Professional Documents
Culture Documents
المذكرة التكميلية -النظام السياسي
المذكرة التكميلية -النظام السياسي
(سلم )401
أركـــان الدولة اإلســـــالمية
الركن الرابع :أولو األمر
حقوق اإلمام :الطاعة
مذكرة تكميلية بعنوان:
احترام األنظمة والقرارات ....المملكة العربية السعودية
أنموذجا
1
مدخل:
تتميز المملكة العربية السعودية بميزة مهمة وأساسية وهي استمداد أنظمتها من الشريعة
اإلسالمية ،وتطبيق أحكامها على المجتمع ،وقد حرص والة األمر منذ نشأة هذه الدولة على
التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ،وبناء األنظمة والقرارات على هديهما،
وتأسيسها على منهجهما ،وما جاء فيهما من عقائد ،وعبادات ،ومعامالت ،وآداب وأخالق.
وهذه مذكرة تكميلية لبيانٌ عبادة من العبادات ،وقُرْ بة من القُرُ بات ،وهي طاعة والة
األمر ،وما يصدر عنهم من أنظمة وقرارات ،في شتى مجاالت الحياة :كاألمن والتعليم
والصحة والمرور واآلداب والقيم وغيرها ،بضوابط الطاعة ،وبحدود المسؤولية ،وسيكون
الكالم على ذلك من خالل العناصر التالية:
األنظمة هي :تلك القواعد العامة التي تنظم عالقة أي دولة بمواطنيها أو عالقتها مع الدول
أو هي مجموعة من القواعد واالحكام التي تنظم األخرى أو عالقة المواطنين فيما بينهم
. ( )
جانبا ً من جوانب الحياة اإل نسانية ويصطلح المجتمع على وجوب احترامها وتنفيذها
فاألنظمة والقرارات تقوم بمخاطبة جميع المعنيين بها ،فمثالً قواعد التوظيف تعني كل مواطن
يرغب االلتحاق بالوظيفة العامة ،إذا توافرات فيه ضوابط وشروط التعيين ،وقواعد االلتحاق
بالجامعات السعودية تعني كل شاب سعودي يرغب االلتحاق بأي من الجامعات السعودية ،ممن
تتوافر فيه شروط ومعدالت القبول ،و كذلك قواعد حظر إلقاء المخلفات في الطرقات واألماكن
ُيعنى بها كل مواطن أو مقيم.
وتظهرأهمية األنظمة كونها تضبط حياة الناس ،وتنظم معامالتهم ،وتمنحهم حقوقهم،
وتبين ما عليهم من الواجبات.
والنظام هو أساس هذا الكون ،فاهلل خلق هذا الكون بميزان ،قال تعالى { :وَالسََّمَاءَ
رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ } ( ) .والميزان في هذه اآلية من الموازنة بمعنى العدل والنظام ،قال ابن
عاشور " :الوزن تقدير تعادل األشياء وضبط مقادير ثقلها ...والميزان هنا مرا ٌد به العدل...
) (1انظر ،النظام االقتصادي في االسالم ص ، 12المدخل لدراسة العلوم القانونية ص5
) (2سورة الرحمن اآلية .) 7 ( :
2
الخ ْلق"( ) ،فالسماء واألرض وما بينهما كالشمس
فاهلل وضع الميزان ،أي عينه إلقامة نظام َ
والقمر والهواء والماء وغيرها قائمة على وزن دقيق ،وتقدير مناسب ،ونظام ُم ْتقن.
وكذلك ال تقوم حياة الناس إال بميزان ونظام ،وتاريخ البشرية يحمل في طياته أسباب
نهوض الدول وسقوطها ،وأبرزها النظام والفوضى ،فإذا ساد النظام نهضت الدول ،وتطورت،
وازدهرت ،وإذا حلت الفوضى سقطت الدول ،وزالت حضارتها ،فالنظام مطلب ضروري ألي
مجتمع بشري ،قال الشاعر:
الناس فَوضى ال َسراةَ لَهُم **** َوال َسراةَ ِإذا ُجهّالُهُم سادوا ( ).
ال َيصلُ ُح ُ
أحكام
الشريعة
اإلسالمية
األنظمة العادية
األنظمة الفرعية
أكد النظام األساسي للحكم فى المملكة على أهمية الشريعة اإلسالمية كمصدر لألنظمة األساسية
والعادية والفرعية حيث نصت المادة السابعة من هذا النظام على أن "يستمد الحكم في المملكة
3
العربية السعودية سلطته من كتاب اهلل تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع
أنظمة الدولة" .
