You are on page 1of 25

‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬

‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫سياست الوالياث املتحدة األمريكيت جتاه ليبيا ‪8591-8591‬م‬


‫يف ضوء وثائق اخلارجيت األمريكيت‬

‫أ‪ .‬م‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬


‫جامعة االنبار ‪ /‬كلية اآلداب‬
‫قسم التاريخ‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬


‫المقدمة‪:‬‬
‫درج السياسيوف األمريكيوف على االختالؼ في تثمين العالقات األمريكية الليبية منذ‬
‫أ ْف شيدوا قاعدة ويلوس (‪ )Wheelus‬في سنة ٖٗ‪ ٜٔ‬وأقاموا فيها تسهيالت عسكرية عرفوا‬
‫قيمتها في زمن الحرب والسلم على حد سواء‪ ،‬وقد كانت عمليات تلك القاعدة منطلقاً للتقييم‬
‫لتسوغ ضرورة‬
‫الذي تقدمو وزارة الدفاع األمريكية بين الفينة واألخرى لوزارة الخارجية األمريكية ّ‬
‫استمرار االحتفاظ بعالقات متينة مع العرش الليبي‪ ،‬بخاصة أ َّ‬
‫َف ىناؾ قوات بريطانية كانت ترابط‬
‫في شرؽ ليبيا منذ ٖٗ‪ ،ٜٔ‬ولطالما حبذت الحكومة الليبية االعتماد عليها‪ ،‬ال على القوات‬
‫األمريكية الموجودة في ويلوس منذ التاريخ نفسو‪ ،‬فكاف السياسيوف األمريكيوف يعمدوف‬
‫لالستفادة من ىذا التفوؽ بالتنسيق مع بريطانيا في وضع خطط ليتشاطرا أعباء تكاليف‬
‫المحافظة على مصالحهما معاً‪.‬‬
‫ومنذ أ ْف َوقّ َع الطرفاف ‪ :‬األمريكي والليبي اتفاقية القاعدة في سنة ٗ٘‪ )ٔ(ٜٔ‬كانت‬
‫دات ٍ‬
‫مالية وعسكرية‬ ‫المبالغ المرصودة لإلنفاؽ على القاعدة فضالً عن المبالغ المرصودة مساع ٍ‬
‫لليبيا‪ ،‬موضع جدؿ آخر في أروقة اإلدارة األمريكية‪ ،‬فما انفكت السفارة األمريكية تناشد وزارة‬
‫الخارجية االلتفات إلى ىذه البقعة المهمة المصاقبة للنفوذ االشتراكي المتنامي في مصر‪ ،‬وما‬
‫فتأت الخارجية األمريكية تحث إدارتها في واشنطن على ذلك‪ ،‬بيد أَ َّف اإلدارة األمريكية نادراً ما‬
‫السمة البارزة في‬
‫كانت تلقي باالً لألىمية اإلستراتيجية لليبيا‪ ،‬حتى أضحى ذلك اإلىماؿ ّ‬

‫‪523‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫التوجو األمريكي نحو ليبيا باستثناء حاالت نادرة (ٕ)‪.‬‬
‫تركزت بؤرة الخالؼ في اآلراء والمواقف األمريكية تلك على قيمة المبالغ المقدمة‬
‫لليبيا على أَنَّها مساعدة مقابل أىميتها حاجزاً ضد تغلغل الدعاية الشيوعية أو االشتراكية من‬
‫مصر باتجاه شماؿ أفريقيا‪ ،‬وىما الموضوعاف الرئيساف اللذاف حظيا باالىتماـ البالغ لدى رسم‬
‫السياسة األمريكية لسنوات ‪ ٜٔ٘ٛ‬و ‪ ٜٜٔ٘‬و ٓ‪ ،ٜٔٙ‬ومن دوف أ ْف نهمل النفط عامالً‬
‫حاسماً في رسم تلك السياسة‪.‬‬

‫التنسيق األمريكي ‪-‬البريطاني والسياسة األمريكية في ليبيا‬


‫كانت الخارجية األمريكية على دراية تامة َّ‬
‫بأف العالقات الخارجية الليبية أكثر ما تكوف‬
‫تقارباً مع بريطانيا‪ ،‬وكاف ذلك من واقع اعتراؼ الواليات المتحدة‪ ،‬مرغمة‪ ،‬بالتفوؽ االستراتيجي‬
‫البريطاني في ليبيا‪ ،‬مما يحتم على االمريكين تنسيق سياستهم مع البريطانيين‪ ،‬إذ كاف لبريطانيا‬
‫تأثير كبير ومهم على العرش الليبي بسبب الصداقة التاريخية والتعهدات البريطانية بعد الحرب‬
‫العالمية الثانية بالمساعدة في الدفاع عن ليبيا ‪،‬وتوفير مساعدة اقتصادية لتجاوز أزمتها المالية‪،‬‬
‫فضالً عن وجود ما يقرب من ٓٓ٘ٗ جندي بريطاني يقيموف في مواقع إستراتيجية مهمة في‬
‫ليبيا (ٖ)‪.‬‬
‫وعندما تأكد للحكومة البريطانية أ َّ‬
‫َف ما تنفقو من أعباء مالية وقوة بشرية أكثر من‬
‫غيرىا من دوؿ الناتو األوربية‪ ،‬مما لم يعد يتكافأ وقدرة مواردىا لإليفاء بالتزاماتها المالية‬
‫الخارجية بضمنها االتفاقية المالية األنجلو‪ -‬ليبية المؤقتة (ٗ)‪ ،‬أُجبرت بريطانيا على إجراء تعديل‬
‫على سياستها تجاه ليبيا‪ ،‬فقررت تقليص نفقاتها ووجودىا العسكري على األراضي الليبية‪،‬‬
‫وتخفيض قيمتها السوقية قاعدةً عسكريةً بريطانية‪ ،‬ونظراً الزدياد النفوذ السوفيتي في مصر و‬
‫سوريا‪ ،‬تعيّن على بريطانيا االىتماـ بضماف مصالحهم في العراؽ والخليج العربي أكثر من‬
‫اىتمامهم بليبيا التي صار موقعها ىامشياً مقارنة معهما (٘)‪ ،‬مما يترتب عليو إلغاء تبعة التكاليف‬
‫المالية للحفاظ على المصالح العسكرية والنفطية األمريكية في ليبيا على كاىل الواليات‬
‫المتحدة حصراً (‪.)ٙ‬‬

‫‪523‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫لقد التزمت الحكومة البريطانية بموجب تعهداتها الالحقة لليبيا بتوفير مساعدة مالية‬
‫تُػ َق ّدر بػ ٔ‪ ٜ,‬مليوف دوالر سنوياً وحتى سنة ٖ‪ ،ٜٔٙ‬مقابل وجود قواتها واستغالؿ قواعدىا في‬
‫ليبيا‪ ،‬فضالً عن تزويد ليبيا بالمعدات العسكرية الخفيفة والتدريب لحوالي ٓٓٓ٘ رجل ىم‬
‫تعداد الجيش الفيدرالي الليبي؛ مما يسوغ ايجابية وجود تلك القوات البريطانية في ليبيا‬
‫بإسهامها في مواجهة أية قالقل محتملة‪ ،‬والحفاظ على األمن الداخلي في ليبيا (‪.)ٚ‬‬
‫وبعد أ ْف قررت بريطانيا وضع سياسة جديدة تجاه ليبيا‪ ،‬أصبح بديهيا إعادة صياغة‬
‫اتفاقيات جديدة بين الجانب الليبي من جهة والجانب البريطاني واألمريكي من جهة أخرى‪،‬‬
‫والشروع في عقد جوالت من المفاوضات بينهم لوضع األسس التي ستُ َح ّد ُد بموجبها قيمة‬
‫المساعدات العسكرية واالقتصادية التي سيقدمها الطرفاف لليبيا‪ ،‬وحرص الليبيوف على الضغط‬
‫على بريطانيا لثنيها عن االنسحاب العسكري من ليبيا وتقليل مساعداتها لليبيين من جهة‪ ،‬وعلى‬
‫عدـ إدخاؿ الواليات المتحدة األمريكية عنصراً ثالثاً في مفاوضاتهما بوصف الواليات المتحدة‬
‫ىي المصدر المنتظر أ ْف يدفع المعونات البديلة عن بريطانيا لليبيين (‪.)ٛ‬‬
‫احتج الليبيوف في معرض رفضهم لدخوؿ الواليات المتحدة طرفاً ثالثاً في مفاوضات‬
‫أنجلو – ليبية َّ‬
‫بأف العالقات الليبية البريطانية‪ ،‬القائمة على تحالف وصداقة ومعاىدة تختلف عن‬
‫العالقات األمريكية الليبية التي أساسها إيجار قاعدة جوية وصداقة‪ ،‬بحسب ادعاء رئيس الوزراء‬
‫الليبي عبد المجيد كعبار (‪ ،)ٜ‬فالليبيوف أدركوا َّ‬
‫بأف مساعدات الواليات المتحدة المالية تقرر‬
‫بشكل منفصل سنة بعد أخرى للحصوؿ على موافقة الكونغرس مما يسبب اإلرباؾ لوضع‬
‫الميزانية الليبية ويجعلها موضع التهديد دائماً‪ ،‬ىذا إلى جانب اشتراط الحكومة األمريكية‬
‫تحديد أبواب الصرؼ للمساعدة المالية أو التدخل في توجيو المساعدة التقنية‪ ،‬مما يثير استياء‬
‫الليبيين‪ ،‬وال يجد الليبيوف ىذا المنهج متبعاً في عالقاتهم مع بريطانيا (ٓٔ)‪.‬‬
‫وقد رفض الليبيوف منذ البداية تنسيقاً أمريكيا بريطانياً سياسياً لتحديد العالقة مع ليبيا‬
‫وتحويل جزء من االلتزامات البريطانية العسكرية والمالية من بريطانيا إلى الواليات المتحدة علػى‬
‫الػػرغم مػػن الوعػػود التػػي بػػذلتها الواليػػات المتحػػدة بتقػػديم دعػػم عسػػكري ومػػالي‪ ،‬وع ػ ّدوا ذلػػك‬
‫اإلجراء خرقاً للمعاىدة األنجلو‪ -‬ليبية‪ ،‬ومػن ثػم يجػب أ ْف توافػق ليبيػا علػى اإلجػراء قبػل أ ْف يػتم‬

