You are on page 1of 39

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي‬

‫الدورة الثانية‬
‫الندوة العلمية‪:‬‬
‫التحوط يف املعامالت املالية‪ :‬الضوابط واألحكام‬
‫اليت يعقدها‬
‫جممع الفقه اإلسالمي الدولي التابع ملنظمة التعاون اإلسالمي‬
‫بالتعاون مع منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي‬
‫خالل الفرتة من‪ 62 – 62 :‬إبريل ‪6102‬م‬

‫تطبيقات عقود التحوط يف املصارف‬


‫اإلسالمية وأحكامها الشرعية‬

‫إعداد‬
‫الدكتور فضل عبدالكريم حممد البشري‬
‫معهد االقتصاد اإلسالمي – جامعة امللك عبدالعزيز‬
‫جدة – اململكة العربية السعودية‬
‫تمهيد‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا وحبيبنا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫وبعد فقد رغبت إِلَي أمانة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي الموقرة؛ مأجورة ومشكورة ‪ ،‬في إعداد بحث‬
‫حول "عمليات التحوط وتطبيقاتها في المصارف اإلسالمية وأحكامها الشرعية" وفق المحاور المشار‬
‫إليها في خطابهم‪ .‬والمطلوب كما فهمت الوقوف عند بعض األحكام التي تحتاج إلى نظر وتأمل‬
‫لمعرفة المزيد ‪ ،‬لذلك سوف تقتصر هذه الورقة على بيان بعض هذه الجوانب‪.‬‬
‫أقول وباهلل التوفيق؛ مؤكدا على توفيق أمانة المجمع "حفظها اهلل" في اختيار هذا الموضوع‬
‫المهم‪ .‬إنه على الرغم من التفسيرات المختلفة والمتباينة النهيارات البنوك واألسواق المالية‪ ،‬فإن أكثرها‬
‫ترجيحا أن عقود التحوط هي الالعب الرئيسي في هذه االنهيارات‪ ،‬وأن سوء اإلدارة يأتي في المرتبة‬
‫الثانية (‪.)1‬‬
‫ومما يزيد من قوة ورجاحة هذا التفسير اإلحصاءآت الرسمية المنشورة بهذا الخصوص؛ التي تؤكد‬
‫أن المجازفة هي الغالبة على عقود التحوط‪ ،‬وأن ‪ %79‬من إجمالي هذه العقود يستخدم في‬
‫المضاربات على األسعار‪ ،‬بينما تقتصر أغراض التحوط على أقل من ‪.)2( %3‬‬
‫وقد لخص تلك التعامالت الكاتب االقتصادي األمريكي المشهور بيتر دراكر حين قال‪ ( :‬في إشارة‬
‫إلى المشتقات المالية) إنهم زعموا أنها أدوات علمية‪ ،‬في حين أنها لم تكن أكثر علمية من أدوات‬
‫القمار التي يجري التعامل عليها في مونت كارلو‪ ،‬والس فيجاس(‪ .)3‬كما أكد تلك المعاني المليادير‬
‫ذائع الصيت ورجل األعمال المشهور؛ جورج سورس حين قال‪ :‬إن كثي ار من أدوات المشتقات ال تخدم‬
‫غرضا معينا سوى تسهيل المضاربة على وجه الخصوص(‪.)4‬‬
‫وكما تتحوط البنوك التقليدية ألجل حماية أصولها من تقلبات األسعار؛ وطمعا في تحقيق مكاسب‬
‫مالية‪ ،‬فإن المصارف اإلسالمية تتحوط هي األخرى من هذه التقلبات‪ ،‬ولكن بشكل مختلف؛ ووفق‬
‫منهجية تتناسب مع طبيعة عملها‪ ،‬باستخدام عدد من العقود منها‪ :‬السلَم بسعر السوق وقت التسليم‪،‬‬
‫لرس المال أو له وللربح‬
‫وخيار الشرط‪ ،‬والتبرع بالضمان من أحد العاقدين‪ ،‬وضمان الطرف الثالث أ‬
‫معا‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫في الصفحات التالية عرضا ومناقشة لتلك العقود؛ مسبوقا بتعريف لمفهوم التحوط وعقوده في أسواق‬
‫المال‪ .‬فإن أصبت من اهلل‪ ،‬وان أخطأت فمن نفسي والشيطان‪ .‬واهلل أعلم بالصواب‪.‬‬

‫(‪ )1‬مسري عبد احلميد رضوان‪ .‬املشتقات املالية ودورها يف إدارة املخاطر ‪ ،‬ودور اهلندسة املالية يف صناعة أدائها‪ ،‬دراسة مقارنة بني النظم الوضعية والشريعة اإلسالمية‬
‫الطبعة األوىل ‪ ،‬دار النشر للجامعات مصر ‪1241‬ه‪ .‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )4‬معهد الدراسات املصرفية ‪ ،‬املشتقات املالية إضااات مصرفية مالية ‪ ،‬الكويت ‪4212‬م ص ‪4‬‬
‫(‪ )3‬مسري عبد احلميد رضوان ‪ .‬املشتقات املالية ودورها يف إدارة املخاطر مرجع سابق ص ‪61‬‬
‫(‪ )2‬املرجع السابق ص ‪9‬‬
‫‪2‬‬
‫أوال ‪ :‬مفهوم التحوط وعقوده في أسواق المال‬
‫حفظ والتعهد بجْلب ما ينفع‪ ،‬ودف ِع ما يضر‪ .‬وتحوط في األمر‪ :‬احتاط ِ‬
‫وحذر‪.‬‬ ‫التحوط في اللغة هو ال ِ‬
‫ُّ‬
‫يف بالش ِ‬
‫يء (‪ . )5‬والتحوط في‬ ‫يء ُي ِط ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كلمةٌ واح َدةٌ‪ ،‬وهو الش ُ‬
‫اء َ‬‫لحاء والو ُاو والط ُ‬
‫الشيء حفظه‪ ،‬فا ُ‬
‫َ‬ ‫و َحوطَ‬
‫المفهوم المالي هو اإلجراءات التي تُتخذ لحماية المال من التقلب غير المتوقع‪ ،‬وغير المرغوب‬
‫للعاقد‪ ،‬وهو ما ُيعرف حاليا بالخطر المالي (‪ .)6( )financial risk‬وهناك العديد من األدوات المالية التي‬
‫تؤدي إلى تحقيق هذا الهدف‪ ،‬من ذلك‪ :‬وثائق التأمين‪ ،‬العقود اآلجلة‪ ،‬المقايضة‪ ،‬الخيارات‪.‬‬
‫‪ 1/ 1‬مفهوم التحوط وصناديق التحوط‬
‫يتبادر إلى الذهن من أول وهلة أن هناك عالقة بين مفهوم التحوط وصناديق التحوط‪ ،‬والواقع ليس‬
‫كذلك‪ ،‬فمفهوم التحوط ينحصر في اإلجراءآت التي تتخذ لحماية األصول من تقلبات األسعار‪ ،‬في‬
‫حين أن صناديق التحوط عبارة عن صناديق استثمارية تستغل الفرص من خالل المراهنة على عدم‬
‫كفاءة وفعالية أسواق األسهم والعمالت والسندات والسلع(‪.)7‬‬
‫استحدثت صناديق التحوط في عام ‪9797‬م من قبل صحافي وعالم اجتماع يدعى الفرد وينسلو‬
‫جونز أثناء إعداده لمقالة حول أحدث الوسائل المستخدمة في تحليل أداء األسواق المالية والتنبؤ‬
‫بتطوراتها لحساب مجلة فورتشن‪ ،‬حيث تمكن من جمع ‪ 911‬ألف دوالر أمريكي‪ ،‬ليبدأ ما يطلق عليه‬
‫اليوم بصندوق التحوط‪ .‬وكانت خططه تقوم على المتاجرة في األسهم بناء على مركزين ماليين‪:‬‬
‫طويل األجل‪ ،‬وقصير األجل‪ .‬ففي المركز األول يقوم بشراء األسهم التي يتوقع أن ترتفع ويحتفظ بها‬
‫إلى أن يتمكن من بيعها‪ ،‬وفي المركز الثاني قصير األجل‪ -‬أو ما يسمى بالبيع على المكشوف ‪-‬‬
‫فيقوم ببيع األسهم التي يتوقع أن تنخفض ليعيد شراءها الحقا مع استخدام االقتراض لالستثمار في‬
‫أدوات مالية تدر عائدا أعلى من سعر فائدة االقت ارض‪.‬‬
‫ومع أن مسمى هذه الصناديق يوحي بأنها تهدف إلى تقليل المخاطر‪ ،‬لكنها في الواقع تهدف إلى‬
‫تحقيق أقصى ربح ممكن‪ .‬ففلسفة الصندوق تقوم على ضمان تحقيق ربح للمستثمرين بصرف النظر‬
‫عما يحدث في األسواق من تقلبات ‪ .‬كما أنها تعتمد على االستثمارات الكبيرة ؛ لذلك فهي عالية‬
‫المخاطر‪ ،‬وسريعة الحركة‪.‬‬
‫ويعد جورج سورس أول من أعطى لهذه الصناديق سمعة عالمية عندما أرغم'' الجنيه االسترليني على‬
‫االنسحاب من عالقة منظومة العمالت األوروبية‪ ،‬وربح من ذلك نحو مليار جنيه استرليني خسر‬

‫(‪ )5‬أيب احلسني أمحد فارس ابن زكريا ‪ ،‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬حتقيق وضبط عبد السالم حممد هارون ‪ ،‬ج‪1999 ، 4‬م ص ‪.142‬‬
‫(‪ )1‬عبد الرحيم عبد احلميد الساعايت‪ ،‬حنو مشتقات مالية إسالمية إلدارة املخاطر التجارية‪ ،‬جملة جامعة امللك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جدة‪ :‬ع‪،11‬‬
‫‪ ،1999‬ص ‪.59‬‬
‫(‪ )9‬فواز محد الفواز‪ .‬صناديق التحوط وصعود خنبة جديدة ‪ ،‬مراجعة كتاب ‪ ،More Money Than God‬صحبفة االقتصادية ‪ ،‬العدد ‪ ،1491‬السبت ‪ 41‬حمرم‬
‫‪ 1234‬هـ‪ .‬املوافق ‪ 21‬يناير ‪ 4211‬م‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫أغلبها الحقا‪ .‬ويبلغ إجمالي عدد صناديق التحوط في العالم أكثر من ‪ 91‬آالف صندوق بإجمالي‬
‫استثمارات قدرها ‪ 9.3‬تريليون دوالر(‪.)8‬‬
‫وهذه الصناديق ليست حك ار على التعامالت المالية التقليدية‪ ،‬فهناك صناديق تحوط إسالمية‪ ،‬فقد‬
‫أطلق أول صندوق تحوط إسالمي من قبل شركة المستثمر الدولي في عام ‪9779‬م‪ ،‬وهو صندوق‬
‫الخوارزمي بإدارة اكسا روزنبرغ‪ ،‬ويعد صندوق الفنار الذي عرضته شركة سيدكو في المملكة العربية‬
‫السعودية ‪ ،‬هو صندوق التحوط الثاني(‪ ،)9‬إال أن هذه الصناديق ما تزال في حاجة إلى مزيد من‬
‫التطوير والتحسين وزيادة أصولها المالية‪ .‬كما أنها بحاجة إلى تأصيل فقهي يقارب بين وجهات النظر‬
‫المختلفة حول أهدافها وطريقة عملها‪ ،‬خاصة وأنها كانت وما تزال مثار حوار عميق طيلة عدة‬
‫سنوات في دوائر المؤتمرات والندوات اإلسالمية‪ ،‬وفي أوساط المهتمين بالتمويل اإلسالمي*‪.‬‬
‫‪ 1/2‬عقود التحوط في أسواق المال‬
‫يقسم بعض الباحثين أهم فروع المشتقات المالية إلى ستة أقسام حتى وقتنا الحاضر الحاضر**‪- ،‬‬
‫فربما تظهر في المستقبل أقسام أخرى‪ -،‬وهي‪ :‬عقود االختيارات (‪ ،)options‬العقود المستقبلية‬
‫(‪ ،)futures‬العقود اآلجلة ‪،Forward Currency Contracts‬عقود المبادالت ‪،(Swaps‬عقود‬
‫إعادة الشراء‪ ،‬وعقود أسعار الفائدة‪ .‬وتعد العقود األربعة األولى من أكثر العقود التي يركز عليها‬
‫الباحثون عند تناولهم للمشتقات المالية‪ ،‬وهي تعد األكثر تداوال في األسواق المالية العالمية ‪.‬‬
‫والمشتقات المالية هي عقود تتوقف قيمتها على األوراق المالية محل التعاقد ‪ ،‬أو من السلع‬
‫أومؤشرات األسعار‪ ،‬ويمكن استخدامها للتحوط أو المضاربة (‪ .)10‬ويصنف المتعاملون فيها إلى ثالث‬
‫فئات‪ ،‬هي‪ :‬فئة المتحوطين‪ ،‬وفئة التجار‪ ،‬وفئة المضاربين(‪ .)11‬والفرق بين هذه الفئات أن المتحوطين‬
‫يقومون بنقل المخاطر إلى غيرهم‪ ،‬بينما يتحمل المضاربون المخاطرة (‪ .)12‬فعقود المستقبليات‬
‫(‪ )futures‬هى تعاقدات مستقبلية تلزم األطراف المتعاقدة على تسليم أو استالم سلع أو عمالت‬
‫أجنبية أو أوراق مالية بسعر متفق عليه في تاريخ محدد بغرض التحوط‪ ،‬وتجنب مخاطر تقلب‬

‫(‪ )6‬ميشيل صاحل غاسنر ‪ ،‬صناديق التحوط اإلسالمية تتحول منوذجا لصناعة التمويل اإلسالمي‪ ،‬جملة بانكر ميدل ايست عدد سبتمرب‪4225‬م‪ .‬ص‪15‬‬
‫(‪ )9‬املرجع السابق‬
‫* هناك أختالف كبري يف وجهات النظر حول أهداف هذه الصناديق وطريقة عملها ‪ ،‬فريى البعض أن صناديق التحوط امللتزمة بتعاليم الشريعة اإلسالمية هي احلل‬
‫ألمثل ملديري األموال الراغبني يف االستفادة من السيولة الضخمة يف املنطقة‪ ،‬وأن سياساهتا تعمل على تقليل املخاطر‪ ،‬وهو ما يتفق مع جوهر الشريعة اإلسالمية ‪،‬‬
‫كما أهنا تقدم إمكانات كبرية للتمويل اإلسالمي الذي يعاين نقصا يف أدوات إدارة املخاطر خاصة املخاطر طويلة األجل‪ ،‬بينما يرى آخرون أن القواعد األساسية‬
‫هلذه الصناديق ختالف الشريعة اإلسالمية‪ .‬وأن مثل هذه املضاربات تبدو كاملقامرة‪ ،‬وهو ما يتعارض مع تعاليم اإلسالم‪.‬‬
‫** بطبيعة احلال فإن اهلندسة املالية لن تتوقف عن التجديد واالبتكار ‪.‬‬
‫(‪ )12‬مسري عبد احلميد رضوان‪ .‬املشتقات املالية ودورها يف إدارة املخاطر ودور اهلندسة املالية يف صناعة أدواهتا‪-‬ط‪ 1‬دار النشر للجامعات‪،4225 ،‬ص ‪.56‬‬
‫(‪ )11‬حممود حممد الداغر‪ ،‬األسواق املالية ‪ :‬مؤسسات‪ ،‬أوراق‪ ،‬بورصات ‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع ط‪ ،4‬ص ‪ . 145‬وطارق عبد العال محاد‪ .‬املشتقات املالية الدار‬
‫اجلامعية ‪4221 ،‬م ص ‪. 6‬‬
‫(‪ )14‬طالل بن سليمان الدوسري عقود التحوط من خماطر تذبذب اسعار العمالت دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع الرياض ص ‪.92‬‬
‫‪4‬‬
‫األسعار‪ .‬ومن أنواعها ‪ -‬العقود المستقبلية على السلع‪ ،‬والعقود المستقبلية على أسعار الصرف‪ .‬كما‬
‫أن عقود االختيارات (‪ )options‬تمثل اتفاقا للمتاجرة على زمن مستقبل متفق عليه بسعر محدد‬
‫يعرف بسعر التنفيذ‪ ،‬وهو اتفاق يعطى الحق ألحد الطرفين في بيع وشراء عدد معين من األوراق‬
‫المالية من الطرف اآلخر بسعر متفق عليه مقدما لحماية نفسه من مخاطر انخفاض القيمة السوقية‬
‫ألوراق مالية يمتلكها‪ ،‬ومن أنواعها خيار البيع‪ ،‬وخيار الشراء‪.‬‬
‫أما العقود اآلجلة (‪ )Forward Currency Contracts‬فهي العقود التي يلتزم فيها البائع أن يسلَم‬
‫المشتري السلعة محل التعاقد في تاريخ الحق بسعر يتفق عليه وقت التعاقد‪ ،‬يطلق عليه سعر‬
‫التنفيذ(‪ .)13‬في حين تمثل المبادالت* (‪ )Swaps‬التزاما تعاقديا بين طرفين يتضمن مبادلة نوع معين‬
‫من التدفق النقدي أو أصل معين يمتلكه أحد الطرفين مقابل تدفق أو أصل يمتلكه الطرف اآلخر‬
‫بالسعر الحالي‪ ،‬وبموجب شروط يتفق عليها عند التعاقد‪ ،‬على أن يتم تبادل األصل محل التعاقد في‬
‫تاريخ الحق‪ .‬وتستخدم المبادالت بغرض الوقاية من المخاطر السعرية في فترات مختلفة وتخفيض‬
‫تكلفة التمويل‪ .‬ومن أنواعها مبادالت الفائدة ‪ ،Interest Rate Swaps‬ومبادلة العمالت ‪Currency‬‬
‫‪.Swaps‬‬
‫هناك شبه واختالف بين العقود المستقبلية والخيارات‪ ،‬فمن أوجه الشبه بينهما أن كالهما من األدوات‬
‫التي تستخدم في التحوط‪ ،‬وتحقق للمتعاملين فيهما قد ار من المكاسب ‪ ،‬أو نسبة من الخسارة ‪ .‬ومن‬
‫أوجه االختالف بينهما أن التعاقد في العقود المستقبلية يكون على سلعة حقيقية مؤجلة التسليم‪ ،‬وأن‬
‫السعر الذي جرى عليه التعاقد هو سعر هذه السلعة ‪ .‬في حين يجري التعاقد في عقود الخيار على‬
‫أساس الحق في االختيار بعيدا عن قيمة السلعة ‪ .‬إضافة إلى أن مقدار الربح والخسارة المتوقعة في‬
‫الخيار تعتبر قليلة جدا‪ ،‬وهي قيمة الخيار‪ ،‬في حين أن مقدار الربح أو الخسارة في العقود المستقبلية‬
‫يكون كبي ار ‪.‬‬
‫‪ 1/3‬الهدف من عقود التحوط‬

‫تهدف عقود التحوط للحد من المخاطر المالية‪ ،‬وحماية األصول من تقلبات األسعار‪ ،‬وبالطبع اليمكن‬
‫أن تلغي هذه العقود المخاطر المالية‪ ،‬ولكن يمكن أن تقلل منها‪ ،‬لذلك تجد أن هناك عالقة وارتباطا‬
‫بين التحوط والخطر‪.‬‬

‫(‪ )13‬منري إبراهيم هندي ‪ ،‬إدارة األسواق واملنشآت املالية‪ ، ،‬منشأة املعارف االسكندرية ‪1991‬م ‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫* بعض الباحثني يرون أن عقود املبادالت ال تدخل ضمن املشتقات املالية ‪ .‬ملزيد من التفصيل أنظر مسري رضوان املشتقات املالية ‪ ،‬ص ‪.431‬‬
‫‪5‬‬
‫فالخطر في اللغة هو اإلشراف على الهالك وخوف التلف‪ُ .‬يقال هذا أمر خطر‪ ،‬أي ِّ‬
‫متردد بين أن‬
‫يوجد وأن ال يوجد(‪ .)14‬والخطر في االصطالح له تعريفات كثيرة تدور جلها حول الحالة التي تالزم‬
‫الشخص عند اتخاذ الق اررات ؛ وتترتب عليها حالة من الشك أو الخوف‪ ،‬أو عدم التأكد من نتائج تلك‬
‫الق اررات *(‪.)15‬‬

‫أما الخطر في المفهوم المالي فهو ضرر مباشر متوقع للنشاط المرتبط بوحدة اقتصادية‪ ،‬بسبب وقوع‬
‫أحداث اقتصادية‪ ،‬أو طبيعية أو سياسية‪ ،‬أو بفعل بشري‪ .‬وفي حالة حدوثه تنتج خسائر مؤثرة‪ ،‬قد‬
‫ِّ‬
‫تؤدي إلى عدم استم اررية الوحدة االقتصادية في النشاط الممارس‪ ،‬وخروجها من السوق(‪ .)16‬لذلك فإن‬
‫فالسيطرة على المخاطر أمر مطلوب‪ ،‬ومتطلب سابق‪ ،‬ينبغي أخذه في االعتبار عند الشروع في‬
‫علمية االستثمار ‪.‬‬

