You are on page 1of 14

‫الملتقى العلمي الدولي حول‪ :‬استراتيجيات الطاقات المتجددة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة‬

‫– دراسة تجارب بعض الدول‪-‬‬

‫الطاقات المتجددة ودورها في رفع التنمية المستدامة في الجزائر‬

‫قوجيل سهام‬ ‫د‪ .‬قاشي خالد‬

‫طالبة دكتوراه جامعة البليدة‪2‬‬ ‫أستاذ محاضر أ المركز الجامعي تيبازة‬

‫‪siham.kdjl@gmail.com‬‬ ‫‪khaledgachi2000@yahoo.fr‬‬

‫‪Abstract‬‬ ‫الملخص‬

‫‪Renewable energies are considered as one of the most‬‬ ‫تعتبر الطاقات المتجددة أحد أهم البدائل المتاحة لتحقيق‬
‫‪important alternatives available to achieve sustainable‬‬ ‫التنمية المستدامة‪ ،‬فهي تؤدي دورا حيويا ال غنى عنه‬

‫‪development. They play a vital and indispensable role‬‬ ‫في عالمنا المعاصر‪ ،‬فقط اتضحت أهميتها في عملية‬
‫التنمية وارتباطها الوثيق بمختلف مجاالت التنمية‬
‫‪in the contemporary world. Their importance in the‬‬
‫المستدامة وأبعادها‪ .‬أيضا ثمة اتجاه عالمي نحو اللجوء‬
‫‪development process and their close association with‬‬
‫إلى مصادر الطاقة المتجددة نظرا لكونها تتميز بديمومة‬
‫‪the various fields of sustainable development and their‬‬
‫وجودها وعدم نفاذها‪ ،‬لسد احتياجات اإلنسان المتزايدة‬
‫‪dimensions have become evident.There is also a global‬‬ ‫من الطاقة من ناحية‪ ،‬وللخروج من شبح نفاذ موارد‬
‫‪trend towards the use of renewable energy sources‬‬ ‫الطاقة األحفورية غير المتجددة من ناحية أخرى‪.‬‬
‫‪because they are characterized by the permanence of its‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الطاقة المتجددة‪ ،‬مصادر الطاقة‬
‫‪existence and not to force, to meet the growing human‬‬ ‫المتجددة‪ ،‬التنمية المستدامة‪ ،‬الطاقة المتجددة في‬

‫الجزائر‪.‬مقدمة‬
‫‪energy needs on the one hand, and out‬‬

‫‪of the specter of entry into force of fossil energy‬‬


‫تشكل الطاقة المتجددة حاليا من المصادر الرئيسية للطاقة العالمية خارج الطاقة التقليدية (األحفورية)‪ ،‬إذ‬
‫‪resources, non - renewable on the other hand.‬‬
‫أصبح هناك اهتمام عالمي بشكل عام وجزائري بشكل خاص كمصدر مستقبلي للطاقة‪ .‬وتتميز مصادر‬
‫بديال للطاقة‬
‫‪Keywords: renewable‬‬ ‫‪ renewable‬لتكون‬
‫‪energy,‬‬ ‫وبصفة الديمومة‬ ‫الطاقة المتجددة بأنها نظيفة وغير ملوثة‪ ،‬وكذلك بالتجدد التلقائي‬
‫‪energy‬‬
‫‪ development,‬حيث تسعى‬
‫‪sources, sustainable‬‬ ‫التنمية المستدامة‪،‬‬ ‫تحقيق مبادئ‬
‫‪renewable‬‬ ‫التقليدية‪ ،‬بحيث أضحى استعمالها أكثر من ضرورة في‪in‬سبيل‬
‫‪energy‬‬

‫‪Algeria.‬‬
‫الجزائر في هذا الصدد إلى محاولة زيادة االستثمار في الطاقة البديلة والمتجددة من أجل تلبية االحتياجات‬
‫المتزايدة في الطاقة واستغالل الموارد المتاحة األخرى في سبل توفير أكبر قدر من الطاقة‪.‬‬

‫وأشار تقرير أصدرته شبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن ‪ 21‬إلى أنه من الضروري أن تلعب الطاقة‬
‫المتجددة دورا رئيسيا في إمدادات الطاقة العالمية‪ ،‬وذلك من أجل مواجهة التهديدات البيئية واالقتصادية‬
‫للتغير المناخي التي تتزايد خطرا‪ ،‬وهذا ما يؤكد بأن للطاقات المتجددة أهمية بالغة في حماية البيئة‬
‫باعتبارها طاقة غير ناضبة وتوفر عامل األمان البيئي‪ .‬وفي هذا السياق يمكن صياغة إشكالية هذه الدراسة‬
‫كيف تساهم الطاقة المتجددة في رفع التنمية المستدامة في الجزائر؟‬ ‫في السؤال التالي‪:‬‬

‫ونظرا لكوننا نتحدث عن دور الطاقة المتجددة في رفع التنمية المستدامة وقصد معالجة الموضوع قسمنا‬
‫دراستنا إلى‪:‬‬

‫الطاقة المتجددة ومصادرها‪.‬‬ ‫‪.I‬‬


‫التنمية المستدامة‬ ‫‪.II‬‬
‫الطاقات المتجددة وأثرها في رفع التنمية المستدامة‬ ‫‪.III‬‬
‫واقع ومستقبل الطاقات المتجددة في الجزائر‬ ‫‪.IV‬‬

‫الطاقة المتجددة ومصادرها‪:‬‬ ‫‪-I‬‬


‫‪ -1‬مفهوم الطاقة المتجددة‪:‬‬

‫الطاقة المتجددة هي موارد الطاقة التي يتجدد تدفقها في الطبيعة وال تنضب ولكنها قد تكون محدودة‪،‬‬
‫وتتضمن مصادر الطاقة المتجددة‪ ،‬الكتلة الحيوية‪ ،‬والماء والشمس والطاقة الحرارية األرضية والرياح‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وحركة األمواج‪ ،‬والمد والجزر‪.‬‬

