You are on page 1of 167

‫جامعة بسكرة‬

‫كـلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قسم العلوم السياسية‬

‫اإلصالح الدميقراطي يف األنظمة الـسياسية امللكية‬

‫‪ -‬دراسة للنظام السياسيي امللكي املغريب‪-‬‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة االستـــــــــــــــــر فــــــــــي العــلـــــــــــوم الـسيـــاسيــــــــــــــــة‬

‫تخــصــــص‪:‬أنــــظــمــــة سيـــــــــاسيــــة مقـــارنـــــــــة وحــــوكـــمـــــــــة‪.‬‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة‪:‬‬

‫د‪ /‬طــويــــــــــل نسيـــــــــمة‬ ‫غــربيــة صونـيـــا‬

‫الـــصــفـــــــــة‬ ‫الــرتــبـــــــــة‬ ‫االســــم واللــقـــــــــب‬

‫رئــيســـــــــا‬

‫مـــشـــرفا ومقـــــر ار‬ ‫األستاذ المشرف‬ ‫د‪/‬طـــويـــل نســيمــــــة‬

‫ممــتحــنــــــــا‬

‫الــســــــــــنـــــــــــــــــــة الجــــــــــــــامـــعـــيــــــــــــــــــــــة‪:‬‬

‫‪.2015/2014‬‬
‫شك ـ ــر وعرف ـ ــان‬

‫يسعدني مع انتهاء هذه الدراسة المتواضعة و من دواعي االعتراف بالجميل أن أتقدم بالشكر الجزيل و‬
‫فـائق االحترام و التقدير إلى األستاذة المشرفة‬
‫" طـ ـويـ ـل نسـ ـيـ ـمـ ـة "‬
‫التي تحملت معي أعباء إنجاز هذا العمل و مشاقه و لم تبخل علي بنصائحها القيمة و توجيهاتها لما هو‬
‫أفضل وأنجح‪،‬والتي تحملت وصبرت معي على كل ظروفي وأهوالي بقـلب طيب ملؤه العطف والود‬
‫اللذان لن انساهما لها ماعشت‬
‫فشكـ ـ ـرا ‪،‬شكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرا ‪ ،‬وألـ ـ ـ ـ ـف شكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر‬
‫لك استاذتي الفـاضلة‪.‬‬
‫كما أتقدم بأسمى آيات الشكر واالمتنان والتقدير والمحبة إلى الذين حملوا أقدس رسالة في الحياة‬
‫إلى الذين مهدوا لنا طريق العلم والمعرفة‬
‫إلى جميع أساتذتنا األفـاضل‬

‫"كن عالما ‪ ..‬فـإن لم تستطع فكن متعلما ‪ ،‬فـإن لم تستطع فـأحب العلماء ‪،‬فـإن لم تستطع فـال تبغضهم"‬
‫اإلهـ ـ ـداء‬
‫"إليكم أنتم ‪:‬‬
‫إلى أعز و أغلى ما منحني الخالق‪ ،‬صاحب القدوة الحسنة و الخلق الرفيع‪ ،‬الذي أدين له بالفضل و الوالء‪،‬‬
‫إلى من أحمل اسمه بكل فخر‪:‬أبي الحبيب"المسعود"‬
‫إلى من صبرت و صابرت وحنت و سهرت وسقتني كل الحب والحنان و علمتني معنى الثقة‬
‫بالنفس‪،‬أمي الحبيبة "نعيمة"‬
‫"والدايا الكريمان‪،‬عماد حفظكما هللا"‬

‫إلى الروح التي سكنت روحي‪ ،‬توأم روحي ورفيق دربي ومالكي في الحياة‪ ،‬معك أكون أنا وبدونك‬
‫بدونك الشيء أكون مثل‪ ..‬إلى معنى الحب‪،‬الحنان‪ ،‬األمان ‪،‬الحرص‪ ،‬العطاء‪،‬إلى الحبيب العزيز‬
‫الغ ـ ـ ـ ـ ـال ـ ـ ـي‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـابـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر‬

‫الى من يحملون في عيونهم ذكريات طفولتي وشبابي‪ ........‬اخوتي واخواتي "وفـاء‪،‬‬


‫أمال‪،‬فـاطمة‪،‬هاجر‪،‬منى‪،‬منيرة‪،‬نانو‪،‬كنزة‪ ،‬نونو‬
‫إلى الكتاكيت البريئة عطر األمل توجة‪ ،‬فروحة‬

‫إلى من أفتقده‪،‬ومن يرتعش قـلبي لذكره‬


‫يا من أودعتني هلل قبل أيام قـالئل‪،‬وخلفت وراءك عتمة وظلماء‪.‬جدي رحمك هللا وجعل مثواك الجنة‪.‬‬
‫أهديك هذا البحث‬
‫إلى خالي‪":‬مجيد"أدامك هللا سندا وستراوصدرا حنونا لنا‬
‫إلى األخوات اللواتي لم تلدهن أمي ‪ ..‬إلى من تحلو باإلخاء وتميزوا بالوفـاء إلى من كانوا معي على‬
‫طريق النجاح والخير إلى من عرفت كيف أجدهم وعلموني أال أضيعهم صديقـاتي ورفيقـات دربي ‪:‬‬
‫فـاتن‪،‬حليمة‪،‬زوبيدة‪،‬رزيقة‪،‬كريمة‪،‬فطيمة‪،‬مونيا‪ ،‬سناء‪،‬سعدية‬

‫و ختام المس ـ ــك‬


‫إلى كل من أحبوا صونيا و أحبتهم‬
‫فهـــــرس‬
‫المحــتــــويـــــات‬
‫فهرس المحتويـــــــــــــــات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضــــــــــــــــــــــوع‬

‫اإلهداء‬

‫شكر وعرفان‬

‫الفهرس‬

‫أ‪،‬ب‪ ،‬ج‪ ،‬د‪ ،‬ه‪،‬‬


‫مقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫و‬
‫الفصل األول‪ :‬الضبط المفــاهيــمــي لـمفهــــومي‪( :‬اإلصالح الديمقراطي – األنظمة‬
‫السيـــاسيــة المــلكيــــــة)‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪11‬‬ ‫المبــحث األول‪ :‬مــــــاهــيـــة اإلصـــالح الديـــمــقــراطــي‬

‫‪12‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفــهــوم اإلصالح الديمقراطي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المفاهيم المشابهة لإلصالح الديمقراطي‪.‬‬


‫‪15‬‬

‫‪18‬‬ ‫المــبحــث الثــانــي ‪ :‬العـــوامــل المسببة لإلصـالح الديــمـقــراطــي‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬العوامل الداخلية المسببة لإلصالح الديمقراطي‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬العوامل الخارجية المسببة لإلصالح الديمقراطي‬

‫‪26‬‬ ‫المبــحــث الثــالــث‪ :‬مـاهـية النظام السياسي المـلكي وخصائصه‬

‫‪27‬‬ ‫المطلب االول‪ :‬تعــريــف النــظــام السياسي ‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تعــريــف النــظــام السياسي المــلكــي وتطــوره‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫خاتـمـــــــة الفصل‬


‫فهرس المحتويـــــــــــــــات‬

‫الفــصـــل الثاني‪ :‬الجوانــب التــي يشــملــها اإلصــالح في األنــظــمة‬


‫الســيـــــاسيــة ذات الطبـــيــعـــة المـــلــكيــة‬

‫‪39‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪40‬‬ ‫المبــحث األول‪ :‬اإلصالح في المؤسسة التنفيذية في النظام السياسي الملكي ‪.‬‬

‫‪41‬‬ ‫المطلب االول‪ :‬اإلصالحات التي مست صالحيات الملك ‪.‬‬

‫‪50‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اإلصالحات التي مست عمل الحكومة وتشكيلها‬

‫المــبحـث الثـاني ‪:‬اإلصالح في المؤسسة التشريعية في النظام السياسي‬


‫‪52‬‬
‫الملكي ‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬اإلصالحات التي مست مجلس النواب ‪.‬‬
‫‪53‬‬

‫‪56‬‬ ‫المطلب الثاني‪:‬اإلصالحات المتعلقة بمجلس الشيوخ‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫المبــحــث الثـالـث‪ :‬اإلصالح في الدستـــــــــور في النظام السياسي الملكي‬

‫‪59‬‬ ‫المطلب االول‪:‬ماهية اإلصالح الدستوري وآليات تحقيقه‪.‬‬

‫‪64‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مجاالت اإلصالح الدستوري وفقا للتعديالت الدستورية‪.‬‬

‫‪71‬‬ ‫خاتـمـــــــة الفصل‬

‫الفــصـــل الثالث‪ :‬النظــام السيــاســي المـغــربــي في ظــل تجــربـة اإلصــالح‬


‫الــديمــقــراطــي‬

‫‪73‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪74‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المعـطيات الجيــواستراتيــجيـة عــن المملـكة المغربية‪.‬‬

‫‪74‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المعـطـيـات اإلستراتيــجيــة للمــملكـة المغــربيــة‪.‬‬


‫فهرس المحتويـــــــــــــــات‬

‫‪76‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬خـصائــص النظــام السياســي للمــملـكة المغـربيـة‪.‬‬

‫المبــحــث الثــانــــي‪ :‬مرتـــــكزات اإلصـــالح الديمقراطــي في‬


‫‪80‬‬
‫المــمــلكــة المــغــربــيــة‪.‬‬

‫‪81‬‬ ‫المطلب االول‪ :‬العوامـــل المسببة لإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الجوانب التي يشتملها اإلصالح الديمقراطي في‬


‫‪86‬‬
‫المـــمــلكة المغــربية‪.‬‬
‫المـبحــث الثــالـث ‪ :‬مسار اإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫قبل‪. 2011‬‬

‫‪92‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اإلصالحات الديمــقـراطـية في المملكة المغربية‬

‫‪97‬‬ ‫المطلب الثاني‪:‬اإلصالحات الديمــقـراطـية في المملكة المغربية بعد‪2011‬‬

‫المــبحــث الرابع ‪ :‬روية تقــيــيــميــة لعمــلية اإلصالح الديمـقراطي‬


‫‪99‬‬
‫في المــمـــلكة المـــغــربــية‬

‫‪101‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تقييـم نتائج اإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية‬

‫‪105‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬إنعـكاسات اإلصالح الديمقراطي في المملكة المـغربية‪.‬‬

‫‪108‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مـعـوقات اإلصالح الديمقراطي في الممـلكة المـغربية‪.‬‬

‫‪110‬‬ ‫خاتمة الفصل‪.‬‬

‫‪112‬‬ ‫الخاتمة‪.‬‬

‫‪116‬‬ ‫قائمة المراجع‪.‬‬


‫مقدمــــــــة‬
‫مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫تحتل عملية اإلصالح الديمقراطي في النظم السياسية الملكية في الوقت الراهن أولوية كبيرة‪ ،‬وقد تزايد‬
‫االهتمام بها في ظل التحوالت الجوهرية والمتسارعة التي تعرفها البيئة الدولية في عصر العولمة ومجتمع‬
‫المعلومات‪ ،‬حتى أن قيم الديمقراطية لم تعد كما كان يتصور البعض عملية مستنبطة من الثقافة الغربية‪ ،‬بل‬
‫هي تعبير عن ثقافة عالمية ترسخت منذ قرون طويلة في مواجهة االستبداد وأركانه‪ ،‬وان كانت الحضارة‬
‫الغربية قد ساهمت بدرجة كبيرة في تفعيلها وترسيخها و وضع إطارها الفلسفي و المعرفي‬
‫اتجهت العديد من النظم السياسية إلى اإلصالح الديمقراطي بفعل مجموعة من الدوافع الداخلية و‬
‫الخارجية‪ ،‬حيث أدى التدهور االقتصادي‪ ،‬وما أعقبه من أزمات و خاصة االجتماعية بالعديد من النظم إلى‬
‫إدخال إصالحات هيكلية على مؤسساتها السياسية و االقتصادية ‪ ،‬كما شكلت رغبتها في االستعانة بقروض‬
‫و منح صندوق النقد و البنك الدوليين و دول أوروبا الغربية و الواليات المتحدة األمريكية عامال أساسيا‬
‫لإلصالح الديمقراطي‪ ،‬حيث تشترط تلك المؤسسات و الدول أن تتضمن عملية التحول إصالحا و تحوال‬
‫ديمقراطيا باتجاه مزيد من الحريات‪ ،‬كالتداول على السلطة ‪ ،‬االنتخابات النزيهة ‪ ،‬المشاركة السياسية و دعم‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬و قد نجحت تلك الشروط في دعم عملية اإلصالح الديمقراطي في العديد من الدول العربية‬
‫كما سعت العديد من النظم السياسية العربية إلى إدخال إصالحات على بنيتها السياسية ‪ ،‬االقتصادية و‬
‫االجتماعية و الثقافية مثل تحسين سجل الدولة في مجال حقوق اإلنسان و إشراك المواطنين في تنظيمات‬
‫المجتمع المدني و غيرها بدافع المشاركة في المنظومة العالمية من جهة ‪ ،‬و تحقيق أهداف سياسية ‪،‬‬
‫االقتصادية من شأنها ترشيد أداء تلك النظم من جهة ثانية خاصة في ظل تنامي الحراك االجتماعي في‬
‫العديد من النظم العربية ‪.‬‬
‫في إطار هذا السياق أقدمت بعض النظم السياسية الملكية على إحداث إصالحات على األقل دستورية‬
‫و قانونية و سمحت بإنشاء األحزاب السياسية ‪ ،‬كما شهد النظام الدولي في القرن العشرين تحوالت جذرية‬
‫ألقت بضاللها على مجمل األوضاع ‪ ،‬ولم يكن الوضع في المنطقة العربية ببعيد عن تلك التأثيرات التي‬
‫قامت بدور المسرع لعملية اإلصالح الديمقراطي‪ ،‬خاصة وأنها تزامنت مع تصاعد الحراك السياسي‬
‫واالجتماعي في العديد من األنظمة‪ ،‬وكشفت عنه األحداث واالنتفاضات الشعبية في العديد من الدول العربية‬
‫بما يسمى بالربيع العربي مثل‪:‬األردن ‪ ،‬مصر‪ ،‬تونس والمغرب‪ .‬واختلفت النظم السياسية العربية في‬
‫الخطوات التي اتخذتها باتجاه اإلصالح الديمقراطي‪ ،‬حيث هناك نظما قطعت أشواطا في التعددية السياسية‬
‫بإجرائها إصالحات دستورية وقانونية وتنظيمها النتخابات تعددية مثل الحالة الجزائرية التي تسارعت فيها‬
‫العملية الديمقراطية لكنها تعثرت بعد إجهاض المسار الديمقراطي‪ ،‬وهناك نظما سياسية تأخر فيها المسار‬
‫الديمقراطي إلى ما بعد أحداث ‪ 2001/09/11‬وشكلت مطالب اإلصالح السياسي والديمقراطي األمريكية‬
‫واألوروبية ضغطا عليها‪ ،‬إال أن استجابتها لتلك الدعوات بقيت بطيئة وخاصة في أغلب دول مجلس التعاون‬

‫أ‬
‫مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫الخليجي ‪،‬كما فرض اإلحتالل األمريكي على العراق ديمقراطية خارجية كشفت عنها بنية األحزاب المذهبية‬
‫والعرقية المتناثرة في العراق‪.‬‬
‫في سياق هذه التحوالت التي عرفتها البيئة الدولية تم تسويق واسع للنموذج الديمقراطي الغربي كأداة‬
‫لإلندماج في إطار نسق النظام الدولي‪، ،‬والمالحظ أن عملية اإلصالح الديمقراطي في المنطقة العربية عرفت‬
‫مؤشرات للنجاح ومظاهر للتعثر في نفس الوقت‪ ،‬حسب المحددات الداخلية واإلقليمية والدولية‪.‬‬
‫تستطلع هذه الدراسة واقع عملية اإلصالح الديمقراطي في النظم السياسية الملكية ‪ ،‬وأسباب تعثرها‬
‫وبقائها أسيرة إما لمبادرات وحركات احتجاجية ومطالب شعبية تعبي ار عن سخطها ورفضها لألوضاع المتردية‬
‫التي يعانيها الشعب من حرمان ألبسط حقوقه السياسية في ظل هذه النظم‪ ،‬واما لمبادرات محتشمة متثاقلة‬
‫وبطيئة من النخبة الحاكمة من أجل التنفيس السياسي أو تضييق مساحتها حتى تتجنب مخاطر المعارضة‬
‫السياسية والحركات السياسية اإلسالمية وتراقب قوتها وحدودها‪ ،‬واما أن تكون عملية مفروضة من لخارج‬
‫وفقا لضغوطات البيئة الخارجية من مؤسسات مانحة أو قوى دولية كبرى‪ .‬من هنا يتطلب ترسيخ اإلصالح‬
‫الديمقراطي توفر مجموعة من القواعد والضمانات للمحافظة عليه‬
‫يرتبط نجاح عملية اإلصالح الديمقراطي في األنظمة السياسية الملكية بتخلي النخب الحاكمة عن‬
‫االستبداد واحتكار السلطة‪.‬كما يرتبط بمدى االستعداد إلصالح مؤسسات النظام السياسي وأجهزته بمراجعة‬
‫جذرية لطريقة عمل هذه المؤسسات‪ .‬ضمن هذا اإلطار يمكن إدراج دراسة الحالة المتعلقة بتجربة اإلصالح‬
‫الديمقراطي للنظام السياسي الملكي للمملكة المغربية‪ ،‬حيث شهدت إصالحات وتحوالت ساهمت فيها‬
‫ضغوطات البيئتين الداخلية والخارجية وتجسدت في اإلصالحات السياسية للدستور‪،‬حيث فتحت باب الحريات‬
‫وحقوق اإلنسان ودعم الالمركزية ‪ ،‬وتنظيم لالنتخابات ‪.....‬إال أن هذه التجربة والعملية عرفت تعث ار ومراحل‬
‫وصعوبات نتج عنها العديد من االنعكاسات السلبية منها واإليجابية‪.‬‬
‫أوال‪:‬إشــكالــيــــــــة الـــدراســـــــــــة‪:‬‬
‫تتمحور هذه الدراسة حول طبيعة وحدود عملية اإلصالح الديمقراطي في األنظمة السياسية الملكية‪ ،‬خاصة‬
‫في ظل التجربة المغربية في اإلصالح انطالقا من اإلشكالية التي كان مفادها كالتالي‪:‬‬
‫هل تتوافق طبيعة اإلصالحات الديمقراطية مع طبيعة األنظمة السياسية الملكية ؟‬
‫هذه اإلشكالية التي يتفرع عنها جملة األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬ما هو الضبط المفاهيمي لمصطلح اإلصالح الديمقراطي واألنظمة الملكية؟‬
‫‪ /2‬ما هي الجوانب التي يشملها اإلصالح في األنظمة السياسية الملكية؟‬
‫‪ /3‬كيف كان مسار عملية اإلصالح الديمقراطي في المغرب؟‬

‫ب‬
‫مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫ثــــانيــا‪ :‬الفـــــرضــيــــات‪:‬‬
‫ولإلجابة على اإلشكالية والتساؤالت المطروحة يمكن وضع الفرضيات التالية‪:‬‬
‫ال ــفرضي ــة ال ـرئيسي ـ ـ ـ ــة‪:‬‬
‫كلما كانت هناك مرونة أكبر في المؤسسات السياسية لألنظمة الملكية كان هناك نجاح أكبر‬
‫لإلصالحات الديمقراطية فيها‪.‬‬
‫الف ــرضي ـ ـ ــات الفـ ـ ـ ــرع ـيـ ـ ـ ــة‪:‬‬
‫‪ /1‬كلما كانت هناك أنظمة سياسية ال تسمح بالتداول على السلطة‪ ،‬كان اإلصالح الديمقراطي‬
‫ضرورة وبديل حتمي ‪.‬‬
‫‪/2‬عملية اإلصالح الديمقراطي في األنظمة السياسية الملكية ترتكز أساسا على اإلصالح الدستوري‬
‫‪3‬عرف النظام السياسي المغربي استق ار ار نوعيا بسبب تطبيق سياسيات إصالحية متتالية في مؤسساته‬
‫ثــــالثـــــا‪ :‬أهــــميــــة الـدراســـــــــــــــة‪:‬‬
‫يمكن إبراز أهمية الدراسة في النقاط التالية‪:‬‬
‫* يتناول موضوع الدراسة واحدا من أهم التغيرات والتحوالت التي شهدتها النظم السياسية العربية‬
‫الملكية خالل العقد األخير من القرن الواحد والعشرون‪ ،‬وهي تغيرات وتحوالت مهمة شملت األطر‬
‫الفكرية واإليديولوجية والمؤسسية والدستورية‪ ،‬لذا فإن تناول موضوع اإلصالح الديمقراطي بالدراسة‬
‫والتحليل سوف يسهم في اإلجابة على األسئلة المطروحة حول آليات اإلصالح الديمقراطي والقوى الفاعلة‬
‫فيه ومستقبله‪.‬‬
‫* شمل موضوع الدراسة تأصيال نظريا لبعض المفاهيم المرتبطة بعملية اإلصالح الديمقراطي‪ ،‬وبحثا‬
‫في االتجاهات النظرية للظاهرة والتعمق في تحليل عملية اإلصالح الديمقراطي تحديد في النظم السياسية‬
‫الملكية من جهة‪ ،‬ودراسة حالة النظام السياسي الملكي للمملكة المغربية من جهة أخرى‪.‬‬
‫* تستقي الدراسة جانبا من أهميتها من ارتباطها الجزئي بطبيعة ممارسة السلطة وقضية الحقوق‬
‫والحريات السياسية والمشاركة السياسية ألفراد الشعب في ظل األنظمة الملكية أين ينفرد الملك بالحكم‬
‫والسلطة مما يبرر رغبة الشعوب الملحة ومحاوالته في هذه األنظمة في التوجه نحو إرساء وتبني الخيار‬
‫الديمقراطي إما من خالل التحول‪ ،‬أو اإلصالح أو التغيير الجذري في هذه النظم‪.‬‬
‫رابـــعــــــا‪:‬الهـــدف مــن الــمــــوضــــــــوع‪:‬‬
‫ترمي هذه الدراسة إلى تحديد ودراسة بعض اإلشكاليات والمعوقات المستقبلية التي يمكن أن تتعرض لها‬
‫تجارب النظم السياسية العربية في اإلصالح الديمقراطي والتي هي إشكاالت مطروحة بحدة في المنطقة‬
‫العربية "إشكاليات إحتكار السلطة‪ ،‬والفصل بين السلطات‪ ،‬المشاركة السياسية ‪"....‬‬

‫ج‬
‫مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫خـــامســـــا‪:‬أسـبـــاب اخــتيــــــــــار المــوضــــــــــوع‪:‬‬


‫تندرج أسباب اختيار موضوع الدراسة – اإلصالح الديمقراطي في األنظمة السياسية الملكية‪ ،‬وبالتحديد‬
‫في النظام السياسي للمملكة المغربية‪ -‬في الرغبة في محاولة توظيف المعارف النظرية المكتسبة في‬
‫رصد وتحليل طبيعة النظم السياسية العربية الملكية ومدى إستجابتها لموجة اإلصالحات الديمقراطية‬
‫والسياسية ‪ ،‬خاصة أن الحديث عن هذه الظاهرة –اإلصالح الديمقراطي – في اآلونة األخيرة عقب‬
‫أحداث‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬أصبح يفرض نفسه استجابة لضغوطات العولمة وضرورة انتقال تلك النظم‬
‫نحو النموذج الديمقراطي الغربي كأداة لالندماج في النسق الدولي‪.‬‬
‫ســـادســـــــــا‪:‬اـلدراســــــــــات الســـابقـــــــــة‪:‬‬
‫الهدف من التعرض للدراسات السابقة هو محاولة بيان مضامين إهتمامها أو تبيان خطها التحليلي‬
‫وأطرها المنهجية ومجمل النتائج الكلية التي خرجت بها‪ ،‬ومدى ما تضيفه الدراسة موضوع البحث من‬
‫إسهام علمي‪ ،‬واسهامات الكتاب والباحثين الذين تصدوا وبحثوا في الموضوع وفي دراسة النظم السياسية‬
‫العربية‪ ،‬وحتى النظام الملكي للمملكة المغربية ومنها‪:‬‬
‫أ‪/‬الـــــدراســــــــــات الــــنظـــــريـــــــــة‪:‬‬
‫وهي تلك الدراسات التي عالجت ظاهرة الديمقراطية واإلصالح الديمقراطي والسياسي سواء ببان المفهوم‬
‫أو أسباب الظاهرة ‪،‬وأنماطها ومؤشراتها‪ ،‬أو من حيث تحديد خصائص النظم السياسية العربية وتصنيفها‪،‬‬
‫ومن أهم هذه الدراسات كتابات جابريال ألموند ‪ ،‬صامويل هنتنغتون التي تم اإلستعانة بهما في هذه‬
‫المذكرة بتوظيف وتبيان مختلف العوامل والدوافع التي تؤدي وتفرض عملية اإلصالح الديمقراطي‪ .‬إضافة‬
‫إلى كتابات محمد محمود السيد‪ ، ،‬السيد عبد الحليم الزيات‪ ،‬سليم محمد السيد وعابدين محمد صدقي‪.‬‬
‫ب‪ /‬الـــدراســـــات المــهتــــمــــة بالديـــمقــــــراطيــــة وما يتـــعلــق بهــا في النظم السياسيــة العـــــربيـــــة‪:‬‬
‫تعرضت العديد من الكتابات العربية لدراسة مسألة الديمقراطية في الوطن العربي أو اتجاهات دراسة‬
‫النظم السياسية العربية ومداخل اإلصالح الديمقراطي في المنطقة العربية ومنها‪ :‬كتاب مصطفى كامل‬
‫السيد و صالح سالم زرنوقة المعنون ب‪ :‬اإلصالح السياسي في الوطن العربي الذي عالج فيه مسألة‬
‫اإلصالح السياسي في الوطن العربي‪،‬وقد تم اإلستعانة بهذه الدراسة من خالل إبراز وفهم وتوظيف‬
‫أهداف واآلليات التي تتطلبها العملية اإلصالحية في الدول العربية‪،‬والتي تم إسقاطها على دراسة الحالة‬
‫المتعلقة بموضوع هذه المذكرة‪ .‬كذلك دراسة علي خليفة الكواري التي تم اإلستعانة بها بتبيان مداخل‬
‫وأساليب عملية االنتقال إلى الديمقراطية في البلدان العربية ‪ ،‬إضافة إلى علي الدين هالل‪ ،‬نيفين مسعد‪،‬‬
‫برهان غليون وأخرون ‪ ،‬غسان سالمة وآخرون‪ ،‬عزمي بشارة ‪.‬باإلضافة إلى المقاالت الصادرة في‬
‫المجالت كمجلة المستقبل العربي‪ ،‬مجلة الديمقراطية وغيرها‪..‬‬

‫د‬
‫مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫ج‪/‬دراســــــــــة حـــالـــــة نــظـــام سيــــاســــــــي‪ :‬وهي تلك الدراسات التي تتناول نظام سياسي لدولة عربية‬
‫ومؤسساته كحالة للدراسة ومنها على سبيل المثال دراسة أحمد ثابت( الديمقراطية المصرية على مشارف‬
‫القرن القادم) التي تم االستفادة منها في هذه المذكرة من خالل اقتباس وفهم واقع وصوبات ومتطلبات‬
‫المسألة الديمقراطية في الوطن العربي واسقاطها على الدراسة الخاصة‪.‬أيضا هناك دراسة ومذكرة‬
‫مصطفى بلعور التي عالجت مسألة التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية (دراسة حالة النظام‬
‫السياسي الجزائري ) والتي تم االستعانة بها فهم متطلبات تكريس الديمقراطية في الدول العربية‪ ،‬واسقاطها‬
‫على المملكة المغربية‪ .‬إضافة إلى دراسات أخرى التى خدمت الموضوع بصور مختلفة واتي من بينها‬
‫كتاب سعيد بوشعير‪ ،‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪،‬و دساتير الدول العربية من مركز بيروت لألبحاث‬
‫والمعلومات ‪....‬‬
‫ســـابعــــا‪ :‬مــنهـــج الدراســـة و الــمقــتربــــات المـنهجــــيــة واألدوات المـسـاعـــــــدة‪:‬‬
‫يعد اختيار المنهج المالئم لدراسة الظاهرة المراد تحليلها أم ار بالغ األهمية حتى يكشف المنهج الظاهرة‬
‫بأبعادها الواقعية وخصائصها ويتابع تطوراتها‪ ،‬وأم المناهج والمقتربات المستعملة في هذه الدراسة هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الــمنـــــــاهـــــــــج ‪:‬‬
‫المنهج هو كل دراسة أو نشاط أو خبرة يكتسبها أو يقوم بها التلميذ تحت إشراف المدرسة وتوجيهها سواء‬
‫أكان في داخل الفصل أو خارجه‪ ،‬وبالنسبة لهذه الدراسة فقد تم إستخدام ‪:‬‬
‫* منهج دراسة حالة‪:‬الذي يقوم على دراسة وضعية معينة بتعمق واستيفاء المعلومات عن كل جوانبها‬
‫التي هي محل دراسة ‪،‬واستخالص النتائج بشأنها‪ ،‬وينطبق هذا في موضوع الدراسة على حالة النظام‬
‫السياسي الملكي للملكة المغربية من خالل تحديد طبيعة ودوافع اإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية‬
‫واشكالياته ومستقبله‪.‬‬
‫كذلك سيتم االعتماد على هذا المنهج من خالل عرض اإلصالحات السياسية في المغرب قبل‬
‫الحراك السياسي في الدول العربية و بعده‪ ،‬و التركيز بشكل اخص على اإلصالحات السياسية ما بعد‬
‫أحداث ما اصطلح عليه الربيع العربي‪.‬‬
‫ب‪ /‬الــمقــتــربــــــات‪:‬‬
‫يمكن االستعانة في دراسة هذا الموضوع بــ‪:‬‬
‫* الــمقـ ـتــرب القـ ـ ــانـ ـ ـ ــون ـ ــي‪ :‬من خالل دراسة صالحيات السلطات الرسمية و العالقة القانونية بينهما و‬
‫مدى تطابق أنشطتها مع القواعد القانونية‪ ،‬و مدى تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في ظل اإلصالح‬
‫الدستوري ‪.2011‬‬

‫ه‬
‫مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫* اقتراب تحــلي ـ ــل الن ـ ـظ ـ ــم‪ :‬الذي يعد األكثر مالئمة لدراسة وتحليل النظم السياسية‪ ،‬وذلك لما يتيحه من‬
‫إدخال مفاهيم جديدة للتحليل السياسي‪ ،‬مدخالت ومخرجات النظام من جهة‪ ،‬وابراز الطابع الحركي للنظام‬
‫السياسي من خالل التأكيد على تفاعل بين النظام وبيئته الداخلية والخارجية وفيما بين أجزاء ومؤسسات‬
‫النظام من جهة ثانية‪ .‬وفيما يتعلق بتطبيق هذا المقترب على موضوع الدراسة فيتمثل في تحليل تفاعالت‬
‫النظم السياسية الملكية ومدى قدرة النخب الحاكمة على التكيف مع مدخالت البيئتين الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫* تــقن ـ ـيـ ـ ــة الـمق ـ ــارنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ :‬وذلك من خالل دراسة وتحليل الدوافع الداخلية والخارجية لإلصالح الديمقراطي‬
‫ومقارنتها باألوضاع السياسية واالجتماعية واالقتصادية في المملكة المغربية‪.‬‬
‫ثـــامـنـــا‪ :‬الـتــنـــظـــيـــم الــهـــيكلـــــي أو محـــتـويـــــــات الـــدراســــــــــــــــة‪:‬‬
‫للوصول إلى نتائج موضوعية وبناء دراسة أكاديمية‪ ،‬تم تقسيم البحث إلى ثالث فصول‬
‫الــــفـــصـــل األول يمثل اإلطار النظري للدراسة حيث يعرض الضبط المفــاهي ـمــي لـمفهـ ــومي اإلصالح‬
‫الديمقراطي والمفاهيم المشابهة له والعوامل المسببة لإلصالح الديمقراطي ‪،‬كما تؤصل الدراسة لمفهوم النظام‬
‫السياسي و األنظمة السي ــاسيــة المــلكيـ ـ ــة ‪.‬‬
‫أما الفــصـــل الثــــانــــي فهو عبارة عن دراسة توضيحية تبرز مختلف الجوانــب التــي يشــملــها اإلصــالح‬
‫في األن ـظــمة الس ـي ـ ــاسيــة ذات الطبـ ـي ـع ــة المـ ـلــكيــة وذلك بعرض مجمل اإلصالحات التي مست أهم ومختلف‬
‫المؤسسات واألجهزة الرسمية في األنظمة السياسية الملكية بدءا اإلصالحات في المؤسسة التنفيذية‪ ،‬من ثم‬
‫التشريعية ‪،‬وأخي ار اإلصالحات الدستورية منها‪.‬وتبيان أثر وانعكاس هذه اإلصالحات على سير النظام‬
‫الملكي‪.‬‬
‫أما الـفــصـــــل الثــــالـــــث فخصص لدراسة تجربة اإلصالح الديمقراطي في النظام السياسي المغربي‬
‫حيث يركز على دراسة مرتكزات وعوامل اإلصالح الديمقراطي السياسية واالجتماعية واالقتصادية في المملكة‬
‫المغربية‪ ،‬وتبيان أهم الجوانب التي اشتملتها العملية‪ .‬ليتم بعد ذلك إيضاح مسار هذه العملية اإلصالحية من‬
‫خالل دراسة طريق واستراتيجية العملية اإلصالحية في المملكة المغربية قبل أحداث ‪ 2011‬وبعدها‪.‬من ثم‬
‫عرض لمختلف النتائج واالنعكاسات والمعوقات التي اعترت وترتبت عن التجربة والحركة اإلصالحية‬
‫بالمملكة المغربية‪.‬‬
‫تــــــاسعــــــــا‪ :‬صـعــــوبــات الـــدراســــــــــــة‪ :‬لعل أهمها‪:‬‬
‫‪ /1‬قلة المراجع في الجانب المتعلق بدراسة الحالة‪ -‬اإلصالح الديمقراطي في النظام السياسي المغربي –‬
‫كون أن الموضوع حديث‪ ،‬لكن ذلك ال ينفي توفر معلومات تغطي الموضوع في االنترنيت ومحركات البحث‪.‬‬
‫‪ /2‬إضافة إلى تعرضي لبعض الظروف الشخصية الصعبة والقاسية والتي ربما انعكست وأثرت على التزامي‬
‫واهتمامي الموضوع وتغطيته بالمادة العلمية التي يستحقها فعال‪.‬‬

‫و‬
‫الفصـل األول‬
‫الـــضبــط الــمفـــاهــــيمــي لمــفهــــــومــــي‪:‬‬
‫اإلصــالح الديـمــــقـــراطـــي‪-‬األنـــظــمــــــــة السيــاسيـــــة‬
‫الـــــمــلـكـيـــــــــــــــة‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫إن أصل فكرة اإلصالح قديمة قدم اإلنسانية‪ ،‬إذ أننا نجد في كتابات قدماء المفكرين اليونان من أمثال‬
‫أفالطون وأرسطو الكثير من األفكار اإلصالحية مثل العدالة‪ ،‬القوانين‪ ،‬تنظيم المجتمع والدولة واالستقرار‬
‫السياسي‪ ،‬التوزيع العادل للثروة ‪..........‬إذ يمكن القول أن فكرة اإلصالح كانت وال تزال الهدف األسمى‬
‫للعديد من الفالسفة والقادة والحركات السياسية واالجتماعية في مختلف أرجاء العالم ‪ .‬فضال عن كونها‬
‫موضوعا رئيسيا في النظريات السياسية للفالسفة و المفكرين في القرن العشرين‪،‬حيث أن ميكيافلي تحدث في‬
‫الوقت صعوبة وخطورة خل وضع جديد ‪.‬إال أن حركة‬ ‫كتابه «األمير» عن أهمية اإلصالح ‪ ،‬وفي نف‬
‫اإلصالح تتعثر‪ ،‬لكن ال تتوقف‪.‬‬

‫أما في الوطن العربي ‪ ،‬فإن فكرة اإلصالح بدأت مع الدولة العثمانية في المجال العسكري بعد الهزيمة‬
‫التي تعرضت لها أمام روسيا القيصرية ‪ ،1774‬ثم امتدت الحقا إلى المجاالت السياسية واإلدارية‬
‫واالجتماعية ‪ ،‬واستمرت حركات اإلصالح آنذاك حتى نهاية الدولة العثمانية ‪ ،‬ولكنها كانت بطيئة ومتأخرة‬
‫الوقت والسياق كانت قد بدأت األفكار اإلصالحية في الجزء العربي من الدولة العثمانية وفي‬ ‫وجزئية‪.‬في نف‬
‫العديد من األقطار العربية‪ ،‬وعلى يد العديد من المفكرين العرب أمثال ‪ :‬رفاعة الطهطاوي ‪ ،‬محمد عبده في‬
‫مصر‪ ،‬عبد الرحمن الكواكبي في سوريا ‪ ،‬وخير الدين التونسي في تون ‪.‬‬

‫وبوقوع معظم الدول العربية تحت سيطرة االستعمار األوربي ‪ ،‬كانت الجهود منصبة نحو تحقي‬
‫االستقالل ن حتى نهاية القرن الماضي خضعت جميع الدول العربية ألنظمة تعاني سلسلة من األزمات‬
‫ويعتريها الكثير من المشاكل ‪ ،‬واغلبها كانت أنظمة تسلطية ‪ ،‬ملكية استبدادية‪ .‬ولم يسجل ألي نظام عربي‬
‫أي مبادرة في اإلصالح ‪ ،‬حيث ركزت النخب الحاكمة على االستمرار في الحكم ‪.‬‬

‫وأخي ار جاءت أحداث ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬لتكشف عن عم األزمة التي يعاني منها الوطن العربي‬
‫وخاصة األنظمة التسلطية والملكية ‪ ،‬والتي تتمثل في غياب العدالة والحرية ‪.........‬لذلك اخذ الغرب وعلى‬
‫رأسهم الواليات المتحدة األمريكية في ممارسة الضغوط على األنظمة السياسية العربية للتوجه نحو اإلصالح‬
‫‪ ،‬وقد استجابت بعض الدول على إجراء إصالحات جزئية على استحياء الحتواء الضغوط الخارجية ‪ ،‬مما‬
‫جعل العالم العربي بحاجة ماسة إلجراء إصالحات جذرية ‪ ،‬وخل واقع جديد يلي بأبناء األمة ‪ ،‬وهذا ما‬
‫أكدت عليه مجمل الثورات المعروفة باسم ‪ :‬ثورات الربيع العربي ‪ ،‬والتي عكست رغبة الشعب في التغيير‬

‫‪-9-‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫واإلصالح في أنظمتها الحاكمة لما هو أفضل‪ ،‬خاصة في ظل األنظمة االستبدادية والتسلطية والملكية التي‬
‫ال تتيح وال تسمح بالديمقراطية والحريات ‪.‬‬

‫لذلك ولتغطية األفكار السابقة الذكر‪ ،‬سيتعرض هذا الفصل في محتوياته إلى المباحث التالية‪:‬‬

‫المبحث االول‪ :‬ماهية اإلصالح الديمقراطي‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬العوامل المسببة لإلصالح الديمقراطي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬ماهية النظام السياسي الملكي ومؤسساته‪.‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الـــمبحــــث األول‪ :‬مـــــاهــــيــــــة اإلصـــــالح الديـــمــــقــــراطــــــــــي‪.‬‬

‫من التغييرات واألحداث واإلصالحات التي لم تكن تم‬ ‫شهد العام في السنوات األخيرة جملة‬
‫السياسي‬ ‫وتختص بالمؤسسات الرسمية واألجهزة اإلدارية فحسب‪ ،‬بل امتدت لتشمل حتى المحتوى والش‬
‫واالجتماعي واالقتصادي للدول بمختلف أنواع نظمها السياسية ‪ ،‬وذلك عبر ما غرف باإلصالح الديمقراطي‬
‫الرامي لتعزيز آليات االنتقال للسلطة والتداول عليها ‪ ،‬مما وحد الجهود وجعل الكل يتطلع إلى اإلصالح‬
‫ونشر الديمقراطية لخدمة الدول العربية وتحقي أهدافها ‪.‬‬

‫لذلك وانطالقا لالنتشار الواسع النطاق الذي عرفه هذا المصطلح وشيوعه‪ ،‬تم التعرض والتركيز في‬
‫هذا المبحث على دراسة وعرض ماهية اإلصالح الديمقراطي‪ ،‬وتحديد المفاهيم المشابهة ‪.‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫المــــطلــــب األول‪ :‬مفــهـــوم اإلصــــــــــــالح الديــمــقـــراطـــــــــي‪.‬‬

‫اإلصـــــالح لغــــــة ‪ :‬مشت من الفعل أصلح ‪ ،‬يصلح ‪ ،‬إصالحا وهو يعني التقويم والتغيير نحو األحسن ‪،‬‬
‫بمعنى إزالة ما لح بالشيء من فساد‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وهو يعني أيضا االنتقال من وضع إلى وضع أفضل بمحو وازالة العيوب‪.‬‬

‫‪ -‬في المعجم اللغوي‪ :‬مشت من أصلح وصلحة‪ ،‬ويدل على تغيير الفساد أو إزالة الفساد عن الشيء‪ ،‬ويقال‬
‫هذا الشيء يصلح لك أي يوافقك‪ .‬وذكر في القرآن الكريم أكثر من ‪ 170‬مرة‬

‫‪ -‬في اللغة اإلنجلزية‪ Reform :‬يشير إلى العمل الذي يحسن الضرر في الشيء الذي يحدث عليه‪،‬‬
‫ويجعله أحسن‪.‬‬

‫‪ -‬في اللغة الفرنسية ‪ Réforme :‬تعني إعادة إعطاء صورة أخرى للشيء‪.‬‬

‫اإلصالح في اللغة العربية عادة ما يرتبط بالفساد‪ ،‬إما في اللغات األجنبية فخو مرتبط بالتحسين ‪ ،‬واعطاء‬
‫جديدة للشيء ومحسنة‪.‬‬

‫اإلصـــــــالح الدـيمـــقـــــــراطي اصطــــــــالحا ‪:‬‬

‫يمكن تعريف إلصالح الديمقراطي حسب ما يلي ‪ :‬اإلصالح الديمقراطي هو التعديل أو التطوير غير‬
‫بها‪ ،‬واإلصالح هو خالف للثورة فهي أشبه‬ ‫الجذري في شكل الحكم ‪،‬أو العالقات االجتماعية دون المسا‬
‫أن تكون الخطوة اإلستباقية التي تباشرها النظم التسلطية تجنبا لحدوث الثورة التي يفرز عنها تغييرات جذرية‬
‫في بنية النظام الحاكم‪.‬‬

‫‪ -‬تعريف صامويل هنتغتون‪ :‬اإلصالح يشير إلى القيم واألنماط في السلوك التقليدي‪ ،‬ونشر وسائل اإلتصال‬
‫والتعليم وتوسيع نطاق الوالء بحيث يتعدى العائلة ‪ ،‬القرية ‪ ،‬والقبيلة ليصل إلى األمة وعلمنة الحياة وعقالنية‬
‫البني في السلطة ‪ ،‬وتعزيز التنظيمات المتخصصة وظيفيا‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد محمود السيد‪ ،‬مفهوم اإلصالح السياسي‪ ( .‬مجلة الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‪)2011، 3555:‬‬
‫‪- 12 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫فاإلصالح هنا يشير ويتمحور القيم االجتماعية ككل‪ ،‬التي تعمل بشكل واسع وموحد لترشيد السلطة‬
‫وتفعيل المؤسسات وظيفيا‪.‬‬

‫إكسفورد‪:‬‬ ‫‪ -‬تعريف اإلصالح حسب قامو‬

‫هو تغيير او تبديل نحو األفضل في حالة الشيء(األشياء) ذات النقائص‪ ،‬وخاصة في المؤسسات‬
‫والممارسات السياسية الفاسدة أو الجائرة وازالة التعسف والخطأ‪.‬‬

‫وهنا اإلصالح يوازي فكرة التقدم‪ ،‬وينطوي جوهريا على فكرة التغيير نحو األفضل ‪ ،‬وخاصة التغيير‬
‫األكثر مالئمة من أجل تحقي األهداف الموضوعة من قيل أصحاب القرار في مجال معين‪.‬‬

‫وبستر‪:‬‬ ‫‪ -‬اإلصالح حسب قامو‬

‫اإلصالح السياسي هو تحسين النظام السياسي من أجل إزالة الفساد واالستبداد ‪ ،‬ويعتبر اإلصالح‬
‫السياسي ركنا أساسيا مرسخا للحكم الصالح‪ ،‬ومن مظاهر سيادة القانون والشفافية والمشاركة الشعبية في‬
‫إتخاذ القرار‪ ،‬والعدل وفاعلية اإلنجاز وكفاءة اإلدارة والمحاسبة والمساءلة والرؤية اإلستراتيجية‪،‬وهو تجديد‬
‫للحياة السياسية وتصحيح لمساراتها بما يضمن توافقا عاما للدستور وسيادة القانون وفصال للسلطات وتحديد‬
‫( ‪)1‬‬
‫العالقات التي بينها ‪. .‬‬

‫‪ -‬اإلصالح الديمقراطي حسب الموسوعة السياسية‪:‬‬

‫اإلصالح الديمقراطي هو تعديل أو تطوير غير جذري في شكل الحكم والعالقات اإلجتماعية دون‬
‫إال تحسينا في النظام السياسي واإلجتماعي القائم دون المسا‬ ‫بأسسها‪ ،‬وهو بخالف الثورة لي‬ ‫المسا‬
‫بأسسه‪ .‬فاإلصالح الديمقراطي هو أشبه ما يكون بإقامة الدعائم التي تساند البناء كي ال ينهار‪ ،‬وعادة ما‬
‫( ‪)2‬‬
‫يستعمل لمنع الثورة ‪.‬‬

‫أو‬ ‫فاإلصالح الديمقراطي حسب هذا التعريف هو عملية جزئية تحسينية للنظام القائم دون المسا‬
‫زعزعة أسسه‪ ،‬وهو يرمي إلى التحسين ال الثورة‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد محمود السيد‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪- 13 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ -‬أما عالء الدين هالل‪ :‬فيعرفه أنه تدبير يكون من شأنه دعم الشرعية السياسية وتطوير اإلطار المؤسساتي‬
‫ودعم االستق ارر السياسي في مجتمع ما‪ .‬أي انه العملية أو الخطوة التي يمكن من خاللها دعم وتعزيز‬
‫الشرعية للنظام السياسي ومؤسساته في المجتمع‪.‬‬

‫كما يقصد به التحول من مجتمعات استبدادية شمولية إلى مجتمعات ديمقراطية وليبرالية‪ ،‬وهو عملية‬
‫عبر سلسلة من اإلجراءات والمراحل ‪ ،‬وهو يخص الحاكمين والمحكومين‪،‬‬ ‫تغيير اجتماعي مخطط تتحق‬
‫(‪)1‬‬
‫ويرتبط بالقيم والمؤسسات‪.‬‬

‫واإلصالح الديمقراطي وفقا للرؤية المنهجية يقصد به اإلصالح بالديمقراطية‪ ،‬والمتسم باالستمرار‬
‫والشمول لكافة أبعاد الواقع المجتمعي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا‪ ،‬وبصورة تراكمية ومنظمة تؤدي إلى‬
‫التغيير الكلي مع الحفاظ على كل ما هو إيجابي‪.‬‬

‫فاإلصالح الديمقراطي هو القيام بعملية تغيير في اآللية المؤسسية السياسية ووظائفها وأساليب عملها‬
‫وأهدافها‪ ،‬بهدف زيادة فعالية وقدرة النظام السياسي على التعامل مع المتغيرات واإلشكاليات الجديدة والمتجددة‬
‫(‪) 2‬‬
‫باستمرار‪ ،‬واإلصالح هو تغيير من الداخل وبآليات نابعة من داخل النظام‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد محمود السيد‪ ،‬مرجع ساب ‪.‬‬


‫‪ -2‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬صالح سالم زرنوقة‪ ،‬اإلصالح السياسي في الوطن العربي‪( .‬القاهرة‪ :‬مركز دراسات وبحوث الدول‬
‫النامية‪ ،) 2006،‬ص‪. 535،‬‬
‫‪- 14 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫المــــطــلــــــب الثـــــانـــــــي ‪ :‬المفــــــــاهيـــــــم المـشـــــــــابهــــــة لإلصـــــــــالح الديـــمقـــــــــراطـــــي‪.‬‬

‫يتداخل مفهوم اإلصالح الديمقراطي ويتشابك مع العديد من المفاهيم األخرى ذات الصلة على غرار‪:‬‬

‫‪ /1‬الـمشــــــــــاركــــــــــة السـيـــــــاســـيـــــــــة ‪:‬‬

‫التي يعرفها جوزيف ناي وسيدني فيربا بأنها‪ :‬تلك النشاطات القانونية التي تهدف إلى التاثير في إختيار‬
‫الحكام واألعمال التي يؤدونها‪ ،‬وكذلك التاثيرات في الق اررات الحكومية والعالقة السوية بين المجتمع والدولة ‪،‬‬
‫وتنطوي على كثير من المشاركة السياسية للمواطنين وتنظيماتهم غير الحكومية في إتخاذ القرار‪ ،‬أي أن‬
‫المشاركة السياسية هي مؤشر تفاعلي للعالقة بين المجتمع والدولة‪ ،‬فبقدر ما تكون الدولة تعبي ار عن‬
‫(‪)1‬‬
‫مجتمعها‪ ،‬بقدر ما تنمو المشاركة السياسية السلمية والمنظمة ‪.‬‬

‫من هذا التعريف يتضح ان المشاركة السياسية السلمية والمنظمة في الدولة التي تجسد وتحترم‬
‫اختيارات شعبها ‪،‬وتتيح له المشاركة في عملية اتخاذ القرار والتأثير على اختيارات الحكام وأعمالهم ‪ ،‬هذه‬
‫وتجسد بطريقة غير مباشرة وتفرض عملية اإلصالح الديمقراطي بصورة غير مباشرة من‬ ‫المشاركة تعك‬
‫خالل المشاركة الفعالة والبناءة والمنتظمة ‪.‬‬

‫‪/2‬الـحــــــــداثـــــــــــــة و التــــحديــــــــــــــــث ‪:‬‬

‫تداخلت التعاريف بين اإلصالح والتحديث في نظر الكثير ممن كتبوا في هذا المجال‪ ،‬حيث كان‬
‫اإلصالح في نظر معظمهم هو أن تقوم بمثل ما فعلت الدول األخرى ‪ ،‬من خالل القيام باإلصالح‬
‫المطلوب‪ .‬ومن األمثلة التي اعتبرت أن اإلصالح والتحديث مترادفان ما تنشره عادة منظمة األمم المتحدة من‬
‫التحديث هو اللحاق بالدول التي حققت‬ ‫تقارير عن اإلصالحات المطلوبة في الدول األقل نموا‪ ،‬فأسا‬
‫التحديث قبل غيرها‪ ،‬فضاعفت كميات وأنواع السلع والخدمات المطروحة في األسواق‪ ،‬ورفعت هذا الفكر‬

‫‪ -1‬عبد الحليم السيد الزيات‪ ،‬التنمية السياسية "دراسة في االجتماع السياسي"‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة الجامعية ‪،‬‬
‫‪،)2002‬ص‪.95،‬‬
‫‪- 15 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫اإلصالحي وطبقت التكنولوجيا الحديثة في اإلنتاج واإلستهالك واالتصال ‪،‬وتحرير المرأة من مختلف القيود‬
‫(‪)1‬‬
‫السياسية واالجتماعية والفكرية ‪.‬‬

