Professional Documents
Culture Documents
مذكرة
تسهيل الوصول
إلى
فهم علم األصول
المؤلفون
***
حمود بن عقالء الشعيبي -المدرس بكلية الشريعة في الرياض
عطية محمد سالم -المدرس بالجامعة 4اإلسالمية في المدينة المنورة
عبد المحسن العباد -المدرس بالجامعة 4اإلسالمية في المدينة المنورة
1
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
2
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
مقدمة4
الحم 44د هلل رب الع 44المين ،والص 44الة والس 44الم على أش 44رف األنبي 44اء والمرس 44لين،
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه بإحسان إلى يوم الدين ...وبعد:
فق44د ك4ان الن4اس في ص4در اإلس4الم يعيش4ون في ظ4ل التش4ريع ،وم4ا قبض رس4ول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم حتى أرس44ى اهلل ب44القرآن قواع44د ال44دين؛ وفص44لت الس44نة
فروع 44ه وأب 44انت معالم 44ه وفق 44ه الن 44اس دينهم،ثم ج 44اء الخلف 44اء الراش 44دون ف 44اقتفى
الناس آثارهم وترسموا خطاهم.
ولما اتس44عت رقع44ة اإلس44الم عظمت الحاج44ة إلى وض44ع قواع4د 4وأص44ول يترس44مها
العلم44اء في اس44تنباط األحك44ام ،فك44ان أول من نهض ل44ذلك ه44و اإلم44ام الش44افعي
رحمه اهلل ،ه44ذا وق4د عه44دت اإلدارة العام4ة للمعاه44د والكلي4ات إلى بعض أبنائه44ا
بوض 44ع م 44ذكرة في ه 44ذا الفن وف 44ق المنهج المق 44رر للس 44نة الخامس 44ة الثانوي 44ة في
المعاه 44د العلمي 44ة ،يت 44وخى فيه 44ا اإليج 44از ودق 44ة التعب 44ير ووض 44وح العب 44ارة ووف 44رة
األمثل 44ة ،فاس 44تعنا باهلل تع 44الى في كتاب 44ة ه 44ذه الم 44ذكرة ،وق 44د س 44ميناها« :تس 44هيل
الوصول إلى فهم علم األصول».
ونرجو اهلل تعالى أن تكون محققة 4للغرض وافية بالمطلوب.
المؤلفون
***
حمود بن عقالء 4الشعيبي -المدرس بكلية الشريعة 4في الرياض
عطية محمد 4سالم -المدرس بالجامعة اإلسالمية في المدينة المنورة
عبد المحسن العباد -المدرس بالجامعة اإلسالمية في المدينة المنورة
3
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
أصول الفقه
اعلم أن أص44ول الفق44ه م44ركب من مض44اف وه44و كلم44ة «أص44ول» ،ومض44اف إلي44ه
وه44و كلم44ة «الفق44ه» 4ويس44مى مركبً44ا إض44افيا ،وق44د أخ44ذ ه44ذا الم44ركب اإلض44افي
علم44ا على العلم المعه 44ود ،فينبغي تعريف 44ه باعتب 44ار كون 44ه مركبً 44ا إض 44افيا
فوض 44ع ً
علما:
وباعتبار كونه ً
أوالً :تعريفه 4باعتبار كونه مركبًا إضافيا:
1ـ كلمة أصول:
األص44ول جم44ع أص44ل ،واألص44ل في اللغ44ة م44ا انب44نى علي44ه غ44يره ،كاألس44اس أص44ل
للس 44قف والج 44دار وكع 44روق الش 44جرة الثابت 44ة في األرض كم 44ا في قول 44ه تع 44الى:
الس َم ِاء ﴾ [إبراهيم.]24:ت َو َف ْرعُ َها فِي َّ
َصلُ َها ثَابِ ٌ
﴿أ ْ
وفي االصطالح يطلق األصل على عدة معان منها:
1ـ القاع4دة العام44ة :كق4ولهم :األم4ر يقتض4ي الوج4وب ،يوض4ح ذل44ك قول4ه تع4الى:
ول فَ ُخُ 4ذوهُ ﴾ [الحش44ر ،]7:فه44ذا أم44ر ع44ام يقتض44ي وج44وب
الر ُسُ 4
﴿ َو َم44ا آتَ44ا ُك ُم َّ
األخذ بكل ما آتانا الرسول صلى اهلل عليه وسلم ،من غير تعرض في ه44ذه اآلي44ة
بال44ذات إلى ف44رد من أف44راد األوام44ر ال44تي وجهه44ا إلين44ا رس44ول اهلل ص44لى اهلل علي44ه
وسلم.
َّ ِ
آمنُ44وا 2ـ ال44دليل كقول44ك :أص44ل وج44وب الص44وم قول44ه تع44الى ﴿ :ي44ا أَ َيه44ا الذ َ
ين َ
يام ﴾ [البقرة ]138:أي :دليله. ِ
الص ُ
ب َعلَي ُك ُم ِّ
ُكت َ
2ـ كلمة الفقه:
الفقه لغة:
4
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
5
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
2ـ وباإلجمالي 44ة :م 44ا ع 44دا التفص 44يلية ،ك 44األمر يقتض 44ي الوج 44وب والنهي يقتض 44ي
التح444ريم ،والمطل444ق يحم444ل على المقي444د ،والع444ام يخص بالمخص444ص ،والقي 44اس
واإلجماع حجة.
موضوعه:
وموض44وع ه44ذا الفن :األدل44ة الموص44لة إلى معرف4ة 4الفق44ه ،وكيفي44ة االس44تدالل به44ا
على األحكام مع معرفة 4حال المستدل.
فائدته:
وفائدة هذا العلم هي :العلم بأحكام اهلل تعالى المتضمنة للفوز بسعادة الدارين.
استمداده:
ويستمد هذا العلم من ثالثة أشياء:
1ـ علم أص44ول ال4دين ـ أي التوحي44د :لتوق4ف األدل44ة الش44رعية على معرف44ة الب4اري
ج44ل وعال ،وص44دق المبل44غ عن44ه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم ،وهم44ا مبين44ان في44ه مق44ررة
أدلتهما في مباحثه.
2ـ علم اللغ44ة العربي44ة :ألن فهم الكت4اب والس44نة واالس44تدالل بهم44ا متوقف44ان على
معرفتها إذ هما عربيان.
3ـ األحك44ام الش44رعية 4من حيث تص 44ورها :ألن المقص 44ود إثباته44ا أو نفيه 44ا وغ44ير
المتصور لها ال يتمكن من ذلك ألن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
حكمه:
وحكم تعلم أصول الفقه وتعليمه فرض كفاية.
6
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
األحكام الشرعية
تق 44دم ل 44ك أن الفق 44ه ه 44و العلم باألحك 44ام الش 44رعية ،وإلي 44ك فيم 44ا يلي بي 44ان ه 44ذه
األحكام بإيجاز:
تعريف الحكم:
واصطالحا :مقتضى خطاب اهلل المتعلق بأفعال المكلفين.
ً الحكم لغة :المنع،
أقسام الحكم الشرعي:
واألحكام الشرعية 4على قسمين:
1ـ تكليفية.
2ـ وضعية.
فالحكم التكليفي :هو مقتضى خطاب اهلل تعالى المتعلق بأفع44ال المكلفين ،على
جهة االقتضاء أو التخيير.
والحكم الوضعي :هو ما وضعه الشارع من أسباب وشروط وموانع تعرف عند
وجودها أحكام الشرع من إثبات أو نفي.
الفرق بين القسمين4:
والف44رق بين التكليفي44ة والوض44عية ه44و :أن التكليفي44ة كل44ف المخ44اطب بمقتض44اها
فعالً أو تر ًك44ا ،وأم44ا الوض44عية فق44د وض44عت عالم44ات للفع44ل أو ال44ترك أو أوص44افًا
لهما.
7
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
8
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
أوالً:
ينقسم بحسب فاعله إلى فرض عين وفرض كفاية ألنه:
أ ـ إما أن يكون مطلوبًا من كل فرد بعينه كالصلوات الخمس فهو فرض عين.
ب ـ أو يكتفى فيه بفعل البعض كصالة الجنازة فهو فرض كفاية.
وذل44ك ألن الش44ارع ال ينظ44ر إلى األخ44ير من حيث الفاع44ل ،ب44ل من حيث وج44ود
الفعل ممن 4كان هو.
ثانيا:
بحسب وقته المحدد له :إلى مضيق وموسع ألنه:
أ ـ إن كان الوقت المحدد لفعله بقدره فقط فمضيق.
كوقت الصيام في رمضان فإن الصوم يستغرق 4ما بين طل44وع الفج44ر إلى غ44روب
الشمس فال يمكن صيام نفل معه ،وكذلك آخر الوقت إذا لم يبق إال م44ا ت44ؤدى
فيه الفريضة كقبيل طل44وع الش44مس بالنس44بة إلى الص44بح أو قبي44ل غروبه44ا بالنس44بة
إلى العصر.
ب ـ وإن ك44ان يس44عه ويس44ع غ44يره من جنس44ه مع44ه فموس44ع ،كأوق44ات الص44لوات
الخمس فإن وقت كل صالة يسعها ويسع غيرها معها من النوافل.
ثالثًا:
بحسب الفعل :على معين ومبهم ألنه:
أ ـ إن ك44ان الفع44ل مطلوبً44ا بعين44ه ال يق44وم غ44يره مقام44ه ،كالص44الة والص44وم والحج
ونحوها فمعين.
مبهم 44ا في أش44 4ياء محص44 4ورة يج44 4زىء فع44 4ل واح44 4د منه44 4ا
ب ـ وإن ك44 4ان الفع44 4ل ً4
كخصال الكفارة من عتق أو إطعام أو صوم ،فمبهم 4إذ الواجب واحد ال بعينه.
9
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
***
ثانيا :المندوب
المندوب لغة :اسم مفعول من الندب وهو الدعاء إلى الفعل كما قال الشاعر:
وفي النائبات على ال يسألون أخاهم حين يندبهم
ما قال برهانا
وفي االص44طالح :م44ا يث44اب فاعل44ه وال يع44اقب تارك44ه ويطلب44ه الش44ارع طلبً44ا غ44ير
جازم.
وهو مرادف للسنة والمستحب 4والتطوع.
إن اللَّهَ وم44ذهب الجمه44ور أن المن44دوب م44أمور ب44ه ،ومن أدلتهم قول44ه تع44الىَّ ﴿ :
4اء ِذي الْ ُق4ْ 4ربَى﴾ [النح 44ل ،]90:وقول 44هَ ﴿ :وأْ ُم 4ْ 4ران وإيت ِ 4
سَ َ ِ 4 4 ي4 4أ ُْم ُر بِال َْعْ 4 4د ِل َو ْ
اإلح َ
ف ﴾ [األع44راف،]199: وف ﴾ [لقم44ان ،]1 7:وقول44ه ﴿ :وأْم44ر بِ44الْعر ِ بِ44الْمعر ِ
َ ُ ْ ُْ َ ُْ
ومن هذه األشياء المأمور بها ما ه44و من44دوب ،ومنه44ا :أن األم44ر اس44تدعاء وطلب
مأمورا به.
ً والمندوب مستدعى ومطلوب ،فيكون
***
ثالثًا :المحظور
المحظور لغة :الممنوع.
4طالحا :م44ا يث44اب تارك44ه امتث44االً ويس44تحق فاعل44ه العق44اب ،كالزن44ا ،والس44رقة
واصً 4
محرم44ا ومعص44ية
وش44رب الخم44ر ،وال44دخان ،وحل44ق اللحى ونح44و ذل44ك ،ويس44مى ً
وحجرا.
ً وذنبًا
10
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
***
رابعا :المكروه
ً
ِ
اإليم4ا َن المكروه لغة :ض4د المحب4وب ق4ال اهلل تع4الىَ ﴿ :ولَك َّن اللَّهَ َحبَّ َ
ب إلَي ُك ُم َ
ِ
صيا َن ﴾ [الحجرات.]7: سو َق َوال ِْع ْ ِ
َو َزينَهُ في ُقلُوب ُك ْم َو َك َّر َه إلَي ُك ُم الْ ُك ْف َر َوالْ ُف ُ
4طالحا ه44 4و :م444ا يقتض44 4ي الث44 4واب على ترك44 4ه امتث444االً ال العق44 4اب على فعل44 4ه
واصً 44
كتقديم الرجل اليسرى عند دخول المسجد ،واليمنى عند الخروج منه.
***
خامسا :المباح
ً
المباح لغة :كل ما ال مانع دونه ،كما قيل:
ـت وال مبيح لما حمينا ولقد أبحنــا ما حميـ
وفي االص 44طالح :م 44ا ك 44ان الخط 44اب في 44ه ب 44التخيير بين الفع 44ل وال 44ترك ،فلم يثب
على فعل 44ه ولم يع 44اقب على ترك 44ه ،كاألك 44ل والن 44وم واالغتس 44ال للت 44برد ،ومح 44ل
أجرا.
خيرا كان له به ً
ذلك ما لم تدخله النية فإن نوى بالمباح ً
11
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
12
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
والم 44انع ينفي وج 44وده .ولكي يت 44بين ل 44ك الف 44رق بين الس 44بب والش 44رط والم 44انع،
انظ4ر في زك4اة الم4ال مثالً ،تج4د س44بب وجوبه44ا وج44ود النص44اب ،ويتوق44ف ذل4ك
الوجوب على حوالن الحول ،فهو ش4رط في4ه ،وإن وج4د دين من4ع وجوبه4ا فه4و
مانع لذلك الوجوب على القول بأن الدين مانع.
***
رابعا :الصحيح والفاسد:
ً
الصحيح لغة :ضد السقيم.
4طالحا :م44ا يتعل44ق ب44ه اعت44داد في العب44ادات ،ونف44وذ في المع44امالت ك44أن تق44ع
واصً 4
الصالة مثالً مستوفاة شروطها ،تام4ة أركانه4ا ،م4ع انتف4اء الموان4ع ول4و في اعتق4اد
الفاع44ل ،وك44ذلك ال44بيع يق44ع من ج44ائز التص44رف على مب44اح مق44دور على تس44ليمه،
ممل44وك في نفس األم44ر ،فل44و ب44اع م44ا يظن أن44ه مل44ك غ44يره فب44ان أن44ه ملك44ه ص44ح
ال44 4بيع ،إذ المع44 4امالت مبناه44 4ا على م44 4ا في نفس األم44 4ر ،والعب44 4ادات على م44 4ا في
اعتقاد الفاعل.
والفاسد لغة :المختل.
واصطالحا :ما ال اعتداد 4به في العبادات كإيقاع الصالة المفروضة قب44ل دخ44ول
ً
وقته44ا ،وال نف44وذ ل44ه في المع44امالت ك44بيع م44ا ال يمل44ك مثالً .ويرادف4ه 4الباط44ل إال
عند أبي حنيفة فيغاير بينهما ،إذ الفاسد عنده ما شرع بأصله ومنع بوصفه ك44بيع
م 44د قمح بم 44د قمح ودرهم ،ف 44بيع م 44د بم 44د ص 44حيح مش 44روع بأص 44له ،فل 44و رف 44ع
نظرا إلى أصل مشروعيته.
الدرهم صح البيع ً
***
13
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
14
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
أقسام الكالم
من المعل44وم أن الكت44اب والس44نة هم44ا أص44ال ال44دين وقوام44ه ،وأنهم44ا بلس44ان ع44ربي
م44 4بين فيتوق44 4ف العلم بهم44 4ا على العلم ب44 4الكالم الع44 4ربي نفس44 4ه ،والوق44 4وف على
أقسامه المتعددة.
ولكن قبل تقسيمه ينبغي تعريفه 4أوالً ،إذ معرفة أقسام الشيء فرع عن معرفته.
15
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ويطل44ق عن44د النح44اة على :اللف44ظ الم44ركب تركيبً44ا مفيً 4دا فائ44دة يحس44ن الس44كوت
عليها مثل :محمد رسول اهلل.
أقل ما تحصل به الفائدة:
تحصل الفائدة بكل ما اشتمل على نسبة إسنادية ،وأقل ما يك44ون ذل44ك في أح44د
التراكيب اآلتية:
1ـ التركيب من اسمين كالمبتدأ والخبر مثل :اهلل أحد ،اهلل الصمد.
2ـ التركيب من فعل واسم كالفعل مع فاعله مثل :جاء الحق وزهق الباطل.
3ـ التركيب من حرف واسم مثل :يا اهلل.
والصحيح أن التركيب الثالث راجع إلى التركيب الث44اني ألن الح44رف ن44ائب عن
فع44ل ،وتحص44ل الفائ44دة بالكلم44ة الواح44دة المتض44منة لمع44نى كالم مفي44د كح44رف
الجواب نحو :ال وبلى ونعم ،وفعل األمر نحو :استقم.
***
16
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وقولن44ا« :لذات44ه» 4ليش44مل التعري44ف كالم اهلل تع44الى مث44ل ﴿ :أَل َْه44ا ُك ُم التَّ َك44ا ُث ُر ()1
َحتَّى ُز ْرتُ ُم ال َْم َق44ابَِر ﴾ [التك 44اثر ،]2 4 ،1:واألم 44ور البديهي 44ة مث 44ل الواح 44د نص 44ف
االثنين ،والكل أكبر من الجزء.
تعريف اإلنشاء:
هو ما ال يحتمل الصدق وال الك44ذب لذات44ه كـ«أقم الص44الة»« ،ال تش44رك باهلل»،
وهو نوعان :طلبي ،وغير طلبي.
