You are on page 1of 141

‫ال ُميَسر‬

‫في‬
‫قواعد النظر‬

‫إعداد‪:‬د‪.‬أ‪/‬يوسي الهواري‬
‫أستاذ مادة علم أصول الفقه اإلسالمي‬
‫جامعة وهران‪ -‬كلية العلوم اإلنسانية والحضارة اإلسالمية‪-‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقدمة‬

‫مقدمـــــة‬

‫الحمد هلل الذي أنزل المنقول‪ ،‬فحوى من مدارك العقول ما به‬


‫قامت صناعة الفحول‪ ،‬في تمييزـ الحدود من الرسوم‪ ،‬وابتناء المجهول على‬
‫المعلــوم‪ ،‬والصــالة والســالم على أكمــل العقــول‪ ،‬وعلى آلــه وصــحبه الــذين‬
‫جمعوا بين المنقول و المعقول‪ ،‬ومن جاء بعدهم من أهــل التســديد والتقــويم‬
‫أما بعد‪:‬‬

‫أُس نِد إل َّ‬


‫ي من ذ س نوات ت دريس م ادة أص ول الفق ه لطلب ة العل وم‬
‫اإلسالمية بكلية العلوم اإلنسانية والحضارة اإلس المية بجامع ة وه ران‪ ،‬وق د‬
‫الحظت‪:‬‬
‫* أن الكث يرين من الطلب ة يتع ذر عليهم فهم العدي د من مس ائل أص ول الفق ه‬
‫واس تيعاب جزئياته ا على الوج ه ال ذي ينبغي‪ ،‬العتم اد أص حاب المؤلف ات‬
‫األصولية المعتم دة في ه ذا الفن‪ ،‬ك الغزالي وال رازي والبيض اوي واآلم دي‬
‫وابن الحاجب رحمة هللا عليهم أجمعين‪ ،‬على علم المنطق في صياغة مباحث ه‬
‫شكال ومضمونا‪.‬‬
‫* أن مباحث علم أصول الفقه‪ ،‬مرتبط ة ارتباط ا وثيق ا بعلم المنط ق‪ ،‬فعلم اء‬
‫األصول يضعون تعاريفهم وفق ما هو مس طور في كتب المنط ق من تقني ات‬
‫صناعة الحدود‪ ،‬كما أن اصطالحاتهم ال تخ رج عن لغ ة المناطق ة‪ ،‬ليس ه ذا‬
‫فحس ب‪ ،‬ب ل أس لوب االس تدالل والحج اج عن دهم‪ ،‬مب ني أساس ا على قواع د‬
‫القياس المنطقي بأشكاله المختلفة‪.‬‬
‫* أن جه ل الكث يرين من الطلب ة بقواع د االس تدالل‪ ،‬ق د أوقعهم في مح اذير‬
‫كثيرة‪ ،‬لعل أهمهما التعص ب لآلراء‪ ،‬وس لوك مس لك التقلي د األعمى‪ ،‬ولس ت‬
‫أدعي أن معرف ة قواع د االس تدالل المنطقي‪ ،‬أم ر ك اف في بل وغ مرتب ة‬
‫االجته اد‪ ،‬أو أن ط رق االس تدالل الفقهي واألص ولي هي عينه ا ط رق‬
‫االس تدالل المنطقي‪ ،‬وإن كــان هــذا األمــر يحتــاج إلى مزيــد بســط وتفصــيلـ‪،‬‬
‫ولكن طالب العلم لو أحرز شيئا من أساسيات هذه القواع د‪ ،‬لس هل علي ه أم ر‬
‫التعام ل م ع األدل ة ش كال ومض مونا‪ ،‬والنش رح ص دره لم ا وق ع في ه فقه اء‬
‫المذاهب من اختالف‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقدمة‬

‫* اعتقاد الكث يرين من الطلب ة أن ال ج دوى من دراس ة علم المنط ق‪ ،‬تمس كا‬
‫منهم‪:‬‬
‫إما بحكم التحريم الذي أطلقه بعض العلماء قديما وحديثا‪.‬‬
‫وإما بصوريةـ المنطق‪ ،‬وهي دعوى أطلقه ا رواد المنهج التجري بي‬
‫من أمثال فرنسيس بيكون ت ‪1626‬م صاحب كتاب "األورجــانون الجديــد"‬
‫الذي أراد أن يستبدل به أورجانون (منط ق) أرس طو الق ديم‪ ،‬وقب ل فرنس يس‬
‫بيك ون ش ن ابن تيميةـ رحم ه هللا حرب ا ضروس ا على المنط ق في ك ل من‬
‫كتابيه‪ :‬الرد على المنطقيين‪ ،‬ونقض المنطق‪ ،‬وقد وصف ابن تيمي ة المنط ق‬
‫بأنه ال يحتاج إليه الذكي وال ينتفع به البليد‪.‬‬
‫أقول مهما يكن من أمر الدعاوى التي أطلقها منتقضوـ المنطق‪،‬‬
‫فإنها ال تبرر في رأيي عزوف الطلبة عن دراسة المنط ق‪ ،‬ألن حكم التح ريم‬
‫أمر مختلف فيه على ما سيأتي بيانه‪ ،‬أما دعوى صورية المنطق وعقمه‪ ،‬فهذا‬
‫مما يمكن نصب الخالف فيه أيضا‪ ،‬فإلى جانب األطروحات العلمية القاض ية‬
‫بصورية المنطق وعدم جدواه‪ ،‬تمت أطروحات علمية أخرى تقضي بج دوى‬
‫المنطق في إنتاج المعرفة‪ ،‬مما ال يتسع المقام لبيانه‪.‬‬
‫ومن هنا أقول‪ :‬فليدرس الطالب هذا المنطق‪ ،‬حتى إذا ألـ َّم‬
‫بقواع ده‪ ،‬وفَقِ ه ش يئا من مقدمات ه وخلفيات ه الفكري ة‪ ،‬فلينظ ر بع د ذل ك نظ ر‬
‫المتبصر‪ ،‬في دعاوى األنصار والخص وم‪ ،‬ف إن عج ز عن إدراك الح ق‪ ،‬فال‬
‫أقل من أن يقف موقف المحايد‪ ،‬الذي يرى بعين اإلنصاف أن علم المنطق له‬
‫ما له وعليه ما عليه‪.‬‬
‫من هذا المنطل ق ق ررت وض ع م ذكرة في علم المنط ق‪ ،‬بأس لوب‬
‫أراعي فيه ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ما تعود عليه طلبة الجامعة من تبسيط في العب ارات وإف ادة في المع اني من‬
‫غير تطويل وتعقيد‪.‬‬
‫‪ -‬إيضاح القواعد المنطقية من خالل عدي د األمثل ة المس توحاة من م ادة الفق ه‬
‫اإلسالمي وأصوله ما وجدت إلى ذلك سبيال‪.‬‬
‫‪ -‬الترك يز على المص طلحات ال واردة في ع رف المناطق ة المس لمين‪ ،‬م ع‬
‫اإلشارة إلى ما ما يقابلها من مص طلحات منطقي ة في أص ولها اليوناني ة‪ ،‬م ع‬

‫‪5‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقدمة‬

‫بيان أوجه الخالف بينها‪ ،‬مما قد يسهم إلى حد م ا‪ ،‬في بي ان أص الة ه ذا العلم‬
‫عند المسلمين‪ ،‬ورد دعوى تبعية المناطقة المسلمين المطلقة لمنطق أرسطو‪.‬‬
‫‪ -‬االبتعاد عن التطويل والمقارنات ووجهات النظر في المسألة الواحدة‪ ،‬تفاديا‬
‫للجدل الذي قد يحيد بالطالب عن إدراك المسائل‪ ،‬وينحرف بهذه الم ذكرة عن‬
‫مقاص دها‪ ،‬ومن هن ا ج اءت ه ذه الم ذكرة خالي ة من الحواش ي الس فلية‪ ،‬إذ‬
‫المبتغى من هذه المذكرة‪ ،‬ترس يخ م ا اتف ق علي ه المناطق ة من قواع د النظ ر‬
‫العقلي‪.‬‬

‫‪ -‬تطعيم ه ذه الم ذكرة بأبي ات من نظم س لم المنط ق للعالم ة الجزائ ري‬


‫األخض ري‪ ،‬تحريض ا للطالب على االعتن اء ب المتون العلمي ة من منظ وم‬
‫ومنثور‪ ،‬وفي هذا من المنافع ما ال يخفى من‪ :‬صيانة العلوم‪ ،‬وحيازة الفن ون‪،‬‬
‫وتنمية الملكات‪ ،‬وقديما قيل‪ :‬من حفظ المتون حاز الفنون‪.‬‬
‫ه ذا وق د اعتم دت في إع داد ه ذه الم ذكرة على كتب المنط ق‬
‫القديمة‪ ،‬على ما في هذه الكلمة من نظر‪ ،‬فإني أراها أي هذه المتــون على م ا‬
‫مر عليها من السنون والقرون‪ ،‬حاوية على األصول‪ ،‬مراعية لتفاوت مراتب‬
‫الفهوم‪ ،‬متجددة في عطائها‪ ،‬كلما غاص الناظر فيها وأمعن وأنعم‪ ،‬كلما أدرك‬
‫ما في أعماقها من درر ونفائس‪.‬‬
‫وإيمان ا م ني بأص الة م ا أبدع ه علماؤن ا‪ ،‬ف إني ح اولت أن أل تزم‬
‫ط ريقتهم في ع رض المس ائل‪ ،‬متص رفا في العب ارت واأللف اظ حس ب م ا‬
‫يقتضيه مقام إدراك المبادئ والكليات في ط ور االبت داء‪ ،‬فك ان التعوي ل على‬
‫ش روح نظم الســلم المرونق لص احبه العالمــة األخضــري‪ ،‬وش روح متن‬
‫إساغوجي للشيخ أثير الدين األبهري‪.‬‬
‫وإني وهللا ال أدعي أنِّي ق د بلغت المقص ود من تيس ير الحص ول‬
‫على قواعد المعقول‪ ،‬لكن حسبي أني قد حاولت التسديد والمقارب ة‪ ،‬فه ذا م ا‬
‫َم َّن هللا ب ه‪ ،‬ثم م ا وس عه الجه د‪ ،‬وس مح ب ه ال وقت‪ ،‬وتوص ل إلي ه الفهم‬
‫المتواضع‪ ،‬فإن يكن صوابا فمن هللا‪ ،‬وإن يكن فيه خطأ أو نقص فتلك سنة هللا‬
‫في بني اإلنسان‪.‬‬
‫أ‪.‬د‪/‬يوسيـ الهواري‬

‫‪5‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقدمة‬

‫الجزائر – وهران‪10/04/2013‬م‬

‫‪5‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التمهيد‬

‫التمهيد‪:‬‬

‫لقد وهب هللا سبحانه وتعالى اإلنس ان م ا لم يهب ه لب اقي مخلوقات ه‪،‬‬
‫وهو العقل الذي عليه مدار التكاليف الشرعية‪ ،‬باعتباره آل ة اإلدراك ال تي ب ه‬
‫يس تطيع فهم الخط اب الموج ه إلي ه‪ ،‬وبوص ول العق ل إلى تحدي د مقص ود‬
‫الشارع‪ ،‬تتحقق الغايات واألهداف من بعثة األنبياء والرسل وإنزال الش رائع‪،‬‬
‫وهي تحصيل المنافع في العاجل واآلجل‪ ،‬ومما ال شك في ه أن رب ط التكلي ف‬
‫بالعقل‪ ،‬فيه من الدالالت ما فيه‪ ،‬ولعل أبرزها‪ ،‬قدرة العقل على إدراك الواق ع‬
‫ومن تم تكييف جزئيياته على الوجه الذي يضمن لإلنسان تحقي ق عبوديت ه هلل‬
‫اختيارا‪ ،‬إن حركة العقل داخل حدود النص‪ ،‬استنباطا وتنزيال‪ ،‬نتيج ة مس لمة‬
‫لتصديق العقل الشرع ‪ ،‬بما أوجده هللا س بحانه وتع الى في ه من م دارك الفهم‪،‬‬
‫التي لو استحضرت وأُعملت على الوجه الذي ينبغي‪ ،‬لما كان أمام المعترض‬
‫إال التسليم بوجود هللا وصدق نبوة محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ومن هن ا اهتمت الش ريعة اإلس المية من خالل نصوص ها بش أن‬
‫العقل اهتماما بالغا‪.‬‬
‫* فأثنت على أولئك الذين يُ ْع ِملون فكرهم في الكشف عن حقائق األشياء‪ ،‬في‬
‫مواضع كثيرة من القرءان الكريم منها‪ :‬قوله تعالى ﭽـ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ سبأ‪.٤٦ :‬‬

‫فقد وردت كلمة الفكر في كتاب هللا تعالى العزيز‪ ،‬بصيغة الفعل‬
‫في نحو عشرين موضعا‪ ،‬وتكاد تتطابق اآليات التي وردت فيه ا ص يغة فع ل‬
‫التفكر‪ ،‬مع اآليات التي وردت فيها صيغة فعل التعقل من حيث المعنى‪ ،‬وه و‬
‫إعم ال النظ ر والفك ر فيم ا ل دينا من معلوم ات للوص ول من خالله ا إلى م ا‬
‫المـ َحصّل‪" :‬النظــر هــو تــرتيب تصــديقات‬
‫نجهله‪ ،‬قال الرازي رحم ه هللا في ُ‬
‫يتوصل بهـا إلى تصـديقات أخـرى‪ ،‬فـإن من صـدق بـأن العـالم متغـير‪ ،‬وكـل‬
‫متغير ممكن‪ ،‬حتما لزمه التصديق بأن العـالم ممكن‪ ،‬فال معـنى لفكـره إال مـا‬

‫‪9‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التمهيد‬

‫حضر في ذهنه من التصديقين المستلزمين للتصديق الثالث" وس يأتي مزي د‬


‫تفصيل في بيان معنى النظر‪.‬‬
‫* و َد َّمت أولئ ك ال ذين عطَّلُ وا عق ولهم‪ ،‬ورض وا بالتقلي د األعمى منهج ا في‬
‫الدفاع عن الباطل‪ ،‬وتمسكوا بالمغالطات لتزييف الحقائق‪ ،‬فهم أبعد الناس عن‬
‫الحق‪ ،‬ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭼ األعراف‪١٧٩ :‬‬ ‫ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ولعلي ال أك ون مجانب ا للص واب إذا م ا قلت أن الق رآن الك ريم‬
‫والسنة النبوية قد تضمنا مبادئ كلية للتفكير السوي‪ ،‬نجد كث يرا من جزئياته ا‬
‫مبثوثة إن بشكل أو بآخر‪ ،‬في ثنايا ما وضعه العلماء ق ديما وح ديثا من عل وم‬
‫ومناهج تنظم عملية التفكير‪ ،‬ويكفي في إثبات ذل ك‪ ،‬النظ ر في األدل ة العقلي ة‬
‫التي س اقها علم اء الكالم في إثب ات وج ود هللا تع الى ك دليل الح دوث ودلي ل‬
‫التمانع ودليل العناية‪.‬‬
‫ق ال اإلم ام الزركش ي رحم ه هللا في البره ان في عل وم الق رآن‬
‫‪ ":2/147‬اعلم أن‪ ‬القــرآن‪ ‬العظيم قــد اشــتمل على جميــع أنــواع الــبراهين‬
‫واألدلة‪ ،‬وما من برهان وداللة وتقسيم وتحديد شيء‪ ،‬من كليات المعلومــات‬
‫العقلية والسمعية‪ ،‬إال وكتاب هللا تعـالى قـد نطــق بـه‪ ،‬لكن أورده تعـالى على‬
‫عادة العرب‪ ،‬دون دقائق طرق أحكام المتكلمين ألمرين‪:‬‬
‫‪ -‬أحدهما‪ :‬بسبب ما قاله ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ إبراهيم‪.04:‬‬
‫‪ -‬والثــاني‪ :‬أن المائــل إلى دقيــق المحاجــة‪ ،‬هــو العــاجز عن إقامــة الحجــة‬
‫بالجليـــل من الكالم‪ ،‬فـــإن من اســـتطاع أن يفهم باألوضـــح الـــذي يفهمـــه‬
‫األكثرون‪ ،‬لم يتخط إلى األغمض الذي ال يعرفــه إال األقلــون ولم يكن ملغــزا‪،‬‬
‫فأخرج تعالى مخاطباته في محاجة خلقه‪ ،‬في أجــل صــورة تشــتملـ على أدق‬
‫دقيق‪ ،‬لتفهم العامة من جليلها ما يقنعهم ويلــزمهم الحجــة‪ ،‬وتفهم الخــواص‬
‫من أثنائها ما يوفي على ما أدركه فهم الخطباء‪".‬‬
‫ومن أراد االستزادة فعليه بكتب الجدل‪ ،‬ليتأكد له كيف صاغ‬
‫العلماء مناهجهم في النظر واالستدالل‪.‬‬
‫إن الحقيقة التي ال يمكن أن يماري في ه أح د‪ ،‬هي أن العق ل لم ي رد‬
‫في القرآن إال ممدوحا‪ ،‬فالعاقل في الخطاب القرآني هو الم ؤمن ال ذي ع رف‬

‫‪9‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التمهيد‬

‫الح ق واتبع ه‪ ،‬وه و اإلس الم‪ ،‬ومن هن ا أك د علماؤن ا رحم ة هللا عليهم أن ال‬
‫تعارض بين العقل والشرع‪ ،‬فال العقل يمكن أن يأتي بما يخ الف الش رع‪ ،‬وال‬
‫الشرع يمكن أن يأتي بما يخالف العقل‪ ،‬وهذا مع نى ق ولهم أن العقــل دل على‬
‫صدق الشرع‪ ،‬فال يمكن أن يعود الشرع إذن على العق ل باإلبط ال‪ ،‬فليس في‬
‫عبارة القوم‪ ،‬ال من قريب وال من بعيد‪ ،‬ما ي دل على أن العق ل يثبت الش رع‪،‬‬
‫ويكفي في نس ف ه ذا ال وهم‪ ،‬م ا مق رر عن دهم من أن الحس ن م ا حس نه هللا‬
‫والقبيح ما قبح ه هللا‪ ،‬أي أن األفع ال ال تي يث اب ويع اقب عليه ا إنم ا طريقها‬
‫الش رع ليس إال‪ ،‬فيس تحيل والح ال ه ذه أن يك ون العق ل ب ديال عن الش رع ‪،‬‬
‫وحتى على قول المعتزلة في الحسن والق بيح العقل يين‪ ،‬ف إن العق ل وإن أدرك‬
‫وجه الحسن والقبح األفعال‪ ،‬فليس له إال صالحية الكش ف عن أحك ام هللا قب ل‬
‫البعثة‪ ،‬وفرق بين الكشف وبين اإلثبات‪ ،‬فتنبه لهذا األمر‪.‬‬
‫إن علم المنطق الذي أريد له أن يكون ميزان التفكير‪ ،‬يهتم بالكش ف‬
‫عن القوانين المطردة ال تي تحكم العق ل وه و يم ارس عملي ة التفك ير‪ ،‬وال تي‬
‫يشترك فيها جميع الناس‪ ،‬فاللعالم الخارجي واقع يمكن للعقل إدراكه‪ ،‬وإال لما‬
‫ك انت هن اك حقيق ة البت ة‪ ،‬وه ذا خالف المش اهد من ح ال اإلنس انية‪ ،‬وكي ف‬
‫انتقلت في رقيه ا إلى أن وص لت ه ذه الدرج ة من التط ور العلمي في جمي ع‬
‫مناحي الحياة‪ ،‬فلوال خاصية التفكير هذه التي تميز بها اإلنسان عن غ يره من‬
‫الكائنات الحية‪ ،‬لما استحق أن يكون خليفة هللا في األرض‪ ،‬ومم ا الش ك فيه ا‬
‫أن اإلنسان وهو يمارس عملي ة التفك ير يس تثمر م ا عن ده من معلوم ات على‬
‫قلتها في الكشف عن ما هو مجهول‪ ،‬وسيأتي بيان حقيقة هذه المعلوم ات على‬
‫وجه التفصيل تباعا في مباحث المنطق‪ ،‬المهم في هذا السياق استيعاب حقيق ة‬
‫أن التفك ير اإلنس اني تهيمن علي ه مجموع ة من القواع د‪ ،‬يس عى المناطق ة‬
‫جاهدين للكشف عنها‪.‬‬
‫وهذا ال يعني نفي خصوصيات العلوم‪ ،‬بل لكل علم من حيث هو ه و‬
‫منهجه الخاص في التعاطي مع نوع من أنواع المعرفة‪ ،‬ومن حيث هو تفك ير‬
‫فإنه يخضع لقواعد علم المنطق‪ ،‬إيمانا من المنطاقة أن التفكــير من حيث هــو‬
‫عمليــة ذهنيــة ينتقــل فيهــا الفكــر من معلومــات إلى مجهــوالت‪ ،‬ال ينبغي أن‬
‫يكون مثار خالف‪ ،‬أم ا خصوص ية الفك ر في تعامل ه م ع مج ال بحث ه‪ ،‬ك أن‬
‫يكون التفك ير في علم أص ول الفق ه‪ ،‬أو علم التفس ير أو علم الح ديث‪ ،‬أو علم‬
‫النفس‪ ،‬أوعلم اإلحصائيات‪ ،‬أو علم األرصاد الجوية‪ ،‬أو علم الميكانيكا‪ ،‬فه ذا‬
‫يقتضي حتما منطقا خاصا لكل علم بحسب طبيعته‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التمهيد‬

‫‪9‬‬
‫حكم‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫االشتغال بعلم المنطق‬

‫حكم االشتغال بالمنطق‬

‫شغلت ه ذه المس ألة أذه ان الكث يرين من طلب ة العل وم اإلس المية‪،‬‬
‫فأوقعتهم في حيرة‪ ،‬ومحل الحيرة هذه‪:‬‬
‫‪ -‬ما هو معروف من اشتغال العديد من فطاحلة العلماء بعلم المنط ق‪ ،‬ك أبي‬
‫حام د الغ زالي رحم ه هللا ال ذي اش ترطه لتحص يل االجته اد‪ ،‬وجعل ه معي ار‬
‫العلوم وصنف في ه معيــار العلم‪ ،‬ومحــك النظر‪ ،‬والقســطاس المســتقيم‪ ،‬ق ال‬
‫رحم ه هللا في مقدم ة المستص فى‪ " :‬وليســت هــذه المقدمــة من جملــة علم‬
‫األصول‪ ،‬وال من مقدماته الخاصــة بـه‪ ,‬بــل هي مقدمــة العلــوم كلهـا‪ ,‬و َمن ال‬
‫يحيط بها فال ثقة له بعلومه أصال "وموقف الغزالي رحم ه هللا من المنط ق‬
‫هو الذي صار علي ه جمه ور العلم اء‪ ،‬ك الرازي‪ ،‬واآلم دي‪ ،‬وابن الح اجب‪،‬‬
‫والبيضاوي رحمة هللا عليهم‪.‬‬
‫‪ -‬ما وقع من بعض أهل العلم من تحريم االشتغال به‪ ،‬كابن الصالح والنووي‬
‫وابن تيمي ة والس يوطي رحم ة هللا عليهم‪ ،‬وق د وج دت فت اوى التح ريم ه ذه‬
‫رواجا في هذا العصر‪ ،‬يؤيدها حملة االنتقادات واالعتراض ات ال تي تع رض‬
‫لها المنطق من جهات عدة‪ ،‬ولعل أقوى ما يتمسك ب ه ه ؤالء أن علم المنط ق‬
‫جزء ال يتجزء من الفلسفة اليونانية‪ ،‬بل هو قاعدتها الفكرية‪.‬‬
‫أقول وباهلل التوفيق‪ :‬التحقي ق أن ه ذه الح يرة ليس له ا مح ل‪ ،‬ف إن‬
‫فتاوى العلماء بتحريم االش تغال ب المنطق متعلقهــا مبــاحث المنطــق المختلــط‬
‫بكالم الفالسفة‪ ،‬فهذا الذي ي َُحرَّم االشتغال به‪ ،‬أمــا قواعــد المنطــق المجــردة‪،‬‬
‫والــتي اعتــنى العلمــاء المســلمون بتهــذيبها وتنقيتهــا من شــوائب الفلســفة‬
‫اليونانيةـ‪ ،‬فهذا مما ال يحرم االشتغال به‪ ،‬ألن هذه القواعد كما أكد غير واح د‬
‫من المناطقة المسلمين ما هي إال مجرد قواعد تعصم الفكر من الخطأ‪ ،‬وتنظم‬
‫عملية االستدالل والبرهنة واالس تنتاج‪ ،‬ب ل ق د يتأك د االش تغال به ذا المنط ق‬
‫لذاك الذي بلغ مبلغا كبيرا من العلم بكتاب هللا تعالى وسنة نبيه صلى هللا علي ه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫إن علم المنط ق كب اقي العل وم العقلي ة‪ ،‬من طب وهندس ة‬
‫ورياضيات‪ ،‬ال تختص بملة وال بأمة‪ ،‬بل يستوي فيها جميع البشر‪ ،‬وقد تكون‬
‫هذه العلوم من باب ما ال يتم به الواجب فهو واجب‪ ،‬قال العالم ة أبــو الحســن‬

‫‪16‬‬
‫حكم‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫االشتغال بعلم المنطق‬

‫مســعود اليوسي في كتابــه القــانون في س ياق حديت ه عن حكم تعلم العل وم‬
‫العقلي ة والفلس فية ‪ ":‬ال بــأس بجميعهــا‪ ،‬فنحن ال نلتفت إلى من يحــرم علم‬
‫شيء منهــا‪ ،‬فـإن العلم في نفسـه هــو غـذاء العقــل‪ ،‬ونزهــة الــروح‪ ،‬وصــفة‬
‫الكمــال‪ ،‬وإنمــا تختلــف ثمراتــهـ في الشــرف‪ ،‬بحســب الموضــوع والغايــة‪،‬‬
‫وتختلف األحكام بحسب النية‪".‬‬
‫وعلى هذا األساس إن ثبت في واقعنا المعاصر وجود علوم قد تخدم‬
‫ه ذه الش ريعة الغ راء‪ ،‬كعلم االجتم اع وعلم االقتص اد وعلم اإلحص ائيات‪،‬‬
‫وغيرها من العلوم األخ رى وجب تحص يلها‪ ،‬إم ا بع د التأك د من خلوه ا من‬
‫مقدماتها اإليدلوجية والفكري ة‪ ،‬وإم ا بع د تنقيته ا من تلكم الخلفي ات الفكري ة‪،‬‬
‫وعليه ف إن ال زعم ب أن علم المنط ق في ص ورته اإلس المية‪ ،‬يعكس في ثناي ا‬
‫مباحثه فك ر أرس طو الفلس في المنك ر لإللهي ات والنب وات‪ ،‬في رأيي أم ر ق د‬
‫يكون فيه نظر من وجهين‪:‬‬
‫‪ -‬الوجــه األول‪ :‬الث ابت تاريخي ا أن الف رق اإلس المية من معتزل ة وأش عرية‬
‫وماتريدية ‪ ،‬استعملت المنطق األرسطي في اس تدالالتها في جزئي ات أص ول‬
‫الدين‪ ،‬دون أن يلزم من ذلك موافقة أرسطو في فلسفته‪ ،‬بل هذه الفرق مجمع ة‬
‫على تكفير من يعتقد اعتقاد أرسطو في اإلالهيات‪ ،‬وهذا في رأيي ي دل دالل ة‬
‫قوية على موضوعية هذا العلم وعدم ارتباطه باألفكار‪ ،‬كي ف وق د أري د له ذا‬
‫العلم أن يكون ميزانا توزن به األفكار واآلراء‪.‬‬

‫بثالث ٍة كفَ َر الفالسفةُ ِ‬


‫العدا * في نَ ْفيِها وهي حقّا ً ُمثبتَــــــــــة‬
‫دوث عَوالم * َحش ٌر ألجسا ٍد وكانت َميتة‬ ‫ِعل ٌم يِ ُجزئـــــ ّي ُح ُ‬

‫‪ -‬الوجــه الثــاني‪ :‬على ف رض وج ود بعض المب ادئ ال تي تخ الف العقي دة‬


‫اإلس المية‪ ،‬ف الواجب على أه ل االختص اص إخراجه ا وتمييزه ا‪ ،‬ال الحكم‬
‫بالبطالن جملة وتفصيال على علم المنطق‪ ،‬وال أعتقد أن علماءن ا غ اب عنهم‬
‫إمكانية وجود بعض المباحث ذات العالقة بالفلسفة‪ ،‬إذ يرى كثير من الباحثين‬
‫المعاص رين أن المس لمين لم يكون وا مج رد نقل ة للمنط ق األرس طي‪ ،‬ب ل‬
‫استدركوا على المتقدمين وانتقدوا أفكارهم وزادوا عليها أفكارا‪.‬‬
‫إن المنطق الذي اشتغل به المناطق ة المس لمون‪ ،‬ووظف وه في علم‬
‫الكالم‪ ،‬نس خة معدل ة ومنقح ة من المنط ق األرس طي‪ ،‬ف إذا ك ان المنط ق‬
‫األرسطي في نسخته األصلية‪ ،‬ق د نش أ في أحض ان رؤى ميتافزيقي ة معين ة‪،‬‬

‫‪16‬‬
‫حكم‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫االشتغال بعلم المنطق‬

‫فإن هذا المنطق وفي نسخته الثانية‪ ،‬قد أعيد بلورت ه في إط ار رؤى إس المية‬
‫تستمد مادتها من كتاب هللا تعالى وسنة نبيه صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فليس غريبا‬
‫والح ال ه ذه أن يتص در حج ة اإلس الم أبي حام د الغ زالي حمل ة ال رد على‬
‫الفالسفة‪ُ ،‬م َّوظِّفا المنطق في نسخته اإلسالمية‪ ،‬في ت رتيب حجاج ه الكالمي ة‪،‬‬
‫وعلى نفس خطى اإلمام الغ زالي‪ ،‬يس ير اإلم ام ال رازي في رده على الف رق‬
‫المخالف ة من مش بهة وفالس فة‪ ،‬من خالل مؤلفات ه‪ :‬تأســــيس التقــــديس‬
‫والمحصل‪ ،‬وشرح عيون الحكمة وشرح اإلشارات البن سينا‪.‬‬
‫إن المنطق الذي تعرض لكثير من االنتق ادات ه و منط ق أرس طو‬
‫في نسخته األولى‪ ،‬هذا المنطق ال ذي ك ان يُ َدرَّسُ في العص ور الوس طى في‬
‫أوربا‪ ،‬منطق وقع التركيز في ه على أش كال األقيس ة دون م واد القض ايا‪ ،‬أم ا‬
‫المنطق الذي اعتنى به علماء الكالم‪ ،‬فهو وإن اعتمد في أصل نشأته على م ا‬
‫ق رره أرس طو من قواع د‪ ،‬إال أن ه لم يح ظ ب القبول المطل ق ل دى المناطق ة‬
‫المسلمين ممن اش تغلوا بعلم الكالم‪ ،‬ب ل ك ان مح ل نظ ر وبحث في كث ير من‬
‫جزئياته‪.‬‬
‫لقد روج المستشرقون لفكرة أن المسلمين لم يتجاوزوا في تع املهم‬
‫مع الفكر اليوناني عتبة الترجمة‪ ،‬وأنهم لم يحسنوا فهم ه ذا ال تراث اليون اني‪،‬‬
‫فأنتجوا نظريات غريب ة غنوص ية‪ ،‬وه ذا م ا ي ردده م ع األس ف‪ ،‬كث ير ممن‬
‫ينتم ون إلى حق ل الدراس ات اإلس المية‪ ،‬وليس من اإلنص اف في الش يء‬
‫اإلصرار على هذه النظرة‪ ،‬بل البد من تجاوزها اليوم بعدما أثبتت الكثير من‬
‫الدراس ات األكاديمي ة‪ ،‬أن المنط ق اإلس المي لم يكن وفي ا لمنط ق أرس طو‬
‫المرتكز أساسا على نظرية الحمل‪ ،‬فإن المناطقة المس لمين بحث وا في مس ائل‬
‫ال نع ثر عليه ا في المدون ة اإلغريقي ة المنطقي ة ‪ ،‬فق د بحث وا في المنط ق‬
‫الشرطي‪ ،‬ومنطق الجهات‪ ،‬ونظرية المجموعات‪ ،‬وأعادوا ترتيب الص لة بين‬
‫المفهوم والماصدق‪ ،‬وأحدثوا ما يعرف بمنط ق العالق ات‪ ،‬كعالق ة االحت واء‪،‬‬
‫وعالقة العموم والخصوص‪ ،‬وعالقة التباين‪.‬‬
‫إن الموق ف الع دائي ال ذين تبن اه بعض المش تغلين بالدراس ات‬
‫اإلسالمية في العالم اإلسالمي اليوم‪ -‬من أنه ال جدوى من علم المنطق‪ ،‬وأنه‬
‫إذا أردنــا أن نلحــق بــركب األمم المتطــورة‪ ،‬علينــا تبــني المنهج التجريــبيـ‬
‫وترسيخـ فكرة النسبية في أبحاثنا العلمية‪ -‬مب ني في رأيي على نزع ة مادي ة‬
‫حسية مترسخة في الغ رب‪ ،‬وج دت طريقه ا إلى الع الم اإلس المي‪ ،‬ص ادفت‬

‫‪16‬‬
‫حكم‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫االشتغال بعلم المنطق‬

‫هوى في نفوس أدعاياء التجديد‪ ،‬وحاملوا لواء النهظة الفكري ة‪ ،‬وق د س اعدت‬
‫قلة معرفتنا بالعلوم الشرعية‪ ،‬وضعف حصانتنا‪ ،‬على جعل مثل ه ذه النزع ة‬
‫المادي ة اتجاه ا فكري ا‪ ،‬ألقى بض الله على البح وث العلمي ة واألكاديمي ة في‬
‫الجامعات اإلسالمية‪.‬‬
‫إن المنهج التجريبي أو منهج االستقراء العلمي‪ ،‬ال ذي يدن دن حول ه‬
‫كثير من الباحثين‪ ،‬منهج قائم أساسا كما ال يخفى على الحواس‪ ،‬وهو به ذا ال‬
‫يمكن تعميم ه على ك ل مج االت المعرف ة‪ ،‬فه و مح دود بحرك ة النفس في‬
‫المحسوس ات‪ ،‬ف اإلدراك الحس ي يتم ب الجوارح الخمس ة‪ ،‬وه و مش روط‬
‫بالمواجهة ودوام االتصال مع المحسوس‪ ،‬والحس يك ون على ن وعين‪ :‬الحس‬
‫الظاهري و يتمثل بالحواس الخمسة‪ :‬السمع والبصر والش م وال ذوق واللمس‪،‬‬
‫الحس الباطني و يتمثل بالوجدان‪. ‬‬
‫وعلى هذا الذي تم بيانه‪ ،‬فإن م ا وراء ه ذه المحسوس ات‪ :‬كوج ود‬
‫الخالق‪ ،‬وحدوث العالم‪ ،‬ومسائل الرياضيات‪ ،‬ال س بيل إلى تحص يل أحكام ه‪،‬‬
‫إال بركون النفس إلى األدلة العقلية المنطقية التي تحكم التفك ير‪ ،‬مث ل‪ :‬امتن اع‬
‫اجتم اع النقيض ين‪ ،‬واس تحالة التس لل في الماض ي‪ ،‬وهي قواع د ال يمكن إال‬
‫التسليم بها‪ ،‬فهي الضامنة لتمييز الحق من الباطل‪ ،‬فحص ر النظ ر في المنهج‬
‫التجريبي وتسوية العقل بالحواس وجعلهما في مرتبة واحدة‪ ،‬ما هو إال إنكار‬
‫للعقل‪ ،‬وال يخفى على أحد أن إنكار العقل‪ ،‬ما هو إال إنك ار لوج ود هللا تع الى‬
‫وللرساالت‪ ،‬ألن صدق هذا الدين متوق ف على النظ ر العقلي‪ ،‬إذ كي ف يمكن‬
‫إثبات صدق الرسالة المحمدية‪ ،‬وبالتالي إقامة الحج ة على الن اس‪ ،‬في غي اب‬
‫أدلة ثابتة يمكن التحاكم إليه؟‬

‫إن الموج ة الس ائدة في الغ رب في ه ذه العص ور هي موج ة نق د‬


‫وإبطال كل ما يمت إلى األص ول العقلي ة الراس خة ال تي ال تنب ني العقائ د إال‬
‫عليها‪ ،‬وبسط هذا الكالم تجده في كتاب العالمة مص طفى ص بري رحم ة هللا‬
‫عليه في كتابه موقف العقل و العلم والعالم من رب العالمين‪.‬‬
‫وأخ يرا وليس آخ را مهم ا قي ل عن حكم االش تغال بعلم المنط ق‪،‬‬
‫المؤكد أن المنطق كعلم ينظم عملي ة التفك ير‪ ،‬ال يمكن االع تراض علي ه ب أي‬
‫حال من األحوال‪ ،‬إذ ال بد في أي عملية من عمليات التفك ير من منهج يهيمن‬

‫‪16‬‬
‫حكم‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫االشتغال بعلم المنطق‬

‫على س يرها‪ ،‬على أن كث يرا من قواع ده ليس ت قواع د مبتدع ة من حيث‬


‫مضامينها‪ ،‬التفاق العقالء عليها سلفا وخلفا‪ ،‬بل ميزة المناطقة أنهم أخرجوه ا‬
‫في شكل قواعد كلية ورتبوها على نظام محكم ومنهج واض ح المع الم‪ ،‬يخ دم‬
‫عملية التفكير واالستنباط واالستدالل في مجال العلوم‪ ،‬فكم ا أن أص ول الفق ه‬
‫ك انت موج ودة في اجته ادات الص حابة والت ابعين‪ ،‬فق ام الش افعي رحم ه هللا‬
‫بإخراجها في شكل قواعد‪ ،‬قصد تنظيم عملية االستنباط الشرعي‪ ،‬فك ذلك علم‬
‫المنطق‪ ،‬كما سيأتي إيضاحه وبيانه إن شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫قال صاحب السلم ‪:‬‬
‫ال‬ ‫شتِ َغــا ِل * بِــ ِه عَـلَى ثَـالَثَــــــــــــــــــــــــ ٍة أَ ْق َ‬
‫ــو ِ‬ ‫الخ ْلـفُ فِي َجـ َوا ِز ِ‬
‫اال ْ‬ ‫َو ُ‬

‫ـو ٌم يَ ْنبَـ ِغي أَنْ يُ ْعـلَ َما‬


‫ح َوالنَّ َوا ِوي َح َّر َما * َوقَـا َل قَ ْ‬ ‫فَابْنُ ال َّ‬
‫صـالَ ِ‬
‫يــــــــــــــــــحـ ْه‬
‫َ‬ ‫ـوا ُزهُ ِلـ َكا ِمـ ِل القَـ ِر‬
‫يحـ ْه * َج َ‬ ‫ـورةُ ال َّ‬
‫ص ِح َ‬ ‫ـولَةُ ال َم ْ‬
‫ش ُه َ‬ ‫َوالقَ ْ‬
‫ب‬ ‫ب * لِيَـ ْهتَـــــــــــ ِدي بِـ ِه إِلَـى ال َّ‬
‫صـ َوا ِ‬ ‫سـنَّ ِة َوال ِكــــــــتَــــــــــــا ِ‬
‫س ال ُّ‬
‫ُم َمـا ِر ِ‬

‫‪16‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫تعريف علم المنطق‬

‫تعريف علم المنطق‬

‫خلق هللا سبحانه وتعالى اإلنسان‪ ،‬وأودع فيه من القدرات العقلية ما‬
‫جعله بحق أفضل مخلوقاته‪ ،‬وقد تمكن هذا اإلنسان من تعمير األرض وإقام ة‬
‫الحضارات‪ ،‬وليس خافيا أن التطور الذي شهدته اإلنسانية عبر التاريخ ما هو‬
‫إال نتيجة حتمية لتعامل اإلنسان مع ما ق د يعترض ه في حيات ه‪ ،‬مح اوال ب ذلك‬
‫تج اوز ه ذه الع وارض من خالل إعم ال الفك ر وإمع ان النظ ر‪ ،‬ومن هن ا‬
‫فرضت الحاجة على اإلنسان إيجاد علم ينظم أفك اره ويص حح تفك يره‪ ،‬ح تى‬
‫يتمكن من التغلب بفعالي ة على مختل ف الع وارض ال تي ق د توقع ه في ح رج‬
‫وعنت في هذه الحياة‪.‬‬
‫إن التفكير عملية فطرية في اإلنسان‪ ،‬إذ ال يسع اإلنسان إال التفكير‪،‬‬
‫وإذا كان التفكير هو استثمار المعلوم ات في س بيل تحص يل المجه والت‪ ،‬فال‬
‫شك أن اإلنسان قد يقع في الخطأ‪ ،‬وه و يم ارس عملي ة التفك ير‪ ،‬فيحس ب م ا‬
‫ليس نتيج ة ألفك اره نتيج ة‪ ،‬وم ا ليس ببره ان برهان ا‪ ،‬أو أن ه ق د يخط أ في‬
‫ترتيب أفكاره‪ ،‬وعلي ه فاإلنس ان بحاج ة إلى م ا يص حح أفك اره ويرش ده إلى‬
‫الطريقة المثلى لالستنتاج‪ ،‬ولقائل أن يقول‪ :‬إذا كــان اإلنســان بحاجــة إلى علم‬
‫يصحح أفكاره‪ ،‬فما وجه وقوع الكثير منهم في األخطاء؟‬
‫الجواب عن هذا اإلشكال‪ :‬إن المنطق إذا روعيت قواعده هيئة‬
‫ومادة‪ ،‬يعصم الذهن من الوقوع في الخطأ‪ ،‬وليس األمر كذلك إذا وقع الخلل‬
‫في تطــبيق قواعــده‪ ،‬فــإذا لم يــراع المســتدل مــا ينبغي مراعاتــه في مــواد‬
‫القضايا‪ ،‬فال شك في أن يكون الخطـأ حتميــا‪ ،‬أمـا الخطــأ في أشـكال القضــايا‬
‫فهو قليل‪.‬‬
‫ليس كل من تعلم النح و والص رف عص م من الخط أ في اللس ان‪،‬‬
‫وليس كل من تعلم أصول الفقه عصم من الخط أ في اآلجته اد‪ ،‬وليس ك ل من‬
‫تعلم علوم الحديث ومصطلحه عصم من الخطأ في الحكم على الحديث‪.‬‬
‫وقبل عرض مسائل هذا العلم‪ ،‬البد من تعريف علم المنطق حدا‬
‫ورسما‪ ،‬وإن كان ق د وق ع اإللم اح إلى ذل ك مس بقا في بي ان الحاج ة إلى علم‬
‫المنط ق‪ ،‬إذ الحكم على الش يء ف رع عن تص وره‪ ،‬فال يمكن لط الب العلم أن‬
‫تتوجه نفسه إلى شيء مجهول من كل وجه‪ ،‬ومن تم وجب تصور مع نى ه ذا‬
‫‪16‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫تعريف علم المنطق‬