‫‪523‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫التنسيق عليو بين بريطانيا و الواليات المتحدة (ٔٔ)‪ ،‬كما رفض الليبيػوف مجػرد إشػراؾ األمريكػاف‬
‫فػ ػػي لجػ ػػاف مشػ ػػتركة مػ ػػع البريطػ ػػانيين والليبيػ ػػين لوضػ ػػع دراسػ ػػات الحتياجػ ػػات ليبيػ ػػا االقتصػ ػػادية‬
‫والفنية(ٕٔ)‪ ،‬لذا لم تشهد المفاوضات بين األطراؼ الثالثة تحسناً ملحوظاً بل ظلت في مخػاض‬
‫عسػػير طػػواؿ األشػػهر الالحقػػة‪ ،‬فكػػاف البريطػػانيوف يشػػتكوف مػػراراً لألمريكػػاف مػػن صػػعوبة مفاوضػػة‬
‫الليبيػػين الػػذين أصػػروا علػػى عػػدـ تخفػػيض المسػػاعدات البريطانيػػة الماليػػة أو تخفػػيض وجودىػػا‬
‫أنح ػػوا ب ػػاللوـ عل ػػى البريط ػػانيين لتخ ػػاذلهم ف ػػي ال ػػدفاع ع ػػن ليبي ػػا وإخ ػػالء القواع ػػد‬
‫العس ػػكري‪ ،‬و َ‬
‫العسكرية البريطانية فيها (ٖٔ)‪.‬‬
‫خػ ػػاص المفاوضػ ػػوف األمريكيػ ػػوف والبريطػ ػػانيوف والليبيػ ػػوف أوائػ ػػل سػ ػػنة ‪ ٜٔ٘ٛ‬جولػ ػػة‬
‫مفاوض ػػات جدي ػػدة لتحدي ػػد نس ػػب المس ػػاىمة األمريكي ػػة والبريطاني ػػة ف ػػي المج ػػالين العس ػػكري‬
‫والمػػالي‪ ،‬وتوصػػل المتفاوضػػوف إلػػى اتفػػاؽ أولػػي فػػي الثالػػث والعشػػرين مػػن كػػانوف الثػػاني ‪ٜٔ٘ٛ‬‬
‫يفترض تدريب بريطانيا للقوات العسكرية الليبية على أ ْف تقوـ الواليات المتحدة بتجهيز الجػيش‬
‫الليبي بالمعدات (ٗٔ)‪ ،‬وىو ما كاف يطمح لو الليبيوف ويرفضو األمريكيوف‪.‬‬
‫لقد تمسك األمريكيوف من قبل بضرورة تنسيق العمل مع البريطانيين في شماؿ أفريقيا‬
‫للحفاظ على مصالحهما‪ ،‬وإذ لم يقتنع األمريكيوف بشكل ٍ‬
‫كاؼ بالمقترح البريطاني‪ ،‬فقد قررت‬
‫وزارة الخارجية األمريكية طرح تسوية أيدتها ىيئة األركاف العليا تعرض تسلم الواليات المتحدة‬
‫مسؤوليتي التدريب والتجهيز معاً‪ ،‬فمن الناحية العسكرية‪ ،‬ال يمكن تقبل فكرة قياـ دولة بتزويد‬
‫دولة أخرى بمعدات عسكرية‪ ،‬ثم تباشر التدريب العسكري فيها دولة ثالثة حتى وإِ ْف كانت دولة‬
‫تعوؿ في النهاية على اعتراؼ بريطانيا باألمر الواقع وترؾ‬
‫حليفة‪ ،‬وكانت الواليات المتحدة ّ‬
‫المسؤوليتين من تجهيز وتدريب لها (٘ٔ)‪.‬‬
‫وعندما أُعلن عن قياـ الجمهورية العربية المتحدة سنة ‪ ٜٔ٘ٛ‬حينها دخل عنصر‬
‫جديد في صياغة السياسة األمريكية تجاه ليبيا‪ ،‬فاألمريكيوف كانوا يدركوف مسبقاً أ َّ‬
‫َف للحكومة‬
‫عاؿ جداً و قدرة على إثارة القالقل عن‬‫المصرية خططا واضحة في ليبيا‪ ،‬ولها تأثير سياسي ٍ‬
‫طريق مستشارين وموظفين عاملين في الحكومة الليبية الفيدرالية أو المحلية‪ ،‬فإلى جانب العدد‬
‫الكبير من المدرسين في المدارس الليبية‪ ،‬ىناؾ تطلّع شعبي ليبي واسع لوسائل اإلعالـ‬

‫‪523‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫المصرية المرئية منها والمسموعة أو المكتوبة‪ ،‬مما كاف يثير مخاوؼ الملك ووزرائو من الدوافع‬
‫المصرية لبث مثل تلك التوجهات المشجعة على " الوحدة العربية " إلى حد ال يمكن التكهن بو‬
‫أو بتأثيره على سياسة ليبيا‪ ،‬ومما يدفع بالحكومة الليبية إلى التشبث بإبقاء الوجود العسكري‬
‫البريطاني واألمريكي (‪ ،)ٔٙ‬ويدفع بهؤالء كذلك إلبداء التنازالت لصالح ليبيا في ظل المزيد من‬
‫األحداث الخطيرة في األردف و العراؽ و لبناف‪.‬‬
‫لقد طلب البريطانيوف في آذار ‪ ٜٔ٘ٛ‬االستعانة باألمريكيين إلقناع الليبيين المتعنتين‬
‫بأف الواليات المتحدة ‪،‬وبالتعاوف مع بريطانيا ‪،‬ستقوـ بتلبية‬ ‫في موقفهم في المفاوضات َّ‬
‫احتياجات ليبيا المالية والعسكرية‪ ،‬وذلك إلبعاد التأثير المصري والمحافظة على االنحياز الليبي‬
‫(‪)ٔٚ‬‬
‫فرد وزير الخارجية األمريكي جوف فوستر داالس ‪John Foster Dallas‬‬
‫ّ‬ ‫للغرب‬
‫في العاشر من نيساف باإليجاب على الطلب البريطاني وقبوؿ التفاوض مع الجانب الليبي‬
‫لتحديد مبالغ المساعدات التي يمكن أ ْف توفرىا الواليات المتحدة لليبيا إذا ما التزمت بريطانيا‬
‫بتوفير األسلحة الخفيفة والتدريب للجيش الليبي فضالً عن المعونة المالية السنوية والمق ّدرة‬
‫بػٕ٘‪ ٕ,‬مليوف جنيو‪ .‬ووافقت بريطانيا بعد يومين على المقترح األمريكي‪ ،‬فوجهت واشنطن‬
‫سفيرىا في طرابلس في الثامن عشر من نيساف بالبدء في مفاوضات مع رئيس الوزراء الليبي‬
‫كعبار بأسرع ما يمكن(‪.)ٔٛ‬‬
‫التقى وزيرا الخارجية األمريكي والبريطاني في االجتماع الوزاري لمجلس حلف شماؿ‬
‫األطلسي الذي عُ ِق َد بكوبنهاغن في الرابع من مايس‪ ،ٜٔ٘ٛ‬فأطْلع الوزير البريطاني نظيره‬
‫األمريكي على الموافقة البريطانية بمنح ليبيا مساعدة تبلغ ٕ٘‪ ٖ,‬مليوف جنيو وتجهيز الجيش‬
‫الليبي بمعدات خفيفة وتدريبية من دوف مقابل‪ ،‬كما أطْلعو على رفض الجانب الليبي للمساعدة‬
‫فرد داالس َّ‬
‫بأف ىذه " ىي األخبار األفضل التي‬ ‫األمريكية ألسباب تتعلق بالخزينة الليبية‪ّ ،‬‬
‫سمعناىا حتى اآلف من أي جهة " (‪.)ٜٔ‬‬
‫بعد أزمة األردف وثورة العراؽ وأحداث لبناف المتزامنة في سنة ‪ ،ٜٔ٘ٛ‬أعاد‬
‫البريطانيوف تقدير قيمة ليبيا السيما بعد خسارتهم لقواعدىم وتسهيالتهم العسكرية‪ ،‬بخاصة‬
‫الجوية منها في العراؽ‪ ،‬وأعادوا بناء مواقعهم في ليبيا بنسبة ٘‪ %ٚ‬عما كانت عليو قبل عدواف‬

‫‪523‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫‪ ،ٜٔ٘ٙ‬كما أعادوا تقدير األىمية اإلستراتيجية لليبيا على أَنَّها المنتج البديل "لكتلة النفط‬
‫اإلسترليني" التي ال تحتاج إلى نقل عبر قناة السويس أو الخطوط المارة عبر الشرؽ األدنى‪،‬‬
‫فضالً عن كونها مدخالً جوياً إلى أفريقيا وىي منطقة سقاالت للعمليات العسكرية في الشرؽ‬
‫األوسط(ٕٓ)‪.‬‬
‫وأنعشت اإلجراءات البريطانية آماؿ األمريكيين بإعادة اشتراؾ بريطانيا في تحمل‬
‫عبء تكاليف إدارة المصالح العسكرية والسياسية األمريكية في ليبيا‪ ،‬ومضت قدماً في طريق‬
‫التفاوض من أجل عقد معاىدات جديدة معها مقابل زيادة المساعدات المالية السنوية األمريكية‬
‫لليبيا‪ ،‬وقبل أ ْف يبادر الليبيوف بدورىم لطرح قضية إعادة التفاوض في اتفاقية حقوؽ القاعدة‬
‫القديمة‪ ،‬والذي سيكوف بمثابة ضربة قاصمة للوجود العسكري األمريكي (ٕٔ)‪.‬‬
‫بادرت الحكومة الليبية في الثامن عشر من تشرين الثاني ‪ ٜٔ٘ٛ‬بتقديم مذكرة إلى‬
‫السفير األمريكي في طرابلس تطلب فيها من حكومة واشنطن الدخوؿ في مفاوضات لتعديل‬
‫شروط اتفاقية ٗ٘‪ ٜٔ‬على أساس أ ْف ما تدفعو الحكومة األمريكية لقاء استغاللها للقاعدة أو‬
‫الخدمات الليبية ىي أقل بكثير من قيمتيهما الحقيقيتين (ٕٕ)‪ .‬وأعاد رئيس الوزراء الليبي في‬
‫َف ليبيا راغبة في التفاوض مع‬ ‫خطاب العرش الذي ألقاه نيابة عن الملك إدريس‪ ،‬تأكيده أ َّ‬
‫الحكومة األمريكية لتعديل شروط االتفاقية السابقة لتتفق مع المصلحة الوطنية (ٖٕ)‪.‬‬
‫ردت واشنطن في الخامس عشر من كانوف الثاني ‪ ٜٜٔ٘‬على الطلب الليبي‬
‫ورحبت بمناقشة النقاط الواردة في المذكرة والمتعلقة بمبالغ المساعدات وتعويض‬
‫باإليجاب‪ّ ،‬‬
‫الجانب الليبي عن الحيف الذي لحق بو جراء عقد اتفاقية ٗ٘‪ ،ٜٔ‬وإِ ْف كانت واشنطن ال ترى‬
‫بالفعل أ َّ‬
‫َف ليبيا تعرضت لخسائر اقتصادية بسبب وجود القاعدة األمريكية على أراضيها (ٕٗ)‪.‬‬

