Professional Documents
Culture Documents
الدورة الثانية
الندوة العلمية:
التحوط يف املعامالت املالية :الضوابط واألحكام
اليت يعقدها
جممع الفقه اإلسالمي الدولي التابع ملنظمة التعاون اإلسالمي
بالتعاون مع منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي
خالل الفرتة من 62 – 62 :إبريل 6102م
إعداد
الدكتور فضل عبدالكريم حممد البشري
معهد االقتصاد اإلسالمي – جامعة امللك عبدالعزيز
جدة – اململكة العربية السعودية
تمهيد
الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا وحبيبنا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فقد رغبت إِلَي أمانة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي الموقرة؛ مأجورة ومشكورة ،في إعداد بحث
حول "عمليات التحوط وتطبيقاتها في المصارف اإلسالمية وأحكامها الشرعية" وفق المحاور المشار
إليها في خطابهم .والمطلوب كما فهمت الوقوف عند بعض األحكام التي تحتاج إلى نظر وتأمل
لمعرفة المزيد ،لذلك سوف تقتصر هذه الورقة على بيان بعض هذه الجوانب.
أقول وباهلل التوفيق؛ مؤكدا على توفيق أمانة المجمع "حفظها اهلل" في اختيار هذا الموضوع
المهم .إنه على الرغم من التفسيرات المختلفة والمتباينة النهيارات البنوك واألسواق المالية ،فإن أكثرها
ترجيحا أن عقود التحوط هي الالعب الرئيسي في هذه االنهيارات ،وأن سوء اإلدارة يأتي في المرتبة
الثانية (.)1
ومما يزيد من قوة ورجاحة هذا التفسير اإلحصاءآت الرسمية المنشورة بهذا الخصوص؛ التي تؤكد
أن المجازفة هي الغالبة على عقود التحوط ،وأن %79من إجمالي هذه العقود يستخدم في
المضاربات على األسعار ،بينما تقتصر أغراض التحوط على أقل من .)2( %3
وقد لخص تلك التعامالت الكاتب االقتصادي األمريكي المشهور بيتر دراكر حين قال ( :في إشارة
إلى المشتقات المالية) إنهم زعموا أنها أدوات علمية ،في حين أنها لم تكن أكثر علمية من أدوات
القمار التي يجري التعامل عليها في مونت كارلو ،والس فيجاس( .)3كما أكد تلك المعاني المليادير
ذائع الصيت ورجل األعمال المشهور؛ جورج سورس حين قال :إن كثي ار من أدوات المشتقات ال تخدم
غرضا معينا سوى تسهيل المضاربة على وجه الخصوص(.)4
وكما تتحوط البنوك التقليدية ألجل حماية أصولها من تقلبات األسعار؛ وطمعا في تحقيق مكاسب
مالية ،فإن المصارف اإلسالمية تتحوط هي األخرى من هذه التقلبات ،ولكن بشكل مختلف؛ ووفق
منهجية تتناسب مع طبيعة عملها ،باستخدام عدد من العقود منها :السلَم بسعر السوق وقت التسليم،
لرس المال أو له وللربح
وخيار الشرط ،والتبرع بالضمان من أحد العاقدين ،وضمان الطرف الثالث أ
معا ،وغيرها.
في الصفحات التالية عرضا ومناقشة لتلك العقود؛ مسبوقا بتعريف لمفهوم التحوط وعقوده في أسواق
المال .فإن أصبت من اهلل ،وان أخطأت فمن نفسي والشيطان .واهلل أعلم بالصواب.
( )1مسري عبد احلميد رضوان .املشتقات املالية ودورها يف إدارة املخاطر ،ودور اهلندسة املالية يف صناعة أدائها ،دراسة مقارنة بني النظم الوضعية والشريعة اإلسالمية
الطبعة األوىل ،دار النشر للجامعات مصر 1241ه .ص .16
( )4معهد الدراسات املصرفية ،املشتقات املالية إضااات مصرفية مالية ،الكويت 4212م ص 4
( )3مسري عبد احلميد رضوان .املشتقات املالية ودورها يف إدارة املخاطر مرجع سابق ص 61
( )2املرجع السابق ص 9
2
أوال :مفهوم التحوط وعقوده في أسواق المال
حفظ والتعهد بجْلب ما ينفع ،ودف ِع ما يضر .وتحوط في األمر :احتاط ِ
وحذر. التحوط في اللغة هو ال ِ
ُّ
يف بالش ِ
يء ( . )5والتحوط في يء ُي ِط ُ ِ ِ
كلمةٌ واح َدةٌ ،وهو الش ُ
اء َلحاء والو ُاو والط ُ
الشيء حفظه ،فا ُ
َ و َحوطَ
المفهوم المالي هو اإلجراءات التي تُتخذ لحماية المال من التقلب غير المتوقع ،وغير المرغوب
للعاقد ،وهو ما ُيعرف حاليا بالخطر المالي ( .)6( )financial riskوهناك العديد من األدوات المالية التي
تؤدي إلى تحقيق هذا الهدف ،من ذلك :وثائق التأمين ،العقود اآلجلة ،المقايضة ،الخيارات.
1/ 1مفهوم التحوط وصناديق التحوط
يتبادر إلى الذهن من أول وهلة أن هناك عالقة بين مفهوم التحوط وصناديق التحوط ،والواقع ليس
كذلك ،فمفهوم التحوط ينحصر في اإلجراءآت التي تتخذ لحماية األصول من تقلبات األسعار ،في
حين أن صناديق التحوط عبارة عن صناديق استثمارية تستغل الفرص من خالل المراهنة على عدم
كفاءة وفعالية أسواق األسهم والعمالت والسندات والسلع(.)7
استحدثت صناديق التحوط في عام 9797م من قبل صحافي وعالم اجتماع يدعى الفرد وينسلو
جونز أثناء إعداده لمقالة حول أحدث الوسائل المستخدمة في تحليل أداء األسواق المالية والتنبؤ
بتطوراتها لحساب مجلة فورتشن ،حيث تمكن من جمع 911ألف دوالر أمريكي ،ليبدأ ما يطلق عليه
اليوم بصندوق التحوط .وكانت خططه تقوم على المتاجرة في األسهم بناء على مركزين ماليين:
طويل األجل ،وقصير األجل .ففي المركز األول يقوم بشراء األسهم التي يتوقع أن ترتفع ويحتفظ بها
إلى أن يتمكن من بيعها ،وفي المركز الثاني قصير األجل -أو ما يسمى بالبيع على المكشوف -
فيقوم ببيع األسهم التي يتوقع أن تنخفض ليعيد شراءها الحقا مع استخدام االقتراض لالستثمار في
أدوات مالية تدر عائدا أعلى من سعر فائدة االقت ارض.
ومع أن مسمى هذه الصناديق يوحي بأنها تهدف إلى تقليل المخاطر ،لكنها في الواقع تهدف إلى
تحقيق أقصى ربح ممكن .ففلسفة الصندوق تقوم على ضمان تحقيق ربح للمستثمرين بصرف النظر
عما يحدث في األسواق من تقلبات .كما أنها تعتمد على االستثمارات الكبيرة ؛ لذلك فهي عالية
المخاطر ،وسريعة الحركة.
ويعد جورج سورس أول من أعطى لهذه الصناديق سمعة عالمية عندما أرغم'' الجنيه االسترليني على
االنسحاب من عالقة منظومة العمالت األوروبية ،وربح من ذلك نحو مليار جنيه استرليني خسر
( )5أيب احلسني أمحد فارس ابن زكريا ،معجم مقاييس اللغة ،حتقيق وضبط عبد السالم حممد هارون ،ج1999 ، 4م ص .142
( )1عبد الرحيم عبد احلميد الساعايت ،حنو مشتقات مالية إسالمية إلدارة املخاطر التجارية ،جملة جامعة امللك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي ،جدة :ع،11
،1999ص .59
( )9فواز محد الفواز .صناديق التحوط وصعود خنبة جديدة ،مراجعة كتاب ،More Money Than Godصحبفة االقتصادية ،العدد ،1491السبت 41حمرم
1234هـ .املوافق 21يناير 4211م.
3
أغلبها الحقا .ويبلغ إجمالي عدد صناديق التحوط في العالم أكثر من 91آالف صندوق بإجمالي
استثمارات قدرها 9.3تريليون دوالر(.)8
وهذه الصناديق ليست حك ار على التعامالت المالية التقليدية ،فهناك صناديق تحوط إسالمية ،فقد
أطلق أول صندوق تحوط إسالمي من قبل شركة المستثمر الدولي في عام 9779م ،وهو صندوق
الخوارزمي بإدارة اكسا روزنبرغ ،ويعد صندوق الفنار الذي عرضته شركة سيدكو في المملكة العربية
السعودية ،هو صندوق التحوط الثاني( ،)9إال أن هذه الصناديق ما تزال في حاجة إلى مزيد من
التطوير والتحسين وزيادة أصولها المالية .كما أنها بحاجة إلى تأصيل فقهي يقارب بين وجهات النظر
المختلفة حول أهدافها وطريقة عملها ،خاصة وأنها كانت وما تزال مثار حوار عميق طيلة عدة
سنوات في دوائر المؤتمرات والندوات اإلسالمية ،وفي أوساط المهتمين بالتمويل اإلسالمي*.
1/2عقود التحوط في أسواق المال
يقسم بعض الباحثين أهم فروع المشتقات المالية إلى ستة أقسام حتى وقتنا الحاضر الحاضر**- ،
فربما تظهر في المستقبل أقسام أخرى -،وهي :عقود االختيارات ( ،)optionsالعقود المستقبلية
( ،)futuresالعقود اآلجلة ،Forward Currency Contractsعقود المبادالت ،(Swapsعقود
إعادة الشراء ،وعقود أسعار الفائدة .وتعد العقود األربعة األولى من أكثر العقود التي يركز عليها
الباحثون عند تناولهم للمشتقات المالية ،وهي تعد األكثر تداوال في األسواق المالية العالمية .
والمشتقات المالية هي عقود تتوقف قيمتها على األوراق المالية محل التعاقد ،أو من السلع
أومؤشرات األسعار ،ويمكن استخدامها للتحوط أو المضاربة ( .)10ويصنف المتعاملون فيها إلى ثالث
فئات ،هي :فئة المتحوطين ،وفئة التجار ،وفئة المضاربين( .)11والفرق بين هذه الفئات أن المتحوطين
يقومون بنقل المخاطر إلى غيرهم ،بينما يتحمل المضاربون المخاطرة ( .)12فعقود المستقبليات
( )futuresهى تعاقدات مستقبلية تلزم األطراف المتعاقدة على تسليم أو استالم سلع أو عمالت
أجنبية أو أوراق مالية بسعر متفق عليه في تاريخ محدد بغرض التحوط ،وتجنب مخاطر تقلب
( )6ميشيل صاحل غاسنر ،صناديق التحوط اإلسالمية تتحول منوذجا لصناعة التمويل اإلسالمي ،جملة بانكر ميدل ايست عدد سبتمرب4225م .ص15
( )9املرجع السابق
* هناك أختالف كبري يف وجهات النظر حول أهداف هذه الصناديق وطريقة عملها ،فريى البعض أن صناديق التحوط امللتزمة بتعاليم الشريعة اإلسالمية هي احلل
ألمثل ملديري األموال الراغبني يف االستفادة من السيولة الضخمة يف املنطقة ،وأن سياساهتا تعمل على تقليل املخاطر ،وهو ما يتفق مع جوهر الشريعة اإلسالمية ،
كما أهنا تقدم إمكانات كبرية للتمويل اإلسالمي الذي يعاين نقصا يف أدوات إدارة املخاطر خاصة املخاطر طويلة األجل ،بينما يرى آخرون أن القواعد األساسية
هلذه الصناديق ختالف الشريعة اإلسالمية .وأن مثل هذه املضاربات تبدو كاملقامرة ،وهو ما يتعارض مع تعاليم اإلسالم.
** بطبيعة احلال فإن اهلندسة املالية لن تتوقف عن التجديد واالبتكار .
( )12مسري عبد احلميد رضوان .املشتقات املالية ودورها يف إدارة املخاطر ودور اهلندسة املالية يف صناعة أدواهتا-ط 1دار النشر للجامعات،4225 ،ص .56
( )11حممود حممد الداغر ،األسواق املالية :مؤسسات ،أوراق ،بورصات ،دار الشروق للنشر والتوزيع ط ،4ص . 145وطارق عبد العال محاد .املشتقات املالية الدار
اجلامعية 4221 ،م ص . 6
( )14طالل بن سليمان الدوسري عقود التحوط من خماطر تذبذب اسعار العمالت دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع الرياض ص .92
4
األسعار .ومن أنواعها -العقود المستقبلية على السلع ،والعقود المستقبلية على أسعار الصرف .كما
أن عقود االختيارات ( )optionsتمثل اتفاقا للمتاجرة على زمن مستقبل متفق عليه بسعر محدد
يعرف بسعر التنفيذ ،وهو اتفاق يعطى الحق ألحد الطرفين في بيع وشراء عدد معين من األوراق
المالية من الطرف اآلخر بسعر متفق عليه مقدما لحماية نفسه من مخاطر انخفاض القيمة السوقية
ألوراق مالية يمتلكها ،ومن أنواعها خيار البيع ،وخيار الشراء.
أما العقود اآلجلة ( )Forward Currency Contractsفهي العقود التي يلتزم فيها البائع أن يسلَم
المشتري السلعة محل التعاقد في تاريخ الحق بسعر يتفق عليه وقت التعاقد ،يطلق عليه سعر
التنفيذ( .)13في حين تمثل المبادالت* ( )Swapsالتزاما تعاقديا بين طرفين يتضمن مبادلة نوع معين
من التدفق النقدي أو أصل معين يمتلكه أحد الطرفين مقابل تدفق أو أصل يمتلكه الطرف اآلخر
بالسعر الحالي ،وبموجب شروط يتفق عليها عند التعاقد ،على أن يتم تبادل األصل محل التعاقد في
تاريخ الحق .وتستخدم المبادالت بغرض الوقاية من المخاطر السعرية في فترات مختلفة وتخفيض
تكلفة التمويل .ومن أنواعها مبادالت الفائدة ،Interest Rate Swapsومبادلة العمالت Currency
.Swaps
هناك شبه واختالف بين العقود المستقبلية والخيارات ،فمن أوجه الشبه بينهما أن كالهما من األدوات
التي تستخدم في التحوط ،وتحقق للمتعاملين فيهما قد ار من المكاسب ،أو نسبة من الخسارة .ومن
أوجه االختالف بينهما أن التعاقد في العقود المستقبلية يكون على سلعة حقيقية مؤجلة التسليم ،وأن
السعر الذي جرى عليه التعاقد هو سعر هذه السلعة .في حين يجري التعاقد في عقود الخيار على
أساس الحق في االختيار بعيدا عن قيمة السلعة .إضافة إلى أن مقدار الربح والخسارة المتوقعة في
الخيار تعتبر قليلة جدا ،وهي قيمة الخيار ،في حين أن مقدار الربح أو الخسارة في العقود المستقبلية
يكون كبي ار .
1/3الهدف من عقود التحوط
تهدف عقود التحوط للحد من المخاطر المالية ،وحماية األصول من تقلبات األسعار ،وبالطبع اليمكن
أن تلغي هذه العقود المخاطر المالية ،ولكن يمكن أن تقلل منها ،لذلك تجد أن هناك عالقة وارتباطا
بين التحوط والخطر.