‫العلم ولو بوج ه من األوج ه‪ ،‬ح تى يتمكن ب ذلك ط الب العلم من الخ وض في‬
‫مسائل هذا العلم‪.‬‬
‫عرف المناطقة علم المنطق‪:‬‬
‫* إما بالنظر إلى مسائل هذا العلم وموضوعه فهو عن دهم‪ ":‬علم يبحث فيــه‬
‫عن المعلومــات التصــوريةـ والتصــديقية من حيث أنهــا توصــل إلى معرفــة‬
‫مجهول تصــوري أو تصــديقي‪ ".‬أي أن علم المنط ق عب ارة عن قواع د كلي ة‬
‫تنظم عملية تحصيل ما هو مجهول مما هو معلوم عندنا‪ ،‬فقد سبق أن التفك ير‬
‫هو حصول مجهول مما هو معلوم‪ ،‬وعليه ف إن علم المنط ق‪ ،‬يق ع في ه البحث‬
‫في بيان هذه المعلومات وكيفية الوصول من خاللها إلى المجهوالت‪.‬‬
‫*وإما بالنظر إلى فائدة هذا العلم والغاية منه فهو عندهم‪":‬آلة قانوني ـةـ تعصــم‬
‫مراعاتهــا الــذهن عن الخطــأ في الفكــر‪ ".‬أي أن الغاي ة والفائ دة من إعم ال‬
‫المنطق تنظيم عملي ة التفك ير وبالت الي تف ادي األخط اء في االس تدالالت‬
‫واالستنتاجات‪ ،‬ومن هنا جاء التعبير باآللة‪ ،‬لبي ان م دى ارتب اط علم المنط ق‬
‫ببقية العلوم األخرى‪ ،‬شأنه شأن علم أصول الفق ه‪ ،‬ف إذا ك انت الغاي ة من علم‬
‫أصول الفقه‪ ،‬استنباط الحكم الشرعي من دليله التفصيلي‪ ،‬وليس مجرد معرفة‬
‫كيفي ة االس تنباط‪ ،‬فك ذلك الغاي ة من علم المنط ق ليس ت هي معرف ة قواع د‬
‫التفكير‪ ،‬بل الغاية من علم المنطق‪ ،‬هي تحص يل المعرف ة في مختل ف العل وم‬
‫األخرى‪ ،‬من خالل إعمال قواعده الكلية‪.‬‬
‫فتنبة أيه ا الط الب العزي ز إلى‪ :‬الفــرق بين العلــوم الــتي تســتخدم‬
‫لحصول غاية هي غير معرفة نفس مسائل العلم‪ ،‬كعلم المنطق وعلم أصــول‬
‫الفقه وعلــوم اللغــة‪ ،‬وبين العلــوم الــتي تســتخدم لحصــول غايــة هي معرفــة‬
‫نفس مسائل العلم‪ ،‬كعلم التوحيد وعلم الفقه‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫سبَتُـــــــهُ َكـالنَّ ْحـــــــ ِو‬ ‫ق لِ ْل َ‬
‫ـجنَــــــــا ِن * نِ ْ‬ ‫َوبَ ْعـ ُد فَـال َم ْن ِ‬
‫ـطـــــــــــــــــــــ ُ‬
‫ــــــــــــــــــــــــان‬
‫ِ‬ ‫ِللِّ َ‬
‫س‬
‫الغطَا‬ ‫الخطَا * َوعَـنْ َدقِ ِ‬
‫يق الفَ ْه ِـم يَ ْك ِ‬
‫شفُ ِ‬ ‫ص ُم األَ ْف َك َ‬
‫ار عَنْ َغ ِّي َ‬ ‫فَيَ ْع ِ‬
‫ولعلك أدركت أيها الطالب النبيه أن علم المنطق‪ ،‬علم‬
‫يبحث فيه عن القواعد الكلية المنظمة لعمليــة التفكــير‪ ،‬ف المنطق عب ارة عن‬
‫‪17‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫تعريف علم المنطق‬

‫مجموعة من القوانين العقلية العامة‪ ،‬التي من ش أنها أن تعص م من يل تزم به ا‬


‫من الوقوع في الخطأ في عملية االستدالل واالحتجاج والبرهنة‪.‬‬
‫إن الوص ول إلى المعرف ة واكتس اب العل وم الب د وأن يس ير تبع ا‬
‫لمنهج معين‪ ،‬تحكم ه مجموع ة من الض وابط‪ ،‬ه ذه الض وابط تش كل‬
‫بمجموعها علم المنطق‪ ،‬فالمنطقي وهو المشتغل بعلم المنطق غايته وض ع‬
‫معايير وضوابط‪ ،‬يستعين بها كل من يريد أن يصل إلى مجهول تص وري‬
‫أو تصديقي‪ ،‬في أي حقل من حقول المعرفة اإلنسانية‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫العلم بالمنطق ال يعصم الذهن عن الخطأ‪ ،‬ب ل ال ذي يعص م ال ذهن‬
‫هو االلتزام بقواعد المنطق‪ ،‬ومن هنا يتصور وقوع الخطأ من يعمل قواعد‬
‫المنطق في التفكير‪ ،‬معنى هذا الكالم كما نبه عليه غ ير واح د من مناطق ة‬
‫المسلمين‪ :‬أن المنطــق بــالنظر إلى ذاتــه يعصــم الفكــر من الخطــأ‪ ،‬أمــا مــا‬
‫د َّونــه العلمــاء من قواعــد منطقيــة في كتبهم‪ ،‬فليس بالضــرورة أن تكــون‬
‫كلها صحيحة‪.‬‬
‫وزيادة في اإليضاح أقول‪ :‬إن علم أصول الفق ه ب النظر إلى ذات ه‪،‬‬
‫يعصم فكر المجتهد من الوقوع في الخطأ باعتباره‪ :‬قواعد كلية ينبني علي ه‬
‫الفقه‪ ،‬لكن ال يل زم من ه ذا‪ ،‬أن تك ون ك ل القواع د األص ولية المدون ة في‬
‫كتب األص ول ص حيحة بالض رورة‪ ،‬كم ا ه و ظ اهر في الم دونات‬
‫األصولية‪ ،‬ومع هذا لم يقل أحد أن اختالفات الفقهاء دلي ل على بطالن علم‬
‫أصول الفقه وعدم فائدته‪.‬‬
‫علم المنطق باعتباره قواعد كلية تنظم عملية التفك ير‪ ،‬ال يمكن أن‬
‫يك ون مح ل خالف‪ ،‬ف التفكير فط رة في اإلنس ان‪ ،‬لكن ه ل ه ذا يع ني أن‬
‫المناطقة قد اكتشفوا كل قواعد التفكير؟ ‪ ,‬وإذا كان المنطق من العلوم اآللية‬
‫التي ال تراد لذاته‪ ،‬فهل صالحيته تشمل جميع العلوم‪ ،‬أم ا أن ه قاص ر على‬
‫بعض العلوم دون العلوم األخرى؟‬
‫اإلجابة عن هذا السؤال تكش ف النق اب عن طببيع ة علم المنط ق‪،‬‬
‫وعن ن وع المعرف ة ال تي ت دور حوله ا مب احث المناطق ة‪ ،‬إن المنط ق‬
‫األرسطي يتشوف إلى المعرفة اليقيني ة‪ ،‬فليس ت ك ل معرف ة مح ل اهتم ام‬

‫‪18‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫تعريف علم المنطق‬

‫المنطق األرسطي‪ ،‬وعليه فإن التفكير اإلنساني بجميع أشكاله ليس مرهونا‬
‫بقواعد المنطق األرسطي‪ ،‬بل المعارف‬

‫‪19‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫موضوع علم المنطق‬

‫موضوع علم المنطق‬

‫الجاري على لسان العلماء‪ :‬أن لكل علم موضوع وهو ما يبحث فيه‬
‫عن عوارضه الذاتية‪ ،‬ولما كانت هذه العبارة من أمه ات المس ائل المنطقي ة‪،‬‬
‫وجب الوق وف عن دها في محاول ة متواض عة للكش ف عن مض امينها‪ ،‬ف إن‬
‫معرفة موضوع العلم‪ ،‬مفض حتما إلى تمييز هذا العلم عن غ يره من العل وم‪،‬‬
‫وضبط مسائله‪ ،‬وكأن طالب العلم حينما يقف على موضوع علم ما فقد أح اط‬
‫بجمي ع أبواب ه إحاط ة م ا على ح د تعب ير القطب ال رازي في ش رحه على‬
‫الشمسية‪ ،‬من جهة أخرى نجد لهذا العبارة رواجا في كتب أص ول الفق ه عن د‬
‫مستهل تع ريفهم لعلم أص ول الفق ه وبي ان موض وعه‪ ،‬مم ا يس توجب اإللم ام‬
‫بشيء من حيثياتها‪.‬‬
‫‪ -‬فما المقصود بالموضوع؟‬
‫‪ -‬ما هو العلم الذي نبحث فيه عن الموضوع؟‬
‫‪ -‬ما المراد بالعوارض؟‬
‫* تحديد مفهوم مصطلح الموضوع‪:‬‬
‫لكل علم مسائل عديدة‪ ،‬والمسألة هي القضية المركبة من موض وع‬
‫ومحمول‪ ،‬أي مسند ومسند إليه‪ ،‬كقولنا مثال‪:‬‬
‫الفاعل ( موضوع) مرفوع (محمول)ـ‬
‫فموضوع العلم ه و الج امع بين موض وعات مس ائل ه ذا العلم‪ ،‬أي‬
‫القدر المشترك بين موضوعات مسائل العلم‪ ،‬خذ على سبيل المثال علم النحو‬
‫فإن من مسائله‪:‬‬
‫الفاعل مرفوع‪.‬‬
‫المفعول به منصوب‪.‬‬
‫الحروف مبنية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫موضوع علم المنطق‬

‫والمالحظ في هذه المسائل أن الجامع بين موضوعاتها ه و الكلم ة‪،‬‬


‫وعليه فإن نسبة موض وع ك ل علم إلى موض وع ك ل مس ألة ه و نس بة الكلي‬
‫ألفراده‪.‬‬
‫وإذا اتضح معنى مص طلح الموض وع عن د المناطق ة‪ ،‬يمكن ط رح‬
‫السؤال التالي‪:‬‬
‫هل البد لكل علم أن يكون له موضوع؟‬
‫المش هور عن د المناطق ة أن ك ل علم ل ه موض وع‪ ،‬ألن العلم‬
‫المص طلح علي ه عن د المناطق ة‪ ،‬ه و العلم اليقي ني‪ ،‬فليس ك ل علم أي ثب وت‬
‫المحم ول للموض وع‪ ،‬يع د علم ا في المنط ق‪ ،‬ألن المنط ق يبحث في حق ائق‬
‫األشياء التي لها وجود خ ارجي‪ ،‬وذل ك من خالل ض بط ماهيته ا في ال ذهن‪،‬‬
‫وحقائق األشياء في الواقع الخارجي ال تتغير بتغير الزمان والمكان‪ ،‬ومن هنا‬
‫اشترط المناطقة في القضية البرهانية ما يلي‪:‬‬
‫اليقين المركب‪ :‬أي الجزم بثبوت المحمول للموضوع‪ ،‬والجزم باستحالة سلب‬
‫المحمول عن الموضوع‪.‬‬
‫الدائمي ة‪ :‬أن المحم ول يك ون بش كل دائمي للموض وع‪ ،‬دو التقي د بزم ان أو‬
‫بمك ان أو بح ال دون ح ال‪ ،‬فاجتم اع النقيض ين دائم وث ابت في ك ل زم ان‬
‫ومكان‪.‬‬
‫الكلية‪ :‬أن المحمول يكون بشكل كلي للموضوع‪ ،‬فجميع أف راده يثبت له ا ه ذا‬
‫المحمول‪ ،‬كالناطقية مثال ثتبت لجميع أفراد اإلنسان‪ ،‬وليس ك ذلك العلم ال ذي‬
‫يثبت للبعض دون البعض‪.‬‬
‫الذاتي ة‪ :‬أن يك ون المحم ول من الع وارض الذاتي ة للموض وع‪ ،‬أي أن يك ون‬
‫موضوعه مأخوذا في حذه‪ ،‬وموحموله مأخوذا في حده‪.‬فالعرض الذاتي وه و‬
‫المحم ول الب د أن يك ون مس اويا لموض وعه‪ ،‬أن يك ون الموض وع من عل ل‬
‫وجود المحمول‪.‬‬
‫وهذا ما يعبر عنه عند المناطقة بقولهم القضية البرهانية في المنط ق‬
‫األرسطي م ا ك ان الموض وع فيه ا عل ة لثب وت المحم ول ل ه وه و الع رض‬
‫الذاتي‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫موضوع علم المنطق‬

‫ف إذا اتض ح مع نى موض وع العلم عموم ا‪ ،‬يمكن الق ول اآلن أن‬


‫موضوع علم المنطق خصوصا‪ ،‬المعلومات التصورية والتص ديقية من حيث‬
‫أنهما موصالن إلى‪:‬‬
‫مجهول تصــوري‪ :‬فلو فرض نا أن أح دهم يجه ل األرض‪ ،‬لكن ه يعلم مع نى‬
‫الكوكب‪ ،‬ومعنى كروي الشكل‪ ،‬ف إذا رتبهم ا بوض ع الك وكب وقي ده بك روي‬
‫الش كل‪ ،‬أذى ه ذا ال ترتيب إلى معرف ة أن "األرض كــوكب كــروي الشــكل"‬
‫فالمنطق يبحث في هذا الترتيب الكاشف عن ماهية األشياء‪ ،‬بأن يجعل الجنس‬
‫أوال ثم الفصل‪ ،‬ويبحث أيضا عن طبيع ة األش ياء ال تي تكش ف عن الماهي ة‪،‬‬
‫فهل قيد كوكب صالح ألن يكون جنس ا؟ وه ل قي د ك روي الش كل ص الح ألن‬
‫يكون فصال؟‬
‫مجهول تصديقيـ‪ :‬فلو فرضنا أن أحدهم يجهل أن النبيذ حرام‪ ،‬لكنه يعلم‪:‬‬
‫أن كل مسكر حرام‪.‬‬
‫وأن النبيذ مسكر‪.‬‬
‫ف إذا رتب ه اتين القض يتين‪ ،‬أدى ه ذا ال ترتيب إلى إدراك م ا ه و‬
‫مجهول‪ ،‬وهو أن النبيذ حرام‪ ،‬فالمنطق يبحث في ترتيب القضايا‪ ،‬وما يتعل ق‬
‫بها من جهة تعريفها وتقسيمها‪ ،‬ومعرفة أحكام التناقض والعكس‪.‬‬
‫ه ذا والب د من التأكي د‪ :‬أن المناطقة إنم ا جعل وا المعلوم ات‬
‫التصويرية والتص ديقية موض وعا ً لعلم المنط ق‪ ،‬ألن علم المنط ق يبحث عن‬
‫القوانين التي تضبط بها تلك المعلومات ونقتنصها‪ ،‬فصار م ا ي ؤدي إلى العلم‬
‫بالتصورات والتصديقات مسائل حقيقية لعلم المنطق‪.‬‬
‫وعليه فموضوع علم المنطق ينحصر في التصورات والتص ديقات‬
‫من حيث إيص الهما إلى مجه ول‪ ،‬أم ا التص ورات والتص ديقات ال من ه ذه‬
‫الحيثية‪ ،‬فليست من موض وع علم المنط ق‪ ،‬كك ون التص ورات والتص ديقات‬
‫موجودة في الذهن أو غير موجودة‪ ،‬أو كونها مطابقة لماهية األش ياء أو غ ير‬
‫مطابقة‪ ،‬فال بحث للمنطقي عنها‪ ،‬إذ ليس غرضه متعلق ا به ا‪ ،‬فموض وع علم‬
‫المنطق مقيد بصحة اإليصال ال بنفس اإليصال‪.‬‬
‫وإذا ك ان غ رض المنطقي استحص ال المجه والت التص ورية‬
‫والتصديقية‪ ،‬فالموصل‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫موضوع علم المنطق‬

‫* إلى المجهول التصوريـ ويسمى قوال شارحا إذا كان قريبا ‪-‬‬
‫مقاصد التصورات‪-‬‬
‫* إلى المجهول التصوري ويسمى الكليات الخمس إذا كان بعيدا‬
‫‪-‬مبادئ التصورات –‬
‫* إلى المجه ول التص ديقي ويس مى حج ة إذا ك ان قريب ا‪ -‬مقاص د‬
‫التصديقات‪. -‬‬
‫* إلى المجه ول التص ديقي يس مى القض ايا وأحكامه ا إذا ك ان بعي دا‪-‬‬
‫مبادئ التصديقات‬

‫‪23‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الفائدة من علم المنطق‬

‫الفائدة من علم المنطق‬

‫أراد واض ع علم المنط ق وه و الفيلس وف اليون اني أرســطو‪ ،‬ومن‬


‫جاء بعده‪ ،‬أن يكون األرقنــون الذي قع د قواع ده‪ ،‬آل ة تض من س المة الفك ر‪،‬‬
‫وعدم تناقض االستدالالت‪ ،‬وصحة االستنتاجات‪ ،‬ويؤكد المناطق ة المس لمون‬
‫أن المنطق في حقيقته ما هو إال م دركات عقلي ة فطري ة‪ ،‬اتف ق العقالء ق ديما‬
‫وحديثا على ضرورتها في تنظيم عملية التفكير‪ ،‬بصرف النظر عن موضوع‬
‫التفكير‪ ،‬ف المنطق ال يوص ل إلى م ادة معرفي ة بخصوص ها‪ ،‬إذ ال عالق ة ل ه‬
‫باآلراء واألفكار من حيث هي‪ ،‬وإنما هو مجرد وسيلة يحترز به ا عن الخط أ‬
‫في الفك ر‪ ،‬وإط ار منهجي يس ير التفك ير العقلي على وفق ه‪ ،‬ومن تم يمكن‬
‫إعمال هذه اآللة في أي علم من العلوم‪.‬‬
‫ال أري د أن أخ وض في ج دوى علم المنط ق‪ ،‬فق د تح دث عن ه ذا‬
‫األمر‪ ،‬الكثيرون من القدامى والمعاصرين من المسلمين ومن غير المسلمين‪،‬‬
‫لكن األمر المتفق عليه هو أن التفكير اإلنساني البد وأن تحكم ه مجموع ة من‬
‫الم دركات العقلي ة‪ ،‬ه ذه الم دركات العقلي ة يجته د المناطق ة في تأص يلها‬
‫وتقعيدها‪ ،‬قد يقال إذا كان األم ر على ه ذه الح ال فكي ف يمكن تفس ير وج ود‬
‫عدد كبير من النظري ات والم ذاهب الفكري ة‪ :‬فلس فة أرس طو‪ ،‬نظري ة الفيض‬
‫ألفل وطين‪ ،‬نظري ة التط ور ل داروين‪ ،‬النظري ة الوجودي ة لج ان ب ول‬
‫سارتر‪...‬نظريات فلسفية ومذاهب فكرية يدعي أص حابها أنهم مل تزمون فيه ا‬
‫بالقواعد العقلية؟‬

‫الج واب في رأيي متض من في دع وى ه ؤالء‪ ،‬ف إن ق ولهم أنهم‬


‫مل تزمون بالقواع د العقلي ة إق رار منهم بأن ه تمت قواع د عقلي ة تهيمن على‬
‫الفكر اإلنساني‪ ،‬غير أنه ال يسلم لهم ب أن قواع دهم ال تي أنتجت أفك ارهم هي‬
‫قواعد عقلية‪ ،‬فالنزاع معهم في مدى مطابقة هذه القواع د للعق ل‪ ،‬ال في أص ل‬
‫وجود قواعد عقلية تهيمن على التفكير اإلنساني‪ ،‬وهذا ما قام به علم اء الكالم‬
‫رحمهم هللا‪:‬كاإلم ام ال رازي في كتاب ه أس اس التق ديس فإن ه كث يرا م ا ين ازع‬
‫المخالفين في كون بعض القواعد عقلية‪ ،‬مما ال يتسع المقام إلى بسطه في هذه‬
‫المذكرة التعليمية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الفائدة من علم المنطق‬

‫الترابط بين علم أصول الفقه وعلم المنطق‪:‬‬


‫إن الحديث عن الترابط الوثيق بين علم أص ول الفق ه وعلم المنط ق‪،‬‬
‫لكفيل في رأيي بإيضاح مدى حاجة طالب العلم إلى علم المنطق وه و يت درج‬
‫في مراتب النظر‪ ،‬فإذا كان علم أص ول الفق ه عب ارة عن قواع د كلي ة تعص م‬
‫فكر المجتهد من الوقوع في الخطأ وهو يس تنبط األحك ام الش رعية من أدلته ا‬
‫التفصيلية‪ ،‬فإن علم المنط ق ك ذلك عب ارة عن قواع د كلي ة تعص م الفك ر من‬
‫الوقوع في الخطأ‪ ،‬فكالهما يتعامل مع الفكر اإلنس اني من حيث ه و فك ر في‬
‫ذاته بصرف النظر عن موضوع هذا الفكر‪:‬‬
‫‪ -‬إن القواعد األصولية ال تراد لذاتها‪ ،‬وإنم ا تطلب من حيث إفادته ا تحص يل‬
‫العلم باألحكام الشرعية العملية وهي أحك ام الحالل والح رام‪ ،‬فمج ال إعم ال‬
‫النظر فيها مخصوص بافعل وال تفعل‪.‬‬
‫‪ -‬إن القواعد المنطقية ال تراد ل ذاتها‪ ،‬وإنم ا تطلب من حيث إفادته ا تحص يل‬
‫العلم مطلقا‪ ،‬فهي به ذا ال تختص بمج ال مع رفي مخص وص‪ ،‬فهي على ه ذا‬
‫األساس قواعد منطقية عامة أريد لها أن تهيمن على سير الفكر‪.‬‬
‫وإذا تق رر ه ذا ال ذي س بق‪ ،‬يمكن الق ول أن علم أص ول الفق ه‬
‫باعتباره فكرا من حيث هو‪ ،‬مفتقر إلى قواعد المنطق‪ ،‬أليس علم أصول الفق ه‬
‫أخص من علم المنط ق‪ ،‬أي أن ه عب ارة عن عملي ات فكري ة في موض وع‬
‫مخصوص‪ ،‬لكنها في جميع األحوال ال تخرج عن حقيقة التفكير‪ ،‬مما يس تلزم‬
‫أن كل ما من شأنه ترشيد عملية التفكير من قواع د‪ ،‬فه و موج ود بالض رورة‬
‫في التفكير األصولي والفقهي بل حتى الكالمي‪ ،‬الش تراك جمي ع ه ذه العل وم‬
‫في حقيقة التفكير‪ ،‬ثم بعد ذلك يتميز كل علم عن غيره من العلوم األخ رى في‬
‫أمور زائدة تحقق للعلم استقالله وأصليته‪.‬‬
‫ومعلوم لدى العقالء أن ما يثبتـ لألعم يثبت لألخص‪ ،‬وهذه القاعدة‬
‫المنطقي ة وغيره ا من القواع د‪ ،‬ق د س جلت حض ورها الق وي في مب احث‬
‫األصوليين والفقهاء مم ا يثبت م دى التراب ط والتالزم بين علم المنط ق وعلم‬
‫أصول الفقه‪ ،‬إلى درجة أن الكثير من طلبة العلم ممن يتوهم ون ع دم ج دوى‬
‫علم المنطق‪ ،‬يتعاملون مع هذه القواع د المنطقي ة حفظ ا واس تظهارا وإعم اال‬
‫في كثير من الجزئيات الفقهية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الفائدة من علم المنطق‬

‫وخالص ة الق ول أن الت داخل بين علم المنط ق وعلم أص ول الفق ه‬


‫واقع ال يمكن إنكاره بأي حال من األحوال‪ ،‬ويكفي النظر في مب احث القي اس‬
‫واالستقراء ودالالت األلفاظ واألخب ار إلثب ات ذل ك‪ ،‬على أن ني أنب ه في ه ذا‬
‫المقام أن ه ذا الت داخل لم يكن ص نيعة األص وليين‪ ،‬بمع نى أن األص وليين لم‬
‫يتعم دوا إدخ ال علم المنط ق في علم أص ول الفق ه‪ ،‬لت أثرهم على ح د زعم‬
‫البعض بالفلسفة أو لكثرة اشتغالهم بعلم الكالم‪ ،‬بل ه ذا الت داخل واق ع ال مف ر‬
‫منه‪ ،‬وحقيقة ال مكابرة فيها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫واضع علم المنطق‬

‫واضع علم المنطق‬

‫ال خالف بين الم ؤرخين والدارس ين لعلم المنط ق‪ ،‬في أن أول من‬
‫وض ع علم المنط ق ه و الفيلس وف اليون اني أرس طو في الق رن الراب ع قب ل‬
‫الميالد‪ ،‬ومما الشك فيه أن هذا العلم لم يخرج للوجود جملة واحدة بين عش ية‬
‫وضحاها‪ ،‬بل تمت من خاض في جزئيات هذا العلم قبل أرسطو‪:‬‬
‫* الفيلسفوف اليوناني زينون الذي ابتكر الجدل‪.‬‬
‫* الفيتاغوريون الذي ابتكروا النظريات المتعددة في الرياض يات والفلس فة‪،‬‬
‫معتمدين في ذلك على طرق االستدالل واالستنتاج‪.‬‬
‫* السفســـطائيون وهم جماع ة من الفالس فة‪ ،‬اهتم وا بمجادل ة خص ومهم‬
‫بأغالي ط منطقي ة‪ ،‬من أج ل دحض هم والتغلب عليهم‪ ،‬ال من أج ل معرف ة‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫* الفيلسوف ديمقــريطس وهو أول من وض ع فلس فته بواس طة التص ورات‬
‫والتعريفات المنطقية‪.‬‬
‫* الفيلسوف سقراط الذي دافع عن الحقيقة المطلق ة في مقاب ل نزع ة الش ك‬
‫والنسبية لدى السفسطائيين‪ ،‬من خالل تركيزه على االستقراء والتعريف‪.‬‬
‫* الفيلسوف أفالطون صاحب المثل األبدية التي ال تتغير‪.‬‬

‫يتض ح من خالل م ا س بق أن أرس طو ك ان ل ه الفض ل في جم ع‬


‫مباحث علم المنطق وتهذيب قواعده‪ ،‬ثم بعد ذلك إخراجها في ش كل علم ق ائم‬
‫بذاته‪ ،‬كما أن أرسطو لم يسم هذا العلم بعلم المنطق – لوجيكا ‪ -‬بل أطلق عليه‬
‫اسم التحليالت أي تحليالت الفكر إلى عناصره‪ ،‬وقد جمعت مؤلف ات أرس طو‬
‫المنطقية تحت عنوان شامل هو األرقانون أو اآللة العقلية وهي‪:‬‬
‫‪ -‬المقوالت (قاطغورياس) ومعناها المحموالت‪.‬‬
‫‪-‬العبارة (باري أرميناس ) الداللة وأنوعها واللفظ المفرد والمركب والقض ية‬
‫وأنواعها وأحكامها كالتناقض‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫واضع علم المنطق‬

‫‪ -‬التحليالت األولى (أنالوطيقا األولى) يتناول القياس‪.‬‬


‫‪-‬التحليالت الثانية (أنالوطيقا الثانية)ـ يتناول البرهان‪.‬‬
‫‪-‬الجدل (طوبيقا) يتناول األقيسة الجدلية‪.‬‬
‫‪-‬نقض األغاليط(سوفسطيقا) يبين أرسطو فيه معنى األغاليط‪ ،‬وهي األخطاء‬
‫التي ترجع إلى غموض في الحدود أو عدم مراعاة قواعد المنطق‪.‬‬
‫انتقل منطق أرسطو إلى المسلمين‪ ،‬بعد حركة الترجمة التي عرفها‬
‫العالم اإلسالمي‪ ،‬واهتم به الفالسفة اإلسالميين كالكندي والفارابي وابن سينا‪،‬‬
‫وك ذا اهتم ب ه علم اء الكالم ك الغزالي وال رازي واآلم دي وغ يرهم كث يرون‬
‫العتقادهم أنه مجرد آله عقلية يمكن استخدامها في الدفاع عن عقائد اإلس الم‪،‬‬
‫أما كلمة المنطق فقد عرفت بعد ترجمة المنطق األرس طي إلى اللغ ة العربي ة‬
‫ولم تكن هذه الكلمة تتضمن معنى التفكير في اللغة العربي ة ب ل هي ت دل على‬
‫الكالم‪.‬‬
‫والبد من التأكيد في هذا المقام أن علماء الكالم اهتموا اهتماما بالغا‬
‫بعلم المنط ق‪ ،‬ومح ل االهتم ام تفعيل ه ك أداة عقلي ة في ترش يد عملي ة النظ ر‬
‫العقلي‪ ،‬في إثبات العقائد اإلسالمية ودفع شبهات المخالفين‪ ،‬كل ذلك في إطار‬
‫رؤية إسالمية للوج ود‪ ،‬فرض ت عليهم ع دم التس ليم بك ل م ا ورد في منط ق‬
‫أرسطو مما يتنافى وهذه الرؤية‪ ،‬في حين نج د أن الفالس فة اإلس الميين منهم‬
‫من اجتهد في مسائل المنطق دون أن يحي د عن الخ ط الع ام للفلس فة اليوناني ة‬
‫كابن سينا وغيرهم‪ ،‬ومنهم من دافع عن هذا المنطق ضمن دفاع ه عن فلس فة‬
‫أرسطو كابن رشد الحفيد‪.‬‬
‫أهم المؤلفات المنطقية‪:‬‬
‫ألَّف العلم اء كتب ا كث يرة في علم المنط ق‪ ،‬منه ا م ا ه و مخل وط‬
‫بالفلسفة‪ ،‬ككتب ابن سينا والفاربي وابن رشد‪ ،‬ومنها ما هو مجرد عنه ا‪ ،‬ق ال‬
‫العالم ة أحم د المول وي رحم ه هللا في الش رح الص غير على الس لم‪":‬علم‬
‫المنطق على قسمين‪ :‬القسم األول‪ :‬ما ليس مخلوطا بعلم الفلسفة كالمــذكور‬
‫في هذا الســلم‪ ،‬ومختصــر اإلمــام السنوســي‪ ،‬والعالمــة ابن عرفــة‪ ،‬ورســالة‬
‫أثير الدين األبهري المسماة إيساغوجي‪ ،‬وتأليف الكاتبي والخــونجي وســعد‬

‫‪31‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫واضع علم المنطق‬

‫الدين‪ ،‬وغيرهم من المتــأخرين‪ ،‬فهــذا ليس في جــواز االشــتغال فيــه خالف‪،‬‬


‫وال يصد عنه إال من ال معقول له‪ ،‬بل هو فرض كفاية‪".‬‬
‫وعلى الرغم من كثرة الكتب في علم المنطق وتنوعها بين مختصر‬
‫ومطول‪ ،‬إال أن المعتمد في دراسة علم المنطق عند العلماء كتابان‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬كتاب إيساغوجي ألثير الدين األبهري المتوفى سنة ‪660‬ه‪ ،‬ويحْ وي‬
‫المه َّم من فن المنط ق‪ ،‬وعلي ه ش ر ٌح اعتم ده العلم اء يُس مى بالمـطُـ ـلِع على‬
‫إيســاغوجي للشــيخ زكريــا األنصــاري رحمــه هللا تعــالى‪ ،‬وق د نظم مض امين‬
‫إيساغوجي عبد الرحمن األخضري الجزائري البسكري المتوفى سنة‪983‬هــ‬
‫بالســـلَّم‬
‫ُّ‬ ‫رحم ه هللا تع الى‪ ،‬في أربع ة وأربعين بيت ا بع د المائ ة‪ ،‬وس ماه‬
‫المـــُـنَ ْو َرق‪ ،‬وقد قام الناظم بشرحه نظمه‪ ،‬إال أن المش هور من ش روح الس لم‬
‫هو شــرح العالمــة الــدمنهوريـ المســمى بإيضــاح المبهم من معــاني الســلم‪،‬‬
‫لسهولته‪.‬‬
‫سيَّةـ في القواعــد المنطقيــة‪ ،‬لنجم الــدين علي بن عمــر‬ ‫ش ْم ِ‬
‫الثاني‪ :‬الرسالة ال َّ‬
‫القَ ْزويني المعــروف بالكــاتبي المتــوفى ســنة ‪693‬هــ رحمــه هللا تعــالى‪ ،‬وقد‬
‫شرح الشمسية القطب الرازي رحمه هللا وجماعة‪ ،‬لكن اختصرها في تهــذيب‬
‫صنَّفوا له شروحا‪.‬‬ ‫المنطق فأكبَّ عليه المحققون بال َّدرْ س واإلقراء ‪ ،‬ف َ‬
‫ومن الكتب المعاصرة في المنطق‪:‬‬
‫‪ -‬آداب البحث والمناظرة لمحمد األمين الشنقيطي‪ ،‬ص احب أض واء البي ان‪.‬‬
‫‪ -‬ضــوابط المعرفــة وأصــول االســتدالل والمنــاظرة لعبــد الــرحمن حبنكــة‬
‫الميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداني‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫العلم وعالقته بعلم المنطق‬


‫المدركات الذهنية‬

‫إن الغاي ة من علم المنط ق هي الوص ول إلى العلم أي المجه والت‬


‫التصورية والتصديقية‪ ،‬من خالل ترتيب المعلومات التص ورية والتص ديقية‪،‬‬
‫فالمنطقي يهتم بالدرجة األولى بوضع قواعد كلية تضمن سالمة هذا التفك ير‪،‬‬
‫ومن هنا وجب أن يكون مفهوم هذا العلم واضحا في ذهن الطالب ال ذي يتعلم‬
‫علم المنطق‪ ،‬حتى يدرك تمام اإلدراك عن أي علم يتحدث المناطق ة وعن أي‬
‫تصورات وتصديقات تدور حولها مباحث علم المنطق‪.‬‬
‫أوال‪ -‬وسائل اإلدراك‪:‬‬
‫من المعلوم أن اإلنسان يولد وهو ال يعلم شيئا‪ ،‬قال تعالى في كتاب ه‬
‫العزيز الحكيم‪ :‬ﭽـ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﭼ [النحل‪ ]٧٨ :‬وفي الحديث الصحيح النبوي ‪ ":‬يولد المولود على الفطرة"‬
‫وبعد الوالدة ومع مرور األيام‪ ،‬تبدأ عملي ة التع رف على الواق ع‪ ،‬ع بر ت دفق‬
‫المعلومات إلى الذهن‪ ،‬عن طريق‪:‬‬
‫* الحــواس الخمس الظــاهرة‪ :‬فه ذه الح واس تنق ل إلى ال ذهن‪ ،‬معلوم ات‬
‫وص ور وم دركات من الع الم الخ ارجي‪ ،‬في ح دود م ا هي مؤله ة ل ه‪ ،‬وق د‬
‫يعتري الخطأ هذا الحواس‪ ،‬فتصل الذهن معلومات خاطئة‪ ،‬ويكفي في التدليل‬
‫على ذلك ما هو معلوم في البصريات من أشكال الخ داع البص ري‪ ،‬على أن ه‬
‫يجب التنبه في هذا المقام أن الحواس ليست س وى قن وات اتص ال م ع الع الم‬
‫الخارجي‪ ،‬فطريق حصولنا على الصور الحسية للموج ودات الخارجي ة إنم ا‬
‫يتم عبر هذه الحواس‪ ،‬وإذا اتضح هذا األمر فإن الحواس ال تفيد أحكاما وإنما‬
‫تنقل صورا للواقع الخارجي‪،‬و هذا عكس ما يعتق ده أنص ار الم ذهب الحس ي‬
‫بمختلف اتجهاته الفكرية القديمة والحديثة‪ ،‬من أن الحس هو مص در المعرف ة‬
‫وهو معنى أصالة الحس في نظرية المعرفة الغربية‪.‬‬
‫* العقل‪ :‬وهو تلك الملكة التي أودعها هللا باإلنسان‪ ،‬وال تي بواس طتها يتمكن‬
‫اإلنسان من الحصول على العلم والمعرف ة‪ ،‬من خالل ترجمت ه لتل ك الص ور‬
‫الحس ية‪ -‬ال تي تنقله ا الح واس‪ -‬إلى موج ودات عقلي ة‪ ،‬من خالل م ا يس مى‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫بالتجريد أو الترقي‪ ،‬ومما يجب التنبه إليه في هذا المقام‪ ،‬أن العقل وإن اعتم د‬
‫على الحواس‪ ،‬إال أن هذا ال يعني بأي حال من األح وال ع دم اس تقالل العق ل‬
‫عن الحواس‪ ،‬فالحواس مجرد شروط للتعقل‪ ،‬ومعلوم أن الشرط م ا يل زم من‬
‫عدم ه ع دم المش روط وال يل زم من وج وده ع دم وال وج ود لذات ه‪ ،‬أي أن‬
‫المشروط وهو التعقل يبقى بعد زوال الشرط وهو الحواس‪ ،‬ف إذا رأى أح دهم‬
‫طائرة تطير يبدأ العقل في العمل‪ ،‬ويستمر في عمل ه وإن غ ابت الط ائرة عن‬
‫نظره‪ ،‬وهذا هو معنى أصالة العقل في نظرية المعرفة في اإلسالم‪.‬‬
‫* المشاعر الوجدانية‪:‬ـ وهي مشاعر داخلية نحس به ا كالل ذة واأللم‪ ،‬والحب‬
‫والكراهية‪ ،‬والخوف والطمع‪ ،‬وما إلى ذلك من أحاسيس وعواطف‪ ،‬ق د نتف ق‬
‫فيها مع اآلخرين‪ ،‬وقد ينفرد كل منا بما يجده في نفسه من أحاس يس‪ ،‬ومعل وم‬
‫أن هذه الوجدانيات حاضرة في أنفسنا بأعيانه ا‪ ،‬بمع نى لم نحص ل عليه ا من‬
‫الخارج كما هو الشأن في الص ور الحس ية‪ ،‬فعلمن ا به ا علم حض وري‪ ،‬وهي‬
‫أي هذه الوجدانيات بهذا االعتبار خارجة عن محل اإلدراك الذهني‪.‬‬
‫* األخبار‪ :‬وهي ما ينقل إلينا من معلومات‪ ،‬مقروؤة أو مس موعة أو مكتوب ة‬
‫أو مشاهدة‪ ،‬بصرف النظر عن صدق أو كذب هذه المعلومات‪.‬‬
‫يتضح من خالل ما سبق أن العلم ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫العلم الحصــولي وه و حص ول ص ورة الش يء‪ ،‬وع دم ت رتب اآلث ار علي ه‪،‬‬
‫كتصور الكفر والفسق‪ ،‬فإنه ال يكون اإلنسان ك افرا أو فاس قا‪ ،‬إذ المعت بر في‬
‫العلم الحص ولي ال ذي يحص ل علي ه اإلنس ان من انفعال ه ب الواقع الخ ارجي‬
‫الصورة الذهنية للشيء والواقع الخارجي له‪ ،‬فاألول يس مى معلوم ا بال ذات‪،‬‬
‫أي من دون واسطة‪ ،‬والثاني معلوما بالعرض أي بواسطة الص ورة الذهني ة‪،‬‬
‫فمن رأى ط ائرة فق د حص ل ل ه علم بواقعه ا الخ ارجي من خالل ص ورتها‬
‫اللذهنية‪ ،‬على أن التطابق بين الصورة الذهنية والواقع الخارجي أو الص ورة‬
‫الحسية‪ ،‬قد قد يقع‪ ،‬وقد ال يقع‪ ،‬فيكون الخطأ في الفكر‪.‬‬
‫العلم الحضوري‪ :‬وهو حضور نفس المعلوم لدى العالم‪ ،‬وترتب آث اره علي ه‪،‬‬
‫كالتألم د وما يترتب علي ه من ص راخ وت أوه‪ ،‬ف المعتبر في العلم الحض وري‬
‫الوج ود الواح د والعي ني‪ ،‬فض ال عن حتمي ة التط ابق بينهم ا‪ ،‬إذ الش يء إم ا‬
‫حاضر لديك وإما غير حاضر‪ ،‬وجدير بالذكر أن العلم الحضوري قد يتح ول‬
‫إلى علم حصولي‪ ،‬فمن داق حالوة العسل فقد حضر عن ده علم به ذه الحالوة‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫فإذا زالت هذه الحالوة‪ ،‬بقيت صورتها الذهنية‪ ،‬وك ذا تح ول العلم الحص ولي‬
‫إلى العلم الحضوري‪ ،‬كالتصديق بصدق اإلسالم‪ ،‬فإن‬
‫إن علم المنطق يبحث في العلم الحصولي الذي ينقس م إلى تص ور وتص ديق‪،‬‬
‫ألجل تصحيح الخطأ فيه‪ ،‬فقد تطابق الصورة الهنية فيه الواقع الخ ارجي وق د‬
‫ال تطابق‪،‬الحتمال الخطأ أة الغفلة‪.‬‬
‫ثانيا – كيفية اإلدراك‪:‬‬
‫عن دما يواج ه اإلنس ان الواق ع الخ ارجي‪ ،‬ي درك ه ذا الواق ع ع بر‬
‫حواسه‪ ،‬فعندما يرى الواحد منا سيارة مثال‪ ،‬تحصل لديه صورة له ا بواس طة‬
‫حاسة البصر‪ ،‬وعندها يحصل لديه ارتب اط واتص ال بالس يارة من خالل ه ذه‬
‫ّ‬
‫الحاس ة‪ ،‬أو في الم دارك الحس ية‪،‬‬ ‫الحاسة‪ ،‬فهذه الص ورة موج ودة في الق وة‬
‫ولهذا نقول‪ :‬إن السيارة التي تراه أمام ك هي ص ورة محسوس ة جزئي ة‪ ،‬فهي‬
‫ليست عينها السيارة الموجودة في الخارح‪ ،‬بل صورة طب ق األص ل لم ا ه و‬
‫موجود في الخارج‪ ،‬فإذا كانت الس يارة الموج ودة أمام ك في الخ ارج س يارة‬
‫بيضاء من نوع بيجو ‪5008‬سنة ‪2011‬م‪ ،‬فإن السيارة الموجودة في الص ورة‬
‫الحسية سيارة بيض اء من ن وع بيج و ‪ 5008‬س نة‪2011‬م‪ ،‬وه ذا مع نى ق ول‬
‫المناطقة أن الصورة الحسية صورة جزئي ة‪ ،‬أي أنه ا تنطب ق على متش خص‬
‫بعينه في الخارج‪.‬‬
‫تأتي بعد ه ذه المرحل ة من اإلدراك الحس ي مرحل ة أخ رى‪ ،‬و هي‬
‫مرحلة اإلدراك الخيالي‪ ،‬حيث تعمل فيه قوة أخرى غير قوة الحس‪ ،‬وهي قوة‬
‫الخيال أو قوة الحافظة أو قوة الذاكرة ‪ ،‬وهي قوة تلي مرتب ة ق وة الحس‪ ،‬ف إذا‬
‫ك انت ق وة الحس هي ال تي تلتق ط الص ورة الحس ية من الوج ود العي ني‬
‫الخارجي‪ ،‬فإن قوة الخيال تأخذ هذه الصورة من القوة الحاس ة‪ ،‬وتن تزع منه ا‬
‫صورة تناسبها هي الصورة الخيالية الجزئية‪ ،‬بمعنى أن صورة السيارة ال تي‬
‫انتزعته ا الق وة الخيالي ة من الص ورة الحس ية للس يارة‪ ،‬هي ص ورة س يارة‬
‫بيضاء من نوع بيجو ‪ 5008‬سنة ‪2001‬م‪.‬‬
‫و يجب التنبه هاهنا إلى أن الصورة الموجودة في القوة الحاسة غير‬
‫الص ورة الموج ودة في الق وة الخيالي ة‪ ،‬أي أن الق وة الحاس ة تحتف ظ بص ورة‬
‫مناسبة لها‪ ،‬بينما قوة الخيال تصنع ص ورة غ ير تل ك الص ورة‪ ،‬وتك ون ه ذه‬
‫الصورة موجودة في وعاء خاص في قوة الخيال‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫ثم بعد ذلك يرتقي اإلدراك إلى مرتبة أعلى من مرتبة إدراك‬
‫الصورة الحس ية ومن مرتب ة إدراك الص ورة الخيالي ة‪ ،‬وهي مرتب ة اإلدراك‬
‫العقلي‪ ،‬حيث تنتزع قوة العقل من الصورة الخيالية صورة عقلية‪ ،‬إال أن ه ذه‬
‫الص ورة ال تي تنتزعه ا ق وة العق ل‪ ،‬عب ارة عن ص ورة ألغى فيه ا العق ل‪،‬‬
‫الصفات التي تميز الصورة الحسية عن غيره ا من الص ور الحس ية الجزئي ة‬
‫المماثلة لها ‪ ،‬وأبقى فيها الصفات التي تشترك فيها هذه الص ورة الحس ية م ع‬
‫غيرها من الصور الحسية الجزئية المماثلة لها‪.‬‬
‫وإذا اتضح هذا األمر نظري ا‪ ،‬لنع د إلى س يارتنا البيض اء من ن وع‬
‫بيجو ‪ 5008‬س نة ‪2011‬م‪ ،‬ال تي م رت بمرتب ة اإلدراك الحس ي أي حص ول‬
‫صورة لها في قوة الحس‪ ،‬وبمرتبة اإلدراك الخي الي أي حص ول ص ورة له ا‬
‫في ق وة الخي ال‪ ،‬على أن الص ورتين الحس ية والخيال ة ص ورتان جزئيت ان‬
‫منطبقتان على متشخص خارجي بعينه وهو في مثالنا ه ذا س يارة بيض اء من‬
‫نوع بيج و ‪ 5008‬س نة ‪2011‬م‪ ،‬ف إذا انتق ل إدراك ه ذه الس يارة إلى مرحل ة‬
‫اإلدراك العقلي‪ ،‬فإن العقل سينتزع من الصورة الخيالية صورة معنى السيارة‬
‫ال ص ورة عين الس يارة‪ ،‬فيلغي ل ون ون وع وس نة الس يارة وهي أوص اف‬
‫تش ترك فيه ا جمي ع الس يارات‪ ،‬ويحتف ظ بم ا تش ترك في ه جمي ع الس يارت‬
‫المصنعة وغير المصنعة‪ ،‬من صفات التي لوالها ما وج دت حقيق ة الس يارة‪،‬‬
‫كالهيكل المعدني والمحرك والعجالت مثال‪ ،‬فالموجود في العقل ص ورة كلي ة‬
‫ال تصدق على سيارتنا البيضاء من نوع بيجو ‪ 5008‬سنة ‪2011‬م بل تصدق‬
‫على جميع السيارات‪ ،‬وهذا معنى قول المناطقة أن المعقوالت كلي ات‪ ،‬أي أن‬
‫ميزة العقل هي في إيجاد مفاهيم كلية قابلة للتعميم‪ ،‬وهذا هو الفرق الج وهري‬
‫بين اإلنسان والحيوان‪.‬‬
‫خالصة القول‪:‬‬
‫* اإلنسان يتعامل مع صور حسية وصور خيالية وصور عقلية‪.‬‬
‫* الصور الحسية والخيالية هي صور جزئيةـ تصدق على متشخص خارجي‬
‫بعينه‪ ،‬ومثل هذه الصور تحصل للحيوان أيضا‪.‬‬
‫* الصور العقلية هي مفاهيم كلية تجريديةـ قد يكون لها مصــاديق كثــيرة في‬
‫الخارج‪ ،‬وهي خاصة باإلنسان فقط‪.‬‬
‫* لوال الصور الحسية والخيالية ما وجدت الصور العقلية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫* الصورة العقلية صورة مستقلة عن الصورة الخيالية والصورة الجزئية‬