‫بنواحي التجديد في مجال البن والمؤسسات‬ ‫والتحديث السياسي يقصد به تلك العمليات التي تتعل‬
‫السياسية القائمة من ناحية‪ ،‬وفي محال الفكر والثقافة السياسية السائدة من ناحية أخرى‪،‬وهو تلك العمليات‬
‫التي تتعل بتمايز المؤسسات السياسية وصبغ الثقافة السياسية بالطابع العقالني‪ ،‬والتي من شأنها تدعيم قدرة‬
‫النظام السياسي للمجتمع‪.‬‬

‫من هنا نجد ان اإلصالح الديمقراطي والتحديث مترادفان ويتشاركان‪ ،‬من حيث أن اإلصالح‬
‫الديمقراطي يسعى لترشيد بناء السلطة واشاعة المساواة في الحقوق والواجبات في المجتمع‪ ،‬وهذه هي نفسها‬
‫مظاهر التحديث السياسية‪ ،‬إضافة إلى إحداث التمايز والتنوع بين البنى والوظائف السياسية‪ ،‬ودعم الق اررات‬
‫النظامية والسياسية للنظام السياسي‪.‬‬

‫‪ /3‬الـتــنــمــــــيـــــــــة الـــــســيـــاســـــــيــــــــة ‪:‬‬

‫قد ال يخفى أن أول محاوالت التعريف بالتنمية السياسية كانت من قبل رجال الدولة وصانعي‬
‫السياسية‪ ،‬ومن ثم قد كانت أقرب إلى التحليالت السياسية منها إلى التعريفات العلمية‪.‬‬

‫ونجد أن اإلصالح الديمقراطي والتنمية السياسية مفردان مرتبطان في كون أن التنمية السياسية‬
‫التعدو أن تكون عملية غائية تتوخى تحقي واحدة أو أكثر من الغايات النهائية للنظام السياسي كالديمقراطية‬
‫والمشاركة واالستقرار‪ ،‬والشرعية والمساواة والتكامل‪...‬وكل هذه الغايات يمكن تحقيقها بوسيلة أو بأخرى عن‬
‫(‪) 2‬‬
‫طري التنمية السياسية‪.‬‬

‫من هنا نجد أن التنمية السياسية هي األداة أو الوسيلة التي يستخدمها النظام السياسي لتحقي وبلوغ‬
‫اإلصالح الديمقراطي والسياسي‪.‬‬

‫‪ -1‬جالل أمين ‪،‬اإلصالح والتحديث مترادفان أم ضدان ‪(.‬في مجلة الهالل ‪،‬العدد ‪،03‬مار ‪ ،)2005‬ص ‪.77،‬‬
‫‪ -2‬السيد عبد الحليم الزيات‪ ،‬المرجع الساب ‪(،‬القاهرة‪ :‬مكتبة مدبولي‪ ،) 2004،‬ص ص‪.)87، 86(.‬‬
‫‪- 16 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ /4‬الـــتحــــــــول الديــــــــمـــقــــــــراطـــــــــــــــي‪:‬‬

‫يشير معنى التحول الديمقراطي إلى تغيير النظام السياسي من صيغة غير ديمقراطية إلى صيغة أكثر‬
‫ديمقراطية ‪ ،‬والتحول الديمقراطي عملية تدريجية تتحول إليها المجتمعات عن طري تعديل مؤسساتها‬
‫السياسية واتجاهاتها ‪ ،‬من خالل عمليات واجراءات شتى ترتبط بطبيعة األحزاب السياسية وبنية السلطة‬
‫(‪) 1‬‬
‫التشريعية ونمط الثقافة السياسية السائدة وشرعية السلطة السياسية‪.‬‬

‫وتعتبر عملية التحول الديمقراطي المرحلة األولى للتحول نحو النظام الديمقراطي‪ ،‬وهي فترة إنتقالية‬
‫نظام سياسي الح ‪ ،‬وفي سياق هذه‬ ‫تمتد بين مرحلة تفويض دعائم النظام السياسي الساب ‪ ،‬وتأسي‬
‫(‪) 2‬‬
‫التحوالت تتم عملية تحلل النظام السلطوي وظهور بديل له‪.‬‬

‫ويقصد بالتحول الديمقراطي تراجع نظم الحكم السلطوية بكافة أشكالها وألوانها‪ ،‬لتحل محلها نظم أخرى‬
‫في الحكم تعتمد على االختيار الشعبي الحقيقي‪ ،‬وعلى المؤسسات السياسية المتمتعة بالشرعية ‪ ،‬وغلى‬
‫اإلنتخابات النزيهة كوسيلة للتداول على السلطة أو الوصول إليها‪،‬وذلك كبديل عن حكم الفرد وانتهاك القوانين‬
‫(‪) 3‬‬
‫والدستور‪.‬‬

‫‪ -‬أما صامويل هنتغتون فيعرفه‪ :‬أنه عملية معقدة تتشارك فيها مجموعات سياسية متباينة‪ ،‬تتصارع من‬
‫أجل السلطة وتتباين من حيث إيمانها أو عداءها للديمقراطية ‪ ،‬وهو مسلسل تطوري يتم فيه المرور من نظام‬
‫(‪)4‬‬
‫سياسي مغل ال يسمح بالتداول غلى السلطة وبالمشاركة السياسية إلى نظام سياسي مفتوح ‪.‬‬

‫من خالل عرض ذلك يتضح أن التشابك والتقارب بين التحول الديمقراطي واإلصالح السياسي يكمن‬
‫في أن عملية التحول الديمقراطي تؤدي إلى الترتيب المؤسسي الذي يوسع المشاركة واحترام الحريات المدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬وبالتالي تحقي وضمان عملية اإلصالح الديمقراطي الح والفعال‪.‬‬

‫أحمد منصور‪،‬األحزاب السياسية والتحول الديمقراطي في اليمن ‪ (،‬القاهرة‪ :‬مكتبة مدبولي‪،)2004،‬ص ‪.28،‬‬ ‫‪ -1‬بلقي‬
‫أحمد منصور‪ ،‬المرحع الساب ‪،‬ص ‪. 29،‬‬ ‫‪ -2‬بلقي‬
‫‪ -3‬سليم محمد السيد وعابدين السيد صدقي‪ ،‬التحوالت الديمقراطية في آسيا ‪( ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات اآلسيوية بجامعة‬
‫القاهرة‪،)1999.‬ص ص‪.)1،2(.‬‬
‫‪.Huntington ,O P.cit. P 121. -4‬‬
‫‪- 17 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الـــمبـــحـــــث الثـــــانـــــي‪ :‬العـــــوامــــــــــل المسبــبـــــــــة لإلصـــــــــــالح الديـــمـــــقـــــــــــراطـــــــــــــي ‪.‬‬


‫يوجد العديد من العوامل والدوافع المسؤولة عن انتقال العديد من الدول من النظم التسلطية إلى النظم‬
‫الديمقراطية‪ ،‬حيث يرى كل من (غابريال ألموند) و(باول بينغهام) أن المبادرة من أجل التغيير السياسي يمكن‬
‫أن ينبع من ثالث مصادر‪ ،‬إما من النظام السياسي نفسه أي من النخبة الحاكمة ‪ ،‬أو من الجماعات‬
‫االجتماعية في البيئة الداخلية‪ ،‬او من النظم السياسية في البيئة الدولية‪،‬وعادة ما تتفاعل هذه العناصر مع‬
‫(‪) 1‬‬
‫بعضها البعض‪.‬‬

‫إذن فالعوامل التي تدفع باإلصالح الديمقراطي في الدول تتميز بالتنوع بين عوامل داخلية وأخرى‬
‫خارجية‪ .‬فلو أخذنا مثال النموذج الغربي كالنرويج أو الدنمارك لوجدنا أن مطلب اإلصالح الديمقراطي كان‬
‫العملية‪،‬والتي يمكن إعتبار أنها صارت وكانت مفروضة‬ ‫الدول العربية التي شهدت نف‬ ‫مطلبا داخليا ‪،‬عك‬
‫عليها من طرف عامل خارجي كالعراق مثال‪ ،‬الذي وجد نفسه مجب ار على تبني اإلصالح من خالل أنه فرض‬
‫عليه من قبل الواليات المتحدة األمريكية ‪.‬‬

‫إذن سنتناول ف ي هذا المبحث عوامل اإلصالح الديمقراطي من خالل مطلبين ‪ ،‬نخص المطلب األول‬
‫بمجمل العوامل الداخلية لعملية اإلصالح الديمقراطي‪ ،‬ونتناول في المطلب الثاني العوامل الخارجية لإلصالح‬
‫الديمقراطي‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى بلعور ‪ ،‬التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية "دراسة حالة النظام السياسي الجزائري(‪-1988‬‬
‫‪(،")2008‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪.‬جامعة الجزائر‪،) 2009-2008،‬ص ‪.31.‬‬
‫‪- 18 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫المـــطــلـــــــب األول‪ :‬العــوامــــــــل الداخــليـــــة لإلصــــــــــــالح الديمـــقــــــــــــراطـــــــــــي‪.‬‬

‫هناك العديد من العوامل الداخلية التي تساعد على اإلصالح‪ ،‬فأوال قد يحدث تغيير في إدراك القيادة‬
‫السياسية‪ ،‬وقد يحدث اإلصالح أيضا من خالل اإلحالل داخل النظم التسلطية‪ ،‬وأخي ار قد يحدث تواف بين‬
‫وقد يدخل المجتمع المدني كعامل تفسيري لعملية اإلصالح‬ ‫(‪)1‬‬
‫النخب السياسية على ضرورة اإلصالح ‪.‬‬
‫والدمقرطة عبر عالقته بالدولة وبالبنية الطبقية‪ .‬ومن بين عوامل اإلصالح الديمقراطي الداخلية‪:‬‬

‫‪/1‬التغيـــر فـــي إدراك القــــــــادة والنــــخـــــــب الســـيـــاســـــيــــــــة‪:‬‬

‫تلعب القيادة السياسية دو ار هاما وحيويا في إقامة الديمقراطية ‪،‬فالقيادة السياسية تبادر إلى إتخاذ قرار‬
‫اإلصالح الديمقراطي على إثر دوافع متنوعة‪ ،‬قد تكون نتيجة إدراكها بأفضلية القيام بالعملية اإلصالح ألن‬
‫تمسكها بالسلطة سيؤدي إلى تكاليف مرتفعة‪ ،‬أو نتيجة اهتزاز وتردي شرعية النظام القائم لعدم قدرته على‬
‫تلبية مطالب واحتياجات شعبه‪ ،‬ويمكن أن يرجع السبب إلى إعتقاد القادة أن اإلصالح الديمقراطي سوف ينجم‬
‫(‪)2‬‬
‫عنه اكتساب دولتهم العديد من المنافع‪ ،‬مثل زيادة الشرعية الدولية ‪.‬‬

‫إذن االنتقال من حكم ال ديمقراطي إلى حكم ديمقراطي يفترض إما أن يتولى الحكام أنفسهم القيام‬
‫بعملية االنتقال واإلصالح‪ ،‬وفي هذه الحالة سيكون عليهم أن يتنازلوا عن سلطاتهم عن طيب خاطر‬
‫القديمة للنظام القائم قد انتهت صالحيتها ولن تسمح لهم باالستمرار في السيطرة على‬ ‫القتناعهم أن األس‬
‫الحكم‪ ،‬وهذه الحالة نادرة الحدوث‪.‬ومن أهم مميزاتها انها تعزز وتحافظ على استقرار الديمقراطية‪ ،‬أما الحالة‬
‫الثانية فهي إجبار الحكام بوسيلة من الوسائل على التنازل‪.‬وهذا يتطلب وجود قوات ديمقراطية في المجتمع‬
‫(‪)3‬‬
‫قادرة على فرض الديمقراطية في الدولة والحفاظ عليها والحيلولة دون قيام أي نظام حكم ال ديمقراطي‪.‬‬

‫وإلنجاح عملية اإلصالح الديمقراطي أو التحول‪ ،‬البد على القيادة السياسية إدراك البدائل المتاحة‬
‫وتحديد المسارات والتوقيت واألسلوب المناسب لتغيير النظم السلطوية والبدء بعملية الدمقرطة والتغيير‬

‫‪ -1‬أحمد ثابت‪ ،‬الديمقراطية المصرية على مشارف القرن القادم ‪(،‬القاهرة‪ :‬مركز المحروسة للبحوث والتدريب و‬
‫النشر‪،)1999،‬ص ص‪.) 42-17(.‬‬
‫احمد منصور‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪. 36،‬‬ ‫‪ -2‬بلقي‬
‫‪ -3‬محمد عابد الجابري ‪ ،‬الديمقراطية وحقوق اإلنسان ‪( ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)1994،‬ص ‪.82،‬‬
‫‪- 19 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫تنامي قوة المعارضة السياسية والوضع‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬ذلك إلى جانب توافر عوامل أخرى تتمثل في تحقي‬
‫(‪)1‬‬
‫االقتصادي للدولة وتنامي دور الطبقة الوسطى ودور مؤسسات المجتمع المدني واألحزاب والنقابات‪.‬‬

‫إذن ينطل أصحاب هذا االتجاه من مالحظة أن النظم السلطوية وجدت نفسها إزاء معارضة قوية‬
‫ضغوط متعددة من أجل اإلصالح والدمقرطة‪ ،‬مما يجعلها تبادر إلى عملية تبوء تغيير النظام من‬ ‫تمار‬
‫الداخل قبل أن تضطر لعمل ذلك مجبرة‪ ،‬فهذه النظم والنخب أدركت أن مخاطر اإلحتفاظ بالسلطة ألطول‬
‫فترة أشد إيالما من نظام ديمقراطي حتى مع المساوئ المتولدة عنه‪ ،‬ويذكر أصحاب هذا اإلتجاه أن بقاء‬
‫النظام السلطوي مدة طويلة يضمن عدد من المخاطر على الحاكم كحدوث إنقالب ‪ ،‬من هنا فإن المبادرة إلى‬
‫إحداث اإلصالح من قبل الحاكم السلطوي تمكنه من تجنب هذه المخاطر‪ ،‬وبؤكد كل من دايموند‪ ،‬ولينز‬
‫ومارتن على الدور الحاسم للقيادة التي تتسم بالكفاءة واإللتزام بالديمقراطية في المبادرة إلى إدخال عملية‬
‫اإلصالح على النظام السلطوي‪ ،‬هذا إضافة إلى إدراك هذه القيادة بأن إستم ارريتها في الحكم يؤدي إلى‬
‫إضعاف األبنية التي يوكل إليها دور هام في عملية اإلنتقال إلى الديمقراطية‪ ،‬كما أن النظام السلطوي ذاته‬
‫(‪)2‬‬
‫يتعرض للتآكل‪.‬‬

‫‪ /2‬إنـــهيـــــار شـــرعــيــــــــــة الــنــظــــــــم الــــتســـــلــــطــيـــــــــة‪:‬‬

‫ثابتة تمنع الحاجة‬ ‫إن الشرعية تمثل ضمانة استمرار السلطة وتجديديها من حقبة إلى أخرى على أس‬
‫فيبر أن نظام الحكم يكون شرعيا عند الحد الذي يشعر فيه‬ ‫إلى القوة واإلستيالء فيرى العالم األلماني ماك‬
‫وتقوم عالقة الحاكم والمحكوم على التفاعل وتبادل‬ ‫(‪)3‬‬
‫المواطنون بأن النظام صالح ويستح التأييد والطاعة‬
‫الرأي‪ ،‬فالمحكوم يندفع إلى المشاركة بفعل إعترافه بالحكم ‪ ،‬والحاكم يندفع إلى قبول المشاركة بفعل استمداد‬
‫‪)4(.‬‬
‫شرعيته من المحكوم‬

‫‪ -1‬فايز ربيع‪ ،‬الديمقراطية بين التأصيل الفكري والمقاربة السياسية ‪(،‬عمان‪ :‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪،)2004،‬ص‪.180،‬‬
‫‪2 -Rueschemeyer .,D ,Stephens ,J. Capitialist « Development and Democracy ».(Cambridje : polity press ,1992),P.2‬‬
‫‪ -3‬صامويل هنتنغتون(تر‪ :‬عبد الوهاب علود)‪،‬الموجة الثالثة للتحول الديمق ارطي في أواخر القرن العشرين‪(.‬مصر‪ :‬دار سعاد‬
‫الصباح)‪،‬ص‪.120 .‬‬
‫‪ -4‬محمد نصر مهنا‪،‬في النظم الدستورية والسياسية ‪:‬دراسة تطبيقية‪(.‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪،)2005،‬ص‬
‫‪.449.‬‬
‫‪- 20 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫تختلف مشاكل الشرعية في النظم السياسية للدول حيث يمكن أن تكون تنيجة ضعف اإلسثقطاب‬
‫الجماهيري أو نتيجة ضعف آليات التجديد الذاتي للشرعية‪ ،‬أو نتيجة عدم تحقي الوعود‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى‬
‫ضعف وتدهور النظم السياسية ‪ ،‬حيث أن األنظمة السياسية التي تعاني من مثل هذه المشاكل تميل إلى‬
‫انتهاك مثل هذه القواعد الدستورية والقانونية وتحويل الدستور إلى وثيقة شكلية توضع لتغطية ممارسات‬
‫‪)1(.‬‬
‫‪.‬بالتالي فإن‬ ‫الحاكم واضفاء الشرعية عليها‪ ،‬ولذلك من السهل إق ارره ومن السهل تغييره‪ ،‬ومن السهل خرقه‬
‫أي نظام يعاني من مشكلة غياب الديمقراطية سيعاني من مشكلة غياب الشرعية ‪ ،‬مما يؤدي إلى المعاناة‬
‫من مشكلة غياب اإلستقرار‪ ،‬ثم مشكلة فقدان الكفاءة‪ .‬ولضمان الحفاظ على شرعية األنظمة السياسية‬
‫(‪)2‬‬
‫الحاكمة وعلى استقرارها أصبح هناك حل واحد يتمثل في إنتهاج الديمقراطية‬

‫‪ /3‬اإلصــــــالح باإلحــــــــــــالل داخــــــــل الــنظــــم الســلطـــويــــــــــــة‪:‬‬

‫ما يحدث من‬ ‫يهتم أصحاب هدا االتجاه بما يحدث من تغييرات داخل النظم السلطوية عن طري‬
‫إحالل نظم ديمقراطية محل نظم سلطوية تشارك فيها مؤسسات الدولة المختلفة وعلى رأسها المؤسسة‬
‫العسكرية وكذلك أحزاب وقوى المعارضة‪ ،‬ويصنف صامويل هنتغتون عمليات التحول نحو اإلصالح‬
‫الديمقراطي تبعا لنوعية القوى الدافعة إلى أربع أنماط‪:‬‬

‫‪ .1‬التحول من النظام السلطوي إلى ذاته دون تدخل أطراف أخرى‪.‬‬


‫‪ .2‬التحول اإلحاللي عندما تتم عملية اإلصالح والتحول أساسا بمبادرة مشتركة من النخب الحاكمة‬
‫والنخب المعارضة‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلحالل عندما تتم عملية الدمقرطة نتيجة وعبر الضغوط والمعارضة الشعبية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪.4‬‬
‫التدخل األجنبي ‪ ،‬هذا الجزء يدرج ضمن عوامل التحول الخارجية ‪.‬‬

‫‪- 1‬هدى ميتك ‪،‬اإلتجاهات المعاصرة في دراسة النظم السياسية في دول العالم الثالث‪(.‬القاهرة‪ :‬منشورات اللجنة العلمية للعلوم‬
‫السياسية واإلدارية العامة‪)1999،‬ص‪.146 ،‬‬
‫‪ -2‬محمد نصر مهنا ‪،‬المرجع الساب ص‪.450،‬‬
‫‪ -3‬محمد زاهي بشير المغيربي‪،‬الديمقراطية واإلصالح السياسي‪ :‬مراجعة عامة لألدبيات ‪(.‬القاهرة‪ :‬كلية االقتصاد والعلوم‬
‫السياسية‪ .‬د‪.‬ت‪.‬ن)‪ ،‬ص‪.08 ،‬‬
‫‪- 21 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ /4‬الـــمــــــــجـــــتـــمـــــــــــع الـــمـــــــــــــــدنــــــــــــــي‪:‬‬

‫عرف مفهوم المجتمع المدني انتعاشا في العقود األخيرة من القرن العشرين في إطار حركات انتقالية‬
‫للعديد من المجتمعات والدول نحو الديمقراطية‪ ،‬هذه الحركة أطل عليها صامويل هنتنغتون الموجة الثالثة‬
‫للديمقراطية ‪ ،‬حيث برز الدور الهام لتنظيمات المجتمع المدني في دفع وترسيخ وتحقي الديمقراطية‬

‫وقدعرفه جون هول على أنه ‪":‬القيمة االجتماعية ومجموعة من المؤسسات االجتماعية في نف‬
‫الوقت"‪.)1( .‬‬

‫كما يعرف على أنه جملة المؤسسات السياسية واالقتصادية واإلجتماعية والثقافية التي تعمل بصورة‬
‫أغراض سياسية كالمشاركة في‬ ‫تطوعية في ميادينها المختلفة‪،‬في استقالل نسبي عن سلطة الدولة لتحقي‬
‫صنع القرار‪ ،‬ومنها أغ ارض نقابية‪....‬‬

‫والمجتمع المدني على هذا النحو أو ذاك يساهم في عملية تحقي الديمقراطية من خالل السعي للحد‬
‫من سلطة الدولة وتعزيز قيم الديمقراطية‪ ،‬ونشر المعلومات والمساهمة في اإلصالح والتعزيز المتبادل‬
‫(‪)2‬‬
‫للحكومة وللحياة المدنية‪.‬‬

‫ويدخل المجتمع المدني كعامل تفسيري لعملية اإلصالح والديمقراطية عبر عالقته بالدولة وبالبنية‬
‫الطبقية‪ ،‬ويلعب المجتمع المدني ألتعددي والنشط دو ار مهما في موازنة قوة الدولة ‪ ،‬كما أنه يمكن أن يكون‬
‫حائال أمام عودة التسلطية‪،‬وعامال حيويا في تعزيز الديمقراطية الليبرالية والمحافظة عليها ‪،‬ولقد كان األمر‬
‫كذلك فعال في جنوب أوروبا وأمريكا الالتينية ‪ ،‬كما أدى نمو وتطور العديد من الجماعات والحركات إلى‬
‫تنامي عمليات اإلصالح والدمقرطة‪ .‬بالتالي فالعالقة بين المجتمع المدني والديمقراطية عالقة وثيقة‪ ،‬فال‬
‫الديمقراطية‪ ،‬ويتطلب توسيع نطاق الديمقراطية محليا‬ ‫يمكن إيجاد مجتمع مدني حقيقي إال من خالل تكري‬
‫(‪).3‬‬
‫تجديد المجتمع المدني وتفعيله وتوسيع نطاقه‪.‬‬

‫‪ - 1‬علي عبد الصادق ‪،‬مفهوم المجتمع المدني‪ :‬قراءة أولية‪(.‬القاهرة‪ :‬مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات‪،‬‬
‫‪ ،)2004‬ص ‪.67،‬‬
‫‪ -2‬متروك الفالح ‪،‬المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية‪(.‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)2002،‬ص‪.29 ،‬‬
‫‪ -3‬محمد عثمان الخشب‪ ،‬المجتمع المدني‪ (.‬القاهرة‪ :‬األمل للطباعة والنشر‪ ،)2004،‬ص ‪.93،‬‬
‫‪- 22 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الــــــــمطــــــلب الثـــــــــــانــــــــــــي ‪ :‬العـــــــوامــــــــــل الخــــارجـــــيــــــــة لإلصــــــــالح الديمـــــقــــــــراطـــــــــــــي‪.‬‬

‫تعتبر العوامل الخارجية من أهم العوامل المساهمة في دفع عمليات اإلصالح الديمقراطي‪ ،‬خاصة في البلدان‬
‫النامية‪ ،‬إذ يمثل اإلصالح والتحوالت السياسية الديمقراطية البعد السياسي للتحوالت العالمية المعاصرة من‬
‫حرص الدول على ضم العديد من دول العالم الثالث إلى األسرة الديمقراطية‬ ‫خالل مفهوم التوسع الذي يعك‬
‫من خالل حثها على تبني المنظومة الليبرالية‪ ،‬ومن بين هذه العوامل ‪:‬‬

‫‪ /1‬الــــــــنـــــــظـــــــــــــام الــــــــــــدولــــــــــــــــــــــــي ‪:‬‬

‫اكتسحت بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط النظام الشيوعي واإلتحاد السوفييتي ودول شرق أوروبا موجة‬
‫جديدة انتشرت في دول العالم الثالث وأطل عليها اسم الموجة الثالثة‪ ،‬فقد قدر عدد الدول التي تحولت إلى‬
‫الديمقراطية منذ ‪ 1975‬بحوالي ‪ 30‬دولة ‪ ،‬وهنا بدأ الضغط على النظم التسلطية بالتوجه واإلصالح نحو‬
‫الديمقراطية والنهج الديمقراطي‪ ،‬خاصة مع بروز الواليات المتحدة األمريكية كقطب أحادي في العالم‪ .‬حيث‬
‫وجدت الديمقراطية مكانا لها ضمن أولويات السياسة الخارجية األمريكية التي تسعى لنشرها في مختلف أنحاء‬
‫كلينتون في حملته‬ ‫العالم‪ ،‬والتي ال تنفصل عن فرض هيمنتها على دول العالم‪ ،‬وهذا ما أكده الرئي‬
‫(‪)1‬‬
‫أولويات إدارته‪.‬‬ ‫االنتخابية ‪ 1992‬على أن الديمقراطية وتبنيها سيكون على أر‬

‫لقد سادت عالقة دول العالم الثالث مع الدول المتقدمة سياسية الشرطية التي تهدف إلى الربط بين أداء‬
‫الدولة على طري اإلصالح والفوائد والمنافع التي سوف تعود عليها من ذلك الطري من فوائد ومنافع‬
‫(‪)2‬‬
‫اقتصادية تكنولوجية‪....‬‬

‫والتغير نحو النظام‬ ‫وفي هذا السياق يتضح دور اإلتحاد األوروبي في عملية التوجه والتكري‬
‫الديمقراطي من خالل رغبة العديد من الدول االنضمام إلى عضويته ومشاركة أعضائه المستوى المعيشي‬
‫المرتفع الذي يتمتعون به‪ ،‬حيث تؤدي العضوية فيه إلى التمتع بالعديد من االمتيازات االقتصادية‪ ،‬وتحول‬

‫‪ -1‬صامويل هنتنغتون(تر‪ :‬طلعت الشايب‪،‬تقديم‪:‬صالح قنصوه)‪ ،‬صدام الحضارات‪.....‬إعادة صنع النظام العالمي‪(.‬‬
‫[د‪.‬ب‪.‬ن]‪:‬سطور‪ ،)1998،‬ص‪.310 ،‬‬
‫‪ -2‬مصطفى عبد الغاني‪ ،‬مستقبل الديمقراطية في البالد العربية في ضوء الحوار الغربي األوروبي‪( ،‬القاهرة‪ :‬المكتبة‬
‫األكاديمية‪ ،)2009.‬ص‪.31 ،‬‬
‫‪- 23 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫دون ارتداد هذه الدول إلى النظام السلطوي‪ ،‬لذا أصبح على الدول التي ترغب في االنضمام إلى عضوية‬
‫اإلتحاد األوروبي أصبح عليها إحداث تعديالت على نظام الحكم ليتواف مع باقي األعضاء‪ ،‬أي ديمقراطي‬
‫أو على األقل إصالحات أكثر ديمقراطية من خالل استخدام أسلوب إصالح أو تعديل أسلوب عمل النظم‬
‫التسلطية‪ .‬بالتالي تستخدم القوة الدولية من خالل السعي لإلصالح الديمقراطي بما يمكنها من استخدامه‬
‫(‪)1‬‬
‫كورقة ضغط على الدول المناهضة لسياسته‪.‬‬

‫‪ /2‬الــــضــغــــــــــــوط والــمـــؤســســـــــــــات المــالــــــــيـــــــــــة والـــــدولــيـــــــــــــة ‪:‬‬

‫تمثل الضغوط الدولية المناصرة لإلصالح عامال تفسيريا مهما‪ ،‬فلقد بدأت األطراف الخارجية القوية‬
‫مثل الواليات المتحدة األمريكية وصندوق النقد الدولي في تشجيع الديمقراطية الليبيرالية مثلما حدث في آسيا‬
‫في ثمانينيات القرن العشرين‪ ،‬ولقد أدى ذلك إلى الضغط على النظم التسلطية المعتمدة على هذه األطراف‬
‫(‪)2‬‬
‫لتوفير اإلعانات والقروض والتبادالت التجارية‪.‬‬

‫ويظهر دور المؤسسات المالية والدولية في دعم اإلصالح الديمقراطي في العالم الثالث من خالل‬
‫ربط منح مجموعة من التسهيالت والمساعدات المختلفة (االقتصادية‪ ،‬المالية واإلدارية)‪ ،‬أو تبني برامج‬
‫التكييف والتعديل الهيكلي القائم على االقتصاد وخصخصة القطاع العام مقابل تبني الديمقراطية‪ .‬ومنه فإن‬
‫(‪)3‬‬
‫المؤسسات المالية والدولية تفرض شروط اقتصادية على الدول لتحقي إصالحات سياسية وديمقراطية ‪.‬‬
‫والمطالب ذات الطابع السياسي التي تطرحها هذه الدول عادة ما تتمثل في تبني الحكم الرشيد والشفافية‬
‫والمسؤولية ‪ ،‬المشاركة‪ ،‬الالمركزية‪.......‬‬

‫وتساهم المؤسسات المالية منها صندوق النقد الدولي في العملية الديمقراطية في الدول الممنوحة من‬
‫خالل التأييد المادي والمعنوي كإنشاء المشاريع التنموية بها‪ ،‬وفرض العقوبات االقتصادية بها‪ ،‬أو تخفيف‬

‫‪ -1‬مصطفى عبد الغاني‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.36 ،‬‬


‫‪ -2‬محمد زاهي بشير المغيربي‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.10،‬‬
‫‪ -3‬علي خليفة الكواري وآخرون‪ ،‬مداخل االنتقال إلى الديمقراطية في البلدان العربية‪(.‬بيروت‪:‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪ ،)2003‬ص‪.244 ،‬‬
‫‪- 24 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫أعباء الديون الخارجية بها‪ ،‬وتعتبر هذه األخيرة وسيلة لممارسة الضغوط على الحكومات التسلطية لتشجيع‬
‫(‪)1‬‬
‫الديمقراطية ‪.‬‬

‫‪ /3‬ظــــــــــاهـــــــــــرة الــعـــــــــــــــــدوى و االنـــتـــشــــــــــــــــــــار والــمــحـــــــــاكــــــــــــاة ‪:‬‬

‫ويقصد بها تأثي ار لعرض العلمي أو العدوى واالنتشار أو المحاكاة أو كرات الثلج ‪،‬عدوى وانتشار‬
‫عدوى دولة بدولة أخرى حصل فيها تحول أو إصالح ديمقراطي ناجح‪ ،‬وذلك إما ألنها جميعا تواجه مشكالت‬
‫مماثلة واعتبار اإلصالح أو التحول دواء لكل داء ولكل مشكالتها‪ ،‬أو ألن الدولة التي انتهجت اإلصالح‬
‫(‪)2‬‬
‫وتحولت نحو الديمقراطية على درجة من القوة وتعد مثال يحتذى به سياسيا وثقافيا‪.‬‬

‫كما أن ثورة التكنولوجيا العالمية وثورة اإلتصاالت ساهمت في عملية نشر الديمقراطية والوعي‬
‫بضرورة اإلصالح الديمقراطي البناء‪ ،‬وأصبح يصعب على النظم التسلطية حجب المعلومات واخفاء الحقائ‬
‫على شعوبها عن سقوط النظم الشمولية في دول أخرى‪ ،‬بالتالي نشر الوعي السياسي بضرورة إصالح النظم‬
‫التسلطية‪.‬‬

‫‪/4‬التـــــــــــدخـــــــــــل واســــتخــــــــــــــــــدام القـــــــــــــــــوة العــــــــــــســكـــــــريـــــــــــــــــــة ‪:‬‬


‫يمكن للغزو الخارجي أن يسقط النظام السلطوي ويقيم النظام الديمقراطي‪ ،‬والتدخل كمقاربة شاملة قد ال‬
‫يقتصر وال يفسر باستخدامه القوة العسكرية فقط‪ ،‬بل يتضمن أيضا محاوالت التوسط والتفاوض وتأمين‬
‫اإلعانات اإلنسانية‪،‬ونشر عناصر غير عسكرية واستخدام عقوبات ‪.‬وقد يتصمن أيضا استخدامات أخرى‬
‫أكثر مباشرة للترغيب والترهيب بهدف إحراز النفوذ‪ ،‬وقد يكون التدخل مفوضا أكثر مما هو سلطة قومية‪ ،‬أو‬
‫وغير ملمو ‪ ،‬كما قد يكون بالتراضي أو‬ ‫غير مفوض على اإلطالق‪ ،‬وما يضمه دائما من استخدام ملمو‬
‫بدونه‪ ،‬واضافة إلى ذلك قد يكون بشكل تدخل عسكري مباشر وتحت شعارات مختلفة مثلما حدث في العراق‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وهو أسوأ الحلول واألشكال‪.‬‬

‫‪ -4‬محمد نصر مهنا‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.450،‬‬


‫‪ -2‬صامويل هنتغتون ‪ ،‬المرجع الساب ‪ .‬ص‪.168 ،‬‬
‫‪ -3‬مروة كريم‪ ،‬أزمة البديل الديمقراطي العربي تطيل عمر األنظمة اإلستبدادية‪( .‬مداخلة في ندوة أزمة النظام العربي‬
‫‪.69،‬‬
‫واشكاليات النهضة‪ ،‬مؤسسة اإلنتشار العربي‪ ،)2005-12-03،‬ص‬
‫‪- 25 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الـــــمبحـــــــث الثـــالــــــــــــث‪ :‬مــــــاهيـــــــة النــظــــــــام السياســـــي الملكـي وأهــــــــــم مؤسـساتــــــــه‪.‬‬

‫تختلف طبيعة النظم السياسية وتتباين حسب الدول وتبعا لذلك تعددت أنظمة الحكم وأنماطه وطرائقه‬
‫في الدول المختلفة طبقا لقانون ودستور كل دولة ‪،‬الذي يحدد شكل الدولة ويبين نوع حكومتها وما لها من‬
‫خصائص ‪.‬فال تقتصر دراسة النظم السياسية على مجرد شرح أحكام الدستور في الدول المختلفة والتعلي‬
‫عليها‪ ،‬بل لتمتد لتشمل نظم الحكم المطبقة من حيث الواقع في تلك الدول‪ ،‬وتصنيفها وتكييفها وتقييمها ‪،‬‬
‫وبغض النظر عن تلك التصنيفات الجانبية والتقسيمات الثانوية فإن نظم الحكم في العالم تتنوع من حيث‬
‫أصحاب السلطة الحقيقية التي فيها إلى نوعين أساسيين هما‪ :‬الديمقراطي الذي يرجع زمام األمور فيه إلى‬
‫الشعب‪.‬‬

‫النظام الدكتاتوري الذي يحصر الحكم في فرد أو فئة فليلة من االنفراد تمار السلطة وتتحكم فيه وهذا‬
‫النوع أو النمط من أنظمة الحكم هو ما ستتم معالجته في هذا المبحث من خالل جملة العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ /1‬تعريف النظام السياسي‪.‬‬

‫‪ /2‬تعريف النظام السياسي الملكي وتطوره‪.‬‬

‫‪ /3‬عرض وتحديد أهم مؤسسات النظام السياسي الملكي وخصائصه‪.‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الــمــطلـــــــب األول‪ :‬ـتــــــعريــــــــــف النـــــــظــــــــــام الســيــــــــــــاســـــــــــــــــــي‪.‬‬

‫لمعرفة ماهية النظام السياسي يجب اإلجابة على جملة من اإلشكاالت من بينها‪ :‬ما هو النظام السياسي؟ وما‬
‫هي أبعاده وخصائصه؟ ولفهم استيعاب معنى النظام السياسي البد أوال من تحديد واإلشارة إلى مفهوم ومعنى‬
‫النظام ككل وبصفة عامة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تعـــــــــــريــــــــــف النــــــظــــــــــام ‪:‬‬

‫األصل في مصطلح "النظام "أنه ظهر في مجال العلوم الطبيعية ‪ ،‬بيدأنه سرعان ما شاع وانتشر استخدامه‬
‫في مختلف فروع المعرفة ‪،‬حيث جرى التعامل مع مختلف وحدات التحليل في العلوم مثل االجتماع‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بوصفها نظم وانساق تعبر عن ذاتها‪.‬‬ ‫اإلقتصاد‪ ،‬وعلم النف‬

‫ثانيا‪ :‬تعـــــــــــريــــــــــف النــــــظــــــــــام الســيــــــــــــاســـــــــــــــــــي‪.‬‬

‫إن دراسة وتحديد مفهوم النظم السياسية تساعد في معرفة الموضوعات التي يجب اإلحاطة بها في مجال‬
‫النظم السياسية‪ ،‬وقد تباينت محاوالت تحديد مفهوم النظام السياسي ومنها‪:‬‬

‫‪/1‬المــــــعــنـــــــــى الضــــيـــــق الــتقــلـــيـــــــــــدي "الــــدســـــتــــوري"‪:‬‬

‫يعرف النظام السياسي بأنه نظام الحكم في الدولة‪ ،‬وهو يتطاب مع مدلول القانون الدستوري الذي يتضمن‬
‫القواعد المتعلقة بنظام الحكم في الدولة ‪ ،‬وهو ما ذهب إليه جورج بيردو بالقول بأن (النظام السياسي هو‬
‫كيفية ممارسة السلطة في الدولة ) حيث اهتمت الدراسات الدستورية في الماضي بتبيان شكل أنظمة الحكم‬
‫وتنظيم سلطات الحكم فيها دون االهتمام بأهداف السلطة وغايتها ‪ ،‬وال بالقوى اإلقتصادية المؤثرة في كيفية‬
‫(‪)2‬‬
‫تسيير السلطات العامة ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد المطلب السيد غانم‪ ،‬اإلتجاهات المعاصرة في دراسة النظم السياسية‪( ،‬القاهرة‪:‬دار القاهرة للنشر والتوزيع‪،)1985،‬‬
‫ص‪.45،‬‬
‫التنظيم السياسي وصوره الرئيسية‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪،)1985،‬‬ ‫‪ -2‬محمود عاطف البنا‪ ،‬النظم السياسية أس‬
‫ص‪.04،‬‬
‫‪- 27 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫فالمدرسة السلوكية التي سادت قبل الحرب العالمية الثانية فهمت النظام السياسي على أنه المؤسسات‬
‫(‪)1‬‬
‫السياسية ‪،‬وبالذات المؤسسات الحكومية ‪ ،‬أي السلطات الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية ‪.‬‬

‫لكن بمرور الوقت لم يعد المدلول القانوني مالئما لدراسة النظم السياسية‪.‬‬

‫‪/2‬المــــــعـــنــــــــــى الـــــواســـــع المعـــــاصــــــــر للــــنظــــــــــــام الســــــيــــــــــــاســــــــــــي‪.‬‬

‫أخذ مفهوم النظم السياسية أبعاد جديدة‪،‬حيث أن تحديد طبيعة النظام السياسي لبلد معين لم تعد تتوقف على‬
‫تحليل النصوص الدستورية المنظمة للسلطة‪ ،‬بل بالبحث عن كيفية تطبيقها الفعلي ومدى تأثير مختلف‬
‫الظروف االقتصادية واالجتماعية للبلد‪.)2(.‬‬

‫بالتوزيع‬ ‫وفي هذا السياق يعرفه ديفيد إستن بأنه‪( :‬مجموعة من التفاعالت واألدوار التي تتعل‬
‫السلطوي للقيم‪ ،‬وعلى هذا فإن عملية تخصيص القيم تعتبر الخاصية األساسية للنظام السياسي)‪،‬ففي أي‬
‫مجتمع تنشأ خالفات بين األفراد حول توزيع القيم ولمواجهة هذا الوضع يضطلع النظام السياسي دائما بعملية‬
‫التوزيع بما يتخذه من ق اررات ملزمة للجميع‪ .‬ويعتبر أن حدود النظام السياسي يمكن التعرف عليها من خالل‬
‫مجموعة التصرفات التي تتصل مباشرة أو غير مباشرة بصنع الق اررات اإللزامية للمجتمع‪.‬‬

‫ومن ثم فإن كل فعل اجتماعي ال تتوفر فيه هذه الخصائص ال يدخل في مكونات النظام السياسي‪،‬‬
‫فالنظام السياسي يتكون من المدخالت التي تتمثل في المطالب والحاجات الصادرة عن المجتمع‪ ،‬ودعم هذه‬
‫المطالب والنظام السياسي والمخرجات التي تصدر من النظام السياسي في شكل ق اررات‪ ،‬ومن التفاعالت من‬
‫( ‪)3‬‬
‫البيئة المحيطة للنظام من خالل التغذية اإلسترجاعية ‪.‬‬

‫أما غابـــــــــــريال ألـــــــــــمــــوند فيرى أن التخصيص السلطوي للقيم ال يميز النظام السياسي عن النظم‬
‫االجتماعية األخرى كالعائلة مثال‪ ،‬ومن جانبه عرف النظام السياسي بأنه‪(:‬نظام التفاعالت الموجودة في كافة‬
‫المجتمعات المستقلة التي تضطلع بوظيفتين هما التكامل والتكيف داخليا في إطار المجتمع ذاته ‪،‬وخارجيا‬

‫‪ -1‬كمال المنوفي ‪،‬أصول النظم السياسية المقارنة‪( .‬الكويت‪ :‬شركة الربيعات للنشر والتوزيع‪ ،)1987،‬ص ‪.39،‬‬
‫‪ -2‬محمود عاطف البنا‪.،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.07،‬‬
‫‪ -3‬محمد نصر مهنا‪،‬في النظم السياسية ونظرية الدولة‪( .‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪،.)2001،‬ص‪.345 ،‬‬
‫‪- 28 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ .‬فمعيار التفرقة بين النظام‬ ‫(‪)1‬‬


‫بين المجتمع والمجتمعات األخرى باستخدام التهديد واإلرغام المادي المشروع‬
‫السياسي والنظم االجتماعية األخرى هو اإلكراه المادي المشروع وأن القوة المشروعة هي التي تضمن تماسك‬
‫النظام السياسي‪.‬‬

‫في حين رأى روبـــــــــــــرت دال بأن النظام السياسي هو‪(:‬نمط مستمر للعالقات اإلنسانية يتضمن إلى‬
‫‪2‬‬
‫حد كبير القوة والحكم والسلطة )‪.‬‬

‫وهناك من عرف النظام السياسي بأنه‪( :‬بنية من الوظائف واألعضاء تقبع فيه لسلطة األمر"السلطة‬
‫السياسية" ومرتبطة في كيان هذه البنيات العضوي والوظيفي‪ ،‬بل وفي أهدافها بنس قيمي‪ ،‬أي مجموعة قواعد‬
‫وقوانين وقيم وعقائد وأفكار فلسفية ‪ ،‬وتأتي النظم السياسية إما معبرة عن تاريخ طويل لواقع سياسي تسوده‬
‫(‪3)2.‬‬
‫صراعات فعلية أن هذا الواقع هو الذي يفرز الدساتير‪.‬‬

‫ويرى كـــمـــــــال المنــــوفــــي ‪ :‬أنه تحت تأثير المدرسة السلوكية أخذ مفهوم النظام السياسي بعدا جديدا‬
‫وأصبح يشير إلى (شبكة التفاعالت والعالقات واألدوار التي ترتبط بظاهرة السلطة سواء من حيث منطلقها‬
‫) ‪(4‬‬
‫"الجانب اإليديولوجي"‪،‬أو القائمون على ممارستها"النخبة"‪ ،‬أو اإلطار المنظم لها "الجوانب المؤسساتية")‪.‬‬

‫الـــــتــعـــــريــــــــــــف اإلجــــــــرائـــــــــــــي للنظــــــــام الســيـــــــــــاســــــــــــي‪:‬‬

‫إجماال يتضح أن النظام السياسي عبارة عن مجموعة من التفاعالت والعالقات واألدوار المرتبطة بظاهرة‬
‫السلطة‪ ،‬كما أنه جزء من نظام كلي هو النظام االجتماعي‪ .‬والنظام السياسي معنيين‪ ،‬المعنى األول الذي‬
‫يرى أن النظام السياسي يشير إلى نظام الحكم الذي يسود دولة معينة‪ ،‬والمعنى الثاني الذي يؤكد أن النظام‬
‫‪5‬‬
‫السياسي يتضمن أنظمة الحكم‪ ،‬أي العالقات بين السلطات الثالثة‪.‬‬

‫‪ -1‬ثامر كامل محمد الخزرجي‪،‬النظم السياسية الحديثة والسياسة العامة ‪(،‬عمان‪ :‬دار مجدالوي للنشر والتوزيع‪،)2004،‬ص‬
‫‪.23،‬‬
‫‪ -2‬ثامر كامل محمد الخزرجي ‪،‬المرجع الساب ‪.‬ص ص‪.)23،24(.‬‬
‫‪ -2‬عادل ثابت‪.‬النظم السياسية‪ ( ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،)2001،‬ص ص‪.)256،257( .‬‬
‫‪ -4‬كمال المنوفي‪ ،‬المرجع الساب ‪،‬ص ‪.40،‬‬
‫‪ -5‬ثامر كامل محمد الخزرجي ‪ ،‬المرجع الساب ‪،‬ص ‪. 26،‬‬
‫‪- 29 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫وتقوم النظم السياسية بتأدية عدد من الوظائف المتشابهة‪ ،‬غير أنها تختلف في مدى ممارسة كل‬
‫وظيفة وأنواع األبنية والمؤسسات التي تقوم بها ‪،‬فوفقا لإلقتراب النسقي تعمل النظم السياسية على تحقي‬
‫وظيفة البقاء من خالل التركيز على اإلستقرار السياسي والتكيف مع المتغيرات الفعلية والمتوقعة في البيئة‪،‬‬
‫ووفقا لإلقتراب الوظيفي تتمثل وظائف النظام على مستوى المدخالت في التنشئة السياسية والتجنيد السياسي‬
‫والتعبير عن المصالح واإلتصال السياسي‪ ،‬بينما تتمثل وظائف المخرجات في وضع السياسات واتخاذ‬
‫‪)1(.‬‬
‫الق اررات وتنفيذها والتقاضي واالحتكام بموجبها‬

‫كل نظام سياسي يتكون من عدد من األبنية والمؤسسات السياسية ‪ ،‬ويمكن المقارنة بين النظم‬
‫السياسية على مدى تعقد البناء المؤسسي والسياسي ومدى تمايز المؤسسات السياسية‬

‫ال تتواجد النظم السياسية في فراغ ‪ ،‬بل في بيئة تؤثر فيها وتتأثر بها‪ ،‬ورغم تناوله كنظام مستقل ‪ ،‬إال‬
‫أنه يتفاعل مع النظم المجتمعية الداخلية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪ ،‬ومع النظم الخارجية اإلقليمية‬
‫والعالمية‪.‬‬

‫‪ -1‬ثامر كامل الخزرجي ‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص ص‪.)62-56(.‬‬


‫‪- 30 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الــمطـــلـــــب الثــانــــــــي ‪ :‬تعـــريــــــــــف النـــــظــــــــــام السيـــــــاســـــــــي المــــلـكـــــــي وتــــــطــــــــوره‪.‬‬

‫الدولة‪ ،‬ويتميز بأن الحكم الملكي غالبا ما يكون لفترة طويلة‬ ‫الملكية نظام حكم حيث يكون الملك على أر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وعادة حتى وفاة الملك‪ ،‬وينتقل بالوراثة إلى ولي عهده‪ ،‬وتعرف زوجته بلقب الملكة‪.‬‬

‫والنظام الملكي من أقدم أنظمة الحكم المعروفة في التاريخ‪ ،‬وهو من ضمن األنظمة الدكتاتورية التي‬
‫ينفرد فيها بعض األفراد بسلطة الحكم في الدولة دون الرجوع إلى الشعب‪ ،‬وغالبا ما يرتكز على فرد واحد‬
‫(‪)2‬‬
‫للوزراء ‪.‬‬ ‫يستحوذ على السلطة في قبضته سواء كان ملكا أو إمبراطو ار أم رئيسا للجمهورية أم رئي‬

‫ويستعين الدكتاتور في حكمه بأعوان يسيطر عن طريقهم على مقاليد األمور في الدولة‪ ،‬حيث أن‬
‫للنظام الدكتاتوري جملة من الخصائص مثل استفراد الملك بالحكم‪ ،‬وتزييف إرادة الشعب وادعاء الصفة‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪3‬‬
‫الديمقراطية‪ ،‬وتقييد المعارضة ‪ ،‬وتقييد الحريات العامة‪.‬‬

‫عندئذ بالملك‪ ،‬كما‬ ‫ويكون النظام ملكيا إذا كان الوصول إلى رئاسة الدولة يتم بالوراثة‪ ،‬ويسمى الرئي‬
‫قد تطل عليه أوصاف أخرى في بعض األحوال كاألمير أو اإلمبراطور أو السلطان ‪.‬وقد كان النظام الملكي‬
‫هو السائد قديما ‪ ،‬إال أنه صار أقل انتشا ار في الوقت الحاضر إذ تحولت كثير من النظم الملكية إلى نظم‬
‫جمهورية ‪ .‬وفي المجتمعات القديمة كانت للملك جميع السلطات فكان هو المشرع والقاضي والحاكم‪ ،‬فقد‬
‫قامت الملكية في أصلها التاريخي على زعم أن الملوك يستمدون سلطتهم من هللا عز وجل‪ ،‬وأنهم خلفاء هللا‬
‫تعالى أرضه‪ ،‬وذلك في سبيل الدفاع عن سلطانهم المطل وعدم مسؤوليتها أمام الشعب‪.‬‬

‫وبمرور الوقت تالءم النظام الملكي مع مقتضيات التطور مما أسفر عنه اكتسابه أبعاد دستورية‬
‫جديدة ضمن السياق السياسي للدولة‪.)4( .‬‬

‫‪ -1‬ثروت بدوي ‪ ،‬النظم السياسية ‪(،‬القاهرة ‪ :‬د ار النهضة العربية ‪ ، )1994 ،‬ص ‪.21،‬‬
‫‪ -2‬ماجد راغب الحلو ‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.324 ،‬‬
‫‪ -3‬ماجد راغب الحلو ‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص ‪. 326 ،‬‬
‫‪ -4‬ثروت بدوي‪ ،‬المرجع الساب ‪. .‬‬
‫‪- 31 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أنـــــــــواع المــــــلــكــــــــــيــــــــات ‪:‬‬

‫قد تتخذ الحكومات الملكية عدة صور‪ ،‬فهناك الملكية المطلقة ‪ ،‬ونظام الحكم الملكي الدستوري‪ ،‬والملكية‬
‫االستبدادية‪.‬‬

‫‪ /1‬الملكية االستبدادية‪:‬‬

‫وهي التي ال يتقيد فيها الملك بأي قانون قائم وال يعترف بالخضوع ألي سلطة‪ ،‬وال يقيم وزنا للحريات‪.‬‬

‫‪/2‬الملكية المطلقة ‪:‬‬

‫وفيها يتقيد الملك بالقوانين القائمة ‪ ،‬وان كان يستطيع تعديلها أو إلغاءها ‪ ،‬وهو يجمع كل عناصر السلطة‬
‫في يده وال يشاطره فيها أحد‪،‬وال يوجد من يسأله عن ممارسة هذه السلطة فهو السيد المطل ‪ ،‬وال يسأل عما‬
‫يفعل‪ ،‬ونظريا للملك هنا التحكم الكامل بأفراد الشعب وباألرض‬

