You are on page 1of 224

3

2
3
2
‫«فأما أحدكام فيسقي ر ّبه خمراً»‬
‫قرآن كريم‬

‫‪3‬‬
2
‫«كونوا متعانقني‪( ،‬يا) ماليني‬
‫هذه القبلة للعامل ك ِّله‬
‫يا إخوة‪ ،‬فوق قـ َّبة النجوم‬
‫ال بد أن يسكن أب ط ّيب»‬
‫شيلر‬

‫«إن املعشوق هو الكل‬


‫أما العاشق فحجاب‬
‫املعشوق هو الحي‬
‫أما العاشق فميت»‬
‫جالل الدين الرومي‬

‫‪37‬‬
28
‫عىل ياقة جبة الصوف ‪ -‬صنع يف الجحيم ‪-‬‬
‫كلام ملع برق‪ ،‬احرتقت الج َّبة‬

‫يختبئ من الربوق‬
‫إن أضاءه برق مل َّرة واحدة لن يكون لسواده أيّ معنى‬

‫يف برنس الصوف الخشن‬


‫تتململ أنوار حبيسة‬
‫تيضء العامل من الثقوب‬
‫برنس الصوف يرتاقص تحت الحبل املشدود عىل وسطه‬
‫مثة حبل غسيل ينتصب يف األعايل وريح مط ّهرة‬
‫أصابع الله مالقط‬

‫‪39‬‬
‫بني غيمتَني عىل وشك العناق‪ ،‬أراك أيها الرب‬

‫طريق ال يعرج عىل بيت منلة لن يوصلك إىل‬


‫حنطة الرب‬

‫الرب الذي يرعى منلة يف ثقب مظلم أتراه ينساين‬

‫‪ -‬عبدي‪:‬‬
‫عش‬‫ْ‬
‫يف بيت منلة‬
‫ستني أو سبعني شتاء‬
‫ُتع ِّل ْم َك‬
‫ترتيب الفصول‬
‫وتجفيف حنطتك وأحزانك بعد املطر‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ -‬عبدي‬
‫املجرى اخرتاع النهر وحده‬

‫عبدي‬
‫السحابة تعرف طريقها عىل منحدرات السامء‬
‫بال بوصلة وال خريطة‬
‫فال رَّ‬
‫تتعث يف ممرات السامء مبالئكة زائفني‪.‬‬

‫عويل العصافري يف الصباحات املتو ِّترة‬


‫طريقه للرب‬

‫‪113‬‬
‫عشب الروح يتوق إىل مالمسة يد الرب‬
‫عبثت مبروجي كانت كريهة‬‫كل األيادي التي ْ‬
‫يف مراعيك أيها الرب خذين عنز ًة جرباء‬
‫ال سكاكني ُتشحذ يف سهولك‬
‫وال أنغام مزامري رعاة القرابني الخارسة‬

‫ال أريد أن تتجلىَّ يل عىل جبل‬


‫ال أريد ألواحاً ساموية‬
‫ال أريد أن أكرس كربياء فرعون‪ ،‬ليذهب إىل الجحيم‬
‫اهمس يف أذين‪:‬‬
‫ْ‬ ‫فقط‬
‫إنك مل تقذفني إىل هذا العامل يك تقتل يب شيئاً ما‬
‫اهمس يف أذين‪:‬‬‫ْ‬ ‫فقط‬
‫إنك مل تقذفني إىل هذا العامل عبثاً‬
‫اهمس يف أذين‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫فقط‬
‫إنني ال زلت عىل الئحتك‬
‫ومواطناً يف جمهوريتك‬
‫اهمس يف أذين‪:‬‬
‫ْ‬ ‫فقط‬
‫إنني لست ورقة خريف منبوذة يف حدائقك الخرضاء‬

‫أؤمن أن الرب ال ُيخطئ‬


‫لكني الخطأ األوعر‬

‫‪122‬‬
‫أيها الرب‪:‬‬
‫أنا ال أريد إيقاف العامل املندفع نحو العدم‬
‫أريد أن ُيبطئ قلي ًال يك ألحق به‬

‫أيها الرب‪:‬‬
‫العاشق محطم الفؤاد د َّله إىل وردة ال تذبل‬
‫امنحه ظالالً مسافرة ال يل ِّوثها يشء‬
‫ْ‬
‫أيها الرب‪:‬‬
‫كيف أزه ُر وأنا ُّ‬
‫ظل الجدار؟‬
‫‪ -‬أَ َومل ت َر الزنبق ال يزهر إال تحت جدار‪.‬‬
‫أيها الرب‬
‫هل أنا سؤال أم إجابة؟ أم أنا االثنان معاً؟‬
‫‪ -‬بعض االجابات لن تطيق عليها صرباً‬
‫أيها املخلوق من َع َت َمة الطني‬
‫ْ‬
‫عش لتسأل‬
‫ْ‬
‫واسأل لتعيش‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫عيناه تربقان‬
‫الراهب يرفع الكأس عالياً‬
‫ليس فارغاً‬
‫ليس فيه دم القرابني‬
‫مل يكن خديعة‬
‫الراهب ال يؤمن مبا يف الكأس‬
‫لكن الكأس يؤمن بالراهب‬
‫سقف الصومعة وحدَه يعرف ك ْن َه الكأس‬

‫‪124‬‬
‫أنت َمن رأى قرن الشيطان املكسور وانقلب عىل قفاه ضحكاً‬

‫الشيطان صفر لذريته‪ ،‬هم جميعاً يركضون خلفك بحرابهم‬


‫الله الذي أشحت بوجهك عنه‬
‫كم أنت بحاجة إليه اآلن‬
‫ْ‬
‫اركض‪...‬‬

‫‪153‬‬
‫الجنَّة يف العني‬
‫الجحيم يف الرأس‬
‫القلب مملكة الرب‬
‫األذن أسرية رفرفة املالئكة‬
‫قرن الشيطان يف الخارصة‬
‫الكون تذروه الرغبات العنيدة‬
‫اكتملت الدائرة‬
‫ملك الزبد ُيدحرج حل َمه النافر‬
‫لتأخذه املاملك حيث شاءت‬
‫ال يحتاج مغفرة وال نهر خمر‬
‫ُيباغت الشمس ب َعتَمته‬
‫أقامر السامء قشور بياض عينَيه املنفطرة‬
‫ييضء‬
‫يفيض‬
‫ينقص‬
‫يكتمل‬
‫يلطخ واجهات الكون بعدواه‬ ‫ِّ‬
‫متسكع كوين‪ ،‬تائه مييش فوق السأم‬
‫تدمي قد َميه مسام ُري الحقيقة‬
‫يتزحلق بقشور النبوءات‬

‫‪126‬‬
‫تسخر منه املدن وج َّبة الصوف‬
‫ال يشء ينكشف له‬
‫ال يستطيع أن يؤوب لنفسه‬
‫بني أن ُيد ِّمر ذاته حتى آخر حجر‬
‫وبني أن يخرج قمراً من مزبلة ليصلبه يف ليل البرش‬
‫بقيت الخطوة مكانها تحت بروق تتشابك‬
‫شاخص ببرصه إىل أبراج تتداخل‬
‫الكل حطام‬
‫ويف الحطام يتجلىَّ‬
‫يف الحطام يقصص رؤاه‬
‫تتلف عقله‪ ،‬وهذا ما أراده متاماً‬ ‫الخمرة ُ‬
‫نائم عىل بوابات السامء بأعني حذرة كساعات الرمل‬
‫ُتؤرقه جلبة السامء‪.‬‬
‫ُيس ِّلم الكون آخر الليل‬
‫للرب الهابط إىل السامء االوىل‬
‫للرب الباحث عن أصحاب الحاجات‬
‫وينام‪...‬‬

‫‪173‬‬
‫قوس الروح مشدود إىل آخر خطيئة‬
‫ال غفران‬
‫تولد من خطيئة وال تنتهي يف غفران‬
‫كل آالم العامل‪ /‬كل ورود العامل‪ /‬كل أحالم العامل‪/‬‬
‫ال يشء س ُيط ِّهر روحك اآلمثة‬
‫ال يط ِّهرها االرمتاء عىل بالط املعابد وإشعال الشموع وإحراق البخور‬
‫الروح‬
‫التي ما عرفت غري رائحة الحرمان‬
‫أكرب من كل هذه املعابد‬
‫آمثة أكرب من املغفرة‬
‫حلمت قلي ًال‪ ،‬فصارت آلهة‬
‫ْ‬ ‫الروح املكتئبة‬

‫‪218‬‬
‫ُمثقل بالشموس املخ َّبأة يف ُب ْردته املهرتئة‬
‫بال أتباع بال وصايا‬
‫ُمثقل بخطايا ال غفران لها‬
‫جائع يأكل الواحة‬
‫يغفو يف أول كلمة يف أسفاره‬
‫ال يطلع عليه فجر‬
‫ال تك ِّلمه اآللهة من خلف جبل منهار‬
‫سائر بني ص َّف ْي أحالم مصلوبة‬
‫حاول إنزال الحلم األخري عن آخر صليب‬
‫تقاسيم وجه حلمه املش َّوه‬
‫َ‬ ‫رأى يف شقوق خشب الصليب‪:‬‬
‫قرأ يف شقوق خشب الصليب نبوءته‪:‬‬
‫«إن الصليب القادم لك‪ ،‬ج ِّه ْز إكليل الشوك»‬

‫‪193‬‬
‫يف الطريق‪:‬‬
‫عجوز يتنزَّه مع عصاه‬
‫فتاة تتنزَّه مع كلبها‬
‫راهب يتنزه مع الله‬

‫تارة عرب مراعي الرب‬


‫تارة عرب أوكار الشياطني‬
‫يسري مغمض العينَني‬
‫يف قدمه عني ثالثة‬
‫تقوده عرب طرقات الذعر‬
‫قيثارته الحزينة ال تستطيع أن تبيك العامل‬
‫يتلمس طريقه‬
‫الراهب جرح أعمى َّ‬
‫تارة عرب دهاليز ملكوت الرب‬
‫تارة عرب أقبية دماغ شيطان‬

‫‪20‬‬
‫يف الطريق‪:‬‬
‫كلام م َّر بشجرة ر َّبت عىل ساقها‬
‫ولعن سارق النار وقادح أول حج َرين‬

‫لن ُتدحرجه عوامل الجفاف‬


‫يف داخله كل األشياء الجميلة‬
‫دامئاً ميكنه البدء من جديد‬
‫الله يف قلبه يتق َّلب‬

‫‪213‬‬
‫أوقفه الرب يف طريق املقربة‬
‫«عبدي‪:‬‬
‫النسيان ووقاحة اإلنسان كفيالن بأن يشيح املوت وجهه عنك»‬

‫أوقفه الرب عىل الشاطئ‬


‫كيف تصل قواريب إىل الشواطئ البعيدة‬
‫ال رشاع ‪ -‬ال مجداف ‪ -‬ال رياح‬
‫«عبدي‪ :‬الشواطئ هي التي تأيت»‬

‫‪22‬‬
‫قدمه اليمنى يف رشك الناس‬
‫الثانية يف رشك العدم‬
‫عيناه صوب اإلله‬
‫أذناه لصق الرتاب يسمع نبض املوىت‬
‫األنف أخطأته رائحة الحياة‬
‫بوجه عابس يفقأ دمامل العوامل‬
‫تع َّل ْم‬
‫أيها الفتى الغ ّر‬
‫أن ترتك العوامل تعربك‬
‫دجن العوامل العصية‬ ‫أن ُت ِّ‬
‫أن تومئ إىل العوامل الشاردة فتأتيك زاحفة‬
‫أن تخلع أنياب العوامل الرشسة‬
‫فتاي‬
‫ع ْد إىل نفسك يأ ِتك العامل مجرجراً ظالله‬

‫‪233‬‬
‫ال يحمل للرب ضغينة‬
‫الرب ال يحمل له ضغينة‬
‫نضوج يف هواء حار‬

‫أن متد يدك إىل الله أعظم من أن ميد الله لك يده‬


‫وكان يل ِّوح بيدَيه للغيوم املسافرة‬

‫نحن ال نذهب إىل الله‪ /‬الله هو الذي يأيت‬


‫صباحاً ُيجالس َّ‬
‫املرشدين والصعاليك‬
‫مساء ُيسامر الله‬
‫يف الظهرية يأكله الجوع‬

‫الشجر جذور األرض‬


‫تائهة يف الهواء‬
‫الراهب يحاول إمساكها‬

‫‪24‬‬
‫يف يده وردة‬
‫يفكر يف آالف األشياء التي احتشدت خلفها حتى تفتَّحت‬
‫أه ّمها‬
‫نظرته الحانية كل صباح‬

‫يرعى قطيع غيوم جائعة‬


‫ُيطعمها عشب الروح‬
‫يسقيها املاء املطمور يف املآقي‬

‫‪253‬‬
‫عقل‬
‫قلب‬
‫جسد‬
‫روح‬
‫الراهب زاد عليها املرارة‬

‫القلوب التي مل ترد شيئاً صارت أرشعة خفيفة‬


‫قلب الراهب أراد‪:‬‬
‫ظ ًال ‪ -‬خبزاً ‪ -‬ماء ‪-‬‬
‫ما أثقله!‬
‫ما أتعسه!‬
‫يف خوايب العامل يكيل الهواء‬

‫‪26‬‬
‫يسكن صدى العامل‬
‫يتوارى خلف املرآة‬
‫يتسترَّ بالضجيج‬
‫يحاذر شمس الظهرية فاضحة الظالل وأندادها‬
‫ظله يستطيع أن ُيخ ِّبئ جسده ستِّني شتاء‬
‫ّ‬
‫كالظل‬ ‫مييض يف الحياة‬
‫ال يريد شيئاً‬
‫ال يعرف إىل أين هو ذاهب‬
‫يا لسعادته وخ َّفته‬
‫ال مييض إىل الجنة باكراً‬
‫يؤخره قلي ًال‬
‫عطر زهور الجحيم ِّ‬
‫تسأله امرأة من نساء الجنة‪:‬‬
‫َ‬
‫سلكت؟‬ ‫ضمخك بهذا العطر؟ أي طريق‬ ‫أي طريق َّ‬
‫رسه الخاص‬ ‫يضحك‪ ،‬ذلك ّ‬
‫يرسم رشاكاً‬
‫يحارص الجميع‬
‫مثة زوايا كثرية يف عامله املد َّور‪ ،‬يفرتسها البياض الصامت‬
‫أقام صومعته يف الربزخ‬
‫يصطاد الذباب‬
‫ينزع أوراق قلبه‬

‫‪273‬‬
‫يبصق تيهاً‬
‫ُيك ِّور الربوق بني يدَيه‬
‫ِّ‬
‫يهشمها‬
‫يلقيها قطع فحم‬
‫مالئاً السهوب سواداً‬
‫يستبقي الفحمة األخرية‬
‫يرسم عىل جدار قلبه رج ًال بدائياً يصطاد بحربته الحجرية ظ َّله‬
‫عالق بني الله وظ ِّله‬
‫عالق بني الحياة وظ ِّله‬
‫عالق بني املوت وظ ِّله‬
‫ينتظر القتلة‪ ،‬سيمنحهم قلبه‬
‫وصيته األخرية لهم‪ :‬أن يرسموا بدمه ظ ًال بدائياً يفرتس رج ًال أنيقاً‬

‫‪ -‬ال محالة سيصري ظ ّله املبلل باملطر‪ ،‬املداس تحت األقدام‬


‫ظله الناهض دامئاً‬

‫‪28‬‬
‫عاقبه الرب ثالثاً‪:‬‬

‫م َّرة حني علق بني املرايا‬


‫هشمها جميعاً‪ ،‬مل ميسك بتفاصيل وجهه‬
‫َّ‬

‫م َّرة حني حرش روحه الطليقة يف حظرية جسد بائس‬

‫م َّرة حني ألقى يف طريقه أشياء جميلة ال قبل له بها‬


‫عيناك الفردوسيتان مث ًال‬

‫‪293‬‬
‫لحظة يرى الله‪ ،‬سيقول له‪:‬‬
‫شكراً عىل األمطار والزهور ‪ -‬كانت رائعة ‪-‬‬
‫ال تليق بحياة قصرية‬
‫وهذا املوت غري م َّربر‬

‫راهب ُيهرول عىل منحدرات السامء‬


‫الراهب طليق‪ /‬الفخاخ وهم مخرتع يف السأم الكبري‬

‫الراهب وحيداً عىل ض َّفة امللل‬


‫رمى حصاته يف بحرية املجهول‬
‫أمواج وظالل تتناسل‬
‫الحصاة يف القاع‬
‫موجة تفرتس راهباً عىل شاطئ الرعب‬
‫يحدث هذا ببساطة‬
‫من ُيعابث العدم‪ ،‬يكن وضوحه‬

‫‪230‬‬
‫أيها الرب‬
‫إن أردت نسخ روحي‪ ،‬فلتكن يف جسد حامر‬
‫متعب هذا الربق املحشور يف جسد مزرق‬
‫ظالل تولد و ُتنحر يف اللحظة نفسها‬
‫تعس من اصطادت جسده أرواح املوىت‬
‫كيف لهذا الجسد البائس الجاف أن تقبع فيه روح ماطرة‬
‫كيف لهذا الجسد الصحراوي أن تقبع فيه أرواح تشبه جلبة املوانئ‬
‫أنا الذي ُولد يف مدينة تأكلها الشمس وأمواج الغبار‬
‫كيف ُأفسرِّ الحنني لبحر مل أ َره؟‬
‫يقبع يف هذا الجسد املتحضرِّ صليل سيوف قبائل صحراوية‬
‫يل‪ :‬غارة‪ ...‬صعاليك‬ ‫صوت لي ٌّ‬
‫أحياناً يهزُّين ٌ‬
‫أتل َّفت‪ ،‬ال أحد‬
‫يل وعىل ثيايب‬ ‫أقسم بأنهم يقرتعون ع َّ‬
‫أتحسس جسدي‬ ‫كثرياً ما َّ‬
‫وكنت أنزف‪...‬‬

‫‪313‬‬
‫أنا الكائن املم َّلح بالكلامت‬
‫املعزول يف أقبية العامل‬
‫أنتظر ز َّوار كافكا الليليني‬
‫سأذبح عىل أيديهم يف العراء‬ ‫أكاد أراهم‪ُ ،‬‬
‫حتى املحكمة أستطيع وصف رواقها و ُب ْردة القايض الذي مل يحرض‬
‫أنا حرشة كافكا التي ال متوت‪ ،‬ال أزال رشنقة‬
‫كنت هناك‬
‫يف مركب رامبو السكران نبحث عن الشمس الغاطسة يف البحر‬
‫كنت هناك‬
‫أساعد بودلري الجهنمي يف رفع مرساة العمر‪ ،‬ننرش القلوع‪ ،‬ننادي املوت‪:‬‬
‫هذا العامل ُيضجرنا‪ ،‬يرتكنا حفنة دخان‬
‫كنت هناك‬
‫أنا ال أجرؤ عىل النظر إىل اإلله املختبئ يف ج ّبة الحالج‬
‫كنت هناك‬
‫لصاً ثالثاً عىل الصليب أرصخ‪ :‬أيب ملاذا تخ َّليت عني؟‬
‫رصاخ يتناسل‪ ،‬منذ أهلت الرتاب عىل جثة هابيل‬
‫انا املذبوح مراراً‬
‫أنا الكائن الذي مل يرشب قطرة خمر‬
‫كيف ُأفسرِّ حنيني إىل الحانات يف املساءات النحاسية‬
‫وأنا أم ُّر من أمامها يف أول الخريف؟‬

