن بعض الحرف‬
‫والعمال‪ ،‬وأشهرها صناعة القطن التى انتشرت على نطاق غرب افريقيا بأكمله‪ ،‬كانت‬
‫حكرا ً على النساء‪ .‬وخير دليل على ذلك تلك الصور التى رسمها لنا الرحالة عن نساء‬
‫اليوربا والهوسا )‪.(98‬‬

‫ولم يقتصر دور النساء فى غرب افريقيا على العمل والتصنيع اليدوى بل اشتغلن‬
‫بحرفة التجارة وشاركن فى عملية التبادل المحلى‪ .‬فقد كانت النساء يعملن لبعض‬
‫الوقت لن التجارة تعتبر تكملة لعمالهن الخرى ‪ ،‬فيعملن فيها على نطاق صغير‬
‫لفتقارهن لرأس المال اللزم ‪ ،‬كما كن يتميزن بكثرة العدد لن التجارة المحلية كانت‬
‫بوجه عام طريقا ً ميسرا ً لزيادة الدخل من الزراعة‪ ،‬إذ لم تكن تتطلب سوى مهارات‬
‫إدارية وتقنية محدودة وقليل من رأس المال)‪ .(99‬لهذا يمكن القول بأن المرأة الفريقية‬
‫قدمت فى المواجهة المباشرة ملمحا فى غاية الهمية فى كيفية تصدى المجتمع‬
‫الفريقى لمشكلة الغذاء ‪.‬‬
‫وثمة نتائج ثلث يمكن أن نخلص إليها‪ :‬أولها‪ ،‬أن المرأة الفريقية لعبت الدور الرئيسى‬
‫فى المواجهة المباشرة لمشكلة الغذاء‪ ،‬وقدمت صورة من صور الكفاح المعيشى‬
‫يصعب تصور أبعادها إذا لم تقم المرأة بهذا الدور‪ .‬ثانيها‪ ،‬أن المجتمعات الفريقية كانت‬
‫سباقة فى عملية قبول عمل المرأة‪ ،‬قبل أن تناضل مجتمعات الغرب مئات السنيين‬
‫لفرض هذا القبول‪ .‬ثالثها‪ ،‬أن التاريخ العائلى الفريقى وتاريخ عملية تقدم أو تأخر‬
‫الزراعة فى افريقيا ل يمكن فهمها إل بفهم تاريخ المرأة الفريقية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المواجهة غير المباشرة‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫مثلما لعبت قطاعات من النساء الفريقيات دورا ً مهما ً فى المواجهة المباشرة‬
‫للتصدى للمشكلة الغذائية التى سادت معظم المناطق الفريقية فى عصر ما قبل‬
‫الستعمار‪ ،‬لعبت قطاعات أخرى دورا ً غير مباشر فى تلك المواجهة‪ ،‬سواء من خلل‬
‫حصر المجتمع لهن فى وظيفة إعداد الطفال أو من خلل قيامهن بإعداد الطعام‬
‫وتهذيب نواتج تلك المحاصيل الغذائية القليلة التى سمحت بها طبيعة القارة وبيئتها‪.‬‬

‫‪ -1‬إنجاب الطفال وارتباطه بمشكلة الغذاء ؛ مع أن إحدى مهام المرأة‬


‫الرئيسية فى أى مجتمع هو إنجاب الطفال‪ ،‬إل أن هذه المهمة فى افريقيا ارتبطت‬
‫بمشكلة توفير القوت‪ .‬فقد كانت المرأة إحدى الركائز الساسية التى اعتمد عليها‬
‫المجتمع الفريقى فى مواجهة مشكلة الغذاء‪ ،‬وهذا ما يفسر الصورة القميئة للمرأة‬
‫العاقر فى حياة المجتمعات الفريقية‪ .‬فأحد الزوار يشير إلى أن المرأة المخصبة كانت‬
‫تقدر فى بنين ‪ ،‬أما العاقر فكانت محتقرة‪ .‬لهذا يمكننا فهم لماذا كانت المرأة الحامل‬
‫إحدى الموضوعات الساسية فى الفن الفريقى ؟ ولماذا أدهش هاجس النجاب فى‬
‫افريقيا اختصاصيى علم النسان؟ فقد كان هناك ارتباط وثيق بين كثرة النجاب وتعدد‬
‫الزوجات‪ .‬ومن إشارة زوار غرب افريقيا خلل القرنيين السابع عشر والثامن عشر‬
‫وحديثهم بأن المرأة كانت تقتصر مهمتها بعد الحمل فقط على وضع المولود وإرضاعة‬
‫لمدة أربع سنوات دون أن تشاطر زوجها الفراش )‪ ،(100‬نستدل على أن المهمة‬
‫الرئيسية للمرأة تمثلت فى انجاب الطفال دونما النظر لى اعتبارات تتعلق بحقوقها‬
‫الجنسية‪.‬‬

‫والسؤال الذى يطرح نفسه ما هو الرتباط بين توظيف المرأة لمهمة النجاب‬
‫ومشكلة الغذاء ؟ والجابة تقول بأن اهتمام الفريقيين بإنجاب الطفال كان نتيجة‬
‫للنسبة المرتفعة فى وفيات الطفال‪ .‬فقد كان النمو السكانى يتوقف على بقاء‬
‫المولودين على قيد الحياة‪ ،‬حتى أن ملك البنيورو توجب عليه الطلب من أول زائر‬
‫أوروبى " هل يوجد طب خاص بالطفال أو النساء ‪ ،‬يمنع وفيات الطفال بعد ولدتهم "‪.‬‬
‫فالتغذية والبقاء على قيد الحياة حصل نتيجة التنوع الزراعى خاصة بعد إدخال الموز‬
‫والذرة فى القرنيين ‪ 17‬و ‪ .18‬ولما كانت النساء هى الوسيلة لدى الفريقى لنجاب‬
‫المزيد من الطفال للتغلب على شظف الحياة ‪ ،‬لذا فإننا نفهم سخرية الفلكلور‬
‫الشعبى لفريقيا الجنوبية من النساء العاقرات‪ .‬فالمنافسة بين الفريقيين عن طريق‬
‫النجاب كانت من أجل البقاء‪ .‬لهذا كانت كلمة المرأة العاقر فى كيفو ) شرق زائير(‬
‫فى القرن ‪ 18‬تنطبق على المرأة التى لديها أقل من ثلثة أطفال‪ ،‬بل إن شاعر‬
‫السواحيلى سخر فى شعره من النساء اللتى يعتبرن أنفسهن جميلت قبل‬
‫النجاب)‪ .(101‬إذا ً شظف الحياة كان له دور كبير فى قسوة المجتمع الفريقى تجاه‬
‫المرأة بخصوص مسألة النجاب وكثرة وفيات الطفال‪.‬‬

‫ومن ثم فإننا ل نندهش حينما نعرف بأن زيادة عدد النساء لدى الفريقى يعد علمة‬
‫من علمات الثراء‪ .‬وما رواه أحد المبشرين عن منطقة الكسوزا فى جنوب افريقيا بأن‬
‫" الزوج من العامة يستطيع أن يكتفى بزوجة واحدة أو اثنتين ‪ ،‬أما الزعماء فكان‬
‫عندهم أربع أو خمس " ‪ .‬ومن وصف أحد الرحالة البرتغاليين فى القرن ‪ 16‬بأن الفرد‬
‫من قبيلة الشونا يستطيع الحصول على زوجة نتيجة العمل لدى أبيها )‪ ،(102‬نستشف‬
‫بأن وجود أكبر عدد من النساء لدى الفريقى يدلل على قدرته على إنجاب المزيد من‬

‫‪17‬‬
‫الطفال من ناحية‪ ،‬وإذا كانت تلك النساء بناته تكون لديه القدرة على استقطاب المزيد‬
‫من العمال فى أرضه من ناحية أخرى‪.‬‬

‫والشارة إلى تقاليد المجتمعات الفريقية فى تملك الراضى بصورة مجانية ‪ ،‬تفيدنا‬
‫فى فهم عقلية الفريقيين فى زيادة عدد النساء والولد الذين سيزرعون هذه الرض‪.‬‬
‫ومن ثم فإن دور المرأة الفريقية لم يتوقف على انتاج المواد الغذائية فقط‪ ،‬بل تعداه‬
‫لمسألة توفير الدعم الجتماعى للرجل‪ .‬فأهمية المرأة الفريقية فى العلقة بين‬
‫النجاب ومسألة الغذاء تظهر فى انتشار نظام التعويض عبر زواج الختطاف بين بعض‬
‫المجتمعات‪ .‬بأن يقوم الزوج بتعويض عائلة العروس مقابل فقدان الخصاب والعمل‪،‬‬
‫فثلث زواجات اليوربا فى القرن ‪ 19‬كانت من هذا النوع )‪.(103‬وهذا ل يدلل أهمية‬
‫المرأة الفريقية فى العمل الزراعى فقط‪ ،‬بل كان لخصوبتها دور عبر نظم الزواج‬
‫والقرابة فى طبيعة النتاج الغذائى عبر القارة الفريقية أيضا ً ‪.‬‬
‫‪ -2‬دور المرأة فى إعداد الطعام وتأصيل الهوية الثقافية الفريقية ‪:‬‬
‫يمثل انحياز المرأة الفريقية للمحاصيل الغذائية المحلية نوعا ً من الوفاء والرتباط‬
‫بالهوية الثقافية الفريقية‪ .‬فلم تكن المرأة فى يوم من اليام وسيلة ضغط لفرض‬
‫الطعمة المستوردة‪ ،‬بل بالنظر لدورها فى اختيار الطعام وطرق إعداده نتأكد بأنها‬
‫كانت الطرف الصيل فى عملية العتماد الذاتى على المواد الغذائية المنتجة داخل‬
‫القارة‪ .‬ومن المؤكد بأن المرأة لعبت دورا ً مهما ً ليس فقط فى الحفاظ على هوية‬
‫القارة الثقافية‪ ،‬بل فى تشكيلها أيضا ً ‪.‬‬
‫أ‪ -‬اختيار الطعام؛ لم تفرض المرأة الفريقية أنواع معينة من الطعمة اللهم إل لتلك‬
‫التى تنتجها القارة الفريقية‪ ،‬أو المستوردة من داخلها ‪ .‬وهذا ل يعنى أنها وقفت كحائط‬
‫صد ضد استيراد الطعمة ‪ ،‬لكن لكونها كانت طرفا ً أصيل ً فى عملية انتاج الغذاء‪ ،‬بالتالى‬
‫كان من الطبيعى أن تنحاز لتلك المنتجات التى شاركت فى انتاجها‪ .‬واذا كانت قد‬
‫تدخلت فى فرض استيراد أقمشة من الخارج)‪ ،(104‬إل أنها فى مجال الطعام لم تشكل‬
‫عبئا ً لفرض الطعمة المستوردة‪ .‬ونستشف من وصف دنهام فى فبراير ومارس ‪1823‬‬
‫بأن نساء برنو يفضلن سوق كوكا لشهرته ليس فقط بالمنتجات الغذائية )مثل القمح‬
‫والرز والجوز والفاكهة والبصل والطماطم حيث كانت الخضروات نادرة( بل لتوافر‬
‫السماك واللحوم والدواجن )‪ ،(105‬أنها كانت ترتضى ما يطرح من منتجات غذائية محلية‪.‬‬
‫ومن ثم يمكن القول بأن المرأة الفريقية قد لعبت دورا ً مؤثرا ً فى تحديد الختيار‬
‫والقبول الثقافى من الفارقة لنوعية الطعمة المحلية‪ .‬وبالتالى شاركت فى تأسيس‬
‫هوية وطنية أوجدت لها أطعمة وطنية تختلف عن أطعمة واختيارات الشعوب الخرى‪،‬‬
‫حيث شاركت فى صياغة قائمة الطعام سواء فى فترات الرخاء واليسر أم فى فترات‬
‫القحط والمجاعات‪.‬‬
‫وما أشار إليه كلبرتون بتاريخ ‪ 18‬يناير ‪ 1824‬بأنه شاهد فى سوق مدينة جيركوا‬
‫) قريبة من شرق كانو( فتاة من الفلتا ذاهبة إلى السوق حاملة اللبن والزبد‪ ،‬ومن شدة‬
‫اعجابه بطريقة صناعتها للزبدة ومقولته الشهيرة " وربما أضيف معلومات شيقة عن‬
‫ربات البيوت فى وطنى حيث أن صناعة الزبدة مثلما هى عندنا من عمل الفلتا وهى‬
‫نظيفة وممتازة " )‪ ،(106‬يدلل على أن محلية اختيار الطعام والتفوق فى صناعته واعداده‬
‫قد جعل الرحالة يعترفون بعدم وجود فوراق بين طريقة العداد الفريقية وطريقة‬
‫العداد فى انجلترا‪.‬‬
‫واشارة نيلسون مانديل فيما بعد بأن النساء الفريقيات كن يتفنن فى إعداد وجبات‬
‫الذرة‪ ، ‬وأن بعضهن يطحن حباتها بالحجر ويصنعن الخبز‪ ،‬وبعضهن يقلينها ثم يضفن‬
‫جريشا ً يؤكل مع اللبن الحامض ‪ ،‬أو عصيدا ً يؤكل مخلوطا ً بالفاصوليا )‪ ،(107‬يدلل على أن‬

