You are on page 1of 1

‫]ال ّ‬

‫شريعة اإلسالم ّية[‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‬

‫سبقت الشريعة اإلسالمية شرائع كثيرة‪ ،‬منه ا المنزل ة من عن د هللا وه ذه هي الش رائع اإللهي ة أو الس ماوية‪ ،‬و منه ا‬
‫الموضوعة من قبل البشر وهذه هي الشرائع الوضعية‪ .‬و هنا نريد أن نبين وج ه العالق ة بين الش ريعة اإلس المية بالش رائع‬
‫السماوية‪.‬‬
‫الشرائع السماوية كث يرة‪ ،‬إذ لم تخ ل أم ة ق ط من رس ول أرس له هللا إليه ا يبلغه ا تش ريعه و أحكام ه‪ .‬وجمي ع ه ذه‬
‫الشرائع اإلهية تتفق و تش ابه في أص ول ال دين و أم ور العقي دة مث ل اإلم ان باهلل تع الى و إف راده بالعب ادة‪ ،‬واإلخالص ل ه‬
‫بالعمل‪ ،‬واإليمان باليوم الآلخر واالستعداد له بالعمل الصالح‪ ،‬و نبذ الشرك‪ .‬قال هللا تعالى ‪(( :‬ولقد بعثنا في كل أمة رسوال‬
‫أن اعب دوا هللا واجتنب وا الط اغوت)) س ورة النخ ل ‪ .36 :‬فالش رائع الس ماوية واح دة في مص درها وفي أص ول العقي دة و‬
‫مقاصد التشريع العامة‪ ،‬ولكنها تختل ف في األحك ام العملي ة و التفص يالت الجزئي ة المنظم ة لعالق ات األف راد بخ القهم‪ ،‬أو‬
‫بعالقتهم فيما بينهم‪ ،‬قال هللا تعالى ‪(( :‬لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا)) سورة المائدة‪.48 :‬‬
‫وما الشريعة إال الفرائض والحدود واألمر والنهي‪ ،‬كم ا روى ابن جري ر الط بري عن قت ادة‪ ،‬أي األحك ام العملي ة‬
‫المنظمة لشؤون األفراد‪ .‬و هذه األحكام هي التي قد يرد عليه النسخ فينسخ الحقها سابقها‪ ،‬وقد يبقى الحكم نفسه بال نسخ في‬
‫الشريعة الالحقة كالقصاص كان في الشريعة التوراة وبقي في شريعة القرآن‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما تقدم نستطيع أن نجمل أوجه العالقة بين الشريعة اإلسالمية و غيرها من الشرائع السماوية الس ابقة‬
‫مما يلي ‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬وحدة المصدر ‪ :‬فجميع الشرائع السماوية ومنها اإلسالمية مصدرها واحد هو هللا تعالى فهو من ّزلها ومشرّع أحكامها‪،‬‬
‫وما وظيفة الرّسل إالّ القيام بتبليغها إلى النّاس‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬وحدة األصول والمقاص د ‪ :‬جمي ع الش رائع الس ماوية متش ابهة في ال دعوة إلى أص ول العقي دة ومتش ابهة في مقاص د‬
‫التشريع العامة‪.‬‬
‫ثالثا‪ ،‬الشريعة اإلسالمية ناسخة لما قبلها ‪ :‬الشريعة اإلسالميّة باعتبارها خاتمة ال ّشرائع فهي ناسجة لما سبقها‪ ،‬وهي وحدها‬
‫دون غيرها واجبة االتّباع‪.‬‬
‫رابعا‪ ،‬فال ّشرائع السّماوية واحدة في مص درها وفي أص ول العقي دة ومقاص د التش ريع العام ة‪ ،‬ولكنه ا تختل ف في األحك ام‬
‫العملية و التفصيالت الجزئية المنظمة لعالقات األفراد بخالقهم‪ ،‬أو بعالقاتهم فيما بينهم‪ّ .‬‬
‫إن األحكام الموجودة في الش ريعة‬
‫اإلسالمية كلّها قائمة على الوحي اإللهي إلى رسوله مح ّمد صلى هللا عليه وسلّم و ليست مأخوذة من الشرائع السابقة‪.‬‬
‫إن أحكام ال ّشرائع السّابقة الّتي أشار إليها القرآن أو ال ّسنّة دون إنكار أو إقرار ولم يقم دليل على نس خها في حقّن ا ال‬
‫خامسا‪ّ ،‬‬
‫تعتبر تشريعا لنا وال جزءا من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهذى على رأي جمهور الفقهاء‪ ،‬و ذهب البعض إلى أنّها تعت بر ج زءا‬
‫من شريعتنا‪ .‬والرأي األول هو الراجح‪.‬‬

‫(من كتاب المدخل لدراسة ال ّشريعة اإلسالميّة لعبد الكريم الزيدان)‬

You might also like