You are on page 1of 171

‫جامعة محمد الصديق بن يحي‪ -‬جيجل‬

‫كمية الحقوق والعموم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬

‫القانون الدولي العام‬

‫محاضرات موجهة لطمبة‬

‫السنة الثانية ليسانس‬

‫إعداد‪ /‬الدكتور فؤاد خوالدية‬

‫السنة الجامعية‪2018/2017 :‬‬


:‫قائمة المختصرات‬

A.F.D.I : Annuaire Français de Droit International.

éd : édition.

J.D.I : Journal de Droit International.

J.I.E.L: Journal of International Economic Law.

L.G.D.J: Librairie Général de Droit et de Jurisprudence.

R.B.D.I : Revue Belge de Droit International.

R.C.A.D.I : Recueil des Cours de L’académie de Droit International et de


Législation Comparée.

R.G.D.I.P : Revue Général de Droit International Public.

P.U.F : Presse Universitaire de France.


‫مقدمة‪:‬‬
‫ّ‬

‫نتج عن التطور المتسارع لمقانون الدولي المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم قفزة عمالقة سواء‬
‫الكمي‪.‬‬
‫من ناحية نوعية قواعد ىذا القانون‪ ،‬أو من ناحية جانبيا ّ‬
‫تدخل القانون‬
‫فال نكاد نجد مجاال من مجاالت الحياة – ليس فيما بين الدول و حسب – بل داخميا إالّ و ّ‬
‫الدولي لتنظيمو و إن كان ذلك عمى حساب سيادة الدولة‪ ،‬فالديمقراطية و حقوق اإلنسان ىما النموذج‬
‫التدخل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األمثل ليذا‬

‫تنوع في مصادر القانون الدولي العام‪ ،‬ففضال عن المصادر الكالسيكية برزت ق اررات‬‫و تبعا لذلك حدث ّ‬
‫المنظمات الدولية و أعيد االعتبار لقواعد العدالة كمصادر إضافية‪ ،‬لما ليا من دور في إدارة العالقات‬
‫الدولية وترشيد الممارسات في إطارىا‪.‬‬

‫حد ذاتو‪ ،‬حيث تراجعت النظرة‬


‫تغير في محتوى و أساس القانون الدولي في ّ‬ ‫ك ّل ىذه المعطيات نجم عنيا ّ‬
‫الدول‬
‫يتم إعماليا إالّ في مجال التعاون و التنسيق بين ّ‬
‫التقميدية لقواعد ىذا األخير كونيا غير ممزمة و ال ّ‬
‫نصا‬
‫كرست فكرة القواعد الدولية اآلمرة ّ‬
‫ليتأتّى ليذه القواعد من اإللزام ما تأتّى لقواعد القانون الداخمي‪ ،‬بل ّ‬
‫وسموكا عمى المستوى الدولي‪.‬‬

‫فإن المجتمع الدولي يتّجو بخطوات حثيثة نحو‬


‫و لشمول ىذه الفكرة لمعظم قواعد القانون الدولي تدريجيا‪ّ ،‬‬
‫يتيدد‬
‫مما ّ‬‫قدر ذلك جانب من فقياء القانون الدولي من خالل تدويل أو عولمة القانون‪ّ ،‬‬ ‫المركزية كما ّ‬
‫ىويتيا و خصوصياتيا‪.‬‬
‫يجرد مجتمعاتيا من ّ‬
‫القوانين الداخمية و ّ‬
‫بأن ىذا األخير ال يفرض إالّ عمى الدول‬
‫من جية أخرى يرى جانب من العارفين بالقانون الدولي ّ‬
‫التفرد‬
‫ألن انييار المعسكر االشتراكي في بداية التسعينات ّأدى إلى اختالل التوازن الدولي و ّ‬
‫الضعيفة‪ّ ،‬‬
‫الحساسة‬
‫ّ‬ ‫بصنع السياسة الدولية وفق ما يخدم مصالح الدول الكبرى‪ ،‬و السيطرة عمى المؤسسات الدولية‬
‫التّي تييكل المجتمع الدولي وترسم لو قواعد القانون الدولي‪ ،‬فاختمطت بذلك السياسة بالقانون‪ ،‬و سادت‬
‫مجددا شريعة الغاب‪.‬‬
‫ّ‬

‫الرئيسية التالية‪:‬‬
‫أىمية بالغة تفضي بنا إلى طرح اإلشكالية ّ‬
‫لك ّل ىذا تكتسي دراسة القانون الدولي العام ّ‬
‫ما هو القانون الدولي العام و ما هي مصادره؟‬

‫و سنحاول اإلجابة عن ىذه اإلشكالية من خالل فصول ثالثة‪:‬‬

‫نخصص الثاني ل لمصادر الرسمية لمقانون‬ ‫ّ‬ ‫الدولي العام‪ ،‬فيما‬


‫األول لإلطار المفاىيمي لمقانون ّ‬
‫نخصص ّ‬
‫ّ‬
‫الرسمية ليذا القانون‪.‬‬
‫الدولي العام‪ ،‬عمى أن نعرض في الفصل الثالث إلى المصادر غير ّ‬
‫ّ‬

‫‪1‬‬
‫األول‪ :‬اإلطار المفاىيمي لمقانون الدولي العام‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫يتعين عمينا أن نتناول في فصمين عمى التوالي‪ :‬ماىية القانون‬


‫لإلحاطة باإلطار المفاىيمي لمقانون الدولي العام ّ‬
‫الدولي العام‪ ،‬طبيعة القانون الدولي العام‪:‬‬

‫األول‪ :‬ماىية القانون الدولي العام‪:‬‬


‫المبحث ّ‬

‫نعالج تحت ىذا الفصل مبحثين‪ :‬مفيوم القانون الدولي العام‪ ،‬و مجال القانون الدولي العام‪:‬‬

‫األول‪ :‬مفيوم القانون الدولي العام‪:‬‬


‫الم طمب ّ‬

‫ال يمكن الوقوف عمى مفيوم القانون الدولي العام إالّ من خالل إبراز تطور استعمال مصطمح القانون الدولي‬
‫ثم محاولة تعريف القانون الدولي العام (مطمب ثان)‪:‬‬
‫العام (مطمب ّأول)‪ّ ،‬‬
‫الدولي العام‪:‬‬
‫األول‪ :‬تطور استعمال مصطمح القانون ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫عدة اصطالحات قبل أن يتّخذ تسميتو الحالية (القانون الدولي العام)‪ ،‬يمكن الوقوف‬
‫عرف القانون الدولي العام ّ‬
‫عمييا قبل عصر التنظيم الدولي (فرع ّأول)‪ ،‬و خالل عصر التنظيم الدولي (فرع ثان)‪:‬‬

‫‪)1(:1945‬‬ ‫أوال‪ -‬تسمية القانون الدولي العام قبل عصر التنظيم الدولي‬

‫الرومان " قانون الشعوب " في إشارة إلى القواعد التي تطبق عمى رعايا‬‫كان يطمق عمى القانون الدولي عند ّ‬
‫ثم إلى تمك القواعد التي تنظم عالقات الشعب الروماني مع بقية‬
‫الشعوب المقيمة بروما في مرحمة أولى‪ّ ،‬‬
‫‪1625‬‬ ‫الشعوب في مرحمة ثانية ‪ ،‬و في العصور الوسطى أطمق عميو الفقيو اليولندي " قروسيوس " سنة‬
‫معب ار بذلك عن المرحمة التي انتعش فييا مبدأ القوميات ال ّذي كان يدعو إلى ّأنو من‬
‫مصطمح " قانون األمم " ّ‬
‫عبر عنو الفقيو‬
‫تجسد نفسيا في إطار دولة ‪ ،‬و بمصطمح مشابو ىو " القانون بين األمم " ّ‬ ‫أمة أن ّ‬ ‫حق ك ّل ّ‬
‫عشر‪)2(.‬‬ ‫الفرنسي " لويس مورينو " في أواخر القرن التاسع‬

‫______________________________________________________________________________‬

‫ألنيا الفترة التي انتعش فييا القانون الدولي‬


‫(‪ )1‬يشار إلى الفترة الواقعة بعد ‪ - 1945‬منذ تأسيس األمم المتحدة‪ -‬بعصر التنظيم الدولي ّ‬
‫حيث اتضحت قواعده و تأكدت و توسعت و تنوعت بفعل جيود األمم المتحدة في ىذا المجال‪ ،‬فضال عن تزايد ظيور المنظمات‬
‫الدولية و ما كان ليا من دور ال ينكر في إبراز و إثراء و تطوير قواعد القانون الدولي‪ ،‬حيث أصبحت ق ارراتيا مصد ار من مصادر‬
‫ىذا القانون‪ ،‬يضاف إلى مصادره الكالسيكية المنصوص عمييا في المادة ‪ 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫‪ ،1‬دار الفجر لمنشر و التوزيع‪ -‬الجزائر‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد إسكندري‪ ،‬د‪ .‬محمد ناصر بوغزالة‪ " :‬محاضرات في القانون الدولي العام " ط‬
‫األول‪ :‬المبادئ العامة " ط ‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر‬
‫‪ ،1998‬ص‪ ،11‬د‪ .‬عبد الكريم عموان‪ " :‬الوسيط في القانون الدولي العام‪ -‬الكتاب ّ‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪ ،1997‬ص‪.03‬‬ ‫و التوزيع‪ّ ،‬‬

‫‪2‬‬
‫سموا الكتب التي تنظم‬
‫قبل ذلك لم يعرف فقياء الشريعة اإلسالمية مصطمح القانون الدولي العام‪ ،‬و ّإنما ّ‬
‫بالدول األخرى في السمم و الحرب بكتب " السير" و "المغازي"‪)1(.‬‬
‫عالقات الدولة اإلسالمية ّ‬

‫أما‬
‫مع بداية استقرار فكرة الدولة بمفيوميا السياسي و القانوني أطمق عميو الفقيو " فوشي " " القانون بين الدول" ّ‬
‫" أوبنيايم " فأطمق عميو " قانون العالقات الدولية " ‪ ،‬فيما أطمق عميو الفقيو " ترابل " " قانون العالقات الدولية‬
‫الدول‪)2(.‬‬ ‫المتكافئة أو المتساوية " في إشارة إلى بداية استقرار مبدأ المساواة في السيادة بين‬

‫مقدمة في‬
‫و كان "بنتام " ّأول م ن أطمق عميو " القانون الدولي " دون إضافة كممة عام سنة ‪ 1780‬في كتابو " ّ‬
‫مبادئ األخالق و التشريع "‪ ،‬باإلضافة إلى مصطمحات أخرى أطمقت عمى القانون الدولي العام في النصف‬
‫"‪)3(.‬‬ ‫األول من القرن العشرين منيا‪ " :‬قانون السياسة الخارجية " و " قانون السمم و الحرب‬
‫ّ‬
‫ثانيا‪ -‬تسمية القانون الدولي العام خالل عصر التنظيم الدولي ‪:1945‬‬

‫استقرت تسمية "القانون الدولي العام " عمى ذلك القانون الذي يحكم العالقات بين‬
‫ّ‬ ‫من خالل عمل األمم المتحدة‬
‫الدول في مرحمة أولى‪ ،‬و بينيا و بين المنظمات الدولية في مرحمة الحقة‪ ،‬و لم يمنع ىذا من شيوع مصطمحات‬
‫موازية لمقانون الدولي العام في ىذه الفترة تعبي ار عن مراحل تاريخية معينة تفاعل معيا ىذا القانون ‪ ،‬مثل "قانون‬
‫المسجل في عالقات المعسكرين الشرقي و الغربي‬
‫ّ‬ ‫التعايش السممي" تعبي ار عن انتياء الحرب الباردة و االنفراج‬
‫و"القانون العالمي" تعبي ار عن العولمة التي اكتسحت قواعد ىذا القانون بداية من أواخر تسعينات القرن‬
‫الماضي‪)4(.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف القانون الدولي العام‪:‬‬

‫تجاذبت تعريف القانون الدولي العام ثالثة مذاىب‪ :‬المذىب التقميدي‪ ،‬المذىب الموضوعي‪ ،‬المذىب الحديث‪:‬‬

‫أوال‪ -‬المذىب التقميدي‪:‬‬

‫أن القانون الدولي العام ىو مجموعة القواعد التي تنظم العالقات بين الدول و حسب‪ ،‬لذلك‬
‫يرى ىذا المذىب ّ‬
‫بأنو‪" :‬القانون الذي يحكم العالقات بين الدول‪".‬‬
‫عرفو الفقيو "قروسيوس" ّ‬
‫ّ‬
‫__________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬أنظر في ذلك بالتفصيل د‪ .‬محمد المجذوب‪ " :‬القانون الدولي العام " ط‪ ،6‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪ ،2007‬ص‪.41-25‬‬
‫‪ ،1984‬ص ص ‪ ،86-83‬د‪ .‬إبراىيم‬ ‫مقدمة لدراسة القانون الدولي العام " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬صالح الدين عامر‪ّ " :‬‬
‫بن داود‪ " :‬الوجيز في قانون العالقات الدولية " دار الكتاب الحديث‪ -‬الجزائر ‪ ،2011‬ص‪.29‬‬
‫‪ ،12‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ " :‬القانون الدولي المعاصر‪ -‬المفيوم‬ ‫(‪ )3‬د‪ .‬أحمد إسكندري‪ ،‬د‪ .‬محمد ناصر بوغزالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫والمصادر" ط‪ ،4‬دار ىومة‪ -‬الجزائر ‪ ،2011‬ص‪.07‬‬
‫‪ -55‬القاىرة‬ ‫(‪ )4‬د‪ .‬أحمد الرشيدي‪ " :‬بعض االتجاىات الحديثة في دراسة القانون الدولي العام" المجمة المصرية لمقانون الدولي‪ ،‬مجمد‬
‫‪ ،1999‬ص‪.82‬‬

‫‪3‬‬
‫بأنو‪" :‬القواعد القانونية التي توفق بين حريات الدول في عالقاتيا بعضيا مع األخرى‪".‬‬
‫عرفو "لورانس" ّ‬
‫و ّ‬
‫بأنو‪" :‬مجموعة القواعد القانونية التي تنظم حقوق الدول و واجباتيا خالل العالقات المتبادلة‪".‬‬
‫عرفو "فوشي" ّ‬
‫و ّ‬
‫تامة السيادة‪".‬‬
‫بأنو‪" :‬القانون الذي ينظم العالقات بين الدول ّ‬
‫عرفو "ترابل" ّ‬
‫و ّ‬
‫و يقترب من ىذه التعاريف تعريف ك ّل من "أوبنيايم" و "جان دوبوي" و "روسو" و "تونكين"‪ ،‬و كذا تعريف‬
‫المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في قضية "الموتس" ‪)1(.1927‬‬

‫ثانيا‪ -‬المذىب الموضوعي‪:‬‬

‫يجعل ىذا المذىب من الفرد (الشخص الطبيعي) شخص القانون الدولي الوحيد من حيث ّأنو المخاطب حقيقة‬
‫بأن الدولة‬
‫يدعي ّ‬
‫بقواعد ىذا القانون من جية و انصراف ىذه القواعد لصالحو من جية أخرى‪ ،‬و عمى ذلك ّ‬
‫عرف القانون‬
‫مجاز أو محض خيال‪ ،‬و من أنصار ىذا المذىب "ديجي" و "جورج سل" و "سبيوبولس" الذي ّ‬
‫بأنو‪" :‬القواعد القانونية التي تخاطب األفراد فقط من خالل العالقات القائمة بين الدول عبر‬
‫الدولي العام ّ‬
‫(‪)2‬‬ ‫االتفاقيات الدولية و العرف الدولي و بقية المصادر‪"...‬‬

‫ثالثا‪ -‬المذىب الحديث‪:‬‬

‫يوسع ىذا المذىب من دائرة أشخاص القانون الدولي العام‪ ،‬فإلى جانب الدولة ىناك أشخاص أخرى (المنظمات‬ ‫ّ‬
‫يعرف " شارل روسو " القانون الدولي‬
‫متعددة الجنسيات‪ ) ...‬و بناء عمى ذلك ّ‬
‫التحرر‪ ،‬ال ّشركات ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬حركات‬
‫أشخاص القانون‬ ‫بأنو‪" :‬مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن حقوق و واجبات الدول و غيرىا من‬
‫العام ّ‬
‫(‪)3‬‬ ‫الدولي‪".‬‬

‫الكيانات‬ ‫بأنو‪" :‬مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العالقات بين الدول و‬
‫يعرفو "دليبز" ّ‬
‫في نفس السياق ّ‬
‫بأنو‪" :‬مجموعة القواعد التي تمزم الدول المستقمة و مختمف المنظمات الدولية‬
‫يعرفو "باديقان" ّ‬
‫األخرى‪ ".‬و أخي ار ّ‬
‫(‪)4‬‬ ‫أيضا خالل عالقاتيا المتبادلة‪".‬‬

‫__________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد طمعت الغنيمي‪ " :‬األحكام العامة في قانون األمم " منشأة المعارف‪ -‬اإلسكندرية ‪ ،1970‬ص‪.20‬‬
‫‪(2) DUGUIT (Léon) : « Traité de droit constitutionnel » Tome 02, Paris 1921, p550, SCELLE‬‬
‫‪(George) : « Cours de droit international public » Paris, 1948, p18.‬‬
‫‪(3) ROUSSEAU (Charles) : « Droit international public » Sirey, Paris, 1970, p07.‬‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪ ،2009‬ص ص‪.18 ،17‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ " :‬القانون الدولي العام " ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬

‫‪4‬‬
‫ألنو ينسجم مع واقع ىذا‬
‫المعول عميو في تعريف القانون الدولي العام ّ‬
‫ّ‬ ‫يعتبر المذىب الحديث ىو المذىب‬
‫التطور بدخول كيانات أخرى إلى جانب الدولة في حظيرتو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القانون و المرحمة التي بمغيا من‬

‫الم طمب الثاني‪ :‬مجال القانون الدولي العام‪:‬‬

‫يتم ذلك إالّ من‬


‫إنطالقا من تعريف المذىب الحديث لمقانون الدولي العام‪ ،‬ينبغي تحديد مجال ىذا القانون‪ ،‬و ال ّ‬
‫خالل تمييز قواعده عن بقية القواعد المشابية (مطمب ّأول)‪ ،‬و بيان فروعو (مطمب ثان)‪:‬‬

‫األول‪ :‬تمييز قواعد القانون الدولي العام عن بقية القواعد المشابية‪:‬‬


‫الفرع ّ‬

‫لكنيا‬
‫ىناك قواعد دولية تشترك مع قواعد القانون الدولي العام كونيا تمثّل قواعد سموك في العالقات الدولية‪ ،‬و ّ‬
‫تختمف عن قواعد ىذا القانون من حيث اإللزام‪ ،‬و ىي‪ :‬قواعد المجامالت الدولية (فرع ّأول)‪ ،‬و قواعد األخالق‬
‫الدولية (فرع ثان)‪:‬‬

‫أوال‪ -‬قواعد المجامالت الدولية‪:‬‬

‫بأنيا "القواعد غير الممزمة التي درجت الدول عمى اتباعيا في عالقاتيا الدولية بغية تحسين ىذه‬
‫تعرف ّ‬
‫ّ‬
‫العالقات و توطيدىا‪".‬‬

‫من بين األمثمة عمى ىذه القواعد‪ :‬مراسيم استقبال رؤساء الدول األجنبية‪ ،‬تبادل التياني في المناسبات القومية‬
‫و األعياد الوطنية و الدينية‪ ،‬قبول استمرار تمتع رؤساء الدول السابقين باالمتيازات و الحصانات الديبموماسية‬
‫عدم نشر المراسالت أو محاضر المفاوضات‪.‬‬

‫أي أثر‪ ،‬حيث تعتبر‬


‫مجردة من ّ‬
‫أن مخالفة قواعد المجامالت الدولية عمى ىذا النحو ليست ّ‬
‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫لمدولة األخرى حق المعاممة بالمثل‪.‬‬
‫ودي يتيح ّ‬ ‫ىذه المخالفة عمال غير ّ‬

‫الزمن إلى قواعد قانونية دولية إذا استكممت العنصر المعنوي‬


‫تتحول مع ّ‬
‫يمكن لقواعد المجامالت الدولية أن ّ‬
‫ثم‬
‫الدول عمى اعتبارىا كذلك‪ ،‬مثل االمتيازات و الحصانات الديبموماسية التي بدأت مجامالت ّ‬
‫استقر سموك ّ‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫قننت في اتفاقيتي "فينا" لمعالقات الديبموماسية ‪ ،1961‬و العالقات القنصمية ‪.1963‬‬
‫أعرافا إلى أن ّ‬

‫مجرد مجاممة إذا تجاىمتيا‬


‫تتحول القاعدة القانونية الدولية إلى ّ‬
‫في المقابل يمكن حدوث العكس ‪ ،‬و ذلك بأن ّ‬
‫الدول في عالقاتيا المتبادلة‪ ،‬مثل ضرورة تبادل التحية البحرية و مراسيم استقبال السفن الحربية‪)1( .‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬في ىذه القواعد أنظر د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،73 ،72‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر"‬
‫ط‪ 1‬دار الفكر الجامعي‪ -‬اإلسكندرية ‪ ،2008‬ص ‪ ،43‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،13 ،12‬د‪ .‬طالب رشيد يادكار‪:‬‬
‫"أسس القانون الدولي العام " ط‪ ،1‬منشورات زين الحقوقية و األدبية‪ -‬بيروت ‪ ،2015‬ص‪.21‬‬

‫‪5‬‬
‫ثانيا‪ -‬قواعد األخالق الدولية‪:‬‬

‫الضمير اإلنساني في عمومو بصرف النظر عن‬‫قواعد األخالق الدولية ىي تمك المبادئ و القيم التي تنبع عن ّ‬
‫رسختيا األديان‪ ،‬و من‬
‫اختالف العقائد و العادات بين المجتمعات باعتبارىا قيما إنسانية أممتيا طبيعة البشر و ّ‬
‫قبيل قواعد األخالق الدولية ‪ :‬تقديم المساعدات اإلنسانية لمدول التي تح ّل بيا الكوارث كالمجاعات و الزالزل‬
‫التبرع‪ ،‬تقديم مساعدات‬
‫والفيضانات‪ ،‬تقديم مساعدات مالية إلنجاز مشاريع تنموية في الدول الفقيرة عمى سبيل ّ‬
‫لمدول التي تجري عمى أراضييا منازعات مسمّحة‪ ،‬و كذا قبول استقبال المياجرين الفارين‬‫مادية ّ‬
‫طبية و غذائية و ّ‬
‫ّ‬
‫نتيجة كوارث طبيعية أو اجتماعية أو اقتصادية أو أمنية من غير الالجئين‪)1(.‬‬

‫فإن عدم مراعاتيا من قبل دولة ما يثير‬


‫ىذا و إن كانت قواعد األخالق الدولية غير ممزمة من الناحية القانونية ّ‬
‫استيجان و استنكار الرأي العام الدولي‪ ،‬و مثمما ىو الحال بالنسبة لقواعد المجامالت الدولية يمكن أيضا لقواعد‬
‫تتحول إلى قواعد قانونية دولية‪ ،‬يتعمّق األمر مثال بقواعد األخالق التي كانت متبعة في‬
‫األخالق الدولية أن ّ‬
‫العدو‪ ،‬و إسعاف‬
‫ّ‬ ‫الحروب و أبرزىا االمتناع عن مياجمة المدنيين و األىداف المدنية‪ ،‬و حسن معاممة أسرى‬
‫‪1864‬‬ ‫قننت ىذه القواعد في اتفاقية "جنيف"‬
‫جرحاه‪ ،‬و تحريم استعمال بعض أنواع األسمحة في القتال‪ ،‬حيث ّ‬
‫ثم في اتفاقيات "الىاي" لعامي ‪ 1899‬و ‪ ،1907‬و أخي ار في اتفاقيات "جنيف" األربع لعام‬ ‫كخطوة أولى‪ّ ،‬‬
‫لعام ‪)2(.1977‬‬ ‫‪ 1949‬وبروتوكولييا اإلضافيين‬

‫الفرع الثاني‪ :‬فروع القانون الدولي العام‪:‬‬

‫كما و كيفا عن ظيور فروع جديدة لو يمكن تصنيفيا من‬


‫التطور المتالحق لقواعد القانون الدولي العام ّ‬
‫ّ‬ ‫أسفر‬
‫منظور زمني إلى فروع تقميدية (فرع أول)‪ ،‬و فروع حديثة (فرع ثان)‪:‬‬

‫أوال‪ -‬الفروع التقميدية‪:‬‬

‫‪ 1945‬و إن كان قد انتعش بعد ىذا التاريخ‪ ،‬و تتمثل ىذه‬ ‫معظم ىذه الفروع ظير قبل نشأة األمم المتحدة‬
‫الفروع فيما يمي‪:‬‬

‫‪ – 1‬قانون التنظيم الدولي‪:‬‬

‫يشمل القواعد التي تحكم إنشاء المنظمات الدولية (مبادؤىا و أىدافيا‪ ،‬نشاطيا‪ ،‬أجيزتيا‪ ،‬العضوية فييا‬
‫التصويت و اعتماد الق اررات‪ ،‬إنياؤىا‪ ،‬العالقات الوظيفية فيما بينيا أو فيما بينيا و بين الدول‪ ،‬و األفراد‪)...‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) SMYRNIADIS (B) : « Positivisme et morale internationale en droit des gens » R.G.D.I.P, 1955,‬‬
‫‪pp99-120.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،44‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.14 ،13‬‬

‫‪6‬‬
‫‪)1(...2001‬‬ ‫و من ىذه المنظمات عصبة األمم ‪ ،1919‬األمم المتحدة ‪ ،1945‬االتحاد اإلفريقي‬

‫الجوي‪:‬‬
‫‪ – 2‬القانون الدولي ّ‬

‫الجوي ألغراض المواصالت الدولية و تنظيميا لمتوفيق بين‬


‫الخاصة بكيفية استعمال المجال ّ‬
‫ّ‬ ‫يتضمن القواعد‬
‫ّ‬
‫المصمحة الدولية المشتركة من جية‪ ،‬و مصالح الدول منفردة من جية أخرى‪.‬‬

‫الجوية‬
‫‪ 1919‬لتنظيم المالحة ّ‬ ‫و يجد ىذا القانون أساسو في عدد من االتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس‬
‫‪ 1970‬لمنع االستيالء غير‬ ‫اتفاقية شيكاغو ‪ 1944‬لقمع الجرائم المرتكبة عمى متن الطائرات‪ ،‬اتفاقية الىاي‬
‫ضد سالمة الطيران المدني‪ ،‬ىذا‬
‫المشروع عمى الطائرات‪ ،‬اتفاقية م ونتلاير ‪ 1971‬لقمع األفعال غير المشروعة ّ‬
‫متخصصة في ىذا المجال سنة ‪ 1947‬و دورىا في وضع‬ ‫ّ‬ ‫فضال عن إنشاء منظمة الطيران المدني كمنظمة‬
‫الجوي‪)2(.‬‬ ‫وإثراء قواعد القانون الدولي‬
‫ّ‬
‫‪ – 3‬القانون الدولي البحري‪:‬‬

‫يعنى بالمشاكل الناجمة عن استعمال البحار سواء ما تعمّق منيا بوسائل النقل البحري أم باستغالل الموارد‬
‫الطبيعية لمبحار استغالال عقالنيا و متكافئا بين الدول‪ ،‬كما يسعى إلى منع استخدام البحار لتخزين األسمحة‬
‫البحار‪)3(.‬‬ ‫الخاصة بيا لتطويرىا‪ ،‬و كذا منع تمويث مياه‬
‫ّ‬ ‫النووية أو إلجراء التجارب‬

‫‪ – 4‬القانون الدولي االقتصادي‪:‬‬

‫خاصة) بين الدول وفق‬


‫ّ‬ ‫يضم مجموعة القواعد التي تبحث الحمول المثمى لتنظيم العالقات االقتصادية (التجارية‬
‫ّ‬
‫الضخمة التي تساىم في وتيرة‬
‫مبدأي العدالة و التكافؤ‪ ،‬و كذا العالقات بين الدول و المؤسسات االقتصادية ّ‬
‫أجنبية‪)4(.‬‬ ‫التنمية في صيغة استثمارات‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،46 ،45‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،103 ،102‬و بتفصيل‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪.2007‬‬ ‫أكثر راجع د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬التنظيم الدولي" ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،511‬د‪ .‬عبد الكريم عموان‪ " :‬الوسيط في القانون الدولي العام‪ -‬الكتاب الثاني‪ :‬القانون‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪ ،2007‬ص‪.133‬‬ ‫الدولي المعاصر" دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عبد العزيز محمد سرحان‪ " :‬القانون الدولي العام " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1991‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،55 -53‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،108-106‬و لمزيد من‬
‫التفصيل حول القانون الدولي االقتصادي راجع‪:‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم عوض خميفة‪ " :‬القانون الدولي االقتصادي" دار الجامعة الجديدة‪ -‬اإلسكندرية ‪.2012‬‬
‫‪CARRAU (D), JUILLARD (P) et FLORY (T) : « Droit international économique » L.G.D.J, Paris‬‬
‫‪1991.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ – 5‬قانون القضاء الدولي‪:‬‬

‫الخاصة بتشكيل المحاكم الدولية و اختصاصاتيا و إجراءاتيا و كيفية صدور األحكام عنيا‬
‫ّ‬ ‫يضم القواعد‬
‫ّ‬
‫وامكانية الطّعن فييا ‪ ،‬و يجد أساسو في األنظمة األساسية لممحاكم الدولية و اإلقميمية ( المحكمة الدائمة لمعدل‬
‫‪)1(.)...1950‬‬ ‫الدولي ‪ ،1920‬محكمة العدل الدولية ‪ ،1945‬محكمة عدل أوربا‬

‫‪ –6‬القانون الدولي الجنائي‪:‬‬

‫تحدد الجرائم الدولية و سمطة العقاب عمييا و شروط المسؤولية الجنائية لمفرد وحاالت‬
‫ييتم بوضع القواعد التي ّ‬
‫ّ‬
‫المقررة ليذه الجرائم‪ ،‬و يجد ىذا القانون‬
‫انتفائيا‪ ،‬و مبادئ ال ّشرعية الجنائية‪ ،‬و إجراءات المحاكمة و العقوبات ّ‬
‫‪ 1945‬و طوكيو ‪ 1946‬لمحاكمة مجرمي‬ ‫أساسو في اتفاقية فرساي ‪ ،1919‬و الئحتي محكمتي نورمبرغ‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬و نظامي المحكمتين الدوليتين ليوغسالفيا و رواندا في مطمع تسعينات القرن الماضي‬
‫لمحاكمة منتيكي أحكام القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬و أخي ار نظام روما األساسي لممحكمة الدولية الجنائية‬
‫‪)2(.1998‬‬

‫ثانيا‪ -‬الفروع الحديثة‪:‬‬

‫تطور خالل عصر التنظيم الدولي أي بعد إنشاء األمم المتحدة ‪ ،1945‬و تتمثّل في‪:‬‬
‫ج ّل ىذه الفروع ظير و ّ‬
‫‪ – 1‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫المتكونة أساسا من المواثيق و اإلعالنات و االتفاقيات الدولية المتعمقة‬


‫ّ‬ ‫بأنو مجموعة القواعد القانونية‬
‫يعرف ّ‬
‫ّ‬
‫الضمانات‬
‫خاصة ‪ ،‬و بيان ّ‬ ‫ّ‬ ‫السمم‬
‫بتكريس و حماية عدد من حقوق اإلنسان األساسية بوصفو إنسانا وقت ّ‬
‫اإلجرائية واآلليات المرصودة الحترام ىذه الحقوق و إنفاذىا‪.‬‬

‫و يجد أساسو في ميثاق األمم المتحدة ‪ ،1945‬و اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ ،1948‬و العيدين الدوليين‬
‫‪1966‬‬ ‫لمحقوق المدنية و السياسية من جية‪ ،‬و الحقوق االقتصادية االجتماعية و الثقافية من جية أخرى‬
‫معينة ( اتفاقية منع اإلبادة‬
‫خاصة أو بفئات بشرية ّ‬
‫ّ‬ ‫وسمسمة من االتفاقيات الدولية األخرى التي تعنى بحقوق‬
‫‪ ،1948‬اتفاقية منع التعذيب ‪ ،1984‬اتفاقية حماية حقوق الطفل ‪)3( )...1989‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد العزيز محمد سرحان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،62 -60‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،114‬و بتفصيل أكثر راجع‪:‬‬
‫» ‪ASCENSIO (Hervé), DECAU (Emmanuel) et PELLET(Alain) : « Droit international pénal‬‬
‫‪éd.A.Pédone, Paris 2000.‬‬
‫حداد‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ " :‬القانون الدولي العام " ترجمة د‪ .‬محمد عرب صاصيال‪ ،‬د‪ .‬سميم ّ‬
‫و التوزيع‪ -‬بيروت ‪ ،2008‬ص‪.230‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ – 2‬القانون الدولي اإلنساني‪:‬‬

‫جراء‬
‫بأنو‪ :‬مجموعة القواعد التي تستيدف في حاالت النزاع المسمّح حماية األشخاص والمصابين من ّ‬ ‫يعرف ّ‬
‫ّ‬
‫النزاع‪ ،‬و في إطار واسع حماية األعيان التي ليس ليا عالقة مباشرة بالعمميات العسكرية‪ ،‬و ييدف ىذا القانون‬
‫معينة‬
‫إلى التخفيف من ويالت الحرب أو أنسنتيا بتحييد من ال يشتركون في القتال ‪ ،‬و حظر استخدام أسمحة ّ‬
‫كاألسمحة البيولوجية و النووية‪.‬‬

‫‪ ،1864‬الىاي ‪ ،1899‬الىاي ‪1907‬‬ ‫ثم االتفاقيات الدولية‪ :‬جنيف‬


‫و يجد أساسو في األعراف الدولية ّأوال ّ‬
‫ر اتفاقيات جنيف األربع ‪ ،1949‬و بروتوكولييا اإلضافيين ‪)1(.1977‬‬ ‫وأخي ا‬

‫‪ – 3‬القانون الدولي لمتنمية‪:‬‬

‫المتقدمة القائمة عمى‬


‫ّ‬ ‫ىو جممة القواعد الواجبة االنطباق عمى العالقات االقتصادية بين الدول النامية و الدول‬
‫ضرورة العدالة و التكافؤ بما يضمن لألولى التنمية المرتقبة‪ ،‬و يأتي كتطوير لمقانون الدولي االقتصادي‪ ،‬و لم‬
‫القوة عمى الصعيد الدولي (انييار المعسكر االشتراكي) من جية‬
‫تغير ميزان ّ‬
‫يعد ليذا القانون وجود اآلن بفعل ّ‬
‫وبفعل العولمة من جية أخرى‪)2(.‬‬

‫مقررات مؤتمرات التعاون كمؤتمر شمال جنوب ‪ ،1974‬و االتفاقيات الدولية كاتفاقيتي‬
‫و كان يجد أساسو في ّ‬
‫"ياوندي" ‪ ،1969 ،1963‬و اتفاقيتي "لومي" ‪ ،1980 ،1975‬فضال عن توصيات و إعالنات األمم المتحدة‬
‫‪)3(.1968‬‬ ‫كإعالن الحق في التنمية الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة تحت رقم ‪ 128/41‬في ديسمبر‬

‫‪ – 4‬القانون الدولي لمبيئة‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫يضم جممة القواعد التي تعنى بحماية البيئة الدولية و الحفاظ عمى مواردىا ال سيما األنواع النادرة منيا‬
‫ّ‬
‫ويعتبر ىذا الفرع من مظاىر التجديد في القانون الدولي المعاصر إذ لم تعد قضايا البيئة محصورة في نطاق‬
‫تمت خالل العقود الماضية تعكس‬
‫القوانين الداخمية‪ ،‬و لع ّل المؤتمرات و الندوات و حتّى االتفاقيات الدولية التي ّ‬
‫مدى عناية القانون الدولي بالبيئة‪ ،‬مثل مؤتمر األرض المنعقد في "ريو ديجانيرو" شير جوان ‪)4(.1992‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) BELANGER (Michel) : « Droit international humanitaire général » 2ém éd, Gualino éditeur, Paris‬‬
‫‪2007, p15 et s.‬‬
‫‪ ،14‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد الكريم عوض خميفة‪ " :‬القانون الدولي االقتصادي" مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪.57 ،56‬‬
‫(‪ )3‬راجع في ىذا الشأن د‪ .‬عمر سعد اهلل‪ " :‬القانون الدولي لمتنمية‪ -‬النظرية و التطبيق " ديوان المطبوعات الجامعية و المؤسسة‬
‫الوطنية لمكتاب‪ -‬الجزائر ‪.1990‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،60 ،59‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.110 -108‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ – 5‬القانون الدولي ّلالجئين‪:‬‬

‫لالجئ من حيث تعريفو ‪ ،‬و الشروط الواجب توافرىا فيو‬


‫ىو مجموعة القواعد التي تعنى بتحديد المركز القانوني ّ‬
‫لالعتراف لو دوليا بيذا الوصف ‪ ،‬و الحقوق التي يتمتع بيا و االلتزامات التي تترتب عمييا إزاء دولة الممجأ‬
‫‪1951‬‬ ‫لالجئين‬
‫خاصة في اتفاقية األمم المتحدة ّ‬
‫ّ‬ ‫التقيد بأحكام ىذا القانون‪ ،‬و يجد أساسو‬
‫ومسؤوليتيا في ّ‬
‫رراتيا ذات الصمة‪)1(.‬‬
‫وبروتوكوليا الممحق ‪ 1967‬و عدد كبير من ق ا‬

‫‪ – 6‬القانون الدولي لمحدود‪:‬‬

‫يضم القواعد المتعمّقة برسم الحدود الدولية افتراضيا و تخطيطيا ميدانيا ‪ ،‬سواء كانت حدودا ّبرية أو بحرية‬
‫ّ‬
‫أوجوية‪ ،‬و قد ظير ىذا القانون بعد استقالل الدول اإلفريقية و اآلسيوية و النزاعات التي ثارت بينيا حول‬
‫ّ‬
‫الدول‪.‬‬
‫الدعاءات ىذه ّ‬
‫حد ّ‬‫كرس المبدأ القاضي باعتماد الحدود الموروثة عن االستعمار لوضع ّ‬
‫الحدود‪ ،‬و قد ّ‬
‫و يجد أساسو عادة في االتفاقيات الثنائية المبرمة بين الدول المتجاورة أو المتقاسمة حدودا مشتركة‪ ،‬كاالتفاقيات‬
‫التي أبرمتيا الجزائر غداة استقالليا مع ك ّل من تونس‪ ،‬و ليبيا‪ ،‬و المغرب‪ ،‬و كذا في ق اررات المنظمات الدولية‬
‫و أحكام القضاء الدولي‪)2(.‬‬

‫‪ – 7‬القانون الدولي لمبحار‪:‬‬

‫تحدد المساحات البحرية لمدول (مياه داخمية‪ ،‬بحر إقميمي‪ ،‬منطقة متاخمة‬
‫يعنى ىذا القانون بوضع القواعد التي ّ‬
‫منطقة اقتصادية خالصة وصوال إلى البحر العالي و الجرف القاري و منطقة التراث المشترك لإلنسانية)‪ ،‬وتمك‬
‫الحية في‬
‫الحية و غير ّ‬
‫التي تنظم عمميات االستغالل المشترك بين الدول لثروات البحار و مواردىا ّ‬
‫السطح والجوف ألغراض اقتصادية و عممية‪ ،‬و يجد أساسو عمى الخصوص في اتفاقية جنيف ‪ ،1958‬واتفاقية‬ ‫ّ‬
‫‪)3(.)1949‬‬ ‫األمم المتحدة لقانون البحار ‪ ،1982‬و كذا أحكام محكمة العدل الدولية (قضية مضيق كورفو‬

‫‪ – 8‬القانون الدولي اإلداري‪:‬‬

‫نشأت معظم أحكام و قواعد ىذا القانون في إطار األمم المتحدة و منظمة العمل الدولية‪ ،‬و ىو يعنى بحماية‬
‫الموظفين الدوليين في مواجية المنظمات الدولية التي يتبعونيا في إطار الرابطة الوظيفية‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬راجع في ىذا الشأن د‪ .‬برىان أمر اهلل‪ " :‬حق المجوء السياسي‪ -‬دراسة في نظرية الممجأ في القانون الدولي" دار النيضة العربية‪-‬‬
‫القاىرة ‪.2008‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬الحدود الدولية " ط ‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ -‬اإلسكندرية ‪ ،2015‬ص ‪ 16‬و ما بعدىا‪ ،‬د‪ .‬طالب رشيد‬
‫يادكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.204 -198‬‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪.2008‬‬
‫(‪ )3‬في ىذا القانون أنظر د‪ .‬محمد الحاج حمود‪ " :‬القانون الدولي لمبحار" ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬

‫‪10‬‬
‫حيث يعنى ببيان مراكزىم القانونية (حقوقيم و واجباتيم و االمتيازات و الحصانات التي يتمتعون بيا)‪ ،‬و يجد‬
‫المتحدة‪)1(.‬‬ ‫أساسو عمى الخصوص في أحكام المحكمة اإلدارية لألمم‬

‫‪ – 9‬القانون الدولي لمفضاء الخارجي‪:‬‬

‫السوفياتي سابقا و الواليات المتحدة‬


‫ظير ىذا القانون إثر التنافس الكبير في رحالت غزو الفضاء بين االتحاد ّ‬
‫مما دفع باألمم المتحدة إلى وضع قواعد قانونية لتنظيم استعمال الفضاء الخارجي عن طريق جممة‬‫األمريكية‪ّ ،‬‬
‫من الق اررات كالقرار المتعمق باستعمال الفضاء الخارجي لألغراض السممية ‪ ،1957‬و القرار المتعمق بالمبادئ‬
‫تم اعتماد اتفاقية ‪ 1967‬المتعمقة بتنظيم نشاط‬
‫المتعين اتباعيا في استعمال الفضاء الخارجي ‪ ،1961‬إلى أن ّ‬
‫ّ‬
‫السماوية األخرى‪)2(.‬‬
‫الدول في استخدام الفضاء الخارجي بما في ذلك القمر و األجرام ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬طبيعة القانون الدولي العام‪:‬‬

‫مؤيد‬
‫نظ ار للخصوصية التّي تطبع قواعد القانون الدولي العام ‪ ،‬فقد ثار الجدل حول صفتيا القانونية بين ّ‬
‫قوتيا الممزمة‪ ،‬و أخي ار حول عالقتيا بقواعد القانون‬
‫تستمد منو ىذه القواعد ّ‬
‫ّ‬ ‫ومعارض وكذا حول األساس الذي‬
‫الداخمي‪ .‬ونتناول ىذه اإلشكاليات تباعا في مباحث ثالثة كما يمي‪:‬‬

‫األول‪ :‬الصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام‪:‬‬


‫الم طمب ّ‬

‫تقوم قواعد القانون الداخمي عموما عمى دعامات ثالث‪ :‬سمطة تشريعية تتولّى وضعيا‪ ،‬و جزاء اجتماعي يضمن‬
‫الدعامات‪ ،‬و ىذا ىو مناط الجدل‬
‫حمايتيا‪ ،‬و قضاء يكفل تطبيقيا‪ ،‬فيما تفتقر مبدئيا قواعد القانون الدولي ليذه ّ‬
‫مؤيد‪:‬‬
‫الفقيي حول صفتيا القانونية بين منكر و ّ‬

‫الفرع األول‪ :‬االتجاه المنكر لمصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام‪:‬‬

‫أي تنظيم أعمى من الدول‪ ،‬و ىذا ما انعكس عمى طبيعة القواعد‬ ‫إن المجتمع الدولي ىو مجتمع أفقي يستبعد ّ‬ ‫ّ‬
‫‪" ،‬أودلف"‬ ‫التي تحكمو‪ ،‬و ّأدى بفريق من الفقياء إلى إنكار ّأية صفة قانونية ليا و في طميعتيم "أوستن"‬
‫السمطة التشريعية‪ ،‬و الجزاء االجتماعي المنظم‪ ،‬و القضاء‪ ،‬و تفصيل ذلك كما يمي‪:‬‬
‫"ىيجل" انطالقا من انعدام ّ‬

‫السمطة التشريعية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬انعدام ّ‬

‫المشرع ‪ ،‬و ىذا ما‬


‫ّ‬ ‫إن الطريق الطبيعي لوجود ّأية قاعدة قانونية في المجتمعات الداخمية وفق ما ىو معموم ىو‬ ‫ّ‬
‫تفتقده مبدئيا قواعد القانون الدولي العام‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد العزيز محمد سرحان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،559 -543‬د‪ .‬عبد الكريم عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ -‬الكتاب الثاني‪ ،‬ص‪.145‬‬

‫‪11‬‬
‫أن‬
‫يشبو عدد من الفقياء (كانط‪ ،‬ىوبز‪ ،‬اسبينوزا‪ ،‬بينتام) حالة المجتمع الدولي بحالة الطبيعة‪ ،‬إذ يرون ّ‬
‫لذلك ّ‬
‫القوة‪ ،‬و حتّى عمى فرضية وجود معاىدات بينيا‬
‫مشرع دولي إالّ عمى ّ‬ ‫الدول ال تقوم في غياب ّ‬ ‫العالقات بين ّ‬
‫تؤدي إلى إنيائيا ما دامت قواعد ىذه المعاىدات من وضع الدول‬‫لمقوة أن ّ‬
‫فيي ال تش ّكل قواعد ثابتة ‪ ،‬إذ يمكن ّ‬
‫أن ما يطمق عميو القانون الدولي ليس قانونا بمعنى‬
‫مشرع دولي أعمى منيا‪ ،‬و لذلك يعتبر "أوستن" ّ‬
‫ال من وضع ّ‬
‫األمم‪)1(.‬‬ ‫مجرد أخالق دولية أو أفكار و مشاعر سارية بين‬
‫الكممة‪ ،‬و ّإنما ىو عبارة عن ّ‬
‫ثانيا‪ -‬انعدام الجزاء االجتماعي المنظم‪:‬‬

‫القوية لحماية ىذه القاعدة من‬


‫الضمانة ّ‬
‫يقترن تعريف القاعدة القانونية في المجتمعات الداخمية بالجزاء باعتباره ّ‬
‫الخاصة لممجتمع الدولي عمى اعتباره مجتمعا ال مركزيا من حيث غياب‬
‫ّ‬ ‫الخرق و االنتياك‪ ،‬و نظ ار لمطبيعة‬
‫تعد غير‬
‫فإن ىذه القاعدة باألساس ّ‬
‫سمطة عميا فيو تتولى توقيع الجزاء عمى مخالفة القاعدة القانونية الدولية‪ّ ،‬‬
‫ل لمقول بوجود ىذا القانون أصال‪)2(.‬‬
‫موجودة‪ ،‬و ما دامت ك ّل قواعد القانون الدولي من ىذا القبيل فال مح ّ‬

‫ثالثا‪ -‬انعدام السمطة القضائية‪:‬‬

‫تطبق قواعد القانون‬


‫السمطات‪ ،‬و يفتقر إلى السمطة القضائية التي يفترض أن ّ‬ ‫ال يعرف المجتمع الدولي نظام ّ‬
‫الدولي عمى جميع الدول‪ ،‬و ليذا أنكر الفقياء – المتقدم ذكرىم‪ -‬الصفة القانونية لقواعد ىذا األخير‪ ،‬فحتّى و إن‬
‫فإن التقاضي أماميا اختياري يخضع‬ ‫تم افتراض وجود سمطة قضائية دولية ممثّمة في محكمة العدل الدولية ّ‬‫ّ‬
‫إلرادة الدول‪ ،‬فضال عن افتقاد أحكاميا لضمانات التنفيذ عمى نحو ما يجري بو العمل أمام المحاكم الداخمية‪)3(.‬‬

‫لمصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام‪:‬‬


‫المؤيد ّ‬
‫ّ‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬االتجاه‬

‫لمصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام عدم وجود تالزم بين القاعدة القانونية الدولية‬
‫المؤيد ّ‬
‫ّ‬ ‫يعتقد االتجاه‬
‫السابقة‪ ،‬و تفصيل ذلك عمى النحو التالي‪:‬‬ ‫وال ّشروط الثالثة ّ‬

‫مشرعة لو‪:‬‬
‫أوال‪ -‬وجود القانون الدولي مستق ّل عن جود سمطة ّ‬
‫األول كونو خمط بين القانون و التشريع‪ ،‬فقد تنشأ القاعدة القانونية في المجتمعات‬
‫ينتقد ىذا االتجاه االتجاه ّ‬
‫الصياغة الرسمية‬
‫الداخمية عمى سبيل المثال عرفا‪ ،‬و النموذج ىو القانون اإلنجميزي‪ ،‬و عميو فعممية التدوين أو ّ‬‫ّ‬
‫أوالتشريع عموما ليست إالّ إجراء الحقا عمى وجود القاعدة القانونية و إق ار ار ليا بالصالحية و االستمرار‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪ ،2007‬ص ص ‪،27‬‬


‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ " :‬القانون الدولي العام‪ -‬المقدمة و المصادر" ط ‪ ،3‬دار وائل لمنشر‪ّ ،‬‬
‫‪.28‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.29 ،28‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪12‬‬
‫ألن قواعد القانون الدولي ىي عرفية باألساس فو و قانون بمعنى الكممة‪ ،‬و إن أنكرنا ذلك فيجب معو أن ننكر‬
‫و ّ‬
‫ل القوانين الداخمية ذات المصدر العرفي‪ ،‬و ىذا غير ممكن‪)1(.‬‬
‫عمى القانون اإلنجميزي صفتو القانونية و عمى ك ّ‬

‫ثانيا‪ -‬وجود القانون الدولي غير مرتبط بوجود الجزاء‪:‬‬

‫أن الجزاء ال يدخل في تكوين القاعدة القانونية بل ىو ضمانة لفاعميتيا‪ ،‬و عميو فال ينفي‬
‫يؤ ّكد ىذا االتجاه ّ‬
‫فإن انعدامو أو ضعفو‬
‫ثمة ّ‬‫ألن دوره مقتصر عمى حمايتيا‪ ،‬و من ّ‬ ‫انعدام الجزاء أو ضعفو وجود تمك القاعدة ‪ّ ،‬‬
‫تطبق فيو‪ ،‬و ىذا ليس عيب القانون‬
‫ليس عيب القاعدة القانونية ذاتيا و ّإنما ىو عيب النظام االجتماعي الذي ّ‬
‫الدولي وحده بل عيب معظم القوانين الداخمية‪ ،‬فكم من قواعد وضعت و لم تطبق العتبارات سياسية و اجتماعية‬
‫وغيرىا‪)2(.‬‬

‫متنوعة من الجزاءات‬
‫متعددة و ّ‬
‫و ميما يكن من أمر فالقانون الدولي رغم ذلك و في ك ّل األحوال يعرف صو ار ّ‬
‫السياسية و االقتصادية و العسكرية (المواد من ‪ 39‬إلى ‪ 42‬من ميثاق األمم المتحدة)‪.‬‬
‫ّ‬

‫ثالثا‪ -‬القانون الدولي مستق ّل عن القضاء و مصادف لو‪:‬‬

‫تطور‬
‫محصمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤسسي ىو‬
‫ّ‬ ‫أن القانون سابق لمقضاء في المجتمعات الداخمية‪ ،‬و القضاء‬
‫يؤ ّكد ىذا االتجاه ّ‬
‫تتم عمى يد مح ّكمين أو قضاة شعبيين قبل نشوء القضاء الدائم‪ ،‬و بما‬
‫طويل‪ ،‬فتسوية المنازعات الداخمية كانت ّ‬
‫أن القانون الداخمي وجد قبل وجود القضاء و من دونو و لم ينكر عميو أحد صفتو القانونية‪ ،‬فالقانون الدولي بناء‬
‫ّ‬
‫ميمة القاضي عموما ىي‬ ‫ألن ّ‬ ‫عمى ذلك يمكن أن يوجد دون وجود القضاء الدولي ‪ ،‬و يبقى مع ذلك قانونا ّ‬
‫خمقو‪)3(.‬‬ ‫تطبيق القانون ال‬

‫و ميما يكن من أمر فالقانون الدولي رغم ذلك ال يخمو كمّية من اقترانو بالقضاء‪ ،‬فيناك ىيئات التحكيم الدولي‬
‫‪ ،1889‬و المحكمة الدائمة لمعدل الدولي ‪1920‬‬ ‫و محكمة التحكيم الدائمة المنشأة بمقتضى اتفاقيات الىاي‬
‫ومحكمة العدل الدولية ‪ ،1945‬فضال عن المحاكم اإلقميمية مثل محكمة العدل األوربية‪ ،‬المحاكم اإلقميمية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ :‬األوربية – األمريكية ‪ -‬اإلفريقية‪ ،‬المحاكم الدولية الجنائية‪ :‬نورمبرغ – طوكيو – يوغسالفيا‪-‬‬
‫فإن ىذا‬
‫السمة التقميدية لمقضاء الدولي ىي ارتضاء الدول ّ‬
‫رواندا – المحكمة الدولية الجنائية الدائمة‪ ،‬و إن كانت ّ‬
‫األخير بدأ يتّجو تدريجيا إلى اإلجبار في ممارسة اختصاصاتو‪ ،‬ذلك شأن محكمة العدل األوربية ‪ ،‬و المحكمة‬
‫المؤقتة‪)4(.‬‬ ‫األوربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬و المحاكم الدولية الجنائية‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.31 ،30‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.33 ،32‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫الدولي " ط‪ ،1‬دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1997‬‬
‫(‪ )4‬في القضاء الدولي أنظر د‪ .‬الخير قشي‪ " :‬أبحاث في القضاء ّ‬

‫‪13‬‬
‫‪ ‬حقيقة القانون الدولي العام‪:‬‬

‫أن قانونية قواعده أمر‬


‫تقدم يمكن الوقوف عمى حقيقة القانون الدولي في ضوء واقع ىذا األخير ال ّذي يؤ ّكد ّ‬
‫مما ّ‬
‫ّ‬
‫ك‪ ،‬و يفترض أن تكون موضع احترام المجموعة الدولية كك ّل‪ ،‬و شاىدنا في ذلك‪:‬‬ ‫ال يرقى إليو أدنى ش ّ‬

‫‪ - 1‬عدم منازعة الدول في إلزامية القانون الدولي بل خضوعيا لو من خالل دساتيرىا التي تعمي من شأنو‬
‫سمو القانون الدولي عمى‬
‫ّ‬ ‫و تجعل لو األسبقية عمى قوانينيا الداخمية‪ ،‬بما نشأ عنو مبدأ قانوني ىو‬
‫الداخمية‪)1(.‬‬ ‫القوانين‬
‫تقيدىا بو‪ ،‬بل محاولتيا دائما إضفاء‬
‫‪ - 2‬عدم مجاىرة دولة ما صراحة بانتياكيا لمقانون الدولي أو عدم ّ‬
‫بأنو يتفق مع ىذا القانون‪)2(.‬‬
‫المشروعية عمى سموكيا و إقناع المجتمع الدولي ّ‬
‫مقدمة ميثاقيا ‪،‬‬
‫‪ 1919‬في ّ‬ ‫‪ - 3‬تأكيد المنظمات الدولية عمى وجوب احترام القانون الدولي (عصبة األمم‬
‫األمم المتحدة في ديباجة ميثاقيا و مو ّاده ‪ 01‬و ‪ 02‬و غيرىا‪.)...‬‬

‫تنسيق‬ ‫أن القانون الدولي ىو قانون وضعي بمعنى الكممة غاية ما في األمر أ ّنو قانون‬
‫و عميو نصل إلى ّ‬
‫عبر‬
‫وتوفيق عمى خالف القانون الداخمي الذي ىو قانون تبعية و خضوع أو ىو (أي القانون الدولي) كما ّ‬
‫عنو "لوتر باخت" و "ستروب" نظام قانوني تعاقدي غير سمطوي‪)3( .‬‬

‫الم طمب الثاني‪ :‬أساس القانون الدولي العام‪:‬‬

‫السمطة التشريعية)‪ ،‬فمن أين‬


‫السمطة العميا في الدولة ( ّ‬
‫يستمد إلزاميتو من ّ‬
‫ّ‬ ‫أن القانون الداخمي‬
‫من المسمّم بو ّ‬
‫يستمد القانون الدولي إلزاميتو و ىو لم يصدر عن سمطة تعمو سمطة الدول التي وضعتو؟‬‫ّ‬

‫يرد إلزامية القانون الدولي إلرادة الدول‬


‫لإلجابة عن ىذه اإلشكالية وجد مذىبان رئيسيان‪ :‬المذىب اإلرادي ال ّذي ّ‬
‫والمذىب الموضوعي ال ّذي يبحث عن أساس لمقانون الدولي في عوامل خارجة عن إرادة الدول‪ ،‬ىذا إلى جانب‬
‫معينة‪:‬‬
‫بعض النظريات التي حاولت إبراز أساس القانون الدولي ك ّل من زاوية ّ‬

‫األول‪ :‬المذىب اإلرادي‪:‬‬


‫الفرع ّ‬

‫انقسم المذىب اإلرادي عمى نفسو بشأن تفسير إلزامية القانون الدولي بين فريقين‪ :‬فريق اإلرادة المنفردة‪ ،‬وفريق‬
‫اإلرادة المشتركة أو الجماعية‪:‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.69 ،68‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪.38 ،‬‬

‫‪14‬‬
‫أوال‪ -‬نظرية اإلرادة المنفردة لمدولة (نظرية التحديد الذاتي)‪:‬‬

‫أن الدولة ىي مصدر ك ّل قاعدة‬


‫يتزّعم ىذه النظرية "ىيجل" و "إىرنج" و "يمينيك"‪ ،‬و تنطمق ىذه األخيرة من ّ‬
‫ألنيا غير موجودة عمى‬
‫تقيد إرادتيا سمطة خارجة عنيا أو أعمى منيا ّ‬
‫قانونية داخمية أو دولية‪ ،‬و عميو فالدولة ال ّ‬
‫ثمة فالقانون الدولي ليس إالّ جممة من‬
‫حرية‪ ،‬و من ّ‬
‫تقيد إرادتيا بنفسيا و بك ّل ّ‬
‫المستوى الدولي‪ ،‬و ّإنما ىي التي ّ‬
‫أعدتيا أو قبمتيا الدولة في عالقاتيا مع الدول األخرى أو ىو قانون عام خارجي‪.‬‬
‫القواعد التي ّ‬

‫تبنت محكمة العدل الدولية الدائمة ىذه النظرية في حكميا الصادر في قضية "الموتس" بتاريخ‬ ‫و قد ّ‬
‫إما‬
‫‪ 1927/09/07‬حيث جاء فيو‪..." :‬القواعد القانونية التي تربط الدول تنتج عن إرادتيا‪ ،‬و تظير ىذه اإلرادة ّ‬
‫إما من العرف المتّبع عموما‪)1( "...‬‬ ‫من االتفاقيات الدولية و ّ‬
‫ثانيا‪ -‬نظرية اإلرادة المشتركة أو الجماعية لمدول‪:‬‬

‫أن‬
‫أن مصدر القانون الداخمي ىو إرادة الدولة وحدىا في حين ّ‬ ‫يتزّعم ىذه النظرية الفقيو "تريبل" و ىي ترى ّ‬
‫مصدر القانون الدولي يكمن في اإلرادة الجماعية لمدول‪ ،‬فالعقود في القانون الداخمي تجمع إرادات متقابمة أو‬
‫أما اإلرادة الجماعية لمدول فيي خالصة اجتماع إرادة‬
‫خاصة متباينة بطبيعتيا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫متعارضة لتحقيق مصالح‬
‫عامة دولية مشتركة من خالل المعاىدات أو العرف‪.‬‬‫جماعية تيدف إلى تحقيق مصمحة ّ‬
‫و ال تنكر ىذه النظرية تبعا لذلك نسبية القانون الدولي‪ ،‬فقواعده ال تمزم من الناحية الفعمية إالّ الدول المشاركة‬
‫التطبيق‪)2(.‬‬ ‫ثمة لقانون عالمي‬
‫في وضعو‪ ،‬و ال وجود من ّ‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المذىب الموضوعي‪:‬‬

‫يبحث ىذا المذىب عن أساس إلزامية القانون الدولي في عوامل خارجة عن إرادة الدولة بصرف النظر عن‬
‫تدرج القواعد القانونية‪ ،‬و نظرية‬
‫يتجسد في نظريتين أساسيتين‪ :‬نظرية ّ‬
‫ّ‬ ‫كونيا إرادة منفردة أو جماعية‪ ،‬و‬
‫التضامن االجتماعي‪:‬‬

‫تدرج القواعد القانونية (المدرسة النمساوية – كمسن)‪:‬‬


‫أوال‪ -‬نظرية ّ‬
‫تستمد القاعدة األدنى‬
‫ّ‬ ‫تدرج القواعد القانونية‪ ،‬حيث‬
‫يستمد إلزاميتو من فكرة ّ‬
‫ّ‬ ‫أن القانون الدولي‬
‫ترى ىذه النظرية ّ‬
‫قوة اإللزام من قاعدة أعمى منيا ‪ ،‬و ىكذا حتّى‬ ‫تستمد ّ‬
‫ّ‬ ‫قوتيا الممزمة من القاعدة األعمى مباشرة‪ ،‬و ىذه األخيرة‬
‫ّ‬
‫منطقيا ّأية قاعدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قمة اليرم القانوني و التّي ال تعموىا‬
‫نصل إلى القاعدة األساس التّي تأتي في ّ‬
‫_______________________________________________________________________________________‬

‫‪2011‬‬ ‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ " :‬الوسيط في القانون الدولي العام" ط ‪ ،1‬مجد المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع‪ ،‬بيروت‬
‫ص‪ ،34‬إبراىيم بن داود‪ " :‬الوجيز في قانون العالقات الدولية " مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.79 ،78‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،35‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.101‬‬

‫‪15‬‬
‫قوتيا اإللزامية منيا‪ ،‬و ىذه القاعدة ىي قاعدة‬
‫تستمد ّ‬
‫ّ‬ ‫تدرجي تصاعدي‬
‫إن جميع القواعد القانونية في تسمسل ّ‬ ‫بل ّ‬
‫العقد شريعة المتعاقدين أو قاعدة الوفاء بالعيود‪)1(.‬‬

‫ثانيا‪ -‬نظرية التضامن االجتماعي (المدرسة الفرنسية – ديجي)‪:‬‬

‫أن القانون الدولي نشأ كنتيجة حتمية لفكرة التضامن االجتماعي‪ ،‬حيث تأتي قواعد القانون‬
‫ترى ىذه النظرية ّ‬
‫بأىمية ىذه القواعد الستقرار الحياة الدولية‬
‫الدولي العام وليدة احتياجات المجتمع الدولي اقتناعا من أعضائو ّ‬
‫يجسده وجود‬
‫محصمة لواقع اجتماعي ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن قواعد القانون الدولي ىي‬
‫واستمرارىا‪ ،‬و يرى الفقيو "جورج سل" ّ‬
‫يؤدي إلى (ظاىرة االعتماد المتبادل)‪ ،‬مع إنشاء ىذا الواقع لجممة‬
‫مجموعات إنسانية يقوم بينيا تضامن اجتماعي ّ‬
‫سيئ‪ ،‬ما ىو مشروع و ما ىو غير‬
‫من القيم األخالقية االجتماعية (شعور جماعي بما ىو حسن و ما ىو ّ‬
‫بالسمطة ينشأ‬
‫قوة جماعية منظّمة‪ ،‬و بالتقاء منظومة األخالق االجتماعية ّ‬
‫مشروع‪ )...‬و لسمطة أي ّ‬
‫القانون(الدولي)‪.‬‬

‫ألن ىناك ضرورة اجتماعية تقتضي أن يكون كذلك أو ىناك حاجة‬ ‫أن القانون الدولي ممزم ّ‬
‫و خالصة القول ّ‬
‫ماسة إليو‪ ،‬فإذا لم يوجد تضامن اجتماعي حمّت الفوضى و انعدم ىذا القانون كمّية‪)2(.‬‬
‫ّ‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نظريات أخرى في تفسير أساس إلزامية قواعد القانون الدولي العام‪:‬‬

‫إلى جانب نظريات المذىبين اإلرادي و الموضوعي في تفسير إلزامية قواعد القانون الدولي‪ ،‬وجدت نظريات‬
‫الصدد و ىي‪:‬‬
‫أىمية في ىذا ّ‬
‫أخرى أق ّل ّ‬
‫أوال‪ -‬نظرية القانون الطبيعي‪:‬‬

‫تقوم ىذه النظرية عمى أساس افتراض وجود قواعد أز ّلية مصدرىا الطبيعة (الفطرة) يكشف عنيا عقل اإلنسان‬
‫وميمو الغريزي إلى الفضيمة و العدالة و الكمال‪ ،‬و من أمثمة ىذه القواعد التي تحكم العالقات الدولية‪ :‬قاعدة‬
‫لمدول في الدفاع ال ّشرعي‪ ،‬قاعدة‬
‫الحق الطّبيعي ّ‬
‫ّ‬ ‫النية‪ ،‬قاعدة العدل في تسوية المنازعات الدولية‪ ،‬قاعدة‬
‫حسن ّ‬
‫تحريم إبادة األجناس‪ ،‬قاعدة عدم التمييز بين البشر‪)3(...‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) HANS (Kelsen) : « Principles of international law » Second éd, Holt, Rinehard and Winston, New‬‬
‫‪York 1966, p179.‬‬
‫‪ ،2009‬ص ص ‪54 ،53‬‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬جمال محي الدين‪ " :‬القانون الدولي العام‪ -‬المصادر القانونية " دار الجامعة الجديدة‪ -‬اإلسكندرية‬
‫د‪.‬إبراىيم بن داود‪ " :‬الوجيز في قانون العالقات الدولية " مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،84 ،83‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪.48 -46‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪ ،29‬د‪ .‬إبراىيم بن داود‪ " :‬الوجيز‬
‫عمان‪ -‬األردن‬
‫المنان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " روائع مجدالوي‪ّ ،‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬مأمون ّ‬
‫في قانون العالقات الدولية " مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،85 ،84‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.36 ،35‬‬

‫‪16‬‬
‫ثانيا‪ -‬النظرية االشتراكية (الماركسية)‪:‬‬

‫حد أدنى من االتفاق بين إرادات الدول التي تنتمي إلى النظامين‬
‫تنطمق ىذه النظرية من ضرورة التسميم بوجود ّ‬
‫الحد‬
‫السممي بينيا‪ ،‬فيذا ّ‬
‫المختمفين االشتراكي و الرأسمالي حول المبادئ المشتركة التي تؤلّف جوىر التعايش ّ‬
‫الدولي‪)1(.‬‬ ‫األدنى المفترض من االتفاق ىو ال ّذي يضفي طابع اإللزام عمى قواعد القانون‬

‫السياسي‪:‬‬
‫ثالثا‪ -‬نظرية التوازن ّ‬

‫القوة يمكن‬
‫ألية دولة بالوصول إلى مستوى من ّ‬ ‫السماح ّ‬‫ىذه النظرية ذات أصول تاريخية أوربية مقتضاىا عدم ّ‬
‫قوة‬
‫يتعين أن تتوازن قوى الدول بما ال يسمح بإيجاد ّ‬
‫التوسع و الغزو‪ ،‬إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫الدول األخرى عن طريق‬
‫تيدد بو ّ‬
‫أن ّ‬
‫الدولي‪)2(.‬‬ ‫مييمنة غير مألوفة يمكن أن تؤثّر عمى ىذا التوازن الذي يخمق بدوره القانون‬

‫رابعا‪ -‬نظرية المصمحة‪:‬‬

‫الدافع الحقيقي لمدول اللتزاميا بقواعد‬


‫أن ّ‬‫تنطمق ىذه النظرية من واقع العالقات الدولية المعاصر‪ ،‬و تؤ ّكد عمى ّ‬
‫القانون الدولي ىو الحرص عمى تأمين مصالحيا‪ ،‬ال إيمانا أو قناعة منيا بمحتوى و ىدف ىذه القواعد‪)3(.‬‬

‫خامسا‪ -‬نظرية الحقوق األساسية‪:‬‬

‫يوجو إرادتيا إلى خمق قواعد القانون الدولي‬


‫أن الحقوق األساسية لمدولة ىي العامل ال ّذي ّ‬
‫تنطمق ىذه النظرية من ّ‬
‫السيادة و المساواة فييا‪ ،‬حق االستقالل‪)4(.‬‬
‫حق البقاء‪ ،‬حق ّ‬
‫و االلتزام بيا‪ ،‬و ىذه الحقوق ىي‪ّ :‬‬

‫القوة‪:‬‬
‫سادسا‪ -‬نظرية ّ‬

‫القوة‪ ،‬فالقانون الدولي تضعو‬


‫تعبر ىذه النظرية أيضا عن واقع العالقات الدولية غير المتكافئ القائم عمى منطق ّ‬
‫ّ‬
‫القوية و تفرض تطبيقو عمى الدول الضعيفة دون مساءلة من ّأية جية كانت وفقا لمبدأ السيادة الذي‬
‫الدول ّ‬
‫فالسبيل الوحيد إلنياء ىذا‬
‫يكرس سمطة الدولة التي ال تعموىا سمطة أخرى‪ ،‬و في ظ ّل تضارب مصالح الدول ّ‬
‫ّ‬
‫القوة ‪ ،‬و ذلك بإمالء شروط المنتصر‬
‫القوة أو الحرب‪ ،‬فحتى االتفاقيات المنيية لمحرب تنبع من ّ‬
‫التعارض ىو ّ‬
‫الم نىزم‪)5(.‬‬ ‫عمى‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) TUNKIN (Georges.I) : « Droit international public » Paris 1965, p80.‬‬


‫عمان‪ -‬األردن ‪ ،2012‬ص‪ ،95‬د‪ .‬جمال محي‬
‫(‪ )2‬والء فايز اليندي‪ " :‬اإلعالم و القانون الدولي " ط ‪ ،1‬دار أسامة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬
‫الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،119‬د‪ .‬جمال محي الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫(‪ )4‬في ىذه الحقوق راجع د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،298-286‬د‪ .‬عبد الكريم عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الكتاب الثاني‬
‫ص ص‪.21-07‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬جمال محي الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،51 ،50‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.71‬‬

‫‪17‬‬
‫سابعا‪ -‬النظرية اإلسالمية‪:‬‬

‫تستمد إلزاميتيا من مبدأ الوفاء بالعيد مصداقا لقولو تعالى‪:‬‬


‫ّ‬ ‫أن قواعد القانون الدولي‬
‫يجمع الفقو اإلسالمي عمى ّ‬
‫إن العيد كان مسؤوال "‪ ،‬حيث يش ّكل ىذا المبدأ عامل ثقة في العالقات الدولية من ناحية تثبيتيا‬
‫"و أوفوا بالعيد ّ‬
‫وتقويتيا‪)1(.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬العالقة بين القانون الدولي العام و القانون الداخمي‪:‬‬

‫خاصة عمى مستوى القيمة القانونية‬


‫ّ‬ ‫أىمية كبرى‬
‫يكتسي بيان العالقة بين القانون الدولي و القانون الداخمي ّ‬
‫وأولوية التطبيق‪ ،‬وفي توضيح طبيعة ىذه العالقة وجد مذىبان‪ :‬مذىب ثنائية القانون‪ ،‬و مذىب وحدة القانون‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مذىب ثنائية القانون (االنفصال و االستقاللية)‪:‬‬

‫أن كالّ من القانونين الدولي و الداخمي يش ّكالن نظامين قانونيين متمايزين‬


‫ينطمق أنصار ىذا المذىب من ّ‬
‫ومستقمّين و منفصمين تماما‪ ،‬و يبدو ىذا التمايز و االستقاللية من حيث المصادر‪ ،‬و الموضوع‪ ،‬و الطّبيعة‪:‬‬

‫أوال‪ -‬االختالف من حيث المصادر‪:‬‬

‫يستمد القانون الدولي‬


‫ّ‬ ‫المختصة بالتشريع في الدولة‪ ،‬بينما‬
‫ّ‬ ‫أي السمطة‬
‫المشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫الداخمي مصادره من‬
‫يستمد القانون ّ‬
‫ّ‬
‫خاصة‪)2(.‬‬
‫ّ‬ ‫مصادره من المعاىدات و األعراف الدولية‬

‫ثانيا‪ -‬االختالف من حيث الموضوع (األشخاص)‪:‬‬

‫تعنى قواعد القانون الداخمي بمخاطبة األفراد و الييئات المختمفة القائمة داخل الدولة باعتبارىا أشخاص ىذا‬
‫تتوجو قواعد القانون الدولي بخطابيا إلى أشخاصو و ىي الدول و المنظمات الدولية‬
‫القانون‪ ،‬في حين ّ‬
‫باألساس‪)3(.‬‬

‫ثالثا‪ -‬االختالف من حيث الطبيعة القانونية‪:‬‬

‫يتجسد االختالف عمى مستوى بنية أو طبيعة النظام القانوني الداخمي القائم عمى وجود‬ ‫ّ‬ ‫عمى ىذا المستوى‬
‫السمطات الثالث‪ ،‬و الدور ال ّذي يسند لك ّل منيا بما يكفل في النياية فرض القانون و احترامو‪ ،‬بينما يفتقد النظام‬
‫ّ‬
‫القانوني الدولي إلى ىذه الدعائم مبدئيا‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬في ىذه النظرية أنظر صباح لطيف الكربولي‪ " :‬المعاىدات الدولية‪ -‬إلزامية تنفيذىا في الفقو اإلسالمي و القانون الدولي" ط ‪ 1‬دار‬
‫عمان‪-‬األردن ‪ ،2011‬ص ص‪.92 -72‬‬
‫دجمة‪ّ ،‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،113‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.22 ،21‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،113‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 ،22‬‬

‫‪18‬‬
‫إذ ال توجد عمى رأس المجتمع الدولي سمطة مركزية عميا توازي الحكومة الوطنية في المجتمعات الداخمية‬
‫مما ينجم عن ىذا االختالف‬ ‫فالمجتمع الداخمي مجتمع رأسي عمودي‪ ،‬بينما المجتمع الدولي مجتمع أفقي‪ّ ،‬‬
‫األول جب ار بواسطة السمطة العامة‬
‫بالضرورة اختالف في كيفية االلتزام بالقانون في المجتمعين ‪ ،‬إذ يفرض في ّ‬
‫ّ‬
‫سابقا‪)1(.‬‬ ‫فصمناه‬
‫(الحكومة)‪ ،‬بينما يعود االلتزام بالثاني إلرادة الدول أساسا‪ ،‬و لعوامل أخرى عمى النحو ال ّذي ّ‬

‫أن االختالف ال ينحصر في المستويات الثالث ة السابقة بل يبدو أيضا من حيث‬‫ىذا و يرى جانب من الفقياء ّ‬
‫النشأة‪ ،‬فالقانون الداخمي سابق زمنيا في ظيوره لمقانون الدولي‪ ،‬كما يبدو االختالف أيضا من حيث المشروعية‬
‫بالضرورة في منظور القانون‬
‫ّ‬ ‫فعدم مشروعية سموك الدولة من منظور القانون الدولي ال يستتبع عدم مشروعيتو‬
‫الداخمي‪.‬‬

‫و عموما يترتب عمى القول بمذىب ثنائية القانون النتيجتين التاليتين‪:‬‬

‫‪ - 1‬ال يمكن لقاعدة دولية إلغاء أو تعديل قاعدة داخمية متعارضة معيا إالّ بإرادة الدولة المعنية و بطريق‬
‫التشريع‪.‬‬
‫تحمل الدولة المعنية لمسؤوليتيا الدولية‬
‫‪ - 2‬عدم اختصاص المحاكم الوطنية بتطبيق القانون الدولي‪ ،‬و ّ‬
‫إذا نجم عن ىذا التطبيق مساس بمصالح المجتمع الدولي‪)2(.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مذىب وحدة القانون (االندماج و التداخل)‪:‬‬

‫الردود عمى‬
‫يتفق أنصار ىذا المذىب عمى وحدة القانونين الدولي و الداخمي‪ ،‬و تبدو ىذه الوحدة من خالل ّ‬
‫األول حول االختالفات الثالثة بين القانونين عمى النحو التالي‪:‬‬
‫مزاعم المذىب ّ‬
‫‪ – 1‬االختالف في المصادر بين القانونين الدولي و الداخمي شكمي ال غير‪ ،‬فمن الناحية الموضوعية تأخذ‬
‫مجردة و ممزمة غايتيا‬
‫عامة و ّ‬
‫ألنيا تمثّل بالنياية قواعد ّ‬
‫طبيعة القواعد الدولية نفس طبيعة القواعد الداخمية ‪ّ ،‬‬
‫واحدة ىي تنظيم المجتمع اإلنساني سواء كان داخميا أو دوليا‪)3(.‬‬

‫‪ – 2‬اتجاه ك ّل من القواعد الدولية و الداخمية إلى تنظيم العالقات اإلنسانية دون النظر إلى نطاقيا داخميا أو‬
‫تتوجو بخطابيا إلى األفراد بشكل مباشر في النطاق الداخمي ‪ ،‬و بشكل غير مباشر في النطاق‬ ‫دوليا‪ ،‬فيي ّ‬
‫الدولي‪)4(.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،113‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫(‪ )2‬في نتائج تطبيق مذىب ثنائية القانون أنظر د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115 -113‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،66‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،66‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ – 3‬االستناد إلى إمكانية مخالفة التشريع الداخمي لمقانون الدولي ليس دليال كافيا عمى استقاللية القانون الداخمي‬
‫يعرضيا لممسؤولية‬
‫الدولة بمخالفتيا لمقانون الدولي ترتكب عمال غير مشروع دوليا ّ‬
‫ألن ّ‬
‫عن القانون الدولي‪ّ ،‬‬
‫الدولية‪ ،‬و في ىذا تأكيد عمى ضرورة احترام التشريع الداخمي لمقانون الدولي في سياق االندماج و التداخل‪)1(.‬‬

‫فإن أنصار مذىب وحدة القانون مع زعميم بوحدة القانونين الدولي و الداخمي إالّ ّأنيم‬
‫و ميما يكن من أمر ّ‬
‫انقسموا فيما بينيم بشأن أسبقية أو أولوية أحدىما عمى اآلخر وفق ما يمي‪:‬‬

‫أوال‪ -‬وحدة القانونين مع سيادة القانون الدولي‪:‬‬

‫أن قواعد القانونين‬


‫يتزّعم ىذا الرأي الفقياء‪" :‬كميفر" و "ديجي" و "جورج سل" و "كمسن" و آخرون‪ ،‬و ىم يرون ّ‬
‫يتجزأ‪ ،‬بل ىما فرعان لنظام قانوني واحد و ليس ىناك اختالف‬
‫كال ال ّ‬
‫الدولي و الداخمي تؤلّف كتمة واحدة و ّ‬
‫تم توضيحو‪.‬‬
‫بينيما ال في المصادر و ال في الموضوع و ال حتّى في الطبيعة عمى النحو الذي ّ‬
‫يختص بتنظيم عالقاتيا‬
‫ّ‬ ‫و تأسيسا عمى ذلك فالقانون الدولي ليس إالّ جزء من قانون الدولة (قانون عام خارجي)‬
‫مع الدول األخرى مع اعتباره في الوقت نفسو الجزء األسمى أو األعمى من قانونيا‪ ،‬و ىكذا فالتعارض المحتمل‬
‫أن‬
‫سمو القانون الدولي عمى القانون الداخمي من منطمق ّ‬
‫ّ‬ ‫يتم رفعو بتطبيق قاعدة‬
‫بين القواعد الداخمية و الدولية ّ‬
‫القاعدة الدولية تنسخ تمقائيا القاعدة الداخمية‪)2(.‬‬

‫ثانيا‪ -‬وحدة القانونين مع سيادة القانون الداخمي‪:‬‬

‫أن أنصاره و منيم "كوفمان"‬


‫الرأي بدوره وحدة القانونين و اعتبارىما فرعين لنظام قانوني واحد‪ ،‬غير ّ‬
‫ال ينكر ىذا ّ‬
‫يرجح القانون‬
‫مشتق من القانون الداخمي‪ ،‬لكن في حالة التعارض المحتمل بينيما ّ‬
‫ّ‬ ‫أن القانون الدولي‬
‫يذىبون إلى ّ‬
‫يحدد‬
‫أن الدول في التزاماتيا الدولية محكومة بقانونيا الداخمي‪ ،‬ال سيما الدستور الذي ّ‬ ‫ألنو األصل حيث ّ‬ ‫الداخمي ّ‬
‫كيفية و نطاق ىذه االلتزامات حتّى تكسب قوتيا القانونية داخل الدولة و تنفّذ كما تنفّذ قواعد القانون الداخمي‪)3(.‬‬
‫ّ‬
‫لكن التزامات‬
‫يعدل أو يمغى و ّ‬
‫ألن الدستور قد ّ‬
‫و لكن ىذا الطّرح يبدو ضعيفا لتقييده التزامات الدولة بدستورىا‪ّ ،‬‬
‫تستمر باستمرار ال ّشخصية المعنوية ليذه األخيرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المقررة طبقا لو‬
‫الدولة ّ‬
‫__________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.70 ،69‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " ج ‪ ،1‬ط ‪ ،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر ‪ ،2007‬ص ‪ ،37‬د‪ .‬جمال‬
‫محي الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،39 ،38‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬ص ‪ ،61‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪،119‬‬
‫‪.120‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،37 ،36‬د‪ .‬جمال محي الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،38 ،37‬د‪ .‬محمد المجذوب‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،62‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.118 ،117‬‬