‫هي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية التي تتجدد أو التي ال يمكن أن تنفذ‪ .‬ومصادر الطاقة‬
‫المتجددة تختلف جوهريا عن الوقود األحفوري من بترول وفحم والغاز الطبيعي‪ ،...‬حيث أن مخلفاتها ال‬
‫تحتوي على غازات وملوثات أخرى كما في احتراق الوقود األحفوري‪ .‬وهي تنتج عن الرياح والمياه‬
‫والشمس‪ ،‬وتستخدم على نطاق واسع في البلدان المتقدمة وبعض البلدان النامية‪ ،‬كما أن وسائل إنتاج‬
‫الكهرباء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة أصبح مألوفا في اآلونة األخيرة‪ ،‬وذلك لتجن التهديدات‬
‫الرئيسية لتغير المناخ بسبب التلوث واستنفاد الوقود األحفوري‪ ،‬باإلضافة إلى المخاطر االجتماعية‬
‫‪2‬‬
‫والسياسية للوقود األحفوري والطاقة النووية‪.‬‬
‫تعرف وكالة الطاقة الدولية ‪ IAE‬الطاقات المتجددة كما يلي‪ :‬تتشكل الطاقات المتجددة من مصادر‬
‫الطاقة الناتجة عن مسارات الطبيعة التلقائية كأشعة الشمس والرياح التي تتجدد في الطبيعة بوتيرة أعلى‬
‫‪3‬‬
‫من وتيرة استهالكها‪.‬‬

‫‪ -2‬مصادر الطاقة المتجددة‪:‬‬

‫تتمثل مصادر الطاقة المتجددة فيما يلي‪:4‬‬

‫‪ -1‬الطاقة الشمسية‪ :‬إن استخدام الشمس كمصدر للطاقة هو بين المصادر البديلة للنفط التي تعقد‬
‫عليها اآلمال المستقبلية لكونها طاقة نظيفة ال تنضب‪ ،‬لذلك نجد دوال عديدة تهتم بتطوير هذا‬
‫المصدر وتضعه هدفا تسعى لتحقيقه‪ .‬وتستخدم الطاقة الشمسية حاليا في تسخين المياه المنزلية‬
‫وبرك السباحة والتدفئة والتبريد كما يجري في أوروبا وأمريكا‪ ،‬أما في دول العالم الثالث فتستعمل‬
‫لتحريك مضخات المياه في المناطق الصحراوية الجافة‪ ،‬وتجري اآلن محاوالت جادة الستعمال‬
‫هذه الطاقة مستقبال في تحلية المياه وإنتاج الكهرباء بشكل واسع‪.‬‬
‫‪ -2‬الطاقة الهوائية (طاقة الرياح)‪ :‬الطاقة الهوائية هي الطاقة المستمدة من حركة الهواء والرياح‪،‬‬
‫واستخدمت طاقة الرياح منذ أقدم العصور سواء في تسيير السفن الشراعية وإدارة طواحين الهواء‬
‫لطحن الغالل والحبوب‪ ،‬أو رفع المياه من اآلبار وتستخدم وحدات الرياح في تحويل طاقة الرياح‬
‫إلى طاقة ميكانيكية تستخدم مباشرة أو يتم تحويلها إلى طاقة كهربائية من خالل مولدات‪.‬‬
‫‪ -3‬الطاقة العضوية‪ :‬الطاقة العضوية هي تلك التي يمكن استنباطها من المواد النباتية والحيوانية‬
‫والنفايات بعد تحويلها إلى سائل أو غاز بالطرق الكيماوية أو التحلل الحراري‪ .‬كما يمكن االستفادة‬
‫منها طرق احراقها مباشرة واستخدام الحرارة الناتجة في تسخين المياه أو إنتاج البخار الذي يمكن‬
‫‪5‬‬
‫بواسطته تشغيل التوربينات وتوليد الطاقة الكهربائية‪.‬‬
‫‪ -4‬طاقة الحرارة الجوفية‪ :‬الحرارة الجوفية هي طاقات حرارية دفينة في أعماق األرض وموجودة‬
‫بشكل مخزون من المياه الساخنة أو البخار والصخور الحارة‪ ،‬لكن الحرارة المستغلة خاليا عن‬
‫طريق الوسائل التقنية المتوفرة هي المياه الساخنة والبخار الحار‪ ،‬بينما حقول الصخور الحارة‬
‫مازالت قيد البحث والتطوير‪ ،‬وحتى اآلن ليس هناك دراسات شاملة حول حجم ومدى إمكان‬
‫استغالل هذه الموارد‪ ،‬إذ أن نسبة استخدامها التزال ضئيلة‪ ،‬وتبقى زيادة مساهمة هذا المصدر في‬
‫تلبية احتياجات اإلنسان رهنا بالتطورات التكنولوجية وأعمال البحث والتنقيب التي ستجري‬
‫مستقبال‪ .‬و تستعمل هذه الطاقات لتوليد الكهرباء‪ ،‬كما يمكن استعمالها في مجاالت أخرى كالتدفئة‬
‫المركزية واالستخدامات الزراعية والصناعية واألغراض الطبية‪ ،‬وتجفيف المحاصيل في‬
‫‪6‬‬
‫صناعة الورق والنسيج‪ ،‬وتستخدم الينابيع الساخنة في الجزائر ألغراض طبية وسياحية‪.‬‬
‫‪ -5‬الطاقة المائية‪ :‬يعود تاريخ االعتماد على المياه كمصدر للطاقة إلى ما قبل اكتشاف الطاقة‬
‫البخارية في القرن الثامن عشر حتى ذلك الوقت‪ ،‬كان اإلنسان يستخدم مياه األنهر في تشغيل‬
‫بعض النواعير التي كانت تستعمل إلدارة مطاحن الدقيق وآالت النسيج ونشر األخشاب‪ ،‬أما اليوم‬
‫وبعد أن دخل اإلنسان عصر الكهرباء‪ ،‬بدأ استعمال المياه لتوليد الطاقة الكهربائية كما نشهد في‬
‫دول عديدة مثل النرويج والسويد وكندا والبرازيل‪ ،‬ومن ألجل هذه الغاية تقام محطات توليد‬
‫الطاقة على مساقط األنهار‪ ،‬وتبنى السدود والبحيرات االصطناعية لتوفير كميات كبيرة من الماء‬
‫تضمن تشغيل هذه المحطات بصورة دائمة‪ ،‬وتشير التوقعات المستقبلية لهذا المصدر من الطاقة‬
‫إلى زيادة تقدر بخمسة أضعاف الطاقة الحالية بحلول عام ‪.2020‬‬
‫التنمية المستدامة‪:‬‬ ‫‪-II‬‬
‫‪ -1‬مفهوم التنمية المستدامة‪:‬‬

‫هناك العديد من التعاريف المتعلقة بمفهوم التنمية المستدامة لعل من أهمها وأكثرها تداوال ذلك المفهوم‬
‫الذي قدمته اللجنة العالمية للبيئة والتنمية المستدامة عام ‪1987‬م على أنها " التنمية التي تفي حاجات الجيل‬
‫‪7‬‬
‫الحالي دون اإلضرار بقدرة األجيال القادمة على الوفاء باحتياجاتها"‪.‬‬