ولذلك تعتبر أحكام الشريعة اإلسالمية أعلى مصدر في المملكة وأسمى مصدر وبالتالي فال
يجوز للمصادر التالية له في المرتبة كاألنظمة األساسية للحكم مثل نظام مجلس الوزراء
ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق وأيضا األنظمة العادية التى تصدرها السلطة التنظيمية أو
األنظمة الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية ،مخالفة أحكام الشريعة اإلسالمية.
وأحكام الشريعة اإلسالمية السمحة قد جاءت بقواعد عامة فى مسائل المعامالت كتحريم الغش
والتدلي س ومنع التعامل بالربا ووجوب الوفاء بالعقود ،إال أن تفصيل هذه القواعد وتنظيم النوازل
قد تُرك لولي األمر وفقا لما تمليه مقتضيات المصلحة العامة حيث إن تصرف اإلمام على
الرعية منوط بالمصلحة ،لذلك فإن من أوسع أبواب السياسة الشرعية تقنين ما تحتاج إليه األمة
من أنظمة عادية وتنفيذية لتنظيم شئون حياتها فيما سكتت عنه الشريعة.
ومما تقدم يتضح لنا أن البناء الحاكم لألنظمة فى المملكة العربية السعودية يتكون مما يلي :
وسوف نتناول بعد تلك المقدمة بيان هذه المصادر ومكوناتها ثم نبين عالقة هذا بمبدأ المشروعية
الذي يحكم هذا البناء .
1
أيمن سعد سليم وأخرين ،المدخل إلى دراسة األنظمة السعودية ،دار حافظ ،السعودية 1432 ،هـ ،ص.41
4
كما أشرنا فى المقدمة وطبقا لنص المادة السابعة من النظام األساسي للحكم تعد الشريعة
اإلسالمية المصدر األول واألساسي للتشريع فى المملكة .وتستمد الشريعة اإلسالمية أحكامها من
القرآن الكريم ومن السنة النبوية الشريفة واجماع العلماء والقياس باإلضافة إلى بعض المصادر
األخرى ،مثل االستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع والعرف .وهذه المصادر قد تكلم فيها
جميع العلماء .
ولكن ما يعنينا من المصادر غير األصلية والتي لها عالقة بإصدار األنظمة هي المصالح
المرسلة فإنه من الضروري اإلشارة إلى المصالح المرسلة والتي تعتبر أحد المصادر المهمة
للتشريع .وتعرف المصالح المرسلة على أنها المصلحة التي لم ينص الشارع على اعتبارها أو
إلغائها ،وسميت مرسلة ألنها مطلقة لم تقيد بدليل اعتبار أو دليل إلغاء فلم ينط بها حكما
معينا.
وتعد المصالح المرسلة من المصادر التي يستند إليها أصحاب الشأن ووالة األمور من أجل إيجاد
األحكام الالزمة لمواجهة ظروف الحياة المتغيرة دون الخروج على مبادئ الشريعة اإلسالمية ،
كما يمكن العمل بها في الوقائع التي لم يرد في حكمها نص أو إجماع ،وذلك بإصدار األنظمة
الضرورية لكثير من الوقائع أو المستجدات التي لم يوجد لها دليل من الشارع يدل على االعتبار
أو اإللغاء ،وال يوجد لها أصل تقاس عليه ،وبذلك فإنها تعود على أفراد المجتمع بالمنفعة
المقصودة للشارع وتضمن سعادتهم في الدنيا واآلخرة.
واستنادا إلى هذه المصالح المرسلة قامت المملكة العربية السعودية ممثلة بالسلطة التنظيمية
بسن العديد من األنظمة التي عالجت الكثير من الموضوعات التي تستند أساسا إلى مصالح
األفراد وتنظيم شئون أمورهم في جميع مناحي الحياة :السياسية واالقتصادية واالجتماعية .فمن
1
عبد الوهاب خالف ،أصول الفقه ،تحقيقه محمد أبو الخير السيد ،مؤسسة الرسالة ،القاهرة 2004 ،م ،ص.72
2
المرجع السابق ،ص.72
3
محمد سليمان االشقر ،الواضح في أصول الفقه ،دار النفائس ،االردن 1417 ،هـ .