‫تنقسم المخاطر التي توا ِجه المصارف بشقيها التقليدية واإلسالمية إلى نوعين‪ :‬مخاطر مالية‪،‬‬
‫ومخاطر غير مالية(‪ .)17‬فالمخاطر المالية هي عبارة عن الخسائر المحتملة في األسواق‪ ،‬وتُصنف‬
‫إلى ثالثة أقسام هي‪:‬‬

‫للتحوالت التي تط أر على األسعار‪ ،‬أو تغير في السياسات على‬


‫ُّ‬ ‫(أ) مخاطر السوق‪ ،‬وتحدث نتيجة‬
‫مستوى االقتصاد الكلي‪ .‬ومن تلك المخاطر‪ ،‬مخاطر أسعار الفائدة‪ ،‬ومخاطر أسعار الصرف‪،‬‬
‫ومخاطر التسعير‪.‬‬
‫(ب) المخاطر االئتمانية‪ ،‬وتنشأ عن عجز العميل‪ ،‬أو عدم رغبته في الوفاء بما عليه من التزامات‬
‫تجاه المصرف‪ ،‬إما لعجز سببه التعثر أو اإلفالس‪ ،‬أو مماطلة متعمدة مقصودة‪ .‬وعندئذ يلجأ البنك‬
‫إلى التصرف في الضمان باعتباره مالذا آمنا‪.‬‬
‫(ج) مخاطر السيولة‪ ،‬وتنشأ نتيجة لعجز البنك في مواجهة احتياجات عمالئه من السيولة في األجل‬
‫القصير‪ .‬أو في حالة قصور التدفقات النقدية الداخلة عن مقابلة التدفقات النقدية الخارجة‪.‬‬

‫(‪ )12‬الرازي‪ ،‬حممد بن أيب بكر بن عبد القادر‪ .‬خمتار الصحاح‪ .‬جدة‪ :‬دار الثقافة اإلسالمية‪1221 ،‬هـ = ‪1961‬م‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫* يعرف قاموس أوكسفورد اخلطر‪ ،‬بأنه إمكانية حدوث شيا ما بالصدفة‪ ،‬ترتتب على ذلك نتائج سيئة وخسارة‪ ،‬بينما يعرفه قاموس ويبسرت بأنه الضرر والتخريب‬
‫عرفه االقتصادي املعروف نايت (‪ )Knight‬بأنه عدم التأكد املمكن قياسه بدقة؛ باستخدام نظرية االحتماالت‪.‬‬
‫واألذى‪ .‬وقد َّ‬
‫)‪(15‬‬ ‫‪The oxford illustrated dictionary-oxford university press - London – 1989 P.728. & webster's‬‬
‫‪Third .New International dictionary, Gc Ameriam company - U.S.A - P.1961. & Knight, Frank H, Risk,‬‬
‫‪uncertainty and profit, New York Hamper and Raw p p1921.‬‬
‫(‪ )11‬ياسني عبدالرمحن جفري‪ .‬بيع الغرر‪ .‬جدة‪ .‬كلية االقتصاد واإلدارة – جامعة امللك عبد العزيز‪ .‬ورقةغري منشورة‪ .‬ص‪.4‬‬
‫(‪ )19‬احتاد املصارف العربية‪ .‬موسوعة بازل ‪ ،‬دليلك إىل إدارة املخاطر املصرفية‪ ،‬موسوعة بازل‪ -. II‬ترمجة نبيل حشاد‪، ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪4225 ،‬م‪،‬ص‪. 9‬‬
‫‪6‬‬
‫أما المخاطر غير المالية‪ ( ،‬مخاطر األعمال )‪ ،‬فتحدث نتيجة لألعمال التي تمارسها المصارف‪،‬‬
‫كمخاطر التشغيل‪ ،‬والمخاطر القانونية‪ ،‬والمخاطر السياسية‪ ،‬ومخاطر عدم االلتزام‪ .‬لذلك تتجه‬
‫المصارف بشقيها التقليدية واإلسالمية للتحوط من هذه المخاطر باستخدام عدد من األدوات كل‬
‫حسب منهجيته في العمل ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تطبيقات عقود التحوط في المصارف اإلسالمية وأحكامها الشرعية‬

‫تعمل المصارف اإلسالمية في بيئة تنافسية مع المصارف التقليدية؛ ومع مثيالتها اإلسالمية‪ ،‬لذلك‬
‫البد أن تأخذ في االعتبار كل ما ُي َم ِّكُنها من السيطرة على المخاطر والتحوط من تقلبات األسعار‪،‬‬
‫وهي تسعى الستخدام عقود التحوط ؛ ولكن بطرق مختلفة تراعي خصوصيتها وطبيعة عملها والتزامها‬
‫بأحكام الشريعة اإلسالمية‪ .‬وهناك عدد من أدوات التحوط تستخدمها المصارف اإلسالمية‪ - ،‬وهي‬
‫كثير عن أدوات التحوط التقليدية ‪ -‬من هذه العقود ما يلي‪:‬‬
‫الشك تختلف ا‬

‫‪1/2‬التحوط باستخدام خيار الشرط‬

‫(‪.)18‬‬
‫ويعني في‬ ‫الخيار اسم مشتق من االختيار‪ ،‬واالختيار هو االصطفاء واالنتقاء لخير األمرين‬
‫المفهوم الفقهي أن يكون ألحد المتعاقدين‪ ،‬أو كليهما حق إمضاء العقد أو فسخه‪ .‬والخيارات كثيرة‬
‫ومتعددة‪ ،‬وأكثرها استخداما في العقود‪ ،‬هي‪ :‬خيار الشرط‪ ،‬وخيار الرؤية‪ ،‬وخيار العيب‪.‬‬
‫فخيار الشرط هو ما يثبت ألحد العاقدين أولغيرهما من الحق في إمضاء العقد أو فسخه‪ ،‬بناء على‬
‫اشتراط ذلك له‪ ،‬ومثاله‪ :‬كأن يقول زيد لعمر بعتك هذا المحل بكذا‪ ،‬على أن يكون لي الخيار ثالثة‬
‫أيام‪ ،‬ويقبل المشتري ذلك‪ .‬وقد يشترط المشتري ذلك ويقبل البائع(‪.*)19‬وقد يشترط الخيار لشخص آخر‬
‫غير العاقدين‪ ،‬فيشترطه البائع أو المشتري؛ كأن يقول البائع أو المشتري‪ :‬بعت الكتاب بكذا‪ ،‬أو‬
‫اشتريت بكذا‪ ،‬على أن يكون لفالن الخيار في إمضاء العقد‪ ،‬أو فسخه في ثالثة أيام ويقبل‬
‫(‪* )20‬‬
‫اآلخر ‪.‬‬

‫(‪ )16‬علي احلفيف‪ ،‬أحكام املعامالت الشرعية‪ ،‬بنك الربكة لالستثمارات ‪ ،‬البحرين‪ ،‬ص ‪. 222‬‬
‫(‪ )19‬علي حيدر خواجه أمني أفندي‪ .‬درر احلكام يف شرح جملة األحكام تعريب‪ :‬فهمي احلسيين‪ :‬دار اجليل الطبعة‪ :‬األوىل‪ ،‬ج‪1211 ،1‬هـ ‪1991 -‬م ‪ .‬املادة ‪322‬‬
‫‪ ،‬ص ‪.492‬‬
‫* وسبب التماس اخليار أن حبان بن منقد كان يغنب يف البياعات ‪ ،‬وأن أهله قد رفعوا أمره إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم عسى أن مينعه ‪ ،‬فقال له النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ( إذا بايعت فقل ‪ :‬ال خالبه ‪ ،‬و ي اخليار لاللة أيام‪ ،‬واخلالبة هي اخلداع ‪.‬‬
‫(‪ )42‬املوسوعة الفقهية الكويتية ‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ج ‪ ،41‬ص ‪. 99‬‬
‫* خالف زفر‪ ،‬فقال‪ :‬ال يصح اشرتاط اخليار ألجنيب عن العقد ‪ ،‬ألن فيه إلبات بعض آلار العقد لغري عاقده فال جيوز كجعل الثمن على غري املشرتي‪ .‬ويف مدته خالف‪،‬‬
‫فقد ذهب أبو حنيفة والشافعي وزفر ‪ ،‬إىل أن مدته ال تزيد عن لاللة أيام ‪ ،‬وذهب أمحد بن حنبل والصاحبان ( أبو يوسف ‪ ،‬وحممد بن احلسن) إىل أنه مؤقت مبا‬
‫يرى العاقدان توقيعه به ‪ .‬ويرى اإلمام مالك أن مدته بقدر احلاجة إليه‪ ،‬الختالف املبيعات‪ .‬غري أن أصحاب مالك قد حددوا مددا خمتلفة ‪ ،‬ففي العقار ال تزيد عن‬
‫‪ 31‬يوما ‪ ،‬ويف الدقيق ال تزيد عن ‪ 12‬أيام‪ ،‬ويف العروض واحليوان ال تزيد عن لاللة أيام ‪ .‬فإذا زادت فسد الشرط ‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫وتعدد عقدود الخيدارات التقليديدة مدن أدوات االسدتثمار المسدتحدثة فدي األسدواق الماليدة التدي يسدتخدمها‬
‫المستثمرون؛ ليس بهدف تحقيدق الدربح فقدط‪ ،‬وانمدا كوسديلة للتحدوط مدن مخداطر تغيدر أسدعار األوراق‬
‫المالية‪ ،‬وأسعار العمالت األجنبية ‪ -‬ويمكن التمييز بين نوعين من االختيار هما‪ :‬االختيار األمريكي‪،‬‬
‫‪ ،‬اللددذين ال يختلفددان إال فددي فتدرة التنفيددذ‪ ،‬ففددي الخيددار األمريكددي؛ تددتم فددي أي‬ ‫(‪(21‬‬
‫واالختيددار األوربددي‪-‬‬
‫وقت خالل الفترة التدي تمتدد مندذ إبدرام االتفداق حتدى التداريخ المحددد النتهائده‪ ،‬أمدا فدي الخيدار األوربدي‪،‬‬
‫فدإن التنفيدذ ال يدتم إال فدي التداريخ المحددد النتهائده ‪ ، -‬ويعددها المسدتثمرون طريقدة لتعظديم أربداحهم‬
‫بأقصر الطرق وأسرعها من خالل المضاربة على فروق األسعار‪ .‬فيحقق المضارب ربحا نتيجة شراء‬
‫حق الشراء إذا ما تحققت توقعاته ؛ وهي ارتفاع سعر األصل في السوق بدأكثر مدن سدعر التنفيدذ‪ .‬كمدا‬
‫أنهدا تسدتخدم ألغدراض التحدوط‪ ،‬وهندا يكدون المتعامدل صداحب مركدز مكشدوف مدن العملدة التدي يرغدب‬
‫في حق شرائها ‪ ،‬أو التي التزم بحق بيعها على دفعات مستقبلية خشية ارتفاع سعرها‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك تستخدم عقود الخيارات في المجاالت االستثمارية‪ ،‬فحق الشراء أداة استثمارية بديلة‬
‫عن حيازة أصل مؤقت بانتظار توقع ارتفاع السعر في وقت استحقاق عقد الخيار وامكانية الشراء‬
‫واالستثمار بالسعر األقل وهو سعر التنفيذ‪ ،‬لهذا فان المتعامل المستثمر يمتلك المقدرة الالزمة لتنفيذ‬
‫شراء األصل الفعلي‪.‬‬
‫‪1/1/2‬أوجه االختالف بين خيارات السوق والخيار الشرعي‬
‫على الرغم من التقارب في المسمى بين خيارات السوق‪ ،‬والخيار الشرعي‪ ،‬فهناك اختالفات كبيرة‬
‫بينهما‪ ،‬تتمثل في النقاط التالية‪:‬‬
‫(أ) االختيار في أسواق المال عبارة عن عقد مستقل عن عقد البيع‪ ،‬يشتري فيه المستثمر حقا يخوله‬
‫البيع أو الشراء ‪.‬‬
‫(ب) الخيار في الفقه اإلسالمي هو عبارة عن حق فسخ العقد‪ ،‬بسبب مفضي إلى ذلك‪ ،‬إذن فهو تبع‬
‫للبيع نفسه‪ ،‬وليس مستقال‪ ،‬وهو ليس له ثمن‪ ،‬وال يجوز بيعه عند الفقهاء‪ .‬ففي الخيار الشرعي محل‬
‫العقد موجود ومتحقق‪ ،‬أما في االختيار السوقي؛ فمحل العقد ليس موجودا‪ ،‬وانما الموجود هو السهم‬
‫أو السلعة ولهما عقدا آخر‪.‬‬

‫(ج) الخيار السوقي طويل المدة‪ ،‬فيمكن أن يكون لعدة سنوات‪ ،‬بينما الخيار الفقهي محدد بفترة قصيرة‬
‫حولها اختالف بين الفقهاء‪ ،‬ولكن األرجح أنها ثالثة أيام ‪.‬‬

‫(د) الخيار السوقي يمكن تداوله وبيعه غالبا ممن ال يملك السلعة أو السهم التي تكون ملكا لآلخر‪،‬‬
‫بينما الخيار الشرعي ال يمكن بيعه‪ ،‬كما أنه تبع للعقد ومتعلق به‪.‬‬

‫(‪ )41‬منري ابراهيم هندي‪ .‬الفكر احلديث يف جمال االستثمار – منشأة دار املعارف االسكندرية ‪1991‬م ص ‪. 593‬‬
‫‪8‬‬
‫وقد قرر مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في دورته السابعة في مدينة جدة في عام ‪9771‬م تحريم‬
‫عقود الخيارات بموجب قراره رقم (‪ ،)9/5/56‬ومن أبرز األدلة التي استند إليها القرار على التحريم‪:‬‬
‫تعارض عقود الخيار الشرطية مع قصد الشارع لتحقيق العدل‪ :‬فعدم العدل في هذه العقود يكمن في‬
‫إعطاء أحد العاقدين فرصة واسعة ألن يحقق أرباحا على حساب المتعاقد اآلخر‪ ،‬كذلك فإن اعتبار‬
‫الشروط المرافقة لعقود الخيارات من الشروط الفاسدة التي تضم كل شرط ال يقتضيه العقد‪ ،‬أو يكون‬
‫فيه منفعة ألحد العاقدين ال يوجبها العقد‪ .‬كما أن البيوع اآلجلة تنطوي على بيع اإلنسان ما ليس‬
‫عنده؛ فالذي يشتري حق خيار شراء األسهم لن يكون بحاجة إلى امتالك األسهم‪ ،‬وكل ما يحتاجه هو‬
‫أن يكون له رصيد معين في حسابه لدى السمسار(‪ .)22‬وقد برر المجمع ق ارره بأن كان المعقود عليه‬
‫ليس ماال وال منفعة‪ ،‬وال حقا ماليا يجوز االعتياض عنه‪ ،‬وبما أن هذه العقود ال تجوز ابتداء فال‬
‫يجوز تداولها‪.‬‬
‫وقد خالف بعض الباحثين في االقتصاد اإلسالمي قرار المجع في التبرير وفي الحيثيات التي استند‬
‫عليها‪ ،‬مع اتفاقهم مع القرار في حرمة تلك العقود(‪ ، )23‬استنادا إلى أن بيع األسهم بالثمن المتفق عليه‬
‫في الموعد المحدد ال يحدث في بيع الخيار‪ ،‬بل إن الوسيط في السوق يقوم بالتسوية ويدفع للرابح‬
‫ربحه دون بيع أو شراء أو تسليم أو تسلَم‪ .‬وعلى فرض وقوع بيع حقيقي بايجاب وقبول من المشتري‬
‫وتسليم األسهم ودفع الثمن‪ ،‬وهو فرض غير واقع‪ ،‬فإنه سيكون نتيجة مواعدة من الجانبين‪ ،‬وليست‬
‫من جانب واحد‪ ،‬ألن أحد العاقدين قد وعد بشراء السهم بالثمن المتفق عليه‪ ،‬ووعد اآلخر ببيعها له‬
‫بهذه الشروط‪.‬‬
‫وهناك من يرى من الباحثين في االقتصاد اإلسالمي امكانية تطوير عقود الخيار وضبطها بأحكام‬
‫(‪،)24‬‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬قياسا على بيع العربون‪ ،‬والتأمين‪ ،‬وااللتزام والكفالة‪ ،‬والحقوق المعنوية‬
‫استنادا إلى االختالف في معنى المال‪ .‬فمن قال‪ :‬أن الحقوق المعنوية أمواال أجاز بيعها‪ ،‬ومن قال‪:‬‬
‫بأن المال يشمل األعيان فقط‪ ،‬منع بيع هذه الحقوق‪ ،‬ألنها ليست أعيانا‪ ،‬وهذا هو رأي معظم فقهاء‬
‫الحنفية‪ .‬أما جمهور الفقهاء فهم مع الرأي األول الذي يعتبر هذه الحقوق أمواال‪ ،‬وبالتالي يجوز‬
‫بيعها(‪.*)25‬‬

‫(‪ )44‬جملة جممع الفقه اإلسالمي الدو ي‪ .‬العدد السادس‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ ،1493‬والعدد السابع ج‪ 1‬ص ‪ 93‬والعدد التاسع ج‪ 4‬ص‪ .5‬القرار رقم (‪ )9/1/15‬الدورة السابعة‬
‫املنعقدة يف مدينة جدة يف عام ‪1994‬م بشأن األسواق املالية‪.‬‬
‫(‪ )43‬حسني حامد حسان‪ .‬تعريف اخليار التبعي وتطبيقاته االقتصادية ‪،‬حولية الربكة‪ ،‬العدد ‪1232 ،11‬ه‪ ،4229-‬ص ‪. 61‬‬
‫(‪ )42‬كمال توفيق حطاب ‪ .‬حنو سوق اسالمية مالية طبعة متهيدية ‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )45‬املرجع السابق ص‪.12‬‬
‫‪9‬‬
‫وقد اقترح محمد علي القري بعض الضوابط االحت ارزية لتفادي عنصر المقامرة في عقود الخيارات‬
‫بشكل خاص منها (‪: )26‬‬

‫‪ ‬أن تتعامل المؤسسة مع مالكي األسهم الحقيقيين‪ ،‬وأن تودع األسهم لدى المؤسسة عند بداية العقد‬
‫أو ما يثبت وجودها وملكيتها‪.‬‬

‫‪ ‬أن يمارس أسلوب الخيار األوروبي فقط‪ ،‬أي ينفذ الخيار في آخر يوم من مدته‪ ،‬وذلك لتقليل‬
‫فرص االستفادة من التقلبات اليومية‪.‬‬

‫‪ ‬أن تنتهي مدة الخيار مع بداية أول ساعة في آخر يوم من أيام العقد‪ ،‬وذلك لتالفي االرتفاع‬
‫بسبب تزايد الطلبات‪.‬‬

‫وفي الواقع تستخدم خيارات البيع والشراء في أسواق المال التقليدية بشكل كبير لتحقيق عدة أغراض‪،‬‬
‫فهي تستخدم كبديل لعمليات البيع على المكشوف‪ ،‬فالمضارب الذي يتوقع انخفاض السعر يمكن أن‬
‫يبيع على المكشوف‪ ،‬أو أن يشستري خيار بيع‪ ،‬حيث إنه يشتري األسهم بسعر التعاقد محققا الفرق‬
‫بين السعرين‪ ،‬كما أنها تستخدم بغرض المضاربة من المستثمرين الذين يتوقعون انخفاض أسعار‬
‫األوراق المالية محل التعاقد عند نهاية تاريخ صالحية هذه الخيارات‪.‬‬

‫كما أن عقود الخيار المزدوجة التي تجمع بين خيار البيع‪ ،‬وخيار الشراء‪ ،‬وبمقتضاها يصبح حامل‬
‫هذه العقود أن يكون مشتريا لألوراق المالية محل التعاقد أو بائعا لها‪ ،‬فإذا ارتفعت أسعار السوق‬
‫خالل فترة العقد كان مشتريا‪ ،‬واذا انخفضت كان بائعا‪ ،‬إضافة إلى ذلك تستخدم هذه الخيارات في‬
‫عقود الفائدة‪ ،‬وعقود أسعار الصرف‪ ،‬وعقود المؤشرات(‪.)27‬‬

‫وتطبق المصارف اإلسالمية خيار الشرط للتحوط من المخاطر بشكل واضح في الوعد بصرف‬
‫العمالت‪ ،‬وفي صيغة المرابحة لآلمر بالشراء‪ ،‬ومثال تطبيقه في صيغة المرابحة أن يشتري المصرف‬