‫‪ /3‬الملكية الدستورية‪:‬‬

‫الدولة األعلى في هذه الحالة ملكا يتولى الحكم عن طري الوراثة ‪ ،‬ولكن الشعب هنا يكون‬ ‫حيث يكون رئي‬
‫صاحب السلطة و تكون له وحدة السيادة‪ ،‬وال يكون للملك السيادة وال حتى أي جزء منها وال يمار أي سلطة‬
‫فعلية ‪،‬إنما تتركز السلطة الفعلية في يد الهيئة المنتخبة ‪ ،‬والمالحظ أن النظام السياسي البرلماني هو المجال‬
‫نظام الملكية الدستورية ‪ ،‬فمعظم الملكيات الدستورية تتخذ شكال برلمانيا مثل كندا‪ ،‬حيث‬ ‫األصيل لتطبي‬
‫الوزراء يستمد القوة بشكل مباشر أو غير مباشر من‬ ‫الدولة ‪ ،‬ولكن رئي‬ ‫يمكن اعتبار العاهل رئي‬
‫(‪) 1‬‬
‫االنتخابات‪. .‬‬

‫‪ -1‬غازي الربايعة ‪ ،‬مبادئ العلوم السياسية ‪ ،‬متحصل عليه من‪( ، http :Kenane online.com/user :‬بتاريخ‪-13 :‬‬
‫‪)2015،10:39-01‬‬
‫‪- 32 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫ثــــــــانــيـــــــــــا ‪ :‬أهــــتم الـمــــــــؤســـســــات الســـياســــيــــة الرســـميــــة في النظـــام الســـياســي الملكـــــــي‪.‬‬

‫‪ /1‬الـــــــسلـــــــــطــــــــة التــــنــــــفيــــــــذيـــــــــــــــــة ‪:‬‬

‫تنحصر السلطة التنفيذية في النظام الملكي في يد الملك ‪،‬الذي يتمتع بسلطات واسعة‪ ،‬فالملك هو أمير‬
‫المؤمنين والممثل األسمى للدولة واألمة ورمز وحدتها‪ ،‬وهو حامي الحمى والساهر على احترام الدستور‬
‫وصيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات والضامن الستقالل البالد‪ ،‬حيث ينصب كزعيم‬
‫الوزراء ويعين الوزراء من الحزب الحائز على األغلبية في االنتخابات‬ ‫مجل‬ ‫سياسي للمملكة‪،‬وي أر‬
‫التشريعية ‪ ،‬وهو الذي يعين باقي أعضاء الحكومة ‪،‬كما يتمتع الملك في ظل النظام السياسي الملكي‬
‫بصالحيات أكبر حيث يمكنه إنهاء مهام إي وزير أو حل البرلمان وتعلي الدستور بعد التشاور مع مجل‬
‫‪1‬‬
‫البرلمان ‪ ،‬كذلك من بين صالحياته الواسعة الدعوة إلى انتخابات جديدة‪ .‬واصدار المراسيم الجديدة‪.‬‬
‫وبالتالي نجد أن السلطة التنفيذية في ظل النظام السياسي الملكي تنحصر في يد الملك الذي يتمتع بسلطات‬
‫وصالحيات واسعة وعلى ذلك يكتسي الملك في النظام الملكي مكانة مقدسة وخاصة تفرده عن غيره من‬
‫األشخاص والمؤسسات‪ ،‬فالملك فوق المساءلة والنقد وال تسري عليه األحكام القضائية ‪ ،‬وجميع الق اررات‬
‫والخطب والضمائر الملكية تعتبر سارية المفعول تطب عليها صفة القداسة وكذا أصبحت المؤسسة الملكية‬
‫بحكم القداسة فوق القوانين الوضعية وال تسري عليها االعتبارات في التعامل مع االجتهاد البشري ‪.2.‬‬

‫‪ ‬مـــــكانــــــــــــة الــحــكــــــومة في الـســـلـــــــطــــــــــــة الــتــنفــيـــــــذيــــــــة ‪:‬‬

‫على غ ار ر العديد من النظم السياسية الملكية في العالم‪ ،‬فإن السلطة التنفيذية في النظام الملكي‬
‫تتشكل من ثنائية تضم كل من الملك والحكومة‪ ،‬تتالف هذه الحكومة من الوزير األول والوزراء‪ ،‬لكن هذه‬
‫الثنائية ال تعبر عن توزيع فعلي للمهام لصالح الملك‪ ،‬فالحكومة تعد مسؤولة امام الملك وامام البرلمان حيث‬
‫يقدم الوزير االول أمام كل من مجلسي البرلمان بعد تعيين الملك ألعضاء الحكومة بعرض البرنامج العام‬
‫الذي يعتزم تطبيقه‪ ،‬إذا كانت الحكومة مسماة من طرف الملك فهي مسؤولة أمامه‪ ،‬أما مسؤوليتها أمام‬

‫‪ -1‬عبدهللا حمودي( تر‪ :‬عبد المجيد جحفة )‪،‬النس الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة ‪[( ،‬د‪.‬ب‪.‬ن]‪ :‬دار توبقال ‪[،‬د‪.‬ت‪.‬ن])‪ ،‬ص‪.37 ،‬‬

‫‪ -2‬عبد هللا حمودي‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.37 ،‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫البرلمان فهي تخضع لشروط معقدة وبهذا فمسؤوليتها تتحدد عمليا أمام الملك وحده‪ ،‬وتحدد مجاالت‬
‫واختصاصات الحكومة فيما يلي‪:‬‬

‫تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير االول‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ح التقدم بمشاريع القوانين من طرف الوزير األول ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ممارسة السلمدطة التنظيمية من طرف الوزير األول‪ ،‬كما يمكن للوزير االول ان يقدم بعض‬ ‫‪-3‬‬
‫من سلطاته إلى الوزراء‪ ،‬الوزير االول يتحمل مسؤولية تنسي النشاطات الو ازرية‪.‬‬
‫الدستوري وأمام كل هذا فإن‬ ‫الح في إحالة القوانين قبل إصدار االمر بتنفيذها إلى المجل‬ ‫‪-4‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الحكومة تملك صالحيات واختصاصات محدودة تجعلها تابعة للمؤسسة الملكية ‪.‬‬

‫‪ /2‬الـــــمــــــــؤســــــســـــــــــــــــــة الــــــــــتشــــــــــــــريـــــــــعــــــــــيــــــــــــة ‪:‬‬

‫تقوم المؤسسة التشريعية بدور هام في أي نظام سياسي وذلك من خالل امتالكها لوظيفة التشريع‪،‬‬
‫باإلضافة إلى األدوار الرقابية والتي تختلف باختالف وتعدد األنظمة السياسية‪ ،‬ويتكون البرلمان من مجلسين‬
‫واحد ‪.‬ويتم انتخاب أعضاء البرلمان على‬ ‫المستشارين‪ ،‬وقد تتكون من مجل‬ ‫النواب ومجل‬ ‫هما مجل‬
‫نوعين من اإلقتراع يتمثالن في االقتراع العام المباشر مع آلية التمثيل النسبي ‪ ،‬أو اإلقتراع غير‬ ‫أسا‬
‫المستشارين‪.‬‬ ‫المباشر ويخص مجل‬

‫ويمتلك أعضاء البرلمان حصانة تمنعهم من المتابعة والبحث أو إلقاء القبض عليهم أو اإلعتقال أو‬
‫المحاكمة أثناء مزاولتهم مهامهم ‪ ،‬شرط عدم المجادلة في النظام الملكي أو الدين أو اإلخالل باالحترام‬
‫الواجب للملك‪ ،‬ومن بين صالحيات البرلمان ‪:‬‬

‫‪ ‬إصدار القانون بالتصويت‪ ،‬واصدار قانون المالية بالتصويت ‪.‬‬


‫‪ ‬ح التقدم باقتراح القوانين ‪.‬‬
‫‪ ‬المصادقة على المعاهدات التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة‪.‬‬
‫المستشارين غير الملزمة بخصوص‬ ‫مجل‬ ‫النواب ورئي‬ ‫مجل‬ ‫‪ ‬الصفة االستشارية لكل من رئي‬
‫إعالن حالة اإلستثناء‪ ،‬وحل البرلمان‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا حمودي ‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.38 ،‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الدستوري‪.‬‬ ‫‪ ‬تعيين أعضاء من المجل‬


‫الدستوري‪.‬‬ ‫‪ ‬الح في إحالة القوانين على المجل‬
‫‪ ‬الح في اتخاذ مبادرة مراجعة الدستور‪.‬‬
‫الرقابة أو مسألة الثقة بما يؤدي إلى إستقالة‬ ‫‪ ‬الرقابة البرلمانية على الحكومة من خالل تطبي ملتم‬
‫(‪)1‬‬
‫الحكومة أو بتوجيه تنبيه للحكومة‪.‬‬

‫إن المالحظة األساسية لسلطات واختصاصات المؤسسة التشريعية تظهر هيمنة السلطة التنفيذية عليها وعلى‬
‫سيرها وممارستها ‪ ،‬فالصالحيات الواسعة التي تتمتع بها السلطة التنفيذية في النظم الملكية ‪ ،‬خاصة منها‬
‫العربية تجعل هذه المؤسسة محور النظام والفاعل المركزي فيه‪ ،‬أما بالنسبة للحكومة فصالحيتها المحدودة‬
‫‪2.‬‬
‫تجعلها تابعة بشكل مباشر للنس ويبقى البرلمان كذلك خاضع لهيمنة السلطة التنفيذية‬

‫‪ /3‬الـــــــــســــــلــطــــــــــــة القـــــــــضــــــــــائــــــــــيــــــــــــة‪:‬‬

‫تستمد الدولة كينونتها من القانون الذي ينظم سلوك األفراد وعالقتهم بها ‪ ،‬الغاية من السلطة القضائية تطبي‬
‫القانون والقواعد القانونية المنظمة لسلوك األفراد والجماعات هي من صنع األجهزة المختصة بالتشريع وعمل‬
‫القانون في الدولة ‪ ،‬والقضاة عامة ال يصنعون القانون إنما يطبقونه ‪.‬‬

‫تتولى السلطة القضائية المحاكم المختلفة وتصدر أحكامها وفقا للقوانين المعمول بها في المملكة ‪،‬‬
‫االحتكام للقضاء‪.‬‬ ‫والمحاكم مفتوحة للجميع ولكل األف ارد والهيئات المختلفة والجماعات والمؤسسات ح‬
‫والقضاء في األنظمة الملكية مستقل عن السلطة التنفيذية والتشريعية‪ ،‬والقضاة ال ينقلون وال يعزلون إال‬
‫بمقتضى القانون ‪.‬‬

‫‪-1‬رقية المصدق ‪ ،‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪-‬النظام السياسي المغربي وأنظمة أخرى معاصرة‪ .‬ج ‪،2‬‬
‫([د‪.‬ب‪.‬ن]‪،‬دار توبقال‪[،‬د‪.‬ت‪.‬ن])‪ ،‬ص‪. 63 ،‬‬
‫‪ -2‬رقية المصدق ‪ ،‬المرجع الساب ‪ .‬ص‪.64 ،‬‬
‫‪- 35 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫تمار السلطة القضائية بواسطة عدة أنواع من المحاكم منها‪ :‬المحاكم العادية أو محاكم القانون العام‪،‬‬
‫األعلى للقضاء‪ ،‬المحاكم اإلبتدائية ‪ ،‬محاكم االستئناف‪ ،‬المحاكم اإلدارية‪ ،‬المحاكم المختصة‬ ‫المجل‬
‫‪1‬‬
‫بالمحاكم التجارية‪ ،‬المحكمة العسكرية‪ ،‬المحكمة العليا‪. ...‬‬

‫‪ -1‬رقية المصدق ‪ ،‬المرجع الساب ‪ .‬ص‪.65 ،‬‬


‫‪- 36 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫ثــــــــــالــــثــــــــــا‪ :‬مــــــزايـــــــــــا الــــــــنظــــــــــــام الســــيـــــــاســـــــي الـــــــــمـــــلكـــــــي وعــيــــــــــــوبـــــــــه‪.‬‬

‫‪ /1‬الـــــــمـــــــــــزايـــــــــــــــــــــــــا‪ :‬ينسب أنصار النظم الملكية إليها الكثير من المزايا منها‪:‬‬

‫نوعا من الثبات واالستقرار مما يجنب البالد االهت اززات االقتصادية العنيفة ‪ ،‬التي يمكن‬ ‫‪ ‬تحقي‬
‫تصيبها في النظم الجمهورية عند اقتراب موعد إجراء االنتخابات‪.‬‬
‫‪ ‬إن وضع الملك السامي فوق األحزاب وفوق باقي سلطات الدولة‪ ،‬خاصة الحكومة والبرلمان يمكنه‬
‫من القيام بدور الحكم بين كل هذه الهيئات والسلطات المتنافية ويصلح بينها وصوال لتحقي المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬أن شخصية الملك تؤدي دو ار مهما إذا كانت صالحة في نطاق العالقات الدولية‪ ،‬وتستطيع ان‬
‫تكسب لبالده مزيدا من االحترام والمصالح بفضل ما يعقده من صداقات مع ملوك الدول األخرى ورؤسائها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ ‬إحداث الترابط والوحدة في البالد التي يتكون شعبها من عناصر غير متجانسة ‪.‬‬
‫تجنب وقوع البالد في الصراع السياسي الرهيب الذي يكون في فترات الحكم االنتقالية ‪ ،‬وذلك بسبب انتقال‬
‫الحكم (الملك ) إلى ولي العهد في حالة وفاة الملك‪.‬‬
‫‪ /2‬الـــــعــــــيــــــــــــــــــــوب ‪:‬‬
‫‪ ‬التنافي مع الديمقراطية وال تتيح ألفراد الشعب فرصة السعي للوصول إلى السلطة‪.‬‬
‫‪ ‬أن نظام وراثة العرش قد بملك غير صالح‪ ،‬كما قد يوليها لملوك قصر‪.‬‬
‫‪ ‬أن تربية الملوك وأولياء العرش قد تجعلهم أحيانا يترفعون عن أفراد الشعب‪.‬‬
‫‪ ‬النظام الملكي قد يتنافى مع الديمقراطية التي تقوم على سيادة الشعب والمساواة بين جميع أفراد‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الشعب حتى يكون الشعب هو صاحب السيادة‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد مرغيني خيري ‪ ،‬النظم السياسية‪( ،‬القاهرة‪ :‬منشورات جامعة عين شم ‪ ،)1995 ،‬ص ‪. 163 ،‬‬
‫‪ -2‬محمد مرغيني خيري ‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪. 163 ،‬‬
‫‪- 37 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫الجوانب التي يشملها اإلصالح في‬
‫األنظمة السياسية ذات الطبيعة الملكية‬

‫‪- 38 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫عملية اإلصالح الديمقراطي عملية شائكة معقدة وطويلة كون أنها تتعل بطبيعة وجوهر النظام السياسي‬
‫القائم بكل مستوياته وفروعه من القمة حتى القاعدة‪ ،‬حيث أن تطبي وتجسيد العملية اإلصالحية يتطلب‬
‫إشراك ودخول كل األطراف والفواعل والمؤسسات والهيئات في مخطط ومسار ومحتوى اإلصالح‪ ،‬كذلك الحال‬
‫بالنسبة لألنظمة السياسية الملكية التي تسعى إلى اإلصالح الذي ال يتحق ولن يكون ما لم تتشارك وتتفاعل‬
‫فيه جميع جوانب وأطراف العملية السياسية وذلك من خالل ضرورة وحتمية إجراء وقبول اإلصالحات‬
‫والتعديالت على كافة المستويات ومن طرف كل أجزاء وعناصر ومؤسسات البنية السياسية في الدولة سواء‬
‫المؤسسة التنفيذية ‪-‬الملكية – أو التشريعية وحتى الدستورية والقضائية‪.‬‬

‫من هنا نجد انه لبلوغ وتجسيد المسار اإلصالحي الديمقراطي ال بد من إشراك وتفاعل وقبول كل‬
‫المستويات في دائرة اإلصالح‪ ،‬إنطالقا من هنا تم تخصيص هذا الفصل من الدراسة إلبراز وطرح مختلف‬
‫تلك المجاالت التي يجب أن تشملها اإلصالحات في األنظمة الملكية‪ ،‬حيث تم تخصيص المبحث األول منه‬
‫لإلصالحات التي تتعل المؤسسة التنفيذية سواء فيما يتعل بالملك أو الحكومة‪ ،‬أما المبحث الثاني فيعالج‬
‫مسألة اإلصالح على مستوى المؤسسة التشريعية أي البرلمان‪ ،‬وكل ما يتعل به ‪ ،‬في حين يتناول المبحث‬
‫الثالث واألخير منه مسألة اإلصالح الدستوري في األنظمة الملكية ‪.‬‬

‫‪- 39 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلصالح في المؤسسة التنفيذية في النظام السياسي الملكي‪.‬‬

‫عرفت المؤسسة التنفيذية على غرار مثيلتيها التشريعية والقضائية في ظل األنظمة السياسية الملكية‬
‫تحديات وتغييرات واصالحات واسعة‪،‬استجابة للدعوات اإلصالحية المنادية والرامية لترسيخ الحكم الديمقراطي‬
‫بما يمكن الشعب من المشاركة في عملية صنع السياسية واتخاذ القرار‪ ،‬في ظل مشاركة سياسية حقة تعزز‬
‫لديه الهوية واالنتماء وتضمن له كافة حقوقه وحرياته‪.‬‬

‫انطالقا من هذه الدعوات ورغبة من األنظمة السياسية ذات الطبيعة الملكية في الحفاظ على بقائها‬
‫واستقرارها ‪ ،‬وتفاديا لوقوع أزمات قد تزعزع النظام ككل وتهزه ‪،‬عملت معظم هذه األنظمة الملكية على‬
‫مراجعة وتعديل وتغيير صالحيات ومجاالت واختصاصات مختلف الهيئات وتشكيلتها وأساليب عملها بما‬
‫الديمقراطية ‪،‬سواء في طرق الحكم أو تشكيل الحكومات والو ازرات ‪،‬أو فيما يتعل‬ ‫يخدم ويتماشى وأس‬
‫بالصالحيات‪.‬وتغطية لذلك تم تخصيص هذا المبحث إلبراز وطرح مختلف اإلصالحات التي جرت على‬
‫مستوى مختلف الهيئات التنفيذية في األنظمة الملكية‪.‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫المــطـــلــــب األول‪ :‬اإلصـــــالحـــــــــــات الــتـــي مــســــــت صــــالحـــــــيــــــات الــــــــمــلــــــــــك‪.‬‬

‫الدولة والركيزة‬ ‫الحكم في النظام الملكي هو الملك أو األمير ‪ ،‬فهو أر‬ ‫ال يخفى على احد أن أسا‬
‫األساسية التي يرتكز عليها نظلم الحكم وذاته مصونة ال تم ‪ ،‬وهو القائد األعلى للقوات المسلحة وهو الذي‬
‫يتولى مختلف السلطات الثالث في الدولة ويتحكم بجميع األمور والسياسات والق اررات‪،‬والملك هو رمز الوحدة‬
‫الوطنية بالتالي فهو مقد ‪ ،‬وهو الحامي األمين للدين والوطن ورمز الوحدة الوطنية‪ ،‬فالملك هو المسؤول‬
‫(‪)1‬‬
‫عن حماية شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون‪ ،‬والراعي لحقوق األفراد والهيئات وحرياتهم ‪.‬‬

‫لذلك يعد الملك قلب هو النظام السياسي وهو القوة الكامنة المحركة للحياة السياسية‪ ،‬وعلى ضوء ذلك‬
‫الدولة ‪،‬وله وحدة صالحية الحضور في حقول النس السياسي‪،‬‬ ‫فالملك هو أمير المؤمنين وحكم ورئي‬
‫لذلك فعملية التواصل السياسي داخل النس بمختلف حقوله تتم عبر قناة أساسية هي شخص الملك‪ .‬من ذلك‬
‫نجد أن للملك في هذه النظم والدساتير ميزانية خاصة ومكانة مركزية جعلت منه الجبهة المؤتمنة على السيادة‬
‫والقيمة على المؤسسات‪ .‬وقد كرست ذلك العديد من الفصول في دساتير هذه الدول ذات النظام الملكي‬
‫وخصصت له عدة صالحيات في عدة إمتيازات واختصاصات واسعة ‪.‬‬

‫وفي مقابل هذه الصالحيات للملك في بعض الدول الملكية‪ ،‬إال أن ذلك ال ينفي وجود مماليك أو دول‬
‫ذات النظام الملكي والتي تحد وتقيد صالحيات الملك على غرار بريطانيا‪ ،‬التي تقيد صالحياته بقواعد اللعبة‬
‫البرلمانية التي تقضي بتعيين زعيم األغلبية‪ ،‬و له أيضا اختصاص تعيين كبار الموظفين و منح األلقاب و‬
‫األوسمة مثل لقب اللورد و دعوة البرلمان إلى اإلنعقاد أو حله و له ح العفو كما أم كل هذه االختصاصات‬

‫يملكها الملك نظريا فقط فالتي يتوالها عمليا هي الو ازرة‪ .‬كذلك أصبح الملك بناء على الدستور تشغل منصباً‬
‫فخرّياً‪ ،‬ومن بين القضايا التي يتدخل فيها الملك‪:‬‬

‫* توقيع اإلتفاقيات الدولية أو إلغاءها‪ ،‬إدارة شؤون الخارجية‪ ،‬حيث يكون تطبي القوانين ٍ‬
‫بأمر منه‪.‬‬

‫* عزل و تعيين الوزراء‪ ،‬حل أو إغالق البرلمان و الدعوة لعقده‪.‬‬

‫‪ 1 -‬مركز بيروت لألبحاث والمعلومات‪،‬دساتير الدول العربية‪(.‬بيروت‪ :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،)2005،‬ص ص‪.)91-90(.‬‬
‫‪- 41 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫األعيان المؤلف من األمراء‪ ،‬طبقة النبالء و الشخصيات الثقافية‪ ،‬العلمية‪،‬‬ ‫* تعيين أعضاء مجل‬
‫( ‪)1‬‬
‫باإلضافة إلى الشخصيات الدينية‪.‬‬

‫الوزراء‪ ،‬حيث يستطيع إقصاءه في المواقع االضط اررية‪.‬‬ ‫* عزل و تعيين رئي‬

‫* دعم أو اإلمتناع عن دعم و توقيع المقترحات أو المشاريع المقررة من قبل البرلمان هي أيضاً من‬
‫(‪)2‬‬
‫صالحيات الملك في هذا البلد‪.‬‬

‫بالمقابل من ذلك نجد أن بعض أو باألحرى أغلب الدول ذات النظام الملكي قد منحت الملك‬
‫صالحيات و امتيازات واختصاصات واسعة حيث منحته ‪:‬‬

‫ديني‪.‬‬ ‫‪ ‬إمتياز إمارة المؤمنين وهو يرتكز على أسا‬


‫التقاليد المتوارثة‪.‬‬ ‫‪ ‬إمتياز التحكيم وهو يقوم على أسا‬
‫على اعتبار متطلبات العصر الحديث‪.‬‬ ‫‪ ‬إمتياز الملكية الدستورية وهو يتأس‬

‫ذلك أن األنظمة الملكية أعطت المؤسسة الملكية مكانة سامية بين المؤسسات الدستورية بحيث توجد على‬
‫المؤسسات ‪ ،‬باعتبار أن الدستور لم ينشأ المؤسسة الملكية إنما أقرها استم ار ار للتاريخ على خالف‬ ‫أر‬
‫المؤسسات األخرى التي يمكن اعتبارها من صنع الدستور‪ ،‬من هنا كان للملك دون غيره تلك اإلمتيازات‬
‫(‪)3‬‬
‫واالختصاصات والتي يتمتع بها على النحو التالي‪.:‬‬

‫أ‪ /‬إمــتيـــــــــــاز إمــــــارة الــمـــؤمــنــــــــــيــــــــن ‪:‬‬

‫حيث أن منزلة الملك بوصفه أمي ار للمؤمنين تعد من الفروض الثابتة األساسية في الحياة ‪ ،‬وهذه المنزلة‬
‫تستدعي تكيفا موازيا لمنزلة الشعب‪ ،‬حيث يصبح الشعب وفقا للمفهوم اإلسالمي رعية مما يتيح المي‬

‫‪ -1‬مكانة الملك في نظام السلطة في بريطانيا‪ .‬متحصل عليه من‪ / http://lhvnews.com:‬بتاريخ‪.2015/05/12 :‬‬
‫مكانة الملك في نظام السلطة في بريطانيا‪ .‬متحصل عليه من‪ / http://lhvnews.com:‬بتاريخ‪.2015/05/12 :‬‬ ‫‪-2‬‬

‫بوطالب عبد الهادي‪ ،‬النظم السياسية المعاصرة‪ ،‬ج‪(. 2‬الدار البيضاء‪ :‬دار الكتاب‪ ،)1981،‬ص‪.181 ،‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫إقصاء الوسطاء بين اإلمام والشعب‪ ،‬والغرض من هذا اإلقصاء هو ضمانا لمركزية‬ ‫المؤمنين الملك ح‬
‫(‪)1‬‬
‫السلطة ووحدتها‪ ،‬لذلك ال يمكن الحديث في هذا الحقل عن فصل السلطات‪. .‬‬

‫أن سلطة الملك بوصفه أمير المؤمنين هي سلطة شاملة ‪ ،‬وهذه الشمولية تجد‬ ‫يتضح مما سب‬
‫مرجعيتها في الشرع اإلسالمي كنظام إلمارة المؤمنين ‪ ،‬إذ يستمد الملك شرعيته من البيعة‪ ،‬ومن هذا المنظور‬
‫تصبح لها وظيفة سياسية أساسية هي ح إحتكار السلطة‪ ،‬فالسلطة الممنوحة للملك بوصفه امير للمؤمنين‬
‫مركزية مطلقة ال تحد من قوتها آليات النظام البرلماني‪.‬من هذا المنطل يبقى الملك يحتل المكانة المركزية‬
‫(‪)2‬‬
‫داخل النس السياسي‪ ،‬هذه المكانة والدور هو الذي يبرر له تحجيم دور المؤسسات المنتخبة‪.‬‬

‫ب‪ /‬إمـــتـــيــــــــــاز الـــتحـــكــــيــــــــــــــــــــم ‪:‬‬

‫منزلة الملك في هذا الحقل بوصفه حكما بتكييف آخر لمنزلة الشعب‪ ،‬حيث يصبح الشعب وفقا لألعراف‬
‫المتوارثة مجموعة من الفرقاء ‪:‬قبائل‪ ،‬أحزاب سياسية ‪ ،‬منضمات نقابية ‪،‬جمعيات مهنية‪ .‬ذلك أن التحكيم ال‬
‫يستقيم إال مع وجود فرقاء ‪ ،‬بالتالي فالملك يستمد شرعيته في هذا الحقل من إنتمائه النبوي‪ .‬ولما كان من‬
‫غير المتصور أن يكون الملك رئيسا ألي من هذه التجمعات واألحزاب‪ .‬فهو إذن ال بد ان يكون فوقها‬
‫(‪)3‬‬
‫فيصبح الشغل الشاغل للملك هو المحافظة على النظام السياسي الملكي‪ ،‬ولتحقي ذلك يعتمد‬ ‫جميعا‪.‬‬
‫الملك في حقل التحكيم على وسطاء من ضمن العائالت المرتبطة باألسرة الملكية‪ .‬وخير مثال على أن‬
‫التحكيم ما زال سلطة مؤثرة أن الملك المغربي حسن الثاني كثي ار ما لجأ إليه للتوفي بين القوى المتخاصمة‪،‬‬
‫والملك في ممارسته لهذا الدور – التحكيم‪ -‬يحرص على عدة أمور أهمها‪:‬‬

‫*عدم السماح ألي قوة أن تنمو على النحو الذي يسمح لها أن تستوعب القوى األخرى وتفرض‬
‫وجودها عليها‪ ،‬لذلك فهو يشجع كل ما من شأنه الحيلولة دون هيمنة أي قوة من القوى المتعددة‪.‬‬

‫*عدم االرتباط بصورة نهائية مع اي جماعة أو قوى مهما كان والؤها له‪ ،‬ومهما كان دوره في ظهورها‬
‫إلى حيز الوجود‪ ،‬وهو لهذا ال يتبنى برنامج أو موقف حزب معين‬

‫‪ -1‬محمد ضريف‪ ،‬تاريخ الفكر السياسي بالمغرب‪(.،‬الدار البيضاء‪ :‬مطابع افريقيا الشرق‪،)1988،‬ص‪.298 ،‬‬
‫‪ -2‬محمد ضريف ‪،‬المرجع الساب ‪.‬ص‪.303 ،‬‬
‫‪3 - J.COLSON : « Aspects constitutionnels et politique du MAROC indèpendant ».op.cit.p 1286.‬‬
‫‪- 43 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫(‪).1‬‬
‫*جعل القوى كافة تؤيد الملكية وتناصرها مهما كانت الخالفات فيما بينها‪.‬‬

‫والملك يقوم بكل هذا من خالل إمساكه بكل جوانب عملية التحكيم مستثم ار طبيعة عالقاته بأتباعه بكونها‬
‫عالقات تبعية‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما تقدم يحق التحكيم للملك مكانة ودو ار مهما في الحياة السياسية تصب في المحصلة‬
‫في تعزيز دور ومكانة المؤسسة الملكية كسلطة عليا معترف بها‪ ،‬ال كقوة سياسية كسائر القوى‪ ،‬إال ان‬
‫نجاحه مرهون بدوام المنافسة واالنقسام ‪.‬وهو ما سعت المؤسسة الملكية لضمانه باستمرار التشجيع على‬
‫(‪)2‬‬
‫ظهور أحزاب سياسية موالية للملك ومناهضة للقوى التي تنافسه في الشرعية ‪.‬‬

‫ج‪ /‬إمــتــــيــــــــــــتاز الــملــكــــــــيـــــــــة الـــــــدسـتـــــــــــــــوريـــــــــــــــــة ‪:‬‬

‫هنا يصبح الملك رئيسا للدولة ويصبح الشعب مجموعة من المواطنين‪ ،‬ويتضمن هذا الحقل جميع‬
‫أدوات التحديث السياسي وهو يرتكز في سيره على البيروقراطية‪ ،‬ويعتمد القانون قاعدة للنظام‪.‬كما يتميز‬
‫بوجود وسطاء كاألحزاب والبرلمان والنقابات‪ ...‬وفي هذا الحقل يتم التحدث عن الديمقراطية بدل الشورى‪،‬‬
‫وعن التعددية بدل اإلجماع‪ ،‬كما يتم الحديث عن فصل السلطات ‪ ،‬وهو نتيجة تمازج بين نظام األحزاب‬
‫واإلطار الدستوري‪ .‬لكن ذلك الفصل في السلطات ال يعني تجاوز وحدة السلطة أو التخلي عن جزء منها‪،‬‬
‫فعلى الرغم من أن الملك يستمد شرعيته من الدستور لكن الدستور اليحد من سلطة الملك ألنه ساب عليه‪.‬‬
‫تفويض سلطة‪ ،‬لهذا فالنص‬ ‫إذن فالملك في حقل الملكية الدستورية يمار تفويض إختصاص ‪ ،‬ولي‬
‫الدستوري ال يمكن أن يكون عقبة منيعة أمام بسط السياسة الملكية ‪ ،‬بل هو وسيلة لخدمتها طالما أن الملك‬
‫( ‪)3‬‬
‫ساب على الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬واتربوري جون(تر‪:‬ماجد نعمة وعبود عطية)‪،‬الملكية والنخبة السياسية ‪(.‬بيروت‪:‬دار الوحدة للطباعة والنشر‪ ،)1982،‬ص‪،‬‬
‫‪.242‬‬
‫‪ -2‬واتربوري جون‪ ،‬المرجع الساب ‪.‬ص‪242 ،‬‬
‫ديفرجيه‪(،‬تر‪:‬علي مقلد وعبد الحسن سعد)‪،‬األحزاب السياسية‪.‬ط‪(.3‬بيروت‪ :‬دار النهار للنشر‪ ،)1980،‬ص‪،‬‬ ‫‪ -3‬موري‬
‫‪.394‬‬
‫‪- 44 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سب نالحظ أن االمتيازات السابقة الذكر تفسر المكانة المركزية التي يحتلها الملك‬
‫في غيره من‬ ‫داخل النس السياسي ‪ ،‬لكن مع ذلك نجد انه جعل ثقل السلطة كامنا في إمارة المؤمنين ولي‬
‫حقول‪ ،‬لكي تبقى سلطته مركزية مطلقة ال تحد من قوتها القواعد الدستورية وآليات العمل البرلماني‪.‬‬

‫هذا إضافة إلى العديد من الصالحيات واالختصاصات المخولة للملك التي كان يتمتع بها دون منازع‬
‫أو شريك أو رادع‪ ،‬والتي منها سلطات يمارسها بمفرده‪ ،‬ومنها ما يمارسها باالشتراك مع الحكومة أو البرلمان‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السلطات التي يمارسها الملك بمفرده‪:‬‬

‫‪ /1‬تعيين الوزير األول والوزراء‪:‬‬

‫الملك هو من يعين الوزير األول والوزراء ويعفيهم من مهامهم ويقيلهم إن استقالوا‪.‬‬

‫‪/2‬االستفتاء الشعبي بشأن القوانين‪:‬‬

‫يقصد باالستفتاء االحتكام للشعب في موضوع معين‪،‬وهي سلطة مهمة خولها الدستور للملك وحده‪ ،‬إذ للملك‬
‫أن يستفتي شعبه في شأن كل مشروع أو اقتراح قانون‬

‫‪/3‬ح حل البرلمان‪:‬‬

‫للملك ح حل البرلمان بظهير شريف *وللملك بعد إستشارة الغرفة الدستورية وتوجبه خطاب للشعب أن يحل‬
‫البرلمان ‪.‬واذا تم حل البرلمان ال يستطيع الملك حل البرلمان الجديد الذي تم انتخابه إال بعد مضي سنة على‬
‫(‪)1‬‬
‫قيامه‪.‬ويعتبر حل البرلمان من قبل الملك من أخطر الوسائل التي يمتلكها الملك لمراقبة السلطة التشريعية‪.‬‬

‫‪/4‬قيادة القوات المسلحة‪:‬‬

‫الملك في النظام السياسي الملكي هو القائد األعلى للقوات المسلحة الملكية‪ ،‬وله ح التعيين في الوظائف‬
‫المدنية والعسكرية‪ ،‬كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الح ‪ .‬وهذه السلطة الممنوحة للملك باإلضافة إلى‬
‫السلطات األخرى المقررة بموجب الدستور تجعل منه المحرك األساسي للحياة السياسية نظ ار لما تمتلكه‬

‫‪ -1‬محمود صالح الكروي ‪،‬التجربة البرلمانية في المغرب‪(.1998-1963‬بغداد‪ :‬مطبعة البري ‪،)2010،‬ص ص‪-105(.‬‬
‫‪.)106‬‬
‫‪- 45 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫القوات المسلحة من قدرة التأثير المباشر في حسم المواقف لفرض وجهة النظر الملكية عندما يتطلب األمر‬
‫(‪)1‬‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ /5‬تعيين بعض الموظفين‪:‬‬

‫المحكمة العليا بمقتضى ظهير شريف‪ ،‬وكذلك يعين ثالث أعضاء في الغرفة الدستورية‬ ‫يعين الملك رئي‬
‫بمقتضى ظهير شريف أيضا‪.‬‬

‫‪ /6‬عرض التعديل الدستوري على االستفتاء‪:‬‬

‫للملك الح في عرض مشاريع واقتراحات مراجعة الدستور على الشعب‪.‬‬

‫‪/7‬اإلعالن عن حالة اإلستثناء‪:‬‬

‫حالة اإلستثناء تعني أن هناك خطر وشيك الوقوع يهدد مؤسسات الدولة أو استقاللها أو سالمتها‪ ،‬في هذا‬
‫المجلسين وتوجيه خطاب‬ ‫الحال يمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء بظهير شريف بعد استشارة رئي‬
‫(‪)2‬‬
‫لألمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬سلطات يمارسها الملك باالشتراك مع الحكومة أو البرلمان‪:‬‬


‫‪ /1‬تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين‪:‬‬
‫التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية‪،‬كما ان له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الح ‪.‬ويكون‬ ‫للملك ح‬
‫التعيين بمقتضى ظهائر موقعة بالعطف من الوزير األول‪ ،‬لكن يبقى المجال العسكري ضمن المجال الخاص‬
‫بالمؤسسة العسكرية‪.‬‬
‫‪/2‬إصدار القوانين‪:‬‬

‫‪ -1‬محمود صالح الكروي ‪،‬التجربة البرلمانية في المغرب‪(.1998-1963‬بغداد‪ :‬مطبعة البري ‪،)2010،‬ص ص‪-105(.‬‬
‫‪.)106‬‬
‫‪ -2‬محمود صالح الكروي ‪،‬المرجع الساب ‪ .‬ص ص‪.)106-105(.‬‬
‫‪- 46 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫إن سلطة اإلصدار مستمدة من الدستور‪ ،‬فاإلصدار ما هو إال نتيجة نابعة من االلتزام بتنفيذ اإلرادة التشريعية‬
‫للبرلمان المستمدة من الدستور‪،‬إذ الملك بإصداره للقانون يكون هذا اإلصدار بمثابة اإلعالن الرسمي لميالد‬
‫هذا القانون‪ ،‬وتوجيه أمر إلى السلطات المختصة لتنفيذه‪ ،‬وبدون موافقة الملك ال يصبح القانون قابال للتنفيذ‪.‬‬
‫‪/3‬ح التمثيل الدبلوماسي‪:‬‬
‫واختصاصاته تكون‬ ‫(‪)1‬‬
‫الدولة في معظم الدساتير الحديثة‪.‬‬ ‫يعد هذا الح من الحقوق المعترف بها لرئي‬
‫في تعيين السفراء لدى الدول األجنبية والمنظمات الدولية وله أيضا سلطة إعتماد السفراء وممثلوا المنظمات‬
‫الدولية بما يسمح له بمراقبة السياسة الخارجية وبسط إرادته عليها‪.‬‬
‫‪/4‬ح عقد المعاهدات‪:‬‬

‫كما هو الحال في ح التمثيل النسبي إذ للملك ح توقيع المعاهدات والمصادقة عليها‪،‬غير انه ال يصادق‬
‫على المعاهدات التي تلزم تكاليف مالية الدولة إال بعد موافقة البرلمان‬

‫‪/5‬ح العفو‪:‬‬

‫الملك ح العفو بمقتضى ظهائر توقع بالعطف من المستوى األول‪ ،‬وهي القاعدة التقليدية المعتمدة‪،‬‬ ‫يمار‬
‫وسلطة الملك في هذا المجال يستمدها من الدستور لما يتمتع به من سلطة تقديرية في تقرير العفو إستنادا‬
‫لمقتضيات المصلحة العامة دون أن يتقيد بتقديم مبررات قانونية ‪.‬‬

‫‪ /6‬ح الطلب من البرلمان بإعادة دراسة القانون‪:‬‬

‫للملك أن يطلب من كال مجلسي البرلمان أن يق أر قراءة جديدة كل مشروع أو مقترح قانون‪ ،‬وتطلب القراءة‬
‫الجديدة بخطاب إلى البرلمان‪ ،‬والهدف هو الرغبة في حمل البرلمان على تنقيح القوانين التي يصدرها من‬
‫األخطاء‪ ،‬وللملك أن يستفتي شعبه في كل مشروع أو إقتراح قانون بعد أن يكون قد ق أر قراءة جديدة‪.‬‬

‫‪/7‬الرئاسيات‪:‬‬

‫‪ -1‬السعيد نعمة‪ ،‬النظم السياسية في الشرق األوسط‪(.‬بغداد‪ :‬شركة النشر والطبع األهلية‪ ،)1968،‬ص‪.423 ،‬‬
‫‪- 47 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫األعلى‬ ‫المجل‬ ‫الوزاري ‪ ،‬وي أر‬ ‫الملك المجل‬ ‫الملك بموجب الدستور عدة هيئات ‪ ،‬إذ ي أر‬ ‫ي أر‬
‫( ‪)1‬‬
‫األعلى للتعليم‪.‬‬ ‫األعلى للقضاء والمجل‬ ‫المجل‬ ‫لإلنعاش الوطني والتخطيط‪ ،‬كما ي أر‬

‫‪ -‬غير أن موجة اإلصالحات الديمقراطية قلبت وتدخلت في إطار هذه السلطات وحدودها‪ ،‬فمنها‬
‫ماحدت منه ومنها ما قننته ومنها ما خولته لمؤسسات أخرى‪ ،‬ومن بين هذه اإلصالحات مايلي‪:‬‬

‫سلطاته مباشرة بواسطة وزرائه الذين يسألون ويحاسبون عن السياسة العامة للحكومة‬ ‫‪ ‬الملك يمار‬
‫حيث يسأل كل وزير عن أعمال و ازرته‪.‬‬
‫الوزراء ويعفيه من منصبه‪ ،‬كما يعين الوزراء ويعفيهم من‬ ‫مجل‬ ‫بأمر ملكي يعين الملك رئي‬ ‫‪‬‬
‫الوزراء‬ ‫مجل‬ ‫مناصبهم بمرسوم ملكي بناءا على عرض رئي‬
‫الشورى ويعفيهم بأمر ملكي‪.‬‬ ‫‪ ‬يعين الملك أعضاء مجل‬
‫‪ ‬الملك هو القائد األعلى لقوة الدفاع ‪ ،‬ويتولى قيادتها وتكليفها بالمهام الوطنية داخل أراضي المملكة‬
‫وتراعي السرية الالزمة في شؤونها‪.‬‬
‫األعلى للقضاء‪،‬ويعين القضاة بأوامر ملكية بناءا على اقتراح من المجل‬ ‫الملك المجل‬ ‫‪ ‬ي أر‬
‫(‪)2‬‬
‫األعلى للقضاء‪.‬‬
‫‪ ‬في حالة غياب الملك عن البالد وتعذر نيابة وتولي ولي العهد الحكم يعين بأمر ملكي نائبا يمار‬
‫صالحياته مدة غيابه‪،‬على أن يؤدي النائب القسم واليمين المنصوص عليه في الدستور‪.‬‬
‫‪ ‬للملك ح اقتراح تعديل الدستور واقتراح القوانين‪ ،‬ويختص بالتصدي على القوانين واصدارها‪.‬‬
‫الشورى والنواب فو ار وتكون للمعاهدة قوة القانون‬ ‫‪ ‬يبرم الملك المعاهدات بمرسوم ويبلغها إلى مجل‬
‫بعد إبرامها والتصدي عليها ونشرها في الجريدة الرسمية‪.‬على أن تكون المعاهدات المتعلقة بالصلح والتحالف‬
‫والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة أو ثرواتها الطبيعية أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو‬
‫الخاصة صادرة بقانون‪ .‬على أال يجوز في أي حال من األحوال أن تتضمن المعاهدة شروطا سرية تناقض‬
‫شروطها العلنية ‪.‬‬

‫‪ -1‬السعيد نعمة‪ ،‬المرجع الساب ‪ .‬ص‪.423 ،‬‬


‫‪ -2‬مركز بيروت لألبحاث والمعلومات‪،‬المرجع الساب ‪ .‬ص ص‪.)91-90(.‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ ‬ال يجوز للملك أن تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين لدى الدول األجنبية‬
‫(‪)1‬‬
‫والهيئات الدولية أو يعفيهم من مناصبهم إال وف حدود القانون‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك ال يمكن للملك أن يمنح العفو الشامل إال بقانون‪،‬وله أن يخفض العقوبة ‪.‬‬
‫‪ ‬يضع الملك مراسيم اللوائح الالزمة لتنفيذ القوانين دون أن يتضمن تعديال فيها أو تعطيال لها أو إعفاء‬
‫من تنفيذها‪.‬‬
‫‪ ‬يجب عل الملك أن يستفتي الشعب في القوانين والقضايا الهامة التي تتصل بمصالح البالد‪ ،‬ويعتبر‬
‫موضوع االستفتاء موافقا عليه إذا أقرته األغلبية ممن أدلو بأصواتهم وتكون نتيجة االستفتاء ملزمة ونافذة من‬
‫( ‪)2‬‬
‫تاريخ إعالنها ونشرها في الجريدة الرسمية ‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع الساب ‪ .‬ص ص‪.)91-90(.‬‬


‫‪ -2‬المرجع الساب ‪ ،‬ص ص‪.)93-92(.‬‬
‫‪- 49 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الــمطــلــــب الثـــانـــــي‪ :‬اإلصالحــــــات التي مســـت صالحـــــيــــــات عـــمــــل الحكــــومـــــة وتـشــكيــلــــــــــها‬

‫تتألف الحكومة من الوزير األول والوزراء وهي تستمد وجودها من اإلرادة الملكية الملك هو المسؤول عن‬
‫تعيين الوزير األول وتعيين أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير األول‪ .‬وهي مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان‬
‫وبناءا على ذلك فهي في حالة تبعية سياسية ودستورية للمؤسسة الملكية‪،‬وما يؤكد هذه التبعية هي أن الوزير‬
‫الوزاري ‪ ،‬أما عدد‬ ‫المجل‬ ‫األول ال يملك الصالحية في اختيار أعضاء حكومته والملك هو الذي ي أر‬
‫(‪)1‬‬
‫وتتشكل الحكومة في اغلب األحيان‬ ‫الوزراء فهو غير محدد حسب المقتضيات العامة لمصلحة الدولة‪.‬‬
‫النواب والملك الذي يعفي الحكومة أو يقيلها‪ ،‬وكانت الحكومة في ظل األنظمة الملكية‬ ‫بعد انتخاب مجل‬
‫تتمتع بسلطات محددة منها السلطة التنظيمية باعتبار الوزير األول هو الشخصية الثانية في السلطة التنفيذية‬
‫الحكومي ومتابعة‬ ‫وله عالقة مباشرة مع الملك أنيطت به ممارسة السلطة التنظيمية من خالل رئاسته للمجل‬
‫النشاطات الو ازرية طبقا‬ ‫تنفيذ برنامج عمل الحكومة والسهر على تنفيذ القوانين‪،‬إضافة إلى قيامه بتنسي‬
‫لتعليمات الملك‪،‬واصدار ق اررات تنظيمية تحمل التوقيع بالعطف من الوزراء المكلفين بتنفيذها وتفويض بعض‬
‫سلطاته للوزراء‪.‬‬

‫الحال ‪ ،‬حيث أدخلت تعديالت دستورية على عمل‬ ‫غير أن هذه الصالحيات لم تبقى على نف‬
‫واختصاصات هذه األخيرة ومن بين أهم النقاط والمحاور واإلصالحات التي خصت هذه الهيئة نذكر‪:‬‬

‫‪ ‬وفقا للدستور أصبحت الحكومة تمار اختصاص التنفيذ والتشريع‪ ،‬أما عن االختصاص التنفيذي‬
‫فتمارسه من خالل وضع الجهاز اإلداري تحت تصرفها ‪ ،‬أما االختصاص التشريعي فتساهم الحكومة في‬
‫النواب‪ ،‬واصدار المراسيم القانونية بناءا على‬ ‫التشريع في حاالت محددة كالتقدم باقتراح القوانين لمجل‬
‫(‪)2‬‬
‫النواب‪.‬‬ ‫تفويض مجل‬
‫‪ ‬أن الحكومة صارت مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان‪.‬‬
‫‪ ‬على الوزير األول بعد أن يعين الملك أعضاء الحكومة أن يتقدم أمام البرلمان بعرض البرنامج الذي‬
‫يعتزم تطبيقه على أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف‬
‫المجاالت ‪ ،‬خاصة في ميادين السياسة االقتصادية واالجتماعية والثقافية والخارجية‪.‬‬

‫‪ 1 -‬حمادي شمران‪ ،‬النظم السياسية‪ .‬ط‪(،4‬بغداد‪ :‬مطبعة اإلرشاد‪ )1985،‬ص ص‪.93-92.‬‬


‫‪ 2 -‬محمود صالح الكروي ‪،‬المرجع الساب ‪.‬ص ص‪.112-111.‬‬
‫‪- 50 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ ‬تعمل الحكومة على تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير األول‪ ،‬واإلدارة موضوعة رهن تصرفها‪.‬‬
‫‪ ‬للوزير األول الح في التقدم بمشاريع القوانين لكن ال يمكنه أن يودع أي مشروع قانون بمكتب أي‬
‫الوزاري‬ ‫من مجلسي البرلمان قبل المداولة في شانه بالمجل‬
‫‪ ‬للحكومة صالحية ممارسة السلطة التنظيمية من خالل الوزير األول على أن تحمل المقررات‬
‫التنظيمية الصادرة عن الوزير األول تواقيع الوزراء المكلفين بتنفيذها ‪.‬‬
‫‪ ‬للوزير األول الح في تفويض بعض سلطاته للوزراء‪.‬‬
‫الوزراء والوزراء‬ ‫مجل‬ ‫‪ ‬القانون هو الذي يعين ويحدد مرتبات رئي‬
‫‪ ‬ال يجوز للوزير أثناء توليه الو ازرة أن يتولى أي وظيفة عامة أخرى أو أن يزاول أي مهن حرة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ‬الو ازرة أو الحكومة هي المسؤولة عن تنسي النشاطات الو ازرية‪. .‬‬
‫الوزاري مسؤول عن المسائل اآلتية قبل البث فيها‪:‬‬ ‫‪ ‬المجل‬
‫* القضايا التي تهم السياسة العامة للدولة ‪.‬‬
‫* اإلعالن عن حالة الحصارو إشهار الحرب‪.‬‬
‫*مشاريع القوانين قبل إيداعها ومشروع المخطط ومراجعة الدستور‪.‬‬
‫النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها‪.‬‬ ‫* طلب الثقة من مجل‬
‫النواب‪.‬‬ ‫ال يمكن سحب الثقة من الحكومة إال باألغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم مجل‬ ‫‪‬‬
‫توجيه‬ ‫توجيه تنبيه للحكومة أو على ملتم‬ ‫المستشارين الح في أن يصوت على ملتم‬ ‫‪ ‬لمجل‬
‫توجيه التنبيه للحكومة مقبوال إال إذا وقعه على األقل ثلث أعضاء مجل‬ ‫رقابة ضدها‪.‬وال يكون ملتم‬
‫المستشارين‪ ،‬وال يتم الموافقة عليه إال باألغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم هذا المجل ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫الرقابة ‪.‬‬ ‫تتعرض الحكومة الستقالة جماعية في حالة الموافقة على ملتم‬ ‫‪‬‬

‫‪ -1‬مركز بيروت لألبحاث والمعلومات‪ ،‬المرجع الساب ‪، .‬ص‪.521 ،‬‬


‫‪ -2‬المرجع الساب ‪،‬ص ص‪.)523 -522(.‬‬
‫‪- 51 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الــمبحـــث الثــانـــي‪ :‬اإلصــــالح فــي المــؤســـســـــــة التشــريعـــيـــة في النظـام السيـاسـي الملكــي‪.‬‬

‫التشريعي أو البرلمان دور مهم وفاعل في تسيير حياة األمم والشعوب في العالم‬ ‫بات للمجل‬
‫قاطبة‪.‬ومع موجة المتغيرات الدولية واإلقليمية والمحلية ‪ ،‬ومع تنامي دعوات الديمقراطية وكفالة حقوق‬
‫دور كبير وفاعل في الحياة العامة ‪،‬وفي النظم السياسية ككل‪.‬فالمجال‬ ‫اإلنسان أصبح لهذه المجال‬
‫التشريعية بصفة عامة هي مصنع التشريع وهي إحدى السلطات الرئيسية الحاكمة‪ ،‬وفي جل النظم السياسية‬
‫تعد ركنا أساسيا من أركان النظام السياسي حيث السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية تمثل جميعها عصب‬
‫النظام السياسي‪.‬‬