‫‪232‬‬
‫أنا الكائن املسامل‬
‫كيف ُأفسرِّ مليس بحنان ملقبض بندقية إسبانية قدمية؟‬
‫أنا العريب جئت أتوه عىل الشواطئ الالتينية‬
‫أم ُّر يف الشوارع الغريبة‬
‫يخنقني البكاء‬
‫وكأن هذه الشوارع عربتني قبل عرشات السنني‬
‫مل تكن صدفة‬
‫أنا الكائن الوحيد‬
‫مباذا ُأفسرِّ إصاختي السمع وسط السهوب الخرضاء الصامتة‬
‫أتسمعون رصاخ الهنود الحمر وهسيس املذبحة‬
‫كنت هناك‬
‫هذا ال ُيع ِّذبني‬
‫ما ُيع ِّذبني أنني ال أستطيع الجزم‬
‫هل كنت هندياً أحم َر ساذجاً أم إسبانياً جلفاً؟‬
‫هنا جزّت فروة رأيس‬
‫كنت هناك‬
‫أرضاً مبتالة باإلنسان‬
‫إنساناً مبتىل بامتحانات الرب‬
‫الرب الذي شطرين ولحمني مراراً‬
‫الروح والجسد كل ما أملك‪ ،‬واحتامالت شتَّى‬

‫‪333‬‬
‫أرواح صغرية‪ ،‬رسعان ما تلتحم م َّرة أخرى‬ ‫أفجرهام تتناثر ٌ‬ ‫ِّ‬
‫وال أقبض إال عىل رائحة لحم محروق‬
‫انا الكائن املنشق عن نفسه‬
‫دمي يف املختربات ال ُينبئ بذاكرة مثقلة مرتاصة كقرص الكمبيوتر الصلب‬
‫عيناي شاشتان مش َّوشتان‬
‫ظالل ورصاخ‬
‫رصخت يف وجهي إحداهنَّ ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫م َّرة‬
‫ملحت يف عينَيك جثة خاطفة مت ُّر‬ ‫لقد ُ‬
‫أقسم َ‬
‫لك‬
‫لك س ّيديت‬
‫وأنا أقسم ِ‬
‫إن من يتغزَّل بعينَيك اآلن أحدُ ظاليل‬
‫أنا هناك‬
‫هذا ال ُيع ِّذبني‪ ،‬ما ُيع ِّذبني‬
‫أريد معرفة كم روحاً تتل َّبسني بالضبط؟‬
‫زوايا السجون املظلمة تستهويني‬
‫كنت هناك‬
‫روحاً تسافر يف أجساد كثرية‬
‫هل هناك رعب أكرب من ذلك؟‬
‫ست معصمي‬ ‫وتحس ُ‬
‫مررت قرب نافذة بقضبان إال َّ‬ ‫ما ُ‬
‫الكائن الذي وضع أصابعه يف أذ َنيه واستغىش ثيابه‬

‫‪234‬‬
‫أهدى نوحاً درساً وألواحاً إلميانه بالطوفان القادم‬
‫كان قد سمع شيئاً عنه يف مسامرات املالئكة‬
‫قبل أن ُيقتاد مع آدم إىل عراء مل ولن يستقر عليه نردٌ‬
‫نوح وهو ُيدخلني يف سفينته تردَّد كثرياً‬
‫حا َر يف تصنيفي‬
‫كنت هناك أخ ِّبئ بذور الخري والرش يف جيويب‬
‫فال معنى للطوفان م َّرة أخرى‬
‫أخالني رافقت نبياً ما يف خلوته‬
‫مباذا ُأفسرِّ ثقل الله يف قلبي؟‬
‫حتى ثقوب النمل أعرف ما فيها‬
‫ست قلبي‬‫تحس ُ‬‫كلام داسوا منلة َّ‬
‫ال يكفي أن يعطيني الرب أعواماً قليلة‬
‫ألذوق كل هذا األمل والجامل‬
‫ال بد أن أكمل الدورة كاملة‬
‫عش نرس يف قمة باردة‬ ‫بدءاً من ثقب منلة رطب‪ ،‬إىل ِّ‬
‫ليكون الرب عادالً‬
‫لتكون الحياة كاملة‬
‫ليكون االمتحان رصيناً‬
‫ألن األرواح النادرة ال يكفيها أن يسافر فيها عرشة أجساد‬
‫«ألشهد بأين قد عشت»‬

‫‪353‬‬
‫ال ب َّد من تذ ُّوق كل قطرة ساقطة‬
‫لن تندلق قطرة واحدة عىل األرض هباء بني الشقوق‬
‫حتى يف الدورة العلوية‬
‫سأنشطر بني الجحيم والجنَّة‬
‫ثم ألتحم باإلله الجميل‬
‫عادت القطرة التي تاهت طوي ًال‬
‫يف ساموات األمل واللذة والعدم إىل بحر اإلله العظيم‬
‫اكتملت الدورة‬
‫كنت هناك‬
‫مباذا أفسرِّ رصاع الشياطني واملالئكة يف رأيس؟‬
‫كنت هناك‬
‫سجدت‬
‫ثم مت َّردت‬
‫ثم ُنفيت إىل األرض أبحث عن آدم املنشطر‬
‫أنا نقطة اللحام‬
‫وتسمونها وسوسة‬
‫التي لوالها النفجر الكون وقلب آدم ‪ُّ -‬‬
‫حتى وأنا أموت عابراً العوامل‪،‬‬
‫أميض إىل الرب املنتظر‪،‬‬
‫أتفسخ وآخذ بيدي زهرة من عىل قربي‬ ‫َّ‬
‫أهديها للرب الجميل‬

‫‪236‬‬
‫حتى وأنا أصعد باص املوت ملحطة اإلله‬
‫أرنو من النافذة لحياة ال زالت متتد وتشتعل‬
‫أطلب من السائق أن ينزلني بانتظار رحلته الثانية‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫ألعرب كل هذه العوامل‪ ،‬ال ب َّد أن يز ّودين الرب بظالل كثرية‬
‫ولكن أيها الرب لتكن ظالالً مرحة‬
‫بعض الظالل تسحق‬
‫وبعض الظالل تطري يب كقنديل طائر يف جنَّتك‬
‫بعض الظالل تغرس قوائم عرشك يف قلبي‬
‫بعض الظالل ُتدنيني كثرياً إليك‪ ،‬فتحرقني‬
‫بعض الظالل تبعدين عنك‪ ،‬فتطفو يف عيني ج َّثتان‬
‫بعض الظالل تشطرين‪ ،‬فأمطر فوق تخوم العدم‬
‫ال ظللت غيمة وال رويت زهرة‬
‫َ‬
‫أحمق يف الالمكان‬ ‫ضعت رذاذاً‬
‫أولست ظ ًال من ظاللك أيها املمت ّد‬
‫وما الحياة غري ظلك أيها النابض‬
‫أولست ظ ًال أبدياً تتناسل اىل ظالل رائعة‬
‫تربق‬
‫فيشتعل الكون‬
‫أبرق فأموت‬
‫ّ‬
‫مشميش‬ ‫أنا أيضاً ظل صغري أحمق كموسم‬
‫أتناسل إىل ظالل شاحبة‬
‫َّ‬
‫وأتحطم‬ ‫يحدث كثرياً أن يصطدم أحد ظاليل بظل الرب‪ ،‬فأبرق‬
‫ال بد من قليل من‪:‬‬

‫‪328‬‬
‫‪ -‬الشهوة ‪ -‬كربياء الشيطان ‪ -‬ال َعتَمة‬
‫ليظل الطني بارداً بعيداً عن سطوة عينَيك وظاللك‬
‫أيها الرب‬
‫بعض الطرق املهجورة ال تحتمل غري ظلك‬
‫وأي ظل آخر يف املكان‪ ،‬سيكون انتحاراً‬
‫كم تفضحني املصابيح والعيون الثاقبة‬
‫تبدو ظاليل عارية تغتصبها القوى العلوية‬
‫ألبقى بعيداً عنك أيها الرب قلي ًال‬
‫ريثام أنهي عالج ظاليل لتبدو يف النور شبيهة بظلك‬
‫ظاليل مصنوعة من طني الحياء‬
‫أحياناً تصادق ظالالً وقحة‪ ،‬فأبدو كمه ِّرج يبيك‬
‫عرفتك جمي ًال‪ ،‬فال تعرفني مش ّوهاً‬
‫أمهلني قلي ًال ألر ِّوض ظاليل العنيدة‬
‫أمهلني قلي ًال ألمللم ظاليل من ساحات العامل الخلفية‬
‫أمهلني قلي ًال ألعيد بعض ظاليل الشاردة يف براري الشك والعدم‬
‫أمهلني قلي ًال يك تعتاد ظاليل َع َت َمة وبرودة الرتاب‬
‫ال أريد أن أدفن وتظل ظاليل خلفي طليقة تنبش قربي‬
‫ما أتعس الجثث التي تركت خلفها الظالل طليقة تعوي‪...‬‬

‫‪393‬‬
‫يف لحظات الصفاء النادرة‬
‫أغلق الباب عىل جميع ظاليل‬
‫يبق ظل ساهر يف الخارج ليعود مث ًال‬‫مل َ‬
‫يبق ظل يضاجع وردة يف الحديقة تحت مطر الليل‬ ‫مل َ‬
‫يبق ظل يكذب ويستمني عىل ردف الليل‬ ‫مل َ‬
‫يبق ظل يف الحظائر لي ًال يطلق الجياد الكسيحة‬ ‫مل َ‬
‫يبق ظل ينبش القبور لي ًال ليعيد ألشياء باهتة ألقاً مل يعد يليق بها‬
‫مل َ‬
‫املرشدين من مطر الليل وحزنه‬ ‫يبق ظل يحرس ّ‬ ‫مل َ‬
‫يبق ظل يشطر الشمس نص َفني لييضء الجهة املظلمة من العامل‬ ‫مل َ‬
‫يدس أنفه يف شؤون الرب‬ ‫يبق ظل ُّ‬ ‫مل َ‬
‫يبق ظل يدل القمر إىل بيوت الفقراء‬ ‫مل َ‬
‫يبق ظل ال زال النوم بالنسبة إليه بعض املوت‬ ‫مل َ‬
‫ظاليل مكتملة يف عراء الغرفة‬
‫وأنا لست موجوداً‬
‫كنت هناك يف عراء آخر أتناسل‬
‫ُوأجرجر ظاليل القتيلة وأحدو إلله الصحراء‬

‫ظاليل عص َّية تزأر خلفي ُأجرجرها‬


‫حبيل متني‬
‫هي خائفة‬
‫وأنا أرتعد‬

‫‪240‬‬
‫كتيبة ذباب أزرق تسافر يف قطار الليل‬

‫‪3‬‬
2
‫الذي أفزعك وداسك آخر الليل‬
‫ليس قافلة عربتك صدفة‬
‫أن هو األجمل أجرب هائج‬
‫أتعبه صمت الكثبان والهرش‬

‫آخر الليل‬
‫ينهضه همس حادي العيس أن ه َّيا‬
‫يهرول إىل النافذة‬
‫النجم يختنق وحيداً يف شامل الذعر‬
‫ميوت كبوصلة محطمة عىل الرمل‬
‫ال آثار قوافل‬
‫يف أذ َنيه‬
‫يعلو صوت‬
‫حادي العيس‬
‫يعلو‬
‫يعلو‬

‫‪433‬‬
‫آخر الليل‬
‫يتجرأ‬
‫يشعل قنديله متأخراً‪ ،‬وهذا أمر رائع‬
‫ال يرى غري صفحة وجهه املرتجفة‬
‫وظالالً مذعورة تتقافز‬
‫وذباب بدأ يزداد زرقة‬

‫آخر الليل‬
‫تبدأ جراحي بلعق بعضها بعضاً‬
‫تبدأ أشباحي بالتطاول ع َّ‬
‫يل‬
‫تبدأ أشباحي بنحر بعضها بعضاً‬

‫‪424‬‬
‫آخر الليل‬
‫تنفض الجوقة‬
‫ينرصف عنه‪:‬‬
‫العازفون ‪ -‬املغنُّون ‪ -‬املستمعون‬
‫يف آخر الصالة املطفأة‪ ،‬الكائن الوحيد ُيص ِّفق‬
‫أدى أدواره جيداً‬
‫تبدأ لحظات صفائه النادرة‬
‫يتحسس وتر الكامن‬ ‫َّ‬
‫كم نحن متعبان‬

‫أيضاً السريك يف رأسه‬


‫انفض‬
‫مه ّرج يداعب منوراً‬
‫كم هي مم َّلة فرقعة السياط‬
‫أحياناً ُيد ِّوي تصفيق وحيد رديء‬

‫‪453‬‬
‫آخر الليل‬
‫تتسلل ظاليل إىل املعسكر‬
‫شعراء‬
‫عصاة‬
‫منتحرون‬
‫موىت‬
‫غاوون‬
‫ينصبون منجنيقاً للذهاب إىل الله‬
‫مل ينسوا إلصاق إعالن عىل خشب املنجنيق‪:‬‬
‫‪ -‬مينع ركوب فرد دون اشباحه‬
‫‪ -‬هذا املنجنيق للبالغني ‪ 18‬شبحاً فام فوق‬
‫‪ -‬لسنا مسؤولني عن الجهة التي يوصل إليها املنجنيق‬
‫‪ -‬ممنوع التكلم مع السائق‬

‫آخر الليل‬
‫جلبة وظالل تتزاحم تحت جدار يف آخر املدينة‬
‫‪....................‬‬
‫‪....................‬‬
‫أنا والصباح واملدينة الفارغة‬
‫الليلة سأكون عىل رأس الطابور‬
‫أمام دهليز يف جدار يف آخر املدينة‬

‫‪246‬‬
‫األيدي ممدودة فوق سطح الليل تستغيث‬
‫إسمنتي‬
‫ّ‬ ‫مل يكن هناك غري قمر‬
‫فوق مدن كل ما فيها يعوي‬
‫الليل ينكأ السامء‪ /‬قيح أبيض دائري يسيل‬

‫القمر األحول‬
‫لو يخطئ م َّرة ويظهر عىل زجاج نافذيت‬
‫ألعطيته كل ما يحلم به من ظلمة‬

‫آخر الليل‬
‫القمر املط َّعم بأسياخ الحديد يرمقني بغضب‬
‫الظلمة ال تحتمل قم َرين حزينَني‬

‫‪473‬‬
‫آخر الليل‬
‫يحرش السامء يف زاوية القمر‬
‫يراود ال َعتَمة‪ ،‬ال ينشق له قميص‬
‫وعىل الباب ق َّواد‬

‫قمر يعاقر الليل‬


‫يسقيه خمرة بيضاء رديئة‬
‫الليل يسقيه س ًام َ‬
‫أبيض‬
‫أموت وحيداً دون قطرة نبيذ‬
‫بيدي باقة زهور مسمومة‬

‫شموس عارية مص َّفدة عىل جدار عينَيك‬


‫أمام كتيبة اإلعدام‬
‫أهداب تذوب‬
‫جفن طار كبقايا طلقة فارغة‬

‫‪248‬‬
‫آخر الليل‬
‫ال َعتَمة تضيع يف عيني‬
‫ال َعتَمة أيضاً صنيعتك أيها الرب‬
‫والجحيم وجدت لنصفها‬

‫آخر الليل‬
‫اخرتع الجنة والجحيم‬
‫كالهام‬
‫أقل أو أكرث مام ينبغي‬

‫‪493‬‬
‫آخر الليل‬
‫العامل يهديني حامقاته‬
‫وأنا أهديه هذياين وظاليل‬
‫أمطار ّمتوز تدغدغ جبهتي‬

‫آخر الليل‬
‫اللحظة التي أعجز عن إمساكها‬
‫العامل يرتاءى يل كلامت طائرة‬
‫سقوطي مريع‪ ،‬ريش منتوف يف يدي‬

‫آخر الليل‬
‫الوجه‬
‫نافذة‬
‫بال‬
‫ستارة‬

‫‪250‬‬
‫طليق‬
‫غطي انسحابه‬ ‫يؤمن بأن القيد وحدَه ُي ِّ‬
‫لحظة اشتباكه مع فضاءات الذعر‬
‫قيد أعمى يحوم حول يدَين‪ ،‬ال رَّ‬
‫يتعث بهام‬
‫يدان تحومان حول قيد تخطآنه‬
‫طوال الليل‬

‫تحوم حوله حياة كانت من املمكن أن تكون له‬


‫طوال الليل‬

‫أي إهانات دفعته ليبصق عىل العامل وعىل نفسه؟‬


‫طوال الليل‬
‫مد َّثر بالحزن‬
‫فيه لوعة جذع شجرة مقطوع‬

‫‪513‬‬
‫طرف صنَّارته يف السامء‬
‫طعمه نجمة‬
‫سيصطاد مالكاً‬

‫آخر الليل‬
‫الساموات سبع كرات زجاجية زرقاء‬
‫يلهو بها طفل مللول‬

‫عىل املنحدرات‬
‫بني ممرات الليل‬
‫يبحث عن وردة العدم‬
‫ليستنهض بني أوراقها ماملكه الغافية‬

‫‪252‬‬
‫طرقوا بابه لي ًال‬
‫أسلموه رماداً يف قارورة‬
‫هو املخلوق مبنتهى امللل والبطء‬
‫يريد الحياة دفعة واحدة‬

‫وردة‬
‫مريضة‬
‫مرتوكة‬
‫عىل‬
‫نافذة‬
‫الليل‬

‫آخر الليل‬
‫يحاول أن ميوت‬
‫بقايا ضوء يرت َّنح يف َعتَمة عينَيه‬
‫ومروحة حمقاء تدور‬
‫عاجزة عن إطفاء الجحيم املشتعلة يف قلبه‬

‫‪533‬‬
‫آخر الليل‬
‫الرجل الزريبة فتح قلبه دفعة واحدة عىل السهول املعتمة‬

‫آخر الليل‬
‫الطرقات‬
‫جرح‬
‫ميتدُّ‬
‫إله قتيل عىل ظهري‬
‫أضعت مفاتيح القبور جميعها‬
‫بعد قليل سيموت الليل‬

‫‪254‬‬
‫آخر الليل‬
‫بيدي قبس ضوء‬
‫ال أحد يهتم بضويئ وبعتمتي‬
‫أبدل أدواري‪ ،‬أحياناً أسري بدونهام‬
‫أزيد‬
‫أنقص‬
‫ال أتالىش‬
‫ال أكتمل‬
‫يف حدائق املوت‪ ،‬يف خنادق اليأس‬
‫س ّيان‬
‫أتنزَّه وأصفر‬
‫ال أشكو شيئاً‪ ،‬ال أنتظر شيئاً‬
‫ال أتقن شيئاً آخر‬
‫‪ -‬فرق كبري‬
‫بني أن تتس َّكع عيناي يف مدن النوم‬
‫وبني أن تتس َّكع مدن النوم يف َّ‬
‫عيني‬