‫‪20‬‬
‫خالصة‪:‬‬

‫أن‬
‫‪ ،‬إالّ ّ‬ ‫ألنيما نظامان قانونيان مختمفان‬
‫أن القانون الدولي و القانون الداخمي ال يؤلفان كتمة واحدة ّ‬
‫الحقيقة ّ‬
‫القانون الدولي أسمى من القانون الداخمي‪ ،‬و لع ّل التداخل الكبير بينيما يعكس ىذه الحقيقة حيث يتجمّى فيما‬
‫يمي‪:‬‬

‫‪ – 1‬خضوع الدولة لقواعد القانون الدولي يقتضي منيا التوفيق بين قواعد ىذا القانون و قانونيا الداخمي عن‬
‫‪ ،‬أو تكييف تمك التشريعات مع ىذه االلتزامات تعديال‬ ‫طريق إصدار تشريعات تكفل تنفيذ التزاماتيا الدولية‬
‫أوإلغاء‪)1(.‬‬

‫تحمل الدولة لممسؤولية الدولية عن ك ّل إخالل أو خرق لقواعد القانون الدولي‪.‬‬


‫‪ّ –2‬‬
‫تضمن القوانين الداخمية لكثير من القواعد الدولية كقوانين إنجمت ار و ألمانيا و إيطاليا و الواليات المتحدة‬
‫ّ‬ ‫‪–3‬‬
‫خاصة في مجال امتيازات و حصانات المبعوثين الديبموماسيين و األحكام التي تضمن تطبيق قواعد‬ ‫ّ‬ ‫األمريكية‪،‬‬
‫الحياد أثناء الحرب و المقتضيات التي ينبغي مراعاتيا أثناء سريان القتال (القانون الدولي اإلنساني)‪ ،‬و معظم‬
‫اإلنسان‪)2(.‬‬ ‫القواعد المتعمقة بحقوق‬

‫يكرس أولوية القانون الدولي‬


‫لكنو ّ‬‫السابقتين بشكل قاطع‪ ،‬و ّ‬
‫الدولي سيادة إحدى النظريتين ّ‬‫‪ -4‬ال يؤ ّكد الواقع ّ‬
‫الدولي و رغم االنتياكات‬
‫أن القانون ّ‬
‫الداخمي ّ‬
‫وسموه‪ ،‬حيث يثبت العمل الديبموماسي و االجتياد الدولي‪ ،‬و حتّى ّ‬
‫ّ‬
‫الداخمية‪)3(.‬‬ ‫سموه عمى القوانين‬
‫الدول ال يمكن أن يكون موجودا ما لم يؤخذ بمبدأ ّ‬
‫المتكررة بحقو من قبل ّ‬
‫ّ‬
‫الدولي في آرائيا االستشارية بشأن قضية‬
‫الدائمة لمعدل ّ‬
‫مما يد ّل عمى ذلك مثال ما ذىبت إليو المحكمة ّ‬
‫و ّ‬
‫"المصالح األلمانية في سيميزيا العميا" عام ‪ ،1926‬و " قضية الجماعات اليونانية البمغارية" عام ‪ ،1930‬وكذا‬
‫"قضية معاممة المواطنين البولنديين في دانزغ "‪ ،‬حيث خمصت المحكمة عام ‪ 1932‬إلى وجوب تطبيق المعاىدة‬
‫المبرمة بين بولندا و مدينة "دانزغ" بشأن معاممة المواطنين المقيمين في ىذه األخيرة‪ ،‬و ليس القواعد الدستورية‬
‫ليا‪ ،‬كما رفضت محكمة "نورمبرغ" الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية دفوع المتيمين المرتكزة عمى‬
‫الدولية‪)4(.‬‬ ‫الدولي في خصوص الجرائم‬
‫أن العبرة ىي بالقانون ّ‬
‫القانون الداخمي‪ ،‬مؤ ّكدة ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬حيث ذىبت المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في رأييا االستشاري سنة ‪ 1925‬بشأن "قضية تبادل السكان اليونانيين و األتراك" إلى ّأنو‬
‫الدولة التّي تقبل االلتزام دوليا التعديالت الالزمة عمى تشريعاتيا لموفاء بيذا االلتزام‪ .‬أنظر في ذلك‪:‬‬
‫من الطّبيعي أن تجري ّ‬
‫‪ROUSSEAU (Charles) : « Droit international public » op.cit, p47.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،70 ،69‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.143 -121‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.41 ،40‬‬
‫‪(4) BROWNLIE (Lan) : « Principles of international law » Fourth edition, Clarendon Press, Oxford,‬‬
‫‪1990, p37.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المصادر الرسمية لمقانون الدولي العام‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية عمى ما يمي‪:‬‬
‫ّ‬

‫تطبق في‬
‫"‪ – 1‬وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إلييا وفقا ألحكام القانون الدولي‪ ،‬و ىي ّ‬
‫ىذا ال ّشأن‪:‬‬

‫الدول المتنازعة‪.‬‬
‫الخاصة التي تضع قواعد معترفا بيا صراحة من جانب ّ‬
‫ّ‬ ‫العامة و‬
‫أ – االتفاقيات الدولية ّ‬
‫ب – العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون د ّل عميو تواتر االستعمال‪.‬‬

‫أقرتيا األمم المتمدينة‪.‬‬


‫العامة التي ّ‬
‫ج – مبادئ القانون ّ‬
‫د – أحكام المحاكم و مذاىب كبار المؤلفين في القانون العام في مختمف األمم‪.‬‬

‫‪)1(.59‬‬ ‫و يعتبر ىذا أو ذاك مصد ار احتياطيا لقواعد القانون‪ ،‬و ذلك مع مراعاة المادة‬

‫القضية وفقا لمبادئ‬


‫ّ‬ ‫أي إخالل بما لممحكمة من سمطة الفصل في‬
‫المتقدم ذكره ّ‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫‪ – 2‬ال يترتّب عن‬
‫الدعوى عمى ذلك‪)2( ".‬‬
‫العدل و اإلنصاف متى وافق أطراف ّ‬

‫األول منيا في المصادر‬


‫الدولي العام نوعين من المصادر‪ ،‬يتمثّل النوع ّ‬
‫أن لمقانون ّ‬
‫يتبين ّ‬
‫النص ّ‬‫ّ‬ ‫عمى ضوء ىذا‬
‫ألن ىذه األخيرة ىي محور دراستنا‬
‫الرسمية‪ ،‬فيما يتمثّل الثاني في المصادر غير الرسمية أو االحتياطية‪ ،‬و ّ‬
‫الرسمية‪)3(.‬‬ ‫الدراسة في ىذا الفصل عمى المصادر‬
‫المقرر‪ ،‬فسنرّكز ّ‬
‫في الفصل الثالث من ىذا ّ‬
‫تتمثّل المصادر الرسمية وفقا لممادة ‪ -1/38‬أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج أعاله عمى الترتيب الذي وردت بو في‪:‬‬

‫الدولية (مبحث ّأول)‪.‬‬


‫‪ ‬المعاىدات ّ‬
‫الدولي (مبحث ثان)‪.‬‬
‫‪ ‬العرف ّ‬
‫العامة لمقانون (مبحث ثالث)‪.‬‬
‫‪ ‬المبادئ ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫قوة اإللزام إالّ بالنسبة لمن صدر بينيم‬


‫(‪ )1‬تنص المادة ‪ 56‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية عمى ما يمي‪ " :‬ال يكون لمحكم ّ‬
‫وفي خصوص النزاع ال ّذي فصل فيو‪".‬‬
‫(‪ )2‬في التعميق عمى ىذا النص أنظر د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،56 -53‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪.152 -147‬‬
‫(‪ )3‬يرفض جانب كبير من الفقو عمى النحو الذي سنراه في حينو إضفاء و صف المصدر عمى ك ّل من القضاء و الفقو و مبادئ‬
‫الدولي في استخالص الحكم القانوني واجب‬‫مجرد أدوات أو وسائل يستعين بيا القاضي ّ‬
‫العدل و اإلنصاف‪ ،‬عمى أساس ّأنيا ّ‬
‫العامة‬
‫الدولي‪ ،‬المبادئ ّ‬
‫الدولي العام (المعاىدات الدولية‪ ،‬العرف ّ‬
‫التطبيق عمى النزاع الماثل أمامو من المصادر الرسمية لمقانون ّ‬
‫لمقانون)‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫األول‪ :‬المعاىدات الدولية‪:‬‬
‫المبحث ّ‬

‫ىامة في القانون الدولي العام باعتبارىا األداة األكثر تداوال‬


‫تحت ّل المعاىدة الدولية في الوقت الحاضر مكانة ّ‬
‫الدولي‪)1(.‬‬
‫الصدارة لمعرف ّ‬
‫لتنظيم الحياة الدولية‪ ،‬بعد أن كانت ّ‬

‫الدولي لوضع نظام قانوني يحكم المعاىدة الدولية من خالل اتفاقية "فينا" لقانون‬
‫و قد عمد المجتمع ّ‬
‫المعاىدات لعام ‪)2(.1969‬‬

‫األول لإلطار‬
‫نخصص ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدراسة إلى مطمبين‪:‬‬
‫ىذه االتفاقية سنعتمد عمييا في دراستنا لممعاىدة الدولية بتقسيم ّ‬
‫نتعرض في الثاني لإلطار اإلجرائي لممعاىدة الدولية‪:‬‬
‫الدولية‪ ،‬فيما ّ‬‫النظري أو الموضوعي لممعاىدة ّ‬

‫األول‪ :‬اإلطار النظري لممعاىدة الدولية‪:‬‬


‫المطمب ّ‬

‫سنتناول تحت ىذا المبحث‪ :‬ماىية المعاىدة الدولية (فرع ّأول)‪ ،‬الشروط الشكمية لممعاىدة الدولية (فرع ثان)‬
‫الشروط الموضوعية لممعاىدة الدولية (فرع ثالث)‪.‬‬

‫األول‪ :‬ماىية المعاىدة الدولية‪:‬‬


‫الفرع ّ‬

‫‪،‬‬ ‫ثم خصائصيا (ثالثا)‬


‫التعرض لتعريفيا ( ّأوال)‪ ،‬و تسميتيا (ثانيا)‪ّ ،‬‬
‫يتعين ّ‬
‫لإلحاطة بماىية المعاىدة الدولية ّ‬
‫وأخي ار أنواعيا (رابعا)‪.‬‬

‫ّأوال‪ -‬تعريف المعاىدة الدولية‪:‬‬

‫ثم قانونا‪:‬‬
‫يمكن تعريف المعاىدة الدولية فقيا‪ّ ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫الدولي‪ ،‬ال من جانب ترتيبيا القانوني‬
‫أن المعاىدات الدولية تحتل اليوم الصدارة ضمن مصادر القانون ّ‬
‫(‪ )1‬ما ال يختمف عميو اثنان ّ‬
‫في المادة ‪ 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية و حسب‪ ،‬و ّإنما من جانب الواقع و الممارسات الدولية‪ ،‬نظ ار لدورىا‬
‫تعد أفضل وسائل االرتباط القانوني بين‬
‫الدولي من الناحية الييكمية‪ ،‬و عمى مستوى العالقات الدولية حيث ّ‬
‫البارز في بناء النظام ّ‬
‫فإن غالبية النزاعات الدولية تتعمق ببطالن المعاىدات‬
‫الدول في إطار التعاون و التقارب و تجاوز الخالفات‪ ،‬من جية أخرى ّ‬
‫أن مختمف المنظمات‬
‫الدولية تحكمو المعاىدات الدولية‪ ،‬كما ّ‬
‫أن المضمون العممي لمعالقات ّ‬
‫الدولية أو تفسيرىا‪ ،‬عالوة عمى ّ‬
‫تم تقنين العديد من موضوعات‬
‫الدولية تستمد أساسيا القانوني من خالل معاىدات متعددة األطراف‪ ،‬و بفضل المعاىدات الدولية ّ‬
‫ىيأت الظروف النبعاث مثل ىذه القواعد‪ ،‬ىذه المكانة التي تبوأتيا‬
‫القانون الدولي‪ .‬بل ساىمت ىي نفسيا في بمورة قواعد عرفية أو ّ‬
‫الدولي‪ .‬لممزيد حول أىمية المعاىدة الدولية في ىذا الخصوص‬
‫المعاىدات الدولية جعمت منيا فرعا مستقال من فروع القانون ّ‬
‫أنظر‪:‬‬

‫‪SCHWARZENBERGER (G) : « A manual of international law » Professional Books, London,‬‬


‫‪1976, p122.‬‬
‫(‪ )2‬في ظروف و أبعاد ىذه االتفاقية أنظر إبراىيم بن داود‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي‪ -‬دراسة تطبيقية " دار الكتاب‬
‫الحديث‪ -‬الجزائر ‪ ،2010‬ص ص‪ 98 -95‬د‪.‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.155 -153‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ - 1‬تعريف المعاىدة الدولية فقيا‪:‬‬

‫أن المعاىدة الدولية ىي اتفاق مكتوب بين أشخاص القانون الدولي‪ ،‬ييدف إلى إحداث‬ ‫يجمع الفقو الدولي عمى ّ‬
‫معينة‪ ،‬و يتم إبرامو وفقا لقواعد القانون الدولي‪)1(.‬‬
‫آثار قانونية ّ‬
‫ّ‬
‫‪ - 2‬تعريف المعاىدة الدولية قانونا‪:‬‬

‫عرفتيا المادة ‪ 1/02‬من اتفاقية "فينا"‬


‫يقترب التعريف الفقيي لممعاىدة الدولية من التعريف القانوني ليا‪ ،‬حيث ّ‬
‫بأنيا‪ " :‬اتفاق دولي معقود بين الدول بصورة خطّية و خاضع لمقانون الدولي‬
‫لقانون المعاىدات لعام ‪ّ 1969‬‬
‫الخاصة‪)2( ".‬‬
‫ّ‬ ‫سواء أثبت في وثيقة واحدة أو اثنتين أو أكثر من الوثائق المترابطة‪ ،‬و ّأيا كانت تسميتو‬

‫ثانيا‪ -‬تسمية المعاىدة الدولية‪:‬‬

‫عدة تسميات‪ :‬المعاىدة‪ ،‬االتفاقية‪ ،‬االتفاق‪ ،‬البروتوكول‪ ،‬الميثاق‪ ،‬العيد‪ ،‬النظام‬


‫تطمق عمى المعاىدة الدولية ّ‬
‫التصريح‪ ،‬تبادل المذكرات أو الخطابات‪ ،‬و ال تؤثّر ىذه التسميات عمى مدلول المعاىدة الذي يظ ّل واحدا‬
‫ويقصد بو ما تم اإلشارة إليو أعاله‪ ،‬و التمييز بين ىذه التّسميات شكمي ليس إالّ‪)3(.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ - 1‬المعاىدة‪:‬‬

‫السياسي أو التاريخي أو العسكري‬


‫اليامة ذات الطابع ّ‬
‫يطمق عادة مصطمح "معاىدة" عمى االتفاقيات الدولية ّ‬
‫الصداقة‪ ،‬و المثال معاىدات "وستفاليا" لعام ‪ ،1648‬معاىدة األمم المتحدة‬
‫الصمح و التحالف و ّ‬
‫كمعاىدات ّ‬
‫‪ ،1989‬معاىدة‬ ‫الذرية لعام ‪ ،1968‬معاىدة إنشاء اتحاد المغرب العربي لعام‬
‫لمحد من انتشار األسمحة ّ‬
‫ّ‬
‫‪)4(.1992‬‬ ‫"ماستريخت" المنشئة لإلتّحاد األوربي لعام‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬في تعريف المعاىدة بشكل عام أنظر صباح لطيف الكربولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،23 -16‬و في تعريفيا فقيا راجع د‪ .‬غازي‬
‫‪ ،2007‬ص‬ ‫عمان‪ -‬األردن‬
‫حسن صباريني‪ " :‬الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام " ط ‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬
‫ص‪ ،43 ،42‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ " :‬القانون الدولي و العالقات الدولية " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،2006‬ص ص‪،47 ،46‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم بوزيد المسماري‪ " :‬دور القضاء الوطني في تطبيق و تفسير المعاىدات الدولية " دار الفكر الجامعي‪ -‬اإلسكندرية‬
‫‪ ،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر ‪،2010‬‬ ‫‪ 2009‬ص ‪ ،14‬د‪ .‬عمر سعد اهلل‪ " :‬معجم في القانون الدولي المعاصر" ط‬
‫ص‪.422‬‬
‫يتضمن االنضمام مع التحفظ إلى اتفاقية فينا لقانون المعاىدات المبرمة‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬المرسوم الرئاسي ‪ 222/87‬المؤرخ في ‪1987/10/13‬‬
‫يوم ‪ 23‬مايو ‪ -1969‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الصادرة بتاريخ ‪.1987/10/14‬‬
‫(‪ )3‬في تسمية المعاىدة عموما راجع د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ " :‬المبادئ العامة في القانون الدولي المعاصر" ط ‪ ،1‬إيتراك لمنشر‬
‫والتوزيع‪ -‬القاىرة ‪ ،2006‬ص ص ‪ ،07 ،06‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام "‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪ ،2009‬ص ‪ ،53‬د‪ .‬إبراىيم بن داود‪ " :‬الوجيز في قانون العالقات الدولية " مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬
‫ص‪ ،143 ،142‬د‪ .‬إبراىيم بن داود‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي " مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،69 -62‬د‪ .‬عمي زراقط‪،‬‬
‫مرجع سابق ص‪.51‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،164‬والء فايز اليندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ - 2‬االتفاقية و اإلتفاق‪:‬‬

‫االتفاقية اصطالح يطمق عمى اإلتفاق الذي يتناول عادة مسائل قانونية أو يضع تنظيما قانونيا لمعالقات بين‬
‫الدول‪ ،‬كاتفاقية "القسطنطينية" لعام ‪ 1888‬لتنظيم المالحة في قناة السويس‪ ،‬اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات‬
‫المتوسط لعام ‪ ،1976‬اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار‬
‫ّ‬ ‫التموث في‬
‫لعام ‪ ،1969‬اتفاقية "برشمونة" لمكافحة ّ‬
‫لعام ‪.1982‬‬

‫أما االتفاق فيطمق عمى اإلتفاقية التي تتناول مسألة قانونية أو اقتصادية‪ ،‬و أحيانا سياسية‪ ،‬كاتفاق "يالطا"‬
‫ّ‬
‫السحب لدى‬
‫السوفياتي لعام ‪ ،1945‬واالتفاق المتعمّق بإنشاء حقوق ّ‬ ‫لتقسيم مناطق النفوذ بين أمريكا و االتّحاد ّ‬
‫صندوق النقد الدولي لعام ‪ ،1968‬واتفاق "كاجنستون" لتعديل النظام األساسي لصندوق النقد الدولي لعام‬
‫‪)1(.1976‬‬

‫‪ - 3‬البروتوكول‪:‬‬

‫المنصب عمى تعديل بعض أحكام معاىدة دولية قائمة‪ ،‬أو تنظيم مسائل‬
‫ّ‬ ‫يطمق ىذا اإلصطالح عمى االتفاق‬
‫المعدل‬
‫ّ‬ ‫فرعية تابعة لمعاىدة أصمية‪ ،‬أو بيان كيفية االنضمام لمعاىدة نافذة‪ ،‬كبروتوكول "باريس" لعام ‪1929‬‬
‫‪ ،)1919‬و بروتوكولي "جنيف" لعام‬ ‫لمنظام األساسي لممحكمة الدائمة لمعدل الدولي (في إطار عصبة األمم‬
‫اإلنساني‪)2(.‬‬ ‫‪ 1977‬الممحقين باتفاقيات "جنيف" األربع لعام ‪ 1949‬المتعمّقة بالقانون الدولي‬

‫‪ - 4‬الميثاق أو العيد‪:‬‬

‫الصعيد الدولي‪ ،‬و يتعمّق بإنشاء منظّمات‬


‫أىميتيا عمى ّ‬ ‫يطمق ىذا اإلصطالح عمى االتفاقيات التي يراد إبراز ّ‬
‫‪ ،1919‬ميثاق األمم المتحدة لعام‬ ‫دولية أو إقميمية ذات اختصاصات شاممة‪ ،‬مثل عيد عصبة األمم لعام‬
‫‪ ،1945‬ميثاق جامعة الدول العربية لعام ‪ ،1945‬ميثاق االتحاد اإلفريقي لعام ‪ ، 2001‬ميثاق مجمس التعاون‬
‫(‪)3‬‬ ‫الخميجي لعام ‪...1981‬‬

‫‪ - 5‬النظام‪:‬‬

‫متفرعة عن ىيئات أخرى ذات‬


‫تطمق ىذه التسمية عمى االتفاقيات الجماعية المنشئة لييئات أو أجيزة ّ‬
‫اختصاص شامل‪ ،‬مثل النظام األساسي لممحكمة الدائمة لمعدل الدولي ‪ ،1920‬النظام األساسي لمحكمة العدل‬
‫الجنائية)‪)4(.‬‬ ‫الجنائي (يوغسالفيا‪ ،‬رواندا‪ ،‬المحكمة الدولية‬
‫ة‬ ‫الدولي‬
‫ة‬ ‫األساسي لممحاكم‬
‫ة‬ ‫الدولية ‪ ،1945‬األنظمة‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،166 -164‬والء فايز اليندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.26 ،25‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،167 ،166‬والء فايز اليندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،166‬والء فايز اليندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،166‬والء فايز اليندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ – 6‬التصريح (اإلعالن)‪:‬‬

‫تخص ىذه التسمية الوثائق التي تنصرف أحكاميا إلى تأكيد مبادئ قانونية و سياسية مشتركة‪ ،‬مثل تصريح‬
‫ّ‬
‫السمطات العميا في ألمانيا من قبل الدول‬
‫"لندن" البحري لعام ‪ ،1909‬تصريح "برلين" لعام ‪ 1945‬بشأن تولّي ّ‬
‫األربع‪)1(.‬‬ ‫الحميفة‬

‫‪ - 7‬تبادل المذكرات أو الخطابات‪:‬‬

‫تتم بتبادل رسائل بين الطّرفين أو األطراف المعنية‪ ،‬و يتّبع‬


‫تتعمّق ىذه التسمية باالتفاقات الثنائية غالبا التي ّ‬
‫ىذا األسموب عادة لضيق الوقت و عدم تم ّكن األطراف من الدخول في مفاوضات كالسيكية‪ ،‬مثل تبادل‬
‫لقوات الطّوارئ الدولية في‬
‫‪ 1957‬بشأن تحديد المركز القانوني ّ‬ ‫المذكرات بين مصر و األمم المتحدة عام‬
‫المصرية‪)2(.‬‬ ‫األراضي‬

‫ثالثا‪ -‬خصائص المعاىدة الدولية‪:‬‬

‫تم سابقا‪ ،‬يمكن استنباط خصائصيا و ىي‪:‬‬


‫النحو ال ّذي ّ‬
‫انطالقا من تعريف المعاىدة الدولية عمى ّ‬

‫‪ - 1‬المعاىدة الدولية اتفاق يبرم بين أشخاص القانون الدولي‪:‬‬

‫ال تبرم المعاىدة الدولية إالّ بين أشخاص القانون الدولي‪ ،‬و ىي باألساس الدول و المنظمات الدولية‪ ،‬و عميو‬
‫الصعيد‬
‫أىمية معتبرة عمى ّ‬
‫ال تأخذ وصف المعاىدة الدولية االتفاقات التي تعقد بين األفراد و إن كانت ذات ّ‬
‫المؤسسات‬
‫ّ‬ ‫الدولي‪ ،‬أو تمك التي تعقد بين دولة و شخص أجنبي سواء كان طبيعيا أو معنويا كال ّشركات و‬
‫االقتصادية و المالية‪ ،‬إذ تعتبر ىذه االتفاقات من قبيل العقود الدولية‪)3(.‬‬

‫‪ - 2‬إفراغ المعاىدة الدولية في وثيقة مكتوبة‪:‬‬

‫توصل إليو األطراف بشأن المسائل المتفاوض حوليا مسبقا‪ ،‬و ال‬
‫إن الغاية من اشتراط الكتابة ىي إثبات ما ّ‬‫ّ‬
‫تتم كتابة محتوى االتفاق في وثيقة واحدة أو أكثر‪ ،‬و لذلك فالمعاىدات غير المكتوبة‪ -‬و ىذا أمر‬
‫يمزم أن ّ‬
‫نادر‪ -‬حسب المادة ‪ 03‬من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات تبقى محتفظة بقيمتيا القانونية كاممة بين أطرافيا‬
‫تستمد من إرادة ىذه األطراف ‪ ،‬ال من‬
‫ّ‬ ‫أن الحقوق و االلتزامات المترتبة عمى المعاىدة الدولية ّإنما‬‫انطالقا من ّ‬
‫كتابتيا أوعدم كتابتيا‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،169 ،168‬والء فايز اليندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ " :‬القانون الدولي العام‪ -‬المدخل و المصادر" دار العموم لمنشر و التوزيع‪ -‬عنابة ‪ ،2005‬ص‪.62‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،268‬د‪ .‬عبد الكريم بوزيد المسماري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،16‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ص‪.163 -161‬‬

‫‪26‬‬
‫الصادر سنة ‪( 1933‬تصريح‬ ‫و ىذا ما أ ّكدتو المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في قضية "غرينالند" في حكميا ّ‬
‫وزير خارجية النرويج لوزير خارجية الدانمارك بشأن سيادة دولتو عمى الجزيرة ‪ ،‬و عدم اعتراض ىذا األخير‬
‫الدانمارك)‪)1(.‬‬ ‫ّأدى إلى انعقاد معاىدة شفيية موضوعيا بسط النرويج سيادتيا عمى ىذه الجزيرة باالتفاق مع‬

‫‪ - 3‬خضوع المعاىدة ألحكام القانون الدولي‪:‬‬

‫بد أن تتّجو إرادة أطراف المعاىدة إلخضاعيا ألحكام القانون الدولي لمتمييز بين المعاىدات الحقيقية‬
‫ال ّ‬
‫واالتفاقات التي ال ترقى إلى مستوى المعاىدة‪ ،‬إذ ليس ك ّل اتفاق يبرم بين أشخاص القانون الدولي يدخل في‬
‫ثمة ألحكام القانون الدولي‪ ،‬كاالتفاق بين دولتين عمى شراء عقّار يقع في إقميم‬
‫نطاق المعاىدة و يخضع من ّ‬
‫إحداىما‪ ،‬أو تخويل إحداىما األخرى استخدام أو استغالل قطعة أرض واقعة في إقميميا‪.‬‬

‫و ىناك حاالت يفرض فييا موضوع االتفاق نفسو من حيث الخضوع ألحكام القانون الدولي‪ ،‬كاتفاقات التنازل‬
‫الصمح (تبادل األسرى)‪ ،‬و عموما فك ّل معاىدة دولية يفترض أن تتصل حكما بالقانون‬
‫عن األقاليم‪ ،‬و اتفاقات ّ‬
‫الدولي‪)2(.‬‬

‫‪ - 4‬ترتيب المعاىدة آلثار قانونية‪:‬‬

‫ألية معاىدة دولية في جممة الحقوق و االلتزامات المتبادلة بين أطرافيا‪ ،‬و تبدو أىمية‬
‫تتمثّل اآلثار القانونية ّ‬
‫الخاصية لمتفرقة بين المعاىدات الدولية بيذا الوصف ‪ ،‬و ما يعرف باتفاقات "الجنتممان"‬
‫ّ‬ ‫التأكيد عمى ىذه‬
‫تتم بين ممثمي الدول و لكن بصفاتيم ال ّشخصية ال باعتبارىم ممثّمين لدوليم‪ ،‬كالتزاميم بإتباع‬
‫أوال ّشرفاء التي ّ‬
‫معينة ‪ ،‬فميس لمثل ىذه اإلتفاقات‬
‫معينة في المستقبل‪ ،‬أو االتفاق عمى اتخاذ موقف إزاء أوضاع دولية ّ‬
‫سياسة ّ‬
‫ّأية قيمة قانونية توجب نفاذىا إالّ كممة ال ّشرف التي أبداىا ىؤالء الممثمون الذين ال يقع عمى عاتقيم في الحقيقة‬
‫إالّ التزام أدبي أو معنوي‪)3(.‬‬

‫رابعا‪ -‬أنواع المعاىدات الدولية‪:‬‬

‫تصنف المعاىدات الدولية‪:‬‬


‫تتعدد المعايير التي عمى أساسيا ّ‬
‫ّ‬

‫فمن حيث أطرافيا‪ :‬يمكن التمييز بين المعاىدات الثنائية و المعاىدات الجماعية‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،576 -574‬د‪ .‬عبد الكريم بوزيد المسماري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،22 ،21‬د‪.‬‬
‫محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.160 ،159‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،269‬د‪ .‬عبد الكريم بوزيد المسماري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،21 ،20‬د‪ .‬محمد يوسف‬
‫عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.164 ،163‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،577 ،576‬د‪ .‬عبد الكريم بوزيد المسماري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،24 ،23‬د‪.‬‬
‫محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.159 ،158‬‬

‫‪27‬‬
‫و من حيث موضوعيا‪ :‬يمكن التمييز بين المعاىدات العقدية و المعاىدات ال ّشارعة‪.‬‬

‫و من حيث شكميا و إجراءات إبراميا‪ :‬يمكن التمييز بين المعاىدات بمعناىا الدقيق و اإلتفاقات التنفيذية أو‬
‫المبسط‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ذات ال ّشكل‬

‫الخاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العامة و المعاىدات‬
‫و من حيث طبيعتيا‪ :‬يمكن التمييز بين المعاىدات ّ‬
‫قوتيا الممزمة‪ :‬يمكن التمييز بين المعاىدات بمعناىا الدقيق‪ ،‬و اتفاقات "الجنتممان" أوال ّشرفاء‪.‬‬
‫و من حيث ّ‬

‫‪ - 1‬المعاىدات الثنائية و المعاىدات الجماعية‪:‬‬

‫ينصب عمى‬
‫ّ‬ ‫المعاىدات الثنائية ىي التي تعقد بين دولتين فقط بصرف النظر عن موضوعيا‪ ،‬إذ غالبا ما‬
‫أما المعاىدات الجماعية‬
‫السياسة و االقتصاد و الثقافة و التعميم و األمن‪ّ ،...‬‬
‫التعاون و التنسيق في مجاالت ّ‬
‫أىمية واسعة عمى المستوى الدولي‪.‬‬
‫فيي تمك التي تبرم بين أكثر من دولتين‪ ،‬و تتّصل بموضوع لو ّ‬
‫و يكمن اإلختالف بين المعاىدات الثنائية و المعاىدات الجماعية في التصديق و أثر اإلنسحاب‪ :‬فالمعاىدات‬
‫أن‬
‫يتم التصديق عمى المعاىدات الجماعية باإليداع ‪ ،‬كما ّ‬ ‫يتم التصديق عمييا بتبادل الوثائق‪ ،‬في حين ّ‬ ‫الثنائية ّ‬
‫اإلنسحاب في المعاىدات الثنائية يترتّب عنو نياية المعاىدة‪ ،‬فيما ال يؤثّر عمى استم ارريتيا إذا كانت‬
‫جماعية‪)1(.‬‬

‫و من أمثمة المعاىدات الثنائية تمك التي أبرمتيا الجزائر غداة استقالليا مع ك ّل من تونس و المغرب وليبيا‬
‫حول تثبيت الحدود‪ ،‬و من أمثمة المعاىدات الجماعية اتفاقية األمم المتحدة لمجريمة المنظمة لعام ‪.2000‬‬

‫شارعة‪:‬‬
‫‪ - 2‬المعاىدات العقدية و المعاىدات ال ّ‬

‫ضيقة‬
‫مجرد إنشاء حقوق و واجبات متبادلة في إطار مصالح ّ‬
‫تكون المعاىدة عقدية إذا كان اليدف من إبراميا ّ‬
‫الصمح و التحالف و الحدود و التجارة‪ ،‬فيما تكون‬
‫و محدودة‪ ،‬و مجاليا الغالب المعاىدات الثنائية كمعاىدات ّ‬
‫سن قواعد دولية جديدة أو تقنين قواعد موجودة مسبقا في إطار مصمحة‬
‫المعاىدة شارعة إذا كان اليدف منيا ّ‬
‫دولية واسعة‪ ،‬كاتفاقيات الىاي لعامي ‪ 1899‬و ‪ ،1907‬و عيد عصبة األمم ‪ ،1919‬و ميثاق األمم المتحدة‬
‫‪ ،1945‬و اتفاقيات جنيف األربع لعام ‪.1949‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪ ،09‬د‪ .‬غازي حسن‬ ‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،52 ،51‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫صباريني مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،46 ،45‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪،‬ص‬
‫ص‪ 59 ،58‬د‪.‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،57 ،56‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.581 ،580‬‬

‫‪28‬‬
‫أما الثانية‬
‫أن األولى ال تمزم إالّ أطرافيا‪ّ ،‬‬
‫و يتجمّى الفرق بين المعاىدات العقدية و المعاىدات ال ّشارعة في ّ‬
‫يتعدى أثرىا إلى غير أطرافيا‪ ،‬كميثاق األمم المتحدة (المادة ‪)1(.)6/02‬‬
‫فيمكن أن ّ‬

‫المبسط‪:‬‬
‫ّ‬ ‫شكل‬
‫‪ - 3‬المعاىدات بالمعنى الدقيق‪ ،‬و اإلتفاقات التنفيذية أو ذات ال ّ‬

‫المعاىدات بالمعنى الدقيق ىي تمك التي يشترط فييا استيفاء ك ّل مراحل إبراميا‪ ،‬بما فييا التصديق و التسجيل‬
‫بمجرد التوقيع كآلية إلنفاذىا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المبسط فيي تمك التي يكتفى فييا‬
‫ّ‬ ‫أما المعاىدات التنفيذية أو ذات ال ّشكل‬
‫النشر‪ّ ،‬‬
‫وّ‬

‫الضرورة و االستعجال‪ ،‬و من أمثمتيا‬


‫و يعود المّجوء إلى إبرام مثل ىذا النوع من المعاىدات إلى عنصري ّ‬
‫الذرية‪ ،‬و المعاىدات‬
‫السممي لمطاقة ّ‬
‫المعاىدات القاضية باستئناف العالقات الديبموماسية‪ ،‬و تنظيم اإلستعمال ّ‬
‫الجمركية و البريدية‪)2( ...‬‬

‫الخاصة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫العامة و المعاىدات‬
‫‪ - 4‬المعاىدات ّ‬
‫العامة أو المفتوحة ىي تمك التي يكون باب العضوية فييا مفتوحا لجميع الدول دون قيد أو شرط‬
‫المعاىدات ّ‬
‫ومجاليا الغالب المعاىدات ال ّشارعة‪ ،‬و من أمثمتيا ميثاق األمم المتحدة ‪ ،1945‬اتفاقيات جنيف األربع ‪1949‬‬
‫الخاصة أو المغمقة فيي تمك التي تكون العضوية فييا حك ار‬
‫ّ‬ ‫أما المعاىدات‬
‫الدولية لحقوق اإلنسان‪ّ ،‬‬
‫االتفاقيات ّ‬
‫معينة غالبا ما تربط بينيا الجغرافيا أو أواصر تاريخية أو لغوية أو دينية أو مصالح مشتركة‪،‬‬
‫عمى دول ّ‬
‫‪ ،1945‬ميثاق منظمة الدول األمريكية‬ ‫القارية و اإلقميمية مثل ميثاق جامعة الدول العربية‬
‫كالمعاىدات ّ‬
‫العقدية‪)3(.‬‬ ‫الخاصة إلى المعاىدات‬
‫ّ‬ ‫‪ ،1948‬و يمكن أن ينصرف مدلول المعاىدات‬

‫شرفاء‪:‬‬
‫‪ - 5‬المعاىدات بالمعنى الدقيق و اتفاقات ال ّ‬

‫تقدم‪ -‬اتفاقات ذات طابع سياسي محض يعقدىا عادة ممثال دولتين بصفتيما ال ّشخصية‬ ‫اتفاقات الشرفاء – كما ّ‬
‫محدد بشأن قضية دولية‬
‫معين أو اتخاذ موقف ّ‬ ‫موضوعيا اإلفصاح عن ّنية مشتركة في اتّباع سياسة أو منيج ّ‬
‫ألنيا باألساس غير‬
‫أي أثر قانوني في حال عدم تنفيذىا ّ‬
‫ما‪ ،‬و ال تمزم ىذه اإلتفاقات دولتييما و ال ترتّب ّ‬
‫ممزمة و ىذا جوىر الفرق بينيا و بين المعاىدات بالمعنى الدقيق‪)4(.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪ ،26 ،25‬د‪ .‬محمد‬ ‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،56 ،55‬د‪ .‬عبد الكريم بوزيد المسماري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‬
‫المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،580 ،579‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،175 -173‬والء فايز اليندي‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،25‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،45‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،80-77‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ص ص ‪ ،279 ،278‬د‪ .‬عبد الكريم بوزيد المسماري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،27 ،26‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ص‪ ،573 -571‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.176 ،175‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،10 ،09‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.229 ،228‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.573‬‬

‫‪29‬‬
‫شكمية إلبرام المعاىدة الدولية (مراحل اإلبرام)‪:‬‬
‫شروط ال ّ‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ال ّ‬

‫خاصة يحتاج إلى استيفاء شكميات و إجراءات معينة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ميم‪ ،‬ذو مراسيم‬
‫تصرف قانوني دولي ّ‬ ‫المعاىدة الدولية ّ‬
‫الصياغة‪ ،‬التوقيع‪ ،‬التصديق‬
‫عدة‪ :‬المفاوضات‪ّ ،‬‬‫بد من مرورىا بمراحل ّ‬
‫فحتّى تدخل المعاىدة حيز النفاذ ال ّ‬
‫نفصل ىذه المراحل‬
‫النشر‪ ،‬و قد يتخمّل التحفظ مرحمتي التوقيع و التصديق أو يعقب األخيرة‪ ،‬و ّ‬
‫التسجيل و ّ‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫ّأوال ‪ -‬المفاوضات‪:‬‬

‫التوصل إلى اتفاق يتناول‬


‫ّ‬ ‫بأنيا تبادل وجيات النظر بين ممثمي دولتين أو أكثر قصد‬
‫تعرف المفاوضة ّ‬
‫ّ‬
‫تيم الحياة‬
‫السياسي أو العسكري أو االقتصادي ‪ ،‬و غيرىا من الجوانب التي ّ‬‫موضوعا مشتركا يتّصل بالجانب ّ‬
‫المعاصرة‪)1(.‬‬ ‫الدولية‬

‫تتم ىذه المفاوضات‪ ،‬و من ىم األشخاص المؤىمّون لمتفاوض؟‬


‫فكيف ّ‬
‫‪ - 1‬طرق أو أشكال المفاوضات‪:‬‬

‫ىيا أو بتبادل المذ ّكرات‬‫محدد يجب اتّباعو‪ ،‬فقد يكون التفاوض شف‬
‫المبدأ العام ّأنو ليس لممفاوضات شكل ّ‬
‫يتم في مقابالت شخصية أو في اجتماعات رسمية ‪ ،‬أو في مؤتمر يجمع ممثمي الدولتين أو الدول‬
‫المكتوبة‪ ،‬و ّ‬
‫المتفاوضة‪.‬‬

‫مجرد‬
‫توجييا دولة إلى دولة أخرى أو عدد من الدول‪ ،‬قد يكون موضوعيا ّ‬
‫و قد تبدأ المفاوضات عموما بدعوة ّ‬
‫معين يتخذ أساسا لمتفاوض‪ ،‬كما قد يكون موضوع الدعوة مرفقا‬
‫لقاء لتبادل وجيات النظر دون ارتباط بمشروع ّ‬
‫تتم المفاوضات عبر الطريق الديبموماسي العادي‪ ،‬و قد‬
‫بمشروع مبدئي أو نموذجي لممعاىدة المقترحة‪ ،‬لذلك قد ّ‬
‫أما المعاىدات الجماعية‬
‫تتم في المعاىدات الثنائية في إقميم أحد الطّرفين‪ ،‬أو بالتناوب‪ ،‬أو في إقميم دولة ثالثة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫تتم المفاوضات بشأنيا في إطار مؤتمر دولي أو في إطار إحدى المنظمات الدولية‪ ،‬وقد يساعد ممثّل‬ ‫فقد ّ‬
‫فنيون إذا كانت المعاىدة ذات طابع تقني أو فني‪)2(.‬‬
‫الدولة المتفاوضة خبراء و ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عمر سعد اهلل‪ " :‬دراسات في القانون الدولي المعاصر" ط ‪ ،3‬دار ىومة‪ -‬الجزائر ‪ ،2010‬ص ص ‪ ،153-103‬د‪ .‬محمد‬
‫المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،590 -587‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،61 ،60‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،12 ،11‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪ ،63 ،62‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " ص ص‬
‫ص‪ ،179 ،178‬د‪ .‬إبراىيم بن داود‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي " مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،70‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪30‬‬
‫المؤىمون لمتفاوض‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 2‬األشخاص‬

‫يحدد ال ّشخص أو الجياز ال ّذي لو صالحية التفاوض‬


‫أن القانون الداخمي لك ّل دولة ىو ال ّذي ّ‬
‫الجاري بو العمل ّ‬
‫فإن وثيقتيا المنشئة ىي التّي تتولّى ذلك‪)1(.‬‬
‫باسم ىذه األخيرة‪ ،‬و بالنسبة لممنظمات الدولية ّ‬

‫المختص بسمطة التفاوض شخصيا‬


‫ّ‬ ‫أن رئيس الدولة عموما ىو ال ّشخص‬
‫لكن الممارسات الدولية تكشف عن ّ‬‫ّ‬
‫الميمة و الخطيرة‪ ،‬فضال عن رئيس الحكومة و وزير الخارجية‪ ،‬و كذا رؤساء‬
‫ّ‬ ‫أو باإلنابة في المعاىدات‬
‫كالسفراء ‪ ،‬و الممثمون المعتمدون لدى مؤتمر دولي ‪ ،‬أو المندوبين لدى منظمة دولية أو‬
‫البعثات الديبموماسية ّ‬
‫أجيزتيا‪)2(.‬‬ ‫أحد‬

‫و يعتبر ك ّل ىؤالء األشخاص ممثمين لدوليم بحكم وظائفيم‪ ،‬ال يحتاجون إلى إبراز وثائق التفويض‪ ،‬و ىذا ما‬
‫نصت عمى‪ " :‬يعتبر األشخاص التالي بيانيم‬
‫أ ّكدتو المادة ‪ 2/07‬من إتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ‪ ،‬حيث ّ‬
‫ممثمين لدوليم بحكم وظائفيم دونما حاجة إلى إبراز وثائق تفويض‪:‬‬

‫أ – رؤساء الدول و رؤساء الحكومات و وزراء الخارجية لغرض القيام بجميع األعمال المتصمة بعقد معاىدة‪.‬‬

‫ب – رؤساء البعثات الديبموماسية لغرض اعتماد نص معاىدة بين الدولة المعتمدين منيا ‪ ،‬و الدولة المعتمدين‬
‫لدييا‪.‬‬

‫ج – الممثمون المعتمدون من دول لدى مؤتمر دولي أو لدى منظمة دولية أو أحد أجيزتيا‪ ،‬لغرض اعتماد‬
‫نص معاىدة في ذلك المؤتمر أو تمك المنظمة أو ذلك الجياز‪".‬‬

‫‪ ،‬غالبا ما‬ ‫السابقين أشخاص آخرون رفيعوا المستوى‬


‫كما يجوز أن يباشر التفاوض إضافة إلى األشخاص ّ‬
‫لكن ىؤالء‬
‫يكونون ديبموماسيين أو وزراء قطاعات مختمفة‪ ،‬إلى جانب المختصين من الفنيين و الخبراء‪ ،‬و ّ‬
‫المختصة في الدولة التي‬
‫ّ‬ ‫السمطة‬
‫يزودوا بوثيقة تفويض صادرة عن ّ‬
‫بد أن ّ‬
‫عمى خالف الطّائفة األولى ال ّ‬
‫المتكررة‬
‫ّ‬ ‫عامة ‪ ،‬إالّ إذا اتضح من ممارسات الدول أو من الظّروف و المالبسات‬
‫يمثمونيا في التفاوض كقاعدة ّ‬
‫أن دوليم كان في نيتيا تخويميم‬
‫أن ىؤالء األشخاص دأبوا عمى تمثيل دوليم بشكل اعتيادي و مألوف ‪ ،‬أو ّ‬‫ّ‬
‫صالحية تمثيميا دون شرط حصوليم عمى وثيقة التفويض‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫عمان‪ -‬األردن‬
‫‪ ،1‬دار الحامد لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬ ‫(‪ )1‬د‪ .‬رضا ىميسي‪ " :‬سمطة المنظمة الدولية في إبرام المعاىدات الدولية " ط‬
‫‪ 2013‬ص‪.143‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،277 -275‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،182 -179‬د‪ .‬مأمون‬
‫المنان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،69 ،68‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪،61‬‬
‫‪ ،62‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪31‬‬
‫نصت عميو المادة ‪ 1/07‬من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ‪ ،‬حيث‬
‫و ىذا اإلستثناء بالنسبة ليذه الطّائفة ّ‬
‫جاء فييا‪ " :‬يعتبر الشخص ممثال لدولة لغرض اعتماد نص معاىدة أو توثيقو أو لغرض التعبير عن موافقة‬
‫الدولة عمى االلتزام بمعاىدة إذا‪:‬‬

‫أ – أبرز وثيقة التفويض المناسبة أو‪:‬‬

‫ب – اتضح من ممارسات الدول المعنية أو من ظروف أخرى أنو كان في نيتيا اعتبار ذلك الشخص ممثال‬
‫لمدولة لمثل تمك األغراض و االستغناء عن وثيقة التفويض‪"...‬‬

‫المقيد إلجازة‬
‫مقيدا‪ ،‬و في ك ّل الحاالت يخضع التفويض ّ‬
‫‪ ‬و يمكن لمتفويض بعد ذلك أن يكون مطمقا أو ّ‬
‫الدولة الحقا طبقا لممادة ‪ 08‬من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ‪ ،‬حيث جاء فييا‪ " :‬أي عمل يتعمق‬
‫بعقد معاىدة يقوم بو شخص ال يعتبر بموجب المادة ‪ 7‬مأذونا لو بتمثيل دولة لذلك الغرض ال يكون لو‬
‫الحق‪)1(".‬‬ ‫أثر قانوني‪ ،‬إالّ إذا أجازتو تمك الدولة في وقت‬

‫ثانيا ‪ -‬تحرير أو صياغة المعاىدة‪:‬‬

‫المتوصل إلييا‬
‫ّ‬ ‫بد من تحرير النتائج‬
‫إذا أفضت المفاوضات إلى اتّفاق وجيات نظر األطراف المتفاوضة‪ ،‬فال ّ‬
‫في قالب مكتوب‪)2(.‬‬

‫يتم ذلك‪ ،‬و ما ىي المّغة المعتمدة بيذا الخصوص ؟‬


‫فكيف ّ‬
‫‪ - 1‬شكل المعاىدة‪:‬‬

‫أن المعاىدة الدولية تشتمل عموما عمى‪ :‬الديباجة‪ ،‬المتن‪ ،‬األحكام الختامية‪،‬‬
‫أسفرت الممارسات الدولية عمى ّ‬
‫كما قد تشتمل عمى ممحق أو أكثر‪:‬‬

‫تدرج فييا أسماء الدول المشاركة‪ ،‬أو أسماء رؤسائيا أو مفاوضييا و ألقابيم ‪ ،‬مع‬ ‫المقدمة)‪:‬‬
‫أ – الديباجة ( ّ‬
‫تضمن الديباجة – ضرورة‪ -‬أسباب‬
‫ّ‬ ‫اإلشارة إلى ّأنو قد جرى التأ ّكد من صفتيم التفاوضية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫المرجوة منيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تبني المعاىدة‪ ،‬و األىداف‬‫ودوافع ّ‬

‫ب – المتن (صمب المعاىدة)‪ :‬و تدرج فيو المسائل و األحكام المتفق حوليا‪ ،‬حيث ترد مرتّبة و متسمسمة في‬
‫أبواب و فصول‪ ،‬و فقرات مرقومة عمى شكل مو ّاد أو نصوص قانونية‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬أنظر في ذلك د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.16 ،15‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.597 ،596‬‬

‫‪32‬‬
‫تتضمن المعاىدة عادة بعض األحكام اإلجرائية ترد في نيايتيا‬
‫ّ‬ ‫ج – األحكام الختامية‪ :‬إضافة إلى ما سبق‬
‫وتتعمّق بمسائل التصديق و كيفية إتمامو و الجية المكمّفة بو‪ ،‬و شروط االنضمام لممعاىدة‪ ،‬و تاريخ بدء نفاذىا‬
‫الدول المشتركين‬
‫ومدة العمل بيا‪ ،‬و حاالت إنيائيا أو إيقاف العمل بيا‪ ،‬و طرق تعديميا‪ ،‬و توقيعات ممثمي ّ‬
‫ّ‬
‫ألي خالف محتمل‪.‬‬
‫في إبراميا حسب الترتيب األبجدي حسما ّ‬

‫تتضمن تفسي ار لبعض أحكام‬


‫ّ‬ ‫تسمى تصريحات أو بروتوكوالت‬
‫د – المالحق‪ :‬قد ترفق المعاىدة بمالحق ّ‬
‫الفنية أو التقنية‪ ،‬أو بعض الجزئيات‬
‫المعاىدة‪ ،‬أو إيضاحا لوجية نظر بعض الدول بشأنيا‪ ،‬أو بعض البيانات ّ‬
‫التفصيمية‪)1(.‬‬

‫‪ - 2‬لغة تحرير المعاىدة‪:‬‬

‫نميز بين احتمالين‪:‬‬


‫الصدد ّ‬
‫في ىذا ّ‬

‫فتحرر المعاىدة بينيا بداىة بيذه المّغة‪ ،‬مثل الدول العربية‬


‫تتحدث لغة واحدة‪ّ ،‬‬
‫أ ‪ -‬إذا كانت أطراف المعاىدة ّ‬
‫أو‬

‫الدول الفرانكوفونية‪ ،‬أو دول الكومنوالث‪.‬‬

‫نميز بين فروض ثالثة‪:‬‬


‫تتحدث لغة واحدة‪ ،‬فينا ّ‬
‫ب ‪ -‬إذا كانت أطراف المعاىدة ال ّ‬

‫‪ ‬تحرير المعاىدة بمغة ذات انتشار عالمي واسع سواء كانت لغة أحد األطراف أو لم تكن‪ ،‬مثل المّغة‬
‫اإلنجميزية‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير المعاىدة بمغات ك ّل الدول األطراف أو بعضيا‪ ،‬مع اعتبار إحدى المّغات فقط ىي المّغة‬
‫الرسمية لممعاىدة ذات األولوية عند اإلختالف في تفسير أحكاميا‪.‬‬
‫ّ‬
‫تحرير المعاىدة بمغات ك ّل الدول األطراف عمى قدم التساوي‪ ،‬و اعتبارىا جميعا لغات رسمية ليا‬ ‫‪‬‬

‫حرر ميثاق األمم المتحدة‬


‫نفس القيمة القانونية‪ ،‬و ىو الح ّل األكثر شيوعا و تداوال و طبقا لو ّ‬
‫اتفاقية "فينا"‬ ‫تبنتو بدورىا‬
‫الصينية‪ ،‬و الفرنسية)‪ ،‬و ّ‬
‫الروسية‪ ،‬و ّ‬
‫‪( 1945‬اإلسبانية‪ ،‬اإلنجميزية و ّ‬
‫لقانون المعاىدات في مادتيا ‪)2(.1/85‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪66 -64‬‬ ‫(‪ )1‬في أجزاء المعاىدة الدولية راجع د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص ص‬
‫د‪.‬محمد يوسف عموان‪ ،‬ص ص ‪ ،186 -183‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،63 ،62‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‬
‫ص ص‪ ،599 ،598‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،19 ،18‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،64 ،63‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‬
‫ص ص‪ ،598 ،597‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،18 -16‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪56‬‬
‫د‪.‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62‬‬

‫‪33‬‬
‫ثالثا ‪ -‬التوقيع عمى المعاىدة‪:‬‬

‫تم اإلتفاق عميو بشأنيا بين‬


‫مجرد تثبيت و تأكيد ما ّ‬
‫عامة عمى المعاىدة الدولية في ّ‬
‫أىمية التوقيع بصفة ّ‬
‫تكمن ّ‬
‫المعنية‪)1(.‬‬
‫ّ‬ ‫األطراف‬

‫و يطرح التساؤل تبعا لذلك عن أشكال التوقيع‪ ،‬و القيمة القانونية لو؟‬

‫‪ - 1‬أشكال التوقيع‪:‬‬

‫يتّخذ التوقيع ثالثة أشكال‪ :‬التوقيع النيائي‪ ،‬التوقيع باألحرف األولى‪ ،‬التوقيع المرىون باإلستشارة‪:‬‬

‫مخولين صالحية إبرام المعاىدات‬


‫مؤىمين و ّ‬
‫أ ‪ -‬التوقيع النيائي‪ :‬ىو اإلجراء ال ّذي يصدر من أشخاص ّ‬
‫المزودين بوثائق‬
‫ّ‬ ‫الدولية نيابة عن دولتيم‪ ،‬كرئيس الدولة‪ ،‬رئيس الحكومة‪ ،‬وزير الخارجية‪ ،‬أو األشخاص‬
‫تردد لمدولة بالموافقة‬
‫ألنو يعكس موقفا مبدئيا دون ّ‬
‫يعد ىذا النوع من التوقيع نيائيا ّ‬
‫تفويض تتيح ليم ذلك‪ ،‬و ّ‬
‫عمى المعاىدة مؤقّتا‪)2(.‬‬

‫مجرد تسجيل حضور‬ ‫ألن دوره يقتصر عمى ّ‬ ‫األول‪ّ ،‬‬


‫ب ‪ -‬التوقيع باألحرف األولى‪ :‬ىو إجراء أضعف من ّ‬
‫أي موقف ال بقبول المعاىدة مبدئيا و ال رفضيا‪،‬‬
‫ممثّل الدولة المعني باألحرف األولى من اسمو و ال يعكس ّ‬
‫خاصة‪ ،‬كأن تعقد مثال صالحية التوقيع النيائي عمى المعاىدة تبعا‬ ‫ّ‬ ‫ويمجأ إلى ىذا ال ّشكل من التوقيع لضرورات‬
‫ألىميتيا أو خطورتيا إلى أشخاص أو سمطة أخرى في الدولة أعمى من سمطة الممثل الموقّع باألحرف األولى‪.‬‬
‫و بذلك يحتاج ىذا ال ّشكل من التوقيع إلنتاج أثره بالموافقة المبدئية إلى استكمالو بتوقيع نيائي كقاعدة‪ ،‬إالّ إذا‬
‫النيائي‪)3(.‬‬ ‫اتفقت الدول المتفاوضة منذ البداية عمى إعطائو أثر التوقيع‬

‫و ذلك ما ّبينتو المادة ‪ -2 /12‬أ من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ‪ ،‬حيث جاء فييا‪ ..." :‬يشكل إمضاء‬
‫النص باألحرف األولى توقيعا لممعاىدة إذا ثبت أن الدول المتفاوضة قد اتفقت عمى ذلك‪"...‬‬

‫ج ‪ -‬التوقيع المرىون باالستشارة‪ :‬في ىذا ال ّشكل من التوقيع قد ترى الدولة ّأنيا بحاجة إلى مزيد من الوقت‬
‫لمتفكير في المعاىدة و دراستيا تقدي ار لمدى مالءمتيا لمصمحتيا‪ ،‬فتمجأ إلى وضع قيد عمى سمطة مفاوضيا في‬
‫التوقيع عمييا‪ ،‬يتمثل في ضرورة استشارتيا الحقا الستطالع موقفيا من ىذه المعاىدة‪ ،‬و ال يترتّب ليذا التوقيع‬
‫أثر التوقيع النيائي إالّ إذا أجازتو الدولة الحقا‪)4(.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،64 ،63‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.187 ،186‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،20‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.599‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪34‬‬
‫وضحتو المادة ‪ -2 /12‬ب من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ‪ ،‬حيث جاء فييا‪..." :‬يش ّكل توقيع‬ ‫ذلك ما ّ‬
‫الممثل لممعاىدة توقيعا مرىونا باالستشارة إذا أجازتو الدولة توقيعا كامال لممعاىدة‪."...‬‬

‫األول بعدم صالحية ممثل‬


‫يبرر ّ‬ ‫و في ىذا يختمف التوقيع باألحرف األولى عن التوقيع المرىون باإلستشارة‪ ،‬إذ ّ‬
‫تسرع الدولة‬
‫يبرر الثاني بعدم ّ‬
‫الدولة لمتوقيع و يحتاج تبعا لذلك إلى توقيع نيائي يباشر همن ىو أىل لو‪ ،‬فيما ّ‬
‫وأخذىا وقتا لمتفكير‪ ،‬و ال يحتاج ليكون توقيعا نيائيا إالّ لمجرد إجازة الحقة منيا (قبول مبدئي لممعاىدة)‬

‫‪ - 2‬القيمة القانونية لمتوقيع‪:‬‬

‫مجرد موافقة مبدئية و مؤقتة لممعاىدة الدولية ال يمزم في ذاتو الدولة‬


‫أن التوقيع ّ‬
‫تقدم‪ّ -‬‬
‫المبدأ العام – كما ّ‬
‫الصدد‪،‬‬
‫معينة أن ترفض المعاىدة و ال مسؤولية قانونية عمييا في ىذا ّ‬ ‫مدة ّ‬
‫الموقّعة في شيء‪ ،‬حيث يمكنيا بعد ّ‬
‫التصديق‪)1(.‬‬ ‫بد أن تستكمل توقيعيا النيائي عمييا بإجراء آخر ىو‬
‫فحتّى تمتزم الدولة حقيقة بالمعاىدة ال ّ‬

‫حد ذاتو ممزما‬


‫و لكن استثناء من ىذا المبدأ العام و خالفا لو ‪ ،‬ىناك حاالت تجعل التوقيع النيائي وحده و في ّ‬
‫لمدولة التي باشرتو‪ ،‬و تتمثل ىذه الحاالت طبقا لممادة ‪ 1 /12‬من اتفاقية " فينا" لقانون المعاىدات في ‪:‬‬

‫نصت المعاىدة ذاتيا عمى أن يكون التوقيع وحده كافيا إللزام الدولة دون الحاجة لتصديقيا‪.‬‬
‫أ – إذا ّ‬

‫ب – إذا اتفقت الدول المتفاوضة عمى أن يكون التوقيع وحده كافيا إللزام الدولة دون الحاجة لتصديقيا‪.‬‬

‫قررت الدولة بمفردىا و بإرادتيا أن تمزم نفسيا بالمعاىدة عن طريق التوقيع وحده‪ ،‬و ىذا وقت‬
‫ج – إذا ّ‬
‫المفاوضات أو في وثيقة تفويض ممثميا‪)2(.‬‬

‫رابعا ‪ -‬التحفظ عمى المعاىدات الدولية‪:‬‬

‫أن ىذه األخيرة قد‬


‫أن الدولة لدى موافقتيا عمى المعاىدة الدولية تمتزم بكافة أحكاميا‪ ،‬إالّ ّ‬
‫إذا كان األصل ّ‬
‫تستبعد بعض ىذه األحكام من نطاق االلتزام بيا أو تعطييا معنى غير ذلك المقصود في المعاىدة ذاتيا‪ ،‬و قد‬
‫التصرف‪)3(.‬‬
‫ّ‬ ‫استقر الفقو و الممارسة الدوليان عمى إطالق مصطمح "التحفظ" عمى ىذا‬
‫ّ‬
‫لذلك سنتناول تعريف التحفظ و مدى مشروعيتو‪ ،‬قبولو و االعتراض عميو‪ ،‬آثاره‪ ،‬سحبو وسحب االعتراض‬
‫عميو‪ ،‬إجراءات التحفظ و قبولو و سحبو و االعتراض عميو و سحب االعتراض عميو‪:‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،190 -188‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ )2‬في شرح المادة أنظر د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.191 ،190‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.235 ،234‬‬

‫‪35‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪ - 1‬تعريف التحفظ و مدى مشروعيتو‪:‬‬

‫عرفت المادة ‪ 1/02‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات التحفظ كما يمي ‪ ":‬يراد بتعبير (التحفظ) إعالن من‬
‫ّ‬
‫تقرىا أو‬
‫تصدقيا أو تقبميا أو ّ‬
‫جانب واحد ّأيا كانت صيغتو أو تسميتو تصدره دولة ما حين توقع معاىدة أو ّ‬
‫تنضم إلييا مستيدفة بو استبعاد أو تغيير األثر القانوني لبعض أحكام المعاىدة في تطبيقيا عمى تمك الدولة‪".‬‬

‫أن التحفظ يتخذ شكمين ىما‪ :‬التحفظ االستبعادي‪ ،‬و التحفظ التفسيري‪:‬‬
‫يتبين ّ‬
‫من ىذا التعريف ّ‬

‫أ ‪ -‬التحفظ االستبعادي‪ :‬ىو ذلك التصرف الذي تستبعد بموجبو الدولة بعض أحكام المعاىدة من التطبيق في‬
‫مواجيتيا‪ ،‬حيث توقع أو تصادق عمى ج ّل أحكام المعاىدة ما عدا تمك المتحفظ عمييا من قبميا‪.‬‬

‫ب ‪ -‬التحفظ التفسيري‪ :‬في ىذا النوع من التحفظ الدولة ال تمغي أحكام المعاىدة مح ّل تحفظيا من التطبيق‬
‫الخاصة عمى خالف التفسير الذي أعطتو ليا أطرافيا‬
‫ّ‬ ‫في مواجيتيا‪ ،‬و إنما تكتفي بتفسيرىا من وجية نظرىا‬
‫ذاتيا‪)2(.‬‬ ‫مع اإلبقاء عمى ىذه األحكام كما ىي في المعاىدة‬

‫مشروعية التحفظ فينبغي التفرقة بصدده بين المعاىدات الثنائية و المعاىدات‬ ‫يخص‬
‫ّ‬ ‫أما فيما‬
‫‪ّ ‬‬
‫الجماعية‪:‬‬

‫أي مشكمة عمى اإلطالق‪ ،‬فيو‬


‫أ – في المعاىدات الثنائية‪ :‬في ىذا النوع من المعاىدات ال يطرح التحفظ ّ‬
‫جائز سواء سمحت بو المعاىدة أو لم تسمح‪ ،‬باعتباره إيجابا جديدا أو اقتراحا بالتعديل يتوقف مصيره و مصير‬
‫المعاىدة كك ّل عمى موقف الطرف الثاني منو‪ ،‬ففي حال قبولو تظير إلى الوجود معاىدة جديدة بناء عميو‪ ،‬و‬
‫في حال رفضو تنيار المعاىدة و تنتيي‪.‬‬

‫لمرأي االستشاري لمحكمة العدل الدولية‬


‫أما في ىذا النوع من المعاىدات فطبقا ّ‬ ‫ب – في المعاىدات الجماعية‪ّ :‬‬
‫الصادر في ‪ 1950/11/06‬بشأن إمكانية التحفظ عمى االتفاقية الدولية لقمع جريمة اإلبادة الجماعية و‬ ‫ّ‬
‫غرضيا‪)3(.‬‬ ‫المعاقبة عمييا لعام ‪ 1948‬يعتبر التحفظ جائ از شريطة أالّ يتعارض مع موضوع المعاىدة أو‬

‫أما المادة ‪ 19‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات فقد أجازت التحفظ في ثالث حاالت ىي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬ما لم تمنعو المعاىدة صراحة‪.‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬في تعريف التحفظ و مشروعيتو و وقت إبدائو أنظر د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،294 -292‬د‪ .‬محمد المجذوب‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،611 -609‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،22 ،21‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،299 -295‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،76 -74‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو‬
‫الخير‪ ،‬ص ص‪ ،24 ،23‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.141‬‬

‫‪36‬‬
‫تنص عمى تحفظات ليس من بينيا التحفظ ال ّذي أبدتو الدولة المعنية‪.‬‬
‫‪ -‬ما لم ّ‬

‫غرضيا‪)1(.‬‬ ‫‪ -‬ما لم يناف موضوع المعاىدة و‬

‫‪ - 2‬قبول التحفظ و االعتراض عميو‪:‬‬

‫أن التحفظ ال ّذي تسمح بو المعاىدة صراحة ال‬


‫حسب المادة ‪ 20‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات فاألصل ّ‬
‫يحتاج إلى قبول من أطرافيا حتّى يكون نافذا إالّ في الحالتين اآلتيتين‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إذا كانت المعاىدة محدودة العدد بحيث يؤثر تحفظ أو انسحاب طرف من أطرافيا عمى موضوعيا أو‬
‫أن تطبيق ك ّل أحكاميا دون استثناء بينيا جميعا ىو‬
‫خاصة إذا اشترطت ىذه األطراف منذ البداية ّ‬
‫ّ‬ ‫ىدفيا‪،‬‬
‫أساس التزاميا بيا‪ ،‬و لذلك فاعتراض دولة واحدة عمى التحفظ في مثل ىذه الحالة يجعمو باطال أو غير نافذ‪.‬‬

‫فييا‪)2(.‬‬ ‫ب – ال يعتبر التحفظ صحيحا في المعاىدات المنشئة لمنظمة دولية إالّ بموافقة الجياز المختص‬

‫‪ - 3‬آثار التحفظ‪:‬‬

‫فإنو ينتج آثاره القانونية فور قبولو من دولة‬


‫تم التحفظ صحيحا و طبقا ألحكام المعاىدة في ك ّل الحاالت‪ّ ،‬‬‫إذا ّ‬
‫‪ 21‬من اتفاقية فينا فالتحفظ يجعل أحكام‬ ‫الدول أطراف المعاىدة‪ ،‬و طبقا لممادة‬
‫واحدة عمى األق ّل من ّ‬
‫المعاىدة‪:‬‬

‫أ – سارية بين الدولة المتحفظة و تمك التي قبمت تحفظيا ما عدا األحكام مح ّل التحفّظ‪.‬‬

‫بقية الدول األخرى (القابمة لمتحفظ‬


‫تستمر المعاىدة سارية بكافة أحكاميا و بصورة طبيعية بين ّ‬
‫ّ‬ ‫ب–‬
‫والمعترضة عميو)‪.‬‬

‫ج – ال تسري أحكام المعاىدة كك ّل بين الدولة المتحفظة و الدول التي اعترضت صراحة عمى تحفظيا‬
‫فقط‪)3(.‬‬

‫‪ ‬و بالتالي فالتحفظ يضعنا أمام ثالثة أنواع من العالقات‪:‬‬

‫تعتبر الدولة المتحفظة طرفا في المعاىدة‬ ‫أ – في العالقة بين الدولة المتحفظة و الدول التي قبمت التحفظ‪:‬‬
‫فقط‪)4(.‬‬ ‫مع الدول التي قبمت تحفظيا باستثناء األحكام مح ّل التحفظ‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.142‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،244 -242‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،71 ،70‬د‪ .‬مصطفى‬
‫أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.301 ،300‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،244‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬

‫‪37‬‬
‫تعتبر الدولة المتحفظة طرفا‬ ‫ب– في العالقة بين الدولة المتحفظة و الدول التي اعترضت عمى تحفظيا‪:‬‬
‫تعبر الدولة المعترضة صراحة و بصورة‬
‫أيضا في المعاىدة مع الدول التي اعترضت عمى تحفظيا ما لم ّ‬
‫قاطعة عن ىذا االعتراض ‪ ،‬و عن نيتيا في أالّ تصبح طرفا في المعاىدة مع الدولة المتحفظة خالل ‪ 12‬شي ار‬
‫من تاريخ إخطارىا بالتحفظ ‪ ،‬أو من تاريخ تصديقيا أو انضماميا إلى المعاىدة‪ ،‬و بمفيوم المخالفة فإذا أ ّكدت‬
‫المتحفظة‪)1(.‬‬ ‫الدولة المعترضة اعتراضيا ال تعتبر ىذه األخيرة طرفا في المعاىدة مع الدولة‬

‫ج ‪ -‬في العالقة بين بقية الدول القابمة لمتحفظ و المعترضة عميو‪ :‬ال يؤثّر التحفظ عمى عالقات ىذه الدول‬
‫طبيعية‪)2(.‬‬ ‫تستمر المعاىدة سارية بكافة أحكاميا بينيا و بصورة‬
‫ّ‬ ‫بشأن تنفيذ المعاىدة إذ ال شأن ليا بو‪ ،‬حيث‬

‫‪ - 4‬سحب التحفظ و سحب االعتراض عميو‪:‬‬

‫أي وقت شاءت‬‫حسب المادة ‪ 22‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات يمكن لمدولة المتحفظة سحب تحفظيا في ّ‬
‫السحب نافذا إالّ إذا أخطرت بو أطراف المعاىدة‪ ،‬و ينتج عن سحب التحفظ في ىذه الحالة‬
‫و ال يعتبر ىذا ّ‬
‫‪ ،‬بما فييا تمك التي‬ ‫عودة سريان كافة أحكام المعاىدة بين الدولة ساحبة التحفظ و بقية أطراف المعاىدة‬
‫سابقا‪)3(.‬‬ ‫اعترضت عمى التحفظ‬

‫و من جية أخرى و حسب المادة ‪ 22‬أعاله دائما‪ ،‬يمكن لمدولة المعترضة عمى التحفظ سحب اعتراضيا في‬
‫أي وقت شاءت‪ ،‬و ال يكون ىذا السحب نافذا إالّ إذا أخطرت بو الدولة المتحفظة‪ ،‬و ينتج عن سحب‬
‫ّ‬
‫االعتراض عمى التحفظ في ىذه الحالة سريان أحكام المعاىدة بين الدولة ساحبة االعتراض عمى التحفظ و‬
‫الدولة المتحفظة ما عدا األحكام مح ّل التحفظ‪.‬‬

‫‪ - 5‬إجراءات التحفظ و قبولو و سحبو‪ ،‬و االعتراض عميو و سحب االعتراض عميو ‪:‬‬

‫سجمتيا المادة ‪ 23‬من اتفاقية فينا‬


‫أما بشأن اإلجراءات التي تحكم عممية التحفظ و االعتراض عميو ‪ ،‬فقد ّ‬
‫ّ‬
‫لقانون المعاىدات‪ ،‬و ىي‪:‬‬

‫المعاىدة‪)4(.‬‬ ‫يقدم التحفظ‪ ،‬و قبولو‪ ،‬و االعتراض عميو بصورة خطّية‪ ،‬مع إخطار أطراف‬
‫أ– ّ‬

‫‪ ،‬و يعتبر نافذا من لحظة تأكيده ال‬ ‫بد أن يؤ ّكد أثناء التصديق‬
‫ب – إذا أبدي التحفظ أثناء التوقيع‪ ،‬فال ّ‬
‫إبدائو‪)5(.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،245 ،244‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.244‬‬
‫(‪ )3‬شرحا أنظر د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.612‬‬
‫(‪ )4‬شرحا أنظر د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.240‬‬
‫(‪ )5‬شرحا أنظر د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.240 ،239‬‬

‫‪38‬‬
‫التصديق‪)1(.‬‬ ‫المقدمان أثناء التوقيع إلى تأكيدىما أثناء‬
‫ج – ال يحتاج قبول التحفظ و االعتراض عميو ّ‬

‫يقدما بصورة خطّية‪.‬‬


‫د – سحب التحفّظ و سحب االعتراض عميو يجب أن ّ‬

‫خامس‪ -‬التصديق أو المصادقة عمى المعاىدة الدولية‪:‬‬


‫ا‬

‫المختصة في الدولة بالموافقة عمى‬


‫ّ‬ ‫السمطات الداخمية‬
‫التصديق باعتباره إجراء الحقا عمى التوقيع ىو إقرار ّ‬
‫االلتزام بأحكام المعاىدة بصورة نيائية‪ ،‬و ىكذا يضفي التصديق عمى المعاىدة قيمة قانونية تتأ ّكد بمقتضاىا‬
‫مواجيتيا‪)2(.‬‬ ‫إرادة الدولة بشأنيا‪ ،‬و تدخميا حيز النفاذ في‬

‫المختصة في الدولة بإجرائو‪ ،‬و ال ّشكل‬


‫ّ‬ ‫السمطة‬
‫بطبيعتو القانونية‪ ،‬و ّ‬ ‫عدة إشكاالت تتعمّق‬
‫و يطرح التصديق ّ‬
‫الدولة في إجرائو‪ ،‬و آثاره ‪ ،‬و عدم رجعيتو‪ ،‬و نتناوليا تباعا عمى النحو‬ ‫حرية‬
‫يتم وفقو‪ ،‬و مدى ّ‬‫الذي ينبغي أن ّ‬
‫اآلتي ‪:‬‬

‫المختصة بإجرائو‪:‬‬
‫ّ‬ ‫السمطة‬
‫‪ - 1‬الطبيعة القانونية لمتصديق‪ ،‬و ّ‬

‫المختصة بو‪:‬‬
‫ّ‬ ‫السمطة‬
‫و نعالج عمى حدة كالّ من طبيعة التصديق‪ ،‬و ّ‬

‫أ‪ -‬الطبيعة القانونية لمتصديق‪:‬‬

‫ميمة تتمثل في ‪:‬‬


‫يعود اشتراط التصديق عمى المعاىدة الدولية العتبارات ّ‬
‫منح الدولة فرصة كافية لدراسة المعاىدة و تقدير مدى مالءمتيا لمصمحتيا قبل اإلقدام عمى‬ ‫‪‬‬

‫بسيولة‪)3(.‬‬ ‫اإلرتباط النيائي بيا‪ ،‬حيث ال يجوز ليا بعده التحمّل منيا‬
‫ألن في تصديقيا ما يعتبر تنازال أو إجازة‬
‫استكمال نقص أىمية ممثل الدولة المتفاوض و تصحيحيا‪ّ ،‬‬ ‫‪‬‬

‫لتصرف ممثّيا خارج حدود تفويضو‪)4(.‬‬


‫ّ‬ ‫منيا‬
‫‪ ‬تمكين البرلمان في األنظمة الديمقراطية باعتباره ممثّال لم ّشعب ‪ ،‬و مدافعا عن مصمحتو من المشاركة‬
‫الدولة‪)5(.‬‬ ‫في دراسة المعاىدة و تقرير ما يراه من خالليا في صالح‬

‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،193 ،192‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،281‬د‪ .‬محمد المجذوب‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.600‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،49‬د‪.‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،194‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،615‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،194‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.133‬‬

‫‪39‬‬
‫يعد التصديق عمى المعاىدة الدولية إجراء ضروريا إلدخاليا حيز النفاذ و ترتيبيا لكافة آثارىا القانونية‬
‫و بيذا ّ‬
‫المصدقة عمييا‪ ،‬و قد استوجبتو اتفاقيات دولية عديدة‪ ،‬منيا بروتوكول برلين ‪ ،1878‬معاىدة‬ ‫ّ‬ ‫في مواجية الدول‬
‫الصادر سنة‬
‫ىافانا ‪ ،1928‬باإلضافة إلى التحكيم و القضاء الدوليين من خالل قرار محكمة التحكيم الدائمة ّ‬
‫الصادر في ‪.1929‬‬
‫‪ ،1905‬و حكم المحكمة الدائمة لمعدل الدولي ّ‬

‫دعمت القيمة القانونية لمتصديق بعض الممارسات الدولية‪ ،‬يتعمّق األمر مثال بقرار مجمس العصبة لعام‬ ‫كما ّ‬
‫‪ 1936‬برفض المساعدة المالية التي طمبتيا الحبشة (إثيوبيا حاليا) إثر اعتداء إيطاليا عمييا بسبب توقيعيا‬
‫غير المستكمل بتصديقيا عمى المعاىدة المتعمقة بمنح المساعدات المالية لمدول المعتدى عمييا المبرمة عام‬
‫الرعايا األمريكيين المطموب من الواليات المتحدة األمريكية لعدم تصديق‬
‫‪ .1930‬و رفض اليونان تسميم أحد ّ‬
‫اليونان بعد عمى اتفاقية تسميم المجرمين الموقّعة بين الدولتين دون تصديق في مارس ‪)1(.1931‬‬

‫حيز النفاذ و إلزاميتيا ألطرافيا التي استكممت‬


‫و تأكيدا لمقيمة القانونية لمتصديق كإجراء حاسم إلدخال المعاىدة ّ‬
‫نصت عميو اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات في المادة ‪ 14‬منيا‪ ،‬حيث جاء فييا‪:‬‬ ‫ىذا اإلجراء‪ ،‬فقد ّ‬

‫" ‪ -1‬موافقة الدولة عمى االلتزام بمعاىدة ما يعبر عنيا بالتصديق متى‪:‬‬

‫نصت المعاىدة عمى أن يتم التعبير عن تمك الموافقة بالتصديق أو‪:‬‬


‫أ– ّ‬

‫أن الدول المتفاوضة قد اتفقت عمى اقتضاء التصديق أو‪:‬‬


‫ب – ثبت بطريقة أخرى ّ‬

‫ج – وقّع ممثل الدولة المعاىدة مع جعميا مرىونة بالتصديق أو‪:‬‬

‫تم التعبير‬
‫د – ثبتت نية الدولة في توقيع المعاىدة مع جعميا مرىونة بالتصديق من وثيقة تفويض ممثميا أو ّ‬
‫عنيا أثناء المفاوضات‪.‬‬

‫‪ – 2‬موافقة الدولة عمى االلتزام بمعاىدة ما يعبر عنيا بالقبول أو باإلقرار في أحوال مماثمة لألحوال التي‬
‫تنطبق عمى التصديق‪".‬‬

‫السمطة المختصة بإجراء التصديق في الدولة‪:‬‬


‫ب‪ّ -‬‬

‫أن ما جرى‬
‫يقرره دستور ىذه األخيرة‪ ،‬غير ّ‬
‫المختصة بالتصديق عمى المعاىدة داخل ك ّل دولة أمر ّ‬
‫ّ‬ ‫السمطة‬
‫إن ّ‬‫ّ‬
‫الصدد‪)2( :‬‬
‫بو العمل ىو وجود ثالث طرق في ىذا ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الكريم عموان‪ " :‬الوسيط في القانون الدولي العام‪ -‬الكتاب الثاني " مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 269‬و ما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ )2‬أنظر في ىذه الطرق بصفة عامة د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.68 -65‬‬

‫‪40‬‬
‫و ىي الصورة المألوفة في الممكيات القديمة‬ ‫لمسمطة التنفيذية وحدىا‪:‬‬
‫‪ -‬عقد االختصاص بالتصديق ّ‬
‫واألنظمة ال ّشمولية أو الديكتاتورية‪ ،‬حيث يباشر اإلمبراطور أو الممك أو رئيس الدولة بمفرده عممية التصديق‬
‫عمى المعاىدة دون العودة إلى ّأية جية أخرى في الدولة‪ ،‬و ذلك ما كان عميو األمر بالنسبة لفرنسا في عيد‬
‫اإلمبراطورية الثالثة‪ ،‬و اليابان حتى عام ‪ ،1946‬و إيطاليا ّإبان العيد الفاشي ( ‪ ،)1943 -1922‬و ألمانيا‬
‫لكن ىذه الطريقة بدأت في التراجع و االختفاء لتزايد انتشار‬
‫أثناء العيد النازي اليتمري ( ‪ ،)1945 -1923‬و ّ‬
‫يخص بعض دول العالم الثالث‪ ،‬فقد‬ ‫ّ‬ ‫النظم الديمقراطية و اعتبارات حقوق اإلنسان في العالم مع التحفّظ فيما‬
‫المؤسس عمى ال ّشرعية‬
‫ّ‬ ‫‪ 1965‬إلى ‪ 1976‬بسبب الفراغ الدستوري‬ ‫مورست ىذه الطّريقة في الجزائر من‬
‫الثورية‪)1(.‬‬