‫‪18‬‬
‫الختيار الذى فرضته البيئة المحلية قد استطاعت المرأة الفريقية أن تقدمة أطباقا ً‬
‫وأنواعا مختلفة للتخفيف من قسوة المنتجات التى زرعت داخل القارة‪ .‬لهذا لبد من‬
‫التعرف على المرأة الفريقية وفنون الطهى للستنتاج بأن تلك الفنون جاءت ردا ً غير‬
‫مباشر لما فرضته الرض الفريقية من مواد غذائية ضيئلة‪.‬‬
‫ب‪ -‬فنون الطهى والتجاوب مع منتجات البيئة الفريقية ‪:‬‬
‫استطاعت المرأة الفريقية من خلل إجادتها لفنون طهى وإعداد الطعام أن تجعل من‬
‫المحاصيل الغذائية الفريقية مستساغة لدى الفريقيين‪ ،‬بل تعد هى المؤسس الحقيقى‬
‫للهوية القومية المرتبطة ببعض الطباق الوطنية المتميزة فى أنحاء العالم‪ .‬وكما تحدثنا‬
‫من قبل فإن الختيارات المعروضة على المرأة الفريقية كان يفرض عليها أن تتجاوب‬
‫مع تلك الختيارات المحدودة‪ ،‬بل وتتألق فى أن تجبر الرحالة فى أن يتحدثوا عن قدرتها‬
‫وإجادتها لفنون طهى الطعام ‪ .‬فحسب رواية البكرى يشير بانيكار إلى أنه كان بإمكان‬
‫المسافر من سجلماسة إلى أودغست ) قرابة شهرين من السفر ( أن يجد الراحة فى‬
‫هذه المدينة التى اشتهرت بجودة طعامها‪ ،‬وتفوقت طاهياتها فى صنع الفطائر والكعك‬
‫المحشو بالجوز والشعرية بالعسل ولحوم الجمال المجففة والثعابين المطهوة فى الماء‬
‫والملح ‪ .‬ومما يدلل على إجادة الفريقيات لفنون طهى الطعام هو اعتراف البكرى بأن‬
‫الطعام كان شهيا ً وله مذاق خاص وأن أثمان الطاهيات كانت مرتفعة‪ ،‬حيث تباع‬
‫الواحدة منهن بمائة مثقال ذهبا ً " بها سودانيات طباخات محسنات تباع الواحدة منهن‬
‫بماية مثقال وأكثرهن تحسن عمل الطعمة الطيبة من الجوزنيقات والقطايف وأصناف‬
‫الحلوات وغير ذلك " )‪ .(108‬وهذا يدلل على أن المرأة الفريقية كانت طاهية ممتازة‪،‬‬
‫وأنها استطاعت أن تتعامل مع المنتجات الغذائية المحلية وتشكل منها أطباقا ً محلية‬
‫عديدة‪.‬‬

‫ونفس المر أشار اليه ريتشارد جوبسون فى نهاية القرن ‪ 18‬حينما تحدث عن نساء‬
‫الماندنجو‪ ،‬وأشار بأنهن كن يسحقن الحبوب فى الهاون )لنتاج الدقيق( مستخدمات‬
‫عصيا ً غليظة ويقمن بتنقية الرز وضربه‪ ،‬ويفعلن الشيء نفسه بالنسبة لسائر الحبوب‪.‬‬
‫فالنساء هن وحدهن العاملت فى هذا المضمار‪ ،‬وهن اللتي يعددن كل الوجبات التى‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(109‬‬
‫يتناولها الرجال ويحضرن الطعام ويضعنه على الحصيرة أمام الرجال ثم ينسحبن‬

‫وفيما يتعلق بوجبة الناس العاديين فى الماندنجو‪ ،‬والتى يتناولونها بعد الغروب‪ ،‬فقد‬
‫تدخلت النساء لتهذيب تلك الوجبة وتقديمها فى أحسن صورة ‪ .‬فقد أشاد ريشارد‬
‫جوبسون ببراعة نساء هذه الطبقة فى إجادة طهى وتقديم تلك الوجبة‪ ،‬فقد كن يقمن‬
‫بغرف الرز وبعض الحبوب المسلوقة فى أوان ويقدمنه ساخنا ً )‪. (110‬مما يدلل على أن‬
‫النساء تدخلن فى هندسة تلك الوجبة الفقيرة ‪.‬ناهيك عن عنايتهن بنظافة الوانى‬
‫وتغطيتها )‪ .(111‬وهذا ما يشير إلى أن المرأة الفريقية كانت منتبهة تماما ً إلى مطبخها‪،‬‬
‫وأنها استخدمته وسيلة للتحايل فى تحلية المواد الغذائية المفروضة‪.‬‬
‫وما أشار إليه دنهام وكلبرتون أمر يستحق الوقفة‪ .‬فقد تحدث دنهام عن إحدى نساء‬
‫الزنوج فى تيجرى )فى الطريق الى برنو(فى ‪ 29‬يوليو ‪ 1822‬قد قدمت للرحالة‬
‫الثلث) دنهام وكلبرتون وأودنى( وجبة من الكسكسى ‪ ،‬وأشار بأن الوجبة كانت رديئة‬
‫لن الدهن كان فاسدا ً وكرية المزاق)‪ .(112‬بما يشير إلى أن الظروف المحلية ل يمكنها‬
‫فى بعض الحيان أن تخدمها مهما تحايلت المرأة أن تعدل من طبيعة الطعام الموجود‬
‫فى البيئات الفقيرة ‪.‬‬
‫وتسجيل دنهام فى ‪ 20‬ابريل ‪ 1823‬بأنه عندما وصل إلى ديلهاى ) إحدى قرى عرب‬
‫الشوا فى تشاد ( بأن الطعام الذى قدم له على أوان نحاسية مكون من أرز مخلوط‬

