Professional Documents
Culture Documents
المقاولاتية المسيلة
المقاولاتية المسيلة
ظهر مفهوم الفكر املقاوالتي وتطور بمرور الزمن ،حيث ظهر في فرنسا منذ العصور الوسطى أين كان يطلق
مصطلح "املقاول" على الشخص الذي يقوم بعمل االشراف ويتحمل مسؤولية مجموعة من األفراد ،ثم تحول
مفهوم املصطلح قليال وأصبح يعني الشخص الجريء الذي يواجه املخاطرة االقتصادية ،ليتطور هذا املفهوم
بعد ذلك في القرنين السادس عشر والسابع عشر ميالدي ليشمل األشخاص الذين يتجهون إلى أنشطة
املضاربة .ويعتبر )1803( Say J.Bمن املفكرين األوائل الذين وضعوا أسس نظرية لهذا املفهوم حيث عرف
املقاول بالشخص املبدع الذي يقوم باستخدام عوامل االنتاج من خالل الجمع واملزج والتنظيم بهدف خلق
1
منتجات أو منافع جديدة.
.1املقاول في العصرالوسيط:
بالرغم من أن موضوع املقاوالتیة بدأ يأخذ مجاال واسعا من االهتمام عند مختلف املفكرين والباحثين في
السنوات القليلة املاضية ،إال أننا نجد مصطلح املقاوالتية له جذور تاريخية تعود لحقبة قديمة من الزمن لم
یتم فیھا االشارة ملمارسات املقاوالتية باملصطلح املستخدم حاليا ،وأطلق على هذه الفترة تسمية " ما قبل
التأريخ ملصطلح املقاوالتية" قبل الباحثين واملفكرين في هذا املجال ،والتي يمكن عرضها وفق ما يلي ( :سايبي،
.)2013
تم تقسيم األفراد في النشاط االقتصادي قديما إلى قسمين هما :القادة واألتباع ،أما في العصر الحالي فتتحدد
موھبة وقدرة املقاول في القیادة والتوجيه ،وقد صنف املقاول إبان هذه الحقبة ضمن صف التجار
والعسكریين من خالل صفة النبل التي یحملھا ،أ ي القائد العسكري صاحب الكفاءة العالية ،كون الحروب
غالبا ما تقوم لعوامل وأسباب اقتصادیة بحتة ،فنجد الجنرال أو القائد العسكري الذي یقوم بوضع وتنفیذ
إستراتيجية ناجحة في الحرب يتوقع یتحمل مسؤولية مخاطر كبيرة في سعيه لتحقيق أرباح اقتصادية مغرية
تستحق املخاطرة والجهد املبذول ،كما نجد التجا ر يستثمرون أموالهم وممتلكاتهم في مجاالت عمل تتسم
باملخاطرة وظروف عدم التأكد في سبيل تحقيق عوائد مالية واقتصادية تبرر توجهاتهم نحو املخاطرة بأموالهم
الخاصة ،وضعية التجار هذه تشبه كثيرا وضعیة العسكريين ،حیث تتوافق وظیفة التاجر واملغامر عند نفس
الفرد ،فنجد مثال "ماركو بولو" ) (Marco Poloكان مغامرا يسعى إلى تأسیس تجارة نشطة باتجاه الشرق،
حيث تمثلت أهدافه في سعيه للبحث عن أرض تحمل الجدید والسحر اإلنتاجي ،من هذا املنطلق فهل یمكن
اعتبار "ماركو بولو" مقاوال؟ ،ولكن بالرغم من ذلك فهناك فرق بين مستويات الشجاعة في األعمال ومستويات
الشجاعة في دخول الحروب ،لذلك نجد قدماء الفالسفة واملفكرين ينظرون للتاجر بنوع من الدونية مقارنة
1
Brahim. Allali ,Vers une théorie de l’entrepreneuriat , Cahier de recherche L’ISCAE, n° 17 .p.3.
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
بالعسكري ،فعلى سبيل املثال نجد أن أرسطو قد أشار إلى مكانة التاجر في مجتمعه دون أن يعتبره ذو مكانة
مرموقة ،على العكس فقد اعتبره هاربا وخائفا من الظروف السيئة ،وغير مبالي بمعاناة املجتمع ومشاكله،
وحسب منطق أرسطو فإن التجارة الرابحة تنقسم إلى أصناف مختلفة أهمها اإلدارة املنزلية وتجارة التجزئة،
فقد اعتبر التاجر بأنه شخص غير طبيعي فهو ييهئ لنفسه وسبلة لكسب املال على حساب اآلخرين ،وبالفعل
فقد كان اهتمام الفالسفة اليونانيين يتجه نحو الحفاظ على الوضع الراهن لتفسير النشاط االقتصاد ي في
إطار تنافس ي يكسب فيه شخص ويخسر فيه اآلخر ،هذه الفكرة ظلت مهيمنة ومسيطرة في الفكر االقتصادي
إلى غاية القرن الثامن عشر ،مما أدى إلى عدم اسهام التجارة واالقتصاد في تحقيق الرفاهية للمجتمع،
فالتجربة التي أجريت حول السوق كان ينبغي أن يكون لها فكر مخالف لذلك ،مع مالحظة استمرار هذا
الفكر في وقتنا الحالي ،فالربح الذي يعتبر عائدا للمقاوالتية بقي مشتبها فيه حسب رأي الكثير من األفراد
وخاصة املتعلمين منهم ،وذلك نتيجة لقدم التفكير الغربي نسبيا ومساواته لرجل األعمال مع " الشبح" ،الذي
يعني الفرد الذي يترك أثرا دون رؤيته أو ظهوره للعيان.
هناك اتفاق على التوجه نحو التأكيد على أهمية قرارات الفرد في تحديد طبيعة استراتيجية النشاط
االقتصادي ،والذي يتوقف على مدى االنتشار الواسع للنوع السائد في تنظيم املؤسسة ،فقديما كانت تأخذ
التجارة نطاقها ضمن وحدات صغيرة الحجم نسبيا ،أين يبقى فيها رأس املال املطلب الرئيس ي ،من هنا تنشأ
العالقة التكاملية بين الرأسماليين والتجار املغامرين ،والتي تتحدد في شكل عقود التي يقومون بإمضائها ،حيث
في نهاية القرن العاشر تغير العرف املالي ليصبح إقراض املال بمعدل فائدة %20في شكل عقود تعرف بالعقود
التبادلية ،بحيث يكون القرض مؤمن بشكل محكم من طرف العقار ،أما في أواخر القرن الثاني عشر كان
الشكل املنتشر انتشارا واسعا لالستثمار التجاري يتمثل في القروض البحرية ) الشركات العاملة في النشاط
البحري) ،حيث تكون في شكل اتفاقيات تعاونية بين املسافرين واملستثمرين في إطار شراكة تجمع بينهما ،أين
تكون غالبا الفوائد املدفوعة أكبر كون األخطار املتعلقة بالغرق والقرصنة تهدد بشكل أكبر املقرض بدال من
التاجر ،لكن حسب رأي رايموند روفر " "Raymond Rooverفإن الشريك الذي يسافر يواجه مخاطر كبيرة
في سبيل انجاز األعمال خاصة ما تعلق بحياته مقابل تلقي الربع ( )1/4فقط من العوائد االقتصادية لهذه
األعمال ،في املقابل تكون حصة األسد أي الثالثة ارباع ()3/4املتبقية من نصيب للشريك املستثمر ،ومن خالل
شرح رايموند روفر نجد أن الرأسماليين يحصلون على العوائد األكبر ألن الحياة كانت غير مكلفة ) ليست لها
قيمة مالية) وراس املال نادر ،وكانت البندقية تعتبر أكثر املدن األوروبية النشطة في مجال التجارة في القرن
الثامن عشر ،وكانت العقود األكثر انتشارا تعرف بعقود الزمالة " " Colleganzeوتبعا لهذه العقود فإنه ينبغي
على الرأسمالي توظيف وكيل ويعده بمنح الربع ( )1/4من األرباح ،في حين ينبغي على التاجر
املغامر" "Enterprisingأن يمنح هذه األموال املستثمرة لعدة أفراد آخرين ،في القرن الرابع عشر كان يؤمن
األموال من قبل التجار واملغامرين" " Routledgeفي إطار شروط تتبع معدل الفائدة السوقي تحت شكل عقد
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
يعرف بالزمالة املحلية " ،"Local Colleganzaو في إطار تجارة الحاويات قد يصبح أحيانا رأس املال مركزا في
ظل كل شركات األعمال ،و بهذا الشكل يمكن التوقع بحجم الخسائر الناجمة عن هذا الرأسمال ،و هذا ما
أثبتته الوثائق التجارية القديمة ،في حين نجد أن فریتز ریلیش " "Fritz Redlichيضع في القرون الوسطى
تفسيرا للعائد املرتفع لرأس املال أو فيما يعرف بخطر الربا ،حيث في ذلك الزمن كانت الكنيسة تفرض على
رجال األعمال دفع معدل فائدة مقابل عقد اقتراض رأس املال من الس وق القروض ،وهو ما يجبر املقاولين
على دفع إتاوات مقابل التماس القروض من طرف الكنيسة ،فقد كان الكتاب االقتصاديون األوائل عبارة عن
كهنة الهوتيين ينشطون ضمن الكنائس ،وضمن هذا السياق يرى ریموند أنه نتيجة لذلك أخذت األخالق في
الحسبان وبجدية في أبحاث املفكرين آنذاك ،أين حصرت اهتماماتهم في بعض اإلشكاليات التي نجد من بينها
املقاوالتية.
2
.2املقاول في العصر االقتصادي (:)1940-1870
عرف موضوع املقاوالتية باعتبارها ظاهرة معقدة ،عدة محاوالت لصياغة نظريات خاصة بها من أجل وضع
أطر عامة وفهم أكثر ملصطلح املقاوالتية ،وعلى الرغم من أهميتها وإدراك تلك االهمية من طرف الكثير من
املفكرين االقتصاديين ،إال أنها لم تلق االهتمام الكبير مع ظهور املدرسة الكالسيكية الحديثة " املدرسة
النيوكالسيكية" ،والتي ركزت على موضوع التوازن بالرغم من وجود بعد االستثناءات التي عرفت في تلك الفترة
والتي تمثلت في أفكار كل من نایت knightوشومبيتر Schumpeterومدرسة الفكر النمساوي.
( ، )1950حيث عرف املقاول يرجع مفهوم املقاوالتية لالقتصادي جوزيف شومپيترJoseph Schumpeter
بأنه الفرد الذي يملك اإلرادة والقدرة على تحويل فكرة جديدة أو ابداع جديد إلى ابتكار ناجح ،وبالتالي فوجود
قوى الريادة "التدمير الخالق" في الصناعات املختلفة ومختلف األسواق تؤدي إلى خلق منتجات وأساليب عمل
جديدة ،وبالتالي فإن أصحاب الفكر والعمل الرياديين سوف يعملون على وضع معالم التطور الصناعي
وقيادته ،مما يساعد على تحقيق النمو االقتصادي على املدى الطويل ،وقد أدى املقاول في نظرية شومبيتر
الخاصة بالتطور االقتصادي دورا أساسيا ،فهو يصفه بالبطل املغوار الذي يشرح ذلك التطور ،وهو الذي يغير
مجددا ما يسميه شومبيتر التدفق الثابت ،أي "نموذج العملية االقتصادية غير املتغيرة ،والتي تتدفق بمعدالت
ثابتة في الزمن وتعيد إنتاج نفسها" .في موضوع أخر يصف شومبيتر املقاول بقوله أنه السبب املنتج "التغير
تلقائي ومتقطع في تيارات التدفق ،واضطراب في التوازن ،يغير ويزيل إلى األبد حالة التوازن املوجودة سابقا،".
ويرى شومبيتر أن املقاول الحقيقي هو الذي يعمل على االبداع واالبتكار من خالل التغييرات الجديدة التي
2
نجاة شادلي ،قراءات تاريخية لتطور الفكر المقاوالتي ،مجلة العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية ،المجلد ،11العدد ،01
جامعة المسيلة ،2018 ،ص ص .292
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
يدخلها على النشاط االقتصادي :منتجات أو خدمات جديدة ،صناعات جديدة ،أساليب إنتاج جديدة ،أسواق
جديدة ،إيجاد أو االستيالء على مصادر تموين جديدة ،تنظيم جديد ومختلف للصناعة وأشكالها.
3
()1967 .2.2املقاول حسب فرانك نايت Frank H. Knight
يعتبر فرانك نايت أن الريادة تتمحور أساسا حول املخاطرة ،فالسلوك الريادي هو الذي يبين نوع القدرة
التي يملكها الشخص الريادي لوضع نشاطه وموقفه املالي في الواقع واملخاطرة عن طريق تطبيق فكرته ووضعها
محل التنفيذ ،وذلك من خالل اعطائها الوقت والجهد الكافيين ورأس املال الالزم مع وجود مخاطرة غير
مضمونة.
وتلخصت مساهمات نايت في بناء النظرية ااملقاوالتية من خالل تأمين املخاطر او املخاطر املؤمنة "Insurable
" risksوالالأكادة أو عدم اليقين غير املؤمن" " Non- uncertainty insurableفاملخاطر ترتبط باألحداث
املتكررة املعروفة احتماالتها من خالل الخبرات السابقة .في حين الغموض ،عدم اليقين أو الالأكادة تتعلق
باألحداث الفريدة التي ال يمكن تقدير احتمالها بشكل دقيق ،آي تعمل على وضع نظرية للريح تربط الالأكادة
غير املؤمنة بالتغير االقتصادي السريع واختالف القدرات املقاوالتية " ،"Entrepreneurial abilityوقد أرجع
فرانك نايت أسباب عدم اليقين في املخاطرة إلى ما يلي:
املخاطرة :والتي يمكن قياسها إحصائيا فعلى سبيل املثال احتمال سحب كرية بيضاء من علبة تحتوي
على عسر كريات بيضاء وعشر كريات سوداء يمكن حسابه أو توقعه.
االلتباس :والذي يصعب قياسه إحصائيا ،فعلى سبيل املثال احتمال سحب كرية بيضاء من علبة
تحتوي عشر كريات بيضاء وعدد غير محدد من الكريات السوداء فهو صعب التوقع أو الحساب.
عدم اليقين الفعلي أو Knightian Uncertaintyوالذي يستحيل تقديره أو توقعه إحصائيا مثل
احتمال سحب كرية بيضاء من علبة تضم عدد غير محدد من الكريات البيضاء وعدد غير محدد من
الكريات ذات ألوان مختلفة ،ويحدث عدم اليقين الفعلي حسب نايت عندما يكون املستقبل مجهوال
إضافة على عدم وجود سبيل ملعرفته مع وجود حاالت غير مصنفة.
ويرى نايت أن الفرص تنشأ من حالة عدم اليقين أو الالأكادة املحاطة بالتغيير "إذا كان هناك احتمال للتنبؤ
بالتغيير الذي سيحصل ليس هناك فرصة للريح" وبالتالي فاملقاول يتلقى باملقابل عائدا التخاذ قرارات في ظل
ظروف عدم اليقين الحقيقي أو الالأكادة الحقيقية .وعليه فالعائد املقاوالتي ناتج عن حقيقة أن النشاط
الفردي ال يمكن التنبؤ به والكفاءة املقاوالتية تبرز في قدرة الفرد على التعامل مع حالة عدم اليقين أو الالأكادة
الحقيقية.
سندرة سايبي ،مقاربة نظرية حول تطور الفكر ْالقاولي ،مجلة العلوم االنسانية ، 2013 ،ص .204
3
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
4
.3.2املقاول حسب املدرسة النمساوية:
تعتبر جامعة فينا صاحبة الدور االساس ي في ظهور املدرسة النمساوية ،أين ظهر بها نهج خاص في علم
االقتصاد في تسعينات القرن التاسع عشر ،وكذا جهود مختلف االقتصاديين الذين يتبعون هذا املنهج في
مختلف أنحاء العالم ،فهم يؤمنون بأن منبع األحداث والتغيرات االقتصادية هو قيم األفراد ،سلوكاتهم
واختياراتهم ،حيث تشكل أساسا للظواهر االقتصادية املختلفة كالطلب ،العرض ،مستويات األسعار،
املنافسة في األسواق ...الخ ،ويمكن تصنيف أفكار املدرسة النمساوية وفق ثالث مراحل فكرية ضمن الفكر
االقتصادي:
املرحلة األولى :بدأت املرحلة األولى للمدرسة النمساوية مع نشر کتاب" مبادئ علم االقتصاد"
( )1871لكارل منجر )1921-1840( Carl Mangerالذي انتقد فيه األفكار االقتصادية السائدة وقتها في
املجتمع املتحدث باألملانية ،وأيضا املفكر يوجين فون بوهم بافرك (Eugen Von Bohm- )1926-1851
،Bawwerkوالذي طور فكر وتوجه كارل منجر الذاتي من خالل تطبيقه في موضوع الفائدة ورأس املال ،وكذا
فريدريك فون فابرز ( Friedrich Von Wieser )1926-1851الذي تبنى نفس التوجه الفكري في تحليل
التكلفة التي تنبع من القيم والتفضيالت الذاتية الخاصة بمتخذي القرار والدور األساس ي للمقاولين في اختبار
مثل هذه القرارات والتفضيالت.
املرحلة الثانية :كانت املرحلة الثانية من الفكر املقاوالتي بقيادة لودفيج فون ميزس ()1973-1881
Ludwig von misesوفريدريك فون هايك ( ،Friedrich Von Hayek )1922-1889الذي تحصل على جائزة
نوبل سنة ، 1975وقد قام كل من ميزس وهايك بعملية تعاون سنوات الثالثينات من القرن املاض ي ،تهدف
هذه العملية إلى تفسير دورات االقتصاد خاصة ما تعلق بفترات االنتعاش والكساد الدورية التي تظهر كملمح
مستديم لالقتصاد والتجارة ،أين فسرا تلك الدورات بأنها تنبع من التوجه نحو االئتمان املصرفي واعتماده
بشكل واسع في النشاط االقتصادي ،حيث أن االقتراض الرخيص يشجع املقاولين على االستثمار أكثر في
النشاط اإلنتاجي ،ويشجع املستهلكين على شراء املزيد من املنتجات املعروضة في األسواق ،لكن عند غياب
املحفزات وأدوات التشجيع االئتمانية تظهر الحقيقة ،ويجد املقاولون أنفسهم يقومون بانتاج منتجات غير
مرغوبة بشكل كبير ،وليست ضرورية بالنسبة للمستهلكين ،وبهذا تتعثر املصانع واملشاريع ويحتم على
االستثمارات املبالغ في طموحها وأهدافها بالزوال.
املرحلة الثالثة :جاءت املرحلة الثالثة من الفكر االقتصادي للمدرسة النمساوية من الواليات
املتحدة باألساس ،ومن بين أبرز املفكرين في هذه املرحلة إسرائيل كيرزنر ( ، Israel Kirzner )1930والذي ركز
األهمية الكبرى للمقاوالتية في دفع التقدم والنمو االقتصادي ،حيث أن النمساويين ملا يتحدثون عن
"املقاولين "أو"املضاربين" فإنهم ال يضعون في أذهانهم صورة الرأسماليين املتأنقين املتالعبين .فبسبب
الغموض الحتمي بشأن املستقبل ،هم يعتبرون كل األفعال مضاربة ،.وأن كل شخص هو مقاول بشكل معين،
4
نجاة شادلي ،مرجع سابق ،ص ص .294-293
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
حيث يسعى الستخدام مهاراته وموارده الخاصة في اقتناص الفرص لتحقيق مکاسب مستقبال ،وهذا املنطق
يتوافق حتى مع نشاط العمال الذين يلتحقون بدورات تدريبية بهدف تنويع وتحسين فرص عملهم ،وكذلك ما
يقوم به مديروا األعمال الذين يبنون املصانع أو املساهمون الذين ينشطون في تجارة األوراق املالية.5
يتخصص البعض في االقتصاد الحديث املتخصص في مهنة املقاوالتية مثلما يتخصص غيرهم في مهنهم كأطباء
أو مهندسين ،حيث يرى كيرزنر أن املقاولين يجلبون لعملية السوق ليس فقط مهاراتهم االبتكارية والتنظيمية،
بل أيضا" يقظتهم" ،فهم منتبهون على الدوام لفرص كسب الريح ،واملواضع التي تظل فيها رغبات املستهلكين غير
مشبعة ،أو املواضع التي يمكن فيها تقديم منتجات أفضل وأرخص لهم ،كما يحافظون على تيقظهم الكتشاف
التغيرات في ظروف السوق ،ويحاولون في الواقع التنبؤ بها ،ويتحركون لتحقيق الربح منها قبل غيرهم األقل
تيقظا ،قد تكون معلوماتهم أفضل من معلومات اآلخرين ،ألن لهم تبصرا أفضل بأسواق معينة يجعلونها
موضوع اهتمامهم بالتخصص ،وهو ما يمكنهم من إعطاء تخمينات أسرع وأدق عن الحالة املستقبلية للطلب .
أو قد يفكرون على نحو مبتكر للعثور على طرق إنتاج منتجات أرخص أو تحسين املنتجات ،أو العثور على
سبل جديدة بالكامل إلرضاء الجماهير ،حين ينجحون ويحققون األرباح يشجع هذا األخرين ،الذين هم أقل
تيقظا أو أقل امتالكا للمعلومات ،على إتباع نهجهم .وبهذه الصورة يساهمون في عملية تحسين متواصلة
للمستويات العامة للمعيشة.
ومجددا يمكن القول أن السوق كله يتكيف ،ويوجه املوارد نحو فجوات القيم التي اكتشفها أكثر املقاولين
تيقظا .ومع وجود املزيد من املنافسين املتصارعين على الفجوة نفسها في السوق ،يصير جني األرباح أصعب ،وفي
عملية ال نهائية من التيقظ ،التخمين واالكتشاف ،يستخدم املقاولون معارفهم ومهاراتهم الخاصة للبحث عن
مواضع جديدة يمكنهم فيها تحقيق الربح من خالل تقديم القيمة للمستهلكين ،وبهذا يزيدون من رخاء
الجماهير ،وألن وظيفة املقاولين مهمة للغاية في الحفاظ على مستوى املعيشة ،بل تحسينه ،ينادي كيرزنر بأنه
من املهم عدم كبحها ،فالضوابط الحكومية ،مثال ،قد تمنع بعض اإلمكانيات التي قد يخرج بها املقاولون
ويمكنها أن تنفع اآلخرين ،قد تتسبب الضرائب في جعل االبتكارات ال تستحق العناء املبذول فيها ،كما أنها تقلل
من حافز االبتكار من خالل تقليص األرباح التي ال يجب نسيان أنها ليست أكثر من توقعات تكتنفها املخاطرة
وعدم اليقين.
نتناول هنا إسهامات بعض مفكري التسيير في العودة املتجددة للمقاول ،ودوره في الحياة االقتصادية بعد فترة
من الغياب املبرر؛ فمنذ بداية الثمانينات ( ) 1980للقرن العشرين عاد مفهوم املقاول ليحتل صدارة االهتمام
5
K. Bou Abdallah et A. Zouache, Entrepreneuriat et développement économique, les cahiers du
CREAD, Alger , n°73,2005 ,pp.16-17 .
