Professional Documents
Culture Documents
محاظرات القانون الدولي العام PDF
محاظرات القانون الدولي العام PDF
قسم الحقوق
éd : édition.
نتج عن التطور المتسارع لمقانون الدولي المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم قفزة عمالقة سواء
الكمي.
من ناحية نوعية قواعد ىذا القانون ،أو من ناحية جانبيا ّ
تدخل القانون
فال نكاد نجد مجاال من مجاالت الحياة – ليس فيما بين الدول و حسب – بل داخميا إالّ و ّ
الدولي لتنظيمو و إن كان ذلك عمى حساب سيادة الدولة ،فالديمقراطية و حقوق اإلنسان ىما النموذج
التدخل.
ّ األمثل ليذا
تنوع في مصادر القانون الدولي العام ،ففضال عن المصادر الكالسيكية برزت ق ارراتو تبعا لذلك حدث ّ
المنظمات الدولية و أعيد االعتبار لقواعد العدالة كمصادر إضافية ،لما ليا من دور في إدارة العالقات
الدولية وترشيد الممارسات في إطارىا.
الرئيسية التالية:
أىمية بالغة تفضي بنا إلى طرح اإلشكالية ّ
لك ّل ىذا تكتسي دراسة القانون الدولي العام ّ
ما هو القانون الدولي العام و ما هي مصادره؟
1
األول :اإلطار المفاىيمي لمقانون الدولي العام:
الفصل ّ
نعالج تحت ىذا الفصل مبحثين :مفيوم القانون الدولي العام ،و مجال القانون الدولي العام:
ال يمكن الوقوف عمى مفيوم القانون الدولي العام إالّ من خالل إبراز تطور استعمال مصطمح القانون الدولي
ثم محاولة تعريف القانون الدولي العام (مطمب ثان):
العام (مطمب ّأول)ّ ،
الدولي العام:
األول :تطور استعمال مصطمح القانون ّ
الفرع ّ
عدة اصطالحات قبل أن يتّخذ تسميتو الحالية (القانون الدولي العام) ،يمكن الوقوف
عرف القانون الدولي العام ّ
عمييا قبل عصر التنظيم الدولي (فرع ّأول) ،و خالل عصر التنظيم الدولي (فرع ثان):
)1(:1945 أوال -تسمية القانون الدولي العام قبل عصر التنظيم الدولي
الرومان " قانون الشعوب " في إشارة إلى القواعد التي تطبق عمى رعاياكان يطمق عمى القانون الدولي عند ّ
ثم إلى تمك القواعد التي تنظم عالقات الشعب الروماني مع بقية
الشعوب المقيمة بروما في مرحمة أولىّ ،
1625 الشعوب في مرحمة ثانية ،و في العصور الوسطى أطمق عميو الفقيو اليولندي " قروسيوس " سنة
معب ار بذلك عن المرحمة التي انتعش فييا مبدأ القوميات ال ّذي كان يدعو إلى ّأنو من
مصطمح " قانون األمم " ّ
عبر عنو الفقيو
تجسد نفسيا في إطار دولة ،و بمصطمح مشابو ىو " القانون بين األمم " ّ أمة أن ّ حق ك ّل ّ
عشر)2(. الفرنسي " لويس مورينو " في أواخر القرن التاسع
______________________________________________________________________________
2
سموا الكتب التي تنظم
قبل ذلك لم يعرف فقياء الشريعة اإلسالمية مصطمح القانون الدولي العام ،و ّإنما ّ
بالدول األخرى في السمم و الحرب بكتب " السير" و "المغازي")1(.
عالقات الدولة اإلسالمية ّ
أما
مع بداية استقرار فكرة الدولة بمفيوميا السياسي و القانوني أطمق عميو الفقيو " فوشي " " القانون بين الدول" ّ
" أوبنيايم " فأطمق عميو " قانون العالقات الدولية " ،فيما أطمق عميو الفقيو " ترابل " " قانون العالقات الدولية
الدول)2(. المتكافئة أو المتساوية " في إشارة إلى بداية استقرار مبدأ المساواة في السيادة بين
مقدمة في
و كان "بنتام " ّأول م ن أطمق عميو " القانون الدولي " دون إضافة كممة عام سنة 1780في كتابو " ّ
مبادئ األخالق و التشريع " ،باإلضافة إلى مصطمحات أخرى أطمقت عمى القانون الدولي العام في النصف
")3(. األول من القرن العشرين منيا " :قانون السياسة الخارجية " و " قانون السمم و الحرب
ّ
ثانيا -تسمية القانون الدولي العام خالل عصر التنظيم الدولي :1945
استقرت تسمية "القانون الدولي العام " عمى ذلك القانون الذي يحكم العالقات بين
ّ من خالل عمل األمم المتحدة
الدول في مرحمة أولى ،و بينيا و بين المنظمات الدولية في مرحمة الحقة ،و لم يمنع ىذا من شيوع مصطمحات
موازية لمقانون الدولي العام في ىذه الفترة تعبي ار عن مراحل تاريخية معينة تفاعل معيا ىذا القانون ،مثل "قانون
المسجل في عالقات المعسكرين الشرقي و الغربي
ّ التعايش السممي" تعبي ار عن انتياء الحرب الباردة و االنفراج
و"القانون العالمي" تعبي ار عن العولمة التي اكتسحت قواعد ىذا القانون بداية من أواخر تسعينات القرن
الماضي)4(.
تجاذبت تعريف القانون الدولي العام ثالثة مذاىب :المذىب التقميدي ،المذىب الموضوعي ،المذىب الحديث:
أن القانون الدولي العام ىو مجموعة القواعد التي تنظم العالقات بين الدول و حسب ،لذلك
يرى ىذا المذىب ّ
بأنو" :القانون الذي يحكم العالقات بين الدول".
عرفو الفقيو "قروسيوس" ّ
ّ
__________________________________________________________________________________
( )1أنظر في ذلك بالتفصيل د .محمد المجذوب " :القانون الدولي العام " ط ،6منشورات الحمبي الحقوقية ،بيروت ،2007ص.41-25
،1984ص ص ،86-83د .إبراىيم مقدمة لدراسة القانون الدولي العام " دار النيضة العربية -القاىرة
( )2د .صالح الدين عامرّ " :
بن داود " :الوجيز في قانون العالقات الدولية " دار الكتاب الحديث -الجزائر ،2011ص.29
،12د .أحمد بمقاسم " :القانون الدولي المعاصر -المفيوم ( )3د .أحمد إسكندري ،د .محمد ناصر بوغزالة ،مرجع سابق ،ص
والمصادر" ط ،4دار ىومة -الجزائر ،2011ص.07
-55القاىرة ( )4د .أحمد الرشيدي " :بعض االتجاىات الحديثة في دراسة القانون الدولي العام" المجمة المصرية لمقانون الدولي ،مجمد
،1999ص.82
3
بأنو" :القواعد القانونية التي توفق بين حريات الدول في عالقاتيا بعضيا مع األخرى".
عرفو "لورانس" ّ
و ّ
بأنو" :مجموعة القواعد القانونية التي تنظم حقوق الدول و واجباتيا خالل العالقات المتبادلة".
عرفو "فوشي" ّ
و ّ
تامة السيادة".
بأنو" :القانون الذي ينظم العالقات بين الدول ّ
عرفو "ترابل" ّ
و ّ
و يقترب من ىذه التعاريف تعريف ك ّل من "أوبنيايم" و "جان دوبوي" و "روسو" و "تونكين" ،و كذا تعريف
المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في قضية "الموتس" )1(.1927
يجعل ىذا المذىب من الفرد (الشخص الطبيعي) شخص القانون الدولي الوحيد من حيث ّأنو المخاطب حقيقة
بأن الدولة
يدعي ّ
بقواعد ىذا القانون من جية و انصراف ىذه القواعد لصالحو من جية أخرى ،و عمى ذلك ّ
عرف القانون
مجاز أو محض خيال ،و من أنصار ىذا المذىب "ديجي" و "جورج سل" و "سبيوبولس" الذي ّ
بأنو" :القواعد القانونية التي تخاطب األفراد فقط من خالل العالقات القائمة بين الدول عبر
الدولي العام ّ
()2 االتفاقيات الدولية و العرف الدولي و بقية المصادر"...
يوسع ىذا المذىب من دائرة أشخاص القانون الدولي العام ،فإلى جانب الدولة ىناك أشخاص أخرى (المنظمات ّ
يعرف " شارل روسو " القانون الدولي
متعددة الجنسيات ) ...و بناء عمى ذلك ّ
التحرر ،ال ّشركات ّ
ّ الدولية ،حركات
أشخاص القانون بأنو" :مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن حقوق و واجبات الدول و غيرىا من
العام ّ
()3 الدولي".
الكيانات بأنو" :مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العالقات بين الدول و
يعرفو "دليبز" ّ
في نفس السياق ّ
بأنو" :مجموعة القواعد التي تمزم الدول المستقمة و مختمف المنظمات الدولية
يعرفو "باديقان" ّ
األخرى ".و أخي ار ّ
()4 أيضا خالل عالقاتيا المتبادلة".
__________________________________________________________________________________
( )1د .محمد طمعت الغنيمي " :األحكام العامة في قانون األمم " منشأة المعارف -اإلسكندرية ،1970ص.20
(2) DUGUIT (Léon) : « Traité de droit constitutionnel » Tome 02, Paris 1921, p550, SCELLE
(George) : « Cours de droit international public » Paris, 1948, p18.
(3) ROUSSEAU (Charles) : « Droit international public » Sirey, Paris, 1970, p07.
عمان -األردن ،2009ص ص.18 ،17
( )4د .عادل أحمد الطائي " :القانون الدولي العام " ط ،1دار الثقافة لمنشر و التوزيعّ ،
4
ألنو ينسجم مع واقع ىذا
المعول عميو في تعريف القانون الدولي العام ّ
ّ يعتبر المذىب الحديث ىو المذىب
التطور بدخول كيانات أخرى إلى جانب الدولة في حظيرتو.
ّ القانون و المرحمة التي بمغيا من
لكنيا
ىناك قواعد دولية تشترك مع قواعد القانون الدولي العام كونيا تمثّل قواعد سموك في العالقات الدولية ،و ّ
تختمف عن قواعد ىذا القانون من حيث اإللزام ،و ىي :قواعد المجامالت الدولية (فرع ّأول) ،و قواعد األخالق
الدولية (فرع ثان):
بأنيا "القواعد غير الممزمة التي درجت الدول عمى اتباعيا في عالقاتيا الدولية بغية تحسين ىذه
تعرف ّ
ّ
العالقات و توطيدىا".
من بين األمثمة عمى ىذه القواعد :مراسيم استقبال رؤساء الدول األجنبية ،تبادل التياني في المناسبات القومية
و األعياد الوطنية و الدينية ،قبول استمرار تمتع رؤساء الدول السابقين باالمتيازات و الحصانات الديبموماسية
عدم نشر المراسالت أو محاضر المفاوضات.
_______________________________________________________________________________________
( )1في ىذه القواعد أنظر د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،73 ،72د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر"
ط 1دار الفكر الجامعي -اإلسكندرية ،2008ص ،43د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص ،13 ،12د .طالب رشيد يادكار:
"أسس القانون الدولي العام " ط ،1منشورات زين الحقوقية و األدبية -بيروت ،2015ص.21
5
ثانيا -قواعد األخالق الدولية:
الضمير اإلنساني في عمومو بصرف النظر عنقواعد األخالق الدولية ىي تمك المبادئ و القيم التي تنبع عن ّ
رسختيا األديان ،و من
اختالف العقائد و العادات بين المجتمعات باعتبارىا قيما إنسانية أممتيا طبيعة البشر و ّ
قبيل قواعد األخالق الدولية :تقديم المساعدات اإلنسانية لمدول التي تح ّل بيا الكوارث كالمجاعات و الزالزل
التبرع ،تقديم مساعدات
والفيضانات ،تقديم مساعدات مالية إلنجاز مشاريع تنموية في الدول الفقيرة عمى سبيل ّ
لمدول التي تجري عمى أراضييا منازعات مسمّحة ،و كذا قبول استقبال المياجرين الفارينمادية ّ
طبية و غذائية و ّ
ّ
نتيجة كوارث طبيعية أو اجتماعية أو اقتصادية أو أمنية من غير الالجئين)1(.
1945و إن كان قد انتعش بعد ىذا التاريخ ،و تتمثل ىذه معظم ىذه الفروع ظير قبل نشأة األمم المتحدة
الفروع فيما يمي:
يشمل القواعد التي تحكم إنشاء المنظمات الدولية (مبادؤىا و أىدافيا ،نشاطيا ،أجيزتيا ،العضوية فييا
التصويت و اعتماد الق اررات ،إنياؤىا ،العالقات الوظيفية فيما بينيا أو فيما بينيا و بين الدول ،و األفراد)...
_______________________________________________________________________________________
(1) SMYRNIADIS (B) : « Positivisme et morale internationale en droit des gens » R.G.D.I.P, 1955,
pp99-120.
( )2د .منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ،44د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص.14 ،13
6
)1(...2001 و من ىذه المنظمات عصبة األمم ،1919األمم المتحدة ،1945االتحاد اإلفريقي
الجوي:
– 2القانون الدولي ّ
الجوية
1919لتنظيم المالحة ّ و يجد ىذا القانون أساسو في عدد من االتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس
1970لمنع االستيالء غير اتفاقية شيكاغو 1944لقمع الجرائم المرتكبة عمى متن الطائرات ،اتفاقية الىاي
ضد سالمة الطيران المدني ،ىذا
المشروع عمى الطائرات ،اتفاقية م ونتلاير 1971لقمع األفعال غير المشروعة ّ
متخصصة في ىذا المجال سنة 1947و دورىا في وضع ّ فضال عن إنشاء منظمة الطيران المدني كمنظمة
الجوي)2(. وإثراء قواعد القانون الدولي
ّ
– 3القانون الدولي البحري:
يعنى بالمشاكل الناجمة عن استعمال البحار سواء ما تعمّق منيا بوسائل النقل البحري أم باستغالل الموارد
الطبيعية لمبحار استغالال عقالنيا و متكافئا بين الدول ،كما يسعى إلى منع استخدام البحار لتخزين األسمحة
البحار)3(. الخاصة بيا لتطويرىا ،و كذا منع تمويث مياه
ّ النووية أو إلجراء التجارب
_______________________________________________________________________________________
( )1د .منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ص ،46 ،45د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ص ،103 ،102و بتفصيل
عمان -األردن .2007 أكثر راجع د .سييل حسين الفتالوي " :التنظيم الدولي" ط ،1دار الثقافة لمنشر و التوزيعّ ،
( )2د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،511د .عبد الكريم عموان " :الوسيط في القانون الدولي العام -الكتاب الثاني :القانون
عمان -األردن ،2007ص.133 الدولي المعاصر" دار الثقافة لمنشر و التوزيعّ ،
( )3د .عبد العزيز محمد سرحان " :القانون الدولي العام " دار النيضة العربية -القاىرة ،1991ص.11
( )4د .منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ص ،55 -53د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ص ،108-106و لمزيد من
التفصيل حول القانون الدولي االقتصادي راجع:
د .عبد الكريم عوض خميفة " :القانون الدولي االقتصادي" دار الجامعة الجديدة -اإلسكندرية .2012
CARRAU (D), JUILLARD (P) et FLORY (T) : « Droit international économique » L.G.D.J, Paris
1991.
7
– 5قانون القضاء الدولي:
الخاصة بتشكيل المحاكم الدولية و اختصاصاتيا و إجراءاتيا و كيفية صدور األحكام عنيا
ّ يضم القواعد
ّ
وامكانية الطّعن فييا ،و يجد أساسو في األنظمة األساسية لممحاكم الدولية و اإلقميمية ( المحكمة الدائمة لمعدل
)1(.)...1950 الدولي ،1920محكمة العدل الدولية ،1945محكمة عدل أوربا
تحدد الجرائم الدولية و سمطة العقاب عمييا و شروط المسؤولية الجنائية لمفرد وحاالت
ييتم بوضع القواعد التي ّ
ّ
المقررة ليذه الجرائم ،و يجد ىذا القانون
انتفائيا ،و مبادئ ال ّشرعية الجنائية ،و إجراءات المحاكمة و العقوبات ّ
1945و طوكيو 1946لمحاكمة مجرمي أساسو في اتفاقية فرساي ،1919و الئحتي محكمتي نورمبرغ
الحرب العالمية الثانية ،و نظامي المحكمتين الدوليتين ليوغسالفيا و رواندا في مطمع تسعينات القرن الماضي
لمحاكمة منتيكي أحكام القانون الدولي اإلنساني ،و أخي ار نظام روما األساسي لممحكمة الدولية الجنائية
)2(.1998
تطور خالل عصر التنظيم الدولي أي بعد إنشاء األمم المتحدة ،1945و تتمثّل في:
ج ّل ىذه الفروع ظير و ّ
– 1القانون الدولي لحقوق اإلنسان:
و يجد أساسو في ميثاق األمم المتحدة ،1945و اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،1948و العيدين الدوليين
1966 لمحقوق المدنية و السياسية من جية ،و الحقوق االقتصادية االجتماعية و الثقافية من جية أخرى
معينة ( اتفاقية منع اإلبادة
خاصة أو بفئات بشرية ّ
ّ وسمسمة من االتفاقيات الدولية األخرى التي تعنى بحقوق
،1948اتفاقية منع التعذيب ،1984اتفاقية حماية حقوق الطفل )3( )...1989
_______________________________________________________________________________________
8
– 2القانون الدولي اإلنساني:
جراء
بأنو :مجموعة القواعد التي تستيدف في حاالت النزاع المسمّح حماية األشخاص والمصابين من ّ يعرف ّ
ّ
النزاع ،و في إطار واسع حماية األعيان التي ليس ليا عالقة مباشرة بالعمميات العسكرية ،و ييدف ىذا القانون
معينة
إلى التخفيف من ويالت الحرب أو أنسنتيا بتحييد من ال يشتركون في القتال ،و حظر استخدام أسمحة ّ
كاألسمحة البيولوجية و النووية.
مقررات مؤتمرات التعاون كمؤتمر شمال جنوب ،1974و االتفاقيات الدولية كاتفاقيتي
و كان يجد أساسو في ّ
"ياوندي" ،1969 ،1963و اتفاقيتي "لومي" ،1980 ،1975فضال عن توصيات و إعالنات األمم المتحدة
)3(.1968 كإعالن الحق في التنمية الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة تحت رقم 128/41في ديسمبر
. يضم جممة القواعد التي تعنى بحماية البيئة الدولية و الحفاظ عمى مواردىا ال سيما األنواع النادرة منيا
ّ
ويعتبر ىذا الفرع من مظاىر التجديد في القانون الدولي المعاصر إذ لم تعد قضايا البيئة محصورة في نطاق
تمت خالل العقود الماضية تعكس
القوانين الداخمية ،و لع ّل المؤتمرات و الندوات و حتّى االتفاقيات الدولية التي ّ
مدى عناية القانون الدولي بالبيئة ،مثل مؤتمر األرض المنعقد في "ريو ديجانيرو" شير جوان )4(.1992
_______________________________________________________________________________________
(1) BELANGER (Michel) : « Droit international humanitaire général » 2ém éd, Gualino éditeur, Paris
2007, p15 et s.
،14د .منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ( )2د .عبد الكريم عوض خميفة " :القانون الدولي االقتصادي" مرجع سابق ،ص
ص.57 ،56
( )3راجع في ىذا الشأن د .عمر سعد اهلل " :القانون الدولي لمتنمية -النظرية و التطبيق " ديوان المطبوعات الجامعية و المؤسسة
الوطنية لمكتاب -الجزائر .1990
( )4د .منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ص ،60 ،59د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ص.110 -108
9
– 5القانون الدولي ّلالجئين:
يضم القواعد المتعمّقة برسم الحدود الدولية افتراضيا و تخطيطيا ميدانيا ،سواء كانت حدودا ّبرية أو بحرية
ّ
أوجوية ،و قد ظير ىذا القانون بعد استقالل الدول اإلفريقية و اآلسيوية و النزاعات التي ثارت بينيا حول
ّ
الدول.
الدعاءات ىذه ّ
حد ّكرس المبدأ القاضي باعتماد الحدود الموروثة عن االستعمار لوضع ّ
الحدود ،و قد ّ
و يجد أساسو عادة في االتفاقيات الثنائية المبرمة بين الدول المتجاورة أو المتقاسمة حدودا مشتركة ،كاالتفاقيات
التي أبرمتيا الجزائر غداة استقالليا مع ك ّل من تونس ،و ليبيا ،و المغرب ،و كذا في ق اررات المنظمات الدولية
و أحكام القضاء الدولي)2(.
تحدد المساحات البحرية لمدول (مياه داخمية ،بحر إقميمي ،منطقة متاخمة
يعنى ىذا القانون بوضع القواعد التي ّ
منطقة اقتصادية خالصة وصوال إلى البحر العالي و الجرف القاري و منطقة التراث المشترك لإلنسانية) ،وتمك
الحية في
الحية و غير ّ
التي تنظم عمميات االستغالل المشترك بين الدول لثروات البحار و مواردىا ّ
السطح والجوف ألغراض اقتصادية و عممية ،و يجد أساسو عمى الخصوص في اتفاقية جنيف ،1958واتفاقية ّ
)3(.)1949 األمم المتحدة لقانون البحار ،1982و كذا أحكام محكمة العدل الدولية (قضية مضيق كورفو
نشأت معظم أحكام و قواعد ىذا القانون في إطار األمم المتحدة و منظمة العمل الدولية ،و ىو يعنى بحماية
الموظفين الدوليين في مواجية المنظمات الدولية التي يتبعونيا في إطار الرابطة الوظيفية.
_______________________________________________________________________________________
( )1راجع في ىذا الشأن د .برىان أمر اهلل " :حق المجوء السياسي -دراسة في نظرية الممجأ في القانون الدولي" دار النيضة العربية-
القاىرة .2008
( )2د .منتصر سعيد حمودة " :الحدود الدولية " ط ،1دار الفكر الجامعي -اإلسكندرية ،2015ص 16و ما بعدىا ،د .طالب رشيد
يادكار ،مرجع سابق ،ص.204 -198
عمان -األردن .2008
( )3في ىذا القانون أنظر د .محمد الحاج حمود " :القانون الدولي لمبحار" ط ،1دار الثقافة لمنشر و التوزيعّ ،
10
حيث يعنى ببيان مراكزىم القانونية (حقوقيم و واجباتيم و االمتيازات و الحصانات التي يتمتعون بيا) ،و يجد
المتحدة)1(. أساسو عمى الخصوص في أحكام المحكمة اإلدارية لألمم
مؤيد
نظ ار للخصوصية التّي تطبع قواعد القانون الدولي العام ،فقد ثار الجدل حول صفتيا القانونية بين ّ
قوتيا الممزمة ،و أخي ار حول عالقتيا بقواعد القانون
تستمد منو ىذه القواعد ّ
ّ ومعارض وكذا حول األساس الذي
الداخمي .ونتناول ىذه اإلشكاليات تباعا في مباحث ثالثة كما يمي:
تقوم قواعد القانون الداخمي عموما عمى دعامات ثالث :سمطة تشريعية تتولّى وضعيا ،و جزاء اجتماعي يضمن
الدعامات ،و ىذا ىو مناط الجدل
حمايتيا ،و قضاء يكفل تطبيقيا ،فيما تفتقر مبدئيا قواعد القانون الدولي ليذه ّ
مؤيد:
الفقيي حول صفتيا القانونية بين منكر و ّ
الفرع األول :االتجاه المنكر لمصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام:
أي تنظيم أعمى من الدول ،و ىذا ما انعكس عمى طبيعة القواعد إن المجتمع الدولي ىو مجتمع أفقي يستبعد ّ ّ
" ،أودلف" التي تحكمو ،و ّأدى بفريق من الفقياء إلى إنكار ّأية صفة قانونية ليا و في طميعتيم "أوستن"
السمطة التشريعية ،و الجزاء االجتماعي المنظم ،و القضاء ،و تفصيل ذلك كما يمي:
"ىيجل" انطالقا من انعدام ّ
السمطة التشريعية:
أوال -انعدام ّ
_______________________________________________________________________________________
11
أن
يشبو عدد من الفقياء (كانط ،ىوبز ،اسبينوزا ،بينتام) حالة المجتمع الدولي بحالة الطبيعة ،إذ يرون ّ
لذلك ّ
القوة ،و حتّى عمى فرضية وجود معاىدات بينيا
مشرع دولي إالّ عمى ّ الدول ال تقوم في غياب ّ العالقات بين ّ
تؤدي إلى إنيائيا ما دامت قواعد ىذه المعاىدات من وضع الدوللمقوة أن ّ
فيي ال تش ّكل قواعد ثابتة ،إذ يمكن ّ
أن ما يطمق عميو القانون الدولي ليس قانونا بمعنى
مشرع دولي أعمى منيا ،و لذلك يعتبر "أوستن" ّ
ال من وضع ّ
األمم)1(. مجرد أخالق دولية أو أفكار و مشاعر سارية بين
الكممة ،و ّإنما ىو عبارة عن ّ
ثانيا -انعدام الجزاء االجتماعي المنظم:
لمصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام عدم وجود تالزم بين القاعدة القانونية الدولية
المؤيد ّ
ّ يعتقد االتجاه
السابقة ،و تفصيل ذلك عمى النحو التالي: وال ّشروط الثالثة ّ
مشرعة لو:
أوال -وجود القانون الدولي مستق ّل عن جود سمطة ّ
األول كونو خمط بين القانون و التشريع ،فقد تنشأ القاعدة القانونية في المجتمعات
ينتقد ىذا االتجاه االتجاه ّ
الصياغة الرسمية
الداخمية عمى سبيل المثال عرفا ،و النموذج ىو القانون اإلنجميزي ،و عميو فعممية التدوين أو ّّ
أوالتشريع عموما ليست إالّ إجراء الحقا عمى وجود القاعدة القانونية و إق ار ار ليا بالصالحية و االستمرار.
_______________________________________________________________________________________
12
ألن قواعد القانون الدولي ىي عرفية باألساس فو و قانون بمعنى الكممة ،و إن أنكرنا ذلك فيجب معو أن ننكر
و ّ
ل القوانين الداخمية ذات المصدر العرفي ،و ىذا غير ممكن)1(.
عمى القانون اإلنجميزي صفتو القانونية و عمى ك ّ
أن الجزاء ال يدخل في تكوين القاعدة القانونية بل ىو ضمانة لفاعميتيا ،و عميو فال ينفي
يؤ ّكد ىذا االتجاه ّ
فإن انعدامو أو ضعفو
ثمة ّألن دوره مقتصر عمى حمايتيا ،و من ّ انعدام الجزاء أو ضعفو وجود تمك القاعدة ّ ،
تطبق فيو ،و ىذا ليس عيب القانون
ليس عيب القاعدة القانونية ذاتيا و ّإنما ىو عيب النظام االجتماعي الذي ّ
الدولي وحده بل عيب معظم القوانين الداخمية ،فكم من قواعد وضعت و لم تطبق العتبارات سياسية و اجتماعية
وغيرىا)2(.
متنوعة من الجزاءات
متعددة و ّ
و ميما يكن من أمر فالقانون الدولي رغم ذلك و في ك ّل األحوال يعرف صو ار ّ
السياسية و االقتصادية و العسكرية (المواد من 39إلى 42من ميثاق األمم المتحدة).
ّ
تطور
محصمة ّ ّ المؤسسي ىو
ّ أن القانون سابق لمقضاء في المجتمعات الداخمية ،و القضاء
يؤ ّكد ىذا االتجاه ّ
تتم عمى يد مح ّكمين أو قضاة شعبيين قبل نشوء القضاء الدائم ،و بما
طويل ،فتسوية المنازعات الداخمية كانت ّ
أن القانون الداخمي وجد قبل وجود القضاء و من دونو و لم ينكر عميو أحد صفتو القانونية ،فالقانون الدولي بناء
ّ
ميمة القاضي عموما ىي ألن ّ عمى ذلك يمكن أن يوجد دون وجود القضاء الدولي ،و يبقى مع ذلك قانونا ّ
خمقو)3(. تطبيق القانون ال
و ميما يكن من أمر فالقانون الدولي رغم ذلك ال يخمو كمّية من اقترانو بالقضاء ،فيناك ىيئات التحكيم الدولي
،1889و المحكمة الدائمة لمعدل الدولي 1920 و محكمة التحكيم الدائمة المنشأة بمقتضى اتفاقيات الىاي
ومحكمة العدل الدولية ،1945فضال عن المحاكم اإلقميمية مثل محكمة العدل األوربية ،المحاكم اإلقميمية
لحقوق اإلنسان :األوربية – األمريكية -اإلفريقية ،المحاكم الدولية الجنائية :نورمبرغ – طوكيو – يوغسالفيا-
فإن ىذا
السمة التقميدية لمقضاء الدولي ىي ارتضاء الدول ّ
رواندا – المحكمة الدولية الجنائية الدائمة ،و إن كانت ّ
األخير بدأ يتّجو تدريجيا إلى اإلجبار في ممارسة اختصاصاتو ،ذلك شأن محكمة العدل األوربية ،و المحكمة
المؤقتة)4(. األوربية لحقوق اإلنسان ،و المحاكم الدولية الجنائية
_______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.31 ،30
( )2المرجع نفسو ،ص ص.33 ،32
( )3المرجع نفسو ،ص.31
الدولي " ط ،1دار النيضة العربية -القاىرة .1997
( )4في القضاء الدولي أنظر د .الخير قشي " :أبحاث في القضاء ّ
13
حقيقة القانون الدولي العام:
- 1عدم منازعة الدول في إلزامية القانون الدولي بل خضوعيا لو من خالل دساتيرىا التي تعمي من شأنو
سمو القانون الدولي عمى
ّ و تجعل لو األسبقية عمى قوانينيا الداخمية ،بما نشأ عنو مبدأ قانوني ىو
الداخمية)1(. القوانين
تقيدىا بو ،بل محاولتيا دائما إضفاء
- 2عدم مجاىرة دولة ما صراحة بانتياكيا لمقانون الدولي أو عدم ّ
بأنو يتفق مع ىذا القانون)2(.
المشروعية عمى سموكيا و إقناع المجتمع الدولي ّ
مقدمة ميثاقيا ،
1919في ّ - 3تأكيد المنظمات الدولية عمى وجوب احترام القانون الدولي (عصبة األمم
األمم المتحدة في ديباجة ميثاقيا و مو ّاده 01و 02و غيرىا.)...
تنسيق أن القانون الدولي ىو قانون وضعي بمعنى الكممة غاية ما في األمر أ ّنو قانون
و عميو نصل إلى ّ
عبر
وتوفيق عمى خالف القانون الداخمي الذي ىو قانون تبعية و خضوع أو ىو (أي القانون الدولي) كما ّ
عنو "لوتر باخت" و "ستروب" نظام قانوني تعاقدي غير سمطوي)3( .
انقسم المذىب اإلرادي عمى نفسو بشأن تفسير إلزامية القانون الدولي بين فريقين :فريق اإلرادة المنفردة ،وفريق
اإلرادة المشتركة أو الجماعية:
_______________________________________________________________________________________
14
أوال -نظرية اإلرادة المنفردة لمدولة (نظرية التحديد الذاتي):
تبنت محكمة العدل الدولية الدائمة ىذه النظرية في حكميا الصادر في قضية "الموتس" بتاريخ و قد ّ
إما
1927/09/07حيث جاء فيو..." :القواعد القانونية التي تربط الدول تنتج عن إرادتيا ،و تظير ىذه اإلرادة ّ
إما من العرف المتّبع عموما)1( "... من االتفاقيات الدولية و ّ
ثانيا -نظرية اإلرادة المشتركة أو الجماعية لمدول:
أن
أن مصدر القانون الداخمي ىو إرادة الدولة وحدىا في حين ّ يتزّعم ىذه النظرية الفقيو "تريبل" و ىي ترى ّ
مصدر القانون الدولي يكمن في اإلرادة الجماعية لمدول ،فالعقود في القانون الداخمي تجمع إرادات متقابمة أو
أما اإلرادة الجماعية لمدول فيي خالصة اجتماع إرادة
خاصة متباينة بطبيعتياّ ،
ّ متعارضة لتحقيق مصالح
عامة دولية مشتركة من خالل المعاىدات أو العرف.جماعية تيدف إلى تحقيق مصمحة ّ
و ال تنكر ىذه النظرية تبعا لذلك نسبية القانون الدولي ،فقواعده ال تمزم من الناحية الفعمية إالّ الدول المشاركة
التطبيق)2(. ثمة لقانون عالمي
في وضعو ،و ال وجود من ّ
الفرع الثاني :المذىب الموضوعي:
يبحث ىذا المذىب عن أساس إلزامية القانون الدولي في عوامل خارجة عن إرادة الدولة بصرف النظر عن
تدرج القواعد القانونية ،و نظرية
يتجسد في نظريتين أساسيتين :نظرية ّ
ّ كونيا إرادة منفردة أو جماعية ،و
التضامن االجتماعي:
2011 ( )1د .عمي زراقط " :الوسيط في القانون الدولي العام" ط ،1مجد المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع ،بيروت
ص ،34إبراىيم بن داود " :الوجيز في قانون العالقات الدولية " مرجع سابق ،ص ص.79 ،78
( )2د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ،35د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.101
15
قوتيا اإللزامية منيا ،و ىذه القاعدة ىي قاعدة
تستمد ّ
ّ تدرجي تصاعدي
إن جميع القواعد القانونية في تسمسل ّ بل ّ
العقد شريعة المتعاقدين أو قاعدة الوفاء بالعيود)1(.
أن القانون الدولي نشأ كنتيجة حتمية لفكرة التضامن االجتماعي ،حيث تأتي قواعد القانون
ترى ىذه النظرية ّ
بأىمية ىذه القواعد الستقرار الحياة الدولية
الدولي العام وليدة احتياجات المجتمع الدولي اقتناعا من أعضائو ّ
يجسده وجود
محصمة لواقع اجتماعي ّ ّ أن قواعد القانون الدولي ىي
واستمرارىا ،و يرى الفقيو "جورج سل" ّ
يؤدي إلى (ظاىرة االعتماد المتبادل) ،مع إنشاء ىذا الواقع لجممة
مجموعات إنسانية يقوم بينيا تضامن اجتماعي ّ
سيئ ،ما ىو مشروع و ما ىو غير
من القيم األخالقية االجتماعية (شعور جماعي بما ىو حسن و ما ىو ّ
بالسمطة ينشأ
قوة جماعية منظّمة ،و بالتقاء منظومة األخالق االجتماعية ّ
مشروع )...و لسمطة أي ّ
القانون(الدولي).
ألن ىناك ضرورة اجتماعية تقتضي أن يكون كذلك أو ىناك حاجة أن القانون الدولي ممزم ّ
و خالصة القول ّ
ماسة إليو ،فإذا لم يوجد تضامن اجتماعي حمّت الفوضى و انعدم ىذا القانون كمّية)2(.
ّ
الفرع الثالث :نظريات أخرى في تفسير أساس إلزامية قواعد القانون الدولي العام:
إلى جانب نظريات المذىبين اإلرادي و الموضوعي في تفسير إلزامية قواعد القانون الدولي ،وجدت نظريات
الصدد و ىي:
أىمية في ىذا ّ
أخرى أق ّل ّ
أوال -نظرية القانون الطبيعي:
تقوم ىذه النظرية عمى أساس افتراض وجود قواعد أز ّلية مصدرىا الطبيعة (الفطرة) يكشف عنيا عقل اإلنسان
وميمو الغريزي إلى الفضيمة و العدالة و الكمال ،و من أمثمة ىذه القواعد التي تحكم العالقات الدولية :قاعدة
لمدول في الدفاع ال ّشرعي ،قاعدة
الحق الطّبيعي ّ
ّ النية ،قاعدة العدل في تسوية المنازعات الدولية ،قاعدة
حسن ّ
تحريم إبادة األجناس ،قاعدة عدم التمييز بين البشر)3(...
_______________________________________________________________________________________
(1) HANS (Kelsen) : « Principles of international law » Second éd, Holt, Rinehard and Winston, New
York 1966, p179.
،2009ص ص 54 ،53 ( )2د .جمال محي الدين " :القانون الدولي العام -المصادر القانونية " دار الجامعة الجديدة -اإلسكندرية
د.إبراىيم بن داود " :الوجيز في قانون العالقات الدولية " مرجع سابق ،ص ص ،84 ،83د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص
ص.48 -46
،2009ص ،29د .إبراىيم بن داود " :الوجيز
عمان -األردن
المنان " :مبادئ القانون الدولي العام " روائع مجدالويّ ،
( )3د .مأمون ّ
في قانون العالقات الدولية " مرجع سابق ،ص ص ،85 ،84د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص.36 ،35
16
ثانيا -النظرية االشتراكية (الماركسية):
حد أدنى من االتفاق بين إرادات الدول التي تنتمي إلى النظامين
تنطمق ىذه النظرية من ضرورة التسميم بوجود ّ
الحد
السممي بينيا ،فيذا ّ
المختمفين االشتراكي و الرأسمالي حول المبادئ المشتركة التي تؤلّف جوىر التعايش ّ
الدولي)1(. األدنى المفترض من االتفاق ىو ال ّذي يضفي طابع اإللزام عمى قواعد القانون
السياسي:
ثالثا -نظرية التوازن ّ
القوة يمكن
ألية دولة بالوصول إلى مستوى من ّ السماح ّىذه النظرية ذات أصول تاريخية أوربية مقتضاىا عدم ّ
قوة
يتعين أن تتوازن قوى الدول بما ال يسمح بإيجاد ّ
التوسع و الغزو ،إذ ّ
ّ الدول األخرى عن طريق
تيدد بو ّ
أن ّ
الدولي)2(. مييمنة غير مألوفة يمكن أن تؤثّر عمى ىذا التوازن الذي يخمق بدوره القانون
القوة:
سادسا -نظرية ّ
_______________________________________________________________________________________
17
سابعا -النظرية اإلسالمية:
تعنى قواعد القانون الداخمي بمخاطبة األفراد و الييئات المختمفة القائمة داخل الدولة باعتبارىا أشخاص ىذا
تتوجو قواعد القانون الدولي بخطابيا إلى أشخاصو و ىي الدول و المنظمات الدولية
القانون ،في حين ّ
باألساس)3(.
يتجسد االختالف عمى مستوى بنية أو طبيعة النظام القانوني الداخمي القائم عمى وجود ّ عمى ىذا المستوى
السمطات الثالث ،و الدور ال ّذي يسند لك ّل منيا بما يكفل في النياية فرض القانون و احترامو ،بينما يفتقد النظام
ّ
القانوني الدولي إلى ىذه الدعائم مبدئيا.
_______________________________________________________________________________________
( )1في ىذه النظرية أنظر صباح لطيف الكربولي " :المعاىدات الدولية -إلزامية تنفيذىا في الفقو اإلسالمي و القانون الدولي" ط 1دار
عمان-األردن ،2011ص ص.92 -72
دجمةّ ،
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،113د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص.22 ،21
( )3د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،113د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص.23 ،22
18
إذ ال توجد عمى رأس المجتمع الدولي سمطة مركزية عميا توازي الحكومة الوطنية في المجتمعات الداخمية
مما ينجم عن ىذا االختالف فالمجتمع الداخمي مجتمع رأسي عمودي ،بينما المجتمع الدولي مجتمع أفقيّ ،
األول جب ار بواسطة السمطة العامة
بالضرورة اختالف في كيفية االلتزام بالقانون في المجتمعين ،إذ يفرض في ّ
ّ
سابقا)1(. فصمناه
(الحكومة) ،بينما يعود االلتزام بالثاني إلرادة الدول أساسا ،و لعوامل أخرى عمى النحو ال ّذي ّ
أن االختالف ال ينحصر في المستويات الثالث ة السابقة بل يبدو أيضا من حيثىذا و يرى جانب من الفقياء ّ
النشأة ،فالقانون الداخمي سابق زمنيا في ظيوره لمقانون الدولي ،كما يبدو االختالف أيضا من حيث المشروعية
بالضرورة في منظور القانون
ّ فعدم مشروعية سموك الدولة من منظور القانون الدولي ال يستتبع عدم مشروعيتو
الداخمي.
- 1ال يمكن لقاعدة دولية إلغاء أو تعديل قاعدة داخمية متعارضة معيا إالّ بإرادة الدولة المعنية و بطريق
التشريع.
تحمل الدولة المعنية لمسؤوليتيا الدولية
- 2عدم اختصاص المحاكم الوطنية بتطبيق القانون الدولي ،و ّ
إذا نجم عن ىذا التطبيق مساس بمصالح المجتمع الدولي)2(.
الردود عمى
يتفق أنصار ىذا المذىب عمى وحدة القانونين الدولي و الداخمي ،و تبدو ىذه الوحدة من خالل ّ
األول حول االختالفات الثالثة بين القانونين عمى النحو التالي:
مزاعم المذىب ّ
– 1االختالف في المصادر بين القانونين الدولي و الداخمي شكمي ال غير ،فمن الناحية الموضوعية تأخذ
مجردة و ممزمة غايتيا
عامة و ّ
ألنيا تمثّل بالنياية قواعد ّ
طبيعة القواعد الدولية نفس طبيعة القواعد الداخمية ّ ،
واحدة ىي تنظيم المجتمع اإلنساني سواء كان داخميا أو دوليا)3(.
