Professional Documents
Culture Documents
طاعة هلل تعالى؛ حتى يجيرهم من سوء الخاتمة ،وبذلوا الغالي والنفيس
المعاصي واألمن من مكر هللا تعالى ،والظلم ،وطول األمل وغير ذلك.
أثر الخاتمة السيئة
بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل رب العالمين ،وأصلي وأسلم على سيدنا
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وعلى آله ومن وااله.أما بعد:إذا أراد هللا
بالعبد خيراً أرسل إليه في آخر أيامه ملكا ً فأرشده وهداه وقومه وأصلحه،
فيموت على خير حال ،ويقول الناس عنه :رحم هللا فالنا ً مات على خير حال:
يموت في صالة ،أو في مجلس علم ،أو في صلة رحم ،أو في الجهاد في سبيلA
هللا ،أو في أمر يرضاه هللا ورسوله.وإن هللا إذا أراد بعبد سوءاً أرسل إليه أو
وكل به شيطانا ً فأغواه وأضله ،فيموت على أسوأ حال ،فيقول الناس :مات
فالن على أسوأ حال ،كأن يموت وهو يعصي هللا ،أو يموت وهو لم يتب،
واألعمال بخواتيهما.وضربنا مثاالً لهذا اإلنسان بالمصلي الذي أخرج ريحا ً في
آخر ركعة من ركعات الصالة فإن صالته باطلة .وسوء الخاتمة أن يختم
لإلنسان بشر عمله ،والمقصود بها ما يصنع اإلنسان في آخر حياته ،وذلك أن
صحيفة حياته سيئة A،ولم يمح بعمل صالح ما اسود من هذه الصحيفة ،فلم
يبيض صحيفته Aبأعمال صالحة ،فيأتي في آخر حياته وهو ال ينطق بال إله إال
هللا ،أو يترك الصلوات ،أو عليه مظالم للعباد ،فصحيفة أعماله كلها
سوداء...... .
تعلق سوء الخاتمة بعمل العبد في حياته كلها
سؤال :هل سوء الخاتمة مرهون بآخر لحظة لإلنسان في حياته ،أم
مرهون بحياته كلها؟ الجواب :سوء الخاتمة مرهون بحياته كلها ،ثم
تنتهي Aحياته كما زرعها ،مثل شجرة الحنظل فإنها تزرع وتأخذ مدة،
وفي النهاية تصدر حنظالً مراً علقماً ،قال رسول هللا صلى هللا عليه
فاكهة -ريحها طيب وطعمها حلو ،ومثل المؤمن الذي ال يقرأ القرآن
مثل التمرة طعمها حلو وال ريح لها ،ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن
بسابقة عمله ،وليس بالعمل األخير؛ ألن ربنا سبحانه وتعالى ال يظلم
الناس شيئاً ،فليس هذا مبني على عمل واحد ،وإنما سابقة أعماله
كانت هكذا ،ومات على غير توبة 8،أو مات على ضاللة ،أو مات على
غرور ،أو مات على ظلم ،أو مات على افتراء ،أو مات على كبر طول
حياته ،فهو لم يظلم اآلن وإنما ظلم طوال حياته ،وهكذا...... .
األعمال التي تؤدي إلى سوء الخاتمة
السؤال :ما هي األعمال التي تسود بها صحيفة اإلنسان ،وبها تسوء
األمل ،بمعنى أنه يظن أنه لن يموت اآلن؛ ألن أباه عاش تسعين
سنة ،وجده عمر بعد المائة ،وأمه عاشت مائة وعشر سنوات!!
