You are on page 1of 3

‫مقتطفات من كتاب مهزلة العقل البشري للكاتب على الوردي‬

‫المتحذلقي من رجال الدين ادعاء التجديد فيما يكتبون و يخطبون و تراهم لذلك‬ ‫ن‬ ‫يحاول بعض‬
‫يحفظون بعض االلفاظ و المصطلحات الحديثة يتلقفونها من المجالت و الجرائد المحلية ثم يكررونها‬
‫بي القديم‬ ‫نف كالمهم اذ يحسبون انهم بهذا قد صاروا مجددين ‪ ,‬و يحلو لبعضهم ان يقال عنه انه جمع ن‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫و الجديد ثم يرفع انفه مغرورا بهذا العلم العجيب الذي وعاه يف صدره و مثله يف هذا كمثل ذلك القروي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫المشيتي مع االسف الجديد‬ ‫الساذج الذي اراد ان يتمدن يف كالمه فضيع‬
‫‪----------‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ينبغ ان نفهم ان التجديد ف الفكر ال ن‬ ‫ن‬
‫يعن التشدق بالمصطلحات الحديثة انه باألحرى تغي عام يف‬ ‫ني‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الن يجري عليها المرء يف تفكيه‬ ‫المقاييس الذهنية ي‬
‫‪----------‬‬
‫ن‬
‫كنا ننتظر من المفكرين من رجال الدين و غيهم ان يساعدوا قومهم يف ازمة اليوم و لكنا وجدناهم عىل‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫العكس من ذلك يحاولون ان يقفوا يف طريق االصالح و يضعون عىل االبالة ضغثا جديدا‬
‫‪----------‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫االتفاق يبعث التماسك يف المجتمع ولكنه يبعث فيه الجمود ايضا ‪ ,‬فاتحاد االفراد يخلق منهم قوة ال‬
‫عي الوقت يجعلهم عاجزين عن التطور او التكيف‬ ‫يستهان بها تجاه الجماعات االخرى و هو نف ن‬
‫ي‬
‫للظروف المستجدة‬
‫‪----------‬‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫يخيل اىل بعض المغفلي من المفكرين ان المجتمع البشي قادر عىل ان يكون مطمئنا متمسكا بالتقاليد‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫القديمة من جهة و ان يكون متطورا يسي يف سبيل الحضارة النامية من الجهة االخرى و هذا خيال‬
‫ن‬
‫العاج الذي يغفلون عن حقيقة المجتمع الذي يعيشون‬ ‫ر ي‬ ‫اليج‬ ‫غريب ال ينبعث اال يف اذهان اصحاب ر‬
‫فيه‬
‫‪----------‬‬
‫ن‬
‫البشي حي يتحرر ويخرج عىل التقاليد ال يستطيع ان يحتفظ بطابع اليقي عىل اية صورة ‪ .‬انه‬ ‫ن‬ ‫الفكر ر‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫حي يشك يف امر واحد من امور حياته ال يستطيع ان يقف يف شكه عند هذا الحد ‪ ,‬فالشكل كالمرض‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫النواج و االنسان اذ يكش تقليدا واحدا البد ان يأتيه يوم‬ ‫ي‬ ‫المعدي ال يكاد يبدأ يف ناحية حن يعم جميع‬
‫تضر من جهات اخرى‬ ‫يكش فيه جميع التقاليد و هو بذلك قد استفاد من جهة و ن‬
‫‪----------‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الن يبدأ فيها االنسان بالتفكي يف غده يخرج من جنة عدن اىل هاوية القلق فتعلو وجهه‬ ‫يف اللحظة ي‬
‫آنذاك صفرة الغم و يشتد فيه الجشع و حب التملك و بذا تزول عنه الغبطة البلهاء‬
‫‪----------‬‬