‫التشريعية أكثر في إطار عمليات واإلصالح الديمقراطي التي‬ ‫وتبرز أهمية السلطة أو المجال‬
‫آليات ووسائل تلك السلطة المهمة من سلطات النظام‬ ‫تسعى إليها معظم الدول حيث تمثل هذه المجال‬
‫السياسي لذلك فإن جل األنظمة السياسية باختالف طبيعتها‪ ،‬وباألخص األنظمة السياسية الملكية تؤكد على‬
‫أهمية ومكانة هذه المؤسسة باعتبارها السلطة التي تملك الح في وضع القوانين ومناقشتها في حدود اإلطار‬
‫الدستوري‪ ،‬حيث تتولى الهيئة التشريعية أعمال هذه السلطة ممثلة جميع المصالح واالتجاهات فضال عن‬
‫إصدار وسن التشريعات ومناقشة القضايا العامة ‪.‬‬

‫النواب ومجل‬ ‫ونظ ار لألهمية التي تحتلها هذه المؤسسة والتي غالبا ما تتشكل من مجلسين ‪ ،‬مجل‬
‫الشيوخ أو الشورى كما يصطلح عليه في بعض الدول ‪ ،‬فقد كانت مركز ومحور اهتمام معظم الدعوات‬
‫اإلصالحية المنادية للديمقراطية‪ ،‬ذلك من خالل المطالبة بإدخال تعديالت واصالحات على عمل‬
‫وصالحيات هذه المؤسسة في األنظمة الملكية ‪.‬وهذا ما يمثل محور الدراسة في هذا المبحث‪.‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الـمــطــــلــــب األول‪ :‬اإلصالحـــــــــــــات التـــــي مــســـت مجـــلـــس الــــنـــواب‪.‬‬

‫المجل ‪ ،‬حيث أنه ومنذ‬ ‫األدنى كلها مسميات تعبر عن نف‬ ‫العموم أو المجل‬ ‫النواب أو مجل‬ ‫مجل‬
‫النواب الممثل‬ ‫الذي يتولى أعمال السلطة التشريعية حيث يعتبر مجل‬ ‫عقود مضت كان هو الركيزة واألسا‬
‫سيادته بالتالي ال‬ ‫للشعب تمثيال مباش ار ومن ثم فهو تجسيد إلرادة هذا الشعب‪،‬هذه اإلرادة هي التي تعك‬
‫)‪(1‬‬
‫يمكن أن تكون مجزأة‪" .‬‬
‫النواب عن طري االقتراع العام السري المباشرة حيث تكون العضوية فيه‬ ‫يتم انتخاب أعضاء مجل‬
‫بحكم مناصبهم‪ ،‬أما فيما يخص سن‬ ‫قاصرة على المنتخبين فقط‪ ،‬وال يح للوزراء االنتماء لعضوية المجل‬
‫فتختلف حسب كل دولة ونظامها الدستوري‪.‬والنائب في هذا المجل‬ ‫وعدد األعضاء ومدة العضوية بالمجل‬
‫(‪)1‬‬ ‫يمثل األمة‬
‫النواب أداة مهمة للتشريع والرقابة ذلك الشتراكه في ممارسة سلطة التشريع‪ ،‬واجتماعات‬ ‫يمثل مجل‬
‫عادة ما تنشر أعمالها في الجريدة الرسمية ‪ ،‬وفي حال االستثناءات يمكن عقد اجتماعات سرية‬ ‫المجل‬
‫بطلب من الوزير األول أو ثلث أعضاء المجل ‪.‬‬
‫هي مجموعة‬ ‫من بين االمتيازات التي دعمتها وشملتها اإلصالحات على مستوى هذا المجل‬
‫الحصانات واالمتيازات التي يكتسبها األعضاء ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ال تتم متابعة أي نائب من األعضاء أو البحث عنه‪ ،‬وال إلقاء القبض عليه وال اعتقاله وال محاكمته‬
‫بمناسبة إبدائه لرأيه أو قيامه بتصويت خالل مزاولته لمهامه إال إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام‬
‫الملكي أو يتضمن ما يخل باالحترام الواجب للملك‪.‬‬
‫ما لم‬ ‫‪ ‬ال يجوز متابعة النائب وال إلقاء القبض عليه من اجل جناية أو جنحة إال بإذن من المجل‬
‫(‪)2‬‬ ‫بالجريمة‪.‬‬ ‫يكن هذا العضو في حالة التلب‬
‫‪ ‬ال يجوز إلقاء القبض على عضو خارج مدة دورات البرلمان إال بإذن من البرلمان عدا حالة التلب‬
‫بالجريمة أو متابعة مصرح بها ‪ ،‬أو صدور حكم نهائي بالعقاب‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪،‬المؤسسات التشريعية في الوطن العربي‪(.‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪.)2004،‬‬
‫ص‪.10 ،‬‬
‫‪ -2‬المرجع الساب ‪ .‬ص ص‪.)107، 106 (.‬‬
‫‪- 53 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ ‬يوقف اعتقال عضو من أعضاء البرلمان أو متابعته إذا صدر طلب بذلك من البرلمان عدا حال‬
‫بالجريمة أو متابعة مصرح بها‪ ،‬أو صدور حكم نهائي بالعقاب‪.‬‬ ‫التلب‬

‫إخــــتصـــــاصــــــــــــات مـــجــــلـــس الــنـــــــــــــــــــــــواب‪:‬‬

‫على ضوء األحداث والمتغيرات التي عاشتها الساحة الدولية مؤخرا‪ ،‬وفي ظل تنامي وامتداد الدعوات‬
‫للديمقراطية واإلصالح التي مست كافة مستويات ومؤسسات الحكم بما فيها المؤسسات التشريعية بمختلف‬
‫النواب في ظل يتمتع بالعديد من الصالحيات والسلطات المتنوعة ما‬ ‫مجالسها وصالحياتها‪،‬أين أصبح مجل‬
‫بين التشريعية والسياسية والمالية والرقابية‪،‬من بين هذه االختصاصات نذكر ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الـســلـطــــــــــات الــتــشــريـــعــيـــــــــــــة ‪:‬‬

‫ويختص‬ ‫أعمال التشريع‪ ،‬حيث تتم مناقشة مشاريع ومقترحات القوانين المقدمة للمجل‬ ‫يتولى المجل‬
‫بالتشريع في قوانين مرتبطة بمجاالت محددة كتحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها والمسطرة الجنائية‬
‫والمدنية‪ ،‬إضافة إلى الضمانات األساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين ‪.‬والنظام االنتخابي‬
‫للجماعات المحلية‪ ،‬ونظام االلتزامات المدنية والتجارية‪....‬‬

‫كما أن له صالحية التصويت على القوانين تضع إطا ار لألهداف األساسية لنشاط الدولة في الميادين‬
‫يتولى المصادقة على مشاريع ومقترحات القوانين‬ ‫االقتصادية والثقافية واالجتماعية ‪ ،‬وبجانب ذلك فالمجل‬
‫بدور‬ ‫باألغلبية المطلقة في عدم حال توصل اللجنة المشتركة بين الغرفتين إلى اتفاق‪.‬بالتالي يضطلع المجل‬
‫الملك‪(1 ).‬‬ ‫مهم في مراجعة الدستور بجانب‬

‫ب‪-‬الــــسلــطــــــــــــــات المــــــــالـــيـــــــــــــــة‪:‬‬

‫تنظيمي ‪(2).‬‬ ‫النواب قانون الميزانية‪ ،‬ويصدر عنه بالتصويت وفقا لشروط محددة يرسمها قانون‬ ‫يناقش مجل‬

‫‪ -1‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪.‬المرجع الساب ‪ .‬ص‪.109 ،‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪.‬المرجع الساب ‪ .‬ص‪.109 ،‬‬
‫‪- 54 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫ج –الـــسـلطــــــــــــات الــــرقـــــــابــــيـــــــــــة‪ :‬يمار البرلمان مراقبة ذات شكلين‪:‬‬

‫*الشكل األول‪ :‬مراقبة بإثارة المسؤولية السياسية للحكومة وتحريكها‪،‬يترتب عليها جزاء سياسي‪.‬‬

‫*الشكل الثاني‪ :‬مراقبة بدون إثارة المسؤولية السياسية للحكومة ‪،‬حيث أن تحريكها ال يترتب عليها جزاء‬
‫سياسي‪.‬‬

‫بوسائل المراقبة البرلمانية التي يلجا إليها البرلمان فهي األسئلة الشفهية واألسئلة‬ ‫أما فيما يتعل‬
‫‪(1 ).‬‬ ‫الكتابية و األسئلة اآلنية والمستعجلة ولجان تقصي الحقائ‬

‫‪.)110‬‬ ‫‪ -1‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪.‬المرجع الساب ‪ .‬ص ص‪،109(.‬‬


‫‪- 55 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الــمطــلــــب الـــثــــانــــي‪ :‬اإلصــــالحــــــــات التــــــي مســــت مجــــلـــس الشـــــــورى(الــــــــشــــــــيوخ)‪.‬‬

‫الشيوخ‪،‬هو مؤسسة تشريعية يتألف من أعضاء يعينون بأمر ملكي ‪،‬لمدة تختلف من‬ ‫الشورى أو مجل‬ ‫مجل‬
‫دولة ألخرى‪ ،‬حيث يجوز إعادة التعيين لألعضاء لمن انتهت مدة عضويتهم ‪.‬كما يجوز ألي عضو من‬
‫حسب الطرق المحددة في الدستور‪.‬أما رئي‬ ‫أن يطلب إعفاءه من عضوية المجل‬ ‫أعضاء هذا المجل‬
‫نائبا أو اثنين للرئي ‪ .‬يعقد‬ ‫وينتخب المجل‬ ‫الشورى فإن الملك هو من يعينه لمدة تماثل مدة المجل‬ ‫مجل‬
‫النواب‪.‬‬ ‫اجتماعاته عند اجتماع مجل‬ ‫المجل‬

‫لعل من أبرز التعديالت واإلصالحات التي مست وخصت هذه الهيئة في ظل اإلصالحات والتوجهات‬
‫الديمقراطية ما يلي‪:‬‬

‫إلى‬ ‫* تحديد نظم وأساليب العمل بالمجل ‪،‬حيث تم إحالة ومنح طرق ونظم سير عمل المجل‬
‫القانون‪.‬‬

‫*االحتكام إلى القانون في كل المسائل التي تتعل بالمناقشة والتصويت والسؤال واالستجواب‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫* فرض جزاءات وعقوبات تترتب على مخافة العضو للنظام أو تخلفه عن جلسات المجل‬

‫إخــــتصــــاصـــــــات مــــجــــلـــــــس الشـــــــــــورى‪:‬‬

‫من بين اإلختصاصات التي تم تعديلها واإلصالح فيها مايلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫النواب‪.‬‬ ‫* اإلسهام في مجال التشريع وسن وتقرير القوانين بالتنسي مع مجل‬

‫* ممارسة السلطات واالختصاصات الرقابية‪.‬‬

‫* توجيه األسئلة المكتوبة إلى الوزراء الستيضاح األمور الداخلة في اختصاصهم‪ ،‬وللسائل وحده ح‬
‫التعقيب مرة واحدة على اإلجابة ‪،‬فإن أضاف الوزير جديدا تجدد ح العضو في التعقيب‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.43 ،‬‬


‫‪- 56 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫النواب‪،‬ويستمع إليهم كلما‬ ‫الشورى ومجل‬ ‫الوزراء والوزير حضور جلسات مجل‬ ‫مجل‬ ‫* يح لرئي‬
‫أن يطلب‬ ‫طلبوا الكالم‪ ،‬ولمه أن يستعينوا بمن يريدون من كبار الموظفين أو من ينوبون عنهم‪ ،‬وللمجل‬
‫حضور الوزير المختص عند مناقشة أمر يتعل بو ازرته‪.‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الــمـبـحـــــــث الثــــالـــــث ‪ :‬اإلصــــــــــالح فـــــي الدسـتـــــــــور في الـنظــــــام الــســـياســـي المــلكــــــي‪.‬‬

‫يعتبر الدستور هو القاعدة العليا في الدولة أو الوثيقة األساسية لها‪ ،‬والتي تمثل البناء القانوني في‬
‫النظم السياسية الشرعية‪ ،‬والتي وألجل ضمان استقرار وتوازن هذه النظم جاز وصار من الممكن إدخال‬
‫تعديالت واجراءات واصالحات على مستوى الدساتير ومضامينها بمختلف نظمها السياسية ‪،‬سواء الديمقراطية‬
‫أو الملكية أو الجمهورية ضمن مايعرف بعملية اإلصالح الدستوري‪ ،‬والذي سيتم معالجته والتركيز عليه من‬
‫خالل محاولة طرح مفهوم اإلصالح الدستوري وآليات تحقيقه في المطلب األول‪ ،‬من ثم تبيان ودراسة‬
‫مجاالت اإلصالح الدستوري‪.‬‬

‫‪- 58 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫المـــطلــب األول‪ :‬مــاهـــيـــــة اإلصـــالح الـــدستـــــوري وآلــــيــــات تحــقيــقـــه فــي النــــــظـــام المــلــكـــي‪.‬‬

‫‪ /1‬اإلصــــــــالح الدســـتـــــــــــوري‪:‬‬

‫إيجابا على المجاالت التي تشملها تلك النصوص بالتنظيم‬ ‫يعني التغيير في نصوص الدستور بما ينعك‬
‫واذا كان الدستور على النحو المقدم يعالج الموضوعات المتصلة بنظام الدولة وأسلوب الحكم‪ ،‬وتنظيم‬
‫السلطات والحقوق والحريات ‪ ،‬وهي يغلب عليها الطابع السياسي ‪.‬وبهذا الوضع فأن اإلصالح الدستوري هو‬
‫لهذا اإلصالح (‪.)1‬‬ ‫التنظيمي‬ ‫احد آليات اإلصالح السياسي باعتباره يسعى إلى تحقي اإلطار واألسا‬
‫فاإلصالح الدستوري يأتي في مقام إصالح الدولة لضمان تكيفها مع سائر المتغيرات وتطوير نظمها‬
‫وأساليبها وسياسيتها وف تطور االحتياجات والمقتضيات‪.‬‬

‫وينصب هذا اإلصالح حول ما يسمى باألفرع العليا لشجرة الدولة‪ ،‬حيث يتعل أساسا بشكل الحكومة‬
‫ومتابعة الحقوق األساسية وضماناتها بالتوازن بين السلطات ‪ ،‬ويجسد اإلصالح الدستوري الموائمة بين تحقي‬
‫هدفه‬ ‫الشرعية الدستورية والمشروعية السياسية ‪ .‬ويرجع ذلك أن التعديل الدستوري لن ينجح في تحقي‬
‫كوسيلة لإلصالح الدستوري ما لم يتوافر له الشرعية الدستورية (سالمة النصوص) والمشروعية السياسية‬
‫(‪) 2‬‬
‫(موافقة األغلبية عليه)‪.‬‬

‫‪ /2‬أهــــــــداف ومـــبــــــــررات اإلصـــــــالح الدســـــــتـــــــــــــوري‪:‬‬

‫يهدف اإلصالح الدستوري بشكل عام إلى تصحيح المعالجة الدستورية لمجاالت معينة في ضوء ما‬
‫يسفر التطبي العلمي لما تتطلبه األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية من ضرورة إجراء تعديالت‬
‫تحق الموائمة بين النصوص الدستورية والواقع العملي‬

‫وبعبارة أكثر تحديدا يسعى اإلصالح الديمقراطي إلى دعم المشروعية الدستورية في إطار الشرعية‬
‫السياسية التي تحققها إرادة الشعب في ضوء التطورات السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬وفي هذا السياق‬
‫يمكن إيجاز أهداف اإلصالح الدستوري من واقع المبررات وذلك فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬منهج اإلصالح الدستوري‪( .‬القاهرة ‪ :‬مطبعة الشعب‪ ،) 2006،‬ص‪. 55 ،‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.155 ،‬‬
‫‪- 59 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ ‬إعادة تنظيم العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يحق مزيدا من التوازن فيما بينها ‪ ،‬ويعزز‬
‫(‪)1‬‬
‫دور البرلمان في الرقابة والمساءلة ‪.‬‬
‫الوزراء وتوسيع اختصاصاته وتوسيع المدى الذي تشارك فيه الحكومة رئي‬ ‫‪ ‬تعزيز دور مجل‬
‫الجمهورية في مجال السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫أحكام الدستور عند‬ ‫الجمهورية للصالحيات المخولة إليه وف‬ ‫‪ ‬وضع ضوابط على ممارسة رئي‬
‫مواجهة أخطار تهدد سالمة الوطن أو تهدد مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان تبني النظام اإليجابي األمثل ‪ ،‬والذي يكفل فرص تمثيل األحزاب بالبرلمان‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان حد أدنى للمقاعد التي تشغلها المرأة بالبرلمان عن طري االنتخاب ‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير نظام المحليات وتعزيز صالحياتها التنفيذية والرقابية ودعم الالمركزية في أدائها‪.‬‬
‫األعلى للهيئات القضائية‪.‬‬ ‫‪ ‬تعزيز استقالل السلطة القضائية من خالل إلغاء المجل‬
‫التالؤم بين نصوص الدستور واألوضاع المعاصرة في إطار الحفاظ على حرية النشاط‬ ‫تحقي‬ ‫‪‬‬

‫(‪) 2‬‬
‫االقتصادي والعدالة االجتماعية وحماية ح العمال‪.‬‬
‫بعبارة أخرى أكثر إيضاحا فاإلصالح الدستوري يهدف إلى إقامة نظام سياسي يكفل ديمقراطية بمعنى‬
‫الكلمة تقوم على سيادة حقيقية لألمة أو الشعب‪ ،‬وعلى فصل وتوازن بين السلطات وتمكين التداول على‬
‫السلطة‪ ،‬واستقالل أكمل للقضاء‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم مبدأ المواطنة واإلصالح الدستوري"دراسة تحليلية مقارنة" ‪ ،‬ا(القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية ‪،)2008،‬‬
‫ص ص‪.)5،6(.‬‬
‫‪.-2‬المرجع الساب " ‪،‬ص ص‪.)7،8(.‬‬
‫‪- 60 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪ /3‬وســـــــائــــــل وآلـــيـــــات تحـــقـــيـــــــق اإلصــــــــــالح الدســـتــوري‪:‬‬

‫يمكن تحقي اإلصالح الدستوري بوجه عام من خالل ثالث وسائل هي‪ :‬وضع دستور جديد ‪ ،‬تعديل‬
‫(‪) 1‬‬
‫الدستور القائم ‪ ،‬والتفسير المنشئ الذي يتواله القضاء الدستوري لنصوص الدستور القائم‪.‬‬

‫أ‪ /‬وضــــع دسـتــــــــــور جـــديــــــــــد ‪:‬‬

‫إذا كان الدستور هو الوثيقة األسمى في المنظومة القانونية على مستوى الدول ذات األنظمة الشرعية ‪ ،‬فإن‬
‫الحديث عن أساليب نشأة ووضع الدساتير هي مسألة أساسية ‪ ،‬وان كانت ثابتة في كافة مؤلفات القانون‬
‫الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬والثابت لدى معظم فقه القانون أن ـأساليب وضع الدساتير متعددة وتتنوع وفقا‬
‫لظروف كل دولة ‪ ،‬وتتفاوت فيما بينها من حيث درجة الديمقراطية التي تعكسها ‪ ،‬ومن ثم يمكن القول أن‬
‫األساليب التقليدية لوضع الدساتير تندرج في إطار أسلوبين هما ‪. 2.:‬‬

‫*األسلوب غير الديمقراطي‪:‬‬

‫الذي يعبر عن إرادة الحكم المنفردة باعتباره السلطة الوحيدة في البالد ‪ ،‬ويندرج أيضا ضمن هذا األسلوب‬
‫غير الديمقراطي أسلوب االتفاق أو العقد ‪ ،‬ويكون الدستور هنا وف هذا األسلوب صاد ار في إطار إتفاق بين‬
‫الحاكم والشعب كالدستور الكويتي الصادر سنة ‪1962‬‬

‫أ‪ -‬األسلوب الديمقراطي ‪:‬‬


‫يبرز هذا األسلوب دور الشعب في وضع الدساتير المرتكزة على الديمقراطية‪ ،‬ويضم هذا األسلوب نوعين‬
‫‪،‬أولهما هو أسلوب الجمعية التأسيسية الذي يتم من خالله وضع طري جمعية تأسيسية يقوم الشعب‬
‫بانتخابها ‪،‬أو يتم اختيارها من قبل السلطة المختصة‪.‬أما ألسلوب الثاني فهو أسلوب اإلستفتاء الدستوري‬
‫الذي يجسد دور الشعب الذي ويعتبر صاحب الكلمة العليا في إقرار الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد فتحي سرور المرجع الساب ‪،‬ص ص‪.)55،56 (.‬‬


‫قاسم جعفر ‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري ‪(،‬القاهرة ‪:‬دار النهضة العربية ‪،)1999،‬ص‪.388،‬‬ ‫‪ -2‬محمد أن‬
‫‪- 61 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫ب‪-‬تـــعـــديــــــــــل الــــدســــتــــــــــــــــور‪:‬‬

‫التعديل هو التغيير والتعديل الدستوري هو اإلجراء الدستوري النابع عن إرادة الشعب بناءا على طرح‬
‫السلطات المختصة‪ ،‬والذي يهدف إلى إحداث تغيير كلي أو جزئي على نصوص الدستور وفقا لقواعد محددة‬
‫تنظمها نصوصه‪.1 .‬‬

‫وتتنوع الدساتير من حيث قابليتها للتعديل إلى دساتير مرنة تقبل التعديل وفقا إلجراءات مماثلة‬
‫إلجراءات تعديل القانون العادي‪ ،‬والى دساتير جامدة ال يجوز تعديلها إال طبقا إلجراء خاصة تختلف عن‬
‫‪2‬‬
‫إجراءات القانون العادي‪ ،‬وتنتمي غالبة الدساتير إلى هذا النمط األخير ‪.‬‬

‫وتتم عملية التعديل الدستوري وف ضوابط دقيقة واجراءات صارمة كونها ترتبط بأهم وأقوى القواعد في‬
‫البناء القانوني من جانب‪ ،‬وتنظيمها لألمور األكثر أهمية من حيث التنظيم السياسي للدولة وأجهزتها وحقوق‬
‫وواجبات المواطن السياسية من جانب آخر‬

‫ج – الــتــفســـيــــر المـنــشـــئ للـقــضــــــاء الدســتـــــــوري كـــآليــة لإلصــــــالح الديــــــمــقـــــراطـــــــي‪:‬‬

‫التفسير القانوني كآلية لتوضيح القصور وازالة الغموض بالنسبة لنص من النصوص القانونية‪ ،‬ويندرج‬
‫التفسير ضمن مهمة القضاء والمشرع والفقه‪ ،‬والتفسير ال يكون إال حيث يكون النص غامضا ويشترط في‬
‫صحته أال يعدل في النص القائم‪.‬‬

‫ويتفاوت التفسير في درجة اإللت از م بحسب جهة إصداره‪ ،‬فالتفسير التشريعي ملزم للكافة‪ ،‬بينما التفسير‬
‫ملزما في كافة األحوال‪،‬‬ ‫الفقهي يقترب إلى أعمال المعاونة دون وجود اإللتزام به‪ ،‬والتفسير القضائي لي‬
‫والتفسير الدستوري من‬ ‫(‪)3‬‬
‫ثمة إلزام على قاض معين بأن يأخذ برؤية قاض آخر كقاعدة عامة ‪.‬‬ ‫فلي‬
‫إختصتص المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬فهي حين ممارستها للدور التفسيري للنصوص التشريعية فإنها تنتهي‬
‫إلى قرار غالبا ما يكون مقر ار لرؤية المشرع وكاشفا عن قصده األساسي عند وضع النصوص‪ .‬بالتالي تكون‬

‫‪ -1‬أحمد فتحي سرور‪،‬المرجع الساب ‪،‬ص‪.70 ،‬‬


‫‪ -2‬عصمت عبدهللا الشيخ‪ ،‬الدستور بين متطلبات الثبات وواجبات التغيير‪( .‬القاهرة ‪:‬دار النهضة العربية‪[ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن ])‪،‬ص‬
‫‪.55،‬‬
‫‪ -3‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.56 ،‬‬
‫‪- 62 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫ق اررات التفسير بطبيعتها كاشفة إلرادة المشرع الحقيقية ‪ ،‬فالتفسير ال ينشئ حكما جديدا‪ ،‬وال يبتدع قاعدة لم‬
‫تكن موجودة قبل صدوره‪ ،‬وانما يكشف الغموض الذي إكتنف النص ويقرر حكما قائما في قاعدة سب أن‬
‫تضمنها‪ ،‬بالتالي يعتبر التفسير متمما لهذا النص األصلي ساريا من تاريخ العمل به دون اإلخالل ببعض‬
‫االستثناءات‪.‬‬

‫بالتالي فاألصل في ممارسة المحكمة الدستورية لدورها التفسيري لبعض نصوص الدستور إنما يأتي‬
‫في سياق قيامها بدورها الرقابي على دستورية نصوص القوانين واللوائح وتقدير مدى تواف أو تعارض هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫النصوص مع الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬رمزي طه الشاعر‪ ،‬النظام الدستوري المصري‪[ (، .‬د‪.‬ب‪.‬ن] ‪ [،‬د‪.‬د‪.‬ن ]‪ ، )2000،‬ص‪.327،‬‬


‫‪- 63 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫المـــــطــــلـــــب الثـــانــــي ‪ :‬مــــجـــــاالت اإلصـــــــالح الـــــــدســــــتــــــــوري‪.‬‬

‫تسعى مختلف األنظمة سواء الديمقراطية أو الساعية إليها دوما إلى تنقية دساتيرها من الشوائب والثغرات تلتي‬
‫بها لسبب أو آلخر‪ ،‬وبما يكفل توائمها بصورة مستمرة مع التطورات والمستجدات على الساحة‬ ‫قد تلح‬
‫السياسية الدولية بوجه عام‪ ،‬والوطنية بوجه خاص‪ .‬وتلجا هذه األنظمة إلى آليات اإلصالح المناسبة لكل‬
‫متطلب من متطلبات اإلصالح‪ /‬وهذه اآلليات تتفاوت بحسب النطاق‪ ،‬فإنشاء دستور جديد تفرضه ظروف‬
‫مختلفة كالثورات أو تغيير النظام الحاكم‪.....‬في حين أن التعديل الجزئي يتطلب ظروف أخرى أقل نطاقا‬
‫(‪)1‬‬
‫كالمتغيرات السياسية واالقتصادية و الثقافية في المجتمع ‪.‬‬

‫يرتبط اإلصالح الدستوري عادة في إطاره العام إما بإجراء تصحيح في كيان الدستور كليا أو جزئيا‪ ،‬إذ‬
‫يمكن ان تكون نصوص الدستور في مجملها تقبل أن تكون محال لإلصالح أو التصحيح ‪،‬كما يمكن تقييد‬
‫وتحديد بعض المجاالت فقط في نطاق اإلصالح الدستوري على غرار المبادئ األصولية التي تمثل الركائز‬
‫األساسية للنظام الدستوري والتي اليصلح إخضاعها للتعديل حرصا على الكيان الشامل لهذا النظام تحت‬
‫إطار ما يسمى بالمبادئ أو القواعد فوق الدستورية )‪)2(. (Supra Constitutionnelle‬وتنشأ الدساتير‬
‫وتعيش في ظل المشروعية السياسية للمبادئ التي تقوم عليها‪ ،‬فتحكم مسيرة الحياة السياسية في مختلف‬
‫‪)2‬‬
‫تطوراتها‪ ،‬فيأتي اإلصالح الدستوري لبلورة الشرعية الدستورية على نحو تسانده مشروعية سياسية ‪.‬‬

‫وانطالقا مما سب يمكن حصر مجاالت اإلصالح الدستوري في محورين إثنين ‪ ،‬محور يتعل‬
‫بمجاالت إصالح نظلم وسلطات الدولة ‪ ،‬والثاني يختص بمجال إصالح ودعم الحقوق و الحريا(‪.)3‬والتفصيل‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع الساب " ‪ ،‬ص ص‪.)38، 37 (.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪George Lavaroff. Le droit Constitutionnelle de la ve.Republique.ets . D 19995 ,p.199.‬‬
‫‪ -3‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع الساب " ‪،‬ص‪.43 ،‬‬
‫‪- 64 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مـــجــاالت اإلصــــالح الدســتـــوري مـــن خــــالل إصـــــــالح نــظــام وسـلــطــــــات الـدولـــــــــة ‪:‬‬

‫يضم هذا المحور مجموعة المجاالت الدستورية المتعلقة بالتعديالت المتصلة بنظام وسلطات الدولة ‪،‬و تهدف‬
‫في مجموعها إلى تحقي بعدا إصالحيا على مستوى تلك المجاالت ‪ ،‬وذلك فيمايلي‪:‬‬

‫‪ /1‬دعــم الـــدور الرقــــابـــي والـتشــريـــعـــي للــبرلــمـــــــــــــان‪:‬‬

‫تعاني البرلمانات بوجه عام وعلى المستوى العربي بوجه خاص من ضعف وانحسار في ممارسة‬
‫هذا السياق يستهدف التعديل‬ ‫اختصاصاتها التشريعية والرقابية أمام ثقل دور السلطة التنفيذية ‪ ،‬وفي‬
‫الدستوري في أحد جوانبه بعدا إصالحيا أساسيا يتمثل في إعادة تنظيم العالقة بين السلطتين التشريعية‬
‫والتنفيذية بما يحق مزيدا من التوازن فيما بينهما‪ ،‬ويعزز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة ‪ ،‬من ثمة إجراء‬
‫البعد اإلصالحي من‬ ‫وتحقي تعديالت ببعض النصوص الدستورية المنظمة للعالقة بين السلطتين بما يعك‬
‫الوزراء على سبيل المثال‪ ،‬أو دعم دور البرلمان في‬ ‫خالل تنمية وزيادة دور البرلمان في مواجهة مجل‬
‫(‪)1‬‬
‫إقرار الموازنة والحساب الختامي‪.‬‬

‫‪ /2‬تعـــزيـــــــــز الــتـوازن الـداخـلـــــي للســـلــطـــة الـتـنـفـــيـــــذيــــــــــــة ‪:‬‬

‫الجمهورية لصالحياته‬ ‫الوزراء أو الحكومة ‪ ،‬ووضع قيود على ممارسة رئي‬ ‫من خالل تعديل دور مجل‬
‫الدستورية وذلك عن طري ‪:‬‬

‫‪/3‬تـــعزيـــــــز دور مـجــــلــــس الـــوزراء وتــوســيــــع اخــتـــصـــاصـــاتـــــه‪:‬‬

‫الجمهورية يتمتع بعدد كبير من الصالحيات يمارسها بصورة منفردة ‪ ،‬لذلك يكون التعديل بهدف‬ ‫إذ ان رئي‬
‫الجمهورية اختصاصاته إما من خالل مشاركة مجل‬ ‫الوزراء في ممارسة ومشاركة رئي‬ ‫واشراك مجل‬
‫الجمهورية ‪ ،‬أو أخذ رأيه في تعيين النواب‬ ‫الوزراء بصفة مباشرة‪ ،‬أو بأخذ رأيه في اختصاصات رئي‬
‫ذلك نوعا‬ ‫الجمهورية لبعض صالحياته الدستورية ‪:‬بما يعك‬ ‫واعفائهم و وضع ضوابط على استخدام رئي‬

‫‪ -1‬جمال علي زهران ‪.‬األصول الديمقراطية واإلصالح السياسي‪(،‬القاهرة‪ :‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،)2005،‬ص‪.105 ،‬‬
‫‪- 65 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫الشعب‪ ،‬وتوسيع دائرة‬ ‫الوزراء مثال أو مجل‬ ‫الجمهورية بأخذ رأي مجل‬ ‫من التقييد على اختصاصات رئي‬
‫(‪)1‬‬
‫المشاركة اإليجابية ‪.‬‬

‫‪/4‬تــعـــزيـــــــــز اســتـــقالل الــــســـلـــــطـــــــــــة الـــقــــضــــــــائـــــــــيــــــــة‪:‬‬

‫بحيث يكون التعديل أو البعد اإلصالحي للتعديل الدستوري يسعى لتدعيم وتعزيز استقالل القضاء‪ ،‬فالسلطة‬
‫القضائية مستقلة والقضاة مستقلون السلطان عليهم في قضائهم‪ ،‬والتأكيد على استقاللية الهيئات القضائية‬
‫(‪)2‬‬
‫رئاسي‪.‬‬ ‫الجمهورية دور تنسيقي فقط ولي‬ ‫في مباشرة مهامها وشؤونها على ان يكون دور رئي‬

‫‪ /5‬مـواجــهـــة الفــراغ الدستـوري النـاجــم عن خلو منــصب رئيــس الجمهــورية في ظروف معــينـــة‪:‬‬

‫الجمهورية سواء في خالة المانع الدائم كالوفاة‬ ‫وذلك من خالل دراسة ومعالجة مسالة خلو منصب رئي‬
‫والعجز الدائم ‪ ،‬أو في حالة المانع المؤقت كالمرض العادي أو االتهام السياسي أو الجنائي كان يتضمن‬
‫الجمهورية في حالة عدم شغل‬ ‫الوزراء بمهام رئي‬ ‫مجل‬ ‫التعديل بعد إصالحيا يتمثل في اضطالع رئي‬
‫(‪)3‬‬
‫منصب الرئي ‪.‬‬

‫‪ /6‬تـــقـــويــــة دور األحـــــــزاب الــسيـــــاســـــــيــــــــــة‪:‬‬

‫فاألحزاب هي عماد الحياة السياسية والمحركة لها‪ ،‬والحزب عبارة عن تنظيم سياسي وشعبي دائم تحكمه‬
‫(‪)4‬‬
‫من اجل نيل ثقة المواطنين والوصول إلى مقاعد السلطة‪.‬‬ ‫مجموعة من المبادئ وتسعى إلى التناف‬
‫بالتالي يكون التعديل أو اإلصالح بتيسير الشروط الخاصة بترشيح األحزاب للمرشحين واتاحة الفرصة‬
‫للمنافسة دعما للديمقراطية‪.‬‬

‫‪ /7‬تحــقــيق التــالؤم بيـــن نـصــوص الدسـتــــــور واألوضــاع السيــاسيــــة واالقتصـاديــة المعــاصـــرة‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع الساب " ‪ ،‬ص ص‪.)48،49(.‬‬


‫‪ -2‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع الساب " ‪ ،‬ص‪.50 ،‬‬
‫‪ -3‬عبد العظيم عبد السالم عبد الحميد ‪ ،‬تطور األنظمة الدستورية "دراسة مقارنة " ‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪،)2006،‬‬
‫ص‪.456 ،‬‬
‫‪ -4‬نبيلة عبد الحليم كامل‪ ،‬حرية تكوين األحزاب السياسية بين النص القانوني والواقع السياسي‪(.‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية‪ .)1992،‬ص‪.58،‬‬
‫‪- 66 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫إذ يجب على اإلصالح والتعديل أن يسعى لتحقي بعد إصالحي من خالل تحقي التالؤم نصوص الدستور‬
‫إطار جامد ال يقبل التعديل وينفصل عن الواقع او‬ ‫واألوضاع السياسية واالقتصادية المعاصرة‪ ،‬فالدستور لي‬
‫التصورات المعاصرة‪ ،‬وانما يجب أن يستجيب لهذه المتغيرات ويتفاعل معها في إطار تعديالت تتسم بالمرونة‬
‫(‪)1‬‬
‫وتسمح بتبني السياسيات المالئمة بما يخدم عملية تطور التنمية والديمقراطية ‪.‬‬

‫‪ /8‬دعــــم وتــــــطويـــــــــــــر نـــــــظـــــــــام اإلدارة المـــحلـــيـــــــــــة‪:‬‬

‫وذلك من خالل محاولة تطوير نظام اإلدارة المحلية ودعم الالمركزية اإلدارية كخطوة هامة نحو الديمقراطية‬
‫من جهة‪ ،‬ويساعد على قيام الكيانات المحلية على حسن أداء وظيفتها وتمكين الوحدات المحلية من إدارة‬
‫شؤونها وتحقي مطالب المواطنين بما يعطيها سلطات أوسع في المتابعة وذلك في إطار القانون الذي يكفل‬
‫والخدمات المحلية والنهوض بها‬ ‫دعم الالمركزية وينظم وسائل تمكين الوحداتن اإلدارية من توفير المراف‬
‫(‪)2‬‬
‫وحسن إدارتها‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع الساب " ‪ ،‬ص‪.55 ،‬‬


‫‪ -2‬طه محمد عبد المطلب ‪ ،‬اإلصالح الشامل للمحليات‪( .‬جريدة األهرام‪،‬العدد‪ ،) 44061:‬متحصل عليه ومنشور في الموقع ‪:‬‬
‫‪ www. Ahram.org-eg‬بتاريخ‪.2015/02/18:‬‬
‫‪- 67 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مجــــاالت اإلصــــــــالح الدســتـــوري مــن خالل إصــــالح ودعــــم الحــقـــوق والـواجــبـــات الــعــامــــــــــة ‪:‬‬

‫يضم هذا المحور مجموعة من المجاالت الدستورية المتصلة بالحريات والحقوق العامة‪ ،‬وتهدف بصفة‬
‫إجمالية إلى تحقي بعد إصالحي على مستوى تلك المجاالت التي من بينها‪:‬‬

‫‪/1‬دعــــــــــــم الــتــمثــيـــل النــيـــابـــي لـلـمـــــــــرأة‪:‬‬

‫فالمرأة هي نصف المجتمع ‪،‬وقد تطور الوضع الثقافي واإلداري واالجتماعي للمرأة على مدار نصف القرن‬
‫الفائت‪ ،‬كما تنامي دورها السياسي وبخاصة في مجال المشاركة في اإلدالء بالرأي‪ ،‬وعمليتي االستفتاء‬
‫‪)1(.‬‬
‫والتصويت االنتخابي ‪ ،‬فضال عن نمو الوعي السياسي لديها في مجال التقدم الذاتي للترشيح النيابي‬

‫إزاء ذلك كله جاءت التعديالت اإلصالحية في التعديل الدستوري لتفعيل مبدأ المساواة بين الرجل‬
‫والمرأة في التمثيل النيابي بصفة خاصة‪ ،‬على أن يتم تفعيل هذا البعد اإلصالحي من خالل إصدار تشريع‬
‫مكمل للدستور يعمل على دعم نسبة التمثيل النيابي للمرأة‪.‬‬

‫‪ /2‬تــطــــويــــر الـــنـظــــــام االنتخابي القـــــــــــائـــــــــــم‪:‬‬

‫مع ظروفها‬ ‫إذ تتباين نظم االنتخابات المعمول بها في دول العالم وتأخذ كل دولة بالنظام الذي يتف‬
‫السياسية وأوضاع الناخبين فيها ‪ ،‬ويستجيب لما يط أر على هذه الظروف واألوضاع من تحوالت تقتضي‬
‫تعديالت على نظامها اإلنتخابي‪ ،‬وهو ما ال يملكه القانون المنظم لالنتخابات ما لم تكن نصوص الدستور‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫تسمح بذلك‬

‫وفي هذا السياق تتجسد الرؤية اإلصالحية في هذه النقطة في فتح المجال الختيار النظام االنتخابي‬
‫التشريعية‪ ،‬مع الحرص على تبني النظام المالئم‬ ‫الذي يكفل التمثيل االدنى لألحزاب السياسية في المجال‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم‪ ،‬دور المشرع في دعم التمثيل النيابي للمرأة‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة ‪(.‬القاهرة ‪ :‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪ ،)2006‬ص‪.61 ،‬‬
‫‪ -2‬عبدا هلل ناصيف‪ ،‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬نظم االنتخابات في العالم وفي مصر‪( .‬القاهرة ‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،)1994،‬ص‪.31،‬‬
‫‪- 68 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫للتعديالت والتطورات واألوضاع الراهنة والمستقبلية بما يحق األبعاد اإلصالحية التي إستهدفها التعديل‪ ،‬وهو‬
‫ما يؤثر على تطور البناء الديمقراطي بوجه عام‪.1 .‬‬

‫‪ /3‬حـمــــايـــــة أمــــن الـــمــــواطـــن فـــي مـــواجــهــــــة مــخـاطــــــر اإلرهـــــــــــــاب‪:‬‬

‫التعديالت الدستورية الحديثة تستهدف بعدا إصالحيا جديدا تمثل في تركيز تشريع يكافح اإلرهاب وفقا‬
‫إلجراءات قانونية فاعلة ومتوازنة تستند إلى الدستور‪ ،‬فاالتجاه التشريعي الذي تأخذ به معظم الديمقراطيات‬
‫الراسخة يتمثل في إصدار قانون خاص أو نصوص خاصة تكفل للدولة مواجهة ظاهرة اإلرهاب التي يعاني‬
‫منها العالم المعاصر في إطار الشرعية الدستورية العادية دون اللجوء إلى الشرعية االستثنائية وحالة‬
‫الطوارئ‪ .‬ويتمثل هذا البعد اإلصالحي في محاولة بلوغ نقطة من التوازن بين ضرورة إتساع سلطات الضبط‬
‫وجهات التحقي لمواجهة اخطار اإلرهاب في ظل وجود رقابة قضائية‪ ،‬وبين كفالة الحماية الواجبة للحقوق‬
‫والحريات العامة‪ .‬وهذا البعد اإلصالحي يمثل قيمة عالية الستهدافه حماية المواطن من مخاطر اإلرهاب بما‬
‫يكفل التوازن بين حماية امن الوطن والمواطن‪ ،‬وعدم إهدار الحقوق والحريات إال بالقدر الذي يستلزمه تحقي‬
‫الموائمة بين حريات المواطنين وأمن البالد‪.2 .‬‬

‫‪ /4‬دعــــــــــم مــبــــــدأ الــمــــواطـــنـــــــــــــــــة ‪:‬‬

‫بجانب المجاالت السابقة فقد تستهدف التعديالت الدستورية تعزيز مبدأ المواطنة ‪Le Principe de la‬‬
‫‪ Citoyenneté‬وذلك باعتبار أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات ال يفرق‬
‫بينهم عقيدة أو دين أو لغة أو جن ‪ ،‬فالمواطنة هي رابطة بين الفرد والدولة تقوم على معيار الجنسية‪،‬‬
‫بالتالي فإن كافة المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات ال تمييز بينهم ألي سبب متى تماثلت مراكزهم‬
‫القانونية‪ ،‬والمواطنون هم ركيزة الدولة بالتالي ترتكز اإلصالحات على تأكيد أن نظام الدولة يقوم على مبدأ‬
‫النشاط السياسي و‬ ‫المواطنة باعتباره أساسا للحقوق والواجبات‪ ،‬و التركيز على أن المواطنة هي أسا‬
‫‪3‬‬
‫الحزبي ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبدهللا ناصيف‪ ،‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬المرجع الساب ‪ .‬ص‪.31 ،‬‬


‫‪ -2‬محمد أحمد عبد المنعم‪ ،‬المرجع الساب ‪ .‬ص‪.66 ،‬‬
‫‪ -3‬علي خليفة الكواري‪ ،‬المواطنة الديمقراطية في البلدان العربية ‪[ (،‬د‪.‬ب‪.‬ن]‪،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)2003،‬ص‪.130،‬‬
‫‪- 69 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫من خالل كل ما تم عرضه والتطرق إليه في هذا الفصل‪ ،‬تبين أن عملية اإلصالح الديمقراطي في‬
‫األنظمة السياسية الملكية هي عملية متشابكة وطويلة ومشروطة‪ ،‬ولتحقيقها ال بد من إشراك وتفاعل جميع‬
‫المؤسسات واألجهزة الرسمية في النظام السياسي القائم‪ ،‬إذ أنه ال بد من تكافل واصالح كافة األبنية الرئيسية‬
‫في الدول‪ ،‬بجميع مستوياتها ‪،‬من ذلك ضرورة تضمنها عمل المؤسسة التنفيذية من خالل معالجة واصالح‬
‫بالتوازي مع ذلك إصالح وتعديل المؤسسة‬ ‫المؤسسة الملكية المهيمنة على السلطة التنفيذية‪ ،‬بما يحق‬
‫التشريعية بمختلف أقسامها بفتح المجال للمشاركة في الحكم إضافة إضافة لسن القوانين والتشريع‪....‬من ثم‬
‫مسار هذه العملية بنصوص الدستور الذي يمثل الضامن والكفيل بتجسيد هذه العملية‬ ‫تدوين وتأسي‬
‫وحمايتها من التجاوزات التي قد تحدث‪.‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫الفصـل األول‪ :‬الـضبــط الــمفـاهــيمي لمــفهــــومي‪ :‬اإلصــالح الديمــــقـــراطـي‪-‬‬
‫األنـــظـمة السيــاسية المــلـكـيـة‪.‬‬

‫‪- 71 -‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الجوانب التي يشملها اإلصالح في‬
‫األنظمة السياسية ذات الطبيعة الملكية‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫عملية اإلصالح الديمقراطي عملية شائكة معقدة وطويلة كون أنها تتعلق بطبيعة وجوهر النظام‬
‫السياسي القائم بكل مستوياته وفروعه من القمة حتى القاعدة‪ ،‬حيث أن تطبيق وتجسيد العملية اإلصالحية‬
‫يتطلب إشراك ودخول كل األطراف والفواعل والمؤسسات والهيئات في مخطط ومسار ومحتوى اإلصالح‪،‬‬
‫كذلك الحال بالنسبة لألنظمة السياسية الملكية التي تسعى إلى اإلصالح الذي ال يتحقق ولن يكون ما لم‬
‫تتشارك وتتفاعل فيه جميع جوانب وأطراف العملية السياسية وذلك من خالل ضرورة وحتمية إجراء وقبول‬
‫اإلصالحات والتعديالت على كافة المستويات ومن طرف كل أجزاء وعناصر ومؤسسات البنية السياسية في‬
‫الدولة سواء المؤسسة التنفيذية ‪-‬الملكية – أو التشريعية وحتى الدستورية والقضائية‪.‬‬

‫من هنا نجد انه لبلوغ وتجسيد المسار اإلصالحي الديمقراطي ال بد من إشراك وتفاعل وقبول كل‬
‫المستويات في دائرة اإلصالح‪ ،‬إنطالقا من هنا تم تخصيص هذا الفصل من الدراسة إلبراز وطرح مختلف‬
‫تلك المجاالت التي يجب أن تشملها اإلصالحات في األنظمة الملكية‪ ،‬حيث تم تخصيص المبحث األول منه‬
‫لإلصالحات التي تتعلق المؤسسة التنفيذية سواء فيما يتعلق بالملك أو الحكومة‪ ،‬أما المبحث الثاني فيعالج‬
‫مسألة اإلصالح على مستوى المؤسسة التشريعية أي البرلمان‪ ،‬وكل ما يتعلق به ‪ ،‬في حين يتناول المبحث‬
‫الثالث واألخير منه مسألة اإلصالح الدستوري في األنظمة الملكية ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلصالح في المؤسسة التنفيذية في النظام السياسي الملكي‪.‬‬

‫عرفت المؤسسة التنفيذية على غرار مثيلتيها التشريعية والقضائية في ظل األنظمة السياسية الملكية‬
‫تحديات وتغييرات واصالحات واسعة‪،‬استجابة للدعوات اإلصالحية المنادية والرامية لترسيخ الحكم الديمقراطي‬
‫بما يمكن الشعب من المشاركة في عملية صنع السياسية واتخاذ القرار‪ ،‬في ظل مشاركة سياسية حقة تعزز‬
‫لديه الهوية واالنتماء وتضمن له كافة حقوقه وحرياته‪.‬‬

‫انطالقا من هذه الدعوات ورغبة من األنظمة السياسية ذات الطبيعة الملكية في الحفاظ على بقائها‬
‫واستقرارها ‪ ،‬وتفاديا لوقوع أزمات قد تزعزع النظام ككل وتهزه ‪،‬عملت معظم هذه األنظمة الملكية على‬
‫مراجعة وتعديل وتغيير صالحيات ومجاالت واختصاصات مختلف الهيئات وتشكيلتها وأساليب عملها بما‬
‫يخدم ويتماشى وأسس الديمقراطية ‪،‬سواء في طرق الحكم أو تشكيل الحكومات والو ازرات ‪،‬أو فيما يتعلق‬
‫بالصالحيات‪.‬وتغطية لذلك تم تخصيص هذا المبحث إلبراز وطرح مختلف اإلصالحات التي جرت على‬
‫مستوى مختلف الهيئات التنفيذية في األنظمة الملكية‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫المــطـــلــــب األول‪ :‬اإلصـــــالحـــــــــــات الــتـــي مــســــــت صــــالحـــــــيــــــات الــــــــمــلــــــــــك‪.‬‬

‫ال يخفى على احد أن أساس الحكم في النظام الملكي هو الملك أو األمير ‪ ،‬فهو رأس الدولة والركيزة‬
‫األساسية التي يرتكز عليها نظلم الحكم وذاته مصونة ال تمس‪ ،‬وهو القائد األعلى للقوات المسلحة وهو الذي‬
‫يتولى مختلف السلطات الثالث في الدولة ويتحكم بجميع األمور والسياسات والق اررات‪،‬والملك هو رمز الوحدة‬
‫الوطنية بالتالي فهو مقدس‪ ،‬وهو الحامي األمين للدين والوطن ورمز الوحدة الوطنية‪ ،‬فالملك هو المسؤول‬
‫(‪)1‬‬
‫عن حماية شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون‪ ،‬والراعي لحقوق األفراد والهيئات وحرياتهم ‪.‬‬

‫لذلك يعد الملك قلب هو النظام السياسي وهو القوة الكامنة المحركة للحياة السياسية‪ ،‬وعلى ضوء ذلك‬
‫فالملك هو أمير المؤمنين وحكم ورئيس الدولة ‪،‬وله وحدة صالحية الحضور في حقول النسق السياسي‪،‬‬
‫لذلك فعملية التواصل السياسي داخل النسق بمختلف حقوله تتم عبر قناة أساسية هي شخص الملك‪ .‬من ذلك‬
‫نجد أن للملك في هذه النظم والدساتير ميزانية خاصة ومكانة مركزية جعلت منه الجبهة المؤتمنة على السيادة‬
‫والقيمة على المؤسسات‪ .‬وقد كرست ذلك العديد من الفصول في دساتير هذه الدول ذات النظام الملكي‬
‫وخصصت له عدة صالحيات في عدة إمتيازات واختصاصات واسعة ‪.‬‬

‫وفي مقابل هذه الصالحيات للملك في بعض الدول الملكية‪ ،‬إال أن ذلك ال ينفي وجود مماليك أو دول‬
‫ذات النظ ام الملكي والتي تحد وتقيد صالحيات الملك على غرار بريطانيا‪ ،‬التي تقيد صالحياته بقواعد اللعبة‬
‫البرلمانية التي تقضي بتعيين زعيم األغلبية‪ ،‬و له أيضا اختصاص تعيين كبار الموظفين و منح األلقاب و‬
‫األوسمة مثل لقب اللورد و دعوة البرلمان إلى اإلنعقاد أو حله و له حق العفو كما أم كل هذه االختصاصات‬

‫يملكها الملك نظريا فقط فالتي يتوالها عمليا هي الو ازرة‪ .‬كذلك أصبح الملك بناء على الدستور تشغل منصباً‬
‫فخرّياً‪ ،‬ومن بين القضايا التي يتدخل فيها الملك‪:‬‬

‫* توقيع اإلتفاقيات الدولية أو إلغاءها‪ ،‬إدارة شؤون الخارجية‪ ،‬حيث يكون تطبيق القوانين ٍ‬
‫بأمر منه‪.‬‬