( )13منري إبراهيم هندي ،إدارة األسواق واملنشآت املالية ، ،منشأة املعارف االسكندرية 1991م ،ص.116
* بعض الباحثني يرون أن عقود املبادالت ال تدخل ضمن املشتقات املالية .ملزيد من التفصيل أنظر مسري رضوان املشتقات املالية ،ص .431
5
فالخطر في اللغة هو اإلشراف على الهالك وخوف التلفُ .يقال هذا أمر خطر ،أي ِّ
متردد بين أن
يوجد وأن ال يوجد( .)14والخطر في االصطالح له تعريفات كثيرة تدور جلها حول الحالة التي تالزم
الشخص عند اتخاذ الق اررات ؛ وتترتب عليها حالة من الشك أو الخوف ،أو عدم التأكد من نتائج تلك
الق اررات *(.)15
أما الخطر في المفهوم المالي فهو ضرر مباشر متوقع للنشاط المرتبط بوحدة اقتصادية ،بسبب وقوع
أحداث اقتصادية ،أو طبيعية أو سياسية ،أو بفعل بشري .وفي حالة حدوثه تنتج خسائر مؤثرة ،قد
ِّ
تؤدي إلى عدم استم اررية الوحدة االقتصادية في النشاط الممارس ،وخروجها من السوق( .)16لذلك فإن
فالسيطرة على المخاطر أمر مطلوب ،ومتطلب سابق ،ينبغي أخذه في االعتبار عند الشروع في
علمية االستثمار .
تنقسم المخاطر التي توا ِجه المصارف بشقيها التقليدية واإلسالمية إلى نوعين :مخاطر مالية،
ومخاطر غير مالية( .)17فالمخاطر المالية هي عبارة عن الخسائر المحتملة في األسواق ،وتُصنف
إلى ثالثة أقسام هي:
( )12الرازي ،حممد بن أيب بكر بن عبد القادر .خمتار الصحاح .جدة :دار الثقافة اإلسالمية1221 ،هـ = 1961م ،ص.162
* يعرف قاموس أوكسفورد اخلطر ،بأنه إمكانية حدوث شيا ما بالصدفة ،ترتتب على ذلك نتائج سيئة وخسارة ،بينما يعرفه قاموس ويبسرت بأنه الضرر والتخريب
عرفه االقتصادي املعروف نايت ( )Knightبأنه عدم التأكد املمكن قياسه بدقة؛ باستخدام نظرية االحتماالت.
واألذى .وقد َّ
)(15 The oxford illustrated dictionary-oxford university press - London – 1989 P.728. & webster's
Third .New International dictionary, Gc Ameriam company - U.S.A - P.1961. & Knight, Frank H, Risk,
uncertainty and profit, New York Hamper and Raw p p1921.
( )11ياسني عبدالرمحن جفري .بيع الغرر .جدة .كلية االقتصاد واإلدارة – جامعة امللك عبد العزيز .ورقةغري منشورة .ص.4
( )19احتاد املصارف العربية .موسوعة بازل ،دليلك إىل إدارة املخاطر املصرفية ،موسوعة بازل -. IIترمجة نبيل حشاد، ،بريوت ،لبنان4225 ،م،ص. 9
6
أما المخاطر غير المالية ( ،مخاطر األعمال ) ،فتحدث نتيجة لألعمال التي تمارسها المصارف،
كمخاطر التشغيل ،والمخاطر القانونية ،والمخاطر السياسية ،ومخاطر عدم االلتزام .لذلك تتجه
المصارف بشقيها التقليدية واإلسالمية للتحوط من هذه المخاطر باستخدام عدد من األدوات كل
حسب منهجيته في العمل .
تعمل المصارف اإلسالمية في بيئة تنافسية مع المصارف التقليدية؛ ومع مثيالتها اإلسالمية ،لذلك
البد أن تأخذ في االعتبار كل ما ُي َم ِّكُنها من السيطرة على المخاطر والتحوط من تقلبات األسعار،
وهي تسعى الستخدام عقود التحوط ؛ ولكن بطرق مختلفة تراعي خصوصيتها وطبيعة عملها والتزامها
بأحكام الشريعة اإلسالمية .وهناك عدد من أدوات التحوط تستخدمها المصارف اإلسالمية - ،وهي
كثير عن أدوات التحوط التقليدية -من هذه العقود ما يلي:
الشك تختلف ا
(.)18
ويعني في الخيار اسم مشتق من االختيار ،واالختيار هو االصطفاء واالنتقاء لخير األمرين
المفهوم الفقهي أن يكون ألحد المتعاقدين ،أو كليهما حق إمضاء العقد أو فسخه .والخيارات كثيرة
ومتعددة ،وأكثرها استخداما في العقود ،هي :خيار الشرط ،وخيار الرؤية ،وخيار العيب.
فخيار الشرط هو ما يثبت ألحد العاقدين أولغيرهما من الحق في إمضاء العقد أو فسخه ،بناء على
اشتراط ذلك له ،ومثاله :كأن يقول زيد لعمر بعتك هذا المحل بكذا ،على أن يكون لي الخيار ثالثة
أيام ،ويقبل المشتري ذلك .وقد يشترط المشتري ذلك ويقبل البائع(.*)19وقد يشترط الخيار لشخص آخر
غير العاقدين ،فيشترطه البائع أو المشتري؛ كأن يقول البائع أو المشتري :بعت الكتاب بكذا ،أو
اشتريت بكذا ،على أن يكون لفالن الخيار في إمضاء العقد ،أو فسخه في ثالثة أيام ويقبل
(* )20
اآلخر .
( )16علي احلفيف ،أحكام املعامالت الشرعية ،بنك الربكة لالستثمارات ،البحرين ،ص . 222
( )19علي حيدر خواجه أمني أفندي .درر احلكام يف شرح جملة األحكام تعريب :فهمي احلسيين :دار اجليل الطبعة :األوىل ،ج1211 ،1هـ 1991 -م .املادة 322
،ص .492
* وسبب التماس اخليار أن حبان بن منقد كان يغنب يف البياعات ،وأن أهله قد رفعوا أمره إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم عسى أن مينعه ،فقال له النيب صلى اهلل عليه
وسلم ( إذا بايعت فقل :ال خالبه ،و ي اخليار لاللة أيام ،واخلالبة هي اخلداع .
( )42املوسوعة الفقهية الكويتية ،وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ج ،41ص . 99
* خالف زفر ،فقال :ال يصح اشرتاط اخليار ألجنيب عن العقد ،ألن فيه إلبات بعض آلار العقد لغري عاقده فال جيوز كجعل الثمن على غري املشرتي .ويف مدته خالف،
فقد ذهب أبو حنيفة والشافعي وزفر ،إىل أن مدته ال تزيد عن لاللة أيام ،وذهب أمحد بن حنبل والصاحبان ( أبو يوسف ،وحممد بن احلسن) إىل أنه مؤقت مبا
يرى العاقدان توقيعه به .ويرى اإلمام مالك أن مدته بقدر احلاجة إليه ،الختالف املبيعات .غري أن أصحاب مالك قد حددوا مددا خمتلفة ،ففي العقار ال تزيد عن
31يوما ،ويف الدقيق ال تزيد عن 12أيام ،ويف العروض واحليوان ال تزيد عن لاللة أيام .فإذا زادت فسد الشرط .
7
وتعدد عقدود الخيدارات التقليديدة مدن أدوات االسدتثمار المسدتحدثة فدي األسدواق الماليدة التدي يسدتخدمها
المستثمرون؛ ليس بهدف تحقيدق الدربح فقدط ،وانمدا كوسديلة للتحدوط مدن مخداطر تغيدر أسدعار األوراق
المالية ،وأسعار العمالت األجنبية -ويمكن التمييز بين نوعين من االختيار هما :االختيار األمريكي،
،اللددذين ال يختلفددان إال فددي فتدرة التنفيددذ ،ففددي الخيددار األمريكددي؛ تددتم فددي أي ((21
واالختيددار األوربددي-
وقت خالل الفترة التدي تمتدد مندذ إبدرام االتفداق حتدى التداريخ المحددد النتهائده ،أمدا فدي الخيدار األوربدي،
فدإن التنفيدذ ال يدتم إال فدي التداريخ المحددد النتهائده ، -ويعددها المسدتثمرون طريقدة لتعظديم أربداحهم
بأقصر الطرق وأسرعها من خالل المضاربة على فروق األسعار .فيحقق المضارب ربحا نتيجة شراء
حق الشراء إذا ما تحققت توقعاته ؛ وهي ارتفاع سعر األصل في السوق بدأكثر مدن سدعر التنفيدذ .كمدا
أنهدا تسدتخدم ألغدراض التحدوط ،وهندا يكدون المتعامدل صداحب مركدز مكشدوف مدن العملدة التدي يرغدب
في حق شرائها ،أو التي التزم بحق بيعها على دفعات مستقبلية خشية ارتفاع سعرها.
إضافة إلى ذلك تستخدم عقود الخيارات في المجاالت االستثمارية ،فحق الشراء أداة استثمارية بديلة
عن حيازة أصل مؤقت بانتظار توقع ارتفاع السعر في وقت استحقاق عقد الخيار وامكانية الشراء
واالستثمار بالسعر األقل وهو سعر التنفيذ ،لهذا فان المتعامل المستثمر يمتلك المقدرة الالزمة لتنفيذ
شراء األصل الفعلي.
1/1/2أوجه االختالف بين خيارات السوق والخيار الشرعي
على الرغم من التقارب في المسمى بين خيارات السوق ،والخيار الشرعي ،فهناك اختالفات كبيرة
بينهما ،تتمثل في النقاط التالية:
(أ) االختيار في أسواق المال عبارة عن عقد مستقل عن عقد البيع ،يشتري فيه المستثمر حقا يخوله
البيع أو الشراء .
(ب) الخيار في الفقه اإلسالمي هو عبارة عن حق فسخ العقد ،بسبب مفضي إلى ذلك ،إذن فهو تبع
للبيع نفسه ،وليس مستقال ،وهو ليس له ثمن ،وال يجوز بيعه عند الفقهاء .ففي الخيار الشرعي محل
العقد موجود ومتحقق ،أما في االختيار السوقي؛ فمحل العقد ليس موجودا ،وانما الموجود هو السهم
أو السلعة ولهما عقدا آخر.
(ج) الخيار السوقي طويل المدة ،فيمكن أن يكون لعدة سنوات ،بينما الخيار الفقهي محدد بفترة قصيرة
حولها اختالف بين الفقهاء ،ولكن األرجح أنها ثالثة أيام .
(د) الخيار السوقي يمكن تداوله وبيعه غالبا ممن ال يملك السلعة أو السهم التي تكون ملكا لآلخر،
بينما الخيار الشرعي ال يمكن بيعه ،كما أنه تبع للعقد ومتعلق به.
( )41منري ابراهيم هندي .الفكر احلديث يف جمال االستثمار – منشأة دار املعارف االسكندرية 1991م ص . 593
8
وقد قرر مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في دورته السابعة في مدينة جدة في عام 9771م تحريم
عقود الخيارات بموجب قراره رقم ( ،)9/5/56ومن أبرز األدلة التي استند إليها القرار على التحريم:
تعارض عقود الخيار الشرطية مع قصد الشارع لتحقيق العدل :فعدم العدل في هذه العقود يكمن في
إعطاء أحد العاقدين فرصة واسعة ألن يحقق أرباحا على حساب المتعاقد اآلخر ،كذلك فإن اعتبار
الشروط المرافقة لعقود الخيارات من الشروط الفاسدة التي تضم كل شرط ال يقتضيه العقد ،أو يكون
فيه منفعة ألحد العاقدين ال يوجبها العقد .كما أن البيوع اآلجلة تنطوي على بيع اإلنسان ما ليس
عنده؛ فالذي يشتري حق خيار شراء األسهم لن يكون بحاجة إلى امتالك األسهم ،وكل ما يحتاجه هو
أن يكون له رصيد معين في حسابه لدى السمسار( .)22وقد برر المجمع ق ارره بأن كان المعقود عليه
ليس ماال وال منفعة ،وال حقا ماليا يجوز االعتياض عنه ،وبما أن هذه العقود ال تجوز ابتداء فال
يجوز تداولها.
وقد خالف بعض الباحثين في االقتصاد اإلسالمي قرار المجع في التبرير وفي الحيثيات التي استند
عليها ،مع اتفاقهم مع القرار في حرمة تلك العقود( ، )23استنادا إلى أن بيع األسهم بالثمن المتفق عليه
في الموعد المحدد ال يحدث في بيع الخيار ،بل إن الوسيط في السوق يقوم بالتسوية ويدفع للرابح
ربحه دون بيع أو شراء أو تسليم أو تسلَم .وعلى فرض وقوع بيع حقيقي بايجاب وقبول من المشتري
وتسليم األسهم ودفع الثمن ،وهو فرض غير واقع ،فإنه سيكون نتيجة مواعدة من الجانبين ،وليست
من جانب واحد ،ألن أحد العاقدين قد وعد بشراء السهم بالثمن المتفق عليه ،ووعد اآلخر ببيعها له
بهذه الشروط.
وهناك من يرى من الباحثين في االقتصاد اإلسالمي امكانية تطوير عقود الخيار وضبطها بأحكام
(،)24
الشريعة اإلسالمية ،قياسا على بيع العربون ،والتأمين ،وااللتزام والكفالة ،والحقوق المعنوية
استنادا إلى االختالف في معنى المال .فمن قال :أن الحقوق المعنوية أمواال أجاز بيعها ،ومن قال:
بأن المال يشمل األعيان فقط ،منع بيع هذه الحقوق ،ألنها ليست أعيانا ،وهذا هو رأي معظم فقهاء
الحنفية .أما جمهور الفقهاء فهم مع الرأي األول الذي يعتبر هذه الحقوق أمواال ،وبالتالي يجوز
بيعها(.*)25
( )44جملة جممع الفقه اإلسالمي الدو ي .العدد السادس ،ج 4ص ،1493والعدد السابع ج 1ص 93والعدد التاسع ج 4ص .5القرار رقم ( )9/1/15الدورة السابعة
املنعقدة يف مدينة جدة يف عام 1994م بشأن األسواق املالية.
( )43حسني حامد حسان .تعريف اخليار التبعي وتطبيقاته االقتصادية ،حولية الربكة ،العدد 1232 ،11ه ،4229-ص . 61
( )42كمال توفيق حطاب .حنو سوق اسالمية مالية طبعة متهيدية ،بدون تاريخ ،ص.12
( )45املرجع السابق ص.12
9
وقد اقترح محمد علي القري بعض الضوابط االحت ارزية لتفادي عنصر المقامرة في عقود الخيارات
بشكل خاص منها (: )26
أن تتعامل المؤسسة مع مالكي األسهم الحقيقيين ،وأن تودع األسهم لدى المؤسسة عند بداية العقد
أو ما يثبت وجودها وملكيتها.
أن يمارس أسلوب الخيار األوروبي فقط ،أي ينفذ الخيار في آخر يوم من مدته ،وذلك لتقليل
فرص االستفادة من التقلبات اليومية.
أن تنتهي مدة الخيار مع بداية أول ساعة في آخر يوم من أيام العقد ،وذلك لتالفي االرتفاع
بسبب تزايد الطلبات.
وفي الواقع تستخدم خيارات البيع والشراء في أسواق المال التقليدية بشكل كبير لتحقيق عدة أغراض،
فهي تستخدم كبديل لعمليات البيع على المكشوف ،فالمضارب الذي يتوقع انخفاض السعر يمكن أن
يبيع على المكشوف ،أو أن يشستري خيار بيع ،حيث إنه يشتري األسهم بسعر التعاقد محققا الفرق
بين السعرين ،كما أنها تستخدم بغرض المضاربة من المستثمرين الذين يتوقعون انخفاض أسعار
األوراق المالية محل التعاقد عند نهاية تاريخ صالحية هذه الخيارات.
