Professional Documents
Culture Documents
ابن رشد و ابن ميمون، مثالان أندلسيان لصيرورة العقلنة والعلاقة بين
ابن رشد و ابن ميمون، مثالان أندلسيان لصيرورة العقلنة والعلاقة بين
2009
)*( ابن رشد و ابن ميمون ،مثاالن أندلسيان لصيرورة العقلنة والعالقة بين الدين والفلسفة
يسود الرأي لدى مؤ ّرخي الفلسفة أنّ التفكير الفلسفي و الكالمي لدى الفرق والمدارس اليهودية في السياق العربي
اإلسالمي في العصور الوسطى منطبع و متأثّر بالفلسفة العربية اإلسالمية شديد التأثر ،بل و يع ّد جزءا منها وأحد
تمظهراتها منذ أواسط القرن الثامن الميالدي القرن الثالث هجري وخاصة في القرون التالية مع ازدهار وانتشار حركة
،الترجمة والتأليف
فقد كانت اللغة العربية في مجاالت اإللهيات والفقه وعلم الكالم والفلسفة والطب والفلك وغيرها من العلوم و الفنون،
اللغة المعتمدة في التأليف والكتابة لدى معظم العلماء والمؤلفين من مختلف الفرق والديانات من مسلمين ومسيحيين
ويهود .أتاح اإلسالم هنا ،كفضاء حضاري ذو أفق معرفي منفتح ،انتشار وسيادة بنية إثنية وثقافية تعددية متنوعة
أفرزت بدورها نموذج تعايش ثقافي اجتماعي تعدّدي متميز بالثراء و الحيوية ،و لع ّل النموذج األندلسي في العصور
.الوسيطة يعتبر أحد أهم تجليات هذا التعايش)1(.
التماس والتقاطع في سياق التفكير الكالمي والفلسفي فيما بين اليهودية واإلسالم في القرون
ّ تتمظهر أهم تعبيرات هذا
الوسطى من خالل شخصيّتي ابن رشد وابن ميمون اللذين يعتبران شخصيتين مرجعيتين في الفلسفة الوسيطة وامت ّد
أثرهما وتأثيرهما إلى ما أبعد من ذلك .عند النظر في التراث الفكري الفلسفي والكالمي والفقهي الذي خلّفه هذان
المف ّكران األندلسيان تتبيّن لنا جوانب تالق وقواسم اشتراك وعالمات افتراق وتباين .لع ّل أه ّم جوانب االلتقاء بين هاتين
توجهات عدّة ال تخلو غالبا من التباينالشخصيتين هي انتماؤهما المشترك لفضاء ثقافي واحد وروح عصر متميز بتأثير ّ
ّ
إلى ح ّد التضا ّد والتصادم أحيانا ،إالّ أنها تخترقها جميعا عناصر وعالقات التعايش الثقافي ،التي تتجلى من ناحية أولى من
خالل أشكال التالقي الحيوية والخصبة فيما بين العناصر والمر ّكبات الثقافية المختلفة التي تعكس بدورها تص ّورات ورؤى
عن الوجود والكون واإلنسان ومنظومات قيم هي أيضا متنوعة ومتعددة .ومن ناحية أخرى من خالل عالقة تقابل متضا ّد
وصراع وجودي ما بين منظومتي خطاب رئيسيتين ،تتميز إحداهما باالنفتاح والقدرة على التجدد والتجاوز الذاتي وترى
في اآلخر المغاير إمكانية و فرصة تساعد على إثراء وتوسيع اآلفاق الذاتية .أما المنظومة األخرى فهي ترى في ذاتها
ق و صالحية التعريف المفاهيمي والقيمي وترى في الخطاب اآلخر المغاير المرجعية الوحيدة و الحصريّة التي تمتلك ح ّ
.تهديدا وجوديا ينبغي مقاومته
حظي أبو الوليد محمد بن رشد ( 520هج1126 /م ــ 595هج 1198 /م) في تاريخ الفلسفة و خاصة من خالل تلقى
شروحه وملخصاته ألعمال أرسطو بمكانة الفيلسوف العقالني الذي تجاوز صيته وأثره حدود السياق الثقافي والديني
اإلسالمي الخاص الذي أفرزه ،مستندا إلى ركيزة انطالق تجعل من العقل وقواعده مح ّك الصواب من الخطأ ،له الفصل
والحكم األخير فيما يطرأ من اختالف .فقد كان يرمي إلى إثبات أنّ البحوث والمعارف العلمية ال يمكن أن تتعارض أو