فالعمر ليس بالوراثة.أو يقول :أنا عندي يقين أنني سأهتدي في آخر
الكاذبين ،ألن الغاية تبرر Aالوسيلة ،وقد يريد أن يكون غنيا ً فيدخل في
عليهم ،وبأن يكون لسانه بذيئا ً مع كل الناس :مع العالم وغير العالم،
المهم أن يصل إلى غايته.فطول Aاألمل يثمر Aكل هذه المصائب ،فهذه
ثمرة سيئة.ولذلك قالوا :إن العاقل من فعل ثالثاً :ترك الدنيا قبل أن
قال النبي صلى هللا عليه وسلم( :الكيس من دان نفسه Aوعمل لما بعد
الذي يقلع ويرجو الحصاد ،وهذا من ترهات نفسه ،ومن ثمرات طول
األمل.قالوا :إن أحد الصالحين وهو عطاء بن أبي رباح رضي هللا عنه
كان مريضاً ،فقدم أحد مريديه 8وهو حافظ بن أبي توبة 8ليصلي بالناس،
وهو من تابع التابعين فقال :ال أريد أن أصلي؛ ألنني إذا صليت بكم
اآلن لن أصلي بكم مرة أخرى.فقال عطاء :أتدخل الصالة وفي نيتك
أنك سوف تعيش لتصلي بنا صالة أخرى؟!! أنت ال تصلح لإلمامة،
فاألصل أن يكون اإلمام قدوة ،فإذا دخل في الصالة ال يفكر أنه سيصلي
بعدها مرة أخرى ،فإن هذا من طول األمل.وسيدنا رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم لما مر على أسامة بن زيد وجده قد أتى بفصيل- 8وهو ناقة
صغيرة أو جمل صغير ،-فسأل رسول هللا :ما هذا يا أسامة ؟ قال:
المنطق كان يربي 8النبي صلى هللا عليه وسلم صحابته ،فطول األمل
الحق ،والبعض اآلخر يحبون؛ ألنهم مؤمنون ،والذي يكره الكالم عن
الوعد الحق فإنه مدعي لإليمان ،فهو يكره التذكير باآلخرة ،وبأنه
المسئولية 8حلوة الرضاع ،م ّرة العظام ،فطول األمل يعمل هذا األمر
وذلك بأن يظلم دينه ،فيضيع فرائض هللا ،ويتعدى حدود هللا سبحانه
إنسانا ً مسلما ً أم غير مسلم.ومن سوء الخاتمة 8أن الظالم ال يقتنع أنه
ظالم ،فقد يظلم أحد الورثة بأن يحتال عليه فيأخذ ميراث أبيه كامالً،
والسبب في ذلك أنه كان يعمل مع أبيه ليل نهار في الحر وفي البرد
وفي األسفار ،وأنه كان يتبعه وكان ال يعطيه راتباً ،فيأخذ التركة كلها،
الكبرى أنه يعتبر نفسه عادالً كـعمر بن الخطاب .وأسوأ الظالمين من
يظلم من ال ناصر له إال هللا ،كمن يظلم زوجته التي مات أبواها
وأهلها ،أو التي أهملها إخوانها وكل واحد منهم مشغول بحاله،
فيسومها زوجها سوء العذاب؛ ألنه ال ظهر لها ،وإذا دعت عليه فإنه
ال ينتبه 8،ويعتبر نفسه أنه يقوم بحق القوامة عليها ،أو أن له أن يقطع
ليل نهار يجب أن يكون ذكاراً شكاراً بكاء من هللا عز وجل ،يقول ربنا
اصبِ ْر نَ ْف َ
س َك َم َع سبحانه وتعالى للرسول صلى هللا عليه وسلمَ :و ْ
تُ ِري ُد ِزينَةَ ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوال ت ُِط ْع َمنْ أَ ْغفَ ْلنَا قَ ْلبَهُ عَنْ ِذ ْك ِرنَا َواتَّبَ َع ه ََواهُ
َو َكانَ أَ ْم ُرهُ فُ ُرطًا [الكهف.]28:وعندما يدعوك أحد الناس لحضور
حفل جميل فيه أغان لطيفة ،واآلخر يدعوك لحضور درس للشيخ
فالن ،فتقارن بينهما فتصبر 8مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي،
وال تطع من اتبع هواه وكان أمره فرطاً ،والفرط في اللغة هو
تعطي صدقة ،وأما التذكر فال يكون إال في القلب ،وهو التدبر ،وهذا
هو المطلوب ،ألن القرآن حجة على الذي يقرأ وال يتدبر.والمقصود
في كل وقت ،فمن كان خائفا ً فقال :يا قوي! أمني ،أمنه سبحانه
وتعالى ،أو كان فقيراً فقال :يا غني! أغنني ،أغناه هللا عز وجل ،أو
كان ضعيفا ً فقال :يا قوي! قوني ،أو كان مهزوما ً فقال :يا ناصر!