‫‪19‬‬
‫بالماء والعسل‪ ،‬وأن المشروبات قدمت له فى أوعية خشبية)‪ ،(113‬يدلل على اختلف‬
‫طبيعة الطعمة بين المناطق الفريقية‪.‬‬
‫وفى سبها وخلل رحلة عودته يشير دنهام بتاريخ ‪ 18‬ديسمبر ‪ 1824‬إلى أن بيت‬
‫صديقه عبدالله صديق قدم له الكسكسى واللحوم والشربة‪ ،‬بما يعنى أنه دخل إلى‬
‫منطقة مختلفة فى ثقافة الغذاء عن تلك الموجود فى تشاد وغرب افريقيا‪ .‬ونستشعر‬
‫ذلك فى إشادته باجادة نساءها لفنون الطبخ‪ .‬بل إن إشادته بالطعام الذى قدمته له أم‬
‫الهنا ) تبلغ ‪ 17‬سنة ( والتى اعتبرها أجمل من رأى فى فزان‪ ،‬حيث صنعت له طبقا‬
‫فريدا ً اعتبره من أحسن الطباق العشرين التى قدمتها المدينة له‪ ،‬يدلل على وجود‬
‫تمايزات فى فنون الطهى داخل المنطقة الثقافية الواحدة )‪ .(114‬ونخلص من ذلك بنتيجة‬
‫هامة تتمثل فى أن الختلفات التى شهدتها المناطق الفريقية فى فنون الطهى ل تدلل‬
‫على الفوارق الغذائية فقط ‪ ،‬بل تشى بمدى تقدم فنون الطهى فى منطقة دون‬
‫الخرى‪.‬‬
‫فشعب برنو أو الكاتورى ل تنتج دولتهم إل القليل من الحبوب ‪ ،‬لذا فإن الطبق‬
‫المفضل لدى سلطانها هو الدقيق المصنوع على شكل فطيرة محلة بالعسل والزبدة‪،‬‬
‫وهم ل يعرفون الخبز وعلى هذا ل يزرعون إل قليل من القمح ول يوجد إل فى منازل‬
‫كبار القوم‪ ،‬وأن الشعير كان نادرا ً ويزرع القليل منه بين محصول القمح )‪.(115‬‬
‫وحديث كلبرتون عن نساء كانو بتاريخ ‪ 10‬فبراير ‪ 1824‬وبأنهن كن يخبزن دقيق‬
‫القمح بأشكال ثلثة ‪ ،‬الفطيرة المستديرة‪ ،‬والفطيرة الملفوفة‪ ،‬و الكعك الخفيف‬
‫الممزوج بالعسل مصبوبا ً عليه الزبد المذاب‪ .‬وأن عربها يأكلون لحم البل بإعتباره لذيذ‬
‫الطعم عندما يكون السنام مليئا بالدهون‪ ،‬يدلل على تفوق نساء كانو فى فنون‬
‫الطهى ‪ .‬بل إن حديثه عن النساء المسئولت عن محلت الطبخ الموجودة فى الهواء‬
‫الطلق‪ ،‬وأن كل محل كان مزودا ً بقطع من الخشب للشعال توضع عليه قطع اللحم‬
‫مع الدهن وتشوى على نيران الخشب‪ ،‬وأن إحدى النساء تقوم بالشراف على المائدة‬
‫وتضع طبقا ً على ركبتها فوق حصير المائدة ‪ ،‬حيث يتجمع الضيوف حولها‪ ،‬وأن بعد‬
‫تناولهم للوجبة يتناولون مشروبا ً من الجوز ‪ ،‬وبأن سعر الوجبة ل يزيد عن عشرين‬
‫صدفة أى ما يساوى نصف البنس‪ ،‬وأن الذين يمتلكون منازل ل يذهبون إلى مثل هذه‬
‫المحلت بل يتناولون الطعام فى منازلهم‪ ،‬وأن النساء ل يذهبن إطلقا ً الى هذه‬
‫المطاعم )‪ ،(116‬يدلل على أن المرأة الفريقية قد تفوقت فى فنون الطهى فنالت‬
‫إعجاب الرحالة فى القرن ‪ .19‬وخير دليل على ذلك إشادة كلبرتون السابقة بمطابخ‬
‫الفريقيات المفتوحة فى كانو ‪ .‬بما يدل على المكانة الكبيرة التى بلغتها المرأة ليس‬
‫فقط فى إعداد الطعام لبنى جلدتها‪ ،‬بل فى إجتذاب الغرباء لتناول هذا الطعام والشادة‬
‫به‪ .‬فالمطابخ المفتوحة هى إبداع محلى للمرأة الفريقية لظهار ثراء المنطقة بالطعام‬
‫فى أعين الغرباء‪ ،‬حيث كانت تلك المطابح منفذا للغرباء فى الحصول على الطعام‪.‬‬
‫وفى منطقة الجنوب الفريقى يشير الرحالة فرانسيس جالتون خلل رحلته لبلد‬
‫الوفامبو )ناميبيا حاليًا( فى الفترة ‪ 1850-1845‬بأن للمرأة دور اقتصادى كبير فى‬
‫حياة الدامارا ‪ ،‬فكن يطبخن الطعام ول يكلفن الرجال شيئا‪ ،‬حيث يقمن بجمع الثمار‬
‫وإعداد الطعام اللزم للسرة )‪ .(117‬بما يدلل على أنهن ارتضين طعام البيئة المحلية‪،‬‬
‫فشاركن فى تهذيب ما يتم التقاطه وجمعه منها‪ .‬أما فى جنوب افريقيا فقد فرضت‬
‫البيئة هناك ضرورة تعامل نسائها مع وجبة الذرة ‪ ،‬فكن كل مساء يقمن بعمل الوجبة‪،‬‬
‫عبارة عن عصيدة سميكة عليها بعض اللحم ‪ ،‬وإذا لم يجدنه يضفن لها صلصه )‪.(118‬‬
‫وهكذا استطاعت المرأة الفريقية أن تتعامل مع نوعية الطعام الذى تفرضه بيئة كل‬
‫منطقة‪ ،‬وأن تتفنن فى عرضه لسرتها وضيوفها وزبائنها حسب مقتضيات واختلفات‬
‫المناطق بعضها عن البعض ا َ‬
‫لخر‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ونخلص من ذلك بنتيجتين هامتين‪ :‬أولهما‪ ،‬أن المرأة الفريقية أسهمت فى المواجهة‬
‫المباشرة لمشكلة الغذاء واستطاعت أن تشارك الرجل فى النتاج الغذائى‪ ،‬وأن تتحمل‬
‫بمفردها أحيانا ً مسئولية هذا النتاج‪ .‬لذا كان تاريخها خلل الفترة التى سبقت الستعمار‬
‫سلسلة من الكفاح والكد والشقاء ‪ .‬ثانيهما‪ ،‬أن معالجات المرأة للمواد الغذائية‬
‫المفروضة من قبل البيئة الفريقية جعلت دورها متميزا ً فى إطار المواجهة غير‬
‫المباشرة للمساعدة فى حل مشكلة الغذاء‪ .‬بل لم يقتصر دورها على تلك المعالجات‬
‫عبر فنون الطهى وتهذيب الطعام‪ ،‬بل عبر قبولها للمهمة التى أوكلت إليها فى إنجاب‬
‫المزيد والمزيد من الطفال ‪.‬‬
‫ثالثًا‪ -‬مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى العصر الستعمارى ‪-:‬‬
‫عرفنا من قبل كيف كانت مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى عصر ما قبل‬
‫لن فسنتعرض لصور مواجهتها لذات المشكلة خلل العصر الستعمارى‪.‬‬ ‫الستعمار‪ ،‬أما ا َ‬
‫حيث أن طبيعة المشكلة ستتغير بالقيود القتصادية التى فرضها المستعمر على اقتصاد‬
‫القارة‪ .‬لهذا ُتركت المرأة الفريقية أحيانا ً كثيرة ‪ -‬فى الحربين العالميتين وفترات‬
‫الكساد‪ -‬وحيدة فى تلك المواجهة‪ ،‬ومن ثم تأتى مواجهتها خلل العصر الستعمارى‬
‫فريدة وثقيلة عن الفترة التى سبقت الستعمار‪.‬‬
‫أ‪ -‬طبيعة المشكلة الغذائية فى عصر الستعمار ‪:‬‬
‫بالنظر لتقديرات سكان افريقيا فى الفترة الستعمارية ‪ ،‬حيث نجد من يقدرهم سنة‬
‫‪ 1880‬بأقل من ‪ 100‬مليون أو أكثر من ‪ 150‬مليون ‪ ،‬ومن يقدرهم سنة ‪ 1900‬بـ ‪115‬‬
‫مليون و ‪ 155‬مليون‪ ،‬ومن يشير بأن عددهم تجاوز الـ ‪ 150‬مليون نسمة سنة ‪1935‬‬
‫)‪.(119‬نستطيع أن نلمس أهمية الدور الذى لعبته المرأة الفريقية خلل بعض سنوات‬
‫الفترة الستعمارية فى إطعام قطاع كبير من السكان ‪.‬‬
‫ويزداد التقدير لدور المرأة حينما نعرف بأن فترات كثيرة من تاريخ الستعمار فى‬
‫القارة الفريقية قد ارتبطت بأزمات غذائية‪ ،‬سواء عبر الحربين العالميتين أو خلل فترة‬
‫الكساد الكبير‪ .‬ففى فترة اقتصاد الحرب الذى ساد الفترة ‪ 1918-1915‬سادت‬
‫المصادرة الرسمية للمواد الغذائية لطعام سكان الدولة الستعمارية‪ ،‬وفى نفس الوقت‬
‫كان الجنود) ‪َ 10‬الف فى افريقيا الستوائية الفرنسية وأكثر من ‪ 160‬ألف فى افريقيا‬
‫الغربية الفرنسية ( يستنفدون موارد الريف‪ .‬ففى الجابون ‪،‬على سبيل المثال‪ ،‬لم ُيترك‬
‫للستهلك المحلى إل ربع المحاصيل الغذائية‪ .‬ومن ثم أتت السلطات الستعمارية فى‬
‫افريقيا الغربية الفرنسية على كل احتياطات الحبوب‪ .‬فنتج عن ذلك حدوث مجاعات‬
‫تسببت فى هلك عشر سكان افريقيا الستوائية الفرنسية‪ .‬وكانت المجاعات الناجمة‬
‫عن نقص الغذية بسبب النظام الستعمارى من الظواهر المتكررة فى تلك الفترة ‪،‬‬
‫وخير مثال ما حدث فى رواندا البلجيكية ‪ -‬التى كانت تعتبر مخزن غلل الكونغو‬
‫البلجكى‪ -‬فى عامى ‪ 1928‬و ‪ ، 1929‬وما حدث فى النيجر سنة ‪.(120)1930‬‬
‫ونستشعر أهمية الدور الذى لعبته المرأة الفريقية فى مواجهة المشكلة الغذائية‪،‬‬
‫حينما نعرف أن القتصادات الستعمارية قد انقسمت إلى قطاعين أساسيين‪ :‬قطاع‬
‫ينتج المواد الولية اللزمة للتصدير‪ ،‬وقطاع ينتج للسوق المحلية‪ .‬وكان القطاع الخير قد‬
‫وصل الى مستوى كبير من التطور قبل الحكم الستعمارى ‪ ،‬لذلك لم يحظ إل باهتمام‬
‫ضئيل من جانب السلطات الستعمارية‪ .‬فظل فلحو غرب افريقيا ينتجون الموز‬
‫والبطاطا والرز والذرة الصفراء بنفس التقنيات التى وجدها البريطانيون فى نهاية‬
‫القرن ‪ .19‬ولم يختلف الحال بالنسبة لنتاج الموز والذرة والمنيهوت والدخن وغيرها‬
‫من المحاصيل فى شرق ووسط افريقيا )‪.(121‬‬

‫‪21‬‬
‫والمر الملفت للنظر فى تلك التغيرات القتصادية هو عدم انحياز السلطات‬
‫الستعمارية لنتاج المواد الغذائية‪ .‬فقد كانت أهم المحاصيل التى انتشرت خلل الفترة‬
‫الستعمارية هى المحاصيل النقدية مثل الكاكاو والبن والطباق والفول السودانى‬
‫والسيزل والمطاط‪ .‬فى حين كانت المحاصيل الزراعية تمثل ‪ %50‬من الناتج المحلى‬
‫الجمالى لفريقيا الغربية الفرنسية‪ .‬وكان للعتماد البالغ على المحاصيل النقدية أن تأثر‬
‫القطاع الغذائى ‪ .‬فاذا كان لم يحدث أن احتاج المر إلى استيراد الغذاء أو السمك‬
‫لطعام أحد فى فترة ما قبل الستعمار‪ ،‬فالملحظ أن القطاع الهلى أصبح مهم ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وأضطر الفريقيون للنصراف عن إنتاج الطعام لستهلكهم الخاص من أجل انتاج‬
‫محاصيل للتصدير‪ .‬وعلى ذلك فقد أصبح من الضرورى استيراد الغذية التى كان عامة‬
‫الناس يضطرون إلى إعادة شرائها بأسعار مرتفعة كى يطعموا أنفسهم‪ .‬ففى غامبيا‬
‫أجبروا على التخلى عن زراعة الرز لصالح الفول السودانى‪ .‬وفى فوتا دجالون تخلوا‬
‫عن الرز لصالح المطاط ‪ ،‬ومن ثم أصبح من الضرورى استيراد الرز‪ .‬وكانت مصر منذ‬
‫قرون تصدر الحبوب والمواد الغذائية ‪ ،‬لكنها أصبحت مضطرة لستيراد الذرة والقمح‬
‫منذ بداية القرن العشرين بسبب التركيز الزائد على القطن‪ .‬وحدث نفس الشئ فى‬
‫ساحل الذهب التى ركزت على انتاج الكاكاو‪ .‬ويتضح هذا من أقوال أ‪ .‬و‪ .‬كاردينال‪ ،‬أحد‬
‫الموظفين الستعماريين الواعيين للحقائق فى الثلثينيات ‪ -‬الذى شكا من أن البلد كان‬
‫يمكنه أن ينتج بنفسه " نصف كميات السماك والتوابل والخضروات‬
‫الطازجة) المستوردة( أى بعبارة أخرى يمكن أن يوفر ‪ 200000‬جنية" ‪ .‬وكان هذا‬
‫الهمال لنتاج الغذاء مقترنا ً بالعمل القسرى‪ ،‬هو الذى أدى إلى انتشار سوء التغذية‬
‫على نطاق واسع ‪ ،‬إلى جانب المجاعات الشديدة والوبئة التى حدثت فى بعض أجزاء‬
‫افريقيا فى أوائل أيام الستعمار‪ .‬ونخلص من ذلك بأن الفارقة فى ظل النظام‬
‫الستعمارى كانوا يضطرون فى معظم الحالت إلى انتاج ما ل يستهلكون وإلى استهلك‬
‫ما ل ينتجونه )‪ .(122‬بل حدث تغيير فى النمط الغذائى لسكان جنوب افريقيا السود ‪،‬‬
‫فبعد أن كان طعامهم قبل الستيطان البيض يعتمد على الذرة ‪ ،‬اللحوم ‪ ،‬اللبن ‪،‬‬
‫والبيرة المصنوعة فى المنزل – أصبح يعتمد على محصول غذائى واحد )‪.(123‬‬
‫لذا فإن التقدير الدقيق للدراسات الغذائية العلمية فى افريقيا جنوب الصحراء يبين‬
‫بأن المنيهوت قد أصبح فى العهد الستعمارى أكثر الغذية شيوعا ً على الساحل‪ ،‬ابتداء‬
‫من ساحل العاج حتى انجول ‪ ،‬وفى الداخل حتى السفوح الغربية لمرتفعات شرق‬
‫افريقيا ‪ .‬وأكثر المحاصيل الضافية استخداما ً فى هذه المنطقة هو الذرة‪ ،‬الذى أصبح‬
‫فى انجول وفى منطقة شاسعة من شرق افريقيا‪ ،‬تمتد من كينيا إلى ليسوتو وناتال ‪-‬‬
‫هو الغذاء الرئيسى ‪ .‬أما فى رواندا وبورندى فنجد أن الغذية الرئيسية بترتيب أهميتها‬
‫هى ‪ :‬الفاصوليا‪ ،‬والبطاطا الحلوة‪ ،‬والمنيهوت‪ ،‬والبطاطس‪ .‬لهذا فإن التغييرات الغذائية‬
‫التى حدثت فى العصر الستعمارى لم تكن نتيجة تغيير ثورى قام به الستعمار‪ ،‬بل تعد‬
‫امتدادا ً وتأكيدا ً لتغييرات سابقة عن العصر الستعمارى)‪.(124‬‬
‫وكان أول إقرار حكومى رسمى بوجود مشكلت غذائية فى مستعمرات‬
‫المبراطورية البريطانية فى القرن العشرين‪ ،‬متعلقا ً بحيوانات المزارع وليس بالناس ‪،‬‬
‫ففى سنة ‪ 1925‬حدثت خسائر جسيمة فى الماشية بجنوب أفريقيا‪ ،‬بلغ من خطورتها‬
‫أن حولت إلى لجنة البحاث المدنية التابعة لمجلس الوزراء‪ ،‬فقامت بتعيين لجنة فرعية‬
‫لبحث محتوى المعدنيات فى المراعى واختير السيد جون بويدادر لرئاسة لجنة البحث ‪،‬‬
‫فكانت أبحاث الرجل فى كينيا بعد ذلك ‪ -‬عن قبيلتى الماسا والكيكويو‪ -‬هى أساس‬
‫البحث فى مسألة اكتشاف سوء التغذية عند الفريقيين )‪.(125‬‬
‫وصدرت رسالة دورية سنة ‪ 1936‬أن مسحا ً ضخما ً لسوء التغذية فى المستعمرات ‪،‬‬
‫سيجرى تنظيمه بواسطة لجنة فرعية يكونها المجلس الستشارى القتصادى‬
‫البريطانى ‪ ،‬وطلبت الرسالة الدورية من حكومات المستعمرات‪ :‬أو ً‬
‫ل‪ ،‬توفير المعلومات‬

