You are on page 1of 89

‫جامعـــــة سوســـــة‬

‫كلية الحقــــوق و العلـــــوم السياســــية‬

‫التمثيليـة النقابية في‬


‫تـونس‬
‫مذكرة لإلحراز على شهادة الماجستير مهني قانون المؤسسة واألعمال‬

‫األستـ ـاذ املشرف‪ :‬حممـ ـ ـد ق ـداس‬ ‫إعـ ـ ـ ـداد الطالبة‪ :‬رحـ ـاب بتوتـ ـ ـ ـة‬

‫جلن ـ ـ ـة املناقشة‪:‬‬

‫األستاذ‪......................................................................:‬رئيسا‬
‫األستاذ‪.......................................................................:‬عضوا‬
‫األستاذ‪........................................................................‬عضوا‬
‫السنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة الدراسي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‪:‬‬
‫‪2017 - 2016‬‬

‫اإلهداء‪:‬‬

‫إلى ………… من تحت قدمها تكمن الجنة‪ ،‬إلى أمي الحنونة‪.‬‬


‫إلى ………… من جعل مشواري العلمي ممكنا‪ ،‬إلى أبي الحبيب‪.‬‬
‫إلى ………… كل من ساندني وآزرني في دربي الى إخوتي و زوجي‬

‫إليهم جميعا أهدي جهدي المتواضع هذا راجية من هللا النجاح و التوفيق‪.‬‬
‫الشكــــــر‬

‫لقد تعلمت شيئا واحدا هاما عن الحياة هو أنني أستطيع أن أفعل‬


‫شيء لكن ال استطيع ان أفعل ذلك بمفردي فال أحد يستطيع ذلك‪.‬‬

‫د‪.‬روبرت شولر‬

‫إنطالقا باإلعتراف بالجميل فإنه ليسرني أن أتقدم بالشكر‬


‫واإلمتنان إلى أستاذي ومشرفي األستاذ محمد قداس الذي قام‬
‫بتأطيري وساعدني على إتمام بحثي و مدّني من منابع علمه بالكثير‬
‫له مني كل التقدير و اإلحترام‪..‬‬

‫كما أتقدم بجزيل الشكر الى كل من ساندني معنويا و ماديا و‬


‫وقف بجانبي من عائلة و أهل و أصدقاء لكم كل الحب و اإلحترام‬
‫و التقدير‪...‬‬
‫التخطيط‬

‫اجلزء األول‪:‬شروط التمثيلية النقابية‬

‫_أ الشروط املوضوعية املتعلقة ابملنظمات النقابية االكثر متثيال‬


‫ب _الشروط االجرائية املتعلقة ابلسلطة املكلفة بتعيني املنظمة أو املنظمات النقابية‬
‫االكثر متثيال‬

‫اجلزء الثاين‪ :‬آاثر التمثيلية النقابية‬


‫متثيل العملة على املستوى القطاعي من خالل املشاركة يف املفاوضات اجلماعية و‬ ‫أ‪-‬‬
‫إبرام االتفاقيات املشرتكة القطاعية‬

‫ب_ متثيل العملة على مستوى املؤسسة‬


‫إن اآلراء الواردة بهذه المذكرة خاصة‬
‫بصاحبتها وال تلزم الكلية في شيء‬
‫المقدمـــــــــــــــة‬

‫المقدمــــــــة‬

‫احلوار الوطين االجتماعي أضحى األداة املفضلة لدى الشركاء االجتماعيني لتعزيز التماسك‬
‫االجتماعي و احلفاظ عليه إلجياد احللول الناجحة و امللموسة للمتطلبات االجتماعية و االقتصادية‪،‬‬
‫إذ يساهم احلوار االجتماعي الذي يقوم على مشاركة أطراف االنتاج الثالثة يف اجناح عملية رسم‬
‫السياسات االجتماعية و االقتصادية و يف جتسيدها على أرض الواقع‪.1‬‬

‫و لضمان جناعة احلوار االجتماعي البد من وجود آليات تضمن جناحه و من بني هذه اآلليات‬
‫نذكر املفاوضات اجلماعية القائمة على تقدمي عدة مطالب نقابية من طرف النقاابت إىل الطرف‬
‫املعين ‪ ،‬فاملفاوضات اجلماعية جوهر احلوار االجتماعي و ذلك ملا تتميز به من مشاركة فعالة للنقاابت‬
‫و ملا هلا من انعكاسات اجيابية على حتسني شروط و ظروف العمل‪ ،‬و هذا ما يؤكد لنا ما تليه أغلب‬
‫الدول من أمهية هلذه اآللية‪ ،‬ولعل املصادقة على عدة اتفاقيات مع منظمة العمل الدولية ومنظمة‬
‫العمل العربية هو خري دليل على ذلك ‪. 2‬‬

‫و نظرا ملا للنقاابت من دور هام يف اجناح احلوار االجتماعي من خالل املشاركة يف املفاوضات‬
‫اجلماعية فانه البد من وجود ضماانت لكي تتمكن النقابة من أداء مهامها و لعل ما أقره الفصل ‪53‬‬

‫من دستور اجلمهورية التونسية والذي ينص على أن "حرية تكوين االحزاب والنقاابت واجلمعيات‬
‫مضمونة ‪.‬تلتزم االحزاب واجلمعيات يف أنظمتها االساسية ويف أنشطتها أبحكام الدستور والقانون‬
‫وابلشفافية املالية و نبد العنف " وقد أضاف الفصل ‪36‬من الدستور التونسي على أن "احلق النقايب‬
‫مبا يف ذلك حق االضراب مضمون "وهدا االعرتاف من أوكد الضماانت فاحلق النقايب يعد أساس‬
‫أحد احلقوق الدستورية إىل جانب احلقوق و احلرايت االساسية األخرى و يف هذا االطار جيمع الفقه‬
‫يف تونس على أن للحرية النقابية بعدين اثنني أحدمها "فردي و اآلخر مجاعي " وإذ كانت احلرية‬

‫‪ 1‬منظمة العمل الدولية ‪:‬الندوة االقليمية بشمال افريقيا حول "تحديات الحوار االجتماعي في ظل التعددية النقابية " (الرباط‬
‫‪. ) 2013/10/27-25‬‬
‫‪ 2‬سالمة بن عبد هللا " أعوان قوات األمن الداخلي و العمل النقابي " مذكرة لنيل شهادة في القانون العام‪ 2013_2012_.‬ص‬
‫‪ 70‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة‬

‫‪1‬‬
‫المقدمـــــــــــــــة‬

‫النقابية يف بعدها الفردي ‪ ،‬تعين حرية الشخص يف االنتماء للنقابة و كذلك حريته يف االنسحاب من‬
‫النقابة مىت شاء ‪ ،‬فإهنا يف جوهرها حرية مجاعية و هي تتضمن أساسا حرية تكوين النقاابت مما‬
‫يفرتض إمكانية التعددية النقابية كما تتضمن حرية تسيري النقاابت و ادارهتا بصفة مستقلة‪.3‬‬

‫فاالعرتاف ابحلق النقايب يعين االعرتاف جبميع احلقوق املنبثقة منه لذلك فإن حق تكوين‬
‫النقاابت من احلقوق النقابية ابمتياز و هي انبعة عن احلرايت النقابية فاألفراد هلم احلرية الكاملة يف‬
‫االخنراط يف أي نقابة يريدون بدون أي قيد أو شرط وكذلك لكل فرد احلق يف تكوين نقابة و هذا‬
‫احلق مضمون قانوان حسب ما جاء ابلفصل ‪ 242‬من جملة الشغل ‪ ،‬فاحلرية النقابية تضمن لكل‬
‫شخص احلق يف التكوين أو االخنراط يف نقابة و ابلتايل ينجر عن هذا احلق ظهور التعدد النقايب الذي‬
‫يعد بدوره من احلقوق النقابية‪ ،‬لكن ابلنسبة للوضعية التونسية‪ ،‬فإنه قبل اندالع ثورة ‪ 14‬جانفي‬
‫‪ ،2011‬كان نظام الوحدة النقابية مهيمنا على الساحة النقابية‪ ،‬إذ مل تكون إال منظمة وحيدة واملتمثلة‬
‫يف االحتاد العام التونسي للشغل ‪ 4‬هذا على مستوى النقابة املمثلة للعمال‪ ،‬كذلك األمر ابلنسبة‬
‫للنقابة املمثلة لألعراف كان االحتاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية‪ 5‬هو املنظمة‬
‫الوحيدة املوكول له املشاركة يف املفاوضات اجلماعية‪ ،‬لكن بعد اندالع الثورة الذي جاءت لتحقيق‬
‫العديد من احلقوق و املبادئ‪ ،‬ظهرت التعددية النقابية‪ ،‬أو ابألحرى تفعلت‪ ،‬ذلك أن املشرع التونسي‬
‫ال ميانع حسب القانون بوجود التعددية النقابية ‪ ،‬إذا أهنا حرية و حق مكفول شرعا‪.‬‬

‫و مع بروز التعددية النقابية بعد الثورة التونسية‪ ،‬أصبحت النقاابت اجلديدة تطالب هي األخرى‬
‫ابملشاركة يف املفاوضات اجلماعية‪ ،‬و ابلتايل أصبح مشكل التمثيلية النقابية مطروحا‪.‬‬

‫فالتمثيلية النقابية تقرتن ابلتعددية النقابية حيث يقع اعتماده ملعرفة النقاابت املمثلة أكثر من‬
‫غريها للتفاوض و إلبرام االتفاقيات اجلماعية على مستوى القومي و القطاع و املؤسسة‪.‬‬

‫‪ 3‬المنجي طرشونة و النوري مزيد "تعليق على مجلة الشغل منشورات المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية سلسلة‬
‫المجالت لقانونية المثراة ‪ 2002‬ص ‪239‬‬
‫‪ 4‬االتحاد العام التونسي للشغل هو منظمة نقابية تونسية تأسست في ‪ 20‬جانفي كانون الثاني ‪ 1946‬خالل المؤتمر الذي إنعقد‬
‫بالمدرسة الخلدونية‪ .‬و قد ضم أول مكتب لها الزعيم فرحات حشاد كاتب عاما و الشيخ محمد الفاضل بن عاشور رئيسا‪.‬‬
‫‪ 5‬االتحاد العام التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية ‪ :‬هو منظمة األعراف التونسيين في قطاعات الصناعة‬
‫و التجارة و الحرف و قد تأسست عام ‪.1947‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمـــــــــــــــة‬

‫العمال أو‬
‫و يف هذا الصدد ميكن تعريف التمثيلية أبهنا القدرة أو صالحية النقاابت لتمثيل ّ‬
‫األعراف و ميكن تعريف املنظمات النقابية األكثر متثيال للتفاوض اجلماعي تلك القدرة أو الصالحية‬
‫املعرتف هبا قانوان ملنظمات نقابية دون أخرى للتفاوض و إلبرام االتفاقيات اجلماعية ابسم و لفائدة‬
‫العمال و املؤجرين من انحية ‪ ،‬و قد ورد مفهوم "املنظمات املهنية" األكثر متثيال ابملادة ‪ 3‬من الفقرة‬
‫ّ‬
‫اخلامسة من دستور منظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫فاملنظمات املهنية هي اهليكل الوحيد املخول له املشاركة يف املفاوضات اجلماعية و إبرام‬


‫االتفاقيات املشرتكة ‪،‬فقبل احلماية الفرنسية‪ ،‬كانت عالقات العمل ترتكز على نظام التكتالت العرفية‬
‫العمال‪ ،‬إذ ال وجود يف ذلك احلني لنقاابت عمالية‬
‫الىت كانت جتمع يف آن واحد صاحب العمل و ّ‬
‫ونقاابت األعراف منفصلة عن بعضها‪ .‬و قد برز قانون العالقات املهنية يف أوائل القرن العشرين مع‬
‫دخول االستعمار الفرنسي إىل البالد التونسية و تطور نسبيا بشكل سريع حىت هناية احلماية و ذلك‬
‫بتكريس العناصر املكونة لنظام العالقات املهنية‪. 6‬‬

‫العمال منذ بداية احلماية حتت أتثري النقاابت‬


‫وبذلك بدأت فكرة تكوين النقاابت تغامر أذهان ّ‬
‫الفرنسية ابلبالد التونسية إالّ أن السلطات االستعمارية رفضت االعرتاف هبا قانونيا ابلرغم من وجودها‬
‫الفعلي بتسامح من هذه السلط و ذلك ألن هذه األخرية كانت ختشى من بث الفكرة النقابية يف‬
‫العمال التونسيني‪.‬‬
‫أوساط ّ‬
‫ولكن هذا مل مينع هؤالء من االحتكاك ابلنقاابت الفرنسية و االخنراط فيها و األخذ بطرق‬
‫عملها‪ .‬و سرعان ما ال حظو أن هذه النقاابت ال تعرب عن مشاغلهم احلقيقية مما أدى إىل االنسالخ‬
‫منها و إىل تكوين نقاابت تونسية توجت بتكوين جامعة عموم العملة التونسية يف سنة ‪ 1924‬الىت‬
‫سرعان مازالت بعد حلها من طرف السلطات االستعمارية اليت أجربت على االعرتاف ابحلق النقايب‬
‫مبقتضى األمر العلي املؤرخ يف ‪ 16‬نوفمرب ‪ ، 1932‬كما جاء به القانون الفرنسي لسنة ‪ 1884‬و ذلك‬
‫العمال التونسيني و أتطريهم وجتنب ظهور نقاابت‬
‫هبدف متكني النقاابت الفرنسية من استيعاب ّ‬
‫تونسية‪. 7‬‬

‫‪ 6‬دراسة لمراجعة مجلة الشغل التونسية صادرة عن الجامعة العامة التونسية للشغل (منظمة نقابية ع ّمالية) صادرة سنة‬
‫‪ 2013‬ص‪85‬‬
‫‪ 7‬عبد السالم بن حميدة " تاريخ الحركة النقابية الوطنية للشغيلة بتونس " نشر دار محمد علي الحامي ‪ 1956-1924‬ص‬
‫‪45-44‬‬

‫‪3‬‬
‫المقدمـــــــــــــــة‬

‫الذي اعرتف ابحلق النقايب و تدعم ذلك‬ ‫‪1959-1-10‬‬ ‫وعلى اثر االستقالل صدر قانون‬
‫‪8‬‬
‫بتضمنه يف الدستور التونسي ‪.‬‬

‫كون االعرتاف القانوين ابحلرية النقابية منعرجا أساسيا يف بروز نظام عصري للعالقات‬
‫وابلتايل ّ‬
‫املهنية و يف تكريس حق التفاوض اجلماعي الذي يعد من صالحيات املنظمات النقابية األكثر متثيال‪.‬‬

‫وابلتايل‪ ،‬أصبحت العالقات املهنية قائمة على نظام عصري يقوم على تشريك النقاابت يف‬
‫حتديد شروط و ظروف العمل عن طريق املشاركة يف املفاوضات اجلماعية فهذا االعرتاف القانوين‬
‫للنقاابت يف املشاركة يف حتديد السياسية االقتصادية ‪ ،‬فتح اجملال لظهور نقاابت اخرى يف ذلك‬
‫الوقت ابلتحديد قبل أتسيس االحتاد العام التونسي للشغل يف ‪ ،1946‬الذي جاء بعد فشل حماولتني‬
‫سابقتني لتأسيس منظمة نقابية وطنية و مها جامعة عموم العملة التونسية األوىل يف العشرينات مث‬
‫الثانية يف الثالثينات ‪ ،‬و قد بقى االحتاد هو املنظمة الوحيدة على الساحة التونسية بعد االستقالل‬
‫وابلتايل هو املنظمة النقابية املوكول إليها املشاركة يف املفاوضات اجلماعية ‪ ،‬ففي ذلك الوقت مل تكن‬
‫مشكل التمثيلية النقابية مطروحا ‪،‬نظرا لعدم وجود نقاابت أخرى تطالب ابملشاركة يف املفاوضات‬
‫لكن يف الثمانينات أثريت مسألة التمثيلية بني منظمتني نقابيني تسعى كل منهما إىل التفاوض ابسم‬
‫العمال و مها االحتاد العام التونسي للشغل و االحتاد الوطين التونسي للشغل و ذلك مبناسبة التفاوض‬
‫ّ‬
‫‪9‬‬
‫من أجل إبرام االتفاقية املشرتكة لقطاع حتويل البلور و املرآة ‪ ،‬لكن بعد ذلك بقيت منظمة االحتاد‬
‫العام التونسي للشغل هي املنظمة الوحيدة املوجودة على الساحة النقابية إىل حني اندالع ثورة ‪14‬‬

‫جانفي ‪ 2011‬اليت فتحت اجملال لربوز نقاابت جديدة ‪ ،‬و ابلتايل أصبح موضوع التمثيلية النقابية‬
‫مطروحا‪.‬‬

‫مل حيدد املشرع التونسي االطار القانوين للتمثيلية النقابية إذ مل ينص صلب جملة الشغل على‬
‫مقاييس الواجب توخيها لتعيني املنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال فلقد اكتفى فقط‬
‫ابلتنصيص على أن مهام املشاركة يف املفاوضات اجلماعية و إبرام االتفاقيات املشرتكة من مشموالت‬
‫املنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال حسب ما جاء مبضمون الفصلني ‪ 38‬و ‪ 39‬من جملة‬
‫الشغل‪.‬‬

‫‪8‬منجي طرشونة "تاريخ قانون العمل في تونس "المجلة التونسية للقانون االجتماعي عدد ‪ 1986- 1‬ص ‪" 45‬‬
‫المنجي طرشونة و النوري مزيد تعليق على مجلة الشغل (المرجع السابق ) ص ‪126‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪4‬‬
‫المقدمـــــــــــــــة‬

‫لذلك أصبح من الضروري وضع شروط و يف مقدمتها أن يكون اختيار املنظمة أو املنظمات‬
‫األكثر متثيال مستندا إىل معايري موضوعية تتم صياغتها مسبقا يف شكل دقيق حتسبا الحتماالت‬
‫التجرب و سوء املعاملة حيث ال جيب أن يرتك حتديد التمثيلية للتقدير االعتباطي للسلطات طبقا ملا‬
‫تراه مناسب ‪ ،‬كما جيب أن يقتصر التمييز لفائدة املنظمات االكثر متثيال على بعض احلقوق املتميزة‬
‫يف طبيعتها مثل املفاوضة اجلماعية و التشاور مع السلطات و يف كل احلاالت ال جيب أن يتسبب‬
‫هذا التمييز يف حرمان النقاابت اليت ال حتمل مواصفات النقابة االكثر متثيال من وجودها القانوين ومن‬
‫الوسائل االساسية للدفاع عن املصاحل املهنية ألعضائها و يف حرية اختيار العمال و املؤجرين للنقاابت‬
‫اليت قد يرغبون يف االنضمام إليها‪ .‬لذلك جيب وضع مقاييس و آليات لتحديد املنظمات املهنية‬
‫األكثر متثيال و هذا ما نصت عليه التوصية رقم ‪ 163‬حول املفاوضة اجلماعية ‪ ،1981‬حيث نصت‬
‫الفقرة ب من املادة ‪ 3‬على "تطبيق اجراءات معينة لالعرتاف يهدف إىل حتديد املنظمات اليت تتمتع‬
‫حبق املفاوضة اجلماعية ‪ ،‬جيب أن يقوم هذا التحديد على معايري موضوعية متفق عليها مسبقا بشأن‬
‫الطابع التمثيلي هلذه املنظمات و البد من اقرار هذه املعايري ابلتشاور مع املنظمات املمثلة ألصحاب‬
‫العمال"‪.‬‬
‫العمل و ّ‬
‫وقد طلبت جلنة احلرية النقابية مبكتب العمل الدويل ‪ ،‬احلكومة التونسية منذ مارس ‪ 2010‬اختاذ‬
‫اجراءات التمثيلية النقابية ابلتشاور مع االطراف االجتماعية ‪ ،‬فالتعددية النقابية أصبحت واقعا يف‬
‫البالد التونسية اليت صادقت على العهد الدويل للحقوق االقتصادية و االجتماعية و اتفاقيات منظمة‬
‫العمل الدولية رقم ‪87‬و‪ 98‬و‪ 151‬و‪ 154‬و‪.10 135‬‬

‫لذلك جيب حتديد نظام قانوين واضح للتمثيلية النقابية لتجنب أي تشتت يف املشهد النقايب‬
‫الذي ينعكس على الوضع االجتماعي و االقتصادي للبالد‪.‬‬
‫و يف هذا االطار ميكن طرح االشكالية التالية‪:‬‬
‫ما هو النظام القانوين للتمثيلية النقابية ؟‬
‫لإلجابة عن هذه االشكالية البد من حتديد الشروط املتعلقة بتحديد املنظمة أو املنظمات‬
‫النقابية األكثر متثيال (اجلزء األول ) وإىل جانب حتديد آاثر التمثيلية (اجلزء الثاين )‪.‬‬

‫‪ 10‬الندوة الوطنية حول ‪ :‬معايير التمثيلية النقابية "انعقدت يومي ‪ 8‬و‪ 9‬جانفي ‪ 2014‬و التي ضمت ممثلين عن وزارة‬
‫الشؤون االجتماعية و وزارة التكوين المهني و التشغيل و االتحاد العام التونسي للشغل و االتحاد التونسي للصناعة و‬
‫التجارة و الصناعات التقليدية‪ .‬وذلك بالتعاون مع منظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫الجـــــــزء األول ‪:‬شروط التمثيلية النقابية‪:‬‬


‫قبل ثورة ‪ 14‬جانفي ‪ 2011‬كان نظام الوحدة النقابية مهيمن على الساحة النقابية إذ مل تكن‬
‫هناك إال منظمة واحدة و املتمثلة يف االحتاد العام التونسي للشغل اليت متثل العمال و تقوم ابملشاركة‬
‫يف املفاوضات اجلماعية ‪ ،‬كذلك ابلنسبة للمنظمة النقابية ألرابب العمل ‪ ،‬كان نظام الوحدة هو‬
‫املعمول به أيضا ‪ ،‬اذ كانت نقابة االحتاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية هي‬
‫املكلفة بتمثيل منخر طينها و املشاركة يف املفاوضات اجلماعية لكن ‪ ،‬بعد ثورة احلرية و الكرامة ‪،‬‬
‫ظهرت التعددية النقابية وهذا ما جعل موضوع التمثيلية النقابية يطرح اليوم ‪ ،‬نظرا لربوز نقاابت‬
‫جديدة تطالب هي األخرى بتمثيل العمال و املشاركة يف املفاوضات اجلماعية ‪ .‬فموضوع التمثيلية‬
‫النقابية يطرح كلما وجدت تعددية يف املشهد النقايب ‪ .‬و نعلم أن هذه التعددية تعترب على الصعيد‬
‫القانوين امتداد حلرية تكوين النقاابت الذي أقره الفصل ‪ 242‬من جملة الشغل‪ ، 11‬لكنها ال ختلو على‬
‫املستوى العملي من مساوئ كثرية تضر يف نفس الوقت مبصاحل العمال و ابملؤسسات نتيجة ما‬
‫يرتتب عنها من تشتت يف املشهد النقايب وتوتر يف منظومة العالقات املهنية‪.‬‬

‫هذا ما حيتم تدخل املشرع لوضع ضوابط قصد جتنب مساوئ التعددية النقابية و ذلك إبقرار‬
‫بعض الصالحيات اهلامة اليت ختتص هبا املنظمات النقابية األكثر متثيال دون غريها من النقاابت‬
‫األخرى‪.‬‬

‫و يكون هذا التعيني مبنيا على معايري موضوعية حمددة بصفة مسبقة لتجنب أي تعارض بني‬
‫النقاابت و لتكريس نظام للتمثيلية النقابية يكون متماشيا مع الوضع الراهن ‪.‬‬

‫فالنقاابت اليت ميكن هلا املشاركة يف املفاوضات اجلماعية و متثيل العملة والدفاع عن مصاحلهم‬
‫ال بد أن تتوفر فيهم بعض الشروط املوضوعية املتعلقة ابملنظمات النقابية(الفصل األول )اضافة إىل‬
‫توفر الشروط اإلجرائية املتعلقة ابلسلطة املكلفة تعيني املنضمات النقابية األكثر متثيال ( الفصل‬
‫الثاين)‪.‬‬

‫‪ 11‬الفصل ‪ 242‬م‪.‬ش "يمكن ان تتأسس بكل حرية نقابات او جمعيات مهنية تضم اشخاصا يتعاطون نفس المهنة او حرفا مشابهة‪"...‬‬

‫‪6‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫الفصل األول ‪:‬الشروط المتعلقة بالمنظمات النقابية‪:‬‬


‫يستوجب إرساء نظام عصري لتمثيلية النقاابت أن يكون تقدير هذه التمثيلية قائما على معايري‬
‫موضوعية حمددة بصفة مسبقة ‪ .‬و هذا ما تنص عليه صراحة التوصية الدولية رقم ‪ 163‬بشأن‬
‫التفاوض اجلماعي ‪ .‬كما أن جلنة احلرايت النقابية التابعة للمنظمة الدولية للعمل تؤكد على ذلك يف‬
‫الكثري من القرارات و تعترب أن إرساء معايري موضوعية حمددة بصفة مسبقة هي شرط ضروري لتفادي‬
‫أي احنياز أو تعسف من طرف السلطة املؤهلة لتعني املنظمات النقابية األكثر متثيال‪.12‬‬

‫لكن يف مجيع النصوص اليت تكرس مفهوم التمثيلية النقابية يف القانون التونسي مل حيدد املشرع‬
‫أي معيار ميكن اعتماده لتقدير مدى متثيلية املنظمات النقابية ‪ ،‬و هذا الفراغ القانوين قد يكون اليوم‬
‫مصدرا لعدة خالفات من شأهنا أن تتسبب يف توتر املناخ االجتماعي و عدم استقرار نظام العالقات‬
‫املهنية ‪ .‬كما أن هذا الفراغ القانوين ميكن أن يرتتب من توسع مفرط يف نفوذ السلطة املؤهلة لتعيني‬
‫املنظمات األكثر متثيال فتميل إىل استعمال هذا النفوذ بصفة اعتباطية أو على أساس اعتبارات‬
‫هتدف إىل تدعيم إحدى النقاابت املوالية هلا على حساب منظمات نقابية أخرى‪.‬‬

‫لذا جيب اعتماد معايري موضوعية حمددة بصفة مسبقة ملعرفة مدى متثيلية املنظمات النقابية‬
‫وتنقسم هذه املعايري إىل نوعني ‪ :‬كمية و نوعية‬

‫المبحث األول ‪:‬قيام التمثيلية النقابية على معايير موضوعية‬


‫يقرتن مفهوم التمثيلية النقابية ابلتعددية النقابية حيث يقع اعتماده ملعرفة النقاابت املمثلة أكثر‬
‫من غريها للتفاوض و إبرام االتفاقيات املشرتكة على املستوى القومي و القطاع و املؤسسة و لتعيني‬
‫املنظمات النقابية األكثر متثيال جيب وضع معايري للتمثيلية النقابية املنقسمة إىل نوعني ‪ :‬كمية(الفقرة‬
‫‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬ونوعية(الفقرة‬

‫‪12‬النوري مزيد مقال حول تمثيلية المنظمات النقابية ص‪ 1‬بمناسبة الندوة الثالثية حول التعددية النقابية الذي انعقدت يومي ‪ 8‬و‪ 9‬جانفي ‪2014‬‬

‫‪7‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المعايير الكمية للتمثيلية النقابية‬

‫ترتبط هذه املعايري أساسا بعدد املنخرطني ابملنظمة النقابية‪ ،‬املسامهات املالية‪ ،‬نتائج‬
‫االنتخاابت املهنية ملمثلي األعوان‪ ،‬التغطية اجلغرافية‪ ،‬التغطية املهنية قطاعيا وابملؤسسات‪.‬‬

‫• عدد املنخرطني‪:‬‬
‫أييت هذا املعيار يف مقدمة املعايري املعتمدة لتقدير مدى متثيلية النقاابت‪ ،‬فال يعقل االعرتاف‬
‫بصفة التمثيلية ملنظمة نقابية هلا نسبة ضعيفة من املنخرطني ‪.‬كما انه من البديهي أن النقابة‪ ،‬لكي‬
‫تكون قادرة على الدفاع عن املصاحل املشرتكة لألشخاص الذين متثلهم جيب أن تربهن على أن هلا‬
‫‪13‬‬
‫الوزن الضروري لذلك من خالل عدد منخر طيها‪.‬‬

‫فهذا املعيار هو شرط أساسي للتمثيلية النقابية‪ ،‬و قد ورد ابلفصل‪ L-1212‬من جملة الشغل‬
‫الفرنسية اىل جانب مجلة من املعايري األخرى الكمية منها والنوعية‪.‬‬

‫كما أكدت حمكمة العدل الدولية منذ ‪ 1922‬أن عدد املنخرطني هو املقياس األساسي واألكثر‬
‫أمهية‪.‬‬

‫وقد مت األخذ هبذا املعيار الكمي يف الثمانينات ‪ ،‬حيث أثريت مسألة التمثيلية النقابية بني‬
‫منظمتني نقابيتني(االحتاد العام التونسي للشغل و االحتاد الوطين التونسي للشغل) تسعى كل منهما‬
‫إىل التفاوض من اجل إبرام االتفاقية املشرتكة لقطاع حتويل البلور واملرآة وقد جلأت اإلدارة إىل تطبيق‬
‫مقياس كمي يتمثل يف عدد املنخرطني بكل منظمة وعلى هذا األساس تقرر إسناد مهمة التفاوض يف‬
‫القطاع املذكور لالحتاد الوطين التونسي للشغل ‪ .‬فرغم حداثة هذه املنظمة النقابية إال أهنا اكتسبت‬
‫‪14‬‬
‫صفة التمثيلية ‪ ،‬ألهنا حتتكر اكثر عدد من املنخرطني‪.‬‬

‫فهذا املعيار هام جدا الكتساب صفة التمثيلية وهذا ما نستشفه كذلك اليوم من خالل‬
‫احتكار مهمة التفاوض ملنظمة نقابية واحدة واملتمثلة يف االحتاد العام التونسي للشغل ‪ ،‬حيث أن‬

‫‪ 13‬النوري مزيد نفس المرجع ص‪5‬‬


‫‪ 14‬انظر نص االتفاقية في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 69‬في ‪ 4‬اكتوبر ‪1985‬‬

‫‪8‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫السلطة اإلدارية أوكلت إليها مهمة التفاوض نظرا الحتكارها اكثر عدد من املنخرطني حسب تصريح‬
‫السلطة اإلدارية‪.15‬‬

‫إال أن هذا املعيار غري كاف إذ جيب مزجه ببعض املعايري األخرى لتكون صفة التمثيلية مسندة‬
‫بصفة قانونية ولتجنب أي تعارض بني النقاابت‪.‬‬