‫‪553‬‬
‫آخر الليل‬
‫أنا كومة ملل منبوذة‪ ،‬أنا إست السامء‬
‫لتبعرثين الريح العمياء‬
‫أنا جثة هامئة عىل رمل محروق‬
‫جريح عىل أطراف األبدية‬
‫ال ُتغريه املواجهة‪ ،‬ال يرغب بالرتاجع‬
‫ميقت مداواة جراحه‪ ،‬تجوسه ريح الال طأمنينة‬
‫بكآبة ُيلقي بذوره يف صحراء األبدية‬
‫ينتظر غيوماً تسوق خلفها بحاراً معطوبة تغرق يف صدره‬
‫عيناه مرصودتان للبعيد الذي ال يأيت‬
‫شعاع مثل يف حانة السامء‬
‫أضاء له عوامل كسيحة تحت تراب قلبه‬
‫ينبشه‬
‫يتناول قطعة من سامء َّ‬
‫محطمة‬
‫يقلبها عىل إله ملتصق بها‬
‫تعكس أبدية يف وجهه الجريح ترفض أن متوت‬
‫بال عىل األبدية‪ ،‬وضع القطعة يف جيبه‬ ‫َ‬
‫قيص‬
‫األدرنالني يف جسده‪ ،‬الشعر يف مكان ّ‬
‫ظالل باهتة عىل كثبان الرساب ُتومئ إليه‬
‫ُيرسج عزلته‪ ،‬مهامز األمل ال يهدأ‪ ،‬يكرس باب األبدية‬

‫‪526‬‬
‫مييض عرب األصقاع املوحشة نحو أقايص الجنون‬
‫كل هذا املوت ال يحرك فيه نظرة رثاء‬
‫هذه األبدية ال تليق به‪ ،‬شواطئها قاحلة‬
‫يودعني نوارسه الجريحة‬
‫مييض يف سفينة ثقبها املوت‬
‫خلف نورس منتحر مل تط ْله يداه‬

‫‪573‬‬
‫آخر الليل‬
‫يتدافع فيك‪:‬‬
‫عشاق‬
‫أنبياء‬
‫صعاليك‬
‫قتىل‬
‫مجانني‬
‫محاربون‬
‫حزاىن‬
‫ال يريدون الخروج‬
‫فقط يتلصصون عىل الحياة من زاوية عينَيك‬
‫التفتت إليك امرأة عابرة وأنت تحدِّق يف رد َفيها‬
‫ْ‬
‫رصخت فيك‪:‬‬
‫مخيف هذا الشبق املصلوب يف عينَيك‬‫ٌ‬

‫الزهرة الواحدة ترى فيها قوس قزح‬


‫ال ير ِّتب عاملك اللون الواحد‬
‫تشتمها بشهوة آالف القلوب املحرومة‬

‫‪528‬‬
‫تكاد الحياة تنتهي‬
‫وأنت مل تتع َّرف بعد‬
‫إىل ساكنيك املتآمرين عىل طردك من هذا العامل‬

‫طوال الليل‬
‫جلبة عنابر تنفتح وتنغلق‬
‫يف هدأة الجلبة تبحث عنهم‬
‫مك َّومون يف زاوية عينَيك يحدِّقون يف ردف امرأة عابرة‬

‫الجلبة مرة أخرى ماذا تفعلون؟‬


‫‪ -‬سيدي‪ /‬أريد أن أدل هذا امليت إىل قربه‬
‫غطني بأوراق وردة‬ ‫‪ -‬سيدي‪ /‬أنا عا ٍر ِّ‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬القطن يف أذين‬
‫نبت منه جذر شجرة بعد مطر البارحة‬
‫انظر إىل عيني إنه يتمدّد‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬هناك قطار يسري عىل رأيس بال قبطان‬
‫وأنا أمدُّ له السكة‪ ،‬ابتع ْد لئال يدوسك‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬أنا سلحفاة ملقاة عىل ظهرها‪ ،‬اقلبني‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬أنا أجمع أباريق النحاس‪،‬‬
‫أفركها وأصطاد املردة‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬إنها متطر يف الخارج وأنا الغيمة تبول من الرشفة‬

‫‪593‬‬
‫أتفحص متانة الحبل سأشنق هذا الليل‬ ‫‪ -‬سيدي‪ /‬أنا َّ‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬أنا أسدُّ مبؤخريت ف َّوهة بركان‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬أنا ألصق قرن الشيطان املكسور‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬القمر ينام يف عيني والشمس تنام يف العني الثانية‪ ،‬مع أنني‬
‫الظلمة ال أستطيع النوم‬
‫وأنت ماذا تفعل هناك؟‬
‫‪ -‬سيدي‪ /‬ردف املرأة كان جمي ًال‪،‬‬
‫رسية؟‬‫سمونها عادة ِّ‬ ‫باملناسبة ملاذا ُي ُّ‬
‫وملاذا ال تجلب النوم؟‬

‫‪260‬‬
‫نهر رماد يتد َّفق‬
‫جناحني مشتع َلني‬ ‫بني َ‬
‫جهنمي حط عىل ضفاف الجانج!‬ ‫ّ‬ ‫أي غراب‬
‫الليل وهو يجتاح خارطة العامل عىل إيقاع عسكري‬
‫تظل بقعة بيضاء تقاوم وتنكمش يف زاوية عينَيك‬
‫الليل وهو يدوس العامل يسمع بني خطواته صوت قشور بياض يتكسرَّ‬
‫أمواج الليل تزداد عنفاً والبياض يف عينَيك يزداد انكامشاً‬
‫دل عيون الليل إىل الشموس املذعورة يف مالجئ عينَيك‬ ‫من َّ‬
‫شوكة وردة تسند جفنك تحت طبقات الليل‬
‫الليل يجتاحك‪ ،‬كالعادة تستبسل‬
‫تشعل ما تبقى من شمعة البارحة‬
‫مساء الغد ستكون أقل بسالة بحجم ما يتب َّقى من شمعتك‬
‫الليل يقتلع قطع القرميد‪ ،‬كيف عرف مكاين؟‬

‫‪613‬‬
‫آخر الليل‬
‫النوافذ نامئة‬
‫الشارع نائم‬
‫سالت القاممة نامئة‬
‫مقابض األبواب نامئة‬
‫الكالب نامئة‬
‫املردة نامئون‬
‫املرشدون نامئون‬
‫املصباح نائم‬
‫قمر مثل يف حانة «أكتوبر»‬
‫الحق أقول لكم‪:‬‬
‫أنا أرتعد‪ ،‬أحاسيس بريئة ُتبقيني يقظاً‬
‫مضحك هذا الخوف مع أن حزين مليك‬
‫مسمر ال يغمض يل جفن‬
‫يحمل عريش كتيبة شموس مطفأة‬
‫كلام اطفأت شمساً أبصقها من النافذة‬
‫النوم حامقة ‪ -‬االستيقاظ خطأ فادح‬
‫املواجهة فكرة رجعية ‪ -‬الحياة ال أجرؤ عليها‬
‫الجحيم عربتها ‪ -‬الجنة تركتها خلفي‬
‫الخالص ال يعنيني ‪ -‬الفناء ال يستهويني‬

‫‪262‬‬
‫الحياد نصف موقف‬
‫البقاء فوق الف َّوهة ال ُيطاق‬
‫أنا يف النقطة صفر‬
‫كل الجسور كاذبة‬
‫ال ُيغريني قطار بالرحيل‬
‫املحطة سخام وبرد‬
‫األيدي ملاذا تلوح من النوافذ؟‬
‫كيف أنام ويف رأيس قطارات منتحرة؟‬
‫ونم‬
‫تعال ْ‬
‫دعْ هدا العامل‬
‫ال شأن لك به‪ ،‬لتتصادم قبضات ظاللك غداً‬
‫حتى الشمس تحتاج انخامداً‬
‫كيف أنام وعيني ثقوب غربال؟‬
‫أغربل وأغربل‬
‫ال بيدر ال زوان‬
‫يف الظلمة ألعن الريح النامئة‬
‫يا لحيايت كم تشبه بيضتي مغربل‬

‫‪633‬‬
‫آخر الليل‬
‫تنغلق األبواب‬
‫قاس‬
‫عذايب ٍ‬
‫أسجن يف مم ّر يفيض باملرايا‬

‫آخر الليل‬
‫تغريني نوافذ املدينة بتحطيمها جميعاً‬
‫ال أصدِّق األضواء الباهتة‬
‫وال أحد هناك خلف النوافذ‬

‫آخر الليل‬
‫الله يسمع النحيب‬
‫فيقذفنا باكراً‬
‫بشمس‬
‫لها وجه حارس لي ّ‬
‫يل متو ِّرم العينَني‬

‫‪ -‬أخرياً استطاع أن ينام‪ /‬وهذا أمر رائع‬

‫‪264‬‬
‫خزف الحرضة‬

‫«قامر برأسه كأنه الوردة»‬


‫جالل الدين الرومي‬

‫‪3‬‬
2
‫ماذا لو اصطدمنا عىل أطراف الحياة األخرى‬
‫بآدم آخر باسم مستعار‬
‫تراوده شجرة موز مث ًال؟‬

‫أن تؤمن بأن آدم قامر بكل يشء يف كازينو‬


‫ثم ركل إىل الخارج‬
‫كل محاوالت العودة مفلساً لن تجدي‬
‫يفرض عليك أن تقامر أنت أيضاً ولو برأسك‬

‫كم م َّرة سرنكل خارج أندية القامر؟‬

‫يف أي متحف تعرض بقايا تفاحة حواء املقضومة؟‬


‫سأقامر بها‬

‫آدم‬
‫حواء‬
‫تفاح مقضوم‬
‫نيازك‬
‫أبالسة‬
‫بروق‬
‫لعنات‬
‫ريشات طيور‬

‫‪673‬‬
‫كل ما يتساقط من السامء تحفة الروعة‬
‫كل ما تنبت األرض من براعم مش َّوهة عصف مأكول‬
‫ما األرض غري لعنة غاصت يف آدم‬
‫لعنة تقامر‬

‫ضفاف موحشة وبساتني تفاح‬


‫كل ضفة بخطيئة‬
‫خارطة الكون كروية كروية أيها املبحرون‬
‫ما الكون غري آفاق متعبة مش َّققة مغبشة ملولة ترنو إىل بعضها البعض‬
‫هم بنا وهممنا به‬
‫عىل تخوم األفق األول َّ‬
‫وما انشقَّ غري قميص الرغبة ونصف تفاحة عفنة‬

‫‪268‬‬
‫(الشيطان لـماَّ سئم مت َّرد‬
‫الشاعر لـماَّ سئم عاش‬
‫أفالطون لـماَّ سئم صنع مدينته الفاضلة‬
‫نوح لـماَّ سئم قاد سفينته يف الرمل‬
‫لـماَّ صم أذ َنيه هدي ُر املاء املخبأ بني حبات الرمل‬
‫وأنت متى تبدأ‬
‫بتجميع ألواحك ودرسك‪ ،‬صار للرمل خفة غيمة؟)‬

‫(أول الظلمة يف يدي‪ ،‬آخرها يغوص يف بذور تفاحة حواء)‬

‫‪693‬‬
‫صانع خزف وأحزان‪...‬‬

‫صنع آدم قبل الكون أم بعده؟‬


‫بينهام ه َّوة‪ ،‬منها تنبع العذابات‬
‫واقف يف الفراغ أقيس املسافات‬
‫كانت بحجم قلبي متاماً‪...‬‬

‫لحم يلد لح ًام‬


‫لحم يحك لح ًام‬
‫لحم يلج لح ًام‬
‫لحم يركب لح ًام‬
‫لحم يأكل نفسه‬
‫«اللحم يحلم بيشء أنفس من اللحم» بوكوفسيك‬

‫‪270‬‬
‫طينك يا الله‬
‫ْ‬
‫عبثت فيه املياه القذرة واألصابع املبتورة‬
‫طينك يا الله‬
‫ش َّققته الشموس الزائفة‬
‫طينك يا الله‬
‫يف العراء بال ملسة جامل‬

‫أيها الرب وأنت تستقبلنا خ ِّفف أنوارك قلي ًال‬


‫ستفضح الشقوق يف متاثيل الطني املش َّوهة‬

‫‪713‬‬
‫الله وهو يصنع حواء من ضلع آدم‪ ،‬كان مغموراً بالحنني‬
‫ترك آدم مثقوب الظهر يك يتذكر املرشط الرائع الذي عبث بصلصاله‬
‫صنعت غري دحر الذات وس ِّد الفجوة يف ظهرك‬ ‫َ‬ ‫وأنت أيها البائس ماذا‬
‫مل يتبقَّ لك يشء تصنعه يا صاحب األصابع البرشية املعطوبة‬
‫اغمس يدَيك يف ماء الرب وش ِّك ْل طني العامل عىل هيأتك‬‫ْ‬
‫أَ َويفهم الطني نفسه؟‬
‫‪ -‬نعم أيها الكسيح‬
‫يا صاحب األصابع املكسرَّ ة‪ ،‬جبص الله يف متناولك‬
‫رس أيها الكسيح‬ ‫عصاه ملقاة بجانبك‪ْ ،‬‬
‫س ّد الفجوة يف ظهر العامل‬
‫أقم أود العامل‬
‫املرتجرج يف حمرة نهايات الفصول‬
‫املتأبد يف شمس حمقاء وقمر أحول‬
‫تراب كثري عىل حافة العامل‬
‫والله أطلق خلفك كل غيامته‬
‫مع أنه يعرف أن أصابعك البرشية ال تنتج جحي ًام مكتمل ًة‬
‫وال تقوى عىل تثبيت اإلشارات عىل طريق الجنة‬

‫‪272‬‬
‫بقايا الطني املتناثر يف الكون ال تهدأ‬
‫تحن إىل أنامل الرب‬
‫الجميل‬
‫املار‬
‫بالعوامل‬
‫متفقداً‬
‫أسوأ ما خلق‬
‫لن يغضب عليه ألنه يعلق العوامل عىل خشب ونيس َ‬
‫قول ر ِّبه‬
‫«ملعون من ع ّلق عىل خشبة»‬
‫هو طفل صغري يفشل يف تقليد أبيه‬
‫سيضحك له الرب‬
‫ويقول له‪:‬‬
‫هيا‬
‫أصنع لك حلوى األكوان‬

‫كل غيمة‪:‬‬
‫إصبع اله ‪ -‬تأريخ ‪ -‬تشكيل آخر للطني ‪ -‬تناسخ عوامل‬
‫أقيس الحيوات بعدد الغيوم‬

‫‪733‬‬
‫طني مب َّلل‬
‫خلق آخر‬
‫تحت املطر‬
‫ال تعرف من أنت‬
‫الله وهو يقذفنا يف صلب آدم أوصانا بأنفسنا خرياً‬
‫قابيل ال يطيق هابيل العاشق‬
‫ال قلب يغطي انسحاب قلب آخر‬
‫ال يد متسح عىل رأس متعب‬
‫عائدين لصلب آدم مفعمني بالكراهية‬
‫نلعن بعضنا‪ ،‬تتصادم القبضات‬
‫ماذا سنقول غداً للرب الذي أنكرناه‬
‫آه أيها الظهر الفارغ يا منبت اللعنات‬

‫‪274‬‬
‫يف األعايل‪:‬‬
‫عيون شاخصة‬
‫جثث طائرة‬
‫َد َرج املوىت ُيفيض إىل ج َّبانة زرقاء‬
‫فوقها درج ثانٍ أطول ُيفيض إىل ج َّبانة أكرث زرقة‬
‫‪...‬‬
‫آه أيها اإلله األزرق‬

‫أيها الرب‬
‫هي ذي ذ َّرة غبار كوين تستوطن املجرات وتهجرها كمسامر نعل‬
‫هي ذي ذرة غبار كوين تبحث عن كثبان رمل‬
‫والريح م ّيتة‬

‫‪753‬‬
‫‪ -‬خيطك انتظم خرز األرواح جميعها‬
‫خيطك مكني‪ ،‬األرواح ال تفكر بقطعه‬
‫دورت باتقان بانتظار طرف خيطك‬
‫األرواح التي مل تدُ ْر‪ ،‬وتحنُّ إىل الطريان‪ ،‬وال تطيق خيطاً‪ ،‬لن ينتظمها خيط‬
‫النار‬
‫(القالدة صامتة عىل الطاولة‪ ،‬نظرتك عابثة)‬

‫أيها الرب إذا كان هذا العامل ال يساوي عندك جناح بعوضة‬
‫فامذا نساوي نحن األشقياء الصغار؟‬

‫لكنك أيها اإلله‬


‫تظل األوحد‬
‫يف جعبتك أشياء أجمل من كل هذه الرداءات التي عرفناها‬
‫وحدك من رأى‬

‫‪276‬‬
‫عىل البحر أرسق ملحه‬
‫عىل السامء أرسق زرقتها‬
‫عىل الغابات أرسق خرضتها‬
‫عىل بيوت النمل أرسق ملكاتها‬
‫عىل الجحيم أرسق خزنتها‬
‫عىل الجنة أرسق سياجها‬
‫عىل قلبك أرسق قلبي‬
‫عىل املرآة أرسق مالمحي‬
‫وأنت يا إلهي‬
‫ماذا لديك‬
‫يك أسطو عليه؟‬

‫لص يف السامء؟!‬
‫ماذا كان يريد أن يرسق؟‬
‫‪ -‬كان يريد أن يتأكد من أن اسمه ورد يف اللوح‬
‫وبأنه مل يسقط سهواً عىل هذه األرض‬
‫وبأنه مل يخلق من لعنة‬
‫كان يريد أن يرسق حفنة ضوء من وجه الرب الجميل‪.‬‬

‫‪773‬‬
‫النقطة فاصل‬
‫الفاصلة بداية جديدة‬
‫الفاصل عجز‬
‫يحلم برسقة فقرة كاملة ممتدَّة‬
‫أول حرف يف فم الله وآخر حرف يف فمه‬

‫ما منبع النهر ومص ّبه إال نقطة واحدة يف األزمنة العلوية‬
‫فافتح ضفافك أيها الرب‬
‫ضل طريقه‬ ‫النهر شالل َّ‬

‫النهر املع َّذب بني نقطتني ماذا لو شق طريقاً آخ َر؟‬

‫للعدم أيضاً أنهار وضفاف وخرير‬


‫انظر‬
‫عيني نهر عدم‪...‬‬
‫بني ّ‬

‫األنهار تسبح‬
‫الضفاف تصل‬
‫املاء يشيخ يف اإللحاد‬

‫‪278‬‬
‫عبادة العارف جحيم‬
‫عبادة الجاهل نعيم‬

‫الله لؤلؤة‬
‫الصدَفة الفارغة‬
‫أنت‪َّ ...‬‬

‫َمن ف َّر مني عرفته ألنه عرفني‬


‫َمن ف َّر إ َّيل جهلته ألنه جهلني‬
‫رأس املعرفة والجهل الفرار مني وإ َّيل‬
‫تف ُّرون‬
‫أظل مكاين‬
‫كرمى االثنَني‬

‫‪793‬‬
‫أنا واحد‬
‫وبك أصري اثنَني‬
‫وبه نصري ثالثة‬
‫وبهم نصري جمعاً‬
‫وأظل واحداً‬
‫ما قبيل صفر‬
‫ما بعدي أرقام مبعرثة‬
‫ال ينتصب منها يشء‬
‫شكل الرقم َييش بهيبتي‬
‫حرف كان ال يشء‬
‫ما انكرس أو مال أو انفتح أو ضمر رسم ٍ‬