‫لمسمطة التشريعية وحدىا‪ :‬اتّبعت ىذه الطّريقة في أنظمة حكومة الجمعية‬


‫‪ -‬عقد االختصاص بالتصديق ّ‬
‫السوفياتي (سابقا) من خالل دستور‬
‫أوما يطمق عميو بالنظام المجمسي‪ ،‬و ذلك ما كان عميو األمر في اإلتحاد ّ‬
‫‪ ،1923‬و دستور ‪( 1977‬المادة ‪ ،)6/121‬و في تركيا من خالل دستور ‪ ،1924‬و بعض دول أوربا ال ّشرقية‬
‫(سابقا)‪)2(.‬‬ ‫من خالل دساتير‪ :‬بمغاريا‪ ،‬رومانيا‪ ،‬يوغسالفيا‬
‫و ىي الطّريقة المتبعة اليوم في‬ ‫السمطتين التنفيذية و التشريعية‪:‬‬
‫‪ -‬توزيع االختصاص بالتصديق بين ّ‬
‫السمطة التشريعية ذات المجمس الواحد أو المجمسين‬
‫معظم دول العالم‪ ،‬و مقتضاىا عودة رئيس الدولة إلى ّ‬
‫لمحصول عمى موافقتيا عمى المعاىدة المزمع تصديقيا‪ ،‬و في ىذا اإلتجاه سار مثال دستور الواليات المتحدة‬
‫‪( 1971‬المادة‬ ‫األمريكية (المادة ‪ ،)2/02‬الدستور الفرنسي لعام ‪ ،1958‬الدستور المصري (الممغى) لعام‬
‫‪ ،)151‬الدستور المغربي (الفصل ‪ ،)31‬و رئيس الدولة في ك ّل ىذه الدساتير ليس ممزما بموافقة البرلمان إالّ‬
‫أىمية أو خطورة بالغتين بالنسبة لدولتو‪)3(.‬‬
‫بالنسبة لممعاىدات التي تمثل ّ‬
‫‪ 1963‬الذي جعل مشاركة البرلمان في‬ ‫و الدساتير الجزائرية عموما لم تش ّذ عن ىذا النيج باستثناء دستور‬
‫نصت المادة ‪ 42‬منو عمى ّأنو ‪ " :‬يقوم رئيس الجميورية بعد استشارة‬ ‫التصديق استشارية الغير‪ ،‬حيث ّ‬
‫المجمس الوطني بإمضاء المعاىدات و اإلتفاقيات و المواثيق الدولية و بالمصادقة عمييا‪ ،‬و العمل عمى‬
‫تنفيذىا‪".‬‬

‫الميمة‬
‫ّ‬ ‫تمك‬ ‫أما بقية الدساتير فقد جعمت موافقة البرلمان حك ار عمى بعض المعاىدات دون األخرى و ىي‬
‫ّ‬
‫تتم مصادقة رئيس الجميورية عمى المعاىدات‬
‫نصت المادة ‪ 158‬من دستور ‪ 1976‬عمى أن‪ّ ":‬‬ ‫أوالخطيرة‪ ،‬فقد ّ‬
‫تعدل محتوى القانون بعد الموافقة الصريحة عمييا من المجمس ال ّشعبي الوطني‪".‬‬
‫السياسية‪ ،‬و المعاىدات التي ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،604‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،38‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،604‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ص‪.198 ، 197‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،99‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪-604‬‬
‫‪ 607‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،38 ،37‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.201 -198‬‬

‫‪41‬‬
‫اتفاقيات اليدنة‬ ‫نصت المادة ‪ 122‬من دستور ‪ 1989‬عمى أن ‪ " :‬يصادق رئيس الجميورية عمى‬ ‫و ّ‬
‫السمم و التحالف و اإلتحاد و المعاىدات المتعمّقة بحدود الدولة و المعاىدات المتعمقة بقانون‬
‫ومعاىدات ّ‬
‫بعد أن يوافق عمييا المجمس‬ ‫األشخاص والمعاىدات التي تترتّب عمييا نفقات غير واردة في ميزانية الدولة‬
‫النص الذي ورد في دستور ‪ 1996‬في المادة ‪ ،131‬و اإلضافة الوحيدة‬ ‫ّ‬ ‫ال ّشعبي الوطني صراحة‪ " .‬و ىو ذات‬
‫‪ 1996‬قد أخذ بازدواجية البرلمان الجزائري‬ ‫أن دستور‬
‫تتعمّق بموافقة غرفتي البرلمان معا‪ ،‬عمى اعتبار ّ‬
‫(المجمس الشعبي الوطني ‪ +‬مجمس األمة ) ‪ ،‬و بقي النص نفسو في المادة ‪ 149‬من التعديل الدستوري لعام‬
‫‪ 2016‬مع إضافة االتفاقات الثنائية أو المتعددة األطراف المتعمقة بمناطق التبادل الحر و الشراكة و التكامل‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫‪ - 2‬شكل التصديق‪ ،‬و إشكالية التصديق الناقص‪:‬‬

‫ثم إشكالية التصديق الناقص‪:‬‬


‫و سنعالج ك ّل مسألة عمى حدة ‪ :‬شكل التصديق‪ّ ،‬‬
‫يتم التصديق عادة في صورة وثيقة مكتوبة يفصح فييا رئيس الدولة باعتباره صاحب‬ ‫أ ‪ -‬شكل التصديق‪ّ :‬‬
‫المعنية فييا عن قبولو المعاىدة‪ ،‬متعيّدا بالعمل عمى تنفيذىا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سمطة إبرام المعاىدات الدولية بعد موافقة الجية‬

‫و حتّى يحدث التصديق أثره يجب أن تعمم بو ك ّل أطراف المعاىدة‪ ،‬و يتحقّق ذلك تبعا لما إذا كانت ىذه‬
‫األخيرة ثنائية أو جماعية‪:‬‬

‫الصكوك في جمسة رسمية تجمع عادة وزير خارجية الدولة التي يجري‬‫يتم تبادل ّ‬ ‫‪ -‬ففي المعاىدات الثنائية ّ‬
‫يحرر بشأنو محضر رسمي من نسختين‬ ‫التصديق في عاصمتيا و سفير الدولة الثانية المعتمد لدى األولى‪ ،‬و ّ‬
‫عميو توقيع ممثمي الدولتين ليتبادل بينيما‪.‬‬

‫يتم التصديق باإليداع‪ ،‬و يعني أن تودع (تسمم) أطراف المعاىدة وثائق‬
‫‪ -‬و في المعاىدات الجماعية ّ‬
‫تحددىا المعاىدة نفسيا‪ ،‬و تشمل العممية ك ّل طرف من أطراف‬
‫معينة ّ‬
‫الخاصة بيا لدى حكومة دولة ّ‬
‫ّ‬ ‫تصديقيا‬
‫حرر بروتوكول بذلك و أخطرت بو ك ّل أطرافيا‪.‬‬
‫حصل العدد الكافي لنفاذىا ّ‬
‫المعاىدة تباعا‪ ،‬حتّى إذا ّ‬

‫العامة‪ ،‬و يقوم‬


‫يخص المعاىدة المبرمة في إطار منظّمة دولية‪ ،‬فتودع وثائق التصديق لدى أمانتيا ّ‬ ‫ّ‬ ‫و فيما‬
‫حيز النفاذ‪.‬‬
‫أمينيا العام بإخطار أطرافيا بالتصديقات التي تسمّميا‪ ،‬و ما إذا كانت كافية لدخول المعاىدة ّ‬

‫المختصة بتمقّي التصديقات إلى الدولة‬


‫ّ‬ ‫يتم إثبات اإليداع بمحضر رسمي تسمّمو الجية‬
‫و في ك ّل األحوال ّ‬
‫سجمتيا المادة ‪ 16‬من‬
‫بقية أطراف المعاىدة بنسخة من ىذا التصديق‪ ،‬و ك ّل ىذه الخطوات ّ‬
‫المودعة و إخطار ّ‬
‫المعاىدات‪)1(.‬‬ ‫اتفاقية "فينا" لقانون‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،601 ،600‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،138 ،137‬د‪ .‬غازي‬
‫حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪42‬‬
‫تم تبادل التصديقات أو إيداعيا أصبح لممعاىدة وجود قانوني يمقي عمى عاتق أطرافيا التزاما بعدم‬‫و ىكذا إذا ّ‬
‫إن ىذا االلتزام قد يقع حتّى قبل التصديق في حاالت‬
‫حيز التنفيذ‪ ،‬بل ّ‬
‫يتم دخوليا ّ‬
‫تعطيل أو عرقمة نفاذىا ريثما ّ‬
‫نصت عمى ّأنو‪ " :‬تكون الدولة ممزمة‬
‫معينة‪ ،‬و ىذا وفقا لممادة ‪ 18‬من اتفاقية "فينا " لقانون المعاىدات التي ّ‬
‫ّ‬
‫باالمتناع عن إتيان أعمال من شأنيا تعطيل موضوع معاىدة ما و ىدفيا متى‪:‬‬

‫تكون المعاىدة مع جعميا مرىونة بالتصديق أو القبول أو اإلقرار ما‬


‫أ – وقعت المعاىدة أو تبادلت صكوكا ّ‬
‫دامت لم تظير عزميا عمى أن ال تصبح طرفا في المعاىدة أو‪:‬‬

‫يتأخر بدء ىذا النفاذ دون‬


‫عبرت عن موافقتيا عمى االلتزام بالمعاىدة ريثما يبدأ نفاذ المعاىدة و بشرط أالّ ّ‬
‫ب– ّ‬
‫مسوغ‪)1( ".‬‬
‫ّ‬
‫فإنيا تمتزم أثناء القيام بو كمبدأ عام‬
‫حرة في اإلقدام عمى التصديق أو العدول عنو‪ّ ،‬‬
‫‪ ‬و إذا كانت الدولة ّ‬
‫حددتيا المادة‬
‫بأن تباشره دون قيد أو شرط ‪ ،‬أو اختيار أو مفاضمة بين أحكام المعاىدة إالّ في حاالت ّ‬
‫‪ 17‬من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات و ىي‪:‬‬

‫أ – إذا أجازت المعاىدة ذلك‪.‬‬

‫ب – إذا وافقت عمى ذلك الدول أطراف المعاىدة‪.‬‬

‫معينة فقط تكون قد‬


‫ج – ال يكون اإلختيار أو المفاضمة ألحد أحكام المعاىدة دون األخرى إالّ بالنسبة ألحكام ّ‬
‫حددتيا المعاىدة ذاتيا بوضوح‪)2(.‬‬
‫ّ‬

‫ب ‪ -‬إشكالية التصديق الناقص‪ :‬إذا كان يفترض في التصديق أن يكون غالبا صحيحا أي باحترام اإلجراءات‬
‫الدستورية في ك ّل دولة‪ ،‬فيفترض كذلك أالّ يكون عمى ىذا النحو في الحالة التي يتجاوز فييا مثال رئيس الدولة‬
‫المعنية الدستور و ال يراعي اشتراطات العودة إلى البرلمان‪ ،‬و من ىنا يطرح التساؤل حول القيمة القانونية ليذا‬
‫التصديق ال ّذي اصطمح عميو الفقو بالتصديق الناقص‪.‬‬

‫تصديا ليذا اإلشكال وجدت ثالثة آراء‪:‬‬


‫ّ‬

‫األول‪ :‬يعتبر ىذا التصديق صحيحا و منتجا آلثاره القانونية من الوجية الدولية استنادا إلى اعتبارين‬
‫الرأي ّ‬
‫ّ‬
‫أساسيين‪ ،‬ىما استقرار العالقات الدولية من جية‪ ،‬و عدم التدخل في الشؤون الداخمية لمدول من جية‬
‫أخرى‪)3(.‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬شرحا أنظر د‪ .‬إبراىيم بن داود‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي " مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.76 ،75‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،79‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.616‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،69‬د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،50‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫ص‪ ،135‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.203‬‬

‫‪43‬‬
‫‪)1(.‬‬ ‫الرأي الثاني‪ :‬يعتبر ىذا النوع من التصديق باطال استنادا لنظرية تجاوز اإلختصاص‬
‫ّ‬
‫لما يعتبر ىذا التصديق باطال في نظر القانون الداخمي‬
‫السابقين ّ‬
‫الرأي الثالث‪ :‬يحاول التوفيق بين الرأيين ّ‬
‫ّ‬
‫وصحيحا في نظر القانون الدولي استنادا إلى فكرة األوضاع الظاىرة و حماية الدول حسنة النية‪ ،‬و قد سايرت‬
‫قررت المبدأ العام في ىذا‬
‫الرأي من خالل المادتين ‪ 46‬و ‪ 47‬حين ّ‬ ‫اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ىذا ّ‬
‫الخصوص‪ ،‬و ىو عدم اإلحتجاج بالتصديق الناقص لمتحمّل من أحكام المعاىدة إالّ إذا كان التصديق قد حدث‬
‫فسرت القاعدة الجوىرية عمى ّأنيا‬
‫بخرق ّبين ألحكام القانون الداخمي‪ ،‬و متّصل بقاعدة جوىرية فيو‪ ،‬و قد ّ‬
‫القاعدة الدستورية دون تمك العادية‪)2(.‬‬

‫حرية الدولة في التصديق‪:‬‬


‫‪ - 3‬مدى ّ‬
‫الحرية بعد ذلك في التصديق عمييا‬
‫بأن لمدولة الموقّعة عمى معاىدة ما مطمق ّ‬
‫يفيد واقع العالقات الدولية ّ‬
‫أواإلمتناع عنو(‪ ،)3‬و يرتّب ذلك نتيجتين أساسيتين‪:‬‬

‫الزمن بينو و بين توقيعيا عمى‬


‫النتيجة األولى‪ :‬لمدولة اختيار الوقت الذي تراه مناسبا لمتصديق ميما طال ّ‬
‫المعاىدة (‪ ،)4‬و من األمثمة التاريخية التي تؤ ّكد ىذا المبدأ‪:‬‬

‫‪)5(.1950‬‬ ‫أ – تصديق فرنسا عمى اإلتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان عام ‪ 1973‬بعد توقيعيا عمييا في عام‬

‫‪ 1992‬بعد توقيعيا عمييا عام‬ ‫ب – تصديق المممكة المغربية عمى معاىدة الحدود بينيا و بين الجزائر عام‬
‫‪.1972‬‬

‫‪)6(.1982‬‬ ‫ج – تصديق الجزائر عمى اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار عام ‪ 1996‬بعد توقيعيا عمييا عام‬

‫تحمل الدولة لممسؤولية الدولية في حال امتناعيا عن التصديق عمى معاىدة سبق ليا‬
‫النتيجة الثانية‪ :‬عدم ّ‬
‫بأن ‪ " :‬من يمتنع عن استخدام سمطتو التقديرية ال يعتبر مسؤوال في‬
‫التوقيع عمييا استنادا إلى المبدأ القاضي ّ‬
‫نظر القانون " (‪ ،)7‬و من األمثمة التاريخية التي تؤكد ىذا المبدأ‪:‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،51 ،50‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،101 ،100‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ص‪.101 ،100‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،98‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.615‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.195‬‬
‫(‪ )6‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،196 ،195‬د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ 1919‬بعد‬ ‫أ – امتناع الواليات المتحدة األمريكية عن التصديق عمى معاىدة فرساي المنشئة لعصبة األمم‬
‫توقيعيا عمييا في ىذا التاريخ‪ ،‬و تعتبر الواليات المتحدة األمريكية من أكثر الدول امتناعا عن التصديق عمى‬
‫منيا‪)1(.‬‬ ‫تصدق إالّ عمى ‪700‬‬
‫المعاىدات الدولية‪ ،‬فمن بين ‪ 900‬معاىدة وقّعتيا من ‪ 1789‬إلى ‪ 1939‬لم ّ‬

‫‪15‬‬ ‫ب – امتناع العراق عن التصديق عمى معاىدة التحالف بينو و بين بريطانيا الموقّعة من الجانبين في‬
‫جانفي ‪)2(.1945‬‬

‫‪ - 4‬األثر القانوني لمتصديق و عدم رجعيتو‪:‬‬

‫ثم عدم رجعية التصديق‪:‬‬


‫و نتناول عمى حدة األثر القانوني لمتصديق‪ّ ،‬‬
‫أ ‪ -‬األثر القانوني لمتصديق‪:‬‬

‫تحددىما المعاىدة ذاتيا أو اتفاق‬


‫بإتمام عممية التصديق يبدأ نفاذ المعاىدة وفق الكيفية و في التاريخ الذين ّ‬
‫النص و اإلتفاق يبدأ نفاذىا تمقائيا باكتمال تصديقات جميع أطرافيا‬
‫ّ‬ ‫أطرافيا‪ ،‬و في حالة غياب ك ّل من‬
‫المتفاوضة‪)3(.‬‬

‫قررتو المادة ‪ 24‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات بفقرتييا ‪ 1‬و ‪ 2‬حيث جاء فييما ما يمي‪:‬‬
‫و ذلك ما ّ‬

‫"‪ -1‬يبدأ نفاذ معاىدة ما بالكيفية و في التاريخ الذين تنص عمييما المعاىدة أو طبقا لما تتفق عميو الدول‬
‫المتفاوضة‪.‬‬

‫‪ – 2‬في حالة عدم وجود مثل ىذا النص أو االتفاق يبدأ نفاذ المعاىدة فور ثبوت الموافقة عمى االلتزام بالنسبة‬
‫إلى جميع الدول المتفاوضة‪".‬‬

‫و عمى أطراف المعاىدة بعد ذلك أن تنفذىا بحسن ّنية طبقا لممادة ‪ 26‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات‬
‫أن‪ " :‬ك ّل معاىدة نافذة تمزم أطرافيا و يجب أن ينفذىا األطراف بحسن ّنية‪".‬‬
‫نصت عمى ّ‬
‫التّي ّ‬

‫كما يقع عمى عاتق أطراف المعاىدة بعد التصديق عمييا التزام بعدم التحمّل منيا تحت ذريعة مخالفتيا ألحكام‬
‫عامة‪ ،‬إالّ إذا كانت ىذه المخالفة ّبينة و متّصمة بقاعدة جوىرية في قانونيا الداخمي‪.‬‬
‫قانونيا الداخمي بصفة ّ‬
‫ألي طرف أن‬
‫بنصيا عمى ّأنو‪ " :‬ال يجوز ّ‬ ‫ّ‬ ‫قررتو المادة ‪ 27‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات‬ ‫و ذلك ما ّ‬
‫يستظير بأحكام قانونو الداخمي لتبرير عدم تنفيذ معاىدة ما‪ ،‬و ليس في ىذه المعاىدة ما يخ ّل بالمادة ‪".46‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.616 ،615‬‬


‫الدولي العام " منشأة المعارف‪ -‬اإلسكندرية ‪ ،1975‬ص‪.473‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عمي صادق أبو ىيف‪ " :‬القانون ّ‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،210-207‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.98 ،97‬‬

‫‪45‬‬
‫قررت االستثناء نجدىا تنص عمى ّأنو‪ - 1 " :‬ال يجوز لمدولة أن تستظير‬ ‫و بالرجوع إلى المادة ‪ 46‬التي ّ‬
‫تم عمى وجو ينطوي عمى خرق لحكم من أحكام‬ ‫أن التعبير عن موافقتيا عمى االلتزام بمعاىدة ما قد ّ‬
‫بكون ّ‬
‫كمبرر إلبطال موافقتيا تمك ‪ ،‬ما لم يكن ىذا الخرق ّبينا و‬
‫قانونيا الداخمي يتعمق باالختصاص بعقد المعاىدات ّ‬
‫متصال بقاعدة ذات أىمية أساسية من قواعد قانونيا الداخمي‪.‬‬

‫وبنية‬
‫ّ‬ ‫تتصرف في األمر طبقا لمممارسات المعتادة‬
‫ّ‬ ‫ألية دولة‬
‫‪ –2‬يكون الخرق بينا إذا اتضح موضوعيا ّ‬
‫حسنة‪)1( ".‬‬

‫ب ‪ -‬عدم رجعية التصديق‪:‬‬

‫تد لحكم‬
‫المتقدمة عدم رجعيتيا (عدم رجعية التصديق عمييا)‪ ،‬حيث ال تر ّ‬
‫ّ‬ ‫يترتّب عن نفاذ المعاىدة بالكيفية‬
‫قررتو‬
‫عامة‪ ،‬و ىذا ما ّ‬
‫تمت بين أطرافيا قبل تصديق ىذه األخيرة عمييا كقاعدة ّ‬ ‫التصرفات التي ّ‬
‫ّ‬ ‫الوقائع و‬
‫أي عمل حدث أو واقعة‬ ‫أي طرف بشأن ّ‬ ‫بنصيا عمى‪ " :‬ال تمزم أحكام المعاىدة ّ‬
‫ّ‬ ‫المادة ‪ 28‬من اتفاقية فينا‬
‫حدثت أو حالة توقفت عن الوجود قبل تاريخ بدء نفاذ المعاىدة عمى ىذا الطرف‪ ،‬ما لم يتبين من المعاىدة أو‬
‫يثبت بطريقة أخرى قصد مغاير لذلك‪".‬‬

‫و بالنسبة لطرف بعينو من أطراف المعاىدة فيبدأ نفاذ ىذه األخيرة في مواجيتو من تاريخ تصديقو عمييا‪،‬‬
‫وىذا باستثناء األحكام الختامية (اإلجرائية) التي تنظّم توثيق نصوصيا و كيفيات التصديق عمييا و تاريخ‬
‫بالضرورة قبل بدء نفاذىا‪ ،‬و التي‬
‫ّ‬ ‫نفاذىا والتحفّظات عمييا و وظائف الوديع و غير ذلك من األمور التي تنشأ‬
‫قررتو المادة ‪ 3،4 /24‬من اتفاقية فينا ‪ ،‬حيث جاء في‬ ‫تنطبق من وقت اعتماد نصوصيا‪ ،‬وذلك تماما ما ّ‬
‫الفقرتين ‪ 3‬و‪ 4‬من ما يمي‪ – 3..." :‬حين تثبت موافقة دولة ما عمى االلتزام بمعاىدة في تاريخ الحق لبدء نفاذ‬
‫المعاىدة‪ ،‬يبدأ نفاذ المعاىدة عمى ىذه الدولة في ىذا التاريخ ما لم تنص المعاىدة عمى خالف ذلك‪.‬‬

‫‪ – 4‬أحكام المعاىدة التي تنظم توثيق نصوصيا و إثبات موافقة الدول عمى االلتزام بيا‪ ،‬و كيفية أو تاريخ بدء‬
‫نفاذىا‪ ،‬و التحفظات عمييا‪ ،‬و وظائف الوديع‪ ،‬و غير ذلك من األمور التي تنشأ بالضرورة قبل بدء نفاذىا‬
‫نصيا‪".‬‬
‫تنطبق اعتبا ار من وقت اعتماد ّ‬

‫سادس‪ -‬تسجيل المعاىدات الدولية و نشرىا‪:‬‬


‫ا‬

‫السابقة من حياة المعاىدة الدولية‪ ،‬لذلك سنتناول ‪ :‬تعريف التسجيل‬


‫أىمية عن المراحل ّ‬
‫ال تق ّل ىذه المرحمة ّ‬
‫النشر عمى المستوى الدولي‪ ،‬نشر المعاىدة عمى المستوى الداخمي‪.‬‬‫النشر و الحكمة منيما‪ ،‬التسجيل و ّ‬
‫و ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬شرحا أنظر د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.101‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ - 1‬تعريف التسجيل و ال ّنشر و الحكمة منيما‪:‬‬

‫النشر إجراء مزدوج مقتضاه إيداع الدول األطراف في المعاىدة صورة منيا لدى جياز دولي‬
‫التسجيل و ّ‬
‫معد ليذا‬
‫خاص ّ‬‫ّ‬ ‫مختص عادة ما يكون أمانة منظمة دولية أو إقميمية ‪ ،‬قصد تمكينو من توثيقيا في سج ّل‬
‫ّ‬
‫معاىدات‪)1(.‬‬ ‫مدونات تشتمل عمى كافة ما تبرمو الدول من‬
‫مدونة أو مجموعة ّ‬
‫ثم نشرىا في ّ‬
‫الغرض ّ‬
‫النشر في تحقيق ىدفين‪:‬‬
‫و تتجمّى الحكمة من التسجيل و ّ‬

‫السرية و ما تمثمّو من خطر عمى استقرار العالقات الدولية‪.‬‬


‫ىدف سياسي‪ :‬و يتمثل في محاربة المعاىدات ّ‬
‫معينة لتسييل العودة إلييا من‬
‫مدونات ّ‬ ‫مدونة أو ّ‬
‫ىدف فني أو تقني‪ :‬و يتمثّل في جمع المعاىدات الدولية في ّ‬
‫الساسة و القانونيين‪ ،‬و حتّى القضاء و التحكيم الدوليين‪)2(.‬‬
‫قبل أعضاء المجتمع الدولي و ّ‬

‫‪ - 2‬تسجيل و نشر المعاىدة عمى المستوى الدولي‪:‬‬

‫فنصت عمى‬‫استوجبت المادة ‪ 18‬من عيد العصبة ‪ 1919‬تسجيل و نشر المعاىدات التي تعقد بين أعضائيا‪ّ ،‬‬
‫يسجل فو ار بواسطة األمانة‬
‫أن ‪" :‬ك ّل معاىدة أو اتفاق دولي يعقده في المستقبل أحد أعضاء العصبة يجب أن ّ‬
‫ّ‬
‫أي من ىذه المعاىدات أو اإلتفاقيات الدولية ممزما قبل‬
‫العامة‪ ،‬و أن تقوم بنشره في أقرب فرصة‪ ،‬و ال يعتبر ّ‬
‫ّ‬
‫تسجيمو‪".‬‬

‫النص قامت أمانة العصبة خالل الفترة الممتدة من ‪ 1920‬إلى ‪ 1945‬بتسجيل ‪ 4834‬معاىدة‬
‫ّ‬ ‫و تطبيقا ليذا‬
‫ونشرىا في ‪ 205‬مجمدا‪)3(.‬‬

‫تبنتو المادة ‪ 102‬من‬


‫الصعيد الدولي‪ ،‬فقد ّ‬
‫و اعتبا ار لما حققو نظام تسجيل المعاىدات و نشرىا من فوائد عمى ّ‬
‫أي عضو من أعضاء‬ ‫أن ‪ -1 " :‬ك ّل معاىدة أو اتفاق دولي يعقده ّ‬
‫بنصيا عمى ّ‬
‫ميثاق األمم المتحدة ‪ّ 1945‬‬
‫يسجل في أمانة الييئة و أن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن‪.‬‬
‫األمم المتّحدة بعد العمل بيذا الميثاق يجب أن ّ‬

‫يتمسك بتمك‬
‫يسجل وفقا لمفقرة األولى من ىذه المادة أن ّ‬
‫ألي طرف في معاىدة أو اتفاق دولي لم ّ‬ ‫‪ -2‬ليس ّ‬
‫أي فرع من فروع األمم المتّحدة‪".‬‬
‫المعاىدة أو ذلك اإلتفاق أمام ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،77 ،76‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،620 ،619‬و في إجراءات تسجيل‬
‫المعاىدة الدولية تحديدا أنظر د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.145 ،144‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،619‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،211‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫ص ص‪.144 ،143‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.212 ،211‬‬

‫‪47‬‬
‫نصت المادة ‪ 17‬من ميثاق جامعة الدول العربية ‪ 1945‬عمى ضرورة إيداع دوليا نسخة من المعاىدات‬ ‫كما ّ‬
‫واإلتفاقيات التي تعقدىا مع دولة من دول الجامعة أو غيرىا‪ ،‬و لم تغفل اتفاقية فينا لقانون المعاىدات مسألة‬
‫‪)1(.80‬‬ ‫تسجيل و نشر المعاىدة الدولية فتناولتيا في مادتيا‬

‫‪ - 3‬نشر المعاىدة عمى المستوى الداخمي‪:‬‬

‫معظم دساتير دول العالم و قوانينيا تقضي بنشر المعاىدات الدولية المصادق عمييا بالطّريق الداخمي طبقا‬
‫قوة القانون الداخمي من جية‪ ،‬و حتّى‬
‫تقررىا ىذه الدساتير و القوانين حتّى تكون ليا ّ‬
‫لألوضاع و ال ّشروط التي ّ‬
‫حد سواء من جية أخرى‪ ،‬و من ىذه الدساتير الدستور‬‫يمكن االحتجاج بيا في مواجية الدولة و األفراد عمى ّ‬
‫الفرنسي لعام ‪( 1958‬المادة ‪ ،)55‬الدستور المصري (الممغى) لعام ‪( 1971‬المادة ‪.)151‬‬

‫نصا يقضي بذلك بخالف المراسيم المتعمّقة بصالحيات و ازرة الخارجي ة ‪ ،‬منيا‬
‫و ال نجد في الدساتير الجزائرية ّ‬
‫المرسوم ‪ 359 -90‬المؤرخ في ‪ 1990/11/10‬في المادة ‪ 10‬منو‪ ،‬و األمر ‪ 01 -05‬المؤرخ في‬
‫‪ 2005/02/27‬المعدل و المتمم لألمر ‪ 86 -70‬المؤرخ في ‪ 1970/12/15‬المتضمن قانون الجنسية في‬
‫المادة ‪ 01‬منو‪ ،‬و قرار المجمس الدستوري رقم ‪ 01‬المؤرخ في ‪ 1989/08/20‬المتعمق بمدى دستورية قانون‬
‫االنتخابات‪.‬‬

‫شروط الموضوعية إلبرام المعاىدة الدولية (شروط صحة المعاىدة)‪:‬‬


‫الفرع الثالث‪ :‬ال ّ‬

‫الرضا و مشروعية محمّيا‪ ،‬واذا‬‫لصحتيا األىمية و ّ‬


‫ّ‬ ‫زيادة عمى ال ّشروط الشكمية أو مراحل إبرام المعاىدة يشترط‬
‫تخمّف أحد ىذه ال ّشروط باتت المعاىدة باطمة أو قابمة لإلبطال بحسب طبيعة ال ّشرط المتخمّف‪.‬‬

‫أوال‪ -‬أىمية إبرام المعاىدة الدولية‪:‬‬

‫السيادة‪ ،‬و المنظمات الدولية‪ ،‬و الكيانات األخرى (الفاتيكان‬


‫يتعمّق األمر ىنا بمدى أىمية ك ّل من الدول ناقصة ّ‬
‫التحرر‪ ،‬الحكومات الفعمية و حكومات المنفى‪ ،‬القبائل)‪:‬‬
‫ّ‬ ‫حركات‬

‫‪ - 1‬الدول ناقصة السيادة‪:‬‬

‫و ىي نوعان‪ :‬الدول التابعة‪ ،‬و الدول الداخمة في اتحاد فيديرالي‪:‬‬

‫و ىي تمك الموضوعة تحت الحماية أو اإلنتداب أو الوصاية‪ ،‬و يجمع الفقو بشأن‬ ‫أ ‪ -‬الدول التابعة‪:‬‬
‫بأنيا ليست باطمة و ّإنما قابمة لإلبطال‪.‬‬
‫المعاىدات التي تبرميا ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،213‬و في الجزاء المترتب عن عدم تسجيل المعاىدة الدولية أنظر د‪ .‬عادل أحمد‬
‫الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.145‬‬

‫‪48‬‬
‫إذ يتوقف األمر عمى إرادة الدولة المتبوعة باعتبارىا صاحبة الوالية عمى ال ّشؤون الخارجية لمدولة الواقعة تحت‬
‫سمطتيا‪ ،‬فميا إبطال المعاىدة التي أبرمتيا الدولة التابعة ليا أو إقرارىا و اإلبقاء عمييا‪ ،‬و لم يعد ليذه الوضعية‬
‫المستعمرة‪)1(.‬‬ ‫بتحرر ج ّل الدول‬
‫وجود اآلن ّ‬
‫ىنا يعود األمر إلى دساتير الدول الفيديرالية ذاتيا‬ ‫ب ‪ -‬الدول أو الدويالت األعضاء في اتحاد فيديرالي‪:‬‬
‫‪ 10‬من الدستور‬ ‫قيدت المادة‬
‫فمنيا ما تمنح لدويالتيا أىمية إبرام المعاىدات و منيا ما ترفض ذلك‪ ،‬فقد ّ‬
‫نص الدستور السويسري‬
‫األمريكي مثال أىمية الواليات األمريكية إلبرام المعاىدات الدولية بموافقة الكونغرس‪ ،‬و ّ‬
‫خص اثنتين من جميورياتو فقط بأىمية إبرام المعاىدات‬
‫السوفياتي (سابقا) فقد ّ‬
‫أما الدستور ّ‬‫عمى حكم مماثل‪ّ ،‬‬
‫الدولية‪ ،‬وىما روسيا البيضاء و أوكرانيا‪)2(.‬‬

‫‪ - 2‬المنظمات الدولية‪:‬‬

‫تممك المنظمات الدولية أىمية إبرام المعاىدات الدولية‪ ،‬و لكن في إطار نشاطيا أي في حدود اختصاصاتيا‪،‬‬
‫باألساس‪)3(.‬‬ ‫ألن شخصيتيا القانونية ىي شخصية وظيفية‬
‫ّ‬

‫‪ - 3‬الكيانات األخرى التي ليس ليا وصف الدولة‪:‬‬

‫التحرر‪ ،‬الحكومات الفعمية و حكومات المنفى‪ ،‬القبائل‪:‬‬


‫ّ‬ ‫و ىي الفاتيكان‪ ،‬حركات‬

‫أ ‪ -‬الفاتيكان‪ :‬خصوصية الوضع القانوني لمفاتيكان ال يتيح لو عموما أىمية إبرام المعاىدات الدولية‪ ،‬إالّ‬
‫الكاثوليكية‪)4(.‬‬ ‫الدينية منيا أي تمك المتعمقة بإدارة شؤون الكنيسة‬

‫ضيقة تتعمّق بطبيعة نشاطيا‬


‫ب ‪ -‬حركات التحرر‪ :‬ليذه الحركات أىمية إبرام المعاىدات الدولية في حدود ّ‬
‫النضالي‪ ،‬مثل "اتفاقية إيفيان" بين جبية التحرير الوطني الجزائرية و الحكومة الفرنسية عام ‪ ،1961‬و "اتفاقية‬
‫‪ ،1970‬و "اتفاقية‬ ‫‪ 1969‬و بينيا و بين األردن عام‬ ‫التسوية" بين منظمة التحرير الفمسطينية و لبنان عام‬
‫عام ‪)5(.1991‬‬ ‫الصييوني‬
‫مدريد" لمسالم بينيا و بين الكيان ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،55‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫‪ ،85‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬إبراىيم بن داود‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي" مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪.273 ،272‬‬
‫‪ ،85‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫(‪ )3‬د‪ .‬إبراىيم بن داود‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي" مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪.147‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.223 -219‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬عمي إبراىيم‪ " :‬الوسيط في المعاىدات الدولية‪ -‬اإلبرام" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1995‬ص ‪ 449‬و ما بعدىا‪ ،‬د‪ .‬عمي‬
‫زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬

‫‪49‬‬
‫ج ‪ -‬الحكومات الفعمية و حكومات المنفى‪ :‬بتوافر ّأية حكومة عمى شروط الحكومة الفعمية قانونا يمكنيا إبرام‬
‫ضد الحكومة‬
‫أىميا ‪ :‬أن تكون الحكومة مسمّحة و تقوم بعمميات عسكرية واسعة النطاق ّ‬‫المعاىدات الدولية و ّ‬
‫مؤيدة بأغمبية شعبية كاسحة‪ ،‬أن تكون مسيطرة عمى جزء من إقميم الدولة‪ ،‬أن تمقى اعترافا‬
‫النظامية‪ ،‬أن تكون ّ‬
‫من بعض دول العالم‪)1(.‬‬

‫كما يمكن لحكومات المنفى كذلك أن تبرم المعاىدات الدولية استنادا إلى ّأنيا الحكومات ال ّشرعية التي كانت‬
‫مقر‬
‫أن حكومات المنفى األوربية التي اتخذت من لندن ّا‬ ‫تعرضيا لإلحتالل األجنبي‪ ،‬و المثال ّ‬
‫تمثل دوليا قبل ّ‬
‫الثانية‪)2(.‬‬ ‫ليا قد كانت طرفا في اتفاقية لندن المنيية لمحرب العالمية‬

‫المستقرة‬
‫ّ‬ ‫د ‪ -‬القبائل‪ :‬يقتصر األمر ىنا عمى تمك الجماعات التي تسكن أقاليم متمتّعة بالحكم الذاتي‪ ،‬أو تمك‬
‫معين‪ ،‬و تدخل في معامالت‬ ‫معينة و تحكم نفسيا بنفسيا في إطار تنظيم سياسي و قانوني ّ‬ ‫عمى رقعة جغرافية ّ‬
‫بالسيادة و اإلستقالل‪ ،‬و تبعا‬
‫مع غيرىا من الوحدات المشابية أو حتّى الدول عمى أساس اإلعتراف المتبادل ّ‬
‫الراجح يخوليا أىمية إبرام المعاىدات الدولية‪)3(.‬‬
‫المقومات فالفقو ّ‬
‫ّ‬ ‫لذلك وبتوافر ىذه ّ‬
‫الرضا‪:‬‬
‫ثانيا ‪ّ -‬‬
‫أن اإلرادة ال تكون سميمة في التعبير عن‬
‫يتماثل الوضعان الداخمي و الدولي بخصوص ىذا ال ّشرط‪ ،‬من حيث ّ‬
‫حرة بأالّ يكون‬
‫حرة‪ ،‬حقيقية بأن تكون خالية من العيوب كالغمط و التدليس‪ ،‬و ّ‬
‫الرضا إالّ إذا كانت حقيقية و ّ‬
‫ّ‬
‫تم تحت الضغط كاإلكراه‪.‬‬
‫التعبير عنيا قد ّ‬
‫الرضا في المواد من ‪ 48‬إلى ‪ ،53‬و نناقشيا تباعا‪:‬‬
‫تبنت اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عيوب ّ‬
‫و قد ّ‬

‫‪ - 1‬الغمط (الخطأ)‪:‬‬

‫بأن اعتقادىا‬
‫معينة تدفعيا لالرتباط بالمعاىدة دون أن تعمم ّ‬
‫و ىو اعتقاد الدولة خطأ بوجود حالة أو وضعية ّ‬
‫بأنيا ترتبط بمعاىدة سياسية فإذا ىي عسكرية‪ ،‬أو تعتقد ّأنيا قادرة عمى‬
‫كان خاطئا أساسا‪ ،‬كأن تعتقد الدولة ّ‬
‫إمكانياتيا‪)4(.‬‬ ‫المنجرة عن المعاىدة فإذا ىي تتجاوز طاقتيا و‬
‫ّ‬ ‫تحمل االلتزامات‬
‫ّ‬
‫يتم إالّ بشروط ىي‪:‬‬
‫لكن إعمالو ال ّ‬
‫الرضا في المادة ‪ ،48‬و ّ‬
‫نصت اتفاقية فينا عمى الغمط كعيب من عيوب ّ‬
‫ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،259‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.260‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬حامد سمطان‪ " :‬أحكام القانون الدولي في الشريعة اإلسالمية " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1986‬ص ص‪.175 ،174‬‬
‫(‪ )4‬في ىذا العيب من عيوب الرضا أنظر د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،84 ،83‬د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ص‪ ،58 -56‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.148‬‬
‫‪DOUBOUI (L) : « L’erreur en droit international public » A.F.D.I, 1993, pp191-227.‬‬

‫‪50‬‬
‫أ – أن يكون الغمط جوىريا أي متعمّقا بموضوع أو بطبيعة المعاىدة‪.‬‬

‫ب‪-‬أالّ تسيم الدولة ضحية الغمط بسموكيا ذاتو في وقوعو‪.‬‬

‫ج – أالّ تستطيع الدولة مسبقا من خالل ظروف و مالبسات التعاقد تقدير احتمال وقوعيا في الخطأ‪ ،‬و أالّ‬
‫يقع تنبيييا إليو‪.‬‬

‫د – أن يكون الغمط في الوقائع ال في القانون طبقا لقاعدة "ال عذر بجيل القانون"‪.‬‬

‫بأن الخطأ المادي (المتعمّق بتوثيق نصوص المعاىدة) ال يعتبر خطأ في مفيوم‬
‫و تجدر اإلشارة في ىذا المقام ّ‬
‫ألنو يمكن تصحيحو‪.‬‬
‫المادة ‪ّ 48‬‬

‫الغش‪:‬‬
‫‪ - 2‬التدليس أو ّ‬

‫يتبين الفرق‬
‫معينة بقصد إيقاع شخص من أشخاص القانون الدولي في الغمط‪ ،‬و من ىنا ّ‬ ‫ىو استعمال حيمة ّ‬
‫توىم الدول لواقعة تخالف الحقيقة و تدفعيا لمتعاقد‪ ،‬بينما الثاني ىو إييام‬
‫فاألول ىو ّ‬
‫بين الغمط و التدليس‪ّ ،‬‬
‫الغش يقع دون إرادتيا أو بإرادة‬
‫الدولة بيذه الواقعة من طرف دولة أخرى‪ ،‬و ىكذا فالغمط يقع بإرادة الدولة بينما ّ‬
‫نصت المادة ‪ 49‬من‬ ‫بأن ‪ " :‬الغش يفسد كل شيء " فقد ّ‬ ‫دولة أخرى‪ ،‬و استنادا إلى المبدأ الفقيي القائل ّ‬
‫اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عمى التدليس بقوليا ‪ " :‬إذا حممت دولة ما عمى عقد معاىدة نتيجة لسموك‬
‫كمبرر إلبطال موافقتيا عمى اإللتزام‬
‫تدليسي لدولة متفاوضة أخرى‪ ،‬يجوز لمدولة أن تستظير بوقوع التدليس ّ‬
‫بالمعاىدة‪)1( ".‬‬

‫ذمة ممثل الدولة‪:‬‬


‫‪ - 3‬إفساد ّ‬
‫تجاوبا مع الواقع الذي أفرزتو العالقات الدولية غير المتكافئة استحدثت اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عيبا‬
‫ذمة ممثّل الدولة‪ ،‬و المقصود بو التأثير غير المشروع عمى إرادة ممثّل‬ ‫الرضا و ىو إفساد ّ‬ ‫جديدا من عيوب ّ‬
‫الدولة بمختمف وسائل اإلغراء المادية و المعنوية إلبرام المعاىدة‪ ،‬كتقديم اليدايا المالية و العينية عمى سبيل‬
‫تم الحصول عمى‬ ‫فنصت المادة ‪ 50‬منيا عمى ّأنو ‪ " :‬إذا ّ‬ ‫الرشوة أودفعو لإلنغماس في المم ّذات ال ّشخصية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة‪،‬‬ ‫ذمة ممثّميا ّ‬
‫التعبير عن موافقة دولة متفاوضة أخرى عن طريق إفساد ّ‬
‫كمبرر إلبطال موافقتيا عمى اإللتزام بالمعاىدة‪)2( ".‬‬
‫الذمة ىذا ّ‬
‫يجوز لمدولة أن تستظير بوقوع إفساد ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬في ىذا العيب أنظر د‪ .‬إبراىيم محمد العناني‪" :‬القانون الدولي العام" دار الفكر العربي‪ -‬القاىرة ‪ ،1990‬ص‪ ،262‬د‪ .‬إبراىيم بن‬
‫داود‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي" مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،88‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،84‬د‪.‬عادل أحمد الطائي‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.149‬‬
‫(‪ )2‬في ىذا العيب أنظر د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،59 ،58‬د‪.‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،85‬د‪ .‬عادل‬
‫أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.149‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ - 4‬اإلكراه‪:‬‬

‫مادي أو معنوي تمارسيا دولة طرف في معاىدة ما عمى دولة أخرى ىي‬ ‫اإلكراه عموما ىنا ىو وسيمة ضغط ّ‬
‫بدورىا طرف في نفس المعاىدة‪ ،‬أو عمى ممثّميا لحمميا ىي أو ممثّميا عمى إبرام المعاىدة المعنية‪)1(.‬‬

‫الدولة ذاتيا‪:‬‬
‫الصدد بين اإلكراه الواقع عمى ممثّل الدولة‪ ،‬و اإلكراه الواقع عمى ّ‬
‫نميز في ىذا ّ‬
‫لذلك ّ‬

‫مادي أو معنوي عمى شخص ممثّل الدولة لدفعو‬ ‫أ ‪ -‬اإلكراه الواقع عمى ممثّل الدولة‪ :‬و ىو ممارسة ضغط ّ‬
‫تجسد ىذا النوع من اإلكراه واقعيا إرغام امبراطور كوريا عمى إبرام‬
‫إلى إبرام المعاىدة‪ ،‬و من األمثمة التي ّ‬
‫معاىدة ‪ 1905‬التي وضعت كوريا تحت الحماية اليابانية بعد احتالل قصره و تيديده بجزاءات بدنية من قبل‬
‫القوات اليابانية‪ ،‬و إرغام رئيس تشيكوسموفاكيا (سابقا) في بداية الحرب العالمية الثانية من طرف "ىتمر" عمى‬
‫ّ‬
‫إبرام االتفاقية المنيية لوجود تشيكوسموفاكيا كدولة مستقمّة‪)2(.‬‬

‫بقوليا‪ " :‬ال يكون‬ ‫نصت عمى ىذا النوع من اإلكراه المادة ‪ 51‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات‬ ‫و قد ّ‬
‫تم حصولو بإكراه ممثّميا عن طريق أعمال أو تيديدات‬‫لمتعبير عن موافقة دولة ما عمى اإللتزام بالمعاىدة إذا ّ‬
‫أي أثر قانوني‪".‬‬
‫ضده ّ‬
‫توجو ّ‬
‫ّ‬

‫السالم‬
‫يكثر ىذا النوع من اإلكراه في الحقيقة عمى مستوى معاىدات ّ‬ ‫ب ‪ -‬اإلكراه الواقع عمى الدولة ذاتيا‪:‬‬
‫يقر بمشروعية ىذا اإلكراه‬
‫واليدنة التي يممي فييا المنتصر إرادتو عمى المنيزم‪ ،‬و قد كان الفقو التقميدي ّ‬
‫لكن القانون الدولي المعاصر من خالل المادة ‪ 4/02‬من‬ ‫مستقر ‪ ،‬و ّ‬‫ّ‬ ‫حدا لوضع دولي غير‬ ‫باعتباره يضع ّ‬
‫ضيقة‪ :‬حالة‬
‫القوة في العالقات الدولية و ال يسمح بيا إالّ في حدود ّ‬
‫يحرم استعمال ّ‬ ‫ميثاق األمم المتحدة ‪ّ 1945‬‬
‫السابع من الميثاق‪ ،‬حق‬
‫الدفاع ال ّشرعي (المادة ‪ 51‬من الميثاق)‪ ،‬اتخاذ تدابير المنع و القمع في إطار الفصل ّ‬
‫ّ‬
‫التدخل اإلنساني أو ألسباب إنسانية كاستثناء عمى مبدأ تحريم استعمال‬
‫ّ‬ ‫مؤخ ار فكرة‬
‫استقرت ّ‬
‫ّ‬ ‫تقرير المصير‪ ،‬و‬
‫القوة‪)3(.‬‬
‫ّ‬
‫نصت المادة ‪ 52‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عمى اعتبار اإلكراه الواقع عمى الدولة‬ ‫بالربط مع ذلك ّ‬
‫و ّ‬
‫بالقوة أو استعماليا خرقا لمبادئ‬
‫تم عقدىا نتيجة التيديد ّ‬
‫عيبا يفسد رضاىا بقوليا‪ " :‬تعتبر المعاىدة الغية إذا ّ‬
‫القانون الدولي الواردة في ميثاق األمم المتحدة‪".‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬عمي صادق أبو ىيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،533‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،269 ،268‬د‪ .‬غازي حسن‬
‫صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،61 -59‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.150‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عمي صادق أبو ىيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،534‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،275 -269‬د‪ .‬غازي حسن‬
‫صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،59‬د‪ .‬إبراىيم بن داود‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87‬‬

‫‪52‬‬
‫ثالث‪ -‬مشروعية مح ّل المعاىدة‪:‬‬
‫ا‬

‫يقصد بذلك عدم تعارض موضوع المعاىدة أو الغرض منيا مع ّأية قاعدة من قواعد القانون الدولي اإلتفاقية‬
‫أو العرفية التي درج عمييا العمل في العالقات بين أعضاء المجتمع الدولي‪ ،‬و من قبيل ىذه القواعد مثال‪:‬‬
‫الرقيق‪ ،‬و إبادة األجناس و التمييز العنصري ‪ ،‬و اإلرىاب الدولي ‪ ،‬و العدوان عمى‬
‫المجرمة لمقرصنة و ّ‬
‫ّ‬ ‫القواعد‬
‫التدخل في شؤونيا الداخمية‪ ،‬و القواعد المتعمّقة بحقوق اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫الدول والقواعد المتعمقة بسيادة الدول و عدم‬
‫األىمية‪)1( ...‬‬ ‫حق تقرير المصير‪ ،‬القواعد اإلنسانية المتبعة في الحروب الدولية و‬
‫وال ّشعوب ال سيما ّ‬

‫تجسد بطالن المعاىدة لعدم مشروعية محمّيا " اتفاق سيفر" بين فرنسا و بريطانيا‬
‫و من األمثمة التاريخية التي ّ‬
‫تجرم العدوان‬
‫الصياينة لالعتداء عمى مصر في ‪ 29‬أكتوبر ‪ 1956‬و ىذا لمخالفتو القاعدة الدولية التي ّ‬ ‫و ّ‬
‫واتفاقية "مدريد" بين المغرب و موريتانيا و إسبانيا لعام ‪ 1975‬القاضية بتقسيم الصحراء الغربية بين المغرب‬
‫مصيرىا‪)2(.‬‬ ‫حق الشعوب في تقرير‬
‫تكرس ّ‬
‫وموريتانيا وىذا لمخالفتيا القاعدة الدولية التي ّ‬
‫نصت المادة ‪ 53‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عمى عيب عدم مشروعية مح ّل المعاىدة بقوليا‪:‬‬ ‫و قد ّ‬
‫"تعتبر المعاىدة الغية إذا كانت في وقت عقدىا تتعارض مع قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي العام‪،‬‬
‫وفي تطبيق ىذه االتفاقية يقصد بالقاعدة القطعية ّأية قاعدة مقبولة و معترف بيا من المجتمع الدولي كك ّل‬
‫بوصفيا قاعدة ال يسمح باإلنتقاص منيا‪ ،‬و ال يمكن تغييرىا إالّ بقاعدة الحقة من قواعد القانون الدولي العام‬
‫الخاصية‪".‬‬
‫ّ‬ ‫ليا ذات الطّابع أو‬

‫الدولية‪:‬‬
‫الم طمب الثاني‪ :‬اإلطار اإلجرائي لممعاىدة ّ‬

‫ال تنتيي دراسة المعاىدة الدولية عند ماىيتيا و شروطيا الشكمية و الموضوعية‪ ،‬فيذه مسائل نظرية قد ال‬
‫لكن الصعوبة الحقيقية تكمن في الجانب اإلجرائي لممعاىدة من حيث تطبيقيا و‬
‫تطرح ّأية صعوبة بشأنيا ‪ ،‬و ّ‬
‫مخصصين فرعا لك ّل‬
‫ّ‬ ‫سنقسم ىذا الم طمب إلى ثالثة فروع‬
‫ّ‬ ‫تفسيرىا وتعديميا و إنيائيا أو تعميقيا‪ ،‬و عمى ىذا‬
‫مسألة من ىذه المسائل الثالث‪:‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،90 -87‬د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،62 ،61‬د‪ .‬إبراىيم بن داود‪:‬‬
‫"المعاىدات الدولية في القانون الدولي " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫» ‪GOMEZ ROBLEDO (A) : « Le jus cogens international : Sa genre, sa nature, et ses fonctions‬‬
‫‪R.C.A.D.I, 1981, pp- 217.‬‬
‫و في الجدل الفقيي حول القواعد اآلمرة أنظر‪:‬‬
‫‪EVEANS (Editor) : « International Law » Oxford University Press, 1970, p154.‬‬

‫(‪ )2‬د‪ .‬حامد سمطان‪ " :‬القانون الدولي العام في وقت السمم " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1962‬ص‪.224‬‬

‫‪53‬‬
‫الدولية‪:‬‬
‫األول‪ :‬تطبيق المعاىدة ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫بمجرد استيفاء كافّة مراحل إبراميا فضال عن توافر شروطيا‬ ‫ّ‬ ‫حيز النفاذ‬
‫المبدأ العام ىو دخول المعاىدة ّ‬
‫يتعين عمييا احترام أحكاميا و تنفيذ االلتزامات التّي تقضي بيا‬
‫الموضوعية‪ ،‬حيث تصبح ممزمة ألطرافيا التّي ّ‬
‫بيانو‪)1(.‬‬ ‫السابق‬
‫النحو ّ‬
‫النية المنصوص عميو في المادة ‪ 26‬من اتفاقية فينا عمى ّ‬
‫استنادا إلى مبدأ حسن ّ‬

‫الدفع بعدم‬
‫فإن إخالل أحد أطراف المعاىدة بحكم من أحكاميا يجيز بالمقابل لسائر أطرافيا فسخيا أو ّ‬
‫و عميو ّ‬
‫الدولية جممة من‬
‫الدولية في مواجية الطّرف المعني ‪ ،‬و يثير تطبيق المعاىدة ّ‬‫تنفيذىا أو إثارة المسؤولية ّ‬
‫السريان)‪ ،‬و تحديد مجال تطبيقيا من حيث‬ ‫الزمان ( طريقة و تاريخ ّ‬
‫اإلشكاالت تتعمّق بكيفية تطبيقيا من حيث ّ‬
‫المكان و من حيث األشخاص‪ ،‬إضافة إلى إشكالية تعاقب المعاىدات التّي تنظّم موضوعا واحدا‪ ،‬و أخي ار‬
‫تطبيق المعاىدة أمام القاضي الوطني‪ ،‬و سنعالج ىذه اإلشكاالت تباعا‪:‬‬

‫الزمان‪:‬‬
‫الدولية من حيث ّ‬
‫ّأوال‪ -‬تطبيق المعاىدة ّ‬

‫الزمان مسألتين تتعمّق األولى بعدم رجعية المعاىدة‪ ،‬و تتعمّق الثّانية‬
‫الدولية من حيث ّ‬
‫يثير تطبيق المعاىدة ّ‬
‫حيز النفاذ‪.‬‬
‫بإمكانية التّطبيق المؤقّت ليذه األخيرة قبل سريانيا الفعمي أو دخوليا ّ‬

‫الدولية‪:‬‬
‫‪ - 1‬عدم رجعية المعاىدة ّ‬

‫حددتيما المعاىدة ذاتيا أو اتّفق‬


‫السريان بالكيفية و التّاريخ ال ّذين ّ‬
‫الدولية تبدأ في ّ‬
‫كما تقدم ذكره فالمعاىدة ّ‬
‫فإن سريانيا يبدأ باكتمال تصديقات جميع أطرافيا‬ ‫النص و االتّفاق ّ‬‫ّ‬ ‫عمييما أطرافيا‪ ،‬و في حالة غياب ك ّل من‬
‫يتقرر‬
‫فإن سريان المعاىدة في مواجيتيا ّ‬ ‫المنضمة الحقا ّ‬
‫ّ‬ ‫لمدول‬
‫بالنسبة ّ‬
‫(المادة ‪ )1،2/24‬من اتفاقية فينا ‪ ،‬و ّ‬
‫تقدم‪ -‬يتعمّق باألحكام اإلجرائية التّي‬
‫بتاريخ ىذا االنضمام (المادة ‪ )3/24‬من اتفاقية فينا ‪ ،‬و االستثناء – كما ّ‬
‫فينا‪)2(.‬‬ ‫بمجرد اعتماد نصوصيا (توثيقيا) (المادة ‪ )4/24‬من اتفاقية‬
‫ّ‬ ‫السريان‬
‫تبدأ في ّ‬

‫السابقة يستتبع عدم رجعيتيا‪ ،‬أي عدم انصراف أحكاميا‬


‫الدولية بالكيفية ّ‬
‫بالسريان الفوري لممعاىدة ّ‬
‫و التسميم ّ‬
‫وقواعدىا إلى الوقائع التّي حدثت قبل إبراميا (المادة ‪ )28‬من اتفاقية فينا‪)3(.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬راجع في ىذا المبدأ‪:‬‬


‫‪ZOLLER (E) : « La bonne foi en droit international public » Pédone, Paris 1971.‬‬
‫‪ ،187 -185‬د‪ .‬طالب رشيد‬ ‫(‪ )2‬في مبدأ عدم الرجعية أنظر د‪ .‬أحمد إسكندري‪ ،‬د‪ .‬محمد ناصر بوغزالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‬
‫يادكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫(‪ )3‬شرحا و تعميقا أنظر‪:‬‬

‫‪BINDSCHEDLER‬‬ ‫‪(Robert) : « De‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪rétroactivité‬‬ ‫‪en‬‬ ‫‪droit‬‬ ‫‪international‬‬ ‫» ‪public‬‬ ‫‪Mélanges‬‬
‫‪Guggenheim, Genève 1968, p184.‬‬

‫‪54‬‬
‫نصت‬
‫العامة ىي عدم تطبيق المعاىدة بأثر رجعي‪ ،‬فاالستثناء ىو رجعية تطبيقيا إذا ّ‬
‫و إذا كانت القاعدة ّ‬
‫المعاىدة ذاتيا أو اتّفق أطرافيا عمى ذلك‪ ،‬و تكمن الحكمة من ىذا االستثناء في رغبة أطراف المعاىدة في‬
‫الصفة القانونية عمى واقعة أو مسألة سابقة لممعاىدة حتّى ال تبقى دون معالجة أو تنظيم (سند قانوني)‬
‫إضفاء ّ‬
‫سد فراغ أو ثغرة قانونية وجدا قبل سريان المعاىدة نفسيا‪)1(.‬‬
‫وعميو يرمي تطبيقيا بأثر رجعي إلى ّ‬

‫بنصيا عمى أن ‪ " :‬ال تمزم أحكام‬


‫ّ‬ ‫قررتو أحكام المادة ‪ 28‬من إتفاقية فينا لقانون المعاىدات‬
‫و ىذا تماما ما ّ‬
‫أي عمل حدث أو واقعة حدثت أو حالة توقّفت عن الوجود قبل تاريخ بدء نفاذ‬ ‫أي طرف بشأن ّ‬ ‫المعاىدة ّ‬
‫يتبين من المعاىدة أو يثبت بطريقة أخرى قصد مغاير لذلك‪".‬‬
‫المعاىدة عمى ىذا الطّرف‪ ،‬ما لم ّ‬

‫نص أو اتّفاق بين أطرافيا عمى‬


‫الدولية في غياب ّ‬
‫الدولي بدوره مبدأ عدم رجعية المعاىدة ّ‬
‫و قد أ ّكد القضاء ّ‬
‫الدولية صادر في ‪ 1952/07/01‬في قضية "أمباتموس" بين‬ ‫نقيض ذلك‪ ،‬فقد جاء في حكم لمحكمة العدل ّ‬
‫أن رفض المحكمة تطبيق معاىدة ‪ 1926‬المبرمة بين البمدين بأثر رجعي عمى وقائع تعود‬
‫بريطانيا و اليونان ّ‬
‫أي اتّفاق صريح أو ضمني‬
‫تم طبقا لمبدأ عدم رجعية المعاىدة في ظ ّل غياب ّ‬
‫إلى عامي ‪ 1923 ،1922‬قد ّ‬
‫قانونا‪)2(.‬‬ ‫مؤسس‬
‫بين البمدين يقضي بخالف ذلك‪ ،‬و عميو فمطمب بريطانيا برجعيتيا غير ّ‬

‫الدولية إمكانية العمل باالستثناء عمى مبدأ رجعية المعاىدة عبر تجارب‬
‫من جية أخرى أثبتت الممارسة ّ‬
‫الدولية أماميا استنادا إلى ىذا االستثناء حيث‬
‫تمت محاكمة مرتكبي الجرائم ّ‬‫الدولية الجنائية‪ ،‬فقد ّ‬
‫المحاكم ّ‬
‫ارتكبت ىذه الجرائم قبل سريان أنظمتيا األساسية المنئشة ليا و المعاقبة عمييا‪ ،‬و من ذلك محكمة نورمبرغ و‬
‫‪)3(.1946‬‬ ‫طوكيو لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية لعامي ‪ 1945‬و‬

‫‪1993‬‬ ‫الدولي اإلنساني لعامي‬


‫باإلضافة إلى محكمتي يوغسالفيا و رواندا لمحاكمة مرتكبي جرائم القانون ّ‬
‫و‪ 1994‬المتين طبقتا بدورىما ىذا المبدأ‪.‬‬

‫الدولية‪:‬‬
‫‪ - 2‬التطبيق المؤقّت لممعاىدة ّ‬

‫حيز النفاذ) من المسائل الحديثة في قانون‬


‫الدولية قبل سريانيا الفعمي (دخوليا ّ‬
‫يعد التطبيق المؤقّت لممعاىدة ّ‬
‫ّ‬
‫مبرره في الطّابع االستعجالي لبعض الموضوعات التّي تتناوليا المعاىدة‪ ،‬فقد يكون‬‫الدولية‪ ،‬و يجد ّ‬
‫المعاىدات ّ‬
‫‪ ،‬و إالّ فات‬ ‫من المرغوب فيو اتّخاذ بعض اإلجراءات فو ار لمجابية وضع دولي طارئ ال يحتمل التأخير‬
‫الغرض من إبرام المعاىدة بشأنو أصال‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.100 ،99‬‬
‫‪1997‬‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى حسين سالمة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" دار المطبوعات الجامعية‪ -‬اإلسكندرية‬
‫ص ص‪.156 ،155‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬إبراىيم محمد العناني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 131‬و ما بعدىا‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الدولية المعاصرة‬
‫ذلك كأن يتعمّق األمر مثال بمعاىدة بيئية أو إنسانية أو عسكرية‪ ،‬فالترابط الوثيق لمعالقات ّ‬
‫حيز النفاذ‪.‬‬
‫يتم دخوليا ّ‬
‫يقتضي تطبيق المعاىدة تطبيقا مؤقّتا ريثما ّ‬
‫نص المعاىدة‬
‫و يشمل التطبيق المؤقّت لممعاىدة المعاىدة كك ّل أو جزء ا منيا‪ ،‬و يتوقّف ىذا التطبيق عمى ّ‬
‫ذاتيا أو اتّفاق أطرافيا عميو‪.‬‬

‫بقية‬
‫بمجرد إخطار ّ‬‫ّ‬ ‫تطبق تطبيقا مؤقّتا أن تنيي ىذا التّطبيق في مواجيتيا‬
‫ألية دولة طرف في معاىدة ّ‬ ‫و يمكن ّ‬
‫لكن ىذا الموقف مرىون بسماح المعاىدة بذلك أو اتّفاق أطرافيا‬ ‫بنيتيا في أالّ تصبح طرفا فييا‪ ،‬و ّ‬
‫أطرافيا ّ‬
‫جوازه‪)1(.‬‬ ‫عمى‬

‫تطبق المعاىدة أو‬


‫بنصيا عمى ‪ّ - 1 " :‬‬
‫ّ‬ ‫و ىذا تماما ما أ ّكدتو المادة ‪ 25‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات‬
‫جزء منيا بصفة مؤقّتة ريثما يبدأ نفاذىا إذا‪:‬‬

‫نصت المعاىدة ذاتيا عمى ذلك أو‪:‬‬


‫أ– ّ‬

‫الدول المتفاوضة بطريقة أخرى عمى ذلك‪.‬‬


‫ب – اتفقت ّ‬

‫الدول المتفاوضة عمى خالف ذلك‪ ،‬ينتيي التطبيق المؤقّت لممعاىدة أو لجزء‬
‫تنص المعاىدة أو تتّفق ّ‬
‫‪ –2‬ما لم ّ‬
‫تطبق المعاىدة فيما بينيا بصفة مؤقّتة‬
‫الدول األخرى التّي ّ‬
‫الدولة ّ‬
‫بالنسبة إلى دولة ما إذا أخطرت ىذه ّ‬
‫منيا ّ‬
‫بنيتيا في أالّ تصبح طرفا في المعاىدة‪".‬‬
‫ّ‬

‫الدولية من حيث المكان‪:‬‬


‫ثاني‪ -‬تطبيق المعاىدة ّ‬
‫ا‬

‫نصت المادة ‪ 29‬من اتّفاقية فينا لقانون المعاىدات عمى أن ‪ " :‬تكون المعاىدة ممزمة لك ّل طرف فييا بشأن‬‫ّ‬
‫يتبين من المعاىدة أو يثبت بطريقة أخرى وجود ّنية مغايرة‪".‬‬
‫كامل إقميمو ما لم ّ‬

‫الدولية من حيث المكان قاعدة و استثناء‪.‬‬


‫أن لتطبيق المعاىدة ّ‬
‫النص ّ‬
‫ّ‬ ‫يتبين من استقراء ىذا‬
‫ّ‬

‫‪ - 1‬القاعدة في تطبيق المعاىدة من حيث المكان‪:‬‬

‫بمجرد نفاذىا عمى‬


‫ّ‬ ‫الدولية من حيث المكان ىي تطبيق ىذه األخيرة‬
‫العامة التّي تحكم تطبيق المعاىدة ّ‬
‫القاعدة ّ‬
‫أن المقصود باإلقميم في ىذا الخصوص‬‫غني عن البيان ّ‬
‫الدول األطراف دون استثناء جزء منيا‪ ،‬و ّ‬‫كافّة أقاليم ّ‬
‫الجوي‪.‬‬
‫البري‪ ،‬و البحري و ّ‬
‫ىو اإلقميم بمجاالتو الثالثة‪ :‬المجال ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،99 ،98‬د‪ .‬إبراىيم محمد العناني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،131‬د‪ .‬أحمد إسكندري‪،‬‬
‫د‪.‬محمد ناصر بوغزالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.187‬‬

‫‪56‬‬
‫إن‬
‫الدولية بالقول ‪ّ " :‬‬
‫الدولي بمناسبة إعداد مشروع قانون المعاىدات ّ‬
‫و قد أشارت إلى ىذه القاعدة لجنة القانون ّ‬
‫بأن‬
‫الرأي القائل ّ‬
‫يؤيد بوضوح ّ‬
‫الدولية‪ ،‬و مؤلّفات الفقياء ّ‬
‫الدول‪ ،‬و كذا قضاء المحاكم ّ‬
‫ما يجري عميو العمل بين ّ‬
‫النص عمى‬
‫ّ‬ ‫يتم‬
‫أي طرف من األطراف المتعاقدة‪ ،‬و ذلك ما لم ّ‬
‫المعاىدة يفترض فييا تطبيقيا عمى ك ّل إقميم ّ‬
‫ل مخالف في المعاىدة نفسيا‪)1(".‬‬
‫حّ‬

‫‪ - 2‬االستثناء من تطبيق المعاىدة عمى كافة أقميم ك ّل طرف من أطرافيا‪:‬‬

‫النحو‬
‫الدول أطراف ىذه األخيرة عمى ّ‬
‫إذا كانت القاعدة ىي تطبيق المعاىدة من حيث المكان عمى كافّة أقاليم ّ‬
‫الدولة الطّرف ‪ ،‬و استثناء جزء آخر فيو من ىذا‬‫المتقدم‪ ،‬فاالستثناء ىو تطبيق المعاىدة عمى جزء من إقميم ّ‬
‫ّ‬
‫التطبيق إذا سمحت المعاىدة ذاتيا بذلك‪ ،‬أو اتّفق عميو أطرافيا‪.‬‬

‫أن إرادة أطرافيا قد اتّجيت إلى استثناء جزء من إقميم‬


‫فقد يستفاد من الظّروف المحيطة بالمعاىدة بشكل عام ّ‬
‫طرف أو اكثر من الخضوع ألحكاميا‪ ،‬كما ىو عميو الحال في المعاىدات الجمركية أو التّجارية أو العسكرية‪.‬‬

‫لمدفاع المشترك في منطقة‬


‫الصدد يتجمّى في معاىدة ‪ 1954‬التّي أقامت نظاما ّ‬
‫و المثال التّاريخي في ىذا ّ‬
‫خاصا لمرور األشخاص و تداول األموال في ىذه المنطقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قررت نظاما‬
‫جنوب شرق آسيا‪ ،‬حيث ّ‬
‫تحدد‬
‫يسمى بشرط المستعمرات‪ ،‬و مقتضاه أن ّ‬‫يخص ىذا االستثناء ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولية فيما‬
‫كما عرف تاريخ العالقات ّ‬
‫جميا في‬
‫الدول االستعمارية مدى أو نطاق سريان أحكام المعاىدات التّي تبرميا عمى مستعمراتيا‪ ،‬و يبدو ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫قررت فرنسا باعتبارىا طرفا فييا سريان أحكاميا عمى اإلقميم‬
‫المعاىدة المنشئة لحمف شمال األطمسي التّي ّ‬
‫الدساتير‬
‫تعد في الحقيقة جزء من إقميميا بشيادة ّ‬
‫يمتد إلى مستعمراتيا التّي كانت ّ‬
‫الفرنسي فقط دون أن ّ‬
‫شرط ولّى مع انحسار ظاىرة االستعمار التقميدي‪)2(.‬‬ ‫أن ىذا ال ّ‬
‫بالتكير ّ‬
‫الفرنسية و الجدير ذ‬

‫الدولية من حيث األشخاص‪:‬‬


‫ثالث‪ -‬تطبيق المعاىدات ّ‬
‫ا‬

‫الدولية ال تنطبق إالّ بين أطرافيا فقط و ال ترتّب آثارىا إالّ في مواجيتيم‪ ،‬و يطمق‬
‫أن المعاىدة ّ‬
‫العامة ّ‬
‫القاعدة ّ‬
‫الفقو عمى ىذه القاعدة "نسبية أثر المعاىدة"‪ ،‬و إذا كان ىذا ىو األصل فخالفا لو يمكن لممعاىدة أن ترتّب آثا ار‬
‫في مواجية الغير‪ ،‬سواء كانت ىذه اآلثار حقوقا أو التزامات‪ ،‬و سواء ترتّبت برضاه أو بغير رضاه‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.96‬‬


‫‪(2) RAUSSEAU (Charles), op.cit, pp63-65.‬‬
‫د‪ .‬طالب رشيد يادكار‪ ،‬ص‪.114‬‬

‫‪57‬‬
‫بالنسبة لمغير (ثانيا)‪:‬‬
‫ثم أثر المعاىدة ّ‬
‫سنتعرض في فرعين إلى أثر المعاىدة بالنسبة ألطرافيا ( ّأوال)‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫و لذلك‬

‫‪ - 1‬أثر المعاىدة بال ّنسبة ألطرافيا (نسبية أثر المعاىدة)‪:‬‬

‫الدول التّي لم تشترك في إبراميا أو تصادق‬


‫تمتد آثارىا إلى غيرىا من ّ‬
‫الدولية إالّ أطرافيا و ال ّ‬
‫ال تمزم المعاىدة ّ‬
‫المادة ‪ 34‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات‬
‫قررتو ّ‬‫تنضم ليا‪ ،‬عمال بمبدأ نسبية أثر المعاىدة ال ّذي ّ‬
‫ّ‬ ‫عمييا أو لم‬
‫بنصيا عمى ّأنو ‪ " :‬ال ترتّب المعاىدة ّأية التزامات عمى دولة ثالثة و ال ّأية حقوق ليا دون موافقتيا‪".‬‬
‫ّ‬

‫الدائمة لمعدل‬
‫الدولي‪ ،‬فقد أ ّكدت عمى ىذا المبدأ المحكمة ّ‬
‫استقر عميو القضاء ّ‬
‫ّ‬ ‫النص تماشيا مع ما‬
‫ّ‬ ‫يعد ىذا‬
‫و ّ‬
‫قضية " شورزو" بين ألمانيا و بولونيا‪ ،‬حيث جاء فيو ‪:‬‬
‫الصادر في ‪ 1927 /05/25‬بشأن ّ‬ ‫الدولي في حكميا ّ‬ ‫ّ‬
‫ذاتيا‪)1("...‬‬ ‫الدول أطراف ىذه المعاىدة‬
‫أن المعاىدة ال تنشئ حقوقا و ال ترتّب التزامات إالّ بين ّ‬
‫"‪...‬من الثابت ّ‬

‫يرد أساس المبدأ إلى ثالثة‬


‫الدولي ال ّذي ّ‬
‫يعد ىذا المبدأ من المسمّمات في قانون المعاىدات بالنسبة لمفقو ّ‬
‫كما ّ‬
‫مبادئ رئيسية تتكامل فيما بينيا و ىي ‪:‬‬

‫الدولي ال ّذين ليس ليم أدنى عالقة بإنشاء‬


‫بأن أشخاص القانون ّ‬ ‫أ– مبدأ سمطان اإلرادة‪ :‬و ال ّذي يقضي ّ‬
‫المعاىدة أو تنفيذىا‪ ،‬ال يمكن ليم أن يرتبطوا بيا أو يتأثّروا بأحكاميا‪.‬‬

‫أن العقود و المعاىدات ال تمزم‬


‫الدولي ‪ّ -‬‬
‫الداخمي أو ّ‬
‫الصعيد ّ‬
‫ب– مبدأ التّراضي‪ :‬و من مقتضياتو ‪-‬سواء عمى ّ‬
‫إالّ عاقدييا أو أطرافيا‪ ،‬طبقا لمبدأ "المتعاقد عند التزامو" أو "العقد شريعة المتعاقدين"‪)2(.‬‬

‫الدولة ال يمكن أن تمتزم قانونا بإرادة دولة أخرى‬


‫بأن ّ‬
‫الدول‪ :‬و يقضي ّ‬ ‫السيادة بين ّ‬
‫ج– مبدأ المساواة في ّ‬
‫مد آثار المعاىدة إلى خارج دائرة أطرافيا‪ ،‬و يجد مبدأ المساواة في‬
‫وعميو يتعارض ىذا المبدأ مع إمكانية ّ‬
‫الدول أساسو في ميثاق األمم المتحدة من خالل المادة ‪ 1/02‬منو‪)3(.‬‬
‫السيادة بين ّ‬
‫ّ‬

‫الدولية ىي ّأنو ال يجوز لدولة لم تكن‬


‫العممية المترتّبة عن إعمال مبدأ نسبية أثر المعاىدة ّ‬
‫ّ‬ ‫و عميو فالنتيجة‬
‫بحق من الحقوق‪.‬‬
‫طرفا في معاىدة ما أن تطالب بتنفيذ ىذه األخيرة في مواجيتيا‪ ،‬أو تستند إلييا لممطالبة ّ‬

‫‪ - 2‬أثر المعاىدة بالنسبة لمغير‪:‬‬

‫يطبق عمى‬
‫نفسو ال ّ‬ ‫فإن المبدأ‬
‫إذا كانت القاعدة ىي ىيمنة مبدأ نسبية أثر المعاىدة عمى ك ّل المعاىدات ّ‬
‫إطالقو‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.327 ،326‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103‬‬

‫‪58‬‬
‫تمتد فييا آثار المعاىدة إلى غير أطرافيا‪ ،‬فتكسبيا بعض‬
‫حيث يخضع لبعض االستثناءات التّي يمكن أن ّ‬
‫الحقوق‪ ،‬وتمقي عمى عاتقيا بعض االلتزامات‪.‬‬

‫الدولي إلى خمسة مبادئ ىي ‪:‬‬


‫و تستند ىذه االستثناءات في نظر الفقو ّ‬

‫الصريح‬
‫الرضا اإليجابي‪ :‬و يقضي بامتداد آثار المعاىدة (حقوقا و التزامات) إلى الغير بسبب قبولو ّ‬
‫‪ -‬مبدأ ّ‬
‫الدول‪ ،‬و المثال ال ّذي‬
‫الدولي إلى موافقة ّ‬
‫القوة الممزمة لمقانون ّ‬
‫لذلك‪ ،‬و ال ّذي عادة ما يثبت كتابة‪ ،‬حيث تستند ّ‬
‫نصت عمى ّأنو‬
‫الدولية الجنائية التّي ّ‬
‫المادة ‪ 3/12‬من نظام روما األساسي لممحكمة ّ‬
‫يجسد ىذا المبدأ مثال ّ‬
‫ّ‬
‫لمدولة غير الطّرف في نظام المحكمة أن تقبل اختصاص المحكمة بموجب موافقة صريحة (مكتوبة)‬
‫يمكن ّ‬
‫تودع لدى كتابة ضبط المحكمة‪.‬‬

‫الضمني أو المفترض‪ :‬و ال ّذي بمقتضاه يفترض التزام الغير بالمعاىدة و بالتّالي امتداد آثارىا‬
‫الرضا ّ‬
‫‪ -‬مبدأ ّ‬
‫إليو (حقوقا و التزامات) من خالل سكوتو مثال و عدم اعتراضو‪ ،‬أو من خالل سموكو الالّحق ال ّذي يستنتج‬
‫منو ّأنو قبل بأحكام المعاىدة‪ ،‬كأن تبدأ دولة غير طرف في معاىدة بتنفيذ أحكاميا بصورة انفرادية (المعاىدات‬
‫البيئية‪ ،‬العسكرية) عن طريق اتّخاذ تدابير تشريعية أو عممية داخل إقميميا بغرض تطبيق تمك المعاىدة‪.‬‬

‫تحمل التزامات مقابمة ليا‬


‫أن ممارسة بعض الحقوق يترتّب عنو تمقائيا ّ‬ ‫‪ -‬مبدأ األثر التمقائي‪ :‬و ال ّذي يعني ّ‬
‫الدولية كك ّل فضال عن‬
‫قررت حقوقا استفادت منيا المجموعة ّ‬ ‫والعكس صحيح‪ ،‬فإذا أبرمت معاىدة ما و ّ‬
‫الناجمة عنيا‪،‬‬
‫الدولية إذن انطالقا من مبدأ األثر التمقائي أن تحترم كذلك االلتزامات ّ‬
‫أطرافيا فعمى المجموعة ّ‬
‫يتضمن حتما شروط تمك الممارسة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫معين‬
‫حق ّ‬‫فممارسة ّ‬

‫و ال ّذي يقضي بضرورة احترام‬‫الصحيحة (احترام إرادة الغير)‪:‬‬


‫‪ -‬مبدأ ضرورة احترام األعمال القانونية ّ‬
‫الدول‬
‫األوضاع و النظم و المواقف الفعمية أو القانونية التّي تنشأ عن معاىدة صحيحة و مشروعة من قبل ّ‬
‫غير األطراف فييا‪ ،‬ما دامت المعاىدة بيذا الوصف (صحيحة و مشروعة)‪.‬‬

‫أن القاعدة الواردة في معاىدة دولية يمكن أن تصبح ممزمة لغير أطرافيا مع‬
‫مؤداه ّ‬
‫‪ -‬مبدأ األثر العرفي‪ :‬و ّ‬
‫الدولي‪)1(.‬‬
‫الزمن بمثابة قاعدة عرفية من قواعد القانون ّ‬
‫الزمن‪ ،‬حيث تصبح ىذه القاعدة بفعل عامل ّ‬‫مرور ّ‬

‫الصريحة أو‬
‫إما بالموافقة ّ‬
‫الدولية لغير أطرافيا ّ‬
‫الدولي يرى إمكانية امتداد آثار المعاىدة ّ‬
‫أن الفقو ّ‬
‫صفوة القول ّ‬
‫تكون قاعدة دولية عرفية ناجمة عن ىذه المعاىدة‪ ،‬و عميو يمكن أن يكون انطباق‬‫الضمنية ليا‪ ،‬أو نتيجة ّ‬
‫ّ‬
‫الدولية عمى الغير برضاه أو بغير رضاه‪:‬‬
‫المعاىدة ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.104 ،103‬‬

‫‪59‬‬
‫الدولية عمى الغير برضاه‪:‬‬
‫أ ‪ -‬انطباق المعاىدة ّ‬

‫ميزت‬
‫الدولية عمى الغير برضاه‪ ،‬و ّ‬
‫عالجت المو ّاد من ‪ 35‬إلى ‪ 37‬من اتفاقية فينا مسألة انطباق المعاىدات ّ‬
‫الرضا بين آثار المعاىدة المتعمّقة بفرض التزامات‪ ،‬و بين آثارىا المتعمّقة بمنح حقوق‪:‬‬
‫في إطار ىذا ّ‬
‫‪ -‬المعاىدات المرتّبة اللتزامات عمى عاتق الغير‪:‬‬

‫يتم إالّ بموافقتو‬


‫أن ترتيب التزامات عمى عاتق الغير ال يمكن أن ّ‬
‫الدولي المعاصر ّ‬ ‫من الثّابت في القانون ّ‬
‫ورضاه‪ ،‬لذلك تشترط اتفاقية فينا لقانون المعاىدات ليذه المسألة شرطين‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن تقصد أطراف المعاىدة ذاتيا ترتيب التزامات عمى عاتق الغير (أطراف أخرى من دون أطراف‬
‫ّ‬
‫المعاىدة)‪.‬‬

‫االلتزامات‪)1(.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أن يقبل الغير صراحة‪ ،‬و عن طريق الكتابة الخضوع ليذه‬

‫نصت عميو المادة ‪ 35‬من اتفاقية فينا بقوليا ‪ " :‬ينشأ التزام عمى عاتق دولة ثالثة من أحد أحكام‬ ‫و ذلك ما ّ‬
‫الدولة الثالثة ىذا االلتزام صراحة‬
‫المعاىدة إذا أرادت أطرافيا بيذا الحكم أن يكون وسيمة إثبات االلتزام ‪ ،‬و قبمت ّ‬
‫بصورة خطّية‪".‬‬