‫إن حصول الصور العقلية في الذهن هو ما اصطلح علي ه المناطق ة‬
‫بالعلم أو اإلدراك‪ ،‬على أن هذه الصور الكلية‪ ،‬قد تك ون مج رد مع ان مف ردة‬
‫في الذهن‪ ،‬وهو ما اصطلح عليه بالتصورات‪ ،‬وقد تكون هذه المدركات معان‬
‫مفردة بينها نسبة تامة‪ ،‬وهو ما اصطلح عليه بالتصديقات‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬تعريف العلم ‪ :‬هو حصول صورة الشيء في العقل‪ ،‬وقد مر معك أيه ا‬
‫الطالب‪ ،‬أن العلم الذي ه و مح ل بحث المناطق ة‪ ،‬ه و العلم الحص ولي‪ ،‬فليس‬
‫كل إدراك عند المناطقة هو علم‪ ،‬ب ل العلم عن دهم إدراك الكلي ات والمف اهيم‪،‬‬
‫وهي المعبر عنها بالصورة العقلية في ما مر بيانه في كيفية اإلدراك‪ ،‬كإدراك‬
‫مفه وم اإلنس ان دون النظ ر إلى مشخص اته الخارجي ة‪ ،‬ومن هن ا ف إن العلم‬
‫الحصولي ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬التصور‪ :‬وهو حصول صورة الشيء – مفاهيم ‪ -‬دون الحكم‬
‫عليها‪ ،‬كحصول صورة الصالة في الذهن‪ ،‬فإن الواح د من الن اس إذا تص ور‬
‫الصالة‪ ،‬باعتبارها معنى مف ردا من غ ير أي نس بة‪ ،‬ه ذا ال يع ني أن ه ص دق‬
‫بوجود الصالة أو عدمها‪ ،‬أو بكيفياتها وحاالتها من ص لوات مفروض ة‪ ،‬ومن‬
‫صلوات مسنونة‪ ،‬أو كحص ول ص ورة الكت اب أو ص ورة الس ماء أو ص ورة‬
‫الجبل‪.‬‬
‫وعلى العموم فإن التصور إدراك خال عن الحكم‪ ،‬بمعنى ال يقترن‬
‫معه إيجاب وال سلب‪ ،‬وال يصاحبه إدعان ويقين‪ ،‬ومما يجب التنبي ه علي ه في‬
‫بيان معنى التصور‪ ،‬أن التصور المص طلح علي ه عن د المناطق ة ه و تص ور‬
‫المفاهيم أي الكليات‪ ،‬أم تصور أو إدراك‪:‬‬
‫المتشخصات الخارجية في صورها الحسية‪ ،‬أي حص ول الص ورة الحس ية‬
‫للموجود الخارجي‪ ،‬كحصول صورة هذا الكوم بيوتر ف وق مكت بي ‪.‬فليس من‬
‫التصور المصطلح عليه عند المناطقة‪ .‬إدراك المعنى المف رد ال يع ني حص ر‬
‫التص ور في الجزئي ات‪ ،‬ب ل التص ور يش مل الكلي ات أيض ا‪ ،‬ومن هن ا قس م‬
‫المناطقة التصور إلى‪:‬‬
‫المتشخصات الخارجية في صورها الحسية ه ذه الص ورة الحس ية إذا م ا تم‬
‫تخزينها في الذاكرة أو الخيال الستحضارها‪ ،‬ترقت هذه الصورة الحس ية إلى‬
‫الصورة الخيالية‪ ،‬وصار إدراكها إدراكا تخيليا‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫والمالحظ أن إدراك الجزئي بقسميه الحسي والخيالي‪ ،‬يشترك في ه‬


‫اإلنسان مع الحيوان‪ ،‬وهو ليس محل بحث المناطقة‪.‬‬
‫‪ -2‬التصديق‪ :‬وهو حصول صورة الشيء مع الحكم عليه‪،‬‬
‫كإدراكنا بأن الصالة واجب ة ‪ ،‬أو أن الط ائرة الحربي ة‪ ،‬لم تتمكن من اخ تراق‬
‫جدار الصوت‪.‬‬
‫ففي قولنا‪ :‬الصالة واجبة‬
‫* لم نلتفت إلى المعنى المفرد للصالة فقط ألن هذا تصور‪.‬‬
‫* ولم نلتفت للمعنى المفرد للوجوب‪.‬‬
‫* ولم نلتفت أيضا لمدلول هذه العبارة‪ ،‬ألن هذا تصور أيضا‪.‬‬
‫* بل التفتنا إلى وقوع النسبة الخبرية بين الصالة والوج وب وثبوته ا له ا في‬
‫الواقع‪ ،‬ففي هذا المثال أدركنا حصول ووقوع صفة الوجوب للصالة‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫سـ ْم‬
‫يق ُو ِ‬
‫َـص ِد ٍ‬
‫سـبَ ٍـة بِت ْ‬
‫ـو ًرا عُـلِ ْم * َود َْر ُك نِ ْ‬
‫َص ُّ‬ ‫إِد َْرا ُك ُم ْف َ‬
‫ـر ٍد ت َ‬
‫الب د من التأكي د‪ :‬أن التصــديق عنــد المناطقة‪ ،‬هو إدراك وقــوع أو‬
‫عدم وقوع النسبة الخبريــة بين الشــيئين في الواقــع‪ ،‬المســتلزم لحكم النفس‬
‫وإدعانها وتصديقها بالمطابقة‪.‬‬
‫وعليه فالمعتبر في التصديق إدراك النســبةـ الحكمية‪ ،‬وهي بمع نى‬
‫وقوع النسبة الخبرية أو عدم وقوعها‪ ،‬فإذا أردنا من قولنا‪ :‬الصالة واجبة‬
‫* مجرد اإلخبار كان هذا تصورا‪.‬‬
‫* أما إذا أردنا من قولنا الصالة واجبة‪ ،‬أن الصالة بالنظر في واقع نص وص‬
‫التشريع من كتاب وس نة وإجم اع واجب ة‪ ،‬ف إن ه ذا تص ديقا ألنن ا نحكم على‬
‫الصالة بصفة بالوجوب‪ ،‬فالمعتبر في التص ديق الحكم وليس اإلخب ار‪ ،‬ولنق ل‬
‫بلغة المناطقة أن المعتبر في التص ديق إدراك النســبةـ الحكمية وليس النســبةـ‬
‫الكالمية‪.‬‬
‫وإذا تأملنا كالم المناطق ة في التص ور والتص ديق‪ ،‬يتض ح جلي ا أن‬
‫التصديق يتوقف حصوله على‪:‬‬
‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫* تصور الموضوع وهو المحكوم عليه‪.‬‬


‫* تصور المحمول وهو المحكوم به‪.‬‬
‫* تصور النسبة بينهما وهي العالقة الرابطة بينهما‬
‫ففي مثالنا أو ما اصطلح على تسميته بالقضية‪:‬‬
‫الصالة واجبة‪.‬‬
‫إدراك وقوع النسبة بين الصالة وصفة الوجوب‪ ،‬يتوقف على‪:‬‬
‫* تصــور الموضــوع أي إدراك الص الة أي حص ول مع نى الص الة ال تي‬
‫افترضها هللا‪.‬‬
‫* تصور المحمول أي إدراك صفة الوجوب‪.‬‬
‫* تصــور النســبة الخبريــة بين الموضــوع والمحمــول‪ ،‬أي إدراك النس بة‬
‫الكالمية بين صالة العصر وصفة الوجوب‪ ،‬وهي عالقة الثب وت ال تي تجم ع‬
‫بين صالة العصر والوجوب‪.‬‬
‫وعلى هذا الذي مر‪ ،‬فإن التصورات تسبق التصديقات في تحصيل‬
‫العل وم‪ ،‬إذ يس تحيل حص ول التص ديق دون أن يس بقه التص ور‪ ،‬وه ذا ال ذي‬
‫يسميه العلماء بــالترتيب الطــبيعي بين التص ورات والتص ديقات‪ ،‬وق د اعتم د‬
‫العلماء على هذه األسبقية في تقديم الحديث عن التصورات قبل التصديقات‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫ـــع * أِل َنَّـــهُ ُمقَــ َّد ٌم بِـالطَّ ْب ِ‬


‫ــع‬ ‫ض ِ‬ ‫َوقَــد ِِّم األَ َّو َل ِع ْنـ َد َ‬
‫الو ْ‬
‫ثالثا‪ :‬أقسام العلم الحصولي‬
‫إن المعرف ة اليقيني ة ال تي يتش وف إليه ا المناطق ة‪ ،‬تنحص ر في‬
‫التصورات والتصديقات‪ ،‬ومما ال شك فيه أن له ذه التص ورات والتص ديقات‬
‫طرق وأساليب تص لنا به ا‪ ،‬فالكش ف عنه ا كش ف عن س بل امتالك المعرف ة‬
‫اليقينية‪ ،‬وقد اعتنى علماء المنطق ببيان م ا يتعل ق بالتص ورات والتص ديقات‬
‫في آخ ر كتب المنط ق وه و مبحث م واد القض ايا‪ ،‬لكنهم ق دموا الح ديث عن‬
‫بعض ما يتعلق بالتصورات والتصديقات باعتبار‪:‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫أن هذا العلم الذي ال يمكن أن يكون كله بدهيا‪ ،‬وإال لما وقع الخالف‬
‫بين الناس‪ ،‬ولما احتاجوا إلى اكتساب علوم جديدة‪ ،‬كما ال يمكن أن يكون كله‬
‫نظريا‪ ،‬ألن الناس هم في حاجة إلى بناء معارفهم الجديدة على معارف‬
‫متحققة‪ ،‬وهذا واقع ال ينكره إال مكابر‪ ،‬وعليه ينقسم العلم الحصولي‬
‫بتصوراته وتصديقاته إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬علم تصوري بدهي(ضروري)‪ :‬وهو العلم الذي ال يتوقف‬
‫حصوله على نظر وفكر‪ ،‬كتصور الواحد منا وجوده‪ ،‬فإننا ال نحتاج إلى‬
‫إعمال الفكر حتى ندرك وجودنا‪.‬‬
‫‪-2‬علم تصوريـ نظري‪ :‬وهو العلم الذي يحتاج إلى تأمل وإعمال‬
‫فكر‪ ،‬كتص ور مع نى أص ول الفق ه‪ ،‬فإن ه يحت اج إلى تعريف ه وش رح حقيقت ه‬
‫وإعمال الفكر في معانيه‪ ،‬فإن الواح د من ا ال يمكن أن يتص ور مع نى أص ول‬
‫الفقه‪ ،‬إال بعد أن ينظر في تعريفات األصوليين لعلم أصول الفقه في كتبهم‪.‬‬
‫‪-3‬علم تصديقي بدهي‪ :‬وهو العلم الذي ال يتوقف حصوله على‬
‫كسب ونظر‪ ،‬فهو إدعان النفس بصحة النسبة القائمة بين الموضوع‬
‫والمحمول بمجرد تصورهما‪ ،‬كالتصديق باستحالة الجمع بين النقيضين‪،‬‬
‫وكالتصديق بأن الواحد نصف االثنين‪ ،‬فإن هذا اإلدراك وإن كان تصديقا‪ ،‬إال‬
‫أن هذا التصديق ال يحتاج في إدراكه إلى إقامة األدلة‪.‬‬
‫‪-4‬علم تصديقي نظري‪:‬وهو العلم الذي يحتاج إلى تأمل وإعمال فكر‪،‬‬
‫ففيه يتوقف إدعان النفس بصحة النسبة القائمة بين الموضوع والمحمول على‬
‫النظر واالستدالل‪ ،‬كالتصديق بكروية األرض‪ ،‬فإن هذا اإلدراك‪.‬‬
‫يتضح من خالل ما سبق بيانه في تقسيم العلم الحصولي‪:‬‬
‫* إن الضروري أو البديهي علم ال يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر‬
‫وفكر‪ ،‬فالنفس في العلم الضروري تضطر إلى قبوله‪ ،‬من دون توقف على‬
‫شيء آخر‪ ،‬كتصور مفهوم الوجود‪ ،‬فإن مفهوم الوجود من أوضح األشياء‪ ،‬إذ‬
‫ال يتوقف تصور الوجود على أي شيء آخر‪ ،‬أو كالتصديق بأن النقيضين ال‬
‫يجتمعان‪ ،‬فبعد تصور الموضوع والمحمول وتصور النسبة بينهما‪ ،‬تدعن‬
‫النفس وتحكم بصحة النسبة‪ ،‬دون إجراء عمليات أو استدالالت عقلية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫* إن النظري أو الكسبي علم يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر وفكر‪،‬‬


‫فالنفس في العلم الحصولي النظري‪ ،‬تحتاج إلى إمعان النظر‪ ،‬وإجراء‬
‫عمليات عقلية‪ ،‬كتصور مفهوم الجاذبية‪ ،‬فإن النفس تحتاج إلى نظر وفكر‪،‬‬
‫وإلى معادالت رياضية وفيزيائية‪ ،‬لتحليل هذا المفهوم‪ ،‬أو كالتصديق بكروية‬
‫شكل األرض‪ ،‬فإن النفس تحتاج إلى إجراء عمليات عقلية‪ ،‬للحكم بصحة‬
‫نسبة الشكل الكروي لألرض‪.‬‬
‫* الفرف بين التصور الضروري والتصديق الضروري‪ ،‬عدم وجود حكم‬
‫تدعن به النفس في التصور الضروري‪ ،‬بخالف التصديق الضروري الذي‬
‫تدعن فيه النفس بالحكم بدون دليل‪.‬‬
‫* كل العلوم يحصله اإلنسان من خالل انفعاله بواقعه الخارجي‪ ،‬فالعلوم‬
‫الضرورية والنظرية علوم تحصيلية‪ ،‬خالفا لما قد يتوهمه البعض من أن‬
‫الضروريات علوم فطرية‪ ،‬بمعنى أن اإلنسان يولد وهو يعلم هذه‬
‫الضروريات‪ ،‬وهذا ماذهب إليه بعض الغربيين‪ ،‬فاإلنسان في القرآن الكريم‬
‫يولد وهو ال يعلم شيئا‪ ،‬قال تعالى أما فتنبه أيها الطالب فقد زلت بعض األقدام‬
‫في هذا المقام‪ ،‬فادعى بعضهم أن معرفة هللا فطرية‪ ،‬وغاب عنهم أن‬
‫النصوص الشرعية من آيات قرآنية وأحاديث نبوية‪ ،‬إنما تحمل فيها الفطرة‬
‫على الخلقة‪ ،‬وهي استعداد اإلنسان وقدرته على تحصيل العلوم‪ ،‬فاإلنسان‬
‫بأصل خلقته يمتلك العقل ويمتلك الحواس‪ ،‬فهو يعلم بالقوة‪ ،‬ويحتاج إلى‬
‫الحواس إلخراج ما هو موجود بالقوة‪ ،‬إلى ما هو موجود بالفعل‪ ،‬فاعلم أيها‬
‫الطالب أن القائل بفطرية معرفة هللا إن كان قصده أن اإلنسان موحد قوة ال‬
‫فعال‪ ،‬فالخالف بينه وبين غيره لفظي ليس إال‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫سبق في بيان أقسام العلم الحص ولي‪ ،‬أن العلم ينقس م إلى ض روري‬
‫ونظ ري‪ ،‬وأن الض روري وه و الب ديهي م ا ال يحت اج إى تأم ل ونظ ر‪،‬‬
‫ومقتضى هذا التعريف اشتراك الن اس في إدراكهم للب ديهيات‪ ،‬م ع أن الواق ع‬
‫خالف ذلك‪ ،‬فتمت ب ديهيات معلوم ة عن د البعض دون البعض‪ ،‬الج واب عن‬
‫هذا اإلشكال حاصله‪:‬‬
‫أن جه ل البعض بالب ديهيات‪ ،‬ال يض ر ببداه ة الب ديهي‪ ،‬ف إدراك‬
‫الب ديهي موق وف على قي ام المقتض ي وانتف اء الم انع‪ ،‬الب د من وج ود داوع‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫وأسباب‪ ،‬إلدراك البديهي‪ ،‬والبد في الوقت نفسه من انتف اء م ا من ش أنه من ع‬


‫عملية إدراك البديهيات‪:‬‬
‫أسباب توجه النفس إلدراك البديهيات‪:‬‬
‫االنتباه‪ :‬وهذا السبب مطرد في جميع البديهيات‪ ،‬فالغافل ق د يخفى‬
‫علي ه أوض ح الواض حات‪ ،‬كث يرون أولئ ك ال ذي ال ينتبه ون إلى أوض ح‬
‫الواضحات‪ ،‬وهو وجودهم‪ ،‬أما المسائل العقلية فحدت عن البحر وال حرج‪.‬‬
‫سالمة الذهن‪ :‬وهذا السبب مطرد في جميع البديهات‪ ،‬فأنى لسقيم‬
‫العق ل أن ي درك م ا ه و ب ديهي‪ ،‬ب ل ق د يش كك في كث ير من المس لمات‪ ،‬إم ا‬
‫لنقصان عقله‪ ،‬وإم ا لنش أته في وس ط يش كك في ه ذه الب ديهيات‪ ،‬ومن ش اب‬
‫على شيء شب عليه‪.‬‬
‫سالمة الحواس‪ :‬وهذا سبب خاص بالبديهيات المتوقفة على‬
‫الح واس الخمس وهي المحسوس ات‪ ،‬باعتب ار أن الكث ير من المعلوم ات‬
‫منشؤها الحس‪ ،‬ومن فقد حسا فقد علما‪.‬‬
‫أما انتفاء المانع‪ :‬إذا كان الداعي إلدراك البديهي موجود‪ ،‬لكن تمت ما يمن ع‬
‫وقوع ه ذا اإلدراك‪ ،‬فال يمكن تحق ق إدراك ه ذا الب ديهي‪ ،‬والم انع في إدراك‬
‫البديهي عند اللمناطقة هو‪:‬‬
‫فقــدان الشــبهة‪ :‬وهي أن يؤل ف ال ذهن دليال فاس دا ين اقض بديه ة من‬
‫البديهيات‪ ،‬ومن هنا ح رص المناطق ة وأه ل الج دل على دراس ة المغالط ات‬
‫جيدا‪ ،‬لمسيس الحاجة إليه ا في االس تالالت العقلي ة‪ ،‬ح تى ال يؤل ف المس تدل‬
‫دليال صحيحا صورة باطال مادة‪ ،‬كمن قال بنظري ة األح وال من أه ل الكالم‪،‬‬
‫فإن من البديهيات أن الوجود والعدم نقيضان‪ ،‬ال يرتفعان وال يجتمعان‪ ،‬ولكن‬
‫بعض المتكلمين دخلت عليهم الش بهة‪ ،‬ف أثبتوا الواس طة بين الوج ود والع دم‪،‬‬
‫وس موها الح ال‪ ،‬وهي ص فات ال هي موج ودة وال هي معدوم ة‪ ،‬كالعالمي ة‬
‫والقادرية‪.‬‬
‫عملية غير عقلية‪ :‬إن معرفة جملة من البديهيات متوقفة على مقدمات‪،‬‬
‫ومن هنا يختلف الناس في معرف ة الب ديهيات‪ ،‬فق د يك ون الش يء ب ديهيا عن د‬
‫سخص ‪ ،‬نظريا عند اآلخر‪ ،‬وهو الذي لم تتوفر لديه مقدمات معرفة البديهي‪،‬‬
‫فالحاجة قائمة في معرفة كثير من البديهيات على إجراء عمليات غير عقلي ة‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫كالتواتر في األخبار‪ ،‬فعلى الرغم من كونه بديهيا‪ ،‬إال أن تمت أخبار تواترت‬
‫عن د البعض دون البعض اآلخ ر‪ ،‬والس بب في ذل ك أن من ت واترت عن ده‬
‫األخبار‪ ،‬حصلت له مقدمة التواتر وهو االستماع إلى كثيرين يمتنع تواط ؤهم‬
‫على الكذب‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تعرف الفكر‬
‫الفكر المصطلح عليه عند المناطقة‪ ،‬والذي عليه مدار مب احث علم‬
‫المنط ق‪ ،‬ه و حركــة العقــل من المطــالب إلى المبــادئ ومن المبــادئ إلى‬
‫المطالب‪.‬‬
‫توضيحـ هذا التعريف‪:‬ـ‬
‫قد يواجه أحدهم مشكلة من المشكالت‪ ،‬فيحاول أن يتعرف على نوع‬
‫هذا المش كلة‪ ،‬أه و من المعق والت أم من المحسوس ات‪ ،‬وذل ك ب الرجوع إلى‬
‫المعلوم ات المخزون ة وترتيبه ا‪ ،‬لتحدي د نوعي ة المش كل‪ ،‬ثم االنتق ال من‬
‫المعلومات المعينة للكشف عن المجهول‪ ،‬وعلى هذا األس اس يمكن الق ول أن‬
‫العقل في عملية التفكير المنطقي يمر باألدوار التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬مواجة المشكل أي المجهــول‪ ،‬حــتى ينتقـلـ العقــل في عمليــة التفكــير إلى‬
‫المعلوم‪.‬‬
‫‪ -2‬معرفة نوع المشكل ولو بوجه من األوجه‪.‬‬
‫‪ -3‬حركة العقل من المشكل إلى المعلومات المخزونة عنده‪.‬‬
‫‪ -4‬حركة العقــل بين المعلومــات للفحص عنهــا وتــأليف مــا يناســب المشــكل‬
‫ويصلح لحله‪.‬‬
‫‪ -5‬حركة العقل من المعلوم الذي استطاع تأليفه مما عنده إلى المطلوب‪.‬‬
‫نبه المناطقة في مؤلفاتهم‪ ،‬أن كل عملية تفك ير يق وم به ا اإلنس ان‪،‬‬
‫إال وتم ر به ذه األدوار‪ ،‬دون أن يش عر به ا اإلنس ان‪ ،‬على أن ه تمت بعض‬
‫األش خاص ق د يجت ازون بعض ه ذه المراح ل‪ ،‬فينتقل ون مباش رة إلى ال دور‬
‫الخامس‪ ،‬وهو حل المشكل‪ ،‬بمجرد معرفة نوعه‪ ،‬وهؤالء ق د أوت و من العلم‪،‬‬
‫ما مكنهم من اجتياز الدور الثالث والرابع‪ ،‬وهذا ما يسميه المناطقة بالحــدس‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫المدركات الذهنية‬

‫فلبعض الناس استعداد ق وي لتقلي العل وم والمع ارف‪ ،‬بخالف البعض اآلخ ر‬
‫الذي ال يسعه إال االلتزام في عملية التفكير‪ ،‬بجميع أدوارها‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫الجلِي‬
‫ي َ‬ ‫ض ُرو ِر ُّ‬
‫ُـو ال َّ‬ ‫َاج لِلتَّـأ َ ُّم ِل * َو َع ْك ُ‬
‫سـهُ ه َ‬ ‫َوالنَّظَـ ِري َما ْ‬
‫احت َ‬
‫يتبين من خالل ما سبق ذكره‪ ،‬أن التصورات والتصديقات على حد‬
‫سواء‪ ،‬منها ما هو بديهي ضروري ال يحتاج في تحص يله إلى إعم ال التأم ل‬
‫والفكر‪ ،‬ومنها ما هو كس بي نظ ري يحت اج في تحص يله إلى التأم ل وإعم ال‬
‫الفكر‪ ،‬ومادام علم المنطق يعنى بالقواعد والقوانين ال تي تنظم عملي ة التفك ير‬
‫القائمة على التصورات والتصديقات‪ ،‬اهتم المناطقة ببيان الطرق الموصلة ‪:‬‬
‫‪ -‬إلى التصورات وسموها بالقول الشارح أو التعريف‪ ،‬ألنه يشرح أو يعرف‬
‫المجهول‪ ،‬وبهذه الطرق اللفظية أمكننا نقل تصوراتنا إلى اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬إلى التصديقات وسموها بالحجة والبرهــان والــدليل والقيــاس‪ ،‬وهي طرق‬
‫الوص ول إلى معلوم ات تص ديقية نظري ة‪ ،‬وق د تك ون أيض ا طرق ا إلل زام‬
‫الخصوم وإقناعهم‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ح فَ ْلتَ ْبتَ ِه ْل‬ ‫صــــــ ْل * يُ ْدعَـى بِقَ ْ‬
‫ـو ٍل شَـا ِر ٍ‬ ‫ـو ٍر ُو ِ‬ ‫َو َمـا بِ ِه إِلَى ت َ‬
‫َص ُّ‬
‫ـج ٍة يُ ْعــــــــــ َرفُ ِع ْنـ َد‬
‫صــــــــالَ * بِ ُح َّ‬
‫يق بِ ِه تُ ُو ِّ‬
‫َصـ ِد ٍ‬
‫َو َمـا لِت ْ‬
‫ال ُعقَـالَ‬

‫‪48‬‬
‫مبحث التصورات‬
‫مبادئ التصورات‬
‫مقاصد التصورات‬

‫مبادئ التصورات‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الداللة اللفظية‬

‫الداللة وأقسامها‬
‫‪-‬إيساغوجي‪-‬‬

‫أدرج علماء المنطق مبحث األلف اظ في كتبهم كم دخل لدراس ة علم‬


‫المنطق‪ ،‬مع أنها ليست من مقاصد علم المنطق‪ ،‬فعلم المنطق يتعلق بالمع اني‬
‫وبكيفية الوصول إليها‪ ،‬فالموصل إلى المجهول التصوري ليس لفظ التعريف‬
‫أو القول الشارح بــل معنــاه‪ ،‬وكذلك الموص ل إلى المجه ول التص ديقي ليس‬
‫ألفاظ المقدمات بل مفهوماته ا‪ ،‬لكن لم ا ك انت األلف اظ هي ق والب المع اني‪-‬‬
‫باعتبـــار أن اإلنســـان إذا مـــا أراد أن يعـــبر عن أفكـــاره‪ ،‬يســـتعمل األلفـــاظ‬
‫والكلمات الدالة على مقاصده ‪ -‬اعتنى علماء المنطق باأللفاظ لوعيهم بعالق ة‬
‫اللغة بالفكر‪ ،‬فالخطأ في اللفظ مؤثر حتما على التفكير بتصوراته وتصديقاته‪.‬‬
‫إن العلم عند المناطقة هو حض ور ص ورة الش يء في العق ل‪ ،‬وليس‬
‫المراد من الصورة‪ ،‬الشكل الهندسي بأبعاده‪ ،‬ب ل الم راد المفه وم ال ذي يحكي‬
‫صورة الشيء‪ ،‬فإذا أراد اإلنسان أن يعبر عن ه ذا المفه وم ال ذي حص ل ل ه‪،‬‬
‫يحتاج إلى ألفاظ تدل على هذه المفاهيم‪ ،‬ومن هنا وقعت الحاجة عن د المنطقي‬
‫لدراسة دالالت األلفاظ‪ ،‬والبحث عن أحوال اللفظ‪ ،‬فغرض المنطقي ال يتعل ق‬
‫باأللفاظ إال لغاية التوصل بها إلى المفاهيم‪.‬‬
‫إن اهتم ام المناطق ة باللغ ة ال يع ني ب أي ح ال من األح وال‪ ،‬أن‬
‫المنط ق يس تمد قواع ده من اللغ ة‪ ،‬أو أن قواع ده م ا هي إال انعك اس للغ ة‬
‫اليونانية في طرق أدائها للمعاني‪ ،‬كم ا ه و ظ اهر من المن اظرة ال تي جمعت‬
‫بين اللغوي أبي سعيد الس يرافي والمنطقي م تى بن ي ونس س نة ‪326‬ه ‪ ،‬إذ ال‬
‫يخفى أن المنطق يتعامل أصالة مع المعاني وكيفية تول دها في ذهن اإلنس ان‪،‬‬
‫فالمنطق أريد له أن يكون ميزانا يوزن به الفكر‪ ،‬أما اللغة فتتعامل أصالة م ع‬
‫األلفاظ من حيث داللته ا على المع اني‪ ،‬وال تهتم أساس ا ً بكيفي ة الوص ول إلى‬
‫هذا المعنى في نفس اإلنسان‪.‬‬
‫إن اللغة آلة ضرورية إليصال كل المعارف والعلوم دون اس تثناء‪،‬‬
‫فالمنطق من هذه الجهة ال يختلف عن باقي العلوم‪ ،‬يقول الش ريف الجرج اني‬
‫في حاشيته على تحرير القواعد المنطقية للقطب الرازي ‪ ":‬فالمنطقي إذا أراد‬

‫‪54‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الداللة اللفظية‬

‫أن يعلم غيره مجهوالً تصوريا ً أو تصديقا ً بالقول الشارح أو الحجة‪ ،‬فال بد ل ه‬
‫هن اك من األلف اظ ليمكن ه ذل ك‪ ،‬وأم ا إذا أراد أن يحص ل ه و لنفس ه أح د‬
‫المجهولين بأحد الطريقين‪ ،‬فليس األلفاظ هناك أمراً ضرورياً‪ ،‬إذ يمكنه تعق ل‬
‫المعاني مج ردة عن األلف اظ لكن ه عس ير ج داً‪ ،‬وذل ك ألن النفس ق د تع ودت‬
‫مالحظة المعاني من األلف اظ‪ ،‬بحيث إذا أرادت أن تتعق ل المع اني وتالحظه ا‬
‫تتخي ل األلف اظ وتنتق ل منه ا إلى المع اني‪ ،‬ول و أرادت تعق ل المع اني حزم ة‬
‫صعب عليها ذلك صعوبة تامة كما يشهد به الرجوع إلى الوجدان‪".‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف الداللة‪:‬‬
‫الداللة لغة الهداية والتسديد إلى الشيء‪ ،‬أما اصطالحا فهي فهم أمر‬
‫من أمر‪ ،‬كداللة إشارات المرور على معان مختلفة‪.‬‬
‫ومث ال ذل ك‪ :‬إش ارة من ع التوق ف ت دل على مع نى من ع التوق ف‪،‬‬
‫فاإلشارة دال ومنع التوقف مدلول‪ ،‬أو كداللة المخلوق ات بش تى أنواعه ا على‬
‫وجود الخالق‪ ،‬فالمخلوق ات دال ووج ود المخل وق مــدلول‪ ،‬وه ذا مع نى ق ول‬
‫األعرابي وقد سئُل عن دليل وجود هللا‪ ,‬فقال ‪:‬البعرة تدل على البع ير‪ ،‬واألث ر‬
‫ير‪،‬‬ ‫دل على المس‬ ‫ي‬
‫فسماء ذات أبراج‪ ،‬وأرض ذات فج اج‪ ،‬أال ت دل على العليم الخب ير؟ فس بحان‬
‫هللا‪.‬‬
‫وهكذا تمت موجودات إذا ما حصلت في ذهن اإلنس ان‪ ،‬انتق ل ذهن‬
‫اإلنسان إلى تصور موجود آخر‪ ،‬فإن ك ان ال دال لفظ ا‪ ،‬فالدالل ة لفظي ة‪ ،‬وإال‬
‫غير لفظي ة‪ ،‬على أن التالزم بين ال دال والم دلول‪ ،‬في الدالل ة اللفظي ة وغ ير‬
‫اللفظية‪ ،‬منشؤه العالقة بين الموجود األول والموج ود الث اني‪ ،‬وه ذه العالق ة‬
‫تارة تكون واقعية تكوينية‪ ،‬وتارة تكون بحسب طب ع اإلنس ان‪ ،‬وت ارة أخ ري‬
‫تكون بحسب وض ع الواض ع‪ ،‬وألج ل ه ذا قس مت الدالل ة إلى لفظي ة وغ ير‬
‫لفظية‪ ،‬وكل منهما إلى عقلية وطبيعية ووضعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أقسام الداللة‪:‬‬
‫تنقسم الداللة إلى قسمين‪:‬‬

‫‪54‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الداللة اللفظية‬

‫‪-1‬داللـة لفظيـة‪ :‬كداللة اإلنسان على الحيوان الناطق‪ ،‬أو داللة لفظ‬
‫الس يارة على الم ركب الميك انيكي المع روف عن دنا‪ ،‬وهي تنقس م إلى ثالث ة‬
‫أقسام‪:‬‬
‫أ‪ -‬داللة لفظية عقلية – ضروريةـ ‪ : -‬كداللة المتكلم على أنه‬
‫حي‪.‬‬
‫ب‪ -‬داللة لفظية عادية‪-‬طبيعية‪: -‬كداللة األنين على الوجع‪،‬‬
‫أو كداللة السعال على مرض الصدر‪.‬‬
‫ج‪-‬داللة لفظية وضعية – عرفية ‪ : -‬وهي داللة األلفاظ على‬
‫معانيها‪ ،‬كداللة لفظ الحاسوب على المعنى الموضوع له‪ ،‬وهي اآللة الحاس بة‬
‫المكونة من الشاشة ولوحة المفاتيح والوحدة المركزية‪.‬‬
‫‪-2‬داللـة غير لفظية‪ :‬كداللة العلم الجزائري على دولة الجزائر‪،‬‬
‫وداللة االحمرار على الخجل أو الحياء‪ ،‬وهي تنقسم إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫أ‪ -‬داللة غير لفظية عقلية –ضرورية‪-‬ـ‪ :‬كداللة األثر على‬
‫المؤثر‪ ،‬أو داللة البناء على الباني‪.‬‬
‫ب‪ -‬داللة غير لفظية عادية‪ -‬طبيعية‪: -‬كداللة االكتئاب على‬
‫الهم والحزن‪.‬‬
‫ج‪ -‬داللة غير لفظية وضعية‪ -‬عرفية‪ : -‬كداللة المحراب في‬
‫المسجد على جهة القبلة‪.‬‬
‫* المعت بر في علم المنط ق من ه ذه ال دالالت الداللـــة اللفظيـــة‬
‫الوضعية‪ ،‬النضباطها ولكونها أس هل من غيره ا وأكثره ا نفع ا‪ ،‬فاللف ظ ي دل‬
‫على المحس وس والمعق ول مع ا‪ ،‬ف إن ق ال قائ ل ط ائرة‪ ،‬دل ه ذا اللف ظ على‬
‫المعنى المقصود بهذه الكلمة وهي المركب ة الق ادرة على الط يران‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت دل هذا اللفظ على طائرة البوينغ بمختلف أحجامه ا‪ ،‬وط ائرة اآلربص‬
‫بمختل ف أحجامه ا‪ ،‬وط ائرة الم يراج الحربي ة‪ ،‬وط ائرة المي غ والس خوي‬
‫وغيرها‪ ،‬فلفظة الطائرة دلت على المعقول والمحسوس‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أقسام الداللة اللفظية الوضعية‬

‫‪54‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الداللة اللفظية‬

‫الداللة اللفظية الوضعية هي‪ :‬جعل اللفظ بإزاء مع نى معين في لغ ة‬


‫من اللغات‪ ،‬وتنقسم الداللة اللفظية الوضعية إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬داللة المطابقة‪ :‬وهي داللة اللفظ على المعنى الموضوع له‬
‫بتمامه‪ ،‬كداللة لفظ الماء على تمام معناه الموضوع له‪ ،‬وهو السائل الش فاف‪،‬‬
‫أو كداللة لفظ الق رآن على م ا ه و موج ود بين دف تي المص حف من كالم هللا‬
‫المنزل على النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫إن المالحظ في هذا الداللة التوافق بين اللف ظ والمع نى‪ ،‬فلف ظ‬
‫الصالة وضعه الش ارع ب إزاء العب ادة البدني ة ذات األرك ان والش روط‪ ،‬ف إذا‬
‫أطلق لفظ الصالة وأريد ب ه ه ذا المع نى‪ ،‬فالدالل ة ههن ا دالل ة مطابق ة لتم ام‬
‫التوافق بين لفظ الصالة والمعنى الموضوع ب إزاء ه ذا اللف ظ‪ ،‬بخالف م ا إذا‬
‫أطلق لفظ الصالة وأريد به الرك وع مثال‪ ،‬ف إن الرك وع ليس ه و تم ام مع نى‬
‫لفظ الصالة‪ ،‬وإنما هو جزء من المعنى الكلي للصالة‪.‬‬
‫‪ -2‬داللة تضمن‪ :‬وهي داللة اللفظ على جزء المعنى الموضوع له‬
‫في ضمن الكل‪ ،‬كداللة لفظ الكت اب على الغالف‪ ،‬أو على األوراق‪ ،‬ف المعتبر‬
‫في داللة التضمن جزء المعنى الكلي ال تمامه‪ ،‬فالغالف جزء من الكتاب‪.‬‬
‫‪ -3‬داللة االلتزام‪ :‬وهي داللة اللفظ على معنى خارج عن معناه‪،‬‬
‫الزم لمعناه الموضوع له بتمامه‪ ،‬كداللة لفظ األربعة على الزوجية‪ ،‬فإن لف ظ‬
‫األربعة من حيث الوضع ال يدل إال على األربع‪ ،‬أما معنى الزوجية فمعنى ال‬
‫يدل عليه لفظ األربعة من حيث الوضع‪ ،‬بل ه و مع نى الزم لمع نى األربع ة‪،‬‬
‫فالمعتبر في داللة االلتزام انتقــال العقــل إلى المعــنى الالزم‪ ،‬ف إذا س معنا لف ظ‬
‫ثالثة نفهم معنى الثالثة بالمطابقة‪ ،‬ونفهم معنى الفردية بالعقل‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫َداَل لَـةُ اللَّ ْف ِ‬


‫ـظ َعلَى َما َوافَقَ ْه * يَ ْدعُـونَـ َها َدالَلَـةَ ال ُمطَـابَقَـ ْه‬
‫َض ُّمنًا َو َمــــــــا لَـــــــ ِز ْم * فَ ْهـ َو التِـ َزا ٌم إِنْ بِ َع ْقـ ٍل التُـ ِز ْم‬ ‫َو ُج ْ‬
‫ــــزئِــــ ِه ت َ‬
‫* أكثر المناطقة على أن دالل ة التض من ودالل ة االل تزام وض عيتان‪،‬‬
‫باعتبار أصالة الوضع ‪ ،‬إذ لوال الوضع لما فهمنا الج زء في دالل ة المطابق ة‪،‬‬
‫ولما فهمنا الالزم في داللة االلتزام‪ ،‬إذ ال يمكن إطالق ا وج ود لف ظ ي دل على‬
‫معناه التزاما أو تضمنا‪ ،‬بمعنى أن داللة المطابقة هي األص ل في نش أة دالل ة‬
‫‪54‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الداللة اللفظية‬

‫التض من ودالل ة االل تزام‪ ،‬وأم ا من ذهب منهم إلى أنهم ا عقليت ان فنظ ر إلى‬
‫الواس طة ال تي به ا نفهم الج زء والالزم وهي العق ل‪ ،‬ففي دالل ة المطابق ة ال‬
‫نحت اج إلى ض ميمة في إدراك المع نى الم راد من اللف ظ‪ ،‬بخالف التض من‬
‫واالل تزام ف إن ال ذهن يحت اج زي ادة على فهم المع نى الوض عي إلى ض ميمة‬
‫العقل‪.‬‬
‫* اللزوم هو ع دم انفك اك الالزم عن المل زوم‪ ،‬فه و به ذا المع نى ع دم‬
‫تخل ف ش يء عن ش يء‪ ،‬ف إذا قلن ا‪( :‬أ>ب)و(ب>ج) يل زم (أ>ج) فكلم ا‬
‫استحضرنا الملزوم وه و‪( :‬أ>ب)و(ب>ج) فإنن ا نستحض ر في عقلن ا الالزم‬
‫وهو(أ>ج)‪ ،‬وهو ينقسم أي اللزوم إلى‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬الزم ذهنا ً وخارجاً‪ ،‬كقابل العلم‪ ،‬وصنعة الكتابة لإلنسان‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الزم خارجا ً فقط‪ ،‬كسواد الغراب والزنجي‪ ،‬وإنما لم يكن ذهنيا ً‬
‫أيضا ً ألن العقل ال يحي ُل غرابا ً أبيض‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬الزم ذهنا ً فق ط‪ ،‬فإن ه ال يمكن أن يتص ور العمى في ال ذهن إال‬
‫ويتصور معه البصر‪ ،‬وهما في الخارج متنافيان‪ ،‬وهو إما‪:‬‬
‫‪-‬بين بالمعنى األخص‪ :‬وهو الذي يكفي في الج زم بلزوم ه تص ور‬
‫الملزوم كالزوجية لالثنين‪.‬‬
‫‪-‬بين بالمعنى األعم‪ :‬ما يكون تصور الملزوم والالزم كافيا ً في الجزم‬
‫بلزومه‪.‬‬
‫* المعتبر عند المناطقة في داللة االلتزام اللزوم الذهني‪ ،‬وهو عدم‬
‫انفكاك المعنى الالزم عن المعنى الملزوم‪ ،‬كمعنى الزوجية الالزمة عن معنى‬
‫األربع ة ال تي دل عليه ا اللف ظ‪ ،‬فكلم ا فهم مع نى األربع ة فهم مع ه مع نى‬
‫الزوجية‪ ،‬فال يمكن عقال الفصل بين المعنيين‪ ،‬أم ا عن د األص وليين ف المعتبر‬
‫عندهم في داللة االلتزام اللزوم مطلقا سواء أكان لزوما ذهنيا أو أك ان لزوم ا‬
‫خارجيا كسواد الغ راب مثال‪ ،‬ف إن مع نى الس واد مع نى الزم لمع نى الغ راب‬
‫الذي دل عليه اللفظ بالمطابقة‪ ،‬وال يمكن تصور غراب بدون سواد في الواقع‬
‫الخارجي‪ ،‬أما في الذهن فيمكن تصور غراب أبيض‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الداللة اللفظية‬

