You are on page 1of 162

‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ‬

‫َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َّ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن‬

‫ار‬
‫ردع اْلوَغدِ عن مواَلة ِ ال َكف ِ‬
‫ْ ََْ َ ْ ْ َْ ْ‬ ‫َ َّ َ ُّ‬
‫والتشب ِه ب ِ ِهم وتهنِئتِ ِهم بِاْلعياد‬

‫أستاذ جبامعة اإلمام الشافيع‪ ،‬يش آجنور ـ إندونيسيا‬


‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ َ ْ‬
‫الكتاب‪« :‬الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغدِ عن‬
‫َّ َ ُّ‬ ‫ُ َ َ ْ ُ َّ‬
‫ار َوالتشب ِه ب ِ ِه ْم‬‫مواَلة ِ الكف ِ‬
‫َْ ْ ْ‬ ‫َْ َ‬
‫الطبعة اْلوىل‬ ‫َوتهنِئت ِ ِه ْم بِاْلع َياد»‬
‫َ َْ َ َْ ََْ‬ ‫َُْ‬
‫‪ 2631‬ه‪ 1827 /‬م‬ ‫املؤلف ‪ :‬د‪ .‬عبد انلَّ ِصري أْحد المليبارِي‬

‫الصفحات ‪261 :‬‬


‫قياس القطع ‪12 x 21 :‬‬
‫بدل الطباعة ‪ :‬إندونيسيا‬
‫الرتقيم ادلويل‪1876811866872 :‬‬

‫انلارش‬
‫كريس اإلمام اْلشعري للبحوث ونرش الرتاث‬
‫مليبار ـ اهلند‬
‫َ‬
‫منارة أهل السنة ـ إندونيسيا‬
‫‪E -mail: thegiftofindia@gmail.com‬‬

‫اهلاتف‪+91 8593023153 :‬‬

‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َّ‬
‫ار‬
‫الفصل اثلال ِث مِن ردع اْلوَغ ِد عن مواَلةِ الك ِ‬
‫ف‬
‫َْ َْ ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّ َ ُّ‬
‫والتشب ِه ب ِ ِه ْم َوتهنِئتِ ِه ْم بِاْلعياد‬

‫‪3‬‬
4
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ْ َ ْ ُ َّ ُ‬
‫الفصل اثلال ِث‬
‫ار ِف َأ ْع َيادهِم‪ْ،‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ ُ َّ‬ ‫ُ ََ ُ ُْ ْ‬
‫ِ‬ ‫مشاركة المسلِ ِمني الكف ِ‬
‫َّ ْ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ‬
‫واإلهداءِ وغريِهِما‬‫بِاتلهنِئ ِة ِ‬
‫وازها‬‫يف الْ َق ْول جبَ‬
‫َْ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إثبات حِرمتِها وتزي ِ‬
‫َْ‬
‫تم ِهيد‬
‫َ‬ ‫َْْ َ ُ َْ ُ َْ ْ َ ُ‬
‫المبحث اْل َّول‪ :‬اْلعياد َواتلَّه ِان‬
‫يق الْ َق ْول ِف َت ْهن َئة الْ ُك َّفار بأَ ْعيَادهِمْ‬ ‫َْ ُ‬
‫ق‬ ‫َت‬ ‫‪:‬‬‫ان‬
‫ْ َ ْ َ ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المبحث اثل ِ‬
‫َ‬
‫ُّ َّ َ َ ْ َّ‬ ‫َ َ ْ ْ َ‬ ‫َّ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َّ ُ‬
‫اب َوالسن ِة َولَك ِم اْلئ ِم ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِت‬‫ك‬ ‫ال‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫يم‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫َت‬ ‫ة‬ ‫ِل‬
‫د‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬‫ِث‬ ‫المبحث اثلال‬
‫َ َ‬ ‫وز ل َ ُه ْم إ ْظ َه ُ‬‫ْ ََ َُ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َّ ُ َ ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ‬
‫ارهُ ِِف بَِلدِنا !؟‬ ‫ِ‬ ‫الرابِع‪ :‬كيف نهنئه ْم ب ِ ِعي ِدهِم‪ ،‬وَل َي‬ ‫المبحث‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ َّ ُ‬ ‫ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َْْ َ ُ َ ُ‬
‫المبحث اْلامِس‪َ :‬وكيف نهنئه ْم ب ِ ِعي ِده ِْم‪َ ،‬ومن هنأه ْم ب ِ ِه يع َّز ُر !؟‬
‫ْ َ ْ َ ُ َّ ُ ُ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َ َ َّ ُّ َ َ ْ َ‬
‫الرد عليها‬ ‫المبحث السادِس‪ :‬شبهات المنح ِرف ِني و‬
‫ْ ُ ْ َ‬
‫مِسك اْل ِت ِام‬

‫‪5‬‬
6
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ْ َ ْ ُ َّ ُ‬
‫الفصل اثلال ِث‬
‫ار ِف َأ ْع َيادهِم‪ْ،‬‬‫َ‬ ‫َ ْ ُ َّ‬ ‫ُ ََ ُ ُْ ْ‬
‫ِ‬ ‫مشاركة المسلِ ِمني الكف ِ‬
‫َّ ْ َ ْ ْ َ َ َ ْ‬
‫ريهِما‬‫واإلهداءِ وغ ِ‬‫بِاتلهنِئ ِة ِ‬
‫وازها‬‫يف الْ َق ْول جبَ‬
‫َْ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إثبات حِرمتِها وتزي ِ‬
‫َْ‬
‫تم ِهيد‪:‬‬
‫شرت في مقدمة الكتاب إلى األسباب والدواعي التي‬
‫أ ُ‬
‫أَ ْل َجأَ ْتني إلى تأليفه‪ ،‬والتصدي لبيان مذهب أهل السنة‪،‬‬
‫وتزييف ما انتحله المبتدعة المنحرفون‪ ،‬المفارقون للجماعة‪،‬‬
‫فيما يخص بهذه المسائل التي أتناولها في ضمن هذه الفصول‬
‫الثالثة ‪ .‬وكان من أهم تلك الدوافع ما انتشر بين الملسلمين‬
‫اآلن من أنواع المشاركة مع الكفرة في مناسباتهم الدينية‪،‬‬
‫وتبادل التهاني والتبريكات في أعيادهم الكفرية‪ ،‬وال يتوقف‬
‫بعض من ُينسب إلى‬
‫عن ارتكاب هذه المنكرات الشنيعة حتى ُ‬
‫جهل بالمسألة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫العلم والفضل‪ ،‬وإن كان بعضهم يفعله عن‬

‫‪7‬‬
‫الحق وما استقر عليه علماء‬
‫ويكابِر َّ‬
‫إال أن هناك من َي َّتبِع هواه‪ُ ،‬‬
‫األمة خلفا عن سلف‪.‬‬
‫محل ٍ‬
‫لبس‬ ‫أهل السنة في ذلك‬ ‫قه‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫حتى صار ف ُ‬
‫وجذب‪ ،‬والتبس‬
‫ٍ‬ ‫وموضع َش ٍد‬
‫َ‬
‫أخذ ٍ‬
‫ورد‪،‬‬ ‫ومجال ٍ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وغموض‪،‬‬
‫أمره على كثير من العلماء فضال عن الطلبة‪ ،‬فضال عن‬
‫ُ‬
‫مؤلفات مستقل ٌة في ترك‬
‫ٌ‬ ‫البسطاء العامة‪ .‬وإن كان قد أُ ِل ْ‬
‫فت‬
‫مواالة الكفار‪ ،‬وترك التشبه بهم بصفة عامة‪ ،‬كما أشرت إلى‬
‫بعض ذلك في مقدمة الكتاب‪ ،‬غير أني لم أجد في تحقيق‬
‫َ‬
‫مسألة التهنئة بأعياد الكفرة خاصة ـ وهي التي أثاروا حولها‬
‫حكمها‬
‫َ‬ ‫ويشفي‪ُ ،‬يبين‬ ‫العقيم ـ كتابا جامعا ُيغني َ‬ ‫هذا الجدل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫رجالها‪ ،‬وبيان األدلة‬ ‫ِ‬
‫نصوص‬ ‫في المذاهب األربعة‪ ،‬ب ِ‬
‫ِسرد‬
‫وي َف ِند مزاعم المخالفين الباطلة‪،‬‬‫أئمتها‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫التي استند إليها‬
‫َ‬
‫مة‪ ،‬وكلم ُة ِ‬
‫العالم‬ ‫ويزيِف شبهاتهم الواهية‪ ،‬وما هي إال ليل ُغ ٍ‬
‫َُ‬
‫صبح انفراجها‪.‬‬
‫ُ‬
‫وم ْْل هذا الفراغ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فكان ال بد من سد هذه الفجوة َ‬
‫أهل الباطل في‬ ‫وإسعاف أهل الحق بالحجج التي َت ْد َم ُغ َ‬

‫‪8‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫الدماغ؛ حتى ال تقوم لبدعتهم بعد ذلك قائم ٌة‪ ،‬وال تكون‬
‫ويه َلك‬
‫حيى َمن َح َّي عن بينة‪َ ،‬‬ ‫بضاع ُة جهلهم رائج ًة‪ ،‬وحتى ي‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫والسنة في‬ ‫َمن َه َلك عن بينة‪ ،‬وحتى يبقى منهج أهل الحق‬
‫والم َح ِرفين‪ ،‬وال يطاله َس َف ُه المبطلين‬ ‫ٍ ِ‬
‫مأمن من فتنة الجاهلين ُ‬
‫والعابثين !‬
‫ْ َ ْ َ ُ ْ َ َّ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َ‬
‫المبحث اْلول‪ :‬اْلعياد واتله ِان‪:‬‬
‫مما طُبِع عليه اإلنسان أنه يتشوف إلى راحة وعطلة‬
‫وس ٍم‬ ‫وترويح ٍ‬
‫نفس‪ ،‬فال بد أن يجتمع مع بني قومه في يوم أو م ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫وي َح ِدثنا‬‫مع َّي ٍن لقضاء هذه الرغبة الفطرية عنده وعندهم‪ُ .‬‬
‫َ‬
‫أعياد لْلعاجم والوثنيين‪ ،‬وأعياد‬
‫ٌ‬ ‫التاريخ أن لكل قوم عيدا‪،‬‬
‫ُ‬
‫للعرب في الجاهلية‪ ،‬وأعياد ألهل الكتاب من اليهود‬
‫والنصارى(‪ .)1‬وكان النبي ‪ %‬على ٍ‬
‫علم بذلك‪ ،‬فال جرم شر َع‬
‫َ‬
‫ألمته ما يخصها دون غيرها من األعياد؛ حتى ال يتشوف‬
‫متشوف من األمة إلى أعياد المخالفين في الدين والعقيدة‪.‬‬
‫ٌ‬

‫(‪ )1‬انظر في ذلك مثال‪ :‬بلوغ األرب في معرفة أحوال العرب لمحمود شكري‬
‫اآللوسي‪ :‬ج‪ ،1 /‬ص‪ 344 /‬فما بعدها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ففي حديث الصــحيحين عن الســيدة عائشــة رضــي ا‬
‫عنها‪ « :‬يا أبا بكر‪ ،‬إن لكل قوم عيدا‪ ،‬وهذا عيدنا»(‪ ،)1‬وفي‬
‫اليوم»‪ .‬قال اإلمام نجم الدين الغزي‬
‫ُ‬ ‫رواية‪« :‬وإن عيدنا هذا‬
‫ــارحا هذا‬
‫(ت‪ 1161 :‬هـــــــــــ) رحمه ا في «حســـن التنبه» شـ ً‬
‫إشارة إلى أن لكل قوم ِع ً‬
‫يدا‬ ‫ٌ‬ ‫الحديث ما نصه‪« :‬ففي الحديث‬ ‫َ‬
‫وأعيادنا خاص ٌة‬
‫ُ‬ ‫الكتاب خاص ٌة بهم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أهل‬
‫أعياد ِ‬
‫يختص بهم‪ ،‬ف ُ‬
‫بنا‪ ،‬وأن عيد أهل اإلســــــالم محصـــــور في جنس ذلك اليوم‪،‬‬
‫وهو ما كان عيدا شرعيا»(‪.)2‬‬
‫ال شــــــــك أن هذا الحديث نص في ِ‬
‫الع ِ‬
‫يد‪ ،‬وأنه ال عيد‬
‫للمســـلم غير الفطر واألَضـــحى‪ ،‬وأنهما خاص به‪ ،‬وأن ســـائر‬
‫األعياد خاص بغير المسلمين‪ ،‬فليس لنا التشبه بهم في شيء‬
‫من ذلك‪ .‬قال ابن تيمية في «اقتضـــــاء الصـــــرا المســـــتقيم»‪:‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري (‪ ،)919‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب صالة العيدين‪ :‬ج‪ ،6 /‬ص‪/‬‬
‫‪.)892( ،183‬‬
‫(‪ )2‬حسن التنبه لما ورد في التشبه للنجم الغزي‪ :‬ج‪ ،8 /‬ص‪ .272 /‬وهناك أعياد‬
‫أسبوعية أيضا للمسلمين كما لغيرهم‪ ،‬وهي الجمعة‪ ،‬فالمسلمون يتميزون فيها‬
‫أيضا عن غيرهم في ذلك‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫«قوله ‪« : %‬إن ا قد أبدلكم بهما خيرا منهما» يقتضي تر َك‬


‫ْ‬
‫الجم ِع بينهمــا‪ ،‬ال ســـــــيمــا وقولــه‪« :‬خيرا منهمــا» يقتضـــــــي‬
‫االعتياض بما شرع لنا‪ ،‬عما كان في الجاهلية‪.‬‬
‫لما سألهم عن‬
‫وأيضا فقوله لهم‪« :‬إن ا قد أبدلكم» َّ‬
‫اليومين فأجابوه بـ«أنهما يومان كانوا يلعبون فيهما في‬
‫الجاهلية» دليل على أنه نهاهم عنهما اعتياضا بيومي اإلسالم؛‬
‫إذ لو لم يقصد النهي لم يكن ذكر هذا اإلبدال مناسبا؛ إذ أصل‬
‫شرع اليومين اإلسالميين كانوا يعلمونه‪ ،‬ولم يكونوا ليتركوه‬
‫ألجل يومي الجاهلية‪.‬‬
‫وفي قول أنس‪« :‬ولهم يومان يلعبون فيهما»‪ ،‬وقول‬
‫النبي ‪« :%‬إن ا قد أبدلكم بهما يومين خيرا منهما» دليل‬
‫على أن أنسا ‪ ‬فهم من قول النبي ‪« :%‬أبدلكم بهما»‬
‫تعويضا باليومين المبدلين‪.‬‬
‫ِ‬
‫الجاهليين قد ماتا في‬ ‫وأيضا فإن ذينك اليومين‬
‫َّ ْ‬
‫اإلسالم‪ ،‬فلم يبق لهما أثر على عهد رسول ا ‪ ،%‬وال ع ِ‬
‫هد‬
‫ٌ‬ ‫َ‬

‫‪11‬‬
‫ِ‬
‫خلفائه‪ ،‬ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما ونحوه‬
‫مما كانوا يفعلونه‪ ،‬لكانوا قد بقوا على العادة؛ إذ العادات ال‬
‫بم ِ‬
‫غير يُزيلها‪ ،‬ال سيما وطباع النساء والصبيان وكثير‬ ‫تغير إال ُ‬
‫من الناس متشوفة إلى اليوم الذي يتخذونه عيدا للبطالة‬
‫واللعب‪ ...‬فلوال قوة المانع من رسول ا ‪ %‬لكانت باقية‪،‬‬
‫ولو على وجه ضعيف‪ ،‬فعلم أن المانع القوي منه كان ثابتا‪،‬‬
‫وكل ما منع منه الرسول منعا قويا كان محرما؛ إذ ال يعني‬
‫بالمحرم إال هذا‪ ،‬وهذا أمر بين ال شبهة فيه؛ فإن مثل ذينك‬
‫العيدين‪ ،‬لو عاد الناس إليهما بنوع مما كان يفعل فيهما ـ إن‬
‫رخص فيه ـ كان مراغمة بينه وبين ما نهى عنه‪ ،‬فهو المطلوب‪.‬‬
‫والمحذور في أعياد أهل الكتابين التي ُن ِقرهم عليها‬
‫أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي ال ُنقرهم عليها؛‬
‫فإن األمة قد ُحذروا مشابه َة اليهود والنصارى‪ ،‬وأُخبروا ْ‬
‫أن‬
‫المحذور‪ ،‬بخالف دين الجاهلية‪ ،‬فإنه‬
‫َ‬ ‫وم منهم هذا‬
‫سيفعل ق ٌ‬
‫ال َي عود إال في آخر الدهر‪ ،‬عند اخترام أنفس المؤمنين‬
‫عموما‪ ،‬ولو لم يكن أشد منه‪ ،‬فإنه مثله على ما ال يخفى؛ إذ‬

‫‪12‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫الشر الذي له فاعل موجود‪ ،‬يخاف على الناس منه أكثر ِمن‬
‫شر ال مقتضي له قوي»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫قال ابن تيمية أيضا‪« :‬وإذا كان الشارع قد َح َسم ماد َة‬
‫أن يتدنس المسلم بشيء من أمر‬ ‫أهل األوثان خشي َة ْ‬ ‫ِ‬
‫أعياد ِ‬
‫ُ‬
‫الكفار‪ ،‬الذين قد يئس الشيطان أن ُي ِقيم ْأمرهم في جزيرة‬
‫َ‬
‫العرب فالخشية من تدنسه بأوضار الكتابيين الباقين أشد‪،‬‬
‫أوكد‪ ،‬كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة‬
‫ُ‬ ‫والنهي عنه‬
‫من هذه األمة سبيلهم ؟!»(‪.)2‬‬
‫األعياد من جملة الشرع‬
‫َ‬ ‫أيضا في «االقتضاء»‪« :‬إن‬
‫وقال ً‬
‫‪   ‬‬ ‫والمناهج والمناسك‪ ،‬التي قال ا سبحانه‪:‬‬
‫‪[     ‬الحج‪ ،]67 /‬كالقبلة والصالة والصيام‪،‬‬
‫فال فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر‬
‫المناهج‪ ،‬فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر‪.‬‬
‫والموافقة في بعض فروعه‪ :‬موافقة في بعض ُش َعب الكفرِ ‪،‬‬

‫(‪ )1‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ص‪ . ( 436 - 434 /‬الرشد)‪.‬‬
‫(‪ )2‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ص‪ . ( 444 /‬الرشد)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أخص ما َت َت َم َّ ُ‬‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫هر ما‬
‫ِ‬ ‫أظ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫الرشائع‬ ‫به‬ ‫ّي‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫اْلعياد‬ ‫بل‬
‫َ ِّ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬
‫لكفر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫رشائع‬
‫ِ‬ ‫خص‬ ‫أ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ق‬ ‫واف‬ ‫م‬ ‫فيها‬ ‫ة‬ ‫ق‬‫فاملواف‬ ‫‪،‬‬ ‫عائر‬
‫ِ‬ ‫الش‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫َ‬
‫عائره»(‪.)1‬‬
‫ِ‬ ‫ش‬ ‫وأظهر‬
‫ِ‬
‫وإذا كان هذا الكالم متعلقا باألعياد السنوية فليس‬
‫األمر منحصرا في ذلك‪ ،‬بل العيد األسبوعي كذلك ال بد من‬
‫تميزِ المسلمين فيه عن غيرهم‪ .‬فمن هنا ُج ِعل لنا يوم الجمعة‪،‬‬
‫خال ًفا لليهود والنصارى أصحاب السبت واألحد‪ .‬وقد أشار‬
‫إليه القرآن الكريم في سورة (الجمعة)‪ ،‬وكذلك صحت في‬
‫ذلك األخبا ُر عن النبي ‪.%‬‬
‫اإلمام البيهقي (ت‪ 458 :‬هـ) رحمه‬
‫ُ‬ ‫أما التهنئة فقد َع َق َد‬
‫ا بابا في آخر كتاب العيدين من كتابه «السنن الكبير» الذي‬
‫صن َفه في بيان أدلة المسائل التي اشتمل عليها المبسو‬
‫َّ‬
‫صاحب اإلمام الشافعي ‪ ‬من أول الفقه إلى آخره‪.‬‬
‫ِ‬ ‫للمزني‪،‬‬
‫ٍ‬
‫لبعض يوم العيد‪:‬‬ ‫فقال‪« :‬باب ما روي في قول الناس بعضهم‬

‫(‪ )1‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ص‪.99 ،98 /‬‬

‫‪14‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫تقبل ا منا ومنك»‪ ،‬ثم ذكر فيه حديثا‪ ،‬حكم عليه الحافظ‬
‫ابن حجر العسقالني بأن سنده ضعيف(‪ .)1‬ثم قال البيهقي‬
‫حديث مرفوع في كراهية ذلك‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬ ‫رحمه ا ‪« :‬وقد ُروي‬
‫ٍ‬
‫ألحد من‬ ‫يصح»‪ .‬فما قاله القمولي رحمه ا من أنه لم َير‬
‫َ‬
‫أصحاب الشافعية كالما في التهنئة بالعيدين واألعوام‬
‫والشهور كما يفعله الناس(‪ )2‬ليس كذلك‪.‬‬
‫جزء‬
‫ً‬ ‫وقد ألف الحافظ ابن حجر العسقالني رحمه ا‬
‫أثارا عن بعض الصحابة والتابعين تفيد‬
‫في التهنئة‪ ،‬أورد فيه ً‬
‫نيتها‪ ،‬ال أسردها هنا خشي َة اإلطالة‪ ،‬فمن أراد االطالع عليها‬
‫ُس َ‬
‫فعليه بذلك الجزء وما ُذكر فيه من المصادر العلمية‪.‬‬
‫واألمر كذلك في المذهب المالكي‪ ،‬فقد نقل ذلك ابن‬
‫رشد في «البيان والتحصيل» عن اإلمام ابن حبيب عن اإلمام‬
‫مالك ‪ ، )3(‬وكذلك في المذهب الحنبلي؛ فقد نقل ابن مفلح‬

‫(‪ )1‬انظر السنن الكبير لإلمام البيهقي‪ :‬ج‪ ،6 /‬ص‪ ،627 /‬جزء في التهنئة للحافظ‬
‫ابن حجر‪ :‬ص‪.31 /‬‬
‫(‪ )2‬انظر النجم الوهاج في شرح المنهاج لإلمام الدميري‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪.551 /‬‬
‫(‪ )3‬انظر البيان والتحصيل البن رشد‪ :‬ج‪ ،18 /‬ص‪.452 /‬‬

‫‪15‬‬
‫في «الفروع» عن اإلمام أحمد أنه ال بأس به‪ ،‬وأشار إلى‬
‫ِ‬
‫موافقة الشافعية له في المسألة(‪.)1‬‬
‫َ ْ َ ْ ُ َّ َ ْ َ ْ‬ ‫َْ ُ َْ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َّ‬
‫ار بِأعيادِهِم‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫ك‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ئ‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ه‬‫ت‬ ‫ِف‬ ‫ل‬
‫ِ ِ‬ ‫و‬ ‫ق‬‫ال‬ ‫يق‬‫ق‬‫ِ‬ ‫َت‬ ‫‪:‬‬ ‫ان‬
‫المبحث ِ‬
‫اثل‬
‫كل ٍ‬
‫قوم ُي َعد شعارا‬ ‫وعيد ِ‬
‫ُ‬ ‫عيدا‪،‬‬
‫إذا ثبت أن لكل قوم ً‬
‫من شعائرهم الخاص بهم‪ ،‬وإن كان ذلك باطال في الحقيقة‪،‬‬
‫منذ ما قبل الجاهلية وفي زمان اإلسالم؛ حيث قر َر النبي ‪%‬‬
‫َّ‬
‫ألمته العيدين‪ :‬األضحى والفطر‪ ،‬وهما خاصان بأمته ‪،%‬‬
‫وي َع َّدان لو ًنا من ألوان العبادة والتقرب إلى ا ‪ ،‬بإطعام‬
‫ُ‬
‫وثبت‬
‫َ‬ ‫الطعام‪ ،‬وصلة األرحام‪ ،‬والصالة واألذكار وغير ذلك‪،‬‬
‫أنه ال يجوز للمسلم أن يتشبه بالكافر في أمر من أموره‬
‫َّ‬
‫الخاص ِة بدينه‪ ،‬إذا ثبت وتبي َن ذلك ثبت بكل وضوح أنه ال‬
‫َّ‬
‫يجوز للمسلم أبدا أن ُيشارك الكفر َة في أعيادهم الكفرية‪ ،‬وال‬
‫هن َئهم بها‪ ،‬أو يتشبه بهم في شيء من شعائر أعيادهم هذه؛‬ ‫أن ي ِ‬
‫ُ‬
‫ألنها جميعا أمور مختصة بدينهم الباطل‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر الفروع البن مفلح‪ :‬ج‪ ،3 /‬ص‪.215 /‬‬

‫‪16‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫وأك َده السنة الشريف ُة‪،‬‬


‫َّ‬ ‫الكتاب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫هذا هو الذي بي َنه‬
‫َّ‬
‫وسارت عليه األمة سلفا وخلفا‪،‬‬ ‫وتضافر عليه كالم األئمة‪،‬‬
‫مفار َقة الجماعة‪ ،‬ظا ًّنا‬
‫ولم يخالف في ذلك إال كل من أحب َ‬
‫ِ‬
‫وواه ًما‬ ‫أحس َن مما َفهِ مه أكابر هذه األمة وأصاغرهم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أنه َيفهم َ‬
‫عقدية أو‬‫ٍ‬ ‫صواب في هذه المسألة ـ كمسائل‬‫ٍ‬ ‫أنه اهتدى إلى‬
‫هتد إليه غيره ممن‬ ‫ٍ‬
‫كثيرة أُ َخر َش َّذ بها عن األمة ـ لم ي ِ‬ ‫ٍ‬
‫فقهية‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سبقه أو لحقه‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن تيمية في َمعرِ ض االستدالل على‬
‫الكفار في أعيادهم ما نصه‪« :‬وهذا‬ ‫تحريم موا َف ِ‬
‫قة المسلمين‬
‫َ‬
‫يوجب العلم اليقيني بأن إمام المتقين ‪ %‬كان َيمنع َ‬
‫أمته منعا‬
‫وسها و َط ْم ِسها بكل‬‫قويا عن أعياد الكفار‪ ،‬ويسعى في در ِ‬
‫ُُ‬
‫إبقاء لشيء‬
‫ٌ‬ ‫سبيل‪ ،‬وليس في ِإقرار ِ‬
‫أهل الكتاب على دينهم‬
‫من أعيادهم في حق أمته‪ ،‬كما أنه ليس في ذلك إبقاء في حق‬
‫أمته؛ لما هم عليه في سائر أعمالهم من سائر كفرهم‬
‫ومعاصيهم‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫بل قد بالغ ‪ %‬في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من‬
‫المباحات‪ ،‬وصفات الطاعات؛ لئال يكون ذلك ذريع ًة إلى‬
‫مواف َق ِتهم في غير ذلك من أمورهم‪ِ ،‬‬
‫ولتكون المخالفة في‬
‫رت‬
‫كث ْ‬
‫ذلك حاجزا ومانعا عن سائر أمورهم؛ فإنه ك َّلما ُ‬
‫المخالف ُة بينك وبين أصحاب الجحيم‪ ،‬كان أبعد لك عن‬
‫أعمال أهل الجحيم‪.‬‬
‫فليس بعد حرصه على أمته ونصحه لهم غاية ـ بأبي هو‬
‫وأمي ـ وكل ذلك من فضل ا عليه وعلى الناس‪ ،‬ولكن أكثر‬
‫الناس ال يعلمون !»(‪.)1‬‬
‫إذا كان هذا هو نهج السف وأهل السنة في هذه‬
‫المسألة‪ ،‬كما يظهر ذلك في مؤلفات أئمة اإلسالم في كل‬
‫نشأت اآلن في زماننا طائف ٌة نصبوا خالفا‬
‫ْ‬ ‫زمان ومكان‪ ،‬فقد‬
‫في هذه المسألة‪ ،‬وقد اشتدت الخناقة والخصومة بينهم وبين‬
‫اليهود‬
‫َ‬ ‫أهل الحق والعلم حول مسألة مشاركة المسلمين‬

‫(‪ )1‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ص‪ . ( 445 /‬الرشد)‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫والنصارى وغيرهم من الكفار في أعيادهم‪ ،‬في المحافل‬


‫َ‬
‫الناس‬ ‫ٍ‬
‫اتخ َذ ُ‬
‫زمان َ‬ ‫والمواقع‪ ،‬بالتهنئة واإلهداء وغيرهما‪ ،‬في‬
‫فيه رؤوسا ُج َّهاال‪ُ ،‬س ِئلوا فأَ َفتوا‪َ ،‬ف َضلوا وأَ َضلوا‪ ،‬كما ورد‬
‫على لسان الصادق المصدوق ‪.%‬‬
‫والم َلبِسين ينتشرون‬
‫ُ‬ ‫ولوال أن جماعة من المدلسين‬
‫اآلن في وسائل اإلعالم المختلفة‪ُ ،‬م ِح ِلين ما حرمه ا تعالى‬
‫َّ‬
‫والسماحة‪ ،‬متظاهرين‬‫الو َسطية َّ‬
‫بألقاب َ‬
‫ِ‬ ‫ورسو ُله ‪ُ ،%‬م َت َت ِرسين‬
‫بجودة الفهم ألسرار الدين وطُرق الدعوة‪ ،‬رامين غيرهم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫بحاجة إلى تضييع‬ ‫ٍ‬ ‫بالجالفة والتشدد‪ ،‬ولوال ذلك ما ُكنا‬‫َ‬
‫الوقت بتوضيح الواضحات‪ ،‬والبر َه َنة على ما ُي ْشبِه الب َد ِهيات‪،‬‬
‫َ َّ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫الواضحات‪،‬‬ ‫توضيح‬ ‫ِ‬
‫المشكالت‬ ‫أشكل‬
‫ِ‬ ‫وقد قيل‪ :‬إن ِمن‬
‫َ‬
‫الناس حيارى‪،‬‬ ‫ولكن لما صارت البلبلة والفوضى‪ ،‬ووجدنا َ‬
‫جمع‬
‫كارى‪ ،‬والمسأل ُة ُم َ‬
‫البيان ونتركهم ُس َ‬
‫َ‬ ‫فليس لنا أن نترك‬
‫عليها‪ ،‬ال خالف فيها عند علمائنا السابقين األجالء‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الكفار في أعيادهم بكل صورها‬
‫َ‬ ‫إن مشاركة المسلمين‬
‫دل على ذلك أيضا‬ ‫عتد بإجماعهم‪َّ ،‬‬ ‫حرام بإجماع من ُي َ‬ ‫ٌ‬
‫سلف األمة‪ ،‬وال يجوز‬ ‫ِ‬ ‫وأقوال‬
‫ُ‬ ‫الكتاب والسنة‬
‫ِ‬ ‫نصوص‬
‫لمسلم أن ُي َه ِن َئ كافرا بمناسباته الدينية‪ ،‬وال أن يشاركه في‬
‫لون من ألوان المشاركة أيضا‪ .‬هذا هو‬‫بأي ٍ‬ ‫أعياده الكفرية‪ِ ،‬‬
‫الموروث عن سلف األمة‪ ،‬والدين المنقول عن األئمة‬
‫ُ‬ ‫الفقه‬
‫ـ وسنبين ذلك بيانا شافيا إن شاء ا ـ ولم يكن خالف ذلك‬
‫محكيا في كتاب من الكتب‪ ،‬بل كلما ظهرت هذه البدعة في‬
‫ِ‬
‫الفساق من الناس بسبب‬ ‫ِ‬
‫وعادات‬ ‫ِ‬
‫الجهلة العوام‪،‬‬ ‫عمل‬
‫ِ‬
‫أهل العلم إلى ردها واستقباحها‪،‬‬
‫سار َع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جهلهم أو شهوتهم َت َ‬
‫وحث ِ‬
‫والة أمور المسلمين على اتخاذ الوسائل الالزمة‬ ‫ِ‬
‫لردعهم عنها وتنفيرهم منها !‬
‫حتى نبتت في هذا العصرِ نابت ٌة منحطَّ ُة الدي ِن والعلم‬
‫الم َناع ُة‬
‫دين األمة؛ حيث ضعفت َ‬ ‫خالف ِ‬ ‫َ‬ ‫والسلوك ْتز ُعم‬
‫عاشرتها معهم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وم‬ ‫بالك َفرة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اختالطها‬ ‫الدينية في نفوسها؛ لكثرة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫شهودهم المنكرات والبِد ِع ُت ِجيز هذه التهنئ َة‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكثرة‬

‫‪21‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫والمشارك َة معهم في ذلك في معابدهم وصوامعهم‪،‬‬


‫ٍ‬
‫وظنون‪ ،‬وخياالت وشبهات‬ ‫متمسكين في ذلك بأوهام‬
‫بها من سلطان‪ ،‬بل اختلقها لهم‬ ‫ٍ‬
‫وشهوات‪ ،‬ما أنزل ا‬
‫الشيطان‪ ،‬ظنوها كافية لمقاومة أدلة فقه السلف‪ ،‬والحق أن‬
‫وت َس َّود‬
‫الكثير مما أثاروها ويتشدقون بها في المجالس‪ُ ،‬‬
‫األوراق بالحديث عنها ليس مثل ما يتصوره هؤالء‬ ‫ُ‬
‫المتحذلقون المتفيهقون في القوة وال َمتانة‪ ،‬وال قريبا منه‪،‬‬
‫وع ِلموا زيفها وأَ ْد َركوا‬
‫وإنما هي ُش َبه َن َظر فيها من مضى‪َ ،‬‬
‫ُضع َفها وتها ُف َتها‪ ،‬ولكنها قد استشكلت على هؤالء ألمورٍ‬
‫ِ‬
‫قرارة ُنفوسهم‪ ،‬لها بها ـ أي بتلك الشبه‬ ‫استقرت في‬
‫ْ‬ ‫وأسباب‬
‫ٍ‬
‫ـ عالق ٌة ومجا َن َس ٌة‪.‬‬
‫كشف عن وجه بطالنها‬ ‫نعم‪ ،‬إذا أُ ْ‬
‫ثيرت شبه ٌة‪ ،‬ولم ُي َ‬
‫وجه الحق والصواب على من ال يعرف الحقيقة‬ ‫ُ‬ ‫انبهم‬
‫والتبست عليه األمور‪ ،‬بل‬
‫ْ‬ ‫بخصائصها وصفاتها ومميزاتها‪،‬‬
‫الباطل بما يتصف به ِمن َزخارِ َف وم ْغرِ ٍ‬
‫يات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ربما استهواه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ويعرِ ض عن الحق وهو قائم بأدلته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َفيضل عن سواء السبيل‪ُ ،‬‬
‫‪21‬‬
‫الفاسد‬
‫ُ‬ ‫ويميز‬ ‫َف ِمن الواجب بيا ُن ما به ُيعلم الحق من الباطل‪،‬‬
‫ُ َّ‬
‫من الصحيح‪ ،‬وما ينفصل به كل واحد منهما عن اآلخر !‬
‫ِ‬
‫وشريعته ن َظر إلى‬ ‫تمكن في قلبه اإليما ُن با‬
‫َّ‬ ‫فمن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مرض‬‫األشياء على مقتضى ذلك اإليمان‪ ،‬ومن كان في قلبه ٌ‬
‫ينظر إلى األشياء على ِطبق ما استقر في قلبه ِمن أُسس ع ٍ‬
‫قدية‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وأصول فكرية ووسوسة شيطانية‪ ،‬وما ُيصدره من األحكام‬
‫والمؤمن يزداد إيمانا بما‬
‫ُ‬ ‫يصطبغ بحالته النفسية المتدنية هذه‪.‬‬
‫يرى في صفحات الكون وألواح الكتب‪ ،‬والكافر يزداد به‬
‫‪  ‬‬ ‫كفرا‪ ،‬والمنافق ال َيزِ يده ما يراه إال نفاقا وارتيابا !‬
‫‪           ‬‬

‫‪           ‬‬

‫‪         ‬‬

‫[التوبة‪.]125 ،124 /‬‬

‫‪22‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ْ ْ َ َ ُّ َّ َ َ َ ِ ْ َ َّ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َّ ُ َ َّ ُ َ ْ‬
‫اب والسن ِة ولَكم اْلئ ِم ِة‪:‬‬
‫المبحث اثلال ِث‪ :‬أدِلة َت ِري ِمه مِن الكِت ِ‬
‫واالستفادة‬
‫ُ‬ ‫وفيما يلي أذكر ما تيسر لي االطالع عليه‪،‬‬
‫منه‪ ،‬من نصوص الكتاب والسنة وكالم المفسرين‬
‫والمحدثين‪ ،‬وفقهاء المذاهب األربعة المتبوعين‪ ،‬مما يدل‬
‫رمة هذه المشاركات بالمهاداة والمعايدة والتهنئة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫على ح َ‬
‫وهي كثيرة متنوعة بفضل ا تعالى‪ ،‬كما سنرى‪.‬‬
‫روى اإلمام أبو عبد ا البخاري (ت‪ 256 :‬هـ) رحمه‬
‫ا في «التاريخ الكبير» عن أمير المؤمنين سيدنا عمر بن‬
‫الخطاب ‪« :‬اجتنبوا أعداء ا في عيدهم»(‪.)1‬‬
‫روى اإلمام أبو بكر الخطيب البغدادي (ت‪ 463 :‬هـ)‬
‫في «تاريخ بغداد» عن سيدنا عبد ا بن عباس في تفسير قوله‬
‫تعالى‪          :‬‬

‫(‪ )1‬التاريخ الكبير لإلمام البخاري‪ :‬ج ‪ /2‬القسم ‪ ،2‬ص‪ ،14 /‬رقم (‪ ،)1815‬وانظر‬
‫أيضا السنن الكبير للبيهقي‪ :‬ج‪ ،19 /‬ص‪.166 /‬‬

‫‪23‬‬
‫الش ِ‬
‫عانين‬ ‫‪[  ‬الفرقان‪« :]72 /‬قال‪ :‬أعياد املرشكني‪ ،‬يعني َّ‬
‫وغير ذلك»(‪.)1‬‬
‫وروى ابن أبي حاتم في تفسيره عن الضحاك‪« :‬قال‪:‬‬
‫عيد املرشكني ‪ ،‬وروي عن أبي العالية وطاوس والربيع بن‬
‫أنس والمثنى بن الصالح نحو ذلك»(‪.)2‬‬
‫قال العالمة الزمخشري (ت‪ 538 :‬هـ) في تفسير قوله‬
‫تعالى‪          :‬‬

‫[الفرقان‪« :]72 /‬يحتمل أنهم ينفرون عن محاضر‬ ‫‪ ‬‬

‫الكذابين ومجالس الخطائين‪ ،‬فال يحضرونها وال يقربونها؛‬


‫تنزها عن مخالطة الشر وأهله‪ ،‬وصيان ًة لدينهم عما َي ْث ِلمه؛ ألن‬
‫مشاهدة الباطل شرك ٌة فيه‪ ..،‬وعن قتادة مجالس الباطل‪ ،‬وعن‬
‫ْ‬
‫ابن الحنفية‪ :‬اللهو والغناء‪ ،‬وعن مجاهد‪ :‬أعياد املرشكني»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬تاريخ بغداد للخطيب‪ :‬ج‪ ،13 /‬ص‪ ،458 /‬وانظر أيضا حسن التنبه للغزي‪:‬‬
‫ج‪ ،8 /‬ص‪.271 /‬‬
‫(‪ )2‬تفسير ابن أبي حاتم الرازي‪ :‬ص‪.2737 /‬‬
‫(‪ )3‬الكشاف للزمخشري‪ :‬ج‪ ،11 /‬ص‪( 298 ،297 /‬نسخة حاشية الطيبي)‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫وقال اإلمام الرازي (ت‪ 616 :‬هـ) رحمه ا في تفسيره‬