‫‪553‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫وبينما كانت الواليات المتحدة تحث الخطى سعياً إلقناع الليبيين بالقبوؿ بتخفيض‬
‫مبالغ المساعدات المالية السنوية‪ ،‬كاف الليبيوف عازمين على الضغط على الحكومة األمريكية‬
‫للقبوؿ بمطالبهم‪ ،‬وفي االجتماع الذي عقده مجلس النواب الليبي في الثالث من شباط سنة‬
‫‪ ٜٜٔ٘‬ىاجم بعض األعضاء عن والية طرابلس االتفاقية األمريكية بشدة وع ّدوىا الغيو استناداً‬
‫إلى مقررات مؤتمر باندونغ والمؤتمر اآلسيوي األفريقي‪ ،‬وطُرحت تعديالت أساسية على االتفاقية‬
‫تتناوؿ نقل القاعدة ويلوس إلى مكاف بعيد عن طرابلس أو أي مركز سكني ونقل القواعد‬
‫الصاروخية الذرية مع إعفاء المواد العسكرية الواردة لليبيا من التعريفة الكمر كية‪ ،‬وطالت‬
‫التعديالت امتيازات المقيمين األمريكاف في ليبيا بإخضاعهم للقوانين والمحاكم الليبية المدنية‬
‫والجنائية‪ ،‬واقترحت التعديالت وضع رقابة على القواعد الجوية األمريكية لمنع األشخاص من‬
‫غير األمريكيين من دخوؿ ليبيا والخروج عن طريق تلك القواعد (ٕ٘)‪.‬‬
‫بعد ىذه االنتقادات الليبية الشعبية تقدمت الحكومة الليبية بطلب جديد إلى السفارة‬
‫األمريكية في الثامن عشر من آذار ‪ ٜٜٔ٘‬لتعديل بنود االتفاقية بين الطرفين‪ ،‬طالب فيها‬
‫بزيادة المعونات األمريكية السنوية بشرط أ ْف تكوف بدؿ إيجار للقاعدة األمريكية‪ ،‬وأ ْف تتعهد‬
‫الواليات المتحدة بدفع المبلغ الجديد سنوياً ألمد االتفاقية‪ ،‬أي حتى سنة ٔ‪.)ٕٙ( ٜٔٚ‬‬
‫راوغت الحكومة األمريكية في االستجابة لهذه المطالب بمنح الليبيين مرونة أكبر في‬
‫استخداـ المبالغ المخصصة فقط لقضايا األمن الثنائي‪ ،‬وتوجيهها بالشكل الذي يرغب فيو‬
‫الليبيوف (‪ ،)ٕٚ‬وكاف األمريكيوف يعلموف بمدى تذمر الليبيين من تحديد أبواب صرؼ‬
‫المساعدات وتدخلهم في توزيعها‪ ،‬ورغبتهم في تولي حكومتهم لتوجيو صرؼ تلك المبالغ وليس‬
‫يعمها التبذير وصرؼ‬
‫عن طريق الوكاالت األمريكية التي استاءوا كثيراً من طريقة إنفاقها التي ّ‬
‫الرواتب العالية ألخصائيين أمريكيين لم يج ِر انتقاؤىم جيداً‪ ،‬وفي مشاريع ليست في مصلحة‬
‫البلد (‪.)ٕٛ‬‬
‫لقد كاف الليبيوف يناوروف لكسب المزيد من التنازالت من الجانب األمريكي ويبرروف‬
‫تضررىم من وجود القاعدة بأنَّها ال توفر فائدة اقتصادية لليبيين‪ ،‬بل يجدونها مصدر إزعاج‬
‫وتهديد ألمنهم بنشاطها الكثيف الذي يصل إلى معدؿ إقالع وىبوط كل دقيقة أثناء ساعات‬

‫‪553‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫مستوى‬
‫ً‬ ‫النهار‪ ،‬وإِ َّف أغلب الطيراف ىو لطائرات القاذفات المقاتلة التي تقلع وتحلّق على‬
‫منخفض فوؽ المناطق السكنية‪ ،‬محدثة ضوضاء صاخبة‪ ،‬فضالً عن احتماؿ وقوع حوادث أثناء‬‫ٍ‬
‫طيرانها‪ ،‬ويكمن الخطر األكبر في وجود ىذه القاعدة قريباً من طرابلس‪ ،‬إذ إنَها ستكوف الهدؼ‬
‫األوؿ لتراشق نووي أمريكي سوفيتي محتمل‪ّ ،‬أما االنطباع األكثر سلبية ورسوخاً لدى الرأي العاـ‬
‫الليبي فهو " أَنَّها خرؽ للسيادة الليبية "(‪.)ٕٜ‬‬
‫إِ َّف الحجج الليبية في واقع األمر لم تغادر نطاؽ الحقيقة‪ ،‬وىذا ما فهمو األمريكيوف‬
‫وعجزوا عن تنفيذه‪ ،‬وكانوا يسعوف لإلبقاء على شروط االتفاقية القديمة التي توفر لهم امتيازات‬
‫واسعة‪ ،‬السيما فيما يتعلق باستقاللية عمل القاعدة‪ ،‬قبل أ ْف يفطن الليبيوف إلى أىمية‬
‫استقالليتها‪ ،‬وقبل أ ْف يقل اعتمادىم على المساعدات األمريكية أو البريطانية بزيادة عوائد النفط‬
‫(ٖٓ)‪ ،‬والتي ستقلص من حجم المساعدات األمريكية المدفوعة مقابل استغالؿ القاعدة ومن ثم‬
‫(ٖٔ)‬
‫يؤثر سلباً على النشاط العسكري األمريكي في ليبيا‪.‬‬

‫دور مجلس األمن القومي األمريكي في رسم السياسة تجاه ليبيا‬


‫ناقش مجلس األمن القومي األمريكي في العاشر من آذار ٓ‪ ،ٜٔٙ‬وبحضور الرئيس‬
‫إيزنهاور السياسة المستقبلية المقترحة في ليبيا‪ ،‬وذلك بناءاً على تقرير خاص بالتطورات النفطية‬
‫وأثرىا على سياسة الواليات المتحدة في ليبيا والمؤرخ في الثالث والعشرين من أيلوؿ ‪،ٜٜٔ٘‬‬
‫ومذكرة من الوزير اإلداري لمجلس األمن القومي في الشأف نفسو والمؤرخ في السابع من آذار‬
‫ٓ‪ ،ٜٔٙ‬وانصبت النقاشات في اجتماع العاشر من آذار على نقاط ىامة أولها مدى تفوؽ‬
‫المصالح البريطانية على المصالح األمريكية في ليبيا وحقيقة األىمية االستراتيجية للقاعدة‬
‫ويلوس لعمليات الواليات المتحدة األمريكية العسكرية في الشرؽ األوسط‪ ،‬إذ أيّد الرئيس‬
‫األمريكي ‪،‬وبناءاً على التقديرات العسكرية‪ ،‬ضرورة احتفاظ الواليات المتحدة بالقاعدة وإدارتها‬
‫منفردة‪ ،‬واستاء من حقيقة تفوؽ المصالح البريطانية على األمريكية في الوقت الذي تدفع فيو‬
‫الواليات المتحدة أكثر التكاليف والنفقات إلدارة المصالح الغربية‪ ،‬ويرفع من أىمية تلك‬
‫المصالح األمريكية منها بخاصة العدد الكبير لشركات النفط األمريكية العاملة داخل ليبيا‪ّ ،‬أما‬

‫‪552‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫النقطة الثانية فهي محاولة اإلدارة األمريكية التملص من التعهدات المالية التي تمنحها لليبيا‬
‫على أَنَّها مساعدات وتفسرىا على أَنَّها بدؿ إيجار للقاعدة‪ ،‬فقد حاولت تخفيض تلك المبالغ‬
‫ميدانياً‪ ،‬ومن ثم تحويلها إلى قروض مصرفية حكومية أو قروض خاصة من مصارؼ االستيراد‬
‫والتصدير‪ ،‬شرط أ ْف تسدد ليبيا تلك القروض من عوائد النفط القادمة (ٕٖ)‪.‬‬
‫لقد كانت الحكومة الليبية تطالب بمضاعفة مبالغ المساعدة األمريكية في الوقت‬
‫الذي كاف يتنازع في صياغة السياسة األمريكية تياراف ‪ :‬األوؿ كاف يفضل ىجر القاعدة وتحويلها‬
‫إلى المسؤولية البريطانية مع غيرىا من التسهيالت األمريكية‪ ،‬ثم تكلف بريطانيا والواليات‬
‫المتحدة مسؤولية القياـ بإدارتها‪ ،‬وبذلك توفر مبالغ من المساعدات التي تدفعها لقاء تأجير‬
‫َف تدفق المساعدات‬ ‫القاعدة‪ ،‬وتكتفي بمبالغ االستثمارات النفطية‪ ،‬ويرى المنحازوف لهذا التيار أ َّ‬
‫متزامنة مع زيادة عوائد النفط الليبي‪ ،‬سيؤدي إلى تضخم وارتباؾ في االقتصاد الليبي‪ّ ،‬أما التيار‬
‫َف الواليات المتحدة قد أنشأت سلسلة من القواعد والتسهيالت‬ ‫الثاني‪ ،‬فهو الذي يرى أ َّ‬
‫العسكرية في أنحاء العالم عن طريق برنامج المساعدات المخصص للدوؿ الفقيرة‪ ،‬وبشكل‬
‫يالئم وضع ذلك البلد‪ ،‬وإِ َّف لبريطانيا والواليات المتحدة مصالح في ليبيا يجب أ ْف تقدر نفقات‬
‫كل طرؼ بحسب نسبة مصلحتو فيها‪ ،‬ويرى مؤيدو ذلك التيار أ َّ‬
‫َف الواليات المتحدة تدفع‬
‫القليل جداً لليبيا ألَنَّها ال تقدر قيمتها الفعلية وتستهين بما يمكن أ ْف تحصل عليو من منافع‬
‫عسكرية أو اقتصادية يدفعها في ذلك اإلجراءات الخاصة بضرورة العودة في كل مرة للحصوؿ‬
‫على موافقة الكونغرس وتقديم األدلة واإلثباتات التي تؤيد طلب زيادة المبالغ‪ ،‬لكنها بذلك‬
‫تضحي بمصالحها في منطقة مهمة مثل ليبيا لصالح بريطانيا (ٖٖ)‪.‬‬
‫إِ َّف ىذا التناقض بين التيارين كاف يمنع الحكومة األمريكية من اتخاذ الخطوات‬
‫الحاسمة في أي من االتجاىين على السواء‪ ،‬وإ ْف كانت ترى مقدار االستثمارات النفطية‬
‫للشركات األمريكية تمثل ثقالً لصالح كفة التيار الثاني‪ .‬لكنها تبقى دائماً مترددة تجاه ليبيا‪ .‬وقد‬
‫ال يُفهم مغزى المبرر األمريكي تجاه تقدير أىمية ليبيا اإلستراتيجية للمصالح األمريكية‪،‬‬
‫فالمالحظ في التخطيط األمريكي أ َّ‬
‫َف وزارة الدفاع والقيادات العسكرية وطاقم البعثة الدبلوماسية‬
‫في ليبيا يحثوف إدارتهم على أ ْف تمعن النظر عند تحديد سياستها نحوىا (ٖٗ)‪ ،‬ويشيروف إلى‬