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
لدى االقتصاديين ،ذلك أن سنوات النمو االقتصادي كانت على العكس من ذلك تدفع إلى التركيز على الزوج
)مسير ،مؤسسة كبر ى( ،وبذلك صار املقاول ،وكأنه بيروقراطي السوق ،أو موظف رأس املال Fonctionnaire
، du capitalوأن عودة املقاول تظهر وكأنها نتيجة إلخفاقات املؤسسة الكبرى ،والتي ينظر إليها على أنها جد
ثقيلة الستغالل التكنولوجيا التي صارت متاحة) إعالم آلي ،آلية ... ،الخ ( هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن
خلق مؤسسة ينظر إليه وكأنه وسيلة ملواجهة صعود معدالت البطالة ،إذا هناك ظاهرتان رافقتا عودة املقاول
ينبغي اإلشارة إليهما:
وانطالقا من هذا يمكن القول أن األزمة االقتصادية في بداية الثمانينات من القرن املاض ي قد أعطت حيوية
جديدة للمقاول الذي همش خالل فترة النمو االقتصادي مقارنة باملسير ،والتكنوقراطيين ،هذا املقاول اتخذ
من ظاهرة إنشاء املؤسسات الصغيرة خالل الثمانينات كمرجعية رئيسة إلعادة االعتبار له ،فأصبح هو املالك
واملسير في نفس الوقت الوسائل اإلنتاج .ولقد أشاد االقتصاديان األمريكيان الباحثان في مجال علوم التسيير
" "G.GILDERو" " P. DRUCKER .في بداية الثمانينات من القرن املاض ي باملقاول ،ولكن وفق تصور مختلف
لكل منهما ،وفيما يلي نستعرض أفكار بعض الباحثين في مجال املقاوالتية في العصر الحديث:
يرى جيلدر أن املقاول يعرف " القوانين الخفية" " "Les lois cachesللسوق ،فهو في وضع صراع عادل
ومستمر مع الفقر من خالل خلقه ملناصب عمل جديدة ،وخلقه للثروة؛ وربط جيلدر بين املقاول واملؤسسة
الصغيرة ،حيث ويرى بأن الشخص املقاول هو مالك رأس املال في آن واحد ،مسير ،منظم ،وفي أحيان أخرى
مهندس ،يظهر وكأنه وسيط بين العامل والعالم" ، " Le savantولكن هذا الربط بين املقاول وظاهرة
املؤسسات الصغيرة يقود إلى طرح تساؤل مهم ،وهو :هل هذه الظاهرة هي ناجمة عن عودة " روح املكبادرة
بتأسيس مؤسسات " بدافع االستقاللية ،والقيم االجتماعية؟ أو هي بدافع تأثير الحاجة إلى منصب عمل
)عند فقدان الكبحث عنه(؟ بمعنى أخر هل بدافع حب املخاطرة الناجمة عن املاغامرة بإنشاء مؤسسة ؟ أم
بدافع مواجهة الحاجة للعمل يتم إن شاء مؤسسة؟ ،والجواب عن هذا التساؤل حسب بعض املفكرين ومن
بينهم GILDERأشاروا إلى أنه في الوقت الحالي يوجد العديد من حاملي الشهادات الجامعية الجدد يعتزمون
إنشاء مؤسسة ،ويفضلون ذلك على تولي مناصب إطارات في مؤسسات كبيرة؛ وباملقابل أيضا يالحظون أن
وجود بعض القوانين والتشريعات املالئمة فيما يخص إنشاء املؤسسات الفردية في بعض الدول يثير اهتمام
األفراد الذين تم رفضهم في العديد من املرات من طرف مسؤولي بعض املؤسسات األخرى مما يشجعهم على
انشاء مؤسساتهم الخاصة.
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
حسب فكر دراكر فإن املقاول ال يعمل ويهدف إلى انشاء املؤسسة الصغيرة فحسب ،بل هو متواجد في كل
مكان ،في املؤسسة الصغيرة والكبيرة ،وفي اإلدارة ،فاملقاول بالنسبة له يظهر في السلوك ،ويجعل من التغيير
شعاره؛ وضمن هذا السياق يعطي " " DRUCKERمالمح املقاول ،والتي يشوبها عدم التعمق والدقة ،فهو ليس
باملضارب ،وال الرأسمالي ،وال املستثمر ،وال األجير ....الخ؛ انطالقا من هذه الصورة أليس من املمكن أن يعتبر
املقاول هو نوع من األعوان االقتصاديين غير املعروف بشكل صريح؟ ،وبالرغم من عدم الدقة هذه ،فإن تصور
دراكر " "DRUCKERيقترب كثيرا من فكر شومبيتر " ، " SCHUMPETERكونه يؤكد على دور املقاول بصفته
"ثوري اقتصادي" الذي يجعل من التغيير معيارا عاديا لسلوكه؛ وعليه فعمل املقاول والفكر اإلبداعي متالزمان
بشكل دائم ومستمر؛ هذا الفكر اإلبداعي ينجم عنه خلق فرص جديدة وإعادة تشكيل للسواق؛ وبهذا الشكل
فإن املقاول في فكر " " GILDERو " " DRUCKERال يتوفر إال على نقاط مشتركة قليلة مع التصور الحدي،
مثل التأكيد على أن املقاول ال يتحمل ضغط قوى السوق بالرغم من وجوده في محيط تنافس ي ،أيضا أشار
دراكر " " DRUCKERإلى أنه يمكن أن نجد مقاولين في مؤسسات عمومية؛ أي بمعنى أن ضمان الوظيفة ال
يعتبر معيارا ذا أهمية في تحديد صفات املقاول .كما جاء املفكر" " A. D. CHANDLERبفكرة أن املقاول هو
اليد املرئية " " La main visibleللسوق ،ألنه في سبيل تحقيق منفعته الشخصية يحقق املصلحة العامة عن
طريق خلقه للثروة ،وتطوير املجتمع خاصة في مجاالت العلوم والتكنولوجيا.
أشار مارك كاسون إلى أنه ال توجد بعد أية نظریة تتناول بشكل دقيق ظاهرة املقاوالتية أو أعدت خصيصا
لتفسير هذه الظاهرة ،أو حتى حددت تعريفا دقيقا للمقاول ،فقد تم التخلي عن البحث في ھذا املجال من
طرف االقتصادیين لصالح علماء االجتماع وعلماء النفس واملختصين في العلوم السیاسیة ،وزیادة على ذلك
نجد محاوالت نظریة تبحث في الفكر املقاوالتي بشكل صريح في كل مسار من مسارات العلوم اإلنسانية عدا
العلوم االقتصادية ،ویعود ذلك إلى فرضیتين رئیسیتين ،حيث تستند الفرضية األولى إلى فكرة الحصول على
املعلومات املتبناة من العلوم االقتصادية املستقيمة الرأي ،أي املدرسة النیوكالسیكیة للفكر االقتصادي،
حيث أن النموذج النیوكالسیكي افترض أن أي فرد يمكنه الحصول على املعلومات الالزمة التخاذ مختلف
القرارات ،أما الفرضیة الثانية فتشير إلى أن اتخاذ القرار يعتبر تطبيقا ميكانيكيا بسيطا للقواعد والنماذج
الرياضية املثالية ،وهو ما يبين عملية اتخاذ القرارات كعملية جد عادية ,وال تميز أو تبين الدور الفريد للمقاول
في اتخاذ قرارات استثنائية ،في حين نجد العكس في فكر وتوجه املدرسة االقتصادية النمساوية ،والتي تنظر
للمقاول بنظرة أكثر جدية وموضوعية ،حيث نجدها نظرة فلسفية تمنع كل النظريات التنبئية للمقاول فهي
ترى أنه إذا كان الفرد يملك معلومات مهمة من أجل اتخاذ قرار مرتبط بالتنبؤ بسلوكات املقاولين يجب أن
يتجنب هذه السيرورة النظرية حتى يكون ھو نفسه مقاوال ،كما افترض بعض املنظرين أنه يمكن إعطاء رد
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
الفعل املتوقع على مستوى السلوك الذي يمكن أن يؤدي إلى تغليط التوقعات ،باإلضافة إلى ذلك ال يمكن
تطبيق هذا التحليل إال بالنسبة للتوقعات بالنجاح ,،وبهذا يكون من الصعب تطبيقه على التنبؤات بالفشل،
ويتمثل القصور اآلخر املرتبط بهذا التحليل في اعتماد القوانين االقتصادية على تحليل الظواهر في شكل
مجموعة واحدة ملجتمع يتكون من عدة أفراد ،حيث من املمكن التنبؤ بسلوك مجموعة من األفراد املقاولين،
لكن قد يستحيل التنبؤ بسلوك كل فرد على حدى ،وهو ما أدى إلى عدم معرفة أو عدم وضع وتحديد حواجز
الدخول إلى مهنة املقاول .وركز كاسون على العوامل التالية:
وبالرغم من الثراء والزخم الفكري لكل هذه املدارس واملحاوالت واالجتهادات من قبل كبار املفكرين
االقتصاديين واالجتماعيين إال أنه ليس من السهولة بمكان ضبط وإدخال مكونات عقالنية في السلوك الخاص
باملقاول والذي يعتبر أكثر تعقيدا وتشعبا خاصة من النواحي الفكرية والشخصية ،وهو ما يعبر عن أهم
االنتقادات التي أشار إليها االقتصاديون ،حيث لم يصلوا إلى فكر دقيق للمقاول واملقاوالتية خاص بالعلوم
االقتصادية ،كما لم يتمكنوا من ضبط علوم السلوك االقتصادية الخاصة باملقاول ،لذلك نجد أن مارك
كاسون عاد إلى حدود ماهو قابل للقياس الكمي في العلوم االقتصادية ،وهو بذلك يكون قد رفض وضع
النموذج الكمي وقبل النموذج الكيفي الذي وسع من مساحة العلوم االقتصادية في مجال املقاوالتیة ،حيث
أشار إلى أن البحث في املقاوالتیة يتطلب إلى االهتمام بأفكار املدرسة السلوكية من أجل وضع إطار نظري
للفكر املقاوالتي.
6
.4.3املقاول حسب الفكرالسلوكي (املدرسة السلوكية):
ركز ماك لیالند في دراسته على مسيري املؤسسات الكبيرة ،وبالرغم من أن دراسته ترتبط إلى حد بعيد
باملقاوالتیة فإن كتاباته ال توضح أي عالقة بين الرغبة في تحقيق الذات وإنشاء مؤسسات خاصة ،وتجدر
اإلشارة إلى أن ماك ليالند أشار إلى وجود نوع من الرغبة امللحة في تملك السلطة كصفة من صفات املقاول،
رغم أنه لم يمنحها نفس الوزن مثل باقي الصفات األخرى ،وظهرت العديد من البحوث التي اهتمت بدراسة
الرغبة في تحقيق الذات. ،ولكن لم تتوصل إلى نتائج حقيقية يمكنها ترجمة العالقة بين تحقيق الذات ونجاح
املقاول ،في املقابل ھناك من وجد أن الرغبة في تحقيق الذات غير كافية إلنشاء مؤسسة خاصة ،واعتبر
البعض اآلخر من املفكرين أن هدف تحقيق الذات لوحده يمكن أن يؤدي بالفرد إلى إنشاء مؤسسته الخاصة،
حيث أن تیمون ) (Timmonsقد اكتشف أن األفراد الذين تلقوا سلسلة من البرامج التكوينية الهادفة إلى
تنمية الرغبة في تحقيق الذات قاموا بإنشاء مؤسسات بنسبة أكبر من األفراد الذين لم يتلقوا سلسلة البرامج
6
سندرة صايبي ،مرجع سابق ،ص ص .218 ،217
د .واضح فواز ..........................................المحور األول مدخل عام للفكر المقاوالتي
التكوينية ،وقد الحظ غاس ) (Gasseاقتصار ماك لیالند ألبحاثه وحصرها فقط على مستوى القطاعات
االقتصادية ،وتعتبر هذه املالحظة جد واقعية ألن الرغبة في تحقيق الذات تظهر تتبع القيمواملمارسات السائدة
7
في مجتمع معين.
كما أشار بروخو ) (Brockhausإلى أن الرابط الذي يجمع بين املؤسسات الصغيرة والرغبة في تحقيق الذات
يعتبر عامال قويا جدا رغم أنه ال يعتبر العامل الوحيد في إنشاء املؤسسات ،لكن في املقابل ماك لیالند يؤكد
على أن اإلنسان منتوج اجتماعي ،وهو ما يجعلنا نسلم بفرضية بأن األفراد يحاولون إعادة تشكيل نماذجهم
الخاصة بهم ،ووفق هذا املنطق ،يتم شرح دور النموذج في ظل عدة حاالت التخاذ قرار إنشاء املؤسسة
الخاصة ،ويمكننا أيضا القول بأن األمور متكافئة ،فكلما زاد عدد املقاولين في مجتمع ما كلما زاد عدد نماذج
املقاولين ،مما يؤدي بدوره إلى زيادة عدد األفراد الذين يقومون بمحاكاة هذه النماذج ،أي اختيار النهج
املقاوالتي كمسار منهي.
من خالل ما تم تناوله في هذا املحور يمكن القول أن ظاهرة املقاوالتية كممارسات ميدانية عرفتها املجتمعات
قديما أين كان ال يفرق بينها وبين أي نشاط تجاري ،حيث ارتبط ظهورها بظهور نشاطات التجارة املختلفة
خاصة ما تعلق باملخاطرة واملغامرة من طرف التجار ،ثم بدأ مفهوم املقاوالتية بأخذ خاص ضمن النشاط
التجاري العام ،أين تم تحديد مواصفات خاصة للنشاط املقاوالتي تميزه عن النشاط التجاري العادي ،وأخذ
هذا املفهوم في التطور والدقة والتعمق من طرف مختلف الباحثين في العلوم االجتماعية واالقتصادية
والسياسية حتى أخذ أبعاد إضافية تتعلق بجوانب شخصية للمقاول وصفات مميزة للمقاول عن التاجر ،ليتم
التوصل مؤخرا إلى ربط املمارسات املقاوالتية باالبداع واالبتكار ،وذلك من خالل اشتراط االبداع واالبتكار في
نشاطات املقاول واملشاريع املقاوالتية.
7
I. Danjou , l’entrepreneuriat : un champ fretile à la recherche de son untié Revu française de gestion,
vol .28 n°138 ,avril\ juin 2002 , page. 112.
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
.1مفهوم املقاوالتیة :هناك العديد من التعاريف التي تناولت مصطلح املقاوالتیة ومعانيه في شتى
املجاالت البحثية نذكر منها ما يلي:
تعريف )1924-1923( Marcel Mauss" :حيث عرفها على أنها" الفعل الذي يقوم به املقاول والذي
ينفذ في سياقات مختلفة وبأشكال متنوعة ،فيمكن أن يكون عبارة عن إنشاء مؤسسة جديدة بشكل
قانوني ،كما يمكن أن يكون عبارة عن تطوير مؤسسة قائمة بذاتها .إذ أنها عمل اجتماعي بحت.
1
تعريف "Beranger" :حيث يرى أن املقاوالتیة يمكن أن تعرف بطرقتين:
-على أساس أنها نشاط :أو مجموعة من األنشطة والسيرورات تدمج إنشاء وتنمية مؤسسة أو بشكل
أشمل إنشاء نشاط.
-على أساس أنها تخصص جامعي :أي علم يوضح املحيط وسيرورة خلق ثروة وتكوين اجتماعي من
خالل مجابهة خطر بشكل فردي.
تعريف Robert Hisrih :الذي عرف املقاوالتیة على أنها " :السيرورة التي تهدف إلى إنتاج منتج جديد
ذو قيمة ،أو تحسين منتج موجود سابقا ،وذلك بإعطاء الوقت والجهد الالزمين ،مع االستعداد
لتحمل املخاطر الناجمة عن ذلك بمختلف أنواعها ) مالية ،مادية ،نفسية ،اجتماعية ...الخ( ،وفي
املقابل يتم تحقيق إشباع مادي ومعنوي."2
تعريف :Damours et Gassaحيث توصال في بحثهما حول تعريف ظاهرة املقاوالتية إلى أنها" :عبارة
عن تواصل بين املقاول ومؤسسة محركة من طرفه والتي ميزها بثالث أبعاد معرفي ،تنسيقي ،وهيكلي،
فالبعد املعرفي هو نتيجة رؤية مقاوالتية عند الشخص املقاول والتي تتميز بالفكر االستراتيجي ،في
حين يتمثل البعد التنسيقي الناتج عن الفعل املقاوالتي والذي يقود املقاول للتموضع الجيد مقارنة
بالعديد من املتعاملين في السوق ،أما البعد الهيكلي الذي يهتم باإلدماج املقاوالتي فإنه يضع املقاول
ومؤسسته في ارتباط وطيد وتحديد ما هو مستوى التأثير الذي ينتج عن هذا االرتباط من خالل نجاح
3
املقاول ونمو املؤسسة.
من خالل التعاريف السابقة يمكن القول بأن املقاوالتية تعبر عن األنشطة والعمليات االقتصادية
واالجتماعية التي يمارسها املقاول ،بهدف إنشاء مؤسسة جديدة ،أو تطوير مؤسسة قائمة في إطار القانون
السائد ،وذلك من أجل خلق وزيادة الثروة ،عن طريق األخذ باملبادرة ،ومواجهة املخاطرة بشتى أنواعها
ومستوياتها ،والتعرف على فرص األعمال واستغاللها بطريقة جيدة ،ومتابعتها وتجسيدها على أرض الواقع.
1
توفيق خذاري وحسين بن الطاهر ،المقاولة كخيار فعال لنجاح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية " المسارات والمحددات"،
مداخلة مقدمة في إطار الملتقى الدولي حول واقع وآفاق النظام المحاسبي المالي في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر ،كلية
العلوم االقتصادية والتجا رية وعلوم التسيير ،جامعة حمة لخضر الوادي ،الجزائر ،يومي 05 - 06ماي ، 2013ص. 05
2
محمد لمين علون ووسيلة السبتي ،المقاوالتية بين الفكرة وعوامل النجاح ،مجلة النمو االقتصادي وريادة األعمال ،مخبر دراسات التنمية
المكانية وريادة األعمال ،المجلد 2العدد ،2019 ،1ص.4
3
خزار حليمة ،آليات الدعم والمرافقة للمقاوالتية في الجزائر ،مجلة قانون العمل والتشغيل ،المجلد ،04العدد ،02جامعة مستغانم،
ديسمبر ،2019ص .199
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
وهناك تداخل بين مفهوم املقاوالتية وإنشاء املؤسسات ،حيث نالحظ بعض نقاط التشابه ونقاط االختالف
يمكن أن نوجزها فيما يلي:
أوجه التشابه:
-يهدف كل من املقاول ومنش ئ املؤسسة إلى تحقيق أرباح من وراء إنشائهما للمؤسسات .
-يمكن أن تتحول املؤسسة املقاوالتیة مؤسسة نمطية إذا قلدت منتجاتها بشكل واسع ،وعدم اعتماد االبداع
واالبتكار في نشاط املؤسسة املقاوالتية يصنفها ضمن خانة نشاط إنشاء املؤسسات.
-تتميز املقاوالتیة بأنها إنشاء مؤسسة غير نمطية ،فهي تعتمد اإلبداع واالبتكار والبحث عن خلق الفرص
واستغاللها بشكل يختلف عن املمارسات التقليدية.
-ارتفاع مستويات املخاطرة في املؤسسات املقاوالتیة كونها تعتمد االبتكار في املنتجات وأساليب االنتاج وطرح
منتجات وخدمات جديدة في السوق ،ويصاحب هذه املخاطرة توقع عوائد مالية مرتفعة في حالة قبول
املنتجات والخدمات في السوق.
-الحصول على أرباح احتكارية غير اعتيادية ناتجة عن التميز في املنتجات والخدمات من خالل حقوق االبتكار
4
مقارنة باملؤسسات النمطية التي تطرح منتجات عادية.
-املؤسسات املقاوالتیة تكون في غالب األحيان مؤسسات فردية ،مقارنة باملؤسسات العادية التي يمكن إنشاؤها
من طرف مجموعة من الشركاء ،وهو ما يمكن املقاول من اعتماد أسلوب التسيير املباشر واملستقل بدل
أسلوب التسيير املعتمد على مجلس لإلدارة ،وهو ما يسمح له بتجسيد أفكاره على أرض الواقع وبكل حرية.
4
Michel Coster, Entrepreneur et entrepreneuriat, Actes de la Journée du 06 Juin 2002. Organisées par
E M Lyon, Eclly Cadres et Entrepreneuriat, Mythes et Réalités, Les Cahier de Cadres 2003.3
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
تجسيد فكرة في شكل مشروع مهيكل وأن يكون قادرا على التحكم في تغيير طريقة النشاط ومسايرته
ألنشطة مقاوالتية جديدة" ،ويرى أالن فايول أن التعاريف السابقة لم تتناول ما تطرق إليه التعريف
الذي جاء به ويليام كارتنر مع بداية التسعينات من القرن املاض ي ،حيث يرى نموذج املقاوالتیة يتكون
من مجموعة األنشطة التي تسمح بإنشاء مؤسسة جديدة ،والتي تتمثل فيما يلي:
-البحث عن الفرص.
-تجميع املوارد
-إنتاج املنتج.
كما عرف دولنق ) ) Dollingسنة 1995املقاوالتیة بأنها " عملية خلق منظمة اقتصادية مبدعة من أجل
تحقيق الربح أو النمو تحت ظروف املخاطرة وعدم التأكد واالستفادة من فرص جديدة عامة" .
املقاوالتیة استغالل للفرص :مع مطلع التسعينيات من القرن العشرين ظهر تعريف املقاوالتیة على
أنها سيرورة تحويل الفرص إلى انطالق األعمال " ،فاملقاوالتية كمجال بحث ،يتمثل البحث عن فهم
كيف يتم اكتشاف الفرص إلنتاج مواد وخدمات ال توجد حاليا ويتم تحقيقها واستغاللها؟ ومن طرف
من؟ وما هي آثار ذلك؟ ".وأهم رواد هذا االتجاه Shaneو Venkatarmanسنة 2000حيث عرفا
املقاوالتیة بأنها " العملية التي يتم من خاللها اكتشاف وتثمين الفرص التي تسمح بخلق منتجات
وخدمات مستقبلية".
كما عرف Venkatarmanسنة 1997املقاوالتیة على أنها حقل أكاديمي يسعى لفهم كيف تنبثق
وتظهر الفرص التي تؤدي إلى خلق مؤسسة أو مشروع جديد أو سلع وخدمات يتم اكتشافها وابتكارها
بواسطة مجموعة من األشخاص املقاولين.
تعريف الفرصة :حسب Cassonالفرصة تعبر عن الحاالت والظروف املواتية التي تسمح بتقديم
منتجات ،خدمات ومواد أولية جديدة ،باإلضافة أيضا إلى إدخال طرق جديدة في االنتاج والتنظيم،
وبيعها بسعر أعلى من تكلفة اإلنتاج ،عن طريق املقاول الذي يتصف بالقدرة على اكتشاف املوارد غير
املثمنة ،والتي يقوم بشرائها ويعمل على تنظيمها لبيعها على شكل سلع وخدمات مثمنة ،ويرى أن
إدراك املقاول لهذه الفرص يولد لدية تصور مقاوالتي إلنشاء مؤسسة بغرض استغالل الفرصة.
املقاوالتیة من منظور خلق القيمة :قدم Morinتعريفا يندرج ضمن ديناميكية للتغيير وفق
منظورين هما:
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
-املنظور األول :ينطلق من الفرد ويعتبره الشرط األساس ي في خلق القيم فهو العامل الرئيس ي في الثنائية إذ
يقوم بتحديد طرق اإلنتاج ،وبالتالي املقاول هو ذلك الشخص أو املجموعة في صدد خلق قيمة كإنشاء مؤسسة
جديدة ،ولواله ملا تحققت هذه القيمة.
-املنظور الثاني :يعتبر أن خلق القيمة من خالل املؤسسة التي أنشأها هذا الفرد ،تؤدي إلى جعل هذا األخير
مرتبطا باملشروع املقاوالتي لدرجة أنه يصبح معرفا به ،وتحتل القيمة مكانة كبير في حياته ،إذ تدفع املقاول
لتعلم أشياء جديدة ،وهي قادرة على تغيير صفاته وقيمه ،فعند قيام الفرد بإنشاء مؤسسة أو تقديم ابتكار
فإنه يصبح ملزما باملشروع الذي أقامه ،أما عن القيمة املقدمة فهي تتمثل في مجموع النتائج التقنية ،املالية
والشخصية التي تقدمها املؤسسة والتي تولد رضا املقاول واألطراف التي تتعامل معه والفاعلة.
لقد تطور مفهوم املقاوالتیة وأصبحت تأخذ أكثر من صورة ،حيث يرى Alain Fayolleأن هذه الظاهرة يمكن
أن تأخذ األشكال التالية:
-استعادة نشاط أو مؤسسة ،تكون في وضع جيد( سليمة )أو تواجه صعوبات من طرف أفراد مستقلين أو من
طرف مؤسسات.
-تطوير وإدارة بعض املشاريع (الواقعة في خطر أو تواجه مخاطر كبيرة) في املؤسسات.