‫* عزل و تعيين الوزراء‪ ،‬حل أو إغالق البرلمان و الدعوة لعقده‪.‬‬

‫‪ 1 -‬مركز بيروت لألبحاث والمعلومات‪،‬دساتير الدول العربية‪(.‬بيروت‪ :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،)2005،‬ص ص‪.)91-90(.‬‬
‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫* تعيين أعضاء مجلس األعيان المؤلف من األمراء‪ ،‬طبقة النبالء و الشخصيات الثقافية‪ ،‬العلمية‪،‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫باإلضافة إلى الشخصيات الدينية‪.‬‬

‫* عزل و تعيين رئيس الوزراء‪ ،‬حيث يستطيع إقصاءه في المواقع االضط اررية‪.‬‬

‫* دعم أو اإلمتناع عن دعم و توقيع المقترحات أو المشاريع المقررة من قبل البرلمان هي أيضاً من‬
‫(‪)2‬‬
‫صالحيات الملك في هذا البلد‪.‬‬

‫بالمقابل من ذلك نجد أن بعض أو باألحرى أغلب الدول ذات النظام الملكي قد منحت الملك‬
‫صالحيات و امتيازات واختصاصات واسعة حيث منحته ‪:‬‬

‫‪ ‬إمتياز إمارة المؤمنين وهو يرتكز على أساس ديني‪.‬‬


‫‪ ‬إمتياز التحكيم وهو يقوم على أساس التقاليد المتوارثة‪.‬‬
‫‪ ‬إمتياز الملكية الدستورية وهو يتأسس على اعتبار متطلبات العصر الحديث‪.‬‬

‫ذلك أن األنظمة الملكية أعطت المؤسسة الملكية مكانة سامية بين المؤسسات الدستورية بحيث توجد على‬
‫رأس المؤسسات ‪ ،‬باعتبار أن الدستور لم ينشأ المؤسسة الملكية إنما أقرها استم ار ار للتاريخ على خالف‬
‫المؤسسات األخرى التي يمكن اعتبارها من صنع الدستور‪ ،‬من هنا كان للملك دون غيره تلك اإلمتيازات‬
‫(‪)3‬‬
‫واالختصاصات والتي يتمتع بها على النحو التالي‪.:‬‬

‫أ‪ /‬إمــتيـــــــــــاز إمــــــارة الــمـــؤمــنــــــــــيــــــــن ‪:‬‬

‫حيث أن منزلة الملك بوصفه أمي ار للمؤمنين تعد من الفروض الثابتة األساسية في الحياة ‪ ،‬وهذه المنزلة‬
‫تستدعي تكيفا موازيا لمنزلة الشعب‪ ،‬حيث يصبح الشعب وفقا للمفهوم اإلسالمي رعية مما يتيح المي‬

‫‪ -1‬مكانة الملك في نظام السلطة في بريطانيا‪ .‬متحصل عليه من‪ / http://lhvnews.com:‬بتاريخ‪.2015/05/12 :‬‬
‫مكانة الملك في نظام السلطة في بريطانيا‪ .‬متحصل عليه من‪ / http://lhvnews.com:‬بتاريخ‪.2015/05/12 :‬‬ ‫‪-2‬‬

‫بوطالب عبد الهادي‪ ،‬النظم السياسية المعاصرة‪ ،‬ج‪(. 2‬الدار البيضاء‪ :‬دار الكتاب‪ ،)1981،‬ص‪.181 ،‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫المؤمنين الملك حق إقصاء الوسطاء بين اإلمام والشعب‪ ،‬والغرض من هذا اإلقصاء هو ضمانا لمركزية‬
‫(‪)1‬‬
‫السلطة ووحدتها‪ ،‬لذلك ال يمكن الحديث في هذا الحقل عن فصل السلطات‪. .‬‬

‫يتضح مما سبق أن سلطة الملك بوصفه أمير المؤمنين هي سلطة شاملة ‪ ،‬وهذه الشمولية تجد‬
‫مرجعيتها في الشرع اإلسالمي كنظام إلمارة المؤمنين ‪ ،‬إذ يستمد الملك شرعيته من البيعة‪ ،‬ومن هذا المنظور‬
‫تصبح لها وظيفة سياسية أساسية هي حق إحتكار السلطة‪ ،‬فالسلطة الممنوحة للملك بوصفه امير للمؤمنين‬
‫مركزية مطلقة ال تحد من قوتها آليات النظام البرلماني‪.‬من هذا المنطلق يبقى الملك يحتل المكانة المركزية‬
‫(‪)2‬‬
‫داخل النسق السياسي‪ ،‬هذه المكانة والدور هو الذي يبرر له تحجيم دور المؤسسات المنتخبة‪.‬‬

‫ب‪ /‬إمـــتـــيــــــــــاز الـــتحـــكــــيــــــــــــــــــــم ‪:‬‬

‫منزلة الملك في هذا الحقل بوصفه حكما بتكييف آخر لمنزلة الشعب‪ ،‬حيث يصبح الشعب وفقا لألعراف‬
‫المتوارثة مجموعة من الفرقاء ‪:‬قبائل‪ ،‬أحزاب سياسية ‪ ،‬منضمات نقابية ‪،‬جمعيات مهنية‪ .‬ذلك أن التحكيم ال‬
‫يستقيم إال مع وجود فرقاء ‪ ،‬بالتالي فالملك يستمد شرعيته في هذا الحقل من إنتمائه النبوي‪ .‬ولما كان من‬
‫غير المتصور أن يكون الملك رئيسا ألي من هذه التجمعات واألحزاب‪ .‬فهو إذن ال بد ان يكون فوقها‬
‫(‪)3‬‬
‫فيصبح الشغل الشاغل للملك هو المحافظة على النظام السياسي الملكي‪ ،‬ولتحقيق ذلك يعتمد‬ ‫جميعا‪.‬‬
‫الملك في حقل التحكيم على وسطاء من ضمن العائالت المرتبطة باألسرة الملكية‪ .‬وخير مثال على أن‬
‫التحكيم ما زال سلطة مؤثرة أن الملك المغربي حسن الثاني كثي ار ما لجأ إليه للتوفيق بين القوى المتخاصمة‪،‬‬
‫والملك في ممارسته لهذا الدور – التحكيم‪ -‬يحرص على عدة أمور أهمها‪:‬‬

‫*عدم السماح ألي قوة أن تنمو على النحو الذي يسمح لها أن تستوعب القوى األخرى وتفرض‬
‫وجودها عليها‪ ،‬لذلك فهو يشجع كل ما من شأنه الحيلولة دون هيمنة أي قوة من القوى المتعددة‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد ضريف‪ ،‬تاريخ الفكر السياسي بالمغرب‪(.،‬الدار البيضاء‪ :‬مطابع افريقيا الشرق‪،)1988،‬ص‪.298 ،‬‬
‫‪ -2‬محمد ضريف ‪،‬المرجع السابق‪.‬ص‪.303 ،‬‬
‫‪3 - J.COLSON : « Aspects constitutionnels et politique du MAROC indèpendant ».op.cit.p 1286.‬‬
‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫*عدم االرتباط بصورة نهائية مع اي جماعة أو قوى مهما كان والؤها له‪ ،‬ومهما كان دوره في ظهورها‬
‫إلى حيز الوجود‪ ،‬وهو لهذا ال يتبنى برنامج أو موقف حزب معين‬

‫(‪).1‬‬
‫*جعل القوى كافة تؤيد الملكية وتناصرها مهما كانت الخالفات فيما بينها‪.‬‬

‫والملك يقوم بكل هذا من خالل إمساكه بكل جوانب عملية التحكيم مستثم ار طبيعة عالقاته بأتباعه بكونها‬
‫عالقات تبعية‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما تقدم يحقق التحكيم للملك مكانة ودو ار مهما في الحياة السياسية تصب في المحصلة‬
‫في تعزيز دور ومكانة المؤسسة الملكية كسلطة عليا معترف بها‪ ،‬ال كقوة سياسية كسائر القوى‪ ،‬إال ان‬
‫نجاحه مرهون بدوام المنافسة واالنقسام ‪.‬وهو ما سعت المؤسسة الملكية لضمانه باستمرار التشجيع على‬
‫(‪)2‬‬
‫ظهور أحزاب سياسية موالية للملك ومناهضة للقوى التي تنافسه في الشرعية ‪.‬‬

‫ج‪ /‬إمــتــــيــــــــــــتاز الــملــكــــــــيـــــــــة الـــــــدسـتـــــــــــــــوريـــــــــــــــــة ‪:‬‬

‫هنا يصبح الملك رئيسا للدولة ويصبح الشعب مجموعة من المواطنين‪ ،‬ويتضمن هذا الحقل جميع‬
‫أدوات التحديث السياسي وهو يرتكز في سيره على البيروقراطية‪ ،‬ويعتمد القانون قاعدة للنظام‪.‬كما يتميز‬
‫بوجود وسطاء كاألحزاب والبرلمان والنقابات‪ ...‬وفي هذا الحقل يتم التحدث عن الديمقراطية بدل الشورى‪،‬‬
‫وعن التعددية بدل اإلجماع‪ ،‬كما يتم الحديث عن فصل السلطات ‪ ،‬وهو نتيجة تمازج بين نظام األحزاب‬
‫واإلطار الدستوري‪ .‬لكن ذلك الفصل في السلطات ال يعني تجاوز وحدة السلطة أو التخلي عن جزء منها‪،‬‬
‫فعلى الرغم من أن الملك يستمد شرعيته من الدستور لكن الدستور اليحد من سلطة الملك ألنه سابق عليه‪.‬‬
‫إذن فالملك في حقل الملكية الدستورية يمارس تفويض إختصاص ‪ ،‬وليس تفويض سلطة‪ ،‬لهذا فالنص‬

‫‪ -1‬واتربوري جون(تر‪:‬ماجد نعمة وعبود عطية)‪،‬الملكية والنخبة السياسية ‪(.‬بيروت‪:‬دار الوحدة للطباعة والنشر‪ ،)1982،‬ص‪،‬‬
‫‪.242‬‬
‫‪ -2‬واتربوري جون‪ ،‬المرجع السابق‪.‬ص‪242 ،‬‬
‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫الدستوري ال يمكن أن يكون عقبة منيعة أمام بسط السياسة الملكية ‪ ،‬بل هو وسيلة لخدمتها طالما أن الملك‬
‫( ‪)1‬‬
‫سابق على الدستور‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق نالحظ أن االمتيازات السابقة الذكر تفسر المكانة المركزية التي يحتلها الملك‬
‫داخل النسق السياسي ‪ ،‬لكن مع ذلك نجد انه جعل ثقل السلطة كامنا في إمارة المؤمنين وليس في غيره من‬
‫حقول‪ ،‬لكي تبقى سلطته مركزية مطلقة ال تحد من قوتها القواعد الدستورية وآليات العمل البرلماني‪.‬‬

‫هذا إضافة إلى العديد من الصالحيات واالختصاصات المخولة للملك التي كان يتمتع بها دون منازع‬
‫أو شريك أو رادع‪ ،‬والتي منها سلطات يمارسها بمفرده‪ ،‬ومنها ما يمارسها باالشتراك مع الحكومة أو البرلمان‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السلطات التي يمارسها الملك بمفرده‪:‬‬

‫‪ /1‬تعيين الوزير األول والوزراء‪:‬‬

‫الملك هو من يعين الوزير األول والوزراء ويعفيهم من مهامهم ويقيلهم إن استقالوا‪.‬‬

‫‪/2‬االستفتاء الشعبي بشأن القوانين‪:‬‬

‫يقصد باالستفتاء االحتكام للشعب في موضوع معين‪،‬وهي سلطة مهمة خولها الدستور للملك وحده‪ ،‬إذ للملك‬
‫أن يستفتي شعبه في شأن كل مشروع أو اقتراح قانون‬

‫‪/3‬حق حل البرلمان‪:‬‬

‫للملك حق حل البرلمان بظهير شريف *وللملك بعد إستشارة الغرفة الدستورية وتوجبه خطاب للشعب أن يحل‬
‫البرلمان ‪.‬واذا تم حل البرل مان ال يستطيع الملك حل البرلمان الجديد الذي تم انتخابه إال بعد مضي سنة على‬
‫(‪)1‬‬
‫قيامه‪.‬ويعتبر حل البرلمان من قبل الملك من أخطر الوسائل التي يمتلكها الملك لمراقبة السلطة التشريعية‪.‬‬

‫‪ -3‬موريس ديفرجيه‪(،‬تر‪:‬علي مقلد وعبد الحسن سعد)‪،‬األحزاب السياسية‪.‬ط‪(.3‬بيروت‪ :‬دار النهار للنشر‪ ،)1980،‬ص‪،‬‬
‫‪.394‬‬
‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫‪/4‬قيادة القوات المسلحة‪:‬‬

‫الملك في النظام السياسي الملكي هو القائد األعلى للقوات المسلحة الملكية‪ ،‬وله حق التعيين في الوظائف‬
‫المدنية والعسكرية‪ ،‬كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق‪ .‬وهذه السلطة الممنوحة للملك باإلضافة إلى‬
‫السلطات األخرى المقررة بموجب الدستور تجعل منه المحرك األساسي للحياة السياسية نظ ار لما تمتلكه‬
‫القوات المسلحة من قدرة التأثير المباشر في حسم المواقف لفرض وجهة النظر الملكية عندما يتطلب األمر‬
‫(‪)2‬‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ /5‬تعيين بعض الموظفين‪:‬‬

‫يعين الملك رئيس المحكمة العليا بمقتضى ظهير شريف‪ ،‬وكذلك يعين ثالث أعضاء في الغرفة الدستورية‬
‫بمقتضى ظهير شريف أيضا‪.‬‬

‫‪ /6‬عرض التعديل الدستوري على االستفتاء‪:‬‬

‫للملك الحق في عرض مشاريع واقتراحات مراجعة الدستور على الشعب‪.‬‬

‫‪/7‬اإلعالن عن حالة اإلستثناء‪:‬‬

‫حالة اإلستثناء تعني أن هناك خطر وشيك الوقوع يهدد مؤسسات الدولة أو استقاللها أو سالمتها‪ ،‬في هذا‬
‫الحال يمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء بظهير شريف بعد استشارة رئيس المجلسين وتوجيه خطاب‬
‫(‪)3‬‬
‫لألمة‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود صالح الكروي ‪،‬التجربة البرلمانية في المغرب‪(.1998-1963‬بغداد‪ :‬مطبعة البريق‪،)2010،‬ص ص‪-105(.‬‬


‫‪.)106‬‬
‫‪ -1‬محمود صالح الكروي ‪،‬التجربة البرلمانية في المغرب‪(.1998-1963‬بغداد‪ :‬مطبعة البريق‪،)2010،‬ص ص‪-105(.‬‬
‫‪.)106‬‬
‫‪ -2‬محمود صالح الكروي ‪،‬المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)106-105(.‬‬
‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫ثانيا‪ :‬سلطات يمارسها الملك باالشتراك مع الحكومة أو البرلمان‪:‬‬


‫‪ /1‬تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين‪:‬‬
‫للملك حق التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية‪،‬كما ان له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق‪.‬ويكون‬
‫التعيين بمقتضى ظهائر موقعة بالعطف من الوزير األول‪ ،‬لكن يبقى المجال العسكري ضمن المجال الخاص‬
‫بالمؤسسة العسكرية‪.‬‬
‫‪/2‬إصدار القوانين‪:‬‬
‫إن سلطة اإلصدار مستمدة من الدستور‪ ،‬فاإلصدار ما هو إال نتيجة نابعة من االلتزام بتنفيذ اإلرادة التشريعية‬
‫للبرلمان المستمدة من الدستور‪،‬إذ الملك بإصداره للقانون يكون هذا اإلصدار بمثابة اإلعالن الرسمي لميالد‬
‫هذا القانون‪ ،‬وتوجيه أمر إلى السلطات المختصة لتنفيذه‪ ،‬وبدون موافقة الملك ال يصبح القانون قابال للتنفيذ‪.‬‬
‫‪/3‬حق التمثيل الدبلوماسي‪:‬‬
‫واختصاصاته تكون‬ ‫(‪)1‬‬
‫يعد هذا الحق من الحقوق المعترف بها لرئيس الدولة في معظم الدساتير الحديثة‪.‬‬
‫في تعيين السفراء لدى الدول األجنبية والمنظمات الدولية وله أيضا سلطة إعتماد السفراء وممثلوا المنظمات‬
‫الدولية بما يسمح له بمراقبة السياسة الخارجية وبسط إرادته عليها‪.‬‬
‫‪/4‬حق عقد المعاهدات‪:‬‬

‫كما هو الحال في حق التمثيل النسبي إذ للملك حق توقيع المعاهدات والمصادقة عليها‪،‬غير انه ال يصادق‬
‫على المعاهدات التي تلزم تكاليف مالية الدولة إال بعد موافقة البرلمان‬

‫‪/5‬حق العفو‪:‬‬

‫يمارس الملك حق العفو بمقتضى ظهائر توقع بالعطف من المستوى األول‪ ،‬وهي القاعدة التقليدية المعتمدة‪،‬‬
‫وسلطة الملك في هذا المجال يستمدها من الدستور لما يتمتع به من سلطة تقديرية في تقرير العفو إستنادا‬
‫لمقتضيات المصلحة العامة دون أن يتقيد بتقديم مبررات قانونية ‪.‬‬

‫‪ -1‬السعيد نعمة‪ ،‬النظم السياسية في الشرق األوسط‪(.‬بغداد‪ :‬شركة النشر والطبع األهلية‪ ،)1968،‬ص‪.423 ،‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫‪ /6‬حق الطلب من البرلمان بإعادة دراسة القانون‪:‬‬

‫للملك أن يطلب من كال مجلسي البرلمان أن يق أر قراءة جديدة كل مشروع أو مقترح قانون‪ ،‬وتطلب القراءة‬
‫الجديدة بخطاب إلى البرلمان‪ ،‬والهدف هو الرغبة في حمل البرلمان على تنقيح القوانين التي يصدرها من‬
‫األخطاء‪ ،‬وللملك أن يستفتي شعبه في كل مشروع أو إقتراح قانون بعد أن يكون قد ق أر قراءة جديدة‪.‬‬

‫‪/7‬الرئاسيات‪:‬‬

‫يرأس الملك بموجب الدستور عدة هيئات ‪ ،‬إذ يرأس الملك المجلس الوزاري ‪ ،‬ويرأس المجلس األعلى‬
‫( ‪)1‬‬
‫لإلنعاش الوطني والتخطيط‪ ،‬كما يرأس المجلس األعلى للقضاء والمجلس األعلى للتعليم‪.‬‬

‫‪ -‬غير أن موجة اإلصالحات الديمقراطية قلبت وتدخلت في إطار هذه السلطات وحدودها‪ ،‬فمنها‬
‫ماحدت منه ومنها ما قننته ومنها ما خولته لمؤسسات أخرى‪ ،‬ومن بين هذه اإلصالحات مايلي‪:‬‬

‫‪ ‬الملك يمارس سلطاته مباشرة بواسطة وزرائه الذين يسألون ويحاسبون عن السياسة العامة للحكومة‬
‫حيث يسأل كل وزير عن أعمال و ازرته‪.‬‬
‫بأمر ملكي يعين الملك رئيس مجلس الوزراء ويعفيه من منصبه‪ ،‬كما يعين الوزراء ويعفيهم من‬ ‫‪‬‬
‫مناصبهم بمرسوم ملكي بناءا على عرض رئيس مجلس الوزراء‬
‫‪ ‬يعين الملك أعضاء مجلس الشورى ويعفيهم بأمر ملكي‪.‬‬
‫‪ ‬الملك هو القائد األعلى لقوة الدفاع ‪ ،‬ويتولى قيادتها وتكليفها بالمهام الوطنية داخل أراضي المملكة‬
‫وتراعي السرية الالزمة في شؤونها‪.‬‬
‫‪ ‬يرأس الملك المجلس األعلى للقضاء‪،‬ويعين القضاة بأوامر ملكية بناءا على اقتراح من المجلس‬
‫(‪)2‬‬
‫األعلى للقضاء‪.‬‬

‫‪ -1‬السعيد نعمة‪ ،‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.423 ،‬‬


‫‪ -2‬مركز بيروت لألبحاث والمعلومات‪،‬المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)91-90(.‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫‪ ‬في حالة غياب الملك عن البالد وتعذر نيابة وتولي ولي العهد الحكم يعين بأمر ملكي نائبا يمارس‬
‫صالحياته مدة غيابه‪،‬على أن يؤدي النائب القسم واليمين المنصوص عليه في الدستور‪.‬‬
‫‪ ‬للملك حق اقتراح تعديل الدستور واقتراح القوانين‪ ،‬ويختص بالتصديق على القوانين واصدارها‪.‬‬
‫‪ ‬يبرم الملك المعاهدات بمرسوم ويبلغها إلى مجلس الشورى والنواب فو ار وتكون للمعاهدة قوة القانون‬
‫بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية‪.‬على أن تكون المعاهدات المتعلقة بالصلح والتحالف‬
‫والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة أو ثرواتها الطبيعية أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو‬
‫الخاصة صادرة بقانون‪ .‬على أال يجوز في أي حال من األحوال أن تتضمن المعاهدة شروطا سرية تناقض‬
‫شروطها العلنية ‪.‬‬
‫‪ ‬ال يجوز للملك أن تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين لدى الدول األجنبية‬
‫(‪)1‬‬
‫والهيئات الدولية أو يعفيهم من مناصبهم إال وفق حدود القانون‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك ال يمكن للملك أن يمنح العفو الشامل إال بقانون‪،‬وله أن يخفض العقوبة ‪.‬‬
‫‪ ‬يضع الملك مراسيم اللوائح الالزمة لتنفيذ القوانين دون أن يتضمن تعديال فيها أو تعطيال لها أو إعفاء‬
‫من تنفيذها‪.‬‬
‫‪ ‬يجب عل الملك أن يستفتي الشعب في القوانين والقضايا الهامة التي تتصل بمصالح البالد‪ ،‬ويعتبر‬
‫موضوع االستفتاء موافقا عليه إذا أقرته األغلبية ممن أدلو بأصواتهم وتكون نتيجة االستفتاء ملزمة ونافذة من‬
‫( ‪)2‬‬
‫تاريخ إعالنها ونشرها في الجريدة الرسمية ‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)91-90(.‬‬


‫‪ -2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.)93-92(.‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫الــمطــلــــب الثـــانـــــي‪ :‬اإلصالحــــــات التي مســـت صالحـــــيــــــات عـــمــــل الحكــــومـــــة وتـشــكيــلــــــــــها‬

‫تتألف الحكومة من الوزير األول والوزراء وهي تستمد وجودها من اإلرادة الملكية الملك هو المسؤول عن‬
‫تعيين الوزير األول وتعيين أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير األول‪ .‬وهي مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان‬
‫وبناءا على ذلك فهي في حالة تبعية سياسية ودستورية للمؤسسة الملكية‪،‬وما يؤكد هذه التبعية هي أن الوزير‬
‫األول ال يملك الصالحية في اختيار أعضاء حكومته والملك هو الذي يرأس المجلس الوزاري ‪ ،‬أما عدد‬
‫(‪)1‬‬
‫وتتشكل الحكومة في اغلب األحيان‬ ‫الوزراء فهو غير محدد حسب المقتضيات العامة لمصلحة الدولة‪.‬‬
‫بعد انتخاب مجلس النواب والملك الذي يعفي الحكومة أو يقيلها‪ ،‬وكانت الحكومة في ظل األنظمة الملكية‬
‫تتمتع بسلطات محددة منها السلطة التنظيمية باعتبار الوزير األول هو الشخصية الثانية في السلطة التنفيذية‬
‫وله عالقة مباشرة مع الملك أنيطت به ممارسة السلطة التنظيمية من خالل رئاسته للمجلس الحكومي ومتابعة‬
‫تنفيذ برنامج عمل الحكومة والسهر على تنفيذ القوانين‪،‬إضافة إلى قيامه بتنسيق النشاطات الو ازرية طبقا‬
‫لتعليمات الملك‪،‬واصدار ق اررات تنظيمية تحمل التوقيع بالعطف من الوزراء المكلفين بتنفيذها وتفويض بعض‬
‫سلطاته للوزراء‪.‬‬

‫غير أن هذه الصالحيات لم تبقى على نفس الحال ‪ ،‬حيث أدخلت تعديالت دستورية على عمل‬
‫واختصاصات هذه األخيرة ومن بين أهم النقاط والمحاور واإلصالحات التي خصت هذه الهيئة نذكر‪:‬‬

‫‪ ‬وفقا للدستور أصبحت الحكومة تمارس اختصاص التنفيذ والتشريع‪ ،‬أما عن االختصاص التنفيذي‬
‫فتمارسه من خالل وضع الجهاز اإلداري تحت تصرفها ‪ ،‬أما االختصاص التشريعي فتساهم الحكومة في‬
‫التشريع في حاالت محددة كالتقدم باقتراح القوانين لمجلس النواب‪ ،‬واصدار المراسيم القانونية بناءا على‬
‫(‪)2‬‬
‫تفويض مجلس النواب‪.‬‬
‫‪ ‬أن الحكومة صارت مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان‪.‬‬

‫‪ 1 -‬حمادي شمران‪ ،‬النظم السياسية‪ .‬ط‪(،4‬بغداد‪ :‬مطبعة اإلرشاد‪ )1985،‬ص ص‪.93-92.‬‬


‫‪ 2 -‬محمود صالح الكروي ‪،‬المرجع السابق ‪.‬ص ص‪.112-111.‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫‪ ‬على الوزير األول بعد أن يعين الملك أعضاء الحكومة أن يتقدم أمام البرلمان بعرض البرنامج الذي‬
‫يعتزم تطبيقه على أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف‬
‫المجاالت ‪ ،‬خاصة في ميادين السياسة االقتصادية واالجتماعية والثقافية والخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬تعمل الحكومة على تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير األول‪ ،‬واإلدارة موضوعة رهن تصرفها‪.‬‬
‫‪ ‬للوزير األول الحق في التقدم بمشاريع القوانين لكن ال يمكنه أن يودع أي مشروع قانون بمكتب أي‬
‫من مجلسي البرلمان قبل المداولة في شانه بالمجلس الوزاري‬
‫‪ ‬للحكومة صالحية ممارسة السلطة التنظيمية من خالل الوزير األول على أن تحمل المقررات‬
‫التنظيمية الصادرة عن الوزير األول تواقيع الوزراء المكلفين بتنفيذها ‪.‬‬
‫‪ ‬للوزير األول الحق في تفويض بعض سلطاته للوزراء‪.‬‬
‫‪ ‬القانون هو الذي يعين ويحدد مرتبات رئيس مجلس الوزراء والوزراء‬
‫‪ ‬ال يجوز للوزير أثناء توليه الو ازرة أن يتولى أي وظيفة عامة أخرى أو أن يزاول أي مهن حرة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ‬الو ازرة أو الحكومة هي المسؤولة عن تنسيق النشاطات الو ازرية‪. .‬‬
‫‪ ‬المجلس الوزاري مسؤول عن المسائل اآلتية قبل البث فيها‪:‬‬
‫* القضايا التي تهم السياسة العامة للدولة ‪.‬‬
‫* اإلعالن عن حالة الحصارو إشهار الحرب‪.‬‬
‫*مشاريع القوانين قبل إيداعها ومشروع المخطط ومراجعة الدستور‪.‬‬
‫* طلب الثقة من مجلس النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها‪.‬‬
‫ال يمكن سحب الثقة من الحكومة إال باألغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬لمجلس المستشارين الحق في أن يصوت على ملتمس توجيه تنبيه للحكومة أو على ملتمس توجيه‬
‫رقابة ضدها‪.‬وال يكون ملتمس توجيه التنبيه للحكومة مقبوال إال إذا وقعه على األقل ثلث أعضاء مجلس‬
‫المستشارين‪ ،‬وال يتم الموافقة عليه إال باألغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم هذا المجلس‪.‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫تتعرض الحكومة الستقالة جماعية في حالة الموافقة على ملتمس الرقابة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -1‬مركز بيروت لألبحاث والمعلومات‪ ،‬المرجع السابق‪، .‬ص‪.521 ،‬‬


‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫الــمبحـــث الثــانـــي‪ :‬اإلصــــالح فــي المــؤســـســـــــة التشــريعـــيـــة في النظـام السيـاسـي الملكــي‪.‬‬

‫بات للمجلس التشريعي أو البرلمان دور مهم وفاعل في تسيير حياة األمم والشعوب في العالم‬
‫قاطبة‪.‬ومع موجة المتغيرات الدولية واإلقليمية والمحلية ‪ ،‬ومع تنامي دعوات الديمقراطية وكفالة حقوق‬
‫اإلنسان أصبح لهذه المجالس دور كبير وفاعل في الحياة العامة ‪،‬وفي النظم السياسية ككل‪.‬فالمجالس‬
‫التشريعية بصفة عامة هي مصنع التشريع وهي إحدى السلطات الرئيسية الحاكمة‪ ،‬وفي جل النظم السياسية‬
‫تعد ركنا أساسيا من أركان النظام السياسي حيث السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية تمثل جميعها عصب‬
‫النظام السياسي‪.‬‬

‫وتبرز أهمية السلطة أو المجالس التشريعية أكثر في إطار عمليات واإلصالح الديمقراطي التي‬
‫تسعى إليها معظم الدول حيث تمثل هذه المجالس آليات ووسائل تلك السلطة المهمة من سلطات النظام‬
‫السياسي لذلك فإن جل األنظمة السياسية باختالف طبيعتها‪ ،‬وباألخص األنظمة السياسية الملكية تؤكد على‬
‫أهمية ومكانة هذه المؤسسة باعتبارها السلطة التي تملك الحق في وضع القوانين ومناقشتها في حدود اإلطار‬
‫الدستوري‪ ،‬حيث تتولى الهيئة التشريعية أعمال هذه السلطة ممثلة جميع المصالح واالتجاهات فضال عن‬
‫إصدار وسن التشريعات ومناقشة القضايا العامة ‪.‬‬

‫ونظ ار لألهمية التي تحتلها هذه المؤسسة والتي غالبا ما تتشكل من مجلسين ‪ ،‬مجلس النواب ومجلس‬
‫الشيوخ أو الشورى كما يصطلح عليه في بعض الدول ‪ ،‬فقد كانت مركز ومحور اهتمام معظم الدعوات‬
‫اإلصالحية المنادية للديمقراطية‪ ،‬ذلك من خالل المطالبة بإدخال تعديالت واصالحات على عمل‬
‫وصالحيات هذه المؤسسة في األنظمة الملكية ‪.‬وهذا ما يمثل محور الدراسة في هذا المبحث‪.‬‬

‫‪ -2‬المرجع السابق‪،‬ص ص‪.)523 -522(.‬‬


‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫الـمــطــــلــــب األول‪ :‬اإلصالحـــــــــــــات التـــــي مــســـت مجـــلـــس الــــنـــواب‪.‬‬

‫مجلس النواب أو مجلس العموم أو المجلس األدنى كلها مسميات تعبر عن نفس المجلس‪ ،‬حيث أنه ومنذ‬
‫عقود مضت كان هو الركيزة واألساس الذي يتولى أعمال السلطة التشريعية حيث يعتبر مجلس النواب الممثل‬
‫للشعب تمثيال مباش ار ومن ثم فهو تجسيد إلرادة هذا الشعب‪،‬هذه اإلرادة هي التي تعكس سيادته بالتالي ال‬
‫)‪(1‬‬
‫يمكن أن تكون مجزأة‪" .‬‬
‫يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب عن طريق االقتراع العام السري المباشرة حيث تكون العضوية فيه‬
‫قاصرة على المنتخبين فقط‪ ،‬وال يحق للوزراء االنتماء لعضوية المجلس بحكم مناصبهم‪ ،‬أما فيما يخص سن‬
‫وعدد األعضاء ومدة العضوية بالمجلس فتختلف حسب كل دولة ونظامها الدستوري‪.‬والنائب في هذا المجلس‬
‫(‪)1‬‬ ‫يمثل األمة‬
‫يمثل مجلس النواب أداة مهمة للتشريع والرقابة ذلك الشتراكه في ممارسة سلطة التشريع‪ ،‬واجتماعات‬
‫المجلس عادة ما تنشر أعمالها في الجريدة الرسمية ‪ ،‬وفي حال االستثناءات يمكن عقد اجتماعات سرية‬
‫بطلب من الوزير األول أو ثلث أعضاء المجلس‪.‬‬
‫من بين االمتيازات التي دعمتها وشملتها اإلصالحات على مستوى هذا المجلس هي مجموعة‬
‫الحصانات واالمتيازات التي يكتسبها األعضاء ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ال تتم متابعة أي نائب من األعضاء أو البحث عنه‪ ،‬وال إلقاء القبض عليه وال اعتقاله وال محاكمته‬
‫بمناسبة إبدائه لرأيه أو قيامه بتصويت خالل مزاولته لمهامه إال إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام‬
‫الملكي أو يتضمن ما يخل باالحترام الواجب للملك‪.‬‬
‫‪‬ال يجوز متابعة النائب وال إلقاء القبض عليه من اجل جناية أو جنحة إال بإذن من المجلس ما لم‬
‫(‪)2‬‬ ‫يكن هذا العضو في حالة التلبس بالجريمة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪،‬المؤسسات التشريعية في الوطن العربي‪(.‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪.)2004،‬‬
‫ص‪.10 ،‬‬
‫‪ -2‬المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)107، 106 (.‬‬
‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫‪ ‬ال يجوز إلقاء القبض على عضو خارج مدة دورات البرلمان إال بإذن من البرلمان عدا حالة التلبس‬
‫بالجريمة أو متابعة مصرح بها ‪ ،‬أو صدور حكم نهائي بالعقاب‪.‬‬
‫‪ ‬يوقف اعتقال عضو من أعضاء البرلمان أو متابعته إذا صدر طلب بذلك من البرلمان عدا حال‬
‫التلبس بالجريمة أو متابعة مصرح بها‪ ،‬أو صدور حكم نهائي بالعقاب‪.‬‬

‫إخــــتصـــــاصــــــــــــات مـــجــــلـــس الــنـــــــــــــــــــــــواب‪:‬‬

‫على ضوء األحداث والمتغيرات التي عاشتها الساحة الدولية مؤخرا‪ ،‬وفي ظل تنامي وامتداد الدعوات‬
‫للديمقراطية واإلصالح التي مست كافة مستويات ومؤسسات الحكم بما فيها المؤسسات التشريعية بمختلف‬
‫مجالسها وصالحياتها‪،‬أين أصبح مجلس النواب في ظل يتمتع بالعديد من الصالحيات والسلطات المتنوعة ما‬
‫بين التشريعية والسياسية والمالية والرقابية‪،‬من بين هذه االختصاصات نذكر ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الـســلـطــــــــــات الــتــشــريـــعــيـــــــــــــة ‪:‬‬

‫يتولى المجلس أعمال التشريع‪ ،‬حيث تتم مناقشة مشاريع ومقترحات القوانين المقدمة للمجلس ويختص‬
‫بالتشريع في قوانين مرتبطة بمجاالت محددة كتحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها والمسطرة الجنائية‬
‫والمدنية‪ ،‬إضافة إلى الضمانات األساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين ‪.‬والنظام االنتخابي‬
‫للجماعات المحلية‪ ،‬ونظام االلتزامات المدنية والتجارية‪....‬‬

‫كما أن له صالحية التصويت على القوانين تضع إطا ار لألهداف األساسية لنشاط الدولة في الميادين‬
‫االقتصادية والثقافية واالجتماعية ‪ ،‬وبجانب ذلك فالمجلس يتولى المصادقة على مشاريع ومقترحات القوانين‬
‫باألغلبية المطلقة في عدم حال توصل اللجنة المشتركة بين الغرفتين إلى اتفاق‪.‬بالتالي يضطلع المجلس بدور‬
‫الملك‪(1 ).‬‬ ‫مهم في مراجعة الدستور بجانب‬

‫‪ -1‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪.‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.109 ،‬‬


‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫ب‪-‬الــــسلــطــــــــــــــات المــــــــالـــيـــــــــــــــة‪:‬‬

‫تنظيمي ‪(1).‬‬ ‫يناقش مجلس النواب قانون الميزانية‪ ،‬ويصدر عنه بالتصويت وفقا لشروط محددة يرسمها قانون‬

‫ج –الـــسـلطــــــــــــات الــــرقـــــــابــــيـــــــــــة‪ :‬يمارس البرلمان مراقبة ذات شكلين‪:‬‬

‫*الشكل األول‪ :‬مراقبة بإثارة المسؤولية السياسية للحكومة وتحريكها‪،‬يترتب عليها جزاء سياسي‪.‬‬

‫*الشكل الثاني‪ :‬مراقبة بدون إثارة المسؤولية السياسية للحكومة ‪،‬حيث أن تحريكها ال يترتب عليها جزاء‬
‫سياسي‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بوسائل المراقبة البرلمانية التي يلجا إليها البرلمان فهي األسئلة الشفهية واألسئلة‬
‫الحقائق‪(2 ).‬‬ ‫الكتابية و األسئلة اآلنية والمستعجلة ولجان تقصي‬

‫‪ -1‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪.‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.109 ،‬‬


‫‪.)110‬‬ ‫‪ -2‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪.‬المرجع السابق‪ .‬ص ص‪،109(.‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫الــمطــلــــب الـــثــــانــــي‪ :‬اإلصــــالحــــــــات التــــــي مســــت مجــــلـــس الشـــــــورى(الــــــــشــــــــيوخ)‪.‬‬

‫مجلس الشورى أو مجلس الشيوخ‪،‬هو مؤسسة تشريعية يتألف من أعضاء يعينون بأمر ملكي ‪،‬لمدة تختلف من‬
‫دولة ألخرى‪ ،‬حيث يجوز إعادة التعيين لألعضاء لمن انتهت مدة عضويتهم ‪.‬كما يجوز ألي عضو من‬
‫أعضاء هذا المجلس أن يطلب إعفاءه من عضوية المجلس حسب الطرق المحددة في الدستور‪.‬أما رئيس‬
‫مجلس الشورى فإن الملك هو من يعينه لمدة تماثل مدة المجلس وينتخب المجلس نائبا أو اثنين للرئيس‪ .‬يعقد‬
‫المجلس اجتماعاته عند اجتماع مجلس النواب‪.‬‬

‫لعل من أبرز التعديالت واإلصالحات التي مست وخصت هذه الهيئة في ظل اإلصالحات والتوجهات‬
‫الديمقراطية ما يلي‪:‬‬

‫* تحديد نظم وأساليب العمل بالمجلس‪،‬حيث تم إحالة ومنح طرق ونظم سير عمل المجلس إلى‬
‫القانون‪.‬‬

‫*االحتكام إلى القانون في كل المسائل التي تتعلق بالمناقشة والتصويت والسؤال واالستجواب‪.‬‬

‫* فرض جزاءات وعقوبات تترتب على مخافة العضو للنظام أو تخلفه عن جلسات المجلس ‪.‬‬

‫إخــــتصــــاصـــــــات مــــجــــلـــــــس الشـــــــــــورى‪:‬‬

‫من بين اإلختصاصات التي تم تعديلها واإلصالح فيها مايلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫* اإلسهام في مجال التشريع وسن وتقرير القوانين بالتنسيق مع مجلس النواب‪.‬‬

‫* ممارسة السلطات واالختصاصات الرقابية‪.‬‬

‫* توجيه األسئلة المكتوبة إلى الوزراء الستيضاح األمور الداخلة في اختصاصهم‪ ،‬وللسائل وحده حق‬
‫التعقيب مرة واحدة على اإلجابة ‪،‬فإن أضاف الوزير جديدا تجدد حق العضو في التعقيب‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43 ،‬‬


‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫* يحق لرئيس مجلس الوزراء والوزير حضور جلسات مجلس الشورى ومجلس النواب‪،‬ويستمع إليهم كلما‬
‫طلبوا الكالم‪ ،‬ولمه أن يستعينوا بمن يريدون من كبار الموظفين أو من ينوبون عنهم‪ ،‬وللمجلس أن يطلب‬
‫حضور الوزير المختص عند مناقشة أمر يتعلق بو ازرته‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫الــمـبـحـــــــث الثــــالـــــث ‪ :‬اإلصــــــــــالح فـــــي الدسـتـــــــــور في الـنظــــــام الــســـياســـي المــلكــــــي‪.‬‬

‫يعتبر الدستور هو القاعدة العليا في الدولة أو الوثيقة األساسية لها‪ ،‬والتي تمثل البناء القانوني في‬
‫النظم السياسية الشرعية‪ ،‬والتي وألجل ضمان استقرار وتوازن هذه النظم جاز وصار من الممكن إدخال‬
‫تعديالت واجراءات واصالحات على مستوى الدساتير ومضامينها بمختلف نظمها السياسية ‪،‬سواء الديمقراطية‬
‫أو الملكية أو الجمهورية ضمن مايعرف بعملية اإلصالح الدستوري‪ ،‬والذي سيتم معالجته والتركيز عليه من‬
‫خالل محاولة طرح مفهوم اإلصالح الدستوري وآليات تحقيقه في المطلب األول‪ ،‬من ثم تبيان ودراسة‬
‫مجاالت اإلصالح الدستوري‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫المـــطلــب األول‪ :‬مــاهـــيـــــة اإلصـــالح الـــدستـــــوري وآلــــيــــات تحــقيــقـــه فــي النــــــظـــام المــلــكـــي‪.‬‬

‫‪ /1‬اإلصــــــــالح الدســـتـــــــــــوري‪:‬‬

‫يعني التغيير في نصوص الدستور بما ينعكس إيجابا على المجاالت التي تشملها تلك النصوص بالتنظيم‬
‫واذا كان الدستور على النحو المقدم يعالج الموضوعات المتصلة بنظام الدولة وأسلوب الحكم‪ ،‬وتنظيم‬
‫السلطات والحقوق والحريات ‪ ،‬وهي يغلب عليها الطابع السياسي ‪.‬وبهذا الوضع فأن اإلصالح الدستوري هو‬
‫لهذا اإلصالح (‪.)1‬‬ ‫احد آليات اإلصالح السياسي باعتباره يسعى إلى تحقيق اإلطار واألساس التنظيمي‬
‫فاإلصالح الدستوري يأتي في مقام إصالح الدولة لضمان تكيفها مع سائر المتغيرات وتطوير نظمها‬
‫وأساليبها وسياسيتها وفق تطور االحتياجات والمقتضيات‪.‬‬

‫وينصب هذا اإلصالح حول ما يسمى باألفرع العليا لشجرة الدولة‪ ،‬حيث يتعلق أساسا بشكل الحكومة‬
‫ومتابعة الحقوق األساسية وضماناتها بالتوازن بين السلطات ‪ ،‬ويجسد اإلصالح الدستوري الموائمة بين تحقيق‬
‫الشرعية الدستورية والمشروعية السياسية ‪ .‬ويرجع ذلك أن التعديل الدستوري لن ينجح في تحقيق هدفه‬
‫كوسيلة لإلصالح الدستوري ما لم يتوافر له الشرعية الدستورية (سالمة النصوص) والمشروعية السياسية‬
‫(‪) 2‬‬
‫(موافقة األغلبية عليه)‪.‬‬

‫‪ /2‬أهــــــــداف ومـــبــــــــررات اإلصـــــــالح الدســـــــتـــــــــــــوري‪:‬‬

‫يهدف اإلصالح الدستوري بشكل عام إلى تصحيح المعالجة الدستورية لمجاالت معينة في ضوء ما‬
‫يسفر التطبيق العلمي لما تتطلبه األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية من ضرورة إجراء تعديالت‬
‫تحقق الموائمة بين النصوص الدستورية والواقع العملي‬

‫‪ -1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬منهج اإلصالح الدستوري‪( .‬القاهرة ‪ :‬مطبعة الشعب‪ ،) 2006،‬ص‪. 55 ،‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.155 ،‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫وبعبارة أكثر تحديدا يسعى اإلصالح الديمقراطي إلى دعم المشروعية الدستورية في إطار الشرعية‬
‫السياسية التي تحققها إرادة الشعب في ضوء التطورات السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬وفي هذا السياق‬
‫يمكن إيجاز أهداف اإلصالح الدستوري من واقع المبررات وذلك فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ ‬إعادة تنظيم العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يحقق مزيدا من التوازن فيما بينها ‪ ،‬ويعزز‬
‫(‪)1‬‬
‫دور البرلمان في الرقابة والمساءلة ‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز دور مجلس الوزراء وتوسيع اختصاصاته وتوسيع المدى الذي تشارك فيه الحكومة رئيس‬
‫الجمهورية في مجال السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫‪ ‬وضع ضوابط على ممارسة رئيس الجمهورية للصالحيات المخولة إليه وفق أحكام الدستور عند‬
‫مواجهة أخطار تهدد سالمة الوطن أو تهدد مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان تبني النظام اإليجابي األمثل ‪ ،‬والذي يكفل فرص تمثيل األحزاب بالبرلمان‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان حد أدنى للمقاعد التي تشغلها المرأة بالبرلمان عن طريق االنتخاب ‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير نظام المحليات وتعزيز صالحياتها التنفيذية والرقابية ودعم الالمركزية في أدائها‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز استقالل السلطة القضائية من خالل إلغاء المجلس األعلى للهيئات القضائية‪.‬‬
‫تحقيق التالؤم بين نصوص الدستور واألوضاع المعاصرة في إطار الحفاظ على حرية النشاط‬ ‫‪‬‬

‫(‪) 2‬‬
‫االقتصادي والعدالة االجتماعية وحماية حق العمال‪.‬‬
‫بعبارة أخرى أكثر إيضاحا فاإلصالح الدستوري يهدف إلى إقامة نظام سياسي يكفل ديمقراطية بمعنى‬
‫الكلمة تقوم على سيادة حقيقية لألمة أو الشعب‪ ،‬وعلى فصل وتوازن بين السلطات وتمكين التداول على‬
‫السلطة‪ ،‬واستقالل أكمل للقضاء‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم مبدأ المواطنة واإلصالح الدستوري"دراسة تحليلية مقارنة" ‪ ،‬ا(القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية ‪،)2008،‬‬
‫ص ص‪.)5،6(.‬‬
‫‪.-2‬المرجع السابق" ‪،‬ص ص‪.)7،8(.‬‬
‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫‪ /3‬وســـــــائــــــل وآلـــيـــــات تحـــقـــيـــــــق اإلصــــــــــالح الدســـتــوري‪:‬‬

‫يمكن تحقيق اإلصالح الدستوري بوجه عام من خالل ثالث وسائل هي‪ :‬وضع دستور جديد ‪ ،‬تعديل‬
‫(‪) 1‬‬
‫الدستور القائم ‪ ،‬والتفسير المنشئ الذي يتواله القضاء الدستوري لنصوص الدستور القائم‪.‬‬

‫أ‪ /‬وضــــع دسـتــــــــــور جـــديــــــــــد ‪:‬‬

‫إذا كان الدستور هو الوثيقة األسمى في المنظومة القانونية على مستوى الدول ذات األنظمة الشرعية ‪ ،‬فإن‬
‫الحديث عن أساليب نشأة ووضع الدساتير هي مسألة أساسية ‪ ،‬وان كانت ثابتة في كافة مؤلفات القانون‬
‫الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬والثابت لدى معظم فقه القانون أن ـأساليب وضع الدساتير متعددة وتتنوع وفقا‬
‫لظروف كل دولة ‪ ،‬وتتفاوت فيما بينها من حيث درجة الديمقراطية التي تعكسها ‪ ،‬ومن ثم يمكن القول أن‬
‫األساليب التقليدية لوضع الدساتير تندرج في إطار أسلوبين هما ‪. 2.:‬‬

‫*األسلوب غير الديمقراطي‪:‬‬

‫الذي يعبر عن إرادة الحكم المنفردة باعتباره السلطة الوحيدة في البالد ‪ ،‬ويندرج أيضا ضمن هذا األسلوب‬
‫غير الديمقراطي أسلوب االتفاق أو العقد ‪ ،‬ويكون الدستور هنا وفق هذا األسلوب صاد ار في إطار إتفاق بين‬
‫الحاكم والشعب كالدستور الكويتي الصادر سنة ‪1962‬‬

‫أ‪ -‬األسلوب الديمقراطي ‪:‬‬


‫يبرز هذا األسلوب دور الشعب في وضع الدساتير المرتكزة على الديمقراطية‪ ،‬ويضم هذا األسلوب نوعين‬
‫‪،‬أولهما هو أسلوب الجمعية التأسيسية الذي يتم من خالله وضع طريق جمعية تأسيسية يقوم الشعب‬
‫بانتخابها ‪،‬أو يتم اختيارها من قبل السلطة المختصة‪.‬أما ألسلوب الثاني فهو أسلوب اإلستفتاء الدستوري‬
‫الذي يجسد دور الشعب الذي ويعتبر صاحب الكلمة العليا في إقرار الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد فتحي سرور المرجع السابق‪،‬ص ص‪.)55،56 (.‬‬


‫‪ -2‬محمد أنس قاسم جعفر ‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري ‪(،‬القاهرة ‪:‬دار النهضة العربية ‪،)1999،‬ص‪.388،‬‬
‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫ب‪-‬تـــعـــديــــــــــل الــــدســــتــــــــــــــــور‪:‬‬

‫التعديل هو التغيير والتعديل الدستوري هو اإلجراء الدستوري النابع عن إرادة الشعب بناءا على طرح‬
‫السلطات المختصة‪ ،‬والذي يهدف إلى إحداث تغيير كلي أو جزئي على نصوص الدستور وفقا لقواعد محددة‬
‫تنظمها نصوصه‪.1 .‬‬

‫وتتنوع الدساتير من حيث قابليتها للتعديل إلى دساتير مرنة تقبل التعديل وفقا إلجراءات مماثلة‬
‫إلجراءات تعديل القانون العادي‪ ،‬والى دساتير جامدة ال يجوز تعديلها إال طبقا إلجراء خاصة تختلف عن‬
‫‪2‬‬
‫إجراءات القانون العادي‪ ،‬وتنتمي غالبة الدساتير إلى هذا النمط األخير ‪.‬‬

‫وتتم عملية التعديل الدستوري وفق ضوابط دقيقة واجراءات صارمة كونها ترتبط بأهم وأقوى القواعد في‬
‫البناء القانوني من جانب‪ ،‬وتنظيمها لألمور األكثر أهمية من حيث التنظيم السياسي للدولة وأجهزتها وحقوق‬
‫وواجبات المواطن السياسية من جانب آخر‬

‫ج – الــتــفســـيــــر المـنــشـــئ للـقــضــــــاء الدســتـــــــوري كـــآليــة لإلصــــــالح الديــــــمــقـــــراطـــــــي‪:‬‬

‫التفسير القانوني كآلية لتوضيح القصور وازالة الغموض بالنسبة لنص من النصوص القانونية‪ ،‬ويندرج‬
‫التفسير ضمن مهمة القضاء والمشرع والفقه‪ ،‬والتفسير ال يكون إال حيث يكون النص غامضا ويشترط في‬
‫صحته أال يعدل في النص القائم‪.‬‬

‫ويتفاوت التفسير في درجة اإللت از م بحسب جهة إصداره‪ ،‬فالتفسير التشريعي ملزم للكافة‪ ،‬بينما التفسير‬
‫الفقهي يقترب إلى أعمال المعاونة دون وجود اإللتزام به‪ ،‬والتفسير القضائي ليس ملزما في كافة األحوال‪،‬‬
‫والتفسير الدستوري من‬ ‫(‪)3‬‬
‫فليس ثمة إلزام على قاض معين بأن يأخذ برؤية قاض آخر كقاعدة عامة ‪.‬‬
‫إختصتص المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬فهي حين ممارستها للدور التفسيري للنصوص التشريعية فإنها تنتهي‬

‫‪ -1‬أحمد فتحي سرور‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.70 ،‬‬


