You are on page 1of 67

‫الفصل الثالث‬

‫عوارض الهألية‬

‫الفصل الثالث‬
‫عوارض‬
‫الهأليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫ويشتمل على أربعة مباحث‪:‬‬


‫المبحث الوأل‪ :‬حقيقة الهألية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أقسام الهألية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عوارض الهألية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬العوارض السماوأية وأالمكتسبة‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫المبحث الوأل‬
‫حقيقة الهألية‬
‫المطلب الوأل‪ :‬الهألية لغة‪:‬‬

‫تطلق الهألييية فيي اللغية عليى معيان عييدة‪ ،‬وكلهيا ترجييع إلييى معنييى صيلحاية‬
‫المر للشيء‪ ،‬يقال‪ :‬فلن به أهألية أي صلحاية للميير‪ ،‬وأَهأّيل الرجييل وأسييتأهأله‪ :‬رآه‬
‫صييالحا ا ومسييتحاق ا لميير مييا‪ ،‬وهأييو أهأييل لكييذا‪ ،‬أي مسييتوجب لييه‪ ،‬وأهألييه لييذلك تييأهأيلا‪،‬‬
‫أهأل‪ ،‬واستأهأله‪ :‬استوجبه)‪.(1‬‬
‫وآهأله رآه له ا‬
‫م‬ ‫م‬
‫حــقت ب لمهــا‬ ‫وىَ وأم م‬
‫كــاهنوا أ م‬ ‫قــ م‬
‫ة الت ت م‬ ‫م ك مل ل م‬
‫مــ م‬ ‫ق ي ي ييال تع ي ي ييالى‪ :‬وأمأل ممز م‬
‫مههــ م‬
‫وأمأ مهأمل ممها‪.( )        ()‬‬

‫وىَ‬
‫ق م‬ ‫ه هأهوم أ مهأم ه‬
‫ل الت ت م‬ ‫شامء الل ت ه‬
‫ن يم م‬ ‫م‬
‫ما ي مذ مك ههروأ م‬
‫ن لإلِ أ م‬ ‫‪ : ‬وأم م‬
‫فمرةل‪         ( )‬‬ ‫ال م م‬
‫مغم ل‬ ‫وأمأ مهأم ه‬
‫ل‬
‫‪.( ) ‬‬
‫‪:    :  ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪:     ‬‬
‫)‬ ‫)( انظر‪ :‬القاموس المحايط‪ :‬الفيروز آبادي‪ ،(331 /3) ،‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(11/30‬‬
‫)( سورة الفتح‪ :‬من الية )‪.(26‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر‪ :‬فتح القدير‪ :‬الشوكاني‪.(55 ،5/54) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة المدثر‪ :‬الية )‪.(56‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ :‬ابن كثير‪ ،(477 ،4/476) ،‬فتح القدير‪ :‬الشوكاني‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫)‪.(5/334‬‬

‫‪132‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫‪.   ‬‬


‫‪‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪.      ‬‬
‫فهي‪):‬كون النسان بحايث يصح أن يتعلق به الحاكم()‪.(1‬‬
‫أي صلحايته لتعلق الحاكم به‪.‬‬
‫وأعرفها أمير باد شاه‪:‬‬
‫)صلحاية النسان لصدور شيء منه‪ ،‬وطلبه منه‪ ،‬وقبوله إياه()‪.(2‬‬
‫وهأي‪) :‬صلحاية النسان لثبوت الحاقوق له ولغيره‪ ،‬وصلحايته لللتزام بها()‪.(3‬‬
‫وعرفها الرهأاوي في حااشيته بأنها‪:‬‬
‫)عبارة عن صلحايته لوجوب الحاقوق المشروعة له وعليه‪ ،‬وهأي المانة()‪.(4‬‬

‫أي المان يية ال ييتي أخ ييبر ال يي‪ -‬تع ييالى‪ -‬عنه ييا بق ييوله تع ييالى‪ :‬إ لتنا ع ممر م‬
‫ضمنا‬
‫مل من ممهــا‬ ‫ة ع مملــىَ الســماوأات وأال مرض وأال مجبــال مفــأ مبي م‬ ‫م‬
‫ح ل‬
‫ن يم م‬
‫نأ م‬ ‫مم م‬ ‫ت م م ل م م ل م ل م ل‬ ‫مامنــ م‬‫ال م‬
‫ن ظ مهلوما ا م‬
‫جههولِ ا‪.()‬‬ ‫مل ممها النسان إ لن ت ه‬
‫ه م‬
‫كا م‬ ‫ح م‬ ‫من ممها وأم م‬
‫ن ل‬
‫ق م‬ ‫ف م‬
‫ش م‬‫وأمأ م م‬

‫)( فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪.(1/156) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تيسير التحارير‪.(2/249) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(4/237) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( حااشية الرهأاوي‪ :‬الرهأاوي )مطبوع على شرح المنار(‪ ،‬ص)‪.(390‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة الحازاب‪ :‬الية )‪.(72‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪133‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫فالمانة هأي‪:‬‬

‫التكاليف الشرعية)‪.(1‬‬

‫لذا نستطيع القول بأن الهألية هأي‪:‬‬

‫عبي ييارة عي يين صي ييفة قي ييدرهأا الشي ييارع في ييي النسي ييان‪ ،‬جعلتي ييه موضي ييع ا صي ييالحا ا‬
‫للمخاطبة بالحاكام الشرعية‪ ،‬على جهة اللزام واللتزام‪.‬‬

‫)‬ ‫)( انظر‪ :‬الجامع لحاكام القرآن‪ :‬القرطبي‪ ،(253 /14) ،‬الكشاف‪ :‬الزمخشري‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(277 ،3/276‬الفتوحاات اللهية بتوضيح تفسير الجللين للدقائق الخفية‪ :‬الجمل‪/3) ،‬‬
‫‪ ،(457‬تفسير القرآن العظيم‪ :‬ابن كثير‪ ،(530 ،3) ،‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم‬
‫والسبع المثاني‪ :‬اللوسي‪ ،(96 /22) ،‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ :‬ابن جزي‪ ،(3/145) ،‬حاجة‬
‫ال البالغة‪ :‬الدهألوي‪.(19 /1) ،‬‬

‫‪134‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫المبحث الثاني‬
‫أقسام الهألية‬
‫الهألييية ليسيت درجية واحاييدة‪ ،‬بييل هأيي مختلفية فييي القيوة والضييعف‪ ،‬بيياختلف‬
‫م ارحاييل النسييان الييتي يميير بهييا‪ ،‬منييذ تكييوينه جنين ي ا فييي بطيين أمييه‪ ،‬حاييتي بلييوغه سيين‬
‫الرشد‪ ،‬ولهذا انقسمت الهألية إلى نوعين‪:‬‬
‫‪ .1‬أهألية الوجوب‪.‬‬
‫‪ .2‬أهألية الداء‪.‬‬
‫وسنتناول كلا منهما‪ -‬إن شاء ال تعالى‪ -‬بالتفصيل والبيان‪.‬‬
‫المطلب الوأل‪ :‬أهألية الوأجوأب‪:‬‬
‫الفرع الوأل‪ :‬معني أهألية الوأجوأب‪:‬‬
‫)هأي صلحاية النسان لثبوت الحاق له أو عليه()‪.(1‬‬
‫وذلك بمقتضى الذمة التي يولد بها كل آدمي‪.‬‬
‫فالذمة هأي مكان الوجييوب‪ ،‬وهأييي وصييف اختييص الي‪ -‬تعيالى‪ -‬بيه النسيان‬
‫دون غيره من الحايوانات التي فقدت الذمة‪.‬‬
‫وتثبت الذمة للنسيان بنياء عليى العهيد اليذي جيرى بينيه وبين الحايق سيبحاانه‬
‫م‬
‫ن ب ملني آد م م‬‫م م‬ ‫ك ل‬ ‫خذ م مرب ب م‬‫وتعالى‪ ،‬يوم أن أخذ عليه العهد‪ ،‬قال ال تعالى‪ :‬وأمإ لذ م أ م م‬
‫م مقاهلوا‬ ‫فسه م‬ ‫م‬ ‫م وأمأ م م‬
‫ت ب لمرب رك ه م‬
‫س ه‬ ‫م أل م م‬ ‫م ع مملىَ أن م ه ل ل م‬ ‫شهمد مهأه م‬ ‫م ذ هرري تت مهه م‬‫ن ظ هههورلهأ ل م‬
‫م م‬ ‫ل‬
‫م‬
‫ن‪.()‬‬ ‫غافلللي م‬‫ذا م‬ ‫ن هأم م‬ ‫م ال مقلميا م‬
‫مةل إ لتنا ك هتنا ع م م‬ ‫قوهلوا ي موم م‬ ‫ن تم ه‬‫شهلد ممنا أ م‬ ‫ب مملىَ م‬

‫)‬ ‫)( تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(249 /2) ،‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ (162 ،161 /2‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(936‬‬


‫)( سورة العراف‪ :‬الية )‪.(172‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪135‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ممناه ه م‬ ‫ل إنسا م‬
‫ج‬
‫خرل ه‬
‫قهل وأمن ه م‬
‫طائ لمره ه لفي ع هن ه ل‬ ‫ن أل ممز م‬
‫‪ : ‬وأمك ه ت ل م م ن‬
‫شورا ا‪.( )‬‬ ‫من م ه‬ ‫مةل ك لمتابا ا ي مل م م‬
‫قاه ه م‬ ‫م ال م ل‬
‫قميا م‬ ‫لم ه‬
‫ه ي موم م‬
‫‪            ‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪.()‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أحوأال أهألية الوأجوأب‪:‬‬

‫جيياء فييي كشييف السيرار‪ ):‬أن أهألييية الوجييوب تنقسييم فروعهييا بحاسييب انقسييام‬
‫ل‪ ،‬وهأ ييو أهأ ييل‬
‫الحاك ييام‪ ،‬فالص ييبي أهأ ييل لبع ييض الحاك ييام ولي ييس بأهأ ييل لبعض ييها أصي ي ا‬
‫لبعضييها بواسييطة رأي الييولي‪ ،‬فكييانت هأييذه الهألييية منقسييمة نظ ي ار إلييى أف يراد الحاكييام‬
‫وأصلها واحاد‪ ،‬وهأو الصلح للحاكم…()‪.(3‬‬

‫لذا قسم الصوليون أهألية الوجوب إلى قسمين‪ :‬ناقصة‪ ،‬وكاملة‪.‬‬

‫البند الوأل‪ :‬أهألية الوأجوأب الناقصة‪:‬‬


‫وهأي التي تؤهأل من اتصف بها لثبوت الحاق لييه‪ ،‬دون أن يكييون أهألا لثبييوت‬
‫أي حاييق عليييه‪ ،‬وذلييك فييي الجنييين فقييط‪ ،‬فييإنه مييتي تأكييدت حاييياته فييي بطيين أمييه حاييتى‬
‫يولد حاياا‪ ،‬فهو أهأل لثبوت الحاقييوق لييه ميين إرث‪ ،‬ووصييية‪ ،‬واسييتحاقاق للوقيف‪ ،‬وثبييوت‬
‫النسب له من جهة أبيه‪ ،‬ولكن ل يثبت عليه أي حاق من الحاقييوق‪ ،‬فل يصييح للوكيييل‬

‫)( سورة السراء‪ :‬الية )‪.(13‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(239 ،238 /4) ،‬ميزان الصول‪ :‬السمرقندي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص)‪ ،(742‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(936‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪) ،‬‬
‫‪.(2/162‬‬
‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(4/237) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪136‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫الشي يراء ل ييه ول الهب يية‪ ،‬ول الل ييتزام بالنفق يية لقري ييب‪ ،‬أو غيي يره‪ ،‬لن الجني يين يجم ييع بي يين‬
‫صفتي التبعية لمه والستقلل عنها‪.‬‬
‫وهأذا هأو السبب في اعتبار نقص أهألية الوجوب للجنين‪.‬‬
‫فييالول‪ -‬التبعييية لمييه‪ -‬فالتبعييية فييي ارتبيياطه بييأمه حاسيا لتحاركييه بتحاركهييا‪،‬‬
‫وقي ارره بق اررهأييا‪ ،‬فهييو جييزء منهييا كاليييد‪ ،‬والرجييل وسييائر العضيياء‪ ،‬وارتبيياطه بهييا حاكمي ا‬
‫أيضا‪ ،‬إذ يباع ببيعها‪ ،‬ويعتق بعتقها‪ ،‬وفي ذلك يقول ابن رجييب الحانبلييي‪):‬إذا أعتقييت‬
‫المة الحاامل عتق حاملها معها()‪.(1‬‬
‫أم ييا الث يياني‪ -‬الس ييتقلل عنه ييا‪ -‬فلن ييه منف ييرد ع يين الم بحاي يياته‪ ،‬ول ييه كي ييان‬
‫ومقومييات إنسييانية‪ ،‬وهأيو بيذلك معيد للنفصيال عين أميه‪ ،‬ليصيير ذاتي ا مسيتقلة‪ ،‬وعلييى‬
‫هأذا فإن تبعيته ليست مطلقة‪ ،‬بل هأي تبعية جزئية‪.‬‬
‫وكانت تبعيته لمه مستدعية عدم ثبوت الحاق له‪ ،‬سواء كيان الحايق إرثياا‪ ،‬أو‬
‫وقفاا‪ ،‬أو وصية‪ ،‬لكن الشارع الحاكيم نظير فييه صيفة السيتقلل‪ ،‬وأنيه نفيس حايية ذات‬
‫طبيعة خاصة‪ ،‬فأعطاه بالنظر لستقلله ومنعه لتبعيته)‪.(2‬‬
‫البند الثاني‪ :‬أهألية الوأجوأب الكاملة‪:‬‬
‫وهأ ييي تثب ييت للنس ييان من ييذ ولدت ييه‪ ،‬دون أن تف ييارقه ف ييي جمي ييع أدوار حاي يياته‪،‬‬
‫فيص ييلح النس ييان لتلق ييي الحاق ييوق‪ ،‬والل ييتزام بالواجب ييات‪ ،‬ول يوج ييد إنس ييان فاق ييد له ييذه‬
‫الهألييية‪ ،‬فأهألييية الوجييوب هأيي ميا كيان المتصييف بهييا صييالحاا لثبيوت الحاييق ليه وعلييه‪،‬‬
‫بحايث تكون ذمته مطالبة باللتزامات المالية‪.‬‬

‫)( القواعد في الفقه السلمي‪ :‬ابن رجب الحانبلي‪ ،‬ص)‪.(197‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(240 ،4/239) ،‬شرح التوضيح للتنقيح‪ :‬صدر‬ ‫‪2‬‬

‫الشريعة‪ ،(2/163) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(250 ،2/249) ،‬أصول التشريع‬
‫السلمي‪ :‬على حاسب ال‪ ،‬ص)‪ ،(356‬مباحاث الحاكم عند الصوليين‪ :‬محامد سلم‬
‫مدكور‪ ،‬ص)‪.(247‬‬

‫‪137‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وبتلك الهألية يصلح النسان لن يتلقى الحاقوق‪ ،‬وأن يلتزم بالواجبات)‪.(3‬‬


‫وعلى ذلك فيإن أهأليية الوجيوب الكاملية تتحاقيق لكيل موليود‪ ،‬سيواء كيان مميي از‬
‫أم ل و يثبت لكل مولود ما يلي‪:‬‬
‫صلحاية ذمته لللتزام بما يقوم به وليه من تصرفات مع التقيد بها‪ ،‬إن بلغ‬ ‫‪-1‬‬
‫الرشد‪ ،‬لنها وقعت باسمه وفي الحادود التي أجازهأا الشارع‪.‬‬
‫يثبت في مالهم كل ما هأو مؤونة في الصل كالعشر‪ ،‬وما يشوبه معنى‬ ‫‪-2‬‬
‫المؤونة كصدقة الفطر‪ ،‬اكتفااء بالهألية القاصرة بواسطة الولي)‪.(2‬‬
‫وتلزمهم أيضا الصلت التي تشبه المؤونة المالية‪ :‬وهأي نفقة القربييين الييتي‬
‫ألزم بها الشارع الغني‪ ،‬لسد حااجة الفقير‪.‬‬
‫ضمان ما يتلفه القاصر من أموال‪ ،‬لصلح ذمته لثبوت كل واجب مالي‬ ‫‪-3‬‬
‫عليه‪ ،‬لن المقصود منه ضمان التلف‪ ،‬ويقوم بأدائه وليه نيابة عنه)‪.(3‬‬

‫البند الثالث‪ :‬أصل الذمة وأوأجوأدهأا في النسان‪:‬‬

‫)( انظر‪ :‬مباحاث الحاكم عند الصوليين‪ :‬محامد سلم مدكور‪ ،‬ص)‪ ،(250‬أصول الفقه‬ ‫‪3‬‬

‫السلمي‪ :‬د‪ .‬بدران أبو العينين‪ ،‬ص)‪ ،(218‬أصول التشريع السلمي‪ :‬على حاسب ال‪،‬‬
‫ص)‪.(357‬‬
‫)( المؤونة‪ :‬تعني تحامل الثقل‪ ،‬من مأن إذا احاتمل وهأي على وزن فعولة‪ ،‬يقال‪ :‬مأنت القوم‬ ‫‪2‬‬

‫أمأنهم إذا احاتملت مؤنتهم‪ ،‬ويقصد بها الضريبة التي تؤدي للمحاافظة على ما تؤدى عنه من‬
‫نفس ومال‪.‬‬
‫انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(4/139) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(890‬‬
‫)( انظر‪ :‬التلويح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪ ،(164 ،2/163) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫البخاري‪ ،(4/240) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(938‬أصول الفقه‬
‫السلمي‪ :‬أبو زهأرة‪ ،‬ص)‪.(310‬‬

‫‪138‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫لما كانت الهألية مبنية على قيام الذمة ول تثبت إل بوجودهأا)‪.(1‬‬

‫فل بد من تعريف الذمة لغة وفي اصطلح الفقهاء‪.‬‬


‫أوألل‪ :‬معنى الذمة لغة‪:‬‬
‫تطلق الذمة في اللغة على معان ثلثة هأي‪:‬‬
‫العهد‪ ،‬الضمان‪ ،‬والمان)‪.(2‬‬
‫إوانمي ييا فسي ييرت بالعهي ييد‪ ،‬لن نقضي ييه يي ييوجب الي ييذم‪ ،‬ومني ييه قي ييوله تعي ييالى‪ :‬لِ‬
‫ة‪.  ()‬‬ ‫ن إ للِ ل موألِ ذ ل ت‬
‫م ا‬ ‫مؤ م ل‬
‫م ن‬ ‫ن لفي ه‬ ‫ي ممرقههبو م‬
‫مة‪.(4)‬‬ ‫وقوله تعالى‪ َ  :‬إوال م‬
‫ن ي مظ مهمهروأا ع مل مي مك ه م‬
‫م لِ ي ممرقههبوا لفيك ه م‬
‫م إ للِ ل موألِ ذ ل ت‬
‫ومنه يقال أهأل الذمة للمعاهأدين من الكفار‪.‬‬
‫وقال ابن عباس‪" :‬الل‪ :‬القرابة‪ ،‬الذمة‪ ،‬العهد‪ ،‬والميثاق")‪.(5‬‬

‫ص)‬ ‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(237 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(936‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(2/165) ،‬‬