‫لهذه اآلية‪« :‬الزور‪ :‬يحتمل إقامة الشهادة الباطلة‪ ،‬ويكون‬
‫المعنى أنهم ال يشهدون شهادة الزور‪ ،‬فحذف المضاف وأقيم‬
‫المضاف إليه مقامه‪ ،‬ويحتمل حضور مواضع الكذب‪ ،‬كقوله‬
‫[األنعام‪/‬‬ ‫‪         ‬‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫‪ ، ]68‬ويحتمل حضور كل موضع يجري فيه ما ال ينبغي‪،‬‬
‫ويدخل فيه أعياد املرشكني وجمامع الفساق؛ ألن من خالط‬
‫أهل الشر ونظر إلى أفعالهم وحضر مجامعهم فقد شاركهم‬
‫دليل الرضا به‪ ،‬بل‬
‫في تلك المعصية؛ ألن الحضور والنظر ُ‬
‫هو سبب لوجوده والزيادة فيه؛ ألن الذي حملهم على فعله‬
‫استحسان النظارة ورغبهم في النظر إليه»(‪.)1‬‬
‫قال الشيخ ابن تيمية عند ما تعر َض لهذه اآلية والتفاسير‬
‫َّ‬
‫وقول هؤالء التابعين إنه أعياد الكفار ليس‬‫المختلفة لها‪ُ « :‬‬
‫الشرك أو صنم كان في الجاهلية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مخالفا لقول بعضهم إنه‬
‫ٌ‬
‫(‪ )1‬التفسير الكبير لإلمام الرازي‪ :‬ج‪ ،24 /‬ص‪( 113 /‬دار الفكر)‪ .‬وانظر أيضا‬
‫التفاسير األخرى‪ ،‬مثل‪ :‬التحرير والتنوير البن عاشور‪ :‬ج‪ ،19 /‬ص‪.78 /‬‬

‫‪25‬‬
‫ولقول بعضهم إنه مجالس الخنا‪ ،‬وقول بعضهم إنه ِ‬
‫الغناء؛‬ ‫ُ‬
‫ألن عادة السلف في تفسيرهم هكذا‪ :‬يذكر الرجل نوعا من‬
‫المستمع إليه‪ ،‬أو ِلي َنبِه به على‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لحاجة‬ ‫أنواع المسمى؛‬
‫ُ‬
‫الجنس»(‪.)1‬‬
‫وقال في «مجموع فتاواه»‪« :‬فإذا كان هذا في شهودها‬
‫من غير فعل فكيف باألفعال التي هي من خصائصها»(‪.)2‬‬
‫ومثله في «االقتضاء»؛ حيث قال‪« :‬وإذا كان ا قد َم َدح تر َك‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫برؤية أو سما ٍع فكيف‬ ‫شهودها الذي هو مجرد الحضور‬‫ِ‬
‫بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور‪،‬‬
‫ال مجرد شهوده»(‪.)3‬‬
‫في‬ ‫وروى اإلمام البيهقي (ت‪ 458 :‬هـ) رحمه ا‬
‫«شعب اإليمان» عن سيدنا عمر بن الخطاب ‪ ،‬قال‪ :‬اجتنبوا‬
‫أعداء ا ‪ :‬اليهود والنصارى في عيدهم يوم جمعهم؛ فإن‬

‫(‪ )1‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ص‪( 86 /‬الطبعة القديمة)‪.‬‬


‫(‪ )2‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪ :‬ج‪ ،25 /‬ص‪.33 /‬‬
‫(‪ )3‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ص‪( 87 /‬الطبعة القديمة)‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫السخط ينزل عليهم‪ ،‬فأخشى أن يصيبكم‪ ،‬وال تعلموا بطانتهم‬


‫فتخلقوا بخلقهم»(‪.)1‬‬
‫وموا َط َنة األعاجم‪ ،‬وأن‬
‫وروى عنه أيضا‪ ،‬قال‪ :‬إياكم ُ‬
‫تدخلوا عليهم في بِيعهم يوم عيدهم؛ فإن السخط ينزل‬
‫َ‬
‫عليهم»(‪.)2‬‬
‫اإلمام البيهقي في «السنن الكبير» بابا في «كراهية‬
‫ُ‬ ‫وع َق َد‬
‫َ‬
‫الدخول على أهل الذمة في كنائسهم‪ ،‬والتشبه بهم يوم‬
‫نيروزهم ومهرجانهم»‪ ،‬وروى فيه ـ وكذا في «الشعب» ـ عن‬
‫عبد ا بن عمرو بن العاص‪ ،‬أنه قال‪ :‬من نشأ في بالد‬
‫ومهرجا َنهم‪ ،‬وتشبه بهم حتى‬ ‫وزهم ِ‬‫ور َ‬
‫َ‬ ‫فص َنع َن ُ‬
‫األعاجم‪َ ،‬‬
‫يموت وهو كذلك ُح ِشر معهم يوم القيامة»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬شعب اإليمان للبيهقي‪ :‬ج‪ ،12 /‬ص‪ ،18 /‬رقم (‪ ،)8941‬وانظر أيضا المنهاج‬
‫في شعب اإليمان للحليمي‪ :‬ج‪ ،3 /‬ص‪.346 /‬‬
‫(‪ )2‬شعب اإليمان للبيهقي‪ :‬ج‪ ،12 /‬ص‪ ،19 /‬رقم (‪.)8941‬‬
‫(‪ )3‬السنن الكبير للبيهقي‪ :‬ج‪ ،19 /‬ص‪ ،167 /‬رقم (‪ ،)18896‬شعب اإليمان له‪:‬‬
‫ج‪ ،12 /‬ص‪.19 /‬‬

‫‪27‬‬
‫وعن سيدنا عمر بن الخطاب ‪ ،‬قال‪« :‬ال َت َع َّلموا‬
‫َرطان َة األعاجم(‪ ،)1‬وال تدخلوا على المشركين في كنائسهم‬
‫يوم عيدهم؛ فإن السخط تنزل عليهم»(‪.)2‬‬
‫وروى عن ابن سيرين‪ ،‬قال‪« :‬أُتي على بهدية النيروز‪،‬‬
‫ٌ‬
‫فقال‪ :‬ما هذه ؟ قالوا‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬هذا يوم النيروز‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فاصنعوا كل ٍ‬
‫يوم فيرزو‪ ،‬قال أبو أسامة‪َ :‬كرِ ه أن يقول نيروز‪.‬‬
‫قال الشيخ ـ أي البيهقي ـ وفي هذا كالكراهة لتخصيص يوم‬
‫بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا به»(‪.)3‬‬
‫فهذه هي نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف‪ ،‬تفيد‬
‫أنه ال يجوز للمسلمين مشاركة الكفار في أعيادهم بكل‬
‫حف ٍل وغير ذلك‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ومهاداة وحضور ْ‬ ‫ٍ‬
‫ومعايدة‬ ‫ٍ‬
‫تهنئة‬ ‫صورها‪ ،‬من‬
‫الكفار في أعيادهم‪ ،‬وتهنئتهم‬
‫َ‬ ‫وأما تحريم مشاركة المسلمين‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬انظر لمعنى «رطانة» اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ . ( 462 :‬الرشد) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬السنن الكبير للبيهقي‪ :‬ج‪ ،19 /‬ص‪ ،166 /‬رقم (‪.)18893‬‬
‫(‪ )3‬السنن الكبير للبيهقي‪ :‬ج‪ ،19 /‬ص‪ ،168 /‬رقم (‪ ،)18897‬وانظر أيضا حسن‬
‫التنبه للغزي‪ :‬ج‪ ،8 /‬ص‪.419 /‬‬

‫‪28‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫لهم بها من خالل كالم أئمة المذاهب األربعة فأُ ْر ِج ُئه إلى‬
‫مكانه الالئق به؛ حيث َأت َعر ُض الح ًقا لر ِد شبهات المنحرفين‪.‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ت بهما أيضا‬ ‫وقبل ذلك أشير إلى مسلكين واضحين َي ْث ُب ُ‬
‫ومنكر َيجب تغييره‪ .‬وهذان‬ ‫تحريم هذه األشياء‪ ،‬وأنها معصية‬
‫ُ‬ ‫ٌَ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫أعيادهم‬ ‫إظهار‬ ‫المسلكان هما أوال‪ :‬إنه ال يجوز ألهل الذمة‬
‫ُ‬
‫تهنئتهم بها !؟‬
‫ُ‬ ‫في بالد المسلمين أصال‪ ،‬فكيف يجوز لنا‬
‫الكفار بعيدهم يجب‬ ‫وثانيا‪ :‬قد نص الفقهاء على أن من َه َّنأَ‬
‫َ‬
‫تعزيره‪ ،‬واألصل في التعزير أن يكون في معصية‪ .‬وإلى‬
‫ُ‬
‫تفاصيل ذلك ننتقل اآلن‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ َُ ُ َُ ْ ْ َ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َّ ُ َ ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ ْ‬
‫المبحث الرابِع‪ :‬كيف نهنئهم ب ِ ِعي ِدهِم‪ ،‬وَل َيوز لهم إِظهاره ِِف‬
‫َ َ‬
‫بَِلدِنا !؟‬
‫تهنئتنا للكفار بعيدهم‪ ،‬وال يجوز لهم ـ‬ ‫ُ‬ ‫ثم كيف يجوز‬
‫أعيادهم في بالد المسلمين‬
‫َ‬ ‫أي للكفرة ـ أصال أن ُيظهِ روا‬
‫إجماعا‪ ،‬كما سبقت اإلشارة إليه عندما نقلنا كالم العالمة‬
‫ومن «شرو عمر ‪ ‬التي اتفقت عليها الصحابة‬ ‫النحاس !؟ ِ‬
‫وسائر الفقهاء بعدهم أن أهل الذمة من أهل الكتاب ال‬

‫‪29‬‬
‫أعيادهم في دار اإلسالم‪ ......‬فإذا كان المسلمون‬
‫َ‬ ‫ُيظهِ رون‬
‫قد اتفقوا على منعهم من إظهارها فكيف يسوغ للمسلمين‬
‫أشد من فعل الكافر لها‪،‬‬
‫فعل المسلم لها َّ‬ ‫فعلها‪ ،‬أو ليس ْ‬
‫مظهِ را لها !؟»(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫قال ابن القيم‪« :‬وكما أنهم ال يجوز لهم إظهاره ـ أي‬
‫العيد ـ فال يجوز للمسلمين ُمماالتهم عليه‪ ،‬وال مساعدتهم‪،‬‬
‫وال الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أه ُله‪ ،‬وقد‬
‫صرح الفقهاء من أتباع األئمة األربعة في كتبهم‪ ،‬فقال أبو‬
‫القاسم هبة ا بن الحسن بن منصور الطبري الفقيه الشافعي‪:‬‬
‫أعيادهم؛ ألنهم على منكر‬
‫َ‬ ‫وال يجوز للمسلمين أن يحضروا‬
‫خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير اإلنكار‬
‫َ‬ ‫وزورٍ ‪ ،‬وإذا‬
‫ُ‬
‫المؤ ِثرين له‪ ،‬فنخشى من نزول‬
‫عليهم كانوا كالراضين به ْ‬
‫سخط ا على جماعتهم‪ ،‬في ُعم الجميع‪ ،‬نعوذ با من سخطه‪.‬‬
‫َ‬
‫(‪ )1‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ص‪( 94 /‬طبعة الخانجي)‪ ،‬ص‪454 /‬‬
‫( ‪ .‬الرشد)‪ .‬وهذه الفكرة مما سنح لخاطري‪ ،‬ثم رأيت الشيخ ابن تيمية‪،‬‬
‫وكذلك ابن القيم واإلمام السيوطي والنحاس صرحوا بذلك في كتبهم‪ ،‬كما‬
‫أشرت إليه سابقا‪ ،‬فلله الحمد !‬

‫‪31‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ثم ساق من طريق ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا األشج‪ ،‬ثنا عبد‬
‫ا بن أبي بك ر عن العالء بن المسيب عن عمرو بن مرة‪:‬‬
‫والذين ال يشهدون الزور‪ ،‬قال‪ :‬ال ُيمالئون أهل الشرك على‬
‫شركهم وال يخالطونهم‪ ،‬ونحوه عن الضحاك»(‪ .)1‬ثم أطال‬
‫ابن القيم في ذلك‪.‬‬
‫وعبارة اإلمام السيوطي (ت‪ 911 :‬هـ) في «األمر‬
‫باالتباع والنهي عن االبتداع»(‪« :)2‬وقد شر َ عليهم عمر بن‬
‫َ‬
‫أعيادهم في بالد المسلمين‪ ،‬فإذا‬
‫َ‬ ‫الخطاب ‪ ‬أن ال ُيظهِ روا‬
‫كانوا هم ممنوعين من إظهار أعيادهم في بالدنا فكيف َي َسع‬
‫وقلوبهم في إظهارها‪،‬‬
‫َ‬ ‫المسلم ِف ْع ُلها ! وهذا مما ُي َق ِوي َط َم َعهم‬
‫َ‬
‫وإنما منعوا من ذلك لما فيه من الفساد‪ ،‬إما ألنه معصية‪ ،‬وإما‬
‫ألنه شعار الكفر‪ ،‬والمسلم ممنوع من ذلك كله»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أحكام أهل الذمة البن القيم‪ :‬ص‪.1245 /‬‬


‫(‪ ) 2‬هذا الكتاب نسبه إلى اإلمام السيوطي العالمة الشيخ يوسف النبهاني رحمه‬
‫ا في كتابه «دليل التجار إلى أخالق األخيار» (ص‪.)162 ،148 /‬‬
‫(‪ )3‬األمر باالتباع والنهي عن االبتداع لإلمام السيوطي‪ :‬ص‪.151 /‬‬

‫‪31‬‬
‫سيدنا عمر ‪ ‬بما يتعلق‬ ‫ونص ما ورد في شرو‬
‫انين َنا وال باعو َثنا»(‪ .)1‬وقد‬
‫بمسألة العيد هو‪« :‬وال ُنخرِ ج َش َع َ‬
‫قال الشيخ اإلمام تقي الدين السبكي أيضا ـ مثل قول ابن تيمية‬
‫بقول ‪ ..‬عمر وسكوت‬ ‫ِ‬ ‫الذي نقلناه آنفا ـ إنه «قد أخذ العلماء‬
‫َ‬
‫وشهرة هذه‬
‫ُ‬ ‫بقية الصحابة إجماعا»(‪ .)2‬وقال ابن القيم‪« :‬‬
‫الشرو تغني عن إسنادها؛ فإن األئمة تلقوها بالقبول‪،‬‬
‫وذكروها في كتبهم‪ ،‬واحتجوا بها‪ ،‬ولم يزل ذكر الشرو‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬انظر السنن الكبير لإلمام البيهقي‪ :‬ج‪ ،91 /‬ص‪ ،76 /‬رقم (‪ ،)95689‬سراج‬
‫الملوك للطرطوشي‪ :‬ص‪ ،845 /‬فتاوى اإلمام السبكي‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪،515 /‬‬
‫أحكام أهل الذمة البن القيم‪ :‬ص‪ .9981 /‬و«الشعانين» عيد نصراني يقع يوم‬
‫الفصح‪ ،‬يحتفل فيه بذكرى دخول السيد المسيح بيت‬ ‫األحد السابق لعيد ِ‬
‫المقدس‪ ،‬و«الباعوث» صالة ثاني الفصح عند النصارى‪ ،‬وهي لفظة سريانية‪.‬‬
‫انظر «المعجم الوسيط»‪ .‬قال ابن القيم في «أحكام أهل الذمة» (ص‪:)9242 /‬‬
‫« أما الباعوث فقد فسره اإلمام أحمد في رواية ابنه صالح‪ ،‬فقال‪« :‬يخرجون‬
‫كما نخرج في الفطر واألضحى»»‪.‬‬
‫(‪ )2‬فتاوى اإلمام السبكي‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪.391 /‬‬

‫‪32‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫الخلفاء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الع َمرية على ألسنتهم وفي كتبهم‪ ،‬وقد أ ْن َف َذها بعده‬
‫ُ‬
‫وعملوا بموجبها»(‪.)1‬‬
‫نص ابن حزم الظاهري (ت‪ 456 :‬هـ) على‬ ‫ِ‬
‫ومن قبلهم َّ‬
‫أنهم اتفقوا على حرمة إظهار الكفار أعيادهم‪ ،‬وأن ي ِ‬
‫سمعوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫شركهم(‪ ،)2‬وال يخفى أن إجماعات ابن‬‫ِ‬ ‫المسلمين شيئا من‬
‫حزم من أقوى أنواع اإلجماع؛ قال الشيخ محمد ُعليش‬
‫المالكي (ت‪ 1299 :‬هـ) رحمه ا في «فتح العلي المالك»‪:‬‬
‫«والشيوخ يقولون‪ :‬أصح اإلجماعات إجماعاته»(‪ .)3‬بل قال‬
‫ابن حزم في آخر كتابه «مراتب اإلجماع»‪« :‬لم يختلفوا في‬
‫تكفير من خالفهم فيما قدمنا في هذا الكتاب»(‪ .)4‬وإن كان ما‬
‫قاله هذا مردودا؛ ألن مدار التكفير ليس على إنكار اإلجماع‬
‫مطلقا‪ ،‬بل على إنكار ما علم من الدين بالضرورة(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬أحكام أهل الذمة البن القيم‪ :‬ص‪.1164 /‬‬


‫(‪ )2‬انظر مراتب اإلجماع البن حزم‪ :‬ص‪.197 /‬‬
‫(‪ )3‬فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب اإلمام مالك‪ :‬ج‪ ،1 /‬ص‪.79 /‬‬
‫(‪ )4‬مراتب اإلجماع البن حزم‪ :‬ص‪ ،274 /‬وانظر منه أيضا ص‪.219 /‬‬
‫(‪ )5‬انظر لتفصيل ذلك دراستي لكتاب «اإللمام» (ص‪ 71 /‬فما بعدها)‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫تضافرت على ذلك نصوص ِ‬
‫أئمتنا الشافعية أيضا‬ ‫ْ‬ ‫وقد‬
‫ُ‬
‫ط ِل ٍع‬
‫غير الشافعية‪ ،‬يظهر ذلك لكل م َّ‬ ‫واألصحاب‪ ،‬وكذلك‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫العمراني (ت‪ 558 :‬هـ)‬ ‫على آثارهم بال ارتياب؛ يقول اإلمام ِ‬
‫ويمنعون من إظهار شرب الخمر‪ ،‬وأكل‬
‫في «البيان»‪ُ « :‬‬
‫والجهر بالتوراة‬
‫َ‬ ‫الخنازير وبيعها‪ ،‬وضرب الناقوس‪،‬‬
‫واإلنجيل‪ ،‬وإظهار عبادة الصليب‪ ،‬وإظهار أعيادهم‪ ،‬ورفع‬
‫الصوت على موتاهم؛ لما روي‪ :‬أن نصارى العرب شرطوا‬
‫ذلك لعمر ‪ ‬على أنفسهم»(‪.)1‬‬
‫قال اإلمام الشيخ محيي الدين النووي (ت‪ 676 :‬هـ)‪،‬‬
‫ومحر ُره‪ ،‬رحمه ا في «الروضة»‪:‬‬
‫ِ‬ ‫شيخ المذهب ومحق ُقه‬
‫ُ‬
‫«ويلزمهم ـ أي أهل الذمة ـ كف اللسان‪ ،‬واالمتناع من إظهار‬
‫المنكرات‪ ،‬كإسماع المسلمين ِش َ‬
‫ركهم‪ ،‬وقولهم‪ :‬ثالث ثالثة‪،‬‬
‫عليهما وسلم‪،‬‬ ‫واعتقادهم في المسيح وعزير صلى ا‬

‫(‪ )1‬البيان للعمراني‪ :‬ج‪ ،12 /‬ص‪.279 /‬‬

‫‪34‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫وإظهار الخمر والخنزير والناقوس وأعيادهم وقراءتهم‬


‫التوراة واإلنجيل»(‪.)1‬‬
‫وي ْم َنع من إسماعه المسلمين‬
‫وقال في «المنهاج»‪ُ « :‬‬
‫ِشركا‪ ،‬وقو َله في عزير والمسيح‪ ،‬ومن إظهار خمر وخنزير‬
‫ْ‬
‫وناقوس وعيد» ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫قال اإلمام الشيخ نجم الدين‪ ،‬ابن الرفعة (ت‪ 711 :‬هـ)‬
‫ويمنعون من إظهار المنكر‪ ،‬أي‬
‫رحمه ا في «كفاية النبيه»‪ُ « :‬‬
‫كالصليب واْلعياد التي لهم إلخ»(‪.)3‬‬
‫قال اإلمام ابن قاضي شهبة (ت‪ 874 :‬هـ) رحمه ا في‬
‫(ويُ ْم َن ُع‪ِ ...‬م ْن ِإ ْظ َهارِ‬
‫«بداية المحتاج» بعد عبارة «المنهاج» َ‬
‫عل ًال له‪ِ « :‬لما فيه من المفاسد‬ ‫ِ ٍ‬
‫يد) م ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َخ ْمرٍ َوخ ْنزِ يرٍ َو َنا ُقوس َوع ُ‬

‫(‪ )1‬الروضة لإلمام النووي‪ :‬ج‪ ،11 /‬ص‪.328 /‬‬


‫(‪ )2‬المنهاج‪ :‬ج‪ ،9 /‬ص‪( 428 /‬نسخة النجم الوهاج)‪.‬‬
‫(‪ )3‬كفاية النبيه في شرح التنبيه‪ :‬ج‪ ،17 /‬ص‪.64 /‬‬

‫‪35‬‬
‫عار من َشعائر‬ ‫ش‬‫وإظهار شعار الكفر»(‪ .)1‬يعني أن عيدهم ِ‬
‫ٌ‬
‫كفرهم‪ ،‬وليس مجرد ثقافة ال عالقة لها بالدين‪.‬‬
‫وفي «روض الطالب» لإلمام ابن المقري (ت‪837 :‬‬
‫خ اإلسالم زكريا األنصاري‬ ‫ِ‬
‫لسيد المتأخرين‪ ،‬شي ِ‬ ‫ِ‬
‫وشرحه‬ ‫هـ)‪،‬‬
‫(ويمنعون من إظهار الخمر والناقوس‬ ‫(ت‪ 926 :‬هـ)‪ُ « :‬‬
‫والخنزير وأعيادهم وقراءة كتبهم)؛ لما فيه من إظهار شعائر‬
‫الكفر»(‪َ .)2‬ع َّل َل الحكم بأنه من شعائر كفرهم‪ ،‬مثل غيره من‬
‫َ‬
‫خالف‬
‫َ‬ ‫أئمة الدين‪ ،‬فهذا هو الذي فهمه أهل العلم والفهم‪،‬‬
‫الجهالة والحماقة التي يتفاخر بها أنصاف المتعلمين اآلن‪.‬‬
‫الم ْن َهج»‪:‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم زكريا أيضا في «شرح َ‬
‫إظهار منكرٍ بيننا‪ ،‬كإسماعهم إيانا قو َلهم‪ :‬ا‬
‫َ‬ ‫من ُعهم‬
‫«و َلزِ َمنا ْ‬
‫ثالث ثالثة‪ ...‬وإظهارِ خمرٍ وخنزير وناقوس وعِيد؛ ملِا فيه‬
‫من إظهار شعائر الكفر»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬بداية المحتاج في شرح المنهاج البن شهبة‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.316 /‬‬
‫(‪ )2‬أسنى المطالب مع روض الطالب‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.222 /‬‬
‫(‪ )3‬شرح المنهج‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.279 /‬‬

‫‪36‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫قال اإلمام إبراهيم الباجوري‪ ،‬شيخ األزهر الشريف‬


‫مسلما خمرا‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫سقيِهم‬
‫ويمنعون من ْ‬ ‫(ت‪ 1276 :‬هـ)‪ُ « :‬‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫إطعامه خنزيرا‪ ،‬ومن إظهار عيد هلم‪ ،‬وناقوس إلخ»(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫أما في المذهب الحنبلي فقال اإلمام ابن مفلح (ت‪:‬‬
‫ويمنعون‬
‫‪ 763‬هـ) رحمه ا ‪ ،‬من أئمة الحنابلة في «الفروع»‪ُ « :‬‬
‫وصليب»(‪.)2‬‬ ‫َ‬
‫إظهار ‪ ...‬عِيد‬ ‫وجوبا‬
‫ٍ‬
‫وقال الشيخ منصور بن يونس البهوتي (ت‪ 1151 :‬هـ)‬
‫(و)يمنعون (من إظهار منكر)‪...‬‬
‫من أئمة الحنابلة أيضا‪ُ « :‬‬
‫وإظهار عِيد وصليب»(‪ ،)3‬ثم استدل عليه بما ورد شرو‬
‫سيدنا عمر ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية الباجوري على ابن قاسم‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.315 /‬‬


‫(‪ )2‬الفروع البن مفلح‪ :‬ج‪ ،11 /‬ص‪.341 /‬‬
‫(‪ )3‬كشاف القناع للبهوتي‪ :‬ص‪.1364 /‬‬

‫‪37‬‬
‫َ َْ ُ‬
‫ِ‬
‫الالكم‪ :‬أنه ال يجوز ألهل الذمة إظهار أعيادهم‬ ‫فذلكة‬
‫ِ‬
‫وشركهم في بالد المسلمين أصال ورأسا‪ ،‬بل ُي ْم َنعون من‬
‫بتاتا‪ ،‬هذا ما شر َطه عليهم سيدنا عمر بن الخطاب ‪،‬‬
‫ذلك ً‬
‫بعده‪ ،‬وهو الذي قرره حكماء‬ ‫وسارت عليه األمة من ِ‬
‫امهم في أيام ِع ِزهم واستقامتهم‪ ،‬كما رأينا من‬
‫وح َّك ُ‬
‫المسلمين ُ‬
‫خالل النصوص والعبارات الكثيرة التي نقلناها سابقا‪ ،‬وما‬
‫تركناه أكثر بكثير مما ذكرناه‪ .‬فإذا كان إظهار األعياد الك ِ‬
‫فرية‬
‫ُ‬
‫غير جائزٍ لهم فكيف يجوز لنا نحن المسلمين أن نهنئهم به‬
‫َ‬
‫ونشاركهم فيه‪ ،‬والتهنئة والمشاركة في األعياد فرع الظهور‬
‫والعلم‪ ،‬وهذا ما ال يمكننا أن نفهمه أو نعقله‪ ،‬وال أظن أن‬
‫المحال وما ال يكون بحال !؟‬
‫ُ‬ ‫غيرنا يتصوره‪ ،‬إال إذا ُت ُص ِور‬

‫‪38‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َّ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ ْ‬
‫المبحث اْلامِس‪ :‬وكيف نهنئهم ب ِ ِعي ِدهِم‪ ،‬ومن هنأهم ب ِ ِه يعزر !؟‬
‫نفسه للتعزير عند أولياء‬
‫العزيز َ‬
‫ُ‬ ‫ثم كيف ُي َع ِر ُض المسلم‬
‫ُ‬
‫األمور‪ ،‬وهل يليق ذلك بعاقل‪ ،‬فضال عن فاضل !؟ وقد‬
‫تضافرت نصوص ِ‬
‫أئمة المذاهب‪ ،‬سيما السادة الشافعية‪ ،‬على‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫أن َمن َف َعل هذه األشياء َيجب تعزيره‪ ،‬واألصل في التعزير‬
‫أنه يكون في معصية‪ ،‬وهو دليل على كون الفعل منكرا حراما‪،‬‬
‫كما سيأتي بيانه بنقل كالم أهل العلم‪.‬‬
‫نص على التعزير فيه قائل بأنه معصية ال‬
‫فكل مذهب َّ‬
‫يجوز ارتكابه‪ ،‬وإن مما نص كذلك المذهب الشافعي‪ ،‬فقد‬
‫افترى على هذا المذهب َمن َن َسب إليه جواز ارتكاب هذه‬
‫المنكرات؛ ترويجا لباطله وتزيينا لبدعته‪.‬‬
‫وأما التعزير فقال اإلمام أبو الحسن الماوردي الشافعي‬
‫(ت‪ 451 :‬هـ) في «األحكام السلطانية»‪« :‬التعزير تأديب على‬
‫ذنوب لم ُتشرع فيها الحدود»(‪ .)1‬وقال اإلمام النووي في‬
‫«الروضة»‪« :‬هو ـ أي التعزير ـ مشروع في كل معصية ليس‬

‫(‪ )1‬األحكام السلطانية‪ :‬ص‪.593 /‬‬

‫‪39‬‬
‫كفارة‪ ...‬وسواء تعلقت المعصية بحق ا تعالى‬
‫ٌ‬ ‫فيها حد وال‬
‫أم بحق آدمي»(‪.)1‬‬
‫في «كفاية‬ ‫قال ابن الرفعة (ت‪711 :‬هـ) رحمه ا‬
‫ذنب ليس فيه حد‬ ‫تأديب على ٍ‬
‫ٌ‬ ‫النبيه»‪« :‬التعزير‪ ..‬في الشرع‬
‫ٍ‬
‫لثالثة من كبار أئمة الشافعية‪،‬‬ ‫كفارة»(‪ .)2‬فهذه نصوص‬
‫ٌ‬ ‫وال‬
‫حد فيها‪ ،‬مثل تقبيل‬
‫ُتصرح بأن التعزير يكون في معصية ال َّ‬
‫الرجل امرأة أجنبية‪ ،‬أو سرقة ما دون ربع دينار ونحو ذلك‪.‬‬
‫وفي «تنوير القلوب» للشيخ الفقيه الصوفي الكبير‬
‫محمد أمين الكردي الشافعي النقشبندي (ت‪ 1332 :‬هـ)‬
‫حد فيها وال‬
‫رحمه ا ‪« :‬والتعزير مشروع في كل معصية ال َّ‬
‫كفارة‪ ،‬كمباشرة أجنبية بغير و ء ‪ ...‬وموافقة الكفار في‬
‫أعيادهم وزِ يِهم ونحوهما»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬الروضة لإلمام النووي‪ :‬ج‪ ،93 /‬ص‪.964 /‬‬


‫(‪ )2‬كفاية النبيه البن الرفعة‪ :‬ج‪ ،96 /‬ص‪.454 /‬‬
‫عالم الغيوب للشيخ محمد أمين الكردي‪ :‬ص‪. 452 /‬‬
‫(‪ )3‬تنوير القلوب في معاملة َّ‬

‫‪41‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫انظر كيف جعل العالمة الشيخ الكردي هذا الفعل‬


‫يعزر به لكونه معصية‪ ،‬فهذر رد على ما‬ ‫ِ‬
‫القبيح في عداد ما َّ‬
‫َ‬
‫يتفوه به هؤالء الجهلة‪ ،‬من أن وجوب التعزير على هذه التهنئة‬
‫ال يستلزم كونها معصي ًة‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬قد ُي ْشرع التعزير في أمر ال يكون معصي ًة حقيق ًة‪،‬‬
‫معصية‪ ،‬وهذا خالف األصل‪ ،‬فلذلك‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫صورة‬ ‫وقد يكون في‬
‫يذكر الفقه اء هذه األمور التي تأتي على خالف األصل‪ ،‬كما‬
‫سنرى الحقا‪ ،‬ولم يذكروا هذه المسأل َة التي يجب التعزير فيها‬
‫ـ وهي مشاركة أعياد الكفار وتهنئتهم ـ ِضمن المسائل‬
‫المستثناة‪ ،‬فهذا دليل قاطع على أنه بقي على األصل‪ :‬أي كونه‬
‫المعصية‪.‬‬
‫قال الحافظ اإلمام أبو زرعة العراقي (ت‪ 826 :‬هـ) في‬
‫«تحرير الفتاوي»‪« :‬إن التعزير قد يكون في غير معصية‪،‬‬
‫عزران إذا فعال‬
‫وذلك في صور‪ ،‬إحداها‪ :‬الصبي والمجنون ُي َّ‬
‫البالغ‪ ،‬وإن لم يكن فعلهما معصي ًة‪ ،‬نص عليه‬
‫ُ‬ ‫يعزر عليه‬
‫ما َّ‬
‫في الصبي‪ ،‬وذكره القاضي حسين في المجنون‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ثانيهما‪ :‬قال الماوردي في «األحكام السلطانية»‪َ :‬يمنع‬
‫اآلخذ والمعطي‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ويؤدب عليه‬ ‫ِ‬
‫المحتس ُب من يكتسب باللهو‬
‫َ‬
‫تناو ُل اللهو المباح‪.‬‬
‫وظاهره ُ‬
‫ُ‬
‫ثالثها‪ :‬نفي المخنث؛ نص عليه الشافعي‪ ،‬مع أنه ال‬
‫معصية فيه إذا لم يتقصده‪ ،‬وإنما فعل للمصلحة‪.‬‬
‫ِ‬
‫الحاكم َمن‬ ‫رابعها‪ :‬قال شيخنا اإلمام البلقيني‪ :‬حب ُس‬
‫ْ‬
‫مالؤته‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الدين‪ ،‬ولم َيظهر منه تقصير ولم تثب ْت‬
‫ُ‬ ‫بت عليه‬
‫َث َ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫اإلعسار ولم يثبت ما ادعاه‪ ،‬ال وجه له إال أن يدعي‬
‫َ‬ ‫وادعى‬
‫أن هذا طريق في الظاهر بين الناس إلى خالص الحقوق‪،‬‬
‫فيفعل هذا عمال بأن الظاهر المالءة؛ ألن ثبوت الدين بطريق‬
‫المعاملة ونحوها يدل على المالءة‪ ،‬أما حبس من ظهرت‬
‫مالءته وم ْط ُله ِ‬
‫فل َمعصيته»(‪.)1‬‬
‫قال اإلمام الشهاب الرملي في «حاشية األسنى»‪:‬‬
‫«التعزير ُي ْشرع في غير المعصية‪ ،‬كمن يكتسب باللهو الذي‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬تحرير الفتاوي للعراقي‪ :‬ج‪ ،5 /‬ص‪.285 /‬‬

‫‪42‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ال معصية فيه؛ كما قال الماوردي‪ ،‬كالصبي والمجنون‪ ،‬مع‬


‫أن فعلهما ليس بمعصية»(‪.)1‬‬
‫قال اإلمام الخطيب الشربيني في «المغني»‪« :‬ال يع َّزر‬
‫مسائل‪ ،‬األولى‪ :‬الصبي‬‫ُ‬ ‫ستثنى منه‬
‫وي َ‬ ‫في غير معصية‪ُ ،‬‬
‫العاقل‪ ،‬وإن‬
‫ُ‬ ‫البالغ‬
‫ُ‬ ‫يعزر عليه‬
‫يعزران إذا فعال ما َّ‬
‫والمجنون‪َّ ،‬‬
‫لم يكن فع ُلهما معصي ًة؛ نص عليه في الصبي‪ ،‬وذكره القاضي‬
‫حسين في المجنون‪ .‬الثانية‪ :‬قال الماوردي في «األحكام‬
‫ِ‬
‫ويؤدب عليه‬ ‫السلطانية»‪ :‬يمنع المحتسب من ِ‬
‫يكتسب باللهو‪،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫تناول اللهو المباح‪ .‬ثالثها‪ :‬نفي‬
‫ُ‬ ‫اآلخذ والمعطي‪ .‬وظاهره‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫المخنث؛ نص عليه الشافعي رحمه ا ‪ ،‬مع أنه ليس بمعصية‪،‬‬
‫وإنما فعل للمصلحة»(‪.)2‬‬
‫ثنيت‬
‫هذا كله قاله في «اإلقناع» أيضا‪ ،‬ثم قال فيه‪« :‬واست ُ‬
‫في «شرح المنهاج» وغيره من ذلك مسائل عديدة مهمة‪ ،‬ال‬

‫(‪ )1‬حاشية الشهاب الرملي على أسنى المطالب‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.979 /‬‬
‫(‪ )2‬مغني المحتاج للخطيب الشربيني‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.912 /‬‬

‫‪43‬‬
‫تذكرة ألولي‬
‫ٌ‬ ‫يحتملها شرح هذا المختصر‪ ،‬وفيما ذكرته‬
‫األلباب»(‪.)1‬‬
‫ولكن ال يوجد في «مغني المحتاج في شرح المنهاج»‬
‫للخطيب رحمه ا سوى هذه المستثنيات الثالثة التي نقلناها‪،‬‬
‫فال أرى لهذا الذي قاله في «اإلقناع» معنى‪ ،‬ولعله سهو أو‬
‫استثناء آخر في غير هذه المسألة‪ .‬ويؤيد‬
‫ً‬ ‫سبق قلم‪ ،‬أو أراد به‬
‫ما قلته أيضا أن هذه األمور الثالثة هي التي ذكرها أيضا‬
‫العراقي في «تحرير الفتاوي»‪ ،‬كما رأيناها قبل قليل‪ ،‬مع زياد ِة‬
‫خامسا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أمرٍ راب ٍع عليه فقط‪ ،‬ولم َيزِ د‬
‫ولم تكن مسألة التهنئة غائب ًة عن بال الخطيب رحمه‬
‫ا ‪ ،‬بل هو أحد الذين صرحوا بوجوب تعزير فاعله في مكان‬
‫كتابيه المشهورين‪« :‬المغني»‬
‫قريب من هذا الموضع في َ‬
‫و«اإلقناع» ‪ ،‬فهذا دليل على أنها ليست مما يستثنى من‬
‫األصل‪ ،‬فهي إذا حرام‪ ،‬والتعزير عليه لسبب كونها معصية بال‬
‫شك‪ ،‬ال ألي سبب آخر‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلفناع للخطيب الشربيني‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪( 225 /‬نسخة المدابغي)‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫وفي «فتح المعين»‪« :‬وقد ُيشرع التعزير بال معصية‪،‬‬


‫ُ‬
‫كمن َيكتسب باللهو الذي ال معصية فيه»(‪.)1‬‬
‫قال في «الفروع» من كتب الحنابلة نقال عن بعض‬
‫أئمتهم‪َ « :‬من َف َعل كالكفار في عيدهم ات َف ُقوا على إنكاره‪،‬‬
‫ََ‬ ‫َ َّ ْ ُ َ َ َ ْ َ‬
‫وأوجبوا عقوب َة من يفعله‪ ،‬قال‪ :‬واتلع ِزير َع يشء د ِلل َع‬
‫َْ‬
‫قلت‪ ،‬وال مجال لتشويش‬ ‫صريح فيما ُ‬
‫ٌ‬ ‫َت ِري ِم ِه» ‪ .‬وهذا نص‬
‫(‪)2‬‬

