You are on page 1of 145

‫ْ ْ ْ ْ‬

‫حتاْْجْ ْ‬
‫ْالمْ ْ‬
‫دادْْْْ‬
‫ْْإمْ ْْ‬
‫ْ ْ‬
‫عراْْجْ ْ‬ ‫رساءْْْ ْْْ‬
‫ْوالمْ ْ‬ ‫فةْْْْالْْْ ْْْ‬
‫عرْْ ْ‬
‫ْْإَلْْْمْ ْ‬
‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ى»ْْْ ْ ْ ْ‬
‫للمحدْثْْ‬ ‫غرْْ ْ‬
‫ْْالصْ ْ‬
‫عراْْجْْْْ‬
‫ْالمْ ْ‬
‫سالةْْْْْ‬
‫حاشيةْْْىلعْْ«ْرْْ ْْْ‬
‫ْ ْْ ْْ‬
‫ْ‬ ‫ْْ ْ ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْ(تْ‪981‬ـه)ْ‬
‫ْالسْكْْندْرْْيْْ ْ ْ‬ ‫الغْيْطْيْْْْ‬ ‫ينْْْْْ‬
‫ْادلْْ ْ‬
‫يهَْنْمْْْْ‬
‫الفقْْْ ْْ‬
‫ْْْ ْ‬
‫ْ ْ‬ ‫ْْ‬
‫هْاللْْْتْ ْْ ْ‬
‫عاَل ْ‬ ‫رحْ ْْْ ْ‬
‫ْْ ْ‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫ْ ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫حْْلْيمْ ْ‬
‫دْلعْ ْ ْ‬
‫حممْ ْْ‬
‫يلْبنْْْْ ْْ‬
‫جْ ْ ْْْ‬
‫لشْيْخْْْ ْ‬
‫لْ ْ ْ‬
‫دكتور حماِض يف العقيدة والفرق‬
‫يقول اإلمام المزن رِحه الل‪:‬‬
‫ْْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اْمْنْْ‬ ‫افيعْْْْ ْْْ ْْ ْ ْْْْ‬
‫ْثماننيْمرة‪ْ،‬فْمْْْ ْ‬ ‫ْىلعْالشْْ ْ‬
‫ْالرسالةْْْ ْْْْ ْ‬
‫ْكتابْْْْ ْ ْْْ‬
‫قرأتْْ ْْْ‬‫«ْ ْ ْْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْْ‬ ‫ْ‬
‫ْاللْْ‬ ‫افيعْْْْ ْْ ْْْ‬
‫‪ْ:‬ـهْيه‪ْ،‬أَْبْْْ‬ ‫ْالشْْ ْ‬ ‫ْواكنْيقفْْْىلعْْ ْ ْْْْ ْ ْْ‬
‫ْخطأ‪ْ،‬فقالْْْْ‬ ‫ْإَّلْْ ْ ْ ْْْ ْ‬
‫مرةْْْْ‬
‫ْْْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫غيْْْكْتْْابْْهْْ» ْ‬
‫صحيحْْ ْ ْ‬
‫تابْْ ْ ْ ْ ْ‬
‫أنْيكونْْْك ْْْْ ْ‬
‫ْْ ْْْ ْ ْ‬

‫أِخ القارئ الكريم‪ ،‬ما َكن من خطإ يف كتابنا فأرشدنا‬


‫إيله‪ ،‬فإننا َل نديع العصمة‪ ،‬وحنن لك من الشاكرين‪.‬‬

‫قال شيخنا احلافظ الهرري رِحه الل‪:‬‬


‫ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ‬
‫بْْْيْطْْلْعْْْضْْاَّلْْْمْ ْ‬
‫ضّْلْ»‬ ‫ْالكْتْ ْ‬
‫ْيْيْعْتْمْدْْْوْحْدْهْْْىلعْْْمْطْْالْعْةْْْْْ‬
‫«ْْاَّلْ ْْ‬

‫فال بد أِخ القارئ من تلِق العلم من أفواه األثبات‬


‫القات من أهل العلم‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪1‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ُ‬ ‫ﱁﱂﱃﱄ‬
‫ُ ُ‬
‫المُ ُ‬
‫قدُ ُُ‬
‫مة‬ ‫ُُُ‬

‫احلمد لل المتصف بدوام الملك والقاء‪ ،‬المنفرد ِبلق األشياء‪،‬‬


‫مولج الضياء يف الظالم ومولج الظالم يف الضياء‪ ،‬مِي األموات‬
‫ومميت األحياء‪ ،‬مقدر األرزاق واآلجال والسعادة والشقاء‪،‬‬
‫اّلي كرم سيدنا ممدا ﷺ بانلبوة وجعله خاتما لألنبياء‪ ،‬فهو‬
‫إمام المتقني وسيد المرسلني‪ ،‬ورأس الورعني وقدوة الزاهدين‪،‬‬
‫وقائد السالكني وسيد الغر المحجلني‪ ،‬أكرمه الل بالمقامات‬
‫أرشفها وأعالها‪ ،‬وأناَل من األحوال أجلها وأسناها‪ ،‬فبعثه بباهر‬
‫المعجزات الظاهرة‪ ،‬وأيده بظاهر اآليات الاهرة‪ ،‬وأنزل عليه‬
‫الكتاب المبني‪ ،‬وخصه بمعجزة اإلرساء والمعراج بني انلبيني‪،‬‬
‫فأطلعه لع عجيب العلويات‪ ،‬وأبرز َل من اآليات الينات‪،‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪2‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وأدخله دار انلعيم والمَسات‪ ،‬لك ذلك يف جزء للة من الليال‬


‫المباراكت‪.‬‬

‫وبعد‪ ،‬فقد صنف العلماء يف معجزة اإلرساء والمعراج‬


‫المصنفات‪ ،‬وملؤوا بذلك الصحف المبيضات والمسودات‪،‬‬
‫ونقلوا من كتب احلديث اآلثار واألخبار الشاهدات‪ ،‬لع صحة‬
‫وقوع تفاصيل هذه المعجزة لع انلحو اآلت‪ ،‬يف هذه الرسالة‬
‫اليت صنفها القاض الفقيه انلجم‪ ،‬اإلمام المحدث العلم‪َ ،‬نم‬
‫الين أبو المواهب ممد الغيطي‪ ،‬فأحببنا أن نرثي تلك الرسالة‬
‫باحلواش انلافعة‪ ،‬ونغنيها بالفوائد املاتعة‪ ،‬لكون عونا للقارئ‬
‫ُ‬
‫مدادُ‬
‫لع حل غريب لفظها‪ ،‬وتسهيل مشِك قوِلا‪ ،‬وأسميناها «ُإُ ُ ُُ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫عراُُجُ»‪ ،‬وما ذاك إّل ابتغاء رض‬ ‫ُاإلرساءُُُ ُُُُ‬
‫ُوالمُ ُ‬ ‫عرفُةُُُُ ُ ُُ‬
‫ُُإىلُمُ ُ ُ‬
‫حتاُُجُُُ ُُ‬
‫المُ ُ‬
‫ُُُ‬
‫الملك الوهاب‪ ،‬رجاء نيل العطية من لنه والواب‪ ،‬إنه لع ما‬
‫يشاء قدير‪ ،‬واحلمد لل اتلواب البري‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪3‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ُ ُ‬
‫وطُئةُُُ ُ‬
‫اُتلُ ُ ُ‬
‫ُ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ُاإليماُُ ُ‬
‫ةُأهلُُُُ ُُ‬
‫يانُعُقُُُيدُُُُ ُ‬
‫زيانُيفُبُُُُ ُُ‬
‫المُ ُُ ُُ ُُ‬
‫ُُُُ‬
‫احلمد لل رب العاملني‪ ،‬وصىل الل وسلم ورشف وكرم لع سيدنا‬
‫ممد‪ ،‬احلبيب املحبوب‪ ،‬العظيم اجلاه‪ ،‬العال القدر طه األمني‪ ،‬وإمام‬
‫املرسلني وقائد الغر املحجلني‪ ،‬ولع ذريته وأهل بيته الميامني‬
‫املكرمني‪ ،‬ولع زوجاته أمهات املؤمنني الارات اتلقيات انلقيات‬
‫الطاهرات الصفيات‪ ،‬وصحابته الطيبني الطاهرين‪ ،‬ومن تبعهم‬
‫بإحسان إىل يوم الين‪.‬‬

‫أما بعد‪ ،‬فهذه عقيدة لك األمة اإلسالمية سلفا وخلفا‪ ،‬ويه‬


‫املرجع اّلي تعرض عليه عقائد انلاس‪ ،‬فمن خالفها أو كذبها ّل‬
‫يكون من املسلمني‪ ،‬ويه مزيان احلق اّلي يكشف زيف الاطل‬
‫وزيغه‪ ،‬فاكن ّل بد من هذا اليان املهم لصوص الغرض وعموم‬
‫انلفع؛ وعليه‪:‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪4‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫اعلم أرشدنا الل وإياك أنه جيب لع لك ملكف أن يعلم أن الل‬


‫عز وجل واحد يف ملكه‪ ،‬خلق العالم بأرسه العلوي والسفيل والعرش‬
‫والكريس‪ ،‬والسمـوات واألرض وما فيهما وما بينهما‪ .‬مجيع الالئق‬
‫مقهورون بقدرته‪ّ ،‬ل تتحرك ذرة إّل بإذنه‪ ،‬ليس معه مدبر يف اللق‬
‫وّل رشيك يف امللك‪ ،‬يح قيوم ّل تأخذه سنة وّل نوم‪ ،‬اعلم الغيب‬
‫والشهادة ّل خيىف عليه ىشء يف األرض وّل يف السماء‪ ،‬يعلم ما يف‬
‫الرب والحر‪ ،‬وما تسقط من ورقة إّل يعلمها‪ ،‬وّل حبة يف ظلمات‬
‫األرض وّل رطب وّل يابس إّل يف كتاب مبني‪.‬‬

‫أحاط بكل ىشء علما وأحَص لك ىشء عددا‪ ،‬فعال ملا يريد‪،‬‬
‫قادر لع ما يشاء‪َ ،‬ل امللك وَل الغىن‪ ،‬وَل العز والقاء‪ ،‬وَل احلكم‬
‫والقضاء‪ ،‬وَل األسماء احلسىن‪ّ ،‬ل دافع ملا قَض‪ ،‬وّل مانع ملا أعطى‪،‬‬
‫يفعل يف ملكه ما يريد‪ ،‬وَيكم يف خلقه بما يشاء‪ّ ،‬ل يرجو ثوابا‬
‫وّل خياف عقابا‪ ،‬ليس عليه حق يلزمه وّل عليه حكم‪ ،‬ولك نعمة‬
‫منه فضل ولك نقمة منه عدل‪ّ ،‬ل يسأل عما يفعل وهم يسألون‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪5‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫موجود قبل اللق‪ ،‬ليس َل قبل وّل بعد‪ ،‬وّل فوق وّل حتت‪ ،‬وّل يمني‬
‫وّل شمال‪ ،‬وّل أمام وّل خلف‪ ،‬وّل لك وّل بعض‪ ،‬وّل يقال مَت اكن‬
‫وّل أين اكن وّل كيف‪ ،‬اكن وّل ماكن‪ ،‬كون األكوان‪ ،‬ودبر الزمان‪،‬‬
‫ّل يتقيد بالزمان‪ ،‬وّل يتخصص باملاكن‪ ،‬وّل يشغله شأن عن شأن‪،‬‬
‫وّل يلحقه وهم وّل يكتنفه عقل‪ ،‬وّل يتخصص باّلهن‪ ،‬وّل يتمثل‬
‫يف انلفس‪ ،‬وّل يتصور يف الوهم‪ ،‬وّل يتكيف يف العقل‪ّ ،‬ل تلحقه‬

‫األوهام واألفاكر‪ ،‬ﱡﭐﱐ ﱑ ﱒﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱠ‪.‬‬

‫تزنه رّب عن اجللوس والقعود واّلستقرار واملحاذاة‪ ،‬الرمحـن لع‬


‫العرش استوى استواء مزنها عن املماسة واّلعوجاج‪ ،‬خلق العرش‬
‫إظهارا لقدرته ولم يتخذه ماكنا ّلاته‪ ،‬ومن اعتقد أن الل جالس لع‬
‫العرش فهو اكفر‪ ،‬الرمحـن لع العرش استوى كما أخرب ّل كما خيطر‬
‫للبرش‪ ،‬فهو قاهر للعرش متصف فيه كيف يشاء‪ ،‬تزنه وتقدس رّب‬
‫عن احلركة والسكون‪ ،‬وعن اّلتصال واّلنفصال والقرب والعد‬
‫باحلس واملسافة‪ ،‬وعن اتلحول والزوال واّلنتقال‪ ،‬جل رّب ّل حتيط‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪6‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫به األوهام وّل الظنون وّل األفهام‪ّ ،‬ل فكرة يف الرب‪ ،‬خلق اللق‬
‫بقدرته‪ ،‬وأحكمهم بعلمه‪ ،‬وخصهم بمشيئته‪ ،‬ودبرهم بكمته‪ ،‬لم‬
‫يكن َل يف خلقهم معني‪ ،‬وّل يف تدبريهم مشري وّل ظهري‪.‬‬

‫ّل يلزمه (لم)‪ ،‬وّل جياوره (أين)‪ ،‬وّل يالصقه (حيث)‪ ،‬وّل َيله‬
‫(ما)‪ ،‬وّل يعده (كم)‪ ،‬وّل َيصه (مَت)‪ ،‬وّل َييط به (كيف)‪ ،‬وّل‬
‫يناَل (أي)‪ ،‬وّل يظله (فوق) وّل يقله (حتت)‪ ،‬وّل يقابله (حد)‪ ،‬وّل‬
‫يزامحه (عند)‪ ،‬وّل يأخذه (خلف)‪ ،‬وّل َيده (أمام)‪ ،‬ولم يتقدمه‬
‫(قبل)‪ ،‬ولم يفته (بعد)‪ ،‬ولم جيمعه (لك)‪ ،‬ولم يوجده (اكن)‪ ،‬ولم‬
‫يفقده (ليس)‪.‬‬

‫ّل إلـه إّل هو‪ ،‬تقدس عن لك صفات املخلوقني وسمات‬


‫املحدثني‪ّ ،‬ل يمس وّل يمس وّل َيس وّل جيس‪ّ ،‬ل يعرف باحلواس‬
‫وّل يقاس بانلاس‪ ،‬نوحده وّل نبعضه‪ ،‬ليس جسما وّل يتصف‬
‫بصفات األجسام‪ ،‬فاملجسم اكفر باإلمجاع وإن قال‪« :‬الل جسم ّل‬
‫اكألجسام» وإن صام وصىل صورة‪ ،‬فالل ليس شبحا‪ ،‬وليس شخصا‪،‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪7‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وليس جوهرا‪ ،‬وليس عرضا‪ّ ،‬ل حتل فيه األعراض‪ ،‬ليس مؤلفا وّل‬
‫مركبا‪ ،‬ليس بذي أبعاض وّل أجزاء‪ ،‬ليس ضوءا وليس ظالما‪ ،‬ليس‬
‫ماء وليس غيما وليس هواء وليس نارا‪ ،‬وليس روحا وّل َل روح‪،‬‬
‫ّل اجتماع َل وّل افرتاق‪.‬‬

‫ّل جتري عليه اآلفات وّل تأخذه السنات‪ ،‬مزنه عن الطول‬


‫والعرض والعمق والسمك والرتكيب واتلألف واأللوان‪ّ ،‬ل َيل فيه‬
‫ىشء‪ ،‬وّل ينحل منه ىشء‪ ،‬وّل َيل هو يف ىشء‪ ،‬ألنه ليس كمثله‬
‫ىشء‪ ،‬فمن زعم أن الل يف ىشء أو من ىشء أو لع ىشء فقد أرشك‪،‬‬
‫إذ لو اكن يف ىشء لاكن مصورا‪ ،‬ولو اكن من ىشء لاكن مدثا أي‬
‫خملوقا‪ ،‬ولو اكن لع ىشء لاكن مموّل‪ ،‬وهو معكم بعلمه أينما كنتم‬
‫ّل ختىف عليه خافية‪ ،‬وهو أعلم بكم منكم‪ ،‬وليس اكِلواء خمالطا‬
‫لكم‪.‬‬

‫ولكم الل موىس تكليما‪ ،‬والكمه الكم واحد ّل يتبعض وّل يتعدد‬
‫ليس حرفا وّل صوتا وّل لغة‪ ،‬ليس مبتدأ وّل خمتتما‪ ،‬وّل يتخلله‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪8‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫انقطاع‪ ،‬أزيل أبدي ليس كالكم املخلوقني‪ ،‬فهو ليس بفم وّل لسان‬
‫وّل شفاه وّل خمارج حروف وّل انسالل هواء وّل اصطاكك أجرام‪.‬‬
‫الكمه صفة من صفاته‪ ،‬وصفاته أزلة أبدية كذاته‪ ،‬وصفاته ّل تتغري‬
‫ألن اتلغري أكرب عالمات احلدوث‪ ،‬وحدوث الصفة يستلزم حدوث‬
‫اّلات‪ ،‬والل مزنه عن لك ذلك‪ ،‬مهما تصورت ببالك فالل ّل يشبه‬
‫ذلك‪ ،‬فصونوا عقائدكم من اتلمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب‬

‫والسنة فإن ذلك من أصول الكفر‪ ،‬ﱡﭐﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱠ‪،‬‬

‫ﱡﭐﲆ ﲇ ﲈﱠ‪ ،‬ﱡﱊ ﱋ ﱌﱍﱠ‪ ،‬ومن زعم أن‬


‫إلـهنا مدود فقد جهل الالق املعبود‪ ،‬فالل تعاىل ليس بقدر العرش‬
‫وّل أوسع منه وّل أصغر‪ ،‬وّل تصح العبادة إّل بعد معرفة املعبود‪،‬‬
‫وتعاىل ربنا عن احلدود والغايات واألراكن واألعضاء واألدوات‪ ،‬وّل‬
‫حتويه اجلهات الست كسائر املبتداعت‪ ،‬ومن وصف الل بمعىن من‬
‫معاين البرش فقد خرج من اإلسالم وكفر‪.‬‬

‫ﱡﭐﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﱠ‪ ،‬ﱡﭐﲤ ﲥ ﲦ ﲧﱠ‪ ،‬ﱡﭐﲗ ﲘ‬


‫ُ ُ‬
‫ُ‪9‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ﲙ ﲚ ﲛﱠ‪ ،‬ﱡﭐﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﱠ‪ ،‬ما شاء الل اكن‬


‫وما لم يشأ لم يكن‪ ،‬ولك ما دخل يف الوجود من أجسام وأجرام‬
‫وأعمال وحراكت وسكنات ونوايا وخواطر وحياة وموت وصحة‬
‫ومرض وّلة وألم وفرح وحزن وانزاعج وانبساط وحرارة وبرودة‬
‫ولونة وخشونة وحالوة ومرارة وإيمان وكفر وطاعة ومعصية وفوز‬
‫وخَسان وتوفيق وخذّلن وحتراكت وسكنات اإلنس واجلن‬
‫واملالئكة والهائم وقطرات املياه والحار واألنهار واآلبار وأوراق‬
‫الشجر وحبات الرمال واحلَص يف السهول واجلبال والقفار فهو ِبلق‬
‫الل‪ ،‬بتقديره وعلمه األزيل‪ ،‬فاإلنس واجلن واملالئكة والهائم ّل‬
‫خيلقون شيئا من أعماِلم‪ ،‬وهم وأعماِلم خلق لل‪ ،‬ﱡﭐﲤ ﲥ ﲦ‬

‫ﲧﱠ‪ ،‬ومن كذب بالقدر فقد كفر‪.‬‬

‫ونشهد أن سيدنا ونبينا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا وغوثنا‬


‫ووسيلتنا ومعلمنا وهادينا ومرشدنا وشفيعنا ممدا عبده ورسوَل‪،‬‬
‫وصفيه وحبيبه وخليله‪ ،‬من أرسله الل رمحة للعاملني‪ ،‬جاءنا بدين‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪10‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫اإلسالم كِك األنبياء واملرسلني‪ ،‬هاديا ومبرشا ونذيرا وداعيا إىل‬


‫الل بإذنه قمرا وهاجا ورساجا منريا‪ ،‬فبلغ الرسالة وأدى األمانة‬
‫ونصح األمة وجاهد يف الل حق جهاده حَت أتاه القني‪ ،‬فعلم وأرشد‬
‫ونصح وهدى إىل طريق احلق واجلنة‪ ،‬ﷺ ولع لك رسول أرسله‪،‬‬
‫ورض الل عن ساداتنا وأئمتنا وقدوتنا ومالذنا أيب بكر وعمر‬
‫وعثمان ويلع وسائر العرشة املبرشين باجلنة األتقياء الربرة وعن‬
‫أمهات املؤمنني زوجات انليب الطاهرات انلقيات املربآت‪ ،‬وعن أهل‬
‫اليت األصفياء األجالء وعن سائر األولاء وعباد الل الصاحلني‪.‬‬

‫ولل احلمد والفضل والمنة أن هدانا ِلذا احلق اّلي عليه األشاعرة‬
‫واملاتريدية ولك األمة اإلسالمية‪ ،‬واحلمد لل رب العاملني‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪11‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ ُ‬


‫يُ‬
‫ُالغُ ُيطُ ُ‬ ‫غرُُ ُُُ ُ‬
‫ىُللنُجُمُُُُُ‬ ‫ُُالصُ ُ‬
‫عراُُجُُُُ‬
‫ُالمُ ُ‬
‫سالةُُُُُ‬
‫حُيفُُُُرُُ ُُُ‬
‫الشُُارُُ ُُ‬
‫سنُدُُُُُ‬
‫ُُ‬

‫أقول وأنا مجيل أروي رسالة الغيطي الصغرى يف المعراج‬


‫بأسانيد عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫رواييت ِلا قراءة من أوِلا إىل ءاخرها لع الشيخ ممد اغزي‬


‫حسني ءااغ احلمِص وهو عن شيخه الشيخ أمحد بن أمحد بن‬
‫إسماعيل الكعِك احلمِص (ت ‪1417‬ه) عن مفيت الشافعية‬
‫بلب العالمة الفقيه األصويل اللغوي ممد بن أسعد بن أمحد‬
‫العبِج الشافِع احلليب (ت ‪1393‬ه) ‪ -‬تلميذ املحدث الشيخ بدر‬
‫الين احلسن وشيخ املحدث ممد ياسني الفاداين – ويرويها‬
‫الشيخ العبِج عن فقيه الشافعية بلب املحدث األصويل الشيخ‬
‫أمحد بن مصطىف بن عبد الوهاب املعروف باملكتيب الكبري‬
‫(ت ‪1342‬ه) عن شيخ األزهر ممد بن ممد بن حسني األنبايب‬
‫الشافِع (ت ‪1313‬ه) عن الشيخ إبراهيم بن يلع بن حسن السقا‬
‫األزهري (ت ‪1298‬ه) عن الشيخ المعمر ثعيلب بن سالم‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪12‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫الفشن األزهري (ت ‪1239‬ه) عن املحدث الفقيه أيب العباس‬


‫أمحد بن عبد الفتاح الملوي الشافِع األزهري (ت ‪1181‬ه) عن‬
‫الشيخ الصوف الشهاب أمحد بن ممد انلخيل املِك الشافِع‬
‫األزهري (ت ‪1130‬ه) عن الفقيه الشمس ممد بن العالء الابيل‬
‫(ت ‪1077‬ه) عن مفيت املالكية بمص سالم بن ممد العز بن‬
‫ممد انلاِص السنهوري (ت ‪ 1015‬ـه) وهو عن املصنف الفقيه‬
‫املحدث الشيخ انلجم ممد بن أمحد بن يلع الغيطي السكندري‬
‫الشافِع (ت ‪984‬ه) رمحه الل تعاىل‪.‬‬
‫ُ‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪13‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ﱁﱂ ﱃﱄ ُ‬
‫احلمد الل رب العالمني وصىل الل لع سيدنا ممد ولع ءاَل‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫بالسند املتصل إىل اإلمام َنم الين الغيطي رمحه الل تعاىل قال‪:‬‬
‫مضطجعا ُ(‪ )4‬بني‬ ‫بينما(‪ )1‬انليب ﷺ عند اليت(‪ )2‬يف احلجر‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫(‪ )1‬أي بني أوقات كون انليب ﷺ كذا‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي الكعبة‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو ما حتت مزياب الرمحة من الكعبة جلهة الشام‪ ،‬وإنما سم‬
‫حجرا ألنه احتجر أي اقتلع من األرض بما أدير عليه من‬
‫النيان‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي واضعا جنبه األيمن الرشيف باألرض بني انلوم والقظة‪،‬‬
‫وذلك تواضعا منه ﷺ مع كونه ألع انلاس قدرا وشأنا عند الل‬
‫عز وجل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪14‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫جربيل ومياكئيل ومعهما ملك ءاخر ُ(‪،)3‬‬ ‫ُ(‪)2‬‬


‫إذ أتاه‬ ‫(‪)1‬‬
‫رجلني‬
‫فاحتملوه(ُ‪ )4‬حَت جاؤوا به زمزم ُ(‪ )5‬فاستلقوه لع ظهره(‪ )1‬فتوّله‬
‫منهم(‪ )2‬جربيل‪.‬‬