كما أن عقود الخيار المزدوجة التي تجمع بين خيار البيع ،وخيار الشراء ،وبمقتضاها يصبح حامل
هذه العقود أن يكون مشتريا لألوراق المالية محل التعاقد أو بائعا لها ،فإذا ارتفعت أسعار السوق
خالل فترة العقد كان مشتريا ،واذا انخفضت كان بائعا ،إضافة إلى ذلك تستخدم هذه الخيارات في
عقود الفائدة ،وعقود أسعار الصرف ،وعقود المؤشرات(.)27
وتطبق المصارف اإلسالمية خيار الشرط للتحوط من المخاطر بشكل واضح في الوعد بصرف
العمالت ،وفي صيغة المرابحة لآلمر بالشراء ،ومثال تطبيقه في صيغة المرابحة أن يشتري المصرف
* من أبرزهم :حممد عثمان شبري الذي يرى أن هذه احلقوق متثل منافع دائمة ألصحاهبا ،وبالتا ي مينكهم بيع بعض هذه املنافع .والقري الذي يرى أن خيار الشراا
هو أشبه ما يكون ببيع العربون ،وبيع العربون جائز عند احلنابلة على خالف اجلمهور ،كما يف املغين (ابن قدامة .)459/2 ،1994 ،مع مالحظة إن من أهم
األسباب اليت يستند إليها الفقهاا يف حترمي بيع احلقوق املعنوية الغرر أو الربا،أنظر املرجع السابق كمال حطاب .
( )41حممد على القري .حنو سوق اسالمية ،جملة دراسات اقتصادية إسالمية ،املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب ،البنك اإلسالمي للتنمية،ع ،1ج1993 ،1م ،
ص . 42
( )49زينب بوقاعة ،ورميه برارمه .تسعري اخليارات املالية وفقا لنموذج بالك وشولر :دراسة حالة خيارات القطاع البنكي القطري .املؤمتر الدو ي جبامعة فرحات عباس ،
سطيف ،منتجات وتطبيقات االبتكار واهلندسة املالية 4212-ص ص .125-123ومنري ابراهيم هندي ،إدارة املخاطر ،منشأة دار املعارف ،االسكندرية ج
، 4229، 3ص ص .1-5
10
اإلسالمي السلع بشرط ثبوت الخيار له مدة محددة ،كأن يشترط الخيار لمدة أسبوع أو أسبوعين أو
أكثر من ذلك.
وعلى قول جمهور الفقهاء؛ فإن خيار الشرط يثبت للمتعاقدين .وعلى الراجح أيضا من أقوال الفقهاء؛
فإن تحديد مدة خيار الشرط ترجع التفاق المتعاقدين ،وعليه يمكن للمصرف اإلسالمي أن يشتري مع
خيار الشرط المحدد بمدة معينة ،فإن باع السلعة فبها ونعمت ،وان لم يبع فسخ العقد مع البائع ولم
يلحق به ضرر( ، )28ومثال ذلك :أن يشتري البنك منزال ويبيعه بالتقسيط على عميله الذي يعمل موظفا
في شركة ما ،فيقوم البنك بتوقيع اتفاقية رغبة في الشراء مع المالك الحقيقي للمنزل لمدة عشرين يوما،
بحيث يلتزم المالك بعدم بيع البيت خالل هذه المدة حتى يتسنى للبنك حفظ ماله في حال عزوف
الموظف عن توقيع العقد ،ومن ثم يتحوط البنك من نكول عميله وصرفه النظر عن شراء العقار.
وقد جوز الفقهاء هذه المعاملة ،فقد جاء في "المبسوط" للسرخسي( )29في باب البيع والشراء " َرُج ٌل
ورْم ُ اها ْاآل ِم ُر ِم ْنهُ بِأَْلف َو ِم َائة فَ َخ َ
اف اْل َمأ ُ إن فَ َع َل ا ْشتََر َ ف ِد ْرَهم َوأ ْ
َخ َب َرهُ أَنهُ ْ
ار بِأَْل ِ
ي َد ا َن َي ْشتَِر ََم َر َرُجال أ ْ
أَ
ِ ِ ب ْاآل ِم ُر ِفي ِش َرائِهَا قَ َ
ضهَاالَ :ي ْشتَِري الد َار َعلَى أَنهُ بِاْلخ َي ِار ثَ َالثَةَ أَيام فيهَا َوَي ْقبِ ُ َن َال َي ْرَغ َ اها أ ْ
إن ا ْشتََر َ
ْ
ور ِه َي لَك بِ َذِل َك والبد أن يقبضها ْم ُ
ِ ِ ِ
َخ ْذتهَا م ْنك بأَْلف َوم َائة فََيقُو ُل اْل َمأ ُ يه ْاآل ِم ُر فََيقُو ُل لَهُ قَ ْد أ َثُم يأْتِ ِ
َ
على أصل محمد رحمه اهلل.
فأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما اهلل؛ فال حاجة لهذا الشرط لجواز التصرف في العقار قبل
القبض عندهما ،والمشتري بشرط الخيار يتمكن من التصرف في المشترى ،باالتفاق وان اختلفوا أنه
هل يملكه مع شرط الخيار أم ال ،فإنما قال اآلمر يبدأ ليتمكن من التصرف في المشترى ،فيقول
أخذت منك بألف ومائة ألن المأمور له لو بدأ قال بعتها منك ،ربما ال يرغب اآلمر في شرائها ويسقط
خيار المأمور بذلك فكان االحتياط في أن يبدأ اآلمر حتى إذا قال المأمور هي لك بذلك تم البيع
ِ ِ ِ ب ْاآل ِمر ِفي ِشرائِها يم ِّكن اْلمأْم ِ
ور م ْن َرِّد َها بِ َش ْرط اْلخ َي ِار فََي ْن َدفعُ الض َرُر َع ْنهُ
َ َ َُ ُ َ ُ َ ُ بينهما ،وان لم َي ْرَغ ْ
بِ َذلِ َك" .
وقال ابن القيم رحمه اهلل وهو يذكر أن هناك بعض الحيل المباحة التي تجعل اإلنسان يصل إلى حقه
بال مخالفة للشرع ،قال " :المثال الحادي بعد المائة :رجل قال لغيره :اشتر هذه الدار أو هذه السلعة
من فالن بكذا وكذا ،وأنا أربحك فيها كذا وكذا ،فخاف إن اشتراها أن يبدو لآلمر ،فال يريدها ،وال
( )46حسام الدين عفانه بيع املساومة وتطبيقه يف املصارف اإلسالمية ،شبكة يسألونك اإلسالمية http://ar.islamway.net/fatwa،
( )49السرخسي ،حممد بن أمحد بن أيب سهل مشس األئمة.املبسوط ،دار املعرفة ج 32باب يف البيع والشراا 1229 ،هـ1969/م ص .436
11
يتمكن من الرد .فالحيلةُ أن يشتريها على أنه بالخيار ثالثة أيام أو أكثر ثم يقول لآلمر :قد اشتريتها
بما ذكرت ،فإن أخذها منه ،واال تمكن من ردها على البائع بالخيار (.)30
وجاء في ق اررات "الهيئة الشرعية لبنك البالد" (الضابط ": )91يجوز للبنك في عقد المرابحة عند
شرائه للسلعة من البائع األول أن يأخذها بخيار الشرط – خشية عدول العميل – ثم يعرضها لآلمر
بالشراء خالل مدة الخيار وال يعد عرضها فسخا لذلك الخيار ،فإن رغبها اآلمر بالشراء واال ردها
البنك إلى البائع األول " .
كذلك يمكن للبنك استخدام الخيار في الوعد بالصرف ،حيث يحق لصاحب الخيار (الموعود) الحق –
دون اإللتزام – أن يصرف أمواال بفئات عملة معينة بعملة أخرى بمعدل سعر صرف موافق عليه
مسبقا وبتاريخ محدد ،وذلك بناء على وعد من مانح الخيار (الواعد) .ومثال ذلك إذا أتفق شخصان
على بيع عشرة آالف ريدال سعودي بما يعادلها من الجنيه السوداني بالسعر الحاضر؛ على أن يتم
التسليم واالستالم بعد شهرين.
*
فالذي عليه وكما هو معلوم ،فإن المواعدة على الصرف محل خالف بين أهل العلم قديما وحديثا
االتفاق أن المواعدة إن كانت ملزمة للطرفين ،فإنها تدخل في عموم النهي عن بيع الكالئ بالكالئ،
فهي غير جائزة ،حيث إن من شروط الصرف تقابض البدلين في مجلس العقد ،وأن يخلو عقد
الصرف من األجل ،واذا كانت غير ملزمة للطرفين فهي جائزة ( .)31فإذا تواعد شخصان مثالَ على
المصارفة بعد سنة مثال ،واتفقا على أن يتم التقابض عندما يحل األجل ،ثم عقدا عقدا جديدا عند
حلول األجل ،وتم التسليم واالستالم ،فاالتفاق صحيح والعقد جائز .وممن قال بجوازها اإلمام
الشافعي في كتابه األم " إذا تواعد الرجالن الصرف ،فال بأس أن يشتري الرجالن الفضة ثم يقرانها
عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاء ( ".*)32ويفهم من هذا أنهما إذا تواعدا على عقد ،فإنه
يجوز التواعد ،ثم بعد ذلك يجريان عقد البيع على الموعود بتبايعه ،فالتواعد على العقد بيعا أو غيره
ليس بيعا وال نكاحا .يقول ابن حزم " والتواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة ،وفي بيع الفضة
( )32ابن القيم ،حممد بن أيب بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهلل .إعالم املوقعني عن رب العاملني ،ج ، 2دار اجليل -بريوت ،1993 ،ص.49
* من املعروف أن الصرف هو بيع الثمن بالثمن جنسا جبنس أو بغري جنس ومن خيار الشرط ألنه خيل بالقبض كما قرر ذلك مجهور الفقهاا .املوسوعة الفقهية
.326/42
( )31فتاوى ندوة الربكة األوىل لالقتصاد اإلسالمي .املدينة املنورة 42-19رمضان 1223ه 32-49 .يونيو .1961جمموعة دلة الربكة -قطاع األموال -شركة
الربكة لالستثمار والتنمية جدة -السعودية .فتوى رقم (.) 13/1
* وجاا يف فتاوى بيت التمويل الكوييت :ما الرأي الشرعي يف مدى جواز االتفاق على بيع أو شراا العملة وبسعر يتفق عليه مقدما على أن تنفذ العملية يف زمن الحق
ويكون التسليم واالستالم بالنقد يف وقت واحد ؟ اجلواب :مثل هذه املعاملة تعترب وعدا بالبيع فإن أنفذاه على الصورة الواردة يف السؤال فال مانع شرعا واهلل أعلم .
وزيادة يف إيضاح هذه املسألة أقول :إن تنفيذ هذا الوعد على الصورة الواردة يف السؤال يكون مشروعا ولكنه إذا اقرتن الوعد مبا يدل على أنه عقد بيع بأن دفع
بعض الثمن دون بعض فيكون من قبيل بيع الكالئ بالكالئ " املؤجل باملؤجل ،وهو ممنوع مطلقا وال سيما يف عقد الصرف الذي يشرتط لصحته تقابض كال البدلني
يف جملس العقد ويعترب اشـتـراط التأجيل مفـسـدا له عند جـمـيـع األئمة فتاوى بيت التمويل . 42/1
( )34الشافعي حممد بن إدريس الشافعي القرشي املطليب أبو عبد اهلل ،األم ،حتقيق :رفعت فوزي عبد املطلب ،34/5دار الوفاا 1244ه .
12
بالفضة وفي سائر األصناف األربعة بعضها ببعض جائز؛ تبايعا بعد ذلك؛ أو لم يتبايعا ألن التواعد
ليس بيعا" (.)33
لرس المال أو له وللربح معا
2/2التحوط بضمان الطرف الثالث أ
المراد بضمان الطرف الثالث إصدار تعهد من طرف أجنبي عن مدير االستثمار ،سواء كان مضاربا
أو شريكا مدي ار أو وكيال ،بتحمله الخسارة التي تقع في أرس المال المستثمر ،وتعويض المستثمر عن
تلك الخسارة ،دون أن يكون له حق الرجوع للمستثمر ،أو مدير االستثمار(.)34
وتسمية هذا التحمل ضمانا ليست دقيقة؛ ألنه ليس كفالة عن ديون ،وهو في الواقع تعهد ملزم بتقديم
هبة تعادل قيمة األصول األسمية في حال تعرضها للهالك (. )35
وضمان المال لغة أي التزامه .يقال ضمنت المال وبالمال ضمانا ،فأنا ضامن وضمين ،أي
التزمته( ، )36وقد ذكر الفقهاء عدة تعريفات للضمان؛ منها ما يفهم من كالم الغزالي أن الضمان هو
واجب رد الشيء أو بدله بالمثل أو بالقيمة (.)37
وال خالف بين الفقهاء في أن يد المضارب على أرس المضاربة يد أمانة ،وأن األصل عدم ضمانه
.غير أنهم اختلفوا في صحة لخسارته أو نقصانه أو تَ َواه إذا وقع ذلك من غير تعديه أو تفريط
()38
تضمينه هالك رأس مال المضاربة ،أو خسارته إذا اشترط رب المال عليه ،وذلك على قولين:
أحدهما لجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في المعتمد المشهور من مذاهبهم ،وهو أن
هذا االشتراط باطل لمنافاته لمقتضى العقد ( ،)39وقد أخذ بهذا القول مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في
ق ارره رقم 9/6/31على عدم جواز اشتراط ضمان أرس المال على عامل المضاربة.
وبالنسبة لضمان الطرف الثالث في المضاربة وتطبيق ذلك في المصارف اإلسالمية ،فتعددت أراء
العلماء والباحثين حوله منذ زمن بعيد ،وما يزال الخالف حوله قائما حتى الوقت الحاضر.
فقد ذهب محمد باقر الصدر وسامي حمود إلى القول بضمان المصرف لألموال المودعة في
حسابات االستثمار ،بيد أنهما إختالفا في الضمان .فالصدر بناه على أساس التبرع من المصرف
باعتباره وسيطا بين أرباب المال والعاملين فيه( ،)40وسامي حمود اعتمد في أريه على أمرين :األول
( )33ابن حزم .أيب حممد علي ابن حزم األندلسي .احمللى يف شرح اجمللى باحلجج واآللار ،حتقيق حسان عبد املنان ،ط بيت األفكار ج 6ص. 513
( )32عبد الستار أبو غدة .حبوث يف املعامالت واألساليب املصرفية اإلسالمية ،ج ،14جمموعة الربكة املصرفية ،جدة ،اململكة العربية السعودية ،ص .42
( )35املرجع السابق.