‫‪22‬‬
‫عن وضع التغذية بالنسبة لسكانها المحليين‪ .‬وثانيًا‪ ،‬أن تستكشف سياسات العمل‬
‫الزراعية بقصد التوصل إلى توازن أفضل بين المحاصيل التصديرية ومحاصيل الطعام‬
‫المحلية‪ .‬وأعلن تقرير اللجنة النهائى سنة ‪ 1939‬بأن سبب سوء التغذية هو الفقر ثم‬
‫الجهل‪ .‬وكان الرأى أن الفقر ناتج عن عدم الكفاية فى إنتاج محاصيل الطعام وعن‬
‫الجور المنخفضة وقلة المحاصيل ‪ ،‬أما الجهل فرأت اللجنة أنه ل يعود إلى السكان‬
‫الصليين بل يعزى إلى الحكومة وأولئك الذين لديهم سلطة التحكم فى تغذية الخرين ‪،‬‬
‫مثل أصحاب العمل ورجال الرساليات والمدرسين)‪.(126‬لذا أوفد مسئول بريطانى‬
‫لمنطقة غرب افريقيا سنة ‪ 1939‬لفحصها ودراستها بغرض تحسين الزراعة فيها )‪.(127‬‬
‫وخلل المؤتمر الذى عقد سنه ‪ 1949‬على مستوى القارة الفريقية بشأن مسألة‬
‫الغذاء ‪ ،‬ظهر أن كميه الطعام التى يأكلها الفريقى تعطيه ‪ 1800‬وحده حرارية‪ ،‬بينما‬
‫يحتاج جسم النسان ما بين ثلث إلى أربعه َالف وحده حرارية‪ .‬وأكدت الوساط الطبية‬
‫بأن أكثر من ‪ 1/2‬سكان القارة يحصلون فى اليوم الواحد على أقل من ألف وحده‬
‫حرارية‪ .‬وحسب تقارير اللجان الصحية عن وجبات الطعام للفريقى‪ ،‬فإن هناك نقصا ً‬
‫فى الطعمة الزوتية الحيوانية والنباتية المعدنية‪ .‬وقالت بأن الختلل فى توازن التغذية‬
‫على أشده بين عمال المدن لن هؤلء ل توجد عندهم ثمار بريه وصيد وقنص مثل‬
‫القرويين‪ ،‬وهم مضطرون للعتماد على ما يشترونه من السواق التجارية ‪ ،‬لذلك ل‬
‫يستطيعون إل شراء المواد الرخيصة التى ل وحدات حرارية فيها)‪.(128‬‬
‫ولم يحدث توسع فى انتاج الغذاء وزيادة حجم المواد الغذائية المطروحة فى السوق إل‬
‫فى الفترة التى أعقبت الحرب الثانية‪ .‬ففى افريقيا الغربية الفرنسية أفاد أحد‬
‫التقديرات بأن انتاج المواد الغذائية قد زاد فى الفترة بين عامى ‪ 1954-1947‬بمعدل‬
‫‪ ، %50‬وكان الطلب المتصاعد يلبى تنمية المناطق المتخصصة فى انتاج الغذية فى‬
‫افريقيا الغربية‪ ،‬فقد كانت سيرليون تصدر الرز إلى غمبيا والسنغال ونيجيريا‬
‫المعتمدتين على إنتاج الفول السودانى على حساب محاصيل الغذية )‪.(129‬‬
‫وتجدر الشارة هنا إلى سمتين جديدتين للتجارة فى المواد الغذائية للمقارنة بفترة ما‬
‫قبل الستعمار ‪ .‬أولهما أن التحسن فى وسائل تخزين المحصولت عمل على تخفيف‬
‫حدة التغيرات الموسمية فى توفير الغذية فى السواق‪ ،‬حيث توسع تجار الغذية فى‬
‫أعمالهم‪ .‬ثانيهما ‪ ،‬أن تطورات النقل خصوصا بالشاحنات طمست التمييز بين التجارة‬
‫المحلية والتجارة البعيدة ‪ .‬فللمرة الولى أصبحت التجارة فى المحصولت الغذائية‬
‫الرئيسية خارج منطقة النتاج عمل ً مربحا ً ‪ .‬كما توضح حالة أكرا‪ ،‬ففى الفترة من‬
‫‪ 1958 -1957‬استوردت أكرا من الداخل ‪ 144‬ألف طن من المواد الغذائية ) وأساسا ً‬
‫البلنتين والكسافا وجذور الكاسافا(‪ .‬ويمكن رؤية امتداد مماثل لتجارة الغذية فى‬
‫أجزاء أخرى من افريقيا الغربية ‪ .‬ففى ساحل العاج كان مزارعو الكاكاو والبن‬
‫يستوردون فى العقد السادس حوالى ‪ 12‬ألف طن من الرز من الجزاء الشمالية‬
‫للبلد‪ .‬وفى نيجيريا كانت محصولت الرز واللوبيا وقمح غينيا ترسل إلى مقاطعات‬
‫الجنوب‪ .‬وبالمثل توسعت التجارة فى السماك ومبادلة ملح النيجر بحبوب نيجيريا‬
‫الشمالية‪ .‬وظل الجزء الغربى من منطقة السافانا يعتمد على استيراد الكول من‬
‫ساحل العاج وسيراليون ‪ ،‬وكان ثلث هذا المجموع موجها إلى السنغال‪ .‬وظلت نيجيريا‬
‫تعتمد على ساحل العاج فى استيراد جوزة الكول وتطور نقلها عبر استخدام السكة‬
‫الحديد التى وصلت إلى كانو من الساحل‪ .‬أما فيما يتعلق بالتجارة فى الماشية‪ ،‬فكانت‬
‫لها أهمية فى افريقيا الغربية الفرنسية ‪ ،‬ففى سنة ‪ 1936‬صدرت النيجر ومالى ما ل‬
‫يقل عن ‪ 65‬ألف رأس من الماشية إلى أنحاء أخرى من غرب افريقيا‪ .‬ووصلت سنة‬
‫‪ 1956‬إلى ‪ 200‬ألف رأس إلى السنغال وساحل العاج وساحل الذهب ونيجيريا ‪ ،‬ناهيك‬
‫عن البقار والخراف)‪.(130‬‬
‫ب‪ -‬مواجهة المرأة الفريقية لمشكلة الغذاء فى العصر الستعمارى ‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫لقد وقع على المرأة الفريقية عبء ثقيل فى العصر الستعمارى ‪ ،‬بعضه مرتبط‬
‫بالرث الثقافى الفريقى بإعتبارها ليس مصدرا ً لجلب الطفال فقط)‪ ،(131‬بل‬
‫لمشاركتهن الفعالة فى توفير الغذاء ورعاية السرة‪ .‬وهذا ما يفسر بأن انتشار تعدد‬
‫الزوجات فى المجتمع الفريقى قد يكون وراءه هدف اقتصادى أكثر من كونه وسيلة‬
‫لجلب الطفال‪ .‬فالدلئل المستمدة من افريقيا المدارية تشير بأن عدد حالت الولدة‬
‫فى نظام تعدد الزوجات أقل من نظيره فى ظل نظام الزوجة الواحدة)‪.(132‬ورغم أن‬
‫المرأة الفريقية رضيت بتلك الظروف التى فرضتها ثقافة وطبيعة القارة‪ ،‬إل أن طبيعة‬
‫المعركة مع الحياة فى ظل الستعمار قد فرضت عليها تحديات جديدة‪ ،‬ألزمتها بأن‬
‫تتصدر بطولة المواجهة مع المشكلة الغذائية‪ .‬ولما كان من غير الممكن تعقب كل تلك‬
‫المواجهات‪ ،‬فقد أثرنا أن نتبين دورها من خلل لقطات أربع تبرز وتلخص جهودها فى‬
‫تلك المواجهة ‪:‬‬
‫اللقطة الولى؛ تتمثل فى مواجهتها للمحاصيل النقدية ‪ ،‬فل شك أن‬
‫الحاصلت النقدية المفروضة من قبل النظم الستعمارية قد جذبت أكبر نسبة من‬
‫السكان الفريقيين‪ .‬فى حين اقتصرت الحاصلت الزراعية على استهلك السرة‪ ،‬لذا لم‬
‫يتح للحاصلت الغذائية أن تنافس النقدية لعدم إقبال الدول المستعمرة على إستيرادها‬
‫)‪.(133‬ولما لجأت الدارات الستعمارية لنظام السخرة فى المزارع التجارية ) حيث أخذت‬
‫الرهائن من النساء والطفال لرغام الفريقيين على العمل فيها( بات العمل فى زراعة‬
‫المحاصيل الغذائية مقصورا ً على النساء)‪ ،(134‬لهذا تحملت المرأة الفريقية عبء توفير‬
‫الغذاء فى شتى المناطق الفريقية ‪ .‬ومن الصورة التى حملها لنا الفلكلور الشعبى‬
‫لمراة شهيرة كانت تعتبر ذات كفاءة استثنائية فى زراعة نبات المنيهوت‪ ،‬كدليل على‬
‫مواصلة الكفاح من أجل البقاء )‪ ،(135‬نتبين بأن الوعى الشعبى الفريقى قد ظل يحتفظ‬
‫بهذا الجميل فى عنقه لنسائه‪.‬‬
‫وإذا ما نظرنا إلى السبب الرئيسى لختلل تركة الزراعة الستعمارية نجده فى "‬
‫التحيز للذكور"‪ .‬فالنساء يشاركن فى جزء كبير من أنشطة الزراعة التقليدية فى‬
‫افريقيا ‪ .‬ولم يؤد تأثير الستعمار إلى إنهاء الغلبة العددية للنساء‪ ،‬ولكنه ساهم فى‬
‫تهميشهن ‪ .‬ففى المجتمع التقليدى كان للمرأة صوت مسموع فى تحديد قيمة السلع‪.‬‬
‫وحتى بعد ظهور القتصاد النقدى كان للمرأة الدور الرئيسى فى تحديد أسعار السوق‬
‫المحلية من خلل عمليات المساومة والمقايضة المتعارف عليها ‪ .‬ولكن عددا ً من‬
‫التغيرات الناتجة عن الستعمار ساعد على ترجيح كفة الرجال لسيما فى تحديد قيمة‬
‫المنتجات الزراعية‪ .‬ومن تلك العوامل مجالس التسويق التى كان معظم العاملين بها‬
‫من الذكور‪.‬ومن ثم كانت المؤسسة الحاجزة بين المنتجين والمستهلكين حكرا ً على‬
‫الذكور ‪ ،‬ومن ثم همشت المرأة فى تحديد قيمة المنتجات الزراعية‪ .‬إل أن القتصادات‬
‫المحلية التقليدية كانت تمنح المرأة سلطة ل يستهان بها فى عمليات المقايضة‪.‬‬
‫وأسهمت الزراعة النقدية فى افريقيا فى تهميش المرأة المزارعة بسبب القيود‬
‫المحلية المفروضة على ملكية النساء للراضى من جهة‪ ،‬وتحيز المؤسسات المصرفية‬
‫فيما يختص بالجدارة الئتمانية ضد المرأة من جهة أخرى‪ .‬وكان نشر الزراعة النقدية قد‬
‫جعل المرأة تسيطر فى معظم الحالت على زراعة المواد الغذائية )اليام والكاسافا‬
‫والذرة (‪ .‬أما فى زراعة التبغ فى روديسيا الجنوبية‪ ،‬أو السكر فى أوغندا أو السيزال‬
‫فى تنجانيقا‪ ،‬فقد بدأت خبرات المرأة فى النحسار أمام حسابات الذكور وخططهم‪.‬‬
‫ومن المسلم به أن اليد العاملة النسائية ظلت مطلوبة فى زراعة المحاصيل النقدية ‪.‬‬
‫فأغلب عمال قطف الشاى فى كاريشو بكينيا من النساء‪ .‬والتحول الدارى لصالح‬
‫الرجال كان فى المسائل المتعلقة بالمحاصيل النقدية‪ ،‬إل أن عمليات اتخاذ القرار‬
‫بشأن النتاج الغذائى التقليدى كانت تسمح باسناد دور أكبر للمرأة مقارنة بالقرارات‬
‫المتعلقة بالمحاصيل النقدية)‪.(136‬ونستخلص من ذلك بأن المرأة هى التى تحملت عبء‬
‫النتاج الغذائى فى ظل اجتذات الدرات الستعمارية للفريقيين لزراعة المحاصيل‬