انصرني ،أو يا ستار استرني ،فهو في معية هللا ،فيطمئن القلب باهلل
سبحانه وتعالى!ولو قال رجل مثالً :أنا خالي فالن ،وأنا عمي فالن،
وأنا أبي فالن ،وأنا شهاداتي كذا ،وأنا في المركز االجتماعي كذا ،فإنه
ال يستطيع أحد أن يكلمه ،فما بالك بمن قال :وأنا ربي هللا سبحانه
هدفه ،وينكد على كل البشر في سبيل أن يبقى هو ،ويفقر كل العالم في
سبيل أن يشبع 8هو ،وهناك دول غنية تأتي بالغذاء وتلقيه في البحر؛
التي تعيش في شمال القطب ،وال يرحمون الذي يدب على األرض من
فيتركها ليصلي؟ كال ،وإنما يقول :هذا عمل وهذا عمل ،والعمل عبادة،
الخشوع ،فال تقبل الصالة مائة بالمائة إال ما يعقل منها.حتى إن
العلماء أباحوا لنا أن نستعيذ باهلل من الشيطان إن وسوس لنا في
صالتنا ،وهذا ال يبطل الصالة ،فاهلل تعالى يقولَ :وإِ َّما يَنزَ َغنَّ َك ِمنَ
ولو في وقت الصالة بأن تقطع القراءة ،ثم تقول :أعوذ باهلل من
الشيطان الرجيم ،ثم تعود إلى القراءة مرة أخرى وهكذا ،وال تعيد
عدم خشوع الجوارح عبث الرجل بحليته في الصالة ،فلو خشع بقلبه
وهي:أوالً :أن يكون المال حالالً ،كان ابن عمر يركع أو يسجد عند
الكعبة فتقف الطيور على ظهره وتستقر ،وكان النبي صلى هللا عليه
وسلم إذا ركع فإنه يتم الركوع ،حتى لو وضعت إناء مليئا ً بالماء على
األمن من مكر هللا ،والسبب الرئيسي 8في األمن من مكر هللا هو ستر
هللا على العبد وهو يبارز هللا بالمعاصي ،فيأكل الحرام ،والشبهة8،
ويرتشي 8ويختلس ،ويمد يده لما حرم هللا ،ويظلم عباد هللا ،فاهلل عز
فاعلم أنه مغرور.وهللا سبحانه ما أ َّمن صحابيا ً وال تابعيا ً وال صالحاً،
فقد كانوا كلهم على وجل وخوف ،قال أحد الصالحين :ابكوا على
أنفسكم ،فأنا أبكي على هذا اليوم منذ ستين سنة ،وكان عمره اثنتين
وسبعين سنة.فال يأمن مكر هللا إال كثير المعاصي ،فاهلل كثير الستر،
ومن كرم هللا عز وجل أنه لم يحاسبنا كما يحاسب بعضنا بعضاً ،قال
سبُوا َما ت ََر َك َعلَى ظَ ْه ِرهَا ِمنْ دَابَّ ٍة تعالىَ :ولَ ْو يُؤَ ا ِخ ُذ هَّللا ُ النَّ َ
اس بِ َما َك َ
[فاطر ،]45:وهللا ال يعجل لعجلة عبده ،ومن كرم هللا أن مقومات
نفسه ،وهو يرى غيره مثالً مفضوحاً ،أو فقيراً مقتراً عليه ،أو
الدين إلى من هو أقل ،فيقول أحدنا :أنا أصوم وأصلي وأزكي ،وفالن
وهو من البداية قد حمل أمانة العقل وهو ما يزال في عالم األرواح ،ثم
بعد ذلك جاءه الرسول والقرآن.وقد تحمل األمانة آدم وحده ونحن
عرض هللا األمانة على السماوات واألرض والجبال ،وهي طاعة هللا
فيما أمر واالنتهاء عما عنه نهى وزجر ،فأبين إال الطاعة دون إكراه
بال أوامر وال نواهي ،وال تكليفات ،وحملها اإلنسان الظلوم الجهول