– 2اتجاه ك ّل من القواعد الدولية و الداخمية إلى تنظيم العالقات اإلنسانية دون النظر إلى نطاقيا داخميا أو
تتوجو بخطابيا إلى األفراد بشكل مباشر في النطاق الداخمي ،و بشكل غير مباشر في النطاق دوليا ،فيي ّ
الدولي)4(.
_______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،113د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص.23
( )2في نتائج تطبيق مذىب ثنائية القانون أنظر د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.115 -113
( )3د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،66د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.115
( )4د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،66د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.116
19
– 3االستناد إلى إمكانية مخالفة التشريع الداخمي لمقانون الدولي ليس دليال كافيا عمى استقاللية القانون الداخمي
يعرضيا لممسؤولية
الدولة بمخالفتيا لمقانون الدولي ترتكب عمال غير مشروع دوليا ّ
ألن ّ
عن القانون الدوليّ ،
الدولية ،و في ىذا تأكيد عمى ضرورة احترام التشريع الداخمي لمقانون الدولي في سياق االندماج و التداخل)1(.
فإن أنصار مذىب وحدة القانون مع زعميم بوحدة القانونين الدولي و الداخمي إالّ ّأنيم
و ميما يكن من أمر ّ
انقسموا فيما بينيم بشأن أسبقية أو أولوية أحدىما عمى اآلخر وفق ما يمي:
20
خالصة:
أن
،إالّ ّ ألنيما نظامان قانونيان مختمفان
أن القانون الدولي و القانون الداخمي ال يؤلفان كتمة واحدة ّ
الحقيقة ّ
القانون الدولي أسمى من القانون الداخمي ،و لع ّل التداخل الكبير بينيما يعكس ىذه الحقيقة حيث يتجمّى فيما
يمي:
– 1خضوع الدولة لقواعد القانون الدولي يقتضي منيا التوفيق بين قواعد ىذا القانون و قانونيا الداخمي عن
،أو تكييف تمك التشريعات مع ىذه االلتزامات تعديال طريق إصدار تشريعات تكفل تنفيذ التزاماتيا الدولية
أوإلغاء)1(.
( )1حيث ذىبت المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في رأييا االستشاري سنة 1925بشأن "قضية تبادل السكان اليونانيين و األتراك" إلى ّأنو
الدولة التّي تقبل االلتزام دوليا التعديالت الالزمة عمى تشريعاتيا لموفاء بيذا االلتزام .أنظر في ذلك:
من الطّبيعي أن تجري ّ
ROUSSEAU (Charles) : « Droit international public » op.cit, p47.
( )2د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،70 ،69د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.143 -121
( )3د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص.41 ،40
(4) BROWNLIE (Lan) : « Principles of international law » Fourth edition, Clarendon Press, Oxford,
1990, p37.
21
الفصل الثاني :المصادر الرسمية لمقانون الدولي العام:
نصت المادة 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية عمى ما يمي:
ّ
تطبق في
" – 1وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إلييا وفقا ألحكام القانون الدولي ،و ىي ّ
ىذا ال ّشأن:
الدول المتنازعة.
الخاصة التي تضع قواعد معترفا بيا صراحة من جانب ّ
ّ العامة و
أ – االتفاقيات الدولية ّ
ب – العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون د ّل عميو تواتر االستعمال.
)1(.59 و يعتبر ىذا أو ذاك مصد ار احتياطيا لقواعد القانون ،و ذلك مع مراعاة المادة
22
األول :المعاىدات الدولية:
المبحث ّ
الدولي لوضع نظام قانوني يحكم المعاىدة الدولية من خالل اتفاقية "فينا" لقانون
و قد عمد المجتمع ّ
المعاىدات لعام )2(.1969
األول لإلطار
نخصص ّ ّ الدراسة إلى مطمبين:
ىذه االتفاقية سنعتمد عمييا في دراستنا لممعاىدة الدولية بتقسيم ّ
نتعرض في الثاني لإلطار اإلجرائي لممعاىدة الدولية:
الدولية ،فيما ّالنظري أو الموضوعي لممعاىدة ّ
سنتناول تحت ىذا المبحث :ماىية المعاىدة الدولية (فرع ّأول) ،الشروط الشكمية لممعاىدة الدولية (فرع ثان)
الشروط الموضوعية لممعاىدة الدولية (فرع ثالث).
ثم قانونا:
يمكن تعريف المعاىدة الدولية فقياّ ،
______________________________________________________________________________________
الدولي ،ال من جانب ترتيبيا القانوني
أن المعاىدات الدولية تحتل اليوم الصدارة ضمن مصادر القانون ّ
( )1ما ال يختمف عميو اثنان ّ
في المادة 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية و حسب ،و ّإنما من جانب الواقع و الممارسات الدولية ،نظ ار لدورىا
تعد أفضل وسائل االرتباط القانوني بين
الدولي من الناحية الييكمية ،و عمى مستوى العالقات الدولية حيث ّ
البارز في بناء النظام ّ
فإن غالبية النزاعات الدولية تتعمق ببطالن المعاىدات
الدول في إطار التعاون و التقارب و تجاوز الخالفات ،من جية أخرى ّ
أن مختمف المنظمات
الدولية تحكمو المعاىدات الدولية ،كما ّ
أن المضمون العممي لمعالقات ّ
الدولية أو تفسيرىا ،عالوة عمى ّ
تم تقنين العديد من موضوعات
الدولية تستمد أساسيا القانوني من خالل معاىدات متعددة األطراف ،و بفضل المعاىدات الدولية ّ
ىيأت الظروف النبعاث مثل ىذه القواعد ،ىذه المكانة التي تبوأتيا
القانون الدولي .بل ساىمت ىي نفسيا في بمورة قواعد عرفية أو ّ
الدولي .لممزيد حول أىمية المعاىدة الدولية في ىذا الخصوص
المعاىدات الدولية جعمت منيا فرعا مستقال من فروع القانون ّ
أنظر:
23
- 1تعريف المعاىدة الدولية فقيا:
أن المعاىدة الدولية ىي اتفاق مكتوب بين أشخاص القانون الدولي ،ييدف إلى إحداث يجمع الفقو الدولي عمى ّ
معينة ،و يتم إبرامو وفقا لقواعد القانون الدولي)1(.
آثار قانونية ّ
ّ
- 2تعريف المعاىدة الدولية قانونا:
24
- 2االتفاقية و اإلتفاق:
االتفاقية اصطالح يطمق عمى اإلتفاق الذي يتناول عادة مسائل قانونية أو يضع تنظيما قانونيا لمعالقات بين
الدول ،كاتفاقية "القسطنطينية" لعام 1888لتنظيم المالحة في قناة السويس ،اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات
المتوسط لعام ،1976اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار
ّ التموث في
لعام ،1969اتفاقية "برشمونة" لمكافحة ّ
لعام .1982
أما االتفاق فيطمق عمى اإلتفاقية التي تتناول مسألة قانونية أو اقتصادية ،و أحيانا سياسية ،كاتفاق "يالطا"
ّ
السحب لدى
السوفياتي لعام ،1945واالتفاق المتعمّق بإنشاء حقوق ّ لتقسيم مناطق النفوذ بين أمريكا و االتّحاد ّ
صندوق النقد الدولي لعام ،1968واتفاق "كاجنستون" لتعديل النظام األساسي لصندوق النقد الدولي لعام
)1(.1976
- 3البروتوكول:
المنصب عمى تعديل بعض أحكام معاىدة دولية قائمة ،أو تنظيم مسائل
ّ يطمق ىذا اإلصطالح عمى االتفاق
المعدل
ّ فرعية تابعة لمعاىدة أصمية ،أو بيان كيفية االنضمام لمعاىدة نافذة ،كبروتوكول "باريس" لعام 1929
،)1919و بروتوكولي "جنيف" لعام لمنظام األساسي لممحكمة الدائمة لمعدل الدولي (في إطار عصبة األمم
اإلنساني)2(. 1977الممحقين باتفاقيات "جنيف" األربع لعام 1949المتعمّقة بالقانون الدولي
- 4الميثاق أو العيد:
- 5النظام:
25
– 6التصريح (اإلعالن):
تخص ىذه التسمية الوثائق التي تنصرف أحكاميا إلى تأكيد مبادئ قانونية و سياسية مشتركة ،مثل تصريح
ّ
السمطات العميا في ألمانيا من قبل الدول
"لندن" البحري لعام ،1909تصريح "برلين" لعام 1945بشأن تولّي ّ
األربع)1(. الحميفة
ال تبرم المعاىدة الدولية إالّ بين أشخاص القانون الدولي ،و ىي باألساس الدول و المنظمات الدولية ،و عميو
الصعيد
أىمية معتبرة عمى ّ
ال تأخذ وصف المعاىدة الدولية االتفاقات التي تعقد بين األفراد و إن كانت ذات ّ
المؤسسات
ّ الدولي ،أو تمك التي تعقد بين دولة و شخص أجنبي سواء كان طبيعيا أو معنويا كال ّشركات و
االقتصادية و المالية ،إذ تعتبر ىذه االتفاقات من قبيل العقود الدولية)3(.
توصل إليو األطراف بشأن المسائل المتفاوض حوليا مسبقا ،و ال
إن الغاية من اشتراط الكتابة ىي إثبات ما ّّ
تتم كتابة محتوى االتفاق في وثيقة واحدة أو أكثر ،و لذلك فالمعاىدات غير المكتوبة -و ىذا أمر
يمزم أن ّ
نادر -حسب المادة 03من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات تبقى محتفظة بقيمتيا القانونية كاممة بين أطرافيا
تستمد من إرادة ىذه األطراف ،ال من
ّ أن الحقوق و االلتزامات المترتبة عمى المعاىدة الدولية ّإنماانطالقا من ّ
كتابتيا أوعدم كتابتيا.
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،169 ،168والء فايز اليندي ،مرجع سابق ،ص.26
( )2د .جمال عبد الناصر مانع " :القانون الدولي العام -المدخل و المصادر" دار العموم لمنشر و التوزيع -عنابة ،2005ص.62
( )3د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص ،268د .عبد الكريم بوزيد المسماري ،مرجع سابق ،ص ،16د .محمد يوسف عموان ،مرجع
سابق ،ص ص.163 -161
26
الصادر سنة ( 1933تصريح و ىذا ما أ ّكدتو المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في قضية "غرينالند" في حكميا ّ
وزير خارجية النرويج لوزير خارجية الدانمارك بشأن سيادة دولتو عمى الجزيرة ،و عدم اعتراض ىذا األخير
الدانمارك))1(. ّأدى إلى انعقاد معاىدة شفيية موضوعيا بسط النرويج سيادتيا عمى ىذه الجزيرة باالتفاق مع
بد أن تتّجو إرادة أطراف المعاىدة إلخضاعيا ألحكام القانون الدولي لمتمييز بين المعاىدات الحقيقية
ال ّ
واالتفاقات التي ال ترقى إلى مستوى المعاىدة ،إذ ليس ك ّل اتفاق يبرم بين أشخاص القانون الدولي يدخل في
ثمة ألحكام القانون الدولي ،كاالتفاق بين دولتين عمى شراء عقّار يقع في إقميم
نطاق المعاىدة و يخضع من ّ
إحداىما ،أو تخويل إحداىما األخرى استخدام أو استغالل قطعة أرض واقعة في إقميميا.
و ىناك حاالت يفرض فييا موضوع االتفاق نفسو من حيث الخضوع ألحكام القانون الدولي ،كاتفاقات التنازل
الصمح (تبادل األسرى) ،و عموما فك ّل معاىدة دولية يفترض أن تتصل حكما بالقانون
عن األقاليم ،و اتفاقات ّ
الدولي)2(.
ألية معاىدة دولية في جممة الحقوق و االلتزامات المتبادلة بين أطرافيا ،و تبدو أىمية
تتمثّل اآلثار القانونية ّ
الخاصية لمتفرقة بين المعاىدات الدولية بيذا الوصف ،و ما يعرف باتفاقات "الجنتممان"
ّ التأكيد عمى ىذه
تتم بين ممثمي الدول و لكن بصفاتيم ال ّشخصية ال باعتبارىم ممثّمين لدوليم ،كالتزاميم بإتباع
أوال ّشرفاء التي ّ
معينة ،فميس لمثل ىذه اإلتفاقات
معينة في المستقبل ،أو االتفاق عمى اتخاذ موقف إزاء أوضاع دولية ّ
سياسة ّ
ّأية قيمة قانونية توجب نفاذىا إالّ كممة ال ّشرف التي أبداىا ىؤالء الممثمون الذين ال يقع عمى عاتقيم في الحقيقة
إالّ التزام أدبي أو معنوي)3(.
فمن حيث أطرافيا :يمكن التمييز بين المعاىدات الثنائية و المعاىدات الجماعية.
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،576 -574د .عبد الكريم بوزيد المسماري ،مرجع سابق ،ص ص ،22 ،21د.
محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.160 ،159
( )2د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص ،269د .عبد الكريم بوزيد المسماري ،مرجع سابق ،ص ص ،21 ،20د .محمد يوسف
عموان ،مرجع سابق ،ص ص.164 ،163
( )3د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،577 ،576د .عبد الكريم بوزيد المسماري ،مرجع سابق ،ص ص ،24 ،23د.
محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.159 ،158
27
و من حيث موضوعيا :يمكن التمييز بين المعاىدات العقدية و المعاىدات ال ّشارعة.
و من حيث شكميا و إجراءات إبراميا :يمكن التمييز بين المعاىدات بمعناىا الدقيق و اإلتفاقات التنفيذية أو
المبسط.
ّ ذات ال ّشكل
الخاصة.
ّ العامة و المعاىدات
و من حيث طبيعتيا :يمكن التمييز بين المعاىدات ّ
قوتيا الممزمة :يمكن التمييز بين المعاىدات بمعناىا الدقيق ،و اتفاقات "الجنتممان" أوال ّشرفاء.
و من حيث ّ
ينصب عمى
ّ المعاىدات الثنائية ىي التي تعقد بين دولتين فقط بصرف النظر عن موضوعيا ،إذ غالبا ما
أما المعاىدات الجماعية
السياسة و االقتصاد و الثقافة و التعميم و األمنّ ،...
التعاون و التنسيق في مجاالت ّ
أىمية واسعة عمى المستوى الدولي.
فيي تمك التي تبرم بين أكثر من دولتين ،و تتّصل بموضوع لو ّ
و يكمن اإلختالف بين المعاىدات الثنائية و المعاىدات الجماعية في التصديق و أثر اإلنسحاب :فالمعاىدات
أن
يتم التصديق عمى المعاىدات الجماعية باإليداع ،كما ّ يتم التصديق عمييا بتبادل الوثائق ،في حين ّ الثنائية ّ
اإلنسحاب في المعاىدات الثنائية يترتّب عنو نياية المعاىدة ،فيما ال يؤثّر عمى استم ارريتيا إذا كانت
جماعية)1(.
و من أمثمة المعاىدات الثنائية تمك التي أبرمتيا الجزائر غداة استقالليا مع ك ّل من تونس و المغرب وليبيا
حول تثبيت الحدود ،و من أمثمة المعاىدات الجماعية اتفاقية األمم المتحدة لمجريمة المنظمة لعام .2000
شارعة:
- 2المعاىدات العقدية و المعاىدات ال ّ
ضيقة
مجرد إنشاء حقوق و واجبات متبادلة في إطار مصالح ّ
تكون المعاىدة عقدية إذا كان اليدف من إبراميا ّ
الصمح و التحالف و الحدود و التجارة ،فيما تكون
و محدودة ،و مجاليا الغالب المعاىدات الثنائية كمعاىدات ّ
سن قواعد دولية جديدة أو تقنين قواعد موجودة مسبقا في إطار مصمحة
المعاىدة شارعة إذا كان اليدف منيا ّ
دولية واسعة ،كاتفاقيات الىاي لعامي 1899و ،1907و عيد عصبة األمم ،1919و ميثاق األمم المتحدة
،1945و اتفاقيات جنيف األربع لعام .1949
______________________________________________________________________________________
،09د .غازي حسن ( )1د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص ص ،52 ،51د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص
صباريني مرجع سابق ،ص ص ،46 ،45د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق،ص
ص 59 ،58د.عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،57 ،56د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص.581 ،580
28
أما الثانية
أن األولى ال تمزم إالّ أطرافياّ ،
و يتجمّى الفرق بين المعاىدات العقدية و المعاىدات ال ّشارعة في ّ
يتعدى أثرىا إلى غير أطرافيا ،كميثاق األمم المتحدة (المادة )1(.)6/02
فيمكن أن ّ
المبسط:
ّ شكل
- 3المعاىدات بالمعنى الدقيق ،و اإلتفاقات التنفيذية أو ذات ال ّ
المعاىدات بالمعنى الدقيق ىي تمك التي يشترط فييا استيفاء ك ّل مراحل إبراميا ،بما فييا التصديق و التسجيل
بمجرد التوقيع كآلية إلنفاذىا.
ّ المبسط فيي تمك التي يكتفى فييا
ّ أما المعاىدات التنفيذية أو ذات ال ّشكل
النشرّ ،
وّ
الخاصة:
ّ العامة و المعاىدات
- 4المعاىدات ّ
العامة أو المفتوحة ىي تمك التي يكون باب العضوية فييا مفتوحا لجميع الدول دون قيد أو شرط
المعاىدات ّ
ومجاليا الغالب المعاىدات ال ّشارعة ،و من أمثمتيا ميثاق األمم المتحدة ،1945اتفاقيات جنيف األربع 1949
الخاصة أو المغمقة فيي تمك التي تكون العضوية فييا حك ار
ّ أما المعاىدات
الدولية لحقوق اإلنسانّ ،
االتفاقيات ّ
معينة غالبا ما تربط بينيا الجغرافيا أو أواصر تاريخية أو لغوية أو دينية أو مصالح مشتركة،
عمى دول ّ
،1945ميثاق منظمة الدول األمريكية القارية و اإلقميمية مثل ميثاق جامعة الدول العربية
كالمعاىدات ّ
العقدية)3(. الخاصة إلى المعاىدات
ّ ،1948و يمكن أن ينصرف مدلول المعاىدات
شرفاء:
- 5المعاىدات بالمعنى الدقيق و اتفاقات ال ّ
تقدم -اتفاقات ذات طابع سياسي محض يعقدىا عادة ممثال دولتين بصفتيما ال ّشخصية اتفاقات الشرفاء – كما ّ
محدد بشأن قضية دولية
معين أو اتخاذ موقف ّ موضوعيا اإلفصاح عن ّنية مشتركة في اتّباع سياسة أو منيج ّ
ألنيا باألساس غير
أي أثر قانوني في حال عدم تنفيذىا ّ
ما ،و ال تمزم ىذه اإلتفاقات دولتييما و ال ترتّب ّ
ممزمة و ىذا جوىر الفرق بينيا و بين المعاىدات بالمعنى الدقيق)4(.
______________________________________________________________________________________
،26 ،25د .محمد ( )1د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،56 ،55د .عبد الكريم بوزيد المسماري ،مرجع سابق ،ص ص
المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،580 ،579د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،175 -173والء فايز اليندي،
مرجع سابق ،ص ،25د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام" مرجع سابق ،ص.60
( )2د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ،45د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،80-77د .محمد بوسمطان ،مرجع
سابق ص ص ،279 ،278د .عبد الكريم بوزيد المسماري ،مرجع سابق ،ص ص ،27 ،26د .محمد المجذوب ،مرجع سابق،
ص ص ،573 -571د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.176 ،175
( )3د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص ص ،10 ،09د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.229 ،228
( )4د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.573
29
شكمية إلبرام المعاىدة الدولية (مراحل اإلبرام):
شروط ال ّ
الفرع الثاني :ال ّ
ّأوال -المفاوضات:
ىيا أو بتبادل المذ ّكراتمحدد يجب اتّباعو ،فقد يكون التفاوض شف
المبدأ العام ّأنو ليس لممفاوضات شكل ّ
يتم في مقابالت شخصية أو في اجتماعات رسمية ،أو في مؤتمر يجمع ممثمي الدولتين أو الدول
المكتوبة ،و ّ
المتفاوضة.
مجرد
توجييا دولة إلى دولة أخرى أو عدد من الدول ،قد يكون موضوعيا ّ
و قد تبدأ المفاوضات عموما بدعوة ّ
معين يتخذ أساسا لمتفاوض ،كما قد يكون موضوع الدعوة مرفقا
لقاء لتبادل وجيات النظر دون ارتباط بمشروع ّ
تتم المفاوضات عبر الطريق الديبموماسي العادي ،و قد
بمشروع مبدئي أو نموذجي لممعاىدة المقترحة ،لذلك قد ّ
أما المعاىدات الجماعية
تتم في المعاىدات الثنائية في إقميم أحد الطّرفين ،أو بالتناوب ،أو في إقميم دولة ثالثةّ ،
ّ
تتم المفاوضات بشأنيا في إطار مؤتمر دولي أو في إطار إحدى المنظمات الدولية ،وقد يساعد ممثّل فقد ّ
فنيون إذا كانت المعاىدة ذات طابع تقني أو فني)2(.
الدولة المتفاوضة خبراء و ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .عمر سعد اهلل " :دراسات في القانون الدولي المعاصر" ط ،3دار ىومة -الجزائر ،2010ص ص ،153-103د .محمد
المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،590 -587د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،61 ،60د .مصطفى أحمد أبو الخير،
مرجع سابق ،ص ص ،12 ،11د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.178
،63 ،62د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ( )2د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " ص ص
ص ،179 ،178د .إبراىيم بن داود " :المعاىدات الدولية في القانون الدولي " مرجع سابق ،ص ،70د .مصطفى أحمد أبو الخير
مرجع سابق ،ص.12
30
المؤىمون لمتفاوض:
ّ - 2األشخاص
و يعتبر ك ّل ىؤالء األشخاص ممثمين لدوليم بحكم وظائفيم ،ال يحتاجون إلى إبراز وثائق التفويض ،و ىذا ما
نصت عمى " :يعتبر األشخاص التالي بيانيم
أ ّكدتو المادة 2/07من إتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ،حيث ّ
ممثمين لدوليم بحكم وظائفيم دونما حاجة إلى إبراز وثائق تفويض:
أ – رؤساء الدول و رؤساء الحكومات و وزراء الخارجية لغرض القيام بجميع األعمال المتصمة بعقد معاىدة.
ب – رؤساء البعثات الديبموماسية لغرض اعتماد نص معاىدة بين الدولة المعتمدين منيا ،و الدولة المعتمدين
لدييا.
ج – الممثمون المعتمدون من دول لدى مؤتمر دولي أو لدى منظمة دولية أو أحد أجيزتيا ،لغرض اعتماد
نص معاىدة في ذلك المؤتمر أو تمك المنظمة أو ذلك الجياز".
______________________________________________________________________________________
عمان -األردن
،1دار الحامد لمنشر و التوزيعّ ، ( )1د .رضا ىميسي " :سمطة المنظمة الدولية في إبرام المعاىدات الدولية " ط
2013ص.143
( )2د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص ص ،277 -275د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،182 -179د .مأمون
المنان ،مرجع سابق ،ص ص ،69 ،68د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص ص ،61
،62د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص.12
31
نصت عميو المادة 1/07من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ،حيث
و ىذا اإلستثناء بالنسبة ليذه الطّائفة ّ
جاء فييا " :يعتبر الشخص ممثال لدولة لغرض اعتماد نص معاىدة أو توثيقو أو لغرض التعبير عن موافقة
الدولة عمى االلتزام بمعاىدة إذا:
ب – اتضح من ممارسات الدول المعنية أو من ظروف أخرى أنو كان في نيتيا اعتبار ذلك الشخص ممثال
لمدولة لمثل تمك األغراض و االستغناء عن وثيقة التفويض"...
المقيد إلجازة
مقيدا ،و في ك ّل الحاالت يخضع التفويض ّ
و يمكن لمتفويض بعد ذلك أن يكون مطمقا أو ّ
الدولة الحقا طبقا لممادة 08من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ،حيث جاء فييا " :أي عمل يتعمق
بعقد معاىدة يقوم بو شخص ال يعتبر بموجب المادة 7مأذونا لو بتمثيل دولة لذلك الغرض ال يكون لو
الحق)1(". أثر قانوني ،إالّ إذا أجازتو تمك الدولة في وقت
المتوصل إلييا
ّ بد من تحرير النتائج
إذا أفضت المفاوضات إلى اتّفاق وجيات نظر األطراف المتفاوضة ،فال ّ
في قالب مكتوب)2(.
أن المعاىدة الدولية تشتمل عموما عمى :الديباجة ،المتن ،األحكام الختامية،
أسفرت الممارسات الدولية عمى ّ
كما قد تشتمل عمى ممحق أو أكثر:
تدرج فييا أسماء الدول المشاركة ،أو أسماء رؤسائيا أو مفاوضييا و ألقابيم ،مع المقدمة):
أ – الديباجة ( ّ
تضمن الديباجة – ضرورة -أسباب
ّ اإلشارة إلى ّأنو قد جرى التأ ّكد من صفتيم التفاوضية ،باإلضافة إلى
المرجوة منيا.
ّ تبني المعاىدة ،و األىدافودوافع ّ
ب – المتن (صمب المعاىدة) :و تدرج فيو المسائل و األحكام المتفق حوليا ،حيث ترد مرتّبة و متسمسمة في
أبواب و فصول ،و فقرات مرقومة عمى شكل مو ّاد أو نصوص قانونية.
______________________________________________________________________________________
( )1أنظر في ذلك د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص ص.16 ،15
( )2د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص.597 ،596
32
تتضمن المعاىدة عادة بعض األحكام اإلجرائية ترد في نيايتيا
ّ ج – األحكام الختامية :إضافة إلى ما سبق
وتتعمّق بمسائل التصديق و كيفية إتمامو و الجية المكمّفة بو ،و شروط االنضمام لممعاىدة ،و تاريخ بدء نفاذىا
الدول المشتركين
ومدة العمل بيا ،و حاالت إنيائيا أو إيقاف العمل بيا ،و طرق تعديميا ،و توقيعات ممثمي ّ
ّ
ألي خالف محتمل.
في إبراميا حسب الترتيب األبجدي حسما ّ
تحرير المعاىدة بمغة ذات انتشار عالمي واسع سواء كانت لغة أحد األطراف أو لم تكن ،مثل المّغة
اإلنجميزية.
تحرير المعاىدة بمغات ك ّل الدول األطراف أو بعضيا ،مع اعتبار إحدى المّغات فقط ىي المّغة
الرسمية لممعاىدة ذات األولوية عند اإلختالف في تفسير أحكاميا.
ّ
تحرير المعاىدة بمغات ك ّل الدول األطراف عمى قدم التساوي ،و اعتبارىا جميعا لغات رسمية ليا
______________________________________________________________________________________
66 -64 ( )1في أجزاء المعاىدة الدولية راجع د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص ص
د.محمد يوسف عموان ،ص ص ،186 -183د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،63 ،62د .محمد المجذوب ،مرجع سابق
ص ص ،599 ،598د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص ص ،19 ،18د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص.57
( )2د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص ص ،64 ،63د .محمد المجذوب ،مرجع سابق
ص ص ،598 ،597د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص ص ،18 -16د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص 56
د.عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص.62
33
ثالثا -التوقيع عمى المعاىدة:
و يطرح التساؤل تبعا لذلك عن أشكال التوقيع ،و القيمة القانونية لو؟
- 1أشكال التوقيع:
يتّخذ التوقيع ثالثة أشكال :التوقيع النيائي ،التوقيع باألحرف األولى ،التوقيع المرىون باإلستشارة:
و ذلك ما ّبينتو المادة -2 /12أ من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ،حيث جاء فييا ..." :يشكل إمضاء
النص باألحرف األولى توقيعا لممعاىدة إذا ثبت أن الدول المتفاوضة قد اتفقت عمى ذلك"...
ج -التوقيع المرىون باالستشارة :في ىذا ال ّشكل من التوقيع قد ترى الدولة ّأنيا بحاجة إلى مزيد من الوقت
لمتفكير في المعاىدة و دراستيا تقدي ار لمدى مالءمتيا لمصمحتيا ،فتمجأ إلى وضع قيد عمى سمطة مفاوضيا في
التوقيع عمييا ،يتمثل في ضرورة استشارتيا الحقا الستطالع موقفيا من ىذه المعاىدة ،و ال يترتّب ليذا التوقيع
أثر التوقيع النيائي إالّ إذا أجازتو الدولة الحقا)4(.
______________________________________________________________________________________
( )1د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،64 ،63د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.187 ،186
( )2د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص.20
( )3المرجع نفسو ،ص ،20د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.599
( )4د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص.20
34
وضحتو المادة -2 /12ب من اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ،حيث جاء فييا..." :يش ّكل توقيع ذلك ما ّ
الممثل لممعاىدة توقيعا مرىونا باالستشارة إذا أجازتو الدولة توقيعا كامال لممعاىدة."...
نصت المعاىدة ذاتيا عمى أن يكون التوقيع وحده كافيا إللزام الدولة دون الحاجة لتصديقيا.
أ – إذا ّ
ب – إذا اتفقت الدول المتفاوضة عمى أن يكون التوقيع وحده كافيا إللزام الدولة دون الحاجة لتصديقيا.
قررت الدولة بمفردىا و بإرادتيا أن تمزم نفسيا بالمعاىدة عن طريق التوقيع وحده ،و ىذا وقت
ج – إذا ّ
المفاوضات أو في وثيقة تفويض ممثميا)2(.
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،190 -188د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص.19
( )2في شرح المادة أنظر د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.191 ،190
( )3المرجع نفسو ،ص ص.235 ،234
35
()1 - 1تعريف التحفظ و مدى مشروعيتو:
عرفت المادة 1/02من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات التحفظ كما يمي ":يراد بتعبير (التحفظ) إعالن من
ّ
تقرىا أو
تصدقيا أو تقبميا أو ّ
جانب واحد ّأيا كانت صيغتو أو تسميتو تصدره دولة ما حين توقع معاىدة أو ّ
تنضم إلييا مستيدفة بو استبعاد أو تغيير األثر القانوني لبعض أحكام المعاىدة في تطبيقيا عمى تمك الدولة".
أن التحفظ يتخذ شكمين ىما :التحفظ االستبعادي ،و التحفظ التفسيري:
يتبين ّ
من ىذا التعريف ّ
أ -التحفظ االستبعادي :ىو ذلك التصرف الذي تستبعد بموجبو الدولة بعض أحكام المعاىدة من التطبيق في
مواجيتيا ،حيث توقع أو تصادق عمى ج ّل أحكام المعاىدة ما عدا تمك المتحفظ عمييا من قبميا.
ب -التحفظ التفسيري :في ىذا النوع من التحفظ الدولة ال تمغي أحكام المعاىدة مح ّل تحفظيا من التطبيق
الخاصة عمى خالف التفسير الذي أعطتو ليا أطرافيا
ّ في مواجيتيا ،و إنما تكتفي بتفسيرىا من وجية نظرىا
ذاتيا)2(. مع اإلبقاء عمى ىذه األحكام كما ىي في المعاىدة
مشروعية التحفظ فينبغي التفرقة بصدده بين المعاىدات الثنائية و المعاىدات يخص
ّ أما فيما
ّ
الجماعية:
أما المادة 19من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات فقد أجازت التحفظ في ثالث حاالت ىي:
ّ
-ما لم تمنعو المعاىدة صراحة.
______________________________________________________________________________________
( )1في تعريف التحفظ و مشروعيتو و وقت إبدائو أنظر د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص ص ،294 -292د .محمد المجذوب
مرجع سابق ،ص ص ،611 -609د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص ص ،22 ،21د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع
سابق ،ص.68
( )2د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص.25
( )3د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص ص ،299 -295د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،76 -74د .مصطفى أحمد أبو
الخير ،ص ص ،24 ،23د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.141
36
تنص عمى تحفظات ليس من بينيا التحفظ ال ّذي أبدتو الدولة المعنية.
-ما لم ّ
أ -إذا كانت المعاىدة محدودة العدد بحيث يؤثر تحفظ أو انسحاب طرف من أطرافيا عمى موضوعيا أو
أن تطبيق ك ّل أحكاميا دون استثناء بينيا جميعا ىو
خاصة إذا اشترطت ىذه األطراف منذ البداية ّ
ّ ىدفيا،
أساس التزاميا بيا ،و لذلك فاعتراض دولة واحدة عمى التحفظ في مثل ىذه الحالة يجعمو باطال أو غير نافذ.
فييا)2(. ب – ال يعتبر التحفظ صحيحا في المعاىدات المنشئة لمنظمة دولية إالّ بموافقة الجياز المختص
- 3آثار التحفظ:
أ – سارية بين الدولة المتحفظة و تمك التي قبمت تحفظيا ما عدا األحكام مح ّل التحفّظ.
ج – ال تسري أحكام المعاىدة كك ّل بين الدولة المتحفظة و الدول التي اعترضت صراحة عمى تحفظيا
فقط)3(.
تعتبر الدولة المتحفظة طرفا في المعاىدة أ – في العالقة بين الدولة المتحفظة و الدول التي قبمت التحفظ:
فقط)4(. مع الدول التي قبمت تحفظيا باستثناء األحكام مح ّل التحفظ
______________________________________________________________________________________
( )1د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.142
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،244 -242د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص ص ،71 ،70د .مصطفى
أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص.26
( )3د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص.301 ،300
( )4د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،244د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص.72
37
تعتبر الدولة المتحفظة طرفا ب– في العالقة بين الدولة المتحفظة و الدول التي اعترضت عمى تحفظيا:
تعبر الدولة المعترضة صراحة و بصورة
أيضا في المعاىدة مع الدول التي اعترضت عمى تحفظيا ما لم ّ
قاطعة عن ىذا االعتراض ،و عن نيتيا في أالّ تصبح طرفا في المعاىدة مع الدولة المتحفظة خالل 12شي ار
من تاريخ إخطارىا بالتحفظ ،أو من تاريخ تصديقيا أو انضماميا إلى المعاىدة ،و بمفيوم المخالفة فإذا أ ّكدت
المتحفظة)1(. الدولة المعترضة اعتراضيا ال تعتبر ىذه األخيرة طرفا في المعاىدة مع الدولة
ج -في العالقة بين بقية الدول القابمة لمتحفظ و المعترضة عميو :ال يؤثّر التحفظ عمى عالقات ىذه الدول
طبيعية)2(. تستمر المعاىدة سارية بكافة أحكاميا بينيا و بصورة
ّ بشأن تنفيذ المعاىدة إذ ال شأن ليا بو ،حيث
أي وقت شاءتحسب المادة 22من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات يمكن لمدولة المتحفظة سحب تحفظيا في ّ
السحب نافذا إالّ إذا أخطرت بو أطراف المعاىدة ،و ينتج عن سحب التحفظ في ىذه الحالة
و ال يعتبر ىذا ّ
،بما فييا تمك التي عودة سريان كافة أحكام المعاىدة بين الدولة ساحبة التحفظ و بقية أطراف المعاىدة
سابقا)3(. اعترضت عمى التحفظ
و من جية أخرى و حسب المادة 22أعاله دائما ،يمكن لمدولة المعترضة عمى التحفظ سحب اعتراضيا في
أي وقت شاءت ،و ال يكون ىذا السحب نافذا إالّ إذا أخطرت بو الدولة المتحفظة ،و ينتج عن سحب
ّ
االعتراض عمى التحفظ في ىذه الحالة سريان أحكام المعاىدة بين الدولة ساحبة االعتراض عمى التحفظ و
الدولة المتحفظة ما عدا األحكام مح ّل التحفظ.
- 5إجراءات التحفظ و قبولو و سحبو ،و االعتراض عميو و سحب االعتراض عميو :
المعاىدة)4(. يقدم التحفظ ،و قبولو ،و االعتراض عميو بصورة خطّية ،مع إخطار أطراف
أ– ّ
،و يعتبر نافذا من لحظة تأكيده ال بد أن يؤ ّكد أثناء التصديق
ب – إذا أبدي التحفظ أثناء التوقيع ،فال ّ
إبدائو)5(.
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،245 ،244د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص.72
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.244
( )3شرحا أنظر د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.612
( )4شرحا أنظر د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.240
( )5شرحا أنظر د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.240 ،239
38
التصديق)1(. المقدمان أثناء التوقيع إلى تأكيدىما أثناء
ج – ال يحتاج قبول التحفظ و االعتراض عميو ّ
المختصة بإجرائو:
ّ السمطة
- 1الطبيعة القانونية لمتصديق ،و ّ
المختصة بو:
ّ السمطة
و نعالج عمى حدة كالّ من طبيعة التصديق ،و ّ
بسيولة)3(. اإلرتباط النيائي بيا ،حيث ال يجوز ليا بعده التحمّل منيا
ألن في تصديقيا ما يعتبر تنازال أو إجازة
استكمال نقص أىمية ممثل الدولة المتفاوض و تصحيحياّ ،
______________________________________________________________________________________
( )1د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص.73
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،193 ،192د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص ،281د .محمد المجذوب،
مرجع سابق ،ص.600
( )3د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ،49د.محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،194د .عادل أحمد الطائي ،مرجع
سابق ،ص.132
( )4د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،615د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.132
( )5د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،194د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.133
39
يعد التصديق عمى المعاىدة الدولية إجراء ضروريا إلدخاليا حيز النفاذ و ترتيبيا لكافة آثارىا القانونية
و بيذا ّ
المصدقة عمييا ،و قد استوجبتو اتفاقيات دولية عديدة ،منيا بروتوكول برلين ،1878معاىدة ّ في مواجية الدول
الصادر سنة
ىافانا ،1928باإلضافة إلى التحكيم و القضاء الدوليين من خالل قرار محكمة التحكيم الدائمة ّ
الصادر في .1929
،1905و حكم المحكمة الدائمة لمعدل الدولي ّ
دعمت القيمة القانونية لمتصديق بعض الممارسات الدولية ،يتعمّق األمر مثال بقرار مجمس العصبة لعام كما ّ
1936برفض المساعدة المالية التي طمبتيا الحبشة (إثيوبيا حاليا) إثر اعتداء إيطاليا عمييا بسبب توقيعيا
غير المستكمل بتصديقيا عمى المعاىدة المتعمقة بمنح المساعدات المالية لمدول المعتدى عمييا المبرمة عام
الرعايا األمريكيين المطموب من الواليات المتحدة األمريكية لعدم تصديق
.1930و رفض اليونان تسميم أحد ّ
اليونان بعد عمى اتفاقية تسميم المجرمين الموقّعة بين الدولتين دون تصديق في مارس )1(.1931
" -1موافقة الدولة عمى االلتزام بمعاىدة ما يعبر عنيا بالتصديق متى:
تم التعبير
د – ثبتت نية الدولة في توقيع المعاىدة مع جعميا مرىونة بالتصديق من وثيقة تفويض ممثميا أو ّ
عنيا أثناء المفاوضات.
– 2موافقة الدولة عمى االلتزام بمعاىدة ما يعبر عنيا بالقبول أو باإلقرار في أحوال مماثمة لألحوال التي
تنطبق عمى التصديق".
أن ما جرى
يقرره دستور ىذه األخيرة ،غير ّ
المختصة بالتصديق عمى المعاىدة داخل ك ّل دولة أمر ّ
ّ السمطة
إن ّّ
الصدد)2( :
بو العمل ىو وجود ثالث طرق في ىذا ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .عبد الكريم عموان " :الوسيط في القانون الدولي العام -الكتاب الثاني " مرجع سابق ،ص 269و ما بعدىا.
( )2أنظر في ىذه الطرق بصفة عامة د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص.68 -65
40
و ىي الصورة المألوفة في الممكيات القديمة لمسمطة التنفيذية وحدىا:
-عقد االختصاص بالتصديق ّ
واألنظمة ال ّشمولية أو الديكتاتورية ،حيث يباشر اإلمبراطور أو الممك أو رئيس الدولة بمفرده عممية التصديق
عمى المعاىدة دون العودة إلى ّأية جية أخرى في الدولة ،و ذلك ما كان عميو األمر بالنسبة لفرنسا في عيد
اإلمبراطورية الثالثة ،و اليابان حتى عام ،1946و إيطاليا ّإبان العيد الفاشي ( ،)1943 -1922و ألمانيا
لكن ىذه الطريقة بدأت في التراجع و االختفاء لتزايد انتشار
أثناء العيد النازي اليتمري ( ،)1945 -1923و ّ
يخص بعض دول العالم الثالث ،فقد ّ النظم الديمقراطية و اعتبارات حقوق اإلنسان في العالم مع التحفّظ فيما
المؤسس عمى ال ّشرعية
ّ 1965إلى 1976بسبب الفراغ الدستوري مورست ىذه الطّريقة في الجزائر من
الثورية)1(.
الميمة
ّ تمك أما بقية الدساتير فقد جعمت موافقة البرلمان حك ار عمى بعض المعاىدات دون األخرى و ىي
ّ
تتم مصادقة رئيس الجميورية عمى المعاىدات
نصت المادة 158من دستور 1976عمى أنّ ": أوالخطيرة ،فقد ّ
تعدل محتوى القانون بعد الموافقة الصريحة عمييا من المجمس ال ّشعبي الوطني".
