You are on page 1of 42

‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬

‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬


‫‪SPLM/N‬‬

‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬


‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان‪ -‬شمال‬


‫نوفمبر ‪2019‬م‬

‫تمت إجازة هذا المنفستو بواسطة المؤتمر القيادي للحركة الشعبية لتحرير‬
‫السودان – شمال‪ ،‬والذي إنعقد في الفترة من ‪ 16‬أكتوبر إلى ‪ 13‬نوفمبر ‪2019‬م‬

‫تحت شعار‪:‬‬

‫قضايا السالم وتجديد الرؤية والتنظيم‬

‫"الشعب يريد بناء سودان جديد"‬


‫أحالم واقعية لجمهورية النفق‬

‫نهدي هذا الجهد لشهداء الثورة السودانية جميعهم وعلى رأسهم رائد‬
‫التأهيل النظري والعملي في قضايا رؤية السودان الجديد المفكر الثوري‬
‫والقائد الوطني الكبير الشهيد الدكتور جون قرنق دي مابيور أتيم‬

‫‪i‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫المحتويات‬

‫‪ .1‬المقدمة‪1 ............................................................................‬‬

‫‪ .2‬مشكلة السودان في إطارها التاريخي‪ 2 .................................................‬‬


‫‪ 1.2‬تعريف المشكلة‪2 ..................................................................‬‬
‫‪ 2.2‬السودان القديم‪4 ..................................................................‬‬
‫‪ 3.2‬االضــطهــاد القــومي‪5 ......................................................‬‬
‫‪ 4.2‬االستغالل الطبقي ‪6 ...............................................................‬‬
‫‪ 5.2‬االضطهاد الديني ‪7 ................................................................‬‬
‫‪ 6.2‬قضايا المرأة والتمييز على أساس النوع ‪7 ......................................‬‬

‫‪ .3‬الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان‪ :‬النشأة والتطور ‪8 ...........‬‬

‫‪ .4‬رؤية السودان الجديد ‪10 .............................................................‬‬


‫‪ 1.4‬اإلطار النظري لرؤية السودان الجديد ‪10 ............................................‬‬
‫‪ 2.4‬تجديد الرؤية والبرنامج والتنظيم‪ :‬لماذا التجديد؟ ‪10 ...............................‬‬
‫‪ 3.4‬تفصيل الرؤية ‪12 ...................................................................‬‬
‫‪ 1.3.4‬االلتزام بوحدة السودان القائمة على أسس جديدة ‪12 ...........................‬‬
‫‪ 2.3.4‬المنظور المتكامل لمشكلة السودان ‪13 .............................................‬‬
‫‪ 3.3.4‬حول مفهومي المركز والهامش ‪14 ....................................................‬‬
‫‪ 4.4‬وسائل تحقيق الرؤية ‪15 ............................................................‬‬
‫‪ 1.4.4‬الكفاح المسلح والعمل السياسي السلمي وسط الجماهير ‪15 ....................‬‬
‫‪ 2.4.4‬العمل الدبلوماسي والتضامن اإلقليمي والدولي ‪18 ................................‬‬
‫‪ 3.4.4‬الحل السياسي ‪19 .................................................................‬‬
‫‪ 5.4‬التحالفات السياسية وبناء الكتلة التاريخية ‪19 .......................................‬‬

‫‪ .5‬السودان الجديد وقضايا المواطنة والبناء الوطني ‪21 ...................................‬‬


‫‪ 1.5‬المواطنة والبناء الوطني ‪21 ...........................................................‬‬
‫‪ 2.5‬حرية سالم وعدالة ‪21 .................................................................‬‬
‫‪ 3.5‬الديمقراطية ونظام الحكم الالمركزي ‪22.................................................‬‬
‫‪ii‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 4.5‬إعادة هيكلة الدولة السودانية‪22 ....................................................‬‬


‫‪ 5.5‬سيادة حكم القانون وحقوق اإلنسان ‪23 .............................................‬‬
‫‪ 6.5‬قضايا المرأة والمساواة بين الجنسين ‪23 ...............................................‬‬
‫‪ 7.5‬اإلدارة الديمقراطية للتنوع ‪24 .......................................................‬‬
‫‪ 8.5‬الهوية ‪26 ..............................................................................‬‬
‫‪ 9.5‬قضايا األرض ‪26 .......................................................................‬‬
‫‪ 10.5‬التنمية المستدامة والنمو المتكافئ ‪27 ................................................‬‬
‫‪ 11.5‬المزارعون والرعاة والعمال والمهنيون ‪27 ..............................................‬‬
‫‪ 12.5‬المثقفون والمبدعون ‪28 .................................................................‬‬
‫‪ 13.5‬الشباب ‪29 ............................................................................‬‬
‫‪ 14.5‬الطالب ‪30 ............................................................................‬‬
‫‪ 15.5‬األطفال وكبار السن ‪30 ..............................................................‬‬
‫‪ 16.5‬قضايا ذوي االحتياجات الخاصة ‪30 .................................................‬‬
‫‪ 17.5‬المهجر ‪31 .............................................................................‬‬
‫‪ 18.5‬اإلدارة األهلية ‪31 .....................................................................‬‬
‫‪ 19.5‬الصوفية ‪32 ...........................................................................‬‬
‫‪ 20.5‬المسيحية والديانات األفريقية ‪32 ..................................................‬‬
‫‪ 21.5‬السودان الجديد والعولمة ‪33 ........................................................‬‬
‫‪ 22.5‬االزدهار للجميع ‪33 ...................................................................‬‬

‫‪ .6‬السودان الجديد من الشعار للبرنامج ‪34 ...............................................‬‬


‫(عقد اجتماعي‪ ،‬سياسي‪ ،‬اقتصادي وثقافي جديد) ‪34 ...................................‬‬

‫‪ .7‬آفاق المستقبل ‪35 .....................................................................‬‬

‫الخاتمة ‪36 ................................................................................‬‬

‫‪iii‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫‪ .1‬المقدمة‬

‫أكدت ثورة ديسمبر ‪ 2018‬المجيدة مجددا أن رؤية السودان الجديد ال تزال حية وحلم‬
‫من أحالم الجماهير لبناء وطن جديد‪ ،‬وقد ردت ثورة ديسمبر اإلعتبار للعمل السلمي‬
‫الجماهيري ولرؤية السودان الجديد‪ .‬وقد أدركت حركتنا منذ البداية أهمية ثورة ديسمبر‬
‫والهزيمة الماحقة التي أنزلتها بفاشية اإلسالم السياسي‪ ،‬وشاركت الحركة الشعبية لتحرير‬
‫السودان – شمال بفاعلية مع اآلخرين في تأسيس تحالف قوى الحرية والتغيير‪ ،‬وتعمل‬
‫على تطوير الثورة واستكمالها‪ .‬ومع إدراكها التام لمؤامرات الثورة المضادة التي تحيط بها‬
‫وخطر دولة التمكين‪ ،‬فإن الحركة على ثقة تامة بأن إرادة الجماهير ال غالب لها‪ ،‬وأنه مهما‬
‫حدث من تراجع فهو مؤقت وأن الثورة بالغة أهدافها‪.‬‬
‫رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال "رؤية السودان الجديد" هي رؤية لتأسيس‬
‫دولة علمانية ديمقراطية قائمة على المواطنة بال تمييز والحرية والسالم والعدالة‬
‫في وطن يسع الجميع‪ .‬وترتكز على تحليل عميق وموضوعي للجذور التاريخية لألزمة‬
‫السودانية‪ ،‬وشكلت أساس ًا لبناء حركة تحرر وطني ديمقراطي تنهض ببالدنا‪ ،‬وتوفر‬
‫إطارا جديدا للبناء الوطنى والتشكل القومى وبناء الدولة‪ ،‬وتحقيق الوحدة فى التنوع‬
‫والقبول باآلخر مع أخذ الوقائع التاريخية والمعاصرة فى الحسبان‪ .‬وأن تكون المواطنة‬
‫والمساواة فى الحقوق والواجبات الدستورية أساس الرفقة الوطنية المشتركة‪ .‬ويحوي‬
‫هذا المنفستو رؤية ومبادئ الحركة الكلية وأهدافها ووسائل تحقيقها‪ .‬وقد تم تفصيل‬
‫هذه الرؤية والمبادئ واألهداف في برنامج الحركة التفصيلي للحكم والسياسات البديلة‬
‫المضمن في وثيقة؛ "نحو عقد اجتماعي‪ ،‬سياسي‪ ،‬اقتصادي وثقافي جديد"‪.‬‬
‫رؤية السودان الجديد ليست‪ ،‬بأي حال من األحوال‪ ،‬عقيدة أو أيديولوجية جامدة للحركة‬
‫الشعبية‪ ،‬وإنما رؤية علمية استندت إلى تحليل موضوعي ألوضاع السودان‪ .‬وقد اثبتت‬
‫األحداث والتطورات الالحقة منذ صدور منفستو الحركة األول في ‪ 1983‬صدقها وجعلتها‬
‫أيضا أكثر ثرا ًء ودقة‪ .‬وقد وفرت رؤية السودان الجديد الوقود الفكري للحركة الشعبية‬
‫والجيش الشعبي في نضالهما ضد حكومات المركز منذ ‪ ،1983‬كما استرشدت الحركة‬
‫بالرؤية في إقامة تحالفاتها مع القوى السياسية واالجتماعية السودانية وفى تأسيس‬
‫عالقاتها الخارجية‪ .‬ووفرت أيضا األدوات الصحيحة للتحليل مما ممكن الحركة من النجاح‬
‫في تشخيص الوضع السياسي الداخلي بتعقيداته اإلقليمية والدولية‪ .‬لهذه األسباب ظلت‬
‫رؤية السودان الجديد مصدر اإللهام والتأييد الشعبي المتزايد الذي كسبته الحركة في كل‬
‫أنحاء السودان‪ ،‬حيث ترى قطاعات واسعة من السودانيين في الحركة الشعبية القوة‬
‫السياسية التي تمتلك رؤية واضحة‪ .‬إذن‪ ،‬رؤية السودان الجديد هي التي تميز الحركة‬
‫الشعبية لتحرير السودان‪ -‬شمال عن اآلخرين‪ ،‬وهي مصدر قوتها الرئيسية قبل سالحها‬
‫وعالمتها المسجلة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ .2‬مشكلة السودان في إطارها التاريخي‬


‫ ‬
‫‪ 1.2‬تعريف المشكلة‬

‫تتلخص المشكلة السودانية في فشل المشروع الوطني القديم الذي تبنته الحكومات‬
‫المتعاقبة منذ االستقالل في يناير ‪ ،1956‬وهو مشروع أحادي وإقصائي حصر البناء الوطني‬
‫السوداني في محددي العروبة واإلسالم‪ ،‬وعمل على التخلص من المحددات األخرى بوسائل‬
‫ناعمة وعنيفة بلغت قمتها في فصل الجنوب واإلبادة الجماعية وجرائم الحرب في أجزاء‬
‫واسعة من السودان‪.‬‬
‫والمشكلة السودانية مشكلة مركبة األسباب وال يجب تبسيطها في إطار بعد واحد من‬
‫أبعادها مهما كانت أهمية ذلك البعد‪ ،‬ويحتاج السودان لمشروع وطني ديمقراطي شامل‬
‫للبناء الوطني والتشكل القومي على أساس حقائق الواقع والتنوع التاريخي والمعاصر‬
‫لبالدنا‪ ،‬مع عدم إغفال العدالة االجتماعية وإزالة كافة أشكال االستغالل االقتصادي‬
‫واالجتماعي والتمييز على أساس النوع‪ ،‬وبناء هوية سودانية على أساس "السودانوية"‬
‫التي تحتفي بمجموع هويات السودانيين وتنصفهم جميعا دون تمييز‪ .‬إن مشروع‬
‫السودان الجديد هو الخيار األمثل األكثر جاذبية ومصداقية للخروج من أزمة البناء الوطني‬
‫الممتدة‪.‬‬
‫إن الفشل المتواصل للحكومات في السودان هو نتاج لعدة أسباب مترابطة‪ ،‬كما هو متفق‬
‫عليه بشكل عام‪ ،‬وقد أدت التفاعالت فيما بينها إلى عرقلة عملية البناء الوطني وبناء‬
‫الدولة‪ .‬هذه األسباب تتلخص‪ ،‬من بين أسباب أخرى‪ ،‬في اآلتي‪( :‬أ) فشل النخبة السياسية‬
‫في تطوير مشروع للبناء الوطني قائم على القيم والتجارب المشتركة التي يمكن أن‬
‫تتحد على أساسها المجتمعات السودانية المتنوعة؛ (ب) غياب برنامج يحقق النهوض‬
‫االقتصادي والتنمية المستدامة والعدالة االجتماعية منحاز للفقراء والمهمشين؛ (ج)‬
‫الفشل في إدارة التنوع والتعدد الثر الذي تنعم به البالد من ناحية التاريخ والثقافات‬
‫والجغرافيا‪ ،‬والتمييز على أساس النوع؛ (د) الفشل في طرح‪ ،‬واإلجابة على األسئلة‬
‫الرئيسية حول طبيعة الدولة ونظام الحكم‪.‬‬
‫نتجت عن تضافر هذه العوامل المتعددة للفشل سيطرة األنظمة الدكتاتورية العسكرية‬
‫خالل معظم سنوات الحكم الوطني وكذلك ثالث حكومات ديمقراطية ضعيفة وفاقدة‬
‫بالتنوع‪ .‬لم يبدأ فشل‬
‫ِ‬ ‫للقدرة على إدارة التحديات العديدة التي واجهت بلداً يتميز‬
‫المشروع الوطني بنظام اإلسالم السياسي ولكنه بلغ قمته في ظل ذلك النظام‪.‬‬
‫السودان الحالي هو محصلة لعملية تاريخية طويلة ومعقدة‪ ،‬وقد تعرض لعملية‬
‫متواصلة من التغيير والتحول عبر التاريخ‪ ،‬فهو جزء ال يتجزأ من عمق حضارات وادي‬
‫‪2‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫النيل القديمة‪ ،‬بل هو "أفريقيا المصغرة" إذ تتجسد فيه السمات الرئيسية لتنوع القارة‬
‫األفريقية‪ ،‬ونجاح مشروعه الوطني سيكون نموذجا ألفريقيا واإلنسانية‪.‬‬

‫الرق وجذور أزمة البناء الوطني‬

‫من مخلفات الماضي التي لعبت‪ ،‬من بين أشياء وعوامل أخرى‪ ،‬دورا رئيسيا وخطيرا في‬
‫تشكيل جذور أزمة البناء الوطني حمالت االسترقاق المكثفة في فترة الحكم التركي المصري‬
‫ضد سكان مناطق بعينها‪ ،‬ومساهمة بعض الوطنيين السودانيين كوكالء محليين في‬
‫هذه الحمالت‪ .‬ومع االقرار بأن الرق ظاهرة موجودة منذ عهد الفراعنة والممالك النوبية‬
‫القديمة وكذلك في سلطنتي الفونج والفور وفي الجنوب وكل المجتمعات التقليدية‪ ،‬إال‬
‫انه كان يمارس في نطاق تقليدي محدود‪ .‬التطور النوعي الذي حدث في فترة االستعمار‬
‫التركي المصري هو ان ظاهرة الرق تحولت إلى ممارسة منهجية واسعة النطاق كصناعة‬
‫وتجارة تدر الدخل‪ .‬وتحولت كذلك الى ممارسة مؤسسية بمعنى أنها مرتبطة بسياسة‬
‫الدولة ومؤسساتها الرسمية كأحد األهداف الرئيسية لغزو السودان (جلب العبيد‬
‫والذهب)‪ .‬أدى هذا االنتشار الواسع في ممارسة االسترقاق ومشاركة سودانيين فيه إلى‬
‫بذر أخطر بذور االنقسام والغبن في المجتمع السوداني‪ ،‬وما تزال تركة الرق تلعب دورا‬
‫في إعاقة عملية البناء الوطني وفي تغذية النزعات العنصرية ومظاهر االستعالء اإلثني‪،‬‬
‫وتعود إليها جذور بعض التفاوتات الطبقية الموجودة اليوم في المجتمع‪.‬‬
‫وال يمكن مواجهة ظاهرة العنصرية الموجودة في السودان وتحقيق التصالح الوطني دون‬
‫العودة إلى التاريخ وفتح الملفات المسكوت عنها‪ .‬فال يمكن تحقيق مصالحة وطنية‬
‫حقيقة إال عبر القراءة الموضوعية لتاريخ السودان وإعادة كتابته‪ ،‬خاصة فترة تجارة‬
‫الرق والجراحات العميقة التى خلفتها فى قضايا البناء الوطني ووحدة السودانيين‬
‫ونظرتهم لبعضهم البعض‪ .‬كما ساهمت هذا اإلرث في تقسيم قوى التغيير وتعطيل‬
‫عملية توحيدها فى معركتها لبناء مجتمع جديد معافى‪ .‬إن دراسة تلك الفترة والكشف‬
‫عما جرى فيها واإلدانة الواضحة واإلنتقاد الشفاف لتلك الممارسات التي حفلت بها‬
‫ومخلفاتها الالحقة ومكافحة العنصرية الحالية التى تمخضت عنها‪ ،‬هي واجبات يجب‬
‫القيام بها من أجل مستقبل التعايش بين السودانيين‪ .‬ولن يتم كل ذلك إال من خالل‬
‫تبني مشروع وطني لبناء سودان جديد يعترف بالتنوع اإلثني والثقافي والديني وحقوق‬
‫المواطنة المتساوية‪ ،‬وتحويلها من كارثة إلى منفعة وذلك بتبنى الدولة لسياسات واضحة‬
‫لمكافحة مختلف أشكال العنصرية والتمييز من خالل مناهج التربية والتعليم واالعالم‬
‫وبناء ثقافة مجتمعية متكاملة تحترم الكرامة اإلنسانية وتعلي من قيم المساواة بين‬
‫البشر دون تمييز‪ ،‬وإصدار التشريعات الصارمة لمكافحتها‪ .‬علينا أن نواجه ماضينا بجرأة‬
‫لنصنع ما هو أفضل بمستقبلنا‪ ،‬فتأريخ السودان يحتاج إلى إعادة قراءة وكتابة مبنية‬
‫‪3‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫على الحقائق تعترف بمساهمات كافة الشعوب السودانية وكافة األخطاء والجرائم‬
‫التاريخية‪ .‬فالتاريخ وتجارب بناء األمم تعلمنا بأن الهويات المتصارعة التي أنتجت العنف‬
‫واالنقسام يمكن أن تصبح هويات متحدة ومتآلفة اذا ما تمت إعادة تعريف وإعادة بناء‬
‫الدولة بطريقة تجعلها تعبر عن كل مكونات المجتمع‪.‬‬

