You are on page 1of 14

‫جامعة القصيم‬

‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‬


‫قسم الدعوة والثقافة اإلسالمية‬

‫النظــام الســياسي فـي اإلســــــــــالم‬

‫(سلم ‪)401‬‬
‫أركـــان الدولة اإلســـــالمية‬
‫الركن الرابع ‪ :‬أولو األمر‬
‫حقوق اإلمام ‪ :‬الطاعة‬
‫مذكرة تكميلية بعنوان‪:‬‬
‫احترام األنظمة والقرارات ‪ ....‬المملكة العربية السعودية‬
‫أنموذجا‬

‫‪1‬‬
‫مدخل‪:‬‬
‫تتميز المملكة العربية السعودية بميزة مهمة وأساسية وهي استمداد أنظمتها من الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وتطبيق أحكامها على المجتمع‪ ،‬وقد حرص والة األمر منذ نشأة هذه الدولة على‬
‫التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‪ ،‬وبناء األنظمة والقرارات على هديهما‪،‬‬
‫وتأسيسها على منهجهما‪ ،‬وما جاء فيهما من عقائد‪ ،‬وعبادات‪ ،‬ومعامالت‪ ،‬وآداب وأخالق‪.‬‬
‫وهذه مذكرة تكميلية لبيانٌ عبادة من العبادات‪ ،‬وقُرْ بة من القُرُ بات‪ ،‬وهي طاعة والة‬
‫األمر‪ ،‬وما يصدر عنهم من أنظمة وقرارات‪ ،‬في شتى مجاالت الحياة ‪ :‬كاألمن والتعليم‬
‫والصحة والمرور واآلداب والقيم وغيرها‪ ،‬بضوابط الطاعة‪ ،‬وبحدود المسؤولية‪ ،‬وسيكون‬
‫الكالم على ذلك من خالل العناصر التالية‪:‬‬

‫اوال ‪ :‬مفهوم األنظمة وأهميتها‬

‫األنظمة هي‪ :‬تلك القواعد العامة التي تنظم عالقة أي دولة بمواطنيها أو عالقتها مع الدول‬
‫أو هي مجموعة من القواعد واالحكام التي تنظم‬ ‫األخرى أو عالقة المواطنين فيما بينهم‬
‫‪.‬‬ ‫( )‬
‫جانبا ً من جوانب الحياة اإل نسانية ويصطلح المجتمع على وجوب احترامها وتنفيذها‬
‫فاألنظمة والقرارات تقوم بمخاطبة جميع المعنيين بها‪ ،‬فمثالً قواعد التوظيف تعني كل مواطن‬
‫يرغب االلتحاق بالوظيفة العامة‪ ،‬إذا توافرات فيه ضوابط وشروط التعيين‪ ،‬وقواعد االلتحاق‬
‫بالجامعات السعودية تعني كل شاب سعودي يرغب االلتحاق بأي من الجامعات السعودية‪ ،‬ممن‬
‫تتوافر فيه شروط ومعدالت القبول‪ ،‬و كذلك قواعد حظر إلقاء المخلفات في الطرقات واألماكن‬
‫ُيعنى بها كل مواطن أو مقيم‪.‬‬
‫وتظهرأهمية األنظمة كونها تضبط حياة الناس‪ ،‬وتنظم معامالتهم‪ ،‬وتمنحهم حقوقهم‪،‬‬
‫وتبين ما عليهم من الواجبات‪.‬‬

‫والنظام هو أساس هذا الكون‪ ،‬فاهلل ‪ ‬خلق هذا الكون بميزان‪ ،‬قال تعالى‪ { :‬وَالسََّمَاءَ‬

‫رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ } ( ) ‪ .‬والميزان في هذه اآلية من الموازنة بمعنى العدل والنظام‪ ،‬قال ابن‬

‫عاشور‪ " :‬الوزن تقدير تعادل األشياء وضبط مقادير ثقلها‪ ...‬والميزان هنا مرا ٌد به العدل‪...‬‬

‫)‪ (1‬انظر ‪ ،‬النظام االقتصادي في االسالم ص ‪، 12‬المدخل لدراسة العلوم القانونية ص‪5‬‬
‫)‪ (2‬سورة الرحمن اآلية ‪.) 7 ( :‬‬

‫‪2‬‬
‫الخ ْلق"( )‪ ،‬فالسماء واألرض وما بينهما كالشمس‬
‫فاهلل وضع الميزان‪ ،‬أي عينه إلقامة نظام َ‬
‫والقمر والهواء والماء وغيرها قائمة على وزن دقيق‪ ،‬وتقدير مناسب‪ ،‬ونظام ُم ْتقن‪.‬‬
‫وكذلك ال تقوم حياة الناس إال بميزان ونظام‪ ،‬وتاريخ البشرية يحمل في طياته أسباب‬
‫نهوض الدول وسقوطها‪ ،‬وأبرزها النظام والفوضى‪ ،‬فإذا ساد النظام نهضت الدول‪ ،‬وتطورت‪،‬‬
‫وازدهرت‪ ،‬وإذا حلت الفوضى سقطت الدول‪ ،‬وزالت حضارتها‪ ،‬فالنظام مطلب ضروري ألي‬
‫مجتمع بشري‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫الناس فَوضى ال َسراةَ لَهُم **** َوال َسراةَ ِإذا ُجهّالُهُم سادوا ( )‪.‬‬
‫ال َيصلُ ُح ُ‬