السياسية ،و المعاىدات التي ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،604د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.197
( )2د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص ،38د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،604د .محمد يوسف عموان ،مرجع
سابق ،ص ص.198 ، 197
( )3د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ،99د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص -604
607د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص ص ،38 ،37د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.201 -198
41
اتفاقيات اليدنة نصت المادة 122من دستور 1989عمى أن " :يصادق رئيس الجميورية عمى و ّ
السمم و التحالف و اإلتحاد و المعاىدات المتعمّقة بحدود الدولة و المعاىدات المتعمقة بقانون
ومعاىدات ّ
بعد أن يوافق عمييا المجمس األشخاص والمعاىدات التي تترتّب عمييا نفقات غير واردة في ميزانية الدولة
النص الذي ورد في دستور 1996في المادة ،131و اإلضافة الوحيدة ّ ال ّشعبي الوطني صراحة " .و ىو ذات
1996قد أخذ بازدواجية البرلمان الجزائري أن دستور
تتعمّق بموافقة غرفتي البرلمان معا ،عمى اعتبار ّ
(المجمس الشعبي الوطني +مجمس األمة ) ،و بقي النص نفسو في المادة 149من التعديل الدستوري لعام
2016مع إضافة االتفاقات الثنائية أو المتعددة األطراف المتعمقة بمناطق التبادل الحر و الشراكة و التكامل
االقتصادي.
و حتّى يحدث التصديق أثره يجب أن تعمم بو ك ّل أطراف المعاىدة ،و يتحقّق ذلك تبعا لما إذا كانت ىذه
األخيرة ثنائية أو جماعية:
الصكوك في جمسة رسمية تجمع عادة وزير خارجية الدولة التي يجرييتم تبادل ّ -ففي المعاىدات الثنائية ّ
يحرر بشأنو محضر رسمي من نسختين التصديق في عاصمتيا و سفير الدولة الثانية المعتمد لدى األولى ،و ّ
عميو توقيع ممثمي الدولتين ليتبادل بينيما.
يتم التصديق باإليداع ،و يعني أن تودع (تسمم) أطراف المعاىدة وثائق
-و في المعاىدات الجماعية ّ
تحددىا المعاىدة نفسيا ،و تشمل العممية ك ّل طرف من أطراف
معينة ّ
الخاصة بيا لدى حكومة دولة ّ
ّ تصديقيا
حرر بروتوكول بذلك و أخطرت بو ك ّل أطرافيا.
حصل العدد الكافي لنفاذىا ّ
المعاىدة تباعا ،حتّى إذا ّ
42
تم تبادل التصديقات أو إيداعيا أصبح لممعاىدة وجود قانوني يمقي عمى عاتق أطرافيا التزاما بعدمو ىكذا إذا ّ
إن ىذا االلتزام قد يقع حتّى قبل التصديق في حاالت
حيز التنفيذ ،بل ّ
يتم دخوليا ّ
تعطيل أو عرقمة نفاذىا ريثما ّ
نصت عمى ّأنو " :تكون الدولة ممزمة
معينة ،و ىذا وفقا لممادة 18من اتفاقية "فينا " لقانون المعاىدات التي ّ
ّ
باالمتناع عن إتيان أعمال من شأنيا تعطيل موضوع معاىدة ما و ىدفيا متى:
ب -إشكالية التصديق الناقص :إذا كان يفترض في التصديق أن يكون غالبا صحيحا أي باحترام اإلجراءات
الدستورية في ك ّل دولة ،فيفترض كذلك أالّ يكون عمى ىذا النحو في الحالة التي يتجاوز فييا مثال رئيس الدولة
المعنية الدستور و ال يراعي اشتراطات العودة إلى البرلمان ،و من ىنا يطرح التساؤل حول القيمة القانونية ليذا
التصديق ال ّذي اصطمح عميو الفقو بالتصديق الناقص.
األول :يعتبر ىذا التصديق صحيحا و منتجا آلثاره القانونية من الوجية الدولية استنادا إلى اعتبارين
الرأي ّ
ّ
أساسيين ،ىما استقرار العالقات الدولية من جية ،و عدم التدخل في الشؤون الداخمية لمدول من جية
أخرى)3(.
______________________________________________________________________________________
( )1شرحا أنظر د .إبراىيم بن داود " :المعاىدات الدولية في القانون الدولي " مرجع سابق ،ص ص.76 ،75
( )2المرجع نفسو ،ص ،79د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.616
( )3د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ،69د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ،50د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق
ص ،135د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.203
43
)1(. الرأي الثاني :يعتبر ىذا النوع من التصديق باطال استنادا لنظرية تجاوز اإلختصاص
ّ
لما يعتبر ىذا التصديق باطال في نظر القانون الداخمي
السابقين ّ
الرأي الثالث :يحاول التوفيق بين الرأيين ّ
ّ
وصحيحا في نظر القانون الدولي استنادا إلى فكرة األوضاع الظاىرة و حماية الدول حسنة النية ،و قد سايرت
قررت المبدأ العام في ىذا
الرأي من خالل المادتين 46و 47حين ّ اتفاقية "فينا" لقانون المعاىدات ىذا ّ
الخصوص ،و ىو عدم اإلحتجاج بالتصديق الناقص لمتحمّل من أحكام المعاىدة إالّ إذا كان التصديق قد حدث
فسرت القاعدة الجوىرية عمى ّأنيا
بخرق ّبين ألحكام القانون الداخمي ،و متّصل بقاعدة جوىرية فيو ،و قد ّ
القاعدة الدستورية دون تمك العادية)2(.
)5(.1950 أ – تصديق فرنسا عمى اإلتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان عام 1973بعد توقيعيا عمييا في عام
1992بعد توقيعيا عمييا عام ب – تصديق المممكة المغربية عمى معاىدة الحدود بينيا و بين الجزائر عام
.1972
)6(.1982 ج – تصديق الجزائر عمى اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار عام 1996بعد توقيعيا عمييا عام
تحمل الدولة لممسؤولية الدولية في حال امتناعيا عن التصديق عمى معاىدة سبق ليا
النتيجة الثانية :عدم ّ
بأن " :من يمتنع عن استخدام سمطتو التقديرية ال يعتبر مسؤوال في
التوقيع عمييا استنادا إلى المبدأ القاضي ّ
نظر القانون " ( ،)7و من األمثمة التاريخية التي تؤكد ىذا المبدأ:
______________________________________________________________________________________
( )1د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ص ،51 ،50د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.135
( )2د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ص ،101 ،100د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق،
ص ص.101 ،100
( )3د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ،98د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.615
( )4د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص.53
( )5د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.195
( )6د .جمال عبد الناصر مانع ،مرجع سابق ،ص.78
( )7د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،196 ،195د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص.53
44
1919بعد أ – امتناع الواليات المتحدة األمريكية عن التصديق عمى معاىدة فرساي المنشئة لعصبة األمم
توقيعيا عمييا في ىذا التاريخ ،و تعتبر الواليات المتحدة األمريكية من أكثر الدول امتناعا عن التصديق عمى
منيا)1(. تصدق إالّ عمى 700
المعاىدات الدولية ،فمن بين 900معاىدة وقّعتيا من 1789إلى 1939لم ّ
15 ب – امتناع العراق عن التصديق عمى معاىدة التحالف بينو و بين بريطانيا الموقّعة من الجانبين في
جانفي )2(.1945
قررتو المادة 24من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات بفقرتييا 1و 2حيث جاء فييما ما يمي:
و ذلك ما ّ
" -1يبدأ نفاذ معاىدة ما بالكيفية و في التاريخ الذين تنص عمييما المعاىدة أو طبقا لما تتفق عميو الدول
المتفاوضة.
– 2في حالة عدم وجود مثل ىذا النص أو االتفاق يبدأ نفاذ المعاىدة فور ثبوت الموافقة عمى االلتزام بالنسبة
إلى جميع الدول المتفاوضة".
و عمى أطراف المعاىدة بعد ذلك أن تنفذىا بحسن ّنية طبقا لممادة 26من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات
أن " :ك ّل معاىدة نافذة تمزم أطرافيا و يجب أن ينفذىا األطراف بحسن ّنية".
نصت عمى ّ
التّي ّ
كما يقع عمى عاتق أطراف المعاىدة بعد التصديق عمييا التزام بعدم التحمّل منيا تحت ذريعة مخالفتيا ألحكام
عامة ،إالّ إذا كانت ىذه المخالفة ّبينة و متّصمة بقاعدة جوىرية في قانونيا الداخمي.
قانونيا الداخمي بصفة ّ
ألي طرف أن
بنصيا عمى ّأنو " :ال يجوز ّ ّ قررتو المادة 27من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات و ذلك ما ّ
يستظير بأحكام قانونو الداخمي لتبرير عدم تنفيذ معاىدة ما ،و ليس في ىذه المعاىدة ما يخ ّل بالمادة ".46
______________________________________________________________________________________
45
قررت االستثناء نجدىا تنص عمى ّأنو - 1 " :ال يجوز لمدولة أن تستظير و بالرجوع إلى المادة 46التي ّ
تم عمى وجو ينطوي عمى خرق لحكم من أحكام أن التعبير عن موافقتيا عمى االلتزام بمعاىدة ما قد ّ
بكون ّ
كمبرر إلبطال موافقتيا تمك ،ما لم يكن ىذا الخرق ّبينا و
قانونيا الداخمي يتعمق باالختصاص بعقد المعاىدات ّ
متصال بقاعدة ذات أىمية أساسية من قواعد قانونيا الداخمي.
وبنية
ّ تتصرف في األمر طبقا لمممارسات المعتادة
ّ ألية دولة
–2يكون الخرق بينا إذا اتضح موضوعيا ّ
حسنة)1( ".
تد لحكم
المتقدمة عدم رجعيتيا (عدم رجعية التصديق عمييا) ،حيث ال تر ّ
ّ يترتّب عن نفاذ المعاىدة بالكيفية
قررتو
عامة ،و ىذا ما ّ
تمت بين أطرافيا قبل تصديق ىذه األخيرة عمييا كقاعدة ّ التصرفات التي ّ
ّ الوقائع و
أي عمل حدث أو واقعة أي طرف بشأن ّ بنصيا عمى " :ال تمزم أحكام المعاىدة ّ
ّ المادة 28من اتفاقية فينا
حدثت أو حالة توقفت عن الوجود قبل تاريخ بدء نفاذ المعاىدة عمى ىذا الطرف ،ما لم يتبين من المعاىدة أو
يثبت بطريقة أخرى قصد مغاير لذلك".
و بالنسبة لطرف بعينو من أطراف المعاىدة فيبدأ نفاذ ىذه األخيرة في مواجيتو من تاريخ تصديقو عمييا،
وىذا باستثناء األحكام الختامية (اإلجرائية) التي تنظّم توثيق نصوصيا و كيفيات التصديق عمييا و تاريخ
بالضرورة قبل بدء نفاذىا ،و التي
ّ نفاذىا والتحفّظات عمييا و وظائف الوديع و غير ذلك من األمور التي تنشأ
قررتو المادة 3،4 /24من اتفاقية فينا ،حيث جاء في تنطبق من وقت اعتماد نصوصيا ،وذلك تماما ما ّ
الفقرتين 3و 4من ما يمي – 3..." :حين تثبت موافقة دولة ما عمى االلتزام بمعاىدة في تاريخ الحق لبدء نفاذ
المعاىدة ،يبدأ نفاذ المعاىدة عمى ىذه الدولة في ىذا التاريخ ما لم تنص المعاىدة عمى خالف ذلك.
– 4أحكام المعاىدة التي تنظم توثيق نصوصيا و إثبات موافقة الدول عمى االلتزام بيا ،و كيفية أو تاريخ بدء
نفاذىا ،و التحفظات عمييا ،و وظائف الوديع ،و غير ذلك من األمور التي تنشأ بالضرورة قبل بدء نفاذىا
نصيا".
تنطبق اعتبا ار من وقت اعتماد ّ
46
- 1تعريف التسجيل و ال ّنشر و الحكمة منيما:
النشر إجراء مزدوج مقتضاه إيداع الدول األطراف في المعاىدة صورة منيا لدى جياز دولي
التسجيل و ّ
معد ليذا
خاص ّّ مختص عادة ما يكون أمانة منظمة دولية أو إقميمية ،قصد تمكينو من توثيقيا في سج ّل
ّ
معاىدات)1(. مدونات تشتمل عمى كافة ما تبرمو الدول من
مدونة أو مجموعة ّ
ثم نشرىا في ّ
الغرض ّ
النشر في تحقيق ىدفين:
و تتجمّى الحكمة من التسجيل و ّ
فنصت عمىاستوجبت المادة 18من عيد العصبة 1919تسجيل و نشر المعاىدات التي تعقد بين أعضائياّ ،
يسجل فو ار بواسطة األمانة
أن " :ك ّل معاىدة أو اتفاق دولي يعقده في المستقبل أحد أعضاء العصبة يجب أن ّ
ّ
أي من ىذه المعاىدات أو اإلتفاقيات الدولية ممزما قبل
العامة ،و أن تقوم بنشره في أقرب فرصة ،و ال يعتبر ّ
ّ
تسجيمو".
النص قامت أمانة العصبة خالل الفترة الممتدة من 1920إلى 1945بتسجيل 4834معاىدة
ّ و تطبيقا ليذا
ونشرىا في 205مجمدا)3(.
يتمسك بتمك
يسجل وفقا لمفقرة األولى من ىذه المادة أن ّ
ألي طرف في معاىدة أو اتفاق دولي لم ّ -2ليس ّ
أي فرع من فروع األمم المتّحدة".
المعاىدة أو ذلك اإلتفاق أمام ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،77 ،76د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،620 ،619و في إجراءات تسجيل
المعاىدة الدولية تحديدا أنظر د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ص.145 ،144
( )2د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،619د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،211د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق
ص ص.144 ،143
( )3د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.212 ،211
47
نصت المادة 17من ميثاق جامعة الدول العربية 1945عمى ضرورة إيداع دوليا نسخة من المعاىدات كما ّ
واإلتفاقيات التي تعقدىا مع دولة من دول الجامعة أو غيرىا ،و لم تغفل اتفاقية فينا لقانون المعاىدات مسألة
)1(.80 تسجيل و نشر المعاىدة الدولية فتناولتيا في مادتيا
معظم دساتير دول العالم و قوانينيا تقضي بنشر المعاىدات الدولية المصادق عمييا بالطّريق الداخمي طبقا
قوة القانون الداخمي من جية ،و حتّى
تقررىا ىذه الدساتير و القوانين حتّى تكون ليا ّ
لألوضاع و ال ّشروط التي ّ
حد سواء من جية أخرى ،و من ىذه الدساتير الدستوريمكن االحتجاج بيا في مواجية الدولة و األفراد عمى ّ
الفرنسي لعام ( 1958المادة ،)55الدستور المصري (الممغى) لعام ( 1971المادة .)151
نصا يقضي بذلك بخالف المراسيم المتعمّقة بصالحيات و ازرة الخارجي ة ،منيا
و ال نجد في الدساتير الجزائرية ّ
المرسوم 359 -90المؤرخ في 1990/11/10في المادة 10منو ،و األمر 01 -05المؤرخ في
2005/02/27المعدل و المتمم لألمر 86 -70المؤرخ في 1970/12/15المتضمن قانون الجنسية في
المادة 01منو ،و قرار المجمس الدستوري رقم 01المؤرخ في 1989/08/20المتعمق بمدى دستورية قانون
االنتخابات.
و ىي تمك الموضوعة تحت الحماية أو اإلنتداب أو الوصاية ،و يجمع الفقو بشأن أ -الدول التابعة:
بأنيا ليست باطمة و ّإنما قابمة لإلبطال.
المعاىدات التي تبرميا ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،213و في الجزاء المترتب عن عدم تسجيل المعاىدة الدولية أنظر د .عادل أحمد
الطائي ،مرجع سابق ،ص.145
48
إذ يتوقف األمر عمى إرادة الدولة المتبوعة باعتبارىا صاحبة الوالية عمى ال ّشؤون الخارجية لمدولة الواقعة تحت
سمطتيا ،فميا إبطال المعاىدة التي أبرمتيا الدولة التابعة ليا أو إقرارىا و اإلبقاء عمييا ،و لم يعد ليذه الوضعية
المستعمرة)1(. بتحرر ج ّل الدول
وجود اآلن ّ
ىنا يعود األمر إلى دساتير الدول الفيديرالية ذاتيا ب -الدول أو الدويالت األعضاء في اتحاد فيديرالي:
10من الدستور قيدت المادة
فمنيا ما تمنح لدويالتيا أىمية إبرام المعاىدات و منيا ما ترفض ذلك ،فقد ّ
نص الدستور السويسري
األمريكي مثال أىمية الواليات األمريكية إلبرام المعاىدات الدولية بموافقة الكونغرس ،و ّ
خص اثنتين من جميورياتو فقط بأىمية إبرام المعاىدات
السوفياتي (سابقا) فقد ّ
أما الدستور ّعمى حكم مماثلّ ،
الدولية ،وىما روسيا البيضاء و أوكرانيا)2(.
- 2المنظمات الدولية:
تممك المنظمات الدولية أىمية إبرام المعاىدات الدولية ،و لكن في إطار نشاطيا أي في حدود اختصاصاتيا،
باألساس)3(. ألن شخصيتيا القانونية ىي شخصية وظيفية
ّ
أ -الفاتيكان :خصوصية الوضع القانوني لمفاتيكان ال يتيح لو عموما أىمية إبرام المعاىدات الدولية ،إالّ
الكاثوليكية)4(. الدينية منيا أي تمك المتعمقة بإدارة شؤون الكنيسة
( )1د غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ،55د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص.271
،85د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص ( )2د .إبراىيم بن داود " :المعاىدات الدولية في القانون الدولي" مرجع سابق ،ص
ص.273 ،272
،85د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق، ( )3د .إبراىيم بن داود " :المعاىدات الدولية في القانون الدولي" مرجع سابق ،ص
ص.147
( )4د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص.223 -219
( )5د .عمي إبراىيم " :الوسيط في المعاىدات الدولية -اإلبرام" دار النيضة العربية -القاىرة ،1995ص 449و ما بعدىا ،د .عمي
زراقط ،مرجع سابق ،ص.82
49
ج -الحكومات الفعمية و حكومات المنفى :بتوافر ّأية حكومة عمى شروط الحكومة الفعمية قانونا يمكنيا إبرام
ضد الحكومة
أىميا :أن تكون الحكومة مسمّحة و تقوم بعمميات عسكرية واسعة النطاق ّالمعاىدات الدولية و ّ
مؤيدة بأغمبية شعبية كاسحة ،أن تكون مسيطرة عمى جزء من إقميم الدولة ،أن تمقى اعترافا
النظامية ،أن تكون ّ
من بعض دول العالم)1(.
كما يمكن لحكومات المنفى كذلك أن تبرم المعاىدات الدولية استنادا إلى ّأنيا الحكومات ال ّشرعية التي كانت
مقر
أن حكومات المنفى األوربية التي اتخذت من لندن ّا تعرضيا لإلحتالل األجنبي ،و المثال ّ
تمثل دوليا قبل ّ
الثانية)2(. ليا قد كانت طرفا في اتفاقية لندن المنيية لمحرب العالمية
المستقرة
ّ د -القبائل :يقتصر األمر ىنا عمى تمك الجماعات التي تسكن أقاليم متمتّعة بالحكم الذاتي ،أو تمك
معين ،و تدخل في معامالت معينة و تحكم نفسيا بنفسيا في إطار تنظيم سياسي و قانوني ّ عمى رقعة جغرافية ّ
بالسيادة و اإلستقالل ،و تبعا
مع غيرىا من الوحدات المشابية أو حتّى الدول عمى أساس اإلعتراف المتبادل ّ
الراجح يخوليا أىمية إبرام المعاىدات الدولية)3(.
المقومات فالفقو ّ
ّ لذلك وبتوافر ىذه ّ
الرضا:
ثانيا ّ -
أن اإلرادة ال تكون سميمة في التعبير عن
يتماثل الوضعان الداخمي و الدولي بخصوص ىذا ال ّشرط ،من حيث ّ
حرة بأالّ يكون
حرة ،حقيقية بأن تكون خالية من العيوب كالغمط و التدليس ،و ّ
الرضا إالّ إذا كانت حقيقية و ّ
ّ
تم تحت الضغط كاإلكراه.
التعبير عنيا قد ّ
الرضا في المواد من 48إلى ،53و نناقشيا تباعا:
تبنت اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عيوب ّ
و قد ّ
- 1الغمط (الخطأ):
بأن اعتقادىا
معينة تدفعيا لالرتباط بالمعاىدة دون أن تعمم ّ
و ىو اعتقاد الدولة خطأ بوجود حالة أو وضعية ّ
بأنيا ترتبط بمعاىدة سياسية فإذا ىي عسكرية ،أو تعتقد ّأنيا قادرة عمى
كان خاطئا أساسا ،كأن تعتقد الدولة ّ
إمكانياتيا)4(. المنجرة عن المعاىدة فإذا ىي تتجاوز طاقتيا و
ّ تحمل االلتزامات
ّ
يتم إالّ بشروط ىي:
لكن إعمالو ال ّ
الرضا في المادة ،48و ّ
نصت اتفاقية فينا عمى الغمط كعيب من عيوب ّ
ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،259د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص.82
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.260
( )3د .حامد سمطان " :أحكام القانون الدولي في الشريعة اإلسالمية " دار النيضة العربية -القاىرة ،1986ص ص.175 ،174
( )4في ىذا العيب من عيوب الرضا أنظر د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،84 ،83د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق،
ص ص ،58 -56د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.148
DOUBOUI (L) : « L’erreur en droit international public » A.F.D.I, 1993, pp191-227.
50
أ – أن يكون الغمط جوىريا أي متعمّقا بموضوع أو بطبيعة المعاىدة.
ج – أالّ تستطيع الدولة مسبقا من خالل ظروف و مالبسات التعاقد تقدير احتمال وقوعيا في الخطأ ،و أالّ
يقع تنبيييا إليو.
د – أن يكون الغمط في الوقائع ال في القانون طبقا لقاعدة "ال عذر بجيل القانون".
بأن الخطأ المادي (المتعمّق بتوثيق نصوص المعاىدة) ال يعتبر خطأ في مفيوم
و تجدر اإلشارة في ىذا المقام ّ
ألنو يمكن تصحيحو.
المادة ّ 48
الغش:
- 2التدليس أو ّ
يتبين الفرق
معينة بقصد إيقاع شخص من أشخاص القانون الدولي في الغمط ،و من ىنا ّ ىو استعمال حيمة ّ
توىم الدول لواقعة تخالف الحقيقة و تدفعيا لمتعاقد ،بينما الثاني ىو إييام
فاألول ىو ّ
بين الغمط و التدليسّ ،
الغش يقع دون إرادتيا أو بإرادة
الدولة بيذه الواقعة من طرف دولة أخرى ،و ىكذا فالغمط يقع بإرادة الدولة بينما ّ
نصت المادة 49من بأن " :الغش يفسد كل شيء " فقد ّ دولة أخرى ،و استنادا إلى المبدأ الفقيي القائل ّ
اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عمى التدليس بقوليا " :إذا حممت دولة ما عمى عقد معاىدة نتيجة لسموك
كمبرر إلبطال موافقتيا عمى اإللتزام
تدليسي لدولة متفاوضة أخرى ،يجوز لمدولة أن تستظير بوقوع التدليس ّ
بالمعاىدة)1( ".
( )1في ىذا العيب أنظر د .إبراىيم محمد العناني" :القانون الدولي العام" دار الفكر العربي -القاىرة ،1990ص ،262د .إبراىيم بن
داود " :المعاىدات الدولية في القانون الدولي" مرجع سابق ،ص ،88د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ،84د.عادل أحمد الطائي
مرجع سابق ،ص.149
( )2في ىذا العيب أنظر د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ص ،59 ،58د.عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ،85د .عادل
أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.149
51
- 4اإلكراه:
مادي أو معنوي تمارسيا دولة طرف في معاىدة ما عمى دولة أخرى ىي اإلكراه عموما ىنا ىو وسيمة ضغط ّ
بدورىا طرف في نفس المعاىدة ،أو عمى ممثّميا لحمميا ىي أو ممثّميا عمى إبرام المعاىدة المعنية)1(.
الدولة ذاتيا:
الصدد بين اإلكراه الواقع عمى ممثّل الدولة ،و اإلكراه الواقع عمى ّ
نميز في ىذا ّ
لذلك ّ
مادي أو معنوي عمى شخص ممثّل الدولة لدفعو أ -اإلكراه الواقع عمى ممثّل الدولة :و ىو ممارسة ضغط ّ
تجسد ىذا النوع من اإلكراه واقعيا إرغام امبراطور كوريا عمى إبرام
إلى إبرام المعاىدة ،و من األمثمة التي ّ
معاىدة 1905التي وضعت كوريا تحت الحماية اليابانية بعد احتالل قصره و تيديده بجزاءات بدنية من قبل
القوات اليابانية ،و إرغام رئيس تشيكوسموفاكيا (سابقا) في بداية الحرب العالمية الثانية من طرف "ىتمر" عمى
ّ
إبرام االتفاقية المنيية لوجود تشيكوسموفاكيا كدولة مستقمّة)2(.
بقوليا " :ال يكون نصت عمى ىذا النوع من اإلكراه المادة 51من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات و قد ّ
تم حصولو بإكراه ممثّميا عن طريق أعمال أو تيديداتلمتعبير عن موافقة دولة ما عمى اإللتزام بالمعاىدة إذا ّ
أي أثر قانوني".
ضده ّ
توجو ّ
ّ
السالم
يكثر ىذا النوع من اإلكراه في الحقيقة عمى مستوى معاىدات ّ ب -اإلكراه الواقع عمى الدولة ذاتيا:
يقر بمشروعية ىذا اإلكراه
واليدنة التي يممي فييا المنتصر إرادتو عمى المنيزم ،و قد كان الفقو التقميدي ّ
لكن القانون الدولي المعاصر من خالل المادة 4/02من مستقر ،و ّّ حدا لوضع دولي غير باعتباره يضع ّ
ضيقة :حالة
القوة في العالقات الدولية و ال يسمح بيا إالّ في حدود ّ
يحرم استعمال ّ ميثاق األمم المتحدة ّ 1945
السابع من الميثاق ،حق
الدفاع ال ّشرعي (المادة 51من الميثاق) ،اتخاذ تدابير المنع و القمع في إطار الفصل ّ
ّ
التدخل اإلنساني أو ألسباب إنسانية كاستثناء عمى مبدأ تحريم استعمال
ّ مؤخ ار فكرة
استقرت ّ
ّ تقرير المصير ،و
القوة)3(.
ّ
نصت المادة 52من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عمى اعتبار اإلكراه الواقع عمى الدولة بالربط مع ذلك ّ
و ّ
بالقوة أو استعماليا خرقا لمبادئ
تم عقدىا نتيجة التيديد ّ
عيبا يفسد رضاىا بقوليا " :تعتبر المعاىدة الغية إذا ّ
القانون الدولي الواردة في ميثاق األمم المتحدة".
______________________________________________________________________________________
52
ثالث -مشروعية مح ّل المعاىدة:
ا
يقصد بذلك عدم تعارض موضوع المعاىدة أو الغرض منيا مع ّأية قاعدة من قواعد القانون الدولي اإلتفاقية
أو العرفية التي درج عمييا العمل في العالقات بين أعضاء المجتمع الدولي ،و من قبيل ىذه القواعد مثال:
الرقيق ،و إبادة األجناس و التمييز العنصري ،و اإلرىاب الدولي ،و العدوان عمى
المجرمة لمقرصنة و ّ
ّ القواعد
التدخل في شؤونيا الداخمية ،و القواعد المتعمّقة بحقوق اإلنسان
ّ الدول والقواعد المتعمقة بسيادة الدول و عدم
األىمية)1( ... حق تقرير المصير ،القواعد اإلنسانية المتبعة في الحروب الدولية و
وال ّشعوب ال سيما ّ
تجسد بطالن المعاىدة لعدم مشروعية محمّيا " اتفاق سيفر" بين فرنسا و بريطانيا
و من األمثمة التاريخية التي ّ
تجرم العدوان
الصياينة لالعتداء عمى مصر في 29أكتوبر 1956و ىذا لمخالفتو القاعدة الدولية التي ّ و ّ
واتفاقية "مدريد" بين المغرب و موريتانيا و إسبانيا لعام 1975القاضية بتقسيم الصحراء الغربية بين المغرب
مصيرىا)2(. حق الشعوب في تقرير
تكرس ّ
وموريتانيا وىذا لمخالفتيا القاعدة الدولية التي ّ
نصت المادة 53من اتفاقية فينا لقانون المعاىدات عمى عيب عدم مشروعية مح ّل المعاىدة بقوليا: و قد ّ
"تعتبر المعاىدة الغية إذا كانت في وقت عقدىا تتعارض مع قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي العام،
وفي تطبيق ىذه االتفاقية يقصد بالقاعدة القطعية ّأية قاعدة مقبولة و معترف بيا من المجتمع الدولي كك ّل
بوصفيا قاعدة ال يسمح باإلنتقاص منيا ،و ال يمكن تغييرىا إالّ بقاعدة الحقة من قواعد القانون الدولي العام
الخاصية".
ّ ليا ذات الطّابع أو
الدولية:
الم طمب الثاني :اإلطار اإلجرائي لممعاىدة ّ
ال تنتيي دراسة المعاىدة الدولية عند ماىيتيا و شروطيا الشكمية و الموضوعية ،فيذه مسائل نظرية قد ال
لكن الصعوبة الحقيقية تكمن في الجانب اإلجرائي لممعاىدة من حيث تطبيقيا و
تطرح ّأية صعوبة بشأنيا ،و ّ
مخصصين فرعا لك ّل
ّ سنقسم ىذا الم طمب إلى ثالثة فروع
ّ تفسيرىا وتعديميا و إنيائيا أو تعميقيا ،و عمى ىذا
مسألة من ىذه المسائل الثالث:
______________________________________________________________________________________
( )1د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،90 -87د .غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ص ،62 ،61د .إبراىيم بن داود:
"المعاىدات الدولية في القانون الدولي " مرجع سابق ،ص.90
» GOMEZ ROBLEDO (A) : « Le jus cogens international : Sa genre, sa nature, et ses fonctions
R.C.A.D.I, 1981, pp- 217.
و في الجدل الفقيي حول القواعد اآلمرة أنظر:
EVEANS (Editor) : « International Law » Oxford University Press, 1970, p154.
( )2د .حامد سمطان " :القانون الدولي العام في وقت السمم " دار النيضة العربية -القاىرة ،1962ص.224
53
الدولية:
األول :تطبيق المعاىدة ّ
الفرع ّ
بمجرد استيفاء كافّة مراحل إبراميا فضال عن توافر شروطيا ّ حيز النفاذ
المبدأ العام ىو دخول المعاىدة ّ
يتعين عمييا احترام أحكاميا و تنفيذ االلتزامات التّي تقضي بيا
الموضوعية ،حيث تصبح ممزمة ألطرافيا التّي ّ
بيانو)1(. السابق
النحو ّ
النية المنصوص عميو في المادة 26من اتفاقية فينا عمى ّ
استنادا إلى مبدأ حسن ّ
الدفع بعدم
فإن إخالل أحد أطراف المعاىدة بحكم من أحكاميا يجيز بالمقابل لسائر أطرافيا فسخيا أو ّ
و عميو ّ
الدولية جممة من
الدولية في مواجية الطّرف المعني ،و يثير تطبيق المعاىدة ّتنفيذىا أو إثارة المسؤولية ّ
السريان) ،و تحديد مجال تطبيقيا من حيث الزمان ( طريقة و تاريخ ّ
اإلشكاالت تتعمّق بكيفية تطبيقيا من حيث ّ
المكان و من حيث األشخاص ،إضافة إلى إشكالية تعاقب المعاىدات التّي تنظّم موضوعا واحدا ،و أخي ار
تطبيق المعاىدة أمام القاضي الوطني ،و سنعالج ىذه اإلشكاالت تباعا:
الزمان:
الدولية من حيث ّ
ّأوال -تطبيق المعاىدة ّ
الزمان مسألتين تتعمّق األولى بعدم رجعية المعاىدة ،و تتعمّق الثّانية
الدولية من حيث ّ
يثير تطبيق المعاىدة ّ
حيز النفاذ.
بإمكانية التّطبيق المؤقّت ليذه األخيرة قبل سريانيا الفعمي أو دخوليا ّ
الدولية:
- 1عدم رجعية المعاىدة ّ
______________________________________________________________________________________
BINDSCHEDLER (Robert) : « De la rétroactivité en droit international » public Mélanges
Guggenheim, Genève 1968, p184.
54
نصت
العامة ىي عدم تطبيق المعاىدة بأثر رجعي ،فاالستثناء ىو رجعية تطبيقيا إذا ّ
و إذا كانت القاعدة ّ
المعاىدة ذاتيا أو اتّفق أطرافيا عمى ذلك ،و تكمن الحكمة من ىذا االستثناء في رغبة أطراف المعاىدة في
الصفة القانونية عمى واقعة أو مسألة سابقة لممعاىدة حتّى ال تبقى دون معالجة أو تنظيم (سند قانوني)
إضفاء ّ
سد فراغ أو ثغرة قانونية وجدا قبل سريان المعاىدة نفسيا)1(.
وعميو يرمي تطبيقيا بأثر رجعي إلى ّ
الدولية إمكانية العمل باالستثناء عمى مبدأ رجعية المعاىدة عبر تجارب
من جية أخرى أثبتت الممارسة ّ
الدولية أماميا استنادا إلى ىذا االستثناء حيث
تمت محاكمة مرتكبي الجرائم ّالدولية الجنائية ،فقد ّ
المحاكم ّ
ارتكبت ىذه الجرائم قبل سريان أنظمتيا األساسية المنئشة ليا و المعاقبة عمييا ،و من ذلك محكمة نورمبرغ و
)3(.1946 طوكيو لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية لعامي 1945و
الدولية:
- 2التطبيق المؤقّت لممعاىدة ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص ص.100 ،99
1997 ( )2د .محمد السعيد الدقاق ،د .مصطفى حسين سالمة " :القانون الدولي المعاصر" دار المطبوعات الجامعية -اإلسكندرية
ص ص.156 ،155
( )3د .إبراىيم محمد العناني ،مرجع سابق ،ص 131و ما بعدىا.
55
الدولية المعاصرة
ذلك كأن يتعمّق األمر مثال بمعاىدة بيئية أو إنسانية أو عسكرية ،فالترابط الوثيق لمعالقات ّ
حيز النفاذ.
يتم دخوليا ّ
يقتضي تطبيق المعاىدة تطبيقا مؤقّتا ريثما ّ
نص المعاىدة
و يشمل التطبيق المؤقّت لممعاىدة المعاىدة كك ّل أو جزء ا منيا ،و يتوقّف ىذا التطبيق عمى ّ
ذاتيا أو اتّفاق أطرافيا عميو.
بقية
بمجرد إخطار ّّ تطبق تطبيقا مؤقّتا أن تنيي ىذا التّطبيق في مواجيتيا
ألية دولة طرف في معاىدة ّ و يمكن ّ
لكن ىذا الموقف مرىون بسماح المعاىدة بذلك أو اتّفاق أطرافيا بنيتيا في أالّ تصبح طرفا فييا ،و ّ
أطرافيا ّ
جوازه)1(. عمى
الدول المتفاوضة عمى خالف ذلك ،ينتيي التطبيق المؤقّت لممعاىدة أو لجزء
تنص المعاىدة أو تتّفق ّ
–2ما لم ّ
تطبق المعاىدة فيما بينيا بصفة مؤقّتة
الدول األخرى التّي ّ
الدولة ّ
بالنسبة إلى دولة ما إذا أخطرت ىذه ّ
منيا ّ
بنيتيا في أالّ تصبح طرفا في المعاىدة".
ّ
نصت المادة 29من اتّفاقية فينا لقانون المعاىدات عمى أن " :تكون المعاىدة ممزمة لك ّل طرف فييا بشأنّ
يتبين من المعاىدة أو يثبت بطريقة أخرى وجود ّنية مغايرة".
كامل إقميمو ما لم ّ
( )1د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص ص ،99 ،98د .إبراىيم محمد العناني ،مرجع سابق ،ص ،131د .أحمد إسكندري،
د.محمد ناصر بوغزالة ،مرجع سابق ،ص.187
56
إن
الدولية بالقول ّ " :
الدولي بمناسبة إعداد مشروع قانون المعاىدات ّ
و قد أشارت إلى ىذه القاعدة لجنة القانون ّ
بأن
الرأي القائل ّ
يؤيد بوضوح ّ
الدولية ،و مؤلّفات الفقياء ّ
الدول ،و كذا قضاء المحاكم ّ
ما يجري عميو العمل بين ّ
النص عمى
ّ يتم
أي طرف من األطراف المتعاقدة ،و ذلك ما لم ّ
المعاىدة يفترض فييا تطبيقيا عمى ك ّل إقميم ّ
ل مخالف في المعاىدة نفسيا)1(".
حّ
النحو
الدول أطراف ىذه األخيرة عمى ّ
إذا كانت القاعدة ىي تطبيق المعاىدة من حيث المكان عمى كافّة أقاليم ّ
الدولة الطّرف ،و استثناء جزء آخر فيو من ىذاالمتقدم ،فاالستثناء ىو تطبيق المعاىدة عمى جزء من إقميم ّ
ّ
التطبيق إذا سمحت المعاىدة ذاتيا بذلك ،أو اتّفق عميو أطرافيا.
الدولية ال تنطبق إالّ بين أطرافيا فقط و ال ترتّب آثارىا إالّ في مواجيتيم ،و يطمق
أن المعاىدة ّ
العامة ّ
القاعدة ّ
الفقو عمى ىذه القاعدة "نسبية أثر المعاىدة" ،و إذا كان ىذا ىو األصل فخالفا لو يمكن لممعاىدة أن ترتّب آثا ار
في مواجية الغير ،سواء كانت ىذه اآلثار حقوقا أو التزامات ،و سواء ترتّبت برضاه أو بغير رضاه.
______________________________________________________________________________________
57
بالنسبة لمغير (ثانيا):
ثم أثر المعاىدة ّ
سنتعرض في فرعين إلى أثر المعاىدة بالنسبة ألطرافيا ( ّأوال)ّ ،
ّ و لذلك
الدائمة لمعدل
الدولي ،فقد أ ّكدت عمى ىذا المبدأ المحكمة ّ
استقر عميو القضاء ّ
ّ النص تماشيا مع ما
ّ يعد ىذا
و ّ
قضية " شورزو" بين ألمانيا و بولونيا ،حيث جاء فيو :
الصادر في 1927 /05/25بشأن ّ الدولي في حكميا ّ ّ
ذاتيا)1("... الدول أطراف ىذه المعاىدة
أن المعاىدة ال تنشئ حقوقا و ال ترتّب التزامات إالّ بين ّ
"...من الثابت ّ
يطبق عمى
نفسو ال ّ فإن المبدأ
إذا كانت القاعدة ىي ىيمنة مبدأ نسبية أثر المعاىدة عمى ك ّل المعاىدات ّ
إطالقو.
______________________________________________________________________________________
( )1د .بيار ماري دوبوي ،مرجع سابق ،ص ص.327 ،326
( )2د .جمال عبد الناصر مانع ،مرجع سابق ،ص.134
( )3د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص.103
58
تمتد فييا آثار المعاىدة إلى غير أطرافيا ،فتكسبيا بعض
حيث يخضع لبعض االستثناءات التّي يمكن أن ّ
الحقوق ،وتمقي عمى عاتقيا بعض االلتزامات.
الصريح
الرضا اإليجابي :و يقضي بامتداد آثار المعاىدة (حقوقا و التزامات) إلى الغير بسبب قبولو ّ
-مبدأ ّ
الدول ،و المثال ال ّذي
الدولي إلى موافقة ّ
القوة الممزمة لمقانون ّ
لذلك ،و ال ّذي عادة ما يثبت كتابة ،حيث تستند ّ
نصت عمى ّأنو
الدولية الجنائية التّي ّ
المادة 3/12من نظام روما األساسي لممحكمة ّ
يجسد ىذا المبدأ مثال ّ
ّ
لمدولة غير الطّرف في نظام المحكمة أن تقبل اختصاص المحكمة بموجب موافقة صريحة (مكتوبة)
يمكن ّ
تودع لدى كتابة ضبط المحكمة.
الضمني أو المفترض :و ال ّذي بمقتضاه يفترض التزام الغير بالمعاىدة و بالتّالي امتداد آثارىا
الرضا ّ
-مبدأ ّ
إليو (حقوقا و التزامات) من خالل سكوتو مثال و عدم اعتراضو ،أو من خالل سموكو الالّحق ال ّذي يستنتج
منو ّأنو قبل بأحكام المعاىدة ،كأن تبدأ دولة غير طرف في معاىدة بتنفيذ أحكاميا بصورة انفرادية (المعاىدات
البيئية ،العسكرية) عن طريق اتّخاذ تدابير تشريعية أو عممية داخل إقميميا بغرض تطبيق تمك المعاىدة.
أن القاعدة الواردة في معاىدة دولية يمكن أن تصبح ممزمة لغير أطرافيا مع
مؤداه ّ
-مبدأ األثر العرفي :و ّ
الدولي)1(.