‫‪54‬‬
‫ال ُميسر في قواعد النظر‬
‫تقسيمات األلفاظ‬

‫تقسيمات األلفاظ‬

‫إن اللفظ الدال على معناه يتضح مما سبق ذك ره في تقس يم الدالل ة‬
‫اللفظية الوضعية‪:‬‬
‫* أن داللة المطابقة هي األصل في داللة اللفظ على المعنى‪.‬‬
‫* أن داللة التضمن وداللة االلتزام تابعتان لداللة المطابقة‪.‬‬
‫فكل ما يثبت للفظ بداللة التضمن وااللتزام‪ ،‬فقد ثبت له بداللة‬
‫المطابقة‪ ،‬وليس العكس‪:‬‬
‫فلفظ اإلنسان يدل‪:‬‬
‫‪ -‬بالمطابقة على الحيوان الناطق‪.‬‬
‫‪ -‬بالتضمن يدل على الحيوان ‪.‬‬
‫‪ -‬بااللتزام يدل على الضحك‪.‬‬
‫إن معنى الحيوان ومعنى الضحك‪ ،‬معنيان مندرجان تحت المع نى‬
‫ال ذي دل علي ه اللف ظ بالمطابق ة‪ ،‬فال يمكن تص ور دالل ة التض من ودالل ة‬
‫االلتزام إال في إطار داللة المطابقة‪ ،‬في حين يمكن تصور دالل ة المطابق ة‬
‫بدون داللة التضمن وبدون داللة االلتزام‪ ،‬وإذا تقرر هذا األم ر ف إن اللف ظ‬
‫الدال بالمطابقة على معناه قد‪:‬‬
‫أوال‪ -‬اللفظ المفرد‪ :‬هو الذي ال يدل جزءه على ج زء معن اه دالل ة مقص ودة‪،‬‬
‫مثل لفظ‪ :‬الصالة‪ ،‬التيمم‪ ،‬العام‪ ،‬المطلق‪ ،‬اآلحاد‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬ف إن أي واح د‬
‫من هذه األلفاظ ال يدل جزءه على جزء معناه الموضوع له‪.‬‬
‫والقاعدة في المفرد عند المناطقة أن كل لفظ ال تريد أن تدل بجزء‬
‫منه على جزء معناه فهــو مفــرد وإن كــان مركبا‪ ،‬كلفظ أص ول الفق ه علم‬
‫لفن مخصوص‪ ،‬فإنه إذا أطلق وأريد به العلم المخصوص‪ ،‬فهو مف رد وإن‬
‫كان مركبا من كلمتين أصول وفقه‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ال ُميسر في قواعد النظر‬
‫تقسيمات األلفاظ‬

‫ثانيا‪ -‬اللفظ المركب‪ :‬وهو الذي يدل جزءه على جزء معناه دالل ة مقص ودة‪،‬‬
‫مثل قولهم جامعة وهران‪ ،‬فإن ك ل ج زء من أج زاء ه ذا ال تركيب ي دل على‬
‫جزء معناه داللة مقصودة‪ ،‬فلفظة جامعة تدل على المك ان المخص ص للتعليم‬
‫العالي‪ ،‬ولفظة وهران تدل على المدينة الموجودة بالجزائر شمال إفريقيا‪.‬‬
‫وعلى العموم القاعدة في المركب عند المناطقة أن كل لفظ تريد أن تدل‬
‫بجزء منه على جزء معناه فهو مركب‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ــــــــــــب َوإِ َّمـا‬
‫ٌ‬ ‫وج ُد * إِ َّمـا ُمـ َر َّك‬ ‫ث يُ َ‬ ‫ستَ ْع َم ُـل األَلفَ ِ‬
‫اظ َح ْي ُ‬ ‫ُم ْ‬
‫ُمفـــــــــــــــــــْـ َر ُد‬

‫فَـــــــأ َ َّو ٌل َمـــــــــــا َد َّل ُجــــــز ُؤهُ َعلَــى * ُجـ ُز ِء َم ْعنَــــــــاهُ‬


‫س َمـا تــَــــــالَ‬‫بِ َعـ ْك ِ‬
‫ــــــــي َح ْي ُ‬
‫ث‬ ‫ُّ‬ ‫س َم ْي ِن أَ ْعنِي ال ُم ْف َردَا * ُكلِّـــ ٌّي أو ُج ْ‬
‫ـزئِ‬ ‫َوه َْو َعلَى قِ ْ‬
‫ُو ِجـدَا‬

‫الخبر واإلنشاء‬
‫ينقسم اللفظ المركب إلى تام وناقص‪ ،‬والمركب التام هو الجملة ال تي‬
‫يحسن السكوت عليها‪ ،‬بخالف الناقص‪ ،‬وعلى العموم المركب التام ينقسم إلى‬
‫قسمين‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬إنشــاء‪ :‬وه و م ا ال يحتم ل الص دق والك ذب لذات ه‪ ،‬ك األمر والنهي‬
‫والدعاء واالستفهام والتمني والترجي والنداء‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الخبر‪ :‬وهو ما يحتمل الصدق والكذب لذاته‪ ،‬مثل جاء زيد‪.‬‬
‫والغرض من تقسيم اللفظ المركب إلى خبر وإنشاء‪ ،‬بيان أن المنطقي ال‬
‫يبحث إال في الخبر‪ ،‬ألن اإلنشاء ال يمكن وصفه بالصدق أو الكذب‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫ال ُميسر في قواعد النظر‬
‫تقسيمات األلفاظ‬

‫بـــــــــــ ُر * َوأَ َّو ٌل ثَـاَل ثَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــةٌ‬


‫َ‬ ‫ب أَ ْو َخ‬
‫َواللَّ ْفـــظُ إِ َّمـــا طَلَ ٌ‬
‫ست ُْـذ َكــ ُر‬
‫َ‬
‫سـا ِوي فَا ْلتِ َم ٌ‬
‫ـاس َوقَـ َعا‬ ‫أَ ْمـ ٌر َم َع ا ْ‬
‫ستِ ْعالَ َو َع ْك ُ‬
‫سهُ ُدعَا * َوفِي التَّ َ‬

‫‪57‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكلي والجزئي‬

‫الكلي والجزئي‬

‫إن الخوض في دالالت األلف اظ عن د المناطق ة وم ا يس تتبعها من‬


‫تقس يم األلف اظ إلى مف رد وم ركب ثم المف رد إلى كلي وج زئي‪ ،‬إنم ا قص د‬
‫للوصول إلى الكليات الخمس التي هي مبادئ التصورات‪ ،‬والتي عليها م دار‬
‫األقوال الشــارحة‪ ،‬فالكليات هي األوص اف المعتم دة عن د المناطق ة في بي ان‬
‫حقائق األشياء‪ ،‬ومثال ذلك قولهم في بيان حقيقة اإلنسان‪:‬‬
‫اإلنسان حيوان ناطق أي أن حقيقة اإلنسان مركبة من صفة‬
‫الحيوان وصفة الناطق‪ ،‬فصفة الحيوان هي حقيق ة يش ترك فيه ا اإلنس ان م ع‬
‫غ يره ممن تتحق ق فيهم ص فة الحيواني ة كاألس د والف رس والجم ل مثال‪ ،‬أم ا‬
‫ص فة الن اطق فحقيق ة يتم يز به ا اإلنس ان عن ب اقي أف راد حقيق ة الحي وان‪،‬‬
‫والمالحظ في هذه الصفات أنها معان تنطبق على أفراد كث يرين‪ ،‬وإذا اتض ح‬
‫هذا األمر‪ ،‬ينقسم المفرد بالنظر إلى معناه إلى قسمين‪:‬‬
‫أوال‪ -‬كلــي‪ :‬ه و المفه وم ال ذي يص دق معن اه على أف راد كث يرين‪،‬‬
‫كالسيارة فإن مفهومها يصدق على أفراد كثيرة‪ ،‬وال يخص هذا المعنى سيارة‬
‫بعينها‪ ،‬بل يصدق على أي س يارة‪ ،‬وه ذا ال ذي يس ميه األص وليون ب المطلق‬
‫وهو اللفظ الدال على معنى ش ائع في أف راد جنس ه‪ ،‬كقول ه تع الى‪ ":‬فتحريــر‬
‫رقبــة" فالرقبة في ه ذه اآلي ة لف ظ يص دق معن اه على أي رقب ة‪ ،‬وال يختص‬
‫برقبة بعينها‪ ،‬فالعبرة في الكلي المعنى الذهني بصرف النظر عن مشخص اته‬
‫الخارجية‪.‬‬
‫وج دير بال ذكر أن الع برة في الكلي قابلي ة ص دق مفهوم ه على‬
‫كثيرين‪ ،‬ولو كان له في الواقع إال مص داق واح د‪ ،‬ك واجب الوج ود وه و هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬فهو كلي وإن له يكن له في الواقع إال مصداق واحد‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الجزئي‪ :‬هو المفه وم ال ذي يص دق معن اه على واح د بعين ه‪،‬‬
‫كلفظ صالة العصر فإنها ت دل على ش يء واح د بعين ه ال تش ترك مع ه أف راد‬
‫أخرى‪ ،‬فالعبرة في الجزئي تشخصه ووجوده في الخارج‪ ،‬ومن قبيل الج زئي‬
‫المعارف‪ ،‬والنكرات في سياق النفي‪ ،‬اللفظ الع ام‪ ،‬ألن الع ام وإن ص دق على‬
‫أفراد كثيرين‪ ،‬إال أن العبرة فيه التشخص الخارجي‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكلي والجزئي‬

‫مالحظة‪ :‬الجزئي ال يبحث فيه علماء المنطق‪ ،‬وإنم ا يبحث ون في‬


‫الكليات ألنها مبادئ القول الشارح‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫س َم ْي ِن أَ ْعنِي ال ُم ْف َردَا * ُكلِّـ ٌّي أو ُج ْ‬
‫ـزئِ ُّي َح ْي ُ‬
‫ث ُو ِجـدَا‬ ‫َو ْه َو َعلَى قِ ْ‬
‫ـــــــــــــــي * َكـأ َ َ‬
‫سـ ٍد‬ ‫ُّ‬ ‫فَ ُم ْفـــــــــــــــــــ ِه ُم اشْـتِ َر ٍ‬
‫اك الـ ُكلِّ‬
‫الج ْ‬
‫ــزئِ ُّي‬ ‫ســـــــــــــــهُ ُ‬ ‫َو َع ْكـ ُ‬
‫مالحظة‬
‫تصور كلي‪ :‬الكلي هو ما ال يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه‪ ،‬فالكلي‬
‫عبارة عن معنى عام يصدق على كثيرين‪ ،‬كقولن ا مع رض الكت اب‪ ،‬فالكت اب‬
‫هاهنا مع نى ع ام يص دق على ك ل م ا يتحق ق في ه مع نى الكت اب‪ ،‬فه و ليس‬
‫قاصرا على كت اب بعين ه ال من حيث موض وع الكت اب وال من حيث عن وان‬
‫الكت اب‪ ،‬ب ل مع نى الكت اب مفه وم كلي يص دق على ك ل الكتب ال تي طبعت‬
‫والتي لم تطبع‪ ،‬والكتب التي ألفت والتي لم تؤلف وهكذا‪ ...‬وعليه فإن تص ور‬
‫الكلي هو حصول الصورة الكلية في الذهن وهي التي اصطلح المناطق ة على‬
‫تسميتها بالمعقوالت‪ ،‬وهي تنقسم إلى ما يلي‪:‬‬
‫* معقوالت أولى‪ :‬هي الصور الكلية أي المعاني الكلية المباشرة‬
‫لألش ياء في ال ذهن‪ ،‬أو ق ل هي ماهي ات األش ياء‪ ،‬إذا ف المقوالت تس اوي‬
‫المعقوالت األولية‪ ،‬وتساوي الماهيات‪ ،‬وهي المعاني الكلية التي يتلقاها الذهن‬
‫مباشرة من الواقع‪ ،‬كمعنى الكتاب الكلي الموجود في الذهن‪ ،‬ومع نى الس يارة‬
‫الكلي‪ ،‬ومع نى الجامع ة الكلي‪ ،‬ومع نى الم درج الكلي‪ ،‬ف إن ه ذه الكلي ات‬
‫وغيرها‪ ،‬صور انتزعها العقل من الصور الحس ية بع د عملي ة التجري د ال تي‬
‫شرحناها في كيفية اإلدراك‪.‬‬
‫فل وال وج ود الص ورة الحس ية لم ا أمكنن ا إنش اء معق ول أول أي‬
‫مفهوم كلي في الذهن‪ ،‬ف المعقوالت األولى له ا وج ود في ال دهن ووج ود في‬
‫الخارج‪ ،‬وبعبارة أخرى إن ما في ذهن االنسان وما في الخارج هو أمر واحد‬
‫حيث الماهيةُ‪ ،‬ف إن ماهي ة االنس ان ال تي في الخ ارج مثالً هي نفس‬
‫ُ‬ ‫متحد من‬
‫ماهية االنسان ال تي في ال ذهن‪ ،‬وإن ك انت ماهي ة االنس ان ال تي في الخ ارج‬

‫‪62‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكلي والجزئي‬

‫متلبس ة بوج ود خ ارجي وماهي ة االنس ان ال تي في ال ذهن متلبس ة ب الوجود‬


‫الذهني‪.‬‬
‫* معقوالت ثانية منطقية‪:‬ـ هي صفات وأحوال للمعقوالت األولية‪،‬‬
‫ولذلك نقول‪ :‬إن المعق والت الثاني ة منتزع ة من المعق والت األولي ة‪ ،‬ومع نى‬
‫كونها مجموعة أوصاف وأحوال للمعق والت األولي ة أنن ا ل و الحظن ا مفه وم‬
‫الكتاب الكلي فه و معق ول أولي‪ ،‬أي ماهي ة الكت اب في ال ذهن معق ول أولي‪،‬‬
‫ولكن اتصاف الكتاب بكونه كلياً‪ ،‬فه ذه الكلي ة أي مفهوم ا أو وص فها معق ول‬
‫ثان‪ ،‬وله ذا نق ول المعق والت الثاني ة لم تؤخ ذ من الخ ارج‪ ،‬بينم ا المعق والت‬
‫األولية مأخوذة من الخارج مباشرة‪ ،‬وكالهما مفاهيم كلية ‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫كل المفاهيم المنطقية كالكلية والجزئية والجنس‪ ،‬هي معقوالت ثانية اخترعها‬
‫العقل ولم يأخذها من الخارج‪ ،‬ومادام أن ه ذه المعق والت ليس ت م أخودة من‬
‫الخ ارج ب ل هي م أخوذة من المعق والت األولي ة‪ ،‬فليس له ا مص اديق في‬
‫الخارج‪ ،‬كمفهوم الكلي ة ‪-‬وهي قابلي ة المفه وم على أن ينطب ق على مص اديق‬
‫كثيرة‪ -‬ال تي توص ف به ا المعق والت األولى‪ ،‬ال يمكن أن نج د ل ه أف رادا في‬
‫الخارج‪ ،‬إذ ك ل م ا ه و موج ود في الخ ارج متش خص بعين ه‪ ،‬ك ذلك مفه وم‬
‫الجزئية‪-‬وهي قابلية المفهوم على أن ينطبق على مصاديق كثيرة‪ -‬ال يمكن أن‬
‫نجد له أفرادا في الخارج‪ ،‬إذ كل ما هو موجود في الخارج متشخص بعينه‬
‫* معقوالت ثانية فلسفية‪ :‬وهي عبارة عن المفاهيم الفلسفيّة مثل العلّة‬
‫والمعلول والعلّيّة واإلمك ان واالمتن اع والوج وب وهك ذا ‪ ،‬وه ذه المعق والت‬
‫ألن تحص يلها ال يت ّم بواس طة م ا تعكس ه‬ ‫تختل ف عن المعق والت األوليّ ة ‪ّ ،‬‬
‫الحواس الى ال ذهن ‪ ،‬كم ا انّه ا ليس ت من المعق والت الثاني ة المنطقيّ ة ‪ّ ،‬‬
‫ألن‬
‫المعقوالت المنطقيّة ال يمكن أن يك ون له ا مص داق في الخ ارج ‪ ،‬فليس ث ّم ة‬
‫ش يء في الخ ارج يتّص ف به ا ‪ ،‬وأ ّم ا المعق والت الثاني ة الفلس فيّة فيمكن أن‬
‫تتّصف بها األعيان الخارجيّة ‪ ،‬فيقال ‪ :‬هذه النار علّ ة وه ذه الح رارة معل ول‬
‫ان زي دا‬‫كما يقال ‪ :‬بين ه ذه الن ار وه ذه الح رارة علّيّ ة ومعلوليّ ة ‪ ،‬ويق ال ‪ّ :‬‬
‫ان اتّص اف الن ار‬‫وان هللا ج ّل وعال واجب الوج ود ‪ ،‬وواض ح ّ‬ ‫ممكن الوجود ّ‬
‫بالعلّة والحرارة بالمعلول انّما هو الخارج وأ ّما مفهوم النار فليس علّة لوج ود‬
‫الحرارة‪.‬‬
‫ان المعق والت الفلس فيّة توج د في الخ ارج إالّ ّ‬
‫ان‬ ‫وبه ذا يتّض ح ّ‬
‫ان وجودها ليس‬‫إدراكها ال يت ّم بواسطة الحسّ ال الظاهري وال الباطني ‪ ،‬كما ّ‬

‫‪62‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكلي والجزئي‬

‫ان وجوده ا في الخ ارج يع ني‬ ‫من جنس الماهيّات الموجودة في الخ ارج ب ل ّ‬
‫وان اتّصاف األعيان الخارجيّ ة به ا يك ون في‬ ‫انّها صفات لألعيان الخارجيّة ّ‬
‫ظرف الخارج ‪ ،‬فليس لها وجود في مقابل األعيان الخارجيّ ة يمكن أن يش ار‬
‫إلي ه باس تقالله كم ا يش ار الى الش جر والحج ر ‪ ،‬فالعليّ ة والمعلوليّ ة وهك ذا‬
‫اإلمكان والوجوب صفات واقعيّة تتّص ف به ا األعي ان الخارجيّ ة في ظ رف‬
‫ان ه ذه‬‫الخارج وليس لها وجود في عرض وجود هذه األشياء الخارجيّ ة ب ل ّ‬
‫األعيان الخارجيّة إ ّما أن تكون علّة أو تكون معلوال كما قد تك ون واجب ة وق د‬
‫تكون ممكنة ‪ ،‬وليس ث ّمة مفهوم فلسفي ال يك ون منطبق ه ش يئا من الوج ودات‬
‫الخارجيّة ‪ ،‬وهذا ما يميّزها عن المعق والت الثاني ة المنطقيّ ة وال تي ال يك ون‬
‫ان اتّص اف المعق والت األوليّ ة‬ ‫واحدا منها منطبقا على الخارج أص ال ‪ ،‬كم ا ّ‬
‫بها ال يكون إالّ في ظرف الذهن‪.‬‬
‫ينقس م الكلي كم ا س بق بيان ه من ذي قب ل‪ ،‬في بي ان كيفي ة حص ول‬
‫عملي ة اإلدراك إلى كلي منطقي وه و المعق ول الث اني المنطقي‪ ،‬وإلى كلي‬
‫عقلي‪ ،‬وكالهما موجود في الذهن‪ ،‬فلو قلنا اإلنسان كلي‪ ،‬فقد أسندنا الكلي إلى‬
‫اإلنسان‪ ،‬فلو نظرنا إلى صفة الكلي المسندة إلى اإلنسان‪ ،‬وهي المفه وم ال ذي‬
‫ال يمتنع فرضه صدقه على كثيرين‬
‫المراد الوجود نفس الحقيقة العينية الخارجية‬

‫‪62‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكليات الـ×ـمـس‬

‫الذاتي والعرضي‬

‫إن لكل شيء حقيقة في الواقع‪ ،‬وحقيقة الشيء ما به يك ون‪ ،‬ويقاب ل‬


‫ه ذه الحقيق ة في العق ل الماهي ة وهي الص ورة الذهني ة‪ ،‬وه ذا م ا يع بر عن ه‬
‫بأص الة الوج ود واعتباري ة الماهي ة‪ ،‬والب د من التأكي د في ه ذا المق ام أن‬
‫المنطقي ال يبحث في حقائق األشياء من حيث وجودها الخــارجي وتشخصــها‬
‫المادي‪ ،‬وإنما يبحث في ماهية األشياء من حيث وجودها الـــذهني‪ ،‬فالذي يهم‬
‫المنطقي ما يدل على الماهية العقلية من أوصاف‪ ،‬هي جزء منها أو أوص اف‬
‫خارج ة عنه ا‪ ،‬مالزم ة له ا تميزه ا عن غيره ا‪ ،‬ه ذه األوص اف هي ال تي‬
‫يس ميها المناطق ة بالكليــات الخمس المعتم دة في بي ان الحق ائق والماهي ات‪،‬‬
‫ومثال ذلك أن يقال في بيان حقيقة الصالة‪:‬‬
‫هي التعبد هلل بنية بأقوال وأفعال معلومة مفتتحةـ بالتكبير‬
‫ومختتمةـ بالتسليم بشرائط مخصوصـة‪.‬‬
‫الصالة عن د الفقه اء حقيقته ا عب ارة عن أوص اف‪ ،‬أي كلي ات‬
‫بلغة المناطقة‪ ،‬تميزها عن غيرها من الحقائق الشرعية‪:‬‬
‫* صفة (كلي) التعبد بالنية تمييزا لها عن العادات‪.‬‬
‫* ص فة (كلي) األق وال واألفع ال المعلوم ة‪ ،‬كق راءة الفاتح ة والرك وع‬
‫والسجود‪ ،‬تمييزا لها عن باقي العبادات المشروعة كعبادة الحج‪.‬‬
‫* صفة (كلي) االفتت اح ب التكبير واالختت ام بالتس ليم‪ ،‬تمي يزا للص الة عن‬
‫باقي العبادات األخرى كالصيام مثال‪.‬‬
‫فهذه األوصاف( الكليــات) ال تي ذكره ا الفقه اء في تعري ف الص الة‪،‬‬
‫تبين حقيقة الصالة وتميزها عن غيرها من العبادات األخ رى‪ ،‬وهي أي ه ذه‬
‫الصفات صفات ذاتية أي هي أجزاء تندرج تحت ماهية الصالة‪ ،‬إذ ل وال ه ذه‬
‫األجزاء لما قامت للصالة قائمة ولتعذر وجودها‪ ،‬فمن ترك قراءة الفاتح ة فال‬
‫صالة له‪ ،‬وكذا من ترك النية أو ترك الركوع‪ ،‬فال يعتبر مصليا‪ ،‬ه ذا بخالف‬
‫الشروط المخصوص ة ك دخول ال وقت والطه ارة البدني ة والمكاني ة فهي وإن‬
‫توقفت عليه ا الص الة‪ ،‬إال أنه ا ليس ت ج زءا من ماهي ة الص الة وإن ك انت‬
‫مالزمة لها‪ ،‬فهي صفات عارضة‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكليات الـ×ـمـس‬

‫ومن هنا قسم المناطقة الكلي باعتبار اندراجه أو عدم اندراجه في‬
‫الحقيقة إلى قسمين‪:‬‬
‫أوال‪ -‬الكلي الــذاتي‪ :‬هو م ا ال تعق ل الماهي ة إال ب ه‪ ،‬س واء ان درج في‬
‫الماهية( الجنس‪ ،‬الفصل)‪ ،‬أو كان تم ام الماهي ة (النــوع)‪ ،‬وعلى ه ذا يش مل‬
‫الكلي الذاتي ثالثة من الكليات‪:‬‬
‫‪ -1‬الجنس‪ :‬وهو ما يصدق على كثيرين مختلفين بالحقيقة‪،‬‬
‫ويقع في جواب ما هو‪.‬‬
‫ف الجنس كلي باعتب ار أن معن اه يص دق على أف راد كث يرين‪ ،‬أي ال‬
‫يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه‪ ،‬وهذا حال جميع الكلي ات الخمس‪ ،‬إال أن‬
‫هذا الذي يصدق عليهم المعنى‪ ،‬مختلفون من حيث حقيقتهم ومن األمثل ة على‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫* الحيوان فإن معناه يصدق على اإلنسان والفرس والفيل‪...‬إال أن‬
‫حقيق ة اإلنس ان غيره ا حقيق ة الف رس‪ ،‬وحقيق ة الف رس غيره ا حقيق ة الفي ل‬
‫وهكذا‪ ...‬وعلى هذا األساس‪ ،‬الجنس قدر مشترك بين أفراد كثيرين حقــائقهم‬
‫مختلفة‪ ،‬فالحيوانية هو األمر الج امع بين اإلنس ان والف رس والفي ل وغ يرهم‬
‫من الحيوانات األخرى‪.‬‬
‫* خطاب هللا تعالى فإن معن اه يص دق على الحكم الش رعي‪ ،‬وعلى‬
‫القصص القرآني‪ ،‬وعلى وصف الجنة والنار‪ ...‬إال أن حقيق ة الحكم الش رعي‬
‫غيرها حقيقة القصص القرآني‪ ،‬وحقيقة القصص القرآني غيرها حقيقة أخب ار‬
‫الجنة والنار‪ ،‬إال أن الق در المش ترك بين ه ذه الحق ائق كونه ا من خط اب هللا‬
‫تع الى‪ ،‬فهي كالم هللا الموج ه للغ ير‪ ،‬فق د يك ون ه ذا الغ ير المكل ف كقول ه‬
‫تعالى‪":‬وأقيموا الصالة" وهو الحكم الش رعي بقس ميه التكليفي والوض عي‪،‬‬
‫وقد يكون الغير جمادا‪ ،‬كقوله تعالى‪":‬وقال لها وللسماء اتيا طوعا أو كرها"‬
‫وينقسم الجنس إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬جنس قريب‪ :‬وهو ما ال جنس تحته بالنسبة إلى الماهية المراد تعريفها ب ه‪،‬‬
‫بل يكون تحته األنوع‪ ،‬كالحيوان ال جنس تحته‪ ،‬وإنما تحته األن واع ك الفرس‬
‫واألسد والدئب‪...‬‬

‫‪73‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكليات الـ×ـمـس‬

‫ب‪ -‬جنس بعيد‪ :‬وهو ما ال جنس فوقه بل تحته أجن اس‪ ،‬ك الجوهر ليس فوق ه‬
‫جنس‪ ،‬بل تحته أجناس وهي الجسم والنامي والحيوان‪.‬‬
‫ج‪ -‬جنس متوسطـ‪ :‬وه و م ا فوق ه جنس وتحت ه أجن اس‪ ،‬كالن امي ف إن تحت ه‬
‫أجناسا وهي‪ :‬شجر‪ ،‬وزرع‪ ،‬وحي وان‪ ،‬وفوق ه أجن اس أعلى من ه‪ ،‬ف إن فوق ه‬
‫الجسم المطلق وفوق الجسم المطلق الجوهر‪.‬‬
‫‪ -2‬النوع‪ :‬وهو ما يصدق على كثيرين متفقين بالحقيقة‪ ،‬ويقع‬
‫في جواب ما هو‪.‬‬
‫فالنوع كلي باعتبار أن معناه يصدق على كثيرين‪ ،‬إال أن هذا الذي‬
‫يصدق عليهم المعنى‪ ،‬متفقون في الحقيقة‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫* اإلنســان فإن معن اه يص دق على زي د وعم ر وك ريم وغ يرهم‪،‬‬
‫فالحقيق ة المنطبق ة على زي د هي نفس ها المنطبق ة على عم ر‪ ،‬هي نفس ها‬
‫المنطبقة على كريم وهكذا‪...‬‬
‫* الصالة‪ :‬فإن معناه ا يص دق على ص الة الص بح‪ ،‬وعلى ص الة‬
‫الظه ر‪ ،‬وعلى ص الة العص ر‪ ،‬وعلى ص الة المغ رب‪ ،‬فحقيق ة الص الة‬
‫الموجودة في صالة الصبح هي نفسها الموجودة في صالة الظهر وهكذا‪.‬‬
‫‪-3‬الفصل‪ :‬وهو ما يصدق على كثيرين متفقين بالحقيقة‪ ،‬ويقع في‬
‫جواب أي شيء يميز الماهية ويكون مندرجا في ذاتياتها‪.‬‬
‫فالفصل كلي باعتبار أن معناه يصدق على كثيرين متفقين في‬
‫الحقيقة‪ ،‬إال أن ه ذا المع نى م ع كون ه ج زء من الماهي ة يم يز الماهي ة عن‬
‫غيرها‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫* ناطق بالنسبة لإلنس ان‪ ،‬ف إن معن اه يص دق على كث يرين متفقين‬
‫بالحقيقة‪ ،‬فمع نى النط ق ج زء من ماهي ة اإلنس ان‪ ،‬وه ذا المع نى يم يز ه ذه‬
‫الماهية عن غيرها‪ ،‬فإذا قيل أي شيء يميز اإلنسان عن غيره ويكون مندرجا‬
‫في حقيقته‪ ،‬كان الجواب أن الذي يميز اإلنسان عن غ يره من الحيوان ات ه و‬
‫كونه ناطقا‪.‬‬
‫* تكبيرة اإلحــرام والتســليم بالنسبة للص الة‪ ،‬ف إن معناه ا يص دق‬
‫على كثيرين متفقين بالحقيقة‪ ،‬فتكبيرة اإلحرام جزء من ماهي ة ص الة الظه ر‬

‫‪73‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكليات الـ×ـمـس‬

‫وجزء من ماهية صالة العصر‪ ...‬وهذا المعنى وهو تكبيرة اإلحرام والتسليم‪،‬‬
‫يم يز الص الة عن ب اقي أن واع العب ادات األخ رى‪ ،‬ف إذا قي ل أي ش يء يم يز‬
‫الصالة عن باقي العب ادات كالص يام والحج والزك اة‪ ،‬ك ان الج واب أن ال ذي‬
‫يميز الصالة عن غيرها من العبادات تكبيرة اإلحرام والتسليم‪.‬‬
‫ينقسم الفصل إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬الفصل القريب‪ :‬هو ما يميّز الشيء عما يشاركه في جنسه القريب‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫* اإلنسان جنسه القريب عليه هو الحيوان‪ ،‬والفرس واألسد والفيل‬
‫ونحوها تشترك مع اإلنسان في الحيوانية‪ ،‬والشيء الذي يم يز اإلنس ان عنه ا‬
‫هو الناطق‪ ،‬فهذا يسمى فصال قريبا‪ ،‬ألنه فصل اإلنسان عن بقية األنواع التي‬
‫تشترك معه في الجنس القريب الذي هو الحيوان‪.‬‬
‫* التيمم جنسه القريب الطهارة‪ ،‬والوضوء والغسل يشتركان معه‬
‫في الطهارة‪ ،‬والش يء ال ذي يم يز ال تيمم عنهم ا ه و أنه ا ترابي ة أي تحص ل‬
‫باستعمال التراب‪ ،‬فهذا يسمى فصال قريبا‪ ،‬ألنه فصل التيمم عم ا يش اركه في‬
‫جنسه القريب الذي هو الطهارة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الفصل البعيد‪ :‬هو ما يميّز الشيء عما يشاركه في جنسه البعيد‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫* اإلنسان جنسه البعيد عليه هو الجسم النامي‪ ،‬والنباتات تشترك‬
‫مع اإلنسان في الجسم النامي‪ ،‬والشيء الذي يميّز اإلنسان عنها هو الحساس‪،‬‬
‫ألن النباتات غير حساسة‪ ،‬فهذا يسمى فصال بعيدا‪ ،‬ألن ه فص ل اإلنس ان عم ا‬
‫يشاركه في جنسه البعيد الذي هو الجسم النامي‪.‬‬
‫* التيمم جنسه البعيد العبادة‪ ،‬والصالة والزكاة والصوم والحج‬
‫تشاركه في العبادة‪ ،‬والشيء الذي يميز التيمم عنها ه و زوال المن ع الم ترتب‬
‫على الحدث والنجس‪ ،‬فهذا هو ما يفصل التيمم عن تلك العبادات‪ ،‬ه ذا يس مى‬
‫فصال بعيدا ألنه فصل التيمم عما يشاركه في جنسه البعيد الذي هو العبادة‪.‬‬
‫مما سبق بيانه يمكن القول أن ما يميز الفصل القريب عن الفصل‬
‫البعيد‪:‬‬
‫أن الفصل القريب هو الفصل الذي يميزه عن كل مشاركاته في‬
‫الجنس‪ ،‬بينم ا الفصـــــل البعيد ال يم يزه عن ك ل مش اركاته ب ل عن‬

‫‪73‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكليات الـ×ـمـس‬

‫بعضها‪،‬كالناطق فإنه يميز اإلنسان تماما عن كل ما يش اركه‪ ،‬بينم ا الحس اس‬


‫ال يميز اإلنسان عن الفرس واألس د ب ل يم يزه عن النب ات‪ ،‬أي هو يم يز عن‬
‫البعض بينما القريب يميز عن الكل‪.‬‬
‫أن الفصل القريب يكون أقرب فصل إلى الشيء‪ ،‬ولهذا يميزه‬
‫تماما‪ ،‬بينما الفصل البعيد هنالك ما هو أقرب منه للشيء ولذا ال يميزه تماما‪.‬‬
‫‪ -2‬الكلي العرضي‪ :‬هو ما ال تعقل الماهية إال به‪ ،‬وكان خارجا عنها‪،‬‬
‫وعلى هذا يشمل الكلي العرضي كليتين‪:‬‬
‫أ‪ -‬الخاصة‪ :‬وهي ما يصدق على كثيرين متفقين في الحقيقة‪،‬‬
‫ويقع في جواب أي شيء يميز الماهية‪ ،‬ويكون من درجا في عرض ياتها‪ ،‬ومن‬
‫األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫* الضحك بالنسبة لإلنسان‪ ،‬فإن معناه يصدق على كثيرين متفقين‬
‫بالحقيقة‪ ،‬فمعنى الضحك خ ارج عن ماهي ة اإلنس ان‪ ،‬لكن ه مالزم له ا‪ ،‬وه ذا‬
‫المعنى وهو الضحك وإن ك ان خ ارج الماهي ة فإن ه يم يز اإلنس ان عن ب اقي‬
‫أنواع الحيوان كالفرس أو األس د النتف اء ص فة الض حك عنه ا‪ ،‬ف إذا قي ل أي‬
‫شيء يميز اإلنسان عن غ يره من الحي وان وليس ج زء من ماهيت ه‪ ،‬الج واب‬
‫الذي يميز اإلنسان عن غيره من الحيوان الضحك‪.‬‬
‫* الطهــارة المكانية بالنس بة للص الة‪ ،‬ف إن معناه ا يص دق على‬
‫كثيرين متفقين بالحقيقة‪ ،‬فمعنى الطه ارة المكاني ة خ ارج عن ماهي ة الص الة‬
‫لكنه مالزم لها‪ ،‬إذ ال تتحقق الصالة إال بها‪ ،‬فالطهارة المكاني ة تم يز الص الة‬
‫عن باقي العبادات األخرى كالزكاة مثال‪ ،‬فإذا قيل أي شيء يميز الص الة عن‬
‫باقي أنواع العبادة األخرى وليس جزءا من ماهيته‪ ،‬كان الج واب ال ذي يم يز‬
‫الصالة عن غيرها الطهارة المكانية‪.‬‬
‫ب‪-‬العرض العام‪ :‬وهو ما يصدق على كثيرين متفقين في‬
‫الحقيق ة‪ ،‬وليس مختص ا بالماهي ة‪ ،‬وال يق ع في الج واب أص ال‪ ،‬ومن األمثل ة‬
‫على ذلك‪:‬‬
‫* المشي بالنسبة لإلنسان فإنه وإن كان ج زء من ماهي ة اإلنس ان‪،‬‬
‫إال أنه ال يختص به‪ ،‬بل يوجد في غيره من أنواع جنسه‪ ،‬كالفرس واألسد‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكليات الـ×ـمـس‬

‫* النية بالنسبة للصالة‪ ،‬فإنها وإن كانت جزء من ماهي ة الص الة‪،‬‬
‫إال أنه ا ال تختص بالص الة‪ ،‬ب ل هي موج ودة في ب اقي أن واع العب ادات‬
‫األخرى‪ ،‬كالحج مثال أو الصيام‪.‬‬

‫قال صاحب السلم‪:‬‬


‫سـ ْبهُ أَ ْو‬
‫ت إِنْ فِيهـــــــــــــَا ا ْن َد َر ْج * فَا ْن ُ‬
‫لذا ِ‬ ‫َوأَ َّوالً لِ َّ‬
‫ض إ َذا َخـ َر ْج‬‫لِ َعــــــــــــــــــــا ِر ٍ‬
‫ض نَ ْو ٌ‬
‫ع‬ ‫س َوفَ ْ‬
‫ـص ٌل َع َر ٌ‬ ‫سةٌ دُونَ ا ْنتِقَ ْ‬
‫اص * ِج ْن ٌ‬ ‫َوال ُكلِّيَاتُ َخ ْم َ‬
‫اص‬‫َو َخ ْ‬
‫يـــــــــــب‬
‫ٌ‬ ‫ـس قَ ِر‬ ‫َوأَ َّو ٌل ثَاَل ثَـــــــــةٌ بِـالَ َ‬
‫شطَــــــــــــــــــــــــ ْط * ِج ْن ٌ‬
‫أَ ْو بَ ِعيـ ٌد أَ ْو َو َ‬
‫س ْط‬
‫الفرق بين ال\اتي والعرضي‬

‫الحمل وأنواعه‬

‫‪73‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الكليات الـ×ـمـس‬

‫مما الشك فيه أن معرفة الحمل وأنواع ه‪ ،‬من أهم األبح اث في‬
‫علم المنطق‪ ،‬إذ عليها يتوقف فهم كثير من مباحث علم الكمنطق بل العلوم‬
‫األخرى‪ ،‬قد اتض ح مم ا س بق ذك ره أن الكلي ات الخمس هي المحم والت‬
‫على موضوعاتها‪ ،‬فالكلي المحمول على موض وعه‪ ،‬إم ا أن يك ون داخال‬
‫في ماهية الموضوع‪ ،‬وإما أن يكون خارج ا عنه ا‪ ،‬وعلي ه ف الكلي إم ا أن‬
‫يكون ذاتيا‪ ،‬وإما أن يكون عرضيا‪.‬‬
‫تعريف الحمل‪ :‬هو االتح اد بين ش يئين‪ ،‬فكأنم ا حكمن ا باتح اد الموض وع‬
‫والمحمول خارجا‪ ،‬وه ذا ال يع ني أنهم ا ش يء واح د‪ ،‬إلذ يس تحيل حم ل‬
‫الشيء على نفسه‪ ،‬مما يستدعي وجود جهة مغايرة بينهما‪ ،‬ليكونا شيئين‪.‬‬
‫ومن هنا قرر علماء المنط ق أن فائ دة الحم ل مرهون ة بتحق ق‬
‫ش رط االتح اد من جه ة والمغ ايرة من جه ة أخ رى‪ ،‬وإال ك ان من حم ل‬
‫الشيء على نفسه‪ ،‬إذ الشيء ال يغاير نفسه‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫نسبة األلفاظ للمعاني‬

‫النسب في دائرة األلفاظ والمعاني‬


‫قاطيغورياس‬
‫لأللفاظ عند المناطقة‪ ،‬من حيث النظر إلى معناها وما ينطبق عليه‬
‫هذا المعنى‪ ،‬اعتباران‪:‬‬
‫االعتبار األول‪ :‬المعنى الذهني الذي يثيره اللف ظ في األذه ان‪ ،‬وهو المفهــوم‪،‬‬
‫كقولنا األسد‪ ،‬فهو لفظ له معنى ذهني وهو ذلك الحيوان المفترس‪.‬‬
‫االعتبار الثاني‪ :‬األفراد التي ينطبق عليها المفهوم الذهني ال ذي يث يره اللف ظ‪،‬‬
‫وهو الماصدق‪ ،‬كقولنا اإلنسان‪ ،‬فإن معنى هذا اللفظ وهو الحيوانية والناطقي ة‬
‫ينطبق على أفراد كثيرين‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فالجزئي وهو ما ال يمكن تصور الشركة فيه‪،‬‬
‫يتطابق فيه المفهوم مع الماصدق‪ ،‬فقولنا مكة لفظ يثير في الذهن صورة مك ة‬
‫التي نعرفها‪ ،‬وهذا المفهوم هو نفس ه الماصــدق وه و مك ة البل د الح رام‪ ،‬أم ا‬
‫الكلي وهو ما يمكن تصور الشركة فيه‪ ،‬فيثير في الذهن الص فات الجوهري ة‪،‬‬
‫ال تي يش ترك فيه ا أف راده وهي ماصــدقاته‪ ،‬فقولن ا بالد لف ظ يث ير في ال ذهن‬
‫مفهوما كليا‪ ،‬وهي تلك البقعة من األرض ذات الح دود الجغرافي ة المعلوم ة‪،‬‬
‫وه ذا المفه وم ينطب ق على ك ل البق ع األرض ية ذات الح دود الجغرافي ة‬
‫المعلومة‪ ،‬بصرف النظر عن الصفات الخاصة بكل بلد‪ ،‬فما يوج د في فرنس ا‬
‫من صفات خاصة يختلف قطعا عما يوجد في ألمانيا من صفات خاص ة‪ ،‬لكن‬
‫الص فات األساس ية للبالد موج ودة في ك ل من فرنس ا وألماني ا وغيره ا من‬
‫البلدان األخرى‪ ،‬فلفظ البلد بهذا يصدق على فرنسا وغيرها من البلدان‪.‬‬
‫ي أتي الح ديث عن المفهــوم والماصــدق في المب احث المنطقي ة‪،‬‬
‫تمهيدا لبيان النسب بين المع اني‪ ،‬ومحاول ة إدراك أوج ه العالق ات المتع ددة‪،‬‬
‫التي قد تربط هذه المعاني من تداخل أو تباين أو تناقض أو اشتراك‪ ،‬على أن ه‬
‫البد من التأكيد في هذا المقام‪ ،‬أن اهتمام المناطقة باأللف اظ إنم ا ه و من حيث‬
‫أنه ا حمال ة للمع اني‪ ،‬باعتب ار أن األلف اظ هي وس يلتنا للتعب ير عن أفكارن ا‬
‫واس تدالالتنا واس تنتاجاتنا‪ ،‬ومن هن ا أض حى التمي يز بين مختل ف النس ب‪،‬‬
‫وإدراك طبيعة العالقات بين المعاني‪ ،‬عامال أساسا في ضمان سالمة التفكير‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫نسبة األلفاظ للمعاني‬