املقاوالتیة من منظور االبتكار :بالنسبة لبعض االقتصاديين يعتبرون أن املقاوالتیة هي حلقة ضائعة
بين الفكرة وتجسيد الفكرة ،فقد ركز شومبيتر من خالل نظريته " التفكيك الخالق "على دور
االبتكار في العملية املقاوالتیة ،رغم أنه ال يوجد إجماع حول مفهومه ،إال أن هناك مفهوم ضيق
ومفهوم واسع لالبتكار ،فاملفهوم الضيق يعرف االبتكار على أنه مرتبط بالجوانب التكنولوجية،
والعيب في هذا املنظور هو تضييق صور ونماذج املقاوالتیة ،ألن القليل من املقاولين يمكنهم ربطهم
بهذا التعريف الضيق لالبتكار.
.3املقاول ،صفاته ومهاراته:
مفهوم املقاول:
كما تناولنا في محور تطور الفكر املقاوالتي الذي تبين من خالله أن مفهوم املقاول ظهر قديما وتطور مع مرور
الزمن ،ففي فرنسا وخالل العصور الوسطى كانت كلمة املقاول ) (Entrepreneurواستعملت الكلمة أول مرة في
القرن السادس عشر بفرنسا ،وتعني الشخص الذي يشرف على مسؤولية ويتحمل أعباء مجموعة من األفراد،
ثم أصبح يعني الفرد الجريء الذي يسعى من أجل تحمل مخاطر اقتصادية ،وتعني أيضا الشخص الذي التزم
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
أو باشر ،أو تعهد .كما استعمل نفس املصطلح في اللغة االنجليزية توحيدا للمعنى وقد تناول القاموس العام
للتجارة الذي نشر في فرنسا بباريس سنة 1723مصطلح املقاول وفق الكلمتين (entreprendre et :
)entrepreneurأين تم تعريفه كما يلي:
:Entreprendrezوتعني تحمل مسؤولية عمل معين أو نشاط معين ،أو مشروع أو صناعة…إلخ.
وعرفه )1803( SayJ.Bالذي يعتبر من أوائل املنظرين لهذا املفهوم خالل القرنين السادس عشر والسابع عشر
على أنه الفرد الذي يتجه إلى أنشطة املضاربة ،حيث اعتبر املقاول الشخص املبدع الذي يقوم بجمع وتنظيم
5
وسائل اإلنتاج ،بهدف خلق منفعة جديدة ،كما يتميز بالقدرة على إدارة أموال املشروع واتخاذ القرار املناسب.
كما عرف شومبتر املقاول ( )1950بأنه ذلك الشخص الذي لديه اإلرادة والقدرة لتحويل فكرة جديدة أو
اختراع جديد إلى ابتكار ،حيث استعمل مصطلح "التفكيك أو التدمير الخالق" في ظل النظام الرأسمالي،
وبالتالي فبوجود قوى الريادة "التفكيك أو التدمير الخالق" في األسواق والصناعات املختلفة تنشأ منتجات
ونماذج عمل جديدة ،وبالتالي فإن الرياديين يساعدون ويقودون التطور الصناعي والنمو االقتصادي على املدى
الطويل .كما فسر انتقال االقتصاد الرأسمالي من حالة ثبات إلى حالة ديناميكية بظهور نشاط غير مسبوق
ملقاولين مبدعين.
وحسب كل من " ،Marchesney" "Julienفاملقاول هو الذي يتكفل بحمل مجموعة من الخصائص األساسية:
"يتخيل الجديد ولديه ثقة كبيرة في نفسه ،املتحمس والصلب الذي يحب حل املشاكل ويحب التسيير ،الذي
يصارع الروتين ويرفض املصاعب والعقبات وهو الذي يخلق معلومة هامة" ،غير أن املقاول ليس بالشخص
الخيالي ،وإنما هو عبارة عن شخصية تتصرف بمفردها وبشكل مستقل "مقاوم ،متمرد ومبدع" .
وعرف كونتيلون في القرن " 18م" املقاول على أنه الشخص الذي يتوقع ،يواجه ويتحمل املخاطر ويتولى
مسؤولية تمويل رأس املال.
أما دراكر سنة 1964م فقد أعطى تعريفا موسعا ،وعرف املقاول على أنه الشخص الذي يبحث عن الفرص
ويعمل على تعظيمها واستغاللها بالشكل املناسب.
6
كما قدم Petit Robertثالثة تعاريف ملصطلح املقاول كما يلي:
تعريف ثاني :يقول بأن املقاول هو الفرد املكلف بتنفيذ عمل معين.
5
Brahim allali, vers une théorie de l'entrepreneuriat, cahier de recherche N17, ISKAE
6
Brahim allali, vers une théorie de l'entrepreneuriat, cahier de recherche N17, ISKAE
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
تعريف ثالث :يقول بأن املقاول هو كل فرد يدير مؤسسة لحسابه الخاص ،ويمزج ويستخدم مختلف عوامل
اإلنتاج بهدف إنتاج وبيع سلع أو خدمات.
من خالل ما تم عرضه من تعاريف يمكن القول بأن املقاول هو الشخص الذي يملك اإلرادة والقدرة على
إيجاد أفكار جديدة وتطبيقها على أرض الو اقع ،أو تحويل مختلف االبداعات إلى ابتكارات يجسدها على
ارض الو اقع ويواجه ويتحمل املخاطر ،اعتمادا على قدراته الشخصية وامكانياته املادية بهدف تحقيق
عوائد مالية ،وبهذا فهو يساهم في دفع عجلة النمو والتطورالتطوراالقتصادي.
خصائص املقاول :يتميز املقال عن غيره من التجار أو األفراد أو األعوان االقتصاديين بمجموعة من
الخصائص نوجزها في اآلتي:
7
الخصائص الشخصية:
-الطاقة الحركية :أمر ضروري ال يمكن االستغناء عنه ألن عملية إنشاء مؤسسة تتطلب بذل جهد البأس به
وتهيئة الوقت والطاقة الالزمة للقيام باألعمال.
-القدرة على احتواء الوقت وتنظيمه :من الضروري لصاحب الفكرة أو املشروع القيام بمجموعة من األعمال
في الوقت الحاضر ،والتي يكون لها تأثير في املستقبل .فال يمكن أن نتصور نجاح املشروع دون التفكير في
املستقبل وتحديد الرؤية على املدى املتوسط والطويل.
-القدرة على حل مختلف املشاكل :املقاول شخص مخاطر ،يتوقع الوقوع في مشاكل ترتبط بنشاطه
االقتصادي الذي يواجه مستويات عالية من املخاطر ،لذلك فهو يملك القدرة على معالجة مختلف التهديدات
التي تواجهه ،كما يرفع التحدي لتحقيق األهداف الصعبة باستخدام امكانياته املادية وقدراته الشخصية.
-التجديد واإلبداع :تعتبر هذه الخاصية من أهم ما يميز املقاول عن التاجر أو منش ئ املؤسسة كون التجديد
والتطوير عن طريق اإلبداع يساهم في خلق منتجات أو خدمات جديدة تلبي حاجات املجتمع وتعود على املقاول
بأرباح احتكارية ،لذلك يسعى املقاول دائما إلى االبداع في نشاطه حتى يستمر العمل املقاوالتي في النجاح.
-االستعداد وامليل نحو املخاطر :ينبغي على املقاول أن يتسم بقدرات خاصة على توقع املخاطر والعمل على
مواجهتها لتحقيق أهدافه ،كما أن أهم ما يجب أن يتمتع املقاول هو الشجاعة والصبر على العمل الشاق
وانتهاز الفرص السانحة دون كلل أو ملل ،كما أن هناك مجموعة منها الرغبة في النجاح ،االستعداد الطوعي
للعمل ساعات طويلة كما يجب أن يتميز باملنهجية والنظام.8
7
شافية شاوي ،المقاوالتية ودورها في تفعيل حركة القطاع السياحي في الجزائر ،حوليات جامعة قالمة للعلوم االجتماعية واالنسانية،
العدد ،2016 ،14ص ص .52-50
8
اسماعيل حجازي وآخرون ،السمات الشخصية للمقاول كأهم العوامل المؤثرة على اكتشاف الفرصة المقاوالتية ،مجلة االمتياز
لبحوث االقتصاد واالدارة ،المجلد ،04العدد ،2020 ،01ص .54
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
كما أن هناك صفات أخرى يجب أن يتمتع بها املقاول ،ويمكن تلخيصها فيما يلي:
-الثقة بالنفس.
-االندفاع للعمل.
-االلتزام.
-املهارات التفاعلية :وتتمثل هذه املهارات اإلنسانية من حيث بناء وتكوين عالقات إنسانية بين العاملين
واإلدارة واملشرفين على األنشطة والعملية اإلنتاجية ،والسعي إليجاد بيئة عمل تفاعلية تستند إلى التقدير
واالحترام واملشاركة في حل املشكالت وتنمية اإلبداع وإقامة قنوات
-املهارات التكاملية :يجب أن يسعى املقاول باستمرار إلى تنمية مهارا م التكاملية بين العاملين ،حيث تصبح
املؤسسة أو املشروع وكأنه خلية عمل متكاملة وتضمن إنسانية األعمال والفعاليات بين الوحدات.
-املهارات اإلنسانية :وتتمثل في املهارات الخاصة بالتعامل اإلنساني والتركيز على إنسانية العاملين ،ظروفهم
اإلنسانية واالجتماعية وتهيئة األجواء الخاصة بتقدير واحترام الذات فضال عن اح ترام الذات واملشاعر
اإلنسانية والكيفية التي يتم فيها استثمار الطاقات من خالل بناء بيئة أعمال ترتكز على الجانب السلوكي
واإلنساني مما ينعكس على أداء املشروع.
-املهارات الفكرية :تتطلب إدارة املشروعات مجموعة املهارات الفكرية وامتالك املعارف والجوانب العلمية
والتخطيطية والرؤيا إلدارة مشروعه والقدرة على تحديد السياقات والنظم وصياغة األهداف على أسس
رشيدة وعقالنية.
-املهارات التحليلية :وتهتم بتفسير العالقات بين العوامل واملتغيرات املؤثرة حاليا ومستقبليا على أداء املشروع
وتحليل األسباب وتحديد عناصر القوة والضعف الخاصة بالبيئة الداخلية للمشروع ،والتهديدات املحيطة
باملشروع في البيئة الخارجية ،وتحديد ذلك على املركز التنافس ي للمؤسسة ،وكذلك تحليل سلوكيات املنافسين
وتصوراتهم املستقبلية وسلوكيات املستهلكين وأثر ذلك على الحصة السوقية للمشروع.
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
-املهارات الفنية :تتمثل في املهارات األدائية ومعرفة طبيعة العالقات بين املراحل اإلنتاجية واملهارات
التصميمية للسلع ومعرفة كيفية أداء األعمال خاصة ما يتعلق بتصميم املنتج وكيفية تحسين أدائه وكل ما
يرتبط بالجوانب الفنية والتشغيلية ومعرفة كيفية تركيب األجزاء وصيانة بعض املعدات.
سلوكيات املقاول :هناك مجموعة من السلوكيات التي يتمتع بها املقاول الناجح يمكن تلخيصها
فيما يلي:
-أخذ املبادرات.
-تحمل املسؤولية.
*املقاربة الوظيفية :هذه املقاربة التي يمثلها " Shumpeterوهو األب الحقيقي للحقل املقاوالتي من خالل
نظريته" التطور االقتصادي" ،هذا األخير اعتبر املقاول شخصية محورية في التنمية االقتصادية ،يتحمل
مخاطر من أجل اإلبداع ،وخاصة خلق طرق إنتاج جديدة.
*املقاربة التي ترتكز على الفرد الهادف إلى إنتاج املعرفة :والتي ترتكز على الخصائص البسيكولوجية للمقاول
مثل الصفات الشخصية والدوافع والسلوك باإلضافة إلى أصولهم ومساراتهم االجتماعية وقد سلط weber
الضوء على أهمية نظام القيم ودورها في إضفاء الشرعية وتشجيع أنشطة املقاوالتیة كشرط ال غنى عنه
للتطور الرأسمالي.
* املقاربة العملياتية أو التشغيلية :والتي أظهرت القيود املفروضة على املقاربة السابقة ،واقترحت على
9
الباحثين االهتمام بماذا يفعل املقاول ،وليس شخصه.
9
ALAN. FUSTIK, la responsabilité sociale d'entreprise est une source de richesse et de performance
pour les PME. Ou comment créer de la richesse en alliant la RSE et le pilotage des actifs immatériels ?,
Livre Blanc, Edité par L’agence Lucie et L IFEC, Juillet 2012.
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
.4ثقافة املقاوالتیة :تلعب ثقافة املقاوالتیة دورا هاما في إرساء العملية املقاوالتیة وتشجيعها لتحقيق
أهداف النمو االقتصادي ،حيث يقترح اليوم عدد من االقتصاديين ومنظري الفكر املقاوالتي أن تمر
عملية خلق الثروة عبر تطوير الثقافة املقاوالتیة التي تفضل املبادرة الذاتية في إعطاء األولوية لتنمية
العديد من القيم املقاوالتیة.
حيث يرى Batmanسنة 1997أن االقتصاديات التي شهدت نموا وازدهارا في أواخر القرن العشرين كلها تتمتع
بثقافة األعمال ،وهي الثقافة التي يمكن أن توصف بالثقافة املقاوالتیة.
تعريف ثقافة املقاوالتیة :هي مجمل املهارات واملعلومات املكتسبة من فرد أو مجموعة األفراد،
ومحاولة استغاللها وذلك بتطبيقها في االستثمار في رؤوس األموال بإيجاد أفكار مبتكرة ،وهي تتضمن
التصرفات ،التحفيز ،ردود أفعال املقاولين ،باإلضافة إلى التخطيط ،اتخاذ القرارات ،التنظيم
والرقابة ،وترسخ هذه الثقافة من خالل ثالث فضاءات مهمة هي :العائلة ،املدرسة واملؤسسة.
يعتبر تعريف E. H. Sheinلثقافة املقاولة أكثر التعاريف انتشارا وتداوال ويعرفها ب" :البنية التي تتشكل من
املسلمات األساسية التي تبتكرها ،تكتشفها أو تصوغها مجموعة معينة عندما تتعلم كيف تواجه مشاكل
التكيف الخارجي واالندماج الداخلي ،وهي مسلمات أدت دورها بشكل جيد لدرجة اعتبرت معها كش يء صالح أو
ش يء يلقن لألعضاء بوضعه طريقة صحيحة في اإلدراك والتفكير واإلحساس في التعامل مع تلك املشاكل" .
ويعرفها سامي فياض العزاوي بأنها " :مجموعة املعتقدات الخفية والظاهرة من الطقوس والشعائر والرموز
التي يعتنقها املشاركون ،التي يكون لها دور أساس ي في كيفية ممارسة تلك الشعائر والطقوس واللغة والروتين
واملنافسة ودرجة قبولهم لقاد م ومديريهم ودرجة مشاركتهم مع قيم املنظمة وقيم العمل والجودة.
كما نجد تعريف إليو جاك E .Jacquesلثقافة املقاوالتیة حيث اعتبرها" :طريقة التفكير والسلوك االعتيادي
والتقليدي وتتميز بتقاسمها واشتراكها بين أعضاء التنظيم وتعلم تدريجيا لألعضاء الجدد بهدف قبولهم في
املقاولة " .فهي تعبر عن مجموعة من الصفات واملواقف املعبرة عن الرغبة في املبادرة واملشاركة في ما يراد
القيام به وتنفيذه ،إذ ينظر إليها كثقافة خاصة بخلق املشروعات كونها تعمل على إنتاج الجديد وإحداث
التغيير ،أو كثقافة إنشاء وبناء .ويمكن تقسيم الثقافة املقاوالتیة إلى ثالثة عناصر:
املسبقات :وهي مجموع املعارف املتقاسمة بواسطة أفراد ،والتي يكتسبها الفرد من محيطه والتي تساعد على
ظهور االستعدادات عند األفراد.
االستعدادات :وهي مجموع الخصائص النفسية ،التصرفات والقيم التي تظهر عند املقاول مثل أفعاله
الخاصة تجاه بعض املواقف ،اإلبداع ،الشعور باملسؤولية وتحملها ،الثقة بالنفس ،التضامن مع الغير،
الريادة ،املخاطرة ...الخ.
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
مهارات الخبرة واملعرفة :مثل التعلم من املواقف السابقة ،تحسين األداء ،ومدى حسن التصرف مع اآلخرين
خاصة في العملية املقاوالتیة.
جعل املقاوالتیة خيارا مرغوبا في املسار املنهي خاصة لالئك الذي لديهم مهارات وقدرات خاصة وغير عادية.
تحفيز التنافسية ،االبداع واالبتكار من أجل زيادة اإلنتاجية والنمو االقتصادي .
تحسين قدرة األفراد على التأقلم واالستجابة للتغيرات السريعة التي أصبح يعيشها العالم في شتى املجاالت.
ويندرج تحت الثقافة املقاوالتیة عامل التعليم عبر مختلف األطوار ،حيث يعتبر محورا أساسيا في تنمية
املقاوالتیة وتطوير املهارات والسمات العامة لها ،لذلك البد من استثمار دور التعليم في تنمية روح املقاوالتیة في
سن مبكر ،من أجل اكتشاف قدرات ومميزات األشخاص القادرين على القيام بالعملية املقاوالتیة.
مقومات ثقافة املقاوالتیة :تتمثل هذه الثقافة في مجموعة من العوامل يمكن تلخيصها فيما يلي:
املحيط االجتماعي :يعتبر املحيط االجتماعي عنصرا مهما في الدفع نحو إنشاء املؤسسة نظرا
لتركيبته املعقدة والثرية.
األسرة :يمكن لألسرة أن تعمل على تنمية القدرات املقاوالتیة ألبنائها ودفعهم لتبني إنشاء املؤسسات
كمستقبل منهي خاصة إذا كان هؤالء اآلباء يمتلكون مشاريع خاصة عن طريق تشجيع األطفال منذ
الصغر على القيام ببعض النشاطات وتحمل بعض املسؤوليات.
املدرسة :باإلضافة إلى دورها التكويني والتربوي املعتاد يتعين عليها أن تقيم جسور االلتقاء مع املقاولة
وبالتالي تشكل قاطرة التنمية من خالل انفتاحها على املقاوالتیة وثقافة املقاوالتیة لدى التالميذ
والطلبة.
الدين :يعتبر الدين من بين العوامل االجتماعية التي يستمد منها الفاعلون االجتماعيون الكثير من
القيم واملعايير ،فقيم العمل وإتقانه وكذا االعتماد على النفس في الحصول على القوت .....إلخ.
العادات والتقاليد :تعتبر العادات والتقاليد من العوامل املؤثرة على التوجه نحو إنشاء املؤسسات،
فاملجتمعات البدوية تمارس الزراعة والرعي مع أبنائها كنشاط يقتاتون منه ،أما الصناعات التقليدية
واألنشطة التجارية فيتوارثها األجيال.
.5روح املقاوالتیة :تساهم روح املقاوالتیة في جعل األفراد أكثر ارتباط باملبادرة والنشاط ،فاألفراد الذين
يملكون روح املقاولة لهم إرادة تجريب أشياء جديدة لم تكن سابقا ،والقيام بأشياء بطريقة تختلف
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
عما هو مألوف بفضل تميزهم بقدر م وإمكانيتهم للتغير .وليس بالضرورة أن يكون لهؤالء األفراد
رغبة في إنشاء مؤسسة ،أو تكوين مسار منهي مقاوالتي ،ألن هدفهم يسعى لتطوير قدرات خاصة
للتماش ي والتكيف مع التغيير ،وهناك من يرى أن روح املقاوالتیة تتجسد في تحديد الفرص وجمع
املوارد الالزمة واملختلفة من أجل تحويلها إلى مشروع مقاوالتي.
مفهوم روح املقاوالتية :هناك العديد من التعاريف التي تناولت مصطلح الروح املقاوالتية نذكر منها:
*عرفت بأنها" :املبادرة التي يبديها الفرد بقدرته على الخروج عن املألوف في التفكير ويحصل التغيير
من خالل العملية التي يصبح عندها الفرد حساسا للمشكالت التي يواجهها والتغيرات التي تحدث في
البيئة املحيطة فعندها يوجه التفكير اإلبداعي نحو متطلبات الحياة العملية وخاصة في مجال
10
األعمال ".
*الروح املقاوالتية هي" :مبادرة األف ا رد الذين يملكون إ ا ردة تجريب أشياء جديدة وقيام األشياء
بشكل مختلف ،وهذا نظرا لوجود إمكانية مع التغيير وهذا عن طريق عرض أفكارهم والتصرف بكثير
من االنفتاح واملرونة ،فهي تتطلب تحديد الفرص وجمع املوارد الالزمة واملختلفة من أجل تحويلها
ملؤسسة." 11
*وحسب التعريف املقدم من مجموعة املختصين في االتحاد االوروبي املكلفين بتدريس املقاوالتية،
يجب أن ال تنحصر روح املقاوالتية فقط في عملية إنشاء املؤسسات ،بل يجب النظر إليها كموقف
عام يمكن استعماله بفائدة من طرف كل فرد في حياته اليومية وفي كل النشاطات املهنية ،ولذلك ال
يجب حصر روح املقاوالتية في مجموعة الوسائل والتقنيات التي تسمح باالنطالق في نشاط تجاري
12
ألنها تتعلق قبل كل ش يء باملبادرة والعمل .
من التعاريف السابقة يمكن تعريف روح املقاوالتية بأنها املؤهالت واملها ا رت والقد ا رت الشخصية
الفردية املتعلقة بروح املقاوالتية ،وامتالك العزيمة على تجريب أشياء جديدة ،أو على إنجاز األعمال
بطريقة مختلفة وذلك بسبب بسيط يكمن في وجود إمكانية للتغيير.
خصائص روح املقاوالتية :لم يتفق الباحثين على حصرها ،ولكن يمكن أن نذكر منها كالتالي: 13
اكتشاف الفرص والعمل على اقتناصها . -
خلق القيمة :حيث تعكس هذه القدرة إمكانيات املقاوالتية اإلبداعية في إيجاد توليفات جديدة -
لإلمكانيات املتاحة وفي ظروف معينه في إنتاج سلع أو خدمات جديدة ،أو إدخال طرق عمل
10
لطيفة برني ،اليمن فالتا ،البرامج التكوينية وأهميتها في تعزيز الروح المقاوالتية ،مداخلة ضمن الملتقى الوطني حول المقاوالتية :
التكوين وفرص األعمال ،كلية علوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،جامعة محمد خيضر بسكرة ،الجزائر ،من 06إلى 08أفريل
،2010ص.12
11
منيرة سالمي ،التوجه المقاوالتي للمرأة في الجزائر ،رسالة ماجستير ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،جامعة
قاصدي مرباح ورقلة ،الجزائر ،2007،ص .06
12
نادية دباح ،دراسة واقع المقاوالتية في الجزائر وآفاقها ( ، )2009-2000رسالة ماجستير) غير منشورة( ،كلية العلوم االقتصادية
العلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ، 3الجزائر ،2012 ،ص .28
13
أيوب صكري وآخرون ،واقع التعليم المقاوالتي في الجزائر" االنجازات والطموحا ت" ،مجلة اقتصاديات المال واألعمال ،العدد
،04المركز الجامعي ميلة ،ديسمبر ،2017ص.14
مدخل عام للمقاوالتية والمصطلحات المرتبطة بها المحور الثاني:
جديدة ،فتح أسواق جديدة ،إيجاد مصادر التمويل والتموين جديدة ،وصف طريقة تنظيمية
جديدة.
إيجاد األفكار الجديدة الخالقة التي تسمح برفع التحدي. -
اتخاذ القرارات الصائبة. . -
-املبادرة وتحقيق السبق واقتحام الغموض.
السعي نحو تحقيق أفضل األهداف في ظل ظروف املخاطرة. -
التعامل مع مختلف حاالت ومواقف عدم التأكد في البيئة الخارجية من خالل التصرف -
املحسوب واملبني على توقعات مدروسة بدقة.
التعامل بمرونة من خالل احداث التغيير الذي يسمح بتحقيق مكاسب جديدة في الوقت -
املناسب .
لقد تعددت هذه الخصائص وتشابك الكثير منها حتى تكاد أن تستعص ى عن الفصل بينها فهي مكملة
لبعضها وأثرها على الشخصية املقاولة ،ومع ذلك فهي وفي اعتقادنا يمكن تدعيمها وتعزيزها بطرق
وأدوات شتى أهمها البرامج والدورات التكوينية ،إضافة إلى نشاطات الدعم واملرافقة وحضانة األفكار
واملؤسسات الناشئة ،هذه األدوات يمكن أن تساهم بشكل كبير في تنمية ودعم الروح املقاوالتية
وتوجيهها نحو االبداع واالبتكار وخلق القيمة.
