You are on page 1of 9

‫المحاضرة السابعة‪ :‬منهج االمام أبو داود‪.

‬‬
‫‪manhaj al'imam 'abu dawud‬‬
‫ا‪.‬م‪.‬د محمد خلف عبد الفهداوي‬

‫قسم علوم القران والتربية اإلسالمية‬

‫المرحلة ‪ :‬الماجستير‬

‫‪Dr.: Mohamed Khalaf Abdel Fahdawi‬‬


‫‪Department of Quranic Sciences and Islamic Education‬‬

‫‪Master level‬‬

‫فـائـدة ‪:‬‬

‫ترتيب السنن األربعة على ما هو المشهور – أبو داود ‪ ،‬الترمذي‪ ،‬النسائي‪ ،‬ابن‬
‫ماجه – وهذا الترتيب ال يستلزم تقديم كل واحد منها على اآلخر من حيث األفضلية‬
‫واألصحية‪ ،‬أو الصناعة الحديثية فهو ترتيب حسب نظر بعض العلماء على ما‬
‫ظهر لهم من وجوه معينة خاصة‪ ،‬ال من كل الجوانب‪ ،‬فتقديم الترمذي على النسائي‬
‫هو مثل عمل أهل المغرب إذ يرون أن صحيح مسلم أفضل من صحيح البخاري‬
‫لبعض المميزات التي يرونها فيه وال يجدونها في صحيح البخاري‪ .‬وحتى من قدم‬
‫صحيح البخاري على صحيح مسلم فهذا ال يعني تقديم كل حديث فرداً فرداً‪ ،‬فقد نجد‬
‫حديثاً في صحيح البخاري أقل درجة ‪ -‬من حيث الصحة ومن حيث اكتمال أعلى‬
‫مواصفات الصحة ‪ -‬من حديث في صحيح مسلم ‪.‬‬
‫سنن أبي داود‪:‬‬
‫هو سليمان بن األشعث بن شداد بن عمرو بن عاامر‪ ،‬وقيال ساليمان بان األشاعث‬
‫بن بشر بن شداد‪ ،‬أبو داود األزدي السجستاني‪ ،‬ولد سنة (‪202‬ها)(‪.)1‬‬

‫رحاال لبلااب الحااديث إلااى اآلفااا ‪ ،‬شاار وغاارب‪ ،‬فسااما الكثياار ماان الحفاااظ والمحاادثين‬
‫والعلماء‪ ،‬ومن أبرز شيوخه‪ :‬سليمان بن حرب‪ ،‬واسحا بن راهويه‪ ،‬وأحمد بان حنبال‪،‬‬
‫وغيرهم كثير(‪ .)2‬وسما وحدث عنه الكثير من أبرزهم‪ :‬الترمذي‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وأباو ساعيد‬
‫ابن األعرابي‪ ،‬وابن أبي الدنيا‪ ،‬وغيرهم(‪.)3‬‬

‫صاانف اإلمااام أبااو داود المصاانفات الكثياار ‪ ،‬وماان أهمهااا‪ :‬كتاااب الساانن‪ ،‬ولااه عااد‬
‫ببعااات‪ ،‬والمسااائل‪ ،‬ورسااالته إلااى أهاال مكااة فااي وصااف الساانن‪ ،‬وكتاااب الزهااد‪ ،‬وهااذه‬
‫كتااب مببوعااة‪ ،‬وماان كتبااه المخبوبة‪:‬الناساان والمنسااو ‪ ،‬والتفاارد‪ ،‬وفضااائل األنصااار‪،‬‬
‫وابتداء الوحي‪ ،‬وأخبار الخاوار ‪ ،‬وغيرهاا مان المصانفات(‪ .)4‬تاوفي اإلماام أباو داود ياوم‬
‫الجمعة السادس من شوال سانة (‪272‬هاا) عان (‪ )73‬سانة‪ ،‬وكانات وفاتاه فاي البصار ‪،‬‬
‫فرحمه اهلل ورضي عنه(‪.)2‬‬