‫ن‬
‫العبس الذي‬
‫ي‬ ‫ان الذين يمارسون المنطق القديم يف هذا العض يشبهون اولئك االبطال من طراز عنية‬
‫ن‬
‫يهجمون بالسيف عىل جندي حديث يحمل بيده رشاشا رسي ع الطلقات فهم مهما تفنوا يف ابداء‬
‫ن‬
‫نضوب البسالة والشجاعة فان الرشاش يحصدهم يف ارجح الظن حيث ال ينفعهم آنذاك بسالة و ال‬
‫حماسة‬
‫‪----------‬‬
‫يمر الزمان بعد الزمان و رجال الدين مشغولون بتأييد عقائدهم عن طريق العقل و المنطق فال يقنع‬
‫احدهم بما يقول اآلخر و كل منهم ينسب اىل االخر صفة المكابرة و المغالطة و العناد و ما اشبه‬
‫‪----------‬‬
‫يدع‬
‫ي‬ ‫العلم الدقيق ان يكون صاحبه مشككا حائرا قبل ان يبدا البحث اما ان‬ ‫ي‬ ‫ان من ررسائط المنهج‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫فمعن ذلك انه مغفل او مخادع‬ ‫النظرة الموضوعية و هو منغمس يف ايمانه اىل قمة رأسه‬
‫‪----------‬‬
‫ن‬ ‫لم يبتكر العقل ر‬
‫البشي مكيدة ابشع من مكيدة الحق و الحقيقة و لست اجد انسانا يف هذه الدنيا ال‬
‫الن تقشعر منها‬ ‫يدع حب الحق و الحقيقة حن اولئك الظلمة الذين مألوا صفحات التاري خ بمظلمهم ي‬ ‫ي‬
‫االبدان و ال تكاد تستمع اىل اقوالهم حن تجدها مفعمة بحب الحق و الحقيقة و الويل عندئذ لذلك‬
‫البائس الذي يقع تحت وطأتهم فهو يتلوى من شدة الظلم الواقع عليه منهم بينما هم يرفعون عقيتهم‬
‫هاتفي بأنشودة الحق و الحقيقة‬ ‫ن‬
‫‪-----------‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫الن لقنوا بها يف نشأتهم االجتماعية‬ ‫ان من الظلم حقا ان نعاقب الناس عىل عقائدهم ي‬
‫‪-----------‬‬
‫البشي ال يحس بوطأة االطار الموضوع عليه اال اذا انتقل اىل مجتمع جديد و الحظ هناك افكارا‬ ‫العقل ر‬
‫ً‬
‫و مفاهيم مغايرة لمألوفاته السابقة انه يشعر عندئذ بانه كان مثقال بالقيود الفكرية وان فكره بدأ يتفتح‬
‫‪-----------‬‬
‫ً ن‬
‫االنسان كلما ازداد تجوال يف االفاق واطالعا عىل مختلف اآلراء و المذاهب انفرج عنه اطاره الفكري‬
‫ً‬
‫الذي نشأ فيه واستطاع ان يحرر تفكيه من القيود قليال او كثيا‬
‫‪-----------‬‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫كلما كان االنسان اكي انعزال كلما كان اكي تعصبا و اضيق ذهنا‬
‫‪-----------‬‬
‫الن كان يتباىه بها‬‫يجب ان يدرك االنسان بأنه مقبل عىل عض جديد ال تصلح فيه االفكار المحدودة ي‬
‫اجداده المغفلون‬
‫‪-----------‬‬
‫ر‬
‫وع الناس و انتش التعليم ازدادت مقدرة االكيية عىل ان تفرض رايها عىل الحكام‬ ‫ر‬
‫كلما اشتد ي‬
‫‪----------‬‬
‫كلنا ننادي بالحق و الحقيقة عندما نخطب او نتجادل او نتلو القصائد الرنانة و لكننا نفعل ذلك ألننا‬
‫ن‬
‫الن نتشدق بها سليمة ال نضر منها و ال مسؤولية عليها حن اذا‬ ‫هذه االقوال ي‬ ‫نشعر يف قرارة انفسنا بان‬
‫ً‬
‫جد الجد و صار الحق معارضا لما نحن فيه ارسعنا اىل جعبتنا المملوءة باألدلة العقلية و النقلية فاخينا‬
‫الن ترضينا ثم ال ننس بعد ذلك ان نواصل تالوة القصائد‬ ‫منها ما يالئم موقفنا و صورنا الحق بالصورة ي‬
‫الرنانة من جديد‬
‫‪----------‬‬
‫ً‬