4
السلطة التنفيذية تتمثل في المملكة العربية السعودية في مجلس الوزراء الذى يرأسه الملك ،وهو يملك صالحية عمل السلطتين
التشريعية والتنفيذية
5
الناحية السياسية قامت بسن األنظمة األساسية المتعلقة بشئون الحكم في الدولة والسلطات
األساسية فيها ،وهو ما سوف نتناوله في الفقرة التالية.
ومن الناحية االقتصادية ،سنت األنظمة المتعلقة باألمور المالية والتجارية مثل االنظمة المتعلقة
بالشركات واألوراق التجارية والعالمات التجارية ،واألنظمة المتعلقة بالبنوك وغير ذلك كثير .
أما من الناحية االجتماعية فقد قامت بوضع األنظمة المتعلقة باألحوال المدنية ،وأنظمة المرور
وأنظمة العمل والعمال والتأمينات االجتماعية واألنظمة المتعلقة بتقديم المعونات والمساعدات
والكثير من األنظمة األخرى المتعلقة بهذه الناحية.
يسمى النظام األساسي للحكم في األنظمة المقارنة ،بالدستور ،أو القانون األساسي ،ويقصد به
القواعد التي تتعلق وتتصل بحياة الدولة ومقومات المجتمع ،هذا ويعد النظام األساسي للحكم في
المملكة هو النظام األساسي فيها بعد أحكام الشريعة االسالمية وفى هذا النظام تم رسم الخطوط
هـ في مادته العامة العريضة للدولة ،وينص النظام األساسي للحكم الصادر فى عام
األولى "المملكة العربية السعودية دولة عربية إسالمية ذات سيادة تامة ،دينها اإلسالم ،ودستورها
كتاب اهلل تعالى وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ،ولغتها هي اللغة العربية ،وعاصمتها
مدينةالرياض " وتقضي المادة الخامسة من ذات النظام على أن " نظام الحكم فيها ملكي وأن
مصادر الحكم هو الكتاب والسنة " و يحدد الباب الثالث مقومات المجتمع السعودي وتربية أفراده
على أساس العقيدة اإلسالمية وما تقتضيه من الوالء والطاعة هلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم
وألولي األمر وتعزيز الوحدة الوطنية ومنع كل ما يؤدي للفرقة والفتنة واالنقسام.
هي عبارة عن مجموعة القواعد النظامية التي تصدر عن السلطة التنظيمية ،المختصة أصال
بإصدارها ،استناداً إلى السلطة المخولة لها بموجب النظام األساسي للحكم ،وفقا لما جاء بنص
1
مثل النظام األساسي للحكم الصادر في 1412/8/27هـ ،ونظام مجلس الوزراء الصادر فى 1414/3/3هـ ،ونظام الشورى
الصادر في 1412/8/27هـ،
2
د .أيمن سليم وآخرون ،المدخل إلى دراسة االنظمة السعودية ،مرجع سابق ،ص.50
6
المادة 76من هذا النظام ،وقد سبق وأن أوضحنا أن فكرة إصدار األنظمة في المملكة تستند
في أساسها إلى قاعدة المصالح المرسلة .ولقد اقتضت المصلحة العامة ضرورة وضع الكثير من
هذه األنظمة لتسيير مصالح الدولة واألفراد بما ال يتعارض مع أحكام الشريعة اإلسالمية والنظام
األساسي للحكم على النحو السابق بيانه.
وفيما يتعلق بالمراحل التي يمر بها وضع النظام فهى :
االقتراح :ويقصد به اقتراح مشروع النظام على السلطة صاحبة الحق في إصداره وطبقا للنظام
األساسي للحكم فإن االقتراح قد يكون من قبل أعضاء مجلس الوزراء أو أحدهم أو من أعضاء
مجلس الشورى أو أحدهم.
المناقشة والتصويت :تتم مناقشة االقتراحات المقدمة واذا كان له ضرورة يتم التصويت عليها.
التصديق :إذا وافق مجلس الوزراء على مشروع النظام يرفع إلى رئاسة مجلس الوزراء للمصادقة
عليه ثم رفعه إلى المقام السامي للتصديق عليه.
إصدار النظام :موافقة الملك على النظام تعتبر بمثابة إصدار له ألن الملك هو رئيس مجلس
الوزراء.