‫‪555‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫أىمية القاعدة العسكرية ويلوس‪ ،‬وضرورة التنسيق مع بريطانيا للحفاظ على النظاـ الملكي‬
‫الموالي للغرب فيها(ٖ٘)‪ ،‬في حين تمهل وزارة الخارجية واإلدارة األمريكية تلك اإلشارات‬
‫الملحة ألىمية ليبيا‪ ،‬علماً َّ‬
‫بأف تأثير الجمهورية العربية المتحدة كاف في اتساع وتغلغل بين‬
‫صفوؼ الشعب العربي في ليبيا‪ ،‬فضالً عن حصوؿ تونس والمغرب على استقاللهما وشروعهما‬
‫في تصفية القواعد األجنبية على أراضيهما‪ ،‬واشتداد المقاومة الجزائرية ضد االستعمار الفرنسي‬
‫منذ ٗ٘‪ ،ٜٔ‬وفقداف االنحياز العراقي والسوري للغرب‪ ،‬وميل المملكة العربية السعودية نحو‬
‫التفاىم والتقارب مع الجمهورية العربية المتحدة‪ ،‬وكثرة الشركات األمريكية النفطية العاملة في‬
‫ليبيا‪ ،‬ففي ظل ىذه الظروؼ ال نجد اندفاعاً أمريكياً للتمسك بليبيا التي ربما ستصبح القاعدة‬
‫األمريكية الوحيدة في شماؿ أفريقيا في بضع سنين‪ ،‬وتسعى لتقليص مساعداتها االقتصادية لها‬
‫إلى الحد األدنى‪ ،‬وذلك ما كانت ترمي لتضمينو في نصوص اتفاقية جديدة منتظرة‪.‬‬
‫نشر مجلس األمن القومي األمريكي بياناً بعنواف (سياسة الواليات المتحدة األمريكية‬
‫اتجاه ليبيا) في الخامس عشر من آذار ٓ‪ ،ٜٔٙ‬أي بعد خمسة أياـ من مناقشة بعض تفاصيلو‬
‫في اجتماع العاشر من آذار‪ ،‬تعرض فيو إلى األوضاع في ليبيا من الناحية السياسية والعسكرية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬وموجزاً مالمح لتلك األوضاع‪ ،‬فوصف البالد على أَنَّها ملكية بنظاـ وحدوي ىش‬
‫دعامتو الوحيدة الملك وذلك ما ينذر بوقوع قالقل فيها في حالة وفاتو من دوف وريث‪ ،‬إذ‬
‫سيؤدي ذلك إلى انفصاؿ أقاليمو الثالثة‪ ،‬وسيثب الشباب المتأثروف بالناصرية إلى الحكم‬
‫وتصبح المصالح الغربية‪ ،‬العسكرية منها واالقتصادية‪ ،‬في خطر حقيقي (‪.)ٖٙ‬‬
‫وأشار التقرير إلى القوات العسكرية على أَنَّها قوات ناشئة ضعيفة‪ ،‬فقوات األمن تقدر‬
‫بحوالي ٓٓٗ‪ ٛ‬رجل في سنة ‪ ٜٜٔ٘‬تدير األمن الداخلي في األقاليم‪ ،‬وتموؿ عن طريق‬
‫الحكومات المحلية في األقاليم‪ّ ،‬أما الجيش الفيدرالي البالغ تعداده ٕٓٓٗ رجل‪ ،‬فهو مسؤوؿ‬
‫أماـ الحكومة المركزية‪ ،‬ويتم تدريبو وتمويلو وتسليحو عن طريق المساعدات الغربية‪ ،‬ويتوقع أ ْف‬
‫يقوى ىذا الجيش بفضل زيادة عوائد النفط المنتظرة (‪.)ٖٚ‬‬
‫ّأما في االقتصاد‪ ،‬فيؤكد التقرير َّ‬
‫بأف المساعدات البريطانية واألمريكية المدفوعة بدؿ‬
‫استخداـ للقواعد والتسهيالت العسكرية في ليبيا‪ ،‬ولتطوير إنتاج حقوؿ النفط الليبي‪ ،‬تشكل‬

‫‪553‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫األساس في الميزانية الليبية‪ ،‬لكنو يتوقع زيادة الدخل القومي تبعاً لتدفق الثروة النفطية‪ ،‬وذلك‬
‫سيسبب تضخماً عالياً في اقتصاد ضعيف مثل االقتصاد الليبي‪ ،‬ويؤدي الى تركز الثروة بيد‬
‫الملك والحاشية‪ ،‬ويؤكد عدـ رضا الليبيين عن مبالغ المساعدة األمريكية حتى مع وجود ثروة‬
‫النفط‪ ،‬ولذلك اقترحوا تعديل اتفاقية القاعدة لسنة ٗ٘‪ ٜٔ‬لتضمن رفع مبالغ المساعدات‬
‫األمريكية قرابة الضعفين بدؿ إيجار للقاعدة (‪.)ٖٛ‬‬
‫ويعرج التقرير على العالقات الليبية الخارجية ويقدـ العالقات الليبية البريطانية والليبية‬
‫المصرية على أَنَّها عنصرا الحركة في السياسة الخارجية الليبية‪ ،‬وإِ َّف التنافس اإلنجلو ‪ -‬مصري‬
‫في ليبيا ىو الذي سيحدد مصير المصالح الغربية فيها‪ ،‬فضالً عن العالقات مع دوؿ جامعة‬
‫الدوؿ العربية التي يصفها بأنَّها ليست بالقوية أو المتينة‪ّ .‬أما العالقات مع الكتلة االشتراكية فهي‬
‫مقيدة بموجب التعهد الملكي لسنة ‪.)ٖٜ( ٜٔ٘ٙ‬‬
‫وتبػػرز أىميػػة التقريػػر لػػيس مػػن واقػػع معػػرض التفاصػػيل التػػي يقػػدمها عػػن ليبيػػا فػػي كػػل‬
‫النواحي‪ ،‬وال لكونو صادرا عن المؤسسة المسؤولة عن الدفاع عن أمن الواليات المتحدة القومي‬
‫في العػالم حسػب‪ ،‬بػل ألنػو يشػرح أىػداؼ السياسػة األمريكيػة فػي ليبيػا‪ ،‬ويضػع الخطػط الكفيلػة‬
‫بتحقيقها فيحدد األىداؼ في نقػاط ثػالث ىػي ‪ :‬اسػتمرار إتاحػة االنتفػاع واسػتخداـ التسػهيالت‬
‫األمريكية والحليفة في ليبيا لضماف أمن الواليات المتحػدة‪ ،‬ثػم العمػل علػى دعػم حكومػة ملكيػة‬
‫مسػػتقرة فػػي ليبيػػا مػػن أجػػل فػػتح المجػػاؿ أمػػاـ الشػػركات النفطيػػة األوربيػػة وتحديػػد تػػأثير النفػػوذ‬
‫الشيوعي وغيره من أعداء الغرب‪ ،‬وأخيرا التعاوف بشكل تاـ مع الواليات المتحدة وحلفائها(ٓٗ)‪.‬‬
‫ّأمػػا الوسػػائل الكفيلػػة بتحقيػػق ىػػذه األىػػداؼ فهػػي ‪ :‬إطالػػة أمػػد المسػػاعدات األمريكيػػة‬
‫لكػػن بػػأدنى مسػػتوى لالحتفػػاظ بالتسػػهيالت األمريكيػػة‪ ،‬ودعػػم الحكومػػة الليبيػػة مػػع األخػػذ بنظػػر‬
‫االعتبػػار العوائػػد الجديػػدة القادمػػة مػػن الػػنفط أو مػػن مسػػاعدات الػػدوؿ " الصػػديقة " األخػػرى‪،‬‬
‫وذلك بمحاولة التوصل مع بريطانيا إلى تفاىم لتحديد شػروط المسػاعدة‪ ،‬وعلػى أف يوضػح بأنهػا‬
‫ستخصػػم مػػن أمػػاكن ومنشػػلت أخػػرى لتنفػػق علػػى المنشػػلت فػػي ليبيػػا‪ .‬وفػػي حػػاؿ تبػػين أَ ْف ىػػذه‬
‫المنشلت ال تحقق منافع توازي قدر المبالغ المدفوعة لها‪ ،‬فيجب التخلي عنهػا علػى الػرغم مػن‬
‫أىميتها (ٔٗ)‪.‬‬

‫‪553‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫وتعرض الواليات المتحدة على الحكومة الليبية صفقة كبيرة لتطوير إمكانيات ليبيا فػي‬
‫االسػ ػػتغالؿ الصػ ػػحيح لعوائػ ػػد الػ ػػنفط الكبيػ ػػرة والمتوقعػ ػػة‪ ،‬ومػ ػػن النفقػ ػػات العسػ ػػكرية األجنبي ػ ػػة‬
‫والمساعدات الخارجية التي تػدفع بػدؿ إيجػار للقاعػدة‪ ،‬وذلػك عػن طػريقين ‪ :‬تبنّػي سياسػة ماليػة‬
‫تقل ػػل م ػػن خط ػػر التض ػػخم‪ ،‬ووض ػػع خط ػػط لإلنف ػػاؽ عل ػػى مش ػػاريع اس ػػتثمار الص ػػناعات النفطي ػػة‪،‬‬
‫وتحسين مستويات االختصاصات التقنيػة فػي الحكومػة الليبيػة فػي المجػاالت الزراعيػة والصػحية‬
‫أمثل للمصادر البشرية والطبيعة الليبية‪ ،‬وتطوير المهارات الخاصػة‬ ‫ٍ‬
‫الستغالؿ ٍ‬ ‫وغيرىا من النواحي‬
‫إقتصاد يعتمد على النفط‪ ،‬وبمعنى آخر فسح المجاالت للخبرات الغربية بالدخوؿ‬ ‫ٍ‬ ‫المطلوبة في‬
‫إلػػى ليبيػػا السػػيما المؤسسػػات والمنظمػػات الخاصػػة للعمػػل فػػي االستشػػارات الماليػػة أو التقنيػػة‬
‫لتطوير ليبيا (ٕٗ)‪.‬‬
‫وضمن المحور االقتصادي ذاتو‪ ،‬يجب تحفيز ليبيا للقياـ بأقصى الجهود لإلسهاـ فػي‬
‫تطػػوير اقتصػػادىا الخػػاص واتخػػاذ اإلجػػراءات الالزمػػة لمنػػع تسػػرب رؤوس األمػػواؿ المحليػػة إلػػى‬
‫الخارج‪ ،‬وإذا دعت الحاجة يجب االستفادة من مؤسسات العالم " الحر " المالية التي لها رغبة‬
‫فػػي تطػػوير مصػػادر الػػنفط الليبػػي واالسػػتعانة بػػرأس المػػاؿ الخػػارجي فػػي ىػػذا المجػػاؿ‪ ،‬كمػػا يجػػب‬
‫تحفيز التنوع االقتصادي الليبي عن طريق تشجيع المشاريع الخاصة‪ ،‬مع إبقاء تشجيع الواليػات‬
‫المتحدة لتطوير مشاريع االسػتثمارات الليبيػة قػدر اإلمكػاف عػن طريػق تػوفير المسػاعدات‪ ،‬شػرط‬
‫أ ْف تخفض ىػذه المسػاعدات بشػكل تػدريجي ثػم تأخػذ شػكل قػروض تسػدد مػن عائػدات الػنفط‬
‫المستقبلية (ٖٗ)‪.‬‬
‫ّأمػػا مػػن الناحيػػة السياسػػية‪ ،‬فػػالطرؽ الكفيلػػة بتحقيػػق األىػػداؼ األمريكيػػة المػػذكورة ال‬
‫تغػػادر السياسػػة التقليديػػة للواليػػات المتحػػدة‪ ،‬وذلػػك بعػػزؿ ليبيػػا عػػن محيطهػػا العربػػي‪ ،‬وإضػػعاؼ‬
‫االتصاؿ بالدوؿ العربيػة وتشػجيعها لتعزيػز روابطهػا مػع األقطػار المواليػة للغػرب فػي المنطقػة مثػل‬
‫تػػونس أو المغػػرب‪ ،‬والعمػػل علػػى إقامػػة اتحػػاد بيػػنهم حتػػى وإ ْف كانػػت ظػػروؼ المنطقػػة ال تسػػمح‬
‫بػػذلك‪ ،‬ومػػا يتعلػػق بالجمهوريػػة العربيػػة فيجػػب تشػػجيع ليبيػػا بشػػكل " مناسػػب " فػػي إتبػػاع سياسػة‬
‫واقعية نحوىا‪ ،‬ىدفها إقامة عالقات جوار طيبة على أساس االحتراـ المتبادؿ السػتقالؿ كػل بلػد‬
‫وسيادتو‪ ،‬مع مقاومة التغلغل المصري " المفرط "‪ .‬وعليو يجب أ ْف ترتبط ليبيا بعالقات وثيقة مع‬

