You are on page 1of 36

‫ ابراھيم فنجان االمارة‬.‫د‬.‫م‬.

‫أ‬ ١٩٧٠ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا‬

١٩٧٠ ‫االنسحاب األمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا‬


‫األستاذ المساعد الدكتور‬
‫إبراھيم فنجان اإلمارة‬
‫ كلية التربية للعلوم اإلنسانية‬- ‫جامعة البصرة‬
: ‫الملخص‬
‫ قاعدة وايلس واھميتھا في مسار العالقات االمريكية الليبية‬، ‫ في بدايته‬،‫تناول ھذا البحث‬
‫ ثم بحث في االنسحاب‬،١٩٦٩ ‫ حتى قيام ثورة الفاتح من ايلول‬١٩٥١ ‫منذ استقالل ليبيا عام‬
‫محاوال التركيز على التغيرات المحلية واالقليمية‬، ١٩٧٠ ‫االمريكي من القاعدة المذكورة في تموز‬
‫ وأدت الى اتخاذ االدارة االمريكية )ادارة‬،‫ او تزامنت معھا‬،‫والدولية التي نجمت عن قيام الثورة‬
‫ وظھر ان ابرز تلك المتغيرات يتعلق بالمصالح النفطية االمريكية في ليبيا‬.‫نيكسون( قرار االنسحاب‬
‫ السيما بعد انتھاج النظام الليبي الجديد سياسة قومية‬،‫وخشية الواليات المتحدة من تعرضھا للخطر‬
.‫موالية لعبد الناصر ومعادية إلسرائيل والغرب‬

The American Withdrawal from Wheelus Base, Libya 1970

Asist.pro. Ibraheem Finjan AL-Amara


Basrah University -College of Education

The paper covers the importance of Wheelus base in Libya and its importance to the
bilateral relations between Libya and America from the independence of Libya in
1951 to the Revolution of 1969. The study investigates the American withdrawal in
1970 concentrating on the regional local and international variables that resulted from
the revolution or were concurrent to it that pushed the Nixon administration to
withdraw. One of these variables was American petroleum interest in the area and the
fear from being subjected to danger. The new Libyan regime at that time adopted
a nationalistic policy by supporting the Egyptian president Jamal Abdul Nasser and
launching enmity towards Israel .

٢٠١٣ ‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول‬


( ٢٦٣ )
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫المقدمــة ‪:‬‬
‫منذ ظھور بوادر الحرب الباردة‪ ،‬بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ابدت‬
‫الواليات المتحدة اھتماما خاصا باستمرار وجودھا العسكري في قاعدة‬
‫ويلس )‪ (Wheelus Air Base‬في ليبيا‪ ،‬التي كانت قد استعملتھا في اثناء الحرب‬
‫العالمية الثانية بموافقة القوات البريطانية‪ ،‬بعد استيالء االخيرة عليھا من ايدي قوات‬
‫المحور عام ‪.١٩٤٣‬‬
‫اصبحت تلك القاعدة احدى الركائز االساسية لضمان تحقيق االھداف‬
‫الستراتيجية االمريكية في الشرق االوسط وشمال افريقيا‪ ،‬المتمثلة بالحيلولة دون‬
‫تغلغل النفوذ السوفيتي في المنطقة واإلفادة من مواردھا‪.‬‬
‫ووفقا لھذه االھمية‪ ،‬مع حاجة ليبيا الى المساعدات االقتصادية مقابل‬
‫االستعمال األمريكي لھا‪ ،‬أصبحت القاعدة المحدد الرئيس لمسار العالقات االمريكية‬
‫منذ استقالل ليبيا عام ‪ ١٩٥١‬وحتى اكتشاف النفط الليبي عام ‪ ، ١٩٥٩‬وعامال‬
‫اساسيا مؤثرا في طبيعة تلك العالقات للمدة ‪، ١٩٦٩-١٩٥٩‬الى جانب العاملين‬
‫االخرين المتمثلين بأعمال الشركات النفطية األمريكية في ليبيا‪ ،‬والتصاعد المضطرد‬
‫لتيار القومية العربية بقيادة عبد الناصر‪.‬‬
‫وعلى الرغم من قبول الواليات المتحدة عام ‪ ،١٩٦٤‬التفاوض مع ليبيا حول امكانية‬
‫االنسحاب من القاعدة‪ ،‬تلبية لطلب الحكومة الليبية المدفوع بالضغط الشعبي المتأثر بعبد الناصر‬
‫والقومية العربية‪ ،‬فإنھا لم تكن جادة في قبول االنسحاب الى درجة انھا ركزت دبلوماسيتھا على‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٦٤‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫اقناع الملك ادريس محمد السنوسي)‪ ،(١٩٦٩-١٩٥١‬ان وجودھا في القاعدة ضمان‬


‫لعرشه واستقالل بالده‪ .‬وبذلك تمكنت من تامين وجودھا فيھا حتى قيام ثورة الفاتح من ايلول‬
‫‪.١٩٦٩‬‬
‫ولم يمر اكثر من شھرين ونصف على قيام ثورة الفاتح من ايلول ‪ ١٩٦٩‬في ليبيا‪ ،‬حتى‬
‫ابدت الواليات المتحدة استعدادھا لالنسحاب من القاعدة‪ ،‬وتوصلت الى اتفاق بھذا الشأن مع‬
‫النظام الليبي الجديد في ‪ ٢٣‬كانون االول ‪ ،١٩٦٩‬حدد الحادي عشر من تموز من عام ‪١٩٧٠‬‬
‫موعدا لتسليم القاعدة الى الليبيين بشكل كامل‪ .‬فما ھي االسباب التي حدت بالواليات المتحدة الى‬
‫قبول االنسحاب؟ أھي اسباب تتعلق برؤية ستراتيجية امريكية جديدة تستند الى التطور الكبير‬
‫الذي شھدته الواليات المتحدة والدول المتقدمة االخرى في مجال انتاج الصواريخ العابرة للقارات‬
‫وحامالت الطائرات والغواصات‪ ،‬إلى درجة بات معھا الوجود االمريكي في قاعدة وايلس غير‬
‫ضروري في الحسابات العسكرية الستراتيجية؟ ام انھا ترتبط بوجود الشركات االمريكية النفطية‬
‫والرغبة في استمرار امدادات النفط الليبي الى حلفائھا في اوربا؟ ام ان السياسة الخارجية التي‬
‫انتھجھا النظام الليبي الجديد بعد عام ‪ ١٩٦٩‬تجاه الغرب بشكل عام ‪،‬والواليات المتحدة بشكل‬
‫خاص‪ ،‬ھي االكثر تأثيرا في تبني الواليات المتحدة لھذا الموقف؟‬
‫ھذا البحث محاولة للتوصل الى اجابات مقنعة على تلك االسئلة‪ ،‬مستعينا‪ ،‬بالدرجة‬
‫االولى‪ ،‬بالوثائق االمريكية المنشورة حول الموضوع‪.‬‬