‫المشوشين‪ ،‬و الحمد ِ‬


‫والمنة !‬
‫نكر‪ ،‬بل كبيرةٌ من أعظم‬ ‫ثم إن عيدهم ال شك أنه م‬
‫ُ ٌَ‬
‫ٍ‬
‫نقوالت كثير ًة ألئمتنا تدل على ذلك‪ ،‬فإذا‬ ‫الكبائر‪ ،‬وقد رأينا‬
‫نكر ال ُي َه َّنأ‬ ‫كان العيد منكرا فالتهنئة به منكر كذلك؛ ألن الم‬
‫ُ ََ‬
‫تفو َه ـ كما شاهدنا لْلسف ـ بأنه منكر عندنا فقط‪،‬‬ ‫به‪ .‬ومن َّ‬
‫ٌ‬
‫وأما عند الكفار فليس ذلك منكرا فلم َي ْدرِ ما يقول‪ ،‬وصار‬
‫ُضحكة ومثلة بين الناس‪ ،‬وهل يقول عاقل إن الزنا واللوا‬
‫وت َّم ْت شر َع َن ُته في كثير‬
‫َ‬ ‫والشذوذ الجنسية ـ وقد ُق ِن َن كل ذلك‬
‫ْ‬

‫(‪ )1‬فتح المعين‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪( 166 /‬نسخة «إعانة الطالبين)‪.‬‬


‫(‪ )2‬الفروع البن مفلح‪ :‬ج‪ ،11 /‬ص‪.121 /‬‬

‫‪45‬‬
‫المتحضرة» شرقا وغربا ـ ليس منكرا إال عندنا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫من البالد «‬
‫تهنئ ِة َمن يفعل ذلك؛ العتقاده أن ذلك‬ ‫فبالتالي ال حرج في َ‬
‫منكرا‪ ،‬فإذا بلغ الجنون هذا المبلغ‪،‬‬ ‫جائز مشروع ليس‬
‫ًَ‬ ‫ٌ‬
‫الوقاحة إلى هذه الدرجة فعلى الدينا سالم !‬ ‫َ‬ ‫وصارت‬
‫ْ َ ْ َ ُ َّ ُ ُ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َ َ َّ ُّ َ َ ْ َ‬
‫المبحث السادِس‪ :‬شبهات المنح ِرف ِني والرد عليها‪:‬‬
‫فاآلن بعد أن َعر ْض َنا نصوصا من القرآن والسنة وآثار‬
‫َ‬
‫السلف‪ُ ،‬تفيد ِحرم َة مشاركة أعياد المشركين وتهنئتهم بها نأتي‬
‫إلى تلك الشبهات التي َت َو َّه َمها أهل األهواء‪ ،‬وحين نتحدث‬
‫عن شبهات أهل الضالل في هذه المسألة‪ ،‬ومن ثم بيان‬
‫بطالنها وسقوطها عن االعتبار‪ ،‬نجدها تنحصر فيما يلي‪:‬‬
‫ِ‬
‫مختلف فيها‪،‬‬ ‫‪ -1‬إ َّن كالم األئمة في المذاهب األربعة‬
‫وليس هناك إجماع على التحريم !‬
‫ِ‬
‫قصد التشبه أو‬ ‫‪ -2‬إن القول بتحريمها أيضا ُمقيد بشر‬
‫َّ‬
‫تعظيم شعار الكفر‪ ،‬وإن لم يوجد هذا القصد فال‬
‫حرمة عند القائلين بالحرمة أيضا !‬

‫‪46‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ -3‬إن الحكم يتغير بتغير الزمان‪ ،‬فلو سلمنا أنها حرام‬


‫َّ‬
‫عند الجميع ولكن بالنظر إلى زماننا المتغير فال يبقى‬
‫الحكم كذلك‪ ،‬بل يكون جائزا‪.‬‬
‫‪ -4‬الدعوة اإلسالمية تتوقف على ِ‬
‫الحكمة‪ ،‬والتعامل‬
‫مع الكفار بأسلوب حكيم لطيف‪ ،‬بما فيه التهنئة‬
‫بأعيادهم ومشاركتهم فيها من ِح ِ‬
‫كمة الدعوة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وفنون أخرى من‬ ‫نون‬ ‫ٍ‬
‫شبهات وظُ ٍ‬ ‫هذا باإلضافة إلى‬
‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الح َي ِل واهية ال ُي ْلقى لها بال‪ ،‬وسأ َبد ُد بإذن ا تعالى ظ َ‬
‫هذه الشبهات فيما يلي‪ ،‬وأنقضها عروة عرو ًة‪ ،‬بحجج قاطعة‬
‫وأدلة دامغة لرؤوس منتحلها‪ ،‬ثم ال تقوم لها قائمة‬‫ٍ‬ ‫لدابرها‪،‬‬
‫بعد ذلك أبدا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ َْ ََ َُْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُّ ْ َ ُ ْ ُ َ َّ َ َ َ ْ َ َّ‬
‫ب اْلربع ِة متلِف فِيها‪،‬‬ ‫الشبهة اْلوىل‪ :‬إ ِن َكم اْلئ ِم ِة ِِف المذا ِه ِ‬
‫َ َّ ُّ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َ َّ ْ‬
‫يم‪ ،‬والرد عليها‪:‬‬ ‫وليس هناك إ ِجاع َع اتلح ِر ِ‬
‫أشرنا فيما سبق إلى أن تحريم مشاركة المسلمين‬
‫ِ‬
‫الكفرية هو ما أجمع عليه أهل السنة‪،‬‬ ‫الكفار في أعيادهم‬
‫واتفق عليه علماء الملة‪ ،‬وقد نقل اإلجماع واالتفاق على‬

‫‪47‬‬
‫ذلك غير واحد من األئمة‪ ،‬منهم اإلمام عبد الملك بن حبيب‬
‫المالكي ـ وهو الذي نقله عنه ابن الحاج في «المدخل»‪ ،‬كما‬
‫سنرى الحقا ـ وابن مفلح في «الفروع»‪ ،‬وابن القيم في‬
‫«أحكام أهل الذمة»(‪ ،)1‬وسيأتي نص عباراتهم الحقا‪ .‬وهو‬
‫كل من المذاهب األربعة‪ ،‬وال شك أن‬
‫الذي نص عليه علماء ٍ‬
‫ٍ‬
‫حكم فهو بمنزلة اإلجماع‬ ‫اتفقت على‬
‫ْ‬ ‫المذاهب األربعة إذا‬
‫الذي ال يجوز خالفه‪ ،‬وين َقض الفتوى ِ‬
‫بضده(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫كالم فقهاء المذاهب األربعة من كتبهم‬
‫َ‬ ‫وفيما يلي أَ ْن ُقل‬
‫والمعتمدة‪ ،‬بما في ذلك كالم ابن الحاج وابن مفلح‬
‫َ‬ ‫المتداولة‬
‫اعترض على هذا الذي‬
‫َ‬ ‫أحدا‬
‫وغيرهم‪ .‬ولم َن َر ً‬ ‫وابن القيم‬
‫ُ‬
‫نبتت نابت ٌة جاهل ٌة في هذا العصر‬
‫نقلوه من اإلجماع‪ ،‬حتى ْ‬
‫االستسالم لشرع ا ‪ ،‬واالنقياد ألمر‬
‫ُ‬ ‫المتأخر‪ ،‬لم ُيعجبها‬

‫(‪ )1‬انظر المدخل البن الحاج‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪ ،48 /‬أحكام أهل الذمة البن القيم‪ :‬ج‪/‬‬
‫‪ ،1‬ص‪.441 /‬‬
‫(‪ )2‬انظر مثال تحفة المحتاج للشيخ ابن حجر الهيتمي‪ :‬ج‪ ،11 /‬ص‪.111 /‬‬

‫‪48‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫بوسائل‪،‬‬
‫َ‬ ‫التشكيك في هذا اإلجماع‬
‫َ‬ ‫فحاولت‬
‫ْ‬ ‫رسول ا ‪،%‬‬

‫العلم َيعرِ فون أنها غير ُم ْج ِدية ً‬


‫شيئا !‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طلبة‬ ‫صغار‬
‫ُ‬
‫وهذا اإلجماع الذي نقلوه ليس مما خفي على من جاء‬
‫بعدهم من األئمة المتأخرين‪ ،‬بل مر عليه غير واحد من‬
‫ُ‬
‫العلماء‪ ،‬متمسكين به ومقرين له‪ ،‬ال معترضين عليه أو‬
‫الن َّحاس الشامي الشافعي هذا‬
‫منكرين له‪ .‬وقد نقل ابن َّ‬
‫اإلجماع عن ابن الحاج‪ ،‬وكذلك مر عليه الشيخ ابن حجر‬
‫َّ‬
‫في «الفتاوى الفقهية الكبرى»‪ ،‬والعالمة الشيخ نجم الدين‬
‫الغزي الشافعي (ت‪ 1161 :‬هـ) في « ُحسن التنبه» وغيرهم‪،‬‬
‫معترض‪ ،‬ولم يشير أحد إلى وجود‬
‫ٌ‬ ‫يعترِ ض على ذلك‬
‫فلم ْ‬
‫قول ٍ‬
‫ثان مرجوح في المسألة‪.‬‬
‫وننتقل اآلن إلى كالم فقهاء المذاهب األربعة‪ :‬الحنفية‬
‫والمالكية والشافعية والحنبلية‪ ،‬التي هي مذاهب أهل السنة‬
‫في هذه األعصار‪ ،‬وال يجوز العدول عن معتمداتها في‬
‫القضاء واإلفتاء‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫أوَل‪ :‬املذهب احلنيف‪:‬‬
‫قال العالمة اإلمام الحصكفي في «الدر المختار»‪:‬‬
‫ِ‬
‫باسم النيروز والمهرجان ال يجوز)‪ ،‬أي‪ :‬الهدايا‬ ‫واإلعطاء‬ ‫«(‬
‫ُ‬
‫تعظيمه) كما يعظمه‬ ‫َ‬ ‫قص َد‬
‫(وإن َ‬
‫ْ‬ ‫باسم هذين اليومين حر ٌام‪،‬‬
‫رجال عب َد‬ ‫المشركون (يكفر)‪ ،‬قال أبو حفص الكبير‪ :‬لو أ ًّن‬
‫ً َ‬
‫ٍ‬
‫لمشرك يوم النيروز بيض ًة‪ُ ،‬يريد‬ ‫أهدى‬ ‫ا خمسين سنة‪ ،‬ثم َ‬
‫ٍ‬
‫لمسلم‪،‬‬ ‫وحبط عم ُله‪ ،‬اهـ‪ .‬ولو أهدى‬
‫َ‬ ‫تعظيم اليوم فقد كفر‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ولم يرد تعظيم اليوم‪ ،‬بل جرى على عادة الناس ال يكفر‪،‬‬
‫وينبغي أن يفعله قبله أو بعده؛ نفيا للشبهة‪ ،‬ولو شرى فيه ما‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫األكل كالشرب‬
‫َ‬ ‫تعظيمه ك َفر‪ ،‬وإن أراد‬
‫َ‬ ‫إن أراد‬
‫شترِ ه قبله‪ْ ،‬‬
‫لم َي َ‬
‫َ‬
‫والتنعيم ال يكفر»(‪.)1‬‬
‫وكتب العالمة الشيخ ابن عابدين في حاشيته على هذا‬
‫الكالم نقال عن بعض أئمة الحنفية ما نصه‪« :‬وهذا بخالف ما‬
‫ولده‪ ،‬فحضر مسلم‬‫لحلق رأس ِ‬ ‫ِ‬ ‫لو اتخذ مجوسي دعو ًة‬
‫ٌ‬
‫دعوته‪ ،‬فأهدى إليه شيئا ال يكفر‪ ،‬وحكي أن واحدا من‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬الدر المختار‪ :‬ج‪ ،5 /‬ص‪.661 ،659 /‬‬

‫‪51‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫مجوسي سربل كان كثير المال حسن التعه ِد بالمسلمين‪،‬‬


‫دعوته كثير من‬
‫َ‬ ‫فاتخذ دعو ًة لحلق رأس ِ‬
‫ولده‪ ،‬فشهِ َد‬
‫فشق ذلك على ُمفتيهم‪،‬‬
‫َّ‬ ‫بعضهم إليه‪،‬‬
‫المسلمين‪ ،‬وأهدى ُ‬
‫أهل بلدك فقد‬
‫أدرك َ‬
‫ْ‬ ‫أن‬
‫فكتب إلى أستاذه علي السعدى‪ْ :‬‬
‫فكت َب‬
‫شعار المجوس‪ ،‬و َق َّص عليه القص َة‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ارتدوا‪ ،‬وشهِ دوا‬
‫ومجازاة‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الذمة مطلق ٌة في الشرع‪،‬‬ ‫أهل‬
‫دعوة ِ‬‫ِ‬ ‫إليه‪ :‬أن إجاب َة‬
‫اإلحسان من المروءة‪ ،‬وحلق الرأس ليس من شعار أهل‬
‫الضالل‪ ،‬والحكم ِ‬
‫بردة المسلم بهذا القدر ال ُيمكن‪ ،‬واألولى‬
‫ُ‬
‫للمسلمين أن ال يوافقهم على مثل هذه األحوال إلظهار‬
‫الفرح والسرور»(‪.)1‬‬
‫واضح من هذا الكالم أنهم فرقوا بين ما هو شعار‬
‫الكفار وبين ما ليس بشعار لهم‪ ،‬فاألول حرام ـ وقد يكون‬
‫كفرا أيضا كما بينا في فصل التشبه بالكفار‪ ،‬ويأتي أيضا في‬
‫رد شبهة القصد ـ والثاني ليس كذلك‪ ،‬ومع ذلك عدم موافقة‬
‫المسلمين لهم أولى‪ِ .‬‬
‫وم ن األول ما يتعلق بأعيادهم الدينية‪،‬‬

‫(‪ )1‬حاشية ابن عابدين على الدر المختار‪ :‬ج‪ ،5 /‬ص‪.661 /‬‬

‫‪51‬‬
‫فمشاركة المسلمين لهم فيها بجميع صورها حرام ال يجوز‪،‬‬
‫كما هو واضح من كالم «الدر»‪.‬‬
‫قال ابن القيم‪ « :‬وفي كتب أصحاب أبي حنيفة‪ :‬من‬
‫أهدى لهم يوم عيدهم بطيخة بقصد تعظيم العيد فقد َك َفر»(‪.)1‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر العسقالني في شرح حديث‪« :‬يا‬
‫عيدا‪ ،‬وهذا عيدنا»‪ ،‬وكذلك قوله ‪:%‬‬
‫أبا بكر‪ ،‬إن لكل قوم ً‬
‫«قدم النبي ‪ %‬المدين َة‪ ،‬ولهم يومان يلعبون فيهما‪ ،‬فقال‪ :‬قد‬
‫يوم الفطر واألضحى»‪،‬‬ ‫أبدلكم ا تعالى بهما خيرا منهما‪َ :‬‬
‫الفرح في أعياد‬
‫ِ‬ ‫ط منه كراه ُة‬
‫واستن ِب َ‬
‫الحافظ ما نصه‪ُ « :‬‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫المشركين والتشبه بهم‪ ،‬وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي‬
‫من الحنفية‪ ،‬فقال‪ :‬من أهدى فيه َبيض ًة إلى مشرك تعظيما‬
‫لليوم فقد كفر با تعالى»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أحكام أهل الذمة البن القيم‪ :‬ص‪.1251 /‬‬


‫(‪ )2‬فتح الباري‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪.368 /‬‬

‫‪52‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ثان ًِيا‪ :‬ال َمذ َه ُب ال َمال ِِِك‪ُّ:‬‬
‫قال اإلمام ابن الحاج المالكي (ت‪737 :‬هـ)‪ ،‬في‬
‫«المدخل»‪َ « :‬ف ْص ٌل ِفي ِذ ْكر َب ْعض َم َو ِاسم أَ ْهل ا ْلكتاب‪ ..‬الَّ ِتي‬
‫ون أَ َّن َها َم َو ِاسم ُم ْخ َت َّص ٌة ِبأَ ْه ِل‬ ‫اد َها أَ ْك َث ُر ُه ْم‪َ ،‬و ُه ْم َي ْع َل ُم َ‬ ‫اع َت َ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫وهم ِفي‬ ‫ار ُك ُْ‬‫يها‪َ ،‬و َش َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‪َ ،‬ف َت َش َّب َه َب ْع ُض أَ ْه ِل ا ْل َو ْقت بِهِ ْم ف َ‬ ‫ا ْل ِك َت ِ‬
‫يم َها‪.‬‬ ‫َتع ِظ ِ‬
‫ْ‬
‫وصا‪َ ،‬و َل ِك َّنك َترى‬ ‫امة ُخ ُص ً‬
‫ان ِفي ا ْلع ِ‬
‫َ َّ‬ ‫َيا َل ْي َت َذ ِل َك َل ْو َك َ‬
‫َ‬
‫َب ْع َض َم ْن َي ْن َت ِس ُب إ َلى ا ْل ِع ْل ِم َي ْف َع ُل َذ ِل َك ِفي َبي ِت ِه‪َ ،‬ويُ ِعينُ ُهم َع َليه‪،‬‬
‫ْ ْ‬ ‫ْ‬
‫ور َع َلى َم ْن ِع ْن َد ُه ِفي ا ْلبي ِت‪ِ ،‬م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ُي ْع ِج ُب ُه م ْن ُه ْم‪َ ،‬و ُي ْدخ ُل الس ُر َ‬
‫َْ‬
‫الن َف َق ِة َوا ْل ِك ْس َو ِة َع َلى َز ْع ِم ِه‪َ ،‬ب ْل َز َاد‬ ‫َكبِيرٍ َو َص ِغيرٍ ‪ ،‬ب َِت ْو ِس َع ِة َّ‬
‫اب ِفي َم َو ِاس ِمهِ م‪،‬‬ ‫ون َب ْع َض أَ ْه ِل ا ْل ِك َت ِ‬ ‫اد َ‬‫َب ْع ُض ُه ْم أَ َّن ُه ْم ُي َه ُ‬
‫ْ‬
‫ون ب َِذ ِل َك‬‫اجو َن ُه ِل َم َو ِاس ِمهِ ْم‪َ ،‬ف َي ْس َت ِع ُين َ‬ ‫ون إ َل ْيهِ ْم َما َي ْح َت ُ‬ ‫َو ُي ْر ِس ُل َ‬
‫اد ِة ُك ْفرِ ِهم‪َ ،‬و ُير ِس ُل َب ْع ُض ُهم ا ْل ِخر َفا َن‪َ ،‬و َب ْع ُض ُهم ا ْلب ِِطي َخ‬ ‫َع َلى زِ َي َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫األ ْخ َضر‪َ ،‬و َب ْع ُض ُهم ا ْلب َل َح َو َغير َذ ِل َك‪ِ ،‬م َّما َي ُكو ُن ِفي َو ْق ِتهِ م‪،‬‬ ‫ْ َ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫َو َق ْد َي ْج َم ُع َذ ِل َك أَ ْك َثر ُهم !‬
‫ُ ْ‬

‫‪53‬‬
‫الشرِ ِيف»(‪.)1‬‬ ‫لش ْر ِع َّ‬ ‫َو َه َذا ُكل ُه ُم َخ ِال ٌف ِل َّ‬
‫ثم قال ابن الحاج بعد ذلك‪َ « :‬و ِم ْن ُم ْخ َت َصرِ‬
‫وب ِفي الس ُف ِن ا َّل ِتي‬ ‫اس ِم َع ْن الر ُك ِ‬ ‫اضح ِة(‪ :)2‬س ِئ َل ابن ا ْل َق ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ا ْل َو َ‬
‫ول‬ ‫أل ْعي ِاد ِهم‪َ ،‬ف َكرِ ه َذ ِل َك؛ م َخا َف َة ُن ُز ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ارى ِ َ‬ ‫الن َص َ‬ ‫يها َّ‬ ‫ِ‬
‫َي ْر َك ُب ف َ‬
‫َ ْ‬
‫اج َت َم ُعوا َل ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ْخط َع َل ْيهِ ْم؛ ل ُك ْفرِ ه ْم ا َّلذي ْ‬
‫الن ْصر ِان ِي‬ ‫َّ‬ ‫اس ِم ِل ْل ُم ْس ِل ِم أَ ْن ُي ْه ِد َي إ َلى‬ ‫َق َال و َكرِ ه(‪ )3‬ابن ا ْل َق ِ‬
‫َ َ ْ ُ‬
‫َ‬
‫يد ِه‪َ ،‬و َع ْو ًنا َل ُه َع َلى‬ ‫يم ِع ِ‬ ‫يد ِه م َكا َفأَ ًة َله‪ ،‬ورآه ِم ْن َتع ِظ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِفي ِع ِ‬
‫ِيعوا‬ ‫مص َل َح ِة ُك ْفرِ ِه‪ .‬أَ َال َترى أَ َّن ُه َال ي ِحل ِل ْلمس ِل ِم َ َ‬
‫ين أ ْن َيب ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫إد ًاما‪َ ،‬و َال‬ ‫َ‬ ‫يد ِهم‪َ ،‬ال َل ْح ًما‪َ ،‬و َال‬ ‫لنصارى َشي ًئا ِمن مص َلح ِة ِع ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِل‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ َّ‬
‫ون َع َلى َشي ٍء ِم ْن ِد ِينهِ م؛ ِْلن‬ ‫ون َد َّاب ًة‪َ ،‬و َال ُي َعا ُن َ‬ ‫ار َ‬ ‫َث ْو ًبا‪َ ،‬و َال ُي َع ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْ ْ‬ ‫َ َ ْ ْ‬
‫ِرشك ِِهم‪َ ،‬و َع ْو ِنهِ م َع َلى ُك ْفرِ ِهم‪َ .‬و َي ْنب ِغي‬ ‫ِ‬ ‫يم ل‬ ‫ِ‬ ‫ذل ِك مِن اتلَّع ِظ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫(‪ )1‬المدخل البن الحاج‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪.47 ،46 /‬‬


‫(‪ )2‬الواضحة لإلمام عبد الملك بن حبيب األندلسي المالكي (ت‪ 238 :‬هـ)‪ ،‬ولم‬
‫يتيسر لي الوقوف على هذا المختصر الذي نقل منه ابن الحاج‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكراهية هنا التحريمية‪ ،‬بدليل قوله بعده‪ « :‬ورآه من تعظيم عيده‪ ،‬وعونا له‬
‫على مصلحة كفره‪ ،‬أال ترى أنه ال يحل للمسلمين إلخ»‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ين َع ْن َذ ِل َك‪َ ،‬و ُه َو َق ْو ُل َم ِال ٍك‬ ‫ِِ‬


‫ين َ أَ ْن َي ْنَ َه ْوا ا ْل ُم ْسلم َ‬‫لس َال ِط ِ‬‫َّ‬ ‫ِل‬
‫َ َ‬ ‫ِ َْ ْ َْ َ ً ْ َََ‬
‫َو َغيرِ ه‪ ،‬لم أعلم أحدا اختلف ِِف ذل ِك اهـ» ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ْ‬
‫رأيته ـ أي اإلمام عبد الملك بن حبيب المالكي (ت‪:‬‬ ‫َ‬
‫الخالف في ذلك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫‪ 238‬هـ) الذي نقل عنه ابن الحاج ـ ن َفى‬
‫اإلمام مالك‪،‬‬‫ِ‬ ‫القول بالتحريم إلى صاحب المذهب‪:‬‬ ‫َ‬ ‫و َنسب‬
‫فلذا تجد كثيرا من المتأخرين ينقلون هذا الكالم عن ابن‬
‫اعتراف منهم بصحة نقل اإلجماع‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫الحاج في كتبهم‪ ،‬وهذا‬
‫وإن لم يكن األمر كذلك العترضوا عليه و َلما سكتوا‪.‬‬
‫رأيته ع َّل َل الحكم بالتحريم بأن هذه األمور ـ أي‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫المهاداة والمعايدة والتهنئة وما شابهها ـ م ِ‬
‫شعر ٌة بتعظيم الشرك‬
‫َََ ُ َ‬
‫والكفر‪ ،‬أو مؤدية إلى ذلك‪ ،‬وذلك حرام قطعا‪ .‬فمن ادعى‬

‫(‪ )1‬المدخل البن الحاج‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪ ، 48 ،47 /‬ونقله بحروفه ابن القيم في‬
‫«أحكام أهل الذمة» (ص‪ ،)1249 /‬وقال في آخره‪« :‬هذا لفظه في‬
‫«الواضحة»»‪ .‬ولم يتيسر لي الوقوف على هذا الكالم في القدر المطبوع من‬
‫«الواضحة»؛ ألنه ناقص باعتراف محققه‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫خالف ذلك من نوابت العصر‪ ،‬وأنها ليست تعظيما للشرك‬
‫َ‬
‫ط عشواء !‬
‫خب َ‬ ‫فقد ركب متن عمياء وخبط‬
‫ََ َ ْ‬
‫وفي «فتح العلي المالك» للشيخ محمد ُعليش رحمه‬
‫ا ‪« :‬سئل عز الدين بن عبد السالم عن مسلم قال لذمي في‬
‫عيده‪« :‬عيد مبارك»‪ ،‬هل يكفر أم ال ؟‬
‫فأجاب‪ :‬إن قاله المسلم لذمي على وجه قصد تعظيم‬
‫ِ‬
‫وعيدهم فإنه يكفر‪ ،‬وإن لم يقصد ذلك‪ ،‬وإنما جرى‬ ‫ِ‬
‫دينهم‬
‫على لسانه فال يكفر بما قاله من غير قصد‪ ،‬اهـ‪ ،‬نقله‬
‫ظ من التحريم‬‫الحطاب»(‪ .)1‬وال يخفى ما ُي ْش ِعر به هذا اللف ُ‬
‫الفعل ـ متعمدا ال ساهيا‪ ،‬لكن بال نية‬ ‫َ‬ ‫إذا قاله قاصدا ـ أي‬
‫تعظيم عيدهم‪ ،‬أما بنية تعظيم عيدهم فهذا كفر‪ ،‬ونفي الكفرِ‬
‫ٌ‬
‫في مثل هذا السياق ال يعني اإلباحة‪ ،‬بل تبقى الحرم ُة‪ ،‬سواء‬
‫قصد به التشب َه أم ال‪ .‬ونظير ذلك قولهم‪ :‬إن موادة الكافر ال‬
‫َ‬
‫تكون كفرا إال إذا كانت بوصف الكفر‪ ،‬أي فتكون حراما إذا‬
‫لم تكن بهذه الحيثية‪.‬‬

‫(‪ )1‬فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪.311 /‬‬

‫‪56‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬
‫َ ً ْ َ ْ َ ُ َّ‬
‫الشاف ِِيع‪ُّ:‬‬ ‫اثلا‪ :‬المذهب‬
‫ث ِ‬
‫قال اإلمام أبو عبد ا الحليمي الشافعي (ت‪ 413 :‬هـ)‬
‫في «المنهاج في شعب اإليمان»‪« :‬وال ينبغي‬ ‫رحمه ا‬
‫اره‪،‬‬
‫للمسلم أن يزور الكافر إذا قدم من سفره إال أن يكون ج َ‬
‫وَل أن يهنئه بفصحه حبال‪ ،‬وَل بانلَّ ُ‬
‫ريوز واملهرجان‪ ،‬وال أن‬
‫يتابعهم على تعظيم ما يعظمونه من هذه األوقات»(‪ .)1‬وقال‬
‫أيضا‪ « :‬وال ينبغي لمسلم أن يقود أباه األعمى إلى الكنيسة أو‬
‫البِيعة أو موقد النار»(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫خالف في‬ ‫رأيته بي َن الحكم بالحرمة دون أن يشير إلى‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫المسألة‪ ،‬وهو كذلك‪ .‬واإلمام الحليمي من كبار أئمة الشافعية‬
‫المتقدمين‪ ،‬فبطل قول من تفوه بأن تحريم التهنئة ليس واردا‬
‫في كالم متقدمي الشافعية‪ ،‬بل هو مما ُو ِجد في كتب بعض‬
‫المتأخرين فقط‪ ،‬وكان األولى بمثله أن ال يتكلم في مسائل‬
‫الدين والفقه‪.‬‬

‫(‪ )1‬المنهاج في شعب اإليمان للحليمي‪ :‬ج‪ ،3 /‬ص‪.349 /‬‬


‫(‪ )2‬المنهاج في شعب اإليمان‪ :‬ج‪ ،3 /‬ص‪.351 /‬‬

‫‪57‬‬
‫قال الشيخ اإلمام أحمد بن إبراهيم المعروف بابن‬
‫النحاس الحنفي ثم الشافعي (ت‪ 814 :‬هـ) في كتابه «تنبيه‬
‫الغافلين عن أعمال الجاهلين» ما نصه‪« :‬واعلم‪ :‬أن أقبح‬
‫البدع وأشنعها(‪ )1‬موا َف َق ُة المسلمين للنصارى في أعيادهم‬
‫بالتشبه بهم في مأكلهم وأفعالهم‪ ،‬والهدية إليهم‪ ،‬وقبول ما‬
‫َ ُ‬
‫هدونه من مأكلهم في أعيادهم‪ .‬وقد اعىن هذه ابلدعة أهل‬ ‫ُي ُ‬
‫بَلد مرص ‪ ،‬وفي ذلك من الوهن في الدين وتكثير سواد‬
‫النصارى والتشبه بهم ما ال يخفى؛ وقد قال ‪« :%‬من َّ‬
‫كثر‬
‫سواد ٍ‬
‫قوم فهو منهم‪ ،‬ومن تشب َه بقوم فهو منهم»‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫وقد تكون المهاداة ِف اْلعياد سببا للتألف بينهم‬
‫وبين ما ُيهدون إليه(‪ )2‬من المسلمين وتربيته للمودة والمحبة‪،‬‬
‫‪       ‬‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقد قال ا‬
‫‪           ‬‬

‫(‪ )1‬وص ُفه له بأنه «أقبح البدع وأشنعها» يدل على أنه حرام‪ ،‬وليس مجرد مكروه؛‬
‫ألن المكروه ال يكون أقبح البدع وأشنعها‪ ،‬كما ال يخفى ذي بصر‪.‬‬
‫(‪ )2‬كذا في الطبعة‪ ،‬ولعل الصواب‪« :‬وبين من ُي ْه ُدون إليهم»‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪[    ‬المجادلة‪ ،] 22 /‬مع ما في موافقتهم من اإليهام‬


‫الشديد في تعظيم أعيادهم‪ ،‬وتغبيطهم بدينهم وبما َشرعوه(‪.)1‬‬
‫َ‬
‫وألزمهم‬
‫َ‬ ‫الشرع من إظهار أعيادهم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫منعهم‬
‫وقد َ‬
‫العلماء إلى اإلنكار عليهم في إظهارها‪.‬‬
‫َ‬ ‫بإخفائها(‪ ،)2‬و َن َدب‬
‫يكتف المسلمون بسكوتهم عن اإلنكار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فلم‬
‫ومداهنتهم فيه‪ ،‬حتى زادوا على ذلك بقبول هداياهم‪ ،‬بل‬
‫أك َله في أعيادهم‪ ،‬بل بالغوا في‬
‫بالهدية إليهم فيما اعتادوا ْ‬
‫المداهنة حتى تشبهوا بهم في مآكلهم وأفعالهم‪ ،‬ولم يتناهوا‬
‫وإنا إليه راجعون !»(‪.)3‬‬ ‫فيما بينهم عن التشبه بهم‪ ،‬فإنا‬

‫(‪ )1‬وكل ذلك حرام شديد التحريم‪.‬‬


‫ِ‬
‫حرمة تهنئتهم به‪ ،‬وهو‬ ‫رأيته َيربط بين األمرين‪ :‬األمر بإخفاء عيد الكفار وبين‬ ‫(‪)2‬‬
‫َ‬
‫استدالل صحيح واضح؛ ألن ما ال يجوز لهم إظهاره كيف يجوز لنا تهنئتهم‬
‫أعيادهم في‬
‫َ‬ ‫المذاهب الدال ُة على تحريم إظهارهم‬
‫ِ‬ ‫قول أئمة‬
‫به !؟ وسيأتي ُن ُ‬
‫رأيته قد‬
‫اهتديت إلى هذا النوع من االستدالل‪ ،‬ثم ُ‬
‫ُ‬ ‫وكنت قد‬
‫ُ‬ ‫بالد المسلمين‪.‬‬
‫رأيت الشيخ ابن تيمية وغيره أيضا صرحوا بذلك‪ ،‬كما‬
‫ُ‬ ‫صرح به‪ ،‬وكذلك‬
‫سيأتي النقل عنهم‪.‬‬
‫(‪ )3‬تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين البن النحاس‪ :‬ص‪.511 /‬‬

‫‪59‬‬
‫الن َّحاس عن اإلمام ابن الحاج كالمه الذي‬
‫ثم نقل ابن َّ‬
‫في «المدخل»‪ ،‬والذي نقلناه قبل هذا‪ ،‬حتى قال‪« :‬وينبغي‬
‫للسالطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك‪ ،‬وهو قول مالك‬
‫وغيره‪ ،‬لم أعلمه ِ‬
‫اختلف في ذلك»(‪.)1‬‬
‫ابن النحاس هنا قد مر على كالم ابن‬ ‫رأيت الشيخ َ‬‫َ‬
‫َّ‬
‫ونق ِله لإلجماع‪ ،‬بل ن َق َله عنه‪ ،‬ولم ُيعقبه بشيء من‬
‫الحاج‪ْ ،‬‬
‫الجهال‬
‫لنقل اإلجماع‪ ،‬ثم يأتي ُ‬ ‫ِ‬ ‫إقرار منه‬
‫ٌ‬ ‫اإلنكار‪ ،‬فهذا‬
‫وأنصاف المتعلمين المتع ْل ِمنين من أبناء هذا‬
‫ُ‬ ‫المتأسلمون‪،‬‬
‫الزمان‪ ،‬يحاولون محاوالت فاشلة للتشكيك في هذا‬
‫اإلجماع؛ تزيينا ألهوائهم وترويجا لبدعهم !‬
‫ِ‬
‫المنكرات بأنها من أقبح البدع‬ ‫ورأيته أيضا َيصف هذه‬
‫َ‬
‫و أشنعها‪ ،‬وأنها سبب للتأليف بين قلوب المسلمين والكفار‪،‬‬
‫وغير ذلك من العلل التي لو انفردت واحدة منها في المحل‬
‫لك َف ْت للحكم بالتحريم‪ ،‬فكيف إذا اجتمعت هي كلها !؟‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين البن النحاس‪ :‬ص‪.511 /‬‬

‫‪61‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ثم قال ابن النحاس‪« :‬فالواجب على كل قادر أن ي ِ‬


‫نكر‬ ‫ُ‬
‫ومواسمهم‪ ،‬ويمنعهم من‬
‫التظاه َر بأعيادهم َ‬
‫ُ‬ ‫على أهل الذمة‬
‫إظهارها‪ ،‬ويمنع من أراد من المسلمين التشبه بهم في شيء‬
‫من أفعالهم ومآكلهم ومالبسهم ومخالطتهم فيها»(‪.)1‬‬
‫قال الشيخ اإلمام كمال الدين الدميري (ت‪ 818 :‬هـ)‬
‫رحمه ا في «النجم الوهاج في شرح المنهاج»‪« :‬يُ َع َّزر من‬
‫الكفار في أعيادهم‪ ،‬ومن يمسك الحية‪ ،‬ويدخل النار‪،‬‬
‫َ‬ ‫وافق‬
‫َ‬
‫َ َّ َ‬
‫ومن قال لذمي‪ :‬يا حاج(‪ ،)2‬ومن هنأه بعيد»(‪ .)3‬قال الشيخ‬
‫اإلمام الشهاب أحمد الرملي الكبير (ت‪ 957 :‬هـ) رحمه ا‬

‫(‪ )1‬تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين البن النحاس‪ :‬ص‪.513 /‬‬


‫(‪ )2‬قال في «الفروع» من كتب الحنابلة (ج‪ ،11 /‬ص‪« :)121 /‬ومن قال لذمي‪:‬‬
‫يا حاج‪ُ ،‬ع ِزر؛ ألن فيه تشبيه قاصد الكنائس بقاصد بيت ا ‪ ،‬وفيه تعظيم لذلك؛‬
‫أعيادهم بأعياد المسلمين»‪.‬‬
‫َ‬ ‫فإنه بمنزلة من ُي َشبِه‬
‫(‪ ) 3‬النجم الوهاج في شرح المنهاج للدميري‪ :‬ج‪ ،9 /‬ص‪ .244 /‬وقد بينا أن‬
‫األصل في التعزير أن يكون في معصية‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫موافق الكفار في‬
‫ُ‬ ‫في «حواشي شرح الروض»‪ُ « :‬ي َع َّزر‬
‫َّ َ‬
‫أعيادهم‪ ..‬ومن هنأهم بعيد» ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫الخطيب الشربيني (ت‪ 977 :‬هـ) رحمه ا‬


‫ُ‬ ‫قال اإلمام‬
‫وي َع َّز ُر َم ْن وا َف َق‬
‫في «مغني المحتاج» مثل قول شيخه الرملي‪ُ « :‬‬
‫َ ْ َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫لذمي‪« :‬يا حاج»‪ ،‬ومن هنأه‬ ‫ٍ‬ ‫قال‬
‫وم ْن َ‬
‫الكفار في أعيادهم ‪َ ...‬‬
‫َ‬
‫ب ِعي ِده»(‪.)2‬‬
‫تأمل كالم الخطيب الشربيني‪ ،‬وكان شيخ الشافعية‬‫ْ‬
‫بمصر‪ ،‬وخطيب الجامع األزهر‪ ،‬حر َم موافق َة الكفار في‬
‫َّ‬
‫أعيادهم وتهنئتهم به‪ ،‬وكذلك صرح الشيخ ابن حجر الهيتمي‬
‫تفصيل أكثر في‬
‫ٌ‬ ‫بحرمة التشبه بهم في شئون أعيادهم‪ ،‬وله‬
‫حكم التشبه بهم في أعيادهم بينه في «فتاواه الكبرى»‪ ،‬سيأتي‬
‫نقله وبيان ما فيه إن شاء ا ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حواشي اإلمام الشهاب الرملي على أسنى المطالب شرح روض الطالب لشيخ‬
‫اإلسالم زكريا‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.162 /‬‬
‫(‪ )2‬مغني المحتاج للشربيني‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪ ،194 /‬وكذلك قال في «اإلقناع» (ج‪/‬‬
‫‪ ،2‬ص‪ 228 /‬نسخة المدابغي) أيضا‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫الغ ِزي الشافعي (ت‪:‬‬


‫وقال العالمة الشيخ نجم الدين َ‬
‫‪ 1161‬هـ) رحمه ا في « ُحسن التنبه»‪« :‬واالحتفال بهذا العيد‬
‫عيد النصارى ـ يتفق كثيرا من العوام بهذه األمور أو‬
‫ـ َيقصد َ‬
‫ُ‬
‫بعضها‪ ،‬وهم أرباب الجهالة وأهل الحماقة‪ .‬وأخبث منهم من‬