‫(‪ )1‬هما عمه محزة وابن عمه جعفر رض الل عنهما‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي بغته باملِجء‪.‬‬
‫(‪ )3‬قيل هو إرسافيل عليه السالم‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي محله املالئكة الالثة بلطف وبهيئة تشعر بتوقريه‬
‫وتعظيمه ﷺ‪ ،‬هذا من غري أن يشعروا محزة وجعفرا رض الل‬
‫عنهما بذلك‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي ناحية الرئ‪ .‬وزمزم برئ داخل املسجد احلرام‪ ،‬بينها وبني‬
‫الكعبة حنو سبعة عرش مرتا‪ .‬اختلف يف سبب تسميتها بذلك؛‬
‫فقيل‪ :‬لكرثة مائها وذلك أنه يقال للماء الكثري زمزم وزمزوم‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬لضم هاجر عليها السالم ماءها حني انفجرت وسالت‬
‫ُُ ُ‬
‫وزمها إياها‪ ،‬وقيل‪ :‬غري ذلك‪ .‬وملاء زمزم أسماء أخر‪ ،‬منها‪ُُ :‬هُُزُ ُ‬
‫مةُُ‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪15‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ُُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫باعة بفتح الشني‪،‬‬
‫ربيلُ أي غمزته بعقبه يف األرض‪ ،‬و ُبُُرُة‪ ،‬وُشُُُُ ُُ‬
‫جُ ُُ‬‫ُُ‬
‫ُ ُُ‬ ‫ُ ُ‬
‫كُتُُمُ سميت بذلك‬
‫ضنونة ويه اليت ّل يشبع منها منافق‪ ،‬وُتُ ُ‬ ‫المُ ُ‬‫وُُُُ‬
‫ألنها اندفنت بعد جرهم وصارت مكتومة فأخرجها عبد‬
‫المطلب‪ ،‬وطعام طعم‪ ،‬وشفاء سقم‪ ،‬ورشاب األبرار أي من شأن‬
‫األبرار أن يرشبوا منها إن استطاعوا اقتداء بانليب ممد ﷺ‬
‫وتعالمه‪ ،‬وليس معناه أنه ّل يرشب منها إّل بر تِق‪ّ ،‬ل‪ ،‬فقد‬
‫ثبت أنه رشب منها المنافقون وأصناف من الاكفرين‪ .‬وجاء يف‬
‫ُ ُ ُُُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ب ُُلُُ» أي من رشبه‬ ‫ماءُ ُُُزُُمُُزُُم ُُُلُُمُُُ ُ‬
‫اُشُُ ُ‬ ‫احلديث الابت مرفواع‪ُُ ُ« :‬‬
‫حلاجة ناِلا بإذن الل‪ .‬وقد صح عن أيب ذر الغفاري رض الل‬
‫عنه أنه أقام شهرا بمكة فقال‪« :‬ما اكن ل طعام إّل ماء زمزم‪،‬‬
‫فسمنت حَت تكَست عكن بطن»‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي طلبوا منه ﷺ اّلستلقاء لع ظهره أو أنهم فعلوا به ذلك لع‬
‫هيئة الهيبة والوقار‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي توَّل أمره من بينهم‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪16‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وف رواية‪ :‬فرج(‪ )1‬سقف بيته ُ(‪ ،)2‬فزنل جربيل فشق(‪ )1‬من ثغرة‬
‫ثم قال جربيل لمياكئيل‪ :‬ائتن‬ ‫(‪)3‬‬
‫إىل أسفل بطنه‬ ‫(‪)2‬‬
‫حنره‬

‫(‪ )1‬أي شق‪.‬‬


‫(‪ )2‬هو مقدمة ملا يكون يف هذه الليلة من خرق العادة وبروز‬
‫العالمات الاهرة كشق صدره الرشيف وشق الحر املكفوف‬
‫وشقه ﷺ طريقه حنو السماوات العىل‪.‬‬
‫ُُ‬
‫وجاء يف بعض الروايات‪ُ« :‬بُيُ ُتُ» باإلضافة لع معىن اليت اّلي‬
‫اكن يبيت فيه ﷺ‪ ،‬فقد اكن إذ ذاك ‪ -‬بناء لع هذه الرواية ‪ -‬يف‬
‫بيت أم هانئ رض الل عنها بنت عمه أيب طالب ولم يكن‬
‫خمتليا بها‪ ،‬واسم أم هانئ فاختة ومعناه احلمامة ذات الطوق‬
‫حسنة الصوت‪ ،‬وقيل‪ :‬اعتكة‪ ،‬وقيل‪ :‬هند‪.‬‬
‫وقد مجع بعض املحدثني بني الروايتني بأنه ﷺ اكن ابتداء يف‬
‫بيت أم هانئ رض الل عنها فشق سقف اليت فاحتملته‬
‫املالئكة إىل ناحية احلجر فوضعته بني محزة وجعفر رض الل‬
‫عنهما حَت اضطجع ثم اعدوا واحتملوه إىل ناحية زمزم‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪17‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫(‪ )1‬أي طوّل‪ ،‬وذلك من غري أن يشعر رسول الل ﷺ بألم‪ ،‬واتلأم‬
‫موضع الشق منه ﷺ بعد ذلك بَسعة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ثغرة انلحر انلقرة بني الرتقوتني‪ ،‬والرتقوة العظم الارز المتصل‬
‫بني المنكب وثغرة انلحر‪ ،‬والمنكب ُمتمع العضد والكتف‪.‬‬
‫(‪ )3‬قريبا من الَسة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪18‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫بطست(‪ )1‬من ماء زمزم كيما أطهر قلبه ُ(‪ )2‬وأرشح صدره ُ(‪،)3‬‬
‫فاستخرج قلبه فغسله(‪ )4‬ثالث مرات ونزع(‪ )5‬ما اكن فيه من‬
‫أذى ُ(‪ ،)6‬واختلف ُ(‪ )1‬إله مياكئيل بثالث طسات(‪ )2‬من ماء‬

‫(‪ )1‬أي إناء‪ ،‬ويغلب لع الطست المستعمل بني انلاس كونه من‬
‫حناس‪ ،‬أما اّلي جاء به مياكئيل عليه السالم فروي أنه اكن من‬
‫ذهب من أواين اجلنة‪ .‬وف اسمه لغات‪ :‬الطست والطست‬
‫والطشت والطشت والطس والطسة‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي من أجل أن أزيد يف طهارة قلبه الرشيف ﷺ‪ ،‬وّل شك أنه‬
‫ﷺ أطهر انلاس قلبا‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي من أجل أن أوسع قلبه لمتلئ باألرسار زيادة لع ما هو عليه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي القلب الرشيف‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي أخرج من قلبه ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )6‬يريد بذلك العلقة السوداء‪ ،‬وقد وهم بعض املحدثني وأهل السري‬
‫اكلقاض عياض والربهان احلليب الرواة اّلين ذكروا قضية‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪19‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫استخراج العلقة السواء هنا للة المعراج لع اعتبار أنه حصل‬


‫لهؤّلء الرواة خلط بني حادثة الشق للة المعراج وبني الشق اّلي‬
‫حصل َل ﷺ حني اكن طفال يف بادية بن سعد حيث أضجعه‬
‫جربيل ومياكئيل عليهما السالم وأخرجا من قلبه العلقة السوداء‬
‫لِك يبَق طول عمره مفوظا من رش الشيطان‪.‬‬
‫وّل شك أن الشيطان ّل يستطيع دخول جسد أحد من األنبياء‬
‫بل يوسوس لهم من خارج‪ ،‬ومع ذلك فإن قرين انليب ممد ﷺ‬
‫من اجلن أسلم‪ ،‬فقد صح يف احلديث اّلي رواه مسلم وغريه أن‬
‫ُ ُ‬
‫مُنُكمُُُُمُُنُُ‬ ‫ابن مسعود رض الل عنه قال‪ :‬قال رسول الل ﷺ‪« :‬ماُُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُ‬
‫مُنُُُاْلُنُُ»‪ ،‬قالوا‪ :‬وإياك يا رسول الل؟‬ ‫كُُُبُُهُُُقُرُُُينُُهُُ ُ ُ‬‫ُأُحُدُُُإُلُ ُُوُق ُُُدُُوُ ُ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫ِبُيُُ»‪.‬‬‫نُُإُلُُُ ُ‬
‫يهُُفُأُسُلُُمُُفُالُُُيُأُمُرُ ُُ‬
‫نُُعُلُُُ‬
‫اعنُ ُُ‬
‫نُُُاللُُُأُ ُ‬ ‫قال‪ُ« :‬وُإُُيُُاي‪ُُُ،‬إُلُُُأُ ُ‬
‫(‪ )1‬أي أَت‪.‬‬
‫(‪ )2‬مجع طست‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪20‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫زمزم ُ(‪ ،)1‬ثم أَت ُ(‪ )2‬بطست(‪ )3‬من ذهب متلئ حكمة وإيمانا‬
‫ُ(‪)4‬‬

‫فأفرغه ُ(‪ )5‬يف صدره(‪ )6‬ومأله حلما وعلما ويقينا وإسالما ُ(‪ )7‬ثم‬

‫(‪ )1‬إشارة إىل كون الغسالت الالثة من طسات ثالثة ّل من طس‬


‫واحد‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي جربيل عليه السالم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي الطست اململوء حكمة وإيمانا‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي ملوءا بىشء َيصل به الزيادة يف الكماّلت واحلكمة للنيب‬
‫ﷺ‪ .‬وقال شيخنا اإلمام اِلرري رمحه الل‪" :‬الطست فيه ىشء‬
‫حِس‪ ،‬أما الوصف باحلكمة واإليمان فهو ىشء معنوي"‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي رابع غري الالثة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي قلبه الرشيف ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )7‬قال اإلمام ابن أيب مجرة رض الل عنه‪" :‬احلكمة يف شق صدره‬
‫مع القدرة لع أن يمتلئ قلبه إيمانا وحكمة بغري شق الزيادة يف‬
‫قوة القني ألنه أعطي صىل الل عليه وسلم برؤية شق بطنه‬
‫وعدم تأثره بذلك ما أمن معه من مجيع المخاوف العادية"‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪21‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫أطبقه ُ(‪ )1‬ثم ختم بني كتفيه ِباتم انلبوة(‪ ،)2‬ثم أت بالرباق‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫وهو دابة أبيض طويل فوق احلمار ودون‬ ‫ملجما‬


‫ُ(‪)5‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫مَسجا‬

‫(‪ )1‬أي الصدر الرشيف‪.‬‬


‫(‪ )2‬قال الزرقاين يف «رشح المواهب» (‪" :)302/1‬إن التم تكرر ثالث‬
‫مرات‪ :‬يف بن سعد‪ ،‬ثم عند المبعث‪ ،‬ثم للة اإلرساء كما دلت‬
‫عليه األحاديث‪ ،‬وّل بأس بهذا اجلمع‪ ،‬فإن فيه إعمال األحاديث‬
‫كها إذ ّل داِع لرد بعضها وإعمال بعضها‪ ،‬لصحة لك منها"‪.‬‬
‫وخاتم انلبوة قطعة حلم لع اجلل ناتئة مستديرة قدر بيضة‬
‫احلمام مرتفعة يف ظهره الرشيف ﷺ بني كتفيه الرشيفني ﷺ‪،‬‬
‫يزهو بانلور وتعلوه المهابة وينفح بالطيب‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي من اجلنة‪ ،‬يذكر ويؤنث‪ ،‬مشتق من برق يربق‪ ،‬وهو مأخوذ‬
‫من الربق لَسعة سريه أو من الربيق لشدة صفاء لونه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي عليه رسج وهو ما يهيأ للركوب‪ ،‬قيل‪ :‬اكن من لؤلؤة بيضاء‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي مشدودا عليه اللجام‪ ،‬وهو ما يوضع يف فم الابة‪ ،‬قيل‪ :‬اكن‬
‫من ياقوتة محراء‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪22‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫الغل ُ(‪ )1‬يضع حافره ُ(‪ )2‬عند منته طرفه ُ(‪ ،)3‬مضطرب األذنني ُ(‪،)4‬‬
‫إذا أَت لع جبل ُ(‪ )5‬ارتفعت رجاله ُ(‪ )6‬وإذا هبط ارتفعت يداه(‪،)7‬‬

‫(‪ )1‬أي أكرب من احلمار وأقل من الغل حجما‪.‬‬


‫(‪ )2‬سم حافرا ألنه َيفر به األرض‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي َيط لك حافر من يديه المتقدمتني عند املاكن اّلي ينتِه‬
‫إله بصه‪ ،‬ثم يضع لك واحدة من رجليه ماكن ذلك‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي متحرك األذنني مع طول فيهما‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي إذا أقبل لع صعود جبل‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي طالت رجاله المؤخرتان‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي المتقدمتان‪ .‬وإذا استوت األرض عقب جبل أو واد رجع‬
‫الرباق إىل حاَل األول يف رجليه ويديه فال َيس راكبه بمشقة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪23‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫َل جناحان يف فخذيه َيفز بهما رجليه ُ(‪ ،)1‬فاستصعب عليه ُ(‪،)2‬‬
‫فوضع جربيل يديه لع معرفته ُ(‪ )3‬ثم قال‪ :‬أّل تستحِي(‪ )4‬يا براق‪،‬‬

‫(‪ )1‬أي يقوي بهما رجليه يف رسعة السري‪ .‬ولعل الَس يف كونهما يف‬
‫فخذيه ثقل مؤخرته أو ألن ذلك أرفق بالراكب؛ فإنهما لو اكن يف‬
‫جنبيه حلاذيا الراكب وحلصل َل بذلك مشقة عند نرش الرباق لهما‬
‫وعند طيهما ّل سيما حال اإلرساع‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي اضطرب اضطرابا شديدا فصار صعب الركوب مستعصيا‪.‬‬
‫وقد فعل الرباق ذلك مهابة للنيب ﷺ وتيها ودّلّل وفرحا به ﷺ‬
‫ّل إباية وامتنااع‪ ،‬قاَل احلافظ العسقالين يف «الفتح» (‪.)207/7‬‬
‫ُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬ ‫ُُ ُ‬
‫وف رواية‪ُ« :‬فُشُمُسُ» أي منع ظهره‪ ،‬وف رواية‪َُ« :‬صُتُ ُأُذُنُُيهاُ»‬
‫باتلأنيث لع ما ذكرنا من جواز تذكري الرباق وتأنيثه ومعناه أنها‬
‫ُُُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ها» أي‬ ‫اضطربت‪ ،‬وف رواية أخرى‪ُ« :‬تُعَُّثُُتُ ُوُُنُفُشُتُ ُعُرُُفُ ُ‬
‫اضطربت ونفشت شعر عنقها‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي لع موضع العرف من الرباق وهو الشعر يف عنقها‪.‬‬
‫ُ ُُ ُ ُ‬
‫يُ»‪ ،‬خاطبه خطاب من يعقل‪ ،‬فإن الل عز‬ ‫(‪ )4‬وف رواية‪ُُ« :‬ألُتُُُسُتُحُيُُ ُ‬
‫وجل قد جيعل اإلدراك يف بعض الواب واجلمادات إذا شاء‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪24‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫فواّلل ما ركبك خلق أكرم لع الل منه ُ(‪ ،)1‬فاستحي(‪ )2‬حَت‬


‫ارفض عرقا(‪ )3‬وقر ُ(‪ )4‬حَت ركبها‪ ،‬واكنت األنبياء تركبها قبله(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬فيه دلل لع أنه ركبه من قبل سيدنا ممد ﷺ غريه‪ .‬أما ما‬
‫ذكره بعض أهل السري من أن اضطراب الرباق اكن لعد العهد‬
‫بركوب األنبياء َل فغري صحيح‪ ،‬نعم اكنت تركبه األنبياء ولكنه‬
‫لم يضطرب امتنااع من أن يركبه خري اللق ممد ﷺ بل فعل‬
‫ذلك طربا وتيها ودّلّل‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي الرباق ُميبا بلسان احلال‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي جرى وسال منه العرق حياء ومهابة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي سكنت وثبتت‪.‬‬
‫(‪ )5‬يؤيده ما رواه اليهِق يف «الّلئل» من حديث أيب سعيد الدري‬
‫ُُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫واتُ‬
‫ياءُُُصُلُ ُُ‬
‫ُاألُنُبُُُُ‬
‫تُُُ‬‫اكنُ ُ‬
‫رض الل عنه عن رسول الل ﷺ قال‪ُ« :‬وُ ُ‬
‫ُ ُ ُ ُُ ُُ‬
‫مُتُرُُكُبُهُُُقُبُُلُ»‪.‬‬
‫ُعلُُيهُُ ُُ‬
‫ُُاللُُُ ُ‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪25‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وقال سعيد بن المسيب وغريه(‪« :)1‬يه دابة إبراهيم اليت اكن‬


‫ُ(‪)4‬‬
‫يركبها للبيت احلرام» ُ(‪ .)2‬فانطلق به(‪ )3‬جربيل وهو عن يمينه‬

‫(‪ )1‬اكتلابِع أيب سلمة عيَس بن عبد الرمحن السلم‪.‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه الطربي يف «تهذيب اآلثار» (‪.)412/1‬‬


‫روي أن سيدنا إبراهيم ﷺ اكن إذا أراد زيارة السيدة هاجر‬
‫عليها السالم بمكة محل لع الرباق وغدا من الشام إىل مكة‪،‬‬
‫ثم اعد فبات الليل بالشام عند السيدة سارة عليها السالم‪.‬‬
‫وحِك أيضا أنه حني ماتت هاجر وتزوج إسماعيل ﷺ امرأة من‬
‫جرهم‪ ،‬اكن إبراهيم ﷺ يركب الرباق لزيور وله بمكة ثم يعود‬
‫فيبيت عند سارة‪.‬‬

‫(‪ )3‬أي بانليب ﷺ لع الرباق‪.‬‬

‫(‪ )4‬واكن جربيل ءاخذا براكب الرباق‪ ،‬وف بعض اآلثار أنه ركب مع‬
‫انليب ﷺ‪ ،‬فال مانع من وقوع هذين األمرين يف الرحلة نفسها‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪26‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ومياكئيل ُ(‪ )1‬وهو عن يساره(‪ .)2‬وعن ابن سعد‪ :‬واكن اآلخذ براكبه‬
‫جربيل وبزمام الرباق مياكئيل‪ ،‬فساروا حَت بلغوا أرضا ذات‬
‫َنل‪ ،‬فقال َل جربيل‪ :‬انزل فصل هنا‪ ،‬ففعل ثم ركب فقال َل‪:‬‬
‫وإلها‬ ‫أتدري أين صليت؟ قال‪ّ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬صليت بطيبة‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫به يضع حافره حيث أدرك‬ ‫ُ(‪)4‬‬


‫المهاجرة‪ .‬فانطلق الرباق يهوي‬
‫طرفه‪ ،‬فقال َل جربيل‪ :‬انزل فصل هنا(‪ ،)5‬ففعل ثم ركب فقال َل‪:‬‬

‫(‪ )1‬واكن مياكئيل عليه السالم ءاخذا بالزمام أي المقود‪.‬‬


‫(‪ )2‬لم يذكر خرب امللك الالث اّلي اكن معهما بمكة حال شق‬
‫الصدر الرشيف‪.‬‬
‫(‪ )3‬وتسَّم طابة أيضا‪ ،‬سميت بذلك لطيبها بمهاجرة انليب ممد‬
‫ﷺ إلها وسكناه بها‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي يسري‪.‬‬
‫(‪ )5‬فيه دلل ألهل السنة لع استحباب الصالة يف املواضع المباركة‪،‬‬
‫قال الل تعاىل خطابا لموىس ﷺ‪ :‬ﱡﲿﳀﳁﳂﱠ‪ ،‬وقال‬
‫أيضا‪ :‬ﱡﭐﱤﱥﱦﱧ ﱨﱩﱪﱠ‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪27‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫أتدري أين صليت؟ قال‪ :‬صليت بمدين ُ(‪ )1‬عند شجرة موىس ُ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬تقع جنوب فلسطني وتطل لع خليج العقبة المحاذي لسيناء‪.‬‬


‫(‪ )2‬ويه الشجرة اليت استظل حتتها سيدنا موىس ﷺ حني خرج‬
‫فرارا من أذى الكفار حني رضب القبطي فقتله قبل أن يأتيه‬
‫اإلذن بذلك‪ ،‬قيل‪ :‬اكنت شجرة عناب أو عوسج‪ ،‬وقيل غريهما‪،‬‬
‫ﳚﳜ ﳝ ﳞ ﳟﳠ ﳡ‬
‫ﳛ‬ ‫قال الل تعاىل‪ :‬ﱡﭐﳗ ﳘ ﳙ‬

‫ﳢ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋﱠ‬

‫[سورة‪ ،]22-21 :‬أو يه الشجرة اليت اكن عندها حني كشف =‬


‫= َل احلجاب فأسمعه الل الكمه اّلي ليس حرفا وّل صوتا وّل‬
‫لغة وفهم منه موىس ما فهم‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪28‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫فانطلق الرباق يهوي به ثم قال َل جربيل‪ :‬انزل فصل هنا‪ ،‬ففعل‬


‫ثم ركب فقال َل‪ :‬أتدري أين صليت؟ قال‪ّ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬صليت بطور‬
‫سيناء(‪ )1‬حيث كم الل موىس ُ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬بكَس السني وفتحها‪ ،‬ويقال فيه‪ :‬سينني‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي يف الماكن اّلي اكن فيه سيدنا موىس ﷺ عندما سمع الكم‬
‫الل اّلات اّلي ليس حرفا وّل صوتا وّل لغة وفهم منه موىس‬
‫ما فهم‪ ،‬أما الل عز وجل فلم َيل يف الطور وّل يف غريه من‬
‫األماكن‪ ،‬فإنه سبحانه وتعاىل موجود أزّل وأبدا بال كيف وّل‬
‫ماكن وّل جهة‪ ،‬والكمه اّلات صفة َل أزلة أبدية‪ ،‬فالكمه ليس‬
‫كالكم اللق‪ ،‬ليس مبتدأ وّل خمتتما وّل متقطعا وّل متتابعا‬
‫وّل متبعضا وّل مرتكبا وّل متعددا‪ ،‬بل هو الكم واحد أزيل‬
‫أبدي ّل َييط بقيقته عقل وّل يتصور يف اّلهن‪ ،‬إنما جيب‬
‫اإليمان بأنه تعاىل متصف بهذه الصفة من غري تكييف وّل‬
‫تمثيل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪29‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم بلغ أرضا بدت(ُ‪َ )1‬ل قصور ُ(‪ )2‬فقال َل جربيل‪ :‬انزل فصل هنا‪،‬‬
‫ففعل ثم ركب وانطلق الرباق يهوي به فقال َل جربيل‪ :‬أتدري‬
‫أين صليت؟ قال‪ّ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬صليت ببيت حلم(‪ )3‬حيث ول عيَس‬
‫ابن مريم ُ(‪.)4‬‬

‫من اجلن يطلبه‬ ‫وبينما هو يسري لع الرباق إذ رأى عفريتا‬


‫(‪)5‬‬

‫بشعلة من نار ُ(‪ ،)6‬كما اتلفت ُ(‪ )7‬رءاه‪ ،‬فقال َل جربيل‪ :‬أّل أعلمك‬

‫(‪ )1‬أي ظهرت‪.‬‬


‫(‪ )2‬يه بعض قصور بالد الشام‪.‬‬
‫(‪ )3‬ببيت المقدس‪.‬‬
‫(‪ )4‬فيه دلل ألهل السنة لع استحباب الصالة يف املواضع المباركة‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي شيطانا خبيثا مبالغا يف اتلمرد‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي يتتبعه بها‪ ،‬والشعلة ما اختذت فيه انلار واتلهبت فيه‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي رسول الل ﷺ‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪30‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫كمات تقولهن إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه ُ(‪)1‬؟‬


‫فقال رسول الل ﷺ‪ :‬بىل‪ ،‬فقال جربيل‪ :‬قل‪ :‬أعوذ بوجه الل‬
‫ُ(‪)2‬‬

‫(‪ )1‬أي سقط لع فمه‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي بذات الل‪ ،‬فإن الوجه إذا أضيف إىل الل فقيل "وجه الل" ّل‬
‫يراد بذلك العضو املعروف من اإلنسان‪ ،‬حاشا لل وتزنه الل عن‬
‫مشابهة املخلوقات‪ ،‬فالل ليس جسما وّل يشبه األجسام كما أنه‬
‫ّل يشبه شيئا من املخلوقات‪ ،‬ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒﱠ‪ .‬فإذا قيل‪" :‬وجه‬
‫الل" فقد يراد به ذات الل اّلي ّل يشبه اّلوات ومن ذلك قوَل‬
‫تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬﱠ أي الل موجود أزّل وأبدا ّل يفىن‪ ،‬وقد‬
‫ﱡﭐ ﱺ ﱻ‬ ‫يراد بالوجه ثواب الل ورضاه ومن ذلك قوَل تعاىل‪:‬‬
‫ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﱠ‪ ،‬وقد يراد به القبلة ومنه قوَل‪ :‬ﱡﭐﲊ ﲋ‬
‫ﲌﱠ أي قبلة الل أي اليت وضعها الل لكم‪ ،‬فقد رخص للعباد‬
‫يف صالة انلفل يف السفر اتلوجه إىل اجلهة اليت يذهبون إلها‪،‬‬
‫وهذا لراكب الابة‪ ،‬وّل يراد بالوجه إذا أضيف إىل الل يف مثل‬
‫هذا اجلارحة أي العضو‪ ،‬بل حكم من يعتقد اجلارحة لل‬
‫اتلكفري‪ ،‬ألنه لو اكن َل عضو جلاز عليه الفناء‪ ،‬تزنه الل عن ذلك‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪31‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫الكريم ُ(‪ )1‬وبكلمات الل(‪ )2‬اتلامات(‪ )3‬اليت ّل جياوزهن بر وّل‬