‫‪ 2.2‬السودان القديم‬

‫يعانى السودان القديم من مشاكل عديدة أهمها‪:‬‬


‫(أ) عجز أنظمة الحكم المتعاقبة عن تطوير إطار قومي للحكم قابل للتطبيق‪ ،‬وتطوير‬
‫مشروع للبناء الوطني يستند إلى واقع التنوع الذي ينعم به السودان‪.‬‬
‫(ب) فشل هذه األنظمة في تطوير برنامج للنهوض االقتصادي والتنموي وإلخراج البالد‬
‫من واقع التخلف االقتصادي والتنمية غير المتوازنة‪ ،‬وإعادة هيكلة الدولة الموروثة عن‬
‫االستعمار باعتماد مشروع وطني جديد‪.‬‬
‫وتتجلى أعراض هذه األزمة العامة للحكم في السودان القديم في اآلتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تأسس مشروع السودان القديم على ركيزتي العروبة واإلسالم كمحددات للمشروع‬
‫الوطني‪ ،‬مما أدى إلى استبعاد مكونات رئيسية من المجتمع السوداني‪ ،‬بل أدى إلى‬
‫اضطهادها وغربتها‪ ،‬ودفعها ذلك إلى مقاومة هذا المشروع الشوفيني الضيق القائم على‬
‫التمييز‪ ،‬وإلى العمل على ايجاد رابطة اجتماعية سياسية اقتصادية وثقافية جديدة‬
‫تسع الجميع‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬إن الوحدة التي تأسس عليها السودان القديم لم تقم على أسس سليمة قابلة‬
‫لإلستدامة‪ ،‬وإنما قامت على أساس العنف والهيمنة السياسية والثقافية واالقتصادية‬
‫لبعض النخب والفئات االجتماعية المهيمنة‪ ،‬بينما استبعدت مجموعات أخرى أساسية‬
‫من عملية صياغة أسس المجتمع السوداني‪ ،‬وتم عزلها عن المشاركة الفاعلة في‬
‫السلطة السياسية وعن التعبير عن هوياتها القومية والثقافية وحرمانها من نصيبها‬
‫العادل في الثروة القومية‪ ،‬وتم كل ذلك في إطار نموذج تنمية غير متكافئة‪ .‬كذلك قادت‬
‫محاوالت إقامة دولة دينية إلى إحداث شروخ عميقة في نسيج المجتمع السوداني مما أدى‬
‫إلى انقسام البالد‪ .‬ليس فقط بسبب حقيقة أنه ال يدين كل السودانيين باإلسالم ولكن‬
‫األهم إن هذا المشروع ال يحقق المواطنة المتساوية‪ ،‬بل وال يوجد إجماع حول قوانين‬
‫الشريعة حتى وسط المسلمين أنفسهم‪ .‬وقد مثلت فاشية اإلسالم السياسي قمة فشل‬
‫المشروع الوطني القديم‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬احتكار وتمركز السلطة إذ‪ )1 :‬ظلت السلطة محتكرة في يد قوى اجتماعية ضيقة‬
‫القاعدة‪ ،‬ال سبيل لها لالستمرار في الحكم إال باستخدام أسلحة القمع والعنف‪ .‬أي ًا كانت‬
‫خلفيات أعضائها سوا ًء جاءوا من األحزاب السياسية أو أسر حاكمة أو طوائف دينية أو كانوا‬
‫‪4‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫ضباطا في الجيش‪ ،‬مع ضرورة إدراك الفوارق بين تلك القوى وتباين مصالحها وتوجهاتها‪،‬‬
‫بما في ذلك التباين الطبقي واإلجتماعي والتكوين الداخلي للمؤسسة العسكرية‪ .‬وكان‬
‫تمثيل مواطني الهامش في الحكومات المركزية رمزيا في الغالب دون مشاركة فعالة‬
‫في عملية صنع القرار؛ ‪ )2‬تمركز السلطة في العاصمة مع غياب التوزيع العادل للثروة‬
‫وقسمة السلطة بين المركز واألقاليم‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬سيطرت األنظمة العسكرية على معظم سنوات الحكم الوطني بعد االستقالل‪،‬‬
‫وتتحمل األنظمة الشمولية المسؤولية الرئيسية في اشعال الحروب والقمع الذي شمل كل‬
‫السودان وال سيما مناطق الهامش والريف‪ ،‬وقد بلغ أوجه في ظل نظام اإلسالم السياسي‬
‫الفاشي الذي شهد أكبر حدثين في تاريخ السودان الحديث؛ فصل الجنوب وارتكاب اإلبادة‬
‫الجماعية‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬اتسمت ديمقراطية السودان القديم باإلجرائية في ظل غياب أي مضمون‬
‫اقتصادي واجتماعي وثقافي للديمقراطية‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬عدم وجود مشروع للنهوض االقتصادي والتنموي‪ ،‬وإتباع نمط للتنمية غير‬
‫المتكافئة يقوم على االستخدام غير العقالني لموارد البالد الطبيعية والبشرية الوفيرة‬
‫وما صاحبه من أشكال مختلفة من التهميش والحرمان والتوزيع الغير العادل لثمار النمو‬
‫والتنمية‪ ،‬والفساد المؤسسي واالقتصاد الريعي‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬شن الحروب على مواطني الهامش‪ ،‬حيث شكلوا هدفا دائما لحروب األنظمة‬
‫المتعاقبة التي هدفت إلى فرض وإدامة هيمنة المركز السياسية واالقتصادية والثقافية‪.‬‬
‫وقد تحولت هذه الحروب إلى حروب "جهادية" ضد شركاء الوطن مع وصول اإلسالم السياسي‬
‫للسلطة‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬وجود مخاطر بيئية جسيمة ترتبت على هذا النمط من التنمية مما جعلها تنمية‬
‫غير مستدامة‪ .‬وشكل االستغالل المفرط للموارد الطبيعية الخام خطراً جسيم ًا على‬
‫البيئة الطبيعية‪ ،‬خصوصا في المناطق الريفية‪.‬‬
‫تاسعاً‪ :‬تبني سياسة خارجية غير متزنة تخضع للتوجهات األيدويولوجية للمجموعات‬
‫الحاكمة وليس مقتضيات المصلحة الوطنية‪.‬‬

‫‪ 3.2‬اإلضــطهــاد القــومي‬

‫التنوع هي السبيل الوحيد الممكن للمحافظة‬


‫ِ‬ ‫يجب التأكيد على أن الوحدة من خالل‬
‫على وحدة السودان القائمة على أرضية جامعة يتأسس عليها نظام سياسي‪ ،‬اقتصادي‪،‬‬
‫اجتماعي وثقافي جديد‪ .‬وكما قال القائد الشهيد د‪ .‬جون قرنق‪" :‬ال يمكن للعروبة أو‬
‫األفريقانية أو المسيحية أو اإلسالم أن تقوم بتوحيدنا‪ ،‬السودانوية وحدها هي التي‬
‫يمكنها توحيدنا و أخذنا إلى مستقبل زاهر‪".‬‬
‫‪5‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫بعد مضى قرابة أربعة عقود على طرح رؤية السودان الجديد وتجربتها فى الكفاح‬
‫المسلح‪ ،‬اتضح جلي ًا أن التركيز على قضايا اإلثنية والثقافة وإشكاالت الهوية وقضايا‬
‫االضطهاد القومي أمر فى غاية األهمية لبناء حركة جماهيرية لكنه غير كاف للوصول الى‬
‫مجتمع جديد‪.‬‬
‫إن مواجهة االستغالل االقتصادي‪ ،‬االجتماعي والسياسي والعمل على إلغاء كافة أشكاله‬
‫تمثل الوجه اآلخر والهام لعملية التحرر الوطني‪ ،‬وأنه من المستحيل إنهاء االضطهاد‬
‫القومي دون حل قضية العدالة االجتماعية‪ .‬وهذا هو الطريق الذى يصنع المواطنة‬
‫المتساوية الحقيقية‪ ،‬وأن تغيير وجوه الحاكمين اإلثنية غير كافٍ إلحداث تغيير فعلي‬
‫وجذري‪ .‬فتركيبة الفئات المهيمنة معقدة اجتماعي ًا وطبقي ًا وإثنياً‪ ،‬ويظل الهدف النهائى‬
‫لمشروع السودان الجديد هو إلغاء كافة أشكال االستغالل والتمييز بما فى ذلك التمييز‬
‫على أساس النوع وتحرير النساء‪ .‬إن الربط بين قضية العدالة االجتماعية واالضطهاد‬
‫القومى يشكل حجر الزاوية فى بناء مجتمع ديمقراطي جديد‪ .‬وهذه القضية على وجه‬
‫التحديد لم تجد اإلهتمام الكافي فى تجربة الحركة على الرغم من أن مفكر ومؤسس‬
‫الحركة الدكتور جون قرنق كان ينتمي للمدرسة التى تأخذ قضايا اإلضطهاد القومي‬
‫والثقافي واالقتصادي والسياسي واالجتماعي وجذوره التاريخية كحزمة واحدة فى إرساء‬
‫أركان مشروعه‪ ،‬ولكن ظلت قواعد الحركة أسيرة لقضايا االضطهاد القومي وجانبه الثقافي‬
‫وإشكاليات الهوية‪ .‬ولم يجد الوجه اآلخر لإلضطهاد واإلستغالل وجوانبه االقتصادية‬
‫االجتماعية‪ ،‬كمكون رئيسى لالضطهاد القومي وللتهميش الثقافي‪ ،‬حظه من اإلهتمام‬
‫والدراسة فى أطروحات الحركة بما فى ذلك قضايا هامة كقضية األرض‪ .‬وعلى سبيل‬
‫المثال‪ ،‬ال تزال القضايا االقتصادية واالجتماعية والطبقية تمثل لب االضطهاد القومي‬
‫فى جنوب إفريقيا‪ ،‬رغم زوال النظام العنصري‪ ،‬وتشكل موضوع الصراع الرئيسي هناك‪.‬‬

‫‪ 4.2‬االستغالل الطبقي‬
‫ان محاربة االستغالل االقتصادي االجتماعي وإلغاء كافة أشكاله تمثل الوجه اآلخر والهام‬
‫لعملية التحرر الوطني‪ .‬ويظل الهدف النهائي لمشروع السودان الجديد هو إلغاء كافة‬
‫اشكال االستغالل بما في ذلك القائم على أساس النوع‪ .‬إن الربط بين قضايا العدالة‬
‫االجتماعية واالضطهاد القومي يشكل حجر الزاوية في بناء مجتمع جديد‪ ،‬وتحتاج هذه‬
‫القضية إلى عمل جاد وإهتمام كافي‪ .‬يجب أال تترك القوي المهمشة أسيرة لقضايا‬
‫االضطهاد القومي وإشكاليات الهوية دون ان يتم ربط ذلك بقضايا العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫ولكن يجب النأي في ذات الوقت عن المنظورات التي تعتبر التاريخ مجرد مسار اقتصادي‬
‫صرف‪ ،‬وتسقط من االعتبار العناصر الثقافية واالجتماعية والتاريخية ودورها‪ .‬وينبغي‬
‫تطوير منظور متكامل يضع النضال ضد العنصرية والعبودية ومساواة النوع مع النضال‬
‫ضد االستغالل الطبقي والتهميش االقتصادي ضمن موقف متكامل من أجل بناء مجتمع‬
‫جديد‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫‪ 5.2‬االضطهاد الديني‬

‫توجد صلة وثيقة بين االضطهاد الديني واالضطهاد القومي في تجربتنا التاريخية في‬
‫السودان وال سيما في ظل نظام اإلسالم السياسي بل ان االضطهاد الديني يمثل أحد‬
‫أوجه االضطهاد القومي‪ ،‬وقد استخدمت قضية الدستور اإلسالمي للتغطية علي قضايا‬
‫االضطهاد القومي واالستغالل االقتصادي في محاولة إنتهت بتكوين (ابارتيد) مزدوج‬
‫عنصري وديني تجلت أقوي أشكاله في فاشية اإلسالم السياسي‪ .‬عمل النظام الفاشي على‬
‫أسلمة المجتمع وفرض تصوراته األيديولوجية على المجتمع‪.‬‬
‫تسعى الحركة الشعبية لفصل كامل بين الدين والدولة وبناء دولة مواطنة بال تمييز ال‬
‫يستخدم فيها الدين من اجل مكاسب دنيوية‪ .‬وذلك مع كفالة الحريات الدينية المتمثلة‬
‫في حرية اإلعتقاد وأداء الشعائر الدينية‪ ،‬دون تمييز‪ ،‬واحترام األديان وكريم المعتقدات‬
‫في الدستور‪ .‬تحترم الحركة الشعبية األديان والقيم الخيرة التي تحتويها والتي تحض على‬
‫عمل الخير ومكارم األخالق‪.‬‬

‫‪ 6.2‬قضايا المرأة والتمييز على أساس النوع‬

‫ظلت المرأة "األكثر تهميشا وسط المهمشين" (الدكتور جون قرنق) وتجاوزت معاناتها‬
‫حد الوصف‪ ،‬وتعاني التمييز وعدم المساواة بالرجل في ممارسة حقوقها السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬وتتعرض النساء إلى اضطهاد "ثالثي" من ناحية‬
‫اإلثنية والوضع االقتصادي‪-‬االجتماعي والنوع‪ .‬فالهيمنة األبوية مغروسة في العالقات‬
‫االقتصادية واالجتماعية والدينية والثقافية واألسرية في كل المجتمعات السودانية‪.‬‬
‫تناضل الحركة الشعبية من أجل تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات وعدم التمييز‬
‫ضد النساء‪ ،‬وإلى إزالة كافة القوانين القمعية التي تصادر حرية المرأة وتلك التي تميز‬
‫ضد النساء‪ ،‬مع تبني سياسة التمييز االيجابي لصالح النساء‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫‪ .3‬الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان‪ :‬النشأة والتطور‬

‫‪ 1.3‬يوم ‪ 16‬مايو ‪ 1983‬هو تاريخ ميالد الجيش الشعبي لتحرير السودان على إثر تمرد‬
‫الكتيبتين ‪ 104‬و‪ 105‬في جنوب السودان‪ .‬والواقع أن ميالد الحركة قد سبق إعداد البرنامج‬
‫السياسي واألهداف‪ ،‬والتي تم تطويرها الحقا‪ ،‬وكان لذلك أثر كبير في تطور الحركة فيما‬
‫بعد‪ ،‬وهناك عدة أسباب قادت إلى تمرد الكتيبتين المذكورتين (راجع منفستو‪.)1983‬‬
‫وتبع انطالق الكفاح المسلح للجيش الشعبي تطوير األجندة السياسية للحركة الشعبية‬
‫وهيكلتها بشكل تنظيمي‪ ،‬كما تم توجيه الدعوة لكل السودانيين لالنضمام إلى الحركة‪.‬‬
‫كان الزعيم المؤسس للحركة الشهيد الدكتور جون قرنق دي مابيور على دراية كاملة‬
‫بهذه الخلفية المعقدة لتكوين الحركة الشعبية والجيش الشعبي‪ ،‬واألهم من ذلك عمل‬
‫مؤسس الحركة على خلق وحدة فكرية بين جميع مقاتلي الجيش الشعبي على أساس‬
‫رؤية السودان الجديد‪.‬‬

‫‪ 2.3‬جاء تكوين الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في عام ‪ 1983‬كمواصلة‬
‫لكل النضاالت الماضية للشعب السوداني‪ ،‬قبل وأثناء وبعد الحكم االستعماري للبالد‪،‬‬
‫وكترجمة للسخط السياسي الطويل الناتج عن تناقضات اتفاقية أديس أبابا ‪1972‬‬
‫والمظالم التاريخية الممتدة وتحويله إلى نضال مسلح‪ .‬فميالد وتكوين الحركة الشعبية‬
‫والجيش الشعبي في ‪ 16‬مايو ‪ 1983‬لم يكن حدثا معزوال بل هو إمتداد لنضاالت الشعب‬
‫السوداني وقوى الهامش ومواصلة لها‪.‬‬