‫وتعني التنمية المستدامة أو التنمية الشاملة أو المتواصلة أو المستمرة تلك التنمية التي حاجة الحاضرة‬
‫دون المساومة على قدرة األجيال المقبلة في تلبية احتياجاتهم وهي تعتمد في ذلك على استراتيجيات طويلة‬
‫المدى في تنمية الموارد والمحافظة عليها‪ ،‬حيث أنها ملك لكل األجيال المتعاقبة ولها حق االنتفاع بها‬
‫‪8‬‬
‫واستغاللها دون حد االهدار أو االستنزاف‪.‬‬

‫وجاء تعريف آخر للتنمية المستدامة في المبدأ الثالث الذي أقره مؤتمر البيئة والتنمية في البرازيل‬
‫عام‪1992‬م على أنها" ضرورة إنجاز الحق في التنمية بحيث تتحقق على نحو متساوي الحاجات التنموية‬
‫والبيئية ألجيال الحاضر والمستقبل"‪ .‬كما يمكن أن نعرف التنمية المستدامة تعريفا شامال بأنها تعد تغيرا‬
‫اجتماعيا موجها من خالل إيديولوجية معينة وهي عبارة عن عملية معقدة وواعية على المدى الطويل‬
‫وتكون شاملة ومتكاملة في أبعادها االقتصادية واالجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية وتكنولوجية في‬
‫هذا المجال مع تجنب عدم تجاهل الضوابط البيئية ودمار الموارد الطبيعية وتطور الموارد البشرية‬
‫واحداث تحوالت في القاعدة الصناعية السائدة وهكذا فإن عملية التنمية هي عملية موجبة باتجاه األفضل‬
‫‪9‬‬
‫ألفراد المجتمع‪.‬‬

‫‪ -2‬األبعاد األساسية للتنمية المستدامة‪:‬‬

‫إن غالبية الدراسات والبحوث تؤكد على أن التحدي األكبر بالنسبة لعملية التنمية المستدامة يتمثل في‬
‫إنجاز األبعاد الثالثة (االقتصادية واالجتماعية والبيئية) بشكل متوازن ومتزامن من خالل االستفادة من‬
‫تفاعلها‪ ،‬مع تجنب سلبيات هذا التفاعل في نفس الوقت‪.‬‬

‫أ‪ -‬البعد االقتصادي‪ :‬تلعب الطاقة دورا حاسما‪ ،‬في مجال التنمية االقتصادية من خالل تحويل‬

‫الموارد إلى سلع وخدمات نافعة‪ .‬كذلك تتطلب عملية التنمية االقتصادية استخدام المزيد من الموارد‪ ،‬و‬
‫بناءا على نوعية الموارد المستخدمة سيتحدد تأثير النمو االقتصادي على البيئة‪ 10.‬ويعني هذا البعد زيادة‬
‫رفاه المجتمع والقضاء على الفقر‪ ،‬من خالل التقليل المتواصل في استهالك دول الشمال المتقدمة من‬
‫الطاقة والموارد الطبيعية وتوظيف الموارد من أجل رفع مستوى المعيشة للسكان في الدول الفقيرة التي‬
‫‪11‬‬
‫تقع في الجنوب‪.‬‬

‫ب‪ -‬البعد البيئي‪ :‬يركز هذا البعد في التنمية المستدامة على مراعاة الحدود البيئية بحيث لكل نظام‬

‫بيئي حدود معينة ال يمكن تجاوزها من االستهالك واالستنزاف‪ ،‬أما في حالة تجاوز تلك الحدود فإنه يؤدي‬
‫إلى تدهور النظام البيئي‪ 12.‬األمر الذي أدى إلى وجود قناعة كاملة بأن إدارة البيئة بشكل سليم ومتوازن‬
‫أمر ضروري لعملية التنمية‪ ،‬فد أصبحت عملية الحفاظ على البيئة والحيلولة دون تدهورها تتصدر سلم‬
‫األولويات واالهتمامات الدولية والوطنية‪ ،‬نظرا ألن استنزاف البيئة واإلخالل بتوازنها يؤثر سلبا على‬
‫‪13‬‬
‫التنمية‪.‬‬

‫ج‪ -‬البعد االجتماعي‪ :‬يركز البعد االجتماعي للتنمية المستدامة على اإلنسان الذي يشكل جوهر‬

‫التنمية المستدامة وغايتها وهدفها النهائي‪ ،‬ومن خالل االهتمام بالعدالة االجتماعية ومكافحة الفقر وتوفير‬
‫الخدمات االجتماعية إلى جميع المحتاجين لها‪ ،‬فضال عن ضمان الديمقراطية من خالل مشاركة الشعوب‬
‫‪14‬‬
‫في اتخاذ القرار بكل شفافية‪.‬‬

‫الطاقات المتجددة وأثرها في رفع التنمية المستدامة‬ ‫‪-III‬‬

‫تعتبر الطاقة المتجددة عنصرا جوهريا من عناصر تلبية جميع االحتياجات اإلنسانية‪ ،‬كما أنها تضطلع‬
‫بدور هام في تحقيق الجوانب االجتماعية واالقتصادية والبيئية المتعلقة بالتنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫ونتيجة لما تقدم‪ ،‬فإن الطاقة المتجددة تلعب دورا مهما في إنجاز أهداف التنمية المستدامة‪.‬‬

‫‪ -1‬الطاقة المتجددة واألبعاد البيئية للتنمية المستدامة‪:‬‬

‫لقد تعرض جدول أعمال القرن الواحد والعشرين إلى العالقات بين الطاقة واألبعاد البيئية للتنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بحماية الغالف الجوي من التلوث الناجم عن استخدام الطاقة في مختلف‬
‫النشاطات االقتصادية واالجتماعية وفي قطاعي الصناعة والنقل على وجه الخصوص‪ ،‬حيث دعت‬
‫األجندة ‪ 21‬إلى تجسيد مجموعة من األهداف المرتبطة بحماية الغالف الجوي والحد من التأثيرات السلبية‬
‫لقطاع الطاقة مع مراعاة العدالة في توزيع مصادر الطاقة وظروف الدول التي يعتمد دخلها القومي على‬
‫مصادر الطاقة األولية او تلك التي يصعب عليها تغيير نظم الطاقة القائمة بها‪ ،‬وذلك بتطوير سياسات‬
‫وبرامج الطاقة المستدامة من خالل العمل على تطوير مزيج من مصادر الطاقة المتوفرة األقل تلويثا للحد‬
‫من التأثيرات البيئية غير المرغوبة لقطاع الطاقة‪ ،‬مثل انبعاث غازات االحتباس الحراري‪ ،‬ودعم برامج‬
‫البحوث الالزمة للرفع من كفاءة نظم وأساليب استخدام الطاقة‪ ،‬اضافة إلى تحقيق التكامل بين سياسات‬
‫قطاع الطاقة والقطاعات االقتصادية األخرى وخاصة قطاعي النقل والصناعة‪.‬‬