‫قاعدة وايلس واثرھا في العالقات الليبية االمريكية حتى عام ‪:١٩٦٩‬‬


‫كانت قاعدة وايلس في االصل‪ ،‬مطار للمالحة الجوية انشأه االيطاليون عام ‪ ،١٩٢٣‬اي‬
‫بعد اثني عشر عاما من احتاللھم ليبيا عام ‪ . ١٩١١‬وخالل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬توسع ھذا‬
‫المطار من حيث المساحة وازدادت اھميته بعد ان انضمت القوات الجوية االلمانية الى حليفتھا‬
‫االيطالية في استعمال لدعم عملياتھما الحربية في شمال افريقيا‪ ،‬اال ان القوات البريطانية تمكنت‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٦٥‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫من فرض سيطرتھا عليه في مطلع عام ‪ . ١٩٤٣‬ومنذ ذلك التاريخ اصبح بمقدور القوات الجوية‬
‫االمريكية استعمال ھذا المطار في تنفيذ طلعاتھا الجوية ضد دول المحور‪ ،‬بموجب االذن الذي‬
‫منحته بريطانيا لھا لضرورات الحرب )‪ ، (١‬بيد ان الوجود العسكري االمريكي استمر في المطار‬
‫المذكور الى ما بعد نھاية الحرب العالمية الثانية‪ .‬وكان االمريكيون قد اطلقوا عليه اسم )قاعدة‬
‫وايلس الجوية( في ‪ ١٧‬مايس ‪ ،١٩٤٥‬تخليدا لذكرى طيار امريكي يحمل ھذا االسم قتل اثناء‬
‫الحرب في وقت مبكر من العام المذكور)‪. (٢‬‬
‫وفي السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية‪ ،‬استمرت االدارتان البريطانية والفرنسية‬
‫في ليبيا‪ ،‬في حين جمدت الواليات المتحدة نشاطاتھا في القاعدة المذكورة في ايار من عام‬
‫‪ ،١٩٤٧‬بل وعرضتھا ومنشآتھا للبيع‪ ،‬لكنھا عادت وسحبت عرض البيع من االسواق العالمية‬
‫نتيجة لتصاعد الحرب الباردة مع االتحاد السوفيتي الذي كان يحاول الحصول على موطئ قدم‬
‫لنفوذه في ليبيا منذ طرحه فكرة وصايته على طرابلس في مؤتمر بوتسدام )‪ (٣‬عام ‪. (٤) ١٩٤٥‬‬
‫وھكذا اصبحت ليبيا احدى ميادين التنافس بين الواليات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من‬
‫جھة‪ ،‬واالتحاد السوفيتي من جھة اخرى‪ ،‬فضال عن تمسك ايطاليا بتبعية ليبيا لھا‪ ،‬لما لألخيرة‬
‫من موقع ستراتيجي بين الشرقين االدنى واالوسط‪ ،‬وشاطئ طويل على البحر المتوسط جعلھا‬
‫)‪(٥‬‬
‫‪ ،‬االمر الذي جعل االحتفاظ بھذه القاعدة امرا‬ ‫تشرف على شريان حيوي للمواصالت‬
‫)‪(٦‬‬
‫‪ ،‬النھا اصبحت مفتاح الحفاظ على المصالح‬ ‫ضروريا بالنسبة للواليات المتحدة وحلفائھا‬
‫البريطانية واالمريكية في شرق البحر المتوسط‪ .‬وقد ازداد استشعار االمريكيين بأھمية تلك‬
‫القاعدة‪ ،‬بعد وصف وكيل وزارة الخارجية البريطانية اورمي ساركنت )‪،(Orme Sargent‬في‬
‫عام‪ ،١٩٤٨‬لبرقة ذات الساحل الطويل على البحر المتوسط بانھا افضل حاملة طائرات في‬
‫افريقيا رغم قلة القوى البشرية والموارد )‪. (٧‬‬
‫كان الستمرار وجود الحلفاء في ليبيا عامة‪ ،‬والوجود االمريكي في قاعدة وايلس‬
‫خاصة‪ ،‬قد ولد امتعاضا شديدا لدى الشعب الليبي الذي لم ير فيه اكثر من كونه بديال لالستعمار‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٦٦‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫االيطالي البغيض‪ .‬لذلك بدا المسؤولون البريطانيون واالمريكيون يعملون على ايجاد حكومة‬
‫موالية للغرب في ليبيا )‪ ٠ (٨‬ومادام ذلك ال يتم اال باستقالل ليبيا‪ ،‬األمر الذي وجدت فيه واشنطن‬
‫افضل الخيارات المتاحة لتحقيق اھدافھا الستراتيجية في المنطقة )‪ ، (٩‬لذلك جاء دعمھا الستقالل‬
‫ليبيا داخل المنظمة الدولية‪ ،‬اذ اعلنت الجمعية العمومية لألمم المتحدة في ‪ ٢١‬تشرين الثاني‬
‫‪ ١٩٤٩‬ان ليبيا دولة مستقلة وان سكان والياتھا الثالث )طرابلس‪ ،‬برقة‪ ،‬فزان( ھم من سيقرر‪،‬‬
‫بمعاونة مندوب االمم المتحدة‪ ،‬شكل الحكم في بالدھم ويضعوا دستورا لھا‪ ،‬على ان تتشكل‬
‫حكومة ليبية مؤقتة تتسلم السلطات من االدارتين البريطانية والفرنسية‪ ،‬وفقا لبرنامج يضعه‬
‫المندوب المذكور للوصول الى استقالل ليبيا في موعد ال يتجاوز االول من كانون الثاني‬
‫‪.(١٠)١٩٥٢‬‬
‫وفي الوقت الذي كانت فيه الواليات المتحدة تدعم استقالل ليبيا‪ ،‬كانت تعمل على تدعيم‬
‫موقعھا الستراتيجي في قاعدة وايلس بالقرب من طرابلس‪ ،‬فدخلت في مفاوضات مع الحكومة‬
‫الليبية المؤقتة ‪،‬التي تشكلت في ‪ ٢٩‬اذار ‪ ،١٩٥١‬اي قبل حوالي تسعة اشھر من اعالن‬
‫االستقالل‪ ،‬انتھت بتوقيع اتفاقية بين الطرفين في ‪ ٢٤‬كانون األول ‪ ،١٩٥١‬وھو اليوم نفسه الذي‬
‫اعلن فيه االستقالل‪ ،‬حصلت الواليات المتحدة بموجبھا على حق البقاء في قاعدة وايلس لمدة‬
‫عشرين عاما‪ ،‬ومنحتھا السيطرة الكاملة على االجواء والمياه الليبية‪ ،‬وحرية حركة القوات‬
‫االمريكية في جميع انحاء ليبيا‪ ،‬بل ومنحتھا حق استخدام القاعدة المذكورة لقوات من دول‬
‫اخرى‪ ،‬مع اعفاء االمريكيين من جميع الرسوم والضرائب وعدم سريان القانون الليبي على‬
‫افراد ھذه القوات‪ ،‬على ان تحصل ليبيا على مساعدات اقتصادية حددت بمليون دوالر سنويا ‪،‬في‬
‫وقت كانت فيه بأمس الحاجة الى تلك المساعدات ‪،‬لكونھا دولة قيد األستقالل وليس لديھا‬
‫)‪(١١‬‬
‫‪ .‬وقد حرص االمريكيون على ان يكون التوصل الى االتفاق قبل اعالن االستقالل‪،‬‬ ‫موارد‬
‫وان يبقى قيد السرية‪ ،‬بھدف تحجيم االنتقادات التي قد توجه لھم في االمم المتحدة )‪. (١٢‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٦٧‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫وھكذا بدا واضحا ان دعم الواليات المتحدة الستقالل ليبيا‪ ،‬ال يمت بصلة الى‬
‫االدعاءات االمريكية المتمثلة في دعمھا لحقوق الشعوب في تقرير مصيرھا‪ ،‬بقدر ما كان تحقيقا‬
‫ألھداف ستراتيجية امريكية‪ ،‬لم تجد الواليات المتحدة اي خيار لتحقيقھا سوى ليبيا مستقلة موالية‬
‫للغرب بشكل مطلق‪ ،‬مستغلة الظروف االقتصادية الصعبة التي كانت تمر بھا ليبيا قبل انتاج‬
‫النفط‪.‬‬
‫وبينما بدأت القوات االمريكية بتوسيع القاعدة المذكورة على حساب االراضي المجاورة‬
‫لھا‪ ،‬اثيرت تساؤالت في البرلمان الليبي‪ ،‬بعد ثالثة اشھر من تشكيله في ايار ‪ ،١٩٥٢‬حول ما اذا‬
‫كانت تلك التوسعات قد تمت وفقا التفاقية مسبقة مع الحكومة الليبية‪ ،‬وقد اجاب رئيس الوزراء‬
‫)‪(١٣‬‬
‫‪،‬ان اتفاق مبدئي قد وقع مع الحكومة االمريكية في اليوم نفسه الذي‬ ‫الليبي محمود المنتصر‬
‫اعلن فيه االستقالل ‪ ،‬وانه سيعرض على البرلمان الحقا )‪. (١٤‬‬
‫وعندما عرضت االتفاقية على البرلمان‪ ،‬في وقت الحق ‪،‬واجھت معارضة شديدة‪ ،‬لذا‬
‫سعت الحكومة الليبية الى تعديلھا‪ ،‬وبدأت مفاوضات مطولة مع الجانب االمريكي استمرت ألكثر‬
‫من سنتين‪ .‬وكانت قضيتا‪ ،‬مدى خضوع افراد القوات االمريكية للقوانين الليبية‪ ،‬ومقدار المبلغ‬
‫الذي يتوجب على الواليات المتحدة دفعه بدل ايجار للقاعدة‪ ،‬قد شكال عقبتين رئيستين في تلك‬
‫المفاوضات‪ ،‬التي انتھت بتوقيع االتفاقية العسكرية االمريكية الليبية في بنغازي في ‪ ٩‬ايلول‬
‫‪ ،١٩٥٤‬بعد ان وافق االمريكيون بموجبھا على ان يعامل افراد قواتھم‪ ،‬قانونيا‪ ،‬مثلما يعامل افراد‬
‫القوات البريطانية في ليبيا )‪ ، (١٥‬وتعھدوا بمنح ليبيا مزيدا من المساعدات االقتصادية التي بلغت‬
‫حوالي ‪ ٧‬مليون دوالر في عام ‪ .١٩٥٥‬وقد قدمت االتفاقية الى البرلمان في بداية تشرين االول‬
‫من عام ‪، ١٩٥٤‬وتمت الموافقة عليھا في الثالثين من الشھر المذكور بعد مناقشات مطولة )‪.(١٦‬‬
‫وھكذا اقرت االتفاقية بشكل نھائي استخدام القوات الجوية االمريكية والقوات الحليفة لھا‪ ،‬قاعدة‬
‫وايلس‪ ،‬التي اصبحت‪ ،‬لمدة من الوقت‪ ،‬اكبر قاعدة امريكية خارج الواليات المتحدة )‪ . (١٧‬وكانت‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٦٨‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫بريطانيا قد وقعت اتفاقية مع ليبيا عام ‪ ١٩٥٣‬حصلت بموجبھا على حق استعمال قاعدة )العدم(‬
‫لمدة عشرين سنة مع تسھيالت اخرى في بنغازي وطبرق )‪.(١٨‬‬
‫وبفضل قاعدة وايلس‪ ،‬اصبح بإمكان الواليات المتحدة التحكم في مداخل اوربا الجنوبية‬
‫وتموين الخطوط الممتدة الى تركيا واليونان‪ ،‬وشن ھجمات في قلب االتحاد السوفيتي ودول‬
‫البلقان‪ ،‬وتامين القواعد الغربية في الخليج العربي حيث تتمركز المصالح النفطية‪ ،‬عالوة على‬
‫كونھا أصبحت واسطة العقد في سلسلة القواعد البحرية األمريكية في البحر المتوسط )‪.(١٩‬‬
‫وكانت وزارة الخارجية األمريكية قد أوصت بان المتطلبات الستراتيجية األمريكية تقتضي تأمين‬
‫سلسلة من القواعد الجوية في شرقي البحر المتوسط والشرق األوسط‪ ،‬تستند في الشرق الى قاعدة‬
‫الظھران )‪ ، (٢٠‬في المملكة العربية السعودية‪ ،‬وفي الغرب على قاعدة وايلس في ليبيا )‪.(٢١‬‬
‫وفي عام ‪ ١٩٥٦‬اصبحت قاعدة وايلس المركز الرئيس للتدرب على أسلحة الجو لحلف‬
‫شمال االطلسي‪ ،‬ألنھا توفر اجواء مثالية لھذا النوع من التدريبات على مدار السنة‪ ٠‬فكانت مليئة‬
‫بأسراب الطائرات المتعددة االنواع سواء االمريكية‪ ،‬ام تلك التي تعود الى حلفاء الواليات‬
‫المتحدة )‪ ، (٢٢‬السيما بعد ان قررت األخيرة اثناء تبلور ازمة السويس‪ ،‬نقل مائتين ضابط وجندي‬
‫من قواتھا المرابطة في الرباط ومراكش الى قاعدة وايلس‪ ،‬اثر تبني الجانب المغربي سياسة رفض‬
‫االحالف العسكرية الغربية واعتماد مبدأ التصفية التدريجية للقواعد العسكرية االجنبية )‪.(٢٣‬‬
‫ومع ازدياد اھمية القاعدة ظھرت حاجة األمريكيين الى االستيالء على االراضي‬
‫المجاورة لھا‪ ،‬فأثار ذلك غضب السكان الذين تضررت مصالحھم‪ ،‬بشكل مباشر او غير مباشر‪،‬‬
‫من جراء ھذا التوسع ‪،‬االمر الذي دفعھم الى تقديم شكوى لرئيس الوزراء الليبي عبد المجيد‬
‫)‪(٢٤‬‬
‫‪ ،‬في شباط‪ ١٩٥٨‬مطالبين الحكومة التدخل لحل ھذا الموضوع‪ .‬ومع تطور ھذه‬ ‫كعبار‬
‫المطالب الى معارضة شعبية صريحة‪ ،‬وتزايد حاجة ليبيا للمساعدات االمريكية‪ ،‬اعلن كعبار في‬
‫تشرين الثاني ‪ ١٩٥٨‬عن عزم حكومته الدخول في مفاوضات مع الحكومة االمريكية‪ ،‬لغرض‬
‫تعديل بنود االتفاقية بما يتالءم مع المصالح الوطنية‪ ،‬واشار الى ان سوء الحالة االقتصادية ھو ما‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٦٩‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫اجبر ليبيا التوقيع عليھا‪ ،‬االمر الذي فتح الباب امام عدد من اعضاء مجلس النواب الليبي‬
‫والصحافة الليبية النتقاد االتفاقية بشدة )‪. (٢٥‬‬
‫اسفرت المباحثات التي أجراھا كعبار مع السفير األمريكي في طرابلس‪ ،‬ويسلي جونس‬
‫)‪ ، (J. Wesley Jones‬في نيسان ‪ ، ١٩٥٩‬عن تعديل مھم بشان المساعدة التي تحصل عليھا‬
‫ليبيا‪ ،‬اذ وافق الجانب األمريكي على وضع المبالغ المخصصة للمساعدة تحت تصرف الحكومة‬
‫)‪(٢٦‬‬
‫‪،‬التي كانت تضع في اولوياتھا‪،‬‬ ‫الليبية‪ ،‬بدال عن )) لجنة إعادة األعمار األمريكية الليبية((‬
‫المصلحة األمريكية‪ ،‬عند إقرارھا للمشاريع التي يتوجب القيام بھا في ليبيا )‪ .(٢٧‬كما تمكن كعبار‬
‫ايضا‪ ،‬بعد مفاوضات أجراھا مع الجانب األمريكي عام ‪،١٩٦٠‬من الحصول على موافقة‬
‫امريكية بزيادة المساعدات الى عشر ماليين دوالر سنويا تدفع بشكل مباشر للحكومة الليبية )‪.(٢٨‬‬
‫وعلى الرغم من تلك النجاحات النسبية‪ ،‬اال ان الصحافة الليبية لم تتوقف عن توجيه‬
‫اتتقاداتھا المستمرة للقواعد االجنبية في ليبيا عامة ‪ ،‬وقاعدة وايلس خاصة‪ ،‬واستمر الحال كذلك‬
‫طيلة ما تبقى من مدة وزارة كعبار‪ ،‬واثناء وزارتي خلفية محمد عثمان الصيد)‪ ، (٢٩‬ومحي الدين‬
‫فكييني )‪ .(٣٠‬وكانت تلك الھجمات على درجة من الحدة‪ ،‬اقلقت الرئيس االمريكي جون كنيدي‬
‫)‪ ،(John Kennedy‬الذي اكد لرئيس الوزراء الليبي في لقائھما في البيت االبيض في ‪٣٠‬‬
‫ايلول عام ‪ ،١٩٦٣‬اھمية قاعدة وايلس الستقرار المنطقة ولضمان استقالل ليبيا واستقرارھا‪،‬‬
‫وطلب منه بذل اقصى ما بوسعه للحد من تلك الھجمات الصحفية‪ ٠‬وبدال من ان تخف حدة ھذه‬
‫الھجمات خرجت مظاھرة شعبية كبيرة في بداية عام ‪ ،١٩٦٤‬ردا على تخلف الملك ادريس‬
‫مؤتمر القمة العربي الذي دعا اليه عبد الناصر في شھر كانون الثاني من العام المذكور‪ .‬وكان‬
‫الضغط االمريكي والغربي العامل الحاسم في اتخاذ الملك لھذا القرار‪ ،‬الذي فتح الباب امام‬
‫)‪(٣١‬‬
‫وتدخل مصري في الشأن الليبي‪ ،‬اتضح بشكل‬ ‫انتقادات الذعة وجھھا له الرأي العام الليبي‬
‫جلي في الخطاب الذي القاه عبد الناصر في ‪ ٢٢‬شباط ‪ ،١٩٦٤‬الذي دعا فيه الى تصفية القواعد‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٠‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫االجنبية في ليبيا‪ ،‬وعدھا عامال اساسيا يحول دون قدرة الجيش المصري والجيوش العربية على‬
‫مواجھة اسرائيل )‪.(٣٢‬‬
‫وفي اعقاب ھذا الخطاب ‪،‬الذي لقي ترحيبا واسعا في االوساط الشعبية والصحافة‬
‫الليبية‪ ،‬وادى الى قيام احتجاجات ومظاھرات شعبية كبيرة ‪ ،‬لم يكن امام الحكومة الليبية اال ان‬
‫اعلنت على لسان رئيسھا محمود المنتصر‪ -‬الذي تولى رئاسة الوزراء للمرة الثانية‪ -‬عزمھا على‬
‫الدخول في مفاوضات مع كل من بريطانيا والواليات المتحدة لغرض تقرير مصير القواعد‬
‫العسكرية‪ ٠‬وظھر من خالل المحادثات ان بريطانيا قد قبلت مبدئيا التفاوض حول االنسحاب من‬
‫قواعدھا في ليبيا‪ ،‬في حين كانت الواليات المتحدة ال ترغب في االنسحاب قبل نھاية مدة‬
‫االتفاقية‪ .‬وعلى الرغم من قبول االخيرة الدخول في مفاوضات مع الحكومة الليبية‪ ،‬اال انھا كانت‬
‫مصممة على االبقاء على قاعدة وايلس حتى نھاية مدة االتفاقية‪ ،‬لذا اعتمدت مبدا المناورة‬
‫والتسويف في تلك المفاوضات )‪.(٣٣‬‬
‫واليستبعد ان يكون ھناك تنسيق امريكي‪ -‬بريطاني قد جرى بھذا الشأن في اطار‬
‫الحسابات العسكرية لحلف شمال االطلسي‪ ،‬السيما وان قاعدة وايلس كانت التزال – حتى وقت‬
‫المفاوضات‪ -‬تعد المركز الرئيس للتدريب الجوي لقوات الحلف‪ .‬اذ ان قبول بريطانيا انھاء‬
‫معاھدتھا العسكرية مع ليبيا‪ ،‬ربما استند الى تنسيق استراتيجي مع الواليات المتحدة بعدم‬
‫االنسحاب من قاعدة وايلس‪ .‬ومن ثم فان انسحاب بريطانيا سيجنبھا تكاليف وجودھا العسكري في‬
‫ليبيا من جھة‪ ،‬ويخفف من حدة االستياء الشعبي المتأثر بعبد الناصر من جھة ثانية‪ ،‬ويضمن‬
‫ادامة النفوذ الغربي في المنطقة من خالل استمرار التواجد االمريكي في ليبيا من جھة ثالثة‪.‬‬
‫وھكذا يمكن القول ان ما بدا على انه عدم تناغم بين رد الفعل البريطاني ورد الفعل االمريكي‬
‫على طلب ليبيا انھاء وجوديھما العسكري فيھا‪ ،‬ھو في حقيقته‪ ،‬تنسيق استراتيجي بينھما‪.‬‬
‫)‪(٣٤‬‬
‫التي خلفت حكومة المنتصر الثانية‪ ،‬مفاوضاتھا مع‬ ‫واصلت حكومة حسين مازق‬
‫الجانبين االمريكي والبريطاني حول القضية ذاتھا‪ ،‬فبدأت معھما جولة جديدة من المفاوضات في‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧١‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫اذار ‪ ،١٩٦٥‬غير ان خشية الملك ادريس على نظامه حكمه من التيار القومي المتمثل بعبد‬
‫الناصر‪ ،‬دفعه الى طلب ضمانات من الجانب االمريكي‪ ،‬اذ ما تعرضت ليبيا الى ھجوم من جانب‬
‫عبد الناصر او من يقف معه‪ .‬وقد وعده الرئيس االمريكي ليندون جونسون) ‪Lyndon‬‬
‫‪، (Johnson‬في ايلول ‪ ،١٩٦٥‬ان "الواليات المتحدة لن تقف موقف المتفرج حيال أي ھجوم‬
‫عدواني على ليبيا‪ ،‬واذا ما حصل ذلك فأنھا ستتشاور مع الحكومة الليبية والحكومات المعنية‬
‫األخرى لمواجھة الموقف في اطار االلتزامات واالجراءات الدستورية المتعلقة بھذا االمر")‪.(٣٥‬‬
‫وھكذا لم يعد بوسع الحكومة الليبية االستمرار في مفاوضاتھا مع الواليات المتحدة ‪،‬الرامية الى‬
‫جالء االخيرة عن قاعدة وايلس‪ ،‬بل ان وزير الخارجية الليبي احمد البشتي‪ ،‬ابلغ السفير‬
‫االمريكي في تشرين االول عام ‪ ،١٩٦٦‬ان الحكومة الليبية قررت رسميا التوقف عن مطالبة‬
‫الواليات المتحدة االمريكية باالنسحاب من قاعدة وايلس )‪. (٣٦‬‬
‫وعندما اندلعت حرب ‪ ١٩٦٧‬بين مصر وإسرائيل‪ ،‬اصبح موقف ليبيا في غاية‬
‫الصعوبة‪ ٠‬اذ اعلنت اذاعة صوت العرب‪ ،‬ان الحكومة الليبية لم تحرك ساكنا‪ ،‬في حين قامت‬
‫قوات امريكية من قاعدة وايلس واخرى بريطانية من مطار )العدم( بمساعدة اسرائيل ونقل‬
‫)‪(٣٧‬‬
‫‪ ،‬واعلنت صحيفة االھرام ‪،‬ان الواليات المتحدة تنقل السالح إلسرائيل من‬ ‫المعدات اليھا‬
‫قاعدة وايلس وتقوم بتدريب ضباط وجنود اسرائيليين على بعض معدات الطيران )‪ .(٣٨‬ومما زاد‬
‫الحال سوء ان معظم فئات الشعب الليبي اعتقدت بصحة تلك المعلومات‪ ،‬السيما بعد الھزيمة‬
‫الساحقة والسريعة للقوات المصرية‪ .‬وعلى اثر ذلك خرجت مظاھرات كبيرة جدا في بنغازي‬
‫وطرابلس وتعرض بعض الضباط والجنود األمريكيين الى الھجوم ودمرت معظم الممتلكات‬
‫اليھودية )‪ .(٣٩‬وقد حرص مصطفى بن حليم‪ ،‬في كتابه الذي صدر عام ‪، ٢٠٠٣‬على تفنيد ما‬
‫)‪(٤٠‬‬
‫‪ ،‬علما ان الوثائق االمريكية المنشورة التي تسنى‬ ‫ذكرته اذاعة صوت العرب واالھرام‬
‫للباحث االطالع عليھا‪ ،‬تشير بوضوح الى عدم استخدام االمريكيين للقاعدة في تقديم اي دعم‬
‫إلسرائيل‪ ،‬بل ان وزارة الخارجية االمريكية شددت على سفارتھا في ليبيا بتوجيه القوات‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٢‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫االمريكية المتواجدة في القاعدة بتخفيض طلعاتھا التدريبية –قبل اندالع الحرب واثناءھا‪ -‬السيما‬
‫الليلية منھا‪ ،‬الى ادنى حد ممكن لتجنب اية نشاطات من شأنھا تعزيز االدعاءات المصرية في‬
‫نفوس الليبيين )‪. (٤١‬‬
‫وعلى الرغم من صعوبة تجاھل المساندة االمريكية السرائيل خالل حرب ‪،(٤٢) ١٩٦٧‬‬
‫اال انه يبدو من المستبعد استخدام قاعدة وايلس لھذا الغرض مع توفر البديل االفضل‪ ،‬فقد كان‬
‫بإمكان الواليات المتحدة ‪،‬لو ارادت تقديم الدعم السري المباشر ألسرائيل ‪،‬االعتماد على‬
‫االسطول السادس المتواجد في البحر المتوسط وعلى القواعد االمريكية المتواجدة في تركيا‬
‫واوربا الغربية ‪ ،‬دون ان يتسبب ذلك بإثارة المزيد من العداء لھا من جانب الدول العربية‪ .‬وعلى‬
‫ذلك ‪،‬فليس من المعقول ان تستخدم الواليات المتحدة قاعدة وايلس‪ ،‬وتوفر فرصة سھلة التھامھا‬
‫بدعم اسرائيل علنيا‪ ،‬لما ينطوي على ذلك من اضرار لمصالحھا في الشرق االوسط‪ ،‬مع توفر‬
‫البديل الذي يجنبھا ھذه االضرار‪ ،‬السيما وان الدعاية المصرية نجحت في خلق االجواء المناسبة‬
‫لتصديق مثل تلك االتھامات‪ ٠‬ولذا ركزت السياسة االمريكية على االھتمام بكل مايفند استخدامھا‬
‫قاعدة وايلس‪.‬‬