اإلنسان يأمن من مكر هللا أن هللا تعالى أعطاه النعم فلم يشكرها ،فلما
لم يشكرها ظلت النعم كظواهر وسلبت من قلبه ،فلم ير أنه في نعم
معصية ،أو حالة نعمة ،أو حالة بلية ،فهو لم يقدر نفسه 8عند هذه
استغفر ،ورأى النعمة وما شكرها ،ورأى البلية وما صبر 8عليها ،بل
ليس ظلما ً من هللا ،فلو جلس معه الناصح األمين لم يستمع 8إليه،
اإلرادة من هللا سبحانه وتعالى بتدمير 8وإهالك القرية ،فماذا جنت أيدي
الناس الذين في القرية؟ الجواب :من كرم هللا سبحانه وتعالى أنه
بلدان :بلد تجل العلماء وتحترمهم 8،فهذه فيها البركة ،ويجذب إليها
العلماء ،وبلد تحتقر العلماء وتطردهم ،فيحل بها العقاب ،ومثال ذلك
اض ِر ْب لَ ُه ْم
صاحب القرية 8المذكورة في سورة يس ،قال تعالىَ :و ْ
سلُونَ * إِ ْذ أَ ْر َ
س ْلنَا إِلَ ْي ِه ُم ا ْثنَ ْي ِن اب ا ْلقَ ْريَ ِة إِ ْذ َجا َءهَا ا ْل ُم ْر َ َمثَاًل أَ ْ
ص َح َ
فضربه قومه وقتلوه ،فقضي األمر.فاهلل عز وجل لم يهلك قرية إال بعد
على فعل العبد سابقة له ال سائقة ،قال تعالىَ :ولَ ْو أَنَّ أَ ْه َل ا ْلقُ َرى
س َما ِء َواألَ ْر ِ
ض َولَ ِكنْ َك َّذبُوا آ َمنُوا َواتَّقَ ْوا لَفَت َْحنَا َعلَ ْي ِه ْم بَ َر َكا ٍ
ت ِمنَ ال َّ
النفسي مثالً لما يطيع هللا ،فالذي يعيش هلل عز وجل ويدعو إلى هللا
سبحانه وتعالى ،تجري وراءه الدنيا رغم االبتالءات والمحن
تقل األمة للظالم :يا ظالم! فقد ينسحب الظلم على األمة كلها.فعلى كل
من يقول :ال إله إال هللا أن يقف في وجه الظالم ،وعلى جميع
صاحب مسئولية ،أو كان إنسانا ً عاديا ً ال قيمة له في الحياة ،إذا لم
يتق هللا وعمل عمالً سيئاً ،كما يحصل على شاشات التلفزيون من
المسلم يقفو أثر بني صهيون ،ويتحكم في إعالم الناس ،فيجب علينا
أن نقف في وجهه ،وأن نمتنع عن ذكره وعن نشر أخباره في
نهمل ذكره.وال تستيقظ هذه األمة إال بتكوين لجنة أو مؤتمر Aكبير
أو غيرها ،وذلك لدراسة سبب تخلف األمة ،ثم تصاغ الصياغة
لمعرفة من أين يبدأ ،ويكون ذلك مع بعض الدعاة وأصحاب الحل
الحل اآلن ،ونريد أن نقول :إن الجيل الذي فوق الخمسين اآلن الذي
بعده ،فعلى مدى قرن إن شاء هللا ستنهض Aاألمة.لكن أن نترك هذا
أو عمل الناس الذين يريدون حسن الخاتمة ،فالبد أن نجتمع في
إال بحب ،فنحب األوطان ونحب البالد؛ ألن ما من متدين إال ويحب
وطنه ،ومن أكثر الناس حبا ً لمكة رسول هللا وهو خارج منها ،ونحن
السادس :من األعمال التي تعمل على سوء الخاتمة الرياء ،قال
تعالى :إِنَّ ا ْل ُم َنافِقِينَ ُي َخا ِد ُعونَ هَّللا َ َوه َُو َخا ِد ُع ُه ْم َوإِ َذا َقا ُموا إِ َلى
من صور النفاق ،والمنافق له عالمات ،منها :أنه يظهر عكس ما
بالنفاق أمر صعب ،فال يوصف إنسان بالنفاق إال إذا اكتملت فيه