تتناقض في حقيقة األمر مع األصول االعتقادية والحقائق الدينية .وكان ابن رشد يستغرب مسلك أبي حامد الغزالي الذي
يدين في اكتساب معارفه للفلسفة وفنونها نكرانه لذلك وهدمه لها وهجومه عليها .فتصدّى هنا ابن رشد مسلّحا بك ّل ما
للعقل الفلسفي من حجج وبراهين للخلط والتمويه الذي تسبب فيه الغزالي وبقيّة المتكلّمين من األشاعرة ،فيما بين أشكال
الخطاب الفلسفي القائم على العقل والبرهان من جهة والديني الكالمي القائم على الجدل و الخطابة واإليهام من جهة
أخرى .و هو يؤكد هنا على ضرورة التمييز و الفصل ما بين الخطابين في نسقيهما ،و يدعو إلى مراعاة المخاطَب في
ملكاته الذهنيّة و ظروفه النفسية أثناء عملية التلقّى للخطاب .و هو يدعو بذلك إلى خطاب عقالني رصين موضوعي
ي شعبوي تبسيطي يعتمد التحريض وحشد االنفعال .يعتمد منهج اإلقناع بالحجة والبرهان مقابل خطاب تعبو ّ
وتجدر اإلشارة في هذا المقام إلى أنّ فلسفة وأفكار ابن رشد بقيت في سياق الثقافة العربية اإلسالمية في العصور
الوسطى دون أثر يذكر ،بينما كان لها األثر البالغ في الفكرين اليهودي و المسيحي في نفس العصور ،فقد ظهر هنا اتجاه
ي وفلسفي يعرف في تاريخ الفلسفة الوسيطة باسم الرشديّة
.فكر ّ
أما الشخصية األندلسية الثانية التي أو ّد التع ّرض إليها بالتقديم فهي شخصية أبي عمران موسى ابن ميمون ( 1135م ــ
1204م) الفقيه والطبيب و الفيلسوف اليهودي الديانة األندلسي العربي الفكر و الثقافة .يعتبر المؤ ّرخ إرنست رينان أنّ
االنشغال بالفلسفة عند اليهود في السياق العربي اإلسالمي في القرون الوسطى ال يعدو أن يكون إالّ انعكاسا للفلسفة
العربية اإلسالمية و أحد تمظهراتها)2(.
كان شكل التعايش واالندماج اليهودي في السياق العربي اإلسالمي أرضية خصبة م ّكنت المف ّكرين اليهود من اإلبداع
والتألّ ق فعرف النتاج الفكري اليهودي في هذه الحقبة أزهي عصوره وأكثرها خصوبة ،و يعتبر موسى ابن ميمون نفسه
نتاجا مباشرا و تعبيرا بارزا لهذا النمط من التعايش اليهودي العربي اإلسالمي كما يشهد ويؤكد على ذلك األستاذ حاييم
الزعفراني قائال ":كان ابن ميمون نتاج مجتمع وحضارة و ثقافة متميزة باالندماج و التعايش بين مختلف مك ّوناتها ...
باستثناء المراحل التي شهدت عدم استقرار وأعمال عنف مرتبطة بالنزاع على السلطة وتغيير الح ّكام وانتفاضات
القصور ،كانت السمة الغالبة هي العمل المشترك والتعايش في كنف األمن و السلم" ( )3وجد ابن ميمون كمتفلسف
ورجل دين في التفكير المستند إلى العقل والفلسفة قارب النجاة لالعتقاد ولإليمان .إيمان واعتقاد يجب حسب رأيه أن
يتّسق مع العقل ويستجيب له و يُ ْف هم بشكل عقالني ،فهو يقبل المعتقد واإليمان الحاصل نتيجة النظر العقلي والتف ّكر
كمعتقد صحيح ،إذ أنّه فقط عند اتّساق اليقين الفلسفي مع االعتقاد اإليماني و ارتباطه به ،يُد َْحض عندئذ نقيض اإليمان
ويثبت االعتقاد الصحيح .حيث أنّ بذل قصارى الجهد الفكري وتحصيل المعرفة هي شرط خلود الروح و دخولها في
.رحمة هللا
كأحد الدعاة لعقلنة منظومة التصورات الدينية تسبب ابن ميمون في اختالف الناس حوله وانقسامهم في مواقفهم تجاهه
ما بين مناصرين ومؤيدين لما يرى وآخرين معادين رافضين له ،وصار ابن ميمون من خالل أعماله ومؤلفاته مركز