‫ثانيا‪ :‬البنيان النظامي في المملكة‪:‬‬

‫البنيان النظامي في المملكة‬

‫أحكام‬
‫الشريعة‬
‫اإلسالمية‬

‫النظام األساسي للحكم‬

‫األنظمة العادية‬

‫األنظمة الفرعية‬

‫أكد النظام األساسي للحكم فى المملكة على أهمية الشريعة اإلسالمية كمصدر لألنظمة األساسية‬
‫والعادية والفرعية حيث نصت المادة السابعة من هذا النظام على أن "يستمد الحكم في المملكة‬

‫)‪ (1‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪،‬ج‪،27‬ص‪ 237‬بتصرف يسير‪.‬‬


‫لصالءة بن عمرو‪ ،‬وهو شاعر جاهلي‪ ،‬ويُس ّمى (األفوه األودي) لغلظة شفتيه‪ ،‬وكان سيداً من سادات‬ ‫(‪ )2‬البيت َ‬
‫بني أود من مذحج في اليمن‪ .‬انظر‪ :‬ابن قتيبة‪ ،‬الشعر والشعراء ص ‪ .04‬يقصد بقوله "السراة لهم "السراة من‬
‫كل شيء أعاله‪ .‬وسراة الجبل قمته‪ .‬والشاعر كنـ ّى عن سراة القوم بالقادة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫العربية السعودية سلطته من كتاب اهلل تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع‬
‫أنظمة الدولة" ‪.‬‬

‫ولذلك تعتبر أحكام الشريعة اإلسالمية أعلى مصدر في المملكة وأسمى مصدر وبالتالي فال‬
‫يجوز للمصادر التالية له في المرتبة كاألنظمة األساسية للحكم مثل نظام مجلس الوزراء‬

‫ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق وأيضا األنظمة العادية التى تصدرها السلطة التنظيمية أو‬
‫األنظمة الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية ‪ ،‬مخالفة أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫وأحكام الشريعة اإلسالمية السمحة قد جاءت بقواعد عامة فى مسائل المعامالت كتحريم الغش‬
‫والتدلي س ومنع التعامل بالربا ووجوب الوفاء بالعقود ‪ ،‬إال أن تفصيل هذه القواعد وتنظيم النوازل‬
‫قد تُرك لولي األمر وفقا لما تمليه مقتضيات المصلحة العامة حيث إن تصرف اإلمام على‬
‫الرعية منوط بالمصلحة‪ ،‬لذلك فإن من أوسع أبواب السياسة الشرعية تقنين ما تحتاج إليه األمة‬
‫من أنظمة عادية وتنفيذية لتنظيم شئون حياتها فيما سكتت عنه الشريعة‪.‬‬

‫ومما تقدم يتضح لنا أن البناء الحاكم لألنظمة فى المملكة العربية السعودية يتكون مما يلي ‪:‬‬

‫‪ ‬أحكام الشريعة اإلسالمية‬


‫‪ ‬النظام األساسي للحكم‬
‫‪ ‬األنظمة العادية‬
‫‪ ‬األنظمة الفرعية‬

‫وسوف نتناول بعد تلك المقدمة بيان هذه المصادر ومكوناتها ثم نبين عالقة هذا بمبدأ المشروعية‬
‫الذي يحكم هذا البناء ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مصادر التشريع فى المملكة العربية السعودية‬

‫(‪ )1‬أحكام الشريعة اإلسالمية‬

‫‪1‬‬
‫أيمن سعد سليم وأخرين ‪ ،‬المدخل إلى دراسة األنظمة السعودية ‪ ،‬دار حافظ ‪ ،‬السعودية ‪ 1432 ،‬هـ ‪ ،‬ص‪.41‬‬

‫‪4‬‬
‫كما أشرنا فى المقدمة وطبقا لنص المادة السابعة من النظام األساسي للحكم تعد الشريعة‬
‫اإلسالمية المصدر األول واألساسي للتشريع فى المملكة‪ .‬وتستمد الشريعة اإلسالمية أحكامها من‬
‫القرآن الكريم ومن السنة النبوية الشريفة واجماع العلماء والقياس باإلضافة إلى بعض المصادر‬
‫األخرى ‪ ،‬مثل االستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع والعرف‪ .‬وهذه المصادر قد تكلم فيها‬
‫جميع العلماء ‪.‬‬

‫ولكن ما يعنينا من المصادر غير األصلية والتي لها عالقة بإصدار األنظمة هي المصالح‬
‫المرسلة فإنه من الضروري اإلشارة إلى المصالح المرسلة والتي تعتبر أحد المصادر المهمة‬
‫للتشريع ‪ .‬وتعرف المصالح المرسلة على أنها المصلحة التي لم ينص الشارع على اعتبارها أو‬
‫إلغائها ‪ ،‬وسميت مرسلة ألنها مطلقة لم تقيد بدليل اعتبار أو دليل إلغاء فلم ينط بها حكما‬
‫معينا‪.‬‬