‫‪553‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫الغػػرب للحفػػاظ علػػى اسػػتقاللها وتعاونهػػا مػػع العػػالم " الحػػر " بالتعػػاوف بػػين بريطانيػػا والواليػػات‬
‫المتحػػدة مػػن أجػػل ضػػماف المصػػالح األمريكيػػة األخػػرى فػػي المنطقػػة (ٗٗ)‪ .‬كمػػا يجػػب أَ ْف تشػػمل‬
‫مسػػاعدة الغػػرب لليبيػػا فػػي ىػػذا المجػػاؿ‪ ،‬تػػوفير المسػػاعدة العسػػكرية لتحػػديث وتػػدريب وتجهيػػز‬
‫الجيش الليبي من أجل المحافظة على األمن الػداخلي مقابػل تحديػد دور قػوات األمػن الػداخلي‬
‫التابعة لألقاليم لتكوف مجرد قوات شرطة (٘ٗ)‪.‬‬
‫وألمح التقرير إلى أىمية المحافظػة علػى اسػتقرار ليبيػا ومواالتهػا للغػرب فػي حػاؿ وفػاة‬
‫وجو نحو االحتفاظ باتصاالت حذرة ومن خالؿ قنوات مالئمة‬
‫الملك إدريس من دوف وريث‪ ،‬إذ ّ‬
‫مع المجموعات التي يحتمل أَ ْف تقوـ بدور مهم في الحياة السياسية الليبية لدى وفاة الملك مع‬
‫وضع الخطط الالزمة بالتنسيق مع بريطانيا لمواجهة احتماؿ اندالع ثورة عنيفػة فػي ليبيػا‪ ،‬وإبػداء‬
‫المساعدة المسلحة السريعة للحكومة الليبية إذا ما طلبت تدخل الواليات المتحػدة وبػالتخطيط‬
‫مع بريطانيا‪ ،‬وذلك بموجب معاىدة التحالف اإلنجلو_ ليبي‪ ،‬وتحت مبدأ التدخل األمريكي في‬
‫الشرؽ األوسط (‪.)ٗٙ‬‬
‫وأشار التقرير أخيراً إلى التحفيز عبر برامج التبادؿ اإلعالمي والثقافي وغيرىا من تلػك‬
‫الوسػػائل مػػن أجػػل تعميػػق الصػػداقة والتفػػاىم بػػين الواليػػات المتحػػدة وليبيػػا‪ ،‬ولإليحػػاء للحكومػػة‬
‫الليبية باالىتماـ والرغبة األمريكية االحتفاظ بالتسهيالت العسكرية األمريكية في المنطقة (‪.)ٗٚ‬‬

‫تعديل االتفاقية الليبية األمريكية ‪9106‬‬


‫بعػػد مناقشػػة التقريػػر المػػذكور فاتحػػت وزارة الخارجيػػة األمريكيػػة وزارة الػػدفاع لحسػػم‬
‫قضػية المسػاعدات لليبيػا‪ ،‬إذ إ َف الليبيػين كػانوا يص ّػروف علػى زيػادة المبػالغ المدفوعػة بػدؿ إيجػػار‬
‫ع ػػن القاع ػػدة‪ ،‬وى ػػددوا الجان ػػب األمريك ػػي بإع ػػادة النظ ػػر بالتش ػػريعات العس ػػكرية األمريكي ػػة ف ػػي‬
‫القاعدة واتفاقيات اإلعفاء الكمركي وبرامج المسػاعدة التقنيػة واالقتصػادية‪ ،‬ممػا سػيؤدي إلعاقػة‬
‫العمليػات العسػكرية فػػي ليبيػا جػػداً‪ ،‬ويتسػببوف فػػي األضػرار بػػالمواقع األمريكيػة فػػي ليبيػا‪ ،‬وكانػػت‬
‫الخارجيػػة الليبيػػة تهػػدؼ إلػػى الحصػػوؿ علػػى تأكيػػد مػػن وزارة الػػدفاع بأىميػػة القاعػػدة ويلػػوس فػػي‬
‫اإلسػػتراتيجية األمريكيػػة للحص ػػوؿ علػػى أس ػػباب تبػػرر زي ػػادة المبػػالغ المدفوع ػػة لليبيػػين ودفعه ػػم‬

‫‪553‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬

‫لالستمرار في التفاوض للحصوؿ على المنح النقدية السنوية من دوف حسػم مبلػغ محػدد مقػدماً‬
‫يكوف مكلفاً قياساً لقيمة المصالح األمريكية في ليبيا (‪.)ٗٛ‬‬
‫كان ػػت وزارة الخارجيػػػة األمريكي ػػة تػ ػػرى مػ ػػن الض ػػروري اإلسػ ػػراع ف ػػي حس ػػم الموق ػػف‬
‫األمريكػػي فيمػػا يتعلػػق بالمبػػالغ المرصػػودة فػػي الخطػػط األمريكيػػة لليبيػػا‪ ،‬إذ كػػاف مػػن المنتظػػر أَ ْف‬
‫يشرع البرلمػاف الليبػي الػذي انتخػب قبيػل مػدة وجيػزة فػي اسػتئناؼ دورتػو أواخػر آذار وسػيناقش‬
‫الميزانية الليبية ضمنها‪ ،‬وسيتطرؽ بالتأكيد إلى موضوع المسػاعدة األمريكيػة‪ ،‬التػي مػا لػم تتوافػق‬
‫مػػع الطموحػػات الليبيػػة فػ َّ‬
‫ػإف المناقشػػة بالتأكيػػد سػػوؼ تقػػود لمناقشػػة شػػروط اتفاقيػػة القاعػػدة لعػػاـ‬
‫ثم تؤثر سلباً على العمليات العسكرية األمريكية في ليبيا (‪.)ٜٗ‬‬
‫ٗ٘‪ ٜٔ‬ومن َ‬
‫ردىػػا علػػى سػػؤاؿ الخارجيػػة األمريكيػػة بشػػأف قاعػػدة‬
‫أكػػدت وزارة الػػدفاع األمريكيػػة فػػي ّ‬
‫َف للقاعدة فائػدة عسػكرية وإ ْف كانػت ال تػوازي مػا يػدفع مقابػل اسػتغاللها‪،‬‬ ‫ويلوس وتسهيالتها‪ ،‬بأ َّ‬
‫ذلػػك أ َّ‬
‫ًف الواليػػات المتحػػدة تظػػل بحاجػػة إلػػى مػػوطة قػػدـ فػػي القػػارة األفريقيػػة وال ضػػير فػػي دفػػع‬
‫مبالغ كبيرة من أجل االحتفاظ بها (ٓ٘)‪.‬‬
‫أعلمػػت السػػفارة األمريكيػػة فػػي طػػرابلس فػػي السػػابع والعشػػرين مػػن نيسػػاف ٓ‪ ٜٔٙ‬أًنػَّػو‬
‫بموجب قانوف مجلس األمن القومي المرقم ٓ٘٘ٔ‪ ،‬تقرر االلتزاـ بدفع مبلػغ ٘ٔ مليػوف دوالر‬
‫وخ ّػو َؿ‬
‫ػداء مػن السػنة الماليػة ٓ‪ُ ،ٜٔٙ‬‬
‫سنوياً للحكومة الليبية‪ ،‬ولمدة أقصاىا خمس سنوات ابت ً‬
‫السػػفير األمريكػػي فػػي طػػرابلس جػػونز ‪ Joens‬البػػدء فػػي مفاوضػػات بشػػأف اسػػتخداـ القواعػػد‬
‫األمريكيػػة فػػي ليبيػػا فػػي ضػػوء ىػػذا التعهػػد السػػنوي " االسػػتثنائي المضػػاعف " مػػن دوف االعتػػراؼ‬
‫َف ىذه المبالغ بدؿ إيجار للقاعدة‪ ،‬وقد كانت الواليات المتحدة تأمل أً ْف تقبل ليبيا مبلغػاً‬ ‫علناً بأ َّ‬
‫أقػػل مػػن ٘ٔ مليػػوف دوالر سػػنوياً‪ ،‬وقػػد أعلػػم السػػفير جػػونز رئػػيس الػػوزراء كعبػػار فػػي التاسػػع مػػن‬
‫مايس‪ ،‬باستالمو تعليمات من حكومتو تتػيح لػو اسػتئناؼ المفاوضػات مػع رئػيس الػوزراء‪ ،‬وسػوؼ‬
‫لن تكوف بشأف اتفاقية القاعػدة األساسػية لعػاـ ٗ٘‪ ،ٜٔ‬بػل بمتعلقاتهػا الماليػة واالقتصػادية علػى‬
‫أمل أَ ْف تنتهي باتفاؽ الطرفين على تثبيػت االتفاقيػة األصػلية وإدخػاؿ التعػديالت علػى ملحقاتهػا‪،‬‬
‫ًف السفير األمريكي لم يكن متفائالً بصدد جوالت المفاوضات المنتظمة (ٔ٘)‪.‬‬ ‫مع أ َّ‬