‫* من أبرزهم ‪ :‬حممد عثمان شبري الذي يرى أن هذه احلقوق متثل منافع دائمة ألصحاهبا‪ ،‬وبالتا ي مينكهم بيع بعض هذه املنافع‪ .‬والقري الذي يرى أن خيار الشراا‬
‫هو أشبه ما يكون ببيع العربون‪ ،‬وبيع العربون جائز عند احلنابلة على خالف اجلمهور‪ ،‬كما يف املغين (ابن قدامة‪ .)459/2 ،1994 ،‬مع مالحظة إن من أهم‬
‫األسباب اليت يستند إليها الفقهاا يف حترمي بيع احلقوق املعنوية الغرر أو الربا‪،‬أنظر املرجع السابق كمال حطاب ‪.‬‬

‫(‪ )41‬حممد على القري‪ .‬حنو سوق اسالمية ‪ ،‬جملة دراسات اقتصادية إسالمية ‪ ،‬املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب ‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية‪،‬ع‪ ،1‬ج‪1993 ،1‬م ‪،‬‬
‫ص ‪. 42‬‬
‫(‪ )49‬زينب بوقاعة‪ ،‬ورميه برارمه‪ .‬تسعري اخليارات املالية وفقا لنموذج بالك وشولر ‪ :‬دراسة حالة خيارات القطاع البنكي القطري‪ .‬املؤمتر الدو ي جبامعة فرحات عباس ‪،‬‬
‫سطيف ‪ ،‬منتجات وتطبيقات االبتكار واهلندسة املالية‪ 4212-‬ص ص‪ .125-123‬ومنري ابراهيم هندي ‪ ،‬إدارة املخاطر ‪ ،‬منشأة دار املعارف‪ ،‬االسكندرية ج‬
‫‪ ، 4229، 3‬ص ص ‪.1-5‬‬
‫‪10‬‬
‫اإلسالمي السلع بشرط ثبوت الخيار له مدة محددة‪ ،‬كأن يشترط الخيار لمدة أسبوع أو أسبوعين أو‬
‫أكثر من ذلك‪.‬‬

‫وعلى قول جمهور الفقهاء؛ فإن خيار الشرط يثبت للمتعاقدين‪ .‬وعلى الراجح أيضا من أقوال الفقهاء؛‬
‫فإن تحديد مدة خيار الشرط ترجع التفاق المتعاقدين‪ ،‬وعليه يمكن للمصرف اإلسالمي أن يشتري مع‬
‫خيار الشرط المحدد بمدة معينة‪ ،‬فإن باع السلعة فبها ونعمت‪ ،‬وان لم يبع فسخ العقد مع البائع ولم‬
‫يلحق به ضرر(‪ ، )28‬ومثال ذلك‪ :‬أن يشتري البنك منزال ويبيعه بالتقسيط على عميله الذي يعمل موظفا‬
‫في شركة ما‪ ،‬فيقوم البنك بتوقيع اتفاقية رغبة في الشراء مع المالك الحقيقي للمنزل لمدة عشرين يوما‪،‬‬
‫بحيث يلتزم المالك بعدم بيع البيت خالل هذه المدة حتى يتسنى للبنك حفظ ماله في حال عزوف‬
‫الموظف عن توقيع العقد‪ ،‬ومن ثم يتحوط البنك من نكول عميله وصرفه النظر عن شراء العقار‪.‬‬

‫وقد جوز الفقهاء هذه المعاملة‪ ،‬فقد جاء في "المبسوط" للسرخسي(‪ )29‬في باب البيع والشراء " َرُج ٌل‬
‫ور‬‫ْم ُ‬ ‫اها ْاآل ِم ُر ِم ْنهُ بِأَْلف َو ِم َائة فَ َخ َ‬
‫اف اْل َمأ ُ‬ ‫إن فَ َع َل ا ْشتََر َ‬ ‫ف ِد ْرَهم َوأ ْ‬
‫َخ َب َرهُ أَنهُ ْ‬
‫ار بِأَْل ِ‬
‫ي َد ا‬ ‫َن َي ْشتَِر َ‬‫َم َر َرُجال أ ْ‬
‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ْاآل ِم ُر ِفي ِش َرائِهَا قَ َ‬
‫ضهَا‬‫ال‪َ :‬ي ْشتَِري الد َار َعلَى أَنهُ بِاْلخ َي ِار ثَ َالثَةَ أَيام فيهَا َوَي ْقبِ ُ‬ ‫َن َال َي ْرَغ َ‬ ‫اها أ ْ‬
‫إن ا ْشتََر َ‬
‫ْ‬
‫ور ِه َي لَك بِ َذِل َك والبد أن يقبضها‬ ‫ْم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َخ ْذتهَا م ْنك بأَْلف َوم َائة فََيقُو ُل اْل َمأ ُ‬ ‫يه ْاآل ِم ُر فََيقُو ُل لَهُ قَ ْد أ َ‬‫ثُم يأْتِ ِ‬
‫َ‬
‫على أصل محمد رحمه اهلل‪.‬‬
‫فأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما اهلل؛ فال حاجة لهذا الشرط لجواز التصرف في العقار قبل‬
‫القبض عندهما‪ ،‬والمشتري بشرط الخيار يتمكن من التصرف في المشترى‪ ،‬باالتفاق وان اختلفوا أنه‬
‫هل يملكه مع شرط الخيار أم ال‪ ،‬فإنما قال اآلمر يبدأ ليتمكن من التصرف في المشترى‪ ،‬فيقول‬
‫أخذت منك بألف ومائة ألن المأمور له لو بدأ قال بعتها منك‪ ،‬ربما ال يرغب اآلمر في شرائها ويسقط‬
‫خيار المأمور بذلك فكان االحتياط في أن يبدأ اآلمر حتى إذا قال المأمور هي لك بذلك تم البيع‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب ْاآل ِمر ِفي ِشرائِها يم ِّكن اْلمأْم ِ‬
‫ور م ْن َرِّد َها بِ َش ْرط اْلخ َي ِار فََي ْن َدفعُ الض َرُر َع ْنهُ‬
‫َ َ َُ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫بينهما‪ ،‬وان لم َي ْرَغ ْ‬
‫بِ َذلِ َك" ‪.‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه اهلل وهو يذكر أن هناك بعض الحيل المباحة التي تجعل اإلنسان يصل إلى حقه‬
‫بال مخالفة للشرع‪ ،‬قال ‪ " :‬المثال الحادي بعد المائة‪ :‬رجل قال لغيره ‪ :‬اشتر هذه الدار أو هذه السلعة‬
‫من فالن بكذا وكذا‪ ،‬وأنا أربحك فيها كذا وكذا‪ ،‬فخاف إن اشتراها أن يبدو لآلمر‪ ،‬فال يريدها‪ ،‬وال‬

‫(‪ )46‬حسام الدين عفانه بيع املساومة وتطبيقه يف املصارف اإلسالمية ‪ ،‬شبكة يسألونك اإلسالمية ‪http://ar.islamway.net/fatwa،‬‬
‫(‪ )49‬السرخسي‪ ،‬حممد بن أمحد بن أيب سهل مشس األئمة‪.‬املبسوط ‪ ،‬دار املعرفة ج ‪ 32‬باب يف البيع والشراا ‪1229 ،‬هـ‪1969/‬م ص ‪.436‬‬
‫‪11‬‬
‫يتمكن من الرد‪ .‬فالحيلةُ أن يشتريها على أنه بالخيار ثالثة أيام أو أكثر ثم يقول لآلمر‪ :‬قد اشتريتها‬
‫بما ذكرت‪ ،‬فإن أخذها منه‪ ،‬واال تمكن من ردها على البائع بالخيار (‪.)30‬‬
‫وجاء في ق اررات "الهيئة الشرعية لبنك البالد" (الضابط ‪ ": )91‬يجوز للبنك في عقد المرابحة عند‬
‫شرائه للسلعة من البائع األول أن يأخذها بخيار الشرط – خشية عدول العميل – ثم يعرضها لآلمر‬
‫بالشراء خالل مدة الخيار وال يعد عرضها فسخا لذلك الخيار‪ ،‬فإن رغبها اآلمر بالشراء واال ردها‬
‫البنك إلى البائع األول " ‪.‬‬
‫كذلك يمكن للبنك استخدام الخيار في الوعد بالصرف‪ ،‬حيث يحق لصاحب الخيار (الموعود) الحق –‬
‫دون اإللتزام – أن يصرف أمواال بفئات عملة معينة بعملة أخرى بمعدل سعر صرف موافق عليه‬
‫مسبقا وبتاريخ محدد‪ ،‬وذلك بناء على وعد من مانح الخيار (الواعد)‪ .‬ومثال ذلك إذا أتفق شخصان‬
‫على بيع عشرة آالف ريدال سعودي بما يعادلها من الجنيه السوداني بالسعر الحاضر؛ على أن يتم‬
‫التسليم واالستالم بعد شهرين‪.‬‬
‫*‬
‫فالذي عليه‬ ‫وكما هو معلوم‪ ،‬فإن المواعدة على الصرف محل خالف بين أهل العلم قديما وحديثا‬
‫االتفاق أن المواعدة إن كانت ملزمة للطرفين‪ ،‬فإنها تدخل في عموم النهي عن بيع الكالئ بالكالئ‪،‬‬
‫فهي غير جائزة‪ ،‬حيث إن من شروط الصرف تقابض البدلين في مجلس العقد‪ ،‬وأن يخلو عقد‬
‫الصرف من األجل‪ ،‬واذا كانت غير ملزمة للطرفين فهي جائزة (‪ .)31‬فإذا تواعد شخصان مثالَ على‬
‫المصارفة بعد سنة مثال‪ ،‬واتفقا على أن يتم التقابض عندما يحل األجل‪ ،‬ثم عقدا عقدا جديدا عند‬
‫حلول األجل‪ ،‬وتم التسليم واالستالم ‪ ،‬فاالتفاق صحيح والعقد جائز‪ .‬وممن قال بجوازها اإلمام‬
‫الشافعي في كتابه األم " إذا تواعد الرجالن الصرف‪ ،‬فال بأس أن يشتري الرجالن الفضة ثم يقرانها‬
‫عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاء (‪ ".*)32‬ويفهم من هذا أنهما إذا تواعدا على عقد‪ ،‬فإنه‬
‫يجوز التواعد‪ ،‬ثم بعد ذلك يجريان عقد البيع على الموعود بتبايعه‪ ،‬فالتواعد على العقد بيعا أو غيره‬
‫ليس بيعا وال نكاحا ‪ .‬يقول ابن حزم " والتواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة‪ ،‬وفي بيع الفضة‬

‫(‪ )32‬ابن القيم ‪ ،‬حممد بن أيب بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهلل ‪ .‬إعالم املوقعني عن رب العاملني ‪ ،‬ج ‪، 2‬دار اجليل ‪ -‬بريوت ‪ ،1993 ،‬ص‪.49‬‬
‫* من املعروف أن الصرف هو بيع الثمن بالثمن جنسا جبنس أو بغري جنس ومن خيار الشرط ألنه خيل بالقبض كما قرر ذلك مجهور الفقهاا ‪ .‬املوسوعة الفقهية‬
‫‪.326/42‬‬
‫(‪ )31‬فتاوى ندوة الربكة األوىل لالقتصاد اإلسالمي‪ .‬املدينة املنورة ‪ 42-19‬رمضان ‪1223‬ه‪ 32-49 .‬يونيو ‪ .1961‬جمموعة دلة الربكة ‪ -‬قطاع األموال ‪ -‬شركة‬
‫الربكة لالستثمار والتنمية جدة‪ -‬السعودية‪ .‬فتوى رقم (‪.) 13/1‬‬
‫* وجاا يف فتاوى بيت التمويل الكوييت ‪ :‬ما الرأي الشرعي يف مدى جواز االتفاق على بيع أو شراا العملة وبسعر يتفق عليه مقدما على أن تنفذ العملية يف زمن الحق‬
‫ويكون التسليم واالستالم بالنقد يف وقت واحد ؟ اجلواب ‪ :‬مثل هذه املعاملة تعترب وعدا بالبيع فإن أنفذاه على الصورة الواردة يف السؤال فال مانع شرعا واهلل أعلم ‪.‬‬
‫وزيادة يف إيضاح هذه املسألة أقول ‪ :‬إن تنفيذ هذا الوعد على الصورة الواردة يف السؤال يكون مشروعا ولكنه إذا اقرتن الوعد مبا يدل على أنه عقد بيع بأن دفع‬
‫بعض الثمن دون بعض فيكون من قبيل بيع الكالئ بالكالئ " املؤجل باملؤجل‪ ،‬وهو ممنوع مطلقا وال سيما يف عقد الصرف الذي يشرتط لصحته تقابض كال البدلني‬
‫يف جملس العقد ويعترب اشـتـراط التأجيل مفـسـدا له عند جـمـيـع األئمة فتاوى بيت التمويل ‪. 42/1‬‬
‫(‪ )34‬الشافعي حممد بن إدريس الشافعي القرشي املطليب أبو عبد اهلل ‪ ،‬األم ‪،‬حتقيق‪ :‬رفعت فوزي عبد املطلب ‪ ،34/5‬دار الوفاا ‪1244‬ه ‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫بالفضة وفي سائر األصناف األربعة بعضها ببعض جائز؛ تبايعا بعد ذلك؛ أو لم يتبايعا ألن التواعد‬
‫ليس بيعا" (‪.)33‬‬
‫لرس المال أو له وللربح معا‬
‫‪ 2/2‬التحوط بضمان الطرف الثالث أ‬
‫المراد بضمان الطرف الثالث إصدار تعهد من طرف أجنبي عن مدير االستثمار‪ ،‬سواء كان مضاربا‬
‫أو شريكا مدي ار أو وكيال‪ ،‬بتحمله الخسارة التي تقع في أرس المال المستثمر‪ ،‬وتعويض المستثمر عن‬
‫تلك الخسارة‪ ،‬دون أن يكون له حق الرجوع للمستثمر‪ ،‬أو مدير االستثمار(‪.)34‬‬
‫وتسمية هذا التحمل ضمانا ليست دقيقة؛ ألنه ليس كفالة عن ديون‪ ،‬وهو في الواقع تعهد ملزم بتقديم‬
‫هبة تعادل قيمة األصول األسمية في حال تعرضها للهالك (‪. )35‬‬
‫وضمان المال لغة أي التزامه‪ .‬يقال ضمنت المال وبالمال ضمانا‪ ،‬فأنا ضامن وضمين‪ ،‬أي‬
‫التزمته(‪ ، )36‬وقد ذكر الفقهاء عدة تعريفات للضمان؛ منها ما يفهم من كالم الغزالي أن الضمان هو‬
‫واجب رد الشيء أو بدله بالمثل أو بالقيمة (‪.)37‬‬
‫وال خالف بين الفقهاء في أن يد المضارب على أرس المضاربة يد أمانة‪ ،‬وأن األصل عدم ضمانه‬
‫‪ .‬غير أنهم اختلفوا في صحة‬ ‫لخسارته أو نقصانه أو تَ َواه إذا وقع ذلك من غير تعديه أو تفريط‬
‫(‪)38‬‬

‫تضمينه هالك رأس مال المضاربة‪ ،‬أو خسارته إذا اشترط رب المال عليه‪ ،‬وذلك على قولين‪:‬‬
‫أحدهما لجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في المعتمد المشهور من مذاهبهم‪ ،‬وهو أن‬
‫هذا االشتراط باطل لمنافاته لمقتضى العقد (‪ ،)39‬وقد أخذ بهذا القول مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في‬
‫ق ارره رقم ‪ 9/6/31‬على عدم جواز اشتراط ضمان أرس المال على عامل المضاربة‪.‬‬
‫وبالنسبة لضمان الطرف الثالث في المضاربة وتطبيق ذلك في المصارف اإلسالمية‪ ،‬فتعددت أراء‬
‫العلماء والباحثين حوله منذ زمن بعيد‪ ،‬وما يزال الخالف حوله قائما حتى الوقت الحاضر‪.‬‬
‫فقد ذهب محمد باقر الصدر وسامي حمود إلى القول بضمان المصرف لألموال المودعة في‬
‫حسابات االستثمار‪ ،‬بيد أنهما إختالفا في الضمان‪ .‬فالصدر بناه على أساس التبرع من المصرف‬
‫باعتباره وسيطا بين أرباب المال والعاملين فيه(‪ ،)40‬وسامي حمود اعتمد في أريه على أمرين‪ :‬األول‬

‫(‪ )33‬ابن حزم‪ .‬أيب حممد علي ابن حزم األندلسي ‪ .‬احمللى يف شرح اجمللى باحلجج واآللار ‪ ،‬حتقيق حسان عبد املنان ‪ ،‬ط بيت األفكار ج ‪ 6‬ص‪. 513‬‬
‫(‪ )32‬عبد الستار أبو غدة ‪ .‬حبوث يف املعامالت واألساليب املصرفية اإلسالمية‪ ،‬ج ‪ ،14‬جمموعة الربكة املصرفية ‪ ،‬جدة ‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫(‪ )35‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )31‬وهبة مصطفى الزحيلي ‪.‬نظرية الضمان أو أحكام املسؤولية املدنية واجلنائية يف الفقه اإلسالمي ‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،4‬دار الفكر دمشق‪1996 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )39‬وهبة مصطفى الزحيلي‪ .‬الوجيز يف الفقه اإلسالمي ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬دار الفكر‪1249 ،‬ه – ‪4229‬م‪ ،‬ص ‪.426‬‬
‫(‪ )36‬نزيه كمال محاد ‪ .‬يف فقه املعامالت املالية واملصرفية املعاصرة ‪ :‬قرااة جديدة ‪ ،‬دار القلم ‪،‬دمشق‪ ،‬ط‪1246 ، 1‬ه ‪4229‬م ‪،‬ص ‪.413‬‬
‫(‪ )39‬ابن قدامة ‪ .‬موفق الدين أيب حممد عبد اهلل بن أمحد ‪ ،‬حتقيق عبد اهلل بن عبد احملسن الرتكي‪ ،‬وعبد الفتاح حممد احللو ‪ ،‬دار عامل الكتب للطباعة والنشر ‪ ،‬ط‪، 3‬‬
‫ج‪ ،9‬الرياض ‪ ،1999 – 1219 ،‬ص ‪.191‬‬
‫(‪ )22‬حممد باقر الصدر ‪ .‬البنك الالربوي يف اإلسالم‪ ،‬الكويت ‪ ،‬مكتبة اجلامع النقي ‪ ،‬دون تاريخ ‪ ،‬ص ص‪.33-34‬‬
‫‪13‬‬
‫قياسه المضارب على األجير المشترك‪ ،‬والثاني على ما نقله عن ابن رشد من اتفاق جمهور العلماء‬
‫على تضمين المضارب الذي يدفع مال المضاربة إلى غيره‪ ،‬والى فكرة استحقاق الربح بالضمان التي‬
‫صرح بها الكاساني(‪. )41‬‬
‫كما أن حسن عبد اهلل األمين اقترح اقتطاع جزء من أرباح المضاربة‪ ،‬وأن تكون شركة تأمين تعاونية‬
‫تحوطا من احتماالت الخسارة‪ ،‬مستندا في اقتراحه على قول بعض فقهاء المالكية بجواز اشتراط جزء‬
‫من ربح المضاربة لغير رب المال‪ ،‬والمضارب فيه‪ ،‬ألنه من باب التبرع(‪.)42‬‬
‫كذلك تعرض منذر قحف في بحث له عن سندات القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاتهما في‬
‫مجيز لضمان الطرف الثالث (‪ ،)43‬مستشهدا بقانون سندات المقارضة‬
‫ا‬ ‫تمويل التنمية لهذا الموضوع‪،‬‬
‫األردني الصادر برقم ‪ 91‬لسنة ‪9799‬م وفق المادة الثانية عشرة التي نصها "‪ .‬تكفل الحكومة تسديد‬
‫قيمة سندات المقارضة االسمية الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة‪ ،‬وتصبح المبالغ‬
‫المدفوعة لهذا السبب قرضا ممنوحا للمشروع بدون فائدة مستحق الوفاء فور اإلطفاء الكامل‬
‫للسندات‪ ".‬وكان صدور النص المذكور بناء على فتوى صادرة من لجنة الفتوى األردنية بخصوص‬
‫(‪)44‬‬
‫سندات مقارضة اعتزمت و ازرة األوقاف األردنية إصدارها وقد تضمن نص الفتوى مايلي‪:‬‬
‫‪ -9‬جواز كفالة الحكومة لسندات المقارضة المخصصة إلعمار أراضي األوقاف باعتبار الحكومات‬
‫طرفا ثالثا‪ ،‬وذلك على أساس الوعد الملزم‪.‬‬
‫‪ -1‬عدم الحاجة حينئذ للنص في سندات المقارضة الصادرة لهذه الغاية على أن يتحمل المكتتبون ما‬
‫يصيبهم من خسارة‪.‬‬
‫ويمضي منذر قحف في تعضيد أريه فيقول " فنحن هنا إذن أمام شكلين من أشكال الضمان لرأس‬
‫المال المستثمر في سندات القراض ‪ :‬ضمان يقدمه صندوق مستقل‪ ،‬وضمان تقدمه الدولة‪ ،‬وما دام‬
‫القرض صحيحا غير ربوي‪ ،‬والضمان يقدمه طرف ثالث‪ ،‬فيعد هذا الضمان جائز ومقبول‪ .‬وقد‬
‫لخص منذر قوله في ثالثة أراء وفق التالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تمويل عملية الضمان‪ ،‬حيث يمكن تمويل ضمان عمليات القراض التي يقوم بها القطاع العام‬
‫عن طريق طريق تخصيص جزء من أرباح جميع هيئات القطاع العام االقتصادي لصندوق ضمان‬