أقسام اإلنشاء:
1ـ اإلنشاء الطلبي:
وهو ما استدعى مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب وهو أقسام منها:
األمر :وهو طلب إيجاد الشيء بصيغة دالة عليه مثل« :أطع والديك».
النهي :وه 44 4و طلب الك 44 4ف عن فع 44 4ل بص 44 4يغة دال 44 4ة علي 44 4ه نح 44 4و« :ال تقص 44 4ر في
واجبك».
استفهام :وهو طلب اإلفهام عن شيء نحو« :هل ذاكرت درسك؟».
17
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
التمني :وهو ما كان مدلوله طلب أمر ال مطمع فيه أو عسير المنال بصيغة دال4ة
عليه.
مثال األول :ليت شبابًا بيع فاشتريت.
ومثال الثاني :ليت المسلمين يتحدون.
ال44ترجي :وه44و م44ا ك44ان المطل44وب في44ه ممكنً44ا ،وك44ان محبوبً44ا بص44يغة دال44ة علي44ه
مثل« :لعل شباب المسلمين يتجهون إلى النهل من معين دينهم الحنيف».
العرض :وهو الطلب برفق مثل قولك لصديقك« :أال تزور صديقك؟!».
ِ
التحضيض :وهو الطلب بحث مثل ﴿ :أَال ُت َق44اتلُو َن َق ْو ًم44ا نَّ َكثُ44وا أ َ
َيم44ا َن ُه ْم َو َه ُّموا
ول َو ُهم بَ َدءُو ُك ْم أ ََّو َل َم َّر ٍة ﴾ [التوبة.]31:
الر ُس ِ بِإ ْخ َر ِ
اج َّ
اعلم أوالً أن الناس في تقسيم الكالم إلى حقيقة ومجاز ثالثة آراء:
منع هذا التقسيم أصالً وأنه ال مجاز ال في القرآن وال في اللغة العربية:
18
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ومن ال44ذاهبين إلى ذل44ك أب44و إس44حاق اإلس44فراييني ،وق44د نص44ر ه44ذا الق44ول ش44يخ
اإلسالم ابن تيمية في كتاب اإليمان فقال:
4طالحا حادثً44ا بع44د انقض44اء الق44رون
«إن في تقس44يم الكالم إلى حقيق44ة ومج44از اصً 4
الثالث44ة ،لم يتكلم ب44ه أح44د من األئم44ة المش44هورين في العلم :كمال44ك ،والث44وري،
واألوزاعي ،وأبي حنيف44ة ،والش44افعي ،ب44ل وال تكلم ب44ه أئم44ة اللغ44ة والنح44و مث44ل:
الخليل ،وسيبويه ،وأبي عمرو بن العالء ،ونحوهم.»...
إلى أن قال« :وهذا الشافعي هو أول من جرد الكالم في أصول الفقه لم يقسم
هذا التقسيم وال تكلم بلفظ الحقيقة والمجاز».
الحقيقة:
19
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
لغة :مأخوذة من الحق ،بمع44نى الث44ابت على أن44ه فاع44ل أو المثبت على أن44ه بمع44نى
مفعول.
اصطالحا :اللفظ المستعمل فيما وضع له ابتداء في اصطالح التخاطب ،كلفظ
ً
أس 44 4د ،في الحي 44 4وان المف 44 4ترس ،وش 44 4مس في الك 44 4وكب المض 44 4يء ،وكلم 44 4ة في
اصطالح التخاطب تبين لنا أصل تقسيمهم 4الحقيقة إلى ثالثة أقسام:
1ـ لغوية.
2ـ عرفية.
3ـ شرعية.
الحقيقة اللغوية:
هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أوالً في اللغة كأسد في الحيوان المفترس.
الحقيقة العرفية:
وتكون عامة وخاصة.
أ ـ فالعرفي44ة العام44ة :م44ا تع44ارف علي44ه عام44ة أه44ل اللغ44ة بغلب44ة اس44تعمال اللف44ظ في
بعض مدلوله أو بتغليب المجاز على الحقيقة.
ف 44األول :أن يك 44ون اللف 44ظ ق 44د وض 44ع في أص 44ل اللغ 44ة لمع 44نى ع 44ام ،ثم خصص 44ه
العرف ببعض مسمياته كلفظ «داب44ة» ف44إن أص44له لك44ل م44ا دب على وج44ه األرض
غير أن العرف خصصه بذوات األربع.
والثاني :أن يكون اللفظ في أصل اللغ44ة لمع4نى ،ثم يش4تهر في ع44رف االس4تعمال
في المع44 4 4نى المج44 4 4ازي بحيث ال يفهم من اللف44 4 4ظ عن44 4 4د إطالق44 4 4ه غ44 4 4يره كلف44 4 4ظ
«الغائ 44ط» فإن 44ه في أص 44ل الوض 44ع المك 44ان المطمئن من األرض ثم نق 44ل عن 44ه إلى
20
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
الحقيقة الشرعية:
هي اللف44 4 4ظ المس44 4 4تعمل فيم44 4 4ا وض44 4 4ع ل44 4 4ه أوالً في الش44 4 4رع ،كالص44 4 4الة للعب44 4 4ادة
المخصوصة 4المفتتحة بالتكبير المختتم4ة بالتس4ليم ،وكاإليم4ان لالعتق4اد والق4ول
والعمل.
المجاز:
وهو لغة :مكان الجواز أو الجواز على أنه مصدر ميمي.
وفي االصطالح قسمان :لغوي وعقلي.
21
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
العالقة والغرض منها :واشتراط العالقة يخرج استعمال اللفظ في غير ما وض44ع
ل44ه بطري44ق الس44هو أو الغل44ط كقول44ك :خ44ذ ه44ذا القلم وتش44ير إلى كت44اب مثالً ،أو
بطري44 4ق القص44 4د ولكن ال مناس44 4بة بين المعن44 4يين كقول44 4ك :خ44 4ذ ه44 4ذا الكت44 4اب أو
تفاح44ا أو ثوبً 44ا إذ ال مناس 44بة بين الكت 44اب والتف 44اح وال بين
اش 44تريت كتابً 44ا تري 44د ً
الكتاب والثوب.
والغ 44رض من العالق 44ة :انتق 44ال ال 44ذهن من المع 44نى األول إلى المع 44نى الث 44اني عن
طريقها فهي كالجسر للذهن يعبر عليها كما في قولك :رأيت أسً 4دا ي44رمي ،ف44إن
جسر االنتقال من الحيوان المفترس إلى الرجل الشجاع إنما هي الشجاعة التي
تربط بين المعنيين في قولك :حيوان مفترس ورجل شجاع.
أقسام العالقة:
والعالق44 4ة إم44 4ا المش44 4ابهة :كمش44 4ابهة الرج44 4ل الش44 4جاع لألس44 4د في الش44 4جاعة في
المثال المتقدم ألنها معنى مشترك بينهما.
وأم44ا غ44ير المش44ابهة كق44ولهم« :بث األم44ير عيونً44ا في المدين44ة» 4أي :جواس44يس،
وكل مج44از عالقت44ه المش44ابهة يس44مى «اس44تعارة» ألن4ك ش44بهت ثم اس44تعرت لف44ظ
4ازا
المشبه به وأطلقته على المشبه وكل مجاز عالقته 4غير المشابهة يسمى «مجً 4
مرسالً» 4ألنه أرسل عن قيد المشابهة.
والعالقات بغير المشابهة متع44ددة ألنه44ا تعم ك4ل مناس44بة أو مالبس44ة بين المعن44يين
تص44حح نق44ل اللف44ظ من معن44اه األول إلى الث44اني كالكلي44ة والجزئي44ة ف44األولى ك44أن
تطلق الكل وتريد الج44زء كم44ا تق44ول :قبض44ت الش44رطة على اللص ،إذ القبض لم
22
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
يحص 44ل من جمي 44ع الش 44رطة وإنم 44ا حص 44ل من بعض 44هم ،والثاني 44ة ك 44إطالق العين
وإرادة كل اإلنسان في المثال المتقدم للجاسوس.
وكالس44ببية أو المس44ببية فالس44ببية أن تطل44ق الس44بب وتري44د المس44بب ك44أن تق44ول:
«رعين 44 4ا الغيث» والمس 44 4ببية أن تطل 44 4ق المس 44 4بب وتري 44 4د الس 44 4بب ك 44 4أن تق 44 4ول:
ربيعا».
«أمطرت السماء ً
وكالحالي44ة ب4أن تطل44ق الح44ال وتري44د المح44ل أو المحلي44ة ب44أن تطل44ق المح44ل وتري44د
الحال فيه إلى غير ذلك.
ّ
مفردا ومركبًا:
والمجاز اللغوي يكون ً
فالمفرد :هو ما كان في اللفظ المفرد وتقدمت أمثلته.
والم4ركب :م44ا ك4ان في الجم4ل ف4إن ك4انت العالق44ة في4ه المش4ابهة س4مي اس4تعارة
تمثيلي44ة ،وإال فمج44از م44ركب مرس44ل كتش44بيه ص44ورة بص44ورة ،ونق44ل ال44دال على
الص44ورة المش44به به44ا وإطالقه44ا على الص44ورة المش44بهة 4كقول44ك لم44تردد في أم44ر:
«أراك تقدم رجالً وتؤخر أخرى».
وقول 44 4ك لمن جم 44 4ع خص 44 4لتين ذميم 44 4تين كش 44 4رب ال 44 4دخان وحل 44 4ق اللحى مثالً:
«أحشفا وسوء كيلة».
23
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
24
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
األم ـ ــر
صيغ األمر:
25
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ولألمر صيغ تدل على طلب الفع44ل إذا تج44ردت من الق44رائن الص44ارفة عن44ه ،وهي
أربع:
ص 4ال َة ﴾ [اإلس44راء ﴿ ،]78:ا ْس َ4ت ْغ ِف ُروا َربَّ ُكم ﴾ 1ـ فع44ل األم44ر :مث44ل ﴿ :أَقِ ِم ال َّ
ين ﴾ [التوبة.]73: ق [نوح ﴿ ،]10:يا أَيها النَّبِي ج ِ
اه ِد ال ُك َّفار والمنَافِ ِ
َ ُ َ َ َ َ
ض 4 4وا َت َف َث ُه ْم
2ـ المض44 4ارع المج44 4زوم بالم األم44 4ر :مث44 4ل قول44 4ه تع44 4الى ﴿ :ثُ َّم لْي ْق ُ
يق ﴾ [الحج.]29: يت ال َْعتِ ِ
ولْيوفُوا نُ ُذور ُهم ولْيطََّّوفُوا بِالْب ِ
َ َ َْ َ
َّ ِ
سُ 4ك ْم ﴾ آمنُ44وا َعلَي ُك ْم أَن ُف َ 3ـ اس44م فع44ل األم44ر :مث44ل قول44ه تع44الى ﴿ :ي4ا أَ َيه44ا الذ َ
ين َ
[المائدة.]105:
الرقَ ِ 4
4اب ﴾ ب ِّضْ 4 4ر َ
4ـ المص 44در الن 44ائب عن فع 44ل األم 44ر :مث 44ل قول 44ه تع 44الى ﴿ :فَ َ
[محمد.]4:
صيغ تفيد ما تفيده صيغ األمر:
تق44دم ذك44ر ص44يغ األم44ر األص44لية ،وهن44اك ص44يغ أخ44رى ت44دل على األم44ر بالش44يء
وطلب إيجاده ومن هذه الصيغ:
1ـ التصريح 4بلفظ األمر :مثل« :أمركم ،وأمرتكم ،أنتم مأمورون».
2ـ وكذا التصريح باإليجاب ،والفرض والكتب.
3ـ ولفظة :حق على العباد وعلى المؤمنين.
4ـ وكذا ما فيه ترتيب الذم والعقاب على الترك أو إحباط العمل ب44الترك ونح44و
ذلك.
هذا هو رأي الجمهور واستدلوا بإجماع أهل اللغة على تس44مية ذل44ك أم4ً 4را ،ف44إن
مطيع4ا إن فع44ل وعاص44يا
أمرا وعد العب4د ً
السيد إذا قال لعبده« :أعطني كذا» عد ً
إن ترك.
26
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وذهب األش44اعرة ومن وافقهم 4إلى أن األم44ر ليس44ت ل44ه ص44يغة لفظي44ة ألن الكالم
عندهم المعنى القائم بالنفس دون اللفظ ،وإنما جعل اللفظ ليعبر ب4ه عن المع4نى
النفسي ويدل عليه ،وهذا الرأي باطل لمخالفة الكتاب والسنة.
الث لَيٍ 4
4ال َس ِ 4ويا ﴾ 4ك أَالَّ تُ َكلِّ َم الن َ
َّاس ثَ َ أم44ا الكت44اب فقول44ه تع44الى لزكري44ا ﴿ :آيتَُ 4
[مريم ]10:فإنه لم يسم المعنى ال44ذي ق44ام بنفس زكري44ا وأفهم44ه قوم44ه باإلش44ارة
كالما.
إليهمً :
وأم44ا الس44نة فقول44ه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم« :إن اهلل تج44اوز ألم44تى عم44ا ح44دثت ب44ه
أنفس 44ها م44ا لم تتكلم ب44ه أو تعم44ل» ،فف 44رق بين المع 44نى الق 44ائم ب44النفس والكالم،
وأخبر برفع المؤاخذة في األول دون الثاني.
27
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وك 44ذلك إطب 44اق أه 44ل اللغ 44ة على ذم العب 44د ال 44ذي لم يمتث 44ل أم 44ر س 44يده ووص 44فه
بالعصيان ،وال يذم ويوصف بالعصيان إال من كان تار ًكا لواجب عليه.
28
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
29
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
[ آل عمران ،]79:وقد سئل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :أفي كل ع44ام ي44ا
رس 44ول اهلل؟ فأج 44اب بم 44ا ي 44دل على أن 44ه في العم 44ر م 44رة ،فيحم 44ل في اآلي 44ة على
الوحدة لهذا القيد.
الثالث :وهو الخالي عن القيد ف44األكثرون على ع44دم إفادت44ه التك44رار ألن44ه لمطل44ق
إيج44اد الماهي44ة والم44رة الواح44دة تكفي في44ه فمثالً ل44و ق44ال ال44زوج لوكيل44ه« :طل44ق
زوج4تي» لم يمل4ك إال تطليق4ة واح4دة ،ول4و أم4ر الس4يد عب4ده ب4دخول ال4دار مثالً
برأت ذمته بمرة واحدة ولم يحسن لومه وال توبيخه.
30
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وما استدل به الق44ائلون بأن44ه على ال44تراخي من ت4أخير الن44بي ص4لى اهلل علي44ه وس44لم
الحج إلى سنة عشر ـ مدفوع بكون النبي صلى اهلل عليه وسلم يحتمل أنه أخ44ره
ألغراض 4منها :كراهيته لمشاهدة ما كان المشركون يفعلونه في الحرم مم44ا في44ه
مخالف44ة للش44ريعة ،فلم44ا أذن مؤذن44وه في الس44نة التاس44عة ب44براءة اهلل ورس44وله ص44لى
اهلل علي44 4ه وس44 4لم من المش44 4ركين ومنعهم من قرب44 4ان الح44 4رم وطه44 4ر اهلل مك44 4ة من
أدران الشرك ـ حج عليه الصالة والسالم.
31
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
32
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
الـنـهـ ـي4
تعريف النهي:
النهي لغ44 4ة :المن44 4ع ،ومن44 4ه س44 4مي العق44 4ل «نهي44 4ة» ألن44 4ه ينهى ص44 4احبه ويمنع44 4ه من
الوقوع فيما ال يليق.
4طالحا :طلب الك 44 4ف عن فع 44 4ل على س 44 4بيل االس 44 4تعالء ،بغ 44 4ير ك 44 4ف
النهي اص ً 4 4
ونحوها.
اط ِل ﴾ [النس44اء ،]29:وقول44ه: مثاله قوله تعالى ﴿ :ال تَأْ ُكلُوا أَموالَ ُكم بينَ ُكم بِالْب ِ
َ َ َْ
ول َوتَ ُخونُ4وا أ ََمانَ4اتِ ُك ْم َوأَنتُ ْم َت ْعلَ ُم4و َن آمنُوا ال تَ ُخونُوا اللَّهَ َو َّ
الر ُس َ ﴿ يا أ َّ ِ
ين َ
َيها الذ َ
َ
﴾ [األنفال.]27:
صيغته:
«كل مضارع مجزوم بال» ،وال ي44دخل في ذل44ك :ك44ف ،أو خ44ل ،أو ذر ،أو دع
4اهر اإلثْ ِم وب ِ
اطنَ 44هُ ﴾ مم 44ا ج 44اء لطلب الك 44ف كم 44ا في قول 44ه تع 44الى ﴿ :وذَروا ظَ ِ 4
ََ َ َ ُ
اه ْم ﴾ [األح 44 4 4زاب ﴿ ،]48:فَ َخلُّوا َس4 4 4 4بِيلَ ُهم ﴾ ع أَذَ ُ
[األنع 44 4 4امَ ﴿ ،]120:و َد ْ
[التوبة ]5 :ألنها وإن كانت تفيد طلب الكف إال أنها بصيغة األمر.
مقتضى النهي:
التح 44 4ريم حقيق 44 4ة باالتف 44 4اق لقول 44 4ه ص 44 4لى اهلل علي 44 4ه وس 44 4لم« :وم 44 4ا نهيتكم عن 44 4ه
فاجتنبوه».
