Professional Documents
Culture Documents
إستبدال النظام أم إصلاح النظام
إستبدال النظام أم إصلاح النظام
2019
من بين المحسوبين كساسة عراقيين كلهم ،كانت الفقمة المتوسطية ( عاليه نصيف) هي األبرز
في المناداة بإعطاء "فرصة ثانية" للحكومة العراقية .ربما لم يبلغ السقوط بالباقين والباقيات
من سافلين وسافالت حد إشهار هكذا طلب غير معقول وال مقبول البتة فتفردت به هذه القبيحة
بكل شئ ،ربما تركوها تنطق نيابةً عنهم فالكالب تنتخي لبعضها غالبا ً وحتى هذه الحيوانات ال
تعدم أن يتولى النباح أحدها فقط فيما هي الهية بمغنم ما .
أن الطلب هذا كان يمكن أن يكون له حصة من المعقولية والمقبولية لو كان أول طلب طبيعي ّ
من نوعه لكن العراقيين لم ينسوا بعد مهلة المائة يوم التي طلبها المالكي والتي لم تثمر عن أي
خير مرتجى وال هو حوسب عليها أصالً ،والعراقيون لم ينسوا بعد تظاهرات البعض منهم في
ساحة التحرير ولعدة مرات في السنين القليلة التي سبقت دخول داعش للموصل ،تلك تظاهرات
كانت بغاية السلمية ومحدودية العدد فلم تتحرج الحكومة بقواتها األمنية الساقطة من ممارسة
أشكال التنمر عليهم بما في ذلك الرش بالماء واستخدام المروحيات ومن ثم الطعن بالسكاكين
على يد عمالء عراقيين وأنصاف إيرانيين من (النغولة) الذين قاتلوا الجيش العراقي أثناء
القادسية الثانية ..إنطلقوا في جرائمهم تلك من أزقة البتاويين وكما قلت بمقالة سابقة فقد كانت
خناجرهم تتقصد كلى الضحايا تحديداً ،إنها تعليمات سليماني و المهندس ومعهما المجرم
العميل المكشوف هادي العامري فعن أيّة فرصة ( ثانية) من الفرص تتحدث هذه السفيهة؟
ربما لو قالتها بصدق ( أعطوا الحكومة فرصة سابعة) لكانت أقرب للواقعية وأحق بالرد
عليها!
تحضرني هنا مقولة مثبتة ب ( مييم) أجنبي يقول " الحكومات والسياسيون يلزم إستبدالهم
لنفس السبب الذي يلزم إلستبدال حفاظات األطفال" وفي هذا فصل الكالم بشأن عنوان المقالة
ي شئ هذه ! والسياسة التي هي ( فن الممكن) بعرف كل البشر وفي كل أنحاء العالم ال تعني أ ّ
من هذا وفق اإليتيمولوجي العربي ،من اإلجحاف بمكان إطالق تعبير (السياسة) على
المصطلح األصلي وهو (بوليتيكس) فنحن لدينا أصل مختلف لمصطلح السياسة مترافق مع
توصيف مهنة (السائس) باللغة العربية ،فالسائس هو مسؤول متسخ منتن الرائحة يتعامل مع
حيوانات مستضعفة هي الخيول ،غالبا ً ما يقسو عليها وخصوصا ً وقت اإلشتراك بسباق ،ال
تصب جائزة السباق ببطن الحصان الفائز وإنما بجيب السائس فيما العلف هو مكافأة الحصان
الفائز الذي يهلك غالبا ً إثر اإلجهاد أو يصاب بأطرافه ،نفس مصير الحصان (بوكسر) والحمار
( بنجامين) في رواية ( مزرعة الحيوانات) لجورج أورويل! وأنا لم أجد في مجمل أنظمة
المنطقة ومنذ زمن بعيد قارب القرن الكامل بحساب اليوم هذا ،لم أجد نظاما ً غادر أو خالف
