You are on page 1of 118

‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫مذكرة‬
‫تسهيل الوصول‬
‫إلى‬
‫فهم علم األصول‬
‫المؤلفون‬
‫***‬
‫حمود بن عقالء الشعيبي ‪ -‬المدرس بكلية الشريعة في الرياض‬
‫عطية محمد سالم ‪ -‬المدرس بالجامعة‪ 4‬اإلسالمية في المدينة المنورة‬
‫عبد المحسن العباد ‪ -‬المدرس بالجامعة‪ 4‬اإلسالمية في المدينة المنورة‬

‫‪1‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الفهرس‬
‫مقدمة‪4‬‬ ‫‪)1‬‬
‫أصول الفقه‬ ‫‪)2‬‬
‫األحكام الشرعية‬ ‫‪)3‬‬
‫أقسام الحكم التكليفي‬ ‫‪)4‬‬
‫أقسام الحكم الوضعي‬ ‫‪)5‬‬
‫أقسام الكالم‬ ‫‪)6‬‬
‫األمر‬ ‫‪)7‬‬
‫النهي‬ ‫‪)8‬‬
‫العام‬ ‫‪)9‬‬
‫‪ )10‬الخاص‬
‫‪ )11‬المجمل والمبين‬
‫‪ )12‬النسخ‬
‫‪ )13‬اإلجماع‬
‫‪ )14‬األخبار‬
‫‪ )15‬القياس‬
‫‪ )16‬ترتيب األدلة‬
‫‪ )17‬الترجيح‬
‫‪ )18‬االجتهاد والتقليد‬
‫‪ )19‬المفتي والمستفتي‪4‬‬

‫‪2‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫مقدمة‪4‬‬

‫الحم ‪44‬د هلل رب الع ‪44‬المين‪ ،‬والص ‪44‬الة والس ‪44‬الم على أش ‪44‬رف األنبي ‪44‬اء والمرس ‪44‬لين‪،‬‬
‫نبينا محمد وعلى آله وأصحابه بإحسان إلى يوم الدين‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫فق‪44‬د ك‪4‬ان الن‪4‬اس في ص‪4‬در اإلس‪4‬الم يعيش‪4‬ون في ظ‪4‬ل التش‪4‬ريع‪ ،‬وم‪4‬ا قبض رس‪4‬ول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم حتى أرس‪44‬ى اهلل ب‪44‬القرآن قواع‪44‬د ال‪44‬دين؛ وفص‪44‬لت الس‪44‬نة‬
‫فروع ‪44‬ه وأب ‪44‬انت معالم ‪44‬ه وفق ‪44‬ه الن ‪44‬اس دينهم‪،‬ثم ج ‪44‬اء الخلف ‪44‬اء الراش ‪44‬دون ف ‪44‬اقتفى‬
‫الناس آثارهم وترسموا خطاهم‪.‬‬
‫ولما اتس‪44‬عت رقع‪44‬ة اإلس‪44‬الم عظمت الحاج‪44‬ة إلى وض‪44‬ع قواع‪4‬د‪ 4‬وأص‪44‬ول يترس‪44‬مها‬
‫العلم‪44‬اء في اس‪44‬تنباط األحك‪44‬ام‪ ،‬فك‪44‬ان أول من نهض ل‪44‬ذلك ه‪44‬و اإلم‪44‬ام الش‪44‬افعي‬
‫رحمه اهلل‪ ،‬ه‪44‬ذا وق‪4‬د عه‪44‬دت اإلدارة العام‪4‬ة للمعاه‪44‬د والكلي‪4‬ات إلى بعض أبنائه‪44‬ا‬
‫بوض ‪44‬ع م ‪44‬ذكرة في ه ‪44‬ذا الفن وف ‪44‬ق المنهج المق ‪44‬رر للس ‪44‬نة الخامس ‪44‬ة الثانوي ‪44‬ة في‬
‫المعاه ‪44‬د العلمي ‪44‬ة‪ ،‬يت ‪44‬وخى فيه ‪44‬ا اإليج ‪44‬از ودق ‪44‬ة التعب ‪44‬ير ووض ‪44‬وح العب ‪44‬ارة ووف ‪44‬رة‬
‫األمثل ‪44‬ة‪ ،‬فاس ‪44‬تعنا باهلل تع ‪44‬الى في كتاب ‪44‬ة ه ‪44‬ذه الم ‪44‬ذكرة‪ ،‬وق ‪44‬د س ‪44‬ميناها‪« :‬تس ‪44‬هيل‬
‫الوصول إلى فهم علم األصول»‪.‬‬
‫ونرجو اهلل تعالى أن تكون محققة‪ 4‬للغرض وافية بالمطلوب‪.‬‬
‫المؤلفون‬
‫***‬
‫حمود بن عقالء‪ 4‬الشعيبي ‪ -‬المدرس بكلية الشريعة‪ 4‬في الرياض‬
‫عطية محمد‪ 4‬سالم ‪ -‬المدرس بالجامعة اإلسالمية في المدينة المنورة‬
‫عبد المحسن العباد ‪ -‬المدرس بالجامعة اإلسالمية في المدينة المنورة‬

‫‪3‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أصول الفقه‬
‫اعلم أن أص‪44‬ول الفق‪44‬ه م‪44‬ركب من مض‪44‬اف وه‪44‬و كلم‪44‬ة «أص‪44‬ول»‪ ،‬ومض‪44‬اف إلي‪44‬ه‬
‫وه‪44‬و كلم‪44‬ة «الفق‪44‬ه»‪ 4‬ويس‪44‬مى مركبً‪44‬ا إض‪44‬افيا‪ ،‬وق‪44‬د أخ‪44‬ذ ه‪44‬ذا الم‪44‬ركب اإلض‪44‬افي‬
‫علم‪44‬ا على العلم المعه ‪44‬ود‪ ،‬فينبغي تعريف ‪44‬ه باعتب ‪44‬ار كون ‪44‬ه مركبً ‪44‬ا إض ‪44‬افيا‬
‫فوض ‪44‬ع ً‬
‫علما‪:‬‬
‫وباعتبار كونه ً‬
‫أوالً‪ :‬تعريفه‪ 4‬باعتبار كونه مركبًا إضافيا‪:‬‬
‫‪1‬ـ كلمة أصول‪:‬‬
‫األص‪44‬ول جم‪44‬ع أص‪44‬ل‪ ،‬واألص‪44‬ل في اللغ‪44‬ة م‪44‬ا انب‪44‬نى علي‪44‬ه غ‪44‬يره‪ ،‬كاألس‪44‬اس أص‪44‬ل‬
‫للس ‪44‬قف والج ‪44‬دار وكع ‪44‬روق الش ‪44‬جرة الثابت ‪44‬ة في األرض كم ‪44‬ا في قول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪:‬‬
‫الس َم ِاء ﴾ [إبراهيم‪.]24:‬‬‫ت َو َف ْرعُ َها فِي َّ‬
‫َصلُ َها ثَابِ ٌ‬
‫﴿أ ْ‬
‫وفي االصطالح يطلق األصل على عدة معان منها‪:‬‬
‫‪1‬ـ القاع‪4‬دة العام‪44‬ة‪ :‬كق‪4‬ولهم‪ :‬األم‪4‬ر يقتض‪4‬ي الوج‪4‬وب‪ ،‬يوض‪4‬ح ذل‪44‬ك قول‪4‬ه تع‪4‬الى‪:‬‬
‫ول فَ ُخ‪ُ 4‬ذوهُ ﴾ [الحش‪44‬ر‪ ،]7:‬فه‪44‬ذا أم‪44‬ر ع‪44‬ام يقتض‪44‬ي وج‪44‬وب‬
‫الر ُس‪ُ 4‬‬
‫﴿ َو َم‪44‬ا آتَ‪44‬ا ُك ُم َّ‬
‫األخذ بكل ما آتانا الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬من غير تعرض في ه‪44‬ذه اآلي‪44‬ة‬
‫بال‪44‬ذات إلى ف‪44‬رد من أف‪44‬راد األوام‪44‬ر ال‪44‬تي وجهه‪44‬ا إلين‪44‬ا رس‪44‬ول اهلل ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫َّ ِ‬
‫آمنُ‪44‬وا‬ ‫‪2‬ـ ال‪44‬دليل كقول‪44‬ك‪ :‬أص‪44‬ل وج‪44‬وب الص‪44‬وم قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬ي‪44‬ا أَ َيه‪44‬ا الذ َ‬
‫ين َ‬
‫يام ﴾ [البقرة‪ ]138:‬أي‪ :‬دليله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الص ُ‬
‫ب َعلَي ُك ُم ِّ‬
‫ُكت َ‬
‫‪2‬ـ كلمة الفقه‪:‬‬
‫الفقه لغة‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫س ‪4‬انِي (‪)27‬‬ ‫ِّ‬


‫احلُ‪4ْ 4‬ل عُ ْق‪َ 4‬دةً ِّمن ل َ‬
‫الفهم‪ ،‬ومن‪44‬ه قول‪44‬ه تع‪44‬الى حكاي‪44‬ة عن موس‪44‬ى‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫ي ْف َق ُهوا قولي ﴾ [طه‪ ]28،27:‬أي‪ :‬يفهموه‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪:‬‬
‫العلم باألحكام الشرعية التي طريقها االجتهاد من أدلتها التفصيلية‪.‬‬
‫فأصول الفقه إذًا قواعده التي يبنى عليها‪.‬‬
‫شرح تعريف الفقه‪:‬‬
‫‪4‬وه َّن‬ ‫ِ‬
‫‪1‬ـ الم‪44‬راد ب‪44‬العلم م‪44‬ا يش‪44‬مل علي‪44‬ه الظن كم‪44‬ا في قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬فَ‪44‬إ ْن َعل ْمتُ ُم‪ُ 4‬‬
‫ات ﴾ [الممتحنة‪ ]10:‬أي‪ :‬ظننتموهن‪.‬‬ ‫م ْؤ ِمنَ ٍ‬
‫ُ‬
‫‪2‬ـ الم‪44‬راد باألحك‪44‬ام الش‪44‬رعية‪ :‬الوج‪44‬وب والن‪44‬دب والحرم‪44‬ة والكراه‪44‬ة واإلباح‪44‬ة‬
‫فيخ‪44‬رج بقي‪44‬د الش‪44‬رعية‪ :‬األحك‪44‬ام العقلي‪44‬ة كالواح‪44‬د نص‪44‬ف االث‪44‬نين والحس‪44‬ية مث‪44‬ل‬
‫باردا والعادية كنزول المطر بعد الرعد والبرق‪.‬‬
‫كون الثلج ً‬
‫‪3‬ـ والمراد بالتي طريقها االجتهاد‪ :‬إخراج ما ال يصح فيه اجتهاد كمعرف‪4‬ة‪ 4‬ك‪44‬ون‬
‫الص ‪44‬الة والص ‪44‬يام واج ‪44‬بين‪ ،‬والزن ‪44‬ا والس ‪44‬رقة مح ‪44‬رمين‪ ،‬لمعرف‪4 4‬ة‪ 4‬ذل ‪44‬ك من ال ‪44‬دين‬
‫بالضرورة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريفه باعتبار كونه لقبًا لهذا الفن‪:‬‬
‫ه‪44‬و علم يبحث عن أح‪44‬وال أدل‪44‬ة الفق‪44‬ه اإلجمالي‪44‬ة وط‪44‬رق االس‪44‬تفادة منه‪44‬ا وح‪44‬ال‬
‫المستفيد‪.‬‬
‫***‬
‫شرح هذا التعريف ‪:‬‬
‫‪1‬ـ المراد بطرق االستفادة‪ :‬معرفة الترجيح عند التعارض مثالً‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪2‬ـ وباإلجمالي ‪44‬ة‪ :‬م ‪44‬ا ع ‪44‬دا التفص ‪44‬يلية‪ ،‬ك ‪44‬األمر يقتض ‪44‬ي الوج ‪44‬وب والنهي يقتض ‪44‬ي‬
‫التح‪444‬ريم‪ ،‬والمطل‪444‬ق يحم‪444‬ل على المقي‪444‬د‪ ،‬والع‪444‬ام يخص بالمخص‪444‬ص‪ ،‬والقي ‪44‬اس‬
‫واإلجماع حجة‪.‬‬
‫موضوعه‪:‬‬
‫وموض‪44‬وع ه‪44‬ذا الفن‪ :‬األدل‪44‬ة الموص‪44‬لة إلى معرف‪4‬ة‪ 4‬الفق‪44‬ه‪ ،‬وكيفي‪44‬ة االس‪44‬تدالل به‪44‬ا‬
‫على األحكام مع معرفة‪ 4‬حال المستدل‪.‬‬
‫فائدته‪:‬‬
‫وفائدة هذا العلم هي‪ :‬العلم بأحكام اهلل تعالى المتضمنة للفوز بسعادة الدارين‪.‬‬
‫استمداده‪:‬‬
‫ويستمد هذا العلم من ثالثة أشياء‪:‬‬
‫‪1‬ـ علم أص‪44‬ول ال‪4‬دين ـ أي التوحي‪44‬د‪ :‬لتوق‪4‬ف األدل‪44‬ة الش‪44‬رعية على معرف‪44‬ة الب‪4‬اري‬
‫ج‪44‬ل وعال‪ ،‬وص‪44‬دق المبل‪44‬غ عن‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪ ،‬وهم‪44‬ا مبين‪44‬ان في‪44‬ه مق‪44‬ررة‬
‫أدلتهما في مباحثه‪.‬‬
‫‪2‬ـ علم اللغ‪44‬ة العربي‪44‬ة‪ :‬ألن فهم الكت‪4‬اب والس‪44‬نة واالس‪44‬تدالل بهم‪44‬ا متوقف‪44‬ان على‬
‫معرفتها إذ هما عربيان‪.‬‬
‫‪3‬ـ األحك‪44‬ام الش‪44‬رعية‪ 4‬من حيث تص ‪44‬ورها‪ :‬ألن المقص ‪44‬ود إثباته‪44‬ا أو نفيه ‪44‬ا وغ‪44‬ير‬
‫المتصور لها ال يتمكن من ذلك ألن الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪.‬‬
‫حكمه‪:‬‬
‫وحكم تعلم أصول الفقه وتعليمه فرض كفاية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫األحكام الشرعية‬
‫تق ‪44‬دم ل ‪44‬ك أن الفق ‪44‬ه ه ‪44‬و العلم باألحك ‪44‬ام الش ‪44‬رعية‪ ،‬وإلي ‪44‬ك فيم ‪44‬ا يلي بي ‪44‬ان ه ‪44‬ذه‬
‫األحكام بإيجاز‪:‬‬
‫تعريف الحكم‪:‬‬
‫واصطالحا‪ :‬مقتضى خطاب اهلل المتعلق بأفعال المكلفين‪.‬‬
‫ً‬ ‫الحكم لغة‪ :‬المنع‪،‬‬
‫أقسام الحكم الشرعي‪:‬‬
‫واألحكام الشرعية‪ 4‬على قسمين‪:‬‬
‫‪1‬ـ تكليفية‪.‬‬
‫‪2‬ـ وضعية‪.‬‬
‫فالحكم التكليفي‪ :‬هو مقتضى خطاب اهلل تعالى المتعلق بأفع‪44‬ال المكلفين‪ ،‬على‬
‫جهة االقتضاء أو التخيير‪.‬‬
‫والحكم الوضعي‪ :‬هو ما وضعه الشارع من أسباب وشروط وموانع تعرف عند‬
‫وجودها أحكام الشرع من إثبات أو نفي‪.‬‬
‫الفرق بين القسمين‪4:‬‬
‫والف‪44‬رق بين التكليفي‪44‬ة والوض‪44‬عية ه‪44‬و‪ :‬أن التكليفي‪44‬ة كل‪44‬ف المخ‪44‬اطب بمقتض‪44‬اها‬
‫فعالً أو تر ًك‪44‬ا‪ ،‬وأم‪44‬ا الوض‪44‬عية فق‪44‬د وض‪44‬عت عالم‪44‬ات للفع‪44‬ل أو ال‪44‬ترك أو أوص‪44‬افًا‬
‫لهما‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أقسام الحكم التكليفي‬