‫‪ -2‬الطاقة المتجددة واألبعاد االقتصادية واالجتماعية للتنمية المستدامة‪:‬‬


‫‪ ‬الطاقة المتجددة والتنمية البشرية‪ :‬تتضح العالقة بين التنمية البشرية والطاقة من خالل االرتباط‬

‫القوي بين متوسط استهالك الفرد من الطاقة ومؤشر التنمية البشرية وخاصة في الدول النامية‪ ،‬كما يؤدي‬
‫استهالك الفرد من مصادر الطاقة التجارية دورا هاما في تحسين مؤشرات التنمية البشرية عن طريق‬
‫تأثيرها في تحسين خدمات التعليم والصحة وبالتالي مستوى المعيشة‪ ،‬وتعطي الكهرباء صورة واضحة‬
‫حول ذلك‪ ،‬اذ تمثل مصدر ال يمكن استبداله بمصدر أخر للطاقة في استخدامات كثيرة كاإلنارة‪ ،‬التبريد‬
‫والتكييف وغيرها‪.‬‬

‫‪ ‬تغيير أنماط االنتاج واالستهالك غير المستدام‪ :‬يمثل قطاع الطاقة واحد من القطاعات التي‬

‫تتنوع بها أنماط االنتاج واالستهالك‪ ،‬والتي تتميز في معظمها بمعدالت هدر مرتفعة‪ ،‬وفي ظل الزيادة‬
‫المطردة في االستهالك نتيجة للنمو السكاني فإن األمر يتطلب تشجيع كفاءة استخدام وقابلية استمرار‬
‫موارد الطاقة من خالل وضع سياسات تسعير مالئمة من شأنها اتاحة حوافز زيادة كفاءة االستهالك‬
‫والمساعدة على تطبيق اإلصالحات القانونية والتنظيمية التي تؤكد على ضرورة االستغالل المستدام‬
‫للموارد الطبيعية وتنمية موارد الطاقة المتجددة اضافة إلى تسهيل الحصول على التجهيزات المتسمة‬
‫بالكفاءة في استهالك الطاقة والعمل على تطوير آليات التمويل المالئمة‪.‬‬

‫واقع ومستقبل مصادر الطاقات المتجددة في الجزائر‬ ‫‪-IV‬‬


‫‪ -1‬واقع مصادر الطاقة المتجددة في الجزائر‪:‬‬
‫أ‪ .‬الطاقة الشمسية في الجزائر‪ :‬نظرا للموقع الجغرافي للجزائر الذي يؤهلها للتمتع بطاقة‬

‫شمسية هائلة‪ ،‬فإن الحقل الشمسي (‪ )Gisement solaire‬االستثنائي يغطي مساحة ‪ 2.381.754‬كيلومتر‬
‫مربع وأزيد من ‪ 3000‬ساعة شمسية سنويا ويوضح الجدول التالي إمكانات الطاقة الشمسية في‬
‫جدول ‪ .1‬إمكانات الطاقة الشمسية في الجزائر‬ ‫‪16‬‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫الصحراء‬ ‫الهضاب العليا‬ ‫المنطقة الساحلية‬ ‫المناطق‬

‫‪86‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪4‬‬ ‫المنطقة‪%‬‬

‫‪3500‬‬ ‫‪3000‬‬ ‫‪2650‬‬ ‫معدل مدة إشراق الشمس(ساعة‪/‬سنة)‬

‫‪2650‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪1700‬‬ ‫معدل الطاقة المتحصل عليها (كيلو‬


‫واط ساعي‪/‬م‪/2‬سنة‬

‫المصدر‪ :‬وزارة الطاقة والمناجم‪ ،‬دليل الطاقات المتجددة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫من خالل الجدول السابق نجد أن الصحراء تحتل مركز الصادرة في معدل الطاقة المتحصل عليها‬
‫المقدرة بــ ‪ 2650‬كيلو واط ساعي‪/‬م‪ /2‬سنة نتيجة تمتعها بأعلى معدل مدة االشراق المقدر بــ ‪ 3500‬ساعة‬
‫في سنة‪ ،‬تليها الهضاب العليا ثم المنطقة الساحلية‪ ،‬هذه اإلمكانات تفتح أمام الجزائر االستثمار في هذا‬
‫المجال‪.‬‬

‫ب‪ .‬طاقة الرياح في الجزائر‪ :‬يتغير المورد الريحي في الجزائر من مكان آلخر نتيجة‬

‫الطبوغرافية وتنوع المناخ‪ ،‬حيث تنقسم الجزائر إلى منطقتين جغرافيتين الشمال الذي يحده البحر المتوسط‬
‫ويتميز بساحل يمتد ‪1200‬كلم ويتميز بسرعة رياح معتدلة‪ ،‬ومنطقة الجنوب التي تتميز بسرعة رياح أكبر‬
‫من الشمال خاصة الجنوب الغربي بسرعة ‪4‬م‪ /‬ثا وتتجاوز ‪6‬م‪ /‬ثا في منطقة أدرار‪ ،‬وعليه يمكن القول أن‬
‫سرعة الرياح في الجزائر تتراوح ما بين ‪ 2‬إلى ‪ 6‬م‪ /‬ثا ‪ .‬لقد أتاح وضع خارطة لسرعة الرياح والقدرات‬
‫من الطاقة المولدة من الرياح المتوفرة في الجزائر تحديد ثماني مناطق شديدة الرياح‪ ،‬قابلة الحتضان‬
‫تجهيزات توليد الطاقة من الرياح‪ ،‬وهي‪ :‬منطقتان على الشريط الساحلي‪ ،‬ثالث مناطق في الهضاب العليا‪،‬‬
‫وثالث مواقع أخرى في الصحراء‪.‬‬