33
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ويلتح44 4ق بص44 4يغة النهي في إف44 4ادة التح44 4ريم :التص44 4ريح 4بلف44 4ظ التح44 4ريم ،والنهي
والحظر والوعيد على الفعل ،وذم الفاعل ،وإيج44اب الكف44ارة بالفع44ل ،وكلم44ة م44ا
كان لهم ك44ذا ولم يكن لهم ،وك44ذا ت44رتيب الح44د على الفع44ل وكلم44ة «ال يح44ل»
ووصف الفعل بأنه فساد أو أنه من تزيين الشيطان وعمله ،وأنه تع44الى ال يرض44اه
لعباده ،وال يزكي فاعله ،وال يكلمه وال ينظر إليه ونحو ذلك.
أحوال النهي:
أحوال النهي أربع ،وهي:
1ـ أن يكون النهي عن شيء واحد فقط وهو الكثير ـ كالنهي عن الزنا مثالً.
2ـ أن يك44 4ون النهي عن الجم44 4ع بين متع44 4دد ،وللمنهي أن يفع44 4ل أيه44 4ا ش444اء على
انف 44 4راده ،ك 44 4الجمع بين األخ 44 4تين ،والجم 44 4ع بين الم 44 4رأة وعمته 44 4ا ،وبينه 44 4ا وبين
خالتها.
34
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
3ـ أن يك 44ون النهي عن التفري 44ق بين ش 44يئين أو أك 44ثر دون الجم 44ع ك 44التفريق بين
مع44ا أو يحفيهم44ا
رجليه ينعل إحداهما دون األخرى ،بل على المنهي أن ينعلهم44ا ً
معا.
ً
اجتماع44ا وافـتراقًا مـثل قـوله تـعالىَ ﴿ :وال تُ ِط ْ4ع
ً 4ـ أن يك4ون المنهي عن متع4دد
4ورا ﴾ [اإلنس 44 4ان ،]24:فال تج 44 4وز طاعتهم 44 4ا مجتمعين 4وال ِ ِ
م ْن ُه ْ4م آث ًم44 4ا أ َْو َك ُف ً 4 4
مفترقين4.
ومن أمثلة ذلك ،ال تأكل السمك وتشرب اللبن ،على ج44زم الفعلين ،ف44إن النهي
منص44ب على األك44ل والش44رب اجتماع44ا وافتراقً44ا ،ف44إذا نص44ب الث44اني ك44ان مث44االً
للحالة الثانية ،وإذا رفع كان مثاالً للحالة األولى.
35
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
36
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
37
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وبي44ان كون44ه ألم44ر خ44ارج عن44ه أن ال44بيع ق44د اس44توفى ش44روطه ولكن44ه مظن44ة لف44وات
الصالة كما أن فوات الصالة قد يكون لعدة أسباب أخرى.
والجمه44ور على أن النهي في ه44ذه الص44ورة ال يقتض44ي الفس44اد ألن نفس المنهي
عن44ه وه44و ال44بيع س44الم من مبط44ل والنهي ل44ذلك الخ44ارج ،فالجه44ة منفك44ة أي جه44ة
صحة البيع عن جهة توجه النهي إليه.
وعند أحمد أن النهي يقتضي الفساد ألن النهي يقتضي العقاب والصحة تقتض44ي
الثواب فال يثاب ويعاقب في وقت واحد بسبب عمل واحد.
38
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
39
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
الـعـ ــام
تعريف العام:
هو في اللغة :الشامل.
والعموم شمول أمر آلخر مطل ًقا.
وفي االص44طالح :وه44و اللف44ظ المس44تغرق 4لم44ا يص44لح ل44ه دفع44ة بوض44ع واح44د من
غير حصر.
فخ44رج بقولن44ا« :دفع44ة» 4نح44و رج44ل ،في س44ياق اإلثب44ات فإن44ه وإن ك44ان مس44تغرقًا
لجميع ما يصلح له إال أن هذا االستغراق على سبيل البداية ال دفعة واحدة.
وبقولنا« :بوضع واحد» المشترك مثل «القرء 4والعين» فإنه بوضعين أو أكثر.
وبقولنا« :في غير حصر» أسماء األعداد كعش44رة ومائ44ة ،وه44ذا عن44د من ال ي44رى
لفظ العدد من صيغ العموم.
صيغ العموم:
وللعموم ألفاظ دالة عليه تسمى صيغ العموم ومنها ما يأتي:
ت ﴾ [األنبي44اء ،]35:وقول44ه: س ذَائَِق 4ةُ الْم44و ِ
4ل َن ْف ٍ
1ـ كل :مثل قوله تع4الىُ ﴿ :كُّ 4
َْ
آم َن بِاللَّ ِه َو َمالئِ َكتِ ِه ﴾ [البقرة.]285:
﴿ ُكلٌّ َ
2ـ جميع :مثل جاء القوم جميعهم.
3ـ الجم44ع المع44رف ب44األلف والالم لغ44ير العه44د :مث44ل ﴿ :قَ ْ 4د أَ ْفلَ َح ال ُْم ْؤ ِمنُ44و َن ﴾
الد ُك ْم ﴾ص4ي ُكم اللَّهُ فِي أَو ِ [المؤمنون ،]1:وكذا المعرف باإلض44افة مث44ل ﴿ :يو ِ
ْ ُ
[النساء.]11:
س4ا َنإن اإلن َ صِ 4ر (َّ )1 4ـ المفرد 4المعرف باأللف والالم لغير العهد :مثلَ ﴿ :وال َْع ْ
لَِفي ُخس ٍ 4ر ( )2إالَّ الَّ ِذين آمنُ44وا و َع ِملُ44وا ال َّ ِ ِ
ص ْ 4وا ص ْ 4وا بِ44ال َ
ْح ِّق َوَت َوا َ ص 4ال َحات َوَت َوا َ َ َ َ ْ
40
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
الص ْب ِر ﴾ [العص44ر1:ـ ،]3وك44ذا المع44رف باإلض44افةَ ﴿ :وإن َتعُ4ُّ 4دوا نِ ْع َم 4ةَ اللَّ ِه ال
بِ َّ
وها ﴾ [النحل.]18:
ص َتُ ْح ُ
5ـ المث4نى المع4رف ب4أل :مث4ل قول4ه ص4لى اهلل علي4ه وس4لم« :إذا التقى المس4لمان
بسيفيهما »...فإنه يعم كل مسلمين.
6ـ ما :وهي لما ال يعقل مثالها ـ موص44ولة ـ :قول4ه تع4الىَ ﴿ :م4ا ِعنَ 4د ُك ْم ين َفُ 4د َو َم4ا
اق ﴾ [النحل ]96:ومثالها ـ ش4رطية ـ قول4ه تع4الىَ ﴿ :و َم4ا َت ْف َعلُ4وا ِم ْن ِعن َد اللَّ ِه ب ٍ
َ
َخي ٍر ْيعلَ ْمهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة.]197:
7ـ من :وهي لمن يعق44ل ،مثاله44ا ـ موص44ولة ـ قول44ه تع44الىَ ﴿ :وال ُت ْؤ ِمنُ44وا إالَّ لِ َمن
4ل ِ ِ
تَب4َ 4ع دينَ ُك ْم ﴾ [آل عم44ران ،]73:ومثاله44ا ـ ش44رطية ـ قول44ه تع44الى ﴿ :فَ َمن ْيع َمْ 4
ِم ْث َق َ
ال ذَ َّر ٍة َخ ًيرا َيرهُ ﴾ [الزلزلة.]7:
_ 8متى :للزمان المبهم ـ شرطية ـ مثل« :متى زرتني أكرمك».
9ـ أين :للمك44ان المبهم ـ ش44رطية ـ مث44ل :قول44ه تع44الى ﴿ :أَينَ َم44ا تَ ُكونُ44وا يْ 4د ِر ُّ
كك ُم
ت ﴾ [النساء.]78:
ال َْم ْو ُ
نصا في العموم وظاهرة فيه.
_10النكرة في سياق النفي وتكون َّ
41
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ك ِمن َّر ُس ٍ
ول ﴾ [األنبياء.]25: ب ـ قبل المفعول مثلَ ﴿ :و َما أ َْر َسلْنَا ِمن َق ْبلِ َ
اح ٌد ﴾ [المائدة.]73: جـ ـ قبل المبتدأ مثل ﴿ :وما ِمن إلَ ٍه إالَّ إلَهٌ و ِ
َ ََ ْ
3ـ النك44رة الالزم44ة للنفي :مث44ل :دي44ار ،كم44ا في قول44ه تع44الى عن ن44وح ﴿ :ال تََ 4ذ ْر
يارا ﴾ [نوح.]26: ض ِم َن الْ َكافِ ِر َ4
ين َد ً َعلَى األ َْر ِ
ص 4ا فيم44ا ع44دا ذل44ك ك44النكرة العامل44ة فيه44ا «ال» عم44ل ليس، وتك44ون ظ44اهرة ال ن ًّ
مثل قولك« :ال رجل في الدار».
42
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
4ات يتربَّص4 4ن بِأَن ُف ِسِ 4ه َّن ثَالثَ4ةَ ُق44ر ٍ
وء ﴾ [البق44رة]228: ُ كقول44ه تع44الىَ ﴿ :وال ُْمطَلَّ َقَ ْ َ َ ُ 4
َجلُ ُه َّن أَن َح 4م ِ 4
4ال أ َ الت األ ْ َ
فلف44 4ظ المطلق44 4ات ع44 4ام خص44 4ص بقول44 4ه تع44 4الىَ ﴿ :وأ ُْو ُ
ض ْع َ4ن َح ْملَ ُه َّن ﴾ [الطالق ،]4:فجعل أجلهن وضع الحمل ال ثالثة قروء. يَ
عموم حكم الخطاب الخاص به صلى اهلل عليه وسلم:
الخط44اب الخ44اص ب44النبي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم يتن44اول حكم44ه األم44ة إال إذا دل
على اختصاصه به.
ض 4ى َزي ٌ 4د ِّم ْن َه44ا َوطَ4ً 4را َز َّو ْجنَا َك َه44ا لِ َكي ال ومن أدل44ة ذل44ك قول44ه تع44الىَ ﴿ :فلَ َّما قَ َ
ض ْ 4 4 4وا ِم ْن ُه َّن َوطَ4ً 4 4 4را ﴾
اج أَ ْد ِعي44 4 4ائِ ِه ْم إذَا قَ َ
ج فِي أَ ْز َو ِ ي ُك44 4 4و َن َعلَى ال ُْم4ْ 4 4 4ؤ ِمنِ َ4
ين َح4َ 4 4 4ر ٌ
ك ِمن ُد ِ
ون ص 4 4ةً لَّ َ ِ
[األح44 4زاب ،]37:وقول44 4ه تع44 4الى في الواهب44 4ة نفس44 4هاَ ﴿ :خال َ
ين ﴾ [األح44زاب ،]50:ول44و ك44ان حكم الخط44اب ب44ه يختص ب44ه لم يص44ح ال ُْم4ْ 4ؤ ِمنِ َ4
التعليل في اآلية األولى ولم يحتج إلى التخصيص في اآلية الثانية.
43
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ويوض44حه من جه44ة اللغ44ة :أن الرج44ل ل44و ق44الت ل44ه زوجت44ه :طلق44ني فطل44ق جمي44ع
نسائه وقع الطالق عليهن ولم يختص بالطالبة وحدها.
44
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
45
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
الـخـ ــاص
تعريف الخاص:
الخ 44اص مقاب 44ل للع 44ام ،ف 44إذا ك 44ان الع 44ام يتن 44اول أك 44ثر من واح 44د بال حص 44ر ف 44إن
الخاص ال يتناول سوى واحد كزي44د مثالً أو يتن44اول أك44ثر من44ه ولكن44ه على س44بيل
الحصر ،كاثنين أو خمسة أو مائة ألنه خاص بهذا العدد ،ومنه النكرة في سياق
4الحا
اإلثب44ات كقول44ك :رأيت رجالً في ال44بيت أو اعتن44ق عبً 4دا ،فإن44ه وإن ك44ان صً 4
لكل رجل ،وصادقًا ب4أي عب44د إال أن44ه عملي4ا ال يص44دق إال بف4رد واح4د يختص ب4ه
ألنه بمعنى :رأيت رجالً واح ًدا واعتنق عب ًدا واح ًدا.
التخصيص:
تعريف التخصيص:
لغة :اإلفراد.
واصطالحا :قصر المقام على بعض أفراده لدليل يدل على ذلك.
ً
4ورا على بعض أف44راده ب44إخراج البعض اآلخ44ر
أي جعل الحكم الث44ابت للع44ام مقصً 4
ضا.
عنه وقد يكون التخصيص قصر المتعدد 4على بعض أفراده أي ً
األمثلة:
ص 4ي ُكم اللَّهُ فِي أَو ِ
الد ُك ْم ﴾ [النس44اء،]11: أ ـ قص44ر الع44ام :كقول44ه تع44الى ﴿ :يو ِ
ْ ُ
فه44ذا ع44ام في جمي44ع أوالد المخ44اطبين وع44ام في ك44ل ول44د ،فخص األول بقول44ه
صلى اهلل علي44ه وس44لم« :إن44ا معاش44ر األنبي44اء ال ن44ورث» ف44أخرج أوالد األنبي44اء من
عموم أوالد المخاطبين.
46
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وق44ال ص44لى اهلل علي44ه وس44لم« :ال ي44رث المس44لم الك44افر »...فخص عم44وم ك44ل
ولد بإخراج الولد الكافر.
ب ـ مث4ال قص4ر 4المتع4دد :كقول4ك مثالً :ل4ه علي عش4رة دن4انير إال ثالث4ة ف4إن في4ه
قصر الدين على سبعة فقط.
فتحصل في هذا أمران:
1ـ عام أو متعدد ،أخرج منه البعض ،فهو العام المخصوص المتقدم ذكره.
2ـ دال على اإلخراج ،فهو المخصص 4ـ باسم الفاع44ل ـ كالح44ديثين 4الم44ذكورين،
واالستثناء في األخير.
47
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
المخصصات:
المخصص العام على قسمين :متصل ومنفصل.
دائما.
األول :هو ما ال يستقل بنفسه بل يتعلق معناه باللفظ فهو مقارن له ً
الثاني :هو ما استقل بنفسه وال ارتباط له في الذكر مع العام من لفظ أو غيره.
المخصصات المتصلة:
وهي خمسة أشياء:
1ـ االستثناء.
2ـ الشروط.
3ـ الصفة.
4ـ الغاية.
5ـ بدل البعض.
التخصيص باالستثناء:
تعريفه :هو إخراج البعض بأداة «إالَّ» أو ما يقوم مقامها.
وهو قسمان :متصل ومنقطع.
ض 4ا من المس44تثنى من44ه كقول44ه تع44الى في 1ـ فالمتص44ل :م44ا ك44ان في44ه المس44تثنى بع ً
4ف َس 4 4 4نَ ٍة إالَّ َخ ْم ِس 4َ 4 4 4
ين َع ًام44 4 4ا ﴾ ث فِي ِه ْم أَلَْ 4 4 4
ش44 4 4أن ن44 4 4وح علي44 4 4ه الس44 4 4المَ ﴿ :فلَبِ َ
[العنكبوت ]14:وهذا القسم هو المقصود باتفاق.
ض 4ا من المس44تثنى من44ه نح44و :ل44ه علي
2ـ والمنقط44ع :م44ا لم يكن في44ه المس44تثنى بع ً
عشرة دنانير إال كتابًا.
48
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وفي التخص44يص به44ذا الن44وع خالف وعلى الق44ول ب44ه كم44ا عن44د المالكي44ة يحت44اج
إلى التأوي44 4ل أي إال قيم44 4ة الكت44 4اب ،فيك44 4ون المخ44 4رج من العش44 4رة دن44 4انير قيم44 4ة
الكتاب فكأنه يعود عمليا إلى النوع األول.
49
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ِ ِ ِ َّ ِ
ص 4 4 4نَات ثُ َّم لَ ْم ي 4 4 4أْتُوا بأ َْر َب َع44 4 4ة ُش َ 4 4 4ه َد َ
اء ين ْير ُم44 4 4و َن ال ُْم ْح َ
ق44 4 4ال اهلل تع44 4 4الىَ ﴿ :والذ َ
4ك ُه ُم الْ َفا ِسُ 4قو َن ()4 ادةً أَبًَ 4دا َوأ ُْولَئِ َ
ين َج ْل َدةً َوال َت ْقَبلُ4وا لَ ُه ْم َشَ 4ه َ ِ فَ ِ
وه ْم ثَ َمان َ
اجل ُد ُْ
إن اللَّه غَ ُف ِ ين تَابُوا ِم ْن َب ْع ِد َذلِ َ َّ ِ
يم ﴾ [النور.]5،4: ور َّرح ٌ َصلَ ُحوا فَ َّ َ ٌ ك َوأ ْ إالَّ الذ َ
50
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
التخصيص بالشرط:
تعريفه:
الم44راد بالش44رط هن44ا :الش44رط اللغ44وي وه44و المع44روف بتعلي44ق أم44ر ب44أمر ،وأدوات44ه
كثيرة منها« :إن وإذا» مثل« :إن نجح زيد فأعطه جائزة».
ووج44ه التخص44يص بالش44رط في المث44ال المتق44دم :أن44ه يخ44رج من الكالم ح44االً من
أح44وال زي44د وهي ع44دم نجاح44ه ول44وال الش44رط ل44وجب إعط44اؤه الج44ائزة على ك44ل
حال.