‫موقف ثورة الفاتح من ايلول ‪ ١٩٦٩‬من القاعدة واالنسحاب االمريكي منھا‪:‬‬


‫بعد قيام ثورة الفاتح من ايلول ‪ ،١٩٦٩‬واعالن النظام الجمھوري في ليبيا‪ ،‬شعرت‬
‫االدارة االمريكية بالقلق من احتمال اقحام قاعدتھا الكبيرة في ليبيا وايلس باألحداث‪ ٠‬فالقوة‬
‫الجوية الليبية كانت تتخذ من تلك القاعدة مقرا لھا‪ ،‬وكانت تعتمد كليا على الدعم اللوجستي‬
‫االمريكي‪ ،‬ومن ثم فان اي انقالب مضاد قد يستدعي طلب الدعم االمريكي السيما في المجال‬
‫الجوي ‪٠‬عالوة على ذلك فقد كان االمريكيون في القاعدة يخشون من طلبات لجوء بعض اركان‬
‫النظام الملكي التخاذ القاعدة مالذا لھم‪ ،‬االمر الذي قد يؤدي بدوره الى تجدد الطلبات المتكررة‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٣‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫بالجالء عنھا‪ .‬لذا حاول االمريكيون ومنذ اليوم االول للثورة الحفاظ عليھا بمعزل عن االحداث‬
‫الى اقصى حد ممكن )‪. (٤٣‬‬
‫وبعد ان بات واضحا ان النظام الملكي قد انھار بشكل سريع وانه غير قادر على تنظيم‬
‫اي شكل من اشكال المقاومة‪ ،‬عقد اجتماع في واشنطن في ‪ ٢‬ايلول ‪ ١٩٦٩‬حضره ممثلين عن‬
‫مكتب مساعد وزير الدفاع لشؤون االمن الدولي ) ‪Office of the Assistant Secretary of‬‬
‫)‪ Defense for International security Affairs‬وھيئأة االركان المشتركة ) ‪Joint‬‬
‫‪ ،(Chiefs Staff‬ووكالة المخابرات المركزية )‪ ٠( Central Intelligence Agency‬وخرج‬
‫االجتماع بتوصيتين رفعھما الى مساعد وزير الخارجية ريتشارد سون ) ‪(Richardson‬‬
‫تضمنت االولى ضرورة االحتفاظ بالعالقات الدبلوماسية مع النظام الليبي الجديد‪ ،‬حالما يتضح‬
‫انه يفرض سيطرة تامة على البالد‪ ،‬على ان يتم ذلك عبر خطوات ثالث‪ ،‬اولھا نشر بيان أمريكي‬
‫يرحب ببيان مجلس قيادة الثورة الليبي‪ ،‬الذي عد اي دولة تبقي على عالقاتھا الدبلوماسية مع‬
‫ليبيا‪ ،‬تعترف بالنظام الجديد‪ ،‬وثانيھما توجيه السفير االمريكي في طرابلس‪ ،‬او اي ضابط‬
‫امريكي في بنغازي ‪،‬ان يقدم نفسه رسميا الى مجلس قيادة الثورة حامال نسخة من البيان‬
‫االمريكي‪ .‬واذا ما تمت ھاتان الخطوتان دون عراقيل‪ ،‬فستكون الخطوة الثالثة توجيه السفير‬
‫االمريكي في طرابلس تأكيد ھذا الموقف رسميا‪ .‬اما التوصية الثانية فقد اكدت ضرورة تنسيق‬
‫توقيت البيان االمريكي مع البريطانيين الذين بدا انھم سيقدمون على االعتراف بالنظام الجديد في‬
‫غضون ايام قليلة )‪.(٤٤‬‬
‫ابدى مساعد وزير الخارجية االمريكي )ريتشارد سون(‪،‬في ‪ ١٥‬ايلول‪ ،‬موافقته على‬
‫اتباع تلك الخطوات في التعامل مع النظام الليبي الجديد‪ ،‬الذي اعرب بدوره عن ارتياحه للموقف‬
‫االمريكي‪ .‬وفي لقاء خاص عقد بين عدد من الدبلوماسيين االمريكيين في ليبيا وبعض اعضاء‬
‫مجلس قيادة الثورة الليبي‪ ،‬حرص الليبيون على خروج االمريكيين بانطباع مفاده انھم متحمسون‬
‫ال قامة عالقات وثيقة مع الواليات المتحدة‪ .‬اال ان وكالة المخابرات المركزية االمريكية عزت‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٤‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫ھذا ))الموقف الودي(( الى محاولة النظام الليبي تجنب اي تدخل قد يحصل من جانب الواليات‬
‫المتحدة وبريطانيا ‪،‬السيما وان الواليات المتحدة كان لديھا حوالي خمسة االف جندي في قاعدة‬
‫وايلس‪ ،‬عالوة على ان االسطول السادس االمريكي ليس ببعيد عن السواحل الليبية‪ ،‬في حين كان‬
‫لبريطانيا حوالي الف ومائة جندي في قاعدة )العدم( )‪.(٤٥‬‬
‫وبناء على ذلك فقد كشفت وكالة المخابرات المركزية في مذكرتھا المؤرخة في ‪١٧‬‬
‫ايلول ‪ ، ١٩٦٩‬عن تقديراتھا المستقبلية بشان الوجود الغربي في ليبيا عامة‪ ،‬والوجود االمريكي‬
‫في وايلس خاصة‪ ،‬اذ اعربت عن اعتقادھا ان الواليات المتحدة وبريطانيا قد يواجھان مواقف‬
‫مزعجة في السنوات القادمة ‪،‬الن العامل المسيطر على الحكومة الجديدة او اية حكومة تأتي‬
‫بعدھا ھو الموقف المعادي إلسرائيل ودعم الواليات المتحدة لھا‪ ،‬مما قد يولد بدوره مشكالت‬
‫خطيرة‪ .‬وأوضحت المذكرة ‪،‬انه على الرغم من ان الحكومة الليبية اكدت انه ليس لديھا اية نوايا‬
‫)في تلك المدة( بالقيام بأية اجراءات ضد قاعدة وايلس والقواعد البريطانية ‪ ،‬اال ان تمكنھا من‬
‫تعزيز سلطتھا في البالد وانضمامھا الى تيار القومية العربية قد يؤديان الى قيامھا بمثل تلك‬
‫االجراءات في المستقبل )‪ .(٤٦‬واضافت المذكرة "حتى لو سمحت الحكومة الليبية ببقاء ھذه‬
‫القواعد لحين انتھاء مدد االتفاقيات المعقودة بشأنھا‪ ،‬فبإمكانھا‪ ،‬وفقا لبنود ھذه االتفاقيات‪ ،‬ان‬
‫تخطر الحكومة االمريكية رسميا في كانون االول ‪ ،١٩٧٠‬ان على قواتھا ان تغادر قاعدة وايلس‬
‫في غضون سنة واحدة من تاريخ ھذا االخطار‪ ،‬اذ ان الضغوط الداخلية والخارجية بشأن الجالء‬
‫المبكر قد تكون شديدة‪ .‬لذلك فان تقديراتنا بشأن بقاء القوات االمريكية في القاعدة ال يتجاوز‬
‫‪ ،%٥٠‬بل وليس ھناك فرصة لبقائھا بعد ھذا التاريخ على االطالق" )‪. (٤٧‬‬
‫اما فيما يتعلق بعالقات النظام الجديد مع الشركات النفطية‪ ،‬فقد اشارت المذكرة الى ان‬
‫ھذه المسالة قد تكون االكثر تعقيدا‪ ،‬غير ان النظام الجديد ربما يبدي بعض المرونة ألعتبارات‬
‫عملية تتمثل بقيام الحكومة الليبية السابقة )النظام الملكي( ‪،‬بمفاوضات مع تلك الشركات لغرض‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٥‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫الحصول على نسبة اعلى من االرباح ‪،‬وان االمر ربما ال يتجاوز اكثر من مطالبة الحكومة‬
‫الجديدة بزيادة ھذه النسبة )‪.(٤٨‬‬
‫ولم يمض اكثر من شھر ونصف حتى بات واضحا ان تقديرات المخابرات االمريكية‬
‫كانت في محلھا‪ ،‬ففي ‪ ٣٠‬تشرين االول‪، ١٩٦٩‬التقى وزير الخارجية الليبي بويسير ‪،‬السفير‬
‫االمريكي في ليبيا جوزيف بالمر)‪ ( Joseph A. Palmer‬واوضح له ان اكثر ما يعكر العالقات‬
‫االمريكية الليبية ھو وجود قاعدة وايلس في ليبيا‪ ،‬مشيرا الى ان وجود القواعد األمريكية في‬
‫بعض الدول سيشكل عائقا امام بناء تلك الدول عالقات وثيقة مع الواليات المتحدة ‪٠‬لذا فان‬
‫الخطوة التالية‪ ،‬بعد نجاح الثورة في ليبيا‪ ،‬تكمن في تصفية القواعد االجنبية فيھا‪ .‬ثم سلم الوزير‬
‫الليبي السفير دعوة الى الحكومة االمريكية للدخول في مفاوضات ودية وعاجلة تھدف الى انھاء‬
‫الوجود العسكري االمريكي عن كل االراضي الليبية‪ ،‬وكشف عن مذكرة قدمھا إلى السفير البريطاني‬
‫تحمل المضمون نفسه ‪،‬وطلب من السفير عرض القضية على حكومته في واشنطن )‪.(٤٩‬‬
‫درست وزارتا الخارجية والدفاع األمريكيتين الطلب الليبي واصدرتا تعليماتھما‪ ،‬من‬
‫خالل مذكرة مشتركة‪ ،‬الى السفير بالمر‪ ،‬في منتصف تشرين الثاني‪ ،‬افادت ان الواليات المتحدة‬
‫مستعدة للدخول في محادثات مع ليبيا بحلول منتصف كانون االول ‪ ١٩٦٩‬حول اجالء قواتھا من‬
‫قاعدة وايلس‪ ،‬وخولته ابالغ الجانب الليبي عن امكانية االنسحاب من القاعدة قبل انتھاء مدة‬
‫االتفاقية‪ ،‬على ان تستأنف التدريبات في القاعدة خالل ھذه المدة‪ .‬وقد أيدت مذكرة مجلس القومي‬
‫االمريكي في ‪ ١٧‬تشرين الثاني ھذا االجراء ‪،‬غير انھا تساءلت فيما اذا كانت التعليمات التي‬
‫تلقاھا بالمر قد افادت بانتھاج اسلوب متشدد في المحادثات ‪،‬ام اسلوب مرن يستند على اساس ان‬
‫قضية االنسحاب االمريكي من القاعدة اصبحت امرا واقعا )‪.(٥٠‬‬
‫وعلى الرغم من ادراك بعض المسؤولين في ادارة الرئيس نيكسون تراجع االھمية‬
‫االستراتيجية للقاعدة بوصفھا موقعا متقدما لمھاجمة االتحاد السوفيتي ‪ ،‬او مجاال مثاليا لتدريب‬
‫القوات الجوية لحلف شمال االطلسي‪ ،‬بعد التطور المضطرد في مجال حامالت الطائرات‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٦‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫والغواصات والصواريخ بعيدة المدى )‪ ، (٥١‬اال ان االدارة االمريكية لم تكن راغبة في االنسحاب‬
‫من قاعدة وايلس سواء كان قبل انتھاء مدة االتفاقية مع الحكومة الليبية ‪،‬التي تنتھي في منتصف‬
‫عام ‪ ١٩٧١‬ام بعدھا‪ ،‬لحد ان الرئيس االمريكي نيكسون تساءل فيما اذا كان ھناك خيارات بديلة‬
‫لممارسة ضغوط على النظام الجديد تحول دون متابعته لمطالبه بإجالء القوات االمريكية من‬
‫القاعدة‪ .‬وقد اعد مجلس االمن القومي في‪ ٢٠‬تشرين الثاني ‪،‬ورقة ضمنھا خيارات ثالث يمكن ان‬
‫تشكل ضغوطا على الحكومة الليبية الجديدة‪ ،‬اولھا حث بعض الدول االعضاء في حلف شمال‬
‫االطلسي‪ ،‬التي لھا مصالح في ليبيا‪ ،‬مثل تركيا والمانيا الغربية‪ ،‬على ممارسة ضغوط على ليبيا‬
‫بضرورة احترام االتفاق الخاص بالقاعدة‪ ،‬غير انه وجد ان ھذا الخيار قد يواجه بعدم استعداد‬
‫تركيا والمانيا الغربية للمجازفة بمصالحھما االقتصادية في ليبيا من اجل المصالح االمريكية‪ .‬اما‬
‫الخيار الثاني‪ ،‬فدعا الى ممارسة ضغوط اقتصادية على النظام الليبي الجديد من خالل شركات‬
‫النفط االمريكية العاملة في ليبيا‪ ،‬عبر تقليص انتاجھا‪ ،‬وتوجيه الفنيين االمريكيين بمغادرتھا‪،‬‬
‫وايقاف استيراد النفط الليبي‪ ،‬وتقييد االستثمارات االمريكية اإلضافية‪ ،‬وتجميد االرصدة الليبية‬
‫في الواليات المتحدة‪ .‬لكنه وجد ان ھذا الخيار يلحق ضررا بمصالح الشركات االمريكية اكثر‬
‫مما يتسبب باإلضرار بالحكومة الليبية‪ ،‬الن الشركات االوربية قد تسارع لإلحالل محل الشركات‬
‫االمريكية في استخراج النفط الليبي وشرائه‪ ،‬عالوة على ذلك ربما يكون بمقدور الحكومة الليبية‬
‫ارباك السوق النفطية من خالل رفع انتاجھا بمساعدة الشركات البديلة‪ .‬اما الخيار الثالث المتمثل‬
‫بعملية استعراض للقوة يقوم بھا االسطول السادس قرب السواحل الليبية ‪ ،‬وانزال قوات امريكية‬
‫على االراضي الليبية بالتنسيق مع البريطانيين لغرض السيطرة على المساحات المجاورة‬
‫للقاعدة‪ ،‬فقد جوبه باحتمال الحاجة الى فرض احتالل طويل االمد ‪،‬من المؤكد انه قد يؤدي الى‬
‫رد فعل شديد في العالم العربي بعامة وفي ليبيا بخاصة ‪،‬االمر الذي سيصعب معه حماية‬
‫المخيمات النائية لشركات النفط االمريكية في ليبيا )‪.(٥٢‬لذا توصلت الورقة الى نتيجة مفادھا الى‬
‫ان الستراتيجية األمريكية يجب ان تبنى على اساس توطيد عالقات مرضية مع النظام الجديد ألن‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٧‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫"عائدات ميزاننا التجاري وامن استثماراتنا النفطية تعد من اولويات مصالحنا ‪ .‬نحن نتطلع‬
‫لالحتفاظ بالتسھيالت العسكرية ولكن ليس على حساب تھديد عوائدنا النفطية‪ ،‬عالوة على رغبتنا‬
‫بحماية االعتماد االوربي على النفط الليبي الذي يتميز بنوعية الممتازة وموقعه الجغرافي‬
‫)‪(٥٣‬‬
‫‪ .‬وقد جاءت ھذه التوصية منسجمة مع وجھة نظر السفير االمريكي في ليبيا ‪،‬‬ ‫المناسب"‬
‫الذي اكد على ان الحفاظ على المصالح االمريكية في ليبيا يكمن في بناء عالقات امريكية ليبية‬
‫طويلة االمد‪ ،‬وجادل بان القذافي بوصفه "رجل متدينا مخلصا‪ ،‬وعربيا قوميا متحمسا" ‪،‬فمن‬
‫الطبيعي ان تكون ميوله معادية لالتحاد السوفيتي )‪.(٥٤‬‬
‫واستنادا الى ھذه التوصية ‪،‬عقد اجتماع في واشنطن في ‪ ٢٤‬تشرين الثاني‪ ،١٩٦٩‬ضم‬
‫رئيس مجلس االمن القومي ھنري كسنجر )‪ (Henry a. Kissinger‬وعدد من كبار المسؤولين‬
‫في وزارتي الخارجية والدفاع‪ ،‬ووكالة المخابرات المركزية‪ ،‬وھيأة االركان المشتركة ‪،‬جرت‬
‫فيه مناقشات مستفيضة حول قضية االنسحاب من قاعدة وايلس‪ ،‬وطرحت بعض النقاط التي من‬
‫شأنھا تعزيز موقف المفاوض االمريكي في المفاوضات المرتقبة مع الحكومة الليبية من جھة‪،‬‬
‫والحفاظ على المصالح االقتصادية االوربية واالمريكية في ليبيا مقابل الجالء عن القاعدة من‬
‫جھة اخرى‪ .‬غير ان االجتماع لم يخرج بنتيجة حاسمة فيما يتعلق بالمرتكزات االساسية التي‬
‫سيعتمد عليھا المفاوض االمريكي في مفاوضاته المقبلة مع الحكومة الليبية‪ ،‬بسبب خالف في‬
‫وجھات النظر بين وزارتي الخارجية والدفاع بھذا الشأن )‪.(٥٥‬‬
‫وبعد توصل الوزارتين المذكورتين الى رؤية موحدة بشأن القضية‪ ،‬ارسلت وزارة‬
‫الخارجية تعليماتھا في ‪ ١١‬كانون االول ‪ ١٩٦٩‬الى السفير االمريكي في ليبيا )بالمر(‪ ،‬بھدف‬
‫تعزيز موقفه في المفاوضات‪ .‬وقد تضمنت تلك التعليمات نقاط عدة اھمھا‪ ،‬ضرورة ان ال يدع‬
‫المفاوض االمريكي مجاال للشك امام الحكومة الليبية‪ ،‬ان الحكومة االمريكية تلبي مطالبھا في‬
‫االنسحاب بشكل سريع ‪،‬الن ذلك من شأنه ان يؤثر على القواعد االمريكية في اماكن اخرى من‬
‫العالم‪ ،‬وان االنسحاب لن يتم دون شروط مسبقة تتعلق بضمان المصالح االمريكية االخرى في‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٨‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫ليبيا‪ ،‬على ان يكون انسحاب منظم وغير متسرع‪ .‬ونبھت الخارجية األمريكية السفير بالمر‪ ،‬انه‬
‫في حالة عدم تجاوب الجانب الليبي مع ھذه الطروحات فعليه ان يلجأ الى استعمال اوراق ضغط‬
‫اخرى على الحكومة الليبية منھا الكمارك‪ ،‬والھجرة )‪ .(٥٦‬واذا ما طرحت الحكومة الليبية مسألة‬
‫المعدات واالليات والتجھيزات الموجودة في القاعدة والرغبة في الحصول عليھا كلھا‪ ،‬او جزء‬
‫منھا‪ ،‬فعلى السفير بالمر ان يرد بانه غير مستعد لمناقشة مثل ھذا الموضوع قبل ان توافق‬
‫الحكومة الليبية على بقاء وحدة امريكية صغيرة بعد االنسحاب‪ ،‬ومعرفة ما يمكن ان تحتاجه ھذه‬
‫الوحدة من تلك المعدات والتجھيزات‪ ،‬عالوة على حاجة الوكاالت االمريكية االخرى في ليبيا‪.‬‬
‫فضال عن ذلك اكدت تلك التعليمات على ان يكون المفاوض األمريكي واضحا في تأكيد احقية‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬وفقا لبنود االتفاقية السابقة في ان تحتفظ بسيطرة كاملة على المناطق المتفق‬