د .واضح فواز ...................المحور الثالث :االبداع واالبتكار كمحور للمقاوالتية
اإلبداع واالبتكار على اختالفهما هما من األدوات األساسية في تطوير األعمال واملؤسسات .فاإلبداع قد
يثري املؤسسة أو املنتج أو الخدمة بأفكار تعطي ميزة تنافسية تزيد املبيعات ،أما االبتكار فإنه كفيل بخلق ثورة
في املنتجات أو الخدمات التي تطرحها املؤسسة من خالل إعادة تصميم بيئة العمل الحالية إلدخال تعديالت
على املنتج أو ابتكار منتج جديد من املواد واألدوات املوجودة أصال.
لقد بينت الدراسات واألبحاث االقتصادية أن عملية اإلبداع واالبتكار هي عملية استراتيجية هامة
لالقتصاد ،ألنها تحرك النشاط االقتصادي وتمنحه نفسا قويا ،فرواد األعمال الصغيرة واملتوسطة هم من
يبتكرون في املنتجات والخدمات ويساهمون في إيجاد فرص عمل جديدة وعدد كبير من األعمال وعليه
أصبحت معظم االقتصاديات تمنح فرصا لتشجيع رواد األعمال نحو ابتكار منتجات وخدمات تدفع
باقتصادها نحو النمو ،وتعتبر عمليتي اإلبداع ) (Inventionواالبتكار) (Innovationاملحرك الرئيس ي للنشاط
املقاوالتي ،ألنه في الواقع تسعى املؤسسات لكسر الروتين والخروج من حالة املنافسة التامة وكسب ميزة
تنافسية للحصول على مكانة وحصة هامة في السوق ،فتعتمد البحث والتطوير اللذان يرتكزان على عمليتي
اإلبداع واالبتكار.
.1االبداع:
.1.1تعريف االبداع :هو عملية ذهنية هادفة إلى خلق أعمال أو أشياء جديدة لم تكن موجودة من قبل وغير
مألوفة ،ويرى البعض أن مفهوم اإلبداع هو املبادرة التي يبديها الفرد بقدرته على الخروج عن املألوف والروتين.
وأشار الباحثان ( Daftو ( Noeإلى أن االبداع هو القدرة على جمع أو مشاركة املعلومات بغرض تطوير
أفكار جديدة ،وبعبارة أخرى هو تطوير األفكار االبتكارية التي تعكس الحاجات املدركة وتستجيب للفرص في
املنظمة ،وهو يعتبر الفكرة األولى لالبتكار ويساهم في نجاح املنظمة على املدى الطويل ،كما أنه يحسن من
عملية صنع القرار من خالل تشجيع العصف الذهني كأحد األساليب املستخدمة في جمع وجهات نظر وأفكار
أعضاء مجلس االدارة معا لتطوير أفكار جديدة بحرية وعفوية دون انتقاد.
اإلبداع هو قدرة إنسانية خاصة تذلل املصاعب وتولد األفكار البناءة وتحول املؤسسات الخاملة إلى
مؤسسات نشطة ومتطورة ،فهو يساعد املؤسسة على مواجهة املخاطر والتهديدات بهدف تحسين تنافسيتها
وزیادة أرباحها على املدى الطويل ،وعموما فاملبدع هو الذي ينتج األفكار والتصاميم واألنشطة الخارجة عن
1
املألوف.
1
بورنان مصطفى ،أثر االبداع في تحسين أداء المنظمات الحديثة ،مجلة اقتصاديات المال واألعمال ،العدد ،08المركز الجامعي
ميلة ،2019 ،ص .55
د .واضح فواز ...................المحور الثالث :االبداع واالبتكار كمحور للمقاوالتية
يعرف معجم إدارة املوارد البشرية االبداع بأنه " إيجاد طرق جديدة في العمل أو أفكار حديثة في حل ومواجهة
1
املخاطر والعوائق ،والتي تؤدي إلى زيادة كفاءة العمل وقدرات العاملين في األداء".
يعتبر Schumpeterأول من ركز على االبداع في االقتصاد كما رأينا سابقا ،وعرف مصطلح االبداع" بأنه
الحصيلة الناتجة عن ايجاد طريقة أو نظام في اإلنتاج يؤدي إلى تغيير مكونات املنتج وكيفية تصميمه" .
-الكشف عن طرائق جديدة في اإلنتاج لم تكن معروفة من قبل تسهم في تخفيض التكاليف.
-العقل املتسائل الخالق :وهي صفة تولد مع اإلنسان وتعززها التربية والتدريب املبكر فهي صفة محيرة ألنها
تتحدى فضول األسرة ،حيث ينتمي شخصان لنفس األسرة إال أن أحدهما يتمتع بعقل متسائل بينما الثاني ال
يتمتع بذلك ،فهو عقل خالق ال يقبل بإجابة واحدة وسهلة بل يبحث في األعماق إليجاد البدائل.وبذلك يمنح
العقل القدرة على توليد عدد كبير من األفكار والبدائل والتصورات املتعددة واملتنوعة والتي يمكن تركيب
بعضها البعض لتصل في النهاية لألفكار اإلبداعية االبتكارية.
-القدرة على التحليل :حيث يتمتع الشخص املبدع بقدرات كبيرة تمكنه من فهم الظروف واملتغيرات املحيطة
وتفسيرها مع توقع آثارها املستقبلية على نشاطه ،باإلضافة إلى قدرته على تحليل مختلف البيانات واملعطيات
الخاصة بمختلف الظواهر أو املشكالت التي تصادفه والعمل على ايجاد الحلول الالزمة
-النشاط املتميز :غالبا ما نجد الشخص املبدع يمارس نشاطاته على شتى أنواعها ومجاالتها بشكل يختلف عن
اآلخرين ،فهو شخص يحب التغيير والتطوير بشكل مستمر ،كما نجده يمارس عمله بشكل متقن وبجودة
وكفاءة عالية
1
بوالقمح هدى ،تفعيل االبداع كمدخل لتعزيز اقتصاد المعرفة ،مجلة االصالحات االقتصادية لالندماج في االقتصاد العالمي ،المجلد
،13العدد ،01المدرسة العليا للتجارة ،الجزائر ،2019 ،ص .314
2
مرزوق فاتح وبوشعير لويزة ،مساهمة الحاضنات الصناعية في ترقية االبداع المقاوالتي لدى حاملي المشاريع المحتضنة بالجزائر،
مجلة البشائر االقتصادية ،المجلد ،06العدد ،01جامعة بشار ،2020 ،ص .464
د .واضح فواز ...................المحور الثالث :االبداع واالبتكار كمحور للمقاوالتية
-املرونة :الشخص املبدع سريع التغيير ويسعى دائما للتجديد والتطوير ،كما لديه رغبة جامحة ملواكبة
التطورات الحاصلة بشكل مرن ويساهم في احداث التطور والتغيير
.2.1خصائص االبداع:
-اإلبداع يعني التمايز وهو اإلتيان بما هو مختلف عن اآلخرين من املنافسين املباشرين ،هدفه إنشاء شريحة
سوقية من خالل االستجابة املتفردة ملختلف الحاجات عن طريق االبداع.
-الجدية و الحداثة :اإلبداع وهو يمثل الجديد كليا أو جزئيا في مقابل الحالة القائمة ،كما يمثل مصدر
التجديد للمحافظة على حصة املؤسسة في السوق وتطويرها.
-اإلبداع هو التوليفة الجديدة ،وهو االتيان بالجديد كليا أو جزئيا في مقابل الحالة القائمة ،كما يمثل مصدر
التجدد من أجل املحافظة على حصة الشركة السوقية وتطويرها.
-اإلبداع هو أن يكون الفرد املبدع هو الذي يتحول في السوق ،ألنه األول قبل اآلخرين الذي توصل إلى الفكرة
واملنتج والسوق.
-االبداع هو القدرة على اكتشاف الفرص وهو يمثل نمطا من أنماط اإلبداع الذي يستند على قراءة جديدة
ومختلفة للحاجات والتوقعات.
-االبداع هو ورؤية خالقة الكتشاف قدرات املنتج الجديد في خلق طلب فعال واكتشاف السوق الجديد الذي
هو غير موجود.
.3.1آثار اإلبداع في املؤسسة :ويمكن تلخيص اآلثار اإليجابية لإلبداع فيما يلي:1
تحسين أداء املؤسسة :من خالل الرفع في مختلف مؤشران األداء الداخلي والكلي للمؤسسة
تحسين التنظيم اإلداري في املؤسسة :يعمل اإلبداع على ترسيخ العمل الجماعي بين أفراد املؤسسة،
كما يساهم في وضع واعتماد نماذج وطرق جديدة في التنظيم االداري من شأنها تحسين املمارسات
االدارية وتوجيه الجهود نحو تحقيق أهداف التميز وخلق واملحافظة على امليزات التنافسية.
خفض النفقات :ابتكار املنتج أو الخدمة أو العملية له تأثير كبير على خفض النفقات سواء
بالتوصل ملنتجات أصغر) مواد أقل في وحدة املنتج( ،أو تقديم خدمات أسرع) تكلفة عمل أقل( ،أو
عمليات أكثر دقة) خفض تكلفة التلف ،وإعادة العمل والتخلص من التوالف(
1
بسويح منى وآخرون ،دور الحوكمة في تعزيز االبتكار داخل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ،مجلة الحوكمة المسؤولية االجتماعية
والتنمية المستدامة ،المجلد ،02العدد ،01المركز الجامعي غليزان ،2020 ،ص .219
د .واضح فواز ...................المحور الثالث :االبداع واالبتكار كمحور للمقاوالتية
تدعيم تنافسية املؤسسة :يعمل اإلبداع على اكتساب املؤسسة مزايا تنافسية تعزز مركزها
التنافس ي في السوق ،و هذا من خالل تحسين جودة املنتجات و تقليص التكاليف أي تخفيض
األسعار ،
مواكبة التطور التكنولوجي :يؤدي اإلبداع التكنولوجي إلى قدرة املؤسسة على مواكبة التطور
التكنولوجي ،وذلك من خالل تكثيف نشاطات البحث و التطوير ،قصد التحسين املستمر ملنتجا ا،
وبالتالي تمديد دورة حياتها.
.2االبتكار :هناك عالقة تكاملية متداخلة بين اإلبداع واالبتكار ،أي أن وجود أفكار مبدعة ال يكون إال من
خالل أفراد مبتكرين وفرق عمل تبحث عن التميز ،فعلى أساس عملية االبتكار يقومون باملحافظة على ديمومة
املؤسسة ،فاالبتكار مهم للمؤسسة وال يمكنها املحافظة على حصتها في السوق إال من خالل اعتماد االبداع
واالبتكار ،من وجهة نظر Amabileفإن العالقة ما بين اإلبداع واالبتكار هي عالقة مكملة لبعضها بعضا ولكن
اإلبداع يختلف عن االبتكار ،حيث أن اإلبداع يعبر عن عملية عقلية خالقة تأتي بأفكار جديدة ومفيدة ،غير
مألوفة كما تناولنا سابقا ،أما االبتكار هو نتاج األفكار املبدعة والتي تعتبر الركيزة واألساس في العملية
االبتكارية وضمن هذا السياق يشير Druckerإلى أن االبتكار يمثل التخلي املنظم عن الش يء القديم ويؤكد ما
جاء به Schumpeterعلى أن االبتكار فيه هدم وبناء ،1ويعبر عن العالقة بين االبداع واالبتكار بالعالقة التالية:
االبتكار= االبداع +التطبيق.
ان جميع االبتكارات تبدأ أصال بأفكار إبداعية حيث يعمل االبتكار على هذه األفكار بإحداث تغييرات معينة
ملموسة في املنتج ،وهكذا يصبح االبتكار Innovationالتطبيقات الناجحة لألفكار اإلبداعية في أي مؤسسة
أو منظمة ،ومن هنا يكون اإلبداع أو األفكار اإلبداعية انطالقة لالبتكار ،فهو ضروري لالبتكار ولكنه غير كاف
في حد ذاته حيث ينبغي أن يتم فحص األفكار وتجريبها على أرض الواقع للتعرف على فعاليتها والعمليات
املرتبطة بها وطرق إدارة هذه العمليات بأقل تكلفة وجهد
.1.2تعريف االبتكار :ال يوجد اتفاق على تعريف االبتكار إال أنه يمكن تعريفه على أنه"االتيان بالجديد الذي
لم يكن معروفا من قبل وتطبيقه على أرض الواقع " ،وهو عملية تطبيق لإلبداع و إنشاء قيمة مضافة بتطوير
أعمال أو أشياء تم اختراعها من قبل .
وترى Marie Debourgبأن االبتكار هو تطبيق تجاري لإلبداع ،وحسب هذا الرؤية فإنه يمكن التعبير عن
االبتكار باملعادلة التالية :االبتكار = االبداع +التطبيق التجاري.2
1
عاكف لطفي خصاونة ،ادارة االبداع واالبتكار في منظمات األعمال ،ط ،1دار حامد للنشر والتوزيع ،األردن ،2011 ،ص .36
2
بلعجال فوزية ،شروط االبتكار في المؤسسة االقتصادية " دراسة حالة مجمع شي علي لألنابيب ،ومؤسسة خنثر للمركبات
االلكترونية" ،مجلة اآلفاق للدراسات االقتصادية ،المجلد ،03العدد ،07جامعة سيدي بلعباس ،2019 ،ص .78
د .واضح فواز ...................المحور الثالث :االبداع واالبتكار كمحور للمقاوالتية
وتعرف مؤسسة التعاون االقتصادي والتنمية االبتكار في املؤسسات على أنه مجموع من الطرق العلمية،
التكنولوجية ،التنظيمية ،املالية والتجارية التي تمكن املؤسسة من طرح منتجات جديدة أو محسنة في
السوق ،فكل ابتكار يبدأ بأفكار مبدعة ،واإلبداع يكون إما من طرف األفراد أو الفرق ،والذي هو نقطة بداية
االبتكار فاألول ضروري لكنه غير كاف ،ويشكل اإلبداع أحد مدخالت االبتكار ،بحيث اإلبداع هو عملية عقلية
تؤدي إلى إنتاج أفكار جديدة .أما االبتكار هو عملية التطبيق اإليجابي لتلك األفكار اإلبداعية.
هناك تعريف آخر لالبتكار يشير إلى خاصية يمكن الن تكتسبها املؤسسة من خالل تقديمها لالبتكار ،وهو
تعريف قاموس األعمال Longmanحيث يعرف االبتكار على أنه " أي اختراع جديد أو طريقة محسنة في إنتاج
السلع والخدمات ،أو أي تغيير في طرق االنتاج التي تعطي للمنتج أو الخدمة أفضلية عن املنافسين في تحقيق
احتكار مؤقت".1
2
.2.2تصنيف االبتكار حسب نمط النشاط في املؤسسة :وهو على النحو التالي:
االبتكار االستراتيجي :يشير االبتكار االستراتيجي إلى العملية الكاملة التي تقوم من خاللها املؤسسات
بإعادة تصميم عملياتها ومنتجاتها التجارية لتمكينها من تقديم منتجات وخدمات أكثر تفوقا
لعمالئها ،ويؤدي إلى تحقيق التميز االستراتيجي أو مليزة التنافسية ويساهم في إعادة تعريف نموذج
أعمال املنظمة وإيجاد أسواق جديدة.
االبتكار في اإلنتاج :يظهر االبتكار في كل مجاالت اإلنتاج ،فقد يتمثل في خلق مشروع جديد أو إعادة
تشكيل منتوجات كانت موجودة بطريقة متطورة أو مختلفة ،بحيث يعرض املنتج خصائص جديدة
على الزبائن مزايا جديدة،
االبتكار التقني :يمكن صنع املنتوج بتكنولوجيا جديدة ،أو سيرورة إنتاج غير معروفة ،فقد يتجسد
االبتكار في شكل تجهيزات جديدة لإلنتاج ،أو إدخال مادة أولية مختلفة ،أو تنسيق جديد بين مختلف
التجهيزات.
االبتكار االداري :وهو العملية التي يترتب عليها فكرة أو ممارسة أو خدمة جديدة يمكن تبنيها
واعتمادها من قبل موظفي املؤسسات أو فرضها عليهم من قبل أصحاب الق رار ،بحيث ينتج عنها
إحداث نوع من التغيير في بيئة أو عمليات أو مخرجات املنظم ،وهو ينشأ نتيجة الخبرة واإلملام
اإلداري واالدراك لواقع املنظمة واملستند إلى املعلومات الشاملة ألجزاء التنظيم املختلفة وتحليلها،
مما يتطلب توافر قدرات ابتكاريه للوصول إلى كل ما هو جديد ومفيد .كما يمكن لالبتكار أن يحول
التنظيم إلى تنظيم يستجيب بسرعة لتدفقات الطلب وتقليص التخزين في آن واحد ،يؤدي إلى
تشجيع العمل الجماعي ويضمن مرونة كبيرة في إنجاز املهام،
1
G.F. ADAM, Longman Dictionary of BUSINESS ENGLISH, YORK Press, Beirut,1982, p. 244
2
لواج منير ،دور حاضنات األعمال في تنمية قدرات االبتكار للمؤسسات المصغرة والصغيرة في الجزائر ،مجلة البشائر االقتصادية،
المجلد ،06العدد ،01جامعة بشار ،2020 ،ص ص .481 ،480
د .واضح فواز ...................المحور الثالث :االبداع واالبتكار كمحور للمقاوالتية
االبتكار التسويقي :وهو تطبيق طرق جديدة في التسويق تشتمل في جوهرها على وضع أفكار جديدة
غير تقليدية في املمارسات التسويقية ،تشمل تغييرات هامة في كل عناصر املزيج التسويقي ،كما يمس
االبتكار منافذ التوزيع وأساليبه ،وكذا النقل واملستودعات وغيرها.
.3مراحل االبداع واالبتكار :هناك أربعة مراحل أساسية يمر بها االبداع:
مرحلة االعداد :تنشأ هذه املرحلة بإدراك الشخص لوجود مشكلة ،استنادا إلى مكتسباته
ومعارفه العلمية وخبرته في امليدان ،مما يسمح له بتكوين وتجسيد قاعدة تشكل منطلقا
ألفكار جديدة.
مرحلة التركيز :ويتم في هذه املرحلة االحاطة الجيدة بجوانب املشكلة ،دون وجود بوادر
لحلها.
مرحلة االحتضان :تتميز هذه املرحلة بالتفكير الالشعوري للمشكلة ،عن طريق تحويل
التفكير إلى أشياء أخرى في لحظات غير محددة ،كاالستيقاظ من النوم أو عند ممارسة
نشاط ما.
مرحلة االلهام :يظهر الحل في هذه املرحلة بشكل فجائي غير متوقع أو عن طريق أفكار
يبعثها العقل االنساني على شكل ومضات فكرية كحلول للمشكلة أو املوضوع محل التفكير.
مرحلة التجريب واالختبار :يختبر املبدع في هذه املرحلة صحة وجود ابداعه وامكانية
تطبيقه في أرض الواقع من خالل التجريب ،وقد يجري بعض التعديالت أو التغييرات من
أجل تحسين ابداعه .هذه املراحل الخمس األولى تمثل مراحل االبداع والتي تليها تمثل تكملة
االبداع ليتحول إلى ابتكار
مرحلة اإلعداد لتنفيذ الفكرة :يتم في هذه املرحلة التخطيط لتنفيذ الفكرة من خالل وضع
مخطط عملي يحدد فيه الخطوات الواجب اتباعها لتنفيذ الفكرة مع تحديد مختلف
االحتياجات الالزمة في التنفيذ ،ثم القيام بعمليات تنظيمية بهدف االنطالق في التنفيذ من
خالل تحديد املهام والصالحيات واملسؤوليات عن التنفيذ
مرحلة تنفيذ الفكرة :يتم فيها وضع الخطة الخاصة بالفكرة املعتمدة محل التنفيذ
ومباشرة العمل ومتابعته حتى آخر خطوة مبرمجة في الخطة املعدة في املرحلة السابقة
مرحلة الرقابة على التنفيذ وتصحيح االنحر افات :بعد االنتهاء من التنفيذ البد من القيام
بمقارنة ما تم انجازه فعال مع ما تم التخطيط له في البداية بهدف معرفة مدى نجاح
الفكرة ،والتأكد النهائي من الحصول على ابتكار يناسب الحاجة التي وجد من أجل تلبيتها
وادخال التعديالت أو التحسينات الالزمة
د .واضح فواز ...................المحور الثالث :االبداع واالبتكار كمحور للمقاوالتية
.4العوامل املساعدة على اإلبداع واالبتكار في املؤسسة :هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر بشكل مباشر
على مستويات االبداع والبتكار في املؤسسة منها:
.1.4الخصائص الشخصية :تلعب الخصائص الشخصية دورا مهما للفرد املبتكر ،فهم يتميزون بمجوعة من
1
السمات تختلف عن غيرهم أهمها:
-الرغبة في مراجعة األطر املرجعية في التفكير وإضافة التعديالت املمكنة أو معالجة مواطن النقص في هذه
األطر املرجعية .
القيادة :تعتبر طبيعة القيادة من أهم العوامل التي تؤثر في القدرة اإلبداعية للمؤسسة بحيث
املؤسسات التي لها قادة يتمتعون بالصفات القيادية ذات الكفاءة ،و تعمل على تحفيز املشاركة
تكون فيها القدرة على اإلبداع عالية.
الهيكل التنظيمي :يؤثر الهيكل التنظيمي تأثير مباشر على مستوى القدرة على اإلبداع في املؤسسة ،
وذلك من خالل الطريقة التي يتم بموجبها تنظيم املؤسسة سواء كانت بطريقة ال مركزية أو مركزية.
ثقافة املؤسسة :تشكل ثقافة املؤسسة كمؤثر على القدرة اإلبداعية ،وأصبح ش يء مؤكد عند
املختصين أن التغيير التنظيمي يشمل على التغيير الثقافي.
البيئة االجتماعية والسياسية :التفاعل القائم بين الفرد واملجتمع هو الذي يحدد شخصية الفرد
املبتكر وتطور سلوكه ،وينطلق هذا التفاعل على مستوى األسرة التي تشكل البيئة املؤثرة األولى للفرد
1
غريب الطاوس ودريد حنان ،التعليم المقاوالتي كآلية لتشجيع االبتكار المؤسسي لدى الشباب " دراسة عينة من الطلبة الجامعيين"،
مجلة آفاق علوم االدارة واالقتصاد ،المجلد ،03العدد ،02جامعة تبسة ،2019 ،ص .77
د .واضح فواز ...................المحور الثالث :االبداع واالبتكار كمحور للمقاوالتية
املبتكر ،ثم يأتي بعدها دور املؤسسات واملنظومات التعليمية والثقافية في تحفيز الفرد على االهتمام
باإلبداع واالبتكار من خالل وسائل التربية والتوجيه الثقافي والحوافز،
مؤسسات البحث والتطوير في املجتمع :تلعب مراكز البحث والجامعات دورا مهما في تشجيع البحث
من خالل خلق وتعزيز مكانة الباحثين املتميزين واملبتكرين في املجتمع ،وتنقسم هذه املؤسسات إلى:
الهياكل العمومية :وتشمل مؤسسات البحث والتطوير التابعة للدولة ومديريات البحث التطبيقي في
املؤسسات االقتصادية العمومية ،وتضم املخابر العلمية في الجامعات ،مراكز البحث التطبيقي
الجهوية والوطنية.
الهياكل الخاصة :وتشمل مقاوالت القطاع الخاص والتي تنشأ هياكل البحث ،االختراع واالبداع
التكنولوجي ،باإلضافة إلى املبدعين األحرار ذوي املواهب والقدرات االبداع.
نظام براءة االختراع :كما يلعب نظام براءة الحقوق الفكرية وبراءة االختراع دورا فعاال في إيجاد البعد
املؤسس ي لحماية حقوق املبتكرين واملؤسسات االبتكارية.
التمويل الالزم :حيث يلعب وجود رؤوس األموال وآليات الدعم املالي دورا مهما ،خاصة ما يتعلق
باالبتكارات ذات املخاطر العالية جدا.
-وضع هيكل تنظيمي يشجع حرية التفكير و تنمية روح املبادرة و املشاركة و احترام افكار العمال.