استقطاب بالسلب أو باإليجاب لكل من جاء بعده .ونال كتابه داللة الحائرين لقرون طويلة لدى المشتغلين بالفلسفة من
اليهود مكانة توازي تلك التي كانت للتلمود في الحياة الدينية عندهم ،حيث أنّ أثره في التاريخ الفكري والثقافي لدى
اليهود كان كبيرا بحيث أنّه ال يمكن لمن جاء بعده أن يُغفل أو يهمل ما طرحه من إشكاليات وأسئلة أو أن يأخذ بما يقدّمه
.العلم دون أن يف ّرط في تقاليده الثقافية وفي انتمائه الديني
كان اله ّم األ ّول البن ميمون باختصار هو تنقية التص ّورات الدينية اليهودية من السمات الخرافية والميثولوجية فيها
وصبغها بصبغة عقالنية .لقد كان ك ّل من مف ّكرينا األندلسيين ابن رشد وابن ميمون ذا نزعة واتجاه عقالنيين إالّ أنّهما
اختلفا في الغايات والمنهج ،وهما يقدّمان لنا بذلك نموذجين على درجة من التشابه والتباين في اآلن نفسه مما يزيد من
.إمكانية وفرصة االستفادة والتعلّم منها
لقد ش ّك ل ابن ميمون خاصة من خالل مؤلفه داللة الحائرين وتأثيره الكبير وما أثاره من جدل فرصة لتلقّي وتس ّرب الفكر
ق له طريقا بل وثبّت له مكانة في السياق اليهودي .وقد صار ك ّل منهما مرجعيّة وسلطة معرفية سواء الرشدي ،الذي ش ّ
في سياق الالّهوت والتأويل والتفسير أو الفلسفة وأخذ مكانة ثابتة ،وتتجلّي هذه المكانة مثال من خالل الرسالة التي بعث
بها تلميذ ابن ميمون يوسف بن عقنين إلى أستاذه وصاغها بأسلوب أدبي تغلب عليه طريقة المجاز يعبّر له فيها عن حبّه
البنته ويخطبها منه أي ابنة ابن ميمون و يقصد بها الفلسفة ،وجاء في هذه الرسالة ... „ :أعجبتني هذه الصبية ،فعقدت
عليها خطبتي على الشريعة وما أُنزل على طور سينا ،و تز ّوجتها بثالثة أشياء ،بأن أعطيتها حبي مهرا ،وم ّكنتها عشقي
َع ْقدا ألني ِه مت بها ،و عاملتها معاملة الزوج عذراءه .وبعدها أحببت منها أن تتربع على سرير الزوجية ،لم آخذها
بحب وربطت روحي بروحها ،وجرى ك ّل هذا أمام عدلين اثنين ّ إغراء و ال رعونة ،و إنما أعطتني حبّها ألني بادلتها حبّا
ذائعي الصيت ،وهما أبو عبيد هللا (ابن ميمون) وابن رشد" ( .)4هذه الشهادة األولى للتأثير المتنامي لفكر ابن رشد في
أوساط المف ّك رين اليهود و حضوره بينهم كمرجعية في نقاشاتهم و حواراتهم ليس فيما يتعلق بقضايا وبمواضيع فلسفية
.فقط بل تتعدّاها إلى قضايا تفسير وتأويل نصوص التوراة والتراث التلمودي
وت ّم الرجوع إلى ابن رشد ليس فقط في العديد من شروح و ملخصات داللة الحائرين البن ميمون ولكن في العديد من
األعمال والمؤلّفات الفلسفية األخرى لمفكرين آخرين ،حيث ت ّم االعتماد على مؤلّفات ابن رشد واالستشهاد بها كمراجع ال
يمكن االستغناء عنها من طرف المفكرين اليهود .ولقد كانت أعمال ابن رشد أيضا هدفا لهجوم العديد من رجال الدين
اليهود وتحريمهم لتداولها وما جاء فيها من أفكار رأوا فيها خطرا يهدد نقاء العقيدة و ثباتها كما يرونها ويريدون لها هم
.أن تكون)5(.
لقد ش ّكلت الرشدية اليهودية جزءا هاما وتأسيسيّا في صيرورة العقالنية في السياق اليهودي ،إذ أنّ حضور ابن رشد لدى
المفكرين اليهود يعتبر في ح ّد ذاته لحظة تأسيسية للعقالنية في التاريخ الثقافي لدى اليهود ،لقد حظي ابن رشد من خالل
أشكال التلقي المستم ّر له في السياق اليهودي بما ُح ِرم منه في السياق العربي اإلسالمي وغلب عليه من تجاهل ونسيان.