‫إضافة إىل ذلك فان املعيار املتعلق بعدد املنخرطني يقدر بكيفية معينة ويقع إثباته بطريقة معينة‪.‬‬

‫كيفية تقدير املعيار املتعلق بعدد املنخرطني‬

‫نظرا لغياب نص قانوين يضم املعايري املتعلقة ابلتمثيلية النقابية يف القانون التونسي فإننا سنعرض‬
‫بعض التجارب األجنبية لتوضيح فحو هذا املعيار ونذكر مثال على ذلك القانون اجلزائري حيث‬
‫يشرتط املشرع نسبة معينة من املنخرطني يف النقابة حىت تكتسب صفة التمثيلية‪ ،‬وقد تكون هذه‬
‫النسبة موحدة كأن يشرتط حصول النقابة على نسبة ال تقل عن ‪ 50 %‬من جمموع العمال التابعني‬
‫للمجال الذي متارس فيه نشاطها والنقابة اليت تتحصل على هذه النسبة هي املخولة إلبرام االتفاقيات‬
‫واملشاركة يف املفاوضات اجلماعية‪.‬‬

‫إال أن جلنة احلرايت النقابية تعترب أن هذا النظام ال يشجع على النهوض ابملفاوضة اجلماعية‬
‫لذلك جيب اعتبار كل املنظمات ممثلة إلبرام االتفاقيات يف حالة إذا مل تتحصل أي نقابة على هذه‬
‫‪16‬‬
‫النسبة‪.‬‬

‫فالتمثيلية النقابية تشمل مجيع النقاابت املوجودة على الساحة املهنية إذا ما توفرت فيها الشروط‬
‫الضرورية لتمثيليتها وهذا ما يفسر تكريس مبدأ التعددية النقابية وحق كل النقاابت يف املشاركة‬
‫ابلنهوض ابلوضع االقتصادي واالجتماعي للعملة‪.‬‬

‫‪Réponse du gouvernement sur le rapport de la comité de la liberté syndicale p 272(voire l’annexe n° 1)15‬‬
‫‪ 16‬المنجى طرشونة مقال حول التفاوض الجماعي في ظل التعددية النقابية ص‪(10‬كراس الدروس المسيرة للسنة الثالثة إجازة اساسية قانون خاص‬
‫‪ 2015_2014‬كلبة الحقوق والعلوم السياسية بسوسة)‬

‫‪9‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫وختتلف النسب يف أنظمة أخرى‪ ،‬كأن يشرتط احلصول على ‪ %10‬من عمال القطاع للتفاوض‬
‫على هذا املستوى و ‪%50‬من عمال املؤسسة للتفاوض على هذا املستوى وهذا معمول به ابلنسبة‬
‫للقانون الرتكي‪.‬‬

‫ويف القانون املغريب‪ ،‬وضع املشرع نسب لتحديد املنظمات النقابية األكثر متثيال على مستوى‬
‫املقاولة أو املؤسسة وعلى الصعيد الوطين‪.‬‬

‫فبالنسبة للمستوى األول يتعني األخذ بعني االعتبار القدرة التعاقدية للمنظمة النقابية وحصوهلا‬
‫على نسبة ‪ %35‬على األقل من جمموع عدد مندويب األحزاب املنتخبني على صعيد املقاولة أو‬
‫املؤسسة‪.17‬‬

‫أما على الصعيد الوطين‪ ،‬فيجب األخذ بعني االعتبار حصول املنظمة النقابية على ‪ %6‬على‬
‫األقل من جمموع عدد مندويب اإلجراء املنتخبني يف القطاع العمومي واخلاص واستقالهلا الفعلي وقدرهتا‬
‫التعاقدية‪.18‬‬

‫وهكذا ختتلف النسب بني خمتلف األنظمة‪ ،‬نظرا الختالف الظروف االقتصادية واالجتماعية‬
‫بني البلدان‪ ،‬لكن هذا ال مينع من االستئناس هبذه التجارب لوضع نسب معينة لتحديد التمثيلية ورفع‬
‫الغموض الواقع عليها ‪.‬‬

‫• اإلثبات‬

‫القاعدة القانونية العامة تتمثل يف أن املدعي هو الذي يتحمل عبء إثبات ما يدعيه‪ ،‬هلذا‬
‫يتعني مبدئيا على النقابة اليت تطالب ابالعرتاف بتمثيليتها تقدمي املؤيدات الضرورية إلثبات أهنا تضم‬
‫عدد من املنخرطني خيول هلا التمتع هبذه الصفة‪.‬‬

‫فاإلدالء بعدد املنخرطني هو إجراء ضروري ملعرفة املنظمة النقابية األكثر متثيال‪ ،‬ويتم ذلك من‬
‫خالل اإلدالء أبمساء املنخرطني يف تلك املنظمة وانتمائهم إىل أي سلك من األعوان(قطاع خاص أو‬
‫قطاع عام )‪.‬‬

‫‪ 17‬الفقرة االولى من المادة ‪ 425‬من مدونة الشغل‬


‫‪ 18‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 425‬من مدونة الشغل‬

‫‪10‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫فهذا اإلجراء خيول للسلطة اإلدارية معرفة العدد احلقيقي للمنخرطني ‪ ،‬وإذا عجزت النقابة او‬
‫رفضت التصريح عن عدد منخر طيها ‪ ،‬فان هذا يشكل قرينة عن عدم متثيليتها ‪ ،‬كما انه من حق‬
‫السلطة املختصة إجراء كل وسيلة حتقيق تراها ضرورية للتأكد من صحة املؤيدات اليت قدمتها إليها‬
‫النقابة حول عدد املنخرطني‪.‬‬

‫لكن جيب أن نقر أبن التثبت من عدد املنخرطني ليس أمرا هينا يف الكثري من األحيان ‪.‬فهو‬
‫يتطلب إجراء مقارنة مضاعفة‪ ،‬مقارنة عدد املنخرطني يف النقابة مع العدد اجلملي لألشخاص التابعني‬
‫للقطاع أو املؤسسة من انحية ومقارنة عدد املنخرطني ابلنقاابت األخرى من انحية أخرى ‪.‬هذا فضال‬
‫على أن إجراء حبث للتحقق من عدد املنخرطني ابلنقابة قد يتعارض مع حرية كل شخص بعدم‬
‫‪19‬‬
‫التصريح ابنتمائه النقايب والذي يعترب عنصرا من املعطيات الشخصية‪.‬‬

‫فاملنخرطون هم املكونون للنقابة ‪ ،‬وبد وهنم تنعدم النقابة لذلك حيتكر هذا املعيار مكانة هامة‬
‫يف موضوع التمثيلية ‪.‬إذ أن املنخرطون هم الذين حيددون مدى متثيلية النقابة لكن ال يبقى هذا املعيار‬
‫هو الوحيد بل ال بد من اقرتانه مبعايري أخرى كاملسامهات املالية( ب )ونتائج االنتخاابت املهنية‬
‫(ج)لكي متنح صفة التمثيلية بكل نزاهة‪.‬‬

‫• املسامهات املالية‬

‫تعد املسامهات املالية من املعايري الكمية للتمثيلية النقابية‪ ،‬وقد وردت ابلفصل ‪ l2141-6‬من‬
‫جملة الشغل الفرنسية الذي أكد على أمهيتها و على أن تدفع تلك املسامهات من قبل املنخرط أي‬
‫االجري وأن ال تكون للمؤجر أي عالقة هبا لتفادي التبعية وللحفاظ على مبدأ االستقاللية عن‬
‫صاحب العمل‪.20‬‬

‫فهذا املعيار يساهم يف معرفة العدد احلقيقي للمنخرطني وذلك عن طريق معلوم االخنراط الذي‬
‫يدفعه املنخرطون يف النقابة اليت ينتمون اٍليها‪ ،‬وهذه االشرتاكات تدفع شهراي وهي موثقة‪.21‬‬

‫‪ 19‬النوري مزيد نفس المرجع ص‪6‬‬


‫‪Juris classeur – travail traité – syndical professionnel à jour au 30juin 2012 20‬‬
‫‪ 21‬انظر الملحق عدد‪2‬‬

‫‪11‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫فاملنخرط يف نقابة يلتزم بدفع معلوم االخنراط يف تلك النقابة ‪ ،‬ليكون طرفا فيها ويساهم يف‬
‫فعالية تلك النقابة ويف بنائها ‪.‬ألن االشرتاكات تعترب مصدر متويل للنقاابت فاملنخرطون هم املمولون‬
‫الرمسيني للنقابة اليت ينتمون إليها وهذا ما حييلنا إىل استقاللية النقابة عن صاحب العمل أوال وعن‬
‫الدولة اثنيا ‪.‬فالنقابة اليت يكون مصدر متويلها من الدولة أومن أصحاب العمل هي نقابة غري‬
‫مستقلة وابلتايل ال ميكنها من أداء وظيفتها ‪ ،‬ذلك ألهنا تبقى اتبعة وخاضعة إىل الدولة أو صاحب‬
‫العمل الذي سيعكس آرائها واختياراهتا حول الدفاع عن املصاحل االقتصادية واالجتماعية للعملة ومن‬
‫متثيل املهنة‪.‬‬

‫لذلك لكي تكون النقابة مستقلة ال بد من توفر االشرتاكات اليت تدفع من املنخرطني يف تلك‬
‫النقابة‪.‬‬

‫كما أن تصريح السلطة اإلدارية أو قبوهلا بدفع هذه االشرتاكات من قبل املنخرطني هو أمر‬
‫ضروري لكي تستطيع النقابة القيام بدورها وتكون ابلتايل النقابة معرتفا هبا وبوجودها ‪.‬‬

‫وهذا ما الحظناه اليوم بعد ثورة ‪ 14‬جانفي ‪ 2011‬اليت أحدثت نقلة نوعية يف نظام العالقات‬
‫املهنية ‪ ،‬وخاصة ابلنسبة ملسألة التعددية النقابية حيث أن اعرتاف احلكومة التونسية ابلتعددية النقابية‬
‫كان عن طريق قبول استخالص معلوم االخنراط األعوان العموميني لعدد من املنظمات النقابية لسنة‬
‫‪2015‬وهي اجلامعة التونسية للشغل ‪ ,‬احتاد عمال تونس واملنظمة التونسية للشغل‪ ،‬فاالشرتاكات تعد‬
‫مصدر متويل للنقاابت وبدوهنا تفقد النقابة وجودها أو ابألحرى فعاليتها يف الوسط املهين ‪ ،‬وقبول‬
‫احلكومة التونسية استخالص معلوم االخنراط األعوان العموميني لعدد من املنظمات النقابية املذكورة‬
‫لدعم عملها وتسهيل نشاطها يعترب اعرتافا حكوميا ورمسيا ابملنظمات النقابية اجلديدة وابلتايل‬
‫ابلتعددية النقابية وقد كان ذلك عن طريق املنشور عدد ‪ 22‬بتاريخ ‪ 16‬نوفمرب ‪ 222015‬فالتعددية‬
‫النقابية تقوم على مبدأ املساواة بني النقاابت ولتحقيق هذه املساواة ال بد للسلطة اإلدارية منح نفس‬
‫االمتيازات لكل النقاابت املوجودة على الساحة املهنية‬

‫فرفض استخالص معلوم االخنراط للمنخرطني يف النقابة ما يعد مساسا ابملساواة بني النقاابت‬
‫كما ميس ابهلوية النقابية وابلتايل ابلتعددية النقابية وهذا ما تعرضت له اجلامعة العامة التونسية للشغل‬

‫‪ 22‬انظر الملحق عدد ‪3‬‬

‫‪12‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫مبا هي نقابة تونسية تطالب مبنحها حقوقها لتتمكن من تفعيل نشاطها يف الواقع ومتثيل املسامهني‬
‫فيها ‪ ،‬وقد أنصفتها احملكمة اإلدارية يف هذا الطلب عن طريق احلكم الصادر يف ‪ 26‬جوان‪23 2015‬عن‬
‫احملكمة االدارية الذي قضى ابستخالص معلوم االخنراط لتلك النقابة ومكنتها من أداء وظيفتها‬
‫إضافة إىل مسامهتها يف املفاوضات اجلماعية ‪ .‬فاملسامهة املالية هي معيار كمي هام ملعرفة مدى قدرة‬
‫النقابة على الدفاع عن مصاحل منخرطيها وملعرفة العدد احلقيقي للمنخرطني يف النقابة‪.‬‬

‫وإضافة إىل هذين املعيارين املذكورين نذكر معيارا اثلثا واملتمثل يف نتائج االنتخاابت املهنية‪.‬‬

‫• نتائج االنتخاابت املهنية‪:‬‬

‫نظرا لصعوبة مراقبة عدد املنخرطني بصفة دقيقة ‪ ،‬فان عدة تشاريع أجنبية أقرت تدعيم هذا‬
‫املعيار مبعيار كمي اخر يتمثل يف نتائج االنتخاابت املهنية ‪ ،‬ويقصد بذلك االنتخاابت املتعلقة‬
‫إبرساء اهليئات التمثيلية للعمال داخل املؤسسات وكذلك انتخاب ممثلي العمال وممثلي أصحاب‬
‫العمل يف دوائر الشغل اوصلب هيئات أخرى اتبعة للدولة‪.24‬‬

‫كما يستوجب هذا املعيار إقامة نظام العالقات املهنية على مبدأ الدميقراطية االجتماعية الذي‬
‫هو امتداد طبيعي للدميقراطية السياسية والذي يتجسد يف مبدأ االنتخاب احلر للهيئات التمثيلية‬
‫داخل املؤسسات وملمثلي العمال واملؤجرين يف دوائر الشغل وحىت يف اهليئات االستشارية القومية‬
‫واجلهوية واحمللية وتعمل األنظمة الدميقراطية على النهوض ابلنقاابت كطرف اجتماعي أساسي‬
‫وفاعل يف التعديل االجتماعي للمصاحل املتباينة و تنظيم احلضور النقايب للنقاابت املمثلة ومتنحها حق‬
‫احتكار تقدمي الرتشحات النتخاب اهليئات التمثيلية داخل املؤسسة وجمالس العرف على األقل يف‬
‫دورة أوىل وذلك الن التمثيلية االجتماعية يف مفهومها الصحيح تستوجب لتقديرها الرجوع إىل‬
‫صناديق االقرتاع كما هو الشأن ابلنسبة للتمثيلية السياسية‪.25‬‬

‫وعلى سبيل املثال أن القانون املغريب ينص على أن إقرار صفة املنظمة النقابية األكثر متثيال على‬
‫الصعيد الوطين يتعني حصوهلا على ‪ %6‬على األقل من جمموع مندويب اإلجراء املنتخبني يف القطاع‬

‫‪ 23‬انظر الملحق عدد ‪4‬‬


‫‪24‬النوري مزيد نفس المرجع ص‪ 6‬و‪.7‬‬
‫‪ 25‬المنجي طرشونة نفس المرجع ص‪12‬‬

‫‪13‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫العمومي واخلاص ‪ .‬وإذا يتعلق األمر بتحديد املنظمة النقابية األكثر متثيال على مستوى املؤسسة فانه‬
‫يتعني حصوهلا نسبة ‪ %35‬على األقل من جمموع عدد مندويب اإلجراء املنتخبني على صعيد املؤسسة‬
‫املعنية‪.26‬‬

‫ويف القانون الفرنسي‪ ،‬ال تتمتع النقابة ابلتمثيلية للتفاوض اجلماعي إال إذا حتصلت على ‪%10‬‬
‫على األقل من األصوات املصرح هبا على مستوى املؤسسة و ‪%8‬على مستوى القطاع وعلى املستوى‬
‫القومي‪.27‬‬

‫لكن يف القانون التونسي ‪ ،‬نالحظ توجها حنو هتميش آلية االنتخاابت املهنية كأداة للتعبري عن‬
‫وزن النقاابت ‪.‬وميكن أن نعطي مثالني على ذلك‪:‬‬

‫املثال األول ‪ :‬يتعلق بتعيني ممثلي العمال وممثلي أصحاب العمل يف دوائر الشغل فقد كان‬
‫املشرع ينص على انتخاب املستشارين ابلدوائر الشغلية مباشرة من طرف العمال وأصحاب العمل‬
‫الفصل ‪ 187‬قدمي م ‪ .‬لكن مبقتضى القانون عدد ‪ 55‬املؤرخ يف ‪ 3‬أوت ‪ 1977‬استبدلت الطريقة‬
‫االنتخابية بطريقة التعيني الذي صار يتم مبقتضى قرار من وزير الشؤون االجتماعية وذلك بعد اقرتاح‬
‫قائمة من األمساء اليت تعرضها عليه املنظمات النقابية للعمال واألعراف‪.‬‬

‫املثال الثاين ‪:‬يتعلق ابنتخاب ممثلي العمال داخل املؤسسة ‪.‬فقد كان القانون القدمي املتعلق‬
‫إبرساء جلان املؤسسات يعطي األولوية للمنظمات النقابية لتقدمي مرشحيها قصد انتخاب ممثلي‬
‫العملة وال يسمح بتقدمي ترشحات فردية إال يف صورة عدم وجود مرشحني عن اهليكل النقايب ‪.‬األمر‬
‫عدد ‪ 28‬املؤرخ يف ‪ 13‬جانفي ‪1962‬‬

‫وكانت هذه الطريقة تسمح بتقدير وزن النقاابت بصفة موضوعية داخل املؤسسة ‪ .‬لكن اثر‬
‫التنقيح الذي ادخله املشرع سنة ‪ 1994‬على نظام متثيل العملة ابملؤسسات ‪ ،‬وقع التخلي متاما عن‬
‫تلك الطريقة حيث صار انتخاب ممثلي العملة يتم على أساس ترشحات فردية على أن يكون‬

‫‪ 26‬المادة ‪ 425‬من مدونة الشغل‬


‫‪ 27‬الفصل ‪ 2122-1‬م‪.‬ش الفرنسية‬

‫‪14‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫ملرشحي النقاابت أية أفضلية‪(. 28‬األمر عدد ‪ 30‬املؤرخ يف ‪ 9‬جانفي ‪ ) 1995‬و هذا يؤدي اىل تقليص‬
‫دور النقابة يف الدفاع عن مصاحل منخرطيها من خالل متثيلهم داخل املؤسسة ‪.‬‬

‫لكن تبقى لالنتخاابت املهنية دورا فعاال يف تفعيل دور النقابة كما اهنا تعد معيارا أساسيا‬
‫لتفادي أي متييز بني النقاابت داخل املؤسسة ‪ .‬كما أن هذا املعيار ميثل أداة للتعبري احلر إضافة إىل‬
‫تكريسه إىل الدميقراطية االجتماعية اليت تعد مفتاح جناح اإلصالحات الشغلية داخل املؤسسة‬
‫وخارجها‪.‬‬

‫فهذا املعيار يرتبط آبلية تقليدية من آليات الدميقراطية حيث يستوجب الرجوع إىل صناديق‬
‫االقرتاع كأداة رئيسية لتقدير مدى متثيليه النقاابت‪.‬‬

‫إضافة إىل توفر هذه املعايري الكمية ملعرفة متثيلية النقابة جيب أن تقرتن هذه املعايري مبعايري كيفية‬
‫أخرى لتتضح مسألة التمثيلية النقابية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المعايير النوعية‬

‫تتجلى هذه املعايري من خالل عدة عناصر ترتبط بتوجهات النقابة من انحية ونشاطها من‬
‫انحية أخرى‪.‬‬

‫املعايري املتعلقة بتوجهات النقابة‬ ‫أ‪-‬‬

‫تتعلق هذه املعايري أساسا ابستقاللية النقابة ‪ ،‬حيث حيتل هذا املعيار مكانة رئيسية ضمن‬
‫املعايري الكيفية لتقدير مدى متثيلية النقاابت كما يقرتن هذا املعيار ابلشفافية املالية‪.‬‬

‫االستقاللية‪:‬‬ ‫•‬

‫تعد االستقاللية من املعايري الكيفية لتقدير مدى متثيليه النقاابت ‪،‬وتكون االستقاللية اوال ازاء‬
‫الدولة و اثنيا ازاء صاحب العمل‪.‬‬

‫‪ 28‬النوري مزيد ص‪( 8‬المرحع السابق)‬

‫‪15‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫االستقاللية ازاء الدولة ‪:‬‬

‫تتجلى هذه االستقاللية من خالل االتفاقية الدولية رقم ‪ 87‬املتعلقة حبماية احلق النقايب اليت‬
‫أقرت من خالل املادتني ‪3‬و‪ 4‬ابن منظمات العمال واصحاب العمل احلق يف اعداد لوائح النظام‬
‫االساسي و القواعد االدارية هلا و انتخاب ممثليها يف حرية اتمة و تنظيم ادارهتا و اوجه نشاطها‬
‫وصياغة براجمها ‪.‬‬

‫فهذا املعيار لصيق ابلنقابة منذ نشأهتا ألهنا تتكون دون إذن أو تصريح مسبق وهذا ما يعكس‬
‫استقالليتها عن الدولة ‪ .‬إذ أن هذه األخرية ال ميكنها أن متانع يف إنشاء جتمع نقايب تتوفر فيه‬
‫الشروط القانونية وال أن تتدخل يف نظامها الداخلي وال ان أتمر حبله ‪ ،‬غري أن هذا االستقالل‬
‫النقايب يقابله التزام من النقاابت أبن حتصر نشاطها يف احلدود الالزمة للدفاع عن مصاحل املهنة دون‬
‫التدخل يف احلياة السياسية‪.29‬‬

‫ويرتبط معيار االستقاللية أيضا ابحلرية النقابية اليت يرتتب عنه إطالق إرادة العمال يف تكوين‬
‫النقاابت ‪ ،‬ال يقيدهم إذن من سلطة عامة ‪ ،‬أو إجراءات شكلية معقدة ‪ ،‬لكسبها الشخصية‬
‫االعتبارية ‪ ،‬وكما جيب أن يظل تكوين النقاابت مبنأى عن تدخل الدولة ‪ ،‬يتعني كذلك أن تبقى‬
‫إدارهتا وسريها يف أداء مهامها مبنحى عن تدخلها ‪ ،‬فالنقاابت مجعيات خاصة يعترب نظامها األساسي‬
‫هو القانون الذي تسري عليه ‪ ،‬وال شأن للدولة فيها ما دامت حترتم القوانني ‪ .‬فاستقالل احلركة النقابية‬
‫عن الدولة نتيجة مباشرة للحرية النقابية ‪ ،‬وبدونه تفقد احلركة النقابية أهم مقوماهتا ‪ .‬ولذلك ينبه‬
‫الفقه الفرنسي إىل خطورة إشراك النقاابت يف إدارة بعض املصاحل العامة كالضمان االجتماعي مثال ‪,‬‬
‫ذلك أن هذا االجتاه إن كان مظهرا التساع الدميقراطية بتجاوزها احلياة السياسية ودخوهلا إىل نطاق‬
‫املهنة ‪ .‬فان اشرتاك النقاابت يف إدارة املصاحل العامة وتعاوهنا مع السلطات العامة‪ ،‬يؤدي إىل ذبول‬
‫صفتها كجمعيات خاصة ‪ ،‬وامليل اىل اعتبارها أجهزة عامة ‪ ،‬أونصف عامة أوشبه عامة ‪ ،‬مما يفقدها‬
‫القدرة على املنازعة لتحسني أحوال الطبقة العاملة‪.30‬‬

‫‪ 29‬احمد حسن البرعي "عالقات العمل الجماعية في القانون المصري المقارن" دار الفكر العربي‪ 6197‬ص‪32‬‬
‫‪ 30‬محمود جمال الدين زكي 'قانون العمل "دراسة مقارنة ‪ 1983‬ص ‪295‬و‪296‬‬

‫‪16‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫فاالستقاللية مالزمة للنقابة منذ نشأهتا وتكوينها ‪ ،‬وال بد ان تبقى هذه الصيفة لصيقة هبا حىت‬
‫عند أداء مهامها ‪ ،‬ذلك أن االستقاللية حمور احلرية النقابية‪.‬‬

‫وابلتايل على السلطات العامة عدم التدخل يف احلق النقايب او اعاقة ممارسته وال جيوز ان تكون‬
‫منظمات العمال واصحاب العمل عرضة للحل او لوقف نشاطها عن طريق السلطة االدارية ‪، .‬‬
‫لذلك ال بد للدولة أن ال تتدخل يف النظام الداخلي للنقابة وخاصة أن ال تعرقل مهامها ابلتضييق‬
‫عليها ومنعها من املمارسة النقابية يف الدفاع عن مصاحل منخرطيها وهذا ما اتسم به الوضع احلايل‬
‫نتيجة بروز التعددية النقابية ‪ ،‬ذلك أن الدولة يف بعض األحيان منعت إجراءات كانت من املفروض‬
‫ان ال متنعها ‪ ،‬تطبيقا ملبدأ التعددية النقابية ‪ ،‬وحق كل نقابة يف التواجد ويف االنتفاع مبعلوم اخنراط‬
‫منخرطيها ‪ ،‬فمنع الدولة هذا اإلجراء يؤدي إىل عرقلة مهام النقابة وهذا ما حصل مع اجلامعة العامة‬
‫التونسية للشغل وبقية النقاابت املوجودة اليت حرمتها الدولة من معلوم اخنراط مشرتكيها وهذا ما أدى‬
‫إىل ضعف سريها وعرقلة حركتها وقد نددت يف هذا الصدد املنظمة العاملية للشغل هبذا وطلبت‬
‫التخلي عن هذا القرار ومنح كل النقاابت املوجودة على الساحة حقهم يف املشاركة يف الدفاع عن‬
‫املصاحل االقتصادية واالجتماعية ملنخر طيهم‪،‬ذلك أن احلرية النقابية تقتضي االعرتاف بكل النقاابت‬
‫‪31‬‬
‫تفعيال ملبدأ التعددية النقابية ‪.‬‬

‫فرغم ما تتسم به النقاابت من استقاللية إزاء الدولة إال أهنا أحياان تبقى مقيدة هبا وهذا ما‬
‫ينعكس على نشاطها وعلى أداء مهامها بكل حرية‪.‬‬

‫إضافة إىل ذلك ال بد أن تشمل االستقاللية احلياة السياسية ذلك أن النقابة إذا اخنرطت يف أي‬
‫حزب ‪ ،‬يعكس ذلك على أداء مهامها ‪ ،‬وتفقد صفتها احلمائية والدفاعية عن العملة ‪ ،‬وتنغمس يف‬
‫البحث عن السلطة ‪ ،‬لذلك جيب أن يكون االستقالل عن الدولة اتما بكل األشكال وخاصة‬
‫االستقالل السياسي‪.‬‬

‫فصفة االستقاللية خاصية هامة للحفاظ على أهداف النقابة يف متثيل العملة لكن البد من‬
‫اإلشارة إىل أن التعاون بني السلطة والنقابة أمر ضروري إلرساء نظام احلوار االجتماعي والنهوض‬

‫‪31‬‬
‫‪Rapport du comité de la liberté syndicale sur la violation de la liberté syndicale en Tunisie (recommandation‬‬
‫‪du comité « a »p 247àjour 1 décembre 2015voir l’annexe n°1.‬‬

‫‪17‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫بوضع االقتصادي يف البالد ذلك أن الدولة والنقابة مشرتكان يف الوظيفة ‪ ،‬فاألوىل تعمل على‬
‫النهوض ابالقتصاد والثانية تعمل على حتسني أوضاع العملة وكال الوظيفتان متكاملتان وهذا ما جعل‬
‫احلكومة بعد ثورة ‪ 14‬جانفي ‪ 2011‬توقع عقد اجتماعيا حرر يف ‪ 14‬جانفي ‪ 2013‬بني املنظمة النقابية‬
‫املمثلة للعملة ( االحتاد العام التونسي للشغل ) ومنظمة األعراف ( احتاد الصناعة والتجارة‬
‫والصناعات التقليدية واحلكومة) ‪ ،‬تناولوا فيه أهم املواضيع الراهنة املتعلقة ابلشغل‪ .‬وذلك للنهوض‬
‫ابحلوار االجتماعي الثالثي ولتفعل احلوار اتفقت أطراف هذا العقد على إحداث جملس وطين للحوار‬
‫االجتماعي يتمتع ابالستقاللية اإلدارية واملالية ويكون ثالثي التمثيل ابلتساوي ‪.‬‬

‫ومن وظائف هذا اجمللس النظر يف مسألة التمثيلية النقابة اليت أصبحت تثري جدال على الساحة‬
‫الشغلية ‪ .‬نظرا لربوز التعددية النقابية‪ ،‬اضافة اىل وضع املعايري املوضوعية للتمثيلية النقابية‪.‬‬

‫إضافة إىل االستقاللية إزاء الدولة ال بد من توفر االستقاللية إزاء أرابب العمل أيضا أو‬
‫االستقاللية املالية‪.‬‬

‫• االستقاللية املالية‪:‬‬

‫تتجلى أمهية هذا املعيار بصفة خاصة فيما يتعلق ابستقاللية اهلياكل النقابية للعمال جتاه املؤجر ‪.‬‬
‫فالنقابة اليت تكون فاقدة هلذه االستقاللية تنحرف عن وظيفتها األساسية وتصبح مصداقيتها يف‬
‫الدفاع عن مصاحل العمال غائبة‪.‬‬

‫وغالبا ما يقرتن هذا املعيار ابالستقاللية املالية للنقابة فإذا أثبت أن املؤجر هو الذي ميول‬
‫نشاطها لتدعيم وزهنا يف مواجهة نقابة عمالية أخرى ‪ ،‬فان ذلك يكون حجة على عدم استقالليتها‬
‫وابلتايل على عدم متثيليتها ويقع تقدير االستقاللية املالية ابلرجوع اىل مؤشر االشرتاكات أو‬
‫املسامهات املالية ملنخرطي النقابة وهذا املؤشر يتمم يف نفس الوقت املعيار املستمد من عدد املنخرطني‬
‫وله أمهية لقياس وزن النقابة ‪ .‬فالنقابة اليت تفتقر ملوارد مالية كافية تكون معرضة لضعف حركتها‬
‫وابلتايل لضعف متثيليتها والنقابة اليت هلا موارد مالية متأتية من متويل خارجي خاصة من املؤجرين او‬
‫من السلطة هي ابلضرورة غري مستقلة يف عملها ذلك لكي تكون فعال ممثلة جيب عليها إثبات أن هلا‬
‫موارد مالية متأتية أساسا من منخرطيها ألنه غالبا ما يقرتن الفساد النقايب ابلفساد املايل على ذلك‬

‫‪18‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫فان معيار الشفافية املالية احلديث الذي أرساه القانون الفرنسي املتعلق ابلدميقراطية االجتماعية‬
‫يهدف إىل إثبات املصادر املالية للنقاابت وابلتايل استقالليتها ونزاهتها‪.32‬‬

‫فعلى النقاابت أن تقاوم كل مظاهر الفساد املايل واإلداري وهي مطالبة أبن تعطي املثال يف‬
‫الشفافية واحملكومية حىت تضفي املصداقية على مواقفها ‪ ،‬فحسن التصرف املايل يف النقاابت ليست‬
‫مسالة أخالقية فحسب بل هي جمموعة نصوص قانونية وآليات تنص عليها نظمها األساسية‬
‫ولوائحها الداخلية‪.33‬‬