‫ينقسم الحكم التكليفي إلى خمسة أقسام‪:‬‬
‫ألنه إما أن يكون بطلب فع‪4‬ل أو بطلب ت‪4‬رك‪ ،‬وكالهم‪4‬ا إم‪4‬ا ج‪4‬ازم أو غ‪4‬ير ج‪4‬ازم‪،‬‬
‫وإما أن يكون فيه تخيير بين الفعل والترك‪ ،‬وبيانها كاآلتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ فالخطاب بطلب الفعل الجازم‪ :‬إيجاب‪ ،‬ومتعلقه‪ :‬واجب‪.‬‬
‫‪2‬ـ والخطاب بطلب الفعل غير الجازم‪ :‬ندب‪ ،‬ومتعلقه‪ :‬مندوب‪.‬‬
‫‪3‬ـ والخطاب بطلب الترك الجازم‪ :‬تحريم‪ ،‬ومتعلقه‪ :‬محرم‪.‬‬
‫‪4‬ـ والخطاب بطلب الترك غير الجازم‪ :‬كراهة‪ ،‬ومتعلقه‪ :‬مكروه‪.‬‬
‫‪5‬ـ والخطاب بالتخيير بين الفعل والترك‪ :‬إباحة‪ ،‬ومتعلقه‪ :‬مباح‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫ج‪44 4 4‬رى األص‪44 4 4‬وليون على ع‪44 4 4‬د المب‪44 4 4‬اح من أقس‪44 4 4‬ام الحكم التكليفي وفي ذل‪44 4 4‬ك‬
‫تسامح‪ ،‬إذ المباح ال تكليف فيه الستواء طرفيه‪.‬‬
‫***‬
‫أوالً‪ :‬الواجب‪.‬‬
‫وب َه‪44 4‬ا‬
‫ت ُجنُ ُ‬
‫ال‪44 4‬واجب في اللغ‪44 4‬ة‪ :‬الالزم والث‪44 4‬ابت‪ ،‬ق‪44 4‬ال اهلل تع‪44 4‬الى‪ ﴿ :‬فَ‪44 4‬إ َذا َو َجبَ ْ‬
‫فَ ُكلُ ‪44 4 4‬وا ِم ْن َه‪44 4 4‬ا ﴾ [الحج‪ ،]36:‬أي‪ :‬س ‪44 4 4‬قطت واس ‪44 4 4‬تقرت على األرض وق ‪44 4 4‬ال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫عن السلم حتى كان أول‬ ‫أميرا نهاهموا‬
‫أطاعت بنو بكر ً‬
‫واجب‬
‫وفي االصطالح‪ :‬هو ما يثاب فاعله امتثاالً ويستحق تاركه العقاب‪.‬‬
‫تقسيمات الواجب‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أوالً‪:‬‬
‫ينقسم بحسب فاعله إلى فرض عين وفرض كفاية ألنه‪:‬‬
‫أ ـ إما أن يكون مطلوبًا من كل فرد بعينه كالصلوات الخمس فهو فرض عين‪.‬‬
‫ب ـ أو يكتفى فيه بفعل البعض كصالة الجنازة فهو فرض كفاية‪.‬‬
‫وذل‪44‬ك ألن الش‪44‬ارع ال ينظ‪44‬ر إلى األخ‪44‬ير من حيث الفاع‪44‬ل‪ ،‬ب‪44‬ل من حيث وج‪44‬ود‬
‫الفعل ممن‪ 4‬كان هو‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬‬
‫بحسب وقته المحدد له‪ :‬إلى مضيق وموسع ألنه‪:‬‬
‫أ ـ إن كان الوقت المحدد لفعله بقدره فقط فمضيق‪.‬‬
‫كوقت الصيام في رمضان فإن الصوم يستغرق‪ 4‬ما بين طل‪44‬وع الفج‪44‬ر إلى غ‪44‬روب‬
‫الشمس فال يمكن صيام نفل معه‪ ،‬وكذلك آخر الوقت إذا لم يبق إال م‪44‬ا ت‪44‬ؤدى‬
‫فيه الفريضة كقبيل طل‪44‬وع الش‪44‬مس بالنس‪44‬بة إلى الص‪44‬بح أو قبي‪44‬ل غروبه‪44‬ا بالنس‪44‬بة‬
‫إلى العصر‪.‬‬
‫ب ـ وإن ك‪44‬ان يس‪44‬عه ويس‪44‬ع غ‪44‬يره من جنس‪44‬ه مع‪44‬ه فموس‪44‬ع‪ ،‬كأوق‪44‬ات الص‪44‬لوات‬
‫الخمس فإن وقت كل صالة يسعها ويسع غيرها معها من النوافل‪.‬‬
‫ثالثًا‪:‬‬
‫بحسب الفعل‪ :‬على معين ومبهم ألنه‪:‬‬
‫أ ـ إن ك‪44‬ان الفع‪44‬ل مطلوبً‪44‬ا بعين‪44‬ه ال يق‪44‬وم غ‪44‬يره مقام‪44‬ه‪ ،‬كالص‪44‬الة والص‪44‬وم والحج‬
‫ونحوها فمعين‪.‬‬
‫مبهم ‪44‬ا في أش‪44 4‬ياء محص‪44 4‬ورة يج‪44 4‬زىء فع‪44 4‬ل واح‪44 4‬د منه‪44 4‬ا‬
‫ب ـ وإن ك‪44 4‬ان الفع‪44 4‬ل ً‪4‬‬
‫كخصال الكفارة من عتق أو إطعام أو صوم‪ ،‬فمبهم‪ 4‬إذ الواجب واحد ال بعينه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫***‬

‫ثانيا‪ :‬المندوب‬
‫المندوب لغة‪ :‬اسم مفعول من الندب وهو الدعاء إلى الفعل كما قال الشاعر‪:‬‬
‫وفي النائبات على‬ ‫ال يسألون أخاهم حين يندبهم‬
‫ما قال برهانا‬
‫وفي االص‪44‬طالح‪ :‬م‪44‬ا يث‪44‬اب فاعل‪44‬ه وال يع‪44‬اقب تارك‪44‬ه ويطلب‪44‬ه الش‪44‬ارع طلبً‪44‬ا غ‪44‬ير‬
‫جازم‪.‬‬
‫وهو مرادف للسنة والمستحب‪ 4‬والتطوع‪.‬‬
‫إن اللَّهَ‬ ‫وم‪44‬ذهب الجمه‪44‬ور أن المن‪44‬دوب م‪44‬أمور ب‪44‬ه‪ ،‬ومن أدلتهم قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َّ ﴿ :‬‬
‫‪4‬اء ِذي الْ ُق‪4ْ 4‬ربَى﴾ [النح ‪44‬ل‪ ،]90:‬وقول ‪44‬ه‪َ ﴿ :‬وأْ ُم ‪4ْ 4‬ر‬‫ان وإيت ‪ِ 4‬‬
‫س‪َ َ ِ 4 4‬‬ ‫ي‪4 4‬أ ُْم ُر بِال َْع‪ْ 4 4‬د ِل َو ْ‬
‫اإلح َ‬
‫ف ﴾ [األع‪44‬راف‪،]199:‬‬ ‫وف ﴾ [لقم‪44‬ان‪ ،]1 7:‬وقول‪44‬ه‪ ﴿ :‬وأْم‪44‬ر بِ‪44‬الْعر ِ‬ ‫بِ‪44‬الْمعر ِ‬
‫َ ُ ْ ُْ‬ ‫َ ُْ‬
‫ومن هذه األشياء المأمور بها ما ه‪44‬و من‪44‬دوب‪ ،‬ومنه‪44‬ا‪ :‬أن األم‪44‬ر اس‪44‬تدعاء وطلب‬
‫مأمورا به‪.‬‬
‫ً‬ ‫والمندوب مستدعى ومطلوب‪ ،‬فيكون‬
‫***‬

‫ثالثًا‪ :‬المحظور‬
‫المحظور لغة‪ :‬الممنوع‪.‬‬
‫‪4‬طالحا‪ :‬م‪44‬ا يث‪44‬اب تارك‪44‬ه امتث‪44‬االً ويس‪44‬تحق فاعل‪44‬ه العق‪44‬اب‪ ،‬كالزن‪44‬ا‪ ،‬والس‪44‬رقة‬
‫واص‪ً 4‬‬
‫محرم‪44‬ا ومعص‪44‬ية‬
‫وش‪44‬رب الخم‪44‬ر‪ ،‬وال‪44‬دخان‪ ،‬وحل‪44‬ق اللحى ونح‪44‬و ذل‪44‬ك‪ ،‬ويس‪44‬مى ً‬
‫وحجرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وذنبًا‬

‫‪10‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫***‬
‫رابعا‪ :‬المكروه‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫اإليم‪4‬ا َن‬ ‫المكروه لغة‪ :‬ض‪4‬د المحب‪4‬وب ق‪4‬ال اهلل تع‪4‬الى‪َ ﴿ :‬ولَك َّن اللَّهَ َحبَّ َ‬
‫ب إلَي ُك ُم َ‬
‫ِ‬
‫صيا َن ﴾ [الحجرات‪.]7:‬‬ ‫سو َق َوال ِْع ْ‬ ‫ِ‬
‫َو َزينَهُ في ُقلُوب ُك ْم َو َك َّر َه إلَي ُك ُم الْ ُك ْف َر َوالْ ُف ُ‬
‫‪4‬طالحا ه‪44 4‬و‪ :‬م‪444‬ا يقتض‪44 4‬ي الث‪44 4‬واب على ترك‪44 4‬ه امتث‪444‬االً ال العق‪44 4‬اب على فعل‪44 4‬ه‬
‫واص‪ً 44‬‬
‫كتقديم الرجل اليسرى عند دخول المسجد‪ ،‬واليمنى عند الخروج منه‪.‬‬
‫***‬

‫خامسا‪ :‬المباح‬
‫ً‬
‫المباح لغة‪ :‬كل ما ال مانع دونه‪ ،‬كما قيل‪:‬‬
‫ـت وال مبيح لما حمينا‬ ‫ولقد أبحنــا ما حميـ‬

‫وفي االص ‪44‬طالح‪ :‬م ‪44‬ا ك ‪44‬ان الخط ‪44‬اب في ‪44‬ه ب ‪44‬التخيير بين الفع ‪44‬ل وال ‪44‬ترك‪ ،‬فلم يثب‬
‫على فعل ‪44‬ه ولم يع ‪44‬اقب على ترك ‪44‬ه‪ ،‬كاألك ‪44‬ل والن ‪44‬وم واالغتس ‪44‬ال للت ‪44‬برد‪ ،‬ومح ‪44‬ل‬
‫أجرا‪.‬‬
‫خيرا كان له به ً‬
‫ذلك ما لم تدخله النية فإن نوى بالمباح ً‬

‫‪11‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أقسام الحكم الوضعي‬


‫أوالً‪ :‬السبب‪:‬‬
‫السبب في اللغة‪ :‬ما توصل به إلى غيره‪.‬‬
‫‪4‬طالحا‪ :‬م‪44 4‬ا يل‪44 4‬زم من وج‪44 4‬وده الوج‪44 4‬ود‪ ،‬ومن عدم‪44 4‬ه الع‪44 4‬دم لذات‪44 4‬ه ك‪44 4‬زوال‬
‫واص‪ً 4 4‬‬
‫الش‪44‬مس فإن‪44‬ه س‪44‬بب في وج‪44‬وب ص‪44‬الة الظه‪44‬ر‪ ،‬وكمل‪44‬ك النص‪44‬اب فإن‪44‬ه س‪44‬بب في‬
‫وجوب الزكاة وكالوالء والنسب في الميراث‪.‬‬
‫***‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط‪:‬‬
‫الش‪44‬رط لغ‪44‬ة‪ :‬واح‪44‬د الش‪44‬روط م‪44‬أخوذ من الش‪44‬رط ـ بالتحري‪44‬ك ـ واح‪44‬د األش‪44‬راط‬
‫والمراد به العالمة‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬ما يلزم من عدمه العدم‪ ،‬وال يل‪44‬زم من وج‪44‬وده وج‪44‬ود وال ع‪44‬دم‬
‫لذات‪44 4‬ه كالطه‪44 4‬ارة مثالً فإنه‪44 4‬ا ش‪44 4‬رط في ص‪44 4‬حة الص‪44 4‬الة‪ ،‬فيل‪44 4‬زم من ع‪44 4‬دم وج‪44 4‬ود‬
‫الطه‪444‬ارة ع‪44 4‬دم وج‪44 4‬ود الص‪444‬الة الش‪444‬رعية‪ ،‬وال يل‪44 4‬زم من وج‪44 4‬ود الطه‪444‬ارة وج‪444‬ود‬
‫متطهرا ويمتنع من فعل الصالة‪.‬‬
‫ً‬ ‫الصالة‪ ،‬إذ قد يكون اإلنسان‬
‫***‬
‫ثالثًا‪ :‬المانع‬
‫المانع في اللغة‪ :‬الحاجز‪.‬‬
‫‪4‬طالحا‪ :‬م ‪44‬ا يل ‪44‬زم من وج ‪44‬وده الع ‪44‬دم‪ ،‬وال يل ‪44‬زم من عدم ‪4‬ه‪ 4‬وج ‪44‬ود‪ ،‬وال ع ‪44‬دم‬
‫واص ‪ً 4‬‬
‫لذات‪44 4‬ه‪ ،‬كالقت‪44 4‬ل في الم‪44 4‬يراث‪ ،‬والحيض في الص‪44 4‬الة‪ ،‬ف‪44 4‬إن وج‪44 4‬د القت‪44 4‬ل امتن‪44 4‬ع‬
‫الم‪4‬يراث‪ ،‬وإن وج‪4‬د الحيض امتنعت الص‪4‬الة وق‪4‬د ينع‪4‬دمان وال يل‪4‬زم م‪4‬يراث وال‬
‫ص‪44‬الة‪ ،‬فه‪44‬و بعكس الش‪44‬رط إذ الش‪44‬رط يتوق‪44‬ف وج‪44‬ود المش‪44‬روط على وج‪44‬وده‪،‬‬