‫والمالحظ في تعداد المناطقة للنسب بين اللف ظ والمع نى‪ ،‬أن البحث‬
‫فيها قد يقع مع غض النظر عن وجود األفراد أي المص اديق في الخ ارج‪ ،‬أو‬
‫عدم وجودها‪ ،‬ومع غض النظر عن كونها متباينة أو متداخلة‪ ،‬أو كون النسبة‬
‫بينها العموم المطلق أو من وجه‪ ،‬وق د يق ع البحث في النس ب بمالحظ ة ذل ك‬
‫كله‪.‬‬
‫أوال‪ :‬النسب بين اللفظ والمعنى باعتبار المفهوم‪:‬‬
‫‪ -1‬الترادف‪ :‬وهو اشتراك األلفاظ المتعددة في معنى واحد أي المفه وم‪ ،‬من‬
‫جه ة دالل ة ك ل منه ا على مع نى واح د‪ ،‬ففي ال ترادف يتع دد اللفظ‪ ،‬ويتح د‬
‫المع نى‪ ،‬مث ل ب ر وقمح‪ ،‬اللفظ ان مختلف ان والمع نى واح د‪ ،‬ومث ل المن دوب‬
‫والمستحب‪ ،‬اللفظان مختلفان والمعنى واحد‪ ،‬وهو ما طلب الشارع فعل ه على‬
‫غير وجه الحتم واإللزام‪.‬‬
‫‪ -2‬التباين‪ :‬وهو أن يك ون لك ل لف ظ مع نى مختص ب ه‪ ،‬بص رف النظ ر عن‬
‫المصاديق‪ ،‬ف المعتبر في التب اين بمعن اه األعم تك ثر المع اني بتك ثر األلف اظ‪،‬‬
‫كالسيف والصارم‪ ،‬فالصارف ه و الس يف الق اطع‪ ،‬أم ا الس يف فه و الحدي دة‬
‫الطويلة فقد تكون قاطع ة وق د ال تك ون قاطع ة‪ ،‬ومن هن ا ف إن الس يف مب اين‬
‫للصارم‪ ،‬باعتبار اختصاص السيف بمعنى يباين مع نى الص ارم‪ ،‬في حين إذا‬
‫نظرنا إلى ما يصدق عليه مفهوم السيف من أفراد‪ ،‬س وف نج د أن الص ارف‬
‫هو أحد أفراد السيف‪ ،‬فكل صارم سيف وليس كل س يف ص ارم‪ ،‬وله ذا ك ان‬
‫المعتبر في التباين بالمعنى األعم المفهوم بصرف النظر عن المصاديق‪.‬‬
‫اتضح فيما س بق أن التب اين في األلف اظ‪ ،‬إنم ا يك ون باعتب ار تع دد‬
‫وتغير المعاني‪ ،‬فالتباين للمعاني أوال وبالــذات‪ ،‬وأللفاظهــا الموضــوعة ثانيــا‬
‫وبالعرض‪ ،‬وه ذا التب اين بين مع اني األلف اظ‪ ،‬ت ارة يك ون بنح و الثمات ل‪ ،‬إن‬
‫لوحظ فيهما‪ ،‬اشتراكهما في حقيقة واحدة‪ ،‬وأخرى بنح و التخ الف‪ ،‬إن لوح ظ‬
‫فيهما أنهما متغايران‪ ،‬دون مالحظة جهة اشتراكهما‪ ،‬وثالثة بنحو التقاب ل‪ ،‬إن‬
‫لم يشتركا في حقيق ة واح دة‪ ،‬وكان ا من المع اني ال تي ال يمكن أن تجتم ع في‬
‫محل واحد في زمن واحد‪.‬‬
‫أ‪ -‬التماثل‪:‬هو اشتراك المعنيين المتغايرين في حقيقة واح دة‪ ،‬بم ا هم ا‬
‫مشتركان‪ ،‬أي مع مالحظة جهة االش تراك‪ ،‬كعم ر وزي د‪ ،‬اس مين لشخص ين‬
‫مشتركين في حقيقة واحدة‪ ،‬وهي اإلنسانية‪ ،‬هذا إذا لوحظ في عمر وزيد ه ذه‬

‫‪82‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫نسبة األلفاظ للمعاني‬

‫الحقيق ة‪ ،‬أم ا إذا لم نالح ظ جه ة االش تراك‪ ،‬فهم ا من قبي ل المتخالف ان‪ ،‬كم ا‬
‫س يأتي بيان ه‪ ،‬على أن ه يجب التنب ه إلى أن جه ة االش تراك بين المعن يين إن‬
‫كانت‪:‬‬
‫* في النوع‪ ،‬بأن كان المعنيان فردين من نوع واحد‪ ،‬كان االشتراك‬
‫تماثال‪.‬‬
‫* في الجنس كاإلنسان والفرس‪ ،‬كان التماثل تجانسا‪.‬‬
‫* في الكم أي في المقدار‪ ،‬كأن يقال هذا الخط مثل هذا الخط في‬
‫الطول‪ ،‬كان االشتراك تساويا‪.‬‬
‫* في الكيف والهيئة‪،‬ـ كأن يقال هذا الجسم حار وذاك الجسم حار‪،‬‬
‫كان االشتراك تشابها‪.‬‬
‫ب‪ -‬التخالف‪ :‬هو التغاير بين المعنيين‪ ،‬من حيث هما متغ ايران‪ ،‬أي م ع‬
‫مالحظة جهة التغاير بينهما‪ ،‬دون مالحظة جهة االش تراك بينهم ا‪ ،‬كاإلنس ان‬
‫فإن ه مخ الف للف رس‪ ،‬فحقيق ة اإلنس انية غيره ا حقيق ة الفرس ية‪ ،‬فهم ا به ذا‬
‫االعتبار مختلفان‪ ،‬مع أنهما متفقان في حقيقة الحيوانية‪.‬‬
‫ج‪ -‬التقابل‪ :‬هو التنافر بين المعنيين‪ ،‬واستحالة اجتمعهما في محل واحد‪،‬‬
‫من جهة واحدة‪ ،‬في زمان واحد‪ ،‬كالسواد والبياض‪ ،‬يس تحيل اجتماعهم ا في‬
‫مح ل واح د‪ ،‬ك األبوة والبن وة‪ ،‬إذ يس تحيل على اإلنس ان أن يك ون أب ا وابن ا‬
‫لشخص واحد‪ ،‬أو كالبرودة والحرارة‪ ،‬إذ يستحيل أن يكون الماء باردا وحارا‬
‫في آن واحد‪ ،‬وعلى هذا األساس يمكن تقسيم التقابل إلى‪:‬‬
‫* النقيضان‪ :‬وهما أمران وجودي وعدمي‪ ،‬ونقيض الشيء رفعه‪،‬‬
‫فنقيض وجود اإلنسان ال إنسان‪ ،‬ونقيض وجود السماء ال السماء‪ ،‬والنقيض ان‬
‫ال يجتمع ان وال يرتفع ان مع ا‪ ،‬وال واس طة بينهم ا‪ ،‬فالتن اقض ع دم إمك ان‬
‫اجتماعهما معا‪ ،‬وعدم إمكان ارتفاعهما معا‪ ،‬فالبد من وجود أح دهما وانتف اء‬
‫اآلخر‪،‬كالوجود والعدم فهما معني ان متناقض ان‪ ،‬إذ ال يمكن للش يء أن يك ون‬
‫موجود ومعدوما في آن واح د‪ ،‬كم ا أن ه ال يمكن للش يء أن ال يك ون مج ودا‬
‫ومعدوما في آن واحد‪ ،‬فإما أن يكون الشيء موجودا‪ ،‬وإما أن يكون مع دوما‪،‬‬
‫فم تى ثبت أح دهما انتفى اآلخ ر‪ ،‬كالبص ر وال بص ر‪ ،‬والمش ي وال مش ي‬
‫والضحك وال ضحك‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫نسبة األلفاظ للمعاني‬

‫* الملكة وعدمها‪ :‬وهما أمران وجودي وعدمي‪ ،‬إال أنهما يفترقان‬


‫عن التناقض‪ ،‬في اش تراط قابلي ة الموض وع لالتص اف بالملك ة أو ب الوجود‪،‬‬
‫كالبص ر والعمي‪ ،‬ف إن البص ر ملك ة والعمى ع دمها‪ ،‬في من ش أنه أن يك ون‬
‫بص يرا‪ ،‬ف العمى ليس ه و ع دم البص ر مطلق ا‪ ،‬ف الحجر يص دق علي ه ع دم‬
‫البصر‪ ،‬لكن ال يص دق علي ه العمى‪ ،‬لع دم قابليت ه االتص اف بالبص ر‪ ،‬وك ذا‬
‫الغزربة ال تقال إال في موضع يصح في ه ال زواج‪ ،‬فالعزوب ة ليس ت هي ع دم‬
‫الزواج مطلقا‪ ،‬بل هي عدم الزواج في من شأنه أن يتزوج‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس فالملكة وعدمها‪ ،‬ليس كالنقيض ين ال يرتفع ان‬
‫وال يجتمعان‪ ،‬بل هما يرتفعان في موضع ال تصح في ه الملك ة‪ ،‬ك الحجر مثال‬
‫ال يص دق علي ه البص ر والعمى‪ ،‬وال يجتمع ان كاس تحالة اجتم اع العزوب ة‬
‫والزواج في اإلنسان‪ ،‬فإما أن يكون اإلنسان عازبا وإما أن يكون متزوجا‪.‬‬
‫* الضدان‪ :‬أمران وجوديان‪ ،‬متعاقبان على محل واحد‪ ،‬كالبياض‬
‫والس واد‪ ،‬فهم ا ص فتان تعرض ان على جس م واح د‪ ،‬فالبي اض يع رض على‬
‫الجسم ثم ي زول‪ ،‬ويع رض علي ه األس ود‪ ،‬والض دان ال يجتمع ان‪ ،‬كاس تحالة‬
‫اجتماع البرودة والحرارة في محل واحد‪ ،‬وقد يرتفع ان‪ ،‬فق د ال يك ون الجس م‬
‫أبيضا وال أسودا بل بنيا‪.‬‬
‫* المتضيفان‪ :‬أمران وجوديان‪ ،‬يتعقالن معا‪ ،‬كاألبوة والبنوة‪ ،‬فإذا‬
‫تعقلت أن هذا أب‪ ،‬فالبد أن تتعقل معه أنه له ابنا‪ ،‬وعلي ه فال يص ح أن يك ون‬
‫الش يء الواح د موض وعا‪ ،‬أو محال للمتض ايفين من جه ة واح دة‪ ،‬ك األبوة‬
‫والبنوة‪ ،‬فالشخص الواحد ال يمكن أبا وابنا لشخص واحد‪ ،‬في حين يمكن لهذا‬
‫الشخص أن يكون أب ا لش خص‪ ،‬وابن ا لش خص آخ ر‪ ،‬وك ذا يق ال في الفوقي ة‬
‫والتحتية‪ ،‬والعلية والمعلولية‪.‬‬

‫اللفظان‬

‫متباينان‬ ‫مترادفان‬

‫‪82‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫نسبة األلفاظ للمعاني‬

‫متماثالن‬ ‫متخالفان‬ ‫متقابالن‬

‫المتضايفان‬ ‫عدم وملكة الضدان‬ ‫النقيضان‬


‫التمارين‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬النسب بين اللفظ والمعنى باعتبار المصداق‪:‬‬


‫‪ -‬التواطؤ‪ :‬وهي نسبة وج ود مع نى كلي في أف راده‪ ،‬ال تي يص دق عليه ا من‬
‫غير تفاوت بينها‪ ،‬مثل اإلنسان فإن أفراده متساوية في معنى اإلنس انية‪ ،‬وهي‬
‫الحيوانية والناطقية من غير تفاوت‪ ،‬أو مث ل رقب ة في قول ه تع الى "فتحريــر‬
‫رقبة" فإن أفراد الرقبة متساوية في معنى الرقبة من غير تفاوت‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫نسبة األلفاظ للمعاني‬

‫‪ -‬التشاكك‪ :‬وهي نسبة وجود مع نى كلي في أف راده‪ ،‬ال تي يص دق عليه ا من‬


‫غير تساو بينها‪ ،‬بل يتفاوت المعنى من فرد إلى فرد آخر‪ ،‬كالنور فإنه يتفاوت‬
‫في أفراده ق وة وض عفا‪ ،‬أو ك التحريم في األحك ام الش رعية فإن ه يتف اوت في‬
‫أف راده‪ ،‬ف التحريم في الزن ا أش د من التح ريم في الك ذب‪ ،‬ومن هن ا ف رقت‬
‫الشريعة بين الصغائر والكبائر‪.‬‬
‫‪ -‬التساوي‪ :‬وهي نسبة معنى إلى معنى آخر مخالف له في المفهوم مس او ل ه‬
‫في الماصدق‪ ،‬فكل منهما ينطبق على جميع ما ينطبق عليه اآلخر دون زي ادة‬
‫وال نقص ان‪ ،‬ك المؤمن والمس لم‪ ،‬فهم ا مختلف ان في المفه وم‪،‬ف المؤمن ه و‬
‫المصدق لما جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬والمسلم هو المستس لم لم ا‬
‫جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬إال أن كل من هو مسلم هو مؤمن‪ ،‬وكل‬
‫من هو مؤمن هو مس لم‪ ،‬فم ا يص دق علي ه الم ؤمن من أف راد‪ ،‬ه و نفس ه م ا‬
‫يصدق عليه المسلم من أفراد‪.‬‬
‫‪-‬التباين‪ :‬وهي نسبة معنى كلي إلى معنى آخر مخالف له في الماص دق‪ ،‬مث ل‬
‫اإلنسان والحجر‪ ،‬فمفه وم اإلنس ان ال ينطب ق على مص اديق مفه وم الحج ر‪،‬‬
‫وكذا مفهوم الحجر ال ينطبق على مصاديق مفهوم اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬العمــوم والخصــوص المطلــق‪ :‬وهي النس بة بين مع نى وبين مع نى آخ ر‬
‫مخالف في المفهوم‪ ،‬وذل ك من جه ة أن أح دهما ينطب ق على ك ل م ا ينطب ق‬
‫عليه اآلخر من أف راد دون عكس‪ ،‬ففي العم وم والخص وص المطل ق يجتم ع‬
‫مفهوم اللفظين في أفراد‪ ،‬وينفرد أحدهما وهو األعم في أف راد أخ رى‪ ،‬ومث ل‬
‫ذلك الحيوان واإلنسان‪ ،‬فالحيوان معنى كلي ينطبق على ك ل أف راد اإلنس ان‪،‬‬
‫فكل إنسان يقال له حيوان‪ ،‬ولكن الحيوان ينطبق على أف راد ال ينطب ق عليه ا‬
‫إنسان‪ ،‬كالغزال والطير‪.‬‬
‫‪ -‬العموم والخصوص من وجه‪ :‬وهي النسبة بين معنى كلي وبين مع نى كلي‬
‫آخ ر‪ ،‬من جه ة انطب اق ك ل منهم ا على بعض اف رد اآلخ ر‪ ،‬ففي العم وم‬
‫والخصوص من وجه‪ ،‬يجتمع مفهوم اللفظين في أفراد‪ ،‬وينفرد كل منهم ا في‬
‫أف راد أخ رى‪ ،‬وذل ك مث ل اإلنس ان واألبيض‪ ،‬فإنهم ا يجتمع ان في اإلنس ان‬
‫األبيض‪ ،‬وينف رد اإلنس ان في اإلنس ان األس ود‪ ،‬وينف رد األبيض في الثلج‬
‫والجير مثال‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫نسبة األلفاظ للمعاني‬

‫ـام بِـالَ‬
‫س ٍ‬ ‫سةُ أَ ْق َ‬
‫سبَةُـ األَ ْلفَـا ِظ لِ ْل َم َعـانِــــــي* َخ ْمـ َ‬
‫َونِ ْ‬
‫ــــــــــان‬
‫ِ‬ ‫نُ ْق َ‬
‫ص‬

‫ت ََواطُـ ٌؤ تَشَـا ُك ٌك ت ََخالُــــــــفُ * َوااِل شْـتِ َرا ُك َع ْكـ ُ‬


‫سهُ التَّ َ‬
‫ـرادُفُ‬

‫‪82‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الـ×ــبـر واإلنشاء‬

‫‪81‬‬
‫الكل ‪ -‬الكلي – الكلية –‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫الجزء ‪ -‬الجزئية‬

‫بيان الكل والكلية والجزء والجزئيةـ‬

‫المقصود من هذا المبحث بيان معاني هذه المص طلحات‪ ،‬ح تى ال‬
‫تشتبه علينا مع ما سبق بيانه من مصطلح الكلي والجزئي‪:‬‬
‫‪ -‬الكل‪ :‬هو الحكم على المجموع من حيث ه و مجم وع‪ ،‬فال يش مل الحكم في‬
‫الكل‪،‬كل فرد استقالال‪ ،‬ب ل الحكم ه و للهيئ ة االجتماعي ة‪ ،‬ومثال ه كــل الطلبــة‬
‫دخلــوا المــدرج‪ ،‬فال دخول ث ابت لمجم وع الطلب ة س واء دخل وا جميعهم أو‬
‫بعضهم‪ ،‬وعليه فالكل ههنا كل مجموعي‪.‬‬
‫‪ -‬الكلي‪ :‬عب ارة عن مع نى يص دق على كث يرين هم أف راده‪ ،‬كاإلنس ان فإن ه‬
‫معنى أو حقيقة ال تصدق على واح د مش خص بعين ه‪ ،‬ب ل هي حقيق ة تص دق‬
‫على أفرادها‪ ،‬فالمعتبر في الكلي الوجود الذهني الذي يصدق على كثيرين‪.‬‬
‫‪ -‬الكلية‪ :‬هي الحكم على جميع األفراد‪ ،‬كقوله تعالى" كــل من عليهــا فــان"‬
‫وعليه فإن الكل ههنا كل استغراقي شمولي‪.‬‬
‫‪ -‬الجزء‪ :‬وهو ما تركب منه ومن غيره كل‪ ،‬كأجزاء البيت التي تركب منها‪.‬‬
‫‪ -‬الجزئية‪:‬ـ هي الحكم على بعض أفراد‪ ،‬كقولهم بعض اإلنسان كاتب‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫ــس َذا ُوقُ ِ‬


‫ـوع‬ ‫وع * َكـ ُك ُّل َذاكَ لَ ْي َ‬
‫ال ُكـ ُّل ُح ْك ُمنَا َعلَى ال َم ْج ُم ِ‬
‫ـر ٍد ُح ِكـــــــــــــــــــ َما * فَـإِنَّـهُ‬‫َو َح ْيثُ َما لِ ُكـ ِّل فَ ْ‬
‫ُكلِّـيَّــــــــــــــــــــــــــةٌ قَــ ْد ُعلِـ َما‬

‫ـــــز ُء َم ْعـ ِرفَـتُـــــــــــــــــهُ‬


‫الج ْ‬ ‫الج ْزئِيَّ ْـه * َو ُ‬
‫ُـــو ُ‬
‫ضه َ‬‫الح ْكــــ ُم لِ ْلبَ ْع ِ‬
‫َو ُ‬
‫َجـلِـيَّ ْه‬

‫‪83‬‬
51
‫مقاصد التصورات‬
‫القول الشارح‬
‫أو‬
‫المعرفات‬
‫مقاصد‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصورات ‪ :‬القول الشارح‬

‫القول الشارح‬

‫سبق أن بينت أن مهمة المنطقي‪ ،‬هي بيان كيفية الوص ول إلى‬


‫المجهوالت التصورية والتصديقيةـ‪ ،‬وأن طريق الوصول إلى المجهوالت‬
‫التصورية‪ ،‬هو القول الشارح أو التعريف‪ ،‬ومن هنا اعتنى علماء المنطق‬
‫ببيان معاني األلفاظ‪ ،‬فالتعريف هو محاولة تحديد مراد المتكلم عندما يريد‬
‫أن ينقل معلوماته إلى الغير‪.‬‬
‫ومبحث المعرف ات أو الق ول الش ارح هدف ه ه و الوص ول إلى‬
‫بيان كيفية التعريف‪ ،‬بمعنى ما هي المعاني ال تي يجب أن نس تعملها ح تى‬
‫نعرف األشياء لنا ولغيرنا‪ ،‬وهذا أم ر نحتاج ه كث يرا في مختل ف العل وم‪،‬‬
‫فليست كل األمور بديهية التعريف ال تحتاج إلى قول شارح ي بين حقيقته ا‬
‫وماهيته ا‪ ،‬ب ل الكث ير من األم ور تحت اج إلى ق ول ش ارح ي بين حقيقته ا‬
‫وماهيتها‪ ،‬وعليه فإن القول الشارح هو‪:‬‬
‫مـــا يلـــزم من تصـــوره في الـــذهن‪ ،‬تصـــور المعـــرف بالكنـــه‬
‫والحقيقة‪ ،‬أو بوجه يميزه عن جميع ما عداه‪.‬‬
‫فالتعريف إذن هو الوصول إلى ماهية األشياء‪:‬‬
‫* إم ا من خالل معرف ة ص فاتها الذاتية‪ ،‬الجنس والفصل أو الفصـــل‬
‫لوحده‪ ،‬وهذا التعريف يسمى حدا‪.‬‬
‫*وإما من خالل تمييزها عن ما عــداها‪ ،‬من خالل صــفاتها العرضــية أي‬
‫الجنس القريب و الخاصة أو الخاصة فقط‪ ،‬و هذا التعريف يسمى رسما‪.‬‬
‫* وإما من خالل تفســيرـ اللفــظ الــذي خفي معنــاه‪ ،‬بلف ظ ظ اهر المع نى‪،‬‬
‫أشهر منه وأوضح‪ ،‬كتعريف الغضنفر باألسد‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪:‬‬
‫إذا أردنا أن نعرف الواجب عند األصوليين‪ ،‬ننظر في الصفات‬
‫التي يتكون منها الواجب‪ ،‬فنالحظ أن تمت صفات ذاتية تتألف منها حقيقة‬
‫ال واجب‪ ،‬وتمت صــفات عرضــيةـ خارجــة عن ماهيــة الــواجب‪ ،‬فتعري ف‬

‫‪95‬‬
‫مقاصد‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصورات ‪ :‬القول الشارح‬

‫ال واجب بص فاته الذاتي ة ه و تعري ف بالحد‪ ،‬وتعري ف ال واجب بص فاته‬


‫العارضة هو تعريف بالرسم‪ ،‬وعلى هذا األساس نقول في ‪:‬‬
‫حد الــواجب‪ :‬خطاب هللا تع الى المتعل ق بأفع ال المكلفين على وج ه الحتم‬
‫واإللزام‪.‬‬
‫رسم الواجب‪ :‬ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه‪.‬‬
‫ووجه الفرق بين حد الواجب ورسمه‪:‬‬
‫* أن الحــد أخــذنا فيــه بعين االعتبــار‪ :‬الص فات الذاتية وهي األج زاء‬
‫المكونة لحقيقة الواجب‪ ،‬فصفة خطاب هللا تعالى المتعل ق بأفع ال المكلفين‬
‫جزء ال يتجزأ من حقيقة الواجب‪ ،‬وهذه الصفة الذاتية أي الجنس‪ ،‬يشترك‬
‫فيها الواجب م ع المن دوب والح رام والمك روه‪ ،‬وك ذلك ص فة على وج ه‬
‫الحتم واإللزام‪ ،‬فهي صفة ذاتية هي تمام حقيق ة ال واجب أي الفصل‪ ،‬إذ ال‬
‫يمكن تصور الواجب بدون صفة الحتم واإللزام‪.‬‬
‫* أن الرسم أخذنا فيه بعين االعتبــار‪ :‬الصفات العارض ة وهي الص فات‬
‫الخارج ة عن حقيق ة ال واجب‪ ،‬فص فة م ا يث اب على فعل ه غ ير مختص ة‬
‫بحقيقة الواجب‪ ،‬فقد يفعل الواجب وال يثاب على فعله‪ ،‬وه ذا في حال ة إذا‬
‫لم يستحضر المكلف نية التعبد واالمتثال‪ ،‬كمن رد األمانة إلى أهله ا وهي‬
‫من الواجب‪ ،‬لكن دون أن يستحضر نية التعبد واالمتثال ألم ر هللا تع الى‪،‬‬
‫وكذلك صفة ما يعاقب على تركه‪ ،‬فهي صفة غير مختصة بالواجب‪ ،‬فق د‬
‫ي ترك ال واجب وال يع اقب على ترك ه‪ ،‬لف وات ركن أو وج ود م انع‬
‫كالح ائض ت ترك الص الة وم ع ه ذا ال تع اقب على ال ترك‪ ،‬أو كفاق د‬
‫الطهورين عند المالكية يترك الصالة‪ ،‬أو إمكانية العف و من هللا‪ ،‬فق د يعف و‬
‫هللا عن تارك الواجب‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫مقاصد‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصورات ‪ :‬القول الشارح‬

‫أقسام الحد والرسم‬

‫ينقسم كل من الحد والرسم إلى تام وناقص‪:‬‬


‫أوال‪ -‬تعريف الحد التام‪ :‬هو ما كان بالجنس القريب والفصل القريب‪ ،‬مثاله‪:‬‬
‫* اإلنسان حيوان ناطق‪ ،‬فالحيوان جنس قريب لإلنسان‪ ،‬والن اطق‬
‫فصل ق ريب لإلنس ان يم يزه في ذات ه عم ا يش اركه في جنس ه الق ريب وه و‬
‫الحيوان‪.‬‬
‫* التيمم طهارة ترابية‪ ،‬فالعبادة جنس قريب للتيمم‪ ،‬والترابية‬
‫فص ل ق ريب لل تيمم يم يزه في ذات ه عم ا يش اركه في جنس ه الق ريب وه و‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬تعريف الحد الناقص‪ :‬هو ما كان بالفصل وح ده‪ ،‬أو بالفص ل الق ريب‬
‫والجنس البعيد‪ ،‬مثاله‪:‬‬
‫* العلة الشرعية هي المعرف للحكم‪ ،‬ف المعرف فص ل خ رج ب ه‬
‫التأثير في الحكم والباعث عليه‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬تعريف الرسم التام‪ :‬هو م ا ك ان ب الجنس الق ريب والخاص ة الالزم ة‪،‬‬
‫ومثاله‪:‬‬
‫* تعريف اإلنسان بأنه حيوان ضاحك‪ ،‬فالضاحك بالقوة خاصة‬
‫الزمة‪ ،‬بخالف الضاحك بالفعل خاصة مفارقة‪ ،‬فق د يض حك اإلنس ان وق د ال‬
‫يض حك‪ ،‬لكن ق وة الض حك وقابلي ة الض حك‪ ،‬وإن لم تكن ج زء من ماهي ة‬
‫اإلنسان‪ ،‬إال أنها صفة مالزمة له‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫مقاصد‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصورات ‪ :‬القول الشارح‬

‫رابعا ‪ -‬تعريــف الرســم النــاقص‪ :‬ه و م ا ك ان ب الجنس البعي د والخاص ة‪ ،‬أو‬


‫بالخاصة وحدها‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫تعريف اإلنسان بأنه جسم ضاحك أو كتعريف بالضاحك فقط‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫سـ ِم ٌّي َولَ ْف ِ‬


‫ـظ ٌّي‬ ‫ـرفٌ َعلَى ثَالَثَـ ٍة قُ ِ‬
‫ســـــــــــــــــــــ ْم * َحـ ٌّد َو َر ْ‬ ‫ُم َع ِّ‬
‫عُـلِـــــــــــ ْم‬

‫س َو َخـا َ‬
‫ص ٍة َم َعا‬ ‫ـل َوقَ َعا * ال َّر ْ‬
‫سـ ُم بِا ْل ِجـ ْن ِ‬ ‫ص ٍ‬‫س َوفَ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫الحـ ُّد بِا ْل ِج ْن ِ‬
‫ب َوقَـ َعــــا‬ ‫ص ٍل أَ ْو َمـ َعا * ِج ْنـ ٍ‬
‫س بَعيِــ ٍد الَ قَـ ِري ٍ‬ ‫الح ِّد بِفَ ْ‬
‫ـص َ‬‫َونَاقِ ُ‬
‫س أَ ْب َعـ ٍد قَ ِد ْ‬
‫ارتَبَ ْط‬ ‫اص ٍة فَقَـ ْط * أَ ْو َمـ َع ِج ْنـ ٍ‬
‫س ِم بِ َخ َ‬ ‫َونَاقِ ُ‬
‫ـص ال َّر ْ‬
‫يـف أَ ْ‬
‫ش َهـــــــ َرا‬ ‫ـظ ٍّي لَ َد ْي ِه ْم شُـهـــــــــــــــ ِ َرا * تَ ْبـ ِديـ ُل لَ ْفـ ٍظ بِ َر ِد ٍ‬
‫َو َمـا بِلَ ْف ِ‬

‫شروط التعريف‬

‫يشترط في التعريف المنطقي الذي يبين ماهية المعرف ويوض حها‬


‫ستة شروط‪:‬‬
‫‪ -‬الشرط األول‪ :‬أن يكون مطردا منعكسا‬

‫‪95‬‬
‫مقاصد‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصورات ‪ :‬القول الشارح‬

‫وذلك بأن يكون التعريف جامع ا لجمي ع أف راد المع رف‪ ،‬مانع ا من‬
‫دخول أفراد أخرى غير أفراد المعرف‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫* تعري ف الوق ف عن د الحنفي ة بأنه‪ ":‬حبس المملــوك عن التمليــك من‬
‫الغير"‬
‫‪ -‬اعترض على هذا التعريف أنه غير مانع‪ ،‬وذلك ألن لفظ (المملوك) ال وارد‬
‫في التعريف لفظ عام‪ ،‬يشمل كل ممل وك س واء ك ان عق ارا أو منق وال‪ ،‬وأب و‬
‫حنيفة رحمه هللا ال يرى صحة وقف المنقول‪.‬‬
‫‪ -‬اعترض على هذا التعريف أنه غير جامع ألنه جعل ملكية العين باقي ة على‬
‫ملك الواقف‪ ،‬يرد عليها (وقف المسجد) فإنه وقف على ملك هللا تعالى‪.‬‬
‫* تعريف االحتياط بأنه ‪" :‬اتقاء ما غيره خير منه عند ذلك المحتاط"‬
‫‪ -‬اع ترض على ه ذا التعري ف بأن ه غــير جــامع ألن ه حص ر االحتي اط في‬
‫الخ روج من الخالف‪ ،‬وذل ك ال يع دو أن يك ون ص ورة من ص ور االحتي اط‬
‫الكثيرة‪.‬‬

‫‪ -‬الشرط الثاني‪ :‬أن يكون التعريف أظهر من المعرف‬


‫وذلك بأن تكون ألفاظ التعريف ظاهرة واضحة‪ ،‬فإن كانت مساوية‬
‫للمعرف فال يجوز‪ ،‬ومن باب أولى أن تكون ألفاظ التعريف أقل وض وحا من‬
‫المعرف‪ ،‬ومثال ذلك‪:‬‬
‫*تعري ف الم اء بأن ه ذرتـــان من الهي ــدروجين وذرة واح ــدة من‬
‫األكسجين‪.‬‬
‫‪ -‬فألفاظ التعريف أوضح من المعرف وهو الماء‪ ،‬بخالف لو عرفنا الماء بأنه‬
‫سائل‪ ،‬فلفظ سائل أقل وضوحا من الماء‪.‬‬
‫* تعريف الواجب بأنه ما أوجبه هللا تعالى على عباده‪.‬‬
‫‪ -‬فألف اظ ه ذا التعري ف مس اوية للمع رف في معناه ا‪ ،‬بخالف م ا إذا عرفن ا‬
‫الواجب بأنه مــا طلب الشــارع فعلــه من المكلــف‪ ،‬على وجــه الحتم واإللــزام‪.‬‬
‫فإن ألفاظ هذا التعريف األصولي أوضح من الواجب‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫مقاصد‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصورات ‪ :‬القول الشارح‬

‫‪ -‬الشرط الثالث‪ :‬أن ال يكون في ألفاظ التعريف لفظ مجزي أو لفظ مشترك‪.‬‬
‫وذلك ب أن ال تك ون في ألف اظ التعري ف ألف اظ مجازي ة‪ ،‬ألن اللف ظ‬
‫المجازي ي دل على غ ير م ا وض ع ل ه‪ ،‬وك ذلك اللف ظ المش ترك فإن ه وض ع‬
‫لمعنيين اثنين وضعا مستقال‪ ،‬والمبتغي في التعريف إيض اح المع رف وبيان ه‬
‫بأقوى األلفاظ‪ ،‬ومن تم ال يصلح اس تعمال المج از و المش ترك في التعري ف‪،‬‬
‫لإليه ام واإلبه ام‪ ،‬اللهم إال إذا وج دت قرين ة تعين المع نى الم راد‪ ،‬فال م انع‬
‫عن دها من اس تعمال المج از والمش ترك في التعري ف‪ ،‬النتف اء‬
‫المحضور‪،‬ومثاله‪:‬‬
‫* تعريف بعضهم األم ر بأنه‪ :‬صــيغة " افعــل " بشــرط أن تكــون‬
‫معهــا إيــرادات ثالث ( إرادة وجــود اللفــظ‪ ،‬وإرادة داللــة اللفــظ على األمــر‪،‬‬
‫وإرادة االمتثال‪.‬‬
‫فالقيد األول‪ :‬أعني إرادة وجود اللفظ‪ ،‬احتراز عن قول النائم ‪.‬‬
‫والقيد الثاني‪ :‬أي إرادة داللة اللفظ على األمر‪ ،‬احتراز عن التهديد وغيره ‪.‬‬
‫والقيد الثالث‪ :‬أي إرادة االمتثال‪ ،‬احتراز عن قول المبلغ ‪.‬‬
‫اعترض على هذا التعريف بأنه إن كان المراد باألمر المذكور في‬
‫الحد‪ ،‬اللفظ فسد التعريف‪ ،‬لقوله وإرادة داللتها على األمر‪ ،‬إذ الصيغة لم ت رد‬
‫داللتها على اللفظ‪ ،‬وإن كان المراد من األمر المذكور في الحد المعنى‪ ،‬فس د‬
‫التعريف أيضا‪ ،‬لقوله األمر صيغة " افعل "‪ ،‬ف إن الص يغة لف ظ واللف ظ ال‬
‫يستقيم تفسيره بالمعنى‪ ،‬ف إن قي ل لم ال يج وز أن يك ون الم راد ب األمر األول‬
‫اللفظ‪ ،‬وه و مفس ر بالص يغة‪ ،‬وب األمر الث اني المع نى وه و الطلب ‪ ،‬وحينئ ذ‬
‫يستقيم الحد‪ ،‬ألنه حينئذ يكون معناه األمر ‪ :‬الصيغة الم راد به ا داللته ا على‬
‫الطلب ‪.‬يجاب بأنه حينئذ يلزم استعمال اللفظ المش ترك في التعري ف من غ ير‬
‫قرينة وهو ال يجوز ‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أن ال يتوقف العلم بألفاظ التعريف على المعرف‬
‫وذل ك ب أن ي دخل في التعري ف‪ ،‬م ا ال يمكن معرفت ه إال بنفس‬
‫التعريف‪ ،‬كتعريف العلم بأنه معرفة المعلوم‪ ،‬فإن معرفة المعلوم أمر متوق ف‬
‫على معرفة العلم‪ ،‬ويمكن إعطاء مثال لهذا الشرط بتعريف االحتي اط الس ابق‬
‫ذكره بأنه‪ ":‬اتقــاء مــا غــيره خــير منــه عنــد ذلــك المحتــاط" فه ذا التعري ف‬
‫‪95‬‬
‫مقاصد‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصورات ‪ :‬القول الشارح‬

‫اشتمل على ما يتوق ف تص وره على تص ور المح دود‪ ،‬وه و قول ه عنــد ذلــك‬
‫المحتاط‪ ،‬وإدراك حقيقة المحتاط ال تتم على الوج ه الم راد إال ب إدراك حقيق ة‬
‫االحتياط ‪ ،‬وذلك دور ممنوع ي ذهب بقيم ة التعري ف‪ ،‬ويجعل ه من قبي ل م اال‬
‫يمكن التعويل عليه في فهم حقيقة المحدود ‪.‬‬
‫الشرط الخامس‪ :‬عدم ذكر األحكام في التعريف‬
‫وذلك بأن يشتمل التعريف على أحكام متعلقة بالمعرف‪ ،‬ألن الحكم‬
‫على الشيء فرع عن تصوره‪ ،‬نعرف الشيء أوال ثم بعد بذلك نصدر األحكام‬
‫بشأنه‪ ،‬فإذا أردنا تعريف الصالة مثال في الفقه اإلس المي‪ ،‬فال يص ح أن يق ال‬
‫هي العبادة الــتي أوجبهــا هللا خمس مــرات في اليــوم‪ ،‬ألن الوج وب حكم من‬
‫األحك ام ال تي تثبت له ا‪ ،‬ب ل يق ال مثال ‪ :‬الصــالة عبــادة بنيــة ذات أفعــال‬
‫مخصوصة وأقوال مخصوصةـ مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم‪.‬‬
‫الشرط السادس‪ :‬عدم ذكر أو في التعريف‬
‫وذل ك أن التعري ف ي ؤتى ب ه لإليض اح والبي ان‪ ،‬ف إذا ك انت أو‬
‫المستعملة في التعريف للترديد أو التشكيك فهي ال تزي د المجه ول إال جهال ة‪،‬‬
‫بخالف أو التي تفي د التنوي ع والتقس يم‪ ،‬فإن ه يج وز دخوله ا في الرس وم دون‬
‫الحدود‪ ،‬كقول النحاة في تعريف الكلمة هي اسم أو فعل أو حرف‪.‬‬
‫وإنما جاز دخول أو للتنويع والتقسيم في الرسوم دون الح دود‪ ،‬ألن‬
‫الح د ه و التعري ف بحقيق ة الش يء‪ ،‬والش يء الواح د ال يمكن أن يك ون ل ه‬
‫حقيقتان‪ ،‬بخالف الرسم فإنه تعريف بالخواص أو العالمات‪ ،‬ويج وز للحقيق ة‬
‫الواحدة أن يكون لها أكثر من خاصة أو عالمة‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫َـرطُ ُكـ ٍّل أَنْ يُ َرى ُمطَّـــــــــــــــــ ِردَا * ُم ْن َع ِكـ ً‬


‫سا َوظَـا ِهـ ًرا الَ‬ ‫َوش ْ‬
‫أَ ْب َعــــــــــــــــــــــدَا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــو َزا * بِـالَ قَــ ِرينَـــــــــــــــــ ٍة بِـــ َها‬
‫ُّ‬ ‫سـا ِويًـا َوالَ ت ََج‬
‫َوالَ ُم َ‬
‫ــــــــــــــــــــــــر َزا‬
‫ِّ‬ ‫ت ُُح‬
‫َوالَ بِ َمـــــا يُــــد َْرى بِ َم ْحـــــــــــــــدُو ٍد َوالَ * ُمشْـــــتَ َر ٍك ِمـــــنَ القَــــــ ِرينَ ِـة‬
‫َخــــــــــــــــــــــــالَ‬

‫‪95‬‬
‫مقاصد‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصورات ‪ :‬القول الشارح‬

‫ـــــــردُو ِد * أَنْ تَد ُْخـ َل األَ ْحكـَا ُم فِـي ُ‬


‫الحدُو ِد‬ ‫ْ‬ ‫َو ِع ْنـ َد ُه ْم ِمنْ ُج ْمـلَ ِة ال َم‬

‫الحـدُو ِد ِذ ْك ُر أَ ْو * َو َجـائِ ٌز فِي ال َّر ْ‬


‫س ِـم فَا ْد ِر َما َر َو ْوا‬ ‫َوالَ يَ ُجو ُز فِي ُ‬

‫‪95‬‬
‫مبحث التصديقات‬

‫مبادئ التصديقات‬

‫القضايا وأحكامها‬
‫مبادئ التصديقات‪:‬‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫القضايا وأحكامها‬

‫القضـايـا‬

‫اتضح مما سبق ذكره‪ ،‬أن عناية المناطقة بدالالت األلفاظ‪ ،‬لم تكن‬
‫غاية في حد ذاتها‪ ،‬وإنما هي وسيلة لمعرفة الحدود والرسوم التي هي وس ائل‬
‫للتعري ف باألش ياء‪ ،‬أي الوص ول إلى المجه والت التص ورية‪ ،‬ح تى إذا م ا‬
‫وصلنا إلى هذه التصورات‪ ،‬وظفناها في البحث النظري أو االس تدالل عليه ا‬
‫في شكل قض ايا‪ ،‬ومن هن ا ف إن الحكم على ه ذه القض ايا من خالل األقيس ة‪،‬‬
‫يحتاج أوال إلى دراسة الجانب الشكلي لهذه القضايا‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬تعريف القضية‪ :‬هي كل قول يحتمل الصدق والكذب لذاته‪.‬‬
‫وعلى ه ذا ف إن القض ية عن د المناطق ة‪ ،‬هي ك ل خ بر يمكن أن‬
‫يوصف بالصدق أو الكذب‪.‬‬
‫* فإن قال أحدهم‪ ":‬دخل األستاذ المدرج " فقد يكون صادقا‪ ،‬إن كان كالم ه‬
‫مطابقا للواقع‪ ،‬وعليه فالقضيةـ صادقة‪ ،‬وقد يكون كاذبا إن كان كالمه مخالف ا‬
‫للواقع‪ ،‬وعليه فالقضيةـ كاذبة‪.‬‬
‫* أما إذا قال أحدهم‪ ":‬اللهم اهدني صــراطك المســتقيم" فإن ه ذا الكالم وإن‬
‫أفاد معنى معينا‪ ،‬إال أن ه ذا المع نى ليس مح ل ص دق أو ك ذب‪ ،‬كاالس تفهام‬
‫والتعجب‪ ،‬وكل معنى ال يمكن أن نصفه بالصدق أو الكذب‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫مبادئ التصديقات‪:‬‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫القضية الحملية‬

‫* ولعله من الضروري التنبيه‪ ،‬على أن احتمال الصدق والكذب في القض ية‪،‬‬


‫إنما هو بالنظر لذاتها‪ ،‬ال بالنظر إلى األدل ة وال براهين الخارجي ة‪ ،‬ال تي ت دل‬
‫على ص دقها‪ ،‬كص دق أخب ار هللا ورس وله ص لى هللا علي ه وس لم‪ ،‬فهي وإن‬
‫احتملت الصدق والكذب بالنظر لذاتها‪ ،‬إال أنه ا مقط وع بص دقها ب النظر إلى‬
‫قائلها‪ ،‬كذا يقال في المقطوع بكذبه‪ ،‬لمخالفته ضرورات العقل‪ ،‬كقول أح دهم‪:‬‬
‫الجزء أكبر من الكل فإن ه وإن احتم ل الص دق والك ذب لذات ه‪ ،‬إال أنن ا نقط ع‬
‫بكذبه‪ ،‬تمسكا بضرورات العقل وهو دليل خارجي‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ضــيَّةً َو َخــبَ َرا‬
‫بَ ْينَ ُهــ ُم قَ ِ‬ ‫ق لِ َذاتِ ِه َج َرى‬ ‫احتَ َم َل ال ِّ‬
‫صـ ْد َ‬ ‫َما ْ‬
‫ثانيا‪ -‬أقسام القضيةـ بحسب اإلطالق والتقييد‪ :‬تنقسم القضية بحس ب اإلطالق‬
‫والتقييد عند المناطقة إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬القضية الحملية‪:‬‬
‫وهي القضية التي يحكم فيها‪ ،‬بثبوت المحمول للموضوع‪ ،‬أو‬
‫بنفي المحم ول عن الموض وع‪ ،‬ب دون قي د وال ش رط‪ ،‬وذل ك مث ل ق ول‬
‫األص وليين‪ :‬العــام يحمــل على عمومه‪ ،‬ف إن ه ذه القض ية حكم فيه ا بثب وت‬
‫العموم على اللفظ العام‪ ،‬فكل لفظ عام ورد في الكتاب والسنة فإنه يحم ل على‬
‫جميع ما يستغرقه من أفراد‪.‬‬