‫وتعد المصالح المرسلة من المصادر التي يستند إليها أصحاب الشأن ووالة األمور من أجل إيجاد‬
‫األحكام الالزمة لمواجهة ظروف الحياة المتغيرة دون الخروج على مبادئ الشريعة اإلسالمية ‪،‬‬
‫كما يمكن العمل بها في الوقائع التي لم يرد في حكمها نص أو إجماع ‪ ،‬وذلك بإصدار األنظمة‬
‫الضرورية لكثير من الوقائع أو المستجدات التي لم يوجد لها دليل من الشارع يدل على االعتبار‬
‫أو اإللغاء ‪ ،‬وال يوجد لها أصل تقاس عليه ‪ ،‬وبذلك فإنها تعود على أفراد المجتمع بالمنفعة‬
‫المقصودة للشارع وتضمن سعادتهم في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫واستنادا إلى هذه المصالح المرسلة قامت المملكة العربية السعودية ممثلة بالسلطة التنظيمية‬
‫بسن العديد من األنظمة التي عالجت الكثير من الموضوعات التي تستند أساسا إلى مصالح‬
‫األفراد وتنظيم شئون أمورهم في جميع مناحي الحياة ‪ :‬السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ .‬فمن‬

‫‪1‬‬
‫عبد الوهاب خالف ‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬تحقيقه محمد أبو الخير السيد ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬القاهرة ‪2004 ،‬م ‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد سليمان االشقر ‪ ،‬الواضح في أصول الفقه ‪ ،‬دار النفائس ‪ ،‬االردن ‪ 1417 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫السلطة التنفيذية تتمثل في المملكة العربية السعودية في مجلس الوزراء الذى يرأسه الملك ‪ ،‬وهو يملك صالحية عمل السلطتين‬
‫التشريعية والتنفيذية‬

‫‪5‬‬
‫الناحية السياسية قامت بسن األنظمة األساسية المتعلقة بشئون الحكم في الدولة والسلطات‬
‫األساسية فيها ‪ ،‬وهو ما سوف نتناوله في الفقرة التالية‪.‬‬

‫ومن الناحية االقتصادية ‪ ،‬سنت األنظمة المتعلقة باألمور المالية والتجارية مثل االنظمة المتعلقة‬
‫بالشركات واألوراق التجارية والعالمات التجارية ‪،‬واألنظمة المتعلقة بالبنوك وغير ذلك كثير ‪.‬‬

‫أما من الناحية االجتماعية فقد قامت بوضع األنظمة المتعلقة باألحوال المدنية ‪ ،‬وأنظمة المرور‬
‫وأنظمة العمل والعمال والتأمينات االجتماعية واألنظمة المتعلقة بتقديم المعونات والمساعدات‬
‫والكثير من األنظمة األخرى المتعلقة بهذه الناحية‪.‬‬

‫(‪ )2‬النظام األساسي للحكم (الدستور)‬

‫يسمى النظام األساسي للحكم في األنظمة المقارنة ‪ ،‬بالدستور ‪ ،‬أو القانون األساسي ‪ ،‬ويقصد به‬
‫القواعد التي تتعلق وتتصل بحياة الدولة ومقومات المجتمع ‪ ،‬هذا ويعد النظام األساسي للحكم في‬
‫المملكة هو النظام األساسي فيها بعد أحكام الشريعة االسالمية وفى هذا النظام تم رسم الخطوط‬
‫هـ في مادته‬ ‫العامة العريضة للدولة ‪ ،‬وينص النظام األساسي للحكم الصادر فى عام‬
‫األولى "المملكة العربية السعودية دولة عربية إسالمية ذات سيادة تامة ‪ ،‬دينها اإلسالم‪ ،‬ودستورها‬
‫كتاب اهلل تعالى وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ‪،‬ولغتها هي اللغة العربية‪ ،‬وعاصمتها‬
‫مدينةالرياض " وتقضي المادة الخامسة من ذات النظام على أن " نظام الحكم فيها ملكي وأن‬
‫مصادر الحكم هو الكتاب والسنة " و يحدد الباب الثالث مقومات المجتمع السعودي وتربية أفراده‬
‫على أساس العقيدة اإلسالمية وما تقتضيه من الوالء والطاعة هلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وألولي األمر وتعزيز الوحدة الوطنية ومنع كل ما يؤدي للفرقة والفتنة واالنقسام‪.‬‬

‫(‪ )3‬األنظمة العادية (القانون أو النظام)‬

‫هي عبارة عن مجموعة القواعد النظامية التي تصدر عن السلطة التنظيمية ‪ ،‬المختصة أصال‬
‫بإصدارها ‪ ،‬استناداً إلى السلطة المخولة لها بموجب النظام األساسي للحكم ‪ ،‬وفقا لما جاء بنص‬