النشر :النشر هو الوسيلة المادية التي يتم من خاللها تمكين المخاطبين بالنظام(األفراد) من
االطالع عليه والعلم به والحقيقة أن النشر الزم لنفاذ النظام والنشر يكون في الجريدة الرسمية
للدولة وفقا للمادة 6من النظام وفى المملكة تعد جريدة أم القرى هي الجريدة الرسمية .
هي عبارة عن مجموعة القواعد النظامية التي تصدر عن السلطة التنفيذية بما لها من سلطات
بمقتضى أحكام النظام األساسي للحكم ،حيث إنها تقوم بوضع السياسة العامة للدولة في جميع
المجاالت ووضع مشاريع األنظمة واللوائح واتخاذ الق اررات الالزمة لتطبيقها .وال تقوم السلطة
التنفيذية بهذه الوظيفة على سبيل االستثناء – على اعتبار أن إصدار األنظمة هو من
اختصاص السلطة التنظيمية– بل تقوم بسن هذه األنظمة الفرعية بموجب االختصاصات
1
د .خالد الرويس و د .رزق الريس ،المدخل لدراسة العلوم القانونية ،ص.106
7
األصيلة لها في ذلك .والعبرة في منح مثل هذه االختصاصات للسلطة التنفيذية ،هو قرب هذه
األخيرة من المسائل المتعلقة باألفراد واألقدر على التعامل مع واقعهم وتلبية احتياجاتهم
ومصالحهم .والهدف من وراء سن هذه األنظمة الفرعية هو ،إما وضع األنظمة العادية موضع
التنفيذ ،بتوضيحها وبيان كيفية تطبيقها ،واما بتسيير المرافق العامة ،واما لغايات المحافظة
على أمن واستقرار المجتمع .
وعلى الرغم من عدم صدور هذه القواعد عن السلطة التنظيمية إال أنها قواعد نظامية بالمعنى
الصحيح ،حيث تمتاز بالعمومية والتجريد ،عالوة على كونها ملزمة.
وتأتى هذه اللوائح في قاعدة الهرم النظامي من حيث تدرجها في القوة ،وحتى تكون مثل األنظمة
نافذة وصحيحة ،يجب عدم مخالفتها لألنظمة األعلى منها ،أي لألنظمة العادية واألساسية
طبقا لمبدأ التدرج فى األنظمة ،واال كانت عرضة للطعن بعدم شرعيتها .
-1اللوائح التنفيذية
وهى القواعد النظامية التي توضع من قبل السلطة التنفيذية بما لها من اختصاصات بموجب
النظام األساسي للحكم ،وذلك من أجل تفصيل أحكام النظام العادي وامكانية تطبيقه على
أرض الواقع ،األمر الذي يساعد في تسهيل تنفيذ األنظمة العادية الصادرة عن السلطة
التنظيمية.
-2اللوائح التنظيمية
وهى أيضا القواعد النظامية التي توضع من قبل السلطة التنفيذية لتسيير وترتيب وتنظيم
المرافق العامة واإلدارات الحكومية ،وهذه القواعد تضعها الدولة في إطار اختصاصها
التنظيمي بالنظر إلى كونها هي التي تتولى تسيير المرافق العامة.
-3اللوائح الضبطية
1
وتمنح الدساتير عادة بعض الصالحيات للسلطة التنفيذية من أجل تنفيذ القوانين واألنظمة واإلشراف على أعمال كل أجهزة الدولة من
إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية من دون استثناء.
8
هي القواعد الموضوعة من قبل السلطة التنفيذية والالزمة للمحافظة على األمن العام
وتوفير السكينة العامة والصحة العامة بهدف ضمان استقرار المجتمع وأمنه.
فى النهاية إشارة إلى األوامر التي تصدر من الملك وخصائص كل واحد منها:
فما يصدر من الملك إما أن يسمى أم ار ملكيا أو مرسوما ملكيا أو أم ار ساميا أو توجيها ملكيا ،
وبيانها كما يلي :
األمر الملكي :وهو قرار مكتوب في شكل محدد يحمل توقيع الملك بوصفه ملك المملكة
العربية السعودية ،ويصدر بتوجيه شخصي من الملك في موضوع لم يسبق عرضه على مجلس
الشورى أو مجلس الوزراء كتعيين ولى العهد والوزراء والسفراء.