( )31وهبة مصطفى الزحيلي .نظرية الضمان أو أحكام املسؤولية املدنية واجلنائية يف الفقه اإلسالمي :دراسة مقارنة ،ط ،4دار الفكر دمشق1996 ،م ،ص .12
( )39وهبة مصطفى الزحيلي .الوجيز يف الفقه اإلسالمي ،ج ، 1دار الفكر1249 ،ه – 4229م ،ص .426
( )36نزيه كمال محاد .يف فقه املعامالت املالية واملصرفية املعاصرة :قرااة جديدة ،دار القلم ،دمشق ،ط1246 ، 1ه 4229م ،ص .413
( )39ابن قدامة .موفق الدين أيب حممد عبد اهلل بن أمحد ،حتقيق عبد اهلل بن عبد احملسن الرتكي ،وعبد الفتاح حممد احللو ،دار عامل الكتب للطباعة والنشر ،ط، 3
ج ،9الرياض ،1999 – 1219 ،ص .191
( )22حممد باقر الصدر .البنك الالربوي يف اإلسالم ،الكويت ،مكتبة اجلامع النقي ،دون تاريخ ،ص ص.33-34
13
قياسه المضارب على األجير المشترك ،والثاني على ما نقله عن ابن رشد من اتفاق جمهور العلماء
على تضمين المضارب الذي يدفع مال المضاربة إلى غيره ،والى فكرة استحقاق الربح بالضمان التي
صرح بها الكاساني(. )41
كما أن حسن عبد اهلل األمين اقترح اقتطاع جزء من أرباح المضاربة ،وأن تكون شركة تأمين تعاونية
تحوطا من احتماالت الخسارة ،مستندا في اقتراحه على قول بعض فقهاء المالكية بجواز اشتراط جزء
من ربح المضاربة لغير رب المال ،والمضارب فيه ،ألنه من باب التبرع(.)42
كذلك تعرض منذر قحف في بحث له عن سندات القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاتهما في
مجيز لضمان الطرف الثالث ( ،)43مستشهدا بقانون سندات المقارضة
ا تمويل التنمية لهذا الموضوع،
األردني الصادر برقم 91لسنة 9799م وفق المادة الثانية عشرة التي نصها " .تكفل الحكومة تسديد
قيمة سندات المقارضة االسمية الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة ،وتصبح المبالغ
المدفوعة لهذا السبب قرضا ممنوحا للمشروع بدون فائدة مستحق الوفاء فور اإلطفاء الكامل
للسندات ".وكان صدور النص المذكور بناء على فتوى صادرة من لجنة الفتوى األردنية بخصوص
()44
سندات مقارضة اعتزمت و ازرة األوقاف األردنية إصدارها وقد تضمن نص الفتوى مايلي:
-9جواز كفالة الحكومة لسندات المقارضة المخصصة إلعمار أراضي األوقاف باعتبار الحكومات
طرفا ثالثا ،وذلك على أساس الوعد الملزم.
-1عدم الحاجة حينئذ للنص في سندات المقارضة الصادرة لهذه الغاية على أن يتحمل المكتتبون ما
يصيبهم من خسارة.
ويمضي منذر قحف في تعضيد أريه فيقول " فنحن هنا إذن أمام شكلين من أشكال الضمان لرأس
المال المستثمر في سندات القراض :ضمان يقدمه صندوق مستقل ،وضمان تقدمه الدولة ،وما دام
القرض صحيحا غير ربوي ،والضمان يقدمه طرف ثالث ،فيعد هذا الضمان جائز ومقبول .وقد
لخص منذر قوله في ثالثة أراء وفق التالي:
أوال :تمويل عملية الضمان ،حيث يمكن تمويل ضمان عمليات القراض التي يقوم بها القطاع العام
عن طريق طريق تخصيص جزء من أرباح جميع هيئات القطاع العام االقتصادي لصندوق ضمان
( )21سامي حسن محود .تطوير العمال املصرفية مبا يتفق والشريعة اإلسالمية ،ط ،4عمان ،دار الفكر للنشر والتوزيع ، 1964 ،ص .396
( )24حسن عبد اهلل األمني .الودائع املصرفية النقدية واستثمارها يف اإلسالم ،ط ،1دار الشروق ،جدة 1963م ،ص ص .319- 316
( )23منذر قحف .سندات القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاهتما يف متويل التنمية يف البلدان اإلسالمية ،جملة جامعة امللك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي ،م،1
1969-1229م ص .59
( )22املرجع السابق ص ص . 59-56
14
حكومي مثال بالنص على تخصيص نسبة معينة من أرباح القراض لصندوق هذا الضمان على رأي
اشترط جزء من الربح لطرف ثالث باعتباره من باب التبرع(.)45
ا من أباح
ثانيا :قضية التوسع في ضمان الطرف الثالث حتى يشمل نسبة معينة من األرباح ،فشأنه شأن رأس
المال من حيث اإلباحة طالما أن الطرف الثالث متبرع ومستقل عن طرفي العقد ،ولو كان له مصلحة
في إجراء العقد.
ثالثا :هناك حاجة للضمان ومبررات اقتصادية له ،سواء على المستوى العام المتعلق بالدولة ،أو
المستوى الخاص المتعلق باألفراد.
وممن تعرض لهذا الموضوع بالمناقشة كذلك؛ يوسف الشبيلي ،حيث بيَّن أن التزام طرف ثالث
بالضمان على حالين:الحال األولى :أن يكون التزام الطرف الثالث بالضمان تبرعا فهذا جائز؛ سواء
كان بنية الرجوع على العامل أم ال ،بشرط أن يكون للضمان ذمة مالية مستقلة عن العامل ،واألغلب
أن يكون الضامن جهة حكومية .الحال الثانية :أن يكون هذا االلتزام بأجر ،فإن لم يكن بنية الرجوع
على العامل فهذا هو التأمين التجاري المحرم(،)46
الراي المختار :رجح الباحث أن إطالق القول بجواز أخذ األجر على الضمان أو بمنعه فيه نظر،
فيمنع أخذ األجر على الضمان إذ آل إلى قرض؛ لما يترتب عليه من القرض بفائدة ،وأما إذا كان ال
يؤول إلى قرض فليس في األدلة الشرعية ما يمنع منه وال يترتب عليه محظور شرعي استنادا إلى ما
ذكره بعض فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة من جواز أخذ ثمن الجاه(.)47
وقد أفتى مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في دورته الرابعة في جده المنعقدة خالل الفترة من 13-99
جمادى اآلخرة 9919ه ،بالقرار رقم 9/9/3/31بشأن سندات المقارضة وسندات االستثمار ونصه":
ليس هناك ما يمنع شرعا من النص في نشرة اإلصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث
منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر
الخسران في مشروع معين ،على أن يكون التزاما مستقال عن عقد المضاربة ،بمعنى أن قيامه بالوفاء
بالتزامه ليس شرطا في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه ،ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو
( )25سامي حسن محود .تطوير األعمال املصرفية مبا بتفق والشريعة اإلسالمية ،ط1224 ، 4ه ،1964-ص ص .221-222
( )21يوسف عبد اهلل الشبيلي .تطبيقات احلماية البديلة عن عقود التحوط ،حبث مقدم إىل جممع الفقه اإلسالمي الدو ي ص .13
( )29ابن عرفة ،حممد بن أمحد الدسوقي .حاشية الدسوقي على الشرح الكبري ج ، 3مطبعة احلليب ،ص .442
15
عامل المضاربة الدفع ببطالن المضاربة أو االمتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام
(.)48
المتبرع بالوفاء بما تبرع به ،بحجة أن هذا االلتزام كان محل اعتبار في العقد
3/2التحوط بالتبرع بالضمان من أحد العاقدين
االلتد دزام الط ددوعي بالض ددمان المنفص ددل ع ددن عق ددد االس ددتثمار ه ددو ع دددم اش ددتراطه ف ددي العق ددد( ،)49وذه ددب
المالكية إلى أن صاحب يد األمانة إذا تبرع بالتزام ضدمانها بعدد تمدام العقدد المقتضدي لهدا فإنهدا تصدير
في يده ،ألن ذلك من باب التبرع بالمعروف ،وهو واجب على من التزمه في مذهب اإلمام مالدك (. )50
وقد نقل نزيه حماد في كتاب له بعندوان "مددى صدحة تضدمين يدد األماندة بالشدرط فدي الفقده اإلسدالمي"
المنشددور مددن المعهددد اإلسددالمي للبحددوث والتدددريب نصوصددا كثي درة عددن فقهدداء المالكيددة بج دواز تطددوع
األمين بالتزام الضدمان بعدد العقدد ،ألن ذلدك مدن بداب التبدرع بدالمعروف ،وهدو واجدب علدى مدن التزمده
في مذهب اإلمام مالك.
كما أشار عبد الستار أبوغدة في سلسلة كتبه بحوث في المعامالت واألساليب المصرفية اإلسالمية
إلى هذه األقوال( ،)51ذاك ار لنقول ثالثة من الفقهاء هم :ابن زرب ،وابن بشير ،وتلميذه ابن عتاب" ،
قيل البن زرب :أ يجب الضمان في مال القراض إذا تطوع قابضه بالتزام الضمان ؟ فقال :إذا التزم
الضمان طائعا بعد الشروع في العمل فما يبعد أن يلزمه ،ونقلوا عن ابن بشير أنه أمضى عقدا بدفع
الوصي مال السفيه قراضا إلى أجل على جزء معلوم وأن العامل تطوع بالتزام ضمان المال وغرمه.
كما صحح ابن عتاب مذهب شيخه ابن بشير ،ونصره بحجج كثيرة .
وقد جاء في المعيار الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية رقم 6بند 1/1/1بشأن
الضمانات ،أنه اليجوز الجمع بين الوكالة والكفالة في عقد واحد لتنافي مقتضاهما ،وألن اشراط
الضمان على الوكيل باالستثمار يحول العملية إلى قرض بفائدة ربوية بسبب ضمان األصل مع
الحصول على عائد االستثمار .أما إذا كانت الوكالة غير مشروطة فيها الكفالة ،ثم كفل الوكيل
والمضارب والشريك كل منهما ،كما نص الفقهاء ( المغني ) 31/6وبناء عليه فإنه يجوز أن يضمن
الوكيل المتعاملين معه(.)52
( )26جملة جممع الفقه اإلسالمي الدو ي ،القرار رقم ، 1/2/3/32 :بشأن سندات املقارضة ،البند التاسع .الدورة الرابعة جده املنعقدة خالل الفرتة من 43-16
مجادى اآلخرة 1226املوافق 11 –1شباط ( فرباير ) 1966م .
( )29عبد الستار أبو غدة .حبوث يف املعامالت واألساليب املصرفية اإلسالمية ج ،14جمموعة الربكة املصرفية ،جدة ،اململكة العربية السعودية .ص .42
( )52نزيه كمال محاد .مدى تضمني يد األمانة بالشرط يف الفقه اإلسالمي ،املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب ،البنك اإلسالمي للتنمية 1242ه ،ص41
( )51عبد الستار أبو غدة .حبوث يف املعامالت واألساليب املصرفية اإلسالمية مرجع سابق ،ص45
( )54العياشي الصادق فداد .خماطر الثقة يف تطبيقات املضاربة وعالجها ،ورقة معلومات أساسية ،ندوة الربكة 9-6 ، 31رمضان 1231ه ،ص .421واملعايري
الشرعية هليئة احملاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية ص .39
16
ويرى كثير من أهل العلم واالختصاص أنه من الصعب قبول تجاوز اإلجماع على منع ضمان
المضارب أو الشريك بمجرد عقد جانب حتى ولو كان مستقال ورقيا إذ أن العقود تجعل مثل هذه
التتفاهمات الجانبية والعقودالمستقلة أم ار معروفا فيتم التعامل معها على أنها شروط جعلية اتفاقية
وكذلك يتم تفسيرها عند التنازع (.)53
((54
ويمكن تلخيص اختالف العلماء المعاصرين بشأن التزم طرف ثالث بالضمان تبرعا،على قولين:
األول :عدم الجواز ،حيث حرم بعض الفقهاء المعاصرين ضمان رأس مال المستثمرين ،سواء كان
الضامن هو العامل أو طرفا ثالثا .مستشهدين باتفاق الفقهاء على أن الضامن إنما يصح ضمانه لما
هو مضمون على األصيل ،كالقرض وثمن المبيع .وأما ما لم يكن مضمونا على األصيل ،فال يصح
ضمانه؛ مثل الوديعة ،ورأس مال المضاربة .وأن ضمان الطرف الثالث ذريعة إلى الوقوع في الربا،
فيحرم عمال بقاعدة سد الذرائع .وأن الطرف الثالث إذا جاز له ضمان األصل فيجوز له ضمان نسبة
من الربح وبذلك يفتح باب الربا.
الثاني :الجواز ،حيث جوز بعض الفقهاء المعاصرين التزام طرف ثالث في عقد المضاربة منفصل
في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع -دون مقابل -بمبلغ مخصص لجبر الخسران
الذي قد يط أر على أموال المستثمرين .والى هذا ذهب مجمع الفقه اإلسالمي الدولي بجدة في دورته
الرابعة ،وعدد من الهيئات الشرعية في البنوك اإلسالمية .استنادا إلى عدد من األدلة منها :حديث
صفوان بن أمية رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم حين استعار منه درعا يوم حنين،
فقال :أغصب؟ فقال صلى اهلل عليه وسلم ال ،بل عارية مضمونة .ويقاس على العارية المال
المضارب به بجامع أن كال منهما أمانة في األصل .وأن التبرع في عقد المضاربة بالضمان من
طرف ثالث هو بذل مثل سائر التبرعات ،واذا كان التبرع بالمال جائ از فإن التبرع بالضمان هو أحرى
بالجواز.
( )53العياشي الصادق فداد .خماطر الثقة يف تطبيقات املضاربة وعالجها ،مرجع سابق ،ص. 421 ،
( )52عبداهلل حممد العمراين .التحوط يف املعامالت املالية ،ورقة مقدمة للدورة احلادية والعشرين جملمع الفقه اإلسالمي الدو ي 1235ه .ص ص. 15-13
( )55املرجع السابق ص . 15
17
العقد ،وهنا لم يشرط ذلك عند العقد ،وانما تبرع هو بالضمان بعد أن تحققت الخسارة( ،)56وقال بجواز
ذلك بعض فقهاء المالكية .كما بين ذلك يوسف الشبيلي في ورقة له منشورة عن تطبيقات الحماية
البديلة عن عقود التحوط والضمان ،حيث قال :جاء في حاشية الدسوقي " وأما لو تطوع العامل
بالضمان ففي صحة ذلك القراض وعدمها خالف(،)57وقاسوا جواز ذلك على ما إذا تطوع الوديع
والمكتري بضمان ما بيده إذا كان هذا التطوع بعد تمام العقد( .)58وجمهور المالكية على التحريم حتى
لو تطوع بالضمان بعد العقد ،ألنه يكون متهما برغبته في استدراج رب المال وابقاء أرس المال
بيده( .)59وأخذت بهذا القول بعض المؤسسات المالية اإلسالمية ،فقد جاء في فتاوى المستشار الشرعي
لمجموعة البركة الجزء 9الفتوى رقم 99على أنه ال مانع من أن تكون هناك مبادرة من العميل بتحمل
ما قد يقع من خسارة في حينها -ال عند التعاقد -ألن ذلك من قبيل الهبة والتصرف من صاحب
الحق في حقه دون تغيير لمقتضى العقد شرعا .فحين وقوع الخسارة دون تعد أو تقصير يطبق
المبدأ الشرعي بتحميلها لرب المال ( البنك هنا ) إال أن يبادر العميل لتحملها ودون مقاضاته أو
إلزامه ،ألنه قد يقدم على هذه المبادرة انسجاما مع اعتبار نفسه مقص ار في الواقع ولو لم تستكمل
صورة التقصير في الظاهر بما يحيل الضمان عليه .فمجمع الفقه اإلسالمي أجاز ضمان رأس مال
المضاربة من طرف ثالث على سبيل التبرع كما ورد في القرار رقم 6من الدورة الرابعة كما تقدم.
الرأي المختار :يميل الباحث إلى الرأي الثاني الذي يرى جواز التزام طرف ثالث في عقد المضاربة
منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع -دون مقابل -بمبلغ مخصص لجبر
الخسران الذي قد يط أر على أموال المستثمرين لقوة حجته ،ولتحقيقه عددا من المصالح المعتبرة في
تطبيقات عقود التحوط في المصارف اإلسالمية.