4اح أَن ِ ض4 4ربتُم فِ
يس َعلَي ُك ْم ُجنَ ٌ 4
َ َل ف
َ ض َر
ْ ألا ي وق 44د ج 44اء في قول 44ه تع 44الىَ ﴿ :وإذَا َ َ ْ ْ
الة ﴾ [النساء ]101:تعليق قصر الصالة على حصول الشرط الص ِ ص ُروا ِم َن َّ
َت ْق ُ
وسفرا ،لكن44ه
حضرا ً وهو الضرب في األرض ،ولوال الشرط لجاز القصر مطل ًقا ً
خص بحال 44ة الس 44فر ،ويش 44ترط للتخص 44يص بالش 44رط أن يتص 44ل بالمش 44روط لفظً 44ا
كما في االستثناء.
التخصيص بالصفة:
والم44راد بالص44فة :الص44فة المعنوي44ة ،ال النعت المع44روف في علم النح44و ،فتش44مل
الحال والظرف والتمييز وغيرها.
والغ44الب في الص44فة أن تجيء مخصص 4ة 4للموص44وف قبله44ا وربم44ا تق44دمت علي44ه
كما في إضافة الصفة إلى الموصوف.
ووج 44ه التخص 44يص بالص 44فة :أنه 44ا تقص 44ر الحكم على م 44ا تص 44دق علي 44ه وتخ 44رج
مفهومها عن نطاق الحكم إذا كان لها مفهوم معتبر.
51
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
أ ـ فمثالً :اقرأ الكتب النافعة في البيت ،فإن قولك لصديقك :اقرأ الكتب ،ع44ام
في ك44 4ل كت44 4اب ولكن الوص44 4ف ب44 4النفع قص44 4ر حكم الق44 4راءة على الن44 4افع منه44 4ا
وأخرج ما عدا ذلك.
ب ـ وك 44ذلك« :اق 44رأ الكتب» ع 44ام في ك 44ل مك 44ان ولكن قول 44ك« :في ال 44بيت»
قصر القراءة في مكان دون غيره.
جـ ـ وقول44ك« :إذا حض44رت مبك4ً 4را أدركت ال44درس األول» فحض44رت ع44ام في
ومبكرا تخصيص له ،ومن أمثلة التخصيص بالصفة قوله تع4الى: ً جميع األحوال،
ات الْم ْؤ ِمنَ ِ 4
4ات فَ ِمن َّما َملَ َك ْ ِ
ينكح الْم ْحص 4نَ ِ ِ ِ
ت ُ ﴿ َو َمن لَّ ْم ي ْس 4تَط ْع من ُك ْم طَ 4ْ 4والً أَن َ ُ َ
4ات ﴾ [النس44 4اء ،]25:فلفظ44 4ة «فتي44 4اتكم» عام44 4ة َيم 44انُ ُكم ِّمن َفتَي44 4اتِ ُكم الْم ْؤ ِمنَِ 4 4
أ َ4
ُ ُ
خصصتها الصفة بالمؤمنات.
شرط التخص44يص بالص44فة :ويش44ترط ل44ذلك أن تك44ون الص44فة متص44لة بالموص44وف
لفظًا كما في الشرط واالستثناء.
التخصيص بالغاية:
غاية الشيء :نهايته وله44ا أدوات دال44ة عليه44ا هي :إلى وح44تى ،وهي ال44تي يتق44دمها
عموم يشمل ما بعدها ألنها تخرج ما بعدها من عموم ما قبلها.
ْيوِم ِ4
اآلخِ 4 4ر َوال ِ ِ
ين ال ْيؤمنُ 44 4و َن بِاللَّه َوال بِ 44 4ال ْ
ِ َّ ِ
مثاله 44 4ا :ق 44 4ال تع 44 4الى ﴿ :قَ 44 4اتلُوا الذ َ
4اب ِ يح ِّرم44و َن م44ا ح4َّ 4رم اللَّهُ ورس 4ولُهُ وال ي4ِ 4دينُو َن ِدين الْحِ َّ ِ ِّ 4
ين أُوتُ44وا الْكتََ 4
4ق م َن الذ َ َ َ َ ُ َ َ َ ََ ُ َ
اغ ُرو َن ﴾ [التوبة.]29: يد وهم ص ِ ٍ ِ
َحتَّى ْيعطُوا الْج ْزيةَ َعن َ ُ ْ َ
فإن ما قبل الغاية وهو األمر بقتالهم عام يشمل كل أح44والهم ،فل44وال التخص44يص
بالغاية لكنا مأمورين بقتالهم سواء أعطوا الجزية أم لم يعطوها.
52
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
المخصصات المنفصلة:
تقدم تعريف المخصص المنفصل وهو أقسام نذكر بعضها فيما يلي:
53
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ثالثًا :القياس:
اح ٍد ِّم ْن ُه َم44ا ِمائَ 4ةَ َج ْل َ 4د ٍة ﴾
4ل َو ِ 4
اجلِ ُ 4دوا ُكَّ 4
الزانِي 4ةُ َوال4َّ 4زانِي فَ ْ
مث44ل قول44ه تع44الىَّ ﴿ :
[الن44ور ]2:ف44إن عم44وم الزاني44ة خص ب44النص وه44و قول44ه تع44الى في اإلم44اء ﴿ :فَ44إ ْن
54
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
55
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
56
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
3ـ ال ي 44 4ترك الظ44 4اهر ،وينتق 44 4ل إلى الم 44 4ؤول إال لقرين 44 4ة قوي 44 4ة ،تجع 44 4ل الج 44 4انب
راجحا.
ً المرجوح
مثاله :لف4ظ «الج4ار» في ح4ديث« :الج4ار أح4ق بس4قبه» فإن4ه راجح في المج4اور
مرجوح في الشريك فحمله الحنابلة على الش4ريك م4ع أن4ه مرج4وح لقرين4ة قوي4ة
وهي قول44ه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم« :ف44إذا ض44ربت الح44دود وص44رفت الط44رق فال
شفعة»فقالوا :ال ضرب لح4دود وال ص44رف لط4رق إال في الش4ركة ،أم44ا الج4يران
فكل على حدوده وطرقه ،ولهذا قالوا :ال شفعة لجار.
57
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
المجمل والمبين
أوالً :المجمل:
تعريفه لغة :هو ما جمع وجملة الشيء مجموعة كجملة الحساب.
واصطالحا :ما احتمل معنيين أو أكثر من غير ت44رجح ألح44دهما أو أح44دهما على
ً
غيره.
األمثل44 4ة :من ذل44 4ك لف44 4ظ الق44 4رء فه44 4و م44 4تردد بين معن44 4يين على الس44 4واء :الطه44 4ر
والحيض ب 44دون ت 44رجح ألح 44دهما على اآلخ 44ر وله 44ذا ال 44تردد وق 44ع الخالف في
4ات يتربَّص4ن بِأَن ُف ِسِ 4ه َّن ثَالثَ4ةَ ُق44ر ٍ
وء ﴾ ُ الم44راد ب44القرء في قول44ه تع44الىَ ﴿ :وال ُْمطَلَّ َقَ ْ َ َ ُ 4
[البقرة ]228:فحمله الشافعي ومالك على الطه44ر ،وأب44و حنيف44ة وأحم44د حماله
على «الحيض».
أنواع اإلجمال:
قد يكون اإلجمال في مركب أو مفرد ،والمف4رد 4يك44ون اس ً4ما أو فعالً أو حرفً4ا،
وقد يكون الختالف في تقدير حرف محذوف.
األمثلة:
1ـ اإلجم 44ال في الم 44ركب :كقول 44ه تع 44الى ﴿ :إالَّ أَن ْيع ُف44و َن أ َْو ْيع ُف4َ 4و الَّ ِذي بِي 4ِ 4د ِه
4اح ﴾ [البق4رة ،]237:الحتم44ال أن يك44ون ال4زوج وأن يك4ون ال44ولي،
عُ ْقَ 4دةُ النِّ َك ِ
ولذا حمله أحمد والشافعي على الزوج ،وحمله مالك على الولي.
2ـ اإلجمال في المفرد:
أ ـ اإلجم44ال في االس44م :تق44دم من44ه لف44ظ« :الق44رء» ومثل44ه لف44ظ «العين» للجارح44ة
والجارية والنقد.
58
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
59
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
العمل في المجمل:
ينظر أوالً هل هناك ق44رائن 4أو مرجح44ات ألح44د المع44اني أص4الً ف44إن وج44دت عم44ل
بها ،وإال ترك االستدالل به ولذا قيل :إذا وجد االحتمال بطل االستدالل.
60
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
المطالب44ة تس44قط عن44ه ويص44ح فعل44ه ويعت44د ب44ه ولكن ال أج44ر ل44ه ،وك44ذلك جمي44ع
المتروك.
***
ثانيا :المبين:
أ ـ الم44بين «ب44الفتح» بمع44نى ال44بين الواض44ح وه44و المقاب44ل للمجم44ل ألن44ه المتض4ح4
ضا.
معناه فال يفتقر إلى بيان من خارج ،ويسمى البيان أي ً
ب ـ والمبين ـ بالكسر ـ على زنة اسم الفاعل هو الموضح إلجمال المجمل.
4طالحا :الكاش44 4ف عن الم44 4راد من الخط44 4اب ،وعلى ه44 4ذا أدرج أك44 4ثر
وه44 4و اصً 4 4
األص 44وليين فخص 44وا البي 44ان بإيض 44اح م 44ا في 44ه خف 44اء ،ومنهم من يطلق 44ه على ك 44ل
إيضاح سواء تقدمه خفاء أم ال.
ما يقع به البيان:
61
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
البيان بالفعل:
أ ـ يكون بصورة العم44ل كص44الته ص44لى اهلل علي44ه وس44لم ف44وق المن44بر لي44بين للن4اس
ولذا قال لهم« :صلوا كما رأيتموني أصلي» ،وكقطعه يد السارق من الكوع.
ب ـ ويكون بالكتابة ككتابته صلى اهلل عليه وسلم أسنان الزكاة لعماله عليها.
جـ ـ ويك 44ون باإلش 44ارة كقول 44ه ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم« :الش 44هر هك 44ذا وهك 44ذا
يوما.
وهكذا» وأشار بأصابع يديه وقبض اإلبهام في الثالثة يعني تسعة وعشرين ً
مراتب البيان:
مراتب44ه متفاوت44ة فأعاله44ا م44ا ك44ان بالخط44اب ثم بالفع44ل ،ثم باإلش44ارة ،ثم بالكتاب44ة
ومعلوم أن الترك قص ًدا 4فعل.
تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه:
62
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وعبد شمس مع أن الكل أوالد عبد مناف فأخر بيانه ح44تى س44أله جب44ير بن مطعم
الن44وفلي وعثم44ان بن عف44ان العبش44مي رض44ي اهلل عنهم44ا فق44ال« :أن44ا وبن44و المطلب
لم نف444ترق في جاهلي44 4ة وال في إس444الم» ،وك444ذا آي444ات الص44 4الة والزك444اة والحج
ض4ا قول4ه تع4الى ﴿ :فَ4إذَا َق َرأْنَ4اهُ
بينته4ا الس4نة ب4التراخي والت4دريج ،وي4دل ل4ذلك أي ً
فَ 44اتَّبِ ْع ُق ْرآنَ 44هُ ( )18ثُ َّم َّ
إن َعلَينَ 44ا بَيانَ 44هُ ﴾ [القيام 44ة ،]19،18:وثم لل 44تراخي إلى
غير ذلك من األدلة.
2ـ تأخير عن وقت الحاجة :فهذا 4ال يج44وز ألن44ه يلزم44ه تكلي44ف المخ44اطب بم44ا ال
يطيق وهو غير جائز.
63
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ب ـ وبيان المنطوق بالمفهوم :كبيان منطوق قوله تع44الى في س4ورة «الن44ور»﴿ :
ف َم44ا َوال4َّ 4زانِي ﴾ [الن44ور ،]2:بمفه44وم الموافق44ة في قول44ه تع44الىَ ﴿ :ف َعلَي ِه َّن نِ ْ
صُ 4
اب ﴾ [النس 44اء ]25:ف 44إن مفه 44وم موافقت 44ه أن العب 44د ات ِم َن ال َْعَ 4 4ذ ِ
َعلَى الْم ْحص4 4نَ ِ
ُ َ
كاألم4ة في ذل4ك يجل4د خمس4ين 4جل44دة ف4بين ه4ذا المفه44وم أن الم44راد ب4الزاني في
سورة «النور» خصوص الحر.
64
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
شرح التعريف:
(الثابت) وص4ف للحكم ،و(بخط4اب متق44دم) متعل44ق بالث4ابت ،و(بخط4اب) الثاني44ة
متعلق برفع ،والضمير في عنه راجع للثابت بخطاب متقدم.
(رفع الحكم) جنس يعم النسخ وغيره مما يخرج بالقيود التالية لذلك ،فيخ44رج
من 44ه بقي 44د (الث 44ابت بخط 44اب متق 44دم) ال 44براءة األص 44لية فإيج 44اب الص 44الة والزك 44اة
والصوم والحج وغير ذلك رفع للبراءة األص44لية وليس بنس44خ ويخ44رج من44ه بقي44د
(بخط44اب آخ44ر) رف44ع الحكم ب44الجنون والم44وت .ويخ44رج بقي44د (م44تراخ عن44ه) م44ا
كان متصالً بالخطاب كالتخصيص فإن ذلك ال يسمى نس ًخا.
وضوحا وهو أن الواجب في أول اإلس44الم مص44ابرة
ً وإليك مثالً نزيد به التعريف
الواح44د من المس44لمين 4للعش44رة من الكف44ار في الح44رب ثم نس44خ ذل44ك بوج44وب
مص444ابرة الواح 44د من المس444لمين لالث444نين من الكف 44ار فوج 44وب مص444ابرة الواح 44د
للعش44رة حكم ثبت بخط44اب متق44دم هـو قولـه تـعالى ﴿ :إن ي ُكن ِّمن ُك ْم ِع ْش ُ 4رو َن
صابُِرو َن يغْلِبُوا ِماَئتَي ِن ﴾ [األنفال ]65:فرفع ه4ذا الحكم بخط4اب آخ4ر مت4أخر َ
ض ْ 4ع ًفا فَ44إن ي ُكن ف اللَّهُ َعن ُك ْم َو َعلِ َم أ َّ
َن فِي ُك ْم َ عن44ه وه44و قول44ه تع44الى ﴿ :اآل َن َخ َّف َ
صابَِرةٌ ي ْغلِبُوا ِماَئتَي ِن ﴾ [األنفال.]66: ِّمن ُكم ِّمائَةٌ َ
65
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
66
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
67
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
2ـ النس44خ إلى ب44دل مس44او :نس 44خ اس 44تقبال بيت المق44دس الث44ابت بالس 44نة بقول 44ه
ْح4َ 4ر ِام ﴾ [البق 44رة ]144:فاس 44تقبال ِِ تع 44الىَ ﴿ :ف4َ 4و ِّل َو ْج َهَ 4
4ك َش4 4ط َْر ال َْم ْس4 4جد ال َ
الكعبة مسا ٍو الستقبال بيت المقدس بالنسبة لفعل المكلف.
3ـ النسخ إلى بدل أثقل :نسخ التخي44ير بين ص44يام ش44هر رمض44ان واإلطع44ام بتع44يين
ص44يامهن ونس44خ أم44ر الص44حابة ب44ترك القت44ال واإلع44راض عن المش44ركين 4بإيج44اب
الجهاد.
فتع 44يين الص 44يام أثق 44ل من التخي 44ير بين 44ه وبين اإلطع 44ام ،ووج 44وب القت 44ال أثق 44ل من
تركه.
68
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
والث 44اني :نس 44خ الكت 44اب بمت 44واتر الس 44نة ،والق 44ول بمن 44ع ج 44واز ه 44ذا الن 44وع ق 44ول
البعض مس44تدالًّ بقول44ه تع44الى ﴿ :م44ا َن ْنسْ 4خ ِمن آي4ٍ 4ة أَو نُن ِسَ 4ها نَ4أ ِ
ْت بِ َخ44ي ٍر ِّم ْن َه44ا أ َْو ْ َ َ ْ
ِمثْلِ َها ﴾ [البقرة.]106:
4يرا من44ه ،والق44ول ب44الجواز ووج44ه الدالل44ة أن الس44نة ال تك44ون مث44ل الق44رآن وال خً 4
مذهب الجمهور كما حكاه ابن الحاجب.
ودلي 44ل ه 44ذا الق 44ول :أن الك 44ل وحي من اهلل ،وق 44د وق 44ع نس 44خ الوص 44ية للوال 44دين
بقول44ه ص44لى اهلل علي44ه وس4لم« :ال وص44ية ل44وارث» ،ف44إن اإلجم44اع ق44د انعق44د على
معنى هذا الحديث.
4ـ نسخ السنة بالسنة :اتفاقً4ا في ج44واز نس44خ آحاده44ا ومتواتره44ا ب4المتواتر منه44ا،
ونسخ آحادها ،واختالفًا في جواز نسخ المتواتر منها باآلحاد ،ومن أمثلة نس44خ
السنة بالسنة قول الن44بي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم« :كنت نهيتكم عن زي44ارة القب44ور
فزوروها».
69
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
70
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
اإلجـم ــاع4
تعريفه:
هو في اللغة يطلق على شيئين:
1ـ االتفاق ،يقال :أجم4ع الق4وم على ك4ذا إذا اتفق4وا علي4ه ،وه4ذا ال يت4أتى إال من
الجماعة.