المرسوم الملكي :وهو قرار يحمل مواصفات األمر الملكي ،ويحمل توقيع الملك بوصفه
رئيسا لمجلس الوزراء ،فهو بهذا يكون في موضوع سبق بحثه فى مجلس الشورى أو مجلس
الوزراء وتمت الموافقة عليه ،كالموافقة على إصدار األنظمة واالتفاقيات الدولية.
األمر السامي :قرار مكتوب ليس له شكل محدد ،يحمل توقيع الملك بوصفه رئيسا لمجلس
التوجيه الملكي :قرار من الملك يتم توجيهه من أجل متابعة أمر معين ،وليس له شكل محدد
هذا التدرج في األنظمة يستلزم احترام النظام األدنى لألعلى منه طبقا لمبدأ التدرج المشار إليه
في صدر هذا الموضوع ومن هنا فإنه يجب على األنظمة الفرعية عدم مخالفة األنظمة العادية
وفى حالة المخالفة توصم بعدم المشروعية ويمكن الطعن عليها ،كما أن األنظمة العادية وحسب
الجهة التي تصدرها سواء مجلس الوزراء أو مجلس الشورى يجب أن تلتزم بالمبادئ العامة
الواردة في أنظمة الحكم بأنواعها التي سبقت اإلشارة إليها باعتبارها النظام األساسي في الدولة
ودستورها وبناء عليه اذا أتى النظام العادي مخالفا لألنظمة األساسية فإنه يوصم بعدم المشروعية
9
ويمكن الطعن عليه أمام الجهات القضائية ذات االختصاص وفى النهاية فإن كال من األنظمة
األساسية والعادية والفرعية يجب أال تخالف أحكام الشريعة اإلسالمية باعتبارها هي الحاكمة لكل
األمور في المملكة وهى الدستور الرسمي للدولة ومصدر التشريع األساسي.
ال شك أن الدولة بإداراتها المختلفة ـ من أجل تنظيم شؤونها ـ تصدر الكثير من األنظمة
والقرارات ،وهذه األنظمة والقرارات يجب االلتزام بها ديانة ،وينبغي على المجتمع التقيد بها
وجعلها سلوكا أخالقيا في حياته .وقد دل على وجوب االلتزام باألنظمة النصوص الشرعية
اآلمرة بوجوب طاعة ولي األمر ،في غير معصية ،يقول النبي ــ ( :السمع
والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ،ما لم يؤمر بمعصية ،فإذا أمر
بمعصية؛ فال سمع وال طاعة )( ) .وسنذكر نماذج وصور لالنظمة والقررات التي ينبغي
احترامها .
ُتعد السلطة التنظيمية أهم مظاهر سيادة الدولة وبها يتحدد منهج الدولة ومسلكها العام وسياستها
في رعاية الحقوق والمصالح .وقد جاء النظام االساسي للحكم بتحديد أهم المعالم الرئيسية
للسلطة التنظيمية ،وجعل لها االختصاص بسن االنظمة واللوائح مع تحديد هدفها والمرجعية
التي تتقيد بها وتستند اليها ،فحدد هدفها في جلب المصالح ودرء المفاسد في شؤون الدولة ،
وقيدها بمرجعية واحدة ال تتعداها والتتخطاها وهي أحكام الشريعة اإلسالمية ،وقد جاء في
النظام األساسي للحكم على أن " تختص السلطلة التنظيمية بوضع األنظمة واللواائح فيما يحقق
المصلحة أويرفع المفسدة في شؤون الدولة وفقا ً لقواعد الشريعة اإلسالمية ،وتمارس
) (1أخرجه الشيخان .انظر :البخاري ،رقم ( ،) 2955مسلم ،رقم ( .) 1839
10
رابعا :صور من االلتزام باألنظمة والقرارات :
4ـ أنظمة الشرطة والمرور
ُ
قوت قال رسول هللا َ ( :من أصبح آمنا في سِ ْر ِبهُ ،معافى في جسده ،عنده
ت له الدُّنيا بح َذافِيرها )( ) ،وعلى هذا فالمحافظة على األمن واجب يومه ،فكأنما ح َ
ِيز ْ
الجميع ،واحترام أنظمة الشرطة والمرور في اآلداب واألخالق والمعامالت واجبة على الجميع،
فال يجوز ـ شرعا ً وخلقا ً ـ اإلخالل باألمن ،وال القتل ،وال إتالف الممتلكات الخاصة والعامة،
كما ال يجوز قطع اإلشارة ،وال إيقاف السيارة في مكان ممنوع ،وال إلقاء النفايات من نوافذ
( )
السيارات.
