Professional Documents
Culture Documents
التاريخ هو تسجيل ووصف وتحليل األحداث التي جرت في الماضي ،على أسس علمية محايدة ،للوصول إلى
حقائق وقواعد تساعد على فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل.
التاريخ هو القيام بدراسة تعتمد على حقائق الماضي وتتبع سوابق األحداث ،ودراسة ظروف السياقات
التاريخية وتفسيرها فمنهج البحث التاريخي هو مجموعة الطرق و التقنيات التي يتبعها الباحث و المؤرخ
للوصول إلى الحقيقة التاريخية ،و إعادة بناء الماضي بكل وقائعه و زواياه ،وكما كان عليه زمانه و مكانه
تبعا لذلك فالمنهج التاريخي يحتاج إلى ثقافة واعية و تتبع دقيق بحركة الزمن التي تؤثر بصورة مباشرة أو
غير مباشرة على النص التاريخي ،لهذا وجب ارتباط المنهج بمستويات النقد في كل مراحله الممثلة في
.التفسير والتأويل والتنقيح والحكم نظرا لعنايته الجادة بالنص كرؤية واقعية ترتبط بالزمن والعصر
ويجب كذلك إعطاء األهمية األولية للسياق التاريخي لتأويل النصوص ألن هناك وثائق تعبر عن انحياز كامل
للمرحلة التي كتبت فيها ،لهذا فبعض الوثائق التاريخية ال تعبرعن حقيقة ما جري من أحداث لهذا وجب
التركيز على قراءة النص التاريخي ونقده ألن هناك كتابات لمؤرخين سيطرت عليهم األيديولوجيات السياسية
.السائدة أتناء الفترة التي أنتج فيها
ثم إن وجود هذه الحقائق والوثائق بين أيدي هذا المؤرخ أو ذاك ال يضمن االتفاق بين المؤرخين على تأويلها
نفس التأويل ألن لكل مؤرخ وجهة نظره ودوافعه ،لهذا فالمؤرخ هو من يتخذ القرار المسبق في عملية
ترتيب النصوص والوثائق التي تخدم وجهة نظره ،لهذا ال يمكن أن نضمن اتفاقا بين المؤرخين على حدث
معين ،فلكل تأويله وتحليله لهذا عند تحليل النصوص التاريخية ال بد من الوقوف على عالقة المؤرخ
بالوثائق والحقائق التي يملكها بين يديه كمواد خام للدرس والتحليل ،هل يعتمدها كحقيقة مسلم بها؟ أم
يقارنها بمعطيات أخرى مثل التحدث عن األيديولوجيات والمواقف السياسية السائدة في العصر التي كتبت فيه
.الوثائق؟ وكذلك مقارنتها بالموقف السياسي لكاتب الوثيقة وعالقته بعصره
إن الحقائق والوثائق ليست في حد ذاتها تاريخا ،وإنما هي شهادة تشهد على جزء من اللحظة التاريخية وقد
تكون هذه الشهادة مزيفة ،ولذا ينبغي مقارنتها بشهادات أخرى بهدف الوصول للحقيقة الن الحقائق التاريخية
لمرحلة معينة تخضع دائما وللتعديل ،وكذلك لحذف بعض عناصرها بسبب المصالح ،أو بغية إخفاء ما ال
يتالءم مع الفاعلين في التاريخ ،لهذا وجب على المؤرخ وهو يدون كتاباته التاريخية أن يتعامل مع
النصوص والوثائق بحياد ،وان يبحث في عالقة تلك النصوص بأصحابها لتوفير بعض الموضوعية ويتفاعل
مع الوقائع التاريخية بموضوعية في كتاباته التاريخية واالبتعاد عن الذاتية التي تجعل من النص التاريخي
يخضع للتأويل ليتالءم مع منهج المؤرخ في الكتابة .وأثناء تحليل النص التاريخي البد أن يستحضر الباحث
في التاريخ
و هو دراسة الماضي بالتركيز على األنشطة اإلنسانية وبالمضي حتى الوقت الحاضر ،وكل ما يمكن تذكره من
الماضي أو تم الحفاظ عليه بصورة ما يعد سجال تاريخيا .ويدرس بعض المؤرخين التاريخ العالمي الذي
يشمل كل ما جرى تسجيله من الماضي اإلنساني والذي يمكن استنباطه من اآلثار ،فيما يركز البعض على
طرق بعينها مثل علم التأريخ والدراسات الديموغرافية (السكانية) ودراسة كتابة التاريخ ودراسة األنساب
.ودراسة الكتابات القديمة ودراسات التاريخ االقتصادي أو دراسة تاريخ مناطق بعينها
المنظور الحضاري في التدوين التاريخي عند العرب
يقول محيي الدين محمد بن سليمان الكافيجي (879-788هـ"-وأما علم التاريخ فهو علم يبحث فيه عن
الزمان وأحواله ،وعن أحوال ما يتعلق به من حيث تعيين ذلك وتوقيته".ويذهب سيد قطب إلى أن التاريخ في
.المكان والزمان
مصطلح التاريخ و التطورات التي لحقت به
التاريخ اصطالحا : جملة األحوال واألحداث التي يمر بها كائن ما ،على الفرد أوالمجتمع ,كما يصدق على
[]1
الظواهر الطبيعية واإلنسانية.