‫الدائمة‬
‫قررت المحكمة ّ‬
‫الدولي‪ ،‬حيث ّ‬
‫و موقف اتفاقية فينا في ىذا الخصوص جاء متوافقا مع موقف القضاء ّ‬
‫الصادر في‬
‫الدولي ضرورة توافر ال ّشرطين معا لترتيب المعاىدة التزاما عمى عاتق الغير في حكميا ّ‬
‫لمعدل ّ‬
‫الحرة" بين فرنسا و سويسرا‪ ،‬إذ أرادت فييا فرنسا أن تنيي استنادا لمعاىدة‬
‫‪ 1932/07/07‬في قضية "المناطق ّ‬
‫الحرة التي منحت ليذه األخيرة بمقتضى معاىدة فينا لعام‬
‫"فرساي" لعام ‪ 1919‬حقوق سويس ار عمى المناطق ّ‬
‫أن سويس ار لم تكن طرفا في معاىدة فرساي فضال عن رفضيا منح ىذه المناطق ‪ ،‬فقد رفضت‬ ‫‪ ،1815‬و بما ّ‬
‫أن المادة ‪ 453‬من معاىدة فرساي ال تسري في مواجية سويس ار التّي لم تكن‬
‫المحكمة طمب فرنسا استنادا إلى ّ‬
‫وصراحة‪)2(.‬‬ ‫طرفا فييا إالّ في الحدود التّي تقبميا طواعية‬

‫سيؤديان إلى وجود اتّفاق جانبي مواز لممعاىدة األصمية‬


‫ّ‬ ‫الدولي يذىب بشأن ال ّشرطين إلى ّأنيما‬
‫أن الفقو ّ‬
‫غير ّ‬
‫ألن األساس القانوني لاللتزام‬
‫الناجمة عنيا‪ّ ،‬‬
‫بين أطراف ىذه األخيرة و الغير ال ّذي تنصرف إليو االلتزامات ّ‬
‫بحد ذاتيا ‪ ،‬بقدر ما يكمن في االتّفاق الالّحق بين أطرافيا‬
‫الواقع عمى الغير بموجب ىذه المعاىدة ال يكمن فييا ّ‬
‫و الغير و ال ّذي مضمونو قبول ىذا الغير بااللتزامات الناتجة عن تمك المعاىدة‪)3(.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.135‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،228 ،227‬د‪ .‬طالب رشيد يادكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬ص‪.105‬‬

‫‪60‬‬
‫تقرر التزامات عمى عاتق الغير برضاه‬
‫و طبقا لقاعدة توازي األشكال يترتّب عن انطباق المعاىدة التّي ّ‬
‫مرة أخرى‪ ،‬أي اشتراط وجود موافقة جديدة‬
‫عامة عن إلغاء أو تغيير ىذه االلتزامات إالّ برضاه ّ‬
‫االمتناع كقاعدة ّ‬
‫‪ ،‬و التّي تمثّل في‬ ‫بين أطراف المعاىدة و الغير ال ّذي يقبل أحكام المعاىدة الجديدة مح ّل التغيير أو التعديل‬
‫نيائيا‪)1(.‬‬
‫أي التزام في مواجيتو ّ‬ ‫مجددة عمى عاتقو أو إنياء ّ‬‫الحقيقة التزامات ّ‬

‫و ذلك تماما ما أ ّكدتو المادة ‪ 1/37‬من اتفاقية فينا بقوليا‪ " :‬حين ينشأ التزام عمى دولة ثالثة وفقا لممادة ‪35‬‬
‫الدولة الثالثة ما لم يثبت ّأنيا اتّفقت عمى خالف ذلك‪".‬‬
‫ال يجوز إلغاؤه أو تغييره إالّ بموافقة أطراف المعاىدة و ّ‬

‫‪ -‬المعاىدات المنشئة لحقوق لصالح الغير‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 36‬من اتفاقية فينا عمى ما يمي‪ – 1 " :‬ينشأ حق لدولة ثالثة من أحكام المعاىدة إذا أرادت‬ ‫ّ‬
‫لمدولة الثالثة أو لمجموعة من الدول التّي تنتمي إلييا الدولة الثالثة أو‬
‫إما ّ‬
‫أطرافيا بيذا الحكم أن يمنح الحق ّ‬
‫تنص‬
‫لجميع الدول‪ ،‬و قبمت الدولة الثالثة بذلك و يفترض ىذا القبول ما لم يوجد ما يد ّل عمى نقيض ذلك ما لم ّ‬
‫المعاىدة عمى خالف ذلك‪.‬‬

‫‪ –2‬عمى الدولة التّي تمارس حقا وفقا لمفقرة ‪ 1‬أن تمتثل لشروط ممارستو المنصوص عمييا في المعاىدة أو‬
‫المثبتة طبقا لممعاىدة‪".‬‬

‫النص يشترط في المعاىدة حتّى تنشئ حقوقا لصالح الغير (الدول من غير أطرافيا) شرطان‪:‬‬
‫ّ‬ ‫من استقراء ىذا‬

‫األول‪ :‬يجب أن يقصد أطراف المعاىدة ذاتيا من خالل أحد نصوصيا أن يمنحوا حقا لدولة أو لدول أخرى من‬
‫ّ‬
‫بالنص ضرورية بل ىي أساس خمق ىذا الحق‪.‬‬‫ّ‬ ‫المعبر عنيا‬
‫ّ‬ ‫النية‬
‫تعد ىذه ّ‬
‫غير أطراف المعاىدة‪ ،‬و ّ‬

‫الثاني‪ :‬يجب أن يوافق الغير (الدولة أو الدول األخرى من غير أطراف المعاىدة ذاتيا) عمى ىذا الحق‬
‫الرفض و ما لم تنص المعاىدة ذاتيا عمى خالف ذلك‪ ،‬بل‬
‫وتفترض ىذه الموافقة ما لم يوجد مؤ ّشر يد ّل عمى ّ‬
‫لمجرد إثبات عدم التنازل عن الحق‬
‫أن ىذه الموافقة تأتي ّ‬
‫الدولي يذىب أبعد من ذلك حينما يعتبر ّ‬ ‫إن الفقو ّ‬
‫ّ‬
‫إالّ‪)2(.‬‬ ‫الممنوح ليس‬

‫و تتّخذ المعاىدات المنشئة لحقوق لصالح الغير‪ -‬في الحقيقة‪ -‬صورتين‪ :‬تتمثّل األولى فيما يعرف بشرط‬
‫بالرعاية‪ ،‬فيما تتمثّل الثّانية فيما يعرف باالشتراط لمصمحة الغير‪:‬‬
‫الدولة األولى ّ‬
‫ّ‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬في ىذا المعنى أنظر د‪ .‬أحمد إسكندري‪ ،‬د‪ .‬محمد ناصر بوغزالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.195‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.105‬‬

‫‪61‬‬
‫بالرعاية‪:‬‬
‫الدولة األولى ّ‬
‫‪ ‬شرط ّ‬

‫بأنو اتّفاق بين دولتين أو أكثر تضمن ك ّل منيا لألخرى بمقتضاه في معاىدة ما االستفادة‬
‫يعرف ىذا ال ّشرط ّ‬
‫ّ‬
‫تتضمن مزايا‬
‫ّ‬ ‫لكنيا‬
‫مما تمنحو أو ستمنحو من مزايا لدولة أو أكثر في معاىدة أخرى تتعمّق بذات الموضوع ‪ ،‬و ّ‬‫ّ‬
‫األولى‪)1(.‬‬ ‫أكثر من تمك المنصوص عمييا في المعاىدة‬

‫تتضمن المعاىدات التجارية أو الجمركية ىذا ال ّشرط‪ ،‬حيث تتفق الدول األطراف فييا‬
‫ّ‬ ‫و قد جرت العادة أن‬
‫بأية شروط أفضل يمكن أن تمنحيا مستقبال لدولة أو لدول أخرى في معاىدة ثانية‬ ‫عمى أن تمنح بعضيا التمتّع ّ‬
‫امتد من دائرة‬
‫أن ىذا الشرط ّ‬‫الدول المستفيدة ليست طرفا في المعاىدة الثانية ‪ ،‬غير ّ‬ ‫الرغم من كون ّ‬‫عمى ّ‬
‫المعاىدات االقتصادية عموما إلى غيرىا من المعاىدات‪ ،‬كتمك المتعمّقة بتنازع القوانين و مركز األجانب و‬
‫تتضمنو‬
‫ّ‬ ‫أن المعاىدة التّي‬
‫التعاون القضائي و تسميم المجرمين‪...‬إلخ‪ ،‬و األثر ال ّذي يحدثو ىذا ال ّشرط ىو ّ‬
‫تقررىا معاىدة أخرى في ذات الموضوع ليست بعضيا‬ ‫الدول األطراف فييا االستفادة من المزايا التّي ّ‬
‫تخول ّ‬
‫ّ‬
‫األولى‪)2(.‬‬ ‫طرفا فييا ابتداء من تاريخ سريان المعاىدة‬

‫أن الجزائر و تونس أبرمتا معاىدة تجارية عام ‪ 2010‬اتفقتا بمقتضاىا عمى إعفاء البضائع المنتجة‬‫فمنفترض ّ‬
‫في ك ّل منيما بنسبة ‪ %50‬من قيمة التعريفة الجمركية المفروضة عند عبورىا لمحدود في االتّجاىين‪ ،‬و اتفقتا‬
‫تبعا لذلك عمى ّأنو إذا أبرمت واحدة منيما مستقبال معاىدة جديدة مع دولة أخرى في ذات الموضوع (اإلعفاء‬
‫الحق في االستفادة من المعاىدة الجديدة و المطالبة‬
‫ّ‬ ‫فإن األخرى ليا‬
‫الجمركي) و بإعفاءات أكثر من ‪ّ %70‬‬
‫بتطبيق شرط اإلعفاء بأكثر من ‪ ،%70‬فإذا كانت الجزائر مثال ىي التّي أبرمت المعاىدة الجديدة مع ليبيا في‬
‫تضمنتو‬
‫ّ‬ ‫الدولة األولى بالرعاية ال ّذي‬
‫حق تونس أن تستفيد من ال ّشرط المذكور طبقا لشرط ّ‬
‫‪ 2014‬فمن ّ‬
‫السريان منذ ىذا التّاريخ‪)3(.‬‬‫المعاىدة األولى المبرمة بينيا و بين الجزائر في ‪ 2010‬حيث بدأ ىذا ال ّشرط في ّ‬

‫الصادر في‬
‫الدولي بيذا ال ّشرط‪ ،‬حيث اعتبرت محكمة العدل الدولية في حكميا ّ‬ ‫و قد أخذ القضاء ّ‬
‫أن المعاىدة المبرمة بين بريطانيا و إيران تعتبر‬
‫‪ 1952/07/27‬في قضية "الشركة األنجمو إيرانية لمزيت" ّ‬
‫قررتيا المعاىدة المبرمة بين إيران و الدانمارك والتّي لم تكن‬
‫السند القانوني لتمتّع بريطانيا بالحقوق التّي ّ‬
‫ّ‬
‫بالرعاية‪)4(.‬‬
‫الدولة األولى ّ‬
‫تضمنت شرط ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن المعاىدة األولى بينيا و بين إيران‬
‫بريطانيا طرفا فييا‪ّ ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.107‬‬


‫‪(2) VIENE (D) : « La clause de la nation la plus favorisée et sa pratique contemporaine » R.C.A.D.I,‬‬
‫‪1970, pp207-350.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.138 ،137‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪( 329‬مشار إليو في اليامش)‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ ‬االشتراط لمصمحة الغير‪:‬‬

‫االشتراط لمصمحة الغير نظام معمول بو في نظرية العقود في القوانين الداخمية‪ ،‬و يقصد بو اتفاق أطراف العقد‬
‫المتعاقدين‪)1(.‬‬ ‫عمى ترتيب حقوق لصالح شخص آخر من غير‬

‫و يطرح التساؤل حول ما إذا كان القانون الدولي بدوره قد عرف مثل ىذا النظام ؟ و ما مدى قبول الدولة أو‬
‫الدول الغير و المستفيدة من الحقوق التّي ترتّبيا ليا معاىدة ليست طرفا فييا ؟‪ ،‬و ىل يجوز ليا التمسك بيذه‬
‫قررت ليا ىذه الحقوق؟‬
‫تم تعديميا أو إلغاؤىا دون موافقتيا‪ ،‬و ىي التّي ّ‬
‫المعاىدة إذا ّ‬
‫أن القانون الدولي قد أخذ فعال بنظام االشتراط‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 36‬من اتفاقية فينا المشار إلييا سابقا‪ ،‬نجد ّ‬
‫ّ‬
‫لمصمحة الغير حيث أجازتو ىذه المادة تحت الشرطين المذكورين سمفا‪.‬‬

‫الحرة" بين فرنسا‬


‫أن ىذا النظام معمول بو‪ ،‬ففي قضية "المناطق ّ‬
‫بالرجوع أيضا إلى القضاء الدولي نجد ّ‬‫و ّ‬
‫الدائمة لمعدل الدولي ما يمي‪" :‬إذا كان من‬
‫السابق اإلشارة إلييا‪ ،‬جاء في حيثيات حكم المحكمة ّ‬
‫وسويس ار ّ‬
‫بالضرورة‬
‫ّ‬ ‫عدة دول ليست طرفا فييا ترتّب ليم‬
‫تقرر أحكاما لصالح دولة أو ّ‬ ‫بأن المعاىدات التّي ّ‬‫المتع ّذر القول ّ‬
‫حقوقا بالمعنى الدقيق‪ ،‬إالّ ّأنو ليس ىناك ما يمنع أن تتّجو إرادة أطراف المعاىدة إلى ترتيب مثل ىذا األثر‪،‬‬
‫لمدول الغير حقوقا مكتسبة ناشئة عن المعاىدة التّي لم تكن طرفا فييا‪ ،‬و استخالص ما إذا‬
‫بمعنى أن ترتّب ّ‬
‫كانت الدول األطراف قد قصدت إنشاء حقوق بالمعنى الدقيق لصالح الدول الغير ‪ ،‬يتوقف عمى ظروف ك ّل‬
‫حدة‪)2(".‬‬ ‫حالة عمى‬

‫‪ 1815‬إلى ترتيب حقوق‬ ‫أن المحكمة قد استنتجت من ظروف القضية اتجاه معاىدة فينا لعام‬ ‫يتبين ّ‬
‫ىكذا ّ‬
‫بالمعنى الدقيق لصالح سويس ار ‪ ،‬و ىو األساس ال ّذي اعتمدتو لمقضاء بعدم المساس بحقوق سويس ار في ىذا‬
‫رضاىا‪)3(.‬‬ ‫الصدد دون‬

‫يقر ليذا الغير حقوقا بموافقتو و حسب‪ ،‬بل يقتضي‬


‫و تبعا لذلك فنظام االشتراط لمصمحة الغير ال يكتفي بأن ّ‬
‫كذلك عدم المساس بيذه الحقوق إالّ بموافقتو أيضا‪ ،‬و عميو فال يمكن تعديل أو إلغاء معاىدة تشترط حقوقا‬
‫صراحة‪)4(.‬‬ ‫لصالحو إذا لم يوافق عمى ىذا التعديل أو اإللغاء‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،99‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.159‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫‪(3) HARRIS (D.J) : « Cases and materials in international law” Second edition, Sweet and Maxwell,‬‬
‫‪London 1979, pp628-633.‬‬
‫‪(4) REUTER (Paul) : « Introduction au droit des traités » P.U.F, Paris 1985, pp91-158.‬‬

‫‪63‬‬
‫و ذلك تماما ما أ ّكدتو المادة ‪ 2/37‬من اتفاقية فينا بقوليا‪ " :‬حين ينشأ حق لدولة ثالثة وفقا لممادة ‪ 36‬ال‬
‫أن المقصود بذلك الحق أن ال يخضع لإللغاء أو التغيير دون موافقة‬
‫يجوز لألطراف إلغاؤه أو تغييره إذا ثبت ّ‬
‫الدولة الثالثة‪".‬‬

‫يتم ذكر اسم الدولة أو أسماء‬


‫الضروري في االشتراط لمصمحة الغير أن ّ‬
‫و تجدر اإلشارة إلى ّأنو ليس من ّ‬
‫ألن تقرير الحق أو الحقوق قد يكون لصالح الدول جميعا و منيا التّي تنشأ مستقبال‪،‬‬
‫الدول المستفيدة صراحة ‪ّ ،‬‬
‫أن ميثاق األمم المتحدة بدوره فيو ما يستفاد من‬
‫أن أسماء الدول ليست ثابتة ‪ ،‬و في سياق متّصل يبدو ّ‬
‫كما ّ‬
‫لكنيا طرف في‬
‫ألية دولة ليست طرفا فيو و ّ‬ ‫أخذه بنظام االشتراط لمصمحة الغير ‪ ،‬حيث تعطي المادة ‪ 32‬منو ّ‬
‫نزاع معروض عمى مجمس األمن الحق في أن تستدعى لالشتراك في مناقشة ىذا النزاع‪ ،‬و طبقا لممادة ‪2/35‬‬
‫مقدما‬
‫أي نزاع تكون طرفا فيو ‪ ،‬إذا كانت تقبل ّ‬
‫تنبو مجمس األمن أو الجمعية العامة إلى ّ‬
‫منو فميذه الدولة أن ّ‬
‫المقررة في الميثاق ذاتو‪)1(.‬‬
‫السممي ّ‬
‫في خصوصو التزامات الح ّل ّ‬

‫ب ‪ -‬انطباق المعاىدات الدولية عمى الغير دون رضاه‪:‬‬

‫لقد أثبتت الممارسة الدولية وجود حاالت تنصرف فييا آثار المعاىدة الدولية من حيث االلتزامات و الحقوق‬
‫الواردة فييا إلى غير أطرافيا و بدون رضاىا‪ ،‬و يمكن تصنيف المعاىدات التي تنطبق عمى الغير دون رضاه‬
‫عامة‪:‬‬
‫تتضمن تقنينا لقواعد دولية ّ‬
‫ّ‬ ‫إلى تمك التّي تنشئ أوضاعا دولية دائمة‪ ،‬و تمك التّي‬

‫‪ -‬المعاىدات التّي تنشئ أوضاعا دولية دائمة‪:‬‬

‫الدولي ‪ ،‬و تعمل عمى تأمين‬


‫و ىي المعاىدات التّي تضع مبادئ قانونية تتصل اتصاال وثيقا بمصمحة المجتمع ّ‬
‫أسباب االستقرار فيو‪ ،‬و مثاليا‪:‬‬

‫‪ ‬المعاىدات التي تضع بعض الدول في حالة حياد دائم‪ :‬و ىذا تجنبا إلثارة المنازعات الدولية فييا أو‬
‫لمسمم الدولي‪ ،‬كمعاىدة‬
‫بسببيا‪ ،‬أو جعميا فاصال بين مجموعة من الدول التّي قد يثير تجاورىا تيديدا ّ‬
‫"فينا" لعام ‪ 1815‬التي وضعت سويس ار في حالة حياد دائم‪ ،‬و معاىدة "لندن" لعام ‪ 1831‬التّي أنشأت‬
‫دولة بمجيكا و وضعتيا في حالة حياد دائم‪.‬‬
‫الدوليين‬
‫السمم و األمن ّ‬
‫معينة‪ :‬و ىذا بغرض حماية ّ‬
‫السالح في مناطق ّ‬ ‫تقرر نزع ّ‬‫‪ ‬المعاىدات التي ّ‬
‫كالمعاىدة التّي أبرمت بين ك ّل من فرنسا و بريطانيا و روسيا في ‪ 1959/12/01‬و اتفق فييا عمى‬
‫السالح‪)2(.‬‬
‫ّ‬ ‫جعل جزر "األالند" منطقة منزوعة‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬أنظر في ذلك بالتفصيل د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.599 -593‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى حسين سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.166 ،165‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ ‬المعاىدات التي تكفل تسيير المرافق العامة الدولية‪ :‬و ىذا بغرض تفعيل و تنشيط المصالح الحيوية‬
‫الدولية‪.‬‬
‫حرية المالحة في بعض المضايق أو القنوات أو الخمجان أو األنيار ّ‬
‫لممجتمع الدولي‪ ،‬كتأمين ّ‬
‫السويس"‪ ،‬و المعاىدتان‬
‫الخاصة بتنظيم المالحة في قناة " ّ‬
‫ّ‬ ‫ومثاليا معاىدة "القسطنطينية" لعام ‪1888‬‬
‫المتعمّقتان بتنظيم المالحة في قناة "بنما" لعامي ‪ 1903 ،1901‬و المبرمتان بين بريطانيا و الواليات‬
‫الراين" لعام ‪ ،1868‬ومعاىدة‬ ‫المتحدة األمريكية وبنما‪ ،‬و معاىدة "مانيايم" المنظّمة لممالحة في نير " ّ‬
‫"فرساي" لعام ‪ 1919‬المنظّمة في جزء منيا لموضع القانوني لقناة "كييل"‪ ،‬و االتفاقيات المنظّمة‬
‫لموضع القانوني لنير "الدانوب" عمى التّوالي‪ :‬اتفاقية باريس لعام ‪ ،1856‬اتفاقية برلين لعام ‪،1878‬‬
‫‪)1(.1883‬‬ ‫اتفاقية لندن لعام‬

‫الدول‬
‫حجة عمى الكافّة‪ ،‬إذ تمزم جميع ّ‬
‫أن ىذه المعاىدات التي تنشئ أوضاعا دولية دائمة تعتبر ّ‬‫و يالحظ ّ‬
‫موجية أساسا لمراعاة المصمحة العميا لممجتمع‬
‫ألن ىذه المعاىدات ّ‬
‫باحتراميا سواء كانت أطرافا فييا أم ال‪ّ ،‬‬
‫برمتيا‪.‬‬
‫الدولية ّ‬
‫بالسريان أعضاء المجموعة ّ‬
‫الدولي كك ّل‪ ،‬و ذلك ما يضفي عمييا ال ّشرعية القانونية في شموليا ّ‬
‫ّ‬

‫الدول األطراف في ىذه المعاىدات قادرة فعال عمى فرض احتراميا من‬‫الناحية العممية ينبغي أن تكون ّ‬
‫من ّ‬
‫الدول غير األطراف فييا‪ ،‬و ىذا ما يتيح لألوضاع التي تنشئيا ىذه المعاىدات شرعية واقعية فضال‬
‫بقية ّ‬
‫قبل ّ‬
‫تتصرف‬
‫ّ‬ ‫الدول التي تنشئ مثل ىذه األوضاع ّإنما‬
‫بأن ّ‬
‫عن شرعيتيا القانونية‪ ،‬و لذلك يرى الفقو الدولي ّ‬
‫بوصفيا (حكومة دولية واقعية)‪)2(.‬‬

‫النوع‬
‫محددا الطّبيعة القانونية ليذا ّ‬
‫الدولي مشروعية المعاىدات المنشئة ألوضاع دولية دائمة ّ‬
‫و قد ّأيد القضاء ّ‬
‫من المعاىدات‪.‬‬

‫السفينة "ويمبمدون" إلى‬


‫الصادر في ‪ 1923‬في قضية ّ‬‫الدولي في حكميا ّ‬ ‫الدائمة لمعدل ّ‬
‫حيث أشارت المحكمة ّ‬
‫فإن‬
‫يخصص طريق مائي يصل بين بحرين مفتوحين بصفة دائمة الستعمال دول العالم أجمع‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫ّأنو ‪ ":‬عندما‬
‫الدولة‬
‫السفن الحربية فيو خرقا لحياد ّ‬
‫مثل ىذا الطّريق يماثل المضايق الطبيعية ‪ ،‬حيث ال يش ّكل حتّى مرور ّ‬
‫(سويس ار) التّي تقع القناة ضمن واليتيا (قناة كييل)‪".‬‬

‫أن ىذا النظام قد وضع بمقتضى معاىدة بين عدد محدود من‬ ‫الرغم من ّ‬
‫و أوضحت المحكمة ّأنو ‪ " :‬عمى ّ‬
‫الدول حاليا حقّا بالمرور يجب احترامو‪)3( ".‬‬
‫فإنو يمنح لكافّة ّ‬
‫الدول (فرساي لعام ‪ّ ،)1919‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.333‬‬


‫‪ ،331 ،330‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‬
‫ص‪.166‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬طالب رشيد يادكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.118 ،117‬‬

‫‪65‬‬
‫عامة‪:‬‬
‫تتضمن تقنينا لقواعد دولية ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬المعاىدات التّي‬

‫استقرارىا و العمل بيا بين أعضاء المجتمع الدولي‬ ‫عامة سبق‬


‫تتضمن ىذه المعاىدات تقنينا لقواعد دولية ّ‬
‫ّ‬
‫فباتت بمثابة عرف دولي ‪ ،‬شريطة أالّ يترتّب عن ىذا التقنين تعديل في مضمونيا إضافة أو نقصانا ‪ ،‬و أن‬
‫تكون صادرة عن ىيئة عالمية معترف بيا (منظمة األمم المتحدة مثال)‪ ،‬و مثال ىذه المعاىدات ميثاق األمم‬
‫المتحدة وسائر المعاىدات التي تبرم في إطار ىذه المنظمة أو تحت إشرافيا (معاىدات حقوق اإلنسان‪-‬‬
‫اإلنساني)‪)1(.‬‬ ‫معاىدات القانون الدولي‬

‫الدولي و ليس‬‫فالقوة الممزمة لمقواعد الواردة في ىذا النوع من المعاىدات تكمن – حقيقة‪ -‬في العرف ّ‬
‫و لذلك ّ‬
‫أي أثر اتّجاه الغير في ىذه الحالة بقدر ما ينتجو العرف‪ ،‬و لكن الغير (الدول‬
‫في المعاىدة ذاتيا التّي ال تنتج ّ‬
‫تضمنتيا ىذه المعاىدات‪ ،‬و ليس ذلك إالّ تعبي ار عن‬
‫ّ‬ ‫معين بالقواعد التّي‬
‫غير األطراف) سيرتبط بعد وقت ّ‬
‫الترابط والتداخل بين القانون الدولي االتفاقي و القانون الدولي العرفي‪)2(.‬‬

‫عبرت عنو المادة ‪ 38‬من اتفاقية فينا بقوليا ‪" :‬ليس في المواد من ‪ 24‬إلى ‪ 27‬ما يمنع ّأية‬ ‫و ىذا تماما ما ّ‬
‫قاعدة منصوص عمييا في معاىدة ما من أن تصبح ممزمة لدولة ثالثة باعتبارىا قاعدة من قواعد العرف في‬
‫القانون الدولي معترف بيا بصفتيا ىذه‪".‬‬

‫المتضمنة تقنينا‬
‫ّ‬ ‫و يمكن ربط سياق المادة ‪ 38‬بالمادتين ‪ 53‬و ‪ 64‬من نفس االتّفاقية لفيم طبيعة المعاىدات‬
‫عامة (القواعد اآلمرة)‪.‬‬
‫لقواعد دولية ّ‬
‫رابعا‪ -‬تعاقب المعاىدات الدولية التي تنظم موضوعا واحدا‪:‬‬

‫كثي ار ما تسفر الممارسة الدولية في نطاق المعاىدات الدولية عن أن تبرم دولتان أو أكثر معاىدة ما تتعمّق‬
‫الدول كمّيا أو بعضيا فيما بينيا أو فيما بينيا و بين دول أخرى‬
‫ثم تبرم ىاتان الدولتان أو ىذه ّ‬
‫معين‪ّ ،‬‬
‫بموضوع ّ‬
‫معاىدة ثانية تتعمّق بذات الموضوع و تتعارض تبعا لذلك مع المعاىدة األولى‪ ،‬و قد يعقب المعاىدة الثانية‬
‫ثالثة و رابعة‪...‬إلخ‪.‬‬

‫المتعددة و المتتابعة المنظّمة‬


‫ّ‬ ‫و عميو تثور في ىذه الحالة إشكالية مدى التنسيق و التوفيق بين المعاىدات‬
‫لنفس الموضوع ‪ ،‬و المتعارضة مع بعضيا تعارضا حقيقيا يصبح معو التوفيق بينيا دون إىدار إحداىا أم ار‬
‫مستحيال في ظ ّل قمّة االجتيادات الفقيية و القضائية لح ّل ىذه المسألة‪.‬‬

‫و يتحقّق ىذا التعارض بتوافر شروطو الثالثة و ىي‪:‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.167 ،166‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عمي صادق أبو ىيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121‬‬

‫‪66‬‬
‫– وحدة األطراف‪ ،‬أي وجود دولة أو أكثر أطرافا في معاىدتين أو أكثر‪.‬‬

‫– وحدة الموضوع‪ ،‬أي أن تنظّم المعاىدات المتعاقبة نفس الموضوع‪.‬‬

‫أن ىناك‬
‫– أن تختمف طريقة معالجة نفس الموضوع في ك ّل معاىدة من المعاىدات المتعاقبة‪ ،‬بحيث يبدو ّ‬
‫تناقضا أو تعارضا بشأن ذات الموضوع‪)1(.‬‬

‫الصدد بين كون ىذه‬


‫و لح ّل مسألة تعاقب المعاىدات التّي تنظّم موضوعا واحدا يجب التمييز في ىذا ّ‬
‫متعددة األطراف‪:‬‬
‫المعاىدات ثنائية أو ّ‬

‫‪ - 1‬المعاىدات الثنائية‪:‬‬

‫متعددة األطراف يبدو األمر أيسر في المعاىدات الثنائية المبرمة بين نفس الدولتين‬
‫مقارنة مع المعاىدات ّ‬
‫أن المعاىدة األخيرة ىي األولى بالتطبيق استنادا إلى المبدأ المتداول (الالّحق‬
‫والمنظّمة لنفس الموضوع‪ ،‬حيث ّ‬
‫أن ّنية طرفي المعاىدة قد اتّجيت ضمنيا إلى إلغائيا حينما أبرمتا معاىدة أخرى‬
‫السابق) عمى اعتبار ّ‬
‫ينسخ ّ‬
‫تعالج نفس الموضوع‪ ،‬ىذا إذا لم تشر المعاىدة الثانية صراحة إلى إبطال العمل باألولى‪.‬‬

‫متعددة األطراف‪:‬‬
‫‪ - 2‬المعاىدات ّ‬

‫متعددة األطراف انطالقا من فرضيتين‪:‬‬


‫و يكون الح ّل عمى مستوى المعاىدات ّ‬

‫السابقة كمّيا ىي نفسيا أطراف المعاىدة الالّحقة التّي نظّمت نفس‬


‫الفرضية األولى‪ :‬إذا كانت أطراف المعاىدة ّ‬
‫الموضوع بطريقة مغايرة‪ ،‬فالح ّل يشبو ذلك المعتمد في المعاىدة الثنائية ‪ ،‬حيث تكون العبرة بالمعاىدة الجديدة‬
‫تمقائيا‪)2(.‬‬ ‫التّي تعتبر فاسخة لممعاىدة األولى‬

‫السابقة كمّيا أو بعضيا‪ ،‬فال يمكن‬


‫الفرضية الثانية‪ :‬إذا لم تكن أطراف المعاىدة الالّحقة ىي أطراف المعاىدة ّ‬
‫ألنو ال يمكن الجزم باتّجاه ّنية بعض أطراف المعاىدة‬
‫في ىذه الحالة تطبيق الح ّل المعتمد في الفرضية األولى‪ّ ،‬‬
‫األولى التّي ىي نفسيا أطراف المعاىدة الثانية إلى إلغاء المعاىدة األولى ما دامت ال تزال أطرافا فييا في‬
‫بقية أطرافيا‪.‬‬
‫مواجية ّ‬

‫يتعين في ىذه الحالة التمييز بين ثالثة أنواع من العالقات‪:‬‬


‫و عميو ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،109 ،108‬و في صور التعارض الممكنة و األمثمة التاريخية التي تجسدىا أنظر‬
‫د‪.‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.360‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.110 ،109‬‬

‫‪67‬‬
‫أ– العالقة بين دولة طرف في المعاىدتين األولى و الثانية و دولة ىي طرف بدورىا في المعاىدتين معا‪:‬‬

‫السابق)‪.‬‬
‫تطبق المعاىدة الثانية دون األولى المتعارضة معيا تطبيقا لمبدأ (الالّحق ينسخ ّ‬
‫في ىذه الحالة ّ‬

‫ب– العالقة بين دولة طرف في المعاىدتين األولى و الثانية و دولة طرف في المعاىدة األولى فقط‪:‬‬

‫الدولة الطّرف في‬


‫و مثل ىذه العالقة تخضع – باتفاق‪ -‬ألحكام المعاىدة األولى مع عدم اإلخالل بمسؤولية ّ‬
‫المعاىدتين عن التزاماتيا الناشئة بمقتضى المعاىدة الثانية في مواجية أطرافيا‪.‬‬

‫ج– العالقة بين دولة طرف في المعاىدتين األولى و الثانية و دولة طرف في المعاىدة الثانية فقط‪:‬‬

‫الدولة الطّرف في‬


‫تخضع مثل ىذه العالقة – باتفاق‪ -‬ألحكام المعاىدة الثانية مع عدم اإلخالل بمسؤولية ّ‬
‫المعاىدتين عن التزاماتيا الناشئة بمقتضى المعاىدة األولى في مواجية أطرافيا‪)1(.‬‬

‫و لتوضيح ك ّل ذلك نورد المثال اآلتي‪:‬‬

‫الدول (أ)‪( ،‬ب)‪( ،‬ج)‪( ،‬د)‪ ،‬و في عام‬


‫معين بين ك ّل من ّ‬
‫في عام ‪ 2010‬أبرمت معاىدة متعمقة بموضوع ّ‬
‫‪ 2014‬أبرمت معاىدة ثانية تتعمّق بنفس موضوع المعاىدة األولى و تتعارض معيا من حيث المضمون بين‬
‫الدول (ج)‪( ،‬د) و (ه)‪( ،‬و) مع استثناء (أ) و (ب) من ىذه المعاىدة الثانية‪.‬‬
‫ك ّل من ّ‬

‫ففي ىذه الحالة‪:‬‬


‫‪ –1‬تخضع العالقة بين الدولتين (ج) و (د) لممعاىدة الثانية المبرمة عام ‪.2014‬‬

‫الدول (ج)‪( ،‬د) و (أ)‪( ،‬ب) فتخضع لممعاىدة األولى المبرمة عام ‪.2010‬‬
‫أما العالقة بين ك ّل من ّ‬
‫‪ّ –2‬‬
‫‪ ،2014‬و‬ ‫الدول (ج)‪( ،‬د) و (ه)‪( ،‬و) لممعاىدة الثانية المبرمة عام‬
‫‪ – 3‬بينما تخضع العالقة بين ك ّل من ّ‬
‫الدولتين (أ) و (ب)‬
‫إذا استحال عمى الدولة (ج) أو الدولة (د) أن تنفذ في نفس الوقت التزاماتيا في مواجية ّ‬
‫الناشئة عن المعاىدة األولى المبرمة عام ‪ 2010‬و التزاماتيا في مواجية الدولتين (ه) و (و) الناشئة عن‬
‫المعاىدة الثانية المبرمة عام ‪ ،2014‬فميا الخيار بين أن تنفّذ التزاماتيا الناشئة عن المعاىدة األولى في‬
‫مواجية الدولتين (أ) و (ب) و تصبح مسؤولة دوليا في مواجية الدولتين (ه) و (و) ‪ ،‬أو أن تنفّذ التزاماتيا‬
‫الناشئة عن المعاىدة الثانية في مواجية الدولتين (ه) و (و) ‪ ،‬و تصبح مسؤولة دوليا في مواجية الدولتين (أ)‬
‫(‪)2‬‬ ‫و (ب)‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬
‫‪(1) ROUSSEAU (Charles) : « De la compatibilité des normes juridiques contradictoire dans l’ordre‬‬
‫‪international » R.G.D.I.P, 1932, pp133- 192.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ " :‬أصول القانون الدولي العام‪ -‬القاعدة الدولية " ج ‪ ،2‬ط‪ ،4‬مؤسسة الثقافة الجامعية‪ -‬القاىرة ‪1979‬‬
‫ص ‪( .248‬بتصرف)‬

‫‪68‬‬
‫السمفادور‬
‫احتجت ك ّل من كوستاريكا و ّ‬
‫ّ‬ ‫و بخصوص ىذه الحالة فقد أفصحت محكمة عدل وسط أمريكا حين‬
‫بأن نيكاراغوا قد أبرمت معاىدة أخرى مع الواليات المتحدة األمريكية تعارضت في أحكاميا مع معاىدات سابقة‬
‫ّ‬
‫بينىا و بين ىاتين الدولتين (كوستاريكا و السمفادور) مخالفة التزاماتيا في مواجية ىاتين األخيرتين‪ ،‬عن عدم‬
‫بطالن المعاىدة الالّحقة المبرمة بين نيكاراغوا و الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬و ّإنما فرضت عمى نيكاراغوا‬
‫السابقة (مع‬
‫التزاما ببذل قصارى جيودىا لتكييف المعاىدة الالّحقة (مع الواليات المتحدة األمريكية) مع تمك ّ‬
‫والسمفادور)‪)1(.‬‬ ‫كوستاريكا‬

‫اتفاقية‬‫كرستو‬
‫و ىذا الح ّل عمى التفصيل ال ّذي أوردناه فيما يخص تعاقب المعاىدات المنظّمة لموضوع واحد ّ‬
‫تحدد‬
‫نصت عمى ّأنو‪ - 1" :‬رىنا بمراعاة المادة ‪ 103‬من ميثاق األمم المتحدة‪ّ ،‬‬
‫فينا في المادة ‪ 30‬منيا‪ ،‬التي ّ‬
‫حقوق والتزامات الدول األطراف في معاىدات متتابعة متصمة بموضوع واحد وفقا لمفقرات التالية‪:‬‬

‫‪ – 2‬حين تنص المعاىدة صراحة عمى ّأنيا تخضع أو ال تعتبر منافية لمعاىدة سابقة أو الحقة تسري أحكام‬
‫ىذه المعاىدة األخيرة‪.‬‬

‫‪ – 3‬حين تكون جميع األطراف في المعاىدة السابقة أطرافا أيضا في المعاىدة الالّحقة دون إنياء المعاىدة‬
‫السابقة أو تعميق تنفيذىا بموجب المادة ‪ ،59‬ال تنطبق المعاىدة السابقة إالّ بمقدار ما تكون أحكاميا متوافقة‬
‫مع أحكام المعاىدة الالّحقة‪.‬‬

‫تضم المعاىدة الالّحقة جميع أطراف المعاىدة السابقة يطبق ما يمي‪:‬‬


‫‪ – 4‬حين ال ّ‬
‫أ – في العالقات بين الدول األطراف في كمتي المعاىدتين تنطبق نفس القاعدة المنصوص عمييا في الفقرة‪.3‬‬

‫ب – فيما بين الدولة الطرف في كمتي المعاىدتين و الدولة الطرف في واحدة منيما فقط‪ ،‬تخضع حقوق‬
‫الدولتين و التزاماتيما المتبادلة لممعاىدة التي تكونان معا طرفا فييا‪.‬‬

‫‪ – 5‬ليس في الفقرة ‪ 4‬ما يخل بالمادة ‪ 41‬أو بأية مسألة من مسائل إنياء معاىدة ما أو تعميق تنفيذىا بموجب‬
‫المادة ‪ ،60‬أو بأية مسألة تتعمق بالمسؤولية قد تنشأ بالنسبة إلى دولة ما نتيجة عقد أو تطبيق معاىدة تتنافى‬
‫أحكاميا مع االلتزامات المترتبة عمييا إزاء دولة أخرى بموجب معاىدة أخرى‪".‬‬

‫خامس‪ -‬تطبيق المعاىدة الدولية أمام القاضي الوطني‪:‬‬


‫ا‬

‫إذا استوفت المعاىدة الدولية شروطيا الشكمية و الموضوعية بالنسبة لمدولة باتت مصد ار من مصادر قانونيا‬
‫الداخمي تسري في مواجية ك ّل أشخاصو بما فييم الدولة ذاتيا‪.‬‬
‫ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) BASTTID (S) : « Les Traités dans la vie internationale » Economica, Paris 1985, p122.‬‬

‫‪69‬‬
‫لكن المعاىدة الدولية‬
‫تطبق بيا القانون الداخمي ‪ ،‬و ّ‬
‫و تمتزم المحاكم الوطنية بتطبيق أحكاميا بالكيفية التّي ّ‬
‫مح ّل تطبيق القاضي الوطني قد تكون متعارضة مع أحد نصوص قانونو الداخمي‪ ،‬فكيف يمكن لو رفع ىذا‬
‫التعارض و الفصل في النزاع الماثل أمامو؟‬

‫إن اإلجابة عن ىذه اإلشكالية تقتضي بحث ثالثة مسائل أساسية و ىي‪ :‬مكانة المعاىدة الدولية أمام القاضي‬
‫ّ‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫سمو المعاىدة الدولية‪ ،‬و أخي ار موقف‬
‫الوطني من خالل رقابتو لمدى توافر شروط تطبيقيا‪ ،‬مبدأ ّ‬
‫الجزائري من المعاىدة الدولية‪:‬‬

‫‪ - 1‬رقابة القاضي الوطني لمدى توافر شروط تطبيق المعاىدة الدولية عمى المستوى الداخمي‪:‬‬

‫المحددة في‬
‫ّ‬ ‫يقتضي تطبيق المعاىدة من قبل القاضي الوطني التأ ّكد من مدى توافر شروط تطبيقيا وفق الكيفية‬
‫قانونو الوطني‪ ،‬و عمى ذلك فاألمر يتطمّب توافر شروط شكمية و أخرى موضوعية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الرقابة الشكمية‪:‬‬

‫و تتمثل في ضرورة مراعاة اإلجراءات التّي يفرضيا دستور القاضي أو قانونو الوطني العتبار المعاىدة نافذة‬
‫يتعين عميو التأ ّكد من مطابقة ك ّل‬
‫ومرتّبة لكافّة آثارىا القانونية داخل إقميم دولتو و في مواجية الكافّة‪ ،‬و لذا ّ‬
‫من عممتي التصديق عمى المعاىدة و نشرىا لما يشترطو دستوره أو قانونو الوطني في ىذا الخصوص‪ ،‬فإذا‬
‫الموضوعية‪)1(.‬‬ ‫الرقابة‬
‫صحة إجراءات ك ّل من التصديق و النشر انتقل إلى ّ‬
‫انتيى إلى سالمة أو ّ‬

‫الرقابة الموضوعية‪:‬‬
‫ب‪ّ -‬‬

‫صحة إجراءات ك ّل من التصديق عمى المعاىدة و نشرىا إلى مراقبة‬


‫الرقابة الموضوعية مراقبة مدى ّ‬
‫تتعدى ّ‬
‫ّ‬
‫موضوعيا أو محتواىا و مدى توافقو أو تعارضو مع مقتضيات دستور أو قانون القاضي‪ ،‬و تصبح العممية في‬
‫الدولة لقضائيا‬
‫الرقابة تتوقّف عمى مدى اعتراف قانون ّ‬
‫ىذه الحدود بحثا في دستورية المعاىدة‪ ،‬و منو فيذه ّ‬
‫بيذه الصالحية‪)2(.‬‬

‫أما في‬
‫ففي الواليات المتحدة األمريكية يعيد بيا إلى المحكمة االتّحادية‪ ،‬و في مصر إلى المحكمة الدستورية‪ّ ،‬‬
‫فرنسا و الجزائر فيعيد بصالحية الفصل في دستورية المعاىدات إلى ىيئة سياسية ىي المجمس الدستوري‪)3(.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬الرقابة عمى دستورية المعاىدات في الجزائر " مجمة المجمس الدستوري‪ ،‬العدد ‪ ،2013 -01‬ص ص ‪-39‬‬
‫‪.44‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.49-44‬‬
‫(‪ )3‬راجع في ذلك د‪ .‬مولود ديدان‪ " :‬مباحث في القانون الدستوري " دار بمقيس لمنشر‪ -‬الجزائر ‪ ،2007‬ص ص‪ ،67-58‬و لمباحث‪:‬‬
‫"المجمس الدستوري ‪ -2016‬قراءة قانونية و سياسية في الحال و المآل" مداخمة ضمن الممتقى الوطني حول المجمس الدستوري‬
‫في ظل تعديل ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬المنعقد بكمية الحقوق ‪-‬جامعة بجاية يوم ‪ ،2017/04/27‬ص‪ 01‬و ما بعدىا‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫سمو المعاىدة الدولية‪:‬‬
‫‪ - 2‬مبدأ ّ‬

‫الداخمي تساؤال مفاده ىل تعتبر ىذه األخيرة‬


‫سمو المعاىدة الدولية في حالة تعارضيا مع القانون ّ‬
‫يطرح مبدأ ّ‬
‫الداخمي بما فيو الدستور ‪ ،‬أم تعتبر جزء من‬
‫بمجرد المصادقة عمييا و نشرىا قانونا (دوليا) أسمى من القانون ّ‬
‫ّ‬
‫الدستور؟‬
‫القانون الداخمي أي قانونا عاديا ال يسمو عمى ّ‬

‫بالسمو عمى‬
‫ّ‬ ‫تختمف دساتير و قوانين الدول في التعامل مع مكانة المعاىدة الدولية‪ ،‬فمنيا التّي تعترف ليا‬
‫القانون الداخمي بما فيو الدستور‪ ،‬و منيا التّي تضعيا في مرتبة مساوية لمدستور‪ ،‬و منيا تمك التّي تجعميا أق ّل‬
‫العادي‪)1(.‬‬ ‫لكنيا أسمى من القانون‬
‫شأنا من الدستور و ّ‬

‫فإما أن يكون‬
‫و في ك ّل األحوال فالتعارض بين المعاىدة الدولية و القانون أو التشريع الداخمي يتّخذ صورتين‪ّ :‬‬
‫إما أن يكون بين معاىدة سابقة و تشريع الحق‪:‬‬ ‫بين تشريع سابق و معاىدة الحقة‪ ،‬و ّ‬
‫السابق و المعاىدة الالّحقة‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التعارض بين التشريع ّ‬

‫السابق و المعاىدة الالّحقة جزئيا‪ ،‬و في ىذه الحالة يمكن رفعو بالتوفيق بين‬
‫قد يكون التعارض بين التشريع ّ‬
‫السابق و المعاىدة الالّحقة معا في الحدود التّي ال‬
‫فيطبق ك ّل من التشريع ّ‬
‫النصوص مح ّل التعارض‪ّ ،‬‬
‫أما إذا كان التعارض كمّيا فال محالة ىنا من تطبيق المعاىدة الالّحقة عمى حساب التشريع‬
‫يتعارضان فييا‪ّ ،‬‬
‫السابق‪)2(.‬‬
‫ّ‬ ‫السابق وفقا لمبدأ الالّحق ينسخ‬
‫ّ‬

‫السابقة و التشريع الالّحق‪:‬‬


‫ب ‪ -‬التعارض بين المعاىدة ّ‬

‫تحمل الدولة لمسؤوليتيا‬


‫يقضي الفقو التقميدي في ىذه الحالة بتطبيق التشريع الالّحق عمى حساب المعاىدة مع ّ‬
‫أن االتّجاه الحديث لمقانون الدولي العام يرى‬
‫السابق)‪ ،‬غير ّ‬
‫الدولية في ىذا الصدد تطبيقا لمبدأ (الالحق ينسخ ّ‬
‫تع ّذر إعمال ىذا المبدأ و بالتالي يعطي األولوية لممعاىدة في التطبيق مطمقا‪ ،‬و يتّفق القضاء الدولي مع ىذا‬
‫قضية " ترايل سمايتا" بين الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا‬
‫الدولية بشأن ّ‬
‫قررت محكمة العدل ّ‬ ‫االتجاه‪ ،‬فقد ّ‬
‫‪ 1948/03/11‬ضرورة االمتناع عن تطبيق القانون الوطني إذا خالف أحكام‬ ‫الصادر في‬
‫في حكميا ّ‬
‫المعاىدة الدولية‪)3(.‬‬

‫‪ 1925/02/21‬المتعمق‬ ‫و أتيح قبل ذلك لممحكمة الدائمة لمعدل الدولي في رأييا االستشاري الصادر بتاريخ‬
‫تحدد موقفيا من المسألة بتغميب القانون الدولي عمى الوطني‪.‬‬
‫بقضية "تبادل السكان اليونان و األتراك" أن ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ .255 ،254‬و انظر في ذلك المادة ‪ 150‬من دستور ‪.2016‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أحمد إسكندري‪ ،‬د‪ .‬محمد ناصر بوغزالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫‪71‬‬
‫أن المادة ‪ 18‬من اتفاقية لوزان المبرمة في ‪ 1923‬تمزم الدول األطراف فييا بتكييف تشريعاتيا‬ ‫حيث ذىبت إلى ّ‬
‫الداخمية معيا و بتعديميا إن لزم األمر لضمان تنفيذ االتفاقية‪)1(.‬‬

‫الدولية‪:‬‬
‫سمو المعاىدة ّ‬
‫المشرع الجزائري من مسألة ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ - 3‬موقف‬

‫الدساتير‬
‫المشرع الجزائري من ىذه المسألة بالتمييز بين الدساتير االشتراكية و ّ‬
‫ّ‬ ‫التعرض لموقف‬
‫يمكن ّ‬
‫المميبيرالية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الدساتير االشتراكية‪:‬‬

‫المشرع الجزائري من المعاىدة الدولية بالنسبة لمقانون الوطني‪،‬‬


‫ّ‬ ‫يبين موقف‬
‫يتضمن دستور ‪ 1963‬حكما ّ‬ ‫ّ‬ ‫لم‬
‫المؤرخ في ‪ 1963 /03/27‬المتعمق بقانون الجنسية قد أ ّكد صراحة في المادة األولى‬‫ّ‬ ‫وان كان األمر ‪96/63‬‬
‫سمو المعاىدة عمى القانون‪.‬‬
‫منو عمى ّ‬
‫أن‪" :‬المعاىدات التي‬
‫نصت المادة ‪ 159‬منو عمى ّ‬ ‫سوى بين المعاىدة و القانون‪ ،‬حيث ّ‬
‫أما دستور ‪ 1976‬فقد ّ‬‫ّ‬
‫صادق عمييا رئيس الجميورية طبقا لألحكام المنصوص عمييا في الدستور تسمو عمى القانون‪".‬‬

‫ب ‪ -‬الدساتير المميبيرالية‪:‬‬
‫‪ 123‬منو التّي‬ ‫سمو المعاىدة الدولية عمى القانون من خالل المادة‬
‫عمد دستور ‪ 1989‬إلى تكريس مبدأ ّ‬
‫أن‪" :‬المعاىدات التي يصادق عمييا رئيس الجميورية حسب الشروط المنصوص عمييا في‬‫نصت عمى ّ‬‫ّ‬
‫الدستور تسمو عمى القانون‪".‬‬

‫مكررة لما جاء في المادة ‪ 123‬من دستور‬


‫مادتو ‪ّ 132‬‬
‫و في نفس االتّجاه سار دستور ‪ 1996‬ال ّذي جاءت ّ‬
‫‪ ،1989‬النص نفسو نقل إلى التعديل الدستوري ‪ 2016‬ضمن المادة ‪ 150‬منو‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تفسير المعاىدة الدولية‪:‬‬


‫يعني تفسير المعاىدة الدولية البحث عن المدلول الحقيقي لنصوصيا من خالل توضيح بعض العبارات الواردة‬
‫فييا لغموضيا أو تناقضيا‪ ،‬أو لتحديد تطبيق أحكاميا في جزئية منيا‪ ،‬أو لبيان حقيقة األغراض المقصودة من‬
‫المعاىدة كك ّل ‪ ،‬و لذلك يفترض التفسير وجود غموض في النص حيث يقتضي المنطق أالّ يجوز تفسير ما ال‬
‫تفسير‪)2(.‬‬ ‫يحتاج إلى‬

‫المختصة بالتفسير‪ ،‬و‬


‫ّ‬ ‫األول بالجية‬
‫و عميو تطرح مسألة تفسير المعاىدة الدولية إشكالين رئيسين‪ :‬يتعمّق ّ‬
‫يتعمّق الثاني بطرق التفسير‪:‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪( .317‬مشار إليو في اليامش)‪.‬‬
‫(‪ )2‬في أىمية تفسير المعاىدات الدولية أنظر محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.327 ،326‬‬

‫‪72‬‬
‫المختصة بالتفسير‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّأوال‪ -‬الجية‬

‫إن تفسير المعاىدات الدولية قد يكون دوليا أو داخميا‪:‬‬


‫ّ‬

‫‪ - 1‬التفسير الدولي‪:‬‬

‫قد يكون التفسير الدولي بدوره ديبموماسيا أو قضائيا‪:‬‬

‫أ ‪ -‬التفسير الديبموماسي‪:‬‬

‫يتمثّل التفسير الديبموماسي في التفسير الحكومي المشترك و تفسير المنظّمات الدولية‪:‬‬

‫‪ -‬التفسير الحكومي المشترك‪:‬‬

‫ألن من يممك وضع‬


‫يتم من قبل حكومات الدول األطراف في المعاىدة‪ ،‬و ىو أمر طبيعي ّ‬
‫ىو التفسير ال ّذي ّ‬
‫حق تفسيره‪ ،‬و بعد ذلك قد يكون ىذا التفسير صريحا كإصدار نص تفسيري ثنائي‬
‫النص يممك من باب أولى ّ‬
‫ّ‬
‫أو متعدد األطراف عبر مذ ّكرات رسمية أو بروتوكوالت و خطابات متبادلة بين أطراف المعاىدة‪ ،‬كما قد يكون‬
‫موحدا و بطريقة تمقائية‪.‬‬
‫يتم تنفيذ أحكام المعاىدة تنفيذا ّ‬
‫التفسير ضمنيا حين ّ‬
‫يؤدي إلى المساس بنصوص المعاىدة أو تغيير بعض‬
‫أن االتّفاق التفسيري ال ينبغي أن ّ‬
‫و تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫حد ذاتو ىي بيان كيفية تطبيق ىذه النصوص و األحكام‪)1(.‬‬
‫أن العمّة من التفسير في ّ‬
‫أحكاميا‪ ،‬ذلك ّ‬

‫‪ -‬تفسير المنظمات الدولية‪:‬‬

‫أن المنظّمات‬
‫تقدمو منظّمة من المنظّمات الدولية أو اإلقميمية أو أحد أجيزتيا‪ ،‬و الثّابت ّ‬
‫ىو التفسير ال ّذي ّ‬
‫الصالحية أم ال‪،‬‬
‫خصتيا تمك المعاىدات بيذه ّ‬ ‫الدولية تضطمع بصالحية تفسير المعاىدات المنشئة ليا سواء ّ‬
‫المحددة‬
‫ّ‬ ‫استقر العرف الدولي عمى منح أجيزة المنظّمات الدولية سمطة تفسير نصوص المعاىدات‬ ‫ّ‬ ‫فقد‬
‫الضمنية ليذه األجيزة‪ ،‬و ذلك تماما ما أ ّكدتو‬
‫الصالحيات ّ‬
‫أن ذلك يدخل في إطار ّ‬ ‫الختصاصاتيا من منطمق ّ‬
‫محكمة العدل الدولية في رأييا االستشاري المتعمّق بالتعويض عن األضرار التّي تمحق موظّفي األمم المتّحدة‬
‫‪)2(.1949‬‬ ‫الصادر في‬
‫أثناء قياميم بالوظيفة‪ ،‬و ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،166 ،165‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،122-120‬د‪ .‬منتصر سعيد‬
‫حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،168 ،167‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ص‪124 ،123‬‬

‫‪73‬‬
‫النص صراحة عمى‬
‫ّ‬ ‫الدولية في حالة عدم‬
‫أن التفسير ال ّذي تنتيي إليو أجيزة المنظّمات ّ‬
‫و تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫نص‬
‫استمدت صالحية التفسير من ّ‬
‫ّ‬ ‫لمدول األعضاء فييا‪ ،‬بخالف ما إذا‬
‫يعد ممزما ّ‬‫منحيا سمطة التفسير ال ّ‬
‫الصالحية‪.‬‬
‫صريح في المعاىدة المنشئة ليا يمنحيا تمك ّ‬

‫ب‪ -‬التفسير القضائي‪:‬‬

‫و يكون عن طريق التحكيم أو القضاء الدوليين‪:‬‬

‫‪ -‬التحكيم الدولي‪:‬‬

‫الدولي طريقا قضائيا تقوم بمقتضاه الدول المتنازعة باختيار شخص أو ىيئة لتسوية ما بينيا من‬
‫يعتبر التحكيم ّ‬
‫يفضل البعض تعريف‬‫خالفات أو نزاعات بطريقة قانونية شريطة التزام ىذه الدول بتنفيذ القرار التحكيمي‪ ،‬كما ّ‬
‫القوة‪.‬‬
‫الدول عن طريق سيادة القانون بدال من سيادة ّ‬
‫بأنو وسيمة لتصفية الخالفات بين ّ‬
‫التحكيم ّ‬

‫الدولية في نياية القرن ال ‪ 18‬بداية من عام ‪ 1794‬تاريخ توقيع‬


‫و لقد ظير التحكيم كوسيمة لتسوية النزاعات ّ‬
‫ك ّل من بريطانيا و الواليات المتحدة األمريكية معاىدة "جاي" لمصداقة و حسن الجوار و المالحة‪ ،‬حيث‬
‫نصا بالمّجوء إلى التحكيم بصدد تفسير و تطبيق ىذه المعاىدة‪.‬‬
‫تضمنت ّ‬
‫ّ‬
‫خاصة تمك المتعمّقة بتفسير‬
‫ّ‬ ‫الدولية‬
‫لفض المنازعات ّ‬
‫بأىمية التحكيم كوسيمة ّ‬
‫الدول ّ‬ ‫و بعد ذلك برز االىتمام بين ّ‬
‫الدولية أبرزىا مؤتم ار "الىاي" لعامي ‪1907 ،1899‬‬
‫تبناه عدد من المؤتمرات ّ‬
‫الدولية‪ ،‬إذ ّ‬
‫و تطبيق المعاىدات ّ‬
‫العامة‬
‫تمخضا عن جممة من االتفاقيات التّي عالجت موضوع التحكيم بالتفصيل من حيث أحكامو ّ‬ ‫المّذان ّ‬
‫الدولية سمميا‪ ،‬حيث أنشئت محكمة دائمة لمتحكيم كبديل‬
‫وإجراءاتو‪ ،‬ال سيما تمك المتّصمة بتسوية المنازعات ّ‬
‫مقر ليا‪.‬‬
‫الخاصة اتّخذت من "الىاي" ّا‬
‫ّ‬ ‫لييئات التحكيم‬

‫تطرقت إلى التحكيم كوسيمة لتفسير المعاىدات الدولية المادة األولى من االتّفاقية العامة‬
‫و في القرن ال ‪ّ 20‬‬
‫الدول األمريكية سنة ‪)1(.1929‬‬
‫لمتحكيم المبرمة بين ّ‬

‫‪ -‬القضاء الدولي‪:‬‬

‫الناجمة عن‬
‫الدولي باعتبار المنازعات ّ‬
‫الدولية ضمن االختصاص الطّبيعي لمقضاء ّ‬
‫يدخل تفسير المعاىدات ّ‬
‫نصت عميو المادة ‪ 13‬من عيد عصبة األمم لعام ‪ ،1919‬و أ ّكدتو‬‫تعد منازعات قانونية‪ ،‬و ىذا ما ّ‬
‫تفسيرىا ّ‬
‫الحقا المادة ‪ 92‬من ميثاق األمم المتحدة لعام ‪.1945‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.163 ،162‬‬

‫‪74‬‬
‫الدول األطراف في ميثاق األمم المتّحدة ىي أطراف تمقائيا في النظام األساسي لمحكمة العدل‬
‫أن ّ‬‫بالرغم من ّ‬
‫و ّ‬
‫أن ىذه العضوية المزدوجة ال تفرض عمييا التقاضي أمام المحكمة إالّ بعد تصريح بذلك من قبلىا‪.‬‬
‫الدولية إالّ ّ‬
‫ّ‬

‫و ذلك ما أ ّكدتو الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 36‬من نظام المحكمة بالقول‪" :‬لمدول التي ىي أطراف في ىذا النظام‬
‫تقر لممحكمة بواليتيا الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية التي تقوم بينيا و‬
‫بأنيا ّ‬
‫تصرح ّ‬
‫األساسي أن ّ‬
‫بين دولة تقبل االلتزام نفسو متى كانت ىذه المنازعات القانونية تتعمق بالمسائل اآلتية‪ :‬أ‪ -‬تفسير معاىدة من‬
‫المعاىدات‪"...‬‬

‫و عميو فمحكمة العدل الدولية تقوم بتفسير المعاىدات الدولية بما فييا ميثاق األمم المتحدة و مواثيق الوكاالت‬
‫المتحدة‪)1(.‬‬ ‫المتخصصة المرتبطة باألمم‬
‫ّ‬ ‫الدولية‬

‫كما يضطمع القضاء اإلقميمي بدوره بتفسير المعاىدات الدولية ذات الطابع اإلقميمي‪ ،‬و يتجمّى ذلك في محكمة‬
‫‪ 1992/02/07‬و المحكمة األوربية لحقوق‬ ‫العدل األوربية المنشأة طبقا لمعاىدة "ماستريخت" المبرمة في‬
‫اإلنسان المنشأة بموجب االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان لعام ‪ ،1950‬و محكمة عدل وسط أمريكا المنشأة‬
‫المصدرة لمنفط‬
‫ّ‬ ‫عام ‪ ،1907‬فضال عن ىيئات قضائية إقميمية أخرى كالييئة القضائية لمنظّمة الدول العربية‬
‫المنشأة بموجب االتفاقية المبرمة في جوان ‪ ،1968‬و الييئة القضائية التحاد المغرب العربي المنشأة بموجب‬
‫معاىدة االتحاد المبرمة في ‪ ،1989/02/17‬و ىيئة تسوية المنازعات لدول مجمس التعاون الخميجي المنشأة‬
‫القمة‬
‫‪ ،1981‬و محكمة العدل اإلسالمية المنشأة في مؤتمر ّ‬ ‫بموجب النظام األساسي لممجمس المبرم سنة‬
‫‪)2(.1987‬‬ ‫الخامس لمنظّمة المؤتمر اإلسالمي المنعقد بالكويت عام‬

‫‪ - 2‬التفسير الداخمي‪:‬‬

‫يتم التفسير الداخمي من قبل السمطة التنفيذية أو القضائية لمدولة الطرف في المعاىدة‪ ،‬لذا ينصرف ىذا التفسير‬
‫ّ‬
‫إلى التفسير الحكومي المنفرد‪ ،‬و التفسير القضائي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬التفسير الحكومي المنفرد‪:‬‬

‫إما بموجب قانون أو مرسوم‪ ،‬و قد يحصل تمقائيا أو بناء عمى‬


‫يتم ىذا التفسير من قبل السمطة التنفيذية عادة ّ‬
‫ّ‬
‫طمب طرف آخر في المعاىدة‪ ،‬أو بمناسبة الفصل في نزاع عمى مستوى القضاء الداخمي لو عالقة بمعاىدة‬
‫ما‪)3(.‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫‪ ،123 ،122‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫(‪ )1‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ص‬
‫ص‪ ،669-667‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،346 ،345‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪،122‬‬
‫‪.123‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.172 -165‬‬
‫(‪ )3‬في طرق التفسير الداخمية أنظر د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.95 ،94‬‬

‫‪75‬‬
‫في الجزائر تفسير المعاىدات الدولية يدخل في االختصاص الحصري لو ازرة ال ّشؤون الخارجية‪ ،‬و ذلك استنادا‬
‫المتمم‬
‫المعدل و ّ‬
‫ّ‬ ‫المتضمن قانون الجنسية‬
‫ّ‬ ‫المؤرخ في ‪2005/02/27‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى المادة ‪ 5،6/37‬من األمر ‪01/05‬‬
‫نصت عمى ّأنو‪ " :‬و عندما يقتضي األمر تفسير أحكام االتفاقات الدولية المتعمقة بالجنسية بمناسبة نزاع‬
‫حيث ّ‬
‫التفسير‪)1(".‬‬ ‫ما تطمب النيابة العامة ىذا التفسير من و ازرة ال ّشؤون الخارجية و تمتزم المحاكم بيذا‬

‫المؤرخ في ‪ 1990/11/10‬المتعمق‬‫ّ‬ ‫و استنادا أيضا إلى المادة ‪ 11‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪359 -90‬‬
‫نصت عمى أن ‪ " :‬يختص وزير الشؤون الخارجية بتفسير‬
‫بتحديد صالحيات وزير الشؤون الخارجية و التّي ّ‬
‫المعاىدات و االتفاقيات و البروتوكوالت و الموائح الدولية‪ ،‬و يدافع عن تفسير الدولة الجزائرية لدى الحكومات‬
‫الوطنية‪)2(".‬‬ ‫األجنبية‪ ،‬و عند االقتضاء لدى المنظمات أو المحاكم الدولية أو‬

‫ب ‪ -‬التفسير القضائي‪:‬‬

‫السائد‬
‫الرأي ّ‬
‫تقره و منيا ما ال تسمح بو‪ ،‬و ّ‬
‫يختمف التفسير القضائي الداخمي بحسب قوانين الدول‪ ،‬فمنيا ما ّ‬
‫أن رعاية العالقات الدولية من اختصاص السمطة‬
‫في االجتياد القضائي الفرنسي و األمريكي و اإلنجميزي ّ‬
‫السمطات‪ ،‬و عميو فال يجوز لممحاكم‬‫السمطة القضائية تطبيقا لمبدأ الفصل بين ّ‬
‫التنفيذية المستقمّة أساسا عن ّ‬
‫تفسير المعاىدات الدولية إالّ بقدر ما يقتضيو الفصل في الدعاوى المطروحة أماميا‪ ،‬و في ىذا االتّجاه سار‬
‫الدولي‪ ،‬و تمك التّي‬
‫تمس النظام العام ّ‬
‫ميز بين المعاىدات التّي ّ‬
‫أما القضاء الفرنسي فقد ّ‬
‫القضاء المصري‪ّ ،‬‬
‫السمطة التنفيذية‪ ،‬فيما عيد بالثّانية إلى القضاء ‪،‬‬
‫الخاصة‪ ،‬فجعل تفسير األولى من اختصاص ّ‬
‫ّ‬ ‫تمس المصالح‬
‫ّ‬
‫الدول التّي تأخذ بنظام ازدواجية القضاء‪،‬‬
‫خاصة في ّ‬
‫ّ‬ ‫الداخمي‬
‫و نظ ار لتعدد الجيات القضائية عمى المستوى ّ‬
‫فإن التفسير القضائي لممعاىدة الدولية قد يقوم بو القضاء العادي أو اإلداري انطالقا من طبيعة النزاع الماثل‬
‫ّ‬
‫أمام الجية القضائية المعنية‪)3(.‬‬

‫الدولية و ال محاكم‬
‫الدول أطراف المعاىدة ال يمزم المحاكم ّ‬
‫أن تفسير محاكم إحدى ّ‬
‫ىذا و تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الدولة مسؤولة دوليا إذا امتنعت محاكميا عن نظر القضايا المطروحة أماميا‬
‫تعد ّ‬
‫بقية أطراف المعاىدة‪ ،‬و لكن ّ‬
‫ّ‬
‫القضية‬
‫ّ‬ ‫إذا كان موضوعيا متعمّقا بتفسير أو تطبيق معاىدة ىي طرف فييا ‪ ،‬خصوصا إذا كان أحد أطراف‬
‫أجنبيا‪.‬‬
‫ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫المتضمن قانون‬
‫ّ‬ ‫المورخ في ‪1970/12/15‬‬
‫‪ّ 86 -70‬‬ ‫المتمم لألمر‬
‫المعدل و ّ‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬األمر ‪ 01 -05‬المؤرخ في ‪2005/02/27‬‬
‫الجنسية‪ -‬جريدة رسمية رقم ‪ 15‬صادرة في ‪.2005/02/27‬‬
‫المؤرخ في ‪ -1990/11/10‬جريدة رسمية رقم ‪.50‬‬ ‫(‪ )2‬المرسوم الرئاسي ‪ّ 359 -90‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬سييل الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام" مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،90‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر"‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،121‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،671-669‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪ ،344 -341‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.124 ،123‬‬

‫‪76‬‬
‫ثاني‪ -‬طرق التفسير‪:‬‬
‫ا‬

‫نصيا أو‬
‫فإن تفسير المعاىدة الدولية قد يكون تفسي ار ّ‬
‫انطالقا من المواد من ‪ 31‬إلى ‪ 33‬من إتفاقية فينا ّ‬
‫ضمنيا‪:‬‬
‫ّ‬

‫النصي‪:‬‬
‫‪ - 1‬التفسير ّ‬

‫النص باالعتماد عمى األلفاظ التّي استعممت فيو‬


‫ّ‬ ‫المفسر القيام بو ىو محاولة تفسير‬
‫ّ‬ ‫إن ّأول عمل ينبغي عمى‬
‫ّ‬
‫نص المعاىدة ىو التعبير الحقيقي عن إرادة أطرافيا‪ ،‬فالفكرة التي تبنى عمييا طريقة‬
‫أن ّ‬‫وذلك من منطمق ّ‬
‫لممفسر تبعا لذلك ىي قراءتو‬
‫ّ‬ ‫أن الوظيفة الرئيسية‬
‫يفسر نفسو‪ ،‬و ّ‬
‫النص المكتوب ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن‬
‫النصي ىي ّ‬
‫ّ‬ ‫التفسير‬
‫بقية نصوص المعاىدة‪)1(.‬‬‫بالربط بينو و بين ّ‬
‫تمعن‪ ،‬مراعاة لممبدأ العادي لأللفاظ المستعممة فيو ّ‬
‫بوضوح و ّ‬

‫يتم ذلك وفقا لمقواعد اآلتية‪:‬‬

‫النص طبقا لمعناه العادي و الطبيعي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫أ ‪ -‬تفسير‬

‫أن‬
‫تتطمّب أبسط قواعد التفسير ضرورة تفسير األلفاظ المستعممة وفقا لمعناىا العادي و الطّبيعي تطبيقا لمبدأ ّ‬
‫النص يجب تطبيقو و عدم التشكيك فيو ما دام واضحا‪ ،‬و بالتّالي فال يجوز الخروج عمى معناه إالّ إذا وجدت‬
‫ّ‬
‫النص معناه العادي و الطّبيعي إلى نتائج غير‬
‫ّ‬ ‫جدية تدعو إلى خالف ذلك‪ ،‬كأن يفضي إعطاء‬
‫أسباب ّ‬
‫‪ 1948‬و المتعمّق‬ ‫الصادر سنة‬
‫الدولية في رأييا االستشاري ّ‬
‫عبرت عنو محكمة العدل ّ‬
‫معقولة‪ .‬وذلك ما ّ‬
‫النزاع أن تقوم بتفسير‬
‫إن عمى المحكمة التّي يرفع إلييا ّ‬‫بشروط قبول العضوية في األمم المتّحدة بقوليا‪ّ " :‬‬
‫أحكام المعاىدة وفقا لممعاني العادية و الطّبيعية لأللفاظ‪)2(".‬‬

‫النص وفقا لسياق المعاىدة‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ب ‪ -‬تفسير‬

‫النص طبقا لمعناه العادي و الطّبيعي إالّ موازاة مع القاعدة الثانية‬


‫ّ‬ ‫يتم تطبيق القاعدة األولى القاضية بتفسير‬
‫ال ّ‬
‫فإن تفسير‬‫يتم في سياق المعاىدة بأكمميا‪ ،‬و عميو ّ‬ ‫بد أن ّ‬‫ألن التفسير كك ّل ال ّ‬
‫المعتمدة عمى سياق المعاىدة‪ّ ،‬‬
‫بالسياق العام‬
‫التقيد فيو ّ‬
‫يتعين ّ‬
‫مجرد‪ ،‬و ّإنما ّ‬
‫نص من نصوص المعاىدة ال يتأتّى من فراغ أو من منظور ّ‬
‫أي ّ‬‫ّ‬
‫ليا (موضوعيا و غرضيا)‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪.48 ،47‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،125 ،124‬د‪ .‬طالب رشيد يادكار‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ص‪ ،121 ،120‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،349‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،169‬د‪.‬محمد‬
‫بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.329‬‬

‫‪77‬‬
‫يتجز ىو المعاىدة في مجموعيا بما فييا‬
‫حية في ك ّل ال ّأ‬
‫النظر إلى األلفاظ الغامضة كأجزاء ّ‬‫و بالتّالي يجب ّ‬
‫أي اتّفاق أو وثيقة مرتبطة بيا‪ ،‬فكمّما كان التفسير‬
‫ديباجتيا و متنيا و أحكاميا الختامية ‪ ،‬و حتّى مالحقيا و ّ‬
‫محتواىا‪)1(.‬‬ ‫مشوىا أو معيبا أو مبتو ار ال صمة لو بفحوى المعاىدة أو‬
‫بعيدا عن سياق المعاىدة كمّما كان ّ‬
‫الدولي بمناسبة تفسيرىا إلحدى المعاىدات التّي رفعيا إلييا‬
‫الدائمة لمعدل ّ‬
‫كرستو المحكمة ّ‬
‫و ىذا تماما ما ّ‬
‫أطرافيا حيث قالت‪ " :‬يجب من أجل بحث المسألة المطروحة حاليا أمام المحكمة و عمى ضوء ألفاظ المعاىدة‬
‫يتم بترىا من‬
‫ذاتيا أن تق أر في مجموعيا‪ ،‬ذلك ّأنو ال يمكن تحديد مغزاىا عمى أساس بعض العبارات التّي ّ‬
‫الوسط الموجودة فيو‪ ،‬و التّي نتيجة لفصميا عن سياقيا يمكن تفسيرىا بطرق مختمفة‪)2(".‬‬

‫ج‪ -‬مبدأ األثر النافع أو إعمال النص خير من إىمالو‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫النص مح ّل التفسير بقدر اإلمكان و عمى النحو ال ّذي أراده أطراف المعاىدة‬
‫ّ‬ ‫يتعين إعمال‬
‫وفقا ليذا المبدأ ّ‬
‫معينة‪ ،‬بينما األخرى ال‬
‫النص مح ّل الغموض يمكن تفسيره بطريقتين إحداىما تسمح بإنتاج آثار ّ‬‫ّ‬ ‫وعميو إذا كان‬
‫يتوجب ترجيحو باعتباره أقرب إلى تحقيق موضوع و غرض‬
‫األول ىو ال ّذي ّ‬
‫أي أثر‪ ،‬فالتفسير ّ‬ ‫تسمح بإنتاج ّ‬
‫النص خير من إىمالو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المعاىدة‪ ،‬ك ّل ىذا استنادا إلى المبدأ المتداول " إعمال‬

‫يؤدي تطبيقو إلى تحميل‬


‫النص في التفسير الحرص عمى أالّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫و يتطمّب مبدأ األثر النافع أو وجوب إعمال‬
‫النص أو‬
‫ّ‬ ‫النص ما ال يحتمل‪ ،‬و إالّ كان ذلك مراجعة أو تعديال لممعاىدة ال تفسي ار ليا‪ ،‬فال يجوز مثال توسيع‬
‫ّ‬
‫ذاتيا‪)3(.‬‬ ‫تضييقو بما يبتعد بو عن روح المعاىدة‬

‫الضمني‪:‬‬
‫‪ - 2‬التفسير ّ‬

‫تستمد من‬
‫ّ‬ ‫المتقدم يعني تفسير نصوصيا باالستناد إلى عناصر‬
‫ّ‬ ‫النصي لممعاىدة عمى النحو‬
‫ّ‬ ‫إن التفسير‬
‫ّ‬
‫المعاىدة ذاتيا (عناصر داخمية)‪ ،‬فإذا أمكن تفسير المعاىدة وفق ىذه الطّريقة فال داعي بعد ذلك لمّجوء إلى‬
‫المتوخاة من‬
‫ّ‬ ‫النصي لم يفض لموصول إلى النتائج‬
‫ّ‬ ‫أما إذا كان تطبيق قواعد التفسير‬
‫عناصر خارج المعاىدة‪ّ ،‬‬
‫يؤدي االكتفاء بيذه القواعد إلى الحصول عمى نتائج غير معقولة يصبح‬
‫النص غامضا أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫التفسير‪ ،‬كأن يبقى‬
‫‪ ،‬و لموقوف عمى ّنية أطراف‬ ‫النص ذاتو لتحديد معناه بدقّة‬
‫ّ‬ ‫الضروري حينئذ المّجوء إلى عناصر خارج‬
‫من ّ‬
‫النية‪.‬‬
‫ألن تفسيرىا في نياية المطاف يستيدف استخالص ىذه ّ‬ ‫المعاىدة‪ّ ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،330 ،329‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪ ،351 ،350‬د‪.‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،170 ،169‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر"‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد الواحد محمد الفار‪ " :‬قواعد تفسير المعاىدات الدولية " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1980‬ص‪ 83‬و ما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،354 ،353‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‬
‫ص‪.125‬‬

‫‪78‬‬
‫السموك الالّحق‪ ،‬و األعمال التحضيرية‬
‫يتم من خالل االعتماد عمى ّ‬
‫الضمني ال ّذي ّ‬
‫يسمى بالتفسير ّ‬
‫و ىذا ما ّ‬
‫النية‪)1(:‬‬
‫ومبدأ حسن ّ‬

‫السموك الالّحق‪:‬‬
‫أ‪ّ -‬‬

‫يتم من قبل جميع‬


‫تتقيد بو في تفسيرىا‪ ،‬و ال يشترط فيو أن ّ‬
‫السموك الالّحق ألطراف المعاىدة عامال ّ‬
‫يعتبر ّ‬
‫نصت عميو المادة ‪ -3/31‬ب‬
‫يتم قبولو من بعضيا اآلخر‪ ،‬و ىذا ما ّ‬
‫أطرافيا‪ ،‬بل يكفي أن يمارسو بعضيا و ّ‬
‫بقوليا‪..." :‬أي ممارسات الحقة في تطبيق المعاىدة تثبت اتفاق األطراف بشأن تفسير‬ ‫من اتفاقية فينا‬
‫(‪)2‬‬ ‫المعاىدة‪"...‬‬

‫ب ‪ -‬األعمال التحضيرية‪:‬‬

‫كالرسائل أو الخطابات المتبادلة بين األطراف‬


‫األولية لممعاىدة ّ‬
‫تتضمن األعمال التحضيرية المشاريع ّ‬
‫ّ‬
‫الصادرة عن‬
‫المتفاوضة و مالحظاتيم و تعميقاتيم في لجان االجتماعات ‪ ،‬و تقارير ىذه المّجان ‪ ،‬و اإلعالنات ّ‬
‫التصرفات التّي صاحبت إبرام‬
‫ّ‬ ‫الدول لدى توقيعيا أو تبادل أو إيداع تصديقاتيا‪ ،‬و بعبارة أخرى ك ّل‬
‫ممثّمي ّ‬
‫المعاىدة‪.‬‬

‫الدولية باتّباع القواعد اآلتية‪:‬‬


‫يتم االعتماد عمى األعمال التحضيرية كوسيمة لتفسير المعاىدة ّ‬
‫و ّ‬
‫نص المعاىدة واضحا بما فيو الكفاية‪.‬‬
‫الرجوع إلى األعمال التحضيرية إذا كان ّ‬
‫‪ -‬ال يجوز ّ‬
‫لمنص أو تحريفو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرجوع إلى األعمال التحضيرية إذا كان من شأنيا تغيير المعنى الطّبيعي‬
‫‪ -‬ال يجوز ّ‬
‫سرية‪)3(.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬يجب أن تكون األعمال التحضيرية متاحة لمجية التّي تقوم بالتفسير و معمومة ال‬

‫بقوليا‪" :‬يمكن االستعانة بالوسائل التكميمية لمتفسير بما فييا‬ ‫و ذلك ما أ ّكدتو المادة ‪ 32‬من اتفاقية فينا‬
‫‪ ،31‬أو تحديد‬ ‫الناجم عن تطبيق المادة‬
‫األعمال التحضيرية لممعاىدة و ظروف عقدىا ‪ ،‬بغية تأكيد المعنى ّ‬
‫يؤدي التفسير وفق المادة ‪:31‬‬
‫المعنى حين ّ‬

‫أ – إلى جعل المعنى مبيما أو غامضا أو‪:‬‬

‫السخف أو الالّمعقولية‪".‬‬
‫ب – إلى الخموص إلى نتيجة واضحة ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬و يطمق عميو أيضا التفسير الواقعي‪ ،‬في مفيومو عموما أنظر د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام "‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.92 ،91‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،353 -351‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.331‬‬
‫‪(3) LAUTERPACHT (H) : « Les travaux préparatoires et l’interprétation des traités » R.C.A.D.I,‬‬
‫‪1934, pp713- 819.‬‬

‫‪79‬‬
‫ج‪ -‬مبدأ حسن ال ّنية‪:‬‬
‫المفسر لدى تفسيره ّأية معاىدة دولية‬
‫ّ‬ ‫يتعين عمى‬
‫الدولي االتّفاقي‪ ،‬و لذلك ّ‬
‫يعتبر ىذا المبدأ من دعائم القانون ّ‬
‫ى يثبت العكس‪)1(.‬‬‫حت‬
‫أن يفترض حسن ّنية أطرافيا‪ ،‬و ىو مبدأ مفترض دوما ّ‬

‫قررتو المادة ‪ 1/31‬من اتفاقية فينا بقوليا‪ " :‬تفسر المعاىدات بنية حسنة وفقا لممعاني العادية التي‬
‫و ذلك ما ّ‬
‫ينبغي إعطاؤىا لتعابير المعاىدة حسب السياق الواردة فيو‪ ،‬و في ضوء موضوع المعاىدة و غرضيا‪"...‬‬