2ـ أنظمة وزارة التعليم العالي والجامعات
ض َعت وزارة التعليم العالي والجامعات أنظمة ،وأَصْ درت قرارات يتر َّتب على فعلها
َو َ
مصالح ،و َي ْنشأ عن تركها مفاسد ،فاألستاذ والطالب والموظف والزائر مطالبون بالتقيُّد بهذه
األنظمة ،وقد س َّنت الجامعات أنظمة ُت ِ
لزم هؤالء بالمعاملة الحسنة المنبثقة من األخالق اإلسالمية
الحميدة ،ومن خاللها يُطبِّقون األنظمة والقرارات ويلتزمون بها ،حتى َت َرسَّخ لديهم قناعات ،بأنَّ
ما يفعلونه هو من صميم دينهم الحنيف ،الذي يتقربون به إلى هللا ،فنظام االختبارات ،ونظام
( )
التدريس ،ونظام شؤون الطالب يجب التزامها دِينيا ً .
ـ أنظمة البلدية في التخطيط والنظافة والصحة
تتولى أمانات المناطق وبلدياتها مهاما ً كثيرة ،وتراقب المحالت التجارية المتعلقة بصحة
الناس ونظافتهم ،و ُتصدر أنظمة وقرارات تصُب في مصلحة الناس ،مثل مراعاة الجيران في
البناء والنوافذ ،وعدم التعدي على أراضي اآلخرين ،وعدم اإلضرار بالناس ،ومراعاة أصول
المهنة وآدابها في النظافة والصحة ،والواجب تنفيذ أنظمة البلدية وتطبيق قراراتها ،واعتبار
التنفيذ والتطبيق طاعة لولي األمر وعبادة يتقرَّ بُ بها اإلنسان إلى ربه ،كما أنَّ التزام هذه
) (1أخرجه الترمذي ،رقم ( ،) 2246وقال :حديث حسن غريب .وحسنه األلباني في صحيح الترغيب
والترهيب ،رقم ( .) 833
) (2راجع الموقع اإللكتروني لوزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية ،أنظمة وتعليمات:
0MtSP0NDE3QwMDQ7_Sj04/1http://www.moi.gov.sa/wps/portal/moi/moihome/diwan/!ut/p/b
/!aNkM3IMTi_RzoxwVAY9NjNzMTbyczbwtDLxN0DQs0LXyNDd9w5dA2k4aPM8wB8syczPS8I_KSyzLTE
) (3راجع الموقع اإللكتروني لوزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية ،خدمات:
http://www.mohe.gov.sa/ar/default.aspx
11
األنظمة والقرارات نوعٌ من أنواع اكتساب األخالق من خالل سلطة البلدية ،إذ إن هذه األنظمة
والقرارات تلزم البائعين باألخالق الكريمة ،والقيم الفاضلة والمعاملة الحسنة التي يعود نفعها
( )
على البائع والمشتري والمجتمع بأسره.
1ـ أنظمة األسواق التجارية ومحالت البيع والشراء
وروادها بآداب وأخالق وأنظمة
َّ ُتلزم وزارة التجارة البائعين والمحالت التجارية
وقرارات ،منها عدم الغش وعدم التالعب باألسعار وعدم االحتكار ،ومنها التعامل باألخالق
اإلسالمية والقيم اإلنسانية الفاضلة ،والمؤمن الصادق هو الذي يعمل بهذه األنظمة والقرارات
( )
عبودية هلل وطاعة للمسؤولين من وزراء ووكالء ومديرين،
والخالصة أن األنظمة والقرارات كثيرة والقاعدة القانونية تقول( :ال ُيعذر أحد بجهل
األنظمة) ،وعلى هذا فالبد من البحث والسؤال ومتابعة الوسائل المتاحة حتى يعرف اإلنسان
األنظمة والقرارات ،وينفذها باحترام وتقدير؛ ديانة و طاعة هلل ولرسوله
إن السمع والطاعة لوالة األمر واحترام األنظمة الصادرة عنهم تحقق فوائد عديدة
وعظيمة للفرد والمجتمع ،نورد منها:
) (1راجع الموقع اإللكتروني لوزارة الشؤون البلدية والقروية في المملكة العربية السعودية ،األنظمة والتشريعات البيئية:
http://www.momra.gov.sa/
( )
راجع الموقع اإللكتروني لوزارة التجارة في المملكة العربية السعودية ،األنظمة واللوائح:
http://www.mci.gov.sa/Pages/default.aspx
12
ـ امتثال أمر هللا تعالى وابتدار طاعته ،فإن َمنْ أطاعهم بالمعروف فقد أطاع هللا ،قال
تعالى {:يَا أَيَُّهَا الََّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرََّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ .) ( }...