‫‪ -1‬أقسام القضية الحملية باعتبار األجزاء المكونة لها‬


‫تبين معنا أن القضيةـ الحملية‪ ،‬هي ما حكم فيه بثبوت أم ر‬
‫آلخر‪ ،‬أو نفيه عنه‪ ،‬فهي إخبار بشيء‪ ،‬يحتم ل الص دق والك ذب‪ ،‬ومعل وم أن‬
‫اإلخبار البد له‪:‬‬
‫* من شيء نخبر عنه‪ :‬يسميه المناطقة بالموضوع‪.‬‬
‫* وشيء نخبر به‪:‬ـ يسميه المناطقة بالمحمول‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫مبادئ التصديقات‪:‬‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫القضية الحملية‬

‫* وإثبات ما نخبر به لما نخبر عنه‪ :‬ويسميه المناطقة النسبةـ الخبرية‪.‬‬


‫ومثال ذلك القاعدة األصولية‪ :‬األمر المطلق يفيد الوجوب هي قضية تحتم ل‬
‫الصدق والكذب لذاتها‪ ،‬فقد يفي د األم ر المطل ق الوج وب‪ ،‬وق د ال يفي د‪ ،‬وهي‬
‫قضية تتكون من ثالثة أجزاء‪:‬‬
‫الموضوع‪ :‬وهو األمر المطلق الذي نريد أن نخبر عن ه‪ ،‬وأن نحكم‬
‫عليه‪( .‬المحكوم عليه)‬
‫المحمول‪:‬وهو الوجوب الذي نريد أن نخبر ب ه‪ ،‬وأن نحكم ب ه على‬
‫األمر المطلق‪(.‬المحكوم به)‬
‫النسبةـ الخبرية‪ :‬وهي وصف األمر المطل ق ب الوجوب‪(.‬أي إثبــات‬
‫الصفة للموصوف)‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫سـ ِويَّ ْه‬
‫اآلخـ ُر ال َم ْحـ ُمو ُل بِـال َّ‬
‫الح ْملِيَّ ْه * َو ِ‬
‫ع فِي َ‬ ‫َواألَ َّو ُل ال َم ْو ُ‬
‫ضـو ُ‬
‫ب‪ -‬أقسام القضية الحملية باعتبار موضوعها ‪:‬‬
‫الموضوع في القضية الحملية‪ ،‬إما أن يك ون جزئي ا وإم ا أن يك ون‬
‫كليا‪ ،‬والجزئي كما تقدم هو المعنى الذي يمنع تصوره من وقوع الشركة في ه‪،‬‬
‫فهو معنى منطبق على ف رد مش خص‪ ،‬أم ا الكلي فه و المع نى ال ذي ال يمن ع‬
‫تصوره من وقوع الشركة فيه‪ ،‬فهو المعنى المنطبق على أفراد كثيرين‪.‬‬
‫فقولنا محمد رســول هللا صــلى هللا عليــه وســلم‪ ،‬قض ية موض وعها‬
‫معنى جزئي‪ ،‬ال ينطبق إال على فرد واحد‪ ،‬أي أن لفظة محمد وضعت ب إزاء‬
‫معنى معين وهو المبعوث بالرسالة الخاتمة دون غيره‪ ،‬وهذا المعنى هو الذي‬
‫يسميه المناطقة بالمفهوم‪ ،‬ثم إن هذا المعنى ال ينطبق على أف راد كث يرين ب ل‬
‫ينطبق على فرد واحد معين‪ ،‬وهذا المعنى بحسب انطباقها على أفراده يس ميه‬
‫المناطقة بالماصدق أي ما يصدق عليه المعنى الوضعي من أف راد‪ ،‬ومن هن ا‬
‫قسم المناطقة القضية باعتبار ما يصدق عليه الموضوع إلى‪:‬‬
‫‪ -‬قضية حملية كلية‪ :‬وهي ما كان موضوعها كليا‪ ،‬يصدق على‬
‫كثيرين‪ ،‬كقولنا اإلنسان يموت‪ ،‬فاإلنسان يصدق على حقيقة اإلنسان بص رف‬
‫النظ ر‪ ،‬عن مشخص ات ه ذه الحقيق ة في الخ ارج‪ ،‬وعلى ه ذا ق د يص دق‬

‫‪101‬‬
‫مبادئ التصديقات‪:‬‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫القضية الحملية‬

‫موضوع هذه القضية‪ ،‬وهو اإلنسان على اإلنس ان الواح د‪ ،‬وق د يص دق على‬
‫االثنين وقد يصدق على األكثر‪ ،‬وعلى هذا األس اس فالقض ية الحملي ة إم ا أن‬
‫تكون‪:‬‬
‫* كلية موجية‪ :‬وهي القضية المسورة بسور كلي موجب يثبت فيه المحمول‬
‫لجميع ما يصدق عليه الموضوع من مفهومات‪ ،‬كقولك كــل إنســان ميت‪ ،‬فق د‬
‫حكمنا ههنا بالموت على كل من تنطبق عليه حقيقة اإلنسان‪.‬‬
‫* كلية سالبة‪ :‬وهي القضية المسورة بســور كلي ســالب ينتفي في ه المحم ول‬
‫عن جميع ما يصدق عليه الموضوع من مفهومات‪ ،‬كقولك ال أحد من الرجال‬
‫في الــدار‪ ،‬فقد حكمن ا ههنا بنفي الوج ود في ال دار عن ك ل من تنطب ق علي ه‬
‫حقيقة الرجولة‪.‬‬
‫* القضــيةـ الجزئيـةـ الموجبة‪ :‬وهي القض ية المس ورة بســور جــزئي مــوجب‬
‫يثبت فيه المحمول لبعض ما يصدق علي ه الموض وع من مفهوم ات‪ ،‬كقول ك‬
‫بعض اإلنســان ميت‪ ،‬فق د حكمن ا ههن ا ب الموت على بعض من تنطب ق علي ه‬
‫حقيقة اإلنسان‪.‬‬
‫* القضية الجزئيةـ السالبة‪ :‬وهي القضية المسورة بسور جزئي ســالب ينتفي‬
‫فيه المحم ول عن بعض م ا يص دق علي ه الموض وع من مفهوم ات‪ ،‬كقول ك‬
‫ليس بعض الرجــال في الــدار‪ ،‬فقد حكمن ا ههنا بنفي الوج ود في ال دار عن‬
‫بعض من تنطبق عليه حقيقة الرجولة‪.‬‬
‫* القضية المهملة الموجبة‪ :‬وهي القضية الموجبة غير المسورة‪ ،‬يتردد فيه‬
‫إثبات المحمول‪ ،‬بين بعض ما يص دق علي ه الموض وع وبين ك ل م ا يص دق‬
‫عليه الموضوع‪ ،‬كقولك الحيوان إنسان‪ ،‬فحكمنا ههن ا بثب وت ص فة الحي وان‬
‫لإلنس ان م تردد بين ك ل أف راد اإلنس ان أو بعض أف راد اإلنس ان‪ ،‬فليس في‬
‫القضية سور كلي أو جزئي يبين كمية الموضوع‪.‬‬
‫* القضــيةـ المهملــة الســالبة‪ :‬وهي القضية الس البة المهمل ة غــير المســورة‪،‬‬
‫يتردد فيه نفي المحمول‪ ،‬بين بعض ما يص دق علي ه الموض وع وبين ك ل م ا‬
‫يصدق علي ه الموض وع‪ ،‬كقول ك الحيــوان ليس بإنســان‪ ،‬فحكمن ا ههن ا بنفي‬
‫صفة الحيوان لإلنسان متردد بين كل أفراد اإلنسان أو بعض أف راد اإلنس ان‪،‬‬
‫فليس في القضية سور كلي أو جزئي يبين كمية الموضوع‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫مبادئ التصديقات‪:‬‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫القضية الحملية‬

‫ومن الضروري التنبي ه على أن القض ية المهمل ة الس البة أو الموجب ة‬


‫هي في ق وة القض ية الجزئي ة‪ ،‬ألن القض ية المهمل ة وإن ت رددت بين الكلي ة‬
‫والجزئية‪ ،‬إال أن المقطوع باستفادتها منها هو البعض ال الكل‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫‪ -‬السور الكلي الموجب يأتي بألفاظ كثيرة منها‪ :‬كل‪ ،‬جميع‪ ،‬قاطبة‪،‬‬
‫كافة‪ ،‬أجمع‪ ،‬وعليه الس ور الكلي الم وجب ه و ك ل لف ظ دل على االس تغراق‬
‫والشمول‪.‬‬
‫‪ -‬السور الكلي السالب يأتي بألفاظ كثيرة منها‪ :‬الشيء‪ ،‬ال أحد‪ ،‬وعلى‬
‫العم وم يع بر عن الس ور الكلي الس الب‪ ،‬ب النكرة في س ياق النفي ال تي تفي د‬
‫العموم‪ ،‬ومن السور الكلي السالب‪ ،‬كل قضية جاء فيها الس ور الكلي قب ل أداة‬
‫السلب‪ ،‬وهذا ما يسمى بعموم الســلب‪ ،‬كقولهم‪ :‬كــل إنســان ليس بجمــاد‪ ،‬ففي‬
‫هذا المثال نفينا حقيقة الجماد عن كل أفراد اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬السور الجزئي الموجب يأتي بالجمع في القضية بين السور الجزئي‬
‫وأداة من أدوات النفي‪ ،‬كقولهم بعض الحيوان ليس بإنسان‪ ،‬كم ا ي أتي الس ور‬
‫الجزئي الموجب‪ ،‬بأن يس بق النفي ب أداة من أدوات العم وم‪ ،‬وه ذا م ا يس مى‬
‫بسلب العموم‪ ،‬كقولهم ليس كل حيوان إنسان‪ ،‬ففي هذا المثال فقد نفين ا عم وم‬
‫اتصاف الحيوان بحقيقة اإلنسان‪ ،‬وهذا ال ينفي اتصاف بعض اف راد الحي وان‬
‫بحقيقة اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬قضية حمليــة شخصــية‪ :‬وهي ما ك ان موض وعها جزئي ا أي ال‬
‫يصدق إال على واحد مشخص‪ ،‬كقولنا محمد رسول هللا‪ ،‬فمحمد علم يدل على‬
‫ش خص بعين ه‪ ،‬أي أن ه ال يص دق إال على ف رد واح د مش خص‪ ،‬وهي على‬
‫قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬شخصية موجبة‪:‬ـ زيد كاتب‬
‫‪ -‬شخصية سالبة‪ :‬زيد ليس بكاتب‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫ــصيَّــــــةٌ َواألَ َّو ُل * إِ َّمــا ُم َ‬


‫سـ َّو ٌر َوإِ َّمـا‬ ‫ُكلِّــيَّــــــةٌ ش َْخ ِ‬
‫ُم ْهـ َمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ُل‬

‫‪101‬‬
‫مبادئ التصديقات‪:‬‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫القضية الحملية‬

‫ـزئِيًّا يُــــــــ َرى* َوأَ ْربَـ ٌع أَ ْق َ‬


‫سـا ُمــهُ َح ْيـــــــــــــــــــــ ُ‬
‫ـث‬ ‫سـو ُر ُكلِّيًّا َو ُج ْ‬
‫َوال ُّ‬
‫ـرى‬ ‫َج َ‬
‫ض أَ ْو ِ‬
‫ش ْب ٍـه َجالَ‬ ‫ض أَ ْو بِالَ *شَـي ٍء َولَ ْي َ‬
‫ـس بَ ْع ُ‬ ‫إِ َّمـا بِ ُك ٍّل أَ ْو بِبَ ْعـ ٍ‬
‫سـالِبــــــــــــــ َ ْه * فَ ْهـ َي إِ َذنْ إِلَـــى الثَّـ َمـــــــــــــــــ ِ‬
‫ـان‬ ‫وجـبَةٌ َو َ‬
‫َو ُكلُّـ َها ُم َ‬
‫آيِـبَ ْه‬

‫‪101‬‬
‫مبادئ التصديقات‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫‪:‬القضية الشرطية‬

‫‪ -2‬القضية الشرطية‪:‬‬
‫وهي القضية ال تي يفي د فيه ا الحكم بقي د أو ش رط‪ ،‬أو هي‬
‫القضية التي حكم فيها باالتصال بين نسبتين أو بعدمه‪ ،‬ومثال ذل ك‪ :‬إذا كــانت‬
‫الشمس طالعة فالنهار موجود‪ ،‬فالقضية الشرطية هي في األصل‪:‬‬
‫قضية أولى‪ :‬وهي الشرط وتسمى مقدم‪.‬‬
‫قضية ثانية‪:‬ـ وهي جواب الشرط وتسمى تالي‪.‬‬
‫ربــط بينهمــا بــأداة االتصــال‪ ،‬وال تي هي‪ :‬إذا وإن ول و أو ربــط بينهمــا بــأداة‬
‫انفصال‪ :‬مثل إما وأو‪.‬‬
‫وتنقسم الشرطية إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪ -‬شرطية متصلة‪ :‬هي التي حكم فيه باالتصال بين نسبتين أو بعدم ه‪ ،‬مث ل‪:‬‬
‫إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجــود‪ ،‬فقد س ميت ه ذه القض ية بالمتص لة‬
‫التصال طرفيها‪ ،‬أي اجتماعهما في الوج ود‪ ،‬فليس وج ود أح دهما مانع ا من‬
‫وجود اآلخر‪.‬‬
‫فحقيقة القضية الشرطية المتصلة قائمة على التالزم بين الجزأين‬
‫في الوجود‪ ،‬بصرف النظر عن حقيقة هذا التالزم‪ ،‬إذ ق د يك ون مج رد اتف اق‬
‫بين الجزأين‪ ،‬مثاله‪ :‬كلما كانت السيارة البيضاء موجودة في حظيرة الجامعة‬
‫كان األستاذ موجــودا بالمــدرج‪ ،‬وق د يك ون الل زوم منش أه العلي ة ومثال ه‪ :‬إن‬
‫كانت الشمس طالعة فالنهار موجود‪.‬‬
‫ب ‪ -‬شرطية منفصلة‪ :‬هي التي يحكم فيها بالتنافي والعناد بين طرفيها‪ ،‬كقولنا‬
‫العدد إما زوج أو فرد‪ ،‬فقد سميت هذه القضية بالمنفصلة‪ ،‬النفصال طرفيها‪،‬‬
‫أي عدم اجتماعهما في الوجود‪.‬‬
‫فحقيقة الشرطية المنفصلة التنافر والتباعاد بين طرفيها المقدم‬
‫والت الي في الص دق أو الك ذب أو فيهم ا مع ا‪ ،‬وعلى ه ذا تنقس م الش رطية‬
‫المنفصلة إلى‪:‬‬
‫مانعـــة جمـــع‪ :‬هي م ا حكم فيه ا بالتن افر والتعان د بين طرفيه ا‬
‫صدقا(االجتماع) فقط‪ ،‬فال يجتمعان في الوجود ويمكن ارتفاعهما‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫إما أن يكون هذا الجسم أبيض‪ ،‬وإما أن يكون أسود‬
‫‪106‬‬
‫مبادئ التصديقات‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫‪:‬القضية الشرطية‬

‫فال يمكن أن يجتم ع البي اض والس واد مع ا‪ ،‬في جس م واح د‪ ،‬ولكن ق د‬


‫يرتفع البياض والسواد معا‪ ،‬فيكون الجسم إما أحمرا أو أصفرا أو غير ذلك‪.‬‬
‫إما أن يكون هذا الكتاب كتاب تفسير وإما أن يكون كتاب كيمياء‬
‫فال يمكن أن يجتمع كتاب التفسير وكتاب الكيمياء في كت اب واح د‪ ،‬لكن‬
‫يمكن أن يرتفعا بأن يكون الكتاب كتاب تاريخ أو كتاب فيزياء‪.‬‬
‫والضابط في مانعة الجمع أن تتركب القضية من الشيء ومن‬
‫األخص من نقيضهـ‪ ،‬فالبياض في المثال السابق أخص من نقيض السواد وهو‬
‫غير السواد‪ ،‬فالبياض إذا أطلق فال يراد به إال اللون األبيض فهو ف رد واح د‪،‬‬
‫في حين أن نقيض السواد وهو غير الس واد ق د يطل ق على األحم ر واألزرق‬
‫والبني وغيرها من األلوان فهو عبارة عن أفراد كثيرة‬
‫مانعـــة خلـــو‪ :‬هي م ا حكم فيه ا بالتن افر والتعان د بين طرفيه ا‬
‫كذبا(االرتفاع) فقط‪ ،‬فيجتمعان في الوجود وال يمكن ارتفاعهما‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫إما أن يكون هذا الجسم ال أبيض‪ ،‬وإما أن يكون ال أسود‬
‫فيمكن أن يجتمع انتفاء البياض والسواد معا‪ ،‬في جسم واحد‪ ،‬ك أن‬
‫يكون الجسم أحمر أو أزرق‪ ،‬ولكن ال يمكن أن يرتفع انتفاء البي اض والس واد‬
‫معا‪ ،‬ألنه لو ارتفع عنه انتف اء البي اض ك ان أبيض ا‪ ،‬ول و ارتف ع عن ه انتف اء‬
‫السواد كان أسودا‪ ،‬فيكون الجسم الواحد أبيض أسواد وهذا باطل‪.‬‬
‫إما أن يكون هذا الكتاب ال كتاب تفسيرـ وإما أن يكون ال‬
‫كتاب كيمياء‬
‫فيمكن أن يجتمع انتف اء كت اب التفس ير وكت اب الكيمي اء في كت اب‬
‫واحد‪ ،‬كأن يكون كتاب تاريخ أوفيزياء‪ ،‬لكن ال يمكن أن يرتف ع انتف اء كت اب‬
‫التفسير وكتاب الكيمياء معا‪ ،‬ألنه لو ارتف ع انتف اء كت اب التفس ير ك ان كت اب‬
‫تفسير‪ ،‬ولو ارتفع عنه كتاب كيمياء كان كتاب كيمياء‪ ،‬فيكون الكت اب الواح د‬
‫كتاب تفسير وكتاب كيمياء وهو باطل‪.‬‬
‫والضـــابط في مانعـــة الخلو أن ت تركب القض ية من الش يء ومن األعم من‬
‫نقيضه‪ ،‬ففي المثال المذكور‪ ،‬ال أبيض أعم من نقيض ال أس ود‪ ،‬ألن نقيض ال‬
‫أسود هو أسود‪ ،‬وال أبيض هو أعم من األسود لشموله األسود وغيره‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫مبادئ التصديقات‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫‪:‬القضية الشرطية‬

‫مانعة جمع وخلو‪ :‬وهي الحقيقية‪ ،‬التي حكم فيها بالتن افر والتعان د‬
‫بين طرفيها صدقا وكذبا(اجتماعا وارتفاعا)‪ ،‬أي أن طرفيها ينتفيان اجتماعا‪،‬‬
‫فال يصدقان على شيء واحد‪ ،‬وينتفيان ارتفاعا‪ ،‬فال يرتفعان عن شيء واحد‪،‬‬
‫مثل‪:‬‬
‫العدد إما أن يكون زوجا وإما أن يكون فردا‬
‫فالزوجية والفردي ة ال تجتمع ان في ع دد واح د‪ ،‬كم ا أن الزوجي ة‬
‫والفردية ال ترتفعان عن العدد‪ ،‬باعتبار أن العدد ال يمكن أن يك ون إال زوج ا‬
‫أو فردا‪.‬‬
‫والضــابط في مانعــة جمــع وخلو أن ت تركب القض ية من الش يء‬
‫ونقيضه‪ ،‬أو من الشيء ومن المساوي لنقيضه‪ ،‬فنقيض الشيء هو نفي ه‪ ،‬مث ل‬
‫موجود نقيضه غير موجود‪ ،‬والمساوي للنقيض‪ ،‬كالزوجية والفردية‪ ،‬فنقيض‬
‫زوج ال زوج‪ ،‬وال زوج مساو للفرد‪ ،‬ألن بانتفاء الزوجية تكون بالفردية‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫َـر ِطــــــــيَّةٌ‬
‫يـــــــق فِي َهـــــــا قَـــــــ ْد ُح ِك ْم * فَـإِنَّــــــــ َها ش ْ‬
‫ِ‬ ‫َوإِنْ َعلَى التَّ ْعلِ‬
‫ـســـــــــــــــــــــــــــــ ْم‬ ‫َوتَ ْنقَ ِ‬
‫صلَـــــــــــــــــــــــــــ ْه * َو ِم ْثـــلِ َها ش ْ‬
‫َـر ِطـــيَّ ٍة‬ ‫ضا إِلَـــى ش َْر ِطـــيَّ ٍة ُمتَّ ِ‬‫أَ ْيـــ ً‬
‫ُم ْنفَ ِ‬
‫ـصلَــــــــــــــــــــــــــ ْه‬

‫ـــزآ ُه َما ُمقَـــ َّد ٌم َوتَـالِــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي* أَ َّمــــا بَيَــــانُ َذا ِ‬


‫ت‬ ‫ُج ْ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــال‬
‫ِ‬ ‫ااِل تِّ َ‬
‫ص‬

‫الج ْزأَ ْيـــــــــــــــــــــــــ ـ ِن* َو َذاتُ ااِل ْنفِ َ‬


‫صــــا ِل دُونَ‬ ‫َمـــا أَ ْو َجبَتْ تَـــالَ ُز َم ُ‬
‫ـــــــــــــــن‬
‫ِ‬ ‫َم ْي‬

‫َمـــــا أَ ْو َجبَتْ تَنَافُـــــ ًرا بَ ْينَــــــــــــــــــــــــ ُه َما * أَ ْق َ‬


‫سـا ُمـــــ َها ثَـالَثَـــــةٌ‬
‫فَ ْلتُـ ْعلَــــــــــــــــــــــــــ َما‬

‫الحقِيـقِ ُّي األَ َخ ُّ‬


‫ـص فَا ْعلَ َما‬ ‫َمـانِ ُع َج ْم ٍع أَ ْو ُخلُ ٍّو أَ ْو هُمـــــــــــــــَا * َوهْـ َو َ‬

‫‪106‬‬
‫مبادئ التصديقات‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫‪:‬القضية الشرطية‬

‫‪106‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات ‪ :‬أحكام القضايا‬

‫أحكـــام القضـايــا‬
‫االستدالل المباشر‬

‫أوال‪ :‬تعريف االستدالل‪ :‬االستدالل هو استنتاج قضية من قضية واحدة أو من‬


‫عدة قضايا‪ ،‬أو هو الوصول إلى حكم تصديقي مجهول بواسطة حكم تصديقي‬
‫معلوم‪ ،‬و االستدالل هو المقصد األسمى من علم المنطق‪ ،‬إذ به تعرف حقائق‬
‫األشياء‪ ،‬وبهذا ينقسم االستدالل إلى‪:‬‬
‫استدالل غير مباشر وهو االستدالل الذي يحتاج الباحث فيه‪ ،‬إلى‬
‫أكثر من قضية واحدة للوصول إلى النتيج ة‪ ،‬كالقي اس والتمثي ل واالس تقراء‪،‬‬
‫وسيأتي إيضاح مباحث هذا االستدالل في مقاصد التصديقات‪.‬‬
‫استدالل مباشر‪ :‬وهو االستدالل بقضية واحدة على قاضية ثانية‪،‬‬
‫أو هو االس تدالل بص دق قض ية على ص دق أخ رى أو ك ذبها‪ ،‬أو االس تدالل‬
‫بكذب قضية على صدق قضية أخرى أو كذبها‪ ،‬كقولنا مثال‪:‬‬
‫كل إنسان مفكر فإن صدق هذه القضية وهي قضية كلية موجبة ‪.‬‬
‫يستلزم ‪:‬‬
‫صدق قولنا‪ :‬بعض اإلنسان مفكر وهي قضية جزئية موجبة‪.‬‬
‫كذب قولنا‪ :‬بعض اإلنسان ليس بمفكر وهي قضية جزئية سالبة‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪ :‬أحكام القضايا‬

‫ثانيا‪ :‬أنواع االستدالل المباشر أو أنواع أحكام القضية‬


‫‪ -1‬التناقض‪ :‬هو اختالف القضيتين كما وكيفا‪ ،‬بحيث يقتضي لذاته‬
‫صدق إحداهما وكذب األخرى‪ ،‬كقولنا مثال‪:‬‬
‫كل إنسان حيوان قضية كلية موجبة صادقة‬
‫نقيض هذه القضية‪:‬‬
‫بعض اإلنسان ليس بحيوان قضية جزئية سالبة كاذبة‪.‬‬
‫فالقضية الثانية تختلف مع القضية األولى في‪:‬‬
‫الكــــــــم‪ :‬األولى كلية والثانية جزئية‬
‫الكيف‪ :‬األولى موجبة والثانية سلبية‪.‬‬
‫وبحكم العقل ال يمكن للقض يتين أن تجتمع ا مع ا في الص دق أو في‬
‫الك ذب‪ ،‬وإال ل زم اجتم اع النقيض ين وه ذا مح ال‪ ،‬فال ب د أن تك ون إح داهما‬
‫صادقة واألخرى كاذبة‪.‬‬
‫والب د ههن ا من التنبي ه على أن االختالف في التن اقض كم ا وكيف ا‬
‫إنما هو في القضيةـ الحملية الكلية‪ ،‬وهي التي ال يمنع تصور الموضوع فيه ا‬
‫من وقوع الشركة فيه‪ ،‬أما الحمليــة الشخصــيةـ وهي ال تي ينطب ق الموض وع‬
‫فيها على واحد مشخص‪ ،‬فاالختالف في التن اقض يك ون في الكي ف ليس إال‪،‬‬
‫كقولنا زيد قائم نقيضها زيد ليس بقائم‪.‬‬
‫أ‪ -‬شروط التناقض‪ :‬ال يتحقق التناقض بين قضيتين‪ ،‬إال إذا وقع بينهم ا اتح اد‬
‫في أشياء‪ ،‬واختالف في أشياء‪:‬‬
‫* اتحاد الموضوع والمحمول‪ :‬فالبد أن يكون المحكوم عليه‪ ،‬وهو‬
‫الموضوع متحدا في القضيتين‪ ،‬وكذا المحم ول وه و المحك وم ب ه‪ ،‬الب د وأن‬
‫يكون متحدا بين القضيتين‪ ،‬فال تناقض بين‪:‬‬
‫زيد مفكر قضية شخصيةـ موجبة‬
‫عمرو ليس بمفكر قضية شخصيةـ سالبة‬

‫‪110‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪ :‬أحكام القضايا‬

‫الظ اهر أن القض ية األولى مناقض ة للقض ية الثاني ة‪ ،‬وليس األم ر‬


‫ك ذلك‪ ،‬فزي د ال ذي ه و موض وع في القض ية األولى‪ ،‬يختل ف عن موض وع‬
‫القضية الثانية الذي ه و عم رو‪ ،‬وش رط التن اقض االتح اد بين القض يتين في‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫زيد صائم قضية شخصية موجبة‬
‫زيد ليس بنائم قضية شخصيةـ سالبة‬
‫الظ اهر أن القض ية األولى مناقض ة للقض ية الثاني ة‪ ،‬وليس األم ر‬
‫ك ذلك‪ ،‬فزي د ال ذي ه و موض وع في القض ية األولى‪ ،‬وإن ك ان ه و نفس ه‬
‫الموضوع في القضية الثانية‪ ،‬إال أن المحمول وهو المحك وم ب ه‪ ،‬في القض ية‬
‫األولى وهو الصيام‪ ،‬غيره المحمول في القضية الثانية وهو النوم‪ ،‬فال تناقض‬
‫بين القضيتين‪.‬‬
‫* االختالف في الكيف فقط‪ :‬فإذا كانت إح داهما موجب ة‪ ،‬وجب أن‬
‫تكون الثانية سالبة‪ ،‬وهذا إنما يتحقق في الشخصية فقط كما مر‪.‬‬
‫* االختالف في الكيف والكم‪ :‬فإذا كانت إحداهما موجبة‪ ،‬وجب أن‬
‫تكون الثانية سالبة‪ ،‬وإذا كانت إحداهما كلية وجب أن تكون األخ رى جزئي ة‪.‬‬
‫كقولنا مثال‪:‬‬
‫كل إنسان حيوان قضية كلية موجبة‬
‫نقيض هذه القضية‬
‫بعض اإلنسان ليس بحيوان‬
‫ب‪ -‬ضــابط النتــاقض‪ :‬ننظر أوال إلى القض ية ال تي نري د أن ت أتي بنقيض ها‪،‬‬
‫فنجعل اإليجاب سلبا‪ ،‬والكلية جزئية‪ ،‬وبالعكس‪.‬‬
‫النقيض‬ ‫مثال األصل‬ ‫نقيضها‬ ‫القضيةـ‬
‫زيد ليس بقائم‬ ‫شخصية موجبة شخصية سالبة زيد قائم‬
‫بعض الناس مؤمنون‬ ‫كل الناس مؤمنون‬ ‫جزئية سالبة‬ ‫كلية موجبة‬
‫ال ك ل العم ال ليس وا‬ ‫بعض العم‬ ‫كلية سالبة‬ ‫جزئية موجبة‬
‫مضربين‬ ‫مضربون‬
‫كل إنسان ليس بمفكر‬ ‫اإلنسان مفكر‬ ‫كلية سالبة‬ ‫مهملة موجبة‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫‪110‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪ :‬أحكام القضايا‬

‫ق َوا ِحـ ٍد أَ ْم ٌر قُفِــي‬


‫صـ ْد ُ‬ ‫ـــــــن ِفي* َك ْي ٍ‬
‫ـف َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضيَّتَ ْي‬ ‫تَنَاقُ ٌ‬
‫ـض ُخ ْلفُ القَ ِ‬
‫ـــــــف أَنْ تُبَـ ِّدلَــ ْه‬
‫ِ‬ ‫فَـإِنْ تَ ُكنْ ش َْخصـِيَّةً أَ ْو ُم ْه َملَ ْه * فَنَ ْقـ ُ‬
‫ض َها بِالـ َك ْي‬
‫سو ِرهَــــا ال َم ْذ ُكو ِر‬
‫ضـ ِّد ُ‬ ‫ســـــــو ِر * فا ْنقُ ْ‬
‫ـض بِ ِ‬ ‫صـو َرةً بِال ُّ‬
‫َوإِنْ تَ ُكنْ َم ْح ُ‬
‫سـالِبَـــــةٌ‬ ‫وجبَـــــةً ُكلِّـيَّــــــــــــــــــــــــــــ ْه * نَقِي ُ‬
‫ض َهـــــا َ‬ ‫فَـــــإِنْ تَ ُكـــــنْ ُم َ‬
‫ُج ْ‬
‫ــزئِــــــــــــــــــــــــيَّـــــــــ ْه‬
‫ـوجــــبَةٌ‬ ‫سـالِـــــــــــــــــبَــــةً ُكلِّـيَّــــــــــــــ ْه * نَقِي ُ‬
‫ضــــ َها ُم َ‬ ‫َوإِنْ تَ ُكــــنْ َ‬
‫ُج ْ‬
‫ـزئِيَّـــــــــــــــــــــــــــــــ ْه‬

‫‪110‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪:‬أحكام القضايا‬

‫‪ -2‬العكس‪ :‬تبديل طرفي القضية مع بقاء الصدق والكيف‪ ،‬بأن يصير‬


‫الموضوع محموال والمحم ول موض وعا في الحملي ة‪ ،‬والمق دم تالي ا والت الي‬
‫والسـلب)‪ ،‬ف إن ك ان‬
‫َّ‬ ‫مقدما في الشرطية المتصلة‪ ،‬مع بق اء الكي ف (اإليجــاب‬
‫األصل موجبا كان العكس موجبا‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬وم ع بق اء الص دق أيض اً‪ ،‬ف إن‬
‫كان األصل صادقا بأي وجه كان العكس صادقا ً أيضاً‪ ،‬ومثاله قولنا‪:‬‬
‫كل إنسان حيوان قضية كلية موجبة‬
‫عكس القضية‬
‫بعض الحيوان إنسان قضية جزئيةـ موجبة‬
‫أ‪ -‬شروط العكس‪ :‬ال يتحقق العكس بين قضيتين‪ ،‬إال بشروط‬
‫* بقاء الصدق في العكس‪ :‬أي إن كان األصل صادقا لزم الصدق‬
‫في العكس‪ ،‬مثال ذلك قولنا‪:‬‬
‫كل صالة عبادة قضية كلية صادقة‬
‫عكس القضية لزم أن يكون صادقا‬
‫بعض العبادة صالة‬
‫ومن الضروري في هذا المقام التنبيه‪ ،‬على أن شرط بق اء الص دق‬
‫في العكس إن كان األصل صادقا‪ ،‬ال يؤخذ من ه أن القض ية إن ك انت كاذب ة‪،‬‬
‫فيلزم أن عكسها تكون كاذبة أيضا‪ ،‬فقد تكون القضية كاذبة وقد تكون ص ادقة‬
‫‪ ،‬فقولنا في عرف الفقهاء مثال‪:‬‬
‫كل عبادة صالة هي قضية كلية كاذبة‬
‫ألن العبادات في الفقه اإلس المي‪ ،‬غ ير منحص رة في الص الة ب ل‬
‫تتع دى إلى الص يام والحج والزك اة وغيره ا‪ ،‬وعلى ه ذا األس اس فالقض ية‬
‫كاذبة‪ ،‬فإذا عكسناه بتغيير الموضوع محموال والمحمول موض وعا‪ ،‬نتحص ل‬
‫على قاضية كاذبة وهي‪:‬‬
‫بعض الصالة عبادة هي قضية جزئيةـ صادقة‬
‫أما إذا قلنا‪:‬‬

‫‪118‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪:‬أحكام القضايا‬

‫كل إنسان حيوان وهي قضية كلية موجبة كاذبة‬


‫فإن عكسها‬
‫بعض اإلنسان حيوان وهي قضية جزئية موجبة صادقة‬
‫فالمعتبر إذن في العكس بقاء الصدق وليس الكذب‪ ،‬ألن العكس من‬
‫لوازم بعض القضايا‪ ،‬فالقضية األصل ملزوم ومعكوسها الزم لها‪:‬‬
‫وال يلزم من كذب الملزوم كذب الالزم أو صدقه‪ ،‬ولكن يلزم من‬
‫صدق الملزوم صدق الالزم‪.‬‬
‫و يلزم من كذب الالزم كذب الملزوم قطعا‪ ،‬ولكن ال يلزم من صدق‬
‫الالزم صدق الملزوم أو كذبه‪.‬‬
‫* بقاء الكيف‪ :‬فإن كان األصل موجبا كان العكس موجبا‪ ،‬وإن كان‬
‫سالبا فسالب‪ ،‬فقولنا مثال على لسان األصوليين‪:‬‬
‫الواجب حكم شرعي هي قضية شخصيةـ موجبة صادقة‬
‫إذا أردنا عكسها نحتفظ بالكيف فنقول‬
‫بعض الحكم الشرعي واجب‬
‫* بقاء الكم‪ :‬فإن كان األص ل كلي ا ف العكس كلي‪ ،‬وإن ك ان جزئي ا‬
‫فجزئي‪ ،‬إال في الموجبة الكلية‪ ،‬فال يبقى فيها الكم بل تنعكس جزئية‪ ،‬ألن ه ل و‬
‫أبقينا الكم في عكس الموجبة الكلية‪ ،‬فقد يكون العكس كاذبا وقد يكون صادقا‪،‬‬
‫ومحال أن يكون عكس الصادقة كاذبة‪.‬‬
‫‪ -‬ومثال العكس الكاذب قول المناطقة‪:‬‬
‫كل إنسان حيوان قضية كلية موجبة صادقة‬
‫فلو أردان عكسها بجعل الموضوع محم وال والمحم ول موض وعا‬
‫مع إبقاء الكم أي الكلية لحصلنا على قاضية كاذبة وهي‪:‬‬
‫كل حيوان إنسان قضية كلية موجبة كاذبة‬
‫‪ -‬ومثال العكس الصادق قول المناطقة‪:‬‬

‫‪118‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪:‬أحكام القضايا‬

‫كل إنسان ناطق قضية كلية موجبة صادقة‬


‫فلو أردنا عكسها بجعل الموض وع محم وال والمحم ول موض وعا‬
‫مع إبقاء الحكم أي الكلية لحصلنا على قضية صادقة‪:‬‬
‫كل ناطق إنسان قضية كلية موجبة صادقة‬
‫انتبه المناطقة أن المحمول في القضية األصل‪ ،‬أي في الكلية‬
‫الموجبة الصادقة‪ ،‬قد يكون عاما وقد يكون خاصا‪:‬‬
‫فإذا كان المحمول أعم من الموضوع‪ ،‬وتركنا الكم على حاله في‬
‫العكس‪ ،‬كانت القضية العكس كاذب ة‪ ،‬ألن المحم ول األعم يثبت لجمي ع أف راد‬
‫الموض وع األخص‪ ،‬وال يثبت ذل ك الموض وع إال لبعض أف راد المحم ول‬
‫األعم‪ ،‬ففي قولهم‪:‬‬
‫كل إنسان حيوان المحمول في هذه القضية وهو الحيوان معنى‬
‫عام يثبت لجميع أفراد اإلنسان‪ ،‬أما موضوع القضية‪ ،‬وهو اإلنسان فهو معنى‬
‫خاص‪ ،‬ال ينطبق على جميع أفراد الحيوان كما هو ظاهر‪ ،‬فمعنى اإلنس ان ال‬
‫ينطب ق على الف رس أو األس د أو ال ذئب‪ ،‬وعلي ه فل و عكس نا ه ذه القض ية‪،‬‬
‫لحص لنا على قض ية كاذب ة وهي كــل حيــوان إنســان‪ ،‬ألن المحم ول في ه ذه‬
‫القضية وهو إنسان‪ ،‬معنى خاص ال يثبت إال لبعض أف راد الموض وع‪ ،‬ال ذي‬
‫هو الحيوان‪.‬‬
‫بخالف ما إذا كان المحمول أخص من الموضوع‪ ،‬وتركنا الكم على‬
‫حال في العكس‪ ،‬كانت القضية العكس ص ادقة‪ ،‬ألن المحم ول األخص مس او‬
‫للموضوع‪ ،‬ففي قولهم‪:‬‬
‫كل إنسان ناطق المحمول في هذه القضية وهو ناطق معنى خاص‬
‫باإلنسان‪ ،‬فال يثبت إال ألف راد اإلنس ان‪ ،‬وك ذلك موض وع ه ذه القض ية وه و‬
‫إنسان معنى خاص ال ينطبق إال على جميع أفراد اإلنس ان‪ ،‬فاس توى محم ول‬
‫القضية مع موضوعها في خصوصية المعنى‪ ،‬وعليه فلو عكسنا هذه القضية‪،‬‬
‫لحصلنا على قضية صادقة وهي كل ناطق إنسان‪.‬‬
‫ولم ا رأى المناطق ة أن عكس الكلي ة الموجب ة الص ادقة ق د يك ون‬
‫صادقا وقد يكون خاطئا‪ ،‬تبعا لعموم المحمول أو خصوصه‪ ،‬قرروا عدم إبقاء‬
‫الكم في العكس‪ ،‬أي أن عكس الكلي ة الموجب ة جزئي ة موجب ة‪ ،‬تمس كا منهم‬

‫‪118‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪:‬أحكام القضايا‬

‫بالقدر المقطوع ب ه من ص دق الموض وع على المحم ول‪ ،‬وه و البعض دون‬


‫الكل‪ ،‬ألن البعض صادق على ك ل ح ال‪ ،‬وعلي ه يمكن اس تخالص مجموع ة‬
‫من القواعد العقلية والتي لها تطبيقات على المستوى األصولي منها‪:‬‬
‫‪ -‬إثبات األعم ال يلزم منهـ ثبوت األخص وال انتفاؤه كقولك مثال هــذه عبــادة‪،‬‬
‫ال يلزم منه إثبات الصالة أو نفيها‪ ،‬ألن العبادة معنى عام‪ ،‬ينطب ق على أف راد‬
‫كثيرين‪ ،‬على وجه البدلية طبع ا ال على وج ه االس تغراق‪ ،‬فق د تك ون العب ادة‬
‫صالة أو صياما أو نذرا وهكذا‪ ،‬فإثبات العبادة التي هي معنى عام‪ ،‬ليس في ه‬
‫إثبات أو نفي للصالة التي هي معنى خاص‪.‬‬
‫‪ -‬نفي األعم يلزم منهـ نفي األخص قطعا كقولك مثال ليست هذه عبــادة‪ ،‬يل زم‬
‫منه نفي الصالة قطعا‪ ،‬لكون الصالة ال تي هي مع نى خ اص‪ ،‬ف رد من أف راد‬
‫العبادة التي هي معنى عام‪ ،‬ونفي العبادة بمعنها الكلي نفي لجميع أفراده‪.‬‬
‫‪ -‬إثبات األخص يلزم منه ثبوت األعم قطعا كقولك مثال هذه صالة‪ ،‬يلزم من ه‬
‫إثبات العبادة‪ ،‬لكون العبادة معنى كليا‪ ،‬متحقق في أف راده على س بيل البدلي ة‪،‬‬
‫كالصالة والصيام والزكاة وغيرها من العبادات األخرى‪ ،‬فإثبات أي ف رد من‬
‫أفراد العبادة‪ ،‬إثبات لمعنى العبادة‪.‬‬
‫‪ -‬نفي األخص ال يلزم منه ثبوت األعم أو نفيه كقولك مثال ليست هذه صالة‪،‬‬
‫ال يلزم منه ثبوت العبادة التي هي معنى كلي‪ ،‬فقد يكون هذا المنفي‪ ،‬من غ ير‬
‫جنس العبادة‪ ،‬كأن يكون عقدا بيع‪ ،‬أو مجرد نزهة في حديقة‪ ،‬كما أنه ال يل زم‬
‫منه نفي معنى العبادة‪ ،‬فقد يكون هذا المنفي من جنس العب ادة‪ ،‬فه و وإن ك ان‬
‫ليس صالة إال أنه قد يكون صياما تتحقق فيه معنى العبادة‪.‬‬
‫من الفروع الفقهية المترتبة على هذه القواعد العقلية‪:‬‬
‫* التعيين في النية عند المالكية‪ ،‬فال يكفي في الفرائض نية مطلق الف رض‪،‬‬
‫فإذا أراد صالة الظهر وق ال ن ويت ص الة الف رض‪ ،‬ولم يالح ظ في قلب ه أن ه‬
‫الظهر‪ ،‬لم تجز وكانت باطلة‪ ،‬ألن األعم ال يلزم منــه ثبــوت األخص‪ ،‬فمطل ق‬
‫صالة الفرض معنى عام يصدق على صالة الظه ر وق د يص دق على ص الة‬
‫العص ر وق د يص دق على ص الة المغ رب‪ ،‬على س بيل البدلي ة ال على س بيل‬
‫االستغراق‪ ،‬فإثبات مطلق ص الة الف رض‪ ،‬ليس في ه إثب ات ص الة الظه ر أو‬
‫نفيها‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪:‬أحكام القضايا‬