إصدار الوعود المتبادلة بين البنوك والمستثمرين من الوسائل التي تتخذها بعض البنوك لتحقيق
الحماية لعمالئها المستثمرين بحيث يصدر وعدا ملزما من البنك بشراء األصول المستثمرة المملوكة
للعميل في تاريخ محدد ،وثمن محدد ،ولكنه شراء معلق على شرط ،بأن يكون ثمنها الجاري في
السوق أقل من ذلك الثمن الذي التزم البنك بالشراء به ،وفي المقابل يقدم العميل وعدا ملزما بالبيع
( )56ا ُّلرهوين .أيب عبد اهلل ححمح َّمد ن أمحد .حاشية الرهوين على شرح الزرقاين ج ،1الطبعة األوىل ،املطبعة األمريية ،بوالق 1321 ،ه .ص . 3
( )59يوسف عبد اهلل الشبيلي .تطبيقات احلماية البديلة عن عقود التحوط والضمان ،املسالة الرابعة تطوع العامل بالضمان ص .14
18
للبنك عند حلول األجل بنفس الثمن المتفق عليه ،ولكن بشرط أن يكون ثمنها في السوق أعلى من
ذلك الثمن المحدد(.)60
وتظهر أهمية استخدام الوعود الملزمة المتبادلة في التطبيقات المعاصرة في المصارف اإلسالمية
بشكل واضح في تبادل الصرف في العمالت ،وفي صيغة المرابحة لآلمر بالشراء ،وقد تبايت أراء
الفقهاء المعاصرين حول لزوم الوعد أو عدم لزومه ،انطالقا من نكول اآلمر بالشراء عن تنفيذ وعده،
مما يسبب إشكالية للمصرف جراء امتالكه للسلعة التي وعد العميل بشرائها منه ،لذلك فإن مصلحة
المصرف تدور حول إلزامية الوعد .كذلك تتبين أهمية الوعود المتبادلة في األسواق المالية اإلسالمية،
حيث يتواعد تاجر مع آخر في بيع أو شراء أو تأجير ،أو تصنيع ،ثم يقوم الموعود باألخذ في
إجراءات إنفاذ الوعد ،فقد يفي بوعده ،وقد ينكل عن ذلك ،فيحصل للموعود ضرر من نكول
الواعد(.)61
وفي الوعد عند الفقهاء القدامى ثالثة آراء :الوفاء به مستحب ،وهو رأي الجمهور؛ الوفاء به واجب إال
لعذر ،وهو رأي ابن شبرمة وآخرين ؛ الوفاء به واجب ،إذا دخل الموعود في كلفة ،أن يقول له :تزو
.وقد زاد ابن )62) .
ج ولك 91آالف ريدال ،فإذا تزوج وجب عليه الوفاء بوعده .وهو رأي المالكية
منيع في كتابه بحوث في االقتصاد اإلسالمي قولين على الثالثة التي أشار إليها رفيق المصري،
هما :أن الوفاء بالوعد الزم ديانة وقضاء ،إذا كان له سبب ودخل الموعود في مشكلة بسبب الوعد.
وأن الوفاء بالوعد ال يلزم ديانة وال قضاء إذا لم يكن للوعد سبب بحيث لم يتضرر الموعود من
إخالف الوعد ( .)63وهذا الخالف في الوعد المجرد خالف منطقي ومقبول ،ويدخل في باب " ما يجوز
فيه الخالف " .لكن بعض الفقهاء المعاصرين قد نقلوا هذا الوعد من باب التبرعات إلى باب
المعاوضات ،ليحل محل العقد ( . )64وعليه فإن االتفاق الذي يتم بين المصرف واآلمر بالشراء لو
اعتبرناه عقدا -عند من يرى أن المعاوضات محلها العقد دون الوعد - ،لتضمن ذلك محظورين،
األول :اشتمال المرابحة على عقدين ،عقد بين المصرف وبائع السلعة ،وعقد بين المصرف واآلمر
بالشراء ،والشارع ينهي عن بيعتين في بيعة ،والمحظور الثاني :أن المصرف اإلسالمي يكون قد باع
السلعة لآلمر بالشراء قبل قبضها أو قبل تملكها فيكون بائعا لما ليس عنده .أما لو اعتبرنا االتفاق
بين المصرف واآلمر بالشراء وعدا ملزما؛ فإن عملية األمر بالشراء ستشتمل على عقد ووعد ،بحيث
( )12يوسف عبد اهلل الشبيلي تطبيقات احلماية البديلة عن عقود التحوط والضمان -مرجع سابق ،ص .11
( )11عبد اهلل املنيع .حبوث يف االقتصاد اإلسالمي ،املكتب اإلسالمي ط1211 ،1ه ،ص.11
( )14رفيق يونس املصري ،الوعد امللزم يف معامالت املصارف اإلسالمية ،هل جيوز أن يكون الوعد ملزما إذا كان بدياللعقد حمرم ؟ جملة جامعة امللك عبد العزيز :
االقتصاد اإلسالمي ،م ، 15ص ص 1243 144-119ه4223/م .
( )63عبد اهلل املنيع .حبوث يف االقتصاد اإلسالمي ،املكتب اإلسالمي ط ،1مرجع سابق1211 ،ه ،ص.122
( )64رفيق يونس املصري ،الوعد امللزم يف معامالت املصارف اإلسالمية ،جملة جامعة امللك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي مرجع سابق ص .119
19
يمتلك المصرف السلعة بالعقد ،ثم بيعها بالوعد الملزم في المستقبل حسب االتفاق ،لتخلو من عقدين
في عقد ،كما ال يكون المصرف في بيع السلعة لآلمر قد باع ما ليس عنده(.)65
وقد فرق الفقهاء بين العدة والمواعدة ،حيث َبي َن الحطاب هذه المسالة؛ حين تناول المواعدة في النكاح
بقوله أن يعد كل واحد منهما صاحبه بالتزويج ،فهي مفاعلة ال تكون إال من أثنين ،فإن وعد أحدهما
دون اآلخر فهي العدة ( ،)66ورغم أن الفقهاء قد تناولوا المواعدة في كثير من المسائل ،كالمواعدة على
النكاح في العدة ،والمواعدة في الصرف ،والمواعدة على بيع الطعام قبل قبضه ،وفي غير ذلك،
متفقين على عدم مشروعية بعضها ،كالمواعدة على النكاح في العدة ،ومختلفين في جواز بعضها
اآلخر ( ،نزيه حماد الدورة الخامسة مجمع الفقه اإلسالمي (ج 1ص )939كالمواعدة على الصرف
إال أن معنى الوعد الذي اعتمده الفقهاء من حيث الحكم الشرعي ،يتضمن تصرفات التبرعات دون
المعاوضات(.)67
يقول يوسف الشبيلي أن الحكم الشرعي يختلف بحسب نوع العالقة بين البنك والعميل .وال يخلو األمر
()68
من إحدى حالتين:
الحالة األولى :أن يكون البنك وكيال عن العميل في الشراء ،بحيث يقتصر دور البنك على كونه
سمسا ار عن العميل ،ثم إذا تملك العميل تلك األصول أجريا تلك الوعود المتبادلة ،فال يظهر في ذلك
محظور شرعي ،سواء أكان انتقال ملكية تلك األصول إلى البنك في وقت التنفيذ بهذه الوعود أو
بالبيع اآلجل؛ ألن العميل يملك هذه األصول وله بيعها نقدا أو باألجل .ويستثنى من ذلك ما إذا
كانت تلك األصول نقودا أو ذهبا أو فضة ،فإن صرف العمالت وشراء الذهب والفضة يحرم فيه
النسأ.
الحالة الثانية :أن يكون البنك مدي ار الستثمارات العميل ،إما بالمضاربة أو الوكالة أو المشاركة ،فقد
يقول :إن هذه الوعود المتبادلة جائزة؛ ألنها وعود مستقلة ال تتفق في محل واحد في زمن واحد؛ ألن
أحد الوعدين معلق على شرط أن يكون سعرها في السوق أقل من مائة ،والثاني معلق على شرط أن
يكون سعرها في السوق أعلى من مئة ،فمورد الوعدين مختلف ،وبهذا فليست هذه الوعود المتبادلة من
المواعدة الملزمة للطرفين التي هي بمنزلة العقد وصدر فيها قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي رقم
( . )99-91وقد رجح يوسف الشبيلي -عدم الجواز؛ ألن الوعدين وان اختلفا في شرط لزومهما إال
( ) 15أمحد حممد خليل اإلسالمبو ي ،حكم الوعد يف الفقه اإلسالمي وتطبيقاته املعاصرة ،جملة جامعة امللك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي م ،11ع 4ص.52
( )66املرجع السابق ،ص ، -21و مواهب اجلليل ج ،3ص.213
( )67نزيه كمال محاد .جملة جممع الفقه اإلسالمي الدو ي ،ج 4الدورة اخلامسة ،ص . 631
( )68يوسف عبد اهلل الشبيلي .تطبيقات احلماية البديلة عن عقود التحوط مرجع سابق ،ص ص . 19-11
20
أن هذا االختالف غير مؤثر؛ ألن النتيجة الحتمية لهذه الوعود أن يتم التنفيذ بالسعر المتفق عليه
سواء زادت القيمة السوقية لتلك األصول على السعر المتفق عليه أم نقصت عنه أم عادلته(.)69
سلَم بسعر السوق وقت التسليم
5/2التحوط بعقد ال َّ
عقد السلَم بسعر السوق وقت التسليم هو أحد األدوات المقترحة للتحوط من المخاطر في تطبيقات
المصارف اإلسالمية ،وتعريفه أنه سلَم في سلع موصوفة من غير أن تحدد كميتها ،وانما تتحدد بناء
على سعرها في السوق وقت التسليم ،فيعطى المشتري من السلع ما يعادل رأس ماله وربح معلوم (،)70
كأن يدفع مائة ليتسلَم بعد سنتين كمية من الحديد مثال بربح % ٠١أي ما قيمته مائة وعشرة .فإذا
كان سعر طن الحديد وقت التسليم عشرة ،فتكون الكمية المستحقة أحد عشر طنا .ومن التطبيقات
المعاصرة لهذه الصيغة( :بطاقات االتصال مسبوقة الدفع) حيث يقوم العميل بشراء بطاقة مسبقة
الدفع بد 71رياال يتمكن من خاللها من إجراء مكالمات بقيمة 911ريدال مثال ،فهي سلَم في المنافع؛
يه هي دقائق االتصال وهي مقدرة وهو صحيح عند جمهور أهل العلم خالفا لألحناف( ،)71واْلمسلَم ِف ِ
ُ
بالقيمة ال بالكمية ،وقد تكون حالة أو مؤجلة ،كما أن السلَم يصح حاال إذا كان البائع مالكا للسلعة،
ويصبح مؤجال( .)72فيالحظ في هذا العقد أنه على منفعة موصوفة هي إجراء المكالمات ،وعلى هذا
يجري الخالف بين الفقهاء في حكم السلَم بالمنافع .كذلك يالحظ أنه لم تحدد كمية المنافع المستوفاة،
وانما يتم التحديد حسب سعر السوق ،فمن المحتمل أن ترتفع أسعار المكالمات الداخلية أو الخارجية،
يه ) المنتفع بها .فالمشكلة الحقيقية تظهر في مخاطر رأس المال، وبالتالي تقل الدقائق ( اْلمسلَم ِف ِ
ُ
فالسلعة اْل ُمسلَم ِفيها قد يختلف سعرها وقت التسليم عن السعر المتوقع؛ مما قد يسبب ضر ار ألحد
مما أدى ()73
الطرفين ،وقد ظهرت هذه المشكلة بشكل واضح عند تطبيق صيغة السلَم في السودان
إلى استحداث ما سمي ببند اإلحسان الذي يهدف إلى تخفيف الضرر عن المزارعين عند تفاوت
األسعار وقت التسليم.
يه يوم التسليم اختلف الفقهاء المعاصرون حول حكم السلَم بسعر السوق مع تحديد مقدار اْلمسلَم ِف ِ
ُ
يه يوم التسليم . ،واستدل
(* )74 على قولين :األول :عدم جواز صورة السلَم مع تحديد مقدار اْلمسلَم ِف ِ
ُ
أصحاب هذا القول بعدد من األدلة منها :أن هذا الصيغة ذريعة ُيتوصل بها إلى القرض بفائدة ،والى
الربا المحرم شرعا ،ألن الربح يصبح في حكم المضمون ،وال توجد مخاطرة في سعر اْلمسلَم ِف ِ
يه ، ُ
( )96حامد حسن مرية .عقود التمويل املستجدة يف املصارف اإلسالمية دراسة تأصيلية تطبيقية ،دار امليمان لللشر اولتوزيع ،الطبعة األوىل 1234ه4211 -م،
ص ص . 542 -519
( )76حامد حسن مرية .املرجع السابق ص .542
( )77الغرياين ،الصادق عبد الرمحن علي .البيع والتاجري بالسعر املتغري ،اجملمع الفقهي اإلسالمي ،رابطة العامل اإلسالمي،مكة املكرمة ،الدورة .44ص .43
22
إلى النزاع ،فالبائع يزيد والمشتري ينقص ،ولكنه السعر الذي يتحدد في السوق بمعزل عن إرادتهما
ورغبتهما ...وعليه فإن سعر السوق في السلَم إذا كان المقصود به سعر السوق الحالي يوم العقد،
فإني أرى جوازه مع ابن تيمية ،لكن إذا كان المقصود به سعر السوق المستقبلي يوم التسليم فهو غير
جائز(.)78
والثاني :جواز صورة السلَم بسعر السوق يوم التسليم ،وقد أجازه بعض العلماء خالفا للجمهور
يه يوم التسليم) تعامل يؤول إلى واستدلوا بعدة أدلة منها أن صيغة (السلَم مع تحديد مقدار اْلمسلَم ِف ِ
ُ
العلم ،فال تعارض بين هذا الصيغة ،وبين ما يجب تَوفُّره في عقد السلَم من العلم باْلمسلَم ِف ِ
يه ،إضافة ُ ُ
إلى القياس على البيع بالسعر ،وحجتهم في ذلك أن هذا االستدالل هو الذي ذكره شيخ اإلسالم بن
تيمية في عبارته ،على التسليم بأن مقصوده في ذلك هذه الصيغة( .)79وقد أخذت بهذا الرأي أمانة
الهيئة الشرعية بشركة الراجحي.
وقد تجلت هذه الخالفات بشكل واضح في الملتقى الذي نظمه بنك البالد حول هذا الموضوع وفق
التالي :
(أ) القول بأن شيخ اإلسالم يعتبر أن السلَم بسعر السوق هو ثمن المثل عند التعاقد؛ هو محل نظر،
وانما سعره وقت التسليم .ومن ذهب إلى هذا الرأي كل من األطرم ،العمار ،اللحيدان.
(ب) كالم ابن تيمية الذي يحتج به في المسألة فيه قدر من الغموض واالضطراب ،ومن العجب أن
يحتج به في مخالفة النص ومن قال بهذا الرأي محمد القري .
(ج) ال يصح التنظير بمسالة السلَم المستشهد بها ،فهي متعلقة بالمبيع من حيث مقداره ،ومن تأملها
وجد أنها تشير إلى جمع صفقتي سلَم في عقد واحد بعبارة واحدة ومن قال بهذا الرأي عبد الستار أبو
غدة .
(د) هناك بعض النظر في إلحاق المسألة بالسلَم بسعر السوق ،حيث تتعلق فيها الجهالة بالثمن وفيه
بالمثمن ،والفقهاء قد يخففون في جهالة الثمن ما ال يخففون في جهالة المثمن ومن قال بهذا الرأي
اللحيدان.
الرأي المختار :يميل الباحث إلى الرأي القائل بعدم جواز السلَم بسعر السوق يوم التسليم لقوة حجته.
ولعدم صحة القول المنسوب إلى شيخ اإلسالم ابن تيمية ،وفقا للنصوص المشار إليها.