‫وقد تم في الجزائر إنشاء حقل إلنتاج الكهرباء عبر الطاقة الريحية بقوة ‪ 10‬ميغا واط بقصر كبرتن‬
‫على بعد ‪ 70‬كلم شمال والية أدرار وذلك من خالل شركة فرنسية تدعى " سيجالك " والتي تكفلت بإنجاز‬
‫المشروع وتركيب تجهيزات الحقل في مدة ‪ 37‬شهرا‪ ،‬كما سيتم تركيب ‪ 165‬مولد كهربائي عبر الطاقة‬
‫الريحية على مساحة إجمالية تقدر بــ (‪ 50‬هكتار) وسيتم إنشاء جوالي (‪ 12‬محطة) لتوليد الطاقة‬
‫الكهربائية ذي الضغط المنخفض والضغط المتوسط‬

‫ج‪ .‬الطاقة المائية‪ :‬تتميز الجزائر بمناخ حار صيفا إلى بارد شتاء ويكاد ينعدم سقوط‬

‫األمطار صيفا مع معدل تبخر شديد اإلرتفاع مما يسفر عن نظام مائي معقد مع تقلب الفصول بمرور‬
‫السنين‪ ،‬أما األمطار فتتساقط حوالي ‪ 100‬يوم في السنة كحد أقصى‪ ،‬وفي بعض األحيان قد يزيد معدل‬
‫السقوط عن ‪ 100‬ملم في أقل من يوم واحد‪ ،‬وقد يرتكز جزء كبير من أمطار العام خالل أيام قليلة مع‬
‫سقوط الثلوج أحيانا على القمم الجبلية‪ ،‬ومعدل سقوط المطر سنويا شمال البالد يزيد عن ‪ 500‬ملم ويمكن‬
‫أن يصل إلى ‪ 1500‬أو ‪ 2000‬ملم أحيانا ويتناقص المطر تدريجيا كلما اتجهنا جنوبا حتى يكون أقل من‬
‫‪17‬‬
‫‪ 100‬ملم في السنة في المناطق المتاخمة للصحراء وينعدم تقريبا في المناطق الصحراوية‪.‬‬

‫وبالنسبة لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة المائية فهي ال تتجاوز ‪ % 3‬فقط أما االنسبة الباقية فيتم‬
‫توليدها من الغاز الطبيعي خاصة‪ ،‬ويرجع استغالل هذه الطاقة كون أن عدد محطات إنتاج الكهرباء‬
‫‪18‬‬
‫انطالقا من الطاقة المائية هو عدد غير كافي باإلضافة إلى عدم االستغالل الجيد للمحطات الموجودة‪.‬‬

‫د‪ .‬الطاقة الحيوية‪ :‬إمكانيات الجزائر في الكتلة الحيوية تنقسم إلى اثنين‬
‫‪ ‬موارد غابية‪ :‬وتقد الطاقة اإلجمالية لهذه الموارد بــ ‪ 37‬ميغا طن معدل نفط ‪/‬السنة‪ ،‬بقدة استرجاع‬
‫تقدر بــ ‪ 3.7‬ميغا طن معدل نفط ‪ /‬السنة أي بمعدل ‪. %10‬‬
‫‪ ‬إمكانات الطاقة من النفايات الحضرية والزراعية ( لم تتم عملية إعادة تدويرها)‪ ،‬وتمثل هذه‬
‫اإلمكانات حقال قادر على استيعاب ‪ 1.33‬مليون طن معادل نفط في السنة‪.‬‬
‫ه‪ .‬الطاقة الجوفية الحرارية‪ :‬تعتبر طاقة حرارة األرض الجوفية من أهم المصادر البديلة‬
‫للنفط إال أنها ال تزال محدودة‪ ،‬كما أن عملية البحث الجيولوجي لم تستكمل بعد ومع ذلك فهناك إمكانيات‬
‫محدودة‪ ،‬كما أن عملية البحث الجيولوجي لم تستكمل بعد ومع ذلك فهناك إمكانيات محدودة خاصة في‬
‫الدول العربية والتي لم يتم استغاللها‪.‬‬

‫يسمح تجميع المعلومات الجيولوجية و الجيوكيميائية‪ ،‬والجيوفزيائية برسم خريطة ((جيو مترية))‬
‫اولية تجمع أكثر من ‪ 200‬منبع ساخن في المنطقة الشمالية للبالد‪ ،‬والتي يمكن استعمالها في التدفئة‬
‫والتجفيف الزراعي‪ ،‬وتربية الحيوانات‪ ،‬وصناعة األغذية الزراعية‪ ،‬ويعد ثلث هذه المنابع المعدنية لها‬
‫درجات حرارة تفوق ‪ °45‬كما توجد منابع ذات حرارة مرتفعة جدا تصل إلى ‪ °118‬عين أولمان و ‪°199‬‬
‫‪19‬‬
‫في بسكرة‪.‬‬

‫‪ -2‬األفاق المستقبلية للطاقة المتجددة في الجزائر‬

‫نظرا لإلمكانيات والموارد الطبيعية للجزائر فإنه يتوقع أن تصبح قوة اقتصادية عالمية في مجال‬
‫الطاقات المتجددة في أفاق ‪ ،2030‬والتخلص من التبعية االقتصادية لقطاع المحروقات‪ .‬أما مركز الجزائر‬
‫الطاقوي فإنه من المقدر أن يتجه نحو قمة الهرم في االتجاه الموجب خالل هذه الفترة‪ ،‬كما يتوقع أن توفر‬
‫الطاقات المتجددة بالجزائر‪ %37‬من حاجاتها بحلول عام ‪.2030‬‬

‫كما أنه في أفاق ‪ 2030‬من الممكن أن تصل نسبة الطاقة المتجددة ‪ %40‬من إجمالي الطاقة‪ ،‬حيث أن‬
‫‪ %60‬عبارة عن طاقة شمسية مركزة و‪ %23‬عبارة عن طاقة فتوفولطية (أي تحويل ضوء الشمس إلى‬
‫طاقة كهربائية) و‪ %17‬عبارة عن طاقة الرياح‪.‬‬

‫من التقنيات األخرى لغاية عام ‪ ،2030‬حيث تقدر تكاليف توليد الكهرباء المتوقعة من الخاليا الضوئية‬
‫بما يتراوح ما بين ‪ 70‬و ‪ 325‬دوالر‪ /‬ميغاواط ساعة في عام ‪ 2030‬بالمقارنة مع ‪ 45-35‬و ‪45-40‬‬
‫ميغاواط ساعة لكل من الغاز الطبيعي والفحم على التوالي خالل نفس السنة‪ .‬كم يتوقع انخفاض تكلفة‬
‫الطاقة الشمسية الحرارية مقارنة بالطاقة الشمسية الضوئية‪.‬‬