‫‪24‬‬
‫النقدية‪ .‬ومن ثم حافظت المرأة الفريقية من خلل هذا الدور فى زراعة المحاصيل‬
‫الغذائية باستبقاء قطاعات كبيرة من الفريقيين على قيد الحياة ‪.‬‬
‫اللقطة الثانية؛ تتمثل فى تحمل المرأة لعملية توفير الغذاء خلل‬
‫الحربين العالميتين وفترة الكساد العالمى؛ فقد عرفنا من قبل كيف قامت‬
‫السلطات الستعمارية بتجنيد الهالى للمشاركة فى الحرب‪ ،‬وكيف ُنهبت الغذية لصالح‬
‫الدولة المستعمرة وجنودها !‪ ،‬لهذا كان من الطبيعى أن تكون المرأة الفريقية هى‬
‫بطلة هذه اللقطة أيضًا‪ .‬فعلى سبيل المثال حينما لجأت بريطانيا لحشد الجنود من‬
‫المستعمرات خلل الحرب العالمبة الثانية ‪ ،‬كانت كل التقارير تقول بأن عبء تزايد‬
‫الطلب على إنتاج المواد الغذائية قد وقع على النساء)‪.(137‬وفى مزارع الشاى فى‬
‫نياسالند )ملوى( كانت حياة العمال بين الحربين ‪ –،‬بما فى ذلك النساء والطفال‪-‬‬
‫خاضعة لصحاب المزارع دون تدخل يذكر من جانب الممثل المحلى للدارة‬
‫البريطانية)‪.(138‬بل إن الجملة الشهيرة التى قالها أحد الداريين الفرنسيين خلل فترة‬
‫الكساد العالمى " بأن أسر السكان الصليين لم تكن لتستطيع مطلقا ً بأن تفى‬
‫بإحتياجاتها فى حدود مواردها ‪ ،‬مهما كانت ميزانيتها سليمة ومنظمة‪ ،‬والواقع أن حياة‬
‫السكان الصليين كانت معجزة متكررة بل انقطاع" )‪ ،(139‬تدلل على صعوبة المسئولية‬
‫التى ألقيت على عاتق النساء خلل تلك الفترات التى تشكل بمفردها ثلث الفترة‬
‫الستعمارية‪.‬‬
‫بل إن المر لم ينته بانتهاء الحرب ‪ ،‬فقد أجاز التحادان الفرنسيان ) افريقيا الستوائية‬
‫الفرنسية وافريقيا الغربية الفرنسية(رسميا ً بعد الحرب إستخدام اليدى العاملة بدون‬
‫أجر فى المشروعات الستعمارية‪ .‬ومما زاد من إستياء المواطنيين أن مهمة إطعام‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(140‬‬
‫العمال ظلت ملقاة على النساء اذا كان العمل فى حدود مسيرة يوم من القرية‬
‫وهذا يدلل على أن المرأة الفريقية تحملت المواجهة بمفردها دونما شعور الدارات‬
‫الستعمارية حتى بمسئولية إطعام هؤلء المشتركين فى العمال الجبارية‪ ،‬وترك مهمة‬
‫إطعام الطفال وشيوخ السر عليها‪ .‬بما يشير بأن المرأة الفريقية بثباتها فى هذه‬
‫المواجهة تعد مشاركة فى كل النجازات التى يتباهى الستعمار بتقديمها كالسكك‬
‫الحديدية وبعض المنشئات التعليمية والصحية‪ ،‬بل تعد مشاركة بطريقة غير مباشرة فى‬
‫الجهود الحربية خلل الحربين الولى والثانية‪.‬‬
‫اللقطة الثالثة‪ ،‬مواجهتها لمشكلة الغذاء فى ظل القيود الستعمارية‬
‫عليها‪ ،‬فهناك بعض القيود التى فرضها المستعمرون أدت إلى تدهور أوضاع المرأة ‪.‬‬
‫فقد منعت السلطات الستعمارية النساء من الشتراك فى معظم أنواع النشاط التى‬
‫استحدثتها أو كثفتها‪ ،‬مثل التعليم الغربى وزراعة المحاصيل المخصصة للتصدير ‪ ،‬أو‬
‫الشتغال فى مجالت القانون والطب والتعدين وغير ذلك‪ .‬فقد كان عالم الستعمار‬
‫عالما ً للرجال فقط‪ ،‬ل تجد النساء تشجيعا ً على النهوض فيه بأى دور له مغزى)‪.(141‬لهذا‬
‫لم يتح لها إل العمل الزراعى‪ ،‬لهذا حاولت كثير منهن التمرد على تلك القيود‪ .‬ففى‬
‫داهومى واجهت النساء‪ -‬عام ‪ - 1891‬القيود التى فرضت على عملهن فى‬
‫الكاميرون)‪.(142‬وفى جنوب افريقيا واجهت المرأة الريفية القيود المتمثلة فى الضغط‬
‫الشديد على الرض ‪ ،‬والتحكم فى أعداد الحيوانات‪ ،‬وزيادة الضريبة)‪ ،(143‬بأن تحملن‬
‫مسئولية اقتصاد السرة فى ظل غياب الزواج للعمل فى الحضر‪ .‬فقد تعين عليهن‬
‫قطع مسافات طويلة لجلب الماء والخشاب‪ ،‬ودق الذره وجرشها ‪ ،‬وتوفير بعض‬
‫الضرورات الغذائية‪ .‬وعلى الرغم من ذلك الجهد الهائل الذى بذلنه فى كل هذه العمال‬
‫‪ ،‬تعين عليهن أن يخصصن ما بين ست وثمانى ساعات فى اليوم للعمل فى الحقول‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن جهودهن تذهب هباء فى ظل أرض عاجزة تماما ً أن تعيل من‬
‫عليها)‪.(144‬وفى حضر جنوب افريقيا تشابهت ظروف المرأة الفريقية فى مواجهة‬

‫‪25‬‬
‫مشكلة الغذاء؛ فتارة نراها ُتضرب اعتراضا ً على زيادة أسعار اللحوم )‪ ،(145‬وتارة أخرى‬
‫نراها )سنة ‪ ( 1928‬تقاطع صالت البيرة )‪ ،(146‬حيث لجأت المرأة الفريقية لتصنيع‬
‫وبيع الخمور والمشروبات لحل مشكلة دخل السرة المتدنى للغاية‪ ،‬ولو تخلت المرأة‬
‫عن هذا الدور لتعرضت السرة الفريقية للهلك والموت)‪.(147‬‬
‫وفى نيجيريا الشرقية قامت النساء بأعمال شغب كبيرة سنة ‪ 1929‬لتأثر مصالحهن‬
‫التجارية)‪.(148‬وفى لجوس قدمن نموذجا ً مهما ً فى العمل التنظيمى‪ ،‬فقد استطعن‬
‫ن أيضا اتحاد بائعات‬
‫تنظيم الشركة التجارية النسائية لتحاد الكور سنة ‪ ،1939‬وكو ً‬
‫الدقيق سنة ‪.(149)1940‬ول يعنى هذا عدم وجود نماذج لنساء اخترقن تلك القيود‪ ،‬بل‬
‫هناك نماذج لنساء مارسن التجارة فى افريقيا الغربية استفدن من بعض الفرص التى‬
‫خلقها الستعمار للهالى المحليين )‪ ،(150‬إل أن السمة الرئيسية فى العصر الستعمارى‬
‫كانت اشتغال المرأة بما يتناسب مع توفير الطعام لسرهن ‪.‬‬
‫اللقطة الرابعة ‪ ،‬تحملها مسئولية الغذاء خلل مرحلة الكفاح الوطنى ضد‬
‫الستعمار ‪ ،‬فقد لعبت المرأة الفريقية دورا ً متميزا ً فى معظم حركات الكفاح‬
‫الوطنى‪ ،‬ففى كينيا‪،‬على سبيل المثال‪ ،‬كانت نساء الكيكويو والميرو واليمبو ) فى‬
‫المقاطعة الوسطى( يخاطرن بحياتهن ويرسلن الغذية والمعلومات إلى المحاربين من‬
‫الرجال فى غابات أبردير‪ .‬وبوجه عام يمكن القول بأن الكفاح الداخلى من أجل التحرير‬
‫فى أى بلد افريقى محارب كان يفسح مجال ً أكبر للنساء‪ ،‬مما كانت تتيحه حروب‬
‫التحرير فى المنفى‪ .‬حيث وقع عليهن عبء توفير الغذاء لسر هؤلء المقاومين وهم‬
‫عشرات اللوف)‪ ،(151‬بل إذا استقطعنا فترة الحربين العالميتين وفترة الكساد وفترة‬
‫المقاومة الفريقية لوجدنا أن المرأة الفريقية تحملت بمفردها مسئولية توفير الغذاء‬
‫خلل تلك الفترات‪.‬‬
‫ونخلص من خلل استعراض هذه اللقطات الربع بأن المرأة الفريقية كانت تقوم بدور‬
‫البطولة فى كل المشاهد بحكم القيود المستحدثة من قبل الستعمار تارة ‪ ،‬وبحكم‬
‫ثقافة المجتمع الفريقى وغياب الرجال فى معظم الفترات تارة أخرى ‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫تخلص الدراسة فى نهايتها إلى عدد من النتائج أهمها ما يلى ‪-:‬‬
‫♦♦ أثبتت الدراسة بأن طبيعة المشكلة الغذائية فى عصر ما قبل الستعمار قد فرضت‬
‫على المرأة الفريقية تحديات جلها ارتبط بالبيئة الفريقية‪ ،‬الطبيعية والثقافية‪.‬‬
‫وأستطاعت المرأة خلل تلك الفترة أن تقدم كل طاقتها وجهدها لنتاج الغذاء وتوفيره‬
‫لسرتها‪ ،‬واجتهدت قدر استطاعتها فى أن تحافظ على بنى جلدتها‪.‬‬
‫♦♦ لعبت المرأة الفريقية دورا ً مهما ً فى اثراء التاريخ الفريقى بنماذج مختلفة لتفاعل‬
‫النسان مع البيئة ‪ ،‬أثبتت فيها المرأة قدرتها على توظيف البيئة لصالحها وصالح أسرتها‬
‫ومجتمعها‪.‬‬
‫♦♦ أثبتت الدراسة بأن المرأة الفريقية كان لها دور كبير فى زراعة وتأسيس الهوية‬
‫الوطنية المرتبطة بثقافة الطعام‪ ،‬وأن مواجهتهن المباشرة وغير المباشرة لمشكلة‬
‫الغذاء أفرزت عن معدن المرأة الفريقية المرتبط بهويتها الوطنية وبيئتها الغذائية‪،‬‬
‫فغالبيتهن ارتضين بما قسمته الطبيعة من مواد غذائية ‪ ،‬استطعن من خللها تأسيس ما‬
‫يجوز تسميته بـ" مدرسة محلية فى فنون الطهى" ‪.‬‬
‫♦♦ خلصت الدراسة بأن عبء حياة الفريقيين ومعيشتهم فى العصر الستعمارى قد‬
‫وقع على النساء‪ .‬واستطعن بالفعل تحمل فترات الحروب والكساد القتصادى‪ ،‬وتحملن‬
‫بمقدرة تستحق النظر قيام المستعمرين باجبار الرجال‪ ،‬إما على التجنيد فى الجيوش‬

‫‪26‬‬
‫الستعمارية أو العمل فى مشروعاتهم‪ .‬لذا كانت حياة المرأة الفريقية سواء فى الفترة‬
‫التى سبقت الستعمار أم فى العصر الستعمارى سلسلة متواصلة من الكد والشقاء‬
‫والكفاح المستمر‪.‬‬