‫خيرج من املتصوفة ِف هذه اْليام إلى َ‬


‫المشاهد‪ ،‬كالمحل‬
‫المعروف بسيدي تميم وسيدي سعد‪ ،‬وقبر الست‪ ،‬وقرية‬
‫برزة‪ ،‬وقرى المرج وغيرها من قرى «دمشق» وغيرها‪،‬‬
‫فيخرجون بالمزاهر والفقراء‪ ،‬والحيات في جيوبهم يقطعونها‬
‫ويأكلونها إذا اجتمعوا‪ ،‬ويزعمون أن ذلك كرام ٌة لشيخهم‬
‫الفاسق»(‪.)1‬‬
‫يد ِعي‬
‫االنحراف عن نهج السداد فيمن َّ‬
‫َ‬ ‫رفت أن‬ ‫َع َ‬
‫الغ ِزي أيضا‪،‬‬
‫التصوف والسلوك كان واقعا في زمان الشيخ َ‬
‫وصف شيخهم الذي‬ ‫َ‬ ‫ورأيت كيف َش َّد َد النكير عليهم‪ ،‬وكيف‬
‫َ‬
‫َ‬
‫يتركهم يرتكبون هذه المنكرات الشنيعة بأنه فاسق‪ ،‬ولم‬
‫يتعرض أصال إلى أنهم هل كانوا يقصدون بذلك التشب َه‬
‫ْ‬
‫(‪ )1‬حسن التنبه للغزي‪ :‬ج‪ ،8 /‬ص‪.277 /‬‬

‫‪63‬‬
‫بالكفار أم ال‪ ،‬كما يفعله منحرفو زماننا ! هكذا ينبغي أن يكون‬
‫ٍ‬
‫خائف في ذلك‬ ‫العالم قائما بأداء أمانة العلم والدين‪ ،‬غير‬
‫َ‬
‫لومة الئم‪ ،‬أو بطشة ظالم !‬
‫وقال الغزي أيضا في موضع آخر‪« :‬ينبغي للمؤمن أن‬
‫ال يحتفل بغير هذه األعياد الثالثة‪ ،‬وال َي َّت ِخذ غيرها عيدا‪،‬‬
‫َ‬
‫سواء كان ذلك على سبيل االبتداع‪ ،‬أو على سبيل المشاركة‬
‫ألهل الذمة في أعيادهم؛ ألن من تشبه بقوم فهو منهم»(‪.)1‬‬
‫وفي الحاشية العظيمة لإلمام القليوبي (ت‪ 1169 :‬هـ) رحمه‬
‫الكفار في‬
‫َ‬ ‫ا على شرح المحلي‪ُ « :‬ي َع َّزر َمن وافق‬
‫أعيادهم»(‪ .)2‬وقال العالمة الشيخ سليمان الجمل (ت‪1214 :‬‬
‫ونقل العالمة‬
‫َ‬ ‫الكفار في أعيادهم»(‪.)3‬‬
‫َ‬ ‫وافق‬
‫هـ)‪« :‬يعزر من َ‬
‫الشيخ عبد الحميد الشرواني في «حاشية التحفة» ما قاله‬
‫الخطيب في «المغني» الذي نقلناه آنفا‪ ،‬وكذلك العالم ُة‬

‫(‪ )1‬حسن التنبه لما ورد في التشبه للغزي‪ :‬ج‪ ،8 /‬ص‪.271 /‬‬
‫(‪ )2‬حاشية القليو بي على شرح الجالل على المنهاج‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.215 /‬‬
‫(‪ )3‬حاشية الجمل على شرح المنهج‪ :‬ج‪ ،5 /‬ص‪.164 /‬‬

‫‪64‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫المحقق الشيخ علوي بن أحمد السقاف (ت‪ 1335 :‬هـ) في‬


‫«ترشيح المستفيدين حاشية فتح المعين»‪ ،‬وفي حاشية «إعانة‬
‫الطالبين على فتح المعين» للشيخ أبي بكر بن شطا الدمياطي‬
‫ِ‬
‫مواف ِق الكفار في‬ ‫وجوب تعزيرِ‬ ‫(ت‪ 1311 :‬هـ) أيضا‬
‫ُ‬
‫أعيادهم(‪.)1‬‬
‫وفي «تنوير القلوب» للشيخ الفقيه الصوفي الكبير‬
‫محمد أمين الكردي الشافعي النقشبندي (ت‪ 1332 :‬هـ)‬
‫حد فيها وال‬
‫رحمه ا ‪« :‬والتعزير مشروع في كل معصية ال َّ‬
‫كفارة‪ ،‬كمباشرة أجنبية بغير و ء ‪ ...‬وموافقة الكفار في‬
‫أعيادهم وزِ يِهم ونحوهما»(‪.)2‬‬
‫هكذا رأينا الشافعية نصوا على حرمة هذه التهنئة‪ ،‬فال‬
‫يقولن قائل إن الشافعية لم يصرحوا بذلك‪ ،‬أو إن هذا القول‬
‫قول بعضهم فقط‪ ،‬وما إلى ذلك من المزاعم الباطلة‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر حاشية الشرواني على التحفة‪ :‬ج‪ ،9 /‬ص‪ ،181 /‬ترشيح المستفيدين‬
‫للسقاف‪ :‬ص‪ ،388 /‬إعانة الطالبين‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.166 /‬‬
‫(‪ )2‬تنوير القلوب في معاملة عالم الغيوب‪ :‬ص‪.452 /‬‬

‫‪65‬‬
‫َراب ًعا‪ :‬ال ْ َم ْذ َه ُب ْ َ‬
‫احل ْن َب ِِل‪ُّ:‬‬ ‫ِ‬
‫أما المذهب الحنبلي فال يختلف الحكم فيه عن بقية‬
‫ُ‬
‫وتصريحاتهم‬
‫ُ‬ ‫متوافرة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫نصوص أئمته‬
‫ُ‬ ‫المذاهب المتبوعة‪ ،‬و‬
‫ِ‬
‫وشهود‬ ‫متظاهرة‪ ،‬نصوا فيها على حرمة تهنئتهم باألعياد‪،‬‬
‫عيدهم ِ‬
‫وبيعهم ما فيه إعان ٌة على كفرهم‪ ،‬والبن تيمية وتلميذه‬ ‫ِ‬
‫كالم طويل صريح قاطع في هذا الباب‪ ،‬في‬ ‫ٌ‬ ‫ابن القيم‬
‫كتابيهما‪« :‬اقتضاء الصرا المستقيم» لْلول‪ ،‬و«أحكام أهل‬ ‫َ‬
‫قليلة في مواضع من‬ ‫ٍ‬ ‫أشياء غير‬ ‫نقلت منهما‬ ‫الذمة» للثاني‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫هذا الكتاب‪ ،‬وفيهما ما لم أنقله مما ال يحصى كثر ًة‪ ،‬فال أعيد‬
‫النقل منهما اآلن‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن مفلح في «الفروع» من كتب الحنابلة‬
‫َُ‬
‫نقال عن بعض أئمتهم‪َ « :‬من َف َعل كالكفار في عيدهم اتفقوا‬
‫ُ‬
‫واتلعزير َع يشء‬ ‫َع إنكاره‪ ،‬وأوجبوا عقوب َة من يفعله‪ ،‬قال‪:‬‬
‫صريح من هذا اإلمام فيما‬
‫ٌ‬ ‫نص‬ ‫وهذا‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫دلل َع َتريمه»‬

‫(‪ )1‬فروع البن مفلح‪ :‬ج‪ ،11 /‬ص‪.121 /‬‬

‫‪66‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫قلت‪ ،‬وفيه نقل االتفاق‪ ،‬وقد نقلت عبارته سابقا في مبحث‬


‫ُ‬
‫داللة التعزير على تحريم التهنئة‪.‬‬
‫وقال خاتمة المحققين في المذهب الحنبلي الشيخ‬
‫َْ ُ َْ َُُ ْ‬
‫البهوتي رحمه ا في «كشاف القناع»‪َ (« :‬و ي ُرم تهنِئتهم‬
‫السالم‪( ،‬وعنه‪:‬‬
‫َ‬ ‫أشبه‬
‫َ‬ ‫وتعزيتهم وعيادتهم)؛ ألنه تعظيم لهم؛‬
‫(إن ُرجي إسالمه‪ ،‬فيعرِ ُضه‬
‫تجوز العيادة)‪ ،‬أي عيادة الذمي‪ْ ،‬‬
‫َ‬
‫روى أنس‪ :‬أن النبي ‪%‬‬ ‫عليه‪ ،‬واختاره الشيخ وغيره)؛ لما َ‬
‫اإلسالم فأس َلم‪ ،‬فخرج وهو يقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫عاد يهوديا‪ ،‬وعر َض عليه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الحمد الذي أنقذه بي من النار‪ ،‬رواه البخاري‪ ،‬وألنه من‬
‫مكارم األخالق‪.‬‬
‫عي ِد ْ َ‬
‫ال ُهودِ َوانلَّ َص َ‬
‫ارى)‬
‫َْ ُ ُ ُ ُ‬
‫(وقال) الشيخ‪َ ( :‬و ي ُرم شهود ِ‬
‫وغيرهم من الكفار‪( ،‬وبيعه لهم فيه)‪ ،‬وفي «المنتهى»‪ :‬ال بيعنا‬
‫لهم فيه‪( ،‬ومهاداتهم لعيدهم)؛ لما في ذلك من تعظيمهم‪،‬‬
‫بداءتهم بالسالم‪( ،‬ويحرم بيعهم) وإجارتهم (ما يعملونه‬
‫َ‬ ‫فيش ِبه‬
‫ُ‬
‫صنما (ونحوه)‪ ،‬كالذي يعملونه صليبا؛‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫كنيس ًة أو ِت ً‬
‫مثاال) أي‪:‬‬

‫‪67‬‬
‫تعالى‪     :‬‬ ‫ألنه إعانة لهم على كفرهم‪ ،‬وقال‬
‫‪[   ‬المائدة‪ ،]2 /‬ويحرم (كل ما فيه تخصيص‪ ،‬كعيدهم‬
‫وتمييز لهم‪ ،‬وهو من التشبه بهم‪ ،‬والتشبه بهم منهي عنه‬
‫إجماعا)؛ للخبر‪( ،‬وتجب عقوبة فاعله)»(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫فهذه نصوص أكابر علماء المذاهب األربعة ومحققيها‪،‬‬
‫زماننا؛ كما يحلو‬ ‫ِ‬
‫علماء ِ‬ ‫ٍ‬
‫جماعة من متشددي‬ ‫وليست خاص ًة ب‬
‫للبعض أن ُي َص ِو َر المسأل َة هكذا‪ ،‬بل ال يقتصر األمر على‬
‫اإلجماع‬
‫َ‬ ‫المذاهب األربعة‪ ،‬وقد نقل غير واحد من العلماء‬
‫على تحريم تهنئتهم بأعيادهم وتحريم التشبه بهم‪ ،‬كما رأينا‬
‫ذلك في كالم ابن الحاج وابن مفلح وابن القيم والبهوتي‬
‫ُ‬
‫وغيرهم‪ .‬ولم يعترض على هذا اإلجماع أحد مطلقا‪ ،‬ولم‬
‫التشكيك في هذا االتفاق إال كل من حاول االنفالت‬
‫َ‬ ‫حاول‬
‫ْ‬ ‫ُي‬
‫من أهل السنة‪ ،‬وهم يعلمون أنه ال عبرة بكالمهم في محافل‬

‫(‪ )1‬كشاف ِ‬
‫القناع للبهوتي‪ :‬ص‪.1361 /‬‬

‫‪68‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫أهل العلم والفقه‪ ،‬وال محل له من اإلعراب‪ ،‬وال مكان لهم‬


‫في مجالس أهل التحقيق وميدان البحث !‬
‫ِ‬
‫الشنيعة‬ ‫ِ‬
‫حرمة هذه‬ ‫عدم‬ ‫وبعد هذا ِ‬
‫زاعم َ‬
‫ٌ‬
‫كله إذا زعم‬
‫َ‬
‫أهل العلم َوز ًنا‪ ،‬وهو قول في‬‫مردود عليه‪ ،‬وال ُيقيم له ُ‬
‫ٌ‬ ‫فقولُه‬
‫خالف‬
‫َ‬ ‫لة النص واإلجماع‪ ،‬وال يصح لمجتهد أن يجتهد‬ ‫مقاب ِ‬
‫َ‬
‫قول بخالف ما استقرت عليه‬ ‫النص واإلجماع‪ ،‬بل وال يقبل ٌ‬ ‫ِ‬
‫المذاهب السنية األربعة؛ كما حققه المحققون‪ ،‬مثل الشيخ‬
‫يقولن‬
‫َّ‬ ‫اإلمام شيخ اإلسالم تقي الدين السكبي وغيره‪ .‬وال‬
‫ٍ‬
‫لفالن‪ ،‬فلمن شاء أن يعمل‬ ‫قائل‪ :‬إن هناك خالفا في المسألة‬
‫غلط ال يعتبر‪ ،‬وقد يقع‬
‫به ف َل ُه ذلك‪ ،‬وهذا حرام ال يجوز؛ ألنه ٌ‬
‫األغال للعلماء في مسائل‪ ،‬وإن وقع لبعضهم شيء من ذلك‬
‫طوى وال ُي ْح َكى‪ ،‬وإذا حكي ُح ِكي على سبيل‬‫فذاك يجب أن ُي َ‬
‫أهل العلم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رده وتزييفه وتقبيحه في أعين الناس‪ ،‬هذا ما ع َّل َمنا ُ‬
‫وتعلمناه من المشايخ؛ قال في «التحفة»‪« :‬إن زالت العلماء‬
‫تقليدهم فيها»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫ال يجوز‬

‫(‪ )1‬تحفة المحتاج للشيخ ابن حجر‪ :‬ج‪ ،8 /‬ص‪.115 /‬‬

‫‪69‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ٌّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُك خ ََِلف َج َ‬
‫اء ُم ْع َت َ ً‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُّ‬
‫إَِل خَِلف َُل حظ م َِن انلَّظ ِر‬ ‫َبا‬ ‫وليس‬
‫وإذا كان ال يجوز العمل بزالت العلماء فكيف يجوز‬
‫اإلفتاء به‪ ،‬ونشره بين الناس على أنه هو الدين‪ ،‬وأن غيره غلو‬
‫وتطرف وما شابه ذلك من الهذيانات ! وإذا كان ال يجوز‬
‫ٌ‬
‫ارتكاب هذه العظائم لعوام المسلمين فكيف يتور فيها َمن‬
‫ُهم في مقام األسوة والقدوة لهم ـ أو ينبغي أن يكونوا كذلك‬
‫على األقل ـ من أهل الشرف والفضل والعلم !‬
‫َد ْف ُع ُش ْب َهة َت َت َعلَّ ُق بال ْ َم ْذ َهب ْ َ‬
‫احل ْن َب ِِل‪ِّ:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نس ُب فيه صاحبه‬ ‫هذا‪ ،‬وقد انتشر بين الناس كالم ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ َ‬
‫لإلمام أحمد رواي ًة اختارها ابن تيمية في جواز تهنئة الكفار‬
‫الكفرية !‬
‫بأعيادهم ُ‬
‫وال شك أن هذا غلط‪ ،‬ومنشأ هذا الغلط هو الفهم‬
‫الخاطئ لكالم أئمة المذهب الحنبلي عند ذكر الروايات في‬
‫جواز تهنئة الكفار‪ ،‬وتعزيتهم‪ِ ،‬‬
‫وعيادته‪ ،‬فقد قال اإلمام‬
‫في «اإلنصاف»‪« :‬قوله [أي اإلمام‬ ‫المرداوي رحمه ا‬
‫الموفق]‪ :‬وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان‪ ،‬وأطلقهما‬

‫‪71‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫في الهداية‪ ،‬والمذهب‪ ،‬ومسبوك الذهب‪ ،‬والمستوعب‪،‬‬


‫والخالصة‪ ،‬والكافي‪ ،‬والمغني‪ ،‬والشرح‪ ،‬والمحرر‪ ،‬والنظم‪،‬‬
‫وشرح ابن منجا‪.‬‬
‫إحداهما‪ :‬يحرم‪ ،‬وهو المذهب‪ ،‬صححه في التصحيح‪،‬‬
‫وجزم به في الوجيز‪ ،‬وقدمه في الفروع‪ .‬والرواية الثانية‪ :‬ال‬
‫يحرم‪ ،‬فيكره‪ ،‬وقدمه في الرعاية‪ ،‬والح ِ‬
‫او َيي ِن‪ ،‬في باب‬
‫َ ْ‬
‫الجنائز‪ ،‬ولم يذكر رواية التحريم‪ .‬وذكر في الرعايتين‪،‬‬
‫فيباح‪ ،‬وجزم به ابن عبدوس‬ ‫والحاويين رواي ًة ِ‬
‫بعدم الكراهة‪،‬‬
‫ُ‬
‫في تذكرته‪ ،‬وعنه‪ :‬يجوز لمصلحة راجحة‪ ،‬كرجاء إسالمه‪،‬‬
‫اختاره الشيخ تقي الدين»(‪.)1‬‬
‫بعض الناس من هذا النص أن هناك رواي ًة في‬ ‫ففهم ُ‬
‫المذهب‪ ،‬واختارها ابن تيمية في جواز تهنئة الكفار بأعيادهم‬
‫الكفرية‪ ،‬وهذا فهم غير صحيح؛ فإن هذه الروايات في حكم‬ ‫ُ‬
‫اد ِة ٍ‬
‫مال‬ ‫تهنئتهم بمناسباتهم الدنيوية‪ ،‬كالمولود الجديد‪ ،‬أو زي َ‬

‫(‪ )1‬اإلنصاف للمرداوي‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.234 /‬‬

‫‪71‬‬
‫ونحوِ ذلك‪ ،‬مما ال عالقة له بدينهم‪ ،‬وليس المقصود التهنئة‬
‫بأعيادهم وشعائرهم الدينية الكفرية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬قال اإلمام مجد الدين‬
‫ويدل على ذلك ما يلي‪ً :‬‬
‫ابن تيمية (ت‪ 652 :‬هـ) في «المحرر»‪ « :‬وفي جواز تهنئتهم‪،‬‬
‫ويدعى لهم‪ ،‬إذا أجزناها‪،‬‬ ‫وتعزيتهم‪ ،‬وعيادتهم روايتان‪ُ ،‬‬
‫كثرة الجزية !»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫ويقصد به‬
‫بالبقاء وكثرة المال والولد‪ُ ،‬‬
‫وهذا ظاهر في أن المقصود به التهنئ ُة في األمور‬
‫الدنيوية‪ ،‬ويؤكد ذلك قو ُله بعد ذلك‪« :‬ويُ ْم َنعون من إظهار‬
‫نكرِ ‪ ،‬وضر ِب الناقوس وإظهارِ أعيادهم»(‪.)2‬‬
‫الم َ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫ويوضح ذلك أكثر ما قاله ابن القيم في كتابه «أحكام‬
‫َ‬
‫أهل الذمة»‪« :‬فصل في تهنئتهم بزوجة‪ ،‬أو ولد‪ ،‬أو قدوم‬
‫غائب‪ ،‬أو عافية‪ ،‬أو سالمة من مكروه‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬واختلفت‬
‫وم َن َعها أخرى‪،‬‬
‫الرواية في ذلك عن أحمد‪ ،‬فأباحها مر ًة‪َ ،‬‬

‫(‪ )1‬المحرر في الفقه الحنبلي البن تيمية الجد‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪.185 /‬‬
‫(‪ )2‬المحرر‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪.186 /‬‬

‫‪72‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫والكالم فيها كالكالم في التعزية والعيادة‪ ،‬والفرق بينهما»(‪.)1‬‬


‫فاتضح بذلك المقصود‪.‬‬
‫ثم قال ابن القيم بعد ذلك مباشر ًة‪« :‬ولكن ِلي ْح َذر‬
‫ُ‬
‫الوقوع فيما يقع فيه الجهال من األلفاظ التي تدل على رضاه‬
‫ُ‬
‫مت َعك ا بدينك أو نيحك فيه‪ ،‬أو‬
‫بدينه‪ ،‬كما يقول أحدهم‪َّ :‬‬
‫أع َّزك ا أو أكرمك ا ‪ ،‬إال أن يقول‪ :‬أكرمك ا‬
‫يقول‪َ :‬‬
‫باإلسالم وأعزك به ونحو ذلك‪ .‬فهذا في التهنئة باألمور‬
‫المشتركة‪ ،‬وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام‬
‫باالتفاق إلخ»‪.‬‬
‫اإلجماع على تحريم تهنئة‬
‫َ‬ ‫نقل‬
‫ثانيا‪ :‬إن ابن القيم ممن َ‬
‫ً‬
‫ذكرت‬
‫ُ‬ ‫الكفار بشعائر كفرهم وأعيادهم المختصة بهم‪ ،‬كما‬
‫ذلك غير ٍ‬
‫مرة‪ ،‬وكيف َين ُقل اإلجماع وهو َيع َلم أن إلمام مذهبه‬
‫َ‬
‫فيه خالفا !؟ قال ابن القيم‪« :‬وأما اتلهنئة بشعائر الكفر‬
‫املختصة به فحرام باَلتفاق‪ ،‬مثل أن يهنئهم بأعيادهم‬
‫وصومهم‪ ،‬فيقول‪ :‬عيد مبارك عليك‪ ،‬أو َت ْه َنأُ بهذا العيد‪،‬‬

‫(‪ )1‬أحكام أهل الذمة البن القيم‪ :‬ج‪ ،1 /‬ص‪.441 /‬‬

‫‪73‬‬
‫ونحوه‪ ،‬فهذا إن َس ِلم قائ ُله من الكفر فهو من المحرمات‪،‬‬
‫ِثما‬
‫إ‬ ‫أعظم‬ ‫ذلك‬ ‫بل‬ ‫‪،‬‬ ‫للصليب‬ ‫بسجوده‬ ‫هنئه‬ ‫ي‬ ‫أن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة‬ ‫وهو‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس‬ ‫عند ا ‪ ،‬وأشد ً‬
‫ْ‬
‫وارتكاب الفرج الحرام ونحوِ ه‪ .‬وكثري ممن َل قد َر لدلين عنده‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬
‫يقع ِف ذلك‪ ،‬وَل يدري قبح ما فعل» ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ابن القيم‪ ،‬وقد ابتلينا بزمان يبيع الناس فيه دينهم‬


‫صدق ُ‬
‫بعرض من الدنيا‪ ،‬ويتفننون في إرضاء الكفار ما وسعهم‪،‬‬
‫ويبررون لذلك بتبريرات شيطانية‪ ،‬بل ويتهمون مخالفيهم في‬
‫ذلك من أهل الحق والسنة بالغلو واإلرهاب وضيق الصدر‪.‬‬
‫وهل يهنئ الكفرة بشعارهم الخاصة ِ‬
‫بدينهم إال كل من ال قدر‬
‫لدين اإلسالم وعقيدته عنده !‬
‫رأينا ابن القيم نقل االتفاق على تحريم هذه التهنئة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مسألة‪ ،‬قد ُنقل‬ ‫فهل ُيتصور أن َين ُقل اإلجماع على التحريم في‬
‫شيخه ـ ابن تيمية‬ ‫ٍ‬
‫روايات‪ ،‬ويختار ُ‬ ‫ثالث‬
‫ُ‬ ‫عن اإلمام أحمد فيها‬
‫ـ فيها الجواز !؟‬

‫(‪ )1‬أحكام أهل الذمة البن القيم‪ :‬ج‪ ،1 /‬ص‪.441 /‬‬

‫‪74‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫جاال‬ ‫ٍ‬
‫عبارات تؤكد‪ ،‬بما ال يدع م ً‬ ‫ثال ًثا‪ :‬أن البن تيمية‬
‫للشك فيه‪ ،‬أن رأيه تحريم المشاركة في أعياد الكفار بأي نوع‬
‫ُ‬
‫صالح من كلماته‬
‫ٍ‬ ‫من أنواع المشاركة‪ ،‬وقد أَ ْط َل ْع ُتكم على قدرٍ‬
‫في مواضع متعددة من هذا الكتاب‪ ،‬ال يشك الناظر فيه أن‬
‫ُ‬
‫ابن تيمية قاطع بحرمة مشاركة الكفار في أعيادهم بكل‬
‫صورها‪ ،‬وقائل بحرمة تهنئتهم بها‪.‬‬
‫انظره مثال وهو يقول في كتابه «اقتضاء الصرا‬
‫عت الشبه َة والشهو َة‪،‬‬
‫فج َم ْ‬
‫المستقيم»‪« :‬وأما أعياد المشركين َ‬
‫وهي باطل؛ إذ ال منفعة فيها في الدين‪ ،‬وما فيها من اللذة‬
‫هودها‪،‬‬
‫العاجلة فعاقبتها إلى ألم‪ ،‬فصارت زورا‪ ،‬وحضورها ُش ُ‬
‫قد مدح ترك شهودها(‪ ،)1‬الذي هو مجرد‬ ‫وإذا كان ا‬
‫الحضور برؤية أو سماع فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك‪،‬‬
‫من العمل الذي هو عمل الزور‪ ،‬ال مجرد شهوده»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬بقوله‪[             :‬الفرقان‪.]72 /‬‬
‫(‪ )2‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ج‪ ،1 /‬ص‪.431 /‬‬

‫‪75‬‬
‫وقال أيضا‪« :‬والمحذور في أعياد أهل الكتابين‪ ،‬التي‬
‫ُن ِقر هم عليها أشد من المحذور في أعياد الجاهلية‪ ،‬التي ال‬
‫نقرهم عليها؛ فإن األمة قد حذروا مشابهة اليهود والنصارى‪،‬‬
‫المحذور‪ ،‬بخالف دين‬
‫َ‬ ‫قوم منهم هذا‬
‫وأخبروا أ ْن َس ْيف َعل ٌ‬
‫الجاهلية؛ فإنه ال يعود إال في آخر الدهر عند اخترام أنفس‬
‫المؤمنين عموما‪ ،‬ولو لم يكن أشد منه فإنه مثله على ما ال‬
‫يخفى؛ إذ الشر الذي له فاعل موجود يخاف على الناس منه‬
‫أكثر من شر ال م ِ‬
‫قتضي له قوِ ي»(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أيضا في «مجموع الفتاوى»‪« :‬ال يحل للمسلمين‬ ‫وقال ً‬
‫أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم‪ ،‬ال من طعام‬
‫وال لباس وال اغتسال وال إيقاد نيران‪ ،‬وَل تبطيل اعدة من‬
‫معيشة أو عبادة‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وال يحل فعل وليمة وال اإلهداء‬
‫وال البيع بما يستعان به على ذلك ألجل ذلك‪ ،‬وال تمكين‬
‫الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في األعياد ‪ ،‬وال إظهار‬
‫زينة‪ .‬وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من‬

‫(‪ )1‬اقتضاء الصرا المستقيم‪ :‬ج‪ ،1 /‬ص‪ ،436 /‬وانظر منه أيضا‪.444 :‬‬

‫‪76‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫شعائرهم‪ ،‬بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر األيام‪،‬‬


‫ال يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم»(‪.)1‬‬
‫أصرح من هذا الكالم في َذ ِم من يرتكب‬
‫ُ‬ ‫وهل يتصور‬
‫خ من يتشبه بالكفرة بصور‬ ‫هذه الفواحش والمنكرات‪ ،‬وتوبي ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫لسابقة‬ ‫ِ‬
‫العبارات ا‬ ‫لقائل هذه‬
‫ِ‬ ‫مختلفة ؟ كيف ُيتصور أن ُينسب‬
‫تهنئتهم بأعيادهم الكفرية‪ ،‬وهذا من أعجب العجائب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جواز‬
‫ُ‬
‫أعجبها !؟‬
‫إن لم يكن َ‬
‫َّ َ ُّ‬ ‫َ َ ْ ً ُ َ َّ َ ْ َ ْ‬ ‫ُّ ْ َ ُ َّ َ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ‬
‫الشبهة اثلانِية‪ :‬القول ب ِتح ِري ِمها أيضا مقيد ب ِرش ِط قص ِد التشب ِه‬
‫َ ْ ُ ْ َ ْ َْ ُ َ ْ َ َ َْ ْ ُ ََ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َْ َْ‬
‫حرمة ِعند‬ ‫ار الكف ِر‪ ،‬وإ ِن لم يوجد هذا القصد فَل ِ‬ ‫يم ِشع ِ‬ ‫أو تع ِظ ِ‬
‫ُّ ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ ْ َ ْ ً َ َّ ُّ َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫الرد َع ه ِذه ِ الشبه ِة‪:‬‬ ‫القائ ِلِني ب ِاحل ِرم ِة أيضا‪ ،‬و‬
‫وهذه شبهة أخرى‪ ،‬يتمسك بها هؤالء المنحرفون‬
‫ضاللتهم؛ إذ يقولون‪ :‬إن َمن حر ُموا‬ ‫ِ‬ ‫لترويج بدعتهم وتزيين‬
‫َّ‬
‫حر ُموها مطلقا‪ ،‬بل ِب َقي ِد َق ْص ِد‬
‫تهنئ َة الكفارِ بأعيادهم لم ُي ِ‬
‫ْ‬
‫الت َشب ِه‪ ،‬وإال فال يكون حراما حتى عند هؤالء ! ويذكرون‬ ‫َّ‬
‫إلثبات هذا القول الباطل عبار ًة للشيخ اإلمام أحمد بن حجر‬

‫(‪ )1‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪ :‬ج‪ ،25 /‬ص‪.329 /‬‬

‫‪77‬‬
‫مرامه‪ ،‬ولم يقفوا‬
‫الهيتمي رحمه ا ‪ ،‬والحق أنهم لم ُيدركوا َ‬
‫على مراده ‪ ،‬بل أنى لهم أن يجدوا في كالم هذا اإلمام الذي‬
‫كان حربا على أعداء أهل السنة كاف ًة !‬
‫نسب إلى الشيخ ابن حجر رحمه ا‬ ‫كيف يصح أن ُي َ‬
‫القول الباطل‪ ،‬وهو الذي ذكر في فتاواه ـ نقال عن‬ ‫ُ‬ ‫هذا‬
‫َ‬
‫السابقين ـ أن هذا الذي يفعله الناس في زمانه‪ ،‬وأشار إلى أن‬
‫اعتناء بذلك ـ وفي زماننا نحن لم‬ ‫الم ْصريين هم أكثر الناس‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫ذكره من أقبح البدع !‬ ‫سوء ! ـ‬
‫األمر إال ً‬ ‫يزد ْد‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫زعم باطل ال يصح فيما يتعلق بما هو‬ ‫والحق أن هذا‬
‫ْ ٌ‬
‫وشركهم‪ ،‬فال يحتاج إلى قصد التشبه فيه‪ ،‬كما‬ ‫ِ‬ ‫خاص بالكفار‬
‫بينته بالتفصيل في الفصل الذي مضى‪ .‬ولم يقل أحد من‬ ‫ُ‬
‫اإلجماع على‬
‫َ‬ ‫هؤالء األئمة الذين حرموا هذه التنهئة ونقلوا‬
‫َّ‬
‫وجود القصد‪ :‬قصد التشبه‪ ،‬وإال لم يكن‬ ‫ِ‬ ‫ذلك بأنه بِشر ِ‬
‫حراما‪ ،‬بل صرحوا بعكس ذلك؛ قال اإلمام السيوطي (ت‪:‬‬
‫‪ 911‬هـ) رحمه ا ‪« :‬والتشبه بالكافرين حرام‪ ،‬وإن لم يقصد‬

‫‪78‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫م ا قصدوه‪ ،‬بدليل ما روى ابن عمر عن النبي ‪ :%‬من تشبه‬


‫بقوم فهو منهم»(‪.)1‬‬
‫ال شك أن األعياد والتهنئة بها مما يدل صريحا على‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫الكفر ويخصه؛ يقول ابن تيمية‪« :‬اْلعياد ِه مِن أخص ما‬
‫ََ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َت َت َم َّ ُ‬
‫عائر‪ ،‬فاملوافقة فيها‬
‫ِ‬ ‫الش‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫هر‬
‫ِ‬ ‫أظ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫الرشائع‬ ‫به‬ ‫ّي‬
‫َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ََ‬
‫عائره» ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ِ‬ ‫ش‬ ‫وأظهر‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫الكفر‬
‫ِ‬ ‫رشائع‬
‫ِ‬ ‫خص‬ ‫أ‬ ‫ِف‬
‫مواف ِ‬
‫ة‬ ‫ق‬
‫(‪)3‬‬
‫َق َال اإلمام ابن الحاج المالكي في «المدخل»‪َ « :‬و َكرِ َه‬
‫يد ِه ُم َكا َفأَ ًة‬ ‫النصر ِان ِي ِفي ِع ِ‬ ‫اس ِم ِل ْل ُم ْس ِل ِم أَ ْن ُي ْه ِد َي إ َلى‬
‫ابن ا ْل َق ِ‬
‫َّ ْ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫يد ِه‪َ ،‬و َع ْو ًنا َل ُه َع َلى َم ْص َل َح ِة ُك ْفرِ ِه‪ .‬أَ َال‬ ‫يم ِع ِ‬ ‫َله‪ ،‬ورآه ِم ْن َتع ِظ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ َ َ ُ‬
‫ارى َشي ًئا ِم ْن‬ ‫َ‬ ‫لن َص‬ ‫َّ‬ ‫ِيعوا ِل‬
‫ُ‬ ‫ين أَ ْن َيب‬‫َ‬ ‫َترى أَ َّن ُه َال َي ِحل ِل ْل ُم ْس ِل ِم‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ارو َن‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫إد ًاما‪َ ،‬و َ َال َث ْو ًبا‪َ ،‬و َال ُي َع ُ‬‫َم ْص َل َحة عيده ْم‪َ ،‬ال َل ْح ًما‪َ ،‬و َال َ‬
‫َّ َ َ ْ َّ ْ‬
‫يم‬ ‫ون َع َلى َشي ٍء ِم ْن ِد ِينهِ ْم؛ ِْلن ذل ِك مِن اتلع ِظ ِ‬ ‫َد َّاب ًة‪َ ،‬و َال ُي َعا ُن َ‬
‫ْ‬

‫(‪ )1‬األمر باالتباع والنهي عن االبتداع لإلمام السيوطي‪ :‬ص‪.147 /‬‬


‫(‪ )2‬اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية‪ :‬ص‪.99 ،98 /‬‬
‫(‪ )3‬الكراهية هنا التحريمية‪ ،‬بدليل قوله بعده‪ « :‬ورآه من تعظيم عيده‪ ،‬وعونا له‬
‫على مصلحة كفره‪ ،‬أال ترى أنه ال يحل للمسلمين إلخ»‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫لس َال ِط ِ‬
‫ين أَ ْن َي ْن َه ْوا‬ ‫ِرشك ِِه ْم‪ ،‬وعو ِنهِ م ع َلى ُك ْفرِ ِهم‪ .‬وي ْنب ِغي ِ‬
‫ل‬ ‫ل ِ ْ‬
‫َّ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫َ َْ ْ َ‬
‫ِ َْ َ ْ َْ َ َ ً‬
‫ين َع ْن َذ ِل َك‪َ ،‬و ُه َو َق ْو ُل َم ِال ٍك َو َغيرِ ه‪ ،‬لم أعلم أحدا‬ ‫ِِ‬
‫ا ْل ُم ْسلم َ‬
‫ْ‬
‫َ َ‬ ‫َََْ‬
‫اختلف ِِف ذل ِك اهـ»(‪.)1‬‬
‫كالم العالمة السيد عبد ا األهدل‬ ‫ِ‬ ‫أش َّد صراح َة‬ ‫وما َ‬
‫الشافعي (ت‪ 1271 :‬هـ) رحمه ا في «السيف البتار»؛ حيث‬
‫فالحديث ـ َي ْقصد «من تشبه بقوم إلخ» ـ زاجر عن التشبه‬
‫ُ‬ ‫قال‪« :‬‬
‫ٌ‬
‫نصب البيارق وغيره‪ ،‬من وجوه التشبه‪ ،‬كهيئة‬ ‫ِ‬ ‫بالكفار‪ ،‬من‬
‫اللباس وامليش واحلراكت والسكنات(‪ ،)2‬فقد خالف النبي ‪%‬‬
‫هود‪ ،‬وأمر بمخالفتهم في جميع ما يفعلونه‪ ،‬وكذلك‬
‫الي َ‬
‫المجوس والنصارى في شعارهم ولباسهم وأعيادهم‬

‫(‪ )1‬المدخل البن الحاج‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪ ، 48 ،47 /‬ونقله بحروفه ابن القيم في‬
‫«أحكام أهل الذمة» (ص‪ ،)1249 /‬وقال في آخره‪« :‬هذا لفظه في‬
‫«الواضحة»»‪ .‬ولم يتيسر لي الوقوف على هذا الكالم في القدر المطبوع من‬
‫«الواضحة»؛ ألنه ناقص باعتراف محققه‪.‬‬
‫در السيد الحبيب‪ ،‬وقد صرح بأشياء يزعم المنحرفون في زماننا بأنه ليس‬ ‫(‪)2‬‬
‫لإلسالم فيها ما يخصه‪ ،‬من المالبس وغيرها‪ ،‬وهذا الكالم يكشف عن جهلهم‬
‫وينبِئ عن ضاللهم في الفهم‪.‬‬
‫بالدين‪ُ ،‬‬
‫‪81‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫مغاير ًة لهم وإغاظ ًة‪ ،‬ولقوله عليه‬


‫وصومهم‪ ،‬وجميع أحوالهم‪َ ،‬‬
‫الصالة والسالم‪« :‬ال تستضيئوا بنار المشركين»‪ ،‬وورد عن‬
‫سيدنا عمر بن الخطاب ‪ ‬النهي عن مساكنتهم‪ ،‬وتعلم‬
‫كتابتهم‪ ،‬والدخول معهم في أعيادهم ومجامعهم وتعلم‬
‫َرطانتهم‪ ،‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫ورضي بكفرهم فهو كافر‪،‬‬‫ِ‬ ‫فمن َتشبه بهم محب ًة لهم‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ومن يفعل ذلك َغف َِل عن هذا القص ِد فقد شابههم ِف أمورهم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خصاهلم‪ ،‬يلزمه اتلوبة منها‬ ‫اجلاهلية‪ ،‬ففيه خصلة من ِ‬
‫حديث‪َ :‬من‬
‫ُ‬ ‫بالشر المقرر للتوبة في محله‪ .‬قال ابن تيمية‪:‬‬
‫َّ‬
‫تشبه بقوم فهو منهم أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم‪،‬‬
‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫المتشبه» ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وإن كان ظاهره َيقتضي كفر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫المشاركة في‬
‫َ‬ ‫النصوص صريح ًة في أن‬ ‫َ‬ ‫رأيت هذه‬ ‫َ‬
‫صريح للكفر‪ ،‬ومثل هذا ال يحتاج إلى‬
‫ٌ‬ ‫األعياد الكفرية تعظيم‬
‫ٌ‬