-متابعة ومكافأة األفراد ألفكارهم اإلبداعية ،و ذلك من خالل حوافز مادية و معنوية.
-تطور تكنولوجيا املعلومات والذي انعكس إيجابا على أنشطة اإلبداع و التطوير حيث تساهم اإلنترنت مثال في
تقديم خدمات في مجال التصاميم و التحسين و غيرها في مختلف املؤسسات.
-البحث والتطوير الذي يتعلق بتلك الجهود املوجهة نحو زيادة املعرفة العلمية ،واستخدامها في تطبيقات
جديدة في النشاط اإلنتاجي ،مما يعمل على تحقيق اإلبداع في املنتجات واألساليب.
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
قدم" بورتر " في دراسته لتأثير البيئة الخارجية التنافسية للمؤسسة في إطار تحليله لهيكل الصناعة في
الدول املتقدمة تحليال هيكليا مفصال لقطاعات النشاط املختلفة وقوى املنافسة الفاعلة فيها واملحددة
لجاذبيتها وربحيتها ضمن ما أصبح يعرف بنموذج قوى املنافسة لـ بورتر ،إذ يؤكد من خالل هذا التحليل على أن
"هيكل القطاع يمارس تأثيرا كبيرا في تحديد قواعد اللعبة التنافسية وعلى االستراتيجيات التي يمكن للمؤسسة
اعتمادها" ،على اعتبار أن املنافسة في صناعة ما تتجاوز كثيرا سلوك املتنافسين الحاليين واملنتجات والخدمات
1
في الصناعة الواحدة ،بل تتعداهم إلى باقي القوى األخرى التي تحكم مجتمعه قواعد املنافسة.
صنف « »Porterالقوى التي تحكم املنافسة في الصناعة ضمن خمسة أصناف وفق ما يوضحه الشكل
املوالي:
الداخلون المحتملون
تهديدات الداخلين
الجدد
قوة التفاوض قوة التفاوض لدى
لدى الزبائن المتنافسون في القطاع الموردين
الزبائن الموردون
المنتجات البديلة
Source: Michael Porter, Choix Stratégiques Et Concurrence, Paris, Economica, 1986, P04.
1
سماللي يحضيه ،أثر التسيير االستراتيجي للموارد البشرية وتنمية الكفاءات علي امليزة التنافسية للمؤسسة االقتصادية ،أطروحة دكتوراه دولة ،تخصص
التسيير ،جامعة الجزائر ،الجزائر،2005 ،ص.32
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
ومن خالل الشكل أعاله يمكن أن نذكر مجموعة من العناصر ،التي يمكن أن تدخل ضمن كل عنصر من
عناصر قوى الخاصة بالصناعة ،وذلك كما حددها " " Porterفي نموذجه القوى الخمسة للمنافسة املحددة
لنجاح وفشل املؤسسات العاملة في الصناعة الصناعة ،وذلك حسب الجدول املوالي:
الجدول رقم ( :)1محددات عوامل النجاح والفشل وفق نموذج القوى الخمسة للمنافسة ل ـ " ." Porter
السعر أو األداء لحاالت اإلحالل ،تكاليف التحويل ،نزوع املشتري لإلحالل. محددات تهديد اإلحالل
القوة الدافعة التفاوضية ،تركز املشتري ،حجم املشتري ،تكاليف تحول املشتري،
معلومات املشتري ،القدرة على التكامل إلى الوراء ،منتجات اإلحالل ،اختيار
محددات قوة الزبائن
املراحل الخطرة ،حساسية السعر ،السعر إلى إجمالي املشتريات ،تمييزات املنتج،
العالمة التجارية ،التأثير على الجودة /األداء ،أرباح املشتري ،حوافز متخذي
القرار.
املصدر :روبرت بيتس ،ديفيد لي ،اإلدارة االستراتيجية بناء امليزة التنافسية ،ترجمة عبد الحكيم الخزامي ،دار
الفجر للنشر ،مصر ،2008 ،ص .139
ويوضح الجدول السابق أن لكل قوة من قوى املنافسة الخمسة التي طرحها " "Porterفي نموذجه ،مجموعة من
املحددات التي تدخل ضمن هذه القوة ،وسنشرح كل قوة من قوى املنافسة الخمسة في ما يلي:
تهديد الداخلين املحتملين :إن تحليل هيكل الصناعة حسب "بورتر" ال يقتصر على املتنافسين
املتواجدين فعليا ضمن القطاع والسعي وراء تحقيقهم مليزة تنافسية ،بل يتعدى األمر إلى املنافسين
املحتمل دخولهم إلى السوق والذين ال يمكن تجاهلهم بحيث يمكن أن تكون لديهم قدرات جديدة
وموارد نوعية مع الرغبة في امتالك حصة في السوق ،ويعتمد تهديد داخلين جدد للقطاع على طبيعة
املعوقات التي تحول دون الدخول إلى البيئة التنافسية ،وعلى رد الفعل الذي يمكن أن يتعرض له
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
هؤالء الداخلون الجدد من قبل املتنافسين املتواجدين ،ومن ثم فإن االستراتيجية املعتمدة على زيادة
الحواجز ستؤدى إلى تحقيق الصناعة لعوائد مرتفعة على املدى الطويل ،ويمكن حصر تلك الحواجز
في العوامل التالية:
اقتصاديات السلم والتكاليف غير املرتبطة بحجم اإلنتاج :تهدف اقتصاديات السلم إلى إحداث
تخفيضات في تكلفة الوحدات املنجزة من خالل زيادة حجم اإلنتاج ،مشكلة بذلك حاجزا أمام
الداخلين الجدد لعدم استطاعتهم تحمل مخاطر االنطالق بحجم كبير أمام ردود الفعل القوية
للمنافسين املتواجدين ،كما أنه ال يمكنهم االنطالق بحجم محدود خال من امتيازات التكلفة التي
1
تحققها اقتصاديات السلم ،والتي يمكن اللجوء إليها في جميع مستويات النشاط باملؤسسة.
تمييز املنتج :تمايز املنتجات يأتي من خالل امتالك املؤسسة ،لعالمة تجارية متميزة أو امتالك زبائن
أوفياء ،وهذا يأتي من خالل الخدمات اإلههارية ،التي تقدمها املؤسسة عن منتجها ،وتمييز املنتجات
ببساطة يمنح املؤسسة مكانة خاصة في القطاع الذي تنشط فيه ،ومن خالل هذا فإن تمييز املنتج
يخلق حاجز دخول أمام املؤسسات الراغبة في الدخول ،من خالل إجبارها على إنفاق مبالغ ضخمة
في مجال اإلههار ،وذلك من أجل الحصول على والء الزبائن ،وهذا يؤدى باملؤسسة إلى تحمل خسائر
2
كبيرة في البداية ،وال تحصل على والء الزبائن إال بعد مرور وقت على تواجدها في الصناعة.
النفاذ إلى قنوات التوزيع :إن عدم توافر قنوات التوزيع للداخلين الجدد يخلق عائقا أمام دخولهم،
ففي أغلب األحيان تمتلك املؤسسات املوجودة في الصناعة تأثيرا كبيرا في منافذ التوزيع ،أو تمتلك
الخبرة في مجال التوزيع ،أو محدودية قنوات التوزيع ،إلى غير ذلك من تلك الصعوبات ،التي تقف أمام
الدخول الجديد من طرف املؤسسات الجديدة ،وتجعل من عملية الدخول مكلفة جدا.3
سياسة الحكومة :بإمكان الحكومات الحد من دخول صناعات معينة أو منعه باملرة ،وذلك من خالل
ما تسنه من قوانين وتشريعات وفق ما يسمى بسياسة الترخيص الصناعي ،أو دخولها كطرف متعامل
داخل القطاع ،إما في صفة زبون كما هو الشأن لبعض التجهيزات العسكرية ،أو صفة مورد حينما
يتعلق األمر ببعض املواد االستراتيجية ،وهذا الدور يتجلى أكثر فأكثر كلما خرجنا من دائرة الدول
املتقدمة إلى الدول النامية.4
قوة مساومة املوردين :بإمكان قوة مساومة املوردين أن تشكل تهديدا حقيقيا للقطاع ،إذ يمكن أن
تقلص من مردوديته عن طريق الضغط الذي يمارسونه برفع األسعار أو بتدنية مستويات الجودة
للمواد املوردة ،ويكون هذا التهديد أهد خطورة في حالة عجز القطاع عن إدماج االرتفاع الحاصل في
التكاليف 5.ويكون املوردون في قوة في ظل الحاالت التالية:
درجة تركز املوردين مقارنة مع الزبائن :حيث كلما كانت السيطرة في صناعة ما ،من طرف املوردين
كبيرة (بمعنى وجود عدد قليل من املوردين) ،كلما كان تحكم املوردين في السعر والجودة وهروط البيع
كبير.
1سماللي يحضيه ،أثر التسيير االستراتيجي للموارد البشرية وتنمية الكفاءات علي امليزة التنافسية للمؤسسة االقتصادية ،مرجع سابق ،ص ص .34،35
2
Michel Porter, Les Choix Stratégiques et Concurrence, Op-Cit, P 10.
3كاظم نزار الركابي ،اإلدارة االستراتيجية العوملة واملنافسة ،دار وائل للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،2004 ،ص.129
4
سماللي يحضيه ،مرجع سابق ،ص .35
5سماللي يحضيه ،املرجع نفسه ،ص .36
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
عدم توفر املنتجات البديلة :بمعنى عدم وجود بدائل للمواد التي يقدمها املوردون ،الش يء الذي يزيد
من القدرة التفاوضية لهم.
تمييز منتجاتهم بالدرجة التي تكلف املؤسسة كثيرا :بحيث أن املؤسسة التي تتحول من املنتج الذي
يورده املورد ،إلى منتج بديل آخر يكلف املؤسسة كثيرا.
درجة أهمية املؤسسة بالنسبة للمورد :عندما ال يمثل قطاع املؤسسات التي تشتري من املوردين،
سوى حصة بسيطة من رقم أعمالهم ،فإن القوة التفاوضية لدى املوردين تكون كبيرة.
درجة أهمية منتجات املورد بالنسبة للمؤسسة :فكلما كانت املواد األولية أو السلع النصف مصنعة
التي يوردها املورد ،ذات أهمية بالنسبة للمؤسسة ،زاد ذلك من القدرة التفاوضية للمورد.
املوردون يشكلون تهديد التكامل األمامي :بحيث يمكن للمورد الذي يزود املؤسسة بعوامل اإلنتاج،
أن يتحول إلى منافس لها في الصناعة التي تنشط فيها ،وبالتالي هذا يمنح املورد قوة تفاوضية كبيرة.
وبالتالي يمكن للمؤسسة تحقيق ميزة تنافسية من خالل العالقة مع املوردين ،فاملورد الذي هو مصدر املواد
ومستلزمات العملية اإلنتاجية أصبح مصدرا الستغالل املهارات وتدعيم األفضلية التنافسية ،حيث أن
عمليات التقاول الباطني تمكن املؤسسة من استغالل مهارات وكفاءات املورد من خالل أخرجة بعض أنشطتها
وهنا يشهد الفكر االستراتيجي والتنافس ي ميالد مفهوم جديد لعملية اإلنتاج إذ أن جميع أنشطة املؤسسة قابلة
1
لألخرجة ماعدا تلك التي كونت فيها املهارات األساسية.
قوة مساومة الزبائن :يمكن للزبائن التأثير على طبيعة املنافسة في القطاع ،ذلك أن الزبون دائما
يسعى إلى الحصول على املنتج بأسعار منخفضة من جهة ،ومن جهة أخرى يسعى أيضا إلى الحصول
على هذا املنتج بمواصفات وجودة عالية ،وتتوقف قدرتهم في التأثير على املؤسسات الناهطة في
الصناعة على مجموعة من العوامل منها 2درجة تركزهم وكبر حجم الكميات التي يشترونها ،أهمية
املنتجات من حيث التكاليف والحجم بالنسبة ملجموع مشتريات الزبون ،معيارية املنتجات ومدى
تميزها ،الهوامش املطبقة ،إمكانية التكامل الرأس ي في سوق التوزيع ،املعلومات املتوفرة لدى الزبون
3
وحماية الدولة للزبائن.
تهديد املنتجات البديلة :ال يقتصر األمر على كل من املنافسين املزاحمين في الصناعة وكذلك
املنافسين املحتملين ،بل هناك قوى أخرى محورية لتحديد جاذبية الصناعة هي املنتجات البديلة،
وتتمثل في وجود مؤسسات أخرى تقدم بدائل تحل محل املنتجات أو الخدمات التي تقدمها املؤسسة،
أو تقدم بديل إلهباع هذا الطلب ،وتؤثر البدائل بطرق مختلفة على مدى جاذبية الصناعة ،ويعتمد
هذا التأثير على ربحية الصناعة على عدد من العوامل منها مدى توافر بدائل قريبة ،تكلفة التبديل
ملستخدمي السلعة ،مدى تشدد منتجي السلع البديلة ،مقايضة السعر والقيمة بين املنتجات األصلية
4
وبدائلها من السلع.
1
عبد املليك مزهودة ،التسيير االستراتيجي للمؤسسات مقاربات مفهومية وتحديات تنافسية ،مجلة الباحث ،جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة ،العدد
،2006/04ص ،91ملزيد من املعلومات أنظر املوقع.http://rcweb.luedld.net :
2
Raymond-Alain Thietart, La strategie d’entreprise, Ed international, 1996, 2 e édition, P82 .
3
عبد املليك مزهودة ،اإلدارة االستراتيجية للمؤسسات ،محاضرات غير منشورة ،جامعة محمد خيضر بسكرة ،2006/2005 ،ص .65
4
نبيل مرس ي خليل ،امليزة التنافسية في مجال األعمال ،الدار الجامعية ،مصر ،1996 ،ص .72
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
شدة املنافسة بين املؤسسات املوجودة في الصناعة :تمثل هدة املنافسة بين املؤسسات املوجودة
في الصناعة مرتكزا أساسيا في نموذج بورتر لتحديد جاذبية الصناعة ،وهدة املنافسة تعد حالة
طبيعية أو مألوفة بين املتنافسين في الصناعة ،وتعبر مقاييس التركيز عن مدى تركز اإلنتاج في إحدى
الصناعات أو األسواق في أيدي عدد محدود من املؤسسات ،فالسوق يكون أكثر تركيزا كلما قل عدد
املؤسسات املنتجة أو زاد التباين بين أنصبتها في السوق ،1وهناك مجموعة من مقاييس التركز وأهم
هذه املقاييس:
مقلوب عدد املؤسسات :يأخذ هذا املقياس الصيغة التالية م=/1ن 2.حيث ن :عدد املؤسسات
العاملة بالصناعة .إذا وجد بالصناعة مؤسسة واحدة محتكرة ،فإن قيمة هذا املقياس ،تساوي
الواحد الصحيح ،وفي حالة املنافسة الكاملة؛ عندما يؤول ن إلى ما ال نهاية ،تصل قيمة هذا املقياس
إلى الصفر ،يعتبر هذا املقياس أكثر مالئمة إذا كانت املؤسسات التي تعمل بالصناعة متماثلة
الحجم ،ويعتبر مضلال إذا كـان غير ذلك ،فدخول مؤسسة كبيرة الحج ــم إلى الصناعة يؤدي إلى زيادة
درجة التركز بدال من نقصها ،كما أنه ال يأخذ في الحساب ،أثر تحويل املبيعات من مؤسسة صغيرة
إلى كبيرة على درجة التركز مع ثبات حجم السوق ،طاملا لم تختفي إحدى املؤسسات.
مقياس نسبة التركز :وهي تشير إلى النسبة املئوية لنصيب أكبر ""rمن املؤسسات من ناتج الصناعة.
حيث" "rهي أي رقم ،ولقد جرى العرف أن تتراوح بين العددين ""3و" ،"8ويأخذ الصيغة التالية:3
Cr = Xr/Xحيث Cr :تمثل نسبة التركز Xr ،تمثل مجموع أنصبة أكبر rمؤسسة في الصناعة X ،تمثل
النصيب الكلي للصناعة.
ويتمتع هذا املؤهر بأفضلية خاصة في الدراسات الوصفية والعملية حيث يسهل حسابه ويتيسر فهمه،
ويتميز هذا املقياس بأنه يعامل كل املؤسسات الداخلة في القياس بصورة متساوية.4
إن استخدام االستراتيجيات مثل األسعار التنافسية ،وتقديم املنتجات أو الخدمات بجودة عالية ،تتيح ملثل
تلك املؤسسات تحقيق ربحية في الصناعة أفضل من املنافسين ،ويرى بورتر أن هدة املنافسة مرتبطة بعدة
عوامل أهمها ما يلي:
قائد الصناعة :يستطيع قــائد الصناعة القوي ،أن يحبط حروب األسعار بسبب موارده الكبيرة ،و -
تكون الصناعة بربحية عالية ،كما أن الصناعة تكون عرضة لعدم االستقرار كلما كان عدد املنافسين
كبيرا ،وهذا عكس ما إذا كانت تتميز بسيطرة و تمركز عدد محدود من املتنافسين ،بحيث تستطيع
املؤسسات الكبرى فرض تقاليد خاصة للمنافسة ،وتحديد األسعار املوجهة فيما بينها ،كما أن عوائق
الدخول بمختلف أهكالها ،وسعة مجال التميز ،من هأنها أن تؤثر إيجابا على استقرار ومردودية
القطاع.
1
روجر كالرك ،اقتصاديات الصناعة ،تعريب فريد بشير طاهر وكامل سلمان العاني ،دار املريخ ،السعودية،1994،ص ص .30.29
2
أحمد سعيد بامخرمة ،اقتصاديات الصناعة ،مرجع سابق،ص.52
3
روجر كالرك ،اقتصاديات الصناعة ،تعريب فريد بشير طاهر وكامل سلمان العاني ،مرجع سابق،ص.34
4
المرجع نفسه ،ص.35
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
أحوال الطلب :كلما كان هناك طلب كافي على كل منتجات القطاع ،فإنه يستبعد وجود منافسة -
قوية ،أما في حالة العكس ،فإن املؤسسات تكون مستعدة لخوض حرب من أجل الحفاظ على حصتها
السوقية .كما أن عدد املتنافسين و أحجامهم ينعكس سلبا على ربحية القطاع.
عدد املتنافسين :كلما قل عدد املتنافسين في الصناعة ،كلما أدى ذلك إلى زيادة هدة التنافس فيما -
1
بينهم.
معدل نمو الصناعة :فإذا كان نمو الصناعة سريع فسوف يتيح ملعظم املؤسسات فرص لتحقيق -
أهدافها ،أما إذا كان نمو الصناعة بطيء فإن املنافسة سوف تشتد وقد يشكل تهديد للمؤسسات
لبلوغ أهدافها.
التكاليف الثابتة :ذلك أنه كلما كانت التكاليف الثابتة للمؤسسة منخفضة كلما كانت تكلفة اإلنتاج -
منخفضة أيضا ،وبالتالي فاملؤسسة تملك قدرة على التنافس باألسعار.
تمييز املنتجات أو الخدمات :فاملؤسسات التي تتميز منتجاتها ،فإنها سوف تمتلك قدرة عالية على -
التنافس في الصناعة وبالتالي تحقيق أرباح عالية وأفضل من املؤسسات التي ال تمتلك تمييز في
منتجاتها.
الطاقة اإلنتاجية :تفضل الكثير من املؤسسات استخدام أقص ى طاقة إنتاجية من أجل تحقيق -
2
اقتصاديات الحجم.
عوائق الخروج عالية :عندما تكون عوائق الخروج كبيرة ،ربما كان األمر مكلفا من الناحية -
االقتصادية واالستراتيجية ،أو حتى العاطفية أن تتوقف املؤسسة وتخرج من املنافسة ،وبالتالي نجد
أن الشركات تستمر في التنافس ،حتى ولو كانت تعتقد أن ذلك ال يدر عليها الكثير من الربح ،ومن
األمثلة عن عوائق الخروج ما يلي :القوانين الخاصة بتسريح العمال وإغالق املصنع ،اتفاقيات العمل
3
التي تكلف الكثير عند نقضها ،االرتباط الروحي والعاطفي الذي يشعر به املالك واملدراء.
تنوع املنافسين :بمعنى التنوع في االستراتيجيات التي يتبناها املنافسون ،واالختالف في األساليب -
والسياسات املتبعة في بيئة التنافس.
ويمكننا القول أن نموذج بورتر للقوى الخمس املوضح في الشكل رقم ( ،)6-1يتيح لرؤساء املؤسسات دراسة
القوى املؤثرة في بيئة الصناعة واتجاهاتها باملاض ي والحاضر واملستقبل والتعرف على الفرص والتهديدات
4
املحيطة باملؤسسة.
أصحاب املصالح اآلخرون* :يوص ي فريمان بإضافة هذه القوة إلى قوى بورتر الخمس ،حيث تختلف
أهمية وتأثير هذه الجماعات من مؤسسة إلى أخرى ومن صناعة إلى أخرى .وأصحاب املصالح يمكن
أن يكونوا أفرادا أو جماعات لهم مصالح أو نصيب لدى املؤسسة يعطيهم الحق في السؤال عن طبيعة
وكيفية أدائها ،فاألطراف ذات املصلحة يمكن تقسيمهم إلى فئتين داخلية (العاملون بها ،أعضاء
1ياسين عطا هلل ،دور تحليل البيئة الخارجية في صياغة استراتيجيات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ،مذكرة ماجيستير ،كلية العلوم
االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة بسكرة،الجزائر،2009،ص.61
2زكريا مطلك الدوري ،اإلدارة االستراتيجية مفاهيم وعمليات وحاالت دراسية ،دار اليازور العلمية للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن،
،2005ص.107
3عماري عمار ،بن واضح الهاشمي ،تقييم البيئة الخارجية وأثرها علي فعالية تسيير المؤسسة االقتصادية الجزائرية ،الملتقي الدولي
األول حول التسيير الفعال في المؤسسة االقتصادية 4-3 ،ماي ،2005المسيلة ،ص .6
4زكريا مطلك الدوري ،االدارة االستراتيجية مفاهيم وعمليات وحاالت دراسية ،مرجع سابق ،ص .108
* تتمثل في الحكومات ،النقابات ،مجتمعات محلية ،مقرضين ،الغرف التجارية ،باإلضافة إلى بعض الجماعات ذات المصالح الخاصة...
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
ويلخص بورتر من خالل تحليليه لهذه القوى إلى أنه كلما زادت قوة عامل من هذه العوامل ،كلما تقلصت
بدرجة أكبر قوة املؤسسات القائمة على رفع األسعار وتحقيق األرباح ، 2فعلى سبيل املثال يمكن اعتبار عامل
املنافسة القوي كعامل تهديد للمؤسسة حيث انه يؤدي إلى تقليص األرباح ،أما عامل املنافسة الضعيف
فيمكن اعتباره على أنه فرصة للمؤسسة حيث انه يتيح لها أرباح أعظم ،كما يمكن أن تتغير قوة تأثير العوامل
الخمسة على مدار الوقت وفقا لتغيرات الظروف في الصناعة ،مما يفرض على املؤسسة صياغة استراتيجية
مناسبة للتعامل مع تلك التغيرات ،فكلما كانت تلك القوى في محلها وواقعة تحت سيطرة املؤسسة ،كلما كانت
فرصتها أفضل لتحقيق أداء جيد.
وبالرغم من أن املؤسسات في نفس الصناعة قد تواجه نفس الضغوط من الزبائن واملوردين واملنتجات
البديلة ،والداخلين الجدد ،إال أن هذه املؤسسات مختلفة تمــاما من حيث خصائص منتجاتها ،التركيز على
الجودة ،نوع التكنولوجيا املستخدمة ،قنوات التوزيع ونـ ــوع الزبون الذي تسعى إلى خدمته.