‫فالشفافية املالية تعكس مستوى الدميقراطية الداخلية يف صلبها ‪ ،‬لذلك جيب اعتماد آليات‬
‫لتحقيق الشفافية املالية ومنها فصل اإلدارة املالية عن املسؤولية النقابية ومنها‪.‬‬

‫‪-‬أن يكون املسئولون النقابيون هم الذين يسطرون السياسات املالية وامليزانيات وسيل تنمية‬
‫املوارد وجماالت االتفاق وتتوىل اإلدارة تنفيذ هذه السياسات وتويل األعمال الفنية واإلجراءات‬
‫اإلدارية املتعلقة ابملسائل املالية للجان املراقبة املالية اليت حتضي ابالستقاللية والفاعلية وذلك على‬
‫مستوى كل اهلياكل النقابية‪.‬‬

‫• إخضاع مالية النقاابت ملدققي حساابت خارجني معتمدين قانونيا‪.‬‬

‫• نشر التقارير املالية لالطالع عليها من طرف املنخرطني وكذلك من طرف الرأي العام‪.‬‬

‫• تدريب وأتهيل القائمني على اإلدارة املالية ابالحتادات النقابية‪.‬‬

‫كما ترتبط املسالة املالية ارتباط وثيقا ابملمارسة الدميقراطية داخل التنظيم النقايب وذلك من‬
‫خالل حتديد ‪:‬‬

‫• من يتخذ القرار املايل ؟ ويف أي حجم ؟‬

‫• مراقبة ومتابعة التصرف املايل‬

‫‪32‬الفصل ‪ 1-2121‬من مجلة الشغل الفرنسية الذي نص على معيار الشفافية المالية حيث انه يحتل المرتبة الثالثة في سلم معايير التمثيلية النقابية ‪.‬‬
‫‪ 33‬المنجي طرشونة "التفاوض الجماعي في ظل التعددية النقابية" ص ‪(12‬المرجع السابق)‬

‫‪19‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫•مصدر املال النقايب‬

‫• توزيع املوارد املالية بني املركز وبقية اهلياكل الفرعية‪.‬‬

‫وإضافة إىل املعيار املتعلق ابالستقاللية تشرتط بعض األنظمة القانونية اإلقرار بصفة التمثيلية أن‬
‫يكون توجه النقابة متالئما مع مجلة من القيم األساسية اليت يعرب عنها بقيم اجلمهورية أو قيم‬
‫الدميقراطية مثلما هو الشأن يف فرنسا حيث أن احرتام املبادئ اجلمهورية تشمل احرتام الرأي‬
‫السياسي ‪,‬الديين وايضا رفض كل انواع التمييز…‬

‫وهذا ما يقتضي خاصة احرتام النقابة للحرايت العامة واحلقوق األساسية لإلنسان وكذلك‬
‫رفضها لكل أشكال العنصرية والتمييز غري الشرعي‪.‬‬

‫لذلك ولكي تكتسب النقابة صفة التمثيلية ‪ ،‬جيب عليها مراعاة مجيع املعايري املوضوعية‬
‫واحرتامها وخاصة تطبيقها لكي تكون ممثلة وابلتايل ميكن هلا املشاركة يف املفاوضات اجلماعية ومتثيل‬
‫العملة املنتمون إليها ‪ ،‬إضافة إىل تلك املعايري املذكورة أنفا جند معايري متعلقة بنشاط النقابة اليت هي‬
‫بدورها ضرورية الكتساب صفة التمثيلية‪.‬‬

‫ب‪ -‬املعايري املتعلقة مبمارسة النشاط النقايب‪:‬‬

‫تتجلى هذه املعايري من خالل عدة عناصر تسمح بتقدير الوزن الفعلي للنقابة ومدى قدرهتا‬
‫على الدفاع عن املصاحل املشرتكة لألشخاص الذين متثلهم‪.‬‬

‫ويف هذا اإلطار يتخذ العنصر املتعلق ابألقدمية واخلربة مركزا هاما لتقدير متثيلية النقاابت‬
‫وختتلف مدة االقدمية من بلد إىل أخر‪.‬‬

‫‪1990‬‬ ‫ففي التشريع اجلزائري نص الباب الثالث من القانون عدد ‪ 90-14‬املؤرخ يف ‪ 2‬جوان‬
‫واملتعلق بكيفيات ممارسة احلق النقايب على معايري حتديد املنظمات النقابية املمثلة للعمال وأصحاب‬
‫العمل ومن بني هذه املعايري ‪ ،‬نذكر األقدمية اليت قدرت ب ‪ 6‬أشهر على األقل ‪ ،‬لكي تتمكن‬
‫النقابة من متثيل العملة املنتمون إليها‪ ،‬أما يف التشريع الفرنسي فقد قدرت مدة االقدمية بعاميني‬
‫حسب قانون ‪ 20‬أوت ‪ 2008‬املتعلق ابلدميقراطية االجتماعية ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫فمن املعقول افرتاض أن تكون النقابة اليت هلا أقدمية طويلة أكثر متثيال من النقابة اليت مازالت‬
‫يف بداية نشأهتا حبيث مبدئيا هلا أكرب قوة وجتربة وموارد مالية وأكثر منخرطني ‪.‬‬

‫كما يفرتض أن النقابة األطول االقدمية هلا أتثري أكرب على الوسط املهين وهلا تقاليد اثبتة يف‬
‫الدفاع عن مصاحل منخرطيها من خالل كثافة نشاطها النقايب لكن هذا املعيار غري كاف خاصة يف‬
‫ظروف تطرأ فيها حتوالت سريعة قد ينجر عنها هجر نقابة هلا أقدمية من طرف منخرطيها لالخنراط‬
‫يف نقابة حديثة العهد لذلك فان أقدمية النقابة ال يكون وحده مؤشرا على التمثيلية او عدم التمثيلية‬
‫فان تكونت النقابة حديثا وثبت أن هلا عدد هام من املنخرطني وحتصلت على نتائج هامة يف‬
‫االنتخاابت املهنية وبرهنت على نشاط نقايب حثيث وفعلي للدفاع عن مصاحل منخرطيها فانه يعرتف‬
‫بتمثيليتها حىت ولو كانت حديثة التكوين ولكن مهما كان األمر يبدو أن معيار األقدمية ضروراي‬
‫كمؤشر إلشعاع النقابة يف الوسط املهين الن هذا املعيار من شأنه أن يكسبها التجربة الضرورية‬
‫والصدى الضروري لدى العمال أو املؤجرين‪.‬‬

‫كما أن معيار األقدمية يقرتن ابلضرورة مبدى كثافة نشاط النقابة وإشعاعها يف الوسط املهين ‪،‬‬
‫فالنقابة اليت تتمركز يف كل اجلهات وتتمتع بنشاط نقايب كثيف تتمتع بال شك ابلتمثيلية ‪ ,‬هذه‬
‫األخرية اليت تعمل على تعزيز العمل النقايب وتنمية العضوية واليت تساهم يف استقرار العالقات املهنية‬
‫واالجتماعية وتوفري شروط احلوار االجتماعي وإضفاء النجاعة عليه‪.34‬‬

‫ولكي يكون قرار السلطة اإلدارية منصف لكل النقاابت‪ ،‬جيب اعتماد هذه للمعايري بنوعيها‬
‫الكمية والنوعية للوصول إىل املنظمات النقابية األكثر متثيال ‪ .‬فبالنسبة للتجربة التونسية ‪ ،‬فان‬
‫احلكومة التونسية اعتمدت املعيار الكمي املتعلق بعدد املنخرطني يف حتديد صفة التمثيلية ابلنسبة‬
‫لكل من نقابة العمال واألعراف ولكن هنالك سؤال يطرح نفسه هل تسند صفة التمثيلية إىل منظمة‬
‫نقابية واحدة كما هو معمول به اليوم ‪ .‬حيث أن نقابة االحتاد العام التونسي للشغل ومنظمة‬
‫األعراف‪ ،‬االحتاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية مها املكلفان إببرام االتفاقيات‬
‫املشرتكة واملشاركة يف املفاوضات اجلماعية‪ ،‬أم أن صفة التمثيلية تسند ألكثر من نقابة ؟‬

‫‪ 34‬النوري مزيد تمثيلية المنظمات النقابية المرجع السابق ص ‪10‬‬

‫‪21‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫ان الوضع احلايل الذي تتسم به البالد التونسية من بروز للتعددية النقابية و مطالبة النقاابت‬
‫املوجودة على الساحة املهنية بتشريكها يف املفاوضات اجلماعية أدى اىل غموض نظام التمثيلية‬
‫النقابية لذلك يتعني على السلطة املكلفة بتعيني املنظمات االكثر متثيال حتديد املنظمة املؤهلة‬
‫للتفاوض (الفضل الثاين)‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪:‬الشروط المتعلقة بالسلطة المكلفة بتعيين المنظمات النقابية‬


‫األكثر تمثيال‪:‬‬
‫ختضع التمثيلية النقابية ابإلضافة إىل الشروط املوضوعية املذكورة أنفا إىل شروط إجرائية و تتعلق‬
‫هذه األخرية ابلقواعد املعتمدة لتعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال من انحية (املبحث األول)‬
‫وابلسلطة اليت خيول هلا أن تتدخل من أجل تعيني هذه املنظمات (املبحث الثاين)‬

‫المبحث األول ‪:‬القواعد المعتمدة لتعيين المنظمات النقابية األكثر تمثيال ‪:‬‬
‫يكتنف موقف املشرع التونسي الكثري من الغموض يف هذا اجملال و هذا ما يستوجب‬
‫االستئناس ببعض التجارب األجنبية قصد إدخال اإلصالحات الضرورية على نظام التمثيلية النقابية‬
‫يف بالدان ‪,‬وذلك من خالل حماولة االجابة على سؤالني اثنني‪ .‬هل متنح صفة التمثيلية النقابية على‬
‫قاعدة االغلبية أم على قاعدة النسبية (الفقرة االوىل ) و ماهو االطار اجلغرايف و املهين لتعيني‬
‫املنظمات النقابية االكثر متثيال (الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى ‪:‬هل تمنح صفة التمثيلية النقابية على قاعدة األغلبية‬
‫أم على قاعدة النسبية؟‬
‫يشوب األحكام القانونية املتعلقة هبذه املسألة بعض الغموض فحسب الفصل ‪ 38‬من جملة‬
‫الشغل ‪,‬حتتكر مهمة التفاوض و إبرام العقود املشرتكة القطاعية" املنظمات النقابية لألعراف و العمال‬
‫اليت متثل أكثر من غريها فرع النشاط املعين ابألمر "‪ ...‬اال أن الفصل ‪ 39‬من جملة الشغل ينص على‬
‫أنه يف حالة وجود خالف يف معرفة" أية منظمة من املنظمات اليت هلا أفضلية التمثيل " فان وزير‬
‫الشؤون االجتماعية يعني مبقتضى قرار" املنظمة اليت تتوىل إبرام االتفاقية املشرتكة‪".‬‬

‫‪22‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫فاستعمال صيغة اجلمع يف الفصل ‪ 38‬من م‪.‬ش يكرس نظام النسبية حيث يكون التفاوض‬
‫وإبرام العقود املشرتكة القطاعية من مشموالت املنظمات النقابية للعمال و األعراف األكثر متثيال أو‬
‫بصفة أدق املنظمات ذات التمثيلية الكافية ال من مشموالت املنظمة الواحدة األكثر متثيال و ينجر‬
‫عن نظام النسبية االعرتاف بتمثيلية نقاابت األقلية اىل جانب نقاابت األغلبية‪.35‬‬

‫فهذا النظام يكرس حق األقلية يف املشاركة يف املفاوضات اجلماعية و متثيل منخرطيها و الدفاع‬
‫عن مصاحلهم االقتصادية و االجتماعية‪.‬‬

‫و قد اعتمدت السلطة اإلدارية نظام النسبية يف سنة ‪ 1984‬حيث أسندت مقعدين لالحتاد‬
‫الوطين التونسي للشغل و أربعة مقاعد لالحتاد العام التونسي للشغل و تكون بذلك قد فعلت نظام‬
‫النسبية و اعرتفت حبق األقلية يف املشاركة يف املفاوضات اجلماعية‪.36‬‬

‫كذلك يرى أنصار نظام النسبية‪ ،‬أن التمثيلية يف حد ذاهتا نسبية اذ أن مقاييسها مهما كانت‬
‫دقتها ال حتسم بصفة قطعية احتكار متثيلية مطلقة بال منافس لفائدة منظمة واحدة و أن نظام‬
‫التمثيلية يف التفاوض ليس مسألة قانونية حبتة بقدر ماهي مسألة تتعلق بسياسة نظام العالقات‬
‫املهنية يف ظل تعددية نقابية يف طور نشأهتا حيث ميكنها نظام النسبية من التدريب على التفاوض‬
‫اجلماعي و من اكتساب تقاليد يف هذا امليدان إذا ما ثبت أن هلا حد أدىن من التمثيلية ‪ .‬كما أنه‬
‫إذا قبلنا أبن التعددية من إحدى مقومات احلرية النقابية نقبل كذلك ابلتعددية يف التمثيلية وبتشريك‬
‫املنظمات املمثلة يف التفاوض وهذاما يفسر تبىن دستور املنظمة الدولية للعمل نظام النسبية حيث‬
‫ينص على املنظمات األكثر متثيال كما أن القانون الفرنسي لرفع كل التباس استبدل مفهوم املنظمات‬
‫األكثر متثيال الواردة يف قانون ‪ 4‬أوت ‪ 1936‬و الذي نقله األمر العلي املؤرخ يف ‪ 24‬جوان‪ 1936‬مث‬
‫األمر العلي املؤرخ يف ‪ 5‬نوفمرب ‪ 1949‬ليأخذ صياغته النهائية يف الفصل ‪ 38‬من جملة الشغل مبفهوم‬
‫املنظمات املمثلة‪.37‬‬

‫‪Sayda Ezzedin « Le pluralisme syndicale Un débat actuel « Etudes Juridiques2011 p 294 35‬‬
‫‪ 36‬قرار وزير الشؤون االجتماعية بتاريخ ‪ 29‬افريل ‪ 1985‬المتعلق بتحديد تركيبة اللجنة االستشارية لالتفاقيات المشتركة‪.‬‬
‫‪ 37‬المنجي طرشونة مقال حول التفاوض في ظل التعددية النقابية ص ‪13‬‬

‫‪23‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫فاألخذ بنظام النسبية يؤدي إىل تشريك النقاابت املوجودة على الساحة النقابية و املتوفر فيها‬
‫الشروط املوضوعية املنصوص عليها سابقا يف املفاوضات اجلماعية ‪ .‬كما يعمل على تفعيل دور‬
‫النقاابت يف الدفاع عن املصاحل االقتصادية و االجتماعية ملنخرطيهم حىت و لو كانوا ميثلون األقلية‪.‬‬

‫لكن يرى أنصار نظام األغلبية أن االعرتاف بنقابة واحدة األكثر متثيال الحتكار التفاوض‬
‫اجلماعي جيد مربره يف الدميقراطية االجتماعية و ذلك على غرار الدميقراطية السياسية حيث ينفرد‬
‫ابلسلطة احلزب الفائز األكثر متثيلية للشعب الذي انتخبه كما يرون ان تعدد النقاابت من شأنه أن‬
‫يعرقل املفاوضات اجلماعية بسبب النزاعات اليت قد تنشؤ بني املنظمات النقابية و نظام األغلبية من‬
‫شأنه أن جينب االنقسامات و التشتت املضر مبصاحل العمال و أن يضمن ميزان القوى بني متثيلية‬
‫‪38‬‬
‫العمال و متثيلية األعراف‪.‬‬

‫وميكن أن نعطي مثاال القانون األمريكي الذي ينص على أن النقابة األكثر متثيال و اليت‬
‫حتدد حسب صندوق االقرتاع داخل الوحدة املعنية ابلتفاوض املؤسسة أو القطاع مثال هي اليت‬
‫حتتكر مهمة التفاوض ابسم العمال طيلة مدة نيابية معنية‪.‬‬

‫و يف ظل غياب نص تشريعي حيدد نظام التمثيلية النقابية يف تونس و على أي قاعدة تتم‬
‫إسناد صفة التمثيلية‪ ،‬فانه ميكن االستئناس ابلتجارب املقارنة لتحديد نظام التمثيلية النقابية يف ظل‬
‫التعددية النقابية ‪,.‬الن الغموض القانوين الذي يشوب األحكام القانونية لنظام التمثيلية النقابية قد‬
‫يؤدي إىل التناحر بني أبناء املهنة الواحدة و هذا ما ينعكس سلبا على سياسة العالقات املهنية وعلى‬
‫آلية املفاوضات اجلماعية‪.‬‬

‫وإضافة إىل الغموض الذي يشوب نظام التمثيلية فان اإلطار اجلغرايف و املهين لتعيني املنظمات‬
‫النقابية األكثر متثيال يشوبه الغموض أيضا (الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫‪ 38‬المنجي طرشونة نفس المرجع ص ‪13‬‬

‫‪24‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلطار الجغرافي و المهني لتعيين المنظمات النقابية األكثر‬


‫تمثيال ‪:‬‬
‫هل يقع تقدير متثيلية النقاابت على املستوى الوطين أو اجلهوي أو القطاعي أو على مستوى‬
‫املؤسسة ؟‬

‫مبدئيا اإلجابة ختتلف ابختالف طبيعة املهام املسندة للمنظمات النقابية األكثر متثيال و كذلك‬
‫ابختالف هيكلة هذه املنظمات ‪.‬هلذا وقع يف بعض البلدان مثلما هو الشأن يف فرنسا ‪ ،‬إقرار مبدأ‬
‫التناسب و الذي يقصد به أن التمثيلية و االعرتاف هبا يقعان ابلنسبة لكل مستوى أو وحدة‬
‫تفاوض املستوى الوطين أو القطاع املهين أو املؤسسة ) حبيث ميكن أن تتمتع النقابة ابلتمثيلية على‬
‫املستوى الوطين أو القطاعي و ال تتمتع بتلك الصفة على مستوى املؤسسة‪ ،‬و العكس صحيح‪.‬‬

‫لكن املشرع التونسي مل حيدد بصفة واضحة اإلطار اجلغرايف و املهين لتقدير متثيلية النقاابت ‪.‬‬
‫وهذا ما قد يثري بعض الصعوابت اليت تتعلق خاصة ابلنشاط النقايب على مستوى املؤسسة ‪.‬فكيف‬
‫يقع تقدير متثيلية النقاابت املؤهلة للتفاوض داخل املؤسسة ‪ :‬حسب حجمها و إشعاعها بصفة‬
‫إمجالية أم بصفة متناسبة مع وزهنا الفعلي داخل املؤسسة ؟‬

‫إذا اعتمدان احلل األول فإن كل منظمة نقابية هلا صفة متثيلية على املستوى الوطين أو القطاعي‬
‫تتمتع هبذه الصفة ايضا على مستوى املؤسسة بقطع النظر عن حجم حضورها أو عدد منخرطيها‬
‫داخل املؤسسة املعينة‪.‬‬
‫أما إذا اعتمدان احلل الثاين فإنه ال يكفي أن تكون املنظمة النقابية هلا صفة التمثيلية وطنيا أو‬
‫قطاعيا لكي يتسىن هلا أن متارس مهمة التفاوض داخل املؤسسة طاملا مل تثبت قدرهتا على اكتساب‬
‫‪39‬‬
‫صفة التمثيلية أيضا على مستوى املؤسسة ‪.‬‬
‫وال يكفي إلسناد صفة التمثيلية ملنظمة نقابية ما استيفاء مجيع الشروط املوضوعية إذ إن‬
‫السلطة اإلدارية هي املخولة الوحيدة لتعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال (املبحث الثاين)‬

‫‪ 39‬النوري مزيد نفس المرجع ص‪12-11‬‬

‫‪25‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬سلطة تعيين المنظمات النقابية األكثر تمثيال‬


‫ختتلف السلطة اليت متارس صالحية تعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال إذا كان التمثيل على‬
‫املستوى الوطين أو القطاعي( الفقرة األوىل )أو إذا كان التمثيل على مستوى املؤسسة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬سلطة تعيين المنظمات النقابية األكثر تمثيال على المستوى‬
‫الوطني والقطاعي ‪:‬‬

‫جاء ابلفصل ‪ 39‬من جملة الشغل أنه يف صورة وجود خالف حول معرفة اية منظمة هلا أفضلية‬
‫التمثيل يصدر وزير الشؤون االجتماعية قرار لتعيني املنظمة اليت تتوىل إبرام االتفاقية وهذا حييل أن‬
‫اجلهة املختصة يف تعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال للتفاوض على املستوى الوطين والقطاعي هي‬
‫السلطة اإلدارية املتمثلة يف وزير الشؤون االجتماعية بعد استشارة اللجنة الوطنية للحوار االجتماعي‬
‫اليت تعد مشروع العقد االجتماعي الذي امضي يف ‪ 14‬جانفي ‪ 2014‬ويقتصر هذا االختصاص‬
‫االداري على تقدير التمثيلية على ضوء املعايري القانونية للتمثيلية أي أهنا حتكم على استجابة أو عدم‬
‫استجابة املنظمة املعينة لشروط التمثيلية‪.‬‬
‫هذه الوظيفة اإلدارية تشبه إىل حد بعيد الوظيفة القضائية حبيث جيب على السلطة اإلدارية أن‬
‫تكون حمايدة متاما إزاء املنظمات النقابية اليت تطالب بتمثيليتها للتفاوض اجلماعي وإال تصبح‬
‫استقاللية النقابة جتاه السلطة مهددة مبا يهدد احلرية النقابية يف الصميم ومؤسسة املفاوضة‬
‫اجلماعية يف كياهنا ‪ .‬لذلك فإن تعيني املنظمات إلبرام االتفاقيات املشرتكة يرضخ إىل أحكام قانونية‬
‫مدققة‪.40‬‬
‫وهذا ما يفتقر إليه التشريع التونسي اليوم حيث أن الفراغ التشريعي احلاصل على معايري‬
‫التمثيلية النقابية قد يكون مصدر لعدة خالفات بني املنظمات النقابية من انحية وبني املنظمات‬
‫النقابية والسلطة اإلدارية من انحية أخرى‪.‬‬

‫‪ 40‬المنجي طرشونة نفس المرجع ص ‪15-14‬‬

‫‪26‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫لذلك على كل منظمة تدعي التمثيلية اثباهتا ابلوسائل القانونية لتجنب اي اخالل‬
‫ابلعالقات املهنية وعلى ضوء ذلك تبت السلطة اإلدارية يف هذا الطلب على ضوء العناصر املقدمة هلا‬
‫لتقديرها على ضوء املقاييس القانونية للتمثيلية ‪.‬ومن وجهة نظر املنظمة الدولية للعمل أن تعيني‬
‫السلطة اإلدارية للمنظمة أو للمنظمات النقابية اليت هلا صفة التمثيلية على الصعيد الوطين أو‬
‫القطاعي ال يثري أي احرتاز يف حد ذاته فاملهم أن تكون هذه السلطة حمايدة وأن ال متارس نفوذها‬
‫بصفة اعتباطية وهذا ما يستوجب خاصة توفري نوعني من الضماانت ‪:‬‬
‫أوال ‪:‬أن ختضع السلطة يف ممارسة هذا النفوذ إىل معايري موضوعية دقيقة يقع حتديدها مسبقا‬
‫من طرف املشرع ونعلم أن هذه املعايري مازالت غائبة يف القانون التونسي‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬ضرورة أن يكون القرار الصادر عن السلطة اإلدارية خاضعا للرقابة القضائية وهذا ما‬
‫ميكن ممارسته حاليا عن طريق الطعن يف القرار اإلداري يتجاوز السلطة أمام احملكمة اإلدارية اليت ميكن‬
‫هلا إلغاء القرار‪.41‬‬
‫وعلى عكس املشرع التونسي فإن التشريع اجلزائري نص يف الباب الثالث من قانون عدد‪- 14‬‬
‫‪ 90‬املؤرخ يف ‪ 2‬جوان‪ 1990‬واملتعلق بكيفيات ممارسة احلق النقايب على معايري حتديد املنظمات النقابية‬
‫التمثيلية للعمال االجراء وأصحاب العمل على مستوى املؤسسة وعلى الصعيد البلدي املشرتك بني‬
‫البلدايت و الوالئي واملشرتك بني الوالايت أو الوطين‪ ,‬كما أنه حدد اجلهة املكلفة بتقدير التمثيلية‬
‫النقابية حيث أنه يتعني على املنظمات النقابية العمالية إبالغ الوزير املكلف ابلعمل ووايل الوالية اليت‬
‫يوجد هبا مقر املنظمة النقابية ابلعناصر اليت متكنها من تقدير متثيلية هذه املنظمات‪.‬‬
‫ويف حالة عدم تبليغ العناصر اليت تسمح بتقدير متثيلية يف املنظمات يف أجل ال يتجاوز‬
‫الثالثي األول من السنة املدنية املعينة‪ ,‬ميكن اعتبار املنظمات النقابية املخالفة غري متثيلية من قبل‬
‫املستخدم أو السلطات املذكورة حسب طبيعة املنظمة‪.‬‬
‫كما صدرت يف التشريع اجلزائري أحكام تتعلق بفض النزاعات حول التمثيلية النقابية فقد‬
‫نصت القوانني املتعلقة بكيفيات ممارسة احلق النقايب على إمكانية ان يكون اخلالف أو النزاع عن‬
‫تطبيق املواد من ‪ 35‬إىل ‪ 37‬مكرر موضوع طعن لدى اجلهة القضائية املختصة اليت تبت يف أجل ال‬
‫ميكن أن يتجاوز ستني يوما حبكم انفذ بصرف النظر عن االعرتاض أو االستئناف ‪.‬‬

‫‪ 41‬النوري مزيد نفس المرجع ص ‪13‬‬

‫‪27‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫لكن يف القانون الوضعي يكتفي املشرع ابستعمال عبارة املنظمة النقابية األكثر متثيال دون‬
‫حتديد السلطة املختصة يف تعيينها وميكن أن نعطي مثاال على ذلك فيما يتعلق يتعني ممثل النقاابت‬
‫صلب جلان مراقبة طرد الفصالن ‪ 21-4‬و‬
‫‪-5 21‬من جملة الشغل ‪ .‬فاملالحظ هنا أن املشرع التونسي مل ينظم التمثيل النقايب يف جملة‬
‫الشغل وهذا ما جيعل النظام القانوين للتمثيلية النقابية غري واضح نظرا لغياب نص قانوين ينظم أو‬
‫حيدد معايري التمثيلية النقابية‪.‬‬
‫اضافة اىل ذلك ختتلف سلطة تعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال على مستوى املؤسسة‬
‫(الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬سلطة تعيين المنظمات األكثر تمثيال على مستوى المؤسسة‬

‫جتدر اإلشارة هنا إىل أن جملة الشغل مل تنظم حضور النقابة داخل املؤسسة كهيكل لتمثيل‬
‫العمال حيث بقيت هذه املسألة خاضعة أساسا ألحكام االتفاقيات املشرتكة الفصل ‪ 5‬من االتفاقية‬
‫املشرتكة اإلطارية وتنص تلك األحكام أن املؤجر ملزم ابالعرتاف ابلنقابة املكونة بصفة قانونية ممثلة‬
‫يف نواهبا الشرعيني ابملؤسسة وأبن حيرتم صالحياهتا كهيكل لتمثيل العمال والدفاع عن مصاحلهم‪.‬‬
‫ونعتقد انه من الضروري اليوم أن يتدخل املشرع لوضع نظام خاص ابحلضور النقايب داخل‬
‫املؤسسات وذلك قصد تعزيز ما تضمنته االتفاقيات املشرتكة يف هذا اجملال وجتنب الصعوابت اليت‬
‫ميكن أن يرتتب عن وجود تعددية نقابية يف غياب أتطري قانوين واضح هلا ومن ضمن هذه الصعوابت‬
‫تلك املتعلقة بتحديد املنظمة النقابية اليت هلا صالحية التفاوض من أجل إبرام اتفاقية مشرتكة على‬
‫مستوى املؤسسة حيث أن املشرع قد التزم الصمت متاما حول هذه املسألة‪.‬‬
‫ومن البديهي القول أنه يف صورة وجود خالف حول هذا املوضوع ال يعقل أن تستند للمؤجر‬
‫سلطة التعيني املنظمة النقابية اليت سوف يتفاوض معها ألن ذلك يتضمن خماطر اإلخالل مببدأ احلرية‬
‫النقابية واستقاللية النقاابت العمالية ازاء أرابب العمل‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫كما أنه ليس من املستحسن أن تسند تلك املهمة للسلطة اإلدارية حىت تدخل هذه السلطة‬
‫بصفة مفرطة يف هذا اجملال‬

‫هلذا نعتقد أن أنسب طريقة تتمثل يف أن تسند هذه املهمة جلهاز قضائي أو حتكيمي يكون‬
‫خمتصا لتسوية النزاعات اليت ميكن أن تثار حول معرفة املنظمة النقابية األكثر متثيال على مستوى‬
‫املؤسسة مع ضبط صالحياته آبجال حمددة جتنبا للتمطيط يف تلك النزاعات وما قد يرتتب عنه من‬
‫عرقلة للمفاوضات اجلماعية داخل املؤسسة‪.42‬‬