‫عقلك الذاهب إىل غريي يعرف متاماً أي حامقة يرتكبها‬


‫كل الطرق تؤول إ َّيل‪ ،‬أنا ال أؤول إىل طريق‬
‫انتصب فجأة للعارف يف كبد السامء‬
‫ولن تعرف عربي بداية الطريق‬
‫وال نهايته‬
‫ألين الطريق وأنت لست سائراً‬
‫خطوك بعض رميل‬

‫‪820‬‬
‫بايب موارب‬
‫ألن كل باب مفتوح عىل مرصا َعيه‬
‫خارجه أرسار أكرث من داخله‬

‫بايب موارب‬
‫ألن كل األبواب مفتوحة‬

‫بايب موارب‬
‫يك يكون لك الخيار‬

‫‪813‬‬
‫يا عبدي‪:...‬‬
‫بدوين قلوب الرجال زرائب‬
‫أستطيع دوسك بنعيل لكني أشفقت عىل تراب األرض‬
‫لو مل يكن يل جحيم الخرتعتها أنت‬
‫مل يحتملني جبل فكيف ستطيقني أنت؟!‬
‫لن ُيطفئ نارك الصغرية إال أن ترضع من النار األم‬
‫إن عصيتني ال أعصيك إن أطعتني لن أطيعك‬
‫من شيمي الكرم من عصاين أكرث عرفته أكرث‬
‫إن آذنتك بحرب فاعلم أنك من بدأ وأوصد أبواب قلعته‬
‫فقط تعال إ َّيل يأ ِتك العامل‬
‫إن ذهبت إىل العامل ونسيتني ضاعت نفسك عنك‬
‫ليكن أول أمرك تيهاً‪ ،‬آخره تيهاً‪ ،‬أو أجمل من يتيه َّيف؟‬
‫خلقت كل يشء من أجلك‬
‫لكني مل أخلقك ألجل كل يشء‬
‫حتى الجحيم خلقتها ألجلك أيها املشتَّت املكابر‬

‫عبدي تعال أع ّلمك الطريق إىل نفسك‬


‫َمن بدأ بطريق الله ونيس الطريق إىل نفسه‬
‫لن يربح العامل‬

‫‪822‬‬
‫من بدأ بطريق الله‬
‫سينتهي إىل نفسه‬
‫من بدأ بطريق نفسه‬
‫سينتهي إىل الله‬

‫كل إنسان خلقته من طني‬


‫تركت فيه شيئاً من أثري‬
‫تحسس مكان أناميل إن عرثت عليها‬
‫َّ‬
‫نجوت‬
‫إن تهت‬
‫تش َّققت وهويت‬

‫حصتك من العامل‬
‫أعـطك َّ‬
‫حصتي من الـعبادة‪ِ ،‬‬
‫أعـطني َّ‬
‫ِ‬
‫هلم ُأومل لك ما تشتهي‬
‫ها قد رضبت فسطاطي‪َّ ،‬‬

‫‪833‬‬
‫ُ‬
‫صحت يف امللكوت‪ :‬ها هو ظيل يراين يف املرآة‬ ‫َ‬
‫أحببتك‬ ‫إن‬
‫أيتها املرايا احجبي عنه كل كريه وامنحيه تفاصيل وجهه‬
‫أنت ظليِّ تنقص وتزيد‬

‫كل طريق ال يؤدي إ َّيل هو متاهة‪،‬‬


‫وكل ما خلقت ال يتجاوز كلمتَني‬
‫طريق ومتاهة‬
‫وأنت كلمتي الثالثة‬
‫وأنا قبل الكالم وبعده‬

‫أنا أحتملك لكنك لن تستطيع احتاميل‬

‫الرس‬
‫أنتقي من عبادي من يحمل َّ‬
‫فال تفرح‬
‫مل يحتملني الجبل‬
‫تنس‬
‫فال َ‬

‫قلب متخم لن يعرف طريقه إ َّيل‪ ،‬الجوع طريق العارف‬

‫‪284‬‬
‫اترك النفس تنساب يف نهر الحياة‬
‫إياك والضفاف هي للزهَّ اد وعشاق الله‬
‫وأنت ابن الحياة‬
‫ما بك تف ُّر من البيوت وطرقات الناس‬
‫كصومعة هاربة من سخرية املدن‬
‫ع ْد‬
‫أنت ابن الحياة‬
‫ابن كارثة ال تحيد‬

‫مناغوا ‪ 5 -‬سبتمرب ‪2008‬‬

‫‪853‬‬
2
‫«أنا خطأ العامل الوحيد»‬
‫(*)‬

‫‪3‬‬
2
‫خذوا هذا الكون الطفل‬
‫واتركوين وحيداً‬
‫يل مزاج عجوز ال يحب األطفال‬
‫عىل الحافة ظليّ‬
‫وأنا يف الهاوية‬
‫أركض أريد أن أدوس ظليّ‬
‫ظيل أيضاً يركض يريد أن يدوسني‬

‫أطلقت النار عىل ظل‬


‫أنا الذي أموت‪...‬‬

‫يف الشوارع املهجورة‬


‫أحياناً ُيل َمح ٌّ‬
‫ظل يركض‬
‫وال جسد يف املكان‬

‫الحياة تركض‬
‫واملوت يهرول‬
‫أنا نقطة اللقاء‬
‫أنا برزخ األشياء التي ال تفهم‬
‫أنا البايك يف الجنَّة والضاحك يف الجحيم‬
‫الخزنة نامئون‬

‫‪893‬‬
‫األبواب مفتوحة‬
‫لكني ال أف ُّر وال أطيق صرباً‬

‫ظل صفصافة الرب‬ ‫يف ِّ‬


‫مريض بالشك‬
‫أقضم مثرة الخلود‬
‫وأبصقها‬
‫الوجود م ٌّر‬
‫م ٌّر هو الخلود‬
‫الحالوة يف انعدام الرغبة‬

‫أنا الرابح إيقاع البحر‬


‫اللوعة يف ساميئ قمر مكتمل ال يتبدَّل‬
‫كم يبدو هذا الكون كأساميل البالية‪ ،‬أنا أرتجف‬

‫عابر ال يسء الحظ وال حسنه‬


‫الحياة ليست جميلة وال عاهرة‬
‫أنت تعطي األشياء معناها حني ترتك حيادك‬

‫ال أريد أن أموت‬


‫ال أريد أن أعود إىل الحياة‬
‫يا للسامء والخيارات الخائنة‬

‫‪920‬‬
‫املوت ليس قدراً‬
‫الحياة ليست قدراً‬
‫أنا القدر الذي ُيصنَع عىل عجالة‬

‫لست وحيداً وال مزدح ًام‬


‫لست جمي ًال وال قبيحاً‬
‫لست حياً وال ميتاً‬
‫لست مالكاً وال شيطاناً‬
‫أنا كل يشء أو ال يشء‬
‫«أنا خطأ العامل الوحيد»‬

‫‪913‬‬
‫م َّرت كل القوافل‬
‫مل تحرك يف صحرائك ذ َّرة غبار‬
‫ّ‬
‫املستظل تحت صفصافة الرب؟‬ ‫من للغريب‬
‫من يأخذ بيده؟‬

‫عيناك املتعبتان تشتبكان مع فضاء الكون‬


‫تترسب إليهام شقوق السامء‬
‫َّ‬
‫ثم تبصق نجوماً َّ‬
‫محطمة‬

‫يف عينَيك‪:‬‬
‫واحات دمع‬
‫قطاع طرق‬
‫أشياء عطىش‬
‫أسطو عىل قوافل املالئكة‪ ،‬جائع أنا‬
‫وراء قضبان عينَيك سبع ساموات وآالف املالئكة املنفيني‬

‫‪922‬‬
‫تراجع كنوزك‬
‫مؤجل‬
‫مرشوع انتحار َّ‬
‫مثار مح َّرمة‬
‫إله غاضب‬
‫قلق خنثى‬
‫كربياء شيطان‬
‫منفى ّ‬
‫أريض‬
‫نهايات عقيمة‬
‫عورات عىل وشك النضوج‬
‫تنبش كتاب الجنون‬
‫تبحث عن نهاية لبطل ممزَّق‬
‫احرتف النهايات املبتورة‬
‫م ّد يدك‪ ،‬يف سلتك الكثري‬

‫‪933‬‬
‫تصطدم أجنحتك‬
‫بالسقوف املنخفضة‬
‫ستحتمل أيها املثقل باألعايل؟‬
‫َّ‬ ‫كم سقفاً‬
‫كأن إلهاً يقفز فوقها‬
‫تهبط رويداً رويداً‬

‫عىل السقوف املنخفضة‪:‬‬


‫عناكب‬
‫بقايا ذباب‬
‫قدرك‬

‫أي عدم‬
‫أي حياة‬
‫أي قرب‬
‫سيحتملك أيها النزق الصغري؟‬

‫جحيم كاملة تشتعل يف روحك‬


‫بكل شياطينه ومع ّذبيه وخزنته‬
‫يا لعينَيك الهادئتَني‬

‫‪294‬‬
‫املجانني يتزاحمون للخروج‬
‫أغلقوا الباب ال تدعوهم يخرجون‬
‫إن خرج أحدهم سيضع إصبعه يف مؤخرة العامل‬
‫سيحل آخرون مح ّله‪ ...‬أكرث جنوناً‬
‫ّ‬
‫لن يستطيع أحد مللمة ما سيتناثر‬
‫سالالت مش َّوهة تبدأ مبجنون منفلت‪ ،‬ولن تنتهي‬
‫ال تكرس املرآة‬
‫سيتشظى القتىل‪ ،‬من أين تبدأ ثأرك أيها األحمق‬

‫‪953‬‬
‫جسد بظالل كثرية‪ ،‬أ ُّيها أنا؟‬

‫أنا الباب الصدئ الذي سخر من كل املفاتيح املغرورة‬


‫لن يفتحني سوى انهدام الجدار‬
‫أنا نواح سيف عتيق مل يطل عنق العامل‬

‫أظل االبن العاق لحياة مل تنجبني‬

‫سواي مل يكن يف هذا العامل‬


‫غري البشاعة‬
‫وشعاع حذر ينهض‬
‫يف األفق املعتم‬

‫‪296‬‬
‫أنا‬
‫خطأ‬
‫أيب‬
‫الوحيد‬

‫خطأ أفالطون الوحيد‪ ...‬مدينته الفاضلة‬


‫خطأ آدم الوحيد‪ ...‬أنه أكل التفاحة مرتدداً‬

‫خطأ سفينة نوح الوحيد‪ ...‬إنها استوت‬


‫خطأ األرض الوحيد‪ ...‬طوفان نوح‬
‫خطأ نوح الوحيد‪ ...‬حميل يف سفينته‪ ،‬أنا الحيوان املفرد ال جمع يل‬

‫تأخره عني حتى اآلن‬‫خطأ املوت الوحيد‪ّ ...‬‬


‫خطأ الحياة الوحيد نحن‪ /‬وبيسوا‪ /‬وإنها أجمل من أن نحتملها‬

‫مناغوا ‪ -‬أواخر ‪2007‬‬

‫_______________________‬
‫ّ‬
‫مستل من فرناندو بيسوا‪.‬‬ ‫(*) العنوان‬

‫‪973‬‬
2
‫قرب غجري‬

‫‪3‬‬
2
‫يشء عن قلبي‬

‫لي ًال‪...‬‬
‫أحياناً تسمعون تحت نوافذكم وقعاً َ‬
‫أعرج‬
‫هو قلبي األعوج‬
‫املهرتئ الحوافر‬
‫ال يستقيم‬
‫األقرب إىل زهرة‬
‫القايس أكرث من نهر خدع الجبال واجرتح املمرات‬
‫وسقى الجذور عىل الضفاف‬
‫واختنق قاعه بالرمل‬
‫ثم انتحر غرقاً يف البحر‬
‫أنا ال أفهم قلبي‬
‫قطع لجامه ال يشء يردُّه تحت سامء زرقاء صافية‬

‫مناغوا ‪2008 -‬‬

‫‪1013‬‬
‫يشء عن كآبتي‬

‫ال الرغبات الكامنة ُتدنيه من عظمة الفناء‬


‫وال ريش الخلود يكسو جسده العاري‬
‫قروحه ال تشفيها أوراق اليقطني‬
‫املقذوف من فم الحوت استعذب الظلمة‬
‫الذباب ميأل صحنه‬
‫َ‬
‫عاف العامل‬
‫استحكم خلف أسوار القلق‬
‫يقصف العامل مبنجنيق الكآبة‬
‫هنا آخر بقعة يف العامل لن يدوسها غريه‬
‫اضغطوا‬
‫هنا اللؤلؤة األجمل واألكرب‬
‫هنا قربه قرب مزبلة‪ ،‬حياته مضاعة يف كيس قاممة‬
‫قطط الليل تبعرثه‪ ،‬ال تجد ما يسدُّ فمها‬
‫الزبالون ُيلملمون بقايا حياته‬
‫يرتكون شيئاً عالقاً يف الزوايا‬
‫هنا مر إنسان حياته مضاعة يف كيس قاممة‬
‫*‬
‫أخرياً وجد شيئاً يشبه حياته يف عينَي رجل كهل ُيحتض‬
‫*‬

‫‪2102‬‬
‫هو جزيرة معزولة‪ ،‬حتى حطام املراكب‪ ،‬مل يزر شواطئه‬
‫*‬
‫إنها الريح وأنا فارغ كقصبة‪ ،‬أمتايل‪ ،‬أنكرس وأصفر‬
‫*‬
‫ما من سياج إال وعلق به يشء من أشاليئ‬
‫أسري‬
‫دمع مخلوط باملطر‬
‫*‬
‫طائر ناري أينام حط نرش الحرائق والرماد‪ ،‬ر َّقته غري املفهومة‬
‫*‬
‫أشبه مسدساً محشواً بيد طفل بريء عىل وشك أن ِّ‬
‫يفجر العامل‬
‫*‬
‫ملتاع‬
‫وال قوافل تهبط منحدرات السامء‬
‫*‬
‫إن تفرتس السقف وتبيك‬
‫هذا أقىص ما ميكنك فعله‬

‫مناغوا ‪2008 -‬‬

‫‪1033‬‬
‫أشياء عن كواكبي‬

‫عض القمر‪ ،‬أسقطوه أرضاً‪ ،‬بقيت قطعة يف فمه املد َّمى‬ ‫‪َّ -‬‬
‫يشع نور من جوفه‬ ‫يف الليايل املعتمة ُّ‬
‫يف الليايل املقمرة نور مش َّوه يف السامء‬

‫مستلق عىل ظهره‬


‫ٍ‬ ‫‪-‬‬
‫يداعب نجمة بطرف قد َميه‬
‫تخ ُّر عليه آخر الليل‬

‫‪ -‬الشمس فردة حذايئ اليمنى‪ ،‬القمر فردة حذايئ اليرسى‬


‫أنا أيضاً أسافر‬

‫‪ -‬الشمس تسافر‪ .‬ظليّ أيضاً يسافر‬

‫‪ -‬ربطت قاريب بالشمس‪ ،‬لن أبتعد‬

‫‪ -‬الشمس عمودية‪ ،‬أنا أفقي‬


‫يشء ما يدحرج األرض لزاوية الضجر‬

‫‪2104‬‬
‫‪ -‬كان القمر جمي ًال‪ /‬مشاعاً‪ /‬مرتامياً‪ /‬مشاغباً‪/‬‬
‫رأى رعباً أرضياً وعلوياً‪ ،‬ضغطه بشكل كريه‬
‫فلقة القمر ُتنبئ عن سكني كريهة نصلها يكاد يالمس عنقي‬

‫‪ -‬القمر كامل‪ ،‬أنا متآكل‬


‫حتى أنت أيها القمر؟!‬

‫‪ -‬القمر عىل وشك السقوط‪ ،‬أنا أفرد مالءيت املثقوبة‬

‫‪ -‬ال أحتمل رؤية قمر تشطره قضبان النافذة‪ ،‬أريد قمراً مكتم ًال ألنام‬

‫‪ -‬الليل بعدما فتك بالقمر‪ ،‬ها هو يناوش نجومي املخبأة‬

‫‪ -‬أيّ ق ّوة يف الليل تكنس الشمس خارج األفق‬


‫وتستبدله بقمر أخرق تأكله متى شاءت؟!‬

‫‪ -‬الشمس تستكشف وجه عصفور نائم عىل السور‬


‫الوردة تتاميل عىل حافة السور ‪ -‬القط يتثاءب‬
‫لو أن الشمس تتوه م َّرة وتستيقظ عىل أسواري البائسة‬
‫أسواري التي ما عرفت غري غزاة الليل‬

‫‪1053‬‬
‫ـ بسهمه األول أسقط الشمس‬
‫بسهمه الثاين أسقط القمر‪،‬‬
‫السهم الثالث لقلبه‬
‫بثالثة سهام أنهى الخديعة‪ ،‬وأطفأ العامل‬

‫‪ -‬الشمس الغاطسة يف بحر الدم بسهمه أعادها لألفق‬

‫‪ -‬قمر مبؤخرة مكشوفة‬


‫كم يبدو مضحكاً‬
‫كل هذه ال َعتَمة مل تس ْرت سوأته‬
‫ملك املوت أيرانا كذلك؟!‬

‫‪ -‬لو أسكن القمر‬


‫ُ‬
‫لدلقت من نافذته دل َو بولٍ عىل هذه االرض‬
‫ولكنت من الخارسين‬
‫الهواء هذا املساء كم هو عفن؟!‬

‫‪2106‬‬
‫متتصه ال َعتَمة‬
‫‪ -‬آخر العامل ُّ‬
‫هو الهارب من قمر إىل آخر‬
‫ذلك ما أراده متاماً‬
‫يبتلع حزمة ضوء سا َّمة‬
‫يسدُّ عينه اليمنى بشمس ذابلة‬
‫واليرسى بقمر معطوب‬
‫يح ُّز وريده بقطعة فحم‬
‫يتدلىَّ مشنوقاً من مجرة‬

‫مناغوا ‪2008 -‬‬

‫‪1073‬‬
‫أشياء عن شمويس املص َّفدة‬

‫‪ -‬الشمس ركلت مبؤخرتها لتبزغ فجأة يف السامء‬


‫كل ما تالمسه الخيوط الغاضبة يصاب بالعدوى‬
‫الناس ‪ -‬الشوارع ‪ -‬الشجر ‪ -‬العربات ‪ -‬القطط‬
‫وشاعر أعزل يحكم إغالق النوافذ والشقوق‬
‫يجرح قلبه بيده‬
‫تنبض شمس صغرية‬
‫تكفي إلنارة املكان‬
‫ما حاجته إىل الشموس املتأففة ما دام يستطيع أن مي ّد يده إىل قلبه‬
‫ويطاوعه‬
‫ويرشق‬

‫‪ -‬الليل يهاجر‬
‫تخرج الشمس من مخبئها‪ ،‬يخرج عصفور من عشه‪ ،‬يتفقد السامء‬
‫طازجة وكأنها امل ّرة األوىل وكأن الليل مل يفتك بها‬
‫يصفر صفرة خافتة‪ ،‬ينهض األموات‪ ،‬من قبورهم‪ ،‬تبدأ املدن بالعواء‬
‫يبدأ شاعر مذعور بالقفز من زاوية إىل أخرى منتظراً هبوط الليل ليواري‬
‫سوأته‬
‫هذا األمر يتكرر دامئاً‬
‫الشاعر املذعور املختبئ يوقن أن الكون‪:‬‬