‫هوامش البحث ‪-:‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ (1) 1‬فتركزت الصناعة فى شمال غرب اوربا ‪ ،‬وزراعة المحاصيل المعيشية وجمع المنتجات البرية فى افريقيا ‪ ،‬للمزيد‬
‫انظر ‪ ،‬ج‪ .‬أ ‪ .‬اينيكورى ‪ -:‬افريقيا فى تاريخ العالم ‪ :‬تجارة تصدير الرقيق من افريقيا وظهور النظام الطلسى ‪ ،‬تاريخ‬
‫افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الخامس ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1997 ،‬ص ‪. 145‬‬
‫‪ (2) 2‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬التاريخ القتصادى لفريقيا الغربية ‪ ،‬ترجمة احمد فؤاد بلبع ‪ ،‬المشروع القومى للترجمة ‪ ،‬العدد ‪، 33‬‬
‫المجلس العلى للثقافة ‪ ، 1998 ،‬ص ص ‪.20 ، 19‬‬
‫‪ (3) 3‬زاهر رياض ‪ -:‬استعمار افريقيا واستقللها ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،1966 ،‬ص ‪. 29‬‬
‫‪ (4) 4‬الهادى المبروك الدالى ‪ -:‬التاريخ السياسى والقتصادى لفريقيا فيما وراء الصحراء منذ نهاية القرن الخامس عشر‬
‫إلى بداية القرن الثامن عشر ‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،1999 ،‬ص ‪. 274‬‬
‫‪ (5) 5‬نرى هذا فى ملحظته حينما دعاهم مشرف ايوالتن " الهذا دعانا السود " ‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬ك‪ .‬مادهو بانيكار ‪ -:‬الوثنية‬
‫والسلم تاريخ المبراطورية الزنجية فى غرب افريقيا ‪ ،‬ترجمة أحمد فؤاد بلبع ‪ ،‬المشروع القومى للترجمة ‪ ،‬العدد ‪، 30‬‬
‫ط ‪ ، 2‬المجلس العلى للثقافة ‪ ، 1998 ،‬ص ‪. 486‬‬
‫‪ (6) 6‬والتر رودنى ‪ -:‬أوروبا والتخلف فى افريقيا‪ ،‬ترجمة د‪ .‬احمد القصير‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة ‪ ،‬العدد ‪ ،1988 ،132‬ص‬
‫ص ‪. 63 ،62‬‬
‫‪ (7) 7‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ (8) 8‬فاروق عبدالجواد شويقة ‪ -:‬القزام الفريقيون ‪ ،‬مجلة الدراسات الفريقية ‪ ،‬العدد الخامس ‪ ، 1976 ،‬ص ص ‪، 13‬‬
‫‪. 15‬‬
‫‪ (9) 9‬ب‪ .‬دياين ‪ -:‬البنى السياسية والقتصادية فى افريقيا خلل الفترة من ‪ ، 1800-1500‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد‬
‫الخامس ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1997 ،‬ص ‪. 49‬‬
‫‪ (10) 10‬فى فترة جمع العسل ونضوج الثمار‪ ،‬أو ترقب انتقال الحيوانات نحو برك النهار‪ ،‬أو سقوط المطار ‪ ،‬للمزيد انظر ‪،‬‬
‫ى‪ .‬فانسينا‪ -:‬تحركات السكان وظهور اشكال جديدة للتنظيم الجتماعى والسياسى فى افريقيا ‪ ،‬تاريخ افريقيا العام ‪،‬‬
‫المجلد الخامس ‪ ،‬اليونسكو‪،1997 ،‬ص ص ‪. 75 ، 74‬‬
‫‪ ‬هى منشط معتدل يحتوى على الكافيين‪ ،‬وكانت تمضغ لتخفف التعب وللتغلب على العطش وأكثرها يزرغ فيما يسمى‬
‫بغينيا وساحل الذهب‪.‬‬
‫‪ (11) 11‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ (12) 12‬الهادى المبروك الدالى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 280 ، 279‬‬
‫‪ ‬القيمة الغذائية للكاسافا أقل من اليام لقلة نسبة البروتين بها ‪ ،‬وهى تحتاج إلى ظروف طبيعية ملئمة لزراعتها حيث تحتاج‬
‫الى درجة حرارة مرتفعة ‪.‬‬
‫‪ (13) 13‬وبالنسبة للشراب فنجد أن عرقى البح ‪ ،‬يصنع من الذرة ‪ ،‬هو المشروب الشائع‪ ،‬فالسنغى والبمبرة والهوسا يولعون‬
‫بالشراب ‪ ،‬وقد ترتب على التصال بالوربيين فى المنطقة الساحلية معرفة الروم والجن والبراندى التى أصبحت من‬
‫المشروبات الوطنية‪ ،‬للمزيد انظر‪ ،‬ك‪ .‬مادهو بانيكار ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 486‬‬
‫‪ (14) 14‬جوزيف – كى ‪ -‬زيربو ‪ -:‬تاريخ افريقيا السوداء‪ ،‬القسم الول‪ ،‬ترجمة يوسف شلب الشام ‪ ،‬منشورات وزارة‬
‫الثقافة ‪،‬دمشق ‪ ،‬سوريا‪، 1994 ،‬ص ‪. 282‬‬
‫‪ (15) 15‬إما من طبيعتها‪ ،‬كما هو الحال فى الحبوب الزيتيةوالبهارات‪ ،‬أو من جنسها‪ ،‬كما هو الحال فى الحيوانات حية أو‬
‫مذبوحة ‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬جوزيف – كى ‪ -‬زيربو ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 399 ،398‬‬
‫‪ (16) 16‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 35 ، 34‬‬
‫‪ (17) 17‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.59 -57‬‬
‫‪ (18) 18‬فليكس ديبوا ‪ -:‬تمبكت العجيبة ‪ ،‬ترجمة عبدالله عبدالرازق ‪ ،‬المشروع القومى للترجمة ‪ ،‬العدد ‪ ، 589‬المجلس‬
‫العلى للثقافة ‪ ، 2003 ،‬ص ص ‪. 64 ، 63‬‬
‫‪ (19) 19‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.215 ، 175‬‬
‫‪ (20) 20‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.109 ، 108‬‬
‫‪ (21)21‬ك‪ .‬مادهو بانيكار ‪ :‬المرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 383‬‬
‫‪ (22) 22‬د‪ .‬أ‪ .‬م‪ .‬كانى ‪ -:‬مطاهر التصالت الفكرية والثقافية بين شمال افريقيا ووسط السودان بين سنة ‪700‬م و ‪ 1700‬م‬
‫مع إشارة خاصة الى كانم – برنو وارض الهوسا‪ ،‬مجلة البحوث التاريخة ‪ ،‬مركز جهاد الليبيين‪ ،‬السنة ‪ ، 3‬العدد الول‪ ،‬ص‬
‫‪. 25‬‬
‫‪ (23) 23‬عبدالرحيم عبدالرحمن ‪ -:‬الريف المصرى فى القرن الثامن عشر ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬مكتبة مدبولى ‪ ،‬القاهرة ‪ ،1986 ،‬ص ص‬
‫‪. 203-201‬‬
‫‪ (24) 24‬ب‪ .‬دياين ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 58‬‬
‫‪ (25) 25‬محمد زروق ‪ -:‬العلقات العربية الفريقية فى القرن السادس عشر ) الوجود المغربى بالسودان الغربى كنموذج( ‪،‬‬
‫مجلة البحوث التاريخة ‪ ،‬مركز جهاد الليبيين‪ ،‬السنة السابعة ‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ص ‪. 90‬‬
‫‪ (26) 26‬رونالدو أوليفر‪ ،‬أنتونى أتمور‪ -:‬افريقيا منذ عام ‪ ، 1800‬ترجمة فريد جورج بورى ‪ ،‬المشروع القومى للترجمة ‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 948‬المجلس العلى للثقافة ‪ ، 2005 ،‬ص ‪. 51‬‬
‫‪ (27) 27‬أحمد عبدالدايم محمد حسين ‪ -:‬الوجود العربى فى منطقة البحيرات الفريقية الكبرى فى النصف الثانى من القرن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬مجلة كلية الداب‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬العدد ‪ ،21‬السنة ‪ ،2007 ، 11‬ص ص ‪. 479 ، 469، 467‬‬
‫‪ (28) 28‬مبولوكو‪ -:‬من أراضى الكميرون المعشبة إلى أعالى النيل تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الخامس ‪ ،‬اليونسكو‪،‬‬
‫‪،1997‬ص ص ‪.601 ، 600‬‬
‫‪ (29) 29‬أحمد عبدالدايم محمد حسين ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.456 ، 455‬‬
‫‪ (30)30‬جون َاليف ‪ -:‬الفارقة تاريخ قارة ‪ ،‬ترجمة أمل موسى ‪،‬سلسلة دراسات افريقية ‪ ،‬العدد ‪ ، 7‬الدار الجماهيرية للنشر‬
‫والتوزيع والعلن‪،‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى‪ ،2001 ،‬ص ‪. 318‬‬
‫‪Webster, David J. : The Political Economy of Food Producation and Nutrition in Southern Africa in Historical (31) 31‬‬
‫‪.Perspective, Modern Africans Studies, Vol. 24, No. 3, 1986, PP. 449, 450, 454‬‬
‫‪Shcpera and A.J.H. Goodwin: Work and Wealth, Schapera : A Handbook of Tswana, Law and Custom, Oxford (32) 32‬‬
‫‪.University Press, London, New York, Capetown, 1959, PP. 131, 132‬‬
‫‪ (33) 33‬اريك اكسيلون ‪ -:‬أشهر الرحلت فى جنوب افريقيا ‪ ،‬ترجمة عبدالرحمن عبدالله الشيخ ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة‬
‫للكتاب‪ ،‬اللف كتاب الثانى ‪ ،‬العدد ‪ ، ، 28‬متفرقات ‪.‬‬
‫‪ (34) 34‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ ‬ثمرة شجر من فصيلة الخبزيات ذى ثمار كبيرة تشتمل على لب نشوى يستعمل كالخبز‪.‬‬
‫‪ (35) 35‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 84 - 82‬‬
‫‪ (36)36‬ك‪ .‬مادهو بانيكار ‪ :‬المرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 383‬‬
‫‪ (37) 37‬ج‪ .‬ب ‪ .‬وبستر و أ ‪ .‬أغوت و ج‪ .‬ب‪ .‬كريتيان ‪ -:‬منطقة البحيرات الكبرى من ‪ 1500‬إلى ‪، 1800‬فى ب ‪ .‬أ ‪ .‬أغوت‪،‬‬
‫تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الخامس ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1997 ،‬ص ‪. 861‬‬
‫‪ (38)38‬جون َاليف ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ (39) 39‬ب ‪ .‬أ ‪ .‬أغوت ‪ -:‬التطور التاريخى للمجتعات الفريقية ‪ : 1800-1500‬خاتمة ‪ ،‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الخامس‬
‫‪ ،‬اليونسكو‪ ،1997 ،‬ص ‪. 992‬‬
‫‪ (40)40‬جون َاليف ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 205‬‬
‫‪ (41)41‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 284 ،283‬‬
‫‪ (42) 42‬فاروق عبدالجواد شويقة ‪ -:‬القزام الفريقيون ‪ ،‬مجلة الدراسات الفريقية ‪ ،‬العدد الخامس ‪ ، 1976 ،‬ص ص ‪، 35‬‬
‫‪. 36‬‬
‫‪ (43) 43‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ (44) 44‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ (45) 45‬أحمد عبدالدايم محمد حسين ‪ -:‬سياسات الرض تجاه الفريقيين فى جنوب افريقيا" دراسة وثائقية للفترة من‬
‫‪1894‬الى ‪ ، " 1910‬المجلة التاريخية المصرية ‪ ،‬المجلد رقم ‪ 44‬العدد الثانى مايو ‪ ، 2006‬الجمعية المصرية للدراسات‬
‫التاريخية‪ ،‬ص ‪.293‬‬
‫‪ (46) 46‬هـ‪ .‬ك ‪ .‬بهيل‪ -:‬زامبيزيا الجنوبية ‪ ،‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الخامس ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1997 ،‬ص ‪. 736‬‬
‫‪ (47) 47‬نفسه‪ ،‬ص ‪. 736‬‬
‫‪ (48) 48‬ب ‪ .‬أ ‪ .‬أغوت ‪ -:‬التطور التاريخى للمجتعات الفريقية ‪ : 1800-1500‬خاتمة ‪ ،‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الخامس‬
‫‪ ،‬اليونسكو‪ ،1997 ،‬ص ‪. 996‬‬
‫‪ (49) 49‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 996‬‬
‫‪ (50) 50‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪ (51)51‬جون َاليف ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.197 ،196‬‬
‫‪ (52) 52‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.61-59‬‬
‫‪ (53)53‬جون َاليف ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.192‬‬
‫‪ (54) 54‬ب ‪ .‬أ ‪ .‬أغوت ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.995 ، 994‬‬
‫‪ (55) 55‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫لخر عن طريق التبخر‬ ‫‪ (56) 56‬لم يكن موجود إل على طول الساحل ‪ ،‬وكان يتم الحصول عليه بغلى ماء البحر أو من حين َ‬