‫‪553‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫بػدأت المفاوضػات فػػي السػادس عشػػر مػن مػػايس ٓ‪ٜٔٙ‬واسػتمرت حتػػى الثالثػين مػػن‬
‫حزيراف‪ ،‬إذ وقّػع جػونز وكعبػار رسػائل تعػديل االتفاقيػة الخاصػة بالمسػاعدة االقتصػادية ومػذكرات‬
‫تفػػاىم تتعلػػق بمشػػاكل قػػد تنػػتج عػػن العمليػػات العسػػكرية األمريكيػػة فػػي ليبيػػا‪ ،‬وبموجػػب نصػػوص‬
‫المذكرات تعهدت الواليػات المتحػدة بإعطػاء ليبيػا ٓٔ مليػوف دوالر سػنوياً علػى شػكل مسػاعدة‬
‫اقتصػ ػػادية مػ ػػن ٓ‪ ٜٔٙ‬وحتػ ػػى ٗ‪ ،ٜٔٙ‬فض ػ ػالً عػ ػػن مليػ ػػوف دوالر سػ ػػنوياً مػ ػػن ٘‪ ٜٔٙ‬وحتػ ػػى‬
‫ٔ‪.)ٕ٘(ٜٔٚ‬‬
‫لق ػػد ك ػػاف م ػػنح المس ػػاعدة المالي ػػة األمريكي ػػة لليبي ػػا ى ػػو العام ػػل الحاس ػػم ف ػػي تخط ػػيط‬
‫السياسة األمريكية تجاه ليبيا‪ ،‬فعلى الرغم من بذؿ الواليػات المتحػدة األمػواؿ بصػفة مسػاعدات‬
‫لدوؿ العالم العديدة تحت مبدأ مػونرو أو مشػروع مارشػاؿ‪ ،‬فإنَّهػا كانػت تبخػل علػى ليبيػا‪ ،‬وعلػى‬
‫الرغم من أىمية موقعها االسػتراتيجي ووجػود قاعػدة عسػكرية جويػة وصػاروخية مثػل ويلػوس علػى‬
‫أرضػػها‪ ،‬ومتاخمتهػػا لقػػوة تقدميػػة مثػػل مصػػر‪ ،‬فػ َّ‬
‫ػإف الواليػػات المتحػػدة كانػػت شػػحيحة فػػي مػػنح‬
‫المسػػاعدة التػػي تطلبهػػا ليبيػػا‪ ،‬ناىيػػك عػػن شػػركات الػػنفط األمريكيػػة الموجػػودة والعاملػػة فيهػػا‪ ،‬إذ‬
‫ًف الواليات المتحدة كانت تحاوؿ التملص من التزاماتهػا الماليػة وأ ْف تتحايػل علػى بريطانيػا‬ ‫يبدو أ َّ‬
‫التػػي أثقػػل كاىلهػػا اإلنفػػاؽ علػػى مصػػالحها فػػي أرجػػاء األرض ب ػأَ ْف تتحمػػل معهػػا جػػزءاً كبيػػراً مػػن‬
‫المساعدات المالية‪ ،‬في الوقت الذي تتمتع فيو بتفوقها في مجػاؿ االسػتثمارات النفطيػة فػي ليبيػا‬
‫على حساب بريطانيا او غيرىا‪.‬‬

‫امتيازات النفط األمريكية في ليبيا‬


‫ترجع أولى االتصػاالت بشػركات الػنفط األمريكيػة والحكومػة الليبيػة الػى تمػوز ٗ٘‪ٜٔ‬‬
‫حين التقى رئيس الوزراء مصطفى بن حليم (ٖ٘) بمدراء تلك الشػركات أثنػاء زيارتػو إلػى الواليػات‬
‫المتحدة‪)٘ٗ(.‬إذ أبدت تلػك الشػركات رغبتهػا فػي التنقيػب عػن الػنفط فػي ليبيػا وعلػى وفػق قػانوف‬
‫التعػػدين الػػذي أصػػدرتو الحكومػػة الليبيػػة سػػنةٖ٘‪ ،)٘٘( ٜٔ‬ولػػدى حصػػوؿ الشػػركات األمريكيػػة‬
‫النفطيػػة علػػى موافقػػة الحكومػػة الليبيػػة باشػػرت بعمليػػات التنقيػػب فػي ليبيػػا باالشػػتراؾ مػػع شػػركات‬

‫‪553‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫بريطانيػػة وفرنسػػية كانػػت قػػد سػػبقتها الػػى الميػػداف الليبػػي ‪،‬وسػػرعاف مػػا تفوقػػت علػػى سػػابقاتها مػػن‬
‫(‪)٘ٙ‬‬
‫ناحية كثرة الشركات األمريكية ومن ناحية اإلمكانيات‪.‬‬

‫‪533‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫استمرت عمليات التنقيب منذ سػنة ٗ٘‪ ٜٔ‬وحتػى سػنة ‪ ٜٔ٘ٚ‬مػن دوف العثػور علػى‬
‫الػػنفط بكميػػات تجاريػػة عل ػى الػػرغم مػػن تأكيػػدات المسػػوح الجيولوجيػػة بػػاف ليبيػػا تحتػػوي علػػى‬
‫مخزوف ىائل من النفط ‪ ،‬حتى أعلنت شركة ‪ ESSO‬األمريكية عن عثورىا على أوؿ بئر نفطيػة‬
‫فػػي منطقػػة (بئػػر عطشػػاف ) الصػػحراوية أواخػػر سػػنة ‪ ، ٜٔ٘ٚ‬وقػػدرت إنتاجيتػػو ب ٓٓ٘ برميػػل‬
‫يوميا‪ .‬بيد أف الشركة قللت من أىمية ذلك البئر بحجػة انػو يقػع فػي منطقػة صػحراوية بعيػدة ولػم‬
‫تبد الكثير من التفاؤؿ للتقليل من قيمة ذلك االكتشاؼ (‪.)٘ٚ‬ثم قامت شركة ‪ OSIS‬بحفر أوؿ‬
‫بئر لها في حوض سيرت سنة ‪ ٜٔ٘ٛ‬وكاف إنتاجو يقدر بٓٓ٘ برميل يوميا ‪ ،‬وقد صنف أيضا‬
‫علػػى انػػو غيػػر تجػػاري مػػع تأكيػػد المسػػوح الجيولوجيػػة علػػى احتػواء حػػوض سػػيرت نفطػػا بكميػػات‬
‫(‪)٘ٛ‬‬
‫تجارية‪.‬‬
‫والحقيقػػة إف اإلنتػػاج النفطػػي التجػػاري الليبػػي بػػدا فعليػػا منػػذ أواخػػر ‪ ،ٜٔ٘ٛ‬وادعػػت‬
‫الحكومػػة األمريكيػػة أنهػػا ستسػػعى الف تحػػرز تعاونػػا بػػين الشػػركات النفطيػػة األمريكيػػة والحكومػػة‬
‫الليبيػػة مػػن اجػػل أف يػػتم االسػػتفادة منهػػا لصػػالح الشػػعب الليبػػي ولػػيس لصػػالح الملػػك وحاشػػيتو‬
‫(‪)ٜ٘‬‬
‫بحسػػب م ػزاعم األمػػريكيين‪ ،‬بيػػد أ َف ذلػػك االسػػتثمار كػػاف يشػػكل مشػػكلة فعليػػة‬ ‫فحسػػب‪،‬‬
‫للحكومػػة األمريكية‪،‬فالشػػركات النفطيػػة األجنبيػػة فػػي ليبيػػا بشػػكل عػػاـ واألمريكيػػة منهػػا بشػػكل‬
‫خاص ‪ ،‬كانت غير راغبة في االندفاع باستخراج النفط في ليبيا حتى ال يتعرض موقعا في الشرؽ‬
‫األوسط للخطر‪ ،‬ذلك أف مجلس األمن القومي قد سن قانونا كػاف يهػدؼ مػن تطبيقػو إلػى إجبػار‬
‫الشركات النفطية رسميا على تطوير واستثمار حقوؿ النفط الليبية بأسرع ما يمكن مما سينعكس‬
‫على مضاعفة اإلنتاج النفطي في الشرؽ األوسط فيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط وتضطر تلػك‬
‫الشركات إلى إبراـ عقود جديدة أخرى مػع دوؿ مثػل إيػراف السػتخراج كميػات اكبػر فػي األسػعار‬
‫نتيجػػة تلػػك الزيػػادة فػػي ليبيػػا‪ ،‬لػػذا كانػػت الشػػركات األمريكيػػة حريصػػة علػػى عػػدـ الكشػػف عػػن‬
‫(ٓ‪)ٙ‬‬
‫المسوح التي تؤكد وجود النفط باحتياطي كبير في ليبيا‪.‬‬
‫لم تستطع الشركات األمريكية على الرغم من زعمها أف الحقوؿ التػي اكتشػفت الحقػا‬
‫بمنطقة سيرت في سنة ‪ ٜٜٔ٘‬ىي غير مصنفة ضمن النطاؽ التجاري ‪ ،‬أف تخفي حقيقة مقدار‬
‫ىذه الثروة ‪ ،‬إذ إ َف ٗٔ حقال بما فيها حقل (زلتن)الذي كاف حقال عمالقا بالقياسات العالميػة ‪،‬‬