‫عليھا والقيام بأية عمليات عسكرية تدريبية عليھا لحين االنسحاب )‪. (٥٧‬‬
‫وعلى الرغم من عدم خلو المحادثات التي قادھا السفير بالمر مع الحكومة الليبية في‬
‫طرابلس‪ ،‬التي استمرت حتى الثالث والعشرين من الشھر نفسه‪ ،‬من بعض الصعوبات الناجمة‬
‫عن محاوالت ليبية جريئة للمساومة‪ ،‬فإن جو المحادثات‪ ،‬عامة‪ ،‬كان وديا‪ ،‬األمر الذي قاد‬
‫للتوصل الى اتفاق قضى بانسحاب امريكي من القاعدة في حزيران من عام ‪ .١٩٧٠‬وقد ابلغ‬
‫السفير بالمر حكومته‪ ،‬أن جميع بنود االتفاق قد "صيغت بأسلوب يضمن انسحابا امريكيا‬
‫بكرامة" )‪.(٥٨‬‬
‫ولم يتمكن الباحث من العثور على نص ھذا االتفاق ‪ ،‬ال في الوثائق االمريكية وال في‬
‫)‪(٥٩‬‬
‫‪ ،‬باستثناء بعض‬ ‫الكتب االجنبية والعربية التي بحثت في مجال العالقات االمريكية الليبية‬
‫اإلشارات العامة عن مضمونه‪ ،‬التي وردت‪-‬عرضا‪ -‬في الوثيقة األمريكية المتعلقة بمراسيم‬
‫الجالء الذي تم في الحادي عشر من تموز عام ‪، ١٩٧٠‬أي بعد اكثر من سبعة اشھر من تاريخ‬
‫التوصل اليه )‪ . (٦٠‬مما يعطي مؤشرا على ان بنوده ليست مثلما ادعى السفير االمريكي‪ ،‬ألنه لو‬
‫كانت فعال حسب ادعائه لما كان ھناك حاجة الى ان يؤكد انھا راعت الكرامة االمريكية‪ ،‬ولعل‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٧٩‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫تأكيده على مراعاة الكرامة االمريكية وعدم الكشف عن بنود االتفاق ال في حينھا وال عند اطالق‬
‫الوثائق االمريكية يعطيان مؤشرا على عدم مراعاة الكرامة االمريكية في ھذا االتفاق‪.‬‬
‫ولما كان التوصل الى االتفاق قد تزامن مع زيارة عبد الناصر الى ليبيا‪ ،‬وما يمكن ان‬
‫ينجم عن ذلك من انتقادات لوزارة الخارجية بسبب ھذا التوقيت ‪ ،‬وجه مساعد وزير الخارجية‬
‫االمريكي ديفيد نيوسوم )‪ ( Daivd Newsom‬بان الرد على مثل ھذه االنتقادات يمكن ان‬
‫يكون على النحو اآلتي )‪:(٦١‬‬
‫‪ -١‬ان استمرار الوجود االمريكي في قاعدة وايلس منذ انتھاء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬قد شكل‬
‫مصدر تعكير متزايد للعالقات االمريكية الليبية لسنوات عدة‪ .‬وبما ان النظام الليبي الجديد قد‬
‫طلب انسحاب امريكي‪ ،‬فمن دون شك ان ذلك يعكس مشاعر شعبية ليبية ال يستھان بھا‪.‬‬
‫‪ -٢‬ان الواليات المتحدة ترغب في تأسيس عالقات ودية طويلة المدى مع النظام الجديد‪ ،‬وان‬
‫رفض الطلب الليبي للتفاوض بشأن االنسحاب يحول دون بلوغ ھذا الھدف‪.‬‬
‫‪ -٣‬ليس ھناك اي كسب سياسي من اطالة امد المفاوضات حول ھذه المسألة‪ ،‬وبقدر ما) نحن‬
‫نعمل على حلھا(‪ ،‬فان النظام الجديد ھو الوحيد الذي يمكن التعامل معه في المستقبل المنظور‪،‬‬
‫وھذا ھو ذاته ما جعل البريطانيين يقبلون التفاوض حول االنسحاب من قاعدة العدم في ‪ ٣١‬اذار‬
‫‪. ١٩٧٠‬‬
‫‪ -٤‬من الواضح ان قرار االنسحاب البريطاني في التاريخ المذكور‪ ،‬قد خلق صعوبات كبيرة امام‬
‫التمسك االمريكي بقاعدة وايلس‪.‬‬
‫ولما كانت االدارة االمريكية قلقة بشأن سماح الحكومة الليبية ألية قوة اخرى‪ ،‬محلية او‬
‫دولية باستعمال القاعدة بعد االنسحاب االمريكي‪ ،‬فقد وجھت السفير بالمر الى التعبير عن ھذا‬
‫القلق لدى عضو مجلس قيادة الثورة الرائد عبد السالم جلود‪ ،‬الذي كان يترأس الفريق الليبي في‬
‫المفاوضات‪ .‬وقد اكد جلود للسفير‪ ،‬ان حكومته لن تسمح مطلقا ألية قوة ثالثة استخدام القاعدة بعد‬
‫االنسحاب االمريكي )‪.(٦٢‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٠‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫وعلى الرغم من ھذه النتائج‪ ،‬فقد اشار تقرير لوكالة المخابرات المركزية في ‪ ٣٠‬كانون‬
‫االول ‪ ،١٩٦٩‬الى ان االنسحاب االمريكي من القاعدة بھذه الطريقة المرضية للليبيين‪ ،‬لن يفضي‬
‫الى عالقات ودية بين ليبيا والواليات المتحدة‪ ،‬بل انه على العكس من ذلك سيؤدي الى تعرض‬
‫المصالح االمريكية في ليبيا للخطر بشكل جدي‪ ،‬ألنه "من الواضح ان مجلس قيادة الثورة الليبي‬
‫قد عقد العزم على االنضمام الى الخط العربي المناھض إلسرائيل"‪ .‬بيد ان التقرير‪ ،‬في الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬استبعد ان تمنح ليبيا لالتحاد السوفيتي اية تسھيالت عسكرية في قاعدة وايلس ‪،‬التي‬
‫سيخليھا االمريكيون او في قاعدة العدم التي سيخليھا البريطانيون ايضا‪ ،‬لكنه لم يستبعد ان تمنح‬
‫تسھيالت محدودة للمصريين في قاعدة العدم التي تبدو بالنسبة لھم اكثر مالئمة من وايلس )‪.(٦٣‬‬
‫كانت رؤية المخابرات االمريكية في محلھا‪ ،‬اذ اتضح من المقابلة ‪،‬التي جرت بين‬
‫)‪(٦٤‬‬
‫والسفير االمريكي في طرابلس في ‪ ٢٦‬كانون الثاني ‪،١٩٧٠‬وجود خالف في‬ ‫القذافي‬
‫وجھتي نظر الطرفين حول عدد من القضايا التي لھا مساس مباشر بتوجيه العالقات بينھما‪ ،‬لعل‬
‫اھمھا بالنسبة للحكومة الليبية‪ ،‬مسالة استمرار الواليات المتحدة تزويد ليبيا بالذخيرة واالدوات‬
‫االحتياطية الالزمة لسبع طائرات ليبية امريكية الصنع من طراز ) ‪( F5‬كانت ليبيا قد تسلمتھا‬
‫عام ‪ ،١٩٦٧‬والتزام الواليات المتحدة بتسليم ثماني طائرات اخرى من الطراز نفسه مع الذخيرة‬
‫واالدوات الالزمة لھا‪ ،‬وفقا لصفقة تمت بين الحكومة الليبية السابقة والحكومة االمريكية‪ .‬وكانت‬
‫الحكومة الليبية ترغب في الحصول على الذخيرة والمعدات الالزمة للطائرات من الموجودات‬
‫االمريكية في قاعدة وايلس‪ ،‬وترغب في الحصول على الطائرات الثمانية المتعاقد عليھا سابقا‪.‬‬
‫بيد ان الحكومة االمريكية رفضت ذلك وردت ان ذلك يستدعي عقد اتفاق جديد‪ ،‬وان الشركة‬
‫االمريكية نوراير )‪ ( Norair‬مستعدة للقيام بخدمات الصيانة وتزويد الطائرات بالذخيرة‪ ،‬وان‬
‫الحكومة االمريكية مستعدة للمضي قدما لبيع كميات معقولة من الذخيرة لتلك الطائرات ‪،‬ومستعدة‬
‫لتدريب سبعة طيارين ليبيين على قيادتھا ‪ ،‬على ان توافق الحكومة الليبية على بقاء وحدة ارتباط‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨١‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫صغيرة تتكون من خمسة اشخاص في السفارة االمريكية في طرابلس لتسھيل ذلك‪ .‬اما فيما يتعلق‬
‫بالطائرات الثمانية فقد قررت الحكومة االمريكية تأجيل تسليمھا الى وقت اخر )‪.(٦٥‬‬
‫كان ھدف الحكومة االمريكية من وراء ذلك تقليص الدعم المباشر للقوات الجوية الليبية‬
‫الى ادنى حد ممكن‪ ،‬وخفض تعامالتھا التجارية معھا‪ ،‬الن ذلك من شأنه ان يحتفظ بالحد االدنى‬
‫من العالقات مع النظام الجديد‪ ،‬تحسبا ألية تغييرات محتملة في ليبيا‪ ،‬ويحافظ على الشعور لدى‬
‫الليبيين بان الحكومة االمريكية الزالت تواصل التعاون معھم لغرض توفير االجواء المالئمة‬
‫)‪(٦٦‬‬
‫‪ ،‬بعد ان بدأت الحكومة الليبية تظھر ميال‬ ‫الستمرار عمل الشركات النفطية االمريكية‬
‫واضحا نحو اتباع سياسة خارجية مناوئة للغرب واسرائيل‪ ،‬ودخلت في شھر كانون الثاني‬
‫‪ ،١٩٧٠‬في مفاوضات مع الشركات النفطية العاملة على اراضيھا ‪،‬بھدف زيادة حصتھا من‬
‫االرباح وصلت الى حد تھديد تلك الشركات بإجراءات عقابية في حالة عدم التوصل الى اتفاقات‬
‫مرضية معھا )‪ .(٦٧‬ولعل ما شجع الواليات المتحدة على االبقاء على ھذا القدر المحدود من‬
‫العالقات ھو رفض الحكومة الليبية قبول عروض مساعدات عسكرية سوفيتية لمرات عدة منذ‬
‫االيام االولى لالنقالب‪ .‬وكان الموقف الليبي الرافض للعروض السوفيتية ألسباب متعددة تتعلق‬
‫بالخط المتدين الذي انتھجه النظام الجديد‪ ،‬قد تعزز بعد نصيحة اسداھا عبد الناصر الى القيادة‬
‫الليبية‪ ،‬بعدم االعتماد على الدعم السوفيتي )‪.(٦٨‬‬
‫وھكذا استمرت الواليات المتحدة بانتھاج سياسة تقوم على تكثيف جھودھا بھدف حمل‬
‫الحكومة الليبية على تبني سياسة متوافقة مع اھدافھا في المنطقة‪ ،‬ومواجھة بعض القيادات الليبية‬
‫المعارضة للغرب )‪ .(٦٩‬اال ان تلك السياسة لم تؤت ثمارھا في كسب العناصر المعارضة للغرب‬
‫في مجلس قيادة الثورة الليبي‪ .‬ففي مراجعة ألسس السياسية الخارجية الليبية عامة‪ ،‬والعالقات مع‬
‫الواليات المتحدة خاصة‪ ،‬جادل عدد من القياديين في مجلس قيادة الثورة الليبي‪ ،‬بعدم جدوى بناء‬
‫عالقات جيدة مع الواليات المتحدة‪ ،‬طالما انھا مستمرة بدعم اسرائيل في صراعھا مع العرب‪،‬‬
‫واوضحوا ان العالقات القائمة مع الواليات المتحدة لم تثمر اال عن القليل مما ھو في مصلحة‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٢‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫البالد‪ ،‬على الرغم من المناخ المشجع الذي ساد بعد توقيع اتفاق االنسحاب من قاعدة وايلس‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فقد ارتأت بعض العناصر االخرى في مجلس قيادة الثورة ‪،‬ان دعوات قطع العالقة مع‬
‫الواليات المتحدة ھي دعوات متسرعة وغير مدروسة )‪.(٧٠‬‬
‫ولدى استشعار االدارة االميركية ھذه التوجھات‪ ،‬جرت مناقشات بين وزارة الخارجية‬
‫ووكالة المخابرات المركزية ‪،‬حول مسالة فيما اذا كانت الواليات المتحدة ستمضي قدما في تسليم‬
‫الطائرات الثمانية التي سبق ان دار الحديث بشأنھا في لقاء القذافي مع السفير االمريكي‪ .‬وقد‬
‫انتھت المناقشات بضرورة تأجيل تسليم تلك الطائرات )‪ .(٧١‬ولغرض تخفيف رد الفعل الليبي‬
‫المتوقع على ھذا القرار‪ ،‬ابلغت الخارجية االمريكية سفيرھا في طرابلس )بالمر(‪،‬في ‪٩‬‬
‫مايس‪، ١٩٧٠‬ان ينقل رغبتھا في استمرار العالقات الودية مع ليبيا بعد انسحابھا من قاعدة‬
‫وايلس‪ ،‬واقرت بتعارض وجھة نظر الطرفين تجاه الصراع العربي االسرائيلي‪ ،‬مشيرة الى ان‬
‫الحكومة الليبية لم تأخذ بعين االعتبار التحركات التي قامت بھا الواليات المتحدة نحو)) انتھاج‬
‫سياسة متوازنة في المنطقة((‪ .‬اما فيما يتعلق بالطائرات الثمانية‪ ،‬فقد اكدت الحكومة االمريكية‬
‫لنظيرتھا الليبية ان تلك المسالة قيد الدراسة‪ ،‬وربما ستكون الطائرات جاھزة للتسليم في كانون‬
‫الثاني او شباط من عام ‪ ،١٩٧١‬وليس ھناك اي اجراء او حتى نية في تسليمھا الى اية جھة‬
‫اخرى‪ .‬وابدت الحكومة االمريكية ايضا استعدادھا لتدريب خمسة طيارين ليبيين على قيادة تلك‬
‫)‪. (٧٢‬‬
‫الطائرات ابتداء من ايار‪١٩٧٠‬‬
‫كانت االدارة االمريكية تحاول‪ ،‬من خالل التأكيدات‪ ،‬االبقاء على درجة نسبية من‬
‫العالقات مع ليبيا‪ ،‬ألنھا كانت تدرك ان اي تراجع ملحوظ فيھا قد يفضي الى اتخاذ ليبيا‬
‫اجراءات ضد الشركات النفطية الغربية العاملة فيھا عامة ‪،‬والشركات االمريكية خاصة‪ ،‬غير ان‬
‫مذكرة اعدتھا وكالة المخابرات المركزية في ‪ ٢٧‬ايار‪ ١٩٧٠‬استبعدت اقدام النظام الليبي على‬
‫القيام بھذه الخطوة ‪،‬مبررة ذلك ان معمر القذافي يدرك جيدا ان المصالح النفطية الغربية في ليبيا‬
‫ھي الورقة االخيرة التي يمكن ان يستخدمھا في الضغط على الواليات المتحدة لحملھا على تبني‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٣‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫سياسة اكثر انصافا تجاه الصراع العربي االسرائيلي‪ .‬لذا فمن المستبعد ان يفرط بھا القذافي قبل‬
‫ان يتأكد من ان التعاون مع الدول الغربية المؤيدة إلسرائيل ‪،‬يقود الى الحد من ھذا التأييد ‪ ،‬ولن‬
‫يؤدي الى اتخاذ اي عمل عسكري ضد نظامه‪ ٠‬واضافت المذكرة ان القذافي سيبقى حذرا من‬
‫اتخاذ اي اجراء ضد الشركات النفطية االمريكية والغربية حتى يتم االنسحاب االمريكي الكامل‬
‫من قاعدة وايلس الجوية ‪،‬الذي تقرر له ان يكتمل في منتصف تموز ‪. (٧٣) ١٩٧٠‬‬
‫وبعد ان بات االنسحاب من القاعدة وشيكا‪ ،‬وجھت الخارجية االمريكية سفيرھا في‬
‫ليبيا‪ ،‬اعالم الجانب الليبي بتوقف برنامج المساعدات الذي كانت تقدمه الى الحكومة الليبية‪،‬‬
‫وبانھا سوف لن تدفع مستحقات عامي ‪ ١٩٦٨‬و ‪ ١٩٦٩‬بسبب انھاء نشاطھا في وايلس وفقا‬
‫لالتفاق الذي تم في كانون االول ‪ .١٩٦٩‬وعلى الرغم من محاوالت بالمر ثني حكومته عن ھذا‬
‫القرار‪ ،‬وتنبيھھا الى انعكاساته السلبية على مستقبل العالقات بين البلدين‪ ،‬اال ان وزارة الخارجية‬
‫االمريكية لم تستجب لتلك المحاوالت )‪. (٧٤‬‬
‫وفي الحادي عشر من تموز ‪ ،١٩٧٠‬سلمت الواليات المتحدة قاعدة وايلس الى ليبيا في‬
‫حفل رسمي حضره نائب رئيس الوزراء الليبي عبد السالم جلود والسفير بالمر‪ ،‬وغادرھا اخر‬
‫ما تبقى من القوات الجوية االمريكية الى المانيا‪ .‬ووفقا لالتفاق الذي توصل له الطرفين‪ ،‬حولت‬
‫جميع موجوداتھا الثابتة الى الحكومة الليبية بدون تعويضات‪ ،‬في حين دفعت الحكومة الليبية‬
‫مبالغ نقدية عن بعض المعدات االخرى‪ ،‬وكميات كبيرة من الوقود‪ ،‬قاربت المليونين دوالر‪ .‬اما‬
‫االسلحة المتطورة فقد تم نقلھا الى القواعد االمريكية في أوربا ‪،‬السيما تركيا واسبانيا‪ .‬واتفق‬
‫الطرفان ايضا على عقد مفاوضات جديدة لغرض انھاء االتفاقات الملحقة باتفاق القاعدة مثل‬
‫اتفاق المساعدات االقتصادية ‪،‬واتفاق تقديم المشورة والمساعدة العسكرية في المجال الجوي‪،‬‬
‫على ان يستعاض عن االخير بإبقاء وحدة ارتباط امريكية تتكون من خمسة اشخاص وتكون‬
‫تابعة للسفارة االمريكية في طرابلس‪ .‬وكانت القوة الجوية الليبية حينذاك تتكون من ثالثين طائرة‬
‫حربية منھا عشرة امريكية الصنع )‪. (٧٥‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٤‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫وھكذا انسحبت الواليات المتحدة من قاعدة وايلس‪ ،‬لكنھا بقيت قلقة على مصالحھا‬
‫النفطية واحتمال اقدام الحكومة الليبية على تأميمھا‪ ،‬السيما بعد وصول اول شحنة من الدبابات‬
‫السوفيتية من طراز ) ‪، ( T 55‬في النصف الثاني من تموز ‪ ،١٩٧٠‬بعد تعثر مفاوضاتھا في‬
‫الشأن ذاته مع بريطانيا )‪ .(٧٦‬لتبدا مرحلة جديدة في العالقات االمريكية الليبية تمحورت حول‬
‫االمتيازات النفطية الغربية ‪،‬وتزايد النفوذ السوفيتي في ليبيا ‪،‬وشھدت تراجعا ملحوظا وصل الى‬
‫حد التدھور‪ ،‬ثم القطيعة في األعوام الالحقة ‪.‬‬