‫)( انظر‪ :‬أساس البلغة‪ :‬الزمخشري‪ ،‬ص)‪ ،(208 ،207‬المصباح المنير‪ :‬الرافعي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص)‪ ،(210‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪.(221 /12) ،‬‬


‫)( سورة التوبة‪ :‬من الية )‪.(10‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة التوبة‪ :‬من الية )‪.(8‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر‪ :‬قول ابن عباس رضي ال عنهما في‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(4/239) ،‬شرح‬ ‫‪5‬‬

‫المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(937 ،936‬الجامع لحاكام القرآن‪ :‬القرطبي‪،78 /8) ،‬‬
‫‪ ،(79‬تفسير القرآن‪ :‬ابن كثير‪ ،(351 /2) ،‬وانظر‪ :‬معنى الل في‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن‬
‫منظور‪ ،(221 /12) ،‬معجم متن اللغة‪ :‬أحامد رضا‪ ،(2/508) ،‬المخصص‪ :‬ابن سيده‪) ،‬‬
‫‪.(4/109‬‬

‫‪139‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وقال أبو عبيده‪ :‬الذمة معناهأا المان)‪.(6‬‬

‫وتبييدو النسييبة بييين معيياني الذميية الثلثيية ي ي العهييد‪ ،‬الضييمان‪ ،‬والمييان‪ ،‬ميين‬
‫اللتزام في كل منهييا‪ ،‬فييإن المعاهأييد يليتزم بميا عاهأيد علييه‪ ،‬والضيامن يليزم ميا ضيمنه‪،‬‬
‫ومعطي المان ملزم بأمان من آمنه)‪.(2‬‬

‫ثانيلا‪ :‬معنى الذمة في الصطلحا‪:‬‬

‫اختلف العلماء في حاقيقة الذمة وتحاديدهأا على آراء)‪.(3‬‬

‫وسوف نقتصر ي إن شاء الي تعيالى ي عليى اليرأي ال ارجيح مين هأيذه التعريفيات‬
‫وهأو أن الذمة‪:‬‬

‫"أميير أو وصييف يصييير بييه النسييان أهألا لليجيياب والسييتيجاب‪ ،‬أي الليزام‬
‫واللتزام")‪.(4‬‬

‫حاتى تتحاقق للجنين ذمة تقيوم عليهييا أهأليية الوجييوب القاصيرة الييتي تثبييت ليه‪،‬‬
‫لن الهألية مبنية على وجود الذمة ول تثبت إل بوجودهأا‪.‬‬

‫)( والذمة المقصودة هأنا هأي الواردة في قول الرسول ‪) :‬ويسعى بذمتهم أدناهأم(‪ ،‬انظر‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪ ،(222 ،221 /12) ،‬وانظر‪ :‬الحاديث في سنن سعيد بن أبي‬
‫منصور )‪.(169 /2‬‬
‫)( انظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪.(222 ،221 /12) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( راجع التعريفات الخرى للذمة والردود الواردة عليها في‪ :‬أصول البزدوي‪ :‬البزدوي‪/4) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ (239‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(249 /2) ،‬شرح التلويح على التوضيح‪ :‬التفتازاني‪) ،‬‬
‫‪ ،(162 /2‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(164 /2) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن‬
‫الملك‪ ،‬ص)‪.(937‬‬
‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(238 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪،(936‬‬ ‫‪4‬‬

‫أصول الفقه‪ :‬أبو زهأرة‪ ،‬ص)‪.(308‬‬

‫‪140‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ثالثلا‪ :‬بين الهألية وأالذمة‪:‬‬

‫بينا فيما سبق أن الهألية إما أن تكون أهألية أداء أو أهألية وجوب‪.‬‬
‫وأهألية الداء‪ ،‬هأي‪ :‬صلحاية النسان لما يصدر منه من أقوال وأفعال معتبرة‬
‫شرعاا‪.‬‬
‫وأهألية الوجوب‪ ،‬هأي‪ :‬صلحاية النسان لوجوب الحاقوق المشروعة له وعليه‬
‫فأهألية الوجوب لها عنصران‪:‬‬
‫عنصر اللتزام‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وهأو مؤهأل لثبات الحاقوق للنسان ل عليه‪.‬‬
‫وهأو جعل النسان صالحاا للالتزام)‪.(1‬‬
‫وحاي يث اتضييح معنييى الهألييية‪ ،‬ومعنييى الذميية‪ ،‬فييإنه يلييزم البحاييث أن نعييرض‬
‫لوجهات النظر المختلفة في الفرق بينهما‪.‬‬
‫قال بعض الفقهاء‪ :‬إن الذمة وأهألية الوجوب بحاالتيها‪ ،‬الناقصة والكاملة‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫كلمتان مترادفتان لمعنى واحاد‪ ،‬فل فرق بين أهألية الوجوب والذمة‪ ،‬وعرفوا‬
‫الذمة بما يفهم منه‪ :‬أنها القابلية لثبات الحاقوق ووجوب اللتزام‪.‬‬
‫وقال بعض منهم‪ :‬إن الذمة معناهأا أهألية المعاملة‪ ،‬فإذا حاكمنا بالذمة‬ ‫‪.2‬‬
‫لنسان ما كان المعنى أنه أهأل للمعاملة ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(238 ،237 /4) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪ ،(164 /2‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(936 ،935‬الفقه السلمي في ثوبه‬
‫الجديد‪ :‬د‪ .‬مصطفى الزرقا‪ (744 ،743 /2) ،‬مباحاث الحاكم عند الصوليين‪ :‬محامد سلم‬
‫مدكور‪ ،‬ص)‪.(240‬‬
‫)( الفروق‪ :‬القرافي‪.(237 /3) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪141‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وهأذا القول يختلف مع ما وضحاه جمهور للفقهاء‪ ،‬لبيان ماهأية الذمة‪ ،‬ويفتقد‬
‫الدقة‪ ،‬إذ يبدو فيه الخلط البين بين الذمة والهألية‪.‬‬
‫وقال الصوليون وجمهور الفقهاء بالتفريق بين الذمة وأهألية الوجوب‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫فالهألييية عنييد هأيؤلء مبنييية علييى وجييود الذميية‪ ،‬مسييتندة إليهييا ول ثبيات لهيا إل‬
‫بعييد وجييود الذميية‪ ،‬فليسييت الذميية عييين أهألييية الوجييوب‪ ،‬ولكنهييا ملزوميية لهييا‪ ،‬فالذميية‬
‫وعاء‪ ،‬وما يكون بداخله هأو أهألية الوجوب)‪.(1‬‬

‫وفي ذلك يقول عبد العزيز البخاري‪:‬‬

‫)أما أهألية الوجوب فبنياء عليى قييام الذميية‪ ،‬أي ل تثبيت هأيذه الهألييية إل بعيد‬
‫وجود ذمة صالحاة‪ ،‬لن الذمة هأي محال الوجوب‪ ،‬ولهذا يضاف )الوجييوب( إليهييا ول‬
‫يضاف إلى غيرهأا بحاال‪ ،‬ولهذا اختص النسان بالوجوب دون سائر الحايوانات التي‬
‫ليست لها ذمة()‪.(2‬‬

‫وم يين خلل آراء الفقه يياء‪ ،‬ن ييرى وض ييوح الف ييرق بي يين أهألييية الوج ييوب والذم يية‪،‬‬
‫وأنهمي ييا حاقيقتي ييان منفصي ييلتان‪ ،‬وأن قيي ييام أهأليي يية الوجي ييوب متوقي ييف علي ييى وجي ييود الذمي يية‪،‬‬
‫ويظهيير التغيياير بينهمييا فييي أهألييية التصييرف‪ ،‬فقييد توجييد هأييذه الهألييية بييدون ذميية‪ ،‬وقييد‬
‫توجد الذمة ول توجد أهألية التصرف‪ ،‬وقد تجتمعان معا)‪.(3‬‬

‫)‬ ‫)( انظر‪ :‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(165 /2) ،‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(237 /4‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(369‬‬


‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(237 /4) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر‪ :‬التحاليل المبين بالمثلة في الفرق بين الذمة وأهألية التصرف للمام‪ ،‬القرافي في‬ ‫‪3‬‬

‫الفروق‪.(226 /3) ،‬‬

‫‪142‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهألية الداء‪:‬‬

‫الفرع الوأل‪ :‬حقيقة أهألية الداء‪:‬‬

‫عييرف الأصييوليون أهألييية الأداء بتعريفييات عييدة‪ ،‬كلهييا متقاربيية ميين بعضييها‬
‫البعييض‪ ،‬و تييدور حاييول صييلحاية الإنسييان لصييدور الفعييال والق يوال منييه علييى وجييه‬
‫يعتد به شرعاا‪ :‬ويترتب عليه آثاره الشرعية‪.‬‬

‫وعلييى هأييذا فييإن أهألييية الداء‪ ،‬هأييي أهألييية المعامليية‪ ،‬بحايييث يكييون النسييان‬
‫صالحا ا لكتساب حاقوق فيما يقوم به من تصرفات‪ ،‬وصييالحا ا لن ينشييئ حاقوقي ا لغييره‬
‫بتلك التصرفات‪ ،‬وهأو ما يسمى بالواجبات‪.‬‬

‫وهأي من خلل التعريفات السابقة تعم العبادات والمعاملت )‪.(1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أساس أهألية الأداء‪:‬‬

‫إذا كان أسياس أهأليية الوجيوب هأو الحايياة‪ ،‬فقيد اتفيق الفقهياء عليى أن أسياس‬
‫أهألية الأداء‪ ،‬هأو التمييز والعقل‪.‬‬

‫) فأهألية الأداء ل تثبت إل بالعقل وقدرة العمل به()‪.(2‬‬

‫ص)‬ ‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ (249 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(941 ،940‬أصول الفقه السلمي‪ :‬د‪ .‬بدران أبو العينين‪ ،‬ص)‪ ،(318‬أصول الفقه‬
‫السلمي‪ :‬أبو زهأرة‪ ،‬ص)‪.(311‬‬
‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(156 /1) :‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص)‪،(940 ،939‬‬ ‫البخاري‪ ،(348 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬
‫تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(2/253) ،‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪،161 /2) ،‬‬
‫‪ ،(164‬أصول الفقه السلمي‪ :‬د‪ .‬بدران أبو العينين‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫إذا فأسيياس أهألييية الأداء الييذي تقييوم عليييه‪ ،‬هأييو العقييل وبييدونه ل توجييد أهألييية‬
‫أداء‪.‬‬

‫وفي ذلك يقول الشوكاني‪) :‬اعلم أنه يشترط في صحاة التكليف بالشرعيات‪،‬‬
‫فهم المكلف لما كليف بيه‪ ،‬بمعنييى تصيوره بييأن يفهيم مين الخطيياب القييدر الييذي يتوقييف‬
‫عليه المتثال‪ ،‬ل بمعنى التصديق به()‪.(1‬‬

‫إذا فالتفيياق واقييع علييى أن الأداء متعلييق بالقييدرتين معياا‪ ،‬قييدرة فهييم الخطيياب‪،‬‬
‫ا‬
‫وقدرة العمل بالخطاب‪ ،‬والقدرة الولى إنما تتحاقق بالعقل والثانية بكمال البدن)‪.(2‬‬

‫وعليييه فعنييد فقييدان هأييذا السيياس يي العقييل وكمييال البييدن يي تنعييدم الهألييية‪ ،‬إوان‬
‫كييان فييي النسييان اسييتعداد لوجودهأييا‪ ،‬وهأييي توجييد لييدى النسييان متدرجيية‪ ،‬فييإذا كمييل‬
‫عقله تثبت له أهألية كاملة‪ ،‬إواذ نقص كانت أهأليته ناقصة‪ ،‬ولذا كانت أحايوال الهألييية‬
‫ثلثاا‪:‬‬

‫حاالة انعدام أهألية الأداء مطلقاا‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫وجود أهألية أداء ناقصة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫وجود أهألية أداء كاملة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫وهأذا ما سنوضحاه ي إن شاء ال تعالى ي في القسم التالي‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أحوأال أهألية الأداء‪:‬‬

‫)( إرشاد الفحاول‪ :‬الشوكاني‪ ،‬ص)‪.(10‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص)‬ ‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(238 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.(939‬‬

‫‪144‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫البند الوأل‪ :‬عدم أهألية الأداء مطلقلا‪ :‬وذلك متحاقق في الطفييل الييذي ل يميييز‪ ،‬وفييي‬
‫المجنون إذا ما استمر جنونه‪ ،‬إذ كلهأما عديم العقل‪ ،‬ومن ل عقل له ل أهألية له‪.‬‬
‫فكييل ميين المجنييون‪ ،‬والصييغير غييير المميييز‪ ،‬باطييل العقييود‪ ،‬والتصيرفات‪ ،‬ول‬
‫يترتب على قوله أو فعله‪ ،‬أي أثيير شييرعي‪ ،‬فجنايتهمييا عليى النفيس‪ ،‬أو المييال‪ ،‬تيترتب‬
‫عليه ييا المؤاخ ييذة المالي يية وحا ييدهأا‪ ،‬وقت ييل الطف ييل أو المجن ييون‪ ،‬أو إتلف ييه حا ييق الغي يير‪،‬‬
‫يترتب عليه ضمان الدية في القتل‪ ،‬وضمان التلف فيما أتلفه‪ ،‬ول ينبني على فعلهمييا‬
‫قص يياص‪ ،‬لن ييه م ييترتب عل ييى العم ييد‪ ،‬ووج ييود القص ييد‪ ،‬و كلهأم ييا ق ييد انع ييدم بانع ييدام‬
‫القدرتين)‪.(1‬‬
‫والنسييان فييي أول أحايواله عييديم القييدرتين )العقييل والبييدن(‪ ،‬لكيين فيييه اسييتعداد‬
‫وصلحاية لن توجد فيه كل واحادة من القدرتين شيئا فشيئا)‪.(2‬‬
‫البند الثاني‪ :‬أهألية الداء الناقصة‪:‬‬
‫)وهأذه الهألية تنبني على القدرة القاصرة من العقل القاصر‪ ،‬والبدن القاصر()‪.(3‬‬

‫وهأ ييذه الحاال يية تص ييدق عل ييى الص ييبي‪ ،‬والمعت ييوه ال ييذي ل ييم يخت ييل عقل ييه‪ ،‬لك يين‬
‫ض ييعف إد ارك ييه وتمييي يزه‪ ،‬إوانم ييا تثب ييت الهألي يية لهم ييا لثب ييوت أص ييل الهألي يية ب ييالتمييز‪،‬‬
‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(248 /4) ،‬التلويح مع شرح التوضيح‪ :‬التفتازاني‪) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(164 ،163 /2‬الفقه السلمي في ثوبه الجديد‪ :‬د‪ .‬الزرقا‪ ،(745 /2) ،‬أصول الفقه‪:‬‬
‫أبو زهأرة‪.‬‬
‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(248 /4) ،‬وانظر‪ :‬مثله في شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن‬ ‫‪2‬‬

‫الملك‪ ،‬ص)‪.(939‬‬
‫)( انظر‪ :‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(939‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪،(248 /4) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(164 /2) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،(253 /2) ،‬‬
‫فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(156 /1) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن‬
‫أمير الحااج‪ ،(168 /2) ،‬كشف السرار‪ :‬النسفي‪ ،(466 /2) ،‬شرح نور النوار‪:‬‬
‫ميلجيون‪ ،(466 /2) ،‬مطبوع مع كشف السرار للنسفي‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ولكنها لما كانت ناقصة صحات منهما بعض التصيرفات‪ ،‬وجعلييت موقوفيية علييى إذن‬
‫الولي‪ ،‬وبطلت بعض التصرفات إوان أجازهأا وليهما‪.‬‬

‫إذال فأهأليييية الداء الناقصييية هأيييي‪) :‬ص ي ييلحاية الش ي ييخص لص ي ييدور بع ي ييض‬
‫التص يرفات منييه‪ ،‬دون البعييض الخيير‪ ،‬أو لصييدور أفعييال وتص يرفات يتوقييف نفاذهأييا‬
‫على رأي غيره()‪.(1‬‬

‫البند الثالث‪ :‬أهألية الأداء الكاملة‪:‬‬

‫)وهأذه الهألية تنبنيي عليى القيدرة الكاملية مين العقيل الكاميل‪ ،‬والبيدن الكاميل(‬
‫)‪.(2‬‬

‫وهأييي تتحاقييق بالنسييبة لتكيياليف الشييرع بكمييال العقييل للنسييان وبلييوغه‪ ،‬س يواء‬
‫ك ييان بل ييوغه طبيعيي ي ا أو تق ييديرياا‪ ،‬كم ييا ثبت ييت ب ييالبلوغ م ييع الرش ييد بالنس ييبة للمع يياملت‬
‫المالية‪.‬‬

‫وبتلييك الهألييية يصييبح النسييان مكلفي ا بالعبييادات والحاكييام الشييرعية‪ ،‬صييالحا ا‬


‫لكل أنواع اللتزام‪.‬‬

‫ولما كانت هأذه الهألية متوقفية علييى تحاقيييق العقييل‪ ،‬وهأيو ميين المييور الخفيية‬
‫الييتي تخفييى علييى النيياس‪ ،‬وينمييو بنمييو الجسييام‪ ،‬وهأييو مختلييف بييين بنييي البشيير‪ ،‬فقييد‬

‫)( أصول الفقه السلمي‪ :‬د‪ .‬بدران أبو العينين‪ ،‬ص)‪ ،(319‬أصول التشريع السلمي‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫على حاسب ال‪ ،‬ص)‪.(357‬‬


‫)‬ ‫)( شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(940 ،939‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،(253 /2‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(156 /1) ،‬كشف‬
‫السرار‪ :‬البخاري‪ ،(348 /4) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(168 /2) ،‬التلويح مع‬
‫التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(164 /2) ،‬كشف السرار‪ :‬النسفي‪ ،(466 /2) ،‬شرح نور النوار‪:‬‬
‫ميلجيون‪.(466 /2) ،‬‬

‫‪146‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫جعييل البلييوغ دليلا علييى كمييال العقييل فييي النسييان‪ ،‬لنييه موضييع يتوقييع فيييه حاصييول‬
‫العقل للمرء‪ ،‬وأحاكام الشرع ترتبط بعلل ظاهأرة منضبطة‪.‬‬

‫وعلى هأذا تكون الهألية الكاملة بكمال عقل النسان وبدنه)‪.(1‬‬

‫إذا فأهألية الداء الكاملة هأي‪:‬‬

‫)صييلحاية الشييخص لصييدور التصي يرفات منييه‪ ،‬علييى وجييه يعتييد بييه شييرعاا‪،‬‬
‫وعدم توقفها على رأى أحاد غيره()‪.(2‬‬

‫)‬ ‫)( شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(940 ،939‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(253 /2‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(156 /1) ،‬كشف‬
‫السرار‪ :‬النسفي‪ ،(466 /2) ،‬شرح نور النوار‪ :‬ميلجيون‪.(466 /2) ،‬‬
‫)( أصول الفقه السلمي‪ :‬د‪ .‬بدران أبو العينين‪ ،‬ص)‪ ،(318‬أصول التشريع‪ :‬على حاسب‬ ‫‪2‬‬

‫ال‪ ،‬ص)‪.(357‬‬

‫‪147‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫المبحث الثالث‬
‫عوارض الهأليــــــــــة‬
‫المطلب الوأل‪ :‬معنى العوأارض‪:‬‬