‫ولم يكن اإلمام أبو داود سليمان بن األشعث السجستاني ِّ‬


‫محدثا فحسب‪ ،‬بل كان‬
‫فقيها بارعا‪ ،‬ال يضارعه في ذلك أحد من أصحاب الكتب الستة سوى البخاري‪ ،‬وقد‬
‫جما في سننه أغلب األحاديث التي يستدل بها الفقهاء‪ ،‬وباألحرى أحاديث األحكام‪،‬‬
‫وأشار إلى فوائد فقهية جمة‪ ،‬حتى صار ما دونه في سننه مرجعاً لكل فقيه ومحدث‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ينظر‪ :‬تارين بغداد‪ ،27/9 :‬وسير أعالم النبالء‪ ،203/13 :‬وببقات الحفاظ‪.262 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ينظر‪ :‬سير أعالم النبالء‪ ،203/13 :‬وببقات الحفاظ‪.262 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ينظر‪ :‬المصدران أنفسهما‪ ،203/13 :‬و‪.262‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ينظاار‪ :‬تهااذيب الكمااال‪ ،361/11 :‬وقواعااد التحااديث لمحمااد جمااال الاادين القاساامي (ب‪ ،1‬دار‬
‫الكتاااب العلميا ااة‪ -‬بيا ااروت ‪1399‬ه ا اا)‪ ،244 :‬ومقدما ااة تحقي ا ا كتا اااب تسا اامية ش اايو أبا ااي داود‬
‫السجسااتاني ألبااي علااي الغساااني (ت‪494‬ه اا)‪ ،‬حققااه جاساام باان محمااد الفجااي (ب‪ -1‬دار اباان‬
‫حزم‪ -‬بيروت ‪1420‬ها‪1999-‬م)‪.23-19 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ينظر‪ :‬سير أعالم النبالء‪ ،221/13 :‬و ببقات الحفاظ‪.262 :‬‬
‫وقد أبان عن منهجه وبريقته في تصنيف "السنن" في رسالته إلى أهل مكة وغيرهم‬
‫في وصف سننه‪ ،‬وأراد أبو داود إن يكون كتابه جامعاً ألحاديث األحكام ولم يرد إن‬
‫يكون كتاباً جامعاً لكل أبواب الدين ألنه يرى أنها هي التي يرتكز عليها العمل‪،‬‬
‫فنحى هذا المنحى‪ ،‬ومن هذا الجانب يعتبر كتاب أبي داود جديدا في بابه حيث ركز‬
‫على أحاديث األحكام ؛ وأراد أن يكون كتابه مختص ار ولم يرد التبويل؛ لذلك يورد‬
‫األحاديث البوال أحيانا مختص اًر على الشاهد فيقول‪ :‬وذكر الحديث أيضا‪ .‬ومما يدل‬
‫على االختصار في كتاب أبي داود أنه ال يورد في الباب الواحد إال عدداً قليالً من‬
‫األحاديث‪.‬‬

‫هل شمل كتاب أبي داود جميع األحاديث الصحيحة ؟‬

‫لم يشمل كتاب أبي داود جميا األحاديث الصحيحة‪ ،‬فإذا كان الشيخان في‬
‫صحيحيهما لم يستوعبا األحاديث الصحيحة ولم يلتزما بذلك‪ ،‬كذلك فإن أبا داود ومن‬
‫باب األولى لم يلتزم بذلك ألنه لم يشترب الصحة كما اشترباها ‪.‬‬

‫وفي رسالته ألهل مكة ‪ -:‬ذكر انه يخر في الباب الصحيح وما يشابهه‪ ،‬وهو‬
‫الحسن‪ ،‬وفيه الضعيف الذي ضعفه شديد‪ ،‬فقد ذكر انه يبينه ‪.‬‬

‫قال ابن حجر‪ :‬نستخلص من هذا انه ما لم يكن فيه وهن شديد فأنه يسكت عنه وهو‬
‫ما قال فيه "وما سكت عنه فهو صالح"‬