الزمن بمثابة قاعدة عرفية من قواعد القانون ّ
الزمن ،حيث تصبح ىذه القاعدة بفعل عامل ّمرور ّ
الصريحة أو
إما بالموافقة ّ
الدولية لغير أطرافيا ّ
الدولي يرى إمكانية امتداد آثار المعاىدة ّ
أن الفقو ّ
صفوة القول ّ
تكون قاعدة دولية عرفية ناجمة عن ىذه المعاىدة ،و عميو يمكن أن يكون انطباقالضمنية ليا ،أو نتيجة ّ
ّ
الدولية عمى الغير برضاه أو بغير رضاه:
المعاىدة ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص ص.104 ،103
59
الدولية عمى الغير برضاه:
أ -انطباق المعاىدة ّ
ميزت
الدولية عمى الغير برضاه ،و ّ
عالجت المو ّاد من 35إلى 37من اتفاقية فينا مسألة انطباق المعاىدات ّ
الرضا بين آثار المعاىدة المتعمّقة بفرض التزامات ،و بين آثارىا المتعمّقة بمنح حقوق:
في إطار ىذا ّ
-المعاىدات المرتّبة اللتزامات عمى عاتق الغير:
األول :أن تقصد أطراف المعاىدة ذاتيا ترتيب التزامات عمى عاتق الغير (أطراف أخرى من دون أطراف
ّ
المعاىدة).
االلتزامات)1(. الثاني :أن يقبل الغير صراحة ،و عن طريق الكتابة الخضوع ليذه
نصت عميو المادة 35من اتفاقية فينا بقوليا " :ينشأ التزام عمى عاتق دولة ثالثة من أحد أحكام و ذلك ما ّ
الدولة الثالثة ىذا االلتزام صراحة
المعاىدة إذا أرادت أطرافيا بيذا الحكم أن يكون وسيمة إثبات االلتزام ،و قبمت ّ
بصورة خطّية".
الدائمة
قررت المحكمة ّ
الدولي ،حيث ّ
و موقف اتفاقية فينا في ىذا الخصوص جاء متوافقا مع موقف القضاء ّ
الصادر في
الدولي ضرورة توافر ال ّشرطين معا لترتيب المعاىدة التزاما عمى عاتق الغير في حكميا ّ
لمعدل ّ
الحرة" بين فرنسا و سويسرا ،إذ أرادت فييا فرنسا أن تنيي استنادا لمعاىدة
1932/07/07في قضية "المناطق ّ
الحرة التي منحت ليذه األخيرة بمقتضى معاىدة فينا لعام
"فرساي" لعام 1919حقوق سويس ار عمى المناطق ّ
أن سويس ار لم تكن طرفا في معاىدة فرساي فضال عن رفضيا منح ىذه المناطق ،فقد رفضت ،1815و بما ّ
أن المادة 453من معاىدة فرساي ال تسري في مواجية سويس ار التّي لم تكن
المحكمة طمب فرنسا استنادا إلى ّ
وصراحة)2(. طرفا فييا إالّ في الحدود التّي تقبميا طواعية
______________________________________________________________________________________
60
تقرر التزامات عمى عاتق الغير برضاه
و طبقا لقاعدة توازي األشكال يترتّب عن انطباق المعاىدة التّي ّ
مرة أخرى ،أي اشتراط وجود موافقة جديدة
عامة عن إلغاء أو تغيير ىذه االلتزامات إالّ برضاه ّ
االمتناع كقاعدة ّ
،و التّي تمثّل في بين أطراف المعاىدة و الغير ال ّذي يقبل أحكام المعاىدة الجديدة مح ّل التغيير أو التعديل
نيائيا)1(.
أي التزام في مواجيتو ّ مجددة عمى عاتقو أو إنياء ّالحقيقة التزامات ّ
و ذلك تماما ما أ ّكدتو المادة 1/37من اتفاقية فينا بقوليا " :حين ينشأ التزام عمى دولة ثالثة وفقا لممادة 35
الدولة الثالثة ما لم يثبت ّأنيا اتّفقت عمى خالف ذلك".
ال يجوز إلغاؤه أو تغييره إالّ بموافقة أطراف المعاىدة و ّ
تنص المادة 36من اتفاقية فينا عمى ما يمي – 1 " :ينشأ حق لدولة ثالثة من أحكام المعاىدة إذا أرادت ّ
لمدولة الثالثة أو لمجموعة من الدول التّي تنتمي إلييا الدولة الثالثة أو
إما ّ
أطرافيا بيذا الحكم أن يمنح الحق ّ
تنص
لجميع الدول ،و قبمت الدولة الثالثة بذلك و يفترض ىذا القبول ما لم يوجد ما يد ّل عمى نقيض ذلك ما لم ّ
المعاىدة عمى خالف ذلك.
–2عمى الدولة التّي تمارس حقا وفقا لمفقرة 1أن تمتثل لشروط ممارستو المنصوص عمييا في المعاىدة أو
المثبتة طبقا لممعاىدة".
النص يشترط في المعاىدة حتّى تنشئ حقوقا لصالح الغير (الدول من غير أطرافيا) شرطان:
ّ من استقراء ىذا
األول :يجب أن يقصد أطراف المعاىدة ذاتيا من خالل أحد نصوصيا أن يمنحوا حقا لدولة أو لدول أخرى من
ّ
بالنص ضرورية بل ىي أساس خمق ىذا الحق.ّ المعبر عنيا
ّ النية
تعد ىذه ّ
غير أطراف المعاىدة ،و ّ
الثاني :يجب أن يوافق الغير (الدولة أو الدول األخرى من غير أطراف المعاىدة ذاتيا) عمى ىذا الحق
الرفض و ما لم تنص المعاىدة ذاتيا عمى خالف ذلك ،بل
وتفترض ىذه الموافقة ما لم يوجد مؤ ّشر يد ّل عمى ّ
لمجرد إثبات عدم التنازل عن الحق
أن ىذه الموافقة تأتي ّ
الدولي يذىب أبعد من ذلك حينما يعتبر ّ إن الفقو ّ
ّ
إالّ)2(. الممنوح ليس
و تتّخذ المعاىدات المنشئة لحقوق لصالح الغير -في الحقيقة -صورتين :تتمثّل األولى فيما يعرف بشرط
بالرعاية ،فيما تتمثّل الثّانية فيما يعرف باالشتراط لمصمحة الغير:
الدولة األولى ّ
ّ
______________________________________________________________________________________
( )1في ىذا المعنى أنظر د .أحمد إسكندري ،د .محمد ناصر بوغزالة ،مرجع سابق ،ص.195
( )2د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص.105
61
بالرعاية:
الدولة األولى ّ
شرط ّ
بأنو اتّفاق بين دولتين أو أكثر تضمن ك ّل منيا لألخرى بمقتضاه في معاىدة ما االستفادة
يعرف ىذا ال ّشرط ّ
ّ
تتضمن مزايا
ّ لكنيا
مما تمنحو أو ستمنحو من مزايا لدولة أو أكثر في معاىدة أخرى تتعمّق بذات الموضوع ،و ّّ
األولى)1(. أكثر من تمك المنصوص عمييا في المعاىدة
تتضمن المعاىدات التجارية أو الجمركية ىذا ال ّشرط ،حيث تتفق الدول األطراف فييا
ّ و قد جرت العادة أن
بأية شروط أفضل يمكن أن تمنحيا مستقبال لدولة أو لدول أخرى في معاىدة ثانية عمى أن تمنح بعضيا التمتّع ّ
امتد من دائرة
أن ىذا الشرط ّالدول المستفيدة ليست طرفا في المعاىدة الثانية ،غير ّ الرغم من كون ّعمى ّ
المعاىدات االقتصادية عموما إلى غيرىا من المعاىدات ،كتمك المتعمّقة بتنازع القوانين و مركز األجانب و
تتضمنو
ّ أن المعاىدة التّي
التعاون القضائي و تسميم المجرمين...إلخ ،و األثر ال ّذي يحدثو ىذا ال ّشرط ىو ّ
تقررىا معاىدة أخرى في ذات الموضوع ليست بعضيا الدول األطراف فييا االستفادة من المزايا التّي ّ
تخول ّ
ّ
األولى)2(. طرفا فييا ابتداء من تاريخ سريان المعاىدة
أن الجزائر و تونس أبرمتا معاىدة تجارية عام 2010اتفقتا بمقتضاىا عمى إعفاء البضائع المنتجةفمنفترض ّ
في ك ّل منيما بنسبة %50من قيمة التعريفة الجمركية المفروضة عند عبورىا لمحدود في االتّجاىين ،و اتفقتا
تبعا لذلك عمى ّأنو إذا أبرمت واحدة منيما مستقبال معاىدة جديدة مع دولة أخرى في ذات الموضوع (اإلعفاء
الحق في االستفادة من المعاىدة الجديدة و المطالبة
ّ فإن األخرى ليا
الجمركي) و بإعفاءات أكثر من ّ %70
بتطبيق شرط اإلعفاء بأكثر من ،%70فإذا كانت الجزائر مثال ىي التّي أبرمت المعاىدة الجديدة مع ليبيا في
تضمنتو
ّ الدولة األولى بالرعاية ال ّذي
حق تونس أن تستفيد من ال ّشرط المذكور طبقا لشرط ّ
2014فمن ّ
السريان منذ ىذا التّاريخ)3(.المعاىدة األولى المبرمة بينيا و بين الجزائر في 2010حيث بدأ ىذا ال ّشرط في ّ
الصادر في
الدولي بيذا ال ّشرط ،حيث اعتبرت محكمة العدل الدولية في حكميا ّ و قد أخذ القضاء ّ
أن المعاىدة المبرمة بين بريطانيا و إيران تعتبر
1952/07/27في قضية "الشركة األنجمو إيرانية لمزيت" ّ
قررتيا المعاىدة المبرمة بين إيران و الدانمارك والتّي لم تكن
السند القانوني لتمتّع بريطانيا بالحقوق التّي ّ
ّ
بالرعاية)4(.
الدولة األولى ّ
تضمنت شرط ّ ّ ألن المعاىدة األولى بينيا و بين إيران
بريطانيا طرفا فيياّ ،
______________________________________________________________________________________
62
االشتراط لمصمحة الغير:
االشتراط لمصمحة الغير نظام معمول بو في نظرية العقود في القوانين الداخمية ،و يقصد بو اتفاق أطراف العقد
المتعاقدين)1(. عمى ترتيب حقوق لصالح شخص آخر من غير
و يطرح التساؤل حول ما إذا كان القانون الدولي بدوره قد عرف مثل ىذا النظام ؟ و ما مدى قبول الدولة أو
الدول الغير و المستفيدة من الحقوق التّي ترتّبيا ليا معاىدة ليست طرفا فييا ؟ ،و ىل يجوز ليا التمسك بيذه
قررت ليا ىذه الحقوق؟
تم تعديميا أو إلغاؤىا دون موافقتيا ،و ىي التّي ّ
المعاىدة إذا ّ
أن القانون الدولي قد أخذ فعال بنظام االشتراط
بالرجوع إلى المادة 36من اتفاقية فينا المشار إلييا سابقا ،نجد ّ
ّ
لمصمحة الغير حيث أجازتو ىذه المادة تحت الشرطين المذكورين سمفا.
1815إلى ترتيب حقوق أن المحكمة قد استنتجت من ظروف القضية اتجاه معاىدة فينا لعام يتبين ّ
ىكذا ّ
بالمعنى الدقيق لصالح سويس ار ،و ىو األساس ال ّذي اعتمدتو لمقضاء بعدم المساس بحقوق سويس ار في ىذا
رضاىا)3(. الصدد دون
______________________________________________________________________________________
( )1د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ،99د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.159
( )2د .محمد السعيد الدقاق ،د .مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص.164
(3) HARRIS (D.J) : « Cases and materials in international law” Second edition, Sweet and Maxwell,
London 1979, pp628-633.
(4) REUTER (Paul) : « Introduction au droit des traités » P.U.F, Paris 1985, pp91-158.
63
و ذلك تماما ما أ ّكدتو المادة 2/37من اتفاقية فينا بقوليا " :حين ينشأ حق لدولة ثالثة وفقا لممادة 36ال
أن المقصود بذلك الحق أن ال يخضع لإللغاء أو التغيير دون موافقة
يجوز لألطراف إلغاؤه أو تغييره إذا ثبت ّ
الدولة الثالثة".
لقد أثبتت الممارسة الدولية وجود حاالت تنصرف فييا آثار المعاىدة الدولية من حيث االلتزامات و الحقوق
الواردة فييا إلى غير أطرافيا و بدون رضاىا ،و يمكن تصنيف المعاىدات التي تنطبق عمى الغير دون رضاه
عامة:
تتضمن تقنينا لقواعد دولية ّ
ّ إلى تمك التّي تنشئ أوضاعا دولية دائمة ،و تمك التّي
المعاىدات التي تضع بعض الدول في حالة حياد دائم :و ىذا تجنبا إلثارة المنازعات الدولية فييا أو
لمسمم الدولي ،كمعاىدة
بسببيا ،أو جعميا فاصال بين مجموعة من الدول التّي قد يثير تجاورىا تيديدا ّ
"فينا" لعام 1815التي وضعت سويس ار في حالة حياد دائم ،و معاىدة "لندن" لعام 1831التّي أنشأت
دولة بمجيكا و وضعتيا في حالة حياد دائم.
الدوليين
السمم و األمن ّ
معينة :و ىذا بغرض حماية ّ
السالح في مناطق ّ تقرر نزع ّ المعاىدات التي ّ
كالمعاىدة التّي أبرمت بين ك ّل من فرنسا و بريطانيا و روسيا في 1959/12/01و اتفق فييا عمى
السالح)2(.
ّ جعل جزر "األالند" منطقة منزوعة
______________________________________________________________________________________
( )1أنظر في ذلك بالتفصيل د .بيار ماري دوبوي ،مرجع سابق ،ص ص.599 -593
( )2د .محمد السعيد الدقاق ،مصطفى حسين سالمة ،مرجع سابق ،ص ص.166 ،165
64
المعاىدات التي تكفل تسيير المرافق العامة الدولية :و ىذا بغرض تفعيل و تنشيط المصالح الحيوية
الدولية.
حرية المالحة في بعض المضايق أو القنوات أو الخمجان أو األنيار ّ
لممجتمع الدولي ،كتأمين ّ
السويس" ،و المعاىدتان
الخاصة بتنظيم المالحة في قناة " ّ
ّ ومثاليا معاىدة "القسطنطينية" لعام 1888
المتعمّقتان بتنظيم المالحة في قناة "بنما" لعامي 1903 ،1901و المبرمتان بين بريطانيا و الواليات
الراين" لعام ،1868ومعاىدة المتحدة األمريكية وبنما ،و معاىدة "مانيايم" المنظّمة لممالحة في نير " ّ
"فرساي" لعام 1919المنظّمة في جزء منيا لموضع القانوني لقناة "كييل" ،و االتفاقيات المنظّمة
لموضع القانوني لنير "الدانوب" عمى التّوالي :اتفاقية باريس لعام ،1856اتفاقية برلين لعام ،1878
)1(.1883 اتفاقية لندن لعام
الدول
حجة عمى الكافّة ،إذ تمزم جميع ّ
أن ىذه المعاىدات التي تنشئ أوضاعا دولية دائمة تعتبر ّو يالحظ ّ
موجية أساسا لمراعاة المصمحة العميا لممجتمع
ألن ىذه المعاىدات ّ
باحتراميا سواء كانت أطرافا فييا أم الّ ،
برمتيا.
الدولية ّ
بالسريان أعضاء المجموعة ّ
الدولي كك ّل ،و ذلك ما يضفي عمييا ال ّشرعية القانونية في شموليا ّ
ّ
الدول األطراف في ىذه المعاىدات قادرة فعال عمى فرض احتراميا منالناحية العممية ينبغي أن تكون ّ
من ّ
الدول غير األطراف فييا ،و ىذا ما يتيح لألوضاع التي تنشئيا ىذه المعاىدات شرعية واقعية فضال
بقية ّ
قبل ّ
تتصرف
ّ الدول التي تنشئ مثل ىذه األوضاع ّإنما
بأن ّ
عن شرعيتيا القانونية ،و لذلك يرى الفقو الدولي ّ
بوصفيا (حكومة دولية واقعية))2(.
النوع
محددا الطّبيعة القانونية ليذا ّ
الدولي مشروعية المعاىدات المنشئة ألوضاع دولية دائمة ّ
و قد ّأيد القضاء ّ
من المعاىدات.
أن ىذا النظام قد وضع بمقتضى معاىدة بين عدد محدود من الرغم من ّ
و أوضحت المحكمة ّأنو " :عمى ّ
الدول حاليا حقّا بالمرور يجب احترامو)3( ".
فإنو يمنح لكافّة ّ
الدول (فرساي لعام ّ ،)1919
______________________________________________________________________________________
65
عامة:
تتضمن تقنينا لقواعد دولية ّ
ّ -المعاىدات التّي
الدولي و ليسفالقوة الممزمة لمقواعد الواردة في ىذا النوع من المعاىدات تكمن – حقيقة -في العرف ّ
و لذلك ّ
أي أثر اتّجاه الغير في ىذه الحالة بقدر ما ينتجو العرف ،و لكن الغير (الدول
في المعاىدة ذاتيا التّي ال تنتج ّ
تضمنتيا ىذه المعاىدات ،و ليس ذلك إالّ تعبي ار عن
ّ معين بالقواعد التّي
غير األطراف) سيرتبط بعد وقت ّ
الترابط والتداخل بين القانون الدولي االتفاقي و القانون الدولي العرفي)2(.
عبرت عنو المادة 38من اتفاقية فينا بقوليا " :ليس في المواد من 24إلى 27ما يمنع ّأية و ىذا تماما ما ّ
قاعدة منصوص عمييا في معاىدة ما من أن تصبح ممزمة لدولة ثالثة باعتبارىا قاعدة من قواعد العرف في
القانون الدولي معترف بيا بصفتيا ىذه".
المتضمنة تقنينا
ّ و يمكن ربط سياق المادة 38بالمادتين 53و 64من نفس االتّفاقية لفيم طبيعة المعاىدات
عامة (القواعد اآلمرة).
لقواعد دولية ّ
رابعا -تعاقب المعاىدات الدولية التي تنظم موضوعا واحدا:
كثي ار ما تسفر الممارسة الدولية في نطاق المعاىدات الدولية عن أن تبرم دولتان أو أكثر معاىدة ما تتعمّق
الدول كمّيا أو بعضيا فيما بينيا أو فيما بينيا و بين دول أخرى
ثم تبرم ىاتان الدولتان أو ىذه ّ
معينّ ،
بموضوع ّ
معاىدة ثانية تتعمّق بذات الموضوع و تتعارض تبعا لذلك مع المعاىدة األولى ،و قد يعقب المعاىدة الثانية
ثالثة و رابعة...إلخ.
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد السعيد الدقاق ،د .مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص ص.167 ،166
( )2د .عمي صادق أبو ىيف ،مرجع سابق ،ص.121
66
– وحدة األطراف ،أي وجود دولة أو أكثر أطرافا في معاىدتين أو أكثر.
أن ىناك
– أن تختمف طريقة معالجة نفس الموضوع في ك ّل معاىدة من المعاىدات المتعاقبة ،بحيث يبدو ّ
تناقضا أو تعارضا بشأن ذات الموضوع)1(.
- 1المعاىدات الثنائية:
متعددة األطراف يبدو األمر أيسر في المعاىدات الثنائية المبرمة بين نفس الدولتين
مقارنة مع المعاىدات ّ
أن المعاىدة األخيرة ىي األولى بالتطبيق استنادا إلى المبدأ المتداول (الالّحق
والمنظّمة لنفس الموضوع ،حيث ّ
أن ّنية طرفي المعاىدة قد اتّجيت ضمنيا إلى إلغائيا حينما أبرمتا معاىدة أخرى
السابق) عمى اعتبار ّ
ينسخ ّ
تعالج نفس الموضوع ،ىذا إذا لم تشر المعاىدة الثانية صراحة إلى إبطال العمل باألولى.
متعددة األطراف:
- 2المعاىدات ّ
( )1د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص ص ،109 ،108و في صور التعارض الممكنة و األمثمة التاريخية التي تجسدىا أنظر
د.محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.360
( )2د .أحمد أبو الوفاء ،مرجع سابق ،ص ص.110 ،109
67
أ– العالقة بين دولة طرف في المعاىدتين األولى و الثانية و دولة ىي طرف بدورىا في المعاىدتين معا:
السابق).
تطبق المعاىدة الثانية دون األولى المتعارضة معيا تطبيقا لمبدأ (الالّحق ينسخ ّ
في ىذه الحالة ّ
ب– العالقة بين دولة طرف في المعاىدتين األولى و الثانية و دولة طرف في المعاىدة األولى فقط:
ج– العالقة بين دولة طرف في المعاىدتين األولى و الثانية و دولة طرف في المعاىدة الثانية فقط:
الدول (ج)( ،د) و (أ)( ،ب) فتخضع لممعاىدة األولى المبرمة عام .2010
أما العالقة بين ك ّل من ّ
ّ –2
،2014و الدول (ج)( ،د) و (ه)( ،و) لممعاىدة الثانية المبرمة عام
– 3بينما تخضع العالقة بين ك ّل من ّ
الدولتين (أ) و (ب)
إذا استحال عمى الدولة (ج) أو الدولة (د) أن تنفذ في نفس الوقت التزاماتيا في مواجية ّ
الناشئة عن المعاىدة األولى المبرمة عام 2010و التزاماتيا في مواجية الدولتين (ه) و (و) الناشئة عن
المعاىدة الثانية المبرمة عام ،2014فميا الخيار بين أن تنفّذ التزاماتيا الناشئة عن المعاىدة األولى في
مواجية الدولتين (أ) و (ب) و تصبح مسؤولة دوليا في مواجية الدولتين (ه) و (و) ،أو أن تنفّذ التزاماتيا
الناشئة عن المعاىدة الثانية في مواجية الدولتين (ه) و (و) ،و تصبح مسؤولة دوليا في مواجية الدولتين (أ)
()2 و (ب).
______________________________________________________________________________________
(1) ROUSSEAU (Charles) : « De la compatibilité des normes juridiques contradictoire dans l’ordre
international » R.G.D.I.P, 1932, pp133- 192.
( )2د .محمد سامي عبد الحميد " :أصول القانون الدولي العام -القاعدة الدولية " ج ،2ط ،4مؤسسة الثقافة الجامعية -القاىرة 1979
ص ( .248بتصرف)
68
السمفادور
احتجت ك ّل من كوستاريكا و ّ
ّ و بخصوص ىذه الحالة فقد أفصحت محكمة عدل وسط أمريكا حين
بأن نيكاراغوا قد أبرمت معاىدة أخرى مع الواليات المتحدة األمريكية تعارضت في أحكاميا مع معاىدات سابقة
ّ
بينىا و بين ىاتين الدولتين (كوستاريكا و السمفادور) مخالفة التزاماتيا في مواجية ىاتين األخيرتين ،عن عدم
بطالن المعاىدة الالّحقة المبرمة بين نيكاراغوا و الواليات المتحدة األمريكية ،و ّإنما فرضت عمى نيكاراغوا
السابقة (مع
التزاما ببذل قصارى جيودىا لتكييف المعاىدة الالّحقة (مع الواليات المتحدة األمريكية) مع تمك ّ
والسمفادور))1(. كوستاريكا
اتفاقيةكرستو
و ىذا الح ّل عمى التفصيل ال ّذي أوردناه فيما يخص تعاقب المعاىدات المنظّمة لموضوع واحد ّ
تحدد
نصت عمى ّأنو - 1" :رىنا بمراعاة المادة 103من ميثاق األمم المتحدةّ ،
فينا في المادة 30منيا ،التي ّ
حقوق والتزامات الدول األطراف في معاىدات متتابعة متصمة بموضوع واحد وفقا لمفقرات التالية:
– 2حين تنص المعاىدة صراحة عمى ّأنيا تخضع أو ال تعتبر منافية لمعاىدة سابقة أو الحقة تسري أحكام
ىذه المعاىدة األخيرة.
– 3حين تكون جميع األطراف في المعاىدة السابقة أطرافا أيضا في المعاىدة الالّحقة دون إنياء المعاىدة
السابقة أو تعميق تنفيذىا بموجب المادة ،59ال تنطبق المعاىدة السابقة إالّ بمقدار ما تكون أحكاميا متوافقة
مع أحكام المعاىدة الالّحقة.
ب – فيما بين الدولة الطرف في كمتي المعاىدتين و الدولة الطرف في واحدة منيما فقط ،تخضع حقوق
الدولتين و التزاماتيما المتبادلة لممعاىدة التي تكونان معا طرفا فييا.
– 5ليس في الفقرة 4ما يخل بالمادة 41أو بأية مسألة من مسائل إنياء معاىدة ما أو تعميق تنفيذىا بموجب
المادة ،60أو بأية مسألة تتعمق بالمسؤولية قد تنشأ بالنسبة إلى دولة ما نتيجة عقد أو تطبيق معاىدة تتنافى
أحكاميا مع االلتزامات المترتبة عمييا إزاء دولة أخرى بموجب معاىدة أخرى".
إذا استوفت المعاىدة الدولية شروطيا الشكمية و الموضوعية بالنسبة لمدولة باتت مصد ار من مصادر قانونيا
الداخمي تسري في مواجية ك ّل أشخاصو بما فييم الدولة ذاتيا.
ّ
______________________________________________________________________________________
(1) BASTTID (S) : « Les Traités dans la vie internationale » Economica, Paris 1985, p122.
69
لكن المعاىدة الدولية
تطبق بيا القانون الداخمي ،و ّ
و تمتزم المحاكم الوطنية بتطبيق أحكاميا بالكيفية التّي ّ
مح ّل تطبيق القاضي الوطني قد تكون متعارضة مع أحد نصوص قانونو الداخمي ،فكيف يمكن لو رفع ىذا
التعارض و الفصل في النزاع الماثل أمامو؟
إن اإلجابة عن ىذه اإلشكالية تقتضي بحث ثالثة مسائل أساسية و ىي :مكانة المعاىدة الدولية أمام القاضي
ّ
المشرع
ّ سمو المعاىدة الدولية ،و أخي ار موقف
الوطني من خالل رقابتو لمدى توافر شروط تطبيقيا ،مبدأ ّ
الجزائري من المعاىدة الدولية:
- 1رقابة القاضي الوطني لمدى توافر شروط تطبيق المعاىدة الدولية عمى المستوى الداخمي:
المحددة في
ّ يقتضي تطبيق المعاىدة من قبل القاضي الوطني التأ ّكد من مدى توافر شروط تطبيقيا وفق الكيفية
قانونو الوطني ،و عمى ذلك فاألمر يتطمّب توافر شروط شكمية و أخرى موضوعية:
أ -الرقابة الشكمية:
و تتمثل في ضرورة مراعاة اإلجراءات التّي يفرضيا دستور القاضي أو قانونو الوطني العتبار المعاىدة نافذة
يتعين عميو التأ ّكد من مطابقة ك ّل
ومرتّبة لكافّة آثارىا القانونية داخل إقميم دولتو و في مواجية الكافّة ،و لذا ّ
من عممتي التصديق عمى المعاىدة و نشرىا لما يشترطو دستوره أو قانونو الوطني في ىذا الخصوص ،فإذا
الموضوعية)1(. الرقابة
صحة إجراءات ك ّل من التصديق و النشر انتقل إلى ّ
انتيى إلى سالمة أو ّ
الرقابة الموضوعية:
بّ -
أما في
ففي الواليات المتحدة األمريكية يعيد بيا إلى المحكمة االتّحادية ،و في مصر إلى المحكمة الدستوريةّ ،
فرنسا و الجزائر فيعيد بصالحية الفصل في دستورية المعاىدات إلى ىيئة سياسية ىي المجمس الدستوري)3(.
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد بوسمطان " :الرقابة عمى دستورية المعاىدات في الجزائر " مجمة المجمس الدستوري ،العدد ،2013 -01ص ص -39
.44
( )2المرجع نفسو ،ص ص.49-44
( )3راجع في ذلك د .مولود ديدان " :مباحث في القانون الدستوري " دار بمقيس لمنشر -الجزائر ،2007ص ص ،67-58و لمباحث:
"المجمس الدستوري -2016قراءة قانونية و سياسية في الحال و المآل" مداخمة ضمن الممتقى الوطني حول المجمس الدستوري
في ظل تعديل 06مارس 2016المنعقد بكمية الحقوق -جامعة بجاية يوم ،2017/04/27ص 01و ما بعدىا.
70
سمو المعاىدة الدولية:
- 2مبدأ ّ
بالسمو عمى
ّ تختمف دساتير و قوانين الدول في التعامل مع مكانة المعاىدة الدولية ،فمنيا التّي تعترف ليا
القانون الداخمي بما فيو الدستور ،و منيا التّي تضعيا في مرتبة مساوية لمدستور ،و منيا تمك التّي تجعميا أق ّل
العادي)1(. لكنيا أسمى من القانون
شأنا من الدستور و ّ
فإما أن يكون
و في ك ّل األحوال فالتعارض بين المعاىدة الدولية و القانون أو التشريع الداخمي يتّخذ صورتينّ :
إما أن يكون بين معاىدة سابقة و تشريع الحق: بين تشريع سابق و معاىدة الحقة ،و ّ
السابق و المعاىدة الالّحقة:
أ -التعارض بين التشريع ّ
السابق و المعاىدة الالّحقة جزئيا ،و في ىذه الحالة يمكن رفعو بالتوفيق بين
قد يكون التعارض بين التشريع ّ
السابق و المعاىدة الالّحقة معا في الحدود التّي ال
فيطبق ك ّل من التشريع ّ
النصوص مح ّل التعارضّ ،
أما إذا كان التعارض كمّيا فال محالة ىنا من تطبيق المعاىدة الالّحقة عمى حساب التشريع
يتعارضان فيياّ ،
السابق)2(.
ّ السابق وفقا لمبدأ الالّحق ينسخ
ّ
1925/02/21المتعمق و أتيح قبل ذلك لممحكمة الدائمة لمعدل الدولي في رأييا االستشاري الصادر بتاريخ
تحدد موقفيا من المسألة بتغميب القانون الدولي عمى الوطني.
بقضية "تبادل السكان اليونان و األتراك" أن ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد سامي عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص ص .255 ،254و انظر في ذلك المادة 150من دستور .2016
( )2د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص.113
( )3د .أحمد إسكندري ،د .محمد ناصر بوغزالة ،مرجع سابق ،ص.55
71
أن المادة 18من اتفاقية لوزان المبرمة في 1923تمزم الدول األطراف فييا بتكييف تشريعاتيا حيث ذىبت إلى ّ
الداخمية معيا و بتعديميا إن لزم األمر لضمان تنفيذ االتفاقية)1(.
الدولية:
سمو المعاىدة ّ
المشرع الجزائري من مسألة ّ
ّ - 3موقف
الدساتير
المشرع الجزائري من ىذه المسألة بالتمييز بين الدساتير االشتراكية و ّ
ّ التعرض لموقف
يمكن ّ
المميبيرالية:
أ -الدساتير االشتراكية:
ب -الدساتير المميبيرالية:
123منو التّي سمو المعاىدة الدولية عمى القانون من خالل المادة
عمد دستور 1989إلى تكريس مبدأ ّ
أن" :المعاىدات التي يصادق عمييا رئيس الجميورية حسب الشروط المنصوص عمييا فينصت عمى ّّ
الدستور تسمو عمى القانون".
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص( .317مشار إليو في اليامش).
( )2في أىمية تفسير المعاىدات الدولية أنظر محمد بوسمطان " :مبادئ القانون الدولي العام" مرجع سابق ،ص ص.327 ،326
72
المختصة بالتفسير:
ّ ّأوال -الجية
- 1التفسير الدولي:
أ -التفسير الديبموماسي:
أن المنظّمات
تقدمو منظّمة من المنظّمات الدولية أو اإلقميمية أو أحد أجيزتيا ،و الثّابت ّ
ىو التفسير ال ّذي ّ
الصالحية أم ال،
خصتيا تمك المعاىدات بيذه ّ الدولية تضطمع بصالحية تفسير المعاىدات المنشئة ليا سواء ّ
المحددة
ّ استقر العرف الدولي عمى منح أجيزة المنظّمات الدولية سمطة تفسير نصوص المعاىدات ّ فقد
الضمنية ليذه األجيزة ،و ذلك تماما ما أ ّكدتو
الصالحيات ّ
أن ذلك يدخل في إطار ّ الختصاصاتيا من منطمق ّ
محكمة العدل الدولية في رأييا االستشاري المتعمّق بالتعويض عن األضرار التّي تمحق موظّفي األمم المتّحدة
)2(.1949 الصادر في
أثناء قياميم بالوظيفة ،و ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ،166 ،165د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص ،122-120د .منتصر سعيد
حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص.122
( )2د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ص ،168 ،167د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق،
ص ص124 ،123
73
النص صراحة عمى
ّ الدولية في حالة عدم
أن التفسير ال ّذي تنتيي إليو أجيزة المنظّمات ّ
و تجدر اإلشارة إلى ّ
نص
استمدت صالحية التفسير من ّ
ّ لمدول األعضاء فييا ،بخالف ما إذا
يعد ممزما ّمنحيا سمطة التفسير ال ّ
الصالحية.
صريح في المعاىدة المنشئة ليا يمنحيا تمك ّ
-التحكيم الدولي:
الدولي طريقا قضائيا تقوم بمقتضاه الدول المتنازعة باختيار شخص أو ىيئة لتسوية ما بينيا من
يعتبر التحكيم ّ
يفضل البعض تعريفخالفات أو نزاعات بطريقة قانونية شريطة التزام ىذه الدول بتنفيذ القرار التحكيمي ،كما ّ
القوة.
الدول عن طريق سيادة القانون بدال من سيادة ّ
بأنو وسيمة لتصفية الخالفات بين ّ
التحكيم ّ
تطرقت إلى التحكيم كوسيمة لتفسير المعاىدات الدولية المادة األولى من االتّفاقية العامة
و في القرن ال ّ 20
الدول األمريكية سنة )1(.1929
لمتحكيم المبرمة بين ّ
-القضاء الدولي:
الناجمة عن
الدولي باعتبار المنازعات ّ
الدولية ضمن االختصاص الطّبيعي لمقضاء ّ
يدخل تفسير المعاىدات ّ
نصت عميو المادة 13من عيد عصبة األمم لعام ،1919و أ ّكدتوتعد منازعات قانونية ،و ىذا ما ّ
تفسيرىا ّ
الحقا المادة 92من ميثاق األمم المتحدة لعام .1945
______________________________________________________________________________________
( )1د .جمال عبد الناصر مانع ،مرجع سابق ،ص ص.163 ،162
74
الدول األطراف في ميثاق األمم المتّحدة ىي أطراف تمقائيا في النظام األساسي لمحكمة العدل
أن ّبالرغم من ّ
و ّ
أن ىذه العضوية المزدوجة ال تفرض عمييا التقاضي أمام المحكمة إالّ بعد تصريح بذلك من قبلىا.
الدولية إالّ ّ
ّ
و ذلك ما أ ّكدتو الفقرة 2من المادة 36من نظام المحكمة بالقول" :لمدول التي ىي أطراف في ىذا النظام
تقر لممحكمة بواليتيا الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية التي تقوم بينيا و
بأنيا ّ
تصرح ّ
األساسي أن ّ
بين دولة تقبل االلتزام نفسو متى كانت ىذه المنازعات القانونية تتعمق بالمسائل اآلتية :أ -تفسير معاىدة من
المعاىدات"...
و عميو فمحكمة العدل الدولية تقوم بتفسير المعاىدات الدولية بما فييا ميثاق األمم المتحدة و مواثيق الوكاالت
المتحدة)1(. المتخصصة المرتبطة باألمم
ّ الدولية
كما يضطمع القضاء اإلقميمي بدوره بتفسير المعاىدات الدولية ذات الطابع اإلقميمي ،و يتجمّى ذلك في محكمة
1992/02/07و المحكمة األوربية لحقوق العدل األوربية المنشأة طبقا لمعاىدة "ماستريخت" المبرمة في
اإلنسان المنشأة بموجب االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان لعام ،1950و محكمة عدل وسط أمريكا المنشأة
المصدرة لمنفط
ّ عام ،1907فضال عن ىيئات قضائية إقميمية أخرى كالييئة القضائية لمنظّمة الدول العربية
المنشأة بموجب االتفاقية المبرمة في جوان ،1968و الييئة القضائية التحاد المغرب العربي المنشأة بموجب
معاىدة االتحاد المبرمة في ،1989/02/17و ىيئة تسوية المنازعات لدول مجمس التعاون الخميجي المنشأة
القمة
،1981و محكمة العدل اإلسالمية المنشأة في مؤتمر ّ بموجب النظام األساسي لممجمس المبرم سنة
)2(.1987 الخامس لمنظّمة المؤتمر اإلسالمي المنعقد بالكويت عام
- 2التفسير الداخمي:
يتم التفسير الداخمي من قبل السمطة التنفيذية أو القضائية لمدولة الطرف في المعاىدة ،لذا ينصرف ىذا التفسير
ّ
إلى التفسير الحكومي المنفرد ،و التفسير القضائي:
75
في الجزائر تفسير المعاىدات الدولية يدخل في االختصاص الحصري لو ازرة ال ّشؤون الخارجية ،و ذلك استنادا
المتمم
المعدل و ّ
ّ المتضمن قانون الجنسية
ّ المؤرخ في 2005/02/27 ّ إلى المادة 5،6/37من األمر 01/05
نصت عمى ّأنو " :و عندما يقتضي األمر تفسير أحكام االتفاقات الدولية المتعمقة بالجنسية بمناسبة نزاع
حيث ّ
التفسير)1(". ما تطمب النيابة العامة ىذا التفسير من و ازرة ال ّشؤون الخارجية و تمتزم المحاكم بيذا
المؤرخ في 1990/11/10المتعمقّ و استنادا أيضا إلى المادة 11من المرسوم الرئاسي رقم 359 -90
نصت عمى أن " :يختص وزير الشؤون الخارجية بتفسير
بتحديد صالحيات وزير الشؤون الخارجية و التّي ّ
المعاىدات و االتفاقيات و البروتوكوالت و الموائح الدولية ،و يدافع عن تفسير الدولة الجزائرية لدى الحكومات
الوطنية)2(". األجنبية ،و عند االقتضاء لدى المنظمات أو المحاكم الدولية أو
ب -التفسير القضائي:
السائد
الرأي ّ
تقره و منيا ما ال تسمح بو ،و ّ
يختمف التفسير القضائي الداخمي بحسب قوانين الدول ،فمنيا ما ّ
أن رعاية العالقات الدولية من اختصاص السمطة
في االجتياد القضائي الفرنسي و األمريكي و اإلنجميزي ّ
السمطات ،و عميو فال يجوز لممحاكمالسمطة القضائية تطبيقا لمبدأ الفصل بين ّ
التنفيذية المستقمّة أساسا عن ّ
تفسير المعاىدات الدولية إالّ بقدر ما يقتضيو الفصل في الدعاوى المطروحة أماميا ،و في ىذا االتّجاه سار
الدولي ،و تمك التّي
تمس النظام العام ّ
ميز بين المعاىدات التّي ّ
أما القضاء الفرنسي فقد ّ
القضاء المصريّ ،
السمطة التنفيذية ،فيما عيد بالثّانية إلى القضاء ،
الخاصة ،فجعل تفسير األولى من اختصاص ّ
ّ تمس المصالح
ّ
الدول التّي تأخذ بنظام ازدواجية القضاء،
خاصة في ّ
ّ الداخمي
و نظ ار لتعدد الجيات القضائية عمى المستوى ّ
فإن التفسير القضائي لممعاىدة الدولية قد يقوم بو القضاء العادي أو اإلداري انطالقا من طبيعة النزاع الماثل
ّ
أمام الجية القضائية المعنية)3(.
الدولية و ال محاكم
الدول أطراف المعاىدة ال يمزم المحاكم ّ
أن تفسير محاكم إحدى ّ
ىذا و تجدر اإلشارة إلى ّ
الدولة مسؤولة دوليا إذا امتنعت محاكميا عن نظر القضايا المطروحة أماميا
تعد ّ
بقية أطراف المعاىدة ،و لكن ّ
ّ
القضية
ّ إذا كان موضوعيا متعمّقا بتفسير أو تطبيق معاىدة ىي طرف فييا ،خصوصا إذا كان أحد أطراف
أجنبيا.