‫فاجر(‪ )1‬من رش ما يزنل من السماء(‪ )2‬ومن رش ما يعرج فيها‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫(‪ )1‬يعن الل املتصف بعظمة القدر والسلطان‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي أحتصن بكالم الل تعاىل‪ ،‬والكم الل تعاىل يطلق ويراد به‬
‫صفته اّلاتية األزلة األبدية‪ ،‬كما يراد به القرءان اّلي هو‬
‫عبارة عن الكم الل اّلات‪ .‬فإذا أريد به الصفة اّلاتية فهو ليس‬
‫حرفا وّل صوتا وّل لغة وّل يشبه الكم املخلوقات‪ ،‬وقد يِجء‬
‫بلفظ اجلمع للتعظيم "كمات الل" وليس هو للّللة لع تعدد‬
‫الكم الل‪ ،‬فالكم الل األزيل واحد ّل يتعدد وّل يتبعض‪ ،‬بل هو‬
‫مجع للتعظيم‪ ،‬قال عز وجل‪ :‬ﱡﭐ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﱠ‪ .‬وأما القرءان‬
‫أي األلفاظ املزنلة اليت يه عبارة عن الكم الل فِه حروف‬
‫ولكمات مدثة خملوقة ِلا بداية ونهاية‪.‬‬
‫(‪ )3‬إن أريد بكالم الل تعاىل صفته فاتلام معناه الاكمل ألن‬
‫صفات الل اكملة ّل نقص فيها‪ ،‬وإن أريد بكالم الل األلفاظ‬
‫املزنلة اكلقرءان فوصفها باتلامات معناه أنه ّل يدخلها نقص‪،‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪32‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫فليست يه من تألف خملوق‪ ،‬وقيل‪ :‬اتلامات هنا انلافعة‪ .‬أما‬


‫ﱡﭐ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ‬ ‫ما جاء يف قوَل تعاىل‪:‬‬
‫ﱝﱠ فليس معناه أن الكم الل اّلات اّلي هو صفته اكن‬
‫ناقصا ثم تم‪ ،‬حاشاه‪ ،‬بل معناه أن الل أخربنا بأنه حكم وقَض‬
‫أزّل وقدر أن يكون أكرث انلاس يف اآلخرة يف جهنم‪ ،‬وحكمه‬
‫تام أي ّل ينقض وّل يتخلف مراده‪.‬‬
‫(‪ )1‬فيه للعلماء تفسريات‪ :‬فقال بعضهم‪ :‬معناه أن الرب والفاجر ّل‬
‫يتجاوز حاِلما ما قَض الل لهما‪ ،‬فأما الرب أي الطائع فله الواب‬
‫اجلزيل‪ ،‬وأما الفاجر أي العايص والاكفر فلِك عذابه لع حسب‬
‫ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ‬
‫ُولُُُفُُاجُرُُ» ّل يزيد‬
‫حاَل‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬معىن «ُلُُُُيُُاوُُزُهُنُُُبُرُُ ُ‬
‫أحد يف اتلمام لع كمات القرءان أي اللفظ املزنل وّل يستدرك‬
‫عليها‪ ،‬فإن القرءان أبلغ الكم عرّب وّل يدخله عيب‪ ،‬قال الل‬
‫ﱡﭐ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ‬ ‫تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱠ‪ ،‬وقال أيضا‪:‬‬
‫ﲶﱠ‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪33‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫(‪ )1‬أي من العذاب اكلصواعق‪ .‬وقال شيخنا اِلرري رمحه الل‪" :‬هذا‬
‫يدخل فيه الفضاء اّلي دون السماوات‪ ،‬أي أستعيذ من رش‬
‫اجلن اّلين يف الفضاء‪ ،‬وجيوز أن يكون املراد ما تؤمر به‬
‫املالئكة من إيقاع اِلالك ببعض املخلوقني"‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال شيخنا اِلرري رمحه الل‪" :‬أي ما يصعد به املالئكة من‬
‫سوء أي من أعمال الرش اليت يرفعونها إىل سجل تسجل فيه يف‬
‫السماء" اه‪ .‬وقال بعض العلماء‪ :‬سماها رشا باعتبار أن األعمال‬
‫السيئة رش بنفسها وألنها جتلب الوبال لع العايص مرتكبها‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪34‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ومن رش ما ذرأ يف األرض(‪ )1‬ومن رش ما خيرج منها(‪ )2‬ومن فَت‬


‫ومن طوارق الليل وانلهار ُ(‪ )4‬إّل طارقا يطرق‬ ‫ُ(‪)3‬‬
‫الليل وانلهار‬
‫ِبري(‪ )5‬يا رمحن‪ ،‬فانكب لفيه ُ(‪ )6‬وطفئت شعلته‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي ما خلق لع ظهر األرض‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي مما يف بطنها من اِلوام وحنوها من المؤذيات‪.‬‬
‫(‪َ )3‬يتمل أن يراد به اليت تصيب يف الليل وانلهار بمعىن الواقعة‬
‫فيهما‪ ،‬أو أن يراد الفَت اليت يستعني أهلها عليها بالليل‬
‫فيسترتون به ويتوصلون فيه إلها وكذلك انلهار‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي حوادثه اليت تأت لال ونهارا‪.‬‬
‫(‪ )5‬الطرق اإلتيان بالليل‪ ،‬وقد يذكر انلهار معه تبعا‪ ،‬ومعناه‬
‫أستجري بالل من لك ءات يف الليل إّل ءاتيا فيه ِبري‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي سقط لع فمه‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪35‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫فساروا حَت أتوا لع قوم(‪ )1‬يزرعون يف يوم وَيصدون يف يوم ُ(‪،)2‬‬


‫كما حصدوا اعد كما اكن ُ(‪ ،)3‬فقال‪ :‬يا جربيل ما هذا؟ قال‪ :‬هؤّلء‬

‫(‪ )1‬أي مثل َل قوم صفتهم كذا بأن صور الل عز وجل لهم أمثاّل‬
‫فرءاهم انليب ﷺ‪ ،‬وف ذلك تمثيل ملا يناَل قوم من األجر الكبري‬
‫المضاعف إىل أضعاف كثرية لع عمل الرب‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي يف الوم اتلال لوم الزرع‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ينبت ماكنه غريه‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪36‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫تضاعف لهم احلسنة بسبعمائة‬ ‫(‪)1‬‬


‫المجاهدون يف سبيل الل‬
‫ضعف ُ(‪ ،)2‬وما أنفقوا من ىشء(‪ )3‬فهو خيلفه ُ(‪.)4‬‬

‫ووجد(‪ )5‬رَيا طيبة فقال‪ :‬يا جربيل ما هذه الراِئة؟ فقال‪ :‬راِئة‬
‫بنت‬ ‫يه تمشط‬
‫(‪)8‬‬
‫ماشطة بنت فرعون وأوّلدها ُ(‪ ،)6‬بينما‬
‫(‪)7‬‬

‫(‪ )1‬أي المجاهدون بالسالح إلظهار دين اإلسالم ونصة احلق‪.‬‬


‫(‪ )2‬ويزيد الل من يشاء أكرث من ذلك أضعافا‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي يف اجلهاز للجهاد يف سبيل الل‪ ،‬وقد يدخل فيه انلفقة اليت‬
‫ابتِغ بها مرضاة الل وإن اكنت يف غري اجلهاد من وجوه الرب‪.‬‬
‫ﳒ‬ ‫ﳑ‬ ‫ﱡﭐ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ‬ ‫(‪ )4‬يف هذا اقتباس من قول الل تعاىل‪:‬‬
‫ﳓﳔﳕﱠ [سورة سبأ‪.]39 :‬‬
‫(‪ )5‬أي وشم يف موضع ءاخر مرا به‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي راِئة تفوح من قبورهم‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي اكن من شأنها وأمر أوّلدها كذا وكذا‪.‬‬
‫(‪ )8‬بضم الميم وكَسها‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪37‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫فرعون ُ(‪ )1‬إذ سقط المشط(‪ )2‬فقالت‪ :‬بسم الل‪ ،‬تعس ُ(‪ )3‬فرعون‪،‬‬
‫فقالت ابنة فرعون‪ :‬أو لك رب غري أيب؟ فقالت‪ :‬نعم ُ(‪ ،)4‬قالت‪:‬‬
‫أفأخرب بذلك أيب؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فأخربته فداع بها فقال‪ :‬ألك رب‬
‫غريي؟ قالت‪ :‬نعم رّب وربك الل‪ .‬واكن للمرأة ابنان(‪ )5‬وزوج ُ(‪،)6‬‬

‫(‪ )1‬أي تَسح شعرها‪.‬‬


‫(‪ )2‬بتثليث الميم‪.‬‬
‫(‪ )3‬بكَس العني وقد تفتح‪ ،‬ومعناه هنا خَس وخاب‪ ،‬وف األصل‬
‫عرث وانكب لوجهه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي ليس فرعون برب‪ ،‬رّب ورب أبيك هو الل‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي سوى الرضيع‪.‬‬
‫(‪ )6‬حِك أن زوجها اكن خازنا لفرعون أي من عماَل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪38‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫(‪)ُ 3‬‬
‫فأرسل إلهم ُ(‪ )1‬فراود المرأة وزوجها أن يرجعا ُ(‪ )2‬عن دينهما‬
‫(ُ‪)5‬‬
‫فأبيا‪ ،‬فقال‪ :‬إين قاتلكما(‪ ،)4‬قالت‪ :‬إحسانا منك إلنا إن قتلتنا‬
‫أن جتعلنا يف بيت ُ(‪ )6‬واحد فتدفننا فيه مجيعا‪ ،‬فقال‪ :‬ذلك لك بما‬

‫(‪ )1‬أي فرعون‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي أرادهما لع أن يرجعا بمعىن طلب منهما ذلك‪ ،‬يقال‪ :‬راوده‬
‫بمعىن أراده لع أن يفعل كذا‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهو دين اإلسالم الين احلق اّلي ّل يقبل الل من العبد دينا‬
‫غريه‪ ،‬قال الل عز وجل‪ :‬ﱡﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬﱠ [سورة ءال‬
‫عمران‪.]19 :‬‬
‫(‪ )4‬أي إن لم ترجعا‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي إن قتلتنا بغيا وظلما فأحسن دفننا‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي قرب‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪39‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫لك علينا من احلق ُ(‪ ،)1‬فأمر ببقرة ُ(‪ )2‬من حناس فأمحيت(‪ )3‬ثم أمر‬
‫حَت‬ ‫بها تللَق فيها يه وأوّلدها(‪ ،)4‬فألقوا ُ(‪ )5‬واحدا واحدا‬
‫(‪)6‬‬

‫(‪ )1‬أي يف الدمة‪.‬‬


‫(‪ )2‬هو القدر الواسع الكبري‪ ،‬وليس هو شيئا مصواغ لع صورة‬
‫القرة ولكنه واسع مأخوذ من اتلبقر وهو اتلوسع‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي بما فيها من ماء وزيت‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي وزوجها معهم‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي طرحوا يف القدر‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي واحدا بعد واحد‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪40‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫بلغوا أصغر رضيع فيهم ُ(‪ )1‬فقال‪ :‬يا أماه قِع وّل تقاعِس(‪ )2‬فإنك‬
‫لع احلق المبني ُ(‪ ،)3‬فألقيت يه وأوّلدها(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ظاهر العبارة وجود أكرث من رضيع وهذا أصغرهم‪ ،‬ويمكن‬


‫محل الالكم لع معىن أنهم وصلوا إىل ريم األصغر بني األبناء‬
‫ُ‬ ‫ُ ُُُ‬
‫واُإىلُصُغُيُُُُرُُضُيُُعُُُُفُ ُيهُُُم»‪.‬‬
‫حَّتُُُبُلُغُ ُُُُ ُُ‬
‫وهو رضيع فيهم‪ ،‬وف رواية‪ُ ُ« :‬‬
‫(‪ )2‬أي سلم أمرك لل وّل ترجِع عن احلق‪ ،‬وليس معىن "قِع"‬
‫اريم بنفسك يف القدر‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي الني الظاهر‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي ألقاها مجاعة فرعون وأوّلدها وزوجها يف قدر املاء والزيت‬
‫المغليني واحدا تلو اآلخر فماتوا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪41‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫قال(ُ‪ :)1‬وتكلم يف المهد(‪ )2‬أربعة ُ(‪ )3‬وهم صغار‪ :‬هذا(‪ )4‬وشاهد‬


‫يوسف(‪ )5‬وصاحب جريج(‪ )1‬وعيَس بن مريم ُ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أي الراوي‪ ،‬وهو ابن عباس رض الل عنهما عند أمحد وابن‬
‫جرير واليهِق‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي يف الطفولة قبل األوان المعتاد للالكم‪.‬‬
‫(‪ )3‬وقال السيويط ستة‪ ،‬وقال غريه‪ :‬ثمانية‪.‬‬
‫(‪ )4‬يعن الرضيع ابن املاشطة‪ ،‬قيل‪ :‬اكن ابن سبعة أشهر‪.‬‬
‫(‪ )5‬حني اتهمت زلخا زورا وبهتانا سيدنا يوسف ﷺ بأنه راودها‬
‫عن نفسها‪ ،‬أنطق الل عز وجل صبيا يف المهد اكن يف دارهم ‪-‬‬
‫قيل اكن ابن خاِلا أو ابن خادمة عندها ‪ -‬فقال كما أخرب الل‬
‫حاكية عن ذلك‪ :‬ﱡﭐﲖﲗﲘﲙﱠ أي شق ﱡﭐﲚﲛﱠ أي‬
‫ﱡﭐ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ‬ ‫من قدامه‬
‫ﲵ ﲷ ﲸ ﲹ ﱠﭐ‬
‫ﲶ‬ ‫ﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳ ﲴ‬

‫فأظهر الل عز وجل براءة يوسف ﷺ لع لسان طفل من أهل‬


‫زلخا تكلم يف المهد وهو ابن شهرين‪ ،‬وحصول ذلك لع هذا‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪42‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫انلحو المخالف للعادة أدل للحارضين لع نزاهة سيدنا يوسف‬


‫ﷺ وأنىف للتهمة عنه‪ ،‬وهو عليه السالم بريء يف نفس األمر‬
‫والواقع مما رمته به زلخا ألن شأنه كسائر األنبياء أنه معصوم‬
‫من الكفر والكبائر واّلنوب الالة لع خسة انلفس ودناءتها‬
‫قبل انلبوة وبعدها‪ ،‬حاشا نليب من أنبياء الل أن يهم بالزَن‪.‬‬
‫فليحذر مما يف بعض الكتب مما فيه طعن يف سيدنا يوسف‬
‫عليه السالم وتنقيص من عصمته حيث يقول بعضهم‪" :‬حل‬
‫رساويله وقعد منها مقعد الرجل من امرأته" فنسبة ذلك إىل نيب‬
‫من أنبياء الل كفر وضالل مبني‪ ،‬وقد حذر احلافظ ابن‬
‫اجلوزي رمحه الل من هذه العبارة يف تفسريه‪ ،‬فنسبتها إىل ابن‬
‫عباس كذب مفضوح‪.‬‬
‫(‪ )1‬ثبت يف الصحيح عن أيب هريرة رض الل عنه أن رسول الل ﷺ‬
‫ُُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ‬
‫قالُُُلُُُُجُرُُيُجُُُيُصُُلُُُ ُ ُُ‬
‫‪ُ،‬فجاءُُتُهُ‬ ‫ُيفُُُبُ ُنُُُإُرسُُائ ُُُيلُُُيُ ُُ‬ ‫قال‪ُ ُ« :‬‬
‫اكنُُُرُجُلُُ ُ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُُُ ُ ُُُ ُ‬
‫‪ُ،‬ثُمُ ُُأتُتُهُ‬
‫هاُ ُُأوُُُأُصُُلُُُ‬
‫‪ُ:‬أُجُ ُيبُ ُُ‬
‫ها‪ُ،‬فقالُُُ‬
‫أنُ ُُيُ ُيبُ ُُُُ ُ ُُ‬
‫‪ُ،‬فأَبُ ُُ ُ‬
‫‪ُ،‬فدُعُتُهُُُ ُُ‬
‫ُأُمُهُُُ ُ‬
‫ُ ُ ُُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫‪ُ،‬واكنُُُجُرُُيُجُ‬
‫ومُساُُتُُُُ ُ ُ‬
‫ُالمُ ُ ُ‬
‫‪ُ:‬اللُهُمُُُلُُُتُُمُتُهُُُحَُّتُُُتُرُُيُهُُُوُجُُوهُُُُ‬
‫فقالُتُُُُُ‬
‫ُ ُ ُُ‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪43‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ ُُ‬
‫‪ُ،‬فَكُمُتُهُ‬
‫ا‪ُ،‬فتُعُرُضُتُُُلُُُ ُ‬ ‫‪ُ:‬ألُفُتَُنُُُجُر ُُيُُُُ ُ‬
‫ُامُرُُأةُُُ‬
‫تُُُ‬ ‫ُ ُيفُُُصُوُُمُعُتُهُُُُ ُ ُُ‬
‫‪ُ،‬فقالُ ُ‬
‫ُُ‬ ‫ُ ُ ُ ُُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُ ُ ُُ ُ‬ ‫ُ ُُ‬
‫ها‪ُ،‬فوَُُلُُتُُُغُالُمُُُ ُ ُُ‬
‫اُفقالُتُ‪ُ:‬‬ ‫ُمُنُنُفُسُُ ُُُُ ُ‬
‫ا‪ُ،‬فأمُكُنُتُهُُ ُ ُُ‬‫ُراعُيُُُُ ُُ‬
‫‪ُ،‬فأتُتُُ ُُ ُ‬ ‫فأَبُُُ ُُ‬‫ُ ُُ‬
‫ُُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ُ،‬فتُوُُضُأُ‬
‫ُوسُبُُوهُُُ ُ‬
‫‪ُ،‬فأنُزُلُُوهُُ ُ‬ ‫وكَُسُ ُُُ‬
‫واُصُوُمُعُتُهُُُ ُُ‬ ‫‪ُ،‬فأتُوُه‪ُ ُُ ُ،‬‬ ‫ُهُوُُُ ُ ُُ‬
‫ُمُنُجُرُُيُ ُجُُُ ُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫وا‪ُ:‬‬
‫‪ُ،‬قالُ ُُ‬ ‫‪ُ:‬الرُُُ ُ‬
‫اِعُُُ ُُ‬ ‫قالُُُُُ‬
‫ُياُغُالُُم؟ُُ ُُ‬
‫وكُُُُُ‬ ‫نُأبُ ُ‬
‫‪ُ:‬مُ ُُُ‬
‫‪ُ،‬فقالُُُ‬
‫ُالغُالُمُُُ ُ ُُ‬‫ُأَتُُُُ‬ ‫وصَُّلُُُثُمُُُ‬‫ُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ُمُنُطُيُ»‪ .‬ومعىن‪ُ« :‬مُنُ‬ ‫‪ُ،‬إُلُُ ُ ُُ ُ ُ‬ ‫‪ُ:‬لُُُ‬
‫‪ُ،‬قالُُُ‬
‫بُُُ ُُ‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ُمُنُذ‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ك‬ ‫ُنُبُ ُنُُُصُوُمُعُتُ‬
‫ُ ُ‬
‫وك» أي صورة‪ ،‬ومعناه من ماء من أنت‪.‬‬ ‫ُُأبُ ُ ُ‬
‫(‪ )1‬وقد أخرب الل عما حصل مع سيدنا عيَس ﷺ يف القرءان فقال‪:‬‬
‫ﱡﭐﱹﱺﱻﱼﱽ ﱾﱿ ﲀﲁﱠ أي سيؤتين الكتاب‬
‫ﱡﭐ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬ ‫وينبئن‬
‫ﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑ ﲒﲓﲔﲕﲖﲗ‬

‫ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﱠ‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪44‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ترضخ رؤوسهم ُ(‪ ،)2‬كما رضخت اعدت كما‬ ‫وأَت لع قوم‬


‫ُ(‪)1‬‬

‫عنهم من ذلك ىشء‪ ،‬فقال‪ :‬يا جربيل من‬ ‫ّل يفرت‬


‫ُ(‪)4‬‬
‫اكنت‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫هؤّلء؟ قال‪ :‬هؤّلء اّلين تتثاقل رؤوسهم عن الصالة‬


‫المكتوبة ُ(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬أي مثل َل قوم صفتهم كذا بأن صور الل عز وجل لهم أمثاّل‬
‫فرءاهم انليب ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي تكَس بىشء صلب‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي قبل الكَس‪ ،‬ثم كَست مرة أخرى ثم اعدت كما اكنت قبل‬
‫الرضح وهكذا‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي ّل خيفف‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي يتاكسلون عن تأدية الصالة املفروضة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪45‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم أَت لع قوم لع أقبالهم(‪ )1‬رقاع(‪ )2‬ولع أدبارهم رقاع يَسحون‬


‫كما تَسح اإلبل والغنم ويأكلون الَّضيع ُ(‪ )3‬والزقوم(‪ )4‬ورضف‬

‫(‪ )1‬مجع قبل‪.‬‬


‫(‪ )2‬مجع رقعة‪.‬‬
‫(‪ )3‬شجر قبيح املنظر كريه الراِئة شديد المرارة طعما‪ ،‬وقيل هو‬
‫شوك من نار‪.‬‬
‫(‪ )4‬صنف ءاخر من الطعام اّلي يكره عليه أهل انلار‪ ،‬راِئته‬
‫نتنة ومنظره خموف وطعمه كريه جدا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪46‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫جهنم ُ(‪ )1‬وحجارتها‪ ،‬فقال‪ :‬من هؤّلء يا جربيل؟ قال‪ :‬هؤّلء اّلين‬
‫ّل يؤدون صدقات أمواِلم(‪ ،)2‬وما ظلمهم الل شيئا‪.‬‬

‫(‪ )1‬حجارتها المحماة‪ .‬وقد جاء يف بعض األحاديث أن رضف جهنم‬


‫يكون طعام بعض عصاة المسلمني من أهل الكبائر‪ ،‬من ذلك‬
‫من يأكل أموال انلاس بغري حق بشحاذة مرمة‪ ،‬فقد روى‬
‫الرتمذي يف سننه عن حبِش بن جنادة السلويل رض الل عنه‬
‫ُ ُُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ُُيُمُرُُةُ‬ ‫نُُُ ُ‬
‫ولُُُِلُ ُُ ُ‬ ‫سُأُُلةُُُلَُُُتلُُ ُ‬
‫ُلُغُ ُُ‬ ‫ُالمُ ُ‬
‫أن رسول الل ﷺ قال‪ُ« :‬إُنُُُُ‬
‫ُُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ ُُ‬ ‫ُُ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ُُمُُفُظُُعُ» أي دين‬ ‫أوُغُرُُمُُ‬
‫قُُع» أي شديد «ُُ ُُ‬ ‫يُ ُُإُلُُُُِلُ ُُُ‬
‫ُُيُفُقُُرُُُُمُدُُ ُ‬ ‫ُسُوُُ ُُ‬
‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫وش ُا» أي خدوشا‬ ‫ُانلُُاسُُُ ُِلَُّثُُيُُُبُُهُُُُمُُالُُُاكُنُُُُخُ ُ‬ ‫نُسُأُلُُُ‬
‫ومُ ُُ‬ ‫ثقيل «ُ ُ‬
‫ُ ُُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫ُمُنُجُهُنُُمُ» احلديث‪.‬‬‫اُيُُأكُلُهُُ ُ ُُ‬ ‫ضُفُُُ‬
‫ُورُ ُ‬ ‫ُالقُيُُامُةُُُ ُ‬
‫ومُُُُ‬
‫ُوجهُُهُُُُيُ ُ‬
‫«ُ ُيفُُ ُ ُ‬
‫(‪ )2‬أي يمتنعون من أداء الزاكة الواجبة عليهم بغري عذر‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪47‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم أَت لع قوم بني أيديهم حلم نضيج ُ(‪ )1‬يف قدور وحلم ءاخر‬
‫خبيث(‪ ،)3‬فجعلوا يأكلون من النء البيث ويدعون‬ ‫(‪)2‬‬
‫ينء‬
‫انلضيج الطيب‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا يا جربيل؟ فقال‪ :‬هذا الرجل ُ(‪ )4‬من‬
‫أمتك تكون عنده املرأة احلالل الطيبة ُ(‪ )5‬فيأت امرأة خبيثة‬
‫ُ(‪ُ)6‬‬