‫‪12‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫والم ‪44‬انع ينفي وج ‪44‬وده‪ .‬ولكي يت ‪44‬بين ل ‪44‬ك الف ‪44‬رق بين الس ‪44‬بب والش ‪44‬رط والم ‪44‬انع‪،‬‬
‫انظ‪4‬ر في زك‪4‬اة الم‪4‬ال مثالً‪ ،‬تج‪4‬د س‪44‬بب وجوبه‪44‬ا وج‪44‬ود النص‪44‬اب‪ ،‬ويتوق‪44‬ف ذل‪4‬ك‬
‫الوجوب على حوالن الحول‪ ،‬فهو ش‪4‬رط في‪4‬ه‪ ،‬وإن وج‪4‬د دين من‪4‬ع وجوبه‪4‬ا فه‪4‬و‬
‫مانع لذلك الوجوب على القول بأن الدين مانع‪.‬‬
‫***‬
‫رابعا‪ :‬الصحيح والفاسد‪:‬‬
‫ً‬
‫الصحيح لغة‪ :‬ضد السقيم‪.‬‬
‫‪4‬طالحا‪ :‬م‪44‬ا يتعل‪44‬ق ب‪44‬ه اعت‪44‬داد في العب‪44‬ادات‪ ،‬ونف‪44‬وذ في المع‪44‬امالت ك‪44‬أن تق‪44‬ع‬
‫واص‪ً 4‬‬
‫الصالة مثالً مستوفاة شروطها‪ ،‬تام‪4‬ة أركانه‪4‬ا‪ ،‬م‪4‬ع انتف‪4‬اء الموان‪4‬ع ول‪4‬و في اعتق‪4‬اد‬
‫الفاع‪44‬ل‪ ،‬وك‪44‬ذلك ال‪44‬بيع يق‪44‬ع من ج‪44‬ائز التص‪44‬رف على مب‪44‬اح مق‪44‬دور على تس‪44‬ليمه‪،‬‬
‫ممل‪44‬وك في نفس األم‪44‬ر‪ ،‬فل‪44‬و ب‪44‬اع م‪44‬ا يظن أن‪44‬ه مل‪44‬ك غ‪44‬يره فب‪44‬ان أن‪44‬ه ملك‪44‬ه ص‪44‬ح‬
‫ال‪44 4‬بيع‪ ،‬إذ المع‪44 4‬امالت مبناه‪44 4‬ا على م‪44 4‬ا في نفس األم‪44 4‬ر‪ ،‬والعب‪44 4‬ادات على م‪44 4‬ا في‬
‫اعتقاد الفاعل‪.‬‬
‫والفاسد لغة‪ :‬المختل‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬ما ال اعتداد‪ 4‬به في العبادات كإيقاع الصالة المفروضة قب‪44‬ل دخ‪44‬ول‬
‫ً‬
‫وقته‪44‬ا‪ ،‬وال نف‪44‬وذ ل‪44‬ه في المع‪44‬امالت ك‪44‬بيع م‪44‬ا ال يمل‪44‬ك مثالً‪ .‬ويرادف‪4‬ه‪ 4‬الباط‪44‬ل إال‬
‫عند أبي حنيفة فيغاير بينهما‪ ،‬إذ الفاسد عنده ما شرع بأصله ومنع بوصفه ك‪44‬بيع‬
‫م ‪44‬د قمح بم ‪44‬د قمح ودرهم‪ ،‬ف ‪44‬بيع م ‪44‬د بم ‪44‬د ص ‪44‬حيح مش ‪44‬روع بأص ‪44‬له‪ ،‬فل ‪44‬و رف ‪44‬ع‬
‫نظرا إلى أصل مشروعيته‪.‬‬
‫الدرهم صح البيع ً‬
‫***‬

‫‪13‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫خامسا‪ :‬الرخصة‪ 4‬والعزيمة‪:‬‬


‫ً‬
‫العزيمة‪ 4‬لغة‪ :‬القصد‪ 4‬المؤكد‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬الحكم الثابت بدليل شرعي‪ ،‬خال من معارض راجح كتحريم الزن‪44‬ا‬
‫ً‬
‫في المنهيات‪ ،‬ووجوب الصالة في المأمورات‪.‬‬
‫والرخصة لغة‪ :‬اللين والسهولة‪ ،‬يقال شيء رخص أي‪ :‬لين‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬م‪44‬ا ثبت على خالف دلي‪44‬ل ش‪44‬رعي لمع‪44‬ارض راجح‪ ،‬ك‪44‬تيمم الم‪44‬ريض‬
‫ً‬
‫لمرضه مع وجود الماء‪ ،‬وأكل الميتة عن‪44‬د االض‪44‬طرار‪ .‬ف‪44‬التيمم ثبت على خالف‬
‫ص‪ِ 44‬‬
‫الة‬ ‫آمنُ‪44 4‬وا إذَا قُ ْمتُ ْم إلَى ال َّ‬ ‫دلي‪44 4‬ل ش‪44 4‬رعي وه‪44 4‬و قول‪44 4‬ه تع‪44 4‬الى‪{ :‬ي‪44 4‬ا أ َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫َيه‪44 4‬ا الذ َ‬
‫َ‬
‫‪4‬الى‪{:‬وإن ُكنتُم‬ ‫‪4‬وه ُك ْم} [المائ‪4‬دة‪ ]6:‬لمع‪44‬ارض راجح وه‪4‬و قول‪44‬ه تع‪4‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فَا ْغس‪4‬لُوا ُو ُج َ‬
‫ضى أ َْو َعلَى َس َف ٍر} [النساء‪ ،]34:‬وكذلك أكل المض‪44‬طر للميت‪44‬ة على خالف‬ ‫َّم ْر َ‬
‫ت َعلَي ُك ُم ال َْميتَ‪4‬ةُ} [المائ‪4‬دة‪ ،]3:‬وق‪4‬د أج‪4‬يز‬
‫{ح ِّ‪4‬ر َم ْ‬
‫دليل ش‪44‬رعي ه‪44‬و قول‪4‬ه تع‪4‬الى‪ُ :‬‬
‫ص ‪ٍ 4‬ة} [المائ‪44‬دة‪]3:‬‬ ‫ل‪44‬دليل راجح علي‪44‬ه وه‪44‬و قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪{ :‬فَم ِ‪4‬ن ا ْ ِ‬
‫ض ‪4‬طَُّر في َم ْخ َم َ‬ ‫َ‬
‫فدفع ‪44‬ه بأك ‪44‬ل الميت ‪44‬ة عن نفس ‪44‬ه الج ‪44‬وع المفض ‪44‬ي إلى الهالك أرجح بال ش ‪44‬ك من‬
‫مطلق تضرره بخبثها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أقسام الكالم‬

‫من المعل‪44‬وم أن الكت‪44‬اب والس‪44‬نة هم‪44‬ا أص‪44‬ال ال‪44‬دين وقوام‪44‬ه‪ ،‬وأنهم‪44‬ا بلس‪44‬ان ع‪44‬ربي‬
‫م‪44 4‬بين فيتوق‪44 4‬ف العلم بهم‪44 4‬ا على العلم ب‪44 4‬الكالم الع‪44 4‬ربي نفس‪44 4‬ه‪ ،‬والوق‪44 4‬وف على‬
‫أقسامه المتعددة‪.‬‬
‫ولكن قبل تقسيمه ينبغي تعريفه‪ 4‬أوالً‪ ،‬إذ معرفة أقسام الشيء فرع عن معرفته‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريف الكالم‪.‬‬


‫يطل‪44 4‬ق الكالم على مجم‪44 4‬وع‪ 4‬أم‪44 4‬رين‪ :‬اللف‪44 4‬ظ والمع‪44 4‬نى ك‪44 4‬القرآن وس‪44 4‬ائر الكتب‬
‫المنزلة واألحاديث القدسية فإنها كالم اهلل تعالى دالها ومدلولها‪.‬‬
‫هذا هو قول أهل الح‪44‬ق‪ ،‬وق‪4‬د أطلق‪44‬ه جماع‪44‬ة من المبتدع‪4‬ة‪ 4‬على المع‪4‬نى المس‪4‬تقر‪4‬‬
‫في القلب وهو قول مردود بكتاب اهلل وسنة رسوله صلى اهلل عليه وس‪44‬لم‪ ،‬وإن‬
‫أطلق الكالم في بعض األحيان على المعنى القائم بالنفس‪ ،‬فال بد من تقييده بما‬
‫ي‪44‬دل على ذل‪44‬ك كمــا في قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬وي ُقولُ‪44‬و َن فِي أَن ُف ِس‪ِ 4‬ه ْم لَ‪4ْ 4‬وال َيع‪4ِّ 4‬ذ ُبنَا اللَّهُ‬
‫ول ﴾ [المجادلة‪ ]8:‬فلوال تقييده بقوله‪ ﴿ :‬فِي أَن ُف ِس ِه ْ‪4‬م ﴾ النص‪44‬رف إلى‬ ‫بِ َما َن ُق ُ‬
‫القول باللسان‪ ،‬وقد يطلق على كل ما أفهم المراد كقول الشاعر‪:‬‬

‫رددت عليها بالدموع‬ ‫إذا كلمتني بالعيون الفوات‬


‫البوادر‬

‫‪15‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ويطل‪44‬ق عن‪44‬د النح‪44‬اة على‪ :‬اللف‪44‬ظ الم‪44‬ركب تركيبً‪44‬ا مفي‪ً 4‬دا فائ‪44‬دة يحس‪44‬ن الس‪44‬كوت‬
‫عليها مثل‪ :‬محمد رسول اهلل‪.‬‬
‫أقل ما تحصل به الفائدة‪:‬‬
‫تحصل الفائدة بكل ما اشتمل على نسبة إسنادية‪ ،‬وأقل ما يك‪44‬ون ذل‪44‬ك في أح‪44‬د‬
‫التراكيب اآلتية‪:‬‬
‫‪1‬ـ التركيب من اسمين كالمبتدأ والخبر مثل‪ :‬اهلل أحد‪ ،‬اهلل الصمد‪.‬‬
‫‪2‬ـ التركيب من فعل واسم كالفعل مع فاعله مثل‪ :‬جاء الحق وزهق الباطل‪.‬‬
‫‪3‬ـ التركيب من حرف واسم مثل‪ :‬يا اهلل‪.‬‬
‫والصحيح أن التركيب الثالث راجع إلى التركيب الث‪44‬اني ألن الح‪44‬رف ن‪44‬ائب عن‬
‫فع‪44‬ل‪ ،‬وتحص‪44‬ل الفائ‪44‬دة بالكلم‪44‬ة الواح‪44‬دة المتض‪44‬منة لمع‪44‬نى كالم مفي‪44‬د كح‪44‬رف‬
‫الجواب نحو‪ :‬ال وبلى ونعم‪ ،‬وفعل األمر نحو‪ :‬استقم‪.‬‬
‫***‬

‫تقسيم الكالم إلى خبر وإنشاء‬


‫ينقسم الكالم إلى خبر وإنشاء‪.‬‬
‫تعريف الخبر‪:‬‬
‫هو ما احتمل الصدق والكذب لذاته‪.‬‬
‫فقولن ‪44‬ا‪« :‬م ‪44‬ا احتم ‪44‬ل الص ‪44‬دق والك ‪44‬ذب» اح ‪44‬تراز على اإلنش ‪44‬اء فإن ‪44‬ه ال يحتم ‪44‬ل‬
‫الصدق‪ 4‬وال الكذب‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وقولن‪44‬ا‪« :‬لذات‪44‬ه»‪ 4‬ليش‪44‬مل التعري‪44‬ف كالم اهلل تع‪44‬الى مث‪44‬ل‪ ﴿ :‬أَل َْه‪44‬ا ُك ُم التَّ َك‪44‬ا ُث ُر (‪)1‬‬
‫َحتَّى ُز ْرتُ ُم ال َْم َق‪44‬ابَِر ﴾ [التك ‪44‬اثر‪ ،]2 4 ،1:‬واألم ‪44‬ور البديهي ‪44‬ة مث ‪44‬ل الواح ‪44‬د نص ‪44‬ف‬
‫االثنين‪ ،‬والكل أكبر من الجزء‪.‬‬

‫تقسيم الخبر إلى صدق وكذب‪:‬‬


‫وينقس‪44‬م الخ ‪44‬بر إلى ص ‪44‬دق وك‪44‬ذب‪ ،‬ف ‪44‬إن ط‪44‬ابق مض‪44‬مونه‪ 4‬الواق ‪44‬ع نفي ‪44‬ا مث ‪44‬ل‪« :‬ال‬
‫يص ‪44‬لح الن ‪44‬اس فوض ‪44‬ى ال س ‪44‬راة لهم»‪ ،‬أو إثباتً ‪44‬ا مث ‪44‬ل‪« :‬الن ‪44‬اس سواس ‪44‬ية كأس ‪44‬نان‬
‫المشط»‪ ،‬فصدق‪ 4،‬وإن خالفه نفيا مثل‪« :‬ال حاجة إلى تعلم الص‪44‬ناعات النافع‪44‬ة»‬
‫أو إثباتًا مثل‪« :‬الفرس أسرع من الطائرة» فكذب‪.‬‬