‫أما في مجال طاقة الرياح والتي تعتبر المحور الثاني بعد الطاقة الشمسية في مجال الطاقات المتجددة‪،‬‬
‫ويؤكد خبراء على أن استغالل ثروة الرياح بوسعه توفير مداخيل ضخمة تصل إلى حدود ‪ 3‬مليارات‬
‫يورو كل عام‪ ،‬وتمكين الجزائر من إنتاج طاقة كهربائية تساهم في التنمية المستدامة وتخلق آالف‬
‫الوظائف المباشرة وغير المباشرة‪.‬‬

‫وبحسب مراجع رسمية‪ ،‬تستعد الجزائر إلطالق برنامج واسع لتوليد الطاقة الكهربائية من الرياح في‬
‫غضون التسعة عشر سنة القادمة‪ ،‬ويوضح تقرير حديث لوزارة الطاقة والمناجم‪ ،‬أن البرنامج يقوم على‬
‫استثمار ‪ 4500‬مليار دينار ( نحو ‪ 62‬مليار دوالر) إلنشاء وحدات صناعية ومزارع مختصة باستخراج‬
‫الطاقة الكهربائية من الرياح على مستوى مناطق " دالي ابراهيم"‪ " ،‬رأس الوادي"‪ " ،‬بجاية"‪" ،‬‬
‫سطيف"‪ " ،‬برج بوعريريج" و "تيارت"‪ .‬ويولي هذا البرنامج الواعد‪ ،‬اهتماما لتعميم استغالل طاقة‬
‫الرياح في آفاق سنة ‪ 2030‬على مستوى كافة المواقع التي تشهد نشاطا كبيرا للرياح على غرار الهضاب‬
‫‪20‬‬
‫العليا والصحراء الكبرى‪ ،‬ال سيما بواليات "تندوف"‪ " ،‬تيميمون" و "بشار"‪.‬‬

‫وبإطالقها برنامجا طموحا لتنمية الطاقات المتجددة )‪ )EnR‬والنجاعة الطاقوية‪ ،‬تطلق الجزائر‬
‫ديناميكية الطاقة الخضراء التي تقوم على استراتيجية تتمحور حول الطاقات التي ال تنضب واستعمالها‬
‫ألجل تنويع مصادر الطاقة‪ ،‬وإعداد جزائر الغد‪ .‬وهكذا تدخل الجزائر عهدا جديدا من الطاقة المستدامة‪.‬‬
‫وبعد حوالي أربع سنوات من اطالق برنامج تنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية‪ ،‬سواء منها‬
‫الوطنية أو الدولية‪ ،‬ومن بين هذه العناصر تجد اإلشارة إلى‪:‬‬

‫‪ ‬معرفة أفضل القدرات الوطنية في مجال الطاقات المتجددة من خالل دراسات أجريت خالل هذه‬
‫المرحلة األولى‪ ،‬خاصة القدرات الشمسية والرياح‪.‬‬
‫‪ ‬انخفاض تكلفة صناعات الخاليا الشمسية وتجهيزات طاقة الرياح التي باتت تفرض نفسها في‬
‫السوق أكثر فأكثر لتشكل صناعات قابلة لالستمرار وجديرة باالعتبار ( النضج التكنولوجي‪،‬‬
‫التكاليف التنافسية‪.)...‬‬
‫‪ ‬تكلفة صناعات التقنية الشمسية التي تبقى مرتفعة ومرتبطة بتكنولوجية غير ناضجة بعد‪ ،‬خاصة‬
‫من ناحية التخزين‪ ،‬إضافة إلى نمو بطيء للغاية في سوقها‪.‬‬

‫وهكذا فإن برنامج الطاقات المتجددة المحين‪ ،‬يتمثل في وضع طاقة متجددة منذ البداية بقدرة ‪22.000‬‬
‫ميغاوات في أفق ‪ 2030‬بالنسبة للسوق الوطني‪ ،‬مع التمسك بخيار التصدير كهدف استراتيجي إذا سمحت‬
‫ظروف السوق بذلك‪ ،‬وبفضل هذا البرنامج الجديد‪ ،‬فإن الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية‪ ،‬سيكونان في‬
‫صلب السياسات الطاقوية واالقتصادية التي تنتهجها الجزائر‪ .‬وهكذا مع حلول سنة ‪ ،2030‬فإن ‪ %37‬من‬
‫القدرات القائمة و‪ %27‬من اإلنتاج الكهربائي الموجه لالستهالك الوطني‪ ،‬ستكون من أصل قابل للتجدد‪،‬‬
‫لذلك تنوي الجزائر عبر برنامجا للطاقات المتجددة أن تتموضع كفاعل مص ّمم في إنتاج الطاقة من الوسائل‬
‫الشمسية ومن الرياح مع إدماج الكتلة الحيوية والتوليد المشترك والحرارة الجوفية‪ .‬هذه الفروع الطاقوية‬
‫ستكون المحرك لتنمية اقتصادية دائمة من شأنها دفع نموذج جديد من التنمية االقتصادية‪ .‬وحيث أن‬
‫القدرات الوطنية من الطاقات المتجددة تتشكل أساسا من الطاقة الشمسية‪ ،‬فإن الجزائر تعتبر هذه الطاقة‬
‫كفرصة وكرافع للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬خاصة عبر إقامة صناعات خالقة للثروة وللشغل‪ ،‬وهذا‬
‫ال يستبعد في نفس الوقت إطالق مشاريع متعددة إلنجاز مساحات لطاقة الرياح وتنفيذ مشاريع للكتلة‬
‫الهوائية والحرارة الجوفية والتوليد المشترك‪ .‬ويتضمن برنامج الطاقات المتجددة إنجاز حوالي ستين من‬
‫المحطات الشمسية ومساحات الرياح في حدود ‪ ،2020‬ستتم مشاريع الطاقة المتجددة لإلنتاج الكهربائي‬
‫المو ّجهة للسوق الوطنية على مرحلتين‪:‬‬

‫‪ ‬المرحلة األولى ‪ :2020-2015‬سترى هذه المرحة إنجاز طاقة قدرها ‪ 4000‬ميغاوات‪ ،‬بين‬
‫الشمسية والرياح‪ ،‬و‪500‬ميغاوات بين الكتلة الحيوية والتوليد المشترك والحرارة الجوفية‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثانية ‪ :2030-2021‬تنمية الربط الكهربائي بين الشمال والصحراء (أدرار) ستمكن من‬
‫تركيب محطات كبرى للطاقات المتجددة في مناطق عين صالح‪ ،‬أدرار‪ ،‬تيميمون وبشار‪ ،‬ودمجها‬
‫في منظومة الطاقة الوطنية‪ .‬وعند هذا الموعد‪ ،‬فإن الحرارة الشمسية قد تصبح صالحة اقتصاديا‪.‬‬