‫‪1‬‬
‫مثل النظام األساسي للحكم الصادر في ‪ 1412/8/27‬هـ ‪ ،‬ونظام مجلس الوزراء الصادر فى ‪ 1414/3/3‬هـ ‪ ،‬ونظام الشورى‬
‫الصادر في ‪ 1412/8/27‬هـ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أيمن سليم وآخرون ‪ ،‬المدخل إلى دراسة االنظمة السعودية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪6‬‬
‫المادة ‪ 76‬من هذا النظام ‪ ،‬وقد سبق وأن أوضحنا أن فكرة إصدار األنظمة في المملكة تستند‬
‫في أساسها إلى قاعدة المصالح المرسلة‪ .‬ولقد اقتضت المصلحة العامة ضرورة وضع الكثير من‬
‫هذه األنظمة لتسيير مصالح الدولة واألفراد بما ال يتعارض مع أحكام الشريعة اإلسالمية والنظام‬
‫األساسي للحكم على النحو السابق بيانه‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالمراحل التي يمر بها وضع النظام فهى ‪:‬‬

‫االقتراح ‪ :‬ويقصد به اقتراح مشروع النظام على السلطة صاحبة الحق في إصداره وطبقا للنظام‬
‫األساسي للحكم فإن االقتراح قد يكون من قبل أعضاء مجلس الوزراء أو أحدهم أو من أعضاء‬
‫مجلس الشورى أو أحدهم‪.‬‬

‫المناقشة والتصويت ‪ :‬تتم مناقشة االقتراحات المقدمة واذا كان له ضرورة يتم التصويت عليها‪.‬‬

‫التصديق ‪:‬إذا وافق مجلس الوزراء على مشروع النظام يرفع إلى رئاسة مجلس الوزراء للمصادقة‬
‫عليه ثم رفعه إلى المقام السامي للتصديق عليه‪.‬‬

‫إصدار النظام ‪ :‬موافقة الملك على النظام تعتبر بمثابة إصدار له ألن الملك هو رئيس مجلس‬
‫الوزراء‪.‬‬

‫النشر ‪:‬النشر هو الوسيلة المادية التي يتم من خاللها تمكين المخاطبين بالنظام(األفراد) من‬
‫االطالع عليه والعلم به والحقيقة أن النشر الزم لنفاذ النظام والنشر يكون في الجريدة الرسمية‬
‫للدولة وفقا للمادة ‪ 6‬من النظام وفى المملكة تعد جريدة أم القرى هي الجريدة الرسمية ‪.‬‬

‫(‪ )4‬األنظمة الفرعية((اللوائح))‬

‫هي عبارة عن مجموعة القواعد النظامية التي تصدر عن السلطة التنفيذية بما لها من سلطات‬
‫بمقتضى أحكام النظام األساسي للحكم ‪ ،‬حيث إنها تقوم بوضع السياسة العامة للدولة في جميع‬
‫المجاالت ووضع مشاريع األنظمة واللوائح واتخاذ الق اررات الالزمة لتطبيقها ‪ .‬وال تقوم السلطة‬
‫التنفيذية بهذه الوظيفة على سبيل االستثناء – على اعتبار أن إصدار األنظمة هو من‬
‫اختصاص السلطة التنظيمية– بل تقوم بسن هذه األنظمة الفرعية بموجب االختصاصات‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬خالد الرويس و د‪ .‬رزق الريس ‪ ،‬المدخل لدراسة العلوم القانونية ‪ ،‬ص‪.106‬‬

‫‪7‬‬
‫األصيلة لها في ذلك‪ .‬والعبرة في منح مثل هذه االختصاصات للسلطة التنفيذية ‪ ،‬هو قرب هذه‬
‫األخيرة من المسائل المتعلقة باألفراد واألقدر على التعامل مع واقعهم وتلبية احتياجاتهم‬
‫ومصالحهم‪ .‬والهدف من وراء سن هذه األنظمة الفرعية هو ‪ ،‬إما وضع األنظمة العادية موضع‬
‫التنفيذ ‪ ،‬بتوضيحها وبيان كيفية تطبيقها ‪ ،‬واما بتسيير المرافق العامة ‪ ،‬واما لغايات المحافظة‬
‫على أمن واستقرار المجتمع ‪.‬‬

‫وعلى الرغم من عدم صدور هذه القواعد عن السلطة التنظيمية إال أنها قواعد نظامية بالمعنى‬
‫الصحيح ‪ ،‬حيث تمتاز بالعمومية والتجريد ‪ ،‬عالوة على كونها ملزمة‪.‬‬

‫وتأتى هذه اللوائح في قاعدة الهرم النظامي من حيث تدرجها في القوة‪ ،‬وحتى تكون مثل األنظمة‬
‫نافذة وصحيحة ‪ ،‬يجب عدم مخالفتها لألنظمة األعلى منها ‪ ،‬أي لألنظمة العادية واألساسية‬
‫طبقا لمبدأ التدرج فى األنظمة ‪ ،‬واال كانت عرضة للطعن بعدم شرعيتها ‪.‬‬

‫وتقسم هذه اللوائح واألنظمة الفرعية إلى ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪-1‬اللوائح التنفيذية‬