‫تعريف اإلنشاء‪:‬‬
‫هو ما ال يحتمل الصدق وال الك‪44‬ذب لذات‪44‬ه كـ«أقم الص‪44‬الة»‪« ،‬ال تش‪44‬رك باهلل»‪،‬‬
‫وهو نوعان‪ :‬طلبي‪ ،‬وغير طلبي‪.‬‬
‫أقسام اإلنشاء‪:‬‬
‫‪1‬ـ اإلنشاء الطلبي‪:‬‬
‫وهو ما استدعى مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب وهو أقسام منها‪:‬‬
‫األمر‪ :‬وهو طلب إيجاد الشيء بصيغة دالة عليه مثل‪« :‬أطع والديك»‪.‬‬
‫النهي‪ :‬وه ‪44 4‬و طلب الك ‪44 4‬ف عن فع ‪44 4‬ل بص ‪44 4‬يغة دال ‪44 4‬ة علي ‪44 4‬ه نح ‪44 4‬و‪« :‬ال تقص ‪44 4‬ر في‬
‫واجبك»‪.‬‬
‫استفهام‪ :‬وهو طلب اإلفهام عن شيء نحو‪« :‬هل ذاكرت درسك؟»‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫التمني‪ :‬وهو ما كان مدلوله طلب أمر ال مطمع فيه أو عسير المنال بصيغة دال‪4‬ة‬
‫عليه‪.‬‬
‫مثال األول‪ :‬ليت شبابًا بيع فاشتريت‪.‬‬
‫ومثال الثاني‪ :‬ليت المسلمين يتحدون‪.‬‬
‫ال‪44‬ترجي‪ :‬وه‪44‬و م‪44‬ا ك‪44‬ان المطل‪44‬وب في‪44‬ه ممكنً‪44‬ا‪ ،‬وك‪44‬ان محبوبً‪44‬ا بص‪44‬يغة دال‪44‬ة علي‪44‬ه‬
‫مثل‪« :‬لعل شباب المسلمين يتجهون إلى النهل من معين دينهم الحنيف»‪.‬‬
‫العرض‪ :‬وهو الطلب برفق مثل قولك لصديقك‪« :‬أال تزور صديقك؟!»‪.‬‬
‫ِ‬
‫التحضيض‪ :‬وهو الطلب بحث مثل‪ ﴿ :‬أَال ُت َق‪44‬اتلُو َن َق ْو ًم‪44‬ا نَّ َكثُ‪44‬وا أ َ‬
‫َيم‪44‬ا َن ُه ْم َو َه ُّموا‬
‫ول َو ُهم بَ َدءُو ُك ْم أ ََّو َل َم َّر ٍة ﴾ [التوبة‪.]31:‬‬
‫الر ُس ِ‬ ‫بِإ ْخ َر ِ‬
‫اج َّ‬

‫‪2‬ـ اإلنشاء غير الطلبي‪:‬‬


‫‪4‬رادا به‪4‬ا إمض‪4‬اء العق‪4‬د‪ ،‬وكص‪4‬يغ‬
‫كصيغ العق‪4‬ود نح‪4‬و‪ :‬بعت واش‪4‬تريت وزوجت م ً‬
‫القس ‪44‬م نح ‪44‬و‪« :‬واهلل ألص ‪44‬دقن في الح ‪44‬ديث»‪ ،‬وكالم ‪44‬دح نح ‪44‬و‪« :‬نعم الط ‪44‬الب‬
‫المجد»‪ 4،‬والذم نحو‪« :‬بئست الصفة الحسد»‪.‬‬
‫***‬

‫تقسيم الكالم إلى حقيقة ومجاز‬

‫اعلم أوالً أن الناس في تقسيم الكالم إلى حقيقة ومجاز ثالثة آراء‪:‬‬
‫منع هذا التقسيم أصالً وأنه ال مجاز ال في القرآن وال في اللغة العربية‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ومن ال‪44‬ذاهبين إلى ذل‪44‬ك أب‪44‬و إس‪44‬حاق اإلس‪44‬فراييني‪ ،‬وق‪44‬د نص‪44‬ر ه‪44‬ذا الق‪44‬ول ش‪44‬يخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية في كتاب اإليمان فقال‪:‬‬
‫‪4‬طالحا حادثً‪44‬ا بع‪44‬د انقض‪44‬اء الق‪44‬رون‬
‫«إن في تقس‪44‬يم الكالم إلى حقيق‪44‬ة ومج‪44‬از اص‪ً 4‬‬
‫الثالث‪44‬ة‪ ،‬لم يتكلم ب‪44‬ه أح‪44‬د من األئم‪44‬ة المش‪44‬هورين في العلم‪ :‬كمال‪44‬ك‪ ،‬والث‪44‬وري‪،‬‬
‫واألوزاعي‪ ،‬وأبي حنيف‪44‬ة‪ ،‬والش‪44‬افعي‪ ،‬ب‪44‬ل وال تكلم ب‪44‬ه أئم‪44‬ة اللغ‪44‬ة والنح‪44‬و مث‪44‬ل‪:‬‬
‫الخليل‪ ،‬وسيبويه ‪،‬وأبي عمرو بن العالء‪ ،‬ونحوهم‪.»...‬‬
‫إلى أن قال‪« :‬وهذا الشافعي هو أول من جرد الكالم في أصول الفقه لم يقسم‬
‫هذا التقسيم وال تكلم بلفظ الحقيقة والمجاز»‪.‬‬

‫منع وجود المجاز في القرآن دون اللغة‪:‬‬


‫ونس‪444‬به في كت‪444‬اب اإليم‪44 4‬ان إلى أبي الحس ‪44‬ن‪ 4‬الج‪44 4‬زري وابن حام‪444‬د من الحنابل‪44 4‬ة‬
‫ومحمد بن منداد من المالكية وإلى داود بن علي الظاهري وابنه أبي بكر‪.‬‬

‫وقوع المجاز في اللغة وفي القرآن‪:‬‬


‫وه ‪44‬و ق ‪44‬ول القاض ‪44‬ي أبي يعلى وابن عقي ‪44‬ل وأبي الخط ‪44‬اب وغ ‪44‬يرهم من الحنابل ‪44‬ة‪،‬‬
‫ورجحه ابن قدامة في «روضة الناظر» ونسبه الزركشي في كتاب‪44‬ه «البره‪44‬ان في‬
‫‪4‬وجزا يتعل ‪44‬ق بتقس ‪44‬يم الكالم إلى‬
‫كالم‪44‬ا م ‪ً 4‬‬
‫عل ‪44‬وم الق ‪44‬رآن» إلى الجمه ‪44‬ور‪ ،‬وإلي ‪44‬ك ً‬
‫حقيقة ومجاز عند من يرى ذلك التقسيم‪:‬‬

‫الحقيقة‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫لغة‪ :‬مأخوذة من الحق‪ ،‬بمع‪44‬نى الث‪44‬ابت على أن‪44‬ه فاع‪44‬ل أو المثبت على أن‪44‬ه بمع‪44‬نى‬
‫مفعول‪.‬‬
‫اصطالحا‪ :‬اللفظ المستعمل فيما وضع له ابتداء في اصطالح التخاطب‪ ،‬كلفظ‬
‫ً‬
‫أس ‪44 4‬د‪ ،‬في الحي ‪44 4‬وان المف ‪44 4‬ترس‪ ،‬وش ‪44 4‬مس في الك ‪44 4‬وكب المض ‪44 4‬يء‪ ،‬وكلم ‪44 4‬ة في‬
‫اصطالح التخاطب تبين لنا أصل تقسيمهم‪ 4‬الحقيقة إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ لغوية‪.‬‬
‫‪2‬ـ عرفية‪.‬‬
‫‪3‬ـ شرعية‪.‬‬

‫الحقيقة اللغوية‪:‬‬
‫هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أوالً في اللغة كأسد في الحيوان المفترس‪.‬‬
‫الحقيقة العرفية‪:‬‬
‫وتكون عامة وخاصة‪.‬‬
‫أ ـ فالعرفي‪44‬ة العام‪44‬ة‪ :‬م‪44‬ا تع‪44‬ارف علي‪44‬ه عام‪44‬ة أه‪44‬ل اللغ‪44‬ة بغلب‪44‬ة اس‪44‬تعمال اللف‪44‬ظ في‬
‫بعض مدلوله أو بتغليب المجاز على الحقيقة‪.‬‬
‫ف ‪44‬األول‪ :‬أن يك ‪44‬ون اللف ‪44‬ظ ق ‪44‬د وض ‪44‬ع في أص ‪44‬ل اللغ ‪44‬ة لمع ‪44‬نى ع ‪44‬ام‪ ،‬ثم خصص ‪44‬ه‬
‫العرف ببعض مسمياته كلفظ «داب‪44‬ة» ف‪44‬إن أص‪44‬له لك‪44‬ل م‪44‬ا دب على وج‪44‬ه األرض‬
‫غير أن العرف خصصه بذوات األربع‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن يكون اللفظ في أصل اللغ‪44‬ة لمع‪4‬نى‪ ،‬ثم يش‪4‬تهر في ع‪44‬رف االس‪4‬تعمال‬
‫في المع‪44 4 4‬نى المج‪44 4 4‬ازي بحيث ال يفهم من اللف‪44 4 4‬ظ عن‪44 4 4‬د إطالق‪44 4 4‬ه غ‪44 4 4‬يره كلف‪44 4 4‬ظ‬
‫«الغائ ‪44‬ط» فإن ‪44‬ه في أص ‪44‬ل الوض ‪44‬ع المك ‪44‬ان المطمئن من األرض ثم نق ‪44‬ل عن ‪44‬ه إلى‬

‫‪20‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫الفض‪44‬لة الخارج‪44‬ة من اإلنس‪44‬ان‪ ،‬وكلف‪44‬ظ «الرواي‪44‬ة» فإن‪44‬ه في األص‪44‬ل للبع‪44‬ير ال‪44‬ذي‬


‫يستقى عليه ثم نقل عنه إلى المزادة‪.‬‬
‫ب ـ والعرفية الخاصة‪ :‬ما تعارف عليه بعض الطوائف من األلفاظ التي وض‪44‬عوها‬
‫لمعنى عندهم كتعارف أهل النحو على استعمال الرف‪44‬ع والنص‪44‬ب وأدوات الج‪44‬ر‬
‫في مع‪44‬ان اص‪44‬طلحوا عليه‪44‬ا‪ ،‬وكتع‪44‬ارف أه‪44‬ل البالغ‪44‬ة على المس‪44‬ند والمس‪44‬ند إلي‪44‬ه‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬

‫الحقيقة الشرعية‪:‬‬
‫هي اللف‪44 4 4‬ظ المس‪44 4 4‬تعمل فيم‪44 4 4‬ا وض‪44 4 4‬ع ل‪44 4 4‬ه أوالً في الش‪44 4 4‬رع‪ ،‬كالص‪44 4 4‬الة للعب‪44 4 4‬ادة‬
‫المخصوصة‪ 4‬المفتتحة بالتكبير المختتم‪4‬ة بالتس‪4‬ليم‪ ،‬وكاإليم‪4‬ان لالعتق‪4‬اد والق‪4‬ول‬
‫والعمل‪.‬‬

‫المجاز‪:‬‬
‫وهو لغة‪ :‬مكان الجواز أو الجواز على أنه مصدر ميمي‪.‬‬
‫وفي االصطالح قسمان‪ :‬لغوي وعقلي‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬المجاز اللغوي‬


‫هو‪ :‬اللفظ المستعمل في غير ما وضع له أوال لعالقة‪ 4‬مع قرينة‪.‬‬
‫مثال له‪ :‬لفظة «أسد» في الرجل الشجاع‪ ،‬فإنه‪44‬ا اس‪44‬تعملت في غ‪44‬ير م‪44‬ا وض‪44‬عت‬
‫ل‪444‬ه أوالً إذ الوض ‪44‬ع األول له ‪44‬ا إنم ‪44‬ا ه‪444‬و في الحي ‪44‬وان المف‪444‬ترس واس ‪44‬تعمالها في‬
‫الرجل الشجاع بالوضع الثاني بسبب التجوز بها عن محلها األول‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫العالقة والغرض منها‪ :‬واشتراط العالقة يخرج استعمال اللفظ في غير ما وض‪44‬ع‬
‫ل‪44‬ه بطري‪44‬ق الس‪44‬هو أو الغل‪44‬ط كقول‪44‬ك‪ :‬خ‪44‬ذ ه‪44‬ذا القلم وتش‪44‬ير إلى كت‪44‬اب مثالً‪ ،‬أو‬
‫بطري‪44 4‬ق القص‪44 4‬د ولكن ال مناس‪44 4‬بة بين المعن‪44 4‬يين كقول‪44 4‬ك‪ :‬خ‪44 4‬ذ ه‪44 4‬ذا الكت‪44 4‬اب أو‬
‫تفاح‪44‬ا أو ثوبً ‪44‬ا إذ ال مناس ‪44‬بة بين الكت ‪44‬اب والتف ‪44‬اح وال بين‬
‫اش ‪44‬تريت كتابً ‪44‬ا تري ‪44‬د ً‬
‫الكتاب والثوب‪.‬‬
‫والغ ‪44‬رض من العالق ‪44‬ة‪ :‬انتق ‪44‬ال ال ‪44‬ذهن من المع ‪44‬نى األول إلى المع ‪44‬نى الث ‪44‬اني عن‬
‫طريقها فهي كالجسر للذهن يعبر عليها كما في قولك‪ :‬رأيت أس‪ً 4‬دا ي‪44‬رمي‪ ،‬ف‪44‬إن‬
‫جسر االنتقال من الحيوان المفترس إلى الرجل الشجاع إنما هي الشجاعة التي‬
‫تربط بين المعنيين في قولك‪ :‬حيوان مفترس ورجل شجاع‪.‬‬

‫أقسام العالقة‪:‬‬
‫والعالق‪44 4‬ة إم‪44 4‬ا المش‪44 4‬ابهة‪ :‬كمش‪44 4‬ابهة الرج‪44 4‬ل الش‪44 4‬جاع لألس‪44 4‬د في الش‪44 4‬جاعة في‬
‫المثال المتقدم ألنها معنى مشترك بينهما‪.‬‬
‫وأم‪44‬ا غ‪44‬ير المش‪44‬ابهة كق‪44‬ولهم‪« :‬بث األم‪44‬ير عيونً‪44‬ا في المدين‪44‬ة»‪ 4‬أي‪ :‬جواس‪44‬يس‪،‬‬
‫وكل مج‪44‬از عالقت‪44‬ه المش‪44‬ابهة يس‪44‬مى «اس‪44‬تعارة» ألن‪4‬ك ش‪44‬بهت ثم اس‪44‬تعرت لف‪44‬ظ‬
‫‪4‬ازا‬
‫المشبه به وأطلقته على المشبه وكل مجاز عالقته‪ 4‬غير المشابهة يسمى «مج‪ً 4‬‬
‫مرسالً»‪ 4‬ألنه أرسل عن قيد المشابهة‪.‬‬
‫والعالقات بغير المشابهة متع‪44‬ددة ألنه‪44‬ا تعم ك‪4‬ل مناس‪44‬بة أو مالبس‪44‬ة بين المعن‪44‬يين‬
‫تص‪44‬حح نق‪44‬ل اللف‪44‬ظ من معن‪44‬اه األول إلى الث‪44‬اني كالكلي‪44‬ة والجزئي‪44‬ة ف‪44‬األولى ك‪44‬أن‬
‫تطلق الكل وتريد الج‪44‬زء كم‪44‬ا تق‪44‬ول‪ :‬قبض‪44‬ت الش‪44‬رطة على اللص‪ ،‬إذ القبض لم‬