‫نصت عميو أيضا المادة ‪ 2/02‬من ميثاق األمم المتحدة بقوليا‪ " :‬لكي يكفل أعضاء الييئة ألنفسيم‬ ‫و ىو ما ّ‬
‫جميع الحقوق و المزايا المترتّبة عمى صفة العضوية يقومون بحسن نية بااللتزامات التّي أخذوىا عمى أنفسيم‬
‫بيذا الميثاق‪".‬‬

‫نص‬
‫بالنسبة لتفسير المعاىدات التّي صيغت بأكثر من لغتين فطبقا لممادة ‪ 33‬من اتفاقية فينا يكون لك ّل ّ‬
‫و ّ‬
‫لنص‬
‫القوة اإللزامية في التفسير ما لم يتّفق أطرافيا عمى ّأنو عند االختالف تكون األولوية ّ‬
‫من نصوصيا نفس ّ‬
‫معين‪.‬‬
‫ّ‬

‫الحجية في‬
‫نص المعاىدة ال ّذي يصاغ بمغة من غير المّغات المعتمدة في المعاىدة فال يكون لو نفس ّ‬
‫أما ّ‬
‫ّ‬
‫نصت المعاىدة أو اتّفق أطرافيا عمى ذلك‪.‬‬
‫التفسير إالّ إذا ّ‬

‫نص من نصوصيا المعتمدة عند تفسيرىا‪.‬‬


‫أن أللفاظ المعاىدة نفس المعنى في ك ّل ّ‬
‫و يفترض بعد ذلك ّ‬

‫فإنو يؤخذ‬
‫و عندما تكشف المقارنة بين النصوص عن اختالف في المعنى لم يزلو تطبيق المادتين ‪ 31‬و ‪ّ 32‬‬
‫بالمعنى ال ّذي يتّفق مع موضوع المعاىدة و غرضيا و يوفّق بقدر اإلمكان بين النصوص المختمفة إالّ إذا كان‬
‫األطراف‪)2(.‬‬ ‫النصوص األولوية باتّفاق‬
‫ألحد ّ‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مراجعة‪ ،‬تعديل‪ ،‬إنياء و تعميق المعاىدة الدولية‪:‬‬

‫معينة‪ ،‬و بيدف تنظيم عالقات أو أوضاع قائمة فعال أو محتمل‬ ‫الدولية استجابة لضرورات ّ‬ ‫تبرم المعاىدة ّ‬
‫مستمرة‪ ،‬فقد يط أر عمى‬
‫ّ‬ ‫حركية‬
‫ّ‬ ‫الدولية بك ّل ظروفيا و مالبساتيا في‬
‫لما كانت الحياة ّ‬
‫قياميا لحظة إبرام ىا‪ ،‬و ّ‬
‫المستجدات‬
‫ّ‬ ‫التغير ما يقتضي تحوير المعاىدة عمى نحو يتماشى و‬
‫التطور و ّ‬ ‫ّ‬ ‫ىذه العالقات أو األوضاع من‬
‫التطور و‬
‫ّ‬ ‫يؤد ىذا‬
‫الدولي كك ّل‪ ،‬ىذا إذا لم ّ‬
‫يحقق مزيدا من الفائدة ألطرافيا أو لممجتمع ّ‬
‫ّ‬ ‫الصمة بيا ‪ ،‬أو‬
‫ذات ّ‬
‫التغير إلى االستغناء عن المعاىدة كمّيا بإنيائيا‪ ،‬أو جزئيا بتعميقيا‪.‬‬
‫ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪ ،349 ،348‬د‪ .‬عادل أحمد‬ ‫(‪ )1‬أنظر في ىذا المبدأ عمى صعيد القانون الدولي د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‬
‫الطائي مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،169‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،357 ،356‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،173 ،172‬د‪.‬محمد‬
‫بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.336 -333‬‬

‫‪80‬‬
‫حق ىذه‬ ‫تمت بيا ابتداء‪ ،‬فمن ّ‬
‫الصورة التّي ّ‬
‫حق أطراف المعاىدة إبراميا في ّ‬ ‫أن من ّ‬ ‫و إذا كان من المسمّم بو ّ‬
‫األطراف تبعا لذلك تعديميا أو إنياؤىا أو تعميقيا إذا كان ذلك الزما‪ ،‬و ىذا ما سنعالجو في فرعين عمى التّوالي‬
‫نخصص الثّاني إلنيائيا و تعميقيا‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬فيما‬
‫األول لمراجعة و تعديل المعاىدة ّ‬
‫نخصص ّ‬
‫ّ‬

‫الدولية‪:‬‬
‫ّأوال‪ -‬مراجعة و تعديل المعاىدة ّ‬

‫تصرف قانوني تطرح‬‫يخص قبل ك ّل شيء أطرافو‪ ،‬و باعتبار المعاىدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫تصرف قانوني‬
‫أي عمل أو ّ‬ ‫تعديل ّ‬
‫الناحيتين النظرية و العممية‪ ،‬فقد تظير ظروف تحتّم ضرورة تغيير أو تعديل‬ ‫ىامة من ّ‬
‫مسألة تعديميا مشكمة ّ‬
‫نص أو أكثر من نصوصيا استجابة لقانون التغيير‪ ،‬ال ّذي يؤثّر عمى المعاىدة مثمما ىو الحال بالنسبة لمظاىر‬ ‫ّ‬
‫الحياة األخرى‪.‬‬

‫فإن العالقة بين‬


‫دولي ممزم ا يجب أن يخضع لقدر من الثّبات و االستقرار‪ّ ،‬‬ ‫قانوني ا‬
‫ا‬ ‫ف‬‫تصر ا‬
‫لما كانت المعاىدة ّ‬ ‫و ّ‬
‫تم تعديل المعاىدة في الوقت المناسب ‪.‬‬‫التغيير و الثّبات تتطمّب إيجاد نوع من التّوازن ال ّذي يمكن تحقيقو إذا ّ‬
‫أن تعديميا غالبا ما يصطدم بمعارضة بعض أطرافيا التّي ليا مصمحة في بقائيا كما‬‫يبين ّ‬
‫لكن الواقع العممي ّ‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬و ما ىي القواعد التّي تحكم تعديل المعاىدة عموما‪ ،‬و كيف‬
‫ىي‪ ،‬وعميو فما ىو واقع تعديل المعاىدة ّ‬
‫متعددة األطراف خصوصا؟‬‫يتم تعديل المعاىدات ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪:‬‬
‫‪ - 1‬واقع تعديل المعاىدة ّ‬

‫بنص أو‬
‫يميز الفقو عادة بين تعديل المعاىدة الدولية و مراجعتيا‪ ،‬فالتعديل أو التنقيح عادة ما يكون محدودا ّ‬
‫ّ‬
‫ل‪)1(.‬‬
‫أما المراجعة أو إعادة النظر فيي إعادة بحث لممعاىدة كك ّ‬ ‫معينة فييا‪ّ ،‬‬
‫نصوص ّ‬

‫الدول العربية‪ ،‬بينما استعمل ميثاق األمم المتحدة مصطمحات‬


‫و قد استعمل مصطمح التعديل في ميثاق جامعة ّ‬
‫عدة لمتعبير عن معنى واحد تقريبا‪ ،‬فقد استعمل مصطمح التعديل في المادة ‪ ،1/108‬و إعادة النظر في المادة‬
‫ّ‬
‫‪ ،1/109‬و التغيير في المادة ‪ 2/109‬منو‪.‬‬

‫قررت المادة‬
‫‪ 1945‬حيث ّ‬ ‫نصت عمى إمكانية مراجعتيا ميثاق األمم المتّحدة لعام‬
‫و من المعاىدات التّي ّ‬
‫الزمان‬
‫النظر في ىذا الميثاق في ّ‬
‫‪ 1/109‬منو ّأنو ‪ " :‬يجوز عقد مؤتمر عام من أعضاء األمم المتّحدة إلعادة ّ‬
‫تحددىما الجمعية العامة بأغمبية ثمثي أعضائيا ‪ ،‬و بموافقة تسعة من أعضاء مجمس األمن‬
‫والمكان ال ّذين ّ‬
‫ويكون لك ّل عضو في األمم المتّحدة صوت واحد في المؤتمر‪".‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬في ىذه المفاىيم و مدى مراعاتيا في العمل الدولي أنظر د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪.346 -339‬‬

‫‪81‬‬
‫فنصت عمى ّأنو ‪ ":‬يجوز لمجمعية من وقت آلخر أن تدعو‬
‫أما المادة ‪ 19‬من عيد عصبة األمم لعام ‪ّ 1919‬‬ ‫ّ‬
‫أعضاء العصبة ألن يقوموا ببحث جديد لممعاىدات التّي أصبحت غير قابمة لمتطبيق‪ ،‬و كذلك لممواقف التّي‬
‫يؤدي وجودىا إلى تعريض سمم العالم لمخطر‪".‬‬
‫ّ‬

‫‪ ،‬بسبب‬ ‫خاصة فيما يتعمّق بميثاق األمم المتّحدة‬


‫ّ‬ ‫النصين لم يوضعا موضع التنفيذ‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫و تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫يمس التعديل من الناحية‬
‫تعارض مواقف الدول ال سيما تمك المتمتّعة بحق االعتراض (الفيتو)‪ ،‬و عميو فمم ّ‬
‫الدائمين في مجمس األمن إلى ‪ 10‬بدال من ‪ ،06‬و المادة‬
‫العممية إالّ المادة ‪ 23‬المتعمّقة بزيادة األعضاء غير ّ‬
‫النصاب‬‫الدائمين بو حيث أصبح ّ‬
‫‪ 27‬المتعمّقة بالتصويت داخل مجمس األمن تبعا لزيادة عدد األعضاء غير ّ‬
‫المادة ‪ 61‬المتعمّقة بزيادة أعضاء المجمس االقتصادي و االجتماعي إلى ‪ 27‬بدال من‬
‫‪ 09‬بدال من ‪ ،07‬و ّ‬
‫‪)1(.18‬‬

‫الدولية رغم اعتراض أطرافيا‪ ،‬فبعض‬


‫الدولية عمى ح ّل بشأن إمكانية تعديل المعاىدة ّ‬
‫و لم تتّفق الممارسات ّ‬
‫المادة ‪ 18‬من النظام‬
‫بقوة القانون رغم اعتراض بعضيا ( ّ‬
‫تقرر سريان التعديل عمى كافّة أطرافيا ّ‬
‫المعاىدات ّ‬
‫الدول التّي ال توافق عمى التعديل تنتيي عضويتيا‬
‫أن ّ‬
‫تقرر ّ‬
‫الذرية)‪ ،‬و بعضيا ّ‬
‫الدولية لمطّاقة ّ‬
‫األساسي لموكالة ّ‬
‫لمدول التّي لم توافق عمى التعديل باالنسحاب من المعاىدة (المادة‬
‫من المعاىدة تمقائيا‪ ،‬فيما تسمح بعضيا ّ‬
‫العربية)‪)2(.‬‬ ‫الدول‬
‫‪ 2/19‬من ميثاق جامعة ّ‬

‫الدولية عموما‪:‬‬
‫‪ - 2‬القواعد التّي تحكم مراجعة أو تعديل المعاىدة ّ‬

‫جماعية‪ ،‬و سواء‬


‫ّ‬ ‫الدولية عموما سواء كانت ثنائية أو‬
‫بعممية مراجعة أو تعديل المعاىدة ّ‬
‫ّ‬ ‫إن ىذه القواعد تتعمّق‬
‫ّ‬
‫تبين طريقة أو كيفية حدوث المراجعة أو‬
‫اتّفقت جميع أطرافيا عمى مبدأ التعديل أو لم تتّفق‪ ،‬فيذه القواعد ّ‬
‫إالّ‪)3(.‬‬ ‫التعديل ليس‬

‫نصت المادة ‪ – 39‬تحت عنوان‪ :‬القاعدة العامة في تعديل‬


‫فعمى مستوى اتّفاقية فينا لقانون المعاىدات ّ‬
‫المعاىدات‪ -‬عمى ّأنو‪" :‬يجوز تعديل معاىدة ما باتفاق األطراف ‪ ،‬و تنطبق القواعد المنصوص عمييا في الباب‬
‫تنص عميو المعاىدة خالفا لذلك‪".‬‬
‫الثاني عمى مثل ىذا االتّفاق‪ ،‬إالّ بقدر ما ّ‬

‫مما يفيم معو‪:‬‬


‫بالرجوع إلى القواعد الواردة في الباب الثاني نجدىا متعمّقة بعقد المعاىدات و بدء نفاذىا‪ّ ،‬‬
‫و ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) SCELLE (Georges) : « Théorie juridique de la révision des traités » Paris 1936, p645.‬‬
‫‪(2) LECA (J) : « Les techniques de révision des conventions internationales » L.G.D.J, Paris 1961,‬‬
‫‪p04 et s.‬‬
‫(‪ )3‬في ىذه القواعد أنظر د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.382 -380‬‬

‫‪82‬‬
‫الدولية‬
‫عممية إبرام المعاىدة ّ‬
‫أن كيفيات و إجراءات المراجعة أو التعديل محكومة بالقواعد ذاتيا التّي تحكم ّ‬
‫– ّ‬
‫نصت المعاىدة‬
‫أو مراحميا ‪ ،‬من مفاوضات وصوال إلى اعتماد نصوصيا تصديقا و تسجيال و نشرا‪ ،‬إالّ إذا ّ‬
‫مح ّل التعديل عمى أحكام مغايرة‪.‬‬

‫يمسيا التعديل في‬


‫المعدلة و تمك التّي لم ّ‬
‫ّ‬ ‫– تعديل المعاىدة ال يعني إلغاءىا‪ ،‬حيث تبقى سارية بأحكاميا‬
‫السابقة المنقضية‪.‬‬
‫الوقت نفسو‪ ،‬بخالف اإللغاء ال ّذي يقتضي غالبا إبرام معاىدة جديدة تناقض أحكام المعاىدة ّ‬

‫يتم تعديل المعاىدة بالتّراضي بين األطراف التّي قبمت مبدأ التعديل و مقترحاتو في صورة اتّفاق دولي سواء‬
‫– ّ‬
‫مبسط‪ ،‬كما يمكن تعديل المعاىدة دون اتّباع ىذا اإلجراء‬
‫ثبت في شكل معاىدة مستقمّة أو اتفاقية ذات شكل ّ‬
‫الرسمي و بشأن كافّة المعاىدات ميما كان نوعيا‪.‬‬‫ّ‬
‫يتم إالّ باتّفاق طرفي‬
‫أن المراجعة أو التعديل ال ّ‬
‫– ال يطرح تعديل المعاىدات الثنائية إشكاال يذكر‪ ،‬إذ الغالب ّ‬
‫المعاىدة‪ ،‬إذ ال شأن لغيرىما بو‪ ،‬و ال معقّب عمييما فيما ينتييان إليو في ىذا الخصوص‪ ،‬و إذا لم يحدث‬
‫االتّفاق فالمعاىدة تنتيي تمقائيا‪.‬‬

‫متعددة األطراف‪:‬‬
‫‪ - 3‬مراجعة أو تعديل المعاىدات الجماعية أو ّ‬

‫متعددة األطراف عمى‬


‫الصدد بين فرضيات ثالث‪ :‬اتفاق جميع أطراف المعاىدة الجماعية أو ّ‬ ‫نميز في ىذا ّ‬‫و ّ‬
‫مبدأ التعديل و مقترحات التعديل معا‪ ،‬و اتفاق جميع أطراف ىذه المعاىدة عمى مبدأ التعديل دون مقترحات ه‬
‫وعدم اتفاق جميع أطرافيا عمى مبدأ التعديل أصال‪:‬‬

‫متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل و عمى مقترحاتو‪:‬‬


‫أ ‪ -‬اتفاق جميع أطراف المعاىدة ّ‬

‫أن أطراف معاىدة جماعية ما قد تتفّق جميعيا عمى ضرورة‬‫عمميا ‪ ،‬إالّ ّ‬


‫أن ىذه الفرضية نادرة الحدوث ّ‬ ‫رغم ّ‬
‫مراجعة أو تعديل ىذه المعاىدة‪ ،‬و قد تتّفق جميعيا كذلك بعد مشاورات و مناقشات بيذا الشأن عمى المقترحات‬
‫المقدمة لممراجعة أو التعديل فتزّكييا و تقبميا‪ ،‬و في ىذه الحالة ال توجد ّأية إشكالية تطرح حيث تبقى جميع‬
‫ّ‬
‫المعدلة دون أدنى تغيير يذكر في عالقاتيا فيما بينيا بشأن تنفيذ‬
‫ّ‬ ‫أطراف المعاىدة أطرافا فييا بصيغتيا‬
‫األمور‪)1(.‬‬ ‫المعاىدة و ىذا الح ّل يقتضيو المنطق و طبائع‬

‫متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل دون مقترحاتو‪:‬‬


‫ب ‪ -‬اتفاق جميع أطراف المعاىدة ّ‬

‫في ىذه الفرضية يكون االتفاق عمى مبدأ التعديل بين ك ّل أطراف المعاىدة‪ ،‬و عميو يجب تبميغ مقترحات‬
‫يحق لك ّل طرف االشتراك في مناقشة القرار المتعمّق بمقترحات التعديل‪.‬‬
‫التعديل إلى ك ّل أطرافيا‪ ،‬حيث ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.383‬‬


‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون ّ‬

‫‪83‬‬
‫ال يمزم األطراف التّي لم توافق‬
‫أما قرار التعديل ف‬‫تنصب المناقشة عمى قبول أو رفض مقترحات التعديل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫عميو‪ ،‬حيث تنطبق عمييا القاعدة الواردة في المادة ‪ -4/30‬ب من اتفاقية فينا المتعمقة بالمعاىدات المتعاقبة‬
‫المنظمة لموضوع واحد‪.‬‬

‫أما األطراف التّي وافقت عمى مقترحات‬ ‫و بالتالي ال تعتبر أطرفا إالّ في المعاىدة بصورتيا قبل التعديل‪ّ ،‬‬
‫المعدلة وتبقى في نفس الوقت أطرافا في المعاىدة بصورتيا قبل التعديل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التعديل فتصبح أطرافا في المعاىدة‬
‫فإنيا تصبح‬
‫المنضمة ّ‬
‫ّ‬ ‫لمدول‬
‫نصا يقضي بغير ىذا‪ ،‬و بالنسبة ّ‬
‫تتضمن المعاىدة مح ّل التعديل ّ‬
‫ّ‬ ‫ك ّل ىذا ما لم‬
‫‪ 40‬من‬ ‫سجمت ىذه القواعد المادة‬
‫المعدلة في مواجية المجموعتين من األطراف‪ ،‬و قد ّ‬
‫ّ‬ ‫طرفا في المعاىدة‬
‫نصت عمى ّأنو ‪ - 1 " :‬ما لم تنص المعاىدة عمى خالف ذلك يخضع تعديل المعاىدات‬ ‫اتفاقية فينا التّي ّ‬
‫المتعددة األطراف لمفقرات التالية‪:‬‬

‫‪ -2‬أي اقتراح بتعديل معاىدة متعددة األطراف فيما بين جميع األطراف يجب أن تخطر بو جميع الدول‬
‫المتعاقدة‪ ،‬و يكون لك ّل منيا حق االشتراك فيما يمي‪:‬‬

‫أ – القرار المتعمق بالتدابير التي يمزم اتخاذىا بشأن ىذا االقتراح‪.‬‬

‫أي اتفاق لتعديل المعاىدة‪.‬‬


‫أي اتفاق و عقد ّ‬
‫ب ‪ -‬التفاوض عمى ّ‬

‫‪ – 3‬كل دولة يحق ليا أن تصبح طرفا في المعاىدة يحق ليا أيضا أن تصبح طرفا في المعاىدة بصيغتيا‬
‫المعدلة‪.‬‬
‫ّ‬

‫ألية دولة طرف في المعاىدة ال تصبح طرفا في ىذا االتفاق و تنطبق عمى‬
‫‪ – 4‬ال يكون اتفاق التعديل ممزما ّ‬
‫مثل ىذه الدولة الفقرة ‪ -4‬ب من المادة ‪.30‬‬

‫‪ – 5‬أية دولة تصبح طرفا في المعاىدة بعد بدء نفاذ اتفاق التعديل تعد ما لم تعبر عن نية مغايرة‪:‬‬

‫المعدلة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أ – طرفا في المعاىدة بصيغتيا‬

‫أي طرف في المعاىدة غير ممزم باتفاق التعديل‪".‬‬


‫المعدلة بالنسبة إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫ب – و طرفا في المعاىدة غير‬

‫ج ‪ -‬عدم اتفاق جميع أطراف المعاىدة متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل أصال‪:‬‬

‫الدولية لدى كافّة أطرافيا و في وقت واحد‪ ،‬حيث قد يطالب‬


‫الرغبة في مراجعة أو تعديل المعاىدة ّ‬
‫ناد ار ما تبدو ّ‬
‫بعضيا بضرورة مراجعتيا أو تعديميا في الوقت ال ّذي يرفض فيو بعضيا اآلخر ذلك‪ ،‬فما العمل في مثل ىذه‬
‫الحالة؟‬

‫‪84‬‬
‫يصر عمى األخذ بقاعدة اإلجماع في مراجعة و تعديل المعاىدات متعددة األطراف‬ ‫الدولي التقميدي ّ‬
‫كان الفقو ّ‬
‫الدولية األخذ‬
‫الدولي لم تعد تساير ىذا الطّرح‪ ،‬لذلك بدا راجحا في الممارسة ّ‬
‫تطور المجتمع ّ‬
‫لكن مقتضيات ّ‬ ‫ّ‬
‫أىميا‪:‬‬
‫عدة معاىدات ال سيما تمك المنشئة لمنظّمات دولية ّ‬
‫تبنتيا ّ‬
‫بقاعدة األغمبية التّي ّ‬

‫– ميثاق األمم المتّحدة ال ّذي أخذ في المادة ‪ 108‬منو بأغمبية الثمثين‪.‬‬

‫الدول العربية ال ّذي أخذ في المادة ‪ 1/19‬منو بأغمبية الثمثين‪.‬‬


‫– ميثاق جامعة ّ‬

‫– ميثاق منظّمة الوحدة اإلفريقية (سابقا)‪ ،‬و ميثاق اال تّحاد اإلفريقي منذ ‪ ،2001‬ال ّذي أخذ بدوره في المادة‬
‫‪ 1/33‬منو بأغمبية الثمثين‪)1(.‬‬

‫أما عمى مستوى اتفاقية فينا ‪ ،‬فتعديل المعاىدات متعددة األطراف باتفاق بعضيا ‪ ،‬و رفض بعضيا اآلخر من‬
‫ّ‬
‫حيث المبدأ العام ممكن أو جائز بشروط ىي‪:‬‬

‫نصت عميو المعاىدة أو لم تمنعو صراحة عمى األق ّل‪.‬‬


‫– إذا ّ‬

‫بقية أطراف المعاىدة‪.‬‬


‫– أالّ يؤثّر التعديل في حقوق و التزامات ّ‬

‫– أالّ يخالف التعديل موضوع المعاىدة و ىدفيا‪.‬‬

‫بنيتيا في التعديل و بمضمون ىذا‬


‫الرافضة لو) ‪ّ ،‬‬
‫الراغبة في التعديل األطراف األخرى ( ّ‬
‫– إخطار األطراف ّ‬
‫تنص المعاىدة عمى خالف ذلك‪)2(.‬‬
‫التعديل ما لم ّ‬

‫الرامية إلى التغيير في المعاىدات‬


‫سجمتيا المادة ‪ 41‬من اتفاقية فينا – تحت عنوان االتفاقات ّ‬
‫و ىذه القواعد ّ‬
‫نصت عمى ّأنو‪ - 1 " :‬يجوز لطرفين أو‬ ‫المتعددة األطراف في العالقات بين بعض األطراف فقط ‪ -‬حيث ّ‬
‫أكثر في معاىدة متعددة األطراف عقد اتفاق يرمي إلى تغيير في المعاىدة فيما بينيا فقط إذا‪:‬‬

‫أ – كان إمكان إجراء مثل ىذا التغيير منصوصا عميو في المعاىدة أو‪:‬‬

‫ب – كان التغيير المقصود غير محظور في المعاىدة‪:‬‬

‫‪ – 1‬و ال يؤثّر عمى تمتّع األطراف األخرى بحقوقيا بمقتضى المعاىدة و ال عمى أداء االلتزامات المترتبة‬
‫عمييا‪.‬‬

‫‪ – 2‬و ال يتعمّق بحكم يكون االنتقاص منو منافيا لمتنفيذ الفعال لموضوع و غرض المعاىدة كك ّل‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.387-385‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.350-348‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ – 2‬ما لم تنص المعاىدة في حالة تشمميا الفقرة ‪ -1‬أ عمى خالف ذلك‪ ،‬تخطر األطراف المعنية األطراف‬
‫بنيتيا في عقد االتّفاق و بالتغييرات التّي ترمي إلى إدخاليا في المعاىدة‪".‬‬
‫األخرى ّ‬

‫الدولية‪:‬‬
‫ثاني‪ -‬إنياء و تعميق المعاىدة ّ‬
‫ا‬

‫الدولية يعني نياية العمل بأحكاميا و زواليا من النظام القانوني الدولي بصرف‬
‫انقضاء أو إنياء المعاىدة ّ‬
‫يمتد ىذا اإلنياء إلى الجانب ال ّشكمي و الموضوعي لممعاىدة‪ ،‬أي‬
‫السبب ال ّذي ّأدى إلى ذلك‪ ،‬حيث ّ‬
‫النظر عن ّ‬
‫كتصرف و كقاعدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نياية ىذه األخيرة‬

‫يميز إنياء المعاىدة عن تعميقيا‪ ،‬فالتعميق أو الوقف يشمل الجانب القاعدي منيا فقط فيما تبقى‬
‫و ىذا ما ّ‬
‫كتصرف أيضا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كتصرف حتّى يزول سبب تعميقيا‪ ،‬فتعود الحياة إلى جانبيا القاعدي أو تنيى فتزول‬
‫ّ‬ ‫سارية‬

‫نص المادة ‪ 1/70‬من اتفاقية فينا بنص المادة ‪ 1/72‬منيا‪ ،‬حيث‬ ‫جميا من خالل مقابمة ّ‬ ‫و يبدو ىذا الفرق ّ‬
‫تنص المادة ‪ 1/70‬عمى ّأنو‪ – 1 " :‬ما لم تنص المعاىدة أو تتفق األطراف عمى خالف ذلك‪ ،‬فإن انتياء‬ ‫ّ‬
‫معاىدة ما بمقتضى أحكاميا أو وفقا ليذه االتفاقية‪:‬‬

‫أي التزام بمواصمة تنفيذ المعاىدة‪.‬‬


‫أ – يعفي األطراف من ّ‬

‫أي حق أو التزام أو وضع قانوني لألطراف أنشأه تنفيذ المعاىدة قبل انتيائيا‪"...‬‬
‫ب – ال يؤثّر في ّ‬

‫فإن تعميق‬
‫و تنص المادة ‪ 1/72‬عمى ّأنو‪ – 1 " :‬ما لم تنص المعاىدة أو تتفق األطراف عمى خالف ذلك‪ّ ،‬‬
‫تنفيذ معاىدة ما بمقتضى أحكاميا أو وفقا ليذه االتفاقية‪:‬‬

‫أ – يعفي األطراف التي يعمق تنفيذ المعاىدة فيما بينيا من االلتزام بتنفيذ المعاىدة في عالقاتيا المتبادلة خالل‬
‫فترة التعميق‪.‬‬

‫قررتيا المعاىدة فيما بين األطراف‪"...‬‬


‫بأي شكل آخر في العالقات القانونية التي ّ‬
‫ب – ال يؤثّر ّ‬

‫فإن إنياء أو تعميق المعاىدة الدولية قد يكون ألسباب اتفاقية أو غير اتفاقية‪:‬‬
‫و في ك ّل األحوال ّ‬

‫‪ - 1‬األسباب االتفاقية إلنياء و تعميق المعاىدة الدولية‪:‬‬

‫المعبر عنيا في‬


‫ّ‬ ‫المؤدية إلى إنياء أو تعميق المعاىدة الدولية إلى إرادة أطرافيا‬
‫ّ‬ ‫تستند األسباب االتفاقية‬
‫المعاىدة ذاتيا‪ ،‬أو إلى اتفاق الحق(‪:)1‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬في أسباب إنياء و تعميق المعاىدة أنظر د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،395-392‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ص‪.676 ،675‬‬

‫‪86‬‬
‫أ ‪ -‬إنياء و تعميق المعاىدة الدولية بمقتضى أحكاميا أو بموافقة جميع أطرافيا‪:‬‬

‫يمكن ليذه الموافقة أن تكون صريحة أو ضمنية‪:‬‬

‫الصريحة‪:‬‬
‫‪ -‬الموافقة ّ‬

‫‪.‬‬ ‫يفترض في ىذه الحالة أن تشتمل المعاىدة عمى نصوص تتعمّق بتحديد أسباب انتياء المعاىدة أو تعميقيا‬
‫بنص المعاىدة أو اتفاق أطرافيا‬
‫ألن االنتياء أو التعميق مرىون ّ‬
‫أن ىذه الفرضية ال تثير ّأية مشاكل ‪ّ ،‬‬
‫والحقيقة ّ‬
‫مرة أخرى‪،‬‬
‫يقرر تجديدىا ّ‬
‫نص ّ‬‫معين فتنقضي ما لم يكن ىناك ّ‬‫تنص المعاىدة عمى سريانيا ألجل ّ‬‫كما قد ّ‬
‫لمدة مماثمة‬
‫مؤداه استمرار سريانيا رغم حمول أجل إنيائيا ّ‬
‫فعادة ما يقترن أجل سريانيا بشرط تجديدي ضمني ّ‬
‫لممدة‪)1(.‬‬
‫السابقة أو بدون تحديد ّ‬
‫لممدة ّ‬
‫ّ‬

‫الدولية‬
‫لممنظمات ّ‬
‫ّ‬ ‫محددة‪ ،‬كالمعاىدات المنشئة‬
‫أن ىناك من المعاىدات ما يسري خالل فترة غير ّ‬‫غير ّ‬
‫المدة‬
‫محدد ّ‬‫واإلقميمية (ميثاق األمم المتحدة‪ -‬ميثاق جامعة الدول العربية)‪ ،‬و إن كان بعض ىذه المعاىدات ّ‬
‫معين كما ىو الحال في المعاىدة المنشئة لمجماعة األوربية‬
‫نص يقضي بتجديد سريانيا ألجل ّ‬
‫لكن قد يرد فييا ّ‬
‫‪)2(.)97‬‬ ‫حدد أجل سريانيا ب ‪ 50‬عاما يمكن تجديدىا (المادة‬
‫الصمب التّي ّ‬
‫لمفحم و ّ‬

‫بشأن إنياء المعاىدة وفقا ألحكاميا أو بموافقة أطرافيا عمى ّأنو‪:‬‬ ‫نصت المادة ‪ 54‬من اتفاقية فينا‬
‫و قد ّ‬
‫"يجوز إنياء المعاىدة أو انسحاب طرف منيا‪:‬‬

‫أ – وفقا ألحكام المعاىدة أو‪:‬‬

‫الدول األخرى‪".‬‬
‫أي وقت من األوقات بموافقة األطراف بعد التشاور مع ّ‬
‫ب – في ّ‬

‫نصت المادة ‪ 57‬من نفس االتّفاقية بشأن تعميق المعاىدة وفقا ألحكاميا أو بموافقة أطرافيا عمى ّأنو‪:‬‬
‫كما ّ‬
‫"يجوز تعميق تنفيذ معاىدة ما بالنسبة إلى جميع األطراف أو بالنسبة لطرف بعينو‪:‬‬

‫أ – وفقا ألحكام المعاىدة أو‪:‬‬

‫أي وقت من األوقات بموافقة جميع األطراف بعد التشاور مع الدول المتعاقدة األخرى‪".‬‬
‫ب – في ّ‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،138 ،137‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪ ،143 -141‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪( 392‬مشار إليو في اليامش)‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬الموافقة الضمنية‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫تعتبر المعاىدة منتيية اتفاقا و بصورة ضمنية إذا أبرمت جميع أطرافيا معاىدة أخرى في ذات الموضوع‬
‫أن ّنيتيم ىي الخضوع ألحكام المعاىدة الالّحقة‪ ،‬أو كانت‬
‫وتبين من ىذه األخيرة أو بناء عمى سموكات أطرافيا ّ‬
‫ّ‬
‫السابقة إلى درجة يستحيل معيا العمل بالمعاىدتين في نفس‬
‫أحكام ىذه األخيرة تتناقض مع أحكام المعاىدة ّ‬
‫السابقة معمّقة فقط حيث يعمل بالمعاىدة الالّحقة إذا ورد في ىذه األخيرة ما‬
‫الوقت‪ ،‬كما قد تعتبر المعاىدة ّ‬
‫ل‪)1(.‬‬
‫أن ّنيتيا اتّجيت إلى ىذا الح ّ‬
‫تبين من سموكات أطرافيا ّ‬
‫يد ّل عمى ذلك أو ّ‬

‫بنصيا عمى ّأنو‪ – 1 " :‬تعتبر المعاىدة منتيية إذا عقدت‬


‫أقرتو المادة ‪ 59‬من اتفاقية فينا ّ‬
‫و ىذا تماما ما ّ‬
‫جميع أطرافيا معاىدة الحقة تتعمق بنفس الموضوع‪:‬‬

‫أن في ّنية األطراف إخضاع ذلك الموضوع ليذه‬


‫يتبين من المعاىدة الالّحقة أو يثبت بطريقة أخرى ّ‬
‫أ–و ّ‬
‫المعاىدة أو‪:‬‬

‫السابقة إلى درجة يستحيل معيا تطبيق المعاىدتين‬


‫ب‪ -‬تكون أحكام المعاىدة الالّحقة منافية ألحكام المعاىدة ّ‬
‫في آن معا‪.‬‬

‫أن ىذه ىي ّنية‬


‫تبين من المعاىدة الالّحقة أو ثبت بطريقة أخرى ّ‬
‫السابقة معمّقة ال غير إذا ّ‬
‫‪ – 2‬تعتبر المعاىدة ّ‬
‫األطراف‪".‬‬

‫ب ‪ -‬االتفاق الالّحق عمى تعميق المعاىدة باتفاق بعض أطرافيا فقط‪:‬‬

‫ألن اإلنياء يتطمّب‬


‫مبدئيا ال يمكن االتفاق بين بعض أطراف المعاىدة دون البعض اآلخر عمى إنيائيا ‪ّ ،‬‬
‫نصت المعاىدة عمى تعميقيا أو عمى األق ّل لم‬
‫لكن األمر ممكن إذا تعمّق بالتعميق‪ ،‬فإذا ّ‬
‫موافقة جميع األطراف‪ّ ،‬‬
‫تمنع تعميقيا صراحة و تع ّذر اتفاق جميع أطرافيا عمى ىذا التعميق‪ ،‬تمجأ األطراف المعنية بيذا اإلجراء دون‬
‫الرافضة لو) إلى إبرام اتفاق مستق ّل الحق عمى المعاىدة يكون موضوعو االتفاق عمى‬
‫بقية أطراف المعاىدة ( ّ‬
‫ّ‬
‫بقية أطراف المعاىدة ‪ ،‬و ال ينافي موضوعيا و‬
‫تعميقيا شريطة أالّ يؤثّر ىذا االتفاق عمى حقوق و التزامات ّ‬
‫بنص‬
‫بقية أطراف المعاىدة ‪ ،‬إالّ إذا كان ىذا اإلخطار غير الزم ّ‬
‫غرضيا وأن تخطر األطراف المعنية بو ّ‬
‫المعاىدة ذاتيا‪)2(.‬‬

‫بنصيا عمى ّأنو‪:‬‬


‫عبرت عنو المادة ‪ 58‬من اتفاقية فينا ّ‬
‫و ىذا تماما ما ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.398 -395‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.677‬‬

‫‪88‬‬
‫متعددة األطراف عقد اتفاق لتعميق تنفيذ أحكام المعاىدة بصفة‬
‫" ‪ – 1‬يجوز لطرفين أو أكثر في المعاىدة ّ‬
‫مؤقتة و فيما بينيا فقط إذا‪:‬‬

‫أ – كان إمكان مثل ىذا التعميق منصوصا عميو في المعاىدة أو‪:‬‬

‫ب – كان التعميق المقصود غير محظور في المعاىدة‪:‬‬

‫‪ – 1‬و ال يؤثّر عمى تمتّع األطراف األخرى بحقوقيا بمقتضى المعاىدة و ال عمى أداء االلتزامات المترتبة‬
‫عمييا‪.‬‬

‫‪ – 2‬و ال يتنافى مع موضوع المعاىدة و غرضيا‪.‬‬

‫‪ -1‬أ عمى خالف ذلك تخطر األطراف المعنية األطراف‬ ‫‪ – 2‬ما لم تنص المعاىدة في حالة تشمميا الفقرة‬
‫بنيتيا في عقد االتفاق‪ ،‬و بما تنوي تعميق تنفيذه من أحكام المعاىدة‪".‬‬
‫األخرى ّ‬

‫الدولية‪:‬‬
‫‪ - 2‬األسباب غير االتفاقية إلنياء أو تعميق المعاىدة ّ‬

‫الضمنية ألطراف المعاىدة‪ ،‬و ّإنما تعود إلى وقوع أحداث‬


‫الصريحة أو ّ‬
‫ال تستند ىذه األسباب إلى اإلرادة ّ‬
‫طارئة تأتي الحقة عمى إبرام المعاىدة‪.‬‬

‫الدولية‪ :‬إخالل أحد أو بعض أطراف المعاىدة بأحكاميا‪ ،‬و‬


‫و من ىذه األسباب األكثر برو از في الممارسة ّ‬
‫تغي ار جوىريا‪ ،‬و قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية‪ ،‬و‬
‫تغير الظروف التّي أبرمت في ظمّيا المعاىدة ّ‬
‫ّ‬
‫اندالع الحرب‪ ،‬و غيرىا من األسباب التّي يأتي بيانيا فيما يمي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬اإلخالل الجوىري بأحكام المعاىدة‪:‬‬

‫تخصيا‬
‫ّ‬ ‫ألنيا تتنازل عن حقوق‬
‫تقررىا المعاىدة عمال مشروعا‪ّ ،‬‬‫يعتبر تنازل الدولة عن بعض الحقوق التّي ّ‬
‫المقررة في المعاىدة إذ يعتبر‬
‫وال يؤثّر مثل ىذا التنازل عمى غيرىا‪ ،‬بخالف ما إذا امتنعت عن تنفيذ االلتزامات ّ‬
‫يؤدي إلى إنيائيا أو تعميقيا ىو‬
‫ذلك مخالفة أو إخالال بالمعاىدة‪ ،‬و إذا كان اإلخالل الجوىري بالمعاىدة ّ‬
‫يؤدي إلى ىذه النتيجة‪)1(.‬‬
‫القاعدة فيناك استثناء حيث ال ّ‬

‫ثم االستثناء‪:‬‬
‫و عميو نتناول القاعدة‪ّ ،‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،678 ،677‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،342-340‬د‪.‬أحمد بمقاسم‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،139 ،138‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.147 ،146‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -‬القاعدة‪:‬‬

‫المتضرر من ىذا اإلخالل‬


‫ّ‬ ‫حق الطّرف‬
‫إذا أخ ّل أحد أو بعض أطراف المعاىدة بااللتزامات التي تفرضيا‪ ،‬فمن ّ‬
‫يؤدي دائما إلى ىذه النتيجة‬
‫أن ىذا اإلخالل ال ّ‬
‫أو األطراف األخرى أن تنيي المعاىدة أو تعمّق تنفيذىا‪ ،‬غير ّ‬
‫التحجج بذلك ذريعة لمتحمّل من أحكام المعاىدة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واالّ نجم عن ذلك فوضى في العالقات الدولية‪ ،‬حيث يصبح‬
‫الدولية‬
‫طبقت محكمة العدل ّ‬ ‫المبرر إلنياء المعاىدة أو تعميقيا جوىريا‪ ،‬و قد ّ‬
‫وعميو يجب أن يكون اإلخالل ّ‬
‫أقرت إنياء‬
‫الصادر سنة ‪ 1971‬في قضية " جنوب غرب إفريقيا" حيث ّ‬ ‫ىذا المعيار في رأييا االستشاري ّ‬
‫المعاىدة التّي قضت بانتداب جنوب إفريقيا عمى جنوب غرب إفريقيا لتحقّق اإلخالل الجوىري بالمعاىدة و‬
‫المنصوص عميو في المادة ‪ 3/60‬من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات ‪ ،‬و تمثّل ىذا اإلخالل في عدم التزام‬
‫خاصة فيما يتعمّق بتقديم التقارير‪،‬‬
‫ّ‬ ‫جنوب إفريقيا بالتزامات الخضوع إلشراف األمم المتحدة في إدارة اإلقميم‬
‫أن سياسة التمييز العنصري التّي كانت تنتيجيا تمثّل انتياكا صارخا لمقاصد و مبادئ ميثاق األمم‬ ‫فضال عن ّ‬
‫المتحدة‪)1(.‬‬

‫الدولية تكشف عن حاالت أنييت فييا معاىدات لإلخالل الجوىري بأحكاميا‪ ،‬يتعمّق األمر‬ ‫أن الممارسة ّ‬‫كما ّ‬
‫بإنياء بمجيكا المعاىدة المبرمة بينيا و بين ىولندا عام ‪ 1863‬استنادا إلى خرق األخيرة ليا‪ ،‬و إنياء الواليات‬
‫‪ 1931‬استنادا أيضا إلى انتياك‬ ‫المتّحدة األمريكية معاىدة تسميم المجرمين المبرمة بينيا و بين اليونان عام‬
‫األخيرة ألحكاميا‪)2(.‬‬

‫نصت المادة ‪ 4 ،3 ،2 ،1/60‬من اتفاقية فينا عمى اإلخالل الجوىري بالمعاىدة كسبب إلنيائيا أو‬ ‫و قد ّ‬
‫يخول لمطرف اآلخر االستظيار‬‫تعميقيا‪ ،‬فجاء فييا‪ – 1 " :‬أي خرق مادي لمعاىدة ثنائية من أحد طرفييا ّ‬
‫بوقوع الخرق سببا إلنياء المعاىدة أو تعميق تنفيذىا كمّيا أو بعضيا في الحالتين‪.‬‬

‫يخول‪:‬‬
‫‪ – 2‬أي خرق لمعاىدة متعددة األطراف من أحد األطراف ّ‬
‫إما‪:‬‬
‫أ – األطراف األخرى أن تعمد باإلجماع إلى تعميق تنفيذ المعاىدة كمّيا أو بعضيا أو إلى إنيائيا ّ‬
‫‪ – 1‬في العالقات بينيا و بين الدولة المسؤولة عن الخرق أو‪:‬‬

‫‪ – 2‬فيما بين جميع األطراف‪.‬‬

‫يمسو الخرق بشكل خاص أن يستظير بوقوعو سببا لتعميق تنفيذ المعاىدة كمّيا أو بعضيا‬‫ب – لمطّرف ال ّذي ّ‬
‫في العالقات بينو و بين الدولة المسؤولة عن الخرق‪.‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.183 ،182‬‬
‫(‪ )2‬لممزيد أنظر د‪ .‬طالب رشيد يادكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،132-130‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪-401‬‬
‫‪ 403‬د‪ .‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.180‬‬

‫‪90‬‬
‫الدولة المسؤولة عن الخرق أن يستظير بوقوع الخرق سببا لتعميق تنفيذ المعاىدة كمّيا أو‬
‫ألي طرف غير ّ‬ ‫ج– ّ‬
‫مادي ألحكاميا من قبل أحد أطرافيا إلى‬ ‫أي خرق ّ‬‫يؤدي ّ‬
‫بعضيا بالنسبة إليو ‪ ،‬إذا كانت المعاىدة من نوع ّ‬
‫إحداث تغيير جذري في وضع ك ّل طرف من أطرافيا فيما يتعمّق بمواصمة أداء التزاماتو بمقتضى المعاىدة‪.‬‬

‫‪ – 3‬في تطبيق ىذه المادة يراد بالخرق المادي ما يمي‪:‬‬

‫تقره ىذه االتّفاقية أو‪:‬‬


‫أي رفض لممعاىدة ال ّ‬
‫أ– ّ‬

‫أىمية جوىرية بالنسبة إلى تحقيق موضوع المعاىدة و غرضيا‪.‬‬


‫ب – خرق ذي ّ‬
‫بأي حكم من أحكام المعاىدة ينطبق في حالة وقوع خرق‪"...‬‬
‫السابقة ما يخ ّل ّ‬
‫‪ – 4‬ليس في الفقرات ّ‬

‫‪ -‬االستثناء‪:‬‬

‫يستمر في‬
‫ّ‬ ‫يؤدي دائما خرق المعاىدة أو اإلخالل بيا إلى إنيائيا أو تعميقيا‪ ،‬فيناك من المعاىدات ما‬
‫ال ّ‬
‫السريان رغم ىذا الخرق أو اإلخالل‪ ،‬و يتعمّق األمر بالمعاىدات التّي تحمي ال ّشخص اإلنساني أو ذات الطّابع‬
‫ّ‬
‫حد تعبير اتفاقية فينا‪ ،‬و ىي تقصد المعاىدات المتعمّقة بحقوق اإلنسان (العيدين الدوليين مثال‬
‫اإلنساني عمى ّ‬
‫الخاصة) و تمك‬
‫ّ‬ ‫لمحقوق المدنية و السياسية‪ ،‬االقتصادية االجتماعية و الثقافية لعام ‪ 1966‬و باقي االتفاقيات‬
‫النزاعات‬
‫‪ 1949‬بشأن حماية ضحايا ّ‬ ‫المتعمّقة بالقانون الدولي اإلنساني (ال سيما اتفاقات جنيف األربع لعام‬
‫بقية األطراف ‪ ،‬مع‬
‫إن االستمرار في تنفيذ أحكام مثل ىذه المعاىدات يصبح التزاما عمى عاتق ّ‬
‫المسمّحة)‪ .‬بل ّ‬
‫الدولية في ىذا‬
‫بتحمل الطّرف المسؤول عن خرق أو انتياك ىذه المعاىدات لمسؤوليتو ّ‬
‫عدم اإلخالل ّ‬
‫الصدد‪)1(.‬‬
‫ّ‬

‫نصت المادة ‪ 5/60‬من اتفاقية فينا عمى ّأنو‪ -5 " :‬ال تنطبق الفقرات من ‪ 1‬إلى ‪ 3‬عمى األحكام‬ ‫حيث ّ‬
‫المتعمقة بحماية ال ّشخص اإلنساني و الواردة في المعاىدات ذات الطابع اإلنساني‪ ،‬و بخاصة منيا األحكام‬
‫أي شكل من أشكال االنتقام من األشخاص المحميين بمثل ىذه المعاىدات‪".‬‬
‫التّي تحظر ّ‬

‫القوة القاىرة)‪:‬‬
‫ب ‪ -‬استحالة تنفيذ المعاىدة لسبب طارئ ( ّ‬

‫يجوز ألحد أطراف المعاىدة أو بعضيا أن تستند إلى استحالة تنفيذىا كسبب إلنيائيا أو تعميقيا حسب واقع‬
‫الحالة‪ ،‬ال سيما إذا نجمت ىذه االستحالة عن اختفاء أو ىالك موضوع المعاىدة‪ ،‬و من األمثمة التقميدية التّي‬
‫المنصبة‬
‫ّ‬ ‫السياق‪ :‬المعاىدة المتعمّقة بتنظيم نير ّأدت ظروف ما إلى جفافو‪ ،‬أو المعاىدة‬
‫يوردىا الفقو في ىذا ّ‬
‫عمى وضع قانوني لجزيرة غمرتيا المياه‪ ،‬أو المعاىدة الثنائية التّي موضوعيا تنازل أحد طرفييا لألخرى عن‬
‫السفينة التّي تش ّكل موضوع المعاىدة‪...‬‬
‫السد أو الطّائرة أو ّ‬
‫إقميم ال تممكو‪ ،‬أو تحطّم ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.404 ،403‬‬

‫‪91‬‬
‫أن استحالة تنفيذ المعاىدة نتيجة‬
‫و تبرير إنياء المعاىدة أو تعميقيا في مثل ىذه الحاالت يبدو واضحا‪ ،‬ذلك ّ‬
‫حد ذاتيا لسبب وجودىا فتصبح ىي و العدم سواء ‪.‬‬ ‫يؤدي إلى فقدان المعاىدة في ّ‬
‫اختفاء موضوعيا أو ىالكو ّ‬
‫يتمسك بيا كسبب إلنياء أو تعميق‬
‫تسبب في حدوث ىذه االستحالة بفعمو أو امتناعو أن ّ‬ ‫مع ّأنو ال يجوز لمن ّ‬
‫شخص أن يستفيد من خطئو‪)1(.‬‬‫المعاىدة في حقّو‪ ،‬استنادا إلى المبدأ القاضي بأالّ يجوز لم ّ‬

‫ألي طرف أن يستظير باستحالة تنفيذ‬


‫نصت عميو المادة ‪ 61‬من اتفاقية فينا بالقول‪ّ - 1 " :‬‬
‫و ىذا تماما ما ّ‬
‫الدائم لشيء ال غنى عنو‬
‫الزوال أو اليدم ّ‬
‫المعاىدة سببا إلنيائيا أو االنسحاب منيا إذا نجمت االستحالة عن ّ‬
‫أما إذا كانت االستحالة مؤقّتة فال يجوز االستظيار بيا إالّ كسبب لتعميق تنفيذ المعاىدة‪.‬‬
‫لتنفيذ المعاىدة‪ّ .‬‬
‫‪ – 2‬ال يجوز استظيار طرف باستحالة التنفيذ سببا إلنياء المعاىدة أو االنسحاب منيا أو تعميق تنفيذىا إذا‬
‫ألي التزام دولي آخر‬
‫إما اللتزام مترتّب عميو بمقتضى المعاىدة أو ّ‬
‫كانت االستحالة نتيجة لخرق ىذا الطّرف ّ‬
‫يترتّب عميو إزاء طرف آخر في المعاىدة‪".‬‬

‫التغير الجوىري لمظروف‪:‬‬


‫ج‪ّ -‬‬

‫يعبر عنو بشرط بقاء الشيء عمى‬


‫بقاء المعاىدة عمى حاليا رىن باستمرار األشياء عمى ما ىي عميو‪ ،‬و ىو ما ّ‬
‫تغيرت الظّروف التّي أبرمت في ظمّيا و كانت‬
‫فإنو يمكن لممعاىدة أن تنتيي أو تعمّق إذا ّ‬
‫حالو‪ ،‬و تبعا لذلك ّ‬
‫بالنظر إلى الظّروف الجديدة‬
‫أن مثل ىذا التغيير يفقد المعاىدة سبب وجودىا ّ‬
‫قائمة وقت إبراميا‪ ،‬استنادا إلى ّ‬
‫الطّارئة‪)2(.‬‬

‫الدولي و مقتضيات‬
‫فتغير الظّروف كسبب إلنياء المعاىدة أو تعميقيا يستجيب لحاجات المجتمع ّ‬
‫و ىكذا ّ‬
‫تؤدي في بعض الحاالت إلى خمق أوضاع غير عادلة أو‬
‫مستمرة ‪ ،‬قد ّ‬
‫ّ‬ ‫لتغيرات‬
‫العالقات الدولية التّي تخضع ّ‬
‫السبب يرمي إلى إيجاد‬
‫تجعل من المستحيل تنفيذ بعض االلتزامات الناجمة عن المعاىدات‪ ،‬و عميو فتقرير ىذا ّ‬
‫تغير الظّروف‬
‫ألنيا أصبحت بفعل ّ‬
‫الدولية و ضرورة إنيائيا أو تعميقيا ‪ّ ،‬‬
‫نوع من التوازن بين احترام المعاىدة ّ‬
‫لمتطبيق‪)3(.‬‬ ‫غير قابمة‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪ ،148 ،147‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫(‪ )1‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ص‬
‫ص‪ ،140 ،139‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.406‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،412-407‬د‪ .‬طالب رشيد يادكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،133‬و لتفصيل أكثر‬
‫راجع د‪ .‬أيمن محمد الذيابات‪ " :‬تغير الظروف و أثره في المعاىدات الدولية في الفقو اإلسالمي‪ -‬دراسة مقارنة " ط ‪ ،1‬عالم الكتب‬
‫الحديث‪ ،‬إربد‪ -‬األردن ‪.2010‬‬
‫» ‪(3) VAN ROGRE (E) : « Le sens de la clause rebus sic stantibus dans le droit des gens actuel‬‬
‫‪R.G.D.I.P, 1966, pp49 et s.‬‬

‫‪92‬‬
‫التغير في الظّروف جوىريا‪ ،‬و ىذا ما يتع ّذر االتّفاق عمى حصولو لعدم وجود معيار‬
‫غير ّأنو يشترط أن يكون ّ‬
‫يتردد‬
‫الدولي ال ّذي ّ‬
‫يؤدي غالبا إلى عرض المسألة عمى القضاء ّ‬ ‫مما ّ‬
‫التغير من عدميا‪ّ ،‬‬
‫يحدد جوىرّية ّ‬
‫واضح ّ‬
‫كمبرر إلنياء المعاىدة أو تعميقيا‪ ،‬و ىذا تفاديا لتوتّر‬
‫تغير جوىري في الظّروف ّ‬
‫بدوره كثي ار في اإلقرار بحدوث ّ‬
‫الدولية‪)1(.‬‬
‫العالقات ّ‬

‫التغير الجوىري لمظروف‪ ،‬ذلك ما يستفاد من‬


‫و قد سبق لمحكمة العدل الدولية محاولة وضع معيار لتحديد ّ‬
‫حجة متعمّقة‬
‫أن‪ " :‬ما أثارتو إيسمندا من ّ‬
‫الصادر في قضية "المصايد" سنة ‪ ،1951‬حيث ذىبت إلى ّ‬ ‫حكميا ّ‬
‫الصيد‬
‫التطور ال ّذي حدث في أساليب ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولة المذكورة إلى‬
‫بالتغير الجوىري ينبغي أن ينصرف وفق وجية نظر ّ‬
‫ّ‬
‫أن التغيير الجوىري في الظّروف ىو ذلك‬
‫مؤداه ّ‬
‫المستقر ال ّذي ّ‬
‫ّ‬ ‫الرأي‬
‫التغير وفق ّ‬
‫يتم تقدير جوىرية ّ‬
‫و يجب أن ّ‬
‫تطور‬
‫مجرد ّ‬
‫أما ّ‬‫تطورىا الحيوي‪ّ ،‬‬
‫ييدد وجودىا أو ّ‬
‫ييدد المصالح الحيوية ألحد أطراف المعاىدة أو ّ‬
‫ال ّذي ّ‬
‫يبرر إنياء المعاىدة‪)2(".‬‬
‫تغي ار جوىريا لمظّروف ّ‬
‫فإنو ال يمثّل في نظر المحكمة ّ‬
‫الصيد ّ‬
‫أساليب ّ‬

‫يؤدي إلى نوع من الفراغ القانوني‬


‫تغير الظروف من شأنو أن ّ‬ ‫التمسك بنظرية ّ‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫الدولي فيذىب إلى ّ‬
‫أما الفقو ّ‬
‫ّ‬
‫في عالقة طرفي أو أطراف المعاىدة نتيجة إلنياء ىذه األخيرة دون أن تح ّل محمّيا معاىدة أخرى تتالءم مع‬
‫تجنب الوقوع في ىذا المأزق القانوني يكمن في قيام طرفي أو أطراف المعاىدة‬
‫أن ّ‬‫الظّروف الجديدة‪ ،‬لذلك يرى ّ‬
‫بالتفاوض لمراجعة المعاىدة‪ ،‬و إعداد معاىدة بديمة تتفق مع الظروف الجديدة‪)3(.‬‬

‫التغير الجوىري في الظّروف كسبب إلنياء المعاىدة الدولية إنياء‬


‫كرست نظرية ّ‬
‫الدولية التّي ّ‬
‫و من الممارسات ّ‬
‫الصين سنة ‪ 1919‬لممعاىدتين المبرمتين مع روسيا تباعا عامي ‪ 1913‬و ‪ 1915‬استنادا إلى ىذه النظرية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫بتغير الظروف إلنياء معاىدة ‪ 1936‬المبرمة بينيا و بين بريطانيا بعد نجاح ثورتيا‬ ‫وتمسك الحكومة المصرية ّ‬
‫ّ‬
‫تمسك الحكومة اإليطالية بذات السبب إلنياء معاىدة السالم المبرمة بينيا و بين الحمفاء‬
‫في عام ‪ ،1952‬و ّ‬
‫‪)4(.1947‬‬ ‫سنة‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫كصمام أمان إذا‬


‫ّ‬ ‫تغير الظروف في قانون المعاىدات يقوم‬
‫إن األخذ بنظرية ّ‬
‫عبرت لجنة القانون الدولي عن ذلك بالقول‪ّ :‬‬
‫(‪ )1‬و قد ّ‬
‫لمتغير الجوىري لمظروف‪ ،‬و حينئذ إذا لم يكن‬
‫ألن المعاىدة قد ترتّب عبئا غير واجب عمى أحد أطرافيا كنتيجة ّ‬
‫أحسن تطبيقو‪ّ ،‬‬
‫المتضررة‬
‫ّ‬ ‫الدول‬
‫الدول المعنية ‪ ،‬و قد يدفع ذلك ّ‬
‫إنياء أو تعديل المعاىدة إالّ باتفاق ‪ ،‬فذلك يفرض إرىاقا شديدا في العالقات بين ّ‬
‫تصرف خارج القانون‪ .‬أنظر في ىذا المعنى د‪ .‬طالب رشيد يادكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،134‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪،‬‬ ‫إلى اتّخاذ ّ‬
‫مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،680 ،679‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،343‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى‬
‫سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،190‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪( .408‬مشار إليو في اليامش)‪.‬‬
‫(‪ )3‬في آراء الفقو بشأن ىذه المسألة أنظر د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.147-143‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪( 411‬مشار إليو في اليامش)‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫فإنيا‬
‫‪ّ ،‬‬ ‫التغير الجوىري لمظّروف‬
‫لمصعوبات التّي تحيط بإعمال نظرية ّ‬
‫أما عمى مستوى اتفاقية فينا و نظ ار ّ‬
‫ّ‬
‫وضعت شروطا لتطبيق ىذه النظرية و ىي‪:‬‬

‫منصبا عمى ظروف كانت موجودة أثناء إبرام المعاىدة و ش ّكمت أساسا اللتزام األطراف‬
‫ّ‬ ‫التغير‬
‫‪ – 1‬أن يكون ّ‬
‫بالمعاىدة‪.‬‬

‫التغير جوىريا و أساسيا‪.‬‬


‫‪ – 2‬أن يكون ىذا ّ‬

‫التغير متوقّعا بالنسبة ألطراف المعاىدة‪.‬‬


‫‪ – 3‬أالّ يكون ىذا ّ‬

‫التغير إحداث تحويل جذري في التزامات أطراف المعاىدة‪.‬‬


‫‪ – 4‬أن يكون من شأن ىذا ّ‬

‫التغير بخطأ طرف‬


‫بتغير الظروف في حالتين‪ :‬بالنسبة لمعاىدات الحدود‪ ،‬و إذا حدث ّ‬
‫التمسك ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ – 5‬ال يجوز‬
‫يخص ىذا الطّرف‪)1(.‬‬
‫ّ‬ ‫في المعاىدة فيما‬

‫نصت عميو المادة ‪ 62‬من اتفاقية فينا بقوليا‪ – 1 " :‬ال يجوز االستظيار بحدوث تغير أساسي‬‫و ذلك ما ّ‬
‫في الظروف بالقياس إلى الظروف التي كانت قائمة وقت عقد المعاىدة و لم تتنبأ بحدوثو األطراف كسبب‬
‫إلنياء المعاىدة أو االنسحاب منيا إالّ إذا‪:‬‬

‫أ – كان وجود ىذه الظروف يشكل أساسا جوىريا لموافقة األطراف عمى االلتزام بالمعاىدة‪.‬‬

‫ب – و كان من نتيجة ىذا التغير إحداث تحويل جذري في نطاق االلتزامات التي ال يزال يترتب تنفيذىا‬
‫بمقتضى المعاىدة‪.‬‬

‫‪ – 2‬ال يجوز االستظيار بحدوث تغير أساسي في الظروف سببا إلنياء المعاىدة أو االنسحاب منيا‪:‬‬

‫أ – إذا كانت المعاىدة تنص عمى تعيين حدود أو‪:‬‬

‫إما اللتزام مترتب عميو بمقتضى‬


‫ب – إذا كان التغير األساسي نتيجة لخرق الطرف الذي يستظير بحدوثو ّ‬
‫ألي التزام دولي آخر يترتب عميو إزاء طرف آخر في المعاىدة‪.‬‬
‫المعاىدة‪ ،‬أو ّ‬

‫‪ – 3‬إذا جاز بمقتضى الفقرات السابقة لطرف أن يستظير بحدوث تغير أساسي في الظروف سببا إلنياء‬
‫المعاىدة أو االنسحاب منيا‪ ،‬جاز لو أيضا أن يستظير بحدوث التغير سببا لتعميق تنفيذ المعاىدة‪".‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬في تحميل ىذه الشروط أنظر محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.192 -189‬‬

‫‪94‬‬
‫د ‪ -‬قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية‪:‬‬

‫الديبموماسية و القنصمية ال‬


‫أن قطع العالقات ّ‬‫في الحقيقة ىذه المسألة محكومة بقاعدة و استثناء‪ ،‬فالقاعدة ّ‬
‫يؤثّر عمى بقاء المعاىدة‪ ،‬و ال عمى التزام أطرافيا بتنفيذىا العتبارات تتمثّل في اآلتي‪:‬‬

‫الخاصية الممزمة‬
‫ّ‬ ‫يعد تطبيقا لمبدأ الوفاء بالعيد أو تنفيذ المعاىدة بحسن ّنية‪ ،‬إذ يجب أن تقاوم‬
‫أن ذلك ّ‬‫– ّ‬
‫أي تذبذب لمعالقات بين أطرافيا‪.‬‬ ‫لممعاىدة ّ‬

‫– ضرورة تحقيق استقرار و ثبات العالقات الدولية ‪ ،‬يحول دون اتّخاذ قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية‬
‫أي وقت و بال ضابط‪.‬‬ ‫ذريعة إلنياء المعاىدة في ّ‬

‫الدول‬
‫يؤدي إلى وقف االتصاالت السياسية العادية بين ّ‬
‫– إذا كان قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية ّ‬
‫الدول‬
‫فإن ما جرى بو العمل ىو أن تمجأ ىذه ّ‬‫وبالتالي اختفاء قناة أو وسيمة قد تكون ضرورية لتنفيذ المعاىدة‪ّ ،‬‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلى دول أخرى كوسيط‪ ،‬أو إلى وسائل االتصال المعروفة لتنفيذ المعاىدات كالبعثات‬

‫بأن قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية يؤثّر عمى‬


‫العامة‪ ،‬فاالستثناء يقضي ّ‬
‫و إذا كانت ىذه ىي القاعدة ّ‬
‫حد‬
‫المعاىدات القائمة في حالة ما إذا كان استمرار تمك العالقات يش ّكل أم ار ال غنى عنو لتطبيق المعاىدة في ّ‬
‫ذاتيا‪ ،‬كأن يكون موضوع المعاىدة ىو الحصانات و االمتيازات الديبموماسية أو القنصمية‪ ،‬أو تبادل تسميم‬
‫(‪)1‬‬ ‫المجرمين‪ ،‬أو الدفاع المشترك‪...‬إلخ‬

‫‪ 63‬من اتفاقية فينا بقوليا‪ " :‬ال يؤثر قطع العالقات الديبموماسية و‬ ‫نصت عميو المادة‬
‫و ىذا تماما ما ّ‬
‫القنصمية فيما بين طرفين أو أكثر من أطراف المعاىدة في العالقات القانونية القائمة بينيا بمقتضى المعاىدة ‪،‬‬
‫إالّ بقدر ما يكون وجود العالقات الديبموماسية أو القنصمية ضرورة ال غنى عنيا لتطبيق المعاىدة‪".‬‬

‫ه ‪ -‬الحرب‪:‬‬

‫أن قيام الحرب يترتب عنو إنياء كافة المعاىدات القائمة بين الدول المتحاربة‪ ،‬و إذا‬
‫من المتفق عميو ممارسة ّ‬
‫كان ىذا ىو المبدأ العام فإلى جواره تقوم استثناءات أربع ىي‪:‬‬

‫‪ – 1‬ال يترتب عن قيام الحرب إنياء المعاىدات المنظّمة لمحرب نفسيا‪ ،‬كالمعاىدات المتعمقة بالقانون الدولي‬
‫اإلنساني من حيث حماية المدنيين و األعيان المدنية (اتفاقيات الىاي لعامي ‪ 1899‬و ‪ ،1907‬و اتفاقيات‬
‫جنيف األربع لعام ‪ 1949‬و بروتوكوالىا اإلضافيان لعام ‪.)1977‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬

‫‪95‬‬
‫مجرد قيام الحرب ال ينيي‬
‫أن ّ‬‫‪ – 2‬ال يترتب عن قيام الحرب إنياء المعاىدات المنصوص فييا صراحة عمى ّ‬
‫بحد ذاتو ىذه المعاىدات‪.‬‬
‫ّ‬

‫الراجح‪ -‬إنياء المعاىدات المنشئة لمراكز قانونية (موضوعية)‬ ‫الرأي ّ‬


‫‪ – 3‬ال يترتب عن قيام الحرب – وفق ّ‬
‫يتم بمقتضاىا التنازل عن األقاليم‪ ،‬و تمك المتعمقة بتنظيم المرافق الدولية‬
‫دائمة‪ ،‬كمعاىدات الحدود‪ ،‬و تمك التّي ّ‬
‫العامة كالقنوات و األنيار‪...‬‬

‫‪ – 4‬ال يترتب عن قيام الحرب بين بعض أطراف معاىدة جماعية إنياء ىذه األخيرة في مجموعيا‪ ،‬بل تبقى‬
‫المتحاربة‪)1(.‬‬ ‫بقية األطراف غير‬
‫سارية بين ّ‬

‫أن اتفاقية فينا لم تتناول الحرب كسبب إلنياء أو وقف المعاىدة الدولية‪ ،‬و اكتفت المادة‬
‫و تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الدولي‪ ،‬حيث جاء فييا‪ " :‬ليس في أحكام ىذه‬‫العامة في القانون ّ‬
‫‪ 75‬منيا باإلحالة في ىذا ال ّشأن إلى القواعد ّ‬
‫االتفاقية ما يخل بأي التزام بالنسبة إلى معاىدة قد يترتب عمى دولة معتدية نتيجة لمتدابير التي تتخذ وفقا‬
‫لميثاق األمم المتحدة فيما يتعمق بعدوان ىذه الدولة‪ ".‬كما تجدر اإلشارة أخي ار إلى ّأنو باإلضافة إلى األسباب‬
‫غير االتفاقية السابقة إلنياء أو وقف المعاىدة‪ ،‬فقد تنتيي أو تعمّق ىذه األخيرة بسبب التنفيذ الكمّي ألحكاميا‪،‬‬
‫أو بناء عمى تحقق شرط فاسخ‪.‬‬

‫الزمن كالمعاىدات التجارية ‪.‬‬


‫فالنسبة لمحالة األولى‪ ،‬فاألمر يتعمق بالمعاىدات التي يتوقف تنفيذىا عمى عامل ّ‬
‫يخص المعاىدات التّي يعمّق أطرافيا إنياءىا أو تعميقيا عمى تحقق بعض الوقائع‬
‫ّ‬ ‫وبالنسبة لمحالة الثانية فاألمر‬
‫المحقّقة أو المحتممة ‪ ،‬كالمعاىدات المنظّمة لعمميات االستفتاء‪ ،‬مثمما حدث إلقميم "السار" الذي وضعتو معاىدة‬
‫المقرر بمقتضى معاىدة فرساي ذاتيا‬
‫لكن استفتاء سكانو ّ‬‫فرساي لعام ‪ 1919‬تحت انتداب عصبة األمم‪ ،‬و ّ‬
‫عام ‪ 1930‬أسفر عن رغبتيم في االنضمام أللمانيا‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العرف الدولي‬

‫تتبع المراحل‬
‫الدولي التقميدي‪ ،‬و ال ّشاىد في ذلك ّ‬
‫الصدارة في ظ ّل القانون ّ‬
‫ظ ّل العرف لعقود طويمة يحت ّل مركز ّ‬
‫مر بيا ىذا القانون‪ ،‬فقد نشأ نشأة عرفية خالصة‪ ،‬حيث كانت ج ّل مبادئو مبنية عمى العرف حتّى أخذ‬‫التّي ّ‬
‫متصد ار قائمة مصادر القانون‬
‫ّ‬ ‫استمر العرف شاغال ليذا المركز الطالئعي و‬
‫ّ‬ ‫الدولي العرفي‪ ،‬و‬
‫تسمية القانون ّ‬
‫الدولية الجماعية ‪ ،‬ال سيما‬
‫الدولي العام إلى وقت قريب‪ ،‬أين نشطت حركة تدوينو و تضاعف عدد المعاىدات ّ‬
‫ّ‬
‫شارعة منيا‪)2(.‬‬‫ال ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،681‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،405 ،404‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،186-183‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.142 ،141‬‬
‫‪،2000‬‬ ‫عمان‪ -‬األردن‬
‫‪ ،1‬مديرية المكتبات و الوثائق الوطنية‪ّ ،‬‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬رشاد عارف السيد‪":‬مبادئ في القانون الدولي العام" ط‬
‫ص‪.109‬‬

‫‪96‬‬
‫مما‬
‫المستقرة و المتداولة في التعامل الدولي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫و التّي انطوت في جوانب كثيرة منيا عمى تقنين لمقواعد العرفية‬
‫تد األخير إلى المركز‬
‫السابق لمعرف‪ ،‬فيما ار ّ‬
‫الدولية التّي احتمّت المركز ّ‬
‫ّأدى إلى إفساح المجال لممعاىدة ّ‬
‫العام‪)1(.‬‬ ‫الدولي‬
‫الثّاني في ترتيب مصادر القانون ّ‬

‫الدولية و مالزما ليا‪ ،‬فميس مستبعدا أن‬


‫الدولي مكانتو كمّّيا بل بات قرينا لممعاىدة ّ‬
‫مع ىذا لم يفقد العرف ّ‬
‫الدور‬
‫معينة‪ ،‬في المقابل يمكن لممعاىدة ىي األخرى أن تقوم بنفس ّ‬ ‫يتسبب في إلغائيا أو تعديميا في مناسبات ّ‬ ‫ّ‬
‫بالنسبة لمعرف‪.‬‬

‫الدولي ال تخمو من بعض التعقيدات و اإلشكاالت‪ ،‬لع ّل أبرزىا يتمثّل في‬


‫فإن دراسة العرف ّ‬
‫تقدم ّ‬
‫بناء عمى ما ّ‬
‫ضبط مفيومو (م طمب ّأول)‪ ،‬واستجالء طبيعتو القانونية (مطمب ثان)‪:‬‬

‫األول‪ :‬مفيوم العرف الدولي‪:‬‬


‫الم طمب ّ‬

‫الدولي مكانتو كمصدر ّأول لمقانون الدولي العام إالّ مع القرن التاسع عشر ‪.‬‬
‫لم تنازع المعاىدة الدولية العرف ّ‬
‫الدولية و باتت من جانبيا تسيم بقسط وافر في إنشاء قواعد القانون الدولي‬
‫حيث تنامى ظيور المعاىدات ّ‬
‫العام من جية‪ ،‬و بمورة و تثبيت القواعد العرفية القائمة من جية أخرى عن طريق تدوينيا‪ ،‬فمنذ مؤتمر وستفاليا‬
‫لعام ‪ 1648‬مرو ار بمؤتمر فينا لعام ‪ 1815‬وصوال إلى مؤتمري الىاي لعامي ‪ 1899‬و ‪ 1907‬و ما بعدىما‬
‫بيا‬ ‫تو ّجت‬
‫من مؤتمرات دولية ‪ ،‬شيدت أغمب القواعد العرفية تدوينا من خالل عدد من المعاىدات التّي ّ‬
‫السابقة و غيرىا‪ ،‬باإلضافة إلى حمالت التدوين التّي رعتيا ك ّل من منظمة عصبة األمم‬
‫الدولية ّ‬
‫المؤتمرات ّ‬
‫‪)2(.1945‬‬ ‫‪ 1919‬ومنظمة األمم المتّحدة‬

‫التطور ال ّذي ط أر‬


‫ّ‬ ‫التفوق عميو بفعل‬
‫األمر ال ّذي أضفى عمى المعاىدة شرعية لم تتوافر لمعرف و ّأدى بيا إلى ّ‬
‫السابقة ‪ ،‬فتراجع فاسحا المجال لممعاىدة‬
‫عمى الحياة الدولية‪ ،‬حيث لم يستطع العرف ببطئو االحتفاظ بمكانتو ّ‬
‫الدولية و التكيف‬
‫المستجدات ّ‬
‫ّ‬ ‫الدور‪ ،‬كونيا جاىزة دوما لمتفاعل مع‬
‫التّي أثبتت قدرتيا أكثر منو عمى القيام بيذا ّ‬
‫معيا لبساطة إجراءاتيا و سيولة تعديميا مقارنة مع العرف‪)2(.‬‬

‫فرع‬ ‫الدولي‪ ،‬فما ىو ىذا األخير؟ (‬


‫التفوق عمى العرف ّ‬
‫الخاصية استطاعت ّ‬‫ّ‬ ‫الدولية بيذه‬
‫إذا كانت المعاىدة ّ‬
‫ّأول) ما ىي أركانو؟ (فرع ثان)‪ ،‬و ما ىي أنواعو؟ (فرع ثالث)‪:‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.197 -194‬‬
‫(‪ )2‬أنظر في ىذا الصدد د‪ .‬جعفر عبد السالم‪ " :‬وظيفة لجنة القانون الدولي في تقنين القواعد القانونية الدولية و تطويرىا " المجمة‬
‫المصرية لمقانون الدولي‪ -‬المجمد ‪ ،27‬القاىرة ‪ ،1971‬ص ص‪.196-189‬‬
‫‪ ،60 ،59‬و في تراجع‬ ‫(‪ )3‬في أىمية العرف الدولي أنظر محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص ص‬
‫مكانتو عمى الصعيد الدولي أنظر د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.414 ،413‬‬

‫‪97‬‬
‫الدولي‪:‬‬
‫األول‪ :‬تعريف العرف ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫نتعرض في ىذا السياق إلى التعريف الفقيي (فرع ّأول)‪ ،‬و التعريف القانوني (فرع ثان)‪:‬‬
‫يمكن أن ّ‬
‫ّأوال‪ -‬التعريف الفقيي‪:‬‬

‫مؤديا بذاتو إلى تكوين‬


‫الدولي يراه البعض ّ‬
‫بأنو سموك يأتيو أشخاص القانون ّ‬
‫الدولي ّ‬
‫يعرف بعض الفقو العرف ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية العرفية‪ ،‬و يراه البعض اآلخر كاشفا عنيا‪ ،‬و يراه فريق ثالث عنص ار مشاركا مع العنصر‬
‫القاعدة ّ‬
‫(‪)1‬‬ ‫السموك في تكوين القاعدة المذكورة‬
‫المعنوي أي عقيدة االلتزام بإتيان ىذا ّ‬

‫الدولية العرفية التّي تعني‪ :‬قاعدة قانونية غير مكتوبة يتواتر‬


‫يفضل البعض اآلخر تعريفو من منطمق القاعدة ّ‬
‫و ّ‬
‫الدولية عمى االنصياع ليا ‪ ،‬لعمميم بتمتّعيا بوصف اإللزام القانوني‬‫المكونون لمجماعة ّ‬
‫ّ‬ ‫األشخاص القانونيون‬
‫الضمنية ليذه الجماعة إلى تكميف كافة أعضائيا بالخضوع لحكميا بصدد ما ينشأ‬
‫الناتج عن انصراف اإلرادة ّ‬
‫يعرف عمى ّأنو مجموعة من قواعد السموك الدولي غير المكتوبة التي‬
‫بينيم من عالقات تنظميا(‪ ،)2‬كما ّ‬
‫الدول عمى اتباعيا ‪ ،‬باعتبارىا قواعد ثبت لدى المخاطبين بأحكاميا صفة اإللزام‬
‫تكونت من خالل اعتياد ّ‬
‫القانوني‪)3(.‬‬

‫ثاني‪ -‬التعريف القانوني‪:‬‬


‫ا‬

‫إذا جاز لنا أن نعتبر ما أوردتو المادة ‪ -1/38‬ب من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية تعريفا لمعرف‬
‫االستعمال‪)4(.‬‬ ‫الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون د ّل عميو تواتر‬
‫بأنو العادات ّ‬
‫فإننا نقول ّ‬
‫ّ‬

‫الدولي‪:‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أركان العرف ّ‬

‫ّأوال)‪ ،‬و ركن معنوي‬ ‫الدولي عمى غرار العرف الداخمي ركنان أساسيان‪ :‬ركن مادي (‬
‫يشترط لنشوء العرف ّ‬
‫(ثانيا)‪:‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.194‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.154 ،153‬‬
‫(‪ )3‬في ىذا المعنى أنظر د‪ .‬إبراىيم أحمد شمبي‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" الدار الجامعية‪ -‬بيروت ‪ ،1986‬ص ص‪271 ،270‬‬
‫د‪ .‬عمر سعد اهلل‪ " :‬معجم في القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،300‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪" :‬الموجز في القانون‬
‫الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،99‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.152‬‬
‫‪DE VISSCHER (Charles) : « Coutume et traité en droit international public » R.G.D.I.P, 1955,‬‬
‫‪pp353-369.‬‬
‫(‪ )4‬في التمييز بين العادة و العرف أنظر‪:‬‬
‫‪BROWNLIE (Lan):”Principles of public international law” op.cit, p05.‬‬

‫‪98‬‬
‫ّأوال‪ -‬الركن المادي‪:‬‬

‫الدولي العام من دول‬


‫السموك ال ّذي درج عمى اتّباعو أشخاص القانون ّ‬
‫الدولي في ّ‬
‫يتمثّل الركن المادي لمعرف ّ‬
‫الركن المادي‬
‫تكون ّ‬
‫السوابق التّي ّ‬
‫أن ّ‬‫الدولية "‪ ،‬و من الثّابت ّ‬
‫السابقة ّ‬
‫ومنظمات دولية ‪ ،‬و يصطمح عميو " ّ‬
‫الدولي يشترط فييا التواتر‪ ،‬و العموم‪ ،‬و االتّساق و التماثل‪:‬‬
‫لمعرف ّ‬

‫‪ – 1‬التواتر(التكرار)‪:‬‬

‫لمركن المادي لمعرف‬


‫الدولية المش ّكمين ّ‬
‫السابقة ّ‬
‫الدولي أو ّ‬
‫السموك ّ‬
‫يقصد بالتواتر استم اررية و تعاقب و اضطراد ّ‬
‫الدولي في أكثر من مناسبة‪ ،‬فقد اشترطت محكمة العدل الدولية في‬
‫كرسو القضاء ّ‬
‫الدولي‪ ،‬و شرط التواتر ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولي‬
‫السموك ّ‬
‫الصادر في ‪ 1950‬بشأن "قضية المّجوء السياسي بين البيرو و كولومبيا" أن يكون ّ‬
‫حكميا ّ‬
‫موحدا‪)1(.‬‬
‫متوات ار و ّ‬

‫فالراجح فقيا و قضاء ّأنو من الطّبيعي‬


‫السابقة ‪ّ ،‬‬
‫الدولي أو ّ‬
‫السموك ّ‬
‫لتكون ّ‬
‫بالمدة الزمنية المتطمّبة ّ‬
‫أما فيما يتعمّق ّ‬
‫ّ‬
‫أن‬
‫السابقة و تحقق تواترىما‪ ،‬إالّ ّ‬
‫التصرف أو ّ‬
‫ّ‬ ‫أن ينقضي القدر المعقول من الوقت ال ّذي يسمح بتبمور ىذا‬
‫السابقة ال ينيض حائال دون تكوين القاعدة العرفية‪ ،‬و ىو ما أ ّكده‬
‫التصرف أو ّ‬
‫ّ‬ ‫المدة المتطمّبة الستقرار‬
‫ّ‬ ‫قصر‬
‫الصادر سنة ‪ 1969‬في "قضية الطيران المدني بين فرنسا و الواليات المتّحدة األمريكية " و‬‫القرار التحكيمي ّ‬
‫سنة ‪)2(.1948‬‬ ‫المتعمّق بالخالف حول تفسير االتفاقية المبرمة بين الطّرفين‬

‫السابقة في ىذا الخصوص يقتضي فييا الثبات و االستقرار‪ ،‬ففي قضية المّجوء السياسي المشار ليا‬
‫و تواتر ّ‬
‫أن ما طرح عمييا من وقائع ينطوي عمى الغموض ‪ ،‬و عدم التحديد و التناقض عمى‬ ‫آنفا أوضحت المحكمة ّ‬
‫دوليا‪)3(.‬‬ ‫موحدا يصمح اتّخاذه عرفا‬
‫بأن ىناك سموكا متوات ار‪ ،‬أو ّ‬
‫النحو ال ّذي ال يسمح ليا بالقول ّ‬
‫ّ‬