‫الفرع الوأل‪ :‬معنى العوأارض في اللغة‪:‬‬

‫العييارض‪ :‬هأييو المييانع أو الحاائييل‪ ،‬ومعنيى اعييترض الشيييء‪ :‬صييار عارضياا‪،‬‬


‫واعترض دونه‪:‬حاال‪ ،‬واعترض له‪ :‬أي منعه‪.‬‬

‫والع ييارض أيضي ي ا مييا اع ييترض فييي الف ييق‪ ،‬فس ييده م يين سييحااب‪ ،‬أو نحاي يل‪ ،‬أو‬
‫مط لهرمنا‪. ()‬‬
‫م م‬
‫ض ه‬
‫عارل ض‬ ‫جراد‪ ،‬أو نحاو ذلك‪ ،‬ومنه قوله تعالى عن قوم عاد‪ :‬هأم م‬
‫ذا م‬
‫‪    :       ‬‬
‫‪.()    ‬‬

‫‪          ‬‬
‫‪             : ‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪.()        ‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬معنى العوأارض في الصطلحا‪:‬‬


‫)( سورة الأحاقاف‪ :‬من الية )‪.(24‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪ ،(30 /9) ،‬تاج اللغة وصحااح العربية‪ :‬الجوهأري‪/3) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.(1083‬‬
‫)( انظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪ ،(30 /9) ،‬الصحااح‪ :‬الجوهأري‪ ،(1083 /3) ،‬كشف‬ ‫‪3‬‬

‫السرار‪ :‬البخاري‪ ،(262 /4) ،‬شرح التلويح على التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(167 /2) ،‬شرح‬
‫المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(943‬‬

‫‪148‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫العوأارض في اصطلحا الصوأليين‪:‬‬

‫هأييي أحايوال تطي أر علييى النسييان المكلييف فييي أهأليتييه‪ ،‬دون أن تكييون ملزميية‬
‫له‪.‬‬

‫وأطليق عليهيا لفيظ العيوارض‪ ،‬لنهيا ليسيت صيفات ذاتيية‪ ،‬بيل هأيي عارضية‪،‬‬
‫كالبييياض مييع الثلييج فييإنه ميين عوارضييه‪ ،‬وعلييى ذلييك فييإن الخصييال صييفات عرضييية‪،‬‬
‫قابلة للزوال ينتفي فيها اللزوم‪ ،‬ويتحاتم فيهيا التيأثير فيي تغييير الحاكيام‪ ،‬وبيذلك تخيرج‬
‫العوارض التي ل تأثير لها‪ ،‬كالشيخوخة والكهولة‪ ،‬ونحاوهأما‪.‬‬

‫وسييميت هأييذه المييور الييتي لهييا تييأثير فييي تغيييير الحاكييام ع يوارض‪ ،‬لمنعهييا‬
‫الحاكام التي تتعلق بأهألية الوجوب‪ ،‬وأهألية الأداء عن الثبوت)‪.(1‬‬

‫فإن التغيير هأو وجه المناسبة بين المعنى اللغوي‪ ،‬والصطلحاي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تأثير العوأارض‪:‬‬

‫جميييع مييا تقييدم فييي الهألييية هأييو بنيياء علييى الحااليية الطبيعييية الييتي يكييون فيهييا‬
‫الشييخص سييليماا‪ ،‬غييير أنييه قييد يطي أر علييى الشييخاص عيوارض‪ ،‬وهأييذه العيوارض ذات‬
‫تأثير على أهألية النسان‪ ،‬فهيي مزيلية أحاياني ا لهأليية الوجيوب والأداء‪ ،‬وأحاياني ا أخيرى‬
‫ل تزيل أهألية الوجوب‪ ،‬ول الأداء‪.‬‬

‫فهي مزيلة لهألية الوأجوأب‪ ،‬كما في الموت إذ إن المييوت عجييز تييام‪ ،‬منيياف‬
‫لهألية أحاكام الدنيا‪ ،‬من كل ما فيه تكليف‪.‬‬

‫)‬ ‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(262 /4) ،‬وانظر‪ :‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(172 /2‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(943‬‬

‫‪149‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وهأذه العوارض تزيل أحايان ا أهألية الداء كحاالتي النوم‪ ،‬والغماء‪ ،‬فإن النييائم‬
‫والمغمى عليه عاجزان عين اسيتعمال قيدرتهما الحاسيية لعيدم مقيدرتهما عليى اسيتعمال‬
‫حاواسي ييهما‪ ،‬وهأمي ييا عي يياجزان أيضي ي ي ا عي يين أداء الفعي ييال الختياريي يية‪ ،‬كالقيي ييام والقعي ييود‬
‫وغيرهأما‪.‬‬

‫وأحاياناا أخرى ل تزيل هأذه العوارض أهألية الوجوب‪ ،‬ول الداء‪ ،‬ولكنها تغير‬
‫بعض الحاكام مع بقائهما – أي أهألية الوجوب والداء – كما في حاالتي السفر‪،‬‬
‫والجهل في دار الحارب)‪.(1‬‬

‫)( انظر‪ :‬شرح التلويح على التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(167 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير‬ ‫‪1‬‬

‫الحااج‪ ،(172 /2) ،‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(262 /4) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪) ،‬‬
‫‪ ،(258 /2‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(944 ،943‬‬

‫‪150‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫المبحث الرابع‬
‫العوارض السماوأية‬
‫يقسم علماء الصول العوارض إلى قسمين رئيسيين هأما‪:‬‬

‫العوارض السماوية‪ ،‬والعوارض المكتسبة)‪.(1‬‬


‫وسوف نعرض لهذه العوارض بصورة مختصرة تعريفية تحاصل منها الفائدة‬
‫بإذن ال تعالى‪.‬‬
‫المطلب الوأل‪ :‬العوأارض السماوأية‪:‬‬
‫الفرع الوأل‪ :‬حقيقة العوأارض السماوأية‪:‬‬
‫عرف علماء الصول العوارض السماوية بأنها‪:‬‬
‫)ما يثبت من قبل صاحاب الشرع بدون اختيار للشخص فيه()‪.(2‬‬
‫أو هأي‪ :‬التي ليس للنسان فيها كسب ول اختيار‪.‬‬
‫فهذه العوارض ل دخل للنسان فيها‪ ،‬ونسبت إلى السماء لنزولها منها‪،‬‬
‫وهأي خارجة عن قدرة النسان‪.‬‬
‫وقدمت السماوية على المكتسبة‪ ،‬لنها أظهر في العارضية لخروجها عن‬
‫اختيار النسان‪ ،‬وأشد تأثي ار في الحاكام المكتسبة‪.‬‬

‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(160 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫البخاري‪ ،(262 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(943‬التلويح مع التوضيح‪:‬‬
‫التفتازاني‪ ،(167 ،2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(172 /2) ،‬كشف السرار‪:‬‬
‫النسفي‪ ،(447 /2) ،‬شرح نور النوار‪ :‬ميلجيون‪.(477 /2) ،‬‬
‫)( المصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪151‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أقسام العوأارض السماوأية‪:‬‬


‫والعوارض السماوية – أحاد عشر عارضاا‪.‬‬
‫"الصغر‪ ،‬الجنون‪ ،‬العته‪ ،‬النسيان‪ ،‬النوم‪ ،‬الغماء‪ ،‬الرق‪ ،‬المرض‪،‬‬
‫الحايض‪ ،‬النفاس‪ ،‬والموت")‪.(1‬‬
‫إوالى بيان هأذه العوارض بصورة مختصرة إن شاء ال تعالى‪:‬‬
‫الفرع الوأل‪ :‬الصغر‪:‬‬
‫لم يعرف الصوليون الصغر تعريفا محاددا لمعناه بالصورة المطلوبة‪ ،‬لذا يمكن‬
‫القول أن الصغر هأو‪:‬‬
‫المرحالة التي تسبق طور البلوغ‪ ،‬سواء كان طبيعيا أي عن طريق العلمات‬
‫الطبيعية‪ ،‬كخروج المني‪ ،‬إوانبات الشعر‪ ،‬أو الحامل‪ ،‬أو الدم‪ ،‬أو كان بلوغا تقديرياا‪،‬‬
‫ل‪.‬‬
‫أي عن طريق تقدير العمر‪ ،‬كتقدير خمسة عشر عاما مث ا‬
‫هأذا وأالصغير يمر بمرحلتين‪:‬‬
‫‪ -1‬مرحالة ما قبل التمييز‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحالة التمييز‪.‬‬
‫البند الوأل‪ :‬مرحلة ما قبل التمييز‪:‬‬
‫يمكن تحاديدهأا بأنها تبدأ من حاين مولده إلى أن يقارب سن السابعة‪ ،‬وفي‬
‫هأذه المرحالة تسقط عنه العبادات‪ ،‬ول يصح تكليفه لفقده للعقل والتمييز مع ا)‪.(2‬‬

‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(160 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫البخاري‪ ،(262 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(943‬التلويح مع التوضيح‪:‬‬
‫التفتازاني‪ ،(167 ،2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(172 /2) ،‬كشف السرار‪:‬‬
‫النسفي‪ ،(447 /2) ،‬شرح نور النوار‪ :‬ميلجيون‪.(477 /2) ،‬‬
‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(170 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫البخاري‪ ،(271 /4) ،‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪ ،(168 /2) ،‬تيسير التحارير‪:‬‬
‫أمير بادشاه‪ ،(259 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(2/172)،‬شرح المنار‬
‫وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(945‬‬

‫‪152‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ولكن يؤاخذ بضمان الفعال في المتلفات‪ ،‬فلو أتلف مال غيره ضمن‪ ،‬أما‬
‫أقواله‪ ،‬فل تعتبر شرع ا‪ ،‬لعدم تعقل المعاني‪ ،‬وعلى هأذا فل تصح عقوده‪ ،‬ول‬
‫إق ارراته‪ ،‬إوان أجازهأا وليه‪.‬‬

‫ومعنى هأذا أن الصغير في هأذه الحاالة كالمجنون بل هأو أدنى منه‪ ،‬لن‬
‫المجنون قد يميز إوان فقد العقل‪ ،‬أما الصغير ففاقد للعقل والتمييز معاا‪.‬‬

‫البند الثاني‪ :‬المرحلة الثانية وأهأي مرحلة التمييز‪:‬‬

‫وهأي الفترة التي تبدأ من سن السابعة وتنتهي بالبلوغ‪.‬‬

‫ففي هأذه المرحالة يرقى الطفل وتبدو فيه آثار العقل‪ ،‬فيصبح صاحاب‬
‫أهألية‪ ،‬وكان ينبغي أن يثبت في حاقه وجوب الداء بحاسب وجود الهألية‪ ،‬لكن‬
‫الشارع اعتبر صغره عذراا‪ ،‬لن الهألية التي نالها أهألية ناقصة‪ ،‬لقصور عقله‬
‫بسبب بقاء صغره‪ ،‬وعدم بلوغ عقله غاية العتدال‪ ،‬فسقط عن المميز ما يحاتمل‬
‫السقوط من حاقوق ال تعالى – كالصوم‪ ،‬والصلة‪ ،‬وسائر العبادات‪ ،‬فإنها محاتملة‬
‫للسقوط عند وجود الأعذار‪ ،‬ول يسقط عنه ما ل يحاتمل السقوط‪ ،‬كعقيدة اليمان‪،‬‬
‫لنه فرض دائم ل يقبل السقوط‪ ،‬لن ال تعالى إله دائم منزه عن الزوال والتغيير‪،‬‬
‫فأصبح وجوب التوحايد دائم ا بدوام اللوهأية)‪.(1‬‬

‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(170 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫البخاري‪ ،(271 /4) ،‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪ ،(168 /2) ،‬تيسير التحارير‪:‬‬
‫)‪ ،(172 /2‬شرح المنار‬ ‫أمير بادشاه‪ ،(259 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ ،‬ابن أمير الحااج‪،‬‬
‫وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(945‬‬

‫‪153‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وسبب اختيار الفقهاء لن تكون السنة السابعة بداية مرحالة التمييز عند‬
‫الصغير‪ ،‬هأو ما ورد من الحااديث النبوية التي تتضمن التأكيد على هأذه السنة‬
‫بالذات ومن جملة هأذه الحااديث‪ ،‬ما يرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪ :‬أنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬مروأا صبيانكم بالصلةا لسبع سنين‬
‫وأاضربوأهأم عليها لعشر سنين وأفرقوأا بينهم في المضاجع()‪.(1‬‬
‫والمر بالصلة في حاديث رسول ال صلى ال عليه وسلم في هأذه السنة‪،‬‬
‫بمثابة المر بالتمرين والتدريب للصبي‪ ،‬لجل أن يعتاد أداء الصلة عند بلوغه‬
‫وكمال عقله‪.‬‬
‫فل يفيد المر إذا لزوم الصلة عليه ووجوبها في حاقه‪ ،‬إذ إنه غير مكلف‬
‫بها‪ ،‬ول بغيرهأا من العبادات‪ ،‬لضعف قدرته العقلية على الفهم‪ ،‬والبدنية على‬
‫الداء‪.‬‬
‫وسمي الصبي مميزا لنه أصبح يميز بين الأقوال والفعال‪ ،‬وبين الخير‬
‫والشر‪ ،‬وبين الجيد والرديء‪.‬‬
‫‪ -1‬عدم لزوم الصغر للنسان في كل أطوار حاياته‪ ،‬وخلو بعض أفراد النسان‬
‫منه‪ ،‬كما حاصل لآدم عليه السلم‪ ،‬ولزوجته حاواء رضي ال عنها‪ ،‬إذ أن ال‬
‫سبحاانه وتعالى‪ ،‬قد خلقهما متجاوزين لمرحالة الصغر إل أنه كان عارض ا في‬
‫أولدهأما)‪.(2‬‬

‫)‬ ‫)( سنن الدارقطني‪ ،‬كتاب الصلة‪ ،‬باب المر بتعليم الصلوات والضرب عليها‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(231 ،230 /1‬مجمع الزوائد‪ :‬الهيثمي‪ :‬كتاب الصلة‪ ،‬باب في أمر الصبي بالصلة‪) ،‬‬
‫‪.(294 /1‬‬
‫)( انظر‪ :‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪ ،(168 /2) ،‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،(263 /4‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(172 /2) ،‬‬

‫‪154‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫‪ -2‬أن حاقيقة النسان قد تستبين دون أن يوصف بالصغر‪ ،‬فقد يكون كبي ارا‪ ،‬كما‬
‫يكون صغي ارا‪ ،‬ولهذا كان الصغر حاادثا عارضا على حاقيقة النسان‪.‬‬
‫ومن ناحاية أن الصل في النسان هأو تحامل أعباء التكاليف ومعرفة ال‬
‫تعالى‪.‬‬
‫والمقصود بالعوارض‪ ،‬الحاالت التي ل تكون لزمة للنسان وتنافي‬
‫الهألية‪ ،‬ومن الواضح أن الصغر ل يلزم النسان)‪.(1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الجنوأن‪:‬‬
‫البند الوأل‪ :‬حقيقة الجنوأن‪:‬‬
‫" هأو اختلل العقل‪ ،‬بحايث يمنع جريان الفعال والقوال‪ ،‬على نهج العقل‬
‫إل ناد ارا")‪.(2‬‬
‫وقد عرفه عبد العزيز البخاري بأنه‪:‬‬
‫" المعنى الموجب انعدام آثاره‪ ،‬وتعطيل أفعاله‪ ،‬الباعث للنسان على‬
‫أفعال مضادة لتلك الفعال‪ ،‬من غير ضعف في عامة أطرافه‪ ،‬وفتور سائر‬
‫أعضائه")‪.(3‬‬
‫وأمن معانيه‪:‬‬
‫" اختلل القوة المميزة‪ ،‬بين المور الحاسنة والقبيحاة المدركة للعواقب‪ ،‬بأن‬
‫ل يظهر آثارهأا‪ ،‬ويتعطل أفعالها")‪.(4‬‬

‫)( انظر حاجة ال البالغة‪ :‬الدهألوي‪ ،(20 ،19 /1) ،‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر‬ ‫‪1‬‬

‫الشريعة‪ ،(168 /2) ،‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(263 /4) ،‬‬


‫)( انظر‪ :‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(172 /2) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪ ،(259 /2‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪.(167 /2) ،‬‬


‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(263 /4) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( التلويح شرح التوضيح‪ :‬التفتازاني‪.(167 /2) ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪155‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ومن خلل التعريفات السابقة نجد أنها تدور حاول معنى واحاد وهأو‪:‬‬
‫أن الجنون عبارة عن آفة تصيب القوة العقلية للنسان‪ ،‬فتؤدي إلى اختلل في القوة‬
‫المميزة عنده‪ ،‬بحايث يصبح غير قادر على التمييز بين المور الحاسنة والقبيحاة‪،‬‬
‫على ضوء نهج العقل السليم‪.‬‬
‫البند الثاني‪ :‬حكم الجنوأن‪:‬‬
‫فإن الجنون الصلي الممتد يسقط التكاليف اتفاق ا‪ ،‬وهأو مزيل لهألية الداء‬
‫بنوعيها‪ ،‬فل يجب عليه شيء من العبادات‪ ،‬ول يصح منه أي تصرف من‬
‫التصرفات‪ ،‬ولكنه ل ينافي أهألية الوجوب‪ ،‬فيرث‪ ،‬ويملك لبقاء ذمته‪ .‬والعارضي‬
‫غير الممتد ل يسقطها اتفاقاا‪.‬‬
‫واختلف في العارضي الممتد والصلي غير الممتد على أقوال)‪.(1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العته‪:‬‬
‫البند الوأل‪ :‬تعريفه في اللغة‪:‬‬
‫نقص في العقل غير مصحاوب بجنون‪.‬‬
‫والمعتوه هأو‪ :‬المدهأوش من غير مس أو جنون)‪.(2‬‬
‫البند الثاني‪ :‬تعريفه في اصطلحا الصوأليين‪:‬‬
‫فقد عرف بعدة تعريفات كلها تدور حاول معنى واحاد وهأو‪:‬‬

‫)( راجع تفصيل أنواع الجنون وأحاكام كل نوع في‪ :‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪/4‬‬ ‫)‪ ،(173 /2‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(259 /2) ،‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪،‬‬
‫‪ ،(263‬التلويح شرح التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(167 /2) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬
‫)‪.(170 /1‬‬ ‫ص)‪ ،(948 ،947‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪،‬‬
‫)( انظر‪ :‬مختار الصحااح‪ :‬الرازي‪ ،‬ص)‪.(41‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪156‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫أن العتييه عبييارة عيين مييرض يييؤدي إلييى اختلل فييي العقييل‪ ،‬فيجعييل صيياحابه‬
‫عديم الدراك للمور إدراكا سليماا‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪:‬‬
‫العته‪ :‬ضعف في العقل يجعل صاحابه قليل الفهم مختلط الكلم فاسد التدبير‪.‬‬
‫وجاء في تعريفه‪:‬‬
‫"العتييه آفيية تييوجب خللا فييي العقييل‪ ،‬فيصييير صيياحابه مختلييط الكلم فيشييبه‬
‫بعضه كلم العقلء‪ ،‬وبعضه كلم المجانين‪ ،‬وكذا سائر أموره")‪.(1‬‬
‫وعرفه الكمال بن الهمام بأنه‪:‬‬
‫"اختلط الكلم مرة مرة " )‪.(2‬‬
‫البند الثالث‪ :‬حكم المعتوأه‪:‬‬
‫حاكييم المعتييوه كالصييبي المميييز فييي جميييع مييا ذكيير لييه‪ ،‬وهأييو اختيييار عاميية‬
‫المتأخرين من الحانفية بمعنى أن له أهأليه أداء قاصرة)‪.(3‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(274 /4) ،‬وانظر‪ :‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(950‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪ ،(168 /2) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،‬‬
‫)‪ ،(263 /2‬وزاد ابن الحااج في بداية تعريفه "ناشئة عن الذات" فقال‪" :‬العته آفة ناشئة عن‬
‫ل‪ "....‬ليخرج به ما يكون عن طريق المخدرات‪ ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن‬
‫الذات توجب خل ا‬
‫أمير الحااج‪.(176 /2) ،‬‬
‫)‬ ‫)( التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(176 /2) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.(263 ،262 /2‬‬