‫‪ -2‬عصمت عبدهللا الشيخ‪ ،‬الدستور بين متطلبات الثبات وواجبات التغيير‪( .‬القاهرة ‪:‬دار النهضة العربية‪[ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن ])‪،‬ص‬
‫‪.55،‬‬
‫‪ -3‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.56 ،‬‬
‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫إلى قرار غالبا ما يكون مقر ار لرؤية المشرع وكاشفا عن قصده األساسي عند وضع النصوص‪ .‬بالتالي تكون‬
‫ق اررات التفسير بطبيعتها كاشفة إلرادة المشرع الحقيقية ‪ ،‬فالتفسير ال ينشئ حكما جديدا‪ ،‬وال يبتدع قاعدة لم‬
‫تكن موجودة قبل صدوره‪ ،‬وانما يكشف الغموض الذي إكتنف النص ويقرر حكما قائما في قاعدة سبق أن‬
‫تضمنها‪ ،‬بالتالي يعتبر التفسير متمما لهذا النص األصلي ساريا من تاريخ العمل به دون اإلخالل ببعض‬
‫االستثناءات‪.‬‬

‫بالتالي فاألصل في ممارسة المحكمة الدستورية لدورها التفسيري لبعض نصوص الدستور إنما يأتي‬
‫في سياق قيامها بدورها الرقابي على دستورية نصوص القوانين واللوائح وتقدير مدى توافق أو تعارض هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫النصوص مع الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬رمزي طه الشاعر‪ ،‬النظام الدستوري المصري‪[ (، .‬د‪.‬ب‪.‬ن] ‪ [،‬د‪.‬د‪.‬ن ]‪ ، )2000،‬ص‪.327،‬‬


‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫المـــــطــــلـــــب الثـــانــــي ‪ :‬مــــجـــــاالت اإلصـــــــالح الـــــــدســــــتــــــــوري‪.‬‬

‫تسعى مختلف األنظمة سواء الديمقراطية أو الساعية إليها دوما إلى تنقية دساتيرها من الشوائب والثغرات تلتي‬
‫قد تلحق بها لسبب أو آلخر‪ ،‬وبما يكفل توائمها بصورة مستمرة مع التطورات والمستجدات على الساحة‬
‫السياسية الدولية بوجه عام‪ ،‬والوطنية بوجه خاص‪ .‬وتلجا هذه األنظمة إلى آليات اإلصالح المناسبة لكل‬
‫متطلب من متطلبات اإلصالح‪ /‬وهذه اآلليات تتفاوت بحسب النطاق‪ ،‬فإنشاء دستور جديد تفرضه ظروف‬
‫مختلفة كالثورات أو تغيير النظام الحاكم‪.....‬في حين أن التعديل الجزئي يتطلب ظروف أخرى أقل نطاقا‬
‫(‪)1‬‬
‫كالمتغيرات السياسية واالقتصادية و الثقافية في المجتمع ‪.‬‬

‫يرتبط اإلصالح الدستوري عادة في إطاره العام إما بإجراء تصحيح في كيان الدستور كليا أو جزئيا‪ ،‬إذ‬
‫يمكن ان تكون نصوص الدستور في مجملها تقبل أن تكون محال لإلصالح أو التصحيح ‪،‬كما يمكن تقييد‬
‫وتحديد بعض المجاالت فقط في نطاق اإلصالح الدستوري على غرار المبادئ األصولية التي تمثل الركائز‬
‫األساسية للنظام الدستوري والتي اليصلح إخضاعها للتعديل حرصا على الكيان الشامل لهذا النظام تحت‬
‫إطار ما يسمى بالمبادئ أو القواعد فوق الدستورية )‪)2(. (Supra Constitutionnelle‬وتنشأ الدساتير‬
‫وتعيش في ظل المشروعية السياسية للمبادئ التي تقوم عليها‪ ،‬فتحكم مسيرة الحياة السياسية في مختلف‬
‫‪)2‬‬
‫تطوراتها‪ ،‬فيأتي اإلصالح الدستوري لبلورة الشرعية الدستورية على نحو تسانده مشروعية سياسية ‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق يمكن حصر مجاالت اإلصالح الدستوري في محورين إثنين ‪ ،‬محور يتعلق‬
‫بمجاالت إصالح نظلم وسلطات الدولة ‪ ،‬والثاني يختص بمجال إصالح ودعم الحقوق و الحريا(‪.)3‬والتفصيل‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع السابق" ‪ ،‬ص ص‪.)38، 37 (.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪George Lavaroff. Le droit Constitutionnelle de la ve.Republique.ets . D 19995 ,p.199.‬‬
‫‪ -3‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع السابق" ‪،‬ص‪.43 ،‬‬
‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫أوال ‪ :‬مـــجــاالت اإلصــــالح الدســتـــوري مـــن خــــالل إصـــــــالح نــظــام وسـلــطــــــات الـدولـــــــــة ‪:‬‬

‫يضم هذا المحور مجموعة المجاالت الدستورية المتعلقة بالتعديالت المتصلة بنظام وسلطات الدولة ‪،‬و تهدف‬
‫في مجموعها إلى تحقيق بعدا إصالحيا على مستوى تلك المجاالت ‪ ،‬وذلك فيمايلي‪:‬‬

‫‪ /1‬دعــم الـــدور الرقــــابـــي والـتشــريـــعـــي للــبرلــمـــــــــــــان‪:‬‬

‫تعاني البرلمانات بوجه عام وعلى المستوى العربي بوجه خاص من ضعف وانحسار في ممارسة‬
‫هذا السياق يستهدف التعديل‬ ‫اختصاصاتها التشريعية والرقابية أمام ثقل دور السلطة التنفيذية ‪ ،‬وفي‬
‫الدستوري في أحد جوانبه بعدا إصالحيا أساسيا يتمثل في إعادة تنظيم العالقة بين السلطتين التشريعية‬
‫والتنفيذية بما يحقق مزيدا من التوازن فيما بينهما‪ ،‬ويعزز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة ‪ ،‬من ثمة إجراء‬
‫وتحقيق تعديالت ببعض النصوص الدستورية المنظمة للعالقة بين السلطتين بما يعكس البعد اإلصالحي من‬
‫خالل تنمية وزيادة دور البرلمان في مواجهة مجلس الوزراء على سبيل المثال‪ ،‬أو دعم دور البرلمان في‬
‫(‪)1‬‬
‫إقرار الموازنة والحساب الختامي‪.‬‬

‫‪ /2‬تعـــزيـــــــــز الــتـوازن الـداخـلـــــي للســـلــطـــة الـتـنـفـــيـــــذيــــــــــــة ‪:‬‬

‫من خالل تعديل دور مجلس الوزراء أو الحكومة ‪ ،‬ووضع قيود على ممارسة رئيس الجمهورية لصالحياته‬
‫الدستورية وذلك عن طريق‪:‬‬

‫‪/3‬تـــعزيـــــــز دور مـجــــلــــس الـــوزراء وتــوســيــــع اخــتـــصـــاصـــاتـــــه‪:‬‬

‫إذ ان رئيس الجمهورية يتمتع بعدد كبير من الصالحيات يمارسها بصورة منفردة ‪ ،‬لذلك يكون التعديل بهدف‬
‫واشراك مجلس الوزراء في ممارسة ومشاركة رئيس الجمهورية اختصاصاته إما من خالل مشاركة مجلس‬
‫الوزراء بصفة مباشرة‪ ،‬أو بأخذ رأيه في اختصاصات رئيس الجمهورية ‪ ،‬أو أخذ رأيه في تعيين النواب‬
‫واعفائهم و وضع ضوابط على استخدام رئيس الجمهورية لبعض صالحياته الدستورية ‪:‬بما يعكس ذلك نوعا‬

‫‪ -1‬جمال علي زهران ‪.‬األصول الديمقراطية واإلصالح السياسي‪(،‬القاهرة‪ :‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،)2005،‬ص‪.105 ،‬‬
‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫من التقييد على اختصاصات رئيس الجمهورية بأخذ رأي مجلس الوزراء مثال أو مجلس الشعب‪ ،‬وتوسيع دائرة‬
‫(‪)1‬‬
‫المشاركة اإليجابية ‪.‬‬

‫‪/4‬تــعـــزيـــــــــز اســتـــقالل الــــســـلـــــطـــــــــــة الـــقــــضــــــــائـــــــــيــــــــة‪:‬‬

‫بحيث يكون التعديل أو البعد اإلصالحي للتعديل الدستوري يسعى لتدعيم وتعزيز استقالل القضاء‪ ،‬فالسلطة‬
‫القضائية مستقلة والقضاة مستقلون السلطان عليهم في قضائهم‪ ،‬والتأكيد على استقاللية الهيئات القضائية‬
‫(‪)2‬‬
‫في مباشرة مهامها وشؤونها على ان يكون دور رئيس الجمهورية دور تنسيقي فقط وليس رئاسي‪.‬‬

‫‪ /5‬مـواجــهـــة الفــراغ الدستـوري النـاجــم عن خلو منــصب رئيــس الجمهــورية في ظروف معــينـــة‪:‬‬

‫وذلك من خالل دراسة ومعالجة مسالة خلو منصب رئيس الجمهورية سواء في خالة المانع الدائم كالوفاة‬
‫والعجز الدائم ‪ ،‬أو في حالة المانع المؤقت كالمرض العادي أو االتهام السياسي أو الجنائي كان يتضمن‬
‫التعديل بعد إصالحيا يتمثل في اضطالع رئيس مجلس الوزراء بمهام رئيس الجمهورية في حالة عدم شغل‬
‫(‪)3‬‬
‫منصب الرئيس‪.‬‬

‫‪ /6‬تـــقـــويــــة دور األحـــــــزاب الــسيـــــاســـــــيــــــــــة‪:‬‬

‫فاألحزاب هي عماد الحياة السياسية والمحركة لها‪ ،‬والحزب عبارة عن تنظيم سياسي وشعبي دائم تحكمه‬
‫(‪)4‬‬
‫مجموعة من المبادئ وتسعى إلى التنافس من اجل نيل ثقة المواطنين والوصول إلى مقاعد السلطة‪.‬‬
‫بالتالي يكون التعديل أو اإلصالح بتيسير الشروط الخاصة بترشيح األحزاب للمرشحين واتاحة الفرصة‬
‫للمنافسة دعما للديمقراطية‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع السابق" ‪ ،‬ص ص‪.)48،49(.‬‬


‫‪ -2‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع السابق" ‪ ،‬ص‪.50 ،‬‬
‫‪ -3‬عبد العظيم عبد السالم عبد الحميد ‪ ،‬تطور األنظمة الدستورية "دراسة مقارنة " ‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪،)2006،‬‬
‫ص‪.456 ،‬‬
‫‪ -4‬نبيلة عبد الحليم كامل‪ ،‬حرية تكوين األحزاب السياسية بين النص القانوني والواقع السياسي‪(.‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية‪ .)1992،‬ص‪.58،‬‬
‫‪66‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫‪ /7‬تحــقــيق التــالؤم بيـــن نـصــوص الدسـتــــــور واألوضــاع السيــاسيــــة واالقتصـاديــة المعــاصـــرة‪:‬‬

‫إذ يجب على اإلصالح والتعديل أن يسعى لتحقيق بعد إصالحي من خالل تحقيق التالؤم نصوص الدستور‬
‫واألوضاع السياسية واالقتصادية المعاصرة‪ ،‬فالدستور ليس إطار جامد ال يقبل التعديل وينفصل عن الواقع او‬
‫التصورات المعاصرة‪ ،‬وانما يجب أن يستجيب لهذه المتغيرات ويتفاعل معها في إطار تعديالت تتسم بالمرونة‬
‫(‪)1‬‬
‫وتسمح بتبني السياسيات المالئمة بما يخدم عملية تطور التنمية والديمقراطية ‪.‬‬

‫‪ /8‬دعــــم وتــــــطويـــــــــــــر نـــــــظـــــــــام اإلدارة المـــحلـــيـــــــــــة‪:‬‬

‫وذلك من خالل محاولة تطوير نظام اإلدارة المحلية ودعم الالمركزية اإلدارية كخطوة هامة نحو الديمقراطية‬
‫من جهة‪ ،‬ويساعد على قيام الكيانات المحلية على حسن أداء وظيفتها وتمكين الوحدات المحلية من إدارة‬
‫شؤونها وتحقيق مطالب المواطنين بما يعطيها سلطات أوسع في المتابعة وذلك في إطار القانون الذي يكفل‬
‫دعم الالمركزية وينظم وسائل تمكين الوحداتن اإلدارية من توفير المرافق والخدمات المحلية والنهوض بها‬
‫(‪)2‬‬
‫وحسن إدارتها‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم ‪.‬المرجع السابق" ‪ ،‬ص‪.55 ،‬‬


‫‪ -2‬طه محمد عبد المطلب ‪ ،‬اإلصالح الشامل للمحليات‪( .‬جريدة األهرام‪،‬العدد‪ ،) 44061:‬متحصل عليه ومنشور في الموقع ‪:‬‬
‫‪ www. Ahram.org-eg‬بتاريخ‪.2015/02/18:‬‬
‫‪67‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫ثانيا ‪ :‬مجــــاالت اإلصــــــــالح الدســتـــوري مــن خالل إصــــالح ودعــــم الحــقـــوق والـواجــبـــات الــعــامــــــــــة ‪:‬‬

‫يضم هذا المحور مجموعة من المجاالت الدستورية المتصلة بالحريات والحقوق العامة‪ ،‬وتهدف بصفة‬
‫إجمالية إلى تحقيق بعد إصالحي على مستوى تلك المجاالت التي من بينها‪:‬‬

‫‪/1‬دعــــــــــــم الــتــمثــيـــل النــيـــابـــي لـلـمـــــــــرأة‪:‬‬

‫فالمرأة هي نصف المجتمع ‪،‬وقد تطور الوضع الثقافي واإلداري واالجتماعي للمرأة على مدار نصف القرن‬
‫الفائت‪ ،‬كما تنامي دورها السياسي وبخاصة في مجال المشاركة في اإلدالء بالرأي‪ ،‬وعمليتي االستفتاء‬
‫‪)1(.‬‬
‫والتصويت االنتخابي ‪ ،‬فضال عن نمو الوعي السياسي لديها في مجال التقدم الذاتي للترشيح النيابي‬

‫إزاء ذلك كله جاءت التعديالت اإلصالحية في التعديل الدستوري لتفعيل مبدأ المساواة بين الرجل‬
‫والمرأة في التمثيل النيابي بصفة خاصة‪ ،‬على أن يتم تفعيل هذا البعد اإلصالحي من خالل إصدار تشريع‬
‫مكمل للدستور يعمل على دعم نسبة التمثيل النيابي للمرأة‪.‬‬

‫‪ /2‬تــطــــويــــر الـــنـظــــــام االنتخابي القـــــــــــائـــــــــــم‪:‬‬

‫إذ تتباين نظم االنتخابات المعمول بها في دول العالم وتأخذ كل دولة بالنظام الذي يتفق مع ظروفها‬
‫السياسية وأوضاع الناخبين فيها ‪ ،‬ويستجيب لما يط أر على هذه الظروف واألوضاع من تحوالت تقتضي‬
‫تعديالت على نظامها اإلنتخابي‪ ،‬وهو ما ال يملكه القانون المنظم لالنتخابات ما لم تكن نصوص الدستور‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫تسمح بذلك‬

‫وفي هذا السياق تتجسد الرؤية اإلصالحية في هذه النقطة في فتح المجال الختيار النظام االنتخابي‬
‫الذي يكفل التمثيل االدنى لألحزاب السياسية في المجالس التشريعية‪ ،‬مع الحرص على تبني النظام المالئم‬

‫‪ -1‬محمد أحمد عبد المنعم‪ ،‬دور المشرع في دعم التمثيل النيابي للمرأة‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة ‪(.‬القاهرة ‪ :‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪ ،)2006‬ص‪.61 ،‬‬
‫‪ -2‬عبدا هلل ناصيف‪ ،‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬نظم االنتخابات في العالم وفي مصر‪( .‬القاهرة ‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،)1994،‬ص‪.31،‬‬
‫‪68‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫للتعديالت والتطورات واألوضاع الراهنة والمستقبلية بما يحقق األبعاد اإلصالحية التي إستهدفها التعديل‪ ،‬وهو‬
‫ما يؤثر على تطور البناء الديمقراطي بوجه عام‪.1 .‬‬

‫‪ /3‬حـمــــايـــــة أمــــن الـــمــــواطـــن فـــي مـــواجــهــــــة مــخـاطــــــر اإلرهـــــــــــــاب‪:‬‬

‫التعديالت الدستورية الحديثة تستهدف بعدا إصالحيا جديدا تمثل في تركيز تشريع يكافح اإلرهاب وفقا‬
‫إلجراءات قانونية فاعلة ومتوازنة تستند إلى الدستور‪ ،‬فاالتجاه التشريعي الذي تأخذ به معظم الديمقراطيات‬
‫الراسخة يتمثل في إصدار قانون خاص أو نصوص خاصة تكفل للدولة مواجهة ظاهرة اإلرهاب التي يعاني‬
‫منها العالم المعاصر في إطار الشرعية الدستورية العادية دون اللجوء إلى الشرعية االستثنائية وحالة‬
‫الطوارئ‪ .‬ويتمثل هذا البعد اإلصالحي في محاولة بلوغ نقطة من التوازن بين ضرورة إتساع سلطات الضبط‬
‫وجهات التحقيق لمواجهة اخطار اإلرهاب في ظل وجود رقابة قضائية‪ ،‬وبين كفالة الحماية الواجبة للحقوق‬
‫والحريات العامة‪ .‬وهذا البعد اإلصالحي يمثل قيمة عالية الستهدافه حماية المواطن من مخاطر اإلرهاب بما‬
‫يكفل التوازن بين حماية امن الوطن والمواطن‪ ،‬وعدم إهدار الحقوق والحريات إال بالقدر الذي يستلزمه تحقيق‬
‫الموائمة بين حريات المواطنين وأمن البالد‪.2 .‬‬

‫‪ /4‬دعــــــــــم مــبــــــدأ الــمــــواطـــنـــــــــــــــــة ‪:‬‬

‫بجانب المجاالت السابقة فقد تستهدف التعديالت الدستورية تعزيز مبدأ المواطنة ‪Le Principe de la‬‬
‫‪ Citoyenneté‬وذلك باعتبار أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات ال يفرق‬
‫بينهم عقيدة أو دين أو لغة أو جنس‪ ،‬فالمواطنة هي رابطة بين الفرد والدولة تقوم على معيار الجنسية‪،‬‬
‫بالتالي فإن كافة المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات ال تمييز بينهم ألي سبب متى تماثلت مراكزهم‬
‫القانونية‪ ،‬والمواطنون هم ركيزة الدولة بالتالي ترتكز اإلصالحات على تأكيد أن نظام الدولة يقوم على مبدأ‬

‫‪ -1‬عبدهللا ناصيف‪ ،‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.31 ،‬‬


‫‪ -2‬محمد أحمد عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.66 ،‬‬
‫‪69‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫المواطنة باعتباره أساسا للحقوق والواجبات‪ ،‬و التركيز على أن المواطنة هي أساس النشاط السياسي و‬
‫‪1‬‬
‫الحزبي ‪.‬‬

‫‪ -1‬علي خليفة الكواري‪ ،‬المواطنة الديمقراطية في البلدان العربية ‪[ (،‬د‪.‬ب‪.‬ن]‪،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)2003،‬ص‪.130،‬‬
‫‪70‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب التي يشملهــا اإلصــالح في األنـــظــمة اـلسياسيــــة ذات‬
‫الـــطبــيعــــــــــة الــملــكــيــــة‬

‫من خالل كل ما تم عرضه والتطرق إليه في هذا الفصل‪ ،‬تبين أن عملية اإلصالح الديمقراطي في‬
‫األنظمة السياسية الملكية هي عملية متشابكة وطويلة ومشروطة‪ ،‬ولتحقيقها ال بد من إشراك وتفاعل جميع‬
‫المؤسسات واألجهزة الرسمية في النظام السياسي القائم‪ ،‬إذ أنه ال بد من تكافل واصالح كافة األبنية الرئيسية‬
‫في الدول‪ ،‬بجميع مستوياتها ‪،‬من ذلك ضرورة تضمنها عمل المؤسسة التنفيذية من خالل معالجة واصالح‬
‫المؤسسة الملكية المهيمنة على السلطة التنفيذية‪ ،‬بما يحقق بالتوازي مع ذلك إصالح وتعديل المؤسسة‬
‫التشريعية بمختلف أقسامها بفتح المجال للمشاركة في الحكم إضافة إضافة لسن القوانين والتشريع‪....‬من ثم‬
‫تدوين وتأسيس مسار هذه العملية بنصوص الدستور الذي يمثل الضامن والكفيل بتجسيد هذه العملية‬
‫وحمايتها من التجاوزات التي قد تحدث‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫النظـــــام السياســـي المغــربـــي‬
‫في ظـــل تجـربــــــة اإلصــــــالح‬
‫الديــمـــقـــــــــراطي‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫عرف المغرب خالل السنوات القليلة الماضية‪ ،‬وبالضبط مع مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي‬
‫جملة من اإلصالحات الدستورية والسياسية همت مجاالت مختلفة بغية استكمال بناء دولة العدالة وترسيخ‬
‫أسس الديمقراطية الحقة‪ .‬ومنذ وصول الملك محمد السادس إلى الحكم في ‪ 23‬يوليو ‪ 1999‬تكثفت وتيرة‬
‫اإلصالحات وتوجت باإلعالن عن إصالح دستوري شامل يهدف إلى تحديث وتأهيل هياكل الدولة المغربية‪.‬‬
‫وقد مثلت سنة ‪ 2011‬منعطفا تاريخيا فاصال ونتاجا لسنوات من العمل المتواصل المتمثل في مختلف الو‬
‫رشات اإلصالحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياق تاريخي دولي دقيق‪ ،‬وفي خضم األحداث التي كان‬
‫العالم العربي وما ي ازل مسرحا لها‪ ،‬توج اإلصالح بالمملكة المغربية بالخطاب الملكي للتاسع مارس ‪2011‬‬
‫ليعلن عن المبادرة الملكية الداعية إلى إجراء تعديالت دستورية عميقة وشاملة أقل ما يقال عنها أنها غير‬
‫مسبوقة بما يترجم انتهاج وتوخي جملة من اإلصالحات المفروضة والشاملة لكافة النواحي‪ ،‬والتي كانت‬
‫بمثابة استجابة لعدد من العوامل والمبررات ‪،‬والتي تطلبت مجموعة من الخطط والمرتكزات التي تضمن ولو‬
‫‪-‬بالحد األدنى ‪-‬تحقيق وبلوغ جملة اإلصالحات ألكثر وأوسع المجاالت‪ .‬فماذا حملت هذه اإلصالحات بين‬
‫طياتها؟ ثم ما هي حدودها وما مدى انعكاسها على بنية وجوهر النظام الدستوري السياسي المغربي؟‬
‫‪ -‬هذا ما ستتم معالجته ضمن هذا الفصل وفق المباحث التالية‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المعـ ـطيـ ـات الجـي ـ ـواستـراتي ـجيـ ـ ـ ـ ـة عن المـملك ـة المغ ـربي ـ ـة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مرتـ ـكـ ـزات اإلصالح الديمـ ـق ـ ـراطي في المـمـ ـلكـ ـة المغـربي ـ ـة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬م ـس ـ ـ ـ ـار اإلصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالح الديم ـ ـقـ ـ ـراطي في المـمـلكة المغ ـربي ـ ـة‬
‫المبحث الرابع‪ :‬رؤي ـة تقي ــيمية لعملية اإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المــبـــحــث األول‪ :‬المعـــطـــيات الجيــــو إستراتيـــجيـــة عــــن الــمـــملكة المــغربــيــــة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المعطيات اإلستراتيجية للمملكة المغربية‪.‬‬

‫المغرب دولة تقع في أقصى غربي شمال إفريقيا‪ ،‬تبلغ مساحتها ‪710.850‬كلم مربع ‪ ،‬يبلغ عدد سكانها‬
‫‪ 30‬مليون نسمة يتزايدون بمعدل ‪ .%1،8‬يتميز المغرب بواجهتين شاطئيتين تمتدان على نحو ‪ 3446‬كلم‬
‫يحدهما شماال البحر األبيض المتوسط بساحل يبلغ طوله ‪ 512‬كلم يمتد من السعيدية إلى رأس سبارطيل ‪،‬‬
‫وغربا المحيط ألطلسي من رأس سبارطيل إلى لكويرة على مسافة ‪ 2.934‬كلم‪ ،‬ويجاور المملكة المغربية‬
‫شرقا جمهورية الجزائر وجنوبا جمهورية موريتانيا ‪.‬عاصمتها الرباط واكبر مدنها الدار البيضاء وتعتبر‬
‫العاصمة االقتصادية ومن مدنها ‪:‬فارس‪ ,‬مراكش‪ ،‬طبنجة ‪,‬أغادير وجدة‪ .‬يطل المغرب على البحر األبيض‬
‫المتوسط شماال وموريتانيا جنوبا والجزائر شرقا وغربا مضيق حبل طارق‬

‫يقسم المغرب إلى ‪ 62‬مقاطعة وسبع مناطق اقتصادية و‪ 12‬إقليم‪.‬وهي منطقة الجنوب ‪12:‬إقليم‬
‫وعمالتين‪ ،‬منطقة الوسط الشمالي ‪ 5 :‬أقاليم و ‪ 3‬عماالت ‪ ،‬منطقة تانسيفت ‪ 5 :‬أقاليم و‪ 3‬عماالت ‪ ،‬منطقة‬
‫الشرق‪ 4‬أقاليم و عمالة‪ ،‬منطقة الوسط ‪ 6 :‬أقاليم و‪ 8‬عماالت ‪،‬منطقة الوسط الجنوبي ‪ 4 :‬أقاليم وعمالتين‬
‫ومنطقة الشمال الغربي ‪ 7 :‬أقاليم و‪ 3‬عماالت‪.‬‬

‫المغرب بلد متعدد في مكوناته القومية والسكانية و اللغوية و الثقافية حيث احتضن عبر تاريخه كثي ار من‬
‫العناصر البشرية القادمة سواء من الشرق مثل الفينيقين و اليهود الشرقيون والعرب كاألفارقة القادمين من‬
‫جنوب الصحراء الكبرى آو من الشمال كالرومان و الوندال و اليهود األوروبين وكان لهذه المكونات البشرية‬
‫‪.1‬‬
‫جميعها األثر على التركيب العرقي واالجتماعي الذي صار يضم تعداد قومي‪.‬‬

‫أما الدين الرسمي واألكثر انتشا ار في الدولة هو اإلسالم مع وجود أقليتين يهودية و المسيحية كما تعتبر‬
‫اللغتان العربية و األمازيغية هي اللغتان الرسميتان و كانت اللغة الفرنسية هي بمثابة اللغة الرسمية سابقا‬

‫‪1‬‬
‫‪-Hrieff‚ Alexis‚ « morocco current issues ».from:‬‬
‫‪http://www.google.com/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&cad=rja&uact=8&ved=0CCUQFjAA&ur‬‬
‫‪l=http%3A%2F%2Ffas.org%2Fsgp%2Fcrs%2Frow%2FRS21579.pdf&ei=lAxlVNC_H9evacGrgKgN&usg=AFQjC‬‬
‫‪NFbDroJO03jFYAs-zaHPh46Jp57iw&bvm=bv.79189006,d.ZWU‬‬

‫أطلع عليه يوم ‪.2015-02- 18:‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫واآلن بمثابة اللغة الثانية غير الرسمية إضافة إلى اللغة اإلسبانية واإلنجليزية حيث تستعمل في التجارة‬
‫واألعمال وتلقن قي المدارس و الجامعات‬

‫المغرب عضو في األمم المتحدة منذ ‪ 1956‬وجامعة الدول العربية ‪ 1958‬و اللجنة االولمبية ‪1959‬‬
‫ومجموعة الحوار المتوسطي ‪ 1995‬واالتحاد المغاربي منذ‪ 1989‬وهي الدولة اإلفريقية الوحيدة ليست عضو‬
‫في االتحاد اإلفريقي الذي حلت محله الوحدة اإلفريقية التي انسحب منها عام ‪ 1984‬بسبب رفضها االعت ارف‬
‫‪.1‬‬
‫سيادته على الصحراء المغربية ‪.‬‬

‫خـــريــــطـــة سيـــاسيـــة للمـمـــلــكــــــة المغـــربــيـــة‬

‫المصدر‪www.almosafr.com :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Hrieff‚ Alexis‚ « morocco current issues ».ibid.‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المــطــلــب الثــانـــي‪ :‬خــــصــائـــص الـــنـــظــــام الــســـيــاســـي لـلمـــمـلــكــــة المــغــربــيــــــــــة‪.‬‬

‫حسب الفصل األول من الدستور المغربي نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية برلمانية ديمقراطية‬
‫واجتماعية‪.‬و السيادة لألمة تمارسها مباشرة باالستفتاء وبصفة غير مباشرة بواسطة المؤسسات الدستورية‪،‬‬
‫والمغرب يعرف تعددية حزبية حيث إن األحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف‬
‫المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم؛ ونظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع‪.‬‬

‫الملك هو أمير المؤمنين والممثل األسمى لألمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها‪ .‬وهو‬
‫حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور‪ ،‬وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات‬
‫وهو الضامن الستقالل البالد وحوزة المملكة في دائرة حدودها ‪.‬‬

‫يتكون البرلمان في المغرب من مجلسين‪ ،‬مجلس النواب ومجلس المستشارين‪ ،‬ويستمد أعضاؤه نيابتهم‬
‫من األمة وحقهم في التصويت حق شخصي ال يمكن تفويضه‪.‬‬

‫والحكومة في النظام المغربي تتألف من الوزير األول والوزراء‪ ،‬وهي مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان‪.‬‬

‫يقوم النظام السياسي للمملكة المغربية على المؤسسات التالية‪:‬‬

‫أ‪/‬الـــمـــؤســســة الـمــلــكـيــــــــــة‪:‬‬

‫يؤكد الدستور المغربي على أن السيادة لألمة و للملك الحق في ممارسة السلطة باعتباره الممثل األعلى‬
‫لألمة و باعتباره ملك المغرب يسود و يحكم خالفا لما هو الحال في الملكيات الدستورية الغربية حيث أن‬
‫الملك يسود و ال يحكم‪.‬‬

‫فالملك بالمغرب يعين الوزير األول و الحكومة المغربية مسؤولة أمام الملك قبل أن تكون مسؤولة أمام‬
‫البرلمان و للملك سلطة حل البرلمان و هذا من شانه فتح المجال لممارسة السلطة التشريعية‪ ،‬عالوة إلى ذلك‬
‫إعالن حالة الطوارئ و هي سلطة غير محدودة كما يمكن للملك تعديل الدستور و تقديم مشروع االستفتاء ‪،‬‬
‫و سلطة الملك حسب الدستور سلطة مطلقة الن شخص الملك له منزلة مقدسة ال تنتهك حرمته ‪ ،‬علما أن‬
‫(‪)1‬‬
‫الحصانة البرلمانية بالمغرب ال تشمل التعبير عن آراء تجادل في النظام أو في الملك‪.‬‬

‫يمنح الدستور المغربي الملك سلطات واسعة ؛ حيث ُينصب كزعيم سياسي للمملكة و"حامي حمى‬
‫الدين"‪ .‬يرأس مجلس الوزراء ؛ ويعين رئيس الوزراء من الحزب الحائز على األغلبية في االنتخابات‬

‫إدريس قابلية‪"،‬النظام السياسي المغربي"‪ ،‬متحصل عليه من‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪www.t1t.net/download/a29.doc‬‬
‫بتاريخ‪. 2015-02-20:‬‬
‫‪76‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫التشريعية‪ ،‬وباقتراح منه ُيعين باقي أعضاء الحكومة‪ .‬وفي حين أن الدستور يسمح للملك نظريا بإنهاء مهمة‬
‫أي وزير‪ ،‬وبحل البرلمان وتعليق الدستور بعد التشاور مع رئيسي مجلسي البرلمان ورئيس المجلس الدستوري‬
‫وتوجيه خطاب لألمة‪ ،‬والدعوة إلى انتخابات جديدة‪ ،‬أو بإصدار مرسوم جديد‪ ،‬رسميا الملك هو قائد الجيش‬

‫فالدستور المغربي دستور ممنوح لم يساهم الشعب في بلورته و إنما عرض عليه للتصويت بعد منحه مهلة‬
‫(‪)1‬‬
‫أسبوعين للتفكير ثم التصويت عليه‪.‬‬

‫ب‪-‬الــمــؤســســـة الـتــشــريــعــيــــــة‪:‬‬

‫منذ اإلصالح الدستوري لعام ‪ ،1996‬تتألف السلطة التشريعية من مجلسين‪ .‬مجلس النواب المغربي‬
‫(‪ )Assemblée des Répresentants‬ب ‪ 325‬عضوا ينتخبون لمدة خمس سنوات‪ 295 ،‬مقعدا تُنتخب‬
‫في الدوائر المتعددة و ‪ 30‬في قوائم وطنية تتألف وفقا لالتفاق بين األحزاب السياسية المشاركة في‬
‫االنتخابات من النساء فقط‪ .‬مجلس المستشارين المغربي ب ‪ 270‬عضوا ينتخبون لمدة تسع سنوات‪ ،‬تنتخبهم‬
‫(‪)2‬‬
‫المجالس المحلية (‪ 162‬مقعدا)‪ ،‬والغرف المهنية (‪ 91‬مقعدا) والغرف التجارية (‪ 27‬مقعدا)‪.‬‬

‫*صالحيات البرلمان وان كانت محدودة‪ ،‬تم توسيعها في إطار اإلصالحين الدستوريين ‪ 1992‬و ‪1996‬‬
‫حيث تشمل مسائل الميزانية‪ ،‬إقرار مشاريع القوانين‪ ،‬مساءلة الوزراء‪ ،‬وانشاء لجان لتقصي الحقائق‪ .‬كما‬
‫لمجلس النواب ان يسقط الحكومة من خالل التصويت لحجب الثقة أو على ملتمس للرقابة‬

‫تعتبر الهيئة التشريعية مقيدة و محدودة من الناحية الدستورية فقد أصبح ثانويا مقارنة مع الحكومة‪،‬‬
‫فالوثيقة الدستورية أوردت قيودا على سلطته في مجال مراقبة العمل الحكومي‪ ،‬و ال يستطيع البرلمان خالفا‬
‫لما هو سائد في النظم الديمقراطية تنصيب الحكومة‪ ،‬و أيضا فيما يخص وظيفة المراقبة فان الدستور يمنع‬
‫تشكيل لجان التحقيق الدائمة و ال يسمح بخلق لجان تحقيق إال بطلب أغلبية أعضاء إحدى الغرفتين ‪ ،‬أما‬
‫السلطة التشريعية للبرلمان فهي محدودة و سلطة النواب في المجال المالي محدودة؛ فالدستور يكرس أولوية‬

‫الملك التشريعية باعتباره مشرعا أعظما‪ ،‬كما يكرس أولوية الحكومة على البرلمان‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫إدريس قابلية‪،‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬مالكي أمحمد ‪ " ،‬المغرب و إشكالية توزيع السلطة"‪( .‬مجلة الديمقراطية‪ ،‬العدد‪ ، ، 22 :‬ب‪ ،‬ت ‪ ،‬ن )‪،‬ص‪.3،‬‬
‫‪ 3‬مالكي أمحمد ‪ ،‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.3 ،‬‬
‫‪77‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫ج‪ -‬الــمؤســـســــــة الــتــنــفــــيــذيــــــــة‪:‬‬

‫يعتبر تعيين الوزير األول و أعضاء الحكومة حقا دستوريا ملكيا‪ ،‬فالحكومة تحت وصاية الملك و ال‬
‫يمكن االنفالت منها‪ ،‬إضافة إلى انه ليست للوزير األول أيه سلطة على باقي الوزراء الذين هم مسؤولين أمام‬
‫الملك و مطالبين بتحقيق التوجهات الملكية‪.‬‬

‫وفي أعقاب انتخابات مارس ‪ ،1998‬تشكلت حكومة ائتالفية برئاسة الزعيم االشتراكي المعارض عبد‬
‫الرحمن اليوسفي وتكونت أساسا من وزراء مختارين من أحزاب المعارضة السابقة‪ .‬تمثل حكومة اليوسفي أول‬
‫حكومة مستمدة أساسا من أحزاب المعارضة منذ عقود‪ ،‬كما مثلت أيضا أول فرصة للتحالف االشتراكي‪،‬‬
‫اليسار الوسطي واألحزاب القومية التي ستدرج في الحكومة حتى أكتوبر‪ .2002‬كما أنها كانت المرة األولى‬
‫في التاريخ السياسي المعاصر للعالم العربي أن تستلم المعارضة السلطة بعد االنتخابات‪ .‬يرأس الحكومة‬
‫الحالية السيد عبد اإلله بنكيران أمي بعد أن خلف السيد عباس الفاسي‪ ،‬المنتمي لحزب (االستقالل) ‪.1.‬‬
‫د‪ -‬الـــمـــؤســـسة الــقــضـــائــيــــــــــة‪:‬‬

‫صنفت منظمة "مشروع العدالة الدولية" في تقريرها الخاص بسنة ‪ ،2014‬المغرب في الرتبة ‪ 52‬عالميا‬
‫من بين ‪ 99‬دولة شملها التقرير ‪ ،‬مشي ار إلى استحالة تصرف قضاة المغرب ضد المسؤولين الحكوميين‬
‫النافذين‪،‬حيث رسم التقرير الدولي صورة قاتمة للقضاء والعدالة االجتماعية في المغرب‪ ،‬مبر از إلى‬
‫عجز القضاء أمام المسؤولين الحكوميين النافذين في الدولة‪ ،‬وانعدام استقاللية السلطة القضائية عن السلطة‬
‫السياسية في البلد‪ ،‬وسجل التقرير ضعف تمتع المغاربة بالحقوق األساسية التي تشمل مختلف المجاالت‪ ،‬كما‬
‫أشار إلى ضعف العدالة العقابية في المغرب‪ ،‬مؤكدا أن الضعف يطال أيضا مجال ضمان حماية الحياة‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬القضاء في المغرب مستقل فقط عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية‪ ،‬حيث‬ ‫الخاصة لألفراد‬
‫تصدر وتنفذ األحكام باسم الملك والمتعلقة بسياسة المخزن‪ ،‬الذي يعين القضاة بظهير شريف باقتراح من‬
‫المجلس األعلى للقضاء؛ وقضاة األحكام ال يعزلون وال ينقلون إال بمقتضى القانون‪.‬‬

‫الملك يرأس المجلس األعلى للقضاء ويتألف هذا المجلس باإلضافة إلى رئيسه من ‪ :‬وزير العدل نائبا‬
‫للرئيس؛ والرئيس األول للمجلس األعلى؛ والوكيل العام للملك لدى المجلس األعلى؛ ورئيس الغرفة األولى في‬

‫مالكي أحمد‪.‬المغرب واشكالية توزيع السلطة‪( .‬مجلة الديمقراطية‪،‬العدد‪[،22:‬د‪.‬ت‪.‬ن])‪،‬ص‪.2،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع السابق ‪،‬ص‪.2،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المجلس األعلى؛ وممثلين اثنين لقضاة محاكم االستئناف ينتخبهم هؤالء القضاة من بينهم؛ ثم أربعة ممثلين‬
‫لقضاة محاكم أول درجة ينتخبهم هؤالء القضاة من بينهم‪.‬‬

‫والمجلس األعلى للقضاء هو من يسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة فيما يرجع لترقيتهم‬
‫وتأديبهم‪ .‬ويقصد بالتنظيم القضائي للمملكة المغربية مجموعة المحاكم والمجلس األعلى‪ .‬والمحاكم االبتدائية‬
‫‪1‬‬
‫هي أقل درجة من محاكم االستئناف والمجلس األعلى‪.‬‬

‫وفيما يخص استقالل المجلس الدستوري و السلطة القضائية فحسب الفصل ‪ 79‬من الدستور فان‬
‫الملك هو الذي يعين نصف أعضائه كما يختار رئيسه‪.‬‬

‫وفي مجال حماية الحقوق و الحريات فان الدستور يعهد للملك حمايتها ‪ ،‬أما فيما يخص استقالل‬
‫القضاء فان الدستور يوفر نوعين من الضمانات‪:‬‬

‫‪ ‬عدم قابلية المحاكم للعزل ‪.‬‬


‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬هيئة لحماية القضاة‪.‬‬

‫ادريس قابلية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المــبحــــث الثـــانــــتي‪ :‬مــرتــكـــزات اإلصــــالح الديمــقــراطـــي فــي المملكــة المــغربـيــــة‪.‬‬

‫شهدت المملكة المغربية على غرار العديد من األقطار العربية األخرى حركات احتجاجية واسعة معظمها‬
‫عكست إما لضعف إدارة الدولة ‪،‬أو عن الفساد‪،‬أو الرغبة في التغيير ومحاربة اإلستبداد والحكم الفردي‬
‫المطلق السائد حيث كان الوالء للعشيرة والطائفة الدينية وحتى للجهة الجغرافية أقوى من الوالء للحزب وللدولة‬
‫وللوطن‪ .‬ولم يحدث أي إصالح سياسي حقيقي‪ .‬وال رقابة حقيقية وتتغير الحكومات ورؤساؤها وفقاً لمشيئة‬
‫رئيس الدولة‪ .‬وكان التمثيل الشعبي ومازال شكلياً ال يعبر عن رغبات الشعوب وارادتها في التغيير وطموحها‬
‫الى حياة أفضل‪ .‬فظهرت حركات ومبادرات طالبت باإلصالح والتحديث في أجهزة الدولة ومؤسساتها وفي‬
‫المجتمع المحلي‪ .‬وسعى بعضها إلى اإلصالح التدريجي بينما نادي بعضها اآلخرباإلصالح الجذري الذي‬
‫يكفل ويضمن الممارسة الديمقراطية الحقة لكافة أفراد الشعب بما يضمن ويصون حقوقهم وحرياتهم ‪.‬‬

‫من هنا برزت الحاجة الملحة لإلصالح الديمقراطي في النظام السياسي المغربي للمملكة والذي كان‬
‫ضرورة حتمية مفروضة نظ ار لألوضاع السائدة ‪.‬هذا ما سيتم تناوله في هذا المبحث من خالل طرح وتحليل‬
‫عوامل اإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية في المطلب األول منه من ثم تخصيص المطلب الثاني‬
‫منه لتبيان وعرض أهم الجوانب والمحاور التي شملتها العملية اإلصالحية بالمملكة المغربية‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المــطـلـــب األول ‪:‬عــــــوامــــــل اإلصــــــالح الديــمــقــراطــي في المــملكـــة المـغـــربــيـــــة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الــعوامــــــــل الـســيـــــــــاســيــــــــــــــــــــة‪.‬‬

‫خاض المغرب بعد حصوله على االستقالل سنة ‪ 1965‬مجموعة من التجارب السياسية و الدستورية تمثلت‬
‫على الخصوص في إقرار تعددية حزبية و تنظيم سلسلة من االنتخابات النيابية و إصدار مجموعة من‬
‫الدساتير‪ ،‬دون ان يعني ذلك تحقيق ديمقراطية حقيقية‪ ،‬إذ ظل النظام الملكي متحكما في الحياة السياسية و‬
‫بأساليب متعددة و أحيانا عنيفة‪ ،‬و قد انعكس ذلك على الدولة و المجتمع‪ ،‬بحيث تكرست مجموعة من‬
‫الظواهر التي حدت من الفعل المؤسساتي و كرست الفساد و االستبداد‪.‬‬

‫على اثر التحوالت العالمية في العقد األخير من القرن الماضي اضطر النظام الملكي إلى إبداء نوع من‬
‫االنفتاح اتجاه أحزاب المعارضة‪ ،‬بحيث دعاها للمشاركة في الحكومة ‪ ،‬إال أن تمسك الحسن الثاني بوزير‬
‫داخليته جعل من تلك المفاوضات تبوء بالفشل ‪ ،‬ليتم استئنافها من جديد في أواسط عقد تسعينات القرن‬
‫الماضي‪ ،‬و ذلك ألن الحسن الثاني كان يحرص اشد الحرص على إشراك أحزاب المعارضة في الحكومة من‬
‫منطلق ضمان انتقال سلس للعرش إلى ابنه بعد وفاته‪ ،‬و ذلك ما تحقق بالفعل من خالل مشاركة أحزاب‬
‫المعارضة في حكومة التناوب التوافقي*‬

‫لكن تبين مع توالي األيام أن ما تحقق من ايجابيات سواء من خالل العمل الحكومي أو عمل المؤسسة‬
‫الملكية لم يكن من منطلق إرادة مصممة و إستراتجية واضحة لتحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي‪.‬‬

‫* انطلقت فكرة التناوب التوافقي مع الملك الحسن الثاني في ‪ ،1992‬مالزمة لنقاش عام عرفته البالد حول اإلصالحات‬
‫السياسية والديمقراطية ممثلة في إطالق سراح المعتقلين السياسيين‪ ،‬وتدشين مرحلة االنفراج السياسي‪ ،‬وتوسيع نطاق الحريات‬
‫العامة‪ ،‬واشراك أطراف المعارضة السياسية التقليدية في تدبير الشأن السياسي للبالد‪ ،‬إضافة إلى إجراء تعديل دستوري وقد امتد‬
‫النقاش حول االصطالحات السياسية والديمقراطية من بداية التسعينات إلى حين الوصول إلى فكرة التناوب‪ ،‬من خالل تعيين‬
‫الملك الحسن الثاني‪ ،‬األستاذعبد الرحمان اليوسفي األمين العام لحزب االتحاد االشتراكي وزي ار أوال في ‪ 14‬مارس ‪.1998‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫كما كانت هناك تراجعات أخرى شملت مختلف المجاالت‪ ،‬ليندثر األمل و تنعدم الثقة على المستوى‬
‫(‪)1‬‬
‫السياسي والعزوف عن المشاركة في انتخابات ‪ 7‬نوفمبر ‪ 2007‬حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة ‪%37‬‬

‫وما عزز االحتجاجات في المغرب بعد أحداث الحراك العربي هو غياب نظام ملكية برلمانية‬
‫تضمن السيادة للشعب من خالل هيئة برلمانية تمثيلية منتخبة بصورة تنبثق عنها حكومة مسؤولة عن وضع‬
‫السياسية العامة للبالد في ظل فصل للسلطات و استقالل القضاء‬
‫‪)2(.‬‬

‫وتحولت أجهزة الحكم منذ مطلع الخمسينات إلى أجهزة بوليسية وفرضت على شعوبها ما تريد مخيبة بذلك‬
‫تطلعات هذه الشعوب إلى حياة حرة كريمة‪ .‬وأخذت أنظمة الحكم هذه من أنظمة الحكم العسكرية أساليب‬
‫األخيرة في القمع والقهر واالضطهاد ‪ ،‬مثلما اقتبست منها سبل االدعاء والزيف والتزوير‪.‬‬

‫ثـــــــــانــيـــــــتا‪ :‬الــعــوامـــــــــل االقـــتـــصـــاديــــــــــــة‪.‬‬

‫ارتهنت السياسة االقتصادية للمغرب منذ الحصول على االستقالل لهاجس الحفاظ الصارم على استقرار‬
‫المؤشرات االقتصادية الكبرى المتعلقة أساسا بعجز الميزانية ونسبة التضخم ونسبة المديونية مما انعكس سلبا‬
‫على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى فاعلية السوق الداخلي‪.‬‬

‫وقد عرفت السنوات األخيرة تراجعا ملحوظا في مجموعة من المؤشرات االقتصادية بسبب المعيقات‬
‫البنيوية التي تعوق االقتصاد المغربي المتمثلة بشكل خاص في ضعف التنافسية االقتصادية وتفاقم العجز‬
‫التجاري وضيق السوق الداخلية وانتشار اقتصاد الريع وتفشي التهرب الضريبي وغيره من مظاهر الفساد‬
‫االقتصادي وضعف قيمة الصادرات بالرغم من أن صادرات السيارات وصادرات القطاع االلكتروني عرفت‬
‫نتائج ايجابية فقط سجلت قطاعات النسيج انخفاض كبير مما تسبب في إغالق مجموعة من المعامل وتسريح‬
‫(‪)3‬‬
‫اآلالف من العمال‪.‬‬

‫باسك محمد منار‪ " ،‬محصلة التحركات الراهنة من أجل الديمقراطية"‪ .‬متحصل عليه من‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪ )http:arabsfordemocracy.org/uploads/.../Morr_Manar2013‬بتاريخ‪:.2015-02-18:‬‬

‫لكريني إدريس‪ "،‬محاسبة الديمقراطية التداعيات المحتملة الحتجاجات حركة ‪ 20‬فبراير المغرب "‪ .‬مجلة السياسية الدولية ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫العدد‪،184:‬المجلد‪،46 :‬أفريل ‪،) 2011‬ص‪.91 ،‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص‪.4 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫واذا كان دخول المغاربة المقيمين بالخارج قد ساهم حسب بعض الدراسات الرسمية في تقليص‬
‫الفقر بأكثر من أربع نقاط في الفترة (‪ ،)2004_1990‬لكن في ‪ 2010‬ارتفعت معدالت البطالة في صفوف‬
‫المغاربة الذين هم بالخارج خاصة بعض الدول التي عرفت الكثافة من حيث هجرة المغاربة إليها كفرنسا‪،‬‬
‫واسبانيا‪ ،‬وايطاليا‪ ،‬وقد كان ذلك انعكاس سلبي على العديد من األسر الفقيرة ‪ ،‬إذ أن مناطق كبيرة يعيش‬
‫أصحابها على تحويالت أقاربهم في الخارج (‪.)1‬‬

‫ورغم أن المغرب حقق بعض التقدم على المستوى االستثمار األجنبي خالل السنوات القليلة الماضية‬
‫‪,‬بحيث انتقل سنة ‪2003‬من المركز الرابع إلى األول التي وجهت إليها االستثمارات األجنبية المباشرة‬
‫‪,‬واحتلت المرتبة الثالثة إفريقيا إال أن األزمة االقتصادية أدت إلى تقليص االستثمار األجنبي المباشر بنسبة‬
‫‪. %28.6‬‬

‫عرفت المغرب سنة ‪ 2010‬تراجعا ملحوظا بسبب الجفاف وتزايد تكاليف الموارد األولية المستوردة‬
‫(‪)2‬‬
‫وارتفاع المديونية العمومية واستمرار األزمة العالمية مما أدى إلى االقتراض الخارجي بمبالغ كبيرة‪.‬‬

‫ولم تتمكن من تطوير اقتصادها الوطني من خالل زيادة اإلنتاج وانشاء مشاريع زراعية وصناعية كبرى‬
‫الستيعاب األيدي العاملة ‪ ،‬بل اكتفت بزيادة استنزاف المواد األولية فيها من نفط وغاز ومعادن وتصديرها‬
‫إلى الدول الصناعية‪ .‬وظل اقتصادها متخلفاً‪ .‬وظلت الفجوة واسعة جداً بين اقتصادياتها واقتصاديات الدول‬
‫الصناعية المتقدمة‪ .‬وبقيت الصناعات المحلية الخفيفة ال تكفي الحاجات المحلية وال تنافس مثيالتها من‬
‫الصناعات المتقدمة‪ .‬ولجأت إلى حماية صناعاتها فحالت بذلك دون تطويرها ومنافستها لمثيالتها‪ .‬وظل‬
‫االقتصاد الوطني فيها تابعاً لالقتصاديات األجنبية‪ .‬وعلى الرغم من المحاوالت الجادة لتوفير البنى التحتية‬
‫الالزمة للنهوض باالقتصاد الوطني‪ ،‬فقد كانت النتائج التي ترتبت عليها محدودة‪ .‬وتراكمت الديون األجنبية‬
‫حتى عجز عن دفع أقساطها ‪ ،‬وتدخل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وفرض وصفته في إعادة جدولة‬
‫الديون وكيفية توفير المال الالزم لدفع األقساط الجديدة‪ .‬فاتسعت البطالة وارتفعت األسعار وزادت نسبة‬
‫‪2‬‬
‫الفقراء بين الشعب‪ .‬باءت كل محاوالت اإلصالح والتحديث في الميدان االقتصادي بالفشل‪.‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص ‪،4‬‬ ‫‪-1‬‬