2ـ العزم المصمم يقال :أجمع فالن رأي44ه على ك44ذا ،إذا ص44مم عزم4ه 4علي44ه وه44ذا
يتأتى من الواحد ومن الجماعة.
وفي االص44طالح ه44و :اتف44اق جمي44ع العلم44اء المجته44دين 4من أم44ة محم4د 4ص44لى اهلل
عليه وسلم بعد وفاته في عصر من العصور على أمر ديني.
شرح التعريف:
«االتفاق» جنس يعم أشياء متعددة يخرج غير المراد منها ب44القيود التالي44ة ل44ذلك
فخ 44رج بإض 44افته إلى جمي 44ع العلم 44اء المجته 44دين :المتعلم ال 44ذي لم يبل 44غ درج 44ة
االجته44 4اد فض 4 4الً 4عن الع44 4امي ومن في حكم44 4ه فال ع44 4برة بوف44 4اقهم وال بخالفهم
ضا حصول اإلجماع من بعض المجتهدين دون البعض.
وخرج به أي ً
وخ44رج بقي44د «من أم44ة محم44د ص44لى اهلل علي44ه وس44لم» :إجم44اع غيره44ا من األمم،
والمراد باألمة :أمة اإلجابة ال أمة الدعوة.
والم44راد بالتقيي44د بم44ا بع44د وفات44ه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم :بي44ان ب44دء ال44وقت ال44ذي
يوج44د في44ه اإلجم44اع في أي عص44ر وج44د بع44د زمن النب44وة س44واء في ذل44ك عص44ر
الصحابة ومن بعدهم.
71
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وخرج بقيد «على أمر ديني» :اتفاق مجتهدي األمة على أمر من األمور العقلي44ة
أو العادية مثالً.
أمثلة لإلجماع:
تق44 4دم في بحث الخ44 4اص وغ44 4يره أمثل44 4ة لإلجم44 4اع ،وإلي44 4ك جمل44 4ة من المس44 4ائل
المجم4 4ع 4عليه 44ا نقلناه 44ا من كت 44اب «م 44راتب اإلجم 44اع» البن ح 44زم رحم 44ه اهلل،
اخترناها من أبواب متعددة:
1ـ اتفقوا على أن للمعتدة من طالق رجعي السكنى والنفقة.
2ـ اتفقوا على أن الوطء يفسد االعتكاف.
3ـ اتفقوا على أن فعل الكبائر والمجاهرة بالصغائر جرح ترد به الشهادة.
4ـ اتفقوا على أنه ال يرث مع األم جدة.
5ـ اتفقوا على أن الوصية لوارث ال تجوز.
6ـ اتفقوا على أنه ال قود على القاتل خطأ.
7ـ اتفقوا على أن المطلقة طالقًا رجعيا يرثها الزوج وترثه ما دامت في العدة.
8ـ اتفقوا على أن سفر المرأة فيما أبيح لها مع زوج أو ذي محرم مباح.
9ـ اتفقوا على أن ذبح األنعام في المحرم وللمحرم حالل.
_10اتفقوا على أنه ليس في القرآن أكثر من خمس عشرة سجدة.
11ـ اتفقوا على أن الحائض تقضي ما أفطرت في حيضها.
_12اتفقوا على أنه ال يصوم أحد عن إنسان حي.
72
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ذهب الجمهور إلى أن اإلجماع حجة يجب العمل به ،وخ4الف في ذل4ك النظ4ام
والشيعة والخوارج.
وقد استدل الجمهور لحجيته بأدلة كثيرة منها:
4ير4َغ 4ع
ْ 4ول ِم ْن َب ْع4ِ 4د َم44ا َتبَين لَ44هُ ال ُْهَ 4دى ويتَّبِ ش 4اقِ ِق َّ
الر ُس َ 4 1ـ قول44ه تع44الىَ ﴿ :و َمن ي َ
َ َ َ
تم ِ يل الْم ْؤ ِمنِين ُنولِّ ِه ما َتولَّى ونُ ِ ِ
صً 4يرا ﴾ [النس4اء،]115: اء ْ َ َّم َو َسَ 4 ص4له َج َهن َ َسبِ ِ ُ َ َ َ َ َ ْ
وذل 44ك أن اهلل تع 44الى توع 44د من خ 44الف س 44بيل المؤم 44نين بالع 44ذاب ف 44وجب اتب 44اع
سبيلهم ،وما ذاك إال ألنه حجة.
2ـ قوله صلى اهلل عليه وسلم« :ال تزال طائفة من أم4تي ظ4اهرين على الح4ق»...
الحديث.
فلو أجمع أهل عصر 4من العصور على باطل لتخلف مص44داق الح44ديث في ذل4ك
العصر لعدم وجود ظهير للحق في4ه وذل4ك باط4ل فبط4ل أن يك4ون إجم4اعهم 4على
خالف الحق ،إ ًذا فهو حجة يجب اتباعه.
عصر 4اإلجماع:
تقدم في تعريف اإلجماع أنه عام في أي عصر كان بعد وفاة الرسول ص44لى اهلل
علي44ه وس44لم ،ال ف44رق في ذل44ك بين عص44ور الص44حابة وعص44ور من بع44دهم ،وه44ذا
ق44ول الجمه44ور خالفً44ا لمن خص44ه بعص44ر الص44حابة ،ك44داود الظ44اهري ومن وافق44ه
مس44تدلين ب4أن قل4ة ع44دد الص4حابة وحص44رهم وض44عف دواعي اله4وى فيهم يتيس44ر
مع44 4ه إجم44 4اعهم واالطالع علي44 4ه فيمكن 4االحتج44 4اج ب44 4ه بخالف من بع44 4دهم ف44 4إن
ك 44ثرتهم 4واختالف أه 44وائهم وض 44عفهم 4عن مقاوم 44ة الحك 44ام يبع 44د ع 44ادة حص 44ول
اإلجماع منهم واالطالع عليه.
73
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وق 44د رد الجمه 44ور ه 44ذا االس 44تدالل ب 44أن أرب 44اب الش 44به على ك 44ثرتهم واختالف
أه 44وائهم ق 44د اتفقت كلمتهم 4على الباط 44ل ،واطل 44ع على ذل 44ك منهم ك 44اليهود في
إنكار نبوة محمد صلى اهلل عليه وسلم ،فإجماع المسلمين على الحق أولى بأن
يقع ويطلع عليه.
ومن أدلة الجمهور :أن األدلة التي دلت على حجية اإلجم4اع عام4ة لم تخص4ص
عصرا 4دون عصر ،فكان اإلجماع في أي عصر حجة.
ً
74
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
1ـ على الق44ول باش44تراط انق44راض العص44ر يس44وغ لبعض المجمعين 4الرج44وع عن
رأيه وال يعتبر مخال ًفا لإلجماع ألنه لم ينعقد.
وعلى القول بعدم االشتراط ال يسوغ ألحد الرجوع عن رأيه الموافق لإلجماع
ألن اإلجم44اع الحاص44ل إم44ا أن يك44ون على ح44ق أو باط44ل ،والث44اني منتٍ 4
4ف لألدل44ة
الدالة على ذلك فلزم األول وهو كونه ًّ
حقا وال يجوز العدول عما هو حق.
2ـ على الق44ول باالش44تراط ال ب44د من موافق44ة من نش44أ وبل44غ درج44ة االجته44اد وإال
لم 44ا تم؛ ألن 44ه لم ينعق 44د إال ب 44انقراض العص 44ر ،وعلى الق 44ول بعدم 44ه ال يج 44وز ل 44ه
مخالفة اإلجماع؛ ألنه قد انعقد.
مستند اإلجماع:
ال ينعق44د اإلجم44اع إال عن مس44تند من كت44اب أو س44نة وق44ال ق44وم :يج44وز انعق44اده
عن اجته44 4اد فق44 4ط ومن44 4ع ذل44 4ك ش44 4يخ اإلس44 4الم ابن تيمي44 4ة رحم44 4ه اهلل في كتاب44 4ه
«مع44ارج الوص44ول إلى أن أص44ول ال44دين وفروع44ه ق44د بينه44ا الرس44ول» حيث ق44ال
فيه:
«وال توج44د مس44ألة يتف44ق اإلجم44اع عليه44ا إال وفيه44ا نص ،وق44د ك44ان بعض الن44اس
ي 44ذكر مس 44ائل فيه 44ا إجم 44اع بال نص كالمض 44اربة ،وليس ك 44ذلك ب 44ل المض 44اربة
كانت مشهورة بينهم في الجاهلي44ة ال س44يما ق44ريش ف44إن األغلب عليهم التج44ارة،
وكان أصحاب األموال يدفعونها إلى العمال ،ورسول اهلل صلى اهلل علي44ه وس44لم
قد سافر بمال غيره قبل النب4وة كم4ا س4افر بم4ال خديج4ة ،والع4ير ال4تي ك4ان فيه4ا
أبو سفيان كان أكثرها مض4اربة م4ع أبي س4فيان وغ4يره ،فلم4ا ج4اء اإلس4الم أقره4ا
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،فكان أصحابه يسافرون بمال غيرهم مض44اربة،
75
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ولم ينه عن ذلك ،والسنة قوله وفعله وتقريره صلى اهلل عليه وسلم ،فلما أقره44ا
كانت ثابتة بالسنة» انتهى.
أقسام اإلجماع:
ينقسم اإلجماع من حيث هو إلى قسمين:
1ـ إجماع قولي أو فعلي.
2ـ وإجماع سكوتي.
فاألول :أن يصرح كل فرد بقوله في الحكم المجمع عليه أو يفعل44ه في44دل فعل44ه
إياه على جوازه عنده.
وهذا القسم من اإلجماع ال خالف في حجيته عند القائلين بثبوت اإلجماع.
والث 44اني :أن يحص 44ل الق 44ول أو الفع 44ل من البعض وينتش 44ر ذل 44ك عنهم ويس 44كت
الباقون عن القول به أو فعله ،أو ال ينكروا على من حصل منه.
ومن أمثلت44ه :الع44ول حكم ب44ه عم44ر في خالفت44ه بمش44ورة بعض الص44حابة وس44كت
باقيهم.
وه44ذا القس44م اختل44ف في44ه فق44ال ق44وم :إن44ه إجم44اع ال يس44وغ الع44دول عن44ه ،وق44ال
قوم :إنه ليس بإجماع وال حجة ،وقال آخرون :إنه حجة وليس بإجماع.
استدل القائلون بأنه إجم44اع ب44أن الت44ابعين ك44انوا إذا نق44ل إليهم عن الص44حابة مث44ل
هذا ال يجوزون العدول عنهم ،فهو إجماع منهم على أنه حجة.
إجماع44ا ب4أن الس44كوت من
ً واستدل من قال بأنه ليس بحجة فضالً عن أن يك44ون
المجته44 4د يحتم44 4ل أن يك44 4ون للموافق44 4ة ويحتم44 4ل أن يك44 4ون لع44 4دم اجته44 4اده في
المسألة أو اجتهد فيها ولكن لم يظهر له فيها شيء ،أو سكت مهاب44ة كم44ا روى
ابن عباس رضي اهلل عنه في مسألة العول.
76
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وب4أن س44كوت العلم44اء عن44د وق44وع فع44ل منك44ر مثالً ال ي44دل على أن44ه عن44دهم ليس
بمنك44 4ر لم44 4ا علم من أن م44 4راتب اإلنك44 4ار ثالث :بالي44 4د أو اللس44 4ان أو ب44 4القلب،
وانتفاء اإلنكار باليد واللس44ان ال ي44دل على انتفائ44ه ب44القلب ،فه44ل ي44دل الس44كوت
إجماع44ا س44كوتيا وال
ً على تقري44ر الس44اكت لم44ا وق44ع ح44تى يق44ال فق44د أجم44ع علي44ه
يثبت ذل44ك عن44ه ويض44اف إلي44ه إالّ إذا علم رض44اه ب44الواقع وال يعلم ذل44ك إال عالم
الغيوب.
األخـبـ ــار
األخب44 4ار بفتح الهم44 4زة :جم44 4ع خ44 4بر وه44 4و لغ44 4ة م44 4أخوذ من الخب44 4ار وهي األرض
الرخ 44وة ألن الخ 44بر يث 44ير الفائ 44دة كم 44ا أن األرض الخب 44ار تث 44ير الغب 44ار إذا حفره 44ا
الحافر ونحوه.
وهو نوع مخصوص من القول وقس44م من أقس44ام الكالم ،وق44د يس44تعمل في غ44ير
القول كما قيل :تخبرك العينان ما القلب كاتم.
وتعريف الخبر من حيث هو :ما يحتمل الصدق والكذب لذاته ،أي إن احتمال44ه
4برا وق 44د يقط 44ع بص 44دق الخ 44بر أو كذب 44ه ألم 44ر خ 44ارجي
لهم 44ا من حيث كون 44ه خ ً 4
فاألول كخبر اهلل تعالى والثاني كالخبر عن المحاالت كق4ول القائ4ل« :الض4دان
خبرا.
يجتمعان» فال يخرج بذلك عن كونه ً
والخبر يطلق عند المحدثين 4على ما أض44يف إلى الن44بي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم من
قول أو فعل أو تقرير أو وصف ُخلقي أو َخلقي.
77
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
78
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
المتواتر:
تعريفه :وهو في اللغة المتتابع.
وفي االصطالح :ما رواه جماعة كثيرون تحي44ل الع44ادة تواط44ؤهم وت44وافقهم على
الكذب عن جماعة كذلك إلى أن ينتهي إلى محسوس.
شروطه:
ويشترط في المتواتر أربعة شروط:
1ـ أن يكون رواته كثيرين.
2ـ أن تحيل العادة تواطؤهم وتوافقهم 4على الكذب.
3ـ أن تس44توي جمي44ع طبق44ات الس44ند بالش44رطين 4الس44ابقين إلى أن يتص44ل ب44المخبر4
به.
4ـ أن يكون علمهم بذلك حصل عن مشاهدة أو سماع.
أقسامه:
ينقسم المتواتر إلى قسمين:
1ـ لفظي :وه44و م44ا اش44ترك روات44ه في لف44ظ معين مث44ل ح44ديث« :من 4ك44ذب علي
متعم ًدا 4فليتبوأ مقعده من النار» وحديث« :المرء مع من أحب».
2ـ معن444وي :وه444و م444ا اختلفت ال44 4رواة في ألفاظ44 4ه م444ع ت444وافقهم 4في معن444اه مث444ل
أحاديث حوض الرسول صلى اهلل عليه وسلم وأحاديث المسح على الخفين.
نوع العلم الذي يفيده المتواتر:
79
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
والمت44واتر يفي44د العلم اليقي44ني ال44ذي يض44طر اإلنس44ان إلي44ه بحيث ال يمكن44ه دفع44ه،
وهذا هو الحق ،فإنَّا نقطع بوج44ود البالد الغائب44ة عن4ا ،واألش4خاص الماض44ية قبلن4ا
جزما خاليا من التردد جاريا مجرى جزمنا بالمشاهدات.
ونجزم بذلك ً
اآلحاد:
تعريفه :هو ما فقد شرطًا فأكثر من شروط المتواتر السابقة.
الذي تفيده:
اختلف في أخبار اآلحاد فذهب بعض العلماء إلى أنها ال تفي44د القط44ع ال بنفس44ها
وال بالقرائن ،وإنما تفيد الظن.
وقال آخرون :األصل في خبر الواحد أن يفيد الظن وربم44ا أف44اد القط44ع ب4القرائن
مثل كونه مرويا في «الصحيحين» وهذا هو الراجح.
80
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
4اء ُك ْم فَا ِسٌ 4 4 4ق بِنَبَ 4ٍ 4 4أ فََتَبَينُ 44 4وا ﴾
آمنُ 44 4وا إن َجَ 4 4 ين َ
َّ ِ
َيه44 4ا الذ َ
2ـ قول 44 4ه تع 44 4الى ﴿ :ي 44 4ا أ َ
[الحج44رات ،]6:وقول44هَ ﴿ :فلَ4ْ 4وال َن َف4َ 4ر ِمن ُكِّ 4
4ل فِ ْرقَ4ٍ 4ة ِّم ْن ُه ْم طَائَِف 4ةٌ لِّ َيت َف َّق ُه44وا فِي
ِ ِ
يح َذ ُرو َن ﴾ [التوبة.]122: الدِّي ِن َولينذ ُروا َق ْو َم ُه ْ4م إ َذا َر َجعُوا إلَي ِه ْم لَ َعلَّ ُه ْم ْ
3ـ ما تواتر من بعثه صلى اهلل عليه وسلم اآلحاد إلى النواحي لتبليغ األحكام مع
العلم بتكليف المبعوث إليهم بذلك.
4ـ انعق44اد اإلجم44اع في قب44ول ق44ول المف44تي فيم44ا يخ44بر ب44ه عن ظن44ه وقب44ول قول44ه
فيما يخبر به عن السماع الذي ال شك فيه أولى.
81
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
82
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
أوالً :المسند.
اس 44م مفع 44ول من اإلس 44ناد وه 44و ض 44م جس 44م إلى آخ 44ر ،ثم اس 44تعمل في المع 44اني
يقال :أسند فالن الخبر إلى فالن إذا نسبه إليه.
وفي االص44طالح :م44ا اتص44ل س44نده إلى منته44اه ،ب44أن يروي44ه عن ش44يخه بلف44ظ يظه44ر
منه أنه أخذه عنه وكذلك شيخه عن شيخه متصالً إلى الص44حابي إلى رس44ول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم.
ثانيا :المرسل.