‫فيبيت عندها حَت يصبح‪ ،‬واملرأة تقوم من عند زوجها حالّل‬


‫طيبا فتأت رجال خبيثا فتبيت معه حَت تصبح‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي ناضج وطيب‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي غري ناضج‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي منَت طعما ولونا وراِئة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي مثل لعض الرجال‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي اليت حتل َل‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي امرأة حترم عليه‪ ،‬ويه خبيثة تلمكنيها إياه من نفسها يف‬
‫احلرام‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪48‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم أَت لع خشبة لع الطريق ُ(‪ّ )1‬ل يمر بها ثوب وّل ىشء إّل‬
‫خرقته ُ(‪ ،)2‬فقال‪ :‬ما هذا يا جربيل؟ قال‪ :‬هذا مثل أقوام من أمتك‬
‫يقعدون لع الطريق فيقطعونه ُ(‪ ،)3‬وتال قوَل تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲌ ﲍ‬

‫ﲎﲏﲐﱠ(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬أي ملقاة ِبانبه‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي مزقته إن اكن ثوبا وحنوه وأحلقت بغري حنو الوب أذى من‬
‫كَس وجرح بواسطة شوكها وشعبها‪.‬‬
‫(‪ )3‬وقطع الطريق هو الربوز للمارة فيه ألخذ مال أو لقتل أو إراعب‬
‫ُماهرة اعتمادا لع القوة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي تهددون املارة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪49‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ورأى رجال يسبح يف نهر من دم يلقم احلجارة ُ(‪ )1‬فقال‪ :‬من هذا‬
‫يا جربيل؟ فقال‪ :‬مثل ءالك الربا ُ(‪.)2‬‬

‫ثم أَت لع رجل قد مجع حزمة ُ(‪ )3‬حطب ّل يستطيع محلها وهو‬
‫يزيد عليها ُ(‪ ،)4‬فقال َل‪ :‬ما هذا يا جربيل؟ قال‪ :‬هذا الرجل من‬
‫أمتك تكون عنده أمانات انلاس ّل يقدر لع أدائها ُ(‪ )5‬ويريد‬
‫أن يتحمل عليها ُ(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬أي تلَق احلجارة يف فمه فيبتلعها‪.‬‬


‫(‪ )2‬يغمس بذلك جزاء لع انغماسه يف احلرام يف النيا ويلقم احلجر‬
‫جزاء لع أكله املال بالاطل‪.‬‬
‫(‪ )3‬بضم احلاء وكَسها أي ُمموعة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي يضم إلها غريها‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي يأكلها ويفرط بها‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي ويطمع أن توضع عنده أمانات أخرى لأكلها أيضا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪50‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من‬ ‫وأَت لع قوم تقرض‬


‫ُ(‪)1‬‬

‫حديد(‪ ،)2‬كما قرضت اعدت كما اكنت ّل يفرت(‪ )ُ 3‬عنهم‪ ،‬فقال‪:‬‬


‫من هؤّلء يا جربيل؟ قال‪ :‬هؤّلء خطباء الفتنة(‪ ،)4‬خطباء‬
‫أمتك ُ(‪ )5‬يقولون ما ّل يفعلون(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬أي تقص‪.‬‬


‫ُ ُُ‬ ‫ُ‬
‫ارُ» أي بمقصات‪.‬‬
‫مُنُُُنُُُ‬
‫يضُُ ُ‬
‫قارُُُ ُ‬
‫(‪ )2‬وف رواية‪ُ« :‬بُُمُ ُُ‬
‫(‪ )3‬أي ّل خيفف‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي اّلين يفتنون انلاس يعن اّلين يدعون انلاس للضالل‬
‫والفساد باسم الين‪ ،‬فالعوى اليت يزعمونها اإلصالح والهداية‬
‫ولكنها يف احلقيقة إفساد وإضالل‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي بعض الطباء‪ ،‬واملراد بالطيب هنا لك من قعد مقعد تعليم‬
‫العامة‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي يقولون بأفواههم للناس‪" :‬ائتمروا باملعروف وانتهوا عن‬
‫المنكر"‪ ،‬مع أنهم يف احلقيقة يدعونهم إىل الضالل والفساد‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪51‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫بها وجوههم‬ ‫ُ(‪)1‬‬


‫ومر بقوم لهم أظفار من حناس خيمشون‬
‫وصدورهم فقال‪ :‬من هؤّلء يا جربيل؟ قال‪ :‬هؤّلء اّلين يأكلون‬
‫حلوم انلاس ُ(‪ )2‬ويقعون يف أعراضهم ُ(‪.)3‬‬

‫روى الشيخان من حديث أسامة بن زيد رض الل عنه أنه سمع‬


‫ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫يف ُُُانلُُُُ‬
‫ارُُ‬ ‫امُُةُُُفُيُلُقُ ُُ ُُ‬‫القُيُُُ‬ ‫الرُجُلُُُُيُوُُم ُُُُ‬ ‫اء ُُب ُُُُ‬
‫رسول الل ﷺ يقول‪ُُ« :‬يُُُ‬
‫ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫احلُمُُارُُُبُُرُحُُاه‪ُُُ،‬فُيُجُتُمُعُُ‬‫ورُُُ ُ‬ ‫ورُُكُماُُُيُدُ ُُ‬ ‫يفُُُانلُُارُُ‪ُُ،‬فُيُدُ ُُ‬‫قُُأُقُتُُابُهُُُ ُُ‬
‫ُفُتُنُدُ ُلُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫سُُُكُنُتُُ‬ ‫نُُُماُُُُشُأُنُكُ؟ُُُأُلُيُ ُ‬ ‫يُُُفُالُ ُ‬ ‫ونُ‪ُُُ:‬أُ ُ‬ ‫ولُ ُ‬
‫لُُُُانلُُارُُُُُعُلُيُهُُُُُفُيُقُ ُ‬ ‫ُأُهُ ُ‬
‫تُُُءاُمُُرُُكُُمُُُ‬ ‫ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬ ‫ُ ُُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫المُنُكُرُُ؟ُُُقُُالُ‪ُُُ:‬كُنُ‬ ‫وفُُُوُتُنُهُُاناُُُُعُنُُُُُُُ‬ ‫ُتُأُمُرُناُُُُب ُُُالُمُعُرُ ُ ُُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ ُ‬
‫المُنُكُرُُُُُوُءاُتُُُيهُُ»‪.‬‬‫وفُُوُُلُُُُآتُُُيه‪ُُُ،‬وُأُنُهُُاكُمُُُعُنُُُُُُ‬ ‫ُب ُُُالُمُعُرُُ ُ ُُُ‬
‫(‪ )1‬بضم الميم وكَسها أي خيدشون وجيرحون‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي يهتكون حرمات املسلمني باغتيابهم بغري حق‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي يهتكونها‪ ،‬والعرض مل اّلم والمدح من اإلنسان‪ ،‬ويطلق‬
‫لع انلفس‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪52‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وأَت لع جحر ُ(‪ )1‬صغري خيرج منه ثور عظيم ُ(‪ ،)2‬فجعل الور‬
‫يريد أن يرجع من حيث خرج فال يستطيع‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا يا‬
‫جربيل؟ قال‪ :‬هذا الرجل من أمتك يتلكم باللكمة العظيمة ُ(‪ )3‬ثم‬
‫يندم عليها فال يستطيع أن يردها ُ(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬وهو القب المستدير يف األرض‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي ضخم اجلسم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي السيئة اليت عليه وباِلا وّل ينظر يف اعقبتها قبل أن يتلفظ‬
‫بها‪.‬‬
‫(‪ )4‬فإذا اكنت كمة كفر والعياذ بالل فقد خرج من اإلسالم‬
‫وذهبت حسناته وجيب عليه الرجوع عن الكفر بانلطق‬
‫بالشهادتني‪ ،‬وقد روي عن أيب هريرة رض الل عنه أن رسول‬
‫ُُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ىُبُُ ُُُ‬
‫هاُبُأُسُُُ‬
‫اُيُهُوُُيُ‬ ‫ُلُيُرُُ ُُ‬ ‫ُالرُجُلُُُِلُتَُكُمُُُب ُُُُ‬
‫الَكُمُةُُُ ُُ‬ ‫الل ﷺ قال‪ُ« :‬إُنُُُُ‬
‫ُ ُُ ُ ُ ُ‬
‫ارُ»‪ ،‬وإن رجع إىل اإلسالم قبل الموت ّل‬ ‫ُانلُُُُ‬
‫اُيفُُُ‬
‫اُسُبُعُيُُُخُرُُُيفُُُ ُ‬
‫ُبُُهُُُ‬
‫تعود َل احلسنات اليت ذهبت بكفره‪ ،‬قال الل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱢ‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪53‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وبينما هو ُ(‪ )1‬يسري إذ داعه داع(‪ )2‬عن يمينه‪ :‬يا ممد انظرِن‬
‫أسألك ُ(‪ ،)3‬فلم جيبه‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا يا جربيل؟ قال‪ :‬هذا داِع‬
‫الهود ُ(‪ ،)4‬أما إنك لو أجبته تلهودت أمتك ُ(‪.)5‬‬

‫ﱣﱤﱥﱦﱧﱨ ﱩﱪﱠ‪ ،‬وإن اكن ما تلفظ به ذنبا‬


‫دون الكفر وجب عليه اتلوبة برشوطها‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي رسول الل ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي مناد‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي انظر نظر إقبال يلع وتوجه إل ألسألك‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي دعوة دين الهود ويه دعوة كفرية‪ ،‬فال دين صحيح إّل‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫(‪ )5‬معناه لم يشإ الل أن جتيبه ولم يشأ أن تتبع معظم أمتك دين‬
‫الهود‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪54‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وبينما هو يسري إذ داعه داع عن شماَل‪ :‬يا ممد انظرِن أسألك‪،‬‬


‫فلم جيبه‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا يا جربيل؟ قال‪ :‬هذا داِع انلصارى ُ(‪،)1‬‬
‫أما إنك لو أجبته تلنصت أمتك ُ(‪.)2‬‬

‫وبينما هو يسري إذ هو بامرأة حارسة عن ذراعيها(‪ )3‬وعليها من‬


‫لك زينة خلقها الل تعاىل(‪ ،)4‬فقالت‪ :‬يا ممد انظرِن أسألك‪ ،‬فلم‬

‫(‪ )1‬أي دعوة دين انلصانية ويه دعوة كفرية‪ ،‬فال دين صحيح‬
‫إّل اإلسالم‪.‬‬
‫(‪ )2‬معناه لم يشإ الل أن جتيبه ولم يشأ أن تتبع معظم أمتك دين‬
‫انلصارى‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي اكشفة عنهما كشأن المرتبص بعدوه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي من زينة النيا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪55‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫يلتفت إلها‪ ،‬فقال‪ :‬من هذه يا جربيل؟ قال‪ :‬تلك النيا(‪ ،)1‬أما‬
‫إنك لو أجبتها(‪ّ )2‬لختارت أمتك النيا لع اآلخرة‪.‬‬

‫وبينما هو يسري إذ ُ(‪ )3‬هو بشيخ(‪ )4‬يدعوه(‪ )5‬متنحيا عن الطريق‬


‫ُ(‪ُ)6‬‬

‫يقول‪ :‬هلم(‪ )7‬يا ممد‪ ،‬فقال جربيل‪ :‬بل رس يا ممد‪ ،‬فقال‪ :‬من‬
‫هذا يا جربيل؟ قال‪ :‬هذا عدو الل إبليس أراد أن تميل إله ُ(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬أي صورت يف صورة امرأة صفتها ما مر ذكره‪.‬‬


‫(‪ )2‬معناه لم يشإ الل ذلك‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫(‪ )3‬يف بعض الروايات‪ُ« :‬فُإُذاُ»‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي عجوز طاعن يف السن‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي لقبل إله‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي متحزيا عنها‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي أقبل‪.‬‬
‫(‪ )8‬وقد عصم الل عز وجل مجيع األنبياء من أن يكون للشيطان‬
‫عليهم سلطان‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪56‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وسار فإذا هو بعجوز ُ(‪ )1‬لع جانب الطريق فقالت‪ :‬يا ممد‬
‫انظرِن أسألك‪ ،‬فلم يلتفت إلها فقال‪ :‬من هذه يا جربيل؟ قال‪:‬‬
‫إنه لم يبق من عمر النيا إّل ما بِق من عمر هذه العجوز ُ(‪.)2‬‬

‫ُ‬
‫(‪ )1‬وف رواية زيادة «ُشُوُُ ُُُ‬
‫هاءُ» أي قبيحة‪.‬‬
‫(‪ )2‬معناه هذه يه النيا وقد مثلت لك مرة أخرى بصورة امرأة‬
‫عجوز قبيحة المنظر إشارة إىل قرب زواِلا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪57‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وسار حَت أَت مدينة بيت المقدس ُ(‪ )1‬ودخل من بابها الماين(‪،)2‬‬
‫باحللقة ُ(‪ )1‬اليت‬ ‫وربطه بباب المسجد‬
‫(‪)4‬‬
‫ثم نزل عن الرباق‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫اكنت تربطه بها األنبياء(‪ )2‬عليهم الصالة والسالم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ويسَّم إيلياء‪ ،‬وفيه لغتان‪ :‬بيت المقدس واليت المقدس‪،‬‬


‫حاكه انلووي وغريه‪ .‬ومعناه يف األصل املاكن المطهر أو بيت‬
‫املاكن اّلي جعل فيه الطهارة أو بيت ماكن الطهارة‪ ،‬وتطهريه‬
‫لع معىن إخالئه من األصنام وإبعاده منها أو لع معىن الربكة‬
‫اليت طرحت فيه وقيل غري ذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي اّلي هو من جهة المني من املدينة ّل من النسبة إىل جهة‬
‫بالد المن‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي واستمر ﷺ سائرا بالرباق يف املدينة حَت بلغ باب املسجد‬
‫ثم نزل عن الرباق‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي موضع عند الاب‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬يه حلقة باب املسجد‬
‫نفسها‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪58‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وف رواية أن جربيل أَت الصخرة ُ(‪ )3‬فوضع إصبعه فيها فخرقها‬
‫ُ(‪)4‬‬

‫وشد بها الرباق ُ(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬احللقة بإساكن الالم لع اللغة الفصيحة املشهورة ومجعها حلق‬


‫وحلق‪ ،‬قاَل انلووي‪ ،‬وحك اجلوهري وغريه فتح الالم‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي يربطون بها دوابهم‪ ،‬وف ذلك تعليم ألخذ اّلحتياط يف‬
‫األمور والعمل باألسباب وأن ذلك ّل ينايف اتلولك لع الل جل‬
‫وعز‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي اليت عند املسجد األقَص ببيت المقدس حيث بن مسجد‬
‫الصخرة يف عهد الليفة األموي مروان بن عبد امللك سنة‬
‫اثنتني وسبعني للهجرة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي لريبط بها الرباق‪.‬‬
‫(‪َ )5‬يتمل أن تكون الصخرة يف املوضع اّلي عرج منه بانليب ﷺ‪.‬‬
‫وقد حك بعض انلاس عن الصخرة اليت عرج بانليب ﷺ من‬
‫ناحيتها أكاذيب ّل تصح‪ ،‬منها قوِلم‪ :‬إنها تتحول مرجانة‬
‫بيضاء‪ ،‬وأن مياه األرض كها خترج من حتتها‪ ،‬وأنها معلقة يف‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪59‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ودخل ُ(‪ )1‬املسجد(‪ )2‬من باب تميل فيه الشمس والقمر ُ(‪ ،)3‬ثم‬
‫صىل هو وجربيل لك واحد ركعتني ُ(‪ ،)4‬فلم يلبث إّل يسريا ُ(‪ )5‬حَت‬
‫اجتمع ناس كثري‪ ،‬فعرف انليب ﷺ انلبيني من بني قائم وراكع‬

‫اِلواء من لك اجلهات‪ ،‬وأن عليها موضع قدم انليب ممد مفورا‪،‬‬


‫وأنه لما عرج بانليب إىل السماء من ناحيتها ارتفعت ّلحقة به‬
‫فأشار ِلا جربيل أن اثبيت‪ ،‬وغري ذلك من األباطيل واحلاكيات‬
‫اليت ّل أصل ِلا مما يتداوَل انلاس‪ .‬ويه موجودة الوم‪ ،‬ويه حنو‬
‫ثالثة عرش مرتا يف ثمانية عرش مرتا يف ارتفاع مرتين تقريبا‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي رسول الل ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي األقَص‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي باب من جهة المرشق‪.‬‬
‫(‪ )4‬حتية المسجد‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي عقب الصالة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪60‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وساجد‪ ،‬ثم أذن مؤذن ُ(‪ )1‬وأقيمت الصالة فقاموا صفوفا ينتظرون‬
‫من يؤمهم ُ(‪ ،)2‬فأخذ جربيل بيده(‪ )3‬فقدمه فصىل بهم ركعتني‪.‬‬

‫وعن كعب‪ :‬فأذن جربيل ونزلت املالئكة ُ(‪ )4‬من السماء‪ ،‬وحرش‬
‫الل تعاىل َل املرسلني ُ(‪ )5‬فصىل انليب ﷺ باملالئكة واملرسلني‪.‬‬

‫فلما انصف قال جربيل‪ :‬يا ممد أتدري من صىل خلفك؟ قال‪:‬‬
‫ّل‪ ،‬قال‪ :‬لك نيب بعثه الل تعاىل‪.‬‬

‫(‪ )1‬يف رواية ءاتية أنه جربيل عليه السالم‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي يقوم فيهم إماما يف الصالة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي بيد نبينا ﷺ الرشيفة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي نزل عدد كبري منهم‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي مجع َل األنبياء مجيعا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪61‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم أثىن لك نيب من األنبياء لع ربه بثناء مجيل ُ(‪ )1‬فقال انليب ﷺ‪:‬‬
‫ككم أثىن لع ربه وأنا مْث لع رّب‪ ،‬ثم رشع يقول‪ :‬احلمد لل‬
‫اّلي أرسلن رمحة للعالمني ُ(‪ )2‬واكفة للناس(‪ )3‬بشريا(‪ )4‬ونذيرا‬
‫ُ(‪)5‬‬

‫(‪ )1‬أي محدوه وُمدوه بثناء حسن‪.‬‬


‫(‪ )2‬فاهتدى به اإلنس واجلن‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي لسائر انلاس‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي مبرشا بانلعيم يف اآلخرة لمن أطاع‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي خموفا بالعقوبة يف النيا واآلخرة لمن عَص‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪62‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وأنزل يلع الفرقان ُ(‪ )1‬فيه تبيان لك ىشء ُ(‪ ،)2‬وجعل أميت ُ(‪ )3‬خري‬
‫أمة أخرجت للناس‪ ،‬وجعل أميت وسطا ُ(‪ ،)4‬وجعل أميت هم‬
‫ُ(‪)5‬‬

‫(‪ )1‬الفرقان من أسماء القرءان‪ ،‬سم به ألنه فرق بني احلق والاطل‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي بيان ما َيتاج إله من أمور الين‪ ،‬فإن فيه نصا لع كثري‬
‫من األحاكم الرشعية ودّللة لع حجية اتباع انليب ﷺ فيما‬
‫أخرب به من غري القرءان ولع حجية العمل بإمجاع األمة‬
‫المحمدية‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أمة اإلجابة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي جعل فيهم خيارا وشهداء لع انلاس عدوّل فال جيتمعون‬
‫لع ضاللة‪ ،‬قال الل تعاىل‪ :‬ﱡﱚ ﱛﱜﱝﱞ‬

‫ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱠ‪.‬‬
‫(‪ )5‬ضمري مبتدأ يفيد احلص‪ ،‬وليس ضمري فصل وإّل لقال‪" :‬هم‬
‫األولني واآلخرين"‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪63‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫واآلخرون ُ(‪ ،)2‬ورشح ل صدري ُ(‪ ،)3‬ووضع عن‬ ‫األولون‬


‫ُ(‪)1‬‬

‫خاتما(‪ ،)2‬فقال‬ ‫وزري ُ(‪ ،)4‬ورفع ل ذكري ُ(‪ ،)5‬وجعلن فاحتا‬


‫(ُ‪)1‬‬

‫إبراهيم ﷺ‪ :‬بهذا فضلكم(‪ )3‬ممد ﷺ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي مؤمنو أمة ممد ﷺ األولون دخوّل اجلنة قبل سائر األمم‪،‬‬
‫وأما أول انلاس دخوّل اجلنة لع اإلطالق فاألنبياء عليهم‬
‫ُُ‬
‫الصالة والسالم‪ ،‬وصح يف احلديث أن رسول الل ﷺ قال‪َُ« :‬نُنُُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫يامُُةُ»‪.‬‬ ‫ونُُيُوُُُمُُُُ‬
‫القُُُُ‬ ‫السُُابُُقُ ُ ُ‬
‫ونُُُُُ‬
‫اآلخُرُ ُ‬
‫ُُ ُ ُ‬
‫(‪ )2‬أي ءاخر األمم وجودا‪.‬‬
‫(‪ )3‬بأن مأله إيمانا ويقينا وحكمة وعلما‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي خفف عنه أعباء القيام بأمر انلبوة‪ ،‬والوزر احلمل القيل‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي رفع َل ذكره ﷺ بانلبوة أو معناه رفع َل ذكره عند املالئكة‬
‫الكرام يف السماء أو بأخذ الميثاق َل لع األنبياء عليهم الصالة‬
‫والسالم بأن يؤمنوا بمحمد ﷺ ويقروا بفضله أو معناه أن الل‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪64‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وأخذ(‪ )4‬انليب ﷺ من العطش أشد ما أخذه فجاءه جربيل ﷺ‬


‫بإناء من خر ُ(‪ )5‬وإناء من لب ُ(‪ )6‬فاختار اللب‪ ،‬فقال َل جربيل‪:‬‬

‫تعاىل قرن ذكر ممد ﷺ بذكره يف كمة الشهادة واألذان‬


‫واإلقامة والتشهد والطب وف غري موضع من القرءان‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي ألع األنبياء منصبا ودرجة‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي ءاخر األنبياء بعثة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي زاد عليكم فضال‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي أصاب‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي من خر اجلنة الّليذ اّلي ّل يسكر وّل يصدع الرأس‬
‫وليس من خر النيا اّلي هو َنس ألن انلجس ّل يكون‬
‫معروض املالئكة‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي حليب‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪65‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫اخرتت الفطرة ُ(‪ ،)1‬ولو رشبت المر لغوت أمتك(‪ )2‬ولم يتبعك‬
‫منهم إّل القليل‪.‬‬

‫وف رواية أن اآلنية ُ(‪ )3‬اكنت ثالثة‪ ،‬والالث فيه ماء‪ ،‬وأن جربيل‬
‫قال َل‪ :‬لو رشبت املاء لغرقت أمتك ُ(‪.)4‬‬

‫وف رواية أن إحدى اآلنية الالثة اليت عرضت عليه اكن‬


‫عسل بدل املاء‪ ،‬وأنه رأى لع يسار الصخرة احلور‬ ‫(‪)5‬‬
‫فيه‬

‫(‪ )1‬أي دين اإلسالم‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي ّلنهمكت أمتك يف الرش‪ ،‬مع أن اّلي حَّض عنده ﷺ اكن‬
‫من خر اجلنة الّليذ الطاهر الزِك اّلي ّل يسكر إّل أن الل شاء‬
‫أن خيتار سيدنا ممد ﷺ اللب‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي اليت أَت بها جربيل عليه السالم‪.‬‬
‫(‪ )4‬اختلف يف معناه لع وجوه‪ ،‬منها أنه لاكن موت أكرثهم بالغرق‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي اإلناء‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪66‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫العني ُ(‪ )1‬وسلم عليهن فرددن عليه السالم وسألهن فأجبنه بما‬
‫تقر به العني ُ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أي كشفن َل من ذلك املوضع فرءاهن وهن يف أماكنهن يف اجلنة‪،‬‬


‫وقال بعض أهل السري‪ :‬نزلن مع من نزل من املالئكة‪ .‬واحلور‬
‫مجع حوراء ويه انلقية بياض العني الشديدة سوادها‪ .‬والعني‬
‫مجع عيناء ويه انلجالء العني أي واسعتها يف حسن‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي بما َيصل به الَسور‪ .‬روي أنهن قلن َل ﷺ‪« :‬حنن خريات‬
‫حسان‪ ،‬أزواج قوم كرام»‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪67‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم أت بالمعراج ُ(‪ )1‬اّلي تعرج عليه أرواح بن ءادم‪ ،‬فلم تر‬
‫الالئق أحسن منه ُ(‪َ ،)2‬ل مرقاة(‪ )1‬من فضة ومرقاة من ذهب ُ(‪،)2‬‬

