Professional Documents
Culture Documents
التمييز بين الطبيعة والثقافة
التمييز بين الطبيعة والثقافة
والثقافة
– تمهيد:
إن اعتبار اإلنسان كائنا ثقافيا يعني انه منتج للثقافة بكل مظاهرها سواء كأفكار وقيم ومعتقدات ،أو عندما
تتحول إلى طقوس وممارسات وسلوكات ،وأنماط عيش .مما يجعلها عالما متميزا عن عالم الطبيعة الذي
يتمثل في القوانين البيولوجية والغرائز التي تتحكم في اإلنسان مثله مثل باقي الحيوانات Bاألخرى ،مما يدخل
هذين العالمين في حالة صراع:
ب -مفهوم الثقافة:
إن مفهوم الثقافة في نظر هيرسكوفيتش يتميز بالتنوع ،حيث نجدها تتميز بطابع االكتساب ،كما تساعد
اإلنسان على التأقلم مع وسطه طبيعي ،وتتمثل في عدة مظاهر كالمؤسسات ،وطرق التفكير ،واألشياء
العادية…B
أما الثقافة ،في نظر تايلر ،فهي كل مركب ،يتشكل من المعارف ،المعتقدات ،الفن ،األخالق ،القوانين،
التقاليد B،وكل األعراف األخرى ،والعادات المكتسبة من طرف اإلنسان باعتباره عضوا في المجتمع.
– مدخل ثقافي :يتمثل في كون اإلنسان له مفهوم ثقافي يختلف باختالف التحوالت الثقافية الكبرى.
– مدخل طبيعي :يتمثل في كونه كائنا حيا يتميز بسمتين أساسيتين وهما :كونه يمشي على قدمين،
ويمتلك دماغا كبيرا.
وهكذا تتداخل في طبيعة اإلنسان العناصر الطبيعية بالعناصر الثقافية ،فتكون كل أفعاله وسلوكاته B،أفعال
طبيعية وثقافية في نفس اآلن ،كأفعال :األكل والشرب والنوم…
– استنتاج:
إن هناك عالقة تفاعلية بين الطبيعة والثقافة ،حيث تؤثر الطبيعة في الثقافة B،والعكس صحيح ،وهكذا نجد
اإلنسان يتفاعل هو اآلخر مع الثقافة ،فهو كائن منتج للثقافة وفي نفس الوقت نِتاج لها ،وهذا ما يجعله
مزدوج الطبيعة فيه ما هو ثقافي ،وما هو طبيعي في نفس الوقت.
-1االنسجام مع الطبيعة:
يتميز اإلنسان عن باقي الكائنات األخرى ،بما فيها الثدييات -في نظر رالف لينتون -بقابليته للتعلم إلى ما ال
نهاية .وباعتبار اإلنسان مزدوج الطبيعة ،أي كائن عاشب من جهة ،والحم من جهة ثانية ،أهله هذا لتطوير
الزراعة B،وتدجين الحيوانات Bكذلك .وبهذا فقد استغل كل اإلمكانات التي تتيحها له الطبيعة ،وبما أنه كائن
يمشي على قدمين ،فقد كان استعمال الدرج بالنسبة له أنسب Bمن المنحدرات .إن امتالك اإلنسان لجسدB
عار من الشعر ،دفعه إلى صنع المالبس ،وبناء المساكن B.بل ظهرت لديه Bكذلك بعض السلوكات والعادات
المرتبطة باالحتشام واالستحمام .وهكذا نجد اإلنسان يعيش في انسجام Bمع وسطه الطبيعي.
-2المواجهة مع الطبيعة:
تتميز العالقة بين الطبيعة واإلنسان في بعض األحيان بالمواجهة والصراع ،حسب سيغموند فرويد .وتتمثل
بالخصوص ،في الكوارث الطبيعية ،كالزالزل ،الفيضانات ،األعاصير… هذه الكوارث تترتب عنها عدة نتائج على
مستوى اإلنسان ،وهي:
– شعور اإلنسان بالضعف والعوز ،اللذين نسيهما نتيجة سيطرته وامتالكه للطبيعة.
– ظهور مشاعر التآزر والتضامن في مواجهة هذه الكوارث ،ما دامت الغاية هي الحفاظ على بقاء اإلنسانية.
– الطموح األول :طموح اإلنسان للسيطرة على وطن بكامله ،وهو طموح عامي ووضيع.
– الطموح الثاني :ويتمثل في السيطرة على كل الجنس البشري .وهذا الطموح يتميز بخاصية االحترام لكنه
يتميز بخاصية الطمع كذلك.
– الطموح الثالث :وهو طموح اإلنسان للسيطرة على الطبيعة والكون ،وهو طموح يتميز بالعظمة والنبل.
إن الوسيلة الكفيلة بتحقيق هذه األنواع من الطموح لدى اإلنسان هي العلم وسائر الفنون (الحرفB،
والصناعات…).
– استنتاج:
– هل ينبغي أن نحد من تدخلنا في الطبيعة؟ ولماذا؟
منذ السبعينات اكتشفنا المزابل ،واإلشعاعات الطبيعية ،والتبخرات الناتجة Bعن التقدم التقنو -صناعي
الحضري .فقد غزانا فيروس « السيدا » الذي يعتبر أول فيروس يدخل التاريخ من بين جملة الفيروسات
األخرى ،والتي هي اآلن قيد الظهور ،إضافة إلى ظهور بكثيريا جديدة تصمد أمام المضادات الحيوية .كما
اتسعت Bدائرة الموت متمثلة في تهديد شبح السالح النووي -الحراري ،والكيماوي ،والبيولوجي الذي يتربص
بنا .إن الهيمنة الجامحة Bللتقنية على الطبيعة تقود اإلنسانية Bنحو االنتحار ،لذا وجب أن نحد من تدخلنا في
الطبيعة ،لننقد هذا الكوكب األزرق من انهيار توازنه البيئي الهش أصال.
في هذا العالم الجديد B،لن تحدث الصراعات الشاملة والمهمة والخطيرة بين الطبقات االجتماعية ،بين األغنياء
والفقراء ،بين الجماعات المحددة Bوفق معايير اقتصادية ،بل ستحدث بين شعوب منتمية لهويات ثقافية
مختلفة .إن الحروب القبَلية والصراعات العرقية ،سوف تتأجج أكثر فأكثر داخل الحضارات نفسها.
– استنتاج:
إن الثقافة وإن كانت Bمعطى كونيا نظرا لوجودها في كل الحضارات والمجتمعات ،فهي تتعدد بتعدد هذه
المجتمعات نفسها كل حسب تاريخه ومحيطه .إال أن كثير من األشكال الثقافية تؤدي إلى صراعات ونزاعات
بين الجماعات Bوالشعوب ،لكن عندما يتم تجاوز هذا الصراع ،يحصل االرتقاء إلى مستوى التعايش السلمي
ويسود االحترام المتبادل والتسامح.