‫وهى القواعد النظامية التي توضع من قبل السلطة التنفيذية بما لها من اختصاصات بموجب‬
‫النظام األساسي للحكم ‪ ،‬وذلك من أجل تفصيل أحكام النظام العادي وامكانية تطبيقه على‬
‫أرض الواقع ‪ ،‬األمر الذي يساعد في تسهيل تنفيذ األنظمة العادية الصادرة عن السلطة‬
‫التنظيمية‪.‬‬

‫‪-2‬اللوائح التنظيمية‬

‫وهى أيضا القواعد النظامية التي توضع من قبل السلطة التنفيذية لتسيير وترتيب وتنظيم‬
‫المرافق العامة واإلدارات الحكومية ‪ ،‬وهذه القواعد تضعها الدولة في إطار اختصاصها‬
‫التنظيمي بالنظر إلى كونها هي التي تتولى تسيير المرافق العامة‪.‬‬

‫‪-3‬اللوائح الضبطية‬

‫‪1‬‬
‫وتمنح الدساتير عادة بعض الصالحيات للسلطة التنفيذية من أجل تنفيذ القوانين واألنظمة واإلشراف على أعمال كل أجهزة الدولة من‬
‫إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية من دون استثناء‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫هي القواعد الموضوعة من قبل السلطة التنفيذية والالزمة للمحافظة على األمن العام‬
‫وتوفير السكينة العامة والصحة العامة بهدف ضمان استقرار المجتمع وأمنه‪.‬‬

‫فى النهاية إشارة إلى األوامر التي تصدر من الملك وخصائص كل واحد منها‪:‬‬

‫فما يصدر من الملك إما أن يسمى أم ار ملكيا أو مرسوما ملكيا أو أم ار ساميا أو توجيها ملكيا ‪،‬‬
‫وبيانها كما يلي ‪:‬‬

‫األمر الملكي ‪ :‬وهو قرار مكتوب في شكل محدد يحمل توقيع الملك بوصفه ملك المملكة‬

‫العربية السعودية ‪ ،‬ويصدر بتوجيه شخصي من الملك في موضوع لم يسبق عرضه على مجلس‬
‫الشورى أو مجلس الوزراء كتعيين ولى العهد والوزراء والسفراء‪.‬‬

‫المرسوم الملكي ‪ :‬وهو قرار يحمل مواصفات األمر الملكي ‪ ،‬ويحمل توقيع الملك بوصفه‬

‫رئيسا لمجلس الوزراء ‪ ،‬فهو بهذا يكون في موضوع سبق بحثه فى مجلس الشورى أو مجلس‬
‫الوزراء وتمت الموافقة عليه ‪ ،‬كالموافقة على إصدار األنظمة واالتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫األمر السامي ‪ :‬قرار مكتوب ليس له شكل محدد ‪ ،‬يحمل توقيع الملك بوصفه رئيسا لمجلس‬

‫الوزراء ‪ ،‬ويمكن أن يصدر من النائب األول أو الثاني‪.‬‬

‫التوجيه الملكي ‪ :‬قرار من الملك يتم توجيهه من أجل متابعة أمر معين ‪ ،‬وليس له شكل محدد‬

‫ويكون في الغالب شفهيا ويبلغ كتابيا عن طريق ديون رئاسة الوزراء‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مراعاة مبدأ المشروعية فى إصدار األنظمة‪:‬‬

‫هذا التدرج في األنظمة يستلزم احترام النظام األدنى لألعلى منه طبقا لمبدأ التدرج المشار إليه‬
‫في صدر هذا الموضوع ومن هنا فإنه يجب على األنظمة الفرعية عدم مخالفة األنظمة العادية‬
‫وفى حالة المخالفة توصم بعدم المشروعية ويمكن الطعن عليها ‪ ،‬كما أن األنظمة العادية وحسب‬
‫الجهة التي تصدرها سواء مجلس الوزراء أو مجلس الشورى يجب أن تلتزم بالمبادئ العامة‬
‫الواردة في أنظمة الحكم بأنواعها التي سبقت اإلشارة إليها باعتبارها النظام األساسي في الدولة‬
‫ودستورها وبناء عليه اذا أتى النظام العادي مخالفا لألنظمة األساسية فإنه يوصم بعدم المشروعية‬

‫‪9‬‬
‫ويمكن الطعن عليه أمام الجهات القضائية ذات االختصاص وفى النهاية فإن كال من األنظمة‬
‫األساسية والعادية والفرعية يجب أال تخالف أحكام الشريعة اإلسالمية باعتبارها هي الحاكمة لكل‬
‫األمور في المملكة وهى الدستور الرسمي للدولة ومصدر التشريع األساسي‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬وجوب االلتزام باألنظمة والقرارات‬

‫ال شك أن الدولة بإداراتها المختلفة ـ من أجل تنظيم شؤونها ـ تصدر الكثير من األنظمة‬
‫والقرارات‪ ،‬وهذه األنظمة والقرارات يجب االلتزام بها ديانة‪ ،‬وينبغي على المجتمع التقيد بها‬
‫وجعلها سلوكا أخالقيا في حياته ‪ .‬وقد دل على وجوب االلتزام باألنظمة النصوص الشرعية‬