‫‪2108‬‬
‫شمس ‪ -‬ليل ‪ -‬شاعر ‪ -‬مناورة‬
‫األربعة يف قلب الشاعر‬
‫تعساً لقلب تتدافع فيه الشموس والظلامت‬
‫قلبه الذي كان وديعاً قبل أن يسقط يف املناورة األوىل‬
‫الشاعر العاري وهو يقفز من زاوية إىل أخرى ُيصغي إىل صوت قلبه‬
‫قبل قليل غاصت شمس هائلة يف طبقات الليل‬
‫وحدَها حيوانات املدينة سمعت صوت ارتطام مخيف يف قلب الشاعر‬
‫قط منزيل ح َّدق يف عينَي الشاعر‬
‫ثم ما َء بغضب وانتفش شعره‬
‫مخالب أمواج سوداء يف عينَي الشاعر املتعب من االنهيارات يف قلبه‬
‫صاحب العيون التي اسودَّت متاماً يفتك به صفري عصفور صغري يف الصباحات‬
‫البائسة‬
‫يا للمدن الوقحة‬
‫تلك التي مل تعرف الضباب‬
‫يف حياتها‬

‫‪ -‬كغراب مفضوح يف صباح مثلج أبدأ نهاري‬

‫‪1093‬‬
‫‪ -‬مبلل‬
‫بجسد مرتجف‬
‫يدحرج الشمس‬
‫ال ينتهي عذابه‬
‫أمل واحد‬
‫أن يدحرج كرة جليد بجسد محرتق‬
‫كوابيسه ال تخطئه‬
‫يف نومه القليل‬
‫يف صحوه الثقيل‬
‫ذابت عيناه‬
‫مل يعد ينام‬
‫أين هو؟‬

‫‪ -‬كلام تذكر وجهها‬


‫أطفأ أعقاب الشموس‬
‫يف ّ‬
‫كف يده‬

‫‪ -‬شموس العدم تتألأل‬


‫العامل يتعرث بظلمته‬

‫‪2‬‬
‫‪110‬‬
‫قمر بيده قمر أعمى‬

‫القمر عا ٍر ُمرتهِّ ل اللحم‬


‫الشاعر رسق كل غالالته املل َّونة‪...‬‬

‫قمري يف هذه الليلة غراب راقص‬

‫ملاذا كان لنا جميعاً قمر واحد‪...‬‬


‫عفواً‪ ،‬هو إذاً للسامء وحدها‬
‫أسأنا الفهم نحن املعتمون الصغار‬

‫سامء قبيحة بقم َرين‪ ،‬ليسا يل‬


‫قمر يف اإلسطبل يأكل شعرياً وسياطاً‬
‫قمر أجرب لليل ناصع القطران‬
‫رسية آخر الشهور الدامية تغري عقله املقامر‬‫األقامر املخبأة يف مدارات ّ‬
‫أبداً مل يحب هذه الشموس الفاضحة‬
‫ينبح عىل األقامر الغرة ويلعق جراحه املعتمة‬
‫رسية ألقامر تعد النقالبات فاشلة‬‫ينتظر رسائل ّ‬

‫نحن أيضاً لنا مدارات وأشهر‬


‫أحياناً نشبه قمراً محط ًام‬
‫أحياناً نشبه قمرا كام ًال‬

‫‪1113‬‬
‫أحياناً نشبه قمرا مذعوراً‬
‫أحياناً نشبه قمراً أحم َر‬
‫أحياناً نشبه قمراً مث ًال‬
‫أحياناً نضعف أمام غيمة‬
‫نرتك لها املشهد‬
‫أحياناً ينظر القمر إىل السامء يشاهد زرقة صافية ممتدَّة‬
‫يخافها وهو األبيض الصغري‬
‫يف ّر‬
‫أحياناً تشع وجوهنا‬
‫ال بد أن امرأة ُترضع قمراً مكتم ًال‬
‫القمر أحياناً يفطم‪...‬‬

‫يبقر كرش القمر‬


‫تتساقط أوساخه عىل برش بكامل أناقتهم‬

‫أمرييت‪:‬‬
‫ما املانع أن يبحر قمر أسود يف سامء بيضاء‬
‫شك َليهام كام شئت‬
‫أنا أحياناً أخلق قمراً مستطي ًال يغطس يف سامء باذنجانية‬
‫لوال هذه االنقالبات ما تجرأ برعم عىل التع ِّري‬

‫‪2‬‬
‫‪112‬‬
‫األفكار املرعبة‬
‫صارت أكرث جرأة‬
‫تتساقط كنجوم الظهر‬

‫القمر يشرتي أرواحاً بائسة بثالثني َّ‬


‫فضة‬
‫آخر الليل‬
‫بعد أن يصيح الديك ثالثاً‬
‫سأس ِّلمه كل الصلبان والحزاىن والقدِّيسني‬
‫وأشرتي بقطع الفضة‬
‫حب ًال‬

‫وعل‬
‫يج ُّر‬
‫غابة‬
‫نجوم‬
‫تتع َّرى‬
‫قمر‬
‫يغطي‬
‫سوأته‬

‫‪1133‬‬
‫مزقة من ريح املمرات‬

‫لست رشاعاً‬
‫وال موجاً‬
‫وال غصناً‬
‫وجهي شاهدة قرب‬
‫اغريب عنِّي أيتها الريح العاهرة‬
‫لن أسافر‬

‫الريح الليلية‬
‫الضائعة املتسكعة بني شواهد القبور‪...‬‬
‫تحدِّق يف نافذيت‪.‬‬

‫عندما أموت‬
‫ضعوا مكان شاهدة القرب كومة ريح‬

‫كل ريح تدخل النافذة تحمل روائح مخلوطة‬


‫روائح زهور وقبور‬
‫وأنا تسكرين رائحة املوت‬
‫غداً ُ‬
‫سأر ِّكب فلرتاً عىل النافذة‬

‫‪114‬‬
‫‪2‬‬
‫حديقتي الجوراسية‬

‫سجن جامعي فيه‪:‬‬


‫ديناصورات‬
‫أحداق‬
‫وجوه مخنثة‬
‫مرايا ال تكذب‬
‫يرت َّبصون ببعضهم‬
‫الكل سجني فكرته‬

‫ديناصور مأسور يف حدقة‬


‫الحدقة يف سجن العني‬
‫الجسد زنزانة العني‬
‫الجسد عبد املرآة‬
‫املرآة خادم العني‬

‫الديناصور الحامل‬
‫يتخ َّبط‬
‫يرفض االنقراض‬
‫يطل من الحدقة عىل عوامل تشبه ماملك النمل‬
‫يبيك‬

‫‪115‬‬
‫‪3‬‬
‫ينفث ناره‬
‫جسدي يسخن ويتوتر ملأزق الديناصور املأسور‬
‫ماذا لو صارت حدقتي عواملك الفسيحة؟‬
‫يرضب بطرف ذيله جدران دماغي‬
‫كيف تصري حدقة برشية مل َّوثة بالروث‬
‫وطناً لديناصورات كانت أقربكم إىل مزاج الرب لحظة الخلق؟‬
‫كيف تصري الحدقات البرشية وطناً لديناصور أكرث براءة من وجه طفل؟‬
‫َّ‬
‫تشظى عاملها البكر‬ ‫الديناصورات الحاملة املفزوعة لـماَّ‬
‫مل تجد مكاناً تف ُّر إليه سوى ثقوب مؤخرات البرش‬
‫ثم استوطنت الحدقات األكرث بؤساً وكذباً‬
‫من مرآة تعيد الديناصورات الفا َّرة إىل محاجر العيون‬
‫دامئاً تنترص املرايا‬
‫يصري الديناصور األسطورة والحدقة قصته‬
‫يحدث كثرياً أن أستيقظ ويف رأيس‬
‫بيضة ديناصور‬
‫خلف زجاج الحدقة‬
‫يبيك الديناصور‬
‫يتوسل الخروج لكون مل ُيه َّيأ له بعدُ‬ ‫َّ‬

‫‪116‬‬
‫‪2‬‬
‫برعمي املل َّثم‬

‫ما أنت إال برعم صغري‬


‫تضافرت كل العوامل النبثاقه‬
‫عربك أزهر امللكوت‬
‫ال تسقط‬
‫اهزأ بالريح‬
‫كنبي يسافر بني ملكوت البرش وملكوت الرب‬ ‫متايل ٍّ‬
‫مل ُيهزَم نبي قط‬
‫الرسالة تكرب دامئاً‬
‫تبدأ‪:‬‬
‫بنبي مصعوق‬
‫ببعض العشاق الحزاىن‬
‫ببعض األسامل‬
‫الرسية‬
‫ببعض الرتاتيل ّ‬
‫تنتهي ببرش ُيسامرون الله يف بستانه‬
‫وأنت أيها الربعم الصغري‬
‫البستان ك َّله‬
‫َ‬ ‫ستسامر‬
‫ال تسقط‬
‫يا ابن امللكوت‬

‫‪117‬‬
‫‪3‬‬
‫أطل امللكوت برأسه من خالل غصن جاف‬ ‫َّ‬
‫فنت الريح‬
‫نادى املواسم‬
‫استحرض املطر‬
‫لوالك أيها الربعم الصغري‬
‫ما اسودَّت غيمة‬
‫لن تزهر عينان مل تغوصا عميقاً يف وجع الرتاب‬
‫لن متطر غيمة إن مل يستج ِدها برعم بعيد‬

‫لسنا سوى براعم مش َّوهة‬


‫لجذور غاصت يف الرتبة الخطأ‬
‫العيون املشؤومة تغوص يف الرتاب املعطوب‬
‫انظر إىل الجذور الطائرة يف الهواء خلف زجاج الحدقة‬

‫‪2118‬‬
‫رجل الخشخاش وامرأة البنفسج‬

‫‪3‬‬
2
‫امرأة البنفسج‬

‫رجل الخشخاش‬
‫وامرأة البنفسج‬
‫أزهرا‪ ...‬يف ريح تزداد صفرة‬

‫‪ -‬تسافر‬
‫الريح‬
‫يف‬
‫زهر َتني‬
‫ال تلتقيان‬

‫‪121‬‬
‫‪3‬‬
‫يِّ‬
‫املتدل من عرش الرب‬ ‫الرجل‬

‫تأزه الشياطني‬
‫يؤرجحه الشك‪ ،‬تعافه األرض والسامء‬
‫مربوط‪:‬‬
‫بالشمس ‪ -‬بالقمر ‪ -‬بقرب ‪ -‬بنهد ‪ -‬بحبل مشنقة‬
‫إن أفلت من واحدة قتلته األخرى‬
‫عواؤه لن يجدي‬

‫‪2122‬‬
‫يِّ‬
‫املتدل من غيمة‬ ‫الرجل‬

‫سقط سهواً من السامء‬


‫ذئاب الصحراء ترمقه بأعني نصف مغمضة‬
‫القوافل العطىش تفرد قربها وسيوفها‬
‫هو يتأرجح‪...‬‬

‫‪123‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل الذبابة‬

‫العناكب متأل سقف غرفته‬


‫كم يح ّبها‬
‫كم تدلىَّ بخيوطها يف ساعة الرعب الثالثة عرشة‬

‫‪124‬‬
‫‪2‬‬
‫يِّ‬
‫املتدل من حفنة غبار‬ ‫الرجل‬

‫ُمرسبل بالهذيان‬
‫منيس يف أقبية اآللهة‬
‫ٌّ‬
‫ينفض املالءات مساء‬
‫تتطاير شياطني مخدّرة‬
‫ينفض املالءات صباحاً‬
‫تتساقط مالئكة نامئة‬
‫ينفض نفسه يتناثر العامل يف الغبار‬

‫‪1253‬‬
‫الرجل الفريسة‬

‫صدى أصوات برشية ِّ‬


‫متقطعة‬
‫عضات عىل جسده‬ ‫عواء حاد‪ ،‬آثار َّ‬
‫الرجل وحيد وال كالب يف املكان‬

‫‪126‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل الخارطة‬

‫القافلة ْ‬
‫سارت‬
‫تركوا له ق ْرب ًة مثقوبة‬

‫‪1273‬‬
‫الرجل ال ّربي‬

‫ملح بحريٌّ‬
‫يف فمه ٌ‬
‫هو القابع يف غرفة نائية عن البحر‬
‫أحياناً يسمع رصاخ َّ‬
‫بحارة يف فمه‬
‫م َّرة رأى لسانه ُيبحر من فمه‬
‫وقد نبت منه رشاع‬

‫‪128‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل السوريايل‬

‫خلف وسادته حيث يضع رأسه متاماً‬


‫رسم عىل الجدار ف َّوهة مسدَّس‬
‫كل ليلة يضيف جزءاً آخر‬
‫يف ليلة الجرمية رسم طلقة لها شكل الال أبدية‬

‫رأسه الفارغ محشور بني الوسادة وكتل األبدية‬


‫صداع مزمن‪ُ ،‬يذ ِّوب كبسولة من األبدية يف كأسه ويرشف الذوبان‬

‫‪129‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل الواقعي‬

‫يك ينام‬
‫يقرأ عبارة َّ‬
‫خطها عىل الجدار‪:‬‬
‫«ضاع املفتاح‬
‫األبواب يف سباتها‬
‫خلفها فصول تطحن بعضها بعضاً»‬
‫يف الغرفة فصل رماد‬
‫َن ِم اآلن أيها الجذوة املشتعلة‬

‫‪130‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل املغامر‬

‫عىل العتبة اصطادته فكرة يف السامء الثامنة‬

‫‪131‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل صاحب الحدقات امللونة‬

‫يف األفق الض ّيق‬


‫وحش ضجر رابض ينتظره‬
‫يف حدقات الرجل يتو َّثب وحشان أش ّد ضجراً‬
‫ما بني الوحوش املحدِّقة ببعضها‬
‫رجل بائس َّ‬
‫يترضع‬

‫‪132‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل الجائع‬

‫صنَّارته يف املاء ال ُتع ِّكر صف َو سمكة‬


‫هو يعرف ذلك‬
‫املهم أن تظل الصنَّارة مغروزة يف املاء وأن ال يفقد رغبة الصيد‬

‫‪133‬‬
‫‪3‬‬
‫رجل الطني‬

‫خطى رجل وحيد مشتعل ييضء الليل يتناثر يف العتمة‬


‫كلام احرتق أكرث صار كفخارة نبيذ‬

‫‪134‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل البوهيمي‬

‫يريد‬
‫سامء بال غيوم‪ ،‬بال نجوم‪ ،‬بال أقامر‪ ،‬بال آلهة‬
‫يريد‬
‫سامء ُتشبهه‬
‫سامء ُتطعمه‬

‫بعد بزوغ الشمس‬


‫قبل غروب الشمس‬
‫هناك يحب أن يذبح عىل إيقاع الحياة الخافت‬

‫تودي به‬
‫الشمس الربتقالية وهي متوت عىل زجاج رشفة مغربة‬

‫ُينهضه منتصف الليل أنني مزمار تحت النافذة‬


‫يتبعه مغمض العينَني‬
‫يتجمع فتي ُة أطر ِ‬
‫اف املدينة‬ ‫كل صباح َّ‬
‫حول رجل عا ٍر مذهول‬

‫‪135‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل اَّ‬
‫الحمل‬

‫ما تفعله عىل هذه األرض عظيم‬


‫حصتك من اللوعة بكربياء غري منقوصة‬
‫حملت َّ‬
‫و َّفرت عىل إنسانية متعبة َ‬
‫بعض العناء الزائد‬

‫‪136‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل الضائع يف دهليز الصباحات‬

‫بغروب‬
‫بأمواج تتوالد كاألبد األزرق‬
‫تعيس عىل الشاطئ‬
‫يعلم أنه سيموت بعد قليل‬
‫يقذفونه بأشياء ساحرة لن تذكره ولن ّ‬
‫تكف‬
‫آه أيتها اللعنات التي ال تنتهي‬
‫بينام هو ميوت‬
‫يقذف بربيع ال يتقهقر‬
‫بينام هو ميوت‬
‫تنهض عيون بنّية ال تنتهي فيها الصباحات‬
‫بينام هو ميوت‪...‬‬

‫يف صباحايت الخاصة أطلق‪:‬‬


‫سفينتي‬
‫طيوري‬
‫أرساب منيل‬
‫قلويب‬
‫أقنعتي‬
‫ظاليل‬

‫‪137‬‬
‫‪3‬‬
‫أفرع متاماً‬
‫ال يهم أين تذهب هذه األشياء‬
‫أنسحب وأتوارى أيضاً ال يهم إىل أين‬
‫مساءايت أيضاً خاصة‬
‫أبزغ فجأة‬
‫أنرش شبايك‪ ،‬أصطاد أشيايئ م َّرة أخرى‬
‫أزدحم متاماً‬
‫ال يهم أين أتوارى‬
‫املهم أن تظل صباحايت خاصة‬
‫أن أعود بقوافل جديدة‬
‫أن أظل عىل طرف الصحراء أرقب املد والجزر‬

‫ما دامت أغصان األشجار‬


‫تقفز تحت سامء واطئة كل يشء ممكن هذا الصباح‬
‫بإمكانك أن تبدأ بثورة‪ ،‬أخذ يهمس لنفسه‬
‫هذه الشمس ال تعجبني ما رأيك يف انقالب؟‬

‫‪138‬‬
‫‪2‬‬
‫األجساد النامئة تطرد أرواحها قلي ًال‬
‫تعود الروح فينهض الجسد‬
‫ملاذا أستيقظ دامئاً وكأين رجل آخر‬
‫أية أرواح ملعونة ض َّلت طريقها إىل‬
‫فوىض عارمة ال يشء يعود إىل مكانه‬

‫‪139‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل البهيم‬

‫لو كان يل عنق زرافة‬


‫الخرتقت السامء مط ًال عىل املراعي الذهبية‬
‫لو كان يل مؤخرة حصان‬
‫الحتملت سياط الحياة‬
‫لو كان يل صوت ديك‬
‫لنبحت عىل املالئكة وأليقظت العامل‬
‫لو كان يل وفاء كلب‬
‫ال َّتبعت املوت دون نباح‬
‫لو كان يل مخلب أسد‬
‫لفتكت بكل ما أكره‬
‫لو كان يل أسنان سنجاب‬
‫لكرست املوت كجوزة‬
‫أواه أيها الظل املق ّيد كم خرست من غرائز ب ّرية‬
‫من مينحني شهوة دب يف القفار الباردة‬
‫وله كل آدميتي؟‬

‫‪140‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل الربجوازي‬

‫يل‪:‬‬
‫رسير قديم ‪ -‬زاوية رطبة ‪ -‬هامش صغري‬
‫مكان بني نهدَين ‪ -‬قرب صغري‬
‫أمتار من السامء ‪ -‬زهور عىل وشك الذبول‬
‫جيوب بنطال ممزق ُأخ ِّبئ فيهام يديَّ املرتجفتَني‬
‫فم ال زال يصفر‬
‫وأعرف‬
‫كم طرياً جرح السامء بطرف جناحه‬
‫أعرف‬
‫كم بذرة مختبئة يف األعامق ترفض الخروج‬
‫أعرف‬
‫كم قوس قزح مات عىل شفاه السامء‬
‫أعرف‬
‫كم ورقة أسقط الخريف يف حديقتي‬
‫أعرف‬
‫الرس املدفون يف لحمة الورقة بغصنها‬ ‫َّ‬
‫أعرف‬
‫أسامء كالب جرياين‬