‫الدولي‪،‬‬
‫الركن المادي لمعرف ّ‬
‫أن سابقة واحدة ال تكفي كمبدأ عام لمقول بتوافر ّ‬
‫المستقر عميو فقيا ّ‬
‫ّ‬ ‫و إذا كان‬
‫السوابق‪ ،‬فقد تكفي سابقتان أو ثالث لمقول‬
‫فمن الثّابت في المقابل ّأنو يشترط لقيام القاعدة العرفية عدد ما من ّ‬
‫مرد ىذا التساىل النسبي في تحديد ما يعتبر توات ار أو تكرار – حسب بعض الفقو التقميدي‪-‬‬
‫بوجود تواتر‪ ،‬و ّ‬
‫الدولي ذاتو‪ ،‬إذ من شأن عدد أعضائو المحدود و قمّة ما ينشأ بينيم من عالقات بالمقارنة‬
‫ىو طبيعة المجتمع ّ‬
‫استثنائيا‪)4(.‬‬ ‫السوابق أم ار‬
‫مع ما ينشأ داخل المجتمعات الداخمية أن يجعل كثرة ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جمال محي الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،237 ،236‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.142‬‬
‫‪(2) ROUSSEAU (Charles) : « Les principes généraux du droit international public » Pédone, Paris‬‬
‫‪1944, p887.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.420‬‬
‫‪(4) CHAUMONT (Ch) : « Cours général de droit international public » R.C.A.D.I, 1971, p 486.‬‬

‫‪99‬‬
‫تطور و سرعة وسائل االتّصال بين أشخاص المجتمع الدولي‬
‫فيرد مثل ىذا التساىل إلى ّ‬
‫أما الفقو المعاصر ّ‬ ‫ّ‬
‫الدول في‬
‫أن تواجد ّ‬
‫األمر ال ّذي من شأنو العمل عمى تبمور القاعدة العرفية في ظرف زمني قياسي‪ ،‬فضال عن ّ‬
‫لتبين مواقفيا بشأن مسألة دولية ما و مدى اعتبارىا سابقة من عدمو ‪ ،‬و‬
‫الدولية يتيح ليا فرصا أكثر ّ‬
‫المحافل ّ‬
‫الدولي و ظروف ك ّل حالة عمى حدة‪ ،‬ففي‬
‫السموك ّ‬
‫في ك ّل الحاالت فيذا ال ّشرط نسبي إذ يتوقّف عمى نوع ّ‬
‫عدة لتحقق شرط التواتر‪ ،‬و في حاالت أخرى قد تكفي بضع سنوات لتحقق ذات‬
‫حاالت قد يشترط مرور قرون ّ‬
‫شرط‪)1(.‬‬
‫ال ّ‬

‫الدولية ‪ ،‬ال سيما المعاىدات و‬


‫الدولية ‪ ،‬فيعود أساسا إلى األعمال القانونية ّ‬
‫السوابق ّ‬
‫أما بخصوص مصدر ّ‬ ‫ّ‬
‫لمدول في عالقاتيا المتبادلة‬
‫الرسمية ّ‬
‫الدوائر ّ‬
‫تصرفات ّ‬
‫السوابق‪ ،‬و ّ‬‫الدولية كوسيمة كاشفة ليذه ّ‬
‫ق اررات المنظمات ّ‬
‫غيرىا‪)2(.‬‬ ‫من إعالنات و تصريحات و‬

‫‪ - 2‬العمومية‪:‬‬

‫السابقة قد درج‬
‫السموك أو ّ‬
‫الدولي أن يكون ّ‬‫الركن المعنوي لمعرف ّ‬ ‫إضافة إلى التكرار أو التواتر ‪ ،‬يشترط لتمام ّ‬
‫الدولي‪ ،‬و بمفيوم المخالفة فسموك دولة واحدة ميما طال و‬
‫عمى اتباعيما عدد كبير من أشخاص القانون ّ‬
‫الدولة في‬
‫الدول األخرى لم تسمك مسمك ىذه ّ‬ ‫الدولية ما دامت ّ‬
‫تكرر ال يكفي بمفرده لتكوين القاعدة العرفية ّ‬
‫ّ‬
‫السابقة يش ّكل معيا ار لمقول بعمومية القاعدة‬
‫السموك أو ّ‬
‫الدول المشاركة في ّ‬‫فإن عدد ّ‬‫مناسبات مماثمة‪ ،‬و عميو ّ‬
‫الدول أو من‬
‫تتم ىذه المشاركة و ىذا القبول من ك ّل ّ‬
‫أو قبوليا عمى أوسع نطاق‪ ،‬لكن ىل يشترط تبعا لذلك أن ّ‬
‫بعضيا فقط؟‬

‫خاصية أو شرط‬
‫ّ‬ ‫ذىب االتّجاه التقميدي – و ىو المرجوح حاليا‪ -‬إلى اشتراط نصاب اإلجماع لمقول بتوافر‬
‫الدول صراحة‬
‫بقية ّ‬
‫الرأي الحديث فقيا ال يطالب بنصاب أكثر من األغمبية مع انعدام اعتراض ّ‬ ‫لكن ّ‬
‫العموم‪ّ ،‬‬
‫لمسموك‬
‫الصريح دليال عمى قبول ىذه الدول ضمنيا ّ‬
‫السابقة‪ ،‬حيث يقوم انتفاء االعتراض ّ‬
‫السموك أو ّ‬
‫عمى ىذا ّ‬
‫السابقة‪)3(.‬‬
‫أو ّ‬

‫الصادر مثال عن‬


‫فالسموك ّ‬ ‫السموك مسألة نسبية بدورىا عمى غرار التكرار أو التواتر‪ّ ،‬‬‫و إن كانت عمومية ّ‬
‫‪،‬و‬ ‫السوفياتي سابقا بشأن استخدام الطّاقة النووية‬
‫دولتين فقط و ىما الواليات المتّحدة األمريكية و االتّحاد ّ‬
‫الدول تبعا ليما ‪،‬‬
‫المتمثّل في التصريحات المتبادلة بينيما و االلتزام بيا لسنوات من طرفيما و من طرف بقية ّ‬
‫عاما مكونا لعرف دولي دونتو معاىدة ‪)4(.1967‬‬
‫ّ‬ ‫الصدد سابقة أو سموكا ّ ّ‬ ‫يمكن اعتباره في ىذا ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى حسين سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.164 -157‬‬
‫‪(3) GUGGENTHEIM (Paul) : « Traité du droit international public » Volume 01, Paris 1953, p47.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.149‬‬

‫‪100‬‬
‫تؤدي فيما بعد إلى ما يعرف بالعرف العالمي‬
‫بخاصية أو شرط العموم ‪ ،‬ىي التّي ّ‬
‫ّ‬ ‫و ىذه النسبية التي تحيط‬
‫سيتبين فيما بعد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والعرف اإلقميمي‪ ،‬أو العرف العام و العرف الخاص كما‬

‫السموك أو التماثل‪:‬‬
‫‪ - 3‬اتساق ّ‬

‫موحدة‬
‫الدولي متماثمة أو ّ‬
‫لمركن المادي لمعرف ّ‬
‫المكونة ّ‬
‫ّ‬ ‫الدول‬
‫تصرفات ّ‬‫يقصد بيذا ال ّشرط أن تكون سموكات أو ّ‬
‫الدولية في قضية المّجوء السياسي ‪1950‬‬
‫أي أالّ تكون متعارضة أو متناقضة‪ ،‬و ذلك ما أ ّكدتو محكمة العدل ّ‬
‫الصادر سنة ‪ 1960‬في "قضية حق المرور في اإلقميم اليندي"‪ ،‬حيث رأت‬ ‫المشار ليا سمفا‪ ،‬و كذا في حكميا ّ‬
‫أنه ليس ىناك سبب لعدم االعتداد بالتعامل المتواصل و المستمر بين دولتين‪ ،‬و المقبول منيما إلدارة‬
‫ّ‬
‫بينيما‪)1(.‬‬ ‫عالقاتيما كأساس لمحقوق و االلتزامات المتبادلة‬

‫المدعى بو‪ ،‬و ذلك لكونو منطويا عمى‬


‫لمسموك ّ‬
‫ففي "قضية المّجوء السياسي " أنكرت المحكمة الطّابع العرفي ّ‬
‫أن ذات‬
‫غموض و عدم تحديد و تناقض ‪ ،‬بما ينأى بو عن التواتر و الوحدة أي االتساق و التماثل ‪ ،‬غير ّ‬
‫أن القدر اليسير من التناقض ال يحول‬
‫الصادر في ‪ 1951‬بشأن "قضية المصايد" رأت ّ‬‫المحكمة و في حكميا ّ‬
‫الدولية‪)2(.‬‬
‫دون إنشاء القاعدة العرفية ّ‬

‫الركن المعنوي‪:‬‬
‫ثاني ‪ّ -‬‬
‫ا‬

‫الركن‬
‫بد أن يقترن ىذا ّ‬
‫الدوليين إلى عرف دولي‪ ،‬فال ّ‬
‫السابقة ّ‬
‫السموك أو ّ‬
‫الركن المادي بمفرده لتحويل ّ‬
‫ال يكفي ّ‬
‫المادي لمعرف‬
‫لمركن ّ‬ ‫المكون ّ‬
‫ّ‬ ‫السموك‬
‫تكون عقيدة لدى من ينتيج ّ‬
‫بالركن المعنوي‪ ،‬و يعني ىذا األخير عموما ّ‬
‫ّ‬
‫ألنو‬
‫السموك ّإنما يأتيو ّ‬
‫أن من يأتي ّ‬
‫السموك قد أصبح واجبا قانونيا‪ ،‬أي ّ‬
‫أن السير عمى مقتضى ذلك ّ‬ ‫مؤداىا ّ‬
‫ّ‬
‫بو تعبير عن القانون‪)3(.‬‬
‫يعتقد ّأن‬

‫ألنو‬
‫الدولي و شعورىم بإلزاميتو ‪ّ ،‬‬ ‫الدولي قد صدر مع اعتقاد أشخاص القانون ّ‬
‫السموك ّ‬
‫و عميو ينبغي أن يكون ّ‬
‫الركن المعنوي لمقاعدة العرفية في كونو يمثّل معيا ار لمتمييز‬
‫أىمية ّ‬
‫متضمن لحق أو واجب قانوني‪ ،‬و تظير ّ‬
‫ّ‬
‫‪ ،‬إذ تفتقد ىذه‬ ‫الدولية‬
‫الدولية كقواعد األخالق و المجامالت ّ‬‫بينيا و بين بقية القواعد المرعية في العالقات ّ‬
‫الدولية‪)4(.‬‬
‫القواعد العنصر المعنوي المتمثل في ال ّشعور و االعتقاد بإلزاميتيا‪ ،‬عمى خالف القاعدة العرفية ّ‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.152‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.239 ،238‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.234‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.239‬‬

‫‪101‬‬
‫الصادر سنة ‪ 1969‬بشأن "قضية الجرف القاري لبحر ال ّشمال "‬
‫الدولية في حكميا ّ‬‫و قد أ ّكدت محكمة العدل ّ‬
‫المكون لمممارسة المعنية يجب أن يكون‬
‫ّ‬ ‫السموك‬
‫أن ّ‬‫الدانمارك و ىولندا من جية أخرى ّ‬
‫بين ألمانيا من جية‪ ،‬و ّ‬
‫بأن ىذه الممارسة صارت ممزمة وفقا لقاعدة من قواعد‬ ‫تم بيا دليال عمى االعتقاد ّ‬
‫في ذاتو أو بالطّريقة التّي ّ‬
‫تتصرف وفقا لما يساوي االلتزام القانوني‪)1( ...‬‬
‫ّ‬ ‫الدول المعنية يجب أن تشعر ّأنيا‬‫فإن ّ‬
‫الدولي‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫القانون ّ‬

‫الدول التّي يصدر عنيا‬


‫أن عنصر االعتقاد أو ال ّشعور باإللزام يجب أالّ يقتصر عمى ّ‬
‫ىذا و تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫السابقة ّإنما‬
‫السموك أو تمك ّ‬
‫بأن ذلك ّ‬
‫الدول االعتقاد نفسو ّ‬ ‫بقية ّ‬
‫السابقة‪ ،‬و ّإنما ينبغي أن يتوافر لدى ّ‬
‫السموك أو ّ‬
‫ّ‬
‫الدول يمكنيا الحيمولة دون استقرار العنصر المعنوي بإبداء اعتراضيا‬
‫ألن ىذه ّ‬
‫يصدران عن إلزام قانوني‪ّ ،‬‬
‫عبرت‬
‫السابقة‪ ،‬مثمما حدث بالنسبة لتحديد مسافة البحر اإلقميمي حيث ّ‬
‫السموك أو ىذه ّ‬
‫أواحتجاجيا عمى ىذا ّ‬
‫الدول لمسافة بحرىا اإلقميمي بما يتجاوز ثالثة أميال ‪ ،‬معتبرة مسافة‬
‫دول كثيرة عن معارضتيا لتحديد بعض ّ‬
‫الثالثة أميال آنذاك عرفا دوليا ممزما‪)2(.‬‬

‫تكون القاعدة العرفية‬


‫الدولي أن ترجمت ىذا االعتراض ال ّذي يحول دون ّ‬
‫الدائمة لمعدل ّ‬
‫و قد سبق لممحكمة ّ‬
‫الصادر سنة ‪ 1927‬في قضية " المّوتس" بين فرنسا و تركيا‪ ،‬حيث رفضت أن يكون امتناع‬‫وذلك في حكميا ّ‬
‫السفن األجنبية أثناء تواجدىا في بحرىا اإلقميمي بشأن أفعال‬
‫الدول عن مباشرة اختصاصيا القضائي عمى ّ‬ ‫ّ‬
‫السمبي‪)3(.‬‬
‫السموك ّ‬‫أقرت ىذا ّ‬
‫السفن في أعالي البحار‪ ،‬يش ّكل قاعدة عرفية (دولية) ّ‬
‫ارتكبتيا تمك ّ‬

‫الدولي كشف عن وجود قواعد دولية عرفية سارية دون إيالء اعتبار‬ ‫تطور القانون ّ‬‫ألن ّ‬‫نسوق ك ّل ىذا بتحفظ ّ‬
‫الدولي ‪ ،‬و التي يمكن‬
‫الدول أو قبوليا‪ ،‬يتعمّق األمر بالقواعد اآلمرة أو المتّصمة بالنظام العام ّ‬
‫العتراض بعض ّ‬
‫عرفي‪)4(.‬‬ ‫أن تكون ذات مصدر‬

‫‪ ،‬تجعميا قابمة‬ ‫قوة ممزمة‬


‫الركنان المادي و المعنوي تصبح القاعدة العرفية الدولية ذات ّ‬
‫و ىكذا إذا توافر ّ‬
‫خاصة‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫لمتطبيق تمقائيا شأنيا شأن ّأية قاعدة من قواعد القانون الدولي المنتمية إلى مصادره المعروفة‬
‫الدولية‪.‬‬
‫المعاىدات ّ‬

‫الدولي‪:‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أنواع العرف ّ‬

‫الخاص (اإلقميمي)‪ ،‬كما أسفر‬


‫ّ‬ ‫يسمى بالعرف العام (العالمي)‪ ،‬و العرف‬
‫الدولي ما ّ‬
‫نجد عمى مستوى العرف ّ‬
‫يسمى بالعرف اآلني أو الثّوري‪.‬‬
‫الدولي منذ ستينات القرن الماضي عن بروز ما ّ‬
‫تطور القانون ّ‬
‫ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬جمال محي الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.248 ،247‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،68‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪،193‬‬
‫‪ ،194‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.427 ،426‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،68‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.150‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.427‬‬

‫‪102‬‬
‫ّأوال‪ -‬العرف العام (العالمي)‪:‬‬

‫الدولي دون استثناء‪ ،‬و بالتّالي‬


‫العرف العام أو العالمي ىو ذلك العرف ال ّذي يسري عمى كافّة أشخاص القانون ّ‬
‫محدد من أشخاص‬ ‫معين من الكرة األرضية‪ ،‬أو يقتصر تطبيقو عمى العالقة بين عدد ّ‬
‫ال ينحصر في جزء ّ‬
‫القاري " المشار‬
‫الدولية في "قضية الجرف ّ‬ ‫قررت محكمة العدل ّ‬
‫الدولي دون األشخاص األخرى‪ ،‬و قد ّ‬ ‫القانون ّ‬
‫الدولي و بطريقة‬
‫العامة لمقاعدة العرفية التّي يجب تطبيقيا عمى ك ّل أعضاء المجتمع ّ‬
‫أن الطّبيعة ّ‬
‫ليا سمفا ّ‬
‫متساوية ال يمكن استبعادىا ‪ ،‬أو وضع تحفظ بشأنيا من جانب واحد ‪ ،‬أو وفقا إلرادة أحد أشخاص المجتمع‬
‫الدولي‪)1(.‬‬
‫ّ‬

‫ثاني‪ -‬العرف الخاص (اإلقميمي)‪:‬‬


‫ا‬

‫معينة أو في‬
‫قارة ّ‬
‫القاري أو المحمّي ‪ ،‬و ىو العرف ال ّذي يقتصر تطبيقو عمى ّ‬ ‫يصطمح عميو أيضا بالعرف ّ‬
‫الدول العربية‪ ،‬اإلسالمية‪ ،‬اإلفريقية‪ ،‬األوربية‪ ،‬األمريكية‪ ،)...‬و عمى‬
‫الدول ( ّ‬
‫إطار عالقات بين عدد محدود من ّ‬
‫تدعي وجود ىذا النوع من العرف أن تقوم بإثباتو ‪ ،‬حيث يقع عمييا عبء اإلثبات أمام القاضي أو‬
‫الدولة التّي ّ‬
‫ّ‬
‫الدول تربطيا صالت تاريخية و حضارية‬‫الخاص بين مجموعة من ّ‬‫ّ‬ ‫الدوليين‪ ،‬و غالبا ما ينتشر العرف‬
‫المح ّكم ّ‬
‫وعقائدية أو حتّى ظروف مشتركة سياسية و اقتصادية و غيرىا (دول العالم الثالث مثال)‪ ،‬فعمى مستوى منظمة‬
‫الدول األمريكية المنشأة بموجب ميثاق بوقوتا ‪ 1984‬توجد مجموعة من األعراف (األمريكية)‪.‬‬
‫ّ‬

‫الصادر‬
‫الخاص في "قضية المرور عبر اإلقميم اليندي " في حكميا ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولية العرف‬
‫أقرت محكمة العدل ّ‬
‫و قد ّ‬
‫سنة ‪ ،1960‬حيث اعترفت بوجود قاعدة عرفية محمية لصالح البرتغال تسمح لو بالمرور عبر اإلقميم اليندي‬
‫البرتغالية‪)2(.‬‬ ‫من ميناء "ديمان" إلى األراضي‬

‫ثالث‪ -‬العرف اآلني (الثوري)‪:‬‬


‫ا‬

‫تمردا عمى األعراف‬


‫الدول حديثة االستقالل ّ‬
‫يطمق عميو أيضا الفوري أو الثوري‪ ،‬و ىو العرف ال ّذي أرستو ّ‬
‫التطور الحاصل في‬
‫ّ‬ ‫الدول االستعمارية الكبرى‪ ،‬و قد ساعد فيما بعد عمى تبمور ىذا العرف‬
‫كرستيا ّ‬
‫التي ّ‬
‫االتصاالت‪)3(.‬‬ ‫الدولية‪ ،‬و تأثير ثورة المعمومات و تكنولوجيا‬
‫العالقات ّ‬

‫السابقة‪ ،‬كما ال يتطمّب فترة زمنية طويمة‬


‫السموك أو تواتر ّ‬
‫بأنو ال يحتاج إلى تكرار ّ‬
‫يتميز العرف اآلني ّ‬
‫و ّ‬
‫الستق ارره‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،423 ،422‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.163 ،162‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،153-151‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،424 ،423‬د‪ .‬عمي‬
‫زراقط مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.164 ،163‬‬
‫(‪ )3‬في العرف الثوري أنظر بتفصيل د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.255 -250‬‬

‫‪103‬‬
‫فمع غ ازرة المعمومات و اإلفادة من شبكة اإلنترنيت ‪ ،‬و البريد اإللكتروني و مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬و نظام‬
‫الدولية‬
‫الدول و غيرىا من األطراف الفاعمة في العالقات ّ‬
‫عما تواتر عميو سموك ّ‬
‫أقراص الميزر ‪ ،‬بات الكشف ّ‬
‫ل لحظة‪)1(.‬‬
‫معينة أو موضوع بذاتو مسألة ممكنة في ك ّ‬
‫بصدد مسألة ّ‬

‫الدولي‪:‬‬
‫الم طمب الثاني‪ :‬طبيعة العرف ّ‬

‫األول)‪ ،‬مرد ذلك الصعوبة التي تكتنف‬


‫محدد إللزامية العرف الدولي (الفرع ّ‬
‫لم يتفق الفقو الدولي عمى أساس ّ‬
‫أىم قواعده (الفرع الثالث)‪:‬‬
‫إثباتو (الفرع الثاني)‪ ،‬رغم تراجعيا أمام حممة التقنين التي طالت معظم و ّ‬
‫الدولي‪:‬‬
‫القوة اإللزامية لمعرف ّ‬
‫األول‪ :‬أساس ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫الدولية العرفية‪ ،‬و يرجع ىذا االختالف إلى تباين وجيات النظر‬
‫الدولي في تبرير إلزامية القواعد ّ‬
‫اختمف الفقو ّ‬
‫الدولي عموما‪ ،‬و يعكس ىذا االختالف اتجاىان رئيسيان‬ ‫في تحديد األساس القانوني إللزامية قواعد القانون ّ‬
‫الدول النامية تجاه‬
‫يعبر عن موقف ّ‬
‫ثالث ّ‬
‫أن ىناك اتجاه ا ا‬
‫ىما المذىب اإلرادي‪ ،‬و المذىب الموضوعي‪ ،‬عمى ّ‬
‫العرف الدولي‪:‬‬

‫ّأوال‪ -‬المذىب اإلرادي‪:‬‬

‫الدولي‪ ،‬لذلك ال‬


‫الدولي ليس في حقيقتو إالّ اتفاقا ضمنيا بين أشخاص القانون ّ‬
‫أن العرف ّ‬‫يرى ىذا المذىب ّ‬
‫بطريقة‬ ‫يتم التعبير عن اإلرادة في ىذه األخيرة‬
‫يبدو الفارق بين العرف و المعاىدة الدوليين كبيرا‪ ،‬حيث ّ‬
‫الدولي بطريقة ضمنية‪ ،‬أو بعبارة أخرى تفرغ اإلرادة عمى مستوى‬
‫يتم التعبير عنيا في العرف ّ‬
‫صريحة‪ ،‬بينما ّ‬
‫الدولي بالممارسة ‪ ،‬أو من خالل عدم‬
‫يعبر عنيا عمى مستوى العرف ّ‬ ‫المعاىدة الدولية في وثيقة مكتوبة‪ ،‬بينما ّ‬
‫ل‪)2(.‬‬
‫األق ّ‬ ‫االعتراض عمى ىذه الممارسة عمى‬

‫الصادر‬
‫يؤيد ىذا المذىب موقف المحكمة الدولية الدائمة لمعدل في قضية "الموتس" حيث أ ّكدت في حكميا ّ‬
‫و ّ‬
‫يتم التعبير عنيا صراحة من‬
‫الحرة التّي ّ‬
‫لمدول تنبع من إرادتيا ّ‬
‫بأن‪ " :‬القواعد القانونية الممزمة ّ‬
‫سنة ‪ّ 1927‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫خالل المعاىدات‪ ،‬أو ضمنيا من خالل العرف‪"...‬‬

‫يضيق من دائرة تطبيق القواعد الدولية العرفية‪ ،‬حيث ّأنيا ال تسري إالّ في‬
‫و ما يؤخذ عمى ىذا المذىب ّأنو ّ‬
‫الدولي‪.‬‬
‫الدول األخرى‪ ،‬و ىذا ما يناقض نسبيا حقيقة العرف ّ‬ ‫الدول التّي اشتركت في تكوينيا دون بقية ّ‬
‫مواجية ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.252 -248‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،156‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪428‬‬
‫د‪.‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.156 ،155‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،144 ،143‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.161‬‬

‫‪104‬‬
‫ثانيا‪ -‬المذىب الموضوعي‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫الدولية العرفية‬


‫الدولي يستند إلى االقتناع بضرورة احترام القاعدة ّ‬
‫أن أساس إلزامية العرف ّ‬
‫يرى ىذا المذىب ّ‬
‫حد ذاتيا ضرورة أو مطمبا أساسيا و حتميا يقتضيو الحفاظ عمى بقاء و استم اررية المجتمع‬
‫تعد في ّ‬
‫ألنيا ّ‬
‫ّ‬
‫الدولي ىو وليد ال ّشعور القانوني‬
‫فإن العرف ّ‬
‫الدولي وضمان تنسيق العالقات بين أشخاصو‪ ،‬و بعبارة أخرى ّ‬‫ّ‬
‫بالضرورة عن إرادة ىؤالء األعضاء و لكن يمكن الوقوف عميو‬
‫ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬فيو ال ينشأ‬
‫المشترك ألعضاء الجماعة ّ‬
‫يستمد ىذا اإللزام من كونو‬
‫ّ‬ ‫ألنو‬
‫الدولي ممزم ّ‬
‫الدولية‪ ،‬و عميو فالعرف ّ‬
‫من خالل مقتضيات و ضرورات الحياة ّ‬
‫الدولي‪ ،‬و لممحافظة عمى األسس و القواعد‬
‫ضرورة لتوفير االستقرار و األمان القانوني ألشخاص المجتمع ّ‬
‫عمييا‪)1(.‬‬ ‫التّي يقوم‬

‫الدولي و ال في‬
‫أي دور في إنشاء العرف ّ‬ ‫الدول الجديدة ّ‬‫يؤدي منطقيا إلى ّأنو ليس إلرادة ّ‬
‫الرأي ّ‬
‫و األخذ بيذا ّ‬
‫الضرورة االجتماعية التّي اتّخذىا ىذا المذىب أساسا إللزامية العرف‬
‫إق ارره‪ ،‬و ىي تمتزم بو انطالقا من ّ‬
‫الدولي‪)2(.‬‬
‫ّ‬

‫الدولي‪:‬‬
‫الدول الناشئة أو الجديدة من العرف ّ‬
‫ثالثا‪ -‬موقف ّ‬

‫الدولي سواء كانت اتفاقية أو عرفية‬


‫فإن القواعد األساسية الثابتة في القانون ّ‬
‫وفقا لما يراه األستاذ " والدوك" ّ‬
‫ألننا لو عمّقنا تطبيقيا عمى‬
‫الدول الجديدة دون حاجة إلى ضرورة إقرارىا من جانبيا‪ّ ،‬‬‫تطبق تمقائيا عمى ّ‬‫ّ‬
‫موافقتيا عمييا ألتحنا ليا بذلك إمكانية االختيار‪ ،‬و بالتّالي المفاضمة بين القواعد التّي تقبميا و تمك التّي‬
‫الدولي بين تمك‬
‫الخاصة‪ ،‬مع ما ينتج عن ذلك من تجزئة لقواعد القانون ّ‬ ‫ّ‬ ‫ترفضيا وفق ما يتماشى مع مصالحيا‬
‫األخرى غير الممزمة لعدد آخر منيا‪ ،‬و تبعا لذلك تناقض ىذه القواعد و عدم‬ ‫الدول و‬
‫الممزمة لعدد من ّ‬
‫الدولي ال ّذي يؤ ّكد عدم وجود ّأية حالة طالبت فييا دولة جديدة‬
‫فاعميتيا‪ ،‬و يدعم موقفو ىذا بشواىد من الواقع ّ‬
‫لكن ىذا الموقف‬
‫الدولي بعدم انطباق قاعدة دولية عرفية عمييا أو ّادعت بعدم إلزاميتيا ليا ‪ ،‬و ّ‬ ‫أمام القضاء ّ‬
‫الرفض‬ ‫ينبغي التعامل معو بتحفظ شديد‪ ،‬حيث ىناك ما يناقضو تماما‪ ،‬ذلك ّأنو في حاالت ما ال يمكن تجاىل ّ‬
‫الدول لقاعدة دولية عرفية إذا لم تشارك في تكوينيا أو وقفت موقفا سمبيا إزاءىا ‪ ،‬فقد‬
‫الصريح لدولة أو لعدد من ّ‬
‫ّ‬
‫أرست الدول النامية قواعد عرفية رغم معارضة الدول الكبرى ليا‪ ،‬مثل قاعدة تحديد مناطق الصيد االستئثارية‬
‫باثني عشر ميال بحريا مع إصرار انجمت ار عمى حصرىا في ثالثة أميال‪ ،‬و انصياعيا في النياية إلرادة الدول‬
‫النامية(‪)3‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،145 ،144‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،429 ،428‬د‪ .‬عمي‬
‫زراقط مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،157 ،156‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ‪،157 ،156‬‬
‫د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.162 ،161‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،158 ،157‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.233 ،232‬‬

‫‪105‬‬
‫الدولية في "قضية المصايد " بين بريطانيا‬
‫دعم القضاء الدولي ىذه الحقيقة‪ ،‬فقد ذىبت محكمة العدل ّ‬
‫و قد ّ‬
‫بأي حال تطبيق قاعدة دولية بدعوى ّأنيا‬
‫الصادر سنة ‪ ،1951‬إلى ّأنو ال يمكن ّ‬
‫والنرويج من خالل حكميا ّ‬
‫عرفية (قاعدة العشرة أميال بحرية) عمى دولة النرويج ‪ ،‬ما دامت ىذه األخيرة تعارض ّأية محاولة لتطبيقيا عمى‬
‫سواحميا‪.‬‬

‫خاصة) موقف من القواعد الدولية العرفية التّي‬


‫ّ‬ ‫فإن لدول العالم الثالث (اإلفريقية و اآلسيوية‬
‫من جية أخرى ّ‬
‫الدول‬
‫ظيرت قبل ظيورىا كدول مستقمّة عمى اعتبار ّأنيا لم تشارك في وضعيا‪ ،‬و ّأنيا وضعت بين ّ‬
‫حريتيا في‬
‫الدول مؤ ّكدا عمى ّ‬‫االستعمارية الكبرى وفق ما يخدم مصالحيا‪ ،‬و قد ّأيد األستاذ " كريج" موقف ىذه ّ‬
‫منذ منتصف القرن‬ ‫تطورت‬
‫ّ‬ ‫قبول ىذه القواعد أو رفضيا‪ ،‬أو االلتزام عمى األق ّل بالقواعد التّي ظيرت و‬
‫العشرين و التّي واكبت ظيورىا كدول مستقمّة‪)1(.‬‬

‫الدولي‪:‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إثبات العرف ّ‬

‫الدولي‬
‫الدولية العرفية قاعدة قانونية غير مكتوبة ‪ ،‬تستشف من السموك المتواتر ألشخاص القانون ّ‬
‫القاعدة ّ‬
‫المعبر عن انصراف إرادتيا الضمنية إلى فرض ىذه القاعدة و وضعيا موضع التنفيذ كونيا ممزمة‪ ،‬و ال‬
‫و ّ‬
‫السوابق و التحقّق من تواترىا ‪ ،‬و إذا كان من شأن ىذا الوضع أن يضفي‬
‫يمكن إثبات وجودىا إالّ باستقراء ّ‬
‫ىامة ال ينبغي تجاىميا‪ ،‬فمن‬
‫لمتطور الشيء الكثير و ىي ميزة ّ‬
‫ّ‬ ‫عمى القاعدة العرفية من المرونة و القابمية‬
‫خاصية‬
‫ّ‬ ‫الصعوبة بمكان‪ ،‬فضال عن صعوبة تحصيل‬ ‫شأنو أيضا أن يجعل إثباتيا و تحديد مضمونيا من ّ‬
‫المادي لمقاعدة العرفية‪)2(.‬‬
‫الركن ّ‬
‫السابقة الكتمال ّ‬
‫العمومية التّي يجب أن تكتسييا ّ‬

‫مدة من‬
‫الدولية ما لم يتواتر العمل بيا ّ‬
‫السموك ّ‬
‫فإن وصف القاعدة العرفية ال يثبت إالّ لقاعدة ّ‬
‫تقدم ّ‬
‫بناء عمى ما ّ‬
‫يعد كذلك‪.‬‬
‫يعتد بيا في إثبات التّواتر و ما ال ّ‬
‫ثمة يثور التّساؤل حول ما يجوز اعتباره سابقة ّ‬
‫الزمن‪ ،‬و من ّ‬
‫ّ‬

‫بالسابقة في ىذا الخصوص من األمور التّي كانت مح ّل خالف بين الفقياء ‪ ،‬حيث‬
‫أن تحديد المقصود ّ‬
‫و الواقع ّ‬
‫‪ ،‬تمثّميما ك ّل من المدرسة الوضعية‬ ‫الدولي‬
‫الصدد بين اتجاىين أساسيين في الفقو ّ‬
‫يمكن التمييز في ىذا ّ‬
‫والمدرسة الموضوعية‪:‬‬

‫ّأوال‪ -‬المدرسة الوضعية‪:‬‬

‫الصادرة عن الجياز‬
‫التصرفات ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولي إالّ‬
‫السوابق في مجال إثبات العرف ّ‬
‫ال تعتبر ىذه المدرسة من قبيل ّ‬
‫الدول‪.‬‬
‫المختص بسمطة إبرام المعاىدات الدولية في ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،60‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.246‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،157 -154‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.363 -361‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ ،‬فالقاعدة العرفية في نظرىا‬ ‫حد ذاتيا‬
‫من ىنا يتّضح مدى ارتباط ىذه المدرسة بطبيعة القاعدة العرفية في ّ‬
‫‪،‬‬ ‫الدولية)‬
‫الصريح (المعاىدة ّ‬
‫الدول ال يممك إبرامو حكما إالّ من يممك سمطة إبرام االتّفاق ّ‬
‫اتفاق ضمني بين ّ‬
‫المختصة بإبرام المعاىدات‬
‫ّ‬ ‫السمطة‬
‫الصادرة عن ّ‬
‫التصرفات ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولي بغير‬
‫يعتد في إثبات العرف ّ‬
‫وعميو فال ّ‬
‫السمطة ال قيمة ليا في إثبات‬
‫التصرفات التّي تقع خارج ىذه ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولة‪ ،‬و بمفيوم المخالفة فبقية‬
‫الدولية في ّ‬
‫ّ‬
‫العرف‪.‬‬

‫لمدول‬
‫الرسمية ّ‬
‫الدوائر ّ‬
‫الدولية و ىو ّ‬
‫السابقة ّ‬
‫تعول عمى مصدر واحد من مصادر ّ‬ ‫أن ىذه المدرسة ّ‬
‫الظّاىر إذن ّ‬
‫الدولية‪)1(.‬‬
‫تصرفات إلدارة العالقات ّ‬
‫وما يصدر عنيا من ّ‬
‫ثانيا‪ -‬المدرسة الموضوعية‪:‬‬

‫الدولية‬
‫الدولي أو ضمير الجماعة ّ‬ ‫الدولي تعبي ار عن اتّجاه إرادة أشخاص القانون ّ‬
‫تعتبر ىذه المدرسة العرف ّ‬
‫تعتد بك ّل الوسائل التّي من شأنيا‬
‫السموك‪ ،‬و عميو فيي ّ‬
‫معينة من قواعد ّ‬ ‫إلى إلزام أعضائيا ضمنا بقاعدة ّ‬
‫السابقة‪ ،‬و لذلك‬
‫التصرف مح ّل ّ‬
‫ّ‬ ‫الصادر عنيا‬
‫الضمني‪ ،‬بصرف النظر عن الجية ّ‬ ‫إثبات مضمون ىذا التعبير ّ‬
‫الدولي‬
‫الداخمي و ّ‬‫الداخمية ‪ ،‬و أحكام القضاء ّ‬
‫الدولية في نظر ىذه المدرسة التشريعات ّ‬
‫السابقة ّ‬
‫يعد من قبيل ّ‬
‫ّ‬
‫الدولية ‪ ،‬و ما تبرمو من معاىدات تكشف‬
‫الدول الواقعية في نطاق الحياة ّ‬
‫تصرفات ّ‬
‫السواء ‪ .‬فضال عن ّ‬‫عمى ّ‬
‫السوابق‪)2(.‬‬
‫ّ‬ ‫بيا عن وجود ىذه‬

‫الدولي‪:‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تدوين العرف ّ‬

‫الدولية لتدوين القواعد العرفية‬


‫جادة لممجموعة ّ‬ ‫الدولي من صعوبة إلثباتو‪ ،‬ظيرت إرادة ّ‬
‫نظ ار لما يكتنف العرف ّ‬
‫المستقرة بيدف الكشف عنيا و تيسير إثباتيا‪ ،‬فباإلضافة إلى الجيود العممية الفردية و المؤسساتية كانت ىناك‬
‫ّ‬
‫جيود رسمية تمثّمت عمى الخصوص في جيود عصبة األمم‪ ،‬و جيود األمم المتّحدة (‪: )3‬‬

‫ّأوال ‪ -‬جيود عصبة األمم ‪:1919‬‬

‫العامة في سبتمبر ‪ 1924‬ق ار ار بتشكيل‬‫بعد أكثر من أربع سنوات من تأسيس عصبة األمم أصدرت جمعيتيا ّ‬
‫ميمتيا تحضير مشاريع لتدوين موضوعات القانون الدولي القابمة لمتدوين‬
‫الدولي ‪ّ ،‬‬
‫لجنة من خبراء القانون ّ‬
‫الدول بشأنيا‪.‬‬
‫وتقديميا لمجمس العصبة بعد أخذ رأي ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.158‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.159‬‬
‫(‪ )3‬أنظر في تدوين العرف الدولي بالتفصيل‪:‬‬
‫» ‪(4) AGO (Robert) : « La codification du droit international et les problèmes de sa réalisation‬‬
‫‪Recueil d’études en droit international en hommage a Paul Guggenheim, Genève 1968, pp93-‬‬
‫‪131.‬‬

‫‪107‬‬
‫مييأة أكثر من غيرىا‬
‫بدأت المّجنة عمميا في أفريل ‪ 1925‬و انتيت إلى تحضير ستّة موضوعات رأت ّأنيا ّ‬
‫الدولة عن األضرار التّي تمحق باألجانب و أمواليم في‬
‫لمتدوين‪ ،‬و ىي‪ :‬الجنسية‪ ،‬البحر اإلقميمي‪ ،‬مسؤولية ّ‬
‫تم عرض ىذه‬ ‫االمتيازات الديبموماسية‪ ،‬و ّ‬ ‫إقميميا‪ ،‬القرصنة‪ ،‬استثمار منتجات البحار‪ ،‬الحصانات و‬
‫الدراسة عمى الموضوعات الثالثة األولى‬‫العامة في سبتمبر ‪ 1927‬فرأت اقتصار ّ‬
‫الموضوعات عمى الجمعية ّ‬
‫قدر لممؤتمر أن يعقد في‬
‫ليقرر ما يراه بشأنيا‪ ،‬و ّ‬
‫وتشكيل لجنة أخرى لتنقيحيا تمييدا لعرضيا عمى مؤتمر عام ّ‬
‫لكن نتائجو لم تكن في مستوى اآلمال‬
‫‪ 13‬مارس ‪ 1930‬بحضور مندوبي ‪ 47‬دولة‪ ،‬و دامت جمساتو شيرا‪ّ ،‬‬
‫الخاصة بالجنسية من خالل‬
‫ّ‬ ‫الدول في إطاره إالّ عمى إقرار بعض القواعد‬
‫التّي عمّقت عميو‪ ،‬حيث لم تتفق ّ‬
‫الدولية‬
‫بأية محاولة لتدوين القواعد ّ‬
‫اتّفاقية و ثالثة بروتوكوالت‪ ،‬و بفشل ىذا المؤتمر لم تقم العصبة بعدىا ّ‬
‫العرفية‪)1(.‬‬

‫ثانيا‪ -‬جيود األمم المتحدة ‪:1945‬‬

‫العامة دراسات و تشير‬


‫نصت عمى أن‪ " :‬تنشئ الجمعية ّ‬‫طبقا لممادة ‪ 1 /13‬من ميثاق األمم المتّحدة التّي ّ‬
‫الدولي‬
‫التقدم المطّرد لمقانون ّ‬
‫الدولي في الميدان السياسي‪ ،‬و تشجيع ّ‬
‫بتوصيات بقصد‪ :‬أ – إنماء التعاون ّ‬
‫الدولي التّي بدأت عمميا في ‪1949 /04/12‬‬
‫العامة لألمم المتّحدة لجنة القانون ّ‬
‫وتدوينو‪ "...‬أنشأت الجمعية ّ‬
‫وتناولت بالبحث بناء عمى طمب الجمعية العامة المسائل اآلتية‪:‬‬

‫‪ ‬اختيار الموضوعات التّي ترى المّجنة أن تبدأ بيا عممية التدوين‪.‬‬


‫‪ ‬تحديد القواعد التّي جرت عمى أساسيا محاكمات كبار مجرمي الحرب العالمية الثانية في نورمبرغ‬
‫ضد سمم و أمن اإلنسانية‪.‬‬
‫وتحضير مشروع تدوين الجرائم ّ‬
‫‪ ‬دراسة إمكانية إنشاء محكمة دولية جنائية‪.‬‬
‫الرجوع إلييا‪.‬‬
‫‪ ‬بيان الطّرق و الوسائل التّي من شأنيا تسييل معرفة القواعد العرفية و ّ‬
‫الدول و واجباتيا‪.‬‬
‫‪ ‬وضع مشروع إعالن لحقوق ّ‬

‫المستقرة آنذاك ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫الدولية‬
‫المقننة لألعراف ّ‬
‫الدولية ّ‬
‫تبني عدد من المعاىدات ّ‬
‫و أسفرت الجيود المتتابعة لمّجنة عن ّ‬
‫منيا‪ :‬اتفاقية تجريم إبادة الجنس البشري و العقاب عمييا ‪ ،1948‬اتفاقية فينا لمعالقات الديبموماسية ‪1961‬‬
‫‪ ،1969‬و عدد ال حصر لو من‬ ‫‪ ،1963‬اتفاقية فينا لقانون المعاىدات‬ ‫اتفاقية فينا لمعالقات القنصمية‬
‫االتفاقيات في شؤون دولية مختمفة‪ ،‬و ال يزال عمل المّجنة متواصال إلى اليوم بيدف تدوين ما تبقّى من أعراف‬
‫دولية تكونت حديثا‪)2(.‬‬
‫ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.159 ،158‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،170 ،169‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ،170 ،169‬د‪ .‬منتصر سعيد‬
‫حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪BROWNLIE (Lan) op.cit, p11. ،160 ،159‬‬

‫‪108‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المبادئ العامة لمقانون‪:‬‬

‫العامة‬
‫فإن المبادئ ّ‬‫انطالقا من الفقرة األولى ج من المادة ‪ 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ّ ،‬‬
‫لمقانون تأتي في المرتبة الثالثة ضمن المصادر الرسمية لمقانون الدولي‪ ،‬لذلك ال تسمح قراءة النص باستنتاج‬
‫ّأنيا مصدر مساعد كما ذىب إلى ذلك بعض الفقو‪.‬‬

‫و قد كانت ىذه المبادئ منذ وقت طويل محال لنقاشات الفقو حول وجودىا‪ ،‬و استقالليا تحديدا عن المصدر‬
‫الثاني من مصادر القانون الدولي العام و ىو العرف‪ ،‬فبداية من ستينات القرن الماضي اعترض الفقو‬
‫االشتراكي مدعوما بفقو البمدان النامية عمى وجودىا أصال مرّك از عمى نقد العبارة العنصرية (األمم المتمدينة)‬
‫االستعمار‪)1(.‬‬ ‫التي تعكس مفيوما أوربيا ذاتيا متعاليا لمحضارة موروثا من عيد‬

‫لكن البقاء في إطار النص القانوني ال ّذي أوجد ىذه المبادئ و االسترشاد بتطبيقات القضاء الدولي السابقة في‬
‫ّ‬
‫ك حقيقة ىذه المبادئ و استقالليتيا تجاو از لمجدل‬
‫جانب منيا عمى النص ذاتو‪ ،‬يؤ ّكد بما ال يدع مجاال لمش ّ‬
‫الفقيي حوليا‪ ،‬و ال ّذي لم تعد لو اليوم في حقيقة األمر إالّ قيمة تاريخية أو أكاديمية محضة‪.‬‬

‫األول إلى ماىية ىذه المبادئ‪ ،‬فيما‬


‫العامة لمقانون ضمن مطمبين‪ ،‬يعرض ّ‬
‫عمى ىدى ما سبق سنعالج المبادئ ّ‬
‫يرّكز الثاني عمى تطبيقيا‪.‬‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫األول‪ :‬ماىية المبادئ ّ‬
‫المطمب ّ‬

‫العامة لمقانون تعريفا و نفيا و إثباتا‬


‫مادة خصبة لمفقو لمخوض في المبادئ ّ‬
‫المادة ‪1/38‬ج السابق ّ‬
‫ش ّكل نص ّ‬
‫العامة لمقانون (فرع ّأول) قبل أن ننتيي إلى تأصيميا أو طبيعتيا‬
‫وتأصيال‪ .‬لذلك سنعرض إلى مفيوم المبادئ ّ‬
‫أو مصدرىا (فرع ثان)‪:‬‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫األول‪ :‬مفيوم المبادئ ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫ثم عرض االتجاىات‬


‫العامة لمقانون تحديدىا من خالل تعريفيا ( ّأوال)‪ّ ،‬‬
‫يقتضي الوقوف عمى مفيوم المبادئ ّ‬
‫الفقيية بشأنيا من حيث وجودىا و استقالليتيا (ثانيا)‪:‬‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫ّأوال‪ -‬تعريف المبادئ ّ‬
‫األىمية ما يجعميا أساسا لمعديد من القواعد التفصيمية‬
‫ّ‬ ‫المبدأ عموما ىو ك ّل قاعدة تبمغ من العمومية و‬
‫المتفرعة عنيا‪)2(.‬‬
‫ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.367‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.167‬‬

‫‪109‬‬
‫العامة و األساسية التّي تييمن عمى األنظمة‬
‫العامة لمقانون المقصودة ىنا ىي تمك القواعد ّ‬
‫بناء عميو فالمبادئ ّ‬
‫تتفرع عنيا قواعد أخرى تطبيقية تخرج إلى حيز التنفيذ في صورة العرف و التشريع‪)1(.‬‬
‫القانونية‪ ،‬و التّي ّ‬
‫العامة لمقانون عمى ّأنيا مجموعة المبادئ التي ترتكز عمييا و‬
‫يعرف المبادئ ّ‬ ‫في سياق ذي صمة ىناك من ّ‬
‫تسبب في ضرر لمغير القيام‬
‫تقرىا معظم األنظمة القانونية لمختمف األمم‪ ،‬كالمبدأ ال ّذي يقضي بالتزام ك ّل من ّ‬
‫ّ‬
‫بإصالحو‪)2(.‬‬

‫العامة لمقانون ىي مجموعة المبادئ المشتركة لألنظمة الكبرى‬


‫أن المبادئ ّ‬ ‫و التعريف األكثر قبوال و تداوال ىو ّ‬
‫الدولي‪)3(.‬‬
‫لمقانون المعاصر‪ ،‬و التّي يجري تطبيقيا في النظام ّ‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫ثانيا‪ -‬الجدل الفقيي بشأن المبادئ ّ‬
‫العامة لمقانون أصال‪ ،‬فيما يش ّكك جانب آخر منو في استقاللية ىذه‬
‫ينكر جانب من الفقو وجود المبادئ ّ‬
‫المبادئ كمصر مباشر لمقانون الدولي العام‪:‬‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫‪-1‬االتجاه المنكر لوجود المبادئ ّ‬
‫العامة لمقانون بالصفة القانونية كمصدر لمقانون الدولي العام‬
‫ال تعترف المدرسة الوضعية (اإلرادية) لممبادئ ّ‬
‫الدول الغير‪ ،‬ىذه اإلرادة التّي يمكن أن تتخذ صورة‬
‫ألن المصدر الوحيد ليذا القانون في نظرىم ىو إرادة ّ‬
‫ّ‬
‫أن االعتراف ليذه المبادئ بوصف‬ ‫صريحة (المعاىدات الدولية) أو صورة ضمنية (العرف الدولي)‪ ،‬كما ّ‬
‫حد زعم ىذه المدرسة يعني قيام الصمة بين القانونين الدولي و الوطني‪ ،‬و ىو ما يتعارض مبدأ‬
‫المصدر عمى ّ‬
‫الفصل بين القانونين ال ّذي يعتبر مرتكز المدرسة الوضعية‪)4(.‬‬

‫العامة لمقانون بسبب اختالف القوانين في دول‬


‫في نفس االتجاه يستبعد الفقو االشتراكي إمكانية وجود المبادئ ّ‬
‫تؤدي إلى‬
‫النظام الرأسمالي و دول النظام االشتراكي باختالف المصمحة التي يرمي إلييا ك ّل نظام‪ ،‬ىذه النتيجة ّ‬
‫موحدة بين النظامين يمكن أن تشكل فعال مبادئ‬ ‫استحالة أو ‪-‬عمى األق ّل‪ -‬صعوبة وجود مبادئ مشتركة أو ّ‬
‫عامة مستخمصة منيما معا‪ ،‬بما يفيد في األخير عدم اعتبار ىذه المبادئ مصد ار لمقانون الدولي العام لعدم‬
‫ّ‬
‫أصال‪)5(.‬‬ ‫وجودىا‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪ -23‬القاىرة‬ ‫العامة لمقانون بوصفيا مصد ار لمقانون الدولي " المجمة المصرية لمقانون الدولي‪ ،‬المجمد‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬مفيد شياب‪ " :‬المبادئ ّ‬
‫‪ ،1967‬ص‪.01‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد حافظ غانم‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام "دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1972‬ص‪.79‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬عبد العزيز محمد سرحان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1975‬ص‪.208‬‬

‫‪110‬‬
‫العامة لمقانون كمصدر مباشر‪:‬‬
‫‪-2‬االتجاه المنكر الستقاللية المبادئ ّ‬
‫متميز‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬بقدر ما ينكر استقالليتيا كمصدر مباشر و ّ‬
‫ال ينكر ىذا االتجاه من الفقو وجود المبادئ ّ‬
‫لمقانون الدولي العام‪ ،‬و عميو فيو يدمجيا في مصادر أخرى ليذا القانون‪ ،‬أو في مفاىيم مرتبطة بو‬

‫مجرد قواعد دولية عرفية‪ ،‬بما‬


‫العامة لمقانون ال تعدو أن تكون إالّ ّ‬
‫أن المبادئ ّ‬ ‫حيث يرى جانب من ىذا الفقو ّ‬
‫تميزىا كمصدر مستق ّل مذكور في المادة ‪ 38‬من النظام األساسي‬‫يجردىا في نياية المطاف من استقالليتيا و ّ‬
‫ّ‬
‫لو‪)1(.‬‬ ‫لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬قف از عمى مقتضى النص ذاتو و تجاو از‬

‫العامة لمقانون ال تش ّكل إالّ قواعد بالمعنى الواقعي ال ّذي تعطيو ليا القواعد‬
‫و حسب "روتر" فالمبادئ ّ‬
‫العرفية‪)2(.‬‬

‫إما من‬
‫تستمد ّ‬
‫ّ‬ ‫العامة لمقانون‬
‫أن المبادئ ّ‬
‫في نفس االتجاه تقريبا ذىب الفقية السوفياتي " تونكين"‪ ،‬حيث يرى ّ‬
‫العامة لمقانون‬
‫ألية استقاللية لممبادئ ّ‬
‫المصادر التعاىدية (االتفاقية)‪ ،‬أو من المصادر العرفية في نفي صريح ّ‬
‫الدولية‪)3(.‬‬ ‫الواردة في المادة ‪-1/38‬ج من النظام األساسي لمحكمة العدل‬

‫‪ 1/38‬من النظام األساسي لمحكمة‬ ‫أن ىذا االتجاه أخمط بين مصدرين مستقمين مذكورين في المادة‬
‫يبدو ّ‬
‫العدل الدولية بما يش ّكل مغالطة منطقية واضحة‪ ،‬من جية أخرى ال يمكن التسميم بفكرة التطابق بين المبادئ‬
‫العامة لمقانون و العرف الدولي بحيث تندرج األولى في الثانية‪ ،‬فحتّى تصبح ّأية قاعدة سموك دولية عرفا دوليا‬
‫ّ‬
‫الدولي قد يطبق‬
‫أن القاضي ّ‬
‫فصمناه سابقا‪ ،‬في حين ّ‬‫يتكرر تطبيقيا من جانب الدول عمى نحو ما ّ‬ ‫يشترط أن ّ‬
‫معاىدة‪)4(.‬‬ ‫العامة عمى عالقة دولية ال يوجد بشأنيا عرف أو‬
‫لممرة األولى مبدأ من مبادئ القانون ّ‬
‫ّ‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬حيث يدرجيا رأي ضمن مبادئ القانون‬
‫إضافة لذلك توجد آراء أخرى منكرة الستقاللية المبادئ ّ‬
‫الطبيعي أو (قواعد المنطق)‪ ،‬أو ضمن طرق التفسير‪ ،‬أو يجعل منيا جزء من القانون الداخمي الصرف‪)5(.‬‬

‫مجرد قواعد العدالة و اإلنصاف (أي تمك‬


‫العامة لمقانون ال تعني إالّ ّ‬
‫أن المبادئ ّ‬
‫فيما يذىب رأي آخر إلى ّ‬
‫الدولية)‪)6( .‬‬
‫المذكورة في الفقرة الثانية من المادة ‪ 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) SCELLE (Georges) : « Manuel élémentaire du droit des gens » Paris 1948, p400 et s.‬‬
‫‪(2) REUTER (Paul) : « Droit international public » P.U.F, Paris 1972, p100.‬‬
‫‪(3) TANKIN (G.I) : « Droit international contemporain » éd du progrès, Moscou 1972, p151.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد حافظ غانم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫(‪ )5‬أنظر في ىذه اآلراء‪:‬‬
‫‪VITANY (Bella) : « Les positions doctrinales concernant le sens de la notion de principes‬‬
‫‪généraux reconnus par les nations civilisée » R.G.D.I.P, Janvier-Mars 1982, pp48-116.‬‬
‫(‪ )6‬د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.254‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬حيث‬ ‫أن ك ّل ىذه اآلراء تخالف صريح نص المادة‬
‫الواقع ّ‬
‫تميزه‪ ،‬بما ال يسمح بالقول‬
‫العامة لمقانون ضمنيا كمصدر مستقل لو طبيعتو و خصوصيتو و ّ‬
‫وردت المبادئ ّ‬
‫ّأنو قد يندمج أو يختمط مع مصدر أو مفيوم قانوني آخر‪.‬‬

‫فإنو‬
‫و فيما يتعمق تحديدا بالرأي األخير الذي أدرج المبادئ العامة لمقانون ضمن قواعد العدالة و اإلنصاف ّ‬
‫محدد في الفقرة الثانية من‬
‫أن مجال قواعد العدالة و اإلنصاف ّ‬ ‫تجاىل ما بين المصدرين من اختالف‪ ،‬حيث ّ‬
‫المادة ‪ 38‬السابقة كمصدر استثنائي ال يمكن المجوء إليو إالّ بعد استنفاذ المصادر الرسمية و االحتياطية‬
‫الواردة في ذات المادة‪ ،‬فوق ذلك استثنائية ىذا المصدر نابعة من ضرورة موافقة أطراف الدعوى عمى تطبيقو‪،‬‬
‫فإن‬
‫و ىذا ليس من شأن المبادئ العامة لمقانون‪ ،‬ففضال عن كونيا مصد ار رسميا يأتي بعد المعاىدة و العرف ّ‬
‫المحكمة تطبقو تمقائيا في حال غياب نص في كل من المصدرين السابقين‪ ،‬و دون اشتراط موافقة األطراف‬
‫المعنية‪.‬‬

‫العامة لمقانون في النظام القانوني الدولي ما كان لو أن يحدث إالّ باعتراف‬


‫فإن دخول المبادئ ّ‬
‫بالمحصمة ّ‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫الدولي‪ ،‬و عميو فال‬
‫النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية بيا كمصدر أصمي ثالث من مصادر القانون ّ‬
‫اجتياد مع صراحة النص‪.‬‬

‫العامة لمقانون غالبا ما ترفع كشعارات و لكن ناد ار ما يعمل بيا أو يعترف‬
‫أن المبادئ ّ‬‫أن ىناك من يرى ّ‬ ‫مع ّ‬
‫ليا بالفاعمية و التميز في التطبيق أمام المحاكم الدولية‪ ،‬فممثموا المنظمات الدولية يستشيدون في خطاباتيم‬
‫متفاوت‪)1(.‬‬ ‫فإن محكمة العدل الدولية تطبقيا بحذر شديد و بشكل‬
‫بيذه المبادئ‪ ،‬مقابل ذلك ّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬طبيعة المبادئ العامة لمقانون‪:‬‬

‫العامة لمقانون رأيان‪ ،‬رأي يقصر ىذه المبادئ عمى القانون الدولي في حد ذاتو‪ ،‬و رأي‬
‫يتنازع طبيعة المبادئ ّ‬
‫يحصرىا في القوانين الوطنية‪:‬‬

‫العامة لمقانون ذات طبيعة دولية‪:‬‬


‫ّأوال‪ -‬المبادئ ّ‬
‫عدل من موقفو المنكر لممبادئ العامة لمقانون‬
‫بداية انتشار ىذا الرأي كانت لدى أغمب الفقو االشتراكي الذي ّ‬
‫بفعل نياية الحرب الباردة و بداية االنفراج في العالقات بين المعسكرين‪ ،‬نتيجة انتياج سياسة التعايش السممي‬
‫يفسر المبادئ العامة لمقانون الواردة في‬
‫التي أفرزت‪ -‬عمى حد زعمو‪ -‬ىذه المبادئ‪ ،‬و بذلك بات ىذا الفقو ّ‬
‫بأنيا مبادئ القانون الدولي أو المبادئ التي تشكل جزء من القانون الدولي و ال تنفصل‬
‫المادة ‪ 38‬السابقة ّ‬
‫عنو‪ .‬و ىي عمى سبيل المثال المبادئ التي تحكم العالقات الودية و التعاون بين الدول الواردة في إعالن‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة لعام ‪ ،1970‬حيث يمكن تقسيم ىذه المبادئ إلى قسمين‪:‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.173‬‬

‫‪112‬‬
‫األول‪ :‬يضم المبادئ المتعمقة بحفظ السمم و األمن الدوليين‪ ،‬و تتمثل في‪ :‬مبدأ عدم استخدام القوة أو‬
‫القسم ّ‬
‫التيديد بيا‪ ،‬مبدأ فض النزاعات الدولية بالطرق السممية‪ ،‬مبدأ األمن الجماعي‪ ،‬مبدأ نزع السالح‪ ،‬مبدأ احترام‬
‫الحدود اإلقميمية لمدول‪ ،‬مبدأ تجريم الدعاية لمحرب‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬يشمل المبادئ المتعمقة بالتعاون الدولي‪ ،‬و تتمثل في‪ :‬مبدأ احترام سيادة الدولة‪ ،‬مبدأ عدم‬
‫التدخل في الشؤون الداخمية لمدول‪ ،‬مبدأ ضرورة التعاون بين الدول‪ ،‬مبدأ تنفيذ االلتزامات الدولية بحسن نية‪،‬‬
‫مبدأ احترام حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫أن الفقو االشتراكي في ىذا المقام ينظر إلى التعايش السممي كمبدأ أساسي و عميق يتخمّل ك ّل‬
‫تجدر اإلشارة ّ‬
‫مما يجعميا ذات عالقة وثيقة ببعضيا البعض‪)1(.‬‬ ‫المبادئ المذكورة‪ّ ،‬‬
‫ال تجد دولية المبادئ العامة لمقانون صداىا عند الفقو االشتراكي فحسب بل حتّى عمى مستوى الفقو الغربي‬
‫بأنيا‬
‫الحد الذي يعتبرىا فيو ّ‬
‫فالفقيو " روتر" بعد تأكيده عمى الطبيعة الدولية ليذه المبادئ يعمي من شأنيا إلى ّ‬
‫العامة لمقانون –حسبو‪ -‬ىي قواعد قانونية مثميا مثل القواعد‬
‫أسمى من ك ّل القواعد الدولية األخرى‪ ،‬فالمبادئ ّ‬
‫العرفية لكنيا تتميز عنيا بطبيعتيا كونيا قواعد أساسية و ضرورية‪ ،‬ثابتة و متفقا عمييا‪ ،‬بل تكاد تكون مح ّل‬
‫اعتراف معظم الدول مثل مبدأ حسن النية‪ ،‬احترام التعيدات الدولية‪ ،‬و االلتزام بإصالح الضرر الناتج عن‬
‫انتياك القانون الدولي‪ ،‬المساواة أمام القانون‪ ،‬و راج مؤخ ار مبدأ الشرعية الدولية الذي يعني في معناه الضيق‬
‫خاصة اآلمرة منيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االلتزام بتطبيق ق اررات مجمس األمن‪ ،‬و في معناه الواسع احترام قواعد القانون الدولي‬

‫يمضي " روتر" في القول إلى ّأنو ال يمكن تصور عالقات دولية من دون مراعاة ىذه المبادئ التي ال يحتاج‬
‫العامة لمقانون تستخمص من طبيعة‬‫ألن المبادئ ّ‬
‫إثباتيا إلى ما تتطمّبو عممية إثبات القاعدة العرفية الدولية‪ّ ،‬‬
‫العالقات بين الدول و التي يجب أن تكون متكافئة‪ ،‬ىذه الحالة مثال يترجميا مبدأ المساواة بين الدول‪ ،‬كما‬
‫النص عميو في أكثر من معاىدة‬
‫ّ‬ ‫تكرر‬
‫يمكن استنباط ىذه المبادئ من المعاىدات الدولية‪ ،‬فتجريم العدوان ّ‬
‫فأصبح بذلك مبدأ من المبادئ العامة لمقانون‪ ،‬و ال ينفي ذلك الصفة المتميزة و المستقمة ليذه المبادئ‪ ،‬فحتّى‬
‫إن التبست بالعرف الدولي أو احتوتيا معاىدات دولية‪ ،‬تبقى مع ذلك قائمة بذاتيا كمصدر ذي طبيعة دولية‬
‫باألساس‪)2(.‬‬

‫العامة لمقانون ذات طبيعة وطنية‪:‬‬


‫ثانيا‪ -‬المبادئ ّ‬
‫‪-1/38‬ج من‬ ‫الرأي الراجح فقيا و ممارسة عمى الصعيد الدولي اليوم ىو ذلك الذي يفسر منطوق المادة‬
‫أن ىذه‬
‫محمل ّإياه ما ال يحتمل‪ ،‬و بذلك فيو يعتبر ّ‬
‫النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية تفسي ار لفظيا غير ّ‬
‫المبادئ ىي خالصة ما استقرت عميو أغمب النظم القانونية الوطنية‪.‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬مأمون المنان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.52 ،51‬‬
‫‪(2) REUTER (Paul) : « Institutions internationales » Paris 1972, p97 et s.‬‬

‫‪113‬‬
‫قدم المورد " فيممور" بوصفو عضوا في لجنة القانونيين تقري ار يؤ ّكد‬
‫فبالعودة إلى ظروف إعداد النص السابق ّ‬
‫العامة لمقانون تمك المبادئ المقبولة في مجموع األنظمة الداخمية لمدول‪ ،‬و‬
‫فيو ّأنو يجب أن يفيم من المبادئ ّ‬
‫تم تكريسيا في‬
‫أن المبادئ المقصودة ىي تمك التّي ّ‬
‫التوجو حين ترّكز عمى ّ‬
‫ّ‬ ‫تدعم محاضر المجنة بعد ذلك ىذا‬
‫قوة الشيء المقضي فيو‬
‫عدد من األنظمة الوطنية مثل المبادئ المتعمقة باإلجراءات القضائية‪ ،‬عمى رأسيا مبدأ ّ‬
‫المكرس في القضاء الدولي‪)1(.‬‬
‫ّ‬
‫أقرتيا األمم (المتمدينة) مبادئ القانون‬
‫العامة لمقانون التّي ّ‬
‫و بذلك فنص المادة ‪-1/38‬ج يقصد بالمبادئ ّ‬
‫التقدم التّي‬
‫الدول‪ ،‬بصرف النظر عن طبيعة نظاميا السياسي أو درجة ّ‬ ‫الداخمية المشتركة بين قوانين ىذه ّ‬
‫يكممو نص المادة ‪ 09‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية نفسو‪ ،‬الذي‬
‫بمغتيا‪ .‬ما يدعم ىذا المقصود و ّ‬
‫العالم‪)2(.‬‬ ‫يشترط أن يكون انتخاب قضاة المحكمة كفيال بتمثيل المدنيات الكبرى و النظم القانونية الرئيسية في‬

‫مؤخ ار ما ورد في نص المادة ‪ 21‬من نظام روما‬


‫العامة لمقانون ّ‬
‫ما يد ّل كذلك عمى الطبيعة الوطنية لممبادئ ّ‬
‫أن المبادئ المعنية ىي تمك المشتركة‬
‫األساسي لممحكمة الدولية الجنائية‪ ،‬حيث جاء النص قاطع الداللة عمى ّ‬
‫العامة لمقانون التّي‬
‫بين النظم القانونية الوطنية‪ ،‬إذ جاء في الفقرة ج من ذات المادة‪..." :‬و إالّ فالمبادئ ّ‬
‫تستخمصيا المحكمة من القوانين الوطنية لمنظم القانونية في العالم‪)3(.‬‬

‫حد تعبير د‪ .‬الدقاق و إن لم تكن تعنى مباشرة بالقانون الدولي فال يعني ذلك عدم‬
‫فالقوانين الوطنية عمى ّ‬
‫تعد أكثر ثباتا و أسبق وجودا و مميئة بالتجارب اإلنسانية‪ ،‬و ىي‬
‫ألن ىذه القوانين ّ‬
‫صالحيتيا لمحياة الدولية‪ّ ،‬‬
‫الدولي‪)4(.‬‬
‫ّ‬ ‫الموجو لمضمير القانوني‬
‫ّ‬ ‫بيذه المثابة تمعب دور‬

‫لمتحول و االنتقال إلى النظام الدولي‪ ،‬و‬


‫ّ‬ ‫تعد ىذه المبادئ مصد ار لمقانون الدولي إالّ إذا كانت قابمة‬
‫و عميو ال ّ‬
‫يتم إثبات وجودىا تبعا لذلك طبقا لمطرق المتداولة في القانون المقارن‪ ،‬فيما يستد ّل عمى قابمية اإلفادة منيا‬
‫عمى المستوى الدولي عن طريق القياس‪.‬‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) VITANYI (Bella) : « Les principes généraux du droit » R.G.D.I.P, Avril-Juin 1982, pp46-116.‬‬
‫‪(2) CHENG (B) : « General principles of law as applied by international courts and tribunals » Steven,‬‬
‫‪London 1953, p25.‬‬
‫أن الفقرة ب من نفس المادة و استنادا إلى حرفية الصياغة لم تنكر وجود مبادئ عامة لمقانون ذات مصدر دولي‪ ،‬ما يعني ّأنيا‬
‫(‪ )3‬مع ّ‬
‫تفرق بين المبادئ العامة لمقانون ذات المصدر الدولي‪ ،‬و تمك ذات المصدر الوطني‪ ،‬حيث جاء في الفقرة المعنية ما يمي‪..." :‬حيثما‬
‫ّ‬
‫المقررة في القانون الدولي لممنازعات‬
‫يكون مناسبا المعاىدات الواجبة التطبيق و مبادئ القانون الدولي و قواعده‪ ،‬بما في ذلك المبادئ ّ‬
‫‪ 21‬ىي المبادئ العرفية دون شك‪،‬‬ ‫أن المبادئ المقصودة في نص المادة‬‫المسمحة"‪ ،‬لكن السياق العام لمنص بأكممو يسمح بالقول ّ‬
‫أن المادة أساءت توظيف المصطمحات‪،‬‬ ‫مما يجعمنا نقول ّ‬‫طالما لم يرد ذكر ‪-‬في موضع آخر من المادة‪ -‬لمعرف الدولي بيذا المفظ‪ّ ،‬‬
‫و كانت تقصد من عبارة (مبادئ القانون الدولي و قواعده) العرف الدولي‪ ،‬ما يؤ ّكد استقرار فكرة وطنية المبادئ العامة لمقانون بشكل‬
‫حاسم‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ " :‬القانون الدولي العام‪ -‬المصادر‪ ،‬األشخاص" ط‪ ،2‬الدار الجامعية‪ -‬بيروت ‪ ،1983‬ص‪.230‬‬

‫‪114‬‬
‫مرده تشابو‬
‫حد ذاتيا‪ ،‬فاالعتراف بيا في النظم القانونية الداخمية ّ‬
‫يسترشد في ذلك بالغاية من ىذه المبادئ في ّ‬
‫المؤدي حكما إلى تشابو الحمول القانونية ليا‪ ،‬بقطع النظر عن اختالف األوضاع‬
‫ّ‬ ‫المشكالت اإلنسانية‬
‫أن عمومية ىذه المبادئ عمى ىذا النحو ال‬‫السياسية و االقتصادية و االجتماعية و الثقافية و غيرىا‪ ،‬مع ّ‬
‫األعم منيا‪ ،‬أي في األنظمة القانونية‬
‫ّ‬ ‫تعني ضرورة وجودىا في ك ّل النظم القانونية الوطنية‪ ،‬بل في الغالب‬
‫– كما يرى بعض الفقو‪ -‬عمى النظام الالتيني‪ ،‬األنجموسكسوني‪،‬‬ ‫الموزعة‬
‫الرئيسية أو الكبرى في العالم و ّ‬
‫الماركسي‪ ،‬األنظمة ذات األصول الدينية (اإلسالم‪ ،‬الييودية‪ ،‬البوذية)‪)1(.‬‬

‫فضال عن قابمية انتقال ىذه المبادئ إلى دائرة القانون الدولي و تناسبيا مع الحياة الدولية‪ ،‬و عموميتيا‪،‬‬
‫يشترط فييا كذلك أالّ تتعارض مع قواعد القانون الدولي األخرى ذات المصدر الدولي‪ ،‬و نجد صدى ليذا‬
‫عبرت عنو خاتمة الفقرة ج من المادة ‪ 21‬من نظام روما األساسي السابقة‪ ،‬حيث جاء فييا‪:‬‬ ‫مؤخ ار فيما ّ‬
‫الشرط ّ‬
‫"‪...‬شريطة أالّ تتعارض ىذه المبادئ مع ىذا النظام األساسي و ال مع القانون الدولي و ال مع القواعد و‬
‫المعايير المعترف بيا دوليا‪".‬‬

‫العامة لمقانون بوصفيا ذات منشأ وطني ىي مصدر انتقالي أو مؤقت لمقانون‬
‫أن المبادئ ّ‬‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الدولي‪ ،‬حيث تصبح مع الزمن جزء من القانون الدولي الوضعي (العرفي أو المكتوب)‪)2(.‬‬

‫العامة لمقانون‬
‫أن المبادئ ّ‬
‫أن ىناك جانب من الفقو (فردروس‪ -‬ىيدسون) يعتبر ّ‬‫في الختام تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫يمكن أن تكون في الوقت نفسو ذات طبيعة و طنية و دولية‪ ،‬و يستشيد " روسو" عمى ذلك بنص‬
‫العامة لمقانون دون قصرىا عمى مصدر وطني أو‬
‫المادة‪-1/38‬ج التي جاءت مطمقة في تقريرىا لممبادئ ّ‬
‫دولي‪)3(.‬‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬تطبيق المبادئ ّ‬
‫معين‪ ،‬أمكن تطويع الوضع‬
‫السابق يتعمّق بوضع ّ‬ ‫العامة لمقانون بمفيوميا ّ‬
‫تقرر وجود مبدأ من المبادئ ّ‬ ‫إذا ّ‬
‫الدولي في عممية‬
‫الدور ال ّذي يقوم بو المح ّكم أو القاضي ّ‬
‫نصا و روحا‪ ،‬و ىنا يبدو ّ‬
‫الدولي المماثل لنفس المبدأ ّ‬
‫ّ‬
‫الدور يمكن‬
‫الدولي عن طريق القياس‪ ،‬ىذا ّ‬ ‫العامة لمقانون و نقميا إلى دائرة القانون ّ‬
‫استنباط و استنتاج المبادئ ّ‬
‫المعدة باألساس إلنتاج آثارىا‬
‫ّ‬ ‫العامة لمقانون‪ ،‬تمك المبادئ‬
‫يضيق من نطاقو الطبيعة الوطنية لممبادئ ّ‬
‫أن ّ‬
‫الدولي مرىونة بمدى مراعاتيا‬‫الدولة‪ ،‬ما يجعل إمكانية صالحيتيا لمتطبيق عمى المستوى ّ‬ ‫القانونية داخل حدود ّ‬
‫الدولي المراد تطبيقيا فيو‪ ،‬فعممية انتقال ىذه المبادئ من دائرة القانون الوطني إلى دائرة‬
‫لخصوصية الوسط ّ‬
‫الدولي ال تحدث آليا أو تمقائيا‪.‬‬
‫القانون ّ‬
‫_____________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.442‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.182‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.171‬‬

‫‪115‬‬
‫فيناك جممة من المبادئ رغم استقرارىا و العمل بيا في معظم النظم القانونية الوطنية يتع ّذر نقميا إلى المجال‬
‫الدولية‪)1(.‬‬
‫الدولي بسبب عدم تناسبيا مع طبيعة العالقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإنيا‬
‫يطبق ىذه المبادئ‪ّ ،‬‬
‫الدولي و ىو ّ‬‫مع ذلك و رغم الحذر المطموب لمسبب السابق من المح ّكم أو القاضي ّ‬
‫الدوليين (فرع ّأول)‪ ،‬و في مجاالت القانون الدولي‬
‫وجدت تطبيقا واسعا ليا عمى مستوى التحكيم و القضاء ّ‬
‫المتعددة (فرع ثان)‪:‬‬
‫ّ‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫األول‪ :‬تطبيق التحكيم و القضاء الدوليين لممبادئ ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫يطبق بيا المعاىدة أو العرف‬


‫العامة لمقانون بنفس الطّريقة التّي ّ‬
‫الدولي المبادئ ّ‬ ‫يطبق المح ّكم أو القاضي ّ‬
‫ال ّ‬
‫الدوليين نظ ار لمدور االحتياطي ليذه المبادئ ( ّأوال) رغم دورىا المتزايد من جية أخرى في القانون الدولي‬
‫(ثانيا)‪:‬‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫الدور االحتياطي لممبادئ ّ‬
‫ّأوال‪ّ -‬‬

‫تظير األعمال التحضيرية المرافقة إلعداد نص المادة ‪-1/38‬ج من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‬
‫التوجو الغالب عام ‪ 1920‬كان يفيد بمنح المحكمة الدائمة لمعدل الدولي اختصاصا أق ّل‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫والممارسة الدولية ّ‬
‫من ذلك الممنوح لممحكمة الدولية لمغنائم بموجب المادة ‪ 2/07‬من اتفاقية الىاي الثانية عشر لعام ‪1907‬‬
‫العامة لمعدالة و‬
‫والتّي أتاحت لممحكمة عند الضرورة إمكانية المّجوء عند إصدار الحكم إلى ( المبادئ ّ‬
‫الدور‬
‫اإلنصاف ) ما يعني تخويل القاضي سمطة خمق القاعدة القانونية أو إنشائيا‪ ،‬و بيدف تالفي مثل ىذا ّ‬
‫الدول‪ ،‬جاءت المادة ‪-1/38‬ج من النظام األساسي لممحكمة الدائمة‬ ‫اإلنشائي و ال ّذي يمثّل تجاو از لسيادة ّ‬
‫أن األمر يتعمّق بمبادئ‬
‫لمعدل الدولي و ىي المادة نفسيا من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية لتؤ ّكد ّ‬
‫الدول المعنية‪ ،‬في أنظمتيا القانونية الداخمية بشكل مشترك‪ ،‬و‬
‫أي ّ‬‫أقرتيا األمم ( المتمدينة) ّ‬
‫عامة سبق أن ّ‬
‫ّ‬
‫الدولي ال يتمثّل في خمق المبدأ‪ ،‬بل استنباطو و استنتاجو من المبادئ‬
‫فإن دور القاضي ّ‬‫تأسيسا عمى ذلك ّ‬
‫لمدول‪)2(.‬‬
‫المستقرة في مجموع التشريعات و القوانين الداخمية ّ‬
‫ّ‬ ‫العامة لمقانون الثابتة و‬
‫ّ‬
‫سد النقص ال ّذي يمكن أن يحدث في قواعد القانون‬
‫العامة لمقانون المنحصر في ّ‬
‫من ىنا يتضح دور المبادئ ّ‬
‫الدولي مسألة لم يجد لمحكم فييا معاىدة و ال عرفا‪ ،‬يمكنو‬
‫الدولي العام‪ ،‬فإذا كان أمام المحكم أو القاضي ّ‬
‫يسد ك ّل‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬مع التنويو ّأنو ليس مطالبا بأن ّ‬
‫المجوء عندئذ إلى استنباط أو استعارة مبدأ من المبادئ ّ‬
‫النقص الموجود بواسطة ىذا المبدأ‪ ،‬عمى خالف القاضي الوطني ال ّذي يطمب منو ذلك تحت طائمة ارتكابو‬
‫مؤىل إلصدار حكم في القضية الماثمة أمامو في ك ّل األحوال‪.‬‬
‫جريمة إنكار العدالة‪ ،‬فيو ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.443 ،442‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد سرحال‪ " :‬قانون العالقات الدولية " المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع‪ -‬بيروت ‪ ،1990‬ص‪.113‬‬

‫‪116‬‬
‫مرد‬
‫الدوليين‪ّ ،‬‬
‫العامة لمقانون ليا دور احتياطي أو ثانوي قياسا إلى المعاىدة و العرف ّ‬
‫أن المبادئ ّ‬
‫يبدو إذن ّ‬
‫العامة لمقانون ذات أصول وطنية أو داخمية‪ ،‬و‬
‫أن المبادئ ّ‬ ‫أن ليذين المصدرين أصوال دولية‪ ،‬في حين ّ‬
‫ذلك ّ‬
‫العامة لمقانون في الترتيب ال ّذي أوردتو‬
‫يتقدم ك ّل من المعاىدة و العرف الدوليين المبادئ ّ‬
‫طبيعي تبعا لذلك أن ّ‬
‫ّ‬
‫المادة ‪ 38‬السابقة‪)1(.‬‬

‫العامة لمقانون مصد ار أصميا و مباش ار لمقانون الدولي العام من الناحية النظرية‪ ،‬ال يعني‬
‫إن اعتبار المبادئ ّ‬‫ّ‬
‫تقديميا من الناحية العممية عمى بقية المصادر األصمية األخرى (المعاىدة و العرف الدوليان) ال لكونيا أق ّل‬
‫ألن قواعد المعاىدة و العرف الدوليين أكثر وضوحا و تفصيال‪ ،‬و أسيل استنتاجا و تحديدا‪،‬‬ ‫قيمة منيما‪ ،‬بل ّ‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬فالترتيب ال ّذي أوردتو المادة ‪ 38‬السابقة و إن لم يكن الغرض‬
‫مقابل الغموض النسبي لممبادئ ّ‬
‫الخاصة (المعاىدة و العرف‬
‫ّ‬ ‫فإن الحكمة منو واضحة و ىي تغميب القاعدة‬ ‫التدرج الالزم بين المصادر‪ّ ،‬‬
‫منو ّ‬
‫بينيما‪)2(.‬‬ ‫العامة لمقانون) في حال التعارض‬
‫العامة (المبادئ ّ‬
‫الدوليان) عمى القاعدة ّ‬
‫حرّيات‬
‫الصالح العام و حماية حقوق و ّ‬
‫موحدة لوحدة اليدف و ىو تحقيق ّ‬‫ألن األنظمة القانونية تكاد تكون ّ‬
‫و ّ‬
‫معين‬
‫العامة لمقانون ال يعود إلى نظام قانوني ّ‬
‫قرر االستناد إلى المبادئ ّ‬
‫الدولي إذا ّ‬
‫األفراد‪ ،‬فالمح ّكم أو القاضي ّ‬
‫عمى انفراد‪ ،‬فال يأخذ مثال بالنظام الالتيني فقط‪ ،‬أو النظام األنجموسكسوني و حسب‪ ،‬بل يحاول المزج بينيما‬
‫لمتوصل إلى ح ّل عام يكشف عن وجود المبدأ و استق ارره في النظامين معا‪ ،‬و رّبما في جميع األنظمة القانونية‬
‫ّ‬
‫الكبرى المذكورة سابقا‪)3(.‬‬