ّ
______________________________________________________________________________________
المتضمن قانون
ّ المورخ في 1970/12/15
ّ 86 -70 المتمم لألمر
المعدل و ّ
ّ ( )1األمر 01 -05المؤرخ في 2005/02/27
الجنسية -جريدة رسمية رقم 15صادرة في .2005/02/27
المؤرخ في -1990/11/10جريدة رسمية رقم .50 ( )2المرسوم الرئاسي ّ 359 -90
( )3د .سييل الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام" مرجع سابق ،ص ،90د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر"
مرجع سابق ،ص ،121د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،671-669د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص
ص ،344 -341د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص.124 ،123
76
ثاني -طرق التفسير:
ا
نصيا أو
فإن تفسير المعاىدة الدولية قد يكون تفسي ار ّ
انطالقا من المواد من 31إلى 33من إتفاقية فينا ّ
ضمنيا:
ّ
النصي:
- 1التفسير ّ
أن
تتطمّب أبسط قواعد التفسير ضرورة تفسير األلفاظ المستعممة وفقا لمعناىا العادي و الطّبيعي تطبيقا لمبدأ ّ
النص يجب تطبيقو و عدم التشكيك فيو ما دام واضحا ،و بالتّالي فال يجوز الخروج عمى معناه إالّ إذا وجدت
ّ
النص معناه العادي و الطّبيعي إلى نتائج غير
ّ جدية تدعو إلى خالف ذلك ،كأن يفضي إعطاء
أسباب ّ
1948و المتعمّق الصادر سنة
الدولية في رأييا االستشاري ّ
عبرت عنو محكمة العدل ّ
معقولة .وذلك ما ّ
النزاع أن تقوم بتفسير
إن عمى المحكمة التّي يرفع إلييا ّبشروط قبول العضوية في األمم المتّحدة بقولياّ " :
أحكام المعاىدة وفقا لممعاني العادية و الطّبيعية لأللفاظ)2(".
______________________________________________________________________________________
( )1د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق ،د .مصطفى أحمد أبو الخير ،مرجع سابق ،ص
ص.48 ،47
( )2د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ص ،125 ،124د .طالب رشيد يادكار ،مرجع سابق،
ص ص ،121 ،120د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،349د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ،169د.محمد
بوسمطان ،مرجع سابق ،ص.329
77
يتجز ىو المعاىدة في مجموعيا بما فييا
حية في ك ّل ال ّأ
النظر إلى األلفاظ الغامضة كأجزاء ّو بالتّالي يجب ّ
أي اتّفاق أو وثيقة مرتبطة بيا ،فكمّما كان التفسير
ديباجتيا و متنيا و أحكاميا الختامية ،و حتّى مالحقيا و ّ
محتواىا)1(. مشوىا أو معيبا أو مبتو ار ال صمة لو بفحوى المعاىدة أو
بعيدا عن سياق المعاىدة كمّما كان ّ
الدولي بمناسبة تفسيرىا إلحدى المعاىدات التّي رفعيا إلييا
الدائمة لمعدل ّ
كرستو المحكمة ّ
و ىذا تماما ما ّ
أطرافيا حيث قالت " :يجب من أجل بحث المسألة المطروحة حاليا أمام المحكمة و عمى ضوء ألفاظ المعاىدة
يتم بترىا من
ذاتيا أن تق أر في مجموعيا ،ذلك ّأنو ال يمكن تحديد مغزاىا عمى أساس بعض العبارات التّي ّ
الوسط الموجودة فيو ،و التّي نتيجة لفصميا عن سياقيا يمكن تفسيرىا بطرق مختمفة)2(".
. النص مح ّل التفسير بقدر اإلمكان و عمى النحو ال ّذي أراده أطراف المعاىدة
ّ يتعين إعمال
وفقا ليذا المبدأ ّ
معينة ،بينما األخرى ال
النص مح ّل الغموض يمكن تفسيره بطريقتين إحداىما تسمح بإنتاج آثار ّّ وعميو إذا كان
يتوجب ترجيحو باعتباره أقرب إلى تحقيق موضوع و غرض
األول ىو ال ّذي ّ
أي أثر ،فالتفسير ّ تسمح بإنتاج ّ
النص خير من إىمالو.
ّ المعاىدة ،ك ّل ىذا استنادا إلى المبدأ المتداول " إعمال
الضمني:
- 2التفسير ّ
تستمد من
ّ المتقدم يعني تفسير نصوصيا باالستناد إلى عناصر
ّ النصي لممعاىدة عمى النحو
ّ إن التفسير
ّ
المعاىدة ذاتيا (عناصر داخمية) ،فإذا أمكن تفسير المعاىدة وفق ىذه الطّريقة فال داعي بعد ذلك لمّجوء إلى
المتوخاة من
ّ النصي لم يفض لموصول إلى النتائج
ّ أما إذا كان تطبيق قواعد التفسير
عناصر خارج المعاىدةّ ،
يؤدي االكتفاء بيذه القواعد إلى الحصول عمى نتائج غير معقولة يصبح
النص غامضا أو ّ ّ التفسير ،كأن يبقى
،و لموقوف عمى ّنية أطراف النص ذاتو لتحديد معناه بدقّة
ّ الضروري حينئذ المّجوء إلى عناصر خارج
من ّ
النية.
ألن تفسيرىا في نياية المطاف يستيدف استخالص ىذه ّ المعاىدةّ ،
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد بوسمطان " :مبادئ القانون الدولي العام" مرجع سابق ،ص ،330 ،329د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص
ص ،351 ،350د.عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ص ،170 ،169د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر"
مرجع سابق ،ص.125
( )2د .عبد الواحد محمد الفار " :قواعد تفسير المعاىدات الدولية " دار النيضة العربية -القاىرة ،1980ص 83و ما بعدىا.
( )3د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،354 ،353د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق
ص.125
78
السموك الالّحق ،و األعمال التحضيرية
يتم من خالل االعتماد عمى ّ
الضمني ال ّذي ّ
يسمى بالتفسير ّ
و ىذا ما ّ
النية)1(:
ومبدأ حسن ّ
السموك الالّحق:
أّ -
ب -األعمال التحضيرية:
بقوليا" :يمكن االستعانة بالوسائل التكميمية لمتفسير بما فييا و ذلك ما أ ّكدتو المادة 32من اتفاقية فينا
،31أو تحديد الناجم عن تطبيق المادة
األعمال التحضيرية لممعاىدة و ظروف عقدىا ،بغية تأكيد المعنى ّ
يؤدي التفسير وفق المادة :31
المعنى حين ّ
السخف أو الالّمعقولية".
ب – إلى الخموص إلى نتيجة واضحة ّ
______________________________________________________________________________________
( )1و يطمق عميو أيضا التفسير الواقعي ،في مفيومو عموما أنظر د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام "
مرجع سابق ،ص ص.92 ،91
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،353 -351د .محمد بوسمطان ،مرجع سابق ،ص.331
(3) LAUTERPACHT (H) : « Les travaux préparatoires et l’interprétation des traités » R.C.A.D.I,
1934, pp713- 819.
79
ج -مبدأ حسن ال ّنية:
المفسر لدى تفسيره ّأية معاىدة دولية
ّ يتعين عمى
الدولي االتّفاقي ،و لذلك ّ
يعتبر ىذا المبدأ من دعائم القانون ّ
ى يثبت العكس)1(.حت
أن يفترض حسن ّنية أطرافيا ،و ىو مبدأ مفترض دوما ّ
قررتو المادة 1/31من اتفاقية فينا بقوليا " :تفسر المعاىدات بنية حسنة وفقا لممعاني العادية التي
و ذلك ما ّ
ينبغي إعطاؤىا لتعابير المعاىدة حسب السياق الواردة فيو ،و في ضوء موضوع المعاىدة و غرضيا"...
نصت عميو أيضا المادة 2/02من ميثاق األمم المتحدة بقوليا " :لكي يكفل أعضاء الييئة ألنفسيم و ىو ما ّ
جميع الحقوق و المزايا المترتّبة عمى صفة العضوية يقومون بحسن نية بااللتزامات التّي أخذوىا عمى أنفسيم
بيذا الميثاق".
نص
بالنسبة لتفسير المعاىدات التّي صيغت بأكثر من لغتين فطبقا لممادة 33من اتفاقية فينا يكون لك ّل ّ
و ّ
لنص
القوة اإللزامية في التفسير ما لم يتّفق أطرافيا عمى ّأنو عند االختالف تكون األولوية ّ
من نصوصيا نفس ّ
معين.
ّ
الحجية في
نص المعاىدة ال ّذي يصاغ بمغة من غير المّغات المعتمدة في المعاىدة فال يكون لو نفس ّ
أما ّ
ّ
نصت المعاىدة أو اتّفق أطرافيا عمى ذلك.
التفسير إالّ إذا ّ
فإنو يؤخذ
و عندما تكشف المقارنة بين النصوص عن اختالف في المعنى لم يزلو تطبيق المادتين 31و ّ 32
بالمعنى ال ّذي يتّفق مع موضوع المعاىدة و غرضيا و يوفّق بقدر اإلمكان بين النصوص المختمفة إالّ إذا كان
األطراف)2(. النصوص األولوية باتّفاق
ألحد ّ
معينة ،و بيدف تنظيم عالقات أو أوضاع قائمة فعال أو محتمل الدولية استجابة لضرورات ّ تبرم المعاىدة ّ
مستمرة ،فقد يط أر عمى
ّ حركية
ّ الدولية بك ّل ظروفيا و مالبساتيا في
لما كانت الحياة ّ
قياميا لحظة إبرام ىا ،و ّ
المستجدات
ّ التغير ما يقتضي تحوير المعاىدة عمى نحو يتماشى و
التطور و ّ ّ ىذه العالقات أو األوضاع من
التطور و
ّ يؤد ىذا
الدولي كك ّل ،ىذا إذا لم ّ
يحقق مزيدا من الفائدة ألطرافيا أو لممجتمع ّ
ّ الصمة بيا ،أو
ذات ّ
التغير إلى االستغناء عن المعاىدة كمّيا بإنيائيا ،أو جزئيا بتعميقيا.
ّ
______________________________________________________________________________________
،349 ،348د .عادل أحمد ( )1أنظر في ىذا المبدأ عمى صعيد القانون الدولي د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص
الطائي مرجع سابق ،ص ،169د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص.124
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،357 ،356د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ص ،173 ،172د.محمد
بوسمطان " :مبادئ القانون الدولي العام" مرجع سابق ،ص ص.336 -333
80
حق ىذه تمت بيا ابتداء ،فمن ّ
الصورة التّي ّ
حق أطراف المعاىدة إبراميا في ّ أن من ّ و إذا كان من المسمّم بو ّ
األطراف تبعا لذلك تعديميا أو إنياؤىا أو تعميقيا إذا كان ذلك الزما ،و ىذا ما سنعالجو في فرعين عمى التّوالي
نخصص الثّاني إلنيائيا و تعميقيا:
ّ الدولية ،فيما
األول لمراجعة و تعديل المعاىدة ّ
نخصص ّ
ّ
الدولية:
ّأوال -مراجعة و تعديل المعاىدة ّ
تصرف قانوني تطرحيخص قبل ك ّل شيء أطرافو ،و باعتبار المعاىدة ّ ّ تصرف قانوني
أي عمل أو ّ تعديل ّ
الناحيتين النظرية و العممية ،فقد تظير ظروف تحتّم ضرورة تغيير أو تعديل ىامة من ّ
مسألة تعديميا مشكمة ّ
نص أو أكثر من نصوصيا استجابة لقانون التغيير ،ال ّذي يؤثّر عمى المعاىدة مثمما ىو الحال بالنسبة لمظاىر ّ
الحياة األخرى.
بنص أو
يميز الفقو عادة بين تعديل المعاىدة الدولية و مراجعتيا ،فالتعديل أو التنقيح عادة ما يكون محدودا ّ
ّ
ل)1(.
أما المراجعة أو إعادة النظر فيي إعادة بحث لممعاىدة كك ّ معينة فيياّ ،
نصوص ّ
قررت المادة
1945حيث ّ نصت عمى إمكانية مراجعتيا ميثاق األمم المتّحدة لعام
و من المعاىدات التّي ّ
الزمان
النظر في ىذا الميثاق في ّ
1/109منو ّأنو " :يجوز عقد مؤتمر عام من أعضاء األمم المتّحدة إلعادة ّ
تحددىما الجمعية العامة بأغمبية ثمثي أعضائيا ،و بموافقة تسعة من أعضاء مجمس األمن
والمكان ال ّذين ّ
ويكون لك ّل عضو في األمم المتّحدة صوت واحد في المؤتمر".
______________________________________________________________________________________
( )1في ىذه المفاىيم و مدى مراعاتيا في العمل الدولي أنظر د .محمد بوسمطان " :مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص
ص.346 -339
81
فنصت عمى ّأنو ":يجوز لمجمعية من وقت آلخر أن تدعو
أما المادة 19من عيد عصبة األمم لعام ّ 1919 ّ
أعضاء العصبة ألن يقوموا ببحث جديد لممعاىدات التّي أصبحت غير قابمة لمتطبيق ،و كذلك لممواقف التّي
يؤدي وجودىا إلى تعريض سمم العالم لمخطر".
ّ
الدولية عموما:
- 2القواعد التّي تحكم مراجعة أو تعديل المعاىدة ّ
(1) SCELLE (Georges) : « Théorie juridique de la révision des traités » Paris 1936, p645.
(2) LECA (J) : « Les techniques de révision des conventions internationales » L.G.D.J, Paris 1961,
p04 et s.
( )3في ىذه القواعد أنظر د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.382 -380
82
الدولية
عممية إبرام المعاىدة ّ
أن كيفيات و إجراءات المراجعة أو التعديل محكومة بالقواعد ذاتيا التّي تحكم ّ
– ّ
نصت المعاىدة
أو مراحميا ،من مفاوضات وصوال إلى اعتماد نصوصيا تصديقا و تسجيال و نشرا ،إالّ إذا ّ
مح ّل التعديل عمى أحكام مغايرة.
يتم تعديل المعاىدة بالتّراضي بين األطراف التّي قبمت مبدأ التعديل و مقترحاتو في صورة اتّفاق دولي سواء
– ّ
مبسط ،كما يمكن تعديل المعاىدة دون اتّباع ىذا اإلجراء
ثبت في شكل معاىدة مستقمّة أو اتفاقية ذات شكل ّ
الرسمي و بشأن كافّة المعاىدات ميما كان نوعيا.ّ
يتم إالّ باتّفاق طرفي
أن المراجعة أو التعديل ال ّ
– ال يطرح تعديل المعاىدات الثنائية إشكاال يذكر ،إذ الغالب ّ
المعاىدة ،إذ ال شأن لغيرىما بو ،و ال معقّب عمييما فيما ينتييان إليو في ىذا الخصوص ،و إذا لم يحدث
االتّفاق فالمعاىدة تنتيي تمقائيا.
متعددة األطراف:
- 3مراجعة أو تعديل المعاىدات الجماعية أو ّ
في ىذه الفرضية يكون االتفاق عمى مبدأ التعديل بين ك ّل أطراف المعاىدة ،و عميو يجب تبميغ مقترحات
يحق لك ّل طرف االشتراك في مناقشة القرار المتعمّق بمقترحات التعديل.
التعديل إلى ك ّل أطرافيا ،حيث ّ
______________________________________________________________________________________
83
ال يمزم األطراف التّي لم توافق
أما قرار التعديل فتنصب المناقشة عمى قبول أو رفض مقترحات التعديلّ ،
ّ و
عميو ،حيث تنطبق عمييا القاعدة الواردة في المادة -4/30ب من اتفاقية فينا المتعمقة بالمعاىدات المتعاقبة
المنظمة لموضوع واحد.
أما األطراف التّي وافقت عمى مقترحات و بالتالي ال تعتبر أطرفا إالّ في المعاىدة بصورتيا قبل التعديلّ ،
المعدلة وتبقى في نفس الوقت أطرافا في المعاىدة بصورتيا قبل التعديل،
ّ التعديل فتصبح أطرافا في المعاىدة
فإنيا تصبح
المنضمة ّ
ّ لمدول
نصا يقضي بغير ىذا ،و بالنسبة ّ
تتضمن المعاىدة مح ّل التعديل ّ
ّ ك ّل ىذا ما لم
40من سجمت ىذه القواعد المادة
المعدلة في مواجية المجموعتين من األطراف ،و قد ّ
ّ طرفا في المعاىدة
نصت عمى ّأنو - 1 " :ما لم تنص المعاىدة عمى خالف ذلك يخضع تعديل المعاىدات اتفاقية فينا التّي ّ
المتعددة األطراف لمفقرات التالية:
-2أي اقتراح بتعديل معاىدة متعددة األطراف فيما بين جميع األطراف يجب أن تخطر بو جميع الدول
المتعاقدة ،و يكون لك ّل منيا حق االشتراك فيما يمي:
– 3كل دولة يحق ليا أن تصبح طرفا في المعاىدة يحق ليا أيضا أن تصبح طرفا في المعاىدة بصيغتيا
المعدلة.
ّ
ألية دولة طرف في المعاىدة ال تصبح طرفا في ىذا االتفاق و تنطبق عمى
– 4ال يكون اتفاق التعديل ممزما ّ
مثل ىذه الدولة الفقرة -4ب من المادة .30
– 5أية دولة تصبح طرفا في المعاىدة بعد بدء نفاذ اتفاق التعديل تعد ما لم تعبر عن نية مغايرة:
المعدلة.
ّ أ – طرفا في المعاىدة بصيغتيا
ج -عدم اتفاق جميع أطراف المعاىدة متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل أصال:
84
يصر عمى األخذ بقاعدة اإلجماع في مراجعة و تعديل المعاىدات متعددة األطراف الدولي التقميدي ّ
كان الفقو ّ
الدولية األخذ
الدولي لم تعد تساير ىذا الطّرح ،لذلك بدا راجحا في الممارسة ّ
تطور المجتمع ّ
لكن مقتضيات ّ ّ
أىميا:
عدة معاىدات ال سيما تمك المنشئة لمنظّمات دولية ّ
تبنتيا ّ
بقاعدة األغمبية التّي ّ
– ميثاق منظّمة الوحدة اإلفريقية (سابقا) ،و ميثاق اال تّحاد اإلفريقي منذ ،2001ال ّذي أخذ بدوره في المادة
1/33منو بأغمبية الثمثين)1(.
أما عمى مستوى اتفاقية فينا ،فتعديل المعاىدات متعددة األطراف باتفاق بعضيا ،و رفض بعضيا اآلخر من
ّ
حيث المبدأ العام ممكن أو جائز بشروط ىي:
أ – كان إمكان إجراء مثل ىذا التغيير منصوصا عميو في المعاىدة أو:
– 1و ال يؤثّر عمى تمتّع األطراف األخرى بحقوقيا بمقتضى المعاىدة و ال عمى أداء االلتزامات المترتبة
عمييا.
– 2و ال يتعمّق بحكم يكون االنتقاص منو منافيا لمتنفيذ الفعال لموضوع و غرض المعاىدة كك ّل.
______________________________________________________________________________________
85
– 2ما لم تنص المعاىدة في حالة تشمميا الفقرة -1أ عمى خالف ذلك ،تخطر األطراف المعنية األطراف
بنيتيا في عقد االتّفاق و بالتغييرات التّي ترمي إلى إدخاليا في المعاىدة".
األخرى ّ
الدولية:
ثاني -إنياء و تعميق المعاىدة ّ
ا
الدولية يعني نياية العمل بأحكاميا و زواليا من النظام القانوني الدولي بصرف
انقضاء أو إنياء المعاىدة ّ
يمتد ىذا اإلنياء إلى الجانب ال ّشكمي و الموضوعي لممعاىدة ،أي
السبب ال ّذي ّأدى إلى ذلك ،حيث ّ
النظر عن ّ
كتصرف و كقاعدة.
ّ نياية ىذه األخيرة
يميز إنياء المعاىدة عن تعميقيا ،فالتعميق أو الوقف يشمل الجانب القاعدي منيا فقط فيما تبقى
و ىذا ما ّ
كتصرف أيضا.
ّ كتصرف حتّى يزول سبب تعميقيا ،فتعود الحياة إلى جانبيا القاعدي أو تنيى فتزول
ّ سارية
نص المادة 1/70من اتفاقية فينا بنص المادة 1/72منيا ،حيث جميا من خالل مقابمة ّ و يبدو ىذا الفرق ّ
تنص المادة 1/70عمى ّأنو – 1 " :ما لم تنص المعاىدة أو تتفق األطراف عمى خالف ذلك ،فإن انتياء ّ
معاىدة ما بمقتضى أحكاميا أو وفقا ليذه االتفاقية:
أي حق أو التزام أو وضع قانوني لألطراف أنشأه تنفيذ المعاىدة قبل انتيائيا"...
ب – ال يؤثّر في ّ
فإن تعميق
و تنص المادة 1/72عمى ّأنو – 1 " :ما لم تنص المعاىدة أو تتفق األطراف عمى خالف ذلكّ ،
تنفيذ معاىدة ما بمقتضى أحكاميا أو وفقا ليذه االتفاقية:
أ – يعفي األطراف التي يعمق تنفيذ المعاىدة فيما بينيا من االلتزام بتنفيذ المعاىدة في عالقاتيا المتبادلة خالل
فترة التعميق.
فإن إنياء أو تعميق المعاىدة الدولية قد يكون ألسباب اتفاقية أو غير اتفاقية:
و في ك ّل األحوال ّ
______________________________________________________________________________________
( )1في أسباب إنياء و تعميق المعاىدة أنظر د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،395-392د .محمد المجذوب ،مرجع
سابق ،ص ص.676 ،675
86
أ -إنياء و تعميق المعاىدة الدولية بمقتضى أحكاميا أو بموافقة جميع أطرافيا:
الصريحة:
-الموافقة ّ
. يفترض في ىذه الحالة أن تشتمل المعاىدة عمى نصوص تتعمّق بتحديد أسباب انتياء المعاىدة أو تعميقيا
بنص المعاىدة أو اتفاق أطرافيا
ألن االنتياء أو التعميق مرىون ّ
أن ىذه الفرضية ال تثير ّأية مشاكل ّ ،
والحقيقة ّ
مرة أخرى،
يقرر تجديدىا ّ
نص ّمعين فتنقضي ما لم يكن ىناك ّتنص المعاىدة عمى سريانيا ألجل ّكما قد ّ
لمدة مماثمة
مؤداه استمرار سريانيا رغم حمول أجل إنيائيا ّ
فعادة ما يقترن أجل سريانيا بشرط تجديدي ضمني ّ
لممدة)1(.
السابقة أو بدون تحديد ّ
لممدة ّ
ّ
الدولية
لممنظمات ّ
ّ محددة ،كالمعاىدات المنشئة
أن ىناك من المعاىدات ما يسري خالل فترة غير ّغير ّ
المدة
محدد ّواإلقميمية (ميثاق األمم المتحدة -ميثاق جامعة الدول العربية) ،و إن كان بعض ىذه المعاىدات ّ
معين كما ىو الحال في المعاىدة المنشئة لمجماعة األوربية
نص يقضي بتجديد سريانيا ألجل ّ
لكن قد يرد فييا ّ
)2(.)97 حدد أجل سريانيا ب 50عاما يمكن تجديدىا (المادة
الصمب التّي ّ
لمفحم و ّ
بشأن إنياء المعاىدة وفقا ألحكاميا أو بموافقة أطرافيا عمى ّأنو: نصت المادة 54من اتفاقية فينا
و قد ّ
"يجوز إنياء المعاىدة أو انسحاب طرف منيا:
الدول األخرى".
أي وقت من األوقات بموافقة األطراف بعد التشاور مع ّ
ب – في ّ
نصت المادة 57من نفس االتّفاقية بشأن تعميق المعاىدة وفقا ألحكاميا أو بموافقة أطرافيا عمى ّأنو:
كما ّ
"يجوز تعميق تنفيذ معاىدة ما بالنسبة إلى جميع األطراف أو بالنسبة لطرف بعينو:
أي وقت من األوقات بموافقة جميع األطراف بعد التشاور مع الدول المتعاقدة األخرى".
ب – في ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص ،138 ،137د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص
ص ،143 -141د .محمد السعيد الدقاق ،مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص.171
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص( 392مشار إليو في اليامش).
87
-الموافقة الضمنية:
. تعتبر المعاىدة منتيية اتفاقا و بصورة ضمنية إذا أبرمت جميع أطرافيا معاىدة أخرى في ذات الموضوع
أن ّنيتيم ىي الخضوع ألحكام المعاىدة الالّحقة ،أو كانت
وتبين من ىذه األخيرة أو بناء عمى سموكات أطرافيا ّ
ّ
السابقة إلى درجة يستحيل معيا العمل بالمعاىدتين في نفس
أحكام ىذه األخيرة تتناقض مع أحكام المعاىدة ّ
السابقة معمّقة فقط حيث يعمل بالمعاىدة الالّحقة إذا ورد في ىذه األخيرة ما
الوقت ،كما قد تعتبر المعاىدة ّ
ل)1(.
أن ّنيتيا اتّجيت إلى ىذا الح ّ
تبين من سموكات أطرافيا ّ
يد ّل عمى ذلك أو ّ
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.398 -395
( )2د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.677
88
متعددة األطراف عقد اتفاق لتعميق تنفيذ أحكام المعاىدة بصفة
" – 1يجوز لطرفين أو أكثر في المعاىدة ّ
مؤقتة و فيما بينيا فقط إذا:
– 1و ال يؤثّر عمى تمتّع األطراف األخرى بحقوقيا بمقتضى المعاىدة و ال عمى أداء االلتزامات المترتبة
عمييا.
-1أ عمى خالف ذلك تخطر األطراف المعنية األطراف – 2ما لم تنص المعاىدة في حالة تشمميا الفقرة
بنيتيا في عقد االتفاق ،و بما تنوي تعميق تنفيذه من أحكام المعاىدة".
األخرى ّ
الدولية:
- 2األسباب غير االتفاقية إلنياء أو تعميق المعاىدة ّ
تخصيا
ّ ألنيا تتنازل عن حقوق
تقررىا المعاىدة عمال مشروعاّ ،يعتبر تنازل الدولة عن بعض الحقوق التّي ّ
المقررة في المعاىدة إذ يعتبر
وال يؤثّر مثل ىذا التنازل عمى غيرىا ،بخالف ما إذا امتنعت عن تنفيذ االلتزامات ّ
يؤدي إلى إنيائيا أو تعميقيا ىو
ذلك مخالفة أو إخالال بالمعاىدة ،و إذا كان اإلخالل الجوىري بالمعاىدة ّ
يؤدي إلى ىذه النتيجة)1(.
القاعدة فيناك استثناء حيث ال ّ
ثم االستثناء:
و عميو نتناول القاعدةّ ،
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،678 ،677د .بيار ماري دوبوي ،مرجع سابق ،ص ،342-340د.أحمد بمقاسم،
مرجع سابق ،ص ص ،139 ،138د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ص.147 ،146
89
-القاعدة:
الدولية تكشف عن حاالت أنييت فييا معاىدات لإلخالل الجوىري بأحكاميا ،يتعمّق األمر أن الممارسة ّكما ّ
بإنياء بمجيكا المعاىدة المبرمة بينيا و بين ىولندا عام 1863استنادا إلى خرق األخيرة ليا ،و إنياء الواليات
1931استنادا أيضا إلى انتياك المتّحدة األمريكية معاىدة تسميم المجرمين المبرمة بينيا و بين اليونان عام
األخيرة ألحكاميا)2(.
نصت المادة 4 ،3 ،2 ،1/60من اتفاقية فينا عمى اإلخالل الجوىري بالمعاىدة كسبب إلنيائيا أو و قد ّ
يخول لمطرف اآلخر االستظيارتعميقيا ،فجاء فييا – 1 " :أي خرق مادي لمعاىدة ثنائية من أحد طرفييا ّ
بوقوع الخرق سببا إلنياء المعاىدة أو تعميق تنفيذىا كمّيا أو بعضيا في الحالتين.
يخول:
– 2أي خرق لمعاىدة متعددة األطراف من أحد األطراف ّ
إما:
أ – األطراف األخرى أن تعمد باإلجماع إلى تعميق تنفيذ المعاىدة كمّيا أو بعضيا أو إلى إنيائيا ّ
– 1في العالقات بينيا و بين الدولة المسؤولة عن الخرق أو:
يمسو الخرق بشكل خاص أن يستظير بوقوعو سببا لتعميق تنفيذ المعاىدة كمّيا أو بعضياب – لمطّرف ال ّذي ّ
في العالقات بينو و بين الدولة المسؤولة عن الخرق.
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد السعيد الدقاق ،مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص ص.183 ،182
( )2لممزيد أنظر د .طالب رشيد يادكار ،مرجع سابق ،ص ص ،132-130د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص -401
403د .مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص.180
90
الدولة المسؤولة عن الخرق أن يستظير بوقوع الخرق سببا لتعميق تنفيذ المعاىدة كمّيا أو
ألي طرف غير ّ ج– ّ
مادي ألحكاميا من قبل أحد أطرافيا إلى أي خرق ّيؤدي ّ
بعضيا بالنسبة إليو ،إذا كانت المعاىدة من نوع ّ
إحداث تغيير جذري في وضع ك ّل طرف من أطرافيا فيما يتعمّق بمواصمة أداء التزاماتو بمقتضى المعاىدة.
-االستثناء:
يستمر في
ّ يؤدي دائما خرق المعاىدة أو اإلخالل بيا إلى إنيائيا أو تعميقيا ،فيناك من المعاىدات ما
ال ّ
السريان رغم ىذا الخرق أو اإلخالل ،و يتعمّق األمر بالمعاىدات التّي تحمي ال ّشخص اإلنساني أو ذات الطّابع
ّ
حد تعبير اتفاقية فينا ،و ىي تقصد المعاىدات المتعمّقة بحقوق اإلنسان (العيدين الدوليين مثال
اإلنساني عمى ّ
الخاصة) و تمك
ّ لمحقوق المدنية و السياسية ،االقتصادية االجتماعية و الثقافية لعام 1966و باقي االتفاقيات
النزاعات
1949بشأن حماية ضحايا ّ المتعمّقة بالقانون الدولي اإلنساني (ال سيما اتفاقات جنيف األربع لعام
بقية األطراف ،مع
إن االستمرار في تنفيذ أحكام مثل ىذه المعاىدات يصبح التزاما عمى عاتق ّ
المسمّحة) .بل ّ
الدولية في ىذا
بتحمل الطّرف المسؤول عن خرق أو انتياك ىذه المعاىدات لمسؤوليتو ّ
عدم اإلخالل ّ
الصدد)1(.
ّ
نصت المادة 5/60من اتفاقية فينا عمى ّأنو -5 " :ال تنطبق الفقرات من 1إلى 3عمى األحكام حيث ّ
المتعمقة بحماية ال ّشخص اإلنساني و الواردة في المعاىدات ذات الطابع اإلنساني ،و بخاصة منيا األحكام
أي شكل من أشكال االنتقام من األشخاص المحميين بمثل ىذه المعاىدات".
التّي تحظر ّ
القوة القاىرة):
ب -استحالة تنفيذ المعاىدة لسبب طارئ ( ّ
يجوز ألحد أطراف المعاىدة أو بعضيا أن تستند إلى استحالة تنفيذىا كسبب إلنيائيا أو تعميقيا حسب واقع
الحالة ،ال سيما إذا نجمت ىذه االستحالة عن اختفاء أو ىالك موضوع المعاىدة ،و من األمثمة التقميدية التّي
المنصبة
ّ السياق :المعاىدة المتعمّقة بتنظيم نير ّأدت ظروف ما إلى جفافو ،أو المعاىدة
يوردىا الفقو في ىذا ّ
عمى وضع قانوني لجزيرة غمرتيا المياه ،أو المعاىدة الثنائية التّي موضوعيا تنازل أحد طرفييا لألخرى عن
السفينة التّي تش ّكل موضوع المعاىدة...
السد أو الطّائرة أو ّ
إقميم ال تممكو ،أو تحطّم ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.404 ،403
91
أن استحالة تنفيذ المعاىدة نتيجة
و تبرير إنياء المعاىدة أو تعميقيا في مثل ىذه الحاالت يبدو واضحا ،ذلك ّ
حد ذاتيا لسبب وجودىا فتصبح ىي و العدم سواء . يؤدي إلى فقدان المعاىدة في ّ
اختفاء موضوعيا أو ىالكو ّ
يتمسك بيا كسبب إلنياء أو تعميق
تسبب في حدوث ىذه االستحالة بفعمو أو امتناعو أن ّ مع ّأنو ال يجوز لمن ّ
شخص أن يستفيد من خطئو)1(.المعاىدة في حقّو ،استنادا إلى المبدأ القاضي بأالّ يجوز لم ّ
الدولي و مقتضيات
فتغير الظّروف كسبب إلنياء المعاىدة أو تعميقيا يستجيب لحاجات المجتمع ّ
و ىكذا ّ
تؤدي في بعض الحاالت إلى خمق أوضاع غير عادلة أو
مستمرة ،قد ّ
ّ لتغيرات
العالقات الدولية التّي تخضع ّ
السبب يرمي إلى إيجاد
تجعل من المستحيل تنفيذ بعض االلتزامات الناجمة عن المعاىدات ،و عميو فتقرير ىذا ّ
تغير الظّروف
ألنيا أصبحت بفعل ّ
الدولية و ضرورة إنيائيا أو تعميقيا ّ ،
نوع من التوازن بين احترام المعاىدة ّ
لمتطبيق)3(. غير قابمة
______________________________________________________________________________________
،148 ،147د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ( )1د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ص
ص ،140 ،139د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص .406
( )2د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،412-407د .طالب رشيد يادكار ،مرجع سابق ،ص ،133و لتفصيل أكثر
راجع د .أيمن محمد الذيابات " :تغير الظروف و أثره في المعاىدات الدولية في الفقو اإلسالمي -دراسة مقارنة " ط ،1عالم الكتب
الحديث ،إربد -األردن .2010
» (3) VAN ROGRE (E) : « Le sens de la clause rebus sic stantibus dans le droit des gens actuel
R.G.D.I.P, 1966, pp49 et s.
92
التغير في الظّروف جوىريا ،و ىذا ما يتع ّذر االتّفاق عمى حصولو لعدم وجود معيار
غير ّأنو يشترط أن يكون ّ
يتردد
الدولي ال ّذي ّ
يؤدي غالبا إلى عرض المسألة عمى القضاء ّ مما ّ
التغير من عدمياّ ،
يحدد جوىرّية ّ
واضح ّ
كمبرر إلنياء المعاىدة أو تعميقيا ،و ىذا تفاديا لتوتّر
تغير جوىري في الظّروف ّ
بدوره كثي ار في اإلقرار بحدوث ّ
الدولية)1(.
العالقات ّ
______________________________________________________________________________________
93
فإنيا
ّ ، التغير الجوىري لمظّروف
لمصعوبات التّي تحيط بإعمال نظرية ّ
أما عمى مستوى اتفاقية فينا و نظ ار ّ
ّ
وضعت شروطا لتطبيق ىذه النظرية و ىي:
منصبا عمى ظروف كانت موجودة أثناء إبرام المعاىدة و ش ّكمت أساسا اللتزام األطراف
ّ التغير
– 1أن يكون ّ
بالمعاىدة.
نصت عميو المادة 62من اتفاقية فينا بقوليا – 1 " :ال يجوز االستظيار بحدوث تغير أساسيو ذلك ما ّ
في الظروف بالقياس إلى الظروف التي كانت قائمة وقت عقد المعاىدة و لم تتنبأ بحدوثو األطراف كسبب
إلنياء المعاىدة أو االنسحاب منيا إالّ إذا:
أ – كان وجود ىذه الظروف يشكل أساسا جوىريا لموافقة األطراف عمى االلتزام بالمعاىدة.
ب – و كان من نتيجة ىذا التغير إحداث تحويل جذري في نطاق االلتزامات التي ال يزال يترتب تنفيذىا
بمقتضى المعاىدة.
– 2ال يجوز االستظيار بحدوث تغير أساسي في الظروف سببا إلنياء المعاىدة أو االنسحاب منيا:
– 3إذا جاز بمقتضى الفقرات السابقة لطرف أن يستظير بحدوث تغير أساسي في الظروف سببا إلنياء
المعاىدة أو االنسحاب منيا ،جاز لو أيضا أن يستظير بحدوث التغير سببا لتعميق تنفيذ المعاىدة".
______________________________________________________________________________________
( )1في تحميل ىذه الشروط أنظر محمد السعيد الدقاق ،مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص ص.192 -189
94
د -قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية:
الخاصية الممزمة
ّ يعد تطبيقا لمبدأ الوفاء بالعيد أو تنفيذ المعاىدة بحسن ّنية ،إذ يجب أن تقاوم
أن ذلك ّ– ّ
أي تذبذب لمعالقات بين أطرافيا. لممعاىدة ّ
– ضرورة تحقيق استقرار و ثبات العالقات الدولية ،يحول دون اتّخاذ قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية
أي وقت و بال ضابط. ذريعة إلنياء المعاىدة في ّ
الدول
يؤدي إلى وقف االتصاالت السياسية العادية بين ّ
– إذا كان قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية ّ
الدول
فإن ما جرى بو العمل ىو أن تمجأ ىذه ّوبالتالي اختفاء قناة أو وسيمة قد تكون ضرورية لتنفيذ المعاىدةّ ،
الخاصة.
ّ إلى دول أخرى كوسيط ،أو إلى وسائل االتصال المعروفة لتنفيذ المعاىدات كالبعثات
63من اتفاقية فينا بقوليا " :ال يؤثر قطع العالقات الديبموماسية و نصت عميو المادة
و ىذا تماما ما ّ
القنصمية فيما بين طرفين أو أكثر من أطراف المعاىدة في العالقات القانونية القائمة بينيا بمقتضى المعاىدة ،
إالّ بقدر ما يكون وجود العالقات الديبموماسية أو القنصمية ضرورة ال غنى عنيا لتطبيق المعاىدة".
ه -الحرب:
أن قيام الحرب يترتب عنو إنياء كافة المعاىدات القائمة بين الدول المتحاربة ،و إذا
من المتفق عميو ممارسة ّ
كان ىذا ىو المبدأ العام فإلى جواره تقوم استثناءات أربع ىي:
– 1ال يترتب عن قيام الحرب إنياء المعاىدات المنظّمة لمحرب نفسيا ،كالمعاىدات المتعمقة بالقانون الدولي
اإلنساني من حيث حماية المدنيين و األعيان المدنية (اتفاقيات الىاي لعامي 1899و ،1907و اتفاقيات
جنيف األربع لعام 1949و بروتوكوالىا اإلضافيان لعام .)1977
______________________________________________________________________________________
95
مجرد قيام الحرب ال ينيي
أن ّ – 2ال يترتب عن قيام الحرب إنياء المعاىدات المنصوص فييا صراحة عمى ّ
بحد ذاتو ىذه المعاىدات.
ّ
– 4ال يترتب عن قيام الحرب بين بعض أطراف معاىدة جماعية إنياء ىذه األخيرة في مجموعيا ،بل تبقى
المتحاربة)1(. بقية األطراف غير
سارية بين ّ
أن اتفاقية فينا لم تتناول الحرب كسبب إلنياء أو وقف المعاىدة الدولية ،و اكتفت المادة
و تجدر اإلشارة إلى ّ
الدولي ،حيث جاء فييا " :ليس في أحكام ىذهالعامة في القانون ّ
75منيا باإلحالة في ىذا ال ّشأن إلى القواعد ّ
االتفاقية ما يخل بأي التزام بالنسبة إلى معاىدة قد يترتب عمى دولة معتدية نتيجة لمتدابير التي تتخذ وفقا
لميثاق األمم المتحدة فيما يتعمق بعدوان ىذه الدولة ".كما تجدر اإلشارة أخي ار إلى ّأنو باإلضافة إلى األسباب
غير االتفاقية السابقة إلنياء أو وقف المعاىدة ،فقد تنتيي أو تعمّق ىذه األخيرة بسبب التنفيذ الكمّي ألحكاميا،
أو بناء عمى تحقق شرط فاسخ.
تتبع المراحل
الدولي التقميدي ،و ال ّشاىد في ذلك ّ
الصدارة في ظ ّل القانون ّ
ظ ّل العرف لعقود طويمة يحت ّل مركز ّ
مر بيا ىذا القانون ،فقد نشأ نشأة عرفية خالصة ،حيث كانت ج ّل مبادئو مبنية عمى العرف حتّى أخذالتّي ّ
متصد ار قائمة مصادر القانون
ّ استمر العرف شاغال ليذا المركز الطالئعي و
ّ الدولي العرفي ،و
تسمية القانون ّ
الدولية الجماعية ،ال سيما
الدولي العام إلى وقت قريب ،أين نشطت حركة تدوينو و تضاعف عدد المعاىدات ّ
ّ
شارعة منيا)2(.ال ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،681د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،405 ،404د .عادل أحمد الطائي
مرجع سابق ،ص ص ،186-183د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص.142 ،141
،2000 عمان -األردن
،1مديرية المكتبات و الوثائق الوطنيةّ ، ( )2د .رشاد عارف السيد":مبادئ في القانون الدولي العام" ط
ص.109
96
مما
المستقرة و المتداولة في التعامل الدوليّ ،
ّ و التّي انطوت في جوانب كثيرة منيا عمى تقنين لمقواعد العرفية
تد األخير إلى المركز
السابق لمعرف ،فيما ار ّ
الدولية التّي احتمّت المركز ّ
ّأدى إلى إفساح المجال لممعاىدة ّ
العام)1(. الدولي
الثّاني في ترتيب مصادر القانون ّ
الدولي مكانتو كمصدر ّأول لمقانون الدولي العام إالّ مع القرن التاسع عشر .