‫)( انظر‪ :‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(168 /2) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص)‪ ،(950‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(274 /4) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪/2) ،‬‬
‫‪ ،(176‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(263 /2) ،‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن‬
‫نظام الدين‪.(170 /2) ،‬‬

‫‪157‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وقال القاضي أبو زيد رحامه ال تعالى‪:‬‬

‫"إن حاكم العته حاكم الصبا‪ ،‬إل في حاق العبادات‪ ،‬فإنا لم نسييقط بييه الوجييوب‬
‫احاتياطا في وقت الخطاب وهأو البلوغ‪ ،‬بخلف الصبا لنه وقت سقوط الخطاب")‪.(1‬‬

‫والذي يظهر لييي‪ :‬أن المعتييوه كالصييبي فييي آخيير أحايواله‪ ،‬فيمنييع وجييوب أداء‬
‫الحاقوق جمعيها‪ ،‬لن المعتوه كالصبي ل يقف على عيواقب المييور كمييا يقيول عاميية‬
‫متأخري الحانفية)‪.(2‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬النسيان‪:‬‬

‫ذكيير الصييوليون للنسيييان تعريفييات عييدة‪ :‬نييذكرهأا لنصييل ميين خللهييا إلييى‬
‫التعريف الجامع المانع‪ ،‬إن شاء ال تعالى‪.‬‬

‫فعرفه بعضهم بأنه‪:‬‬

‫)معنى يعتري النسان بدون اختياره فيوجب الغفلة عن الحافظ()‪.(3‬‬


‫وأقيل هأوأ‪:‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(274 /4) ،‬وانظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن‬ ‫‪1‬‬

‫نظام الدين‪.(170 /1) ،‬‬


‫)( ويدعم هأذا ما ذكره الشيخ عبد العزيز البخاري حايث قال‪" :‬وذكر صدر السلم مشي ار إلى‬ ‫‪2‬‬

‫هأذا القول أن بعض أصحاابنا ظنوا أن العته غير ملحاق بالصبا بل هأو ملحاق بالمرض حاتى‬
‫ل يمنع وجوب العبادات‪ ،‬وليس كما ظنوا‪ ،‬بل العته نوع جنون‪ ،‬فيمنع وجوب أداء الحاقوق‬
‫جميعاا‪ :‬إذ المعتوه ل يقف على عواقب المور كصبي ظهر فيه قليل عقل" كشف السرار‪:‬‬
‫البخاري‪.(274 /4) ،‬‬
‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪،(276 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(951‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪158‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫)عبارة عن الجهل الطارئ()‪.(1‬‬


‫ويبطل اطراد هأذين التعريفين بالنوم والغفلة)‪.(2‬‬
‫وعرفه جماعة آخرون بأنه‪:‬‬
‫" جهل النسان بما كان يعلمه ضرورة مع علمه بأمور كثيرة ل بآفة ")‪.(3‬‬
‫واحاترز بقوله‪ " :‬مييع علمييه بيأمور كيثيرة " عين النيائم والمغمييى عليييه‪ ،‬فإنهمييا‬
‫خرجي ييا بي ييالنوم والغمي يياء‪ ،‬مي يين أن يكوني ييا عي ييالمين بأشي ييياء كاني ييا يعلمانهي ييا قبي ييل الني ييوم‪،‬‬
‫والغماء‪.‬‬

‫وبقوله‪) :‬ل بآفة( عن الجنون‪ ،‬فإنه جهل بما كييان يعلمييه النسييان قبلييه‪ ،‬مييع‬
‫كونه ذاك ار لمور كثيرة لكنه بآفة)‪.(4‬‬
‫فهو غفلة النسان وذهأوله عن بعض معلوماته من غير آفة في عقله ول‬
‫في تمييزه‪.‬‬
‫حكم النسيان‪-:‬‬
‫هأو سبب يعجز به النسان عن الداء‪ ،‬كسائر العذار ولكنه ل يمنع‬
‫وجوب الحاقوق لعدم إخلله بأهألية النسان‪.‬‬
‫وهأو عذر عارضي يغير بعض الحاكام ول يسقطها)‪.(5‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(276 /4) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(276 /4) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(951‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(4/276) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(951‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(4/276) ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(276 /4) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،(177 /2) ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(264 /2) ،‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪.(169 /2) ،‬‬

‫‪159‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫تأثير النسيان‪ -:‬إذا قلنا أن النسيان ل يمنع أهألية الوجوب‪ ،‬ول أهألية‬
‫الداء ففي ماذا يؤثر ؟‬
‫ل يصح أن يعتبر النسيان عذ ار في حاقوق العباد‪ ،‬فكل تصرف يصدر من‬
‫الشخص من بيع وشراء ورهأن إواجارة …‪ .‬إإلخ‪ ،‬وتترتب عليه الثار الشرعية ل‬
‫ل‪ .‬لن فتح هأذا الباب يؤدي إلى ضياع حاقوق‬
‫يصح العتذار بأنه كان ناسيا غاف ا‬
‫الناس وتعرض تصرفاتهم للعبث والضطراب‪.‬‬
‫أما في حاقوق ال تعالى‪ :‬فالنسيان يكون فيها عذ ار عند عدم التقصير من‬
‫الشخص وذلك في الحاالت التي ليس فيها ما يذكره بالعبادة‪ ،‬كأكل الصائم‪ ،‬وشربه‬
‫ناسي ا‪ ،‬أما إذا كان النسيان عن تقصير كالأكل في الصلة فل يعتد به‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬النوأم‪:‬‬
‫هأو )فتور طبيعي يحادث في النسان بل اختيار منه‪ ،‬وتمنع الحاواس‬
‫الظاهأرة والباطنة عن العمل مع سلمتها‪ ،‬وتمنع استعمال العقل مع قيامه()‪.(1‬‬

‫فالنوم ل يصيب النسان بخلل في ذمته وسلمته‪ ،‬إذ كلهأما باق لديه‪،‬‬
‫ولكنه عارض يحاول بينه وبين الداء‪ ،‬حاالة النوم لمتناع الفهم من ناحاية‪ ،‬وعدم‬
‫إمكان إيجاد الفعل من جهة أخرى‪ ،‬فيستلزم ذلك تأخير مخاطبة النائم بالداء حاتى‬
‫يستيقظ ويتمكن من أداء الفعل حاقيقة بالنتباه قبل الفوات‪ ،‬وإن لم ينتبه لزمه التيان‬
‫به عن طريق القضاء لقوله ‪: ‬إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط‬
‫في اليقظة‪ .‬فإذا نسىَ أحدكم صلة أوأ نام عنها فليؤدهأا إذا‬
‫ذكرهأا‪.(2)‬‬
‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(278 ،277 /4) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سنن الترمذي‪ ،‬أبواب الصلة‪ ،‬باب ما جاء في النوم عن الصلة‪ ،(334 /1) ،‬سنن‬ ‫‪2‬‬

‫النسائي‪ ،‬باب فيمن نام عن صلة‪ ،(294 /1) ،‬السنن الكبرى‪ ،‬كتاب الصلة‪ ،‬باب ل‬

‫‪160‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ريِ‪.(1)‬‬ ‫م‬
‫ولقوله تعالى‪ :‬وأمأقلم ل ال ت‬
‫صلة م ل لذ لك م ل‬
‫ولذلك فإن ما يصدر عن النائم من عبارات فيما يعتبر فيه الختيار‪ ،‬يعتبر‬
‫باطلا مثل البيع‪ ،‬والشراء‪ ،‬والردة‪ ،‬والسلم‪ ،‬والعتاق‪ ،‬والطلق‪ ،‬لفقد النائم للختيار‬
‫والرادة‪ ،‬وقد رفع القلم عن ثلثة‪ ،‬منهم النائم‪ ،‬ولهذا فإن النائم ل يسأل عن أفعاله‪،‬‬
‫ول عن تصرفاته‪ ،‬إل ما كان من باب التلف لمال الغير‪ ،‬أو العتداء عليه‪،‬‬
‫فيلزمه الضمان في ماله لتعلق حاق الغير به‪ ،‬ورفع الضرر عنه‪ ،‬فانقلب نائم على‬
‫غيره انقلبا يؤدي إلى قتله يلزمه بالدية‪ ،‬كالقتل الخطأ‪ ،‬ول يلزمه القصاص لنعدام‬
‫الرادة والقصد لدى النائم)‪.(2‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬الغإماء‪:‬‬
‫عرف الغماء بتعريفات عدة‪ ،‬إل أنها كلها متفقة على أنه داء معطل لقييوى‬
‫الدراك عند النسيان‪ ،‬مميا يجعليه عياج از عين اسيتعمال قيواه العقليية‪ ،‬إوان كيان العقيل‬
‫موجودا‪ ،‬لن العجز عن استعمال الشيء ل يعني عدم وجوده)‪.(3‬‬
‫حكم الغإماء‪-:‬‬
‫عارض يمنع فهم الخطاب حاال وقوعه‪ ،‬ول يمنع أهألية الوجوب‪ ،‬لن‬
‫الهألية تبقى ببقاء الحاياة ولكنه يفقد أهألية الداء عند الوقوع‪ ،‬فل يطالب بالتكاليف‬

‫تفريط على من نام عن صلة أو نسيها‪.(216 /2) ،‬‬


‫)( سورة طيه‪ :‬من الية )‪.(14‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‬ ‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(287 /4) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،(178 /2‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(169 /2) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬
‫ص)‪ ،(952‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪.(171 /1) ،‬‬
‫)( فقد يوجد السيف ويعجز النسان عن استعماله لسبب ما‪ ،‬ول يعني عدم مقدرة السيف كآلة‬ ‫‪3‬‬

‫حاادة أعدت للقطع‪ ،‬وكذا الغماء مع قوى النسان يعطلها مع تحاقيق وجودهأا‪ ،‬كشف‬
‫السرار‪ :‬البخاري‪.(279 /4) ،‬‬

‫‪161‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫كلها حاال غيبوبته‪ ،‬فل تلزمه الصلة‪ ،‬ول الصيام‪ ،‬إوان لزمه ذلك بعد زوالها‪ ،‬ولهذا‬
‫فهو عارض مؤخر لحاكام الهألية‪.‬‬

‫أمييا بالنسييبة للقضيياء‪ ،‬فييإن الغميياء يختلييف طييولا وقص ي ارا‪ ،‬فييإن كييان قصييي ار‬
‫فحاكمييه حاكييم النييوم ل يسييقط القضيياء‪ ،‬إوان كييان طييويلا سييقط القضيياء بييه كمييا يسييقط‬
‫بالجنون والصغر‪ ،‬والحايض والنفاس بخصوص الصلة‪.‬‬

‫الفرع السابع‪ :‬المرض‪:‬‬


‫المرض المقصود هأنا هأو مرض الموت‪.‬‬
‫وقد عرف الصوليون المرض بعدة تعريفات‪ ،‬وكلها متقاربة‪.‬‬
‫فقد عرفه ابن أمير الحااج بأنه‪:‬‬
‫)ما يعرض للبدن فيخرجه عن العتدال الخاص()‪.(1‬‬
‫وقال عنه أيضاا‪:‬‬
‫" هأيئيية غييير طبيعييية فييي بييدن النسييان‪ ،‬تكييون بسييببها الفعييال الطبيعييية‪،‬‬
‫والنفسانية‪ ،‬والحايوانية‪ ،‬غير سليمة")‪.(2‬‬

‫وعرفه ابن الملك بأنه‪:‬‬

‫" حاالة للبدن يزول بها اعتدال الطبيعة")‪.(3‬‬


‫وفي كشف السرار هأو‪:‬‬

‫)‬ ‫)( التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(179 /2) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(266 /2‬‬
‫)( التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(186 /2) ،‬ووافقه في هأذا أمير بادشاه في تيسيره‪) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.(277 /2‬‬
‫)( شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪) ،‬ص)‪.(961‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪162‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫" حاالة للبدن خارجة عن المجرى الطبيعي")‪.(1‬‬


‫إذا فالمرض حاالة غير طبيعية تصيب بدن النسان‪ ،‬فتوهأن قيواه‪ ،‬وتخرجييه‬
‫عن حااله الطبيعي‪ ،‬إذ هأو حاال يزول به اعتدال الطبيعة عند النسان‪.‬‬
‫حكم المرض‪:‬‬
‫هأذا والمرض ل ينافي أهأليتي الوجوب والداء‪ ،‬سواء كانت هأذه الهألية مما‬
‫يتعلييق بحاقييوق الي ي تعييالى‪ ،‬أو حاقييوق العبيياد‪ ،‬لنييه ل يزيييل قييدرة المييرء الظيياهأرة‪ ،‬ول‬
‫الباطنة‪ ،‬ول يترتب عليه فساد في الذمية‪ ،‬أو العقييل‪ ،‬أو النطيق‪ ،‬وبميا أن الميرض ميين‬
‫أسييباب العجييز‪ ،‬فقييد رخييص للمريييض بييالفطر‪ ،‬وقضيياء الفييرض‪ ،‬بعييد زوال المييرض‪،‬‬
‫فر فمعلدة ض م م‬
‫ن أي تــام ن‬
‫ت ت م‬ ‫ريضا ا أوأو ع مملىَ م‬
‫س م ن‬ ‫م ن‬ ‫من ه‬
‫كم ت‬ ‫ن ل‬ ‫من م‬
‫كا م‬ ‫قي ي ييال تعي ي ييالى‪ :‬فم م‬
‫خمر‪.()‬‬‫م‬ ‫أه‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪          ‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.             ‬‬
‫إواذا اتصل المرض بالوفاة‪ ،‬كان عارض ا تتغير به بعض الحاكام‪ ،‬فل تصح هأبته‪،‬‬
‫ول تبرعه إل في حادود الثلث)‪.(3‬‬

‫الفرع الثامن‪ :‬الحيض وأالنفاس‪:‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(307 /4) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ :‬من الية )‪.(184‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(308 ،307 /4) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪ ،(278 /2‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪ ،(187 ،186 /2) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪:‬‬
‫)‪،(177 /2‬‬ ‫ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(962 ،961‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪،‬‬
‫بلغة السالك لقرب المسالك إلى مذهأب المام مالك‪ :‬الصاوي‪ (121 /1) ،‬وما بعدهأا‪ ،‬شرح‬
‫الرحابية في علم المواريث‪ :‬ابن بدران الدمشقي‪ ،‬ص)‪.(15-12‬‬

‫‪163‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫البند الوأل‪ :‬الحيض‪:‬‬

‫"هأو دم ينفضه رحام المرأة السليمة عن الداء والصغر")‪.(1‬‬

‫واحاترز بقوله‪" :‬رحام المرأة" عن الرعاف‪ ،‬والدماء الخارجية عيين الج ارحاييات‪،‬‬
‫عْرقٍ ل رحام‪.‬‬
‫وعن دم الستحااضة فإنه دم إ‬

‫وبقوله‪" :‬السليمة عن الداء" عن النفاس‪ ،‬فإن النفساء في حاكم المريضة‪.‬‬

‫و"بالصغر"‪ :‬عن دم تراه من هأي دون بنت تسع سنين فإنه ليس بمعتبر فييي‬
‫الشرع)‪.(2‬‬

‫البند الثاني‪ :‬النفاس‪:‬‬


‫ل المرأة عقب الولدة")‪.(3‬‬
‫"هأو الدم الخارج من اقاب إ‬

‫حكم الحيض وأالنفاس‪:‬‬

‫الحايييض والنفيياس إوان اختلفييا فييي حاقيقتهمييا‪ ،‬إل أنهمييا مشييتركان فييي الصييورة‬
‫والحاكييم‪ ،‬إذ كلهأمييا ل يسييقط أهألييية الوجييوب‪ ،‬ول الأداء‪ ،‬لبقيياء الذميية‪ ،‬والعقييل‪ ،‬وقييوة‬
‫البدن‪ ،‬إل أنه يثبت بالنص أنهما من النجاسات‪ ،‬أي أنهما مبطلن بأنفسهما)‪.(4‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(312 /4) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(312 /4) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‬ ‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(312 /4) ،‬وانظر‪ :‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،(188 /2‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(280 /2) ،‬الدر الثمين والمورد المعين‪ :‬ميارة‬
‫المالكي‪.(134 /1) ،‬‬
‫)( انظر‪ :‬الدر الثمين والمورد المعين‪ :‬ميارة المالكي‪ ،(137 ،136 /1) :‬التلويح مع‬ ‫‪4‬‬

‫التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(176 /2) ،‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(312 /4) ،‬تيسير التحارير‪:‬‬
‫أمير بادشاه‪ ،(280 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(188 /2) ،‬‬

‫‪164‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ولما كانت الطهارة شرط ا لداء العبادات‪ ،‬وفي فوات الشرط فوات الأداء إل‬
‫أنه قد دلت النصوص على عدم وجوب قضاء الصلة على الحاييائض والنفسيياء دفعيا‬
‫للحارج‪ ،‬ودراء للمشقة مع طول الزمن وتكرار الصلة‪.‬‬

‫في ييي حايي يين دلي ييت النصي ييوص علي ييى وجي ييوب قضي يياء الصي ييوم علي ييى الحاي ييائض‬
‫والنفساء‪ ،‬وذلك لعدم الحارج في قضائه بالنسبة لهما‪ ،‬فإن الحايض ل يستغرق الشهر‬
‫كله‪ ،‬ووقوع النفاس من النوادر التي ل يبني حاكم عليها)‪.(1‬‬

‫وقد وقع الجماع من علماء المة السلمية على أن النفاس كييالحايض فييي‬
‫ل‪ ،‬وحارمة‪ ،‬وكراهأة‪ ،‬وندبا‪ ،‬ولذا قلنا باشتراكهما في الحاكم والصورة)‪.(2‬‬
‫كل أحاكامه حا ا‬
‫الفرع التاسع‪ :‬الموأت‪:‬‬
‫يعتييبر المييوت أهأييم ع يوارض الهألييية‪ ،‬لنييه عجييز كامييل ل تشييوبه أي قييدرة‪،‬‬
‫ولذلك كان منافيا لجميع أنواع الهألية‪ ،‬سواء كانت أهألية أداء أو أهألية وجوب‪ ،‬وهأييو‬
‫يختلف عن عوارض الييرق‪ ،‬والميرض‪ ،‬والجنيون‪ ،‬والصييغر‪ ،‬لتحاقييق العجييز الكاميل بيه‬
‫دونها لبقاء نوع من القدرة فيها للعبد)‪.(3‬‬
‫جاء في فواتح الرحاموت‪:‬‬
‫عجَيَز كلّيه عيين إتيييان العبييادات‪ ،‬ا‬
‫أداء‬ ‫) المييوت هأييادم لسيياس التكليييف‪ ،‬لنييه َ‬
‫وقضاء‪ ،‬ولنه ذهأب من دار البتلء إلى دار الجزاء()‪.(4‬‬ ‫ا‬

‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(171 ،169 /1) ،‬كشف‬ ‫‪1‬‬

‫السرار‪ :‬البخاري‪ ،(312 /4) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(280 /2) ،‬التلويح مع‬
‫التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(177 ،176 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(188 /2)،‬‬
‫)( انظر‪ :‬نيل الوطار‪ :‬الشوكاني‪.(359 /1) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(313 /4) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪.(175 /2) ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪165‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫عجز ظاهأرٌ كلي()‪.(1‬‬


‫ٌ‬ ‫وأفي التوأضيح‪) :‬الموت‬
‫لذا جاء تعريف الموأت بأنه‪:‬‬
‫)انقطيياع تعلييق الييروح بالبييدن ومفييارقته‪ ،‬وتبييدل حاييال‪ ،‬وانتقييال ميين دار إلييى‬
‫دار()‪.(2‬‬

‫حكم الموأت‪:‬‬

‫المييوت منيياف لهألييية أحاكييام الييدنيا ميين كييل مييا فيييه تكليييف‪ ،‬وميين أجييل ذلييك‬
‫تسييقط جميييع العبييادات عين المييت كالصييلة‪ ،‬والزكياة‪ ،‬والصيوم‪ ،‬والحايج‪ ،‬وغيير ذليك‪،‬‬
‫ويبقى عليه إثم ما قصر فيه أو تركه في الدنيا )من تكاليف( بل عذر شرعي)‪.(3‬‬

‫وأالحكام بالنسبة للميت نوأعان‪:‬‬

‫أحاكام أخروية‪ ،‬وأحاكام دنيوية‪.‬‬


‫نذكرهأا على سبيل المعرفة والهأمية باختصار‪.‬‬
‫أما الحاكام الخروية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فهي أنواع أربعة‪-:‬‬
‫‪ -1‬ما يجب له على الغير من الحاقوق‪ ،‬والمظالم التي تؤول إلى النفس والعرض‪.‬‬
‫‪ -2‬ما يجب عليه من الحاقوق والمظالم‪.‬‬
‫‪ -3‬ما يلقاه من الثواب والكرامة‪ ،‬بواسطة اليمان وما يكسبه من طاعات‪.‬‬
‫‪ -4‬ما يلقاه من عقاب لتقصيره في القيام بالعبادات‪ ،‬وفعله للمعاصي‪.‬‬

‫)( التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪.(178 /2) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(281 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.(189 /2‬‬
‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(313 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(965‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪166‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫فييالميت فييي كييل هأييذه الني يواع الربعيية لييه حاكييم الحاييياء‪ ،‬والقييبر لييه كالمهييد‬
‫للطفييل والرحاييل للميياء‪َ ،‬وَوضإيَع الميّيت فيييه مييؤقت‪ ،‬لنييه اوضيإَع فيييه للخييروج منييه‪ ،‬بعييد‬
‫فناء العباد فيخر منه‪ ،‬ولحاكيام الخيرة حايييث توضيع الميوازين القسيط‪ ،‬والقيبر بالنسييبة‬
‫له إما روضة من رياض الجنة‪ ،‬أو حافرة من حافر نار)‪.(1‬‬

‫وأحاكام الدنيا أربعة أقسام أيضاا‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫ما كان من باب التكليف‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وهأذا يسقط عن الميت بمجرد موته‪ ،‬ول يبقى عليه إل إثم مييا قصيير فيييه لن‬
‫الثم من أحاكام الخرة)‪.(2‬‬

‫ما كان مشروأعال لحاجة غإير الميت‪.‬‬ ‫‪-2‬‬


‫وهأذا القسم على نوعين‪ ،‬وهأو‪:‬‬
‫‪ .1‬إما أن يكون حاقا متعلقا بالعين كما في الودائع‪ ،‬والحااجات المرصودة‪،‬‬
‫والمأجورة‪ ،‬والمغصوبة‪ ،‬والمانات‪.‬‬
‫‪ .2‬أو يكون ديناا‪.‬‬
‫‪ .1‬فإن كان حاق ا متعلق ا بالعين‪ ،‬فإنه يبقى ببقاء العين‪ ،‬لتعلق الحاق فيها بذات‬
‫العين ل بفعل المكلف‪ ،‬وحاقوق العباد تتعلق بالمال‪.‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(329 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(972‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(287 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪/2) ،‬‬
‫‪ ،(192‬زاد المعاد في هأدى خير العباد‪ :‬ابن قيم الجوزية‪ (139 /1) ،‬وما بعدهأا‪.‬‬
‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(176 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫البخاري‪ ،(176 /4) ،‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(178 /2) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير‬
‫بادشاه‪ ،(281 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(189 /2) ،‬‬

‫‪167‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫‪ .2‬أما الدين فل يبقى بمجرد الذمة‪ ،‬لن الذمة قد ضعفت وخربت بالموت‪،‬‬
‫ولكنه يبقى إذا تقوت الذمة بمال تركَاه الميت‪ :‬أو كفيل بالدين قبل‬
‫الموت)‪.(1‬‬
‫ما وأجب عليه لحاجة غإيره مشروأعال بطريق الصلة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وهأي ييذا الي يواجب ينتهي ييي بي ييالموت‪ ،‬لن المي ييوت عصي ييف بالذمي يية فمني ييع وجي ييوب‬
‫الصلت‪.‬‬
‫ومثي يياله‪ :‬صي ييدقة الفطي يير‪ ،‬والزكي يياة‪ ،‬ونفقي يية المحاي ييارم‪ ،‬إل أن يوصي ييي فتصي ييح‬
‫وصيته‪ ،‬لن الشرع أجاز ذلك فتنفذ وصيته في حادود الثلث)‪.(2‬‬

‫ما شرع للميت بناء على حاجته له‪:‬‬ ‫‪-4‬‬


‫فيبقي ييى لي ييه مقي ييدار مي ييا يني ييدفع بي ييه الحااجي يية‪ ،‬وذلي ييك أن مني ييافع البشي يير شي ييرعت‬
‫لحاتياجهم لها بسبب العبودية اللزمة لبني البشر الثابتيية فيهييم‪ ،‬لكييونهم وجييدوا بخلييق‬
‫ال – تعالى – إواحاداثه لهم‪ ،‬ول يمكن زوال هأذه الصفة عنهم‪.‬‬
‫والعبودييية تسييتلزم الحااجيية‪ ،‬لنهييا منبئيية عيين العجييز والفتقييار‪ ،‬ولييذلك قييال‬
‫م‬ ‫م‬
‫ميد ه‬ ‫ي ال م م‬
‫ح ل‬ ‫ه هأهوم ال مغمن ل ب‬
‫قمراهء إ لملىَ الل تهل موأالل ت ه‬ ‫م ال م ه‬
‫ف م‬ ‫تعالى‪ :‬ميا أي بمها التنا ه‬
‫س أن مت ه ه‬
‫‪.()‬‬

‫)( انظر‪ :‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(966 ،965‬بلغة السالك لقرب‬ ‫‪1‬‬

‫المسالك‪ :‬الصاوي‪ ،(444 ،443 /2) :‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(189 /2) ،‬‬
‫ص)‬ ‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(317 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،(968 ،967‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(284 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير‬
‫الحااج‪ ،(190 /2) ،‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪.(178 /2) ،‬‬
‫)( سورة فاطر‪ :‬الية )‪.(15‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪168‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫‪       –  –   ‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪.()   ‬‬
‫‪:   : ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪‬‬
‫‪.     ‬‬
‫وهأذا يتطلب الحاديث عن العوارض المكتسبة‪.‬‬

‫حقيقة العوأارض المكتسبة هأي‪:‬‬


‫"ما تكون من فعل النسان بقدرة منه واختيار")‪.(2‬‬
‫وهأي‪ " :‬الجهل‪ ،‬والسكر‪ ،‬والهزل‪ ،‬والسفه‪ ،‬والخطأ‪ ،‬والسفر‪ ،‬والكراه "‬
‫وهأذه العوارض إما أن تقع من النسان نفسه‪ ،‬أو من غيره عليه‪.‬‬
‫ولهذا كانت العوارض المكتسبة نوعين حاسب الجهة التي توقعها‪:‬‬
‫‪ -1‬عوارض مكتسبة واقعة من المرء نفسه وهأي‪:‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(318 ،317 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص)‪ ،(968‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪ ،(178 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن‬
‫أمير الحااج‪ ،(190 /2) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪.(284 /2) ،‬‬
‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(263 /4) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(258 /2) ،‬شرح‬ ‫‪2‬‬

‫)‪/2‬‬ ‫التلويح على التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(167 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬
‫‪ ،(172‬الوجيز في أصول الفقه‪ :‬يوسف بن حاسين الكراماستي‪ ،‬ص)‪ ،(113‬شرح نور‬
‫النوار‪ :‬ميلجيون‪.(477 /2) ،‬‬

‫‪169‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫"الجهل‪ ،‬السكر‪ ،‬والهزل‪ ،‬والسفه‪ ،‬والخطأ‪ ،‬والسفر"‬


‫‪ -2‬عوارض مكتسبة واقعة من غيره عليه وهأو "الكراه" فقط‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أقسام العوأارض المكتسبة‪:‬‬

‫العوأارض المكتسبة الوأاقعة من المرء نفسه‪:‬‬

‫الفرع الوأل‪ :‬السكر‪:‬‬

‫اعتبر الصوليون السكر من العوارض المكتسبة‪ ،‬إوان لييم يكيين حاصييوله فييي‬
‫مقيدور النسيان‪ ،‬لن السيكر شيراب ميا أسيكر بفعيل الميرء اختييا ار‪ ،‬ميع قصيد السيكر‪،‬‬
‫فأضيف لفاعله نظ ار إلى كل من السبب والهدف‪.‬‬
‫والسكر حارام إجماع ا‪ ،‬لورود النصوص القاطعة بتحاريمه‪ ،‬كتاباا‪ ،‬وسنة‪.‬‬
‫البند الوأل‪ :‬حقيقة السكر‪:‬‬
‫عرف السكر بتعريفات عدة منها‪:‬‬
‫"السكر سرور يغلب على العقل بمباشرة بعض السباب الموجبه له")‪.(1‬‬
‫وقيل هأو‪:‬‬

‫" غفلة تلحاق النسان مع فتور في العضاء بمباشرة بعض السباب الموجبة لها‬
‫من غير مرض وعلة")‪.(2‬‬

‫وأقيل هأوأ‪:‬‬

‫"معنى يزول به العقل عند مباشرة بعض السباب المزيلة له")‪.(3‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(352 /4) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المصدر السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(352 /4) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪170‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ومن معانيه أنه‪:‬‬

‫"حاالي يية تعي ييرض للنسي ييان مي يين امتلء دمي يياغه مي يين البخي يرة المتصي يياعدة إلي ييه‬
‫فيتعطل معه عقله المميز بين المور الحاسنة والقبيحاة")‪.(1‬‬

‫هأذا ومن خلل هأذه التعريفات التي ذكرهأا العلماء فيي السيكر‪ ،‬نلحايظ ميدى‬
‫اختلف العلماء في تيأثير السيكر عليى عقيل النسيان‪ ،‬بيين ال ازلية أو السيتر الميؤقت‬
‫الي ييذي ينتهي ييي بإفاقي يية السي ييكران‪ ،‬وقي ييد أدى ذلي ييك إلي ييى الختلف في ييي حاكي ييم تصي ييرفات‬
‫السكران‪.‬‬

‫وينبني على رأي القائلين بأن السيكر هأيو زوال العقيل‪ ،‬كميا هأيو فيي التعرييف‬
‫الثييالث‪ ،‬زوال الهألييية‪ .‬إذ ل وجييود لهييا ول بقيياء إل بالعقييل‪ ،‬فييإذا ذهأييب العقييل‪ ،‬ازلييت‬
‫الهألية أيضاا‪.‬‬

‫بينمييا يقتضييي القييول بييالرأي الخيير‪ ،‬والييذي قييال أصييحاابه بسييتر العقييل فقييط‬
‫دون إزالته‪ ،‬عدم منافاة السكر للهألية‪ ،‬سواء كانت أهألية أداء أم أهألية وجوب‪ ،‬إذ لييم‬
‫ينعدم العقل ولكنه بقي مستو ارا‪ ،‬فإذا زال الستر رجع العقل لحاالته الطبيعية اليتي كيان‬
‫عليها قبل تناول السكر)‪.(2‬‬
‫وأالثاني هأوأ الراجح‪.‬‬

‫والواضييح‪ :‬أن السييكر حاييال تعييرض للنسييان المكلييف‪ ،‬بسييبب امتلء دميياغه‬
‫من البخرة الصاعدة إليه من الشييء المسيكر‪ ،‬فيتعطيل عن ذليك عقله‪ ،‬ول يسيتطيع‬
‫التمييز بين الحاسن والقبيح‪.‬‬

‫)( التلويح شرح التوضيح‪ :‬التفتازاني‪.(185 /2) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(352 /4) ،‬التلويح شرح التوضيح‪ :‬التفتازاني‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.(2/185‬‬

‫‪171‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫كما يتضح أيضاا‪ :‬أن السكر ل يزيل العقل‪ ،‬ولكنه يفوت قييدرة فهييم الخطيياب‬
‫بسييبب مييا هأيو معصييية‪ ،‬فيجعيل فييي حاكيم الموجيود زجي ار ليه‪ ،‬وعقابي ا عليى سيكره الييذي‬
‫نهاه عنه الشارع الحاكيم‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الهزل‪:‬‬
‫البند الوأل‪ :‬في اللغة‪:‬‬
‫ضد الجد‪ ،‬والمراد بالجد‪ ،‬أن يقصد بالشيء ما وضع له)‪.(1‬‬
‫البند الثاني‪ :‬في الصطلحا‪-:‬‬
‫عرفيه الصيوليون بتعريفيات عيدة‪ ،‬كلهيا تيدور حايول معنيى واحايد إوان اختليف‬
‫اللفظ‬
‫وهأو‪ :‬نطق النسان بييالكلم ارضييي ا مختييا ار فاهأمي ا لمعنيياه‪ ،‬دون أن يقصييد بييه‬
‫الحاقيقة ول المجاز‪.‬‬
‫ففي كشف السرار‪:‬‬
‫" الهزل هأو أن يراد بالشيء ما لم يوضع له")‪.(2‬‬
‫وجيياء فييي التوضيييح شييرح النتقيييح أنييه‪" :‬أل يي يراد بيياللفظ معنيياه الحاقيقييي ول‬
‫)‪(3‬‬
‫المجازي وهأو ضد الجد"‬
‫)( انظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪.(696 /11) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(357 /4) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪ ،(187 /2) ،‬وعرفه الكمال بن الهمام بأنه‪" :‬أن‬ ‫‪3‬‬

‫ل يراد باللفظ ودللته المعنى الحاقيقي ول المجازي"‪ ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪/2) ،‬‬
‫‪ ،(290‬وعرفه ابن الملك بأنه‪" :‬أن يراد بالشيء غير ما وضع له ول مناسبة بينهما"‪ ،‬شرح‬
‫المنار‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(979‬وذهأب بعض الصوليين إلى أنه‪" :‬التلفظ بكلم لعبا ول‬
‫يريد معناه الحاقيقي ول المجازي"‪ ،‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪/1) ،‬‬
‫‪.(162‬‬

‫‪172‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫البند الثالث‪ :‬شرط الهزل‪:‬‬


‫شييرط الهييزل أن يكييون منطوق يا بييه ص يريحاا‪ ،‬كمييا إذا قيييل أتصييرف فييي هأييذا‬
‫العمل‪ ،‬أو أبيعه‪ ،‬أو أشتريه‪ ،‬هأازلا‪ ،‬ومعنى هأذا أن دللة الحاال غير كافية فيه)‪.(1‬‬
‫البند الرابع‪ :‬حكم الهزل‪:‬‬
‫يعد الهزل منافيا لختيار الحاكم والرضا به‪ ،‬ولكنه غير مناف لهألية المرء‪،‬‬
‫ول اختيار المباشرة أو الرضا)‪.(2‬‬
‫البند الخامس‪ :‬أقسام تصرفات الهازل حسب الرضا وأالختيار‪:‬‬
‫تنقسم تصرفات الهازل حاسب اختياره ورضاه‪ ،‬إلى ثلثة أقسام هأي‪:‬‬
‫إنشاءات – إخبارات – اعتقادات‪:‬‬
‫‪ .1‬النشاءات‪ :‬المراد بها‪ :‬التصرفات التي يترتب عليها إحداث حكم‬
‫شرعي‪ ،‬وهي قسمان‪:‬‬
‫* قسم ل يؤثر فيه الهزل‪:‬‬
‫وذلك مثل النكاح‪ ،‬والطلق‪ ،‬والعتاق‪.‬‬
‫* قسم يؤثر فيه الهزل لقبول النفصال عن سببه‪:‬‬
‫مثل البيع‪ ،‬والجارة‪ ،‬والمزارعة‪ ،‬والمساقاة‪ ،‬والرهأن‪ ،‬والكفالة‪ ،‬والحاوالة)‪.(3‬‬

‫ص)‬ ‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(357 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(980‬‬
‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(357 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬ص)‪.(980‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر‪ :‬التلويح شرح التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(187 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير‬ ‫‪3‬‬

‫الحااج‪ ،(194 /2) ،‬تيسير التحارير‪:‬أمير بادشاه‪ ،(290 /2) ،‬فواتح الرحاموت شرح مسلم‬
‫الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪.(163 ،162 /1) ،‬‬

‫‪173‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫‪ .2‬الخبارات‪ :‬وهأي ما يقصد به بيان الواقع‪.‬‬


‫والهزل مبطييل للخبييارات‪ ،‬لن إقيرار النسييان بهييا يعتمييد صيحاة المخييبر بيه‪،‬‬
‫والهزل مناف لعتماد الصحاة‪ ،‬ولهذا فإن المقر هأازلا يعد إق ارره لغوا)‪.(1‬‬
‫‪ .3‬العتقادات‪ :‬وهي ما ل يقصد به بيان الواقع‪ ،‬بل العتقاد والتدين به بعد‬
‫اعتقاد القلب به‪ ،‬والهزل في العتقادات إن كان شيئا ا يوجب الردة‪ ،‬كان‬
‫الهازل مستهزئا ا بالدين مستخفا ا به‪ ،‬وبهذا يعتبر مرتداا تطبق عليه أحكام‬
‫الردة‪ ،‬ويكون ارتداده بالهزل نفسه‪ ،‬بصرف النظر عما هزل به)‪.(2‬‬
‫م‬
‫ض‬
‫خو ه‬ ‫ما ك هتنا ن م ه‬
‫ن إ لن ت م‬‫قول ه ت‬
‫م ل مي م ه‬
‫سأل مت مهه م‬ ‫ول ي ييذلك ق ي ييال الي ي ي تع ي ييالى‪ :‬وأمل ملئن م‬
‫وأنل معب قه م ا‬
‫ن‪.()‬‬‫زئوه م‬ ‫ست مهم ل‬
‫م تم م‬ ‫ل أب لمالل تهل موأآيا مت لهل وأممر ه‬
‫سول لهل ك هن ه م‬ ‫مم م ه‬
‫الفرع الثالث‪ :‬السفه‪:‬‬