‫(‪ )1‬السيف البتار للسيد عبد ا األهدل‪ :‬ص‪ ،96 /‬أما كالم الشيخ ابن تيمية فقد‬
‫نقلناه غير مرة في كتابنا عن كتابه «اقتضاء الصرا المستقيم»‪ ،‬وهو كالم‬
‫مشهور له‪ ،‬نقله عنه غير واحد من األئمة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫القصد‪ ،‬بل هو بمجرده حرام‪ ،‬شأنه شأ ُن سائرِ الدالالت‬
‫الصريحة التي ال تحتاج إلى النية أو القصد‪ ،‬إنما الذي يحتاج‬
‫إلى ذلك هو الكناية التي تحتمل معنيين‪ .‬فلذلك لم يقل أحد‬
‫منهم باشترا القصد‪.‬‬
‫و در اإلمامين السيوطي والسيد األهدل وعبارة كل‬
‫منهما صريحة جدا في المقصود‪ ،‬والسيد األهدل من السادة‬
‫المتأخرين‪ ،‬فلم َت ْن َط ِل عليه شبه ُة القصد !‬
‫األديان‪ ،‬وأن‬
‫َ‬ ‫وإذا كانت األعياد من أخص ما ُي َميز‬
‫التهنئة بها من أظهر شعائرها فكيف ُت َّت َخذ ذلك عرفا من‬
‫األعراف‪ ،‬كما يزعم البعض !؟ وكو ُن كثير من الجهلة في هذا‬
‫ٍ‬
‫مختص بالكفرِ ‪،‬‬ ‫الزمان يشارك الكفر َة في ذلك هل يجعله غير‬
‫َ‬
‫وقد حدث ذلك في زمان أئمتنا المتقدمين؛ كما اتضح ذلك‬
‫من خالل نقوالتهم الكثيرة‪ ،‬ورأينا ماذا كان موقفهم تجاه‬
‫ذلك‪ ،‬ولم يجعل أحد منهم ذلك من األعراف التي تنصرف‬
‫إلى الكفر أو الحرمة بالقصد والنية‪ ،‬بل كلهم قالوا بالكفر إذا‬
‫كان التشبه بحيث وصف الكفر‪ ،‬أو بالحرمة إذا لم يكن بهذه‬

‫‪82‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫الحيثية‪ ،‬ولم نر أحدا قال‪ :‬إن هذه األشياء اآلن صارت من‬
‫َ‬
‫العادات‪ ،‬فال تعتبر شعائر الكفر‪ ،‬كال !!‬
‫َ‬
‫َ َ َّ‬
‫وأما ما تمسكوا به من َكم للشيخ اإلمام ابن حجر‬
‫الهيتمي رحمه ا في «الفتاوى الفقهية الكبرى» في اشترا‬
‫وجود القصد ِل َت ُكون التهنئ ُة حراما ـ كما زعموا ـ وإال فال تكون‬
‫حراما‪ ،‬فالحقيقة أن الشيخ ابن حجر رحمه ا لم يكن يتكلم‬
‫عن التهنئة المحر َمة حين أشار إلى شر القصد في كالمه‪،‬‬
‫َّ‬
‫كالمه باشترا القصد كان في غير التهنئة من األمور التي‬
‫ُ‬ ‫بل‬
‫ال َتحرم إال بقصد التشبه‪ ،‬والتي ال تدل على شعار الكفر نصا‬
‫ُ‬
‫صريحا أو ظاهرا‪ ،‬كما سنرى ذلك اآلن‪.‬‬
‫وفي «فتاوى الفقهية الكبرى» له‪(« :‬وسئل) رحمه ا‬
‫بالق ِس ِي الصغارِ التي ال‬
‫تعالى ورضي عنه‪ :‬هل ي ِحل اللعب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأكل الموزِ‬
‫ُ‬ ‫تنفع وال تقتل صيدا‪ ،‬بل أُ ِع َّدت للعب الكفارة(‪،)1‬‬
‫الثياب الملونة‬
‫َ‬ ‫الكثير المطبو ِخ بالسكر وإلباس الصبيان‬
‫بالصفر‪ ،‬تبعا العتناء الكفرة بهذه في بعض أعيادهم‪ ،‬وإعطاء‬

‫(‪ )1‬كذا في المطبوعة‪ ،‬وا أعلم‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫األثواب والمصروف لهم فيه إذا كان بينه وبينهم تعل ٌق‪ ،‬من‬
‫كون أحدهما أجيرا لآلخر‪ ،‬من قبيل تعظيم النيروز ونحوه؛‬
‫يعهم ورفيعهم‪ ،‬حتى‬ ‫ِ‬
‫صغيرهم وكبيرهم‪ ،‬وض َ‬‫َ‬
‫فإن الكفر َة‪:‬‬
‫لوكهم يعتنون بهذه القسي الصغار واللعب بها‪ ،‬وبأكل الموز‬
‫ُم َ‬
‫اعتناء كثيرا‪ ،‬وكذا بإلباس الصبيان‬
‫ً‬ ‫الكثير المطبوخ بالسكر‬
‫الثياب المصفر‪ ،‬وإعطاء األثواب والمصروف ِلمن يتعلق‬
‫صنم وال غيره‪ ،‬وذلك‬‫ٍ‬ ‫عبادة‬
‫ُ‬ ‫بهم‪ ،‬وليس لهم في ذلك اليوم‬
‫إذا كان القمر في َس ْع ِد الذابح في ُبرج األسد‪.‬‬
‫ْ‬
‫وجماع ٌة من المسلمين إذا رأوا أفعا َلهم يفعلون مث َلهم‪،‬‬
‫عملهم‪ ،‬من غير اعتقاد‬‫فهل يك ُفر أو يأثم المسلم إذا عمل مثل ِ‬
‫ُ‬
‫تعظيم عيدهم‪ ،‬وال اقتداء بهم‪ ،‬أو ال ؟‬
‫تبارك وتعالى بعلومه المسلمين ـ‬ ‫فأجاب ـ نفع ا‬
‫أصحابنا بأنه‬ ‫ح‬ ‫صر‬ ‫فقد‬ ‫ذلك؛‬ ‫من‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫كفر ِبف ْع ِل‬ ‫بقوله‪ :‬ال‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬
‫وسطه‪ ،‬أو وضع على رأسه قلنسو َة‬ ‫ِ‬ ‫لو َش َّد الزنار على‬
‫المجوس لم يكفر بمجرد ذلك‪ ،‬اهـ‪.‬‬
‫ْ‬

‫‪84‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫َف َع َد ُم كفرِ ه بما في السؤال أَولى‪ ،‬وهو ظاهر‪ ،‬بل ُ‬


‫فعل‬
‫شيء مما ذكر فيه ال يحرم [إال] إذا قصد به التشبه بالكفار‪،‬‬‫ٍ‬
‫ال من حيث الكفر‪ ،‬وإال(‪ )1‬كان كفرا قطعا‪.‬‬
‫ُ‬
‫فع َل ذلك بقصد التشبه بهم في شعارِ‬ ‫ِ‬
‫فالحاص ُل أنه إن َ‬
‫قطعا‪ ،‬أو في شعار العيد مع قطع النظر عن الكفر‬ ‫كفر ً‬ ‫الكفر‬
‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫رأسا‬
‫أصال و ً‬
‫لم َيك ُفر‪ ،‬ولكنه يأثم‪ ،‬وإن لم يقصد التشب َه بهم ً‬
‫فال شيء عليه‪.‬‬
‫ذكرته‪،‬‬
‫ُ‬ ‫بعض أئمتنا المتأخرين َذ َكر ما يوافق ما‬
‫رأيت َ‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫فقال‪ :‬ومن أقب ِح البدع ُموا َف َق ُة المسلمين النصارى في أعيادهم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫هديتهم فيه‪ ،‬وأكثر الناس‬ ‫ِ‬
‫وقبول‬ ‫ِ‬
‫والهدية لهم‪،‬‬ ‫بالتشبه بأكلهم‪،‬‬

‫وصف الكفر كان كفرا‪ ،‬أما قصد التشبه‬‫ُ‬ ‫(‪ )1‬أي وإن قصد التشبه بهم من حيث‬
‫بدون اعتبار وصف الكفر فهو حرام ال كفر‪ .‬وما بين [ ] أثبته من عندي؛ ألن‬
‫ٌ‬
‫المعنى ال يصح بدونه‪ ،‬ولعله سقط من الناسخ أو الطابع‪.‬‬
‫التفات إلى عيدهم‪ ،‬كأن يكون من عادته أن يأكل طعاما‬‫ٍ‬ ‫(‪ )2‬بأن لم يكن له أي‬
‫عيدهم‪ ،‬فال بأس أن يأكل هذا‬‫وم َ‬‫عينا في يوم األحد مثال‪ ،‬فوافق هذا الي ُ‬ ‫م‬
‫ُ َّ‬
‫الطعام الخاص في هذا اليوم‪ ،‬وال يضره كون ذلك يوم ِ‬
‫عيد الكفار؛ ألنه لم‬ ‫َ‬
‫يقصد موافقتهم أصال ورأسا‪ ،‬ولم يخطر ذلك بباله‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫المصريون‪ ،‬وقد قال ‪« :%‬من تشبه ٍ‬
‫بقوم فهو‬ ‫اعتناء بذلك ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫نصرانيا‬ ‫يبيع‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ًّ‬ ‫منهم»‪ .‬بل قال ابن الحاج‪« :‬ال يحل لمسلم أن َ‬
‫أدما‪ ،‬وال ثوبا‪ ،‬وال‬ ‫شيئا من مصلحة ِ‬
‫لحما‪ ،‬وال ً‬ ‫ً‬ ‫ال‬ ‫ه‪،‬‬ ‫عيد‬ ‫ً‬
‫معاون ٌة لهم على كفرهم‪ ،‬وعلى‬ ‫َ‬ ‫شيئا ولو داب ًة؛ إذ هو‬
‫ون ً‬‫عار َ‬ ‫ُي ُ‬
‫منع المسلمين من ذلك»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ُوالة األمر ُ‬
‫تمس َك هؤالء المنحرفون أيضا بفتوى للشيخ‬‫وقد َّ‬
‫كتاب‬
‫ُ‬ ‫يحيى رحمه ا ‪ ،‬وهو أحد الخمسة الذين َضم ِ‬
‫فتاو َيهم‬
‫َّ‬
‫«بغية المسترشدين» المشهور للسيد عبد الرحمن الباعلوي‪،‬‬
‫التزيِي بزِ ِي الكفار أنه‬
‫ونصها‪« :‬حاصل ما ذكره العلماء في َ‬
‫إما أن يتزيا بزيِهم ميال إلى دينهم‪ ،‬وقاصدا التشب َه بهم في‬
‫شعائر الكفرِ ‪ ،‬أو يمشي معهم إلى متعبداتهم فيكفر بذلك‬
‫َّ‬
‫فيهما‪ ،‬وإما أن ال يقصد كذلك‪ ،‬بل يقصد التشب َه بهم في‬
‫ٍ‬
‫جائزة معهم فيأثم‪ ،‬وإما‬ ‫ٍ‬
‫معاملة‬ ‫شعائر العيد أو التوصل إلى‬
‫أن يتفق له من غير قصد فيكره‪ ،‬كشد الرداء في الصالة»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬الفتاوى الفقهية الكبرى‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.239 /‬‬


‫(‪ )2‬بغية المسترشدين للسيد عبد الرحمن باعلوي‪ :‬ص‪.248 /‬‬

‫‪86‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫وال أشغل نفسي بهذه الفتوى؛ ألنها خالص ُة ما في‬


‫كالم الشيخ ابن حجر ـ وقد صرح هو نفسه بما يشعر به؛‬
‫حيث قال‪« :‬حاصل ما ذكره العلماء» ـ فيما يتعلق بالقصد‪،‬‬
‫فهم من تصريحه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فهو لم يأت بكالم جديد من عنده‪ ،‬كما ُي َ‬
‫كالم الشيخ ابن حجر فكذلك لم يفهموا‬
‫فكما أنهم لم يفهموا َ‬
‫أيضا كالم الشيخ يحيى‪ ،‬فما أبي ُِن به كالم الشيخ ابن حجر‬
‫ُيبي ُن كالم الشيخ يحيى أيضا‪ ،‬فال حاجة إلى االشتغال به‪.‬‬
‫َ َّ‬
‫فنعود اآلن إلى ما في «الفتاوى الكبرى»‪ ،‬فنقول‪ :‬إن‬
‫هذا الذي نقله الشيخ ابن حجر عن اإلمام ابن الحاج نقله عنه‬
‫غيره أيضا‪ ،‬منهم الشيخ ابن النحاس الدمشقي الشافعي (ت‪:‬‬
‫‪ 814‬هـ) في «تنبيه الغافلين» والعالمة الشيخ الرشيدي (ت‪:‬‬
‫‪ 1169‬هـ) رحمه ا في «اإللمام بمسائل اإلعالم»(‪ ،)1‬وأقراه‪.‬‬
‫أصال‬
‫ً‬ ‫وقوله رحمه ا ‪« :‬وإن لم يقصد التشب َه بهم‬
‫الجهال نافعا لهم‬
‫ُ‬ ‫ورأسا فال شيء عليه» هو الذي يتوهمه‬‫ً‬
‫دروا أن الشيخ ابن حجر لم يتعرض في كالمه‬ ‫ِ‬
‫وم ْجديا‪ ،‬ولم َي ُ‬
‫ُ‬
‫(‪ )1‬انظر اإللمام للرشيدي‪ :‬ص‪.192 – 191 /‬‬

‫‪87‬‬
‫ور َد ِذكرها في فتاواه‪ ،‬ال في‬
‫هذا لمسألة التهنئة أصال‪ ،‬وال َ‬
‫ُ‬
‫صورة السؤال وال في صيغة الجواب‪ ،‬فمن أين يدل على‬ ‫ِ‬
‫مدعاهم‪ ،‬والتهنئة بالعيد أمر خاص بشعار الدين !؟‬
‫أشياء‬
‫ُ‬ ‫اإلمام الشيخ رحمه ا هي‬
‫ُ‬ ‫إنما التي َت َعر َض لها‬
‫َّ‬
‫داللتها على الكفر صريح ًة أو‬
‫ُ‬ ‫ليست مختص ًة بالكفار‪ ،‬وال‬ ‫ْ‬
‫ثياب ُمعي ٍنة وغير ذلك مما‬
‫ٍ‬ ‫راجح ًة‪ ،‬مثل أكل الموز ولبس‬
‫َّ‬
‫عالقتها بالكفر والكفار؛‬
‫ُ‬ ‫يفعله المسلم وغير المسلم‪ ،‬فما‬
‫حتى يكون التشبه في ذلك حراما بال قصد‪ ،‬فضال عن أن‬
‫يكون كفرا !؟‬
‫أصحابنا بأنه لو َش َّد الزنار على‬
‫ُ‬ ‫وقوله رحمه ا ‪« :‬صرح‬
‫َّ‬
‫وسطه‪ ،‬أو وضع على رأسه قلنسو َة المجوس لم يكفر بمجرد‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫ذلك» هو كما قال‪ ،‬ال يكون في شيء من ذلك كفر أو ِحرم ٌة‬
‫ٌ‬
‫إال بالقصد؛ ألن هذه األمور ال تدل صريحا أو نصا على‬
‫الكفر‪ ،‬على ما يرى الشافعي ُة ـ وإن كان هناك من يراه كفرا أو‬
‫حراما من غير الشافعية‪ ،‬ولو بال قصد(‪ )1‬ـ أما إذا َت َز َّيى بِزِ يِهم‪،‬‬

‫(‪ )1‬انظر مثال الشرح الكبير لإلمام الدردير‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.311 /‬‬

‫‪88‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫مشى معهم إلى كنائسهم فعند ذلك ارتكب حراما عند‬ ‫ثم َ‬
‫التشبه‪ ،‬بل هو كفر قصد أو‬ ‫الشافعية ِ‬
‫أنفسهم‪ ،‬ولو لم يقصد‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫لم يقصد‪ ،‬صرح به الشيخ ابن حجر نفسه(‪ .)1‬وذلك ألن هذه‬
‫األفعال خاص ًة بالكفر؛ كما‬
‫َ‬ ‫علت هذه‬‫الهيئة االجتماعية َج ْ‬
‫ع َّل ُلوه‪ ،‬فما هو خاص بالكفر ال يحتاج إلى قصد التشبه فيه‪،‬‬
‫اإلتيان به عامدا ِ‬
‫عال ًما كفر‪ ،‬والعياذ با !‬ ‫ِ‬ ‫بل ُمجر ُد‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ومن هنا قال الشيخ زين الدين المليباري الشافعي (ت‪:‬‬
‫‪ 1128‬هـ) رحمه ا في «فتح المعين» حين َت َعر َض ألفعال‬
‫َّ‬
‫وكمشي إلى الكنائس ِبزِ ِيهم ِمن ُز َّنارٍ‬
‫ٍ‬ ‫الر َّدة‪« :‬‬
‫الكفر وأسباب ِ‬
‫وغيرِ ه»(‪.)2‬‬
‫الزي خاصا بالكفار فمذهب الشافعية أنه ال‬
‫أما إذا كان ِ‬
‫يشتر القصد ليكون التشبه فيه حراما؛ ففي «فتاوى الرملي»‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر اإلعالم للشيخ ابن حجر‪ :‬ص‪ ،247 /‬واإللمام للرشيدي‪ :‬ص‪.184 /‬‬
‫وكمش ٍي إلى‬
‫ْ‬ ‫(‪ )2‬قال في «إعانة الطالبين» (ج‪ ،4 /‬ص‪« :)137 /‬وأَ ْف َهم قولُه «‬
‫َ‬
‫كأن َم َشى إلى الكنائس ال بزيهم‪ ،‬بل‬ ‫الكنائس بزيهم» أنه لو ُف ِقد ُ‬
‫أحدهما‪ْ ،‬‬
‫بِزِ ي المسلمين‪ ،‬أو َتز َّيا بزيِهم من غير مشي إليها ال يكفر‪ ،‬وهو كذلك»‪.‬‬
‫ومثله في «الترشيح»‪ :‬ص‪.377 /‬‬

‫‪89‬‬
‫ِّ ُ‬
‫الت َزيِي ب ِ ِزي الكفار‪ ،‬هل هو رِ َّد ٌة‪ ،‬أو ال‪ ،‬فيحرم‬ ‫ِ‬
‫«سئل عن َّ‬
‫العامد ِ‬
‫العالم‬ ‫ُ‬ ‫بردة‪ ،‬بل يأثم‬‫فقط؟ فأجاب بأن الراجح أنه ليس ٍ‬
‫ُ‬
‫العامد العالم»‪ ،‬ولم يقل‪« :‬القاصد‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بتحريمه»(‪ .)1‬رأيته قال‪« :‬‬
‫للتشبه»؛ ألن السؤال عن «زي الكفار»‪ ،‬فهو ال يحتاج إلى‬
‫قصد التشبه ليكون حراما‪.‬‬
‫يسمى زي الكفار‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الز‬
‫ِ‬ ‫هذا‬ ‫هل‬ ‫هو‬ ‫دار‬ ‫الم‬ ‫أن‬ ‫م‬ ‫فع ِ‬
‫ل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫متعم ٌد عالم بالتحريم‪،‬‬ ‫فيكون حراما بمجرد التشبه فيه‪ ،‬وهو‬
‫ٌ‬
‫زي الكفار ـ‬
‫يس َّم َّ‬ ‫قصد بذلك التشبه أم لم يقصد‪ .‬أما إذا لم َ‬
‫بل الكفار يلبسونه كثيرا فقط ـ فال يحرم إال بقصد التشبه بهم‬
‫فيه‪ .‬وقد سبق كالم متعلق بهذا في الفصل السابق في الكالم‬
‫على حناء الرجل وبعده‪ ،‬فليرجع إليه‪.‬‬
‫بل الشيخ ابن حجر هو الذي رد على القائلين باشترا‬
‫قصد التشبه في مسألة خضاب الر ُجل يده أو رِ جله بالحناء‬
‫َّ‬
‫حرام‪ ،‬قصد التشبه أم ال؛‬
‫ٌ‬ ‫بأنه ال حاجة إلى ذلك‪ ،‬بل ذلك‬
‫كالمه وكالم العالمة‬
‫ألن الحناء مما يختص بالنساء‪ ،‬وقد نقلنا َ‬
‫(‪ )1‬فتاوى الرملي‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.31 /‬‬

‫‪91‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫الدمياطي في الفصل الثاني عند بيان معنى «التشبه»‪ .‬وهذا إذا‬


‫كان في مجرد تشبه الرجل بالمرأة فكيف يكون أمر تشبه‬
‫ُ‬
‫المسلمين بالكفار وشعائرهم الكفرية !‬
‫وهذه قاعدة عظيمة في هذا الباب‪ ،‬نافعة ألولي األلباب‬
‫غفل‬
‫الفساد فيها بالصواب‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫في كثير من المسائل التي اختلط‬
‫عنها كثير من الطالب؛ كما نبه على ذلك الشيخ ابن حجر‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫نفسه في «اإلعالم»‪ .‬وهي ليست متعلق ًة باألفعال فقط‪ ،‬وال‬‫ُ‬
‫بإثم الحرام‪ ،‬بل األمر كذلك في األقوال‪ ،‬وكذا فيما يتعلق‬
‫الفعل صريحا في الكفر‬ ‫ُ‬ ‫بالكفر أيضا‪ ،‬فإذا كان اللفظ أو‬
‫الناطق به أو ِ‬
‫فاع ُله‬ ‫ُ‬ ‫قصد‬
‫َ‬ ‫فالنطق به أو اإلتيان به كفر‪ ،‬سواء‬
‫ٌ‬
‫الكفر أو لم َيقصد‪ ،‬بل ال ُي ْقبل منه دعوى عدم اإلرادة‪ ،‬ال‬
‫َ‬
‫الفعل محتمال‬
‫ُ‬ ‫عندنا وال عند ا تعالى‪ .‬أما إذا كان اللفظ أو‬
‫للكفر وغيرِ الكفر فعند ذلك فقط يشتر قصد الكفر ليكون‬
‫ٍ‬
‫حرام‪.‬‬ ‫كافرا‪ ،‬أو آثما م ِ‬
‫رتك َب‬ ‫ً ُ‬
‫قال العالمة الرشيدي (ت‪ 1196 :‬هـ) في «اإللمام»‪:‬‬
‫وز َعم‬ ‫الردة‪،‬‬
‫اإلمام عن األصوليين أ َّن َمن َن َط َق بكلمة ِ‬ ‫نقل‬
‫« َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫‪91‬‬
‫ضمر توري ًة َك َفر ظاهرا وباطنا(‪ .)1‬قال في األصل(‪ :)2‬وكأن‬‫أنه أَ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫مدلول ذلك اللفظ‪ ،‬وقصد أنه‬‫َ‬ ‫معنى قصد التورية أنه اعت َق َد‬
‫ُي َو ِري على السامع ‪ ،‬وإال فالحكم بالكفر باطنا فيه نظر»(‪.)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫في «شرح المنهاج» كالم األصوليين باللفظ‬ ‫لكن قيد هو‬
‫َّ‬
‫الذي ال يحتمل التوري َة(‪ ،)5‬وبه يندفع النظر»(‪.)6‬‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬انظر نهاية المطلب إلمام الحرمين‪ :‬ج‪ ،18 /‬ص‪ .293 /‬أي كفر عندنا وعند‬
‫َ‬
‫أحكام الكفار في الدنيا‪ ،‬ويكون‬
‫ُ‬ ‫ا ‪ ،‬كفرا شرعيا وحقيقيا‪َ ،‬يعني أنه ُيجرى عليه‬
‫مخلدا في النار في اآلخرة‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي الشيخ ابن حجر الهيتمي في «اإلعالم بقواطع اإلسالم»‪ ،‬انظر اإلعالم‪:‬‬
‫ص‪ . ( 348 /‬مصطفى البابي الحلبي)‪.‬‬
‫(‪ )3‬يعني أن الكفر في الباطن هو الذي َن َظر فيه الشيخ ابن حجر في «اإلعالم»‪،‬‬
‫َ‬
‫أما الكفر الشرعي فواقع‪ ،‬يعني هو كافر عندنا بال خالف‪ .‬ولكن النظر المذكور‬
‫مندفع‪ ،‬كما سترى بعد هذا‪.‬‬
‫ٌ‬
‫الشيخ ابن حجر‪ ،‬انظر التحفة له‪ :‬ج‪ ،9 /‬ص‪ ،85 /‬وجرى الشمس‬
‫َ‬ ‫(‪ )4‬يعني‬
‫الرملي أيضا على ذلك في نهاية المحتاج‪ :‬ج‪ ،7 /‬ص‪.414 /‬‬
‫(‪ )5‬مثل أن يقول‪« :‬ا ثالث ثالثة»‪ ،‬انظر حاشية الشبراملسي‪ :‬ج‪ ،7 /‬ص‪. 414 /‬‬
‫(‪ )6‬اإللمام بمسائل اإلعالم للرشيدي‪ :‬ص‪.211 /‬‬

‫‪92‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫وفي «المواقف» للعالمة القاضي عضد الدين اإليجي‪،‬‬


‫شرحه للسيد الشريف ـ ونقله الشيخ ابن حجر في‬ ‫ِ‬ ‫مع‬
‫«اإلعالم» ـ‪َ (« :‬من َص َّد َق) بما جاء به النبي ‪( ،%‬و)مع ذلك‬
‫َ ْ َْ ُ ََ َ‬
‫خَلف ِ ِه ؟‬ ‫اإلجاع َع ِ‬ ‫( َس َجد للشمس ينبغي أن يكون مؤمنا‪ ،‬و ِ‬
‫َ ُّ‬
‫بظاهره على‬‫ِ‬ ‫دل‬ ‫سجوده لها ي‬
‫ُ‬ ‫قلنا‪ :‬هو دليل عدم التصديق)‪ ،‬أي‬
‫أنه ليس ب ُِم َص ِد ٍق‪ ،‬ونحن نحكم بالظاهر‪ ،‬فلذلك َح َك ْمنا بعدم‬
‫داخل في حقيقة اإليمان‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫إيمانه؛ ال ألن عدم السجود لغير ا‬
‫التعظيم واعت ِ‬
‫قاد‬ ‫ِ‬ ‫سبيل‬
‫ِ‬ ‫(حتى لو ُع ِلم أنه لم َيسجد لها على‬
‫حكم بكفره‬
‫وقلبه مطمئن بالتصديق (لم ُي َ‬ ‫اإللهية)‪ ،‬بل َسجد لها‬
‫ُ‬
‫فيما بينه وبين ا )‪ ،‬وإن أُجرِ َي عليه حكم الكفر في الظاهر»(‪.)1‬‬
‫هذا هو كالم أئمة أصول الدين والعقيدة‪ ،‬وال شك أن‬
‫ِ‬
‫المرجع إليهم هم في تحقيق مسائل اإليمان والكفر‪ ،‬سيما ولم‬
‫يخالفهم في ذلك أحد‪ ،‬بل هو محل إجماع كما قال صاحب‬
‫«المواقف»‪ ،‬وناهيك به إماما في المضايق الكالمية !‬

‫(‪ )1‬شرح المواقف للسيد الشريف‪ :‬ج‪ ،8 /‬ص‪.329 /‬‬

‫‪93‬‬
‫فإذا كان الحكم بالتكفير ال ُي َلت َفت فيه إلى القصد والنية‬
‫إذا كان الفعل أو القول صريحا أو ظاهرا في الكفر‪َ ،‬ف ِمن ب ِ‬
‫اب‬
‫ً‬
‫أو َلى الحكم بالتأثيم؛ ألن األول أخطر‪ ،‬واالحتيا فيه ينبغي‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لمرتد‪،‬‬ ‫أشد وأكثر‪ ،‬ولذا وجبت عند كثيرين استتاب ُة ا‬ ‫أن يكون َّ‬
‫ط ِل ُع‪.‬‬
‫نظائر في أبواب الفقه‪ ،‬يعرفها الم َّ‬ ‫دون تارك الصالة‪ ،‬وله‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الح َسن‬ ‫المغرب المحق ِق الشيخ أبي علي‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ول َعالمة‬
‫اليوسي (ت‪ 1112 :‬هـ) رحمه ا رسالة نفيسة فيما يتعلق‬
‫ُ‬
‫جم َع فيها خالص َة التحقيق بأسلوب دقيق‪ ،‬وفيما‬ ‫بهذا البحث‪َ ،‬‬
‫كالمه في تلك الرسالة؛ تتميما للفائدة‪:‬‬‫ِ‬ ‫نص‬ ‫َ‬
‫يلي أن ُقل َّ‬
‫بعض األصحاب أيضا عن قول العلماء‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫«وسأله‬
‫(المراد ال َيدفع اإلير َاد)‪ ،‬وذلك أن من الناس من يعبر بالكالم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الموه ِم واللفظ القاصرِ ‪ ،‬فإذا اعترِ ض عليه قال‪ :‬مرادي كذا‪،‬‬
‫الصحيح الظاهر في معناه الواقع‬
‫َ‬ ‫اللفظ‬
‫َ‬ ‫ومن الناس من ُيجري‬
‫َ‬
‫وخ َضم ِ‬
‫جهله‪ ،‬ويفسر بغير معناه‬ ‫موقعه‪ ،‬فيعترضه بسوء فهمه ِ‬
‫أو يخرجه من وجهه‪ ،‬فإذا قيل له‪ :‬المراد هو كذا ال ما تظن‬

‫‪94‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫اإليراد‪ ،‬وهذا كله خطأ وجهل‪،‬‬


‫َ‬ ‫اعترض هو بأن المراد ال يدفع‬
‫فال بد من تحرير هذا اللفظ وبيان موقعه(‪.)1‬‬
‫إن اللفظ الذي يعبر به عن المعنى إفرادا أو تركيبا ال‬
‫يخلو من أقسام؛ ألنه إما أن يكون نصا فيما أريد به عند المعبر‬
‫ِ‬
‫يحتم ُل غيره أصال‪ ،‬وإما أن‬ ‫لغ ًة أو عرفا‪ ،‬عاما أو خاصا‪ ،‬ال‬
‫َ‬
‫محت ِمال لغيره احتماال‬
‫َ‬ ‫يكون ظاهرا فيه بشيء من ذلك‪،‬‬
‫ِ‬
‫محتمال له ولغيره احتماال مساويا‪ ،‬وإما‬ ‫ضعيفا‪ ،‬وإما أن يكون‬
‫ِ‬
‫محتمال له احتماال ضعيفا‪ ،‬وإما أن‬ ‫أن يكون ظاهرا في غيره‬
‫ِ‬
‫محتم ٍل للمراد أصال‪.‬‬ ‫يكون نصا في غيره‪ ،‬غير‬
‫َ‬
‫فأما القسم األول‪ ،‬وهو أن يكون اللفظ نصا في المراد‬
‫فواضح‪ ،‬سواء كان ذلك حقيق ًة‪ ،‬نحو‪ :‬السماء واألرض‬
‫ٌ‬ ‫به‬
‫والشجر والحجر في مدلوالتها المعلومات‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وهو‬
‫حقيقته‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أكثر ما يكون هذا القسم‪ ،‬أو هو مجاز ُه ِجرت‬
‫فصارت نسيا منسيا‪ ،‬نحو أكل فالن من نخل فالن أو زيتونه‪،‬‬
‫إذا أكل من ثمره مثال؛ فإن حقيقته أن يأكل من خشبه‪ ،‬وهي‬

‫(‪ )1‬يبدو أن الكالم إلى هنا للناسخ‪ ،‬وليس لليوسي‪ ،‬كما أشار إليه محقق الرسالة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫مهجورة‪ ،‬وكذا أكل داره ورباعه‪ ،‬إذا أكل أثمانها‪ ،‬كما قال‬
‫ٌ‬
‫الراجز‪:‬‬
‫َ ْ ُ ْ َ ُ َّ َ ْ َ ُ َ ً‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ َ ً َ ً‬
‫يأكلن ُك للة أكافا‬ ‫إِن نلا أْحرة عِجافا‬
‫فهذا القسم كله‪ ،‬أعني ما يكون اللفظ فيه نصا في‬
‫تصور اعتراض على من أطلقه على معناه الذي‬
‫مدلوله ال ُي َّ‬
‫هو نص فيه أصال‪ ،‬فلو جاء جاهل باأللفاظ ومدلوالتها‪،‬‬
‫فتوهم أن اللفظ موضوع لغير ذلك‬‫َّ‬ ‫ووجد اللفظ في معناه‪،‬‬
‫المعنى‪ ،‬فاعترض على المعبِر كان اعتراضه ساقطا‪ .‬فإذا قيل‬
‫له‪ :‬المراد هو كذا‪ ،‬وهو معناه الصحيح فليس لهذا المعترِ ض‬
‫المراد ال َيدفع اإليراد؛ ألن هذا المراد هو الصحيح‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أن يقول‪:‬‬
‫جهل‪ ،‬وعدم العلم بالمراد‪ ،‬وحق هذا‬
‫ٍ‬ ‫واإليراد باطل نشأ من‬
‫المقام أن يقال فيه‪ :‬اإليراد ال يصح ما لم ُيفهم المراد‪ ،‬ولو‬
‫إيراد‪ .‬وبالجملة فالمعترض في هذا‬
‫َ‬ ‫أن ال‬
‫تبي َن ْ‬ ‫فهم المراد‬
‫َّ‬
‫المقام جاهل‪ ،‬حقه السؤال ال االعتراض‪.‬‬
‫وأما القسم الثاني‪ ،‬وهو أن يكون اللفظ ظاهرا في‬
‫واضح ال‬
‫ٌ‬ ‫محت ِمال لغيره احتماال ضعيفا‪ ،‬فهو أيضا‬
‫َ‬ ‫المراد‪،‬‬

‫‪96‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫الم ْط ِلق فيه؛ ألن الحمل على الظاهر متعي ٌِن‪،‬‬


‫اعتراض على ُ‬
‫المحتمل‬
‫َ‬ ‫حمل اللفظ على‬
‫ُ‬ ‫وال ُيصار إلى التأويل‪ ،‬وهو‬
‫موج َب‪،‬‬‫أن ال ِ‬‫والفرض في المقام ْ‬
‫ُ‬ ‫وج ٍب‪،‬‬ ‫المرجوح إال ِلم ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫اعتراضه ساقطا‬
‫ُ‬ ‫اعترض أيضا في هذا المقام كان‬
‫َ‬ ‫فمن‬
‫كاألول‪.‬‬
‫وأما القسم الثالث‪ ،‬وهو أن يكون اللفظ محتمال للمراد‬
‫سواء‪ ،‬بأن يكون مشتركا‪ ،‬أو ذا مجاز شهير كأصله‪،‬‬
‫ً‬ ‫ولغيره‬
‫يتو َّجه فيه‬
‫الم َحامل فهذا أيضا ال َ‬
‫وال قرين َة ُت َبيِن شيئا من َ‬
‫ِ‬
‫المطلق‪ ،‬من حيث وقوع اللفظ على المعنى‬ ‫اعتراض على‬ ‫ٌ‬
‫المراد؛ ألنه دال عليه بال مرية‪ .‬نعم‪ ،‬يعترض من جهة إبهام‬
‫األمر‪ ،‬حيث لم ينصب قرين ًة تدل على المراد‪ ،‬فإن كان لذلك‬
‫تع ِمي ًة وإبهاما‪،‬‬
‫المقام ْ‬
‫ُ‬ ‫وجه صحيح‪ ،‬وعذر مقبول‪ ،‬كأن يقتضي‬
‫كما في األلغاز‪ ،‬والتوجيه لغرض‪ ،‬ونحو ذلك فال بأس‪ ،‬وإال‬
‫فاالعتراض واقع بعدم َتبي ِن الداللة النحرافها‪ ،‬وهذا ليس مما‬
‫َ‬
‫نحن فيه‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫وأما القسم الرابع‪ ،‬وهو أن يكون اللفظ ظاهرا في غير‬
‫المراد‪ ،‬كإطالق اللفظ على معناه المجازي مثال‪ ،‬فهو أيضا‬
‫المحت َم ُل‬ ‫ِ‬
‫المتكلم قرين ًة تدل على أن المراد هو ذاك‬ ‫إن نصب‬
‫َ‬
‫الضعيف‪ ،‬أو كان المقام يقتضي إيهاما وتعمي ًة‪ ،‬كما يقع في‬
‫ُ‬
‫التورية واإللغازات فال اعتراض أيضا؛ لوضوح المراد‬
‫بواسطة القرينة في األول‪ ،‬ووضوح صحة المقصد في الثاني‪،‬‬
‫فمن اعترض في شيء من هذا كله فاعتراضه ساقط‪ .‬وإن لم‬
‫نصب المتكلم َقرين ًة تدل على المراد‪ ،‬وال ُق ِصدت التعمي ُة‬
‫ي ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫فاالعتراض وارد عليه‪ ،‬وال تنفعه النية‪ ،‬وال يندفع عنه اإليراد‬
‫بقوله‪ :‬المراد كذا؛ ألن االعتراض إنما هو على اللفظ‪ ،‬وهو‬
‫ال يدل على ما أراد‪ ،‬وال يوفي له بما قصد؛ لظهوره في غيره‪.‬‬
‫ومثال ذلك أن يقول القائل‪ :‬خرجت من بلد كذا‪،‬‬
‫فلقيت في الطريق أسدا‪ ،‬يعني رجال شجاعا‪ ،‬فإذا قيل له‪ :‬إنك‬
‫لم َت ْل َق أسدا أصال‪ ،‬إنما لقيت فالنا من بني فالن‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫مرادي باألسد الرجل الشجاع‪ ،‬ال األسد الحقيقي فال بد أن‬
‫يقال له‪ :‬المراد ال يدفع اإليراد‪ ،‬أي نيتك وقولك‪ :‬المراد كذا‬

‫‪98‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ال يدفع عنه ما ورد على لفظك؛ ألن لفظك يفهم منه المعنى‬
‫الباطل الذي ليس بمراد‪ ،‬وهو األسد الحقيقي‪ ،‬وليس لك أن‬
‫تصحح كالمك بنيتك؛ لعدم ظهورها‪.‬‬
‫وأما القسم الخامس‪ ،‬وهو أن يكون اللفظ نصا في غير‬
‫المراد‪ ،‬غير محتمل للمراد أصال؛ للتباين بين موضوعه وما‬
‫أريد به‪ ،‬مع عدم ُم َص ِح ٍح لإلطالق ُي َت َج َّوز‪ ،‬ال مرسال وال‬
‫واقع على ُم ْط ِل ِقه؛ ألنه إطالق‬
‫ٌ‬ ‫اعتراض‬
‫ٌ‬ ‫استعار ًة فهذا أيضا‬
‫لقيت فرسا‪ ،‬تريد عبدا من غير قصد تشبيه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فاسد‪ ،‬كقولك‪:‬‬
‫فهذا ال يقع إال غلطا أو جهال‪ ،‬بأن يظن أن اللفظ موضوع‬
‫لذلك‪ ،‬أو قصد التعمية‪ ،‬وليست بمقبولة ههنا؛ إذ ال ُم َس ِوغ‬
‫فيها‪ ،‬إال أن يكون كذبا محتاجا إليه في محله»(‪.)1‬‬
‫مسك‬
‫وغريب جدا بال نهاية‪ ،‬أن ُي َت َّ‬
‫ٌ‬ ‫فعجيب إلى الغاية‪،‬‬
‫ٌ‬
‫بمثل الشيخ اإلمام ابن حجر الهيتمي‪ ،‬الذي إليه أهل السنة‬
‫ينتمي‪ ،‬في ترويج مثل هذه المنكرات والقبائح‪ ،‬وهو الذي‬
‫بعض أئمتنا‬
‫َ‬ ‫رأيت‬
‫ُ‬ ‫قال بعد تلك العبارات مباشرة‪« :‬ثم‬
‫َّ‬
‫(‪ )1‬رسائل العالمة اليوسي‪ :‬ج‪ ،2 /‬ص‪.591 /‬‬