‫‪ 42‬النوري مزيد نفس المرجع ص‪14-13‬‬

‫‪29‬‬
‫الجـــــزء األول " شـــروط التمثيلــــية النقابيـــــة‬

‫خاتمة الجزء األول‬

‫أصبحت التعددية النقابية يف تونس واقعا بعد اندالع الثورة التونسية ‪ ،‬و بذلك برزت نقاابت‬
‫جديدة تطالب هي األخرى بتمثيل منخرطيها و املشاركة يف املفاوضات اجلماعية و ابلتايل أصبح من‬
‫ضروري حتديد نظام واضح للتمثيلية النقابية لتجنب مساوئ التعددية النقابية اليت قد تؤدي إىل‬
‫تشتت يف املشهد النقايب و لتجنب ذلك البد من وضع مقاييس موضوعية كما ذكران سابقا و ذلك‬
‫أنه جيب أن يكون حتديد املنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال قائما على شروط موضوعية ‪ ،‬إذ‬
‫جيب توفر معايري كمية و نوعية لكي تتمكن السلطة االدارية املختصة يف تعيني املنظمة النقابية األكثر‬
‫متثيال يف اسناد صفة التمثيلية للمنظمة اليت تستجيب إىل تلك املعايري و اليت سيقع ذكرها كاآليت ‪،‬‬
‫ابلنسبة للمعايري الكمية ‪ ،‬جيب أن تضم املنظمة النقابية املوكول إليها إبرام االتفاقيات املشرتكة ‪ ،‬عدد‬
‫من املنخرطني يكون أكثر من أي نقابة موجودة ‪ ،‬إضافة إىل توفر املسامهات املالية اليت تساهم يف‬
‫معرفة العدد احلقيقي للمنخرطني عن طريق معلوم االخنراط الذي يدفعه املنخرط يف نقابة ما ‪ ،‬كذلك‬
‫و نظرا لصعوبة مراقبة عدد املنخرطني بصفة دقيقة البد من اعتماد معيار كمي آخر يتمثل يف نتائج‬
‫االنتخاابت املهنية ‪ ،‬عالوة على ذلك جيب أن تفرتن املعايري الكمية مبعايري نوعية أخرى و املتمثلة يف‬
‫االستقاللية سواء إزاء الدولة أو االستقاللية املالية و الشفافية املالية ‪ ،‬إضافة إىل كثافة النشاط النقايب‬
‫و األقدمية و اخلربة كل هذه املعايري تساهم يف حتديد املنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال‬
‫العمال ‪.‬‬
‫للتفاوض ابسم ّ‬
‫كذلك لكي يكون اسناد صفة التمثيلية قانونيا جيب أن تتكفل السلطة االدارية املتمثلة يف وزارة‬
‫الشؤون االجتماعية يف تعيني املنظمة األكثر متثيال و يكون ذلك على ضوء احرتام املنظمة املعينة‬
‫ابلشروط أو املعايري املذكورة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫الجـزء الثـــانـي ‪ :‬أثار التمثيلية النقابية ‪:‬‬


‫تسند صفة التمثيلية للمنظمة أو املنظمات النقابية اليت أثبتت متثيليتها عن طريق احرتامها‬
‫وتطبيقها للمعايري املذكورة سابقا الكمية والنوعية ‪ ،‬ذلك أنه ال يكفي الكتساب صفة التمثيلية‬
‫التحصل على أكثر عدد من املنخرطني إذ جيب مزج هذا املعيار الكمي مبعايري كمية أخرى‬
‫كاملسامهات املالية ونتائج االنتخاابت املهنية وأخرى نوعية كاالستقاللية وخاصة االستقاللية املالية‬
‫والشفافية املالية ‪ .‬فهذه املعايري هامة جدا إلسناد صفة التمثيلية للمنظمة أو املنظمات النقابية اليت‬
‫تريد املشاركة يف املفاوضات اجلماعية وإبرام االتفاقيات املشرتكة ‪ ،‬هذه األخرية اليت تعد من آاثر‬
‫التمثيلية النقابية كما أنه ميكن لباقي املنظمات النقابية اليت مل تتحصل على صفة التمثيلية للمشاركة‬
‫يف املفاوضات اجلماعية ‪ ،‬أن تعمل على إثبات متثيليتها على مستوى املؤسسة ‪ ،‬وذلك عمال مببدأ‬
‫التناسب حيث ميكن للمنظمة النقابية أن تتمتع ابلتمثيلية على مستوى قطاع معني وال تتمتع‬
‫ابلتمثيلية على مستوى املؤسسة والعكس ابلعكس صحيح ‪ ،‬فهذا املبدأ يعمل على تفعيل التعددية‬
‫النقابية وعدم احتكار صفة التمثيلية ملنظمة نقابية واحدة تكون ممثلة على مستوى القطاع وعلى‬
‫مستوى املؤسسة وابلتايل تفادي منظومة الوحدة النقابية اليت كان معمول هبا قبل الثورة‪ ،‬لذلك جيب‬
‫أن يقتصر التمييز لفائدة املنظمات النقابية األكثر متثيال على بعض احلقوق املميزة يف طبيعتها مثل‬
‫املفاوضة اجلماعية وإبرام االتفاقيات املشرتكة(الفصل األول) ويف كل احلاالت ال جيب أن يتسبب هذا‬
‫التمييز يف حرمان النقاابت اليت ال حتمل مواصفات النقاابت األكثر متثيال من و جودها القانوين ومن‬
‫الوسائل األساسية للدفاع عن املصاحل املهنية ألعضائها وذلك عن طريق التمثيل على مستوى‬
‫املؤسسة ( الفصل الثاين ) ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫الفصل األول ‪ :‬تمثيل العملة على المستوى القطاعي ‪:‬‬

‫من اآلاثر القانونية للتمثيلية النقابية متثيل العملة والدفاع عن مصاحلهم اإلقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫ولتحقيق هذه الغاية ال بد من املشاركة يف املفاوضات اجلماعية (املبحث األول) اليت تعد من‬
‫مشموالت املنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال ‪ ،‬وإبرام االتفاقيات املشرتكة القطاعية اليت تعد‬
‫نتيجة أو مثرة التفاوض اجلماعي (املبحث الثاين) ‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مشاركة المنظمات النقابية األكثر تمثيال في المفاوضات‬


‫الجماعية ‪:‬‬
‫تعد املفاوضات اجلماعية من الركائز االساسية اليت تستند عليها النقاابت لتحقيق أهدافهم‬
‫املهنية والتحسني من األوضاع االقتصادية واالجتماعية للعملة فهذه اآللية هامة جدا يف سياسة‬
‫العالقات املهنية‪ ،‬لكننا جند املشرع التونسي يغفل عن حتديد إطارها القانوين وهذا ما يعد من‬
‫النقائص اليت يشوب التشريع التونسي صلب جملة الشغل (الفقرة األوىل) ‪ ،‬لكن رغم هذا الفراغ‬
‫التشريعي على املستوى الوضعي فإن هذه اآللية تبقى متميزة نظرا لفاعليتها على املستوى التطبيقي‬
‫فهي تكتسب العديد من املميزات (الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬غياب اإلطار القانوني للتفاوض الجماعي ‪:‬‬


‫مل يهتم املشرع التونسي ابملفاوضات اجلماعية ‪ ،‬والدليل على ذلك عدم تنظيمها يف جملة‬
‫الشغل‪ ،‬فلقد اكتفى بتنظيم االتفاقيات املشرتكة فقط اليت تعد نتيجة التفاوض اجلماعي ‪.‬‬
‫واحلال أن جناعة نظام التفاوض مرتبط كثريا مبدى ضبط القانون لقواعد اللعبة والقواعد‬
‫اإلجرائية اليت حتدد شروط املمارسة الفعلية حلق التفاوض فاملشرع التونسي مل يضع أي تعريف‬
‫للتفاوض يف جملة الشغل وهذا ما ترك اجملال مفتوحا أمام الفقهاء لتعريفه أبنه" مجلة النقاشات اليت‬
‫جتري بني صاحب العمل وجمموعة من اصحاب العمل ‪ 43‬ومنظمة عمال أو أكثر لتسوية املسائل‬
‫‪44‬‬
‫املتعلقة بظروف العمل ‪".‬‬

‫‪Tarchouna Monji thèse pour le doctorat d’Etat « La négociation collectives en Tunisie » p92 -1986 43‬‬
‫‪ 44‬أحمد زكي بدوي "عالقات العمل الجماعية "دار الكتاب اللبناني ‪ 1989‬ص‪75‬‬

‫‪32‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫كذلك ميكن استنتاج شرعية التفاوض من خالل مبدأ احلرية النقابية املضمون دستوراي فاحلرية‬
‫النقابية متتد إىل مجلة من احلرايت لتشمل حرية تكوين نقاابت وحرية التفاوض وغريها ‪...45‬‬
‫إضافة إىل أنه ميكن استنتاج شرعية التفاوض أيضا من خالل األحكام املتعلقة ابالتفاقيات‬
‫املشرتكة ذلك أن املشرع التونسي قد اهتم بنتائج التفاوض أكثر مما اعتىن ابملرحلة التمهيدية اليت هتيئ‬
‫للوصول إىل االتفاق النهائي‪ ،‬لكن هذا ال يعين وجود فراغ اتم يتعلق مبسار التفاوض كما ال يعين أن‬
‫األطراف املتفاوضة هلا احلرية املطلقة يف هذا اجملال ‪.46‬‬

‫فهذا الفراغ التشريعي مل حيول دون تطوير هذه اآللية ‪ ،‬فاملفاوضات اجلماعية ابتت أداة رئيسية‬
‫لتنظيم العالقات بني املؤجر و االجري هذا االخري الذي اصبح يفضل التعامل مع صاحب املؤسسة‬
‫عن طريق املنظمة النقابية اليت متثله لضمان النجاعة لتحقيق مطالبهم املهنية‪.‬‬
‫وتعد املفاوضات اجلماعية اجنع وسيلة لتحسني اوضاع العملة ‪ ،‬وقد شهدت هذه االلية تطور‬
‫نسبيا منذ ‪ ،1973‬حيث ابرمت االطراف االجتماعية االتفاقية االطارية ‪ ،‬و بذلك تبىن املشرع سياسة‬
‫تعاقدية لتنظيم العالقات الشغلية ‪ ،‬اذ ان التعاقد يتيح املالءمة التارخيية للقانون مع التحوالت‬
‫التكنولوجية واالقتصادية اليت ال تقتضي ابلضرورة اعتماد قواعد عامة تشمل كل النشاطات او‬
‫املؤسسات ‪. 47‬‬
‫فاملفاوضة اجلماعية تساهم يف ارساء السلم االجتماعية وذلك إبضفاء طبيعية سلمية على‬
‫العالقات املهنية كما اهنا حتظى ابهتمام كبري ابلنسبة ملنظمة العمل الدولية و العربية و يتجلى ذلك‬
‫من خالل التنصيص على امهية التفاوض يف العديد من االتفاقيات الدولية و نذكر منها‬
‫‪ -‬االتفاقات الدولية رقم ‪ 98‬املتعلقة حبق التنظيم و املفاوضة اجلماعية ‪.48‬‬
‫‪ -‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 154‬بشان املفاوضة اجلماعية املتعمدة من طرف مؤمتر العمل الدويل‬
‫جبنيف يف ‪ 19‬جوان ‪. 1981‬‬

‫‪Souad CHandoul Mémoire du master en droit privé « La protéction du salarié dans sa vie professionnelle » 45‬‬
‫‪2010 p 51 faculté de droit de Sfax‬‬
‫‪ 46‬النوري مزيد محاضرة في قانون الشغل للسنة الثالثة إجازة أساسية قانون خاص عام ‪2004‬ص ‪214‬‬
‫‪ 47‬ليلى الكويسي"تمثيل العملة داخل المؤسسة" مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص ص ‪ 123‬عام ‪"1997‬‬
‫‪ 48‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 98‬المتعلقة بحق التنظيم و المفاوضة الجماعية وقد صادقت عليها البالد التونسية بموجب القانون المؤرخ في ‪-07-25‬‬
‫‪1957‬‬

‫‪33‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫‪ -‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 144‬بشان املشاورات الثالثية يف جمال معايري العمل الدولية املعتمدة من‬
‫طرف مؤمتر العمل الدويل جبنيف يف ‪ 21‬جوان ‪.49 1976‬‬

‫فرغم الفراغ التشريعي الوضعي بشان التفاوض اجلماعي اال ان هذه االلية تبقى على غاية من‬
‫أمهية والدليل على ذلك مصادقة البالد التونسية على االتفاقيات الدولية املنظمة للمفاوضات‪.‬‬

‫فالتجربة التونسية يف التفاوض اجلماعي متميزة ورائدة‪ ،‬فمنذ إقرار السياسة التعاقدية سنة‬
‫‪ ، 1973‬ما انفك عدد االتفاقيات املشرتكة يزداد ليصل حاليا إىل ‪ 352‬اتفاقية مشرتكة قطاعية تغطي‬
‫حوايل ‪ %90‬من العاملني يف األنشطة االقتصادية غري الفالحية اخلاضعة جمللة الشغل‪.‬‬

‫وقد شهدت االتفاقيات املشرتكة القطاعية خالل السنوات األخرية عدة مراجعات مشلت‬
‫شروط وظروف العمل وابألخص األجور وأصبحت املفاوضات ملراجعة االتفاقيات املشرتكة تتم بصفة‬
‫منتظمة منذ سنة ‪ 1980‬كل ثالث سنوات وتقضي يف كل مرة إىل برانمج للزايدات يف األجور ميتد‬
‫إىل ثالث سنوات وقد مسحت هده الزايدات السنوية واملتواصلة يف حتسني القدرة الشرائية لألجراء كما‬
‫أن املفاوضات اجلماعية يف تونس ال تقتصر على القطاع اخلاص بل تشمل كذلك القطاع العام‬
‫‪50‬‬
‫بصنفيه (املنشآت العمومية والوظيفة العمومية)‬

‫فرغم ما اقتضته املادة‪ 6‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 98‬املتعلقة حبق التنظيم واملفاوضة اجلماعية‬
‫أبنه ال تتناول هذه االتفاقية وضع موظفي اخلدمة العامة العاملني يف إدارة الدولة ‪ ،‬فإن احلكومة‬
‫واملنظمة الشغيلة املكلفة ابملشاركة يف املفاوضات اجلماعية قد سارت على منهج التفاوض يف جممل‬
‫األمور اليت هتم األعوان العموميني حيث تتم مراجعة األنظمة األساسية لألعوان العموميني والرتفيع يف‬
‫‪51‬‬
‫األجور كل ثالث سنوات على غرار االتفاقيات املشرتكة‪.‬‬

‫فالتفاوض اجلماعي يكتسي أمهية ابلغة سواء يف القطاع اخلاص أو القطاع العام فهو ميثل‬
‫شكل من اشكال مسامهة العمال عرب ممثليهم (يف املنظمة أو املنظمات النقابية اليت أسندت هلا على‬

‫‪49‬االتفاقيتان الدوليتان عدد ‪144‬و ‪ 154‬وقد صادقت عليهما البالد التونسية بموجب القانون االساسي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 2013‬المؤرخ في ‪1‬أفريل‬
‫‪2013‬‬
‫‪ 50‬مداخلة لمحمد كشو (مدير المركز العربي إلدارة العمل و التشغيل – تونس –منظمة العمل العربية ) بعنوان واقع الحوار االجتماعي في الدول‬
‫العربية بين التشريع و الممارسة ص‪ 13‬عام‪ww.droit social-Tunisie .org.tn /dernierrevue.htm...0052‬‬
‫‪ 51‬المنجي الدكالي "دليل الموظف للدفاع عن حقوقه " ص‪ 10‬عام ‪2007‬‬

‫‪34‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫صفة التمثيلة على املستوى القطاعي ) يف حتديد ظروف العمل وحدا لسلطة املؤجر يف االنفراد يف‬
‫اختاذ القرار‪.‬‬

‫ويف ظل غياب إطار قانوين واضح للتفاوض اجلماعي صلب جملة الشغل فإن ذلك يرتك‬
‫اجملال مفتوحا أمام األطراف املتفاوضة يف اختيار موضوع التفاوض ومدته وغريه من اإلجراءات املتعلقة‬
‫ابلتفاوض‪ .‬لكننا جند يف بعض األنظمة األجنبية وتكريسا لوجوبيه التفاوض من اجل ابرام االتفاقيات‬
‫املشرتكة للعمل‪ ،‬التزاما لألطراف املعنية ابحرتام دورية املفاوضات مثلما حيددها القانون‪ ،‬وذلك من‬
‫أجل ضمان شروط التفاوض النزيه اليت تتوقف عليها جناح املباحثات‪.52‬‬

‫فعدم حتديد اإلجراءات املتعلقة ابلتفاوض قد يؤدي إىل عرقلة االتفاقيات املشرتكة‪ ،‬فالتفاوض‬
‫هو جسر العبور اىل ابرام االتفاقيات املشرتكة القطاعية وبدونه تنعدم االتفاقيات األخرى أو ابألحرى‬
‫سياسية التشاور وتبادل اآلراء حول موضوع التفاوض بني األطراف االجتماعية وهذا ما قد يتسبب‬
‫يف غياب أو انعدام احلوار الذي يعد أساس السلم االجتماعية ‪.‬‬

‫وابلتايل فإن الطرف الوحيد املتضرر هو األجري الدي سيبقى خاضعا لقرار املؤجر‪.‬‬

‫لذلك جيب تفادي هذه االشكاليات والعراقيل اليت ميكن أن تعرقل مسار التفاوض بوضع‬
‫قانون حيدد اجراءات حتكم التفاوض اجلماعي وذلك عن طريق ‪:‬‬
‫‪ -‬وضع مبدأ الزامية التفاوض حبسن نية يف كل املستوايت ‪ ،‬وضع عقوابت للتصرفات الغري‬
‫النزيهة‪ ،‬وتنويع هياكل التفاوض (التفاوض على املستوى الوطين وعلى املستوى القطاعي وعلى‬
‫مستوى املؤسسة)‪.‬‬
‫‪ -‬وضع التنظيم اهليكلي ألشكال التفاوض‪.‬‬
‫‪ -‬اعطاء املفاوضني املعنيني للغرض من طرف منظماهتم ‪ ،‬احلق يف تكوين ويف احلصول على‬
‫املعلومات االقتصادية واالجتماعية حول وحدة التفاوض‬

‫‪ 52‬النوري مزيد محاضرة في قانون الشغل نفس السنة ص ‪220‬‬

‫‪35‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫‪ -‬تنظيم دورية التفاوض ووضع قواعد تنظم التصرف املتواصل يف اتفاقيات اجلماعية للشغل‬
‫وتسوية اخلالفات اجلماعية اليت تربز سواء مبناسبة املفاوضات أو مبناسبة التطبيق أو أتويل االتفاقيات‬
‫اجلماعية ‪.53‬‬
‫فرغم غياب اطار قانوين للتفاوض اجلماعي‪ ،‬إال أن هذا النقص مل يؤثر على مستوى التفاوض‬
‫يف اجملال التطبيقي ويربز ذلك من خالل املميزات اليت تتسم هبا املفاوضات اجلماعية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مميزات التفاوض الجماعي ‪:‬‬


‫تعد املفاوضات اجلماعية أداة خلدمة السياسة االجتماعية‪ ،‬فهي تعمل على ارساء قيم أساسية‬
‫(أ) املتمثلة يف العدالة االجتماعية واإلنصاف الدميقراطية االجتماعية ‪ ،‬اضافة إىل دورها يف ارساء‬
‫مناح احلوار االجتماعي هذا على املستوى الفكري ‪ ،‬أما على املستوى التطبيقي فتتجلى مميزات‬
‫التفاوض ابعتبارها وسيلة لتبادل املعلومات واالقرتاحات وابلتايل تعمل على هتيئة االتفاقيات املشرتكة‬
‫(ب)‪.‬‬
‫حتقيق التفاوض اجلماعي جلملة من القيم االساسية ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫تتمثل القيم األساسية يف العدالة االجتماعية واالنصاف والدميقراطية االجتماعية ‪.‬‬


‫• العدالة االجتماعية واالنصاف ‪:‬‬
‫تعترب العدالة االجتماعية قاعدة اجتماعية اساسية الستمرار حياة البشر مع بعضهم البعض ‪،‬‬
‫فالعدالة حمور أساسي يف األخالق ويف احلقوق ويف الفلسفة االجتماعية وهي قاعدة تنطلق منها‬
‫حبوث اجياد املقاييس و املعايري االخالقية و القانونية ‪. 54‬‬
‫كما ميكن القول يف هذا الصدد أن ميثاق العمل العريب قد نص على حتقيق العدالة االجتماعية‬
‫ابعتبار ان احلرية "النقابية هي خري وسيلة للوصول إيل هذا اهلدف إذ يف إمكان املنضمات النقابية‬
‫ان تتعاون معاونة فعالة يف حتسني احوال العمل والعمال ‪.55‬‬

‫‪53‬دراسة لمراجعة مجلة الشغل صادرة عن الجامعة العامة التونسية للشغل(منظمة نقابية) في سبتمبر ‪ 2013‬ص ‪12‬‬
‫‪54‬جيرار كورنو "معجم المصطلحات القانونية" بيروت المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ‪1998‬‬
‫‪ 55‬أحمد زكي بدوي "عالقات العمل الجماعية" المرجع السابق ص ‪320‬‬

‫‪36‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫فاملنظمات النقابية املوكول هلا ابرام االتفاقيات املشرتكة واملشاركة يف املفاوضات اجلماعية هلا‬
‫دور فعال يف ارساء العدالة االجتماعية وذلك من خالل التعاون والتشاور مع املنظمة النقابية‬
‫لألعراف لتحديد شروط وظروف العمل‪.‬‬
‫هلذا أصبح من مهام النقاابت السعي إىل حتقيق العدالة االجتماعية " فاإلسالم يعد العدالة‬
‫مبدأ اساسي جيب حتقيقه يف كافة مظاهر النشاط اإلنساين‪ .‬إذ يؤكد القرآن الكرمي على إقامة العدل‬
‫بوصفه هدف يف كل جمتمع إسالمي"‪.56‬‬
‫هلذا فإن حتقيق العدالة االجتماعية يف إطار اجملتمع يعترب كدعامة أساسية للتكريس احلقوق‬
‫واحلق النقايب الذي ينجر عنه مشاركة املنظمات النقابية يف حتديد شروط وظروف العمل وهلذا‬
‫وبتحقيق العدالة يتحقق األمن واالستقرار يف الدولة ‪ ،‬إال أنه ويف إطار جمتمع يسوده الظلم وهتميش‬
‫الفئات‪ ،‬يكون هذا بوابة النتهاك احلقوق واحلرايت‪ ،‬وهلذا تعد العدالة جوهر األنظمة الدميقراطية‬
‫‪57‬‬
‫وهي أيضا متديد للحرية يف جمال العالقات اإلجتماعية‪.‬‬
‫فمصطلح العدالة اإلجتماعية هام جدا نظرا ألمهيته يف حتقيق مبدأ الدميقراطية وهذا ما ينص‬
‫عليه الدستور من خالل الفصل ‪" 12‬تسعى الدولة إىل حتقيق العدالة االجتماعية والتننمية املستدامة"‪.‬‬
‫وهذا ابلتايل ما يفسر لنا اعتبار العدالة حصن للحقوق ‪ ،‬فالعدالة االجتماعية تعمل على‬
‫محاية األجري من سلطة املؤجر‪ ،‬وحنن نعلم أن األجري هو الطرف الضعيف يف عقد الشغل ولذلك‬
‫لتحقيق العدل ال بد من متثيل األجري عن طريق منظمة نقابية تعمل على مواجهة املؤجر وحتقيق‬
‫مطالب األجري وذلك للحد من تسلط املؤجر‪.‬‬
‫فاملنظمة النقابية األكثر متثيال هي وسيلة األجري لتحقيق مطالبه املهنية والتحسني من وضعه‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫لذلك تلعب النقاابت دورا هاما يف ارساء العدالة االجتماعية وذلك بتسوية الكف بني األجري‬
‫واملؤجر حيث ال يبقى األجري منفردا يف مواجهة املؤجر‪.‬‬
‫إضافة إىل دور النقاابت ايضا يف حتقيق الدميقراطية االجتماعية من خالل املشاركة يف‬
‫املفاوضات اجلماعية‪.‬‬

‫‪ 56‬عبد الحميد البراهيمي "العدالة االجتماعية و التنمية في االقتصاد االسالمي" بيروت مركز دراسات الوحدة العربية ‪ 1997‬ص ‪32‬‬
‫‪ 57‬سالمة بن عبد هللا"أعوان قوات االمن الداخلي و العمل النقابي" مذكرة لنيل رسالة بحث في القانون العام ص ‪ 45‬عام ‪ 2013‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية بسوسة‬

‫‪37‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫حتقيق الدميقراطية االجتماعية ‪:‬‬ ‫•‬

‫تعمل املفاوضات اجلماعية على ارساء الدميقراطية االجتماعية وذلك مبشاركة األجري يف أخذ‬
‫القرار عن طريق املنظمة النقابية األكثر متثيال اليت سامهت يف املفاوضات اجلماعية وابرام االتفاقات‬
‫املشرتكة القطاعية ‪ ،‬هذه األخرية اليت تعد مصدر من مصادر قانون الشغل وهي عبارة عن إرادة‬
‫األطراف املتعاقدة ( املنظمة النقابية األكثر متثيال للعمال واألعراف) يف ابرام اتفاق لتحسني أوضاع‬
‫العملة وهذا ما حييلنا اىل مسامهة األجري عن طريق ممثليه يف وضع قواعد قانون الشغل اليت تكون‬
‫مقبولة وذلك نظرا لنبوعها من إرادة األطراف اإلجتماعية‪.‬‬

‫فالدميقراطية االجتماعية تساهم يف تفعيل دور األجري يف حتديد شروط وظروف عمله‪.‬‬

‫إضافة إىل دورها يف حتقيق السلم االجتماعية الذي ينجر عنها حتقيق االستقرار يف العالقات‬
‫االجتماعية ‪.‬‬

‫كما تساهم املفاوضات اجلماعية إىل جانب حتقيق العدالة والدميقراطية االجتماعية يف‬
‫تكريس مناخ احلوار االجتماعي‪.‬‬

‫دور املفاوضات اجلماعية يف إرساء مناخ احلوار االجتماعي‪:‬‬ ‫•‬

‫حيتل احلوار االجتماعي مكانة هامة يف تنظيم العالقات املهنية ابعتباره إحدى الركائز األساسية‬
‫لتطوير العالقات املهنية وحتسينها‪.‬‬

‫ونظرا ملا مرت به البالد التونسية من تعسف على احلقوق واحلرايت‪ ،‬أصبح من الضروري‬
‫اللجوء إىل احلوار الوطين االجتماعي كأداة إلجناح العمل النقايب بصفة عامة وإجناح التفاوض‬
‫اجلماعي بصفة خاصة‪.‬‬

‫فاملفاوضات اجلماعية جوهر احلوار االجتماعي نظرا ملا تتميز به من مشاركة فعلية لألطراف‬
‫اإلنتاج يف حتديد العالقات القائمة بينهما ‪ ،‬وملا هلا من انعكاسات اجيابية على تطوير التشريعات‬
‫العمالية وحتسني ظروف العمال واحلفاظ على سالمة املناخ االجتماعي‪.58‬‬

‫‪ 58‬مداخلة لمحمد كشو " واقع الحوار االجتماعي في الدول العربية بين التشريع و الممارسة" ص ‪( 13‬المرجع السابق)‬

‫‪38‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫ولذلك اهتمت منظمتا العمل الدولية والعربية اهتماما خاصا هبذه الصيغة من احلوار وأفردهتا‬
‫بعدة معايري هتدف للنهوض هبا ونذكر ابخلصوص اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 98‬ورقم ‪ 154‬ومبا أن جناح‬
‫املفاوضات اجلماعية مرتبط بنجاح آلية احلوار الوطين االجتماعي فإنه البد من توفر شروط إلجناح‬
‫هذه اآلليات وتوفري مقاومات احلوار شرط أساسي ولكنه غري كاف لقيام حوار فعلي وجمدي بني‬
‫أطراف اإلنتاج‪ .‬فكم من بلدان توجد فيها منظمات نقابية وهياكل حوار متعددة ولكنها ال تنشط ‪،‬‬
‫أو تنشط يف نطاق توجهات ممالة عليها ‪.‬‬

‫وكم من تشريعات قدمية من انحية تطبيقيها ولكنها غري مطبقة يف الواقع ‪.‬‬
‫وعليه فإن إلدارات العمل دورا رئيسيا يف تنشيط احلوار والنهوض به وخاصة يف البلدان اليت‬
‫تؤمن ابلتوجه الدميقراطي وحبقوق اإلنسان ومبزااي احلوار وإجيابياته على حتسني شروط وظروف العمل‬
‫وضمان السلم االجتماعي الذي بدونه ال تتحقق التنمية اإلقتصادية املنشودة وتعد مؤسسة التفاوض‬
‫اجلماعي أجنع وسيلة لتكريس قيم احلوار والتشاور بني أطراف اإلنتاج‪.‬‬

‫لكن لنجاح سري املفاوضات وحتقيق سبل احلوار ال بد من توفر شروط على الدولة واملنظمات‬
‫النقابية توفريها‪.‬‬
‫• الشروط املتعلقة ابلدولة ‪:‬‬
‫لنجاح املفاوضات اجلماعية وابلتايل جناح احلوار االجتماعي البد على الدولة توفري مناخ‬
‫سياسي مالئم وعلى وجه اخلصوص ‪ ،‬قبول احلكومات ابشرتاك املنظمات املهنية من خالل اتفاقيات‬
‫مجاعية يف ضبط شروط وظروف العمل على إزالة العقبات التشريعية واإلجرائية وغريها اليت ميكن أن‬
‫حتول دور القيم ابلتفاوض أو حتقيق أهداف منشودة من التفاوض‪.‬‬

‫فالتفاوض اجلماعي يعمل على تبادل اآلراء بني أطراف اإلنتاج الذي ينجر عنه ارساء مناخ‬
‫حوار اجتماعي وابلتايل على املنظمات املهنية املكلفة ابلتفاوض وخاصة منظمات أصحاب العمل‬
‫قبول التفاوض كوسيلة لتنظيم شروط وظروف العمل ‪ ،‬إذ ال يكفي أتسيس العمال ملنظمات نقابية‬
‫قوية كي تبدأ عملية التفاوض وإمنا ال بد من قبول هذا التفاوض من قبل اصحاب العمل‪ .‬فاملفاوضة‬
‫اجلماعية اختيارية وتستوجب موافقة الطرفني املعنيني‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫ويف هذا اجملال من املفروض أن تعطي احلكومات املثل ‪ ،‬وذلك يف املفاوضات اليت جتمعها مع‬
‫منظمات العمال بصفتها مؤجرا خاصة وأن القطاع العام حيتل مكانة مميزة يف اقتصادايت جل البلدان‬
‫‪59‬‬
‫العربية ‪.‬‬

‫فاملفاوضات من اآلليات املعتمدة إلرساء مناخ احلوار االجتماعي بصفة خاصة وإرساء النظام‬
‫الدميقراطي بصفة عامة ‪ ،‬وقد أقرت جممل اإلتفاقيات على أمهية هذه اآللية يف احلوار حيث ميثل حق‬
‫املفاوضة اجلماعية الطريقة املثلى إلحالل مناخ التفاهم واحلوار لتسوية اخلالفات وللتشجيع على ابرام‬
‫اإلتفاقيات العمل املشرتكة بطريقة حرة هبدف تنظيم شروط العمل وظروفه ‪.60‬‬

‫فهذه اآللية تكتسي أمهية ابلغة نظرا للدور الفعال الذي تؤسسه حيث ميثل احلل اجلماعي هذا‬
‫خمرجا لتحسني املرتب تدافع عنه اهلياكل النقابية وتتمسك به أمام إقناع كامل من اإلدارة ابألمهية‬
‫ومبواجهته وبوصفها مؤجرا ‪.61‬‬