( )78رفيق يونس املصري السلم بسعر السوق يوم التسليم هل جيوز .جملة جامعة امللك عبد العزيز االقتصاد اإلسالمي ،م ،11ع 4ص ص. 19-16
( )79اهليئة الشرعية ملصرف الراجحي السلم بسعر السوق ،مرجع سابق ،واختار هذا القول على القره داغي ،ونزيه محاد ،وأمحد بن محيد ،وعبد اهلل بن موسى
العمار ،وسامي السويلم ،وغريهم .
23
6/2التحوط عن طريق بيع العربون
بان :كله صحيح اللفظ وفيه لغات أخرى( :)80وهو أن يشتري السلعة فيدفعالع ْر ُ
بون و ُ
الع َر ُ
بون و َ
العر ُ
ُ
للبائع ماال على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن ،وان لم يأخذها فذلك للبائع .والعربون
()81
هو جزء من الثمن يدفعه المشتري ليكون له الخيار مدة معينة في إمضاء البيع أو رده ففي حال
إمضاء البيع يكون جزء من الثمن ،وفي حال العدول عن الشراء يكون العربون من استحقاق البائع
ويضيع على المشترى واما قبل عقد البيع وفي حال الوعد بالشراء فما يدفعه المشتري ال يسمى عربونا
وليس له حكم العربون وانما هو مبلغ للوعد بالشراء إن نكل الواعد بالشراء عن وعده كان للمصرف
حق استيفاء عوض التضرر من النكول عن الوفاء بالوعد وما زاد عن مقدار التعويض تعين رده
للواعد بالشراء وان كان مقدار العوض عن الضرر أكثر من هذا المبلغ تعين على الواعد بالشراء
إكمال النقص هذا على القول باإللزام بالوعد وهو ما ذهبت إليه الهيئة الشرعية في مصرف فيصل
اإلسالمي بالبحرين(.)82
وقد اختلف العلماء في جواز هذا النوع من المعامالت بسبب الخالف في ثبوت األحاديث أو ضعفها
الواردة في المنع من بيع العربون ،وورود بعض اآلثار عن الصحابة – رضوان اهلل عليهم – بالجواز.
وبناء على ذلك اختلف الفقهاء – رحمهم اهلل – في هذه المسألة على قولين :
القول األول :منع جمهور العلماء ،وأجازه من الصحابة عبد اهلل ،ومن التابعين مجاهد ،وابن سيرين،
وحجتهم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده« :أن النبي صلى اهلل عليه وسلَم نهى ()83
وغيرهم
،وقد ورد :بأن الحديث ضعيف عند أهل الحديث )85(.غير أن اإلمام ()84
عن العربان في البيع»
الشوكاني قد قال بأن هذا الحديث قد ورد من طرق يقوي بعضها بعضا( ،)86إضافة إلى أنه متردد بين
الغنم والغرم ،وعليه فهو داخل في الغرر الممنوع .وقد ذكر النووي في المجموع ( ، )336/7وشمس
الدين بن قدامة في شرح المقنع ( ،)67/9صورة مباحة من صور بيع العربون د عند من يرى تحريمه د
وهي فيما إذا دفع إليه قبل البيع درهما ،وقال :ال تبع هذه السلعة لغيري ،وان لم أشترها منك فهذا
الدرهم لك ،ثم اشترى منه بعد ذلك بعقد مبتدأ ،وحسب الدرهم من الثمن ،قالوا :فيصح البيع،ألنه خال
( )80رفيق يونس املصري بيع العربون وبعض املسائل املستحدلة فيه ،دار املكتيب الطبعة االوىل 1999 ،1242م ،اجملموع للنووي ،ج/9ص .229
( )81السالوس ،علي أمحد .فقه البيع و االستيثاق والتطبيق املعاصر .دار الثقافة ،مكتبة دار القرآن ،الطبعة 1249 ، 9هـ ،ص . 416
( )82مصرف فيصل البحرين .الروضة الندية يف الفتاوى الشرعيةhttp://www.islamifn.com/fatawa ،
( )83نافع بن عبد احلارث ،وزيد بن أسلم ،ومن االئمة :اإلمام أمحدبن حنبل ،ومن املعاصرين :زكي الدين شعبان ،ومصطفى الزرقاا ،ووهبة الزحيلي ،
ويوسف القرضاوي ،والسنهوري ،وأبو رخية .والصديق الضرير ،رفيق املصري مرجع سابق ص . 11
( )84رواه أبو داود يف سننه ،برقم ،3524وابن ماجه يف سننه ،برقم ،4193والبيهقي يف سننه الكربى (.)324/5
( )85العسقالين .أبو الفضل أمحد بن علي بن حجر .التلخيص احلبري يف أحاديث الرافعي الكبري ،حتقيق :السيد عبد اهلل هاشم اليماين املدين .)19/3(،مطابع
املدينة املنورة ،عام 1362هـ ،ومعامل السنن للخطايب ( ،)123/5واجملموع شرح امله ّذب للنووي (. )229/9
( )86رفيق املصري مرجع سابق ص .11
24
من الشرط المفسد .ويشترط الشافعية قول هذا الشرط قبل العقد ،وال يتلفظا به حالة العقد ،واال كان
باطال.
القول الثاني :المشهور من مذهب اإلمام أحمد جوازه ،كما ذكر ذلك صاحب اإلنصاف ( . )87وهو
قول عمر بن الخطاب ،وابنه ابن عمر – رضي اهلل عنها – ومن التابعين قال به ابن سيرين،
ومجاهد بن جبر ،وزيد بن أسلَم ،ونافع بن الحارث .ودليلهم أن نافع بن عبد الحارث اشترى دا ار
للسجن من صفوان بن أمية بأربعة آالف درهم ،فإن رضي عمر فالبيع له ،وان عمر لم يرض
فأربعمائة لصفوان .ودليل آخر عن زيد ابن أسلَم أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلَم ( :سئل عن بيع
العربان فأحله ) .
الرأي المختار :يميل الباحث إلى اختيار مذهب الحنابلة المجيزين لبيع العربون بشرط أن تكون مدة
صدر
َ الخيار معلومة .وهذا القول أفتت به اللجنة الدائمة لإلفتاء في المملكة العربية السعودية ،وبه
قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي( ،)88وفق ما يلي:
.9المراد ببيع السلعة مع دفع المشتري مبلغا من المال إلى البائع على أنه إن أخذ السلعة احتسب
المبلغ من الثمن وان تركها فالمبلغ للبائع.
ويجري مجرى البيع اإلجارة ،ألنها بيع المنافع .ويستثنى من البيوع كل ما يشترط لصحته قبض أحد
البدلين في مجلس العقد (السلَم) أو قبض البدلين (مبادلة األموال الربوية والصرف) وال يجري في
المرابحة لآلمر بالشراء في مرحلة المواعدة ولكن يجري في مرحلة البيع التالية للمواعدة.
.1يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة االنتظار بزمن محدود .ويحتسب العربون جزءا من الثمن إذا تم
الشراء ،ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء.
7/2التحوط من خالل عقد المرابحة لآلمر بالشراء
يعد عقد المرابحة لآلمر بالشراء من أكثر العقود التي طبقتها المصارف اإلسالمية في بواكير عملها
لما لها من ميزات على صيغ التمويل األخرى ،إال أن تطبيقها تراجع في اآلونة األخيرة بشكل كبير،
حيث ظهرت منتجات مالية إسالمية جديدة أخذت حظا أوسع منها في التطبيق ،وقد أورد سامي
السويلم في كتابه التحوط في التمويل اإلسالمي ،صيغة للتحوط باستخدام المرابحة ،بحيث يتم دمج
الصرف اآلجل بعقد البيع ،بحيث يشتري البنك السلع من المصدر بعملة ( اليورو مثال ) ثم يبيعها
للمستورد بعملة أخرى بالدوالر وبهذه الطريقة تتم المبادلة لكل من المصدر والمستورد بعملته المحلية،
( )87املرداوي ،الشيخ عالا الدين علي بن سليمان .اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف ج ،2ص . 359
• الصحيح من املذهب :أن بيع العربون صحيح ،وعليه أكثر األصحاب ،ونص عليه ،وجزم به يف الوجيز وغريه ،وقدمه يف احملرر والتلخيص والشرح والفروع
واملستوعب وغريهم .املوسوعة الشاملة www.islamport.comوهو من مفردات املذهب .وعند أيب اخلطاب :ال يصح ،وهو رواية عن أمحد .
( ) 88جممع الفقه اإلسالمي ،جملة جممع الفقه اإلسالمي الدو ي ،ج،1العدد الثامن 1212 ،هـ ،ص .121قرار رقم 1/)6/3( 94 :بشأن بيع العربون.
25
ويتحمل البنك الوسيط مخاطر الصرف بين العملتين ،وهذا الدمج بين الصرف اآلجل وبين البيع
الفعلي نظير الدمج بين التمويل وبين البيع في المرابحة المصرفية المعروفة ،وكما أن المرابحة تحقق
مصلحة التمويل فيمكن أن تحقق مصلحة التحوط وادارة المخاطر.
ومن تطبيقات التحوط في المصارف اإلسالمية المرابحة بربح متغير التي صممت في ضوء إشكالية
تحديد الربح أو الثمن في عقود التمويل طويلة األجل ،خاصة في ظل تذبذب األسعار وارتفاع
معدالت التضخم( ،)89فالمصرف ال يرضي بتحديد الربح بمقدار ثابت خشية االرتفاع في المستقبل،
والممول ال يرضي بدفع ربح أكثر من السوق ،لذلك تلجأ المصارف إلى وضع الحد األعلى الذي
تتوقع أن تصل إليه معدالت األرباح أثناء مدة التمويل ،ونتيجة لذلك ربما تفقد المصارف جزء من
عمالئها في ظل المنافسة في السوق (مصارف تقلديه أو إسالمية) ،وهنالك حاالت واقعية تشير إلى
خالف نشاء بين العمالء وهذه المصارف بسب هذه اإلشكالية ،لذلك لجاءت بعض المصارف إلى
طرح بدائل ،أهمها المرابحة بربح متغير ،ويتم تطبيقها عبر آليتين :األولى سداد أصل المديونية في
نهاية المدة ،وسداد األرباح فقط في إقساط دورية طوال مدة المديونية .والثانية توزيع سداد األصل
والربح على أقساط دورية طوال مدة المديونية.
وقد عرض حامد ميرة في كتابه القيم "عقود التمويل المستجدة في المصارف اإلسالمية" الخالف بين
المعاصرين على قولين:
األول بتحريم المرابحة بربح متغير ،وذهب إلى ذلك جمهور من المعاصرين من الفقهاء والباحثين،
وعدد من الهيئات الشرعية في المصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية ،وممن نص على ذلك
المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ،وندوة ربط الحقوق
وااللتزامات اآلجلة بتغير األسعار التي نظمها المعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب عضو مجموعة
البنك اإلسالمي للتنمية ،والهيئة الشرعية لبنك البالد ،وعدد من الفقهاء المعاصرين ،منهم عبد الستار
أبوغدة ،ومحمد القري ،وسامي السويلم ،ودليلهم في ذلك ما نص عليه فقهاء الحنفية والمالكية
والشافعية والحنابلة على اشتراط العلم بالثمن لصحة البيع .وعمدة استشهادهم في ذلك حديث أبي
هريرة رضي اهلل عنه (نهي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلَم) عن بيع الغرر .بل إن اإلمام النووي قد
نقل االتفاق على اشتراط العلم بالثمن وتحديده عند التعاقد لصحة البيع.
والثاني بجواز المرابحة بربح متغير ،وممن ذهب إلى ذلك يوسف عبداهلل الشبيلي ومستنده في ذلك
يبنى على ثالثة أدلة :األول أن األصل في العادات والمعامالت والعقود الصحة واإلباحة ،ما لم يرد
دليل صحيح على التحريم والمنع ،وهذا هو مذهب جمهور العلماء ،كما نسبه لهم اإلمام ابن قيم
( )89حامد مرية العقود .عقود التمويل املستجدة يف املصارف اإلسالمية مرجع سابق ص 545
26
الجوزية .وهو مذهب الشافعية في وجه عندهم ،واإلمام أحمد في رواية ،واختار ذلك شيخ اإلسالم ابن
تيمية .الثاني إن ما اشتملت عليه المرابحة بربح متغير من اتفاق العاقدين في مجلس العقد على
معيار منضبط معلم يتحدد به الثمن في المستقبل على وجه يغلب فيه الظن ،أنه ال يؤدي إلى الشقاق
مقدار كافيا لتحقيق العلم بالثمن ،قياسا على ما قرره بعض الفقهاء من جواز جملة من
ا والنزاع يعد
البيوع التي لم يتحقق فيها العلم بالثمن ،ولكنه آيل إلى العلم على وجه ال يؤدي إلى الشقاق والنزاع.
أما الدليل الثالث ،اتفاق الفقهاء على اشتراط العلم باألجرة ،استدالال بعموم قوله تعالى( :يا أيها الذين
آمنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض منكم ...اآلية) والحاقا لما اتفق
عليه الفقهاء من اشتراط العلم بالثمن في البيع ،إذ اإلجارة بيع منافع.
وبعد مناقشة أدلة المجيزين لبيع المرابحة بربح متغير ،رجح حامد ميرة جواز المرابحة بربح متغير
وفق عدد من الضوابط أشار إليها في كتابه المذكور أعاله .ومما يؤخذ عليه في ترجيحه إلجازة
المرابحة بربح متغير؛ أنه اكتفى برأي واحد تفرد به يوسف الشبيلي من جملة المعاصرين من الفقهاء
والباحثين في االقتصاد اإلسالمي ،وهذه مسألة فيها نظر ،فال يمكن قبول رأي واحد في مثل هذه
األمور المعقدة ،وكان األولى أن يستشهد الباحث بقرار مجمعي ،أو بقرار لهيئة رقابة شرعية في أي
مصرف من المصارف اإلسالمية.
ومن ناحية أخرى فإن الحجج التي استند إليها يوسف الشبيلي في إجازته للمرابحة بربح متغير قياسا
على ما قرره الفقهاء من جواز جملة من البيوع التي لم يتحقق فيها العلم بالثمن ،حولها خالف فقهي
واسع ،وهو في نتيجته ال يؤدي إلى الجواز ،بل يؤدي إلى المنع.
الرأي المختار :بعد عرض اآلراء في موضوع التحوط في عقد المرابحة لآلمر بالشراء بربح متغير،
فإن الباحث يميل إلى ترجيح الرأي األول الذي يرى التحريم لقوة أدلته من ناحية ،ولعدم وجود أدلة
قوية تعضد من رأي يوسف الشبيلي بالجواز.
27
المشكلة التي تواجه المصارف اإلسالمية بهذا الصدد ،هي أن مقدار العائد على معامالتها يتحدد
مرة واحدة طوال فترة العقد ،في حين أن معدالت الفائدة تتغير أكثر من مرة خالل العام ،لذلك يصعب
عليها تغيير معدالت العائد على معامالتها ،حيث إنها قد التزمت بمواثيق وعقود مع العمالء على
نسب ثابتة ،وعليه فإن المصارف اإلسالمية تواجه المخاطر الناشئة من تغير أسعار الفائدة كما أن
التغيُّر في أسعار الفائدة يؤثِّر سلبا على قدرة المصارف اإلسالمية في استقطاب ودائع استثمارية
جديدة ،خاصة إذا ما اتجهت أسعار الفائدة نحو االرتفاع في ظل وضع يكون فيه هامش الربح أقل
بكثير من أسعار الفائدة.