‫‪141‬‬
‫‪3‬‬
‫أعرف‬
‫كم بجعة مهاجرة عربت ساميئ‬
‫أعرف‬
‫عدد الفرئان املختبئة يف خابية البيت‬
‫أعرف‬
‫أين خ َّبأت قطتي صغارها‬
‫أعرف‬
‫اسم امللكة يف جمهورية النمل‬
‫غصباً تحت جدار غرفتي‬ ‫املقامة ْ‬
‫أعرف‬
‫كم نجمة ستفضح هذا املساء‬
‫أعرف‬
‫كم نفقاً سيحفر الخلد تحت بستاين هذه الليلة‬
‫أعرف‬
‫كم ساقاً سرتفع آخر الليل‬
‫أعرف‬
‫كم خفاشاً سيفرتس ليلتي‬
‫أعرف اسم قابلتي‬
‫أعرف اسم املالك الذي يزور البرش م َّرة واحدة‬
‫لن أسقط سهواً من هذا العامل‬

‫‪142‬‬
‫‪2‬‬
‫املدجج بالخرائط‬
‫الرجل َّ‬

‫ُي ِّ‬
‫خطط لتدمري العامل سيبدأ بقلبه الخائن‬

‫‪1‬‬
‫سأقاتل‬
‫حتى آخر قصيدة‬
‫حتى آخر زهرة‬
‫حني أسقط لن يجد املوت ما يغتنمه‬

‫‪2‬‬
‫بوصلتي‪:‬‬
‫األبدية ‪ -‬أغنية غجرية ‪ -‬عيناك البحريتان ‪ -‬األنني املكتوم ‪ -‬ديدان‬
‫وشاهدة‬
‫فكيف أضيع؟‬

‫‪143‬‬
‫‪3‬‬
‫‪3‬‬
‫نجمة األفق‬
‫صف زهور‬
‫غابة غامئة‬
‫أعرف الدرب جيداً‪ ،‬اتبعوين‬
‫بيدي خارطة أخرى للعامل‬

‫حفنة ماء ‪ -‬ورقة وردة ‪ -‬ريشة طائر ‪ -‬قبضة تراب ‪ -‬قالب حزين‬
‫سأصنع أشياء فذة‬

‫‪4‬‬
‫بني ثنايا املعطف‪:‬‬
‫ثقوب كثرية ‪ -‬أزرار مقطوعة‬
‫قلق دافئ ‪ -‬قطع عملة‬
‫تذاكر قدمية ‪ -‬بقايا طعام‬
‫خارطة لتدمري العامل‬

‫‪5‬‬
‫بنادق مخ َّبأة بني أوراق الزنابق‬
‫زنابق مخ َّبأة يف الخنادق‬
‫لك أن ُتش ِّكل العامل‬

‫‪144‬‬
‫‪2‬‬
‫‪6‬‬
‫صفرت‪:‬‬
‫للريح‬
‫للشاطئ‬
‫للسامء‬
‫للغابات‬
‫تبعوين‬
‫البقية يتخ َّبطون يف العراء‬

‫‪7‬‬
‫معي‪:‬‬
‫عتلة‪ ،‬صخرة‪ ،‬نقطة ارتكاز‪ ،‬والرغبة ألدحرج األرض إىل الهاوية‬
‫حاذر أن تتحرك؛ ستدوسك‬

‫‪1453‬‬
‫‪8‬‬
‫خلفي‪:‬‬
‫صف قبور‬
‫صف زهور‬
‫صف أحالم‬
‫صف أسئلة‬
‫صف قصائد‬
‫صف أعاصري‬

‫فوقي‪:‬‬
‫رسب طيور‬
‫رسب غيوم‬
‫كومة بروق‬

‫عىل‬
‫امليمنة وامليرسة‬
‫عيناك‬

‫‪ -‬هجوم‪...‬‬

‫‪146‬‬
‫‪2‬‬
‫‪9‬‬
‫العلوية‬
‫ما لك وللحروب ُ‬
‫و ِّزع صناديق الزهور‬
‫عىل جبهات العشاق األرضيني الصغار‬

‫‪10‬‬
‫اخلع أنياب املوت‪...‬‬
‫ْ‬
‫األدرد لن يسلب ورقة زهرة‬
‫الوردة التي تخرس ورقة ُتش ِّوه العامل‬

‫‪11‬‬
‫عضني املوت من عيني‬ ‫إن َّ‬
‫سيصعقه الربق‬
‫عضني املوت من فمي‬ ‫إن َّ‬
‫ستدميه األغاين الحزينة‬
‫عضني املوت من رقبتي‬ ‫إن َّ‬
‫س ُتكسرَ أنيابه يف جذع سنديانة‬
‫عضني املوت يف قلبي‬‫إن َّ‬
‫لن يستسيغ مرارته‬
‫فقط من ثقب مؤخريت‬
‫بإمكانه أن يدخل‬

‫‪147‬‬
‫‪3‬‬
‫‪12‬‬
‫اليوم ُ‬
‫قرأت قصيدة عظيمة‬
‫عن جزرة ُ‬
‫تنيك األرض‬
‫إذاً بإمكاين فعل الكثري‬

‫‪148‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل امللك‬

‫‪1‬‬
‫مثة قطعة ناقصة يف السامء‬
‫أ ُتراها قلبك‬
‫متى تعلو لتغدو السامء كاملة؟‬

‫‪2‬‬
‫رجل التصق بالسامء وجهاً لوجه‬
‫يف الصباح سترشق الشمس بنكهتك‬
‫سيكون للمطر حنينك‬
‫سيكون للغيم مطر عينَيك‬
‫سيكون لألشياء التي تلمسها الشمس رسمك‬
‫سيكون للسامء اسمك‬
‫ستتبعك أشياء كثرية كع َّباد الشمس‬

‫‪3‬‬
‫التصق رجل بالسامء وجهاً لوجه‬
‫لن يرى يف مرآة السامء‬
‫سوى خوفه القديم‬

‫‪1493‬‬
‫‪4‬‬
‫رجل يتبدَّد يف عتمة السامء‬
‫ال يجرؤ عىل فتح عينَيه‬
‫إن عاد ألبسوه إكليل الشوك‬
‫وبقيت قطعة ناقصة يف السامء‬

‫‪150‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل املصاب بالزهامير‬

‫تنىس قلبك مع عالقة املفاتيح عىل طاولة املقهى‬


‫تنىس قدمك يف حذائك عىل عتبة الباب‬
‫تنىس فمك عىل أعقاب السجائر يف املنفضدة‬
‫تنىس يدك مع زهرة قطفتها خلسة من عىل سور يف املدينة‬
‫غابت عيناك يف صدر امرأة عابرة لحظة ترجرج صدرها‬
‫تنىس صدرك عىل شواطئ بحار وهمية‬
‫‪ -‬املدن البعيدة عن البحر كم هي بائسة ‪-‬‬
‫تنىس مسح غبار املدن عن رئتيك‬
‫تسافر أذنك مع أغنية غجرية‬
‫عن أزهار ب ّرية تقاتل خلف التالل‬
‫تنىس طعامك مع كالب املدينة‬
‫مرشدي الشوارع‬ ‫تنىس ثيابك مع َّ‬
‫تنىس حنجرتك مع رصاخ الباعة الج َّوالني‬
‫تنىس شعرك مع الريح‬
‫تعود إىل غرفتك عارياً مفككاً‬
‫أيها األحمق من سيهبك جسداً آخر؟‬
‫من سيلملمك مرة أخرى؟‬
‫من لهذه األشياء من بعدك؟‬

‫‪151‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل َّ‬
‫الض ِجر‬

‫‪1‬‬
‫خنق العصفور الحزين يف القفص‬
‫قصف الزهرة الوحيدة عىل نافذته‬

‫أغلق الستائر‬
‫ما أثقل أن تكون مسؤوالً عن أشياء جميلة‬

‫‪2‬‬
‫أغلق بوابات البحر‬
‫أغلق نوافذ السامء‬
‫ال يريد أن يرى‪:‬‬
‫طرياً مسافراً وال سفناً مبحرة‬
‫رمبا يهدأ الضجيج‬
‫القطارات أيضاً ّ‬
‫متل القبضان ومتوت يف محطة ما‬

‫‪152‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل املصارع‬

‫يف ممرات ذهني يركض ثور املوت األرعن‬


‫الروح راية حمراء ممزقة‬
‫ُ‬
‫أمسك بقر َنيه ُ‬
‫أذبحه‬
‫ُيد ِّوي تصفيق الحياة‬
‫أميض حاملاً بتصفيق أقل حدّة وبثور أكرث هيجاناً‬

‫‪153‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل الحامل بتقبيل أول خيط ضوء‬

‫ليتني شقّ ‪:‬‬


‫يف جذع سنديانة عجوز‬
‫يف جدار قديم‬
‫يف باب خشبي‬
‫يف قرب دارس‬

‫لو‪:‬‬
‫أنتهي بذرة يف حلقوم طائر‬
‫يلتقطني مبنقاره من األعامق‬
‫ال أريد شمساً وال تراباً وال ماء‬
‫فقط لو أنتهي بذرة يف حلقوم طائر‬

‫‪154‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل املتأرجح عىل كريس هزاز‬

‫الطيور ‪ -‬الفصول ‪ -‬األحالم ‪ -‬األسئلة ‪ -‬القتىل ‪ -‬الصمت ‪ -‬الصخب‬


‫الحب ‪ -‬املوت ‪ -‬القدّيسني ‪ -‬العاهرات ‪ -‬الرصاص ‪ -‬الرايات البيضاء‬
‫املحملة بالجثث ‪ -‬الورود ‪ -‬الذبول‬
‫القطارات ‪ -‬الزنازين ‪ -‬العربات َّ‬
‫الكرنفاالت ‪ -‬الجفاف‬
‫م ّروا‬
‫مل ينتبهوا إىل بقايا جثتك املتأرجحة‬
‫عىل كريس األمل‬
‫منذ األزل‬

‫مناغوا ‪2006 -‬‬

‫‪1553‬‬
‫الرجل املخدوع‬

‫تائه بني املرايا واألكاذيب‪ُ /‬أز ِّين وجهي القبيح‬


‫نظرت يف املرآة‪ /‬شاهدت تابوتاً مج َّعداً‬
‫كلام ُ‬

‫أنظر يف املرآة‪ /‬يتكسرَّ وجهي‬

‫املرآة التي تحتمل مالمحي املتوحشة‪ /‬هرم رابع‬

‫أعطي ظهري للمرآة‬


‫ألرى كم خنجراً مجعداً يف ظهري‬

‫حتى املرآة ال تدلني إىل نفيس‬

‫كذب‪ ،‬املرآة هي التي شاخت‬

‫أمسح السخام عن زجاج الفاترينات؛ رمبا أملح طفولتي‬


‫يرمقني كون مسخ‬
‫دخن سيجارة ماريجوانا‬‫بأسنان سوداء ُي ِّ‬
‫ويرشفني ببصاقه‬

‫كلام نظر طفل يف مرآة أصابني الذعر‬


‫ُأع ِّلم طفيل أال ينظر يف مرآة‪ /‬ستختطفه‬

‫‪156‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل عاري الجثة‬

‫أصحو بجسد واحد‬


‫تصارعت عليه روحان طوال الليل‬
‫عىل مشجب الثياب‪ ...‬بنطاالن‬

‫‪157‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل الفضويل‬

‫وأنت متخر يف زقاق معتم قديم‬


‫ّ‬
‫حث الخطى‬
‫تقطع وصال نافذتني عىل جدار ساهر‬
‫ال ْ‬

‫‪158‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل اليتيم‬

‫‪1‬‬
‫قبل أن تذهب بكل ذ َّرة فيك إىل كامل الجنون‬
‫لك أن تلقي نظرة أخرية عىل الوادي‬
‫سيزيف خلفه اآلالف ُيدحرجون صخورهم‬
‫يف الوادي فوىض سالسل‬
‫القمة شموس مرسوقة مطفأة‬ ‫عىل َّ‬
‫قبل أن تذهب بكامل ذرة فيك إىل كامل الجنون‬
‫اكرس قيدك‬
‫ْ‬
‫ابصقْ عىل صخرتك‬
‫اترك لهم شمسك املرسوقة تدحرجها اآللهة إىل الجحيم‬
‫اركب جناحك الذي ينتظرك يف ركن مهجور‬‫ْ‬
‫يف األعايل مرافئ سفر آلخر طفل مجنون يف هذا العامل‬
‫يف األعايل نشوة تشبه حليب األم‬
‫ال يعرف كنهها سوى طفل يتيم مجنون حامل‬

‫ولد طائش ما عرف غري أسوار املأتم والحرمان أيقونته‬


‫الكون رقم يف املأتم نفسه‪ ،‬األم تغفو يف نجمة بعيدة‬
‫أخرجوه طف ًال خداجاً مل يكمل عدميته إىل وجود لن يكتمل‬

‫‪159‬‬
‫‪3‬‬
‫ولد طائش تس َّلق أشجار التيه وجلس عىل غصن الفصول‬
‫يعدُّ األوراق املسافرة يف الريح عل ورقة تتلكأ وتدعوه إىل حلم مراهق‬
‫عندما يتعب يعد النجوم املزركشة‬
‫عل نجمة تتساقط عند قد َميه‬
‫تقص عليه أعراس السامء وغناء املالئكة‬
‫ولد يلعب بالنجوم ثم يحطمها‬
‫زجروه‬
‫وقالوا‪ :‬ستظلم سامؤنا‬
‫ولد يلعب باألحالم‬
‫زجروه‬
‫قالوا‪ :‬ستتسخ روحك‬
‫ثم ألقى خبزه إىل العصافري وطار معهم‬
‫عل غيمة طائشة تغسل روحه‬ ‫َّ‬
‫ثم ُتو ِّزعه عىل الجهات مطراً وضياعاً‬

‫‪2160‬‬
‫ولد طائش أحب من املدن‪:‬‬
‫الفراغات بني البيوت وحدقة صموئيل بيكت‬
‫هديل حاممها املسفوح عىل أسطحة القرميد‬
‫الحماَ م‬
‫أجراس كنائسها التي تطرد َ‬
‫إىل سامء م َّلت سعال املداخن‬
‫وتتوق إىل خفقة جناح وهديل ُيغريها بالتصفيق‬

‫ولد طائش‬
‫قصوا عليه يف املأتم قصة عازف الناي‬‫ُّ‬
‫الذي رسق من املدينة جرذانها وأطفالها‬
‫ع َّد عىل أصابعه‬
‫بضعة مواسم‬
‫إبطيه وفوق شفتَيه وبني سا َقيه‬‫سينبت زغب تحت َ‬
‫سيحمل نايه ويطوف املدن‬
‫تتبعه الفتيات إىل مجون معتَّق يف األقبية‬

‫ولد طائش كرس مكانس املأتم كلها‬


‫تباً أال تصلح مكنسة واحدة‬
‫للطريان قلي ًال خلف أسوار هذا املأتم‬

‫‪161‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل الثلجي‬

‫ظل قلبه هناك يف السهوب الباردة‬ ‫َّ‬


‫عالقاً يف رشاك األسئلة القاتلة‬
‫يل ِّون ثلج الغابات حمرة وعواء‬
‫يرعى قطيع ذئاب مجروحة‬
‫يركض خلف خيوط الشمس الباهتة‬
‫ويعوي عليها‪ ...‬لرتجع‬
‫كيف تحتمل السهوب الباردة كل هذا الظالم؟‬
‫لتذهب هذه الشمس العاهرة إىل الجحيم‬
‫ولينبثق قلبه شمساً ال تخون الغابات الوحيدة‬
‫َّ‬
‫ظل قلبه هناك السهوب الباردة‬
‫يرقب أشجار الصنوبر‬
‫كيف تنفض الثلج عن أوراقها‬
‫وتسجد لعزلة القمم املظلمة‬

‫ظل قلبه هناك‬ ‫َّ‬


‫الئذاً بعزلته من موت باحث عن عرائن يلوذ بها‬

‫‪2162‬‬
‫ظل قلبه هناك‬ ‫ّ‬
‫يس ّد الفراغات بني أشجار الصنوبر يك ال مي ّر صياد أحمق‬
‫ّ‬
‫ظل قلبه هناك‬
‫يحلم مع السهوب البدائية بأول وردة تتفتّح باألصقاع البعيدة‬
‫ّ‬
‫ظل قلبه هناك‬
‫يتساقط مع األوراق املتج ّمدة‬

‫ظل قلبه هناك‬‫ّ‬


‫يتح ّرش باألغصان العارية ليوقظ الحياة يف الجذور العميقة‬

‫ظل قلبه هناك‬ ‫ّ‬


‫يتس ّكع بني التالل الباردة وحيداً‬
‫منيس هنا‬
‫والولد ّ‬
‫كيف تجرأ وكرب بال قلب؟‬

‫‪163‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل الذي اعتنق عقيدة األجنحة‬

‫رجل حرش العامل يف بيضة‬


‫القمة‬
‫قذفها إىل َّ‬
‫ْ‬
‫فقست‬
‫بزغ نرس أسود صغري‬
‫كرب‪...‬‬
‫ها هو‬
‫العامل يطري‬
‫م َّرة أخرى‬

‫حنَّ النرس الذي كرب إىل الق ّمة‬


‫عاد‬
‫هدأ الشوق‬
‫نهض حنني العودة إىل البيضة‬
‫حرش نفسه يف قشور البيضة‬
‫تش َّق ْ‬
‫قت‬
‫سال العامل إىل القيعان م َّرة أخرى‬
‫رجل صعد الق ّمة يلملم قشور البيض‬
‫ويبيك‬
‫(فشل السحر غري املفهوم)‬

‫‪2164‬‬
‫بني نظرات صقور جائعة‬
‫كناري صغري يتج ّول عارفاً طريقه كرمح‬
‫عارفاً سام َءه‬
‫فاقع اللون كخارطة فرح‬
‫لديه متَّسع للصفري وانتظار إناث الربيع القادم‬
‫ْ‬
‫خدشت طرف جناحه‬ ‫ليس لديه وقت لرؤية طلقة‬

‫أرص بأنه‪:‬‬
‫َّ‬
‫غيمة ‪ -‬ريشة ‪ -‬حفنة ضوء ‪ -‬قطعة قزحية‬
‫ال ُتصدِّقه السامء‪ ،‬تسخر منه الطيور‪ ،‬تبعرثه الريح‬
‫يتلمس املاء املتكثف يف عينَيه‬
‫مع أنه َّ‬
‫جناحيه‬
‫مع أنه يفرد َ‬
‫ملاذا ال يطري‬
‫ملاذا ال يطري‬

‫بني مخالب النسور يعيش‬


‫إن أفلت‬
‫ماتت كل النسور‬

‫‪165‬‬
‫‪3‬‬
‫يف السامء العارية تتألق غيمة عزالء‬
‫تدور‪ ،‬تهبط‪ ،‬تصعد‪ ،‬تبيض‪ ،‬تسود‬
‫طافت حقوالً وبحاراً ومدناً‬
‫لكنها اختارت أن تنتحر يف مكان قاحل نا ٍء‬

‫بيضة سقطت من العش‬


‫مل ُيع ِّلمها أحد الطريان‬
‫ظلت تحلم بالعودة إىل العش‬
‫مثة أناس هكذا‬
‫أفراخ أيتام ساقطني‬
‫من األعشاش قبل أوان الطريان لفرط اندفاعهم‬
‫يحلمون بالعودة‬
‫تظل حياتهم زقزقة تحت أعشاش بعرثتها الرياح واأليام‬
‫كربوا وزغب أجنحتهم نتفته الرغبة بالعودة إىل العش‬