‫‪99‬‬
‫َ‬
‫ذكرته‪ ،‬فقال‪ :‬ومن أقب ِح ابلدع‬ ‫ُ‬ ‫المتأخرين َذ َكر ما يوافق ما‬
‫ُّ‬ ‫ُ ََ ُ‬
‫موافقة املسلمني انلصارى ِف أعيادهم بالتشبه بأكلهم‪،‬‬
‫ً‬
‫اعتناء بذلك‬ ‫وقبول هديتِهم فيه‪ ،‬وأكرث انلاس‬ ‫واهلدي ِة هلم‪،‬‬
‫ِ‬
‫بقوم فهو منهم»‪ .‬بل قال‬ ‫ال ِمرصيُّون‪ ،‬وقد قال ‪« :%‬من تشبه ٍ‬
‫َ ْ َّ‬
‫شيئا من مصلحة‬ ‫نصرانيا ً‬ ‫يبيع‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ًّ‬ ‫ابن الحاج‪« :‬ال يحل لمسلم أن َ‬
‫شيئا ولو داب ًة؛‬
‫ون ً‬ ‫عار َ‬ ‫ِ‬
‫أدما‪ ،‬وال ثوبا‪ ،‬وال يُ ُ‬
‫لحما‪ ،‬وال ً‬‫عيده‪ ،‬ال ً‬
‫منع‬ ‫ِ‬
‫معاون ٌة لهم على كفرهم‪ ،‬وعلى ُوالة األمر ُ‬ ‫َ‬ ‫إذ هو‬
‫المسلمين من ذلك»(‪.)1‬‬
‫قراءة خاطفة لهذا الكالم ُي ِفيدنا أن الشيخ ابن‬ ‫ٍ‬ ‫مجرد‬
‫ُ‬
‫حجر رحمه ا لم َيختلف عن بقية الفقهاء في مسألة التهنئة‬
‫وو َص َفها بأنها «من‬
‫النكير عليها‪َ ،‬‬ ‫قط‪ ،‬بل قد رأيناه كيف َش َّدد‬
‫َ‬
‫اعتناء بها هم المصريون‪،‬‬
‫ً‬ ‫أقبح الب َِدع»‪ ،‬وصرح بأن أكثر الناس‬
‫اليوم وغير‬
‫َ‬ ‫وهل ما يفعله المصريون ـ أقصد المنحرفين منهم ـ‬
‫ُ‬
‫المصريين ليس إال ذاك الذي كانوا يفعلونه في زمان الشيخ‬

‫(‪ )1‬الفتاوى الفقهية الكبرى‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.239 /‬‬

‫‪111‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ابن حجر‪ ،‬والذي َو َّبخهم على ذلك !؟ بل الحق أن ما يحدث‬


‫اليوم أشد قبحا وشناعة مما كان يحدث في تلك القرون‪،‬‬
‫فاإلنكار على متشبهي زماننا أولى وأهم !‬
‫ليس الشيخ ابن حجر الهيتمي فقط َو َّب َخ هؤالء الجهل َة‬
‫على هذه القبائح‪ ،‬بل سبقه ابن النحاس كما رأينا نص عبارته‪،‬‬
‫كالم ابن حجر‬
‫َ‬ ‫وكذا َن َقل العالم ُة الرشيدي (ت‪ 1196 :‬هـ)‬
‫في «اإللمام»(‪ُ ،)1‬م ِقرا له على ما قال‪ .‬وقال العالمة الشيخ‬
‫ًّ‬
‫نجم الدين الغزي الشافعي (ت‪ 1161 :‬هـ) رحمه ا في‬
‫عيد النصارى ـ‬
‫« ُحسن التنبه»‪« :‬واالحتفال بهذا العيد ـ َيقصد َ‬
‫َ َّ‬
‫يت ِفق كثريا من العوام بهذه األمور أو بعضها‪ ،‬وهم أرباب‬
‫ُ‬
‫الجهالة وأهل الحماقة‪ .‬وأخبث منهم من خيرج من املتصوفة‬

‫ِف هذه اْليام إلى َ‬


‫المشاهد‪ ،‬كالمحل المعروف بسيدي تميم‬
‫وسيدي سعد‪ ،‬وقبر الست‪ ،‬وقرية برزة‪ ،‬وقرى المرج وغيرها‬
‫من قرى «دمشق» وغيرها‪ ،‬فيخرجون بالمزاهر والفقراء‪،‬‬

‫(‪ )1‬انظر اإللمام بمسائل اإلعالم للرشيدي‪ :‬ص‪.191 /‬‬

‫‪111‬‬
‫والحيات في جيوبهم يقطعونها ويأكلونها إذا اجتمعوا‪،‬‬
‫ويزعمون أن ذلك كرام ٌة لشيخهم الفاسق»(‪.)1‬‬
‫أرباب هذه الحماقات‬‫َ‬ ‫رأيتهم جميعا كيف َو َّبخوا‬ ‫َ‬
‫وش َّنعوا عليهم‪ ،‬ولم يكشفوا عن وجود قصد التشبه أو عدمه‬ ‫َ‬
‫صف‬‫إنسان م ْن ٍ‬
‫ٍ‬ ‫والتوبيخ إطالقا ! وأي‬ ‫الذم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فيهم‪ ،‬بل أطلقوا َّ‬
‫قلت بأدنى‬‫أدرك صح َة ما ُ‬
‫َ‬ ‫المكابر َة‬‫وتر َك ُ‬ ‫تخ َّلى عن التكبر‬
‫َ‬
‫والجهل والهوى والحماقة‪ ،‬إذا‬
‫ُ‬ ‫التعصب‬
‫ُ‬ ‫نظر وتأمل‪ ،‬ولكنه‬
‫سيطر على نفس إنسان فلن ينجح معه الكالم والبرهان‪:‬‬
‫َّ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ‬ ‫ُ ِّ َ َ ُ ْ َ َ ُّ‬
‫اويها‬
‫إَِل احلماقة أعيت من يد ِ‬ ‫ل ُِك داء د َواء يستطب ب ِ ِه‬
‫َ َّ ُّ َ َ ْ َ‬ ‫ُّ ْ َ ُ َّ َ ُ َ َ ُّ ُ ْ ُ ْ َ َ ُّ َّ َ‬
‫ان‪ ،‬والرد عليها‪:‬‬ ‫ري الزم ِ‬
‫اثلة‪ :‬تغري احلك ِم ِتلغ ِ‬‫الشبهة اثل ِ‬
‫ِمن الشب ِه الشيطانية التي كثر استناد أهل الضالل إليها‬
‫َ‬
‫التام ِمن وجود ٍ‬
‫سند يؤيِد‬ ‫ِ‬ ‫في نشر بدعتهم ـ بعد ي ْأ ِسهم‬
‫ضال َلهم في كتب أئمتنا الفقهية والكالمية ـ أن الزمان قد تغير‪،‬‬
‫َّ َ‬
‫فال بد من تغيير الحكم الشرعي طبقا لذلك‪ ،‬ولو سلمنا أن‬

‫(‪ )1‬حسن التنبه للغزي‪ :‬ج‪ ،8 /‬ص‪.277 /‬‬

‫‪112‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫تهنئة الكفار بأعيادهم حرام عند الجميع‪ ،‬ولكن بالنظر إلى‬


‫ِ‬
‫المتغير فال يبقى الحكم كذلك !‬ ‫زماننا‬
‫وهذه الشبهة ليست وليدة اليوم‪ ،‬وهي الت ْكأَ ُة ا ْل ُمهمة‬
‫درسة اإلصالح» منذ ظهورها على الساحة‪،‬‬ ‫التي استعملها « َم َ‬
‫فتصدى لها علمائنا األجالء في كل بالد اإلسالم بالتزييف‬
‫كالم العالمة‬ ‫ومن َط ِ‬
‫ريف ما ُر َّد به على هذه الشبهة‬ ‫والتفنيد‪ِ .‬‬
‫ُ‬
‫اإلمام بديع الزمان سعيد النورسي في بعض رسائله ـ ويوجد‬
‫مثل ذلك للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي في بعض كتبه‬
‫أيضا ـ حيث قال ما معناه‪:‬‬
‫ن عم‪ ،‬نحن نوافقكم على ما قلتم من ضرورة التجديد‬
‫في الفقه‪ ،‬فعلى ذلك فالذي يجب علينا اآلن هو تغيير‬
‫األحكام الفقهية إلى ضد ما تريدونه أنتم ! إذ المسلمون في‬
‫قوة وم َن ٍ‬
‫اعة في إيمانهم‪،‬‬ ‫القرون الماضية الصالحة كانوا في ٍ‬
‫َ‬
‫ولم يدخل حب الكفر والنفاق إلى نفوسهم‪ ،‬فكان يناسبهم‬
‫ٍ‬
‫فقهية عدة‪ ،‬مثل‬ ‫مسائل‬
‫َ‬ ‫التساهل في‬ ‫بعض‬
‫ويناسب زما َنهم ُ‬
‫ُ‬
‫االختال بين الرجال والنساء‪ ،‬ومواالة الكفرة وأهل الضالل‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫ومع ذلك أجمعت األمة في تلك األزمة على ترك التساهل‬
‫في تلك األحكام‪.‬‬
‫الوازع الديني عند‬‫ُ‬ ‫أما في زماننا نحن فقد ضعف‬
‫الحي ُل‬‫نت ِ‬
‫وت َم َّك ْ‬
‫وغلبت األهواء والشهوات‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫المسلمين‪،‬‬
‫َ‬
‫والشبهات‪ ،‬وال يكاد يفرق كثير منهم بين ما هو إيمان ِصر ٌف‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫نن‪ ،‬وهذا ال ينكره‬ ‫دع بالس ِ‬
‫محض‪ ،‬وا ْل َت َب َس ْت ال ِب ُ‬
‫ٌ‬ ‫وما هو كفر‬
‫ٌ‬
‫األشد؛ ِحفاظا‬
‫ِ‬ ‫عاقل‪ .‬فعلى هذا ينبغي أن يتغير الحكم إلى‬
‫ُ‬
‫الع َج َز ِة‪ ،‬فما كان مندوبا في زمان‬ ‫ِ‬
‫الض َع َفة وإيمان َ‬
‫على دين َّ ِ‬
‫السلف يقتضي أن يكون واجبا اآلن‪ ،‬ومان كان مكروها ينبغي‬
‫أن يكون حراما‪ ،‬والحرام ينقلب كفرا !‬
‫تخ ُطر حتى ِب ِ‬
‫بال‬ ‫نعم‪ ،‬هذه الشبهة الشيطانية لم تكن ْ‬
‫تغيرت كثيرا عن زمان‬ ‫الهدى في األزمنة المتأخرة‪ ،‬التي‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫أئمة ُ‬
‫السلف‪ ،‬بل نجدهم َثب ُتوا و َثب ُتوا على نهج السف تماما في‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫هذه المسائل ونحوها‪ ،‬وها هو العالمة السيد عبد الرحمن بن‬
‫سليمان مقبول األهدل رحمه ا يقول في فتاواه ما لفظه‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫اعلم‪ :‬أن ما يتعارفه بعض القبائل في جهة الحجاز من‬


‫األعراف المخالفة للشرع‪ ،‬وكذا ما يتعارفه على ذلك الوجه‬
‫غيرهم من القبائل قد تكلم فيه أئمة اإلسالم وهداة األنام‪،‬‬
‫وقد رفع في ذلك سؤال إلى مفتي عصره في الديار اليمنية‬
‫الولي العالمة يوسف بن يوسف المقري‪ ،‬والمنشئ له العالمة‬
‫تقي الدين الفتى‪ ،‬محشي «الروض»‪ ،‬وقد صحح هو وجماعة‬
‫كثيرون من علماء «زبيد» على جواب المقري المذكور‪ ،‬منهم‬
‫الفخر الناشري‪ ،‬والجمال القما ‪ ،‬والجمال الزيلعي‪ ،‬ومن‬
‫علماء الجبال الجمال النهاري مؤلف «الكفاية» وغيره‪.‬‬
‫وحاصل الجواب‪ :‬أن عوائد القبائل المعروفة عندهم‬
‫التي يسمونها بأسماء اخترعوها‪ ،‬وأوضاع وضعوها مناب َِذةٌ‬
‫ألز َم فهو خارج من الدين‪ِ ،‬‬
‫متور ٌ‬ ‫للشريعة‪ ،‬ومن حكم بها أو َ‬
‫في جهنم مع الضالين‪ ،‬ومن اعتقد صحة ذلك فهو كافر ال‬
‫محالة‪ ،‬حالل الدم بشرطه‪ ،‬وال يحل ألحد من أهل الدين‬
‫السكوت على ذلك‪ ،‬بل يجب اإلنكار على من يتعاطاه‪ ،‬أو‬
‫يتكلم به‪ ،‬وال يحل التحاكم إليه‪ ،‬وا أعلم بمصالح عباده‪،‬‬

‫‪115‬‬
‫الكفرة والجهل ُة من الملحدين‪ ،‬وألقوا ذلك‬
‫ُ‬ ‫وإنما ألقى ذلك‬
‫إلى شياطينهم ليردوهم‪ ،‬ويزعمون أنهم يريدون بذلك صالح‬
‫األمور‪ ،‬ودفع الفتن والشرور‪ ،‬فيخرجونهم بذلك عن دينهم‪،‬‬
‫كما أخرج الشيطان أهل الشرك بعبادة األوثان‪ ،‬بتخيل صور‬
‫أنبيائهم إلخ»‪ .‬نقله العالمة الحبيب عبد ا األهدل – وهو‬
‫اآلخر من المتأخرين ‪ -‬في «السيف البتار» ثم قال‪« :‬فإذا كان‬
‫ُ‬
‫ذلك في األعراف التي ابتدعها أهل اإلسالم فما بالك بأحكام‬
‫الكافرين الطغاة !؟»(‪.)1‬‬
‫اج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحكم لتغيرِ الزمان» أيضا أدر َ‬ ‫فذهبت شبه ُة «تغير‬
‫ْ‬
‫الرياح‪ ،‬و ُق ِطع دابرها !‬
‫ُ‬
‫فتون بما ُيفتون‬
‫ثم إن «شـــــيوخ التجديد واإلصـــــالح» ُي ُ‬
‫ممــا يخــالف معتمـ ِ‬
‫ـدات المــذاهــب األربعــة نظرا إلى ظروف‬ ‫ُ‬
‫الزمان؛ ألن الناس يعيشــــــــون في ظروف غير التي عاشـــــــها‬

‫(‪ )1‬السيف البتار على من يوالي الكفار للحبيب عبد ا بن عبد الباري األهدل‪:‬‬
‫ص‪ ، 36 /‬وانظر لهذه الفتوى مجموع الحبيب العالمة الشيخ عبد ا بن‬
‫حسين بن طاهر األهدل‪ :‬ص‪.236 ،235 /‬‬

‫‪116‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫رة‪،‬‬
‫الال إذا اقتضت الضرو ُ‬
‫الحرام َح ً‬
‫ُ‬ ‫األولون‪ ،‬فبالتالي ينقلب‬
‫كمـا َيزعمون ‪ .‬وكثيرا مـا يعبرون عن هـذه الفتـاوي الشـــــــــاذة‬
‫المبتدع بـ«فقه األقليات» أو «فقه الواقع» !‬ ‫َ‬ ‫والمنهج‬
‫ِ‬
‫المحض؛ لوجوه‪ ،‬أوال‪:‬‬ ‫ناشئ عن الجهل‬ ‫وهذا الكالم‬
‫ٌ‬
‫إن القــــاعــــدة الشـــــــرعيــــة القــــائلــــة «إن الضـــــــرورات تبيح‬
‫المحظورات» ليســت كلية أو مطلقة؛ ألن الضــرورة إن كانت‬
‫ناشــــئة عن طريق الحرام ال تكون ســــببا إلباحة الحرام‪ ،‬وإال‬
‫فإن الضـــرورة التي نشـــأت عن ســـوء اختيار الفرد‪ ،‬أو طرئَ ْت‬
‫َ‬
‫سائل غير مشروعة لن تكون حج ًة وال سببا إلباحة‬ ‫التخاذ و َ‬
‫المحظورات‪ ،‬وال مدارا أو مناطا ألحكام الر َخص؛ ألن هذه‬
‫فهم في ضــــــــوء القــاعــدة القــائلــة بــأن‪:‬‬
‫القــاعــدة ينبغي أن ُت َ‬
‫«الرخص ال تنا بالمعاصي»‪.‬‬
‫دم ِن خمرٍ أن يقول‪ :‬إنهـا ضــــــــرورة لي‪ ،‬فهي‬ ‫فليس لمـ ِ‬
‫ُ‬
‫رت ِكب ـه بعــد اإلســـــــكــار ِمن‬‫إذن حالل بــالنســــــــبــة لي‪ ،‬ومــا أَ‬
‫َ ُ‬
‫لست مسؤوال عنه للضرورة !‬ ‫ُ‬ ‫المنكرات والفواحش‬ ‫َ‬

‫‪117‬‬
‫وال شك أن هناك كثيرا من األمور في الوقت الحاضر‪،‬‬
‫وب َات ْت ضـــــروري ًة بالنســـــبة لهم‪ ،‬حتى أخذت‬ ‫ابت ِ‬
‫الناس َ‬
‫ُ‬ ‫بها‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ُ َ‬
‫شــــكل «البلوى العامة»‪ ،‬وهي ناجمة من ســــوء اختيار الفرد‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ـــــــروعة أصــــــــال‪ ،‬ومن معامالت محرمة‬ ‫ٍ‬
‫رغبات غيرِ مشـ‬ ‫ومن‬ ‫ِ‬
‫شـــــرعا‪ ،‬فهي إذن لن تكون حجة ألحكام الرخص‪ ،‬وال تباح‬
‫ألجلها المحظورات‪ .‬وحيث إن «شـــــــيوخ» هذا الزمان قد‬
‫جعلوا تلك الضــرورات مدارات لْلحكام الشــرعية أصــبحت‬
‫اجتهاداتهم باطلة تابعة للهوى‪ ،‬وهي مردودة غير مقبولة‪.‬‬
‫بل يجب على عالم الدين أن يســــير على ما ســــار عليه‬
‫عنان التســــــــاهل‬
‫َ‬ ‫ـــــــلف في اإلفتاء والقضــــــــاء‪ ،‬وال ُيرخي‬
‫السـ ُ‬
‫والترخ ِص لقوم يبحثون عن المخــــارج للخروج من ربقــــة‬
‫التكليف جمل ًة‪.‬‬
‫ََْْ ُ َ ْ َ ً ََ‬
‫َع َم ْن يَ ْر َحمُ‬ ‫ََ َ ََْ ُ ََْ َ ُ َ ًِ‬
‫ولقس أحيانا‬ ‫اْحا‬‫جروا ولم يك ر‬
‫فقَس ل ِّيد ِ‬
‫وفي «الفتـــاوى الفقهيـــة الكبرى» لخـــاتمـــة المحققين‬
‫اض ِم ْن ُق َضـــ ِاة‬ ‫الشـــيخ أحمد بن حجر الهيتمي‪« :‬ســـ ِئ َل عن َق ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫اس‪َ ،‬و َال َي ْح ُكم َّإال ِبـــا ْل َق ْو ِل‬ ‫النـــ ِ‬
‫ين‪ُ ،‬ي َشــــــــــ ِد ُد َع َلى َّ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫ا ْل ُم ْســــــــلم َ‬

‫‪118‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫يح‪َ ،‬و َال ُي َز ِو ُج َم ْن ا ْن َق َط َع َحي ُضـــــــ ُه َّن إ َلى ُب ُلو ِغ ِســـــــ ِن‬ ‫الصـــــــ ِح ِ‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫التي ِســــيرِ ‪َ ،‬و َق ْد‬
‫الت ْخفيف َو َّْ‬
‫ِ ِ‬
‫ِالناس َم ْســــ َل َك َّ‬
‫ا ْلي ْأ ِس‪ ،‬و َال يســــ ُل ُك ب َّ ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫َق َال ‪« :%‬ال َّل ُهم َم ْن َو ِلي ِم ْن أَ ْمرِ أُ َّم ِتي َشـــــــي ًئا َف َشـــــــ َّق َع َليهِ م‬
‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫اشـــــ ُق ْق َع َلي ِه‪َ ،‬و َم ْن َو ِلي ِم ْن أَ ْمرِ أُ َّم ِتي َشـــــي ًئا َفر َف َق بِهِ م َف ْار ُف ْق‬ ‫َف ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب ِِه»‪َ ،‬ر َو ُاه ُم ْس ِلم‪َ .‬و َق َال أَ ْي ًضا‪َ « :‬ي ِسروا َو َال ُت َع ِسروا» ؟‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫اضي‬ ‫َفأَجاب ر ِحمه ا َّ َتعا َلى ِب َقو ِل ِه‪ :‬ما ُذ ِكر عن ه َذا ا ْل َق ِ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫او ِيه‪َ ،‬ف َج َز ُاه ا َّ ُ َت َعا َلى َع ْن‬ ‫اســـــ ِن ِه‪َ ،‬ال ِم ْن َمســـــ ِ‬
‫َ‬
‫َّإنما يعد ِمن مح ِ‬
‫َ َُ ْ َ َ‬
‫الن ِظيرِ ْاآل َن‪َ ،‬و َكي َف َوأَ ْك َثر ُق َضـ ِاة‬ ‫يم َّ‬ ‫ِد ِين ِه وأَمان ِت ِه خيرا؛ فإِنه ع ِد‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ ً َ َّ ُ َ ُ‬
‫َ‬
‫ون‬
‫اروا َخ َو َن ًة َم َك َسة‪َ ً،‬ال ُي َح ِر ُم َ‬ ‫َه َذا ا ْل َع ْصرِ َو َما َق ْب َل ُه ِبأ ْع َصارٍ َص ُ‬
‫ون آ َث ًاما‪َ ،‬ب ْل َقب ِائ ُح ُهم أَ ْك َثر ِم ْن أَ ْن ُت ْح َصــــــر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َحر ًاما‪َ ،‬و َال َي ْج َت ِنب‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫األ ْذ َر ِعي َع ْن ُق َض ِاة َز َم ِنه‪َّ ِ:‬إن ُهم‬ ‫َوأَ ْظ َهر ِم ْن أَ ْن ُت ْش َهر‪َ ،‬ح َّتى َق َال ْ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِاإل ْس َال ِم‪.‬‬
‫َك َقرِ يبِي ا ْل َع ْه ِد ب ْ ِ‬
‫األ ْز ِم َن ِة َف َما َبالُك ِب ُق َضـــــ ِاة‬ ‫ان َه َذا ِفي ُق َضـــــ ِاة ِت ْل َك ْ َ‬ ‫َف ِإ َذا َك َ‬
‫الشــــــــ َع ِائر‪َ ،‬و َغ َل ب ْت ِف ِيه ا ْل َك ب ِائر‪،‬‬ ‫الز َم ِن‪ ،‬ا َّل ِذي ُع ِط َل ْت ِف ِيه َّ‬ ‫َه َذا َّ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ام َه َذا‬ ‫ِ‬ ‫ون‪َ ،‬و َك ُث َر ْت ِف ِيه ا ْل ُم ْف ِســـــــ ُد َ‬ ‫الصـــــــ ِال ُح َ‬ ‫و َق َّل ِف ِ‬
‫ون ؟ َفق َي ُ‬ ‫َّ‬ ‫يه‬ ‫َ‬
‫يص‬ ‫ين م ْذه ب ِِه و ع َدم ا ْل ِت َف ِات ِه إ َلى التر ِخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍِ‬ ‫ِ‬
‫َّْ‬ ‫ا ْل َقاضــــــــي ح َين ئذ ِب َق َوان ِ َ َ َ َ ُ‬
‫‪119‬‬
‫اح ِه‬ ‫اس بِما َال َت ْقت ِض ِيه َقو ِاع ُد إم ِام ِه ي ُدل ع َلى ص َال ِح ِه و َنج ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لن ِ‬
‫ِل َّ‬
‫َو َف َال ِح ِه‪.‬‬
‫يث ُم ْس ـ ِل ٍم‬ ‫الس ـ ِائ ِل َك ْي َف ُيورِ ُد ِفي ِم ْث ِل ِه َح ِد َ‬ ‫يب م ْن َّ‬
‫ِ‬
‫َو َع ِج ٌ‬
‫يث‪َ ،‬وإ َِحا َط ِت ِه‬ ‫ا ْل م ْذ ُكور؛ َف ِإ َّن َذ ِل َك ي ُدل ع َلى ع َد ِم َفه ِم ِه ِل ْل ح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اضــــــي‪َ ،‬ب ْل ِم ْث ُل‬ ‫ب َِشــــــي ٍء ِمن مع َناه؛ َفإ َِّنه َلم يرد ب ِِه ِم ْث ُل ه َذا ا ْل َق ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َُ ْ‬ ‫ْ َْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ِيح ِف َع ِالهِ م؛ إ ْذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َش ـ َر ْح َنا َش ـ ْي ًئا م ْن َحالهِ ْم‪َ ،‬و َب َّي َّنا َقب َ‬
‫ِ ِ‬
‫ا ْل ُق َض ـاة ا َّلذ َ‬
‫ار ِفي ُح ْك ِم ِه َبي َن ُهم ب َِغيرِ ا ْل َح ِق‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِك ْونه َش َّق َع َل ْيهِ ْم أ َّن ُه َج َ‬
‫ا ْلمراد ب َ ِ ِ‬
‫َُ ُ‬
‫ْ ْ ْ‬
‫الشــــارِ ُع‪َ ،‬وأَ َّما َم ْن ا ْل َت َز َم َم َع ُهم أَ ْمر‬‫َّ‬ ‫َو َك َّل َف ُهم ب َِما َلم َي ْأ َذ ْن َل ُه ِف ِيه‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اضـــــــ ٌح َال‬ ‫الشـــــــر ِع‪ ،‬وع َد َل َفهو م ْدعو َله َال ع َلي ِه‪ ،‬وه َذا أَمر و ِ‬
‫َُ َ ُ ُ َ ْ َ َ ْ ٌ َ‬ ‫َّ ْ َ َ‬
‫الت ْع ِســـيرِ‬
‫الن ْه ُي َع ْن َّ‬ ‫ار َع َل ْي ِه‪َ .‬و َم ْع َنى « َي ِســـ ُروا َو َال ُت َع ِســـ ُروا» َّ‬ ‫ُغ َب َ‬
‫الشــــــارِ ُع‪َ ،‬وأَ َّما َم ْن َع ِم َل ب َِم ْذ َه ِب‬ ‫اس ب َِما َل ْم َي ْأ َذ ْن ِف ِيه َّ‬ ‫الن ِ‬‫َع َلى َّ‬
‫اخ ٍل ِفي َذ ِل َك‪َ ،‬واَ َّ ُ ُسب َحا َن ُه َو َت َعا َلى أَ ْع َلم»(‪.)1‬‬ ‫إم ِام ِه َفهو َغير د ِ‬
‫َُ ُْ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هذا الكالم هو بعينه نعيشـــــــه في زماننا اآلن‪ ،‬فريق من‬
‫أهل الس ــــــنة بالتش ــــــدد‬
‫فريق ِ‬
‫الم َح ِرفين والمنحرفين َيصـــــــف َ‬
‫ُ‬
‫والتضـــــــييق على النــاس‪ ،‬ومن هنــا يتســـــــــاهلون في نشـــــــر‬

‫(‪ )1‬الفتاوى الفقهية الكبرى للشيخ ابن حجر‪ :‬ج‪ ،4 /‬ص‪.524 /‬‬

‫‪111‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫الضــــالالت‪ ،‬وفريق آخر ســــائرون على نهج الســــادة العلماء‬


‫ـت اإلمــام األذرعي والشـــــــيخ ابن حجر‬ ‫العظمــاء‪ .‬وأنــت رأيـ َ‬
‫ـــــــفا المتســــــــاهلين بأنهم عديم الدين‪ ،‬أو حديث عهد‬ ‫وصـ َ‬
‫باإلســـــــالم‪ ،‬وأن الذي ال يحيد عن معتمدات المذهب هو‬
‫حاس ـ ِنه ال من َمسـ ِ‬
‫ـاويه‪،‬‬ ‫المصــيب الم ِحق‪ ،‬وتشــدده هذا ِمن م ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شـــــــيوخ الفتنة زورا وتلبي ًســـــــا‪ ،‬وأن فهم‬
‫ُ‬ ‫خالف ما ُيصـــــــوره‬
‫َ‬
‫الحديث المذكور ليس على ظاهره الذي يفهمه به جهلة هذا‬
‫الزمان‪ ،‬وإنما ينبغي أن يفهم طبقا لما بينه الشــــيخ ابن حجر‪،‬‬
‫فجزاه ا عن اإلسالم خيرا‪.‬‬
‫والحق أن المشـــــــكلـــة الحقيقيـــة عنـــد هؤالء الـــذين‬
‫تطويع الشــــــر ِع الشــــــريف للواقع أنه ال يوجد‬
‫َ‬ ‫يحاولون دائما‬
‫الوقوف عنــده عنــد معــالجــة‬
‫ُ‬ ‫ـــــــقف ُمحـ َّـد ٌد يجــب‬
‫عنــدهم سـ ٌ‬
‫الصالة تضييعا للوقت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مشكالت الواقع‪ ،‬وبالتالي فقد ُتصبِح‬
‫الصارم بمذهب أهل السنة‬
‫ُ‬ ‫والصوم تعذيبا للنفس‪ ،‬وااللتزام‬
‫تقييــدا للحريــة‪ ،‬وفرض الحجــاب على المرأة إثقــاال عليهــا‪،‬‬

‫‪111‬‬
‫ــأس في التخلي عن ذلـــك مواكبـــ ًة مع الواقع‪،‬‬
‫وال يكون بـ ٌ‬
‫ويكون ذلك هو الدين !‬
‫وال يعلمون أن اليهود مــا زالوا ال ُي َو ِرثون المرأ َة حتى‬
‫اليوم‪ ،‬ولم َي َّتهمهم علمــاني واحــد بــالعنصــــــــريــة‪ ،‬ومــا زالــت‬
‫ترة حيضها شيطانا‪ ،‬يجب‬ ‫اليهود أنفسهم يعتبِرون المرأة في َف ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫مت هم بــــالتخلف‬ ‫ـــة‪ ،‬ولم يتهمهم‬‫عز ُلهــــا في غرفــــة مغلقـ ٍ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫والرجعية‪.‬‬
‫والقوة‬
‫ُ‬ ‫تكم ُن في الهزيمة النفســــية لإلنســــان‪،‬‬ ‫المشــــكلة ُ‬
‫الحقيقيـ ُة لْلمـة تـأتي من َت َمســــــــ ِكهـا بثوابتهـا ودفـاعهـا عنهـا‪،‬‬
‫واقعا فاسـ ًــدا‪ ،‬فر َضـــه غير بنيها‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وليس من تطوي ِع دينها ل ُيوافق ً‬
‫عليها‪ ،‬وال ِمن َج ْع ِل الواق ِع حاكما على الدين؛ فإن التذرع‬
‫بالواقع نزع ٌة ماركســـــــية كفري ٌة تفتك باإلســـــــالم‪ ،‬وتجعل منه‬
‫ـــــــاع‪ .‬إنما اإلســــــــالم‬
‫الظروف واألوضـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُم َنت ًجا اجتماعيا ولَّ َد ْته‬
‫المفروض‪ ،‬ال ِلي َت َغير هو أو‬
‫ُ‬ ‫الواقع‬
‫َ‬ ‫وضــــــــع إلهي‪ ،‬جاء لي َغيِر‬
‫َ َّ‬ ‫ُ‬
‫نفســـه؛ ألنه كلمة ا‬ ‫ِ‬ ‫يتشـ َّ ِ‬
‫ــكل من أجله‪ ،‬واإلســـالم هو الواقع ُ‬
‫األخيرة القائمة إلى قيام الســـــاعة‪ ،‬ربط بها ســـــعادة البشـــــرية‬

‫‪112‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫وشـــــقاوتها يوم الحســـــاب‪ ،‬وهو ال يقبل أي مرجعية أخرى‪،‬‬


‫سماوي ًة ُم َحرف ًة أو أرضي ًة وضعي ًة !‬
‫َّ‬
‫ـادة ُم َح َّك َم ـ ٌة» أن نتخــذ‬
‫وليس معنى قول الفقهــاء‪« :‬العـ ُ‬
‫الجهال المتعالمون‪ .‬بل المراد‬
‫ُ‬ ‫يتوهمه‬
‫الواقع هو الدين‪ ،‬كما َّ‬
‫َ‬
‫ـــــــارع‪ ،‬وال يخالف‬
‫ُ‬ ‫العرف هنا هو الذي اعتبره الشـ‬ ‫بالعادة أو‬
‫ُْ‬
‫والقواعد‪ ،‬وهو الراجع للســـــــنن الكونية اإللهية‪،‬‬
‫َ‬ ‫ــــــوص‬
‫النصـ َ‬
‫الجو وبرودته‪ ،‬وطبيعة بعض األجســـام‪ ،‬أي األشـــياء‬ ‫ِ‬ ‫كحرارة‬
‫العبد فيها؛ ألنه في األمور االختيارية‬‫ِ‬ ‫دخ َل الختيار‬
‫التي ال ْ‬
‫محكوم بالخضوع التام للشرع‪ ،‬فال يضع شيئا من أُم رأسه‪،‬‬
‫وبعد أن يعتاده يقول‪ :‬العادة محكمة‪ ،‬وإال صار ديننا القوانين‬
‫َ‬
‫الوضعية التي تختلف على مر األجيال‪.‬‬
‫وكذلك المراد بقولهم‪« :‬الفتوى تتغير بتغير الزمان أو‬
‫األشــخاص» ليســت على عمومه‪ ،‬وإال فقد ُه ِدم اإلســالم من‬
‫أص ــــــله‪ ،‬وإنما مجاله في األمور التي أش ــــــرنا إليها‪ ،‬والتي ال‬
‫دخل الختيار اإلنسان فيها‪ ،‬وهي الراجعة إلى العرف والعادة‬
‫المعتبر شــــــــرعا بشــــــــروطه المقررة‪ ،‬كوقت بلوغ اإلنســـــــان‪،‬‬
‫َ‬
‫‪113‬‬
‫وتحديد فترة أقل الحيض وأكثره‪ ،‬وغير ذلك مما قد يختلف‬
‫ِمن شــــخص إلى شــــخص‪ ،‬ومن بيئة إلى بيئة‪ .‬أما تعميم هذه‬
‫القــاعــدة على الفقــه كلــه والفتوى جميعهــا فكــذب على ا‬
‫وتضليل للناس لتمرير ما يريده أهل األهواء‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ورسوله ‪،%‬‬
‫ُّ ْ َ ُ َّ َ ُ َّ ْ َ ُ ْ ْ َ َّ ُ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ ْ َ َ َّ َ ُ‬
‫اإلسَل ِمية تتوقف َع احل ِكم ِة‪ ،‬واتلعام ِل‬ ‫الشبهة الراب ِعة‪ :‬ادلعوة ِ‬
‫َ‬
‫َّ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َّ ُ ْ ُ َ‬
‫ار ب ِأسلوب ل ِطيف‪ ،‬ب ِما فِي ِه اتلهنِئة ب ِأعيا ِد ِهم ومشاركتهم‬‫مع الكف ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ َّ ْ‬
‫حكم ِة ادلعوة ِ‪.‬‬
‫فِيها ِمن ِ‬
‫التلبيس على الناس؛ حيث‬ ‫َ‬ ‫وقد اعتاد الجاهلون‬
‫المحرمة شرعا بموضوع الب ِِر‬ ‫ِ‬
‫التهنئة‬ ‫َيخلطون مسأل َة‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ويربطون هذا بذاك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واإلحسان الذي ليس ُمحرما شرعا‪،‬‬
‫َْ‬ ‫َّ‬
‫تضليال وخديع ًة‪ .‬وقد تكلمنا عن الفرق بين المواالة والنصر‬
‫وبين البر والمواساة‪ ،‬في الفصل األول‪ ،‬ونقلنا كالم اإلمام‬
‫القرافي الواضح الصريح في ذلك‪ ،‬فليرجع إليه‪.‬‬
‫وليســت الدعوة إلى الحق باتخاذ الوســائل الباطلة‪ ،‬بل‬
‫دعى إليــه بــالحق‪ ،‬ومــا أحــدثــه أصــــــــحــاب المنــاهج‬
‫الحق ُي ـ َ‬
‫المنحرفة مما يســـمى بـــــــــــ«تجديد الخطاب الديني» ليس إال‬

‫‪114‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫نتيجة من نتائج المؤامرة الماســــــــونية والصـــــــهيونية ض ـــــــد‬


‫ٍ‬
‫بطريقة َخ ِفية‬ ‫اإل سالم‪ ،‬ولم ُيقصد بذلك إال محارب ُة اإلسالم‬
‫دة الصــــــــهانية في بالد المســــــــلمين‬ ‫غير ع َلنية‪ ،‬وإن كان ِ‬
‫مقل ُ‬ ‫َ‬
‫َت َو َّه ُموها نافع ًة لتقريب غير المسلمين من اإلسالم‪.‬‬
‫ــيخ اإلســـالم مصـــطفى صـــبري رحمه ا ؛‬ ‫أبد َع شـ ُ‬
‫وكم َ‬
‫المر َة في عبارة رائعة‪ ،‬وقال‪« :‬هؤالء‬ ‫حين َج َّلى هذه الحقيقة‬
‫َ ُ َّ‬
‫المجددون من علماء الدين زعزعوا األزهر عن ُجموده على‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫خطوات‪ ،‬ولم ُي َق ِربوا‬ ‫الدين‪ ،‬فقربوا األزهرِ ِيين إلى الالدينيين‬
‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الدين ُخطو ًة» !‬ ‫الالدينيين إلى ِ‬
‫مرتي ِن‪ :‬مر ًة حين َخ ِســــــــروا‬ ‫والحق أن هؤالء َخ ِســــــــروا‬
‫َْ‬
‫وعوام‬ ‫الملحدين في الغرب‪ ،‬وثاني ًة حين خســــــــروا ِ‬
‫مريديهم‬
‫َّ‬
‫دق نظر‬ ‫المسلمين الذين في الشرق والبالد اإلسالمية ! وكم َّ‬
‫أئمتنــــا األجالء حين قرروا أن « حفظ الموجود أولى من‬
‫طلب المفقود»‪ ،‬وتلك ســـــــنة ا في خلقه‪ :‬أن يكون الجزاء‬
‫من جنس العمل !‬

