You are on page 1of 4

‫طفولة ( بدوي الجبل)‬

‫و هل دلّلت لي الغوطتان لبانة‬

‫أحب من النعمى و أحلى و أعذبا‬


‫ّ‬

‫وسيما من األطفال لواله لم أخف‬

‫أتغربا‬
‫_ على الشيب_ أن أنأى و أن ّ‬

‫تو ّد النّجوم الزهر لو أنّها دمى‬

‫ليختار منها المترفات و يلعبا‬

‫و عندي كنوز من حنان و رحمة‬

‫نعيمي أن يغرى ّ‬
‫بهن و ينهبا‬

‫يجور و بعض الجور حلو محبّب‬

‫و لم أر قبل الطفل ظلما محبّبا‬

‫و يغضب أحيانا و يرضى و حسبنا‬

‫من الصفو أن يرضى علينا و يغضبا‬

‫و إن ناله سقم تمنّيت أنّني‬

‫فداء له كنت السقيم المعذّبا‬

‫كزغب القطا لو أنّه راح صاديا‬

‫سكبت له عيني و قلبي ليشربا‬

‫ينام على أشواف قلبي بمهده‬

‫اليماني مذهبا‬
‫ّ‬ ‫حريرا من الوشي‬
‫‪1‬‬
‫و أسدل أجفاني غطاء يظلّه‬

‫و ياليتها كانت ّ‬
‫أحن و أحدبا‬

‫و تخفق في قلبي قلوب عديدة‬

‫لقد كان شعبا واحدا فتشعّبا‬

‫رب من أجل الطفولة وحدها‬


‫و يا ّ‬

‫أفض بركات السلم شرقا و مغربا‬

‫و ر ّد األذى عن ك ّل شعب و إن يكن‬

‫كفورا و أحببه و إن كان مذنبا‬

‫رب إنّها‬
‫و صن ضحكة األطفال يا ّ‬

‫غردت في موحش الرمل أعشبا‬


‫إذا ّ‬

‫عنوان النص والعالقة بين العنوان والمضمون‬

‫من خالل العنوان يتبين لنا بأن الشاعر أحب الطفولة‪ ،‬وعبر عن ذلك بشعره الجميل‪ ،‬فكتب‬
‫هذه القصيدة حين كان مغترباً‪ ،‬وهي قصيدة طويلة اسمها البلبل الغريب‪ ،‬تعد من أجال لقصائد‬
‫اإلنسانية التي تبيّن أثر الغربة في الشاعر‪ ،‬وتظهر فيها العاطفة واضحة تجاه األطفال‪ ،‬وعبّر‬
‫ال ّ‬
‫شاعر في هذا الجزء منها عن شوقه وحبّه وتعلقه بحفيده الصغير‪.‬‬

‫حياة الشاعر‬

‫اسمه محمد سليمان األحمد (‪ )1900-1981‬ولقب بدوي الجبل أطلق عليه وهو في الرابعة‬
‫عشر من عمره‪ ،‬إذ نظم أبياتا ً شعرية ارسلها إلى جريدة "الف باء" والتي كان يصدرها في‬
‫سوريا‪ ،‬وكان اتجاهه في تناول موضوعاته بدا اتجاها ً صدامياً‪ ،‬وصدر عام ‪ 1925‬مجموعته‬
‫األولى (البواكير‪ ،‬واألعمال الكاملة) طرحت بمجملها هموما ً قومية‪ ،‬وتغنت باألمجاد العربية‬
‫والبطوالت والمواقف التي تشحذ الهمم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫تحليل النص وتلخيصه‬

‫يطلب الشاعر من الغوطتين أن تدلل حفيده الطفل وهو نعمة تعبير عن الحب الحقيقي‬
‫الكامن في قلبه المخالط لكل مشاعره أنه أحب شيء إليه وأنه أحلى وأعذب ما يشعر به‪ ،‬فذلك‬
‫الحب هو حبّه لحفيده الطفل‪ ،‬وبعد تقدمه بالعمر‪ ،‬وهو يعيش بعيدا ً في بالد الغربة أصبح يخشى‬
‫أن يخطفه الموت وال يرى حفيده‪.‬‬