‫الخاتمــة ‪:‬‬
‫من خالل ما تقدم‪ ،‬يمكن القول‪ ،‬انه على الرغم من التطور الملحوظ في انتاج الصواريخ‬
‫العابرة للقارات وحامالت الطائرات والغواصات‪ ،‬وظھور بوادر االنفراج في الحرب الباردة بعد‬
‫تولي ادارة نيكسون الحكم في الواليات المتحدة‪ ،‬قد تبدو مبررات مقبولة لتراجع اھمية القاعدة‬
‫ومن ثم قبول االنسحاب منھا‪ ،‬فإن ما اظھره البحث ان تلك ماھي اال عوامل ثانوية بالنسبة‬
‫للعوامل االساسية المتمثلة بما يأتي ‪:‬‬
‫ان قيام نظام سياسي ثوري على النمط الناصري في ليبيا‪ ،‬جعل مسألة االنسحاب‬
‫االمريكي من قاعدة وايلس‪ ،‬والبريطاني من قاعدة العدم‪ ،‬من اولويات اھداف سياسته الخارجية‪.‬‬
‫ولم يكن ھذا الھدف قد استجد مع قيام الثورة‪ ،‬انما ھو في الواقع كان مطلبا شعبيا ملحا بدأ‬
‫باعتراضات برلمانية وشعبية منذ استقالل ليبيا‪ ،‬ثم تحول الى احتجاجات ومظاھرات شعبية‬
‫كبيرة ‪،‬في عام ‪ ١٩٦٤‬بعد الخطاب الذي ھاجم فيه عبد الناصر القواعد االجنبية في ليبيا‪ ،‬وفي‬
‫عام ‪ ١٩٦٧‬بعدما اشيع عن االستعمال االمريكي للقاعدة في دعم اسرائيل اثناء حرب حزيران‪.‬‬
‫ووفقا لذلك ‪،‬اصبحت مسألة االنسحاب االمريكي من القاعدة ليست مطلبا للنظام‪،‬‬
‫يتماشى مع توجھاته القومية المناوئة إلسرائيل فحسب‪ ،‬بل احد المرتكزات الرئيسة لضمان التأييد‬
‫الشعبي الواسع له ‪،‬ومن ثم امرا اساسيا لنجاحه‪ ،‬ألن اي نوع من التساھل في ھذا الشأن سيعني‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٥‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫المجازفة بوجود النظام برمته‪ .‬وبين ادراك النظام لھذا الواقع من جھة‪ ،‬وخشيته من االستخدام‬
‫االمريكي للقاعدة في اسقاطه من جھة اخرى‪ ،‬انتھج مجلس قيادة الثورة الليبي األسلوب السلمي‬
‫في بداية الثورة ‪،‬الذي سرعان ما تحول الى صراحة ال تخلو من حدة في طلب االنسحاب‬
‫االمريكي من القاعدة‪.‬‬
‫وظھر خالل البحث ان النظام الليبي‪ ،‬بعد ان وطد سلطته الداخلية في البالد‪ ،‬اصبح بين‬
‫يديه ما يكفي من االوراق للضغط على الواليات المتحدة لحملھا على االنسحاب‪ ،‬لعل اھمھا‪ ،‬خلق‬
‫انطباع لدى االدارة االمريكية ‪،‬السيما السفير االمريكي في طرابلس )جوزيف بالمر(‪ ،‬ان القاعدة‬
‫ھي العقبة الوحيدة امام تطور العالقات االمريكية الليبية‪ .‬ولما كان الجانب االمريكي يرى ان‬
‫تطور العالقات مع ليبيا يضمن لھا الحفاظ على مصالحھا النفطية ھناك ‪ ،‬المتمثلة بالشركات‬
‫النفطية العاملة في ليبيا ‪ ،‬عالوة على ضمان تدفق النفط الليبي الى حلفاءھا االوربيين‪ ،‬فقد وجدت‬
‫ان االنسحاب من القاعدة افضل بكثير من تعريض تلك المصالح للخطر‪ ،‬السيما وان امكانية‬
‫استخدام القوة العسكرية لحماية تلك المصالح امر بالغ الصعوبة ‪،‬امام واقع انتشار المخيمات‬
‫والمواقع الخاصة بعمل الشركات االمريكية في مناطق نائية على اراضي صحراوية واسعة‬
‫المساحة‪ .‬فضال عن أن استعمال القوة العسكرية المباشرة‪ ،‬سواء كان ذلك للبقاء في القاعدة ‪ ،‬ام‬
‫لحماية المنشآت النفطية ستكون تكاليفه اكثر من الفوائد المتوخاة منه‪ ،‬ناھيك عما يثيره اي عمل‬
‫عسكري ضد ليبيا لدى الدول العربية االخرى‪ ،‬بما في ذلك تلك التي للواليات المتحدة مصالح‬
‫حيوية فيھا‪.‬‬
‫وھكذا توصل صناع القرار السياسي االمريكي ‪،‬الى ان الخسائر التي قد تتعرض لھا‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬من الناحيتين االقتصادية واالستراتيجية‪ ،‬في حال عدم االنسحاب ‪،‬اكثر بكثير‬
‫من تلك التي ستلحق بھا اذا ما قبلت االنسحاب ‪،‬السيما وان موعد انتھاء مدة االتفاقية الخاصة‬
‫بالقاعدة ھو في تموز ‪ ،١٩٧١‬مما سيوفر ورقة ضغط اخرى لدى النظام الليبي الجديد ويضعف‬
‫من الموقف االمريكي‪ ،‬اذا ما حاولت الواليات المتحدة تأجيل مسألة االنسحاب ‪.‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٦‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫ھوامش البحث‬
‫‪1- Boyne, Walter J., The Years of Wheelus Perforce Magazine, Vol. 91,‬‬
‫‪No.1, January 2008,P.2.‬‬
‫‪ -٢‬مجيد خدوري‪ ،‬ليبيا الحديثة دراسة في تطورھا السياسي‪ ،‬ترجمة نيقوال زيادة‪ ،‬مراجعة‬
‫ناصر الدين االسد‪ ،‬بيروت‪ ،١٩٦٦ ،‬ص ‪.٢٨٧‬‬
‫‪ -٣‬عقد في مدينة بوتسدام في برلين للمدة ‪ ١٦‬تموز‪ ٢ -‬اب ‪ .١٩٤٥‬حضره الرئيس االمريكي‬
‫ھاري ترومان والزعيم السوفيتي ستالين‪ ،‬ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل‪ ،‬ثم‬
‫كليمنت اتلي بعد فوزه في انتخابات ‪ ١٩٤٥‬عن بريطانيا‪ .‬ناقش فيه المؤتمرون عدد من‬
‫القضايا اھمھا‪ :‬سيطرة الحلفاء على المانيا‪ ،‬التعويضات‪ ،‬خط االودر‪-‬نيس‪ ،‬وانضمام االتحاد‬
‫السوفيتي للحرب في الشرق االقصى‪ .‬وقد عد من المؤتمرات الناجحة التي عقدت اثناء‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ .‬للمزيد من التفاصيل ينظر‪ :‬حيدر عبد الجليل الحربية‪ ،‬مؤتمر بوتسدام‬
‫والقضية األلمانية ‪ ، ١٩٤٦-١٩٤٥‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة البصرة ‪،‬كلية‬
‫التربية ‪ ،‬ص ص ‪.‬‬
‫‪ -٤‬صالح العقاد‪ ،‬ليبيا المعاصرة‪ ،‬القاھرة‪١٩٧٠ ،‬؛ ھنري حبيب‪ ،‬ليبيا بين الماضي والحاضر‪،‬‬
‫ترجمة شاكر ابراھيم‪ ،‬المنشاة الشعبية للنشر والتوزيع والمطابع‪ ،‬ليبيا‪ ،١٩٨١ ،‬ص ‪٧٣‬؛‬
‫جمال حمدان‪ ،‬الجماھيرية العربية الليبية الشعبية االشتراكية العظمى دراسة في الجغرافية‬
‫السياسية‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاھرة‪ ،١٩٩٦ ،‬ص ‪.٧٧‬‬
‫‪ -٥‬ھنري ميخائيل‪ ،‬العالقات االنكليزية الليبية مع تحليل للمعاھدة االنكليزية الليبية‪ ،‬القاھرة‪،‬‬
‫‪ ،١٩٧٠‬ص ص ‪١٥٦-١٥٥‬؛‬
‫‪El-Kiknia, Mansour, Libya's Qaddafi the Politics of Contradiction‬‬
‫‪University Press of Florida, 1997, p.107.‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٧‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫‪ -٦‬مي فاضل مجيد الربيعي‪ ،‬التطورات السياسية في ليبيا ‪ ،١٩٦٣-١٩٥١‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬كلية التربية ابن رشد‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،٢٠٠٣ ،‬ص ‪.١٧٧‬‬
‫‪7- John, Ronald Bruce St., Libya and the United States two Centuries of‬‬
‫‪Strife, University of Pennsylvania Press, Philadelphia, 2006, p.49.‬‬
‫‪8- Boyne, Op. Cit., p.3‬‬
‫‪9- John, Op. Cit., p.11.‬‬
‫عبد الرحيم شلبي‪ ،‬تصفية القواعد االمريكية في ليبيا‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪،١٩‬‬ ‫‪-١٠‬‬
‫السنة السادسة القاھرة‪ ،١٩٧٠ ،‬ص ‪٨٨‬؛‬
‫‪Year Book of United Nations, 1948, pp.276-277.‬‬
‫سامي الحكيم‪ ،‬حقيقة ليبيا‪ ،‬ط ‪ ،٢‬مكتبة االنجلو المصرية‪ ،‬القاھرة‪ ،١٩٧٠ ،‬ص ص‬ ‫‪-١١‬‬
‫‪١٢٢-١٢١‬؛ مي فاضل مجيد الربيعي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.١٧٨‬‬
‫‪12- John, Op. Cit., p.63.‬‬
‫محمود المنتصر‪ :‬اول رئيس وزراء للمملكة الليبية بعد استقاللھا للمدة كانون االول‬ ‫‪-١٣‬‬
‫‪ -١٩٥١‬شباط ‪ .١٩٥٤‬ينحدر من عائلة طرابلسية بارزة وتلقى تعليمه في جامعة روما‪ .‬ولم‬
‫ينضم الى الحركة الوطنية في وقت مبكر‪ ،‬وانھمك بدال من ذلك في ادارة االعمال التجارية‬
‫لعائلته‪ .‬وفي عقد الثالثينات عمل مديرا للوقف الديني ورئيسا لمجلس المدرسة االسالمية‬
‫العليا‪ .‬في عام ‪ ١٩٥٠‬عين المنتصر نائبا لرئيس المجلس االداري في طرابلس‪ .‬ثم اصبح‬
‫عضوا في الجمعية الوطنية قبل ان يعين رئيسا ألول حكومة ليبية في اذار ‪٠ ١٩٥١‬اختير‬
‫رئيسا للوزراء للمرة الثانية للمدة من كانون الثاني ‪.١٩٦٥-١٩٦٤‬‬
‫‪John, Ronald Bruce St., Historical Dictionary of Libya, Fourth Edition,‬‬
‫‪Scarecrow press, 2006, p.172.‬‬
‫‪ -١٤‬سامي الحكيم‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.١٢٣-١٢٢‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٨‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫‪ -١٥‬نظمت المادتان الحادية والثالثون والثانية والثالثون من المعاھدة البريطانية الليبية لعام‬
‫‪١٩٥٣‬الموقف القانوني ال فراد القوات البريطانية‪ .‬فخصصت االولى للقضايا المدنية‬
‫والثانية للقضايا الجنائية ‪٠‬وقسمت القضايا المدنية الى ثالث انواع‪ ،‬نوع يحدث اثناء قيام‬
‫حرب وھذا ال ينظر فيه‪ ،‬ونوع يقع اثناء اداء الجنود البريطانيين واجبھم الرسمي وھذا‬
‫ممكن للحكومة الليبية او االفراد طلب تعويض عنه‪ ،‬ونوع ثالث يقع بدون ان يكون ھناك‬
‫واجب رسمي وھذا يخضع للقانون الليبي‪ .‬اما الجنائية فاذا كانت الجناية تمس امن الجانب‬
‫البريطاني فتحال الى محكمة عسكرية بريطانية ‪،‬اما اذ كانت جرائم عادية فيطبق فيھا‬
‫القانون الليبي‪ .‬للمزيد ينظر‪ :‬ھنري انيس ميخائيل‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.٢٩٣-٢٨٧‬‬
‫‪ -١٦‬مصطفى احمد بن حليم‪ ،‬صفحات من تاريخ ليبيا السياسي‪ ،‬بريطانيا‪ ،١٩٦٢ ،‬ص‬
‫ص‪١٩٢-١٨٢‬؛ مصطفى احمد بن حليم‪ ،‬ليبيا انبعاث امة وسقوط دولة‪ ،‬منشورات الجمل‪،‬‬
‫المانيا‪ ،٢٠٠٣ ،‬ص ‪٢٥٤‬؛‬
‫‪Praeger, Frederick A., Air Dates, New York, 1957.‬‬
‫‪ -١٧‬عبد الرحيم شلبي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪٩١‬؛ سامي الحكيم‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.١٢٩‬‬
‫‪18- Sandars C.T. America's overseas Garrisons the Leasehold Empire,‬‬
‫‪New York, 2000, p.49.‬‬
‫‪ -١٩‬سامي الحكيم‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.١٢٩‬‬
‫قاعدة الظھران‪ :‬قاعدة امريكية انشئت في المملكة العربية السعودية بموجب اتفاق وقع‬ ‫‪-٢٠‬‬
‫بين الطرفين عام ‪ ، ١٩٤٥‬ازدادت اھميتھا في نھاية عقد األربعينات وعقد الخمسينات في‬
‫اطار المواجھة مع االتحاد السوفيتي ‪،‬عالوة على تزايد اھميتھا في مجال النقل التجاري من‬
‫اسيا الى اوربا وبالعكس ‪،‬بحكم قربھا من حقول الدمام النفطية ‪،‬وفي عام ‪ ١٩٦١‬اصبحت‬
‫تعرف بمطار الظھران الدولي ‪،‬وفي العام التالي تخلت عنھا الواليات المتحدة‪٠‬‬
‫‪21- En.wikipedia.org /wiki/Dhahran_ Airfiel‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٨٩‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫السيد عثمان عوض‪ ،‬العالقات الليبية االمريكية )‪ ،(١٩٩٢-١٩٤٠‬مركز الحضارة‬ ‫‪-٢٢‬‬