‫(‪ )1‬موقف العقل والعلم والعالم‪ :‬ج‪ ،1 /‬ص‪ ،133 /‬ج‪ ،2 /‬ص‪.312 /‬‬

‫‪115‬‬
‫بخراب الباطن‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الخارج‬
‫َ‬ ‫وليس المطلوب أن ُنصــــــــلح‬
‫مثله‪ ،‬فضال‬‫بالنجس‪ ،‬والضرر ال ي َزال بضررٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫الن ِ‬
‫ج‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫س‬‫و َن ْغ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عما هو أشد منه‪ .‬وإن أُولى خطوات دعوة الكفار ـ إن أرادوا‬
‫نفســـــه إلى اإلســـــالم أوال‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ذلك ح ًّقا ‪ -‬أن يدعو كل مســـــلم َ‬
‫ويصــــــلح حاله وحال قومه‪ ،‬وإذا تم ذلك فقد قطعنا نصــــــف‬
‫توفيق‬
‫َ‬ ‫المرحلــة في دعوة غير المســــــــلمين‪ .‬أمــا إذا حــاولنــا‬
‫ِ‬
‫ـــــــهوات‬ ‫ِ‬
‫لرغبات قوم من الكفرة وشـ‬ ‫أحكام اإلســــــــالم ِط ًبقا‬
‫طريق‬
‫َ‬ ‫قر َبهم من اإلسالم فهذا ليس هو‬ ‫أن ُن ِ‬
‫آخرين؛ من أجل ْ‬ ‫َ‬
‫الهدف النهائي‪ ،‬بل هو يؤدي‬ ‫َ‬ ‫الدعوة في الحقيقة‪ ،‬وال ي ِ‬
‫حقق‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫االنحراف في صــفوفهم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ويســبِب‬‫دين المســلمين‪ُ ،‬‬ ‫إلى ضــياع ِ‬
‫وهذا ما نشــــــاهده اليوم في طول بالدنا وعرضــــــها‪ ،‬فمن هنا‬
‫طلب الم ِ‬
‫فقود»‪.‬‬ ‫الموجود أولى ِمن‬
‫ِ‬ ‫قالوا‪ِ « :‬ح ُ‬
‫فظ‬
‫ِ َ‬
‫فالمســلم إذا ارتد عن دينه بســبب هذا الخطاب الديني‬
‫أفسد ِمن غيرِ ه؛ ألن‬
‫َ‬ ‫وفسد صار‬
‫َ‬ ‫المحرف‪ ،‬والسني إذا ابتدع‬
‫َ َّ‬
‫المرتد بعد اإلســـــــالم أشـــــــد ِمن الكافر األصـــــــلي‪ ،‬والمبتدع‬
‫َّ‬
‫وأغلظ من المبتدع األصلي !‬ ‫ُ‬ ‫أقبح‬
‫حول عن السنة ُ‬ ‫المت ِ‬

‫‪116‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫مالحظـ ًة ذكيـ ًة العالمـ ُة العبقري‬


‫َ‬ ‫والحق – كمــا الحظــه‬
‫المجاهد الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي رحمه ا ‪ -‬أننا‬
‫اليوم َلســــــــنـــا بحـــاجـ ٍــة ألبتـــ َة إلى من ُيوقظنـــا إلى مثـــل هـــذه‬
‫ـــــــفه كله؛ ألن الدواعي إليها وإلى ما‬ ‫«الحكمة» التي هي سـ ٌ‬
‫كثيرة متوافرةٌ‪،‬‬‫ٌ‬ ‫الم َتع والشــــــــهوات واللذات‬ ‫ن‬ ‫يأتي وراءها ِ‬
‫م‬
‫ُ‬
‫ـان بين جوانبه من نفس أمارة‬ ‫وفي مقدمتها ما يحمله كل إنسـ ٍ‬
‫المقصديين‬ ‫ِ‬
‫بالسوء‪ ،‬باإلضافة إلى وجود ُقرناء السوء أمثالكم َ‬
‫والحداثيين واللبراليين واإلصــــالحيين؛ فإنه لو لم يكن هناك‬
‫وجودكم لك َفى ذلك في تحقيق هذا الفســــــــاد‬ ‫ِ‬ ‫دا ٍع آخر غير‬
‫ُ‬
‫الطويل العريض‪ ،‬وأل َغ َنى عن كل دافع‪ ،‬فكيف إذا اجتمعت‬
‫والدوافع كلها !؟‬
‫ُ‬ ‫الدواعي‬
‫ٍ‬
‫زمان‬ ‫أكثر ِمن ِ‬
‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫ماســـــ ٍة شـ‬
‫ــــديدة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بحاجة‬ ‫بل إننا اليوم‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫وقظنــا إلى طلــب اآلخرة ومرضـ ِ‬
‫ــــــــاة رب‬ ‫مضــــــــى‪ ،‬إلى من ي ِ‬‫َ‬
‫َ ُ‬
‫منهج َمن آثر البـــاقيـــ َة على‬
‫ِ‬ ‫العـــالمين‪ ،‬وإلى من ُي َنبِهنـــا على‬
‫َ‬
‫الفانية‪ ،‬من أئمة الدين والسلف الصالحين‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫ْ ُ ْ َ‬
‫ِمسك اْل ِت ِ‬
‫ام‬
‫أحمد ا الكريم على التوفيق ِل ِم سك ِ‬
‫الختام‪ ،‬والتيسير‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫مجاهد في سبيله ‪-‬‬ ‫وكل‬
‫لبلوغ المرام‪ ،‬وأسأله – بجاه حبيبه ِ‬
‫والنفع به على الدوام‪ ،‬للخواص والعوام‪،‬‬
‫َ‬ ‫القبول لهذا العمل‬
‫َ‬
‫وكل َمن نظر فيه‬
‫وأن يجعله ســـببا لنجاتي ونجاة المؤمنين – ِ‬
‫يوم القيام‪.‬‬
‫وس َعى في طبعه ونشره ‪َ -‬‬
‫بقصد االنتفاع‪َ ،‬‬
‫واعده وأصو ُله‪ ،‬منحصر ًة في‬
‫وقد تم الكتاب ُم ْح َك َم ًة َق ُ‬
‫قواطع األدلــة‪ ،‬على تحريم‬ ‫دت فيهــا‬
‫وار ْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ـــــــول ـه‪َ ،‬ت َ‬
‫الثالث فصـ ُ‬
‫التشــــبه بالكفرة األذلة‪ ،‬وتضــــافر فيها من اآليات والحجج ما‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وتهنئتهم بـــاألعيـــاد‪،‬‬ ‫ردع لْلوغـــاد‪ ،‬عن مواالة الكفرة‬ ‫فيـــه ٌ‬
‫مته معلوم ٌة ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وذكرت في خاللها أ َّن من ُصورِ التشبه ما ح ْر ُ‬ ‫ُ‬
‫الــدين بــالضــــــــرورة‪ ،‬فيكون َج ْح ـ ُدهــا كفرا نــاقال من الملــة‪،‬‬
‫آثما‪ ،‬ومنها ما هو حرام باإلجماع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جحده يكون ً‬ ‫ومرتكبه بال ْ‬
‫ُ‬
‫ـــــائل هي‬
‫حققت في ثنايا أبحاثها مسـ َ‬ ‫ُ‬ ‫ومنها ما هو دون ذلك‪.‬‬
‫ماسة إلى التحقيق والتنبيه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫كانت بحاجة‬ ‫ْ‬ ‫أُس الدين وأُصو ُله‪،‬‬

‫‪118‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ـالك الكتاب والســنة واإلجماع‬ ‫ِبيان مسـ ِ‬ ‫واإلرشــاد والتوجيه‪ ،‬ب ِ‬


‫َ‬
‫ــــــف‬ ‫هات المح ِرفين وكشـ ِ‬ ‫وقياس الشـــــــبيه بالشـــــــبيه‪ ،‬وبِر ِد ُتر ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬
‫غاب‬ ‫كثير من تفاصــــــــيلها على الناس‪َ ،‬‬ ‫التبس‬
‫التمويه؛ حيث َ‬
‫ٌ‬
‫الوسواس‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وحل َمح َّلها‬ ‫َّ‬ ‫الحق والصواب فيها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جه‬
‫َو ُ‬
‫عقيدة المؤمن أن ُيحب ا َ ورســـو َله ‪،%‬‬ ‫ِ‬ ‫نت أ َّن ِمن‬ ‫َّبي ُ‬
‫ِ‬
‫ويحب تعالى‪ ،‬فال ُي ِحب بقلبه إال من اتصـ ْ‬
‫ـــــــلت بينه وبينه‬ ‫ُ‬
‫دينـــه‬‫إخوانـــه المؤمنون‪ .‬وأن َ‬ ‫وهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫رابطـــ ُة المحبـــة والمودة‪ُ ،‬‬
‫ـداء حبيبــه ‪ ،%‬وبِب ْغ ِض كــل َمن‬ ‫ـداء ا ِ وأعـ ِ‬ ‫غض أعـ ِ‬ ‫يلزِ مــه بِب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الكفار والمشركون‪.‬‬ ‫العداء‪ ،‬وهم ُ‬ ‫َ‬ ‫خالفه في الدين‪ ،‬و َن َص َب له‬
‫ٍ‬
‫بصـــــــلة‪،‬‬ ‫كل ما َي ُمت إليهم‬ ‫الب باالبتعاد عنهم وعن ِ‬ ‫وهو ُم َط ٌ‬
‫ِ‬
‫اإلتيان‬ ‫ــــــبب‪ ،‬ولو كان اضـــــــطراريا‪ ،‬ب َِت َكل ِف‬ ‫كل سـ ٍ‬ ‫وأن َيقطع َّ‬
‫الوصلة إلى القطيعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بضده؛ حتى ينقلب من َ‬
‫ِ‬
‫ـــطرارية‬ ‫ـــباب االضـ‬ ‫وإذا كان المســــلم ُمطا َل ًبا بِقطع األسـ ِ‬
‫المؤديــة إلى المودة – كمــا أســــــــلفنــا وأثبتنــا ذلــك بــأدلـ ٍـة ِمن‬
‫ويجوز أن‬ ‫ِ‬
‫الكتاب والســـــنة وكالم األئمة – فكيف يصـــــح له َ‬

‫‪119‬‬
‫باشـر أسـبابا اختياري ًة َتج ِلب المحب َة القلبي َة ِ‬
‫والصـل َة الباطني َة‪،‬‬ ‫ي ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المهاداة والمعايدة‬ ‫والعصيان‪ ،‬مثل‬
‫َ‬ ‫والفسوق‬
‫َ‬ ‫وت َزي ُِن له الكفر‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫أوج ِه المشــــــاركة في األعياد الكفرية‪ ،‬من‬ ‫ٍ‬
‫ـــــتى من ُ‬‫ووجوه شـ َّ‬
‫اتفقـ ْت كلمـ ُة أهـل العلم‬ ‫جرم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التهـاني بهـا‪ ،‬وال َ‬ ‫بـاد ُل َّ‬
‫أهمهـا َت ُ‬
‫ت ذلك توضــــيحا‬ ‫وضــــ ْح ُ‬
‫على تحريمها وتأثيم مرتكبها‪ ،‬وقد َّ‬
‫وأنصف‪.‬‬ ‫من تأمل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ال لبس بعده ‪ -‬بإذن ا ‪ -‬ل ْ‬
‫حالة‪ ،‬أو بدون‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كراهة في‬ ‫وأوضحت أنه يجوز له – مع‬
‫ُ‬
‫أعداءه مخالط ًة ظاهري ًة‬
‫َ‬ ‫كراهة في حالة أخرى – أن يخالط‬
‫ال قلبية باطني ًة‪ ،‬بل قد تكون هذه المخالطة مطلوبة شــــــــرعا‪،‬‬
‫وإن كانت المخالطة الظاهرية شـــأنها أن تفتح بابا إلى المودة‬
‫حكمها األصــــــــلي الكراه َة‪ .‬ولكن إذا‬
‫ُ‬ ‫القلبية‪ ،‬فلذلك صــــــــار‬
‫ارتفعت الكراه ُة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫حت عليها مصلح ٌة‪ ،‬مثل تبليغ الدعوة‪،‬‬
‫ترج ْ‬
‫َّ‬
‫وليســــــت ملغا ًة‪ ،‬بدليل أن‬
‫ْ‬ ‫شــــــرعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫معتبرة‬
‫ٌ‬ ‫وهذه المصــــــلحة‬
‫النبي ‪ %‬والســــــلف الصــــــالحين بعده فعلوا ذلك‪ .‬وما مثال‬
‫ـب ي ـ ِ‬
‫داوي المرضــــــــى ٍ‬
‫برفق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ـال طبيـ ٍ ُ‬
‫المؤمن في ذلــك إال مثـ ُ‬
‫ِ‬
‫ويعالجهم ب ُل ْط ٍف‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ؤدي إلى‬ ‫ولكن هذه المخا َل َطة الظاهري َة التي شأ ُنها أن ُت ِ‬


‫الم َحرمــة – أو الكفريـ ِـة أحيــانــا‪ ،‬كمــا مر ْت‬ ‫المحبــة القلبيــة‬
‫َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫ـــــــيـل ذلـك – كمـا قلنـا ينبغي أن ال ُتؤدينـا إلى المحبـة‬ ‫تفـاصـ ُ‬
‫عت أصال‬ ‫المحرمة‪ ،‬فضال عن أن يؤدي إلى الكفر‪ .‬ألنها ُشرِ ْ‬
‫ـــلحة‪ ،‬وهي مصــــلحة هداية الكفار إلى اإلســــالم‪،‬‬ ‫لجلب مصـ ٍ‬
‫فال ينبغي أن يكون سببا لفتنة المسلم عن دينه؛ لجهله بأمور‬
‫وف ْق َد ِانه الم َناع َة ِ‬
‫الفطري َة‬ ‫دينه‪ ،‬وضــــــــعفه في عقيدته ومنهجه‪ِ ،‬‬
‫َ َ‬
‫ضد سرطان الكفر واإللحاد‪.‬‬ ‫كت َس َبة َّ‬
‫والم َ‬
‫ُ‬
‫ــاكن‬‫وال شـــك أن األمراض الخطيرة ُتع ِدي إلى من يسـ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وت َســبِب‬
‫صــاح ُبهم‪ ،‬ويأكل معهم أو يجتمع بهم‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وي‬
‫الم ْرضــى ُ‬ ‫َ‬
‫هالك َمن ُي عام ُلهم بأنواع المعامالت‪ ،‬ولكن هذا كله ال‬ ‫ِ‬ ‫في‬
‫يعني أن األطباء َي ْهربون ِمن مســــــــؤولية عالج المصــــــــابين‪،‬‬
‫ُ‬
‫وي ْتركون هؤالء المرضـــى َي ُموتون دون أن َي ِجدوا عالجا‪ ،‬بل‬ ‫َ‬
‫بــالعكس‪ُ ،‬ي َك َّلف األطبــاء بمــداواتهم ومعــالجتهم‪ ،‬وإنقــاذهم‬
‫ممــا هم فيــه من أنواع األمراض واآلالم‪ ،‬إال أن ذلــك يكون‬
‫ِ‬
‫وطرق‬ ‫الطبيب من وســـــــائل الحماية‬‫ُ‬ ‫بشـــــــر ٍ ‪ ،‬وهو أن َي َّت ِخذ‬

‫‪121‬‬
‫والم َع ِقمـــات‬
‫ُ‬ ‫الوقـــايـــة مـــا يكفيـــه‪ ،‬من المالبس واألدوات‪،‬‬
‫ِ‬
‫والمحصــــــــنــات وغير ذلــك‪ ،‬ثم إذا انتهى من العالج ُيراجع‬
‫الجراثيم‪ ،‬فيحاول‬ ‫ََ‬ ‫ـيء ِمن ال َفيروزات أو‬
‫نفس ـه‪ :‬هل أصــابه شـ ٌ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫تدار َك الوضــــــــ ِع بما عنده من الوســــــــائل؛ حتى ال يكون هو‬
‫ُ‬
‫صابا بتلك األمراض التي كان هو بصدد عالجها‪.‬‬ ‫اآلخر ُم ً‬
‫ُ‬
‫وق َي ٍم ومباد َ‬ ‫ـحاب رسـ ٍ‬
‫ـالة ِ‬ ‫ـلمين أصـ ِ‬ ‫وال شــك أننا َكمسـ ِ‬
‫ُ‬
‫ويعيش في‬ ‫بالدنــا َ‬
‫ـــــــكن َ‬
‫َنرجو أن َيهتــدي إليهــا كــل َمن َيسـ ُ‬
‫ــد من هـــذه المنـــة وهـــذه‬ ‫حرم أحـ ٌ‬ ‫ِجوارِ نـــا‪ ،‬وال ُنحـــب أن ي‬
‫ُ َ‬
‫المن َحة وتلك النعمة‪ ،‬ولسنا‬ ‫أحد عن تلك ْ‬ ‫الم ْك ُرمة‪ ،‬أو ُي َص َّد ٌ‬
‫َ‬
‫هرب من ميدان المســــؤولية‪ ،‬بل اإلســــالم ع َّل َمنا بطولة‬‫ممن َي ُ‬
‫قدر‬
‫الفداء والتضــــــــحية في نشــــــــر الخير للعالمين‪ .‬فنحاول َ‬
‫تبليغ هذه الرسالة العظيمة النافعة إلى الناس كاف ًة‪،‬‬
‫َ‬ ‫استطاعتنا‬
‫ٍ‬
‫ــــروعة مختلفة‪ ،‬منها المعاشـــــرة مع اآلخرين؛ حتى‬ ‫بطرق مشـ‬
‫يكون َم ْظ َهرنــا ُم ْنب ًِئ ـا عن عقيــدتنــا‪ ،‬وحــا ُلنــا – قبــل مقــالنــا –‬
‫ُ‬
‫وي َصــــــ ِدقون‬
‫آمنا به‪ُ ،‬‬
‫ُم َح ِر ًكا داعي َة النظر عندهم‪ ،‬فيؤمنون بما َّ‬
‫ـــــــد ْقناه‪ .‬وهذا هو الذي قد حصــــــــل في كثير من أدوار‬ ‫ما صـ َّ‬

‫‪122‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫مختلفة في العالم‪ ،‬حين كان آباؤنا وأجدادنا‬ ‫ٍ‬ ‫التاريخ‪ ،‬وأنحاء‬


‫ُيطبِقون اإلســالم الصــحيح في حياتهم‪ .‬نســأل ا َ أن ُي ْصـ ِلحنا‬
‫صلح حا َلنا ببركتهم‪.‬‬ ‫وي ِ‬
‫ُ‬
‫فوســــــنا‬ ‫ِ‬
‫فالواجب علينا نحن المســــــلمين أن ُن َحصــــــن ُن َ‬ ‫ُ‬
‫قوية‪ ،‬قبل االحتكاك بأفكارٍ م ٍ‬
‫عادية لديننا‬ ‫دينية ٍ‬‫ٍ‬ ‫بح ٍ‬
‫صانة ِعلمية‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الكافية في علوم‬‫ِ‬ ‫ـــــــرة أصــــــــحابِها‪ ،‬بتحصــــــــيل الم ِ‬
‫لكة‬ ‫ومعاشـ ِ‬
‫َ‬
‫الشــــريعة المختلفة‪ ،‬من العقيدة والفقه والتصــــوف والتاريخ‪،‬‬
‫ـات على المنهج‪،‬‬ ‫وغير ذلــك ممــا يجعلنــا قــادرين على الثبـ ِ‬
‫َ َ‬
‫أوالدنا‬ ‫ــــاد‪ .‬وعلينا أن ُنربِي‬ ‫صـــــ ِالحين لم َقاومة المنهج المضـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫وطالب نا على هذا النهج القويم؛ حتى َي ْســــــــ َلموا بأنفســــــــهم‪،‬‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫سالمة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫نجاة‬ ‫ويجعلوا اآلخرين في‬ ‫َ‬
‫وال يمكن اإلصـــــــالح إال بهذه الطريقة‪ ،‬وهي الطريقة‬
‫ٍ‬
‫محاولة ســــوى‬ ‫ِ‬
‫األمة فأصــــلحوا‪ ،‬وكل‬ ‫أول هذه‬‫التي َســــ َل َكها ُ‬
‫ِ‬
‫الجهود‬ ‫ـــــــييع‬ ‫هـذا ال ُيورِ ث إال الفشـ َ‬
‫ــــــــل‪ ،‬وال تكون إال تضـ َ‬
‫ــــــيء ال ُيعطيه‪ .‬بل المخا َلط ُة مع الكفار‬ ‫والطاقات‪ ،‬وفاقد الشـ ِ‬‫ِ‬
‫ُ‬
‫ذهب بِإيمان‬
‫وت َ‬
‫بال توفرِ هذه الشـــــــرو تأتي بعكس النتيجة‪َ ،‬‬

‫‪123‬‬
‫وت ِ‬
‫وقعه في محبة الكفارِ ‪ ،‬ثم التســــــــاهل مع الكفرِ‬‫المســــــــلم‪ُ ،‬‬
‫واد َعى بعد‬
‫ــع َر أو لم َي ْشـــ ُعر‪َّ ،‬‬
‫نفســـه‪ ،‬ثم قبوله والوقوع فيه‪ ،‬شـ ُ‬
‫ـــــــالم أو َلم َي َّد ِع‪ ،‬وماذا تنفع الدعوى والنفس قد‬
‫َ‬ ‫ذلك اإلسـ‬
‫َخ َو ْت مما ُي ْحييها‪ ،‬والعياذ با العظيم‪.‬‬
‫ــالم‬
‫فوصـــيتي لنفســـي وألبناء جنســـي أن َي ْد ُرســـوا اإلسـ َ‬
‫جيدا‪ ،‬كما َد َرســـــه األولون‪ ،‬ال كما فعله المبطلون مما غيروا‬
‫َّ‬
‫وســــ َّف ُهوا ســــلف هذه األمة‪ ،‬ثم بعد‬
‫الفتن‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫المناهج وأحدثوا‬ ‫َ‬
‫طب ُقوا هذا اإلســــــــالم في حياتهم‪ ،‬ومن أهم‬ ‫هذه الدراســــــــة ُي ِ‬
‫ِ‬
‫العلم الذي َد َرســــــــوه‪ ،‬بالتدريس‬ ‫نشــــــــر هذا‬ ‫ِ‬
‫لتطبيق‬ ‫ُصــــــــ َور ا‬
‫ْ ُ‬
‫والتأليف‪ ،‬وإلقاء المحاضـــــــرات وعقد الندوات والحفالت‪،‬‬
‫فعند ذلك ي ْنص ِلح أَمرنا‪ ،‬و ُن ِ‬
‫صلح غيرنا‪ ،‬بإذن ربنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين‪ ،‬وصـــــــلى ا‬
‫وس َّلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫َ َ‬

‫‪‬‬
‫______‬

‫‪124‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ْ َ َ ُ ْ َ َّ ُ‬
‫ارس العامـة‬
‫الفهـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ ُ َْ َ‬
‫ج ِع‬
‫ف ِه ِرس المصا ِدرِ والمرا ِ‬
‫ْ ُ ْ ُ ْ َ ََ‬
‫ات‬‫ف ِـهـ ِرس الـمـحـتـويـ ِ‬

‫‪125‬‬
126
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫َْ َ ُ َ َْ َ ُ‬
‫جـع‬
‫المصـا ِدر والمـرا ِ‬
‫‪ .1‬اإلبهاج في شرح المنهاج (للبيضاوي في األصول)‪ ،‬اإلمام‬
‫تاج الدين‪ ،‬عبد الوهاب بن الشيخ اإلمام تقي الدين السبكي‬
‫(ت‪ 771 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1424‬هـ‪ 2114 /‬م‪ ،‬دار‬
‫البحوث‪ ،‬دبي‪.‬‬
‫‪ .2‬أجوبة الحيارى في حكم َق َل ْن ُسوة النصارى‪ ،‬الشيخ محمد‬
‫يش المالكي (ت‪ 1299 :‬هـ)‪ ،‬نسخة‬ ‫بن أحمد بن محمد ُع َل ْ‬
‫خطية بمكتبة جامعة الملك سعود‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ .3‬أحكام أهل الذمة‪ ،‬الشيخ محمد بن أبي بكر‪ ،‬ابن َقيِم‬
‫الجوزية (ت‪ 751 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1418‬هـ‪1997 /‬‬
‫م‪ ،‬رمادي للنشر‪ ،‬الدمام‪ /‬السعودية‪.‬‬
‫‪ .4‬األحكام السلطانية‪ ،‬اإلمام أبو الحسن‪ ،‬على بن محمد بن‬
‫حبيب الماوردي (ت‪ 451 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد مبارك‬
‫البغدادي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1419‬هـ‪ 1989 /‬م‪ ،‬دار ابن ُق َتيبة‪،‬‬
‫الكويت‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫‪ .5‬إحياء علوم الدين‪ ،‬اإلمام حجة اإلسالم‪ ،‬أبو حامد‪ ،‬محمد‬
‫بن محمد الغزالي (ت‪ 515 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1432‬هـ‪/‬‬
‫‪ ،2111‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ .6‬األربعين في أصول الدين‪ ،‬حجة اإلسالم‪ ،‬أبو حامد‪ ،‬محمد‬
‫بن محمد الغزالي (ت‪ 515 :‬هـ)‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ /‬سوريا‪،‬‬
‫‪ 1424‬هـ‪ 2113 /‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬األذكار‪ ،‬اإلمام أبو زكريا‪ ،‬يحيى بن شرف النووي (ت‪:‬‬
‫‪ 676‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1425‬هـ‪ 2115 /‬م‪ ،‬دار المنهاج‪،‬‬
‫جدة‪.‬‬
‫‪ .8‬أسنى المطالب في شرح روض الطالب‪ ،‬شيخ اإلسالم أبو‬
‫يحيى‪ ،‬زكريا األنصاري (ت‪ 926 :‬هـ)‪ ،‬المطبعة الميمنية‪،‬‬
‫مصر‪ 1313 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .9‬أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل‪ ،‬الشيخ اإلمام أحمد بن‬
‫حجر الهيتمي (ت‪ 974 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1419‬هـ‪/‬‬
‫‪ 1998‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ .11‬إعانة الطالبين حاشية فتح المعين‪ ،‬الشيخ أبو بكر‪ ،‬عثمان‬


‫بن محمد شطا الدمياطي (ت‪ 1311 :‬هـ)‪ ،‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية‪ ،‬عيسى البابي الحلبي‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .11‬إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة‪،‬‬
‫العالمة الشيخ أحمد بن عبد المنعم بن صيام بن يوسف‬
‫الدمنهوري (ت‪ 1192 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد العاقور‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1434‬هـ‪ 2113 /‬م‪ ،‬مكتبة النور‪ ،‬المنصورة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .12‬اقتضاء الصرا المستقيم‪ ،‬الشيخ أحمد بن عبد الحليم بن‬
‫عبد السالم‪ ،‬ابن تيمية (ت‪ 728 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪1325‬‬
‫هـ‪ 1917 /‬م‪ ،‬المطبعة الشرفية‪ ،‬محمد أمين الخانجي(‪.)1‬‬
‫‪ .13‬اإل قناع في شرح متن أبي شجاع‪ ،‬اإلمام محمد الخطيب‬
‫الشربيني (ت‪ 973 :‬هـ)‪ ،‬المطبعة الميمنية‪ ،‬مصر‪1317 ،‬‬
‫هـ‪( ،‬معه حاشية المدابغي)‪.‬‬
‫‪ .14‬اإللمام بمسائل اإلعالم بقواطع اإلسالم‪ ،‬الشيخ أحمد بن‬
‫عبد الرزاق المغربي الرشيدي (ت‪ 1196 :‬هـ)‪ ،‬دراسة‬

‫أشرت إليها في الهامش كلما‬


‫ُ‬ ‫(‪ )1‬واعتمدت أيضا على طبعة أخرى للكتاب‪،‬‬
‫أحلت عليها‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪129‬‬
‫وتحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد النصير أحمد المليباري‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ 1438‬هـ‪ 2117 /‬م‪ ،‬تراث علماء نوسانتارا‪ ،‬إندونيسيا‪.‬‬
‫‪ .15‬األمر باالتباع والنهي عن االبتداع‪ ،‬الحافظ اإلمام جالل‬
‫الدين‪ ،‬عبد الرحمن السيوطي (ت‪ 911 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫مشهور حسن سليمان‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1411‬هـ‪ 1991 /‬م‪،‬‬
‫دار ابن القيم‪ ،‬الدمام‪ /‬السعودية‪.‬‬
‫‪ .16‬بداية المحتاج في شرح المنهاج‪ ،‬اإلمام الشيخ بدر الدين‪،‬‬
‫أبو الفضل‪ ،‬محمد بن أبي بكر األسدي‪ ،‬ابن قاضي شهبة‬
‫(ت‪ 874 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬أنور الشيخي‪ ،‬الطبعة األولى ‪1432‬‬
‫هـ‪ 2111 /‬م‪ ،‬دار المنهاج‪.‬‬
‫‪ .17‬البشائر اإليمانية في المبشرات المنامية‪ ،‬العالمة الشيخ‬
‫يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت‪ 1351 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة صبرا‪،‬‬
‫بيروت‪ /‬لبنان‪ 1329 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ُ .18‬ب ْغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض األئمة من‬
‫َ‬
‫العلماء المتأخرين‪ ،‬السيد عبد الرحمن بن محمد باعلوي‬
‫(ت‪ 1321 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األخيرة ‪ 1317‬هـ‪ 1952 /‬م‪،‬‬
‫مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ .19‬البيان (شرح المهذب) في الفقه الشافعي‪ ،‬اإلمام أبو‬


‫الحسين‪ ،‬يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني (ت‪:‬‬
‫‪ 558‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬قاسم النوري‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1421‬هـ‪/‬‬
‫‪ 2111‬م‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ .21‬البيان والتحصيل‪ ،‬اإلمام أبو الوليد‪ ،‬ابن رشد القرطبي‬
‫المالكي (ت‪ 521 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد حجي‪ ،‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .21‬بهجة النفوس (شرح مختصر صحيح البخاري)‪ ،‬اإلمام‬
‫الشيخ عبد ا بن أبي جمرة (ت‪ 699 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة الصدق‬
‫الخيرية‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪ 1348 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .22‬تاريخ بغداد (تاريخ مدينة السالم)‪ ،‬اإلمام الحافظ أبو بكر‪،‬‬
‫أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت‪ 463 :‬هـ)‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬بشار عواد معروف‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1422‬هـ‪/‬‬
‫‪ 2111‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .23‬التاريخ الكبير‪ ،‬اإلمام أبو عبد ا ‪ ،‬محمد بن إسماعيل‬
‫البخاري (ت‪ 256 :‬هـ)‪ ،‬دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدراباد‬
‫الدكن‪ /‬الهند‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ .24‬تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي‪ ،‬الحافظ‬
‫اإلمام ولي الدين‪ ،‬أبو زرعة‪ ،‬أحمد بن عبد الرحيم العراقي‬
‫(ت‪ 826 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن فهمي الزواوي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1432‬هـ‪ 2111 /‬م‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ .25‬التحرير والتنوير في تفسير القرآن‪ ،‬الشيخ محمد الطاهر بن‬
‫عاشور (ت‪ 1393 :‬هـ)‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ 1984 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .26‬تحفة المحتاج بشرح المنهاج‪ ،‬الشيخ اإلمام أحمد بن حجر‬
‫الهيتمي (ت‪ 974 :‬هـ)‪ ،‬المكتبة التجارية الكبرى‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ 1357‬هـ‪( ،‬ومعها حاشيتا ابن قاسم والشرواني)‪.‬‬
‫‪ .27‬ترشيح المستفيدين حاشية فتح المعين‪ ،‬العالمة السيد‬
‫علوي بن أحمد السقاف (ت‪ 1335 :‬هـ)‪ ،‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية‪ ،‬عيسى البابي الحلبي‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .28‬التعرف على الذات‪ ،‬الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان‬
‫البوطي (ت‪ 2113 :‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ .29‬تفسير ابن رجب الحنبلي (ت‪ 795 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ 1422‬هـ‪ 2111 /‬م‪ ،‬دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ .31‬تفسير الخازن (لباب التأويل في معاني التنزيل)‪ ،‬اإلمام عالء‬


‫الدين‪ ،‬على بن محمد بن إبراهيم البغدادي‪ ،‬الشهير بالخازن‬
‫(ت‪ 725 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2114‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ .31‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬اإلمام عبد الرحمن بن محمد‪ ،‬ابن‬
‫أبي حاتم الرازي (ت‪ 327 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1417‬هـ‪/‬‬
‫‪ 1997‬م‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى الباز‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ .32‬التفسير الكبير (تفسير اإلمام فخر الدين الرازي (ت‪616 :‬‬
‫هـ))‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1411‬هـ‪ 1981 /‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .33‬تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين‪ ،‬الشيخ أحمد بن إبراهيم‬
‫بن النحاس الدمشقي‪ ،‬الحنفي ثم الشافعي (ت‪ 814 :‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1417‬هـ‪ 1987 /‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .34‬تنوير القلوب في معاملة عالم الغيوب‪ ،‬الشيخ محمد أمين‬
‫الكردي النقشبندي (ت‪ 1332 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪1411‬‬
‫هـ‪ 1991 /‬م‪ ،‬دار القلم العربي‪ ،‬حلب‪ /‬سوريا‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ .35‬جامع األصول في أحاديث الرسول‪ ،‬اإلمام مجد الدين‪ ،‬أبو‬
‫السعادات المبارك بن محمد بن األثير الجزري (ت‪616 :‬‬
‫هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر األرناؤ ‪ 1392 . ،‬هـ‪ 1972 /‬م‪.‬‬
‫‪ .36‬جزء في التهنئة في األعياد وغيرها‪ ،‬اإلمام الحافظ أحمد بن‬
‫حجر العسقالني (ت‪ 852 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1425‬هـ‪/‬‬
‫‪ 2114‬م‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .37‬حاشية الباجوري‪ ،‬الشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد (ت‪:‬‬
‫‪ 1276‬هـ) على شرح ابن قاسم الغزي على متن الغاية‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1437‬هـ‪ 2116 /‬م‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ .38‬حاشية الباجوري على جوهرة التوحيد‪ ،‬دار السالم‪،‬‬
‫القاهرة‪ /‬مصر‪ 1422 ،‬هـ‪ 2112 /‬م‪.‬‬
‫‪ .39‬حاشية ابن عابدين – الشيخ محمد أمين بن عمر بن عبد‬
‫العزيز عابدين الحنفي الدمشقي (ت‪ 1252 :‬هـ) – المسماة‬
‫رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير األبصار‪ ،‬المطبعة‬
‫العثمانية‪ 1324 ،‬هـ‪.‬‬
‫التنبه ِلما ورد في التشبه‪ ،‬العالمة الشيخ نجم الدين‪،‬‬
‫‪ُ .41‬ح ْسن َ‬
‫محمد بن محمد العامري القرشي الغزي الدمشقي الشافعي‬

‫‪134‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫(ت‪ 1161 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق لجنة تحت إشراف نور الدين‬


‫طالب‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1432‬هـ‪2111 /‬م‪ ،‬دار النوادر‪،‬‬
‫دمشق‪ /‬سوريا‪.‬‬
‫ِ‬
‫أحكام أنوا ٍع من التشبه بالغير‪ ،‬العالمة‬ ‫‪ .41‬حسن السير في بيان‬
‫الشريف محمد بن ِعوض الدمياطي (ت‪ :‬بعد عام ‪1331‬‬
‫هـ)‪ ،‬مصورة دار الحديث الكتانية‪ ،‬طنجة‪ /‬المغرب‪.‬‬
‫‪ .42‬حواشي شرح الروض‪ ،‬الشيخ اإلمام شهاب الدين‪ ،‬أحمد‬
‫بن حمزة الرملي (ت‪956 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة الميمنية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪1313‬هـ‪.‬‬
‫‪ .43‬رسائل اليوسي (أبو على‪ ،‬الحسن بن مسعود اليوسي (ت‪:‬‬
‫‪ 1112‬هـ)‪ ،‬جمع وتحقيق‪ :‬فاطمة خليل القبلي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1411‬هـ‪ 1981 /‬م‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬المغرب‪.‬‬
‫‪ .44‬الرسالة القشيرية‪ ،‬اإلمام أبو القاسم‪ ،‬عبد الكريم القشيري‬
‫(ت‪ 465 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة الشعب‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪ 1419 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪ 1989‬م‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫‪ .45‬رسالة المعاونة‪ ،‬اإلمام الحبيب عبد ا بن علوي الحداد‬
‫باعلوي (ت‪ 1132 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1414‬هـ‪1994 /‬‬
‫م‪ ،‬دار الحاوي‪.‬‬
‫‪ .46‬روضة الطالبين‪ ،‬اإلمام الشيخ أبو زكريا‪ ،‬يحيى بن شرف‬
‫النووي (ت‪ 676 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1412‬هـ‪1991 /‬م‪،‬‬
‫المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .47‬روح المعاني (تفسير القرآن)‪ ،‬العالمة شهاب الدين‪،‬‬
‫محمود بن عبد ا اآللوسي البغدادي (ت‪ 1271 :‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1431‬هـ‪ 2111 /‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .48‬سبيل النجاة في الحب في ا والبغض في ا ‪ ،‬الشيخ‬
‫يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت‪ 1351 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬بسام‬
‫عبد الوهاب الجابي‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .49‬سراج الملوك‪ ،‬الشيخ أبو بكر محمد بن الوليد الفهري‬
‫الطرطوشي (ت‪ 521 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1414‬هـ‪1994 /‬‬
‫م‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ .51‬سنن الترمذي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد شاكر‪ ،‬محمد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬


‫إبراهيم عطوه عوض‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مصطفى البابي‬
‫الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ 1395 ،‬هـ‪ 1975 /‬م‪.‬‬
‫‪ .51‬السنن الكبير‪ ،‬اإلمام الحافظ أبو بكر‪ ،‬أحمد بن الحسين‬
‫البيهقي (ت‪ 458 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1432‬هـ‪ 2111 /‬م‪،‬‬
‫هجر‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .52‬السيف البتار على من يوالي الكفار ويتخذهم من دون ا‬
‫ورسوله ‪ %‬والمؤمنين أنصار‪ ،‬السيد الشيخ عبد ا بن عبد‬
‫الباري األهدل (ت‪ 1271 :‬هـ)‪ ،‬مكة المكرمة‪ 1428 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .53‬شرح األربعين النووية‪ ،‬اإلمام الشيخ أبو زكريا‪ ،‬يحيى بن‬
‫شرف النووي (ت‪ 676 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ 1414‬هـ‪/‬‬
‫‪ 1984‬م‪ ،‬مكتبة دار الفتح‪ ،‬دمشق‪ /‬سوريا(‪.)1‬‬
‫‪ .54‬شرح اإللمام بأحاديث األحكام‪ ،‬اإلمام الشيخ أبو الفتح‪،‬‬
‫تقي الدين‪ ،‬محمد بن على بن وهب القشيري‪ ،‬ابن دقيق‬

‫(‪ )1‬في نسبة هذا الشرح إلى اإلمام النووي كالم‪ ،‬وا أعلم بحقيقة الحال‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫العيد (ت‪ 712 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد خلوف العبد ا ‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ 1431‬هـ‪ 2119 /‬م‪ ،‬دار النوادر‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ .55‬شرح الرسالة القشيرية (إحكام الداللة على تحرير الرسالة)‪،‬‬
‫شيخ اإلسالم‪ ،‬أبو يحيى‪ ،‬زكريا األنصاري (ت‪ 926 :‬هـ)‪،‬‬
‫طبعة مصر‪ 1291 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .56‬شرح الزرقاني على الموطأ‪ ،‬اإلمام محمد بن عبد الباقي‬
‫الزرقاني المصري‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرءوف سعد‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1424‬هـ‪ 2113 /‬م‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .57‬الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب اإلمام‬
‫مالك‪ ،‬الشيخ أبو البركات‪ ،‬أحمد بن محمد الدردير (ت‪:‬‬
‫هـ)‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .58‬شرح صحيح مسلم‪ ،‬اإلمام أبو زكريا‪ ،‬يحيى بن شرف‬
‫النووي (ت‪ 676 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1347‬هـ‪ 1929 /‬م‪،‬‬
‫المطبعة المصرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .59‬شرح العقيدة الكبرى (عمدة أهل التوفيق والتسديد في‬
‫شرح عقيدة أهل التوحيد)‪ ،‬اإلمام أبو عبد ا ‪ ،‬محمد بن‬