‫اآلمرة بوجوب طاعة ولي األمر‪ ،‬في غير معصية ‪ ،‬يقول النبي ــ ‪ (  :‬السمع‬
‫والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره‪ ،‬ما لم يؤمر بمعصية‪ ،‬فإذا أمر‬
‫بمعصية؛ فال سمع وال طاعة )( )‪ .‬وسنذكر نماذج وصور لالنظمة والقررات التي ينبغي‬
‫احترامها ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬السلطة المختصة بوضع االنظمة ‪:‬‬

‫ُتعد السلطة التنظيمية أهم مظاهر سيادة الدولة وبها يتحدد منهج الدولة ومسلكها العام وسياستها‬
‫في رعاية الحقوق والمصالح ‪ .‬وقد جاء النظام االساسي للحكم بتحديد أهم المعالم الرئيسية‬
‫للسلطة التنظيمية‪ ،‬وجعل لها االختصاص بسن االنظمة واللوائح مع تحديد هدفها والمرجعية‬
‫التي تتقيد بها وتستند اليها ‪ ،‬فحدد هدفها في جلب المصالح ودرء المفاسد في شؤون الدولة ‪،‬‬
‫وقيدها بمرجعية واحدة ال تتعداها والتتخطاها وهي أحكام الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬وقد جاء في‬
‫النظام األساسي للحكم على أن " تختص السلطلة التنظيمية بوضع األنظمة واللواائح فيما يحقق‬
‫المصلحة أويرفع المفسدة في شؤون الدولة وفقا ً لقواعد الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬وتمارس‬

‫)‪ (1‬أخرجه الشيخان‪ .‬انظر‪ :‬البخاري‪ ،‬رقم ( ‪ ،) 2955‬مسلم‪ ،‬رقم ( ‪.) 1839‬‬

‫‪10‬‬
‫رابعا‪ :‬صور من االلتزام باألنظمة والقرارات ‪:‬‬
‫‪ 4‬ـ أنظمة الشرطة والمرور‬
‫ُ‬
‫قوت‬ ‫قال رسول هللا ‪َ ( :‬من أصبح آمنا في سِ ْر ِبه‪ُ ،‬معافى في جسده‪ ،‬عنده‬
‫ت له الدُّنيا بح َذافِيرها )( ) ‪ ،‬وعلى هذا فالمحافظة على األمن واجب‬ ‫يومه‪ ،‬فكأنما ح َ‬
‫ِيز ْ‬
‫الجميع‪ ،‬واحترام أنظمة الشرطة والمرور في اآلداب واألخالق والمعامالت واجبة على الجميع‪،‬‬
‫فال يجوز ـ شرعا ً وخلقا ً ـ اإلخالل باألمن‪ ،‬وال القتل‪ ،‬وال إتالف الممتلكات الخاصة والعامة‪،‬‬
‫كما ال يجوز قطع اإلشارة‪ ،‬وال إيقاف السيارة في مكان ممنوع‪ ،‬وال إلقاء النفايات من نوافذ‬
‫( )‬
‫السيارات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أنظمة وزارة التعليم العالي والجامعات‬
‫ض َعت وزارة التعليم العالي والجامعات أنظمة‪ ،‬وأَصْ درت قرارات يتر َّتب على فعلها‬
‫َو َ‬
‫مصالح‪ ،‬و َي ْنشأ عن تركها مفاسد‪ ،‬فاألستاذ والطالب والموظف والزائر مطالبون بالتقيُّد بهذه‬
‫األنظمة‪ ،‬وقد س َّنت الجامعات أنظمة ُت ِ‬
‫لزم هؤالء بالمعاملة الحسنة المنبثقة من األخالق اإلسالمية‬
‫الحميدة‪ ،‬ومن خاللها يُطبِّقون األنظمة والقرارات ويلتزمون بها‪ ،‬حتى َت َرسَّخ لديهم قناعات‪ ،‬بأنَّ‬
‫ما يفعلونه هو من صميم دينهم الحنيف‪ ،‬الذي يتقربون به إلى هللا‪ ،‬فنظام االختبارات‪ ،‬ونظام‬
‫( )‬
‫التدريس‪ ،‬ونظام شؤون الطالب يجب التزامها دِينيا ً ‪.‬‬
‫ـ أنظمة البلدية في التخطيط والنظافة والصحة‬
‫تتولى أمانات المناطق وبلدياتها مهاما ً كثيرة‪ ،‬وتراقب المحالت التجارية المتعلقة بصحة‬
‫الناس ونظافتهم‪ ،‬و ُتصدر أنظمة وقرارات تصُب في مصلحة الناس‪ ،‬مثل مراعاة الجيران في‬
‫البناء والنوافذ‪ ،‬وعدم التعدي على أراضي اآلخرين‪ ،‬وعدم اإلضرار بالناس‪ ،‬ومراعاة أصول‬
‫المهنة وآدابها في النظافة والصحة‪ ،‬والواجب تنفيذ أنظمة البلدية وتطبيق قراراتها‪ ،‬واعتبار‬
‫التنفيذ والتطبيق طاعة لولي األمر وعبادة يتقرَّ بُ بها اإلنسان إلى ربه‪ ،‬كما أنَّ التزام هذه‬