‫‪533‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫فاضػطرت الشػػركات األمريكيػػة لالعتػػراؼ بػػاف ليبيػػا ستصػػبح دولػػة نفطيػػة علػػى نطػػاؽ عػػالمي‪ .‬تبػػع‬
‫ذلك اكتشاؼ حقػوؿ أخػرى مثػل بئػر واحػو وبئػر دفػو وبئػر حػوره وبئػر رقبػة وسػارير سػنة ٔ‪ٜٔٙ‬‬
‫(ٔ‪)ٙ‬‬
‫واستمرت االكتشافات حتى أواخر الستينيات‪.‬‬
‫إف معظم الشركات النفطية األجنبية العاملة في ليبيا كانت أمريكيػة وىػي مسػيطرة علػى‬
‫اكبر عمليات التنقيب في ليبيا وليس للحكومػة األمريكيػة أي تػأثير فػي سياسػتها‪ ،‬لػذا فػاف مػنهج‬
‫التباطؤ ىذا لم يكن سياسة حكوميػة بػل سياسػة الشػركات النفطيػة التػي تخضػع عنػد وضػعها الػى‬
‫قوانين العرض والطلب في أسواؽ العالم النفطية ‪ ،‬أما مخاوؼ الحكومػة األمريكيػة فكانػت تنبػع‬
‫من حقيقة معرفتها باالحتياط الليبي وتوقعها معرفة الليبيين إف عاجال أـ آجال بحقيقة ىذه الثروة‬
‫‪ ،‬عنػػد ذاؾ سػػيطالب الشػػركات األمريكيػػة باسػػتثمارات أسػػرع وبإنتػػاج اكبػػر إلنعػػاش اقتصػػاده ‪،‬‬
‫وسيخلق ذلك نوعا من الفوضى في المنطقة وسيرفض الليبيوف االعتماد على المعونات األجنبيػة‬
‫بعد أف يكتشفوا وجود الثروة الهائلة فيضعف في النهاية ارتباطهم بالواليات المتحدة التػي تػدفع‬
‫(ٕ‪)ٙ‬‬
‫ىذه المعونات‪.‬‬
‫وفػػي ىػػذا السػػياؽ قػػدمت ىيئػػة العمليػػات المشػػتركة فػػي تشػػرين األوؿ ‪ ٜٜٔ٘‬تقريرىػػا‬
‫الخاص عن االستثمارات النفطية األمريكية فػي ليبيػا ‪ ،‬احتػوى عػدة ركػائز علػى اإلدارة األمريكيػة‬
‫أف تبني عليها سياستها تجاه ليبيا ‪،‬إذ يذكر التقرير أف اكتشافات النفط ستؤثر على كػل عمليػات‬
‫وفعاليات وأنشطة الواليات المتحدة في ليبيا ‪،‬واف ليبيا دولة فقيرة وستصبح غنية بشكل مفػاجة‬
‫نتيجػػة تػػدفق الثػػروة النفطيػػة ممػػا سػػيربك األوضػػاع الداخليػػة فيهػػا ‪ ،‬ال سػػيما أف التقريػػر توقػػع أف‬
‫يكوف النفط الليبي في موقع تنافس عاؿ في أوربا الغربية بفضل حصة شركة ‪ ESSO‬فػي زيػادة‬
‫تجهيزىػػا لألسػػواؽ األوربيػػة الغربيػػة مػػن إنتاجهػػا مػػن الػػنفط الليبػػي والمتوقػػع اف يبلػػغ ٖٓٓ ألػػف‬
‫(ٖ‪)ٙ‬‬
‫برميل يوميا سنة ٘‪.ٜٔٙ‬‬
‫توقع ػػت اإلدارة األمريكي ػػة ‪ ،‬وبحس ػػب ى ػػذا التقري ػػر ‪ ،‬أف العالق ػػات األمريكي ػػة الليبي ػػة‬
‫سيص ػػيبها التغيي ػػر ‪ ،‬ذل ػػك أف ليبي ػػا كان ػػت ترغ ػػب ف ػػي الوج ػػود األمريك ػػي م ػػن واق ػػع الحاج ػػة إل ػػى‬
‫ا لمساعدات األمريكية حسػب ‪ ،‬واف تطػور وزيػادة النتػاج النفطػي الليبػي سػوؼ يحسػن مػن البنيػة‬
‫االقتصػادية فيهػا فػػال تحتػاج الػى مسػػاعدة الواليػات المتحػػدة ‪ ،‬فضػال عػن التػػأثير علػى العالقػػات‬

‫‪532‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫الدوليػػة فػػي المنطقػػة بأكملهػػا‪ .‬ولعػػل أوؿ التػػأثيرات علػػى تلػػك العالقػػات سػػيكوف بشػػاف حصػػوؿ‬
‫الشػػركات النفطيػػة علػػى األيػػدي العاملػػة الفنيػػة لتلبيػػة احتياجػػات توسػػيع الصػػناعة النفطيػػة وتنػػافس‬
‫ىذه الشركات للحصػوؿ عليهػا ‪ ،‬واف مػن المؤكػد أف اليػد العاملػة المصػرية سػتكوف الرافػد األوؿ‬
‫لتلبية ىذه الحاجة ‪ ،‬واف قدوـ ىؤالء المصريين سيعزز من قوة التيار الناصري بين مختلف فئات‬
‫الشعب العربي في ليبيا ‪ ،‬وسيسعى جماؿ عبد الناصر جادا من اجل السيطرة على ليبيػا ‪ ،‬وعليػو‬
‫(ٗ‪)ٙ‬‬
‫‪ ،‬فمن األفضل اإلسراع بتامين توفير الفنيين او المدربين األمريكاف وإرسالهم إلى ليبيا‪.‬‬
‫إف التهديد الليبي بتوقف طلب المساعدات األمريكية الناتج عن زيادة عوائػد الػنفط ‪،‬‬
‫جعػػل اإلدارة األمريكيػػة تفكػػر فػػي تحويػػل ىػػذه المعونػػات الػػى قػػروض للحكومػػة الليبيػػة وبػػذلك‬
‫تضػمن اسػػتمرار إشػغاؿ تسػػهيالتها ومنشػلتها العسػػكرية فػي ليبيػػا ‪ ،‬شػرط أف تكػػوف ىػذه القػػروض‬
‫مصػػرفية تمػػنح عػػن طريػػق مصػػارؼ االس ػتيراد والتصػػدير الخاصػػة األمريكيػػة حفاظػػا علػػى اسػػتقرار‬
‫االقتصاد الليبي لدى تدفق عوائد الػنفط مػع وجػود المسػاعدات مػن جهػة (٘‪ ،)ٙ‬ولضػماف ارتبػاط‬
‫ليبيا باالتفاقية العسكرية مع الواليات المتحدة‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬فػاف تػدفق الػنفط الليبػي لػن يكػوف مهمػا‬
‫فػػي تقليػػل اعتمػػاد أوربػػا علػػى نفػػط الشػػرؽ األوسػػط ‪ ،‬قػػدر األىميػػة التػػي سػػيحدثها بتغييػػر البنيػػة‬
‫الداخلية االجتماعية واالتجاىات السياسية الموجودة داخلها التي سػتكوف لصػالح التيػار القػومي‬
‫المدعوـ من مصر ‪ ،‬وبذلك يصبح العرش الليبي في خطر ويختل التوازف السياسي الثابت نسػبيا‬
‫‪ ،‬وال ػ ػ ػػذي اس ػ ػ ػػتطاع المل ػ ػ ػػك إدري ػ ػ ػػس ‪ ،‬الم ػ ػ ػػوالي للغ ػ ػ ػػرب ‪ ،‬أف يح ػ ػ ػػافظ علي ػ ػ ػػو من ػ ػ ػػذ إع ػ ػ ػػالف‬
‫االسػتقالؿ‪)ٙٙ(.‬مػػن جانػب آخػػر ‪ ،‬سػػيؤثر الػنفط مػػن انػػدفاع ليبيػا نحػػو إقامػػة اتحػاد شػػماؿ أفريقيػػا‬
‫الذي سعت الواليات المتحدة إلتمامو(‪ )ٙٚ‬للحفاظ على مصالحها في المنطقة‪.‬‬
‫قدرت الحكومة األمريكية استثماراتها النفطية المدعومة حكوميا بحوالي ٓٓٔ مليػوف‬
‫دوالر خصصت لتطوير منابع النفط الليبي سنة ٓ‪ ٜٔٙ‬وىو مبلغ يساوي مجموع الناتج القومي‬
‫الليبي قبل بدء اكتشاؼ النفط ‪،‬واف جزء من ىذا المبلغ سيكوف بمثابة تكاليف الشركات وتوزع‬
‫على أف يكوف ثلثهػا الػى نصػفها علػى شػكل اسػتيراد معػدات وتجهيػزات السػتخراج الػنفط ‪ ،‬واف‬
‫ثلث استثمار ذلك المبلغ سيكوف على شكل صفقات تأجير عماؿ ليبيين ‪،‬التي يجػب أف تكػوف‬

‫‪535‬‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا ‪ٜٔٙٓ-ٜٔ٘ٛ‬ـ في ضوء وثائق الخارجية‪...‬‬
‫أ‪ .‬ـ‪ .‬د‪ .‬سمية أمين ياسين‬
‫على مسػتوى عػاؿ مػن اإلدارة ‪ ،‬وتوجيػو المنظمػات العماليػة الليبيػة علػى غػرار النسػق الغربػي مػن‬
‫اجػػل توثيػػق العالقػػات مػػع الواليػػات المتحػػدة‪)ٙٛ(.‬كمػػا يسػػتغل المبلػغ لتػػوفير تجهيػزات اإلنتػػاج ‪،‬‬
‫وبذلك تكوف ىذه النفقات بمثابة تبادؿ خارجي مهم يمكن أف يستثمر في تمويل الػواردات غيػر‬
‫(‪)ٜٙ‬‬
‫النفطية‪.‬‬
‫إف سياسة الشركات األمريكية النفطية العاملة في ليبيا كانت تتعارض مع سياسة اإلدارة‬
‫األمريكي ػػة ف ػػي ى ػػذا القط ػػر ‪ ،‬فالحكوم ػػة األمريكي ػػة كان ػػت تس ػػعى لل ػػتخلص م ػػن ع ػػبء تك ػػاليف‬
‫المسػػاعدات التػػي تمنحهػػا لليبيػػا عػػن طريػػق اإلسػػراع فػػي اسػػتثمار حقػػوؿ الػػنفط وتحويػػل المبػػالغ‬
‫المدفوعػػة السػػتغالؿ القاعػػدة ولػػوس إلػػى بػػدالت إيجػػار ولػػيس مػػنح مسػػاعدة ‪ ،‬فػػي الوقػػت الػػذي‬
‫كانت فيو الشػركات النفطيػة تحػاوؿ إخفػاء الحقيقػة بشػاف إمكانيػات ليبيػا النفطيػة الهائلػة كػي ال‬
‫تتعػػرض أسػػواؽ الػػنفط العالميػػة ومسػػتويات األسػػعار فيهػػا إلػػى خلػػل يمكػػن أف يهػػدد اسػػتثماراتها‬
‫النفطية في أماكن أخرى السيما األقطار العربية أو إيراف‪.‬‬

‫هوامش البحث‬
‫_____________________‬

‫‪)1) United States - Treaties and Other International‬‬


‫‪Agreements , 1955 - part 4.‬‬
‫(ٕ) للتفاصيل‪ ،‬سمية أمين ياسين‪ ،‬السفارة األمريكية والنفوذ السوفيتي في ليبيا ٗ٘‪-ٜٔ‬‬
‫‪ ،ٜٔ٘ٙ‬مجلة دراسات في التاريخ واآلثار‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬العدد ٓٔ‪،‬‬
‫‪.ٕٜٓٓ‬‬
‫‪)3) Foreign Relation of United States of America 1955-1957,‬‬
‫‪XV111,‬‬
‫‪U. S. Government Printing Office, Washington 1989, Letter‬‬
‫‪From the under Secretary of State for Political Affairs‬‬
‫‪(Murphy) to the Assistant Secretary of Defense for the‬‬
‫‪International Security Affairs (Gray), jan 8, 1957, p.463.‬‬

‫‪533‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
‫آذار (ٕٓٔٓ)‬ ‫العدد (ٖ)‬ ‫المجلد (‪)ٔٚ‬‬