‫ولنا وقفة ما أبرز معالم منهج اإلمام أبي داود في سننه‪.‬‬

‫منهج اإلمام أبي داود المتعلق باألسانيد‬

‫أوال‪ :‬شروطه في أسانيد سننه‪:‬‬

‫ف من‬‫ف من أحاديث األحكام غالبا‪ :‬اقتصر على ذكر أصح ما َع َر َ‬‫‪ -1‬أصح ما َع َر َ‬
‫غالب وليس مبرداً‪ ،‬ألنه كان يختار أحيانا الحديث األقل‬
‫ٌ‬ ‫أحاديث األحكام‪ ،‬وهذا‬
‫يعلو باإلسناد‪ ،‬وال‬ ‫ُّ‬
‫أصح منه‪ ،‬وذلك حتى َ‬ ‫صحة‪ ،‬فيورده في الباب ما وجود ما هو‬
‫ف في الباب أن تكون األحاديث كلها صحيحة متصلة‬
‫يعني إخراجه ألصح ما َع َر َ‬
‫اإلسناد‪ ،‬فهناك ما ليس صحيحا‪ ،‬وما ليس متصل اإلسناد‪.‬‬

‫‪ -2‬الرجال (الرواة)‪ :‬أن ُيخر عمن لم ُيجما النقاد على تركه‪ ،‬وقد ُيخر لبعض‬
‫الضعفاء والمجهولين في المتابعات والشواهد‪.‬‬

‫‪ -3‬تخريج األحاديث المشتهرة‪ :‬كان يقصد استيعاب األحاديث التي عمل بها‬
‫الفقهاء واشتهرت بينهم ‪ -‬أي بين األئمة الفقهاء وأصحاب الفُتيا ‪ ،-‬حتى وان كانت‬
‫في نفسها أخبار آحاد‬

‫ثانيا‪ :‬منهجه في التعليق على األحاديث والحكم عليها‪:‬‬

‫‪ -1‬الحكم على األحاديث‪ :‬لم يلتزم اإلمام أبو داود بإخ ار الصحيح من الحديث؛‬
‫ولذا كان يعل أحيانا بالحكم على الحديث (صحة وحسنا وضعفا)‪ ،‬كقوله بعد أحد‬
‫األحاديث‪" :‬وقد اختلف في إسناده‪ ،‬وليس هو بالقوي‪ ،‬ورواه ابن أبي مريم ويحيى بن‬
‫السلَيخي عن يحيى بن أيوب‪ .‬وقد اختلف في إسناده"‪.‬‬
‫إسحا و ُّ‬

‫‪ -2‬المسكوت عنه‪ :‬اشترب اإلمام أبو داود على نفسه أن يبيِّن الضعيف والواهن من‬
‫الحديث فقال‪" :‬وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته ومنه ما ال‬
‫يصح سنده‪ ،‬وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح‪ ،‬وبعضها أصح من بعض‪ ،"..‬ولكن‬
‫وهن غير شديد َّبيانها‪،‬‬
‫باالستقراء نجد أن هذا الشرب أغلبي‪ ،‬ألن هناك مواضا فيها ٌ‬
‫وهن شديد لم ِّ‬
‫يبيانها‪ ،‬وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن المواضا‬ ‫وهناك مواضا فيها ٌ‬
‫التي يسكت عليها اإلمام أبو داود وهي ضعيفة‪ ،‬ال تخر عن أحد أمرين‪ :‬إن ُوجد‬
‫اد (ال يوجد في الباب غيرها) فإنها تكون صالحة لالحتجا عنده‪ ،‬واال تكون‬ ‫فيها أفر ٌ‬
‫صالحة لالستشهاد أو المتابعة‪ ،‬ثم عقب اإلمام ابن حجر بقوله‪" :‬وعلى كل تقدير فال‬
‫يصلح ما سكت عليه لالحتجا مبلقا"‪.‬‬

‫وتحقي القول في مدى صالحية ما سكت عنه يرجا إلى مقصده من قوله‪" :‬وما لم‬
‫أم صالحية االعتبار؟‬ ‫أذكر فيه شيئا فهو صالح" ‪ ..‬هل هي صالحية االحتجا‬
‫وعلى ٍّ‬
‫كل فالصالح لالحتجا عنده هو الصحيح والحسن والضعيف إذا لم يوجد في‬
‫الباب غيره‪.‬‬