‫‪22‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫يحص ‪44‬ل من جمي ‪44‬ع الش ‪44‬رطة وإنم ‪44‬ا حص ‪44‬ل من بعض ‪44‬هم‪ ،‬والثاني ‪44‬ة ك ‪44‬إطالق العين‬
‫وإرادة كل اإلنسان في المثال المتقدم للجاسوس‪.‬‬
‫وكالس‪44‬ببية أو المس‪44‬ببية فالس‪44‬ببية أن تطل‪44‬ق الس‪44‬بب وتري‪44‬د المس‪44‬بب ك‪44‬أن تق‪44‬ول‪:‬‬
‫«رعين ‪44 4‬ا الغيث» والمس ‪44 4‬ببية أن تطل ‪44 4‬ق المس ‪44 4‬بب وتري ‪44 4‬د الس ‪44 4‬بب ك ‪44 4‬أن تق ‪44 4‬ول‪:‬‬
‫ربيعا»‪.‬‬
‫«أمطرت السماء ً‬
‫وكالحالي‪44‬ة ب‪4‬أن تطل‪44‬ق الح‪44‬ال وتري‪44‬د المح‪44‬ل أو المحلي‪44‬ة ب‪44‬أن تطل‪44‬ق المح‪44‬ل وتري‪44‬د‬
‫الحال فيه إلى غير ذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫مفردا ومركبًا‪:‬‬
‫والمجاز اللغوي يكون ً‬
‫فالمفرد‪ :‬هو ما كان في اللفظ المفرد وتقدمت أمثلته‪.‬‬
‫والم‪4‬ركب‪ :‬م‪44‬ا ك‪4‬ان في الجم‪4‬ل ف‪4‬إن ك‪4‬انت العالق‪44‬ة في‪4‬ه المش‪4‬ابهة س‪4‬مي اس‪4‬تعارة‬
‫تمثيلي‪44‬ة‪ ،‬وإال فمج‪44‬از م‪44‬ركب مرس‪44‬ل كتش‪44‬بيه ص‪44‬ورة بص‪44‬ورة‪ ،‬ونق‪44‬ل ال‪44‬دال على‬
‫الص‪44‬ورة المش‪44‬به به‪44‬ا وإطالقه‪44‬ا على الص‪44‬ورة المش‪44‬بهة‪ 4‬كقول‪44‬ك لم‪44‬تردد في أم‪44‬ر‪:‬‬
‫«أراك تقدم رجالً وتؤخر أخرى»‪.‬‬
‫وقول ‪44 4‬ك لمن جم ‪44 4‬ع خص ‪44 4‬لتين ذميم ‪44 4‬تين كش ‪44 4‬رب ال ‪44 4‬دخان وحل ‪44 4‬ق اللحى مثالً‪:‬‬
‫«أحشفا وسوء كيلة»‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المجاز العقلي‪:‬‬


‫ويك ‪44‬ون المج ‪44‬از عقلي ‪44‬ا إذا ك ‪44‬انت األلف ‪44‬اظ مس ‪44‬تعملة في حقائقه ‪44‬ا ولكن التج ‪44‬وز‬
‫حص‪44‬ل في اإلس‪44‬ناد كقول‪44‬ك‪ :‬ب‪44‬نى األم‪44‬ير قص‪4ً 4‬را‪ ،‬فـ«ب‪44‬نى» و«األم‪44‬ير» و«القص‪44‬ر»‬
‫مستعملة‪ 4‬في حقائقها‪ ،‬ولكن التج‪4‬وز حص‪4‬ل بنس‪4‬بة البن‪4‬اء إلى األم‪4‬ير إذ الب‪4‬اني ل‪4‬ه‬
‫حقيقة العمال‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪24‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫األم ـ ــر‬

‫يطلق لفظ األمر إطالقين‪:‬‬


‫ص‪ِ 4‬‬
‫الة ﴾ [ط‪44‬ه‪،]132:‬‬ ‫‪4‬ك بِال َّ‬
‫األول‪ :‬على طلب الفعل كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬وأْ ُم ْر أ َْهلَ‪َ 4‬‬
‫وهذا األمر يجمع على أوامر‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬على الفعل والحال والشأن كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َشا ِو ْر ُه ْم فِي األ َْم ِر ﴾ [آل‬
‫عم‪44‬ران‪ ]159:‬وه‪44‬ذا األم‪44‬ر يجم‪44‬ع على أم‪44‬ور والم‪44‬راد هن‪44‬ا‪ :‬األول لم‪44‬ا في‪44‬ه من‬
‫الطلب‪.‬‬
‫واألم‪44‬ر في االص‪44‬طالح‪ :‬اس‪44‬تدعاء فع‪44‬ل ب‪44‬القول ال‪44‬دال علي‪44‬ه على س‪44‬بيل االس‪44‬تعالء‬
‫وأك‪44‬ثر األص‪44‬وليين ال يش‪44‬ترط العل‪44‬و وال االس‪44‬تعالء في األم‪44‬ر واستش‪44‬هدوا بق‪44‬ول‬
‫عمرو بن العاص لمعاوية‪:‬‬
‫وكان من التوفيق‬ ‫جازما فعصيتني‬
‫أمرا ً‬
‫أمرتك ً‬
‫قتل ابن هاشم‬
‫خارجا على معاوية فظفر به ثم عفا عنه‪ ،‬فخرج عليه مرة أخرى‪ ،‬ومعل‪44‬وم‬
‫وكان ً‬
‫أن ‪44‬ه ليس هن ‪44‬اك عل ‪44‬و وال اس ‪44‬تعالء من عم ‪44‬رو على معاوي ‪44‬ة‪ ،‬وك ‪44‬ذلك قول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‬
‫حكاية عن فرعون لقومه ﴿ فَ َماذَا تَأ ُْم ُرو َن ﴾ [األعراف‪.]110:‬‬
‫ويمكن أن يج ‪44‬اب على ذل ‪44‬ك بأن ‪44‬ه حين منحهم‪ 4‬س ‪44‬لطة إب ‪44‬داء ال ‪44‬رأي ك ‪44‬ان ذل ‪44‬ك‬
‫إعالء لهم‪.‬‬

‫صيغ األمر‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ولألمر صيغ تدل على طلب الفع‪44‬ل إذا تج‪44‬ردت من الق‪44‬رائن الص‪44‬ارفة عن‪44‬ه‪ ،‬وهي‬
‫أربع‪:‬‬
‫ص ‪4‬ال َة ﴾ [اإلس‪44‬راء‪ ﴿ ،]78:‬ا ْس ‪َ4‬ت ْغ ِف ُروا َربَّ ُكم ﴾‬ ‫‪1‬ـ فع‪44‬ل األم‪44‬ر‪ :‬مث‪44‬ل‪ ﴿ :‬أَقِ ِم ال َّ‬
‫ين ﴾ [التوبة‪.]73:‬‬ ‫ق‬ ‫[نوح‪ ﴿ ،]10:‬يا أَيها النَّبِي ج ِ‬
‫اه ِد ال ُك َّفار والمنَافِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض ‪4 4‬وا َت َف َث ُه ْم‬
‫‪2‬ـ المض‪44 4‬ارع المج‪44 4‬زوم بالم األم‪44 4‬ر‪ :‬مث‪44 4‬ل قول‪44 4‬ه تع‪44 4‬الى‪ ﴿ :‬ثُ َّم لْي ْق ُ‬
‫يق ﴾ [الحج‪.]29:‬‬ ‫يت ال َْعتِ ِ‬
‫ولْيوفُوا نُ ُذور ُهم ولْيطََّّوفُوا بِالْب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫َّ ِ‬
‫س‪ُ 4‬ك ْم ﴾‬ ‫آمنُ‪44‬وا َعلَي ُك ْم أَن ُف َ‬ ‫‪3‬ـ اس‪44‬م فع‪44‬ل األم‪44‬ر‪ :‬مث‪44‬ل قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬ي‪4‬ا أَ َيه‪44‬ا الذ َ‬
‫ين َ‬
‫[المائدة‪.]105:‬‬
‫الرقَ ‪ِ 4‬‬
‫‪4‬اب ﴾‬ ‫ب ِّ‬‫ض‪ْ 4 4‬ر َ‬
‫‪4‬ـ المص ‪44‬در الن ‪44‬ائب عن فع ‪44‬ل األم ‪44‬ر‪ :‬مث ‪44‬ل قول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪ ﴿ :‬فَ َ‬
‫[محمد‪.]4:‬‬
‫صيغ تفيد ما تفيده صيغ األمر‪:‬‬
‫تق‪44‬دم ذك‪44‬ر ص‪44‬يغ األم‪44‬ر األص‪44‬لية‪ ،‬وهن‪44‬اك ص‪44‬يغ أخ‪44‬رى ت‪44‬دل على األم‪44‬ر بالش‪44‬يء‬
‫وطلب إيجاده ومن هذه الصيغ‪:‬‬
‫‪1‬ـ التصريح‪ 4‬بلفظ األمر‪ :‬مثل‪« :‬أمركم‪ ،‬وأمرتكم‪ ،‬أنتم مأمورون»‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وكذا التصريح باإليجاب‪ ،‬والفرض والكتب‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ولفظة‪ :‬حق على العباد وعلى المؤمنين‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وكذا ما فيه ترتيب الذم والعقاب على الترك أو إحباط العمل ب‪44‬الترك ونح‪44‬و‬
‫ذلك‪.‬‬
‫هذا هو رأي الجمهور واستدلوا بإجماع أهل اللغة على تس‪44‬مية ذل‪44‬ك أم‪4ً 4‬را‪ ،‬ف‪44‬إن‬
‫مطيع‪4‬ا إن فع‪44‬ل وعاص‪44‬يا‬
‫أمرا وعد العب‪4‬د ً‬
‫السيد إذا قال لعبده‪« :‬أعطني كذا» عد ً‬
‫إن ترك‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وذهب األش‪44‬اعرة ومن وافقهم‪ 4‬إلى أن األم‪44‬ر ليس‪44‬ت ل‪44‬ه ص‪44‬يغة لفظي‪44‬ة ألن الكالم‬
‫عندهم المعنى القائم بالنفس دون اللفظ‪ ،‬وإنما جعل اللفظ ليعبر ب‪4‬ه عن المع‪4‬نى‬
‫النفسي ويدل عليه‪ ،‬وهذا الرأي باطل لمخالفة الكتاب والسنة‪.‬‬
‫الث لَي‪ٍ 4‬‬
‫‪4‬ال َس ‪ِ 4‬ويا ﴾‬ ‫‪4‬ك أَالَّ تُ َكلِّ َم الن َ‬
‫َّاس ثَ َ‬ ‫أم‪44‬ا الكت‪44‬اب فقول‪44‬ه تع‪44‬الى لزكري‪44‬ا‪ ﴿ :‬آيتُ‪َ 4‬‬
‫[مريم‪ ]10:‬فإنه لم يسم المعنى ال‪44‬ذي ق‪44‬ام بنفس زكري‪44‬ا وأفهم‪44‬ه قوم‪44‬ه باإلش‪44‬ارة‬
‫كالما‪.‬‬
‫إليهم‪ً :‬‬
‫وأم‪44‬ا الس‪44‬نة فقول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬إن اهلل تج‪44‬اوز ألم‪44‬تى عم‪44‬ا ح‪44‬دثت ب‪44‬ه‬
‫أنفس ‪44‬ها م‪44‬ا لم تتكلم ب‪44‬ه أو تعم‪44‬ل»‪ ،‬فف ‪44‬رق بين المع ‪44‬نى الق ‪44‬ائم ب‪44‬النفس والكالم‪،‬‬
‫وأخبر برفع المؤاخذة في األول دون الثاني‪.‬‬

‫الحكم الذي تقتضيه صيغة األمر عند اإلطالق‪:‬‬


‫إذا وردت ص‪44 4‬يغة األم‪44 4‬ر مج‪44 4‬ردة عن الق‪44 4‬رائن‪ 4‬الدال‪44 4‬ة على الم‪44 4‬راد به‪44 4‬ا اقتض‪44 4‬ت‬
‫الوج‪44‬وب وه‪44‬و ق‪44‬ول الجمه‪44‬ور وعلي‪44‬ه دلت األدل‪44‬ة كقول‪44‬ه تع‪44‬الى إلبليس‪َ ﴿ :‬م‪44‬ا‬
‫‪4‬ل لَ ُه ُم‬ ‫ِ‬ ‫‪4‬ك أَالَّ تَ ْس‪ُ 4 4 4‬ج َد إ ْذ أ ََم ْرتُ ‪َ 4 4‬‬
‫‪4‬ك ﴾ [األع ‪44 4‬راف‪ ،]12:‬وقول ‪44 4‬ه‪َ ﴿ :‬وإذَا قي ‪َ 4 4‬‬ ‫َمَن َع ‪َ 4 4‬‬
‫ين ي َخ‪44‬الُِفو َن‬ ‫َّ ِ‬
‫ْيح‪َ 4‬ذ ِر الذ َ‬‫ْار َكعُ ‪44‬وا ال ْير َكعُ ‪44‬و َن ﴾ [المرس ‪44‬الت‪ ،]48:‬وقول ‪44‬ه‪َ ﴿ :‬فل ْ‬
‫ص ‪4 4‬يبه ‪4‬م َع ‪َ 4 4‬ذ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم ﴾ [الن‪44 4‬ور‪ ،]63:‬وقول‪44 4‬ه‪:‬‬ ‫اب أَل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َع ْن أ َْم‪ِ 4 4‬ره أَن تُص ‪َ 4 4‬يب ُه ْم ف ْتنَ ‪4 4‬ةٌ أ َْو ي َ ُ ْ‬
‫يت أ َْم‪ِ 44‬ري ﴾ [ط ‪44‬ه‪ ،]93:‬وقول ‪44‬ه‪َ ﴿ :‬و َم‪44‬ا َك‪44‬ا َن لِ ُم‪4ْ 4‬ؤ ِم ٍن َوال ُم ْؤ ِمنَ ‪4ٍ 4‬ة إ َذا‬ ‫ص‪َ 44‬‬ ‫﴿ أَ َف َع َ‬
‫ْخ‪َ 4‬يرةُ ِم ْن أ َْم ‪ِ 4‬ر ِه ْم ﴾ [األح ‪44‬زاب‪]36:‬‬ ‫ض ‪4‬ى اللَّهُ ورس ‪4‬ولُهُ أَم‪44‬را أَن ي ُك‪44‬و َن لَهم ال ِ‬
‫ُُ‬ ‫ًْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫قَ َ‬
‫إلى غير ذلك إذ ال خالص للمأمور من الوعي‪44‬د وال نج‪44‬اة ل‪44‬ه من الع‪44‬ذاب وال من‬
‫ض‪4‬ا أن الص‪44‬حابة رض‪44‬ي اهلل عنهم ك‪44‬انوا‬
‫عار العصيان إال باالمتثال ويدل ل‪44‬ذلك أي ً‬
‫إجماع‪4‬ا‪،‬‬
‫ً‬ ‫يس‪4‬تدلون ب‪4‬األمر على الوج‪4‬وب‪ ،‬ولم يق‪4‬ع بينهم خالف في ذل‪4‬ك فك‪4‬ان‬