الشروط.وللنفاق دالئل تدل عليه ،وهي :إذا حدث كذب ،فهو كذاب ولم
يكذب مرة فقط بل يكذب مرات كثيرة ،وإذا وعد أخلف ،وليس ذلك
مرة ،فال تصف إنسانا ً بالنفاق ألنه وعدك ثم أخلف الوعد وهو ينوي
أال يخلف ،بل تلتمس له سبعين عذراً ،فهو ليس منافقا ً في هذه
شخصا ً أن تأتي إليه وتنوي أال تأتي ،فمن تيقن فيه أنه ال يفي بوعده
ففيه خصلة من خصال النفاق.ومن الدالئل التي تدل على النفاق :أنه
إذا اؤتمن خان ،وإذا عاهد غدر ،وإذا خاصم فجر ،وإذا اجتمعت
لكن مع أهله فهو بذيء اللسان ،طويل اليد ،قابض الكف في اإلنفاق
بخيل ،بينه وبين أوالده أو زوجته حواجز ،إذا جلس في مكان أمام
الناس فإنه يعامل زوجته معاملة أخرى ،ويقول كالما ً كبيراً ،ويصادق
األوالد ،فهذا هو الرياء ،أو يصلي في بيته بدون طمأنينة 8وأما في
المسجد فإنه يطمئن في صالته.فهذا يدخل في قوله تعالى :الَّ ِذينَ ُه ْم
في المسجد ،فإنه كان يصلي لرمضان ،من أجل أن يقال عنه :فالن
كان يصلي في رمضان ،فهذا رياء والعياذ باهلل رب العالمين ،فالبد أن
نستطع ذلك فلنحاول ،وإذا فشلنا فلنحاول مرات وننوي 8الخير من أجل
أن نؤجر على النية ،وإذا اعترتنا في أنفسنا بعض الوساوس أو
األقاويل بأن هذا سيكون محرجا ً لنا مثالً ،أو أن هذا يتنافى مع مكانتنا
أن إماما ً يصلي بالناس وبينما هو راكع إذ شعر بدخول أحد المسبوقين
الغزالي رحمه هللا وهو رأي للشافعية أن صالة اإلمام باطلة؛ ألنه لم
يصل هلل.وقال ابن عباس :لو قلت :لوال الكالب لسرقتنا اللصوص
لكنت مشركاً.وكذلك من قال :إن الماء يروي ،وإن الدواء يشفي ،فإن
هذه أسباب ال تنفع وال تضر ،وإنما النافع والضار هو مسبب األسباب،
وإنما يجب علينا أن نأخذ باألسباب ونحن مكلفون بها.فمن اعتقد بقلبه
أن األسباب تنفع وتضر 8دون هللا تعالى فإن هذا من سوء الخاتمة،
ثانياً ،فإذا صلح القلب صلحت الجوارح كلها ،وكل الناس تخاف من
أمراض القلب ،فلو حصل أي ألم في القلب فإن المتألم يذهب إلى
الطبيب؛ ألنه خايف على دنياه ،لكن لو أصيب في قلبه فصار ال يخشع
في صالته ،وال يقشعر جلده من ذكر هللا ،وال يحن على الناس ،وال
يتواضع ،أو أن قلبه مليء بالكبر وبالحقد ،فإنه ال يذهب إلى طبيب
إال هللا ،وهذه قلوب الصحابة ،فصاحب هذه القلوب تجده في أي وقت
فصاحب هذا القلب إذا أعطي منها رضي ،وإن لم يعط ظل ساخطا
ً.الثالث :قلب ساعة وساعة ،أي :بين بين ،فعندما يأتي رمضان فإنه
الذين واظبوا على العبادات في رمضان أال يتركوها بعد رمضان؛ فإن
ذلك من إحباط القلب.أما الذي يحتج بقوله صلى هللا عليه وسلم:
(ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما) 8،فال يعبد هللا إال في رمضان،