‫(‪ )1‬أي المرقاة المدىل من السماء إىل األرض‪ ،‬فاكن صعوده ﷺ إىل‬
‫السماء بواسطته ولم يكن بواسطة الرباق كما توهمه بعضهم‪،‬‬
‫وهذا اّلي صححه احلافظ السيويط وقال إنه اّلي تقرر يف‬
‫األحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫وقال شيخنا رمحه الل‪« :‬المرقاة ليس ِلا ماكن مدد كأنها تنقل‪،‬‬
‫هذا السلم مجوب عنا ّل يراه إّل من كشف الل تعاىل َل‬
‫احلجاب‪ .‬الرسول ﷺ رَق بمرقاة حقيِق من األرض إىل السماء‬
‫األوَّل‪ ،‬ويه نفس المرقاة اليت ترَق بها روح المؤمن‪ّ ،‬للك عينه‬
‫تظل مفتوحة تنظر إىل هذه المرقاة إّل إذا أغمضت‪ .‬ثم رَق‬
‫رسول الل ﷺ من السماء األوَّل إىل باِق السماوات إما بهذه‬
‫المرقاة وإما بطريقة أخرى»‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي لم تر أحسن من هذه املرقاة‪ .‬قال شيخنا رمحه الل‪« :‬المرقاة‬
‫سلم مسوس مبارك ىشء يبهر األنظار مجيل اللون»‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪68‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وهو من جنة الفردوس منضد(‪ )3‬باللؤلؤ ُ(‪ ،)4‬عن يمينه مالئكة‬


‫وعن يساره مالئكة‪ ،‬فصعد هو وجربيل حَت انته ُ(‪ )5‬إىل باب‬
‫من أبواب سماء النيا(‪ )6‬يقال َل باب احلفظة(‪ )7‬وعليه ملك يقال‬
‫َل إسماعيل وهو صاحب سماء النيا(‪ )8‬يسكن اِلواء لم يصعد‬

‫(‪ )1‬بفتح الميم وكَسها‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي درجة منه من ذهب وأخرى من فضة وهكذا‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي مرصع‪.‬‬
‫(‪ )4‬قيل إن يف أحد جانبيها يواقيت محراء وف األخرى خَّضاء‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي وصل‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي القرَب بالنسبة إىل األرض ويه السماء األوَّل‪.‬‬
‫(‪ )7‬كذلك هو يف رواية للبيهِق‪.‬‬
‫(‪ )8‬أي خازنها املولك بأمور تتعلق بها‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪69‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫إىل السماء قط ولم يهبط إىل األرض ُ(‪ )1‬إّل يوم مات انليب(‪ )2‬ﷺ‪،‬‬
‫وبني يديه ُ(‪ )3‬سبعون ألف ملك مع لك ملك جنده مائة ألف‬
‫ملك(‪ ،)4‬فاستفتح جربيل باب السماء(‪ ،)5‬قيل‪ :‬من هذا؟ قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬أي يقيم يف اِلواء عند السماء األوَّل‪.‬‬


‫(‪ )2‬وهذا ّل يثبت‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي حتت إمرته أعوان َل من املالئكة‪.‬‬
‫(‪ )4‬قد جاء يف حديث عند الطرباين يف «المعجم الكبري» مرفواع‪:‬‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ‬ ‫ُ‬
‫اعُيلَُُُعُُُسُبُعُيُُُأُلُفُُُمُلُكُُُكُُ‬
‫لُُإُسُمُُ ُُ‬ ‫اءُُمُلُ ُ‬
‫كُُيُقُُالُُُ ُ‬ ‫السُمُُُُ‬
‫يفُُُُ‬
‫نُُ ُُ‬
‫«ُإُ ُ‬
‫ُ‬
‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ك»‪.‬‬‫فُُمُلُ ُ‬ ‫كَُُعُُُسُبُعُيُُُأُلُ ُ‬ ‫ُمُلُ ُ‬
‫(‪ )5‬أي طلب أن يفتح َل بابها‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪70‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬ومن معك؟ ُ(‪ )1‬قال‪ :‬ممد‪ ،‬قيل‪ :‬أو قد أرسل إله ُ(‪)2‬؟‬
‫وف رواية‪ :‬بعث إله؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل‪ :‬مرحبا به وأهال حياه الل‬
‫ُ(‪ُ)3‬‬

‫من أخ ُ(‪ )4‬ومن خليفة ُ(‪ )5‬فنعم األخ ونعم الليفة ونعم المِجء‬

‫(‪ )1‬قال بعض الرشاح‪ :‬يف هذا دلل لع أن السماء جسم كثيف‬
‫شفاف ّل َيجب ما وراءه بدلل أن الملك عرف أن معه أحدا‪.‬‬
‫(‪ )2‬يعن هل طلب للعروج‪ ،‬وسؤال امللك اكن فرحا واستبشارا ّل‬
‫استبعادا واستناكرا‪ .‬قال احلافظ انلووي‪" :‬وليس مراده‬
‫اّلستفهام عن أصل العثة والرسالة فإن ذلك ّل خيىف عليه إىل‬
‫هذه المدة‪ ،‬فهذا هو الصحيح" اه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي عظمه الل وأكرمه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي يف اإليمان‪ ،‬فإن املالئكة مجيعهم لع اإلسالم‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي خليفة لل يف األرض بمعىن أنه يطبق رشع الل يف األرض‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪71‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫جاء(‪ ،)1‬ففتح ِلما‪ ،‬فلما خلصا(‪ )2‬فإذا فيها(ُ‪ )3‬ءادم عليه السالم‬
‫وهو أبو البرش كهيئته يوم خلقه الل تعاىل لع صورته ُ(‪ ،)4‬تعرض‬
‫عليه(‪ )5‬أرواح األنبياء وذريته املؤمنني ُ(‪ )6‬فيقول(‪ :)7‬روح طيبة‬

‫(‪ )1‬أي ُميئه مدوح‪.‬‬


‫(‪ )2‬بفتح الالم أي وصال‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي السماء‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي لع صورة ءادم ﷺ اليت خلق عليها ءادم ويه ستون ذرااع‬
‫طوّل يف سبعة أذرع عرضا‪ ،‬فليس الضمري يف «صورته» راجعا‬
‫إىل الل سبحانه وتعاىل‪ ،‬حاشا‪ ،‬ألن الل عز وجل ليس بذي‬
‫صورة وّل هيئة‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي لع ءادم ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي بعد قبضها‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي مثنيا لع روح األتقياء من املؤمنني‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪72‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ونفس طيبة ُ(‪ )1‬اجعلوها يف عليني ُ(‪ ،)2‬ثم تعرض عليه أرواح‬
‫ذريته الكفار ُ(‪ )3‬فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها يف‬

‫(‪ )1‬أي طاهرة‪.‬‬


‫(‪ )2‬موضع فوق السماء السابعة فيه ديوان تسجل فيه روح اتلِق‬
‫بعد قبضها ثم ترد إىل األرض‪ ،‬أما روح العايص من أهل الكبائر‬
‫فلم يرد فيها ىشء أين تسجل‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي يكشف َل حاِلا بعد قبضها من غري أن تدخل السماء‪،‬‬
‫فإن روح الاكفر ّل تدخل السماء‪ ،‬قال الل تعاىل‪ :‬ﱡﱼﱽﱾ‬

‫ﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈ ﲉﲊ‬
‫ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﱠ [سورة األعراف‪ ]40 :‬معناه ّل يدخلونها‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪73‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫سجني ُ(‪ ،)1‬وعن يمينه أسودة(‪ )2‬وباب خيرج منه ريح طيبة‪ ،‬وعن‬
‫شماَل أسودة وباب خيرج منه ريح خبيثة ُ(‪ ،)3‬فإذا نظر قبل‬
‫ُ(‪ُ)4‬‬

‫(‪ )1‬موضع يف األرض السابعة فيه ديوان تسجل فيه أسماء الكفار‬
‫ثم تعاد أرواحهم إىل األرض ويبَق الاكفر يف عذاب روحا‬
‫وجسدا يف القرب‪ ،‬فإذا بيل جسده اعدت روحه إىل سجني‬
‫فحبست هنالك وبقيت يف عذاب إىل يوم بعث اجلسد فيعذب‬
‫بعدها اجلسد والروح‪.‬‬
‫(‪ )2‬مجع سواد أي شخص‪ ،‬ويه هنا األرواح‪ ،‬فمعناه يعرض عليه‬
‫عن يمينه األرواح الطيبة ويه أرواح المتقني‪ ،‬وقيل‪ :‬يه أرواح‬
‫املؤمنني اّلين كتب لهم املوت لع اتلقوى إّل أنها أرواح لم‬
‫تدخل األجسام بعد‪.‬‬
‫(‪ )3‬معناه يرى الاب جهة شماَل وليس الاب نفسه يف السماء وّل‬
‫الراِئة البيثة تدخل السماء‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي ناحية‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪74‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫يمينه ضحك واستبرش ُ(‪ ،)1‬وإذا نظر قبل شماَل حزن وبكى ُ(‪،)2‬‬
‫فسلم عليه انليب ﷺ فرد عليه السالم ثم قال‪ :‬مرحبا باّلبن‬
‫الصالح وانليب الصالح‪ ،‬فقال انليب ﷺ‪ :‬من هذا يا جربيل؟ قال‪:‬‬
‫هذا أبوك ءادم وهذه األسودة نسم بنيه ُ(‪ ،)3‬فأهل المني منهم‬
‫ُ(‪)4‬‬

‫أهل اجلنة‪ ،‬وأهل الشمال منهم أهل انلار‪ ،‬فإذا نظر قبل يمينه‬
‫ضحك وإذا نظر قبل شماَل بكى‪ ،‬وهذا الاب اّلي عند‬

‫(‪ )1‬أي فرح‪.‬‬


‫(‪ )2‬وّل ينايف ذلك كون ءادم ﷺ كسائر األنبياء يف نعيم دائم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أرواحهم‪ .‬قيل‪ :‬إنها األرواح اليت قدر لعضها الشقاوة‬
‫ولعضها السعادة إّل أنها لم تدخل أجسادها بعد‪ ،‬أما أرواح من‬
‫اكن قد مات إىل ذلك الوقت من املؤمنني والاكفرين فِك يف مقام‬
‫لع حسب حاِلا‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي من األرواح‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪75‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫باب اجلنة إذا نظر من يدخله من ذريته ضحك‬ ‫ُ(‪)1‬‬


‫يمينه‬
‫واستبرش‪ ،‬والاب اّلي عن يساره باب جهنم ُ(‪ )2‬إذا نظر من‬
‫يدخله من ذريته بكى وحزن‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي جهة يمينه‪.‬‬


‫(‪ )2‬ليس معناه أن باب جهنم يف السماء‪ ،‬إنما يرى من ماكنه يف‬
‫السماء الاب وهو لع جهة يساره‪ ،‬وباب جهنم يف احلقيقة‬
‫أسفل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪76‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم مَض(‪ )1‬هنيهة ُ(‪ )2‬فوجد(‪ )3‬ءاِلك الربا وأموال التاَم والزناة‬
‫وغريهم لع حالة شنيعة(‪ )4‬بنحو مما تقدم ُ(‪.)5‬‬

‫ثم صعد إىل السماء الانية فاستفتح جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟ قال‪:‬‬
‫جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬ومن معك؟ قال‪ :‬ممد ﷺ‪ ،‬قيل‪ :‬أو قد أرسل إله؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل‪ :‬مرحبا به وأهال حياه الل من أخ ومن خليفة‬
‫فنعم األخ ونعم الليفة ونعم المِجء جاء‪ ،‬ففتح لهما‪ ،‬فلما‬

‫(‪ )1‬أي رسول الل ﷺ مع جربيل عليه السالم‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي قليال‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي كشف َل ﷺ من حيث هو يف السماء مثال عذاب من هم‬
‫حتت األرض السابعة يف جهنم‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي قبيحة‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي من اّلين كشف َل ﷺ حاِلم يف إرسائه لع الرباق يف‬
‫األرض‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪77‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫خلصا إذا هو بابن الالة عيَس ابن مريم وَيي بن زكريا‬


‫ُ(‪)1‬‬

‫شبيه أحدهما بصاحبه بثيابهما وشعرهما ومعهما نفر من‬

‫(‪ )1‬فإن أم َيي ﷺ إيشاع بنت فاقوذ أخت حنة بنت فاقوذ أم مريم‬
‫عليها السالم‪ ،‬فعمران بن ماثان زوج حنة‪ ،‬وزكريا ﷺ زوج‬
‫إيشاع‪ ،‬وولت إيشاع َيي‪ ،‬وولت حنة مريم‪ ،‬فإيشاع خالة‬
‫مريم وحنة خالة َيي‪ ،‬فعيَس وَيي عليهما السالم ابنا خالة‪،‬‬
‫وليس عمران هذا أبا موىس رسول الل ﷺ إذ بينهما فيما قيل‬
‫ألف وثمانمائة سنة‪ ،‬قاَل القسطالين‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪78‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫قومهما(‪ ،)1‬وإذا بعيَس جعد(‪ )2‬مربوع(‪ )3‬إىل احلمرة والياض‬


‫(‪)ُ 4‬‬

‫كأنما خرج من ديماس أي محام(‪ ،)7‬شبيه‬ ‫ُ(‪)6‬‬


‫الرأس‬ ‫(‪)5‬‬
‫سبط‬

‫(‪ )1‬أي أري ﷺ أمثلة ألناس مؤمنني من أتباع عيَس وَيي‬


‫عليهما الصالة والسالم‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي قوي الدن ُمتمعه‪ ،‬وليس المراد به شعره ملا سيأت من‬
‫وصف شعره عليه السالم وّلقرتان وصف اجلعودة بوصفه أنه‬
‫مربوع‪ ،‬قاَل احلافظ انلووي يف رشح مسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي معتدل ليس بالطويل المفرط وّل بالقصري‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي أسمر مائل إىل الياض‪ ،‬فليس أسمر سمرة شديدة‪.‬‬
‫(‪ )5‬بكَس الاء من «سبط» وجيوز إساكنها‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي سبط الشعر معناه مسرتسل الشعر ليس ِبعده بل شعره‬
‫ناعم‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي ماكن اّلستحمام اّلي خيرج منه املرء وهو يتقاطر ماء‪،‬‬
‫وفَس اليماس هنا بالكن أيضا وهو الماكن اّلي يسرت‬
‫اإلنسان من الشمس‪ ،‬ولع لك فاملراد بذلك حسن سيدنا عيَس‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪79‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫بعروة بن مسعود القف(‪ ،)1‬فسلم عليهما فردا عليه السالم ثم‬


‫قاّل‪ :‬مرحبا باألخ الصالح وانليب الصالح ودعيا َل ِبري(‪.)2‬‬

‫ﷺ ونضارته ونور وجهه الرشيف‪ .‬قال احلافظ العسقالين يف‬


‫«الفتح» (‪« :)484/6‬املراد من ذلك وصفه بصفاء اللون ونضارة‬
‫اجلسم وكرثة ماء الوجه»‪.‬‬
‫(‪ )1‬هو صحايب جليل رض الل عنه‪ .‬روي أنه قدم لع رسول الل‬
‫ﷺ سنة تسع للهجرة فأسلم‪ ،‬ثم استأذن انليب ﷺ يف الروج‬
‫ُُ ُ ُ ُ ُ‬
‫وك»‪،‬‬
‫اتُُلُ ُ ُ‬
‫اُقُُُُ‬
‫مُإذُُُُُ‬
‫إىل قومه لدعوهم إىل اإلسالم فقال َل ﷺ‪ُ« :‬إُُنُهُُ ُُُ‬
‫فانصف عروة إىل قومه وداعهم إىل اإلسالم فخرجوا من عنده‬
‫يأتمرون به‪ ،‬فلما طلع الفجر أوف لع غرفة َل فأذن بالصالة‬
‫فخرجت ثقيف من لك ناحية فرماه أوس بن عوف من بن‬
‫مالك فأصاب أكحله فلم يرقأ دمه فمات رض الل عنه‪.‬‬
‫واألكحل عرق غليظ يف وسط اّلراع‪.‬‬
‫(‪ )2‬ما ذكر هنا من كون عيَس وَيي عليهما الصالة والسالم يف‬
‫السماء الانية هو أحد قولني وقد رجحه كثري من احلفاظ‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪80‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم صعد إىل السماء الالة فاستفتح جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟ فقال‪:‬‬
‫جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬ومن معك؟ قال‪ :‬ممد‪ ،‬قيل‪ :‬أو قد أرسل إله؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قيل‪ :‬مرحبا به وأهال حياه الل من أخ ومن خليفة فنعم‬
‫األخ ونعم الليفة ونعم املِجء جاء‪ ،‬ففتح لهما فلما خلصا فإذا‬
‫هو بيوسف عليه السالم ومعه نفر من قومه فسلم عليه فرد‬
‫عليه السالم ثم قال‪ :‬مرحبا باألخ الصالح وانليب الصالح وداع‬
‫َل ِبري‪ ،‬وإذا هو قد أعطي شطر احلسن ُ(‪ ،)1‬وف رواية‪ :‬هو أحسن‬

‫لبوته عند الشيخني وغريهما بأسانيد صحيحة‪ ،‬والقول اآلخر‬


‫أنهما اكنا يف السماء الالة وأن يوسف ﷺ اكن يف الانية‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي أوِت نصف مقدار اجلمال اّلي وزع بني انلاس ّل أنه أعطي‬
‫انلصف وترك للناس انلصف‪ .‬ومجال يوسف ﷺ اكن مكشوفا‬
‫ولم يكن مصونا باجلالل أي المهابة‪ ،‬أما نبينا ممد ﷺ فإنه‬
‫قد أعطي احلسن كه لكن مجاَل اكن مصونا باجلالل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪81‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ما خلق الل ُ(‪ ،)1‬قد فضل ُ(‪ )2‬انلاس باحلسن ُ(‪ ،)3‬اكلقمر للة الدر‬
‫لع سائر الكواكب‪ ،‬قال‪ :‬من هذا يا جربيل؟ قال‪ :‬أخوك يوسف‪.‬‬

‫ثم صعد إىل السماء الرابعة فاستفتح جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟ قال‪:‬‬
‫جربيل‪ ،‬قيل ومن معك؟ قال‪ :‬ممد‪ ،‬قيل‪ :‬أو قد أرسل إله؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬مرحبا به وأهال حياه الل من أخ ومن خليفة فنعم‬
‫األخ ونعم الليفة ونعم املِجء جاء‪ ،‬ففتح لهما فلما خلصا فإذا‬
‫هو بإدريس قد رفعه الل ماكنا عليا(‪ ،)4‬فسلم عليه فرد عليه‬
‫السالم ثم قال‪ :‬مرحبا باألخ الصالح وانليب الصالح وداع َل ِبري‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي من انلبيني سوى ممد ﷺ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي فاقهم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي سوى نبينا ممد ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )4‬معناه رفع الل عز وجل إدريس ﷺ إىل درجة اعلة يف القدر‪،‬‬
‫فالرفعة هنا بعلو املرتبة‪ ،‬وليس معناه أسكناه السماء الرابعة أو‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪82‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم صعد إىل السماء الامسة فاستفتح جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟‬
‫قال‪ :‬جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬ومن معك؟ قال‪ :‬ممد‪ ،‬قيل‪ :‬أو قد أرسل إله؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل‪ :‬مرحبا به وأهال حياه الل من أخ ومن خليفة‬
‫فنعم األخ ونعم الليفة ونعم املِجء جاء‪ ،‬ففتح لهما فلما خلصا‬
‫فإذا هو بهارون ونصف حليته بيضاء ونصف حليته سوداء تكاد‬
‫تَّضب ُ(‪ )1‬إىل رسته من طوِلا(‪ ،)2‬وحوَل قوم من بن إرسائيل وهو‬
‫يقص عليهم(‪ ،)3‬فسلم عليه فرد عليه السالم ثم قال‪ :‬مرحبا‬

‫ﱡﭐ ﱮ‬ ‫السادسة وأنه مات فيها كما يقول بعضهم‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱠ‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي تصل‪.‬‬
‫(‪ )2‬ولم يثبت ذلك‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي خيربهم ببعض األخبار‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪83‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫باألخ الصالح وانليب الصالح وداع َل ِبري‪ ،‬فقال‪ :‬يا جربيل من‬
‫هذا؟ قال‪ :‬هذا الرجل المحبب يف قومه هارون بن عمران‪.‬‬

‫ثم صعد إىل السماء السادسة فاستفتح جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟‬
‫قال‪ :‬جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬ومن معك؟ قال‪ :‬ممد‪ ،‬قيل‪ :‬أو قد أرسل إله؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل‪ :‬مرحبا به وأهال حياه الل من أخ ومن خليفة‬
‫فنعم األخ ونعم الليفة ونعم املِجء جاء‪ ،‬ففتح لهما فجعل يمر‬
‫بانليب(‪ )1‬وانلبيني معهم الرهط ُ(‪ )2‬وانليب وانلبيني معهم القوم‬
‫وانليب وانلبيني ليس معهم أحد(‪ ،)3‬ثم مر بسواد عظيم(‪ )4‬فقال‪:‬‬

‫(‪ )1‬أي المنفرد‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي اجلماعة القليلة ما دون العرشة‪ ،‬وقيل إىل األربعني‪ ،‬وقيل‬
‫غري ذلك‪.‬‬
‫(‪ )3‬ألنه لم يؤمن به أحد‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي مجاعة كثرية‪ ،‬يرون من كرثتهم اكلسواد‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪84‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ما هذا؟ قيل‪ :‬موىس وقومه‪ ،‬ولكن ارفع رأسك‪ ،‬فرفع رأسه فإذا‬
‫هو بسواد عظيم قد سد األفق(‪ )1‬من ذا اجلانب ومن ذا اجلانب‪،‬‬
‫فقيل َل‪ :‬هؤّلء أمتك‪ ،‬وسوى هؤّلء سبعون ألفا يدخلون اجلنة‬
‫بغري حساب(‪.)2‬‬

‫فلما خلصا فإذا هو بموىس بن عمران رجل ءادم(‪ )3‬طوال(‪ )4‬كأنه‬


‫من رجال أزد شنوءة ُ(‪ ،)5‬كثري الشعر‪ ،‬لو اكن عليه قميصان نلفذ‬

‫(‪ )1‬أي انلوايح‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي ّل يشدد عليهم ولكن َيصل لهم عرض األعمال وأخذ‬
‫الصحف‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي لون برشته لون األدمة‪ ،‬فليس أبيض مرشقا بل أسمر سمرة‬
‫خفيفة‪.‬‬
‫(‪ )4‬بضم الطاء أي طويال لع ما اكن يف زمانه‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي يشبههم يف طوَل وسمرته الفيفة‪ ،‬ويقال‪ :‬إن رجال شنوءة ‪-‬‬
‫وهم قبيلة قحطانية من األزد ‪ -‬غري سمان‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪85‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫شعره دونهما ُ(‪ ،)1‬فسلم عليه انليب ﷺ فرد عليه السالم ثم قال‪:‬‬
‫مرحبا باألخ الصالح وانليب الصالح ثم داع َل ِبري وقال‪ :‬يزعم‬
‫انلاس ُ(‪ )2‬أين أكرم بن ءادم لع الل تعاىل‪ ،‬بل هذا أكرم لع الل‬
‫من(‪ ،)3‬فلما جاوزه انليب ﷺ بكى ُ(‪ ،)4‬فقيل َل‪ :‬ما يبكيك؟ قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬ووصف موىس ﷺ بذلك ليس يف معظم الروايات‪ ،‬والالكم هنا‬


‫لع رؤيته ﷺ ملوىس ﷺ للة المعراج ليس لع اِليئة اليت‬
‫يكون عليها موىس يف اجلنة‪ ،‬فإن أهل اجلنة جرد مرد أي ّل‬
‫تنبت لهم حلية وليس لع أذرعتهم أو بطونهم أو صدورهم أو‬
‫سيقانهم شعر‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي بعض انلاس‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أفضل عند الل مزنلة وقدرا‪.‬‬
‫(‪ )4‬واكن بكاء موىس ﷺ رقة لقومه وشفقة عليهم ألنه اكن َيب‬
‫لهم أن لو اكنوا لع خري أكرث مما عملوا‪ ،‬فكما أن موىس ﷺ أشفق‬
‫لع أمة ممد ﷺ فأشار لع سيدنا ممد ﷺ أن يطلب من الل‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪86‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫أبكي ألن غالما ُ(‪ )1‬بعث من بعدي يدخل اجلنة من أمته أكرث‬
‫ممن يدخل اجلنة من أميت‪ ،‬يزعم بنو إرسائيل أين أكرم بن ءادم‬

‫ختفيف عدد الصلوات عن أمته‪ ،‬فكذلك أشفق هو لع أمته فبك‪.‬‬


‫وّل ينايف ذلك كون موىس عليه السالم كسائر األنبياء يف نعيم دائم‪.‬‬
‫قال الطايب وابن الملقن والدر العين وغريهم‪ّ" :‬ل جيوز أن يتأول‬
‫بكاؤه لع احلسد َل ﷺ‪ ،‬ألن ذلك ّل يليق بصفات األنبياء" اه‪.‬‬
‫(‪ )1‬وصفه َل بالغالم ليس لع سبيل اتلنقيص بل للتنويه بعظيم‬
‫كرم الل إذ أعطى من اكن يف ذلك السن ما لم يعطه أحدا قبله ممن‬
‫هو أسن منه‪ ،‬قاَل العسقالين‪ ،‬والعرب تسم الرجل المستجمع السن‬
‫غالما ما دامت فيه بقية من القوة‪ ،‬فاملراد استقصار مدته مع‬
‫استكثار فضائله واستتمام سواد أمته‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪87‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وأنا يف‬ ‫لع الل‪ ،‬وهذا رجل من بن ءادم خلفن يف دنيا‬