‫االنسان مجبول ان ينس مساوئه ويتذكر محاسنه تذكرا ال يخلو من مبالغة‬
‫‪------------‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫ال شك ان التنازع مض باإلنسان و لكنه نافع له ايضا ‪ .‬فهو الذي يحفز االنسان نحو العمل المثمر‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫متآخي اخاء تاما يبتسم بعضهم لبعض ويعانق‬ ‫ج ينمو‪ .‬فلو كان الناس‬ ‫واالبداع وبه يشعر االنسان بانه‬
‫ين‬ ‫ً‬
‫بعضهم بعضا ثم يذهب كل منهم يف طريقه من غي منافسة او تكالب لشعروا بان الموت خي لهم من‬
‫هذه الحياة الرتيبة‬
‫‪-----------‬‬
‫ن‬
‫ان من خصائص كل دعوة اصالحية جديدة انها تفرق الجماعة ذلك الن الميفي يقفون لها بالمرصاد‬
‫ً‬
‫ويقاومونها ما استطاعوا اىل ذلك سبيال‪ .‬وإذا رأيت دعوة رنانة تدعو اىل وحدة الجماعة فاعلم انها‬
‫سوف ال تحرك ساكنا وال توقظ نائما‬
‫‪-----------‬‬
‫ان من مزايا هذا العض الذي نعيش فيه هو ان الحقيقة المطلقة فقدت قيمتها واخذ يحل محلها‬
‫ً‬ ‫ً ن‬ ‫ن‬
‫سلطان النسبية فما هو حق يف نظرك قد يكون باطال يف نظر غيك‪ .‬وما كان جميال أمس قد ينقلب‬
‫ن‬
‫قبيحا اليوم‪ .‬كل ذلك يجري يف عقلك وانت ساه عنه كان االمر ال يعنيك‬
‫‪-----------‬‬
‫الدليل القائم عىل البديهيات ال فائدة منه فالبديهيات ذاتها نسبية تتبدل بتبدل الزمان و المكان‬
‫‪-----------‬‬
‫ن‬
‫الحقيقة ليست اال فرضية يفيضها االنسان يك يستعي بها عىل حل مشكالت الحياة‬
‫‪------------‬‬
‫ن‬
‫الن تساعده عىل حل مشكالته الراهنة و كثيا ما يكون الوهم‬ ‫االنسان يف حاجة اىل الحقيقة النسبية ن ي‬
‫انفع له من الحقيقة المطلقة المعلقة يف الفراغ‬
‫‪------------‬‬
‫كل انسان يخط و المهم هو عاطفة الناس نحوه فاذا احبوه برروا خطاه و سيوه اما اذا ابغضوه فهم‬
‫ىه طبيعة االنسان اينما وجد‬ ‫قد يحولون حسناته اىل سيئات ‪ .‬هذه ي‬
‫‪-----------‬‬
‫ن‬
‫النن يف اول‬
‫دع اليها ر ي‬
‫الن ي‬ ‫كل دين يحتوي عىل ظاهر وباطن‪ .‬اما باطنه فيتمثل بالمبادئ االجتماعية ي‬
‫امره‪ .‬وال يكاد يمر الزمن عىل الدين حن يستلم زمامه الكهان‪ .‬وعندئذ ينس الناس مبادئ الدين االول‬
‫ن‬
‫السالطي ال يريد من رعيته سوى ابداء‬ ‫وي هتمون بالطقوس الشكلية‪ .‬اذ يتخيلون هللا كأنه سلطان من‬
‫بسء‬ ‫ر‬
‫يباىل فيما سوى ذلك ي‬ ‫الخضوع له وال ي‬
‫‪-----------‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫قد نرى انسانا تقيا قد بح صوته يف الدعوة اىل العدل والصالح فنحسبه عادال يف صميم طبيعته وهذا‬
‫ً‬
‫خطأ‪ .‬انه يدعو اىل العدل ألنه مظلوم ولو كان ظالما لصار يدعو اىل الصوم والصالة‬
‫‪----------‬‬
‫ن‬
‫ان الدين والدولة امران متنافران بالطبيعة‪ .‬فاذا اتحدا يف فية من الزمن كان اتحادهما مؤقتا و ال مناص‬
‫يأت عليهما يوم و يفيقان فيه و اذا راينا الدين ملتصقا بالدولة زمنا طويال علمنا انه دين كهان ال‬ ‫من اي ي‬
‫دين انبياء‬
‫‪----------‬‬
‫االفكار كاألسلحة تتبدل بتبدل االيام‪ .‬والذي يريد ان يبق عىل آرائه العتيقة هو كمن يريد ان يحارب‬
‫الرشاش بسالح عنية بن شداد‬

You might also like