أسباب ودواعي و خصائص الحضور المتميز البن رشد في السياق اليهودي وتلك التي تعود لغيابه وانعدام تأثيره في
السياق العربي اإلسالمي ،كلّها مازالت حسب رأيي تشكو نقص الوضوح وعدم االنجالء التا ّم لها ،حيث تنقص األبحاث
المع ّم قة التي تتناولها ،و في هذا السياق يمكن أن تساعدنا الدراسة المقارنة ألشكال التلقي لفكر ابن رشد في تل ّمس إجابة
عن هذا السؤال المهم .تتجاوز النظرة أو المقاربة لتاريخ العقالنية في السياق اليهودي وخصوصا في العصور الوسطى
ومحاولة فهمها الحدود الدينية بمفهومها الضيق ،إذ أنّ اليهودية في أبعادها الفكرية والثقافية في العصور الوسطى ولكن
قبل ذلك أيضا في العصر الهيلينستي ،قد ساهمت بحيوية وحضور مثمر ومث ٍر في الحراك الثقافي والفكري ضمن السياق
.الحضاري والتاريخي الذي ُوجدت فيه
وينبغي عند مقاربة مختلف االتجاهات الثقافية و الفلسفية و الدينية العقائدية والكالمية التي كان لها وجود وتأثير في
اليهودية في القرون الوسيطة والتعاطي معها ،أن يكون ذلك ضمن إطار سياق أوسع يؤخذ بعين االعتبار ،هو السياق
الثقافي والحضاري العربي اإلسالمي ،حتى نحقق إدراكا وفهما أكثر شمولية و عمقا ً ودون ابتسار لهذه الظاهرة .هذا
يقودنا إلى سؤال يعتبر طرحه من قبيل االفتراض ،يبدو من الوهلة األولى استفزازيا إالّ أنّه يمكن أن يكتنه أهمية منهجية،
وهو هل أنّ نشوء وتط ّور رشديّة عربية إسالمية في القرون الوسطى كان يمكن أن يكون مماثال للرشدية اليهودية التي
وجدت فعليّا لو كان لها أن توجد؟ إنّ االنشغال بالبحث واالهتمام بالرشدية كظاهرة فلسفية ال ينبغي أن يكون في حدود
البحث التاريخي البحت أو يتح ّو ل ويختزل في إطار االهتمام المتحفي واألركيولوجي الخالص باألفكار العتيقة ،إنّ مقاربة
.اختزالية بهذا الشكل تعتبر عقيمة وغير ذات أثر في سياقنا الحاضر
إنّ ابن رشد كفيلسوف مسلم شهد حضورا و تأثيرا متواصال تجاوز الحدود الثقافية و الدينية ،ولم تمنع خصوصية انتمائه
الثقافي والحضاري من إشعاع فكره في أنساق وسياقات ثقافية مختلفة عنه أو على األصح عن التي وجد هو فيها وف ّكر
.وتفلسف ضمن شروطها
تقودنا األسئلة و اإلشكاليات والتعليالت التي تثيرها أشكال التلقي المختلفة لفكر ابن رشد سواء في السياق المسيحي أو
اليهودي منها إلى النتيجة التالية وهي أنّ مناط االختالف في القبول أو الرفض لفكر ابن رشد وتنميط تلقيّه ليس ذات
طبيعة ثقافية أو دينية بالمعنى الضيّق للكلمة بل هو أبعد من ذلك ،إنّه يتعلّق ببنية العقل و تكوينه والصيرورة العقالنية
التي يشهدها الخطاب السائد .كانت المواقف سواء في حياة ابن رشد أو في أشكال التلقي له الالّحقة محكومة ومحدّدة
ي دور ذي أهمية مؤثّرة ،إذ أنّ المف ّكرين
بمقولة العقالنية والعقل ،و لم يكن هنا للخصوصية الدينية أو الثقافية أ ّ
العقالنيين أو الفالسفة سواء كانوا مسلمين يهودا أو مسيحيين ال يختلفون عن خصومهم في ذلك الذين كانوا بدورهم
كذلك مسلمين يهودا و مسيحيين ،و قد ألّفوا كلّهم و كتبوا أعمالهم بالعربية آو العبرية أو الالتينية .فمثال ابن رشد و
الرشدية في السياقات المختلفة تؤكد على أنّ العقل والعقلنة في األخذ بها أو رفضها ليست مرتبطة بدين أو لغة أو ثقافة
.بعينها بل هي ظاهرة تخترقها جميعا وتتواجد ضمنها جميعا
إنّ مقاربة الفكر الفلسفي البن رشد على هذا النحو كأحد أبرز نماذج التفكير الفلسفي في السياق العربي اإلسالمي يمكن
أن تكون مفيدة ومساعدة من أجل تأسيس خطاب أنسنة عقالني في السياق العربي اإلسالمي المعاصر .و في خض ّم هذا
االنشغال و االنهماك المعرفي من أجل تحقيق هذه الغاية ال ينبغي أن يكون إحياء ابن رشد كفكر وشخصية مرجعية
يتوج ب أن ال يخلو ذلك من الممارسة النقدية الغير منقطعة ،المتسمة بالعقالنية الرصينة المتزنة
ّ تاريخية هدفا في ذاته بل
تماشيا مع الروح الرشدية وليس من أجل تمجيد احتفالي لشخصية تاريخية حتى وإن كانت هذه الشخصية هي البن رشد.