‫)‪ (1‬أخرجه الترمذي‪ ،‬رقم ( ‪ ،) 2246‬وقال‪ :‬حديث حسن غريب‪ .‬وحسنه األلباني في صحيح الترغيب‬
‫والترهيب‪ ،‬رقم ( ‪.) 833‬‬
‫)‪ (2‬راجع الموقع اإللكتروني لوزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية‪ ،‬أنظمة وتعليمات‪:‬‬

‫‪0MtSP0NDE3QwMDQ7_Sj04/1http://www.moi.gov.sa/wps/portal/moi/moihome/diwan/!ut/p/b‬‬
‫‪/!aNkM3IMTi_RzoxwVAY9NjNzMTbyczbwtDLxN0DQs0LXyNDd9w5dA2k4aPM8wB8syczPS8I_KSyzLTE‬‬
‫)‪ (3‬راجع الموقع اإللكتروني لوزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية‪ ،‬خدمات‪:‬‬

‫‪http://www.mohe.gov.sa/ar/default.aspx‬‬

‫‪11‬‬
‫األنظمة والقرارات نوعٌ من أنواع اكتساب األخالق من خالل سلطة البلدية‪ ،‬إذ إن هذه األنظمة‬
‫والقرارات تلزم البائعين باألخالق الكريمة‪ ،‬والقيم الفاضلة والمعاملة الحسنة التي يعود نفعها‬
‫( )‬
‫على البائع والمشتري والمجتمع بأسره‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أنظمة األسواق التجارية ومحالت البيع والشراء‬
‫وروادها بآداب وأخالق وأنظمة‬
‫َّ‬ ‫ُتلزم وزارة التجارة البائعين والمحالت التجارية‬
‫وقرارات‪ ،‬منها عدم الغش وعدم التالعب باألسعار وعدم االحتكار‪ ،‬ومنها التعامل باألخالق‬
‫اإلسالمية والقيم اإلنسانية الفاضلة‪ ،‬والمؤمن الصادق هو الذي يعمل بهذه األنظمة والقرارات‬
‫( )‬
‫عبودية هلل وطاعة للمسؤولين من وزراء ووكالء ومديرين‪،‬‬
‫والخالصة أن األنظمة والقرارات كثيرة والقاعدة القانونية تقول‪( :‬ال ُيعذر أحد بجهل‬
‫األنظمة)‪ ،‬وعلى هذا فالبد من البحث والسؤال ومتابعة الوسائل المتاحة حتى يعرف اإلنسان‬
‫األنظمة والقرارات‪ ،‬وينفذها باحترام وتقدير؛ ديانة و طاعة هلل ولرسوله‬

‫خامسا‪ :‬المصالح المترتبة على االلتزام باألنظمة والقرارات‬

‫إن السمع والطاعة لوالة األمر واحترام األنظمة الصادرة عنهم تحقق فوائد عديدة‬
‫وعظيمة للفرد والمجتمع‪ ،‬نورد منها‪:‬‬

‫)‪ (1‬راجع الموقع اإللكتروني لوزارة الشؤون البلدية والقروية في المملكة العربية السعودية‪ ،‬األنظمة والتشريعات البيئية‪:‬‬

‫‪http://www.momra.gov.sa/‬‬
‫( )‬
‫راجع الموقع اإللكتروني لوزارة التجارة في المملكة العربية السعودية‪ ،‬األنظمة واللوائح‪:‬‬

‫‪http://www.mci.gov.sa/Pages/default.aspx‬‬

‫‪12‬‬
‫ـ امتثال أمر هللا تعالى وابتدار طاعته‪ ،‬فإن َمنْ أطاعهم بالمعروف فقد أطاع هللا‪ ،‬قال‬

‫تعالى‪ {:‬يَا أَيَُّهَا الََّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرََّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ‪.) ( }...‬‬

‫ـ تنظيم أمور الدولة وتحقيق مصالح العباد في المعاش‪ ،‬يقول الحافظ بن رجب‪ " :‬أما السمع‬
‫والطاعة لوالة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا‪ ،‬وبها تنظيم مصالح العباد في معاشهم‪ ،‬وبها‬
‫يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم"( )‪.‬‬

‫ـ حقن الدماء وعموم األمن واالستقرار في ربوع الدولة اإلسالمية‪ ،‬قال ابن حجر رحمه هللا‪:‬‬
‫"‪ ...‬وأن طاعته خير من الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء"( )‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ ظهور األمة المسلمة بمظهر الهيبة والقوة والرهبة أمام األعداء‪ ،‬وحصول االجتماع‬
‫واالئتالف واتحاد الكلمة والتماسك بين أفراد األمة‪ ،‬يقول الشيخ محمد صالح العثيمين‪ " :‬إن من‬
‫تمام االجتماع السمع والطاعة لوالة األمر بامتثال ما أمروا به وترك ما نهوا عنه" (‪.)4‬‬