لم تنازع المعاىدة الدولية العرف ّ
الدولية و باتت من جانبيا تسيم بقسط وافر في إنشاء قواعد القانون الدولي
حيث تنامى ظيور المعاىدات ّ
العام من جية ،و بمورة و تثبيت القواعد العرفية القائمة من جية أخرى عن طريق تدوينيا ،فمنذ مؤتمر وستفاليا
لعام 1648مرو ار بمؤتمر فينا لعام 1815وصوال إلى مؤتمري الىاي لعامي 1899و 1907و ما بعدىما
بيا تو ّجت
من مؤتمرات دولية ،شيدت أغمب القواعد العرفية تدوينا من خالل عدد من المعاىدات التّي ّ
السابقة و غيرىا ،باإلضافة إلى حمالت التدوين التّي رعتيا ك ّل من منظمة عصبة األمم
الدولية ّ
المؤتمرات ّ
)2(.1945 1919ومنظمة األمم المتّحدة
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد السعيد الدقاق ،د .مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص ص.197 -194
( )2أنظر في ىذا الصدد د .جعفر عبد السالم " :وظيفة لجنة القانون الدولي في تقنين القواعد القانونية الدولية و تطويرىا " المجمة
المصرية لمقانون الدولي -المجمد ،27القاىرة ،1971ص ص.196-189
،60 ،59و في تراجع ( )3في أىمية العرف الدولي أنظر محمد بوسمطان " :مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص ص
مكانتو عمى الصعيد الدولي أنظر د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.414 ،413
97
الدولي:
األول :تعريف العرف ّ
الفرع ّ
نتعرض في ىذا السياق إلى التعريف الفقيي (فرع ّأول) ،و التعريف القانوني (فرع ثان):
يمكن أن ّ
ّأوال -التعريف الفقيي:
إذا جاز لنا أن نعتبر ما أوردتو المادة -1/38ب من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية تعريفا لمعرف
االستعمال)4(. الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون د ّل عميو تواتر
بأنو العادات ّ
فإننا نقول ّ
ّ
الدولي:
الفرع الثاني :أركان العرف ّ
ّأوال) ،و ركن معنوي الدولي عمى غرار العرف الداخمي ركنان أساسيان :ركن مادي (
يشترط لنشوء العرف ّ
(ثانيا):
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد السعيد الدقاق ،د .مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص.194
( )2د .محمد سامي عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص ص.154 ،153
( )3في ىذا المعنى أنظر د .إبراىيم أحمد شمبي " :مبادئ القانون الدولي العام" الدار الجامعية -بيروت ،1986ص ص271 ،270
د .عمر سعد اهلل " :معجم في القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ،300د .سييل حسين الفتالوي" :الموجز في القانون
الدولي العام " مرجع سابق ،ص ،99د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص.152
DE VISSCHER (Charles) : « Coutume et traité en droit international public » R.G.D.I.P, 1955,
pp353-369.
( )4في التمييز بين العادة و العرف أنظر:
BROWNLIE (Lan):”Principles of public international law” op.cit, p05.
98
ّأوال -الركن المادي:
– 1التواتر(التكرار):
السابقة في ىذا الخصوص يقتضي فييا الثبات و االستقرار ،ففي قضية المّجوء السياسي المشار ليا
و تواتر ّ
أن ما طرح عمييا من وقائع ينطوي عمى الغموض ،و عدم التحديد و التناقض عمى آنفا أوضحت المحكمة ّ
دوليا)3(. موحدا يصمح اتّخاذه عرفا
بأن ىناك سموكا متوات ار ،أو ّ
النحو ال ّذي ال يسمح ليا بالقول ّ
ّ
الدولي،
الركن المادي لمعرف ّ
أن سابقة واحدة ال تكفي كمبدأ عام لمقول بتوافر ّ
المستقر عميو فقيا ّ
ّ و إذا كان
السوابق ،فقد تكفي سابقتان أو ثالث لمقول
فمن الثّابت في المقابل ّأنو يشترط لقيام القاعدة العرفية عدد ما من ّ
مرد ىذا التساىل النسبي في تحديد ما يعتبر توات ار أو تكرار – حسب بعض الفقو التقميدي-
بوجود تواتر ،و ّ
الدولي ذاتو ،إذ من شأن عدد أعضائو المحدود و قمّة ما ينشأ بينيم من عالقات بالمقارنة
ىو طبيعة المجتمع ّ
استثنائيا)4(. السوابق أم ار
مع ما ينشأ داخل المجتمعات الداخمية أن يجعل كثرة ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .جمال محي الدين ،مرجع سابق ،ص ص ،237 ،236د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.142
(2) ROUSSEAU (Charles) : « Les principes généraux du droit international public » Pédone, Paris
1944, p887.
( )3د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.420
(4) CHAUMONT (Ch) : « Cours général de droit international public » R.C.A.D.I, 1971, p 486.
99
تطور و سرعة وسائل االتّصال بين أشخاص المجتمع الدولي
فيرد مثل ىذا التساىل إلى ّ
أما الفقو المعاصر ّ ّ
الدول في
أن تواجد ّ
األمر ال ّذي من شأنو العمل عمى تبمور القاعدة العرفية في ظرف زمني قياسي ،فضال عن ّ
لتبين مواقفيا بشأن مسألة دولية ما و مدى اعتبارىا سابقة من عدمو ،و
الدولية يتيح ليا فرصا أكثر ّ
المحافل ّ
الدولي و ظروف ك ّل حالة عمى حدة ،ففي
السموك ّ
في ك ّل الحاالت فيذا ال ّشرط نسبي إذ يتوقّف عمى نوع ّ
عدة لتحقق شرط التواتر ،و في حاالت أخرى قد تكفي بضع سنوات لتحقق ذات
حاالت قد يشترط مرور قرون ّ
شرط)1(.
ال ّ
- 2العمومية:
السابقة قد درج
السموك أو ّ
الدولي أن يكون ّالركن المعنوي لمعرف ّ إضافة إلى التكرار أو التواتر ،يشترط لتمام ّ
الدولي ،و بمفيوم المخالفة فسموك دولة واحدة ميما طال و
عمى اتباعيما عدد كبير من أشخاص القانون ّ
الدولة في
الدول األخرى لم تسمك مسمك ىذه ّ الدولية ما دامت ّ
تكرر ال يكفي بمفرده لتكوين القاعدة العرفية ّ
ّ
السابقة يش ّكل معيا ار لمقول بعمومية القاعدة
السموك أو ّ
الدول المشاركة في ّفإن عدد ّمناسبات مماثمة ،و عميو ّ
الدول أو من
تتم ىذه المشاركة و ىذا القبول من ك ّل ّ
أو قبوليا عمى أوسع نطاق ،لكن ىل يشترط تبعا لذلك أن ّ
بعضيا فقط؟
خاصية أو شرط
ّ ذىب االتّجاه التقميدي – و ىو المرجوح حاليا -إلى اشتراط نصاب اإلجماع لمقول بتوافر
الدول صراحة
بقية ّ
الرأي الحديث فقيا ال يطالب بنصاب أكثر من األغمبية مع انعدام اعتراض ّ لكن ّ
العمومّ ،
لمسموك
الصريح دليال عمى قبول ىذه الدول ضمنيا ّ
السابقة ،حيث يقوم انتفاء االعتراض ّ
السموك أو ّ
عمى ىذا ّ
السابقة)3(.
أو ّ
( )1د .محمد السعيد الدقاق ،د .مصطفى حسين سالمة ،مرجع سابق ،ص.196
( )2د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص.164 -157
(3) GUGGENTHEIM (Paul) : « Traité du droit international public » Volume 01, Paris 1953, p47.
( )4د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.149
100
تؤدي فيما بعد إلى ما يعرف بالعرف العالمي
بخاصية أو شرط العموم ،ىي التّي ّ
ّ و ىذه النسبية التي تحيط
سيتبين فيما بعد.
ّ والعرف اإلقميمي ،أو العرف العام و العرف الخاص كما
السموك أو التماثل:
- 3اتساق ّ
موحدة
الدولي متماثمة أو ّ
لمركن المادي لمعرف ّ
المكونة ّ
ّ الدول
تصرفات ّيقصد بيذا ال ّشرط أن تكون سموكات أو ّ
الدولية في قضية المّجوء السياسي 1950
أي أالّ تكون متعارضة أو متناقضة ،و ذلك ما أ ّكدتو محكمة العدل ّ
الصادر سنة 1960في "قضية حق المرور في اإلقميم اليندي" ،حيث رأت المشار ليا سمفا ،و كذا في حكميا ّ
أنه ليس ىناك سبب لعدم االعتداد بالتعامل المتواصل و المستمر بين دولتين ،و المقبول منيما إلدارة
ّ
بينيما)1(. عالقاتيما كأساس لمحقوق و االلتزامات المتبادلة
الركن المعنوي:
ثاني ّ -
ا
الركن
بد أن يقترن ىذا ّ
الدوليين إلى عرف دولي ،فال ّ
السابقة ّ
السموك أو ّ
الركن المادي بمفرده لتحويل ّ
ال يكفي ّ
المادي لمعرف
لمركن ّ المكون ّ
ّ السموك
تكون عقيدة لدى من ينتيج ّ
بالركن المعنوي ،و يعني ىذا األخير عموما ّ
ّ
ألنو
السموك ّإنما يأتيو ّ
أن من يأتي ّ
السموك قد أصبح واجبا قانونيا ،أي ّ
أن السير عمى مقتضى ذلك ّ مؤداىا ّ
ّ
بو تعبير عن القانون)3(.
يعتقد ّأن
ألنو
الدولي و شعورىم بإلزاميتو ّ ، الدولي قد صدر مع اعتقاد أشخاص القانون ّ
السموك ّ
و عميو ينبغي أن يكون ّ
الركن المعنوي لمقاعدة العرفية في كونو يمثّل معيا ار لمتمييز
أىمية ّ
متضمن لحق أو واجب قانوني ،و تظير ّ
ّ
،إذ تفتقد ىذه الدولية
الدولية كقواعد األخالق و المجامالت ّبينيا و بين بقية القواعد المرعية في العالقات ّ
الدولية)4(.
القواعد العنصر المعنوي المتمثل في ال ّشعور و االعتقاد بإلزاميتيا ،عمى خالف القاعدة العرفية ّ
______________________________________________________________________________________
101
الصادر سنة 1969بشأن "قضية الجرف القاري لبحر ال ّشمال "
الدولية في حكميا ّو قد أ ّكدت محكمة العدل ّ
المكون لمممارسة المعنية يجب أن يكون
ّ السموك
أن ّالدانمارك و ىولندا من جية أخرى ّ
بين ألمانيا من جية ،و ّ
بأن ىذه الممارسة صارت ممزمة وفقا لقاعدة من قواعد تم بيا دليال عمى االعتقاد ّ
في ذاتو أو بالطّريقة التّي ّ
تتصرف وفقا لما يساوي االلتزام القانوني)1( ...
ّ الدول المعنية يجب أن تشعر ّأنيافإن ّ
الدولي ،لذلك ّ القانون ّ
الدولي كشف عن وجود قواعد دولية عرفية سارية دون إيالء اعتبار تطور القانون ّألن ّنسوق ك ّل ىذا بتحفظ ّ
الدولي ،و التي يمكن
الدول أو قبوليا ،يتعمّق األمر بالقواعد اآلمرة أو المتّصمة بالنظام العام ّ
العتراض بعض ّ
عرفي)4(. أن تكون ذات مصدر
الدولي:
الفرع الثالث :أنواع العرف ّ
102
ّأوال -العرف العام (العالمي):
معينة أو في
قارة ّ
القاري أو المحمّي ،و ىو العرف ال ّذي يقتصر تطبيقو عمى ّ يصطمح عميو أيضا بالعرف ّ
الدول العربية ،اإلسالمية ،اإلفريقية ،األوربية ،األمريكية ،)...و عمى
الدول ( ّ
إطار عالقات بين عدد محدود من ّ
تدعي وجود ىذا النوع من العرف أن تقوم بإثباتو ،حيث يقع عمييا عبء اإلثبات أمام القاضي أو
الدولة التّي ّ
ّ
الدول تربطيا صالت تاريخية و حضاريةالخاص بين مجموعة من ّّ الدوليين ،و غالبا ما ينتشر العرف
المح ّكم ّ
وعقائدية أو حتّى ظروف مشتركة سياسية و اقتصادية و غيرىا (دول العالم الثالث مثال) ،فعمى مستوى منظمة
الدول األمريكية المنشأة بموجب ميثاق بوقوتا 1984توجد مجموعة من األعراف (األمريكية).
ّ
الصادر
الخاص في "قضية المرور عبر اإلقميم اليندي " في حكميا ّ ّ الدولية العرف
أقرت محكمة العدل ّ
و قد ّ
سنة ،1960حيث اعترفت بوجود قاعدة عرفية محمية لصالح البرتغال تسمح لو بالمرور عبر اإلقميم اليندي
البرتغالية)2(. من ميناء "ديمان" إلى األراضي
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،423 ،422د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص.163 ،162
( )2د.محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،153-151د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،424 ،423د .عمي
زراقط مرجع سابق ،ص ص.164 ،163
( )3في العرف الثوري أنظر بتفصيل د .محمد السعيد الدقاق ،مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص ص.255 -250
103
فمع غ ازرة المعمومات و اإلفادة من شبكة اإلنترنيت ،و البريد اإللكتروني و مواقع التواصل االجتماعي ،و نظام
الدولية
الدول و غيرىا من األطراف الفاعمة في العالقات ّ
عما تواتر عميو سموك ّ
أقراص الميزر ،بات الكشف ّ
ل لحظة)1(.
معينة أو موضوع بذاتو مسألة ممكنة في ك ّ
بصدد مسألة ّ
الدولي:
الم طمب الثاني :طبيعة العرف ّ
الدولية العرفية ،و يرجع ىذا االختالف إلى تباين وجيات النظر
الدولي في تبرير إلزامية القواعد ّ
اختمف الفقو ّ
الدولي عموما ،و يعكس ىذا االختالف اتجاىان رئيسيان في تحديد األساس القانوني إللزامية قواعد القانون ّ
الدول النامية تجاه
يعبر عن موقف ّ
ثالث ّ
أن ىناك اتجاه ا ا
ىما المذىب اإلرادي ،و المذىب الموضوعي ،عمى ّ
العرف الدولي:
الصادر
يؤيد ىذا المذىب موقف المحكمة الدولية الدائمة لمعدل في قضية "الموتس" حيث أ ّكدت في حكميا ّ
و ّ
يتم التعبير عنيا صراحة من
الحرة التّي ّ
لمدول تنبع من إرادتيا ّ
بأن " :القواعد القانونية الممزمة ّ
سنة ّ 1927
()3 خالل المعاىدات ،أو ضمنيا من خالل العرف"...
يضيق من دائرة تطبيق القواعد الدولية العرفية ،حيث ّأنيا ال تسري إالّ في
و ما يؤخذ عمى ىذا المذىب ّأنو ّ
الدولي.
الدول األخرى ،و ىذا ما يناقض نسبيا حقيقة العرف ّ الدول التّي اشتركت في تكوينيا دون بقية ّ
مواجية ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .جمال عبد الناصر مانع ،مرجع سابق ،ص ص.252 -248
( )2د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ،156د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص 428
د.عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص.156 ،155
( )3د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،144 ،143د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص.161
104
ثانيا -المذىب الموضوعي:
الدولي و ال في
أي دور في إنشاء العرف ّ الدول الجديدة ّيؤدي منطقيا إلى ّأنو ليس إلرادة ّ
الرأي ّ
و األخذ بيذا ّ
الضرورة االجتماعية التّي اتّخذىا ىذا المذىب أساسا إللزامية العرف
إق ارره ،و ىي تمتزم بو انطالقا من ّ
الدولي)2(.
ّ
الدولي:
الدول الناشئة أو الجديدة من العرف ّ
ثالثا -موقف ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،145 ،144د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص ،429 ،428د .عمي
زراقط مرجع سابق ،ص ص ،157 ،156د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ،157 ،156
د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص.162 ،161
( )2د .محمد سامي عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص ص ،158 ،157د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص.145
( )3د .محمد السعيد الدقاق ،مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص ص.233 ،232
105
الدولية في "قضية المصايد " بين بريطانيا
دعم القضاء الدولي ىذه الحقيقة ،فقد ذىبت محكمة العدل ّ
و قد ّ
بأي حال تطبيق قاعدة دولية بدعوى ّأنيا
الصادر سنة ،1951إلى ّأنو ال يمكن ّ
والنرويج من خالل حكميا ّ
عرفية (قاعدة العشرة أميال بحرية) عمى دولة النرويج ،ما دامت ىذه األخيرة تعارض ّأية محاولة لتطبيقيا عمى
سواحميا.
الدولي:
الفرع الثاني :إثبات العرف ّ
الدولي
الدولية العرفية قاعدة قانونية غير مكتوبة ،تستشف من السموك المتواتر ألشخاص القانون ّ
القاعدة ّ
المعبر عن انصراف إرادتيا الضمنية إلى فرض ىذه القاعدة و وضعيا موضع التنفيذ كونيا ممزمة ،و ال
و ّ
السوابق و التحقّق من تواترىا ،و إذا كان من شأن ىذا الوضع أن يضفي
يمكن إثبات وجودىا إالّ باستقراء ّ
ىامة ال ينبغي تجاىميا ،فمن
لمتطور الشيء الكثير و ىي ميزة ّ
ّ عمى القاعدة العرفية من المرونة و القابمية
خاصية
ّ الصعوبة بمكان ،فضال عن صعوبة تحصيل شأنو أيضا أن يجعل إثباتيا و تحديد مضمونيا من ّ
المادي لمقاعدة العرفية)2(.
الركن ّ
السابقة الكتمال ّ
العمومية التّي يجب أن تكتسييا ّ
مدة من
الدولية ما لم يتواتر العمل بيا ّ
السموك ّ
فإن وصف القاعدة العرفية ال يثبت إالّ لقاعدة ّ
تقدم ّ
بناء عمى ما ّ
يعد كذلك.
يعتد بيا في إثبات التّواتر و ما ال ّ
ثمة يثور التّساؤل حول ما يجوز اعتباره سابقة ّ
الزمن ،و من ّ
ّ
بالسابقة في ىذا الخصوص من األمور التّي كانت مح ّل خالف بين الفقياء ،حيث
أن تحديد المقصود ّ
و الواقع ّ
،تمثّميما ك ّل من المدرسة الوضعية الدولي
الصدد بين اتجاىين أساسيين في الفقو ّ
يمكن التمييز في ىذا ّ
والمدرسة الموضوعية:
الصادرة عن الجياز
التصرفات ّ
ّ الدولي إالّ
السوابق في مجال إثبات العرف ّ
ال تعتبر ىذه المدرسة من قبيل ّ
الدول.
المختص بسمطة إبرام المعاىدات الدولية في ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد بوسمطان " :مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص ،60د .جمال عبد الناصر مانع ،مرجع سابق ،ص.246
( )2د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،157 -154د .بيار ماري دوبوي ،مرجع سابق ،ص ص.363 -361
106
،فالقاعدة العرفية في نظرىا حد ذاتيا
من ىنا يتّضح مدى ارتباط ىذه المدرسة بطبيعة القاعدة العرفية في ّ
، الدولية)
الصريح (المعاىدة ّ
الدول ال يممك إبرامو حكما إالّ من يممك سمطة إبرام االتّفاق ّ
اتفاق ضمني بين ّ
المختصة بإبرام المعاىدات
ّ السمطة
الصادرة عن ّ
التصرفات ّ
ّ الدولي بغير
يعتد في إثبات العرف ّ
وعميو فال ّ
السمطة ال قيمة ليا في إثبات
التصرفات التّي تقع خارج ىذه ّ
ّ الدولة ،و بمفيوم المخالفة فبقية
الدولية في ّ
ّ
العرف.
لمدول
الرسمية ّ
الدوائر ّ
الدولية و ىو ّ
السابقة ّ
تعول عمى مصدر واحد من مصادر ّ أن ىذه المدرسة ّ
الظّاىر إذن ّ
الدولية)1(.
تصرفات إلدارة العالقات ّ
وما يصدر عنيا من ّ
ثانيا -المدرسة الموضوعية:
الدولية
الدولي أو ضمير الجماعة ّ الدولي تعبي ار عن اتّجاه إرادة أشخاص القانون ّ
تعتبر ىذه المدرسة العرف ّ
تعتد بك ّل الوسائل التّي من شأنيا
السموك ،و عميو فيي ّ
معينة من قواعد ّ إلى إلزام أعضائيا ضمنا بقاعدة ّ
السابقة ،و لذلك
التصرف مح ّل ّ
ّ الصادر عنيا
الضمني ،بصرف النظر عن الجية ّ إثبات مضمون ىذا التعبير ّ
الدولي
الداخمي و ّالداخمية ،و أحكام القضاء ّ
الدولية في نظر ىذه المدرسة التشريعات ّ
السابقة ّ
يعد من قبيل ّ
ّ
الدولية ،و ما تبرمو من معاىدات تكشف
الدول الواقعية في نطاق الحياة ّ
تصرفات ّ
السواء .فضال عن ّعمى ّ
السوابق)2(.
ّ بيا عن وجود ىذه
الدولي:
الفرع الثالث :تدوين العرف ّ
العامة في سبتمبر 1924ق ار ار بتشكيلبعد أكثر من أربع سنوات من تأسيس عصبة األمم أصدرت جمعيتيا ّ
ميمتيا تحضير مشاريع لتدوين موضوعات القانون الدولي القابمة لمتدوين
الدولي ّ ،
لجنة من خبراء القانون ّ
الدول بشأنيا.
وتقديميا لمجمس العصبة بعد أخذ رأي ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد سامي عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص.158
( )2المرجع نفسو ،ص.159
( )3أنظر في تدوين العرف الدولي بالتفصيل:
» (4) AGO (Robert) : « La codification du droit international et les problèmes de sa réalisation
Recueil d’études en droit international en hommage a Paul Guggenheim, Genève 1968, pp93-
131.
107
مييأة أكثر من غيرىا
بدأت المّجنة عمميا في أفريل 1925و انتيت إلى تحضير ستّة موضوعات رأت ّأنيا ّ
الدولة عن األضرار التّي تمحق باألجانب و أمواليم في
لمتدوين ،و ىي :الجنسية ،البحر اإلقميمي ،مسؤولية ّ
تم عرض ىذه االمتيازات الديبموماسية ،و ّ إقميميا ،القرصنة ،استثمار منتجات البحار ،الحصانات و
الدراسة عمى الموضوعات الثالثة األولىالعامة في سبتمبر 1927فرأت اقتصار ّ
الموضوعات عمى الجمعية ّ
قدر لممؤتمر أن يعقد في
ليقرر ما يراه بشأنيا ،و ّ
وتشكيل لجنة أخرى لتنقيحيا تمييدا لعرضيا عمى مؤتمر عام ّ
لكن نتائجو لم تكن في مستوى اآلمال
13مارس 1930بحضور مندوبي 47دولة ،و دامت جمساتو شيراّ ،
الخاصة بالجنسية من خالل
ّ الدول في إطاره إالّ عمى إقرار بعض القواعد
التّي عمّقت عميو ،حيث لم تتفق ّ
الدولية
بأية محاولة لتدوين القواعد ّ
اتّفاقية و ثالثة بروتوكوالت ،و بفشل ىذا المؤتمر لم تقم العصبة بعدىا ّ
العرفية)1(.
( )1د .منتصر سعيد حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص ص.159 ،158
( )2د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص ص ،170 ،169د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص ص ،170 ،169د .منتصر سعيد
حمودة " :القانون الدولي المعاصر" مرجع سابق ،ص صBROWNLIE (Lan) op.cit, p11. ،160 ،159
108
المبحث الثالث :المبادئ العامة لمقانون:
العامة
فإن المبادئ ّانطالقا من الفقرة األولى ج من المادة 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدوليةّ ،
لمقانون تأتي في المرتبة الثالثة ضمن المصادر الرسمية لمقانون الدولي ،لذلك ال تسمح قراءة النص باستنتاج
ّأنيا مصدر مساعد كما ذىب إلى ذلك بعض الفقو.
و قد كانت ىذه المبادئ منذ وقت طويل محال لنقاشات الفقو حول وجودىا ،و استقالليا تحديدا عن المصدر
الثاني من مصادر القانون الدولي العام و ىو العرف ،فبداية من ستينات القرن الماضي اعترض الفقو
االشتراكي مدعوما بفقو البمدان النامية عمى وجودىا أصال مرّك از عمى نقد العبارة العنصرية (األمم المتمدينة)
االستعمار)1(. التي تعكس مفيوما أوربيا ذاتيا متعاليا لمحضارة موروثا من عيد
لكن البقاء في إطار النص القانوني ال ّذي أوجد ىذه المبادئ و االسترشاد بتطبيقات القضاء الدولي السابقة في
ّ
ك حقيقة ىذه المبادئ و استقالليتيا تجاو از لمجدل
جانب منيا عمى النص ذاتو ،يؤ ّكد بما ال يدع مجاال لمش ّ
الفقيي حوليا ،و ال ّذي لم تعد لو اليوم في حقيقة األمر إالّ قيمة تاريخية أو أكاديمية محضة.
العامة لمقانون:
األول :ماىية المبادئ ّ
المطمب ّ
العامة لمقانون:
األول :مفيوم المبادئ ّ
الفرع ّ
العامة لمقانون:
ّأوال -تعريف المبادئ ّ
األىمية ما يجعميا أساسا لمعديد من القواعد التفصيمية
ّ المبدأ عموما ىو ك ّل قاعدة تبمغ من العمومية و
المتفرعة عنيا)2(.
ّ
______________________________________________________________________________________
109
العامة و األساسية التّي تييمن عمى األنظمة
العامة لمقانون المقصودة ىنا ىي تمك القواعد ّ
بناء عميو فالمبادئ ّ
تتفرع عنيا قواعد أخرى تطبيقية تخرج إلى حيز التنفيذ في صورة العرف و التشريع)1(.
القانونية ،و التّي ّ
العامة لمقانون عمى ّأنيا مجموعة المبادئ التي ترتكز عمييا و
يعرف المبادئ ّ في سياق ذي صمة ىناك من ّ
تسبب في ضرر لمغير القيام
تقرىا معظم األنظمة القانونية لمختمف األمم ،كالمبدأ ال ّذي يقضي بالتزام ك ّل من ّ
ّ
بإصالحو)2(.
العامة لمقانون:
ثانيا -الجدل الفقيي بشأن المبادئ ّ
العامة لمقانون أصال ،فيما يش ّكك جانب آخر منو في استقاللية ىذه
ينكر جانب من الفقو وجود المبادئ ّ
المبادئ كمصر مباشر لمقانون الدولي العام:
العامة لمقانون:
-1االتجاه المنكر لوجود المبادئ ّ
العامة لمقانون بالصفة القانونية كمصدر لمقانون الدولي العام
ال تعترف المدرسة الوضعية (اإلرادية) لممبادئ ّ
الدول الغير ،ىذه اإلرادة التّي يمكن أن تتخذ صورة
ألن المصدر الوحيد ليذا القانون في نظرىم ىو إرادة ّ
ّ
أن االعتراف ليذه المبادئ بوصف صريحة (المعاىدات الدولية) أو صورة ضمنية (العرف الدولي) ،كما ّ
حد زعم ىذه المدرسة يعني قيام الصمة بين القانونين الدولي و الوطني ،و ىو ما يتعارض مبدأ
المصدر عمى ّ
الفصل بين القانونين ال ّذي يعتبر مرتكز المدرسة الوضعية)4(.
______________________________________________________________________________________
-23القاىرة العامة لمقانون بوصفيا مصد ار لمقانون الدولي " المجمة المصرية لمقانون الدولي ،المجمد
( )1د .مفيد شياب " :المبادئ ّ
،1967ص.01
( )2د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص.171
( )3د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص.172
( )4د .محمد حافظ غانم " :مبادئ القانون الدولي العام "دار النيضة العربية -القاىرة ،1972ص.79
( )5د .عبد العزيز محمد سرحان " :مبادئ القانون الدولي العام" دار النيضة العربية -القاىرة ،1975ص.208
110
العامة لمقانون كمصدر مباشر:
-2االتجاه المنكر الستقاللية المبادئ ّ
متميز
العامة لمقانون ،بقدر ما ينكر استقالليتيا كمصدر مباشر و ّ
ال ينكر ىذا االتجاه من الفقو وجود المبادئ ّ
لمقانون الدولي العام ،و عميو فيو يدمجيا في مصادر أخرى ليذا القانون ،أو في مفاىيم مرتبطة بو
العامة لمقانون ال تش ّكل إالّ قواعد بالمعنى الواقعي ال ّذي تعطيو ليا القواعد
و حسب "روتر" فالمبادئ ّ
العرفية)2(.
إما من
تستمد ّ
ّ العامة لمقانون
أن المبادئ ّ
في نفس االتجاه تقريبا ذىب الفقية السوفياتي " تونكين" ،حيث يرى ّ
العامة لمقانون
ألية استقاللية لممبادئ ّ
المصادر التعاىدية (االتفاقية) ،أو من المصادر العرفية في نفي صريح ّ
الدولية)3(. الواردة في المادة -1/38ج من النظام األساسي لمحكمة العدل
1/38من النظام األساسي لمحكمة أن ىذا االتجاه أخمط بين مصدرين مستقمين مذكورين في المادة
يبدو ّ
العدل الدولية بما يش ّكل مغالطة منطقية واضحة ،من جية أخرى ال يمكن التسميم بفكرة التطابق بين المبادئ
العامة لمقانون و العرف الدولي بحيث تندرج األولى في الثانية ،فحتّى تصبح ّأية قاعدة سموك دولية عرفا دوليا
ّ
الدولي قد يطبق
أن القاضي ّ
فصمناه سابقا ،في حين ّيتكرر تطبيقيا من جانب الدول عمى نحو ما ّ يشترط أن ّ
معاىدة)4(. العامة عمى عالقة دولية ال يوجد بشأنيا عرف أو
لممرة األولى مبدأ من مبادئ القانون ّ
ّ
العامة لمقانون ،حيث يدرجيا رأي ضمن مبادئ القانون
إضافة لذلك توجد آراء أخرى منكرة الستقاللية المبادئ ّ
الطبيعي أو (قواعد المنطق) ،أو ضمن طرق التفسير ،أو يجعل منيا جزء من القانون الداخمي الصرف)5(.
(1) SCELLE (Georges) : « Manuel élémentaire du droit des gens » Paris 1948, p400 et s.
(2) REUTER (Paul) : « Droit international public » P.U.F, Paris 1972, p100.
(3) TANKIN (G.I) : « Droit international contemporain » éd du progrès, Moscou 1972, p151.
( )4د .محمد حافظ غانم ،مرجع سابق ،ص.80
( )5أنظر في ىذه اآلراء:
VITANY (Bella) : « Les positions doctrinales concernant le sens de la notion de principes
généraux reconnus par les nations civilisée » R.G.D.I.P, Janvier-Mars 1982, pp48-116.
( )6د .جمال عبد الناصر مانع ،مرجع سابق ،ص.254
111
38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ،حيث أن ك ّل ىذه اآلراء تخالف صريح نص المادة
الواقع ّ
تميزه ،بما ال يسمح بالقول
العامة لمقانون ضمنيا كمصدر مستقل لو طبيعتو و خصوصيتو و ّ
وردت المبادئ ّ
ّأنو قد يندمج أو يختمط مع مصدر أو مفيوم قانوني آخر.
فإنو
و فيما يتعمق تحديدا بالرأي األخير الذي أدرج المبادئ العامة لمقانون ضمن قواعد العدالة و اإلنصاف ّ
محدد في الفقرة الثانية من
أن مجال قواعد العدالة و اإلنصاف ّ تجاىل ما بين المصدرين من اختالف ،حيث ّ
المادة 38السابقة كمصدر استثنائي ال يمكن المجوء إليو إالّ بعد استنفاذ المصادر الرسمية و االحتياطية
الواردة في ذات المادة ،فوق ذلك استثنائية ىذا المصدر نابعة من ضرورة موافقة أطراف الدعوى عمى تطبيقو،
فإن
و ىذا ليس من شأن المبادئ العامة لمقانون ،ففضال عن كونيا مصد ار رسميا يأتي بعد المعاىدة و العرف ّ
المحكمة تطبقو تمقائيا في حال غياب نص في كل من المصدرين السابقين ،و دون اشتراط موافقة األطراف
المعنية.
العامة لمقانون غالبا ما ترفع كشعارات و لكن ناد ار ما يعمل بيا أو يعترف
أن المبادئ ّأن ىناك من يرى ّ مع ّ
ليا بالفاعمية و التميز في التطبيق أمام المحاكم الدولية ،فممثموا المنظمات الدولية يستشيدون في خطاباتيم
متفاوت)1(. فإن محكمة العدل الدولية تطبقيا بحذر شديد و بشكل
بيذه المبادئ ،مقابل ذلك ّ
العامة لمقانون رأيان ،رأي يقصر ىذه المبادئ عمى القانون الدولي في حد ذاتو ،و رأي
يتنازع طبيعة المبادئ ّ
يحصرىا في القوانين الوطنية:
112
األول :يضم المبادئ المتعمقة بحفظ السمم و األمن الدوليين ،و تتمثل في :مبدأ عدم استخدام القوة أو
القسم ّ
التيديد بيا ،مبدأ فض النزاعات الدولية بالطرق السممية ،مبدأ األمن الجماعي ،مبدأ نزع السالح ،مبدأ احترام
الحدود اإلقميمية لمدول ،مبدأ تجريم الدعاية لمحرب.
القسم الثاني :يشمل المبادئ المتعمقة بالتعاون الدولي ،و تتمثل في :مبدأ احترام سيادة الدولة ،مبدأ عدم
التدخل في الشؤون الداخمية لمدول ،مبدأ ضرورة التعاون بين الدول ،مبدأ تنفيذ االلتزامات الدولية بحسن نية،
مبدأ احترام حقوق اإلنسان.
أن الفقو االشتراكي في ىذا المقام ينظر إلى التعايش السممي كمبدأ أساسي و عميق يتخمّل ك ّل
تجدر اإلشارة ّ
مما يجعميا ذات عالقة وثيقة ببعضيا البعض)1(. المبادئ المذكورةّ ،
ال تجد دولية المبادئ العامة لمقانون صداىا عند الفقو االشتراكي فحسب بل حتّى عمى مستوى الفقو الغربي
بأنيا
الحد الذي يعتبرىا فيو ّ
فالفقيو " روتر" بعد تأكيده عمى الطبيعة الدولية ليذه المبادئ يعمي من شأنيا إلى ّ
العامة لمقانون –حسبو -ىي قواعد قانونية مثميا مثل القواعد
أسمى من ك ّل القواعد الدولية األخرى ،فالمبادئ ّ
العرفية لكنيا تتميز عنيا بطبيعتيا كونيا قواعد أساسية و ضرورية ،ثابتة و متفقا عمييا ،بل تكاد تكون مح ّل
اعتراف معظم الدول مثل مبدأ حسن النية ،احترام التعيدات الدولية ،و االلتزام بإصالح الضرر الناتج عن
انتياك القانون الدولي ،المساواة أمام القانون ،و راج مؤخ ار مبدأ الشرعية الدولية الذي يعني في معناه الضيق
خاصة اآلمرة منيا.
ّ االلتزام بتطبيق ق اررات مجمس األمن ،و في معناه الواسع احترام قواعد القانون الدولي
يمضي " روتر" في القول إلى ّأنو ال يمكن تصور عالقات دولية من دون مراعاة ىذه المبادئ التي ال يحتاج
العامة لمقانون تستخمص من طبيعةألن المبادئ ّ
إثباتيا إلى ما تتطمّبو عممية إثبات القاعدة العرفية الدوليةّ ،
العالقات بين الدول و التي يجب أن تكون متكافئة ،ىذه الحالة مثال يترجميا مبدأ المساواة بين الدول ،كما
النص عميو في أكثر من معاىدة
ّ تكرر
يمكن استنباط ىذه المبادئ من المعاىدات الدولية ،فتجريم العدوان ّ
فأصبح بذلك مبدأ من المبادئ العامة لمقانون ،و ال ينفي ذلك الصفة المتميزة و المستقمة ليذه المبادئ ،فحتّى
إن التبست بالعرف الدولي أو احتوتيا معاىدات دولية ،تبقى مع ذلك قائمة بذاتيا كمصدر ذي طبيعة دولية
باألساس)2(.
113
قدم المورد " فيممور" بوصفو عضوا في لجنة القانونيين تقري ار يؤ ّكد
فبالعودة إلى ظروف إعداد النص السابق ّ
العامة لمقانون تمك المبادئ المقبولة في مجموع األنظمة الداخمية لمدول ،و
فيو ّأنو يجب أن يفيم من المبادئ ّ
تم تكريسيا في
أن المبادئ المقصودة ىي تمك التّي ّ
التوجو حين ترّكز عمى ّ
ّ تدعم محاضر المجنة بعد ذلك ىذا
قوة الشيء المقضي فيو
عدد من األنظمة الوطنية مثل المبادئ المتعمقة باإلجراءات القضائية ،عمى رأسيا مبدأ ّ
المكرس في القضاء الدولي)1(.
ّ
أقرتيا األمم (المتمدينة) مبادئ القانون
العامة لمقانون التّي ّ
و بذلك فنص المادة -1/38ج يقصد بالمبادئ ّ
التقدم التّي
الدول ،بصرف النظر عن طبيعة نظاميا السياسي أو درجة ّ الداخمية المشتركة بين قوانين ىذه ّ
يكممو نص المادة 09من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية نفسو ،الذي
بمغتيا .ما يدعم ىذا المقصود و ّ
العالم)2(. يشترط أن يكون انتخاب قضاة المحكمة كفيال بتمثيل المدنيات الكبرى و النظم القانونية الرئيسية في
حد تعبير د .الدقاق و إن لم تكن تعنى مباشرة بالقانون الدولي فال يعني ذلك عدم
فالقوانين الوطنية عمى ّ
تعد أكثر ثباتا و أسبق وجودا و مميئة بالتجارب اإلنسانية ،و ىي
ألن ىذه القوانين ّ
صالحيتيا لمحياة الدوليةّ ،
الدولي)4(.
ّ الموجو لمضمير القانوني
ّ بيذه المثابة تمعب دور
______________________________________________________________________________________
(1) VITANYI (Bella) : « Les principes généraux du droit » R.G.D.I.P, Avril-Juin 1982, pp46-116.
(2) CHENG (B) : « General principles of law as applied by international courts and tribunals » Steven,
London 1953, p25.
أن الفقرة ب من نفس المادة و استنادا إلى حرفية الصياغة لم تنكر وجود مبادئ عامة لمقانون ذات مصدر دولي ،ما يعني ّأنيا
( )3مع ّ
تفرق بين المبادئ العامة لمقانون ذات المصدر الدولي ،و تمك ذات المصدر الوطني ،حيث جاء في الفقرة المعنية ما يمي..." :حيثما
ّ
المقررة في القانون الدولي لممنازعات
يكون مناسبا المعاىدات الواجبة التطبيق و مبادئ القانون الدولي و قواعده ،بما في ذلك المبادئ ّ
21ىي المبادئ العرفية دون شك، أن المبادئ المقصودة في نص المادةالمسمحة" ،لكن السياق العام لمنص بأكممو يسمح بالقول ّ
أن المادة أساءت توظيف المصطمحات، مما يجعمنا نقول ّطالما لم يرد ذكر -في موضع آخر من المادة -لمعرف الدولي بيذا المفظّ ،
و كانت تقصد من عبارة (مبادئ القانون الدولي و قواعده) العرف الدولي ،ما يؤ ّكد استقرار فكرة وطنية المبادئ العامة لمقانون بشكل
حاسم.
( )4د .محمد السعيد الدقاق " :القانون الدولي العام -المصادر ،األشخاص" ط ،2الدار الجامعية -بيروت ،1983ص.230
114
مرده تشابو
حد ذاتيا ،فاالعتراف بيا في النظم القانونية الداخمية ّ
يسترشد في ذلك بالغاية من ىذه المبادئ في ّ
المؤدي حكما إلى تشابو الحمول القانونية ليا ،بقطع النظر عن اختالف األوضاع
ّ المشكالت اإلنسانية
أن عمومية ىذه المبادئ عمى ىذا النحو الالسياسية و االقتصادية و االجتماعية و الثقافية و غيرىا ،مع ّ
األعم منيا ،أي في األنظمة القانونية
ّ تعني ضرورة وجودىا في ك ّل النظم القانونية الوطنية ،بل في الغالب
– كما يرى بعض الفقو -عمى النظام الالتيني ،األنجموسكسوني، الموزعة
الرئيسية أو الكبرى في العالم و ّ
الماركسي ،األنظمة ذات األصول الدينية (اإلسالم ،الييودية ،البوذية))1(.
فضال عن قابمية انتقال ىذه المبادئ إلى دائرة القانون الدولي و تناسبيا مع الحياة الدولية ،و عموميتيا،
يشترط فييا كذلك أالّ تتعارض مع قواعد القانون الدولي األخرى ذات المصدر الدولي ،و نجد صدى ليذا
عبرت عنو خاتمة الفقرة ج من المادة 21من نظام روما األساسي السابقة ،حيث جاء فييا: مؤخ ار فيما ّ
الشرط ّ
"...شريطة أالّ تتعارض ىذه المبادئ مع ىذا النظام األساسي و ال مع القانون الدولي و ال مع القواعد و
المعايير المعترف بيا دوليا".
العامة لمقانون بوصفيا ذات منشأ وطني ىي مصدر انتقالي أو مؤقت لمقانون
أن المبادئ ّتجدر اإلشارة إلى ّ
الدولي ،حيث تصبح مع الزمن جزء من القانون الدولي الوضعي (العرفي أو المكتوب))2(.