اسم مفعول من اإلرسال.
وفي االصطالح :هو رواية الراوي عمن لم يسمع منه ،فه44و على ه44ذا لم يتص44ل
4اهرا لس44قوط بعض روات44ه وس44واء ك44ان الس44اقط واح ً 4دا أو أك44ثر من أي
س44نده ظً 4
موض44 4ع في الس44 4ند وه44 4ذا في اص44 4طالح األص44 4وليين خالفً44 4ا أله44 4ل الح44 4ديث إذ
يخصون اسم المرسل بما سقط منه الصحابي سواء كان وحده أو م44ع غ44يره من
الصحابة والتابعين إذا كان المرسل له صحابيا أو تابعيا.
أقسام المرسل:
والمراسيل على ثالثة أقسام:
1ـ مراسيل الصحابة.
2ـ مراسيل التابعين.
3ـ مراسيل غيرهم ممن 4بعدهم.
وإليك بيانها:
مرسل الصحابة:
83
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
أن يقول الص44حابي فيم4ا لم يس4معه من الن4بي ص44لى اهلل علي4ه وس4لم :ق44ال رس44ول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم كذا ونحو ذلك.
متأخرا وحديث4ه عن أم44ر متق44دم،
ويعرف عدم سماعه منه ذلك بأن يكون إسالمه ً
ولم يكن تحم44ل من رس44ول اهلل ص44لى اهلل علي44ه وس44لم قب44ل إس44المه أو بكون44ه من
صغار الصحابة ويروي عنه صلى اهلل عليه وسلم ما وق44ع قب44ل والدت44ه ،ف44إذا ق44در
أن مث 44ل ه 44ذا الص 44حابي لم يس 44مع الح 44ديث من الرس 44ول ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم
مشافهة بل سمعه من واسطة فتلك الواسطة يغلب على الظن أنها ص44حابي آخ44ر
إسالما ،كأحاديث أبي هري44رة عم44ا قب44ل الس44نة الس44ابعة من
ً أكبر منه أو أسبق منه
الهج 44 4رة لت 44 4أخر إس 44 4المه إلى تل 44 4ك الس 44 4نة ،وكأح 44 4اديث ابن عب 44 4اس وابن عم 44 4ر
ونحوهم44ا عن أوائ44ل اإلس44الم لت44أخر مول44دهما ،فيك44ون ه44ذا المرس44ل مقب44والً ألن
الصحابة كلهم عدول فحكمه 4حكم المسند.
مرسل التابعي:
وإذا أرسل التابعي الحديث فأسنده إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مباش44رة
فق 44د أس 44قط واس 44طة بين 44ه وبين الرس 44ول ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم ،وه 44ذه الواس 44طة
يحتمل أن تكون صحابيا أو تابعيا أو أكثر من ذلك.
أما الصحابي فقد علمت عدالته وإن جهل بخالف التابعي فال سبيل إلى الحكم
عليه ألنه مجهول والحكم على إنسان فرع معرفته.
يس 44 4تثنى من ذل 44 4ك عن 44 4د الجمه 44 4ور مراس 44 4يل ابن المس 44 4يب فإنه 44 4ا تتبعت كله 44 4ا
فوجدت مروية عن الصحابة فهي كالمسند لما علم أن الصحابة كلهم عدول.
مرسل غير الصحابي والتابعي:
84
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ه 44و أن ي 44روي ش44خص في أثن44اء الس44ند عمن لم يلق 44ه فيس 44قط واس44طة بين44ه وبين
الذي روى عنه.
حكم المرسل:
أ ـ علمنا أن مراسيل الصحابة في حكم المسند فهي حجة وال عبرة بش44ذوذ من
شذ ويدل لذلك:
1ـ اتف 44اق األم 44ة على قب 44ول رواي 44ة ابن عب 44اس وأمثال 44ه من أص 44اغر الص 44حابة م 44ع
إكثارهم من الرواية فبعض روايتهم عن النبي صلى اهلل عليه وسلم مراسيل.
ض 4ا ف44إن الص44حابة ق44د علمت ع44دالتهم ،فال ي44روون إال عن ص44حابي غالبً44ا
2ـ وأي ً
نادرا فال يروون إال عمن 4علموا عدالته.
وإن رووا عن غيره ً
ب ـ وأم44ا مراس44يل الت44ابعين فمن بع44دهم فهي حج44ة عن44د مال4ك وأحم44د في رواي44ة
وأبي حنيف44 4ة غ44 4ير حج44 4ة عن44 4د الش44 4افعي وأه44 4ل الح44 4ديث إال مراس44 4يل س44 4عيد بن
المسيب كما تقدم.
تصرف الراوي في نقله للخبر:
للراوي في كيفية نقله للخبر أحوال أربع:
1ـ أن يروي 44ه باللف 44ظ ال 44ذي س 44مع ،وه 44ذه الحال 44ة هي األص 44ل في الرواي 44ة ،وهي
أفضل أحواله.
2ـ أن يروي44ه بمعن4اه ،وه44ذه الحال44ة ال تج4وز إال لع4ارف بم4دلوالت األلف4اظ وبم44ا
يحيل المعاني.
3ـ أن يح 44ذف بعض لف 44ظ الخ 44بر ،وه 44ذا ممن 44وع إذا ك 44ان المح 44ذوف ل 44ه تعل 44ق
بالم44 4ذكور؛ ال إذا لم يكن ل44 4ه تعل44 4ق ،وكث44 4ير من الس44 4لف س44 4لك ه44 4ذه الطريق44 4ة
85
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
فاقتص44ر في الرواي44ة على ق44در الحاج44ة المس44تدل عليه44ا ،ال س44يما في األح44اديث
الطويلة.
4ـ أن يزيد في الخبر على ما سمعه من النبي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم ،وه44ذا ج44ائز
إذا ك44ان م44ا زاده يتض44من بي44ان س44بب الح44ديث أو تفس44ير معن44اه ،لكن بش44رط أن
يبين ما زاده حتى يفهم السامع أنه ليس من كالم النبي صلى اهلل عليه وسلم.
الشروط المعتبرة في الراوي:
يشترط في الراوي أربعة شروط:
1ـ اإلسالم :فالكافر ال تقبل روايته ألن44ه متهم في ال44دين إال إذا تحم44ل في كف44ره
وأدى بعد إسالمه كما في قصة أبي سفيان مع هرقل.
2ـ التكلي 44ف وقت األداء :فال تقب 44ل رواي 44ة الص 44بي ،وم 44ا س 44معه في الص 44غر بع 44د
التمي44يز وأداه بع44د البل44وغ مقب44ول ،إلجم44اع الص44حابة رض44ي اهلل عنهم على قب44ول
رواي44ة أص44اغر الص44حابة ك44ابن عب44اس وابن الزب44ير ومحم44ود بن الربي44ع والحس44ن
والحسين ونحوهم.
3ـ العدال44ة :فال تقب44ل رواي44ة الفاس44ق ،وقي44ل :إال المت44أول إذا لم يكن داعي44ة إلى
بدعته.
4ـ الضبط :وهو ضبط ص44در وض44بط كت44اب ،ف44إن من ال يحس44ن ض4بط م4ا حفظ44ه
عند التحمل ليؤديه على وجهه ال يطمأن إلى روايته وإن لم يكن فاس ًقا.
فقيها.
مبصرا ،وال ً
حرا ،وال ً
ذكرا ،وال ًّ
وال يشترط في الراوي أن يكون ً
صيغ األداء:
للص 44حابي في نقل 44ه الخ 44بر عن الرس 44ول ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم ألف 44اظ ،ترتيبه 44ا
بحسب القوة كاآلتي:
86
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
1ـ أن يقول :س4معت رس4ول اهلل ص4لى اهلل علي4ه وس4لم ،أو ح4دثني ،أو ش4افهني،
أو رأيت44ه يفع44ل ك44ذا ونح44و ذل44ك ،فه44ذا اللف44ظ ال يتط44رق إلي44ه احتم44ال الواس44طة
أصالً ،وهو حجة بال خالف.
2ـ أن يقول :قال رسول اهلل ص4لى اهلل علي4ه وس4لم ك4ذا ،فه4ذا محتم4ل للواس4طة
والظاهر فيه االتصال.
3ـ أن يقول :أمر رسول اهلل ص4لى اهلل علي44ه وس4لم بك44ذا أو نهى عن ك4ذا ،وه44ذا
في44ه م44ع احتم44ال الواس44طة احتم44ال أن يك44ون الص44حابي ق44د ظن م44ا ليس ب44أمر أو
نهي أم 4ً 4را ونهي 44ا ،والص 44حيح أن 44ه كس 44ابقه ،وأن الص 44حابي ال يق 44ول« :أم 4َ 4ر» 4أو
«نهى» 4إال بعد سماعه ما هو أمر أو نهي حقيقة.
4ـ أن يق44ول :أُمرن44ا بك44ذا أو نهين44ا عن ك44ذا ،وه44ذا في44ه م44ع االحتم44الين الس44ابقين
عدم تعيين اآلمر أو الناهي أهو النبي صلى اهلل عليه وسلم أم غيره؟
والص44حيح أن44ه ال يحم44ل إال على أم44ر رس44ول اهلل ص44لى اهلل علي44ه وس44لم أو نهي44ه،
وفي معناه :من السنة كذا.
5ـ أن يق44ول :كن44ا نفع44ل ك44ذا وك44انوا يفعل44ون ك44ذا ،فه44ذا عن44د إض44افته إلى زمن
النب 44وة حج 44ة لظه 44ور إق 44رارهم علي 44ه ،وق 44ال أب 44و الخط 44اب :إن ق 44ول الص 44حابي:
«كانوا يفعلون كذا» نقل لإلجماع.
مراتب ألفاظ الرواية من غير الصحابي:
وأللفاظ الرواية من غير الصحابي مراتب بعضها أقوى من بعض وهي:
المرتبة األولى :قراءة الشيخ على التلميذ في معرض اإلخبار ليروي عنه ،وه44ذه
المرتب44 4ة في الغاي44 4ة في التحم44 4ل ،وهي طريق44 4ة الرس44 4ول ص44 4لى اهلل علي44 4ه وس44 4لم،
87
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وللتلميذ في هذه المرتبة أن يقول :حدثني أو أخبرني وقال فالن وسمعته يقول
ونحو ذلك.
المرتب44ة الثاني44ة :ق44راءة التلمي44ذ على الش44يخ وه44و يس44مع فيق44ول :نعم أو يس44كت
فتج44وز الرواي44ة ب44ذلك خالفً44ا لبعض الظاهري44ة ،ويق44ول التلمي44ذ في ه44ذه المرتب44ة:
أخبرني أو حدثني ق4راءة علي4ه ،وه4ل يس4وغ ل4ه ت4رك «ق4راءة علي4ه»؟ ق4والن هم4ا
روايتان عن أحمد رحمه اهلل.
المرتبة الثالثة :المناولة:
فرعا مقابالً عليه ،أو يحضر التلميذ ذلك
وهي أن يناول الشيخ تلميذه أصله أو ً
األصل أو فرعه 4المقابل عليه ،ويقول الشيخ :هذا روايتي عن فالن فاروه عني.
وم44ذهب الجمه44ور :ج44واز الرواي44ة به44ا ويق44ول التلمي44ذ في ه44ذه المرتب44ة :ن44اولني،
أو أخبرني أو حدثني مناولة وأجاز بعضهم ترك كلمة «مناولة».
المرتب 44ة الرابع 44ة :اإلج 44ازة ،وهي أن يق 44ول الش 44يخ لتلمي 44ذه :أج 44زت ل 44ك رواي 44ة
الكتاب الفالني أو ما صح عندك من مسموعاتي.
ومذهب الجمهور جواز الرواية بها ،ونقل عن أحم44د أن44ه ق4ال :ل4و بطلت لض4اع
العلم.
قال بعضهم :ومن فوائدها أنه ليس في قدرة كل طالب الرحلة في طلب العلم،
ويق44ول التلمي44ذ في ه44ذه المرتب44ة :أج44ازني ،أو يق44ول :أخ44برني أو ح44دثني إج44ازة،
وأجاز بعضهم ترك كلمة «إجازة».
88
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
تنقسم أفعال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إلى أقسام:
1ـ م44ا ك44ان يفعل44ه بمقتض44ى الجبل44ة كالقي44ام والقع44ود واألك44ل والش44رب ،فحكم44ه
اإلباحة.
4ترددا بين الجبل44ة والتش44ريع كوقوف44ه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم راكبً44ا
2ـ م44ا ك44ان مً 4
بعرفة ونزوله بالمحصب.
مباح44ا كم 44ا تق 44دم ،أو بالتش 44ريع فيتأس 44ى ب 44ه؟ في 44ه
فه 44ل يلح 44ق ب 44الجبلي فيك 44ون ً
قوالن.
3ـ م44ا ثبتت خصوص44يته ب44ه مث44ل ج44واز جمع44ه بين أك44ثر من أرب44ع نس44وة بالنك44اح
4ك ﴾ [األح44زاب ،]50:وكن 4ك أَ ْز َو َ
اجَ 4 َيه44ا النَّبِي إنَّا أ ْ
َحلَلْنَ44ا لََ 4 لقوله تعالى ﴿ :يا أ َ
ك ِمن ُد ِ
ون ص4 4ةً لَّ َ ِ
أك 44ثر من أرب 44ع ،ونك 44اح الواهب 44ة نفس 44ها لقول 44ه تع 44الىَ ﴿ :خال َ
ين ﴾ [األحزاب ]50:فهذا ال شركة ألحد معه فيه. ال ُْم ْؤ ِمنِ َ4
4ـ ما كان بيانًا لنص قرآن كقطعه صلى اهلل عليه وسلم يد الس44ارق من الك44وع
س 4ا ِرقَةُ فَ44اقْطَعُوا أَي4ِ 4د ُيه َما ﴾ [المائ44دة،]38: س 4ا ِر ُق َوال َّبيانً44ا لقول44ه تع44الىَ ﴿ :وال َّ
ِ
ص4الةَ ﴾ [البق44رة: وكأعمال الحج والصالة فهما بيان لقوله تعالىَ ﴿ :وأَق ُ
يموا ال َّ
اع إلَ ِيه َسبِيالً ﴾
استَطَ َيت َم ِن ْ َّاس ِح ُّج الْب ِ ،]43وقولهَ ﴿ :ولِلَّ ِه َعلَى الن ِ
َ
[آل عم 44ران ،]97:ول 44ذا ق 44ال ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم«:ص 44لوا كم 44ا رأيتم 44وني
أصلي» ،وقال« :خذوا عني مناسككم».
فه44ذا القس44م حكم44ه لألم44ة حكم الم44بين ـ ب44الفتح ـ ففي الوج44وب واجب ،وفي
غيره بحسبه.
5ـ ما فعله صلى اهلل عليه وسلم ال لجبل44ة وال لبي4ان ولم تثبت خصوص4يته ،فه4ذا
على قسمين:
89
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
أ ـ أن يعلم حكم 44ه بالنس 44بة إلى الرس 44ول ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم من وج 44وب أو
ن44دب أو إباح44ة ،فيك44ون حكم44ه لألم44ة ك44ذلك كص44الته ص44لى اهلل علي44ه وس44لم في
الكعب44ة ،وق44د علمن44ا أنه44ا في حق44ه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم ج44ائزة ،فهي لألم44ة على
الجواز.
ب ـ أن ال يعلم حكمه بالنسبة إليه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم وفي ه44ذا القس44م أربع44ة
أقوال:
1ـ الوج44وب :عمالً ب44األحوط وه44و ق44ول أبي حنيف44ة وبعض الش44افعية ورواي44ة عن
أحمد.
2ـ الن 44دب :لرجح 44ان الفع 44ل على ال 44ترك وه 44و ق 44ول بعض الش 44افعية ورواي 44ة عن
ضا.
أحمد أي ً
3ـ اإلباح 44ة :ألنه 44ا الم 44تيقن ولكن ه 44ذا فيم 44ا ال قرب 44ة في 44ه إذ القرب 44ة ال توص 44ف
باإلباحة.
4ـ التوقف :لعدم معرفة المراد ،وهو ق44ول المعتزل44ة ،وه44ذا أض44عف األق44وال ألن
التوقف ليس فيه تأس.
فتحصل لنا من هذه األقوال األربع44ة أن الص44حيح الفع44ل تأس44يا برس44ول اهلل ص44لى
اهلل عليه وسلم وجوبًا أو ندبًا.
ومثلوا لهذا الفعل بخلعه ص4لى اهلل علي4ه وس4لم نعل4ه في الص4الة فخل4ع الص4حابة
كلهم نعالهم.
فلما انتهى صلى اهلل عليه وسلم سألهم عن خلعهم نع44الهم ،ق44الوا :رأين44اك فعلت
ففعلن44ا ،فق44ال لهم« :أت44اني جبري44ل وأخ44برني أن في نعلي أذى فخلعتهم44ا» 4،فإن44ه
90
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
أق 44رهم على خلعهم تأس 44يا ب 44ه ولم يعب عليهم م 44ع أنهم لم يعلم 44وا الحكم قب 44ل
إخباره إياهم.
91
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
92
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
4ـ قول44ه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم لعم44ر حين س44أله عن القبل44ة للص44ائم« :أرأيت ل44و
تمضمضت» 4فهو قياس للقبلة على المضمضة4.