في اللغة تعريف الوقت ،وتاريخ الشيء وقته وغايته ،والتاريخ أيضا ً علم يبحث في الوقائع والحوادث
الماضية .وحقيقته كما قال (ابن خلدون) « :أنه خبر عن االجتماع اإلنساني الذي هو عمران العالم ،وما
يعرض لطبيعة ذلك العمران من األحوال ،مثل التوحش والتأنس ،والعصبيات ،وأصناف التغلبات للبشر بعضهم
على بعض ،وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها ،وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب
والمعاش والعلوم والصنائع ،وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من األحوال» (المقدمة ص .)57إال أن
بعض المؤرخين يقتصر على ذكر األخبار والوقائع من دون أن يذكر أسبابها ،وبعضهم اآلخر يأبى االقتصار
فيمحص األخبار ،ويعلل الوقائع ،ويستبدل بالتسلسل الزماني ترتيبا ً سببيا ً
ّ على التعريف بالحوادث الماضية،
يرجع فيه الحوادث إلى أسبابها ،والوقائع إلى أحوالها .فإذا جعل المؤرخ ه ّمه تمحيص األخبار ،ونقد الوثائق
واآلثار ،كان تاريخه انتقاديا ً ،وإذا استخرج من ذكر األحوال الماضية عبرة تتم بها فائدة االقتداء لمن يروم
ذلك في تربية النشء كان تاريخه أخالقياً ،وإذا عني بأخبار الدول وعالقتها بعضها ببعض لإلفادة منها في
تدبير الدولة كان تاريخه سياسياً ،وإذا تجاوز ذلك كله إلى تعليل الوقائع ،لمعرفة كيفية حدوثها ،وأسباب
نشوئها ،كان تاريخه فلسفياً .و مرت كلمة التاريخ بتطورات عديدة في الثقافة العربية ،فقد بدأت بمعنى
التقويم والتوقيت في صدر اإلسالم ،واحتفظت بهذا المعنى لفترة ،ثم صارت بمعنى آخر وهو تسجيل األحداث
.على أساس الزمن ،لتحل كلمة "التاريخ" تدريجيا محل ما كان
يعرف باسم "الخبر" ،وصارت تطلق على عملية التدوين التاريخي ،وعلى حفظ األخبار ،بشكل متسلسل،
متصل الزمن والموضوع ،للداللة على هذا النوع الجديد من التطور في الخبر والعملية اإلخبارية ،منذ
منتصف القرن الثاني الهجري .وأصبحت كلمة "تاريخ" ،تحمل خمسة معاني في العربية.
والكافيجي يعرفه بأنه" : هو تعيين الوقت لينسب إليه زمان مطلقا ،سواء كان قد مضى أو كان حاضرا أو
سيأتي ،"..ثم يعطي الكافيجي بعدا حضاريا للتاريخ ضمن استطراده لتعريف التاريخ ،فيقول:
"وقيل :التاريخ تعريف الوقت" بإسناده إلى أول حدوث أمر شائع ،كظهور ملة ،أو وقوع حادثة هائلة ،من
طوفان أو زلزلة عظيمة" .وإذا كان في تعريف الكافيجي شيء من البعد االجتماعي (كظهور ملة) ،فإن في
تعريف السخاوي للتاريخ مسحة ثقافية واجتماعية واضحة ،فهو يقول" : وفي االصطالح التعريف بالوقت
الذي تضبط به األحوال ،من مولد الرواة واألئمة ووفاة وصحة ،وعقل وبدن ،ورحلة وحج ،وحفظ وضبط،
وتوثيق وتجريح ،وما أشبه هذا مما مرجعه الفحص عن أحوالهم في ابتدائهم وحالهم واستقبالهم …).
