Professional Documents
Culture Documents
مناهج محدثين ماستر 7
مناهج محدثين ماستر 7
manhaj al'imam 'abu dawud
ا.م.د محمد خلف عبد الفهداوي
المرحلة :الماجستير
Master level
فـائـدة :
ترتيب السنن األربعة على ما هو المشهور – أبو داود ،الترمذي ،النسائي ،ابن
ماجه – وهذا الترتيب ال يستلزم تقديم كل واحد منها على اآلخر من حيث األفضلية
واألصحية ،أو الصناعة الحديثية فهو ترتيب حسب نظر بعض العلماء على ما
ظهر لهم من وجوه معينة خاصة ،ال من كل الجوانب ،فتقديم الترمذي على النسائي
هو مثل عمل أهل المغرب إذ يرون أن صحيح مسلم أفضل من صحيح البخاري
لبعض المميزات التي يرونها فيه وال يجدونها في صحيح البخاري .وحتى من قدم
صحيح البخاري على صحيح مسلم فهذا ال يعني تقديم كل حديث فرداً فرداً ،فقد نجد
حديثاً في صحيح البخاري أقل درجة -من حيث الصحة ومن حيث اكتمال أعلى
مواصفات الصحة -من حديث في صحيح مسلم .
سنن أبي داود:
هو سليمان بن األشعث بن شداد بن عمرو بن عاامر ،وقيال ساليمان بان األشاعث
بن بشر بن شداد ،أبو داود األزدي السجستاني ،ولد سنة (202ها)(.)1
رحاال لبلااب الحااديث إلااى اآلفااا ،شاار وغاارب ،فسااما الكثياار ماان الحفاااظ والمحاادثين
والعلماء ،ومن أبرز شيوخه :سليمان بن حرب ،واسحا بن راهويه ،وأحمد بان حنبال،
وغيرهم كثير( .)2وسما وحدث عنه الكثير من أبرزهم :الترمذي ،والنسائي ،وأباو ساعيد
ابن األعرابي ،وابن أبي الدنيا ،وغيرهم(.)3
صاانف اإلمااام أبااو داود المصاانفات الكثياار ،وماان أهمهااا :كتاااب الساانن ،ولااه عااد
ببعااات ،والمسااائل ،ورسااالته إلااى أهاال مكااة فااي وصااف الساانن ،وكتاااب الزهااد ،وهااذه
كتااب مببوعااة ،وماان كتبااه المخبوبة:الناساان والمنسااو ،والتفاارد ،وفضااائل األنصااار،
وابتداء الوحي ،وأخبار الخاوار ،وغيرهاا مان المصانفات( .)4تاوفي اإلماام أباو داود ياوم
الجمعة السادس من شوال سانة (272هاا) عان ( )73سانة ،وكانات وفاتاه فاي البصار ،
فرحمه اهلل ورضي عنه(.)2
()1
ينظر :تارين بغداد ،27/9 :وسير أعالم النبالء ،203/13 :وببقات الحفاظ.262 :
()2
ينظر :سير أعالم النبالء ،203/13 :وببقات الحفاظ.262 :
()3
ينظر :المصدران أنفسهما ،203/13 :و.262
()4
ينظاار :تهااذيب الكمااال ،361/11 :وقواعااد التحااديث لمحمااد جمااال الاادين القاساامي (ب ،1دار
الكتاااب العلميا ااة -بيا ااروت 1399ه ا اا) ،244 :ومقدما ااة تحقي ا ا كتا اااب تسا اامية ش اايو أبا ااي داود
السجسااتاني ألبااي علااي الغساااني (ت494ه اا) ،حققااه جاساام باان محمااد الفجااي (ب -1دار اباان
حزم -بيروت 1420ها1999-م).23-19 :
()2
ينظر :سير أعالم النبالء ،221/13 :و ببقات الحفاظ.262 :
وقد أبان عن منهجه وبريقته في تصنيف "السنن" في رسالته إلى أهل مكة وغيرهم
في وصف سننه ،وأراد أبو داود إن يكون كتابه جامعاً ألحاديث األحكام ولم يرد إن
يكون كتاباً جامعاً لكل أبواب الدين ألنه يرى أنها هي التي يرتكز عليها العمل،
فنحى هذا المنحى ،ومن هذا الجانب يعتبر كتاب أبي داود جديدا في بابه حيث ركز
على أحاديث األحكام ؛ وأراد أن يكون كتابه مختص ار ولم يرد التبويل؛ لذلك يورد
األحاديث البوال أحيانا مختص اًر على الشاهد فيقول :وذكر الحديث أيضا .ومما يدل
على االختصار في كتاب أبي داود أنه ال يورد في الباب الواحد إال عدداً قليالً من
األحاديث.