‫نظرا لألمهية البالغة هلذه اآللية‪ ،‬جند أغلب الدول تنظيمها يف إطار قانونيا حمدد حبيث متثل‬
‫املفاوضات جزء ال يتجزأ من العمل النقايب ككل‪ ،‬فكل عمل نقايب يفرتض يف إطار متثيل املنخرطني‬
‫والدفاع عن مصاحلهم املادية واملعنوية القيام ابملفاوضات مع املنظمات النقابية لألعراف من أجل‬
‫حتسني ظروف وشروط العمل وخاصة فيها يتعلق ابألجر‪.‬‬

‫تتميز املفاوضات اجلماعية ابلعديد من اخلاصيات سواء على املستوى الفكري كما ذكران او‬
‫على املستوى التطبيقي ويتجلى ذلك من خالل دورها يف هتيئة االتفاقات املشرتكة القطاعية ‪.‬‬

‫ب‪ -‬دور املفاوضات اجلماعية يف هتيئة االتفاقيات املشرتكة‬

‫تلعب املفاوضات اجلماعية دورا هاما يف سياسات العالقات االجتماعية ويتجلى ذلك من‬
‫خالل دورها يف هتيئة االتفاقيات اليت تعد مثرة للتفاوض اجلماعي وتكون هذه التهيئة من خالل‬
‫تبادل املعلومات حول موضوع التفاوض فهذا االجراء هام جدا لتحقيق غاية التفاوض وابلتايل يكون‬

‫‪ 59‬مداخلة محمد كشو (المرجع السابق) ص ‪14‬‬


‫‪ 60‬فريد بن جحا "كونية حقوق االنسان" أطروحة لالحراز على شهادة الدكتوراه في القانون الخاص كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‬
‫‪ 2012_2011‬ص ‪43‬‬
‫‪ 61‬المنتصر الوردي "المرتب و المسار الوظيفي للموظف العمومي في تونس " (رسالة للحصول على شهادة الدكتوراه في القانون العام) ص‬
‫‪ 487‬عام ‪.2007‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‬

‫‪40‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫التفاوض مبنيا على مبدأ التشاور واحلوار كما أن تبادل املعلومات يؤدي إىل معرفة الوضعية احلقيقية‬
‫لكل من املؤجر واألجري فالتفاوض هو تشارك القرارات بني األطراف االجتماعية‪ ،‬وقد برهن الواقع‬
‫الراهن عن فاعلية هذه اآللية وجنا عتها يف تسهيل وتبسيط ابرام االتفاقيات املشرتكة‪.‬‬

‫فعقد االجتماعات لتسوية ظروف العملة وحتسينها وخاصة فيما خيص الزايدة يف األجور يعد‬
‫ضروراي لتبادل اآلراء ودرس األوضاع اإلقتصادية من انحية وأوضاع العملة من انحية أخرى للتوصل‬
‫يف النهاية إىل اتفاق يرضي األطراف املعنية‬

‫فالصبغة اإلختيارية اليت تتسم هبا املفاوضات اجلماعية كما نصت على ذلك املادة الرابعة من‬
‫االتفاقية الدولية رقم ‪ 98‬املتعلقة حبق التنظيم والتفاوض اجلماعية يتماشى مع حرية التفاوض‪ ،‬ذلك أن‬
‫التفاوض اجلماعي ليس إال عمال ماداي وال يرتتب عنها أي أثر قانوين ‪ ،‬حبيث يبقى كل شخص حر‬
‫يف التفاوض أو عدم التفاوض ويف قطع املفاوضات مىت شاء دون أن تقوم مسؤوليته‪.‬‬

‫وقد بينت املمارسة العملية أن املنظمات النقابية للعمال واألعراف صارت تفضل تنظيم‬
‫عالقاهتا خالل مرحلة التفاوض عرب ابرام اتفاقيات متهيدية حتدد اتريخ شروع يف املفاوضات واتريخ‬
‫انتهاءها ورزانمة االجتماعات بني األطراف املعنية واملسائل اليت سيقع التفاوض يف شأهنا وتكوين‬
‫جلان اليت تشرف على املفاوضات وكذلك التنصيص على حلول معتمدة لتسوية اخلالفات اليت قد‬
‫ميكن أن تنشأ بني األطراف خالل املفاوضات‪.‬‬

‫وال شك أن مثل هذه االتفاقيات التمهيدية تكتسي أمهية ابلغة حيث هتيأ الظروف لنجاح‬
‫املفاوضات اليت غالبا ما تكون طويلة ومعقدة‪.‬‬

‫لكن تنظيم مسار التفاوض عرب تلك االتفاقيات التمهيدية ليس كافيا بكل احلاالت لتجنب‬
‫العراقيل اليت قد تعطل سري املباحثات ومتنع جناحها‪ ،‬ويبدو من اجملدي تدخل املشرع على غرار ما هو‬
‫الشأن يف بعض التجارب األجنبية‪ ،‬عرب وضع قواعد عامة تنظم إجراءات التفاوض والواجبات احملمولة‬
‫على الطرفني خالهلا ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫وذلك لضمان جناعة التفاوض وليكون إبرام االتفاقيات املشرتكة القطاعية مبنيا على أساس‬
‫قانوين واضح‪ .‬وعلى عكس املفاوضات االجتماعية فإن االتفاقيات املشرتكة القطاعية وقع تنظيمها‬
‫صلب جملة الشغل (املبحث الثاين ) ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬إبرام االتفاقية المشتركة القطاعية ‪:‬‬


‫حتتل االتفاقيات املشرتكة للعمل وابلتحديد االتفاقية املشرتكة القطاعية مكانة هامة يف قانون‬
‫الشغل املعاصر فهي أداة للتفاوض اجلماعي ولتجنب انفراد الدولة بوضع القواعد القانونية اليت حتكم‬
‫العالقات املهنية كما أهنا تقنية انجعة لتعديل الكفة بني املؤجرين والعمال التابعني هلم وهي تساهم يف‬
‫إضفاء الصبغة السلمية على العالقات املهنية وتضمن لقانون الشغل أكثر فاعلية وجدوى يف التطبيق‬
‫ابعتبار ان األحكام اليت تكون مثرة التفاوض بني األطراف املعنية غالبا ما يقع احرتامها أبكثر سهولة‬
‫من طرف األشخاص الذين سامهوا يف صياغتها ‪.‬‬

‫ويعود ظهور االتفاقيات املشرتكة للعمل إىل منتصف الثالثينات عندما أقر املشرع ألول مرة‬
‫مبقتضى أمر عدد ‪ 4‬أوت ‪ ,1636‬حق النقاابت يف إبرام االتفاقيات و منذ ذلك التاريخ صارت‬
‫النقاابت تساهم إىل جانب الدولة يف وضع االحكام املتعلقة بتنظيم العالقات بني االجراء‬
‫‪62‬‬
‫واملؤجرين‪.‬‬
‫و لقد حظيت االتفاقيات بتنظيم قانوين صلب جملة الشغل حيث نظمها املشرع التونسي حتت‬
‫عنوان أحكام عامة وابلتحديد الفصول (من ‪ 31‬إىل ‪ )36‬وقد بني شروطها(الفقرة االوىل)‬
‫وااثرها(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬شروط ابرام االتفاقيات المشتركة القطاعية‬

‫‪ 62‬المنجي طرشونة و النوري مزيد تعليق على مجلة الشغل المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ‪ 2002‬ص ‪117‬‬

‫‪42‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫حتتكر مهمة ابرام االتفاقيات القطاعية للمنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال للعمال‬
‫واليت وقع اسنادها صفة التمثيلية وابلتايل يعد ابرام تلك االتفاقيات من مشموالت أو صالحيات‬
‫تلك املنظمات‪.‬‬

‫وقبل اخلوض يف شروط ابرام االتفاقيات املشرتكة القطاعية ال بد من بيان طبيعتها القانونية ‪:‬‬
‫الطبيعة القانونية لالتفاقية املشرتكة‬

‫اهتم الفقهاء منذ ظهور االتفاقيات املشرتكة للعمل بتحديد طبيعتها القانونية فذهب البعض اىل‬
‫حتليل االتفاقية املشرتكة كعقد مدين وابعتبارها تستمد أساسها من اإلرادة املشرتكة لألطراف اليت‬
‫أبرمتها وترتتب عنها االلتزامات يتعني على األطراف التقيد هبا وتنفيذها تطبيقا ملبدأ القوة امللزمة للعقد‬
‫‪63‬‬

‫فهي تنشأ مثل العقد على اساس التفاوض احلر وختضع ابلتايل لنفس الشروط اليت حتكم‬
‫‪64‬‬
‫تكوين العقود‪.‬‬

‫لكن اصحاب هدا املوقف سيجدون أنفسهم امام صعوابت قانونية تتعلق اساسا بتفسري‬
‫انصراف آاثر االتفاقية جلميع العمال واملؤجرين الذين يدخلون يف جمال تطبيقها دون أن تصدر‬
‫عنهم أي تعبري ابملوافقة على أحكامها‪.‬‬

‫وقد جلأ أنصار النظرية العقدية لتفسري ذلك إىل االستعانة مبفهوم الوكالة ابعتبار أن النقابة‬
‫عندما تربم االتفاقية امنا تفعل ذلك ابسم أعضاءها وحلساهبم فهي تتصرف كوكيل عنهم ‪ .‬لكن هذا‬
‫التحليل يبقى قاصرا طاملا أن آاثر االتفاقية ال تتصرف فقط إىل املنخرطني يف النقابة وإمنا تتصرف‬
‫أيضا على غريهم من االشخاص‪ .‬ذلك أن االتفاقية القطاعية تضم كامل القطاع املهين دورن استثناء‬
‫وحنن نعلم أنه ليس مجيع األجراء املنتمون للقطاع املعين منخرطون يف النقابة اليت قامت اببرام اتفاقية‬
‫املشرتكة القطاعية ‪ ،‬لذلك وقع االشرتاط ملصلحة الغري لكن هذا التعليل يبقى اضا قاصرا إذ أن‬
‫مضمون االتفاقية ال يتوقف على انشاء حقوق لفائدة العمال وإمنا يتضمن التزامات تقع على عاتقهم‬

‫‪63‬النوري مزيد محاضرة في قانون الشغل المرجع السابق ص‪212‬‬


‫‪ 64‬الشروط العامة لتكوين العقود المنصوص عليها صلب الفصل ‪ 2‬م‪.‬إ‪.‬ع‬

‫‪43‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫ابإلضافة إىل أن الشخص الذي يقع االشرتاط لفائدته ميكن له دائما التعبري عن عدم قبوله له عندئذ‬
‫‪65‬‬
‫ال عمل على الشرط"‬

‫ويرى جانب آخر من الفقه اىل استنتاج عدم امكانية حتليل االتفاقية املشرتكة على ضوء‬
‫النظرية العقدية فهي ليست عقدا وإمنا جيوز اعتبارها مبثابة النص الرتتييب أو القانون الداخلي للمهنة‬
‫وعل هذا االساس يتعني احرتامها واخلضوع ألحكامها من قبل مجيع االشخاص التابعني لتلك املهنة‬
‫‪66‬‬
‫ذلك أن النص الرتتييب يتضمن قواعد تتصف ابلعمومية والتجريد وااللزام‬

‫وقد صار جل الفقهاء يتفقون اليوم على اعتماد الطبيعة املزدوجة لالتفاقية ذلك إمنا تنشأ مثل‬
‫العقد وختضع ابلتايل لنفس الشروط العامة اليت حتكم تكوين العقود لكنها من حيث آاثرها تقرتب‬
‫أكثر من النص الرتتييب حيث تتضمن قواعد تتصف ابلعمومية والتجريد وااللزام وتتعدى دائرة‬
‫األطراف املوقعة عليها هذا ما جعل الفقهاء يتفقون على طبيعتها املزدوجة‪.‬‬

‫ولكن فقه القضاء التونسي يتجه إىل السلك الثاين القائل أبن االتفاقية املشرتكة نص ترتييب‬
‫حيث نعلم ان االتفاقية املشرتكة ال تدخل حيز التنفيذ إال بعد موافقة وزير الشؤون االجتماعية عن‬
‫طريق قرار يصدر مصاحبا هلا يف الرائد الرمسي كما ان هده االتفاقية شأهنا يف دلك شأن القوانني‬
‫والنصوص الرتتيبية ‪ 67.‬حيث أن حمكمة التعقيب متارس رقابتها بصفة كاملة على أتويل القاضي‬
‫ألحكام االتفاقية املشرتكة سوى أثريت املسألة أمامها من قبل أطراف النزاع أو تعرضت له احملكمة من‬
‫تلقاء نفسها‪.‬‬

‫وقد أكدت حمكمة التعقيب هذا املوقف من خالل العديد من القرارات ونذكر منها ‪:‬‬
‫القرار التعقييب املدين عدد ‪ 4542‬يف ‪ 19‬أفريل ‪ 1983‬ج ‪ 2‬ص ‪ 22‬والذي جاء فيه أن االتفاقيات‬
‫حتكم العالقات املتولدة عن عقود العمل ويتعني احرتامها وفق للفصل ‪ 31‬م ش كذلك القرار التعقييب‬
‫عدد ‪ 19866‬املؤرخ يف ‪ 2‬مارس ‪ 1988‬الذي جاء فيه أن" االتفاقيات املشرتكة هي يف نظر حمكمة‬
‫التعقيب مبثابة نص متمم للتشريع" مما يربر سلطة هذه احملكمة يف مراقبة تطبيق أحكام االتفاقية‬

‫‪65‬الفصل ‪ 38‬م‪.‬إ‪.‬ع‬
‫‪66‬المنجي طرشونة و النوري مزيد تعليق على مجلة الشغل الفصل‪2002 31‬ص‪- 120‬‬
‫‪ 67‬االتفاقيات المشتركة و عالقات العمل الجماعية في تشريع العمل التونسي بقلم محمد الزمني "المجلة التونسية للقانون االجتماعي "‪1998‬العدد‬
‫االول ‪.‬ص ‪103‬‬

‫‪44‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫وأتويلها غري أن االستناد إىل الفصل ‪ 31‬م ش ليس ضروراي لتربير رقابة حمكمة التعقيب حيث ينقض‬
‫هذه األخرية القرارات املخالفة ألحكام االتفاقية دون أن تربر موقفها ابلرجوع إىل الفصل املذكور وهو‬
‫ما يدعم القول أن االتفاقية املشرتكة تقرتب من القانون أكثر مما تقرتب من العقد‪.‬‬
‫ومن انحية أخرى تتعرض حمكمة التعقيب من تلقاء نفسها دون طلب من اخلصوم إىل أتويل‬
‫االتفاقية املشرتكة (تع عدد ‪ 4723‬يف ‪ 10‬فيفري ‪ )1982‬وهذا ما يدل على اكتساء االتفاقية للصبغة‬
‫املتصلة ابلنظام العام فتصبح مبثابة القانون الذي يتضمن أحكاما آمرة (تع عدد ‪ 8329‬يف ‪ 9‬جوان‬
‫‪. )1982‬‬

‫شروط ابرام اإلتفاقية املشرتكة القطاعية ‪:‬‬ ‫•‬

‫خيضع ابرام االتفاقية املشرتكة القطاعية إىل شروط موضوعية تضاف اليها بعض الشروط‬
‫الشكلية اليت يتوقف على احرتامها قيام االتفاقية ‪:‬‬

‫الشروط املوضوعية ‪:‬‬ ‫•‬

‫تتعلق هذه الشروط أساسا أبطراف االتفاقية وحمتوى هذه األخرية‬


‫يعد ابرام االتفاقيات املشرتكة من مشموالت املنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال للعمال‬
‫واألعراف حسب الفصل ‪ 38‬م ش هذا فيما يتعلق أبطراف االتفاقية أما فيما يتعلق مبحتواها فإن‬
‫االتفاقية هي اتفاق على شروط العمل حسب ما جاء ابلفصل ‪ 31‬من نفس اجمللة ‪.‬‬

‫حمتوى االتفاقية املشرتكة القطاعية ‪:‬‬ ‫•‬

‫إن الوظيفة االساسية والتقليدية لالتفاقيات املشرتكة هو حتديد شروط العمل يف املؤسسات‬
‫وابألخص الشروط املتعلقة ابلعقد الفردي للعمل هذه الشروط اليت كانت تفرض مبوجب القانون‬
‫وبصفة آلية على كل عقود العمل فقبل ‪ 1936‬كانت شروط العمل حتدد من قبل املؤجر ألن األجري‬
‫كان يفتقر لكل وسائل الدفاع اجلماعي لتحسني شروط العمل واألجر فهو يبقى خاضعا للشروط‬
‫اليت متلي وحتدد من قبل املؤجر‪.68‬‬

‫‪Tarchouna Monji « la négociation collectives en Tunisie« thèse pour le doctorat d’Etat p 118 –juin 198668‬‬

‫‪45‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫وهذا ما جيعل األجري خاضعا لسلطة املؤجر وحتت سيطرته ال يستطيع تغيري وضعه املهين حنو‬
‫األفضل‪.‬‬
‫لكن بعد ابرام االتفاقيات املشرتكة يف ‪ 1936‬تغريت وضعية األجري وأصبح يشارك يف حتديد‬
‫شروط وظروف عمله عن طريق املنظمة النقابية املمثلة له واملوكول اليها ابرام االتفاقيات املشرتكة‬
‫القطاعية‬
‫فالغاية الرئيسية من ابرام االتفاقيات املشرتكة القطاعية هي النهوض ابلوضع االقتصادي‬
‫واالجتماعي لألجري وحتسني املقدرة الشرائية له عن طريق الرتفيع يف األجر‬

‫دور االتفاقيات املشرتكة القطاعية يف حتسني شروط وظروف العمل‬ ‫•‬

‫يتعلق حمتوى االتفاقية املشرتكة القطاعية مثلما جاء ابلفصل ‪ 31‬م ش "بشروط العمل "وذلك‬
‫حسب املفهوم الواسع هلذه العبارة مبا تتضمنه من شروط االنتداب والتصنيف املهين والتأجري وشروط‬
‫الصحة والسالمة املهنية ومتثيل العمال داخل املؤسسة واإلجراءات التأديبية وشروط اهناء العالقة‬
‫الشغلية اخل‪.‬‬

‫بصفة عامة يرتك هذا الفصل لألطراف حرية واسعة يف حتديد مضمون االتفاقية املشرتكة بشرط‬
‫عدم االخالل بقواعد النظام العام إال أن الفصل ‪ 42‬م ش يشرتط أن تتضمن االتفاقية املشرتكة‬
‫القطاعية حدا أدىن من ألحكام اليت تتعلق ابلتنصيص على "احلرية النقابية وحرية الرأي وحتديد األجر‬
‫حسب االصناف املهنية وشروط انتداب العمال واعفائهم من العمل وأجل اإلعالم ابختاذ عقد‬
‫الشغل والرتاتيب اليت هتم سري اللجنة املناصفة املكلفة بفض النزاعات الناشئة عن تطبيق اإلتفاقية‪"69‬‬

‫كذلك من الوظائف املوكولة للمنظمة واملنظمات النقابية األكثر متثيال العمل على الرتفيع يف‬
‫األجر الذي يعد هو اآلخر من حمتوى االتفاقية املشرتكة القطاعية ومن املسائل األكثر أمهية ابلنسبة‬
‫لألجري واملوظف العمومي ويف هذا الصدد ميكن االشارة إىل أن ابرام االتفاقيات املشرتكة القطاعية‬
‫يهم القطاع اخلاص والقطاع العام‪ ،‬فاهلياكل النقابية األكثر متثيال تلعب دورا كبريا يف الدفاع عن‬
‫حقوق املوظف العمومي ويربز ذلك من زاويتني على األقل أوهلما يتعلق بتحسني وضعه اإلداري‬
‫وذلك من خالل املطالبة بتطوير النظام األساسي العام واألنظمة االساسية اخلاصة املنطبقة عليه وما‬

‫‪69‬المنجي طرشونة و النوري مزيد تعليق على مجلة الشغل الفصل ‪ 31‬ص ‪ 122‬منشورات المطبعة الرسمية التونسية ‪2002‬‬

‫‪46‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫عسى أن توفر له من ضماانت وما ميكن هلا أن تفتح له من آفاق واثنيهما يتعلق بتحسني القيمة‬
‫املالية ملرتبه وتطوير مكوانته ولقد ثبتت من التجربة التونسية يف إطار املفاوضات االجتماعية‬
‫وخصوصا منها اليت انطلقت بداية من التسعينات يف القرن املاضي وبشكل منتظم اتباع سياسة معينة‬
‫يف التفاوض تقوم على الرتفيع التدرجيي يف املرتب على مراحل حمددة ووفق نسق معلوم وعلى نسب‬
‫مضبوطة يقع االتفاق يف شأهنا وقد أفرزت هذه التجربة تقاليد أصبح مبوجبها املرتب يف الوظيفة‬
‫العمومية يشهد ترفيعا يف مقداره كل ثالث سنوات ابلنسبة جلميع أعوان الوظيفة العمومية وعموما‬
‫أصبحت هذه املفاوضات االجتماعية والنتائج املرتتبة عنها متثل اليوم ابلنسبة للموظف لعمومي خمرجا‬
‫على غاية من األمهية يعرف من خالل مرتبه تطورا يساعده تدرجييا على جعل دخله املايل يتماشى مع‬
‫حقيقة املصاريف اليت يواجهها ‪ 70‬فاملنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال واليت أثبتت متثيليتها‬
‫على مستوى القطاع العام هلا احلق أيضا يف الدفاع عن مصاحل املوظف العمومي االقتصادية‬
‫‪71‬‬
‫واالجتماعية وذلك ابلتحسني يف شروط عمله والعمل على الرتفيع يف املرتب‪.‬‬

‫وابلتايل فأن موضوع االتفاقية املشرتكة القطاعية جيب أن يشمل التحسني يف شروط العمل‬
‫حسب مفهومه الواضح والعمل على الرتفيع يف األجر كذلك البرام االتفاقية جيب أن تتوفر بعض‬
‫الشروط الشكلية املنصوص عليه صلب جملة الشغل‪.‬‬

‫الشروط الشكلية ‪:‬‬

‫تتمثل الشروط الشكلية لالتفاقية املشرتكة القطاعية يف شرط الكتابة وشرط اإلعالن واملصادقة‬
‫من قبل وزير الشؤون اإلجتماعية‪.‬‬

‫شرط الكتابة ‪ :‬جيب أن تكتسي االتفاقية املشرتكة سواء ابرمت على مستوى القطاع أو على‬
‫مستوى املؤسسة شكل نص مكتوب وإال كانت عدمية االعتبار‪ 72‬هكذا أراد املشرع أن يؤكد على أن‬
‫شرط الكتابة ليس جمرد شرط الثبات وإمنا هو شرط البرام االتفاقية ‪ ،‬فاالتفاقية املشرتكة القطاعية‬

‫‪ 70‬المنتصر الوردي " المرتب و المسار الوظيفي للموظف العمومي في تونس " رسالة للحصول على شهادة الدكتوراه في القانون العام ص ‪485‬‬
‫–عام ‪2007‬‬
‫‪ 71‬الفصل ‪ 4‬من قانون الوظيفة العمومية‬
‫‪ 72‬الفصل ‪ 31‬م ‪.‬ش‬

‫‪47‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫ليست عقدا رضائيا ‪ ،‬وإمنا هي من العقود الشكلية إذ أن الكتب هو شرط صحة وليس جمرد وسيلة‬
‫إثبات‪.‬‬
‫ويفسر شرط الكتابة مبا تتضمنه االتفاقية من جزئيات وتفاصيل دقيقة تتعلق مبختلف جوانب‬
‫‪73‬‬
‫احلياة املهنية للعمال حبيث يكون من الضروري تدوينها كتابة‬

‫فاالتفاقية هي مبثابة النظام الداخلي للمهنة ولتكتسي قوة ثبوتية ال بد من تدوينها وضمان‬
‫استمراريتها وحسن تطبيقها فالكتب يعد مبثابة األداة أو الوسيلة للحماية القانونية ملواضيع اإلتفاقية‪.‬‬

‫إضافة إىل ذلك فإن االتفاقية حتمل امضاءات األطراف املتعاقدة هذه اإلمضاءات غري‬
‫منصوص عليها ابلقانون لكنها تعد عنصر اساسي هلذا االتفاق وبدونه تنعدم قيمة الكتب ذلك أنه‬
‫مجيع االتفاقات املربمة تكون ممضاة من قبل املنظمة النقابية املمثلة للعمال واملنظمة النقابية املمثلة‬
‫‪74‬‬
‫لألعراف‬

‫إضافة إىل شرك الكتابة فإن االتفاقية املشرتكة القطاعية ختضع إىل شرط االعالن واملصادقة ‪.‬‬

‫‪ -‬شرط اإلعالن ‪:‬‬

‫يتعني احرتام اإلعالن عن االتفاقية بواسطة قرار املصادقة الذي يصدر عن وزير الشؤون‬
‫االجتماعية وينشر ابلرائد الرمسي للجمهورية التونسية مرفوق بنص االتفاقية‬

‫كذلك يلزم الفصل ‪ 31‬م ش الفقرة الثالثة رئيس املؤسسة اليت ختضع لتطبيق االتفاقية املشرتكة‬
‫القطاعية أن تعلق إعالان أبماكن العمل إلعالم العمال بوجود هذه االتفاقية ومبضموهنا حىت يتسىن هلم‬
‫معرفة حقوقهم وامتيازاهتم املنصوص عليها ابالتفاقية وهذا ما يعد إعالان داخليا ‪.‬‬

‫فاإلعالن إجراء ضروري لتبليغ مضمون االتفاقية لألطراف املعنية هبا كما يعمل على تفعيل‬
‫وجود وتطبيق تلك االتفاقية‪.‬‬

‫‪73‬النوري مزيد محاضرة في قانون الشغل (المرجع السابق) ص ‪224‬‬

‫‪Tarchouna Monji « La négociation collectives en Tunisie » p 475-476(op cité)74‬‬

‫‪48‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫كذلك تكتسي املصادقة أمهية ابلغة إذ أهنا ليست جمرد اجراء شكلي وذلك ابعتبار‬
‫النفوذ الواسع الذي يتمتع به وزير الشؤون االجتماعية يف هذا اجملال ونظرا ملا يرتتب عن ذلك من‬
‫آاثر قانونية ابلنسبة لإلتفاقية‪.‬‬

‫فحسب الفصل ‪ 38‬م ش ميكن لوزير الشؤون اإلجتماعية أن يصدر قرار ابلقبول أو ابلرفض‬
‫من خالل عدم املصادقة ويستطيع أن يدفع ابألطراف إىل تغيري نص اإلتفاقية متاشيا مع مقتضيات‬
‫السياسة اإلقتصادية واالجتماعية للدولة وخاصة إذا علمنا أنه غري مقيد أبجل معني الصدار قراره‬
‫وابلتايل يبقى تنفيذ االتفاقية خاضعا للمصادقة الوزارية وال تكتسب تلك االتفاقية القوة االلزامية وال‬
‫األثر التنفيذي االبعد املصادقة‪.‬‬

‫وهذا ما يعترب حدا أو عائقا حلرية األطراف املتعاقدة يف تطبيق اإلتفاقية فاملصادقة يرتتب‬
‫‪75‬‬
‫عنها آاثر قانونية فهي شرط للوجود القانوين لإلتفاقية‬
‫وهي شرط لدخوهلا حيز التنفيذ الفعلي‪.‬‬

‫فرغم ما يتمتع به األطراف املتعاقدة من حرية يف حتديد حمتوى االتفاقية إال أن هذه احلرية‬
‫تبقى منقوصة نظرا الرتباط فاعلية االتفاقية مبوافقة السلطة االدارية وذلك نظرا ملا يكتسيه قرار‬
‫املصادقة من أمهية حيث أنه حيدد من انحية أوىل الوجود القانوين االتفاقية أي يضفي عليها الصفة‬
‫القانونية ومن انحية أخرى يؤدي قرار املصادقة إىل تعميم مفعول االتفاقية لتنسحب على كافة أعضاء‬
‫املهنة الذين يدخلون يف جمال تطبيقها ‪.76‬‬

‫ويف هذا السياق فإن االتفاقية املشرتكة القطاعية يقع تطبيقها من انحيتني يف املكان والزمان‬
‫وهذا يعد من آاثر االتفاقية‪.‬‬

‫‪Tarchouna Monji « La négociation collectives en Tunisie »p 47875‬‬


‫‪76‬الفصل ‪ 38‬م‪.‬ش الفقرة االولى‬

‫‪49‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار االتفاقية المشتركة القطاعية ‪:‬‬


‫تتمثل اآلاثر يف تطبيق االتفاقية من حيث املكان والزمان و ينص املشرع ابلنسبة لالتفاقيات‬
‫القطاعية على أن حتديد جمال تطبيقها الرتايب واملهين يتم مبقتضى قرار من وزير الشؤون االجتماعية‬
‫‪77‬‬
‫بعد استشارة اللجنة الوطنية للحوار اإلجتماعي‬

‫ويف الواقع ‪ ،‬نالحظ أن االتفاقيات املشرتكة هي اليت تضبط النشاطات املهنية اليت تنسحب‬
‫عليها ويتدخل وزير الشؤون االجتماعية الحقا عرب قرار املصادقة على االتفاقية ليعلن أن أحكام‬
‫هذه األخرية تنطبق وجواب على النشاطات املذكورة فيها وذلك يف كامل تراب اجلمهورية‬

‫وتنسحب االتفاقية القطاعية مبدئيا على كامل فرع النشاط الذي يتكون منه القطاع املعين‬
‫ابألمر وعلى هذا األساس تكون املؤسسة خاضعة لالتفاقية طاملا أهنا متارس نشاط اتبعا لذلك القطاع‬
‫ونستنتج أنه ال يهم املهنة اليت ميارسها األجري داخل املؤسسة وإمنا املهم هو النشاط الذي ميارسه‬
‫‪78‬‬
‫مؤجره‬

‫فاملشرع التونسي مل يعرف القطاع بل اكتفى ابلتنصيص على أن اإلتفاقية املشرتكة القطاعية‬
‫تربم يف إطار فرع من فروع النشاط املعين كذلك االتفاقية املشرتكة اإلطارية مل تعرف القطاع لكن‬
‫‪79‬‬
‫حسب أمر ‪ 1936‬يقرتب أكثر من مفهوم قطاع الصناعة والتجارة ‪.‬‬

‫فقرع النشاط هو مفهوم خاص بعلم االقتصاد وابلتحديد املتعلقة ابالقتصاد الوطين فهي جتمع‬
‫املؤسسات اليت تتبع نفس الغاية االقتصادية‪.‬‬

‫فاالتفاقية القطاعية تطبق على النشاط اخلاضع للقطاع الذي أبرمت من أجله االتفاقية‪،‬‬
‫فالتطبيق خيضع إىل نسبية النشاط للقطاع املعين ابالتفاقية لكي تنسحب آاثر االتفاقية عليه وذلك أن‬
‫اآلاثر القانونية لالتفاقية تتمثل يف تطبيقها على مجيع النشاطات املرتبطة ابلقطاع املعين‪.‬‬