العامة لمقانون
أن المبادئ ّ
أن ىناك جانب من الفقو (فردروس -ىيدسون) يعتبر ّفي الختام تجدر اإلشارة إلى ّ
يمكن أن تكون في الوقت نفسو ذات طبيعة و طنية و دولية ،و يستشيد " روسو" عمى ذلك بنص
العامة لمقانون دون قصرىا عمى مصدر وطني أو
المادة-1/38ج التي جاءت مطمقة في تقريرىا لممبادئ ّ
دولي)3(.
العامة لمقانون:
المطمب الثاني :تطبيق المبادئ ّ
معين ،أمكن تطويع الوضع
السابق يتعمّق بوضع ّ العامة لمقانون بمفيوميا ّ
تقرر وجود مبدأ من المبادئ ّ إذا ّ
الدولي في عممية
الدور ال ّذي يقوم بو المح ّكم أو القاضي ّ
نصا و روحا ،و ىنا يبدو ّ
الدولي المماثل لنفس المبدأ ّ
ّ
الدور يمكن
الدولي عن طريق القياس ،ىذا ّ العامة لمقانون و نقميا إلى دائرة القانون ّ
استنباط و استنتاج المبادئ ّ
المعدة باألساس إلنتاج آثارىا
ّ العامة لمقانون ،تمك المبادئ
يضيق من نطاقو الطبيعة الوطنية لممبادئ ّ
أن ّ
الدولي مرىونة بمدى مراعاتياالدولة ،ما يجعل إمكانية صالحيتيا لمتطبيق عمى المستوى ّ القانونية داخل حدود ّ
الدولي المراد تطبيقيا فيو ،فعممية انتقال ىذه المبادئ من دائرة القانون الوطني إلى دائرة
لخصوصية الوسط ّ
الدولي ال تحدث آليا أو تمقائيا.
القانون ّ
_____________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.442
( )2د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص.182
( )3المرجع نفسو ،ص.171
115
فيناك جممة من المبادئ رغم استقرارىا و العمل بيا في معظم النظم القانونية الوطنية يتع ّذر نقميا إلى المجال
الدولية)1(.
الدولي بسبب عدم تناسبيا مع طبيعة العالقات
ّ ّ
فإنيا
يطبق ىذه المبادئّ ،
الدولي و ىو ّمع ذلك و رغم الحذر المطموب لمسبب السابق من المح ّكم أو القاضي ّ
الدوليين (فرع ّأول) ،و في مجاالت القانون الدولي
وجدت تطبيقا واسعا ليا عمى مستوى التحكيم و القضاء ّ
المتعددة (فرع ثان):
ّ
العامة لمقانون:
األول :تطبيق التحكيم و القضاء الدوليين لممبادئ ّ
الفرع ّ
العامة لمقانون:
الدور االحتياطي لممبادئ ّ
ّأوالّ -
تظير األعمال التحضيرية المرافقة إلعداد نص المادة -1/38ج من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية
التوجو الغالب عام 1920كان يفيد بمنح المحكمة الدائمة لمعدل الدولي اختصاصا أق ّل
ّ أن
والممارسة الدولية ّ
من ذلك الممنوح لممحكمة الدولية لمغنائم بموجب المادة 2/07من اتفاقية الىاي الثانية عشر لعام 1907
العامة لمعدالة و
والتّي أتاحت لممحكمة عند الضرورة إمكانية المّجوء عند إصدار الحكم إلى ( المبادئ ّ
الدور
اإلنصاف ) ما يعني تخويل القاضي سمطة خمق القاعدة القانونية أو إنشائيا ،و بيدف تالفي مثل ىذا ّ
الدول ،جاءت المادة -1/38ج من النظام األساسي لممحكمة الدائمة اإلنشائي و ال ّذي يمثّل تجاو از لسيادة ّ
أن األمر يتعمّق بمبادئ
لمعدل الدولي و ىي المادة نفسيا من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية لتؤ ّكد ّ
الدول المعنية ،في أنظمتيا القانونية الداخمية بشكل مشترك ،و
أي ّأقرتيا األمم ( المتمدينة) ّ
عامة سبق أن ّ
ّ
الدولي ال يتمثّل في خمق المبدأ ،بل استنباطو و استنتاجو من المبادئ
فإن دور القاضي ّتأسيسا عمى ذلك ّ
لمدول)2(.
المستقرة في مجموع التشريعات و القوانين الداخمية ّ
ّ العامة لمقانون الثابتة و
ّ
سد النقص ال ّذي يمكن أن يحدث في قواعد القانون
العامة لمقانون المنحصر في ّ
من ىنا يتضح دور المبادئ ّ
الدولي مسألة لم يجد لمحكم فييا معاىدة و ال عرفا ،يمكنو
الدولي العام ،فإذا كان أمام المحكم أو القاضي ّ
يسد ك ّل
العامة لمقانون ،مع التنويو ّأنو ليس مطالبا بأن ّ
المجوء عندئذ إلى استنباط أو استعارة مبدأ من المبادئ ّ
النقص الموجود بواسطة ىذا المبدأ ،عمى خالف القاضي الوطني ال ّذي يطمب منو ذلك تحت طائمة ارتكابو
مؤىل إلصدار حكم في القضية الماثمة أمامو في ك ّل األحوال.
جريمة إنكار العدالة ،فيو ّ
______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ص.443 ،442
( )2د .أحمد سرحال " :قانون العالقات الدولية " المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع -بيروت ،1990ص.113
116
مرد
الدوليينّ ،
العامة لمقانون ليا دور احتياطي أو ثانوي قياسا إلى المعاىدة و العرف ّ
أن المبادئ ّ
يبدو إذن ّ
العامة لمقانون ذات أصول وطنية أو داخمية ،و
أن المبادئ ّ أن ليذين المصدرين أصوال دولية ،في حين ّ
ذلك ّ
العامة لمقانون في الترتيب ال ّذي أوردتو
يتقدم ك ّل من المعاىدة و العرف الدوليين المبادئ ّ
طبيعي تبعا لذلك أن ّ
ّ
المادة 38السابقة)1(.
العامة لمقانون مصد ار أصميا و مباش ار لمقانون الدولي العام من الناحية النظرية ،ال يعني
إن اعتبار المبادئ ّّ
تقديميا من الناحية العممية عمى بقية المصادر األصمية األخرى (المعاىدة و العرف الدوليان) ال لكونيا أق ّل
ألن قواعد المعاىدة و العرف الدوليين أكثر وضوحا و تفصيال ،و أسيل استنتاجا و تحديدا، قيمة منيما ،بل ّ
العامة لمقانون ،فالترتيب ال ّذي أوردتو المادة 38السابقة و إن لم يكن الغرض
مقابل الغموض النسبي لممبادئ ّ
الخاصة (المعاىدة و العرف
ّ فإن الحكمة منو واضحة و ىي تغميب القاعدة التدرج الالزم بين المصادرّ ،
منو ّ
بينيما)2(. العامة لمقانون) في حال التعارض
العامة (المبادئ ّ
الدوليان) عمى القاعدة ّ
حرّيات
الصالح العام و حماية حقوق و ّ
موحدة لوحدة اليدف و ىو تحقيق ّألن األنظمة القانونية تكاد تكون ّ
و ّ
معين
العامة لمقانون ال يعود إلى نظام قانوني ّ
قرر االستناد إلى المبادئ ّ
الدولي إذا ّ
األفراد ،فالمح ّكم أو القاضي ّ
عمى انفراد ،فال يأخذ مثال بالنظام الالتيني فقط ،أو النظام األنجموسكسوني و حسب ،بل يحاول المزج بينيما
لمتوصل إلى ح ّل عام يكشف عن وجود المبدأ و استق ارره في النظامين معا ،و رّبما في جميع األنظمة القانونية
ّ
الكبرى المذكورة سابقا)3(.
فعمى المح ّكم أو القاضي الدولي و ىو يستنبط المبادئ العامة لمقانون دراسة ك ّل حالة عمى حدة ،و التريث في
قرار االعتماد عمى مبدأ دون اآلخر في إطار األنظمة القانونية الكبرى في العالم ،و تدقيق فحصة لمفروق
الدولي ،و مدى إمكانية نقل المبدأ من النظام األول
الداخمي و النظام القانوني ّ الموجودة بين النظام القانوني ّ
إلى النظام الثاني وفق الضوابط المذكورة سابقا (التأ ّكد من عمومية المبدأ ،و مالءمة نقمو إلى المجال الدولي،
الدولي))4(. و عدم تعارضو مع قواعد القانون
الدقة و الوضوح
ألن ىذه المبادئ ال تتسم دائما بالقدر الكافي من ّ
الدولي ذلكّ ،
يطمب من المح ّكم أو القاضي ّ
يؤدي
موحد ،ما ّ
يتم استنباطيا و الكشف عنيا في ك ّل األحوال بشكل موضوعي وفق معيار ثابت و ّ وال ّ
ال ّذاتي)5(. الدولي إلى االعتماد باألساس عمى التقييم
بالمح ّكم أو القاضي ّ
______________________________________________________________________________________
117
الدولي:
العامة لمقانون في القانون ّ
ثانيا -الدور المتزايد لممبادئ ّ
العامة لمقانون تقوم بدور محدود نسبيا في نطاق العالقات التقميدية بين الدول ،حيث كانت ىذه
كانت المبادئ ّ
إن اختالف النظم السياسية و االقتصاديةالعالقات تستند في أساسيا إلى المعاىدة و العرف الدوليينّ ،
الدول أفرز تماي از واضحا بين نمط العالقات االجتماعية عمى الصعيد الداخمي و بين
واالجتماعية و غيرىا بين ّ
مما ّأدى إلى محدودية االشتراك القانوني أو التوافق حول مبادئ
نمط ىذه العالقات عمى الصعيد الدوليّ ،
العامة لمقانون ،فالتباين بين الدول عمى المستويات السياسية
يسمى بالمبادئ ّ
موحدة يمكن أن تش ّكل ما ّ
ّ
ل دولة)1(.
المطبق داخل ك ّ
ّ بالضرورة إلى التباين عمى مستوى القانون
ّ يؤدي
االقتصادية واالجتماعية ّ
و بفعل زوال القطبية الثنائية و بروز النظام الدولي الجديد مطمع التسعينات من القرن الماضي و تأثيرات
يتوسع نحو قطاعات جديدة
العامة لمقانون يتزايد و ّ
العولمة بعد ذلك و تحرير التجارة الدولية ،بدأ دور المبادئ ّ
الدولي متجاو از المجاالت التقميدية السابقة ،مثل قضايا البيئة و التموث و مقتضيات حسن الجوار
في القانون ّ
الدولية)3(... الدولية و العقود
والقواعد المتعمقة بالمنظمات ّ
العامة لمقانون:
الفرع الثاني :مجاالت تطبيق المبادئ ّ
منذ تاريخ 1794/11/19تش ّكمت المجان األمريكية البريطانية لمتحكيم وفقا لمعاىدات "جاي" التي قضت
العامة لمقانون ،و في نفس النيج سارت معظم محاكم
باعتماد ىذه المجان في ق ارراتيا التحكيمية عمى المبادئ ّ
التحكيم التّي أعقبت ىذه المجان دون أن تطعن في ق اررتيا المستندة إلى ىذه المبادئ ّأية دولة طرف في النزاع
فإن المادة 03من اتفاقية الىاي لعام 1907المتعمقة بتسوية النزاعات الدولية
أو معنية بو ،و أكثر من ذلك ّ
التحكيمية)4(. سمميا نصت عمى ّأنو بإمكان لجنة التحكيم االستناد إلى المبادئ العامة لمقانون في ق اررتيا
______________________________________________________________________________________
118
متنوعة عمى مستوى القضاء
العامة لمقانون تطبيقات عديدة ،و في مجاالت ّ
بناء عمى ذلك عرفت المبادئ ّ
الدولي ،حيث يمكن تصنيف ىذه المجاالت إلى:
119
الدولي العام:
الفصل الثالث :المصادر غير الرسمية لمقانون ّ
مما
تقدم بو العمم ال يمكنو وضع جميع القواعد الالزمة أو المحتمل لزوميا في المستقبل ّ
إن العقل البشري ميما ّ ّ
يصمح لح ّل ك ّل ما قد ينشأ من منازعات بين األطراف ،و نتيجة ىذا القصور أو الفراغ القانوني قد ال يصل
القاضي بشكل مباشر إلى القواعد التّي تصمح لمتطبيق عمى النزاع الماثل أمامو ،إالّ من خالل االستعانة
واالسترشاد بمصادر أخرى (القضاء و الفقو) أو بما يمميو عميو ضميره القضائي و تستوجبو العدالة حسب
اإلنصاف))1(. حد ممكن (مبادئ العدالة و
تحري الموضوعية إلى أبعد ّ
منظوره ،محاوال ّ
تطبق:
أن المحكمة ّ
الدولية عمى ّ
نصت المادة 38من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ ترجمة ليذا المسعى ّ
"...أحكام المحاكم و مذاىب كبار المؤلفين في القانون العام في مختمف األمم ،و يعتبر ىذا أو ذاك مصد ار
احتياطيا لقواعد القانون و ذلك مع مراعاة أحكام .59
أي إخالل بما لممحكمة من سمطة الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل
المتقدم ذكره ّ
ّ -2ال يترتب عن النص
الدعوى عمى ذلك".
واإلنصاف متى وافق أطراف ّ
التعرف
المادة ىي تمك المصادر التّي تساعد عمى ّو المصادر االحتياطية لمقانون الدولي العام حسب مدلول ّ
الدولية و تحديد مضمونيا دون أن تكون مصد ار مباش ار ليذه القاعدة ،و بسبب خصوصية
عمى القاعدة القانونية ّ
الدولي ال يمكنو مبدئيا االعتماد عمييا بمفردىا ،بل يتّخذىا كوسائل استرشادية
فإن القاضي ّ
ىذه المصادر ّ
إلصدار حكمو)2(.
يخص اعتبار أحكام المحاكم و مذاىب كبار المؤلفين مصد ار ّ فإن الترجمة العربية المتداولة فيما
بالربط مع ذلك ّ
ّ
النصين الفرنسي و اإلنجميزي ،ال ّذين يفيدان باعتبار ك ّل من
ّ احتياطيا لمقانون الدولي غير دقيقة عند مقابمتيا مع
مجرد وسائل مساعدة أو ثانوية لتحديد قواعد القانون الدولي.
األحكام القضائية و المذاىب الفقيية ّ
بأنو عند عدم وجودالنصين المذكورين إذن لم يستعمال عبارة (مصدر احتياطي) ،ىذه العبارة التّي تفيد ّ
ّ إن
ّ
الدولية حينيا إلى
العامة لمقانون) تمتجئ محكمة العدل ّ
المصادر الرسمية السابقة (المعاىدة ،العرف ،المبادئ ّ
النص إذا قرأناه
ّ القضاء و الفقو باعتبارىما مصد ار احتياطيا ،و ىذا في الحقيقة خطأ قانوني واضح يتجاوز سياق
مجرد وسائل استرشادية
في نسختيو الصحيحتين الفرنسية أو اإلنجميزية ،عمى اعتبار ك ّل من القضاء و الفقو ّ
أسمفنا)3(. الدولي كما
لمقاضي ّ
_______________________________________________________________________________________
120
فإننا سنعالج في مباحث ثالثة
و التزاما بمنيجية نص المادة 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدوليةّ ،
عمى التوالي :أحكام المحاكم ،مذاىب كبار الفقياء ،مبادئ العدل و اإلنصاف.
38ىي مجموع األحكام و الق اررات التي تصدرىا مختمف الييئات القضائية أحكام المحاكم بمفيوم المادة
الوطنية)1(. والتحكيمية ،الدولية و
سنحدد
ّ فإننا
ألن جانبا من الفقو يرفض االمتداد بسياق النص إلى ىيئات التحكيم الدولية و المحاكم الوطنيةّ ،
و ّ
ثم نقف عمى طبيعة األحكام التي تصدرىا ىذه المحاكم المقصودة في إطار نص المادة ( 38مطمب ّأول)ّ ،
لنتبين أخي ار دور ىذه األحكام بالنسبة لقواعد القانون الدولي العام (مطمب ثالث):
المحاكم (مطمب ثان)ّ ،
األول :المحاكم المقصودة بنص المادة -1/38د من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية:
المطمب ّ
إن عموم نص المادة -1/38د يفيد بشمولو ألحكام المحاكم الدولية بصرف النظر عن كونيا دائمة أو مؤقتة.
ّ
و لذلك فيو ينصرف إلى المحاكم النظامية و ىيئات التحكيم ( ، )2و بصرف النظر عن كون المحاكم النظامية
تمثل قضاء بين الدول (محكمة العدل الدولية) أو قضاء في مواجية األفراد (المحاكم الدولية الجنائية) ،كما
طبقت بعض قواعد القانون
يشمل المحاكم الوطنية ،حيث يمكن أن يستد ّل من قضائيا عمى استقرار أحكام ّ
الدول االتحادية من
خاصة في ّ
ّ الدولي العام عمى مسائل وطنية ليا أبعاد دولية أو عمى مسائل دولية بطبيعتيا،
المكونة ليا.
ّ خالل النزاعات التي تنشأ بين الوحدات أو الدويالت (الواليات)
خاصة بالفصل في شؤون دولية كمحكمة المغانم يمكن العودة إلى أحكاميا ّ فالمحاكم الوطنية عادية كانت ،أو
معين لمعرفة حدود تطبيق قاعدة من القواعد القانونية ،أو كيفية تفسيرىا من
عمى سبيل االستئناس كنموذج ّ
الدول.
طرف مختمف ّ
_______________________________________________________________________________________
121
تقرر و سمكت معظم المحاكم
مع ّأنو ليس ألحكام المحاكم الداخمية قيمة قانونية في دولة أخرى ،لكن إذا ّ
معينة تتعمّق بشأن دولي ،يمكن االعتماد عمى ىذا المسمك من قبل
الداخمية لمدول نيجا واحدا في مسألة ّ
االسترشاد)1(. المحكمة الدولية عمى سبيل
بقوة إلزام أدبي أو فعمي ،ال قانوني أمام المحاكم الدولية األخرى
الدولية ّ
ليذا السبب تتمتّع أحكام محكمة العدل ّ
الدولية ،و ىيئات التحكيم)3(.
خاصة المحاكم اإلدارية لممنظمات ّ
ّ
فإن
المكرس في المادة 59من النظام األساسي لمحكمة العدل الدوليةّ ،ّ وفقا لمبدأ نسبية أثر الحكم القضائي
أحكام المحاكم بصفتيا الموضحة سابقا ال ينصرف أثرىا إلى غير أطراف النزاع ،كما ال تمزم ىذه األطراف إالّ
إن المحكمة نفسيا حسب مدلول المادة ال تمتزم بتطبيقفي حدود موضوع النزاع ال ّذي صدرت بشأنو ،بل ّ
بالربط مع ذلك ال تمزم قانونا أحكام محكمة دولية ما
األحكام التي سبق أن أصدرتيا عمى نزاعات مماثمةّ ،
األخرى)4(. الدولية
المحاكم ّ
_______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ص ،170 ،169د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص.184
( )2د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص.178
( )3د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.495
قوة اإللزام إالّ بالنسبة لمن صدر بينيم و في
( )4تنص المادة 59من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية عمى ّأنو " :ال يكون لمحكم ّ
خصوص النزاع ال ّذي فصل فيو".
122
السابقة و ىو يبحث عن ح ّل لقضية
بيذا نجد القاضي الدولي مثل القاضي الوطني غالبا ما ال يتجاوز أحكامو ّ
وضحناه
مشابية لما سبق أن فصل فيو من قضايا ،حيث تكشف تجربة محكمة العدل الدولية عمى النحو الذي ّ
قررتو من حمول ،و االستئناس تبعا لذلك بأحكاميا و آرائيا االستشاريةسابقا عن حرصيا عمى اتّباع ما سبق أن ّ
لكنيا ال تمجأ كثي ار إلى االستئناس
السابقة ،بل ّإنيا تستأنس حتّى بأحكام و آراء المحكمة الدائمة لمعدل الدوليّ ،
ّ
الوطنية)1(. بق اررات التحكيم الدولية ،و أحكام المحاكم
حجة عمى المحاكم األخرى و ال عمى المحكمة المعنية ذاتيا ،و ال تمزم إالّ
تعد ّ
إذا كانت أحكام المحاكم ال ّ
لكن العودة
الدوليّ ، أطراف النزاع و في حدود ما قضت بو ،فيي ال تمثّل قواعد قانونية ممزمة ألشخاص القانون ّ
السابقة في
أي أثر ،فيي تساعد عمى معرفة القواعد التّي اعتمدتيا المحكمة ّ
مجردة من ّ
إلى ىذه األحكام ليست ّ
العامة لمقانون ،و االستشياد
إصدارىا لتمك األحكام ،و ما إذا كان مصدرىا معاىدة أو عرفا أو مبدأ من المبادئ ّ
صحة اتجاه الحكم الجديد و سالمة القواعد القانونية التّي استند
السابقة عمى ضوء ىذه المعرفة يؤ ّكد ّ
باألحكام ّ
إلييا)2(.
الدور
من ىنا تتضح وظيفة األحكام القضائية في تطبيق القانون الدولي ال خمقو أو إنشائو ،و يبرز بذلك ّ
الدولية في رأييا االستشاري
عبرت عنو محكمة العدل ّالتفسيري أو المساعد لالجتياد القضائي ،و ىذا تماما ما ّ
إن دورىا
الصادر في 1996المتعمّق بمشروعية استعمال أو التيديد باستعمال األسمحة النووية ،حيث تقولّ :
ّ
أن المحكمة بقوليا و تطبيقيا
تشرع أبدا ،و ىذا صحيح حتّى لو ّ
ىو " :أن تقول القانون الموجود و ليس أن ّ
تطوره)4("... توضح ما ييدف إليو و أن تالحظ أيضا
بالضرورة أن ّ
ّ القانون عمييا
ّ
_______________________________________________________________________________________
( )2د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص ،111د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.216
123
المطمب الثالث :دور أحكام المحاكم في تطوير قواعد القانون الدولي العام:
السابقة تساىم في استخالص القاعدة القانونية ،و تحديد ماىيتيا أو تفسيرىا تمييدا
إن أحكام المحاكم بصفتيا ّ
ّ
الدولي
مما يجعل منيا مصد ار استدالليا لمقانون ّ
لتطبيقيا ،و ىي بذلك تنبئ بوجود ىذه القاعدة أو تكشف عنياّ ،
أقرتيا
خاصة عمى الحمول التّي ّ
ّ بامتياز ،و ال أد ّل عمى ذلك من اعتماد معظم االتفاقات الدولية ،منيا ال ّشارعة
الدولي الوضعي ،من ىناالدولية في أحكاميا و آرائيا االستشارية عمى أساس ّأنيا تجسيد لمقانون ّمحكمة العدل ّ
الدولي)1(.
ّ المتميز لالجتياد القضائي في تطوير القانون
ّ الدور
يبدو ّ
السوابق
يؤدي إلى إيجاد رصيد من ّ
فتراكم األحكام القضائية و حتّى الق اررات التحكيمية في األوضاع المتماثمة ّ
إن "جورج سل"
الدولي ،حتّى ّ
الكافية لتأكيد و ترسيخ القاعدة القانونية ،بل و إنشاء القاعدة العرفية عمى المستوى ّ
الدولي)2(.
ّ أن أحكام القضاء تمثّل مصد ار حقيقيا لمقانون
يذىب بعيدا حين يعتبر ّ
124
السوابق تمثّل
السوابق التّي أرستيا المحكمة إلثبات شرعية مطالبيا ،باعتبار ىذه ّ
أن دوال كثيرة استندت إلى ّكما ّ
السميم لمقانون ،و في أحيان كثيرة تجاوزت المحكمة عممية تفسير القانون إلى محاولة خمقو أو إنشائو
التفسير ّ
1951اجتيدت في إرساء خاصة في مجال قانون البحار ،ففي "قضية المصايد" بين بريطانيا و النرويج عام
ّ
عدد من القواعد منيا قاعدة اعتماد خطوط األساس المستقيمة لبداية قياس حدود البحر اإلقميمي ،و ىي القاعدة
عام )1(.1958 األول لقانون البحار
تبناىا مؤتمر األمم المتحدة ّ
التّي ّ
و في مجال المعاىدات ّثبتت المحكمة معالم و شروط التحفظ عمى االتفاقيات الدولية في رأييا االستشاري لعام
،1948و في مجال 1951حول مدى جواز التحفظ عمى االتفاقية الدولية لتجريم اإلبادة الجماعية لعام
الجنسية عممت عمى تحديد اإلطار القانوني ليا شروطا و أحكاما من خالل قضية "نوتيبوم" ،و في مجال حقوق
التصرف و تنافيو
ّ تصدت المحكمة لعدم شرعية ىذا
خاصة القواعد المتعمقة بتجريم التمييز العنصريّ ،
ّ اإلنسان
مع قواعد و معايير القانون الدولي الثابتة من خالل رأييا االستشاري الصادر في 1971بشأن تواجد جنوب
حاليا))2(. إفريقيا في جنوب غرب إفريقيا (ناميبيا
( )1د .صالح الدين عامر " :مقدمة لدراسة القانون الدولي العام " دار النيضة العربية -القاىرة ،2002ص.168
( )2د .محمد بوسمطان " :مبادئ القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص.76
( )3د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص ،495د .بيار ماري دوبوي ،مرجع سابق ،ص.385
(4) EHLERMANN (C.A) : « Reflections on the appellate body of the WTO » J. I. E. L, 2003, p699.
125
فالمحاكم الوطنية قد تنظر في قضايا متعمّقة بتطبيق المعاىدات الدولية ،مثل مدى تمتّع الشخص بالحصانة
الدولية و غيرىا)1(.
القضائية ،أو القضايا المتصمة بمنازعات يقتضي حمّيا مثال تطبيق اتفاقيات منظمة التجارة ّ
الدولي سمطة
المشرع الوطني ،منح القاضي ّ
ّ مشرع دولي قياسا عمى
أن غياب ّ
في الختام تجدر اإلشارة إلى ّ
الصياغة من جية
الحد ال ّذي تضاءلت فيو الفوارق بين التحديد و ّ
وحرية كبيرين في بعض المجاالت إلى ّ
ّ
مما يدعو إلى عدم حسم األمر بنفي صفة المصدر عنواإلنشاء و التكوين لمقاعدة القانونية من جية أخرىّ ،
الدولي و تحديدا عبر
الدولي يمكن أن تسمح لمقاضي ّ
ألن ثغرات القانون ّ
أحكام المحاكم (االجتياد القضائي)ّ ،
الدولي))2(.
ّ الدولية بالمساىمة في وظيفة (التشريع
محكمة العدل ّ
الدولية في المادة -1/38د إلى آراء كبار المؤلفين في القانون العام منيشير النظام األساسي لمحكمة العدل ّ
مختمف األمم ،و ما قيل بشأن أحكام القضاء يقال بشأن الفقو من حيث ّأنو ال يش ّكل إالّ مصد ار استدالليا أو
يتصور أن يكون الفقيو ميما عظم فكره و ذاع صيتو صانعا لمقانون أو واضعا لو
ّ الدولي ،فال
مساعدا لمقانون ّ
الدفاع عن مصالح المجموعة التّي ينتمي إلييا ،و إن كان يمكن تالفي ىذا العيب
لتأثّره بمحيطو ،و انحيازه إلى ّ
مؤسسة عممية ،أين تغمب الموضوعية و تتراجع االعتبارات ال ّشخصية.
من خالل تييكل الفقيو في ىيئة أو ّ
الدولي
رغم ك ّل ذلك فدور الفقو الواضح في بمورة و تطوير القواعد الدولية ال يمكن تجاىمو عمى مستوى القانون ّ
الدولية (عمميا))3(.
(نظريا) و عمى مستوى العالقات ّ
الدولية (مطمب
الدولي و العالقات ّ
بناء عمى ذلك سنعالج إطار عمل الفقو (مطمب ّأول) ،و دوره في القانون ّ
ثان):
( )1د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص.111
( )2د .عمي زراقط ،مرجع سابق ،ص.179
الدولي العام " مرجع سابق ،ص ص.77 ،76
( )3د .محمد بوسمطان " :مبادئ القانون ّ
( )4د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.492
126
األول :الفقه الفردي:
الفرع ّ
الرّواد األوائل
الدولية االعتراف بفضل ّ
أراد واضعوا نص المادة -1/38د من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ
الدولي أمثال "فاتيل" و "غروسيوس" و "بنكر شوك" و "فيتوريا" و غيرىم ،في بمورة و تطوير
من فقياء القانون ّ
الدور المتعاظم لمفقو الفردي عبر كتابات ىؤالء و أمثاليم
الدولي ،ففي ذلك الوقت ازداد ّ
مبادئ و قواعد القانون ّ
الدولية حينيا بسبب اقتصارىا عمى العرف و افتقادىا لمتدوين تبعا لذلك ،و منو
لعدم وضوح و استقرار القواعد ّ
الدول و ق اررات
فقد كانت آراء كل من "غروسيوس" و "بنكر شوك" و "جنتميس" و "فاتيل" مثال تنافس ممارسات ّ
ثم من قبل المنظمات الدولية
الدول و بينيا ّ
أىمية ،و بعد أن نشطت حركة التدوين من طرف ّالمحاكم بل تفوقيا ّ
العرف)1(. تراجع دور الفقو الفردي في الوقت ال ّذي ضعف فيو دور
مما عمل عمى تراجع دور الفقو الفردي أيضا تأثّر الفقياء بنزعات قومية أو دوافع سياسية أو اعتبارات و ّ
شخصية (الفقياء اإلنجميز و فكرة اإلمبراطورية البريطانية و سيادتيا البحرية ،الفقياء اإليطاليون و األلمان
اإلمبريالية)2()... وفكرة القومية ،الفقياء الينود و فكرة الحياد ،الفقياء السوفيات و فكرة محاربة االستعمار و
تأسيسا عمى ذلك يسود اعتقاد بعدم ارتقاء أقوال الفقياء إلى مستوى أحكام المحاكم من حيث الثقة و الثبات.
محددة عبر
الدول حتّى لو كان منحص ار في تسوية ّ فعمى عكس القاضي أو المح ّكم ال ّذين تمقّيا تفويضا من ّ
فإن الفقياء ال يمثّمون عبر أفكارىم و مواقفيم إالّ أنفسيم)3(.
تطبيق القانونّ ،
_______________________________________________________________________________________
127
المؤسساتي:
ّ الفرع الثاني :الفقه
فإنو
المادة -1/38د السابقة ال تشير إالّ إلى الفقو الفردي من خالل عبارة (كبار المؤلفين -الفقياء)ّ ،
أن ّ مع ّ
الدولي بدور رّبما يفوق من
المتخصصة في مجال القانون ّ
ّ إلى جانب ىؤالء تقوم الييئات و المؤسسات العممية
األىمية و المصداقية ذلك ال ّذي يقوم بو الفقياء منفردين ،نظ ار لمموضوعية التّي تطبع مواقفيا و نظرياتيا.
ّ حيث
إذ يمكن االطمئنان إلى آراء فقياء القانون الدولي " إذا أبديت في ظروف تجعميا بعيدة عن المحاباة أو التأثّر
الشراح ذوي المكانة في
األخص في الحاالت التّي تتوافق فييا أقوال عدد كبير من ّ
ّ الخاصة ،و عمى
ّ بالنزعات
الدولي في بالد مختمفة)1(".
الفقو ّ
_______________________________________________________________________________________
128
المؤسساتي "غايتيا دراسة القانون الدولي العام و نشر مبادئو اإلنسانية في
ّ المجسدة لمفقو
ّ إن ىذه الييئات العممية
ّ
الدعوة
جميع أنحاء الكون ،و تقريب وجيات النظر بين الشعوب ،و وضع مقترحات تستيدف نبذ فكرة الحرب و ّ
السممية)1(".
ّ السممي و تسوية الخالفات بالطّرق
إلى التعايش ّ
الدولية:
الدولي و العالقات ّ
المطمب الثاني :دور الفقه في القانون ّ
تستمدىا
ّ قوتيا الممزمة ،و ما إذا كانت
الدولي بوجو عام البحث في أصل القاعدة القانونية و مدى ّ
ميمة الفقو ّ
ّ
محدد ،و نطاق
العامة لمقانون أو حتّى من االجتياد القضائي في مجال ّ من المعاىدة أو العرف أو المبادئ ّ
الزمان و المكان ،و اآلثار المترتّبة عن تنفيذىا أو مخالفتيا)2(.
تطبيقيا من حيث األشخاص و ّ
الدولي دو ار ال يستيان بو في تطوير قواعد القانون الدولي العام و ترشيد الممارسات في إطار
بذلك يمعب الفقو ّ
الفنية أو التقنية في تطوير و صياغة
ميمتو ّالدور سواء من خالل ّ الدولية ،و يمكن استجالء ىذا ّالعالقات ّ
الدول إلى األخذ بيذه القواعد
الدولية (فرع ّأول) ،أو من خالل تأثيره الديبموماسي عبر توجيو ّ
القاعدة القانونية ّ
(فرع ثان):
الدولي:
األول :دور الفقه عمى مستوى القانون ّ
الفرع ّ
الدولي حجمو أو مكانتو عمى مستوى نص قانوني ،حيث ال ينكر أحد دور الفقيومع ذلك تتجاوز إسيامات الفقو ّ
"جيدل" في قانون البحار ،أو "المورد ماك نير" في قانون المعاىدات ،فضال عن "روسو" و غيرىم.
_______________________________________________________________________________________
129
تطورىا
تتبع تاريخ قواعده و ّ
الدولي ،و ّ
فعاال في مجال تنظيم و تقسيم موضوعات القانون ّيستمر دور الفقو ّ
ّ و
الدولية بشأنيا)1(.
وتحميل طبيعتيا ،و تقييم الممارسات ّ
خاصة
ّ الدولية
بالمقابل تعتمد و بشكل مكثّف ق اررات التحكيم و اآلراء الفردية و المخالفة لقضاة محكمة العدل ّ
الدول ،أو مرافعاتيا الشفوية أمام المحكمة عمى آراء الفقياء)3(.
وكذا مذكرات ّ
الدولية:
الفرع الثاني :دور الفقه عمى مستوى العالقات ّ
الدولي عمى ىذا المستوى إلى توجيو العالقات الدولية و ترشيد الممارسات في إطارىا ،من خالل يتجو دور الفقو ّ
ّ
بمورة و تطوير القواعد التّي تحكم ىذه العالقات ،فكثي ار ما تساعد آراء الفقياء عمى إنشاء قواعد دولية جديدة في
ىذا الخصوص.
____________________________________________________________________
130
فإنيم بتحميل ىذه القواعد
الدوليّ ،
فحين يقوم الفقياء بدراسة القواعد التي تنظم العالقات بين أشخاص القانون ّ
الدولي ،و يحثّون
الرأي العام الوطني و ّ
وتفسيرىا و انتقادىا مضمونيا و صياغتيا و اتجاىاتيا يؤثّرون في ّ
الداعية إلى إدخال تعديالت عمى تمك القواعد أو وضع قواعد دولية جديدة سميمة
تبني آرائيم ّ
بعض الح ّكام عمى ّ
يتحول التكرار إلى عرف ،و العرف إلى قاعدة
من أخطاء سابقاتيا ،و قد تعمل دول بيذا االتجاه الجديد ،و ّ
اتفاقا))1(. مقننة
قانونية دولية ( ّ
السياسة
الدولي في تقديم االستشارات ،و القيام بالدراسات لرجال ّ
المختصون في القانون ّ
ّ إضافة إلى ذلك يسيم
اليامة في العالم.
الدولية الكبرى التّي تعالج القضايا ّ
خاصة خالل المؤتمرات ّ
ّ الديبموماسيين،
وّ
ميمتيا تزويدىا
الدولي لتشكيل أجيزة أو لجان داخمياّ ،من جية أخرى تستعين المنظمات الدولية بفقياء القانون ّ
الدولي التابعة لألمم المتحدة
الدولي ،مثل لجنة القانون ّ
بآراء قانونية في المسائل ذات الصمة بعمميا عمى الصعيد ّ
البحث)3(... المشار ليا سابقا ،لجنة األمم المتحدة لمقانون التجاري ،معيد األمم المتحدة لمتدريب و
مما
ال يمكن لمقاعدة القانونية استيعاب ك ّل الفروض و الحاالت المحتمل أن تكون مح ّل معالجة من قبمياّ ،
يستدعي حسب "أرسطو" تطبيق العدالة في ىذا المقام ،لقد كانت قسوة القانون في بعض األحيان حسب
الدعوة إلى تغيير المعاىدات في إطار اعتبارات العدالة ،فغالبا ما كان يطمب من لجان التحكيم
"قروسيوس" وراء ّ
الدولية في نياية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين الفصل في النزاعات المرفوعة إلييا بتطبيق مبادئ
الدولية (رجال السياسة
أما بعد الحرب العالمية الثانية فقد كان اإلصرار أكبر من بعض األوساط ّ
العدالةّ ،
والقانون) عمى ضرورة إعادة النظر في معاىدات السالم التي فرضت عمى ألمانيا خصوصا شروطا غير عادلة
أو مجحفة ،و ذلك بالمجوء إلى محاكم تتولّى التخفيف من قسوة تمك المعاىدات.
_______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص ،171د .أحمد بمقاسم ،مرجع سابق ،ص.187
( )2د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.217
( )3د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق ،ص.493
131
العامة لمقانون ،لم تكن مبادئ العدل و اإلنصاف مح ّل اتفاق من قبل الفقو ،حيث تنكر
مثميا مثل المبادئ ّ
تخول القاضي
ألنيا ببساطة ّأي دور يمكن أن تقوم بو ىذه المبادئ في القانون الدوليّ ،المدرسة الوضعية ّ
أما مدرسة القانون الطّبيعي فتشيد بدور ىذه المبادئ
الدولّ ،
تحد من سيادة ّ
الدولي سمطة تقديرية واسعة يمكن أن ّ
في الوصول إلى مجتمع دولي أكثر عدال و مساواة و إنصافا)1(.
نصت عمى ّأنو " :الالدولية ّفإن المادة 2/38من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ
و تجاو از ليذا الجدل الفقييّ ،
أي إخالل بما لممحكمة من سمطة الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل
المتقدم ذكره ّ
ّ النص
ّ يترتّب عمى
الدعوى عمى ذلك".
واإلنصاف متى وافق أطراف ّ
النص سنحاول تحديد مفيوم مبادئ العدل و اإلنصاف (مطمب ّأول) ،و وظيفة أو دور ىذه
ّ انطالقا من ىذا
الدولي (مطمب ثان):
المبادئ في القانون ّ
الدولي سمطة الفصل في النزاع الماثل أمامو بمقتضى قواعد العدل و اإلنصاف ليست فكرة إن فكرة منح القاضي ّّ
حديثة ،بل تجد أساسيا في القانون الداخمي ،حيث تسمح معظم القوانين الداخمية لمقاضي الوطني ،بل تمزمو بأن
عد األخير
يحكم استنادا إلى قواعد العدالة في حال عدم العثور عمى القاعدة واجبة التطبيق عمى النزاع ،و إالّ ّ
مرتكبا لجريمة إنكار العدالة)2(.
خاصة في ظ ّل الغموض
ّ الدولي أمر ال يخمو من مخاطرة،
أن نقل الفكرة من القوانين الداخمية إلى القانون ّ
غير ّ
حد ذاتيا و صعوبة تحديدىا (فرع ّأول) ،رغم إحاطتيا بضوابط قد
الذي يكتنف مبادئ العدل و اإلنصاف في ّ
تعمل عمى إجالء الغموض عنيا و تيسير تطبيقيا (فرع ثان):
_______________________________________________________________________________________
» (1) NGUYEM QUOC (Dinai), DAILLIER (Patric) et PELLET (Alain) : « Droit international public
L.G.D.J, Paris 1987, p323 et s.
( )2د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص ،225و انظر في ىذا اإللزام بالنسبة لمقاضي الوطني المادة 3/01من القانون المدني
الجزائري التي تنص عمى ّأنو ..." :فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة".
( )3د .محمد السعيد الدقاق ،مصطفى سالمة حسين ،مرجع سابق ،ص.267
132
ثم وجب
متكونة من كممتين (عدل) و إنصاف ،و من ّ
أن ىذه المبادئ تركيب لعبارة ّ
من خالل ىذا التعريف يبدو ّ
التعرض لمعنى ك ّل كممة عمى حدة.
ّ
ّأوال -العدل:
الزمان
متغير و نسبي من حيث ّ أن ىذا األخير ّ من الصعوبة تعريف العدل أو حتّى تحديد معناه ،ذلك ّ
و المكان ،فما كان عدال قبل قرن من الزمان ليس ىو كذلك اليوم ،و ما تعتبره دولة أو مجموعة دول عدال قد ال
فإن قواعد القانون الوضعي ال تستيدف
الدول ،و أكثر من ذلك كمّو ّ
يكون كذلك في دولة أو مجموعة أخرى من ّ
أن القانون
متعددة قد يكون مخالفا لمعدل تماما ،رغم ّ
إن جانبا منيا العتبارات ّ
جميعيا تحقيق العدل ،بل ّ
يتقبمو المجتمع و يتناسب مع تطمّعاتو ،كما يتوافق مع
الوضعي يسعى دائما إلى بموغ العدل ال ّذي يفيمو و ّ
الدول.