والحسنة فيه مضاعفة ،فرمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما بشرط
ما اجتنبت الكبائر ،ومن الكبائر الكذب والربا والظلم واالفتراء ،قال
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم( :الصلوات الخمس ،والجمعة إلى
علم ،أو جلسة طيبة ،أو تذكير بآية أو بأحاديث ،أو يتفاعل مع قضية
ويوم القيامة يأتي إلى حرف الصراط فنوره مرة يضيء ومرة يخبو،
ضا َء لَ ُه ْم َمش َْوا فِي ِه َوإِ َذا أَ ْظلَ َم َعلَ ْي ِه ْم قَا ُموا
كما قال تعالىُ :كلَّ َما أَ َ
[البقرة ،]20:فإن الصراط مظلم ،وال يجتاز إال بنور 8اإليمان.إذاً :سوء
الخاتمة معلق على القلب أوالً ،والقلب فيه من األمراض الكثيرة التي
تستلزم منا وقفة صادقة؛ لنصلح ما في القلب بتوبة صادقة ،كما فعل
أحد الكفار في غزوة الخندق عندما قال لرسول هللا :يا محمد! لو أنا
أسلمت اآلن ،وجاهدت معك هؤالء ،وقتلت في سبيل هللا أأدخل الجنة؟
ناحية المسلمين صار الفرس ناحية الكفار ،فجاءه سهم غرب -أي:
سهم طائش -فرزق الشهادة ،فضحك النبي صلى هللا عليه وسلم ثم
قال( :تبوأ الفردوس األعلى وهو لم يسجد هلل سجدة) وهذا من حسن
هللا ودخول الجنة فقد نجح وأفلح ،ومن قتل في غير هذه النية فقد
مائتين وثالث عشرة آية ،وآيات العذاب مائتين وثالث عشرة آية
كذلك ،وآيات الجنة مائة وسبع وخمسين آية ،وآيات النار مائة وسبع
من األعمال الصالحة ،وطاعة هللا ورسوله ،فهذا غرور باهلل سبحانه
وإنما يحتاج درجة واحدة ،فإنه يشفع له ،وكذلك تكون الشفاعة لمن
قال :ال إله إال هللا ،فيخرج من النار بعد أن يأخذ مدة في العقاب.أما أن
تفسر الشفاعة بأنها دخول الجنة مباشرة فإن هذا الكالم يمأل القلوب
دخول الجنة بما ورد في األثر السابق ،فإن هذا الرجل عنده رصيد
يتوجه به إلى الرب العظيم ،أما نحن فأين رصيدنا من قيام الليل ،أو
الحالي فإنه ناتج عن ضعف إيمان الرجال باهلل تعالى ،فلو عامل
ولخرجت بركات األرض ،لكن المعاملة فيما بينهم تسخط هللا ،فلذا
تجد أن المرأة ال تدعو على زوجها أو أبيها فقط ،وإنما تدعو علينا
الذين علموهم ،وتدعو على اإلعالم وعلى العاملين فيه ،بل تدعو
ومستوى الظلم.وقد دخلت امرأة النار في هرة ،وهذا بسبب ظلم هرة
ونحن طالما نؤلف ونضع العقل فيما ال يصلح أن يوضع فيه ،فنضع
نطالب الناس بتطبيقه 8هو الدين المفروض ،أن نرى كل مسلم ومسلمة
محجبة ،أو يأكل ميراث اآلخرين ،أو يظلم فالناً ،أو يجور على حق
الجار ،فقد صار القرآن حجة عليه ،وسوف يأتي ليشهد عليه يوم
رضوان هللا عليهم لم تكثر أسئلتهم كما هو الحال في كثرة أسئلتنا ،فقد
سأل الصحابة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ثالثة عشر سؤاالً ،ألنهم