وبالطبع فإن هذا القول ال يمكن قبوله على إطالقه ،فهناك شريحة من المستثمرين ال يتأثرون بهذا
التغيير ،بل يقبلون للتعامل مع المصارف اإلسالمية بالرغم من ِّ
تدني العائد ،انطالقا من التزام ديني
بالبعد عن الربا .ولكن تبقى في النهاية هنالك شريحة من المستثمرين تستهويهم معدالت العوائد
المرتفعة ،ومثل هؤالء المستثمرين هم الذين تفتقدهم المصارف اإلسالمية .وفي ذات السياق فإن
المتمولين بوجه عام ،يعقدون المقارنة بين أسعار الفائدة وهامش الربح في المصارف اإلسالمية ،فإن
كانت نسبة الفائدة التي تأخذها المصارف التقليدية أقل من هامش الربح الذي حددته المصارف
اإلسالمية؛ فإنهم سيتجهون بال شك للتعامل مع المصارف التقليدية ،مع األخذ في االعتبار االستثناء
بالبعد عن التعامل الربوي عند بعض المتمولين.
الخاص ُ
وللتحوط من مخاطر العائد اتجهت المصارف اإلسالمية إلى رفع معدالت العائد على التمويل
المقدم منها ،وهي بذلك تفقد شريحة من المتمولين ،ولحل هذه المشكلة ،أشار سامي السويلم في كتابه
عن التحوط في التمويل اإلسالمي إلى مخاطر العائد في البيوع االجلة ،فالدين في ذمة العميل
اليمكن ان يخضع للتغيير بمقتضى العقد ،خاصة في التمويل طويل األجل ،فسيجد كل من العميل
والممول أنهما يتعرضان لمخاطر متعددة ،فقد تنخفض تكلفة التمويل فيجد العميل نفسه يدفع تكلفة
أعلى من تكلفة المثل ،وقد ترتفع فيجد الممول نفسه يحصل على عائد أقل من عائد المثل ،لذلك فإن
التفاوت بين الدخل والتكاليف يمثل مصد ار من مصادر الخطر ومن غير الممكن تغيير مقدار الدين ،
حيث إن ذلك يناقض طبيعة العقد ،وفي هذه الحالة يمكن اللجوء لألسلوب التعاوني وفق الطريقة
التالية(.)90
إذا ارتفع معدل العائد فيمكن للعميل أن يزيد من مقدار القسط الدوري الذي يدفعه للممول ،مقابل
تخفيض مقدار الدين الكلي ،فإذا ارتفع العائد مثال %1فوق العائد المثبت في العقد ،فيمكن للعميل
أن يزيد مقدار القسط بحسب هذه النسبة ،على أن يتم حسم هذه الزيادة من إجمالي المتبقي في ذمته
للمصرف ،وفي المقابل إذا انخفض معدل العائد فيمكن للعميل تخفيض القسط الدوري دون زيادة
( )90سامي بن ابراهيم السويلم .التحوط يف التمويل اإلسالمي ،مرجع سابق ص . 124-121
28
مقابل التأخير بحيث يبقى مقدار الدين الكلي ثابتا .مع مالحظة أن تغيير القسط سينعكس على مدة
السداد ،فإذا ارتفع معدل العائد زاد مقدار القسط ومن ثم انخفضت مدة السداد ،والعكس صحيح،
ونظ ار ألن مدة العقد ومقدار القسط يجب أن يكونا معلومين للطرفين ،فإن أي تغيير فيهما يجب أن
يتم بالتراضي وهذا مايجعل هذه الصيغة قائمة على األسلوب التعاوني وهي تحقق مصالح الطرفين.
الرأي المختار :بعد العرض والمناقشة؛ فإن الباحث ال يرى مانعا شرعيا من استخدام تلك الطريقة
بالصفة والكيفية المشار إليها أعاله التي اقترحها سامي السويلم ،فهي تحقق مصلحة للطرفين.
التحوط عبر مبادلة األرباح بين البنوك 9/2
يعد تطوير معايير تحوط إسالمية عالمية من التحديات الرئيسية التي واجهتها المصارف والمؤسسات
المالية اإلسالمية في ضوء االرتباط الوثيق للتمويل اإلسالمي مع النظام المالي العالمي ،فالميزانية
العمومية للمؤسسات المالية اإلسالمية معرضة للتذبذب في أسعار العمالت األجنبية وكذلك حاالت
عدم التوافق في أوضاع التدفقات النقدية نظ ار لألسعار المرجعية الثابتة والمتغيرة .لذلك طرحت السوق
المالية اإلسالمية الدولية* ( )IIFMبالتعاون مع االتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات* ()ISDA
منتج جديد لمبادلة األرباح الستخدامه كأداة من أدوات التحوط في المصارف اإلسالمية والحد من
تقلبات السوق وتخفيف المخاطر ،وليس ألغراض تجارية* .والدافع لتصميم هذا المنتج أن البنوك
تدخل في صفقات تدر عليها أرباحا ثابتة وأخرى متغيرة ،فإذا استشعر البنك أن نسبة األرباح في
نزول ،فإنه يسعى إلى تثبيت هذه األرباح في مستوى معين حتى لو نزلت األرباح في السوق ،وهذه
األداة التحوطية تحمي من انخفاض األرباح ،كما أنها تحمي البنوك التي لديها صفقات ثابتة من
. ()91
فقدان الربح إذا كانت نسبة األرباح في الصعود
ويستلزم الدخول في أي صفقة من الصفقات على أساس تطبيق معايير المنتج الجديد ،أن يكون
الغرض من الصفقة التحوط وليس المضاربة ،وأن تتم البيوع على أصول حقيقية تتوافر فيها السلعة
والمقابل المادي ،كما يفضل توافر صفقتين منفصلتين للمبيعات على أساسي األرباح الثابتة والمتغيرة،
بحيث بمكن تجنب بيوع العينة ،ووضع الضوابط الالزمة حتى ال يكون هناك مجال للدخول في أي
شكل من أشكال المضاربات( .)92وبحسب هذه االتفاقية فإنه ال يترتب على الطرفين وال يستحقان أية
* تأسست السوق املالية اإلسالمية الدولية من خالل اجلهود املشرتكة للبنك اإلسالمي للتنمية وهيئة النقد يف بروناي دار السالم ومصرف اندونيسيا ومصرف البحرين
املركزي وبنك السودان املركزي وهيئة البوان للخدمات املالية (ماليزيا) وذلك كمؤسسة حمايدة غري هادفة للربح.
* االحتاد الدو ي للمقايضات واملشتقات لديه شراكة مع السوق املالية اإلسالمية الدولية هتدف إىل بناا أسواق حتوط سليمة وفعالة خارج عمليات البورصة .
* ألن الشريعة ال جتيز ذلك
( )91إجالل علوي ،السوق املالية اإلسالمية الدولية واالحتاد الدو ي للمقايضات واملشتقات يطرحان معيار منتوج مبادلة األرباح ،مصرف البحرين املركزي 4214 ،م .
( )92خالد محد ،السوق املالية اإلسالمية الدولية واالحتاد الدو ي للمقايضات واملشتقات يطرحان معيار منتوج مبادلة األرباح ،مصرف البحرين املركزي على املوقع
االلكرتوين للمصرف http://www.cbb.gov.bh/page
29
فوائد في صفقات التحوط ،وال تبنى تسوية االلتزمات على التنضيض ،وال تتم من دون وجود أصول
ملموسة ،باإلضافة إلى اإلدراك المسبق لطرفي الصفقة أن الصفقات تكون مطابقة ألحكام الشريعة
اإلسالمية(. )93
وقداختلفت وجهات النظر حول معايير هذه الوثيقة بين مؤيد ومعارض ،فالذين يعارضونها يرون أنها
صيغت وفق نظام القانوني األنجلوسكسوني الذي يجعل العقد شريعة المتعاقدين ،وأن ما اتفق عليه
الطرفان بمحض إرادتهم هو ما يطبق عليهم( .)94فالوثيقة صالحة في حالة التقاضي في محاكم إنجلت ار
أو نيويورك ،وهي وثيقة قانونية معقدة جدا ولم تصدر باللغة العربية .في حين يرى المؤيدون أنها
األولى من نوعها في مجال التوثيق المعياري لمنتجات التحوط اإلسالمية القابلة للتداول ،وأنها إنجاز
غير مسبوق في مجال التمويل اإلسالمي وادارة المخاطر ،وهي تعد أساسا قانونيا يتيح للمؤسسات
إبرام صفقات التحوط اإلسالمية(.*)95
الرأي المختار :بعد عرض هذه األراء المتباينة حول وثيقة المعايير الموحدة يرى الباحث ضرورة
التروي في الحكم على هذه الوثيقة ،فاألحوط االنتظار حتى تصدر بترجمة عربية معتمدة ليتسنى
بحثها واإلحاطة بجوانبها المختلفة.
( )93عبد اهلل صاحل حممد سليمان أبو مسامح .املشتقات املالية اإلسالمية بني التنظري والتطبيق ،جملة االقتصاد اإلسالمي العاملية احللقة 2يوليو 4215م.
( )94حممد علي القري .صحيفة االقتصادية األحد 49رجب 1231هـ .املوافق 11يوليو 4212العدد. 111
( )95عبد اهلل صاحل حممد سليمان أبو مسامح ،مرجع سابق .
* من املؤيدين هلا الدكتور نظام يعقويب :قال " أن السوق املالية اإلسالمية قد قدمت خدمة جليلة للمؤسسات املالية اإلسالمية بإصدار هذا اإلطار القانوين " ،وقال الشيخ
حممد داوود بكر ( فقيه وخبري ماليزي ) " :أن هذا اإلطار القانوين املعياري يعترب يف حمله من حيث التوقيت " وقال " :ال نستطيع أن حنظر أو حنرم املشتقات اإلسالمية
فهي الزمة ومطلوبة .
30
الخالصة
بينت الدراسة أنه على الرغم من التفسيرات المختلفة والمتباينة النهيارات البنوك واألسواق المالية،
فإن أكثرها ترجيحا أن عقود التحوط هي الالعب الرئيسي في هذه االنهيارات ،وأن سوء اإلدارة يأتي
في المرتبة الثانية.
بينت الورقة عدم وجود عالقة بين مفهوم التحوط ،وصناديق التحوط .فمفهوم التحوط ينحصر في
اإلجراءآت التي تتخذ لحماية األصول من تقلبات األسعار .في حين أن صناديق التحوط عبارة عن
صناديق استثمارية تستغل الفرص من خالل المراهنة على عدم كفاءة وفعالية أسواق األسهم
والعمالت والسندات والسلع.
بينت الدراسة أن هناك شبها واختالفا بين العقود المستقبلية والخيارات ،فمن أوجه الشبه بينهما أن
كالهما من األدوات التي تستخدم في التحوط ،وتحقق للمتعاملين فيهما قد ار من المكاسب ،أو نسبة
من الخسارة .ومن أوجه االختالف بينهما أن التعاقد في العقود المستقبلية يكون على سلعة حقيقية
مؤجلة التسليم ،وأن السعر الذي جرى عليه التعاقد هو سعر هذه السلعة.
أكدت الدراسة على أهمية عقود التحوط للمصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية ،فهي تمثل
صمام أمان لكثير من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها هذه المؤسسات ،وأن عدم استخدامها
لهذه العقود ربما يعرضها إلى مخاطر جمة؛ قد تكون سببا في تدني نسبة العوائد المقدمة منها،
وبالتالي يمكن أن تفقد شريحة من عمالئها.
أشارت الدراسة إلى مخالفة بعض الباحثين لقرار مجمع الففه اإلسالمي الدولي رقم ( ،)9/5/56في
دورته السابعة في مدينة جدة في عام 9771م ،في ما يتعلق بالحيثيات التي استند عليها في تحريم
عقود الخيارات -مع اتفاقهم مع القرار في حرمة تلك العقود -،استنادا إلى أن بيع األسهم بالثمن
المتفق عليه في الموعد المحدد ال يحدث في بيع الخيار ،بل إن الوسيط في السوق يقوم بالتسوية
ويدفع للرابح ربحه دون بيع أو شراء أو تسليم أو تسلَم.
بينت الدراسة أن بعض الباحثين في االقتصاد اإلسالمي يرون امكانية تطوير عقود الخيار
وضبطها بأحكام الشريعة اإلسالمية ،قياسا على بيع العربون ،والتأمين ،وااللتزام والكفالة ،والحقوق
المعنوية استنادا إلى االختالف في معنى المال .فمن قال :أن الحقوق المعنوية أمواال أجاز بيعها،
ومن قال :بأن المال يشمل األعيان فقط ،منع بيع هذه الحقوق ،ألنها ليست أعيانا ،وهذا هو رأي
31
معظم فقهاء الحنفية .أما جمهور الفقهاء فهم مع الرأي األول الذي يعتبر هذه الحقوق أمواال ،وبالتالي
.
يجوز بيعها
ناقشت الدراسة األراء المختلفة حول أخذ األجر على الضمان ،ورجحت أن إطالق القول بجواز أخذ
األجر على الضمان أو بمنعه فيه نظر ،فيمنع أخذ األجر على الضمان إذ آل إلى قرض؛ لما يترتب
عليه من القرض بفائدة ،وأما إذا كان ال يؤول إلى قرض فليس في األدلة الشرعية ما يمنع منه ،وال
يترتب عليه محظور شرعي ،استنادا إلى ما ذكره بعض فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة من جواز
أخذ ثمن الجاه.
ناقشت الدراسة اختالف العلماء المعاصرين بشأن التزم طرف ثالث بالضمان تبرعا على قولين:
األول :عدم الجواز ،حيث حرم بعض الفقهاء المعاصرين ضمان رأس مال المستثمرين ،سواء كان
الضامن هو العامل أو طرفا ثالثا .والثاني :الجواز ،حيث جوز بعض الفقهاء المعاصرين التزام طرف
ثالث في عقد المضاربة منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع -دون مقابل-
بمبلغ مخصص لجبر الخسران الذي قد يط أر على أموال المستثمرين .ورجح الباحث الرأي الثاني
لقوة حجته ،ولتحقيقه عددا من المصالح المعتبرة في تطبيقات عقود التحوط في المصارف اإلسالمية.
تعرضت الدراسة إلى اآلراء المختلفة حول السلم بسعر السوق يوم التسليم ورجحت عدم جواز السلَم
بسعر السوق يوم التسليم لقوة حجته .ولعدم صحة القول المنسوب إلى شيخ اإلسالم ابن تيمية ،وفقا
للنصوص المشار إليها.
بينت الدراسة اآلراء المختلفة حول بيع العربون في جواز هذا النوع من المعامالت بسبب الخالف
في ثبوت األحاديث أو ضعفها الواردة في المنع من بيع العربون ،وورود بعض اآلثار عن الصحابة
– رضوان اهلل عليهم – بالجواز .ورجحت الدراسة اختيار مذهب الحنابلة المجيزين بشرط أن تكون
مدة الخيار معلومة .وهذا القول أفتت به اللجنة الدائمة لإلفتاء في المملكة العربية السعودية ،وبه
صدر قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي.
َ
تناولت الدراسة آراء المعاصرين في موضوع التحوط في عقد المرابحة لآلمر بالشراء بربح
متغير،على قولين :األول بالجواز والثاني بالتحريم ،ورجح الباحث الرأي الثاني القائل بالتحريم لقوة
أدلته .