‫الطبيعى‪ ،‬غير أنه فى الداخل كان الحصول عليه أشد صعوبة لن مصادره الرئيسية تقع بعيدا ً عن مراكز الطلب‪ ،‬فقد كان‬
‫السودان الغربى تجلب ماداته من خمسة مناجم تقع جميعها فى الصحراء الكبرى ‪ ،‬للمزيد انظر‪،‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 92 ، 34، 33‬‬
‫‪ (57) 57‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 210‬‬
‫‪ (58) 58‬ج‪ .‬ن ‪ .‬أوزيغوى ‪ -:‬تقسيم افريقيا وغزوها على يد الوربيين‪ :‬نظرة عامة ‪ ،‬فى أ‪َ .‬ادو بواهن ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪،‬‬
‫المجلد السابع‪ ،‬ط ‪ ، 2‬اليونسكو‪ ،1997 ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ (59) 59‬ولهمية التجارة ومكانة التجار قام نائب أسكياالحاج ) يدعى محمد عمر بن محمد الندى (‪ ،‬بتزويج اثنتين من بناته‬
‫لخوين تاجرين بسبب ثرائهما ‪ ،‬وهناك اشارات كثيرة لزواجات كثيرة تمت من هذا النوع ‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬ابن الوزان‬
‫الزياتى ‪ :‬وصف افريقيا ‪ ،‬ترجمة د‪ .‬عبدالرحمن حميدة‪ ،‬مكتبة السرة ‪ ،‬سلسلة التراث‪ ، 2005 ،‬ص ‪. 540‬‬
‫‪ (60)60‬ك ‪ .‬مادهو بانيكار ‪ :‬المرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 387‬‬
‫‪ (61)61‬محمود كعت التنبكتى ‪ :‬تاريخ الفتاش فى أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس ‪ ،‬نشره هوداس‪ ،‬مطبعة بردين بمدينة‬
‫انجى‪ ،‬المدرسة الباريزية لتدريس اللسنة الشرقية‪ ، 1913 ،‬ص ص ‪.83 ، 82‬‬
‫‪ (62)62‬ك‪ .‬مادهو بانيكار ‪ :‬المرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪.384 ، 383‬‬
‫‪ (63) 63‬دونالد وايدنر‪ -:‬تاريخ افريقيا جنوب الصحراء ‪ ،‬الجزء الول ‪ ،‬ترجمة على أحمد فخرى وشوقى عطاالله الجمل‪،‬‬
‫مؤسسة سجل العرب‪ ،‬ص ‪. 21‬‬
‫‪ (64) 64‬فيلكس ديبوا ‪ :‬المرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 214‬‬
‫‪ (65) 65‬فقد جمع حريما ً بلغ عددهن خمسة َالف امرأة‪ ،‬وقال عنه بارث بأنه كان متحفا بشريا لجمال المرأة تميز بجمع‬
‫النساء والثروة‪ ,‬للمزيد انظر‪ ،‬ك‪ .‬مادهو بانيكار ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 314 ،312‬‬
‫‪ (66) 66‬المازونات عبارة عن كتيبة كونها اغاجا ) أول حاكم لداهومى ارتقى العرش سنة ‪( 1708‬فى جيش داهومى ‪ ،‬كانت‬
‫تتكون فى الصل من نساء قبض عليهن بتهمة الزنا او جرائم اخرى ‪ ،‬وتأثر أغاجا بشجاعتهن وجعل منهن الفيلق المختار‬
‫فى الجيش فى القرن ‪ ، 18‬للمزيد انظر‪ ،‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.218 - 216‬‬
‫‪ (67)67‬فيلكس ديبوا ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 214 – 213‬‬
‫‪ (68)68‬جون َاليف ‪ -:‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 166‬‬
‫‪ ‬يعيش المبوتى فى الغابة فى جماعات صيد منفصلة ‪ ،‬يتكون غذائهم الساسى من نباتها ‪ ،‬ومن المأكولت الشائعة جذور‬
‫سكرية تسمى ايتابا وتعتبر طعاما ً شهيا ً للقزام ويشربون شراب يسمى ليكو ويصنع من العشاب وحبوب الكول ‪ ،‬اما اللحم‬
‫فل يؤكل إل مطهوا ً ‪ ،‬ومن ألذ الطعمة لحم سنديول وهو حيوان من نوع الظباء ‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬فاروق عبدالجواد شويقة ‪-:‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪85‬‬
‫‪ (69) 69‬فاروق عبدالجواد شويقة ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ (70) 70‬والتر رودنى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 58 ،57‬‬
‫‪ (71)71‬جون َاليف ‪ -:‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 166‬‬
‫‪ (72) 72‬ج‪ .‬ب ‪ .‬وبستر و أ ‪ .‬أغوت و ج‪ .‬ب‪ .‬كريتيان ‪ -:‬منطقة البحيرات الكبرى من ‪ 1500‬إلى ‪، 1800‬فى ب ‪ .‬أ ‪ .‬أغوت‪،‬‬
‫تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الخامس ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1997 ،‬ص ‪. 881‬‬
‫‪ (73)73‬جون َاليف ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.192،203 ،190‬‬
‫‪ (74)74‬نفسه ‪،‬ص ‪.203‬‬
‫‪(75)75‬أحمد عبدالدايم محمد حسين‪ -:‬الفقر والمرض فى المجتمع الفريقى تحت الحكم العنصرى فى جنوب افريقيا ‪-1948‬‬
‫‪ ، 1976‬رسالة دكتوراه غير منشورة ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات الفريقية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،2005،‬ص ‪ ، 16‬وكذلك انظر‪،‬‬
‫‪Jensen Krige, Eileenn: Individual Development, Schapera : A Handbook of Tswana, Law and Custom, Oxford University‬‬
‫‪.Press, London, New York, Capetown, 1959, P. 95‬‬
‫‪ (76)76‬محمود كعت التنبكتى ‪ :‬مصدر سابق ص ص ‪. 103 ،102‬‬
‫‪ (77) 77‬ابن الوزان الزياتى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 540‬‬
‫‪ (78) 78‬س ‪ .‬هوارد ‪ :‬أشهر الرحلت إلى غرب أفريقيا ‪ ،‬ترجمة عبد الرحمن عبد الله الشيخ ‪،‬اللف كتاب الثانى ‪ ،‬العدد‬
‫‪ ، 230‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ، 1996 ،‬ص ص ‪. 38 ، 37‬‬
‫‪ (79) 79‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 112‬‬
‫‪ (80) 80‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬رحلة لستكشاف افريقيا ‪ ،‬ترجمة عبدالله عبدالرازق ابراهيم ‪ ،‬المشروع القومى‬
‫للترجمة ‪ ،‬العدد ‪ ، 471‬الجزء الثانى ‪ ،‬المجلس العلى للثقافة ‪ ، 2003 ،‬ص ‪. 84‬‬
‫‪ (81) 81‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬رحلة لستكشاف افريقيا ‪ ،‬ترجمة عبدالله عبدالرازق ابراهيم ‪ ،‬المشروع القومى‬
‫للترجمة ‪ ،‬العدد ‪ ، 422‬الجزء الول ‪ ،‬المجلس العلى للثقافة ‪ ، 2002 ،‬ص ص ‪. 100، 99‬‬
‫‪ (82) 82‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬الجزء الول ‪ ،‬ص ‪. 226‬‬
‫‪ (83) 83‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 97 ، 96‬‬
‫‪ (84) 84‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ (85) 85‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬الجزء الثانى ‪ ،‬ص ‪. 97‬‬
‫‪ (86) 86‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.44 ،41 ، 40‬‬
‫‪ (87) 87‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ (88) 88‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ (89) 89‬نفسه ‪ ، 1998 ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ (90) 90‬محمد الغربى ‪ :‬الحكم المغربى فى السودان الغربى نشأته واثاره‪ ،‬كؤسسة الخليج للطباعة والنشر‪ ،‬الكويت ‪ ،‬ص‬
‫ص ‪. 500 ، 498‬‬
‫‪ (91) 91‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 502‬‬
‫‪ (92) 92‬جوزيف – كى ‪ -‬زيربو ‪ -:‬تاريخ افريقيا السوداء‪ ،‬القسم الول‪ ،‬ترجمة يوسف شلب الشام ‪ ،‬منشورات وزارة‬
‫الثقافة ‪،‬دمشق ‪ ،‬سوريا‪ ، 1994 ،‬ص ‪. 559‬‬
‫‪ (93) 93‬أسامه الجوهرى ‪ :‬الفن الفريقى ‪ ،‬مكتبة السرة ‪ ،‬سلسلة الفنون ‪ ، 2005 ،‬ص ص ‪.193 - 191‬‬
‫‪ (94) 94‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬الجزء الثانى ‪ ،‬ص ‪. 27‬‬
‫‪ (95) 95‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 151‬‬
‫‪ (96) 96‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.169 ،168‬‬
‫‪ (97) 97‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 208‬‬
‫‪(98)98‬ك‪ .‬مادهو بانيكار ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 413‬‬
‫‪ (99) 99‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.112 ،111‬‬
‫‪ (100)100‬جون َاليف ‪ -:‬المرجع السابق ‪،‬ص ص ‪.123 - 121‬‬
‫‪ (101)101‬نفسه ‪،‬ص ص ‪.201-200‬‬
‫‪ (102)102‬نفسه ‪،‬ص ص ‪.203 ،202‬‬
‫‪ (103)103‬نفسه‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪ (104)104‬فيلكس ديبوا ‪ :‬المرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 214‬‬
‫‪ (105) 105‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬الجزء الول ‪ ،‬ص ص ‪.133 ، 127 ، 126‬‬
‫‪ (106) 106‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬الجزء الثانى ‪ ،‬ص ‪. 152‬‬
‫‪ ‬فحياة الفريقيين فى المعازل تعتمد على الماشية لجلب اللبن والغذاء الذى يعتمد على الذرة ‪ ،‬وكانت الذرة والصرغم "‬
‫ذرة العويجه " والفاصوليا والقرع ) اليقطين ( أهم مكونات غذاء الفريقيين‪ .‬وكان الغنياء من الهالى يقتفون إضافة إلى تلك‬
‫الشياء الشاى والقهوة والسكر‪ ،‬والتى كانت تعتبر للغالبية العظمى من الفريقيين من الكماليات التى ل سبيل إلى توفيرها‪.‬‬
‫‪ (107) 107‬نلسون مانديل ‪ -:‬رحلتى الطويلة من أجل الحرية ‪ ،‬ترجمة عاشور الشامس ‪ ،‬جمعية نشر اللغة العربية ‪ ،‬جنوب‬
‫أفريقيا ‪ ، 1998 ،‬ص ص ‪.9 ، 8‬‬
‫‪ (108)108‬ك‪ .‬مادهو بانيكار ‪ :‬المرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 383‬‬
‫‪ (109) 109‬فقد كان ل يسمح لهن بالجلوس مع الرجال لتناول الطعام معهم ‪ ،‬بل إن ريتشارد جوبسون أشار إلى إنه تناول‬
‫عدة وجبات مع ملوك ومع أناس عاديين فلم يجد امرأة واحدة تشاركهم الطعام ‪ .‬وإن كانت هناك زوجة أثيرة بمعنى أنها‬
‫مفضلة عن الزوجات الخريات ‪ ،‬فإنه يسمح لها بأن تكون قريبة من الزوج وأن تدرى عن أموره أكثر من الخريات‪ ،‬ومع‬
‫أنه غريب فقد سمح لهذه الزوجة الثيرة أن تظهر لهم ببساطة وتكون بينهم لذا سماها "الزوجة الثيرة" ‪ ،‬وتتمتع هذه‬
‫الزوجة بقدر أكبر من الحرية وسمح لها بقبول الهدايا التى قدمها ـ إل أنه حتى هذه الزوجة الثيرة ل يسمح لها بتناول‬
‫الطعام مع الرجال وإنما فى منزل آخر‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬س ‪ .‬هوارد ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 38 ، 37‬‬
‫‪ (110) 110‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 44‬‬
‫‪ (111)111‬هوبير ديشان ‪ -:‬الديانات فى أفريقيا السوداء ‪ ،‬ترجمة أحمد صادق حمدى ‪ ،‬سلسلة اللف كتاب‪ ،‬الناشر دار الكتاب‬
‫المصري ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1956 ،‬ص ‪. 50‬‬
‫‪ (112) 112‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬الجزء الول ‪ ،‬ص ‪. 75‬‬
‫‪ (113)113‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 159 ،158‬‬
‫‪ (114) 114‬دنهام وكلبرتون وأودنى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬الجزء الثانى ‪ ،‬ص ‪. 86‬‬
‫‪ (115)115‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 96‬‬