هذا المفهوم ،الحاكم بصورة عامة هو شخص قذر الدواخل (وإن تعطر بالباكورابان كسلطان
قابوس المسخ ذاك) ،شخص متسخ الدواخل مستعد لتوقيع أحكام اإلعدام بحق من ال يتكلف
مقابلتهم واإلستماع عليهم ألنه أصالً يتعمد توظيف المجرمين الساديين كأجهزة أمنية ليحمي
صرح بخالف ذلك وتظاهر أنه من نفسه ،وهو يرى نفسه أفضل من أي فرد بشعبه وإن ّ
الشعب وإليه ،كما أنه ال يجيد سوى التعامل بالسوط والخيزرانة والمهماز مع شعبه وال يمنحهم
سوى (العلف) ،ولوال أن الخيول تموت بدون علف وماء لما فكر بتكلف عناء توفير هاتين
الحاجتين لخيوله ولتركها تأكل من خشاش األرض كالدجاج البلدي! هذه هي أنماط الحكم
والحكام لدينا فهي وريثة عهود اإلستبداد وقرصنة دور هللا تحت مسميات عشائرية ودينية
ومذهبية ،لذلك لم نجد نظاما ً مقبوالً بين كل هذه األنظمة من حولنا وبيننا ،طيلة قرن من
الزمان ،كان األقدمون زمن األمويين والعباسيين يقول واحدهم للخليفة وألمير الجيش (وللوالي
المتفرعن من أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي) "أصلح هللا األمير" فال يلقى من سيده إال التقبل
الحسن والرد المهذب المتواضع ،من كان ليجرؤ على قول هكذا عبارة للقذافي أو لملك
السعودية وفرعون مصر وغيرهم دون أن يفقد رأسه ؟ ولهذا تفوق سياسيو إسرائيل علينا بكل
مضمار ألنهم تساموا فوق هذه العقلية فهم أقرب للديمقراطية الغربية من أية دولة عربية أو
إسالمية بالمنطقة ،عدا تركيا ،إيران الجارة المسمومة نفسها هي األخرى غارقة بنفس العقلية
التسلطية البغيضة دون شك ومنها إستمد بعض العرب منظور الحكم ولكن أشدهم إستعارة ً هم
ذيولها بالعراق وسوريا ولبنان.
وكما ّ
أن المقولة الواردة أعاله تشبّه السياسيين والحكومات بحفاظات األطفال فأنا أرى أنهم
أشبه باألحذية كذلك ،نحن ال نستغني عن األحذية (حاشاكم) ونرميها إال عندما ( تتمزق –
تترهل باألبعاد – تفشل بعزل الخارج عن الداخل من حيث سماحها للماء اآلسن بالتسلل
للجواريب – تفشل بعزل الداخل عن الخارج من حيث إنبعاث الروائح المنفرة منها فور نزعها
في دار ضيافة أو حتى من دون خلعها عن القدمين وعندما ال تسير بنا لمسافات طويلة دون أن
تتسبب باألذى لبشرة القدمين) وهكذا .يطيب للبعض من الموسرين ومعتادي التعايش مع
الموضة وتحديثاتها إستبدال األحذية لدواعي التجديد ال أكثر لكن في حالة الحكومات أو
الكابينات الوزارية هذه فهذا آخر سبب يمكن التفكير به ألن بقية المسببات والدوافع متوافرة
كلها وليس البعض منها فحسب .ربما يمكن لي أن أضع معيارا ً آخر مفاده ( إستنفاد الفرص)
من حيث الفشل المتكرر والمتعاقب من دورة ألخرى ،الفشل بتنفيذ الوعود ،الفشل بالقفز فوق
السلبيات ،الفشل بالقفز بالبالد والشعب لمستويات طاقة أعلى والقفز فوق مساوئ الحكومات