‫يتوقع أن يصل إنتاج الكهرباء إلى ‪90‬تيراواط ساعي في ‪ 2020‬و‪170‬تيراواط ساعي في ‪.2030‬‬
‫لذلك فإن دمج الطاقة المتجددة في الخليط الطاقوي يشكل رهانا كبيرا ألجل الحفاظ على الموارد‬
‫األحفورية‪ ،‬وتنويع فروع إنتاج الطاقة والمساهمة في التنمية المستدامة‪ .‬كل هذه االعتبارات تبرر من اليوم‬
‫إدماج الطاقات المتجددة في استراتيجية العرض الطاقوي على المدى البعيد‪ ،‬مع إعطاء دور هام في نفس‬
‫الوقت للنجاعة الطاقوية‪ .‬إن الجزائر من خالل برنامج الطاقة المتجددة‪ ،‬قد سارت في طريق الطاقات‬
‫المتجددة لتوفير حلول شاملة ودائمة للتحديات البيئية وللحفاظ على مصادر الطاقة األحفورية‪ .‬ويتضمن‬
‫هذا البرنامج تنمية الخاليا الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع‪ .‬إن إدخال الطاقة الشمسية الحرارية‬
‫وكذا فروع الكتلة الحيوية والتوليد المشترك والحرارة الجوفية‪ ،‬سيكون تدريجيا‪ ،‬وسيتم تركيب وسائل‬
‫وأنواع الطاقات المتجددة حسب خصوصيات كل منطقة‪:‬‬

‫‪ ‬منطقة الصحراء لتهجين المحطات الموجودة المشتغلة بالديزل‪ ،‬وتزويد المواقع المتباعدة نظرا‬
‫ألهمية القدرات الشمسية والرياح في هذه المنطقة‪.‬‬
‫‪ ‬منطقة الهضاب العليا لتعرضها للشمس والرياح مع توفر األراضي‪.‬‬
‫‪ ‬المنطقة الساحلية حسب توفر وعاء األراضي مع استغالل الفضاءات التي تتوفر فيها الطاقات‬
‫المتجددة‪.‬‬

‫الجدول‪ : 02‬القدرات المتراكمة لبرنامج الطاقة المتجددة حسب النوع والمرحلة خالل المدة ‪-2015‬‬
‫‪:2030‬‬
‫المجموع‬ ‫المرحلة الثانية ( ‪-2021‬‬ ‫المرحلة األولى (‪-2015‬‬
‫‪)2030‬‬ ‫‪)2020‬‬

‫(‪).....‬‬ ‫‪10575‬‬ ‫‪3000‬‬ ‫الخاليا الشمسية‬

‫‪5010‬‬ ‫‪4000‬‬ ‫‪1010‬‬ ‫الرياح‬

‫‪2000‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫_‬ ‫الحرارة الشمسية‬

‫‪440‬‬ ‫‪250‬‬ ‫‪190‬‬ ‫التوليد المشترك‬

‫‪1000‬‬ ‫‪640‬‬ ‫‪360‬‬ ‫الكتلة الحيوية‬

‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪05‬‬ ‫الحرارة الجوفية‬

‫‪22000‬‬ ‫‪17475‬‬ ‫‪4525‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬وزارة الطاقة وللمناجم‪ ،‬برنامج تطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية‪.‬‬

‫ويهدف برنامج الجزائر للطاقات المتجددة إلى انتاج ‪ 22‬ألف ميغاواط من الكهرباء في آفاق ‪،2030‬‬
‫بينها ‪ 12‬ألف ميغاواط موجهة لتلبية الطلب الوطني‪ ،‬و‪10‬آالف ميغاواط للتصدير‪ ،‬في وقت يجزم خبراء‬
‫بقدرة الجزائر على إنتاج ‪ 170‬تيراواط في الساعة من الطاقة المتجددة‪ ،‬وهو ما يجعلها أول دولة‬
‫‪21‬‬
‫متوسطية‪.‬‬

‫وبالتالي سيسمح تحقيق هذا البرنامج بــ‪:‬‬

‫‪ ‬الوصول في أفاق ‪ 2030‬لحصة من الطاقات المتجددة بنسبة ‪ %27‬من الحصيلة الوطنية إلنتاج‬
‫الكهرباء‪.‬‬
‫‪ ‬إدخار ‪300‬مليار متر مكعب من حجم الغاز الطبيعي أي ما يعادل ‪ 8‬مرات االستهالك الوطني‬
‫لسنة ‪.2014‬‬

‫وتدعيما لهذا البرنامج أنشأت الحكومة الجزائرية " المعهد الجزائري للبحث والتطوير للطاقات‬
‫المتجددة" وكذا شبكة مراكز للبحث والتطوير مثل‪ :‬مركز البحث والتطوير للكهرباء والغاز‪ ،‬الوكالة‬
‫الوطنية لترقية وترشيد استعمال الطاقة‪ ،‬مركز تطوير الطاقات المتجددة ووحدة تطوير معدات الطاقة‬
‫‪22‬‬
‫الشمسية‪.‬‬
‫الخالصة‬

‫إن استدامة مصادر توليد الطاقة المتجددة ينطوي على أهمية كبرى في مجال التنمية المستدامة‪ ،‬نظرا‬
‫ألن إنتاج واستهالك الطاقة يمكن أن يؤثر على مستقبل الكثير من األجيال القادمة نتيجة لتصاعد المخاطر‬
‫والمشكالت‪ ،‬و خاصة مشكلة التغيرات البيئية‪ .‬لذلك أصبح هناك ضرورة وحاجة حقيقية للتوجه نحو‬
‫تطوير واستغالل مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة في عالمنا‪ ،‬وتشجيع وتسهيل النشاطات الواعدة خاصة‬
‫في قطاعي الطاقة الشمسية والرياح حيث يعدان من أسرع مصادر الطاقة نمو وجذبا لالستثمارات في‬
‫الوقت الحالي‪ ،‬كما أنها تطرح نفسها بقوة في ظل االنهيار المالحظ في أسعار النفط على مستوى األسواق‬
‫الدولية‪ ،‬والذي جعل العديد من الدول المنتجة تسطر استراتيجيات القتصاد ما بعد البترول‪ .‬والجزائر‬
‫إحدى الدول التي تسعى جاهدة لتكريس مبدأ المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة للنهوض باقتصادها‬
‫مستقبال في اعتمادها لسياسة طاقوية تنطلق من إيجاد العناصر البديلة الفعلية التي تحقق ذلك وهذا من أجل‬
‫المحافظة على مواردها البترولية الناضبة واستغاللها وإدارتها بكفاءة عالية بغرض دعم مسيرة التنمية‬
‫المستدامة‪.‬‬