‫‪ -3‬توضيح العلل وذكرها‪ :‬كان اإلمام أبو داود يتعرض أحيانا لذكر العلل التي تقدح‬
‫في صحة الحديث‪ ،‬ويذكر ترجيح ما فيه خالف بين الرفا والوقف أو اإلرسال‬
‫والوصل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬منهجه في ترتيب أحاديث سننه‪:‬‬

‫‪ -1‬الترتيب على أبواب الفقه‪ :‬رتب اإلمام أبو داود كتابه على أبواب الفقه‪ ،‬وكانت‬
‫عنايته بالمتون أكثر‪ ،‬ولهذا يذكر البر واختالف ألفاظها‪ ،‬والزيادات المذكور في‬
‫بعضها دون بعض‪ ،‬وكانت عنايته بالفقه أكثر من عنايته باألسانيد‪ ،‬فلهذا كان يبدأ‬
‫بالصحيح من األسانيد‪ ،‬وربما ال يذكر اإلسناد المعلول بالكلية‪.‬‬

‫‪ -2‬ترتيب األحاديث في الباب‪ :‬كان يتوخى تقديم اإلسناد األعلى‪ ،‬حتى ولو كان‬
‫ال‪ ،‬وأما إذا ُروي من وجهين صحيحين‪ :‬أحدهما‬ ‫أضعف‪ ،‬وقد يترك األقوى لكونه ناز ً‬
‫أقدم إسناداً‪ ،‬واآلخر صاحبه أقوم في الحفظ‪ ،‬فإنه ِّ‬
‫يقدم اإلسناد األعلى منهما‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬منهجه في اآلثار الموقوفة‪:‬‬

‫أخلى اإلمام أبو داود كتابه من اآلثار الموقوفة‪ ،‬إال فيما ندر‪ ،‬ولم يتعرض لذكر كالم‬
‫األئمة الفقهاء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم‪ ،‬الذي استنببوه من السنن بوجه‬
‫منهج التزمه‬
‫ٌ‬ ‫من وجوه االستنباب‪ ،‬ولم يكن تركه لذلك عن كراهة أو إنكار‪ ،‬وانما هو‬
‫وسار عليه‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬منهجه في تكرار الحديث‪:‬‬

‫ٍ‬
‫معان زائد ‪،‬‬ ‫كان اإلمام أبو داود ُيعيد الحديث إذا اشتملت الروايات األخرى على‬
‫وربما سا الرواية الثانية بتمامها إذا اشتملت على حكم مختلف عن حكم الرواية‬
‫األولى‪ ،‬وأما إذا كان االختالف في لفظة‪ ،‬فإنه يذكر تلك اللفظة فقب من الرواية‬
‫َعدت الحديث في الباب من‬‫لخص ذلك بقوله‪" :‬واذا أ ُ‬ ‫الثانية بعد ذكر إسنادها‪ ،‬وقد َّ‬
‫ٍ‬
‫كالم فيه‪ ،‬وربما فيه كلمةٌ زائد ٌ على األحاديث"‪.‬‬ ‫وجهين أو ثالثة‪ ،‬فإنما هو من زياد‬

‫سادسا‪ :‬منهجه في بيان طرق الحديث واختصارها‪:‬‬

‫فرد كل حديث بالرواية سنداً ومتناً‪ ،‬ولكن‬


‫األصل في إخ ار األحاديث بأسانيدها أن ُي َ‬
‫خشية التبويل دفعت األئمة – ومنهم اإلمام أبو داود – إلى اتباع بر لالختصار‪،‬‬
‫منها‪:‬‬

‫‪ -1‬جمع الشيوخ بالعطف‪ :‬ومن ذلك قوله في سننه‪" :‬حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا‬
‫أبي شيبة‪ ،‬قاال‪ :‬حدثنا عمر بن سعد‪ "..‬الحديث‪.‬‬