الدولي مثال يطمح إلى بموغ منتيى الكمال في تنظيم العالقات بين ّ
متطمّبات العقل و المنطق ،فالقانون ّ
الدولي في مسعاه ىذا يحرص عمى مراعاة والكمال ىنا ىو ما يستحسنو العقل و يرضى بو المنطق ،و القانون ّ
ألي
قدر من التوازن بين المصالح المختمفة و المتعارضة ألشخاصو ،في إطار العدالة التّي تبقى الغاية األولى ّ
قانون.
ثانيا -اإلنصاف:
( )1د .حمدي عبد الرحمن " :فكرة العدالة " دار الفكر العربي -القاىرة ،1979ص.20
(2) REUTER (Paul) : « Quelques réflexions sur l’équité en droit international public » R.B.D.I, 1980,
p165 et s.
133
يتدخل بصورة
فإن اإلنصاف مالزم لتطبيقو ،فيو ّو ىكذا بالقدر ال ّذي يرتبط فيو القانون بالبحث عن العدالة ّ
المجردة عمى الوضع الممموس.
ّ الموجو ،مستيدفا مطابقة القاعدة
ّ خاصة ليمارس عمى القانون تأثير المميم أو
ّ
الواقع)1(. يطبق بواسطتيما القانون عمى أرض
الدور يش ّكل في الوقت نفسو الغاية و األداة المتين ّ
وىو بيذا ّ
ردىا في الحقيقة
الضوابط التي تحكم عممية تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف ،و التّي يمكن ّ ىذه الموازنة تختزل ّ
إلى ضابطين أساسيين :موافقة أطراف النزاع عمى تطبيق ىذه المبادئ ( ّأوال) ،و موافقة المحكمة ذاتيا عمى
طمب األطراف الحكم بموجب ىذه المبادئ (ثانيا):
_______________________________________________________________________________________
134
ّأوال -موافقة أطراف النزاع عمى تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف:
ال يمكن لممحكمة الدولية في نطاق ىذا الضابط أن تمجأ إلى تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف من تمقاء نفسيا
السابقة و ىي
ّ 1/38 حتّى و لو لم تجد حالّ لمنزاع المعروض عمييا في ك ّل المصادر المذكورة في المادة
العامة لمقانون ،و عمى سبيل االستئناس أحكام المحاكم و مذاىب الفقو ،إذ
الدولي ،المبادئ ّالمعاىدات ،العرف ّ
الدولية القائمة
ال تممك المحكمة مبدئيا سمطة خمق قواعد جديدة و لو كانت عادلة ،أو إىمال أو تعديل القواعد ّ
صراحة)1(. ذات العالقة بموضوع النزاع و لو كانت غير عادلة ،ما لم يطمب منيا أطراف النزاع ذلك
إن ك ّل ما
المخول لمقاضي الحكم بموجبيماّ ،
ّ تمتد إلى تحديد نطاق العدل و اإلنصافأن موافقة األطراف ال ّ
مع ّ
السماح لو بالمّجوء إلى ىذين المفيومين وفق قناعتو ،و ما يمميو عميو ضميره القضائي
تنتجو ىذه الموافقة ىو ّ
وان كانت ال تعدم إمكانية إرشاده أو توجييو إلى ما يمكن أن يمثّل عدال و إنصافا حسب منظورىا.
_______________________________________________________________________________________
135
و من القضايا التي تجسد ضرورة موافقة أطراف النزاع عمى تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف" ،قضية المناطق
الحرة" ،حيث اشترطت المحكمة الدائمة لمعدل الدولي في حكميا الصادر في 1930/12/06وجود نص واضح ّ
و صريح يخوليا الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل و اإلنصاف ،و ىو ما لم يتحقق في قضية الحال ،و في
قضية " جنوب غرب إفريقيا" ذىبت محكمة العدل الدولية في حكميا الصادر عام 1966إلى ّأنو يمتنع عمييا
تم تخويميا ىذه السمطة بمنتيى الوضوح
الفصل في القضية عمى أساس مبادئ العدل و اإلنصاف ،إالّ إذا ّ
أي جدل)1(.
وبشكل ال يثير ّ
ثانيا -موافقة المحكمة ذاتها عمى طمب األطراف تخويمها الحكم بموجب مبادئ العدل و اإلنصاف:
مقتضى ىذا ال ّشرط ّأنو ال يمكن ألطراف النزاع إلزام المحكمة بالفصل فيو وفقا لمبادئ العدل و اإلنصاف ،حيث
الحرية الكاممة بين أن ترفض طمب األطراف و تفصل بالتالي في النزاع استنادا إلى مصادر القانون تبقى ليا ّ
الدولي الموجودة ،و بين قبول طمبيا و الفصل تبعا لذلك باالعتماد عمى ما تراه محقّقا لمعدل و اإلنصاف في
ّ
ترتيب الحقوق و االلتزامات المتبادلة بين ىذه األطراف)2(.
أي مصدر منألن طمب األطراف من المحكمة تطبيق ىذه المبادئ ال يقتصر عمى الحالة التّي ينعدم فييا ّّ
المصادر الواردة في الفقرة األولى من المادة 38السابقة ،بل قد توجد قاعدة في أحد ىذه المصادر و تكون
يضطرىا
ّ مما
لكن أطرافو مع ذلك ترى في ىذه القاعدة إجحافا في حقّياّ ،صالحة لمتطبيق عمى موضوع النزاعّ ،
إلى تخويل المحكمة المّجوء إلى مقتضيات العدالة (مبادئ العدل و اإلنصاف) تجاو از لمقاعدة المجحفة حسبيا.
الصدد ،و بالنظر إلى
تقدم -ليست ممزمة بتحقيق رغبة األطراف في ىذا ّ
والمحكمة في ك ّل األحوال –كما ّ
الدول غالبا ما ال تترك مصالحيا بيد
فإن ّ
الدولي في إطار الحكم بموجب ىذه المبادئ ّ
السمطة الواسعة لمقاضي ّ
تتدخل في حكمو أثناء تطبيق ىذه المبادئ مصالح دولتو ،أو يكون عرضة لطغيان اعتبارات
قاض أجنبي قد ّ
الدولي
أن مبادئ العدل و اإلنصاف ال تأخذ تسمسال بين مصادر القانون ّ
خاصة إذا عممنا ّ
ّ غير موضوعية،
الواردة في المادة 38السابقة ،فقد تكون ّأول المصادر أو آخرىا يمجأ إلييا القاضي عندما يجد أو ال يجد مصد ار
ل شيء ليس ممزما برغبة أطرافو)3(.ألنو قبل ك ّ
يحسم بو النزاعّ ،
تصور رفض القاضي طمب األطراف في ىذا الخصوص ،بل ّإنو كثي ار ما يمجأ عمميا من جية أخرى ،ال يمكن ّ
ّ
العامة لمقانون المستنبطة من النظم القانونية الداخمية
إلى تطبيق مبادئ العدل واإلنصاف ،بوصفيا أحد المبادئ ّ
دون حاجة إلى اتفاق األطراف أو طمبيم ذلك.
_______________________________________________________________________________________
( )1د .محمد يوسف عموان ،مرجع سابق (مشار إليو في اليامش) ،ص.454
( )2د .عادل أحمد الطائي ،مرجع سابق ،ص.227
( )3د .سييل حسين الفتالوي " :الموجز في القانون الدولي العام " مرجع سابق ،ص.114
136
2/38السابقة ،بل الدولي ال يتعامل مع ىذه المبادئ كمصدر وارد في المادة
فإن القاضي ّو في ىذه الحالة ّ
مكممة لمقاعدة الموجودة و طريقة من طرق تفسيرىا تسمح لو باختيار التفسير ال ّذي يراه أكثر
يعتبرىا قاعدة ّ
مراعاة لمتطمّبات العدالة في ضوء ظروف القضية الماثمة أمامو ،وبيذا يفمت من القيد ال ّذي رتّبتو عميو الفقرة
أن القاعدة القانونية يفترض أن تكون الثانية من المادة ( 38موافقة األطراف) ،و يجد ىذا الموقف سندا لو في ّ
المجردة
ّ يتم تفسيرىا بشكل عادل ،مادامت العدالة صفة مالزمة لمقانون ،و تطبيق القاعدة القانونية
عادلة و أن ّ
يتضمن في ذاتو تطبيقا لمعدالة ،و ىذا ما أ ّكده معيد القانون الدولي في ق ارره الصادر عام
ّ عمى وضع ممموس
لمجر و اإلنارة و الطاقة المحدودة" الصادر عام
كرسو حكم محكمة العدل الدولية في "قضية برشمونة ّ
،1937و ّ
)1(.1970
الدولي العام:
المطمب الثاني :وظيفة مبادئ العدل و اإلنصاف في القانون ّ
تأسيسا عمى ما سبق ،يمكن لمبادئ العدل و اإلنصاف أن تؤدي عمى مستوى القانون الدولي وظيفتين متباينتين:
العامة لمقانون ،باعتبارىا انعكاسا مبدئيا لمقانون و صفة مالزمة
و بناء عمى ذلك قد تكون بمثابة أحد المبادئ ّ
لو ،كما قد تكون مصد ار مستقال و متمي از لمقانون الدولي.
األول :مبادئ العدل و اإلنصاف كأحد المبادئ العامة لمقانون باعتبارها انعكاس مبدئي له و صفة
الفرع ّ
مالزمة:
في ىذه الحالة يكون المجوء إلى مبادئ العدل و اإلنصاف التزاما قانونيا عمى عاتق المحكمة الدولية ،كون ىذه
يتم بصورة غير
المبادئ متضمنة في قاعدة قانونية أو ترتقي لمرتبة القانون عمى األق ّل ،و إن كان االستناد إلييا ّ
مباشرة أو مشتقة من خالل المعاىدة و العرف الدوليين)2(.
مثال في قضية "الجرف القاري لبحر الشمال" في حكم محكمة تجسد ىذا التالزم بين تمك المبادئ و القانون
ّ
أن ىناك قاعدة عرفية تقتضي " تعيين الحدود عن طريق
العدل الدولية الصادر عام ،1969حيث خمصت إلى ّ
بأن المحكمة تطبق ىذه
االتفاق بين الدول المعنية وفقا لمبادئ العدل و اإلنصاف ".و حتّى ال يسود االعتقاد ّ
تعد " قواعد قانونية حقيقية في مسألة تعيين حدود الجرف
أن تمك المبادئ ّ
المبادئ كمصدر مستقل أضافتّ :
القاري بين الدول ذات السواحل المتالصقة".
في ذات السياق و من خالل قضية " المصائد" بين إيسمندا و بريطانيا أ ّكدت ذات المحكمة في حكميا الصادر
عام 1973عمى ضرورة الحكم بشكل يضمن " الوصول إلى ح ّل عادل يستند إلى القانون ،ىذا الح ّل ليس
المجردة ،و ّإنما ىو إعمال لمقاعدة القانونية التي تقتضي المجوء لمبادئ العدل و اإلنصاف".
ّ تصو ار لمعدالة
_______________________________________________________________________________________
137
التوجو اعتمدت محكمة العدل الدولية عمى مبادئ العدل و اإلنصاف في قضايا أخرى من بينيا :قضية
ّ بنفس
الجرف القاري بين ليبيا و تونس (قرارىا الصادر عام ،)1982قضية الجرف القاري بين ليبيا و مالطا (قرارىا
الصادر عام ،)1985قضية تعيين الحدود البحرية في منطقة خميج (مين) Maineبين كندا و الواليات المتحدة
األمريكية (قرارىا الصادر عام ،)1985قضية النزاع الحدودي بين بوركينافاسو و مالي (قرارىا الصادر عام
،)1986قضية الجرف القاري بين الدانمارك و النرويج (قرارىا الصادر عام .)1993
في ك ّل ىذه القضايا يالحظ استناد المحكمة إلى اعتبارات غير قانونية (جيولوجية و جغرافية أساسا) لموصول
ألن ىناك قاعدة قانونية
إلى الح ّل الذي تمميو مبادئ العدل و اإلنصاف ،بذلك فيي لم تطبق تمك المبادئ إالّ ّ
ألنيا ال تممك ذلك لعدم تخويميا ىذه السمطة من قبل أطراف
تقتضي تطبيقيا ،و لم تطبقيا كمصدر مستقل ّ
النزاع.
كان موقف المحكمة ثابتا حتّى في غير القضايا المتعمقة بتعيين الحدود البحرية ،ففي قضية " أحكام المحكمة
أن اشتراط
ّ 1956 اإلدارية التابعة لمنظمة العمل الدولية " رأت محكمة العدل الدولية في قرارىا الصادر عام
المحكمة اإلدارية أن يكون التعويض عادال ليس فيو خروج عن مبادئ العدل و اإلنصاف.
فإن ىناك
و عمى الرغم من حرص المحكمة في كافة القضايا السابقة عمى تأكيدىا بأنيا تطبق القانون ال غيرّ ،
لكن
المخولة ليا و طبقت ما تراه ىي عادال و منصفا بعيدا عن القانونّ ،
ّ من رأى ّأنيا تجاوزت الصالحيات
المؤيدين لمواقف المحكمة في ىذا الصدد أروا ّأنيا تشجع بذلك المجوء إلى التسوية السممية لممنازعات الدولية في
منيا)1(. الوقت الذي ال يعرض فيو عمييا إالّ عدد قميل
كرس تطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف عالوة عمى محكمة العدل الدولية ،ىناك عدد من الوثائق الدولية ّ
باعتبارىا انعكاسا مبدئيا لمقانون و صفة مالزمة لو ،أو عمى أساس ّأنيا تمعب دور المبادئ العامة لمقانون.
يتعمق األمر بميثاق األمم المتحدة ( 1945المادة ،)73بروتوكول لجنة الوساطة و التوفيق لمنظمة الوحدة
اإلفريقية (سابقا) ،1963العيد الدولي لمحقوق االجتماعية ،االقتصادية و الثقافية ( 1966المادتان )11 ،07
العيد الدولي لمحقوق المدنية و السياسية ( 1966المادة ،)14االتفاقية الخاصة بالمسؤولية عن األضرار التي
ترتبيا المراكب الفضائية ( 1972المادة ،)12اتفاقية فينا لقانون المعاىدات ( 1969المادة /44ج) ،اتفاقية
)2(.)140 األمم المتحدة لقانون البحار ( 1982المواد،83 ،74 ،70 ،69 ،59 :
_______________________________________________________________________________________
138
العامة لألمم المتحدة الصادرة في مجال القانون الدولي لمتنمية عام
أن ق اررات الجمعية ّ
في نفس السياق ،نجد ّ
عامة لمقانون ،حيث دعت إلى نظام اقتصادي كرست بدورىا مبادئ العدل و اإلنصاف بوصفيا مبادئ ّ ّ 1974
يخص أسعار السمع المستوردة من الدول الناميةّ دولي جديد يقوم عمى العدالة ،في إطار عالقات متكافئة فيما
الدول في المنافع االقتصادية ،المالية ،و النقدية الناتجة عن
المصدرة ليا ،و عمى المشاركة العادلة ليذه ّ
ّ وتمك
أن العدالة التّي دعت إلييا
تجارة عالمية يسودىا تبادل تجاري عادل و منصف ،و إن كان جانب من الفقو يرى ّ
ررات ىي عدالة سياسية و اقتصادية باألساس ،و ليست عدالة قانونية)1(.
ىذه الق ا
الدولي:
الفرع الثاني :مبادئ العدل و اإلنصاف مصدر مستقل و متميز لمقانون ّ
مأل الفراغ أو الثغرات التي تعتري القاعدة القانونية واجبة التطبيق ،باستكمال النقص الموجود فييا وذلك
في حالة عدم كفاية مضمونيا لتغطية ك ّل جوانب النزاع ،أو االجتياد في إطار مبادئ العدل
واإلنصاف إليجاد قاعدة تغطّي النزاع في حال عدم وجود القاعدة واجبة التطبيق عميو أصال ،و ىنا
الدولي.
المكمل ،أو اإلنشائي الذي تقوم بو ىذه المبادئ بالنسبة لقواعد القانون ّ
ّ المتمم أو
الدور ّ
يبرز ّ
والمجال الغالب لتطبيقيا عمى ىذا النحو يكون عادة في منازعات الحدود ،و المنازعات السياسية.
الدولي ذلك
استبعاد القاعدة القانونية واجبة التطبيق ،في الحالة التي يطمب فييا إلى القاضي أو المح ّكم ّ
أن القاعدة الموجودة مجحفة أو غير عادلة ،و ىنا يجتيد القاضي أو المح ّكمحيث ترى أطراف النزاع ّ
في إطار مبادئ العدل و اإلنصاف إليجاد القاعدة األكثر عدالة ،و استبعاد القاعدة الموجودة من
القائمة)3(. المعدل أو اإلقصائي ليذه المبادئ بالنسبة لقواعد القانون الدولي
ّ الدور
التطبيق ،و ىنا يبدو ّ
139
أن القواعد القانونية المتداولة في ىذا الخصوص ال تعترف بالتعويض عن األضرار الناجمة عن الحرب مع ّ
فإن ىناك التزام إنساني بالتخفيف
المتسببة فييا باعتبارىا نتيجة طبيعية لياّ ،
ّ ذمة األطراف
كالتزام قانوني عمى ّ
المتضررين منيا
ّ حدة ىذه القواعد و تطويعيا وفق ىذا االلتزام ،إلقرار تعويضات لصالح ضحايا الحرب و
من ّ
من منطمق مبادئ العدل و اإلنصاف.
كما كان لييئة التحكيم المنشأة بموجب اتفاق 1910/08/08بين بريطانيا و الواليات المتحدة األمريكية النظر
بالدولتين ،بشأن األضرار الواقعة عمى رعايا ك ّل منيما أثناء الحرب األمريكية اإلسبانية لعام
في المسائل المتعمقة ّ
1898و حرب الترانسفال ( )1902-1899بتطبيق مبادئ العدل و اإلنصاف لتقدير التعويض المستحق ليم.
جراء
و بشأن تقدير التعويض الواجب لصالح رعايا ك ّل من فرنسا ،ألمانيا ،إسبانيا و الواليات المتحدة األمريكية ّ
الدول السابقة
الحرب األىمية الفنزويمية ( ،)1863-1830اعتمدت المجان التحكيمية المختمطة بين فنزويال و ّ
اإلنصاف)2(. عمى مبادئ العدل و
من جيتو اعتمد قرار التحكيم الذي أصدره عام 1939رؤساء ك ّل من الواليات المتحدة األمريكية ،الب ارزيل
وباراغواي في النزاع الناجم عن حرب "الشاكو" بين بوليفيا و باراغواي مبادئ العدل و اإلنصاف تطبيقا لمعاىدة
المبادئ)3(. مبرمة بين األخيرتين ،تدعو المح ّكمين إلى الفصل في القضية وفقا ليذه
_______________________________________________________________________________________
140
فإن المّجوء إلى مبادئ العدل و اإلنصاف منحصر في نطاق
كما ىو واضح من مجمل ىذه الق اررات التحكيميةّ ،
الدول المعنية.
الدولة أو ّ
تقدير قيمة التعويض المترتب عن حجم الضرر ،أكثر من اتجاىو إلى تحديد مسؤولية ّ
تمي از عندما تقوم بإكمال القواعد القانونية في حال قصورىا ،أو
لكن دور ىذه المبادئ يصبح أكثر استقاللية و ّ
تعويضيا عند عدم وجودىا أصال.
المكمل لمقواعد القانونية تارة ،و المستبعد ليا تارة أخرى ىو ما حدا بكثير من
ّ إن دور مبادئ العدل و اإلنصافّ
العامة لمقانون ،يبدو ىذا الموقف
الدولي يأتي بعد المبادئ ّ الفقياء إلى اعتبار ىذه المبادئ مصد ار رابعا لمقانون ّ
أكثر صوابا إذا ما استطاعت ىذه المبادئ الحمول فعال مح ّل القاعدة القانونية و استبعادىا ،عمميا لم يحدث إلى
بد
ضد القانون القائم أو مخالفتو ،لكن إذا لم يكن من ىذا الح ّل ّ
الدولية إلى الحكم ّاآلن أن لجأت محكمة العدل ّ
فميس مستبعدا حينئذ أن تعمد المحكمة إلى الحكم باستقاللية عن القانون القائم ،عمى النقيض من ذلك يرى
أن االعتماد عمى اعتبارات مبادئ العدل و اإلنصاف الستبعاد القاعدة القانونية واجبة التطبيق
بعض الفقو ّ
أن من شأن ىذهالدولي و ىي تطبيق القانون ال خمقو ،كما ّ يتعارض مع المبدأ األساسي لوظيفة القاضي ّ
االعتبارات أن تكون بداية لسمسمة من المطالب السياسية التّي يمكن أن تش ّكل أرضية لمطالب قانونية فيما بعد.
يقدر ليا ذلك فميس عمىو في ك ّل األحوال ال يمكن لمبادئ العدل و اإلنصاف أن تح ّل مح ّل القانون ،و عندما ّ
الدولية ،ليذا تبدو محدودية مساىمة
أساس ّأنيا مصدر دولي ،بل بوصفيا نظاما فوق قانوني لح ّل المنازعات ّ
محددة (مسائل التعويض و قضايا الدولي ،حيث تنحصر في مجال ّ العامة لمقانون في القانون ّ
المبادئ ّ
الحدود))3(.
_______________________________________________________________________________________
141
خاتمة:
الدولي محصو ار في أشخاصو ،بل شمل موضوعاتو و ذلك ما انعكس عمى ظيور تطور القانون ّ
لم يكن ّ
الدول فيمكن
أما مصدر إلزامية قواعده و إن بقي مرتك از عمى إرادة ّ
المتميزة و المستقمّةّ ،
ّ عدد من الفروع
المتجدد لمنظام
ّ تضيق من نطاق ىذه اإلرادة في سياق المفيوم
لمتطور المتزايد لفكرة القواعد اآلمرة أن ّ
ّ
الدولي.
الدولي الذي يتّجو نحو فكرة مركزية المجتمع ّ
ّ
مدعوة أيضا لتمارس دو ار غير تقميدي لفرض العدالة المفقودة و إعادة التوازن
ّ مبادئ العدالة و اإلنصاف
التفرد بقيادة العالم وفق المنظور األمريكي عمى تعميق ما
لعالقات دولية غير متكافئة ،حيث عممت سياسة ّ
الدولي.
نسميو طبقية المجتمع ّ
يمكن أن ّ
الدولي في استجالء غموض
االجتياد القضائي سيحافظ عمى مكانتو ىو اآلخر كوسيمة مساعدة لمقاضي ّ
الدولية)
الدولي (التجارة ّ
خاصة تمك المتّصمة بالمجاالت الجديدة لمقانون ّ
ّ الدولية،
بعض القواعد ّ
تتعزز إلزامية
خاصة ،عممت عمى إخراج قانون دولي جديد ّ
ّ المعطيات الجديدة السياسية و التكنولوجية
تتوسع مضامين و أدوار مصادره مواكبة لمجتمع دولي معولم.
قواعده تدريجيا ،و ّ
142
قائمة المراجع:
/1بالمغة العربية:
القرآن الكريم.
ّأوال -الكتب:
/1إبراىيم أحمد شمبي " :مبادئ القانون الدولي العام" الدار الجامعية -بيروت .1986
/2إبراىيم بن داود " :الوجيز في قانون العالقات الدولية " دار الكتاب الحديث -الجزائر .2011
___________ " :المعاىدات الدولية في القانون الدولي-دراسة تطبيقية " دار الكتاب الحديث -الجزائر .2010
/3إبراىيم محمد العناني " :القانون الدولي العام " دار الفكر العربي -القاىرة .1990
/4أحمد أبو الوفاء " :القانون الدولي و العالقات الدولية " دار النيضة العربية -القاىرة .2006
/5أحمد إسكندري ،محمد ناصر بوغزالة " :محاضرات في القانون الدولي العام" ط ،1دار الفجر لمنشر و التوزيع -الجزائر
.1998
/6أحمد بمقاسم " :القانون الدولي العام -المفيوم و المصادر" ط ،4دار ىومة -الجزائر .2011
/7أحمد الرشيدي " :الوظيفة اإلفتائية لمحكمة العدل الدولية و دورىا في تفسير و تطوير سمطات و اختصاصات األجيزة
السياسية لألمم المتحدة " الييئة المصرية لمكتاب -القاىرة .1993
/8أحمد سرحال " :قانون العالقات الدولية" المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع -بيروت .1990
/9أيمن محمد الذيابات " :تغير الظروف و أثره في المعاىدات الدولية في الفقو اإلسالمي -دراسة مقارنة " ط ،1عالم الكتب
الحديث ،إربد -األردن .2010
/10برىان أمر اهلل " :حق المجوء السياسي -دراسة في نظرية الممجأ في القانون الدولي" دار النيضة العربية -القاىرة .2008
/11بيار ماري دوبوي " :القانون الدولي العام" ترجمة محمد عرب صاصيال ،سميم حداد ،المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر
والتوزيع -بيروت .2008
/12جمال عبد الناصر مانع " :القانون الدولي العام -المدخل و المصادر" دار العموم -عنابة .2005
/13جمال محي الدين " :القانون الدولي المعاصر -المصادر القانونية " دار الجامعة الجديدة -اإلسكندرية .2009
/14حامد سمطان " :القانون الدولي العام في وقت السمم" دار النيضة العربية -القاىرة .1962
143
/16حمدي عبد الرحمن " :فكرة العدالة " دار الفكر العربي -القاىرة .1979
/17الخير قشي " :أبحاث في القضاء الدولي" أبحاث في القضاء الدولي ،ط ،1دار النيضة العربية -القاىرة .1997
عمان -األردن
/19رضا ىميسي " :سمطة المنظمة الدولية في إبرام المعاىدات الدولية " ط ،1دار الحامد لمنشر و التوزيعّ ،
.2013
،1دار دجمة، /21صباح لطيف الكربولي " :المعاىدات الدولية و إلزامية تطبيقيا في الفقو اإلسالمي و القانون الدولي" ط
عمان -األردن .2011
ّ
مقدمة لدراسة القانون الدولي العام" دار النيضة العربية -القاىرة .1984
/22صالح الدين عامرّ " :
______________ " :مقدمة لدراسة القانون الدولي العام" دار النيضة العربية -القاىرة .2002
/23طالب رشيد يادكار " :أسس القانون الدولي العام" ط ،1منشورات زين الحقوقية و األدبية -بيروت .2015
/26عبد العزيز محمد سرحان " :مبادئ القانون الدولي العام" دار النيضة العربية -القاىرة .1975
__________________ " :دور محكمة العدل الدولية في تطوير قواعد القانون الدولي و تسوية المنازعات الدولية " دار
النيضة العربية -القاىرة .1986
__________________ " :القانون الدولي العام " دار النيضة العربية -القاىرة .1991
/27عبد الكريم بوزيد المسماري " :دور القضاء الوطني في تطبيق و تفسير المعاىدات الدولية " دار الفكر الجامعي-
اإلسكندرية .2009
______________ " :الوسيط في القانون الدولي العام -الكتاب الثاني :القانون الدولي المعاصر" دار الثقافة لمنشر و
عمان -األردن .2007
التوزيع ّ
/29عبد الكريم عوض خميفة " :القانون الدولي االقتصادي" دار الجامعة الجديدة -اإلسكندرية .2012
/30عبد الواحد محمد الفار " :قواعد تفسير المعاىدات الدولية " دار النيضة العربية -القاىرة .1980
144
/31عمي إبراىيم " :الوسيط في المعاىدات الدولية -اإلبرام" دار النيضة العربية -القاىرة .1995
، 1مجد المؤسسة الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع -بيروت /32عمي زراقط " :الوسيط في القانون الدولي العام" ط
.2011
/33عمي صادق أبو ىيف " :القانون الدولي العام" منشأة المعارف -اإلسكندرية .1975
/34عمر سعد اهلل " :القانون الدولي لمتنمية -النظرية و التطبيق " ديوان المطبوعات الجامعية -الجزائر .1990
___________ " :دراسات في القانون الدولي المعاصر" ط ،3دار ىومة -الجزائر .2010
___________ " :معجم في القانون الدولي المعاصر" ط ،3ديوان المطبوعات الجامعية -الجزائر .2010
عمان -األردن
،1دار الثقافة لمنشر و التوزيعّ ، /35غازي حسن صباريني " :الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام" ط
.2007
/37محمد بوسمطان " :مبادئ القانون الدولي العام" ج ،1ط ،3ديوان المطبوعات الجامعية -الجزائر .2007
/39محمد حافظ غانم " :مبادئ القانون الدولي العام" دار النيضة العربية -القاىرة .1972
/40محمد سامي عبد الحميد " :أصول القانون الدولي العام -القاعدة الدولية "ج ،2ط ،4مؤسسة الثقافة الجامعية -القاىرة
.1979
/42محمد السعيد الدقاق ،مصطفى سالمة حسين " :القانون الدولي المعاصر" دار المطبوعات الجامعية -اإلسكندرية .1997
/43محمد طمعت الغنيمي " :األحكام العامة في قانون األمم" منشأة المعارف -اإلسكندرية .1970
/44محمد المجذوب " :القانون الدولي العام" ط ،6منشورات الحمبي الحقوقية -بيروت .2007
/46مصطفى أحمد أبو الخير " :المبادئ العامة في القانون الدولي المعاصر" ط ،1إيتراك لمنشر و التوزيع -القاىرة .2006
حمودة " :القانون الدولي المعاصر" ط ،1دار الفكر الجامعي -اإلسكندرية .2008
/47منتصر سعيد ّ
_______________ " :الحدود الدولية " ط ،1دار الفكر الجامعي -اإلسكندرية .2015
/48مولود ديدان " :مباحث في القانون الدستوري" دار بمقيس لمنشر -الجزائر .2007
145
ثانيا -المقاالت و المداخالت:
،55 /1أحمد الرشيدي " :بعض االتجاىات الحديثة في دراسة القانون الدولي العام" المجمة المصرية لمقانون الدولي -المجمد
القاىرة .1999
/2جعفر عبد السالم " :وظيفة لجنة القانون الدولي في تقنين القواعد القانونية الدولية و تطويرىا " المجمة المصرية لمقانون
الدولي -المجمد ،27القاىرة .1971
/3فؤاد خوالدية " :المجمس الدستوري -2016قراءة قانونية و سياسية في الحال و المآل" مداخمة ضمن الممتقى الوطني حول
المجمس الدستوري في ظل تعديل 06مارس 2016المنعقد بكمية الحقوق -جامعة بجاية يوم .2017/04/27
/4محمد بوسمطان :الرقابة عمى دستورية المعاىدات في الجزائر" مجمة المجمس الدستوري -العدد ،01الجزائر .2013
/5مفيد شياب " :المبادئ العامة لمقانون بوصفيا مصد ار لمقانون الدولي " المجمة المصرية لمقانون الدولي -المجمد ،23القاىرة
.1967
القانون الدولي:
أ -النصوص االتفاقية:
26يونيو ،1945إدارة شؤون اإلعالم -األمم المتحدة ،نيويورك /1ميثاق األمم المتحدة الصادر بسان فرانسيسكو بتاريخ
.1993
/2العيد الدولي لمحقوق المدنية و السياسية الصادر بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة 2200ألف (د )21 -بتاريخ
16ديسمبر .1966
2200ألف الدولي لمحقوق االقتصادية ،االجتماعية و الثقافية الصادر بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة
/3العيد ّ
(د )21-بتاريخ 16ديسمبر .1966
( 1514د)15 - /1إعالن منح االستقالل لمبمدان و الشعوب المستعمرة الصادر بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة
األول ،األمم المتحدة ،نيويورك .1993
بتاريخ 14ديسمبر ،1960حقوق اإلنسان ،مجموعة صكوك دولية -المجمد ّ
/2إعالن حقوق الدول و واجباتيا االقتصادية الصادر بموجب قرار الجمعية لألمم المتحدة 3281بتاريخ 12ديسمبر.1974
القانون الوطني:
أ -النصوص الدستورية:
146
/2دستور 1976الصادر باألمر 97-76المؤرخ في 22نوفمبر ،1976الجريدة الرسمية رقم 94الصادرة في 24
نوفمبر.1976
/3دستور 1989الصادر بالمرسوم الرئاسي 18-98المؤرخ في 28فيفري ،1989الجريدة الرسمية رقم 09الصادرة في
01مارس .1989
/4دستور 1996الصادر بالمرسوم الرئاسي 438-96المؤرخ في 07ديسمبر ،1996الجريدة الرسمية رقم 76الصادرة في
08ديسمبر .1996
/5التعديل الدستوري 2016الصادر بالقانون 01-16المؤرخ في 06مارس ،2016الجريدة الرسمية رقم 14الصادرة في
07مارس .2016
ب -النصوص التشريعية:
/3المرسوم الرئاسي 359-90المؤرخ في 10نوفمبر 1990يتضمن صالحيات و ازرة الشؤون الخارجية ،الجريدة الرسمية رقم
.50
/2بالمغة األجنبية:
A-Ouvrages :
» 2- ASCENSIO (Hervé), DECAU (Emmanuel) et PELLET (Alain) : « Droit international pénal
éd. A. Pédone, Paris 2000.
3-BASTID (S) : « Les traités dans la vie international » Economica, Paris 1985.
4-BELANGER (Michel) : « Droit international humanitaire général » 2ém éd, Gualino éditeur,
Paris 2007.
147
6-CARRAU (D), JUILLAND (P) et FLORY (T) : « Droit international économique » L.G.D.J,
Paris 1991.
9-GUGGENHEIM (Paul) : « Traité du droit international public » Volume 01, Paris 1953.
11-NEUYEM QUOC (Dinai), DAILLIER (Patric) et PELLET (Alain) : «Droit international public »
L.G.D.J, Paris 1987.
16-ZOLLER (E) : « La bonne foi en droit international public » Pédone, Paris 1971.
B-ARTICLES :
148
4-CHEMILLIER-GENDRAU (Monique) : « La signification des principes équitables dans le
droit international contemporain » R.B.D.I, 1981-1982.
7-REUTER (Paul) : « Quelques réflexions sur l’équité en droit international public » R.B.D.I,
1980.
10-VAN ROGER (E) : « Les sens de la clause rebus sic stantibus dans le droit des gens
actuel » R.G.D.I.P, 1966.
: بالمغة اإلنجميزية-ثانيا
A-Books :
1-BROWNLIE (Lan) : « Principles of public international law » Fourth edition, Clarendon Press,
Oxford 1990.
2-CHANG (B): “ Generals principles of law as applied by internationals courts and tribunals”
Steven, London 1953.
4-HANS (Kelsen): “ Principles of international law “ Second ed, Holt Rinehard and Winston,
New York, 1966.
149
5-HARRIS (D.J): “ Cases and materials in international law “ Second edition, Sweet and
Maxwell, London 1979.
B-Articles:
1-DUPY (Pierre-Marie): “ D.Anzilotti and the law of international responsibility of states” J.D.I,
1992.
2-EHLERMAN (C.A): “ Réflexions on The appellate body of the WTO” J.I.E.L, 2003.
150
الفهرس:
مقدمة01....................................................................................................................
ّ
ّأوال -تسمية القانون الدولي العام قبل عصر التنظيم الدولي 02..........................................................1945
ثانيا -تسمية القانون الدولي العام خالل عصر التنظيم الدولي 03.......................................................1945
الجوي07..................................................................................................
/2القانون الدولي ّ
151
ثانيا -الفروع الحديثة08......................................................................................................
مشرعة لو12...............................................................
ّأوال -وجود القانون الدولي مستقل عن وجود سمطة ّ
152
الفرع الثاني :المذىب الموضوعي15..........................................................................................
الفرع الثالث :نظريات أخرى في تفسير أساس إلزامية قواعد القانون الدولي العام16..............................................
الدولية23..........................................................................................
األول :المعاىدات ّ
المبحث ّ
الدولية23.............................................................................
األول :اإلطار النظري لممعاىدة ّ
المطلب ّ
153
/1تعريف المعاىدة الدولية فقيا24............................................................................................
/1المعاىدة24..............................................................................................................
/2االتفاقية و االتفاق25.....................................................................................................
/3البروتوكول 25...........................................................................................................
/4الميثاق أو العيد25.......................................................................................................
/5النظام25.................................................................................................................
/6التصريح (اإلعالن)26....................................................................................................
ّأوال -المفاوضات30..........................................................................................................
154
/2األشخاص المؤىمون لمتفاوض31..........................................................................................
/1شكل المعاىدة32.........................................................................................................
أ /الديباجة32................................................................................................................
ب /المتن32.................................................................................................................
د /المالحق33...............................................................................................................
/1أشكال التوقيع34.........................................................................................................
/3آثار التحفظ37...........................................................................................................
155
/2شكل التصديق و إشكالية التصديق الناقص42.............................................................................
الفرع الثالث :الشروط الموضوعية إلبرام المعاىدة الدولية (شروط صحة المعاىدة)48...........................................
/2المنظمات الدولية49......................................................................................................
أ /الفاتيكان49................................................................................................................
د /القبائل50.................................................................................................................
ثانيا -الرضا50..............................................................................................................
/1الغمط (الخطأ)50.........................................................................................................
156
/2التدليس أو الغش51......................................................................................................
الدولة51.................................................................................................
ذمة ممثّل ّ
/3إفساد ّ
/4اإلكراه52.................................................................................................................
الدولة52..........................................................................................
أ /اإلكراه الواقع عمى ممثّل ّ
/1المعاىدات الثنائية67.....................................................................................................
157
/2المعاىدات متعددة األطراف67............................................................................................
/1رقابة القاضي لمدى توافر شروط تطبيق المعاىدة الدولية عمى المستوى الداخمي70..........................................
/1التفسير الدولي73.........................................................................................................
الدولي74...................................................................................................
-التحكيم ّ
الدولي74...................................................................................................
-القضاء ّ
/2التفسير الداخمي75.......................................................................................................
/1التفسير النصي77........................................................................................................
158
ج /مبدأ األثر النافع أو إعمال النص خير من إىمالو78.......................................................................
/2التفسير الضمني78.......................................................................................................
أ /اتفاق جميع أطراف المعاىدة متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل و عمى مقترحاتو83..........................................
ب /اتفاق جميع أطراف المعاىدة متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل دون مقترحاتو83...........................................
ج -عدم اتفاق جميع أطراف المعاىدة متعددة األطراف عمى مبدأ التعديل أصال84..............................................
أ /إنياء و تعميق المعاىدة الدولية بمقتضى أحكاميا أو بموافقة جميع أطرافيا87.................................................
الصريحة87................................................................................................
-الموافقة ّ
-الموافقة الضمنية88.................................................................................................
ب /االتفاق الالحق عمى تعميق المعاىدة باتفاق بعض أطرافيا فقط88..........................................................
-القاعدة90..........................................................................................................
-االستثناء91........................................................................................................
159
د /قطع العالقات الديبموماسية و القنصمية95..................................................................................
ه -الحرب95...............................................................................................................
/1التواتر99.................................................................................................................
/2العمومية100.............................................................................................................
160
ثانيا -المدرسة الموضوعية107...............................................................................................
العامة لمقانون109..............................................................................
األول :ماىية المبادئ ّ
المطلب ّ
العامة لمقانون109................................................................................
األول :مفيوم المبادئ ّ
الفرع ّ
العامة لمقانون109......................................................................................
أوال -تعريف المبادئ ّ
العامة لمقانون110.........................................................................
ثانيا -الجدل الفقيي بشأن المبادئ ّ
العامة لمقانون110...........................................................................
/1االتجاه المنكر لوجود المبادئ ّ
العامة لمقانون112...............................................................................
الفرع الثاني :طبيعة المبادئ ّ
العامة لمقانون115.............................................................................
المطلب الثاني :تطبيق المبادئ ّ
العامة لمقانون116.....................................................
الدوليان لممبادئ ّ
األول :تطبيق التحكيم و القضاء ّ
الفرع ّ
العامة لمقانون116.............................................................................
الدور االحتياطي لممبادئ ّ
ّأوالّ -
الدولي118.............................................................
العامة لمقانون في القانون ّ
الدور المتزايد لممبادئ ّ
ثانياّ -
العامة لمقانون118......................................................................
الفرع الثاني :مجاالت تطبيق المبادئ ّ
161
األول :أحكام المحاكم121............................................................................................
المبحث ّ
الدولية121........................
األول :المحاكم المقصودة بنص المادة -1/38د من النظام األساسي لمحكمة العدل ّ
المطلب ّ
المطلب الثالث :دور أحكام المحاكم في تطوير قواعد القانون الدولي العام124..................................................
أوال -العدل133.............................................................................................................
ثانيا -اإلنصاف133.........................................................................................................
ثانيا -موافقة المحكمة ذاتيا عمى طمب األطراف تخويميا الحكم بموجب مبادئ العدل و اإلنصاف136...........................
األول :مبادئ العدل و اإلنصاف كأحد المبادئ العامة لمقانون باعتبارىا انعكاس مبدئي لو و صفة مالزمة137.............
الفرع ّ
الدولي139.............................................
الفرع الثاني :مبادئ العدل و اإلنصاف مصدر مستقل و متميز لمقانون ّ
خاتمة142...................................................................................................................
الفهرس151.................................................................................................................
162