‫علي محافظة‪ .‬اإلصالح والتحديث في الوطن العربي في ظل األنظمة الملكية الدستورية‪(.‬الشركة األردنية للصحافة‬ ‫‪-2‬‬

‫والنشر‪:‬جريدة الدستور‪،‬العدد‪ 17097‬المجلد‪.)2015، 48‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫ثـــــــــــالـــثــــــــا‪ :‬العـــوامــــــــــل االجــتـــمــــاعـــــيــــة‪.‬‬

‫حاولت حكومة السيد عبد الرحمان اليوسفي نهج " سياسة اجتماعية تضامنية "‪ ،‬لتكون المحصلة مجموعة من‬
‫النتائج اإليجابية نسبيا‪ ،‬كانخفاض معدل البطالة اإلجمالي إلى ‪ 12.5‬سنة ‪ 2001‬بعد أن كان ‪ 13.9‬سنة‬
‫‪ ،1999‬و تنفيذ بعض توصيات الحوار االجتماعي‪ ،‬و مراجعة النظام األساسي للعديد من القطاعات مثل‬
‫قطاع التربية ‪ ،‬لكن كانت المحصلة دون الطموحات الواسعة للمجتمع‪ ،‬و يمكن أن نفسر محدودية الحصيلة‬
‫‪)1( :‬‬
‫االجتماعية لحكومة التناوب التوافقي الحكومة التي بعدها بعدة أسباب منها‬

‫‪ ‬عدم االنطالق في تلك اإلصالحات االقتصادية و االجتماعية من مرتكزات دستورية و سياسية ذات‬
‫طبيعة تعاقدية واضحة‪ ،‬ألنه هناك تداخل و تفاعل بين قطبي اإلصالح االقتصادي و االجتماعي من جهة و‬
‫الدستوري و السياسي من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬ضغوطات المناخ العالمي؛ فرياح العولمة دفعت آنذاك في اتجاه تحقيق التوازنات المالية و التحكم‬
‫في التضخم بناء على نفس المنطق الذي تحكم في سياسية التقويم الهيكلي في بداية الثمانينات من القرن‬
‫(‪)2‬‬
‫الماضي مما خلف أض ار ار اجتماعية واضحة ‪.‬‬
‫‪ ‬غياب اقتصاد عادل يسمح بتوزيع عادل للثروة و العيش الكريم‪..‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ‬هيمنة بعض العائالت النافذة على المناصب الحيوية داخل مؤسسات الدولة ‪.‬‬

‫و بعد أن اعتلى محمد السادس العرش أكد على أولوية ما هو اقتصادي و اجتماعي‪ ،‬لكن ذلك لم يمنع من‬
‫تفاقم المعاناة االجتماعية لدى فئات عريضة من المجتمع‪ ،‬ليس فقط بسبب الهشاشة االقتصادية و لكن أيضا‬
‫بسبب احتكار الثروة و غياب المساواة وانتشار الكثير من مظاهر اقتصاد الريع و الفساد والزبونية‪ ،‬طرح‬
‫الملك سنة ‪ 2005‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي استهدفت الفئات الفقيرة في المجتمع لكن تأثيرها ظل‬
‫محدود فالمغرب في سنة ‪ 2010‬احتل الرتبة ‪ 114‬من بين ‪ 165‬دولة في تقرير التنمية البشرية‪ ،‬و أتى في‬
‫أسفل الترتيب عربيا باحتالله الرتبة ‪ 12‬من ‪ 16‬بلد عربي‪.‬‬

‫محمد باسك منار‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.6 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد باسك منار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ادريس لكريني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪91 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫كذلك ظلت وتيرة إحداث مناصب الشغل غير كافية المتصاص البطالة خاصة حاملي الشهادات‪ ،‬وتعثر‬
‫الحوار االجتماعي مع النقابات‪ ،‬وازدياد معاناة المواطنين بشكل ملحوظ خاصة فيما يتعلق بالماء الصالح‬
‫للشرب و الكهرباء و السكن و الصحة و التعليم‪.‬‬

‫كل ذلك احدث موجة من االحتجاجات االجتماعية‪ ،‬و جعل فئات عريضة من المغرب مهيأة للتأثر‬
‫بأحداث الربيع العربي‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫على الصعيد االجتماعي فقد كان التطور والتغير بطيئين‪ .‬ولم تنج مؤسسات المجتمع المدني التي‬
‫تكونت في مرحلة االستقالل في هذه الدول‪ ،‬من أحزاب سياسية ونقابات عمالية ومهنية ونواد ثقافية ورياضية‬
‫وجمعيات خيرية وتعاونية ‪ ،‬من األمراض االجتماعية القديمة من تعصب عشائري وطائفي وجهوي ‪ ،‬ونزعة‬
‫فردية استبدادية واحتكار للسلطة وللمنصب اإلداري ‪ ،‬وتشرذم وانقسامات ال نهائية ‪ ،‬وبعد عن روح الجماعة‬
‫والتعاون‪ .‬ولم تستطع الدولة أن تبني وحدة وطنية حقيقية في كل قطر ‪ ،‬وانما شجعت في كثير من الحاالت‬
‫االنقسامات القبلية والطائفية والجهوية إلضعاف مؤسسات المجتمع المدني التي قد تطالبها بأمور ال ترغب‬
‫في تلبيتها‪ .‬وفي غياب المحاسبة والعدالة انتشر الفساد بمختلف صوره وأشكاله ‪ ،‬وشاع الظلم ‪ ،‬فساد التذمر‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬وعمت الالمباالة بين الناس‪.‬‬

‫وعلى الصعيد الثقافي في التعليم في مختلف أنواعه ومراحله‪ .‬وعلى الرغم من الجهود المبذولة في هذا‬
‫الميدان فقد ظلت دون الطموح الوطني ‪ ،‬وبقيت نسبة األمية في العديد من هذه الممالك مرتفعة ‪ ،‬ولم يساهم‬
‫التعليم بصورة جذرية في النهوض بالمجتمعات وتخليصها من التخلف والفقر ‪ ،‬وفي تمتين وحدتها الوطنية‬
‫وتعزيز التماسك االجتماعي وتوثيق روح التعاون بين أفراد المجتمع وفئاته‪ .‬وظلت االنجازات على صعيد‬
‫(‪)3‬‬
‫البحث العلمي محدودة جداً وتكاد ال تذكر‪.‬‬

‫محمد باسك منار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.7 ،‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪-2‬علي محافظة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬


‫‪.‬محمد باسك منار‪.‬المرجع السابق ‪،‬ص‪.6 ،‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪85‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫الـمطـلــب الثــانـــــي‪ :‬الجـــــــوانــب الــتي يشـــــتمــــلها اإلصــالح الديمـقـــراطي في المـــمــلكة المغــربــيـــة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إعــــادة تـنــظـيــــم صـــالحــــيــــــات الـمـؤســســــــة الــمــلــكـــيــــــة‪.‬‬

‫تم إعادة توزيع الصالحيات بين المؤسسة الملكية وغيرها من المؤسسات؛ فمن جهة تم اإلبقاء على السلطات‬
‫ذات العالقة بالشأن الديني والعسكري اختصاصا حصريا للملك مع مشاركة رئيس البرلمان ورئيس الحكومة‬
‫بقضايا األمن في تركيبته‪ .‬وتمت مراجعة موضوع صفة القداسة التي كانت في الدساتير السابقة وعوضت‬
‫بفصل ينص على أن شخص الملك ال تنتهك حرمته وله واجب التوقير واالحترام‪ ،‬كما تم تغيير صيغة‬
‫الممثل األسمى لألمة في الدستور السابق بصيغة الممثل األسمى للدولة ‪ ،‬بما يجعل من سلطة التشريع‬
‫اختصاصا حصريا للبرلمان إال في حاالت غيابه‪.‬‬
‫وبخصوص العالقة مع الحكومة‪ ،‬فإنه حمل تغييرات تقضي بأن يكون الوزير األول من الحزب الفائز‬
‫في انتخابات مجلس النواب‪ ،‬وأن الوزير األول هو وحده من يمتلك سلطة تحديد فريقه الحكومي واقتراحه‪ ،‬إال‬
‫أن سلطة الوزير األول في إعفاء الوزراء ضيقة جدا وتقتصر فقط على طلب ذلك من الملك‪ ،‬ونص مشروع‬
‫الدستور على اإلبقاء على المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك مع حصر اختصاصاته في القضايا الكبرى‬
‫ذات الطبيعة العامة والتوجيهية غير التنفيذية المباشرة ‪ ،‬واعطاء إمكانية رئاسته من ِقبل الوزير األول وفق‬
‫جدول محدد‪ ،‬فضال عن أن تعيين السفراء والوالة والمسؤولين عن اإلدارات المكلفة باألمن الداخلي يتم في‬
‫إطاره بشرط أن يكون اقتراح األسماء من قبل رئيس الحكومة وأن يوقع هذا األخير عطفا على توقيع الملك‬
‫‪1‬‬
‫عليها‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالقضاء فإن المشرع اعتمد إحداث منصب رئيس منتدب للمجلس األعلى للسلطة‬
‫القضائية مع اإلبقاء على الملك رئيسا للمجلس‪ ،‬بما يجعل من ق اررات هذا المجلس قابلة للطعن على خالف‬
‫الوضع السابق‪.‬‬

‫وخالصة ما سبق الخروج من دائرة الملكية التنفيذية المطلقة إلى ملكية ذات طابع مؤسساتي وتشاركي‬
‫وتضطلع بمهام التحكيم والسيادة واإلمامة دون الوصول إلى دائرة الملكية الرمزية‪.‬‬

‫ثـــــانـــيـــــا‪ :‬اإلصــــــالحـــــــات المــنــتـــهـــــجــــــــــة تــجـــاه مـؤســـســــات الـــنـظـــــــــــام السـيـــــــــــاســــــــــي‬

‫خليل صالح‪"،‬اإلصالح الدستوري في المغرب‪...‬الدوافع و القضايا "‪(.‬مجلة الحوار المتمدن‪،‬العدد‪.)2011 ،3478 :‬ص‪.3 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫يستخلص من الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬عالقة جديدة بين السلطات يمكن إبرازها من خالل المنطلقات‬
‫(‪)1‬‬
‫التالية‪:‬‬

‫أ‪ /‬ال ـ ـم ـ ـؤسـ ـسة ال ـمـ ـل ـكـ ـي ـ ــة طـ ـرف فاعـ ـ ـ ــتل ف ـ ـ ــتي الت ـ ـ ـ ـوازن‪:‬‬

‫من حيث شكل نسق الوثيقة الدستورية الملكية تنازلت للفصل الثاني من الدستور لصالح الحقوق و الحريات‬
‫األساسية لتشغل بذلك الباب الثالث‪ ،‬و الملك لم يعد مقدسا و إنما أصبح شخصه واجب االحترام و ال تنتهك‬
‫حرمته‪.‬‬

‫ب‪-‬ت ـ ـوازن ج ـدي ـ ـ ـ ـد بـيـ ـن الـبـ ـ ـرل ـ ـم ـ ـان و الحـ ـكـ ـ ـوم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‪:‬‬

‫بالنسبة للبرلمان توسعت صالحياته في مجال التشريع و المراقبة‪ ،‬كما برزت صالحياته في المجال‬
‫الدبلوماسي‪.‬‬

‫‪ ‬الحكومة تنبثق من األغلبية البرلمانية‪.‬‬


‫‪ ‬الحكومة تملك سلطة تنفيذية و لم تعد تسهر فقط على تنفيذ القوانين و اإلدارة تحت تصرفها‪.‬‬
‫‪ ‬الحكومة مسؤولة أمام البرلمان‪.‬‬
‫‪ ‬تنصيب الحكومة بأغلبية مطلقة ألعضاء مجلس النواب‬
‫‪ ‬الوزراء مسؤولون أمام الوزير األول‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬المسؤولية الجنائية للوزراء تثار أمام المحاكم العادية و لم يعد هناك وجود لمحكمة عليا‪.‬‬

‫ج‪ -‬ال ـ ـ ـقـ ـ ـ ـضـ ـ ـاء سل ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـة مس ـ ـتـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـة‪:‬‬

‫أمينة المسعودي‪ " ،‬اإلصالحات الدستورية في دول المغرب العربي‪...‬فترة الربيع العربي ‪ (،‬ورقة بحت مقدمة في ندوة ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫"المغرب العربي والتحوالت اإلقليمية الراهنة"‪ ،‬الدوحةـ‪ 18-17‬فيفري ‪ .)2013‬ص‪.3 ،‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)3،4(.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫أصبح القضاء يرقى إلى سلطة و يعزز الباب المخصص للسلطة القضائية بتطرقه أيضا للمجلس األعلى‬
‫(‪)1‬‬
‫للسلطة القضائية و لحقوق المتقاضين و قواعد سير العدالة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬قـــــــضــايــــــــــا الـهـــويــــــــــة‪ ،‬الــحــــريـــــــات و حـــقــــــــوق اإلنـســــــــــــتان‪.‬‬

‫نص خطاب الملك المغربي في المحور الثاني على دسترة األمازيغية كلغة رسمية للمملكة إلى جانب اللغة‬
‫العربية فعلى أساس التالحم بين مكونات الهوية الوطنية الموحدة الغنية بتعدد روافدها ‪ ،‬العربية اإلسالمية و‬
‫األمازيغية و الصحراوية و اإلفريقية و األندلسية و العربية و المتوسطية‪ ،‬فان الدستور يكرس اللغة العربية‬
‫كلغة رسمية للمملكة و ينص على تعهد الدولة بحمايتها و النهوض بها‪.‬‬

‫كما ينص على دسترة األمازيغية كلغة رسمية أيضا‪ ،‬ضمن مبادرة رائدة تعد تتويجا لمسار إعادة‬
‫االعتبار لألمازيغية كرصيد لجميع المغاربة‪ ،‬على أن يتم تفعيل ترسيمها ضمن مسار متدرج بقانون تنظيمي‬
‫يحدد كيفيات إدماجها في التعليم و في القطاعات ذات األولوية في الحياة العامة‪ ،‬رصيدا مشتركا لجميع‬
‫(‪)2‬‬
‫المغاربة دون استثناء‪.‬‬

‫ويحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للدولة األمازيغية و كيفيات إدماجها في مجال‬
‫التعليم و في مجاالت الحياة العامة ذات األولوية و ذلك لكي تتمكن من القيام مستقبال بوظيفتها بصفتها لغة‬
‫رسمية‪ ،‬كما تعمل الدولة على صيانة " الحسانية "؛ باعتبارها جزءا ال يتج أز من الهوية و الثقافة المغربية‬
‫الموحدة ‪ ،‬و على حماية اللهجات و التعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب ‪ ،‬باإلضافة إلى تعلم و إتقان‬
‫اللغات األجنبية األكثر تداوال في العالم باعتبارها وسائل للتواصل و االنخراط و التفاعل مع مجتمع المعرفة و‬
‫االنفتاح على مختلف الحضارات ‪.‬و يحث مجلس وطني للغات و الثقافة المغربية مهمته على وجه‬
‫الخصوص حماية و تنمية اللغتين العربية و األمازيغية و مختلف التعبيرات الثقافية الوطنية و على تعلم و‬
‫‪)3(.‬‬
‫إتقان اللغات األجنبية األكثر تداوال في العالم باعتبارها تراثا أصيال‬

‫‪-1‬أمينة المسعودي‪ " ،‬المرجع السابق‪ .‬ص ‪3‬‬

‫المملكة المغربية‪ ،‬دستور ‪( . 2011‬المغرب‪ :‬مركز الدراسات و أبحاث السياسية الجنائية‪.) 2011،‬ص ص‪.)5،17 (.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫المملكة المغربية‪ ،‬دستور ‪ .2011‬ص ص‪.)5،17 (.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪88‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫وفيما يخص الحريات نص الدستور تفصيليا على الحقوق والحريات؛ حيث تم التنصيص على‬
‫المساواة بين المرأة والرجل مع ربط تطبيق مقتضياتها بأحكام الدستور والقانون وتجريم التعذيب‪ ،‬وافراد فصل‬
‫خاص باألسرة‪ ،‬و بالنسبة لحرية الفكر و الرأي و التعبير مكفولة بكل أشكالها و هو ما نص عليه الفصل‬
‫‪ 25‬من الدستور‪ ،‬كما أورد الفصل ‪ 27‬انه للمواطنين و المواطنات الحق في الحصول على المعلومات من‬
‫المؤسسات المنتخبة و الهيئات المكلفة بمهام المرفق العام ‪ ،‬و بان حرية الصحافة مضمونة و ال يمكن‬
‫تقييدها بأي شكل من األشكال و هو ما تجلى خالل الفصل ‪ ، 28‬و فيما يخص حرية االجتماع و التجمهر‬
‫(‪)1‬‬
‫و التظاهر السلمي و تأسيس الجمعيات فقد ضمنها الفصل ‪ 29‬من الدستور الجديد‪.‬‬

‫رابـــعــــــــــــا‪ :‬دعـــــــــــــــــــــم الالمـــــــــــركــــــــزيــــــــــــة ‪.‬‬

‫يشمل اإلصالح نمط التسيير اإلداري للمملكة عبر منح المزيد من السلطات للحكم المحلي في مختلف‬
‫الجهات‪ ،‬و قد تضمن خطاب العاهل المغربي التأكيد على أن تطبيق الجهوية سيكون في نطاق وحدة الدولة‬
‫والوطن و التراب و متطلبات التوازن المحلي‪ .‬فتتمتع المجالس الجهوية التي سيجري انتخابها بسلطة تنفيذ‬
‫مقرراتها بدال من الوالة الذين يعينهم الملك و الذين يتمتعون بسلطة واسعة أمام المنتخبين‪.‬ضمن هذا اإلطار‬
‫جاء اإلعالن عن التعديل الدستوري المرتقب بعد تنصيب لجنة استشارية لبحث مشروع الجهوية الموسعة و‬
‫سيتيح تطبيق نظام الجهوية الموسعة لكل إقليم إدارة نفسه بنفسه مع احترام خصوصية كل منطقة تمهيدا‬
‫‪2‬‬
‫لتطبيق مقترح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية ‪.‬‬

‫خــــــــــامســــــا‪:‬إصـــــــــالح قـــانـــــــــــون االنـتــــخـــابـــــــــــات‪.‬‬

‫تمت المصادقة على قانون تنظيمي جديد يتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب " القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ " 11-27‬بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر من نفس السنة‪ ،‬حيث ارتفع عدد أعضاء النواب من ‪ 325‬إلى ‪ ،395‬ينتخب‬
‫‪ 305‬منهم على صعيد ‪ 92‬دوائر انتخابية محلية طبقا للمرسوم رقم " ‪ "603-11-2‬بينما تخصص ‪90‬‬
‫مقعد على صعيد دائرة وطنية تسند ‪ 60‬منها للمرأة و ‪ 30‬إلى الشباب الذين يقل سنهم عن ‪ 40‬سنة ‪.‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)21،24(.‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمر مضام‪ " ،‬مضامين اإلصالح الدستوري بالمغرب"‪ .‬متحصل عليه من‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪www.aljazeera.net/.../4E3698A4-F299-4896-A91B-D.‬‬ ‫بتاريخ‪2014-11-22 :‬‬

‫‪89‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫أما بالنسبة للنظام االنتخابي فقد تم الحفاظ على االقتراع بواسطة التمثيل النسبي على أساس اكبر‬
‫البقايا و بلوائح مغلقة‪ ،‬كما تم االحتفاظ بعتبة ‪ %6‬بالنسبة للوائح المحلية و بعتبة ‪ % 3‬بالنسبة لالئحة‬
‫(‪)1.‬‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫أمينة مسعودي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪90‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المــــبحــث الثــالـث‪ :‬مســــــــار اإلصـــــــــــالح الديمــقــــــراطي في المـــمــلكــــة المغـــربـــيـــة‪.‬‬


‫إن الحديث عن مسألة اإلصالح الدستوري والسياسي ليس بالمسألة الحديثة النشأة في تاريخ المغرب‬
‫المعاصر؛ فقد ارتفعت مع بداية القرن العشرين أصوات لمفكرين إصالحيين تدعو إلى ضرورة القيام‬
‫بإصالحات دستورية وسياسية بغية دمقرطة المجتمع المغربي من جهة ومواجهة التغلغل االمبريالي من‬
‫جهة أخرى؛ واذا كانت هذه المطالب اإلصالحية لم يكتب لها النجاح ألسباب متعددة فإن نظيرتها في‬
‫مغرب التسعينات واأللفينات قد رأت النور بل تمت االستجابة إلى الكثير منها‪ .‬فما هو السياق التاريخي‬
‫والسياسي الذي برزت فيه هذه اإلصالحات؟ وماذا حملت بين طياتها؟‬
‫فاإلصالح عملية معقدة متسلسلة طويلة‪ ،‬ذلك كون أن العملية اإلصالحية قد تحدث ضمن محاوالت كثيرة‬
‫ومتكررة وقد تستغرق فترات طويلة حتى تتحقق الجهود واألهداف المتوخاة ‪ ،‬وكذلك حال التجربة أوالعملية‬
‫اإلصالحية في المملكة المغربية التي لم تتحقق دفعة واحدة أو في مدة محددة‪ ،‬بل مرت وشهدت محاوالت‬
‫عدة وعبر مراحل زمنية متعاقبة ‪.‬هذه المراحل والمحاوالت هي ما سيتم تغطيته وعرضه بالتفصيل في هذا‬
‫المبحث‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫الـــمطـلب األول‪ :‬اإلصـــــــالحــــــــات الديـــمــقـراطـــــــيـــــــة فــــي الــمــمـــلكة المغـربيـــة قــبل‪.2011‬‬

‫أوال‪ :‬مـ ـن سنـ ـ ـ ـ ــوات األربع ـين ـ ـ ـ ـ ـات حتـ ـ ــى سنـ ـ ـ ـوات الست ـ ـ ـينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‪:‬‬

‫ارتبطت هذه المرحلة بصياغة وثيقة المطالبة باالستقالل الصادرة بتاريخ ‪ 11‬يناير ‪ ،1944‬باعتبارها العقد‬
‫السياسي األول بين المؤسسة الملكية و الحركة الوطنية؛ و قد كان هذا التحالف بهدف تحقيق مطلب‬
‫االستقالل‪ ،‬و خالل هذه المرحلة تمكنت المؤسسة الملكية من استثمار هذا التحالف لتحقيق الشرعية الشعبية‬
‫و في نفس الوقت تمكنت الحركة الوطنية من اكتساب شرعية سياسية كفاعل سياسي أساسي إلى جانب‬
‫الملك‪ ،‬و قد كان أول اختبار لعمق هذا التحالف أثناء نفي الملك محمد الخامس سنة ‪ 1953‬حين أصرت‬
‫فصائل الحركة الوطنية على التزامها مع المؤسسة الملكية و رفعت شعار "رجوع ابن يوسف الملك الشرعي‬
‫للبالد‪،‬و قد استمرت هذه المرحلة و استمر معها هذا التحالف حتى وفاة الملك محمد الخامس سنة ‪1961‬‬
‫‪)1(.‬‬

‫ثـ ـ ــانـ ــيا‪ :‬م ـ ـ ـ ــن سنـ ـ ـ ـ ـوات الســتينـ ـ ـ ـ ــات إلى س ـن ـ ـ ـ ـ ـوات الــتسعـ ـ ـ ــينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات‪.‬‬
‫بعد حصول المغرب على االستقالل؛ تحقق االتفاق بين الحركة الوطنية و بين الملك محمد الخامس‬
‫على "الملكية الدستورية" كنظام للحكم؛ لكن هذا االتفاق ظل ناقصا؛ ألنه ركز على الشعار بينما تناسى‬
‫مضمونه السياسي؛ حيث كانت الحركة الوطنية تقصد بشعار الملكية الدستورية "ملكية مقيدة" تمثل‬
‫تسود و تحكم‪ ،‬و لعل هذا هو "السيادة و ال تحكم‪ ،‬بينما كان الملك يقصد بالشعار " ملكية تنفيذية حاكمة‬
‫ما ترسخ بشكل أكبر؛ مع (الحسن الثاني) الذي شكل نظام الملكية الدستورية على طريقته الخاصة؛‬
‫باعتبارها مؤسسة سياسية تستمد مشروعيتها من منظومتين‪:‬‬
‫*منظومة التقليد‪ :‬مجسدة في سلطات إمارة المؤمنين؛ التي ترتبط بالتاريخ و الدين‪.‬‬
‫*منظومة الحداثة‪ :‬مجسدة في الملكية الدستورية؛ التي ترتبط بالفكر الدستوري الحديث‪.‬‬
‫لكن هذا المزج بين منظومتين متناقضتين؛ وقعت بينهما قطائع في الفكر السياسي الحديث‪،‬كان السبب‬
‫الرئيسي في إعاقة االنتقال نحو الدولة المدنية الديمقراطية‪ ،‬و بالتالي تم التأسيس لتجربة سياسية سمتها‬
‫‪.‬االختناق و الجمود‬

‫إدريس جنداري‪ " ،‬اإلصالحات السياسية في المغرب و سؤال الدولة المدنية "‪ (.‬مجلة الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‪،3378 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .)2011‬ص ص‪.)3،4(.‬‬

‫‪92‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫و كنتيجة مباشرة لهذه الوضعية السياسية المأزومة؛ فقد عاشت الملكية خالل هذه المرحلة فترات‬
‫عصيبة‪ ،‬سواء في عالقتها بالمحيط الدولي؛ أو في عالقتها بالمعارضة على مستوى الداخل؛ و لذلك‬
‫‪:‬يمكن الحديث بخصوص هذه المرحلة عن فترتين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬خالل الفترة األولى‪:‬‬
‫عاشت المؤسسة الملكية لحظات صعبة؛ نظ ار لتظافر مجموعة من العوامل الداخلية و الخارجية منها‪:‬‬
‫‪ -1‬انضمام رقم سياسي جديد إلى اللعبة السياسية الرسمية (االتحاد االشتراكي) بعد عقد مؤتمره االستثنائي‬
‫سنة ‪ 1975‬و القطع مع التيارات الراديكالية (تيار عبد هللا إبراهيم و المهدي بن بركة)‪.‬‬
‫‪ -2‬االهتزاز الكبير الذي أصاب المؤسسة الملكية بعد انقالبي ‪ 1971‬و ‪ 1972‬و الذين طرحا مسألة‬
‫عالقة المؤسسة الملكية بالجيش و سلطتها عليه‪ ،‬و هي المرحلة التي ستشهد إلغاء منصب وزير الدفاع و‬
‫‪.‬إسناد رئاسة األركان إلى الملك شخصيا‬
‫‪ -3.‬صدور قرار محكمة العدل الدولية بخصوص الصحراء و تنظيم المسيرة إلى هذه المناطق سنة ‪1975‬‬
‫‪ -4‬بداية برامج التقويم الهيكلي خالل الثمانينات مع ما أفرزه ذلك من احتقان اجتماعي قاد إلى انتفاضات‬
‫شعبية (‪.)1984 – 1981‬‬
‫‪ -5‬بروز تنظيمات ماركسية لعبت دو ار كبي ار في تأجيج الصراع االجتماعي و السياسي وفي قيادة صراع‬
‫شباب ‪.‬إيديولوجي ضد األحزاب الوطنية أدى إلى تعرية انتهازيتها و فقدان مصداقيتها خاصة وسط‬

‫(‪)1‬‬ ‫الجامعات و أوساط المثقفين‬


‫ب‪ -‬و خالل الفترة الثانية‪:‬‬
‫استطاعت المؤسسة الملكية أن تربح الرهان؛ وأن تعود إلى المشهد السياسي بقوة ؛ ساعدها في ذلك‬
‫نجاحها في استقطاب حزبي االستقالل و االتحاد االشتراكي؛ كتيارين أساسيين في الحركة الوطنية خالل‬
‫المرحلة األولى‪.‬‬
‫بظاهرة‬ ‫وقد ارتبطت الفترة الثانية بعقد الثمانينات؛ حيث ظهرت في الساحة السياسية المغربية ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫فريدة تمثلت في تفريغ األحزاب اإلدارية وصعودها المفاجئ إلى البرلمان و الحكومة‪،‬و لم يتوقف هذا‬
‫التحالف إال بعد أن استأنست المؤسسة الملكية من نفسها القدرة على استعادة التحكم من جديد في‬
‫الساحة السياسية بكاملها‪.‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)3،4(.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص‪.4 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪93‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫ثالثا‪ :‬سنوات التسعينات حتى ‪.2011‬‬

‫شهد مغرب التسعينات جملة من التحوالت السياسية؛ االقتصادية واالجتماعية منها ماله عالقة بالتحوالت‬
‫الدولية كانهيار جدار برلين سنة ‪1898‬؛ واندالع حرب الخليج الثانية لسنة ‪ 1991‬وانهيار االتحاد‬
‫السوفيتي في ‪ .1991‬ومنها ما هو مرتبط أساسا ببنية المجتمع المغربي؛ وعلى اعتبار المغرب فاعال نشيطا‬
‫داخل المنتظم الدولي فقد تأثر برياح التغيير ويمكن إجمال هذه المتغيرات فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ *1‬ضرورة التجاوب مع بعض المطالب التحديثية ألحزاب الكتلة التي أمست تطالب بتحقيق جملة من‬
‫اإلصالحات الدستورية والسياسية من خالل تقديمها مذكرات دستورية لجاللة الملك‪)*(.‬‬

‫‪*2‬ظهور نوع من الوعي الذاتي "للمجتمع المدني" بالمغرب ‪.‬‬

‫‪*3‬بروز نخبة اقتصادية طموحة متطلعة للحفاظ على مصالحها عبر قنوات سياسية؛ لذلك سيأتي خلق‬
‫غرفة ثانية إليجاد تمثيل عادل لالقتصاديين المغاربة‪.‬‬

‫تميزت هذه المرحلة بتعديلين دستوريين متتاليين؛ تعديل ‪ 1992‬و تعديل ‪1996‬؛ و قد جاء التعديالن‬
‫كنتيجة للوضع السياسي الجديد الذي ارتبط بتأسيس الكتلة الديمقراطية في ماي ‪1992‬؛ و هو تأسيس‬
‫سيفرض على المؤسسة الملكية تحديات جديدة ترتبط بالديمقراطية؛ الذي تم تغييبه من طرف األحزاب‬
‫اإلدارية التي هيمنت على الحياة السياسية خصوصا و أن زعماء األحزاب السياسية المشكلة للكتلة‬
‫الديمقراطية خرجوا من رحم الحركة الوطنية مجسدة في حزب االستقالل‪ ،‬باستثناء (علي يعتة) الذي يعتبر‬
‫من قدماء الحزب الشيوعي المغربي‪.‬‬
‫وقد تأسست الكتلة الديمقراطية كرد فعل على االختناق السياسي؛ الناتج عن تهميش المؤسسة الملكية‬
‫للشركاء السياسيين األساسيين الممثلين لتيارات الحركة الوطنية و تعويضهم بأحزاب سياسية مصنوعة على‬
‫المقاس لبناء ديمقراطية الواجهة‪ ،‬و قد كان المدخل النضالي للكتلة الديمقراطية مدخال دستوريا؛ "فمنذ بداية‬
‫التسعينات رفعت أحزاب الكتلة شعار اإلصالح الدستوري أوال؛ و تركز النقاش في اتجاه واحد هو ‪:‬اقتسام‬
‫السلطة بين الملك و بين المؤسسات التمثيلية وفق تعديل دستوري يمس جوهر النص ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص‪.4 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪94‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫وهكذا انتقلت الكتلة الديمقراطية للتعبير عن تصوراتها للتعديل الدستوري؛ من خالل مذكرات بعثت بها‬
‫إلى الملك (الحسن الثاني) تهدف من ورائها إلى تعديل الدستور للوصول إلى "إقامة ملكية دستورية ذات‬
‫طابع برلماني عوض ملكية دستورية ذات طابع رئاسي و توسيع صالحيات الحكومة و البرلمان و التركيز‬
‫على الدور التحكيمي للمؤسسة الملكية"‪ ،‬و كنتيجة مباشرة لهذه الضغوط السياسية التي مارستها الكتلة جاء‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 1992‬معب ار عن استيعاب المؤسسة الملكية لرسالة الكتلة و لضغوط الرأي العام‬
‫الداخلي و الخارجي و بعد ذلك جاء الرد الثاني سياسيا بمطالبة الملك الحسن الثاني للكتلة بتحمل المسؤولية‬
‫الحكومية عبر اتصاالت سرية قادها احمد رضا كديرة‪ ،‬لكن نتائج انتخابات ‪ 1993‬التي لم تمنح للكتلة‬
‫أغلبية مريحة دفعت االتحاد االشتراكي إلى تعليق تجربة حكومة التناوب التعاقدي‪.‬‬

‫لكن أهم ما جاء به دستور ‪1996‬؛ هو إحداث غرفة ثانية؛ فقد جاء في الفصل السادس و الثالثون‪:‬‬
‫"يتكون البرلمان من مجلسين‪ ،‬مجلس النواب ومجلس المستشارين‪ ،‬ويستمد أعضاؤه نيابتهم من األمة وحقهم‬
‫في التصويت حق شخصي ال يمكن تفويضه "؛ و ذلك عبر العودة إلى دستور ‪ 1962‬الذي سبق له أن أقر‬
‫نظام الغرفتين و تخلى عنه في دساتير (‪.)1992-1972-1970‬‬

‫وقد كانت هذه الخطوة التي اتخذتها الملكية باعتبارها تمتلك السلطة التأسيسية خطوة في اتجاه تقزيم‬
‫دور الكتلة الديمقراطية في الحياة السياسية؛ عبر إيقاف العمل التشريعي و إحداث صمام آمان تنظيمي‬
‫يحمى من كل اإلنزالقات التي قد يؤدى إليها فوز الكتلة بأغلبية ساحقة في مجلس النواب و لذلك فإن هذه‬
‫الغرفة جاءت بهدف التحكم في المشهد السياسي‪ ،‬و هذا كان في نفس الوقت مؤش ار على انعدام الثقة بين‬
‫مكونات الكتلة (المعارضة) و المؤسسة الملكية خصوصا و أن الفصل السابع و السبعين يؤكد أن " لمجلس‬
‫(‪)2‬‬
‫المستشارين أن يصوت على ملتمس توجيه تنبيه للحكومة أو على ملتمس رقابة ضدها‪.‬‬

‫و نتيجة الختالل التوازن بين مكونات الكتلة والمؤسسة الملكية؛ فقد انتهت هذه المرحلة من تاريخ‬
‫المغرب؛ بتقوية أركان المؤسسة الملكية من جديد مع تراجع دور الكتلة الديمقراطية في تحقيق االنتقال نحو‬
‫ملكية دستورية بطابع برلماني كما جاء في مذكرات التسعينيات " فقد خفضت الكتلة سقف مطالبها الدستورية‬
‫و انتهت أغلب أحزابها بالتصويت بنعم على دستور ‪1996‬؛ رغم أنه مثل تراجعا بالمقارنة مع دستور ‪1992‬‬
‫و قد اتضح هذا التراجع من خالل النتائج السياسية التي لم تكن البتة في مستوى الطموحات و النضاالت‬
‫التي قادها الشعب المغربي بقيادة تيارات الحركة الوطنية‪ ،‬و هذه الخيبة هي التي عبر عنها قائد سفينة‬
‫التناوب المناضل الوطني عبد الرحمان اليوسفي؛ في محاضرته الشهيرة في بروكسيل( في إطار منتدى‬
‫‪95‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫الحوار الثقافي و السياسي ببلجيكا ) حيث قدم تقييما شامال لوضع المغرب السياسي؛ ليستنتج في األخير؛ "‬
‫أنه بعد انتهاء التجربة بدون أن تفضي إلى ما كنا ننتظره منها؛ بمعنى التوجه نحو الديمقراطية عبر خطوات‬
‫تاريخية إلى األمام؛ التي ستشكل قطيعة مع ممارسات الماضي فإننا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام متطلب‬
‫وطني يلزمنا باالنتظار "‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid .‬‬

‫‪96‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلصالحات الديمقراطية في المملكة المغربية بعد ‪.2011‬‬

‫عرف المغرب خالل السنوات القليلة الماضية‪ ،‬وبالضبط مع مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي جملة‬
‫من اإلصالحات الدستورية والسياسية همت مجاالت مختلفة بغية استكمال بناء دولة الحق وترسيخ أسس‬
‫الديمقراطية الحقة‪ .‬ومنذ وصول الملك محمد السادس إلى الحكم في ‪ 23‬يوليو ‪ 1999‬تكثفت وتيرة ورش‬
‫اإلصالحات وتوجت باإلعالن عن إصالح دستوري شامل يهدف إلى تحديث وتأهيل هياكل الدولة المغربية‪.‬‬
‫وقد مثلت سنة ‪ 2011‬دون أدنى شك منعطفا تاريخيا فاصال ونتاجا لسنوات من العمل المتواصل‪،‬‬
‫المتمثل في مختلف الورشات اإلصالحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياق تاريخي دولي دقيق‪ ،‬وفي‬
‫خضم األحداث التي كان العالم العربي وما يزال مسرحا لها‪ ،‬توج اإلصالح بالمغرب بالخطاب الملكي لتاسع‬
‫مارس ‪ 2011‬ليعلن عن المبادرة الملكية الداعية إلى إجراء تعديالت دستورية عميقة وشاملة أقل ما يقال‬
‫عنها أنها غير مسبوقة‪.‬‬
‫وقصد تجسيد هذه المبادرة ذات الداللة القوية‪ ،‬قرر الملك إحداث آليتين سياسيتين مهمتهما التشاور‬
‫والمتابعة‪ ،‬وتبادل الرأي بشأن اإلصالح المقترح‪ ،‬تضمان بصفة خاصة متخصصين في المجاالت الدستورية‬
‫والسياسية‪ ،‬ورؤساء الهيآت السياسية والنقابية (خطاب ‪ 10‬مارس ‪ 2011‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية‬
‫لمراجعة الدستور)‪.‬وبعد عدة أسابيع من الحوار والمناقشة‪ ،‬خلصت اللجنة الملكية إلى صياغة مشروع دستور‬
‫أبرز الملك أهم مضامينه في خطاب بتاريخ ‪ 17‬يونيو ‪ 2011‬وعرض على االستفتاء الشعبي يوم فاتح يوليو‬
‫من نفس السنة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من بعض الدعوات الرامية إلى مقاطعة االستفتاء‪ ،‬فإن الشعب المغربي عبر عن إرادته‬
‫بكثافة ورضي بالوثيقة الدستورية الجديدة بأغلبية ساحقة وهو ما خلف أيضا صدى طيبا في األوساط الدولية‬
‫عبر التنويه بدخول المغرب مرحلة جديدة من تاريخه السياسي والدستوري‪ ،‬وال أدل على ذلك من منح‬
‫‪1‬‬
‫الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا للمغرب "وضع الشريك من أجل الديمقراطية" (‪ 21‬يونيو ‪.)2011‬‬
‫ويمثل الدستور الجديد بحق‪ ،‬قطيعة مع الماضي بالنظر إلى أهمية التعديالت التي جاء بها والمستجدات التي‬
‫أقرها وكلها ترمي إلى بناء دولة عصرية وديمقراطية‪ .‬واذا كان من الصعب أن نحصي جميع الجزئيات‬
‫والتفاصيل التي احتوى عليها الدستور‪ ،‬فإنه مع ذلك يمكن أن نشير إلى المبادئ الكبرى التي تؤثث الدستور‬
‫الجديد وتشكل ثورة حقيقية في النظام الدستوري المغربي‪.‬‬
‫وال يخفى ألي كان عند دراسته لمختلف مقتضيات الوثيقة الدستورية أنه أمام دستور لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫ذلك أن مختلف القيم اإلنسانية والتي تعتبر قواسم مشتركة للبشرية مبثوثة في النص الجديد‪ .‬فبعد جدال طويل‬

‫اسماء مغربي ‪.‬الدستور المغربي ‪( :2011‬مستجدات وآفاق المقتضيات الجديدة ورقة تقديمية يومي ‪ 21-20‬أبريل ‪.)2012‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪97‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫حسم المشرع الدستوري العالقة بين القانون الدولي والتشريع الداخلي حيث اعترف بأرجحية األول على حساب‬
‫الثاني‪ ،‬كما تضمن الدستور إعالنا للحقوق والحريات يضاهي ما هو معمول به في أقدم الديمقراطيات‬
‫الغربية‪ .‬ولتفعيل مختلف هذه المقتضيات اآلمرة‪ ،‬تمت دسترة جملة من الهيئات والميكانيزمات حتى ال تبقى‬
‫هذه النصوص حب ار على ورق‪.‬‬
‫وبمقتضى الدستور الجديد‪ ،‬احتل الفرد مكانة متميزة وأعيد له االعتبار بعدما ظل لوقت طويل إما مهمشا‬
‫أو في خدمة السلطة‪ ،‬وتم ذلك عبر االعتراف الصريح بتنوع مقومات الهوية المغربية وغناها وانصهار كل‬
‫مكوناتها‪ .‬وبالنظر إلى الدور المتميز الذي يلعبه الفرد داخل المجتمع‪ ،‬كرس الدستور حق المواطن في تقديم‬
‫ملتمسات في مجال التشريع والتقدم بع ارئض إلى السلطات العمومية‪ ،‬وأولى أهمية كبرى للمرتفقين عبر‬
‫التنصيص على مبادئ الحكامة الجيدة والتي ستتجسد مستقبال في ميثاق للمرافق العمومية‪ .‬وحظي موضوع‬
‫المرأة باهتمام بالغ‪ ،‬إذ تم ألول مرة دسترة مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف الحقوق والحريات‪ ،‬ولهذه‬
‫الغاية‪ ،‬تم إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز‪ .‬ولن يكتمل ويتحقق مشروع المساواة إال‬
‫بضمان تمثيلية للمرأة في مختلف األجهزة كالمجلس األعلى للسلطة القضائية وكذا الجهات والجماعات‬
‫(‪)1‬‬
‫الترابية األخرى‪.‬‬
‫ومن حسنات الدستور الجديد‪ ،‬تنصيصه على مختلف الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المتقاضون‬
‫والواجبات الملقاة على مختلف األجهزة من أجل ضمان عدالة شفافة‪.‬‬
‫ولم يفت المشرع الدستوري اإلشارة إلى حقوق المغاربة المقيمين بالخارج وواجب الدولة نحوهم‪ ،‬وفي هذا رد‬
‫االعتبار لشريحة مهمة من المجتمع المغربي‪ .‬أما األجانب‪ ،‬فقد التفت إليهم الدستور الجديد ومتعهم بمبدأ‬
‫المساواة مع المواطنين في الحقوق والحريات‪ ،‬بل وأقر بإمكانية المقيمين منهم بالمغرب بحق المشاركة في‬
‫االنتخابات المحلية‪.‬‬
‫على صعيد آخر‪ ،‬احتل موضوع السلطات الدستورية والعالقات القائمة بينها حصة األسد في الوثيقة‬
‫الدستورية‪ ،‬حيث عرفت مختلف األجهزة تعديالت جوهرية وتغييرات نوعية على مستوى االختصاصات‬
‫ووسائل العمل‪ .‬أول هذه المستجدات مست المؤسسة الملكية إذ تم التكريس على مستوى الدستور للملكية‬
‫المواطنة عبر إدراج مقتضيات جديدة تخلى بمقتضاها الملك عن بعض صالحياته لفائدة أجهزة أخرى كرئيس‬
‫الحكومة والبرلمان‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬تقوى مركز رئيس الحكومة وحاز البرلمان اختصاصات جديدة‪،‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪98‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫كما اعترف للمعارضة البرلمانية بمجموعة من الحقوق تروم النهوض بمهامها وضمان مشاركتها في التشريع‬
‫(‪)1‬‬
‫ومراقبة العمل الحكومي‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أن القضاء تم االرتقاء به إلى سلطة مستقلة بعدما ظل لعقود طويلة مجرد وظيفة وتم‬
‫التنصيص صراحة على هذا الخيار في الدستور حتى يؤدي رسالته على الوجه األكمل‪ .‬ونفس الهاجس كان‬
‫وراء تحويل المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية ذات اختصاصات واسعة‪ ،‬وتخويلها صالحية البت في‬
‫دفوعات المتقاضين بعدم دستورية قانون تبين للقضاء أن من شأنه المساس بحقوق وحريات األفراد‬
‫األساسية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫لقد عمل الدستور الجديد على تقوية آليات تخليق الحياة العامة عبر دسترة مجموعة من المؤسسات‬
‫األساسية بغية تعزيز المواطنة والمشاركة الديمقراطية‪ ،‬كما ربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة‬
‫والمحاسبة‪ ،‬وهذا من شأنه أن يساعد على ترسيخ ميكانيزمات الحكامة الجيدة وتخليق ومحاربة الفساد في‬
‫جميع أشكاله ومظاهره‪ .‬والشك أن التكريس الدستوري للجهوية في إطار مملكة مغربية موحد يقوم على مبادئ‬
‫التوازن والتضامن الوطني والجهوي سيخدم التنمية المندمجة ويساهم في تجذير قيم الديمقراطية والمشاركة‬
‫(‪)3‬‬
‫الفعالة في تدبير الشأن العام‪.‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪99‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المبحث الرابع‪ :‬رؤية تقــيــيــميــة لعمــلية اإلصالح الديمـقراطي في المــمـــلكة المـــغــربــية ‪.‬‬

‫إن عملية اإلصالح الديمقراطي والدستوري التي شهدته المملكة المغربية لم تكن عملية مجزأة‬
‫وبسيطة‪ ،‬فقد كانت نتيجة ألوضاع وظروف حتمية فرضتها جملة العوامل الداخلية والخارجية على‬
‫السواء‪ ،‬مما جعلها مطلبا ملحا خاصة في ظل األوضاع الدولية المحيطة ‪ ،‬من هنا نجد أن هذه العملية‬
‫اإلصالحية لم تكن بالسهلة أو الهينة فقد عرفت وتعرضت لجملة من الصعوبات والمعيقات نظ ار لطبيعة‬
‫النظام السياسي والوضع االجتماعي واالقتصادي‪،‬كذلك نجد أنه برغم النتائج التي ترتبت عليها وتم‬
‫تحقيقها سواء من الناحية اإليجابية أو السلبية ‪ ،‬نجد أنه قد كان لها أيضا مجموعة من االنعكاسات‬
‫واآلثار‪ .‬وانطالقا من هذا سيتم التطرق في هذا المبحث إلى محاولة إعطاء أو إجراء دراسة تقييمية‬
‫لعملية اإلصالح الديمقراطي بالمملكة المغربية‪ ،‬من خالل تبيان نتائج هذه العملية اإلصالحية ككل‪،‬‬
‫ومن تقديم جملة االنعكاسات التي ترتبت عليها ‪ ،‬واخي ار إبراز أكبر المعيقات التي واجهتها واعترضتها‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المطلب األول‪:‬تقييـم نتائج اإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الدستور الجديد‪.‬‬

‫في خطاب ملكي بتاريخ ‪ 9‬مارس ‪ 2011‬أعلن الملك محمد السادس عن مبادرة اإلصالح الدستوري و ُعهد‬
‫للجنة تضم ‪ 19‬عضوا من فقهاء القانون و السياسية بتحرير مشروع الدستور‪ ،‬واشتغلت اللجنة االستشارية‬
‫بصفة موازية مع اللجنة السياسية التي كانت تضم أمناء جميع األحزاب السياسية و مسؤولي النقابات الخمس‬
‫(‪)1‬‬
‫األكثر تمثيلية‪.‬‬

‫اشتغلت اللجنة بناء على المرتكزات السبع لإلصالح الدستوري الواردة في الخطاب الملكي ومحاوره وهي‪:‬‬

‫‪ ‬التكريس الدستوري للملكية المواطنة و الملك المواطن‪.‬‬


‫‪ ‬دسترة األمازغية كلغة رسمية للبالد‪.‬‬
‫‪ ‬دسترة حقوق اإلنسان كما هو متعارف عليها عالميا بكل آليات حمايتها و ضمان ممارستها‪.‬‬
‫‪ ‬انبثاق الديمقراطي للسلطة التنفيذية بقيادة رئيس الحكومة ‪.‬‬
‫‪ ‬قيام سلطة برلمانية تمارس اختصاصات تشريعية و رقابية واسعة‪.‬‬
‫‪ ‬تخويل المعارضة البرلمانية نظاما خاصا و آليات ناجعة‪.‬‬
‫‪ ‬ترسيخ سلطة قضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و التنفيذية ‪.‬‬
‫‪ ‬دسترة بعض المؤسسات السياسية لتعزيز المواطنة و الديمقراطية التشاركية ‪.‬‬
‫(‪)2.‬‬
‫‪ ‬تعزيز آليات الحكامة الجيدة‬

‫وفي عز الحملة االستفتائية فرضت و ازرة األوقاف و الشؤون اإلسالمية خطبة جمعة موحدة تم تعميمعا‬
‫على جميع المساجد ‪ ،‬تدعو المصلين الى التصويت بـ "نعم" على مشروع الدستور تجاوبا مع نداء أمير‬
‫المؤمنين وامتثاال لقوله تعالى‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا و أطيعوا الرسول و أولي األمر منكم "‪،‬‬
‫باإلضافة إلى توظيف الزوايا سجلت نسبة الموافقة على مشروع الدستور الجديد نسبة ‪ %98‬من الشعب‬
‫(‪).3‬‬
‫المغربي ‪ ،‬و هناك من أيده و رأى انه أكثر تقدما من دستور ‪ 1962‬و دستور ‪. 1996‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص ‪.1‬‬ ‫‪1‬‬

‫الدستور المغربي‪،‬المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)10-4 (.‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد باسك منار ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪101‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫و يرجع ذلك إلى انه اقر نظاما يقوم على أساس الفصل بين السلطات ‪ ،‬بينما هناك من تعرض لهذا الدستور‬
‫بوابل من االنتقادات ‪ ،‬منها اعتبار أن الدستور تأسس على مركزية موقع الملك في النظام السياسي‪1 .‬‬

‫ثانيا‪ :‬انتخابات برلمانية مبكرة‪.‬‬

‫شكل فوز حزب العدالة والتنمية في االنتخابات المجلس النواب بتاريخ ‪25‬نوفمبر ‪ 2011‬حدثا هاما ما جلب‬
‫إليه األنظار في الداخل والخارج‪ ،‬ليس فقط بالنظر إلى عدد المقاعد إلي فاز بها ‪ ،‬أو بالنظر إلى الفرق‬
‫الكبير بينه وبين حزب االستقالل الذي احتل المرتبة الثانية ‪ ،‬ولكن بالنظر إلى مرجعيته اإلسالمية فالنظام‬
‫السياسي وان كان قد أبدى في السنوات األخيرة بعض االنفتاح على حزب العدالة والتنمية من خالل دمجه‬
‫في العمليات السياسية ‪ ،‬فإن ذلك االنفتاح كان مشروطا ببقاء الحزب في موقع عادي في المؤسسات وليس‬
‫المشارك األول ‪ ،‬ولعل ما حدث في االنتخابات الجماعية لسنة ‪ 2009‬و المسار الذي كان مرسوما‬
‫النتخابات ‪ ،2012‬يبين أن حزب األصالة والمعاصرة كان باألساس من اجل تشكيل ذرع انتخابي يحد من‬
‫اي توسع محتمل للعدالة و التنمية ‪ ،‬ال يعني أن الحزب خرج من طوق الضبط الذي حدده النظام السياسي‬
‫لمختلف الفاعلين الحزبيين وله بصفة خاصة ‪ ،‬لكن يعني اضطرار النظام السياسي لتوسع مدى انفتاحه عليه‬
‫وتليين بعض شروطه اتجاهه ‪.‬‬