لم يشمل كتاب أبي داود جميا األحاديث الصحيحة ،فإذا كان الشيخان في
صحيحيهما لم يستوعبا األحاديث الصحيحة ولم يلتزما بذلك ،كذلك فإن أبا داود ومن
باب األولى لم يلتزم بذلك ألنه لم يشترب الصحة كما اشترباها .
وفي رسالته ألهل مكة -:ذكر انه يخر في الباب الصحيح وما يشابهه ،وهو
الحسن ،وفيه الضعيف الذي ضعفه شديد ،فقد ذكر انه يبينه .
قال ابن حجر :نستخلص من هذا انه ما لم يكن فيه وهن شديد فأنه يسكت عنه وهو
ما قال فيه "وما سكت عنه فهو صالح"
ف منف من أحاديث األحكام غالبا :اقتصر على ذكر أصح ما َع َر َ -1أصح ما َع َر َ
غالب وليس مبرداً ،ألنه كان يختار أحيانا الحديث األقل
ٌ أحاديث األحكام ،وهذا
يعلو باإلسناد ،وال ُّ
أصح منه ،وذلك حتى َ صحة ،فيورده في الباب ما وجود ما هو
ف في الباب أن تكون األحاديث كلها صحيحة متصلة
يعني إخراجه ألصح ما َع َر َ
اإلسناد ،فهناك ما ليس صحيحا ،وما ليس متصل اإلسناد.
-2الرجال (الرواة) :أن ُيخر عمن لم ُيجما النقاد على تركه ،وقد ُيخر لبعض
الضعفاء والمجهولين في المتابعات والشواهد.
-3تخريج األحاديث المشتهرة :كان يقصد استيعاب األحاديث التي عمل بها
الفقهاء واشتهرت بينهم -أي بين األئمة الفقهاء وأصحاب الفُتيا ،-حتى وان كانت
في نفسها أخبار آحاد
-1الحكم على األحاديث :لم يلتزم اإلمام أبو داود بإخ ار الصحيح من الحديث؛
ولذا كان يعل أحيانا بالحكم على الحديث (صحة وحسنا وضعفا) ،كقوله بعد أحد
األحاديث" :وقد اختلف في إسناده ،وليس هو بالقوي ،ورواه ابن أبي مريم ويحيى بن
السلَيخي عن يحيى بن أيوب .وقد اختلف في إسناده".
إسحا و ُّ
-2المسكوت عنه :اشترب اإلمام أبو داود على نفسه أن يبيِّن الضعيف والواهن من
الحديث فقال" :وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته ومنه ما ال
يصح سنده ،وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح ،وبعضها أصح من بعض ،"..ولكن
وهن غير شديد َّبيانها،
باالستقراء نجد أن هذا الشرب أغلبي ،ألن هناك مواضا فيها ٌ
وهن شديد لم ِّ
يبيانها ،وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن المواضا وهناك مواضا فيها ٌ
التي يسكت عليها اإلمام أبو داود وهي ضعيفة ،ال تخر عن أحد أمرين :إن ُوجد
اد (ال يوجد في الباب غيرها) فإنها تكون صالحة لالحتجا عنده ،واال تكون فيها أفر ٌ
صالحة لالستشهاد أو المتابعة ،ثم عقب اإلمام ابن حجر بقوله" :وعلى كل تقدير فال
يصلح ما سكت عليه لالحتجا مبلقا".
وتحقي القول في مدى صالحية ما سكت عنه يرجا إلى مقصده من قوله" :وما لم
أم صالحية االعتبار؟ أذكر فيه شيئا فهو صالح" ..هل هي صالحية االحتجا
وعلى ٍّ
كل فالصالح لالحتجا عنده هو الصحيح والحسن والضعيف إذا لم يوجد في
الباب غيره.