‫‪ (116)116‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.162،163‬‬
‫‪ (117)117‬اريك اكسيلون ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 390 -387 ،379‬‬
‫‪(118)118‬أحمد عبدالدايم محمد حسين‪ -:‬الفقر والمرض فى المجتمع الفريقى تحت الحكم العنصرى فى جنوب افريقيا‬
‫‪ ، 1976-1948‬رسالة دكتوراه غير منشورة ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات الفريقية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،2005 ،‬ص ‪ ، 16‬وكذلك‬
‫انظر‪.Jensen Krige, Eileenn: Individual Development, in Schapera : Op, Cit., P. 95 ،‬‬
‫‪ (119)119‬ش‪.‬كالدويل‪ -‬فيدوروفيتش ‪ -:‬الثار الجتماعية للسيطرة الستعمارية ‪ :‬المظاهر الديموغرافية‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو بواهن‬
‫) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ‪.470‬‬
‫‪ (120)120‬ك‪ .‬كوكرى‪ -‬فيدوروفيتش ‪ -:‬القتصاد الستعمارى فى المناطق الفرنسية والبلجيكية والبرتغالية السابقة‪ ،‬فى أ‪.‬‬
‫ادو بواهن ) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ص ‪.380 ، 379‬‬
‫‪ (121)121‬م‪ .‬هـ‪ .‬ى‪ .‬كانيكى ‪ -:‬القتصاد الستعمارى‪ :‬المناطق التى كانت خاضعة للنفوذ البريطانى‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو بواهن‬
‫) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ‪.400‬‬
‫‪ (122)122‬أ‪َ .‬ادو بواهن‪ -:‬الستعمار فى افريقيا‪َ :‬اثاره ومغزاه ‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو بواهن ) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد‬
‫السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ص ‪.796 ، 795 ، 792‬‬
‫‪Webster : David : Op, Cit. , P. 460 (123) 123‬‬
‫‪ (124) 124‬لم يصل محصول الذرة إلى بعض أجزاء الكونغو الشمالى إل بعد ‪ ، 1830‬ثم اصبح أهم محصول لدى قبائل‬
‫الزاندى حوالى ‪ . 1900‬وكانت الذرة الرفيعة معروفة فى كينيا فى ثمانينيات القرن ‪ ، 19‬ولكنها بقيت حتى نهاية القرن‬
‫غير هامة إل على الساحل‪ .‬ثم لم تصبح هامة فى أوغندا وروندا وبوروندى إل خلل العقود الولى من القرن العشرين‪.‬‬
‫وكانت وثبة المنيهوت بدورها لحقة على ذلك ‪ ،‬إذ أن انتشارها فى غرب افريقيا عدم كفاية المعرفة بكيفية تحضيرها‬
‫وازالة جميع السموم منها ‪ ،‬الى ان جاء الفرو – برازيليون) وهم افريقيون عائدون من البرازيل التىكانوا قد نقلوا إليها هم‬
‫أو اسلفهم كرقيق( الى ساحل غينيا فى القرن التاسع عشر وعلموا السكان كيفية تحضير الـ جارى ) دقيق المنيهوت( ‪،‬‬
‫وقد بلغ انتشارة اقصى سرعة له منذ عام ‪ . 1900‬ولم تبدا زراعة المنيهوت على نطاق يعتد به فى السنغال ال منذ عام‬
‫‪ 1900‬تقريبا وفى نيجيريا شمال نهر النيجر وبنوى منذ عشرينيات القرن العشرين فقط‪ .‬وتشير كل الدلئل الى نفس‬
‫التجاه‪.‬أما أصناف الرز السيوية فقد حلت محلها أصناف الرز المحلية ‪ ،‬وخاصة فى مناطق افريقيا البعيدة ‪ .‬خلل القرنين‬
‫التاسع عشر والعشرين‪ .‬بينما جرى استكمال الصناف القدم عهدا من اليام الكوكو) التارو( خلل القرن ‪ 19‬بادخال‬
‫أصناف جديدة منه مجلوبة من المحيط الهادى‪ .‬ومن ثم فإن جزءا ً كبيرا ً من افريقيا جنوب الصحراء قد خضع على مدى‬
‫خمسمائة لتغييرات لم يكن هناك بد من أن تؤدى الى حفز النمو السكانى‪ .‬للمزيد انظر‪ ،‬ج‪ .‬ش‪.‬كالدويل‪ -‬فيدوروفيتش ‪-:‬‬
‫الثار الجتماعية للسيطرة الستعمارية ‪ :‬المظاهر الديموغرافية‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو بواهن ) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد‬
‫السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ص ‪.480 – 478‬‬
‫‪ (125) 125‬دافيد ارنولد ‪ :‬الطب المبريالى والمجتمعات المحلية ‪ ،‬ترجمة د‪ .‬مصطفى ابراهيم فهمى ‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 236‬الكويت ‪ ،1996‬ص ص ‪.304 – 302‬‬
‫‪ (126) 126‬دافيد ارنولد ‪ :‬المرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪.316 - 313‬‬
‫‪ (127)127‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ (128) 128‬البيردتيودجرى ‪ -:‬إفريقيا الثائره ‪ ،‬تعريب نجده هاجر‪ ،‬سعيد الغز ‪ ،‬منشورات المكتب التجارى للطباعه والتوزيع‬
‫والنشر بيروت ‪ ،1960 ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ (129)129‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 489، 488‬‬
‫‪ ‬فقد كانت مزارع الخضر تقوم بتوريد نسبة من المجموع ‪ ،‬ولكن ‪ %55‬منه تجلب من على بعد يتراوح بين ‪ 100-50‬ميل‪،‬‬
‫وما ل يقل عن ‪ %30‬تجلب من مناطق تبعد اكثر من مائة ميل‪ .‬لذا كان يجرى تشجيع كل منطقة فى الداخل على التخصص‬
‫فى انتاج نوع خاص من الغذية لسوق أكرا‪.‬‬
‫‪ (130)130‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 495 - 490‬‬
‫‪.Willington John : Southern Africa, A Geographical Study, Vol. 11, Cambridge 1960, PP. 247, 248 (131) 131‬‬
‫‪ (132)132‬ج‪ .‬ش‪.‬كالدويل‪ -‬فيدوروفيتش ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.492‬‬
‫‪ (133)133‬و‪ .‬رودنى ‪ -:‬القتصاد الستعمارى ‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو بواهن ) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط‬
‫‪ ،1997 ، 2‬ص ‪.347‬‬
‫‪ (134)134‬ج‪ .‬ش‪.‬كالدويل‪ -‬فيدوروفيتش ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.485 ، 483‬‬
‫‪ (135)135‬وولى سوينكا‪ -:‬الفنون فى افريقيا خلل فترة السيطرة الستعمارية ‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو بواهن ) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا‬
‫العام ‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ص ‪.554 ، 553‬‬
‫‪ (136)136‬ماكسويل أووسو‪ -:‬الزراعة والتنمية منذ عام ‪ ، 1935‬فى على أ‪ .‬مزروعى و ك‪ .‬ووندجى ) محرران( ‪ -:‬تاريخ‬
‫افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الثامن ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1998 ، ،‬ص ص ‪.352 ، 351‬‬
‫‪ (137)137‬مايكل كراودر‪ -:‬افريقيا تحت السيطرة البريطانية والبلجيكية ‪ ،‬فى على أ‪ .‬مزروعى و ك‪ .‬ووندجى ) محرران( ‪-:‬‬
‫تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الثامن ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1998 ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪ (138) 138‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪ (139)139‬ك‪ .‬كوكرى‪ -‬فيدوروفيتش ‪ -:‬القتصاد الستعمارى فى المناطق الفرنسية والبلجيكية والبرتغالية السابقة‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو‬
‫بواهن ) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ‪.366‬‬
‫‪ (140)140‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.367 ، 366‬‬
‫‪ (141)141‬أ‪َ .‬ادو بواهن‪ -:‬الستعمار فى افريقيا‪َ :‬اثاره ومغزاه ‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو بواهن ) محرر( ‪ -:‬تاريخ افريقيا العام ‪ ،‬المجلد‬
‫السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ص ‪.805 ، 804‬‬
‫‪ (142)142‬مباى غوبى وأ‪.‬ادو بواهن ‪ -:‬المبادرات والمقاومات الفريقية فى غرب افريقيا‪ ،‬فى أ‪ .‬ادو بواهن ) محرر( ‪ -:‬تاريخ‬
‫افريقيا العام ‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ط ‪ ،1997 ، 2‬ص ‪.156‬‬
‫‪.Lodge, Tom: Black Politics in South Africa Since 1945, London, 1983, P. 149 (143) 143‬‬
‫‪ (144) 144‬جاك ووديس ‪ :‬جذور الثورة الفريقية ‪ ،‬ترجمة وتعليق ‪ :‬أحمد فؤاد بلبع ‪ ،‬مراجعة الترجمة د‪ .‬عبد الملك عوده ‪،‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ ، 1971 ،‬ص ص ‪.83 ، 82‬‬
‫‪Morrell, Robert: Farmers Randlords and the South African State: Confrantation in the Witwatersrand Beef (145) 145‬‬
‫‪..Markets 1920 - 1923, Journal of African History, Vol. 27, No. 3, 1986, PP. 520, 530‬‬
‫‪ (146) 146‬ودخول المرأة مجال العمل وتحملها الكفاح إلى جانب الرجل قد نقل النساء الفريقيات من نساء غير راشدت‬
‫مدى الحياة إلى نساء يعتدبهن وسوف يكون لهذه النقلة تأثير كبير على حياة المجتمع الفريقى للمزيد ‪Kuper, Leo : An‬‬
‫‪African Bourgeoisie, Race, Class and Politics in South Africa, Yale University Press, New Haven and London 1965, PP.‬‬
‫‪.13 , 231‬‬
‫‪.Hoagland, Jim: South Africa in Conflict, London, 1992, PP. 95, 96 (147) 147‬‬
‫‪ (148)148‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 509‬‬
‫‪ (149) 149‬على أ‪ .‬مزروعى ‪ -:‬فاطلبوا أول الملكوت السياسى ‪ ،‬فى على أ‪ .‬مزروعى و ك‪ .‬ووندجى ) محرران( ‪ -:‬تاريخ‬
‫افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الثامن ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1998 ، ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪ (150) 150‬فحياة أومو أوكوى)‪ (1943-1872‬وهى سيدة بارزة كانت تشتغل بالتجارة فى اونتيشا ) نيجيريا(‪ ،‬تزودنا بمثال‬
‫مشوق لجسارة أهلية‪ .‬فقد كان توغل الشركات الجنبية فى الداخل بعد عام ‪ 1900‬عونا ً كبيرا ً لنشاطها التجارى ‪ ،‬حيث‬
‫أقامت علقات تجارية وثيقة مع شركة النيجر ‪ ،‬وكانت تبيع منتجات النخيل الى الشركة وتمارس تجارة التجزئة فى السلع‬
‫المستوردة ‪ .‬وبحلول سنة ‪ 1910‬كانت أعمالها قد توسعت لتمكنها من الحصول على ائتمان شهرى مقداره ‪ 400‬جنية‬
‫استرلينى‪ .‬ومع بداية العقد الثالث نوعت مصالحها ووضعت أموال فى العقارات واستثمرت فى الشاحنات وقوارب الكنو‬
‫وقدمت قروضا نقدية للتجار الخرين ‪ .‬وعند وفاتها تركت ثروة صغيرة تضمنت ‪ 24‬بيتا ً فى اونتيشا وحوالى ‪ 5‬الف جنية‬
‫استرلينى فى البنك‪ .‬وتعد حياتها تذكرة بوجود نساء مارسن التجارة فى افريقيا الغربيةاستفادت من الفرص التى خلقها‬
‫الستعمار للهالى المحليين‪ ،‬للمزيد انظر‪ ،‬أ ‪ .‬ج ‪ .‬هوبكنز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 411 ، 410‬‬
‫‪ (151)151‬بل إنهن فى كثير من المناطق الفريقية حاربن إلى جانب الرجال فى روديسيا الجنوبية وفى انجول وفى الصومال‬
‫وفى جنوب افريقيا ‪ ،‬للمزيد انظر‪ ،‬على أ‪ .‬مزروعى‪ -:‬مقدمة ‪ ،‬فى على أ‪ .‬مزروعى و ك‪ .‬ووندجى ) محرران( ‪ -:‬تاريخ‬
‫افريقيا العام ‪ ،‬المجلد الثامن ‪ ،‬اليونسكو‪ ،1998 ، ،‬ص ص ‪.38 -36‬‬

You might also like