‫العربية لألعالم والنشر‪ ،‬الجيزة‪ ،١٩٩٤ ،‬ص ‪.٩٣‬‬
‫سمير امين‪ ،‬المغرب العربي الحديث‪ ،‬ترجمة كميل ق ‪٠‬داغر‪ ،‬بيروت‪،١٩٨١ ،‬‬ ‫‪-٢٣‬‬
‫ص‪.٢١٢‬‬
‫رئيس وزراء ليبيا للمدة ايار ‪ -١٩٥٧‬تشرين االول ‪ .١٩٦٠‬ولد عام ‪ ١٩٠٩‬في عائلة‬ ‫‪-٢٤‬‬
‫معروفة بنشاطاتھا الوطنية‪ .‬عين عضوا في الجمعية التأسيسية عام ‪ ١٩٥٠‬ثم انتخب عضوا‬
‫في البرلمان الليبي عام ‪ ١٩٥٢‬وبقي كذلك حتى شكل الحكومة في عام ‪.١٩٥٧‬‬
‫)‪(John, Historical Dictionary of …., p.140‬‬
‫مي فاضل مجيد الربيعي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.١٨٥‬‬ ‫‪-٢٥‬‬
‫شكل في عام ‪ ١٩٥٤‬من اعضاء متساويين عن كل جانب وبرئاسة ليبية‪ ،‬له صالحية‬ ‫‪-٢٦‬‬
‫اختيار مشروعات تنشيط االقتصاد الليبي في مجاالت الزراعة ‪،‬الصناعة ‪ ،‬التعليم‪ ،‬التدريب‬
‫المھني‪ ،‬اصالح المرافق العامة‪ ،‬وتنفيذ تلك المشروعات واألشراف عليھا‪)٠‬مصطفى احمد‬
‫بن حليم‪ ،‬ليبيا انبعاث امة‪،٠٠٠‬ص‪(٠ ٢٥٤‬‬
‫مي فاضل مجيد الربيعي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.١٨٦‬‬ ‫‪-٢٧‬‬
‫سامي الحكيم‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.١٣٤‬‬ ‫‪-٢٨‬‬
‫رئيس وزراء ليبيا للمدة من تشرين االول ‪ -١٩٦٠‬اذار ‪ .١٩٦٣‬ولد في فزان ونال‬ ‫‪-٢٩‬‬
‫تعليمه االول في المدارس الدينية‪ ،‬درس التاريخ والقانون وبرز في االدارة المحلية لفزان‬
‫‪،‬مؤيدا قويا للنظام الملكي ‪،‬وشغل منصب وزير الصحة ووزير المالية واالقتصاد الوطني‬
‫قبل ان يصبح رئيسا للوزراء‪ .‬غير ان حكومته اضعفت نتيجة الستمرار الخالف بين سلطات‬
‫الواليات والسلطة الفيدرالية‪ ،‬وتزايد الفجوة بين الملك وشعبه‪.‬‬
‫‪(John, Historical Dictionary of …., p.36‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٩٠‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫رئيس وزراء ليبيا للمدة )اذار ‪-١٩٦٣‬كانون األول ‪،١٩٦٤‬حاصل على شھادة الدكتوراه‬ ‫‪-٣٠‬‬
‫في القانون من جامعة باريس‪ ٠‬شغل منصب رئيس المجلس التنفيذي في طرابلس ثم سفيرا‬
‫لبالده في مصر معظم عقد الخمسينات ‪،‬على الرغم من اشغاله منصب وزير العدل لمدة‬
‫قصيرة عام ‪٠ ١٩٥٦‬ثم اصبح سفيرا لبالده في الواليات المتحدة واألمم المتحدة للمدة‬
‫‪٠ ١٩٦٣-١٩٦٠‬وفي عھده تحولت ليبيا من النظام الفيدرالي الى النظام الوحدوي‪ ،‬واعطي‬
‫حق االقتراع للمرأة ‪٠‬‬
‫)‪(John, Historical Dictionary of Libya ...,P.75.‬‬
‫‪31- (John, Libya and the United states…,P 80 .‬‬
‫‪ -٣٢‬ينظر خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في جامعة القاھرة بمناسبة عيد الوحدة بتاريخ‬
‫‪-٢٢‬شباط‪ ١٩٦٤-‬على الموقع اآلتي‪:‬‬
‫‪http://nasser.bibalex.org/Speeches/browser.aspx?SID=1070&lang=ar‬‬
‫للمزيد من التفاصيل عن موقف المنتصر من القواعد والمفاوضات الليبية‪-‬االمريكية‬ ‫‪-٣٣‬‬
‫حولھا ينظر‪ :‬صادق فاضل زعيتر الزھيري‪ ،‬محمود المنتصر ودوره السياسي في ليبيا‪،‬‬
‫رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كلية التربية )ابن رشد(‪ ،‬جامعة بغداد ‪ ،٢٠١٠‬ص ‪-٢٣٣‬‬
‫‪.٢٤٧‬‬
‫‪ -٣٤‬رئيس الوزراء الليبي للمدة اذار ‪ -١٩٦٥‬حزيران ‪ .١٩٦٧‬خدم في االدارة البريطانية‬
‫لبرقة‪ ،‬ثم اصبح حاكما عاما لھا عام ‪ ،١٩٥٣‬وزيرا للخارجية في حكومة المنتصر االولى‪٠‬‬
‫وقد جاء مازق الى السلطة في حين اشتدت معارضة الطلبة والعمال للنظام الملكي‪ .‬اعفي‬
‫من منصبه بعد االضطرابات التي حصلت في ليبيا اثناء عدوان ‪ ١٩٦٧‬وبعده‪.‬‬
‫)‪(John, Historical Dictionary of …., p.166.‬‬
‫‪35- John,., Libya and the United States …, p.82.‬‬
‫مصطفى احمد بن حليم‪ ،‬ليبيا انبعاث امة وسقوط دولة ‪ ،...‬ص ‪.٣٢١‬‬ ‫‪-٣٦‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٩١‬‬
‫ ابراھيم فنجان االمارة‬.‫د‬.‫م‬.‫أ‬ ١٩٧٠ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا‬