‫‪ 3.3‬لم تنشأ الحركة الشعبية في األصل كحركة جماهيرية واعتمدت في حلقاتها األولى‬
‫على القوميين الجنوبيين من حركة األنانيا األولى والثانية‪ .‬وكاد انقسام القوميين‬
‫الجنوبيين فى أغسطس ‪ 1991‬أن يقضى على الحركة وهى تخوض مواجهة عسكرية‬
‫شرسة ضد فاشية اإلسالم السياسي في الخرطوم‪ ،‬وطالبوا بحق تقرير المصير‪ .‬وألنهم‬
‫كانوا يشكلون قوة ضخمة داخل الحركة‪ ،‬حاول القائد جون قرنق أن يوائم بين االحتفاظ‬
‫بالقوميين الجنوبيين‪ ،‬وتكييف رؤية السودان الجديد مع األوضاع الجديدة دون أن يتخلى‬
‫عن دعوته لوحدة السودان‪ ،‬وأصبح لذلك يتحدث عن األسس الجديدة للوحدة‪ ،‬وبناء‬
‫سودان ديمقراطي علماني موحد وجديد على أساس القبول بحق تقرير المصير‪ .‬وكانت‬
‫تلك هي المرة األولى‪ ،‬وبعد تسع سنوات من تأسيس الحركة‪ ،‬التي تبنت فيها هدفين‬
‫مزدوجين هما وحدة السودان والمطالبة بحق تقرير المصير لجنوب السودان‪ .‬وكان لهذه‬
‫االزدواجية أثر سلبي كبير على وضوح رؤية الحركة وعلى أوضاعها الداخلية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 4.3‬جاء حشد الساحة الخضراء ليشكل محطة جديدة ونقلة نوعية للحركة ونضالها من‬
‫حروب الريف إلى جماهير المدن التى تنتمي الى كل أنحاء السودان‪ .‬وكان بإستطاعة هذا‬
‫التحالف بين فقراء المدن والريف والمثقفين الثوريين أن يشكل األساس لبناء حركة‬
‫ديمقراطية تقدمية على نسق جديد‪ .‬وال يزال بناء هذه الكتلة التاريخية الضرورية‬
‫الحداث التغيير السياسي واالجتماعي الجذري هدف ًا ينتظر التحقيق‪.‬‬

‫‪ 5.3‬الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال‬


‫جاء تكوين الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال في سياق ظرف تاريخي دقيق‪ ،‬وذلك‬
‫في نهاية الفترة االنتقالية لتنفيذ إتفاقية السالم الشامل ‪ ،2005‬بعد أن اختار شعب‬
‫جنوب السودان إقامة دولته المستقلة‪ .‬وجاء تأسيسها كمواصلة لنضالها وكل نضاالت‬
‫الشعب السوداني‪ ،‬وضد محاوالت نظام اإلسالم السياسي لتصفية وجود الحركة الشعبية‬
‫في دولة السودان‪.‬‬
‫جاء ميالد الحركة الشعبية لتحرير السودان‪ -‬شمال بعد إعالنها عن نفسها في ‪ 10‬أبريل‬
‫‪ ،2011‬وقد استقبلت جماهير الشعب السوداني ميالد الحركة بقدر كبير من التفاؤل واألمل‪.‬‬
‫وقد امتلكت الحركة منذ بداية تأسيسها رؤية ونفوذ سياسي وجيش تحرير‪ ،‬وبدأت منذ‬
‫انطالقتها كحزب جماهيري فى كل واليات السودان‪ .‬بهذه الميزات أصبحت الحركة منذ‬
‫لحظة ميالدها إحدى القوى السياسية الرئيسية في البالد‪ ،‬ويضاف إلى ذلك نجاح الحركة‬
‫فى بناء تحالفات سياسية وعسكرية واسعة الحقا‪ ،‬وتطوير عالقات دبلوماسية متميزة‬
‫على المستويين اإلقليمي والدولي‪ .‬وطرحت الحركة بعد مؤتمرها القيادي في أكتوبر‪/‬‬
‫نوفمبر ‪ 2019‬وتجديد رؤيتها برنامج السودان الجديد كبرنامج وحيد دون التأرجح بين‬
‫حق تقرير المصير ووحدة السودان‪ ،‬كما حدث فى الماضي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ .4‬رؤية السودان الجديد‬

‫‪ 1.4‬اإلطارالنظري لرؤية السودان الجديد‬

‫رؤية السودان الجديد هي رؤية لبناء دولة المواطنة السودانية المتساوية القائمة على‬
‫تساوي المواطنين (ات) في الحقوق والواجبات الدستورية‪ ،‬بغض النظر عن الجنس أو‬
‫اإلثنية أو الدين أو الثقافة أو الطبقة اإلجتماعية‪ ،‬والتي تستوعب التنوع المتعدد الذي‬
‫يتميز به المجتمع السوداني‪ ،‬وتكفل الحريات العامة وحقوق اإلنسان‪ ،‬وتطرح برنامج ًا‬
‫للنهوض االقتصادي والتنمية المستدامة وتحقيق العدالة االجتماعية والمساواة في‬
‫الفرص‪ ،‬وإزالة كافة أشكال االستغالل والتهميش االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫‪ 2.4‬تجديد الرؤية والبرنامج والتنظيم‪ :‬لماذا التجديد؟‬

‫تعتبر المراجعة النقدية لرؤية وبرنامج وتنظيم الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال‬
‫ولتجربتها السياسية المدخل الطبيعي والضروري لعملية إعادة تأسيس الحركة على‬
‫أسس جديدة ومتطورة وأكثر قدرة على استيعاب ومخاطبة المتغيرات والحقائق الجديدة‬
‫والتحديات المتعددة‪ ،‬والتقدم بثبات نحو المستقبل‪ .‬وتزداد أهمية هذه المراجعات في‬
‫ظل ظروف األزمة الوطنية الشاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا التي أدخل‬
‫فيها نظام اإلسالم السياسي البالد‪ ،‬وواقع الفشل السياسي المتطاول وغياب مشروع‬
‫ذي مصداقية وجدية للبناء الوطني وبناء الدولة في مرحلة ما بعد االستعمار‪ ،‬والنتائج‬
‫الخطيرة التي ترتبت عنهما‪ .‬والتجديد تفرضه أيضا الحقائق الجديدة والمتغيرات الكثيرة‬
‫داخليا وخارجيا‪ ،‬والتحديات الكبيرة التي تواجه بالدنا‪ ،‬ومهام التحول السياسي وآفاق‬
‫االنتقال نحو الديمقراطية وبناء دولة المواطنة بال تمييز التي فتحتها ثورة ديسمبر ‪2018‬‬
‫المجيدة‪ ،‬رغم المصاعب والتحديات التي تحيط بها‪.‬‬
‫فتحت قيادة الحركة الشعبية نقاشا داخليا واسعا‪ ،‬ساهمت فيه غالبية عضوية الحركة‬
‫في الداخل والخارج وفي كل مستويات التنظيم‪ ،‬حول قضايا تجديد الرؤية والبرنامج‬
‫والتنظيم‪ .‬وانطلقت هذه المناقشة العامة عقب االنقالب الداخلي الذي نتج عنه‬
‫تقسيم الحركة في ‪ ،2017‬وقد أثبتت بالفعل أنه يمكن تحويل األزمة إلى منفعة وفرصة‬
‫للتجديد الفكري والسياسي والتنظيمي‪ .‬افتتحت قيادة الحركة هذه المناقشة العامة‬
‫من خالل طرح ورقة رئيس الحركة القائد مالك عقار المعنونة "تجسير وربط الماضي‬
‫بالحاضر إطالق عملية تجديد وإعادة بناء الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير‬
‫السودان – شمال"‪ ،‬وورقة نائب رئيس الحركة القائد ياسر عرمان المعنونة "نحو ميالد‬
‫‪10‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫ثانٍ لرؤية السودان الجديد؛ قضايا التحرر الوطني في عالم اليوم‪ ".‬وشكلت الورقتان إطارا‬
‫إطالق عملية تجديدٍ فكري‬ ‫ِ‬ ‫عاما ومقدمة افتتاحية لهذه المناقشات والتي هدفت إلى‬
‫وسياسي وتنظيمي جذرية وشاملة للحركة‪ .‬وقد أشرفت على هذه الحوارات والمناقشات‬
‫وتولت إدارتها لجنة المناقشة العامة التي شكلتها قيادة الحركة لهذا الغرض في ‪،2017‬‬
‫وقامت اللجنة بتلخيص نتائج المناقشة العامة واألفكار التي تضمنتها الوثيقتان في‬
‫ورقة موحدة حول تجديد الرؤية والبرنامج قدمت للمؤتمر القيادي للحركة الذي انعقد في‬
‫أكتوبر‪/‬نوفمبر ‪.2019‬‬
‫لقد عملت الحركة الشعبية على تجديد رؤيتها للسودان الجديد وأهدافها‪ ،‬من خالل‬
‫تبني المناهج والمقاربات المالئمة لمواجهة مختلف جوانب أزمات السودان؛ سواء فيما‬
‫يتعلق بنظام الحكم‪ ،‬طبيعة الدولة‪ ،‬االقتصاد والتطور المتكافئ‪ ،‬التعليم والمناهج‪،‬‬
‫قضايا األرض‪ ،‬الثقافة وبناء الهوية‪ ،‬قسمة السلطة‪ ،‬قسمة الثروة‪ ،‬العالقة بين الدين‬
‫والسياسة‪ ،‬اللغات‪ ،‬وسيادة حكم القانون ووثيقة الحقوق‪ ،‬قطاع األمن ووكاالت تنفيذ‬
‫القانون‪ ،‬السياسة الخارجية وغيرها‪ .‬هذه القضايا التي تمثل األسباب الجذرية لمشاكل‬
‫السودان التاريخية‪ ،‬كانت و ماتزال تشكل مركز رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان –‬
‫خطاب سياسي حديث ومنفتح يستوعب ويخاطب‬ ‫ٍ‬ ‫شمال وتفكيرها‪ .‬والهدف هو تطوير‬
‫المتغيرات الكثيرة داخليا وخارجيا‪ ،‬وتحديات مرحلة االنتقال نحو الديمقراطية والعمل‬
‫السياسي السلمي وتحقيق السالم العادل والمستدام‪ ،‬ويستفيد من التطور العلمي‬
‫الهائل‪ ،‬وينفتح على الحقائق الجديدة في عالم اليوم‪ ،‬وعلى مختلف التجارب السياسية‬
‫بشكل فاعل لألسئلة‬ ‫ٍ‬ ‫المعاصرة في الداخل والخارج‪ ،‬بما يمكنه من اإلحاطة واالستجابة‬
‫المطروحة اليوم ومخاطبة قضايا المرحلة وتحدياتها وطني ًا وإقليمي ًا ودولياً‪ .‬وكذلك بنا ُء‬
‫تنظيم حزبي ديمقراطي ومؤسسي حديث يمتاز بالقوة والفعالية والقدرة على تحقيق‬
‫أهداف الحركة‪ ،‬ويتسع للرأي والرأي اآلخر وحرية التعبير ويضمن مبدأ التداول السلمي‬
‫الديمقراطي للمواقع الحزبية‪.‬‬

‫لقد اختار اإلسالم السياسي بلداً يتميز بالتنوع الثقافي والديني التاريخي والمعاصر‬
‫كالسودان ليكون حقال ألول تجاربه الرامية إلنشاء دولة دينية في نهايات القرن العشرين‪.‬‬
‫وألن مشروع اإلسالم السياسي ال يعترف أصال بالدولة الوطنية ويتبنى رؤية مضادة‬
‫لها قائمة على مفهوم األمة اإلسالمية‪ ،‬عمل على تفكيك مؤسسات الدولة المدنية‬
‫والعسكرية وإعادة بنائها على أساس حزبي‪ ،‬عمال بسياسة "التمكين اإلسالمي‪ ".‬وفي‬
‫إطار الشق االقتصادي‪-‬االجتماعي لسياسة التمكين‪ ،‬سيطر أيضا على اقتصاد البالد‬
‫بشكل شبه كامل وذلك من خالل سياسات التهميش والتمييز المنهجيين ضد الغالبية‬
‫الساحقة من المواطنين على أسس سياسية ودينية وثقافية وحرمانهم من التمتع‬
‫بحقوق المواطنة المتساوية وإفقارهم بشكل منظم‪ ،‬والفساد المنهجي والمؤسسي؛‬
‫‪11‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫فالتهميش والتمييز هما الوجه اآلخر لسياسة التمكين واالمتيازات‪ .‬كذلك عمل نظام‬
‫اإلسالم السياسي على إعادة صياغة الثقافة والمؤسسات االجتماعية وسلوك األفراد‬
‫بما ينسجم مع تصوراتهم االيديولوجية ألسلمة المجتمع‪ ،‬مما أدى إلى انهيار االقتصاد‬
‫الوطني والمعدالت غير المسبوقة للفقر والعطالة وتمزيق النسيج االجتماعي وانتشار‬
‫اإلرهاب والتطرف وعزلة السودان دولي ًا وإقليمي ًا ‪ .‬يمثل انفصال جنوب السودان وارتكاب‬
‫اإلبادة الجماعية أكبر حدثين في تاريخ السودان الحديث‪ ،‬ويكفيان لوحدهما العادة النظر‬
‫في كامل المشروع الوطني‪.‬‬
‫تحتاج رؤية السودان الجديد ألن تتجدد بالشكل الذي يمكنها من االحاطة بكل هذه‬
‫الحقائق والمتغيرات والتحديات‪ .‬ولقد فتحت ثورة ديسمبر ‪ 2018‬المجيدة آفاق ًا جديدة‬
‫للتحول الديمقراطي والبناء الوطني‪ ،‬مثلما فتحت افاق ًا واسعة للتجديد واإلصالح السياسي‬
‫والبرامجي لألحزاب والعتماد برامج للسياسات البديلة تهدف إلى إنهاء معاناة شعبنا‪،‬‬
‫وتضع القواعد لتأسيس نظام اجتماعي واقتصادي وسياسي وثقافي جديد يحقق السالم‬
‫ويكفل حقوق المواطنة بال تمييز ويحقق النهوض االقتصادي والتنمية المستدامة‬
‫والديمقراطية والحكم الرشيد‪.‬‬

‫‪ 3.4‬تفصيل الرؤية‬

‫‪ 1.3.4‬االلتزام بوحدة السودان القائمة على أسس جديدة‬

‫إن وحدة السودان شعب ًا وأرض ًا تستدعي خلق رابطة سياسية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬واجتماعية‬
‫وثقافية جديدة ينتسب لها جميع السودانيين كمواطنين متساويين في الحقوق‬
‫والواجبات‪ .‬بهذا وحده يتم القضاء على كل الظواهر المدمرة في السودان الحالي والمتمثلة‬
‫في التهميش‪ ،‬العنصرية‪ ،‬القبلية‪ ،‬التعصب الديني‪ ،‬وقصر النظر التاريخي‪ .‬في سبيل‬
‫تحقيق هذه الغاية أمامنا خياران ال ثالث لهما‪ :‬إما أن نمضي في السياسات القائمة على‬
‫تذويب الهويات الثقافية المختلفة قسرا مما يقود إلى تشظي البالد إلى عدة دويالت‬
‫مستقلة‪ ،‬أو أن نتفق على إقامة دولة المواطنة المدنية الديمقراطية الالمركزية ككيان‬
‫اجتماعي‪ -‬سياسي ننتمي إليه جميعا ‪ ،‬وندين له بالوالء الكامل بغض النظر عن اإلثنية‬
‫أو الدين أو الثقافة أو اللغة‪ .‬فقط في مثل هذا السودان‪ ،‬يرى كل مواطن نفسه‪ ،‬وتتوفر‬
‫الفرص المتساوية لكل السودانيين والسودانيات لتحقيق ذواتهم وذواتهن‪ ،‬ويفاخر كل‬
‫مواطن بإنتسابه لذلك الوطن الواحد‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫إن المطالبة بحق تقرير المصير‪ ،‬والذي لم تطالب به الحركة الشعبية إال في العام ‪،1991‬‬
‫ليست من المبادئ األساسية لرؤية السودان الجديد‪ .‬وهذا ببساطة ما يفسر عدم ظهورها‬
‫في أدبيات الحركة إال بعد ‪ 9‬سنوات من تأسيسها‪ .‬قبل د‪ .‬جون قرنق تضمين المطالبة‬
‫بتقرير المصير لجنوب السودان تحت ضغط انقالب القوميين الجنوبيين الذين تحالفوا‬
‫الحق ًا مع نظام اإلسالم السياسي الفاشي في الخرطوم‪ .‬وقد كان قرنق يدرك أهمية‬
‫القوميين الجنوبيين الذين كانوا يشكلون قو ًة ضخمة في صفوف الحركة ومقاتليها لذلك‬
‫حاول أن يوائم بين االحتفاظ بالقوميين الجنوبيين‪ ،‬وتكييف رؤية السودان الجديد مع‬
‫األوضاع الجديدة‪ ،‬دون أن يترك دعوته لوحدة السودان‪ ،‬وأصبح لذلك يتحدث عن األسس‬‫ِ‬
‫الجديدة لها‪ ،‬وبناء سودان ديمقراطي علماني موحد وجديد على أساس القبول بحق‬
‫تقريرالمصير‪ ،‬والحق ًا تحدث عن الوحدة الجاذبة‪ .‬وكان لهذه االزدواجية الناتجة عن طرح‬
‫هدفين مزدوجين‪ ،‬وليس هدف ًا واحداً‪ ،‬األثر السلبي العميق على الحركة وعلى السودان‪.‬‬
‫لقد فتحت الحركة الشعبية نقاش ًا عام ًا انتظم كل قطاعات الحركة في الداخل والخارج‬
‫حول قضايا تجديد الرؤية والبرنامج والتنظيم‪ ،‬وقد أكدت نتائج المناقشة العامة وكذلك‬
‫المؤتمر القيادي في أكتوبر‪/‬نوفمبر ‪ ،2019‬باجماع كامل على رؤية السودان الجديد‬
‫وااللتزام بوحدة السودان على أسس جديدة‪ ،‬وأن حق تقرير المصير لن يؤدي إلى تحقيق‬
‫السالم واالستقرار والعدالة في المنطقتين‪ ،‬وأن تكوين المنطقتين والتنوع الذي تحفالن‬
‫به مماثل وصنو للتنوع والتعدد السوداني‪ ،‬وإن البرنامج الذي يستطيع أن يوحد سكان‬
‫المنطقتين هو نفسه الذي يمكن أن يوحد السودان؛ أال وهو مشروع السودان الجديد‪ ،‬ولذا‬
‫اختارت الحركة التمسك بوحدة السودان وبمشروع السودان الجديد الذي تكمن أهميته‬
‫في قدرته على تحقيق الوحدة في التنوع‪.‬‬

