Professional Documents
Culture Documents
سبقت الشريعة اإلسالمية شرائع كثيرة ،منه ا المنزل ة من عن د هللا وه ذه هي الش رائع اإللهي ة أو الس ماوية ،و منه ا
الموضوعة من قبل البشر وهذه هي الشرائع الوضعية .و هنا نريد أن نبين وج ه العالق ة بين الش ريعة اإلس المية بالش رائع
السماوية.
الشرائع السماوية كث يرة ،إذ لم تخ ل أم ة ق ط من رس ول أرس له هللا إليه ا يبلغه ا تش ريعه و أحكام ه .وجمي ع ه ذه
الشرائع اإلهية تتفق و تش ابه في أص ول ال دين و أم ور العقي دة مث ل اإلم ان باهلل تع الى و إف راده بالعب ادة ،واإلخالص ل ه
بالعمل ،واإليمان باليوم الآلخر واالستعداد له بالعمل الصالح ،و نبذ الشرك .قال هللا تعالى (( :ولقد بعثنا في كل أمة رسوال
أن اعب دوا هللا واجتنب وا الط اغوت)) س ورة النخ ل .36 :فالش رائع الس ماوية واح دة في مص درها وفي أص ول العقي دة و
مقاصد التشريع العامة ،ولكنها تختل ف في األحك ام العملي ة و التفص يالت الجزئي ة المنظم ة لعالق ات األف راد بخ القهم ،أو
بعالقتهم فيما بينهم ،قال هللا تعالى (( :لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا)) سورة المائدة.48 :
وما الشريعة إال الفرائض والحدود واألمر والنهي ،كم ا روى ابن جري ر الط بري عن قت ادة ،أي األحك ام العملي ة
المنظمة لشؤون األفراد .و هذه األحكام هي التي قد يرد عليه النسخ فينسخ الحقها سابقها ،وقد يبقى الحكم نفسه بال نسخ في
الشريعة الالحقة كالقصاص كان في الشريعة التوراة وبقي في شريعة القرآن.
وعلى ضوء ما تقدم نستطيع أن نجمل أوجه العالقة بين الشريعة اإلسالمية و غيرها من الشرائع السماوية الس ابقة
مما يلي :
أوال ،وحدة المصدر :فجميع الشرائع السماوية ومنها اإلسالمية مصدرها واحد هو هللا تعالى فهو من ّزلها ومشرّع أحكامها،
وما وظيفة الرّسل إالّ القيام بتبليغها إلى النّاس.
ثانيا ،وحدة األصول والمقاص د :جمي ع الش رائع الس ماوية متش ابهة في ال دعوة إلى أص ول العقي دة ومتش ابهة في مقاص د
التشريع العامة.
ثالثا ،الشريعة اإلسالمية ناسخة لما قبلها :الشريعة اإلسالميّة باعتبارها خاتمة ال ّشرائع فهي ناسجة لما سبقها ،وهي وحدها
دون غيرها واجبة االتّباع.
رابعا ،فال ّشرائع السّماوية واحدة في مص درها وفي أص ول العقي دة ومقاص د التش ريع العام ة ،ولكنه ا تختل ف في األحك ام
العملية و التفصيالت الجزئية المنظمة لعالقات األفراد بخالقهم ،أو بعالقاتهم فيما بينهمّ .
إن األحكام الموجودة في الش ريعة
اإلسالمية كلّها قائمة على الوحي اإللهي إلى رسوله مح ّمد صلى هللا عليه وسلّم و ليست مأخوذة من الشرائع السابقة.
إن أحكام ال ّشرائع السّابقة الّتي أشار إليها القرآن أو ال ّسنّة دون إنكار أو إقرار ولم يقم دليل على نس خها في حقّن ا ال
خامساّ ،
تعتبر تشريعا لنا وال جزءا من الشريعة اإلسالمية ،وهذى على رأي جمهور الفقهاء ،و ذهب البعض إلى أنّها تعت بر ج زءا
من شريعتنا .والرأي األول هو الراجح.