.٣٤١ ‫ ص‬،‫المصدر نفسه‬ -٣٧


.٩٢ ‫ ص‬،‫ المصدر السابق‬،‫نقال عن عبد الرحيم شلبي‬ -٣٨
39- John,., Libya and the United States …, p.82.
.٣٤١ ‫ ص‬،... ‫ ليبيا انبعاث امة وسقوط دولة‬،‫ مصطفى احمد بن حليم‬-٤٠
41- F.R.U.S., Vol. XXIV, Telegram from the Department of State to the
Embassy in Libya, 2 June, 1967, No.83; Telegram from the Department of
State to the Embassy in Libya, 7 June, 1967, No.-84; Telegram from the
Department of State to the Embassy in Libya, 13 June, 1967, No.85.
،‫ مصطفى علوي‬:‫ ينظر‬١٩٦٧ ‫للمزيد من التفاصيل عن الموقف األمريكي من حرب‬ -٤٢
‫ السياسة األمريكية‬: ‫في‬، ١٩٦٧ ‫يونيو‬/‫حزيران‬-‫ مايو‬/‫السلوك األمريكي في ازمة ايار‬
٠ ١٣٨-١٢٧ ‫ص ص‬،١٩٩١،‫بيروت‬،‫ مركز دراسات الوحدة العربية‬،٣‫ط‬، ‫والعرب‬
43- F.R.U.S., Vol., E-5, Part 2, Memorandum from Harold Sounders of the
National Security Council Staff to the Special Assistant to the President's
Assistant for National Security Affairs (Lake) for the President's Assistant
for National Security Affairs (Kissinger), Washington, 2 September, 1969,
No.37.
44- F.R.U.S., Vol., E-6, Part 2, Memorandum from the Assistant Security of
State to the African Affairs (Newsom) to the Acting Security of State
(Richardson) , 4 September, 1969, No.38.
45- F.R.U.S., Vol., E-5, Part 2, Intelligence Memorandum, 16 September
1969, No.39.
46- Ibid.
47- Ibid.
48- Ibid.
49- F.R.U.S., Vol., E-5, Part 2, the Telegram 1134 from the Embassy Office in
Benghazi to the Department of State and the Embassy in Libya, 30
October, 1969, No. 42.