‫‪138‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫يوسف السنوسي الحسني (ت‪ ،) :‬الطبعة األولى ‪ 1354‬هـ‪/‬‬


‫‪ 1936‬م‪ ،‬مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .61‬الشرح الكبير على مختصر اإلمام خليل في الفقه المالكي‪،‬‬
‫الشيخ أبو البركات‪ ،‬أحمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي‬
‫المالكي‪ ،‬الشهير بالدردير (ت‪ 1211 :‬هـ)‪ ،‬عيسى البابي‬
‫الحلبي وشركاه‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر (ومعه حاشية العالمة‬
‫الدسوقي على هذا الشرح)‪.‬‬
‫‪ .61‬شرح المحلي على المنهاج (كنز الراغبين)‪ ،‬اإلمام المحقق‬
‫جالل الدين‪ ،‬محمد بن أحمد المحلي (ت‪ 864 :‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪ 1375‬هـ‪ 1956 /‬م‪ ،‬مصطفى البابي الحلبي‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ومعه حاشيتا القليوبي وعميرة‪.‬‬
‫‪ .62‬شرح مسند اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬المال علي القاري‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1415‬هـ‪ 1985 /‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .63‬شرح المقدمة الحضرمية‪ ،‬الشيخ اإلمام أحمد بن حجر‬
‫الهيتمي (ت‪ 974 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1433‬هـ‪ 2112 /‬م‪،‬‬
‫دار المنهاج‪ ،‬جدة (مع حاشية الجرهزي)‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫المنهج‪ ،‬شيخ اإلسالم‪ ،‬أبو يحيى زكريا األنصاري‬
‫‪ .64‬شرح َ‬
‫(ت‪ 926 :‬هـ)‪ ،‬مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬مصر ‪ 1345‬هـ‪.‬‬
‫‪ .65‬شرح المواقف‪ ،‬العالمة السيد الشريف الجرجاني (ت‪:‬‬
‫‪ 816‬هـ)‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬مصر‪ 1325 ،‬هـ‪ 1917 /‬م‪.‬‬
‫‪ .66‬شعب ا إليمان‪ ،‬اإلمام الحافظ أبو بكر‪ ،‬أحمد بن الحسين‬
‫البيهقي (ت‪ 458 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1423‬هـ‪ 2113 /‬م‪،‬‬
‫مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ .67‬الشفاء بتعريف حقوق المصطفى ‪ ،%‬القاضي أبو الفضل‪،‬‬
‫عياض بن موسى اليحصبي (ت‪ 544 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبده‬
‫كوشك‪ ،‬جائزة دبي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1434‬هـ‪ 2113 /‬م‪.‬‬
‫‪ .68‬شن الغارة‪ ،‬الشيخ اإلمام أحمد بن حجر الهيتمي (ت‪974 :‬‬
‫هـ)‪ ،‬مخطوطة بالمكتبة األزهرية‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .69‬صحيح اإلمام البخاري‪ ،‬الطبعة السلطانية‪ ،‬عناية محمد‬
‫زهير الناصر‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬بروت‪ /‬لبنان‪ 1422 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .71‬صحيح مسلم‪ ،‬اإلمام مسلم بن الحجاج القشيري‬
‫النيسابوري (ت‪ 261 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1347‬هـ‪1929 /‬‬
‫م‪ ،‬المطبعة المصرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ .71‬فتاوى اإلمام الشيخ تقي الدين‪ ،‬علي بن عبد الكافي‬


‫السبكي (ت‪ 756 :‬هـ)‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .72‬الفتاوى الحديثية‪ ،‬الشيخ اإلمام أحمد بن حجر الهيتمي‬
‫(ت‪ 974 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1419‬هـ‪ 1989 /‬م‪ ،‬مصطفى‬
‫البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .73‬فتاوى الشيخ سلطان العلماء‪ ،‬عز الدين‪ ،‬ابن عبد السالم‬
‫(ت‪ 661 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1416‬هـ‪ 1986 /‬م‪ ،‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .74‬الفتاوى الفقهية الكبرى‪ ،‬الشيخ اإلمام أحمد بن حجر‬
‫الهيتمي (ت‪ 974 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة عبد الحميد حنفي‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ 1357‬هـ‪( .‬ومعها فتاوى اإلمام الرملي)‪.‬‬
‫‪ .75‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬اإلمام الحافظ شهاب‬
‫الدين‪ ،‬أحمد بن على بن حجر العسقالني (ت‪ 852 :‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1311‬هـ‪ ،‬المطبعة الكبرى األميرية‪ ،‬بوالق‪/‬‬
‫مصر‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫‪ .76‬فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب اإلمام مالك‪،‬‬
‫الشيخ محمد بن أحمد بن محمد ُع َلي ْش المالكي (ت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪ 1299‬هـ)‪ ،‬مطبعة مصطفى محمد‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .77‬الفتح المبين في شرح األربعين‪ ،‬اإلمام الشيخ شهاب‬
‫الدين‪ ،‬أحمد بن حجر الهيتمي (ت‪ 973 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪ 1431‬هـ‪ 2119 /‬م‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ .78‬الفتوحات الربانية في شرح األذكار النواوية‪ ،‬العالمة الشيخ‬
‫محمد بن عالن الصديقي الشافعي المكي (ت‪ 1158 :‬هـ)‪،‬‬
‫دار إحياء التراث العربي (مصور عن الطبعة المصرية‬
‫القديمة)‪.‬‬
‫‪ .79‬الفروع‪ ،‬شمس الدين‪ ،‬محمد بن مفلح المقدسي (ت‪763 :‬‬
‫هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1424‬هـ‪ 2113 /‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .81‬الفروق‪ ،‬اإلمام شهاب الدين‪ ،‬أحمد بن إدريس بن عبد‬
‫الرحمن الصنهاجي‪ ،‬الشهير بالقرافي (ت‪ 684 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1421‬هـ‪ 2111 /‬م‪ ،‬دار السالم‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ .81‬فيض القدير في شرح الجامع الصغير‪ ،‬زين الدين‪ ،‬محمد‬


‫عبد الرءوف المناوي (ت‪ 1131 :‬هـ)‪ ،‬المكتبة التجارية‬
‫الكبرى‪ ،‬مصر‪ 1357 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .82‬قضاء األرب في جواب أسئلة حلب‪ ،‬شيخ اإلسالم‪ ،‬علي‬
‫بن عبد الكافي السبكي (ت‪ 756 :‬هـ)‪ ،‬المكتبة التجارية‪،‬‬
‫مكة المكرمة‪ 1992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .83‬كبرى اليقينيات الكونية‪ ،‬الشيخ الدكتور محمد سعيد‬
‫رمضان البوطي (ت‪ 2113 :‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ /‬سوريا‪.‬‬
‫‪ .84‬الكشاف‪ ،‬العالمة الشيخ محمود بن عمر‪ ،‬جار ا‬
‫الزمخشري (ت‪ 538 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1434‬هـ‪2113 /‬‬
‫م‪ ،‬جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم (مع حاشية الطيبي)‪.‬‬
‫‪ .85‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬الشيخ منصور بن يونس بن‬
‫إدريس البهوتي الحنبلي (ت‪ 1151 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم‬
‫عبد الحميد‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ /‬السعودية‪1423 ،‬‬
‫هـ‪ 2113 /‬م‪.‬‬
‫‪ .86‬كشف اللحا عن مذهب الشافعية في حلق اللحى‪ ،‬الشيخ‬
‫عادل بن مجدي بن مرزوق األميري الشافعي المصري‪،‬‬

‫‪143‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1436‬هـ‪ 2115 /‬م‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪،‬‬
‫القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .87‬كفاية النبيه في شرح التنبيه‪ ،‬اإلمام الشيخ نجم الدين‪ ،‬أبو‬
‫العباس‪ ،‬أحمد بن محمد ابن الرفعة (ت‪ 711 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬مجدي باسلوم‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2119‬م‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .88‬كليات رسائل النور‪ ،‬العالمة اإلمام بديع الزمان‪ ،‬سعيد‬
‫النورسي (ت‪ 1379 :‬هـ)‪ ،‬ترجمة‪ :‬إحسان قاسم الصالحي‪،‬‬
‫الطبعة الرابعة ‪ 2334‬م‪ ،‬شركة سوزلر‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .89‬الالمذهبي ُة أخطر بدعة ُت ِ‬
‫هدد الشريع َة اإلسالمية‪ ،‬الشيخ‬
‫الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (ت‪ 2113 :‬هـ)‪،‬‬
‫مكتبة القارابي‪ ،‬دمشق‪ /‬سوريا‪ 1426 ،‬هـ‪ 2115 /‬م‪.‬‬
‫الغ َنيمي‬
‫‪ .91‬اللباب في شرح الكتاب‪ ،‬العالمة الشيخ عبد الغني ُ‬
‫الميداني الدمشقي الحنفي (ت‪ 1298 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫َْ‬
‫سائد بكداس‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1435‬هـ‪ 2114 /‬م‪ ،‬دار‬
‫البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ .91‬لواقح األنوار القدسية في بيان العهود المحمدية‪ ،‬اإلمام‬


‫الشيخ عبد الوهاب الشعراني (ت‪ 973 :‬هـ)‪ ،‬دار القلم‬
‫العربي‪ ،‬حلب‪ /‬سوريا‪ 1413 ،‬هـ‪ 1993 /‬م‪.‬‬
‫‪ .92‬المجموع (شرح المهذب)‪ ،‬اإلمام أبو زكريا‪ ،‬يحيى بن‬
‫شرف النووي (ت‪ 676 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة التضامن األخوي‪،‬‬
‫مصر‪ 1352 – 1344 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .93‬مجموع الحبيب عبد ا بن حسين بن طاهر باعلوي (ت‪:‬‬
‫‪ 1272‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1429‬هـ‪ 2118 /‬م‪ ،‬دار‬
‫الحاوي‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .94‬مجموع رسائل ابن رجب الحنبلي (ت‪ 795 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ 1424‬هـ‪ 2113 /‬م‪ ،‬دار الفاروق الحديثة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .95‬مجموع فتاوى ابن تيمية (ت‪ 728 :‬هـ)‪ ،‬مجمع الملك فهد‪،‬‬
‫‪ 1425‬هـ‪ 2114 /‬م‪.‬‬
‫‪ .96‬المحرر في الفقه على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬مجد‬
‫الدين‪ ،‬أبو البركات‪ ،‬ابن تيمية الجد (ت‪652 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة‬
‫السنة المحمدية‪1369 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪ .97‬محاسن الشريعة‪ ،‬اإلمام أبو بكر‪ ،‬محمد بن علي بن‬
‫إسماعيل‪ ،‬القفال الكبير (ت‪ 365 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ 2117‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .98‬المدخل‪ ،‬اإلمام أبو عبد ا ‪ ،‬محمد بن محمد بن محمد بن‬
‫الحاج العبدري المالكي الفاسي (ت‪737 :‬هـ)‪ ،‬مكتبة‬
‫التراث‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .99‬مراتب اإلجماع‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬على بن أحمد بن حزم‬
‫األندلسي الظاهري (ت‪ 456 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪1419‬‬
‫هـ‪ 1998 /‬م‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .111‬المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬اإلمام الحافظ جالل‬
‫الدين‪ ،‬عبد الرحمن السيوطي (ت‪ 911 :‬هـ)‪ ،‬عيسى البابي‬
‫الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪.‬‬
‫‪ .111‬مغني المحتاج في شرح المنهاج‪ ،‬اإلمام الشيخ شمس‬
‫الدين‪ ،‬محمد الخطيب الشربيني (ت‪977 :‬هـ)‪ ،‬مصطفى‬
‫البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪1377 ،‬هـ‪1958 /‬م‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫‪ .112‬المكتوبات‪ ،‬اإلمام الرباني أحمد السرهندي الحنفي‬


‫النقشبندي (ت‪ 1134 :‬هـ)‪ ،‬المطبعة الميرية‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫‪ 1317‬هـ‪.‬‬
‫‪ .113‬المنهاج في شعب اإليمان‪ ،‬اإلمام أبو عبد ا ‪ ،‬الحسين بن‬
‫الحسن الحليمي (ت‪ 413 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬حلمي محمد‬
‫فودة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1399‬هـ‪ 1979 /‬م‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .114‬المواهب اللدنية على الشمائل المحمدية‪ ،‬اإلمام الشيخ‬
‫إبراهيم الباجوري (ت‪ 1277 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوامة‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1422‬هـ‪ 2111 /‬م‪.‬‬
‫‪ .115‬موقف العقل والعلم والعالَم من رب العالمين وعباده‬
‫المرسلين‪ ،‬شيخ اإلسالم مصطفى صبري (ت‪ 1373 :‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ 1411‬هـ‪ 1981 /‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .116‬النجم الوهاج في شرح المنهاج‪ ،‬اإلمام الشيخ كمال‬
‫الدين‪ ،‬محمد بن موسى الدميري (ت‪ 818 :‬هـ)‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1425‬هـ‪ 2114 /‬م‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫‪ .117‬نهاية المحتاج في شرح المنهاج‪ ،‬اإلمام شمس الدين‪،‬‬
‫محمد بن اإلمام أحمد الرملي (ت‪ 1114 :‬هـ)‪ ،‬مصطفى‬
‫البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر‪ 1389 ،‬هـ‪( .‬ومعه حاشية‬
‫العالمة الشبراملسي)‪.‬‬
‫‪ .118‬نهاية المطلب في دراية المذهب‪ ،‬إمام الحرمين‪ ،‬عبد‬
‫الملك بن عبد ا الجويني (ت‪ 478 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫العظيم الديب‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1428‬هـ‪ 2117 /‬م‪ ،‬دار‬
‫المنهاج‪ ،‬جدة‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ْ ُ ُْ ْ َََ‬
‫ات‬
‫ف ِه ِرس المحتوي ِ‬
‫المقدمة ‪7 . ....................... ................................‬‬
‫خالصة الفتنة التي حدثت في القرون األخيرة ‪11 . ...............‬‬
‫وسيطرته على الساحة ‪17 . ............‬‬
‫ُ‬ ‫بعض فضائح محمد عبده‬
‫السكوت المذموم على هذه المنكرات ‪22 . .......................‬‬
‫بعض َمن أفرد التأليف في هذه المسائل ‪28 . ......................‬‬
‫الفصل اْلول‪ :‬مفهوم الوالء والبراء وأهمية بيانه ‪39 . .............‬‬
‫تمهيد ‪41 .......................... ................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬فضل االنتساب إلى األمة اإلسالمية ‪44 . ........‬‬
‫كالم اإلمام الغزالي في كتاب األربعين ‪48 . .......................‬‬
‫أنواع أخر من االنتماءات غير االنتماء إلى اإلسالم ‪51 . ..........‬‬
‫كالم الشيخ الكوثري عن اعتزاز المسلمين باإلسالم ‪52 . .........‬‬
‫كالم الشيخ مصطفى صبري حول تكفير المعتز بغير اإلسالم ‪53 .‬‬
‫ِ‬
‫دعاة «األُ ُخوة اإلنسانية» ‪56 .............‬‬ ‫ت‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تها ُف ُ‬
‫أساس شبهتهم الخلط بين األخوة اللغوية واألخوة الشرعية ‪57 .‬‬
‫تحقيق معنى األخوة الشرعية ‪61 .................................‬‬
‫ليس من مواالة الكافر الدعاء له بالهداية ‪65 .....................‬‬

‫‪149‬‬
‫هل يجوز غيبة الكافر الذمي ‪67 ..................................‬‬
‫أحكام دينية أُ َخر ـ غير الوالء والبراء ـ تتعلق باألخوة ‪71 .........‬‬
‫وأهميته ‪73 ........‬‬
‫ُ‬ ‫مفهومه‬
‫ُ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬ترك مواالة الكفار؛‬
‫كالم الزمخشري في تفسير آية (المجادلة) ‪73 . ...................‬‬
‫كالم اإلمام الرازي في ترك موالتهم ولو كانوا أمواتا ‪77 ........‬‬
‫كالم السيد عبد ا األهدل عن ترك المواالة ‪81 . .................‬‬
‫كالم اإلمام فخر الدين الرازي ‪82 . ................................‬‬
‫كالم اإلمام الخازن وقطب اإلرشاد عبد ا الحداد ‪84 . ..........‬‬
‫كالم اإلمام الحبيب عبد ا الحداد ‪85 . ..........................‬‬
‫كالم اإلمام عبد الوهاب الشعراني ‪86 . ...........................‬‬
‫السر ِه ْندي في «المكتوبات» ‪88 . ......‬‬ ‫كالم اإلمام الرباني أحمد‬
‫َّ ْ‬
‫كالم شيخ األزهر الشريف أحمد الدمنهوري ‪92 . ................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مواالة الكافر تار ًة تكون كفرا ‪93 ................‬‬
‫ليس كل من نطق بالشهادتين باقيا على اإلسالم ‪93 . .............‬‬
‫كالم القاضي عياض في «الشفاء» في بيان ذلك ‪96 . ..............‬‬
‫كالم الشيخ محمد أمين الكردي في ذلك ‪97 . ....................‬‬
‫كالم الشيخ محمد بن عوض الدمياطي في ذلك ‪98 . .............‬‬
‫كالم شيخ اإلسالم مصطفى صبري ‪99 . ..........................‬‬

‫‪151‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫عبارة «التحفة» للشيخ ابن حجر الهيتمي ‪111 .....................‬‬


‫أحكام أُخر لمواالة الكافر ‪113 ................‬‬
‫ٌ‬ ‫المبحث الخامس‪:‬‬
‫كالم اإلمام أبي عبد ا الحليمي ‪113. ............................‬‬
‫كالم األئمة‪ :‬النووي وابن الرفعة وابن المقري وغيرهم ‪117 ......‬‬
‫كالم اإلمام النووي في «األذكار» في تكنية الكافر ‪113 ...........‬‬
‫كالم ابن القيم عن تلقيب الكفار بألقاب التعظيم ‪114 ............‬‬
‫كالم اإلمامين‪ :‬الباجوري وابن دقيق العيد ‪115 ...................‬‬
‫شبهة قيام النبي ‪ %‬لجنازة اليهودي ‪118 ..........................‬‬
‫إذا صارت للكفار شوك ٌة‪ ،‬وكالم اإلمام الشعراني في ذلك‪121 ...‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬الفرق بين اإلنفاق واإلشفاق ‪122 .............‬‬
‫كالم اإلمام الحليمي وابن القيم في ذلك ‪123 .....................‬‬
‫جاد به اإلمام القرافي في «الفروق» ‪125 ........................‬‬
‫ما َ‬
‫ِ‬
‫النهي عن َمودة الكافرِ وزِ ُ‬
‫واج الكتابية ‪131. ......‬‬
‫ُ‬
‫المبحث السابع‪:‬‬
‫ما قاله اإلمام القفال الكبير في مصالح هذا الزواج ‪138 ...........‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬حكم االستغفار للكافر ‪142 ......................‬‬
‫شبهات بعض المرجفين والرد عليها موجزا ‪142 .................‬‬
‫ُ‬
‫يجوز الدعاء له بالمغفرة حال حياته إذا أريد به الهداية ‪147 ......‬‬
‫قص ٌة حصلت لإلمام الشعراني في ذلك ‪148 ......................‬‬

‫‪151‬‬
‫ما قاله ابن عالن في االستغفار له حال الحياة ‪149 ................‬‬
‫اإلجماع على تحريم االستغفار لمن مات كافرا ‪152‬‬
‫َ‬ ‫نقل النووي‬
‫ُ‬
‫كالم الدميري وشيخ اإلسالم وابن حجر والرملي وغيرهم ‪152 ..‬‬
‫تعقيب الشبراملسي على كالم «النهاية» ‪154 .....................‬‬
‫تعقيب الفقير على كالم العالمة الشبراملسي ‪156 .................‬‬
‫كالم مهم للشبراملسي في الرد على ما يفعله المنحرفون ‪158 ....‬‬
‫مالحظاتي على كالم العالمة القليوبي في حاشية المحلي ‪161 ...‬‬
‫قول القرافي‪ :‬إن االستغفار للكافر كفر ‪162 ......................‬‬
‫ٌ‬
‫والدعاء ألجل ذلك ‪163 ..‬‬
‫ُ‬ ‫هل يجوز تخفيف العذاب عن الكافر‪،‬‬
‫استطراد في استجابة دعاء الكافر ‪168 .............................‬‬
‫المبحث التاسع‪ :‬حكم إقامة المسلم بين الكفار ‪171 ..............‬‬
‫ب ْاآل َن ‪177 ...................‬‬ ‫است ْن َك ِ‬
‫ِ‬
‫ام ا ْل َع َر ُ‬
‫ار ل َما َي ْف َع ُل ُه ا ْل ُح َّك ُ‬
‫ٌ‬
‫جزِ ير ِة ا ْل َعربِي ِة ‪181 ................‬‬
‫ورا َع َلى ا ْل َ‬ ‫َلي َس ْ َ‬
‫األ ْمر َم ْقص ً‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫كالم الشيخ األكبر محيي الدين بن عربي عن الهجرة ‪181 ........‬‬
‫تفسير الشيخ ابن حجر لقوله ‪« :%‬ال تتراءا ناراهما» ‪182 ........‬‬
‫كالم الشيخ محمد ُع َليش المالكي عن اإلقامة بين الكفرة ‪185. ...‬‬
‫قول السيد عبد ا بن عبد الباري األهدل ‪186. ....................‬‬

‫‪152‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫بعض المفاسد المترتبة على اإلقامة في بالد الكفار ‪188. ..........‬‬


‫لماذا ُس ِمح ألهل الذمة باإلقامة في بالد المسلمين ‪192 ..........‬‬
‫الفرق بين الكافر والمبتدع في ترك المواالة ‪196‬‬
‫ُ‬ ‫المبحث العاشر‪:‬‬
‫ال ُت ْترك السنن ألجل فعل المبتدعة لها؛ فضال عن الواجبات ‪199.‬‬
‫وح ِب المبتدع والفاسق ‪211. .....‬‬ ‫ِ‬
‫تحقيق اإلمام الغزالي في ُبغض ُ‬
‫ُ‬
‫الفصل اثلان‪ :‬النهي عن التشبه بالكفار ‪219 .......................‬‬
‫ُ‬
‫تمهيد ‪211 .......................... ................................‬‬
‫الحفاظ على الهوية ظاهرا وباطنا ‪213 ..‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬وجوب ِ‬
‫أساليب القرآن في تنفير المسلمين عن التشبه بالكفار ‪217. .......‬‬
‫بعض ما ثبت في السنة مما ُي َن ِفر من هذا التشبه ‪219. ..............‬‬
‫ُ‬
‫تفسير المناوي لقوله ‪« :%‬من تشبه بقوم إلخ» ‪229. ..............‬‬
‫تفسير ابن تيمية له ‪231. ............................................‬‬
‫ما قاله السيد عبد ا األهدل في ذلك ‪234. ........................‬‬
‫استطراد فيما ورد من حبه ‪ %‬موافق َة أهل الكتاب ‪241 ..........‬‬
‫العمرية ‪248 .......................‬‬
‫ُ‬ ‫إشارة إلى ما ورد في الشرو‬
‫اللغة العربية من أبرز وأعظم شعائر اإلسالم ‪252 .................‬‬
‫استطراد في أن تشبه الرجل بالمرأة وكذلك العكس حرام ‪262 ...‬‬

‫‪153‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬بيان معنى «التشبه» ‪265 ..........................‬‬
‫بيان ابن حجر معنى «التشبه» وتعقبه وبيان المعنى الصحيح ‪274 .‬‬
‫ُ‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التشبه الكفري والتشبه غير الكفري ‪281 ........‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬إخباره ‪ %‬بأن أمته ستتبع األمم السابقة ‪283 ....‬‬
‫بعض اآلثار الملعونة لهذا التشبه ‪288 .............................‬‬
‫الكفار في أعيادهم‪ ،‬بالتهنئة‬
‫َ‬ ‫الفصل اثلالث‪ :‬مشاركة المسلمين‬
‫واإلهداء وغيرهما‪ :‬إثبات حرمتها‪ ،‬وتزييف القول بجوازها ‪291 ..‬‬
‫تمهيد ‪293 .......................... ................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األعياد والتهاني ‪295 .............................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تحقيق القول في تهنئة الكفار بأعيادهم ‪312 .....‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أدلة تحريم ذلك من الكتاب والسنة إلخ ‪319 ...‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬كيف ُنهنئهم بعيدهم وال يجوز لهم إظهاره ‪315 .‬‬
‫ومن هنأهم ُي َع َّزر ‪325 .‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬وكيف ُنهنئهم بعيدهم‪َ ،‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬شبهات المنحرفين والرد عليها ‪332 ...........‬‬
‫إجماع‪ ،‬والرد عليها ‪333‬‬ ‫الشبهة األولى‪ِ :‬‬
‫الحرم ُة مخت َل ٌف فيها وال‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫أوال‪ :‬المذهب الحنفي ‪336 ........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المذهب المالكي ‪339 .......................................‬‬

‫‪154‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ثالثا‪ :‬المذهب الشافعي ‪343 .......................................‬‬


‫رابعا‪ :‬المذهب الحنبلي ‪352 .......................................‬‬
‫ٍ‬
‫شبهة تتعلق بالمذهب الحنبلي ‪356 ...........................‬‬ ‫د ْف ُع‬
‫الشبهة الثانية‪ :‬شبهة «قصد التشب ِه»‪ ،‬والرد عليها ‪363 ..............‬‬
‫توضيح كالم «الفتاوى الكبرى» للشيخ ابن حجر ‪369 ............‬‬
‫المراد ال َيدفع اإليراد» ‪381 .....‬‬
‫ُ‬ ‫تحقيق العالمة اليوسي لقاعدة‪« :‬‬
‫الحكم ِل َت َغيرِ الزمان‪ ،‬والرد عليها ‪389 .........‬‬
‫ِ‬ ‫الشبهة الثالثة‪ :‬تغير‬
‫ُ‬
‫توقف الدعوة اإلسالمية على الحكمة مع الرد ‪398‬‬ ‫الشبهة الرابعة‪ُ :‬‬
‫ِمسك الختام ‪412 .................. ................................‬‬
‫الفهارس العامة ‪419 ............... ................................‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع ‪411 ....................................‬‬
‫فهرس المحتويات ‪433 ............................................‬‬

‫‪155‬‬
156
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫ف َوتَحْقِيقَاتُهُ‬
‫َتأْلِيفَاتُ ا ْلمُؤَلِّ ِ‬
‫(‪ )9‬دراسة وتحقيق « شـــــــرح العالمة الخيالي على القصـــــــيدة النونية‪،‬‬
‫للمولى خضـــــــر بن جالل الدين» – نال عنها درجة التخصـــــــص‬
‫(ماجســـــتير) في علم الكالم‪ ،‬بجامعة األزهر‪( .‬طبعة مكتبة وهبة –‬
‫القاهرة‪ /‬مصر‪2336 ،‬م)‪.‬‬
‫(‪ )2‬دراســــة وتحقيق «الرســــالة التســــعينية في األصــــول الدينية» لإلمام‬
‫الشـــــــيخ صـــــــفي الدين‪ ،‬محمد بن عبد الرحيم الهندي‪ ،‬في علم‬
‫الكالم (طبعة دار البصائر‪ /‬القاهرة‪ /‬مصر‪2331 ،‬م)‪.‬‬
‫(‪ )5‬دراســــــــة وتحقيق «العوائد الدينية في تلخيص الفوائد المدنية في‬
‫بيان من يفتى بقوله من متأخري الســادة الشــافعية» للعالمة الشــيخ‬
‫أحمد كويا الشــــــــالياتي المليباري (الطبعة األولى دار البصــــــــائر‪،‬‬
‫القاهرة‪ /‬مصر‪2393 ،‬هـ‪ ،‬الثانية‪ ،‬دار الضياء‪ ،‬الكويت‪ 2395 ،‬م)‪.‬‬
‫(‪ )4‬تأليف «تراجم علماء الشافعية في الديار الهندية» (طبعة دار الفتح‪،‬‬
‫عمان‪ /‬األردن‪2393 ،‬هـ)‪.‬‬
‫(‪ )8‬دراســـــــــة وتحقيق «أســـــــمــاء المؤلفين في ديــار مليبــار» للعالمــة‬
‫الشالياتي في التاريخ (دار النور‪ ،‬عمان‪ /‬األردن عام ‪2392‬م)‪.‬‬
‫(‪ )7‬دراســة وتحقيق «شــرح ميزان الكالم» للشــاه عبد العزيز الدهلوي‬
‫الهندي (دار النور‪ ،‬عمان‪ /‬األردن عام ‪2392‬م)‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫(‪ )6‬تأليف «تراجم علماء الشافعية في الديار الهندية»‪ ،‬اإلصدار الثاني‪،‬‬
‫مع اإلضـــــــــافــات والزيــادات واالســـــــتــدراكــات (دار البصـــــــــائر‪،‬‬
‫القاهرة‪/‬مصر‪9455 ،‬هـ‪2392/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )5‬دراســـــة وتحقيق «ســـــلم العلوم» في علم المنطق‪ ،‬لإلمام الشـــــيخ‬
‫محــب ا البهــاري الهنــدي الحنفي المــاتريــدي (دار الضـــــــيــاء‪،‬‬
‫الكويت‪9455 ،‬هـ‪2392 /‬م)‪.‬‬
‫(‪ )1‬دراســـــة وتحقيق «شـــــرح بحر العلوم على ســـــلم العلوم» في علم‬
‫المنطق‪ ،‬لبحر العلوم‪ ،‬عبد العلي بن نظام الدين بن قطب الدين‬
‫الســـــهالوي اللكهنوي المدراســـــي الهندي الحنفي الماتريدي (دار‬
‫الضياء‪ ،‬الكويت‪9455 ،‬هـ‪2392/‬م‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2396‬م)‪.‬‬
‫(‪ )93‬تحقيق ودراسة «األجوبة العجيبة عن األسئلة الغريبة» للشيخ زين‬
‫الدين المليباري الصغير (دار الضياء‪ ،‬الكويت‪9455 ،‬هـ‪2395/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )99‬تحقيق «عمدة األصـــــــحاب ونزهة األحباب» للشـــــــيخ رمضـــــــان‬
‫الشالياتي المليباري (دار النور‪ ،‬عمان‪ /‬األردن عام ‪2392‬م)‪.‬‬
‫(‪ )92‬تحقيق «المنهج الواضــح في شــرح إحكام أحكام النكاح» للشــيخ‬
‫زين الــدين المليبــاري الصـــــــغير (دار النور‪ ،‬عمــان‪ /‬األردن عــام‬
‫‪2392‬م)‪.‬‬
‫(‪ )95‬تحقيق « فيض الكريم البــاري في جواب أســـــــئلــة أخينــا الشـــــــيخ‬
‫القاضــــي أحمد شــــهاب الدين بن الشــــيخ محيي الدين المليباري»‬

‫‪158‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫للشـــــــيخ محمد زين العابدين البرزنجي (دار النور‪ ،‬عمان‪ /‬األردن‬


‫عام ‪2392‬م)‪.‬‬
‫(‪ )94‬دراســـة وتحقيق «رســـالة التنبيه في اصـــطالحات علماء الشـــافعية»‬
‫للشـــيخ مهران بن عبد الرحمن الكي َّف َّتاوي المليباري (دار الضـــياء‪،‬‬
‫الكويت‪9458 ،‬هـ‪2394/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )98‬دراســــة وتحقيق « ِعقد الجيد في أحكام االجتهاد والتقليد» لإلمام‬
‫الشــــــــــاه ولي ا الـــدهلوي الهنـــدي (دار الضـــــــيـــاء‪ ،‬الكويـــت‪،‬‬
‫‪9458‬هـ‪2394/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )97‬دراســــة وتحقيق «شــــر َحي المحقق الدواني والمال عبد ا اليزدي‬
‫ْ ْ‬
‫على تهــــذيــــب المنطق للتفتــــازاني» (دار الضــــــــيــــاء‪ ،‬الكويــــت‬
‫‪9458‬هـ‪2394/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )96‬تأليف‪« :‬نشأة المذهب األشعري وتطوره في الهند»‪ ،‬رسالة علمية‬
‫لنيل درجة العالمية‪« :‬الدكتوراه» في العقيدة والفلســـــــفة‪ ،‬من كلية‬
‫أصول الدين‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬القاهرة‪ /‬مصر (دار الضياء بالكويت‪،‬‬
‫‪9455‬هـ‪2396 /‬م)‪.‬‬
‫(‪ )95‬دراســــــــة وتحقيق «تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين»‬
‫للشـيخ اإلمام زين الدين المليباري الصـغير (دار الضـياء بالكويت‪،‬‬
‫‪9455‬هـ‪2396 /‬م)‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫(‪ )91‬دراســة وتحقيق‪« :‬اإللمام بمســائل اإلعالم» (وهو اإلعالم بقواطع‬
‫اإلسالم للشيخ اإلمام أحمد بن حجر الهيتمي رحمه ا )‪ ،‬للعالمة‬
‫الشـــيخ أحمد بن عبد الرزاق الرشـــيدي (ت‪9371 :‬هـــــــــــ) (الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬تراث علماء نوسانتارا‪ ،‬إندونيسيا‪ 9455 ،‬هـــــــــ‪ 2396 /‬م‪،‬‬
‫الثانية‪ ،‬دار الضياء‪ ،‬الكويت‪ 9451 ،‬هـ‪ 2395 /‬م)‪.‬‬
‫(‪ )23‬تحقيق ودراســة «مســلك األتقياء ومنهج األصــفياء في شــرح هداية‬
‫األذكياء إلى طريق األولياء»‪ ،‬للشـــــــيخ اإلمام عبد العزيز المعبري‬
‫المليباري (دار الضياء‪ ،‬الكويت‪ 9451 ،‬هـ‪ 2395 /‬م)‪.‬‬
‫إسعاف السني األَب ِِي ب ُ‬
‫ِح َجج إفالس الفكر الالمذهبي» (لم‬ ‫ُ‬ ‫(‪ )29‬تأليف «‬
‫يطبع)‪.‬‬
‫(‪ )22‬تأليف‪ « :‬مســــــــامرة الليالي المقمرة في المؤاخذة بأعمال القلوب‬
‫والمغفرة» ( الطبعة األولى‪ ،‬تراث علماء نوســـــــانتارا‪ ،‬إندونيســـــــيا‪،‬‬
‫‪9451‬هـ‪2396 /‬م)‪.‬‬
‫(‪ )25‬تــأليف‪« :‬كشـــــــف الحقــائق في بعض مســـــــــائــل اإليمــان والكفر‬
‫واللواحق» (لم يطبع)‪.‬‬
‫(‪ )24‬تــأليف‪ « :‬فطم المــألوف والنــأي عن المنــذر في األمر بــالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر»‪( .‬كرسي اإلمام أبي الحسن األشعري‪ ،‬مليبار‪/‬‬
‫الهند‪ ،‬الطبعة األولى ‪9456‬هـ‪2397/‬م)‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد‬

‫(‪ )28‬تأليف‪« :‬تحقيق معنى العدالة في تعديل جميع الصــحابة» (كرســي‬


‫اإلمــــام األشــــــــعري للبحوث ونشــــــــر التراث‪ ،‬مليبــــار‪ /‬الهنــــد‪،‬‬
‫‪9457‬هـ‪2398/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )27‬تحقيق ودراســـة‪« :‬غاية الوصـــول في شـــرح لب األصـــول» لشـــيخ‬
‫اإلسالم زكريا األنصاري (لم يطبع)‪.‬‬
‫(‪ )26‬تأليف‪« :‬أوراق الذهب في حل ألغاز «المذهب»»‪( ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ 9455‬هـــــــــــ‪ 2397 /‬م‪ ،‬كرســـي اإلمام األشـــعري للبحوث ونشـــر‬
‫التراث‪ ،‬مليبار‪ /‬الهند‪ ،‬تراث علماء نوســــانتارا‪ ،‬إندونيســــيا‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ 9451‬هـ‪ 2396 /‬م‪.‬‬
‫(‪ )25‬تأليف‪« :‬منهج أهل السنة؛ شبهات وردود» (لم يطبع)‪.‬‬
‫ِ‬
‫وتهنئتهم‬ ‫(‪ )21‬تأليف‪« :‬ردع األوغاد عن مواالة الكفار والتشـــــــب ِه بهم‬
‫باألعياد» (الطبعة األولى ‪ 9451‬هــــــــــــــ‪ 2395 /‬م‪ ،‬كرســــــي اإلمام‬
‫األشعري‪ ،‬مليبار‪ ،‬الهند‪ ،‬منارة أهل السنة‪ ،‬إندونيسيا)‪.‬‬
‫(‪ )53‬تــأليف‪« :‬تحقيق المقــال في تجويز التكليف بــالمحــال»‪( ،‬تحــت‬
‫الطبع)‪.‬‬
‫(‪ )59‬تأليف‪ُ « :‬س َّن ُة الصمود في وجه كفر أهل الجحود» (تحت الطبع)‪.‬‬
‫ِ‬
‫المعاد ية عن وجه ســـــــيدنا معاوية ‪»‬‬ ‫(‪ )52‬تأليف‪« :‬دفع الشـــــــبهات‬
‫(الطبعة األولى ‪ 9451‬هـــــــــــ‪ 2395 /‬م‪ ،‬كرســـي اإلمام األشـــعري‪،‬‬
‫مليبار‪ ،‬الهند)‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫(‪ )55‬تأليف‪« :‬العالمة اإلمام الشيخ زين الدين بن علي حسن األُ َ‬
‫ود َّكلي‬
‫المليباري‪ ،‬أستاذ األساتيذ‪ ،‬بحر العلوم؛ السيرة والمسيرة» (الطبعة‬
‫األولى ‪ 9451‬هـــــــــــ‪ 2395 /‬م‪ ،‬كرســـي اإلمام األشـــعري‪ ،‬مليبار‪،‬‬
‫الهند)‪.‬‬
‫(‪ )54‬تأليف‪« :‬الشيخ عبد ا بن الحاج محمد الفيضي الشيروري؛ همة‬
‫ال تقهر وعزيمة ال تلين» (الطبعة األولى ‪ 9451‬هـــــــــــــ‪ 2395 /‬م‪،‬‬
‫كرسي اإلمام األشعري‪ ،‬مليبار‪ ،‬الهند)‪.‬‬
‫(‪ )58‬ويعمل حاليا – منذ ما يزيد على ســـــــبع ســـــــنين ‪ -‬على دراســـــــة‬
‫وتحقيق كتاب «اإليعاب في شــــرح العباب» للشــــيخ اإلمام أحمد‬
‫بن حجر الهيتمي‪ ،‬أسأل ا التيسير على إتمامه‪.‬‬
‫(‪ )57‬وعلى دراســــــــة وتحقيق‪« :‬فتح المعين بشـــــــرح قرة العين» لإلمام‬
‫الشيخ أحمد زين الدين بن محمد الغزالي المليباري الصغير‪ .‬وله‬
‫غير ذلك من الكتب والمقاالت واألبحاث‪.‬‬

‫‪162‬‬

You might also like