‫البند الوأل‪ :‬في اللغة‪:‬‬

‫يعن ييي الخف يية والض ييطراب والحارك يية‪ ،‬يق ييال‪ :‬تس ييفهت الري يياح الغص ييون‪ ،‬إذا‬
‫حاركتها‪ ،‬واستخفتها‪ ،‬وجعلتها تميل وتضطرب‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬زمام سفيه أي خفيف)‪.(4‬‬

‫البند الثاني‪ :‬في الصطلحا‪:‬‬

‫عرفه الصوليون بتعريفات عدة‪ ،‬وعلى الرغم ميين تعييددهأا إل أنهييا تتفييق فييي‬
‫أن السفه هأو عبارة عن‪:‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(368 /4) ،‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن‬ ‫‪1‬‬

‫نظام الدين‪ ،(163 /1) ،‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪.(190 /2) ،‬‬


‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(369 ،368 ،4) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،(299 /2) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(200 /2) ،‬‬


‫)( سورة التوبة‪ :‬الية )‪.(65‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪ ،(497/ 13) ،‬مختار الصحااح‪ :‬الرازي‪ ،‬ص)‪.(302‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪174‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫تصيرف النسيان فيي أميواله تصيرف ا مخالفي ا لمقتضيى العقيل السيليم‪ ،‬ولقواعيد‬
‫الشرع الحاكيم مع وجود العقل حاقيقة للسفيه)‪.(1‬‬

‫فقد جاء في تعريفه‪:‬‬

‫)أنه المكابرة على العقل فل يستعمله(‪.‬‬

‫وقد عرفه عبد العزيز البخاري بقوله‪:‬‬

‫)هأييو عبييارة عيين خفيية تعييتري النسييان فتحاملييه علييى العمييل بخلف مييوجب‬
‫العقل والشرع مع قيام العقل حاقيقة()‪.(2‬‬

‫البند الثالث‪ :‬حكم السفه‪:‬‬

‫السي ييفه ل يي ييوجب خللا في ييي الهألي يية‪ ،‬ول يمني ييع شي يييئ ا مي يين أحاك ييام الشي ييرع‪ ،‬ول‬
‫يوجب وضع الخطاب بحاال‪ ،‬فيبقييى السيفيه أهألا لمباشيرة التصيرفات‪ ،‬ومطالبي ا بييأداء‬
‫العبادات‪ ،‬وقد أجمع العلماء على أن الصبي إذا بلغ سفيه ا يمنع ميياله‪ ،‬لقييوله تعييالى‪:‬‬
‫م قلمياما ا‪  ()‬‬ ‫م‬
‫ه ل مك ه م‬
‫ل الل ت ه‬ ‫م ال تلتي م‬
‫جعم م‬ ‫وال مك ه ه‬
‫م م‬
‫فمهامء أ م‬ ‫‪‬موألِ ‪‬ت هؤ مهتوا ال ب‬
‫س م‬
‫م‬
‫من مهه م‬
‫م ل‬
‫ست ه م‬ ‫‪ :  ()     ‬فمإ ل م‬
‫ن آن م م‬

‫)( فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪.(163 /1) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(369 /4) ،‬ومن معانيه أنه‪" :‬خفة تعتري النسان مبتعثة‬ ‫‪2‬‬

‫على العمل بخلف موجب العقل"‪ ،‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪،(191 /2) ،‬‬
‫وجاء في تيسير التحارير والتقرير والتحابير السفه هأو‪" :‬خفة تبعث النسان على العمل في‬
‫ماله بخلف مقتضى العقل"‪ ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(300 /2) ،‬التقرير والتحابير‪:‬‬
‫ابن أمير الحااج‪.(201 /2) ،‬‬
‫)( سورة النساء‪ :‬من الية )‪.(5‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(369 /4) ،‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫)‪ ،(191 /2‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(989 ،988‬‬

‫‪175‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬
‫‪‬‬ ‫شدا ا مفادفمعوا إل ميه م‬
‫وال مهه م‬
‫م‪       ()‬‬ ‫م م‬
‫مأ م‬‫م ه ل مل م‬ ‫هر م‬
‫‪‬‬ ‫‪.         ‬‬
‫‪:  : ‬‬
‫البند الوأل‪ :‬الخطأ في اللغة)‪:(2‬‬
‫هأو ضد الصواب‪ ،‬أو العدول عن الصواب‪ ،‬ومن ذلك سمي الذنب خطيئيية‪،‬‬
‫م‬ ‫لن النسي ييان يي ييأتي بي ييه علي ييى جهي يية الخطي ييأ‪ ،‬قي ييال تعي ييالى‪ :‬موألِ ت م م‬
‫قت ههلوا أموألِد مك ه م‬
‫م‬
‫طئا ا ك ملبيرا ا‪.()‬‬
‫خ م‬‫ن ل‬ ‫كا م‬ ‫ن قمت مل مهه م‬
‫م م‬ ‫م وأمإ لتياك ه م‬
‫م إل ت‬ ‫ن ن ممرهزقههه م‬
‫ح ه‬‫ق نم م‬
‫مل ن‬ ‫ة إل م‬‫شي م م‬‫خ م‬
‫م‬
‫منا ا‬‫مؤ م ل‬
‫ل ه‬‫ن قمت م م‬ ‫م م‬‫‪ :       ‬وأم م‬
‫ا‬
‫ممنة‪.()‬‬ ‫ريهر مرقمب مةن ه‬
‫مؤ م ل‬ ‫خط مأ فمت م م‬
‫ح ل‬ ‫م‬
‫البند الثاني‪ :‬أما في الصطلحا‪:‬‬
‫فقد عرفه الصوليون بتعريفات عدة‪ ،‬كلها تدور حاول معنى واحاد وهأو‪:‬‬
‫وقييوع الشييء مين المكلييف علييى غييير إرادتيه‪ ،‬لييتركه التثبييت عنييد مباشيرة أمير‬
‫مقصود سواه‪.‬‬
‫وقد جاء في تعريفه‪:‬‬
‫)أن يفعل النسان فعلا من غير أن يقصده قصدا تاما()‪.(5‬‬
‫وأعرفه ابن الملك بأنه‪:‬‬
‫)وقوع الشيء على خلف ما أريد( ‪.‬‬
‫)‪(6‬‬

‫)( سورة النساء‪ :‬من الية )‪.(6‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( جمهرة اللغة‪ :‬ابن دريد‪.(1055 ،1054 /2) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة السراء‪ :‬الية )‪.(31‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النساء‪ :‬من الية )‪.(92‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( التلويح مع شرح التوضيح‪ :‬التفتازاني‪.(195 /2) ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( شرح المنار‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(991‬ومن معانيه‪" :‬فعل أو قول يصدر عن النسان‬ ‫‪6‬‬

‫بغير قصد بسبب ترك التثبت عند مباشرة أمر مقصود سواه"‪ ،‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪/4) ،‬‬

‫‪176‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫والخط ييأ ل ين ييافي أهألي ييتي الوج ييوب والأداء فييي حا ييق المكل ييف‪ ،‬لن ييه ل يخييل‬
‫بأسس الهألية وقواعييدهأا وهأييي الحاييياة‪ ،‬والعقييل‪ ،‬والتمييييز‪ ،‬وليذا ليم يسيقط عين المكلييف‬
‫أي واجب من الواجبات الشرعية‪.‬‬
‫البند الثالث‪ :‬سبب جعل الخطأ عارضال مكتسبلا‪:‬‬
‫جعل الخطأ عارضا مكتسبا وذلك لنه يقع نتيجة لعدم الحاتياط والحاتراز‪.‬‬
‫وأمثال ذلك‪:‬‬
‫صائم أراد أن يتمضمض في وضوئه فدخل الماء إلى جوفه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫رام أصاب إنسان ا ظان ا أنه صيد فقتله‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫فكييل ميين المتوضييئ‪ ،‬والمصيييب‪ ،‬لييم يقصييد مييا وقييع منييه‪ ،‬إذ الول قصييده‬
‫الوضييوء‪ ،‬فقييط ل إيصييال الميياء إلييى جييوفه‪ ،‬والثيياني قصييده الصيييد ولييم يييرد إصييابة‬
‫إنسان‪.‬‬

‫ولما كان الخطأ شيئ ا غير متعمد‪ ،‬فإن الصل فييي الشيريعة السييلمية عييدم‬
‫مسؤلية الفاعل خطأ‪ ،‬لن المسؤلية إنما تكون على فعل حارمه الشارع مع التيان به‬
‫عمدا)‪.(1‬‬
‫م‬
‫مــا‬ ‫م ب لهل وأمل مك لــ م‬
‫ن م‬ ‫ما أ م م‬
‫خط مأت ه م‬ ‫ح لفي م‬
‫جمنا ض‬
‫م ه‬ ‫ق ي ييال تع ي ييالى‪ :‬وأمل مي م م‬
‫س ع مل مي مك ه م‬
‫ت قههلوب هك ه م‬
‫م‪.()‬‬ ‫مد م م‬
‫ت معم ت‬

‫‪ ،(380‬وجاء فيه‪" :‬أن يقصد بالفعل غير المحال الذي يقصد به الجناية كالمضمضة تسري‬
‫إلى الحالق والرمي إلى صيد فأصاب آدمياا"‪ ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،(204 /2) ،‬‬
‫تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪.(305 /2) ،‬‬
‫)( التشريع الجنائي السلمي‪ :‬عبد القادر عودة‪.(433 /1) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحازاب‪ :‬من الية )‪.(5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪177‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ن‬ ‫ما م‬
‫كا م‬ ‫‪ :        ‬وأم م‬
‫ل مؤ ممنـا ا خ م ا‬ ‫ا‬ ‫ل لمؤ مم م‬
‫ريـهر‬ ‫طـأ فمت م م‬
‫ح ل‬ ‫م‬ ‫ن قممتـ م ه ل‬‫م م‬‫خط مأ وأم م‬
‫منا ا إ للِ ت م‬
‫مؤ م ل‬‫ل ه‬ ‫قت ه م‬‫ن يم م‬‫نأ م‬ ‫ه ل ن‬
‫م‬
‫ة إ لملىَ أهأمل لهل‪. ‬‬ ‫سل ت م‬
‫م ض‬ ‫م م‬ ‫ة ه‬ ‫مؤ م ل‬
‫من مةن وأمد لي م ض‬ ‫مرقمب مةن ه‬
‫)‪(‬‬

‫‪            ‬‬


‫‪           ‬‬
‫‪.()      ‬‬

‫البند الرابع‪ :‬حكم الخطأ‪:‬‬

‫يختلف حاكم الخطأ بحاسب حاقوق ال‪ ،‬وحاقوق العباد‪.‬‬

‫أما حاقوق ال – تعالى – فيصلح الخطأ عذ ار فييي سييقوطها‪ ،‬إذا حاصييل عيين‬
‫اجتهيياد‪ ،‬فييإن أخطييأ المجتهييد فييي الفتييوى بعييد اسييتفراغ وسييعه‪ ،‬وبييذل جهييده فييي تحاييري‬
‫الصواب‪ ،‬ل يكون آثم ا ويستحاق أج ار واحاداا‪.‬‬

‫أمييا فييي حاقييوق العبيياد‪ :‬فل يصييلح فيهييا عييذ ارا‪ .‬فيجييب علييى ميين أتلييف مييال‬
‫إنسان خطأ‪ ،‬ضمان العدوان‪ ،‬لنه ضمان مال ل جزاء فعل)‪.(3‬‬
‫البند الخامس‪ :‬أما حكم الخطأ من ناحية رفع الثم في الخرةا‪:‬‬

‫)( سورة النساء‪ :‬من الية )‪.(92‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(381 /4) ،‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن‬ ‫‪2‬‬

‫نظام الدين‪ ،(165 /1) ،‬التشريع الجنائي‪ :‬عبد القادر عودة‪ ،(433 /1) ،‬الحاكام في‬
‫أصول الحاكام‪ :‬ابن جزم‪.(149 /5) ،‬‬
‫)( وهأذا الكلم ليس على إطلقه بل هأناك مسائل وفروع اختلف فيها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪/2‬‬ ‫انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(381 /4) ،‬التوضيح شرح التنقيح‪ :‬صدر الشريعة‪،‬‬
‫‪ ،(195‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(205 /2) ،‬‬

‫‪178‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫فقييد اتفييق الفقهيياء علييى رفييع الخطييأ للثييم فييي الحاييياة الخ يرة‪ ،‬لقييوله ‪} :‬‬
‫‪. (){        ‬‬

‫‪          ‬‬
‫‪             ‬‬
‫‪             ‬‬
‫‪.()"   " :    ‬‬
‫خط مأ ممنا‪.(3)‬‬
‫سيمنا أ موأم أ م م‬ ‫خذ ممنا إ ل م‬
‫ن نم ل‬ ‫ولقوله تعالى‪ :‬مرب تمنا لِ ت ه م‬
‫ؤا ل‬
‫وقد ورد أن ال –سبحاانه وتعالى– قال "نعم" استجابة لدعاء النبي ‪.()‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬السفر‪:‬‬
‫البند الوأل‪ :‬في اللغة‪:‬‬
‫هأو قطع المسافة)‪.(5‬‬
‫دون تحاديد لهذه المسافة بطول أو قصر‪.‬‬
‫البند الثاني‪ :‬أما السفر في الصطلحا‪:‬‬

‫فقد عرف بتعريفات عدة‪ ،‬كلها متقاربة في معناهأا‪ ،‬إوان اختلفت في ألفاظها‪.‬‬

‫فقد عرف السفر بأنه‪:‬‬

‫)( السنن الكبرى‪ :‬البيهقي‪ ،‬كتاب الخلع والطلق‪ ،‬باب طلق المكره‪.(356 /7) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(76 ،75 /1) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة‪ :‬من الية )‪.(286‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( تفسير القرآن العظيم‪ :‬ابن كثير‪.(1/350) ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪.(386 /6) ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪179‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫" الخروج المديد‪ ،‬وأدناه ثلثة أيام ولياليها")‪.(6‬‬

‫وهأذا التعريف هأو المختار عند الحاناف )‪:(2‬‬

‫* وقييال بعييض الفقهيياء‪ :‬إنييه مسيييرة يييومين معتييدلين‪ ،‬أو ليلييتين معتييدلتين‪ ،‬أو يييوم‬
‫وليلة‪ ،‬إوان لم يعتيدل‪ ،‬بسيير البيل المحاملية ميع ميا يحاتياج إلييه مين نيزول لقضياء‬
‫حااجة‪ ،‬من أكل‪ ،‬أو شرب‪ ،‬أو الستجمام‪ ،‬أو آداء الصلة‪.‬‬

‫‪ -1‬ويقدر بالمقاييس المعاصرة بي ‪ 88,704‬كم‪ ،‬وعند الحانفية حاوالي‪ 96 ،‬كم‪.‬‬

‫‪ -2‬وقال أهأل الظاهأر‪ :‬إن السفر مطلق يتحاقق بالقريب والبعيد‪.‬‬

‫ولعدم تحاديد مسافة السفر بمسافة معينة‪ ،‬اختلف الفقهاء في تحاديد مسافة السفر‬
‫الذي يباح فيه من قصر الصلة‪ ،‬وترك الصيام‪ ،‬حايث خفف الشارع للمسافر‬
‫القصر في الصلة الرباعية‪ ،‬وترك الصيام أثناء السفر ليقضي بعد نهاية السفر‪.‬‬

‫‪ -3‬ومنشأ الخلف في تحاديد المسافة بين هأؤلء العلماء يرجع إلى‪:‬‬

‫معارضة المعنى المعقول من لفظ السفر الذي ورد غير محادد في النصوص‬
‫الشرعية‪ ،‬إذ المعنى المعقول من تأثير السفر هأو حاصول المشقة‪.‬‬
‫وأما من لم يراع المعنى‪ ،‬واكتفى باللفظ فقد قال‪ :‬إن رسول ‪ ‬رفع عن الصائم‬
‫المسافر وجوب الصوم‪ ،‬وشطر الصلة‪ ،‬فكل من أطلق عليه اسم مسافر صح له‬
‫الفطر والقصر‪.‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(376 /4) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،(303 /2) ،‬‬ ‫‪6‬‬

‫التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪.(203 /2) ،‬‬


‫)‪/1‬‬ ‫)( انظر‪ :‬كشف السرار البخاري‪ ،(376 /4) ،‬أصول السرخي‪ :‬السرخي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.(235 ،97‬‬

‫‪180‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وقد احاتج كل فريق لما قال به‪ ،‬وليس هأذا موضع استقصائه‪ ،‬إوانما تعرضنا له‬
‫لمناسبة تحاديد ماهأية السفر)‪.(1‬‬
‫والسييفر ل ينييافي الهألييية سيواء كييانت أهأليية‪ ،‬وجيوب أم أهأليية أداء‪ ،‬ول يمنيع‬
‫شيئ ا من الحاكام‪ ،‬لكنه جعل فيي الشيرع مين أسيباب التخفييف بنفسيه مطلقي ا مين غيير‬
‫نظر إلى مشقة أو عدمها)‪.(2‬‬

‫ويثبييت حاييق السييفر لميين سييافر بمجييرد إنشيياء السييفر بعييد الخييروج ميين عميران‬
‫البلد‪ ،‬كما هأو معروف في السنة‪ ،‬لن الرسول ‪     ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪.()          ‬‬
‫الفرع السادس‪:‬الجهل‪-:‬‬
‫يعت ي ييبر الجه ي ييل م ي يين الم ي ييور الص ي ييلية ف ي ييي المكل ي ييف‪ ،‬إل أن ي ييه أعت ي ييبر م ي يين‬
‫العوارض‪ ،‬لنه أمر زائد على حاقيقة النسان‪ ،‬وثابت في حاال دون حاال‪ ،‬كالصغر‪.‬‬
‫واعتيبر الجهييل ميين العيوارض المكتسيبة‪ ،‬لن إزالتييه باكتسياب العلييم فييي قيدرة‬
‫النسان‪ ،‬فكأن ترك تحاصيل العلم منه اختيا ار بمنزله اكتساب الجهل باختيار إبقائه‪،‬‬
‫فكان مكتسبا من هأذا الوجه‪.‬‬
‫ولن العلم نعمة من الي تعيالى امتين بهيا عليى عبياده‪ ،‬بعيد أن خلقهيم وهأيم ل‬
‫خرجك هــم مــن بط هــو ه‬ ‫يعلمي ييون شي يييئا‪ ،‬قي ييال تعي ييالى‪ :‬وأالل تــ م‬
‫مهمــات لك ه م‬
‫م لِ‬ ‫نأ ت‬‫ل‬ ‫م ل م ه‬ ‫هأ م م م‬‫ه‬ ‫م‬ ‫ا‬