‫أسلموه كوكبة مالئكة صغار‬


‫مشغول بنزع ريشهم وإطعامهم شعرياً‬
‫مشغول بتسييج الحظرية‬

‫‪2166‬‬
‫ماذا رأى الهالئيك البائس يف السامء‬
‫حتى عبد سجنه األريض؟‬

‫صاحب األرجل الهزيلة‬


‫كيف منا له جناحان مالئكيان؟‬
‫وملاذا ال يطري أو مييش حتى اآلن؟‬

‫ملاذا تضيق اآلفاق وتختفي الطرقات‬


‫جناحيه؟‬
‫عندما يفرد َ‬

‫السواد يفتنه‬
‫الرجل الريشة الساقط من جناح غراب‬
‫يركض يف الشوارع املبللة‬
‫يعلو يعلو‬
‫تتالعب به الريح الليلية‬
‫يبدأ بالنعيق‬

‫‪167‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل املموه بالكايك‬

‫برزخيون خرجوا من خنادقهم مراراً لتشييد الكون‬


‫احرتفوا هزمية الطوفان‪...‬‬
‫حاممتي عادت مذعورة‬
‫أخربتني‪:‬‬
‫كل الخنادق فارغة‬
‫وبأنكم عربتم إىل العامل اآلخر‬
‫وبأنكم انهرتم بعدما ش َّيدتم العامل‬
‫عودوا‬
‫ماذا أفعل بحجارة الكابوس املهدَّمة؟‬
‫رماديون أزليون‬
‫جابوا دروب العامل‬
‫امتصوا ألوان الفرح واألمل‬
‫ّ‬
‫داكنون حزاىن عىل وشك السواد‬
‫مشنوقون بحبل رماد‬
‫دمويون يف أحشائهم‬
‫قنابل موقوتة‬
‫يجوبون خنادق العامل‬
‫تك تك تك‬

‫‪2168‬‬
‫قد ينفجرون تحت رشفة أو ج َّرة ورد‬
‫قد ينفجرون يف لحظات باردة حيادية‬
‫هي األخطر‬
‫لحظات ال تشبه الغسق‬
‫خالية متاماً من العوائق‬
‫تنفتح أمام عيونهم الباردة موجة سوداء هاربة من الجحيم‬
‫تتقهقر‬
‫تجذب معها‬
‫عشب أرواحهم الطري‬
‫لحظات تشبه الضباب‬
‫حيث يتسترَّ عىل جرعة عىل وشك النضوج‬
‫يف ليلة أرملة‬
‫يهزين انفجار قلب شاعر تحت قمر وقح‬
‫أخرج املو َّقت من قلبي‬
‫أضبطه عىل ساعة الصفر‬
‫دامئاً أنهض مبكراً‬
‫أو متأخراً‬
‫الضباب‬
‫أجل‬
‫الضباب‬

‫‪169‬‬
‫‪3‬‬
‫حيث ال يخون مو َّقت القنبلة‬
‫رماديون ال يأبهون بأزهار األكوان‬
‫العاجزة عن إتحافنا‬
‫بوردة رمادية‬

‫وضع عىل قربها إنساناً» باول تسيالن‬


‫«ادفنْ زهرة ْ‬

‫الرجال املم َّوهون انحدروا من الجبال النائية‬


‫يبحثون عن الحياة يف القيعان‬
‫عىل الجهة األخرى‬
‫الرجال الرماديون صعدوا الجبال النائية‬
‫يبحثون عن الحياة يف القمم الباردة‬
‫تنام الحياة وحيدة عىل سطح األرض‬

‫أنا ال أحفر يف هذا العامل‬


‫كل ما عىل السطح مثني‬
‫أحفر فقط ألواريَ الجثث‬
‫لو كان بيدي‬
‫لرتكت الجثث تتع َّفن عىل السطح‬
‫تحت املطر والشمس والريح‬
‫سنعتاد األمر‬

‫‪2170‬‬
‫هاتوا يل بندقية العامل يتقدَّم‬
‫عىل الهاوية أفرد أضالعي جرساً يك مت ُّروا‬
‫أخلع عظمة مد َّببة من عظامي‬
‫أصنع فيها ثقباً‬
‫أم ِّرر فيها خيطي اللحمي‬
‫أخيط األرض بالسامء وباألسوار الهرمة‬

‫قلب يف املنجنيق‪ /‬ه َو يل‬


‫أخلع عظمة أخرى‬
‫أسند بها باب السامء‬
‫أصنع من عظامي س َّل ًام‬
‫يصعده املوىت الحاملون نحو السامء يك ال مي ِّثل بجثثهم‬
‫املوىت الذين ض ُّلوا طريقهم‬
‫أخلع عظمة أخرى أسند بها باب األرض‬
‫بقي عندي عينان ودمي‬
‫سأردّهام‬

‫‪171‬‬
‫‪3‬‬
‫رجل املمرات‬

‫القبور ال تنضب‪ ،‬البرش ال يتعبون‪ /‬يا للملل‬


‫البرش يتأملون ملتاعون‪ ،‬هل يعني ذلك شيئاً؟‬
‫رواية تافهة تخلو من بطولة‪ ،‬بعد االنتهاء من قراءتها‬
‫ُتلقى من ش َّباك القطار‬
‫أحياناً ُترمى منذ الصفحة األوىل‬
‫يف املمر‪ ،‬يأكلون بعضهم‪ ،‬الخيانة م َّربرة‬
‫خارج املمر ال يوجد يشء مهم‬
‫ماذا لو كان يف آخر املمر باب يفيض إىل ممر آخر وبرش آخرون‬

‫ثرثرة يف املمر‬
‫ال يقولون شيئاً مفيداً‬

‫الكل بيده مفتاح‬


‫مل يجرؤ أحد عىل أن ُيج ِّرب‬
‫الشعراء ابتلعوا مفاتيحهم عمداً‪ ،‬يعوون‪،‬‬
‫الرسامون يز ِّينون الجدران‬
‫الفالسفة يتأملون‬
‫النتائج مريعة‬

‫‪2172‬‬
‫يف املمر‪ ،‬برش يراهنون عىل رصاع دي َكني‬
‫ميوت املهزوم أملاً‬
‫الديك املنترص ميوت من الشيخوخة‬
‫املمر ميوت من السأم‬
‫البرش ال ميوتون‬

‫أال من برهة‬
‫لتنظيف املمر‬

‫يف املمر‪،‬‬
‫البرش والكارثة والنسيان وغثيان‬

‫املمر‪ ،‬من ُيؤ ِّرخ له؟‬

‫أحياناً يهت ّز املمر كام لو أنه ُي َ‬


‫قصف‬
‫ينبطحون أرضاً‬
‫ثم ينهضون‬
‫ما للبرش وحروب اآللهة؟‬

‫مناغوا ‪2007 -‬‬

‫‪173‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل املكيدة‬

‫‪1‬‬
‫اش‪ ...‬اش‪ ...‬اششششششش‬
‫مصائد بدائية‬
‫عواء وحوش‬
‫خشخشة‬
‫ظلمة‬
‫صمت متقطع‬
‫نظرات حادة تلمع‬
‫أصوات طيور‬
‫حفيف أوراق الشجر‬
‫يا َمن تعربين‬
‫احذ ْر أن تدوس غصناً يابساً‬
‫يشء ما سينفلت من عقاله‬
‫يا من تعربوين‬
‫يف داخيل كل الجسور مهدّمة‬
‫لن تصلوا أي مكان‬
‫أنا سحيق‬

‫‪2174‬‬
‫رجل الصنوج‬

‫يف ضجيج املذابح والغبار‪ ،‬يعلو أكرث‬

‫يف الضجيج‪ ...‬ينام‬

‫من كل هذه األشياء الحادة‬


‫مل تجرحه سوى ملستها‬

‫‪175‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل اَّ‬
‫الخمر‬

‫العامل يضيق‬
‫بالسلم ‪ -‬بالحرب‬
‫بالخريف ‪ -‬بالربيع‬
‫بالحياة ‪ -‬باملوت‬
‫مثة يشء آخر‬
‫مثة يشء آخر‬
‫مثة يشء آخر‬
‫سيظل العامل عطشاً لنبيذك املعتق‬
‫متى تكرس الجرار ويسكر العامل‬

‫‪2176‬‬
‫الرجل التفاحة‬

‫نصف حياة‬
‫نصف موت‬
‫سكينك أيها الرب كم كانت حاذقة‬
‫من املنتصف متاماً‬
‫ماذا لو مالت قلي ًال؟‬

‫‪177‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل املجرة‬

‫يف مداري الذايت دامئاً أصطدم بكائن يشبهني‬


‫أر ِّمم ما تناثر‬
‫أكمل مداري الذايت بكائن آخر سيصطدم بكائن يشبهه يف مداره الذايت‬
‫ترتصد بعضها ‪-‬‬
‫‪ -‬مسوخ كواكب َّ‬

‫‪2178‬‬
‫الرجل املومياء‬

‫خلف الباب يركن‪:‬‬


‫ذاكرته‬
‫حياته‬
‫أشباحه‬
‫حذا َءه‬
‫وجهه‬
‫قدمه‬
‫قلبه‬
‫خوفه‬
‫يندس يف الرسير يشء ال يقدر عىل وصفه‬‫ُّ‬
‫تنام يف رسيره مجرفة دفن املوىت السوداء‬
‫ال يجرؤ عىل مقاسمة أحد غرفته‬

‫يف ظالم املدافن‬


‫فأس النسيان يحفر أناشيد جنائزية‬
‫لزهرة فادحة الغياب‬
‫هل رأيت شيئاً؟‬

‫يف الصوامع النائية‬


‫متسرتاً‬

‫‪179‬‬
‫‪3‬‬
‫أفك لفائفي البيضاء‬
‫الفراغ يتشقق‬
‫الرس‬
‫عن ّ‬

‫لصوص املدافن شقوا صدرك‪ ،‬عرثوا عىل‪:‬‬


‫سفن غارقة‬
‫جثث متحللة يحمل بعضها بعضاً‬
‫كومة مجانني‬
‫مقبض حلم‬
‫قفص صدئ‬
‫رغبات رديئة‬
‫نصال سهام محطمة‬
‫مقابض أبواب‬
‫أقفال ال مبالية‬
‫ثرثرة وجودية‬
‫رغبات غري جادة‬
‫غيوم آسنة‬
‫قطارات تصطدم ببعضها‬
‫‪ -‬مكان قلبك وجدوا تابوتاً فرعونياً‬
‫العينان املطفأتان كانت لؤلؤهم‬

‫‪2180‬‬
‫الرجل املحرتق‬

‫وجهاً لوجه‬
‫ترتطم قطعة فحم صغرية بكتلة سوداء هائلة‬
‫بضع رشارات صغرية‬
‫أهذا ما ُيع ِّذبك؟‬

‫‪181‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل املحارة‬

‫يهوى األعامق املظلمة‬


‫الرس‬
‫ال رس يف داخل املحارة‪ ،‬تخمينات الص ّيادين هي ّ‬
‫ذلك ما يجعل محارة مغلقة عىل الفراغ‬
‫تساوي آالف املحارات املفتوحة عىل رمل الشاطئ تحت شموس مز َّيفة‬

‫‪182‬‬
‫‪2‬‬
‫رجل سندباد‬

‫الرجل الذي كنتُه وأكونه وسأكونه‬


‫غادرين‪...‬‬
‫عىل رصيف امليناء الفارغ‬
‫ببالهة ُ‬
‫أهرش جلدي األرمل‬

‫الرجل يف صالون الحالقة‬


‫َش ْعر؟‬
‫أم ذقن؟‬
‫‪ -‬أجاب‪ :‬دماغ‬

‫‪183‬‬
‫‪3‬‬
‫بورتريه رجل مناغوا‪...‬‬

‫حزين كمطر يصفع وجه البحرية‬

‫أدار ظهره للعامل‬


‫حضن نفسه بيدَيه‬
‫دفن رأسه يف املعطف‬
‫ك َّز عىل أسنانه‬
‫أغمض عينَيه‬
‫تال ما تيسرَّ من أغاين الغرباء‬
‫ليأت الطوفان‬ ‫ِ‬
‫محملة ببذور الحياة تتأرجح يف املعطف‬‫السفينة َّ‬
‫مير الطوفان‬
‫يدير وجهه‬
‫يفك يدَيه‬
‫يرخي أسنانه‬
‫يرفع رأسه‬
‫يفتح عينَيه‬
‫يصمت إىل األبد‬

‫‪184‬‬
‫‪2‬‬
‫ينكمش يتم َّدد‬
‫لكن أبداً ال ينكرس‬
‫مل تكن املدينة يوماً عىل مقاسه‬

‫عىل وشك أن يبدأ حرباً جديدة‬


‫يتلصص‬
‫عىل سامء املدينة من ثقب يف النافذة‬

‫يناوش العدم‬
‫يف آخر الشارع املعتم‬

‫يجعلك يف غرفة تنئ تحت وابل من املطر‬


‫يتخ َّيل نفسه ح َّبة مانجا ناضجة عىل وشك السقوط‬
‫منتصف الليل‬

‫شجرة املانجا سامقة كعقرب يف املحطة الواحدة‬


‫املدينة ساعة‬
‫الرجل زنربكها‬

‫تسع متاثيل لرجال ونساء‬


‫يف باحة مطار مناغوا‬
‫ما أشقاها‪ ،‬هو عارشهم‬

‫‪185‬‬
‫‪3‬‬
‫رجل مش َّوش تستهويه الوجوه الشهوانية‬
‫الرسية يف العيون الشبقة‬
‫يفك الرموز ّ‬
‫ال تستهويه الوجوه الربيئة ليس فيها ما يدعو إىل التفسري‬
‫خلع األقنعة من الوجوه تلك كانت خطيئته‬

‫قدماه مغموستان يف طمي األمل‬


‫ال يجرؤ عىل سحبهام‬
‫يصري مسخاً جافاً كسيحاً‬
‫إن فعل‬

‫يف حفرة‬
‫عىل وسادة‬
‫بني يدَيك‬
‫أو بني يدي‬
‫عىل هذا الرأس أن يتدحرج‬

‫عنق يحمل رأساً‪ ،‬هل هناك رعب أكرث من ذلك؟‬


‫م َّرة يحرش رأسه يف ج َّرة فخار‬
‫م َّرة ُيع ِّلقه عىل غصن شجرة‬
‫م َّرة يضع رأسه يف إسته‬

‫‪2186‬‬
‫ليس‬
‫أمري الخراب‬
‫أمري الفواجع‬
‫أمري أقواس النرص‬
‫أمري السجاد األحمر‬
‫أمري الحرب وال السلم‬
‫ليس شاعر األمري وال مه ِّرجه وال حارسه‬
‫هو بستاين القرص الفقري‬
‫لواله ما تجرأت زهرة عىل التفتُّح يف هذا القرص‬

‫يكفي أن يمُ ِّرر فمه عىل الف َّوهات ل ُيد ِّوي بأحزان باهظة‬
‫ينفخ وينفخ‪ ...‬يف أراغونات جراحه الصفراء الالمعة‬
‫تلتهب جروحه الصامتة‬
‫يؤمن بأصوات ستغيرِّ العامل‬
‫متر امام عينَيه سوناتات موسيقى يتع َّلق العامل بأذيالها‬
‫موسيقي بارع‬
‫ّ‬ ‫تبحث عن‬
‫وليس غريك من يحرش العامل يف ف َّوهة أراغون عنيد ال يصفر‬
‫وليس غريك من يصعد سلم املوسيقى النشاز‬

‫‪1873‬‬
‫رجل يشبه‪:‬‬
‫برج قلعة محارصة‬
‫منجنيقاً مصاباً بالفتاق‬
‫مسمم الرأس‬ ‫سه ًام َّ‬
‫مقبض سيف مكسور‬
‫جراباً مهرتئاً‬
‫بيضة مقل َّية‬
‫فردة جورب ضائع‬
‫ف َّوهة بركان‬
‫حذاء بالياً‬
‫برميل قاممة‬
‫كريس ملك‬ ‫َّ‬
‫بقايا فنجان قهوة‬
‫واقياً ذكرياً‬
‫عانة عاهرة‬
‫ج َّبة قديس‬
‫رائحة الصناديق القدمية‬
‫رجل يشبه أي يشء لكنه ال يشبه نفسه‬ ‫ٌ‬
‫استفاق هذا الصباح به رغبة أن ُيحدِّد مالمحه‬
‫وذلك يشبه ‪ -‬كتيبة فرسان تفتح باب القلعة لتنتحر‬

‫‪188‬‬
‫‪2‬‬
‫اململوء بكائنات أرضية مص َّفدة‬
‫ال يجرؤ عىل النظر إىل السامء‬

‫امليتافيزيقي املشعول بالباطن‬


‫الحارض بالغيبيات‬
‫املد ّوخ برائحة املوت‬
‫مر ّوض الوحوش‬
‫فاضح الربوق املطفأة‬
‫الط َّواف‬
‫الع َّراف‬
‫جامع قطع الجحيم املهملة من شوارع العدم املغربة‬
‫الراكض خلف نفسه‬
‫الخائض أرض األساطري‬
‫كيف يجرؤون ويطلبون منه قصائ َد يومية تافهة‬
‫فيها أمل وهيام بعينَني كرسير ماخور‬
‫ُيع ِّذبه سؤال زوجته عىل الباب‪ :‬ماذا أطبخ لك هذا اليوم؟!‬
‫الصامت عمداً‬
‫املتكلم سهواً‬
‫األخرس ذو األحالم املعدومة‬
‫ذو الطعنات اإللهية‬

‫‪189‬‬
‫‪3‬‬
‫صاحب الريشات املعدنية‬
‫رسين‬
‫الرجل الهاوية بني ج َ‬
‫حرش السامء يف عينَيه املعدنيتَني‬
‫ظل يراقب الطيور تهوي مفزوعة يف الفراغ‬
‫مع أن كلمة واحدة كانت تكفي إلقالعه‬
‫لتحليقه‬
‫لهبوطه‬
‫مع أن كلمة واحدة كانت تكفي‬
‫من تي ّبس الكالم يف رساديبه‬
‫مع ذلك‬
‫ظل صامتاً‬‫َّ‬
‫سهواً‬

‫‪190‬‬
‫‪2‬‬
‫تسعة رجال وحيوان واحد‬

‫الضفادع نامئة‪ ،‬من أين كل هذا النقيق؟‬


‫الليل يدوسني‪ ،‬وأنتقم بسحق رصاصريه‬

‫مل يكن يف الغرفة أي فانتازيا‬


‫ضوء يتفكك عىل الرسير‬
‫يف الزاوية عنكبوت يفرتس رج ًال‬

‫طائر‬
‫مات‬
‫يف‬
‫القفص‬
‫آخر‬
‫الليل‬

‫حامر هرم يحب الحشائش اليانعة‬


‫يا موت‬
‫يا عد ّوي‬
‫أين ذهبت أسنانك؟‬

‫‪191‬‬
‫‪3‬‬
‫داخل الوريد برق مضغوط‬
‫داخل الوريد ذئب أخري تتناقص براريه‬

‫يف اإلنتخابات القادمة سأنتخب منلة لتجلس عىل العرش‬


‫عىل األقل لن ترسق الحنطة‬

‫ملا تأخر الربق‬


‫جسده الذبيح يف العراء تتصارع عليه‬
‫رس َّية ذئاب‬

‫نف ّر يف الصحاري الكونية‬


‫ِجامالً هائجة جرباء‬
‫قطران الليل يتدفق خلفنا‬

‫رصصار الليل املعزول‬


‫أقام مملكته يف أعامق الظلمة‬
‫صار األوركسرتا‬
‫والليل الحزين‬

‫‪192‬‬
‫‪2‬‬
‫رجل الفصول العرجاء‬

‫‪1‬‬
‫ربيعي أصفر‬
‫خريفي أخرض‬
‫شتايئ حار‬
‫صيفي ممطر‬
‫هكذا نبت يف حديقتي شجر خرا ّيف‬