‫‪ -2‬جمع األسانيد بالتحويل‪ :‬وتقدم معنى التحويل‪.‬‬

‫‪ -3‬ذكر بعض الطرق أو جزء من حديث واإلشارة إلى الباقي لالختصار‪ :‬إذا كان‬
‫للحديث أكثر من إسناد أو متن‪ ،‬فإنه قد يذكر بعضها ويشير إلى باقيها‪ ،‬دون أن‬
‫يذكرها ببولها‪ ،‬فقد يقول‪ :‬ورواه فالن عن فالن أيضا‪ ،‬قال اإلمام أبو داود في سننه‬
‫بعد أن ذكر أحد األحاديث‪" :‬كذا رواه أبو أسامة‪ ،‬وابن نمير عن هشام"‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬منهجه في الجرح والتعديل وتعريف الرواة‪:‬‬

‫كان من عاد أبي داود ذكر شيء من تعديل بعض الروا أو تجريحهم كلما دعت‬
‫حاجةٌ إلى ذلك‪ ،‬وقد يذكر شيئاً من التعريف ببعض الروا كبيان أن فالنا من‬
‫كوفي أو بصريٌّ‪ ،‬أو بيان تارين مولد أو وفا أو‬
‫ٌّ‬ ‫الصحابة أو التابعين‪ ،‬أو أنه‬
‫اختالب رٍاو معين‪ ،‬وغير ذلك مما ينفا في توضيح اتصال أو انقباع بين راويين‪ ،‬أو‬
‫تمييز راو من غيره‪ ،‬ولكنه لم ُيكثر من ذلك‪.‬‬
‫ومن أمثلة ما أورده في الجرح والتعديل بعد إيراده للحديث قوله‪" :‬عمرو بن ثابت‬
‫رافضي‪ ،‬رجل سوء‪ ،‬ولكنه كان صدوقا في الحديث‪ ،‬وثابت بن المقدام رجل ثقة"‪،‬‬
‫ومثال ما أورده في تعريف الروا قوله‪" :‬مات إبراهيم التيمي ولم يبلغ أربعين سنة‪،‬‬
‫وكان يكنى أبا أسماء"‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬عدد أحاديثه‪:‬‬

‫عدد األحاديث بالمكرر حوالي ستة آالف حديث‪ ،‬وبغير المكرر أربعة آالف‬
‫وثمانمائة حديث ؛ ولكن كالم أبي داود يدل على أنه أربعة آالف وثمانمائة حديث‪،‬‬
‫والسبب‪ :‬اختالف بريقة العد عند بعض من يعد األحاديث ولذلك يختلف الترقيم بين‬
‫النسن‪.‬‬

‫منهج اإلمام أبي داود المتعلق بالمتون‬

‫أوال‪ :‬منهجه في تراجم األبواب ومسالكها‪:‬‬

‫كان الغالب على تراجم أبواب السنن (التراجم الظاهر )‪ ،‬وقلما تجد فيها تراجم‬
‫استنبابية أو مرسلة‪ ،‬ولكن اإلمام أبو داود نوع بين المسالك التي استخدمها في تلك‬
‫التراجم‪ ،‬وينتظم إيضاح ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬التراجم الظاهرة‪:‬‬

‫"باب أيرد السالم وهو يبول؟"‪.‬‬


‫‪ -‬االستفهام‪ ،‬مثل‪ٌ :‬‬

‫‪ -‬الصيغة الخبرية العامة‪ ،‬مثل‪" :‬باب السواك"‪.‬‬

‫‪ -2‬التراجم الخفية (االستنباطية)‪ :‬ومن المسالك التي استخدمها في هذا النوع من‬
‫التراجم‪:‬‬

‫أعم من ال ُامترجم له‪ ،‬مثل قوله‪" :‬باب التشديد فيمن يرفا قبل اإلمام‬
‫أ‪ -‬كون الترجمة ُّ‬
‫أو يضا قبله"‪ ،‬ثم أخر حديث أبي هرير رضي اهلل عنه مرفوعا‪( :‬أما يخشى أحدكم‬
‫يحول اهلل رأسه رأس حمار‪ ،‬أو صورته صور حمار)‪،‬‬ ‫ساجد أن ِّ‬
‫ٌ‬ ‫إذا رفا رأسه واإلمام‬
‫الرفا قبل اإلمام والوضا قبله‪ ،‬والحديث ليس فيه إال‬
‫َ‬ ‫فالترجمة هنا أعم‪ ،‬ألن فيها‬
‫ذكر الرفا‪.‬‬