‫‪ 2.3.4‬المنظور المتكامل لمشكلة السودان‬

‫تحتاج الحركة بعد عقود من الممارسة والتعامل مع واقع الحياة السياسية المعقد أن‬
‫تستخلص نتائج هذه الممارسة وتلخصها بصورة تثري رؤيتها في التعامل مع الوقائع‬
‫الجديدة‪ .‬وفي ذلك هناك حوجة التباع وابتداع منظور تكاملي في تشخيص الواقع‬
‫السوداني‪ .‬وقد توصلت الحركة منذ البداية إلى أن ما يسمى "بمشكلة الجنوب" ما هو إال‬
‫مشكلة مركز السلطة في الخرطوم‪ ،‬وهي تتجلى اآلن فيما يسمى بمشكلة المنطقتين‬
‫ودارفور وشرق السودان وغيرها من مناطق السودان‪ .‬وهي نتاج طبيعي للخلل الهيكلي‬
‫في بنية الدولة السودانية والسياسات المتبعة من قبل مركز السلطة في الخرطوم منذ‬
‫االستقالل‪ ،‬وال يمكن لذلك معالجتها بالتجزئة "والقطاعي"‪ ،‬إذ ال بد من إعادة هيكلة‬
‫شاملة للدولة السودانية لمصلحة جميع السودانيين‪ .‬هذا على المستوى العملي‪ ،‬ونظريا‬
‫‪13‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫ال بد من أخذ مشكلة السودان كمشكلة مركبة األبعاد‪ :‬من اضطهاد قومي وديني واستغالل‬
‫طبقي وتهميش اقتصادي وسياسي‪ ،‬وتمييز على أساس النوع‪ .‬وعلى الحركة أن تواصل‬
‫في تطوير منظور فكري متكامل األبعاد‪ ،‬دون إغفال ألي من هذه األبعاد المتداخلة‪.‬‬

‫‪ 3.3.4‬حول مفهومي المركز والهامش‬

‫التهميش ظاهرة مركبة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية‪ ،‬وهو يمثل الوجه‬
‫اآلخر لعملة التمكين واالمتيازات‪ .‬ويتم التهميش من خالل آليات التمييز التي يعتمد‬
‫عليها المركز وتعمل على حرمان غالبية المواطنين من التمتع بحقوق المواطنة على‬
‫قدم المساواة‪ ،‬وتمارس التمييز ضدهم على أسس الدين أو اإلثنية أو الثقافة أو الطبقة‬
‫أو النوع أو االنتماء السياسي أو غيرها‪ .‬ويقع على بعض األفراد والمجموعات تهميش‬
‫بسبب واحد من هذه األسس ويواجه البعض تميزا مزدوجا أو مضاعفا على أساس أكثر‬
‫من واحد من هذه األسباب‪ ،‬والمثال لذلك التهميش والتمييز المضاعف الذي يمارس ضد‬
‫النساء‪.‬‬
‫إن المركز ليس كتلة صماء ومن الخطأ النظر إليه كذلك‪ .‬فالمركز يمور بقوى اجتماعية‬
‫واقتصادية وثقافية متعددة المشارب على مستوى الحاكمين والمحكومين‪ .‬فالمحكومون‬
‫ينتمون إلى قوى اجتماعية واقتصادية تعانى بمستويات متفاوتة من تهميش وقهر‬
‫المركز‪ .‬لهذا يضم المركز الجغرافى قوى مهمشة عريضة من فقراء المدن تقاوم سياسات‬
‫المركز ويجب التحالف معها لتغييره‪ ،‬ومن الخطأ المساواة بين المستغِلين والمستغَلين‬
‫وعدم التمييز بين حكام المركز وفقرائه الذين ينتمون إلى نفس الرقعة الجغرافية‪.‬‬
‫ويؤدي عدم الفرز والتمييز بين القوى االجتماعية والسياسية المتباينة فى المركز‬
‫إلى الوقوع في أخطاء إستراتيجية وتكتيكية جسيمة‪ ،‬وإلى الخلط بين أعداء الهامش‬
‫وأصدقائه‪ .‬والمركز هو المستفيد األول من هذا الخلط ويعمل بوسائل متنوعة على‬
‫تعميق االنقسامات بين المهمشين والفقراء في الهامش والمركز بغرض منع نشوء‬
‫الكتلة التاريخية التي تهدد وجوده‪.‬‬
‫وبذات القدر‪ ،‬فإن الهامش ليس كتلة صماء‪ ،‬وإنما يضم قوى اجتماعية وسياسية‬
‫متباينة‪ .‬فهناك قوى اجتماعية وبيروقراطية إدارية وسياسية في الهامش مصالحها‬
‫مرتبطة بالمركز‪ ،‬وهناك قوى مهمشة تقاتل لمصلحة المركز ضد الهامش نفسه‪ .‬وكم من‬
‫المنتمين للهامش خدموا المركز السياسي والحقوا الضرر بالهامش أكثر من المركز نفسه‪،‬‬
‫وكم من المتنفذين فى المركز السياسي ينتمون الى الهامش الجغرافي!؟‬
‫ستواصل الحركة الشعبية إجالء رؤيتها على المستوى الفكري بعيدا عن (التغبيش) الذي‬
‫حاولت بعض المجموعات إلحاقه بها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 4.4‬وسائل تحقيق الرؤية‬

‫‪ 1.4.4‬الكفاح المسلـح والعمل السياسي السلمي وسط الجماهير‬

‫لعب الكفاح المسلح الدور الرئيسى فى ترسيخ ونشر رؤية السودان الجديد‪ ،‬وقدم اآلالف‬
‫من خيرة أبناء وبنات شعبنا أرواحهم تحت رايات الحركة الشعبية‪ .‬ولم يكن الكفاح المسلح‬
‫نزهة أو غاية في ذاته‪ ،‬ولكنه نتاج صيرورة تأريخية اجتماعية واقتصادية وسياسية‬
‫وثقافية معقدة‪ .‬وكان الوسيلة التى اقتضتها الضرورة التأريخية فى جنوب السودان‬
‫وامتدت الى مناطق الهامش األخرى في جنوب كردفان‪/‬جبال النوبة‪ ،‬النيل االزرق‪ ،‬دارفور‪،‬‬
‫وشرق السودان‪ .‬وقد عزز من مشروعية هذه الوسيلة طبيعة أنظمة القمع فى الخرطوم‬
‫السيما أكثر تياراتها رجعية وفاشية "الحركة اإلسالمية" التى إستولت على الحكم فى‬
‫يونيو ‪.1989‬‬
‫بعد مضى قرابة أربعة عقود من الكفاح المسلح فى ريف السودان‪ ،‬حان الوقت لمراجعة‬
‫التجربة على نحو نقدي صارم دون تهييج العواطف أو تصدير اإلتهام واإلتهام المضاد‪.‬‬
‫وذلك ألن من مصلحة المهمشين وجميع السودانيين الوصول إلى تقييم رصين لتجربة‬
‫الكفاح المسلح فهى تجربة باهظة الثمن والكلفة اإلنسانية‪ .‬لن يقلل التقييم من‬
‫حقيقة أن تجربة الكفاح المسلح لعبت دورا تأريخيا هام ًا وال تزال تمثل أهمية فائقة‬
‫فى التصدى ألنظمة القمع‪.‬‬
‫من الواضح أنه وبعد عقود من حروب الريف تغيرت تركيبة الريف والمدن مع ًا الكثر‬
‫من سبب‪ .‬فمدن اليوم ليست هى مدن عقد الستينات التى كان قلبها ينبض بالطبقة‬
‫الوسطى‪ ،‬فقد تريفت المدن وهى ظاهرة أفريقية وعالمية ال سيما فى بلدان الجنوب‬
‫العالمي‪ ،‬وإنتقل الماليين من سكان الريف للمدن‪ ،‬خصوص ًا الشباب‪ .‬وقد تمكنت الحركة‬
‫الشعبية القادمة من الريف من توصيل رؤيتها الى سكان المدن والمس خطابها كثير‬
‫من أشواقهم‪ .‬وبرهنت إتفاقية السالم الشامل ‪ 2005‬وتجربتا الساحة الخضراء وانتخابات‬
‫‪ 2010‬على ذلك‪.‬‬
‫وفى الوقت الذى أدى فيه القوميون من المناطق الريفية الذين يبصرون فى حدود‬
‫الحاضنات اإلثنية للكفاح المسلح دوراً مميزاً‪ ،‬فقد ظلوا عاجزين عن رؤية الخيط الرابط‬
‫بين نضالي الريف والمدن لتغيير السودان‪ .‬ولم يعطوا التغيير الذي حدث فى تركيبة‬
‫المدن اإلهتمام الذى يستحقه‪.‬‬
‫لم تتم أيضا دراسة نقاط القوة والضعف فى تجربة الكفاح المسلح الذي جذب قطاعات‬
‫جماهيرية عريضة من الريف‪ ،‬لكن هذه الجماهير عانت من هشاشة التركيبة الداخلية‬

‫‪15‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫وضعف الوعي السياسي ولذلك نجحت الكثير من أآلعيب ودعاية مركز السلطة فى‬
‫الخرطوم ضدها‪ .‬وقد استطاع النظام فى الخرطوم صنع كثير من الحروب الداخلية فى‬
‫الهامش والتي اُرتكبت خاللها انتهاكات واسعة لحقوق اإلنسان من نفس الذين يرفعون‬
‫شعارات التحرير‪.‬‬
‫ومن سلبيات العمل العسكري في تجربة الحركة الخاصة‪ ،‬تميز هيكلها السياسي التنظيمي‬
‫بالعسكرة والتراتيبية العسكرية‪ ،‬مما قلص من مساحة الديمقراطية الداخلية وأدى إلى‬
‫مركزة عملية إتخاذ القرار واحتكاره‪ ،‬وساهم فى خلق مناخ مواتٍ النتشار الفساد الذي بدأ‬
‫بالتالعب فى اإلمدادات وعدم توزيعها بعدالة‪ ،‬وانتقل الى أجهزة اإلدارة والسلطة قبل‬
‫وبعد الوصول إلى الحكم‪ .‬وقد غابت المحاسبة والديمقراطية تحت الفتة المبرر السائد‬
‫وسط حركات التحرر الوطني‪" :‬ال صوت يعلو فوق صوت المعركة!" وأن التركيز يجب أن‬
‫يكون على األعداء الخارجيين‪ ،‬وقد ترك ذلك أرضا صالحة لنمو الفساد‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك عدم ثقة قوى الريف فى مناضلي المدن الذين ينضمون إلى نفس‬
‫الحركات وعدم مساواة العضوية التي تناضل بوسائل غير الكفاح المسلح فى الحقوق‬
‫والواجبات‪ .‬أدت كل تلك الظواهر وغيرها إلى تجمد الكفاح المسلح فى الريف وانحصاره‬
‫فى استخدام الوسائل الخشنة فى غياب تام لوسائل العمل الناعم‪ ،‬مما أدى الى نتائج‬
‫سالبة للكفاح المسلح نفسه‪ ،‬وساهم فى محاوالت المركز الحتواء نتائجه وبذر بذور الشك‬
‫والريبة وسط جمهور المدن تجاه الكفاح المسلح‪ .‬وقد استخدم المركز التناقضات اإلثنية‬
‫والدينية بكفاءة إلظهار الكفاح المسلح كعالمة تجارية تخص إثنيات بعينها‪ ،‬وال تعني‬
‫اآلخرين‪ .‬بل حاول المركز إثارة الرعب واالنقسام اإلثنى فى صفوف غير المنتمين إلى‬
‫الكفاح المسلح‪ .‬ومن خالل النظر في تجربة الحركة في خوض الكفاح المسلح والعمل‬
‫السلمي‪ ،‬التي إمتدت لعقود من الزمان‪ ،‬توصلت إلى حقيقة صعوبة كسب معركة الكفاح‬
‫المسلح فى بناء مجتمع جديد دون تنظيم جماهير المدن‪.‬‬
‫إن المصاعب واالشكاليات واألخطاء التي ارتكبتها معظم حركات التحرر الوطني التي اعتمدت‬
‫على الكفاح المسلح فى بناء مجتمعات جديدة وديمقراطية وإحداث التنمية المستدامة‪،‬‬
‫قد زرعت الشك عند المثقفين الثوريين بجدوى الكفاح المسلح نفسه‪ .‬يضاف إلى ذلك‬
‫إن المتغيرات االقليمية والدولية أ ّثرت سلب ًا على الكفاح المسلح فى السودان وفى العالم‪.‬‬
‫تحتاج الحركة الشعبية أيضا ألن تدرس بعمق األثر السلبي للقبلية كأيدولوجية والفساد‬
‫وتأثيرهما على التجربة‪ .‬وبناء على كل ما سبق من أسباب‪ ،‬فمن الواضح أن الحركة تعمل‬
‫فى مرحلة مختلفة تستدعي مراجعة تجربة الكفاح المسلح ورد االعتبار إلى العمل‬
‫السلمي الجماهيري‪.‬‬
‫أدى التقليل من أهمية العمل السياسي السلمي وسط الجماهير وتغليب العمل العسكري‬
‫إلى حرمان الحركة الشعبية من االستفادة من الرصيد الكبير للوسائل الناعمة والعمل‬
‫السلمي الجماهيري‪ .‬وكان باإلمكان دمج وتكامل وسائل العمل المسلح والعمل السلمي‬
‫‪16‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫كجناحي طائر كما حدث فى تجربة المؤتمر الوطني األفريقي وتجربة "شين فين" فى‬
‫آيرلندا‪ ،‬وقيام حركة حقوق مدنية ديمقراطية فى المدن مثل ما حدث فى الواليات‬
‫المتحدة األمريكية فى الستينيات من القرن الماضي‪ .‬هذا األمر جعل من سكان المدن‬
‫قوة مهملة ال دور لها إال فى االحتفال بانتصارات المعارك العسكرية للجيش الشعبي‪،‬‬
‫وأفقد الحركة وسيلة مهمة للتحليق بجناحين فى فضاء السياسة السودانية بصورة أكثر‬
‫فاعلية بالنظر للرصيد الضخم الذي تتمتع به وسط سكان المدن‪.‬‬
‫يجب االعتراف الذي يتبعه العمل بأن وسائل الكفاح السلمي ذات أثر ايجابي في مدى‬
‫ديمقراطية مشروع السودان الجديد أكثر من العمل العسكري‪ ،‬مع تأكيدنا التام ان العنف‬
‫الذى أستخدمه مركز السلطة هو الذي ولد العنف المضاد فى الريف‪ ،‬وإن الكفاح المسلح‬
‫كان رداً طبيعي ًا على عنف حكومات الخرطوم وال يمكن مقارنته نوع ًا وكم ًا بعنف حكومات‬
‫المركز المعتدية‪ ،‬وإن جماهير الريف دفعت ثمنا باهظا فى تصديها الباسل لعنف المركز‪.‬‬
‫وعند األخذ في االعتبار الجغرافيا السياسية (جيوبولتك) للسودان‪ ،‬وبعد المركز‬
‫الجغرافي عن الهامش‪ ،‬وسياسة فرق تسد التي انتهجتها أنظمة الخرطوم‪ ،‬ومحدودية‬
‫أفق القوميين فى حركات الهامش‪ ،‬فإن حركات الريف التي تقطع صلتها بنضاالت المدن‬
‫وال ترسخ أقدامها في ميادين العمل السياسي المدني والسلمي فيها‪ ،‬ترهقها حروب الريف‬
‫الطويلة والتضحيات الممتدة لعقود‪ ،‬لذلك تلجأ إلبرام اتفاقات مع نفس حكومات المركز‬
‫التي قاتلتها لعقود‪ ،‬تحافظ على األمر الواقع وعلى النظام القديم وال تؤدي إلى إحداث‬
‫التغيير‪ ،‬أو اختيار االنفصال كما حدث في حالة الجنوب‪.‬‬
‫إن استخدام القوى الناعمة ومختلف أدوات العمل السياسي السلمي وبناء حركة جماهيرية‬
‫ديمقراطية سلمية فى المدن تربط عضوي ًا بين نضاالت الريف والمدن وبين قضايا الخبز‬
‫والتحرر والسالم العادل هي وحدها التي يمكن أن تحقق أهداف المهمشين فى سودان‬
‫جديد‪ .‬هذه الحركة الديمقراطية هي التي بإمكانها وحدها توحيد الوجدان السياسي‬
‫لجماهير المدن والريف على إمتداد السودان‪ ،‬السيما وإن الريف نفسه قد أصبح متواجدا‬
‫بكثافة داخل المدن‪ ،‬وقد أضحى الربط العضوي بين نضال الريف والمدينة شرطا رئيسيا‬
‫إلكمال مسيرة الثورة السودانية والعبور إلى ضفة السودان الجديد‪.‬‬
‫من واقع تجربتها الطويلة فى الكفاح المسلح وبدرجة أقل النضال السلمي؛ راكمت الحركة‬
‫خبرات طويلة واستوعبت كثير من التناقضات الكبيرة التى يحفل بها المجتمع السوداني‬
‫وتأريخه والمخاوف العميقة المتبادلة بين حركات الهامش والقوى السياسية والمجتمع‬
‫المدني في المركز‪ ،‬التقليدية والتقدمية منها‪ .‬وقد استخدم المركز هذه التناقضات‬
‫ووظفها بغرض وقف التغيير ومنع الوصول إلى كتلة تاريخية من قوى السودان الجديد‪.‬‬
‫تواجه الحركة تحدي االنتقال السريع من الكفاح المسلح إلى العمل السياسي السلمي‬
‫وسط الجماهير في كل أنحاء السودان فور الوصول إلى إتفاق سالم‪ ،‬وذلك في ظل الظروف‬