‫شاعر عن سعادة النجوم بحفيدة والتي تتمنّى لو‬


‫ونرى الشاعر في البيت الثالث يتحدث ال ّ‬
‫أنّها ألعابا ً كي يختار حفيده أفضلهن ويلعب َّ‬
‫بهن‪ ،‬كذلك األمر نراه في البيت الرابع يتمنى لو أن‬
‫حفيده المحبوب يتعلّق بالحنان الكبير والعطف الذي أكنّه له ويبقى بقربي‪ ،‬وإذا تحقق ذلك‪ ،‬سأكون‬
‫في غاية السعادة وفي نعيم‪ ،‬ويتحدث عن ظلم حفيده له في البيت الخامس ولكن أحبُّ هذا الظلم‬
‫منه‪ ،‬فقبل حبي لحفيدي كان ّ‬
‫الظلم مكروها ً بالنسبة لي في جميع األحوال‪ ،‬ويغضب حفيدي مني‬
‫أحيانا ً ويرضى أحيانا ً أخرى‪ ،‬ولكن هذا الغضب والرضا يعتبر بالنسبة لي راحة‪ ،‬ويخشى علهي‬
‫من المرض واألخطار‪ ،‬فإذا أصيب بعل ٍة تمنّيت أن أكون فدا ًء له وأن أصاب بها بدالً منه وأكون‬
‫المريض الذي أتعذَّب‪ ،‬ولقد جعل الحفيد المحبوب حياتنا أعياداً‪ ،‬فكان عيدا ً لنا عندما زحف وعيدا ً‬
‫عندما ناغى وعيدا ً لنا عندما زحف وعيدا ً عندما ناغى وعيدا ً عندما مشى‪.‬‬

‫ونراه كذلك يشبه حفيده بصورة الطير حديث العهد عندما يعطش ويقول أنه على استعدد‬
‫أن يسكب الماء من عينه وقلبه كي يشرب ويروي ظمأه ويزول عذابه‪ ،‬فإذا نام حفيدي فإنني‬
‫أجعل شوقي له سريرا ً مفروشا ً بأفضل أنواع الحرير الملوثة كي ينام قرير العين‪ ،‬ويزيد ال ّ‬
‫شاعر‬
‫أن يجعل جفونه غطا ًء يظ ّل حفيده كي ينام قريرا ً ال بل يتمنى لو أن بمقدور أجفانه أن تعطف‬
‫عليه أكثر‪.‬‬

‫الشر وال يعاني شيئاً‪ ،‬دعا‬


‫ّ‬ ‫وألجل هذا الطفل الحفيد‪ ،‬ألجل أن يعيش سعيدا ً ال يعرف‬
‫شاعر ربه أن يسعد كل األوطان وأن يشيع فيها األمن والخير والسالم حتّى يعيش األطفال في‬
‫ال ّ‬
‫سعادة ال تتكدر وفي فرحة ال تتغير‪.‬‬

‫األساليب البالغية‬

‫في البيت الثاني شبه الشيخوخة والتقدم في العمر بال ّ‬


‫شيب‪ ،‬وفي البيت العاشر صور أشواق‬
‫قلبه سريرا ً للنوم‪ ،‬وفي البيت الحادي عشر صور أجفانه غطاء يمكن أن يُسدل ويوفّر ّ‬
‫الظل‪،‬‬
‫وصور ضحكة األطفال في البيت الرابع عشر بعصفورا ً يغرد‪ ،‬وجاء التمني في البيت الذي‬

‫‪3‬‬
‫تحدث فيه (ويا ليّتها كانت أحن وأحدبا)‪ ،‬والدعاء قد جاء في البيت الذي تحدث من خالله (ويا‬
‫رب من أجل الطفولة وحدها أفض بركات السلم شرقا ً ومغرباً)‪.‬‬

‫رأيك في النص‬

‫إن هذا النصوص هو عبارة حروف مرصعة بالجواهر واللؤلؤ المكنون‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫غزل هذه الحروف ونسجها بعاطفة الحب والحنان والتعلق الشديد بحفيده خاصة ولألطفال عامة‪،‬‬
‫فقد جاءت هذه القصيدة من أغنى القصائد التي عرف بها الشاعر المعاصر في هذا الوقت‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل عدة جوانب رأيناها من خالل هذه القصيدة‪.‬‬

‫المغزى من النص‬

‫يحاول الشاعر في هذا النص من إظهار حبه الشديد لحفيده‪ ،‬ومن ثم تصوير لفطات من‬
‫حياة ذلك الحفيد وتعلّقه به‪ ،‬ودعاؤه هلل بأن يحفظه هللا‪ ،‬وهو ما يظهر لنا الحب والتعلق الشديد‬
‫بحفيده خاصة‪ ،‬واألطفال عامة‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like