‫‪2‬‬
‫القلب ورقة صفراء ال ُيسقطها كل خريف العامل‬
‫الورقة تصبغ العامل شيئاً فشيئاً‬
‫بالصفرة الناضجة‬
‫ما كنت غري نتاج اصطدام ربيعي‬
‫بخريف العامل‬
‫ورقتي الصفراء تصبغ وتصبغ‪...‬‬

‫‪193‬‬
‫‪3‬‬
‫‪3‬‬
‫يبدأ ربيعي لـماَّ يبدأ خريف اآلخرين‬
‫يبدأ خريفي لـماَّ يبدأ ربيع اآلخرين‬
‫لن نلتقي‬
‫أشجاري الخرافية‬
‫لن ُتسقطها مواسمكم وفؤوسكم‬

‫‪2194‬‬
‫الرجل الكبش‬

‫كبش بيضتَني كبري َتني ينطح هواء الزريبة‬


‫ضيف املرسات والرضورات‬
‫طاف بيوت القرية‬
‫ركب جميع اإلناث يف الزرائب‬

‫ينشقُّ باب الحظرية يلمح س ّيده وسط الضوء‬


‫مل يعد ُيجدي بيضك وال قرونك‪ ،‬انتهت املرسات والرضورات‬
‫الجوع واملسغبة والريح الباردة‬

‫الرجل يخرج من كوخه‬


‫وسط الثلج متدثراً بفراء خروفه‬
‫تتأ َّمله ريح الجهات‬
‫بني شعره بدأ ينمو قرنان‬

‫‪195‬‬
‫‪3‬‬
‫الرجل األخرس‬

‫عىل طرف الطريق عجوز يبيع ببغاوات‬


‫عىل عصاه أربع مزركشات‬
‫مقصوصات األجنحة‬
‫سيدي‪:‬‬
‫هل يف عصاك متَّسع‬
‫لشاعر مقصوص اللسان واألجنحة يبيعك نفسه؟‬

‫‪2196‬‬
‫رجال العامل‬

‫ضجرون‬
‫كعشب مرتعش‬
‫يتهيأ للمطر‬
‫أو الج ّز‬

‫‪197‬‬
‫‪3‬‬
‫جنتلامن‬

‫قمة‪ ،‬طفل يهبط منحدراً‬


‫كهل يصعد َّ‬
‫القمة‬
‫الكهل يهبط املنحدر‪ ،‬الطفل يصعد َّ‬
‫أحياناً‬
‫يد الطفل بيد الكهل يصعدان معاً‪ ،‬يهبطان معاً‬

‫أحياناً‬
‫يظهر أحدهام‬
‫يختفي اآلخر‬

‫أبداً مل أكن شاباً يف مناسبة ما‬


‫ولدت هكذا دفعة واحدة‬
‫طفل أبيض الذقن يلهو به عكاز‬
‫القمة أرقب‬
‫أظل عىل َّ‬
‫كرشطي مرور أحمق تختلط عليه األشياء‬
‫أيهم يهبط؟‬
‫أيهم يصعد؟‬
‫تعالوا أيها السادة نر ِّتب أمورنا‬
‫مؤخراً صار يرى الجبل فارغاً‬
‫ال من يهبط‬

‫‪198‬‬
‫‪2‬‬
‫ال من يصعد‬
‫سفحي الجبل‬
‫يا لإلثارة املنرصمة عىل َ‬
‫مسمر عىل قمة ترصد قم ًام أبعد‬
‫َّ‬
‫يهب بارداً‬
‫الهواء ّ‬
‫يلعن السفوح الفارغة واملمتلئة‬
‫قمة أخرى‬
‫ألبحث عن لعبة أخرى عىل َّ‬

‫‪199‬‬
‫‪3‬‬
‫القمة ‪36‬‬
‫الرجل عىل َّ‬

‫‪1‬‬
‫لحيايت قدم عرجاء‬
‫املوت أ ّم أربعة وأربعني‬

‫يف رأيس عيون كثرية‬


‫الرؤيا غبش‬
‫يل أربع وأربعون قلباً‬
‫عاجز عن عبادة زهرة‬
‫يل أربع وأربعون جناحاً‬
‫السامء منتوفة الريش‬

‫يل أمنية واحدة‬


‫من مينحني حكمة حامر‬
‫وله كعكة بست وثالثني شمعة‬

‫‪200‬‬
‫‪2‬‬
‫‪2‬‬
‫حيايت مثالية متاماً‬
‫تبدأ مبوت‪ ،‬تنتهي مبيالد‬

‫‪3‬‬
‫شاب شعرك عىل الجرس‪ ،‬تسأل املارة‪:‬‬
‫هل املوت بني حيا َتني؟‬
‫أم‬
‫الحياة بني مو َتني؟‬

‫‪4‬‬
‫بال شموع‬
‫القمة‬
‫أهبط من َّ‬
‫أل ِّوح بق َّبعتي للبرشية عىل السفحني‬
‫باكياً بوحشية‬

‫‪201‬‬
‫‪3‬‬
2
‫العامل بنصف شارب‬

‫‪3‬‬
2
‫املوت وهو ينتقي ضحاياه‬
‫هل يدرك أن منهم أبطاالً يحتاجون قلي ًال من الوقت‬
‫لتشذيب شارب هذا العامل؟‬
‫رص املوت عىل أن يرتك شارب العامل بال تهذيب؟‬‫ملاذا ُي ُّ‬
‫بوهيمية املوت تلك التي لن أفهمها‬

‫قاصمة‪:‬‬
‫املوت‪ ...‬كلب أثر‬

‫لحظة الرحيل كل يشء يزداد جامالً ووضوحاً‬


‫ونزداد قبحاً وغموضاً‬
‫مفعمني بروائح غامضة‬

‫ليتخطاين املوت‪ ،‬جعلته أحد أحالمي‬

‫ُتجرجرين الرؤى‬
‫أجرجر جثتي‬
‫غري املعدَّة ألي قرب‬

‫أنا أيضاً أف ُّر من مرض الخلود‬


‫املوت لن يوقف شاعراً‬
‫أراد قضم قطعة من حلوى اإلله‬

‫‪205‬‬
‫‪3‬‬
‫قاصمة‪:‬‬
‫ل َّوحته الشمس‬
‫جلدته األمطار‬
‫الحب‬
‫مات فوقه َّ‬‫تبادلت َحماَ ٌ‬
‫اسرتاحت فوقه الريح‬
‫بعض املارة يرتكون فوقه وردة‬
‫أو يبولون فوقه‬
‫لو أين قرب دارس‬

‫‪2206‬‬
‫قاصمة‪:‬‬
‫إياك أن تفعلها‬
‫أال ُيذ ِّكرك أصيص الزهور عىل النافذة‬
‫بأن الحياة ال زالت ممكنة؟‬

‫شاهدة قرب تثريين‬


‫أكرث من كل الزهور الحمقاء‬

‫أعرف أن شواهد القبور تأخذ بجأشك‬


‫كف عن املوت قلي ًال‬
‫انزل هذه الجثة عن ظهرك‬ ‫ْ‬
‫امسح غبار املقاعد عن وجهك‬
‫ْ‬
‫اكرس مجرفتك‬
‫ْ‬
‫امسح كلمة «حانوطي» من جواز سفرك‬
‫ابحث لك عن مهنة أخرى‬
‫ما رأيك بتأ ُّمل الحشائش عىل جوانب قرب مهمل؟‬
‫ال داعي لذهابك إىل أرض التبت والتحاف برتقال الهماليا‬
‫كل قرب هو إفرست‬
‫كل شاهدة قرب هي َعتَمة برتقالية‬
‫كل جثة هي لبوذا‬

‫‪207‬‬
‫‪3‬‬
‫أنا جثة أضاعت قربها‬
‫ال يشء يفضحها مثل النور‬

‫قاصمة‪:‬‬
‫شاهدة قربك لن تتسع‬
‫ليشء آخر‬
‫اسمك‬
‫ميالدك‬
‫تواريخ موتك الكثرية‬
‫القبور كم تشبه بعضها‬
‫من سيذكرك؟‬
‫هذا الرعب املالح لن يكون له معنى‬
‫متاماً كحياتك‬
‫أنت بال معنى‬
‫املعاين يف بطن القرب‬
‫األسامء والتواريخ مبعرثة‬

‫‪2208‬‬
‫قاصمة‪:‬‬
‫بيض الفينيق مكسرَّ‬
‫لئال نقلب الرماد‬
‫دورة الخراب اكتملت‬
‫بعدما ر َّبينا املوت عىل مهل‬

‫قاصمة‪:‬‬
‫كل ما نفعله‬
‫املتوسد أحضاننا‬
‫ِّ‬ ‫هو تنقيب القمل من رأس املوت‬

‫‪209‬‬
‫‪3‬‬
‫قاصمة‪:‬‬
‫«إىل محمود درويش‪،‬‬
‫صاحب األناقة الزائدة يف عامل يحتاج ك ًام من الوقاحة‬
‫ذلك كان خطأه الوحيد»‬

‫يوارون الشعراء تحت الرتاب‬


‫فجأة‬
‫يكتشفون كنوزهم‬
‫كشتالت البطاطس‬

‫ما ُير ِّمم قلب الشاعر‬


‫غري هذا املوت الفسيح‬
‫سمعت أن شاعراً مات‬
‫ُ‬ ‫كلام‬
‫هاجمتني صورة نهد متهدِّل متوحش‬

‫جثة الشاعر املتعبة من سخام املحطات‬


‫ترنو من نافذة قطار عزرائيل‬
‫إىل عمر مل يكن لها‬
‫بجناحني‬
‫َ‬ ‫إىل قرب‬

‫املوىت ال يح ّبون الزهور وباقات الرثاء‬


‫ليظل وجه املوت قبيحاً عارياً‬

‫‪2210‬‬
‫وردة عىل قرب لن تجلب قصيدة‬
‫حني تخرج يد شاعر‬
‫من تحت الرتاب اللتقاط زهرة‬
‫سأقول لكم إن املوت جميل‬
‫أما اآلن فهو قبيح ووردكم أشد قبحاً‬

‫الرثاء بعض العزاء‬


‫وبعض العزاء موت أيضاً‬
‫ما فائدة أن يريث ميت سيموت بعد قليل‬
‫ميتاً مات قبل قليل‬
‫ليصمت كل الرثاء‪ ،‬فاملوىت باهتون‬
‫الثأر بعض الندم‬
‫والندم بعض املغفرة أيضاً‬
‫األسلحة تصدأ والقتلة باهتون‬

‫قاصمة‪:‬‬
‫مثلام ينسكب الخمر من القارورة‪ ...‬كان ميوت‬
‫مييل برأسه إىل الوراء‬
‫كان مكاناً رائعاً كم أفسدناه‬
‫مرحباً بأماكن سنفسدها هي األخرى‬
‫هل يوجد حانات هنا؟‬

‫‪211‬‬
‫‪3‬‬
‫قاصمة‪:‬‬
‫يحلم مبيتة أخرى‬
‫مل يعد قادراً عىل اختالق أحاسيس أكرث جدَّة‬
‫تدفعه الحتامل طمي الحياة‬

‫قاصمة‪:‬‬
‫عرب الدهاليز‬
‫أخيط العوامل‬
‫أنا األحدب حامل الرساج‬
‫يل دهليز‬‫ال يستعيص ع َّ‬
‫ال تنطفئ يل شعلة‬
‫ال تالمس حيايت وذبالتي نسمة هواء‬
‫أفواج املوىت خلفي‬
‫أنا امليت االعمى من ابتلع الخارطة واملفاتيح‬
‫ونيس ترف الجنة والجحيم‬ ‫َ‬
‫أر ِّتل آيات العدم‬
‫باطل ما مىض‬
‫باطل ما سيأيت‬
‫أنصب خيمة العزاء‬
‫وسط هذا السواد‬

‫‪2212‬‬
‫أستقبل أمواتاً هاربني من‬
‫ثالجاتهم وقبورهم وأكفانهم وأزهار أحبتهم‬
‫جاؤوا يعزون بأموات أقدم منهم رتبة‬
‫يؤدون التحية العسكرية لهم‬
‫ثم ينتظمون يف الصفوف الخلفية‬
‫يبتلعهم السواد‬
‫تحت الخيمة‬
‫ال يشء يلتمع غري عيني األعمى س ّيد املوقف‬

‫قاصمة‪:‬‬
‫يتوسد قلبك‬
‫موت ثقيل الرأس‪ ،‬ال يصحو‪َّ ،‬‬
‫مل ّرة واحدة ينهض‬
‫يفرتس قلبك ويعود لشخريه‬
‫أين قلبك؟‬
‫أين رأس املوت؟‬
‫ذاب حديد الرسير‬

‫‪213‬‬
‫‪3‬‬
‫قاصمة‪:‬‬
‫الكهل األعرج عىل أعتاب الثامنني‬
‫همس يف أذين‪:‬‬
‫الناس ميوتون حني يريدون أن ميوتوا‬
‫املوت ال يأيت صدفة‬
‫انظر إ َّيل‪ ،‬سرتاين كثرياً‬

‫قاصمة‪:‬‬
‫الهواء مشبع بنواح األرغونات‬
‫سواد أنيق‬
‫مظالت خاشعة‬
‫منسقة‬‫باقات َّ‬
‫تراتيل مطمئنة‬
‫ياقة قميص الكاهن َّ‬
‫منشاة‬
‫حفار القبور عجوز مهذب‬
‫حفرة يف مرج أخرض‬
‫تحت شجرة باسقة مكتملة األوراق‬
‫التابوت من خشب السنديان‬
‫رذاذ املطر ناعس‬
‫امليت َّ‬
‫معطر مص َّفف الشعر يف بدلة أنيقة‬

‫‪2214‬‬
‫ذاهب إىل حفلة‬
‫يتف َّقد حبال إنزال التابوت‪ ،‬إنها متينة‬
‫ال يشء حتى اآلن مام كان يخافه‬
‫خ َّبأ يف جيبه سموماً للديدان‬

‫(األمور تسري عىل ما يرام)‬

‫املش ّيعون ُيلقون نظرة الوداع األخري‬


‫امليت يطل من التابوت ويسأل‪:‬‬

‫«ماذا؟ من مات؟ وإىل أين أنتم مسافرون؟‬


‫إ َّيل ببعض الرثثرة والنبيذ ال ترتكوين وحيداً»‬

‫امليت يهمس يف ُأذن الحوذي‪:‬‬

‫«أرجوك‬
‫انزل من العربة‪ ،‬دعها تسري وحيدة‬
‫هكذا أحب أن أنتهي‪:‬‬
‫ميت يف تابوت‪،‬‬
‫عىل عربة تسري يف الطرقات وحيدة ضائعة‬
‫بال حوذي‪،‬‬
‫تنس أن تأخذ الزهور قبل أن تنزل‬
‫ال َ‬
‫اترك يل قارورة خمر‬

‫‪215‬‬
‫‪3‬‬
‫خذ بدلتي األنيقة‬
‫ارصف هؤالء الحمقى»‬
‫‪..............................‬‬
‫‪............................‬‬

‫التابوت طائر يف الهواء‪.‬‬


‫طري َ‬
‫بال يف عينَي امليت‬
‫ال يرى شيئاً‬
‫غري أنه يسمع رفيف أجنحة التابوت‬
‫وأصوات أبواب تفتح وتصفق‬
‫أي ٍد كثرية حاولت فتح التابوت الطائر‪،‬‬
‫التابوت ال يرتطم بيشء‬
‫اعتاد امليت عتمته وضجيج الخارج‬
‫ال هو رآهم وال هم رأوه‬
‫يطري‬
‫يرتفع‬
‫امليت يف التابوت تضايقه ربطة العنق‬
‫سأقول للرب أن يفتح يل بابه دون ربطة عنق‬
‫سأكون امله ّرج يف الحفلة‬
‫حمداً للرب أنهم مل يسجنوا رمادي يف قارورة‪،‬‬
‫يقرأ أفكاراً يف رأس مسامر غاص يف لحم التابوت‬

‫‪2216‬‬
‫يفكر‪...‬‬
‫كيف س ُيلقي التحية عىل جريانه األموات‬
‫تد َّرب عىل ذلك طوي ًال‬
‫ماذا إن مل يجد أحداً هناك؟‬
‫عىل كل حال س ُيلقي التحية‬

‫(تركت خلفي األموات يهدونكم السالم)‬

‫فتحوا وص َّيته‪:‬‬

‫«ادفنوا معي العامل‬


‫ال ترتكوا خلفي أشياء جميلة‪،‬‬
‫مل أترك سوى قلبي الرثي‬
‫اقرتعوا عليه سيكفيكم‬
‫تركت بعض القصائد‬‫ُ‬
‫احرقوها مل تكن جادة‬
‫اكتبوا عىل شاهدة قربي‪:‬‬
‫م َّر يف عاملنا ومل يجد أحداً‪ ،‬ومل يلمحه أحد‪،‬‬
‫هذا القرب فارغ‪،‬‬
‫امليت صاحب نكتة‬
‫ال تتمنّوا له شيئاً‪ ،‬هو نفسه مل يتمنَّ شيئاً‪،‬‬

‫‪2173‬‬
‫املوت جائزته‪ ،‬أحسن متثيل الحياة‪،‬‬
‫مل ْ‬
‫ترق له الحياة‪ ،‬واملوت تسليته‪،‬‬
‫كان غامضاً يف حياته‪ ،‬غامضاً يف موته‪،‬‬
‫الوضوح كذبته التي دفنت معه‪ ،‬هو اآلن يطري»‬

‫‪218‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ورد يف تقرير الرشطة‪:‬‬
‫أنه فتح باب الثالجة وف َّر عارياً‬

‫قواصم‪:‬‬
‫أيضاً‪ ،‬ميكن أن تلتقط إيقاع الحياة من بني شواهد مقربة يف صباح ممطر‬

‫تلك الحفرة اللعينة لوالها لرصنا آلهة‬

‫أدراج املوت‪ ،‬عىل أحدها‪ ،‬أنت منلة مسحوقة‬

‫مباذا تتحاور شواهد القبور املتجاورة ‪ -‬لي ًال؟‬

‫‪219‬‬
‫‪3‬‬
2
‫املحتويات‬

‫‪41‬‬ ‫كتيبة ذباب أزرق تسافر يف قطار الليل‬


‫‪65‬‬ ‫خزف الحرضة‬
‫‪87‬‬ ‫«أنا خطأ العامل الوحيد»‬
‫‪99‬‬ ‫قرب غجري‬
‫‪119‬‬ ‫رجل الخشخاش وامرأة البنفسج‬
‫‪203‬‬ ‫العامل بنصف شارب‬

‫‪221‬‬
‫‪3‬‬
2
3
2

You might also like