كانوا يعملون بالدين في واقع حياتهم ،أما نحن فال نعمل ،وعلى هذا
ربينا ،فلنعد صياغة تربيتنا مرة أخرى على منهج 8الكتاب والسنة.ولو
صار في حياته إال هللا ورسوله ،فهذا الكالم يقين وليس كالما ً نظرياً،
هذا كالم عملي.فسر في طريق هللا تجد الدنيا تسير 8خلفك ،ولن يأتيك
منها إال الحالل ،وسوف يأتيك منها نصيبك ،فاللص الذي سرق لو
صبر لما أخذ ما سرقه إال من حالل ،لكن من يفهم هذا الكالم،
والموظف المرتشي 8لو صبر ولم يرتش ويمد يده لجاءته هذه الرشوة
من طريق حالل.والصبر كلمة تتكون من ثالثة أحرف ،لكن حينما
شةً َ
ضن ًكا الحقيقية ،قال تعالىَ :و َمنْ أَ ْع َر َ
ض عَنْ ِذ ْك ِري فَإِنَّ لَهُ َم ِعي َ
واإلبل ،أما الحياة الحقيقية فليست إال بكتاب هللا ،وحياة القلب عندما
النبيين ،فلن تضاء آخرته إال إذا احترقت دنياه ،ومن احترقت بدايته
ورباها ،وزكاها.وهذا األمر يحتاج إلى مجاهدة ،قال تعالىَ :والَّ ِذينَ
طاف أنس في شوارع المدينة ونادى :يا معشر المسلمين! إن ربكم قد
في الشوارع حتى كأن سيالً عرما ً أصاب شوارع المدينة ،حتى ظلت
رائحة الخمر أسبوعا ً كامالً في المدينة من كثرة الخمور ومن كان في
فمه جرعة ألقاها ،أي :مجها.فهذا هو الجهاد الحقيقي ،وأما نحن فإننا
نتفلسف كثيراً ،بل إن كثرة األسئلة وكثرة الفلسفة وكثرة الجدال هي
التي أزاحتنا إلى الوراء ،لكن يجب علينا أن نضع خطة تعيدنا إلى
أراد الكتلوج فإنه واضح وبين وبسيط وميسور 8،قال تعالىَ :ولَقَ ْد
س ْرنَا ا ْلقُ ْرآنَ لِ ِّ
لذ ْك ِر فَ َه ْل ِمنْ ُم َّد ِك ٍر [القمر.]17:جاء رجل إلى رسول يَ َّ
هللا صلى هللا عليه وسلم فقال :أنا أريد أن أدخل اإلسالم فعلمني ،فقال
رسول هللا :يا أبا ذر ! علم أخاك اإلسالم ،فيقرأ عليه سورة الزلزلة
فقط ،فيبكي الرجل ويقول :كفاني تعليم ،وذهب الصحابي يجاهد في
السبيل ،وما نحن إال ذرة تراب في بناء اإلسالم الكبير...... .
دعاء
السؤال :نرجو منكم دعاء نختم به هذا اللقاء.الجواب :اللهم صل
وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ،اللهم اجعل جمعنا
هذا جمعا ً مرحوماً ،وتفرقنا من بعده تفرقا ً معصوماً ،وال تجعل بيننا
شقيا ً وال محروماً ،وارزقنا يا موالنا قبل الموت توبة وهداية ،ولحظة
وال تهنا ،وأعطنا وال تحرمنا ،وزدنا وال تنقصنا ،وكن لنا وال تكن
علينا ،وآثرنا وال تؤثر Aعلينا ،وانصرنا وال تنصر علينا.اللهم اجعلنا
من عتقائك من النار ،واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين ،وهيء
لبناتنا األزواج الصالحين ،وألبنائنا الزوجات الصالحات ،واطرد عنهم
وأنت خير الغافرين ،ومن أراد بنا سوءاً فاردد سوءه إليه ،واجعل
غانمين إنك على ما تشاء قدير.وصلى هللا على سيدنا محمد ،وعلى