هناك العديد من العناصر التي تشكل البيئة الداخلية ألي مؤسسة ،يمكن عرضها وفق مجموعة من مجاالت
التحليل املتمثلة في كل من :الهيكل التنظيمي ،ثقافة املؤسسة ،باإلضافة إلى الوظائف األساسية للمؤسسة
مثل :التسويق ،التمويل ،البحوث والتطوير ،العمليات ،املوارد البشرية ،والتي تمثل مجتمعة االمكانيات
واملمارسات الداخلية في املشاريع أو املؤسسات االقتصادية بصفة عامة ،وتشمل املوارد الوظيفية كل من
األصول املادية والبشرية في كل مجال باإلضافة إلى قدرة األفراد في كل مجال على صياغة وتنفيذ االستراتيجيات
واألهداف والسياسات الوظيفية املطلوبة ،وإذا استخدمت تلك املوارد بمهارة فإنها تعد بمثابة مجاالت القوة
التي تساعد املؤسسة على أداء نشاطها ،وإذا استخدمت بشكل غير صحيح أو بإهدار لهذه املوارد فإنها تعد
نقاط ضعف تؤثر سلبا على أداء املؤسسة ،3وفيما يلي سوف نتناول عوامل النجاح والفشل الخاصة بالبيئة
الداخلية:
الهياكل التنظيمية 4:هناك تنوع كبير في أهكال الهياكل التنظيمية ،إال أنه هناك بعض األهكال
األكثر هيوعا في املؤسسات الحديثة التي تتميز بشدة التعقد.
1
هارلزهل ،جاريث جونز ،اإلدارة االستراتيجية (مدخل متكامل) ،ترجمة رفاعي محمد رفاعي ،محمد سيد أحمد عبد املتعال ،دار املريخ ،السعودية،2001 ،
ص.78
2
هارلزهل ،جاريث جونز ،املرجع نفسه ،ص.132
3
إسماعيل محمد السيد ،مرجع سابق ،ص ص .169 -168
4
نادية العارف ،مرجع سابق ،ص ص .112 -111
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
الهيكل البسيط :وهو غير مقسم إلى وظائف أو منتجات ،ويصلح لالستخدام في حالة املؤسسات
صغيرة الحجم التي يسيطر عليها املدير (املالك) ،وتنتج سلعة أو سلعتين ،وتسوق إنتاجها في سوق
محدد ) ،(nicheوعادة يتسم العاملون بأنهم غير متخصصين ،ويقومون بكافة املهام التي يتطلبها
العمل.
الهيكل الوظيفي :يالئم هذا الهيكل املؤسسات متوسطة الحجم التي يوجد بها عدة خطوط تنتج
داخل نفس الصناعة ،وعادة ما يكون العاملون متخصصين في الوظائف املختلفة ،مثال في التسويق،
التمويل ،اإلنتاج أو املوارد البشرية...إلخ.
هيكل األقسام :يصلح هذا الشكل للتطبيق في حالة املؤسسات التي يوجد بها عدة خطوط منتج في
عدد من الصناعات املرتبطة ،وعادة ما يتسم العاملون بها بالتخصص الوظيفي ،وتهدف املؤسسة إلى
إيجاد بعض التعاونية بين أنشطة األقسام املختلفة من خالل استخدام اللجان وحلقات الوصل
(الروابط) األفقية.
وحدات األعمال االستراتيجية :ويعكس هذا الهيكل تعديل حديث طرأ على هيكل األقسام ،وتمثل
وحدة األعمال وحدة قد تكون من أي حجم أو في أي مستوى ولكن ال بد أن يكون لها رسالة مميزة،
منافسين محددين ،توجه للسوق الخارجي وسيطرة على أنشطتها الوظيفية ،إذن الفكرة األساسية
هنا هي تحقيق الالمركزية على أساس العناصر االستراتيجية.
الهيكل املركب (املصفوفي) :يالئم هذا الهيكل املؤسسات الكبيرة ذات خطوط املنتج املتنوعة في عدة
صناعات غير مترابطة ،وأحيانا يطلق عليه املؤسسة القابضة أو الهيكل املصفوفي ،ويتكون من
مجموعة من املشاريع أو مؤسسات مستقلة أو تابعة تعمل تحت مظلة مؤسسة واحدة ،ولكن
يسيطر عليها مجالس إدارات املؤسسات التابعة ويتعذر تحقيق مزايا التعاونية ،حيث أن املؤسسات
التابعة تعمل في مجاالت غير مترابطة.
* ولكي تضمن املؤسسة نجاح استراتيجيتها ال بد من توافق الهيكل التنظيمي مع االستراتيجية ،وتعكس
االستراتيجية مجموعة التصرفات التي تتبعها املؤسسة إلنجاز أهدافها وتحقيق رسالتها ،بينما يحدد الهيكل
التنظيمي كيفية أداء املؤسسة لعملياتها الداخلية ،ويعكس كذلك الثقافة السائدة داخل املؤسسة ،ويؤثر
بدرجة ملموسة على قدرتها التنافسية ،بمعنى آخر بدون الهيكل التنظيمي املناسب يتعذر تنفيذ االستراتيجية
بفعالية ،وخالصة القول أنه ينبغي تركيز االهتمام على كل من الهيكل التنظيمي وأسلوب تقييم البدائل حتى
تتمكن املؤسسة من تنفيذ االستراتيجية بنجاح. 1
وما يجب مالحظته في مختلف أنواع الهياكل التنظيمية هو أنها تخضع عمليا لالستراتيجية واألهداف في
املؤسسة ،إذ يكون الهيكل التنظيمي منطقيا تابعا لالستراتيجية العامة للمؤسسة ،وهي التي تحدده ،لكن هناك
من يقول بأن العملية عكسية أي أن االستراتيجية تتبع الهيكل التنظيمي نظرا ملا لهذا األخير من تأثير وتحكم في
2
حركة و تخطيط املؤسسة ،انطالقا من التأثير عليها من املحيط املتغير و املتذبذب أحيانا.
1فيروز شين ،محاولة لتصميم استراتيجية مؤسسة صناعية ،رسالة ماجستير في العلوم االقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم
التسيير ،جامعة باتنة ،الجزائر ،2004 ،ص.30
2ناصر دادي عدون ،اقتصاد المؤسسة،ط،1دار المحمدية العامة،الجزائر،1998،ص ص .232،233
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
الثقافة التنظيمية :تعبر الثقافة في أي مؤسسة عن مجموعة املعتقدات والتوقعات والقيم السائدة
بين العاملين داخل املؤسسة ،واملتوارثة عبر األجيال املتعاقبة من العاملين ،وعادة تعكس الثقافة
رسالة املؤسسة وقيم املؤسسين ،والثقافة التنظيمية تتسم بدرجة عمق معينة ،ينعكس ذلك في
مدى اقتناع العاملين بها ،فعلى سبيل املثال إذا نصت رسالة املؤسسة على االهتمام بالجودة فال بد
أن ينعكس ذلك في الثقافة السائدة بداخلها ،ويعمل كافة العاملين على املحافظة على الجودة
باعتبارها جزء من تقاليد املؤسسة ،والجدير بالذكر أنه بالرغم من أن ثقافة املؤسسة عادة ما تكون
موحدة ،إال أنه قد يظهر بعض التباين في بعض جوانبها بين اإلدارات واألقسام املختلفة ،وتساهم
الثقافة التنظيمية في تشكل سلوك األفراد وتصرفاتهم داخل املؤسسة ،وال بد من إدراك أنه إذا حدث
تعديل في رسالة أو سياسة أو أهداف أي مؤسسة يتعارض مع الثقافة السائدة بداخلها ،فإنه يتعذر
تطبيقه ،وستواجه املؤسسة مقاومة من جانب العاملين ،1والثقافة التنظيمية صعبة التغيير
وتتطلب مدة زمنية كبيرة لتعديلها ،ذلك ألنها تتكون في مدة طويلة من الزمن ،وخالصة القول أن
االستراتيجية يمكن أن تعكس جانب قوة أو ضعف وفقا للثقافة التنظيمية السائدة باملؤسسة.
ممارسات الوظائف األساسية للمؤسسة :توجد باملؤسسة العديد من الوظائف األساسية،
وتختلف هذه الوظائف من مؤسسة إلى أخرى تبعا لنوع وحجم املؤسسة ،ومن الوظائف التي توجد
باملؤسسة :التسويق ،اإلنتاج والعمليات ،التمويل ،املوارد البشرية ،العالقات العامة...إلخ ،وتمثل
جوانب القوة تلك الجوانب من الوظائف التي تستطيع أن تنافس بها املؤسسة في األسواق التي تبني
حولها استراتيجيتها ،أما جوانب الضعف فهي الجوانب التي ال تستطيع املؤسسة أن تنافس بها ألنها
تحد من قدرتها على املنافسة ،ويطلق على تحليل جوانب القوة والضعف للمجاالت الوظيفية اسم
تحليل املزايا التنافسية ، competitive advantagesوامليزة التنافسية ما هي إال ذلك الجانب الذي
يمكن املؤسسة من املنافسة بصورة أكثر فعالية في األسواق ،2وفيما يلي سوف نتناول مختلف
الوظائف األساسية لعمل املؤسسة بالتفصيل:
ممارسات الوظيفة التسويقية :تعد وظيفة التسويق بمثابة حلقة الوصل الرئيسية مع العميل
واملنافسة ،ولذا ال بد من توجيه املزيد من االهتمام للمركز السوقي للمؤسسة ،واملزيج التسويقي،
ويساعد تحديد املركز السوقي في التعرف على عمالء املؤسسة ،ومن خالل بحوث السوق تتمكن
املؤسسات من تقسيم السوق إلى قطاعات ،ويعتمد املزيج التسويقي للمؤسسة على تعريف القطاع
السوقي املستهدف حتى تنجح املؤسسة في تصميم السلعة املالئمة ،وتقديمها بالسعر املناسب من
خالل منافذ التوزيع املناسبة ،3ومعتمدة في ذلك على الحمالت الترويجية املخططة بدقة ،وال بد من
األخذ في الحسبان أن لكل سلعة دورة حياة معينة تختلف باختالف املجتمع املستهدف ،وطبيعة
الصناعة ،باإلضافة إلى عدة متغيرات بيئية أخرى تلعب دورا حيويا في تحديد املراحل املختلفة لدورة
حياة السلعة أو الخدمة مثل التطور التكنولوجي ،درجة توافر بعض املنتجات البديلة للمنتج ودرجة
قبول السوق للمنتج الجديد...إلخ.
إن تقييم النشاط التسويقي للمؤسسة البد أن يتضمن تقييما ألربعة عناصر أساسية وهي مزيج املنتج،
والسعر ،والترويج ،والتوزيع وهي تلك الجوانب التي تمثل عناصر املزيج التسويقي ،فاإلستراتيجيات التسويقية
تهدف إلى تحقيق أربعة أهداف أساسية وهي:1
-جعل السلعة أو الخدمة متوافرة في األماكن التي يتوقع املستهلك أن يجدها فيها.
ممارسات وظيفة التمويل :إن املسؤولية الرئيسية لوظيفة املالية في املؤسسة هي توفير أفضل املوارد
املالية ،وأفضل استخدام ممكن لتلك املوارد والرقابة عليها ،وهي املسئولة عن توفير السيولة الالزمة
سواء من املصادر الداخلية أو الخارجية ( املحلية أو العاملية) وتخصيصها لالستخدامات املختلفة،
كما يقع على عاتق املسؤولين بهذه الوظيفة مسؤولية متابعة التدفقات النقدية وأسعار صرف
العمالت األجنبية ،ويساعد مفهوم الرفع املالي ( نسبة إجمالي القروض إلى إجمالي األصول) في تحسين
وضع حملة األسهم العادية ،حيث أن تمويل األنشطة من خالل طرح السندات يؤدي إلى رفع إجراء
السهم ) ( Eavning pershareألن الفائدة املدفوعة على القرض تخصم من الدخل الخاضع للضريبة،
ويترتب على استخدام الرفع املالي ارتفاع نقطة تعادل املؤسسة عن ما إذا كان التمويل من املوارد
الداخلية فقط ،وبالتالي يمكن النظر إلى الرفع املرتفع باعتباره نقطة قوة في فترات الرخاء والزيادة
املستمرة في املبيعات ،أو نقطة ضعف في فترات الكساد وانخفاض حجم املبيعات ،وتقوم اإلدارة
املالية بإعداد املوازنات الرأسمالية من خالل تحليل وترتيب االستثمارات املتاحة في األصول الثابتة
مثل األراض ي واملباني واآلالت ،2وبصفة عامة تستخدم املؤسسات عدد من النسب املالية في القيام
بالتحليل الذي يهدف إلى معرفة موقفها املالي ،فنسب الربحية توفر مؤهرات لقدرة املؤسسة على
استخدام املبيعات الجارية في تحقيق األرباح ،ونسب السيولة تقيس قدرة املؤسسة على سداد
الديون القصيرة األجل عندما يأتي تاريخ استحقاقها ،أما نسب الرفع فإنها تستخدم بغرض تقييم
موقف املؤسسة من الديون الطويلة األجل ،أما نسب الكفاءة التشغيلية فهي مؤهر لقدرة املؤسسة
على استخدام مواردها في تحقيق املبيعات و األرباح ،وبصفة عامة فإن حجم هذه النسب (سواء
كانت نسبة عالية جدا أو منخفضة جدا ) يعد مؤهرا على وجود بعض املشاكل في األداء و يتطلب
3
الوصول إلى أسباب هذه املشاكل القيام ببعض أنواع التحليل األخرى.
ممارسات وظيفة البحث والتطوير :يعد مدير وظيفة البحث والتطوير هو املسؤول أساسا عن
اقتراح االستراتيجية التكنولوجية للمؤسسة وتنفيذها في ضوء أهداف وسياسات املؤسسة ،وبالتالي
تشمل مهمة مدير وظيفة البحث والتطوير :4
وحاليا ينظر إلى حدة البحوث والتطوير في املؤسسة ( أي إنفاقها على البحوث والتطوير كنسبة من إيراد
املبيعات) كوسيلة أساسية للحصول على حصة سوقية في ظل املنافسة العاملية ،وتؤثر طبيعة الصناعة على
حجم املنفق على البحوث والتطوير ،فنجد أن الشركات املنتجة لبرامج الحاسب اآللي تنفق مبالغ باهظة على
البحوث والتطوير مقارنة بالشركات العاملة في مجاالت أخرى ،كصناعة الورق مثال ،ولالسترهاد في هذا املجال
ينبغي على املؤسسات أن تتبع منافسيها عند تحديد حجم اإلنفاق على البحوث والتطوير إال إذا تطلبت الخطة
االستراتيجية حجم إنفاق غير عادي ،والواقع أن اإلنفاق على البحوث والتطوير ال يستلزم بالضرورة تحقيق
النتائج املرجوة ،حيث أنه يمكن أن يكون هناك فجوة بين الكفاءة التكنولوجية والقدرة على االستخدام الفعال
لهذه التكنولوجيا ،أي أن املؤسسة قد تنجح في تطوير تكنولوجيا حديثة إال أنها غير قادرة على نقل هذه
1
التكنولوجيا من املصنع إلى السوق ،أي عدم قدرتها على تحويل هذه التكنولوجيا إلى سلع يمكن تسويقها.
* ويعد منحنى الخبرة من املفاهيم الجديرة بالذكر في هذا املجال ويشير منحنى الخبرة )،) Experience Curve
أو منحنى التعلم إلى أن تكاليف اإلنتاج الوحدوية تتناقص بنسبة ثابتة ( عادة من 20إلى ) %30مع تضاعف
عدد وحدات اإلنتاج ،وتتفاوت هذه النسبة باختالف طبيعة الصناعة ،باإلضافة إلى عدة متغيرات أخرى منها:
الفترة الزمنية التي يستغرقها الفرد في تعلم مهمة جديدة ،اقتصاديات الحجم ،التحسينات في العملية واملنتج،
واألسعار األقل للمواد الخام.2
عادة ما تستخدم املؤسسة منحنى الخبرة في تقدير تكاليف اإلنتاج في الحاالت التالية:
-عند إنتاج سلعة حالية باستخدام أساليب وعمليات جديدة ،وبالرغم من أن مفهوم منحنى الخبرة استخدم
بداية في مجال السلع فقط ،إال أنه يصطلح أيضا للتطبيق في مجال الخدمات.
ممارسات وظيفة املوارد البشرية 3:تعتبر وظيفة املوارد البشرية من الوظائف املساندة في املؤسسة،
فهي تهتم بإعداد الخطط ،وكل ما يتعلق بتسيير املوارد البشرية في املؤسسة ،كما تقوم في نفس
الوقت بتنفيذ جزء من البرامج و الخطط ،وتهتم هذه الوظيفة بمجموعة األنشطة املرتبطة بأفراد
املؤسسة من منطلق مجموعة من العناصر ( إدارة املؤسسة وأهدافها ،البيئة و املجتمع ،الوحدات و
املجموعات التنظيمية للمؤسسة ،العوامل املؤثرة على الفرد من حيث الدوافع و القيم و الجهد)،4
ويتمثل الهدف الرئيس ي لوظيفة املوارد البشرية في تحسين درجة التوافق بين األفراد والوظائف ،وكلما
كان الفرد مالئما لطبيعة العمل كلما تحسن أداؤه ،وارتفعت كفاءته وحاليا يلقى الجانب البشري
الكثير من االهتمام من املؤسسات ،وبدأت بعض املؤسسات في االعتماد على فرق العمل املكونة من
العاملين في إدارة واحدة ،أو من عدة إدارات ،كما يوجه املسؤولون على وظيفة املوارد البشرية
اهتماما كبيرا لعالقاتهم مع النقابات املهنية والعمالية وللعمالة املؤقتة ،وهناك اهتمام ملموس
بتحسين "جودة حياة العمل" في املؤسسة بالنسبة للعاملين من خالل تقديم فكرة املشاركة في حل
املشاكل ،إعادة هيكلة العمل ،تقديم نظم مكافآت مطورة ،تحسين بيئة العمل ،وإرساء ثقافة
1
االنضباط والنشاط.
ممارسات وظيفة اإلنتاج والعمليات 2:تعرف وظيفة اإلنتاج والعمليات بأنها تلك الوظيفة الخاصة
بإدارة املوارد الالزمة إلنتاج السلعة أو الخدمة التي تقوم املؤسسة بتقديمها إلى السوق ،وتختص
االستراتيجيات الخاصة باإلنتاج بكل من الجودة والتكاليف ،وخدمات املستهلك وفعالية اإلنتاج وزمن
االستجابة ،ومن خالل هذه االستراتيجيات تصبح املؤسسة قادرة على خلق سمعة جيدة لها تميزها
عن باقي املنافسين لها في الصناعة ،كذلك فإن االستراتيجيات اإلنتاجية عليها أن تهتم ببعض
الجوانب األخرى السابقة مثل التكنولوجيا واملواد األولية وتعميم استخدام اآلالت والتسهيالت
اإلنتاجية ،وكذلك الرقابة على اإلنتاج ،وباختصار فإن االستراتيجيات اإلنتاجية تتعلق بعملية اختيار
وتصميم وتحديث والرقابة على أنشطة املؤسسة الالزمة إلنتاج منتجات أو خدمات تعكس مستوى
الجودة والتكلفة والخدمة والفعالية اإلنتاجية ،وجدولة اإلنتاج املرغوب فيها من املؤسسة.3
-فاالختيار يتضمن تحديد املؤسسة لكل من املنتجات التي سوف يتم إنتاجها وللعمليات اإلنتاجية
املستخدمة واملعدات واآلالت التي سوف تستخدم ،وكذلك القوى العاملة الالزمة لوضع الخطة
االستراتيجية للمؤسسة موضع التنفيذ.
-أما التصميم فيتضمن تصميم املنتجات والعمليات اإلنتاجية واملعدات واآلالت املستخدمة
والوظائف وطرق العمل ونظم الرقابة على اإلنتاج ،بحيث يعد من االستراتيجيات اإلنتاجية الهامة،
وفي هذا الصدد فال بد وأن تقرر املؤسسة ما إذا كانت األوامر الخاصة بطلب منتجات معينة سوف
يتم تنفيذها على أساس الوظائف ،أو دفعات ،أو إنتاج نمطي كبير الحجم أو عمليات مستمرة...إلخ.
-أما فيما يخص التحديث فيتضمن مراجعة لنظام اإلنتاج في ضوء ضرورة إنتاج بعض املنتجات
الجديدة ،أو ضرورة استخدام بعض الخدمات ،أو العمليات اإلنتاجية الخارجية .
-فالتغيير الذي يحدث في النظام اإلنتاجي يعكس استجابة املؤسسة ألي تغيرات تحدث في بيئتها
4
الخارجية.
-أما الرقابة على اإلنتاج فتعد من العمليات املستمرة في النظام اإلنتاجي وتتضمن وضع جداول اإلنتاج
وتحديد طرق التعامل مع اآلالت واملعدات والرقابة على العاملين في ميدان اإلنتاج ،وتتضمن أيضا
عملية الجدولة وتحديد حجم العمل األمثل الذي ينبغي أن يؤدي على كل آلة ،أو في كل قسم من
األقسام اإلنتاجية ،وكذلك حجم اإلنتاج الذي يجب تحقيقه...إلخ.
ممارسات وظيفة نظم املعلومات 1:تتمثل املهمة الرئيسية للمسؤول على نظم املعلومات في تصميم
وإدارة املعلومات داخل املؤسسة بحيث تساهم في رفع اإلنتاجية وتحسين عملية اتخاذ القرارات
وذلك بتوفير املعلومات في الوقت املناسب والنوعية املناسبة ،وينبغي جمع املعلومات وتخزينها
وتحليلها في هكل يساهم في اإلجابة على التساؤالت االستراتيجية التي تهم املسؤولين في املؤسسة،
والواقع أن أهمية نظم املعلومات في تزايد مستمر نظرا لدورها املؤثر على كل مرحلة من مراحل
التخطيط االستراتيجي ،سواء في مرحلة التخطيط أو املتابعة أو الرقابة ،ومن االتجاهات الحديثة في
مجال نظم املعلومات في املؤسسات هي التوسع في استخدام االنترنت في التسويق واالنترانت في
االتصاالت الداخلية ،وتشير االنترانت Intranetإلى هبكة املعلومات داخل املؤسسة واملتصلة في ذات
الوقت باألنترنت Internetعلى مستوى العالم.
طبيعة ومستوى الكفاءات :تعبر الكفاءات عن عملية اتخاذ املبادرة واملسؤولية على اتخاذ القرارات
وعن كافة موارد املؤسسة ،وتكون من أجل غاية معينة لتحقيق األداء الجيد ،وهي بذلك تعبر عن
مظهر اجتماعي وذكاء فردي وجماعي للحاالت املنتجة ،2وتعرف الكفاءات على أنها مزيج املعارف
النظرية واملعارف العلمية والخبرة املمارسة ،والتي تتم مالحظتها واالعتراف بها من خالل الوضعية
املهنية ،وبتعبير آخر هي مجموعة املعارف العلمية والعملية التي تتوفر عليها املؤسسة والتي تعمل على
تقييمها وتطويرها ،وتتم عملية تعبئة الكفاءات من خالل تعبئة الوسائل التشغيلية التي تحقق
الفعالية ،وذلك عن طريق تجميع املوارد ووضعها تحت السيطرة ،3وفحص برامج التدريب وجعلها
تحت وصاية املؤسسة ،4ويشير كل من "هامل" ) (Hamelو "براهالد" ) (Prahaladإلى الكفاءات
األساسية والتي تمثل املعرفة الجماعية للتنظيم ،حيث تسمح املؤسسة بنشر مجموع التكنولوجيا
واملعارف العلمية من أجل تكييف األنشطة بسرعة على السوق ،وتتميز هذه الكفاءات بثالث
5
خصائص هي:
-الكفاءات تمثل قيمة قوية في عيون العمالء ،وهي ميزة كبيرة للمؤسسة.
-الكفاءات متماثلة في السوق ،وواضحة للمؤسسة مقارنة باملنافسين.
-الكفاءات مرنة ،أي أنها تتميز بالبراعة واإلتقان في تقديم املنتجات الجديدة ،والقيام بتحليل
الكفاءات ،ويجب تنظيم الكفاءات األساسية للمؤسسة من خالل مالحظة األفراد في العمل ،لتحديد
الكفاءات املهنية كمجموعة من املعارف العلمية والتطبيقية املوجودة لدى األفراد ،وذلك قصد
6
الحصول على خريطة تفصيلية للكفاءات املتواجدة باملؤسسة.
6عبد المليك مزهودة ،المقاربة االستراتيجية لموارد المؤسسة أداء لضمان نجاعة األداء ،الملتقى العلمي األول حول أهمية الشفافية
ونجاعة األ داء لالندماج الفعلي في االقتصاد العالمي ،األوراسي 31 ،ماي 02- 01 ،جوان ،2003ص .15
د .فواز واضح .........................................................املحور الرابع :عوامل نجاح وفشل املشاريع املقاوالتية
إن تحليل الثنائي ( ) SWOTكما هو معروف يتناول فحص واستكشاف بيئتين تحكمان عمل مؤسسات
األعمال هما البيئة الداخلية والبيئة الخارجية .فهو من جانب يحاول فحص املنظومة الداخلية ملؤسسة
1
األعمال لتحديد نقاط القوة التي تتميز بها نظم املؤسسة املختلفة ونقاط الضعف التي تعاني منها تلك النظم.