٢٠١٣ ‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول‬


( ٢٩٢ )
‫ ابراھيم فنجان االمارة‬.‫د‬.‫م‬.‫أ‬ ١٩٧٠ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا‬

50- F.R.U.S., Vol., E-5, Part 2, Memorandum from Harold Sounders of the
National Security Council Staff to the Special Assistant to the President's
Assistant for National Security Affairs (Lake) for the President's Assistant
for National Security Affairs (Kissinger), 17 November, 1969, No.43.
51- Haley, p. Edward, Qaddafi and the United States since 1969, p.19.
52- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, Memorandum from Robert Behr and Harold
Saunders of National Security Council staff to the President's Assistant for
National Security Affairs (Kissinger),20 November, 1969, No.44.
53- Ibid.
54- Haley, Op. Cit., pp.4-5.
55- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2 ,Minutes of the Washington Special Actions
Group Meeting, 24 November, 1969, No.45.
56- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, Memorandum from Harold Sounders of
National Security of Staff to the President's Assistant for National Security
Affairs (Kissinger),11 December, 1969, No.47.
57- Ibid.
58- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, Memorandum from the Assistant Secretary of
the to African Affairs (Newsom) to the Under Secretary of State for
Political Affairs (Johnson), 23 December 1969, No.49.
:‫ ينظر على سبيل المثال‬-٥٩
John,., Libya and the United States …,.pp.91-92; Haley, Op. Cit., pp.21-
22;
٠٩٦ ‫ ص‬،‫ المصدر السابق‬،‫السيد عوض عثمان‬
٠‫( من ھذا البحث‬٧٥) ‫ينظر ھامش رقم‬ -٦٠
61- F.R.U.S., Vol., E-5, part2, No.49. .,
62- Ibid, No.49.
63- F.R.U.S., Vol., E-5, part2, National Intelligence Estimate 36. 5-69,
30 December, 1969, No.50.

٢٠١٣ ‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول‬


( ٢٩٣ )
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫ولد في منطقة قبلية على مقربة من مدينة سرت الحالية‪ .‬تلقى تعليمه االولي في مدرسة‬ ‫‪-٦٤‬‬
‫اسالمية ثم في مدرسة ثانوية في سبھا واخيرا في مصراته‪ ٠‬وفي شبابه كان يقضي الليل في‬
‫المساجد ويذھب لزيارة عائلته في ايام الجمع فقط‪ .‬كان لھزيمة ‪ ١٩٤٨‬وثورة يوليو ‪١٩٥٢‬‬
‫في مصر اثرا واضحا في تكوينه الفكري السياسي‪ .‬طرد من المدرسة اثر اتھامه بأثارة‬
‫االضرابات الطالبية اثناء حرب السويس ‪ ١٩٥٦‬ثم اكمل تعليمه على يد مدرس خصوصي‬
‫في مصراته‪ ،‬حيث اظھر اھتماما خاصا بدراسة التاريخ‪ ،‬لكنه لم يحقق نجاحا اكاديميا عندما‬
‫دخل الى جامعة طرابلس لدراسة التاريخ‪ .‬وفي عام ‪ ١٩٦٣‬دخل القذافي االكاديمية العسكرية‬
‫الملكية الليبية في بنغازي وتخرج منھا عام ‪ ،١٩٦٥‬وكان قد تلقى قبل تخرجه تدريبا في‬
‫تركيا وبريطانيا وشكل مع عدد من زمالئه تنظيم الضباط االحرار وھو ال يزال طالبا في‬
‫االكاديمية العسكرية ‪،‬ثم اصبح ذلك التنظيم اكثر قوة بعد ھزيمة ‪ .١٩٦٧‬تمكن القذافي من‬
‫اسقاط الحكم الملكي في الثورة التي عرفت بثورة الفاتح من ايلول ‪ .١٩٦٩‬وبعد االستيالء‬
‫على السلطة اصبح القذافي رئيسا للجنة المركزية لحركة الضباط االحرار التي اطلقت على‬
‫نفسھا مجلس قيادة الثورة ‪،‬ثم اصبح قائدا عاما للقوات المسلحة‪ .‬وعلى الرغم من ان مجلس‬
‫قيادة الثورة كان ھو من يتولى السلطة في البالد من الناحية النظرية ‪،‬اال ان السلطة الفعلية‬
‫على البالد كانت بيد القذافي‪ ..‬وفي ايلول ‪ ١٩٧٦‬اعلن عن تأسيس المؤتمر الشعبي العام‬
‫ليكون بديال عن مجلس قيادة الثورة ‪،‬ثم نصب نفسه رئيسا لھذا المؤتمر عام ‪ ،١٩٧٧‬واستقال‬
‫منه عام ‪ ١٩٧٩‬محتفظا بمنصبه قائدا عاما ‪،‬ثم اطلق على نفسه لقب )زعيم الثورة( حتى‬
‫اإلطاحة به ومقتله عام ‪٠٢٠١١‬‬
‫)‪(John, Historical Dictionary of Libya.., pp.207-209‬‬
‫‪65- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2,Telegram 169 from the Embassy in Libya to the‬‬
‫‪Department of State and Defense, 26 January 1970, No.51; Memorandum‬‬
‫‪from the President's Assistant for National security Affairs (Kissinger) to‬‬
‫‪President Nixon, Undated, No.52.‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٩٤‬‬
‫ ابراھيم فنجان االمارة‬.‫د‬.‫م‬.‫أ‬ ١٩٧٠ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا‬

66- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, No.52, Op. Cit.,


67- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, Intelligence Memorandum 490170,
Washington, February 13, 1970, No.53.
68- Ibid, No.53.
69- F.R.U.S., Vol., E-5, part2, Memorandum from the President's Assistant for
National Security Affairs (Kissinger) to President Nixon, 20 March, 1970,
No.54.
70- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, Telegram 724 from the Embassy Libya to the
Department of State, 13April, 1970.NO.57.
71- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, Memorandum from the Special to the deputy
Director for plans of the Central Intelligence Agency through the Deputy
Director for plans (Karamessines) to the Director of Central Intelligence
(Helms) , 16 April, 1970, No.56.
72- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, Telegram 70798 from Department of State to
the Embassy Libya, 9 May, 1970.
73- F.R.U.S., Vol.9, E-5, Part2, Intelligence Brief INRB 131 from the Director
of the Bureau of Intelligence and Research (Denny) to Acting Secretary of
State Richardson, 27 May, 1970, No.58.
74- F.R.U.S., Vol.9, E-5, Part2, Letter from the Undersecretary of State for
Political Affairs (Johnson) to the Deputy Secretary of Defense (Packard), 2
June, 1970, No. 59.
75- F.R.U.S., Vol.9, E-5, Part2, Memorandum from the executive Secretary
(Eliot) to the President's Assistant for National Secretary Affairs
(Kissinger), 12 June, 1970, No.60.
76- F.R.U.S., Vol., E-5, Part2, Intelligence Memorandum 531/70, Washington,
July 31, 1970,NO.63; Memorandum From Secretary of State Rogers to
President Nixon, Washington, August 5, 1970,NO.64.

٢٠١٣ ‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول‬


( ٢٩٥ )
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫المصــــادر‬
‫اوال‪ :‬الوثائق االمريكية المنشورة‪:‬‬
‫‪- Foreign Relations of the United States, 1969-1976, Vol., E-5, Part2,‬‬
‫‪Documents on North Africa 1969-1979, Libya.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬حيدر عبد الجليل الحربية‪ ،‬مؤتمر بوتسدام والقضية األلمانية ‪ ، ١٩٤٦-١٩٤٥‬رسالة ماجستير‬
‫غير منشورة‪ ،‬كلية التربية ‪ ،‬جامعة البصرة ‪٠ ٢٠٠٦ ،‬‬
‫‪ -‬صادق فاضل زعيتر الزھيري‪ ،‬محمود المنتصر ودوره السياسي في ليبيا رسالة ماجستير‬
‫غير منشورة‪ ،‬كلية التربية )ابن رشد(‪ ،‬جامعة بغداد‪.٢٠١٠ ،‬‬
‫‪ -‬مي فاضل مجيد الربيعي‪ ،‬التطورات السياسية في ليبيا ‪ ،١٩٦٣-١٩٥١‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬كلية التربية ابن رشد‪ ،‬جامعة بغداد ‪٢٠٠٣ ،‬‬

‫ثالثا‪ :‬الكتب العربية والمعربة‪:‬‬


‫‪ -‬جمال حمدان‪ ،‬الجماھيرية العربية الليبية الشعبية االشتراكية العظمى دراسة في الجغرافية‬
‫السياسية‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاھرة‪.١٩٩٦ ،‬‬
‫‪ -‬سامي الحكيم‪ ،‬حقيقة ليبيا‪ ،‬ط ‪ ،٢‬مكتبة االنجلو المصرية‪ ،‬القاھرة‪٠١٩٧٠ ،‬‬
‫‪ -‬سمير امين‪ ،‬المغرب العربي الحديث‪ ،‬ترجمة كميل ق‪ ٠‬داغر‪ ،‬بيروت‪٠١٩٨١ ،‬‬
‫‪ -‬السيد عثمان عوض‪ ،‬العالقات الليبية االمريكية )‪ ،(١٩٩٢-١٩٤٠‬مركز الحضارة العربية‬
‫لألعالم والنشر‪ ،‬الجيزة‪٠ ١٩٩٤ ،‬‬
‫‪ -‬صالح العقاد‪ ،‬ليبيا المعاصرة‪ ،‬القاھرة‪٠ ١٩٧٠ ،‬‬
‫‪ -‬مصطفى احمد بن حليم‪ ،‬صفحات من تاريخ ليبيا السياسي‪ ،‬بريطانيا‪٠ ١٩٦٢ ،‬‬
‫‪ ،---------------------- -‬ليبيا انبعاث امة وسقوط دولة‪ ،‬منشورات الجمل‪ ،‬المانيا‪٠ ٢٠٠٣ ،‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٩٦‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫‪ -‬مصطفى علوي‪ ،‬السلوك األمريكي في ازمة ايار‪ /‬مايو‪-‬حزيران‪/‬يونيو ‪، ١٩٦٧‬في ‪ :‬السياسة‬


‫األمريكية والعرب ‪،‬ط‪ ،٣‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬بيروت‪٠ ١٩٩١،‬‬
‫‪ -‬ھنري انيس ميخائيل‪ ،‬العالقات االنكليزية‪ -‬الليبية مع تحليل للمعاھدة االنكليزية ‪-‬الليبية‪،‬‬
‫القاھرة‪.١٩٧٠ ،‬‬
‫‪ -‬ھنري حبيب‪ ،‬ليبيا بين الماضي والحاضر‪ ،‬ترجمة شاكر ابراھيم‪ ،‬المنشاة الشعبية للنشر‬
‫والتوزيع والمطابع‪ ،‬ليبيا‪٠١٩٨١ ،‬‬
‫‪ -‬مجيد خدوري‪ ،‬ليبيا الحديثة دراسة في تطورھا السياسي‪ ،‬ترجمة نيقوال زيادة‪ ،‬مراجعة‬
‫ناصر الدين االسد‪ ،‬بيروت‪٠ ١٩٦٦ ،‬‬

‫الكتب باللغة االنكليزية‪:‬‬


‫‪- Haley, p. Edward, Qaddafi and the United States since 1969, New‬‬
‫‪York ,1984.‬‬
‫‪- El-Kiknia, Mansour, Libya's Qaddafi the Politics of Contradiction,‬‬
‫‪University Press of Florida, 1997.‬‬
‫‪- John, Ronald Bruce St., Libya and the United States two Centuries of‬‬
‫‪Strife, University of Pennsylvania Press, Philadelphia, 2006.‬‬
‫‪- Praeger, Frederick A., Air Dates, New York, 1957.‬‬
‫‪- Sandars C.T. America's Overseas Garrisons the Leasehold Empire,‬‬
‫‪New York, 2000.‬‬
‫‪- Year Book of United Nations, 1948-1949.‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٩٧‬‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬ابراھيم فنجان االمارة‬ ‫االنسحاب االمريكي من قاعدة ويلس في ليبيا ‪١٩٧٠‬‬

‫خامسا‪ :‬المقاالت‬
‫العربيــة ‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم شلبي‪ ،‬تصفية القواعد االجنبية في ليبيا‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،١٩‬السنة‬
‫السادسة‪ ،‬مصر‪.١٩٧٠ ،‬‬

‫االنكليزيـــة ‪:‬‬
‫‪- Boyne, Walter J., The years of Wheelus, Perforce Magazine, Vol. 91,‬‬
‫‪No.1, January 2008.‬‬

‫سادسا‪ :‬الموسوعات والقواميس التاريخية‪:‬‬


‫‪- John, Ronald Bruce St., Historical Dictionary of Libya, Fourth‬‬
‫‪Edition, Scarecrow press, 2006.‬‬
‫‪- EnWikipedia.org /Wiki/Dhahran_ Airfield.‬‬

‫دراسات تاريخية العدد الخامس عشر كانون األول ‪٢٠١٣‬‬


‫) ‪( ٢٩٨‬‬

You might also like