‫وبالتالي يفترض على الجزائر تكثيف االهتمام بهذا المجال من خالل‪:‬‬

‫‪ ‬تكريس وتدعيم التوجه نحو استخدام الطاقات المتجددة والبديلة في االستراتيجيات الوطنية‪ ،‬نظرا‬
‫للمزايا التي تتصف بها‬
‫‪ ‬وضع إطار تشريعي سليم وإجراءات صارمة لدعم برامج الطاقة المتجددة ليتم انجازها في الوقت‬
‫المحدد‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع التعاون مع الدول المتقدمة في المجال لالستفادة من خبراتها‬
‫دعم الشراكة بين القطاع العام والخاص والتعاون مع الجامعات ومراكز البحث المتخصصة‬ ‫‪‬‬
‫لقيادة التنمية في مجال الطاقة المتجددة‪.‬‬
‫‪ ‬دعم الدولة لهذا النوع من المشاريع من خالل امتيازات مالية أو جبائية‪ ،‬التي تدعم بشكل قوي‬
‫نجاح هذه المشاريع‪.‬‬

‫االحاالت و الهوامش‪:‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم عبد هللا عبد الرؤوف محمد‪ ،‬الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة دراسات تحليلية تطبيقية‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2017 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ 2‬عرابة الحاج بن محمود‪ ،‬نفاح زكرياء بن علي‪ ،‬الطاقة المتجددة كخيار استراتيجي لتحقيق التنمية‬
‫المستدامة (حالة الجزائر)‪،Global Journal of Economic and Business,vol2,No1 ،‬‬
‫‪،2017‬ص‪.38‬‬
‫‪ 3‬بوزيد سفيان‪ ،‬محمد عيسى محمد محمود‪ ،‬آليات تطوير وتنمية استغالل الطاقات المتجددة في الجزائر‪،‬‬
‫مجلة المالية لألسواق‪ ،‬المجلد‪ ،3‬العدد‪ ،2017 ،6‬ص‪.116‬‬
‫‪ 4‬محمد طالبي‪ ،‬محمد ساحل‪ ،‬أهمية الطاقة المتجددة في حماية البيئة ألجل التنمية المستدامة (عرض‬
‫تجربة ألمانيا)‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد‪ ،06‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬ورقلة‪،2008 ،‬‬
‫ص‪204-203‬‬
‫‪ 5‬إبراهيم عبد هللا عبد الرؤوف محمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ 6‬محمد طالبي‪ ،‬محمد ساحل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.205‬‬
‫‪ 7‬ابراهيم عبد هللا عبد الرؤوف محمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪ 8‬يسرى دعبس‪ ،‬البيئة والتنمية المستدامة قضايا وتحديات وحلول‪ ،‬البيطاش سنتر للنشر والتوزيع ‪،‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬االسكندرية‪ ،2006 ،‬ص‪.521‬‬
‫‪ 9‬هاشم مرزوك علي الشمري وآخرون‪ ،‬االقتصاد األخضر‪ :‬مسار جديد في التنمية المستدامة‪ ،‬دار األيام للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة‪ ،1‬عمان‪ ،2016 ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ 10‬ابراهيم عبد هللا عبد الرؤوف محمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ 11‬قريني نور الدين‪ ،‬استراتيجية تطوير الطاقات المتجددة ودورها في التنمية االقتصادية‪ -‬دراسة حالة‬
‫الجزائر‪ ،‬أطروحة مقدمة ضمن متطلبات نيل درجة الدكتوراه في علوم التسيير‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‬
‫وعلوم التسيير جامعة البليدة‪ ،2015 ،2‬ص‪.183‬‬
‫‪ 12‬هاشم مرزوك علي الشمري وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪520‬‬
‫‪ 13‬ابراهيم عبد هللا عبد الرؤوف محمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ 14‬ناصر مراد‪ ،‬التنمية المستدامة وتحدياتها في الجزائر‪ ،‬مجلة بحوث اقتصادية عربية‪ ،‬العدد ‪ ،46‬لبنان‪،2009 ،‬‬
‫ص‪.108‬‬
‫‪ 15‬فروحات حدة‪ ،‬الطاقات المتجددة كمدخل لتحقيق التنمية المستدامة في الجزائر (دراسة لواقع مشروع‬
‫تطبيق الطاقة الشمية في الجنوب الكبير بالجزائر‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد ‪ ،11‬كلية العلوم االقتصادية‬
‫والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬ورقلة‪ ،2012 ،‬ص‪.151‬‬
‫‪ 16‬مواكني سهيلة‪ ،‬األثار االقتصادية لمصادر الطاقات المتجددة في الجزائر وآفاقها المستقبلية‪ ،‬نشرية‬
‫الطاقات المتجددة‪ ،‬العدد‪ ،02‬مركز تنمية الطاقات المتجددة‪ ،2016 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ 17‬نور الدين حاروش‪ ،‬استراتيجية إدارة المياه في الجزائر‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬جوان‪ ،2012 ،‬ص‪.62-61‬‬
‫‪ 18‬تكواشت عماد‪ ،‬واقع وأفاق الطاقة المتجددة ودورها في التنمية المستدامة في الجزائر‪ ،‬مذكرة مقدمة‬
‫لنيل شهادة الماجستير في العلوم االقتصادية تخصص اقتصاد تنمية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪،2012 ،‬‬
‫ص‪.158‬‬
‫‪ 19‬مواكني سهيلة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ 20‬مواكني سهيلة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ 21‬وزارة الطاقة والمناجم‪ ،‬برنامج تطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية‪ ،‬الجزائر‪.2016 ،‬‬
‫‪ 22‬الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار‪ ،‬قطاع الطاقات المتجددة‪ ،‬البرنامج الوطني‪ ،‬منشور على الموقع‬
‫‪ ،http://www.andi.dz/index.php/ar/les-energies-renouvelables‬تاريخ االطالع‪:‬‬
‫‪.2018/02/18‬‬

You might also like