واستعملت لفظة تاريخ في االصطالح على نحوين اثنين ،فتارة تستعمل ويراد بها مضمون ومحتوى المادة
التاريخية ،وتارة أخرى تستعمل ويراد بها طريقة التعامل مع هذه المادة .وهذه االزدواجية في االستعمال أدت
إلى خلط في فهم معنى اللفظ ،ويقول الدكتور قاسم عبده أن هناك تفريق شائع " بين كلمة التاريخ كتعبير دال
على مسيرة اإلنسان الحضارية على سطح كوكب األرض منذ األزل ،وعبارة تدوين التاريخ كتعبير عن العملية
الفكرية اإلنشائية التي تحاول بإعادة تسجيل وبناء وتفسير اإلنسان على كوكبه
أهميّة علم التاريخ
ّ
مر بها اإلنسان ،وبالتالي تكون تصوراً دقيقا ً وواضحا ً عن العالم القديم ،والتجارب التي َّ ّ ُيعطي علم التاريخ
جرت عليهم الويالت والدمار .علم التاريخ وقع ب ِه األقدمون من األخطاء والتي ّ هذ ِه الدراسة بابا ً من تج ّنب ما َ
هي
المستقبلي ،فعند معرفة سيرة الحضارات السابقة وكيف قامت وما َ ّ هو دروس ماضية ُتفيدنا للتخطيط
هي أسباب دمارها وزوالها فإ ّننا بال ش ّك نختصر على أنفسنا العديد من عوامل ازدهارها ونهضتها وما َ
ً
نحو ما أراهُ التاريخ لنا ُمناسبا .علم التاريخ يجعل اإلنسان ً ُ
التجارب ونتحاشى الخطأ السابق ونمضي قدُما َ
اإلسالمي مثال على ذلك ،ف نقف عند دراسته على
ّ هو امتدا ٌد لها ،والتاريخ ُم ّتصالً بأجداده وأصوله التي َ
اإلسالمي وهي السيرة
ّ هي ُجز ٌء عظيم من دراسة التاريخ النبي ال ُمصطفى عليه الصالة والسالم التي َ ّ سيرة
النبي صلّى هللا عليه وسلّم ومعرفة األحداث والغزواتّ النبو ّية ،حيث يكون في تدوين هذا التاريخ معرفة لحياة
التي وقعت على زمن رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم ،وكذلك من خالل تأريخ الحقبة النبوية الشريفة نقف من
هو عبارة عنالنبوي الشريف الذي َ ّ اإلسالمي ،وهي الحديث
ّ أساسي من مصادر التشريع ّ ذلك على مصدر
أقر غير ُه عليها .علم التاريخ ُينصف األمم،
ّ أو م ّ لوس عليه هللا ى ّ لص هللا رسول فعلها التي األقوال واألفعال
هو بسبب حفظ التاريخ ل ُه وإبرازه بالشكل المم ّيزويحفظ التراث لألمم فكثير من التراث الذي تتم ّيز به الدول َ
لتلك الدولة.
على مالحظة الظاهرة وجعلها ملموسة ،وكذلك على وصفها وتفسيرها وربطها باألحداث األخرى .
-1رشيد محمود شيخو /التاريخ مصادره ومنهجه .
-2كولنجوود ،فكرة التاريخ ،ترجمة :محمد بكير خليل ،لجنة التأليف والترجمة والنشر ،القاهرة 1961
-3عبد المنعم الجميعى ،منهج البحث التاريخى " دراسات وبحوث " ،مطبعة الجبالوى
-4السيد عبد العزيز سالم ،مناهج البحث فى التاريخ االسالمى ،واآلثار االسالمى ،مؤسسة شباب الجامعة ،
االسكندرية
-5عزيز العظمة ،الكتابة التاريخية والمعرفة التاريخية ،دار الطليعة ،بيروت
-6شوقى الجمل ،علم التاريخ نشأته وتطوره ووضعه بين العلوم االخرى ،مكتبة االنجلو المصرية
-7على بركات ،دراسات فى منهج البحث التاريخى ،المنصورة