‫‪77‬الفصل ‪ 37‬م‪.‬ش‬
‫‪ 78‬محاضرة في قانون الشغل النوري مزيد ص ‪226‬‬
‫‪Tarchouna Monji « Lanégociation collectives en Tunisie » p 38679‬‬

‫‪50‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫لكن حتديد االتفاقية القطاعية اليت ختضع هلا املؤسسة يقتضي حتديد النشاط الذي متارسه‬
‫هذه األخرية ومدى ارتباطه ابلقطاع الذي تغطيه االتفاقية فإن هذا القياس قد يثري بعض الصعوابت‬
‫يف حاالت معينة سواء ألن املؤسسة ال متارس نشاطا واحدا أو ألهنا غريت نشاطها ‪.‬‬

‫يف احلالة األوىل ‪ :‬تظهر الصعوبة عندما ما متارس املؤسسة نشاطات متنوعة غري مرتبطة بنفس‬
‫القطاع وابلتايل غري خاضعة ابلضرورة لنفس اإلتفاقية القطاعية ‪ ،‬مل يتعرض املشرع التونسي هلذه احلالة‬
‫وعلى ضوء فقه القضاء الفرنسي ‪ ،‬ميكن اإلستناد إىل معيار النشاط الرئيسي قصد حتديد القطاع‬
‫الذي تنتمي له املؤسسة مما يسمح بتحديد االتفاقية اليت ختضع هلا وقد اعتمد فقه القضاء الفرنسي‬
‫على مقاييس خمتلفة ملعرفة النشاط الرئيسي للمؤسسة مثل عدد العمال املنتمني هلذا النشاط أو ذاك‬
‫ورقم املبيعات الذي حيققه كل نشاط لكن إذا كانت املؤسسة متكونة من فروع مستقلة من بعضها‬
‫ولكل فرع منها نشاط خمتلف عن نشاطات الفروع األخرى يتعني حتديد االتفاقية القطاعية اليت خيضع‬
‫هلا كل فرع ابلرجوع إىل نوعية النشاط الذي ميارس فيه‪.80‬‬

‫إن حتديد النشاط إجراء ضروري ملعرفة نوعية القطاع الذي سينتمي إليه ذلك النشاط ألن تنوع‬
‫النشاطات يف قطاع واحد يؤدي إىل غموض نوع القطاع وابلتايل تقع يف مشكلة مدى تطبيق‬
‫االتفاقية القطاعية املعنية على ذلك النشاط‪.‬‬

‫ويف احلالة الثانية تظهر الصعوبة ألن املؤسسة غريت نشاطها املهين بصفة أدت إىل تغيري‬
‫القطاع الذي تنتمي له وإذا إعتربان أن االتفاقية القطاعية تفرض أحكامها مثل القانون على مجيع‬
‫االشخاص الذين يدخلون يف جمال تطبيقها فإننا نقر أن تغيري نشاطها وبذلك تعد مطالبة بتطبيق‬
‫‪81‬‬
‫االتفاقية اليت كانت خاضعة هلا سابقا‪.‬‬

‫وابلتايل فإن جمال تطبيق االتفاقية يف املكان يشوبه بعض اإلشكاالت نظرا لصعوبة حتديد‬
‫النشاط يف بعض األحيان كذلك ابلنسبة جملال تطبيق االتفاقية ؟ من حيث الزمان فإنه هناك مسألتني‬
‫تطرحان ‪ :‬مىت يبدأ تطبيق االتفاقية ؟ وإىل مىت تبقى االتفاقية قابلة للتطبيق ؟‬

‫‪Albert Arseguel « la notion d’organisation syndicales les plus représentatives » Thèse pour le doctorat en 80‬‬
‫‪droit Toulouse 1975 p 382‬‬
‫‪ 81‬النوري مزيد محاضرة في قانون الشغل(المرجع السابق) ص ‪226‬و ‪557‬‬

‫‪51‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫ابلنسبة للمسألة األوىل املتعلقة بتاريخ تطبيق االتفاقية فإن هذه األخرية تدخل حيز التنفيذ من‬
‫‪82‬‬
‫اتريخ املصادقة عليها‬

‫أما ابلنسبة للمسألة الثانية فإنه جيدر التمييز حسبما إذا كانت االتفاقية مربمة ملدة معينة أو غري‬
‫معينة ‪.‬‬

‫يف الصورة األوىل ال جيوز أن تربم االتفاقية ملدة تتجاوز اخلمس سنوات مثلما نص عليها املشرع‬
‫يف الفصل ‪ 32‬م ش وإذا كانت االتفاقية تنتهي مبدئيا ابنتهاء مدهتا فإنه جيوز أن يتواصل العمل‬
‫أبحكامها بعد انتهاء أجلها فتتحول إىل اتفاقية غري معينة املدة طاملا مل يوجد شرط خمالف ابالتفاقية‬
‫حسب ما جاء ابلفصل ‪ 32‬الفقرة الثانية م ش‬

‫ويف الصورة الثانية اليت تتعلق ابالتفاقيات املربمة ملدة غري معينة ميكن دائما وضع حد لالتفاقية‬
‫املشرتكة وذلك برغبة من أحد األطراف وابلنسبة له فقط‪ 83‬ويشرتط املشرع ملمارسة هذه الصالحية‬
‫أن يعلم الطرف املعين مجيع األطراف األخرى إبرادته يف وضع حد لإلتفاقية من جانبه وذلك قبل‬
‫شهر على األقل وال شك أن وضع حد لالتفاقية بصفة أحادية اجلانب دون تعويضها ابتفاقية جديدة‬
‫من شأنه أن يثري عدة صعوابت ونزاعات بني العمال واملؤجرين نظرا للفراغ القانوين الذي ينجر عنه‬
‫هلذا تفضل األطراف املعنية مراجعة االتفاقية املشرتكة رغم أن القانون اليت مل ينظم هذه املراجعة بل‬
‫وقع تنظيمها يف االتفاقية اإلطارية املشرتكة اليت تضمنت عدة أحكام تتعلق مبراجعة االتفاقية أو‬
‫الرتاجع عنها يف نفس الوقت وختضعهما لنفس النظام لكننا جندها هتتم ابملراجعة أكثر من الرتاجع‬
‫وذلك بغاية حتقيق االستقرار يف العالقات املهنية‬

‫فاعتماد الرتاجع يؤدي إىل خلق العديد من اإلشكاالت بني األجري واملؤجر وعدم استقرار‬
‫العالقة بينهما وحسب ما جاء ابلفصل ‪3‬من االتفاقية اإلطارية املشرتكة ال جيوز ألي طرف أن يطلب‬
‫مراجعة االتفاقية أو الرتاجع عنها اال بعد انقضاء مدة ثالث سنوات من تطبيقها ‪.‬‬

‫ويف حالة عدم مراجعة االتفاقية أو الرتاجع عنها بعد تلك املدة يتواصل تطبيق أحكامها ملدة‬
‫سنتني مدنيتني ويف كل احلاالت يتعني على الطرف الذي يرغب يف مراجعة االتفاقية أو الرتاجع عنها‬

‫‪.83‬الفصل ‪ 38‬م‪.‬ش الفقرة االولى‬

‫‪52‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫أن يعلم الطرف اآلخر بواسطة رسالة مضمونة الوصول قبل ‪ 3‬اشهر من انتهاء السنة املدنية اجلارية‬
‫ويتعني الشروع يف املباحثات بني الطرفني أي املنظمة النقابية للعمال واألعراف األكثر متثيال خالل‬
‫الشهر املوايل من توجيه الرسالة على أنه يف صورة عدم حصول اتفاق بينهما يف ظرف ثالثة أشهر‬
‫ميكن هلما االتفاق على مواصلة املفاوضات ملدة ‪ 3‬أشهر أخرى يتوال خالهلا تطبيق االتفاقية وإذا مل‬
‫حيصل اي اتفاق يف هناية األمر حيق هلما اللجوء إىل حتكيم احلكومة ويف هذه الصورة تبقى االتفاقية‬
‫سارية املفعول إىل حني صدور قرار التحكيم‪.‬‬

‫فالغاية من عدم الغاء االتفاقية حىت يف فرتة املراجعة هو ضمان األثر التنفيذي لالتفاقية لتكون‬
‫سارية املفعول يف تلك الفرتة‪.‬‬

‫فاالتفاقية القطاعية هلا اثر تطبيقي ابإلضافة إىل اآلاثر املرتبطة ابألطراف املوقعة على االتفاقية‬
‫واآلاثر املتعلقة ابألشخاص التابعني هلا‪.‬‬

‫األاثر املرتبطة ابألطراف املوقعة على االتفاقية واالشخاص التابعني هلا ‪:‬‬ ‫•‬

‫تنسحب آاثر االتفاقية املشرتكة القطاعية على األطراف املوقعة عليها أي املنظمة النقابية األكثر‬
‫متثيال للعمال واملنظمة النقابية األكثر متثيال لألعراف وتتمثل هذه اآلاثر يف تطبيق األطراف املعنية‬
‫تلك االتفاقية فاملشرع التونسي يلزم األطراف املوقعة على االتفاقية بعدم القيام أبي شيء من شأنه أن‬
‫يعطل تنفيذ تلك االتفاقية إبخالص‪ 84‬هذا االلتزام بتطبيق االتفاقية إبخالص ليس إال تكريسا‬
‫للقاعدة العامة ليت تنص على أنه جيب الوفاء اباللتزامات مع متام األمانة" وهو ما يتطلبه واجب‬
‫الوفاء ابلعهد لكن هل أن االلتزام بتنفيذ االتفاقية ابخالص يقتضي التقيد مبفهوم السلم االجتماعية‬
‫فهذا املفهوم يؤدي إىل اعتبار االتفاقية املشرتكة مبثابة معاهدة سلم" تتضمن االلتزام األطراف طيلة‬
‫‪85‬‬
‫مدة سراين مفعوهلا بتجنب اللجوء إىل أية وسلية ضغط من أجل تغيري أحكامها ونقضها‬

‫حيث أن القانون التونسي ال يكرس هذا املفهوم فال مينع اللجوء إىل اإلضراب مثال سواء من‬
‫أجل حتقيق مطالب جديدة مل تتعرض هلا االتفاقية أو من أجل املطالبة مبراجعة أحكام هذه األخرية‬

‫‪ 84‬الفصل ‪243‬م‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ 85‬تكرس بعض االنظمة االجنبية ‪ ,‬مثل النظام االمريكي و السويسري النظرية القائلة بأن إبرام االتفاقية المشتركة يؤدي إلى التقيد بواجب السلم‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫وهذا ال ينفي أن املشرع حيث دائما على تسوية النزاعات املهنية ابلطرق السلمية وبقيد ممارسة حق‬
‫اإلضراب ابحرتام مجلة من االجراءات القانونية املسبقة ومنها وجوبية احملاولة الصلحية‪.‬‬

‫ويف نفس االجتاه تضمنت االتفاقية املشرتكة التنصيص على اجراءات يتعني التقيد هبا قصد‬
‫تسوية اخلالفات اليت ميكن أن تنشأ بني األطراف املعنية حول تطبيق االتفاقية أو أتويلها حيث يتعني‬
‫عرض موضوع اخلالف على جلنة مناصفة تعني هلذا الغرض وذلك تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 42‬م ش‬
‫كما نصت االتفاقية اإلطارية املشرتكة من خالل الفصل‪ 2‬على وجود جلنة مناصفة مكلفة ابلنظر يف‬
‫اخلالفات الناشئة عن تطبيق االتفاقية أو أتويلها وذلك قصد حماولة تسوية النزاع ابلرتاضي وللحفاظ‬
‫على السلم االجتماعية واستقرار العالقات املهنية بني األجري واملؤجر ولكن ويف صورة عدم التواصل‬
‫إىل اتفاق بني أعضاء اللجنة ميكن للطرفني ابالتفاق بينهما واللجوء إىل التحكيم‪ 86‬ويف كل احلاالت‬
‫يكون قرار اللجنة أو القرار التحكيمي مبثابة جزء من االتفاقية حيث يكون له نفس املفعول الذي‬
‫يرتتب عنها‪.87‬‬
‫ومبا أن االتفاقية هلا قوة ملزمة جتاه املتعاقدين فإن املشرع التونسي ينص على أنه يف صورة‬
‫اإلخالل ببنودها من أحد املوقعني عليها جيوز مطالبته قضائيا من كل طرف آخر مرتبط ابالتفاقية‬
‫قصد التعويض عن الضرر احلاصل له من جراء ذلك اإلخالل ببنودها حسب ما جاء ابلفصل ‪ 35‬م‬
‫‪88‬‬
‫ش‬
‫هذا الواجب املمثل يف ضمان تطبيق االتفاقية من قبل األعضاء يشكل إحدى خصوصيات‬
‫التشريع التونسي مقارنة مع العديد من التشاريع األجنبية اليت ترفض حتميل النقاابت عبء ضمان‬
‫احرتام االتفاقية من قبل املنخرطني يف النقابة كالقانون الفرنسي والقانون املصري ‪.‬‬

‫وال شك أن هذا العبء الثقيل الذي يضعه املشرع التونسي على كاهل النقاابت يتطلب أن‬
‫ميارس هذه األخرية كامل صالحيتها ونفوذها ازاء اعضائها حىت تضمن فعال احرتام هؤالء األعضاء‬
‫‪89‬‬
‫ألحكام االتفاقية وطاملا مل تتحقق هذه النتيجة تتحمل النقابة املسؤولية املدنية املرتتبة عن ذلك‪.‬‬

‫‪.86‬كانت االتفاقية االطارية المشتركة تكرس وجوبية اللجوء إلى التحكيم ‪ ,‬لكن منذ مراجعتها سنة ‪ 1984‬صارت تقر أن اللجوء إلى التحكيم‬
‫يقتضي إتفاق الطرفين ‪.‬‬
‫‪87‬الفصل الرابع من االتفاقية االطارية المشتركة الفقرة الثانية‬
‫‪88‬تجدر االشارة إلى أن هدا النوع من الدعاوى ليس من اختصاص دوائر الشغل وإنما يتعين اللجوء إلى محاكم الحق العام باعتبار أن الموضوع‬
‫اليتعلق بنزاع شغلي فردي‬
‫‪ .89‬محاضرة في قانون الشغل النوري مزيد (المرجع السابق) ص ‪231‬‬

‫‪54‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬تمثيل العملة داخل المؤسسة ‪:‬‬


‫إن املنظمة النقابية الىت مل تسند هلا صفة التمثيلية على املستوى الوطين أو القطاعي ميكن هلا أن‬
‫متثل منخرطيها على مستوى املؤسسة إذا أثبتت متثيليها على ذلك املستوى ويكون ذلك إستنادا إىل‬
‫نتائج االنتخاابت املهنية اليت تقع خارج املؤسسة لتحديد املنظمة النقابية املمثلة للعملة و اليت ستقوم‬
‫ابلدفاع عن املصاحل االقتصادية و االجتماعية للعملة داخل املؤسسة (املبحث األول) و اليت أيضا‬
‫ستقوم ابملشاركة يف املفاوضات اجلماعية املتعلق ابملؤسسة (املبحث الثاين) ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬دور المنظمة النقابية الممثلة على مستوى المؤسسة في‬
‫الدفاع عن المصالح االقتصادية و االجتماعية للعملة‬
‫للعمال على مستوى املؤسسة يف حتسني األوضاع االقتصادية‬
‫تتمثل مهام املنظمة النقابية املمثلة ّ‬
‫العمال من قبل النائب النقايب للمؤجر‪،‬‬
‫و االجتماعية للعملة و ذلك عن طريق تبليغ مطالب ّ‬
‫العمال و هو املدافع عن حقوق األجري داخل املؤسسة لكن وللقيام هبذه‬
‫فالنائب النقايب يعد صوت ّ‬
‫املهام البد من االعرتاف أوال ابلتواجد النقايب داخل املؤسسة ‪،‬الذي مل ينظمه املشرع التونسي إىل‬
‫اليوم (الفقرة األوىل)‪ ،‬اضافة إىل توفري التسهيالت و احلماية لتمكني النائب النقايب من القيام مبهامه‬
‫(الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الهشاشة القانونية للتمثيل النقابي داخل المؤسسة‬


‫مل ينظم املشرع التونسي إىل يومنا هذا التمثيل داخل املؤسسة (أ)‪ ،‬إالّ أ ّن هذا الفراغ القانوين مل‬
‫مينع النقاابت من التواجد داخل املؤسسة ‪ ،‬هذا ما دفع االتفاقية االطارية إبقرار التمثيل النقايب داخل‬
‫املؤسسة (ب)‪.‬‬

‫عزوف املشرع التونسي عن تنظيم التمثيل النقايب داخل املؤسسة ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪55‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫تتمثل احلرية النقابية يف متكني كل فرد من حرية االخنراط أو عدم االخنراط يف نقابة‪ 90‬وهو ما‬
‫أقّره املشرع التونسي ضمنيا من خالل الفصل ‪ 242‬م‪.‬ش‪ ،‬إذ اجتهت نية املشرع حنو اعتبار احلرية‬
‫النقابية كحرية فردية تتمثل يف حرية االخنراط أو عدم االخنراط يف نقابة‪ ،‬وكحرية مجاعية تتجلى من‬
‫خالل حرية تكوين وتسيري النقاابت دون االعرتاف ابلتواجد النقايب داخل املؤسسة‪،‬و هذا ما قد‬
‫يضعف احلركة النقابية داخل املؤسسة و حيول دون القيام مبهامها يف الدفاع عن العملة‪ .‬فرغم اعرتاف‬
‫املشرع ابحلق النقايب و حق تكوين النقاابت‪ ،‬إالّ أنه مل ينظم احلضور النقايب داخل املؤسسة هذه‬
‫األخرية اليت تعد أساس احلوار الداخلي بني أطراف اإلنتاج و املكان املناسب إلحالل مناخ احلوار‬
‫االجتماعي و ذلك إلضفاء سبل التشاور بني صاحب العمل و األجري املمثل من قبل النائب النقايب‪،‬‬
‫فاملؤسسة هي النواة األوىل يف إرساء مبدأ السلم االجتماعية و العدالة االجتماعية ‪.‬‬

‫مل حيد املشرع التونسي عن نظرة التشريع الفرنسي للحرية النقابية‪ ،‬حيث أقر املشرع الفرنسي‬
‫احلرية النقابية عرب قانون ‪ ،1884-3-21‬دون أن يقنن النشاط النقايب داخل املؤسسة‪ .‬و ذلك ابعتبار‬
‫احلرية النقابية كحرية عمومية فردية و كشكل خاص حلرية التجمع‪ .‬كما تعترب النقاابت جمموعات‬
‫متارس نشاطها خارج املؤسسة عرب املسامهة يف إنشاء مشاريع اجتماعية و الدفاع عن مصاحل‬
‫منخرطيها ‪.91‬‬

‫من هنا مل خيتلف املشرع التونسي عن التشريع الفرنسي يف اعتبار النقابة شخصا معنواي يتمتع‬
‫ابلشخصية القانونية‪ 92‬مهمتها الدفاع عن مصاحل منخرطيها‪ .93‬دون أن يقيم أي رابط بينها و بني‬
‫املؤسسة‪ .‬ولئن تدخل املشرع الفرنسي لالعرتاف الصريح ابلتمثيل النقايب داخل املؤسسة ‪ .94‬فإن‬
‫املشرع التونسي الزال يعترب النقابة شخصا معنواي ميارس نشاطه خارج املؤسسة‪ .‬فرغم التكريس‬
‫الضمين للحرية النقابية إال أن املشرع قد تبىن مفهوم ضيقا للحرية النقابية حيث أوكل للمنظمة النقابية‬
‫مهاما هامة كاملشاركة يف املفاوضات اجلماعية و التمثيل يف اجمللس االقتصادي و االجتماعي‪ ،‬إالّ أنّه‬

‫‪ 90‬اإلتفاقية الدولية للشغل رقم ‪ 87‬المتعلقة بحماية الحق النقابي و الحرية النقابية وقد صادقت عليها البالد التونسية بمقتضى القانون‬
‫عدد ‪ 48‬لسنة ‪ 1957‬المؤرخ في ‪ ،1957-06-14‬الرائد الرسمي عدد ‪ 36‬بتاريخ ‪ 26‬أفريل ‪1957‬‬
‫‪ 91‬ليلى الكويسي "تمثيل العملة داخل المؤسسة "(مذكر لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص ‪،‬كلية الحقوق و‬
‫العلوم السياسية بتونس ‪ 1996‬ص ‪.)35‬‬
‫‪ 92‬الفصل ‪ 243‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ 93‬الفصل ‪ 243‬م‪.‬ش ‪" :‬تنحصر مهمة النقابات المهنية في درس مصالح منخرطيها االقتصادية واالجتماعية و الدفاع عنها‬
‫ال غير "‬
‫‪ 94‬قانون ‪ 1968-12-27‬المتعلق بالتمثيل النقابي داخل المؤسسة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫مل يعرتف بوجود اهليكل النقايب داخل املؤسسة و هذا ما جيعلنا نتساءل عن عزوف املشرع التونسي‬
‫عن االعرتاف الصريح ابلتمثيل النقايب داخل املؤسسة؟‬

‫لقد ّبرر االستاذ مزيد ذلك تبين املشرع نظرة تقليدية ليبريالية‪ ،‬و مفاد هذه النظرة‪ ،‬أن النقابة‬
‫هي هيكل لتمثيل العملة خارج املؤسسة ابعتبار أن املؤسسة هي جمال االنتاج وليست جمال ملمارسة‬
‫احلرايت العمومية‪ ،‬إذ يتمتع املؤجر بسلطة االدارة و االشراف و سلطة التأديب و ميكن له مبقتضى‬
‫هذين السلطتني منع كل ممارسة للحرية النقابية داخل املؤسسة‪ ،‬ذلك أنه ينفرد بتقدير الشروط الالزمة‬
‫حلسن سري املؤسسة‪.‬‬

‫لكن هذا قد يؤدي إىل اعتماد املؤجر سبل للضغط على األجري و ابلتايل يصبح األجري خاضعا‬
‫لسلطة املؤجر و لشروطه دون أن يكون له احلق يف الدفاع عن حقوقه ومكاسبه فمن خالل وجود‬
‫اهليكل النقايب داخل املؤسسة تقوم العدالة االجتماعية و يصبح األجري قادرا على تبليغ مطالبه املهنية‬
‫يف حتسني شروط وظروف عمله من خالل النقابة املمثلة له على مستوى املؤسسة‪.‬‬

‫لذلك البد من تدخل املشرع إلضفاء الشرعية على التواجد النقايب داخل املؤسسة ‪،‬فرغم‬
‫مراجعة األحكام املنظمة لتمثيل العملة‪ ،95‬فقد تواصل عزوف املشرع عن االعرتاف الصريح ابلتواجد‬
‫النقايب رغم احلضور املكثف داخل املؤسسات‪ ،‬الذي دفع ابالتفاقية اإلطارية املشرتكة إبقرار التمثيل‬
‫النقايب داخل املؤسسة (ب)‪.‬‬

‫اعرتاف القانون التفاوضي ابلتمثيل النقايب داخل املؤسسة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫يعترب اعرتاف القانون التفاوضي ابلتمثيل النقايب داخل املؤسسة مرحلة متطورة‪،‬حيث اقتصرت‬
‫االتفاقيات املشرتكة منذ ‪ 1936‬على تكريس مبدأ احلرية النقابية داخل املؤسسة‪ ،‬كما مل تنص االتفاقية‬
‫االطارية الصادرة سنة ‪ .96 1973‬واالتفاقيات القطاعية اليت تلتها على ممارسة احلق النقايب داخل‬
‫املؤسسة ‪ ،‬بل تضمنت هذه االتفاقيات قاعدة أساسية تغلب عليها العمومية بعنوان "احلق النقايب‬
‫وحرية الرأي" متاشيا و أحكام الفصل ‪42‬م‪.‬ش فقرة أوىل الذي ينص على أنّه "جيب أن حتتوي‬

‫‪ 95‬قانون ‪ 1994-02-21‬المتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة الشغل‪.‬‬


‫‪ 96‬النص األصلي االتفاقية أمضي في ‪ 20‬مارس ‪ 1973‬وتمت المصادقة عليه بقرار من وزير الشؤون االجتماعية‬
‫المؤرخ في ‪ 29‬ماي ‪ 1973‬و دخل خير التنفيذ في ‪ 1‬جوان ‪. 1973‬‬

‫‪57‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫االتفاقيات املشرتكة املشار إليها ابلفصل السابق على األحكام التالية على األقل ‪ :‬أ‪ -‬احلرية النقابية‬
‫و حرية الرأي"‬

‫و جتسيما ملبدأ احلرية النقابية نص الفصل اخلامس فقرة األوىل من االتفاقية االطارية صراحة‬
‫مكونة بصفة قانونية‪.‬‬
‫على أن األجراء أحرار يف االخنراط يف منظمة نقابية ّ‬
‫فاالعرتاف ابلتمثيل النقايب داخل املؤسسة هو دعامة أساسية لألجري‪ .‬وذلك ألن عقد الشغل‬
‫الرابط بني االجري و املؤجر يضع العامل يف وضعية خضوع وتبعية للمؤجرو لتعديل الكفة بينهما البد‬
‫من وجود هيكل نقايب يدافع عن األجري بكونه الطرف الضعيف يف العالقة الشغيلة ‪ ،‬ويعد االعرتاف‬
‫الصادر عن االتفاقية اإلطارية ‪،‬إحدى الركائز األساسية لتفعيل دور النقابة املمثلة على مستوى‬
‫املؤسسة يف الدفاع عن مصاحل العملة االقتصادية منها و االجتماعية ‪،‬فكما ذكران سابقا فإ ّن‬
‫االتفاقيات املشركة هي من إحدى مصادر قانون الشغل األساسية و بذلك يكون االعرتاف ابلوجود‬
‫النقايب من خالهلا شرعيا حيث أنّه من خالل الفصل اخلامس من االتفاقية اإلطارية ‪،‬الفقرة الثانية‬
‫الذي جاء فيها ‪" :‬يعرتف املؤجر ابملنظمة النقابية املتكونة بصورة قانونية املمثلة يف نواهبا الشرعيني‬
‫ابملؤسسة كما حيرتم الصالحيات القانونية و الشرعية للنقابة اليت متارس مهامها يف ظل احرتام‬
‫صالحيات اهلياكل القانونية املمثلة للعملة داخل املؤسسة‪".‬‬

‫فمن خالل هذا الفصل يتحتم على املؤجر االعرتاف ابلوجود النقايب داخل املؤسسة والسماح‬
‫له أبداء مهامه يف حدود صالحياته‪.‬‬

‫لكن يف ظل ظهور التعددية النقابية داخل املؤسسات االقتصادية‪،‬قد يرنو املؤجر إىل التعاهد مع‬
‫نقابة دون أخرى ممّا قد يثري نزاعات حول التمثيلية بني النقاابت من انحية وبني هذه األخرية واملؤجر‬
‫من انحية أخرى‪ ،‬لذلك جيب اعتماد معيار االنتخاابت املهنية لتفادي أي احنياز من قبل املؤجر جتاه‬
‫نقابة معنية‪ ،‬وتقع هذه االنتخاابت خارج املؤسسة و ابلتحديد يف مقر املنظمة النقابية املركزية‪ .‬حيث‬
‫يقع إعالم املؤجر رمسيا وكتابة بقائمة األمساء املرتشحة لتمثيلية العملة داخل تلك املؤسسة و ذلك عن‬
‫طريق الوسيط املمثل للمنظمة النقابية املركزية‪.97‬و املنظمة النقابية اليت تنتخب لتمثيل العملة داخل‬

‫‪97‬‬
‫‪« Le pluralisme syndical dans l’entreprise on Tunisie ». présenté par Ababa Mahjoubi. Inspcteur générale du‬‬
‫‪travail et de conciliation‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Data et lieu du séminaire: Les 08/09/décembre 2011 à Hammamet‬‬

‫‪58‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫املؤسسة املعنية تكون ابلتايل معرتفا هبا من قبل املؤجر‪ ،‬وتدوم مدة التمثيل النقايب املنتخب‪ 3‬سنوات‬
‫يقع جتديدها لنفس املدة و ذلك أيضا ابلرجوع إىل صندوق االقرتاع الذي يرسي مبدأ الدميقراطية‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫فرغم عدم اعرتف املشرع التواجد النقايب داخل املؤسسة‪ ،‬فإننا نالحظ كثافة الوجود النقايب‬
‫داخل املؤسسات و هذا حييل إىل أنّه رغم الطبيعة االتفاقية هلذه القواعد املنظمة للتواجد النقايب داخل‬
‫املؤسسة ‪ ،‬فهي ال تقل مرتبة عن التشريع "إذ هلا نفس املفعول و نفس القوة امللزمة للنصوص‬
‫‪98‬‬
‫التشريعية ابلرغم من ّأهنا ال تنبع من السلطة التشريعية‪ ،‬و إّمنا من السلطة املهنية اجلماعية ‪"...‬‬

‫و إستنادا إىل النظام العام االجتماعي فإنه ال تفاضل بني مصادر قانون الشغل إذ يهدف‬
‫النظام العام االجتماعي إىل حتسني وضعية األجري و العمل عرب توفري الظروف األفضل له ‪ ،‬لذلك‬
‫يستمد التمثيل النقايب شرعية وجوده من اتفاق األطراف االجتماعية ابعتباره إحدى مصادر قانون‬
‫الشغل‪ ،‬و هنا لسائل أن يسأل عن دواعي تدخل املشرع االعرتاف الصريح ابلتواجد النقايب داخل‬
‫املؤسسة ؟‪.‬‬

‫لئن تدخلت األطراف االجتماعية لالعرتاف ابلتواجد النقايب داخل املؤسسة ‪،‬فإ ّن ذلك ال‬
‫ينفي ضرورة اعرتاف املشرع صراحة ابلتمثيل النقايب‪ ،‬إذ تفتقر القواعد املضمنة ابالتفاقيات املشرتكة‬
‫إىل الثبات و االستقرار‪ ،‬كما أ ّهنا مل حتدد شكل اهليكل النقايب و شروط إنتصابه‪.99‬‬

‫فالقانون التفاوضي و القانون التونسي مل ينظما اليات التمركز النقايب داخل املؤسسة لكن على‬
‫املستوى القانوين فإنه قد أعطى حرية االنتصاب داخل املؤسسة وذلك من خالل إعتماد عبارات‬
‫‪100‬‬
‫عامة كتنصيصه على أن النقاابت هلا حرية التكوين ‪.‬‬

‫وهذا ما قد حيول دون النهوض ابهليكل النقايب داخل املؤسسة و ابلتايل سينعكس على دوره‬
‫يف أداء مهامه املطلبية يف حتسني شروط و ظروف العملة‪.‬‬