‫(‪ )21‬سامي حسن محود ‪ .‬تطوير العمال املصرفية مبا يتفق والشريعة اإلسالمية ‪ ،‬ط‪ ،4‬عمان ‪ ،‬دار الفكر للنشر والتوزيع ‪ ، 1964 ،‬ص ‪.396‬‬
‫(‪ )24‬حسن عبد اهلل األمني‪ .‬الودائع املصرفية النقدية واستثمارها يف اإلسالم ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الشروق ‪ ،‬جدة ‪1963‬م‪ ،‬ص ص ‪.319- 316‬‬
‫(‪ )23‬منذر قحف‪ .‬سندات القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاهتما يف متويل التنمية يف البلدان اإلسالمية ‪ ،‬جملة جامعة امللك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬م‪،1‬‬
‫‪1969-1229‬م ص ‪.59‬‬
‫(‪ )22‬املرجع السابق ص ص ‪. 59-56‬‬
‫‪14‬‬
‫حكومي مثال بالنص على تخصيص نسبة معينة من أرباح القراض لصندوق هذا الضمان على رأي‬
‫اشترط جزء من الربح لطرف ثالث باعتباره من باب التبرع(‪.)45‬‬
‫ا‬ ‫من أباح‬
‫ثانيا‪ :‬قضية التوسع في ضمان الطرف الثالث حتى يشمل نسبة معينة من األرباح‪ ،‬فشأنه شأن رأس‬
‫المال من حيث اإلباحة طالما أن الطرف الثالث متبرع ومستقل عن طرفي العقد‪ ،‬ولو كان له مصلحة‬
‫في إجراء العقد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬هناك حاجة للضمان ومبررات اقتصادية له‪ ،‬سواء على المستوى العام المتعلق بالدولة‪ ،‬أو‬
‫المستوى الخاص المتعلق باألفراد‪.‬‬
‫وممن تعرض لهذا الموضوع بالمناقشة كذلك؛ يوسف الشبيلي‪ ،‬حيث بيَّن أن التزام طرف ثالث‬
‫بالضمان على حالين‪:‬الحال األولى‪ :‬أن يكون التزام الطرف الثالث بالضمان تبرعا فهذا جائز؛ سواء‬
‫كان بنية الرجوع على العامل أم ال‪ ،‬بشرط أن يكون للضمان ذمة مالية مستقلة عن العامل‪ ،‬واألغلب‬
‫أن يكون الضامن جهة حكومية ‪ .‬الحال الثانية‪ :‬أن يكون هذا االلتزام بأجر‪ ،‬فإن لم يكن بنية الرجوع‬
‫على العامل فهذا هو التأمين التجاري المحرم(‪،)46‬‬
‫الراي المختار‪ :‬رجح الباحث أن إطالق القول بجواز أخذ األجر على الضمان أو بمنعه فيه نظر‪،‬‬
‫فيمنع أخذ األجر على الضمان إذ آل إلى قرض؛ لما يترتب عليه من القرض بفائدة‪ ،‬وأما إذا كان ال‬
‫يؤول إلى قرض فليس في األدلة الشرعية ما يمنع منه وال يترتب عليه محظور شرعي استنادا إلى ما‬
‫ذكره بعض فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة من جواز أخذ ثمن الجاه(‪.)47‬‬

‫وقد أفتى مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في دورته الرابعة في جده المنعقدة خالل الفترة من ‪13-99‬‬
‫جمادى اآلخرة ‪9919‬ه‪ ،‬بالقرار رقم‪ 9/9/3/31‬بشأن سندات المقارضة وسندات االستثمار ونصه‪":‬‬
‫ليس هناك ما يمنع شرعا من النص في نشرة اإلصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث‬
‫منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر‬
‫الخسران في مشروع معين‪ ،‬على أن يكون التزاما مستقال عن عقد المضاربة‪ ،‬بمعنى أن قيامه بالوفاء‬
‫بالتزامه ليس شرطا في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه‪ ،‬ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو‬

‫(‪ )25‬سامي حسن محود ‪.‬تطوير األعمال املصرفية مبا بتفق والشريعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪1224 ، 4‬ه‪ ،1964-‬ص ص ‪.221-222‬‬
‫(‪ )21‬يوسف عبد اهلل الشبيلي‪ .‬تطبيقات احلماية البديلة عن عقود التحوط ‪ ،‬حبث مقدم إىل جممع الفقه اإلسالمي الدو ي ص ‪.13‬‬
‫(‪ )29‬ابن عرفة‪ ،‬حممد بن أمحد الدسوقي ‪.‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبري ج ‪ ، 3‬مطبعة احلليب ‪ ،‬ص ‪.442‬‬
‫‪15‬‬
‫عامل المضاربة الدفع ببطالن المضاربة أو االمتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام‬
‫(‪.)48‬‬
‫المتبرع بالوفاء بما تبرع به‪ ،‬بحجة أن هذا االلتزام كان محل اعتبار في العقد‬
‫‪ 3/2‬التحوط بالتبرع بالضمان من أحد العاقدين‬

‫االلتد دزام الط ددوعي بالض ددمان المنفص ددل ع ددن عق ددد االس ددتثمار ه ددو ع دددم اش ددتراطه ف ددي العق ددد(‪ ،)49‬وذه ددب‬
‫المالكية إلى أن صاحب يد األمانة إذا تبرع بالتزام ضدمانها بعدد تمدام العقدد المقتضدي لهدا فإنهدا تصدير‬
‫في يده‪ ،‬ألن ذلك من باب التبرع بالمعروف‪ ،‬وهو واجب على من التزمه في مذهب اإلمام مالدك (‪. )50‬‬
‫وقد نقل نزيه حماد في كتاب له بعندوان "مددى صدحة تضدمين يدد األماندة بالشدرط فدي الفقده اإلسدالمي"‬
‫المنشددور مددن المعهددد اإلسددالمي للبحددوث والتدددريب نصوصددا كثي درة عددن فقهدداء المالكيددة بج دواز تطددوع‬
‫األمين بالتزام الضدمان بعدد العقدد‪ ،‬ألن ذلدك مدن بداب التبدرع بدالمعروف ‪ ،‬وهدو واجدب علدى مدن التزمده‬
‫في مذهب اإلمام مالك‪.‬‬

‫كما أشار عبد الستار أبوغدة في سلسلة كتبه بحوث في المعامالت واألساليب المصرفية اإلسالمية‬
‫إلى هذه األقوال(‪ ،)51‬ذاك ار لنقول ثالثة من الفقهاء هم‪ :‬ابن زرب‪ ،‬وابن بشير‪ ،‬وتلميذه ابن عتاب‪" ،‬‬
‫قيل البن زرب ‪ :‬أ يجب الضمان في مال القراض إذا تطوع قابضه بالتزام الضمان ؟ فقال ‪ :‬إذا التزم‬
‫الضمان طائعا بعد الشروع في العمل فما يبعد أن يلزمه‪ ،‬ونقلوا عن ابن بشير أنه أمضى عقدا بدفع‬
‫الوصي مال السفيه قراضا إلى أجل على جزء معلوم وأن العامل تطوع بالتزام ضمان المال وغرمه‪.‬‬
‫كما صحح ابن عتاب مذهب شيخه ابن بشير‪ ،‬ونصره بحجج كثيرة ‪.‬‬

‫وقد جاء في المعيار الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية رقم ‪ 6‬بند ‪ 1/1/1‬بشأن‬
‫الضمانات‪ ،‬أنه اليجوز الجمع بين الوكالة والكفالة في عقد واحد لتنافي مقتضاهما‪ ،‬وألن اشراط‬
‫الضمان على الوكيل باالستثمار يحول العملية إلى قرض بفائدة ربوية بسبب ضمان األصل مع‬
‫الحصول على عائد االستثمار‪ .‬أما إذا كانت الوكالة غير مشروطة فيها الكفالة‪ ،‬ثم كفل الوكيل‬
‫والمضارب والشريك كل منهما‪ ،‬كما نص الفقهاء ( المغني ‪ ) 31/6‬وبناء عليه فإنه يجوز أن يضمن‬
‫الوكيل المتعاملين معه(‪.)52‬‬

‫(‪ )26‬جملة جممع الفقه اإلسالمي الدو ي ‪ ،‬القرار رقم‪ ، 1/2/3/32 :‬بشأن سندات املقارضة ‪ ،‬البند التاسع‪ .‬الدورة الرابعة جده املنعقدة خالل الفرتة من ‪43-16‬‬
‫مجادى اآلخرة ‪ 1226‬املوافق ‪ 11 –1‬شباط ( فرباير ) ‪1966‬م ‪.‬‬
‫(‪ )29‬عبد الستار أبو غدة ‪ .‬حبوث يف املعامالت واألساليب املصرفية اإلسالمية ج ‪ ،14‬جمموعة الربكة املصرفية ‪ ،‬جدة ‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ .‬ص ‪.42‬‬
‫(‪ )52‬نزيه كمال محاد ‪ .‬مدى تضمني يد األمانة بالشرط يف الفقه اإلسالمي ‪ ،‬املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب ‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية ‪ 1242‬ه ‪ ،‬ص‪41‬‬
‫(‪ )51‬عبد الستار أبو غدة ‪ .‬حبوث يف املعامالت واألساليب املصرفية اإلسالمية مرجع سابق ‪ ،‬ص‪45‬‬
‫(‪ )54‬العياشي الصادق فداد‪ .‬خماطر الثقة يف تطبيقات املضاربة وعالجها ‪ ،‬ورقة معلومات أساسية‪ ،‬ندوة الربكة ‪9-6 ، 31‬رمضان ‪1231‬ه ‪،‬ص ‪ .421‬واملعايري‬
‫الشرعية هليئة احملاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية ص ‪.39‬‬
‫‪16‬‬
‫ويرى كثير من أهل العلم واالختصاص أنه من الصعب قبول تجاوز اإلجماع على منع ضمان‬
‫المضارب أو الشريك بمجرد عقد جانب حتى ولو كان مستقال ورقيا إذ أن العقود تجعل مثل هذه‬
‫التتفاهمات الجانبية والعقودالمستقلة أم ار معروفا فيتم التعامل معها على أنها شروط جعلية اتفاقية‬
‫وكذلك يتم تفسيرها عند التنازع (‪.)53‬‬
‫(‪(54‬‬
‫ويمكن تلخيص اختالف العلماء المعاصرين بشأن التزم طرف ثالث بالضمان تبرعا‪،‬على قولين‪:‬‬

‫األول‪ :‬عدم الجواز‪ ،‬حيث حرم بعض الفقهاء المعاصرين ضمان رأس مال المستثمرين‪ ،‬سواء كان‬
‫الضامن هو العامل أو طرفا ثالثا‪ .‬مستشهدين باتفاق الفقهاء على أن الضامن إنما يصح ضمانه لما‬
‫هو مضمون على األصيل‪ ،‬كالقرض وثمن المبيع‪ .‬وأما ما لم يكن مضمونا على األصيل‪ ،‬فال يصح‬
‫ضمانه؛ مثل الوديعة‪ ،‬ورأس مال المضاربة‪ .‬وأن ضمان الطرف الثالث ذريعة إلى الوقوع في الربا‪،‬‬
‫فيحرم عمال بقاعدة سد الذرائع‪ .‬وأن الطرف الثالث إذا جاز له ضمان األصل فيجوز له ضمان نسبة‬
‫من الربح وبذلك يفتح باب الربا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الجواز‪ ،‬حيث جوز بعض الفقهاء المعاصرين التزام طرف ثالث في عقد المضاربة منفصل‬
‫في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع ‪ -‬دون مقابل‪ -‬بمبلغ مخصص لجبر الخسران‬
‫الذي قد يط أر على أموال المستثمرين‪ .‬والى هذا ذهب مجمع الفقه اإلسالمي الدولي بجدة في دورته‬
‫الرابعة‪ ،‬وعدد من الهيئات الشرعية في البنوك اإلسالمية‪ .‬استنادا إلى عدد من األدلة منها‪ :‬حديث‬
‫صفوان بن أمية رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم حين استعار منه درعا يوم حنين‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أغصب؟ فقال صلى اهلل عليه وسلم ال‪ ،‬بل عارية مضمونة‪ .‬ويقاس على العارية المال‬
‫المضارب به بجامع أن كال منهما أمانة في األصل ‪ .‬وأن التبرع في عقد المضاربة بالضمان من‬
‫طرف ثالث هو بذل مثل سائر التبرعات‪ ،‬واذا كان التبرع بالمال جائ از فإن التبرع بالضمان هو أحرى‬
‫بالجواز‪.‬‬

‫‪ ،‬فإذا تم‬ ‫(‪)55‬‬


‫فإذا تبرع المضارب بتحمل الخسارة بدون أن يكون هذا شرطا مكتوبا فال مانع من جوازه‪.‬‬
‫العقد مع خلوه من شرط ضمان رأس المال واشتغل المضارب بالمال وعند تصفية الشركة تبين‬
‫حصول خسارة فتبرع المضارب بتحملها‪ ،‬فالقول بجواز ذلك له وجه‪ ،‬ألن هذا التبرع تم بدون إلزام أو‬
‫شرط مسبق‪ .‬والمفسد لعقد المضاربة عند الفقهاء أن يشترط على المضارب ضمان رأس المال عند‬

‫(‪ )53‬العياشي الصادق فداد‪ .‬خماطر الثقة يف تطبيقات املضاربة وعالجها ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 421 ،‬‬
‫(‪ )52‬عبداهلل حممد العمراين ‪ .‬التحوط يف املعامالت املالية‪ ،‬ورقة مقدمة للدورة احلادية والعشرين جملمع الفقه اإلسالمي الدو ي ‪1235‬ه‪ .‬ص ص‪. 15-13‬‬
‫(‪ )55‬املرجع السابق ص ‪. 15‬‬
‫‪17‬‬
‫العقد‪ ،‬وهنا لم يشرط ذلك عند العقد‪ ،‬وانما تبرع هو بالضمان بعد أن تحققت الخسارة(‪ ،)56‬وقال بجواز‬
‫ذلك بعض فقهاء المالكية‪ .‬كما بين ذلك يوسف الشبيلي في ورقة له منشورة عن تطبيقات الحماية‬
‫البديلة عن عقود التحوط والضمان ‪ ،‬حيث قال‪ :‬جاء في حاشية الدسوقي " وأما لو تطوع العامل‬
‫بالضمان ففي صحة ذلك القراض وعدمها خالف(‪،)57‬وقاسوا جواز ذلك على ما إذا تطوع الوديع‬
‫والمكتري بضمان ما بيده إذا كان هذا التطوع بعد تمام العقد(‪ .)58‬وجمهور المالكية على التحريم حتى‬
‫لو تطوع بالضمان بعد العقد‪ ،‬ألنه يكون متهما برغبته في استدراج رب المال وابقاء أرس المال‬
‫بيده(‪ .)59‬وأخذت بهذا القول بعض المؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬فقد جاء في فتاوى المستشار الشرعي‬
‫لمجموعة البركة الجزء ‪ 9‬الفتوى رقم ‪99‬على أنه ال مانع من أن تكون هناك مبادرة من العميل بتحمل‬
‫ما قد يقع من خسارة في حينها ‪ -‬ال عند التعاقد‪ -‬ألن ذلك من قبيل الهبة والتصرف من صاحب‬
‫الحق في حقه دون تغيير لمقتضى العقد شرعا ‪ .‬فحين وقوع الخسارة دون تعد أو تقصير يطبق‬
‫المبدأ الشرعي بتحميلها لرب المال ( البنك هنا ) إال أن يبادر العميل لتحملها ودون مقاضاته أو‬
‫إلزامه‪ ،‬ألنه قد يقدم على هذه المبادرة انسجاما مع اعتبار نفسه مقص ار في الواقع ولو لم تستكمل‬
‫صورة التقصير في الظاهر بما يحيل الضمان عليه‪ .‬فمجمع الفقه اإلسالمي أجاز ضمان رأس مال‬
‫المضاربة من طرف ثالث على سبيل التبرع كما ورد في القرار رقم ‪ 6‬من الدورة الرابعة كما تقدم‪.‬‬
‫الرأي المختار‪ :‬يميل الباحث إلى الرأي الثاني الذي يرى جواز التزام طرف ثالث في عقد المضاربة‬
‫منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع ‪ -‬دون مقابل‪ -‬بمبلغ مخصص لجبر‬
‫الخسران الذي قد يط أر على أموال المستثمرين لقوة حجته‪ ،‬ولتحقيقه عددا من المصالح المعتبرة في‬
‫تطبيقات عقود التحوط في المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 4/2‬التحوط باستخدام الوعود الملزمة المتبادلة‬

‫إصدار الوعود المتبادلة بين البنوك والمستثمرين من الوسائل التي تتخذها بعض البنوك لتحقيق‬
‫الحماية لعمالئها المستثمرين بحيث يصدر وعدا ملزما من البنك بشراء األصول المستثمرة المملوكة‬
‫للعميل في تاريخ محدد‪ ،‬وثمن محدد‪ ،‬ولكنه شراء معلق على شرط‪ ،‬بأن يكون ثمنها الجاري في‬
‫السوق أقل من ذلك الثمن الذي التزم البنك بالشراء به‪ ،‬وفي المقابل يقدم العميل وعدا ملزما بالبيع‬

‫(‪ )51‬حسام الدين بن موسى عفانة – مرجع سابق ‪.‬‬


‫(‪ )59‬ابن عرفة‪ ،‬حممد بن أمحد الدسوقي‪ :‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبري‪ ،‬دار إحياا الكتب العربية د‪ .‬ت ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬باب يف القراض‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص ‪.542‬‬

‫(‪ )56‬ا ُّلرهوين ‪ .‬أيب عبد اهلل ححمح َّمد ن أمحد ‪.‬حاشية الرهوين على شرح الزرقاين ج ‪ ،1‬الطبعة األوىل‪ ،‬املطبعة األمريية ‪ ،‬بوالق ‪1321 ،‬ه ‪.‬ص ‪. 3‬‬

‫(‪ )59‬يوسف عبد اهلل الشبيلي ‪ .‬تطبيقات احلماية البديلة عن عقود التحوط والضمان ‪ ،‬املسالة الرابعة تطوع العامل بالضمان ص ‪.14‬‬
‫‪18‬‬
‫للبنك عند حلول األجل بنفس الثمن المتفق عليه‪ ،‬ولكن بشرط أن يكون ثمنها في السوق أعلى من‬
‫ذلك الثمن المحدد(‪.)60‬‬