‫(ُ‪)1‬‬

‫أخرى ُ(‪ ،)2‬فلو أنه يف نفسه لم أبال ولكن معه أمته(‪.)3‬‬

‫ثم صعد إىل السماء السابعة فاستفتح جربيل قيل‪ :‬من هذا؟ قال‬
‫جربيل‪ ،‬قيل‪ :‬ومن معك؟ قال‪ :‬ممد‪ ،‬قيل‪ :‬أو قد أرسل إله؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قيل‪ :‬مرحبا به وأهال حياه الل من أخ ومن خليفة فنعم‬
‫األخ ونعم الليفة ونعم املِجء جاء‪ ،‬ففتح لهما فلما خلصا فإذا‬
‫لع‬ ‫انليب ﷺ بإبراهيم الليل ﷺ جالس عند باب اجلنة‬
‫ُ(‪)4‬‬

‫(‪ )1‬أي بعث من بعدي يف النيا‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي يف مزنلة دون مزنتله أو معناه فارقت احلياة النيا‪.‬‬
‫(‪ )3‬حاشا أن يكون ذلك حسدا من موىس ﷺ‪ ،‬ولكن َيمل ذلك‬
‫لع معىن أن موىس ﷺ اكن َيب ألمته أن يكونوا لع خري‬
‫أكرث مما عملوا‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي خارج اجلنة يف ماكن َياذي بابها‪ ،‬ألن إبراهيم ﷺ اكن يف‬
‫السماء السابعة واجلنة فوقها أبعد منها بمسافة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪88‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫كريس من ذهب مسند ظهره إىل اليت املعمور ُ(‪ )1‬ومعه نفر من‬
‫قومه‪ ،‬فسلم عليه انليب ﷺ فرد عليه السالم وقال‪ :‬مرحبا‬
‫باّلبن الصالح وانليب الصالح‪ ،‬وقال‪ :‬مر أمتك فلتكرث من‬
‫غراس اجلنة ُ(‪ ،)2‬فإن تربتها طيبة ُ(‪ )3‬وأرضها واسعة(‪ ،)4‬فقال‪ :‬وما‬

‫(‪ )1‬هو بيت يف السماء السابعة يف موضع قبل املاكن اّلي سمع فيه‬
‫رسول الل ﷺ ِصيف أقالم املالئكة يف الصحف‪ .‬وِلذا‬
‫اليت حرمة عند الل عز وجل كما أن للكعبة حرمة عظيمة‪،‬‬
‫وهو بالنسبة للمالئكة الكرام اكلكعبة المرشفة بالنسبة‬
‫للناس‪ ،‬وهو مواز للكعبة اليت يف األرض أي َياذيها مع ارتفاعه‬
‫وبعد مسافته عنها‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي شجرها‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي للغرس فيها‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي تسع الكثري من الغراس‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪89‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫غراس اجلنة؟ قال‪ّ :‬ل حول وّل قوة إّل بالل(ُ‪ )1‬العيل(‪ )2‬العظيم(‪.)3‬‬
‫وف رواية‪ :‬أقرئ أمتك من السالم وأخربهم أن اجلنة طيبة‬

‫ُ ُ ُ ُ‬
‫(‪ )1‬قد فَسها انليب ﷺ يف حديث ثبت عنه بقوَل‪ُ« :‬لُُُحُوُُلُُُعُنُ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫ُاللُُُُإُلُُُبُُعُوُُنُُ‬ ‫‪ُ،‬وُُلُُُقُوُُةَُُُعُُ ُُ‬
‫ُطاعُةُُُُ‬ ‫ُاللُُُُ‬
‫مةُُُُ‬
‫ُاللُُُُإُلُُُبُُعُصُ ُ‬
‫صُُيةُُُُ‬
‫ُمُعُ ُ‬
‫اللُ»‪ ،‬معناه ّل جيتنب املرء املعصية مهما حاول إّل ما شاء الل‬
‫ُُ ُ‬
‫َل فيمكنه من جتنبها‪ ،‬وّل يقدر أحد لع عمل الطاعة وإن صمم‬
‫إّل ما شاء الل َل فيمكنه من فعلها‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي المتعال قدرا وعظمة ّل ماكنا‪ ،‬فيستحيل اتصافه عز وجل‬
‫بارتفاع الماكن أو اتلحزي يف جهة من اجلهات‪ ،‬ألنه عز وجل ّل‬
‫َيتاج إىل ىشء من خلقه‪ ،‬فال يتحزي يف ماكن وّل يف مجيع‬
‫األمكنة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي عظيم الشأن والقدر ّل احلجم أو اجلثة ألنه ّل حجم َل وّل‬
‫يشبه ذوات األحجام‪ ،‬كما أنه ّل يشبه شيئا من خلقه بأي معىن‬
‫من المعاين‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪90‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫الرتبة عذبة املاء وأن غراسها ُ(‪ )1‬سبحان الل ُ(‪ )2‬واحلمد لل وّل هلإ‬
‫إّل الل والل أكرب ُ(‪ ،)3‬وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال‬

‫(‪ )1‬أي غراسها قول ذلك‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي أنزه الل وأقدسه تزنيها وتقديسا وتعظيما عن لك ما ّل جيوز‬
‫عليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬معناه الل أكرب قدرا وعظمة وقوة وعلما من لك كبري ّل أنه أكرب‬
‫حجما وجسما وحزيا ألنه تعاىل ليس جسما ذا حجم كبري أو‬
‫صغري وّل عرضا أي صفة وّل يتمكن يف ماكن وّل يتقيد‬
‫بزمان‪.‬‬
‫وليس يف تقديم «سبحان الل» لع كمة اتلوحيد «ّل هلإ إّل الل»‬
‫يف احلديث تفضيل ِلا عليها‪ ،‬بل كمة اتلوحيد أفضل اّلكر لع‬
‫اإلطالق‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪91‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫القراطيس ُ(‪ )1‬وقوم يف ألوانهم ىشء ُ(‪ ،)2‬فدخلوا نهرا فاغتسلوا‬


‫فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم ىشء(‪ ،)3‬ثم دخلوا نهرا‬
‫فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم ىشء‪ ،‬ثم دخلوا‬
‫نهرا فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم(‪ )4‬فصارت مثل‬
‫ألوان أصحابهم‪ ،‬فجاؤوا فجلسوا إىل أصحابهم‪ ،‬فقال‪ :‬يا جربيل‬
‫من هؤّلء اليض الوجوه؟ ومن هؤّلء اّلين يف ألوانهم ىشء؟ وما‬
‫هذه األنهار اليت دخلوها واغتسلوا فيها؟ فقال‪ :‬أما هؤّلء اليض‬
‫الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم(‪ ،)5‬وأما هؤّلء اّلين يف‬

‫(‪ )1‬تطلق القراطيس ويراد بها الصحف ونوع من الربود وغري ذلك‪،‬‬
‫واملراد هنا أنهم مجيلو الصورة فيهم بياض وحسن‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي من الكدر‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي زال بعض الكدر اّلي يف ألوانهم‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي صفت من لك كدر‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي المؤمنون الاكملون اّلين لم يتلوثوا باّلنوب‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪92‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ألوانهم ىشء فقوم خلطوا عمال صاحلا وءاخر سيئا(‪ )1‬فتابوا‬


‫فتاب الل عليهم ُ(‪ ،)2‬وأما هذه األنهار فأوِلا رمحة الل‪ ،‬والاين‬
‫نعمة الل‪ ،‬والالث سقاهم ربهم رشابا طهورا ُ(‪.)3‬‬

‫وقيل َل ُ(‪ :)4‬هذا ماكنك وماكن أمتك‪ ،‬وإذا هو بأمته شطرين ُ(‪)5‬؛‬
‫شطر عليهم ثياب كأنها القراطيس ُ(‪ ،)6‬وشطر عليهم ثياب‬

‫(‪ )1‬أي هم املؤمنون اّلين عملوا الصاحلات من ناحية ووقعوا يف‬


‫السيئات من ناحية أخرى‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي قبل الل توبتهم وعفا عنهم‪.‬‬
‫(‪ )3‬قال بعضهم‪ :‬معناه هذه األنهار تسَّم رمحة الل ونعمة الل‬
‫والرشاب الطهور‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي للنيب ممد ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي فريقني‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي من شدة نقائها‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪93‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫رمد(‪ ،)1‬فدخل اليت املعمور ودخل معه اّلين عليهم الياب‬


‫اليض وحجب اآلخرون ُ(‪ )2‬اّلين عليهم الياب الرمد وهم لع‬
‫خري(‪ ،)3‬فصىل هو ومن معه من املؤمنني يف اليت املعمور‪ ،‬وإذا‬
‫هو(‪ )4‬يدخله لك يوم سبعون ألف ملك ّل يعودون إله إىل يوم‬

‫(‪ )1‬أي غرب فيها كدورة‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي عن الخول‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي وإن حجبوا عن الخول معه إّل أنهم لع خري ولكنهم يف‬
‫درجة أقل من درجة األولني اّلين دخلوا اليت‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي اليت املعمور‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪94‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫لر عليها(‪ ،)3‬ءاخر ما‬ ‫(‪)2‬‬


‫لو خر‬ ‫القيامة‪ ،‬وبذاء الكعبة‬
‫ُ(‪)1‬‬

‫عليهم(‪ ،)4‬ثم خرج ومن معه‪.‬‬

‫اآلنية الالثة المتقدمة‬


‫ُ(‪)6‬‬
‫وف رواية‪ :‬أنه عرضت عليه‬
‫ُ(‪)5‬‬

‫فأخذ(ُ‪ )7‬اللب فصوب جربيل فعله ُ(‪ )8‬كما تقدم‪ .‬وقال كما يف‬
‫رواية‪ :‬هذه الفطرة اليت أنت عليها وأمتك‪.‬‬

‫(‪ )1‬وهو يف ماكنه يف السماء ماذ للكعبة يف األرض‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي لو قدر أنه يسقط‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي لع الكعبة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي هذا ءاخر شأن المتلكم فيهم بالنسبة للبيت املعمور‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي يف هذا المقام‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي اليت تقدم يف ذكرها أن جربيل عليه السالم أَت رسول الل‬
‫ﷺ بها‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي سيدنا ممد ﷺ‪.‬‬
‫ُُُ‬
‫(‪ )8‬أي قال َل‪ُُ« :‬أصُبُتُ» ويه رواية عند مسلم يف الصحيح‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪95‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم رفع إىل سدرة املنته ُ(‪ )1‬وإلها ينتِه ما يعرج من األرض‬
‫فيقبض منها وإلها ينتِه ما يهبط من فوق فيقبض منها(‪ ،)2‬وإذا‬
‫يه شجرة خيرج من أصلها أنهار من ماء غري ءاسن ُ(‪ ،)3‬وأنهار‬

‫(‪ )1‬أي استبينت َل سدرة املنته بنعوتها لك اّلستبانة حَت اطلع‬


‫عليها لك اّلطالع فاكن ذلك بمثابة الىشء المقرب إله فعرب‬
‫ُ ُُ ُ‬
‫فُعُتُُُإُلُُ»‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬معناه رفعت فصت قريبا‬ ‫عنه بقوَل‪ُ« :‬رُ ُ‬
‫ُ ُُ‬
‫تُُ ُلُ»‪ ،‬وضبطها األكرثون كما قال احلافظ‬
‫فُعُ ُ‬‫منها‪ ،‬وف رواية‪ُ« :‬رُ ُ‬
‫ُ ُُ ُ‬
‫تُُإُىلُ»‪.‬‬
‫فُعُُ ُ‬
‫العسقالين‪ُ« :‬رُ ُ‬
‫(‪ )2‬قال شيخنا اإلمام اِلرري رض الل عنه‪" :‬معناه األمور اليت‬
‫يصعد بها املالئكة المولكون من األرض أو من السماء األوَّل‬
‫أو من الانية أو الالة أو حنو ذلك ينته بها إىل سدرة المنته‪،‬‬
‫ثم ما يزنل به من فوق ذلك أي من العرش فما دونه هناك ينته‬
‫به‪ ،‬فسدرة المنته مطة لما يصعد به من أسفل ولما يزنل به‬
‫من فوقها‪ ،‬ويه أصلها يف السادسة وأعالها يف السابعة" اه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي غري متغري وّل منَت‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪96‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫من لب ُ(‪ )1‬لم يتغري طعمه(‪ ،)2‬وأنهار من خر ُ(‪ّ )3‬لة للشاربني ُ(‪،)4‬‬
‫وأنهار من عسل مصىف ُ(‪ ،)5‬يسري الراكب يف ظلها ُ(‪ )6‬سبعني اعما‬

‫(‪ )1‬أي حليب‪.‬‬


‫(‪ )2‬ألنه لم َيلب من حيوان فيتغري طعمه بالروج من الَّضوع‪،‬‬
‫ولكنه خلقه الل ابتداء يف األنهار‪ ،‬فهو بهيئته لم يتغري عما‬
‫خلقه الل عليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي من خر اجلنة الّليذ اّلي ّل يسكر وّل يصدع الرأس‬
‫وليس من خر النيا اّلي هو َنس‪.‬‬
‫(‪ )4‬وهم أهل اجلنة‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي ليس فيه قذى وّل ما يكون يف عسل أهل النيا قبل‬
‫اتلصفية من الشوائب‪.‬‬
‫(‪ِ )6‬لا ظل مع أنه ّل وجود للشمس وّل للقمر يف اجلنة بل فيها أنوار‬
‫عظيمة جدا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪97‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ّل يقطعها‪ ،‬وإذا نبقها ُ(‪ )1‬مثل قالل هجر ُ(‪ ،)2‬وإذا ورقها كآذان‬
‫الفيلة‪ ،‬تكاد الورقة تغطي هذه األمة‪ .‬وف رواية‪ :‬الورقة منها‬
‫تظل اللق‪ ،‬لع ُ(‪ )3‬لك ورقة ملك‪ ،‬فغشيها ُ(‪ )4‬ألوان ّل يدرى ما‬

‫(‪ )1‬أي ثمرتها‪ ،‬وانلبق ثمر السدر واحدها نبقة بالفتح وبالكَس‬
‫ويسكن‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي اكجلرار العظيمة احلجم‪ ،‬وهجر هذه قرية من قرى املدينة‬
‫املنورة تصنع بها القالل ّل هجر اليت بأرض الحرين‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي عند‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي أصابها‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪98‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫يه‪ ،‬فلما غشيها من أمر الل ما غشيها ُ(‪ )1‬تغريت(‪ ،)2‬وف رواية‪:‬‬
‫من‬ ‫ُ(‪)3‬‬
‫حتولت ياقوتا وزبرجدا‪ ،‬فما يستطيع أحد أن ينعتها‬
‫حسنها‪ ،‬فيها فراش من ذهب‪ ،‬وإذا يف أصلها أربعة أنهار‪ :‬نهران‬

‫(‪ )1‬أي أفاض الل تعاىل بقدرته لع السدرة بأنوار وأمور أظهرت‬
‫حسنها حَت إنه ّل يستطيع أحد أن يصفها لع اتلمام‪ .‬قال بعض‬
‫العلماء‪ :‬غطتها أنوار أجنحة املالئكة‪ ،‬وقال غريهم‪ :‬غشيها‬
‫فراش من ذهب وألوان متعددة‪ ،‬وف حديث أنس اّلي رواه‬
‫ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُُُ ُ ُُ ُ ُُ‬
‫مُنُُأُمُرُُُُُاللُُماُُُغُشُُيُهاَُُُتُوُلُتُُُيُُاقُ ُ‬
‫وتاُُ‬ ‫أمحد مرفواع‪ُ« :‬فُلُم ُاُُغُشُُيُهاُُُ ُ ُ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ‬
‫ُأُوُُُزُمُرُدُاُُأُوَُُُنُُوُُذُُلُكُ»‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي من حال يف احلسن إىل حال أعجب‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ّل أحد من اللق يستطيع اإلحاطة بأوصافها من فرط‬
‫مجاِلا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪99‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫باطنان(‪ )1‬ونهران ظاهران ُ(‪ ،)2‬فقال‪ :‬ما هذه يا جربيل؟ قال‪ :‬أما‬
‫الاطنان فنهران يف اجلنة ُ(‪ ،)3‬وأما الظاهران فانليل والفرات ُ(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬أي خمفيان عن أعني انلاظرين فال يريان حَت يصبا يف اجلنة‪،‬‬
‫أو معناه نهران جيريان يف اجلنة وّل خيرجان منها‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه‬
‫ّل َياط بوصفهما‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي خيرجان من اجلنة لجريا خارجها‪.‬‬
‫(‪ )3‬اختلف فيهما فقيل‪ :‬الكوثر والرمحة‪ ،‬وقيل‪ :‬الكوثر والسلسبيل‪.‬‬
‫(‪ )4‬قال شيخنا اإلمام اِلرري‪" :‬انليل ماؤه يزنل من اجلنة بطريقة ّل‬
‫يراها انلاس ويدخل يف أرض احلبشة ثم خيرج من هناك‪،‬‬
‫وكذلك الفرات ماؤه يزنل من اجلنة‪ ،‬لكن ماءهما تغري بعدما‬
‫نزل إىل األرض‪ ،‬ولو بِق ماؤهما لع صفته اكن اّلي يرشب منه‬
‫ّل يمرض وّل َيس بثقل" اه‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪100‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وف رواية أنه رأى جربيل عند السدرة وَل ستمائة جناح‪ ،‬لك‬
‫جناح منها قد سد األفق(‪ ،)1‬يتناثر من أجنحته اتلهاويل الر‬
‫والاقوت(‪ )2‬مما ّل يعلمه إّل الل تعاىل‪.‬‬

‫ثم أخذ يسري لع الكوثر(‪ )3‬حَت دخل اجلنة ُ(‪ ،)4‬فإذا فيها ما ّل‬
‫عني رأت وّل أذن سمعت وّل خطر لع قلب برش ُ(‪ ،)5‬فرأى لع‬
‫مكتوبا‪« :‬الصدقة بعرش أمثاِلا‪ ،‬والقرض بثمانية‬ ‫(‪)6‬‬
‫بابها‬

‫(‪ )1‬أي سد األفق من عظم خلقته عليه السالم‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي األشياء المختلفة األلوان لع شِك الر والاقوت تبهر‬
‫ُ ُ‬ ‫ُُ ُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ‬
‫مُنُُريُُُشُُُهُُتُهُُاوُُُيلُُُُاَلُُُرُُُُوُُُاِلُُُاقُوُتُ»‪.‬‬
‫العيون‪ ،‬وف رواية‪ُ« :‬يُنَُّثُُُ ُ ُ‬
‫(‪ )3‬أي عند ُمراه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي جنة املأوى اليت يدخلها املؤمنون يف اآلخرة‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي وهذا اّلي فيها لم يطلع عليه أحد من اللق‪ ،‬وهو خاص‬
‫بعباد الل املتقني‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي باب من أبواب اجلنة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪101‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫عرش ُ(‪ ،»)1‬فقال‪ :‬يا جربيل ما بال القرض أفضل من الصدقة ُ(‪)2‬؟‬
‫قال‪ :‬ألن السائل يسأل وعنده ىشء‪ ،‬والمقرتض ّل يستقرض إّل‬
‫من حاجة ُ(‪.)3‬‬

‫فسار يف اجلنة فإذا هو بأنهار من لب لم يتغري طعمه‪ ،‬وأنهار من‬


‫خر ّلة للشاربني‪ ،‬وأنهار من عسل مصىف‪ ،‬وإذا فيها جنابذ‬
‫اللؤلؤ(‪ ،)4‬وإذا رمانها اكلّلء ُ(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬أي مثال‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي انلافلة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي حاجة يسد القرض مسدها اغلا‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي قباب من لؤلؤ‪.‬‬
‫(‪ )5‬مجع دلو‪ ،‬واملراد بذلك الّلء الكبار‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪102‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وف رواية‪ :‬فإذا فيها رمان كأنه جلود اإلبل المقتبة ُ(‪ ،)1‬وإذا‬
‫بطريها اكلخات(ُ‪ .)2‬فقال أبو بكر(‪ :)3‬يا رسول الل‪ ،‬إن تلك‬
‫الطري نلاعمة ُ(‪ ،)4‬قال‪ :‬أكلتها أنعم منها ُ(‪ ،)5‬وإين ألرجو أن تأكل‬
‫منها‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي اكجللود اليت تكون لع اجلمال حتت األمحال إن بِغ‬


‫ركوبها‪.‬‬
‫(‪ )2‬مجع ِبت وهو العري الراساين ذو السنامني‪.‬‬
‫(‪ )3‬اتلقدير‪ :‬وسمع أبو بكر رض الل عنه رسول الل ﷺ َيدثهم‬
‫بما رأى فقال كيت وكيت‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي منعمة يف اجلنة‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي أكرث نعيما منها بأضعاف كثرية جدا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪103‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ورأى نهر الكوثر لع حافته قباب الر المجوف‪ ،‬وإذا طينه‬


‫ُ(‪)1‬‬

‫مسك أذفر ُ(‪.)2‬‬

‫ثم عرضت عليه انلار ُ(‪ ،)3‬فإذا فيها غضب الل وزجره ونقمته ُ(‪،)4‬‬
‫لو طرح فيه احلجارة واحلديد ألكلتها‪ ،‬فإذا قوم يأكلون‬
‫اجليف(‪ )5‬فقال‪ :‬من هؤّلء يا جربيل؟ قال‪ :‬هؤّلء اّلين يأكلون‬
‫حلوم انلاس ُ(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬أي اّلي يف قاعه‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي شديد الراِئة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أطلع رسول الل ﷺ لع ما فيها من حيث هو يف العلو وانلار‬
‫حتت األرض السابعة من غري أن يدخلها أو يقربها‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي ءاثار غضب الل ويه عذابه‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي أري مثاّل لمن يكون هذا من عذابهم‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي يغتابون المسلمني بغري حق‪ .‬وقد تمسك بظاهر هذا‬
‫احلديث من قال من العلماء يف الغيبة املحرمة إنها من الكبائر‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪104‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫مطلقا‪ ،‬وفصل بعضهم فقال‪ :‬إنها إن اكنت غيبة لألتقياء فِه‬


‫كبرية‪ ،‬أما إن اكنت يف غريهم فِه ذنب من الصغائر‪ ،‬وهذا هو‬
‫الصواب‪ .‬فما نقله القرطيب من أنها كبرية مطلقا باإلمجاع غري‬
‫سديد‪ ،‬لكن المسلم الفاسق إذا اغتيب بغري حق إىل حد‬
‫اإلفحاش اكن اغتيابه كبرية‪ ،‬وذلك كأن يبالغ يف ذكر مساوئه‬
‫لع غري وجه اتلحذير بل لمجرد اتلفكه‪ ،‬وعليه َيمل قوَل ﷺ‪:‬‬
‫ُُ ُ ُ‬ ‫ُ ُُ ُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫لُُمُُبُُغُيُُُُحُ ُُ‬
‫ق» فجاء‬ ‫ضُُُالُمُسُ ُ‬
‫عُرُ ُ ُ‬ ‫الرُُُباُُُُالُُسُتُطُُالُُةُُ ُُ‬
‫يفُُ ُ‬ ‫مُنُُأُرُبُُُُُ‬
‫نُُُ‬‫«ُإُ ُ‬
‫وصفها بأنها من أرَب الربا أي أنها يف شدة إثمها شبيهة بأشد‬
‫الربا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪105‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ورأى مالاك خازن انلار فإذا هو رجل ُ(‪ )1‬اعبس يعرف الغضب يف‬
‫وجهه ُ(‪ ،)2‬فبدأه انليب ﷺ بالسالم ُ(‪ ،)3‬ثم أغلقت انلار دونه‪.‬‬