‫ب‪ -‬كون الترجمة أخص من المترجم له‪ ،‬مثل قوله‪" :‬باب في الرجل يذكر اهلل عز‬
‫وجل على غير بُهر"‪ ،‬ثم أخر حديث عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬كان رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يذكر اهلل عز وجل على كل أحيانه"‪ ،‬فالترجمة هنا أخص‪ ،‬ألن‬
‫فيها الذكر على غير بُهر فقب‪ ،‬والحديث فيه الذكر على كل حين‪.‬‬

‫االستنتا لعالقة اللزوم‪ ،‬مثل قوله‪:‬‬ ‫الترجمة ما أحاديث الباب ببري‬ ‫جا‪ -‬تباب‬
‫"باب ستر اإلمام ستر لمن خلفه"‪ ،‬ثم أخر حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن‬
‫جده قال‪" :‬هببنا ما رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من ثنية أذاخر‪ ،‬فحضرت‬
‫تمر بين يديه‪،‬‬
‫الصال – فصلى إلى جدر – فاتخذه قبلة ونحن خلفه‪ ،‬فجاءت بهمة ُّ‬
‫البهمة‬
‫فما زال ُيدارئها حتى لص ببنه بالجدار ومرت من ورائه"‪ ،‬فاستنتج من منا َ‬
‫من المرور بين يدي اإلمام والسماح لها بالمرور أمام المصلين‪ ،‬أن ستر اإلمام ُستر‬
‫لمن خلفه‪.‬‬

‫‪ -3‬التراجم المرسلة‪ :‬لم ُيكثر اإلمام أبو داود منها‪ ،‬وأوردها مرات قليلة‪ ،‬مثل قوله‪:‬‬
‫"باب‪ .‬حدثنا مسدد وعباد بن موسى قاال‪ :‬حدثنا ُهشيم‪ "..‬الحديث‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬منهجه في ذكر الفوائد واللطائف‪:‬‬

‫اي اإلمام أبو داود بذكر الفوائد واللبائف للتوضيح أو التنبيه ونحو ذلك‪ ،‬ومن‬‫ِ‬
‫َعن َ‬
‫ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬غريب الحديث‪ :‬شرح اإلمام أبو داود كثي ار من األلفاظ الغريبة واعتنى‬
‫بإيضاحها‪ ،‬ومن ذلك قوله‪" :‬سمعت أحمد بن حنبل يقول‪ :‬الفَ َر ستة عشر ِربالً"‪.‬‬
‫يصرح أحيانا بأن الحديث منسو ‪،‬‬
‫‪ -2‬ذكر الناسخ والمنسوخ‪ :‬كان اإلمام أبو داود ِّ‬
‫أو بأنه اآلخر من فعل النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وكان يكتفي أحيانا أخرى بتأخير‬
‫الناسن‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬منهجه في االستنباطات الفقهية‪:‬‬

‫كان اإلمام أبو داود يتعرض لبعض ما يمكن االستدالل به‪ ،‬ويذكر االستنباب الفقهي‬
‫منه‪ ،‬لكونه اشترب على نفسه تخريج أحاديث األحكام التي يستدل بها الفقهاء وأرباب‬
‫الفتيا‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ما أورده بعد أن أخر حديث عقبة بن عامر رضي اهلل عنه‬
‫أنه قال‪ :‬قلنا يا رسول اهلل‪ ،‬إنك تبعثنا فننزل بقوم فما َيقروننا‪ ،‬فما ترى؟ فقال لنا‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن نزلتم ٍ‬
‫بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا‪،‬‬
‫فإن لم يفعلوا فخذوا منهم ح الضيف الذي ينبغي لهم)‪ ،‬ثم قال‪" :‬قال أبو داود‪ :‬وهذه‬
‫حجةٌ للرجل يأخذ الشيء إذا كان له حقًّا"‪ ،‬وغير ذلك كثير‪.‬‬

You might also like