‫* رجل ظن اليــوم جمعة‪ ،‬وذهب إلى المســجد بنيـةـ الجمعــة‪ ،‬فوجــد الصــالة‬
‫قائمة‪ ،‬ودخل بنيةـ الجمعة‪ ،‬واليوم ليس بجمعــة‪ ،‬فهــل تكفيه؟ نعم تكفي ه ه ذه‬
‫النية التي دخ ل به ا في الص الة‪ -‬وس يرى أن اإلم ام يق رأ س را‪ ،‬وأنهم ق اموا‬
‫للثالثة‪...‬فيغير النية فقط‪ ،‬وصالته ص حيحة‪ ،‬وذل ك ألن ش رط الجمع ة أخص‬
‫من شروط الظهر‪ ،‬وني ة األخص تس تلزم ني ة األعم‪ ،‬دون العكس‪ ،‬فل و ن وى‬
‫الظهر والصالة جمعة لم تجزئه‪.‬‬
‫ب‪ -‬ضوابط العكس‪:‬‬
‫* كل قضية موجبة تنعكس موجبة جزئية‪.‬‬
‫* كل سالبة جزئية أو مهملــة ال تنعكس لج واز عم وم الموض وع‬
‫في الحملية أو المقدم في الشرطية‪.‬‬
‫* السالبة الكلية والشخصية السالبة تنعكسان سالبة كلية‪.‬‬
‫ج – جدول عكس القضايا‪:‬‬
‫العكس‬ ‫األصل‬ ‫القضية‬
‫بعض الصالة صالة ظهر‬ ‫صالة الظهر صالة‬ ‫الشخصية الموجبة‬
‫ال شيء من المعامالت‬ ‫ليست صالة الظهر‬ ‫الشخصية السالبة‬
‫بصالة ظهر‬ ‫بمعاملة‬
‫كل حكم شرعي خطاب بعض خطاب هللا تعالى حكم‬ ‫الكلية الموجبة‬
‫شرعي‬ ‫هللا تعالى‬
‫ال شيء من األحكام‬ ‫ال شيء من األحكام‬ ‫الكلية السالبة‬
‫الوضعية حكم تكليفي‬ ‫التكليفية حكم وضعي‬
‫بعض الصالة عبادات‬ ‫بعض العبادات صالة‬ ‫الجزئية الموجبة‬
‫ال تنعكس‬ ‫الجزئية السالبة‬
‫بعض المعاملة بيع‬ ‫البيع معاملة‬ ‫المهملة الحملية‬
‫قد يكون عبادة كل ما كان‬ ‫كل ما كان حجا كان‬ ‫الشرطية المتصلة‬
‫حجا‬ ‫عبادة‬ ‫الكلية الموجبة‬
‫قد يكون إذا كان عبادة قد يكون إذا كان حجا فهو‬ ‫الشرطية المتصلة‬
‫عبادة‬ ‫فهو حجا‬ ‫الجزئية الموجبة‬
‫ليس البتة إذا كان الليل‬ ‫ليس البتة إن كانت‬ ‫الشرطية المتصلة‬
‫موجودا كانت الشمس‬ ‫الشمس طالعة فالليل‬ ‫الكلية السالبة‬
‫طالعة‬ ‫موجود‬
‫ال تنعكس‬ ‫الشرطية المتصلة‬

‫‪118‬‬
‫مبادئ‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫التصديقات‪:‬أحكام القضايا‬

‫الجزئية السالبة‬
‫قد ال يكون إكرامي لك إن‬ ‫قد ال يكون إن جئتني‬ ‫الشرطية المتصلة‬
‫جئتني اليوم‬ ‫اليوم أكرمتك‬ ‫الشخصية‬

‫قال صاحب السلم‪:‬‬


‫ْق َوال َكـ ْيفِيَّــــــــــ ْه‬ ‫ضيَّ ْه * َمـ َع بَقَـا ِء ِّ‬
‫الصـد ِ‬ ‫ـزأَ ِ‬
‫ي القَ ِ‬ ‫ـس قَ ْل ُ‬
‫ب ُج ْ‬ ‫ال َع ْك ُ‬
‫ـزئِيَّــــــــــــــ ْه‬ ‫وجـبَةُ ُ‬
‫الج ْ‬ ‫ضـ َها ال ُم َ‬ ‫ب ال ُكـلِّيَّــ ْه * فَ َع ْ‬
‫ـو ُ‬ ‫َوال َكـ ِّم إِالَّ ال ُم َ‬
‫ـوج َ‬
‫سـتَ ْي ِن فَا ْقتَ ِ‬
‫ص ْد‬ ‫ع ال ِخ َّ‬ ‫ـس الَ ِز ٌم لِ َغ ْي ِر َمـا ُو ِج ْد * بِـ ِه ْ‬
‫اجتِ َمـا ُ‬ ‫َوال َع ْك ُ‬
‫س ْلـبِيَّـــــــــــــــ ْه * أِل َنَّ َهــــــــا فِـــــــي قُـــــــ َّو ِة‬
‫َو ِم ْثـلُ َهـــــــا ال ُم ْه َمـــــــلَةُ ال َّ‬
‫ـزئِيَّــــــــــــــــــــــــــ ْه‬‫الج ْ‬‫ُ‬
‫ضــــــــــــــــــع‬
‫الو ْ‬
‫ب بِ َ‬ ‫ب بِالطَّ ْب ِع * َولَ ْي َ‬
‫ـس فِـي ُمـ َرتَّ ٍ‬ ‫َوال َع ْك ُ‬
‫ـس فِـي ُم َرتَّ ٍ‬

‫‪118‬‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫القياس‬

‫سبق أن بينت أن االستدالل إما أن يكون‪:‬‬


‫‪ -‬استدالل مباشرا‪ ،‬وقد مضى الحديث عنه في مبحث التالزم بين القض ايا أو‬
‫أحكام القضايا‪.‬‬
‫‪ -‬استدالال غير مباشر‪ ،‬وهو االس تدالل ال ذي ينتق ل في ه ال ذهن من مق دمتين‬
‫فأكثر‪ ،‬حتى يصل إلى النتيجة‪ ،‬وينقسم هذا النوع من االس تدالل ال ذي يع رف‬
‫بالحجة عند المناطقة إلى‪:‬‬
‫* القياس‬
‫* التمثيلـ‬
‫*االستقراء‬
‫ووجه حصر االستدالل غير المباش ر في ه ذه الثالث‪ ،‬أن اله دف‬
‫األسمى للمنطقي كما تقدم‪ ،‬هو الوصول إلى المجهول التصديقي أي النتيج ة‪،‬‬
‫من خالل المعلوم التص ديقي أي المق دمات‪ ،‬وعلي ه إذا ك ان انتق ال الفك ر في‬
‫عملية االستدالل‪:‬‬
‫* من األمر الكلي إلى الجزئي أو من األعم إلى األخص فهو القياس‪.‬‬
‫* من األمر الجزئي إلى الكلي‪ ،‬أو من األخص إلى األعم فهو االستقراء‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪ :‬القياس‬

‫* من الحكم على الجزئي إلى الحكم على جزئي آخر فهو التمثيل‪.‬ـ‬
‫المش هور عن المناطق ة أنهم حص روا االس تدالل في القي اس وه و‬
‫قي اس الش مول‪ ،‬وه و االس تدالل ب الكلي على الج زئي‪ ،‬وه ذا إلفادت ه العلم‬
‫واليقين‪ ،‬وعلي ه ال يع د قي اس التمثي ل عن دهم طريق ا ص حيحا من ط رق‬
‫االستدالل‪ ،‬وقياس التمثيل عند البعض هو القياس الفقهي‪ ،‬المع روف بأركان ه‬
‫وشروطه عند األصوليين‪ ،‬وسبب عدم اعتداد المناطقة بقي اس التمثي ل إفادت ه‬
‫الظن‪ ،‬وهذا مما انتقضه البعض على المناطقة‪.‬‬
‫والواقع أنه لم ينقل عن المناطقة المسلمين أنهم حصروا االس تدالل‬
‫في قي اس الش مول‪ ،‬ب ل لك ل من القياس ين مجاالت ه‪ ،‬فقي اس التمثي ل مجال ه‬
‫العمليات‪ ،‬وهي على هذا األساس يكفي فيها الظن‪ ،‬أما العلمي ات وهي العقائ د‬
‫فال يكفي فيها الظن‪ ،‬بل المعتبر هو القطع الذي يفي ده قي اس الش مول‪ ،‬وبس ط‬
‫هذا األم ر ليس ه ذا محل ه‪ ،‬لكن وجب التنبي ه على أن علماءن ا ال ذي درس وا‬
‫المنط ق لم يكون وا مج رد نقل ة‪ ،‬ب ل حقق وا النظ ر في كث ير من مس ائل ه ذا‬
‫المنطق‪ ،‬وحاولوا تجريد هذا المنطق من شوائبه الفلسفية‪ ،‬ح تى يك ون مج رد‬
‫آلة تنظم عملية التفكير‪ ،‬فنحن عندما نتكلم على علم المنط ق‪ ،‬فإنن ا نقص د ب ه‬
‫المنطق كما وضحه العلماء اإلسالميون في كتبهم المنطقية‪ ،‬كالشمس ية وكتب‬
‫اإلمام الرازي والغزالي والتفتازاني وغيرهم‪.‬‬
‫ومنه أقول إن كثيرا من االنتقادات التي يوجهها البعض ال يميزون‬
‫فيها بين المنط ق األرس طي في نس خته األولى‪ ،‬وبين المنط ق األرس طي في‬
‫نس خته المحقق ة على أي دي المناطق ة المس لمين‪ ،‬ولعلي ال أك ون مبالغ ا أو‬
‫مج اوزا لح دي‪ ،‬إذا م ا قلت أن المنط ق ‪ ،‬الب د أن نتعام ل مع ه من منطلقين‬
‫اثنيين‪:‬‬
‫المنطلق األول‪ :‬علم المنطق‪ ،‬محاولة جادة وأصيلة‪ ،‬القصد منها تنظيم عملي ة‬
‫الفكر‪ ،‬فهو أي علم المنطق ال ينتج معرفة‪ ،‬بل يهيئ الس بل‪ ،‬وي دلل الص عاب‬
‫أمام حركة الفكر اإلنساني‪ ،‬حتى تنتج علما ومعرفة‪ ،‬فهو من ه ذا المنطل ق ال‬
‫يمكن نقض ه‪ ،‬ض رورة وج ود منهج ينظم عملي ة الفك ر‪ ،‬يمث ل علم المنط ق‬
‫أصله وأساسه‪ ،‬وال يعيب هذا المنطق ما وجه إليه من انتقادات‪ ،‬ألن هذا النقد‬
‫قام به المناطقة منذ أق دم العص ور إلى يومن ا ه ذا‪ ،‬وعلي ه ف إن نق د ج زء من‬
‫أجزاء المنطق‪ ،‬ليس نقضا للكل دائما‪ ،‬وال هو مبرر لنسف الصنعة برمتها‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪ :‬القياس‬

‫المنطلق الثاني‪ :‬علم المنطق يعنى بالدرج ة األولى ب العلم اليقي ني والقطعي‪،‬‬
‫ومن هنا وقع التركيز فيه على القياس البرهاني‪ ،‬ومج ال اليقين‪ :‬العقائ د عن د‬
‫المتكلمين أو الماورئيات عند الفالسفة‪ ،‬فإثبات وجود هللا وحدوث العالم وبيان‬
‫صدق الرسالة المحمدية مما ال يمكن إثباته ب الظن‪ ،‬ب ل التعوي ل في ه ذا كل ه‬
‫على األدلة العقلية القطعية التي تشترك فيها ك ل العق ول‪ ،‬أم ا العل وم ال تي ال‬
‫تتعامل مع العقائد أو الماورئيات كالعلوم الطبيعية فيكفي فيها الظن‪ ،‬ومن هن ا‬
‫ال وجه لمن قال‪ ":‬إن علم المنطــق فقــد هيمنتـهـ على العلــوم‪ ،‬فبعــد أن كــان‬
‫المنطق األرسطي شامال لجميع العلوم‪ ،‬باعتباره اآللة التي تعصم الذهن عن‬
‫الوقوع في الخطأ‪ ،‬أصــبح اليــوم محاصــرا بتشــعبات العلــوم وتطورهــا‪ ،‬ممــا‬
‫يقتضي أن يكون لكل علم منهجهـ الخـاص بــه تبعــا لموضــوعه‪ ،‬فنحن اليــوم‬
‫بإزاء أنواع كثيرة من المنطق‪".‬‬
‫إن المنط ق في رأيي لم يفق د هيمنت ه على العل وم‪ ،‬فقواع د التفك ير‬
‫السليم ال ينبغي أن تكون محل خالف‪ ،‬فمبدأ الهوي ة ومب دأ العلي ة ومب دأ ع دم‬
‫التناقض‪ ،‬مبادىء تؤطر التفكير في أي حقل من حقول المعرفة‪ ،‬وهذا ال يمنع‬
‫من أن يختص كل علم بمنهج خاص بحسب طبيعته‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫أوال‪ -‬تعريف القياس‪ :‬قو ٌل مؤلَّ ٌ‬


‫ف من أقوال متى ُسلِّ َمت لَ ِز َم عنها ل ذاتِها ق و ٌل‬
‫آخرُ‪ ،‬كقولنا‪:‬‬
‫مقدمة أولى‬ ‫العالَ ُم متغيِّر‬
‫ٌ‬
‫حادث مقدمة ثانية‬ ‫وك ُّل متغيِّ ٍر‬
‫هاتان مقدِّمتان مر َّكبتان من ق ولين إذا ُس لِّ َمتا لَ ِز َم عنهم ا ل ذاتِهما ق ول‬
‫آرخر وهو‪:‬‬
‫ٌ‬
‫حادث نتيجةـ‬ ‫العالَ ُم‬
‫إن قياس الشمول عند المناطقة‪:‬‬
‫* هو ما كان مركبا من قضيتين فأكثر‪ ،‬ليشمل القياس البسيط وهو المركب‬
‫من مقدمتين كما في المث ال أعاله‪ ،‬والقي اس الم ركب من أك ثر من مق دمتين‪،‬‬
‫كقولنا‪:‬‬
‫مقدمة أولى‬ ‫النباش آخذ للمال خفية‬
‫وكل آخذ للمال خفية سارق مقدمة ثانية‬
‫مقدمة ثالثة‬ ‫وكل سارق تقطع يده‬
‫نتيجةـ‬ ‫النباش تقطع يده‬
‫* هو ما كان منتجا‪ ،‬فما كان مركبا من قض ايا‪ ،‬ال تعطن ا نتيج ة وال تس تلزم‬
‫قوال آخر‪ ،‬فليس قياسا‪ ،‬كقولنا مثال في فقه البيوع‪:‬‬
‫كل معاطاة عقد بيع مقدمة أولى‬
‫كل قرض جر نفعا فهو ربا مقدمة ثانيةـ‬
‫* هو ما كان اإلنتاج فيه واالستلزام لذاته‪ ،‬وليس ألمر خارج عنه‪ ،‬فما ك ان‬
‫مركبا من قضيتين فأكثر‪ ،‬واستلزم قوال آخر‪ ،‬إال أن هذا االستلزام ليس ناتج ا‬
‫من تركيب المقدمة األولى والثانية‪ ،‬وإنما هو ناتج من دليل آخر‪ ،‬فليس قياس ا‬
‫منطقيا‪ ،‬كقياس المساواة مثال‪ ،‬وه و الم ركب من قض يتين‪ ،‬متعل ق موض وع‬
‫إحداهما محمول األخرى‪ ،‬كقولنا مثال‪:‬‬
‫مقدمة أولى‬ ‫زيد مساو لعمر‬
‫‪124‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫وعمرو مساو لبكر مقدمة ثانية‬


‫نتيجةـ‬ ‫فزيد مساو لبكر‬
‫فهذا االستلزام ليس لذات القياس‪ ،‬بل بواسطة ص دق مقدم ة أجنبي ة‬
‫وهي قاعدة‪ :‬أن مساوي المساوي لشيء مساو لذلك الشيء‪.‬‬
‫* هو ما كانت النتيجة فيــه مغــايرة للمقــدمتين‪ ،‬فالقياس ال ذي تك ون نتيجت ه‬
‫عين المق دمتين‪ ،‬أو إح داهما فليس قياس ا منطقي ا‪ ،‬وه ذا األم ر ال ين افي أن‬
‫النتيجة في قياس الشمول موجودة في المقدمتين‪ ،‬ألنها وإن كانت موج ودة إال‬
‫أنها مبعثرة ومخفية‪ ،‬وفائدة القياس كشف هذه الحقيقة ورب ط أجزائه ا‪ ،‬ولع ل‬
‫في هذا األمر رد على من يرى أن القياس المنطقي عقيم‪ ،‬باعتب ار أن النتيج ة‬
‫موجودة في المقدمتين‪.‬‬
‫ولتسهيل فهم القياس يمكن القول أن ه اس تدالل ننتق ل في ه من الكلي‬
‫إلى الجزئي‪ ،‬ومثال ذلك قولنا‪:‬‬
‫‪ -‬قضية كلية عامة‪ -‬مقدمةكبرى‬ ‫كل نبي معصوم‬
‫‪ -‬قضية جزئية خاصة‪ -‬مقدمة صغرى‬ ‫محمد نبي‬
‫النتيجة‬ ‫‪ -‬حكم‪-‬‬ ‫محمد معصوم‬
‫الحظ في هذا القياس المنطقي‪:‬‬
‫* االنتقال من حالة كلية إلى حالة جزئية‪ :‬فقولنا كل نبي معصوم معــنى كلي‬
‫أي قاعدة عامة‪ ،‬وهي إثبات العصمة لكل من ثبتت له النبوة‪ ،‬وهذا المع نى ال‬
‫يخص فردا بعينه‪ ،‬بل ينطبق على أف راد كث يرين‪ ،‬أم ا قولن ا محم د ص لى هللا‬
‫عليه وسلم نبي‪ ،‬فمعــنى جــزئي يخص ص احب خ اتم النب وة محم د ص لى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وهذا معنى ال يشاركه فيه غيره‪ ،‬ومادام قد ثبت عن دنا أن محم دا‬
‫بن عبد هللا نبي‪ ،‬فهذا يستلزم أن محمدا معصوم‪ ،‬لدخول ه في عم وم العص مة‬
‫الثابتة لكل نبي‪.‬‬
‫* وجود مقدمتين‪:‬‬
‫المقدمة األولى‪ :‬محمد نبي وهي القضية الجزئية وتسمى‬
‫المقدمة الصغرى‪ ،‬الحتوائها على الحد األصغر وهو – محمد –‬

‫‪124‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫المقدمة الثانية‪ :‬كل نبي معصوم وهي القضية الكلية وتسمى‬


‫المقدمة الكبرى‪ ،‬الحتوائها على الحد األكبر وهو – معصوم ‪-‬‬
‫النتيجة‪ :‬محمد معصوم وهي القضية التي يكون موضوعها‬
‫الحد األصغر ومحمولها الحد األكبر‪.‬‬
‫* وجود حد مشترك بين القضيتينـ‪ :‬وهو الجزء المتكرر في القضيتين وه و‬
‫بمثاب ة الج امع بينهما‪ ،‬وهو‪ -‬نــبي ‪ -‬موض وع المقدم ة الك برى‪ ،‬ومحم ول‬
‫المقدمة الصغرى‪ ،‬ويسمى الحد األوسط‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ت قَ ْوالً َ‬
‫آخر‬ ‫ستَـ ْل ِز ًمـا بِ َّ‬
‫الـذا ِ‬ ‫ُم ْ‬ ‫ص ِّو َرا‬ ‫ـاس ِمنْ قَ َ‬
‫ضـايَا ُ‬ ‫إِنَّ القِيَ َ‬

‫‪124‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫أقسام القياس‬
‫ينقسم القياس إلى قسمين‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬االقتراني‪ :‬وهو غ ير المص رّح في مقدمات ه بالنتيج ة وال بنقيض ها‪ ،‬أو‬
‫هو ما ذكرت فيه النتيجة بمادتها‪ ،‬مثال ذلك قولنا‪:‬‬
‫المقدمة صغرى‬ ‫خالد يشرب الخمر‬
‫كل من يشرب الخمر فاسق مقدمة كبرى‬
‫النتيجةـ‬ ‫خالد فاسق‬
‫المالحظ في هذا القياس أن النتيجة غير مصرح بها في المقدمتين‪،‬‬
‫أي أن نتيجةـ خالد فاسق بهذه الص ورة‪ ،‬غ ير موج ودة في المق دمتين‪ ،‬وإنم ا‬
‫هي أي نتيجـــة خالـــد فاسق مركب ة من مجم وع المق دمتين‪ ،‬فموض وعها‬
‫موضوع الصغرى‪ ،‬ومحمولها محمول الكبرى‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫سـ َما ِن * فَ ِمـ ْنهُ َمـا يُ ْدعَـى بِااِل ْقـتِ َرانِي‬ ‫ثُ َّم القِيَ ُ‬
‫ـاس ِع ْن َدهُـ ْم قِ ْ‬
‫ـالح ْمـلِيَّــــ ِة‪.‬‬
‫َص بِ َ‬
‫اخـت َّ‬ ‫َوهْـ َو الَّ ِذي َد َّل َعلَى النَّـتِ َ‬
‫يج ِة* بِقُـ َّو ٍة َو ْ‬

‫‪ -1‬كيفية تأليف القياس االقتراني‪:‬‬


‫أ‪ -‬تـــرتيب المقـــدمات‪ :‬ب أن تق دم المقدم ة الص غرى‪ ،‬وهي المش تملة على‬
‫موضوع النتيجة‪ ،‬على المقدمة الكبرى وهي المشتملة على محم ول النتيج ة‪:‬‬
‫ومثاله قولنا‪:‬‬
‫المقدمة الصغرى‬ ‫جسم (الموضوع‪-‬الحد األصغر) ُمؤلَّفٌ‬
‫ٍ‬ ‫ك ُّل‬
‫المقدمة الكبرى‬ ‫َث(المحمول‪-‬ـالحد األكبر)‬ ‫وك ُّل ُمؤلَّ ٍ‬
‫ف ُمحد ٌ‬

‫‪129‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫إذاً ك ـ ُّل جسـ ٍـم(الموضــوع‪-‬الحــد األصــغر) ُمح ـد ٌ‬


‫َث(المحمــول‪-‬الحــد األكــبر)‬
‫النتيجة‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫يـح َها ِمـنْ فَـا ِ‬


‫س ٍد ُم ْختَبِ َرا‬ ‫ص ِح َ‬ ‫ت َوا ْنـظُ َ‬
‫ــرا * َ‬ ‫ب ال ُمقَـ ِّد َما ِ‬
‫َو َرتِّـ ِ‬
‫ت‬ ‫ب ال ُمقَـ ِّد َمـــا ِ‬
‫تآ ِ‬ ‫ســـــــــــــ ِ‬ ‫فَــــــإِنَّ الَ ِز َم ال ُمـــــــــــــقَـ ِّد َمـــا ِ‬
‫ت* بِ َح َ‬
‫ب‪ -‬ضرورة وجــود الحــد األوســط‪ ،‬وهو الح د المتك رر في المق دمتين‪ ،‬وه و‬
‫الوصف الجامع بين المقدمتين‪ ،‬ح تى ين درج األص غر في األك بر‪ ،‬وال ي ذكر‬
‫الحد األوسط في النتيجة ومثاله‪:‬‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫ك ُّل إنسا ٍن حيوانٌ (محمول‪-‬الحد األوسط)‬
‫مقدمة كبرى وفيها‬ ‫وك ُّل حيوا ٍن(موضوع –الحد األوسط) جس ٌم‬
‫النتيجة‬ ‫ك ُّل إنسا ٍن جس ٌم‬

‫قال صاحب السلم‪:‬‬


‫اجـ َها فِي ال ُك ْب َرى‬ ‫ـــــــرى* فَيَ ِج ُ‬
‫ـب ا ْن ِد َر ُ‬ ‫َ‬ ‫ص ْغ‬ ‫َو َمـا ِمنَ ال ُمقَ ِّد َمـا ِ‬
‫ت ُ‬
‫ص ْغـ َرا ُه َما * َو َذاتُ َحــ ٍّد أَ ْكبَـــــــــــــــ ٍر ُك ْبـ َرا ُه َما‬ ‫َو َذاتُ َحـ ٍّد ْ‬
‫أصـ َغ ٍر ُ‬

‫سـطٌ يُ ْلـ َغى لَــــــــــــدَى ا ِإل ْنت ِ‬


‫َاج‬ ‫اج * َو َو َ‬ ‫َوأَ ْ‬
‫صـ َغ ٌر فَــ َذا َك ُذو ا ْنـــــــــ ِد َر ِ‬
‫ج‪ -‬ضــرورة صــحة المقــدمات نظمــا ومــادة‪ ،‬فال يص ح اس تعمال مق دمتين‬
‫سالبتين وال مقدمتين جزئيتين‪ ،‬إذ ال إنتاج لسالبتين أو جزئيتين‪ ،‬كما ال يص ح‬
‫استعمال مقدمتين كاذبتين أو إحداهما كاذبة‪ ،‬ألن المقدمات إن كانت صحيحة‬
‫كانت النتيجة ص حيحة‪ ،‬ولكن إن ك انت المق دمات فاس دة‪ ،‬تض طرب النتيج ة‬
‫فتصدق تارة وتكذب تارة أخرى‪ ،‬فال تكون هذه القض ية مط ردة‪ ،‬وبالت الي ال‬
‫تصلح ألن تكون قاعدة كلية‪.‬‬
‫*ومثال المقدمات الصادقة المنتجة لنتيجة صادقة قولنا‪:‬‬
‫العالم متغير مقدمة صغرى صادقة‬

‫‪129‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫كل متغير حادث مقدمة كبرى صادقة‬


‫العالم حادث النتيجة صادقة‬
‫*ومثال المقدمات الكاذبة قولنا‪:‬‬
‫كل إنسان فرس مقدمة كاذبة‬
‫كل فرس صهال مقدمة صادقة‬
‫كل إنسان صهال نتيجةـ كاذبة‬
‫ثانيا– القيــاس االســتثنائي‪:‬ـ ه و المص رح في مقدمات ه بالنتيج ة أو بنقيض ها‬
‫بمادتها وصورتها‪ ،‬ومثال ذلك قولنا‪:‬‬
‫المقدمة الكبرى‬ ‫كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود‬
‫المقدمة الصغرى‬ ‫لكن الشمس طالعة فالنهار موجود‬
‫النتيجة‬ ‫فالنهار موجود‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫َّـر ِطي بِـالَ ا ْمتِـ َرا ِء‬ ‫ستِ ْثنَائِي*ـ يُ ْع َ‬
‫ـرفُ بِالش ْ‬ ‫َو ِم ْنـهُ َمـا يُ ْدعَى بِااِل ْ‬
‫المالحظ في هذا القياس‪:‬‬
‫* أن النتيجة وهي ‪ -‬النهار موجــود – موج ودة في المقدم ة األولى والثاني ة‪،‬‬
‫إال أنها موجودة بدون حكم‪ ،‬وهي ليست قضية قائمة ب ذاتها‪ ،‬وإنم ا هي ج زء‬
‫من قضية‪ ،‬ولذلك ال يصح االعتراض بأن فيه مص ادرة على المطل وب ‪ -‬أي‬
‫أن النتيجــة موجــودة مســبقا في المقــدمات والمصــادرة على المطلــوب من‬
‫المغالطات – ألن الموجود في إحدى المقدمتين صورة النتيج ة وليس النتيج ة‬
‫مع الحكم‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫يج ِة* أَ ْو ِ‬
‫ضـ ِّدهَـا بِالفِـ ْع ِل الَ بِالقُـ َّو ِة‬ ‫َوه َْو الَّ ِذي َد َّل عَـلَى النَّتِ َ‬
‫* وج ود أداة االس تثناء – لكن – والم راد باالس تثناء‪ ،‬ك ل لف ظ ي دل على‬
‫االستدراك‪ ،‬ولهذا سمي هذا القياس باالستثنائي أو الشرطي‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫أ‪ -‬القياس االستثنائيـ المتصل‪:‬ـ هو ما يتركب من الشرطية المتصلة‪.‬‬


‫‪ -‬ضروبهـ المنتجة‪:‬ـ القضية الشرطية إن كانت متصلة‪:‬‬
‫* أنتج إثبات المقدم إثبات التالي‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫كلما كان هذا إنسانا(مقدم)كان حيوانا(تالي)‬
‫لكنه إنسان(إثبات للمقدم) (اسثتناء عين المقدم)‬
‫فهو حيوان(إثبات للتالي)‬
‫فقد أنتج إثبات المقدم إثبات التالي‪ ،‬ألن المقدم ملزوم والتالي الزم‪،‬‬
‫ويلزم من وجود الملزوم وجود الالزم‪.‬‬
‫* أنتج نفي التالي نفي المقدم‪ ،‬ومثال ذلك‪:‬‬
‫كلما كان هذا إنسانا(مقدم)كان حيوانا(تالي) مقدمة كبرى‬
‫لكنه ليس بحيوان(نفي التالي) (اسثتناء نقيض التالي) مقدم صغرى‬
‫فهو ليس بإنسان (نفي المقدم) نتيجة‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫ضـ ُع َذا َك َو ْ‬
‫ضـ َع التَّالِي‬ ‫صا ِل * أَ ْنت َ‬
‫َـج َو ْ‬ ‫فَـإِنْ يَ ُك الش َّْر ِط ُّي َذا اتِّ َ‬
‫َـال َر ْفـــــــــــــــ َع أَ َّو ٍل َوالَ * يَ ْلـزَ ُم فِي َع ْك ِ‬
‫سـ ِه َما لِ َما ا ْن َجلَى‬ ‫َو َر ْفـ ُع ت ٍ‬
‫ب‪ -‬القياس االسثتنائي المنفصل‪ :‬ه و القي اس الم ركب من ش رطية منفص لة‬
‫واستثنائية‪ ،‬ولهذا القياس ثالث حاالت‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬الشرطية المنفصلة الحقيقية‪ ،‬وهي مانعة جمع وخل و‪ ،‬ووله ا‬
‫أربعة أضرب منتجة‪:‬‬
‫الضرب األول‪ :‬إثبات المقدم ينتج رفع التالي‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫إما أن تكون القاعة مضيئةـ (مقدم) أو مظلمة(التالي) مقدمة كبرى‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫لكنها مضيئة(إثبات المقدم)‬

‫‪136‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫النتيجة‬ ‫هي ليست مظلمة(نفيـ التالي)‬


‫الضرب الثاني‪ :‬إثبات التالي ينتج نفي المقدم‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫إما أن تكون القاعة مضيئةـ (مقدم) أو مظلمة(التالي) مقدمة كبرى‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫لكنها مظلمة(إثبات التالي)‬
‫النتيجة‬ ‫هي ليست مضيئة(نفي المقدم)‬
‫الضرب الثالث‪ :‬نفي المقدم ينتجـ إثبات التالي ‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫إما أن تكون القاعة مضيئةـ (مقدم) أو مظلمة(التالي) مقدمة كبرى‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫لكنها غير مضيئة(نفي المقدم)‬
‫النتيجةـ‬ ‫هي مظلمة(إثبات التالي)‬
‫الضرب الرابع‪ :‬نفي التالي ينتجـ إثبات المقدم‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫إما أن تكون القاعة مضيئة (مقدم) أو مظلمة(التالي) مقدمة كبرى‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫لكنها غير مظلمة(نفيـ التالي)‬
‫النتيجة‬ ‫هي مضيئة(إثبات المقدم)‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫ض ُع َذا * يُ ْنـتِ ُـج َر ْفـ َع َذاكَ َوال َع ْك ُ‬


‫ـس َك َذا‬ ‫صالً فَ َو ْ‬
‫َوإِنْ يَ ُكنْ ُم ْنفَ ِ‬
‫َو َذاكَ فِي األَخَ صِّ ‪............. * ..........‬‬
‫الحالة الثانية‪:‬ـ الشرطية المنفصلة مانعة الجمع فقط‪ ،‬ولها ضربان ليس إال‪:‬‬
‫الضرب األول‪ :‬إثبات المقدم ينتج نفي التالي‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫إمــا أن يكــون خالــد في وهــران(مقــدم) وإمــا أن يكــون في مكــة(تــالي)‬
‫مقدمةكبرى‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫لكن خالد في وهران( إثبات المقدم)‬
‫خالد ليس في مكة النتيجة (نفي التالي)‬

‫‪136‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬القياس‬

‫الضرب الثاني‪ :‬إثبات التالي ينتج نفي المقدم ‪ ،‬ومثاله‪:‬‬


‫إمــا أن يكــون خالــد في وهــران(مقــدم) وإمــا أن يكــون في مكــة(تــالي)‬
‫مقدمةكبرى‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫لكن خالد في مكة( إثبات التالي)‬
‫نتيجة‬ ‫خالد ليس في وهران النتيجةـ (نفي المقدم)‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ـع َذا ُز ِكنْ‬
‫ض ِ‬ ‫‪.............‬ثُ َّم إِنْ يَ ُكنْ * َمـانِ َع َج ْم ٍ‬
‫ـع فَبِ َو ْ‬
‫الحالة الثالثة‪:‬الشرطية المنفصلة مانعة خلو فقط ولها ضربان منتجان هما‪:‬‬
‫الضرب األول‪ :‬نفي المقدم ينتجـ إثبات التالي‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫إما أن يكون هذا الكتاب‪ ،‬غير كتاب فقه(المقدم)‪ ،‬وإمـا أن يكـون غـير كتـاب‬
‫المقدمة الكبرى‬ ‫تفسير(التالي)‬
‫المقدمة الصغرى‬ ‫لكنه كتاب فقه(نفي المقدم)‬
‫النتيجة‬ ‫إذن هو غير كتاب تفسير (إثبات التالي)‬
‫الضرب الثاني‪ :‬نفي التالي ينتجـ إثبات المقدم‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫إما أن يكون هذا الكتاب‪ ،‬غير كتاب فقه(المقدم)‪ ،‬وإمـا أن يكـون غـير كتـاب‬
‫المقدمة الكبرى‬ ‫تفسير(التالي)‬
‫المقدمة الصغرى‬ ‫لكنه كتاب تفسير(نفيـ التالي)‬
‫النتيجة‬ ‫إذن هو غير كتاب فقه (إثبات المقدم)‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫س َذا‬ ‫س َوإِ َذا * َمـانِ َع َر ْف ٍ‬
‫ـع َكانَ فَ ْه َو َع ْك ُ‬ ‫َر ْف ٌع لِ َذاكَ دُونَ َع ْك ٍ‬

‫‪136‬‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬أشكال وأضرب القياس‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬

‫أشكال وأضرب القياس‬

‫يطلق الشكل عند المناطقة‪ ،‬ويرادبه هيئة قضيتي القياس‪ ،‬من دون‬
‫اعتب ار األس وار‪ ،‬وذل ك باعتب ار ت رتيب الح د األوس ط م ع طرفي ه األك بر‬
‫واألصغر في كل من المقدمتين‪ ،‬أما إذا اعتبرنا الكم والكيف ف إن ذل ك يس مى‬
‫بالضرب‪ ،‬والذي دعى المناطقة إلى بيان األشكال والض روب‪ ،‬ه و حرص هم‬
‫على أن يكون القياس منتجا‪ ،‬فالقضايا تختلف أنواعها‪ ،‬فمنها الكلية والجزئية‪،‬‬
‫ومنه ا الموجب ة والس البة‪ ،‬ومنه ا الص ادقة والكاذب ة‪ ،‬ومم ا ال ش ك في ه أن‬
‫الوقوف على هذه األش كال يمكن من التمي يز بين القض ايا المنتج ة والقض ايا‬
‫العقيمة‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫س‬
‫ضيَّـت َْى قِــــــيـَـا ِ‬ ‫س* يُ ْطـلَــ ُ‬
‫ق عَـنْ قَ ِ‬ ‫ش ْكـ ُل ِع ْنـ َد َه ُؤالَ ِء النَّـــــــــا ِ‬
‫ال َّ‬
‫ب لَـهُ يُـــــشَـا ُر‬
‫ـر ِ‬
‫ض ْ‬‫ـوا ُر * إِ ْذ َذاكَ بِال َّ‬
‫س َ‬‫ِمـنْ َغ ْي ِر أَنْ تُ ْعتَـبَ َر األَ ْ‬
‫المالح ظ في القي اس االق تراني حملي ا ك ان أو ش رطيا‪ ،‬أن الح د‬
‫األوس ط وه و الح د المتك رر كم ا م ر‪ ،‬ق د يك ون موض وعا – مقــدما‪ -‬في‬
‫المقدمتين‪ ،‬أو محموال فيهما – تاليــا ‪ ،-‬أو موض وعا في الص غرى ومحم وال‬
‫في الكبرى‪ ،‬أو بالعكس‪ ،‬فهذه أربع ة أش كال‪ ،‬أم ا أض رب القي اس االق تراني‬
‫فستة عشر حاصلة من ضرب ح االت المقدم ة الص غرى األرب ع في ح االت‬
‫المقدمة الكبرى األربع‪.‬‬

‫قال صاحب السلم‪:‬‬


‫س ْط‬
‫الحـ ِّد ال َو َ‬
‫ب َ‬ ‫ش َكـا ٌل فَقَـ ْط * أَ ْربَ َعةٌ بِ َح َ‬
‫سـ ِ‬ ‫ت أَ ْ‬
‫َولِ ْل ُمقَ ِّد َمـا ِ‬
‫‪ -1‬الشكل األول‪ :‬أن يكون الحد األوسط محموال في الص غرى موض وعا في‬
‫الكبرى‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫كل إنسان(موضوع‪ -‬حد أصغر) حيوان(محمول – حد أوسط )‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬أشكال وأضرب القياس‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬

‫المقدمة الصغرى موجبة‬


‫كل حيوان(موضوع – حد أوسط) جسم(محمول – حد أكبر)‬
‫المقدمة الكبرى كلية‬
‫كل إنسان(موضوع – حد أصغر) جسم (محمول – حد أكبر)‬
‫النتيجة‬
‫ه ذا الش كل األول عن د المناطق ة ه و أق وى األش كال‪ ،‬ألن ه على‬
‫مقتضى الطب ع‪ ،‬وال يحت اج إلى إقام ة دلي ل على كون ه منتج ا‪ ،‬بخالف ب اقي‬
‫األشكال‪ ،‬ألن اإلنت اج في القي اس يجب أن يك ون مبني ا على االن دراج‪ ،‬ح تى‬
‫نصل إلى القضية الكلية الموجبة أي القاعدة الكلية‪ ،‬فالحد األصغر مندرج في‬
‫الحد األوسط‪ ،‬والحد األوسط محك وم علي ه بالح د األك بر‪ ،‬فيس ري الحكم من‬
‫الحد األوسط إلى الحد األصغر‪.‬‬
‫وهذا ما يحصل في ه ذا الش كل‪ ،‬ففي المث ال الس ابق‪ ،‬وض ع الح د‬
‫األوسط ‪ -‬حيوان ‪ -‬مع الحد األكبر‪ -‬جسم ‪ ،-‬والحد األص غر – إنس ان ‪ ،-‬ه و‬
‫عينه وضع أحدهما مع اآلخر في النتيجة‪ ،‬فكما يكون األص غر موض وعا في‬
‫النتيجة يكون موضوعا في الصغرى‪ ،‬وكما يكون األكبر محموال في النتيج ة‬
‫يكون محموال في الك برى‪ ،‬وبمع نى آخ ر اإلنس ان من درج في الحي وان فه و‬
‫جزء من أجزائه‪ ،‬والحيوان بمختلف أجزائه محكوم علي ه بالجس مية‪ ،‬وم ادام‬
‫اإلنسان جزء من أجزاء الحيوان‪ ،‬يسري حكم الجسمية عليه‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ش ْكـ ٍل أَ َّو ٍل َويُـ ْد َرى‬ ‫ص ْغ َرى َو ْ‬
‫ض ُعهُ بِ ُك ْب َرى* يُ ْدعَـى بِ َ‬ ‫َح ْمـ ٌل بِ ُ‬
‫أضرب الشكل األول‪:‬‬
‫يشترط المناطقة في هذا الشكل حتى يكون منتجا شرطين اثنين‪:‬‬
‫‪ -‬الشرط األول‪ :‬إيجاب المقدمة الصغرى‪ ،‬وهذا ح تى ين درج الح د األص غر‬
‫في الحد األوسط‪.‬‬
‫‪ -‬الشرط الثاني‪ :‬كلية المقدمة الكبرى‪ ،‬وهذا حتى يندرج الحد األوس ط وه و‬
‫موضوعها‪ ،‬في الحد األكبر وهو محمولها‪.‬‬
‫مقاصد التصديقات‪:‬أشكال وأضرب القياس‬ ‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬

‫قال صاحب السلم‪:‬‬


‫ـام أَ َّمـا األَ َّو ُل‬ ‫ث عَنْ هَـ َذا النِّظَ ِام يُ ْع َد ُل * فَفَا ِ‬
‫سـ ُد النِّظَ ِ‬ ‫فَ َح ْي ُ‬

‫ـــــــراهُ * َوأَنْ ت َ‬
‫ُــــرى ُكلِّــيَّــــــــــــــــــــــــــــةً‬ ‫َ‬ ‫ص ْغ‬
‫ــــاب فِي ُ‬
‫يج ُ‬ ‫شـــ ْرطُهُ ِ‬
‫اإل َ‬ ‫فَ َ‬
‫ُك ْب َ‬
‫ــراهُ‬
‫وبتحقي ق ه ذين الش رطين يظه ر أن الض روب المنتج ة في ذا الش كل‬
‫أربعة فقط‪ ،‬والعقيم اثنا عشر ضربا‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪ :‬فَ ُم ْنــتِ ٌج أِل َ َّو ٍل أَ ْربَــ َعةُ‬

‫* جدول األضرب المنتجة‬


‫النتيجة‬ ‫المقدمة الكبرى‬ ‫المقدمة الصغرى‬
‫موجبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬
‫كل عبادة تكليف شرعي كل صالة تكليف شرعي‬ ‫كل صالة عبادة‬
‫سالبة كلية‬ ‫سالبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬
‫الشيء من البيع صالة‬ ‫الشيء من المعاملة‬ ‫كل بيع معاملة‬
‫صالة‬
‫موجبة جزئيةـ‬ ‫موجبة كلية‬ ‫موجبة جزئيةـ‬
‫بعض العبادة تفتتح‬ ‫كل صالة تفتتحـ بتكبير‬ ‫بعض العبادة صالة‬
‫بتكبيرـ‬
‫سالبة كلية‬ ‫سالبة كلية‬ ‫موجبة جزئيةـ‬
‫ال واجب يثبت بغير‬ ‫الشيء من األحكام‬ ‫بعض األحكام الشرعية‬
‫دليل‬ ‫الشرعية يثبتـ بغير‬ ‫واجب‬
‫دليل‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫أشكال وأضرب القياس‬

‫‪ - 2‬الشكل الثاني‪ :‬أن يكون الحد األوسط فيه محموال في المقدمتين‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫كـــل منـــدوب( موض وع –ح د أك بر) حكم تكليفي(محم ول‪-‬ح د أوس ط)‬
‫المقدمة الكبرى‬
‫وال واحد من األحكام الوضعية(موضوع‪ -‬حد أصغر) بحكم تكليفي(محم ول‪-‬‬
‫حد أوسط) المقدمة الصغرى‬
‫النتيجة‬ ‫ال مندوب من األحكام الوضعية‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫َو َح ْملُهُ فِي ال ُك ِّل ثَانِيـًا ُع ِرفْ‬
‫أضرب الشكل الثاني‪:‬‬
‫يشترط المناطقة في هذا الشكل حتى يكون منتجا شرطين اثنين‪:‬‬
‫الشــرط األول‪ :‬اختالف المقــدمتين في الكيــف‪ ،‬أي يجب إذا ك انت إح داهما‬
‫موجبة‪ ،‬أن تكون األخرى سالبة‪،‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬كلية المقدمة الكبرى‪ ،‬وهذا ح تى ين درج الح د األوس ط وه و‬
‫موضوعها‪ ،‬في الحد األكبر وهو محمولها‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫َـرطٌ َوقَ ْع‬ ‫َوالثَّا ِن أنْ يَ ْختَلِفَا فِي ال َك ْي ِ‬
‫ف َم ْع * ُكلِّيَّ ِة ال ُك ْبـ َرى لَـهُ ش ْ‬