‫(‪ )1‬بمعىن شخص أو لع صورة رجل اعبس وهو يف احلقيقة الملك‬


‫الكريم المولك بأمور انلار‪ ،‬فإن املالئكة يصح أن يتشلكوا‬
‫ظاهرا بصورة اّلكور من دون ءالة اّلكورية وّل جيوز عليهم‬
‫أن يتشلكوا بصورة اإلناث‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي لع أهل انلار‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ورد عليه مالك‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪106‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم رفع(‪ )1‬إىل سدرة المنته فغشيته ُ(‪ )2‬سحابة فيها من لك لون‪،‬‬
‫فتأخر جربيل ُ(‪ ،)3‬ثم عرج به ُ(‪ )4‬حَت ظهر ُ(‪ )5‬لمستوى سمع فيه‬
‫ِصيف األقالم ُ(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬أي رسول الل ﷺ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي غطته‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي لم يتقدم‪ .‬وجيب اتلحذير من قول بعضهم إنه لما وصل‬
‫جربيل والرسول إىل ما بعد سدرة املنته قال جربيل‪" :‬هنا يفارق‬
‫الليل خليله لو تقدمت احرتقت"‪ ،‬فإن قاَل القائل لع وجه‬
‫اّلستخفاف بسيدنا جربيل أو انتقاصا من قدره العظيم أو أنه‬
‫َيرتق ويموت حقيقة فإنه يكفر‪ ،‬وأصل الرب يف ذلك لم يرد‬
‫يف حديث صحيح‪ ،‬أما من أورده ولم يفهم منه هذه املعاين اليت‬
‫حذرنا منها فال يكفر‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي أكرث من المستوى اّلي اكن فيه‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي وصل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪107‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ورأى رجال ُ(‪ )2‬مغيبا يف نور العرش فقال‪ :‬من هذا أملك؟ قيل‪:‬‬
‫ّل‪ ،‬قال‪ :‬أنيب؟ قيل‪ّ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬من هو؟ قيل‪ :‬هذا رجل اكن يف النيا‬

‫(‪ِ )1‬صيف األقالم هو صوت جريان األقالم يف الكتابة‪ ،‬وهو هنا‬


‫صوت استنساخ بعض املالئكة باألقالم من اللوح المحفوظ‬
‫ما أذن الل لهم يف نسخه يف صحفهم من األقضية‪ ،‬فإن يف اللوح‬
‫المحفوظ ذكر لك ما يكون يف هذه النيا إىل نهايتها‪ ،‬قال الل‬
‫تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﱠ‪ .‬أما‬
‫احلياة األخروية فممتدة إىل غري نهاية فال تدخل حوادثها يف‬
‫اللوح املحفوظ‪ ،‬ألن املكتوب يف اللوح ىشء متناه‪ ،‬فال يقع يف‬
‫اللوح المتنايه المساحة ذكر تفاصيل ما يقع يف احلياة األخروية‬
‫اليت ّل نهاية ِلا‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي مثاّل لرجل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪108‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫لسانه رطب من ذكر الل(‪ )1‬وقلبه معلق بالمساجد ولم يستسب‬


‫لواليه قط ُ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أي دائم حركة اللسان يف ذكر الل عز وجل‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي لم يفعل ما يؤدي إىل حلاق السب بواليه بغري حق كأن سب‬
‫والي غريه أو غريهما بغري حق فأدى ذلك إىل أن رد عليه بسب‬
‫واليه بغري حق‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪109‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫فرأى ربه سبحانه وتعاىل(‪ ،)1‬فخر انليب ﷺ ساجدا‪ ،‬ولكمه ربه‬


‫تعاىل ُ(‪ )1‬عند ذلك ُ(‪ )2‬فقال‪ :‬يا ممد‪ ،‬قال‪ :‬ليك يا رب ُ(‪ ،)3‬قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬أي وحني اكن رسول الل ﷺ يف ذلك املاكن كشف عنه احلجاب‬
‫املعنوي فرأى الل بال كيف وّل ماكن وّل جهة وّل مقابلة‪ ،‬رءاه‬
‫عز وجل ّل كما يرى املخلوق‪ ،‬بل رءاه ليس كمثله ىشء‪،‬‬
‫فمحمد ﷺ اكن يف ذلك الماكن وأما الل عز وجل فال َيل يف‬
‫ماكن وّل يف مجيع األمكنة‪.‬‬
‫فرأى رسول الل ﷺ ربه بقلبه ‪ -‬وّل يقال رءاه يف قلبه ‪ -‬ومعناه‬
‫جعل الل للنيب ﷺ قوة الرؤية بقلبه فرأى الرسول ﷺ ربه بقلبه‬
‫ولم يره بعين رأسه ألن الل تعاىل ّل يرى يف النيا بالعني‪ ،‬ولو‬
‫اكن يراه أحد بالعني يف النيا لاكن رءاه سيدنا ممد ﷺ وّللك‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫َّت ُُُتُُمُ ُ‬
‫وتوُا» رواه‬ ‫كم ُُحُُ ُ‬
‫ن ُُتُُروُا ُُُرُبُ ُ‬ ‫قال رسول الل ﷺ‪ُ« :‬إنُُ ُ‬
‫كُُم ُُلُ ُ‬
‫مسلم‪ ،‬كما يفهم ذلك أيضا من قوَل تعاىل لسيدنا موىس ﱡﭐﲫ‬

‫ﲬﱠ‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪110‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وقد روي أنه قيل َل ﷺ‪ :‬هل رأيت ربك للة المعراج فقال‪:‬‬
‫«سبحان الل سبحان الل‪ ،‬رأيته بفؤادي وما رأيته بعين» وهذا‬
‫ضعيف لم يثبت‪.‬‬
‫وقال اإلمام مالك رض الل عنه‪ّ" :‬ل يرى الاِق بالعني الفانية‪،‬‬
‫وإنما يرى بالعني الاقية يف اآلخرة" اه‪ .‬أي بعيون أهل اجلنة‬
‫اليت ّل يلحقها الفناء ألنهم ّل يموتون أبد اآلبدين‪ .‬وقوَل‪:‬‬
‫"بالعني الفانية" أي بعني احلياة الفانية‪.‬‬
‫وأما قول بعض أهل السنة إنه ﷺ رأى ربه للة المعراج بعين‬
‫رأسه فهذا قول ضعيف‪ ،‬لكن من قاَل ّل يبدع وّل يفسق ألنه‬
‫قال به مجع من السلف الصاحلني رض الل عنهم وأرضاهم‪،‬‬
‫فمن قال بذلك يقال َل‪ :‬هذا القول مرجوح والقول الراجح أنه‬
‫رءاه بفؤاده أي بقلبه ّل بعينيه كما ثبت ذلك عن أيب ذر‬
‫الغفاري رض الل عنه قال‪« :‬رءاه بقلبه ولم يره بعينه»‪ ،‬وحنن‬
‫لع هذا القول‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪111‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫(‪ )1‬أي كشف عنه احلجاب المعنوي فأسمعه الل الكمه اّلات اّلي‬
‫ليس حرفا وّل صوتا وّل لغة وّل يبتدأ وّل خيتتم وّل يتقطع وّل‬
‫يتعاقب وّل يشبه الكم املخلوقني ففهم منه ﷺ ذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬وعندية الزمان والماكن خاصة باملخلوق وّل يرجع ىشء من‬
‫ذلك إىل الل وصفاته‪ ،‬فهو موجود بال ماكن وّل جيري عليه‬
‫زمان‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أجيبك يا رب إجابة بعد إجابة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪112‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وأعطيته ملاك‬ ‫سل‪ ،‬فقال‪ :‬إنك اختذت إبراهيم خليال‬


‫ُ(‪)1‬‬

‫عظيما(‪ ،)2‬ولكمت موىس تكليما(‪ ،)3‬وأعطيت سليمان ملاك‬

‫(‪ )1‬أي اّلي نال درجة اللة معناه بلغ الغاية بعد سيدنا ممد يف‬
‫اّلنقطاع إىل الل بالعبادة‪ ،‬فمقام اللة مقام اعل جدا لم يصل‬
‫إله إّل سيدنا ممد وسيدنا إبراهيم عليهما السالم‪.‬‬
‫(‪ )2‬لعله يريد به قهره للملوك اجلبارين الكفرة أو الملك اّلي‬
‫أوتيه من جاؤوا من ذريته كيوسف ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أسمع الل موىس ﷺ الكمه األزيل بغري حرف وّل صوت‬
‫كما أن املؤمنني يرون ذات الل وهم يف اآلخرة والل تعاىل بال‬
‫ماكن وّل كيف وّل جهة‪ ،‬وسماع الكم الل تعاىل اّلات جائز‬
‫ألن العقل ّل َييل سماع ما ليس برف وّل صوت‪ ،‬فاكن من‬
‫اجلائز أن يسمع موىس عليه السالم الكم الل تعاىل القديم‬
‫ويفهم منه ما فهم‪ .‬وبعبارة أخرى يقال‪ :‬أزال الل عن سيدنا‬
‫موىس ﷺ املانع ومكنه من سماع الكم الل القديم‪ ،‬ثم حجب‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪113‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫عن موىس سماع الكمه تعاىل فعاد موىس إىل حاَل األول‪ ،‬وهذا‬
‫اتلغري هو يف حال موىس وّل يطرأ لع الل تغري يف ذاته أو صفاته‪.‬‬
‫وليس معىن ﱡﭐ ﱩﱪ ﱫ ﱬﱠ أن الل ابتدأ الالكم بعد‬
‫أن اكن ساكتا وّل أنه كم موىس ثم انقطع الكمه تعاىل وسكت‪،‬‬
‫تعاىل الل عن ذلك علوا كبريا‪ .‬فالكمه تعاىل ليس برف وّل‬
‫صوت وّل لغة‪ ،‬وليس مبتدأ وّل خمتتما وّل متجزئا وّل متبعضا‬
‫وّل يتخلله انقطاع‪ ،‬بل هو صفة َل أزلة أبدية وهو الكم واحد‬
‫بال فم وّل لسان وّل شفاه وّل ِلاة وّل لغات‪ ،‬وكما أن ذات الل‬
‫ّل يشبه اّلوات فالكمه ّل يشبه الكم املخلوقني وّل بوجه من‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫بكالُمُُ‬
‫ُاللُُُُ ُ‬
‫الكمُُُ ُ‬
‫شبُه ُُ ُ‬
‫ن ُُ ُ‬
‫فرُُُُمُ ُ‬
‫َُعُكُ ُ‬
‫اإلمجاعُُ ُُ‬
‫الوجوه‪ ،‬وقد نقل ُُ ُ ُُ‬
‫ُ‬
‫لقُ اإلمام أبو بكر الصقيل يف كتابه «مسألة الشارع يف‬ ‫الُ ُ ُ‬
‫ُُ ُ‬
‫القرءان»‪.‬‬
‫وهنا ينبِغ اتلحذير من رواية يف بعض كتب اتلفسري فيها أن‬
‫الل يسأل يوم القيامة "لمن الملك الوم" ثم هو جييب نفسه "لل‬
‫الواحد القهار"‪ ،‬فهذه الرواية غري صحيحة وقد نص لع ردها‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪114‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫الفخر الرازي يف تفسريه فقال‪" :‬قال أهل األصول‪ :‬هذا القول‬


‫ضعيف" اه‪ .‬بل من يفهم من ذلك أن الل تعاىل يتلكم ثم يسكت‬
‫ثم يتلكم فقد وصف الل بصفات البرش من السكوت واآلفة‬
‫وهذا كفر معارض لين اإلسالم‪ ،‬خمالف للعقل ومصادم‬
‫للنقل‪ ،‬والصواب أن ملاك ينادي يوم القيامة بأمر الل "لمن‬
‫الملك الوم" ثم امللك هو جييب "لل الواحد القهار"‪ ،‬ويشهد‬
‫ّللك ما رواه أبو نعيم يف «احللية» بسنده إىل ابن عباس رض‬
‫الل عنهما قال‪« :‬فينادي المنادي‪ :‬لمن الملك الوم؟ لل الواحد‬
‫القهار»‪ .‬وقال املفَس انلحوي السمني احلليب يف «عمدة احلفاظ»‪:‬‬
‫"وقد روي أنه ينادي مناد‪ :‬لمن الملك الوم؟ فيجاب بأنه لل‬
‫ﳉ‬ ‫ﳈ‬ ‫الواحد القهار كما ِصحت به اآلية الكريمة ﱡﳆ ﳇ‬
‫ﳊ ﳋ ﳌﱠ" اه‪ .‬ونص هذا القول من ناحية الالغة‬
‫وانلحو أبو حيان األندلِس يف «الحر املحيط»‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪115‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫عظيما‪ ،‬وسخرت َل اإلنس واجلن والشياطني‪ ،‬وسخرت َل‬


‫الرياح ُ(‪ ،)1‬وأعطيته ملاك ّل ينبِغ ألحد من بعده‪ ،‬وعلمت عيَس‬
‫واألبرص وَيِي‬ ‫اتلوراة واإلَنيل ُ(‪ ،)2‬وجعلته يربئ األكمه‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫(‪ )1‬فاكنت حتمله وجنده واحلاشية إىل األماكن العيدة من غري أن‬
‫خيتل ىشء من نظام أمورهم‪ ،‬فيذهبون من بالد الشام إىل اكبل‬
‫وربما أبعد‪.‬‬
‫قال الل تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ﱌﱎ ﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕ ﱖﱗﱘ‬
‫ﱍ‬

‫ﱙ ﱚ ﱛ ﱠ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكمه يف األصل هو العَّم‪ ،‬واختلفوا يف كيفيته‪ ،‬فقال بعضهم‪:‬‬
‫األكمه هو اّلي يول مطموس العينني‪ ،‬وقال غريهم‪ :‬اّلي يول‬
‫أعَّم‪ ،‬وقالت طائفة‪ :‬هو األعَّم مطلقا‪ ،‬وذهب ءاخرون إىل أنه‬
‫هو اّلي يبص بانلهار وّل يبص بالليل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪116‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وأمه من الشيطان الرجيم(‪ ،)3‬فلم‬ ‫املوت بإذنك(‪ ،)1‬وأعذته‬


‫ُ(‪)2‬‬

‫يكن للشيطان عليهما سبيل ُ(‪ ،)4‬فقال الل تعاىل‪ :‬قد اختذتك‬
‫حبيبا(‪ - )5‬قال الراوي‪ :‬وهو مكتوب يف اتلوراة ُ(‪ )6‬حبيب الل ‪-‬‬
‫وأرسلتك للناس اكفة بشريا ونذيرا‪ ،‬ورشحت لك صدرك‪،‬‬
‫ووضعت عنك وزرك‪ ،‬ورفعت لك ذكرك ّل أذكر إّل وتذكر مِع‪،‬‬
‫وجعلت أمتك خري أمة أخرجت للناس‪ ،‬وجعلت أمتك أمة‬

‫(‪ )1‬أي بمشيئة الل وقدرته‪ ،‬فال خالق لىشء إّل الل عز وجل‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي وأجرته‪.‬‬
‫(‪ )3‬ومعىن الشيطان الرجيم الاكفر املرجوم من اجلن أي المريم‬
‫باللعن املطرود من الري يف الين‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي سلطان‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي صفيا كريما‪ ،‬فرسول الل ﷺ أكرم اللق لع الل‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي األصلية غري المحرفة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪117‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫وسطا‪ ،‬وجعلت أمتك هم األولون واآلخرون ُ(‪ ،)1‬وجعلت أمتك‬


‫ّل جتوز لهم خطبة حَت يشهدوا أنك عبدي ورسويل(‪ ،)2‬وجعلت‬
‫من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم(‪ ،)3‬وجعلتك أول انلبيني‬

‫(‪ )1‬من قوَل‪« :‬وأرسلتك» إىل قوَل «واآلخرون» سبق رشحه كه‪.‬‬
‫(‪ )2‬اختلف يف معناه‪ ،‬فمنهم من محله لع أنه يشرتط محد الل‬
‫والصالة لع نبيه ﷺ يف خطبة اجلمعة‪ ،‬وقيل غري ذلك‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي واعظهم وءامرهم وناهيهم أو املعىن أن قرءانهم مفوظ يف‬
‫قلوبهم‪ ،‬واإلَنيل يأت يف اللغة بمعىن الكتب‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪118‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫خلقا(‪ )1‬وءاخرهم بعثا ُ(‪ ،)2‬وأول من يقَض َل ُ(‪ ،)3‬وأعطيتك سبعا‬


‫من المثاين ُ(‪ )4‬لم أعطها نبيا قبلك‪ ،‬وأعطيتك خواتيم القرة من‬

‫(‪ )1‬الصواب أن يقال بضم الاء والالم بمعىن أنه ألع انلاس خلقا‪،‬‬
‫ألن ممدا ليس أول خلق الل‪ ،‬وّل يثبت أن روحه أول روح‬
‫خلقت يف األرواح‪ ،‬فإن أول خملوق لع اإلطالق املاء‪ ،‬ثم خلق‬
‫الل اللق من هذا املاء األول‪ .‬قال الل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲎ ﲏﲐﲑ‬

‫ﲒﱠ‪ ،‬قال احلافظ العسقالين يف «فتح الاري» والدر العين يف‬


‫«العمدة» ما نصه‪" :‬وروى السدي يف تفسريه بأسانيد متعددة أن‬
‫الل لم خيلق شيئا مما خلق قبل املاء‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي ءاخر األنبياء تنبيئا‪ ،‬فهو خاتم انلبيني وأفضلهم صىل الل‬
‫عليهم وسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬فهو أول من يسأل يوم القيامة إظهارا لرشفه‪ :‬هل بلغت؟ وهو‬
‫أول من يدخل اجلنة ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )4‬ويه الفاحتة أو غريها من القرءان‪ ،‬فعىل األول سميت بذلك‬
‫ألنها تثىن يف لك ركعة‪ ،‬وقيل‪ :‬ألنها تثىن بسورة أخرى‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪119‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫كزن(‪ )1‬حتت العرش لم أعطها نبيا قبلك‪ ،‬وأعطيتك الكوثر ُ(‪،)2‬‬


‫وأعطيتك ثمانية أسهم ُ(‪ :)3‬اإلسالم والهجرة واجلهاد والصدقة‬
‫والصالة وصوم رمضان واألمر باملعروف وانلِه عن المنكر‪،‬‬
‫وإين يوم خلقت السماوات واألرض فرضت ُ(‪ )4‬عليك ولع أمتك‬

‫ألنها نزلت مرتني‪ ،‬وقيل‪ :‬ألنها لع قسمني ثناء وداعء‪ ،‬وقيل‬


‫غري ذلك‪.‬‬
‫(‪ )1‬بمعىن مفوظة َل‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو نهر خاص بانليب ممد ﷺ يف اجلنة خيرج منه روافد إىل‬
‫بيوت أهل اجلنة ويصب منتهاه خارج اجلنة يف احلوض‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي خصال ُمموعة لك وإن اكن غريك قد أوِت منها‪.‬‬
‫(‪ )4‬ليس معناه أن تقدير الل تعلق بزمان هو بعد خلق تلك‬
‫املخلوقات‪ ،‬بل معناه قد فرضت عليك ذلك يف مجلة ما قضيت‬
‫يف األزل وظهر املأمور به لك ولهم يف الوقت املعلوم‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪120‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫خسني صالة‪ ،‬فقم بها ُ(‪ )1‬أنت وأمتك‪ .‬وف رواية‪ :‬وأعطي رسول‬
‫الل ﷺ الصلوات المس‪ ،‬وخواتيم سورة القرة‪ ،‬وغفر لمن لم‬
‫عنه‬ ‫يرشك بالل من أمته شيئا المقحمات ُ(‪ ،)2‬ثم اَنلت‬
‫(‪)3‬‬

‫السحابة‪ ،‬وأخذ بيده جربيل فانصف رسيعا‪.‬‬

‫فأَت لع إبراهيم فلم يقل شيئا‪ ،‬ثم أَت لع موىس ‪ -‬قال‪ :‬ونعم‬
‫الصاحب اكن لكم ُ(‪ - )4‬فقال‪ :‬ما صنعت يا ممد؟ ما فرض‬
‫ربك عليك ولع أمتك؟ قال‪ :‬فرض يلع ولع أميت خسني صالة‬

‫(‪ )1‬أي أدها‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي المهلاكت الموبقات من اّلنوب‪ ،‬وهو معىن ما جاء يف اآلية‪:‬‬
‫ﱡﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬

‫ﲋ ﲌ ﲍ ﱠ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي انكشفت‪.‬‬
‫(‪ )4‬يريد أن أمة ممد ﷺ نفعها موىس ﷺ بعد موته‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪121‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫لك يوم وللة‪ ،‬قال‪ :‬ارجع إىل ربك ُ(‪ )1‬فاسأَل اتلخفيف عنك وعن‬
‫أمتك‪ ،‬فإن أمتك ّل تطيق ذلك‪ ،‬فإين قد خربت انلاس ُ(‪ )2‬قبلك‬
‫وبلوت(‪ )3‬بن إرسائيل واعجلتهم(‪ )4‬أشد المعاجلة لع أدَن من‬
‫فضعفوا عنه وتركوه‪ ،‬فأمتك أضعف األمم أجسادا‬ ‫(‪)5‬‬
‫هذا‬
‫وأبدانا وقلوبا وأبصارا وأسمااع(‪ ،)6‬فاتلفت انليب ﷺ إىل جربيل‬
‫يستشريه‪ ،‬فأشار إله جربيل أن نعم إن شئت‪ ،‬فرجع رسيعا حَت‬

‫(‪ )1‬أي ارجع إىل املاكن اّلي تناِج فيه ربك حيث اكن يوَح إلك‬
‫بأمر الصالة‪ ،‬والل تعاىل ّل يتحزي يف ماكن وّل يف لك األماكن‪ ،‬بل‬
‫هو تعاىل موجود أزّل وأبدا بال ماكن‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي امتحنتهم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي جربت‪.‬‬
‫(‪ )4‬بمعىن جربت‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي من الركعات‪.‬‬
‫(‪ )6‬فإن أعمار أمة ممد ﷺ ما بني الستني والسبعني اغلا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪122‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫انته إىل الشجرة‪ ،‬فغشيته السحابة ُ(‪ )1‬وخر ساجدا وقال‪ :‬رب‬
‫عنهم‬ ‫خفف عن أميت فإنها أضعف األمم‪ ،‬قال‪ :‬وضعت‬
‫ُ(‪)2‬‬

‫خسا‪ ،‬ثم اَنلت السحابة ورجع إىل موىس‪ ،‬فقال‪ :‬وضع عن‬
‫خسا‪ ،‬فقال‪ :‬ارجع إىل ربك ُ(‪ )3‬واسأَل اتلخفيف فإن أمتك ّل‬
‫تطيق ذلك‪ ،‬فلم يزل يرجع بني موىس وبني ربه ُ(‪َ )4‬يط عنه خسا‬

‫(‪ )1‬ليس معناه أنه عز وجل يتشِك بشلكها‪ ،‬حاشا لل‪ ،‬فالل ليس‬
‫جسما لطيفا وّل كثيفا وّل يشبه املخلوقات بأي معىن من‬
‫املعاين‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي حططت‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ارجع إىل املاكن اّلي تناِج فيه ربك حيث اكن يوَح إلك‬
‫بأمر الصالة‪ ،‬والل تعاىل ّل يتحزي يف ماكن وّل يف لك األماكن‪،‬‬
‫بل هو تعاىل موجود أزّل وأبدا بال ماكن‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي من املاكن اّلي اكن فيه ﷺ حيث أويح إله أنه فرض عليه‬
‫وأمته خسون صالة إىل السماء السادسة‪ ،‬وليس المراد أن انليب‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪123‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫خسا(‪ )1‬حَت قال‪ :‬يا ممد‪ ،‬قال‪ :‬ليك ُ(‪ )2‬وسعديك(‪ ،)3‬قال‪ :‬يه‬
‫خس صلوات لك يوم وللة‪ ،‬لِك صالة عرش ُ(‪ ،)4‬فتلك خسون‬

‫ﷺ وصل إىل ماكن لِق الل تعاىل بمقابلة ومسافة‪ ،‬حاشا‪ ،‬فإن‬
‫الل تعاىل موجود أزّل وأبدا بال ماكن وّل جهة‪ ،‬ويستحيل عليه‬
‫عز وجل أن يكون بينه وبني خلقه مسافة أو مقابلة أو اتصال‬
‫أو انفصال كما يستحيل عليه أن َيل يف ىشء من العالم وأن‬
‫َيل فيه ىشء‪ ،‬اكن الل قبل الماكن والزمان بال كيف وّل ماكن‪،‬‬
‫ولم يزل الل بعد خلق املخلوقات بال كيف وّل ماكن‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي خسا بعد خس من المسني‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي أجيبك وأطيعك طاعة بعد طاعة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أرضيك دائما‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي تضاعف حسناتها عرش مرات‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪124‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫صالة(‪ّ ،)1‬ل يبدل القول لي وّل ينسخ كتايب ُ(‪ ،)2‬ومن هم بسنة‬
‫فلم يعملها كتبت َل حسنة ُ(‪ ،)3‬فإن عملها كتبت َل عرشا‪ ،‬ومن‬
‫هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه ُ(‪ ،)4‬فإن عملها كتبت َل‬
‫سيئة واحدة‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي يف حساب المضاعفة‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي ما قضيت عليكم من الفرائض ّل تبديل َل‪ .‬وقال بعضهم‪:‬‬
‫معناه ّل تبديل ملا قضيت من أن يف المس ثواب المسني‪.‬‬
‫(‪ )3‬هم هنا بمعىن عزم لع فعل أمر فيه ثواب‪ ،‬لكن ِصفه صارف‬
‫عن الفعل‪ ،‬فإنه يكتب َل ثواب لع عزمه لع فعل الري‪ ،‬فإن‬
‫عمل الري بنية حسنة كتب َل ثواب ثان جزاء لع العمل‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي تردد يف فعلها ولم يعزم لع الفعل وّل صمم وّل تكلم أنه‬
‫يفعل‪ ،‬بل استوى عنده األمر وتوقف عند "أفعل‪ّ ،‬ل أفعل" ولم‬
‫يعزم فهذا ّل يكتب عليه إثم العزم لع املعصية‪ .‬ومثال اجلزم‬
‫أن يصمم أنه إن تيَس َل سيفعل تلك املعصية‪ ،‬وهذا بالنسبة‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪125‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫واَنلت(‪ )1‬فزنل حَت انته إىل موىس فأخربه فقال‪ :‬ارجع إىل‬
‫ربك فاسأَل اتلخفيف فإن أمتك ّل تطيق ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬لقد‬

‫للمعايص اليت يه دون الكفر‪ ،‬أما الرتدد يف الكفر كأن تردد‬


‫يف نفسه "أكفر أو ّل أكفر" فهذا يكفر يف احلال ولو لم يعزم لع‬
‫الكفر وجيزم‪ ،‬وليس الالكم لع ُمرد الاطر اّلي يرد لع‬
‫القلب من غري إرادة ويكرهه الشخص وّل يعمل به‪ ،‬بل الالكم‬
‫لع من تردد هل يدوم لع اإليمان أو خيرج من اإلسالم‬
‫بالكفر فهذا اّلي يكفر بذلك الرتدد ولو لم يأت بعد ذلك‬
‫بكفر ءاخر فإن أَت بكفر ءاخر كتب عليه كفر أيضا‪،‬‬
‫والعياذ بالل‪ ،‬ومن باب أوَّل أن اّلي عزم لع الكفر يكفر‬
‫يف احلال سواء ارتكب الكفر اّلي عزم عليه أو لم يرتكبه‪،‬‬
‫ألنه برتدده أو عزمه لع الكفر ّل يكون معظما لل بل‬
‫مستخفا به‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي انكشفت السحابة عنه‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪126‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫راجعت رّب ُ(‪ )1‬حَت استحييت منه‪ ،‬ولكن أرض وأسلم ُ(‪،)2‬‬
‫فنادى مناد(‪ )3‬أن قد أمضيت فريضيت(‪ )4‬وخففت عن عبادي‪،‬‬
‫فقال َل موىس‪ :‬اهبط بسم الل‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي سأتله اتلخفيف‪.‬‬


‫(‪ )2‬وهو ﷺ مسلم لربه يف لك حال‪ ،‬واملعىن هنا أنه ّل يسأل عن‬
‫هذا بعد ذلك‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ملك مبلغ عن الل تعاىل‪.‬‬
‫(‪ )4‬قال امللك‪ :‬إن الل تعاىل يقول‪« :‬أنفذت فريضيت لع عبادي‬
‫ِبمس صلوات فأوجبتها عليهم وخففت عنهم من خسني‬
‫صالة إىل خس وأجزي احلسنة عرشا فيحصل لهم ثواب‬
‫خسني صالة»‪.‬‬
‫وف احلديث دلل ألهل احلق أهل السنة واجلماعة لع أن انليب‬
‫والويل َل تصف بعد وفاته وأنه ينفع بإذن الل عز وجل‪ ،‬فقد‬
‫نفع موىس أمة ممد ﷺ نفعا عظيما بما حصل للة المعراج‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪127‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫حني أشار لع سيدنا ممد أن يطلب من الل اتلخفيف يف عدد‬


‫الصلوات‪ ،‬وف هذا رد لع مشبهة العص المجسمة انلافني‬
‫حصول انلفع ممن مات‪ ،‬واّلين يعتربون املتوسل باألنبياء‬
‫واألولاء مرشاك بالل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪128‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ولم يمر لع مأل ُ(‪ )1‬من املالئكة إّل قالوا‪ :‬عليك باحلجامة ُ(‪،)2‬‬
‫وف رواية‪ :‬مر أمتك باحلجامة‪ ،‬ثم احندر(‪ )1‬فقال جلربيل‪ :‬يا‬

‫(‪ )1‬أي مجاعة‪.‬‬


‫(‪ )2‬فيه حث للنيب ﷺ لع أن يأمر أمته أمر إرشاد وندب ّل وجوب‬
‫باتلداوي باحلجامة‪ ،‬واحلجامة بكَس احلاء ّل بضمها‪ .‬وروي‬
‫عن انليب ﷺ أنه اكن َيتجم يف رأسه وبني كتفيه وف‬
‫األخدعني‪ ،‬وَيجم املرء يف املوضع اّلي يرجو نفعه ّلختالف‬
‫العلل‪ ،‬وقد ذكر عن املتقدمني يف العلم أن حجامة األخدعني‬
‫لع انلقرة ألدواء العينني والرأس والعنق والظهر‪ ،‬وأن احلجامة‬
‫لع الاكهل نفعها من داء اجلسد كه‪ ،‬وأن احلجامة فوق القحف‬
‫‪ -‬العظم فوق الماغ ‪ -‬نفعها من السدد وقروح الفخذ‬
‫واحتباس دم احليض‪ ،‬قاَل ابن بطال‪ .‬ويرجع يف ذلك كه إىل‬
‫القات أهل الربة يف ذلك‪ ،‬فإن بعض انلاس تَّضهم احلجامة‪،‬‬
‫كما أن العسل يَّض من غلب عليه خلط الصفراء‪ ،‬وّللك قال‬
‫املفَسون يف قوَل تعاىل يف شأن العسل‪ :‬ﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗﱠ إن‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪129‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫جربيل ما ل لم ءات أهل سماء إّل رحبوا يب وضحكوا ل غري‬


‫واحد سلمت عليه فرد يلع السالم ورحب يب وداع ل ولم‬
‫يضحك ل؟ فقال‪ :‬ذلك مالك خازن انلار لم يضحك منذ خلق‪،‬‬
‫ولو ضحك ألحد لضحك لك‪.‬‬

‫فلما نزل إىل سماء النيا نظر إىل أسفل منه ُ(‪ )2‬فإذا هو برهج‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫ودخان وأصوات فقال‪ :‬ما هذا يا جربيل؟ قال‪ :‬هذه الشياطني‬

‫ذلك مطلق وليس اعما يف لك فرد‪ ،‬فلم يقل‪ :‬إنه شفاء لِك انلاس‬
‫من لك داء ولكنه يف اجلملة دواء‪ ،‬وقل أن يوجد معجون من‬
‫معاجني األطباء القداَم إّل وتمامه بالعسل‪ ،‬واألرشبة املتخذة‬
‫من العسل نافعة ألصحاب اللغم والشيوخ املربودين‪ ،‬ومنافعه‬
‫كثرية جدا ّل َيصيها إّل الل تعاىل‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي نزل‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي ناحية األرض‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي دخان كثري وأصوات مزعجة‪ ،‬وما بعده تفسري َل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪130‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫َيومون لع أعني بن ءادم ّل يتفكرون يف ملكوت السماوات‬


‫واألرض‪ ،‬ولوّل ذلك لرأوا العجائب‪.‬‬

‫ثم ركب منصفا(‪ )1‬فمر بعري(‪ )2‬لقريش بماكن كذا وكذا فيها مجل‬
‫عليه غرارتان ُ(‪ )3‬غرارة سوداء وغرارة بيضاء‪ ،‬فلما حاذى العري‬
‫نفرت واستدارت وِصع ذلك العري وانكَس‪ ،‬ومر بعري قد‬
‫ضلوا بعريا لهم قد مجعه بنو فالن لهم‪ ،‬فسلم عليهم(‪ ،)4‬فقال‬
‫بعضهم‪ :‬هذا صوت ممد‪ ،‬فلما أَت أصحابه قبيل الصبح بمكة‪،‬‬
‫فلما أصبح قطع وعرف أن انلاس ُ(‪ )5‬تكذبه‪ ،‬فقعد حزينا‪ ،‬فمر‬

‫(‪ )1‬أي رجع إىل األرض بطريق خرق العادة بطريق الرباق‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي إبال مملة أو قافلة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي عالمتان‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي حياهم بتحية‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي كفار مكة‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪131‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫به عدو الل أبو جهل فجاء حَت جلس إله فقال َل اكلمستهزئ‪:‬‬
‫هل اكن من ىشء؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ما هو؟ قال‪ :‬أرسي يب الليلة‪،‬‬
‫قال‪ :‬إىل أين؟ قال‪ :‬إىل بيت المقدس‪ ،‬قال‪ :‬ثم أصبحت(‪ )1‬بني‬
‫ظهرانينا ُ(‪)2‬؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فلم ير(‪ )3‬أنه يكذبه خمافة أن جيحده‬
‫احلديث إن داع قومه إله‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت إن دعوت قومك أحتدثهم‬
‫بما حدثتن؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬يا معرش بن كعب بن لؤي هلموا ُ(‪،)4‬‬
‫فانفضت ُ(‪ )5‬إله المجالس وجاؤوا حَت جلسوا إلهما ُ(‪ ،)6‬فقال‪:‬‬

‫(‪ )1‬أي دخلت يف الصباح‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي بيننا‪.‬‬
‫(‪ )3‬بفتح الاء بمعىن لم يعتقد‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي أقبلوا‪ ،‬ولعل اتلعبري بها من الراوي فإن لغة أهل احلجاز‪:‬‬
‫«هلم»‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي أرسعت‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي إىل رسول الل ﷺ وأيب جهل عدو الل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪132‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫حدث قومك بما حدثتن به‪ ،‬فقال رسول الل ﷺ‪ :‬إين أرسي يب‬
‫الليلة‪ ،‬قالوا‪ :‬إىل أين؟ قال‪ :‬إىل بيت المقدس‪ ،‬قالوا‪ :‬ثم أصبحت‬
‫بني ظهرانينا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فمن بني مصفق ومن واضع يده لع‬
‫رأسه متعجبا وضجوا وعظموا ذلك‪ ،‬فقال المطعم بن عدي‪ :‬لك‬
‫أمرك قبل الوم اكن أمما(‪ )1‬غري قولك الوم‪ ،‬أنا أشهد أنك‬
‫اكذب‪ ،‬حنن نَّضب أكباد اإلبل ُ(‪ )2‬إىل بيت المقدس مصعدا‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫شهرا‪ ،‬تزعم أنك أتيته يف للة؟! والالت‬ ‫شهرا ومنحدرا‬


‫ُ(‪)4‬‬

‫(‪ )1‬أي خفيفا سهال‪.‬‬


‫(‪ )2‬يريد الروج باإلبل نفسها‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ذهابا‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي إيابا‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪133‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫والعزى ّل أصدقك‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬يا مطعم بئس ُ(‪ )1‬ما قلت ّلبن‬
‫أخيك(‪ ،)2‬جبهته ُ(‪ )3‬وكذبته‪ ،‬أنا أشهد أنه صادق‪.‬‬

‫فقالوا‪ :‬يا ممد‪ ،‬صف نلا بيت المقدس كيف بناؤه وكيف هيئته‬
‫وكيف قربه من اجلبل‪ ،‬وف القوم من سافر إله‪ ،‬فذهب ينعت‬
‫لهم ُ(‪ )4‬حَت اتلبس عليه انلعت ُ(‪ ،)5‬فكرب ُ(‪ )6‬كربا ما كرب مثله‪،‬‬
‫فِجء بالمسجد(‪ )7‬وهو ينظر إله حَت وضع ُ(‪ )8‬دون دار عقيل‬

‫(‪ )1‬أي مذموم هو‪.‬‬


‫(‪ )2‬يريد بذلك أنه األصغر سنا‪ ،‬كما أنهم يقولون للمسن يا عم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي قابلته وأخجلته‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي يصفه‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي لم يكن ضبط لك تفاصيله‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي شق عليه ذلك‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي رفع َل‪ ،‬وقيل‪ :‬أحَّض إله فرءاه أمامه‪.‬‬
‫(‪ )8‬أي املسجد أو مثاَل‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪134‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫أو عقال ُ(‪ ،)1‬فقالوا‪ :‬كم للمسجد من باب؟ ولم يكن عدها‪،‬‬
‫فجعل ينظر إلها ويعدها بابا بابا ويعلمهم وأبو بكر يقول‪:‬‬
‫صدقت صدقت‪ ،‬أشهد أنك رسول الل‪ ،‬فقال القوم‪ :‬أما‬
‫انلعت ُ(‪ )2‬فواّلل لقد أصاب‪ ،‬ثم قالوا أليب بكر‪ :‬أفتصدقه أنه‬
‫ذهب الليلة إىل بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬إين‬
‫يف‬ ‫ألصدقه فيما هو أبعد من ذلك‪ ،‬أصدقه يف خرب السماء‬
‫ُ(‪)3‬‬

‫غدوة(‪ )4‬أو روحة ُ(‪ ،)5‬فبذلك سم بأيب بكر الصديق‪.‬‬

‫(‪ )1‬واألول أشهر‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي وصف املسجد‪.‬‬
‫(‪ )3‬يعن المعراج‪.‬‬
‫(‪ )4‬ما بني طلوع الفجر والزوال‪.‬‬
‫(‪ )5‬ما بني الزوال والغروب‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪135‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ثم قالوا‪ :‬يا ممد‪ ،‬أخربنا عن عرينا ُ(‪ ،)1‬فقال‪ :‬أتيت لع عري بن‬
‫فالن بالروحاء(‪ )2‬قد ضلوا ناقة لهم‪ ،‬فانطلقوا يف طلبها‪ ،‬فانتهيت‬
‫إىل رحالهم وليس بها منهم أحد‪ ،‬وإذا بقدح ُ(‪ )3‬ماء فرشبت منه‪،‬‬
‫ثم انتهيت ُ(‪ )4‬إىل عري بن فالن بماكن كذا وكذا فيها مجل أمحر‬
‫عليه غرارة سوداء وغرارة بيضاء‪ ،‬فلما حاذيت العري نفرت‬
‫وِصع ذلك العري وانكَس‪ .‬ثم انتهيت إىل عري بن فالن يف‬
‫اتلنعيم يقدمها ُ(‪ )5‬مجل أورق ُ(‪ ،)6‬عليه مسح ُ(‪ )7‬أسود‪ ،‬وغرارتان‬

‫(‪ )1‬أي إبلنا أو قافلتنا‪.‬‬


‫(‪ )2‬ماكن لع أربعني ميال من املدينة‪.‬‬
‫(‪ )3‬شبه القصعة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي وصلت‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي يتقدمها‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي يف لونه بياض وسواد‪.‬‬
‫(‪ )7‬أي أثر‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪136‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫سوداوان‪ ،‬وها يه تطلع عليكم من النية ُ(‪ ،)1‬قالوا‪ :‬فمَت تِجء؟‬


‫قال‪ :‬يوم األربعاء‪ .‬فلما اكن ذلك الوم أرشفت قريش ينتظرون‬
‫العري وقد وَّل ُ(‪ )2‬انلهار ولم جتئ‪ ،‬فداع انليب ﷺ فزيد َل يف انلهار‬
‫ساعة ُ(‪ )3‬وحبست َل الشمس حَت طلع العري فاستقبلوا اإلبل‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬هل ضل ُ(‪ )4‬لكم بعري؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬هل اكن عندكم‬
‫قصعة من ماء؟ فقال رجل‪ :‬أنا والل وضعتها فما رشبها واحد منا‬
‫وقالوا‪ :‬صدق‬ ‫يف األرض‪ ،‬فرموه بالسحر‬
‫ُ(‪)6‬‬ ‫ُ(‪)5‬‬
‫وّل أهريقت‬

‫(‪ )1‬أي الطريق‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي انقَض‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي وقتا‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي ضاع‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي وّل أريقت وصبت‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي اتهموه به‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪137‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ﱡ ﱡ ﱢ ﱣﱤ ﱥﱦ‬ ‫الولد(‪ ،)1‬فأنزل الل سبحانه وتعاىل‪:‬‬


‫ﱧﱨﱠ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ونُُه ُ‬
‫اللُوعُ ُ‬ ‫ةُبُُ ُ ُ‬
‫مدُُُ ُُ ُ ُ‬ ‫صُ ُُ ُ‬
‫تُالقُ ُ‬
‫انتهُ ُُُُُ‬
‫ُُُ ُُ‬
‫ُ ُُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اُكثياُُ ُ‬
‫سلُ ُيمُُُ ُ ُ‬
‫هُوسُلُمُُتُُ ُُ‬
‫حبُ ُُ ُ ُ‬
‫ُوصُ ُ‬
‫وَعُءاُُلُُُ ُ ُ‬
‫دناُحممُدُُُ ُ ُُ‬
‫ُاللَُعُسيُ ُُُُ ُ‬
‫وصَّلُُُ ُُ ُُ ُ‬
‫ُُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يُ ُ‬
‫ُالعالمُ ُ‬
‫ُللُربُُُُ ُُُ‬
‫واحلمدُُ ُُ ُ‬
‫ُ ُُ ُ ُ‬

‫(‪ )1‬يعنون الولد بن المغرية أحد قادة قريش المرشكني اّلين اعدوا‬
‫انليب ﷺ ولم يسلموا‪ ،‬وهو وال سيدنا خال رض الل عنه‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪138‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ُ‬
‫مةُ ‪ُ ‬‬
‫خاتُ ُ‬
‫‪ُ ُُ ُُ‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫فرتُىُ‬
‫تُتُ ُ ُ‬
‫والفرتاءاُُتُُُُُالُ ُُُ‬
‫يرُمنُاألباطيلُُُ ُُ ُ ُ ُُ‬
‫دُيفُاتلحذُُُ ُُ ُ ُُُ ُُُ ُُ ُ‬
‫املؤكُ ُُ ُُُ ُ ُ ُ‬
‫الوجوبُُُ ُ ُُ‬
‫ُُُُ ُ ُ ُ‬
‫ُ‬
‫ناُاحلُُنُُُ ُُ ُُ ُ ُ‬
‫يفُيفُقصُُةُُاملعراجُ ُ‬ ‫ينُُُُُُ ُ‬
‫َعُدُُُُ‬
‫ُ ُُُ‬

‫‪ - 1‬جيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الل يسكن السماء" أو‬


‫"إن الل جالس لع العرش"‪.‬‬

‫‪ - 2‬وجيب اتلحذير من قول الكفار"‪" :‬إن الرسول ﷺ للة املعراج‬


‫وصل إىل ماكن ينتِه إله وجود الل"‪.‬‬

‫‪ - 3‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول ﷺ للة املعراج‬


‫اقرتب من الل بالمسافة واملاكن حَت صار منه اكحلاجب من‬
‫احلاجب"‪.‬‬

‫‪ - 4‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول ﷺ للة املعراج‬


‫وصل إىل ماكن فأزيح َل الستار فدخل فاجتمع بربه خلف‬
‫الستار"‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪139‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫‪ - 5‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول ﷺ يف المعراج‬


‫وصل إىل ماكن رأى فيه الل يصيل"‪ ،‬ويزيد هنا بعض الكفار‬
‫فيقول‪" :‬طوَب لك أيها المصيل‪ ،‬فالل يصيل‪ ،‬وانليب يصيل‪،‬‬
‫واملالئكة يصلون‪ ،‬فأنت يف صف الل"‪ ،‬والعياذ بالل‪.‬‬

‫‪ - 6‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول ﷺ يف املعراج‬


‫أزيح َل الستار فدخل لع الل وصار بينه وبني الل واملالئكة‬
‫حوار اتلحيات"‪.‬‬

‫‪ - 7‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول ﷺ للة املعراج‬


‫اخرتق ءاّلفا من حجب انلور وانلار والهيبة ثم وصل إىل ماكن‬
‫خلف تلك احلجب فرأى الل متجبا خلفها"‪.‬‬

‫‪ - 8‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول ﷺ رأى الل يف‬


‫املعراج بصورة شاب أمرد"‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪140‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫‪ - 9‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول رأى الل يف‬


‫املعراج بهيئة نور عظيم حَت خاض انليب يف ذلك انلور اّلي هو‬
‫الل" بزعمهم‪ ،‬والعياذ بالل‪.‬‬

‫‪ - 10‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول ﷺ استوحش‬


‫يف املعراج فلكمه الل بصوت أيب بكر الصديق"‪.‬‬

‫‪ - 11‬وجيب اتلحذير من قول بعضهم‪" :‬لما وصل جربيل عليه‬


‫السالم والرسول ﷺ إىل ما بعد سدرة المنته قال جربيل‪" :‬هنا‬
‫يفارق الليل خليله‪ ،‬لو تقدمت احرتقت"‪ ،‬فإن قاِلا القائل لع‬
‫وجه اّلستخفاف بسيدنا جربيل أو انتقاصا من قدره العظيم أو‬
‫أنه َيرتق ويموت حقيقة كفر‪ ،‬وأصل هذا الرب لم يرد يف‬
‫حديث صحيح‪ ،‬أما من أورده من غري فهم لىشء من هذه املعاين‬
‫اليت حذرنا منها فال يكفر‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪141‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫‪ - 12‬وجيب اتلحذير من قول الكفار‪" :‬إن الرسول ﷺ دنا من الل‬


‫دنوا حقيقيا حَت صار بينهما من املسافة قدر ذراعني أو أقل"‪.‬‬

‫ولك ما سبق من أقوال الاكفرين فيه تكذيب للقرءان والسنة‬


‫واإلمجاع‪ ،‬يقول الل تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱑﱒﱓﱔﱠ‪ ،‬وقال عز وجل‪:‬‬
‫ﱡﱎ ﱏ ﱐ‬ ‫ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒﱠ ‪ ،‬وقال الل تقدست أسماؤه‪:‬‬
‫ﱑﱒﱠ‪ ،‬وقال أبو جعفر الطحاوي ناقال يف ذلك اإلمجاع‪:‬‬
‫"ومن وصف الل بمعىن من معاين البرش فقد كفر"‪ ،‬وقال اإلمام‬
‫الشافِع‪" :‬المجسم اكفر" رواه السيويط يف «األشباه وانلظائر»‪.‬‬

‫‪ -13‬وجيب اتلحذير من قول بعض اجلهال اّلين ينسبون للنيب‬


‫ﷺ كذبا أنه قال‪" :‬من برش أميت بدخول رجب حرمت عليه‬
‫انلار"‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪142‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫‪ -14‬وجيب اتلحذير من قول بعض اجلهال‪" :‬إن انليب ﷺ‬


‫والصحابة سموه رجبا األصب" ويعللون ذلك بأن الرزق يصب‬
‫فيه صبا‪.‬‬

‫‪ -15‬وجيب اتلحذير من احلديث املكذوب لع رسول الل ﷺ‬


‫وهو قوِلم‪" :‬فضل شهر رجب لع الشهور كفضل القرءان لع‬
‫سائر الالكم"‪ ،‬فإن شهر رمضان خري الشهور لع اإلطالق‪.‬‬

‫فليحذر املرء من رواية املكذوبات لع انليب ﷺ لع سبيل الرتويج‬


‫ِلا‪ ،‬فقد قال القاض عياض يف «اإلملاع إىل معرفة أصول الرواية‬
‫وتقييد السماع» ما نصه‪" :‬واتفقوا لع أن تعمد الكذب لع انليب‬
‫ﷺ من الكبائر‪ ،‬واتفقوا لع حتريم رواية الموضوع إّل مقرونا‬
‫ببيانه" ا ـهومما يؤيد تغليظ أمر الكذب لع انليب ﷺ وأنه ليس‬
‫ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫ُليسُ‬ ‫اَُلعُُُُ‬
‫اكلكذب لع غريه من انلاس قوَل عليه السالم‪ُُ« :‬إنُُُكُذُبُُُ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫بَُُُعُُُأُحُدُ» أي من اللق «ُمُنُُُكُذُبَُُُلعُُُمُتُعُُمُدُُُ‬
‫اُفُلُيُتُبُوُأُ‬ ‫ُ‬ ‫كك ُ‬
‫ُ‬ ‫ذ‬‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫ُ ُ‬
‫ُ‪143‬‬ ‫ُ‬ ‫عراج‬
‫فةُاإلرساءُوالمُ ُ ُُ ُ‬
‫حتاجُإىلُمعرُُ ُ ُُُ ُ ُُ ُُ ُُُ‬
‫ُالمُ ُُُ ُُُ ُُ ُ ُ‬
‫إمدادُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫ُُ ُ ُ‬
‫ُمُنُُُُ‬
‫ُانلُُُُ‬
‫ارُ» أي بوأه الل ذلك‪ ،‬وهذا كه ممول لع أن هذا‬ ‫ُمُقُعُدُهُُُ ُ‬
‫جزاء الاكذب عليه ﷺ بمعىن أنه يستحق ذلك إن لم يتب قبل‬
‫الموت‪ ،‬وقد يعفو الل الكريم عنه فال يعذبه‪ ،‬أما من استحل‬
‫الكذب لع رسول الل ﷺ أو كذب عليه ما يؤدي إىل تكذيب‬
‫الين ومات لع ذلك فإنه خيل يف انلار إىل أبد اآلباد‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫بُُ ُ ُ‬
‫مدُُه ُ‬ ‫ُاللُو ُ ُ‬
‫بحانُُُ ُُ‬
‫وسُ ُ ُُ‬
‫ُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُُ‬
‫يُ‬
‫ُالعالُمُ ُ‬
‫بُُُُ ُُ‬
‫واحلمدُُُللُُُُرُ ُ‬
‫ُ ُُ ُ ُ‬

You might also like