‫)( انظر‪ :‬إعانة الطالبين‪ :‬البكري‪ (98 /1) ،‬وما بعدهأا‪ ،‬الفقه السلمي وأدلته‪ :‬د‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الزحايلي‪ ،(75 /1) ،‬بداية المجتهد‪ :‬ابن رشد‪ ،(201 ،199 /1) ،‬نيل الوطار‪ :‬الشوكاني‪،‬‬
‫)‪ ،(154-252 /3‬تفسير القرآن العظيم‪ :‬ابن كثير‪.(557 ،223 ،22 /2) ،‬‬
‫)( انظر‪ :‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(990‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.(203 /4‬‬
‫)( بداية المجتهد‪ :‬ابن رشد‪.(202 /1) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪181‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫م‬ ‫م‬
‫صــامر موأالفمئ لــد مة م ل معمل تك هــ م‬
‫م‬ ‫معم موأالب م م‬ ‫ســ م‬ ‫م ال ت‬‫ل ل مك هــ ه‬ ‫شــميئا ا وأم م‬
‫جعمــ م‬ ‫ن م‬ ‫مــو م‬ ‫ت معمل م ه‬
‫شك ههروأ م‬
‫ن‪.()‬‬ ‫تم م‬
‫خل مقم النسان‬ ‫خل مقم * م‬ ‫م‬
‫ذيِ م‬ ‫ك ال ت ل‬
‫سم ل مرب ر م‬‫‪ : ‬اقممرأ لبا م‬
‫قل مم ل‪.()‬‬
‫م لبال م م‬ ‫من ع مل مق * اقمرأ م وأرب ب م م‬
‫ذيِ ع مل ت م‬ ‫م * ال ت ل‬
‫ك الك ممر ه‬ ‫م مم‬ ‫ن‬ ‫ل م‬
‫لذلك فإن الجهل في عمومه من العوارض المكتسبة وذلك لمرين‪-:‬‬
‫كونه ثابت ا في حاال دون حاال كالصغر‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫لن إزالته باكتساب العلم في قدرة العبد‪ ،‬فكأن ترك تحاصيل العلم منه‬ ‫‪-2‬‬

‫اختيا ار بمنزلة اكتساب الجهل باختياره إبقائه)‪.(3‬‬

‫والجهل صفة بغيضة في النفس‪ ،‬مذمومة في العقل‪ ،‬ل يقبل التصيياف بهييا‬
‫أحاد عن رضى وقناعة‪ ،‬ففطيرة النفيس اليتي فطرهأيا الي عليهيا‪ ،‬أنهيا نازعية إليى العليم‪،‬‬
‫محابيية لييه‪ ،‬لنهييا نازعيية للكمييال دون النقييص‪ ،‬إوان اختلفييت درجييات النيياس فييي سييلم‬
‫الرتقاء لهذا الكمال‪.‬‬

‫والجهييل ميين أسييباب التفييرق الييذي حاييذرنا ال ي تعييالى منييه‪ ،‬عنييدما ذكيير صييفة‬
‫سوا‬‫أهأييل الكتيياب وبييين أن أسييباب العييداوة بينهييم هأييو نسيييان العلييم قييال تعييالى‪ :‬فمن م ه‬
‫م‬ ‫م‬
‫داوأمة م موأال مب مغم م‬
‫ضــامء إ للــىَ ي مــومم ل‬ ‫م ال معمــ م‬
‫ما ذ هك رهروأا ب لهل فمأغ ممري من مــا ب مي من مههــ ه‬ ‫حظ وا ا ل‬
‫م ت‬ ‫م‬
‫مة‪.()‬‬ ‫ال م ل‬
‫قميا م‬

‫)( سورة النحال‪.(78) :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة العلق‪ :‬اليات )‪.(4 -1‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪.(330 /4) ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة المائدة‪ :‬من الية )‪.(14‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪182‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫‪           ‬‬
‫‪. ()(     )  ‬‬

‫وقال ‪) :‬من سلك طريقال يلتمس فيه علمال سهل ال له طريقال إلى الجنة()‪.(2‬‬

‫البند الوأل‪ :‬تعريف الجهل‪:‬‬

‫في اللغة يطلق على عدةا معانن تختلف باختلف وأروأده في السياق‪:‬‬

‫يطلق على السفه‪ ،‬والطيش‪ ،‬والحامق‪ ،‬ومنه قول ال تعالى‪  :‬ه‬


‫خذ ل‬ ‫‪.1‬‬
‫ن‪ ،(3)‬والجاهألون هأنا‬ ‫م‬ ‫م‬
‫جاهأ لللي م‬ ‫ن ال م م‬‫ض عم ل‬‫ف وأمأع مرل م‬ ‫ممر لبال معهمر ل‬ ‫فوم وأمأ ه‬ ‫ال معم م‬
‫هأم السفهاء)‪.(4‬‬
‫ن‬ ‫ن به ه‬
‫طو ل‬ ‫م م‬ ‫جك ه م‬
‫م ل‬ ‫خمر م‬‫ه أم م‬‫عدم الشعور بالشيء‪ :‬قال تعالى‪ :‬موأالل ت ه‬ ‫‪.2‬‬
‫م‬ ‫ه‬
‫معم موأاملب م م‬
‫صامر‬ ‫س م‬‫م ال ت‬ ‫ل ل مك ه ه‬ ‫شميئا ا وأم م‬
‫جع م م‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫مو م‬‫م لِ ت معمل م ه‬ ‫ممهات لك ه م‬‫أ ت‬
‫ن‪. ‬‬
‫)‪(5‬‬ ‫م‬
‫شك ههروأ م‬ ‫موأاملفمئ لد مة م ل معمل تك ه م‬
‫م تم م‬
‫والجهل المراد هأنا جهل فطري‪ ،‬وهأيو ليييس بعيييب لشييموله‪ ،‬إوانمييا العيييب فييي‬
‫التقصير في إزالة الجهل ودواؤه العلم)‪.(6‬‬

‫)( سنن ابن ماجة‪ ،‬المقدمة‪ ،‬باب فضل العلماء والحاث على طلب العلم‪.(81 /1) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( صحايح البخاري‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب العلم قبل القول والعمل‪ ،(160 ،159 /1) ،‬سنن أبي‬ ‫‪2‬‬

‫داود‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب الحاث على طلب العلم‪.(57 /4) ،‬‬
‫)( سورة العراف‪ :‬الية )‪.(199‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ :‬ابن كثير‪ ،(278 ،277 /2) ،‬المصباح المنير‪ :‬الرافعي‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫)‪.(113 /1‬‬
‫)( سورة النحال‪ :‬الية )‪.(78‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( انظر‪ :‬المفردات في غريب ألفاظ القرآن‪ :‬الصفهاني‪ ،‬ص)‪ ،(102‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫البخاري‪.(330 /4) ،‬‬

‫‪183‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫يقصد به اعتقاد الشيء على خلف ما هأو عليه‪.‬‬ ‫‪.3‬‬


‫كما هأو عند علماء الكلم وهأو الغلط‪ ،‬ودواؤه التوقف والتثبت)‪.(1‬‬
‫ويطلق على فعل الشيء على خلف ما حاقه أن يفعل‪ ،‬سواء أعتقد فيه‬ ‫‪.4‬‬
‫اعتقادا صحايحااا‪ ،‬أو فاسدا كمن ترك الصلة متعمداا‪.‬‬
‫ومن هأذا المعنى‪:‬‬
‫ن‬
‫م م‬
‫ن ل‬
‫كو م‬‫ن أم ه‬ ‫م‬ ‫ل أم ه‬
‫عوذ ه لبالل تهل أ م‬ ‫قوله تعالى‪ :‬مقاهلوا أ مت مت ت ل‬
‫خذ همنا هأههزوأا ا مقا م‬
‫ن‪.    ()‬‬ ‫ال م م‬
‫جاهأ لللي م‬
‫الجهل يعبر عن عدم العلم‪ ،‬ويعبر عن عدم العمل بموجب العلم‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫يقول ابن القيم الجهل نوعان‪:‬‬
‫عدم العلم بالحاق النافع‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫عدم العمل بموجبه ومقتضاه)‪.(3‬‬ ‫‪.2‬‬

‫الوصف المضاد للعلم عند تصوره واحاتماله‪.‬‬ ‫‪.3‬‬


‫والمعنيى الميراد هأنيا هأيو هأيذا المعنيى الخيير أن الجهيل صيفة مضيادة للعليم‪،‬‬
‫عند من يتأتى منييه ذليك‪ ،‬وهأيو النسييان‪ ،‬فيإن الشيياء اليتي ل يتصيور منهييا العلييم‪ ،‬ل‬
‫توصف بذلك كالبهائم)‪.(4‬‬
‫البند الثاني‪ :‬أنوأاع الجهل المضاد للعلم‪:‬‬
‫ينقسم إلى قسمين‪:‬‬

‫)( انظر‪ :‬المصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ :‬من الية )‪.(67‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( مدارج السالكين‪ :‬ابن القيم‪ ،(470 ،469 /1) ،‬وراجع معنى الكلم في كتاب اليمان‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن تيمية‪ ،‬ص)‪.(19 ،18‬‬


‫)( انظر‪ :‬حاجة ال البالغة‪ :‬الدهألوي‪ ،(21 /1) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫ص)‪ ،(972‬أصول الفقه د‪ .‬الزحايلي‪.(177 /1) ،‬‬

‫‪184‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫بسيط‪ ،‬وأمركب‪ :‬البسيط هأوأ‪ :‬أن يجهل النسان ما من شأنه أن يعلمه‪.‬‬


‫كأن يقال له عرف المندوب‪ ،‬فيقول‪ :‬ل أدري‪.‬‬
‫الجهل المركب‪ :‬العتقاد الجازم خلف الواقع‪.‬‬
‫كاعتقاد وجود إله مع ال ي تعالى ي أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫ومن أمثلته أيضا أن تقول‪ :‬هأل تجوز الصلة بالتيمم عند عدم الماء‪ ،‬فيقول‪ :‬ل‬
‫تجوز)‪.(1‬‬
‫البند الثالث‪ :‬في الصطلحا‪:‬‬

‫ع ييرف الجه ييل ف ييي الص ييطلح بتعريف ييات ع ييدة كله ييا متقارب يية م يين بعض ييها‬
‫البعض‪ ،‬واتفقت حاول مضمون واحاد هأو‪:‬‬

‫الجهل ضد العلم عند تصوره واحاتماله)‪.(2‬‬

‫)( انظر‪ :‬المعجم الوجيز‪ :‬مجمع اللغة العربية‪ ،(134 /1) ،‬موسوعة اصطلحاات العلوم‬ ‫‪1‬‬

‫السلمية‪ :‬التهاوني‪) ،‬ص)‪ ،(2535‬الكليات‪ :‬الكفوي‪ ،‬ص)‪ ،(350‬التوقيف على مهمات‬


‫التعاريف‪ :‬المناوي‪ ،‬ص)‪ ،(260‬غمز عيون البصائر‪ :‬الحاموي‪ ،(297 /2) ،‬شرح الورقات‬
‫في أصول الفقه‪ :‬الفوزان‪ ،‬ص)‪ ،(36‬ومن الفوارق بين الجهل البسيط والمركب‪ :‬أن الجهل‬
‫البسيط‪ :‬يجهله صاحابه ويعلم بجهله‪ ،‬أما المركب‪ :‬فصاحابه يجهل ول يعلم أنه يجهل‪ ،‬إوالى‬
‫هأذا أشار في المعجم الوسيط حايث جاء فيه‪" :‬الجهل البسيط تعبير أطلق على من ٌيسلم‬
‫بجهله‪ ،‬والمركب تعبير أطلق على من ل يسلم بجهله‪ ،‬ويدعي ما ل يعلم" المعجم الوسيط‪:‬‬
‫مجموعة من المؤلفين‪.(149 /1) ،‬‬
‫)( فقد جاء في تعريفه‪" :‬عدم العلم عما من شأنه العلم" التلويح على التوضيح‪ :‬التفتازاني‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وقيل معناه‪" :‬انتفاء العلم بالمقصود"‪ ،‬تسهيل الوصول إلى علم الصول‪ :‬ابن جزي‪ ،‬ص)‬
‫‪ ،(315‬وفي كشف السرار للبخاري هأو‪" :‬اعتقاد الشيء على خلف ما هأو به"‪/4) ،‬‬
‫‪.(330‬‬

‫‪185‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫البند الرابع‪ :‬أثر الجهل في أهألية النسان‪:‬‬


‫قلنييا عنييد تعريييف الجهييل أنييه ينقسييم إلييى قسييمين جهييل بسيييط‪ ،‬وجهييل مركييب‬
‫والجه ي ييل بقس ي ييميه ل ين ي ييافي أهأليي يية المكل ي ييف‪ ،‬الوج ي ييوب منه ي ييا والداء‪ .‬إذ أن متعل ي ييق‬
‫الهأليتين هأو الحاياة والعقل والتمييز‪.‬‬
‫والجهل ل تأثير له على هأذه المقومات للهألية لذا ل ينافي الجهل أهألية‬
‫المكلف بنوعيها‪.‬‬
‫إل أن للجهل حاالت يكون فيها عذ ار من العذار المعتبرة شرعا في حاق‬
‫المكلف المترتب عليها تغير الحاكم في حاق الجاهأل دون تغييره في حاق العالم)‪.(1‬‬
‫وهأذا ما سنبينه إن شاء ال تعالى في أنواع الجهل‪.‬‬
‫البند الخامس‪ :‬أنوأاع الجهل‪:‬‬
‫ينقسم الجهل إلى نوأعين‪:‬‬
‫‪ -1‬الجهل الباطل الذي ل يصلح عذ ارا‪.‬‬
‫‪ -2‬الجهل الذي يصلح عذ ارا‪.‬‬
‫النوأع الوأل‬
‫الجهل الباطل الذي ل يصلح عذ ارا‪:‬‬
‫وهأو ما قام عليه الدليل الواضح‪ ،‬الذي يجعل الجهل به نوعا امن المكابرة‬
‫والجحاود)‪.(2‬‬

‫)‪/3‬‬ ‫وعرف بأنه‪" :‬صفة تضاد العلم عند احاتماله وتصوره"‪ ،‬غمز عيون البصائر‪ :‬الحاموي‪،‬‬
‫‪.(396‬‬
‫)( انظر‪ :‬أصول التشريع السلمي‪ :‬على حاسب ال‪ ،‬ص)‪ ،(363‬الوجيز في أصول الفقه‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬عبد الكريم زيدان‪) ،‬ص ‪.(112‬‬


‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(161 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫النسفي‪ ،(520 /2) ،‬الشباه والنظائر‪ :‬ابن نجيم‪ ،‬ص)‪.(303‬‬

‫‪186‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وأهأوأ ثلثة أقسام‪-:‬‬

‫الجهل الناشئ عن جحوأد وأترك للبرهأان القاطع)‪:(1‬‬ ‫‪.1‬‬

‫وهأذا الجهل ل يعذر صاحابه في الدنيا‪ ،‬ول في الخرة‪ ،‬كجهل‬


‫الكافر الذي استبانت له الدلئل على وحادانية ال تعالى وربو بيته‪ ،‬وقامت‬
‫المعجزات المقنعة على إرسال رسله‪ ،‬لهذا يؤاخذ عليه في الدنيا‬
‫بالقتل والجزية وغير ذلك‪.‬‬
‫وكذلك يؤاخذ عليه في الخرة‪.‬‬

‫جهل المكابرةا المعتمد على شبهة في الكتاب وأالسنة)‪.(2‬‬ ‫‪.2‬‬

‫وهأي ييذا القس ي ييم ينطب ي ييق علي ييى أهأي ييل الف ي ييرق الضي ييالة‪ ،‬ك ي ييالروافض‪ ،‬والخي ي يوارج‪،‬‬
‫والمعتزلة والجهمية‪.‬‬

‫فالروافض حارفوا القرآن الكريم كما حارف اليهود التوراة‪ .‬فحارقهم المام‬
‫علي‪ .‬ونفاهأم وخالفوا المسلمين في أمورهأم وشابهوا فيها اليهود‪.‬‬
‫والخوارج كفروا عليا بزعمهم أنه أذنب ذنبا كبي ار حاين قبل التحاكيم‪.‬‬
‫والمعتزلة أنكروا صفات ال تعالى‪ ،‬وقالوا إن ال تعالى عالم‪ ،‬وقادر‪ ،‬وسميع‬
‫وبصير‪ ،‬بذاته فلم يثبتوا له صفة‪.‬‬

‫والجهمية أنكروا خلود الجنة والنار‪...‬‬

‫)( انظر‪ :‬المصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(161 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫النسفي‪ ،(526 /2) ،‬شرح نور النوار‪ :‬ميلجيون‪ ،(520 /2) ،‬أصول البزدوي‪ :‬البزدوي‪،‬‬
‫)‪ ،(336 /4‬منهاج السنة النبوية في نقض كلم الشيعة والقدرية‪ :‬ابن تيمية‪.(6 /1) ،‬‬

‫‪187‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫جهل نشأ عن اجتهاد وأدليل شرعي في موأضع ل يجوأز فيه‬ ‫‪.3‬‬


‫الجتهاد وأهأوأ يشمل الكتاب وأالسنة وأالجماع ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬

‫مثل القول بحال متروك التسمية عمداا‪ ،‬قياسا على متروك التسمية ناسايا‪ ،‬إذ‬
‫م‬
‫م الل تهل‬ ‫ما ل م م‬
‫م ي هذ مك مرل ا م‬
‫س ه‬ ‫أنه مخالف لقول ال تعالى‪ :‬موألِ ت مأك ههلوا ل‬
‫م ت‬
‫ع مل مي مهل‪.(2)‬‬

‫النوأع الثاني‪ :‬الجهل الذي يصلح عذرلا‪-:‬‬

‫هأو الجهل الذي يكون في موضع الجتهاد الصحايح‪ ،‬بأن ل يكون مخالف ا للكتاب‬
‫والسنة أو الجماع)‪.(3‬‬
‫وأهأوأ ثلثة أقسام‪-:‬‬
‫جهل يصلح عذ ارل في موأضع الجتهاد‪ ،‬أوأ في غإير موأضع الجتهاد لكنه‬ ‫‪-1‬‬
‫في موأضع شبهة)‪:(4‬‬
‫مثاله‪ :‬من قتل وله وليان‪ ،‬فعفا أحادهأما عن القصاص‪ ،‬ثم قتله الثاني وهأو يظن أن‬
‫القصاص باق له على الكمال‪ ،‬إوانه وجب لكل واحاد قصاص كامل‪.‬‬

‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(161 /1) ،‬غمز عيون‬ ‫‪3‬‬

‫البصائر‪ :‬الحاموي‪ ،(299 /3) ،‬الشباه والنظائر‪ :‬ابن نجيم‪ ،‬ص)‪ ،(303‬شرح المنار‬
‫وحاواشيه‪ :‬ابن الملك ص)‪.(974‬‬
‫)( سورة النعام‪ :‬من الية )‪.(121‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر‪ :‬فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(161 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫النسفي‪ ،(529 /2) ،‬غمز عيون البصائر‪ :‬الحاموي‪ ،(300 ،299 /2) ،‬التلويح شرح‬
‫التوضيح‪ :‬التفتازاني‪.(184 /2) ،‬‬
‫)( انظر‪ :‬المصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪188‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫ففي هأذه الحاالة ل قصاص على من قتل الجاني قصاصاا‪ ،‬لن جهله حاصل في‬
‫موضع الجتهاد‪ .‬وفي حاكم يمكن أن يسقط بالشبهة‪.‬‬

‫لن بعض فقهاء المدينة قالوا بأن القصاص إذا ثبت لثنين‪ ،‬كان لكل واحاد منهما‬
‫أن ينفرد بقتله‪ ،‬حاتى لو عفا أحادهأما كان للخر أن يقتله‪.‬‬

‫جهل نشأ عن شبهة وأخطأ)‪:(1‬‬ ‫‪-2‬‬

‫مثاله‪ :‬إذا دخل الحاربي دارنا بأمان‪ ،‬فأسلم ثم شرب الخمر على ظن حالها‪ ،‬لم يقم‬
‫عليه الحاد‪ ،‬لنه في موضع الشبهة‪ .‬بخلف جهله بحارمة الزنى لن الزنى حارام‬
‫في الديان كلها فل يكون جهله عذ ارا‪.‬‬