‫(ٗ) كهالف كاظم حلمي‪ ،‬السياسة األمريكية تجاه ليبيا ‪ ،ٜٔ٘ٚ-ٜٜٔٗ‬مركز جهاد الليبيين‬
‫للدراسات التاريخية‪ ،‬سلسلة الدراسات التاريخية (ٓ٘)‪ ،‬بنغازي‪ ،ٕٖٓٓ ،‬صٗٓٔ‪.‬‬
‫‪)5) F. R. U. S. 1955-1957. Vol. XV111, Telegram from the‬‬
‫‪Embassy in the United Kingdom to the Department of‬‬
‫‪State, Jan 15, 1957, P. 465.‬‬
‫‪)6) Ibid, letter of Jan 8, 1957, op-cit, p. 463 .‬‬
‫‪)7) F. R. U. S. 1958-1960. Vol. X111, United States,‬‬
‫‪Government Printing Office, Washington, 1992, 339,‬‬
‫‪National Security Council Report 6004\1, Washington,‬‬
‫‪March 15, 1960, pp. 741-742 .‬‬
‫‪)8) F. R. U. S. Vol. XV111,1955-1957. Telegram from the‬‬
‫‪Embassy in the Libya to the department of state, Dec 29,‬‬
‫‪1957, P. 508 .‬‬
‫السيِّد عبدا لمجيد كعبّار ابن المجاىد الهادي كعبّار‪ .‬ولد في ‪ ٜ‬مايو ‪ٜٜٔٓ‬ـ بمدينة‬
‫(‪ّ )ٜ‬‬
‫طرابلس‪ ،‬واصل تعليمو الجامعي في إيطاليا حتَّى تحصل على ليسانس حقوؽ شارؾ في‬
‫واختير عضواً بالجمعيّة الوطنيّة التأسيسيّة‪ .‬أُنتخب‬
‫تأسيس "حزب االستقالؿ" بطرابلس ُ‬
‫ثم‬
‫عضواً في البرلماف في ّأوؿ انتخابات نيابيّة بعد االستقالؿ في فبراير‪ /‬شباط ٕ٘‪ٜٔ‬ـ ّ‬
‫ألوؿ مجلس نيابي‪ .‬عيِّن في ‪ ٕٙ‬أبريل ٘٘‪ٜٔ‬ـ وزيراً للمواصالت ونائباً لرئيس‬
‫رئيساً ّ‬
‫الرابعة‬
‫الس ُنوسي برئاسة الحكومة (الحكومة ّ‬
‫إدريس ُّ‬
‫الوزراء في وزارة بن حليم‪ .‬كلفو الملك ْ‬
‫في العهد الملكي) في مايو‪ /‬أيار ‪ٜٔ٘ٚ‬ـ‪ ،‬واستمرت حكومتو حتَّى ‪ ٔٙ‬أكتوبر‪ /‬تشرين‬
‫األوؿ ٓ‪ٜٔٙ‬ـ‪ ،‬سجل عبد المجيد كعبّار أطوؿ مدة لرئيس وزراء – ثالث سنوات وخمسة‬
‫ّ‬
‫أشهر – خالؿ حقبة العهد الملكي بسنواتها الثمانيّة عشر‪ .‬استقاؿ من منصبو بسبب‬
‫اتهامات وجهت لحكومتو بالتورط في قضايا فساد مالي فيما ُعرؼ بقضيّة مشروع طريق‬
‫فزاف‪.‬‬

‫‪533‬‬
...‫ٔـ في ضوء وثائق الخارجية‬ٜٙٓ-ٜٔ٘ٛ ‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا‬
‫ سمية أمين ياسين‬.‫ د‬.‫ ـ‬.‫أ‬

‫ وثيقة‬،ٜٔ٘ٛ/ٔ/ٚ ،ٖٔٔ/ٕٜٙٙ/‫المفوضية الملكية العراقية‬،‫(ٓٔ) دار الكتب والوثائق‬


.ٗٗ‫ ص‬،ٕٚ
)11) F. R. U. S.,1955-1957, Vol. XV111, Editorial Note, pp.
505-506 .
)12) Ibid, , Telegram from the Embassy in the Libya to the
department of state, Dec 29, 1957, pp. 508-509.
)13) Ibid, 1958-1960, Vol. X111, No. 329, Memorandum of
Discussion at the Department of state joint chief of staff
meeting – pentagon, Washington, Feb 14, 1958, p. 722 .
)14) Ibid.
)15) Ibid, pp. 722-723.
)16) Ibid,No.339,of March 15,1960 p. 743 .
)17) Ibid, , No. 328.Editorial Note , p. 720 .
)18) Ibid .P721
)19) Ibid .
)20) Ibid. No.339.National Security Council Report
NSC6004\1,March,15,1960.742.
)21) Ibid, No. 331, Letter From Deputy Under Secretary of
State for Political Affairs (Murphy) to The Assistant
Secretary of Defense International Security Affairs
(Sprague ),Washington, of Sep 20, 1958 - 726 .
)22) Ibid, No. 332, Editorial Note, pp. 726-727 .
‫ تقرير السفارة العراقية في‬،‫ ملفات وزارة الخارجية‬،‫ وثائق البالط الملكي‬.‫ و‬.‫ ؾ‬.‫(ٖٕ) د‬
‫ٔٔٗ بتاريخ‬/ٕٔٚٚ ‫ رقم الملف‬،‫طرابلس بخصوص تعديل االتفاقية الليبية األمريكية‬
.٘ٓ‫ ص‬،ٔٙ ،ٜٜٔ٘/ٕ/ٛ
)24) Ibid, No. 332, op. cit, p 727 .
.٘ٔ‫ ص‬،ٔٙ‫ و‬،ٜٜٔ٘/ٕ/ٛ ‫ تقرير السفارة في‬.‫ و‬.‫ ؾ‬.‫(ٕ٘) د‬

533
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
)ٕٓٔٓ( ‫آذار‬ )ٖ( ‫العدد‬ )ٔٚ( ‫المجلد‬

)26) F. R. U. S.,1958-1960 Vol. X111, No. 336 of May 22-


1959, p. 731.
)27) Ibid .
.٘ٔ‫ ص‬،ٔٙ‫ و‬،ٜٜٔ٘/ٕ/ٛ ‫ تقرير السفارة العراقية في‬،.‫ و‬.‫ ؾ‬.‫ٕ) د‬ٛ(
)29) F.R.U.S, 1958-1960, Vol. X111, No. 336 , of May 22-
1959, p. 732 .
)30) Ibid, .
)31) Ibid, No. - 337 - Memorandum of Discussion at the 422d
Meeting of the national security council, Washington, Oct
29, 1959, p. 734 .
)32) Ibid, No. - 336 - Memorandum of Discussion at the 436th
Meeting of the national security council, Washington,
March 10, 1960, p. 735 .
)33) Ibid,.
.‫ المصدر السابق‬،‫(ٖٗ) سمية أمين‬
)35) F. R. U. S., 1955 - 1957, VlmX111, op.cit, National
Intelligence Estimate, NIE 36-5-56, June, 9, 1956, p. 454.
)36) Ibid, No. 339, of March, 15, 1960, pp. 740-741.
)37) Ibid, pp. 744-745.
)38) Ibid, pp. 745-746 .
)39) Ibid, p. 741-fp .
)40) Ibid, p. 747 .
)41) Ibid, pp. 747-748 .
)42) Ibid, .
)43) Ibid, .
)44) Ibid, p. 748 .

533
...‫ٔـ في ضوء وثائق الخارجية‬ٜٙٓ-ٜٔ٘ٛ ‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية تجاه ليبيا‬
‫ سمية أمين ياسين‬.‫ د‬.‫ ـ‬.‫أ‬

)45) Ibid, .
)46) Ibid, p. 749 .
)47) Ibid, .
)48) Ibid, No. 340, Letter from the Under Secretary of State
(Dillon) to the Acting Secretary of Defense (Douglas),
Washington, March 26-1960, p. 750.
)49) Ibid, p. 751 .
)50) Ibid, No. - 341 - Memorandum on the Substance of
Discussion at the Department of State - Joint Chiefs of
Staff Meeting, Pentagon, Washington, Apr 15, 1960, p.
752.
)51) Ibid, No. 343, Editorial Note, p. 754.
)52) Ibid, p. 755 .
‫ ىػاجرت‬، ‫ والده من مواليد درنو‬، ٜٕٔٔ ‫ولد في اإلسكندرية سنة‬: ‫(ٖ٘) مصطفى بن حليم‬
‫تلقى تعليمو في مدرسة فرنسية في اإلسكندرية ثػم انتقػل‬، ٜٔٔٔ ‫عائلتو الى مصر سنة‬
‫ عمػػل بعػػد تخرجػػو فػػي شػػركة‬.‫الػػى القػػاىرة والتحػػق بكليػػة الهندسػػة فػػي جامعػػة القػػاىرة‬
‫ ليبيػا الحديثػة‬، ‫ مجيػد خػدوري‬.ٜٜٔٗ ‫ وعاد الى برقة سػنة‬، ‫إنشاءات في اإلسكندرية‬
‫ص ص‬،ٜٔٙٙ ، ‫بيروت‬،‫ ناصػ ػ ػػر الػ ػ ػػدين االسػ ػ ػػد‬: ‫مراجعػ ػ ػػة‬، ‫نيقػ ػ ػػوال زيػ ػ ػػادة‬: ‫ترجمػ ػ ػػة‬،
ٕٚٛ_ٕٚٚ
(54) F.R.U.S. 1952 - 1954, part 1,vol.X1,Government Office
Press ,Washington, 1988,The Secretary of State to The
Legation in Libya, Washington,july2 -1954.p591.
ٖٚٛ‫ص‬، ‫ المصدر السابق‬، ‫(٘٘) مجيد خدوري‬
(56) F.R.U.S.1958 - 1960. Vol. X111. memorandum of
Conversation between The President and Libyan
Ambassador (Mansur),white House, Washington ,jun
23,1958.p.724.

533
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم اإلنسانية‬
)ٕٓٔٓ( ‫آذار‬ )ٖ( ‫العدد‬ )ٔٚ( ‫المجلد‬

.ٗٗ ‫ص‬،ٕٚ‫و‬.ٜٔ٘ٛ\ٔ\ٚ ‫\ٖٔٔ في‬ٜٙٙ ‫\ملفات البالط الملكي‬.‫و‬.‫ؾ‬.‫٘) د‬ٚ(


(58) Reel-10 f 8 , the special studies series, Middle East 1982-
1985 supplement.
(59)F.R.U.S.1958-1960. Vol.X111. no.333, Memorandum of
Discussion ,Washington, Dec 4,1958.p728
(60)Ibid.No.335,Memorandum of Discussion ,Washington ,
may 13,1959.p.730.
(61) Reel 10 f 8.op.cit.
(62) Ibid.
(63) F.R.U.S.1958-1960.Vol X111.no.337,of Oct29,1959.pp
733- 734.
(64)Ibid.p.734.
(65) Ibid.no.338,of Mar 10,1960.p.738.
(66) Ibid.no.339.of Mar 15,1960.p.740.
(67) Ibid.p.744.
(68) Ibid.pp.748-749.
(69) Ibid.p.745.

533

You might also like