أما فيما يتعلق بالبيئة الخارجية (بيئة الصناعة) فإن تحليل ( ) SWOTيتنبأ بالفرص التي توفرها البيئة
للمؤسسة وكذلك التهديدات التي يمكن أن تتعرض لها من بيئة الصناعة.
إن محاولة اقتناص الفرص التي توفرها بيئة الصناعة للمؤسسة تتضمن بالتأكيد نسبة مخاطرة ،إن كانت
بإنتاج سلعة أو خدمة جديدة أو الدخول في سوق جديد ،التوسع بالسوق الحالية ،أو زيادة التنوع بالسلع
والخدمات املقدمة .كما أن عملية مواجهة التهديدات التي قد تتعرض لها املؤسسة االقتصادية فيها جانب من
املخاطرة عند عدم اتخاذ اإلجراء املناسب بالوقت املناسب اعتمادا على نظام تنبؤ دقيق وكفء. 2
لذلك فإن التحليل الثنائي( ) SWOTيعتبر أداة تحليلية مهمة وضرورية لكل مؤسسات األعمال ،ألنها تمكن
تلك املؤسسات من تحديد االتجاهات الضرورية لتحديد االستراتيجيات املناسبة في ظل التغيرات البيئية
3
املستمرة والعمل على تقليل املخاطر التي يمكن أن تتعرض لها .
-هو تحليل للعوامل الداخلية املتمثلة نقاط القوة والضعف ،والعوامل الخارجية املتمثلة في الفرص
والتهديدات البيئية.
-تحليل ( ) SWOTهو أداة مفيدة لتحليل الوضع العام للمؤسسة على أساس عناصر القوة والضعف
والفرص والتهديدات.
-تحليل ( ) SWOTإنه أسلوب فعال ملعرفة وفهم نقاط قوتك ونقاط ضعفك ،والنظر للفرص والتهديدات التي
تواجهها.
-إنه إجراء تحليل ظرفي بنظرة أساسية للعوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على املؤسسة االقتصادية
واستخدام املعرفة املكتسبة لتحسين وتنفيذ التخطيط .
-إن تحليل ( )swotوالذي يتمثل في تحليل نقاط القوة و الضعف مع الفرص و التهديدات ،يعد عملية هامة
ألنها املحدد األساس ي ألي استراتيجية يمكن للمؤسسة اتباعها ،ويشمل هذا التحليل البحث املنظم واملرتب
للبيانات ،ودراسة االتجاهات في الصناعة ومراجعة املعلومات الداخلية و الخارجية ،هذا إلى جانب إمكانية
استخدام املسؤولين لحكمهم وآرائهم وخبراتهم السابقة ،ومن املعلوم أن التهديدات و الفرص تقع في ظل عوامل
1
عبدد السدتار حسددين يوسددي تقدددير المخداطرة فددي د تحليد ) SWOTفددي المسسسدات العددناعيةي المدستمر الللمددي الددولي السددنو
السابع إدارة المخاطر واقتعاد الملرفةي كلية االقتعادي جاملة الزيتونةياألردني 18-16أفري 2007يص.13
بيئة الصناعة للمؤسسة والتي ال تخضع لسيطرة ورقابة املؤسسة ،بينما تقع مواطن القوة والضعف فتقع في
1
ظل عوامل املحيط الداخلي التي تخضع إلى حد كبير لرقابة وسيطرة املؤسسة.
ومن األمثلة الشائعة على نقاط القوة و الضعف ،الفرص والتهديدات اآلتي:
-املؤسسة تقع في الربع األول من تصنيف الصناعة -،املؤسسة تمتلك امتياز تنافس ي بارز.
-عالقات زبائنية مربحة. -توفير دخل جيد أو إضافة قيمة حقيقة للزبون،
-معلومات زبائنية دقيقة وقواعد بيانات محددة بدقة - ،تدفق نقدي مربح .
-عاملون ذووا أداء عالي الكفاءة . -مستلزمات مادية وتسهيالت جيدة،
-سمعة ممتازة للنشاط االقتصادي وعالمة تجارية قوية - ،املعرفة بالخدمة ،السلعة والتكنولوجيا- ،
إمكانيات جيدة للدخول واستخدام قنوات التوزيع .
-إذا كانت املؤسسة مصنفة في الربع األخير في القطاع الصناعي -،ال تمتلك املؤسسة ميزة تنافسية -،الزبائن
يقصدون املؤسسة ولكن املؤسسة ال يمكنها إيصال طلباتهم.
-املؤسسة ال تحقق ربحا مقبوال أو ربما تحقق خسارة - ،محددات في السلعة /الخدمة.
-معوقات الحجم وارتفاع كلف اإلنتاج - ،اهتمام ضعيف بعالمة املؤسسة التجارية.
-محدودية املوارد املالية والتدفقات النقدية - ،االعتماد على عدد محدود من العاملين.
-3الفرص:
-توفر املداخل املناسبة للوصول إلى الزبائن الجدد أو تطوير مدخل للمزيد من العالقة مع الزبائن الحاليين .
-إمكانيات توزيع السلعة /الخدمة بكفاءة أعلى لتحسين العالقة مع الزبائن .
-زبائن جدد - ،أسواق جغرافية جديدة - ،التكنولوجيا الجديدة -،مصادر تحكم إضافية.
-4التهديدات:
-الخطر على وجود املؤسسة - ،وجود مخاطرة بالنسبة لدخل /ربح املؤسسة .
-أنشطة املنافسين( خصومات السعر ،إطالق منتج جديد ،منتجات أرخص) .
-انحدار بالدورة االقتصادية /ارتفاع معدالت الفائدة - ،مشاكل مع املجهزين تتعلق بالتوصيل .
يربط نموذج SWOTبين تحليل نقاط القوة والضعف للمؤسسة والتهديدات والفرص املتاحة في السوق كما
يبين ذلك الشكل رقم(.)2
يعتبر هذا النموذج التحليلي بمثابة تحليل للوضع الحالي واملستقبلي للمؤسسة وانعكاساته على استراتيجية
املؤسسة ،وليس فقط مجرد وضع قائمة من التساؤالت لهذه العناصر األربعة ،ويرى البعض بأن قياس جودة
1
التحليل الرباعي يكمن في استطاعة املؤسسة اإلجابة على التساؤالت ،والتي من بينها:
*هل املؤسسة لديها نقاط قوة داخلية يمكن أن تبني عليها استراتيجية جيدة وتحقق النجاح؟
*هل املؤسسة لديها نقاط ضعف تجعلها عرضة لضغوط تنافسية قد تؤدي إلى فشلها؟ وهل يحول ذلك دون
اغتنام فرص جديدة؟ وما هي نقاط الضعف التي يجب التركيز عليها لتصحيحها من خالل االستراتيجية؟
*ما هي الفرص التي يمكن للمؤسسة بما لديها من موارد بشرية ومادية أن تغتنمها؟
*ما هي التهديدات التي يجب أن نقلق تجاهها أكثر؟ وما هو التحرك االستراتيجي املناسب لصياغة دفاع جيد
ضدها؟
يمـكن أن يستخدم هذا النموذج التحليلي لتنمية عدد من االستراتيجيات البديلة للمؤسسة ،بحسـب نقاط
قوتها وضعفها والفرص والتهديدات التي تواجهها في بيئة الصناعة (استغالل الفرص وتجنب التهديدات) ،من
ناحية أخرى تساعد املصفوفة املسؤولين على تحليل موقف مؤسساتهم وتنمية االستراتيجيات والتصرفات
بغرض تحقيق أهدافها ورسالتها بفعالية وكفاءة ،كما يوضح ذلك الجدول رقم(.)2
من ثم فالبد على املسؤولين في املؤسسات ،أن ال يعتمدوا على إبراز نقاط القوة فقط ويتجاهلوا وال يهتموا
بتحديد نقاط الضعف التي قد تعوق املؤسسة في تحقيق أهدافها االستراتيجية ،ومنه فالبد من وجود تكامل
2
بين تحديد نقاط القوة والضعف مع تحليل الفرص والتهديدات املوجودة في بيئة الصناعة.
تجدر اإلهارة إلى أن املؤسسات الكبيرة ال تنتظر الفرص لتأتي إليها ،بل في أغلب األحيان تبحث عنها وتخصص
أمواال معتبرة لخلقها واستثمارها وتعظيم املنافع املترتبة عن امتالكها ،واملثال التالي يبين ذلك" :املوارد الضخمة
التي خصصتها هركة ( )Hitachiلـ 80باحث متفرغ للدراسة والتطوير والبحث في مجال البيوتكنولوجيا ،لكي
تحل محل املايكرو إلكترونيك في عدة تطبيقات ولفترة طويلة ومن أجل تقوية موقع هذه املؤسسة ،من خالل
االستفادة الكاملة من مزايا اإلبداع التكنولوجي".
نخلص في األخير إلى أن تحديد و إعداد االستراتيجيات التنافسية السليمة ،ينطلق من التغيير الذي ينبع من
التهديدات والفرص املتواجدة في البيئة التي تنشط فيها املؤسسة ،وذلك من خالل التحليل النظامي ملختلف
العوامل البيئية والتفاعالت التي تحدث فيما بينها ،وهذا باالستناد إلى أهداف استراتيجية واضحة ومتناسبة مع
املوارد املتاحة للمؤسسة ،أو مع امليزة االستراتيجية للمؤسسة ،وهذا باألخص في ظل التحوالت السريعة التي
تعرفها الساحة العاملية على جميع األصعدة ،وبالتالي تتعدد املخاطر وحاالت عدم التأكد املواجهة للمؤسسة
التي تنشط في ظل املنافسة الشرسة ،التي تفرض على املؤسسة معرفة كل صغيرة وكبيرة في بيئة الصناعة،
والعمل على استغالل الفرص التي تتيحها أحسن استغالل وبطريقة أكثر مردودية وفعالية من منافسيها
املباهرين ،كما تعمل على التخلص من التهديدات في السوق من خالل اليقظة املستمرة ،األمر الذي يسمح
للمؤسسة بالتحديد الصحيح و الناجح لالستراتيجيات التنافسية.
تقييم البيئة
البيئة الخارجية
تمر املشاريع املقاوالتية قبل دخولها للسوق والعمل فيه على مجموعة من املراحل األساسية انطالقا من
البحث عن الفكرة ومصادرها إلى اعتماد الفكرة عن طريق االختيار املدروس والدقيق وصوال إلى انشاء مؤسسة
وفق شكل من األشكال القانونية للمؤسسات وفق التشريع املعمول به ،وبعدها ينطلق املشروع في العمل
وتقديم مخرجاته للسوق كحلول ملشكالت معينة أو لتلبية حاجات ملحة ،وفيما يلي سوف نستعرض بالتحليل
مختلف هذه الخطوات بالتفصيل.
أوال :االنتقال من الفكرة إلى الفرصة :في البداية يتواجد في ذهن الشخص املقاول مجموعة متنوعة من
األفكار التي يسعى إلى اختبار نجاعتها الختيار الفكرة املناسبة إلنشاء مشروع صغير ،من خالل تحويل الفكرة
إلى منتج أو خدمة يمكن تقديمها بشكل غير مسبوق ،ومعرفة مختلف عوامل النجاح التي تدفع باملقاول نحو
تجسيد فكرة بالشكل املطلوب ،وعند االعتماد على فكرة معينة ويقع عليها االختيار يجب القيام بدراسة جدوى
هذه الفكرة وامكانية تطبيقها ونجاحها في امليدان ،ويقصد هنا بدراسة الجدوى القيام بمجموعة من العمليات
التي تبدأ بتحديد املصادر التي يمكن االعتماد عليها في توفير البيانات واملعلومات الالزمة لها التي تلتزم من أجل
اتخاذ القرارات السليمة وصوال إلى تحديد مصادر التمويل واألفراد واملعدات الالزمة لتنفيذ الفكرة ،ومعرفة
مدى تقديم املشروع لقيمة مضافة سواء بالنسبة للمقاول أو للمجتمع واالقتصاد.
توليد الكفاا :إن الوصول إلى فكرة املشروع الصغير هي نقطة البداية واألساس لنجاحه ،فعندما
يصل شخص ما إلى فكرة معينة ،فإنه يأخذ بعين االعتبار أن هذه الفكرة قابلة للتطبيق وممكن
تحويلها إلى مشروع واقعي وناجح ،واألفكار الجيدة هي تلك املتناسبة مع البيئة والنابعة من شخص
املقاول نفسه ويعمل على تطويرها بذاته وليست املقلدة دون اعتبار للفوارق واملعطيات السائدة في
البيئة.
صياغة الفكرة :يقصد بصياغة الفكرة القدرة على شرح الفكرة والتعبير عنها بشكل واضح يحدد
معاملها ويصف مكوناتها ،ويتطلب التعبير عن الفكرة مشاركة اآلخرين حتى تنضج ويمكن وضع تعريف
لها ،ثم تصنيفها وفقا ملجال النشاط ،وفي هذه املرحلة يمكن أن يقترح املقاول ويدرس عدة صيغ أو
طرق للتعبير عن الفكرة مع وجود بعض االختالف بين هذه املقترحات أو الصيغ من أجل اعتماد
واختيار الصيغة املناسبة للفكرة ،ويشترط أن تكون الفكرة:
قابلة للتجسيد.
واقعية.
مفهومة وواضحة املعالم .
قابلة للقياس.
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
حيث يجب أن ال تكون الفكرة املعتمدة غامضة أو مستحيلة التجسيد ،بل يجب أن تكون فكرة واقعية ممكنة
التحقيق وفق اإلمكانات املتاحة والقدرات املتوفرة والوقت املتاح واملحدد من طرف املقاول ،إذ ال فائدة ترجى
من وضع أفكار يستحيل تحقيقها لعدم واقعيتها أو عدم الجدوى من العمل بها أو كونها نابعة من تخيالت
وهمية ال تمت للواقع بصلة ،كما يجب أن تكون قابلة للقياس واملتابعة حتى تتم الرقابة عليها ومعرفة ما إذا
كان هناك نجاح في تنفيذها أو انحراف وجبت معالجته وتصحيحه للوصول إلى الهدف املنشود.
تقييم الكفاا :ليس بالضرورة أن تكون كل فكرة مشروعا ناجحا وأن تكون فرصة استثمارية جيدة،
بمعنى أنه ليست كل فكرة ترد إلى ذهنك من املمكن أن تتطور لكي تصبح فرصة استثمارية ملشروع
ناجح ،فالفكرة مهما تحمس إليها صاحبها البد أن تخضع للتقييم حتى ال يؤدي هذا الحماس إلى
الفشل ،ويتطلب ذلك إجراء فرز أولي سريع لألفكار أو إعداد أفكار جديدة أفضل .لذا البد من خضوع
الفكرة للتقييم وفق معايير محددة تساعد على االختيار السليم للفكرة املناسبة ،ويمكن تقييم الفكرة
من خالل املعايير الخمسة التالية:1
املعيا املالي :مرتبط بقدرة املقاول من النواحي املالية من خالل امتالك األموال أو قدرته
على توفير األموال من املصادر املالية الخارجية بهدف تحويل الفكرة إلى مشروع.
املعيا البشري :أي امكانية الحصول على الكفاءات البشرية الالزمة لتنفيذ املشروع سواء
من ناحية املهارات والخبرات أو من ناحية الكم.
املعيا التسويقي :ويقصد باملعيار التسويقي جاذبية الفكرة وامكانية خلق الطلب في
السوق ،وكذا الفترة الالزمة للتعريف باملنتجات والخدمات وامكانية تقبل السوق للمنتجات
أو الخدمات املقدمة.
املعيار الشخص ي :أي طموح املقاول ومستوى حماسه ورغبته في تنفيذ فكرته وتحويلها إلى
مشروع ناجح.
املعيا املعرفي :خاصة ما تعلق بكفاءة املقاول وخبراته ومعارفه الخاصة في مجال أو نشاط
املشروع.
اختيا الفكرة :بعد عملية التقييم تظهر لدى املقاول نتائج تقييم كل خيار على حدى وفق مؤشرات
ومعايير التقييم املختلفة ،وهو ما يمكنه من تحديد الخيار املناسب وفق امكانياته وقدراته ،بعدها
يقوم باستشارة أشخاص يملكون خبرات في مجال النشاط الذي وقع عليه االختيار ،أو سبق لهم أن
عملوا في نشاطات وأسواق مشابهة لنشاط املشروع ،فاالستشارة تساعد املقاول على تجنب مختلف
التهديدات أو األخطاء في التنفيذ ,،ويجب على املقاول أن يقوم بترتيب األفكار وضع مخطط عمل يأخذ
1
خالد سليمان الراجحي ،تحويل الفكرة إلى فرصة ،مكتبة الملك فهد الوطنية ،المملكة العربية السعودية ،2012 ،ص .07
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
بعين االعتبار األهداف واإلجراءات واألمور الواجب إنجازها لكل مرحلة من مراحل املشروع وفق عملية
تنظيمية واضحة املعالم تحدد فيها الوظائف واملسؤوليات واألفراد املنفذين ملختلف العمليات.
واختيار الفكرة يجب أن يتضمن العناصر التالية:
البحث عن العوامل األساسية للنجاح . -
دراسة التطوير املتوقع لهذه العوامل . -
تحديد وتقدير نقاط القوة والضعف للمشروع. -
وضع تصور مستقبلي للمشروع في ضوء استغالل نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف. -
خالد سليمان الراجحي ،تحويل الفكرة إلى فرصة ،مكتبة امللك فهد الوطنية ،اململكة العربية السعودية ،2012 ،ص .08 املصد :
.2مصاد الكفاا :يستفيد املقاول من مختلف املعارف التي اكتسبها خالل فترات تكوينه أو خبراته التي تعلمها
أثناء ادائه لعمل معين أو وظيفة معينة ،حيث تكون هذه املعارف والخبرات نقطة االنطالق لتفكيره املعمق
والدقيق للبحث في مشاكل وحاجيات املجتمع امللحة ،والتي تتطلب توفير منتج أو خدمة لحل املشكلة أو تلبية
الحاجة ،فيقوم املقاول باستخدام طاقاته العقلية والفكرية وخبراته امليدانية ويوجهها إليجاد فكرة مناسبة
ومختلفة تنتهي بإنجاز مشروع خاص يحقق به ذاته ويخدم به مجتمعه ،ويمكن للمقاول الحصول على
املعلومات واألفكار األولية من جهات مختلفة أهمها السوق أو املجتمع الذي يعيش فيه خاصة ما تعلق
باملستهلكين واملؤسسات العاملة في السوق أو شبكات التوزيع املختلفة ،وكذا نشاطه داخل مؤسسة معينة أو
2
مجهوداته البحثية في املخابر أو الجامعات ...الخ ،ويمكن تناول هذه املصادر وفق ما يلي:
املستهلكون املتواجدون في السوق :وذلك بالبحث في حاجات املستهلكين امللحة ،أو من خالل
آرائهم وانطباعاتهم على مختلف املنتجات والخدمات املتوفرة في السوق ،والتي تتطلب مزيدا من
2
صندرة صايبي ،محاضرات في إنشاء المؤسسة ،جامعة قسنطينة ،2الجزائر ،2015 ،ص ص .15،16
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
التحسين أو التجديد وفق التطورات الحاصلة ،فالتركيز والبحث في حاجات ومتطلبات الزبائن
قد يساعد املقاول في إيجاد أفكار ملشاريع جديدة تحقق أهدافه وتلبي حاجات الزبائن في السوق.
املؤسسات املتناكفسة في السوق :حيث يقوم املقاول بعمليات مالحظة معمقة ملختلف املنتجات
والخدمات املعروضة في السوق وتقييم مدى تلبية الخدمات واملنتجات الحالية ملختلف
متطلبات املجتمع ،وهو ما يسمح له بابتكار أفكار جديدة تساهم في تقديم خدمات أو منتجات
متميزة عن ما هو موجود حاليا في السوق ،أي تحسين مستوى الخدمات واملنتجات الحالية من
حيث الجودة او أسلوب التسويق أو اساليب اإلنتاج املختلفة التي تساعد على تخفيض تكاليف
اإلنتاج مما يساعد على عرض املنتجات والخدمات بأسعار تنافسية تساهم في نجاح املشروع
املقاوالتي.
شباات ومناكفذ التوزيع :يستعين املقاول باألفراد العاملين على مستوى مختلف شبكات التوزيع
في الحصول على معلومات قد تكون مصدرا ألفكار ناجحة مستقبال ،فقرب رجال البيع والعاملين
في مختلف منافذ وشبكات التوزيع من املستهلكين من جهة واملؤسسات العاملة في السوق من
جهة ثانية يمكنهم من امتالك معلومات هامة قد تشكل لبنة أساسية ألفكار مقاوالتية تنتهي
بإنجاز مشروع مقاوالتي ناجح ومتميز.
القوانين والتشريعات الحكومية املنظمة للسوق :في بعض األحيان تقوم الحكومات بتعديالت
وإصالحات خاصة بصناعة ما ،فيستغل املقاول تلك التشريعات واإلصالحات في البحث عن
أفكار ملشاريع تتوافق مع تلك اإلصالحات ،أو أفكار ملشاريع تنتج منتجات او خدمات جديدة
تفرضها تلك التشريعات أو اإلصالحات ،لتتحول تلك األفكار في النهاية إلى مشاريع تحقق نجاحات
غير مسبوقة.
نشاطات البحث والتطوير :يستطيع املقاول إيجاد أفكار املشاريع من خالل نشاطات البحث
الفردية أو الجامعية ،سواء من خالل مساره التعليمي أو عمله في مخبر أو مؤسسة اقتصادية أو
عمومية ،فعمليات البحث والتطوير دائما ما تساهم في ظهور الخدمات واملنتجات الجديدة من
خالل مشاريع متميزة تحقق ارباح احتكارية لفترات طويلة ،وقد تولد فكرة املشروع نتيجة
االبتكارات التقنية الناتجة عن األبحاث العلمية أو التكنولوجية خاصة على مستوى املؤسسات
الكبيرة التي تخصص جزءا من مواردها لإلبداع واالبتكار ،كما أن بعض الجامعات ومراكز
البحث ال تقوم باالستثمار التجاري وإنما تقدم ابداعات وأفكار جديدة يمكن الحصول عليها
الستثمار نتائج البحث في مؤسسات جديدة ،كما تسجل فيها براءات اختراع تحميها من التقليد
والسرقة.
الزمات واملو اقف الطا ئة :قد تلعب األزمات أو املواقف الطارئة دورا مهما في توليد أفكار لدى
بعض األشخاص إلنشاء مؤسسات صغيرة ،من خالل دراسة أسباب األزمة ومراقبة النقائص
التي تولدها ،فهذا الرفض لهذه املواقف يؤدي إلى تبني أفكار استثمارية.
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
الكفاا املأخوذة من السفريات والزيا ات :إن السفر إلى خارج االقتصاد يمنح لألفراد فرصة
إليجاد أفكار استثمارية من خالل اكتشافهم لسلع وخدمات غير معروفة في البلد الذي يعيشون
فيه ،وطريقة إنتاج أو أسلوب في التنظيم أو غيرها من األمور غير املعروفة في مجتمعاتهم فتتولد
لديهم فكرة إدخال هذه األمور الجديدة.3
السياسة االقتصادية في الدولة :قد تؤدي املشاكل التي تعترض عملية التنمية إلى تبني
سياسات اقتصادية من طرف الدولة الغاية منها تشجيع إقامة مشاريع جديدة في قطاعات معينة
أو تقديم دعم لألفراد على إقامة مشاريع ما يحفزهم على إظهار أفكارهم وتطلعاتهم املستقبلية
في بناء مشاريع مقاوالتية ناجحة ،مما يجعل هذه السياسات مصدرا لألفكار االستثمارية.
تشا ك الكفاا :في بعض األحيان ال يمتك الفرد فكرة مقنعة أو جاهزة للتحليل ،مما يدفعه
للبحث عن الفكرة أو االعتماد على اآلخرين ،وذلك بالدخول مع شخص ما يملك فكرة مغرية في
شراكة ،أو إبرام عقد استغالل أو براءة اختراع... .