‫وتظهر أهمية استخدام الوعود الملزمة المتبادلة في التطبيقات المعاصرة في المصارف اإلسالمية‬
‫بشكل واضح في تبادل الصرف في العمالت‪ ،‬وفي صيغة المرابحة لآلمر بالشراء‪ ،‬وقد تبايت أراء‬
‫الفقهاء المعاصرين حول لزوم الوعد أو عدم لزومه‪ ،‬انطالقا من نكول اآلمر بالشراء عن تنفيذ وعده‪،‬‬
‫مما يسبب إشكالية للمصرف جراء امتالكه للسلعة التي وعد العميل بشرائها منه‪ ،‬لذلك فإن مصلحة‬
‫المصرف تدور حول إلزامية الوعد‪ .‬كذلك تتبين أهمية الوعود المتبادلة في األسواق المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫حيث يتواعد تاجر مع آخر في بيع أو شراء أو تأجير‪ ،‬أو تصنيع‪ ،‬ثم يقوم الموعود باألخذ في‬
‫إجراءات إنفاذ الوعد‪ ،‬فقد يفي بوعده‪ ،‬وقد ينكل عن ذلك‪ ،‬فيحصل للموعود ضرر من نكول‬
‫الواعد(‪.)61‬‬
‫وفي الوعد عند الفقهاء القدامى ثالثة آراء‪ :‬الوفاء به مستحب‪ ،‬وهو رأي الجمهور؛ الوفاء به واجب إال‬
‫لعذر‪ ،‬وهو رأي ابن شبرمة وآخرين ؛ الوفاء به واجب‪ ،‬إذا دخل الموعود في كلفة‪ ،‬أن يقول له ‪ :‬تزو‬
‫‪ .‬وقد زاد ابن‬ ‫‪)62) .‬‬
‫ج ولك ‪ 91‬آالف ريدال‪ ،‬فإذا تزوج وجب عليه الوفاء بوعده ‪ .‬وهو رأي المالكية‬
‫منيع في كتابه بحوث في االقتصاد اإلسالمي قولين على الثالثة التي أشار إليها رفيق المصري‪،‬‬
‫هما‪ :‬أن الوفاء بالوعد الزم ديانة وقضاء‪ ،‬إذا كان له سبب ودخل الموعود في مشكلة بسبب الوعد‪.‬‬
‫وأن الوفاء بالوعد ال يلزم ديانة وال قضاء إذا لم يكن للوعد سبب بحيث لم يتضرر الموعود من‬
‫إخالف الوعد (‪ .)63‬وهذا الخالف في الوعد المجرد خالف منطقي ومقبول‪ ،‬ويدخل في باب " ما يجوز‬
‫فيه الخالف ‪ " .‬لكن بعض الفقهاء المعاصرين قد نقلوا هذا الوعد من باب التبرعات إلى باب‬
‫المعاوضات‪ ،‬ليحل محل العقد (‪ . )64‬وعليه فإن االتفاق الذي يتم بين المصرف واآلمر بالشراء لو‬
‫اعتبرناه عقدا‪ -‬عند من يرى أن المعاوضات محلها العقد دون الوعد‪ - ،‬لتضمن ذلك محظورين‪،‬‬
‫األول‪ :‬اشتمال المرابحة على عقدين‪ ،‬عقد بين المصرف وبائع السلعة‪ ،‬وعقد بين المصرف واآلمر‬
‫بالشراء‪ ،‬والشارع ينهي عن بيعتين في بيعة‪ ،‬والمحظور الثاني‪ :‬أن المصرف اإلسالمي يكون قد باع‬
‫السلعة لآلمر بالشراء قبل قبضها أو قبل تملكها فيكون بائعا لما ليس عنده‪ .‬أما لو اعتبرنا االتفاق‬
‫بين المصرف واآلمر بالشراء وعدا ملزما؛ فإن عملية األمر بالشراء ستشتمل على عقد ووعد ‪ ،‬بحيث‬

‫(‪ )12‬يوسف عبد اهلل الشبيلي تطبيقات احلماية البديلة عن عقود التحوط والضمان ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )11‬عبد اهلل املنيع ‪ .‬حبوث يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬املكتب اإلسالمي ط‪1211 ،1‬ه‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )14‬رفيق يونس املصري ‪ ،‬الوعد امللزم يف معامالت املصارف اإلسالمية‪ ،‬هل جيوز أن يكون الوعد ملزما إذا كان بدياللعقد حمرم ؟ جملة جامعة امللك عبد العزيز ‪:‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي ‪ ،‬م ‪ ، 15‬ص ص ‪1243 144-119‬ه‪4223/‬م ‪.‬‬
‫(‪ )63‬عبد اهلل املنيع ‪ .‬حبوث يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬املكتب اإلسالمي ط‪ ،1‬مرجع سابق‪1211 ،‬ه‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫(‪ )64‬رفيق يونس املصري ‪ ،‬الوعد امللزم يف معامالت املصارف اإلسالمية‪ ،‬جملة جامعة امللك عبد العزيز ‪:‬االقتصاد اإلسالمي مرجع سابق ص ‪.119‬‬
‫‪19‬‬
‫يمتلك المصرف السلعة بالعقد‪ ،‬ثم بيعها بالوعد الملزم في المستقبل حسب االتفاق‪ ،‬لتخلو من عقدين‬
‫في عقد‪ ،‬كما ال يكون المصرف في بيع السلعة لآلمر قد باع ما ليس عنده(‪.)65‬‬
‫وقد فرق الفقهاء بين العدة والمواعدة‪ ،‬حيث َبي َن الحطاب هذه المسالة؛ حين تناول المواعدة في النكاح‬
‫بقوله أن يعد كل واحد منهما صاحبه بالتزويج‪ ،‬فهي مفاعلة ال تكون إال من أثنين‪ ،‬فإن وعد أحدهما‬
‫دون اآلخر فهي العدة (‪ ،)66‬ورغم أن الفقهاء قد تناولوا المواعدة في كثير من المسائل‪ ،‬كالمواعدة على‬
‫النكاح في العدة‪ ،‬والمواعدة في الصرف‪ ،‬والمواعدة على بيع الطعام قبل قبضه‪ ،‬وفي غير ذلك‪،‬‬
‫متفقين على عدم مشروعية بعضها‪ ،‬كالمواعدة على النكاح في العدة‪ ،‬ومختلفين في جواز بعضها‬
‫اآلخر‪ ( ،‬نزيه حماد الدورة الخامسة مجمع الفقه اإلسالمي (ج ‪ 1‬ص ‪ )939‬كالمواعدة على الصرف‬
‫إال أن معنى الوعد الذي اعتمده الفقهاء من حيث الحكم الشرعي‪ ،‬يتضمن تصرفات التبرعات دون‬
‫المعاوضات(‪.)67‬‬
‫يقول يوسف الشبيلي أن الحكم الشرعي يختلف بحسب نوع العالقة بين البنك والعميل‪ .‬وال يخلو األمر‬
‫(‪)68‬‬
‫من إحدى حالتين‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬أن يكون البنك وكيال عن العميل في الشراء‪ ،‬بحيث يقتصر دور البنك على كونه‬
‫سمسا ار عن العميل‪ ،‬ثم إذا تملك العميل تلك األصول أجريا تلك الوعود المتبادلة‪ ،‬فال يظهر في ذلك‬
‫محظور شرعي‪ ،‬سواء أكان انتقال ملكية تلك األصول إلى البنك في وقت التنفيذ بهذه الوعود أو‬
‫بالبيع اآلجل؛ ألن العميل يملك هذه األصول وله بيعها نقدا أو باألجل‪ .‬ويستثنى من ذلك ما إذا‬
‫كانت تلك األصول نقودا أو ذهبا أو فضة‪ ،‬فإن صرف العمالت وشراء الذهب والفضة يحرم فيه‬
‫النسأ‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أن يكون البنك مدي ار الستثمارات العميل‪ ،‬إما بالمضاربة أو الوكالة أو المشاركة‪ ،‬فقد‬
‫يقول‪ :‬إن هذه الوعود المتبادلة جائزة؛ ألنها وعود مستقلة ال تتفق في محل واحد في زمن واحد؛ ألن‬
‫أحد الوعدين معلق على شرط أن يكون سعرها في السوق أقل من مائة‪ ،‬والثاني معلق على شرط أن‬
‫يكون سعرها في السوق أعلى من مئة‪ ،‬فمورد الوعدين مختلف‪ ،‬وبهذا فليست هذه الوعود المتبادلة من‬
‫المواعدة الملزمة للطرفين التي هي بمنزلة العقد وصدر فيها قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي رقم‬
‫(‪ . )99-91‬وقد رجح يوسف الشبيلي‪ -‬عدم الجواز؛ ألن الوعدين وان اختلفا في شرط لزومهما إال‬

‫(‪ ) 15‬أمحد حممد خليل اإلسالمبو ي ‪ ،‬حكم الوعد يف الفقه اإلسالمي وتطبيقاته املعاصرة‪ ،‬جملة جامعة امللك عبد العزيز ‪ :‬االقتصاد اإلسالمي م ‪ ،11‬ع ‪ 4‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )66‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ ، -21‬و مواهب اجلليل ج‪ ،3‬ص‪.213‬‬
‫(‪ )67‬نزيه كمال محاد ‪ .‬جملة جممع الفقه اإلسالمي الدو ي‪ ،‬ج ‪ 4‬الدورة اخلامسة ‪ ،‬ص ‪. 631‬‬
‫(‪ )68‬يوسف عبد اهلل الشبيلي ‪ .‬تطبيقات احلماية البديلة عن عقود التحوط مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 19-11‬‬
‫‪20‬‬
‫أن هذا االختالف غير مؤثر؛ ألن النتيجة الحتمية لهذه الوعود أن يتم التنفيذ بالسعر المتفق عليه‬
‫سواء زادت القيمة السوقية لتلك األصول على السعر المتفق عليه أم نقصت عنه أم عادلته(‪.)69‬‬
‫سلَم بسعر السوق وقت التسليم‬
‫‪ 5/2‬التحوط بعقد ال َّ‬
‫عقد السلَم بسعر السوق وقت التسليم هو أحد األدوات المقترحة للتحوط من المخاطر في تطبيقات‬
‫المصارف اإلسالمية‪ ،‬وتعريفه أنه سلَم في سلع موصوفة من غير أن تحدد كميتها‪ ،‬وانما تتحدد بناء‬
‫على سعرها في السوق وقت التسليم‪ ،‬فيعطى المشتري من السلع ما يعادل رأس ماله وربح معلوم (‪،)70‬‬
‫كأن يدفع مائة ليتسلَم بعد سنتين كمية من الحديد مثال بربح ‪ % ٠١‬أي ما قيمته مائة وعشرة‪ .‬فإذا‬
‫كان سعر طن الحديد وقت التسليم عشرة ‪ ،‬فتكون الكمية المستحقة أحد عشر طنا‪ .‬ومن التطبيقات‬
‫المعاصرة لهذه الصيغة‪( :‬بطاقات االتصال مسبوقة الدفع) حيث يقوم العميل بشراء بطاقة مسبقة‬
‫الدفع بد ‪ 71‬رياال يتمكن من خاللها من إجراء مكالمات بقيمة ‪ 911‬ريدال مثال‪ ،‬فهي سلَم في المنافع؛‬
‫يه هي دقائق االتصال وهي مقدرة‬ ‫وهو صحيح عند جمهور أهل العلم خالفا لألحناف(‪ ،)71‬واْلمسلَم ِف ِ‬
‫ُ‬
‫بالقيمة ال بالكمية‪ ،‬وقد تكون حالة أو مؤجلة‪ ،‬كما أن السلَم يصح حاال إذا كان البائع مالكا للسلعة‪،‬‬
‫ويصبح مؤجال(‪ .)72‬فيالحظ في هذا العقد أنه على منفعة موصوفة هي إجراء المكالمات‪ ،‬وعلى هذا‬
‫يجري الخالف بين الفقهاء في حكم السلَم بالمنافع‪ .‬كذلك يالحظ أنه لم تحدد كمية المنافع المستوفاة‪،‬‬
‫وانما يتم التحديد حسب سعر السوق‪ ،‬فمن المحتمل أن ترتفع أسعار المكالمات الداخلية أو الخارجية‪،‬‬
‫يه ) المنتفع بها‪ .‬فالمشكلة الحقيقية تظهر في مخاطر رأس المال‪،‬‬ ‫وبالتالي تقل الدقائق ( اْلمسلَم ِف ِ‬
‫ُ‬
‫فالسلعة اْل ُمسلَم ِفيها قد يختلف سعرها وقت التسليم عن السعر المتوقع؛ مما قد يسبب ضر ار ألحد‬
‫مما أدى‬ ‫(‪)73‬‬
‫الطرفين‪ ،‬وقد ظهرت هذه المشكلة بشكل واضح عند تطبيق صيغة السلَم في السودان‬
‫إلى استحداث ما سمي ببند اإلحسان الذي يهدف إلى تخفيف الضرر عن المزارعين عند تفاوت‬
‫األسعار وقت التسليم‪.‬‬
‫يه يوم التسليم‬ ‫اختلف الفقهاء المعاصرون حول حكم السلَم بسعر السوق مع تحديد مقدار اْلمسلَم ِف ِ‬
‫ُ‬
‫يه يوم التسليم‪ . ،‬واستدل‬
‫(‪* )74‬‬ ‫على قولين‪ :‬األول‪ :‬عدم جواز صورة السلَم مع تحديد مقدار اْلمسلَم ِف ِ‬
‫ُ‬
‫أصحاب هذا القول بعدد من األدلة منها‪ :‬أن هذا الصيغة ذريعة ُيتوصل بها إلى القرض بفائدة‪ ،‬والى‬
‫الربا المحرم شرعا‪ ،‬ألن الربح يصبح في حكم المضمون‪ ،‬وال توجد مخاطرة في سعر اْلمسلَم ِف ِ‬
‫يه ‪،‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ )19‬المرجع السابق‬


‫(‪ )70‬بنك البالد ‪ .‬اهليئة الشرعية ملتقى املراحبة بربح متغري ‪ ،‬دار امليمان للنشر والتوزيع ‪ ،‬الرياض ‪1232 ،‬ه‪4213 -‬م ص ‪.49‬‬
‫(‪ )71‬املرجع السابق ص ‪.24‬‬
‫(‪ )72‬املرجع السابق ص ‪.31‬‬
‫(‪ )73‬سامي السويلم‪ .‬التحوط يف التمويل اإلسالمي‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب‪1246 ،‬ه‪4229-‬م ‪ ،‬ص ‪. 155‬‬
‫(‪ )74‬اهليئة الشرعية ملصرف الراجحي‪ .‬ملتقى السلم بسعر السوق يوم التسليم ‪ ،‬يف ‪1243 /9/41‬ه‪ ،‬ص ص ‪. 52-39‬‬
‫* وهذا القول اختاره الصديق الضرير‪ ،‬وعبد اهلل بن عبد الرمحن أبا بطني‪ ،‬والشيخ عبد اهلل املنيع‪ ،‬وعبد اهلل بن ناصر السلمني وحممد عبد الغفار الشريف‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫يه يوم التسليم مخالفةٌ لنص حديث ابن عباس في‬ ‫كما أن صيغة السلَم مع تحديد مقدار اْلمسلَم ِف ِ‬
‫ُ‬
‫ِ ِ (‪)75‬‬
‫السلَم‪ ،‬كما أنها مخالفة لما أجمع عليه أهل العلم من اشتراط العلم باْل ُمسلَم فيه ‪ ،‬إضافة إلى عدم‬
‫صحة نسبة القول بجواز السلَم بسعر السوق يوم التسليم إلى شيخ اإلسالم بن تيمية‪ ،‬إذ المقصود بما‬
‫جاء في نص كالمه وما نقله عنه تالميذه‪ ،‬إنما هو السلَم بسعر السوق يوم التعاقد ال السلَم بسعر‬
‫السوق يوم التسليم‪ .‬وبذلك يكون أرس مال السلَم – وليس اْلمسلَم ِف ِ‬
‫يه ‪ -‬مجهوال عند التعاقد‪ ،‬ولكنه‬ ‫ُ‬
‫(‪. )76‬‬
‫يتحدد بناء على سعر السوق يوم التعاقد ال يوم التسليم‬
‫ومن الذين يرون عدم جواز السلَم بسعر السوق وقت التسليم الصادق عبد الرحمن الغرياني في ورقة‬
‫له بعنوان "البيع والتأجير بالسعر المتغير" لخص فيها البيع بالسعر في كالم الشيخ ابن تيمية وربطه‬
‫بالهامش المتغير‪ ،‬حيث قال‪ " :‬الذي أشكل من عبارات الفقهاء في هذا السياق هو ما فهمه بعض‬
‫المعاصرين من البيع بالسعر الذي جاء في عدة مواضع من كالم الشيخ ابن تيمية‪ ،‬وبنوا عليه جواز‬
‫التعاقد على البيع بسعر يتحدد في المستقبل في عدد من العقود المستحدثة‪ ،‬كالسلَم بسعر السوق يوم‬
‫التسليم‪ ،‬بل توسع البعض فأخذ منه حكما عاما‪ُ ،‬يجوز ربط األسعار بالمؤشر والهامش المتغير في‬
‫ديون البيوع كالتورق والمرابحة والسلَم ‪...‬الخ(‪ "،)77‬وقد ذكر فضيلته نصا ورد في مجموع الفتاوى البن‬
‫تيمية يبين فيه أن مراد ابن تيمية ليس كما فهمه المجيزون لبيع السلَم بسعر السوق وقت التسليم إذ‬
‫جاء فيه ‪ " :‬ولو اشترى سلعة لم يقطع فيها وقلنا هو بيع فاسد فإذا تعذر رد العين ومثلها ردت القيمة‬
‫بالسعر وقت القبض فكما أوجبنا هنا قيمة المقبوض من العوض نوجب هناك قيمة المقبوض من‬
‫الدراهم ونظيرها من كل وجه أن يكون المبيع مكيال أو موزونا لم يقطع ثمنه لكنه مؤجل إلى حول‬
‫فحين يحل األجل إن رد حنطة مثال لم يكن مثال لتلك المقبوضة الختالف القيمة فإعطاء قيمة‬
‫المقبوض وقت قبض السلعة مؤجال إلى حين فبض الثمن أشبه بالعدل فهذا في الثمن والمثمن سواء"‬
‫وقد أورد رفيق المصري في ورقة له منشورة عن السلَم بسعر السوق كالما منسوبا لشيخ اإلسالم بن‬
‫مقدار معلوما إلى أجل معلوم في‬
‫ا‬ ‫تيمية ورد في االختيارات الفقهية ص ‪ 939‬إذ يقول ‪ ( :‬لو أسلَم‬
‫شي بحكم أنه إذا حل يوم التسليم بأخذه بأنقص مما يساوي (في السوق) بقدر(مبلغ) معلوم‪ ،‬صح‬
‫كالبيع ( أي بسعر السوق‪ .‬وهذا في السلع المثلية أي القابلة للوصف وصفا يمنع الجهالة المؤدية‬
‫للنزاع‪ ،‬خالفا للسلع القيمية‪ .‬واستدلوا بأن البيع إذا فسد عند الفقهاء ردوه إلى سعر المثل‪ ،‬دون رضا‬
‫المتبايعين‪ ،‬فإذا تراضيا عليه كان هذا أولى بالجواز‪ .‬وربما يضاف إلى هذا أن سعر السوق(سواء في‬
‫يوم التسليم أو في يوم العقد) ليس هو السعر الذي يتفق عليه المتبايعان‪ ،‬فهذا غير جائز ألنه يؤدي‬

‫(‪ )96‬حامد حسن مرية ‪ .‬عقود التمويل املستجدة يف املصارف اإلسالمية دراسة تأصيلية تطبيقية ‪ ،‬دار امليمان لللشر اولتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1234‬ه‪4211 -‬م‪،‬‬
‫ص ص ‪. 542 -519‬‬
‫(‪ )76‬حامد حسن مرية ‪ .‬املرجع السابق ص ‪.542‬‬
‫(‪ )77‬الغرياين‪ ،‬الصادق عبد الرمحن علي ‪ .‬البيع والتاجري بالسعر املتغري‪ ،‬اجملمع الفقهي اإلسالمي ‪ ،‬رابطة العامل اإلسالمي‪،‬مكة املكرمة ‪ ،‬الدورة ‪ .44‬ص ‪.43‬‬
‫‪22‬‬
‫إلى النزاع‪ ،‬فالبائع يزيد والمشتري ينقص‪ ،‬ولكنه السعر الذي يتحدد في السوق بمعزل عن إرادتهما‬
‫ورغبتهما‪ ...‬وعليه فإن سعر السوق في السلَم إذا كان المقصود به سعر السوق الحالي يوم العقد‪،‬‬
‫فإني أرى جوازه مع ابن تيمية‪ ،‬لكن إذا كان المقصود به سعر السوق المستقبلي يوم التسليم فهو غير‬
‫جائز(‪.)78‬‬
‫والثاني‪ :‬جواز صورة السلَم بسعر السوق يوم التسليم‪ ،‬وقد أجازه بعض العلماء خالفا للجمهور‬
‫يه يوم التسليم) تعامل يؤول إلى‬ ‫واستدلوا بعدة أدلة منها أن صيغة (السلَم مع تحديد مقدار اْلمسلَم ِف ِ‬
‫ُ‬
‫العلم‪ ،‬فال تعارض بين هذا الصيغة‪ ،‬وبين ما يجب تَوفُّره في عقد السلَم من العلم باْلمسلَم ِف ِ‬
‫يه‪ ،‬إضافة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إلى القياس على البيع بالسعر‪ ،‬وحجتهم في ذلك أن هذا االستدالل هو الذي ذكره شيخ اإلسالم بن‬
‫تيمية في عبارته‪ ،‬على التسليم بأن مقصوده في ذلك هذه الصيغة(‪ .)79‬وقد أخذت بهذا الرأي أمانة‬
‫الهيئة الشرعية بشركة الراجحي‪.‬‬
‫وقد تجلت هذه الخالفات بشكل واضح في الملتقى الذي نظمه بنك البالد حول هذا الموضوع وفق‬
‫التالي ‪:‬‬
‫(أ) القول بأن شيخ اإلسالم يعتبر أن السلَم بسعر السوق هو ثمن المثل عند التعاقد؛ هو محل نظر‪،‬‬
‫وانما سعره وقت التسليم‪ .‬ومن ذهب إلى هذا الرأي كل من األطرم‪ ،‬العمار‪ ،‬اللحيدان‪.‬‬
‫(ب) كالم ابن تيمية الذي يحتج به في المسألة فيه قدر من الغموض واالضطراب‪ ،‬ومن العجب أن‬
‫يحتج به في مخالفة النص ومن قال بهذا الرأي محمد القري ‪.‬‬
‫(ج) ال يصح التنظير بمسالة السلَم المستشهد بها‪ ،‬فهي متعلقة بالمبيع من حيث مقداره‪ ،‬ومن تأملها‬
‫وجد أنها تشير إلى جمع صفقتي سلَم في عقد واحد بعبارة واحدة ومن قال بهذا الرأي عبد الستار أبو‬
‫غدة ‪.‬‬
‫(د) هناك بعض النظر في إلحاق المسألة بالسلَم بسعر السوق‪ ،‬حيث تتعلق فيها الجهالة بالثمن وفيه‬
‫بالمثمن‪ ،‬والفقهاء قد يخففون في جهالة الثمن ما ال يخففون في جهالة المثمن ومن قال بهذا الرأي‬
‫اللحيدان‪.‬‬