‫فعمى المح ّكم أو القاضي الدولي و ىو يستنبط المبادئ العامة لمقانون دراسة ك ّل حالة عمى حدة‪ ،‬و التريث في‬
‫قرار االعتماد عمى مبدأ دون اآلخر في إطار األنظمة القانونية الكبرى في العالم‪ ،‬و تدقيق فحصة لمفروق‬
‫الدولي‪ ،‬و مدى إمكانية نقل المبدأ من النظام األول‬
‫الداخمي و النظام القانوني ّ‬ ‫الموجودة بين النظام القانوني ّ‬
‫إلى النظام الثاني وفق الضوابط المذكورة سابقا (التأ ّكد من عمومية المبدأ‪ ،‬و مالءمة نقمو إلى المجال الدولي‪،‬‬
‫الدولي)‪)4(.‬‬ ‫و عدم تعارضو مع قواعد القانون‬

‫الدقة و الوضوح‬
‫ألن ىذه المبادئ ال تتسم دائما بالقدر الكافي من ّ‬
‫الدولي ذلك‪ّ ،‬‬
‫يطمب من المح ّكم أو القاضي ّ‬
‫يؤدي‬
‫موحد‪ ،‬ما ّ‬
‫يتم استنباطيا و الكشف عنيا في ك ّل األحوال بشكل موضوعي وفق معيار ثابت و ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ال ّذاتي‪)5(.‬‬ ‫الدولي إلى االعتماد باألساس عمى التقييم‬
‫بالمح ّكم أو القاضي ّ‬
‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.176 ،175‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.208‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.444‬‬

‫‪117‬‬
‫الدولي‪:‬‬
‫العامة لمقانون في القانون ّ‬
‫ثانيا‪ -‬الدور المتزايد لممبادئ ّ‬
‫العامة لمقانون تقوم بدور محدود نسبيا في نطاق العالقات التقميدية بين الدول‪ ،‬حيث كانت ىذه‬
‫كانت المبادئ ّ‬
‫إن اختالف النظم السياسية و االقتصادية‬‫العالقات تستند في أساسيا إلى المعاىدة و العرف الدوليين‪ّ ،‬‬
‫الدول أفرز تماي از واضحا بين نمط العالقات االجتماعية عمى الصعيد الداخمي و بين‬
‫واالجتماعية و غيرىا بين ّ‬
‫مما ّأدى إلى محدودية االشتراك القانوني أو التوافق حول مبادئ‬
‫نمط ىذه العالقات عمى الصعيد الدولي‪ّ ،‬‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬فالتباين بين الدول عمى المستويات السياسية‬
‫يسمى بالمبادئ ّ‬
‫موحدة يمكن أن تش ّكل ما ّ‬
‫ّ‬
‫ل دولة‪)1(.‬‬
‫المطبق داخل ك ّ‬
‫ّ‬ ‫بالضرورة إلى التباين عمى مستوى القانون‬
‫ّ‬ ‫يؤدي‬
‫االقتصادية واالجتماعية ّ‬

‫عامة لمقانون تصمح لالنطباق‬


‫مع ذلك و رغم قمّة تحقّق فكرة االشتراك القانوني التّي تفضي إلى انبثاق مبادئ ّ‬
‫الدور المنوط بو آنذاك في تنظيم‬
‫الدولي‪ ،‬فقد وجد عدد من ىذه المبادئ استطاع أن يمعب ّ‬ ‫في المجال ّ‬
‫متعددة‪ ،‬منيا‪:‬‬
‫الدول‪ ،‬و يمكن رصد سريان ىذه المبادئ في قطاعات أو مجاالت ّ‬ ‫العالقات الكالسيكية بين ّ‬
‫الدول)‪ ،‬النظرية‬
‫الدولي‪ ،‬حقوق ّ‬
‫العامة لمقانون و الحق ( القواعد اآلمرة و المكممة في القانون ّ‬
‫مجال النظرية ّ‬
‫العامة لمعقد واستعارة تفاصيميا لممعاىدة الدولية (أركان المعاىدة‪ ،‬عيوب الرضا)‪ ،‬النظرية العامة لممسؤولية‬
‫ّ‬
‫(مسؤولية الدول و شروطيا و نتائجيا)‪ ،‬و المبادئ المتعمقة بإدارة العدالة (مبدأ التقاضي‪ ،‬المساواة أمام‬
‫اإلثبات)‪)2(.‬‬ ‫القضاء‪ ،‬وسائل‬

‫و بفعل زوال القطبية الثنائية و بروز النظام الدولي الجديد مطمع التسعينات من القرن الماضي و تأثيرات‬
‫يتوسع نحو قطاعات جديدة‬
‫العامة لمقانون يتزايد و ّ‬
‫العولمة بعد ذلك و تحرير التجارة الدولية‪ ،‬بدأ دور المبادئ ّ‬
‫الدولي متجاو از المجاالت التقميدية السابقة‪ ،‬مثل قضايا البيئة و التموث و مقتضيات حسن الجوار‬
‫في القانون ّ‬
‫الدولية‪)3(...‬‬ ‫الدولية و العقود‬
‫والقواعد المتعمقة بالمنظمات ّ‬

‫العامة لمقانون‪:‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مجاالت تطبيق المبادئ ّ‬
‫منذ تاريخ ‪ 1794/11/19‬تش ّكمت المجان األمريكية البريطانية لمتحكيم وفقا لمعاىدات "جاي" التي قضت‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬و في نفس النيج سارت معظم محاكم‬
‫باعتماد ىذه المجان في ق ارراتيا التحكيمية عمى المبادئ ّ‬
‫التحكيم التّي أعقبت ىذه المجان دون أن تطعن في ق اررتيا المستندة إلى ىذه المبادئ ّأية دولة طرف في النزاع‬
‫فإن المادة ‪ 03‬من اتفاقية الىاي لعام ‪ 1907‬المتعمقة بتسوية النزاعات الدولية‬
‫أو معنية بو‪ ،‬و أكثر من ذلك ّ‬
‫التحكيمية‪)4(.‬‬ ‫سمميا نصت عمى ّأنو بإمكان لجنة التحكيم االستناد إلى المبادئ العامة لمقانون في ق اررتيا‬

‫______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.173‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.444‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،175‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.446-444‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.179 ،178‬‬

‫‪118‬‬
‫متنوعة عمى مستوى القضاء‬
‫العامة لمقانون تطبيقات عديدة‪ ،‬و في مجاالت ّ‬
‫بناء عمى ذلك عرفت المبادئ ّ‬
‫الدولي‪ ،‬حيث يمكن تصنيف ىذه المجاالت إلى‪:‬‬

‫أوال‪ -‬مجال المفيوم العام لمقانون‪:‬‬


‫النية‪.‬‬
‫التعسف في استعمال الحق المقترن بمبدأ حسن ّ‬ ‫ّ‬ ‫العامة المندرجة في ىذا المجال مبدأ عدم‬
‫من المبادئ ّ‬
‫حيث طبق المبدآن في قضايا عديدة منيا "قضية مصنع شورزو" أمام المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في‬
‫حكميا الصادر عام ‪ ،1928‬قضية المناطق الحرة أمام نفس المحكمة في حكميا الصادر عام ‪" ،1930‬قضية‬
‫‪)1(.1962‬‬ ‫معبد بريار فييار" أمام محكمة العدل الدولية في حكميا الصادر عام‬

‫ثانيا‪ -‬مجال المسائل التعاقدية‪:‬‬

‫طبق المبدآن أمام‬


‫القوة القاىرة‪ ،‬حيث ّ‬
‫العامة في ىذا الخصوص مبدأ إعمال عيوب الرضا‪ ،‬مبدأ ّ‬
‫من المبادئ ّ‬
‫المحكمة الدائمة لمعدل الدولي بشأن "قضية ديون الحرب" في حكميا الصادر عام ‪)2(.1929‬‬

‫ثالثا‪ -‬مجال منازعات المسؤولية‪:‬‬

‫طبق أمام المحكمة الدائمة لمعدل الدولي‬


‫الصدد مبدأ احتساب فوائد التأخير ال ّذي ّ‬
‫العامة في ىذا ّ‬
‫من المبادئ ّ‬
‫الضرر‪ ،‬و مبدأ السببية بين الفعل‬
‫الصادر عام ‪ ،1923‬مبدأ التعويض عن ّ‬ ‫بشأن "قضية ويمبمدون" في حكميا ّ‬
‫طبق المبدآن في "قضية مصنع شورزو" أمام نفس المحكمة في حكميا الصادر عام‬
‫والنتيجة‪ ،‬حيث ّ‬
‫‪)3(.1928‬‬

‫رابعا‪ -‬قواعد إدارة العدالة (القواعد القضائية)‪:‬‬


‫طبقتو محكمة العدل الدولية في رأييا‬
‫حجية الشيء المقضي فيو‪ ،‬و ال ّذي ّ‬
‫من المبادئ في ىذا اإلطار مبدأ ّ‬
‫ضد اليونسكو الصادر عام ‪ ،1956‬مبدأ جواز‬ ‫االستشاري بشأن أحكام المحكمة اإلدراية لمنظمة العمل الدولية ّ‬
‫الدول عمى‬
‫المجوء إلى وسائل اإلثبات غير المباشرة إذا تع ّذرت الوسائل المباشرة بسبب الرقابة التّي تفرضيا ّ‬
‫إقميميا الذي طبقتو المحكمة بشأن "قضية مضيق كورفو" بين إنجمت ار و ألبانيا في حكميا الصادر في‬
‫‪)4(.1949‬‬
‫______________________________________________________________________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،180‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫الدولية إلى مبدأ التعويض في رأييا االستشاري بشأن التعويضات المستحقة‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪ .181‬بدورىا استندت محكمة العدل ّ‬
‫لألمم المتحدة عن األضرار الالحقة بموظفييا أثناء الخدمة و الصادر عام ‪ .1949‬أنظر د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬د‪ .‬مصطفى‬
‫سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.263‬‬
‫االدعاء بما يخالف سموكا‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .165‬فضال عن مبدأ عدم جواز ّ‬
‫صحة التحكيم ال ّذي قام بو ممك إسبانيا في النزاع بين نيكاراغوا‬
‫طبقتو محكمة العدل الدولية بشأن "قضية ّ‬
‫سابقا في القضية‪ ،‬حيث ّ‬
‫واليندوراس" في حكميا الصادر عام ‪ .1960‬أنظر د‪ .‬جمال عبد الناصر مانع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.260‬‬

‫‪119‬‬
‫الدولي العام‪:‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬المصادر غير الرسمية لمقانون ّ‬

‫مما‬
‫تقدم بو العمم ال يمكنو وضع جميع القواعد الالزمة أو المحتمل لزوميا في المستقبل ّ‬
‫إن العقل البشري ميما ّ‬ ‫ّ‬
‫يصمح لح ّل ك ّل ما قد ينشأ من منازعات بين األطراف‪ ،‬و نتيجة ىذا القصور أو الفراغ القانوني قد ال يصل‬
‫القاضي بشكل مباشر إلى القواعد التّي تصمح لمتطبيق عمى النزاع الماثل أمامو‪ ،‬إالّ من خالل االستعانة‬
‫واالسترشاد بمصادر أخرى (القضاء و الفقو) أو بما يمميو عميو ضميره القضائي و تستوجبو العدالة حسب‬
‫اإلنصاف)‪)1(.‬‬ ‫حد ممكن (مبادئ العدالة و‬
‫تحري الموضوعية إلى أبعد ّ‬
‫منظوره‪ ،‬محاوال ّ‬
‫تطبق‪:‬‬
‫أن المحكمة ّ‬
‫الدولية عمى ّ‬
‫نصت المادة ‪ 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ‬ ‫ترجمة ليذا المسعى ّ‬
‫"‪...‬أحكام المحاكم و مذاىب كبار المؤلفين في القانون العام في مختمف األمم‪ ،‬و يعتبر ىذا أو ذاك مصد ار‬
‫احتياطيا لقواعد القانون و ذلك مع مراعاة أحكام ‪.59‬‬

‫أي إخالل بما لممحكمة من سمطة الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل‬
‫المتقدم ذكره ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬ال يترتب عن النص‬
‫الدعوى عمى ذلك‪".‬‬
‫واإلنصاف متى وافق أطراف ّ‬

‫التعرف‬
‫المادة ىي تمك المصادر التّي تساعد عمى ّ‬‫و المصادر االحتياطية لمقانون الدولي العام حسب مدلول ّ‬
‫الدولية و تحديد مضمونيا دون أن تكون مصد ار مباش ار ليذه القاعدة‪ ،‬و بسبب خصوصية‬
‫عمى القاعدة القانونية ّ‬
‫الدولي ال يمكنو مبدئيا االعتماد عمييا بمفردىا‪ ،‬بل يتّخذىا كوسائل استرشادية‬
‫فإن القاضي ّ‬
‫ىذه المصادر ّ‬
‫إلصدار حكمو‪)2(.‬‬

‫يخص اعتبار أحكام المحاكم و مذاىب كبار المؤلفين مصد ار‬ ‫ّ‬ ‫فإن الترجمة العربية المتداولة فيما‬
‫بالربط مع ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫النصين الفرنسي و اإلنجميزي‪ ،‬ال ّذين يفيدان باعتبار ك ّل من‬
‫ّ‬ ‫احتياطيا لمقانون الدولي غير دقيقة عند مقابمتيا مع‬
‫مجرد وسائل مساعدة أو ثانوية لتحديد قواعد القانون الدولي‪.‬‬
‫األحكام القضائية و المذاىب الفقيية ّ‬
‫بأنو عند عدم وجود‬‫النصين المذكورين إذن لم يستعمال عبارة (مصدر احتياطي)‪ ،‬ىذه العبارة التّي تفيد ّ‬
‫ّ‬ ‫إن‬
‫ّ‬
‫الدولية حينيا إلى‬
‫العامة لمقانون) تمتجئ محكمة العدل ّ‬
‫المصادر الرسمية السابقة (المعاىدة‪ ،‬العرف‪ ،‬المبادئ ّ‬
‫النص إذا قرأناه‬
‫ّ‬ ‫القضاء و الفقو باعتبارىما مصد ار احتياطيا‪ ،‬و ىذا في الحقيقة خطأ قانوني واضح يتجاوز سياق‬
‫مجرد وسائل استرشادية‬
‫في نسختيو الصحيحتين الفرنسية أو اإلنجميزية‪ ،‬عمى اعتبار ك ّل من القضاء و الفقو ّ‬
‫أسمفنا‪)3(.‬‬ ‫الدولي كما‬
‫لمقاضي ّ‬
‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عادل أحمد الطّائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.213‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬منتصر سعيد حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.166‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،214‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.492 ،491‬‬

‫‪120‬‬
‫فإننا سنعالج في مباحث ثالثة‬
‫و التزاما بمنيجية نص المادة ‪ 38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ّ ،‬‬
‫عمى التوالي‪ :‬أحكام المحاكم‪ ،‬مذاىب كبار الفقياء‪ ،‬مبادئ العدل و اإلنصاف‪.‬‬

‫األول‪ :‬أحكام المحاكم‪:‬‬


‫المبحث ّ‬

‫‪ 38‬ىي مجموع األحكام و الق اررات التي تصدرىا مختمف الييئات القضائية‬ ‫أحكام المحاكم بمفيوم المادة‬
‫الوطنية‪)1(.‬‬ ‫والتحكيمية‪ ،‬الدولية و‬

‫سنحدد‬
‫ّ‬ ‫فإننا‬
‫ألن جانبا من الفقو يرفض االمتداد بسياق النص إلى ىيئات التحكيم الدولية و المحاكم الوطنية‪ّ ،‬‬
‫و ّ‬
‫ثم نقف عمى طبيعة األحكام التي تصدرىا ىذه‬ ‫المحاكم المقصودة في إطار نص المادة ‪( 38‬مطمب ّأول)‪ّ ،‬‬
‫لنتبين أخي ار دور ىذه األحكام بالنسبة لقواعد القانون الدولي العام (مطمب ثالث)‪:‬‬
‫المحاكم (مطمب ثان)‪ّ ،‬‬

‫األول‪ :‬المحاكم المقصودة بنص المادة ‪ -1/38‬د من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪:‬‬
‫المطمب ّ‬

‫إن عموم نص المادة ‪ -1/38‬د يفيد بشمولو ألحكام المحاكم الدولية بصرف النظر عن كونيا دائمة أو مؤقتة‪.‬‬
‫ّ‬
‫و لذلك فيو ينصرف إلى المحاكم النظامية و ىيئات التحكيم (‪ ، )2‬و بصرف النظر عن كون المحاكم النظامية‬
‫تمثل قضاء بين الدول (محكمة العدل الدولية) أو قضاء في مواجية األفراد (المحاكم الدولية الجنائية)‪ ،‬كما‬
‫طبقت بعض قواعد القانون‬
‫يشمل المحاكم الوطنية‪ ،‬حيث يمكن أن يستد ّل من قضائيا عمى استقرار أحكام ّ‬
‫الدول االتحادية من‬
‫خاصة في ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولي العام عمى مسائل وطنية ليا أبعاد دولية أو عمى مسائل دولية بطبيعتيا‪،‬‬
‫المكونة ليا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خالل النزاعات التي تنشأ بين الوحدات أو الدويالت (الواليات)‬

‫خاصة بالفصل في شؤون دولية كمحكمة المغانم يمكن العودة إلى أحكاميا‬ ‫ّ‬ ‫فالمحاكم الوطنية عادية كانت‪ ،‬أو‬
‫معين لمعرفة حدود تطبيق قاعدة من القواعد القانونية‪ ،‬أو كيفية تفسيرىا من‬
‫عمى سبيل االستئناس كنموذج ّ‬
‫الدول‪.‬‬
‫طرف مختمف ّ‬
‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.183‬‬


‫أن تشكيمة‬
‫مرد ذلك ّ‬
‫(‪ )2‬و إن كانت أحكام المحاكم الدولية عمميا أكثر قيمة قانونية و أقوى تأثي ار من ق اررات ىيئات التحكيم الدولية‪ّ ،‬‬
‫تضم‬
‫بوأتيم دوليم أرفع المناصب القضائية فييا‪ ،‬بينما ّ‬
‫ممن ّ‬‫الدولي أو ّ‬‫متخصصين في القانون ّ‬‫ّ‬ ‫الدولية تعتمد عمى قضاة‬
‫المحاكم ّ‬
‫أن المحاكم الدولية تفصل دوما في‬
‫األعم سياسيين و اقتصاديين و رجال أعمال‪ ،‬باإلضافة إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫تشكيمة لجنة التحكيم في الغالب‬
‫فإن ىيئات التحكيم‬
‫نزاعات قانونية‪ ،‬في حين يغمب عمى النزاعات التي تعرض عمى ىيئات التحكيم الطابع السياسي‪ ،‬فوق ك ّل ذلك ّ‬
‫تنوع تشكيمتيا و عدم ثباتيا كييئة تكون ق ارراتيا متضاربة نتيجة الفتقادىا المنيجية المتوفرة لممحاكم الدولية‪ ،‬بسبب ك ّل ذلك‬
‫و بحكم ّ‬
‫أىمية قياسا إلى أحكام المحاكم الدولية‪ ،‬رغم زيادة انتشار التحكيم مؤخ ار كوسيمة مفضمة لفض المنازعات ال‬ ‫فيي تمعب دو ار أق ّل ّ‬
‫سيما في مسائل التجارة الدولية باعتباره أكثر مرونة و قابمية لمتطبيق عمى جميع المنازعات‪ .‬أنظر د‪ .‬مأمون المنان‪ ،‬مرجع سابق‬
‫ص ص‪.54 ،53‬‬

‫‪121‬‬
‫تقرر و سمكت معظم المحاكم‬
‫مع ّأنو ليس ألحكام المحاكم الداخمية قيمة قانونية في دولة أخرى‪ ،‬لكن إذا ّ‬
‫معينة تتعمّق بشأن دولي‪ ،‬يمكن االعتماد عمى ىذا المسمك من قبل‬
‫الداخمية لمدول نيجا واحدا في مسألة ّ‬
‫االسترشاد‪)1(.‬‬ ‫المحكمة الدولية عمى سبيل‬

‫مما يحمل عمى‬


‫السابقة استعممت صيغة الجمع (أحكام) ّ‬
‫أن المادة ‪ -1/38‬د ّ‬ ‫في األخير يجدر التنويو إلى ّ‬
‫مجرد حكم أو قرار تعتمد عميو المحكمة في قضائيا عمى غرار العرف الذي‬‫أن األمر يتطمّب أكثر من ّ‬ ‫االعتقاد ّ‬
‫إن‬
‫متكررة‪ ،‬لكن الواقع أثبت ّأنو طالما ش ّكل حكم أو قرار واحد و منعزل مرجعا لالجتياد‪ ،‬بل ّ‬
‫يحتاج إلى سوابق ّ‬
‫بعض المحاكم في ىذا السياق تؤ ّكد عمى احترام األحكام التّي أصدرتيا قبميا محاكم أخرى بخصوص نفس‬
‫القضية المعروضة أماميا (المحكمة الدولية الجنائية ليوغسالفيا) دون االعتداد بعنصر التواتر‪ ،‬و في سياق ذي‬
‫أن محكمة العدل الدولية تكريسا لمبدأ احترام األحكام السابقة ال تصدر حكما يناقض ما‬
‫صمة فالجاري بو العمل ّ‬
‫توضح ما‬
‫تصحح أو ّ‬
‫ّ‬ ‫تعدل أو تضيف أو‬‫سبق أن أصدرتو من أحكام أو صدر عن غيرىا من المحاكم‪ ،‬قد ّ‬
‫أن النظام األساسي ليا ال يمزميا‬
‫حد المخالفة‪ ،‬مع ّ‬
‫أصدرتو سابقا‪ ،‬لكن ال يمكنيا ال ّذىاب في مسعاىا ىذا إلى ّ‬
‫بذلك‪)2(.‬‬

‫بقوة إلزام أدبي أو فعمي‪ ،‬ال قانوني أمام المحاكم الدولية األخرى‬
‫الدولية ّ‬
‫ليذا السبب تتمتّع أحكام محكمة العدل ّ‬
‫الدولية‪ ،‬و ىيئات التحكيم‪)3(.‬‬
‫خاصة المحاكم اإلدارية لممنظمات ّ‬
‫ّ‬

‫المطمب الثاني‪ :‬طبيعة األحكام التي تصدرها المحاكم المذكورة‪:‬‬

‫فإن‬
‫المكرس في المادة ‪ 59‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫وفقا لمبدأ نسبية أثر الحكم القضائي‬
‫أحكام المحاكم بصفتيا الموضحة سابقا ال ينصرف أثرىا إلى غير أطراف النزاع‪ ،‬كما ال تمزم ىذه األطراف إالّ‬
‫إن المحكمة نفسيا حسب مدلول المادة ال تمتزم بتطبيق‬‫في حدود موضوع النزاع ال ّذي صدرت بشأنو‪ ،‬بل ّ‬
‫بالربط مع ذلك ال تمزم قانونا أحكام محكمة دولية ما‬
‫األحكام التي سبق أن أصدرتيا عمى نزاعات مماثمة‪ّ ،‬‬
‫األخرى‪)4(.‬‬ ‫الدولية‬
‫المحاكم ّ‬

‫الدول ذات النظام‬


‫المكرس في ّ‬
‫ّ‬ ‫السوابق‬
‫إذا كان القضاء الدولي وفق ىذا التحميل ال يعرف مبدئيا نظام ّ‬
‫فإن ىناك حقيقة عممية ثابتة تعكس اطّراد أحكام المحاكم الدولية و تواترىا في القضايا‬
‫األنجموسكسوني‪ّ ،‬‬
‫المشابية‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ ،170 ،169‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.184‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.495‬‬
‫قوة اإللزام إالّ بالنسبة لمن صدر بينيم و في‬
‫(‪ )4‬تنص المادة ‪ 59‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية عمى ّأنو‪ " :‬ال يكون لمحكم ّ‬
‫خصوص النزاع ال ّذي فصل فيو‪".‬‬

‫‪122‬‬
‫السابقة و ىو يبحث عن ح ّل لقضية‬
‫بيذا نجد القاضي الدولي مثل القاضي الوطني غالبا ما ال يتجاوز أحكامو ّ‬
‫وضحناه‬
‫مشابية لما سبق أن فصل فيو من قضايا‪ ،‬حيث تكشف تجربة محكمة العدل الدولية عمى النحو الذي ّ‬
‫قررتو من حمول‪ ،‬و االستئناس تبعا لذلك بأحكاميا و آرائيا االستشارية‬‫سابقا عن حرصيا عمى اتّباع ما سبق أن ّ‬
‫لكنيا ال تمجأ كثي ار إلى االستئناس‬
‫السابقة‪ ،‬بل ّإنيا تستأنس حتّى بأحكام و آراء المحكمة الدائمة لمعدل الدولي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الوطنية‪)1(.‬‬ ‫بق اررات التحكيم الدولية‪ ،‬و أحكام المحاكم‬

‫حجة عمى المحاكم األخرى و ال عمى المحكمة المعنية ذاتيا‪ ،‬و ال تمزم إالّ‬
‫تعد ّ‬
‫إذا كانت أحكام المحاكم ال ّ‬
‫لكن العودة‬
‫الدولي‪ّ ،‬‬ ‫أطراف النزاع و في حدود ما قضت بو‪ ،‬فيي ال تمثّل قواعد قانونية ممزمة ألشخاص القانون ّ‬
‫السابقة في‬
‫أي أثر‪ ،‬فيي تساعد عمى معرفة القواعد التّي اعتمدتيا المحكمة ّ‬
‫مجردة من ّ‬
‫إلى ىذه األحكام ليست ّ‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬و االستشياد‬
‫إصدارىا لتمك األحكام‪ ،‬و ما إذا كان مصدرىا معاىدة أو عرفا أو مبدأ من المبادئ ّ‬
‫صحة اتجاه الحكم الجديد و سالمة القواعد القانونية التّي استند‬
‫السابقة عمى ضوء ىذه المعرفة يؤ ّكد ّ‬
‫باألحكام ّ‬
‫إلييا‪)2(.‬‬

‫الدولي العام‪ ،‬فإذا كانت وظيفة محكمة العدل‬


‫تعد مصد ار حقيقيا لمقانون ّ‬
‫تأسيسا عمى ما سبق فأحكام المحاكم ال ّ‬
‫الدولية ىي إصدار األحكام القضائية باالستناد إلى مصادر القانون الدولي الرسمية (المعاىدات‪ ،‬العرف‬
‫العامة لمقانون) فكيف تكون األحكام التّي تصدرىا استنادا إلى ىذه المصادر ىي نفسيا مصد ار لمقانون‬
‫المبادئ ّ‬
‫لكن ىذا‬
‫فإنيا ممزمة إذن بتطبيق األحكام التّي سبق و أن أصدرتيا باعتبارىا كذلك‪ّ ،‬‬
‫الدولي؟ فإذا كانت مصد ار ّ‬
‫د)‪)3(.‬‬ ‫ألنو مخالف لمقانون نفسو (المادة ‪-1/38‬‬
‫الفرض ال يستقيم ّ‬

‫الدور‬
‫من ىنا تتضح وظيفة األحكام القضائية في تطبيق القانون الدولي ال خمقو أو إنشائو‪ ،‬و يبرز بذلك ّ‬
‫الدولية في رأييا االستشاري‬
‫عبرت عنو محكمة العدل ّ‬‫التفسيري أو المساعد لالجتياد القضائي‪ ،‬و ىذا تماما ما ّ‬
‫إن دورىا‬
‫الصادر في ‪ 1996‬المتعمّق بمشروعية استعمال أو التيديد باستعمال األسمحة النووية‪ ،‬حيث تقول‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫أن المحكمة بقوليا و تطبيقيا‬
‫تشرع أبدا‪ ،‬و ىذا صحيح حتّى لو ّ‬
‫ىو‪ " :‬أن تقول القانون الموجود و ليس أن ّ‬
‫تطوره‪)4("...‬‬ ‫توضح ما ييدف إليو و أن تالحظ أيضا‬
‫بالضرورة أن ّ‬
‫ّ‬ ‫القانون عمييا‬
‫ّ‬
‫_______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) BROWNLIE (Lan) : « Principles of Public international law” op.cit, p22.‬‬


‫د‪ .‬عبد العزيز محمد سرحان‪ " :‬دور محكمة العدل الدولية في تطوير القانون الدولي و تسوية المنازعات الدولية " دار النيضة‬
‫العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1986‬ص ‪ 03‬و ما بعدىا‪.‬‬

‫(‪ )2‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،111‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.216‬‬

‫(‪ )3‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.215‬‬

‫(‪ )4‬نقال عن د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.179‬‬

‫‪123‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬دور أحكام المحاكم في تطوير قواعد القانون الدولي العام‪:‬‬

‫السابقة تساىم في استخالص القاعدة القانونية‪ ،‬و تحديد ماىيتيا أو تفسيرىا تمييدا‬
‫إن أحكام المحاكم بصفتيا ّ‬
‫ّ‬
‫الدولي‬
‫مما يجعل منيا مصد ار استدالليا لمقانون ّ‬
‫لتطبيقيا‪ ،‬و ىي بذلك تنبئ بوجود ىذه القاعدة أو تكشف عنيا‪ّ ،‬‬
‫أقرتيا‬
‫خاصة عمى الحمول التّي ّ‬
‫ّ‬ ‫بامتياز‪ ،‬و ال أد ّل عمى ذلك من اعتماد معظم االتفاقات الدولية‪ ،‬منيا ال ّشارعة‬
‫الدولي الوضعي‪ ،‬من ىنا‬‫الدولية في أحكاميا و آرائيا االستشارية عمى أساس ّأنيا تجسيد لمقانون ّ‬‫محكمة العدل ّ‬
‫الدولي‪)1(.‬‬
‫ّ‬ ‫المتميز لالجتياد القضائي في تطوير القانون‬
‫ّ‬ ‫الدور‬
‫يبدو ّ‬

‫السوابق‬
‫يؤدي إلى إيجاد رصيد من ّ‬
‫فتراكم األحكام القضائية و حتّى الق اررات التحكيمية في األوضاع المتماثمة ّ‬
‫إن "جورج سل"‬
‫الدولي‪ ،‬حتّى ّ‬
‫الكافية لتأكيد و ترسيخ القاعدة القانونية‪ ،‬بل و إنشاء القاعدة العرفية عمى المستوى ّ‬
‫الدولي‪)2(.‬‬
‫ّ‬ ‫أن أحكام القضاء تمثّل مصد ار حقيقيا لمقانون‬
‫يذىب بعيدا حين يعتبر ّ‬

‫النزاع و مدى التفاف القضاة‬


‫السوابق فيما بعد عمى دور و مكانة القواعد المطروحة في ّ‬
‫أىمية ىذه ّ‬
‫و تتوقف ّ‬
‫مما يمنحو مصداقية و قيمة أكبر‪)3(.‬‬
‫حول الحكم أو القرار‪ ،‬فصدوره باإلجماع فيو تمثيل أكثر‪ّ ،‬‬
‫قدمت رصيدا ىائال من االجتياد في‬ ‫الدولية ّ‬
‫أن محكمة العدل ّ‬
‫الدولي في ىذا المقام ّ‬
‫و يرى المشتغمون بالقانون ّ‬
‫الدولي المختمفة في سبيل توضيح بعض قواعده و تأكيدىا‪ ،‬األمر ال ّذي ّأدى إلى تكريس‬
‫موضوعات القانون ّ‬
‫دولية‪)4(.‬‬ ‫الدولي باعتبارىا صادرة عن أعمى ىيئة قضائية‬
‫أحكاميا في العمل ّ‬

‫الدولي‪ ،‬فقد أسيمت مساىمة رمزية في فرض احترامو عمى صعيد‬


‫فمنذ إنشائيا فضال عن تأكيدىا لقواعد القانون ّ‬
‫المسجل عمى قواعده‪ ،‬و إزالة القصور‬
‫ّ‬ ‫لسد الفراغ‬
‫جبارة ّ‬
‫العالقات الدولية بين أشخاصو‪ ،‬و اضطمعت بجيود ّ‬
‫المتغيرات الجديدة‬
‫ّ‬ ‫الدولية و تنميتيا في إطار التكيف مع النظم و المفاىيم و‬
‫ال ّذي يعتورىا‪ ،‬و دعم العالقات ّ‬
‫معاصرة‪)5(.‬‬ ‫الدولي و تعطييا أبعادا‬
‫التّي باتت تطبع قواعد القانون ّ‬

‫األىمية في مجال تفسير‬


‫ّ‬ ‫الدولي‪ ،‬فقد أرست سوابق في غاية‬
‫و نظ ار النفرادىا النسبي عمى مستوى القضاء ّ‬
‫الدولي عمى‬
‫مما حمل لجنة القانون ّ‬
‫العامة لمقانون‪ّ ،‬‬
‫المعاىدات مثال‪ ،‬و الكشف عن القواعد العرفية و المبادئ ّ‬
‫قررتو المحكمة في أحكاميا و آرائيا االستشارية‪.‬‬
‫االستناد في تقنين القانون الدولي إلى ما ّ‬
‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.494‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.183‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبد الحسين القطيفي‪ " :‬القانون الدولي العام " بغداد ‪ ،1970‬ص‪.182‬‬
‫الدولية و دورىا في تفسير و تطوير سمطات و اختصاصات األجيزة السياسية‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬أحمد الرشيدي‪ " :‬الوظيفة اإلفتائية لمحكمة العدل ّ‬
‫لألمم المتحدة " الييئة المصرية لمكتاب‪ -‬القاىرة ‪ ،1993‬ص ‪ 07‬و ما بعدىا‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫السوابق تمثّل‬
‫السوابق التّي أرستيا المحكمة إلثبات شرعية مطالبيا‪ ،‬باعتبار ىذه ّ‬
‫أن دوال كثيرة استندت إلى ّ‬‫كما ّ‬
‫السميم لمقانون‪ ،‬و في أحيان كثيرة تجاوزت المحكمة عممية تفسير القانون إلى محاولة خمقو أو إنشائو‬
‫التفسير ّ‬
‫‪ 1951‬اجتيدت في إرساء‬ ‫خاصة في مجال قانون البحار‪ ،‬ففي "قضية المصايد" بين بريطانيا و النرويج عام‬
‫ّ‬
‫عدد من القواعد منيا قاعدة اعتماد خطوط األساس المستقيمة لبداية قياس حدود البحر اإلقميمي‪ ،‬و ىي القاعدة‬
‫عام ‪)1(.1958‬‬ ‫األول لقانون البحار‬
‫تبناىا مؤتمر األمم المتحدة ّ‬
‫التّي ّ‬

‫و في مجال المعاىدات ّثبتت المحكمة معالم و شروط التحفظ عمى االتفاقيات الدولية في رأييا االستشاري لعام‬
‫‪ ،1948‬و في مجال‬ ‫‪ 1951‬حول مدى جواز التحفظ عمى االتفاقية الدولية لتجريم اإلبادة الجماعية لعام‬
‫الجنسية عممت عمى تحديد اإلطار القانوني ليا شروطا و أحكاما من خالل قضية "نوتيبوم"‪ ،‬و في مجال حقوق‬
‫التصرف و تنافيو‬
‫ّ‬ ‫تصدت المحكمة لعدم شرعية ىذا‬
‫خاصة القواعد المتعمقة بتجريم التمييز العنصري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلنسان‬
‫مع قواعد و معايير القانون الدولي الثابتة من خالل رأييا االستشاري الصادر في ‪ 1971‬بشأن تواجد جنوب‬
‫حاليا)‪)2(.‬‬ ‫إفريقيا في جنوب غرب إفريقيا (ناميبيا‬

‫خاصة بالنسبة لممداوالت الالحقة لمقضاة‪ ،‬وما‬


‫ّ‬ ‫الدولي ال تخمو ق اررات التحكيم من فائدة‬
‫زيادة عمى أحكام القضاء ّ‬
‫السوابق‪ ،‬فميس ىناك ما‬
‫تقدمو لمحكومات من حمول‪ ،‬و إن كان المح ّكم مثل القاضي غير ممزم مبدئيا بمثل ىذه ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬منيا المبادئ واجبة‬
‫يمنعو من االسترشاد بيا‪ ،‬و قد أرسى التحكيم الدولي بدوره عددا من المبادئ ّ‬
‫المحددة لالختصاص اإلقميمي (القرار‬
‫ّ‬ ‫التطبيق زمن الحرب (القرار التحكيمي في قضية "ألباما" ‪ ،)1872‬المبادئ‬
‫الرد عمى عمل غير مشروع (القرار التحكيمي‬
‫التحكيمي في قضية "جزيرة بالماس" ‪ ،)1928‬مبدأ التناسب في ّ‬
‫في قضية "نوليال" ‪)3(.)1928‬‬

‫الدولية‪ ،‬حيث دعي عدد من لجان التحكيم لتشكيل‬


‫الدولي اآلن بدور كبير في مجال التجارة ّ‬
‫و يضطمع التحكيم ّ‬
‫الدول األعضاء فييا لمقيام بمفاوضات‬
‫الدولية‪ ،‬بفعل عدم جدارة مندوبي ّ‬
‫ىيئة االستئناف في منظمة التجارة ّ‬
‫سميمة‪)4(.‬‬ ‫معيارية‬

‫الدولي العام‪ ،‬فالقواعد المتعمّقة بالحصانات‬


‫من جية أخرى لعبت المحاكم الوطنية كذلك دورىا في تطوير القانون ّ‬
‫حد كبير من أحكام المحاكم‬‫تم استنباطيا إلى ّ‬‫بالدول و الحكومات ّ‬
‫و االمتيازات الديبموماسية‪ ،‬و مبدأ االعتراف ّ‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬صالح الدين عامر‪ " :‬مقدمة لدراسة القانون الدولي العام " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،2002‬ص‪.168‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،495‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.385‬‬
‫‪(4) EHLERMANN (C.A) : « Reflections on the appellate body of the WTO » J. I. E. L, 2003, p699.‬‬

‫‪125‬‬
‫فالمحاكم الوطنية قد تنظر في قضايا متعمّقة بتطبيق المعاىدات الدولية‪ ،‬مثل مدى تمتّع الشخص بالحصانة‬
‫الدولية و غيرىا‪)1(.‬‬
‫القضائية‪ ،‬أو القضايا المتصمة بمنازعات يقتضي حمّيا مثال تطبيق اتفاقيات منظمة التجارة ّ‬

‫الدولي سمطة‬
‫المشرع الوطني‪ ،‬منح القاضي ّ‬
‫ّ‬ ‫مشرع دولي قياسا عمى‬
‫أن غياب ّ‬
‫في الختام تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الصياغة من جية‬
‫الحد ال ّذي تضاءلت فيو الفوارق بين التحديد و ّ‬
‫وحرية كبيرين في بعض المجاالت إلى ّ‬
‫ّ‬
‫مما يدعو إلى عدم حسم األمر بنفي صفة المصدر عن‬‫واإلنشاء و التكوين لمقاعدة القانونية من جية أخرى‪ّ ،‬‬
‫الدولي و تحديدا عبر‬
‫الدولي يمكن أن تسمح لمقاضي ّ‬
‫ألن ثغرات القانون ّ‬
‫أحكام المحاكم (االجتياد القضائي)‪ّ ،‬‬
‫الدولي)‪)2(.‬‬
‫ّ‬ ‫الدولية بالمساىمة في وظيفة (التشريع‬
‫محكمة العدل ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مذاهب كبار المؤلفين في القانون العام (الفقه الدولي)‪:‬‬

‫الدولية في المادة ‪ -1/38‬د إلى آراء كبار المؤلفين في القانون العام من‬‫يشير النظام األساسي لمحكمة العدل ّ‬
‫مختمف األمم‪ ،‬و ما قيل بشأن أحكام القضاء يقال بشأن الفقو من حيث ّأنو ال يش ّكل إالّ مصد ار استدالليا أو‬
‫يتصور أن يكون الفقيو ميما عظم فكره و ذاع صيتو صانعا لمقانون أو واضعا لو‬
‫ّ‬ ‫الدولي‪ ،‬فال‬
‫مساعدا لمقانون ّ‬
‫الدفاع عن مصالح المجموعة التّي ينتمي إلييا‪ ،‬و إن كان يمكن تالفي ىذا العيب‬
‫لتأثّره بمحيطو‪ ،‬و انحيازه إلى ّ‬
‫مؤسسة عممية‪ ،‬أين تغمب الموضوعية و تتراجع االعتبارات ال ّشخصية‪.‬‬
‫من خالل تييكل الفقيو في ىيئة أو ّ‬

‫الدولي‬
‫رغم ك ّل ذلك فدور الفقو الواضح في بمورة و تطوير القواعد الدولية ال يمكن تجاىمو عمى مستوى القانون ّ‬
‫الدولية (عمميا)‪)3(.‬‬
‫(نظريا) و عمى مستوى العالقات ّ‬

‫الدولية (مطمب‬
‫الدولي و العالقات ّ‬
‫بناء عمى ذلك سنعالج إطار عمل الفقو (مطمب ّأول)‪ ،‬و دوره في القانون ّ‬
‫ثان)‪:‬‬

‫األول‪ :‬إطار عمل الفقه‪:‬‬


‫المطمب ّ‬

‫يتصدون لشرح القانون و تفسيره و التعميق‬


‫ّ‬ ‫يقصد بالفقو عموما مجموع آراء الفقياء التّي تصدر عنيم حين‬
‫عميو‪)4(.‬‬

‫مؤسساتي (فرع ثان)‪:‬‬


‫و يمكن أن يجد الفقو صداه في إطار فردي (فرع ّأول)‪ ،‬أو في إطار ّ‬
‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.77 ،76‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون ّ‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.492‬‬

‫‪126‬‬
‫األول‪ :‬الفقه الفردي‪:‬‬
‫الفرع ّ‬

‫الرّواد األوائل‬
‫الدولية االعتراف بفضل ّ‬
‫أراد واضعوا نص المادة ‪ -1/38‬د من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ‬
‫الدولي أمثال "فاتيل" و "غروسيوس" و "بنكر شوك" و "فيتوريا" و غيرىم‪ ،‬في بمورة و تطوير‬
‫من فقياء القانون ّ‬
‫الدور المتعاظم لمفقو الفردي عبر كتابات ىؤالء و أمثاليم‬
‫الدولي‪ ،‬ففي ذلك الوقت ازداد ّ‬
‫مبادئ و قواعد القانون ّ‬
‫الدولية حينيا بسبب اقتصارىا عمى العرف و افتقادىا لمتدوين تبعا لذلك‪ ،‬و منو‬
‫لعدم وضوح و استقرار القواعد ّ‬
‫الدول و ق اررات‬
‫فقد كانت آراء كل من "غروسيوس" و "بنكر شوك" و "جنتميس" و "فاتيل" مثال تنافس ممارسات ّ‬
‫ثم من قبل المنظمات الدولية‬
‫الدول و بينيا ّ‬
‫أىمية‪ ،‬و بعد أن نشطت حركة التدوين من طرف ّ‬‫المحاكم بل تفوقيا ّ‬
‫العرف‪)1(.‬‬ ‫تراجع دور الفقو الفردي في الوقت ال ّذي ضعف فيو دور‬

‫مما عمل عمى تراجع دور الفقو الفردي أيضا تأثّر الفقياء بنزعات قومية أو دوافع سياسية أو اعتبارات‬ ‫و ّ‬
‫شخصية (الفقياء اإلنجميز و فكرة اإلمبراطورية البريطانية و سيادتيا البحرية‪ ،‬الفقياء اإليطاليون و األلمان‬
‫اإلمبريالية‪)2()...‬‬ ‫وفكرة القومية‪ ،‬الفقياء الينود و فكرة الحياد‪ ،‬الفقياء السوفيات و فكرة محاربة االستعمار و‬

‫تأسيسا عمى ذلك يسود اعتقاد بعدم ارتقاء أقوال الفقياء إلى مستوى أحكام المحاكم من حيث الثقة و الثبات‪.‬‬
‫محددة عبر‬
‫الدول حتّى لو كان منحص ار في تسوية ّ‬ ‫فعمى عكس القاضي أو المح ّكم ال ّذين تمقّيا تفويضا من ّ‬
‫فإن الفقياء ال يمثّمون عبر أفكارىم و مواقفيم إالّ أنفسيم‪)3(.‬‬
‫تطبيق القانون‪ّ ،‬‬

‫الدولي و فقيائو باقتراح من حكوماتيم‪.‬‬


‫الدوليون ينتقون عموما من بين أساتذة القانون ّ‬‫و عمميا فأغمبية القضاة ّ‬
‫أن آراءىم الفردية أو المنشقّة (المستقمّة) التّي يبدونيا عمى ىامش صدور األحكام القضائية تندرج بالتأكيد‬
‫غير ّ‬
‫بيا‪)4(.‬‬ ‫الحجية التّي تتمتع‬
‫في إطار الفقو‪ ،‬و تصدر إلى جانب تمك األحكام‪ ،‬و يكون ليا نفس ّ‬

‫الدول ذات النظام‬


‫و تعتبر ىذه العممية مسايرة لما جرى بو العمل في بعض األقضية الداخمية في ّ‬
‫األنجموسكسوني‪ ،‬حيث يسمح لمقضاة فييا بإبداء آرائيم ال ّشخصية المصاحبة لمحكم و نشرىا و لو كانت مخالفة‬
‫لو‪)5(.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.492‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.171 ،170‬‬
‫(‪ )3‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.385‬‬
‫نصت عمى ّأنو‪ " :‬إذا لم يكن الحكم صاد ار كمو أو بعضو‬
‫الدولية التّي ّ‬
‫(‪ )4‬و ىذا تطبيقا لممادة ‪ 57‬من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ‬
‫بإجماع القضاة‪ ،‬فمن حق ك ّل قاض أن يصدر بيانا مستقالّ برأيو الخاص‪".‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.185‬‬

‫‪127‬‬
‫المؤسساتي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الفقه‬

‫فإنو‬
‫المادة ‪ -1/38‬د السابقة ال تشير إالّ إلى الفقو الفردي من خالل عبارة (كبار المؤلفين‪ -‬الفقياء)‪ّ ،‬‬
‫أن ّ‬ ‫مع ّ‬
‫الدولي بدور رّبما يفوق من‬
‫المتخصصة في مجال القانون ّ‬
‫ّ‬ ‫إلى جانب ىؤالء تقوم الييئات و المؤسسات العممية‬
‫األىمية و المصداقية ذلك ال ّذي يقوم بو الفقياء منفردين‪ ،‬نظ ار لمموضوعية التّي تطبع مواقفيا و نظرياتيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حيث‬
‫إذ يمكن االطمئنان إلى آراء فقياء القانون الدولي " إذا أبديت في ظروف تجعميا بعيدة عن المحاباة أو التأثّر‬
‫الشراح ذوي المكانة في‬
‫األخص في الحاالت التّي تتوافق فييا أقوال عدد كبير من ّ‬
‫ّ‬ ‫الخاصة‪ ،‬و عمى‬
‫ّ‬ ‫بالنزعات‬
‫الدولي في بالد مختمفة‪)1(".‬‬
‫الفقو ّ‬

‫العامة المختمفة و التّي‬


‫التوجيات ّ‬
‫ّ‬ ‫يعبر عن‬
‫الدولي بشكل مشترك ّ‬ ‫إن صدور ىذه اآلراء في مراكز القانون ّ‬
‫ّ‬
‫الدولية‪)2(.‬‬
‫المنظمات ّ‬
‫ّ‬ ‫لمدول و‬
‫تتضمن في نفس الوقت قد ار من التوافق بين المصالح المتباينة ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 1873‬و ال ّذي ساىم بشكل كبير في‬ ‫الدولي ال ّذي أنشئ في بمجيكا عام‬
‫في ىذا اإلطار نجد معيد القانون ّ‬
‫الدولي عن طريق برمجة مؤتمرات و ندوات عممية تجري فييا مناقشات و تمقى محاضرات‬ ‫تطوير قواعد القانون ّ‬
‫الدولية العميا ال ّذي أنشئ في باريس عام ‪ ،1921‬أكاديمية القانون‬
‫الدراسات ّ‬
‫قيم‪ ،‬معيد ّ‬
‫تتوج بصدور كتاب سنوي ّ‬‫ّ‬
‫الدولي من مختمف‬
‫الدولي التّي أنشئت في الىاي عام ‪ 1923‬و التّي دأبت عمى استضافة أشير فقياء القانون ّ‬
‫الدول إللقاء محاضرات في شتى موضوعات ىذا القانون تنشر في مجمّد سنوي ىام (‪.)R.C.A.D.I‬‬‫ّ‬

‫المتخصصة في القانون الدولي أنشئت بغرض إعداد‬


‫ّ‬ ‫و عمى الصعيد الوطني نجد عددا من الجمعيات العممية‬
‫الدولي المنشأ‬
‫المجمع األمريكي لمقانون ّ‬
‫ّ‬ ‫دراسات و بحوث في كافّة موضوعات ىذا القانون و نشرىا‪ ،‬منيا‬
‫الدولي‪ :‬السويسرية و الفرنسية و البريطانية و المصرية و التّي تنشر‬
‫بواشنطن عام ‪ ،1912‬و جمعيات القانون ّ‬
‫دوريات تحمل أسماءىا (المجمة المصرية لمقانون الدولي مثال)‪)3(.‬‬

‫الخاصة بفعل نظاميا‬


‫ّ‬ ‫األىمية‬
‫ّ‬ ‫الدولي ذات‬
‫ىذا فضال عن بعض ىيئات التدوين‪ ،‬و عمى رأسيا لجنة القانون ّ‬
‫الدولي‬
‫كييئة مكمّفة عمى وجو التحديد من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة بميمة تدوين قواعد القانون ّ‬
‫فإنيا مش ّكمة من أكفأ فقياء ىذا القانون المر ّشحون من دوليم‪ ،‬لمقيام بوظيفة تشريعية تحت إشراف‬
‫وبصفتيا تمك‪ّ ،‬‬
‫أكبر منظمة عالمية‪)4(.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬نقال عن د‪ .‬عمي صادق أبو ىيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫الدولي العام " ط‪ ،1‬دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪ ،1973‬ص‪.33‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬حسني جابر‪ " :‬القانون ّ‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،493‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،188‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫ص‪.217‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.386‬‬

‫‪128‬‬
‫المؤسساتي "غايتيا دراسة القانون الدولي العام و نشر مبادئو اإلنسانية في‬
‫ّ‬ ‫المجسدة لمفقو‬
‫ّ‬ ‫إن ىذه الييئات العممية‬
‫ّ‬
‫الدعوة‬
‫جميع أنحاء الكون‪ ،‬و تقريب وجيات النظر بين الشعوب‪ ،‬و وضع مقترحات تستيدف نبذ فكرة الحرب و ّ‬
‫السممية‪)1(".‬‬
‫ّ‬ ‫السممي و تسوية الخالفات بالطّرق‬
‫إلى التعايش ّ‬

‫الدولية‪:‬‬
‫الدولي و العالقات ّ‬
‫المطمب الثاني‪ :‬دور الفقه في القانون ّ‬

‫تستمدىا‬
‫ّ‬ ‫قوتيا الممزمة‪ ،‬و ما إذا كانت‬
‫الدولي بوجو عام البحث في أصل القاعدة القانونية و مدى ّ‬
‫ميمة الفقو ّ‬
‫ّ‬
‫محدد‪ ،‬و نطاق‬
‫العامة لمقانون أو حتّى من االجتياد القضائي في مجال ّ‬ ‫من المعاىدة أو العرف أو المبادئ ّ‬
‫الزمان و المكان‪ ،‬و اآلثار المترتّبة عن تنفيذىا أو مخالفتيا‪)2(.‬‬
‫تطبيقيا من حيث األشخاص و ّ‬

‫الدولي دو ار ال يستيان بو في تطوير قواعد القانون الدولي العام و ترشيد الممارسات في إطار‬
‫بذلك يمعب الفقو ّ‬
‫الفنية أو التقنية في تطوير و صياغة‬
‫ميمتو ّ‬‫الدور سواء من خالل ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬و يمكن استجالء ىذا ّ‬‫العالقات ّ‬
‫الدول إلى األخذ بيذه القواعد‬
‫الدولية (فرع ّأول)‪ ،‬أو من خالل تأثيره الديبموماسي عبر توجيو ّ‬
‫القاعدة القانونية ّ‬
‫(فرع ثان)‪:‬‬

‫الدولي‪:‬‬
‫األول‪ :‬دور الفقه عمى مستوى القانون ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫ميمة شرح القواعد القانونية و تفسيرىا‪ ،‬و الكشف عن‬


‫الدولي ّ‬‫يتولّى الفقو سواء عمى الصعيد الوطني أو ّ‬
‫التطور التّي تقترن بيا‪ ،‬بيدف إبراز‬
‫ّ‬ ‫مضمونيا و أوجو النقص أو القصور التي تعترييا‪ ،‬و مواطن الثبات أو‬
‫أخص في‬
‫ّ‬ ‫الجوانب السمبية لتمك القواعد و اقتراح ما ينبغي أن يكون عمييا مستقبميا‪ ،‬و يسيم الفقو الدولي بوجو‬
‫ميمة‬
‫ردىا إلى مصادرىا المختمفة لتسييل ّ‬
‫الدولي و توضيحيا و تحميل مضمونيا‪ ،‬و ّ‬‫تحديد قواعد القانون ّ‬
‫الدولية إلى مذاىب كبار فقياء‬
‫الدولي‪ ،‬فرجوع محكمة العدل ّ‬
‫تطبيقيا من قبل الجيات المعنية و منيا القضاء ّ‬
‫المتعين تطبيقيا عمى النزاع الماثل أماميا‪ ،‬و إذا كان دور‬
‫ّ‬ ‫الدولي يساعدىا في االستدالل عمى القواعد‬
‫القانون ّ‬
‫مما ال يجعل منو‬
‫ميمة وضع تمك القواعد ّ‬ ‫فإنو يبتعد عن ّ‬‫الحد أو يفترض فيو كذلك‪ّ ،‬‬
‫الدولي ينتيي عند ىذا ّ‬ ‫الفقو ّ‬
‫أن قيمة‬
‫الدولي‪ ،‬فدوره إذن يشبو دور االجتياد القضائي‪ ،‬مع ّ‬
‫أحد المصادر المباشرة أو غير المباشرة لمقانون ّ‬
‫الدولية ال تصل إلى قيمة االجتياد القضائي‪ ،‬رغم وجودىما في‬
‫الفقو ودرجة االىتمام بو أمام محكمة العدل ّ‬
‫الدولية‪)3(.‬‬
‫ّ‬ ‫نفس المرتبة من خالل المادة ‪ -1/38‬د من النظام األساسي لمحكمة العدل‬

‫الدولي حجمو أو مكانتو عمى مستوى نص قانوني‪ ،‬حيث ال ينكر أحد دور الفقيو‬‫مع ذلك تتجاوز إسيامات الفقو ّ‬
‫"جيدل" في قانون البحار‪ ،‬أو "المورد ماك نير" في قانون المعاىدات‪ ،‬فضال عن "روسو" و غيرىم‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬نقال عن د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172‬‬


‫الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون ّ‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.217 ،216‬‬

‫‪129‬‬
‫تطورىا‬
‫تتبع تاريخ قواعده و ّ‬
‫الدولي‪ ،‬و ّ‬
‫فعاال في مجال تنظيم و تقسيم موضوعات القانون ّ‬‫يستمر دور الفقو ّ‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫الدولية بشأنيا‪)1(.‬‬
‫وتحميل طبيعتيا‪ ،‬و تقييم الممارسات ّ‬

‫تطور ق اررات العدالة‪ ،‬ذلك شأن الفقيو "أنزيموتي"‬


‫فتأثير بعض الفقياء البارزين كان محسوسا السيما عمى ّ‬
‫الدولية‪)2(.‬‬
‫بوأتو تولّي منصب رئيس محكمة العدل ّ‬ ‫الدولية التّي ّ‬
‫واسياماتو في مجال قانون المسؤولية ّ‬

‫الدولي يستشيد القاضي‬


‫و مثمما يستأنس القاضي الوطني باآلراء الفقيية عند الفصل في المنازعات ذات الطّابع ّ‬
‫بأن‬
‫معين‪ ،‬بل يكتفي بالقول ّ‬
‫فإنو ال يشير إلى فقيو ّ‬
‫الدولي بدوره بيذه اآلراء و لكن بقدر أق ّل‪ ،‬و ىو يفعل ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫الدولية اإلشارة إلى آراء ىؤالء‬
‫تجنب محكمة العدل ّ‬
‫آراء ىؤالء تدعم و تؤ ّكد ما خمص إليو في حكمو‪ ،‬فرغم ّ‬
‫عامة في أكثر من مناسبة تحت عبارات (رجال القانون‬
‫لمحت إلى الفقو بصفة ّ‬
‫الفقياء بأسمائيم إالّ نادرا‪ ،‬فقد ّ‬
‫العام) في قضية "الموتس" مثال في حكميا الصادر عام ‪( ،1927‬ك ّل أو تقريبا ك ّل الكتّاب) في قضية "نوتيبوم"‬
‫السابق ذكرىا‪.‬‬

‫خاصة‬
‫ّ‬ ‫الدولية‬
‫بالمقابل تعتمد و بشكل مكثّف ق اررات التحكيم و اآلراء الفردية و المخالفة لقضاة محكمة العدل ّ‬
‫الدول‪ ،‬أو مرافعاتيا الشفوية أمام المحكمة عمى آراء الفقياء‪)3(.‬‬
‫وكذا مذكرات ّ‬

‫الدولي المتّصمة بمجاالتو الجديدة‪ ،‬فقانون الفضاء‬


‫و تأثير دور الفقو المعاصر أوضح في تطوير قواعد القانون ّ‬
‫الخارجي و قانون البحار كانت معظم قواعدىما ذات خمفية فقيية‪ ،‬حيث أرسى ىذا الفقو مثال مفيوم و معالم‬
‫القاري‪ ،‬و المنطقة المتاخمة‪ ،‬و المنطقة االقتصادية الخالصة‪ ،‬و حاول ضبط أطر فكرتي التراث‬‫الجرف ّ‬
‫تم اعتمادىا من قبل مؤتمر األمم المتحدة‬
‫المشترك لإلنسانية و التموث البحري‪ ،‬ىذه المفاىيم ببصمتيا الفقيية ّ‬
‫عنو‪)4(.‬‬ ‫الثالث لقانون البحار لعام ‪ ،1982‬و جرى تقنينيا في االتفاقية المنبثقة‬

‫الدولية‪:‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دور الفقه عمى مستوى العالقات ّ‬

‫الدولي عمى ىذا المستوى إلى توجيو العالقات الدولية و ترشيد الممارسات في إطارىا‪ ،‬من خالل‬ ‫يتجو دور الفقو ّ‬
‫ّ‬
‫بمورة و تطوير القواعد التّي تحكم ىذه العالقات‪ ،‬فكثي ار ما تساعد آراء الفقياء عمى إنشاء قواعد دولية جديدة في‬
‫ىذا الخصوص‪.‬‬

‫____________________________________________________________________‬

‫‪(1) MALCOLM (Shaw) : « International Law » T.Y.B, 1977, p15.‬‬


‫‪(2) DUPY (Pierre-Marie) : « D.Anzilotti and the law of international responsibility of states » J.D.I,‬‬
‫‪1992, p139 et s.‬‬
‫‪(3) BROWNLIE (Lan), op.cit, pp24-26.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،492‬د‪ .‬عمي زراقط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.178‬‬

‫‪130‬‬
‫فإنيم بتحميل ىذه القواعد‬
‫الدولي‪ّ ،‬‬
‫فحين يقوم الفقياء بدراسة القواعد التي تنظم العالقات بين أشخاص القانون ّ‬
‫الدولي‪ ،‬و يحثّون‬
‫الرأي العام الوطني و ّ‬
‫وتفسيرىا و انتقادىا مضمونيا و صياغتيا و اتجاىاتيا يؤثّرون في ّ‬
‫الداعية إلى إدخال تعديالت عمى تمك القواعد أو وضع قواعد دولية جديدة سميمة‬
‫تبني آرائيم ّ‬
‫بعض الح ّكام عمى ّ‬
‫يتحول التكرار إلى عرف‪ ،‬و العرف إلى قاعدة‬
‫من أخطاء سابقاتيا‪ ،‬و قد تعمل دول بيذا االتجاه الجديد‪ ،‬و ّ‬
‫اتفاقا)‪)1(.‬‬ ‫مقننة‬
‫قانونية دولية ( ّ‬

‫معينة‪ ،‬أو دعوتيا لالمتناع عن‬


‫السموك األمثل بخصوص مسألة دولية ّ‬ ‫الدول إلى ّ‬
‫إن دور الفقو ىنا ىو توجيو ّ‬‫ّ‬
‫تبناه الفقو‪)2(.‬‬
‫تثبت السموك ال ّذي ّ‬
‫مما يحمميا عمى إبرام المعاىدات التّي ّ‬
‫السموك المعيب في ذات المسألة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫السياسة‬
‫الدولي في تقديم االستشارات‪ ،‬و القيام بالدراسات لرجال ّ‬
‫المختصون في القانون ّ‬
‫ّ‬ ‫إضافة إلى ذلك يسيم‬
‫اليامة في العالم‪.‬‬
‫الدولية الكبرى التّي تعالج القضايا ّ‬
‫خاصة خالل المؤتمرات ّ‬
‫ّ‬ ‫الديبموماسيين‪،‬‬
‫وّ‬

‫الدولي من أساتذة جامعيين و باحثين و خبراء كأعضاء أو‬


‫لذلك كثي ار ما تستعين و ازرات الخارجية بفقياء القانون ّ‬
‫الدوليين‪ ،‬فضال عن‬
‫الرسمية المكمّفة بالتفاوض عنيا‪ ،‬أو بتمثيميا لدى القضاء أو التحكيم ّ‬
‫مستشارين في الوفود ّ‬
‫تضم ىؤالء الفقياء‪ ،‬لتنويرىا في عالقات دوليا الخارجية‬
‫حرص ىذه الو ازرات عمى إنشاء دوائر قانونية داخميا ّ‬
‫الدائرة في فرنسا إلى عام ‪.1722‬‬
‫حيث يعود إنشاء مثل ىذه ّ‬

‫ميمتيا تزويدىا‬
‫الدولي لتشكيل أجيزة أو لجان داخميا‪ّ ،‬‬‫من جية أخرى تستعين المنظمات الدولية بفقياء القانون ّ‬
‫الدولي التابعة لألمم المتحدة‬
‫الدولي‪ ،‬مثل لجنة القانون ّ‬
‫بآراء قانونية في المسائل ذات الصمة بعمميا عمى الصعيد ّ‬
‫البحث‪)3(...‬‬ ‫المشار ليا سابقا‪ ،‬لجنة األمم المتحدة لمقانون التجاري‪ ،‬معيد األمم المتحدة لمتدريب و‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مبادئ العدل و اإلنصاف‪:‬‬

‫مما‬
‫ال يمكن لمقاعدة القانونية استيعاب ك ّل الفروض و الحاالت المحتمل أن تكون مح ّل معالجة من قبميا‪ّ ،‬‬
‫يستدعي حسب "أرسطو" تطبيق العدالة في ىذا المقام‪ ،‬لقد كانت قسوة القانون في بعض األحيان حسب‬
‫الدعوة إلى تغيير المعاىدات في إطار اعتبارات العدالة‪ ،‬فغالبا ما كان يطمب من لجان التحكيم‬
‫"قروسيوس" وراء ّ‬
‫الدولية في نياية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين الفصل في النزاعات المرفوعة إلييا بتطبيق مبادئ‬
‫الدولية (رجال السياسة‬
‫أما بعد الحرب العالمية الثانية فقد كان اإلصرار أكبر من بعض األوساط ّ‬
‫العدالة‪ّ ،‬‬
‫والقانون) عمى ضرورة إعادة النظر في معاىدات السالم التي فرضت عمى ألمانيا خصوصا شروطا غير عادلة‬
‫أو مجحفة‪ ،‬و ذلك بالمجوء إلى محاكم تتولّى التخفيف من قسوة تمك المعاىدات‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،171‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.493‬‬

‫‪131‬‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬لم تكن مبادئ العدل و اإلنصاف مح ّل اتفاق من قبل الفقو‪ ،‬حيث تنكر‬
‫مثميا مثل المبادئ ّ‬
‫تخول القاضي‬
‫ألنيا ببساطة ّ‬‫أي دور يمكن أن تقوم بو ىذه المبادئ في القانون الدولي‪ّ ،‬‬‫المدرسة الوضعية ّ‬
‫أما مدرسة القانون الطّبيعي فتشيد بدور ىذه المبادئ‬
‫الدول‪ّ ،‬‬
‫تحد من سيادة ّ‬
‫الدولي سمطة تقديرية واسعة يمكن أن ّ‬
‫في الوصول إلى مجتمع دولي أكثر عدال و مساواة و إنصافا‪)1(.‬‬

‫نصت عمى ّأنو‪ " :‬ال‬‫الدولية ّ‬‫فإن المادة ‪ 2/38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ‬
‫و تجاو از ليذا الجدل الفقيي‪ّ ،‬‬
‫أي إخالل بما لممحكمة من سمطة الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل‬
‫المتقدم ذكره ّ‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫يترتّب عمى‬
‫الدعوى عمى ذلك‪".‬‬
‫واإلنصاف متى وافق أطراف ّ‬

‫النص سنحاول تحديد مفيوم مبادئ العدل و اإلنصاف (مطمب ّأول)‪ ،‬و وظيفة أو دور ىذه‬
‫ّ‬ ‫انطالقا من ىذا‬
‫الدولي (مطمب ثان)‪:‬‬
‫المبادئ في القانون ّ‬

‫األول‪ :‬مفهوم مبادئ العدل و اإلنصاف‪:‬‬


‫المطمب ّ‬

‫الدولي سمطة الفصل في النزاع الماثل أمامو بمقتضى قواعد العدل و اإلنصاف ليست فكرة‬ ‫إن فكرة منح القاضي ّ‬‫ّ‬
‫حديثة‪ ،‬بل تجد أساسيا في القانون الداخمي‪ ،‬حيث تسمح معظم القوانين الداخمية لمقاضي الوطني‪ ،‬بل تمزمو بأن‬
‫عد األخير‬
‫يحكم استنادا إلى قواعد العدالة في حال عدم العثور عمى القاعدة واجبة التطبيق عمى النزاع‪ ،‬و إالّ ّ‬
‫مرتكبا لجريمة إنكار العدالة‪)2(.‬‬

‫خاصة في ظ ّل الغموض‬
‫ّ‬ ‫الدولي أمر ال يخمو من مخاطرة‪،‬‬
‫أن نقل الفكرة من القوانين الداخمية إلى القانون ّ‬
‫غير ّ‬
‫حد ذاتيا و صعوبة تحديدىا (فرع ّأول)‪ ،‬رغم إحاطتيا بضوابط قد‬
‫الذي يكتنف مبادئ العدل و اإلنصاف في ّ‬
‫تعمل عمى إجالء الغموض عنيا و تيسير تطبيقيا (فرع ثان)‪:‬‬

‫األول‪ :‬تحديد مبادئ العدل و اإلنصاف‪:‬‬


‫الفرع ّ‬

‫يتم استخالصيا من خالل العقل و حكمة التشريع‬


‫تعني مبادئ العدل و اإلنصاف عموما " تمك القواعد التّي ّ‬
‫يتم عرضيا عمى‬
‫ويتم االلتجاء إلييا من أجل استخالص الحمول الواجب تطبيقيا عمى المنازعات التّي ّ‬
‫ّ‬
‫القضاء‪)3(".‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫» ‪(1) NGUYEM QUOC (Dinai), DAILLIER (Patric) et PELLET (Alain) : « Droit international public‬‬
‫‪L.G.D.J, Paris 1987, p323 et s.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،225‬و انظر في ىذا اإللزام بالنسبة لمقاضي الوطني المادة ‪ 3/01‬من القانون المدني‬
‫الجزائري التي تنص عمى ّأنو‪ ..." :‬فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة‪".‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.267‬‬

‫‪132‬‬
‫ثم وجب‬
‫متكونة من كممتين (عدل) و إنصاف‪ ،‬و من ّ‬
‫أن ىذه المبادئ تركيب لعبارة ّ‬
‫من خالل ىذا التعريف يبدو ّ‬
‫التعرض لمعنى ك ّل كممة عمى حدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّأوال‪ -‬العدل‪:‬‬

‫الزمان‬
‫متغير و نسبي من حيث ّ‬ ‫أن ىذا األخير ّ‬ ‫من الصعوبة تعريف العدل أو حتّى تحديد معناه‪ ،‬ذلك ّ‬
‫و المكان‪ ،‬فما كان عدال قبل قرن من الزمان ليس ىو كذلك اليوم‪ ،‬و ما تعتبره دولة أو مجموعة دول عدال قد ال‬
‫فإن قواعد القانون الوضعي ال تستيدف‬
‫الدول‪ ،‬و أكثر من ذلك كمّو ّ‬
‫يكون كذلك في دولة أو مجموعة أخرى من ّ‬
‫أن القانون‬
‫متعددة قد يكون مخالفا لمعدل تماما‪ ،‬رغم ّ‬
‫إن جانبا منيا العتبارات ّ‬
‫جميعيا تحقيق العدل‪ ،‬بل ّ‬
‫يتقبمو المجتمع و يتناسب مع تطمّعاتو‪ ،‬كما يتوافق مع‬
‫الوضعي يسعى دائما إلى بموغ العدل ال ّذي يفيمو و ّ‬
‫الدول‪.‬‬
‫الدولي مثال يطمح إلى بموغ منتيى الكمال في تنظيم العالقات بين ّ‬
‫متطمّبات العقل و المنطق‪ ،‬فالقانون ّ‬
‫الدولي في مسعاه ىذا يحرص عمى مراعاة‬ ‫والكمال ىنا ىو ما يستحسنو العقل و يرضى بو المنطق‪ ،‬و القانون ّ‬
‫ألي‬
‫قدر من التوازن بين المصالح المختمفة و المتعارضة ألشخاصو‪ ،‬في إطار العدالة التّي تبقى الغاية األولى ّ‬
‫قانون‪.‬‬

‫– المفترض أن يكون عادال‪ -‬بشكل‬ ‫األول يرّكز عمى تطبيق القانون‬


‫ألن ّ‬‫لكن العدل ال يعني العدالة دائما‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫كامل‪ ،‬فيما تعنى العدالة بمراعاة الظروف و المالبسات المحيطة بتطبيق القانون‪ ،‬وفق نظرة إنسانية شاممة‬
‫اإلمكان‪)1(.‬‬ ‫تستيدف تحقيق التوازن و المساواة قدر‬

‫ثانيا‪ -‬اإلنصاف‪:‬‬

‫ألنو ال يدخل في نطاق القانون‪ ،‬بل يغمب أن يكون‬


‫اإلنصاف عموميتو تحول دون تحديده بدقّة ىو اآلخر‪ّ ،‬‬
‫حد ذاتو صفة من صفات‬
‫في ّ‬ ‫إحساسا أو شعو ار بالتمييز بين ما ىو عادل و ما ىو ليس كذلك‪ ،‬رغم ّأنو‬
‫الدولي أن تتّسم‬
‫مكمال لو أو بديال‪ ،‬بناء عمى ذلك يفترض في ك ّل قواعد القانون ّ‬
‫القانون‪ ،‬و أحيانا يمعب دو ار ّ‬
‫ألن اإلنصاف‪ -‬كما‬
‫بد أن يكون منصفا‪ ،‬و ّ‬ ‫أي تفسير أو تطبيق ليذه القواعد ال ّ‬
‫فإن ّ‬
‫باإلنصاف‪ ،‬و تبعا لو ّ‬
‫فإن تحديده أو محاولة تحديده باألحرى يعودان لضمير القاضي‬
‫تقدم‪ -‬ىو إحساس أو شعور قبل ك ّل شيء ّ‬
‫ّ‬
‫مما يجعل‬
‫مصداقا لقول أحدىم‪ ":‬اإلنصاف ىو قانون القاضي"‪ ،‬و بذلك فيو عنصر ذاتي أكثر منو موضوعي‪ّ ،‬‬
‫خاصة إذا‬
‫ّ‬ ‫يدعي العدل و اإلنصاف‪ ،‬و من ىنا تتضح العالقة الصعبة و المعقّدة بين القانون و اإلنصاف‪،‬‬ ‫الك ّل ّ‬
‫تتضمن اإلنصاف أو تعكسو‪)2(.‬‬‫ّ‬ ‫أن ك ّل قاعدة قانونية يفترض أن‬
‫كان الثابت مبدئيا ّ‬
‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ " :‬فكرة العدالة " دار الفكر العربي‪ -‬القاىرة ‪ ،1979‬ص‪.20‬‬
‫‪(2) REUTER (Paul) : « Quelques réflexions sur l’équité en droit international public » R.B.D.I, 1980,‬‬
‫‪p165 et s.‬‬

‫‪133‬‬
‫يتدخل بصورة‬
‫فإن اإلنصاف مالزم لتطبيقو‪ ،‬فيو ّ‬‫و ىكذا بالقدر ال ّذي يرتبط فيو القانون بالبحث عن العدالة ّ‬
‫المجردة عمى الوضع الممموس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الموجو‪ ،‬مستيدفا مطابقة القاعدة‬
‫ّ‬ ‫خاصة ليمارس عمى القانون تأثير المميم أو‬
‫ّ‬
‫الواقع‪)1(.‬‬ ‫يطبق بواسطتيما القانون عمى أرض‬
‫الدور يش ّكل في الوقت نفسو الغاية و األداة المتين ّ‬
‫وىو بيذا ّ‬

‫أن العدل يعني إعطاء الحق‪ ،‬أي تعطي من‬


‫تقدم يبدو الفرق بين العدل و اإلنصاف‪ ،‬من حيث ّ‬ ‫عمى ضوء ما ّ‬
‫أن‬
‫الحق لغيرك بالقدر ال ّذي تستحقّو لنفسك‪ ،‬و عميو فالعدل يقضي بإعادة الحق إلى صاحبو كامال‪ ،‬في حين ّ‬
‫متضر ار ىو اآلخر‪ ،‬و في‬
‫ّ‬ ‫تكبده من خسارة باعتباره‬
‫اإلنصاف يقتضي مراعاة حال الطّرف اآلخر أيضا و مدى ّ‬
‫موزعا)‪)2(.‬‬
‫الحق كامال (بل ّ‬
‫ّ‬ ‫ك ّل األحوال فيو ال يعني‬

‫الدولي يخمط بين المصطمحات و يمزج‬


‫أن االجتياد القضائي إن عمى الصعيد الداخمي أو ّ‬
‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫بينيا دون مراعاة لمعنى ك ّل مصطمح‪ ،‬و أغمب الخمط يقع بين مبادئ العدل و اإلنصاف من جية‪ ،‬و المبادئ‬
‫الحقا‪)3(.‬‬ ‫سنتبينو‬
‫ّ‬ ‫العامة لمقانون من جية أخرى عمى النحو ال ّذي‬
‫ّ‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الضوابط التي تحكم تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف‪:‬‬

‫الحد من صالحية ّأية مؤسسة قضائية دولية في‬


‫أىمية مبادئ العدل و اإلنصاف ّأنو من غير المالئم ّ‬
‫تبرز ّ‬
‫أي مصدر من تمك المصادر الواردة في الفقرة‬
‫المبادرة بح ّل النزاع المعروض عمييا في حال عدم العثور عمى ّ‬
‫األولى من المادة ‪ 38‬السابقة بعد موافقة أطراف النزاع عمى تطبيق المبادئ المذكورة‪ ،‬بالمقابل يفصح تطبيق‬
‫ىذه المبادئ عن ّأنو من غير المعقول منح المؤسسة القضائية المعنية ص ّكا عمى بياض‪ ،‬أي تخويميا سمطة‬
‫لميمتيا األساسية و ىي القضاء‪ ،‬من ىنا يبدو خمق موازنة بين‬
‫مطمقة في االجتياد المبالغ فيو (التشريع)‪ ،‬خالفا ّ‬
‫بعد‪)4(.‬‬ ‫الحالتين أكثر من ضروري في نطاق قانون دولي لم يكتمل صرحو‬

‫ردىا في الحقيقة‬
‫الضوابط التي تحكم عممية تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف‪ ،‬و التّي يمكن ّ‬ ‫ىذه الموازنة تختزل ّ‬
‫إلى ضابطين أساسيين‪ :‬موافقة أطراف النزاع عمى تطبيق ىذه المبادئ ( ّأوال)‪ ،‬و موافقة المحكمة ذاتيا عمى‬
‫طمب األطراف الحكم بموجب ىذه المبادئ (ثانيا)‪:‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) CHEMILLER-GENDRAU (Monique) : « La signification des principes équitables dans le droit‬‬


‫‪international contemporain » R.B.D.I, 1981-1982, p509 et s.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.173‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.79‬‬

‫‪134‬‬
‫ّأوال‪ -‬موافقة أطراف النزاع عمى تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف‪:‬‬

‫ال يمكن لممحكمة الدولية في نطاق ىذا الضابط أن تمجأ إلى تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف من تمقاء نفسيا‬
‫السابقة و ىي‬
‫‪ّ 1/38‬‬ ‫حتّى و لو لم تجد حالّ لمنزاع المعروض عمييا في ك ّل المصادر المذكورة في المادة‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬و عمى سبيل االستئناس أحكام المحاكم و مذاىب الفقو‪ ،‬إذ‬
‫الدولي‪ ،‬المبادئ ّ‬‫المعاىدات‪ ،‬العرف ّ‬
‫الدولية القائمة‬
‫ال تممك المحكمة مبدئيا سمطة خمق قواعد جديدة و لو كانت عادلة‪ ،‬أو إىمال أو تعديل القواعد ّ‬
‫صراحة‪)1(.‬‬ ‫ذات العالقة بموضوع النزاع و لو كانت غير عادلة‪ ،‬ما لم يطمب منيا أطراف النزاع ذلك‬

‫خاص و مستق ّل موضوعو الوحيد دعوة المحكمة‬


‫ّ‬ ‫إما عن طريق اتفاق‬‫و تكون موافقة أطراف النزاع بيذه الصفة ّ‬
‫تخول ىيئات أو‬
‫إلى تطبيق تمك المبادئ عمى ذلك النزاع‪ ،‬و األمر في ىذه الحالة أشبو بمشارطة التحكيم التي ّ‬
‫أن مشارطات التحكيم بدورىا كثي ار ما‬
‫لجان التحكيم سمطة الفصل في النزاع بناء عمى رغبة أطرافو‪ ،‬و الواقع ّ‬
‫خاصة في المنازعات السياسية و الحدودية‪ ،‬في‬
‫ّ‬ ‫تخول المح ّكم الفصل في النزاع وفق مبادئ العدل و اإلنصاف‬
‫ّ‬
‫المبادئ‪)2(.‬‬ ‫أي نزاع باالستناد إلى ىذه‬
‫تم تخويل محكمة العدل الدولية سمطة الفصل في ّ‬
‫المقابل لم يحدث أن ّ‬
‫يتم تضمينيا في االتفاقيات ذات الموضوعات‬ ‫كما يمكن أن تترجم موافقة األطراف في نصوص صريحة ّ‬
‫تتحول مبادئ العدل‬‫الدولية‪ ،‬و في ىذه الحالة ّ‬
‫خاصة تمك المتّصمة بالحدود و المسؤولية ّ‬
‫ّ‬ ‫المتنوعة‬
‫ّ‬ ‫المتعددة و‬
‫ّ‬
‫واإلنصاف إلى شبو إلزام قانوني عمى عاتق المحكمة تزول معو الفوارق بين اإلنصاف كغاية لمقاعدة القانونية‬
‫الدولية و بين ىذه القاعدة ذاتيا‪ّ ،‬إنيا تصبح في ىذه الحالة أشبو بالمصدر المستق ّل ال ّذي تعتمده المحكمة‬
‫ّ‬
‫لمفصل في النزاع‪)3(.‬‬

‫الدولي عن الفصل في النزاع إذا لم يجد مصد ار قانونيا‬


‫فإذا كان ىناك من الفقو من ينادي بامتناع القاضي ّ‬
‫فإن ىناك جانبا آخر منو يطالبو بضرورة استنباط الح ّل عن‬
‫الدولي أو الخروج عنو‪ّ ،‬‬
‫يطبقو مخافة مخالفة القانون ّ‬
‫ّ‬
‫الدولي مثل القاضي الوطني‬‫أن القاضي ّ‬ ‫طريق القياس باالرتكاز عمى مبادئ العدالة و اإلنصاف‪ ،‬لمتأكيد عمى ّ‬
‫ال يمكنو االمتناع عن الحكم‪ ،‬بل عميو إصداره وفق ىذه المبادئ عندما تعجز القواعد الموجودة عن تمبية ما‬
‫السمطة‪)4(.‬‬ ‫تخولو األطراف من جية أخرى ىذه‬
‫الدولية‪ ،‬و ّ‬
‫يتطمّبو حسن السياسة ّ‬

‫إن ك ّل ما‬
‫المخول لمقاضي الحكم بموجبيما‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تمتد إلى تحديد نطاق العدل و اإلنصاف‬‫أن موافقة األطراف ال ّ‬
‫مع ّ‬
‫السماح لو بالمّجوء إلى ىذين المفيومين وفق قناعتو‪ ،‬و ما يمميو عميو ضميره القضائي‬
‫تنتجو ىذه الموافقة ىو ّ‬
‫وان كانت ال تعدم إمكانية إرشاده أو توجييو إلى ما يمكن أن يمثّل عدال و إنصافا حسب منظورىا‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬


‫‪(2) CARREAU (Dominique) : « Droit international public » Pédone, Paris 2004, p307.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫(‪ )4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.176 ،175‬‬