اإلبحا في وسائل اإلعالم والشبكة العنكبوتية :إن الحصول على أفكار من هذا النوع يتطلب
االطالع الواسع واملستمر للدوريات املجالت واالعالنات املتخصصة على شبكة االنترنت ،وكذلك
زيارة املعارض االقتصادية وغرف التجارة واملهرجانات الكتساب األفكار واالستفادة كن الخبرات.
4
.3طرق إنشاء الكفاا :
حلقات النقاش أو مجموعات التقا ب :تستخدم حلقات النقاش في العديد من األغراض ،حيث
يجري تعيين املدير للجلسة التي تتكون عادة من مجموعة من األفراد يبلغ تعدادها ما بين ثمانية إلى
خمسة عشر فردا ،ويتم املناقشة من خاللها بعمق وبحرية وانفتاح كامل ويجري -عادة في مثل هذا
النوع من الجلسات طرح األفكار ومناقشتها وتقييمها من أجل الوصول إلى قرارات مرتبطة بالنشاطات
واملنتجات أو الخدمات الجديدة ،أو املفاهيم الجديدة من خالل تحليل النتائج ،بعد طرح أسئلة من
أجل استقطاب اإلجابة من طرف الحاضرين.إضافة إلى ذلك فإنه إلنشاء أفكار جديدة تعتبر
مجموعة التقارب طريقة جيدة للفرز االبتدائي ملختلف األفكار واملفاهيم األولية ،فهذا األسلوب
يتضمن العديد من اإلجراءات والطرق الخاصة لتحليل وتقديم النتائج بطريقة أكثر كمية ،ومن خالل
هذه التقنية أصبح أسلوب حلقات النقاش أو مجموعات التقارب الطريقة األكثر استعماال إليجاد
5
األفكار الجديدة خاصة املرتبطة باملشاريع املقاوالتية واملؤسسات الناشئة.
العصف الذهني :يساعد العصف الذهني على تقديم األفكار الجديدة بصورة جماعية في محاولة
للوصول إلى حلول جديدة وأنماط جديدة من املنتجات والخدمات ،ويتم ذلك من خالل جلسة
3
أوس نايف الطيف ،إدارة المشروعات إزاء اتجاهات التغيير والتطوير للفرص االستثمارية ،أطروحة دكتوراه ،جامعة حضر موت،
فلسطين ،2009 ،ص .55
4
Luc de Brandere, Le management des idées, Dunod, Paris, 1998, P 151.
5
صندرة صايبي ،محاضرات في إنشاء المؤسسة ،مرجع سابق ،ص .17
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
مفتوحة يشارك فيها مجموعة من األفراد في طرح األفكار بحرية ،من أجل تطوير مجموعة من األفكار
الجدية ،ويعتمد هذا األسلوب على اتباع القواعد التالية:
ال يجوز تأييد أو نقد األفكار املطروحة.
طرح األفكار بكل حرية وبساطة ،وال يجوز استخدام لغة الهيمنة.
كلما كثرت األفكار كانت الفرصة للوصول إلى نتيجة أفضل.
يجوز تطوير األفكار املطروحة أو البناء على أفكار اآلخرين.
فأسلوب العصف الذهني يجب أن يكون بحرية وعفوية دون سيطرة أي طرف على األفكار املطروحة
بشكل أوسع قدر املستطاع.
أسلوب تحليل املشاكل :يعتبر أسلوب تحليل املشاكل من األساليب الناجحة للحصول على األفكار
والحلول الجديدة من خالل التركيز على املشاكل القائمة ،خاصة عندما تحلل املشاكل التي تتعلق
بمنتج أو خدمة معروفين مما يسهل محاولة الوصول إلى األفكار الجديدة التي تقود إلى تطوير املنتج
الجديد.
.4الكفاا الصحيحة والخاطئة :على املقاول أن يميز بين الكثير من األفكار ويقوم بتحليلها بصفة دقيقة ،ومن
املمكن أن يستعين املقاول بنصائح ذوي الخبرة في املجال ،فال توجد أفكار صحيحة بشكل مطلق وال أفكار
خاطئة بشكل مطلق ،فاألمر هنا يبقى مرهون بمختلف الظروف البيئية املحيطة واإلمكانيات الخاصة باملقاول،
ونجد في الغالب املقاولين يعتمدون بشكل كبير على تحليالتهم الخاصة دون اللجوء على االستشارة،
فالتخطيط الفردي قد يؤدي باملقاول إلى عدم االستفادة من بعض النصائح الخارجية التي قد تساهم في نجاح
املشروع بشكل أفضل ،وبعد الوصول إلى الفكرة الصحيحة يجب على املقاول اختبار امكانية تجسيد هذه
6
الفكرة في أرض الواقع.
سواء كان األمر يتعلق بإنشاء مشروع جديد أو شراء مشروع قائم ،فإن الدراسة االقتصادية واملالية للمشروع
مهمة جدا ،كونها عامل جوهري يساعد على التعرف على السيناريوهات الضرورية والتي سيواجهها املشروع
أثناء نشاطه وأهم هذه الدراسات:
.1د اسة السوق :تعتبر دراسة السوق مهمة في اإلعداد إلنشاء مشروع وتتضمن هذه الدراسة:7
الد اسة التسويقية :تعتبر دراسة الطلب على منتجات املشروع من أهم عناصر الدراسة التسويقية
وهي الحجر األساس الختبار الفكرة االستثمارية ،وتتضمن هذه الدراسة النقاط التالية:
6
Philippe Gorre, Guide de créateur d'entreprise, 13éme édition, Les presses du management, Paris,
1996, P .53.
7
ثابت عبد الرحمان إدريس ،بحوث التسويق ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر ،2003 ،ص ص .169 ،168
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
دراسة العوامل املحددة للطلب والعرض بالنسبة للمنتج الذي سيقدمه املشروع الجديد_ .
التعرف على هيكل السوق وحجمه وخصائصه واإلجراءات املنظمة للتعامل فيه_ .
تحليل العرض السابق ولحالي من حيث مصدره مستورد أو إنتاج محلي ،حجم املبيعات ،مدى استقرار
األسعار ،السياسات_ التسويقية للمنافسين... .
تقدير نصيب املشروع في السوق على ضوء الطلب والعروض وظروف املشروع أمام املنافسين له وتحديد معالم
السياسة التسويقية_ املقرر اتباعها.
:و من خالل تحليل السوق فإن املقاول يقوم بتحليل مجموعة مت العناصر املهمة ،منها
•البيئة االقتصادية :مثل القدرة الشرائية لدى العمالء املحتملين ،وهل من السهل التوصل إليهم ،وأساليب
إنفاقهم.
•البيئة االجتماعية :مثل أعمار العمالء ،وتركيبة األسرة ،عدد األطفال وأماكن تمركزهم ،إلخ... .
• التحليل الرباعي ) :(SWOTوهو تحليل يقصد به التعرف على أربعة اعتبارات أساسية وهي :نقاط القوة
للمقاول ،نقاط الضعف ،الفرص املتاحة عند انطالق املشروع ،والتهديدات التي قد تواجه املشروع ،وتسمى
) (SWOTلتعني اختصار الحروف األولى للكلمات االنجليزية (Strenght-Weakness-Opportunities-
) ، Threatويمكن تحليل هذه النقاط كما يلي:
نقاط القوة :هي الخصائص والصفات التي سيتميز بها املشروع املستقبلي بحيث تجعله قويا مقارنة
باملشروعات األخرى ،وأمثلة من نقاط القوة التي يمكن للمشروع املستقبلي االعتماد عليها لنجاحه التميز في
الجودة ،التميز في السعر ،التميز بنوع الخدمة ،القرب من السوق أي املوقع املالئم ،انخفاض التكلفة وعيرها
من العوامل التي تساهم في نجاحه.
نقاط الضعف :هي الخصائص والصفات واألشياء التي يمكن أن يعاني منها املشروع املستقبلي ،وتقيم على أ ا
سلبيات تضعف موقف املشروع مقارنة باملشاريع املنافسة ،ومن أمثلة نقاط الضعف التي يمكن أن يعاني منها
املشروع املستقبلي ،ارتفاع تكلفة االعتماد على مورد واحد ،محدودية الزبائن ،عدم توفر املهارات الالزمة.
الفرص :هي مجمل التطورات املستقبلية التي ستؤثر إيجابا في نجاح املشروع ،وتسمح للمقاول باالستفادة من
نتائجها لصالح املشروع ،وكأمثلة عن هذه الفرص :خروج بعض املنافسين من السوق ،النجاح في دخول
أسواق جديدة غير األسواق التقليدية ،االستفادة من تطور أو ابتكار أو اكتشاف ما ،التوسع في املشروع
ليشمل مجاالت وأنشطة جديدة.
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
التهديدات :هي الوقائع واألحداث التي يمكن أن تحدث مستقبال وتؤثر سلبا على املشروع املستقبلي ،وعلى إدارة
املشروع في كيفية التعامل معها بجدية ،ومن التهديدات املحتملة ظهور منافسين جدد في الوقت القريب ،ظهور
سلعة بديلة للسلع التي ينتجها املشروع ،اختفاء سلعة مكملة ملنتجات املشروع ،استصدار قوانين وتشريعات
غير مالئمة وليست في صالح املشروع.
أ -املعلومات الثانوية :هي عبارة عن بيانات سبق جمعها وتحليلها وتفسيرها ونشرها عن طريق اآلخرين
ألغراض قد تختلف عن أغراض الدراسة ،وتتمثل مصادر هذه املعلومات فيما يلي:
الهيئات الحكومية :مثل الهيئات الوطنية لإلحصاء والدراسات االقتصادية والبنوك وغرف التجارة والصناعة
.....وغيرها_ .
الجهات الداعمة إلنشاء املؤسسات :هناك جهات داعمة ومتخصصة في كل دولة لدعم املقاولين واملؤسسات
الصغيرة ،تعمل على تقديم املعلومات وشرحها بدون مقابل.
وسائل اإلعالم :مثل املقاالت ،الصحف ،حصص الراديو ،التلفزيون ،منتديات االنترنت_ ... .
املقابالت الشخصية والبحث عن الخبرات :ليس هناك ما يضاهي التحدث واالحتكاك مع األشخاص
املرتبطين بنشاط املشروع موضوع الدراسة والذين لديهم خبرة.
املناكفسين :من خالل الوثائق التجارية التي تنشرها بعض املؤسسات ( مجلة املؤسسة ،لوحات تقديم منتج ...).
تقنيات كمية :غايتها األساسية هي قياس السلوكيات أو اآلراء من خالل استعمال تقنية االستبيان_ .
-توصيف سوق السلعة التي سينتجها السوق باإلحاطة بمختلف العوامل املؤثرة فيه.
-التنبؤ باملبيعات وتقدير االتجاه العام لها الذي على أساسه يتم تقرير نشاط املشروع من إنتاج ،تسويق
وتمويل ،املخزون ومستلزمات اإلنتاج.
وعلى أساس هذه الدراسة يتم تحديد االستراتيجية التسويقية والتي يهدف املقاول من خاللها إلى اختيار الزبائن
وتقدير اإلمكانيات املالية والبشرية والتقنية للبحث في كيفية التموقع في السوق بصورة مميزة مقارنة مع
املشاريع املنافسة .وتحديد عناصر املزيج التسويقي املالئم للمشروع.
-تقدير حجم املشروع وطاقته اإلنتاجية :ويعني عدد الوحدات من املنتج املمكن إنتاجها خالل فترة زمنية
محددة ،واملعبرة عن العمر االفتراض ي للمشروع موضوع الدراسة.
-اختيا موقع املشروع :يمثل قرار اختيار وتحديد املشروع من القرارات األساسية في دراسة إمكانية إقامة
املشروع ،وذلك ملا يترتب عليه من نتائج يمتد تأثيرها لفترة طويلة من الزمن يصعب تحديدها ،وبالنسبة الختيار
املوقع يجب أن ينصب االهتمام على مسألة تدنية التكاليف مع عدم إغفال العوامل األخرى مثل عناصر
اإلنتاج واأليدي العاملة وسوق تصريف املنتج ،واالعتبارات االجتماعية والطبيعية والقرب من املشاريع
األخرى ...إلخ.
-تحديد نوع اإلنتاج والعمليات اإلنتاجية :يقصد بنوع نظام اإلنتاج سواء كان نظاما مستمرا أو نظام اإلنتاج
حسب الطلب أو نظام اإلنتاج املتغير ،أما بالنسبة لتحديد العمليات اإلنتاجية الهدف منه تحديد األنشطة
واملراحل اإلنتاجية املختلفة املستخدمة في تحويل املدخالت إلى مخرجات تامة ونهائية ،ويرتبط بمسألة الفن
االنتاجي ،كما يجب إعطاء أهمية خاصة ملسألة املفاضلة بين األساليب التكنولوجية املتاحة.
-اختيا اآلالت واملعدات :يرتبط اختيار اآلالت واملعدات بالنقطة السابقة إلى حد كبير ،ففي ضوء ما تفض ي
إليه عملية تحديد النظام اإلنتاجي والعمليات اإلنتاجية ،يتقرر نوع اآلالت واملعدات الواجب استخدامها والتي
تتناسب مع طبيعة املنتج.
-التخطيط الداخلي للمشروع :ويقصد به وضع التصاميم الهندسية سواء ما يتعلق باألعمال املدنية أو
امليكانيكية ،بمعنى تحديد مواقع ومواصفات األبنية الخاصة باإلدارة واملخازن وورش العمل ومراكز التدريب
والصيانة والتخطيط الداخلي الناجح ألي مشروع ،بحيث يضمن قنوات اتصال سهلة وسريعة ورخيصة بين
جميع الوحدات داخل املشروع.
8
Claude Annie Duplat, Pour gérer une entreprise à croissance rapide, Les éditions d'Organisation,
Paris, 2002, P 164.
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
د اسة الجوانب املالية للمشروع :أين يتم دراسة مختلف االحتياجات املالية املتوقعة لالنطالق في
9
املشروع ،ويمكن إيجازها على النحو التالي :
التااليف الرأسمالية :وهي تكاليف مرتبطة باختيار املوقع ،البنايات والخدمات املرتبطة بها،
التكاليف الخاصة باآلالت واملعدات ،وتكاليف شراء وتركيب األثاث واللوازم املكتبية.
تااليف التأسيس :وتضم كل من التكاليف الخاصة بالعمليات التأسيسية للمشروع،مصاريف
الدراسات األولية املختلفة ،تكاليف براءة االختراع والعالمة التجارية ،تكاليف االنطالق ،مخصصات
احتياطات الطوارئ ملواجهة التغيرات في التكاليف الرأسمالية.
أس املال العامل االبتدائي :حيث يخصص هذا النوع من رأس املال لسد الفجوة بين اإليرادات
واملصروفات النقدية التي تنشأ بسب عدم قدرة املشروع في بداية نشاطه على تحقيق إيرادات نقدية
كافية ملواجهة مصروفاته النقدية ،خاصة وأن الفترة األولى للنشاط تكون فيها التكاليف الثابتة
مرتفعة مقارنة بحجم اإلنتاج.
تااليف التشغيل والنشاط :حيث تتضمن مستلزمات املواد األولية ومصاريف مواد الطاقة
املختلفة ،األجور والرواتب ،املكافآت والحوافز ،الصيانة ،اإليجارات،مصاريف عمليات البحث
والتطوير ،التأمين على العمال واملمتلكات ،مصاريف التسويق خاصة ما تعلق بالدعاية للمشروع
ومنتجاته ،الضرائب ،واالتصاالت ...الخ.
احتياجات املشروع من القوى العاملة :أين يتم وضع مخطط مفصل لالحتياجات البشرية على
أساس إداري ،فني ،خدمي ،كما يجب أن يحدد وبشكل دقيق ومفصل التعداد املطلوب من الكفاءات
واألجور السنوية املناسبة لها.
تقدير احتياجات املشروع من املواد الخام ومستلزمات اإلنتاج :وذلك كما ونوعا وكذا أسعار هذه
االحتياجات ،مع األخذ بعين االعتبار الفواقد التي تحصل أثناء عملية اإلنتاج ،أو أثناء عمليات
التخزين والنقل.
تقدير عمر املشروع :في غالب األحيان يقوم املقاول بوضع تقدير خاص لعمر املشروع ،مع امكانية
تطوير وتنمية املشروع الصغير ليتحول إلى مؤسسة كبيرة ،ويجب أن يكون هناك عمر للمشروع يحدد
مقدما وعلى أساس فترة زمنية أو عدد معين من السنوات ،واملهم هو تحديد العمر االقتصادي وليس
العمر التشغيلي في حالة اختالفهما ،فالعمر التشغيلي للمشروع ينتهي عندما تصبح تكاليف صيانة
املوجودات أكبر من أن تغطيها إيرادات اإلنتاج في املشروع ،بينما العمر االقتصادي للمشروع ينتهي
عندما تصبح القيمة الحالية للتدفقات النقدية الداخلة من جراء تشغيل املشروع في املدة املتبقية
من عمره التشغيلي أقل من القيمة البيعية للمشروع.
9
Emanuel Monod, La méthode business plan pour la gestion de vos projets, Editions d'Organisation,
Paris, 2003, p p 71,72.
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
تحديد مصاد التمويل :من املهم جدا اختيار مصادر التمويل املالئمة للمؤسسة املستقبلية ،لذا
فإن املقاول أن يكون حريصا على االطالع على مختلف مصادر التمويل املمكنة الختيار األسلوب أو
األساليب املناسبة لتمويل مشروعه ،ويمكن اختصار هذه املصادر فيما يلي:
مصادر التمويل الداخلية :وتمثل املوارد املالية املوضوعة تحت تصرف صاحب املشروع سواء كانت -
أمواله الخاصة أو ممتلكات عينية إضافة إلى مساهمات الشركاء إن وجدوا.
مصادر التمويل الخارجية :واملتمثلة في البنوك واملؤسسات املالية التي تمنح قروض القروض بمختلف -
أنواعها باإلضافة إلى املوردين املتعاقدين مع صاحب املشروع خاصة إذا تم الحصول على مختلف
املواد واملعدات على الحساب.
باملوازاة مع اختيار الشكل القانوني للمؤسسة يتم اختيار االسم التجاري للمؤسسة حيث يتم استخراج
شهادة رسمية من السجل التجاري تفيد أن اسم املؤسسة ال يلتبس مع اسم مؤسسة أخرى ،البد من اختيار
اسم للمؤسسة يجذب العمالء بشكل يلفت نظرهم ويحفزهم للتعرف على صاحب املؤسسة الجديدة
ومنتجاتها أو خدماتها املقدمة ،فعملية اختيار الشعار واالسم مهمة للغاية كنوع من الدعاية للمشروع وإيصال
اسم املؤسسة لشريحة واسعة من العمالء ،وكذلك تحديد عنوان املقر االجتماعي.
قبل البدء في تنفيذ اإلجراءات القانونية إلنشاء املشروع يجب على صاحب املشروع التفكير في الشكل
القانوني الذي يناسب فكرة مشروعه ومجال نشاطه ،وذلك من بين االشكال القانونية التي يتيحها القانون
التجاري في البلد الخاص باملشروع ،ومن بين العوامل املحددة للشكل القانوني للمشروع نذكر ما يلي:
.2إعداد القانون الساس ي للشركة :بعد تحديد الشكل القانوني املناسب للمشروع املقاوالتي يقوم صاحب
املشروع باالتصال بالسلطات التنظيمية املخولة لطلب التسجيل في السجل التجاري ،كما يقوم باالستعانة
باملوثق من أجل إعداد العقد التأسيس ي وتسجيله ،وكذا وتحضير الوثائق التي يطلبها خاصة الوثائق اآلتي
ذكرها( :نسخة من بطاقة التعريف الوطنية لألطراف ،نسخة من شهادة امليالد ،شهادة التسمية ،شهادة
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
السوابق العدلية لألطراف) ،وينشر ملخص منه بجريدة يومية ،كما ينشر ملخص منه في النشرة الرسمية
لإلعالنات القانونية الرسمية لإلعالنات.
.3إعداد ملف اإلنشاء :وهو ملف متوفر لدى الهيئات املتخصصة في إنشاء املؤسسات االقتصادية ،مثل
السجل التجاري ،الغرفة التجارية والصناعية ،مصالح الضرائب ،وغيرها من املصالح املتخصصة في ذلك.
تخضع املؤسسات االقتصادية اللتزامات ضريبية وجبائية ،سواء عند إنشائها أو أثناء انطالقها وممارسة
أنشطتها ،ويمكن اختصار هذه االلتزامات فيما يلي:
حقوق التسجيل املرتبطة بهيال املؤسسة :يتميز عقد الشركة عن غيره من العقود بأنه يتولد عنه
كيان له ذمة مالية مستقلة ،وتخضع الشركة باعتبارها شخصية معنوية للعديد من االلتزامات
الضريبية في مراحل مختلفة.
الضرائب والرسوم الخاصة بمرحلة اإلنشاء :عند انشاء املشروع يفرض على املقاول مجموعة من
الرسوم املرتبطة بالتسجيل في السجل التجاري ،ورسوم أخرى خاصة باستخراج بعض الوثائق
املطلوبة في التأسيس والتسجيل ،ويتوجب على املقاول معرفتها ووضعها في الحسبان عن التفكير أو
التخطيط إلنشاء مشروعه.
الضرائب والرسوم الخاصة بإحداث تعديالت في عقد التأسيس :في الكثير من األحيان يضطر
املقاول أو الشركاء إلى تعديل عقد التأسيس أو القانون األساس ي لسبب من األسباب املعروفة قانونا،
مما يستوجب تحمل بعض الضرائب والرسوم املرتبطة بالتعديل أو التغيير ،فيتوجب علهم أخذها
بعين االعتبار عند التفكير في التعديل أو حتى عند مرحلة التأسيس األولي في البداية لتجنب االضطرار
للتعديل.
بعدما ينتهي املقاول من دراسة فكرته وتحليلها واالختيار بين البدائل املمكنة والقيام بدراسة السوق،
الدراسة التقنية والهندسية ،الدراسة املالية وتحديد مصادر التمويل ،اإلجراءات القانونية واختيار الشكل
القانوني للمؤسسة ،وبناء على خطة العمل التي قام بإعدادها يمكن له االنطالق في النشاط .ولكن ال تنته مهام
املقاول بمجرد انطالق املشروع بل املهمة األكبر في متابعة نشاط املشروع وتنفيذه ،لذا عليه أن يقوم ببعض
10
التدابير من أجل النجاح .نذكر أهمها فيما يلي:
10
صندرة صايبي ،سيرورة إنشاء المؤسسة ،مرجع سابق ،ص .34
د .فواز واضح ...................المحور الخامس :سيرورة إنشاء المشاريع المقاوالتية
تجميع وتدوين البيانات الفعلية الخاصة بمختلف العمليات واألنشطة خاصة ما تعلق بتوقيت -
العمليات وتكاليفها وكميات املواد املستخدمة فيها ...الخ.
رصد ومراقبة خطوات املشروع من خالل املقارنة املستمرة بين بيانات النتائج املخطط لها والبيانات -
الفعلية الحاصلة أثناء التنفيذ ،والتأكد أن املشروع يتجه نحو تحقيق األهداف التي أسس من أجلها
وأن األنشطة تتم في الوقت املحدد لها.
متابعة املوارد املالية حيث يتم التأكيد على أن رصيد املشروع ال يعاني من نقص األموال والعمل على -
متابعة تنفيذ امليزانية العامة وفقا لخطة العمل.
متابعة فريق العمل للتحقق من إنجاز وفعالية املوظفين في االتجاه الصحيح ،وذلك بمدى التزامهم -
بتنفيذ خطة العمل وكذا ملدى التزامهم بمهامهم وأدوارهم املحددة.
تحليل الفروقات بين بيانات النتائج املخطط لها و البيانات الفعلية الحاصلة أثناء التنفيذ. -
وضع تدابير الرقابة و القيام بتنفيذها. -
إعالم املوظفين و العمال بمجرى املشروع عن طريق تقارير دورية. -
وكذلك متابعة املحيط الخارجي للمؤسسة وردود أفعال املستهلكين ،املنافسين ،مشاريع السلع البديلة -
وغيرهم من املتعاملين... .
مراقبة املخاطر التي قد يواجهها املشروع أثناء نشاطه ودراسة كيفية مواجهتها بناء على ما هو متاح. -