-3توضيح العلل وذكرها :كان اإلمام أبو داود يتعرض أحيانا لذكر العلل التي تقدح
في صحة الحديث ،ويذكر ترجيح ما فيه خالف بين الرفا والوقف أو اإلرسال
والوصل.
-1الترتيب على أبواب الفقه :رتب اإلمام أبو داود كتابه على أبواب الفقه ،وكانت
عنايته بالمتون أكثر ،ولهذا يذكر البر واختالف ألفاظها ،والزيادات المذكور في
بعضها دون بعض ،وكانت عنايته بالفقه أكثر من عنايته باألسانيد ،فلهذا كان يبدأ
بالصحيح من األسانيد ،وربما ال يذكر اإلسناد المعلول بالكلية.
-2ترتيب األحاديث في الباب :كان يتوخى تقديم اإلسناد األعلى ،حتى ولو كان
ال ،وأما إذا ُروي من وجهين صحيحين :أحدهما أضعف ،وقد يترك األقوى لكونه ناز ً
أقدم إسناداً ،واآلخر صاحبه أقوم في الحفظ ،فإنه ِّ
يقدم اإلسناد األعلى منهما.
أخلى اإلمام أبو داود كتابه من اآلثار الموقوفة ،إال فيما ندر ،ولم يتعرض لذكر كالم
األئمة الفقهاء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ،الذي استنببوه من السنن بوجه
منهج التزمه
ٌ من وجوه االستنباب ،ولم يكن تركه لذلك عن كراهة أو إنكار ،وانما هو
وسار عليه.
ٍ
معان زائد ، كان اإلمام أبو داود ُيعيد الحديث إذا اشتملت الروايات األخرى على
وربما سا الرواية الثانية بتمامها إذا اشتملت على حكم مختلف عن حكم الرواية
األولى ،وأما إذا كان االختالف في لفظة ،فإنه يذكر تلك اللفظة فقب من الرواية
َعدت الحديث في الباب منلخص ذلك بقوله" :واذا أ ُ الثانية بعد ذكر إسنادها ،وقد َّ
ٍ
كالم فيه ،وربما فيه كلمةٌ زائد ٌ على األحاديث". وجهين أو ثالثة ،فإنما هو من زياد
-1جمع الشيوخ بالعطف :ومن ذلك قوله في سننه" :حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا
أبي شيبة ،قاال :حدثنا عمر بن سعد "..الحديث.
-3ذكر بعض الطرق أو جزء من حديث واإلشارة إلى الباقي لالختصار :إذا كان
للحديث أكثر من إسناد أو متن ،فإنه قد يذكر بعضها ويشير إلى باقيها ،دون أن
يذكرها ببولها ،فقد يقول :ورواه فالن عن فالن أيضا ،قال اإلمام أبو داود في سننه
بعد أن ذكر أحد األحاديث" :كذا رواه أبو أسامة ،وابن نمير عن هشام".
كان من عاد أبي داود ذكر شيء من تعديل بعض الروا أو تجريحهم كلما دعت
حاجةٌ إلى ذلك ،وقد يذكر شيئاً من التعريف ببعض الروا كبيان أن فالنا من
كوفي أو بصريٌّ ،أو بيان تارين مولد أو وفا أو
ٌّ الصحابة أو التابعين ،أو أنه
اختالب رٍاو معين ،وغير ذلك مما ينفا في توضيح اتصال أو انقباع بين راويين ،أو
تمييز راو من غيره ،ولكنه لم ُيكثر من ذلك.
ومن أمثلة ما أورده في الجرح والتعديل بعد إيراده للحديث قوله" :عمرو بن ثابت
رافضي ،رجل سوء ،ولكنه كان صدوقا في الحديث ،وثابت بن المقدام رجل ثقة"،
ومثال ما أورده في تعريف الروا قوله" :مات إبراهيم التيمي ولم يبلغ أربعين سنة،
وكان يكنى أبا أسماء".
عدد األحاديث بالمكرر حوالي ستة آالف حديث ،وبغير المكرر أربعة آالف
وثمانمائة حديث ؛ ولكن كالم أبي داود يدل على أنه أربعة آالف وثمانمائة حديث،
والسبب :اختالف بريقة العد عند بعض من يعد األحاديث ولذلك يختلف الترقيم بين
النسن.