‫‪ 98‬منجي طرشونة ‪،‬تاريخ قانون العمل في تونس ‪،‬مجلة التونسية للقانون االجتماعي ‪،‬العدد ‪ 1،1986‬ص ‪41‬‬
‫‪ 99‬ليلى الكويسي "تمثيل العملة داخل المؤسسة "‪ .‬مذكر لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص ‪.‬ص‪1996-44‬‬
‫‪ 100‬وفي هذا االطار ينص الفصل‪ 28‬من النظام الداخلي لالتحاد العام التونسي الشغل على انه يجب توفر ‪ 50‬عامال لكي يتسنى بعث هياكل‬
‫التمثيل النقابي إال انه إذا لم يتوفر الشرط العددي المطلوب فإنه يجب تكوين نيابة نقابية و تتركب هذه االخيرة من ‪ 3‬نائبين فيما بين ‪ 10‬و ‪20‬‬
‫منخرط و ‪ 5‬نائبين فيما بين ‪ 21‬و ‪ 19‬منخرط حسب الفصل ‪ 36‬من القانون االساسي لالتحاد‬

‫‪59‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫كذلك لضمان جناعة التمثيل النقايب داخل املؤسسة البد من وجود ضماانت لتفعيل دور‬
‫النقابة املمثلة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الضمانات االتفاقية الممنوحة للمنظمة النقابية الممثلة على‬


‫مستوى المؤسسة‬
‫إن االقتصار على االعرتاف ابلتمثيل النقايب داخل املؤسسة قد يفقده جدواه مامل يقع متكني‬
‫هياكل التمثيل النقايب من تسهيالت لتجسيد حضورهم داخل املؤسسة و خارجها (أ) اضافة إىل‬
‫توفري احلماية هلم إزاء كل تعسف من قبل املؤجر (ب)‪.‬‬

‫التسهيالت املتوفرة داخل و خارج املؤسسة ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫تتجسم احلرية النقابية عرب االعرتاف مبمارسة احلق النقايب داخل املؤسسة إال أنه لكي ميارس‬
‫هذا احلق فعليا ال بد من االعرتاف للهيكل النقايب بتسهيالت ضرورية للقيام مبهامه و تتجسد هذه‬
‫التسهيالت داخل املؤسسة و خارجها ‪.‬‬

‫التسهيالت املمنوحة داخل املؤسسة‪:‬‬ ‫•‬

‫‪ -‬تعد الساعات اخلالصة األجر من أبرز التسهيالت الواجب توفريها للهيكل النقايب لتمكينه‬
‫من االتصال املباشر مع العملة و االطالع على ظروف العمل و االستماع إىل مطالبهم و قد أقر‬
‫الفصل اخلامس جديد من االتفاقية االطارية املشرتكة ‪،‬الفقرة السادسة " مينح للمسؤولني النقابيني‬
‫ابملؤسسة الوقت الضروري للقيام بوظائفهم و للمشاركة يف الدورات التكوينية اليت تنظمها النقابة على‬
‫أ ّن ال جتاوز الوقت املمنوح للمسؤولني النقابيني مشرتكني ‪ 30‬ساعة سنواي للمؤسسات اليت تشغل بني‬
‫‪50‬و ‪ 99‬عامال و ‪ 60‬ساعة طيلة السنة ابلنسبة للمؤسسات اليت تشغل ما بني مائة ومائيت عامل‬
‫و‪ 110‬ساعات طيلة السنة ابلنسبة للمؤسسات اليت تشغل أكثر من مائيت عامل و تكون هذه‬
‫الساعات خالصة األجر"‪.‬‬

‫فتوفري الوقت الضروري للهيكل النقايب املمثل يعد دعامة أساسية ليتمكن من أداء وظيفته‬
‫املطلبية والتحسينية‪ ،‬فالوقت املمنوح للممثل النقايب هام جدا لتفعيل وجوده داخل املؤسسة وخارجها‬
‫وابلتايل يتمكن من درس أوضاع العملة و العمل على حتسينها اضافة إىل توفري الوقت فإن خالص‬

‫‪60‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫تلك الساعات يعمل على تشجيع النائب النقايب على أداء دوره و تفعيل جهوده للمطالبة بتحسني‬
‫شروط و ظروف العمل ملنخرطيه فهذه الوسيلة من شأهنا أن تيسر عملية االتصال ابلعملة و يدعم‬
‫التواصل معهم‪.‬‬

‫اضافة إىل ذلك فإن التمتع بتلك الساعات خيضع إىل شروط شكلية و هي أنه البد من اعالم‬
‫املؤسسة مسبقا قبل التغيب و ذلك لضمان االستقرار داخل املؤسسة و عدم اشاعة الفوضى‪ ،‬كذلك‬
‫يرنو واجب االعالم إىل حفاظ على التواصل بني املؤجر و املمثل النقايب الذي يبقى أجريا ابلنسبة له‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك يعترب املمثل النقايب داخل املؤسسة جسر التواصل بني املنظمة النقابية و قواعدها‬
‫وتبعا لذلك تقتضي مهمته إعالم النقابة املركزية بظروف العمل داخل املؤسسة و إحاطتها مبختلف‬
‫مطالب العملة‪ .‬و لتجسيد هذا التواصل مت االتفاق بني االطراف االجتماعية على أ ّن " يعرتف‬
‫املؤجر ابملنظمة النقابية املتألقة قانوان ممثلة يف نواهبا الشرعيني ابملؤسسة و يضع حتت تصرفها سبورات‬
‫العمال و ميرون هبا أكثر من‬
‫أو لوحات تلصق هبا املعلقات و توضع ابألماكن اليت خيتلف إليها ّ‬
‫غريها"‪.‬‬

‫من هنا يعترب حق التعليق احدى املظاهر األساسية حلرية التعبري و ابداء الرأي اذ تتطلب‬
‫املمارسة الكلية للحقوق النقابية حرية مترير املعلومات و األفكار و اآلراء‪ 101‬و قد أقر الفصل اخلامس‬
‫من االتفاقية االطارية حرية تعليق الواثئق النقابية بدون اخضاعها إىل ترخيص مسبق من املؤجر إالّ أنه‬
‫مل يقع حتديد مضمون هذه الواثئق‪.‬‬

‫لكن ابلرجوع إىل الفصل ‪.243‬م‪.‬ش " تنحصر مهمة النقاابت املهنية يف درس مصاحل منخرطيها‬
‫االقتصادية و االجتماعية و الدفاع عنها الغري "‪ .‬لذلك جيب أن تكون الواثئق املعلقة ذات طابع‬
‫مهين حبت‪.‬‬

‫‪ -‬إضافة إىل حق التعليق‪ ،‬جند حق عقد االجتماعات الذي يعد هو األخر من املكوانت‬
‫اجلوهرية للحق النقايب فهذا احلق يساهم يف جتسيد التواصل بني النقابة و منخرطيها‪ ،‬غري أ ّن متكني‬
‫املمثلني النقابيني من عقد االجتماعات يرتبط أساسا مبوافقة املؤجر و هو ما يتناىف و مبدأ احلرية‬

‫‪ 101‬ليلى الكويسي" تمثيل العملة داخل المؤسسة‪ ":‬مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص ‪.‬ص‪60.‬‬

‫‪61‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫النقابية‪،‬إذ ابإلمكان االكتفاء إبعالم املؤجر حمافظة على التوازن بني حق النقابيني يف االتصال‬
‫ابلعملة‪ ،‬و حق املؤجر يف فرض احرتام النظام الداخلي للمؤسسة‪ .‬كما يتطلب االجتماع ابلعملة‬
‫توفري مقر‪ .‬وهو ما سكتت عنه االتفاقية االطارية الصادرة سنة ‪ 1973‬و أغلب االتفاقيات املشرتكة‬
‫القطاعية‪ .‬و مبراجعة االتفاقيات االطارية توصلت االطراف االجتماعية إىل حل توفيقي "اذ مت‬
‫التنصيص ضمن الفصل اخلامس فقرة السابعة (جديد) ‪:‬‬

‫"يسعى املؤجر إىل ختصيص مكتب مؤثث لنقابة املؤسسة إذ توفرت لديه االمكانيات لذلك‬
‫ومع اعتبار حاجيات مصاحل املؤسسة‪". 102‬‬

‫من هنا فإن توفري مقر للنقابة داخل املؤسسة يظل رهني مبادرة املؤجر و حسب استعداده‬
‫لذلك فهو حل يتسم ابملرونة خاصة ابستعمال عبارات مطاطة من ذلك "حاجيات مصاحل املؤسسة‬
‫"‪،‬لذلك كان من األجدى اإلقرار مبعيار موضوعي يفوق بني املؤسسات اسناد إىل حجم املؤسسة‪،‬‬
‫لكي يتسىن إلزام املؤسسات الكبرية احلجم بتوفري مقر‪".‬‬

‫من هنا ميكن القول أن جناعة النشاط النقايب داخل املؤسسة يرتبط أساسا مبدى توفري‬
‫التسهيالت الضرورية للممثلني النقابيني سواء على مستوى املؤسسة أو خارجها‪.‬‬

‫التسهيالت املمنوحة خارج املؤسسة‪:‬‬ ‫•‬

‫و لكي يتمكن القيام مبهامه كوكيل البد من توفري تسهيالت‬

‫يعد النائب النقايب‪ ،‬ابعتباره املسؤول عن العمل النقايب على مستوى املؤسسة الضامن حلقوق‬
‫العملة داخل املؤسسة فهو يعد من انحية وكيال للنقابة األساسية و نفس الوقت عامال داخل تلك‬
‫املؤسسة‪.‬‬

‫إضافة إىل التسهيالت املمنوحة للنائب النقايب داخل املؤسسة‪،‬البد من توفر بعض التسهيالت‬
‫خارج املؤسسة ليتمكن من تفعيل دوره الدفاعي عن حقوق العملة التابعني لتلك املؤسسة‪.‬‬

‫‪ 102‬تمت مراجعة االتفاقية االطارية سنة بمقتضى الملحق التعديلي المصادق عليه بالقرار المؤرخ في ‪ 7‬فيفري ‪1985‬‬
‫و الصادر بالرائد الرسمي عدد ‪ 21‬في ‪ 15‬فيفري ‪،1985‬أما الملحق التعديلي عدد ‪ 2‬تمت المصادقة عليه بالقرار المؤرخ‬
‫في ‪ 28‬جانفي ‪ 1993‬الصادر بالرائد عدد‪ 12‬في ‪.1993-2-12‬‬

‫‪62‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫فانتصاب اهليكل النقايب داخل املؤسسة ال يعين انعزاله عن املنظمة النقابية املركزية و عن‬
‫النشاط النقايب عامة‪ ،‬إذ قصد تدعيم التواصل بينه و بني منظمته النقابية‪ ،‬أقرت االطراف االجتماعية‬
‫من خالل االتفاقية االطارية املشرتكة و ابلتحديد الفصل اخلامس فقرة‪ 5‬على انه "مينح املسؤليني‬
‫النقابيني ابملؤسسة الوقت الضروري للقيام بوظائفهم و للمشاركة يف الدورات التكوينية اليت تنظمها‬
‫املنظمة النقابية‪ ،‬على أن اليتجاوز الوقت املمنوح للمسؤولني النقابيني مشرتكني ‪ 30‬ساعة طيلة السنة‬
‫ابلنسبة للمؤسسات اليت تشغل بني ‪ 50‬و‪ 99‬عامل و ‪ 60‬ساعة طيلة السنة ابملؤسسات اليت تشغل‬
‫مائة و مائيت عامال و ‪ 110‬ساعات طيلة السنة ابلنسبة للمؤسسات اليت تشغل أكثر من مائيت‬
‫عامل‪"...‬‬

‫غري أ ّن تشريك النائبني النقابيني يف الدورات التكوينية خيضع إىل شرط أساسي و هو إعالم‬
‫املؤجر قبل التغيب و ذلك لتفادي اشاعة الفوضى داخل املؤسسة اليت تبقى خلية إنتاج و مصدر‬
‫عمل ابلنسبة للنائب النقايب الذي يبقى عامال ابلنسبة للمؤجر لضمان حسن سري العمل و التوافق‬
‫بني النائب و املؤجر‪.‬‬

‫كما ميكن للنائب النقايب التغيب عن املؤسسة دون خشية جتاوز الساعات املخولة له و ذلك‬
‫إذا مسح له ابلتفرغ الذي خيضع هو اآلخر إىل شروط‪.‬‬

‫فالتفرغ النقايب من أهم الوسائل اليت تيسر التنسيق بني العمل النقايب داخل املؤسسة و احلركة‬
‫أعم‪ ،‬فالتفرغ يساعده على مواكبة التطورات احلاصلة داخل النقابة املركزية ممّا يساهم‬
‫النقابية بصفة ّ‬
‫ابلتايل يف تفعيل دوره داخل املؤسسة‪ .‬و قد تدخلت االطراف االجتماعية لالقرار ابلتفرغ النقايب‬
‫لفائدة املسؤول النقايب‬

‫و حتديد شروطه ووضعية النائب النقايب أثناء مدة التفرغ و عند هنايتها‪ 103.‬فالتفرغ النقايب‬
‫خيضع إىل موافقة مسبقة من املؤجر على إثر طلب مقدم من املنظمة النقابية‪ ،‬غري أن اشرتاط موافقة‬
‫املؤجر قد حتول دون انتفاع املسؤول النقايب ابلتفرغ طاملا أ ّن سلطة املؤجر ال خيضع إىل أي قيد أو‬

‫‪ 103‬ينص الفصل الخامس فقرة الثامن من االتفاقية االطارية‪":‬في صورة انتخاب أحد األجراء نائبا نقابيا قارا بإحدى‬
‫النقابات المنخرط بها عمال المؤسسة فإن هذا النائب يوضع بطلب من المنظمة التابع لها مع سابق إتفاق مع المؤجر في‬
‫وضعية إلحاق ‪،‬مع تمتعه باألجر أو بجزء منه و كنا تعذر ذلك فبدونه‪"....‬‬

‫‪63‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫شرط‪ ،‬لذلك "كان املؤهل احلد من سلطة املؤجر و اقتصارها على الرفض يف حالة وحيدة و هي‬
‫‪104‬‬
‫ضرورة العمل‪،‬ابلرغم من أ ّن هذه األخرية ختضع بدورها إىل السلطة التقديرية للمؤجر‪.‬‬

‫و ابلتايل يبقى النائب النقايب خاضعا إىل سلطة املؤجر الذي يبقى صاحب السلطة و القرار‬
‫يف النهاية و هذا ما قد يؤدي إىل تقليص دور النائب النقايب يف الدفاع عن املصاحل االقتصادية‬
‫واالجتماعية للعملة‪.‬‬

‫ويف حالة متتع النائب النقايب ابلتفرغ النقايب بعد موافقة املؤجر فإن ذلك ال حيرمه من حقوقه‬
‫يف الرتقية و األقدمية‪ ،‬كما يتمتع ابالمتيازات املخولة له يف حالة املرض أو االحالة على التقاعد‪،‬‬
‫إضافة إىل أنه حيتفظ حبقه يف الرجوع إىل مركز عمله األصلي و األولوية يف التعيني يف حالة‬
‫‪105‬‬
‫الشغور‪.‬‬

‫فهذه الضماانت تكفل للنائب النقايب مكانته يف املؤسسة املنتمي إليها‪ ،‬كما تعمل على تفعيل‬
‫دوره يف املطالبة بتحسني ظروف و شروط العمل داخل تلك املؤسسة‪.‬‬

‫لكن ال يكفي لتفعيل هذا الدور توفر الضماانت فقط بل البد من محاية النائب النقايب من‬
‫تسلط املؤجر الذي قد يعمل على طرده لسبب انتمائه النقايب لذلك البد من توفري احلماية القانونية‬
‫هلذا النائب لضمان جناعة دوره املطليب و التحسيين‪.‬‬

‫ب‪ -‬توفري احلماية القانونية للنائب النقايب ضد تعسف املؤجر‪:‬‬

‫قبل التنقيح الصادر سنة ‪ ، 2007‬مل يكن النائب النقايب حيظى ابحلماية القانونية ضد تعسف‬
‫املؤجر و يعود ذلك إىل عدم اعرتاف املشرع التونسي ابلتمثيل النقايب داخل املؤسسة ‪ ،‬لكن رغم‬
‫غياب النص العام الذي يكرس محاية النائب النقايب فقد تدخل فقه القضاء قدميا و عمم احلماية‬

‫‪ 104‬ليلى الكويسي ‪ ":‬تمثيل العملة داخل المؤسسة " مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في الحقوق شعبة قانون‬
‫خاص‪،‬ص ‪1996-64‬‬
‫‪ 105‬الفصل الخامس فقرة الثامنة من االتفاقية االطارية‬

‫‪64‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫وذلك انطالقا من القرار التونسي عدد ‪ 1672‬الصادر يف ‪ 2‬نوفمرب ‪ ،1978‬و تتخلص وقائع هذا القرار‬
‫يف طرد انئب نقايب من املؤسسة بعد قضاء مدة طويلة فيها‪.‬حيث قضت حمكمة البداية لصاحل األجري‬
‫لعدم مراعاة املؤجر االجراءات املنصوص عليها صلب الفصل ‪.166‬م‪.‬ش فقام املؤجر ابستئناف احلكم‬
‫االبتدائي مربرا موفقه ابتصاله بتفقدية الشغل قبل فصل العامل ‪ ،‬إالّ أنّه تراجع عن موقفه مستندا إىل‬
‫أ ّن أحكام الفصل ‪ 166‬ال تنسحب على النواب النقابيني لذلك مل ينتظر قرار تفقدية الشغل‪.‬‬

‫أمام تناقص موقف املؤجر أقرت حمكمة االستئناف احلكم االبتدائي و أيدت حمكمة التعقيب‬
‫ما ذهبت إليه حماكم األصل ابنية قرارها على املفهوم الواسع لعبارة "انئب العملة " الواردة مبجلة‬
‫للعمال سواء أكان نقابيا أو غري ذلك ‪ ،‬كما‬
‫الشغل و هي عبارة قد تشمل كل من له صفة ممثل ّ‬
‫استندت حمكمة التعقيب إىل موقف املؤجر املرتدد بني قبول تطبيق الفصل ‪ 166‬من جملة الشغل وبني‬
‫الرتاجع عن ذلك الحقا‪.‬‬

‫و قد جاء حبيثيات هذا القرار "يتضح ابإلطالع على أحكام الفصل ‪ 166‬من جملة الشغل أنه‬
‫ال ينطبق فقط على العامل الذي يتمتع ابلعضوية الرمسية أو كان انئبا يف جلنة املؤسسة حسبما أوردته‬
‫الفقرة األوىل من النص املذكور بل هو ينطبق كذلك على ممثلي العملة بوجه عام سواء كان هذا‬
‫املمثل انئبا رمسيا هلم أو مساعدا فقط طبق ما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من نفس الفصل ‪،‬‬
‫واملالحظ يف هذا الصدد أ ّن الكتاب الثالث من جملة الشغل الذي عنوانه (جلان املؤسسات و ممثلي‬
‫العملة) تعرض هلذا املوضوع ابلفصل ‪ 157‬و ما بعده خاصة الفصل ‪,163‬وحيث يتبني ابإلطالع على‬
‫الفصل ‪ 166‬أنه البد من احلصول على موافقة صرحية من تفقدية الشغل كلما تقرر طرد العامل عندما‬
‫يكون ممثال للعملة كما يف صورة احلال و الشئ يثبت أبوراق امللف قيام الطاعنة هبذه االجراءات‬
‫وعليه فإن ما ذهب إليه احلكم املطعون فيه من أ ّن عدم مراعاة هذه االجراءات يكسي قرار الطاعنة‬
‫يف فصل املعقب ضده الصبغة التعسفية صحيح ووجيه‪".‬‬

‫نظرا ملا يف هذا القرار من تكريس للبعد احلمائي اعتربه البعض مبثابة النقطة املضيئة يف سجل‬
‫قضاء العمل التونسي فهو قد أزاح الغطاء عن جانب مل يعره املشرع االهتمام الالزم فالنائب النقايب‬
‫العمايل‪ ،‬و رمبا أكثر إىل خطر التسلط من قبل‬ ‫يتعرض مثل بقية األجراء الذين هلم صفة التمثيل ّ‬

‫‪65‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫املؤجر صاحب النفوذ الواسع داخل املؤسسة ‪ .106‬و ذلك ألن النائب النقايب قد يضطر أثناء قيامه‬
‫مبهامه إىل مواجهة املؤجر سواء عرب مطالبة هذا األخري بتنفيذ التزاماته ‪،‬و معارضته يف قراراته و دفع‬
‫شن إضراب دفاعا عن حقوقهم‪.‬‬ ‫العملة إىل ّ‬
‫لذلك فإن النزعة املطلبية اليت متيز عادة العمل النقايب ‪ ،‬تفرتض إحاطة النائب النقايب ابحلماية‪،‬‬
‫و توفري حد أدىن له من "احلصانة" جتنبه امكانية تعرضه للطرد بسب انتمائه النقايب‪ .‬لكن بسبب عدم‬
‫وجود نص واضح يكرس احلماية القانونية للنائب النقايب فقد تراجعت حمكمة التعقيب عن الطابع‬
‫احلمائي للنائب سنة ‪ 1992‬حيث اعتربت أنه ال جمال لتطبيق أحكام الفصل ‪ 166‬على النائب النقايب‬
‫طاملا أن النص مل يذكر هذا االخري ضمن األشخاص الذين تشملهم احلماية القانونية‪.107‬‬

‫هذا املوقف يبدو سليما من الناحية القانونية و لكن فيه خطر كبري على وضعية النائب النقايب‬
‫من الناحية االجتماعية وهو الشيء الذي ميكن أن يفسر عدم استقرار فقه القضاء يف هذه املسألة ‪،‬‬
‫و رغم التنقيح الصادر يف فيفري ‪ 1994‬جمللة الشغل‪ ،‬فإن املشرع مل يشمل النائب النقايب ابحلماية‬
‫القانونية ‪.‬‬

‫فرغم تنصيص االتفاقية عدد ‪ 135‬املتعلقة حبماية ممثلي العملة يف مادهتا األوىل على أ ّن"يتمتع‬
‫العمال يف املؤسسات حبماية فعلية من أي تصرفات تضرهبم مبا فيها التسريح و تتخذ بسبب‬ ‫ممثلي ّ‬
‫للعمال أو عضويتهم للنقابة أو اشرتاكهم يف أنشطة نقابية ‪"...‬فإن‬ ‫وضعهم أو أنشطتهم كممثلني ّ‬
‫املشرع التونسي مل يوفر احلماية للنائب النقايب و ذلك ألنه يف ذلك الوقت مل تصادق البالد التونسية‬
‫على تلك االتفاقية‪.‬‬

‫لكن و مع التنقيح الصادر سنة ‪ 2007‬مبقتضى قانون عدد ‪ 19‬لسنة ‪ 2007‬املؤرخ يف ‪ 2‬أفريل‬
‫‪ 2007‬لبعض فصول جملة الشغل فقد تغري الوضع ‪ ،‬حيث أصبح النائب النقايب يتمتع ابحلماية‬
‫القانونية إىل جانب ممثلي العملة املنتخبني ‪ ،‬حيث مشل الفصل ‪, 166‬م‪,‬ش النائب النقايب وابلتايل‬
‫أصبح يتمتع ابحلماية القانونية ضد تعسف املؤجر و خاصة فيما يتعلق مبسألة الطرد كما يعد‬
‫مصادقة البالد التونسية على االتفاقية رقم ‪ 135‬املعلقة حبماية ممثلي العملة دعامة أساسية حلماية‬

‫‪ 106‬جوهر عبدولي ‪:‬حماية االجير من خالل مراقبة عملية الطرد‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪،‬ص‬
‫‪ 2004 -65‬كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس‬
‫‪ 107‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 35284‬مؤرخ في ‪ 8‬أكتوبر ‪( 1992‬منشور)‬

‫‪66‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫النائب النقايب ‪,‬وهذا ما قد يعزز من محاية النائب النقايب الذي أصبح حمميا بطريقة شرعية تضمن‬
‫له ممارسة وظيفته بكل أرحيية و ثقة‪.‬‬

‫و على إثر التنقيح الصادر لسنة ‪ 2007‬نص الفصل ‪ 169‬م‪.‬ش مكرر على أنه تنطبق أحكام‬
‫الفقرة األوىل من الفصل ‪ 165‬و أحكام الفصلني ‪166‬و‪ 167‬من هذه اجمللة على املمثلني النقابيني‪:‬‬

‫و تطبيقا للفصل ‪ 166‬من جملة الشغل ‪ ،‬أصبح النائب النقايب حمميا من الطرد من قبل املؤجر إذ‬
‫أصبح طرد النائب النقايب خيضع لنفس االجراءات املتعلقة بطرد مناوب رمسي ‪ ،‬حيث يتعني على‬
‫املؤجر عند الطرد عرض ذلك على اللجنة االستشارية للمؤسسة ألخذ رأيها يف الغرض‪ ،‬كما يتعني‬
‫عليه بعد ذلك عرض املسألة على املدير العام لتفقدية الشغل و املصاحل الذي يبدي رأيه معلال يف‬
‫أجل ال يتجاوز عشرة أايم من اتريخ تعهده‪.‬‬

‫فهذه االجراءات متعلقة بكل أنواع الطرد سواء كان لسبب اقتصادي أو لسبب أتدييب ‪.‬‬
‫فتفقدية الشغل و املصاحلة مدعوة يف كل احلاالت للمراقبة ال فقط اجراءات الطرد بل السبب الذي‬
‫دفع ابملؤجر لطرد النائب ‪ ،‬ليتبني له يف النهاية ‪ ،‬هل أن الطرد كان لسبب جدي و حقيقي أو كان‬
‫‪108‬‬
‫مبنيا غلى أساس التمييز أو لسبب انتماء العامل النقايب‪:‬‬

‫فرأي تفقدية الشغل و املصاحلة يكتسي أمهية قانونية و ذلك ابلرجوع إىل الفصل ‪ 166‬م‪.‬ش‬
‫الذي جاء فيه "‪"...‬كما يعترب الطرد تعسفيا يف صورة خمالفة رأي املدير العام لتفقدية الشغل‬
‫واملصاحلة‪ ،‬إالّ إذا أثبت لدى احملاكم املختصة وجود سبب حقيقي و ج ّدي يربر الطرد ‪ ".‬و ابلتايل‬
‫نستنتج أن رأي تفقدية الشغل هام جدا ملعرفة إذا كان الطرد تعسفيا أم ال‪.‬لكن و ابلرجوع إىل‬
‫الفصل ‪ 167‬املنقح ابلقانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 1994‬املؤرخ يف ‪ 21‬فيفري ‪ ،1994‬فإنه ميكن للمؤجر توقيف‬
‫النائب أو عضو ممثل للعملة ابللجنة االستشارية عن العمل يف صورة ارتكابه خلطأ فادح ‪ ،‬و هذا‬
‫حييل إىل أن ارتكاب هفوة فادحة توجب الطرد حىت و لو كان مرتكب اخلطأ انئب أو ممثال عن‬
‫العملة‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪Souad CHandoul « Mémoire pour l’obtention du diplôme du Mastère en droit privé‬‬
‫‪Protection des libertés du. Salarie dans sa vie professionnelle p 61 faculté de droit de‬‬
‫‪sfax.2010‬‬

‫‪67‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫فرغم التكريس القانوين حلماية النائب النقايب إالّ أن هذه احلماية تبقى حمدودة ويشوهبا بعض‬
‫النقائص سواء من انحية جمال احلماية أو من انحية االجراءات املنطبقة ‪.‬‬

‫فمن انحية جمال احلماية ‪ ،‬فإن املؤجر قد يعمد إىل اختاذ سبل أخرى لتعطيل دور النائب‬
‫النقايب و ذلك مثال تغيري مكان عمل النائب أو تغيري وظيفته ‪ ،‬فاملؤجر يعمد إىل اللجوء إىل مثل‬
‫هذه الطرق للحد أو اعاقة دور النائب النقايب دون اللجوء إىل طرده ‪.‬أما من انحية االجراءات فهناك‬
‫مشكلة التطابق بني االجراءات اخلاصة ابلطرد ابلنسبة ملمثلي العملة و االجراءات األخرى املتعلقة‬
‫ابلطرد و املنطبقة على كل األجراء‪.‬‬

‫اضافة إىل ذلك لضمان جناعة احلماية للنائب النقايب البد من توفر نص خاص حيدد عقوبة‬
‫اعاقة النائب النقايب و ابلتايل حيمي هذا األخري من تعسف املؤجر‪ ،‬لكننا نالحظ يف القانون التونسي‬
‫أنه يعد طردا تعسفيا فقط يف حالة عدم احرتام االجراءات املنصوص عليها صلب الفصل ‪ 166‬م‪.‬ش‬
‫و مل يضع جزاء االخالل هبذه االجراءات و ابلتايل ميكن تطبيق الفصل ‪ 23‬من جملة الشغل الذي‬
‫ينص على دفع تعويضات نقدية يف حالة الطرد التعسفي‪.‬‬

‫و ابلنسبة للجزاء مل يضع املشرع أيضا جزاء خاصا حلماية احلرية النقابية و يف هذه احلالة يقع‬
‫تطبيق أحكام الفصل ‪ 241‬م‪.‬ش الذي يشمل مجيع أصناف العملة‪.‬‬

‫فرغم التنقيح الصادر سنة ‪ 2007‬و املصادقة على االتفاقية رقم ‪ ، 135‬إالّ أ ّن احلرية النقابية تبقى‬
‫مقيدة أحياان ‪،‬نظرا ملا تتميز به العالقة الشغلية من تبعية حيث يبقى األجري خاضعا إىل سلطة املؤجر‬
‫و لكن ال ينفي ذلك أن النائب النقايب ال حيظى ابحلماية القانونية‪ ،‬فكما ذكران آنفا فإن القانون‬
‫الوضعي و االتفاقيات الدولية كرسوا هذه احلماية لتفعيل دور النائب النقايب الذي يعمل على حتسني‬
‫ظروف و شروط العمل داخل املؤسسة سواء من خالل تبليغ مطالب العملة إىل املؤجر أومن خالل‬
‫مشاركة املنظمة النقابية املمثلة داخل املؤسسة يف املفاوضات اجلماعية و إبرام االتفاقيات املتعلقة‬
‫ابملؤسسة ( املبحث الثاين )‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مشاركة المنظمة النقابية الممثلة على مستوى المؤسسة في‬
‫المفاوضات الجماعية المتعلقة بالمؤسسة‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫‪ -‬متثل االتفاقيات املشرتكة مثرة التفاوض اجلماعي و مصدرا أساسيا لقانون الشغل وذلك‬
‫بتنظيمها للعالقات الشغيلة الفردية و اجلماعية‪ .‬تربز هذه االتفاقيات يف شكل اتفاقية إطارية أو‬
‫اتفاقيات قطاعية و اتفاقيات مشرتكة للمؤسسة‪ ،‬و تطبق االتفاقية اإلطارية على مجيع القطاعات‬
‫ابستثناء القطاع الفالحي‪ّ ،‬أما االتفاقية القطاعية فهي هتم فرع نشاط حمدد‪ . 109‬يف حني تنسحب‬
‫االتفاقية املشرتكة للمؤسسة على مؤسسة أو مجع مؤسسات‪.110‬‬