غالم4ا أس4ود ،فمث4ل ل4ه الن4بي ص4لى اهلل علي4ه
5ـ قصة الرجل ال4ذي ول4دت امرأت4ه ً
وس 44لم باإلب 44ل الحم 44ر ال 44تي يك 44ون األورق من أوالدهم 44ا ،ووج 44ه االس 44تدالل من
القص44ة :أن الن44بي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم ق44اس ول44د ه44ذا الرج44ل المخ44الف للون44ه
بولد اإلبل المخالف لونه أللوانها ،وذكر العلة الجامعة وهي نزع العرق.
أركان القياس وتعريف كل ركن:
ظهر لنا من تعريف القياس أنه ال بد فيه من أربعة أركان هي:
1ـ أص44ل مقيس علي44ه :وه44و المح44ل ال44ذي ثبت حكم44ه وألح44ق ب44ه غ44يره ك44الخمر
ثبت لها التحريم وألحق بها النبيذ.
2ـ فرع ملحق باألصل :وهو في اللغة ما تولد عن غيره والنهي عليه.
وفي اص44طالح األص44وليين :المح44ل المطل44وب إلحاق44ه بغ44يره في الحكم ،كالنبي44ذ
طلب إلحاقه بالخمر في حكمها وهو التحريم.
3ـ عل44ة تجم44ع بين األص44ل والف44رع :وهي المع44نى المش44ترك بين األص44ل والف44رع
المقتض44ي إثب44ات الحكم كاإلس44كار المس44تدعي 4إلح44اق النبي44ذ ب44الخمر في حكم
التحريم.
4ـ الحكم الث 44ابت لألص 44ل المقيس علي 44ه :وه 44و األم 44ر المقص 44ود 4إلح 44اق الف 44رع
باألصل فيه كالقصاص أثبت في القتل بالمثقل إلحاقًا له بالقتل بالمحدد.
شروط القياس:
وللقياس شروط يجب توفرها فيه لصحته منها:
أوالً :شروط األصل:
93
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
1ـ يشترط في األصل الذي هو المقيس عليه أن يكون الحكم في44ه ثابتً44ا بنص أو
إجماع أو اتفاق الخصمين.
2ـ أن ال يك44ون مع4دوالً ب44ه عن قاع4دة عام44ة مث44ل بي4ع العراي4ا وش44هادة خزيم44ة فال
يص44حان أص 4الً يق44اس علي44ه ألن الحكم في القي44اس مط44رد والخ44ارج عن القاع44دة
مطردا خالفًا لمن يجيز القياس في الرخص فيجوز العري44ة في العنب
العامة ليس ً
قياسا على الرطب.
والتين ً
4اء على الق44ول ب44أن األص44ل ه44و نفس الحكم ،ال
وم44ا ذك44ر في ه44ذين الش44رطين 4بنً 4
محل لحكم.
ثانيا :شروط الفرع ،ويشترط في الفرع شرطان:
1ـ وجود علة األصل فيه ألنها مناط تعدية الحكم إليه.
منصوصا على حكمه ،فإن كان لم يحتج إلى قياسه على غيره.
ً 2ـ أن ال يكون
ثالثًا :شروط حكم األصل ،ويشترط في حكم األصل شرطان:
1ـ أن يكون الفرع مساويا له في األصل كقياس األرز على البر في تحريم الربا
فإن كان الحكم في الفرع أزيد منه في األصل أو أنقص لم يصح القي44اس ،ك44أن
يكون حكم األصل الوجوب وحكم الفرع الندب أو العكس.
2ـ أن يك 44ون ش 44رعيا ،ال عقلي 44ا فال يثبت ذل 44ك بالقي 44اس ألن 44ه يطلب في 44ه اليقين
والقياس يفيد الظن.
رابعا :شروط العلة ،ويشترط في العلة شرطان:
ً
1ـ أن تكون العلة متعدية فإن ك44انت قاص44رة على محله44ا امتن44ع القي44اس به4ا لع44دم
تعديها إلى الفرع.
مثال ذلك:
94
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
جعل شهادة خزيمة كشهادة رجلين لعلة سبقه إلى تص4ديق 4الن4بي ص4لى اهلل علي44ه
وسلم بنوع من التصديق لم يسبقه إليه غيره.
2ـ أن تك 44ون كاإلس 44كار فكلم 44ا وج 44د اإلس 44كار في ش 44يء وج 44د التح 44ريم في 44ه،
وك44الطعم والكي44ل فكلم44ا وج44د الكي44ل أو الطعم في ش44يء ح44رم الرب44ا في44ه ،ف44إذا
تخلفت فإن ك44ان تخلفه44ا لم44انع فال تبط44ل كم44ا ل44و قي44ل :القت44ل العم44د ،الع44دوان
علة للقصاص وقد تخلفت في قتل الوالد لولده عدوانًا إذ إنه ال يقتل به فيقال:
إنها تخلفت لمانع هو األبوة فال تبطل في غ44ير األب ،فكلم44ا وج44د القت44ل العم44د
العدوان من غير األب ونحوه وجب القصاص.
وإن كان تخلفها من غير مانع فال يصح التعلي44ل به44ا كم44ا ل44و قي44ل :تجب الزك44اة
في المواش44ي قيا ًس 4ا على األم44وال بج44امع دف44ع حاج44ة الفق44ير فيق44ال :إن التعلي44ل
بدفع حاجة الفقير قد تخلف عنها الحكم في الجواهر مثالً.
تقسيم القياس:
تقسيم القياس إلى قطعي وظني ..أو جلي وخفي.
أوالً :القياس القطعي:
تعريف 44ه :ه 44و م44ا ال يحت 44اج مع 44ه إلى التع 44رض للعل 44ة الجامع 44ة ب44ل يكتفى في 44ه بنفي
الفارق المؤثر في الحكم كإلغاء الفارق بين الب44ول في الم44اء الراك44د والب44ول في
إناء وصبه فيه ،وهو أنواع منها:
1ـ م44ا ك44ان المس44كوت عن44ه أولى ب44الحكم من المنط44وق م44ع القط44ع بنفي الف44ارق
كإلح 44اق مثق 44ال الحب بمثق 44ال ال 44ذرة في المؤاخ 44ذة ،وإلح 44اق ض 44رب الوال 44دين
95
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
بالت44أفيف في التح44ريم ،وإلح44اق م44ا دون القنط44ار وف44وق ال44دينار بهم44ا في التأدي44ة
من بعض أهل الكتاب إذا ائتمن عليه في األول والمطل من بعضهم 4في الثاني.
2ـ ما كان المسكوت عن44ه مس44اويا للمنط44وق في الحكم م44ع القط44ع بنفي الف44ارق
كإلحاق إغراق 4مال اليتيم وإحراقه بأكله في التحريم.
ثانيا :القياس الظني:
القي44اس الظ44ني ه44و :م44ا اح44تيج في44ه إلى البحث عن العل44ة الجامع44ة كإلح44اق األرز
بالبر في تحريم الربا بجامع الكيل.
فتحصل من هذا أن لإللحاق طريقتين :إلحاق بنفي الفارق وإلحاق بالجامع.
تقسيم القياس باعتبار التصريح بالعلة وعدمه:
ينقسم القياس بهذا االعتبار إلى ثالثة أقسام:
1ـ قي44اس العل44ة :وه44و م44ا جم44ع في44ه بالوص44ف المناس44ب المش44تمل على المص44لحة
الصالحة لترتيب الحكم عليها كقياس النبيذ على الخمر بجامع اإلسكار.
2ـ قي44اس الدالل44ة :وه 44و م 44ا جم44ع في 44ه بين األص44ل والف 44رع بم44ا ي44دل على العل44ة
ويرش44د إليه44ا كقي44اس النبي44ذ على الخم44ر بج44امع الرائح44ة الكريه44ة والش44دة الدال44ة
على العلة وهي اإلسكار.
3ـ قي4اس في مع44نى األص4ل :وه44و م4ا اكتفي في4ه بنفي الف4ارق الم4ؤثر في الحكم،
وهو مفهوم الموافقة 4،والقي44اس الجلي كقي44اس األم44ة على العب44د في تق44ويم حص44ة
الشريك على شريكه المعتق نصيبه.
قياس الشبه:
إذا شابه الفرع أصلين مختلفين وحصل تردد بأيهما يلحق فهو قياس الشبه.
96
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
مثاله :إذا قتل العبد مثالً فهل يلحق بالحر فتكون في4ه الدي4ة ،أو بالمت44اع فتك4ون
فيه القيمة؟
فمن 4جه44ة أن44ه إنس44ان مكل44ف ش44ابه الح44ر ،وفي الح44ر الدي44ة ،ومن جه44ة أن44ه يب44اع
وي 44 4وهب وي 44 4ورث ش 44 4ابه المت 44 4اع وفي المت 44 4اع القيم 44 4ة فق 44 4د جم 44 4ع بين ش 44 4بهين
مختلفين ،شبه الح4ر في4وجب الدي4ة ،وش4به المت4اع في4وجب القيم4ة ،وله4ذا س4مي
قي 44اس الش 44به ،ثم وج 44دناه ألص 44ق بأح 44دهما في الحكم الش 44رعي 4حيث إن 44ه يب 44اع
وي44وهب وي44ورث ب44ل وتض44من أج44زاؤه بالقيم44ة فه44ذه كله44ا رجحت ش44بهه بالم44ال
فلحق به في الضمان.
تقسيم العلة باعتبار مجاري االجتهاد فيها:
تنقسم العلة بهذا االعتبار إلى ثالثة أقسام :تحقيق العلة ،وتنقيحها ،وتخريجها.
إال أن عادة األصوليين جرت بإضافة هذه المصادر الثالثة إلى أحد ألق44اب العل44ة
وه44و المن44اط ،والمن44اط مش44تق من الن44وط وهي تعلي44ق الش44يء بش44يء آخ44ر فل44ذا
أطلق الفقهاء المناط على متعلق الحكم وهو العلة الجامعة بين األصل والفرع.
األول :تحقيق المناط:
وه44و البحث عن وج44ود العل44ة فى الف44رع واالجته44اد فى تحقيقه44ا في44ه بع44د النص
عليها أو االتفاق عليها في ذاتها وهو قسمان:
1ـ أن تكون القاعدة الكلية منصوص44ا أو متف ًق44ا عليه44ا وإنم44ا يبحث المجته4د 4عن
تحقيقه44ا في آح44اد الص44ور وتطبيقه44ا على الجزئي44ات ،فالقاع44دة مث44ل قول44ه تع44الى:
َّع ِم ﴾ [المائدة.]95: ِ
﴿ فَ َج َزاءٌ ِّمثْ ُل َما َقتَ َل م َن الن َ
97
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
4ارا
والج44زئي :ال44ذي حققت في44ه إيج44اب بق44رة على من ه44و ص44اد وه44و مح44رم حمً 4
وحش44يا للمماثل44ة بينهم44ا في نظ44ر المجته44د ،وه44ذا الن44وع متف44ق علي44ه وليس من
القياس في شيء.
2ـ البحث عن وج44ود العل44ة في الف44رع بع44د االتف44اق عليه44ا في ذاته44ا ك44العلم ب44أن
السرقة 4هي من4اط القط4ع فيحق4ق 4المجته4د 4وجوده4ا في النبَّاش ألخ4ذه الكفن من
حرز مثله خفية.
الثاني :تنقيح المناط:
التنقيح في اللغ 44ة ،الته 44ذيب والتص 44فية؛ فتنقيح المن 44اط ته 44ذيب العل 44ة وتص 44فيتها
بإلغاء ما ال يصلح للتعديل واعتبار الصالح له.
مث44ال ذل44ك :قص44ة األع44رابي ال44ذي ج44اء إلى الن44بي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم يض44رب
ص44 4 4دره وينت44 4 4ف ش44 4 4عره وه44 4 4و يق44 4 4ول :هلكت وأهلكت واقعت أهلي في نه44 4 4ار
رمضان ،فق44ال ل44ه الن44بي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم« :أعت44ق رقب44ة»...الح44ديث.فكون4ه4
أعرابيا ،وكون الموطوءة زوجته ،وكونه جاء يض44رب ص44دره وينت4ف ش44عره مثالً
كلها أوصاف ال تصلح للتعليل فتلغى.
فل 44و وطئ حض 44ري س 44ريته في نه 44ار رمض 44ان وج 44اء بت 44ؤدة وطمأنين 44ة يس 44أل عم 44ا
يجب عليه ألجيب بوجوب الكفارة.
الثالث :تخريج المناط:
وهو أن ينص الش44ارع على حكم دون علت44ه فيس44تخرج المجته44د علت44ه باجته44اده
ونظره في محل الحكم.
مث4ال ذل4ك :ال4بر نُص على حكم4ه وه4و تح4ريم 4الرب4ا دون العل4ة ،ف4رأى المجته4د4
بعد البحث أنها الكيل مثالً فقاس عليه األرز ونحوه.
98
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
مسالك العلة:
مسالك العلة هي طرقها الدالة عليها وهي كثيرة نذكر منها ثالثة:
المس444لك األول :النص الص444ريح على العل444ة وه444و م444ا ي444دل على التعلي444ل بلف444ظ
موض44وع ل44ه في لغ44ة الع44رب مث44ل« :من أج44ل» كم44ا في قول44ه تع44الىِ ﴿ :م ْن أ ْ4
َج ِ4ل
يل ﴾ [المائ44 4دة ،]32:اآلي44 4ة ومث44 4ل« :إنم44 4ا جع44 4ل ِ ِ
4ك َكتَْبنَ44 4ا َعلَى بَني إ ْس َ 4 4رائ َ ذَلَِ 4 4
ضِ 4هماالستئذان من أجل البصر» ،ومثل «الباء» كما في قوله تع4الى ﴿ :فَبِم4ا َن ْق ِ
َ
َّاه ْم ﴾ [المائ44 4 4 4دة ]13:ومث44 4 4 4ل «الالم» كم44 4 4 4ا في قول44 4 4 4ه تع44 4 4 4الى: ِّميثَ44 4 4 4ا َق ُه ْم لَ َعن ُ
َّاس ﴾ [البق44رة،]143: اء َعلَى الن ِ ك َج َعلْنَ44ا ُك ْم أ َُّمةً َو َس4طًا لِّتَ ُكونُ44وا ُشَ 4ه َد َ ﴿ َو َك َذلِ َ
ون ﴾ [ال444ذاريات ،]56:ومث444ل ْج َّن واإلنس إالَّ لِ ْيعب ُ 44د ِ وقول44 4ه ﴿ :وم444ا َخلَ ْق ُ ِ
ُ ت ال َ َ ََ
ياء ﴾ [الحشر.]7: «كي» كما في قوله تعالىَ ﴿ :كي ال ي ُكو َن دولَةً بين األَ ْغنِ ِ
ُ ََ
المسلك الث4اني :النص الم4ومئ إلى العل4ة ،ويس4مى اإليم4اء والتنبي4ه ،وض4ابطه أن
يقترن الحكم بوصف على وجه ل4و لم يكن عل4ة لك4ان الكالم معيبً44ا عن4د العقالء
وهو أقسام منها:
1ـ تعلي44ق الحكم على العل44ة بالف44اء :ب44أن ت44دخل الف44اء على العل44ة ويك44ون الحكم
المحِ 44رم ال 44ذي وقص 44ته ناقت 44ه:
4دما كم 44ا في قول 44ه ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم في ُ
متق ً 4
«وكفنوه في ثوبيه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا».
أو ت44 4 4دخل الف44 4 4اء على الحكم وتك44 4 4ون العل44 4 4ة متقدم 4 4 4ة 4كم44 4 4ا في قول44 4 4ه تع44 4 4الى:
س 4ا ِرقَةُ فَ 44اقْطَعُوا أَي 4ِ 4د ُيه َما ﴾ [المائ 44دةَ ﴿ ،]38:وي ْس 4أَلُونَ َ
ك َع ِن س 4ا ِر ُق َوال َّ
﴿ َوال َّ
يض ﴾ [البقرة ،]222:ويلتح44ق اء فِي ال َْم ِح ِ
ِّس َ
َ ن ال واُل ِ
ز ت
َ ع
ْ اَف ىذ
ً َأ وَ ه
ُ ل
ْ ق
ُ ِ
يض حالْم ِ
َ
به44ذا القس44م م44ا رتب44ه ال44راوي بالف44اء كقول44ه« :س44ها الن44بي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم
فسجد» ،و«زنا ماعز فرجم».
99
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
2ـ ت444رتيب الحكم على الوص444ف بص444يغة الش444رط والج444زاء ،مث444ل قول444ه تع444الى:
يج َع44 4 4 4ل لَّهُ َم ْخ َر ً4ج 44 4 4ا ﴾ [الطالقَ ﴿ ،]2:و َمن َيت َو َّك ْل َعلَى اللَّ ِه
﴿ َو َمن يت َِّق اللَّهَ ْ
َف ُه َو َح ْسبُهُ ﴾ [الطالق.]3:
3ـ أن يحكم الشارع بحكم عقب حادثة سئل عنها كقوله صلى اهلل عليه وس44لم
لألع44رابي« :أعت44ق رقب44ة» جوابً44ا لس44ؤاله عن مواقع 4ة 4أهل44ه في نه44ار رمض44ان وه44و
صائم ،فإنه دليل على كون الوقاع علة لوجوب الكفارة.
4ـ أن ي44ذكر م44ع الحكم ش44يئًا ول44و يق44در التعلي44ل ب44ه لم44ا ك44ان ل44ذكره فائ44دة وه44و
قسمان:
1ـ أن يس 44تنطق الس 44ائل عن الواقع 44ة ب 44أمر ظ 44اهر الوج 44ود ثم ي 44ذكر الحكم عقب 44ه
كقول44ه ص4لى اهلل علي44ه وس4لم لم44ا س4ئل عن بي44ع ال4رطب ب4التمر« :أينقص ال44رطب
إذا يبس؟» ق44الوا :نعم ق44ال« :فال إذًا» فل44و لم يكن نقص44ان ال44رطب ب44اليبس عل44ة
لغوا.