‫الجهل في دار الحرب)‪:(2‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ومعنى ذلك‪ ،‬الجهل بالحاكام السلمية في غير دار السلم من مسلم لم‬
‫يهاجر إلى دار السلم‪.‬‬

‫ومن المثلة التي تلحاق بجهل من أسلم في دار الحارب‪:‬‬

‫جهل الشفيع في أن دليل العلم خفي في حاقه‪ ،‬لنه ربما يقع البيع ولم‬
‫يشتهر حاتى إذا علم الشفيع بالبيع بعد زمان ثبت له حاق الشفعة‪.‬‬

‫)( فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(161 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫البخاري‪ ،(432 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(976‬‬


‫)( فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(161 /1) ،‬كشف السرار‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫البخاري‪ ،(432 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪.(976‬‬

‫‪189‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫الفرع السابع‪ :‬الكراه‪-:‬‬

‫البند الوأل‪ :‬الكراه في اللغة‪) :‬هأو حامل النسان على أمر يكرهأه()‪.(1‬‬

‫البند الثاني‪ :‬في الصطلحا‪) :‬حامل الغير على أمر يمتنع عنه بتخويف‪ ،‬يقدر‬
‫الحاامل على إيقاعه‪ ،‬ويصير الغير خائفا فائت الرضا بالمباشرةا()‪.(2‬‬
‫شرحا التعريف‪:‬‬

‫قوله‪ ) :‬حمل الغير على أمر يمتنع عنه بتخوأيف ( يتضمن أركان الكراه الربعة‬
‫وهأي‪:‬‬

‫الحاامل أو المكإره )قوله حامل(‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫الفاعل أو المكَره )قوله الغير(‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫المكَره عليه ) قوله أمر(‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫المكَره به )قوله بتخويف(‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫)( انظر‪ :‬المفردات في غريب ألفاظ القرآن‪ :‬الصفهاني‪ ،‬ص)‪ ،(430 ،429‬موسوعة‬ ‫‪1‬‬

‫اصطلحاات العلوم السلمية‪ :‬التهانوني‪.(1281 /5) ،‬‬


‫)( كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(283 /4) ،‬وهأذا هأو التعريف المختار من بين عدة تعاريف‬ ‫‪2‬‬

‫تراجع في مظانها‪ .‬انظر‪ :‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪ ،(307 /2) ،‬المحالى‪ :‬ابن حازم‪) ،‬‬
‫‪ ،(330 /8‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(196 /2) ،‬التاج والكليل لمختصر خليل‪:‬‬
‫المواق‪ ،(45 /4) ،‬مواهأب الجليل‪ :‬الحاطاب‪ ،(45 /4) ،‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪،‬‬
‫ص)‪ ،(992‬حااشية ابن عابدين‪ :‬ابن عابدين‪.(136 /6) ،‬‬

‫‪190‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وبقية التعريف ) يقدر الحامل على إيقاعه‪ ،‬وأيصير الغير خائفال فائت‬
‫الرضا بالمباشرةا( بين شرط المكإره‪ ،‬والمكَره‪ ،‬والمكَره عليه‪ ،‬والمكَره به‪ ،‬مع بيان أثر‬
‫الكراه‪.‬‬

‫فمن شرط المكرره‪ :‬أن يكون قاد ار على إيقاع ما خوف به المكَره‪.‬‬

‫وأمن شرط المكرره‪ :‬أن يصير خائفا من أن يقع به ما هأدده به المكإره‪.‬‬

‫وأمن شرط المكرره عليه‪ :‬أن يفعله المكَره وهأو غير راض به فهو ممتنع‬
‫عنه لول حامله عليه‪.‬‬

‫وأمن شرط المكرره به‪ :‬أن يكون مؤث ار في دفع الفاعل إلى تنفيذ ما أمره به‬
‫المكره‪.‬‬

‫البند الرابع‪ :‬العلقة بين المعنى اللغوأي وأالصطلحي‪:‬‬

‫تتضح العلقة بين المعنى اللغوي والصطلحاي‪ ،‬في أن المعنى اللغوي‬


‫والصطلحاي يلتقيان التقااء كاملا من حايث إن الكراه هأو )حامل الشخص على‬
‫فعل هأو كاره له(‪.‬‬

‫البند الخامس‪ :‬أنوأع الكراه عند العلماء‪:‬‬

‫يتنوع الكراه عند العلماء بحاسب الساس الذي تم عليه تقسيم الكراه‪.‬‬

‫فالساس الذي قام عليه تقسيم الحانفية يختلف عنه عند الشافعية‪.‬‬

‫وذلك أن لكل من الحانفية والشافعية نظرة في تقسيم الكراه إلى أنواع ففي‬
‫الوقت الذي يقسم فيه الشافعية الكراه إلى قسمين إكراه بحاق وآخر بغير حاق‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫يذهأب الحانفية ومن وافقهم إلى تقسيمه ثلثة أقسام‪ ،‬على خلف بينهم في‬
‫القسم الثالث منها حايث يقسمونه إلى‪ :‬إكراه ملجئ‪ ،‬وغير ملجئ‪ ،‬وما يكون به‬
‫التهديد بأذى يصيب أصوله وفروعه أو أهأله‪ .‬أو ما يسمى )بالكراه الدبي( عند‬
‫البعض‪.‬‬
‫وقبل بيان هأذه القسام وتفصيل القول فيها نريد أن نبين الساس الذي‬
‫استند عليه كل فريق منهم في تقسيم الكراه‪.‬‬
‫أوألل‪ :‬الساس الذي استند عليه الحنفية في تقسيمهم للكراه‪.‬‬
‫اعتمد الحانفية في تقسيمهم للكراه إلى ملجئ‪ ،‬وغير ملجئ‪ ،‬باعتبار‬
‫ل‪ ،‬وهأذا الصل تدور عليه الحاكام عندهأم)‪.(1‬‬ ‫ل‪ ،‬أم فع ا‬
‫)المكَره به( سواء أكان قو ا‬
‫ثانيلا‪ :‬الساس الذي قام عليه تقسيم الشافعية للكراه‪.‬‬
‫أقام الشافعية تقسيمهم للكراه بحاق‪ ،‬وبغير حاق‪ ،‬باعتبار ) المكَره عليه(‬
‫ل‪ ،‬وهأذا الصل تدور عليه الحاكام عندهأم)‪.(2‬‬
‫ل‪ ،‬أم فع ا‬
‫سواء أكان قو ا‬
‫ثالثلا‪ :‬أنوأاع الكراه عند الحناف‪:‬‬
‫بناء على الساس الذي قسم عليه الحنفية الكراه وأهأوأ باعتبار المكره به‪،‬‬
‫فإنه ينقسم الكراه عندهأم إلى ثلثة أقسام وأهأي‪:‬‬
‫الكراه الملجئ أوأ التام‪ :‬وهأو ما يكون بالتهديد بإتلف النفس‪ ،‬أو العضو‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫بحايث يعدم فيه الرضا للمكَره‪ ،‬وَيفاساد فيه اختيااره فيصبح المكَره في يد مكرهأه‬

‫)‬ ‫)( انظر‪ :‬حااشية ابن عابدين‪ :‬ابن عابدين‪ ،(836 /6) ،‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .(382 /4‬المبسوط‪ :‬السرخسي‪.(39 /24) ،‬‬


‫)( انظر‪ :‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(196 /2) ،‬التقرير والتحابير‪ :‬ابن أمير الحااج‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.(206 /2‬‬

‫‪192‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫كاللة المحاضة‪ .‬وذلك كأن يقول )المكإره( )للمكَره( إن لم تفعل كذا لقتلنك‪،‬‬
‫أو لقطعن يدك‪ ،‬أو رجلك‪ ،‬أو أي عضو آخر من أعضاء البدن‪.‬‬
‫فمثل هأذا التهديد يؤدي إلى انعدام رضا المكَره‪ ،‬كما يفسد اختياره‪ ،‬وهأذا ما يسمى‬
‫بالكراه الكامل الملجئ)‪.(1‬‬
‫الكراه غإير الملجئ أوأ الناقص‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وهأو الذي ايعدَم فيه الرضا للمكَره‪ ،‬ول يفسد اختياره‪ ،‬ول تنعدم قدرته‪.‬‬
‫وهأذا الكراه يتحاقق بالقيد‪ ،‬أو بالحابس مدة طويلة‪ ،‬أو الكراه بالضرب الذي ل‬
‫يخاف منه على نفسه التلف‪ ،‬فإنه يبقى اختياره حاينئٍذ‪ ،‬ولكن ل يرضى به‪.‬‬
‫وهأذا النوع يسمى بالكراه الناقص لن النسان يفقد فيه الرضا ول يفقد فيه‬
‫الختيار)‪.(2‬‬
‫الكراه بما يكوأن به التهديد بأذى يصيب أصوأله وأفروأعه أوأ أهأله‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫وهأذا الكراه ل يعدم فيه رضا المكَره‪ ،‬ول يفسد اختياره‪ ،‬إل أنه يؤدي إلى أن‬
‫يقوم المكإره بحابس أبيه‪ ،‬أو ابنه‪ ،‬أو زوجته‪ ،‬أو أخته‪ ،‬ونحاوهأم‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫وهأذا النوع محال نزاع بين علماء الحانفية‪...‬‬

‫رابعلا‪ :‬أنوأاع الكراه عند الشافعية‪:‬‬

‫)( انظر‪ :‬المبسوط‪ :‬السرخسي‪ ،(144 /24) ،‬حااشية ابن عابدين‪ :‬ابن عابدين‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪ ،(136 :6‬أصول البزدوي‪ :‬البزدوي‪ ،(384 /4) ،‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪/2) ،‬‬
‫‪.(307‬‬
‫)( انظر‪ :‬المصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‬ ‫)( انظر‪ :‬شرح المنار وحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‪ ،(992‬تيسير التحارير‪ :‬أمير بادشاه‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،(307 /2‬الجريمة والعقوبة في الفقه السلمي‪ :‬أبو زهأرة‪ ،‬ص)‪.(530‬‬

‫‪193‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫يقسم المام الشافعي – رحمة ال عليه – الكراه تقسيمال مخالفال للحنفية في‬
‫الساس الذي قام عليه تقسيم كل منهما إلى قسمين‪:‬‬
‫الكراه بحق‪ :‬وهأو ما يكون على أمر واجب شرعاا‪ ،‬ويصح القدام عليه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وهأذا القسم ل تنقطع فيه نسبة الفعل عن الفاعل‪ ،‬فيصح بيع المديون القادر لماله‬
‫وفااء لدينه‪ ،‬ويصح طلق المولي من زوجته بعد انقضاء مدة اليلء)‪.(1‬‬

‫الكراه بغير حق‪ :‬وهأو ما ل يصح القدام عليه‪ ،‬وهأو الكراه على أمر‬ ‫‪.2‬‬
‫منهي عنه شرع ا كالكراه على القتل‪ ،‬والزنا وشرب الخمر)‪.(2‬‬

‫البند السادس‪ :‬أثر الكراه على الهألية‪.‬‬

‫الكراه ل ينافي الهألية بنوعيها‪ ،‬وذلك لكمال العقل والبدن‪ ،‬وعدم الخلل‬
‫بهما بالكراه‪ ،‬كما أن الكراه ل يوجب سقوط الخطاب عن المكَره بأي حاال من‬
‫الحاوال‪ ،‬سواء كان ملجئا أو غير ملجئ)‪.(3‬‬

‫البند السابع‪ :‬أثر الكراه في القوأال وأالفعال‪.‬‬

‫ل‪.‬‬
‫إن ما يصدر عن المكَره إما أن يكون قولا أو فع ا‬

‫أوألل‪ :‬أثر الكراه في القوأال‪:‬‬

‫)‪/4‬‬ ‫)( انظر‪ :‬المجموع شرح المهذب‪ :‬النووي‪ ،(65 /17) ،‬الفتاوى الكبرى‪ :‬ابن حاجر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(171‬التلويح مع التوضيح‪ :‬التفتازاني‪ ،(196 /2) ،‬مصادر الحاق في الفقه السلمي‪:‬‬


‫السنهوري‪.(195 /2) ،‬‬
‫)( نفس المصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(383 /4) ،‬شرح المنار والحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،(992‬نتائج الفكار في كشف الرموز والسرار‪ :‬قاضي زاده أفندي‪ (234 /9) ،‬المبسوط‪:‬‬
‫السرخسي‪.(38 /24) ،‬‬

‫‪194‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫القوأال‪ :‬منها ما يقبل الفسخ‪ ،‬وأمنها ما ل يقبل الفسخ‪.‬‬

‫‪ .1‬ما ل يقبل الفسخ من القوأال‪:‬‬

‫إذا كان المكَره عليه قولا غير قابل للفسخ‪ ،‬ول يتوقف على الرضا‪،‬‬
‫كالطلق‪ ،‬والزواج‪ ،‬والعتق‪ ،‬فإن حاكمه ل يبطل بالكراه‪ ،‬وينفذ إذ ل تأثير للكراه‬
‫عليه)‪.(1‬‬

‫ويلحاق بها قول القائل‪:‬‬

‫وعفو قصاص واليمن كذا النذر‬ ‫طلق وعتاق ونكاح ورجعية‬

‫تصح مع الك يراه عدتها عشر‬ ‫ظه ييار إوايلء وفيء فهذه‬

‫فإن هأذه التصرفات ل تحاتمل الفسخ‪ ،‬وتتوقف على الختيار دون الرضا‪،‬‬
‫حاتى لو طلق‪ ،‬أو تزوج‪ ،‬أو أعتق بالكراه تصح‪ ،‬لنها ل تبطل بالهزل‪.‬‬

‫وهأذا هأو قول الحاناف وقد خالفوا فيه جمهور العلماء‪ .‬الذين أروأا عدم‬
‫تحاميل القائل تبعة قول لم يتلفظ به راضي ا مختا ارا‪ ،‬بل فرض عليه بالقوة ل يجد حاإيلة‬
‫في دفعه‪.‬‬

‫ورأي الجمهور هأو الرجح‪ .‬فنقول بعدم تحاميل القائل تبعة قول صدر منه‬
‫دون رغبة أو اختيار‪ ،‬لنا وجدنا في نصوص الشريعة وأقوال الصحاابة والتابعين‬
‫رضوان ال عليهم ما يؤيد ذلك‪.‬‬

‫)( انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬البخاري‪ ،(383 /4) ،‬شرح المنار والحاواشيه‪ :‬ابن الملك‪ ،‬ص)‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(992‬نتائج الفكار في كشف الرموز والسرار‪ :‬قاضي زاده أفندي‪ (234 /9) ،‬المبسوط‪:‬‬
‫السرخسي‪.(38 /24) ،‬‬

‫‪195‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫‪ .2‬ما يقبل الفسخ من القوأال)‪:(1‬‬


‫إذا كان المكَره عليه قول قابل للفسخ ويتوقف على الرضا‪ ،‬فقد فرق الحاناف‬
‫بين هأذا القسم وسابقه وقالوا‪ :‬إن التصرفات التي تقبل الفسخ وتتوقف على الرضا‬
‫ل تعتبر صحايحاة مع الكراه‪ ،‬فعقد البيع ونحاوه من العقود التي تقبل الفسخ‪،‬‬
‫والكراه يفسدهأا‪ ،‬فينعقد البيع فاسدا وقول المكَره لغياا‪.‬‬

‫ولكن الجمهور لم يفرقوا بين هأذا القسم وسابقه‪ ،‬فإن جميع التصرفات الواقعة‬
‫تحات تأثير الكراه باطلة‪ ،‬سواء كانت عقودا قابلة للفسخ كما في البيع‪ ،‬أو غير‬
‫قابلة للفسخ كما في الطلق والعتق‪.‬‬

‫ثانيلا‪ :‬أثر الكراه في الفعال‪:‬‬

‫الكراه في الفعال‪:‬‬

‫الفعال التي يأتي بها المكرره نوأعان‪:‬‬

‫ما ل يكون الفاعل فيه آلة للمكإره‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫ما يكون الفاعل فيه آلة للمكإره‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ما ل يكوأن الفاعل آلة للمكرره)‪:(2‬‬ ‫‪.1‬‬


‫)( انظر‪ :‬المبسوط‪ :‬السرخسي‪ ،(93 /34) ،‬حااشية ابن عابدين‪ :‬ابن عابدين‪،(6/137)،‬‬ ‫‪1‬‬

‫فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(1/67) ،‬بدائع الصنائع‪ :‬الكاساني‪) ،‬‬
‫‪ ،(176 /7‬الميزان الكبرى‪ :‬الشعراني‪.(62 /2) ،‬‬
‫)( انظر‪ :‬المبسوط‪ :‬السرخسي‪ ،(93 /34) ،‬حااشية ابن عابدين‪ :‬ابن عابدين‪،(6/137)،‬‬ ‫‪2‬‬

‫فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(1/67) ،‬بدائع الصنائع‪ :‬الكاساني‪) ،‬‬
‫‪ ،(176 /7‬الميزان الكبرى‪ :‬الشعراني‪.(62 /2) ،‬‬

‫‪196‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عوارض الهألية‬

‫وذلك بأن ل يتصور وجودهأا )الفعال( إل بإقدام المكَره عليها دون غيره‪.‬‬

‫ومثال ذلك الزنا‪ ،‬والخمر‪ ،‬إفساد الصوم‪.‬‬

‫هأذا النوع ل تأثير للكراه عليه‪ ،‬بل يلزم الفاعل حاكامه‪ ،‬فيفسد صومه‪ ،‬إذ ل‬
‫يتصور أكل الصائم أو شربه بفم غيره‪ ،‬ول يعقل وطؤه بعضو غيره‪ ،‬ويسقط عنه حاد‬
‫الزنا وشرب الخمر لن الحادود تد أر بالشبهات‪.‬‬

‫أما ما يتعلق بذلك من حايث أنه إتلف كما إذا أكرهأه على أكل مال الغير‪،‬‬
‫فقد اختلفت الروايات في أن الضمان على الفاعل‪ ،‬أو على الحاامل‪.‬‬

‫وكذا الزنا لو أكرهأه عليه‪ ،‬فإن العقر على الزاني‪ ،‬لكن لو أتلف الجارية )بالزنا(‬
‫بذلك فينبغي أن يكون الضمان على المكإره‪.‬‬

‫ما يكوأن فيه الفاعل آلة للمكرره)‪:(1‬‬ ‫‪.2‬‬


‫وفي هأذا القسم تفصيل حايث ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أن يلزم من جعل المكره آلة تبديل محال الجناية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أل يلزم من جعل الفاعل )المكره( آلة تبديل محال‬ ‫‪.2‬‬
‫الجناية‪.‬‬

‫)( انظر‪ :‬المبسوط‪ :‬السرخسي‪ ،(93 /34) ،‬حااشية ابن عابدين‪ :‬ابن عابدين‪،(6/137)،‬‬ ‫‪1‬‬

‫فواتح الرحاموت شرح مسلم الثبوت‪ :‬ابن نظام الدين‪ ،(1/67) ،‬بدائع الصنائع‪ :‬الكاساني‪) ،‬‬
‫‪ ،(176 /7‬الميزان الكبرى‪ :‬الشعراني‪.(62 /2) ،‬‬

‫‪197‬‬

You might also like