‫الرأي المختار‪ :‬يميل الباحث إلى الرأي القائل بعدم جواز السلَم بسعر السوق يوم التسليم لقوة حجته‪.‬‬
‫ولعدم صحة القول المنسوب إلى شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وفقا للنصوص المشار إليها‪.‬‬

‫(‪ )78‬رفيق يونس املصري السلم بسعر السوق يوم التسليم هل جيوز‪ .‬جملة جامعة امللك عبد العزيز االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬م ‪ ،11‬ع ‪ 4‬ص ص‪. 19-16‬‬
‫(‪ )79‬اهليئة الشرعية ملصرف الراجحي السلم بسعر السوق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬واختار هذا القول على القره داغي‪ ،‬ونزيه محاد‪ ،‬وأمحد بن محيد ‪ ،‬وعبد اهلل بن موسى‬
‫العمار‪ ،‬وسامي السويلم‪ ،‬وغريهم ‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ 6/2‬التحوط عن طريق بيع العربون‬
‫بان‪ :‬كله صحيح اللفظ وفيه لغات أخرى(‪ :)80‬وهو أن يشتري السلعة فيدفع‬‫الع ْر ُ‬
‫بون و ُ‬
‫الع َر ُ‬
‫بون و َ‬
‫العر ُ‬
‫ُ‬
‫للبائع ماال على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن‪ ،‬وان لم يأخذها فذلك للبائع ‪ .‬والعربون‬
‫(‪)81‬‬

‫هو جزء من الثمن يدفعه المشتري ليكون له الخيار مدة معينة في إمضاء البيع أو رده ففي حال‬
‫إمضاء البيع يكون جزء من الثمن‪ ،‬وفي حال العدول عن الشراء يكون العربون من استحقاق البائع‬
‫ويضيع على المشترى واما قبل عقد البيع وفي حال الوعد بالشراء فما يدفعه المشتري ال يسمى عربونا‬
‫وليس له حكم العربون وانما هو مبلغ للوعد بالشراء إن نكل الواعد بالشراء عن وعده كان للمصرف‬
‫حق استيفاء عوض التضرر من النكول عن الوفاء بالوعد وما زاد عن مقدار التعويض تعين رده‬
‫للواعد بالشراء وان كان مقدار العوض عن الضرر أكثر من هذا المبلغ تعين على الواعد بالشراء‬
‫إكمال النقص هذا على القول باإللزام بالوعد وهو ما ذهبت إليه الهيئة الشرعية في مصرف فيصل‬
‫اإلسالمي بالبحرين(‪.)82‬‬
‫وقد اختلف العلماء في جواز هذا النوع من المعامالت بسبب الخالف في ثبوت األحاديث أو ضعفها‬
‫الواردة في المنع من بيع العربون‪ ،‬وورود بعض اآلثار عن الصحابة – رضوان اهلل عليهم – بالجواز‪.‬‬
‫وبناء على ذلك اختلف الفقهاء – رحمهم اهلل – في هذه المسألة على قولين ‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬منع جمهور العلماء‪ ،‬وأجازه من الصحابة عبد اهلل‪ ،‬ومن التابعين مجاهد‪ ،‬وابن سيرين‪،‬‬
‫وحجتهم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪« :‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلَم نهى‬ ‫(‪)83‬‬
‫وغيرهم‬
‫‪ ،‬وقد ورد ‪ :‬بأن الحديث ضعيف عند أهل الحديث ‪ )85(.‬غير أن اإلمام‬ ‫(‪)84‬‬
‫عن العربان في البيع»‬
‫الشوكاني قد قال بأن هذا الحديث قد ورد من طرق يقوي بعضها بعضا(‪ ،)86‬إضافة إلى أنه متردد بين‬
‫الغنم والغرم‪ ،‬وعليه فهو داخل في الغرر الممنوع ‪ .‬وقد ذكر النووي في المجموع (‪ ، )336/7‬وشمس‬
‫الدين بن قدامة في شرح المقنع (‪ ،)67/9‬صورة مباحة من صور بيع العربون د عند من يرى تحريمه د‬
‫وهي فيما إذا دفع إليه قبل البيع درهما‪ ،‬وقال ‪ :‬ال تبع هذه السلعة لغيري‪ ،‬وان لم أشترها منك فهذا‬
‫الدرهم لك‪ ،‬ثم اشترى منه بعد ذلك بعقد مبتدأ‪ ،‬وحسب الدرهم من الثمن‪ ،‬قالوا ‪ :‬فيصح البيع‪،‬ألنه خال‬

‫(‪ )80‬رفيق يونس املصري بيع العربون وبعض املسائل املستحدلة فيه ‪ ،‬دار املكتيب الطبعة االوىل ‪1999 ،1242‬م ‪ ،‬اجملموع للنووي ‪ ،‬ج‪/9‬ص ‪.229‬‬
‫(‪ )81‬السالوس‪ ،‬علي أمحد ‪ .‬فقه البيع و االستيثاق والتطبيق املعاصر ‪ .‬دار الثقافة‪ ،‬مكتبة دار القرآن‪ ،‬الطبعة‪ 1249 ، 9‬هـ ‪ ،‬ص ‪. 416‬‬
‫(‪ )82‬مصرف فيصل البحرين ‪ .‬الروضة الندية يف الفتاوى الشرعية‪http://www.islamifn.com/fatawa ،‬‬
‫(‪ )83‬نافع بن عبد احلارث ‪ ،‬وزيد بن أسلم ‪ ،‬ومن االئمة ‪ :‬اإلمام أمحدبن حنبل ‪ ،‬ومن املعاصرين ‪ :‬زكي الدين شعبان ‪ ،‬ومصطفى الزرقاا ‪ ،‬ووهبة الزحيلي ‪،‬‬
‫ويوسف القرضاوي ‪ ،‬والسنهوري‪ ،‬وأبو رخية ‪ .‬والصديق الضرير‪ ،‬رفيق املصري مرجع سابق ص ‪. 11‬‬
‫(‪ )84‬رواه أبو داود يف سننه ‪،‬برقم ‪ ،3524‬وابن ماجه يف سننه‪ ،‬برقم ‪ ،4193‬والبيهقي يف سننه الكربى (‪.)324/5‬‬
‫(‪ )85‬العسقالين‪ .‬أبو الفضل أمحد بن علي بن حجر‪ .‬التلخيص احلبري يف أحاديث الرافعي الكبري‪ ،‬حتقيق‪ :‬السيد عبد اهلل هاشم اليماين املدين‪ .)19/3(،‬مطابع‬
‫املدينة املنورة‪ ،‬عام ‪1362‬هـ‪ ،‬ومعامل السنن للخطايب (‪ ،)123/5‬واجملموع شرح امله ّذب للنووي (‪. )229/9‬‬
‫(‪ )86‬رفيق املصري مرجع سابق ص ‪.11‬‬
‫‪24‬‬
‫من الشرط المفسد ‪.‬ويشترط الشافعية قول هذا الشرط قبل العقد‪ ،‬وال يتلفظا به حالة العقد‪ ،‬واال كان‬
‫باطال‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬المشهور من مذهب اإلمام أحمد جوازه‪ ،‬كما ذكر ذلك صاحب اإلنصاف (‪ . )87‬وهو‬
‫قول عمر بن الخطاب‪ ،‬وابنه ابن عمر – رضي اهلل عنها – ومن التابعين قال به ابن سيرين‪،‬‬
‫ومجاهد بن جبر‪ ،‬وزيد بن أسلَم‪ ،‬ونافع بن الحارث ‪ .‬ودليلهم أن نافع بن عبد الحارث اشترى دا ار‬
‫للسجن من صفوان بن أمية بأربعة آالف درهم‪ ،‬فإن رضي عمر فالبيع له‪ ،‬وان عمر لم يرض‬
‫فأربعمائة لصفوان ‪ .‬ودليل آخر عن زيد ابن أسلَم أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلَم‪ ( :‬سئل عن بيع‬
‫العربان فأحله ) ‪.‬‬
‫الرأي المختار ‪ :‬يميل الباحث إلى اختيار مذهب الحنابلة المجيزين لبيع العربون بشرط أن تكون مدة‬
‫صدر‬
‫َ‬ ‫الخيار معلومة ‪ .‬وهذا القول أفتت به اللجنة الدائمة لإلفتاء في المملكة العربية السعودية‪ ،‬وبه‬
‫قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي(‪ ،)88‬وفق ما يلي‪:‬‬
‫‪ .9‬المراد ببيع السلعة مع دفع المشتري مبلغا من المال إلى البائع على أنه إن أخذ السلعة احتسب‬
‫المبلغ من الثمن وان تركها فالمبلغ للبائع‪.‬‬
‫ويجري مجرى البيع اإلجارة‪ ،‬ألنها بيع المنافع‪ .‬ويستثنى من البيوع كل ما يشترط لصحته قبض أحد‬
‫البدلين في مجلس العقد (السلَم) أو قبض البدلين (مبادلة األموال الربوية والصرف) وال يجري في‬
‫المرابحة لآلمر بالشراء في مرحلة المواعدة ولكن يجري في مرحلة البيع التالية للمواعدة‪.‬‬
‫‪ .1‬يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة االنتظار بزمن محدود‪ .‬ويحتسب العربون جزءا من الثمن إذا تم‬
‫الشراء‪ ،‬ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء‪.‬‬
‫‪ 7/2‬التحوط من خالل عقد المرابحة لآلمر بالشراء‬
‫يعد عقد المرابحة لآلمر بالشراء من أكثر العقود التي طبقتها المصارف اإلسالمية في بواكير عملها‬
‫لما لها من ميزات على صيغ التمويل األخرى‪ ،‬إال أن تطبيقها تراجع في اآلونة األخيرة بشكل كبير‪،‬‬
‫حيث ظهرت منتجات مالية إسالمية جديدة أخذت حظا أوسع منها في التطبيق‪ ،‬وقد أورد سامي‬
‫السويلم في كتابه التحوط في التمويل اإلسالمي‪ ،‬صيغة للتحوط باستخدام المرابحة‪ ،‬بحيث يتم دمج‬
‫الصرف اآلجل بعقد البيع‪ ،‬بحيث يشتري البنك السلع من المصدر بعملة ( اليورو مثال ) ثم يبيعها‬
‫للمستورد بعملة أخرى بالدوالر وبهذه الطريقة تتم المبادلة لكل من المصدر والمستورد بعملته المحلية‪،‬‬

‫(‪ )87‬املرداوي ‪ ،‬الشيخ عالا الدين علي بن سليمان ‪ .‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف ج ‪ ،2‬ص ‪. 359‬‬
‫• الصحيح من املذهب ‪ :‬أن بيع العربون صحيح ‪ ،‬وعليه أكثر األصحاب ‪ ،‬ونص عليه ‪ ،‬وجزم به يف الوجيز وغريه ‪ ،‬وقدمه يف احملرر والتلخيص والشرح والفروع‬
‫واملستوعب وغريهم ‪ .‬املوسوعة الشاملة ‪ www.islamport.com‬وهو من مفردات املذهب ‪ .‬وعند أيب اخلطاب ‪ :‬ال يصح ‪ ،‬وهو رواية عن أمحد ‪.‬‬
‫(‪ ) 88‬جممع الفقه اإلسالمي ‪ ،‬جملة جممع الفقه اإلسالمي الدو ي ‪ ،‬ج‪،1‬العدد الثامن ‪1212 ،‬هـ ‪ ،‬ص‪ .121‬قرار رقم‪ 1/)6/3( 94 :‬بشأن بيع العربون‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ويتحمل البنك الوسيط مخاطر الصرف بين العملتين‪ ،‬وهذا الدمج بين الصرف اآلجل وبين البيع‬
‫الفعلي نظير الدمج بين التمويل وبين البيع في المرابحة المصرفية المعروفة‪ ،‬وكما أن المرابحة تحقق‬
‫مصلحة التمويل فيمكن أن تحقق مصلحة التحوط وادارة المخاطر‪.‬‬
‫ومن تطبيقات التحوط في المصارف اإلسالمية المرابحة بربح متغير التي صممت في ضوء إشكالية‬
‫تحديد الربح أو الثمن في عقود التمويل طويلة األجل‪ ،‬خاصة في ظل تذبذب األسعار وارتفاع‬
‫معدالت التضخم(‪ ،)89‬فالمصرف ال يرضي بتحديد الربح بمقدار ثابت خشية االرتفاع في المستقبل‪،‬‬
‫والممول ال يرضي بدفع ربح أكثر من السوق‪ ،‬لذلك تلجأ المصارف إلى وضع الحد األعلى الذي‬
‫تتوقع أن تصل إليه معدالت األرباح أثناء مدة التمويل‪ ،‬ونتيجة لذلك ربما تفقد المصارف جزء من‬
‫عمالئها في ظل المنافسة في السوق (مصارف تقلديه أو إسالمية)‪ ،‬وهنالك حاالت واقعية تشير إلى‬
‫خالف نشاء بين العمالء وهذه المصارف بسب هذه اإلشكالية‪ ،‬لذلك لجاءت بعض المصارف إلى‬
‫طرح بدائل‪ ،‬أهمها المرابحة بربح متغير‪ ،‬ويتم تطبيقها عبر آليتين‪ :‬األولى سداد أصل المديونية في‬
‫نهاية المدة‪ ،‬وسداد األرباح فقط في إقساط دورية طوال مدة المديونية‪ .‬والثانية توزيع سداد األصل‬
‫والربح على أقساط دورية طوال مدة المديونية‪.‬‬

‫وقد عرض حامد ميرة في كتابه القيم "عقود التمويل المستجدة في المصارف اإلسالمية" الخالف بين‬
‫المعاصرين على قولين‪:‬‬
‫األول بتحريم المرابحة بربح متغير‪ ،‬وذهب إلى ذلك جمهور من المعاصرين من الفقهاء والباحثين‪،‬‬
‫وعدد من الهيئات الشرعية في المصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬وممن نص على ذلك‬
‫المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬وندوة ربط الحقوق‬
‫وااللتزامات اآلجلة بتغير األسعار التي نظمها المعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب عضو مجموعة‬
‫البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬والهيئة الشرعية لبنك البالد‪ ،‬وعدد من الفقهاء المعاصرين‪ ،‬منهم عبد الستار‬
‫أبوغدة‪ ،‬ومحمد القري‪ ،‬وسامي السويلم‪ ،‬ودليلهم في ذلك ما نص عليه فقهاء الحنفية والمالكية‬
‫والشافعية والحنابلة على اشتراط العلم بالثمن لصحة البيع‪ .‬وعمدة استشهادهم في ذلك حديث أبي‬
‫هريرة رضي اهلل عنه (نهي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلَم) عن بيع الغرر‪ .‬بل إن اإلمام النووي قد‬
‫نقل االتفاق على اشتراط العلم بالثمن وتحديده عند التعاقد لصحة البيع‪.‬‬

‫والثاني بجواز المرابحة بربح متغير‪ ،‬وممن ذهب إلى ذلك يوسف عبداهلل الشبيلي ومستنده في ذلك‬
‫يبنى على ثالثة أدلة‪ :‬األول أن األصل في العادات والمعامالت والعقود الصحة واإلباحة‪ ،‬ما لم يرد‬
‫دليل صحيح على التحريم والمنع‪ ،‬وهذا هو مذهب جمهور العلماء‪ ،‬كما نسبه لهم اإلمام ابن قيم‬

‫(‪ )89‬حامد مرية العقود ‪ .‬عقود التمويل املستجدة يف املصارف اإلسالمية مرجع سابق ص ‪545‬‬
‫‪26‬‬
‫الجوزية‪ .‬وهو مذهب الشافعية في وجه عندهم‪ ،‬واإلمام أحمد في رواية‪ ،‬واختار ذلك شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية‪ .‬الثاني إن ما اشتملت عليه المرابحة بربح متغير من اتفاق العاقدين في مجلس العقد على‬
‫معيار منضبط معلم يتحدد به الثمن في المستقبل على وجه يغلب فيه الظن‪ ،‬أنه ال يؤدي إلى الشقاق‬
‫مقدار كافيا لتحقيق العلم بالثمن‪ ،‬قياسا على ما قرره بعض الفقهاء من جواز جملة من‬
‫ا‬ ‫والنزاع يعد‬
‫البيوع التي لم يتحقق فيها العلم بالثمن‪ ،‬ولكنه آيل إلى العلم على وجه ال يؤدي إلى الشقاق والنزاع‪.‬‬
‫أما الدليل الثالث‪ ،‬اتفاق الفقهاء على اشتراط العلم باألجرة‪ ،‬استدالال بعموم قوله تعالى‪( :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض منكم ‪ ...‬اآلية) والحاقا لما اتفق‬
‫عليه الفقهاء من اشتراط العلم بالثمن في البيع‪ ،‬إذ اإلجارة بيع منافع‪.‬‬

‫وبعد مناقشة أدلة المجيزين لبيع المرابحة بربح متغير‪ ،‬رجح حامد ميرة جواز المرابحة بربح متغير‬
‫وفق عدد من الضوابط أشار إليها في كتابه المذكور أعاله ‪ .‬ومما يؤخذ عليه في ترجيحه إلجازة‬
‫المرابحة بربح متغير؛ أنه اكتفى برأي واحد تفرد به يوسف الشبيلي من جملة المعاصرين من الفقهاء‬
‫والباحثين في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وهذه مسألة فيها نظر‪ ،‬فال يمكن قبول رأي واحد في مثل هذه‬
‫األمور المعقدة‪ ،‬وكان األولى أن يستشهد الباحث بقرار مجمعي‪ ،‬أو بقرار لهيئة رقابة شرعية في أي‬
‫مصرف من المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى فإن الحجج التي استند إليها يوسف الشبيلي في إجازته للمرابحة بربح متغير قياسا‬
‫على ما قرره الفقهاء من جواز جملة من البيوع التي لم يتحقق فيها العلم بالثمن‪ ،‬حولها خالف فقهي‬
‫واسع ‪ ،‬وهو في نتيجته ال يؤدي إلى الجواز‪ ،‬بل يؤدي إلى المنع‪.‬‬

‫الرأي المختار‪ :‬بعد عرض اآلراء في موضوع التحوط في عقد المرابحة لآلمر بالشراء بربح متغير‪،‬‬
‫فإن الباحث يميل إلى ترجيح الرأي األول الذي يرى التحريم لقوة أدلته من ناحية‪ ،‬ولعدم وجود أدلة‬
‫قوية تعضد من رأي يوسف الشبيلي بالجواز‪.‬‬