‫‪137‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫أشكال وأضرب القياس‬

‫وبتحقي ق ه ذين الش رطين يظه ر أن الض روب المنتج ة في ذا الش كل‬
‫أربعة فقط‪ ،‬والعقيم اثنا عشر ضربا‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫سـتَّةُ‬ ‫َكـالثَّ ِ‬
‫ـان ثُ َّم ثَالِ ٌ‬
‫ـث فَ ِ‬
‫* جدول األضرب المنتجة‬
‫النتيجة‬ ‫المقدمة الكبرى‬ ‫المقدمة الصغرى‬
‫سالبة كلية‬ ‫سالبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬
‫ال شيء من الصالة‬ ‫ال شيء من المعامالت‬ ‫كل صالة عبادة‬
‫معاملة‬ ‫عبادة‬
‫سالبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬ ‫سالبة كلية‬
‫الشيء من المعاملة كل عبادة تفتتحـ بالتكبير الشيء من المعاملة‬
‫عبادة تفتتحـ بالتكبير‬ ‫صالة‬ ‫صالة‬
‫سالبة جزئية‬ ‫سالبة كلية‬ ‫موجبة جزئية‬
‫بعض العبادة ليس زكاة‬ ‫ال شيء من الزكاة‬ ‫بعض العبادة صالة‬
‫صالة‬
‫سالبة جزئية‬ ‫موجبةكلية‬ ‫سالبة جزئية‬
‫بعض األحكام الشرعية كل حكم شرعي على بعض األحكام الشرعية‬
‫وجه الحتم فهو واجب ليس على وجه الحتم‬ ‫ليس بواجب‬

‫المالحظ في هذه النتائج أنها كلها سلبية‪ ،‬س البتان كليت ان‪ ،‬وس البتان‬
‫جزئيتان‪ ،‬وسبب ذلك أن النتيجة تتبع األخس( األضعف) من مقدمتي القياس‪،‬‬
‫فإذا كانت إحدى المقدمتين سالبة كانت النتيجة سالبة‪ ،‬وإذا كانت إحدى‬

‫‪139‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫أشكال وأضرب القياس‬

‫المقدمتين جزئية‪ ،‬كانت النتيجة جزئية‪ ،‬ومثل هذا القي اس يس تخدم ع ادة لنفي‬
‫شيء ما‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ت َه َكـ َذا ُز ِكنْ‬ ‫ـجةُ األَ َخ َّ‬
‫س ِمـنْ * تِ ْلـكَ ال ُمقَـ ِّد َمـا ِ‬ ‫َوتَ ْتبَ ُـع النَّتِ ْي َ‬
‫‪ -3‬الشكل الثــالث‪ :‬ه و م ا ك ان الح د األوس ط في ه موض وعا في المق دمتين‪،‬‬
‫ومثاله‪:‬‬
‫كل إنسان (موضوع‪ -‬ح د أوس ط) حيــوان(محم ول – ح د أك بر ) المقدمــة‬
‫الكبرى‬
‫كل إنسان(موضوع‪ -‬حد أوس ط) نــاطق (محم ول – ح د أص غر ) المقدمــة‬
‫الصغرى‬
‫بعض الحيوان(موضوع – حد أكبر) ناطق(محمول – حد أصغر ) النتيجة‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ض ُعهُ فِي ال ُكـ ِّل ثَالِثًـا أُلِفْ‬
‫َو َو ْ‬
‫أضرب الشكل الثالث‪:‬‬
‫يشترط المناطقة في هذا الشكل حتى يكون منتجا شرطين اثنين‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬إيجاب المقدمة الصغرى‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬كلية إحدى القضيتين‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫*وأَنْ تُ َرى ُكلِّـيَّةً إِ ْحــدَا ُه َمـا‬
‫ص ْغ َرا ُه َما َ‬
‫اب ِفي ُ‬
‫يج ُ‬ ‫َوالثَّالِ ُ‬
‫ث ا ِإل َ‬
‫وبتحقيق هذين الشرطين يظه ر أن الض روب المنتج ة في ه ذا الش كل‬
‫ستة ضروب‪،‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫سـتَّةُ‬ ‫َكـالثَّ ِ‬
‫ـان ثُ َّم ثَالِ ٌ‬
‫ـث فَ ِ‬

‫‪145‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫أشكال وأضرب القياس‬

‫* جدول األضرب المنتجة‬


‫النتيجة‬ ‫المقدمة الكبرى‬ ‫المقدمة الصغرى‬
‫موجبة جزئية‬ ‫موجبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬
‫بعض العبادة تفتتح‬ ‫كل صالة تفتتح بالتكبيرـ‬ ‫كل صالة عبادة‬
‫بالتكبير‬
‫سالبة جزئية‬ ‫سالبةكلية‬ ‫موجبة كلية‬
‫بعض ما يحتاج إلى‬ ‫ال شيء من العبادة ببيع‬ ‫كل عبادة تحتاج إلى‬
‫النية ليس ببيع‬ ‫نيةـ‬

‫موجبة جزئية‬ ‫موجبة كلية‬ ‫موجبة جزئية‬


‫بعض العبادة صوم كل عبادة تحتاج إلى نية بعض صوم يحتاج إلى‬
‫نيةـ‬
‫سالبة جزئية‬ ‫سالبةكلية‬ ‫موجبة جزئية‬
‫بعض خطاب هللا ال‬ ‫ال شيء من األحكام‬ ‫بعض األحكام الشرعية‬
‫يثبت بعقل اإلنسان‬ ‫الشرعية يثبتـ بعقل‬ ‫يثبت بخطاب هللا‬
‫اإلنسان‬
‫موجبة جزئية‬ ‫موجبة جزئيةـ‬ ‫موجبة كلية‬
‫بعض العبادة مندوب‬ ‫بعض الصيام مندوب‬ ‫كل صيام فهو عبادة‬
‫سالبة جزئية‬ ‫سالبة جزئيةـ‬ ‫موجبة كلية‬
‫كل حج تجب فيه النية بعض الحج ليس قرانا بعض ما تجب فيه النية‬
‫ليس قرانا‬
‫‪ -4‬الشــكل الرابــع ه و م ا ك ان الح د األوس ط في ه موض وعا في الص غرى‬
‫ومحموال في الكبرى‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫كل إنسان (موضوع‪ -‬ح د أوس ط) حيــوان(محم ول – ح د أك بر ) المقدمــة‬
‫الكبرى‬
‫كل ناطق(موضوع‪ -‬ح د أص غر) إنســان (محم ول – ح د أوس ط ) المقدمــة‬
‫الصغرى‬
‫بعض الحيوان(موضوع – حد أكبر) ناطق(محمول – حد أصغر ) النتيجة‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫س األَ َّو ِل* َو ْه َي َعلَى التَّ ْرتِي ِ‬


‫ب فِي التَّ َكـ ُّم ِل‬ ‫ال َع ْك ُ‬ ‫َو َرابِ ُع األَ ْ‬
‫ش َك ِ‬

‫‪145‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫أشكال وأضرب القياس‬

‫أضرب الشكل الثاني‪:‬‬


‫يشترط المناطقة في هذا الشكل حتى يكون منتجا شرطين اثنين‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬إذا كانت مقدمته الصــغرى موجبــة وجزئيـةـ ‪ ،‬وجب أن تك ون‬
‫مقدمته الكبرى سالبة كلية‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬إذا لم تكن مقدمتهـ الصغرى موجبةـ جزئية‪ ،‬فشرطة أال تجتمع‬
‫الخستين أي السالب و الجزئي في مقدمتيه أوفي إحداهما‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫صـو َر ٍة فَفِي َهــا يَ ْ‬


‫سـتَبِينْ‬ ‫سـتَ ْينْ * إِالَّ بِ ُ‬
‫الخ َّ‬
‫َو َرابِ ٌع عَـ َد ُم َج ْم ِع ِ‬
‫سالِــبَةٌ ُكلِّــيَّ ْه‬
‫ـوجبَةٌ ُج ْزئِـيِّ ْه * ُك ْبــ َرا ُه َمـا َ‬ ‫ص ْغ َ‬
‫ـرا ُه َما ُم َ‬ ‫ُ‬
‫وبتحقيق هذين الشرطين يظه ر أن الض روب المنتج ة في ه ذا الش كل‬
‫خمسة أضرب‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫س ٍة قَ ْد أَ ْنت ََجا* َو َغ ْيـ ُر َمـا َذ َك ْ‬


‫ـرتُهُ لَـنْ يُ ْنتِ َجا‬ ‫َو َرابِـ ٌع بِ َخ ْمـ َ‬
‫* جدول األضرب المنتجة‬
‫النتيجة‬ ‫المقدمة الكبرى‬ ‫المقدمة الصغرى‬
‫موجبة‬ ‫موجبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬
‫بعض العبادة تفتتحـ‬ ‫كل ما يفتتح بالتكبير‬ ‫كل صالة عبادة‬
‫بالتكبير‬ ‫صالة‬
‫جزئيةـ‬ ‫موجبة‬ ‫موجبة كلية‬
‫بعض ما يحتاج إلى‬ ‫بعض الصالة عبادة‬ ‫كل عبادة تحتاج إلى‬
‫النية عبادة‬ ‫نية‬

‫جزئيةـ‬ ‫جزئية‬ ‫سالبة كلية‬


‫فال شيء من البيع‬ ‫كل صالة عبادة‬ ‫ال شيء من العبادة بيع‬
‫صالة‬
‫سالبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬ ‫موجبة كلية‬
‫فال شيء مما يثبت‬ ‫ال شيء من القوانين‬ ‫كل األحكام الشرعية‬
‫بخطاب هللا بقوانين‬ ‫اإلنسانية من األحكام‬ ‫تثبت بخطاب هللا‬

‫‪145‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫أشكال وأضرب القياس‬

‫وضعية‬ ‫الشرعية‬
‫سالبة جزئيةـ‬ ‫سالبة كلية‬ ‫موجبة جزئيةـ‬
‫بعض األحكام التكليفية‬ ‫وال شيء من األسباب‬ ‫بعض األحكام التكليفية‬
‫ليس بسبب‬ ‫بحكم تكليفي‬ ‫مكروه‬

‫وقبل االنتقال إلى مادة القياس البد من التنبيه في هذا المقام على‪:‬‬
‫* أن األشكال األربعة للقياس‪ ،‬ليست مختصة بالقياس االقتراني الحملي‪ ،‬كما‬
‫هو اختيار صاحب السلم في منظومته‪ ،‬بل المعتبر عن د جمه ور المناطق ة أن‬
‫األش كال األربع ة كم ا ت تركب من الحملي ات ت تركب أيض ا من الش رطيات‪،‬‬
‫ويسمى القياس فيها قياسا اقتراني ا ش رطيا‪ ،‬والح د األك بر في ه ه و الت الي في‬
‫النتيجة‪ ،‬والحد األوسط فيه هو المكرر بين المقمتين‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫كلما كان صالة(مقدم)(حد أصغر)كان عبادة(التالي)(حد أوسط)‬
‫المقدمة الصغرى‬
‫وكلما كان عبادة(مقدم)(حد أوسط)كان محتاجا إلى نية(التالي)(الحد األكبر)‬
‫المقدمة الكبرى‬
‫فكلما كان صالة (المقدم)كان محتاجا إلى نية(التالي)‬
‫النتيجة‬

‫قال صاحب السلم‪:‬‬


‫َّـر ِطـ ِّي‬ ‫صـةٌ َولَ ْي َ‬
‫ـس بِالش ْ‬ ‫الحـ ْملِ ِّى* ُم ْختَ َّ‬ ‫َوهَـ ِذ ِه األَ ْ‬
‫ش َكـا ُل بِ َ‬
‫*يجوز حذف إحدى مقدمات القياس‪ ،‬أو حذف النتيجة‪ ،‬إذا كان في الكالم م ا‬
‫يدل على المحذوف‪ ،‬ومثاله قول القائل‪:‬‬
‫خالد يجب عليه الوضوء(النتيجة) ألنه أحدث(المقدم ة الص غرى)‪،‬‬
‫فالقائل ههنا قد حذف المقدمة الكبرى وصورة القياس‪:‬‬
‫كل من أحدث يجب عليه الوضوء المقدمة الكبرى‬
‫المقدمة الصغرى‬ ‫خالد أحدث‬
‫النتيجة‬ ‫خالد يجب عليه الوضوء‬
‫‪145‬‬
‫مذكرة في تيسير قواعد المنطق‬
‫أشكال وأضرب القياس‬

‫قال صاحب السلم‪:‬‬


‫ت* أَ ِو النَّتِــ ْي َج ِة لِ ِعــ ْل ٍم آتٍحجية القياس‬ ‫الح ْـذفُ فِي بَ ْعـ ِ‬
‫ض ال ُمقَ ِّد َما ِ‬ ‫َو َ‬
‫يــؤتى بالقيــاس إلقامــة الحجــة على الخصــم‪ ،‬ف إذا س لم الخص م‬
‫بالمقدمات الب د وأن يس لم بالنتيج ة‪ ،‬وإال ك ان الخص م مك ابرا‪ ،‬ف إذا لم يس لم‬
‫بالمقدمات‪ ،‬وجب على المستدل بالقياس‪ ،‬أن يستدل على كل مقدمة حتى يسلم‬
‫له الخصم بها‪ ،‬أو تنتهي إلى الضروريات من القضايا‪ ،‬أو نتتهي إلى حص ول‬
‫الدور والتسلل‪ ،‬وعندها وجب على الخصم التسليم بالمقدمات‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫س ٍل قَـ ْد لَ ِز َمـا‬
‫س ْلـ ُ‬
‫او تَ َ‬ ‫َوتَ ْنتَـ ِهي إِلَى َ‬
‫ضـ ُرو َر ٍة لِ َمـا* ِمـنْ د َْو ٍر ْ‬

‫‪145‬‬
‫مذكرة في تيسير المنطق‬
‫مواد القياس‬

‫مواد القياس‬
‫ال يكتمل الحديث عن القياس‪ ،‬إال بعد بيان ما يتعلق بمقدمات القياس‬
‫من حيث حظه ا من الص دق واليقين‪ ،‬ودرجته ا في الخط أ والص واب‪،‬وعلى‬
‫هذا ينقسم القياس أو الدليل أو الحجة من حيث مادته‪:‬‬
‫قياس يقينيـ المقدمات وهو قسم واحد وهو القياس البرهاني‪.‬‬
‫قياس غير يقيني‪ ،‬وهو أربعة أقسام‪ :‬القياس الجدلي‪ ،‬القيــاس الخطــابي‪،‬‬
‫القياس الشعري‪ ،‬القياس السفسطائي‪.‬‬
‫ووجــه حصــر ال دليل أو الحج ة أو القي اس في ه ذه الخمسة‪ ،‬ه و أن‬
‫القياس إن أفاد يقينا فهو القياس البرهاني‪ ،‬وإن أفاد يقينا على وجه االع تراف‬
‫والتسليم‪ ،‬فهو القايس الجدلي‪ ،‬وإن افاد ظن ا فه و القي اس الخط ابي‪ ،‬وإن أف اد‬
‫تخيال وتأثرا في النفس فهو القياس الشعري‪ ،‬وإن أفاد كذبا بأن كانت مقدامت ه‬
‫كاذبة فهو القياس السفسطائي‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫سةٌ َجلِـيَّـــــــــ ْه‬ ‫َو ُح َّجـةٌ نَ ْقلِـيَّةٌ َع ْقلِــيَّـــــــــــــــــ ْه * أَ ْق َ‬
‫سـا ُم هَـ ِذي َخ ْمـ َ‬
‫سـطَةٌ نِ ْلتَ األَ َم ْل‬
‫س ْف َ‬ ‫َخطَـابَةٌ ِ‬
‫ش ْعـ ٌر َوبُ ْرهَانٌ َج َد ْل * َو َخـا ِم ٌ‬
‫س َ‬

‫‪145‬‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫مواد القياس‪ :‬القياس البرهاني‬

‫أوال‪ -‬تعريف القياس البرهاني‪ :‬هو ما ت ركب من قض ايا يقيني ة‪ ،‬وله ذا ك ان‬
‫البرهان عند المناطقة هو العم دة في الوص ول إلى التص ديقات وهي القض ايا‬
‫الكلية التي عليها مدار العلوم باعتبارها قواعد وقوانين مطردة‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫أَ َجلُّ َهـا البُ ْرهَـانُ َما أُلِّفَ ِمنْ * ُمقَـ ِّد َمـا ٍ‬
‫ت بِـاليَقِـي ِن تَ ْقـتَ ِرنْ‬
‫‪ -‬مادة المقدمات اليقينية‪ :‬المقدمات اليقينية التي يتركب منها القياس‬
‫البرهاني قسمان‪:‬‬
‫أ‪ -‬قضايا يقينية نظريةـ يحتاج التصديق بها إلى دليل‪.‬‬
‫ب‪ -‬القضايا اليقينية الضرورية‪ :‬وهي ستة أنواع‪:‬‬
‫* األوليات‪ :‬وهي قضايا تصور طرفيها‪ ،‬كاف في الجزم بالنسبة بينهما‪،‬‬
‫كقولنا‪ :‬الكلم أعظم من الجزء‪ ،‬والواحد نصف االثنين‪ ،‬واألب أكبر من االبن‪.‬‬
‫* المشاهدات‪ :‬وهي قضايا يحكم بها بالحواس الظاهرة‪ ،‬كالحكم بأن الشمس‬
‫مضيئة وأن الليل مظلم‪.‬‬
‫* المحسوسات‪ :‬وهي قضايا يحكم بها بالحس الباطني‪ ،‬كالحكم بأنك جائع‪،‬‬
‫أو أنك غاضب‪.‬‬
‫* المجربات‪ :‬وهي قضايا يحكم بها لمشاهدات متكررة‪ ،‬مثل كون بعض‬
‫األدوية مسكن لأللم‪.‬‬
‫* المتواترات‪ :‬وهي القضايا التي يحكم بها لكثرة الشهادات بعد العلم بعدم‬
‫امتناعها‪ ،‬واألمن من التواطؤ على الكذب فيها‪ ،‬كالعلم بوجود مكة‪.‬‬
‫* الحدسيات‪ :‬وهي القض ايا ال تي يحكم به ا بواس طة ظن مس تند إلى أم ارة‪،‬‬
‫كقولنا نور القمر مستفاد من الشمس‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ت‬
‫ــــــــــــــــــرا ِ‬
‫َ‬ ‫ت ُمتَــ َواتِ‬
‫ت * ُم َجــ َّربَـا ٍ‬ ‫ِمـنْ أَ َّولِيَّـا ٍ‬
‫ت ُمشَاهَــــــــدَا ِ‬
‫ت * فَتِ ْلـكَ ُج ْمــلَةُ اليَقِيـنِيَّا ِ‬
‫ت‬ ‫سا ِ‬
‫سو َ‬
‫ت َو َم ْح ُ‬
‫سيَّـا ٍ‬
‫َو َحـ َد ِ‬
‫ثانيا‪:‬أقسام القياس البرهاني‬
‫‪154‬‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫مواد القياس‪ :‬القياس البرهاني‬

‫ينقسم القياس البرهاني إلى‪:‬‬


‫‪-1‬برهان لمي‪ :‬هو قياس يستدل فيه بالعلة على المعلول‪ ،‬أو هو ما يكون الحد‬
‫األوسط فيه علة لثبوت األكبر لألصغر‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫زيد(حد أصغر) أحدث(حد أوسط‪ -‬علة) مقدمة صغرى‬
‫كل من أحدث(حد أوسط) يتنقض وضوؤه(حد أكبر) مقدمة كبرى‬
‫زيد (حد أصغر) ينتقضـ وضؤه(حد أكبر) النتيجة‬
‫فالحدث وهو الحد األوسط في هذا القي اس‪ ،‬عل ة في انتق اض الوض وء‬
‫وهو الحد األكبر‪ ،‬والحدث متحقق في زيد‪ ،‬فيثبت لزيد ما ثبت لكل من أحدث‬
‫وهو انتقاض الوضوء‪.‬‬
‫وسمي هذا القياس باللمي‪ ،‬ألن ه يعطي اللمي ة في ال دهن والخ ارج‪ ،‬أي‬
‫كما أن الحد األوسط‪ ،‬هو علة لنسبة األكبر إلى األصغر في الذهن‪ ،‬هو ك ذلك‬
‫علة لوجود هذه النسبة في الخارج‪.‬‬
‫‪ -2‬برهان إني‪ :‬هو قياس يستدل فيه المعلول على العلة‪ ،‬أو هو ما يكون الح د‬
‫األوسط فيه علة لثبوت األكبر لألصغر في الذهن فقط دون الخارج ‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫هذا الطالب (حد أصغر) حسن المظهر والعلم(حد أوسط ‪-‬علة)‬
‫مقدمة صغرى‬
‫كل من كان كذلك (حد أوسط‪ -‬علة) ُمعنى بنفسهـ وعق له (حد أكبر) مقدمة‬
‫كبرى‬
‫هذا الطالب(حد أصغر) معنى بنفسهـ وعقله (حد أكبر)‬
‫النتيجة‬
‫فمظهر الطالب وعلمه علة ذهنية فق ط‪ ،‬ألن العل ة في حس ن المظه ر‬
‫والعلم خارجا هي االعتناء بالنفس والعقل‪.‬‬
‫بعد أن اتفق المناطقة على أن النتيجة في القياس البره اني هي الزم ة‬
‫عن المقدمات‪ ،‬اختلف وا في دالل ة أو طبيع ة ه ذا الل زوم على أق وال أربع ة‪،‬‬

‫‪154‬‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫مواد القياس‪ :‬القياس البرهاني‬

‫والواقع أن هذا الخالف خالف كالمي يرجع في أصله إلى مسألة تعليل أفعال‬
‫هللا‪:‬‬
‫القــــول األول‪ :‬وه و الل زوم العقلي‪ ،‬فال يمكن عقال تخل ف النتيج ة عن‬
‫المقدمات‪ ،‬إذا استوفى القياس الشروط‪ ،‬وهو قول إمام الحرمين رحمه هللا‪.‬‬
‫القــول الثــاني‪ :‬وه و الل زوم الع ادي‪ ،‬يمكن تخل ف النتيج ة عن المق دمات‬
‫الصحيحة‪ ،‬وهو قول اإلمام أبي الحسن األشعري‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬وهو لزوم التولد‪ ،‬أي أن النتيجة تتولد عن القايس‪ ،‬كم ا تتول دن‬
‫حركة الخاتم عن حركة األصبع‪ ،‬وهذا ق ول المعتزل ة‪ ،‬وه و وف ق م ذهبم في‬
‫خلف أفعال العباد‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬وهو اللزوم ال واجب‪ ،‬أي أن المق دمات أث رت ب ذاتها في العلم‪،‬‬
‫وهو قول الفالسفة‪.‬‬
‫والراجح من ه ذه األق وال الق ول األول والق ول الث اني‪ ،‬باعتب ار أن ال‬
‫مناف ة بينهم ا‪ ،‬إذ المقص ود من الل زوم العقلي ع دم تص ور انفك اك العل ة عن‬
‫المعلول‪ ،‬ال أن العلة مؤثرة بذاتها في المعل وم‪ ،‬ف احتراق القطن عن د مماس ته‬
‫للنار‪ ،‬إنما هو باعتبار العادة‪ ،‬فقد جرت العادة أن القطن يحترق عن د مماس ته‬
‫للنار‪ ،‬التفاق الجميع أن الخالق هو هللا‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫ت * عَـلَى النَّتِـيجــــــــــــــــــَـ ِة ِخـالَفٌ آ ِ‬


‫ت‬ ‫َوفِـي َدالَلَـ ِة ال ُمقَـ ِّد َمـا ِ‬
‫ـب َواألَ َّو ُل ال ُمـ َؤيَّـ ُد‬
‫او تَ َولُّـ ُد * أَ ْو َوا ِج ٌ‬
‫ي ْ‬ ‫َع ْقـلِ ٌّي ْ‬
‫او عَـا ِد ٌّ‬

‫ثالثا‪:‬أخطاء القياس البرهاني‪:‬‬


‫قد يقع الناظر في القياس في أخطاء عدة‪ ،‬وقد تولى المناطقة بيان‬
‫أسباب هذه األخطاء‪ ،‬التي تعتري مادة القياس أي المقدمات التي يتك ون منه ا‬
‫القياس‪ ،‬وصورة القياس أي هيئته وأشكاله المختلفة‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫ث ُو ِجدَا * فِـي َمـا َد ٍة أَ ْو ُ‬


‫صـو َر ٍة فَال ُم ْبتَدَا‬ ‫َو َخـطَأ ُ البُ ْره ِ‬
‫َان َح ْي ُ‬
‫‪154‬‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫مواد القياس‪ :‬القياس البرهاني‬

‫‪ -1‬خطأ في المادة‪ :‬وهو على قسمين‪ ،‬خطأ في اللفظ‪ ،‬وخطأ في المعنى‪.‬‬


‫* ذكر اللفظ المشترك فيراد به بعض معانيه في مقدمة‪ ،‬ويراد ب ه في‬
‫المقدم ة األخ رى مع نى آخ ر ل ه‪ ،‬ومث ال ذل ك الق رء‪ ،‬فإن ه ي أتي بمع نى‬
‫الحيض وبمعنى الطهر‪ ،‬فإذا قلنا في القياس‪:‬‬
‫هذا(حد أصغر) قرء(حيض)(حد أوسط)‬
‫مقدمة صغرى‬
‫مقدمة‬ ‫وكل قرء(طهر)(حد أوسط) ال يحرم الوطء فيه(حد أكبر)‬
‫كبرى‬
‫هذا ال يحرم الوطء فيه‬
‫النتيجة باطلة‬

‫* ذكر اللفظ المباين بأن يجعل مثل المرادف‪ ،‬كأن يقو أحدهم‪:‬‬
‫هذا سيف(إشارة إلى غير القاطع) مقدمة صغرى‬
‫مقدمة كبرى‬ ‫وكل صارم سيف‬
‫النتيجة الباطلة‬ ‫هذا صارم‬
‫وسبب بطالن النتيج ة أن الس يف يطل ق على الهيئ ة المخصوص ة من‬
‫المعدن بصرف النظر عن كون ه قاطع ا أو غ ير ق اطع‪ ،‬في حين أن الص ارم‬
‫خاص بالقاطع‪ ،‬فببينهما تب اين ج زئي‪ ،‬فك ل ص ارم س يف‪ ،‬وليس ك ل س يف‬
‫صارم‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫يـف َمأْ َخـ َذا‬
‫او َك َج ْع ِل َذا * تَبَـايُ ٍن ِم ْثـ َل ال َّر ِد ِ‬
‫اك ْ‬ ‫فِي اللَّ ْف ِظ َكا ْ‬
‫شتِ َر ٍ‬
‫ْق فَا ْف َه ِـم ال ُم َخاطَبَ ْه‬
‫ص ـد ٍ‬ ‫* بِـ َذا ِ‬
‫ت ِ‬ ‫س ال َكا ِذبَ ْه‬
‫َوفِي ال َم َعـانِي اِل لتِبَا ِ‬
‫‪ -2‬خطــأ في المعــنى‪ :‬وه و التب اس القض ية الكاذب ة بالقض ية الص ادقة‪ ،‬أي‬
‫اشتباهها بها‪ ،‬وهو على ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪154‬‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫مواد القياس‪ :‬القياس البرهاني‬

‫* جعل الوصف العرضي – وهو الذي يع رض للش يء بواس طة غ يره –‬


‫كالوصف الذاتي‪ ،‬ومثاله قول القائل في راكب القطار‪:‬‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫راكب القطار متحرك‬
‫مقدمة كبرى‬ ‫وكل متحرك ال يثبت في موضع واحد‬
‫نتيجة باطلة‬ ‫فراكب القطار ال يثبت في موضع واحد‬
‫وبيان بطالن النتيجة أن راكب القطار حكمنا عليه بالحركة مع أن‬
‫جالس في كرسي فهو ثابت‪ ،‬وسبب هذا الخطأ‪ ،‬أننا جعلنا الوص ف العرض ي‬
‫كالوصف الذاتي‪ ،‬فإن راكب القطار ليس كالماشي بالق دمين‪ ،‬ألن الحرك ة في‬
‫راكب القطار إنما هي بواسطة القطار‪ ،‬وأما الماشي بقدمية‪ ،‬فإن الحرك ة في ه‬
‫بالقدمين‪.‬‬
‫* جعل النتيجة إحدى المقدمتين في المعنى ومثاله قول القائل‪:‬‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫هذه نقلة‬
‫وكل نقلة حركة مقدمة كبرى‬
‫نتيجةـ باطلة‬ ‫فهذه حركة‬
‫وبي ان بطالن ه ذه النتيج ة‪ ،‬أن ه ذه النتيج ة عي عين المقدم ة‬
‫الصغرى‪ ،‬ألن الحركة مرادفة للنقلة‪ ،‬ويسمى هذا الخطأ بالمص ادرة على‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫* الحكم للجنس بحكم النوع ومثاله قول القائل‪:‬‬
‫كل فرس حيوان مقدمة صغرى‬
‫وكل حيوان(جنس) ناطق(نوع) مقدمة كبرى‬
‫فكل فرس ناطق نتيجة باطلة‬
‫وبيان بطالن هذه النتيجة‪ ،‬أن ص احب القي اس لم ا رأى أن ك ل ن اطق‬
‫حيوان‪ ،‬توهم أن كل حيوان ناطق‪ ،‬ويسمى هذا الخطأ بإيهام العكس‪.‬‬
‫* جعل المقدمة غير القطعية قطعية ومثاله‪:‬‬

‫‪154‬‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫مواد القياس‪ :‬القياس البرهاني‬

‫مقدمة صغرى‬ ‫هذا ميت‬


‫كل ميت جماد مقدمةكبرى‬
‫نتيجة باطلة‬ ‫هذا جماد‬
‫بيان بطالن هذه النتيجة‪ ،‬جعل الميت جمادا بالقطع‪ ،‬والجزم معه أنه‬
‫كالجماد في عدم الحركة‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫الـذاتِي * أَ ْو نَـاتِ ٍ‬
‫ج إِ ْحـدَى ال ُمقَـ ِّد َمـا ِ‬
‫ت‬ ‫ضي َك َّ‬
‫َك ِم ْث ِل َج ْع ِل ال َع َر ِ‬
‫ع * َو َج ْعـ ُل َكالقَ ْط ِـع ِّي َغ ْي ِر القَ ْط ِعي‬ ‫الح ْك ُم لِ ْل ِج ْن ِ‬
‫س بِ ُح ْك ِم النَّ ْ‬
‫ـو ِ‬ ‫َو ُ‬
‫ب‪ -‬خطــأ في الصــورة‪ :‬يك ون الخط أ في ص ورة القي اس وهيئت ه بواح د من‬
‫أمرين‪:‬‬
‫* الخروج عن أشكال القياس‪ ،‬فيما إذا لم يتكرر الحد األوسط الذي يربط‬
‫األصغر باألكبر‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫كل إنسان حيوان‬
‫وكل زرع نبات‬
‫فهذا القياس غير منتج‪ ،‬ألن الشكل المطلوب لم يتحقق لعدم وجود الح د‬
‫األوسط فيه‪.‬‬
‫* ترك شرط من شروط االنتــاج التي تق دم اش تراطها م ع ك ل ش كل‪ ،‬ك ترك‬
‫شرط اإليجاب في الصغرى‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫مقدمة صغرى سالبة‬ ‫ال شي من اإلنسان بفرس‬
‫مقدمة كبرى موجبة‬ ‫كل فرس حيوان‬
‫نتيجة باطلة‬ ‫ال شيء من اإلنسان بحيوان‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫َـر ِط النَّ ْت ِ‬
‫ـج ِمنْ إِ ْك َمالِ ِه‬ ‫وج عَـنْ أَ ْ‬
‫ش َكالِ ِه * َوت َْر ِك ش ْ‬ ‫َوالثَّا ِن َك ُ‬
‫الخـ ُر ِ‬

‫‪154‬‬
‫مواد‬ ‫مذكرة في تيسير المنطق‬
‫القياس‪ :‬القياس غير اليقيني‬

‫القياس غير يقيني‬

‫القيــاس غــير يقيــني‪:‬ـ ه و القي اس ال ذي ت ركب من قض ايا غ ير‬


‫يقينية‪ ،‬وهو أن واع ع دة تبع ا الختالف أو ن وع المق دمات ال تي اعتم د عليه ا‬
‫القياس في تركيبه‪:‬‬
‫‪ -1‬القياس الجدلي‪ :‬هو القياس الذي يتألف من مق دمات مش هورة‪ ،‬أو مس لمة‬
‫عند الخصم‪،‬أو مسلمة عند أهل تلك الصناعة‪ ،‬والغرض من القي اس الج دلي‪،‬‬
‫إل زام الخص م وإقن اع من ه و قاص ر‪ ،‬عن إدراك مق دمات القي اس البره ان‪،‬‬
‫ومثاله‪:‬‬
‫الظلم قبيح مقدمة صغرى‬
‫وكل قبيح يشين مقدمة كبرى‬
‫النتيجةن‬ ‫فالظلم يشين‬
‫‪ -‬مادة مقدمات القياس الجدلي‪ :‬من المتفق عليه أنه ليس ألحد‪ ،‬أن يض ع‬
‫في هذا القياس‪ ،‬أي شيء اتفق مقدمة جدلية‪ ،‬بمعنى أن القضايا المس تعملة‬
‫في القي اس الج دلي‪ ،‬الب د وأن تك ون من المش هورات و المس لمات‪،‬‬
‫المتعارف عليها فيما بين المتجادلين‪ ،‬وهذه المشهورات أنواع منها‪:‬‬
‫* المشهورات عند الجميع مثل أن هللا موجود‬
‫* المشهورات عند أكثر الناس من غير أن يخالفهم الباقون‪.‬‬
‫* المشهورات عند العلماء من غير أن يخالفهم الجمهور‪.‬‬
‫* المشهورات عند أكثر العلماء من غير أن يخالفهم الباقون‪.‬‬
‫* المجربات وهي ما صح بالتجربة في الصناعات والفن ون‪ ،‬كعلم الطلب‬
‫فإن السقمونيا عندهم تسهل الصفراء‪.‬‬
‫والمالحظ في هذه المشهورات أنها مما تع ارف علي ه الن اس‪ ،‬فق د‬
‫يكون بعضها يقيني‪ ،‬وهي تلكم األوليات ال تي يكفي في ه تص ور الط رفين‬
‫بالعقل‪ ،‬وقد يكون بعضها اآلخر غير يقيني‪ ،‬والمعتمد في هذا كل ه ج واز‬
‫انبن اء القي اس الج دلي على ه ذه المق دمات‪ ،‬ألن الغ رض من ه ليس ه و‬
‫‪157‬‬
‫مواد‬ ‫مذكرة في تيسير المنطق‬
‫القياس‪ :‬القياس غير اليقيني‬

‫الوص ول إلى مجه ول تص ديقي يقي ني‪ ،‬وإنم ا الغ رض من ه أال يص ير‬
‫الجدلي ملزوما‪ ،‬فيكون مجيبا حافظا لرأي ه‪ ،‬أو أن يل زم الج دلي خص مه‪،‬‬
‫فيكون سائال معترضا هدما لوضع ما‪.‬‬
‫‪ -2‬القيــاس الخطــابي‪ :‬ه و القي اس ال ذي يت ألف من مق دمات مظنون ة أو‬
‫مقبولة‪ ،‬والغرض من القياس الخطابي‪ ،‬والغرض من ه ت رغيب الن اس في‬
‫فعل الخير وترك الشر‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫محمد يجتهد في دروسه‬
‫وكل من يجتهد في دروسة ينجح آخر العام‬
‫محمد ينجح آلخر العام‬
‫‪ -3‬القيــاس الشــعري‪ :‬ه و القي اس ال ذي يت ألف من مق دمات متخيل ة أو‬
‫وهمية‪ ،‬تنقبض منها النفس أو تنبسط‪ ،‬والغرض منه ه و انفع ال النفس أو‬
‫تأثيرها بما فيه من ألفاظ ترغب في الشيء أو تنفرمنه‪.‬‬
‫‪ -4‬القياس السفسطائي‪ :‬هو القياس الذي يت ألف من مق دمات وهمي ة كاذب ة‪،‬‬
‫ش بيهة ب الحق في الص ورة أو المع نى‪ ،‬والغ رض من ه ذا القي اس‪ ،‬مغالط ة‬
‫الخصم وهو الطرف المقابل‪ ،‬وهذا الن وع من القي اس الق ائم على المغالط ات‬
‫يستعمله السوفسطائيون وهم الذين ال يثبت ون حق ائق األش ياء‪ ،‬وفائ دة معرف ة‬
‫هذه القياس على مافيه من باطل‪ ،‬التحرز منه وعدم الوق وع في ه‪ ،‬ك ذا التمكن‬
‫من مواجهة المغالطين ومدافعة مغالطاتهم‪.‬‬
‫وفرق بين المغالطة والغلط‪ ،‬فالمغالطة استدالل يبدو في الظ اهر‬
‫متماس كا ومش روعا ولكن ه في الواق ع مخت ل من جه ة ص ياغته المنطقي ة‬
‫والغرض منه التالعب وخداع الن اس‪ ،‬أم ا الغل ط ه و خل ط أو خط أ غ ير‬
‫مقصود ودون وعي من صاحبه‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫مواد‬ ‫مذكرة في تيسير المنطق‬
‫القياس‪ :‬القياس غير اليقيني‬

‫‪163‬‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫لواحق القياس‬

‫لواحق القياس‬
‫أوال‪ -‬القياس المركب‪ :‬وهو ما تركب من قياس ين بس يطين ف أكثر‪ ،‬نتيج ة‬
‫القياس األول هي مقدمة القياس الثاني مع مقدم ة أخ رى‪ ،‬ونتيج ة القي اس‬
‫الثاني هي مقدمة القياس الثالث‪ ،‬وهكذا حسب الحاجة‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫مقدمة صغرى‬ ‫كل إنسان حيوان‬
‫مقدمةكبرى‬ ‫وكل حيوان حساس‬
‫فكل إنسان حساس نتجيةـ – مقدمة صغرى‬
‫مقدمة كبرى‬ ‫كل حساس نام‬
‫نتيجةـ‬ ‫فكل إنسان نام‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ـج قَـ ْد ُر ِّكبَا‬ ‫َو ِم ْنـهُ َمـا يَ ْدعُونَهُ ُم َر َّكبَا * ِل َك ْ‬
‫ـونِ ِه ِمـنْ ُح َج ٍ‬
‫فَ َر ِّكبَـ ْنهُ إِنْ تُ ِر ْد أَنْ تَ ْعلَ َم ْه * َوا ْقـلِ ْب نَتِ َ‬
‫يـجةً بِـ ِه ُمقَـ ِّد َمـ ْه‬

‫يَ ْلـزَ ُم ِمنْ ت َْر ِكيبِ َها بِأ ُ ْخ َرى * نَتِ ْي َ‬


‫ـجةٌ إِلَـى َهلُـ َّم َجــ َّرا‬
‫‪-‬أقسام القياس المركب‪:‬‬
‫* القياس المتصل النتائج‪ :‬وهو الذي وصلت في ه نتائج ه بمقدمات ه‪ ،‬ب أن‬
‫صرح فيه بالنتيجة لكل قياس تركب منه‪ ،‬ووصلت به كما تقدم في المث ال‬
‫السابق‪.‬‬
‫* القياس المنفصل النتائج‪ :‬وهو الذي لم يصرح في ه بنتيج ة ك ل قي اس‬
‫تركب منه‪ ،‬كأن يقالكل إنسان حيوان وكل حي وان حس اس‪ ،‬وك ل حس اس‬
‫نام‪ ،‬وكل نام ال ي دوم على كمي ة واح دة‪ ،‬فك ل إنس ان ال ي دوم على كمي ة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫س َوا‬ ‫ج الَّ ِذي َح َوى* يَ ُكـونُ أَ ْو َم ْف ُ‬
‫صـولَ َها ُك ٌّل َ‬ ‫ص َل النَّتَائِ ِ‬
‫ُمتَّ ِ‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫لواحق القياس‬

‫ثانيا‪ :‬االستقراء‪ :‬هو تتبع الجزئيات كلها أو بعضها‪ ،‬للوصول إلى حكم عام‬
‫يشملها جميعا‪ ،‬أو هو انتقال الفكر من الحكم على الجزئي‪ ،‬من خالل الحكم‬
‫على الحكم الداخل تحته هذا الجزئي‪ ،‬ومثاله كما لو درسنا عدة أنواع من‬
‫الحيوان فوجدنا كل نوع منها يحرك فكه األسفل عند المضغ فنستنبط منها‬
‫قاعدة عامة وهي‪ :‬أن كل حيوان يحرك فكه األسفل عند المضغ‪.‬‬
‫واالستقراء هو األساس لجميع أحكامنا الكلية وقواعدنا العامة ألن‬
‫تحصيل القاعدة العامة والحكم الكلي ال يكون إال بعد فحص الجزئيات‬
‫واستقرائها فإذا وجدناها متحدة في الحكم نلخص منها القاعدة أو الحكم‬
‫الكلي‪ .‬فحقيقة االستقراء هو االستدالل بالخاص على العام وعكسه القياس‬
‫وهو االستدالل بالعام على الخاص ألن القياس البد أن يشتمل على مقدمة‬
‫كلية‪ ،‬الغرض منها تطبيق حكمها العام على موضوع النتيجة‪.‬‬
‫‪ -1‬أقسام االستقراء‪ :‬يتضح من خالل تعريف االستقراء‪ ،‬أن االستقراء‬
‫ينقسم إلى قسمين‬
‫القسم األول‪:‬االستقراء التام هو تتبع جميع الجزئيات‪ ،‬واالنتقال منها إلى‬
‫حكم كلي عام يشملها جميعا‪ ،‬ومثاله كل شكل إما كروي وإما مضلع وكل‬
‫كروي متناه وكل مضلع متناه فينتج (كل شكل متناه)‪.‬‬
‫القسم الثاني‪:‬االستقراء الناقص هو تتبع بعض الجزئيات‪ ،‬واالنتقال منها‬
‫إلى حكم كلي‪ ،‬يشمل جميع الجزئيات‪ ،‬ومثاله‬
‫‪-2‬العالقة بين القياس واالستقراء‪ :‬القياس واالستقراء نوعان‬
‫من االستدالل‪ ،‬وبينهما من االرتباط والتالزم‪ ،‬ما يجعل كال منهما في حاجة‬
‫إلى اآلخر‪ ،‬فاالستقراء يضمن مطابقة مقدمات القياس للواقع‪ ،‬فهو الذي يمد‬
‫القياس بمقدمات كليلة صحية من حيث مطابقها مع الواقه‪ ،‬والقياس يضمن‬
‫عدم تناقض الكلية عدم تناقض االنتقال من مقدمات ما إلى نتيجة صحيحة‬
‫صحة منطقية‪ ،‬فهو أي االستقراء يقوم بدور المراجع للقياس‪ ،‬ألن القضايا‬
‫الكلية ال نتسطيع التحقق من صدقها إال من خالل تطبيقها على حاالت‬
‫جزئية‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬

‫ستُ ِد ْل * فَـ َذا بِااِل ْ‬


‫ستِ ْقـ َرا ِء ِع ْنـ َد ُه ْم ُعقِ ْل‬ ‫َوإِنْ بِ ُج ْزئِ ٍّي َعلَى ُكلِّي ا ْ‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫لواحق القياس‬

‫اس ال َم ْن ِطقِي* َوهْـ َو الَّـ ِذي قَ َّد ْمـتُهُ فَ َحقِّ ِ‬


‫ـق‬ ‫َو َع ْك ُ‬
‫سهُ يُ ْدعَى القِيَ َ‬
‫ثالثا‪ :‬قياس التمثيلـ إثبات حكم في جزئي لثبوته في جزئي آخر‪ ،‬لمعنى‬
‫مشترك بينهما‪ ،‬أو هو إلحاق جزئي بجزئي في حكم لمعنى مشترك بينهما‪.‬‬
‫قال صاحب السلم‪:‬‬
‫ث ُج ْزئِ ٌّي َعلَى ُج ْزئِ ْي ُح ِم ْل * لِ َجـا ِم ٍع فَـ َذاكَ تَ ْمثِـي ٌـل ُجـ ِع ْل‬
‫َو َح ْي ُ‬

‫ستِ ْق َ‬
‫ـرا ِء َوالتَّ ْمـثِيلـ‬ ‫ـاس ااِل ْ‬
‫قِيَ ُ‬ ‫َوالَ يُفِيـ ُد القَ ْطـ َع بِال َّدلِ ِ‬
‫ـيل *‬
‫مقاصد التصديقات‬
‫لواحق القياس‬
‫الخاتمة‬

‫‪128‬‬
129

You might also like