0
وتلعب هنا المراجعة التحليلية التفكيكية النقدية للفكر الرشدي عموما وللرشدية على وجه األخص دورا مه ّما من أجل
ق حيوي بهدف تأسيس خطاب عقالن ّي معاصر في السياق العربي اإلسالمي)6(. مقاربة موضوعية وتحقيق شكل تل ّ
إنّ مقاربة بهذا المعنى وبهذه الغاية للرشدية وألشكال تلقي فكر ابن رشد ـ سواء في السياق اليهودي أو في السياق
المسيحي األوروبي ـ يمكن أن تكشف لنا أبعادا فلسفية أخرى و تفتح آفاقا أرحب من ناحية و توفّر لنا من ناحية أخرى
مدخال إضافيّا لتحقيق إدراك لآلخر ولفهمه بشكل أفضل ـ في هذه الحال اآلخر هو اآلخر اليهودي و األوروبي .إنّ االهتمام
بالفكر الرشدي وبالرشدية من خالل هذه المقاربة يحقق مكسبا وفائدة معرفية بدرجة أولى يتحقق من خاللها إدراك مغاير
.للذات وإدراك أفضل لآلخر ،ضمن صيرورة معرفية تثاقفية
------------------------
الهوامش:
* هذه الورقة ألقيت كمداخلة في الملتقى الدولي حول موضوع الحضارة اإلسالمية في األندلس في القرن السادس
بتنظيم من المجلس اإلسالمي األعلى، 2007 أفريل2,3,4 في الجزائر العاصمة أيام، الثاني عشر الميالدي/ الهجري
1-أنظر في هذا السياق ك ّل من الدراسات التي أعدّها األستاذ الباحث (الجزائري األصل) موريس روبين حيّون حول تاريخ
الثقافة اليهودية من الشرق إلى الغرب و دراسة الباحث األستاذ (المغربي األصل) حاييم زعفراني حول يهود األندلس و
المغرب. . H. Zafrani: Juifs d’Andalousie et du Maghreb, Chap. III: Le Dialogue socio-
culturel judéo-musulman en Andalousie et au Maghreb . Maisonneuve & Larose. Paris
1996. Et M.R. Hayoun: Les lumières de Cordoue à Berlin , une Histoire intellectuelle du
judaisme Bd. I., Chap. «L’universphilosophico-kabbalistique». Ed. JC Lattès 1996
. 2- 175 . ص. إرنست رينان ابن رشد و الرشديةErnest Renan: Averroes et l averroisme,
Maisonneuve et Larose Paris. 1997. p.175
4- مرجع سابق: و انظر أيضا إرنست رينان1999 مراكش.210 ص. ابن رشد و الفكر العبري الوسيط: أحمد شحالن
139-138 . ص.
5- ابن رشد و:أنظر في هذا الصدد الدراسة القيّمة ألنكا فون كوجلجن-6 215-211 . ص. مرجع سابق: أحمد شحالن
الحداثة العربيةAnke von Kügelgen: Averroes und die arabische Moderne. Ans?tze zu einer
Neubegründung des Rationalismus im Islam.
)0( ) | روابط تعقيبات1( | التعليق19:31 حررة بواسطة هيئة التحرير في الفلسفة والفكر في
تعليقات
)أعرض التعليقات على شكل (تخطيطي | متواصل
If I were a Teangee Mutant Ninja Turtle, now I'd say "Kowabunga, dude!"