‫عوامل فوز حزب العدالة والتنمية ‪:‬‬

‫العوامل الموضوعية‪ :‬وتتمثل في السياق السياسي النتخابات ‪25‬نوفمبر ‪:2011‬‬

‫فحركة ‪20‬فبراير التي كسرت الجمود السياسي بالمغرب جعلت شرائحا من المغاربة من بينها الطبقى‬
‫الوسطى تصوت على حزب العدالة و التنمية ‪ ،‬ألنه يمثل توجه التغيير مع االستقرار عكس التوجه األخر‬
‫الذي تمثله حركة فبراير و القوى السياسية الداعمة لها الذي يعني التغيير مع العصف باالستقرار ‪.‬‬

‫احتماالت تطور حركة ‪ 20‬فبراير جعلت النظام السياسي يقبل بحزب أغلبية ذو مرجعية إسالمية ‪ ،‬ولم يكن‬
‫من الممكن التدخل في نتائج االنتخابات نظ ار لخصوصية المرحلة السابقة ولما يكون لذلك من التكاليف‬
‫(‪)2‬‬
‫السياسية الباهظة‪.‬‬

‫صالح خليل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.3 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد باسك منار ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪102‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫العوامل الذاتية ‪ :‬وتمثلت في‪:‬‬

‫‪ ‬انضباطية الحزب وديمقراطية الحزب بالمقارنة مع األحزاب األخرى ‪.‬‬


‫‪ ‬عذريته السياسية بحيث لم يسبق له ان يتولى مسؤولية الحكومة ‪.‬‬
‫‪ ‬اتصاف أعضاء الحزب بالنزاهة والكفاءة ‪.‬‬
‫‪ ‬المرجعية اإلسالمية التي تستميل الكثير من الناخبيين ‪.‬‬

‫قد يعد فوز الحزب العدالة والتنمية مؤش ار على االنفتاح السياسي للنظام خاصة في ظل تنصيص الدستور‬
‫على ان رئيس الحكومة يتم تعينه من الحزب الحائز على أول رتبة في االنتخابات ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬حكومة بقيادة حزب العدالة و التنمية اإلسالمي‪.‬‬

‫حقق حزب العدالة و التنمية فو از كاسحا في االنتخابات نظ ار لتنظيمه الجيد و توفره على خط إيديولوجي‬
‫واضح و متميز عن بقية األحزاب األخرى‪ ،‬الشيئ الذي جعل منه القوة السياسية األولى في المغرب ‪ ،‬هذا‬
‫الوضع السياسي الجديد هو فريد و غير مسبوق حيث ان الحكومة أضحت في يد اإلسالميين الذين يجربون‬
‫حاليا التعايش مع الملك ‪.‬‬

‫في يوم ‪ 29‬نوفمبر ‪ 2011‬عين الملك محمد السادس عبد اإلله بن كيران رئيسا للحكومة‪ ،‬كما‬
‫ينص على ذلك الفصل ‪ 47‬من الدستور‪ ،‬و تمكن بن كيران بعد ذلك من تكوين حكومة بالتحالف مع حزب‬
‫االستقالل و حزب التقدم و االشتراكية و الحركة الشعبية‪ ،‬كما ضمت الحكومة و بشكل غير متوقع وزراء‬
‫اختارهم الملك مباشرة و ال ينتمون إلى أي حزب سياسي‪ .‬بالموازاة مع ذلك عين الملك مستشارين جدد له في‬
‫ما يشبه " حكومة الظل " و التي تتولى مراقبة العمل الحكومي‪ ،‬فرغم أن بن كيران و حكومته يتمتعون‬
‫بصالح يات كبيرة حسب الدستور المغربي الجديد إال أن التوجهات االقتصادية الرئيسية و الخيارات السياسية‬
‫(‪)2‬‬
‫الكبرى للبالد يحددها الملك و ديوانه الخاص‪.‬‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)19،20(.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ترابي عبد هللا ‪ " ،‬نحو تعايش بين الملكية و اإلسالميين في المغرب "‪ (.‬متحصل عليه من‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪( .)..www.arab-reform.net/‬بتاريخ‪.)2015-01-20:‬‬

‫‪103‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫ومن خالل التتبع النجازات الحكومة بعد حوالي ‪ 4‬سنوات من الوالية الحكومية نجد أنها تبقى دون‬
‫المستوى ؛ فمثال لم تتخذ إجراءات للحد من اقتصاد الريع و محاربة الفساد‪ ،‬االستمرار في قمع االحتجاجات‬
‫و االعتقاالت السياسية‪ ،‬و االعتداء على الحريات‪،‬‬

‫ومن المعوقات التي تحد من فاعلية األداء الحكومي نجد‪:‬‬

‫‪ ‬وجود جهات داخل النظام تقاوم التغيير‪.‬‬


‫‪ ‬غياب سابق للتجربة الحكومية ‪.‬‬
‫‪ ‬هشاشة االنسجام الحكومي فالحكومة تتألف من أربعة أحزاب سياسية مختلفة إيديولوجيا‪.‬‬

‫كل هذا يؤثر بالشكل السلبي على األوضاع االقتصادية و االجتماعية للمواطنين و يبين انه ما حدث من‬
‫(‪) 1‬‬
‫تغييرات بفعل حركة ‪ 20‬فبراير رغم أهميته في بعض الجوانب لم يؤسس النتقال ديمقراطي‪.‬‬

‫محمد باسك منار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.)21،22(.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪104‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬انعكاسات اإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االنعكاسات االيجابية‪.‬‬


‫عرفت الوثيقة الدستورية الجديدة مجموعة من التغييرات الهامة مقارنة مع دستور ‪ 1996‬و هذا الذي يتجلى‬
‫من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬جعلت الخيار الديمقراطي احد ثوابت النظام السياسي‪.‬‬
‫‪ ‬االعتراف بالروافد المختلفة للهوية المغربية‪.‬‬
‫‪ ‬التوسيع من صالحيات البرلمان و الحكومة‪.‬‬
‫‪ ‬جعلت من القضاء سلطة إلى جانب السلطة التشريعية و التنفيذية‪.‬‬
‫‪ ‬تضمنت مجموعة من المبادئ المتعلقة باالنتخابات‪.‬‬
‫‪ ‬ارتقت بالمجلس الدستوري الى محكمة دستورية‪ ،‬و بالمجلس األعلى إلى محكمة النقض‪.‬‬
‫‪ ‬أحدثت مجموعة من الهيئات لتعزيز الحكامة و حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫إال انه رغم تلك التغييرات االيجابية يبقى دستور ‪ 2011‬سواء على مستوى وضعه أو مستوى مضمونه دون‬
‫مستوى االستجابة الكاملة لمعايير الدستور الديمقراطي و هو ما سيتم توضيحه في العنصر القادم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االنعكاسات السلبية‪.‬‬

‫قبل عرض مآخذ اإلصالحات السياسية في المغرب ال بد لإلشارة إلى عنصرين كانا لهما األثر في مجرى‬
‫اإلصالحات تمثال في ‪:‬‬

‫‪/1‬اللجنة الملكية االستشارية لوضع مشروع الدستور‪ :‬كانت معينة بالكامل من قبل الملك و ليست منتخبة‬
‫أو حتى نصف معينة‪ ،‬بقيت محددة بالسقف الدستوري الذي حدده الملك و لم تستطع إشراك كل القوى‬
‫(‪)1‬‬
‫السياسية‪ ،‬كما لم تسمح للمواطنين بتتبع و مواكبة نقاشاتها بالتالي كان دستور ممنوح‪.‬‬

‫‪/2‬اآللية السياسية للتتبع‪ :‬كانت في الواقع مجردة من كل وسائل التأثير في المسار الدستوري المرسوم‬
‫فمنسقها لم يكن سوى مستشار الملك محمد معتصم‪ ،‬و كانت ملزمة بإبداء الرأي فو ار في مضامين مشروع‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪105‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫الدستور بعد أن يعرض عليها شفهيا و لم تشتغل وفق منهجية محددة بل في الكثير من األحيان كانت تناقش‬
‫(‪)1‬‬
‫مواضيع أخرى‪.‬‬

‫من هنا يمكن عرض سلبيات اإلصالح الدستوري في المملكة المغربية من خالل ‪:‬‬

‫‪ ‬رغم أن الوثيقة الدستورية نصت صراحة في ديباجيتها على أن نظام الحكم في المغرب هو نظام‬
‫"ملكية دستورية" ديمقراطية برلمانية و اجتماعية وابتعد عن صفة "الملكية التنفيذية" ‪ ،‬إال أن المؤسسة الملكية‬
‫ال تزال فاعلة و منفذة في مختلف المجاالت الحيوبة ‪.‬‬
‫‪ ‬استمرار تحكم الملك في توجيه مسار السلطة التنفيذية و مضمون ق ارراتها فالملك هو رئيس المجلس‬
‫الوزاري و هذا األخير هو الذي يتداول التوجهات اإلستراتجية لسياسية الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬الحضور المؤثر و الفاعل للمؤسسة الملكية بخصوص الجانب التشريعي فالملك في الدستور المغربي‬
‫هو من يفتح البرلمان المغربي بخطاب‪ ،‬و للملك ان يطلب و ال يمكن أن يرفض طلبه في قراءة جديدة لكل‬
‫مقترح أو مشروع قانون معروض على البرلمان و له الحق في طلب تشكيل لجان تقصي الحقائق‪ ،‬وللملك أن‬

‫يحل مجلسي البرلمان‪ ،‬كما اغفل المشرع تحديد مآل السلطة التشريعية في حال حل البرلمان أو احد مجلسيه‬

‫و ربما يعود ذلك إلى أن التجربة التاريخية آلت فيها السلطة التشريعية عند حل البرلمان إلى الملك‪.‬‬
‫‪ ‬لم يرتب الدستور المغربي أي مسؤولية للملك اتجاه البرلمان‪ ،‬الن النظام السياسي المغربي لم يرى ان‬
‫مبدأ الفصل بين السلطات ينطبق على المؤسسة الملكية‪.‬‬
‫‪ ‬يمتع الدستور الملك بصالحيات واسعة باعتباره رئيسا للدولة و ال يلزمه مقابل ذلك إلى بأي التزامات‬
‫و هو ما يتعارض مقابل و مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي جاء في ديباجة الدستور الجديد‪.‬‬
‫‪ ‬تبعية القضاء للمؤسسة الملكية؛ فكون أن الملك هو الضامن الستقاللية القضاء و هو الذي يرأس‬
‫المجلس األعلى للسلطة القضائية و في نفس الوقت يعتبر هو الرئيس الفعلي للسلطة التنفيذية أكيد أن هذه‬
‫الوضعية ستؤثر على السلطة القضائية خاصة أن النيابة العامة تم فصلها عن السلطة القضائية و تم‬
‫(‪)2‬‬
‫إسنادها إلى وزير العدل الذي يعينه الملك ‪.‬‬

‫المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.17 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الرحيم عالم ‪ " ،‬صالحيات الملك في الدستور المغربي"‪( .‬المجلة العربية للعلوم اإلنسانية‪ .‬العدد‪، 42:‬أكتوبر ‪.)2014‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ص‪.)149-145(.‬‬

‫‪106‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫هذا الذي أثر سلبيا على الممارسة الديمقراطية في المغرب حسب التقرير الدولي الذي تصدره‬
‫منظمة التصنيف الديمقراطي لسنة ‪ 2013‬إلى الرتبة ‪ 97‬ضمن ‪ 115‬بلدا في مؤشر الديمقراطية على‬
‫‪)1(.‬‬
‫المستوى العالمي‬

‫المرجع السابق‪ .‬ص ص‪.)149-145(.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪107‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬معوقات اإلصالح الديمقراطي في المملكة المغربية‪.‬‬

‫تقف أمام تفعيل مسار اإلصالحات السياسية والديمقراطية بالمملكة المغربية جملة من التحديات نوجزها في‪:‬‬

‫‪/1‬تحديات ترتبط باألحزاب السياسية‪:‬‬

‫فاألحزاب السياسية التي تعاني إختالالت واضحة على مستوى تنظيمها و تصوراتها و العالقة فيما بينها‬
‫تجعل من الممارسة الديمقراطية بعيدة المنال‪ ،‬ما لم تُصلح األحزاب السياسية و الهيئات السياسية نفسها‪ ،‬و‬
‫(‪)1‬‬
‫يبدو أن ذلك ليس باألمر الهين في ظل الثقافة السياسة السائدة في المغرب‪.‬‬

‫‪/2‬تحديات ترتبط بالمؤسسة الملكية‪:‬‬

‫فدستور‪ 2011‬لم يقلص سلطة المؤسسة الملكية و إنما أعاد انتشارها بل يظهر من بعض الفصول انه تم‬
‫توسيعها و في بعض األحيان يستعمل الملك سلطته بشكل يغضب فئات عريضة من الشعب المغربي‪ ،‬فنظام‬
‫الحكم في المغرب ملكي شكال و مضمونا‪ ،‬إذ أن الملكية تسود و تحكم و هذا ما يذهب إليه الملك حسن‬
‫الثاني بقول" إن الشعب المغربي اليوم في حاجة إلى ملكية شعبية إسالمي و لهذا يحكم الملك في المغرب و‬
‫الشعب نفسه ال يستطيع أن يفهم كيف يمكن أن يكون ملكا و ال يحكم ‪ ،‬فلكي يستطيع الشعب أن يعيش و‬
‫تكون الدولة محكومة يجب أن يعمل الملك و أن يأخذ بين يديه سلطاته و يتحمل مسؤولياته‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫من خالل هذه المقولة يتبين أن الملك في المغرب يستمد شرعيته دينيا و هو ما تجلى في الدستور في‬
‫(‪)3‬‬
‫العديد من فصوله على انه أمير المؤمنين‪.‬‬

‫‪/3‬غياب ثقافة سياسية ديمقراطية‪:‬‬

‫فالثقافة الديمقراطية تعد شرطا في عملية صيرورة الديمقراطية‪ ،‬و إن توفرت بعض المؤسسات السياسية و‬
‫الدستورية و رغم كل التحوالت التي عرفها المغرب ال تزال فئات من المجتمع مرهونة لثقافة سياسية تقليدية‬

‫‪1‬‬
‫‪khalil Hajji‚ « implications of constitutional reforms in morocco »‚Qatar‚2011.‬‬

‫محمد باسك منار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.)23،24(.‬‬ ‫‪2‬‬

‫عنتار يوسف‪ ،‬التعددية السياسية في المغرب بعد االنتقال الديمقراطي قراءة في العوائق"‪(.‬المجلة الدولية‪ ،‬العدد‪5،2009 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪ .‬ص‪.11 ،‬‬

‫‪108‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫تحدد أهم محدداتها فيما اصطلح عليه بالمخزن*‪ ،‬و يبقى أي حراك من اجل تحقيق االنتقال الديمقراطي‬
‫محدود النتائج ما لم يتم العمل على تقويض ثقافة المخزن التقليدية و تكريس ثقافة ديمقراطية‪.‬‬

‫‪/4‬تحديات ترتبط بالمحيط الدولي و اإلقليمي‪:‬‬

‫فالخطاب الملكي لـ ‪ 9‬مارس ‪ 2011‬أتى في سياق بعض التقارير الدولية التي رصدت التحوالت العربية و‬
‫خلصت إلى انه من مصلحة بعض الدول العربية كالمغرب و األردن و البحرين الحفاظ على أنظمتها لكن‬
‫بشرط اإلقدام على إصالحات سياسية ‪ ،‬في هذا السياق كان لفرنسا التي تربطها عالقات خاصة مع المغرب‬
‫فبراير‪1.‬‬ ‫دور مهم في الكيفية التي تفاعل بها النظام السياسي بالمغرب مع حركة ‪20‬‬

‫‪/5‬النزاع على الصحراء الغربية‪:‬‬

‫يعتبر نزاع الصحراء الغربية مسألة تقرير مصير أوال و قبل كل شيئ فمطلب الصحراويين هو التطبيق السليم‬
‫للقانون الدولي و على وجه الخصوص حق تقرير المصير و بالفعل قامت األمم المتحدة و بشكل متكرر‬
‫التأكيد على أن القرار ‪ 1514‬ينطبق على الصحراء الغربية‪ ،2‬و يعد هذا المطلب تحدي كبير بالنسبة‬
‫للمغرب الذي يعتبر الصحراء الغربية جزء من إقليمه‪ ،‬هذا الصراع لم يقف على هذا الحد بل هو من األسباب‬
‫المباشرة وراء غياب تكامل و اندماج االتحاد المغاربي فالمغرب تسير باالتجاه المعاكس لمصالحها الخاصة‬
‫من خالل إعاقة االتحاد المغاربي‪ ،‬و في هذا يمكن القول على ان النزاع القائم بين بريطانيا و اسبانيا حول‬
‫األوروبي‪3.‬‬ ‫جبل طارق لم يعمل مطلقا على إعاقة التكامل‬

‫محمد باسك منار ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.)24،25 (.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Claude Salhani‚ « Moroco the king and reforms ».from: www.huffingtonpost.com/claude-salhani/morocco-‬‬


‫‪2‬‬

‫بتاريخ ‪..2015-01-24:‬‬

‫مجموعة منع نشوب صراعات داخل العالم‪ " ،‬الصحراء الغربية‪ :‬تكاليف النزاع"‪ ،‬جنيف‪ ،‬جوان‪.2007‬‬ ‫‪3‬‬

‫*هي النخبة الحاكمة في المغرب و التي تتكون من‪ :‬الملك‪ ،‬مدراء األمن‪ ،‬مالك األراضي و زعماء القبائل‪...‬‬
‫‪109‬‬
‫الفصل الثـالث‪:‬النظــــام السـياسـي المغــربــي في ظــل تجربة اإلصــالح الديمـقــراطـــــي‬

‫رغم كل المالحظات النقدية بخصوص األوضاع السياسية و االقتصادية و االجتماعية بالمغرب ‪،‬‬
‫يمكن التأكيد على أن هناك فرصا رغم قلتها قد تساعد على اإلصالح السياسي بالمغرب‪ ،‬في مقدمتها إجماع‬
‫أغلب القوى السياسية على رفض العنف‪ ،‬فرغم ان السلطات المغربية تعلن من حين إلى آخر اكتشافها لخاليا‬
‫إرهابية إال أن ذلك ال يشكل إال حاالت شاذة في المسار السياسي العام للمغرب ‪ ،‬و رغم تنامي الفعل الثقافي‬
‫االحتجاجي للحركات األمازيغية في السنوات األخيرة فان ذلك يبقى في إطار سلمي‪.‬‬

‫وقد شكلت حركة ‪ 20‬فبراير بما أتاحته من فضاء للتواصل و التفاعل بين قوى سياسية مختلفة فرصة‬
‫لتدقيق المواقف بخصوص بعض القضايا الحساسة كقضية الدستور الديمقراطي و قضية الدولة المدنية ‪ ،‬و‬
‫إن كان االتفاق حول العناوين العامة لم يترجم بعد االتفاق إلى اتفاق حول بعض التفاصيل‪ ،‬و من الفرص‬
‫أيضا وجود نوع من التراكم المؤسساتي سواء على المستوى الرسمي أو غير الرسمي‪ ،‬فالتجربة في المؤسسات‬
‫الرسمية أفرزت مجموعة من اآلليات و األعراف و التشريعات االيجابية أما على المستوى غير الرسمي و‬
‫رغم كل ما يمكن أن يقال عن المجتمع المدني بالمغرب خاصة على مستوى االستقاللية فان السنوات األخيرة‬
‫عرفت ظهور هيئات تناضل من اجل تكريس الثقافة الديمقراطية‪ ،‬يضاف ذلك الدور المهم الذي تقوم به‬
‫بعض جمعيات الدفاع عن حقوق اإلنسان‪ ،‬هذا الذي يظهر من خالل العدد الهائل لمنظمات المجتمع المدني‬
‫في المغرب و هي األكبر في الدول العربية حيث توجد حوالي ‪ 30000‬منظمة‪.‬‬

‫و دستور ‪ 2011‬رغم المالحظات العديدة عليه شكال و مضمونا يمكن أن يشكل في بعض جوانبه‬
‫االيجابية فرصة لتحقيق تراكم نحو أفق اإلصالح السياسي‪ ،‬إذ أن المطالبة بدستور ديمقراطي ال تتنافى مع‬
‫التمسك بتفعيل الجوانب االيجابية في الدستور الحالي فما ال يدرك كله ال يترك جله‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫الخاتمـــــــــة‬
‫الخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫حاولت هذه الدراسة أن تعالج مسألة اإلصالح الديمقراطي في األنظمة السياسية الملكية من خالل‬
‫اإلجابة على مجموعة من التساؤالت الخاصة بسياق وأسس هذه العملية في ظل تحوالت البيئة الداخلية‬
‫والبيئة الخارجية الدولية ضمن مجريات وسلسلة األحداث الدولية والعربية‪،‬ورغم جدلية الفكر حول أولوية‬
‫العوامل الداخلية والخارجية في الدفع باتجاه اإلصالح الديمقراطي في المنطقة العربية ‪ ،‬فالثابت أن تفاعل‬
‫تلك العوامل أسفر عن اقتناع الشعوب والنخب السياسية الحاكمة في األنظمة الملكية خاصة بعد أن تآكلت‬
‫واهتزت شرعيتها التقليدية سواء التاريخية أو الكاريزمية أو حتى شرعية ومدى اإلنجاز والتنمية‪ ،‬بضرورة إعادة‬
‫صياغة رؤاها ومبادئها الفكرية واإليديولوجية‪ ،‬وتحديث بنيتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬في إطار‬
‫تكييف أنظمتها السياسية مع السياق الدولي الجديد القائم على الديمقراطية كنموذج غربي ناجح‪.‬‬
‫أدت العوامل الخارجية ‪ ،‬خاصة ثورات الربيع العربي وأحداث ‪ 20‬فيفري ‪ 2011‬دو ار مؤث ار وبار از في‬
‫صياغة مطلب اإلصالح الديمقراطي بالمملكة المغربية ‪ ،‬فقد تزامنت هذه األحداث لعملية اإلصالح مع ما‬
‫شهدته البيئة الدولية المعاصرة من تطورات متسارعة تركت آثا ار عميقة في مجال التفاعالت السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية الدولية‪ ،‬والتي شكلت ضغوطا على النخب الحاكمة غي النظم السياسية بوجه عام‪،‬‬
‫والنظم الملكية بشكل خاص‪ .‬ولم يكن النظام السياسي المغربي ببعيد عن تلك المؤثرات التي الحت بفاعليتها‬
‫ووصلت وعي الشعوب وأثقلت كاهل النخب الحاكمة ‪،‬خاصة بعد أحداث حركة ‪ 20‬فيفري ‪ 2011‬حيث‬
‫بدأت تتفكك مواقفها ورغبة في الحفاظ على شرعيتها اعترفت واتجهت نحو تبني جملة من اإلصالحات‬
‫السياسية والدستورية الضامنة للديمقراطية حيث عملت على إدارة العملية اإلصالحية والسياسية وترسيخها من‬
‫خالل توفير شروط ومتطلبات اإلصالح الديمقراطي كالمؤسسات السياسية الدستورية ‪،‬االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية ‪ ،‬وما يرتبط بها من ظهور وتبلور قوى ومؤسسات وجهود ومنظمات تناضل من اجل‬
‫ترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع وتتيح المشاركة في الحياة السياسية وتصون حقوق اإلفراد وحرياتهم‪.‬‬
‫رغم المساعي والجهود المتوخاة لتحقيق وتبني عملية اإلصالح الديمقراطي وانجاحها في األنظمة السياسية‬
‫الملكية إال انه ال يمكن إنكار محدوديتها ‪ ،‬كون أنها لم تحدث تجديدا في النخب الحاكمة ‪،‬أو تشكيل والسماح‬
‫لنخب جديدة لها المقدرة على إدارة عملية اإلصالح الديمقراطي بكفاءة‪ .‬فقد بقيت أغلب النخب في مواقعها‬
‫تدير عملية اإلصالح الديمقراطي ‪ ،‬وهي مسألة معقدة خاصة أن تلك النخب نشأت واحتكرت السلطة‬
‫لصالحها‪ ،‬إما بتعديل الدستور أو بالتوريث أو التمديد في الحكم ‪.‬‬
‫تستخلص الدراسة مجموعة من النتائج أهمها‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫الخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫* إن الترسيخ الديمقراطي ال يكون إال من خالل استيعاب الضغوطات االجتماعية وفسح المجال‬
‫لحريات التعبير واإلعالم أمام القوى السياسية واالجتماعية والثقافية في محاولة لتنفيس حركية الشارع العربي‬
‫واحتقانه بسبب انتشار مظاهر الفساد السياسي واإلداري في المؤسسات الرسمية ‪ ،‬وتفاقم التفاوتات‬
‫االجتماعية ‪ ،‬وتردي األوضاع االقتصادية وتفكك الطبقة الفقيرة‪ ،‬وذلك ما عملت وحاولت النخب السياسية‬
‫العربية على استيعابه من خالل الترضية والمنح والوعود بتوفير مناصب الشغل‪......‬‬

‫* أغلب الدساتير العربية ‪ ،‬حتى التي تكون في األنظمة الملكية تتضمن مجموعة من المبادئ‬
‫الديمقراطية وخاصة ما يتعلق منها بالحريات العامة وحقوق اإلنسان ‪ ،‬إال أن القوانين المنظمة لتطبيق تلك‬
‫المبادئ تتضمن الكثير من الضوابط والقيود التي تعرقل الممارسة السياسية والفعلية ‪ ،‬وهو ما يفرغ تلك‬
‫المبادئ الدستورية من محتواها الحقيقي ‪ ،‬حيث تستخدم النظم السياسية الملكية المنظومة القانونية لتثبيت‬
‫سلطتها واحكام قبضتها على المجتمع وهموا مر يؤدي إلى تعثر المسار الديمقراطي بها ‪.‬‬

‫* تبرز الدساتير العربية والممارسة السياسية في األنظمة الملكية للدول العربية الخلل الواضح في العالقة‬
‫بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ‪ ،‬حيث تكون هيمنة األولى على الثانية واضحة من خالل الصالحيات‬
‫الكبيرة التي يتمتع بها الملك أو رأس النظام السياسي ‪،‬وهو خلل يؤدي إلى تصنيف الهيئات البرلمانية بأنها‬
‫مجرد أبنيه تفتقد إلى الفاعلية المؤسسية واالستقاللية والمبادرة السياسية بالتالي إضفاء الشرعية على ق اررات‬
‫النظام الحاكم‪.‬‬

‫* يرتبط نجاح اإلصالح الديمقراطي في األنظمة الملكية بتحقيق اتفاق ديمقراطي يرسخ قواعد العملية‬
‫السياسية واالنتخابية بواسطة مختلف الفواعل في الساحة السياسية بما فيها القوى السياسية المعارضة‬
‫والحركات اإلسالمية بما يحقق إجماعا على مجموعة القواعد والشروط مقابل االعتراف بالعملية الديمقراطية‬
‫وعدم المساس بها واحترامها‪.‬‬

‫وخالصة القول أن نجاح عملية اإلصالح الديمقراطي في األنظمة الملكية مرهون بإصالح المجاالت‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اإلطار القانوني والدستوري المناسب الذي ينص على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية‬
‫واستقاللية القضاء عنهما‪ ،‬وضمان حقوق اإلنسان وحرياته‪ ،‬بحيث تضفي التعديالت واإلصالحات الدستورية‬

‫‪113‬‬
‫الخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫الطابع الديمقراطي على مؤسسات النظام السياسي وتصبح السلطة التشريعية بعيدة غن هيمنة السلطة‬
‫التنفيذية بتقليص صالحيات هذه األخيرة وخاصة في التشريع لصالح األولى‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد ادوار المؤسسات ومنها العسكرية واصالح النظام االقتصادي بما يخدم المستوى المعيشي‬
‫للمواطنين ألن تعزيز اإلصالحات الديمقراطية وترسيخها كما تؤكد ذلك الدراسات مرهون بتحقيق تنمية‬
‫اقتصادية ‪ ،‬حيث يفترض في تلك اإلصالحات أن تخفف من اآلثار السلبية على الفقراء ومحدودي الدخل‪،‬‬
‫ألن الطبقة األخيرة هي دعامة االستقرار السياسي واالجتماعي واالقتصادي‪.‬‬

‫‪ -‬نشر الثقافة الديمقراطية من خالل تفعيل مؤسسات المجتمع المدني ودورها في النشاطات السياسية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية و الثقافية ودورها كوسيط بين النظام السياسي والمجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬ما يمكن قوله عن التجربة اإلصالحية للمملكة المغربية أنه رغم أن الوثيقة الدستورية الجديدة عرفت‬
‫مجموعة من التغييرات الهامة حيث جعلت الخيار الديمقراطي احد ثوابت النظام السياسي‪.‬‬
‫واعترفت بالروافد المختلفة للهوية المغربية‪.‬كما ضمنت التوسيع من صالحيات البرلمان و الحكومة‪.‬و جعلت‬
‫من القضاء سلطة إلى جانب السلطة التشريعية و التنفيذية‪.‬إضافة إلى تضمنها مجموعة من المبادئ المتعلقة‬
‫باالنتخابات‪.‬وارتقائها بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية‪ ،‬و بالمجلس األعلى إلى محكمة‬
‫النقض‪.‬واستحداثها مجموعة من الهيئات لتعزيز الحكامة و حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫إال انه رغم تلك التغييرات االيجابية يبقى دستور ‪ 2011‬سواء على مستوى وضعه أو مستوى‬
‫مضمونه دون مستوى االستجابة الكاملة لمعايير الدستور الديمقراطي ‪،‬فبرغم أن الوثيقة الدستورية نصت‬
‫صراحة في ديباجتها على أن نظام الحكم في المغرب هو نظام "ملكية دستورية" ديمقراطية برلمانية و‬
‫اجتماعية وابتعد عن صفة "الملكية التنفيذية" ‪ ،‬إال أن المؤسسة الملكية ال تزال فاعلة و منفذة في مختلف‬
‫المجاالت الحيوية هذا إضافة إلى الحضور المؤثر و الفاعل للمؤسسة الملكية بخصوص الجانب التشريعي‬
‫فالملك في الدستور المغربي هو من يفتح البرلمان المغربي‪.‬‬

‫وفي خضم التناول لهذا الموضوع الشائك والذي له من األهمية البالغة والصدى الكبير ما له ‪،‬والمتعلق‬
‫بمسألة جوهرية في كل األنظمة السياسية أال وهو اإلصالح الديمقراطي في األنظمة السياسية الملكية‪ .‬والذي‬
‫برغم المحاولة والسعي لإللمام به إال انه يبقى النقاش مفتوح‪ .‬فهل حقا ستكرس هذه العملية اإلصالحية‬
‫الديمقراطية حقا بكل محتوياتها‪ ،‬أم أنها ستبقى محصورة أو نتيجة األوضاع ال غير‪،‬وما هو مستقبل هذه‬
‫العمليات اإلصالحية يا ترى؟‬
‫‪114‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قــــــائـــمـــة المراجـــــــــع‪:‬‬

‫المصادر‪:‬‬
‫‪ -1‬المملكة المغربية‪ ،‬دستور ‪( .2011‬المغرب‪ :‬مركز الدراسات و أبحاث السياسية الجنائية‪.) 2011،‬‬
‫المـــــراجــــــع بالـلـــــغـــــــــــة العربــيــــــــة ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الكـــــتـــــــــــب‬
‫‪ /1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬منهج اإلصالح الدستوري‪( .‬القاهرة ‪ :‬مطبعة الشعب‪.) 2006،‬‬
‫‪/2‬السعيد نعمة‪ ،‬النظم السياسية في الشرق األوسط‪(.‬بغداد‪ :‬شركة النشر والطبع األهلية‪)1968،‬‬
‫‪ /3‬المصدق رقية ‪ ،‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪-‬النظام السياسي المغربي وأنظمة أخرى معاصرة‪.‬‬
‫ج ‪[( ،2‬د‪.‬ب‪.‬ن]‪،‬دار توبقال‪[،‬د‪.‬ت‪.‬ن])‪.‬‬
‫‪ /4‬المنوفي كمال ‪،‬أصول النظم السياسية المقارنة‪( .‬الكويت‪ :‬شركة الربيعات للنشر والتوزيع‪.)1987،‬‬
‫‪/5‬السيد غانم عبد المطلب ‪ ،‬االتجاهات المعاصرة في دراسة النظم السياسية‪( ،‬القاهرة‪:‬دار القاهرة للنشر‬
‫والتوزيع‪.1985 ،‬‬
‫‪/6‬الفالح متروك ‪،‬المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية‪(.‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪.)2002‬‬
‫‪/7‬الصادق علي ‪ ،‬مفهوم المجتمع المدني‪ :‬قراءة أولية‪(.‬القاهرة‪ :‬مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية‬
‫والمعلومات‪.)2004 ،‬‬
‫‪/8‬الكواري علي خليفة وآخرون‪ ،‬مداخل االنتقال إلى الديمقراطية في البلدان العربية‪(.‬بيروت‪:‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪.)2003 ،‬‬
‫‪/9‬البنا محمود عاطف ‪ ،‬النظم السياسية أسس التنظيم السياسي وصوره الرئيسية‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر‬
‫العربي‪.)1985،‬‬
‫‪/10‬الخزرجي ثامر كامل محمد ‪،‬النظم السياسية الحديثة والسياسة العامة ‪(،‬عمان‪ :‬دار مجدالوي للنشر‬
‫والتوزيع‪.)2004،‬‬
‫‪/10‬خليفة الكواري‪ ،‬المواطنة الديمقراطية في البلدان العربية ‪[ ( ،‬د‪.‬ب‪.‬ن]‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪.)2003‬‬
‫‪/11‬محمود صالح الكروي ‪،‬التجربة البرلمانية في المغرب‪(.1998-1963‬بغداد‪ :‬مطبعة البريق‪.)2010،‬‬
‫‪/12‬عبد الرحمن اسماعيل الصالحي‪،‬المؤسسات التشريعية في الوطن العربي‪(.‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية للتنمية‬
‫اإلدارية‪.)2004،‬‬

‫‪116‬‬
‫قــــــائـــمـــة المراجـــــــــع‪:‬‬

‫‪/13‬رمزي طه الشاعر‪ ،‬النظام الدستوري المصري‪[ ( ، .‬د‪.‬ب‪.‬ن] ‪ [،‬د‪.‬د‪.‬ن ]‪.)2000،‬‬


‫‪/14‬محمد عثمان الخشب‪ ،‬المجتمع المدني‪ (.‬القاهرة‪ :‬األمل للطباعة والنشر‪.)2004 ،‬‬
‫‪ /15‬محمد زاهي بشير المغيربي‪،‬الديمقراطية واإلصالح السياسي‪ :‬مراجعة عامة لألدبيات ‪(.‬القاهرة‪ :‬كلية‬
‫االقتصاد والعلوم السياسية‪ .‬د‪.‬ت‪.‬ن)‪.‬‬
‫‪/16‬محمد عابد الجابري ‪ ،‬الديمقراطية وحقوق اإلنسان ‪( ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.)1994،‬‬
‫‪/17‬سليم محمد السيد وعابدين السيد صدقي‪ ،‬التحوالت الديمقراطية في آسيا‪( ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات‬
‫اآلسيوية بجامعة القاهرة‪)1999.‬‬
‫‪/18‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬صالح سالم زرنوقة‪ ،‬اإلصالح السياسي في الوطن العربي‪( .‬القاهرة‪ :‬مركز‬
‫دراسات وبحوث الدول النامية‪.،)2006،‬‬
‫‪/19‬عبد الحليم السيد الزيات‪ ،‬التنمية السياسية "دراسة في االجتماع السياسي"‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة‬
‫الجامعية‪.)2002 ،‬‬
‫‪/20‬بلقيس أحمد منصور‪،‬األحزاب السياسية والتحول الديمقراطي في اليمن ‪ (،‬القاهرة‪ :‬مكتبة‬
‫مدبولي‪.)2004،‬‬
‫‪ /21‬بوطالب عبد الهادي‪ ،‬النظم السياسية المعاصرة‪ ،‬ج‪(. 2‬الدار البيضاء‪ :‬دار الكتاب‪.)1981،‬‬
‫‪ /22‬عادل ثابت‪.‬النظم السياسية‪ ( ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪)2001 ،‬‬
‫‪ /23‬ثروت بدوي ‪ ،‬النظم السياسية ‪(،‬القاهرة ‪ :‬د ار النهضة العربية ‪1- )1994 ،‬‬
‫‪ /24‬حمادي شمران‪ ،‬النظم السياسية‪ .‬ط‪(،4‬بغداد‪ :‬مطبعة اإلرشاد‪.)1985،‬‬
‫‪ /25‬فايز ربيع‪ ،‬الديمقراطية بين التأصيل الفكري والمقاربة السياسية ‪(،‬عمان‪ :‬دار الحامد للنشر‬
‫والتوزيع‪.)2004،‬‬
‫‪ /26‬محمد نصر مهنا‪ ،‬في النظم الدستورية والسياسية‪ :‬دراسة تطبيقية‪(.‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي‬
‫الحديث‪.)2005 ،‬‬
‫‪ /27‬مصطفى عبد الغاني‪ ،‬مستقبل الديمقراطية في البالد العربية في ضوء الحوار الغربي األوروبي‪،‬‬
‫(القاهرة‪ :‬المكتبة األكاديمية‪.)2009.‬‬
‫‪ /28‬مروة كريم‪ ،‬أزمة البديل الديمقراطي العربي تطيل عمر األنظمة االستبدادية‪( .‬مداخلة في ندوة أزمة‬
‫النظام العربي واشكاليات النهضة‪ ،‬مؤسسة االنتشار العربي‪.)2005-12-03،‬‬
‫‪ /29‬محمد نصر مهنا‪،‬في النظم السياسية ونظرية الدولة‪( .‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪.)2001،‬‬

‫‪117‬‬
‫قــــــائـــمـــة المراجـــــــــع‪:‬‬

‫‪ /30‬محمد مرغيني خيري‪ ،‬النظم السياسية‪( ،‬القاهرة‪ :‬منشورات جامعة عين شمس‪.)1995 ،‬‬
‫‪ /31‬مركز بيروت لألبحاث والمعلومات‪ ،‬دساتير الدول العربية‪(.‬بيروت‪ :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪.)2005،‬‬
‫‪ /32‬محمد ضريف‪ ،‬تاريخ الفكر السياسي بالمغرب‪(.،‬الدار البيضاء‪ :‬مطابع افريقيا الشرق‪.)1988،‬‬
‫‪ /33‬موريس ديفرجيه‪(،‬تر‪:‬علي مقلد وعبد الحسن سعد)‪،‬األحزاب السياسية‪.‬ط‪(.3‬بيروت‪ :‬دار النهار‬
‫للنشر‪.)1980،‬‬
‫‪ /34‬محمد أحمد عبد المنعم مبدأ المواطنة واإلصالح الدستوري"دراسة تحليلية مقارنة"‪ ،‬ا(القاهرة‪ :‬دار‬
‫النهضة العربية‪.)2008 ،‬‬
‫‪ /35‬محمد أحمد عبد المنعم‪ ،‬دور المشرع في دعم التمثيل النيابي للمرأة‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة‪(.‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫النهضة العربية‪.)2006 ،‬‬
‫‪ /36‬محمد أنس قاسم جعفر‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪( ،‬القاهرة‪:‬دار النهضة العربية‬
‫‪.)1999،‬‬
‫‪ /37‬نبيلة عبد الحليم كامل‪ ،‬حرية تكوين األحزاب السياسية بين النص القانوني والواقع السياسي‪(.‬القاهرة‪:‬‬
‫دار النهضة العربية‪.)1992 ،‬‬
‫‪ /38‬عبدا هلل ناصيف‪ ،‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬نظم االنتخابات في العالم وفي مصر‪( .‬القاهرة ‪ :‬دار النهضة)‪.‬‬
‫‪ /39‬عبد العظيم عبد السالم عبد الحميد‪ ،‬تطور األنظمة الدستورية "دراسة مقارنة «‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية‪.)2006 ،‬‬
‫‪ /40‬عصمت عبد هللا الشيخ‪ ،‬الدستور بين متطلبات الثبات وواجبات التغيير‪( .‬القاهرة ‪:‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫[د‪.‬ت‪.‬ن ])‪.‬‬
‫‪ /41‬عبد هللا حمودي( تر‪ :‬عبد المجيد جحفة )‪،‬النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة ‪،‬‬
‫([د‪.‬ب‪.‬ن]‪ :‬دار توبقال ‪[،‬د‪.‬ت‪.‬ن]‪.‬‬
‫‪ /42‬صامويل هنتنغتون(تر‪ :‬طلعت الشايب‪،‬تقديم‪:‬صالح قنصوه)‪ ،‬صدام الحضارات‪.....‬إعادة صنع النظام‬
‫العالمي‪[ (.‬د‪.‬ب‪.‬ن]‪:‬سطور‪.)1998،‬‬
‫‪/43‬صامويل هنتنغتون(تر‪ :‬عبد الوهاب علود)‪،‬الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي في أواخر القرن‬
‫العشرين‪(.‬مصر‪ :‬دار سعاد الصباح)‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫قــــــائـــمـــة المراجـــــــــع‪:‬‬

‫‪ /44‬هدى ميتكس‪،‬اإلتجاهات المعاصرة في دراسة النظم السياسية في دول العالم الثالث‪(.‬القاهرة‪ :‬منشورات‬
‫اللجنة العلمية للعلوم السياسية واإلدارية العامة‪.)1999،‬‬
‫‪ /45‬واتربوري جون‪( ،‬تر‪:‬ماجد نعمة وعبود عطية)‪،‬الملكية والنخبة السياسية ‪(.‬بيروت‪:‬دار الوحدة للطباعة‬
‫والنشر‪.)1982،‬‬

‫ثــانيـــا‪ :‬المجــــالت والجــــرائــــد ‪:‬‬


‫‪ /1‬علي محافظة‪ .‬اإلصالح والتحديث في الوطن العربي في ظل األنظمة الملكية الدستورية (الشركة‬
‫األردنية للصحافة والنشر‪:‬جريدة الدستور‪،‬العدد‪ 17097‬المجلد‪)2015، 48‬‬
‫‪ /2‬خليل صالح ‪"،‬اإلصالح الدستوري في المغرب‪ ...‬الدوافع و القضايا "‪ .‬مجلة الحوار المتمدن‪،‬العدد‪:‬‬
‫‪.2011 ،3478‬‬
‫‪ /3‬طه محمد عبد المطلب ‪ ،‬اإلصالح الشامل للمحليات‪( .‬جريدة األهرام‪،‬العدد‪ ،) 44061:‬متحصل عليه‬
‫ومنشور في الموقع ‪ www. Ahram.org-eg :‬بتاريخ‪.2015/02/18:‬‬
‫‪ /4‬جالل أمين‪ ،‬اإلصالح والتحديث مترادفان أم ضدان‪(.‬في مجلة الهالل‪ ،‬العدد ‪ ،03‬مارس‪.)2005‬‬
‫‪ /5‬محمد محمود السيد‪ ،‬مفهوم اإلصالح السياسي‪ ( .‬مجلة الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‪2011 ،3555:‬‬
‫‪ /6‬لكريني إدريس‪ " ،‬محاسبة الديمقراطية التداعيات المحتملة الحتجاجات حركة ‪ 20‬فبراير المغرب "(مجلة‬
‫السياسية الدولية ‪ ،‬العدد‪ ، 184:‬المجلد‪ ، 46 :‬أفريل ‪.) 2011‬‬
‫‪ /7‬مالكي أمحمد ‪ " ،‬المغرب و إشكالية توزيع السلطة"‪( .‬مجلة الديمقراطية‪ ،‬العدد‪ ،22 :‬ب‪ ،‬ت‪ ،‬ن )ص ‪.3‬‬
‫‪ /8‬إدريس جنداري‪ " ،‬اإلصالحات السياسية في المغرب و سؤال الدولة المدنية "‪ (.‬مجلة الحوار المتمدن‪،‬‬
‫العدد‪.) 2011 ،3378 :‬‬
‫‪ /9‬عبد الرحيم عالم ‪ " ،‬صالحيات الملك في الدستور المغربي"‪ .‬المجلة العربية للعلوم اإلنسانية‪ .‬العدد‪:‬‬
‫‪ ، 42‬أكتوبر ‪.)2014‬‬
‫‪ /10‬عنتار يوسف‪ ،‬التعددية السياسية في المغرب بعد االنتقال الديمقراطي قراءة في العوائق"‪(.‬المجلة الدولية‪،‬‬
‫العدد‪.) 5،2009 :‬‬
‫‪ /11‬أمينة المسعودي‪ " ،‬اإلصالحات الدستورية في دول المغرب العربي‪...‬فترة الربيع العربي "‪ ،‬ورقة بحت‬
‫مقدمة في ندوة‪" :‬المغرب العربي و التحوالت اإلقليمية الراهنة"‪ ،‬الدوحة‪ 18-17 ،‬فيفري ‪.2013‬‬
‫‪ /12‬اسماء مغربي ‪.‬الدستور المغربي ‪( :2011‬مستجدات وآفاق المقتضيات الجديدة ورقة تقديمية يومي ‪-20‬‬
‫‪ 21‬أبريل ‪)2012‬‬
‫‪119‬‬
‫قــــــائـــمـــة المراجـــــــــع‪:‬‬

‫مجموعة منع نشوب صراعات داخل العالم‪ " ،‬الصحراء الغربية‪ :‬تكاليف النزاع"‪ ،‬جنيف‪ ،‬جوان‪2007‬‬
‫ثـــالثا‪:‬المذكــــرات والرســـائــــل الجامــــعـــيـــة‪:‬‬

‫‪ /1‬مصطفى بلعور ‪ ،‬التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية "دراسة حالة النظام السياسي‬
‫الجزائري(‪(،")2008-1988‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪.‬جامعة الجزائر‪) 2009-2008،‬‬

‫المــــــــراجع باللغــــــــــة الفـــرنســـيـــــــــة ‪:‬‬

‫‪1- J.COLSON : ) Aspects constitutionnels et politique du MAROC‬‬


‫‪indèpendant (.op.cit.p 1286.‬‬

‫‪2- George Lavaroff.) Le droit Constitutionnelle de la ve.Republique.ets( . D‬‬


‫‪1995 ,p.199‬‬

‫مـــــــــواقع األنـــترنيـــــت‪:‬‬
‫‪ /1‬ترابي عبد هللا ‪ " ،‬نحو تعايش بين الملكية و اإلسالميين في المغرب ‪،‬متحصل عليه من‪:‬‬
‫‪www.arab-reform.ne/‬‬
‫‪2/‬غازي الربايعة ‪ ،‬مبادئ العلوم السياسية ‪ ،‬متحصل عليه من‪:‬‬
‫‪)Kenaneonline.com/user ,Rueschemeyer .,D ,Stephens ,J.Capitialist( « Developme‬‬
‫‪nt and Democracy ».(Cambridje : polity press ,1992),P.203‬‬
‫‪ /3‬عمر مضام‪ " ،‬مضامين اإلصالح الدستوري بالمغرب"‪ .‬متحصل عليه من‪:‬‬
‫‪www.aljazeera.net/.../4E3698A4-F299-4896-A91B-D‬‬
‫‪ /4‬إدريس قابلية‪"،‬النظام السياسي المغربي"‪ ،‬متحصل عليه من‪)www.t1t.net/download/a29.doc( :‬‬

‫‪ /5‬باسك محمد منار‪ " ،‬محصلة التحركات الراهنة من أجل الديمقراطية"‪ .‬متحصل عليه من‪:‬‬
‫(‪)http:arabsfordemocracy.org/uploads/.../Morr_Manar2013‬‬
‫‪6/ khalil Hajji‚ « implications of constitutional reforms in morocco »‚Qatar‚2011.‬‬
‫‪7/Claude Salhani‚ « Moroco the king and reforms‬‬
‫‪8/ Mohammed Hashas ‚ « moroccan exceptionnalisme examined: constitutional‬‬
‫‪insights pre-and post-2011 »from:‬‬
‫(‪) www.constitutionnet.org/.../moroccan-exceptionalism-examined-constitu‬‬

‫‪120‬‬
:‫قــــــائـــمـــة المراجـــــــــع‬

9/ Hrieff‚ Alexis‚ « morocco current issues ».from:


)http://www.google.com/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&cad=rja&uact=8&ve
d=0CCUQFjAA&url=http%3A%2F%2Ffas.org%2Fsgp%2Fcrs%2Frow%2FRS21579.pdf&ei=l
AxlVNC_H9evacGrgKgN&usg=AFQjCNFbDroJO03jFYAs-
zaHPh46Jp57iw&bvm=bv.79189006,d.ZWU(

121
‫إن مسألة اإلصالح الديمقراطي في األنظمة السياسية الملكية أصبحت من أهم القضايا المحورية‬
‫في النظم السياسية خاصة في ظل تحوالت البيئة الداخلية والخارجية مما أسفرعن اقتناع الشعوب‬
‫والنخب السياسية الحاكمة في األنظمة الملكية خاصة بعد أن اهتزت شرعيتها التقليدية بضرورة‬
‫إعادة صياغة رؤاها ومبادئها الفكرية واإليديولوجية‪ ،‬وتحديث بنيتها السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬و تكييف أنظمتها السياسية مع السياق الدولي الجديد القائم على الديمقراطية‪.‬‬

‫أما بالمملكة المغربية‪ ،‬فقد كان لثورات الربيع العربي وأحداث ‪ 20‬فيفري ‪ 2011‬دو ار بار از في‬
‫صياغة مطلب اإلصالح الديمقراطي بها‪،‬وتزامنت هذه األحداث لعملية اإلصالح مع ما شهدته‬
‫البيئة الدولية المعاصرة من تطورات متسارعة ‪،‬ورغبة في الحفاظ على شرعيتها اعترفت واتجهت‬
‫نحو تبني جملة من اإلصالحات السياسية والدستورية الضامنة للديمقراطية وقامت على إدارة‬
‫العملية اإلصالحية والسياسية وترسيخها من خالل توفير شروط ومتطلبات اإلصالح الديمقراطي‪،‬‬
‫مقتنعة أن الترسيخ الديمقراطي ال يكون إال من خالل استيعاب الضغوطات االجتماعية وفسح‬
‫المجال لحريات التعبير واإلعالم أمام القوى السياسية واالجتماعية والثقافية‪.‬وما يمكن قوله عن‬
‫التجربة اإلصالحية للمملكة المغربية أنه رغم أن الوثيقة الدستورية الجديدة عرفت مجموعة من‬
‫التغييرات الهامة حيث جعلت الخيار الديمقراطي احد ثوابت النظام السياسي‪.‬‬
The study summary

The issue of democratic reform in the ownership of the political systems


has become one of the most critical issues in the political systems,
especially in light of the internal and external environment changes,
which Osafaran convinced peoples and political elites ruling in private
property regimes after that shook the traditional legitimacy of the need to
reformulate their visions of intellectual and ideological principles, and
modernization of the political structure and the economic, social, and
political systems adapt to the new international context based on
democracy.The Kingdom of Morocco, it was the Arab Spring and the
events of 20 February 2011 had a prominent role in the formulation of
demand democratic reform, and coincided these events to the reform
process with that experienced the contemporary international
environment of rapid developments, and a desire to maintain their
legitimacy recognized and headed towards the adoption of a series of
political reforms and constitutional guarantor of democracy, founded on
the reform process and the political and consolidated management by
providing the conditions and requirements of democratic reform, is
convinced that democratic consolidation is not only by absorbing the
social pressures and to allow for the freedoms of expression and
information in front of political and social forces and Althagavah.oma can
be said about the reform experience of the Kingdom of Morocco that
Although the new constitutional document known as a series of
important changes which have made the democratic choice of one of the
political system constants.

You might also like