‫‪17‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫الجديدة التي خلقتها الثورة وآفاق التحول واالنتقال نحو الديمقراطية‪ .‬فقد أدى الكفاح‬
‫المسلح دوراً رئيسي ًا في تغيير النظام وجاء وقت العمل السياسي السلمي في المدن‬
‫والقرى‪ ،‬وحانت اللحظة التاريخية للدمج بين نضالي الريف والمدن لتغيير السودان‪ .‬وقد‬
‫تمكنت الحركة الشعبية القادمة من الريف من توصيل رؤيتها الى جماهير المدن التي‬
‫خرجت في ثورتها تطالب ببناء السودان الجديد‪" :‬الشعب يريد بناء سودان جديد‪".‬‬

‫‪ 2.4.4‬العمل الدبلوماسي والتضامن اإلقليمي والدولي‬


‫لعب العمل الدبلوماسي للحركة الشعبية في استقطاب التضامن اإلقليمي والدولي دوراً‬
‫تاريخي ًا في التعريف بالقضية السودانية وحشد التضامن على المستويين الشعبي‬
‫والرسمي‪ .‬ويحتاج الكفاح المسلح بطبيعته لجبهة تحالفات داخلية مع كافة القوى‬
‫الوطنية من المجتمعين المدني والسياسي التي تشارك الحركة أهدافها على نحو‬
‫إستراتيجي أو مرحلي مؤقت‪ ،‬وخارجي ًا انتبهت الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ وقت‬
‫مبكر عند تأسيسها ألهمية التضامن االقليمي والدولي‪ ،‬وحظيت الحركة على الدوام بدعم‬
‫دبلوماسي وسياسي واسع إقليمي ًا ودولي ًا وعومل قادتها في أحايين كثيرة كرجال دولة‪.‬‬
‫وقد نجحت الحركة في استقطاب الدعم السيما فيما يخص القضايا اإلنسانية وحقوق‬
‫اإلنسان ولعبت رؤية السودان الجديد دوراً محوري ًا في اجتذاب المناصرة االقليمية‬
‫والدولية‪ ،‬وربط الحركة بقوى واسعة إقليمي ًا ودولياً‪.‬‬
‫الحركة الشعبية انطلقت دوم ًا من منطلقاتها الفكرية والسياسية لالرتباط بأوسع‬
‫جبهة إقليمية ودولية‪ ،‬كحركة تناضل من أجل حقوق اإلنسان السياسية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية والثقافية‪ ،‬وكحركة تحرر وطني مما جعلها؛ جزءا من حركات التحرر الوطني‬
‫على المستوى اإلقليمي والقاري والدولي‪ ،‬وهي حركة تنادي بوحدة أفريقيا وبالعالقات‬
‫االستراتيجية بين العرب واألفارقة‪ ،‬والعرب المتواجدون في أفريقيا والذين يشكلون‬
‫جزءا من النسيج الوطني االفريقي أكثر منهم في أسيا ويشاركون األفارقة نفس ظروف‬
‫التبعية وهموم البناء الوطني والتنمية‪ ،‬والحركة الشعبية مهتمة بقضايا بلدان الجنوب‬
‫وضرورة اإلنصاف والتوازن في العالقات الدولية للبلدان األقل نمواً‪ ،‬كما أنها تطرح رؤية‬
‫إنسانية تجد التجاوب من القوى المحبة للسالم والتي تعمل من أجل الديمقراطية‬
‫واحترام حقوق اإلنسان والقضاء على التحيزات الدينية واإلثنية والتمييز على أساس‬
‫النوع‪ ،‬وعلى كافة هذه المستويات أقامت الحركة شبكة عالقاتها اإلقليمية والدولية‬
‫بدءاً من بلدان الجوار األقربين وتمتعت بعالقات شعبية واسعة مع األحزاب والحركات‬
‫ومنظمات المجتمع المدني على المستويين اإلقليمي والدولي‪ ،‬وعلى أرضية هذا األرث‬
‫الكبير تواصل الحركة الشعبية تطوير عالقاتها اإلقليمية والدولية حاضراً ومستقبالً‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 3.4.4‬الحل السياسي‬

‫الحل السياسي السلمي المتفاوض عليه المفضي للتغيير الجذري وبناء رابطة سياسية‬
‫اقتصادية اجتماعية ثقافية جديدة قائمة على المواطنة بال تمييز ومساواة النوع؛‬
‫يظل آلية اغتنت من تجارب شعبنا الطويلة واإلرث اإلنساني‪ ،‬وأدت لحل كثير من القضايا‬
‫الشائكة في كثير من البلدان عبر الحل السياسي السلمي‪ ،‬وتظل هي أفضل الحلول حتى‬
‫في إطار التغيير الثوري وقوة العمل الجماهيري‪ ،‬فالحل السياسي أحد اآلليات المجربة في‬
‫كل فترات االنتقال التي شهدها السودان‪ ،‬مع األخذ في االعتبار كيفية تجنب إعادة إنتاج‬
‫األنظمة القديمة على حساب ثورة الجماهير ومطالبها العادلة في بناء مجتمع جديد‪،‬‬
‫وأال يكون الحل السياسي آلية إلطفاء شعلة الثورة ومطية إلدماج الحركات الثورية في‬
‫إطار األنظمة القديمة‪ ،‬كما في كثير من تجارب االنتقال الماضية من ثورات وانتفاضات‬
‫واتفاقيات سالم لوقف الحرب ومساومات أعقبت الثورات الشعبية على وجه الخصوص‪،‬‬
‫وأدت إلى فترات انتقال رخوة لم تخاطب جذور األزمات وأعادت إنتاج األنظمة القديمة‬
‫واألزمات نفسها على نحو أكثر تعقيداً‪.‬‬

‫‪ 5.4‬التحالفات السياسية وبناء الكتلـة التاريخــية‬

‫استمرت الحركة تشكل وتنخرط في التحالفات السياسية‪ ،‬رافضة أن تكون حركة دوغمائية‬
‫منغلقة؛ بل حركة واقعية منفتحة عندما يتعلق األمر بتبني الخيارات التي تخدم مصالح‬
‫الشعب وأهداف الحركة على المديين الطويل والقصير‪ ،‬وكذلك باستجابتها للمتغيرات‬
‫التي شهدتها الساحتان اإلقليمية والدولية‪ .‬وقد بدأ انخراط الحركة في التحالفات منذ‬
‫بداياتها األولى‪.‬‬
‫تحتاج الحركة للقيام بتقييم نقدي لتجربة التحالفات السابقة التي كانت طرف ًا فيها‬
‫وعلى رأسها التجمع الوطني الديمقراطي‪ ،‬الجبهة الثورية‪ ،‬الفجر الجديد‪ ،‬نداء السودان‬
‫والحرية والتغيير‪ ،‬السيما فيما يتعلق بالموقف السلبي من تمثيل النساء على المستويات‬
‫القيادية في تلك التحالفات‪.‬‬
‫ينبغي على الحركة الشعبية التمييز بين التحالفات التكتيكية التي تقوم على برنامج‬
‫حد أدنى سياسي وبين التحالفات االستراتيجية التي تقوم على أساس برامجي يوحد قوى‬
‫السودان الجديد ويهدف لبناء الكتلة التاريخية الالزمة للتغيير‪ .‬وتطرح الحركة على قوى‬
‫السودان الجديد والقوى الثورية االجتماعية الجديدة الصاعدة في المدن والريف بناء‬
‫تحالف إستراتيجي في الحد األدني وتطويره للوصول إلى اندماج كامل في الحد األعلى‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫ويعتمد بناء الكتلة التاريخية على عملية البناء والتجديد التى تمر بها الحركة حالي ًا وعلى‬
‫التحالفات التى تنجح في إنشائها مع فئات وقوى اجتماعية جديدة ومع كل الراغبين‬
‫فى بناء سودان جديد‪ .‬وهي مهمة أوسع وأكبر من عملية بناء التحالفات السياسية‬
‫التقليدية والمحدودة‪ ،‬وهنالك قوى واسعة فى المجتمع المدني‪ ،‬ومن المهنيين والعمال‬
‫والمزارعين والرعاة والنساء والشباب والطالب واالتحادات والنقابات وغيرها‪ ،‬ستكون‬
‫ضمن القوى المكونة لها‪ .‬ويعتمد بناء الكتلة التاريخية على نتائج الصراع السياسي‬
‫الواسع الذى تقوم به قوى السودان الجديد‪ .‬لقد أقعد غياب الكتلة التاريخية حركات‬
‫الهامش وأدى إلى انفصال الجنوب‪ ،‬فاالحباط الذي يسود قوى الهامش حينما ال ترى أن‬
‫هنالك أفقا وإمكانية لتغيير المركز يدفعها في مثل هذه الحاالت من إنسداد األفق‬
‫إلى المطالبة بحق تقرير المصير للنجاة بجلدها من قمع وعنف المركز‪ ،‬أو تتوصل إلى‬
‫اتفاقيات سالم جزئية وهشة ليتم استيعابها ضمن تركيبة المركز القديمة دون إحداث‬
‫تغيير جذري وحاسم‪ .‬إن تجربة جنوب السودان التاريخية متفردة وغير قابلة للتعامل‬
‫معها على طريقة "القطع واللصق" وهي تجربة ذات مكونات وظروف غير تلك السائدة‬
‫في المنطقتين ومناطق الهامش األخرى‪ .‬ولذلك فإن الوصول الي الكتلة التاريخية يعتمد‬
‫على قدرة الحركة وقوى الهامش األخرى على االنحياز لمصالح قوى اجتماعية عريضة‬
‫متضررة من سياسات حكومات المركز المتعاقبة‪ ،‬وهى مهمة معقدة وتحتاج إلى كثير من‬
‫اإلقدام والصبر والتضحيات‪ ،‬ولكن الظروف التي خلقتها ثورة ديسمبر ‪ 2018‬المجيدة وآفاق‬
‫التحول الديمقراطي تعتبر أكثر مالئمة وتساعد على بناء الكتلة التاريخية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ .5‬السودان الجديد وقضايا المواطنة والبناء الوطني‬

‫‪ 1.5‬المواطنة والبناء الوطني‬

‫مفهوم المواطنة يعني العضوية الكاملة في المجتمع‪ .‬ويعني ذلك ان المحتوى‬


‫الملموس للمواطنة هو حقوق المواطنة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫ووفقا لمبدأ حقوق المواطنة المتساوية‪ ،‬فإن هذا المضمون من الفرص االقتصادية‬
‫واالجتماعية والسياسية والثقافية يجب أن يكون الوصول إليه والتمتع به متاحا لجميع‬
‫المواطنين على قدم المساواة ودون تمييز‪ .‬وينظر للمواطنة كعالقة ثالثية األبعاد‪:‬‬
‫وضعية قانونية وممارسة عملية ووعي ذاتي‪ .‬كوضعية قانونية تعني مجموعة من‬
‫الحقوق والواجبات بين المواطن والدولة‪ .‬أما الممارسة العملية فتشير الى الشروط‬
‫الضرورية الواجب توفرها من أجل تمكين األفراد من ممارسة هذه الحقوق (التي قد‬
‫يكون منصوص عليها نظري ًا في الدستور) والتمتع بها عملي ًا على أرض الواقع‪ .‬بناء على‬
‫اكتمال البعدين األول والثاني يتولد في وعي الفرد اإلحساس بالبعد الثالث وهو الشعور‬
‫بالهوية الوطنية وبكونه مواطنا يرتبط عضوي ًا بوطن‪ .‬لذلك فإن أوضاع الالمساواة‬
‫االجتماعية والفقر الحادتين ينتجان بنية سياسية إقصائية وهي التي تتمكن فيها‬
‫قوى اجتماعية اقتصادية ضيقة القاعدة دون غيرها من تأمين مصالحها عن طريق‬
‫الفساد وأجهزة الدولة‪ ،‬بينما مجموعات أخرى من القوى المهمشة والمفقرة والعاطلين‬
‫عن العمل والنساء سيجدون أنفسهم على هامش الحياة‪ .‬وبالتالي ال يعد أمامهم سوى‬
‫خيار الثورة الستراداد حقوقهم وإنسانيتهم‪.‬‬

‫‪ 2.5‬حرية سالم وعدالة‬

‫يماثل هذا الشعار العظيم على نحو عام شعار الثورة الفرنسية؛ أعظم الثورات التي‬
‫اجترحت النزوع إلى المواطنة المتساوية وبناء الدولة المدنية‪ .‬وفي النسخة السودانية‬
‫تعود جذوره إلى طالب الحركة الشعبية لتحرير السودان الذين رفعوا رايات هذا الشعار‬
‫عالية في أوساط حركة الطلبة السودانيين على مدار سنوات حكم اإلسالم السياسي‪،‬‬
‫وتسرب منها رويدا رويدا وانتشر في مجتمعنا‪ .‬الشعار يلخص على نحو بليغ مهام البناء‬
‫الوطني وبناء سودان جديد يقوم على ركائز الديمقراطية والسالم العادل والشامل‬
‫والعدالة االجتماعية‪ ،‬وهي القضايا التي تمثل جوهر فكر السودان الجديد‪ ،‬وعلى نسق‬
‫مترابط بين هذه المهام الكلية‪ .‬وقد كان هذا الشعار ملهم ًا لالقدام والجسارة والوعي‬
‫الذي تميزت به ثورة ديسمبر المجيدة‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 3.5‬الديمقراطية ونظام الحكم الالمركزي‬

‫تعتبر الديمقراطية من المنطلقات األساسية لرؤية السودان الجديد؛ فنظام الحكم‬


‫الديمقراطي التعددي هو وحده الذي يصلح إلدارة بلد يتميز بالتنوع الثقافي والجغرافي‬
‫كالسودان‪ .‬ويقوم التوجه الديمقراطي للسودان الجديد‪ ،‬على مراجعة تجاربنا الديمقراطية‬
‫السابقة والتي تميزت باإلجرائية وغياب المضمون االجتماعي االقتصادي‪ .‬ويمثل التحول‬
‫الذي تنطوي عليه رؤية السودان الجديد نقلة نوعية سياسي ًا واقتصادي ًا واجتماعي ًا‬
‫وثقافي ًا من الهيمنة بكافة أشكالها إلى اإلعتراف بالتنوع السياسي والثقافي واالجتماعي‬
‫للسودان‪ .‬وهكذا‪ ،‬ستكون ديمقراطية تعددية نابضة بالحياة تقوم على وثيقة متقدمة‬
‫للحقوق تعترف وتصون الحقوق الطبيعية‪ ،‬والحقوق والواجبات السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬وعلى عقد إجتماعي جديد‪ .‬تكفل هذه الديمقراطية‬
‫االنتقال السلمي للسلطة وتفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية‪.‬‬
‫وإضافة إلى القنوات الرسمية للمشاركة‪ ،‬كاالنتخابات الدورية‪ ،‬البد من إنشاء وتشجيع‬
‫مختلف أشكال المنابر األخرى المشروعة لضمان المشاركة الشعبية الواسعة وحيوية‬
‫وفاعلية المجتمع المدني‪.‬‬
‫هناك حاجة لتبني نظام حكم ال مركزي يحقق القسمة العادلة للسلطة والثروة بين‬
‫المركز واألقاليم ويكون قادراً على تلبية طموحات وتطلعات مجتمعات األقاليم المهمشة‬
‫في إطار وحدة السودان والحكم الالمركزي‪ .‬ينبغي دراسة التجارب الالمركزية المختلفة‬
‫إقليمي ًا ودولي ًا من أجل تحديد النموذج الالمركزي األنسب لظروف السودان‪ .‬فنظام الحكم‬
‫الالمركزى يجعل السلطة قريبة من الناس ويتسم بالمشاركة الشعبية‪ ،‬الشفافية‪،‬‬
‫المحاسبة‪ ،‬االستجابة‪ ،‬النزعة نحو التوافق‪ ،‬النزاهة‪ ،‬الفاعلية واالنصياع لحكم القانون‬
‫مما يوفر لشعب السودان الشروط الضرورية والبيئة المناسبة لتسارع التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية الشاملة وتحقيق الرفاهية‪.‬‬