‫سادسا‪ :‬المفاسد المترتبة على مخالفة األنظمة والقرارات‬

‫ـ عصيان هلل جل وعال‪ ،‬ومخالفة ألمره سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫ـ تمزيق وحدة األمة‪ ،‬وتهديد أمنها‪ ،‬واستقراها اجتماعيا ً واقتصاديا ً‪.‬‬

‫ـ فتح الباب واسعا لشتى الجرائم من سفك للدماء‪ ،‬وقطع للطرق‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬موقف العلماء والمجامع الفقهية من احترام األنظمة‬

‫هناك عدد من األنظمة التي أصدرتها الدولة؛ لتنظيم جوانب معينة؛ كأنظمة الموظفين‪،‬‬
‫واألنظمة المالية والتجارية‪ ،‬والتعليمية‪ ،‬والخدمية‪ ،‬واألحوال المدنية والجنسية‪ ،‬والتقاعد‬
‫والتأمينات‪ ،‬واألنظمة المرورية‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وهي التي وضعت بما ال يتعارض مع قواعد‬
‫الشريعة؛ فينبغي على الكافة احترامها‪ ،‬وبث روح الوعي لدى المجتمع في تنفيذها طاعة وديانة‪،‬‬

‫)‪ (1‬سورة النساء اآلية ( ‪.) 59‬‬


‫)‪ (2‬ابن رجب‪ ،‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬ج‪،2‬ص‪.117‬‬
‫)‪ (3‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،13‬ص ‪.7‬‬
‫)‪ (4‬الشيخ ابن عثيمين‪ ،‬شرح األصول الستة‪ ،‬ص ‪ 158‬ـ ‪.162‬‬

‫‪13‬‬
‫يقول الشيخ ابن باز‪ " :‬ال يجوز ألي مسلم أو غير مسلم أن يخالف أنظمة الدولة في شأن‬
‫المرور؛ لما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى غيره‪ ،‬والدولة وفقها هللا إنما وضعت ذلك‬
‫حرصا منها على مصلحة الجميع‪ ،‬ودفع الضرر عن المسلمين‪ ،‬فال يجوز ألي أحد أن يخالف‬
‫ذلك "( )‪.‬‬

‫يقول الشيخ محمد صالح العثيمين‪ ":‬ال يجوز قطع اإلشارة؛ ألن هللا تعالى قال‪ {:‬يَا أَيَُّهَا‬

‫الََّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرََّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ‪ .) ( }...‬ووالة األمر إذا وضعوا‬

‫عالمات تقول لإلنسان‪ :‬قف‪ ،‬وعالمات تقول لإلنسان‪ :‬سر‪ ،‬فهذه اإلشارات بمنزلة القول‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫كأن ولي األمر يقول لك‪ :‬قف‪ ،‬أو يقول‪ :‬سر‪ ،‬وولي األمر واجب الطاعة‪ ،‬وال فرق بين أن تكون‬
‫الخطوط األخرى خالية أو فيها من يحتاج إلى أن يفتح له الخط‪ .‬ويقول أيضا ً في شأن تنظيم‬
‫السرعة المرورية‪ " :‬السرعة المقيدة عند الجهات المختصة‪ ،‬األصل أنه يجب على اإلنسان أن‬

‫يتقيد بها؛ ألنها أوامر ولي األمر‪ ،‬وقد قال هللا تعالى ‪ {:‬يَا أَيَُّهَا الََّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرََّسُولَ‬

‫وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ‪.)4(" ) ( }...‬‬

‫كما أفتى الشيخ ابن جبرين بحرمة مخالفة أنظمة المرور واللوائح التي وضعت لتنظيم‬
‫السير‪ ،‬وتالفي الحوادث ( )‪.‬‬

‫وقرر مجمع الفقه اإلسالمي بوجوب االلتزام بأنظمة المرور‪ ،‬والمنع من مخالفتها‪ .‬كما جاء‬
‫أيضا ً في فتوى اللجنة الدائمة وجوب االلتزام باألنظمة المرورية‪،‬س التي ال تخالف أحكام‬
‫الشريعة؛ لما في االلتزام بها من طاعة ولي األمر فيما ينظمه من إجراءات حفظا ً لمقصود‬
‫الشرع في األنفس واألموال ( )‪.‬‬

‫)‪ (1‬الشخ ابن باز‪ ،‬فتاوى إسالمية‪ ،‬ج‪،4‬ص ‪.536‬‬


‫)‪ (2‬سورة النساء اآلية ‪.) 59 ( :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء اآلية ‪.) 59 (:‬‬
‫)‪ (4‬ابن عثيمين‪ ،‬فتاوي وتوجيهات في اإلجازة والرحالت‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫)‪ (5‬انظر‪ :‬مجلة الدعوة‪.1625،‬‬
‫)‪ (6‬انظر‪ :‬مجلة البحوث اإلسالمية‪ ،‬العدد ( ‪ ،) 26‬ص‪.) 66،65‬‬

‫‪14‬‬

You might also like