‫‪ 8/2‬التحوط من مخاطر تقلبات أسعار الفائدة‬


‫الناظر في حال المصارف اإلسالمية يرى أنها ال تتعامل بالفائدة‪ .‬ويظن بناء على ذلك أن أي‬
‫تغيير في معدالت الفائدة في السوق لن يتسبب في حدوث مخاطر تجاه هذه المصارف‪ ،‬ولكن األمر‬
‫مختلف عن ذلك تماما‪ ،‬فالمتتبع لواقع المصارف اإلسالمية اليوم‪ ،‬يجد أنها تستخدم مؤش ار للعائد‪،‬‬
‫ألجل تحديد أسعار تكلفة أدواتها المالية‪ ،‬فهي تقوم بتحديد العائد على معامالتها؛ بناء على معدل‬
‫أسعار الفائدة السائد‪ ،‬في األسواق (الليبور)‪ ،‬مضافا إليه هامش المخاطرة ومعلوم أن أسعار الفائدة‬
‫ترتبط بالتغير الذي يط أر على حركة األسواق‪ ،‬فتتأرجح تِبعا له أسعار الفائدة صعودا وهبوطا‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫المشكلة التي تواجه المصارف اإلسالمية بهذا الصدد‪ ،‬هي أن مقدار العائد على معامالتها يتحدد‬
‫مرة واحدة طوال فترة العقد‪ ،‬في حين أن معدالت الفائدة تتغير أكثر من مرة خالل العام‪ ،‬لذلك يصعب‬
‫عليها تغيير معدالت العائد على معامالتها‪ ،‬حيث إنها قد التزمت بمواثيق وعقود مع العمالء على‬
‫نسب ثابتة‪ ،‬وعليه فإن المصارف اإلسالمية تواجه المخاطر الناشئة من تغير أسعار الفائدة كما أن‬
‫التغيُّر في أسعار الفائدة يؤثِّر سلبا على قدرة المصارف اإلسالمية في استقطاب ودائع استثمارية‬
‫جديدة‪ ،‬خاصة إذا ما اتجهت أسعار الفائدة نحو االرتفاع في ظل وضع يكون فيه هامش الربح أقل‬
‫بكثير من أسعار الفائدة‪.‬‬
‫وبالطبع فإن هذا القول ال يمكن قبوله على إطالقه‪ ،‬فهناك شريحة من المستثمرين ال يتأثرون بهذا‬
‫التغيير‪ ،‬بل يقبلون للتعامل مع المصارف اإلسالمية بالرغم من ِّ‬
‫تدني العائد‪ ،‬انطالقا من التزام ديني‬
‫بالبعد عن الربا‪ .‬ولكن تبقى في النهاية هنالك شريحة من المستثمرين تستهويهم معدالت العوائد‬
‫المرتفعة‪ ،‬ومثل هؤالء المستثمرين هم الذين تفتقدهم المصارف اإلسالمية‪ .‬وفي ذات السياق فإن‬
‫المتمولين بوجه عام‪ ،‬يعقدون المقارنة بين أسعار الفائدة وهامش الربح في المصارف اإلسالمية‪ ،‬فإن‬
‫كانت نسبة الفائدة التي تأخذها المصارف التقليدية أقل من هامش الربح الذي حددته المصارف‬
‫اإلسالمية؛ فإنهم سيتجهون بال شك للتعامل مع المصارف التقليدية‪ ،‬مع األخذ في االعتبار االستثناء‬
‫بالبعد عن التعامل الربوي عند بعض المتمولين‪.‬‬
‫الخاص ُ‬
‫وللتحوط من مخاطر العائد اتجهت المصارف اإلسالمية إلى رفع معدالت العائد على التمويل‬
‫المقدم منها‪ ،‬وهي بذلك تفقد شريحة من المتمولين‪ ،‬ولحل هذه المشكلة‪ ،‬أشار سامي السويلم في كتابه‬
‫عن التحوط في التمويل اإلسالمي إلى مخاطر العائد في البيوع االجلة‪ ،‬فالدين في ذمة العميل‬
‫اليمكن ان يخضع للتغيير بمقتضى العقد‪ ،‬خاصة في التمويل طويل األجل‪ ،‬فسيجد كل من العميل‬
‫والممول أنهما يتعرضان لمخاطر متعددة‪ ،‬فقد تنخفض تكلفة التمويل فيجد العميل نفسه يدفع تكلفة‬
‫أعلى من تكلفة المثل‪ ،‬وقد ترتفع فيجد الممول نفسه يحصل على عائد أقل من عائد المثل‪ ،‬لذلك فإن‬
‫التفاوت بين الدخل والتكاليف يمثل مصد ار من مصادر الخطر ومن غير الممكن تغيير مقدار الدين ‪،‬‬
‫حيث إن ذلك يناقض طبيعة العقد‪ ،‬وفي هذه الحالة يمكن اللجوء لألسلوب التعاوني وفق الطريقة‬
‫التالية(‪.)90‬‬
‫إذا ارتفع معدل العائد فيمكن للعميل أن يزيد من مقدار القسط الدوري الذي يدفعه للممول‪ ،‬مقابل‬
‫تخفيض مقدار الدين الكلي‪ ،‬فإذا ارتفع العائد مثال ‪ %1‬فوق العائد المثبت في العقد‪ ،‬فيمكن للعميل‬
‫أن يزيد مقدار القسط بحسب هذه النسبة‪ ،‬على أن يتم حسم هذه الزيادة من إجمالي المتبقي في ذمته‬
‫للمصرف‪ ،‬وفي المقابل إذا انخفض معدل العائد فيمكن للعميل تخفيض القسط الدوري دون زيادة‬

‫(‪ )90‬سامي بن ابراهيم السويلم ‪ .‬التحوط يف التمويل اإلسالمي ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 124-121‬‬
‫‪28‬‬
‫مقابل التأخير بحيث يبقى مقدار الدين الكلي ثابتا‪ .‬مع مالحظة أن تغيير القسط سينعكس على مدة‬
‫السداد‪ ،‬فإذا ارتفع معدل العائد زاد مقدار القسط ومن ثم انخفضت مدة السداد‪ ،‬والعكس صحيح‪،‬‬
‫ونظ ار ألن مدة العقد ومقدار القسط يجب أن يكونا معلومين للطرفين‪ ،‬فإن أي تغيير فيهما يجب أن‬
‫يتم بالتراضي وهذا مايجعل هذه الصيغة قائمة على األسلوب التعاوني وهي تحقق مصالح الطرفين‪.‬‬
‫الرأي المختار ‪ :‬بعد العرض والمناقشة؛ فإن الباحث ال يرى مانعا شرعيا من استخدام تلك الطريقة‬
‫بالصفة والكيفية المشار إليها أعاله التي اقترحها سامي السويلم ‪ ،‬فهي تحقق مصلحة للطرفين‪.‬‬
‫التحوط عبر مبادلة األرباح بين البنوك‬ ‫‪9/2‬‬
‫يعد تطوير معايير تحوط إسالمية عالمية من التحديات الرئيسية التي واجهتها المصارف والمؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية في ضوء االرتباط الوثيق للتمويل اإلسالمي مع النظام المالي العالمي‪ ،‬فالميزانية‬
‫العمومية للمؤسسات المالية اإلسالمية معرضة للتذبذب في أسعار العمالت األجنبية وكذلك حاالت‬
‫عدم التوافق في أوضاع التدفقات النقدية نظ ار لألسعار المرجعية الثابتة والمتغيرة‪ .‬لذلك طرحت السوق‬
‫المالية اإلسالمية الدولية* (‪ )IIFM‬بالتعاون مع االتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات* (‪)ISDA‬‬
‫منتج جديد لمبادلة األرباح الستخدامه كأداة من أدوات التحوط في المصارف اإلسالمية والحد من‬
‫تقلبات السوق وتخفيف المخاطر‪ ،‬وليس ألغراض تجارية*‪ .‬والدافع لتصميم هذا المنتج أن البنوك‬
‫تدخل في صفقات تدر عليها أرباحا ثابتة وأخرى متغيرة‪ ،‬فإذا استشعر البنك أن نسبة األرباح في‬
‫نزول‪ ،‬فإنه يسعى إلى تثبيت هذه األرباح في مستوى معين حتى لو نزلت األرباح في السوق‪ ،‬وهذه‬
‫األداة التحوطية تحمي من انخفاض األرباح‪ ،‬كما أنها تحمي البنوك التي لديها صفقات ثابتة من‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)91‬‬
‫فقدان الربح إذا كانت نسبة األرباح في الصعود‬

‫ويستلزم الدخول في أي صفقة من الصفقات على أساس تطبيق معايير المنتج الجديد ‪ ،‬أن يكون‬
‫الغرض من الصفقة التحوط وليس المضاربة‪ ،‬وأن تتم البيوع على أصول حقيقية تتوافر فيها السلعة‬
‫والمقابل المادي‪ ،‬كما يفضل توافر صفقتين منفصلتين للمبيعات على أساسي األرباح الثابتة والمتغيرة‪،‬‬
‫بحيث بمكن تجنب بيوع العينة‪ ،‬ووضع الضوابط الالزمة حتى ال يكون هناك مجال للدخول في أي‬
‫شكل من أشكال المضاربات(‪ .)92‬وبحسب هذه االتفاقية فإنه ال يترتب على الطرفين وال يستحقان أية‬

‫* تأسست السوق املالية اإلسالمية الدولية من خالل اجلهود املشرتكة للبنك اإلسالمي للتنمية وهيئة النقد يف بروناي دار السالم ومصرف اندونيسيا ومصرف البحرين‬
‫املركزي وبنك السودان املركزي وهيئة البوان للخدمات املالية (ماليزيا) وذلك كمؤسسة حمايدة غري هادفة للربح‪.‬‬
‫* االحتاد الدو ي للمقايضات واملشتقات لديه شراكة مع السوق املالية اإلسالمية الدولية هتدف إىل بناا أسواق حتوط سليمة وفعالة خارج عمليات البورصة ‪.‬‬
‫* ألن الشريعة ال جتيز ذلك‬
‫(‪ )91‬إجالل علوي ‪ ،‬السوق املالية اإلسالمية الدولية واالحتاد الدو ي للمقايضات واملشتقات يطرحان معيار منتوج مبادلة األرباح‪ ،‬مصرف البحرين املركزي ‪4214 ،‬م ‪.‬‬
‫(‪ )92‬خالد محد ‪،‬السوق املالية اإلسالمية الدولية واالحتاد الدو ي للمقايضات واملشتقات يطرحان معيار منتوج مبادلة األرباح ‪ ،‬مصرف البحرين املركزي على املوقع‬
‫االلكرتوين للمصرف ‪http://www.cbb.gov.bh/page‬‬
‫‪29‬‬
‫فوائد في صفقات التحوط‪ ،‬وال تبنى تسوية االلتزمات على التنضيض‪ ،‬وال تتم من دون وجود أصول‬
‫ملموسة‪ ،‬باإلضافة إلى اإلدراك المسبق لطرفي الصفقة أن الصفقات تكون مطابقة ألحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية(‪. )93‬‬

‫وقداختلفت وجهات النظر حول معايير هذه الوثيقة بين مؤيد ومعارض‪ ،‬فالذين يعارضونها يرون أنها‬
‫صيغت وفق نظام القانوني األنجلوسكسوني الذي يجعل العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬وأن ما اتفق عليه‬
‫الطرفان بمحض إرادتهم هو ما يطبق عليهم(‪ .)94‬فالوثيقة صالحة في حالة التقاضي في محاكم إنجلت ار‬
‫أو نيويورك‪ ،‬وهي وثيقة قانونية معقدة جدا ولم تصدر باللغة العربية‪ .‬في حين يرى المؤيدون أنها‬
‫األولى من نوعها في مجال التوثيق المعياري لمنتجات التحوط اإلسالمية القابلة للتداول‪ ،‬وأنها إنجاز‬
‫غير مسبوق في مجال التمويل اإلسالمي وادارة المخاطر ‪ ،‬وهي تعد أساسا قانونيا يتيح للمؤسسات‬
‫إبرام صفقات التحوط اإلسالمية(‪.*)95‬‬

‫الرأي المختار‪ :‬بعد عرض هذه األراء المتباينة حول وثيقة المعايير الموحدة يرى الباحث ضرورة‬
‫التروي في الحكم على هذه الوثيقة ‪ ،‬فاألحوط االنتظار حتى تصدر بترجمة عربية معتمدة ليتسنى‬
‫بحثها واإلحاطة بجوانبها المختلفة‪.‬‬

‫(‪ )93‬عبد اهلل صاحل حممد سليمان أبو مسامح‪ .‬املشتقات املالية اإلسالمية بني التنظري والتطبيق ‪ ،‬جملة االقتصاد اإلسالمي العاملية احللقة ‪ 2‬يوليو ‪4215‬م‪.‬‬
‫(‪ )94‬حممد علي القري ‪ .‬صحيفة االقتصادية األحد ‪ 49‬رجب ‪ 1231‬هـ‪ .‬املوافق ‪ 11‬يوليو ‪ 4212‬العدد‪. 111‬‬
‫(‪ )95‬عبد اهلل صاحل حممد سليمان أبو مسامح ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫* من املؤيدين هلا الدكتور نظام يعقويب‪ :‬قال " أن السوق املالية اإلسالمية قد قدمت خدمة جليلة للمؤسسات املالية اإلسالمية بإصدار هذا اإلطار القانوين "‪ ،‬وقال الشيخ‬
‫حممد داوود بكر ( فقيه وخبري ماليزي )‪ " :‬أن هذا اإلطار القانوين املعياري يعترب يف حمله من حيث التوقيت " وقال‪ " :‬ال نستطيع أن حنظر أو حنرم املشتقات اإلسالمية‬
‫فهي الزمة ومطلوبة ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الخالصة‬

‫‪ ‬بينت الدراسة أنه على الرغم من التفسيرات المختلفة والمتباينة النهيارات البنوك واألسواق المالية‪،‬‬
‫فإن أكثرها ترجيحا أن عقود التحوط هي الالعب الرئيسي في هذه االنهيارات‪ ،‬وأن سوء اإلدارة يأتي‬
‫في المرتبة الثانية‪.‬‬

‫‪ ‬بينت الورقة عدم وجود عالقة بين مفهوم التحوط‪ ،‬وصناديق التحوط‪ .‬فمفهوم التحوط ينحصر في‬
‫اإلجراءآت التي تتخذ لحماية األصول من تقلبات األسعار‪ .‬في حين أن صناديق التحوط عبارة عن‬
‫صناديق استثمارية تستغل الفرص من خالل المراهنة على عدم كفاءة وفعالية أسواق األسهم‬
‫والعمالت والسندات والسلع‪.‬‬

‫‪ ‬بينت الدراسة أن هناك شبها واختالفا بين العقود المستقبلية والخيارات‪ ،‬فمن أوجه الشبه بينهما أن‬
‫كالهما من األدوات التي تستخدم في التحوط‪ ،‬وتحقق للمتعاملين فيهما قد ار من المكاسب‪ ،‬أو نسبة‬
‫من الخسارة ‪ .‬ومن أوجه االختالف بينهما أن التعاقد في العقود المستقبلية يكون على سلعة حقيقية‬
‫مؤجلة التسليم‪ ،‬وأن السعر الذي جرى عليه التعاقد هو سعر هذه السلعة‪.‬‬

‫‪ ‬أكدت الدراسة على أهمية عقود التحوط للمصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية ‪ ،‬فهي تمثل‬
‫صمام أمان لكثير من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها هذه المؤسسات ‪ ،‬وأن عدم استخدامها‬
‫لهذه العقود ربما يعرضها إلى مخاطر جمة؛ قد تكون سببا في تدني نسبة العوائد المقدمة منها‪،‬‬
‫وبالتالي يمكن أن تفقد شريحة من عمالئها‪.‬‬

‫‪ ‬أشارت الدراسة إلى مخالفة بعض الباحثين لقرار مجمع الففه اإلسالمي الدولي رقم (‪ ،)9/5/56‬في‬
‫دورته السابعة في مدينة جدة في عام ‪9771‬م‪ ،‬في ما يتعلق بالحيثيات التي استند عليها في تحريم‬
‫عقود الخيارات ‪ -‬مع اتفاقهم مع القرار في حرمة تلك العقود‪ -،‬استنادا إلى أن بيع األسهم بالثمن‬
‫المتفق عليه في الموعد المحدد ال يحدث في بيع الخيار‪ ،‬بل إن الوسيط في السوق يقوم بالتسوية‬
‫ويدفع للرابح ربحه دون بيع أو شراء أو تسليم أو تسلَم‪.‬‬

‫‪ ‬بينت الدراسة أن بعض الباحثين في االقتصاد اإلسالمي يرون امكانية تطوير عقود الخيار‬
‫وضبطها بأحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬قياسا على بيع العربون‪ ،‬والتأمين‪ ،‬وااللتزام والكفالة‪ ،‬والحقوق‬
‫المعنوية استنادا إلى االختالف في معنى المال‪ .‬فمن قال‪ :‬أن الحقوق المعنوية أمواال أجاز بيعها‪،‬‬
‫ومن قال‪ :‬بأن المال يشمل األعيان فقط‪ ،‬منع بيع هذه الحقوق‪ ،‬ألنها ليست أعيانا‪ ،‬وهذا هو رأي‬

‫‪31‬‬
‫معظم فقهاء الحنفية‪ .‬أما جمهور الفقهاء فهم مع الرأي األول الذي يعتبر هذه الحقوق أمواال‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪.‬‬
‫يجوز بيعها‬

‫‪ ‬ناقشت الدراسة األراء المختلفة حول أخذ األجر على الضمان‪ ،‬ورجحت أن إطالق القول بجواز أخذ‬
‫األجر على الضمان أو بمنعه فيه نظر‪ ،‬فيمنع أخذ األجر على الضمان إذ آل إلى قرض؛ لما يترتب‬
‫عليه من القرض بفائدة‪ ،‬وأما إذا كان ال يؤول إلى قرض فليس في األدلة الشرعية ما يمنع منه‪ ،‬وال‬
‫يترتب عليه محظور شرعي‪ ،‬استنادا إلى ما ذكره بعض فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة من جواز‬
‫أخذ ثمن الجاه‪.‬‬
‫ناقشت الدراسة اختالف العلماء المعاصرين بشأن التزم طرف ثالث بالضمان تبرعا على قولين‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫األول‪ :‬عدم الجواز‪ ،‬حيث حرم بعض الفقهاء المعاصرين ضمان رأس مال المستثمرين‪ ،‬سواء كان‬
‫الضامن هو العامل أو طرفا ثالثا‪ .‬والثاني‪ :‬الجواز‪ ،‬حيث جوز بعض الفقهاء المعاصرين التزام طرف‬
‫ثالث في عقد المضاربة منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع ‪ -‬دون مقابل‪-‬‬
‫بمبلغ مخصص لجبر الخسران الذي قد يط أر على أموال المستثمرين‪ .‬ورجح الباحث الرأي الثاني‬
‫لقوة حجته‪ ،‬ولتحقيقه عددا من المصالح المعتبرة في تطبيقات عقود التحوط في المصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ ‬تعرضت الدراسة إلى اآلراء المختلفة حول السلم بسعر السوق يوم التسليم ورجحت عدم جواز السلَم‬
‫بسعر السوق يوم التسليم لقوة حجته‪ .‬ولعدم صحة القول المنسوب إلى شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وفقا‬
‫للنصوص المشار إليها‪.‬‬
‫‪ ‬بينت الدراسة اآلراء المختلفة حول بيع العربون في جواز هذا النوع من المعامالت بسبب الخالف‬
‫في ثبوت األحاديث أو ضعفها الواردة في المنع من بيع العربون‪ ،‬وورود بعض اآلثار عن الصحابة‬
‫– رضوان اهلل عليهم – بالجواز‪ .‬ورجحت الدراسة اختيار مذهب الحنابلة المجيزين بشرط أن تكون‬
‫مدة الخيار معلومة ‪ .‬وهذا القول أفتت به اللجنة الدائمة لإلفتاء في المملكة العربية السعودية‪ ،‬وبه‬
‫صدر قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬تناولت الدراسة آراء المعاصرين في موضوع التحوط في عقد المرابحة لآلمر بالشراء بربح‬
‫متغير‪،‬على قولين‪ :‬األول بالجواز والثاني بالتحريم‪ ،‬ورجح الباحث الرأي الثاني القائل بالتحريم لقوة‬
‫أدلته ‪.‬‬
‫‪ ‬تعرضت الدراسة إلى التحوط من مخاطر تقلبات أسعار الفائدة حيث تستخدم المصارف اإلسالمية‬
‫مؤش ار للعائد‪ ،‬ألجل تحديد أسعار تكلفة أدواتها المالية‪ ،‬بناء على معدل أسعار الفائدة السائد‪ ،‬في‬
‫‪32‬‬
‫األسواق (الليبور)‪ ،‬مضافا إليه هامش المخاطرة ‪ .‬ويتفق الباحث مع الرأي الذي ذهب إليه سامي‬
‫السويلم باللجوء لألسلوب التعاوني بين المصرف وعميله‪ ،‬فإذا ارتفع معدل العائد يمكن للعميل أن‬
‫يزيد من مقدار القسط الدوري الذي يدفعه للممول‪ ،‬مقابل تخفيض مقدار الدين الكلي‪ ،‬وفي المقابل إذا‬
‫انخفض معدل العائد فيمكن للعميل تخفيض القسط الدوري دون زيادة مقابل التأخير بحيث يبقى‬
‫مقدار الدين الكلي ثابتا‪.‬‬
‫‪ ‬ناقشت الدراسة وثيقة التحوط عبر مبادلة األرباح بين البنوك التي طرحتها السوق المالية اإلسالمية‬
‫الدولية (‪ )IIFM‬بالتعاون مع االتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات (‪ )ISDA‬الستخدامها كأداة من‬
‫أدوات التحوط في المصارف اإلسالمية‪ .‬ويرى الباحث ضرورة التروي في الحكم على هذه الوثيقة‪،‬‬
‫فاألحوط االنتظار حتى تصدر الوثيقة بترجمة عربية معتمدة ليتسنى بحثها واإلحاطة بجوانبها‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫التوصيات‬

‫في ختام هذه الدراسة ينبغي التأكيد على أهمية استخدام عقود التحوط في تطبيقات المصارف‬
‫اإلسالمية وفق منهج مدروس يحظى بقبول فقهي واسع ‪ ،‬وللوصول لذلك المنهج توصي الدراسة‬
‫االهتمام بالجوانب االتية‬