تعرضت الدراسة إلى التحوط من مخاطر تقلبات أسعار الفائدة حيث تستخدم المصارف اإلسالمية
مؤش ار للعائد ،ألجل تحديد أسعار تكلفة أدواتها المالية ،بناء على معدل أسعار الفائدة السائد ،في
32
األسواق (الليبور) ،مضافا إليه هامش المخاطرة .ويتفق الباحث مع الرأي الذي ذهب إليه سامي
السويلم باللجوء لألسلوب التعاوني بين المصرف وعميله ،فإذا ارتفع معدل العائد يمكن للعميل أن
يزيد من مقدار القسط الدوري الذي يدفعه للممول ،مقابل تخفيض مقدار الدين الكلي ،وفي المقابل إذا
انخفض معدل العائد فيمكن للعميل تخفيض القسط الدوري دون زيادة مقابل التأخير بحيث يبقى
مقدار الدين الكلي ثابتا.
ناقشت الدراسة وثيقة التحوط عبر مبادلة األرباح بين البنوك التي طرحتها السوق المالية اإلسالمية
الدولية ( )IIFMبالتعاون مع االتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات ( )ISDAالستخدامها كأداة من
أدوات التحوط في المصارف اإلسالمية .ويرى الباحث ضرورة التروي في الحكم على هذه الوثيقة،
فاألحوط االنتظار حتى تصدر الوثيقة بترجمة عربية معتمدة ليتسنى بحثها واإلحاطة بجوانبها
المختلفة.
33
التوصيات
في ختام هذه الدراسة ينبغي التأكيد على أهمية استخدام عقود التحوط في تطبيقات المصارف
اإلسالمية وفق منهج مدروس يحظى بقبول فقهي واسع ،وللوصول لذلك المنهج توصي الدراسة
االهتمام بالجوانب االتية
-ضرورة إجراء البحوث والدراسات المعمقة لتأصيل تطبيقات عقود التحوط في المصارف اإلسالمية
وعقد الندوات العلمية ،وورش العمل المتخصصة من المجامع الفقهية ،والمراكز والمعاهد البحثية
لمناقشة ما يرد من أراء في هذه الدراسات بغية الوصول إلى نتائج تكون أقرب إلى اإلجماع الفقهي.
-من الجوانب التي ينبغي التركيز عليها ،التحوط في منتجات الخزينة في المصارف اإلسالمية ،
التحوط من مخاطر الصرف ،الصور والحاالت التطبيقية لاللتزامات في العمل المصرفي واألسواق
المالية .إدارة المخاطر في المصارف اإلسالمية .الوعد في الصرف ،والوعد بالدخول في مرابحة،
والوعد في منتجات المبادالت ( ،)SWAPsوالوعد في منتجات التحوط (.)Hedging
-ضرورة التواصل بين المهنيين العاملين في المصارف اإلسالمية وبين العلماء والباحثين في
االقتصاد اإلسالمي لعرض القضايا المعاصرة في مجال الممارسة خاصة في تطبيقات عقود التحوط
على وجه الخصوص ،بغية الوصول إلى فهم مشترك ورأي فقهي حول هذه العقود وغيرها من
الممارسات المصرفية ،فهناك قصور شديد في هذا الجانب .
-ضرورة إسهام المراكز البحثية واألقسام العلمية المتخصصة في االقتصاد اإلسالمي في إجراء
الدراسات التطبيقية التي تتناول قضايا المصارف اإلسالمية خاصة في مجال التحوط وادارة المخاطر،
و توجيه طالب الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه الختيار موضوعات ألباحثهم حول
هذه الجوانب .
-االهتمام بتثقيف العاملين في المؤسسات المالية اإلسالمية بعقود التحوط وتطبيقاتها في هذه
المؤسسات من خالل تنظيم وعقد دورات تدريبية ،فما يزال هذا الجانب غير مطروق بشكل كاف.
34
المراجع
ابن القيم ،محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهلل .إعالم الموقعين عن رب العالمين ،ج 9
دار الجيل بيروت 9793 ،م .
ابن حزم ،أبي محمد علي ابن حزم األندلسي .المحلى في شرح المجلى بالحجج واآلثار ،تحقيق
حسان عبد المنان ،ط ،9 ،ج ، 9بيت األفكار .
ابن عرفة ،محمد بن أحمد الدسوقي .حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ،دار إحياء الكتب العربية
د .ت ،مرجع سابق ،باب في القراض ،ج .3
ابن فارس ،أبي الحسين أحمد فارس ابن زكريا .معجم مقاييس اللغة ،تحقيق وضبط عبد السالم
محمد هارون ،ج9797 ، 1م.
ابن قدامة ،موفق الدين أبي محمد عبد اهلل بن أحمد .تحقيق عبد اهلل بن عبد المحسن التركي،
وعبد الفتاح محمد الحلو ،دار عالم الكتب للطباعة والنشر ،ط ، 3ج ،9الرياض 9999 ،هد –
9779م.
أبو غدة ،عبد الستار .بحوث في المعامالت واألساليب المصرفية اإلسالمية ج ،91مجموعة
البركة المصرفية ،جدة ،المملكة العربية السعودية.
أبو مسامح ،عبد اهلل صالح محمد سليمان .المشتقات المالية اإلسالمية بين التنظير والتطبيق ،
مجلة االقتصاد اإلسالمي العالمية الحلقة 9يوليو 1196م.
اتحاد المصارف العربية .موسوعة بازل ،دليلك إلى إدارة المخاطر المصرفية ،موسوعة بازل-. II
ترجمة نبيل حشاد ، ،بيروت ،لبنان1116 ،م.
اإلسالمبولي ،أحمد محمد خليل .حكم الوعد في الفقه اإلسالمي وتطبيقاته المعاصرة ،مجلة جامعة
الملك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي م ،95ع .1
أمين أفندي ،علي حيدر خواجه .درر الحكام في شرح مجلة األحكام تعريب :فهمي الحسيني :دار
الجيل الطبعة :األولى ،ج9999 ،9هد 9779 -م .المادة .311
األمين ،حسن عبد اهلل .الودائع المصرفية النقدية واستثمارها في اإلسالم ،ط ،9دار الشروق ،جدة
9793م.
بنك البالد .الهيئة الشرعية ،ملتقى المرابحة بربح متغير ،دار الميمان للنشر والتوزيع ،الرياض ،
9939ه1193 -م.
35
ابن عرفة ،محمد بن أحمد الدسوقي .حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ،ج ، 3دار إحياء الكتب
العربية د .ت .
حسين حامد حسان .تعريف الخيار التبعي وتطبيقاته االقتصادية ،حولية البركة العدد ،99
9931ه.1117-
حطاب ،كمال توفيق .نحو سوق اسالمية مالية طبعة تمهيدية ،بدون تاريخ .
حماد ،نزيه كمال .في فقه المعامالت المالية والمصرفية المعاصرة :قراءة جديدة ،دار القلم،
دمشق ،ط9919 ، 9ه 1119م.
حماد ،نزيه كمال .مدى تضمين يد األمانة بالشرط في الفقه اإلسالمي ،المعهد اإلسالمي للبحوث
والتدريب ،البنك اإلسالمي للتنمية ،جدة 9911 ،هد.
حمود ،سامي حسن .تطوير األعمال المصرفية بما يتفق والشريعة اإلسالمية ،ط ،1عمان ،دار
الفكر للنشر والتوزيع 9791م.
خالد حمد .السوق المالية اإلسالمية الدولية واالتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات يطرحان معيار
منتوج مبادلة األرباح ،مصرف البحرين المركزي.
الخفيف .علي .أحكام المعامالت الشرعية ،بنك البركة لالستثمارات ،البحرين .
الداغر ،محمود محمد .األسواق المالية :مؤسسات ،أوراق ،بورصات ،دار الشروق للنشر
والتوزيع ط . ،1وطارق عبد العال حماد .المشتقات المالية الدار الجامعية 1119 ،م .
الدوسري ،طالل بن سليمان .عقود التحوط من مخاطر تذبذب أسعار العمالت دار كنوز اشبليا
للنشر والتوزيع الرياض.
الرازي ،محمد بن أبي بكر بن عبد القادر .مختار الصحاح .جدة ،دار الثقافة اإلسالمية9915 ،هد
= 9795م.
رضوان ،سمير عبد الحميد .المشتقات المالية ودورها في إدارة المخاطر ،ودور الهندسة المالية في
صناعة أدائها ،دراسة مقارنة بين النظم الوضعية والشريعة اإلسالمية ،الطبعة األولى ،دار النشر
للجامعات مصر 9915ه.
ا ُّلرهوني .أبي عبد اهلل َم َحمد بن أحمد .حاشية الرهوني على شرح الزرقاني ج ،5الطبعة األولى،
المطبعة األميرية ،بوالق 9315 ،ه.
الزحيلي ،وهبة مصطفى .الوجيز في الفقه اإلسالمي ،ج ، 9دار الفكر9919 ،ه – 1119م.
الزحيلي ،وهبة مصطفى.نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه اإلسالمي:
دراسة مقارنة ،ط ،1دار الفكر دمشق9779 ،م.
36
زينب بوقاعة ،وريمه برارمه .تسعير الخيارات المالية وفقا لنموذج بالك وشولر :دراسة حالة
خيارات القطاع البنكي القطري ،المؤتمر الدولي بجامعة فرحات عباس ،سطيف ،منتجات وتطبيقات
االبتكار والهندسة المالية1199،م.
الساعاتي ،عبد الرحيم عبد الحميد ،نحو مشتقات مالية إسالمية إلدارة المخاطر التجارية ،مجلة
جامعة الملك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي ،جدة :ع9777 ،99م.
السالوس ،علي أحمد .فقه البيع و االستيثاق والتطبيق المعاصر .دار الثقافة ،مكتبة دار القرآن،
الطبعة9917 ،9هد .
السرخسي ،محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة ،المبسوط ،دار المعرفة ج ،31باب في
البيع والشراء 9917 ،هد9797/م .
السويلم ،سامي ابراهيم .التحوط في التمويل اإلسالمي ،البنك اإلسالمي للتنمية ،المعهد
اإلسالمي للبحوث والتدريب9919 ،ه1119-م .
الشافعي،محمد بن إدريس أبو عبد اهلل ،األم ،تحقيق :رفعت فوزي عبد المطلب ،31/6دار الوفاء
9911ه .
الشبيلي ،يوسف عبد اهلل .تطبيقات الحماية البديلة عن عقود التحوط ،بحث مقدم إلى مجمع الفقه
اإلسالمي الدولي الصدر ،محمد باقر .البنك الالربوي في اإلسالم ،الكويت ،مكتبة الجامع النقي ،
دون تاريخ.
العسقالني .أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر .التلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير،
تحقيق :السيد عبد اهلل هاشم اليماني المدني .)99/3(،مطابع المدينة المنورة ،عام 9399هد .
علوي ،إجالل .السوق المالية اإلسالمية الدولية واالتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات يطرحان
معيار منتوج مبادلة األرباح ،مصرف البحرين المركزي 1191 ،م.
العمراني عبداهلل محمد .التحوط في المعامالت المالية ،ورقة مقدمة للدورة الحادية والعشرين
لمجمع الفقه اإلسالمي الدولي 9936ه.
غاسنر ،ميشيل صالح .صناديق التحوط اإلسالمية تتحول نموذجا لصناعة التمويل اإلسالمي،
مجلة بانكر ميدل ايست عدد سبتمبر1116م.
الغرياني ،الصادق عبد الرحمن علي .البيع والتأجير بالسعر المتغير ،المجمع الفقهي اإلسالمي ،
رابطة العالم اإلسالمي ،الدورة .11
فتاوى ندوة البركة األولى لالقتصاد اإلسالمي .المدينة المنورة 11-99رمضان 9913ه-19 .
31يونيو9799م مجموعة دلة البركة -قطاع األموال -شركة البركة لالستثمار والتنمية جدة-
السعودية .فتوى رقم (.) 93/9
37
فداد ،العياشي الصادق .مخاطر الثقة في تطبيقات المضاربة وعالجها ،ورقة معلومات أساسية،
ندوة البركة 7-9 ، 39رمضان 9939ه .
More Money Than God الفواز ،فواز حمد .صناديق التحوط وصعود نخبة جديدة ،مراجعة كتاب
صحيفة االقتصادية ،السبت 15محرم 9931هد .الموافق 19يناير 1199العدد . 5179
قحف ،منذر .سندات القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاتهما في تمويل التنمية في البلدان
اإلسالمية ،مجلة جامعة الملك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي ،م9797-9917 ،9م .
القري محمد علي .صحيفة االقتصادية األحد 17رجب 9939هد .الموافق 99يوليو 1191
العدد . 599
القري ،محمد على .نحو سوق اسالمية ،مجلة دراسات اقتصادية إسالمية ،المعهد اإلسالمي
للبحوث والتدريب ،البنك اإلسالمي للتنمية،ع ،9ج9773 ،9م .
الهيئة الشرعية لمصرف الراجحي .ملتقى السلَم بسعر السوق يوم التسليم ،في 9913 /9/15ه،
ص ص 61-39
مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي .القرار رقم ،9/9/3/31 :بشأن سندات المقارضة ،البند
التاسع .الدورة الرابعة جده المنعقدة خالل الفترة من 13-99جمادى اآلخرة 9919الموافق 99 –5
شباط ( فبراير ) 9799م.
مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي .العدد السادس ،ج 1ص ،9193والعدد السابع ج 9ص 93
والعدد التاسع ج 1ص .)6القرار رقم ( )9/5/56في الدورة السابعة المنعقدة في مدينة جدة في عام
9771م بشأن األسواق المالية.
مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي .ج،9العدد الثامن 9999 ،هد .قرار رقم9/)9/3( 91 :
بشأن بيع العربون.
مجمع الفقه اإلسالمي الدولي ،الدورة الثامنة ببندر سيري باجوان ،بروناي دار السالم من 9إلى
9محرم 9999هد الموافق 19-19يونيو 9773م.
المرداوي ،الشيخ عالء الدين علي بن سليمان .اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف
.)369/9
المصري ،رفيق يونس .الوعد الملزم في معامالت المصارف اإلسالمية ،هل يجوز أن يكون
الوعد ملزما إذا كان بديال لعقد محرم ؟ مجلة جامعة الملك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي ،م ،96
ص ص 9913 911-997ه1113/م .
المصري ،رفيق يونس .السلَم بسعر السوق يوم التسليم هل يجوز .مجلة جامعة الملك عبد العزيز
االقتصاد اإلسالمي ،م ،95ع . 1
38
. م1191 الكويت، المشتقات المالية إضاءات مصرفية مالية، معهد الدراسات المصرفية
.هد9995 ،9 المكتب اإلسالمي ط، بحوث في االقتصاد اإلسالمي. عبد اهلل بن سليمان، المنيع
- 9919 الكويت (من. 19 و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية ج، الموسوعة الفقهية الكويتية
. ) هد9919
دار، عقود التمويل المستجدة في المصارف اإلسالمية دراسة تأصيلية تطبيقية. حامد حسن، ميرة
.م1199 -ه9931 الطبعة األولى،الميمان للشر والتوزيع
.م9775 منشأة المعارف االسكندرية، ، إدارة األسواق والمنشآت المالية، منير إبراهيم، هندي
الفكر الحديث في مجال االستثمار – منشأة دار المعارف االسكندرية. منير ابراهيم، هندي
. م9775
بيع العربون. رفيق يونس، المصري- ، الهيئة الشرعية لمصرف الراجحي السلَم بسعر السوق
.م9777 ،هد9911 دار المكتبي الطبعة االولى، وبعض المسائل المستحدثة فيه
. كلية االقتصاد واإلدارة – جامعة الملك عبد العزيز. جدة. بيع الغرر. ياسين عبدالرحمن جفري
.1 ص.ورقة غير منشورة
-: المواقع االلكترونية:ثالثا
http://www.cbb.gov.bh/page
http://www.islamifn.com/fatawa
http://daharchives.alhayat.com/issue_archive/Hayat
http://ar.islamway.net/fatwa
39