‫‪ 4.5‬إعادة هيكلة الدولة السودانية‬

‫الدولة الموروثة من االستعمار ازدادت تشوه ًا مع تعاقب أنظمة الحكم الوطني‪ ،‬وتم‬
‫تسيس كافة مؤسساتها بما فيها القطاع األمني‪ ،‬وخاصة في ظل حكم اإلسالم السياسي‪،‬‬
‫ولذا فإنه ال مناص من إعادة هيكلتها‪ ،‬وبنائها على أسس مهنية ووطنية‪ ،‬من أجل‬
‫تحويلها إلى جهاز وظيفته الرئيسية هي خدمة ورفاهية وحماية مواطنيها وازدهارهم‬

‫‪22‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫وليس قمعهم‪ .‬وأن تعكس مؤسسات الدولة واقع ومجموع مصالح السودانيين‪.‬‬
‫خلفت تجربة اإلسالم السياسي قطاع ًا أمني ًا هش ًا ومشوه ًا ومسيس ًا ومتعدد المراكز‪ ،‬ولن‬
‫تتأتى إعادة هيكلة الدولة وبناء االقتصاد وتحقيق دولة المواطنة المدنية دون إعادة‬
‫هيكلة القطاع األمني‪ ،‬وحل جميع المليشيات المسلحة‪ ،‬ودمج جيوش الكفاح المسلح‪،‬‬
‫وتكوين جيش وطني مهني واحد يعكس تنوع المجتمع السوداني وبعقيدة عسكرية‬
‫جديدة‪ ،‬وأن يكون والئه للشعب والوطن والدستور الديمقراطي‪ ،‬وحماية المصالح العليا‬
‫للبالد‪.‬‬

‫‪ 5.5‬سيادة حكم القانون وحقوق اإلنسان‬

‫إن حكم القانون وحقوق اإلنسان والديمقراطية التعددية أمور مترابطة ال يمكن الفصل‬
‫بينها‪ ،‬وااللتزام بها محوري لمشروع بناء دولة المواطنة السودانية‪ .‬ويعني مبدأ سيادة حكم‬
‫القانون خضوع جميع األشخاص والمؤسسات العامة والخاصة‪ ،‬بما فيها الدولة نفسها‪،‬‬
‫لذات القوانين التي تسري على الجميع بالتساوي‪ ،‬وأن ال أحد فوق القانون‪ .‬فكل األشخاص‬
‫متساويين أمام القانون ويتمتعون بنفس الحماية القانونية‪ .‬وتشكل مبادئ استقالل‬
‫القضاء‪ ،‬والفصل بين السلطات والرقابة المتبادلة بينها‪ ،‬خصوصا الرقابة القضائية‬
‫على أعمال الحكومة‪ ،‬واحترام حقوق اإلنسان مكون ًا رئيسي ًا لمبدأ سيادة حكم القانون‪،‬‬
‫وللنظام الديمقراطي‪ .‬واإلصالح المؤسسي وتصفية تركة سياسة التمكين ضروري لبسط‬
‫مبدأ سيادة حكم القانون‪ ،‬الذي يشكل الضمان الوحيد لتأكيد مبدأ المحاسبة والمساءلة‬
‫ووضع حد لحالة اإلفالت من العقاب‪.‬‬

‫‪ 6.5‬قضايا المرأة والمساواة بين الجنسين‬

‫تمثل قضية المرأة قضية رئيسية ألى منظمة تقدمية‪ ،‬والنساء هن مهمشات المهمشين‬
‫كما ذكر الشهيد الدكتور جون قرنق‪ ،‬وهن صاحبات المصلحة األكبر فى إنهاء المظالم‬
‫وإقامة المجتمع الجديد‪ ،‬ألن مظالم النساء هي األعمق فى التاريخ اإلنساني‪ .‬لقد عانت‬
‫أجيال من النساء في بالدنا من مختلف أشكال التمييز المنهجي والمؤسسي والعنف ضد‬
‫النساء ومن ترسانة القوانين القمعية التي تستهدف حرية النساء وتحد من أدوارهن في‬
‫المجتمع‪ .‬وقد دفعت النساء السودانيات ثمن ًا فادح ًا تحت حكم فاشية اإلسالم السياسى‪،‬‬
‫ولذا فإن قضاياهن ونهوض حركة المرأة تظل قضية مفتاحية فى بناء برنامج أى‬
‫منظمة ديمقراطية جديدة‪.‬‬
‫ويقتضي إزالة المظالم الواقعة على المرأة‪ ،‬التمثيل العادل للنساء فى مواقع إتخاذ القرار‬

‫‪23‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫ووضع حد لكافة أشكال التمييز والعنف ضد المرأة‪ ،‬والتمييز اإليجابى لمصلحتهن وطرح‬
‫برنامج جرئ يعطى األولوية إلنصافهن ووضع قضيتهن فى أعلي االجندة الوطنية‪ .‬لقد‬
‫أولت الحركة الشعبية طوال تاريخها إهتمام ًا ملحوظ ًا بقضايا النساء وهى أكثر إدراكا‬
‫وخبرة بقضايا المرأة الريفية‪ ،‬لكن ال تزال هناك حاجة لتطوير برامج لمخاطبة قضايا‬
‫النساء فى المدن‪ .‬على الحركة أن تضع برنامج ًا واضح ًا منحازاً للنساء والعمل على إلغاء‬
‫كافة القوانيين التي تمييز ضد النساء وكافة القوانين القمعية والمقيدة لحرية النساء‬
‫وأدوارهن في المجتمع وتلك التي تم استغاللها إلهانة المرأة و إهدار كرامتها‪ ،‬وإتخاذ كل‬
‫التدابير الالزمة لتعزيز مساواة الرجل والمرأة فى دستور البالد والقوانين األخرى‪ .‬وتطالب‬
‫الحركة الشعبية في هذا الصدد بضرورة انضمام السودان التفاقية القضاء على جميع‬
‫أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)‪ .‬وكذلك تجريم كافة أشكال العنف ضد المرأة بما فى‬
‫ذلك الختان واالغتصاب وزواج القاصرات والتحرش وغيره‪ ،‬والمعاقبة عليها بعقوبات‬
‫رداعة‪ .‬وينبغي أن تتبنى الدولة إلزامية تعليم البنات ونشر الوعى باهميته‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تعليم النساء ومحو االمية‪ ،‬وكذلك التوعية بحقوق المرأة المنصوص عليها فى المواثيق‬
‫والمعاهدات الدولية‪ .‬وأن تتبنى الدولة برنامج ًا قومي ًا لمحاربة العادات الضارة بالنساء‬
‫وعلى رأسها ختان البنات وزواج القاصرات‪.‬‬
‫تمثل قضايا المرأة لبنة أساسية الزمة لبناء حركتنا ولبناء الكتلة التاريخية‪ ،‬فالنساء أكثر‬
‫الفئات المتضررة من المجتمع القديم‪ ،‬وقد أظهرت تجارب الحرب إن النساء لعبن دورا‬
‫رئيسي ًا فى صمود الحركة وجيشها‪ ،‬ودفعن كلفة باهظة فى كل الحروب التى جرت فى‬
‫مناطق الهامش‪ .‬تقوم رؤية الحركة على إن انصاف النساء فى تنظيمنا هو المقدمة‬
‫الطبيعية ألنصافهن فى المجتمع العريض وعلينا أن نقدم نموذج ًا جديداً ومغايراً‬
‫فى قضايا المرأة وتحريرها‪ ،‬فلن نصل الى تحرير المجتمع مالم يتم تحرير النساء‪ .‬وقد‬
‫قرر المؤتمر القيادي للحركة الشعبية المنعقد في أكتوبر‪/‬نوفمبر ‪ 2019‬تمثيل النساء‬
‫بنسبة ‪ ،40%‬في كل مؤسسات الحركة ومستوياتها التنظيمية‪ ،‬وأن ينظر في رفع هذه‬
‫النسبة إلى ‪ 50%‬في المؤتمر العام القادم‪.‬‬

‫‪ 7.5‬اإلدارة الديمقراطية للتنوع‬

‫إن التنوع الثقافي واإلثني والديني ليس إشكالية في ذاته‪ ،‬وإنما تكمن المشكلة في‬
‫الفشل في إدارة التنوع‪ ،‬حيث عمقت سياسات الهندسة االجتماعية التي انتهجتها‬
‫حكومات المركز‪ ،‬وخصوصا فاشية اإلسالم السياسي‪ ،‬والتي هدفت إلى أسلمة وتعريب‬
‫سكان الهامش من هذا الفشل‪.‬‬
‫التنوع له أبعاد تمتد وتدخل في التعليم واالقتصاد والسياسة االجتماعية‪،‬‬
‫ِ‬ ‫إن حسن إدارة‬

‫‪24‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫وتقتضي اإلدارة الديمقراطية للتنوع صياغة تدابير دستورية ومؤسسية وبرامج‬


‫وسياسات تعكس واقع التنوع التاريخي والمعاصر للسودان كشرط ضروري لتحقيق‬
‫والمحافظة على وحدة السودان الطوعية القائمة على تنوعه‪ .‬السودان الجديد ملك‬
‫بالتساوي لكل الشعوب التي تعيش على أرضه حاليا‪ ،‬وتاريخه وتنوعه وثراء حضاراته‬
‫تراث مشترك لكل السودانيين‪ .‬وينبغي أن توجد ضمانات دستورية ملزمة تضمن عدم‬
‫التمييز‪ ،‬والحريات والحقوق الدينية والثقافية‪ ،‬واالعتراف بالتنوع و احترامه‪ .‬وتتطلب‬
‫عملية صياغة مشروع ذي مصداقية للبناء الوطني إمعان النظر والتأمل العميق في‬
‫محددات الكيان السوداني‪ ،‬واستصحاب واالستفادة من تجارب الدول األخرى الناجحة في‬
‫البناء الوطني وبناء الدولة وصوالً لتكوين رابطة وطنية تعطي جميع المواطنين إحساس ًا‬
‫باالنتماء المشترك‪ ،‬غض الظر عن خلفياتهم اإلثنية أو الثقافية أو الدينية أو اللغوية‪.‬‬
‫فدولة المواطنة أصال تعنى اإلدارة العادلة للتنوع من خالل جعل عالقة المواطنة‬
‫المتساوية أساس ًا لكل الحقوق والواجبات الدستورية‪ ،‬واحترام هويات وثقافات كل‬
‫المجموعات القومية‪ .‬وبالرغم من أن السودان هو منطلق وبؤرة اهتمام هذه الرؤية‬
‫إال انه يمكن تطبيقها عالمي ًا في الدول والمناطق األخرى التي تمزقت أوصالها بسبب‬
‫الفشل في إدارة التنوع والتباين العرقي والثقافي والديني‪ .‬فمثال‪ ،‬غالبية الدول‪-‬األمم‬
‫في أفريقيا هي عبارة عن خليط متنوع من الثقافات والمجموعات القومية‪ ،‬والتي تظل‬
‫وحدتها رهينة باالعتراف وإحترام هذا التنوع المتعدد مما يدعو إلى البحث عن العناصر‬
‫المشتركة التي توحد ونبذ العوامل التي تفرق‪.‬‬
‫يقتضي حسن إدرارة التنوع أيضا في بلد كالسودان الفصل بين الدين والدولة‪ .‬السودان‬
‫بلد يتميز بالتنوع الديني ولكل المجموعات السودانية معتقداتها الخاصة‪ ،‬سواء كانوا‬
‫مسلمين أو مسيحيين أو يعتقدون في الديانات األفريقية التقليدية‪ .‬وينبغي لذلك‬
‫احترام الحريات الدينية وكفالة حرية العبادة وإقامة الشعائر الدينية لكل األديان‬
‫والمعتقدات بدون تمييز‪ .‬وينظم الدين العالقة بين البشر وخالقهم وهى عالقة‬
‫بطبيعتها محكومة بالتعاليم واألحكام الدينية في المجال الخاص‪ ،‬بينما الدولة مؤسسة‬
‫اجتماعية وسياسية استنبطها البشر وينتمي إليها الجميع بغض النظر عن معتقداتهم‬
‫الدينية المختلفة‪ ،‬فال بد من فصلها عن المجال الدينى‪ .‬لذا يشكل الدستور الديمقراطي‬
‫في السودان الجديد‪ ،‬وليس الدين‪ ،‬المصدر الوحيد للتشريع‪ ،‬فيما عدا قوانين األحوال‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫تقتضي حسن إدارة التنوع أيضا االتفاق على نظام حكم ال مركزي يضمن القسمة‬
‫العادلة للسلطة والثروة بين المركز واألقاليم‪ ،‬ويمكن مواطني األقاليم من تطوير ورعاية‬
‫ثقافاتهم ولغاتهم وتدريسها‪ ،‬ويجب تشجيع وتطوير كل اللغات الوطنية السودانية‬
‫وجعل التعددية اللغوية إحدى مظاهر السودان الجديد‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 8.5‬الهوية‬

‫يعتبر تكوين السودان الحالي نتاج ًا للتمازج وللتنوع التاريخي والمعاصر‪ ،‬وإن االنتقاص‬
‫من تاريخ السودان وثقافاته وحقوق المواطنة هو الذي انتقص من أرضه وأدى إلى فصل‬
‫الجنوب‪ ،‬وإن استمر سيؤدي إلى المزيد من تقسيم الدولة السودانية‪ ،‬فالسودانيون قبل‬
‫أن يكونوا عرب ًا أو أفارقة‪ ،‬مسلمين أو مسيحين أو أصحاب ديانات أفريقية‪ ،‬من هذه‬
‫البقعة الجغرافية أو تلك‪ ،‬يجب أن يكونوا سودانيين أوالً‪" ،‬فالسودانوية" هي التي‬
‫تجمعنا وتوحدنا‪.‬‬
‫يتوقف نجاح مهمة خلق إحساس باالنتماء لهوية وطنية مشتركة في السودان على‬
‫االستجابة العادلة لالحتياجات الحالية والمخاوف الخاصة بمواطني الهامش‪ ،‬والذين إكتوا‬
‫بنيران سياسات الحكومات المتعاقبة في المركز وفاشية اإلسالم السياسي التي كانت‬
‫تعمل على فرض هوية وطنية أحادية‪.‬‬
‫إن مهمة بناء هوية وطنية جامعة متماسكة وقادرة على أن توفر لكل مواطن شعوراً‬
‫باالنتماء المشترك‪ ،‬غض النظر عن الخلفية الثقافية او الدينية او اإلثنية‪ ،‬تعتبر‬
‫مكون ًا رئيسي ًا ألي برنامج للبناء الوطني وبناء الدولة‪ ،‬وتعتبر معالجة القضايا المتعلقة‬
‫بالهوية متطلب ًا أولي ًا لعملية تحديد طبيعة الدولة‪ ،‬وكذلك للقيام باإلصالحات الدستورية‬
‫إجماع‬
‫ٍ‬ ‫المستدامة التي تسترشد بمفهوم للوطنية يحظى بالقبول‪ .‬وال يتم ذلك دون خلق‬
‫سياسي حول قضايا الهوية‪ ،‬مع الوضع في االعتبار حقيقة االعتماد المتبادل بين الهوية‬
‫الوطنية واإلصالحات الدستورية؛ وذلك ألن الشعور بالقيم واألهداف المشتركة يجب أن‬
‫يكون هادي ًا لعملية صياغة دستور جديد للسودان‪.‬‬
‫إن قضية عقد مؤتمر دستوري لإلجابة على السؤال التاريخي‪" :‬كيف يحكم السودان قبل‬
‫من يحكم السودان"‪ ،‬ال تزال أمرا حاسما في صناعة مستقبل السودان‪.‬‬