‫و ختضع هذه األخرية إىل شروط إلبرامها (الفقرة األوىل )‪ ،‬كما أهنا تولد آاثرا عند‬
‫تنفيذها(الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط إبرام االتفاقية المشتركة للمؤسسة ‪:‬‬


‫خيضع إبرام االتفاقية املشرتكة للمؤسسة إىل شروط و هذا ما يضعف إرادة األطراف املتعاقدة‬
‫لتنظيم العالقات القائمة بينها ابتفاق مجاعي يف اإلطار امللموس أي داخل املؤسسة‪ ،‬فاالتفاقية‬
‫املشرتكة للمؤسسة ختضع إىل تفاوض مشروط إذ ال ميكن إال بصفة استثنائية و بقرار من كاتب الدولة‬
‫و الرايضة و الشؤون االجتماعية‪ .‬إبرام اتفاقية مشرتكة تتعلق مبؤسسة أو مجع من املؤسسات إالّ إذا‬
‫وجدت من قبل اتفاقية مشرتكة قطاعية وقعت املوافقة عليها و معمول هبا يف املؤسسة‪ .‬حسب ما‬
‫جاء ابلفصل ‪ 44‬من جملة الشغل‪.‬‬

‫وابلتايل ‪ ،‬فانه ال ميكن إبرام اتفاقية مشرتكة ملؤسسة إالّ إذا و جدت اتفاقية مشرتكة وقعت‬
‫املوافقة عليها و معمول هبا يف املؤسسة‪ ،‬فهذا شرط يقلص من دور االطراف املتعاقدة أي املنظمة‬
‫للعمال املوكول هلا إجراء اتفاقية متعلقة ابملؤسسة من انحية و املؤجر الذي ميكن أن يتفاوض‬
‫النقابية ّ‬
‫مع املنظمة النقابية للعمال بصفة مباشرة و بدون وسيط أي بدون متثيله من قبل منظمة نقابية‬
‫لألعراف‪ ،‬كما ميكن أيضا أن يتفاوض مع مؤجرين املنظمني لكتلة حسب ما جاء ابلفصل ‪ 31‬من‬
‫جملة الشغل‪ 111‬فبالنسبة للفرضية االوىل القائلة أبنه ميكن للمؤجر أن يتفاوض مباشرة مع املنظمة‬

‫‪ 109‬الفصل ‪ 37‬م‪.‬ش‬
‫‪ 110‬الفصل ‪ 44‬م‪.‬ش‬
‫‪111‬‬
‫‪Bouzid waad, «La négociation collective de travail dans l’entreprise » mémoire pour‬‬
‫‪l’obtention du diplôme du mastère en droit social. 20122013-p14faculté de droit de Sfax‬‬

‫‪69‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫النقابية للعمال ‪ ،‬فإنه ال يعترب االخنراط يف منظمة نقابية شرط أساسيا للتفاوض و إبرام اتفاقية مشرتكة‬
‫للشغل متعلقة ابملؤسسة ‪ ،‬إذ تعد هذه الفرضية األكثر شيوعا و وضوحا‪.‬‬

‫ّأما ابلنسبة للفرضية الثانية القائلة أبنه ميكن إبرام اتفاقية متعلقة املؤسسة عن طريق املؤجرين‬
‫املنظمني لكتلة ‪ ،‬فإن املشرع التونسي مل يشرتط الصفة النقابية هلذه الكتلة ‪ ،‬إذ مل يصرح كما رأينا‬
‫لعمال عن طريق منظمة نقابية ‪،‬‬ ‫ابلنسبة للجانب العمايل أنّه يشرتط إلبرام تلك االتفاقية متثيل ا ّ‬
‫وابلتايل فإنه ميكن للمؤجر أو جمموعة من املؤجرين إبرام اتفاقية مشرتكة متعلقة ابملؤسسة بصفة مباشرة‬
‫و بدون متثيلية من قبل منظمة نقابية األعراف لكن و ابلرجوع إىل الفصل ‪ 42‬من جملة الشغل فإن‬
‫للعمال أو األعراف‬
‫املشرع التونسي أابح االخنراط يف االتفاقية املشرتكة للمؤسسة للمنظمة النقابية ّ‬
‫وابلتايل فإنّه ميكن االخنراط يف تلك االتفاقية عن طريق متثيل املؤجرين مبنظمة نقابية األعراف‪.‬‬

‫و إبرام االتفاقية املشرتكة للمؤسسة البد من توفر بعض الشروط األصلية‪ ،‬إضافة إىل جمموعة‬
‫من الشروط الشكلية‪.‬‬

‫الشروط املوضوعية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫خيضع ابرام االتفاقية املشرتكة للمؤسسة إىل شروط موضوعية فهي كأي اتفاق ال بد لقيامه من‬
‫توفر الشروط العامة املنصوص عليها صلب الفصل ‪ 2‬من جملة االلتزامات و العقود ‪ ،‬إضافة إىل ذلك‬
‫البد من حتديد حمتوى االتفاقية ‪.‬‬

‫‪ -‬حمتوى االتفاقية املشرتكة للمؤسسة ‪:‬‬

‫مل حيدد املشرع التونسي بصفة حمددة حمتوى االتفاقية ‪ ،‬فهي اتفاقية مثل ابقي االتفاقيات‬
‫املشرتكة للشغل فحسب ما جاء ابلفصل ‪ 31‬من جملة الشغل ‪ ،‬فإنه " اتفاق متعلق بشروط العمل"‬
‫فهذه العبارة تبقى واسعة و شاملة جلميع خمتلف االتفاقيات و ابلتايل فإن االتفاقية البد أن حتتوي‬
‫على شروط انتداب العملة‪ ،‬حقوقهم وواجباهتم الطرد ‪ ،‬تنظيم العالقات اجلماعية للشغل داخل‬
‫املؤسسة ‪...‬‬

‫‪70‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫لكن ابلنسبة لالتفاقية املشرتكة للمؤسسة فإن هلا ال بعض اخلصوصيات ‪ ،‬إذ إن املشرع‬
‫التونسي يشرتط من خالل الفصل ‪ 44‬من جملة الشغل أنه "ال ميكن أن حتتوي االتفاقية املتعلقة‬
‫ابملؤسسة على أحكام أقل نفعا للعمال من االتفاقيات املشرتكة اليت وقعت املوافقة عليها و املعمول‬
‫هبا يف املؤسسات‪".‬‬

‫و ابلتايل فإن االتفاقيات املشرتكة للمؤسسة هلا وظيفتان ‪ ،‬فهي من انحية هلا وظيفة تطبيق‬
‫االتفاقية املشرتكة القطاعية على الواقع امللموس للمؤسسة ‪ ،‬و ابلتايل فإنه إلبرام اتفاقية مشرتكة‬
‫للمؤسسة البد من وجود اتفاقية قطاعية تطبق على تلك املؤسسة ‪ ،‬فاالتفاقية املتعلقة ابملؤسسة‬
‫هدفها تطويع القواعد املنظمة ابالتفاقية القطاعية مع خصوصيات املؤسسة املعنية‪ .‬لذلك تعترب وسيلة‬
‫لتطبيق القواعد العامة املضمنة ابالتفاقية املصادق عليها و ذلك عرب االقرار بقواعد تتالءم أكثر‬
‫وخصوصيات املؤسسة‪ ،‬من ذلك التفاوض حول التصنيف املهين و مالءمته مع الوظائف املتوفرة‬
‫داخل املؤسسة املعنية إببرام اتفاقية مشرتكة أو التفاوض حول إقرار شروط منح واحتساب منح‬
‫االنتاجية سواء الفردية أو اجلماعية‪. 112‬‬

‫و رغم أمهية التفاوض داخل املؤسسة اليت تعد اخللية األساسية إلرساء مبدأ السلم االجتماعي‬
‫وضمان سبل احلوار و التشاور بني االطراف ‪" ،‬فإنه ال ميكن إالّ بصفة استثنائية بقرار من كاتب‬
‫‪113‬‬
‫الدولة إبرام اتفاقية مشرتكة تتعلق مبؤسسة أو مجع مؤسسات ‪"...‬‬

‫من هنا حتتل املفاوضة داخل املؤسسة مكانة اثنوية و هو ما ميثل تقييدا حلرية األطراف يف‬
‫التفاوض وعائقا حيول دون تطوير املفاوضة داخل املؤسسة ‪ ،‬خاصة أن العديد من املؤسسات ال‬
‫ختضع إىل اتفاقيات قطاعية ذلك أ ّن هذه األخرية ال تغطي كامل القطاعات‪.114‬‬

‫فرغم ما نصت عليه االتفاقية الدولية رقم ‪ 87‬املتعلقة ابحلرية النقابية يف فصلها الرابع على حرية‬
‫االطراف يف التفاوض ‪ ،‬فإننا نالحظ أن املشرع التونسي قد ح ّدد بصفة آمرة مستوى معني للتفاوض‬

‫‪ 112‬ليلى الكويسي" تمثيل العملة داخل المؤسسة " المرجع السابق ص ‪.136‬‬
‫‪ 113‬الفصل ‪ 44‬م‪.‬ش‬
‫‪114‬‬
‫‪Monji Tarchouna op.cité p99.‬‬

‫‪71‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫و هذا ما ال يتالءم مع أحكام االتفاقية عدد‪ ، 87‬إذ جيب أن يكون مستوى التفاوض وليد اختيار‬
‫االطراف ابعتبار أهنم مؤهلون أكثر لتحديد مستوى التفاوض الذي يستجيب ألهدافهم‪.115‬‬

‫إضافة إىل دور االتفاقية املشرتكة للمؤسسة لتطبيق و تطويع األحكام الواردة يف االتفاقية املشركة‬
‫القطاعية‪ ،‬فإن هلا وظيفة اثنية تتمثل يف إضافة أحكام ابالتفاقية للمؤسسة شريطة أن ال تكون أقل‬
‫نفعا من األحكام الواردة يف االتفاقية القطاعية‪.‬‬

‫واستنادا إىل النظام العام االجتماعي و القاضي أن القاعدة األصلح لألجري هي اليت يقع‬
‫املس من احلقوق املكتسبة للعملة ‪ ،‬و لذلك جيب أن يرتبط التفاوض‬
‫تطبيقها وتبعا لذلك ال ميكن ّ‬
‫داخل املؤسسة إبقرار قواعد تعود ابلنفع على العملة عرب التنصيص على مكاسب جديدة هلم أو‬
‫احملافظة على حقوقهم املكتسبة‪.‬‬

‫فاقتصار املشرع على استعمال عبارة "ال تقل نفعا" و اليت تفيد ضرورة احملافظة على احلقوق‬
‫املكتسبة مع إمكانية االقرار بقواعد أصلح األجري ‪ ،‬و ما يؤكد ذلك خضوع االتفاقية املشرتكة فيما‬
‫بينها إىل عالقة تسلسلية فال ميكن ابرام اتفاقية قطاعية إالّ انطالقا من احلد األدىن املنصوص عليه‬
‫ضمن االتفاقية االطارية ‪ ،‬كما حيق االطراف ابرام اتفاقية للمؤسسة إالّ انطالقا من احلد األدىن‬
‫املنصوص عليه ضمن االتفاقية القطاعية و ذلك استنادا إىل النظام العام االجتماعي القاضي بعدم‬
‫النزول عن احلد األدىن بغاية حتسني وضعية األجري‪.‬‬

‫لكن يبقى مستوى التفاوض داخل املؤسسة حمدود نظرا لتقليص من دور األطراف يف حتديد‬
‫مستوى التفاوض‪.‬‬

‫ابإلضافة إىل الشروط املوضوعية إلبرام االتفاقية املشرتكة للمؤسسة البد من توفر بعض الشروط‬
‫الشكلية و املتمثلة يف ضرورة وجود كتب إضافة إىل اإلشهار‪.‬‬

‫ب‪ -‬الشروط الشكلية‪:‬‬

‫ليلى الكويسي "تمثيل العملة داخل المؤسسة "المرجع السابق ص ‪. 136‬‬ ‫‪115‬‬

‫‪72‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫يعد الكتب شرط أساسي لصحة وجود االتفاقية املشرتكة للمؤسسة كما نص على ذلك الفصل‬
‫‪ 31‬من جملة الشغل الذي ينطبق على مجيع أنواع االتفاقيات‪.‬‬

‫كما نص الفصل ‪ 45‬من جملة الشغل على طريقة اشهار االتفاقية املشرتكة للمؤسسة و ذلك‬
‫بتقدمي ثالث نظائر لكن من احملكمة ذات النظر يف مادة العرف ابملكان الذي وقع فيه ابرامها و يوجه‬
‫لكاتب احملكمة املشار إليها نظريين من االتفاقية املشرتكة املوقع عليهما ‪.‬‬

‫أحدمها لكتابة الدولة للشباب و الرايضة و الشؤون االجتماعية واألخر لتفقدية الشغل املختصة‬
‫من الناحية الرتابية و ذلك يف اليومني املوالني لتقدمي االتفاقية‪.‬‬

‫و ابلتايل فإن مصادقة وزير الشؤون االجتماعية على االتفاقية املشرتكة للمؤسسة ليس شرطا‬
‫أساسيا على عكس ابقي االتفاقيات القطاعية‪.‬‬

‫كذلك ختضع االتفاقية املشرتكة للمؤسسة إلشهار داخلي و ذلك عن طريق تعليق املؤجر‬
‫لإلعالن ابألماكن الذي ينجز فيها العمل و كذلك ابملؤسسات اليت يقع فيها االستخدام و جيب أن‬
‫حيتوي اإلعالن على وجود االتفاقية املشرتكة و املتعاقدين املوقعني هبا اتريخ االيداع و مكانه فهذا‬
‫العمال بوجود تلك االتفاقية و هذا ما يفعل دور االتفاقيات املشرتكة يف‬ ‫االجراء يعمل على تبليغ ّ‬
‫حتقيق التواصل بني أطراف االنتاج ‪.‬‬

‫و بعد استكمال مجيع الشروط املتعلقة إببرام االتفاقية املشرتكة للمؤسسة فإنه بوجود هذه‬
‫األخرية تتولد آاثر و تتمثل يف تطبيق تلك االتفاقية من حيث املكان و الزمان‪:‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬آثار االتفاقية المشتركة للمؤسسة‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫تتمثل آاثر االتفاقية املشركة للمؤسسة يف تطبيقها من حيث املكان و الزمان و التزام االطراف‬
‫املتعاقدة بتنفيذ بنود تلك االتفاقيات‪:‬‬

‫من حيث املكان ‪:‬‬ ‫•‬

‫ابلنسبة جملال تطبيق االتفاقية من حيث املكان فإنه ال يثري أي صعوابت كبرية و ذلك أن‬
‫العمال التابعني هلا بقطع النظر عن نشاطهم‬
‫االتفاقية تغطي كامل املؤسسة ‪ ،‬فتنسحب على كافة ّ‬
‫املهين داخل املؤسسة ‪ ،‬املهم أن يكون املؤجر خاضعا لالتفاقية ‪ ،‬سواء ابعتباره طرف أصليا فيها أو‬
‫حبكم اخنراطه فيها الحقا تطبيقيا ألحكام الفصل ‪ 46‬من جملة الشغل‪.‬‬

‫من حيث الزمان ‪:‬‬ ‫•‬

‫يكون اتريخ تطبيق اتفاقية من اليوم املوايل للقيام إبجراءات اإليداع القانوين لدى احملكمة اليت‬
‫بدائرهتا املؤسسة حسب ما جاء ابلفصل ‪ 45‬من جملة الشغل‪.‬‬

‫خاتمة الجزء الثاني‬

‫‪74‬‬
‫الجـــــزء الثاني ‪ :‬أثــــار التمثيلــــية النقابيــــة‬

‫تستند صفة التمثيلية النقابية للمنظمة أو املنظمات النقابية األكثر متثيال و اليت استجابت‬
‫جملموع املعايري الكمية و النوعية املذكورة آنفا‪،‬و ابلتايل تصبح تلك املنظمة هي املطالبة ابملشاركة يف‬
‫املفاوضات اجلماعية و ابرام االتفاقيات املشرتكة على املستوى الذي أثبتت فيه متثيليتها‪.‬‬

‫للعمال على ذلك‬ ‫فاملنظمة النقابية اليت أثبتت متثيليتها على مستوى القطاع تكون ممثلة ّ‬
‫املستوى‪ .‬وابلتايل تشارك يف املفاوضات اجلماعية املتعلقة ابلقطاع كذلك ابلنسبة للمنظمة النقابية اليت‬
‫للعمال على ذلك املستوى و ابلتايل تقوم ابملشاركة‬
‫أثبتت متثيليتها على مستوى املؤسسة تكون ممثلة ّ‬
‫يف املفاوضات اجلماعية على مستوى املؤسسة وذلك عمال مببدأ التناسب ‪ ،‬حيث ميكن لنقابة ما أن‬
‫تكون ممثلة على مستوى القطاع و ال تكون كذلك على مستوى املؤسسة و العكس صحيح ‪.‬‬

‫فالتمييز لفائدة املنظمات النقابية األكثر متثيال جيب أن يقتصر على بعض احلقوق املتميزة يف‬
‫طبيعتها مثل املفاوضة اجلماعية و التشاور مع السلطات يف كل احلاالت ال جيب أن يتسبب هذا‬
‫التمييز يف حرمان النقاابت اليت ال حتمل مواصفات النقابة األكثر متثيال من وجودها القانوين و من‬
‫الوسائل األساسية للدفاع عن املصاحل املهنية ألعضاء‪.‬‬

‫فالتعددية النقابية أصبحت واقعا يف البالد التونسية بعد ثورة ‪ 14‬جانفي ‪ 2011‬لذلك جيب‬
‫االعرتاف جبميع النقاابت املتكونة بصفة قانونية و تسهيل أداء مهامها من خالل منحها نفس‬
‫االمتيازات و التسهيالت اليت تتمتع هبا املنظمة النقابية االكثر متثيال لكي تتمكن من الدفاع عن‬
‫مصاحل منخرطيها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الخــــــــــــــاتمـــــــــــــــة‬

‫الخاتمـــــة العامــــــــة‬

‫ان ظهور التعددية النقابية يف تونس ‪,‬أدى إىل طرح موضوع التمثيلية النقابية ‪ ,‬ويف ظل غياب‬
‫نظام قانوين واضح للتمثيلية النقابية فإن ذلك قد يؤدي إىل تشتت يف املشهد النقايب إضافة إىل ذلك‬
‫قد يتسبب يف سوء استعمال للنفوذ من قبل السلطة االدارية املكلفة بتعيني املنظمة أو املنظمات‬
‫النقابية االكثر متثيال و اليت قد ترنو إىل متييز نقابة عن أخرى ‪ ,‬لذلك و لتجنب مساوئ التعددية‬
‫النقابية البد من وضع نظام قانوين واضح للتمثيلية النقابية حيدد شروط إسناد صفة التمثيلية النقابية‬

‫كما رأينا يف اجلزء االول من هذا العمل الذي جيب أن يكون إسناد صفة التمثيلية مبنيا على‬
‫معايري موضوعية حمددة بصفة مسبقة و هذا ما يفتقر إليه التشريع التونسي إىل اليوم فبالرغم من أمهية‬
‫موضوع التمثيلية النقابية ‪ ,‬فإننا نالحظ وجود فراغ تشريعي حول هذا املوضوع لذلك جيب‬
‫االستئناس ببعض التجارب االجنبية إلدخال االصالحات الضرورية على نظام التمثيلية النقابية‪.‬‬

‫فالتمثيلية النقابية هلا أمهية ابلغة نظرا القرتاهنا ابملفاوضات اجلماعية اليت تعد من اليات احلوار‬
‫الوطين االجتماعي و لذلك فإن حتديد املنظمة النقابية االكثر متثيال للمشاركة يف املفاوضات اجلماعية‬
‫أمر مهم لتجنب أي تشتت يف املشهد النقايب و للحفاظ على السلم االجتماعية وللنهوض بوضع‬
‫البالد حنو االفضل ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫الــمــــــراجــــــــــــــــــــــع‬

‫المــــراجع‬

‫المراجع باللغة العربية‬

‫املراجع العامة ‪:‬‬


‫‪ -‬عبد احلميد الرباهيمي "العدالة االجتماعية و التنمية يف االقتصاد االسالمي" دار الكتاب‬
‫بريوت مركز دراسات الوحدة العربية ‪1997‬‬
‫الــمــــــراجــــــــــــــــــــــع‬

‫املراجع اخلاصة‪:‬‬
‫‪ -‬عبد السالم بن محيدة "اتريخ احلركة الوطنية للشغيلة بتونس "‪1956_1924‬‬

‫‪ -‬أمحد حسن الربعي "عالقات العمل اجلماعية يف القانون املصري املقارن " كلية احلقوق _‬
‫جامعة القاهرة ‪ ,‬دار الفكر العريب ‪1976‬‬

‫‪ -‬حممود مجال الدين زكي "قانون العمل " دراسة مقارنة ‪1983‬‬

‫‪ -‬أمحد زكي بدوي "عالقات العمل اجلماعية" دار الكتاب اللبناين ‪1989‬‬

‫‪ -‬املنجي الدكايل "دليل املوظف العمومي للدفاع عن حقوقه "‪2007‬‬

‫األطروحات و املذكرات ‪:‬‬


‫‪ -‬فريد بن جحا "كونية حقوق االنسان " أطروحة لالحراز على شهادة الدكتوراه يف القانون‬
‫اخلاص كلية احلقوق و العلوم السياسية بتونس ‪2012_2011‬‬

‫‪ -‬املنتصر الوردي "املرتب و املسار الوظيفي للموظف العمومي يف تونس" أطروحة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه يف القانون العام ‪ 2007‬كلية احلقوق والعلوم السياسية بتونس‬
‫‪ -‬ليلى الكويسي "متثيل العملة داخل املؤسسة " مذكرة لنيل شهادة يف الدراسات املعمقة يف‬
‫القانون اخلاص ‪ ، 1997‬كلية احلقوق و العلوم السياسية بتونس‬
‫‪ -‬ساملة بن عبد هللا "أعوان قوات االمن الداخلي و العمل النقايب" مذكرة لنيل شهادة يف‬
‫القانون العام ‪ 2013_2012‬كلية احلقوق والعلوم السياسية بسوسة‬

‫‪ -‬جوهر عبدويل "محاية االجري من خالل مراقبة عملية الطرد" مذكرة لنيل شهادة يف القانون‬
‫اخلاص ‪ ، 2004‬كلية احلقوق والعلوم السياسية بصفاقس‬

‫املقاالت ‪:‬‬
‫‪ -‬املنجي طرشونة و النوري مزيد "تعليق على جملة الشغل " منشورات املطبعة الرمسية للجمهورية‬
‫التونسية سلسلة اجملالت املثراة ‪2002‬‬
‫الــمــــــراجــــــــــــــــــــــع‬

‫االجتماعي‪1986‬‬ ‫‪ -‬املنجي طرشونة "اتريخ قانون العمل يف تونس" اجمللة التونسية للقانون‬
‫‪ -‬املنجي طرشونة "التفاوض اجلماعي يف ظل التعددية النقابية"‬
‫‪ -‬حممد الزمين "االتفاقيات املشرتكة و عالقات العمل اجلماعية يف تشريع العمل التونسي اجمللة‬
‫التونسية للقانون االجتماعي ‪1998‬‬

‫الندوات و املداخالت‪:‬‬
‫‪ -‬منظمة العمل الدولية "الندوة االقليمية حول حتدايت احلوار االجتماعي يف ظل التعددية‬
‫النقابية ‪2013 /27/25‬‬

‫‪ -‬الندوة الوطنية الثالثية حول "التعددية النقابية" النوري مزيد متثيلية املنظمات النقابية ‪8‬و ‪9‬‬

‫جانفي ‪2014‬‬

‫‪ -‬مداخلة حملمد كشو "احلوار االجتماعي يف الدول العربية بني الواقع و املمارسة ‪15‬سبتمرب‬
‫‪2005‬‬

‫املواقع االلكرتونية‪:‬‬
‫‪www.droit social-tunisie .org.tn/dernierrevue.htm‬‬

‫متفرقات ‪:‬‬

‫‪ -‬جريار كورنو "معجم املصطلحات القانونية ‪ ,‬بريوت ‪ ,‬املؤسسة اجلامعية للدراسات و النشر‬
‫والتوزيع ‪1998‬‬

‫حماضرات ‪:‬‬

‫‪2004‬‬ ‫‪ -‬النوري مزيد حماضرة يف قانون الشغل للسنة الثالثة إجازة أساسية يف القانون اخلاص‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‬

‫‪THESE ET MEMOIRE‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪Tarchouna Monji « La négociation collective en Tunisie » Thèse pour le doctorat‬‬

‫‪d’Etat mention droit juin 1986 Paris‬‬


‫الــمــــــراجــــــــــــــــــــــع‬

- Albert Arseguel « La notion d’organisation les plus représentatives « Toulouse 1976

- Souad CHandoul « La protection des libertés du salarié dans sa vie professionnelle «

mémoire pour l’obtention de master en droit privé2009_ 2010 faculté de droit de Sfax

- Bouzid Waad « La négociation collective de travail dans l’entreprise « mémoire pour

l’obtention de master en droit social 2012_2013 faculté de droit de Sfax

ARTICLES

- Sayda Ezzedin « Le pluralisme syndicale un débat actuel « Etudes juridiques 2011

- Juris classeur travail traité syndical professionnel à jour 30 juin 2012

SEMINAIRE ;

- Abada Mahjoubi « Le pluralisme syndicale dans l’entreprise on Tunisie « 8_9

décembre 2012 à Hammamet


‫الـمالحــــــــــــــــق‬

‫الفهــــــــــــــــــرس‬

‫‪01‬‬ ‫املقدمة‪...........................................................................‬‬
‫‪06‬‬ ‫اجلزء األول ‪:‬شروط التمثيلية النقابية‪..................................................‬‬

‫‪07‬‬ ‫الفصل األول ‪:‬الشروط املتعلقة ابملنظمات النقابية‪......................................‬‬

‫‪07‬‬ ‫املبحث األول ‪:‬قيام التمثيلية النقابية على معايري موضوعية ‪............................‬‬

‫‪08‬‬ ‫الفقرة األوىل ‪ :‬املعايري الكمية للتمثيلية النقابية ‪.......................................‬‬


‫‪15‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬املعايري النوعية ‪.....................................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫أ‪ -‬املعايري املتعلقة بتوجهات النقابة ‪...........................................‬‬
‫‪20‬‬ ‫ب‪ -‬املعايري املتعلقة مبمارسة النشاط النقايب ‪......................................‬‬
‫‪22‬‬ ‫الفصل الثاين ‪:‬الشروط املتعلقة ابلسلطة املكلفة بتعيني املنظمات النقابية االكثر متثيال‪......‬‬

‫‪22‬‬ ‫املبحث األول ‪:‬القواعد املعتمدة لتعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال ‪................‬‬

‫‪22‬‬ ‫الفقرة األوىل ‪:‬هل متنح صفة التمثيلية النقابية على قاعدة األغلبية أم على قاعدة النسبية؟‬

‫‪25‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلطار اجلغرايف و املهين لتعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال ‪........‬‬

‫‪26‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬سلطة تعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال‪.........................‬‬


‫‪26‬‬ ‫الفقرة االوىل‪ :‬سلطة تعيني املنظمات النقابية األكثر متثيال على املستوى الوطين والقطاعي ‪..‬‬
‫‪28‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬سلطة تعيني املنظمات األكثر متثيال على مستوى املؤسسة‪.................‬‬
‫‪30‬‬ ‫خامتة اجلزء األول ‪..................................................................‬‬
‫‪31‬‬ ‫اجلزء الثاين ‪ :‬ااثر التمثيلية النقابية ‪...................................................‬‬
‫‪32‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬متثيل العملة على املستوى القطاعي ‪...................................‬‬
‫‪32‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬مشاركة املنظمات النقابية األكثر متثيال يف املفاوضات اجلماعية ‪...........‬‬
‫‪32‬‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬غياب اإلطار القانوين للتفاوض اجلماعي ‪................................‬‬
‫‪36‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬مميزات التفاوض اجلماعي ‪............................................‬‬
‫الـمالحــــــــــــــــق‬

‫‪36‬‬ ‫أ‪ -‬حتقيق التفاوض اجلماعي جلملة من القيم األساسية‪.............................‬‬


‫ب‪ -‬دور املفاوضات اجلماعية يف هتيئة اإلتفاقيات املشرتكة ‪40 ..........................‬‬
‫‪42‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬ابرام االتفاقية املشرتكة القطاعية ‪.....................................‬‬
‫‪43‬‬ ‫الفقرة األوىل ‪ :‬شروط ابرام االتفاقيات املشرتكة القطاعية ‪.............................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬آاثر االتفاقية املشرتكة القطاعية‪50 ........................................‬‬
‫‪55‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬متثيل العملة داخل املؤسسة ‪........................................‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬دور املنظمة النقابية املمثلة على مستوى املؤسسة يف الدفاع عن املصاحل‪55 ...‬‬
‫االقتصادية و االجتماعية للعملة‬
‫الفقرة األوىل ‪ :‬اهلشاشة القانونية للتمثيل النقايب داخل املؤسسة‪55 .........................‬‬
‫‪56‬‬ ‫أ‪ -‬عزوف اجملتمع التونسي عن تنظيم التمثيل النقايب داخل املؤسسة ‪...............‬‬
‫ب‪ -‬اعرتاف القانون التفاوضي ابلتمثيل النقايب داخل املؤسسة ‪57 ......................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الضماانت االتفاقية املمنوحة للمنظمة النقابية املمثلة على مستوى املؤسسة ‪60 ..‬‬
‫التسهيالت املتوفرة داخل وخارج املؤسسة ‪60 ......................................‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬توفري احلماية القانونية للنائب النقايب ضد تعسف املؤجر‪65 ...........................‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬مشاركة املنظمة النقابية املمثلة على مستوى املؤسسة يف املفاوضات‬
‫‪69‬‬ ‫اجلماعية املتعلقة ابملؤسسة‪........................................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫الفقرة األوىل ‪ :‬شروط إبرام االتفاقية املشرتكة للمؤسسة ‪.................................‬‬
‫‪70‬‬ ‫أ‪ -‬الشروط املوضوعية ‪......................................................‬‬
‫‪73‬‬ ‫ب‪ -‬الشروط الشكلية ‪......................................................‬‬
‫‪74‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪:‬آاثر االتفاقية املشرتكة للمؤسسة‪.......................................‬‬
‫‪75‬‬ ‫خامتة اجلزء الثاين ‪................................................................‬‬
‫‪76‬‬ ‫اخلامتة العامة‪.....................................................................‬‬
‫املالح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق‬
‫املراجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع‬
‫الفهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرس‬
‫الـمالحــــــــــــــــق‬

‫المـــــــــالحق‬

You might also like