كان الغالب على تراجم أبواب السنن (التراجم الظاهر ) ،وقلما تجد فيها تراجم
استنبابية أو مرسلة ،ولكن اإلمام أبو داود نوع بين المسالك التي استخدمها في تلك
التراجم ،وينتظم إيضاح ذلك فيما يلي:
-1التراجم الظاهرة:
-2التراجم الخفية (االستنباطية) :ومن المسالك التي استخدمها في هذا النوع من
التراجم:
أعم من ال ُامترجم له ،مثل قوله" :باب التشديد فيمن يرفا قبل اإلمام
أ -كون الترجمة ُّ
أو يضا قبله" ،ثم أخر حديث أبي هرير رضي اهلل عنه مرفوعا( :أما يخشى أحدكم
يحول اهلل رأسه رأس حمار ،أو صورته صور حمار)، ساجد أن ِّ
ٌ إذا رفا رأسه واإلمام
الرفا قبل اإلمام والوضا قبله ،والحديث ليس فيه إال
َ فالترجمة هنا أعم ،ألن فيها
ذكر الرفا.
ب -كون الترجمة أخص من المترجم له ،مثل قوله" :باب في الرجل يذكر اهلل عز
وجل على غير بُهر" ،ثم أخر حديث عائشة رضي اهلل عنها" :كان رسول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم يذكر اهلل عز وجل على كل أحيانه" ،فالترجمة هنا أخص ،ألن
فيها الذكر على غير بُهر فقب ،والحديث فيه الذكر على كل حين.
االستنتا لعالقة اللزوم ،مثل قوله: الترجمة ما أحاديث الباب ببري جا -تباب
"باب ستر اإلمام ستر لمن خلفه" ،ثم أخر حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده قال" :هببنا ما رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من ثنية أذاخر ،فحضرت
تمر بين يديه،
الصال – فصلى إلى جدر – فاتخذه قبلة ونحن خلفه ،فجاءت بهمة ُّ
البهمة
فما زال ُيدارئها حتى لص ببنه بالجدار ومرت من ورائه" ،فاستنتج من منا َ
من المرور بين يدي اإلمام والسماح لها بالمرور أمام المصلين ،أن ستر اإلمام ُستر
لمن خلفه.
-3التراجم المرسلة :لم ُيكثر اإلمام أبو داود منها ،وأوردها مرات قليلة ،مثل قوله:
"باب .حدثنا مسدد وعباد بن موسى قاال :حدثنا ُهشيم "..الحديث.
اي اإلمام أبو داود بذكر الفوائد واللبائف للتوضيح أو التنبيه ونحو ذلك ،ومنِ
َعن َ
ذلك:
-1غريب الحديث :شرح اإلمام أبو داود كثي ار من األلفاظ الغريبة واعتنى
بإيضاحها ،ومن ذلك قوله" :سمعت أحمد بن حنبل يقول :الفَ َر ستة عشر ِربالً".
يصرح أحيانا بأن الحديث منسو ،
-2ذكر الناسخ والمنسوخ :كان اإلمام أبو داود ِّ
أو بأنه اآلخر من فعل النبي صلى اهلل عليه وسلم ،وكان يكتفي أحيانا أخرى بتأخير
الناسن.
كان اإلمام أبو داود يتعرض لبعض ما يمكن االستدالل به ،ويذكر االستنباب الفقهي
منه ،لكونه اشترب على نفسه تخريج أحاديث األحكام التي يستدل بها الفقهاء وأرباب
الفتيا ،ومن أمثلة ذلك ما أورده بعد أن أخر حديث عقبة بن عامر رضي اهلل عنه
أنه قال :قلنا يا رسول اهلل ،إنك تبعثنا فننزل بقوم فما َيقروننا ،فما ترى؟ فقال لنا
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم( :إن نزلتم ٍ
بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا،
فإن لم يفعلوا فخذوا منهم ح الضيف الذي ينبغي لهم) ،ثم قال" :قال أبو داود :وهذه
حجةٌ للرجل يأخذ الشيء إذا كان له حقًّا" ،وغير ذلك كثير.