ـ تنظيم أمور الدولة وتحقيق مصالح العباد في المعاش ،يقول الحافظ بن رجب " :أما السمع
والطاعة لوالة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا ،وبها تنظيم مصالح العباد في معاشهم ،وبها
يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم"( ).
ـ حقن الدماء وعموم األمن واالستقرار في ربوع الدولة اإلسالمية ،قال ابن حجر رحمه هللا:
" ...وأن طاعته خير من الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء"( ).
4ـ ظهور األمة المسلمة بمظهر الهيبة والقوة والرهبة أمام األعداء ،وحصول االجتماع
واالئتالف واتحاد الكلمة والتماسك بين أفراد األمة ،يقول الشيخ محمد صالح العثيمين " :إن من
تمام االجتماع السمع والطاعة لوالة األمر بامتثال ما أمروا به وترك ما نهوا عنه" (.)4
ـ فتح الباب واسعا لشتى الجرائم من سفك للدماء ،وقطع للطرق ،وغير ذلك.
هناك عدد من األنظمة التي أصدرتها الدولة؛ لتنظيم جوانب معينة؛ كأنظمة الموظفين،
واألنظمة المالية والتجارية ،والتعليمية ،والخدمية ،واألحوال المدنية والجنسية ،والتقاعد
والتأمينات ،واألنظمة المرورية ،ونحو ذلك ،وهي التي وضعت بما ال يتعارض مع قواعد
الشريعة؛ فينبغي على الكافة احترامها ،وبث روح الوعي لدى المجتمع في تنفيذها طاعة وديانة،
13
يقول الشيخ ابن باز " :ال يجوز ألي مسلم أو غير مسلم أن يخالف أنظمة الدولة في شأن
المرور؛ لما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى غيره ،والدولة وفقها هللا إنما وضعت ذلك
حرصا منها على مصلحة الجميع ،ودفع الضرر عن المسلمين ،فال يجوز ألي أحد أن يخالف
ذلك "( ).
يقول الشيخ محمد صالح العثيمين ":ال يجوز قطع اإلشارة؛ ألن هللا تعالى قال {:يَا أَيَُّهَا
الََّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرََّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ .) ( }...ووالة األمر إذا وضعوا
عالمات تقول لإلنسان :قف ،وعالمات تقول لإلنسان :سر ،فهذه اإلشارات بمنزلة القول ،يعني:
كأن ولي األمر يقول لك :قف ،أو يقول :سر ،وولي األمر واجب الطاعة ،وال فرق بين أن تكون
الخطوط األخرى خالية أو فيها من يحتاج إلى أن يفتح له الخط .ويقول أيضا ً في شأن تنظيم
السرعة المرورية " :السرعة المقيدة عند الجهات المختصة ،األصل أنه يجب على اإلنسان أن
يتقيد بها؛ ألنها أوامر ولي األمر ،وقد قال هللا تعالى {:يَا أَيَُّهَا الََّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرََّسُولَ
كما أفتى الشيخ ابن جبرين بحرمة مخالفة أنظمة المرور واللوائح التي وضعت لتنظيم
السير ،وتالفي الحوادث ( ).
وقرر مجمع الفقه اإلسالمي بوجوب االلتزام بأنظمة المرور ،والمنع من مخالفتها .كما جاء
أيضا ً في فتوى اللجنة الدائمة وجوب االلتزام باألنظمة المرورية،س التي ال تخالف أحكام
الشريعة؛ لما في االلتزام بها من طاعة ولي األمر فيما ينظمه من إجراءات حفظا ً لمقصود
الشرع في األنفس واألموال ( ).
14