‫‪27‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وك ‪44‬ذلك إطب ‪44‬اق أه ‪44‬ل اللغ ‪44‬ة على ذم العب ‪44‬د ال ‪44‬ذي لم يمتث ‪44‬ل أم ‪44‬ر س ‪44‬يده ووص ‪44‬فه‬
‫بالعصيان‪ ،‬وال يذم ويوصف بالعصيان إال من كان تار ًكا لواجب عليه‪.‬‬

‫األمر بالشيء أمر به وبما ال يتم إال به‪:‬‬


‫ض ‪4‬ا‬
‫إذا ك‪44‬ان ال‪44‬واجب المطل‪44‬ق يتوق‪44‬ف وج‪44‬وده على ش‪44‬يء‪ ،‬ف‪44‬إن األم‪44‬ر يش‪44‬مله أي ً‬
‫ضرورة توقف حصول الواجب عليه كالطهارة فإن األمر بالصالة يشملها وه‪44‬ذا‬
‫مع‪44‬نى ق‪44‬ولهم‪« :‬األم‪44‬ر بالش‪44‬يء أم‪44‬ر ب‪44‬ه وبم‪44‬ا ال يتم إال ب‪44‬ه» وليس مع‪44‬نى ذل‪44‬ك أن‬
‫وجوبه جاء ضمنًا بدون دليل مستقل‪ ،‬بل له أدل‪44‬ة أخ‪44‬رى‪ ،‬غ‪44‬ير أن األم‪44‬ر الخ‪44‬اص‬
‫بذلك الواجب يقتضي وجوب ما توقف الواجب عليه‪.‬‬
‫ه‪44‬ذا في ال‪44‬واجب المطل‪44‬ق ف‪44‬إن وج‪44‬وب الص‪44‬الة مثالً غ‪44‬ير مش‪44‬روط بقي‪44‬د فيك‪44‬ون‬
‫األمر بها مقتضيا األمر بما ال يتم إال به وهو الطهارة‪.‬‬
‫أما في الواجب المقيد فليس كذلك كالزكاة فإن وجوبها مقي‪44‬د بمل‪44‬ك النص‪44‬اب‬
‫فليس األم ‪44‬ر به ‪44‬ا أم ‪4ً 4‬را بتحص ‪44‬يل النص ‪44‬اب ليتم وج ‪44‬وب إخراجه ‪44‬ا بامتالك ‪44‬ه‪ ،‬ألن‬
‫ذل‪44‬ك إتم‪44‬ام للوج‪44‬وب ال لل‪44‬واجب‪ ،‬ول‪44‬ذا يقول‪44‬ون‪ :‬م‪44‬ا ال يتم ال‪44‬واجب إال ب‪44‬ه فه‪44‬و‬
‫واجب‪ ،‬وما ال يتم الوجوب إال به فليس بواجب‪ ،‬والص‪4‬الة ق‪44‬د اس‪44‬تقر وجوبه‪44‬ا‪،‬‬
‫أما الزكاة فال تجب حتى يحصل النصاب‪.‬‬

‫استعمال صيغة األمر في غير معناها األصلي‪:‬‬


‫قد تخ‪44‬رج ص‪44‬يغة األم‪44‬ر على معناه‪44‬ا األص‪44‬لي إلى مع‪44‬ان ترش‪44‬د إليه‪44‬ا الق‪44‬رائن‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ لإلباحة مثل قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬كلُوا َوا ْش َربُوا ﴾ [البقرة‪.]60:‬‬

‫‪28‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪2‬ـ وللتهديد‪ ﴿ :‬ا ْع َملُوا َما ِش ْئتُ ْم ﴾ [فصلت‪.]40:‬‬


‫‪3‬ـ ولالمتنان‪ِ ﴿ :‬م َّما َر َزقْنَا ُك ْم ﴾ [البقرة‪.]254:‬‬
‫ين ﴾ [الحجر‪.]46:‬‬ ‫وها بِس ٍ ِ ِ‬
‫الم آمن َ‬ ‫‪4‬ـ ولإلكرام‪ ﴿ :‬ا ْد ُخلُ َ َ‬
‫ور ٍة ِّمن ِّمثْلِ ِه ﴾ [البقرة‪.]23:‬‬ ‫س َ‬
‫ِ‬
‫‪5‬ـ وللتعجيز‪ ﴿ :‬فَأْتُوا ب ُ‬
‫صبِ ُروا ﴾ [الطور‪.]16:‬‬ ‫اصبِ ُروا أ َْو ال تَ ْ‬‫‪6‬ـ وللتسوية‪ ﴿ :‬فَ ْ‬
‫‪7‬ـ ولالحتقار‪ ﴿ :‬أَلْ ُقوا َما أَنتُم ُّم ْل ُقو َن ﴾ [يونس‪.]80:‬‬
‫‪ 8‬ـ وللمشورة‪ ﴿ :‬فَانظُْر َماذَا َت َرى ﴾ [الصافات‪.]102:‬‬
‫‪9‬ـ ولالعتبار‪ ﴿ :‬انظُُروا إلَى ثَ َم ِر ِه إذَا أَثْ َم َر ﴾ [األنعام‪.]99:‬‬
‫ب ا ْغ ِف ْر لِي ﴾ [األعراف‪.]151:‬‬ ‫‪01‬ـ وللدعاء‪َ ﴿ :‬ر ِّ‬
‫‪11‬ـ ولاللتم‪44 4‬اس‪ :‬مث‪44 4‬ل قول‪44 4‬ك لزميل‪44 4‬ك‪« :‬ن‪44 4‬اولني القلم»‪ ،‬إلى غ‪44 4‬ير ذل‪44 4‬ك من‬
‫المعاني المتنوعة‪.‬‬

‫تكرار المأمور به أو عدم تكراره‪:‬‬


‫في هذا البحث ثالث صور‪ :‬ألن األمر إما أن يقيد بما يفيد الوحدة أو بم‪44‬ا يفي‪44‬د‬
‫التكرار أو يكون خاليا عن القيد‪.‬‬
‫فاألول‪ :‬يحم‪4‬ل على م‪4‬ا قي‪4‬د ب‪4‬ه‪ ،‬والقي‪4‬د إم‪4‬ا ص‪4‬فة أو ش‪4‬رط‪ ،‬فالقي‪4‬د بص‪4‬فة كقول‪4‬ه‬
‫س‪4 4 4‬ا ِرقَةُ فَ ‪44 4‬اقْطَعُوا أَي ‪4ِ 4 4‬د ُيه َما ﴾ [المائ ‪44 4‬دة‪ ،]38:‬فكلم ‪44 4‬ا‬
‫س‪4 4 4‬ا ِر ُق َوال َّ‬
‫تع ‪44 4‬الى‪َ ﴿ :‬وال َّ‬
‫حص‪44‬لت الس‪44‬رقة وجب القط‪44‬ع‪ ،‬م‪44‬ا لم يكن تكراره‪4‬ا قبل‪4‬ه‪ ،‬والمقي‪4‬د كقول‪44‬ه ص‪4‬لى‬
‫اهلل عليه وسلم‪« :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول‪ »...‬إلخ‪.‬‬
‫َّاس ِح ُّج‬
‫ض ‪44‬ا كقول‪444‬ه تع ‪44‬الى‪َ ﴿ :‬ولِلَّ ِه َعلَى الن ِ‬
‫والث ‪44‬اني‪ :‬يحم‪444‬ل على م‪444‬ا قي‪444‬د ب‪444‬ه أي ً‬
‫اع إلَ ِيه َسبِيالً ﴾‬ ‫الْب ِ‬
‫يت َم ِن ْ‬
‫استَطَ َ‬ ‫َ‬

‫‪29‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫[ آل عمران‪ ،]79:‬وقد سئل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬أفي كل ع‪44‬ام ي‪44‬ا‬
‫رس ‪44‬ول اهلل؟ فأج ‪44‬اب بم ‪44‬ا ي ‪44‬دل على أن ‪44‬ه في العم ‪44‬ر م ‪44‬رة‪ ،‬فيحم ‪44‬ل في اآلي ‪44‬ة على‬
‫الوحدة لهذا القيد‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬وهو الخالي عن القيد ف‪44‬األكثرون على ع‪44‬دم إفادت‪44‬ه التك‪44‬رار ألن‪44‬ه لمطل‪44‬ق‬
‫إيج‪44‬اد الماهي‪44‬ة والم‪44‬رة الواح‪44‬دة تكفي في‪44‬ه فمثالً ل‪44‬و ق‪44‬ال ال‪44‬زوج لوكيل‪44‬ه‪« :‬طل‪44‬ق‬
‫زوج‪4‬تي» لم يمل‪4‬ك إال تطليق‪4‬ة واح‪4‬دة‪ ،‬ول‪4‬و أم‪4‬ر الس‪4‬يد عب‪4‬ده ب‪4‬دخول ال‪4‬دار مثالً‬
‫برأت ذمته بمرة واحدة ولم يحسن لومه وال توبيخه‪.‬‬

‫األمر المطلق يقتضي فعل المأمور به على الفور‪:‬‬


‫إذا وردت صيغة األمر خالي‪4‬ة مم‪44‬ا ي‪4‬دل على ف‪4‬ور أو ت‪44‬راخ اقتض‪4‬ت فع‪44‬ل الم‪4‬أمور‬
‫فورا في أول زمن اإلمكان لقيام األدلة على ذلك كقول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬و َس‪4‬ا ِرعُوا‬ ‫به ً‬
‫إلَى َم ْغ ِف‪4َ 4‬ر ٍة ِّمن َّربِّ ُك ْم ﴾ [آل عم‪44‬ران‪ ،]133:‬وقول‪44‬ه‪َ ﴿ :‬س ‪4‬ابُِقوا إلَى َم ْغ ِف‪4َ 4‬ر ٍة ِّمن‬
‫ات ﴾ [البق‪44 4‬رة‪،]148:‬‬ ‫َّربِّ ُكم ﴾ [الحدي‪44 4‬د‪ ،]21:‬وقول‪44 4‬ه‪ ﴿ :‬فَاس ‪4 4‬تَبِ ُقوا الْ َخ‪44 4‬ير ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫خ ‪44 4 4‬ير ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكمدح‪44 4 4 4‬ه المس‪44 4 4 4‬ارعين في قول‪44 4 4 4‬ه‪ ﴿ :‬أ ُْولَئِ‪َ 4 4 4 4‬‬
‫ات ﴾‬ ‫س ‪4 4 4 4‬ا ِرعُو َن في الْ َ‪َ 4‬‬‫‪4‬ك ي َ‬
‫[المؤمن ‪44‬ون‪ ،]61:‬ووج ‪44‬ه دالل ‪44‬ة ه ‪44‬ذه النص ‪44‬وص أن وض ‪44‬ع االس ‪44‬تباق والمس ‪44‬ابقة‬
‫والمسارعة للفورية‪.‬‬
‫‪4‬ك‬
‫وكذم اهلل تعالى إلبليس على عدم المب‪4‬ادرة بالس‪4‬جود بقول‪4‬ه تع‪4‬الى‪َ ﴿ :‬م‪4‬ا َمَن َع َ‬
‫‪4‬ك ﴾ [األع‪44‬راف‪ ،]12:‬أي في قول‪44‬ه‪َ ﴿ :‬وإ ْذ ُقلْنَ‪44‬ا لِل َْمالئِ َك‪4ِ 4‬ة‬ ‫أَالَّ تَ ْس ‪ُ 4‬ج َد إ ْذ أ ََم ْرتُ‪َ 4‬‬
‫يس ﴾ [البق ‪44‬رة‪ ،]34:‬ول ‪44‬و لم يكن األم ‪44‬ر للف ‪44‬ور‬ ‫آلدم فَس ‪4‬ج ُدوا إالَّ إبلِ‬
‫ْ َ‬ ‫ا ْس ‪ُ 4‬ج ُدوا َ َ َ َ‬
‫لما استحق الذم ويدل ل‪4‬ذلك من جه‪4‬ة اللغ‪4‬ة‪ :‬أن الس‪4‬يد ل‪4‬و أم‪44‬ر عب‪44‬ده فلم يمتث‪44‬ل‬
‫فعاقبه فاعتذر العبد بأن األمر على التراخي ـ لم يكن عذره مقبوالً عندهم‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وما استدل به الق‪44‬ائلون بأن‪44‬ه على ال‪44‬تراخي من ت‪4‬أخير الن‪44‬بي ص‪4‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‬
‫الحج إلى سنة عشر ـ مدفوع بكون النبي صلى اهلل عليه وسلم يحتمل أنه أخ‪44‬ره‬
‫ألغراض‪ 4‬منها‪ :‬كراهيته لمشاهدة ما كان المشركون يفعلونه في الحرم مم‪44‬ا في‪44‬ه‬
‫مخالف‪44‬ة للش‪44‬ريعة‪ ،‬فلم‪44‬ا أذن مؤذن‪44‬وه في الس‪44‬نة التاس‪44‬عة ب‪44‬براءة اهلل ورس‪44‬وله ص‪44‬لى‬
‫اهلل علي‪44 4‬ه وس‪44 4‬لم من المش‪44 4‬ركين ومنعهم من قرب‪44 4‬ان الح‪44 4‬رم وطه‪44 4‬ر اهلل مك‪44 4‬ة من‬
‫أدران الشرك ـ حج عليه الصالة والسالم‪.‬‬