‫‪ -‬ضرورة إجراء البحوث والدراسات المعمقة لتأصيل تطبيقات عقود التحوط في المصارف اإلسالمية‬
‫وعقد الندوات العلمية‪ ،‬وورش العمل المتخصصة من المجامع الفقهية‪ ،‬والمراكز والمعاهد البحثية‬
‫لمناقشة ما يرد من أراء في هذه الدراسات بغية الوصول إلى نتائج تكون أقرب إلى اإلجماع الفقهي‪.‬‬

‫‪ -‬من الجوانب التي ينبغي التركيز عليها ‪ ،‬التحوط في منتجات الخزينة في المصارف اإلسالمية ‪،‬‬
‫التحوط من مخاطر الصرف‪ ،‬الصور والحاالت التطبيقية لاللتزامات في العمل المصرفي واألسواق‬
‫المالية‪ .‬إدارة المخاطر في المصارف اإلسالمية ‪ .‬الوعد في الصرف‪ ،‬والوعد بالدخول في مرابحة‪،‬‬
‫والوعد في منتجات المبادالت (‪ ،)SWAPs‬والوعد في منتجات التحوط (‪.)Hedging‬‬

‫‪ -‬ضرورة التواصل بين المهنيين العاملين في المصارف اإلسالمية وبين العلماء والباحثين في‬
‫االقتصاد اإلسالمي لعرض القضايا المعاصرة في مجال الممارسة خاصة في تطبيقات عقود التحوط‬
‫على وجه الخصوص‪ ،‬بغية الوصول إلى فهم مشترك ورأي فقهي حول هذه العقود وغيرها من‬
‫الممارسات المصرفية ‪ ،‬فهناك قصور شديد في هذا الجانب ‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة إسهام المراكز البحثية واألقسام العلمية المتخصصة في االقتصاد اإلسالمي في إجراء‬
‫الدراسات التطبيقية التي تتناول قضايا المصارف اإلسالمية خاصة في مجال التحوط وادارة المخاطر‪،‬‬
‫و توجيه طالب الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه الختيار موضوعات ألباحثهم حول‬
‫هذه الجوانب ‪.‬‬

‫‪ -‬االهتمام بتثقيف العاملين في المؤسسات المالية اإلسالمية بعقود التحوط وتطبيقاتها في هذه‬
‫المؤسسات من خالل تنظيم وعقد دورات تدريبية ‪ ،‬فما يزال هذا الجانب غير مطروق بشكل كاف‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المراجع‬

‫أوال ‪ :‬المراجع باللغة العربية‬

‫‪ ‬ابن القيم‪ ،‬محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهلل ‪ .‬إعالم الموقعين عن رب العالمين ‪ ،‬ج ‪9‬‬
‫دار الجيل بيروت ‪9793 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬ابن حزم‪ ،‬أبي محمد علي ابن حزم األندلسي ‪ .‬المحلى في شرح المجلى بالحجج واآلثار ‪ ،‬تحقيق‬
‫حسان عبد المنان ‪ ،‬ط ‪ ،9 ،‬ج ‪ ، 9‬بيت األفكار ‪.‬‬
‫‪ ‬ابن عرفة‪ ،‬محمد بن أحمد الدسوقي‪ .‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‬
‫د‪ .‬ت ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬باب في القراض‪ ،‬ج ‪.3‬‬
‫‪ ‬ابن فارس‪ ،‬أبي الحسين أحمد فارس ابن زكريا ‪ .‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬تحقيق وضبط عبد السالم‬
‫محمد هارون ‪ ،‬ج‪9797 ، 1‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ابن قدامة ‪ ،‬موفق الدين أبي محمد عبد اهلل بن أحمد ‪ .‬تحقيق عبد اهلل بن عبد المحسن التركي‪،‬‬
‫وعبد الفتاح محمد الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب للطباعة والنشر ‪ ،‬ط‪ ، 3‬ج‪ ،9‬الرياض ‪9999 ،‬هد –‬
‫‪9779‬م‪.‬‬
‫‪ ‬أبو غدة‪ ،‬عبد الستار‪ .‬بحوث في المعامالت واألساليب المصرفية اإلسالمية ج ‪ ،91‬مجموعة‬
‫البركة المصرفية ‪ ،‬جدة ‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ ‬أبو مسامح‪ ،‬عبد اهلل صالح محمد سليمان‪ .‬المشتقات المالية اإلسالمية بين التنظير والتطبيق ‪،‬‬
‫مجلة االقتصاد اإلسالمي العالمية الحلقة ‪ 9‬يوليو ‪1196‬م‪.‬‬
‫‪ ‬اتحاد المصارف العربية‪ .‬موسوعة بازل ‪ ،‬دليلك إلى إدارة المخاطر المصرفية‪ ،‬موسوعة بازل‪-. II‬‬
‫ترجمة نبيل حشاد‪ ، ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1116 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬اإلسالمبولي‪ ،‬أحمد محمد خليل ‪ .‬حكم الوعد في الفقه اإلسالمي وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫الملك عبد العزيز ‪ :‬االقتصاد اإلسالمي م ‪ ،95‬ع ‪.1‬‬
‫‪ ‬أمين أفندي‪ ،‬علي حيدر خواجه‪ .‬درر الحكام في شرح مجلة األحكام تعريب‪ :‬فهمي الحسيني‪ :‬دار‬
‫الجيل الطبعة‪ :‬األولى‪ ،‬ج‪9999 ،9‬هد ‪9779 -‬م ‪ .‬المادة ‪.311‬‬
‫‪ ‬األمين‪ ،‬حسن عبد اهلل‪ .‬الودائع المصرفية النقدية واستثمارها في اإلسالم ‪ ،‬ط‪ ،9‬دار الشروق ‪ ،‬جدة‬
‫‪9793‬م‪.‬‬
‫‪ ‬بنك البالد ‪ .‬الهيئة الشرعية‪ ،‬ملتقى المرابحة بربح متغير‪ ،‬دار الميمان للنشر والتوزيع ‪ ،‬الرياض ‪،‬‬
‫‪9939‬ه‪1193 -‬م‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ ‬ابن عرفة‪ ،‬محمد بن أحمد الدسوقي‪ .‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬ج ‪ ، 3‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية د‪ .‬ت ‪.‬‬
‫‪ ‬حسين حامد حسان‪ .‬تعريف الخيار التبعي وتطبيقاته االقتصادية ‪،‬حولية البركة العدد ‪،99‬‬
‫‪9931‬ه‪.1117-‬‬
‫‪ ‬حطاب ‪ ،‬كمال توفيق ‪ .‬نحو سوق اسالمية مالية طبعة تمهيدية ‪ ،‬بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪ ‬حماد ‪ ،‬نزيه كمال ‪ .‬في فقه المعامالت المالية والمصرفية المعاصرة ‪ :‬قراءة جديدة ‪ ،‬دار القلم‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ط‪9919 ، 9‬ه ‪1119‬م‪.‬‬
‫‪ ‬حماد‪ ،‬نزيه كمال‪ .‬مدى تضمين يد األمانة بالشرط في الفقه اإلسالمي ‪ ،‬المعهد اإلسالمي للبحوث‬
‫والتدريب ‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية ‪ ،‬جدة‪ 9911 ،‬هد‪.‬‬
‫‪ ‬حمود‪ ،‬سامي حسن ‪ .‬تطوير األعمال المصرفية بما يتفق والشريعة اإلسالمية ‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان ‪ ،‬دار‬
‫الفكر للنشر والتوزيع ‪9791‬م‪.‬‬
‫‪ ‬خالد حمد ‪ .‬السوق المالية اإلسالمية الدولية واالتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات يطرحان معيار‬
‫منتوج مبادلة األرباح ‪ ،‬مصرف البحرين المركزي‪.‬‬
‫‪ ‬الخفيف ‪ .‬علي ‪ .‬أحكام المعامالت الشرعية‪ ،‬بنك البركة لالستثمارات ‪ ،‬البحرين ‪.‬‬
‫‪ ‬الداغر‪ ،‬محمود محمد ‪ .‬األسواق المالية ‪ :‬مؤسسات‪ ،‬أوراق‪ ،‬بورصات ‪ ،‬دار الشروق للنشر‬
‫والتوزيع ط‪ . ،1‬وطارق عبد العال حماد‪ .‬المشتقات المالية الدار الجامعية ‪1119 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬الدوسري‪ ،‬طالل بن سليمان‪ .‬عقود التحوط من مخاطر تذبذب أسعار العمالت دار كنوز اشبليا‬
‫للنشر والتوزيع الرياض‪.‬‬
‫‪ ‬الرازي‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن عبد القادر‪ .‬مختار الصحاح‪ .‬جدة‪ ،‬دار الثقافة اإلسالمية‪9915 ،‬هد‬
‫= ‪9795‬م‪.‬‬
‫‪ ‬رضوان‪ ،‬سمير عبد الحميد‪ .‬المشتقات المالية ودورها في إدارة المخاطر‪ ،‬ودور الهندسة المالية في‬
‫صناعة أدائها‪ ،‬دراسة مقارنة بين النظم الوضعية والشريعة اإلسالمية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار النشر‬
‫للجامعات مصر ‪9915‬ه‪.‬‬
‫‪ ‬ا ُّلرهوني‪ .‬أبي عبد اهلل َم َحمد بن أحمد ‪.‬حاشية الرهوني على شرح الزرقاني ج ‪ ،5‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫المطبعة األميرية ‪ ،‬بوالق ‪9315 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ ‬الزحيلي‪ ،‬وهبة مصطفى‪ .‬الوجيز في الفقه اإلسالمي ‪ ،‬ج ‪ ، 9‬دار الفكر‪9919 ،‬ه – ‪1119‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الزحيلي‪ ،‬وهبة مصطفى‪.‬نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الفكر دمشق‪9779 ،‬م‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ ‬زينب بوقاعة‪ ،‬وريمه برارمه‪ .‬تسعير الخيارات المالية وفقا لنموذج بالك وشولر ‪ :‬دراسة حالة‬
‫خيارات القطاع البنكي القطري‪ ،‬المؤتمر الدولي بجامعة فرحات عباس ‪ ،‬سطيف ‪ ،‬منتجات وتطبيقات‬
‫االبتكار والهندسة المالية‪1199،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الساعاتي‪ ،‬عبد الرحيم عبد الحميد ‪ ،‬نحو مشتقات مالية إسالمية إلدارة المخاطر التجارية‪ ،‬مجلة‬
‫جامعة الملك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جدة‪ :‬ع‪9777 ،99‬م‪.‬‬
‫‪ ‬السالوس‪ ،‬علي أحمد ‪ .‬فقه البيع و االستيثاق والتطبيق المعاصر‪ .‬دار الثقافة‪ ،‬مكتبة دار القرآن‪،‬‬
‫الطبعة‪9917 ،9‬هد ‪.‬‬
‫‪ ‬السرخسي‪ ،‬محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة‪ ،‬المبسوط ‪ ،‬دار المعرفة ج ‪ ،31‬باب في‬
‫البيع والشراء ‪9917 ،‬هد‪9797/‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬السويلم ‪ ،‬سامي ابراهيم‪ .‬التحوط في التمويل اإلسالمي‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬المعهد‬
‫اإلسالمي للبحوث والتدريب‪9919 ،‬ه‪1119-‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬الشافعي‪،‬محمد بن إدريس أبو عبد اهلل ‪ ،‬األم ‪،‬تحقيق‪ :‬رفعت فوزي عبد المطلب ‪ ،31/6‬دار الوفاء‬
‫‪9911‬ه ‪.‬‬
‫‪ ‬الشبيلي‪ ،‬يوسف عبد اهلل‪ .‬تطبيقات الحماية البديلة عن عقود التحوط ‪ ،‬بحث مقدم إلى مجمع الفقه‬
‫اإلسالمي الدولي الصدر‪ ،‬محمد باقر ‪ .‬البنك الالربوي في اإلسالم‪ ،‬الكويت ‪ ،‬مكتبة الجامع النقي ‪،‬‬
‫دون تاريخ‪.‬‬
‫‪ ‬العسقالني‪ .‬أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر‪ .‬التلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬السيد عبد اهلل هاشم اليماني المدني‪ .)99/3(،‬مطابع المدينة المنورة‪ ،‬عام ‪9399‬هد ‪.‬‬
‫‪ ‬علوي‪ ،‬إجالل‪ .‬السوق المالية اإلسالمية الدولية واالتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات يطرحان‬
‫معيار منتوج مبادلة األرباح‪ ،‬مصرف البحرين المركزي ‪ 1191 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬العمراني عبداهلل محمد‪ .‬التحوط في المعامالت المالية‪ ،‬ورقة مقدمة للدورة الحادية والعشرين‬
‫لمجمع الفقه اإلسالمي الدولي ‪9936‬ه‪.‬‬
‫‪ ‬غاسنر‪ ،‬ميشيل صالح ‪ .‬صناديق التحوط اإلسالمية تتحول نموذجا لصناعة التمويل اإلسالمي‪،‬‬
‫مجلة بانكر ميدل ايست عدد سبتمبر‪1116‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الغرياني‪ ،‬الصادق عبد الرحمن علي ‪ .‬البيع والتأجير بالسعر المتغير‪ ،‬المجمع الفقهي اإلسالمي ‪،‬‬
‫رابطة العالم اإلسالمي‪ ،‬الدورة ‪.11‬‬
‫‪ ‬فتاوى ندوة البركة األولى لالقتصاد اإلسالمي‪ .‬المدينة المنورة ‪ 11-99‬رمضان ‪9913‬ه‪-19 .‬‬
‫‪ 31‬يونيو‪9799‬م مجموعة دلة البركة ‪ -‬قطاع األموال ‪ -‬شركة البركة لالستثمار والتنمية جدة‪-‬‬
‫السعودية‪ .‬فتوى رقم (‪.) 93/9‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ ‬فداد‪ ،‬العياشي الصادق ‪ .‬مخاطر الثقة في تطبيقات المضاربة وعالجها ‪ ،‬ورقة معلومات أساسية‪،‬‬
‫ندوة البركة ‪7-9 ، 39‬رمضان ‪9939‬ه ‪.‬‬
‫‪More Money Than God‬‬ ‫‪ ‬الفواز‪ ،‬فواز حمد‪ .‬صناديق التحوط وصعود نخبة جديدة ‪ ،‬مراجعة كتاب‬
‫صحيفة االقتصادية ‪ ،‬السبت ‪ 15‬محرم ‪ 9931‬هد‪ .‬الموافق ‪ 19‬يناير ‪ 1199‬العدد ‪. 5179‬‬
‫‪ ‬قحف‪ ،‬منذر‪ .‬سندات القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاتهما في تمويل التنمية في البلدان‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬مجلة جامعة الملك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬م‪9797-9917 ،9‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬القري محمد علي ‪ .‬صحيفة االقتصادية األحد ‪ 17‬رجب ‪ 9939‬هد‪ .‬الموافق ‪ 99‬يوليو ‪1191‬‬
‫العدد ‪. 599‬‬
‫‪ ‬القري‪ ،‬محمد على‪ .‬نحو سوق اسالمية ‪ ،‬مجلة دراسات اقتصادية إسالمية ‪ ،‬المعهد اإلسالمي‬
‫للبحوث والتدريب ‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية‪،‬ع‪ ،9‬ج‪9773 ،9‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬الهيئة الشرعية لمصرف الراجحي‪ .‬ملتقى السلَم بسعر السوق يوم التسليم ‪ ،‬في ‪9913 /9/15‬ه‪،‬‬
‫ص ص ‪61-39‬‬
‫‪ ‬مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي ‪ .‬القرار رقم‪ ،9/9/3/31 :‬بشأن سندات المقارضة ‪ ،‬البند‬
‫التاسع‪ .‬الدورة الرابعة جده المنعقدة خالل الفترة من ‪ 13-99‬جمادى اآلخرة ‪ 9919‬الموافق ‪99 –5‬‬
‫شباط ( فبراير ) ‪9799‬م‪.‬‬
‫‪ ‬مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ .‬العدد السادس‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ ،9193‬والعدد السابع ج‪ 9‬ص ‪93‬‬
‫والعدد التاسع ج‪ 1‬ص‪ .)6‬القرار رقم (‪ )9/5/56‬في الدورة السابعة المنعقدة في مدينة جدة في عام‬
‫‪9771‬م بشأن األسواق المالية‪.‬‬
‫‪ ‬مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي ‪ .‬ج‪،9‬العدد الثامن ‪9999 ،‬هد ‪ .‬قرار رقم‪9/)9/3( 91 :‬‬
‫بشأن بيع العربون‪.‬‬
‫‪ ‬مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ ،‬الدورة الثامنة ببندر سيري باجوان ‪ ،‬بروناي دار السالم من ‪ 9‬إلى‬
‫‪ 9‬محرم ‪ 9999‬هد الموافق ‪ 19-19‬يونيو ‪9773‬م‪.‬‬
‫‪ ‬المرداوي ‪ ،‬الشيخ عالء الدين علي بن سليمان ‪ .‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف‬
‫‪.)369/9‬‬
‫‪ ‬المصري ‪ ،‬رفيق يونس ‪ .‬الوعد الملزم في معامالت المصارف اإلسالمية‪ ،‬هل يجوز أن يكون‬
‫الوعد ملزما إذا كان بديال لعقد محرم ؟ مجلة جامعة الملك عبد العزيز ‪:‬االقتصاد اإلسالمي ‪ ،‬م ‪،96‬‬
‫ص ص ‪9913 911-997‬ه‪1113/‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬المصري‪ ،‬رفيق يونس‪ .‬السلَم بسعر السوق يوم التسليم هل يجوز‪ .‬مجلة جامعة الملك عبد العزيز‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬م ‪ ،95‬ع ‪. 1‬‬

‫‪38‬‬
. ‫م‬1191 ‫ الكويت‬، ‫ المشتقات المالية إضاءات مصرفية مالية‬، ‫ معهد الدراسات المصرفية‬
.‫هد‬9995 ،9‫ المكتب اإلسالمي ط‬،‫ بحوث في االقتصاد اإلسالمي‬. ‫ عبد اهلل بن سليمان‬، ‫ المنيع‬
- 9919 ‫ الكويت (من‬. 19 ‫ و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية ج‬، ‫ الموسوعة الفقهية الكويتية‬
. )‫ هد‬9919
‫ دار‬، ‫ عقود التمويل المستجدة في المصارف اإلسالمية دراسة تأصيلية تطبيقية‬. ‫حامد حسن‬، ‫ ميرة‬
.‫م‬1199 -‫ه‬9931 ‫ الطبعة األولى‬،‫الميمان للشر والتوزيع‬
.‫م‬9775 ‫ منشأة المعارف االسكندرية‬، ،‫ إدارة األسواق والمنشآت المالية‬، ‫ منير إبراهيم‬،‫ هندي‬
‫ الفكر الحديث في مجال االستثمار – منشأة دار المعارف االسكندرية‬.‫ منير ابراهيم‬،‫ هندي‬
. ‫م‬9775
‫بيع العربون‬. ‫ رفيق يونس‬،‫ المصري‬- ، ‫ الهيئة الشرعية لمصرف الراجحي السلَم بسعر السوق‬
.‫م‬9777 ،‫هد‬9911 ‫ دار المكتبي الطبعة االولى‬، ‫وبعض المسائل المستحدثة فيه‬
.‫ كلية االقتصاد واإلدارة – جامعة الملك عبد العزيز‬.‫ جدة‬.‫ بيع الغرر‬.‫ ياسين عبدالرحمن جفري‬
.1‫ ص‬.‫ورقة غير منشورة‬

: ‫ المراجع باللغة االنجليزية‬: ‫ثانيا‬


 EthicalSystems.org Case Study: Barings Bank A collaborative effort by Jennifer Fang and Joshua Elle
p.no1
 Knight, Frank H, Risk, uncertainty and profit, New York Hamper and Raw p p1921.
 Mark Carlson A Brief History of the 1987 Stock Market Crash with a Discussion of the Federal Reserve
Response Finance and Economics Discussion Series Divisions of Research & Statistics and Monetary Affairs
Federal Reserve Board, Washington, D.C. November 2006 p.no2
 Sam Bhugaloo. Commodities Trading: Nick Leeson, Internal Controls and the Collapse of Barings Bank.
Page no2
 The oxford illustrated dictionary-oxford university press - London – 1989 P.728
 Webster’s Third New International dictionary, GC Ameriam company - U.S.A - P.1961.
 Yves-Marie Abraham &. Cyrille Sardais. Will we learn from the bankruptcy of BARINGS BANK? École de
Paris du management - 94 bd du Montparnasse - 75014 Paris July 4th, 2008 p no5

-: ‫ المواقع االلكترونية‬:‫ثالثا‬

 http://www.cbb.gov.bh/page
 http://www.islamifn.com/fatawa
 http://daharchives.alhayat.com/issue_archive/Hayat
 http://ar.islamway.net/fatwa

39

You might also like