للمنع لكان االستكشاف عنه ً
2ـ أن يع44دل في الج44واب إلى نظ44ير مح44ل الس44ؤال كم44ا روي أن44ه ص44لى اهلل علي44ه
وس44لم لم44ا س44ألته الخثعمي4ة 4عن الحج عن الوال44دين« :أرأيت ل44و ك44ان على أبي44ك
دين فقضيتيه أكان ينفعه؟» ق44الت :نعم ق44ال« :ف44دين 4اهلل أح44ق أن يقض44ى» فيفهم
منه التعليل بكونه دينًا.
المس 44لك الث 44الث :اإلجم 44اع على العل 44ة ،فإن 44ه م 44تى وج 44د االتف 44اق من مجته 44دي
األمة على العلة صح التعليل بها ،مثال ذل44ك :الص44غر فق44د أجم44ع على أن44ه عالم44ة
لثبوت الوالية على المال فيقاس عليه الوالية على النكاح.
100
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
101
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ترتيب األدلة
وترجيح بعضها على بعض
ترتيب األدلة:
األدل44ة :جم44ع دلي44ل والم44راد ب44ه هن44ا :م44ا تثبت ب44ه األحك44ام الش44رعية 4من الكت44اب
والسنة واإلجماع والقياس وقول الصحابي واالستصحاب.
وال44ترتيب في اللغ44ة :جع44ل واح44د من ش44يئين أو أك44ثر في رتبت44ه ال44تي يس44تحقها،
ومعل44وم أن األدل44ة الش44رعية متفاوت44ة في الق44وة فيحت44اج إلى معرف4ة 4األق44وى ليق44دم
على غيره عند التعارض.
102
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
تنبيه:
ص4ا ل44ه؛
ال يق44ع تع44ارض بين قطع44يين إال إذا ك44ان أح44دهما ناسً 4خا لآلخ44ر أو مخص ً
ألن كل قطعي يفيد العلم والعمل ،فإذا تعارضا تناقضا والشريعة 4ال تتناقض.
وال بين قطعي وظني ،ألن الظ44ني ال يق4اوم القطعي ب44ل يق44دم القطعي علي44ه ،م44ا لم
ص 4ا ل44ه فيك44ون من ب44اب تخص44يص الع44ام كم44ا تق44دم؛ فال ي44ترك الظ44ني
يكن مخص ً
لوجود القطعي حينئذ.
ت َعلَي ُك ُم ال َْميتَ 4ةُ َوال4َّ 4د ُم ﴾ [المائ44دة ]3:فه44ذا
مث44ال ذل44ك قول44ه تع44الىُ ﴿ :ح4ِّ 4ر َم ْ
نص قطعي الثب44وت ع44ام الدالل44ة في ك44ل ميت44ة وك44ل دم م44ع ح44ديث« :أحلت لن44ا
ميتتان ودمان ،أما الميتتان فالجراد والحوت ،وأما الدمان فالكبد والطحال».
وح44ديث ميت44ة البح44ر وه44و قول44ه ص44لى اهلل علي44ه وس44لم في البح44ر« :ه44و الطه44ور
ماؤه الحل ميتته».
فخص44ص عم44وم الكت44اب وه44و قطعي بخ44بر اآلح44اد وه44و ظ44ني ،ولم يق44دم القطعي
على الظني.
ف44 4إذا ع44 4رف أن44 4ه ال يق44 4ع تع44 4ارض بين قطع44 4يين وال بين قطعي وظ44 4ني لم يب44 4ق إال
الظنيان ،فإذا تعارض ظنيان فال يخلو أمرهما من إحدى حالتين:
األولى :إمكان الجمع بينهما.
والثانية :عدم إمكانه.
ففي حالة إمكان الجمع :يجمع بينهما ،سواء علم تاريخهما أو لم يعلم.
مثال ذلك ح44ديث اغتس44ال الرس44ول ص44لى اهلل علي44ه وس4لم بفض44ل ميمون44ة وقول44ه
لها بعد أن أخبرته أنها كانت جنبًا« :إن الماء ال يجنب» مع ح44ديث نهي44ه ص44لى
103
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
اهلل علي44ه وس44لم أن تغتس44ل الم44رأة بفض44ل الرج44ل والرج44ل بفض44ل الم44رأة ،فجم44ع
بينهما بحمل النهي على الكراهة والفعل على اإلباحة ويؤيد هذا الجمع ح44ديث
ب44ئر بض44اعة أن« :الم44اء طه44ور ال ينجس44ه ش44يء إال م44ا غلب على ريح44ه وطعم44ه
ولونه».
فإذا لم يمكن الجمع فله حالتان:
1ـ معرفة 4التاريخ :ويكون المتأخر ناس ًخا للمتقدم.
مثاله حديث طل44ق بن علي رض44ي اهلل عن44ه أن44ه ق44دم المدين44ة وك44ان مس44جد رس44ول
اهلل صلى اهلل علي4ه وس4لم من ع4ريش ،فس4مع 4أعرابي4ا يس4أل رس4ول اهلل ص4لى اهلل
علي44ه وس44لم عن الرج44ل يمس44ك ذك44ره بع44د أن يتوض44أ ،أعلي44ه وض44وء؟ فق44ال ل44ه
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم« :وهل هو إال بضعة منك؟».
مع حديث بسرة بنت صفوان وأبي هريرة رض44ي اهلل عنهم44ا أن رس44ول اهلل ص4لى
اهلل علي44ه وس44لم ق44ال« :من 4مس ذك44ره فليتوض44أ» فق44د تع44ارض ه44ذان الح44ديثان
ولم يمكن الجم44 4ع .وق44 4د علم تق44 4دم ح44 4ديث طل44 4ق وت44 4أخر ح44 4ديث بس44 4رة وأبي
هريرة؛ ألن حديث طلق حين ك44ان مس44جد 4رس44ول اهلل ص44لى اهلل علي44ه وس44لم من
عريش أي في أول قدوم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم المدينة ،مع أن إسالم
أبي هريرة حصل في السنة السابعة من الهجرة فحكم بعض العلم44اء على األول
بالنسخ.
2ـ فإن لم يعرف التاريخ :ف44الترجيح بطلب أم44ر خ4ارج عنهم44ا ي44رجح ب44ه أح44دهما
على اآلخر.
ومثال44ه األح44اديث الدال44ة على التغليس بص44الة الص44بح م44ع األح44اديث الدال44ة على
اإلسفار بها فإنه لم يمكن الجمع بينهما ولم يعلم التاريخ فرجح جانب التغليس
104
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
لموافقت44ه لعم44وم قول44ه تع44الىَ ﴿ :و َس4ا ِرعُوا إلَى َم ْغ ِف4َ 4ر ٍة ِّمن َّربِّ ُك ْم ﴾ [آل عم44ران:
.]133
وك44ذلك ح44ديث ابن عب44اس رض44ي اهلل عنهم44ا في زواج الرس44ول ص44لى اهلل علي44ه
وس44لم بميمون44ة وه44و مح44رم م44ع ح44ديث أبي راف44ع أن44ه تزوجه44ا وه44و حالل ق44ال:
وكنت الس 44 4فير بينهم 44 4ا ،فالقص 44 4ة واح 44 4دة وال تف 44 4اوت في ال 44 4زمن بالنس 44 4بة إلى
الح 44 4ديثين 4فال يمكن ادع 44 4اء النس 44 4خ في أح 44 4دهما وال يمكن الجم 44 4ع بين حالل
ومح ِ 4 4رم في وقت واح44 4د فانتق44 4ل إلى ال44 4ترجيح ف44 4رجح ح44 4ديث أبي راف44 4ع على
ُ
حديث ابن عباس ألمور منها:
4فيرا بين رس 44ول اهلل ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم وميمون 44ة فيك 44ون أعلم
1ـ كون 44ه س ً 4
بحقيقة الواقع من ابن عباس إذ هو المباشر للقصة.
2ـ ج 44اء عن ميمون 44ة نفس 44ها وهي ص 44احبة القص 44ة أن ال 44زواج ك 44ان ورس 44ول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم حالل غير ُمح ِرم.
105
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
الـترجـيـ ـح4
تعريفه:
هو تقوية أحد الطرفين المتعارضين فيقوم بسببه على غيره.
طرق الترجيح:
وال 44ترجيح إم 44ا أن يك 44ون عن طري 44ق الس 44ند أو عن طري 44ق المتن أو ألم 44ر خ 44ارج
عنهما.
106
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
107
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
108
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
االجتهاد والتقليد
أوالً :االجتهاد:
تعريفه:
االجته44اد في اللغ44ة :ب44ذل المجه44ود واس44تفراغ الوس44ع في فع44ل من األفع44ال وال
يستعمل إال فيما في4ه مش4قة يق4ال :اجته4د في حم4ل الص4خرة وال يق4ال في حم4ل
العصا أو النواة مثالً ،والجهد ـ بالفتح ـ المش4قة والطاق4ة وـ بالض4م ـ الطاق4ة فق4ط
ومنه قوله تعالى ﴿ :والَّ ِذين ال ِ
يج ُدو َن إالَّ ُج ْه َد ُه ْم ﴾ [التوبة.]79: َ َ
وفي االصطالح :بذل الوسع في النظر في األدلة للحصول على القط4ع أو الظن
بحكم شرعي.
دائما:
باب االجتهاد مفتوح ً
109
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
ال يج 44وز خل 44و الزم 44ان من مجته 44د ق 44ائم هلل بحجت 44ه ي 44بين للن 44اس م 44ا أن 44زل إليهم؛
خالفًا لمن قال بإغالق ب4اب االجته4اد ،وي4دل للق44ول الح44ق قول44ه ص44لى اهلل علي4ه
وس44لم« :ال ت44زال طائف44ة من أم44تي ظ44اهرين على الح44ق ح44تى تق44وم الس44اعة» فإن44ه
ص44لى اهلل علي44ه وس44لم أخ44بر في ه44ذا الح44ديث باس44تمرار وج44ود الق44ائمين ب44الحق
إلى انتهاء الدنيا.
شروط المجتهد:
عالم4ا بوج44ود ال44رب وم4ا يجب ل4ه س44بحانه من ص44فات الكم4ال وم4ا
1ـ أن يك4ون ً
يمتن 44ع علي 44ه من ص 44فات النقص والعيب وأن يك 44ون مص 44دقًا بالرس 44ول ص 44لى اهلل
علي 44ه وس 44لم وم 44ا ج 44اء ب 44ه الش 44رع ليك 44ون فيم 44ا يس 44نده من األق 44وال واألحك 44ام
محق ًقا.
عالم44ا بنص44وص الكت44اب والس44نة ال44تي له44ا تعل44ق بم44ا يجته44د في44ه من
2ـ أن يك44ون ً
األحكام وإن لم يكن حافظًا لها.
عالما بمسائل اإلجماع والخالف لئال يعمل ويفتي بخالف ما وق44ع
3ـ أن يكون ً
اإلجماع عليه.
عالما بالناسخ والمنسوخ لئال يعمل ويفتي بالمنسوخ.
4ـ أن يكون ً
5ـ أن يكون عارفًا بما يصلح لالحتجاج به من األحاديث وما ال يصلح.
عالما بالقدر الالزم لفهم الكالم من اللغة والنحو.
6ـ أن يكون ً
7ـ أن يكون على علم بأصول الفقه ألن هذا الفن هو الدعامة ال44تي يعتم4د عليه4ا
االجتهاد.
110
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
111
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وفصل النزاع في ه4ذه المس4ألة م4ا ثبت في الح4ديث المتف4ق على ص4حته من أن
الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر ،فإن الحديث
ص444ريح في أن الح444ق واح444د وأن بعض المجته444دين يوافق444ه فيق444ال ل444ه :مص444يب
م 44أجور أج 44رين على اجته 44اده وإص 44ابته ،وبعض المجته 44دين 4يخالف 44ه فيق 44ال ل 44ه:
مخطئ م 44أجور م 44رة واح 44دة على اجته 44اده ،واس 44تحقاقه األج 44ر ال يس 44تلزم كون 44ه
مص44يبًا ف44إن الن44بي ص4لى اهلل علي44ه وس44لم جع44ل المجته44دين قس44مين :قس4ً 4ما مص44يبًا
وقس 4ً 4ما مخطئً 44ا ،ول 44و ك 44ان ك 44ل منهم مص 44يبًا كم 44ا ذهب إلي 44ه من ذهب لم يكن
لهذا التقسيم معنى.
تجزؤ االجتهاد:
االجته 44اد يقب 44ل التج 44زؤ واالنقس 44ام على الص 44حيح ،فيك 44ون الرج 44ل مجتهً 44دا في
ن44وع من العلم ،مقل ً 4دا في غ44يره كمن اس44تفرغ وس44عه في علم الف44رائض وأدلته44ا
واس 44تنباطها من الكت44اب والس 44نة ،دون غ 44يره من العل 44وم فيج 44وز ل 44ه أن يف 44تي في
النوع الذي اجتهد فيه؛ ألن44ه ق4د ع4رف الح44ق بدليل44ه وق44د ب4ذل جه4ده في معرف4ة4
الصواب ،فحكمه 4في ذلك حكم المجتهد 4المطلق في سائر األنواع ،وال يجوز
له اإلفتاء ،فيما لم يجتهد فيه فإن القاصر في فن كالعامي فيه.
112
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
اله 44دي» ،وإرادت 44ه ص 44لى اهلل علي 44ه وس 44لم ال 44نزول دون م 44اء ب 44در ح 44تى ق 44ال ل 44ه
الحب44اب بن المن44ذر رض44ي اهلل عن44ه« :إن ك44ان ه44ذا ب44وحي فنعم ،وإن ك44ان ال44رأي
والمكيدة فأنزل بالناس على الماء لتحول بينه وبين العدو» فقال صلى اهلل عليه
وسلم« :إنما هو رأي رأيته» ،فرجع إلى قول الحباب رضي اهلل عنه.
113
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
تعريفه:
التقليد في اللغة :وض4ع الش4يء في العن4ق م4ع اإلحاط4ة ب4ه ،وذل4ك الش4يء يس4مى
قالدة والجم44ع قالئ44د وق44د يس44تعمل في تف44ويض األم44ر إلى الش44خص ك44أن األم44ر
محمول 4في عنقه كالقالدة.
وفي االصطالح :هو قبول قول من ليس قوله حجة من غير معرفة 4دليله.
فخرج بالقي44د األول :قب44ول ق44ول الن44بي ص44لى اهلل علي44ه وس44لم واألخ44ذ باإلجم44اع
فإن ذلك حجة بنفسه.
وخ 44رج بالقي 44د الث 44اني :قب 44ول ق 44ول من ليس حج 44ة إذا بين ال 44دليل وأظه 44ره ف 44إن
اتباعا ال تقلي ًدا.
األخذ بالدليل الذي أخبر به ال بقوله ويسمى ذلك ً
114
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
المفتي والمستفتي4
المفتي:
اسم فاعل من اإلفتاء قيل في الق44اموس :إفت44اء في األم44ر بأن44ه ل44ه والفتي44ا والفت44وى
وتفتح ما أفتى به الفقيه .انتهى.
والمفتي يطلق على المخبر 4بالحق على غير جهة اإللزام به.
ويطل44ق عن44د األص44وليين على المجته4د 4وه44و :الب44اذل وس44عه في النظ44ر في األدل44ة
ليحصل على العلم أو الظن بحكم شرعي.
والمستفتي:
اسم فاعل من االستفتاء وهو لغة :طالب الفتوى.
وفي االص 44 4طالح ه 44 4و :من طلب الحكم الش 44 4رعي من المجته 44 4د ،في 44 4دخل في 44 4ه
العامي والمتعلم الذي لم يبلغ درجة االجتهاد.
115
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
المس 44تفتي يس 44تفتي من غلب على ظن 44ه أن 44ه أه 44ل للفت 44وى ،بم 44ا ي 44راه من انتص 44ابه
للفتيا واحترام الناس له وأخذهم عنه ،أو بخبر عدل عنه.
116
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
4ـ أن يك44ون على ج44انب كب44ير من معرف 4ة 4الن44اس فإن44ه إذا ع44دم ذل44ك تص44ور ل44ه
الظالم بصورة المظلوم وعكسه وراج عليه المكر والخداع واالحتيال فكان ما
يفسده أكثر مما يصلحه.
5ـ أن يتوج44ه إلى اهلل تع44الى ويتض44رع 4إلي44ه ويك44ثر من ال44دعاء واالس44تغفار ليلهم44ه
الصواب ويفتح له طريق السداد.
6ـ أن يتح44رز م44ا أمكن44ه التح44رز من نس44بة الحكم إلى اهلل تع44الى وإلى رس44ول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم إال بنص يستند عليه في ذلك.
7ـ أن يستش44ير في فت44واه من يث44ق بعلم44ه ودين44ه ف44إن عم44ر رض44ي اهلل عن44ه ك44ان إذا
نزلت به النازلة استشار من حضره من الصحابة وربما جمعهم فشاورهم.
8ـ أن يعمل بعلمه فإن العمل هو ثمرة العلم وبدون العم44ل يك44ون علم اإلنس44ان
حجة عليه.
117
مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول
وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا محمد 4وعلى آله وأصحابه
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
118