السابقة لها .إن منحنى األداء ( مبتدءا ً من تلك الحكومة السابقة لهذه الحالية) ال يمكن أن يكون
بشكل خط مستقيم وال حتى كمنحنى صاعد إن كان بوتيرة بطيئة بل ينبغي أخذ الموضوع
كسباق مع الزمن كون الميزانيات السنوية هائلة وال تقارن مع أي بلد مجاور أو قريب وال مع
ما كان متاحا ً لنظام صدام حسين وحزب البعث ،مع هذا فالمنجزات الحالية ولمدة 16سنة
عجفاء هي صفر على الشمال ويمكن القول أنها تحت الصفر كون المنجزات السابقة تلك
تعرضت للتدمير والتآكل أو اإلندثار .ينبغي مقارنة الحال دوما ً مع الجيران ( كما يفعل
العداءون في سباق الماراثون وغيره من سباقات الركض حيث كل عداء يسترق نظرة خاطفة
واألخرى كي يتحسس محله من اإلعراب ويعدل سرعته وفق ذلك) ،وفي حالة العراق،
ربما يجدر إجراء المقارنة مع حكومة المحافظات الشمالية التي إنتظمت بما يسمى ( حكومة
إقليم كردستان) ،أقول هذا من باب المقارنة ال من حيث إضفاء الشرعية على حكومة اإلقليم
فهي حكومة سراق مجرمين هي األخرى والكل خائن عميل لكن مقارنة الحال بين (األم
وابنتها) تعطي مقياسا ً مخزيا ً جدا ً في غير صالح حكومة المركز أو " المرقص" هذه .كذلك:
فإن المعيار اآلخر الذي أراه مهما ً جدا ً هو مآل المعارضين ومآل طلباتهم وما هي نسبة تحقيق
ما يحتويه سقف المطالب ،لدينا معارضون ومتظاهرون تم إعدامهم فيما اإلعالم يصف
إعدامهم باإلخفاء القسري للتهرب من إدانة (عصائب أهل الحق) وبقية فصائل اإلجرام
الصفوي ومنهم الناشط جالل الشحماني ،ال دور للحكومة بأي عمل يستهدف حماية الناشطين
وال إسترجاعهم من أقبية الصفويين تلك فهي نفس قصص الصقالوية والرزازة وأهالي الوادي
الكائن بين سامراء والدور وغيرهم كثير.
دون أدنى شك ،فالحكومة الفاشلة التي تسمى نفسها بالحكومة العراقية لم تفلح بإحراز أية نقطة
إيجابية من كل ما سبق ال بل هي مصرة دوما ً على تجاهل مطالب المواطنين وكبت كل تظاهر
أن ما يميز هذه الحكومة هو تراكم إقرارات بأشكال العنف اإلجرامي ،أضف لذلك حقيقة ّ
أعضائها ومشرعيها بالبرلمان بالحجم الهائل للتجاوزات والخروقات الدستورية والهدر المالي
والفساد السياسي الذي ال يخص إستفاء العموالت كما يحصل في الغرب بل اإلجهاز على
مجمل تخصيصات العقود والتواطؤ فيما بين الكتل كلها لدفن كل صوت يفضح هكذا سرقات
ي جدا ً ومن مستحقات العدالة أال يصار إلمهال هذه الحكومة أو القول بأية
مهولة ،لذا فمن الجل ّ
فرصة إلصالحها فهو باطل متأسس على باطل ..بناء آيل للسقوط ال حل ينفع معه سوى الهدم
وإعدام السراق بعد قطع أياديهم هم وأهاليهم فالكل مشترك بالجرائم ،لقد وصل الحال بهذه
الحكومة برئاساتها الثالث حد ما كنا نسميه ب ( ما بعد التصليح اإلقتصادي) حيث يتحتم رمي
المعدة بالزبالة وإحالتها إلى (التفصيخ والصهر) فيما كنا نسميه بالجيش بالمجموعة الخامسة،
قضي األمر الذي فيه تستفتيان.