‫‪135‬‬
‫و من القضايا التي تجسد ضرورة موافقة أطراف النزاع عمى تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف‪" ،‬قضية المناطق‬
‫الحرة"‪ ،‬حيث اشترطت المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في حكميا الصادر في ‪ 1930/12/06‬وجود نص واضح‬ ‫ّ‬
‫و صريح يخوليا الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل و اإلنصاف‪ ،‬و ىو ما لم يتحقق في قضية الحال‪ ،‬و في‬
‫قضية " جنوب غرب إفريقيا" ذىبت محكمة العدل الدولية في حكميا الصادر عام ‪ 1966‬إلى ّأنو يمتنع عمييا‬
‫تم تخويميا ىذه السمطة بمنتيى الوضوح‬
‫الفصل في القضية عمى أساس مبادئ العدل و اإلنصاف‪ ،‬إالّ إذا ّ‬
‫أي جدل‪)1(.‬‬
‫وبشكل ال يثير ّ‬

‫ثانيا‪ -‬موافقة المحكمة ذاتها عمى طمب األطراف تخويمها الحكم بموجب مبادئ العدل و اإلنصاف‪:‬‬

‫مقتضى ىذا ال ّشرط ّأنو ال يمكن ألطراف النزاع إلزام المحكمة بالفصل فيو وفقا لمبادئ العدل و اإلنصاف‪ ،‬حيث‬
‫الحرية الكاممة بين أن ترفض طمب األطراف و تفصل بالتالي في النزاع استنادا إلى مصادر القانون‬ ‫تبقى ليا ّ‬
‫الدولي الموجودة‪ ،‬و بين قبول طمبيا و الفصل تبعا لذلك باالعتماد عمى ما تراه محقّقا لمعدل و اإلنصاف في‬
‫ّ‬
‫ترتيب الحقوق و االلتزامات المتبادلة بين ىذه األطراف‪)2(.‬‬

‫أي مصدر من‬‫ألن طمب األطراف من المحكمة تطبيق ىذه المبادئ ال يقتصر عمى الحالة التّي ينعدم فييا ّ‬‫ّ‬
‫المصادر الواردة في الفقرة األولى من المادة ‪ 38‬السابقة‪ ،‬بل قد توجد قاعدة في أحد ىذه المصادر و تكون‬
‫يضطرىا‬
‫ّ‬ ‫مما‬
‫لكن أطرافو مع ذلك ترى في ىذه القاعدة إجحافا في حقّيا‪ّ ،‬‬‫صالحة لمتطبيق عمى موضوع النزاع‪ّ ،‬‬
‫إلى تخويل المحكمة المّجوء إلى مقتضيات العدالة (مبادئ العدل و اإلنصاف) تجاو از لمقاعدة المجحفة حسبيا‪.‬‬
‫الصدد‪ ،‬و بالنظر إلى‬
‫تقدم‪ -‬ليست ممزمة بتحقيق رغبة األطراف في ىذا ّ‬
‫والمحكمة في ك ّل األحوال –كما ّ‬
‫الدول غالبا ما ال تترك مصالحيا بيد‬
‫فإن ّ‬
‫الدولي في إطار الحكم بموجب ىذه المبادئ ّ‬
‫السمطة الواسعة لمقاضي ّ‬
‫تتدخل في حكمو أثناء تطبيق ىذه المبادئ مصالح دولتو‪ ،‬أو يكون عرضة لطغيان اعتبارات‬
‫قاض أجنبي قد ّ‬
‫الدولي‬
‫أن مبادئ العدل و اإلنصاف ال تأخذ تسمسال بين مصادر القانون ّ‬
‫خاصة إذا عممنا ّ‬
‫ّ‬ ‫غير موضوعية‪،‬‬
‫الواردة في المادة ‪ 38‬السابقة‪ ،‬فقد تكون ّأول المصادر أو آخرىا يمجأ إلييا القاضي عندما يجد أو ال يجد مصد ار‬
‫ل شيء ليس ممزما برغبة أطرافو‪)3(.‬‬‫ألنو قبل ك ّ‬
‫يحسم بو النزاع‪ّ ،‬‬

‫تصور رفض القاضي طمب األطراف في ىذا الخصوص‪ ،‬بل ّإنو كثي ار ما يمجأ‬ ‫عمميا من جية أخرى‪ ،‬ال يمكن ّ‬
‫ّ‬
‫العامة لمقانون المستنبطة من النظم القانونية الداخمية‬
‫إلى تطبيق مبادئ العدل واإلنصاف‪ ،‬بوصفيا أحد المبادئ ّ‬
‫دون حاجة إلى اتفاق األطراف أو طمبيم ذلك‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق (مشار إليو في اليامش)‪ ،‬ص‪.454‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عادل أحمد الطائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.114‬‬

‫‪136‬‬
‫‪ 2/38‬السابقة‪ ،‬بل‬ ‫الدولي ال يتعامل مع ىذه المبادئ كمصدر وارد في المادة‬
‫فإن القاضي ّ‬‫و في ىذه الحالة ّ‬
‫مكممة لمقاعدة الموجودة و طريقة من طرق تفسيرىا تسمح لو باختيار التفسير ال ّذي يراه أكثر‬
‫يعتبرىا قاعدة ّ‬
‫مراعاة لمتطمّبات العدالة في ضوء ظروف القضية الماثمة أمامو‪ ،‬وبيذا يفمت من القيد ال ّذي رتّبتو عميو الفقرة‬
‫أن القاعدة القانونية يفترض أن تكون‬ ‫الثانية من المادة ‪( 38‬موافقة األطراف)‪ ،‬و يجد ىذا الموقف سندا لو في ّ‬
‫المجردة‬
‫ّ‬ ‫يتم تفسيرىا بشكل عادل‪ ،‬مادامت العدالة صفة مالزمة لمقانون‪ ،‬و تطبيق القاعدة القانونية‬
‫عادلة و أن ّ‬
‫يتضمن في ذاتو تطبيقا لمعدالة‪ ،‬و ىذا ما أ ّكده معيد القانون الدولي في ق ارره الصادر عام‬
‫ّ‬ ‫عمى وضع ممموس‬
‫لمجر و اإلنارة و الطاقة المحدودة" الصادر عام‬
‫كرسو حكم محكمة العدل الدولية في "قضية برشمونة ّ‬
‫‪ ،1937‬و ّ‬
‫‪)1(.1970‬‬

‫الدولي العام‪:‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬وظيفة مبادئ العدل و اإلنصاف في القانون ّ‬

‫تأسيسا عمى ما سبق‪ ،‬يمكن لمبادئ العدل و اإلنصاف أن تؤدي عمى مستوى القانون الدولي وظيفتين متباينتين‪:‬‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬باعتبارىا انعكاسا مبدئيا لمقانون و صفة مالزمة‬
‫و بناء عمى ذلك قد تكون بمثابة أحد المبادئ ّ‬
‫لو‪ ،‬كما قد تكون مصد ار مستقال و متمي از لمقانون الدولي‪.‬‬

‫األول‪ :‬مبادئ العدل و اإلنصاف كأحد المبادئ العامة لمقانون باعتبارها انعكاس مبدئي له و صفة‬
‫الفرع ّ‬
‫مالزمة‪:‬‬

‫في ىذه الحالة يكون المجوء إلى مبادئ العدل و اإلنصاف التزاما قانونيا عمى عاتق المحكمة الدولية‪ ،‬كون ىذه‬
‫يتم بصورة غير‬
‫المبادئ متضمنة في قاعدة قانونية أو ترتقي لمرتبة القانون عمى األق ّل‪ ،‬و إن كان االستناد إلييا ّ‬
‫مباشرة أو مشتقة من خالل المعاىدة و العرف الدوليين‪)2(.‬‬

‫مثال في قضية "الجرف القاري لبحر الشمال" في حكم محكمة‬ ‫تجسد ىذا التالزم بين تمك المبادئ و القانون‬
‫ّ‬
‫أن ىناك قاعدة عرفية تقتضي " تعيين الحدود عن طريق‬
‫العدل الدولية الصادر عام ‪ ،1969‬حيث خمصت إلى ّ‬
‫بأن المحكمة تطبق ىذه‬
‫االتفاق بين الدول المعنية وفقا لمبادئ العدل و اإلنصاف‪ ".‬و حتّى ال يسود االعتقاد ّ‬
‫تعد " قواعد قانونية حقيقية في مسألة تعيين حدود الجرف‬
‫أن تمك المبادئ ّ‬
‫المبادئ كمصدر مستقل أضافت‪ّ :‬‬
‫القاري بين الدول ذات السواحل المتالصقة‪".‬‬

‫في ذات السياق و من خالل قضية " المصائد" بين إيسمندا و بريطانيا أ ّكدت ذات المحكمة في حكميا الصادر‬
‫عام ‪ 1973‬عمى ضرورة الحكم بشكل يضمن " الوصول إلى ح ّل عادل يستند إلى القانون‪ ،‬ىذا الح ّل ليس‬
‫المجردة‪ ،‬و ّإنما ىو إعمال لمقاعدة القانونية التي تقتضي المجوء لمبادئ العدل و اإلنصاف‪".‬‬
‫ّ‬ ‫تصو ار لمعدالة‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.454‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.191 ،190‬‬

‫‪137‬‬
‫التوجو اعتمدت محكمة العدل الدولية عمى مبادئ العدل و اإلنصاف في قضايا أخرى من بينيا‪ :‬قضية‬
‫ّ‬ ‫بنفس‬
‫الجرف القاري بين ليبيا و تونس (قرارىا الصادر عام ‪ ،)1982‬قضية الجرف القاري بين ليبيا و مالطا (قرارىا‬
‫الصادر عام ‪ ،)1985‬قضية تعيين الحدود البحرية في منطقة خميج (مين) ‪ Maine‬بين كندا و الواليات المتحدة‬
‫األمريكية (قرارىا الصادر عام ‪ ،)1985‬قضية النزاع الحدودي بين بوركينافاسو و مالي (قرارىا الصادر عام‬
‫‪ ،)1986‬قضية الجرف القاري بين الدانمارك و النرويج (قرارىا الصادر عام ‪.)1993‬‬

‫في ك ّل ىذه القضايا يالحظ استناد المحكمة إلى اعتبارات غير قانونية (جيولوجية و جغرافية أساسا) لموصول‬
‫ألن ىناك قاعدة قانونية‬
‫إلى الح ّل الذي تمميو مبادئ العدل و اإلنصاف‪ ،‬بذلك فيي لم تطبق تمك المبادئ إالّ ّ‬
‫ألنيا ال تممك ذلك لعدم تخويميا ىذه السمطة من قبل أطراف‬
‫تقتضي تطبيقيا‪ ،‬و لم تطبقيا كمصدر مستقل ّ‬
‫النزاع‪.‬‬

‫كان موقف المحكمة ثابتا حتّى في غير القضايا المتعمقة بتعيين الحدود البحرية‪ ،‬ففي قضية " أحكام المحكمة‬
‫أن اشتراط‬
‫‪ّ 1956‬‬ ‫اإلدارية التابعة لمنظمة العمل الدولية " رأت محكمة العدل الدولية في قرارىا الصادر عام‬
‫المحكمة اإلدارية أن يكون التعويض عادال ليس فيو خروج عن مبادئ العدل و اإلنصاف‪.‬‬

‫فإن ىناك‬
‫و عمى الرغم من حرص المحكمة في كافة القضايا السابقة عمى تأكيدىا بأنيا تطبق القانون ال غير‪ّ ،‬‬
‫لكن‬
‫المخولة ليا و طبقت ما تراه ىي عادال و منصفا بعيدا عن القانون‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫من رأى ّأنيا تجاوزت الصالحيات‬
‫المؤيدين لمواقف المحكمة في ىذا الصدد أروا ّأنيا تشجع بذلك المجوء إلى التسوية السممية لممنازعات الدولية في‬
‫منيا‪)1(.‬‬ ‫الوقت الذي ال يعرض فيو عمييا إالّ عدد قميل‬

‫كرس تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف‬ ‫عالوة عمى محكمة العدل الدولية‪ ،‬ىناك عدد من الوثائق الدولية ّ‬
‫باعتبارىا انعكاسا مبدئيا لمقانون و صفة مالزمة لو‪ ،‬أو عمى أساس ّأنيا تمعب دور المبادئ العامة لمقانون‪.‬‬
‫يتعمق األمر بميثاق األمم المتحدة ‪( 1945‬المادة ‪ ،)73‬بروتوكول لجنة الوساطة و التوفيق لمنظمة الوحدة‬
‫اإلفريقية (سابقا) ‪ ،1963‬العيد الدولي لمحقوق االجتماعية‪ ،‬االقتصادية و الثقافية ‪( 1966‬المادتان ‪)11 ،07‬‬
‫العيد الدولي لمحقوق المدنية و السياسية ‪( 1966‬المادة ‪ ،)14‬االتفاقية الخاصة بالمسؤولية عن األضرار التي‬
‫ترتبيا المراكب الفضائية ‪( 1972‬المادة ‪ ،)12‬اتفاقية فينا لقانون المعاىدات ‪( 1969‬المادة ‪/44‬ج)‪ ،‬اتفاقية‬
‫‪)2(.)140‬‬ ‫األمم المتحدة لقانون البحار ‪( 1982‬المواد‪،83 ،74 ،70 ،69 ،59 :‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.456-454‬‬


‫يتضمن اإلشارة إلى مبادئ العدل‬
‫ّ‬ ‫الدولي االتفاقي غالبا ما‬
‫أن القانون ّ‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪ .451 ،450‬ىكذا إذن نجد ّ‬
‫يخول‬
‫عدة (مبادئ العدالة‪ ،‬الحل العادل أو المنصف‪ ،‬مبادئ القانون و العدالة‪ )...‬غير ّأنو ناد ار ما ّ‬
‫واإلنصاف تحت مسميات ّ‬
‫إن ك ّل ما يفعمو ىو تطبيق تمك المبادئ بوصفيا‬
‫الدولي‪ّ ،‬‬
‫القضاء الدولي الحكم بيذه المبادئ كمصدر مستقل و مباشر لمقانون ّ‬
‫عامة لمقانون ال غير‪ ،‬أي مبادئ تتفق مع العدالة التي ينبغي أن يتغياىا القانون‪.‬‬
‫مبادئ ّ‬

‫‪138‬‬
‫العامة لألمم المتحدة الصادرة في مجال القانون الدولي لمتنمية عام‬
‫أن ق اررات الجمعية ّ‬
‫في نفس السياق‪ ،‬نجد ّ‬
‫عامة لمقانون‪ ،‬حيث دعت إلى نظام اقتصادي‬ ‫كرست بدورىا مبادئ العدل و اإلنصاف بوصفيا مبادئ ّ‬ ‫‪ّ 1974‬‬
‫يخص أسعار السمع المستوردة من الدول النامية‬‫ّ‬ ‫دولي جديد يقوم عمى العدالة‪ ،‬في إطار عالقات متكافئة فيما‬
‫الدول في المنافع االقتصادية‪ ،‬المالية‪ ،‬و النقدية الناتجة عن‬
‫المصدرة ليا‪ ،‬و عمى المشاركة العادلة ليذه ّ‬
‫ّ‬ ‫وتمك‬
‫أن العدالة التّي دعت إلييا‬
‫تجارة عالمية يسودىا تبادل تجاري عادل و منصف‪ ،‬و إن كان جانب من الفقو يرى ّ‬
‫ررات ىي عدالة سياسية و اقتصادية باألساس‪ ،‬و ليست عدالة قانونية‪)1(.‬‬
‫ىذه الق ا‬

‫الدول في المسائل الخارجة عن المعاىدات‬


‫من جيتيا‪ ،‬و بمناسبة شرحيا لنصوص المشروع المتعمق بتوارث ّ‬
‫أن " اإلنصاف أصبح عمميا و بصورة متزايدة عامل توازن أو‬ ‫الدولي ّ‬
‫الدولية (األمالك)‪ ،‬أ ّكدت لجنة القانون ّ‬
‫ّ‬
‫إن اإلنصاف‬ ‫الدولة المنقولة و اإلقميم‪ّ ...‬‬
‫الربط بين أموال ّ‬
‫تصحيح من شأنو الحفاظ عمى الطّابع العقالني لصمة ّ‬
‫الدول‪ ،‬و إعطاء ىذا التفسير المعنى األكثر قبوال‪)2(".‬‬
‫يسمح بالتفسير األنفع لمفيوم األموال المتصمة بنشاطات ّ‬

‫الدولي‪:‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مبادئ العدل و اإلنصاف مصدر مستقل و متميز لمقانون ّ‬

‫الدولي في ىذه الحالة يطبق مبادئ العدل و اإلنصاف‬


‫عمى خالف الوضع السابق‪ ،‬فالقاضي أو المحكم ّ‬
‫الدورين‪:‬‬
‫مما يسمح ليذه المبادئ في ىذا الخصوص بأداء أحد ّ‬
‫الدولي‪ّ ،‬‬
‫متميز لمقانون ّ‬
‫كمصدر مستق ّل و ّ‬

‫‪ ‬مأل الفراغ أو الثغرات التي تعتري القاعدة القانونية واجبة التطبيق‪ ،‬باستكمال النقص الموجود فييا وذلك‬
‫في حالة عدم كفاية مضمونيا لتغطية ك ّل جوانب النزاع‪ ،‬أو االجتياد في إطار مبادئ العدل‬
‫واإلنصاف إليجاد قاعدة تغطّي النزاع في حال عدم وجود القاعدة واجبة التطبيق عميو أصال‪ ،‬و ىنا‬
‫الدولي‪.‬‬
‫المكمل‪ ،‬أو اإلنشائي الذي تقوم بو ىذه المبادئ بالنسبة لقواعد القانون ّ‬
‫ّ‬ ‫المتمم أو‬
‫الدور ّ‬
‫يبرز ّ‬
‫والمجال الغالب لتطبيقيا عمى ىذا النحو يكون عادة في منازعات الحدود‪ ،‬و المنازعات السياسية‪.‬‬
‫الدولي ذلك‬
‫‪ ‬استبعاد القاعدة القانونية واجبة التطبيق‪ ،‬في الحالة التي يطمب فييا إلى القاضي أو المح ّكم ّ‬
‫أن القاعدة الموجودة مجحفة أو غير عادلة‪ ،‬و ىنا يجتيد القاضي أو المح ّكم‬‫حيث ترى أطراف النزاع ّ‬
‫في إطار مبادئ العدل و اإلنصاف إليجاد القاعدة األكثر عدالة‪ ،‬و استبعاد القاعدة الموجودة من‬
‫القائمة‪)3(.‬‬ ‫المعدل أو اإلقصائي ليذه المبادئ بالنسبة لقواعد القانون الدولي‬
‫ّ‬ ‫الدور‬
‫التطبيق‪ ،‬و ىنا يبدو ّ‬

‫الدول المتحاربة نفسيا‪ ،‬أو‬


‫الدور األخير عادة في مسائل التعويض عن أضرار الحرب التي لحقت برعايا ّ‬ ‫يالحظ ّ‬
‫الدول المحايدة‪ ،‬أو األجانب في إطار الحروب األىمية‪.‬‬
‫رعايا ّ‬
‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.452‬‬


‫(‪ )2‬نقال عن د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد يوسف عموان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.453 ،452‬‬

‫‪139‬‬
‫أن القواعد القانونية المتداولة في ىذا الخصوص ال تعترف بالتعويض عن األضرار الناجمة عن الحرب‬ ‫مع ّ‬
‫فإن ىناك التزام إنساني بالتخفيف‬
‫المتسببة فييا باعتبارىا نتيجة طبيعية ليا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ذمة األطراف‬
‫كالتزام قانوني عمى ّ‬
‫المتضررين منيا‬
‫ّ‬ ‫حدة ىذه القواعد و تطويعيا وفق ىذا االلتزام‪ ،‬إلقرار تعويضات لصالح ضحايا الحرب و‬
‫من ّ‬
‫من منطمق مبادئ العدل و اإلنصاف‪.‬‬

‫‪ 1826‬في قضية ىنود "الكايوجا"‪.‬‬ ‫التوجو قرار التحكيم الصادر عام‬


‫ّ‬ ‫السوابق التحكيمية التّي تعكس ىذا‬
‫من ّ‬
‫الدول بشأن تعويض ىؤالء عن أراضييم‬
‫حيث سبق لوالية نيويورك أن عقدت اتفاقات عام ‪ 1795‬مع عدد من ّ‬
‫الدول المعنية‪ ،‬و خالل الحرب بين الواليات المتحدة األمريكية و بريطانيا عام‬
‫التّي أرغموا عمى تركيا من قبل ّ‬
‫مما جعل الواليات المتحدة تطالب بريطانيا بنصيبيم من‬‫‪ ،1812‬ىاجر قسم من ىؤالء الينود إلى كندا‪ّ ،‬‬
‫التعويض‪.‬‬

‫العامة لمقانون‪ ،‬و خمصت إلى ّأنو من الناحية القانونية‬


‫أحيل النزاع إلى ىيئة تحكيم كمفت بتطبيق المبادئ ّ‬
‫أي‬
‫البحتة لم يعد ىنود كندا جزء من ىنود "الكايوجا" حتى تشمميم اتفاقات عام ‪ ،1795‬وبالتالي ال يصرف ليم ّ‬
‫أن مبادئ العدل و اإلنصاف في‬ ‫أن ىذه النتيجة قاسية و غير عادلة‪ ،‬و ّ‬
‫لكنيا في نفس الوقت رأت ّ‬
‫تعويض‪ّ ،‬‬
‫قررت الييئة تعويض بريطانيا‬ ‫ىذا المقام تقضي بعدم الوقوف عند حرفية النص (اتفاقات عام ‪ ،)1795‬و عميو ّ‬
‫كال من الينود الذين بقوا في والية نيويورك كمتضررين من الحرب‪ ،‬و الذين اضطروا إلى مغادرتيا إلى كندا‬
‫ّ‬
‫‪)1(.1795‬‬ ‫استنادا التفاقات‬

‫كما كان لييئة التحكيم المنشأة بموجب اتفاق ‪ 1910/08/08‬بين بريطانيا و الواليات المتحدة األمريكية النظر‬
‫بالدولتين‪ ،‬بشأن األضرار الواقعة عمى رعايا ك ّل منيما أثناء الحرب األمريكية اإلسبانية لعام‬
‫في المسائل المتعمقة ّ‬
‫‪ 1898‬و حرب الترانسفال (‪ )1902-1899‬بتطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف لتقدير التعويض المستحق ليم‪.‬‬

‫جراء‬
‫و بشأن تقدير التعويض الواجب لصالح رعايا ك ّل من فرنسا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬إسبانيا و الواليات المتحدة األمريكية ّ‬
‫الدول السابقة‬
‫الحرب األىمية الفنزويمية ( ‪ ،)1863-1830‬اعتمدت المجان التحكيمية المختمطة بين فنزويال و ّ‬
‫اإلنصاف‪)2(.‬‬ ‫عمى مبادئ العدل و‬

‫من جيتو اعتمد قرار التحكيم الذي أصدره عام ‪ 1939‬رؤساء ك ّل من الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬الب ارزيل‬
‫وباراغواي في النزاع الناجم عن حرب "الشاكو" بين بوليفيا و باراغواي مبادئ العدل و اإلنصاف تطبيقا لمعاىدة‬
‫المبادئ‪)3(.‬‬ ‫مبرمة بين األخيرتين‪ ،‬تدعو المح ّكمين إلى الفصل في القضية وفقا ليذه‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫‪(1) CARREAU (Dominique), op.cit, p307.‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.193 ،192‬‬
‫‪(3) CARREAU (Dominique), op.cit, p307.‬‬

‫‪140‬‬
‫فإن المّجوء إلى مبادئ العدل و اإلنصاف منحصر في نطاق‬
‫كما ىو واضح من مجمل ىذه الق اررات التحكيمية‪ّ ،‬‬
‫الدول المعنية‪.‬‬
‫الدولة أو ّ‬
‫تقدير قيمة التعويض المترتب عن حجم الضرر‪ ،‬أكثر من اتجاىو إلى تحديد مسؤولية ّ‬
‫تمي از عندما تقوم بإكمال القواعد القانونية في حال قصورىا‪ ،‬أو‬
‫لكن دور ىذه المبادئ يصبح أكثر استقاللية و ّ‬
‫تعويضيا عند عدم وجودىا أصال‪.‬‬

‫ضد ألمانيا نتيجة األضرار التّي ألحقتيا‬


‫يتجمى ذلك في قرار ىيئة التحكيم المنشأة لمنظر في المطالب البرتغالية ّ‬
‫األخيرة بالمصالح البرتغالية في أنجوال بين سنتي ‪ 1914‬و ‪ 1915‬و الصادر بشأن قضيتي (مزيو ار) و (نوليال)‬
‫عام ‪ ،1928‬حيث جاء فيو‪ " :‬في ظل غياب قواعد القانون الوضعي الصالحة لمتطبيق عمى الوقائع المتنازع‬
‫سد القصور‪ ،‬بالحكم استنادا إلى مبادئ العدل و اإلنصاف مع بقائيا في‬‫أن واجبيا ّ‬
‫عمييا‪ ،‬ترى ىيئة التحكيم ّ‬
‫مطبقا بطريق القياس‪ ،‬و األخذ بعين االعتبار تطوره‪)1(".‬‬
‫توجيات ىذا القانون ّ‬
‫إطار ّ‬
‫ّ‬
‫يعد القرار التحكيمي في قضية مصير ‪ Fonderie du Trail‬بين الواليات المتحدة األمريكية‬ ‫في ذات السياق ّ‬
‫الدخان المتصاعد من‬ ‫سببيا ّ‬‫أقر مسؤولية كندا عن األضرار التّي ّ‬
‫الدولي لمبيئة‪ ،‬حين ّ‬
‫وكندا أول أسس القانون ّ‬
‫أحد المصانع الموجودة في أراضييا لممزارعين األمريكيين‪ ،‬استنادا إلى مبادئ العدل و اإلنصاف و خالفا لقواعد‬
‫الخصوص‪)2(.‬‬ ‫المسؤولية الدولية القائمة في ىذا‬

‫المكمل لمقواعد القانونية تارة‪ ،‬و المستبعد ليا تارة أخرى ىو ما حدا بكثير من‬
‫ّ‬ ‫إن دور مبادئ العدل و اإلنصاف‬‫ّ‬
‫العامة لمقانون‪ ،‬يبدو ىذا الموقف‬
‫الدولي يأتي بعد المبادئ ّ‬ ‫الفقياء إلى اعتبار ىذه المبادئ مصد ار رابعا لمقانون ّ‬
‫أكثر صوابا إذا ما استطاعت ىذه المبادئ الحمول فعال مح ّل القاعدة القانونية و استبعادىا‪ ،‬عمميا لم يحدث إلى‬
‫بد‬
‫ضد القانون القائم أو مخالفتو‪ ،‬لكن إذا لم يكن من ىذا الح ّل ّ‬
‫الدولية إلى الحكم ّ‬‫اآلن أن لجأت محكمة العدل ّ‬
‫فميس مستبعدا حينئذ أن تعمد المحكمة إلى الحكم باستقاللية عن القانون القائم‪ ،‬عمى النقيض من ذلك يرى‬
‫أن االعتماد عمى اعتبارات مبادئ العدل و اإلنصاف الستبعاد القاعدة القانونية واجبة التطبيق‬
‫بعض الفقو ّ‬
‫أن من شأن ىذه‬‫الدولي و ىي تطبيق القانون ال خمقو‪ ،‬كما ّ‬ ‫يتعارض مع المبدأ األساسي لوظيفة القاضي ّ‬
‫االعتبارات أن تكون بداية لسمسمة من المطالب السياسية التّي يمكن أن تش ّكل أرضية لمطالب قانونية فيما بعد‪.‬‬
‫يقدر ليا ذلك فميس عمى‬‫و في ك ّل األحوال ال يمكن لمبادئ العدل و اإلنصاف أن تح ّل مح ّل القانون‪ ،‬و عندما ّ‬
‫الدولية‪ ،‬ليذا تبدو محدودية مساىمة‬
‫أساس ّأنيا مصدر دولي‪ ،‬بل بوصفيا نظاما فوق قانوني لح ّل المنازعات ّ‬
‫محددة (مسائل التعويض و قضايا‬ ‫الدولي‪ ،‬حيث تنحصر في مجال ّ‬ ‫العامة لمقانون في القانون ّ‬
‫المبادئ ّ‬
‫الحدود)‪)3(.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬نقال عن د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.194‬‬


‫‪(2) CARREU (Dominique), op.cit, p307 et s.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أحمد بمقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.197-195‬‬

‫‪141‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫الدولي المتمثّل في مجموعة القواعد التّي تنظّم العالقات بين‬


‫ك في وجود القانون ّ‬
‫أي ش ّ‬
‫لم يعد ىناك ّ‬
‫أشخاصو من دول ومنظّمات دولية و كيانات أخرى لم يعترف ليا بال ّشخصية القانونية عمى المستوى‬
‫متعددة الجنسيات‪،‬‬
‫التحرر‪ ،‬ال ّشركات ّ‬
‫ّ‬ ‫لكنيا فرضت وجودىا في دائرة العالقات الدولية (حركات‬
‫الرسمي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الرأي العام‬
‫مكونات المجتمع المدني)‪ ،‬بل ىناك من يطالب اليوم بإدراج مفاىيم مثل ّ‬‫األفراد من خالل ّ‬
‫الدولي‪.‬‬
‫الدولي ضمن أشخاص القانون ّ‬
‫ّ‬

‫الدولي محصو ار في أشخاصو‪ ،‬بل شمل موضوعاتو و ذلك ما انعكس عمى ظيور‬ ‫تطور القانون ّ‬
‫لم يكن ّ‬
‫الدول فيمكن‬
‫أما مصدر إلزامية قواعده و إن بقي مرتك از عمى إرادة ّ‬
‫المتميزة و المستقمّة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫عدد من الفروع‬
‫المتجدد لمنظام‬
‫ّ‬ ‫تضيق من نطاق ىذه اإلرادة في سياق المفيوم‬
‫لمتطور المتزايد لفكرة القواعد اآلمرة أن ّ‬
‫ّ‬
‫الدولي‪.‬‬
‫الدولي الذي يتّجو نحو فكرة مركزية المجتمع ّ‬
‫ّ‬

‫الدولية تمعب دورىا كامال في صياغة قواعده و‬


‫الدولي‪ ،‬ال تزال المعاىدات ّ‬
‫عمى مستوى مصادر القانون ّ‬
‫الدولي إالّ من خالل‬
‫الكشف عنيا في الوقت ال ّذي لم يعد فيو حديث يذكر عن دور ممموس لمعرف ّ‬
‫التطور اليائل في‬
‫ّ‬ ‫خاصة في ظ ّل‬
‫ّ‬ ‫يتوسع و يزداد‪،‬‬
‫إن دور األخيرة مقابل ذلك ينتظر أن ّ‬
‫المعاىدات‪ ،‬بل ّ‬
‫عامة‪.‬‬
‫مجال المواصالت واالتصاالت و التكنولوجيا ّ‬
‫الدول‬
‫المتوحشة و انفتاح ّ‬
‫ّ‬ ‫العامة لمقانون أيضا بحكم العولمة‬
‫الدور تقريبا المنتظر أن تمعبو المبادئ ّ‬
‫ىو نفس ّ‬
‫عمى بعضيا‪ ،‬و سيولة الحصول نتيجة ذلك عمى مفاىيم قانونية مشتركة لمبادئ يمكن أن تثري رصيد‬
‫الدولي في ىذا الخصوص‪.‬‬
‫القانون ّ‬

‫ك ليذه المبادئ أن تظير‬


‫فإلغاء الحواجز الجغرافية و إذابة الفوارق السياسية و االجتماعية‪ ،‬تسمح دون ش ّ‬
‫بكثرة مطبوعة ببريق العولمة‪ ،‬و وحدة أنماط الحياة المعاصرة‪.‬‬

‫مدعوة أيضا لتمارس دو ار غير تقميدي لفرض العدالة المفقودة و إعادة التوازن‬
‫ّ‬ ‫مبادئ العدالة و اإلنصاف‬
‫التفرد بقيادة العالم وفق المنظور األمريكي عمى تعميق ما‬
‫لعالقات دولية غير متكافئة‪ ،‬حيث عممت سياسة ّ‬
‫الدولي‪.‬‬
‫نسميو طبقية المجتمع ّ‬
‫يمكن أن ّ‬
‫الدولي في استجالء غموض‬
‫االجتياد القضائي سيحافظ عمى مكانتو ىو اآلخر كوسيمة مساعدة لمقاضي ّ‬
‫الدولية)‬
‫الدولي (التجارة ّ‬
‫خاصة تمك المتّصمة بالمجاالت الجديدة لمقانون ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولية‪،‬‬
‫بعض القواعد ّ‬

‫تتعزز إلزامية‬
‫خاصة‪ ،‬عممت عمى إخراج قانون دولي جديد ّ‬
‫ّ‬ ‫المعطيات الجديدة السياسية و التكنولوجية‬
‫تتوسع مضامين و أدوار مصادره مواكبة لمجتمع دولي معولم‪.‬‬
‫قواعده تدريجيا‪ ،‬و ّ‬

‫‪142‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪ /1‬بالمغة العربية‪:‬‬

‫القرآن الكريم‪.‬‬

‫ّأوال‪ -‬الكتب‪:‬‬

‫‪ /1‬إبراىيم أحمد شمبي‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" الدار الجامعية‪ -‬بيروت ‪.1986‬‬

‫‪ /2‬إبراىيم بن داود‪ " :‬الوجيز في قانون العالقات الدولية " دار الكتاب الحديث‪ -‬الجزائر ‪.2011‬‬

‫___________‪ " :‬المعاىدات الدولية في القانون الدولي‪-‬دراسة تطبيقية " دار الكتاب الحديث‪ -‬الجزائر ‪.2010‬‬

‫‪ /3‬إبراىيم محمد العناني‪ " :‬القانون الدولي العام " دار الفكر العربي‪ -‬القاىرة ‪.1990‬‬

‫‪ /4‬أحمد أبو الوفاء‪ " :‬القانون الدولي و العالقات الدولية " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.2006‬‬

‫‪ /5‬أحمد إسكندري‪ ،‬محمد ناصر بوغزالة‪ " :‬محاضرات في القانون الدولي العام" ط ‪ ،1‬دار الفجر لمنشر و التوزيع‪ -‬الجزائر‬
‫‪.1998‬‬

‫‪ /6‬أحمد بمقاسم‪ " :‬القانون الدولي العام‪ -‬المفيوم و المصادر" ط‪ ،4‬دار ىومة‪ -‬الجزائر ‪.2011‬‬

‫‪ /7‬أحمد الرشيدي‪ " :‬الوظيفة اإلفتائية لمحكمة العدل الدولية و دورىا في تفسير و تطوير سمطات و اختصاصات األجيزة‬
‫السياسية لألمم المتحدة " الييئة المصرية لمكتاب‪ -‬القاىرة ‪.1993‬‬

‫‪ /8‬أحمد سرحال‪ " :‬قانون العالقات الدولية" المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع‪ -‬بيروت ‪.1990‬‬

‫‪ /9‬أيمن محمد الذيابات‪ " :‬تغير الظروف و أثره في المعاىدات الدولية في الفقو اإلسالمي‪ -‬دراسة مقارنة " ط ‪ ،1‬عالم الكتب‬
‫الحديث‪ ،‬إربد‪ -‬األردن ‪.2010‬‬

‫‪ /10‬برىان أمر اهلل‪ " :‬حق المجوء السياسي‪ -‬دراسة في نظرية الممجأ في القانون الدولي" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.2008‬‬

‫‪ /11‬بيار ماري دوبوي‪ " :‬القانون الدولي العام" ترجمة محمد عرب صاصيال‪ ،‬سميم حداد‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر‬
‫والتوزيع‪ -‬بيروت ‪.2008‬‬

‫‪ /12‬جمال عبد الناصر مانع‪ " :‬القانون الدولي العام‪ -‬المدخل و المصادر" دار العموم‪ -‬عنابة ‪.2005‬‬

‫‪ /13‬جمال محي الدين‪ " :‬القانون الدولي المعاصر‪ -‬المصادر القانونية " دار الجامعة الجديدة‪ -‬اإلسكندرية ‪.2009‬‬

‫‪ /14‬حامد سمطان‪ " :‬القانون الدولي العام في وقت السمم" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1962‬‬

‫الدولي في ال ّشريعة اإلسالمية " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1986‬‬


‫__________ ‪ " :‬أحكام القانون ّ‬

‫الدولي العام " ط‪ ،1‬دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1973‬‬


‫‪ /15‬حسني جابر‪ " :‬القانون ّ‬

‫‪143‬‬
‫‪ /16‬حمدي عبد الرحمن‪ " :‬فكرة العدالة " دار الفكر العربي‪ -‬القاىرة ‪.1979‬‬

‫‪ /17‬الخير قشي‪ " :‬أبحاث في القضاء الدولي" أبحاث في القضاء الدولي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1997‬‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪.2000‬‬


‫‪ /18‬رشاد عارف السيد‪ " :‬مبادئ في القانون الدولي العام" ط‪ ،1‬مديرية المكتبات و الوثائق الوطنية‪ّ ،‬‬

‫عمان‪ -‬األردن‬
‫‪ /19‬رضا ىميسي‪ " :‬سمطة المنظمة الدولية في إبرام المعاىدات الدولية " ط ‪ ،1‬دار الحامد لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬
‫‪.2013‬‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪.2007‬‬


‫‪ /20‬سييل حسين الفتالوي‪ " :‬التنظيم الدولي" ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪.2009‬‬


‫________________‪ " :‬الموجز في القانون الدولي العام" ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬

‫‪ ،1‬دار دجمة‪،‬‬ ‫‪ /21‬صباح لطيف الكربولي‪ " :‬المعاىدات الدولية و إلزامية تطبيقيا في الفقو اإلسالمي و القانون الدولي" ط‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪.2011‬‬
‫ّ‬

‫مقدمة لدراسة القانون الدولي العام" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1984‬‬
‫‪ /22‬صالح الدين عامر‪ّ " :‬‬

‫______________ ‪ " :‬مقدمة لدراسة القانون الدولي العام" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.2002‬‬

‫‪ /23‬طالب رشيد يادكار‪ " :‬أسس القانون الدولي العام" ط‪ ،1‬منشورات زين الحقوقية و األدبية‪ -‬بيروت ‪.2015‬‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪.2009‬‬


‫‪ /24‬عادل أحمد الطائي‪ " :‬القانون الدولي العام" ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬

‫‪ /25‬عبد الحسين القطيفي‪ " :‬القانون الدولي العام" بغداد ‪.1970‬‬

‫‪ /26‬عبد العزيز محمد سرحان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1975‬‬

‫__________________ ‪ " :‬دور محكمة العدل الدولية في تطوير قواعد القانون الدولي و تسوية المنازعات الدولية " دار‬
‫النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1986‬‬

‫__________________ ‪ " :‬القانون الدولي العام " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1991‬‬

‫‪ /27‬عبد الكريم بوزيد المسماري‪ " :‬دور القضاء الوطني في تطبيق و تفسير المعاىدات الدولية " دار الفكر الجامعي‪-‬‬
‫اإلسكندرية ‪.2009‬‬

‫العامة " ط ‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‬


‫األول‪ :‬المبادئ ّ‬
‫‪ /28‬عبد الكريم عموان‪ " :‬الوسيط في القانون الدولي العام‪ -‬الكتاب ّ‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪.1997‬‬ ‫ّ‬

‫______________‪ " :‬الوسيط في القانون الدولي العام‪ -‬الكتاب الثاني‪ :‬القانون الدولي المعاصر" دار الثقافة لمنشر و‬
‫عمان‪ -‬األردن ‪.2007‬‬
‫التوزيع ّ‬

‫‪ /29‬عبد الكريم عوض خميفة‪ " :‬القانون الدولي االقتصادي" دار الجامعة الجديدة‪ -‬اإلسكندرية ‪.2012‬‬

‫‪ /30‬عبد الواحد محمد الفار‪ " :‬قواعد تفسير المعاىدات الدولية " دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1980‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ /31‬عمي إبراىيم‪ " :‬الوسيط في المعاىدات الدولية‪ -‬اإلبرام" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1995‬‬

‫‪ ، 1‬مجد المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع‪ -‬بيروت‬ ‫‪ /32‬عمي زراقط‪ " :‬الوسيط في القانون الدولي العام" ط‬
‫‪.2011‬‬

‫‪ /33‬عمي صادق أبو ىيف‪ " :‬القانون الدولي العام" منشأة المعارف‪ -‬اإلسكندرية ‪.1975‬‬

‫‪ /34‬عمر سعد اهلل‪ " :‬القانون الدولي لمتنمية‪ -‬النظرية و التطبيق " ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر ‪.1990‬‬

‫___________ ‪ " :‬دراسات في القانون الدولي المعاصر" ط‪ ،3‬دار ىومة‪ -‬الجزائر ‪.2010‬‬

‫___________ ‪ " :‬معجم في القانون الدولي المعاصر" ط‪ ،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر ‪.2010‬‬

‫عمان‪ -‬األردن‬
‫‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬ ‫‪ /35‬غازي حسن صباريني‪ " :‬الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام" ط‬
‫‪.2007‬‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪.2009‬‬


‫‪ /36‬مأمون المنان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" روائع مجدالوي‪ّ ،‬‬

‫‪ /37‬محمد بوسمطان‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" ج‪ ،1‬ط‪ ،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر ‪.2007‬‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪.2008‬‬


‫حمود‪ " :‬القانون الدولي لمبحار" ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬
‫‪ /38‬محمد الحاج ّ‬

‫‪ /39‬محمد حافظ غانم‪ " :‬مبادئ القانون الدولي العام" دار النيضة العربية‪ -‬القاىرة ‪.1972‬‬

‫‪ /40‬محمد سامي عبد الحميد‪ " :‬أصول القانون الدولي العام‪ -‬القاعدة الدولية "ج ‪ ،2‬ط ‪ ،4‬مؤسسة الثقافة الجامعية‪ -‬القاىرة‬
‫‪.1979‬‬

‫الدار الجامعية‪ -‬بيروت ‪.1983‬‬


‫الدقاق‪ " :‬القانون الدولي العام‪ -‬المصادر‪ ،‬األشخاص" ط‪ّ ،2‬‬
‫السعيد ّ‬
‫‪ /41‬محمد ّ‬

‫‪ /42‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مصطفى سالمة حسين‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" دار المطبوعات الجامعية‪ -‬اإلسكندرية ‪.1997‬‬

‫‪ /43‬محمد طمعت الغنيمي‪ " :‬األحكام العامة في قانون األمم" منشأة المعارف‪ -‬اإلسكندرية ‪.1970‬‬

‫‪ /44‬محمد المجذوب‪ " :‬القانون الدولي العام" ط‪ ،6‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ -‬بيروت ‪.2007‬‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪.2007‬‬


‫‪ /45‬محمد يوسف عموان‪ " :‬القانون الدولي العام‪ -‬المقدمة و المصادر" ط‪ ،3‬دار وائل لمنشر‪ّ ،‬‬

‫‪ /46‬مصطفى أحمد أبو الخير‪ " :‬المبادئ العامة في القانون الدولي المعاصر" ط‪ ،1‬إيتراك لمنشر و التوزيع‪ -‬القاىرة ‪.2006‬‬

‫حمودة‪ " :‬القانون الدولي المعاصر" ط‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ -‬اإلسكندرية ‪.2008‬‬
‫‪ /47‬منتصر سعيد ّ‬

‫_______________‪ " :‬الحدود الدولية " ط‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ -‬اإلسكندرية ‪.2015‬‬

‫‪ /48‬مولود ديدان‪ " :‬مباحث في القانون الدستوري" دار بمقيس لمنشر‪ -‬الجزائر ‪.2007‬‬

‫عمان‪ -‬األردن ‪.2012‬‬


‫‪ / 49‬والء فايز اليندي‪ " :‬اإلعالم و القانون الدولي " ط‪ ،1‬دار أسامة لمنشر و التوزيع‪ّ ،‬‬

‫‪145‬‬
‫ثانيا‪ -‬المقاالت و المداخالت‪:‬‬

‫‪،55‬‬ ‫‪ /1‬أحمد الرشيدي‪ " :‬بعض االتجاىات الحديثة في دراسة القانون الدولي العام" المجمة المصرية لمقانون الدولي‪ -‬المجمد‬
‫القاىرة ‪.1999‬‬

‫‪ /2‬جعفر عبد السالم‪ " :‬وظيفة لجنة القانون الدولي في تقنين القواعد القانونية الدولية و تطويرىا " المجمة المصرية لمقانون‬
‫الدولي‪ -‬المجمد ‪ ،27‬القاىرة ‪.1971‬‬

‫‪ /3‬فؤاد خوالدية‪ " :‬المجمس الدستوري ‪ -2016‬قراءة قانونية و سياسية في الحال و المآل" مداخمة ضمن الممتقى الوطني حول‬
‫المجمس الدستوري في ظل تعديل ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬المنعقد بكمية الحقوق‪ -‬جامعة بجاية يوم ‪.2017/04/27‬‬

‫‪ /4‬محمد بوسمطان‪ :‬الرقابة عمى دستورية المعاىدات في الجزائر" مجمة المجمس الدستوري‪ -‬العدد ‪ ،01‬الجزائر ‪.2013‬‬

‫‪ /5‬مفيد شياب‪ " :‬المبادئ العامة لمقانون بوصفيا مصد ار لمقانون الدولي " المجمة المصرية لمقانون الدولي‪ -‬المجمد ‪ ،23‬القاىرة‬
‫‪.1967‬‬

‫ثالثا‪ -‬الوثائق القانونية‪:‬‬

‫‪ ‬القانون الدولي‪:‬‬
‫أ ‪-‬النصوص االتفاقية‪:‬‬

‫‪ 26‬يونيو ‪ ،1945‬إدارة شؤون اإلعالم‪ -‬األمم المتحدة‪ ،‬نيويورك‬ ‫‪ /1‬ميثاق األمم المتحدة الصادر بسان فرانسيسكو بتاريخ‬
‫‪.1993‬‬

‫الدولية‪ ،‬إدارة شؤون اإلعالم‪ -‬األمم المتحدة‪ ،‬نيويورك ‪.1993‬‬


‫‪ /2‬النظام األساسي لمحكمة العدل ّ‬

‫‪ /2‬العيد الدولي لمحقوق المدنية و السياسية الصادر بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ 2200‬ألف (د‪ )21 -‬بتاريخ‬
‫‪ 16‬ديسمبر ‪.1966‬‬

‫‪ 2200‬ألف‬ ‫الدولي لمحقوق االقتصادية‪ ،‬االجتماعية و الثقافية الصادر بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫‪ /3‬العيد ّ‬
‫(د‪ )21-‬بتاريخ ‪ 16‬ديسمبر ‪.1966‬‬

‫ب ‪-‬النصوص غير االتفاقية‪:‬‬

‫‪( 1514‬د‪)15 -‬‬ ‫‪ /1‬إعالن منح االستقالل لمبمدان و الشعوب المستعمرة الصادر بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫األول‪ ،‬األمم المتحدة‪ ،‬نيويورك ‪.1993‬‬
‫بتاريخ ‪ 14‬ديسمبر ‪ ،1960‬حقوق اإلنسان‪ ،‬مجموعة صكوك دولية‪ -‬المجمد ّ‬

‫‪ /2‬إعالن حقوق الدول و واجباتيا االقتصادية الصادر بموجب قرار الجمعية لألمم المتحدة ‪ 3281‬بتاريخ ‪ 12‬ديسمبر‪.1974‬‬

‫‪ ‬القانون الوطني‪:‬‬
‫أ ‪ -‬النصوص الدستورية‪:‬‬

‫‪ /1‬دستور ‪ 1963‬الصادر في ‪ 10‬سبتمبر ‪ ،1963‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 64‬الصادرة في ذات التاريخ‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫‪ /2‬دستور ‪ 1976‬الصادر باألمر ‪ 97-76‬المؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،1976‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 94‬الصادرة في ‪24‬‬
‫نوفمبر‪.1976‬‬

‫‪ /3‬دستور ‪ 1989‬الصادر بالمرسوم الرئاسي ‪ 18-98‬المؤرخ في ‪ 28‬فيفري ‪ ،1989‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 09‬الصادرة في‬
‫‪ 01‬مارس ‪.1989‬‬

‫‪ /4‬دستور ‪ 1996‬الصادر بالمرسوم الرئاسي ‪ 438-96‬المؤرخ في ‪ 07‬ديسمبر ‪ ،1996‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 76‬الصادرة في‬
‫‪ 08‬ديسمبر ‪.1996‬‬

‫‪ /5‬التعديل الدستوري ‪ 2016‬الصادر بالقانون ‪ 01-16‬المؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ ،2016‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 14‬الصادرة في‬
‫‪ 07‬مارس ‪.2016‬‬

‫ب ‪-‬النصوص التشريعية‪:‬‬

‫المتمم لألمر ‪ 86-70‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1970‬المتضمن‬


‫المعدل و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ /1‬األمر ‪ 01-05‬المؤرخ في ‪ 27‬فيفري ‪2005‬‬
‫قانون الجنسية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 15‬الصادرة في ‪ 27‬فيفري ‪.2005‬‬

‫يتضمن االنضمام مع التحفظ التفاقية فينا لقانون المعاىدات‬


‫ّ‬ ‫‪ /2‬المرسوم الرئاسي ‪ 222-87‬المؤرخ في ‪ 13‬أكتوبر ‪1987‬‬
‫المبرمة يوم ‪ 23‬مايو ‪ ،1969‬الجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر‪.1987‬‬

‫‪ /3‬المرسوم الرئاسي ‪ 359-90‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 1990‬يتضمن صالحيات و ازرة الشؤون الخارجية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم‬
‫‪.50‬‬

‫‪ /2‬بالمغة األجنبية‪:‬‬

‫أوال‪ -‬بالمغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪A-Ouvrages :‬‬

‫» ‪1-AGO (Robert) : « La codification du droit international et les problèmes de sa réalisation‬‬


‫‪Recueil d’études en droit international en hommage a Paul Guggenheim, Genève, 1968.‬‬

‫» ‪2- ASCENSIO (Hervé), DECAU (Emmanuel) et PELLET (Alain) : « Droit international pénal‬‬
‫‪éd. A. Pédone, Paris 2000.‬‬

‫‪3-BASTID (S) : « Les traités dans la vie international » Economica, Paris 1985.‬‬

‫‪4-BELANGER (Michel) : « Droit international humanitaire général » 2ém éd, Gualino éditeur,‬‬
‫‪Paris 2007.‬‬

‫‪5-BINDSCHELDER (Robert) : « De la rétroactivité en droit international public » Mélanges‬‬


‫‪Guggenheim, Genève 1968.‬‬

‫‪147‬‬
6-CARRAU (D), JUILLAND (P) et FLORY (T) : « Droit international économique » L.G.D.J,
Paris 1991.

7-CARRAU (Dominique) : « Droit international public » Pédone, Paris 2004.

8-DUGUIT (Léon) : « Traité de droit constitutionnel » Tome 02, Paris 1921.

9-GUGGENHEIM (Paul) : « Traité du droit international public » Volume 01, Paris 1953.

10-LECA (J) : « Les techniques de la révision des conventions internationales » L.G.D.J,


Paris 1961.

11-NEUYEM QUOC (Dinai), DAILLIER (Patric) et PELLET (Alain) : «Droit international public »
L.G.D.J, Paris 1987.

12-REUTER (Paul) : « Droit international public » P.U.F, Paris 1972.

________________ : « Institutions internationales » Paris 1972.

________________ : « Introduction au droit des traités » P.U.F, Paris 1985.

13-ROUSSEAU (Charles) : « Les principes généraux au droit international public » Pédone,


Paris 1944.

_____________________ : « Droit international public » Paris 1953.

14-SCELLE (Georges) : « Théorie Juridique de la révision des traités » Paris 1936.

_____________________ : « Droit international public » Paris 1948.

_____________________ : « Manuel élémentaire du droit des gens » Paris 1948.

15-TUNKIN (Georges. I) : « Droit international public » Paris 1965.

____________________ : « Droit international contemporain » éd du Progrès, Moscou 1972.

16-ZOLLER (E) : « La bonne foi en droit international public » Pédone, Paris 1971.

B-ARTICLES :

1-CHAUMONT (Ch) : « Cours général de droit international public » R.C.A.D.I, 1971.

2-DE VISSCHER (Charles) : « Coutume et traités en droit international public » R.G.D.I.P,


1955.

3-DUBOUI (L) : « L’erreur en droit international public » A.F.D.I, 1993.

148
4-CHEMILLIER-GENDRAU (Monique) : « La signification des principes équitables dans le
droit international contemporain » R.B.D.I, 1981-1982.

5-GOMEZ ROBLEDO (A) : « Le jus cogens international, sa genre, sa nature, et ses


fonctions » R.C.A.D.I, 1981.

6-LAUTERPACHT (H) : « Les travaux préparatoires et l’interprétation des traités » R.C.A.D.I,


1934.

7-REUTER (Paul) : « Quelques réflexions sur l’équité en droit international public » R.B.D.I,
1980.

8-ROUSSEAU (Charles) : « De la compatibilité des normes juridiques contradictoire dans


l’ordre international » R.G.D.I.P, 1932.

9-SMYRNIADIS (B) : « Positivisme et morale internationale en droit des gens » R.G.D.I.P,


1955.

10-VAN ROGER (E) : « Les sens de la clause rebus sic stantibus dans le droit des gens
actuel » R.G.D.I.P, 1966.

11-VIENNE (D) : « La clause de la nation la plus favorisée et sa pratique


contemporaine »R.C.A.D.I, 1970.

12-VITANY (Bella) : « Les positions doctrinales concernant le sens de la notion de principes


généraux reconnus par les nations civilisée » R.G.D.I.P, Janvier-Mars 1982.

_____________ : « Les principes généraux du droit » R.G.D.I.P, Avril-Juin 1982.

:‫ بالمغة اإلنجميزية‬-‫ثانيا‬

A-Books :

1-BROWNLIE (Lan) : « Principles of public international law » Fourth edition, Clarendon Press,
Oxford 1990.

2-CHANG (B): “ Generals principles of law as applied by internationals courts and tribunals”
Steven, London 1953.

3-EVEANS (Editor): “ International law “ Oxford University Press, 1970.

4-HANS (Kelsen): “ Principles of international law “ Second ed, Holt Rinehard and Winston,
New York, 1966.

149
5-HARRIS (D.J): “ Cases and materials in international law “ Second edition, Sweet and
Maxwell, London 1979.

B-Articles:

1-DUPY (Pierre-Marie): “ D.Anzilotti and the law of international responsibility of states” J.D.I,
1992.

2-EHLERMAN (C.A): “ Réflexions on The appellate body of the WTO” J.I.E.L, 2003.

150
‫الفهرس‪:‬‬

‫مقدمة‪01....................................................................................................................‬‬
‫ّ‬

‫األول‪ :‬اإلطار المفاىيمي لمقانون الدولي العام‪02.......................................................................‬‬


‫الفصل ّ‬

‫األول‪ :‬ماىية القانون الدولي العام‪02..................................................................................‬‬


‫المبحث ّ‬

‫األول‪ :‬مفيوم القانون الدولي العام‪02..................................................................................‬‬


‫المطلب ّ‬

‫األول‪ :‬تطور استعمال مصطمح القانون الدولي العام‪02..................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫ّأوال‪ -‬تسمية القانون الدولي العام قبل عصر التنظيم الدولي ‪02..........................................................1945‬‬

‫ثانيا‪ -‬تسمية القانون الدولي العام خالل عصر التنظيم الدولي ‪03.......................................................1945‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف القانون الدولي العام‪03...................................................................................‬‬

‫ّأوال‪ -‬المذىب التقميدي‪03....................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬المذىب الموضوعي‪04................................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬المذىب الحديث‪04....................................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مجال القانون الدولي العام‪05.................................................................................‬‬

‫األول‪ :‬تمييز قواعد القانون الدولي العام عن بقية القواعد المشابية‪05.....................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫ّأوال‪ -‬قواعد المجامالت الدولية‪05.............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬قواعد األخالق الدولية‪06..............................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬فروع القانون الدولي العام‪06....................................................................................‬‬

‫ّأوال‪ -‬الفروع التقميدية‪06......................................................................................................‬‬

‫‪ /1‬قانون التنظيم الدولي‪06...................................................................................................‬‬

‫الجوي‪07..................................................................................................‬‬
‫‪ /2‬القانون الدولي ّ‬

‫‪ /3‬القانون الدولي البحري‪07.................................................................................................‬‬

‫‪ /4‬القانون الدولي االقتصادي‪07.............................................................................................‬‬

‫‪ /5‬قانون القضاء الدولي‪08..................................................................................................‬‬

‫‪ /6‬القانون الدولي الجنائي‪08.................................................................................................‬‬

‫‪151‬‬
‫ثانيا‪ -‬الفروع الحديثة‪08......................................................................................................‬‬

‫‪ /1‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪08..........................................................................................‬‬

‫‪ /2‬القانون الدولي اإلنساني‪09................................................................................................‬‬

‫‪ /3‬القانون الدولي لمتنمية‪09..................................................................................................‬‬

‫‪ /4‬القانون الدولي لمبيئة‪09...................................................................................................‬‬

‫‪ /5‬القانون الدولي لالجئين‪10................................................................................................‬‬

‫‪ /6‬القانون الدولي لمحدود‪10..................................................................................................‬‬

‫‪ /7‬القانون الدولي لمبحار‪10..................................................................................................‬‬

‫‪ /8‬القانون الدولي اإلداري‪10.................................................................................................‬‬

‫‪ /9‬القانون الدولي لمفضاء الخارجي‪11........................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬طبيعة القانون الدولي العام‪11.................................................................................‬‬

‫األول‪ :‬الصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام‪11..................................................................‬‬


‫المطلب ّ‬

‫األول‪ :‬االتجاه المنكر لمصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام‪11.....................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫ّأوال‪ -‬انعدام السمطة التشريعية‪11.............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬انعدام الجزاء االجتماعي المنظم‪12.....................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬انعدام السمطة القضائية‪12.............................................................................................‬‬

‫المؤيد لمصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام‪12......................................................‬‬


‫الفرع الثاني‪ :‬االتجاه ّ‬

‫مشرعة لو‪12...............................................................‬‬
‫ّأوال‪ -‬وجود القانون الدولي مستقل عن وجود سمطة ّ‬

‫ثانيا‪ -‬وجود القانون الدولي غير مرتبط بوجود الجزاء‪13.......................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬القانون الدولي مستقل عن القضاء و مصادف لو‪13.....................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أساس القانون الدولي العام‪14.................................................................................‬‬

‫األول‪ :‬المذىب اإلرادي‪14..............................................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫ّأوال‪ -‬نظرية اإلرادة المنفردة لمدولة (نظرية التحديد الذاتي)‪15..................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬نظرية اإلرادة المشتركة أو الجماعية لمدول‪15...........................................................................‬‬

‫‪152‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المذىب الموضوعي‪15..........................................................................................‬‬

‫ّأوال‪ -‬نظرية تدرج القواعد القانونية (المدرسة النمساوية‪ -‬كمسن)‪15..............................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬نظرية التضامن االجتماعي (المدرسة الفرنسية‪ -‬ديجي)‪16..............................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نظريات أخرى في تفسير أساس إلزامية قواعد القانون الدولي العام‪16..............................................‬‬

‫ّأوال‪ -‬نظرية القانون الطبيعي‪16...............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬النظرية االشتراكية (الماركسية)‪17......................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬نظرية التوازن السياسي‪17..............................................................................................‬‬

‫رابعا‪ -‬نظرية المصمحة‪17....................................................................................................‬‬

‫خامسا‪ -‬نظرية الحقوق األساسية‪17..........................................................................................‬‬

‫سادسا‪ -‬نظرية القوة‪17.......................................................................................................‬‬

‫سابعا‪ -‬النظرية اإلسالمية‪18.................................................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين القانون الدولي العام و القانون الداخمي‪18..........................................................‬‬

‫األول‪ :‬مذىب ثنائية القانون (االنفصال و االستقاللية)‪18.................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫ّأوال‪ -‬االختالف من حيث المصادر‪18........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬االختالف من حيث الموضوع‪18.......................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬االختالف من حيث الطبيعة القانونية‪18................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مذىب وحدة القانون (االندماج و التداخل)‪19....................................................................‬‬

‫ّأوال‪ -‬وحدة القانونين مع سيادة القانون الدولي‪20...............................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬وحدة القانونين مع سيادة القانون الداخمي‪20.............................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬المصادر الرسمية لمقانون الدولي العام‪22.......................................................................‬‬

‫الدولية‪23..........................................................................................‬‬
‫األول‪ :‬المعاىدات ّ‬
‫المبحث ّ‬

‫الدولية‪23.............................................................................‬‬
‫األول‪ :‬اإلطار النظري لممعاىدة ّ‬
‫المطلب ّ‬

‫األول‪ :‬ماىية المعاىدة الدولية‪23........................................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫ّأوال‪ -‬تعريف المعاىدة الدولية‪23..............................................................................................‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ /1‬تعريف المعاىدة الدولية فقيا‪24............................................................................................‬‬

‫‪ /2‬تعريف المعاىدة الدولية قانونا‪24..........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬تسمية المعاىدة الدولية‪24..............................................................................................‬‬

‫‪ /1‬المعاىدة‪24..............................................................................................................‬‬

‫‪ /2‬االتفاقية و االتفاق‪25.....................................................................................................‬‬

‫‪ /3‬البروتوكول ‪25...........................................................................................................‬‬

‫‪ /4‬الميثاق أو العيد‪25.......................................................................................................‬‬

‫‪ /5‬النظام‪25.................................................................................................................‬‬

‫‪ /6‬التصريح (اإلعالن)‪26....................................................................................................‬‬

‫‪ /7‬تبادل المذكرات أو الخطابات‪26...........................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬خصائص المعاىدة الدولية‪26..........................................................................................‬‬

‫‪ /1‬المعاىدة الدولية اتفاق يبرم بين أشخاص القانون الدولي‪26.................................................................‬‬

‫‪ /2‬إفراغ المعاىدة الدولية في وثيقة مكتوبة‪26.................................................................................‬‬

‫‪ /3‬خضوع المعاىدة ألحكام القانون الدولي‪27.................................................................................‬‬

‫‪ /4‬ترتيب المعاىدة آلثار قانونية‪27...........................................................................................‬‬

‫رابعا‪ -‬أنواع المعاىدات الدولية‪27............................................................................................:‬‬

‫‪ /1‬المعاىدات الثنائية و المعاىدات الجماعية‪28...............................................................................‬‬

‫‪ /2‬المعاىدات العقدية و المعاىدات الشارعة‪28................................................................................‬‬

‫‪ /3‬المعاىدات بالمعنى الدقيق و االتفاقات التنفيذية أو ذات الشكل المبسط‪29...................................................‬‬

‫‪ /4‬المعاىدات العامة و المعاىدات الخاصة‪29................................................................................‬‬

‫‪ /5‬المعاىدات بالمعنى الدقيق و اتفاقات الشرفاء‪29............................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط الشكمية إلبرام المعادة الدولية (مراحل اإلبرام)‪30..........................................................‬‬

‫ّأوال‪ -‬المفاوضات‪30..........................................................................................................‬‬

‫‪ /1‬طرق أو أشكال المفاوضات‪30............................................................................................‬‬

‫‪154‬‬
‫‪ /2‬األشخاص المؤىمون لمتفاوض‪31..........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬تحرير أو صياغة المعاىدة‪32..........................................................................................‬‬

‫‪ /1‬شكل المعاىدة‪32.........................................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬الديباجة‪32................................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬المتن‪32.................................................................................................................‬‬

‫ج‪ /‬األحكام الختامية‪33.......................................................................................................‬‬

‫د‪ /‬المالحق‪33...............................................................................................................‬‬

‫‪ /2‬لغة تحرير المعاىدة‪33....................................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬التوقيع عمى المعاىدة‪34...............................................................................................‬‬

‫‪ /1‬أشكال التوقيع‪34.........................................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬التوقيع النيائي‪34..........................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬التوقيع باألحرف األولى‪34...............................................................................................‬‬

‫ج‪ /‬التوقيع المرىون باالستشارة‪34.............................................................................................‬‬

‫‪ /2‬القيمة القانونية لمتوقيع‪35..................................................................................................‬‬

‫رابعا‪ -‬التحفظ عمى المعاىدات الدولية‪35......................................................................................‬‬

‫‪ /1‬تعريف التحفظ و مدى مشروعيتو‪36.......................................................................................‬‬

‫‪ /2‬قبول التحفظ و االعتراض عميو‪37.........................................................................................‬‬

‫‪ /3‬آثار التحفظ‪37...........................................................................................................‬‬

‫‪ /4‬سحب التحفظ و سحب االعتراض عميو‪38................................................................................‬‬

‫‪ /5‬إجراءات التحفظ و قبولو و سحبو و االعتراض عميو و سحب االعتراض عميو‪38...........................................‬‬

‫خامسا‪ -‬التصديق أو المصادقة عمى المعاىدة الدولية‪39.......................................................................‬‬

‫‪ /1‬الطبيعة القانونية لمتصديق و السمطة المختصة بإجرائو‪39..................................................................‬‬

‫أ‪ /‬الطبيعة القانونية لمتصديق‪39...............................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬السمطة المختصة بإجراء التصديق في الدولة‪40...........................................................................‬‬

‫‪155‬‬
‫‪ /2‬شكل التصديق و إشكالية التصديق الناقص‪42.............................................................................‬‬

‫أ‪ /‬شكل التصديق‪42..........................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬إشكالية التصديق الناقص‪43..............................................................................................‬‬

‫‪ /3‬مدى حرية الدولة في التصديق‪44.........................................................................................‬‬

‫‪ /4‬األثر القانوني لمتصديق و عدم رجعيتو‪45..................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬األثر القانوني لمتصديق‪45.................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬عدم رجعية التصديق‪46..................................................................................................‬‬

‫سادسا‪ -‬تسجيل المعاىدات الدولية و نشرىا‪46................................................................................‬‬

‫‪ /1‬تعريف التسجيل و النشر و الحكمة منيما‪47..............................................................................‬‬

‫‪ /2‬تسجيل و نشر المعاىدة عمى المستوى الدولي‪47...........................................................................‬‬

‫‪ /3‬نشر المعاىدة عمى المستوى الداخمي‪48...................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الشروط الموضوعية إلبرام المعاىدة الدولية (شروط صحة المعاىدة)‪48...........................................‬‬

‫ّأوال‪ -‬أىمية إبرام المعاىدات الدولية‪48.........................................................................................‬‬

‫‪ /1‬الدول ناقصة السيادة‪48...................................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬الدول التابعة‪48...........................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬الدول أو الدويالت األعضاء في اتحاد فيديرالي‪49.........................................................................‬‬

‫‪ /2‬المنظمات الدولية‪49......................................................................................................‬‬

‫‪ /3‬الكيانات األخرى التي ليس ليا وصف الدولة‪49............................................................................‬‬

‫أ‪ /‬الفاتيكان‪49................................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬حركات التحرر‪49........................................................................................................‬‬

‫ج‪ /‬الحكومات الفعمية و حكومات المنفى‪50...................................................................................‬‬

‫د‪ /‬القبائل‪50.................................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬الرضا‪50..............................................................................................................‬‬

‫‪ /1‬الغمط (الخطأ)‪50.........................................................................................................‬‬

‫‪156‬‬
‫‪ /2‬التدليس أو الغش‪51......................................................................................................‬‬

‫الدولة‪51.................................................................................................‬‬
‫ذمة ممثّل ّ‬
‫‪ /3‬إفساد ّ‬

‫‪ /4‬اإلكراه‪52.................................................................................................................‬‬

‫الدولة‪52..........................................................................................‬‬
‫أ‪ /‬اإلكراه الواقع عمى ممثّل ّ‬

‫ب‪ /‬اإلكراه الواقع عمى الدولة ذاتيا‪52.........................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬مشروعية محل المعاىدة‪53.............................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلطار اإلجرائي لممعاىدة الدولية‪53...........................................................................‬‬

‫األول‪ :‬تطبيق المعاىدة الدولية‪54.......................................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫ّأوال‪ -‬تطبيق المعاىدة الدولية من حيث الزمان‪54..............................................................................‬‬

‫‪ /1‬عدم رجعية المعاىدة الدولية‪54............................................................................................‬‬

‫‪ /2‬التطبيق المؤقت لممعاىدة الدولية‪55........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬تطبيق المعاىدة الدولية من حيث المكان‪55.............................................................................‬‬

‫‪ /1‬القاعدة في تطبيق المعاىدة من حيث المكان‪56............................................................................‬‬

‫‪ /2‬االستثناء من تطبيق المعاىدة عمى كافة إقميم كل طرف من أطرافيا‪57......................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬تطبيق المعاىدة الدولية من حيث األشخاص‪57.........................................................................‬‬

‫‪ /1‬أثر المعاىدة بالنسبة ألطرافيا (نسبية أثر المعاىدة)‪58......................................................................‬‬

‫‪ /2‬أثر المعاىدة بالنسبة لمغير‪58.............................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬انطباق المعاىدة الدولية عمى الغير برضاه‪60...............................................................................‬‬

‫‪ -‬المعاىدات المرتبة اللتزامات عمى عاتق الغير‪60.....................................................................‬‬


‫‪ -‬المعاىدات المنشئة لحقوق لصالح الغير‪61...........................................................................‬‬

‫ب‪ /‬انطباق المعاىدة الدولية عمى الغير دون رضاه‪64.........................................................................‬‬

‫‪ -‬المعاىدات التي تنشئ أوضاعا دولية دائمة‪64........................................................................‬‬


‫‪ -‬المعاىدات التي تتضمن تقنينا لقواعد دولية عامة‪66..................................................................‬‬

‫رابعا‪ -‬تعاقب المعاىدات الدولية التي تنظم موضوعا واحدا‪66..................................................................‬‬

‫‪ /1‬المعاىدات الثنائية‪67.....................................................................................................‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ /2‬المعاىدات متعددة األطراف‪67............................................................................................‬‬

‫خامسا‪ -‬تطبيق المعاىدة الدولية أمام القاضي الوطني‪69......................................................................‬‬

‫‪ /1‬رقابة القاضي لمدى توافر شروط تطبيق المعاىدة الدولية عمى المستوى الداخمي‪70..........................................‬‬

‫أ‪ /‬الرقابة الشكمية‪70..........................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬الرقابة الموضوعية‪70....................................................................................................‬‬

‫‪ /2‬مبدأ سمو المعاىدة الدولية‪71..............................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬التعارض بين التشريع السابق و المعاىدة الالحقة‪71.........................................................................‬‬

‫ب‪ /‬التعارض بين المعاىدة السابقة و التشريع الالحق‪71.......................................................................‬‬

‫‪ /3‬موقف المشرع الجزائري من مسألة سمو المعاىدة الدولية‪72.................................................................‬‬

‫أ‪ /‬الدساتير االشتراكية‪72.....................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬الدساتير الميبيرالية‪72....................................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تفسير المعاىدة الدولية‪72.......................................................................................‬‬

‫أوال‪ -‬الجية المختصة بالتفسير‪73.............................................................................................‬‬

‫‪ /1‬التفسير الدولي‪73.........................................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬التفسير الديبموماسي‪73.....................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬التفسير القضائي‪74......................................................................................................‬‬

‫الدولي‪74...................................................................................................‬‬
‫‪ -‬التحكيم ّ‬
‫الدولي‪74...................................................................................................‬‬
‫‪ -‬القضاء ّ‬

‫‪ /2‬التفسير الداخمي‪75.......................................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬التفسير الحكومي المنفرد‪75................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬التفسير القضائي‪76......................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬طرق التفسير‪77.......................................................................................................‬‬

‫‪ /1‬التفسير النصي‪77........................................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬تفسير النص طبقا لمعناه العادي و الطبيعي‪77.............................................................................‬‬

‫ب‪ /‬تفسير النص وفقا لسياق المعاىدة‪77......................................................................................‬‬

‫‪158‬‬
‫ج‪ /‬مبدأ األثر النافع أو إعمال النص خير من إىمالو‪78.......................................................................‬‬

‫‪ /2‬التفسير الضمني‪78.......................................................................................................‬‬

‫أ‪ /‬السموك الالحق‪79.........................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬األعمال التحضيرية‪79...................................................................................................‬‬

‫ج‪ /‬مبدأ حسن النية‪80........................................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مراجعة‪ ،‬تعديل‪ ،‬إنياء و تعميق المعاىدة الدولية‪80...............................................................‬‬

‫ّأوال‪ -‬مراجعة و تعديل المعاىدة الدولية‪81.....................................................................................‬‬

‫‪ /1‬واقع تعديل المعاىدة الدولية‪81............................................................................................‬‬

‫‪ /2‬القواعد التي تحكم مراجعة أو تعديل المعاىدة الدولية عموما‪82.............................................................‬‬

‫‪ /3‬مراجعة أو تعديل المعاىدات الجماعية أو متعددة األطراف‪83...............................................................‬‬

‫أ‪ /‬اتفاق جميع أطراف المعاىدة متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل و عمى مقترحاتو‪83..........................................‬‬

‫ب‪ /‬اتفاق جميع أطراف المعاىدة متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل دون مقترحاتو‪83...........................................‬‬

‫ج‪ -‬عدم اتفاق جميع أطراف المعاىدة متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل أصال‪84..............................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬إنياء و تعميق المعاىدة الدولية‪86......................................................................................‬‬

‫‪ /1‬األسباب االتفاقية إلنياء و تعميق المعاىدة الدولية‪86.......................................................................‬‬

‫أ‪ /‬إنياء و تعميق المعاىدة الدولية بمقتضى أحكاميا أو بموافقة جميع أطرافيا‪87.................................................‬‬

‫الصريحة‪87................................................................................................‬‬
‫‪ -‬الموافقة ّ‬
‫‪ -‬الموافقة الضمنية‪88.................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬االتفاق الالحق عمى تعميق المعاىدة باتفاق بعض أطرافيا فقط‪88..........................................................‬‬

‫‪ /2‬األسباب غير االتفاقية إلنياء أو تعميق المعاىدة الدولية‪89..................................................................‬‬

‫أ‪ /‬اإلخالل الجوىري بأحكام المعاىدة‪89.......................................................................................‬‬

‫‪ -‬القاعدة‪90..........................................................................................................‬‬
‫‪ -‬االستثناء‪91........................................................................................................‬‬

‫ب‪ /‬استحالة تنفيذ المعاىدة لسبب طارئ (القوة القاىرة)‪91......................................................................‬‬

‫ج‪ /‬التغير الجوىري لمظروف‪92..............................................................................................‬‬

‫‪159‬‬
‫د‪ /‬قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية‪95..................................................................................‬‬

‫ه‪ -‬الحرب‪95...............................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العرف الدولي‪96.............................................................................................‬‬

‫األول‪ :‬مفيوم العرف الدولي‪97.......................................................................................‬‬


‫المطلب ّ‬

‫األول‪ :‬تعريف العرف الدولي‪98.........................................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫أوال‪ -‬التعريف الفقيي‪98......................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬التعريف القانوني‪98...................................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أركان العرف الدولي‪98.........................................................................................‬‬

‫أوال‪ -‬الركن المادي‪99........................................................................................................‬‬

‫‪ /1‬التواتر‪99.................................................................................................................‬‬

‫‪ /2‬العمومية‪100.............................................................................................................‬‬

‫‪ /3‬اتساق السموك أو التماثل‪101.............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬الركن المعنوي‪101....................................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أنواع العرف الدولي‪102........................................................................................‬‬

‫أوال‪ -‬العرف العام (العالمي)‪103.............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬العرف الخاص (اإلقميمي)‪103........................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬العرف اآلني (الثوري)‪103............................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طبيعة العرف الدولي‪104....................................................................................‬‬

‫األول‪ :‬أساس القوة اإللزامية لمعرف الدولي‪104..........................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫أوال‪ -‬المذىب اإلرادي‪104...................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬المذىب الموضوعي‪105...............................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬موقف الدول الناشئة أو الجديدة من العرف الدولي‪105..................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إثبات العرف الدولي‪106........................................................................................‬‬

‫أوال‪ -‬المدرسة الوضعية‪106..................................................................................................‬‬

‫‪160‬‬
‫ثانيا‪ -‬المدرسة الموضوعية‪107...............................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تدوين العرف الدولي‪107........................................................................................‬‬

‫أوال‪ -‬جيود عصبة األمم‪108..........................................................................................1919‬‬

‫ثانيا‪ -‬جيود األمم المتحدة ‪108.......................................................................................1945‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬المبادئ العامة لمقانون‪109...................................................................................‬‬

‫العامة لمقانون‪109..............................................................................‬‬
‫األول‪ :‬ماىية المبادئ ّ‬
‫المطلب ّ‬

‫العامة لمقانون‪109................................................................................‬‬
‫األول‪ :‬مفيوم المبادئ ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫العامة لمقانون‪109......................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف المبادئ ّ‬

‫العامة لمقانون‪110.........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬الجدل الفقيي بشأن المبادئ ّ‬

‫العامة لمقانون‪110...........................................................................‬‬
‫‪ /1‬االتجاه المنكر لوجود المبادئ ّ‬

‫العامة لمقانون كمصدر مباشر‪111.......................................................‬‬


‫‪ /2‬االتجاه المنكر الستقاللية المبادئ ّ‬

‫العامة لمقانون‪112...............................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طبيعة المبادئ ّ‬

‫العامة لمقانون ذات طبيعة دولية‪112............................................................................‬‬


‫أوال‪ -‬المبادئ ّ‬

‫العامة لمقانون ذات طبيعة وطنية‪113..........................................................................‬‬


‫ثانيا‪ -‬المبادئ ّ‬

‫العامة لمقانون‪115.............................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطبيق المبادئ ّ‬

‫العامة لمقانون‪116.....................................................‬‬
‫الدوليان لممبادئ ّ‬
‫األول‪ :‬تطبيق التحكيم و القضاء ّ‬
‫الفرع ّ‬

‫العامة لمقانون‪116.............................................................................‬‬
‫الدور االحتياطي لممبادئ ّ‬
‫ّأوال‪ّ -‬‬

‫الدولي‪118.............................................................‬‬
‫العامة لمقانون في القانون ّ‬
‫الدور المتزايد لممبادئ ّ‬
‫ثانيا‪ّ -‬‬

‫العامة لمقانون‪118......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مجاالت تطبيق المبادئ ّ‬

‫ّأوال‪ -‬مجال المفيوم العام لمقانون‪119.........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬مجال المسائل التعاقدية‪119...........................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ -‬مجال منازعات المسؤولية‪119..........................................................................................‬‬

‫رابعا‪ -‬مجال قواعد إدارة العدالة (القواعد القضائية)‪119........................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬المصادر غير الرسمية لمقانون الدولي العام‪120................................................................‬‬

‫‪161‬‬
‫األول‪ :‬أحكام المحاكم‪121............................................................................................‬‬
‫المبحث ّ‬

‫الدولية‪121........................‬‬
‫األول‪ :‬المحاكم المقصودة بنص المادة ‪ -1/38‬د من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ‬
‫المطلب ّ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طبيعة األحكام التّي تصدرىا المحاكم المذكورة‪122.............................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور أحكام المحاكم في تطوير قواعد القانون الدولي العام‪124..................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مذاىب كبار المؤلفين في القانون العام (الفقو الدولي)‪126......................................................‬‬

‫األول‪ :‬إطار عمل الفقو‪126..........................................................................................‬‬


‫المطلب ّ‬

‫األول‪ :‬الفقو الفردي‪127................................................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الفقو المؤسساتي‪128............................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور الفقو في القانون الدولي و العالقات الدولية‪129...........................................................‬‬

‫األول‪ :‬دور الفقو عمى مستوى القانون الدولي‪129........................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور الفقو عمى مستوى العالقات الدولية‪130.....................................................................‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مبادئ العدل و اإلنصاف‪131................................................................................‬‬

‫األول‪ :‬مفيوم مبادئ العدل و اإلنصاف‪132...........................................................................‬‬


‫المطلب ّ‬

‫األول‪ :‬تحديد مبادئ العدل و اإلنصاف‪132.............................................................................‬‬


‫الفرع ّ‬

‫أوال‪ -‬العدل‪133.............................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬اإلنصاف‪133.........................................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الضوابط التي تحكم تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف‪134........................................................‬‬

‫أوال‪ -‬موافقة أطراف النزاع عمى تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف‪135..........................................................‬‬

‫ثانيا‪ -‬موافقة المحكمة ذاتيا عمى طمب األطراف تخويميا الحكم بموجب مبادئ العدل و اإلنصاف‪136...........................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وظيفة مبادئ العدل و اإلنصاف في القانون الدولي العام‪137..................................................‬‬

‫األول‪ :‬مبادئ العدل و اإلنصاف كأحد المبادئ العامة لمقانون باعتبارىا انعكاس مبدئي لو و صفة مالزمة‪137.............‬‬
‫الفرع ّ‬

‫الدولي‪139.............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مبادئ العدل و اإلنصاف مصدر مستقل و متميز لمقانون ّ‬
‫خاتمة‪142...................................................................................................................‬‬
‫الفهرس‪151.................................................................................................................‬‬

‫‪162‬‬

You might also like