‫‪ 9.5‬قضايا األرض‬

‫قضية االرض تعد واحدة من أهم قضايا الصراع االقتصادي السياسي واالجتماعي‬
‫والثقافي في السودان وهي قضية وجود بالنسبة للقوميات والمجتمعات السودانية‪،‬‬
‫حيث قامت الدولة السودانية بشن الحروب عليها لتجريدها من أراضيها الخصبة وثرواتها‬
‫فوق وتحت األرض عن طريق أساليب ودعاوي مختلفة‪ ،‬وكذلك عمليات مصادرة ونزع‬
‫األراضي المرتبطة بالفساد في ظل فاشية اإلسالم السياسي‪ ،‬ولذا فان قضية االرض وحلها‬
‫علي نحو يمكّن القوميات والمجتمعات السودانية من االستفادة من مواردها فوق وتحت‬

‫‪26‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫األرض‪ ،‬لبناء مجتمع ودولة جديدة في إطار العدالة االجتماعية وعدالة توزيع الثروة‬
‫وديمقراطية السلطة وسيادة حكم القانون‪.‬‬

‫‪ 10.5‬التنمية المستدامة والنمو المتكافئ‬

‫صيغة اقتصاد السوق الحر القائمة على الرضوخ لموجهات سياسات الليبرالية الجديدة‬
‫المتوحشة والتبعية االقتصادية فشلت في إحداث التنمية المستدامة والنمو المتكافئ‬
‫وإخراج السودان من أزماته اإلقتصادية‪ ،‬وقد دفع شعبنا وشرائحه الضعيفة المهمشة‬
‫ثمن ًا باهظ ًا لتطبيق تلك السياسات‪ ،‬وزاد األمر سوءا بقيام فاشية اإلسالم السياسي التي‬
‫استندت على االقتصاد الريعي الطفيلي مما خلق بؤراً من الفساد لم يعرفها السودان من‬
‫قبل‪ ،‬وخلقت مؤسسات اقتصادية موازية خارج والية الدولة‪ ،‬وتجلت هذه الظاهرة في‬
‫اقتصاد تتحكم فيه الشركات التابعة ألجهزة األمن والتي هيمنت على قطاعات كاملة‬
‫وحيوية من االقتصاد السوداني‪.‬‬
‫تقف الحركة الشعبية مع دولة الرعاية االجتماعية واالقتصاد المدروس والمنحاز للفقراء‬
‫والمهمشين وجماهير النساء‪ ،‬والتنمية المستدامة والنمو المتكافئ‪.‬‬

‫‪ 11.5‬المزارعون والرعاة والعمال والمهنيون‬

‫يشكل المزارعون والرعاة قطاع ًا يمثل األغلبية الساحقة من سكان السودان‪ ،‬السيما‬
‫في الريف‪ ،‬وتشير التقديرات إلى أنهم يشكلون حوالي ‪ 80%‬من مجموع السكان الذين‬
‫يعتمدون في حياتهم على الزراعة والرعي‪ ،‬ومن هنا تأتي ضرورة إيالئهم أهمية خاصة‬
‫على مستوى الرؤية والبرنامج‪ ،‬خصوص ًا في وجه التدمير الذي ألحقته الحكومات المتعاقبة‬
‫وبالذات نظام اإلسالم السياسي بهذا القطاع الحيوي واإلستراتيجي‪ .‬واالنقطاع في العالقة‬
‫العضوية الذي حدث بين المدينة والريف‪ ،‬مما أدى إلى انهيار كامل ريف السودان وهجرة‬
‫الماليين إلى المدن والنزوح واللجوء وتشويه العالقة العضوية بين الريف والمدينة‪ ،‬أدى‬
‫إلى ترييف المدن وانهيار الريف‪ .‬ومعظم مشاكل التنمية في بالدنا والحروب ترجع إلى‬
‫االختالل البنيوي في هذه العالقة‪" ،‬وبدالً من نقل الريف الى المدينة يجب نقل المدينة‬
‫تبق على الريف وهذا الخلل‬ ‫الى الريف" د‪ .‬جون قرنق ‪ ،‬وبالدنا اليوم لم تبن المدن ولم ِ‬
‫البنيوي أدى‪ ،‬من ضمن أسباب أخرى‪ ،‬إلى تعميق حدة الفقر التي أدت بدورها إلى ازدياد أوار‬
‫الحروب في ريف السودان‪ .‬ولذا اعتمدت الحركة الشعبية في برنامجها الجديد خطة كاملة‬
‫إلعادة الوجه المنتج للريف واالهتمام بقضايا المزارعين والرعاة الحيوية وسينعكس‬
‫ذلك ايجاب ًا على سكان المدن‪ .‬تتبنى الحركة الشعبية ضرورة تنظيم الرعاة في اتحادات‬

‫‪27‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫وروابط على نحو ديمقراطي ودعم مطالبهم العادلة في سياسات جديدة إلعادة بناء‬
‫وإعمار الريف المنتج‪.‬‬
‫شكّل العمال أحد القطاعات الحيوية الحديثة‪ ،‬وباألخص قطاعات الخدمات والصناعة‪ ،‬وقد‬
‫أدى نمط اإلنتاج الطفيلي الذي تجاهل الصناعة والخدمات والطاقة واعتمد العشوائية‬
‫ونهب الموارد بما في ذلك قطاع التعدين إلى آثار سلبية عميقة على العمال وعلى‬
‫الصناعة والخدمات‪ ،‬وتم تدمير كافة المشاريع القومية التي كانت تضم فئات واسعة من‬
‫العمال‪ ،‬وتم تخريب إتحادات ونقابات العمال‪ .‬وتحتاج بالدنا لسياسات جديدة تعيد هذه‬
‫القطاعات الحيوية إلى الحياة وتنصف العمال وتدعم حقهم في ديمقراطية التنظيمات‬
‫واإلتحادات والنقابات العمالية‪.‬‬
‫كما يجب االلتفات إلى قضية العمال الزراعيين وأجراء الريف وسكان الكنابي "والجنقو"‬
‫والعمال الموسميين كقضية مرتبطة على نحو عضوي بضرورة تبني سياسات جديدة‬
‫وعالقات إنتاج منصفة في المشاريع الزراعية‪ ،‬وإيالء بعدها المتعلق بالمواطنة بال‬
‫تمييز حقه‪ ،‬وإزالة الغبن والتهميش في إطار بناء مجتمعات ريفية منتجة اقتصادي ًا‬
‫ومنسجمة اجتماعياً‪.‬‬
‫أما فيما يخص المهنيين‪ ،‬فقد استعادت ثورة ديسمبر ‪ 2018‬المجيدة األلق للمهنيين‬
‫السودانيين ودورهم الذي الزم نهضة الطبقة الوسطى في السودان تاريخياً‪ ،‬والذي تم‬
‫إضعافه بالسياسات المعادية التي انتهجها النظام والذي سعى بسياساته الستئصال‬
‫الدور الهام الذي يلعبه المهنيون في التنمية واالستنارة وتقدم المجتمع‪ .‬وقد لعب تجمع‬
‫المهنيين دوراً رائداً في الثورة جنب ًا إلى جنب مع القوى السياسية والمجتمع المدني وقوى‬
‫الكفاح المسلح‪ ،‬األمر الذي أدى إلى انتصار الثورة‪ ،‬ويجب أال يكون هذا الدور مجرد (رفقة‬
‫معدية)‪ ،‬بل يجب أن يتواصل دورهم ودور المجتمع المدني بشكل شبيه‪ ،‬مع األخذ في‬
‫االعتبار الخصائص السودانية‪ ،‬بالدور الذي لعبه (كوساتو) و (سانكو) تجمع ًا النقابات‬
‫والمجتمع المدني في جنوب افريقيا‪ ،‬لتسهم حركة المهنيين السودانيين في بناء‬
‫السودان الجديد الديمقراطي القائم على المواطنة بال تمييز بتوجهات واضحة وضعت‬
‫ثورة ديسمبر أساسها في أوساط المهنيين‪.‬‬

‫‪ 12.5‬المثقفون والمبدعون‬

‫التخريب الذي طال كل مناحي الحياة وبالذات العقول بعد تجربة اإلسالم السياسي ولد‬
‫أسئلة جديدة لن نستطيع اإلجابة عليها وشق طريقنا نحو المستقبل إال بانتاج فكري‬
‫وثقافي وإبداع يفوق هذا التخريب‪ ،‬وما لم نتفوق فكريا لن نتفوق ثقافيا وبداعيا‪ ،‬ولن‬
‫نستطيع أن نتفوق فكري ًا وثقافي ًا وإبداعي ًا إال بجذب المثقفين واألكاديميين والباحثين‬

‫‪28‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫والمبدعين إلى دائرة المساهمة الفاعلة في اإلجابة على األسئلة التي تواجه مجتمعنا وال‬
‫سيما فئات الشباب‪ .‬لقد ابتعد كثير من المثقفين واألكاديميين والمبدعين من العمل‬
‫السياسي؛ إما لفقر العمل السياسي وفاشية نظام اإلسالم السياسي‪ ،‬أو ألن مطالب الحياة‬
‫قد أنهكت بعضهم‪ ،‬أو الهجرة التي باعدت بين بعضهم واإلهتمام بالقضايا الفكرية‬
‫والسياسية‪ .‬وقد ولدت ثورة ديسمبر ‪ 2018‬طاقة حيوية جديدة في أوساطهم‪ ،‬علينا أن‬
‫نهتم بهذه الفئة والتي ما سادت قوى اجتماعية جديدة إال باجتذابهم إلى صفوفها‪ ،‬من‬
‫أجل بناء مجتمع جديد‪ .‬علينا أن نزلل العقبات التي يصنعها العمل السياسي والهياكل‬
‫التنظيمية والبيروقراطية وسلبيات المنافسة الحزبية الطاردة في وجه هؤالء‪ ،‬والعمل‬
‫على استعادتهم إلى تيار الحياة الفكرية والسياسية لبناء مجتمع جديد‪.‬‬

‫‪ 13.5‬الشــباب‬
‫يصنف السودان كأمة شابة ويمثل الشباب حوالي ثلثي السكان‪ ،‬لذلك فإن االهتمام‬
‫بقضايا الشباب فوق أنه يمثل إهتماما بالمستقبل‪ ،‬يمثل أيضا اهتماما بغالبية السكان‪.‬‬
‫لقد تعرض الشباب السوداني إلى حمالت قمع مادي ومعنوي واسعة وغير مسبوقة تحت‬
‫فاشية اإلسالم السياسي‪ ،‬واستخدم كوقود لحروب اإلسالم السياسى وسدت أمامهم آفاق‬
‫الحياة اإلنسانية الالئقة وتركوا فريسة للعطالة واإلدمان والحرمان من الخدمات والتجنيد‬
‫لمصلحة منظمات اإلرهاب‪ ،‬وظلت فاشية اإلسالم السياسي على مدى ثالثة عقود تطور‬
‫إستراتيجيات وآليات متعددة ألدلجة وغسل أدمغة الشباب وبرمجتهم عبر مناهج التعليم‬
‫وفرض عليهم‪ ،‬فى مختلف جوانب‬ ‫واإلعالم واإلفقار وغيرها من آليات الهيمنة والقمع‪ُ ،‬‬
‫الحياة‪ ،‬برنامج سياسي متخلف ال صلة له بالعصر وتم عزلهم عن حركة التقدم والعلم‬
‫والعالم من حولنا‪.‬‬
‫واليوم‪ ،‬يشكل الشباب أوسع شريحة ذات طاقة فى التغيير فمن الصعب إنجاز التغيير أو‬
‫المراهنة على المستقبل دون مشاركة أوسع شريحة منهم‪ .‬وقد اجترحت حركات الشباب‬
‫ً‬
‫ومتنوعة للمقاومة السلمية ضد فاشية اإلسالم السياسي‪ ،‬وكان‬ ‫السودانية أشكاالً عديد ًة‬
‫الشباب القوة الرئيسية في قيادة ثورة ديسمبر ‪ 2018‬المجيدة التي أسقطت دكتاتورية‬
‫اإلسالم السياسي‪.‬‬
‫إن االهتمام بهذه الشريحة التى تحمل مشاعل التغيير يعد من أهم قضايا المقدّمة‬
‫لبناء السودان الجديد‪ .‬وقد ظلت الحركة الشعبية على صلة مباشرة بحركات الشباب وأولت‬
‫اهتمام ًا كبيراً بهذه الحركة الناهضة‪ .‬وتطرح الحركة برنامج ًا للسياسات البديلة يمثل‬
‫أساسا لعقد اجتماعي سياسي واقتصادي وثقافي جديد‪ ،‬يتضمن حلوالً جذرية لألزمات‬
‫والتحديات االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي تواجه الشباب‪ ،‬وعلى رأسها قضايا‬
‫العطالة والهجرة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 14.5‬الطـــالب‬
‫تمكن الطالب السودانيون بشجاعة من مواجهة أنظمة القمع وباألخص نظام اإلسالم‬
‫السياسي الفاشي وظلوا في طليعة قوى التغيير والثورة‪ .‬كما تمكن طالب الحركة‬
‫الشعبية من إعالء راية الحركة فى الجامعات والمعاهد العليا مستخدمين العمل السلمي‬
‫وتضحياتهم الجليلة‪ ،‬وتجربتهم الثرّة المنفتحة على جميع الطالب بمختلف توجهاتهم‬
‫وخلفياتهم محفزة للبناء الوطني وترسيخ أقدام حركة الطلبة الديمقراطية والثورية في‬
‫بالدنا‪ .‬وستولي الحركة الشعبية عملها فى وسط الطالب أهمية فائقة فهم يشكلون‬
‫قوى حاسمة فى بناء حركة جماهيرية وفى التأثير على المجتمع العريض بجانب أنهم‬
‫فئة تقدمية قابلة الستيعاب الجديد وتوظيفه‪ ،‬ويمتلكون مهارات متنوعة يمكن‬
‫توظيفها لخدمة أجندة التغيير والثورة‪.‬‬
‫قدمت الحركة الطالبية السودانية الثورية تضحيات كبيرة فى مقاومة النظام‪ ،‬ولم‬
‫تستسلم طوال العقود الماضية‪ .‬وللحركة أرث طويل فى حركة الطلبة التي رفدتها‬
‫بقيادات كثيرة على مدى سنوات الكفاح المسلح‪ .‬للطالب طاقة جبارة يمكن توظيفها‬
‫لبناء حركة حقوق مدنية ديمقراطية فى مدن السودان المختلفة‪ ،‬وبناء ونقل حركتنا إلى‬
‫المدن وربط نضال الريف بالمدن سيلعب فيه الطالب دوراً رئيسياً‪ ،‬وخصوصا أن أعداد‬
‫كبيرة منهم تأتي من الريف‪ .‬ولذلك وجد النقاش حول تجديد رؤية الحركة وآلياتها اهتمام ًا‬
‫مبكراً وواسع ًا فى أوساط الطالب المنتمين للحركة وغيرهم من الطالب‪ .‬ولتمكين الطالب‬
‫من لعب دورهم الفعال فى عملية التغيير نحتاج لبذل المزيد من الجهد فى بناء حركتنا‬
‫فى أوساطهم فهم بمختلف إتجاهاتهم الثورية ما بخلوا بالتضحيات فى سبيل السودان‬
‫وقدموا الشهيد تلو الشهيد‪.‬‬

‫‪ 15.5‬األطفال وكبار السن‬

‫يكفل مجتمع السودان الجديد الحماية والرعاية المتواصلة لجميع األطفال وكبار السن‬
‫كأكثر المجموعات تعرضا لمخاطر الحياة‪.‬‬

‫‪ 16.5‬قضايا ذوي االحتياجات الخاصة‬

‫االهتمام بذوي االحتياجات الخاصة في السودان الجديد ليس بمسألة رعاية اجتماعية‬
‫فحسب‪ ،‬وإنما يقوم على االعتراف بحق كل فرد في التنمية والحياة الكريمة وفي إتاحة‬
‫الفرصة للمساهمة التي يمكن أن يقدمها لخير المجتمع‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 17.5‬المهجر‬

‫أصبحت الهجرة والمهاجرون قطاعا مهما ويشكلون قوى رئيسية ترفد العمل السياسي‬
‫والدبلوماسي والتضامن اإلقليمي والدولي‪ ،‬وتوفر قطاعات عالية التأهيل في قضايا‬
‫التنمية والتقدم االجتماعي‪ .‬وظل هذا القطاع يقدم الدعم المادي والمعنوي لنضال‬
‫شعبنا‪ ،‬واكتسبت األجيال الجديدة منه خبرات أكاديمية وسياسية وحياتية شاملة‪،‬‬
‫ستسهم في بناء السودان الجديد‪ ،‬من خالل إحتكاكهم بتجارب متعددة لشعوب ودول‬
‫أخرى‪ .‬وساهم المهاجرون في النضال من أجل السالم والديمقراطية‪ ،‬وهم يشكلون التنوع‬
‫الثقافي واالجتماعي السوداني‪ ،‬ويجب أن تتوجه طاقاتهم المتعددة لبناء نظام ودولة‬
‫ومجتمع جديد‪ .‬وتتمتع الحركة الشعبية بحضور وتمثيل خارجي مقدر في مختلف مناطق‬
‫المهجر‪ ،‬ويجب عليها أن تولي مهمة تنظيم هذه القوى الهامة لمصلحة التغيير وبناء‬
‫المجتمع الجديد‪ ،‬ودعم نضال شعبنا بالداخل أهمية خاصة‪ .‬ولن يتأتى ذلك إال بالعمل‬
‫الجاد في أوساط سودانيي المهجر وتنظيمهم والبناء على تجاربهم وتوحيدهم‪ ،‬ومكافحة‬
‫التيارات السلبية في داخلهم التي تعمل على تقسيمهم إثني ًا وجغرافي ًا ودينياً‪ ،‬وقد‬
‫جذبت ثورة ديسمبر ‪ 2018‬فئات عريضة منهم إلى دائرة النشاط الخالق بعد سنوات من‬
‫اإلحباط الذي أشاعه النظام الفاشي في أوساطهم‪ .‬وعلينا اإلهتمام بالفئات النوعية من‬
‫بينهم وتوسيع نشاط الحركة في جميع أوساطهم‪ ،‬والدفع بجذوة العمل المشترك الذي‬
‫حققته ثورة ديسمبر في مجتمعات المهجر السيما الشباب والنساء‪.‬‬
‫وعلينا أال نغفل سلبيات الهجرة المتمثلة في إفراغ مجتمعنا من قواه المنتجة والحية‬
‫وخاصة الشباب وأصحاب الكفاءات‪ ،‬وضرورة النضال من أجل حقوق المهاجرين ومناهضة‬
‫التمييز الذي يمارس ضدهم‪ ،‬السيما التمييز على أساس اللون والدين والنوع‪ ،‬وتشجيع‬
‫الراغبين منهم على العودة والمشاركة في بناء الوطن‪.‬‬