‫من يدخل في خطاب التكليف ومن ال يدخل‪:‬‬


‫الناس على قسمين‪:‬‬
‫‪1‬ـ قس‪44‬م لم يكتم‪44‬ل إدراك‪44‬ه‪ :‬وذل‪4‬ك إم‪44‬ا لع‪44‬دم البل‪44‬وغ كالص‪44‬غير‪ 4‬أو لفق‪44‬دان العق‪44‬ل‬
‫كالمجنون‪ ،‬أو لتغطيته كالسكران أو لذهوله كالساهي‪.‬‬
‫‪2‬ـ قسم مكتمل اإلدراك‪ :‬وهو البالغ العاقل السالم من العوارض المتقدمة‪.‬‬
‫فالقس‪44‬م األول ال ي‪44‬دخل في نط‪44‬اق التكلي‪44‬ف وال يش‪44‬مله الخط‪44‬اب ب‪44‬دليل العق‪44‬ل‬
‫والنقل‪.‬‬
‫أ ـ أم‪44‬ا من جه‪44‬ة العق‪44‬ل فألن األم‪44‬ر يقتض‪44‬ي االمتث‪44‬ال ومن لم ي‪44‬درك أم‪4ً 4‬را ال يت‪44‬أتى‬
‫منه امتثاله‪.‬‬
‫ب ـ وأما من جهة النقل فلحديث‪« :‬رفع القلم عن ثالث‪ »...‬الحديث‪.‬‬
‫وال يعترض على هذا بتضمين ما أتلفه ألن ض‪44‬مان ح‪44‬ق الغ‪44‬ير يس‪44‬توي في‪44‬ه العاق‪44‬ل‬
‫وغير العاقل حتى لو أتلفته بهيمة لزم صاحبها ضمانه‪.‬‬
‫وأم‪44‬ا القس‪44‬م الث‪44‬اني‪ :‬فه‪44‬و إم‪44‬ا مس‪44‬لمون أو غ‪44‬ير مس‪44‬لمين‪ ،‬والخط‪44‬اب إم‪44‬ا بأص‪44‬ل‬
‫كالعقائد وإما بفرع كالصالة والصيام ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أ ـ فالخطاب بأصل يشملهما اتفاقًا‪.‬‬


‫ب ـ والخط ‪44‬اب بف ‪44‬رع في ‪44‬ه خالف والص ‪44‬حيح دخ ‪44‬ول الكف ‪44‬ار في ‪44‬ه كالمس ‪44‬لمين‪،‬‬
‫ومن أدلـة ذل‪4‬ك قولـه تع‪4‬الى عن الكف‪4‬ار‪َ ﴿ :‬م‪4‬ا َس‪4‬لَ َك ُك ْم فِي َس‪َ 4‬ق َر (‪ )42‬قَ‪44‬الُوا لَ ْم‬
‫‪4‬وض َم ‪4َ 4 4‬ع‬ ‫‪4‬ك نُط ِْعم ال ِْمس‪ِ 4 4 4‬‬ ‫ِّ‬ ‫‪4‬ك ِ‬
‫ين (‪َ )44‬و ُكنَّا نَ ُخ‪ُ 4 4‬‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫)‬ ‫‪43‬‬ ‫(‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬‫ص‬‫َ‬ ‫ْم‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫نَ ‪َ ُ 4 4‬‬
‫م‬
‫ب بِي‪4ْ 4‬وِم الـدِّي ِن ﴾ [الم‪44‬دثر‪ ،]46_42:‬ف‪44‬ذكروا من‬ ‫ين (‪َ )45‬و ُكنَّا نُ َك‪4ِّ 4‬ذ ُ‬
‫ِِ‬
‫الْ َخائض‪َ 4‬‬
‫أس ‪44‬باب تع ‪44‬ذيبهم‪ 4‬ت ‪44‬ركهم لم ‪44‬ا أم ‪44‬روا ب ‪44‬ه من الف ‪44‬روع‪ ،‬ك ‪44‬تركهم الص ‪44‬الة والزك ‪44‬اة‬
‫وارتك‪44 4‬ابهم لم‪44 4‬ا نه‪44 4‬وا عن‪44 4‬ه بخوض‪44 4‬هم م‪44 4‬ع الخائض‪44 4‬ين ولم يقتص‪44 4‬روا على ذك‪44 4‬ر‬
‫السبب األكبر وهو تكذيبهم بيوم الدين‪.‬‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬
‫ومنه‪44‬ا رجم‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم اليـهوديين‪ ،‬وكذلـك قولـه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬الذ َ‬
‫َك َفروا وص ُّدوا َعن سبِ ِ ِ‬
‫اب ﴾ [النحل‪.]88:‬‬ ‫يل اللَّه ِز ْدنَ ُ‬
‫اه ْم َع َذابًا َف ْو َق ال َْع َذ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫وكم ‪44‬ا أن الم‪444‬ؤمن يث ‪44‬اب على إيمان‪444‬ه وعلى امتثال‪444‬ه األوام‪444‬ر واجتن‪444‬اب الن‪444‬واهي‬
‫فكذلك الك‪4‬افر يع‪4‬اقب على ت‪4‬رك التوحي‪4‬د وعلى ارتك‪4‬اب الن‪4‬واهي وع‪4‬دم امتث‪4‬ال‬
‫األوامر‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫الـنـهـ ـي‪4‬‬
‫تعريف النهي‪:‬‬
‫النهي لغ‪44 4‬ة‪ :‬المن‪44 4‬ع‪ ،‬ومن‪44 4‬ه س‪44 4‬مي العق‪44 4‬ل «نهي‪44 4‬ة» ألن‪44 4‬ه ينهى ص‪44 4‬احبه ويمنع‪44 4‬ه من‬
‫الوقوع فيما ال يليق‪.‬‬
‫‪4‬طالحا‪ :‬طلب الك ‪44 4‬ف عن فع ‪44 4‬ل على س ‪44 4‬بيل االس ‪44 4‬تعالء‪ ،‬بغ ‪44 4‬ير ك ‪44 4‬ف‬
‫النهي اص ‪ً 4 4‬‬
‫ونحوها‪.‬‬
‫اط ِل ﴾ [النس‪44‬اء‪ ،]29:‬وقول‪44‬ه‪:‬‬ ‫مثاله قوله تعالى‪ ﴿ :‬ال تَأْ ُكلُوا أَموالَ ُكم بينَ ُكم بِالْب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ول َوتَ ُخونُ‪4‬وا أ ََمانَ‪4‬اتِ ُك ْم َوأَنتُ ْم َت ْعلَ ُم‪4‬و َن‬ ‫آمنُوا ال تَ ُخونُوا اللَّهَ َو َّ‬
‫الر ُس َ‬ ‫﴿ يا أ َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫َيها الذ َ‬
‫َ‬
‫﴾ [األنفال‪.]27:‬‬

‫صيغته‪:‬‬
‫«كل مضارع مجزوم بال»‪ ،‬وال ي‪44‬دخل في ذل‪44‬ك‪ :‬ك‪44‬ف‪ ،‬أو خ‪44‬ل‪ ،‬أو ذر‪ ،‬أو دع‬
‫‪4‬اهر اإلثْ ِم وب ِ‬
‫اطنَ ‪44‬هُ ﴾‬ ‫مم ‪44‬ا ج ‪44‬اء لطلب الك ‪44‬ف كم ‪44‬ا في قول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪ ﴿ :‬وذَروا ظَ ‪ِ 4‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫اه ْم ﴾ [األح ‪44 4 4‬زاب‪ ﴿ ،]48:‬فَ َخلُّوا َس‪4 4 4 4‬بِيلَ ُهم ﴾‬ ‫ع أَذَ ُ‬
‫[األنع ‪44 4 4‬ام‪َ ﴿ ،]120:‬و َد ْ‬
‫[التوبة‪ ]5 :‬ألنها وإن كانت تفيد طلب الكف إال أنها بصيغة األمر‪.‬‬

‫مقتضى النهي‪:‬‬
‫التح ‪44 4‬ريم حقيق ‪44 4‬ة باالتف ‪44 4‬اق لقول ‪44 4‬ه ص ‪44 4‬لى اهلل علي ‪44 4‬ه وس ‪44 4‬لم‪« :‬وم ‪44 4‬ا نهيتكم عن ‪44 4‬ه‬
‫فاجتنبوه»‪.‬‬

‫صيغ تفيد ما تفيده صيغة النهي‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ويلتح‪44 4‬ق بص‪44 4‬يغة النهي في إف‪44 4‬ادة التح‪44 4‬ريم‪ :‬التص‪44 4‬ريح‪ 4‬بلف‪44 4‬ظ التح‪44 4‬ريم‪ ،‬والنهي‬
‫والحظر والوعيد على الفعل‪ ،‬وذم الفاعل‪ ،‬وإيج‪44‬اب الكف‪44‬ارة بالفع‪44‬ل‪ ،‬وكلم‪44‬ة م‪44‬ا‬
‫كان لهم ك‪44‬ذا ولم يكن لهم‪ ،‬وك‪44‬ذا ت‪44‬رتيب الح‪44‬د على الفع‪44‬ل وكلم‪44‬ة «ال يح‪44‬ل»‬
‫ووصف الفعل بأنه فساد أو أنه من تزيين الشيطان وعمله‪ ،‬وأنه تع‪44‬الى ال يرض‪44‬اه‬
‫لعباده‪ ،‬وال يزكي فاعله‪ ،‬وال يكلمه وال ينظر إليه ونحو ذلك‪.‬‬

‫ورود صيغة النهي بغير التحريم‪:‬‬


‫‪1‬ـ ترد للكراهية كالنهي عن الشرب من فم القربة‪.‬‬
‫ربنَ‪44‬ا ال ُت َؤ ِ‪4‬‬
‫اخ ْذنَا إ ْن نَ ِس‪4‬ينَا أ َْو‬ ‫‪2‬ـ وت‪44‬رد لل‪44‬دعاء إن ك‪44‬ان من أدنى ألعلى مث‪44‬ل‪َّ ﴿ :‬‬
‫أَ ْخطَأنَا ﴾ [البقرة‪.]286:‬‬
‫‪3‬ـ وت ‪44 4‬رد لإلرش ‪44 4‬اد مث ‪44 4‬ل قول ‪44 4‬ه تع ‪44 4‬الى‪ ﴿ :‬ال تَ ْس‪4 4 4‬أَلُوا َع ْن أَ ْش‪َ 4 4 4‬‬
‫ياء إن ُت ْب‪َ 4 4 4‬د لَ ُك ْم‬
‫س ْؤ ُك ْم ﴾ [المائدة‪.]101:‬‬
‫تَ ُ‬
‫وعلى العم ‪44‬وم فإنه ‪44‬ا ت ‪44‬رد لكث ‪44‬ير مم ‪44‬ا ي ‪44‬رد ل ‪44‬ه األم ‪44‬ر غ ‪44‬ير أن األم ‪44‬ر لطلب الفع ‪44‬ل‬
‫والنهي لطلب الكف‪.‬‬

‫أحوال النهي‪:‬‬
‫أحوال النهي أربع‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يكون النهي عن شيء واحد فقط وهو الكثير ـ كالنهي عن الزنا مثالً‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يك‪44 4‬ون النهي عن الجم‪44 4‬ع بين متع‪44 4‬دد‪ ،‬وللمنهي أن يفع‪44 4‬ل أيه‪44 4‬ا ش‪444‬اء على‬
‫انف ‪44 4‬راده‪ ،‬ك ‪44 4‬الجمع بين األخ ‪44 4‬تين‪ ،‬والجم ‪44 4‬ع بين الم ‪44 4‬رأة وعمته ‪44 4‬ا‪ ،‬وبينه ‪44 4‬ا وبين‬
‫خالتها‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪3‬ـ أن يك ‪44‬ون النهي عن التفري ‪44‬ق بين ش ‪44‬يئين أو أك ‪44‬ثر دون الجم ‪44‬ع ك ‪44‬التفريق بين‬
‫مع‪44‬ا أو يحفيهم‪44‬ا‬
‫رجليه ينعل إحداهما دون األخرى‪ ،‬بل على المنهي أن ينعلهم‪44‬ا ً‬
‫معا‪.‬‬
‫ً‬
‫اجتماع‪44‬ا وافـتراقًا مـثل قـوله تـعالى‪َ ﴿ :‬وال تُ ِط ْ‪4‬ع‬
‫ً‬ ‫‪4‬ـ أن يك‪4‬ون المنهي عن متع‪4‬دد‬
‫‪4‬ورا ﴾ [اإلنس ‪44 4‬ان‪ ،]24:‬فال تج ‪44 4‬وز طاعتهم ‪44 4‬ا مجتمعين‪ 4‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن ُه ْ‪4‬م آث ًم‪44 4‬ا أ َْو َك ُف ‪ً 4 4‬‬
‫مفترقين‪4.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ ،‬ال تأكل السمك وتشرب اللبن‪ ،‬على ج‪44‬زم الفعلين‪ ،‬ف‪44‬إن النهي‬
‫منص‪44‬ب على األك‪44‬ل والش‪44‬رب اجتماع‪44‬ا وافتراقً‪44‬ا‪ ،‬ف‪44‬إذا نص‪44‬ب الث‪44‬اني ك‪44‬ان مث‪44‬االً‬
‫للحالة الثانية‪ ،‬وإذا رفع كان مثاالً للحالة األولى‪.‬‬

‫اقتضاء النهي فساد المنهي عنه‪:‬‬


‫المنهيات على قسمين‪:‬‬
‫‪1‬ـ قس‪44‬م منهي عن‪44‬ه ولم يتوج‪44‬ه إلي‪44‬ه طلب ق‪44‬ط مث‪44‬ل قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬وال َت ْق َربُ‪44‬وا‬
‫ال ‪4ِّ 4‬زنَى ﴾ [اإلس ‪44‬راء‪َ ﴿ ،]32:‬وا ْعبُ‪ُ 4 4‬دوا اللَّهَ َوال تُ ْش‪ِ 4 4‬ر ُكوا بِ ‪4ِ 4‬ه َش‪4 4‬يئًا ﴾ [النس ‪44‬اء‪:‬‬
‫‪.]36‬‬
‫قطع‪44‬ا وباط ‪44‬ل‬
‫وه ‪44‬ذا ه ‪44‬و المنهي عن ‪44‬ه لذات ‪44‬ه‪ ،‬أي‪ :‬لقبح ‪44‬ه في نفس ‪44‬ه‪ ،‬فه ‪44‬ذا‪ 4‬مح ‪44‬رم ً‬
‫لزوم‪44‬ا‪ ،‬وم‪44‬ا ت‪44‬رتب علي‪44‬ه باط‪44‬ل ك‪44‬ذلك‪ ،‬كالول‪44‬د من الزن‪44‬ا ال يلح‪44‬ق بأبي‪44‬ه‪ ،‬وعم‪44‬ل‬
‫ً‬
‫المشرك ال يثاب عليه‪.‬‬
‫‪2‬ـ وقسم منهي عنه من وجه‪ ،‬مع وجود أمر به من وجه آخ‪44‬ر وه‪44‬ذا القس‪44‬م على‬
‫ثالث صور‪:‬‬
‫أ ـ منهي عنه لصفته‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ب ـ منهي عنه ألمر الزم له‪.‬‬