‫‪ 18.5‬اإلدارة األهلية‬

‫اإلدارة األهلية جزء من النظام االجتماعي في إدارة المجتمعات السودانية واألفريقية‬


‫ولعبت دورا إداريا فاعال قبل وبعد الحقبة االستعمارية به إيجابيات وسلبيات‪ ،‬وبدخول‬
‫أنظمة الحكم الوطنية والحديثة تولدت كثير من المتناقضات والمفارقات واألسئلة حول‬
‫دورها‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق بالسلطات القضائية واإلدارية واالجتماعية التي تتمتع‬
‫بها‪ ،‬والحركة الشعبية ترى أن تطوير اإلدارة األهلية التي تطورت عبر الحقب يجب‬
‫أن يتم في انسجام تام مع المجتمع ومصلحته وقيامها باألدوار التي تدعم تماسك‬
‫النسيج االجتماعي والمصالح االجتماعية والوطنية وتحقيق التوافق الداخلي السيما‬
‫‪31‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫في المجتمعات الريفية‪ ،‬وأن تقوم بوظائفها االجتماعية بما في ذلك العرف والتقاليد‬
‫وقضايا األحوال الشخصية‪ .‬إن تطوير اإلدارة األهلية لخدمة المجتمع يجب أن يتم في‬
‫إطار حوار عميق يشمل مجتمعاتها وليس عبر إجراءات فوقية ال تراعي خصائص تطور‬
‫تلك المجتمعات‪ .‬إن التسيس الذي تعرضت له اإلدارة األهلية واستخدامها لخدمة أغراض‬
‫السلطة واألنظمة الشمولية‪ ،‬خصوصا في ظل فاشية اإلسالم السياسي‪ ،‬قد ألحق تشوه ًا‬
‫بليغ ًا بها وال تزال هذه القضية تمثل تحدي ًا رئيسيا ًيواجه مهام إصالح اإلدارة األهلية‬
‫وضمان ديمقراطيتها‪ ،‬لكي تخدم تطور المجتمع وانسجامه‪.‬‬

‫‪ 19.5‬الصوفية‬

‫شكلت الصوفية مالمح اإلسالم السوداني بتسامحها وقدرتها على التعايش مع ثقافات‬
‫وديانات ما قبل دخول اإلسالم وبعده‪ ،‬ولعبت دوراً في انتشار اإلسالم السوداني على مدى‬
‫تسعة قرون بتفاعل مع الثقافات والمجتمعات األفريقية‪ ،‬في عملية من األخذ والعطاء‬
‫والتفاعل‪ .‬ولحق بالتصوف والطرق الصوفية في سنوات األنظمة الوطنية شوائب ارتباط‬
‫بعضها بالحكومات الشمولية واإلسالم السياسي‪ ،‬ولكن الصوفية قاومت وظلت ترياق ًا ضد‬
‫فاشية اإلسالم السياسي والسلفية الحربية‪ .‬والطرق الصوفية راسخة الجذور في مجتمعنا‪،‬‬
‫وفي حمالت بناء الحركة الشعبية عقب اتفاقية السالم الشامل (‪ ،)2011 – 2005‬إنضم‬
‫كثير من أتباع وقيادات الطرق الصوفية لحركتنا‪ .‬ويظل موقف الحركة الشعبية إيجابي ًا‬
‫تجاه الطرق الصوفية والمتصوفة لبناء مجتمع جديد قائم على التسامح‪.‬‬

‫‪ 20.5‬المسيحية والديانات األفريقية‬

‫تسعى الحركة إلى إقامة دولة مدنية تقف على مسافة واحدة من جميع األديان‪ ،‬وقضية‬
‫االضطهاد الذي مورس ضد المسيحيين السودانيين وأتباع الديانات األفريقية شكل جزءاً‬
‫من الخلل في عملية البناء الوطني وإدارة واالحتفاء بالتنوع الذي تذخر به بالدنا‪ .‬وبعد‬
‫انفصال جنوب السودان ال يزال المسيحيون وأتباع الديانات األفريقية يشكلون نسبة‬
‫مقدرة من بنات وأبناء الشعب السوداني‪ ،‬وتقف الحركة مع احترام وكفالة حقوقهم‬
‫الدستورية بالكامل‪ .‬وقد استهدف نظام اإلسالم السياسي المسيحيين واألقباط على‬
‫نحو خاص وشردهم في فجاج األرض‪ ،‬ولذا فإن الحل الحقيقي لقضايا المسيحيين‬
‫السودانيين والمؤمنين بالديانات األفريقية لشديد الصلة واالرتباط باقامة السودان‬
‫الجديد الديمقراطي العلماني على أساس المواطنة بال تمييز‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ 21.5‬السودان الجديد والعولمة‬

‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال جزء من القوى العالمية‪ ،‬بما في ذلك األحزاب‬
‫السياسية ومنظمات المجتمع المدني في دول الجنوب والدول المتقدمة والنامية‪ ،‬التي‬
‫تنافح من أجل نظام عالمي إنساني تسوده العدالة‪ .‬ففي سياق تطورها التاريخي‪ ،‬طورت‬
‫الحركة شبكة عالقات واسعة وساهمت في ثقافة التضامن اإلنسانى في كل أنحاء العالم‪،‬‬
‫وتزودت في تفاعالتها مع العالم أجمع بالقيم العالمية‪ ،‬وتعزيز حقوق اإلنسان في وجه‬
‫كل االنتهاكات والخروقات‪ ،‬ومساندة حركات التحرر الوطني ومعارك الشعوب ضد الظلم‬
‫والتسلط‪.‬‬
‫ستواصل الحركة الشعبية العمل مع القوى السياسية ذات األفكار المشابهة إلحداث‬
‫تحول في النظام العالمي بعيدا عن األحادية والنزاعات والمواجهات والمحاور واإلرهاب‬
‫نحو تحقيق السالم والديمقراطية والتعاون والتضامن العالمي‪ ،‬وستطرق طريق األمل‬
‫والتضامن اإلنسانى في سعيها لتسوية النزاعات بواسطة الحوار والوسائل السلمية‪،‬‬
‫ولتطوير صداقات متبادلة مع كل شعوب العالم بافتراض أن كل األمم تشترك في‬
‫مسؤولية تضامنية للرقى بحالة اإلنسانية‪.‬‬
‫موقف الحركة من هذه االهتمامات العالمية تمليه المصالح العليا للشعب السوداني‪،‬‬
‫ولكنه في نفس الوقت ينطلق من التزام الحركة بسالمة وأمن اإلنسانية ككل‪ .‬وستستمر‬
‫الحركة في بناء وتقوية التحالفات وشبكة العالقات في كل أنحاء العالم‪ ،‬والتي تشمل‬
‫العالقات بين الدول‪ ،‬وبين األحزاب‪ ،‬وبين الشعوب في المنطقة وأفريقيا والعالم ككل من‬
‫أجل نظام عالمي جديد يتسم بالعدالة واإلنسانية ويحقق الحرية والسالم والديمقراطية‬
‫واإلزدهار‪.‬‬

‫‪ 22.5‬االزدهار للجميع‬

‫تسعى الحركة الشعبية إلى بناء مجتمع قائم على "تكافؤ الفرص" تأسيس ًا على مبادئ‬
‫العدالة االجتماعية والتضامن االجتماعي من خالل ابتداع نظام فعال للضمان االجتماعي‬
‫وقيام دولة الرعاية االجتماعية والتزام الدولة بدورها تجاه الفقراء والمهمشين‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪ .6‬السودان الجديد من الشعار للبرنامج‬

‫(عقد اجتماعي‪ ،‬سياسي‪ ،‬اقتصادي وثقافي جديد)‬

‫تم إعداد وثيقة‪" :‬نحو عقد اجتماعي‪ ،‬اقتصادي وثقافي جديد" بواسطة مجموعة الخبراء‬
‫االستشارية (‪ ،)Expert Advisory Group EAG‬وصدرت في أغسطس ‪ ،2018‬وذلك‬
‫بتكليف من الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال‪ ،‬لتكون بمثابة وثيقة مرجعية‬
‫للشعب السوداني وللمجتمع الدولي في إطار الجهود الرامية لتحقيق التحول الديمقراطي‬
‫وإعادة رتق نسيج المجتمع وبناء الدولة في السودان على أسس جديدة‪ .‬وتعتبر هذه‬
‫الخطوة تجربة جريئة ومحاولة لتبني وتطوير تقاليد جديدة في الممارسة الحزبية‬
‫السودانية‪ ،‬حيث اختارت الحركة الشعبية أن تعهد لمجموعة من الخبراء المستقلين‬
‫والمهنيين واألكاديميين ‪ -‬من غير أعضاء الحركة ‪ -‬بمهمة إعداد برنامج للسياسات‬
‫البديلة المستقبلية‪ .‬تم تكوين مجموعة الخبراء االستشارية في العام ‪ ،2012‬وظلت تعمل‬
‫في إعداد هذا البرنامج على مدار أربع سنوات‪ .‬وقد التأمت مجموعة متميزة وواسعة‬
‫من الخبراء واألكاديميين السودانيين في مجاالت القانون الدستوري‪ ،‬حقوق اإلنسان‬
‫والحقوق المدنية‪ ،‬الحكم‪ ،‬السياسة الخارجية‪ ،‬األمن‪ ،‬التنمية االجتماعية واالقتصادية‬
‫والثقافة والهوية‪ .‬وإستندت الوثيقة (والتي هي عبارة عن ملخص تنفيذي) على عدد‬
‫من األوراق المرجعية التي أعدها هؤالء الخبراء وغطت كافة المجاالت المذكورة‪ .‬ووفر هذا‬
‫الحشد تنوع وتعدد الخبرات والخلفيات العلمية والفكرية المطلوبة للتعامل مع الجوانب‬
‫المتنوعة والمتعددة لمثل هذا المشروع وكذلك تعدد األصوات الذي يعكس واقع التنوع‬
‫الذي تذخر به بالدنا‪ .‬تقدم الوثيقة في جزئها الخاص بالسياسات البديلة المستقبلية‬
‫نموذج ًا متقدم ًا للتفكير والتخطيط االستراتيجي والذي يُعرف بأنه جهد جماعي منضبط‬
‫يرمي إلى رسم رؤية للمستقبل ولكن استناداً إلى تحليل دقيق ومنطقي‪ ،‬بما يجعل من‬
‫ال مرن ًا‬
‫التخطيط االستراتيجي طريقة للتفكير والدراسة والتخطيط بطريقة فعالة ودلي ً‬
‫وعملي ًا التخاذ القرارات وتخصيص الموارد بغرض تحقق األهداف على نحو أفضل‪ .‬ويقدم‬
‫التخطيط االستراتيجي نهج ًا لمواجهة التحديات الخطيرة وتعظيم االستفادة من الفرص‬
‫المحدودة المتاحة في ظل التعقيد وانعدام االستقرار والمتغيرات العديدة في البيئتين‬
‫الداخلية والخارجية‪ .‬وعادة‪ ،‬ما تقوم عملية التخطيط االستراتيجي على رؤية شاملة من‬
‫خالل النظر إلى السياق األوسع‪ ،‬إال أنها تقود أيض ًا إلى القيام بأعمال محددة‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في هذه الوثيقة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬
‫هدفت الوثيقة إلى مخاطبة جذور األزمات والقضايا الرئيسية التي تسببت في فشل‬
‫الدولة السودانية الحديثة وفشل مهام البناء الوطني‪ ،‬وتقديم خارطة طريق لتصحيح‬
‫مسار الدولة السودانية بعد استعادة الديمقراطية‪ .‬ومن هنا تنبع األهمية الكبيرة لهذه‬
‫الوثيقة بالنظر للقضايا الهامة التي تناولتها وتعدد وتنوع الخبرات المتميزة التي توفرت‬
‫لها والمدة الزمنية المناسبة التي استغرقتها عملية إعدادها‪ .‬تطرح الوثيقة أسس‬
‫عقد اجتماعي‪ ،‬سياسي‪ ،‬اقتصادي وثقافي جديد للبناء الوطني وبناء الدولة المدنية‬
‫الديمقراطية يكفل حقوق المواطنة المتساوية والتنمية والعدالة والديمقراطية‪،‬‬
‫وخارطة طريق للسياسات المستقبلية البديلة لوضع البالد في مسار مغاير يوقف‬
‫االنهيار االقتصادي وسياسات التهميش والفساد‪ ،‬ويعمل على تحقيق التنمية والعدالة‬
‫والحكم الرشيد وسيادة حكم القانون‪ .‬يمكن قراءة البرنامج باللغتين العربية واإلنجليزية‬
‫على الموقع التالي‪www.eagsudan.org :‬‬

‫‪ .7‬آفاق المستقبل‬

‫إن الحركة الشعبية هي بيت واسع لكل السودانيات والسودانيين‪ ،‬دون تمييز‪ ،‬وتحتفي بكل‬
‫التنوع والتعدد السوداني‪ ،‬بحيث تتفاعل كل هذه الثقافات‪ ،‬وتخرج منها "السودانوية‪".‬‬
‫وهي تسعى لبناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية على أساس المواطنة بال تمييز‪ ،‬والتي‬
‫يتحرر فيها المواطنون من أسر الخوف والجوع والفقر والمرض والجهل والحاجة‪ ،‬ويبنون‬
‫معا السودان الجديد الذي يليق بعظمة السودانيين ومساهماتهم التاريخية في صنع‬
‫الحضارة اإلنسانية‪.‬‬
‫تؤكد الحركة الشعبية من جديد‪ ،‬أنها ضد أي دعوى أو فكر يهدف إلى الهيمنة والقهر‬
‫وإقصاء وتهميش اآلخر‪ ،‬وضد أي خطاب فاشي أو إقصائي يسعى إلى تبرير القهر واالضطهاد‬
‫الثقافي واإلثني والديني تحت أي الفتة كان‪ .‬إننا في الحركة الشعبية مع حق اآلخرين في‬
‫أن يكونوا آخرين‪ .‬كما إن اإلنسان ال يقتات على الشعارات‪ ،‬واألمر الرئيسي الذي يتطلع‬
‫إليه كل مواطن عادي قبل كل شئ هو معالجة قضاياه الحياتية اليومية من أمن وحقوق‬
‫مواطنة وغذاء وصحة وسكن ومواصالت ومياه نظيفة وغيرها‪ .‬ولهذه األسباب‪ ،‬كلما كان‬
‫إقبال الحركة الشعبية على هذه القضايا إقباالًعلمي ًا وعملي ًا ومباشراً يستجيب إلحتياجات‬
‫الناس‪ ،‬كلما كانت الحركة أقرب إلى عقل المواطن ووجدانه‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫الخاتمة‬

‫بعد عقودٍ من الممارسة الطويلة للحركة فإن‬


‫البعض قد إتسمت نظرته بالجمود والسلفية‬
‫السياسية‪ ،‬ولم يستطع النظر للتجربة بعين‬
‫فاحصة وناقدة‪ ،‬لكننا في الحركة الشعبية عازمون‬
‫على الدفع فى طريق التجديد الفكري والسياسي‬
‫والتنظيمي بكل قوتنا‪ ،‬وعازمون على بناء نموذج‬
‫مغاير يتجاوز القديم حتى الذى صنعناه بأنفسنا‬
‫ويملك القدرة على التجدد الدائم‪ .‬وفي كل األوقات‪،‬‬
‫حينما نعالج القضايا الكبرى علينا الرجوع إلى‬
‫الجماهير‪ ،‬فإن إجاباتها دائما حاضرة وهم المالك‬
‫الحقيقيون لمشروع السودان الجديد‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫‪37‬‬
‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪Sudan People's Liberation Movement / North‬‬
‫الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ /‬شمال‬
‫‪SPLM/N‬‬

‫منفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان ‪ -‬شمال ‪ -‬نوفمبر ‪2019‬‬

You might also like