‫جـ ـ منهي عنه ألمر خارج عنه‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫األمثلة على ما تقدم‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬المنهي عنه لصفته‪:‬‬
‫ضا‪.‬‬
‫أ ـ في العبادات‪ :‬نهي الحائض عن الصالة‪ ،‬ونهي السكران عنها أي ً‬
‫ب ـ في المعامالت‪ :‬النهي عن بيع المالقيح وذلك لجهالة البيع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المنهي عنه ألمر الزم له‪:‬‬


‫أ ـ في العبادات‪ :‬النهي عن الصوم يوم العيد‪ ،‬لما يلزمه من اإلعراض عن ض‪44‬يافة‬
‫اهلل في ذلك اليوم‪.‬‬
‫ب ـ في المعامالت‪ :‬النهي عن بيع العبد المسلم لكافر إذا لم يعتق عليه لما فيه‬
‫من والية الكافر على المسلم المبيع‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬المنهي عنه ألمر خارج عنه‪:‬‬


‫أ ـ في العب‪44 4 4‬ادات‪ :‬النهي عن الوض‪44 4 4‬وء بم‪44 4 4‬اء مغص‪44 4 4‬وب أو الص‪44 4 4‬الة في أرض‬
‫مغصوبة‪.‬‬
‫وبي‪44‬ان ك‪44‬ون النهي ألم‪44‬ر خ‪44‬ارج عن‪44‬ه‪ ،‬أن النهي ال لنفس الوض‪44‬وء ولكن ألن‪44‬ه ح‪44‬ق‬
‫للغير ال يج‪44‬وز اس‪44‬تعماله بغ‪44‬ير إذن فس‪44‬واء في‪44‬ه اإلتالف بوض‪44‬وء أو بإراق‪44‬ة أو غ‪44‬ير‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ويتض‪44‬ح ل‪4‬ك الف‪44‬رق بين المنهي عن‪44‬ه لذات‪44‬ه والمنهي عن‪44‬ه ألم‪44‬ر خ‪4‬ارج عن‪44‬ه ب‪44‬الفرق‬
‫بين الماء المتنجس والماء المغصوب‪.‬‬
‫ب ـ في المعامالت‪ :‬النهي عن البيع بعد النداء لصالة الجمعة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وبي‪44‬ان كون‪44‬ه ألم‪44‬ر خ‪44‬ارج عن‪44‬ه أن ال‪44‬بيع ق‪44‬د اس‪44‬توفى ش‪44‬روطه ولكن‪44‬ه مظن‪44‬ة لف‪44‬وات‬
‫الصالة كما أن فوات الصالة قد يكون لعدة أسباب أخرى‪.‬‬
‫والجمه‪44‬ور على أن النهي في ه‪44‬ذه الص‪44‬ورة ال يقتض‪44‬ي الفس‪44‬اد ألن نفس المنهي‬
‫عن‪44‬ه وه‪44‬و ال‪44‬بيع س‪44‬الم من مبط‪44‬ل والنهي ل‪44‬ذلك الخ‪44‬ارج‪ ،‬فالجه‪44‬ة منفك‪44‬ة أي جه‪44‬ة‬
‫صحة البيع عن جهة توجه النهي إليه‪.‬‬
‫وعند أحمد أن النهي يقتضي الفساد ألن النهي يقتضي العقاب والصحة تقتض‪44‬ي‬
‫الثواب فال يثاب ويعاقب في وقت واحد بسبب عمل واحد‪.‬‬

‫األدلة على اقتضاء النهي الفساد‪:‬‬


‫منها‪ :‬قوله عليه السالم في الحديث الصحيح‪« :‬من عمل عمالً ليس علي‪44‬ه أمرن‪44‬ا‬
‫‪4‬ردودا على فاعل‪44‬ه فكأن‪44‬ه لم يوج‪44‬د‪ ،‬وال‪44‬رد إذا‬
‫فه‪44‬و رد» أي‪ :‬م‪44‬ردود وم‪44‬ا ك‪44‬ان م‪ً 4‬‬
‫أض‪44‬يف إلى العب‪4‬ادات اقتض‪44‬ى ع‪44‬دم االعت‪44‬داد‪ 4‬به‪4‬ا وإذا أض‪44‬يف إلى العق‪44‬ود اقتض‪44‬ى‬
‫فسادها وعدم نفوذها‪.‬‬
‫‪4‬اعا من التم‪44‬ر الجي‪44‬د بص‪44‬اعين‬
‫ومنه‪44‬ا‪ :‬أم‪44‬ره ص‪4‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم حين اش‪44‬ترى ص ً‬
‫من الرديء برده وإعالمه بأن ذلك عين الربا‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن الصحابة كانوا يستدلون على الفس‪44‬اد ب‪44‬النهي كاس‪44‬تداللهم على فس‪44‬اد‬
‫عق ‪44‬ود الرب ‪44‬ا بقول ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم‪« :‬ال ت ‪44‬بيعوا ال ‪44‬ذهب بال ‪44‬ذهب إال مثالً‬
‫بمثل»وعلى فساد نكاح المحرم بالنهي عنه‪.‬‬

‫األمر والنهي بلفظ الخبر‪:‬‬


‫األمر والنهي بلفظ الخبر كاألمر والنهي بلفظ الطلب في جميع األحكام‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وإليك األمثلة على النوعين‪:‬‬


‫ص‪َ 4‬ن بِأَن ُف ِس‪ِ 4‬ه َّن ثَالثَ‪4‬ةَ‬ ‫أ ـ مثال األمر بلفظ الخبر‪ :‬قوله تع‪44‬الى ‪َ ﴿ :‬وال ُْمطَلَّ َق‪ُ 4‬‬
‫‪4‬ات َيت َربَّ ْ‬
‫الد ُه َّن َح‪4ْ 4 4‬ولَي ِن‬ ‫ات ير ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ض‪ْ 4 4 4‬ع َن أ َْو َ‬ ‫ُق ‪4ُ 4 4‬روء ﴾ [البق ‪44 4‬رة‪ ،]228:‬وقول ‪44 4‬ه‪َ ﴿ :‬وال َْوال ‪َ 4 4 4‬د ُ ْ‬
‫َك ِاملَي ِن ﴾ [البقرة‪.]233:‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬من مات وعليه صيام صام عنه وليه»‪.‬‬
‫س‪4‬و َق َوال ِ‪4‬ج َد َ‬
‫ال‬ ‫ث َوال فُ ُ‬
‫ب ـ ومث‪4‬ال النهي بلف‪4‬ظ الخ‪4‬بر‪ :‬قول‪4‬ه تع‪4‬الى‪ ﴿ :‬فَال َرفَ َ‬
‫ْح ِّج ﴾ [البق‪44 4 4‬رة‪ ]197:‬وقول‪44 4 4‬ه ص‪44 4 4‬لى اهلل علي‪44 4 4‬ه وس‪44 4 4‬لم‪« :‬ال ض‪44 4 4‬رر وال‬ ‫ِ‬
‫في ال َ‬
‫ض ‪44‬رار»وقول ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم في كتاب ‪44‬ه لعم ‪44‬رو بن ح ‪44‬زم‪« :‬وأن ال يمس‬
‫القرآن إال طاهر»‬

‫‪39‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫الـعـ ــام‬
‫تعريف العام‪:‬‬
‫هو في اللغة‪ :‬الشامل‪.‬‬
‫والعموم شمول أمر آلخر مطل ًقا‪.‬‬
‫وفي االص‪44‬طالح‪ :‬وه‪44‬و اللف‪44‬ظ المس‪44‬تغرق‪ 4‬لم‪44‬ا يص‪44‬لح ل‪44‬ه دفع‪44‬ة بوض‪44‬ع واح‪44‬د من‬
‫غير حصر‪.‬‬
‫فخ‪44‬رج بقولن‪44‬ا‪« :‬دفع‪44‬ة»‪ 4‬نح‪44‬و رج‪44‬ل‪ ،‬في س‪44‬ياق اإلثب‪44‬ات فإن‪44‬ه وإن ك‪44‬ان مس‪44‬تغرقًا‬
‫لجميع ما يصلح له إال أن هذا االستغراق على سبيل البداية ال دفعة واحدة‪.‬‬
‫وبقولنا‪« :‬بوضع واحد» المشترك مثل «القرء‪ 4‬والعين» فإنه بوضعين أو أكثر‪.‬‬
‫وبقولنا‪« :‬في غير حصر» أسماء األعداد كعش‪44‬رة ومائ‪44‬ة‪ ،‬وه‪44‬ذا عن‪44‬د من ال ي‪44‬رى‬
‫لفظ العدد من صيغ العموم‪.‬‬
‫صيغ العموم‪:‬‬
‫وللعموم ألفاظ دالة عليه تسمى صيغ العموم ومنها ما يأتي‪:‬‬
‫ت ﴾ [األنبي‪44‬اء‪ ،]35:‬وقول‪44‬ه‪:‬‬ ‫س ذَائَِق‪ 4‬ةُ الْم‪44‬و ِ‬
‫‪4‬ل َن ْف ٍ‬
‫‪1‬ـ كل‪ :‬مثل قوله تع‪4‬الى‪ُ ﴿ :‬ك‪ُّ 4‬‬
‫َْ‬
‫آم َن بِاللَّ ِه َو َمالئِ َكتِ ِه ﴾ [البقرة‪.]285:‬‬
‫﴿ ُكلٌّ َ‬
‫‪2‬ـ جميع‪ :‬مثل جاء القوم جميعهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ الجم‪44‬ع المع‪44‬رف ب‪44‬األلف والالم لغ‪44‬ير العه‪44‬د‪ :‬مث‪44‬ل‪ ﴿ :‬قَ ‪ْ 4‬د أَ ْفلَ َح ال ُْم ْؤ ِمنُ‪44‬و َن ﴾‬
‫الد ُك ْم ﴾‬‫ص‪4‬ي ُكم اللَّهُ فِي أَو ِ‬ ‫[المؤمنون‪ ،]1:‬وكذا المعرف باإلض‪44‬افة مث‪44‬ل‪ ﴿ :‬يو ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫[النساء‪.]11:‬‬
‫س‪4‬ا َن‬‫إن اإلن َ‬ ‫ص‪ِ 4‬ر (‪َّ )1‬‬ ‫‪4‬ـ المفرد‪ 4‬المعرف باأللف والالم لغير العهد‪ :‬مثل‪َ ﴿ :‬وال َْع ْ‬
‫لَِفي ُخس ‪ٍ 4‬ر (‪ )2‬إالَّ الَّ ِذين آمنُ‪44‬وا و َع ِملُ‪44‬وا ال َّ ِ ِ‬
‫ص ‪ْ 4‬وا‬ ‫ص ‪ْ 4‬وا بِ‪44‬ال َ‬
‫ْح ِّق َوَت َوا َ‬ ‫ص ‪4‬ال َحات َوَت َوا َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬

‫‪40‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫الص ْب ِر ﴾ [العص‪44‬ر‪1:‬ـ‪ ،]3‬وك‪44‬ذا المع‪44‬رف باإلض‪44‬افة‪َ ﴿ :‬وإن َتعُ‪4ُّ 4‬دوا نِ ْع َم‪ 4‬ةَ اللَّ ِه ال‬
‫بِ َّ‬
‫وها ﴾ [النحل‪.]18:‬‬
‫ص َ‬‫تُ ْح ُ‬
‫‪5‬ـ المث‪4‬نى المع‪4‬رف ب‪4‬أل‪ :‬مث‪4‬ل قول‪4‬ه ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم‪« :‬إذا التقى المس‪4‬لمان‬
‫بسيفيهما‪ »...‬فإنه يعم كل مسلمين‪.‬‬
‫‪6‬ـ ما‪ :‬وهي لما ال يعقل مثالها ـ موص‪44‬ولة ـ‪ :‬قول‪4‬ه تع‪4‬الى‪َ ﴿ :‬م‪4‬ا ِعن‪َ 4‬د ُك ْم ين َف‪ُ 4‬د َو َم‪4‬ا‬
‫اق ﴾ [النحل‪ ]96:‬ومثالها ـ ش‪4‬رطية ـ قول‪4‬ه تع‪4‬الى‪َ ﴿ :‬و َم‪4‬ا َت ْف َعلُ‪4‬وا ِم ْن‬ ‫ِعن َد اللَّ ِه ب ٍ‬
‫َ‬
‫َخي ٍر ْيعلَ ْمهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة‪.]197:‬‬
‫‪7‬ـ من‪ :‬وهي لمن يعق‪44‬ل‪ ،‬مثاله‪44‬ا ـ موص‪44‬ولة ـ قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬وال ُت ْؤ ِمنُ‪44‬وا إالَّ لِ َمن‬
‫‪4‬ل‬ ‫ِ ِ‬
‫تَب‪4َ 4‬ع دينَ ُك ْم ﴾ [آل عم‪44‬ران‪ ،]73:‬ومثاله‪44‬ا ـ ش‪44‬رطية ـ قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬فَ َمن ْيع َم‪ْ 4‬‬
‫ِم ْث َق َ‬
‫ال ذَ َّر ٍة َخ ًيرا َيرهُ ﴾ [الزلزلة‪.]7:‬‬
‫‪ _ 8‬متى‪ :‬للزمان المبهم ـ شرطية ـ مثل‪« :‬متى زرتني أكرمك»‪.‬‬
‫‪9‬ـ أين‪ :‬للمك‪44‬ان المبهم ـ ش‪44‬رطية ـ مث‪44‬ل‪ :‬قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬أَينَ َم‪44‬ا تَ ُكونُ‪44‬وا ي‪ْ 4‬د ِر ُّ‬
‫كك ُم‬
‫ت ﴾ [النساء‪.]78:‬‬
‫ال َْم ْو ُ‬
‫نصا في العموم وظاهرة فيه‪.‬‬
‫‪ _10‬النكرة في سياق النفي وتكون َّ‬

‫نصية النكرة في العموم وظهورها فيه‪:‬‬


‫صريحا في العموم في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫ً‬ ‫نصا‬
‫تكون النكرة في سياق النفي ًّ‬
‫‪1‬ـ إذا بنيت مع ال‪ ،‬نحو‪ :‬ال إله إال اهلل‪.‬‬
‫«من»‪ 4‬قبلها في ثالثة مواضع‪:‬‬‫«من» وتزاد ِ‬ ‫‪2‬ـ إذا زيدت قبلها ِ‬

‫‪4‬اهم ِّمن نَّ ِذي ٍر ِّمن َق ْبلِ‪َ 4 4 4‬‬


‫‪4‬ك لَ َعلَّ ُه ْم‬ ‫ِ ِ‬
‫أ ـ قب‪44 4 4‬ل الفاع‪44 4 4‬ل مث‪44 4 4‬ل‪ ﴿ :‬لتُن‪44 4 4‬ذ َر َق ْو ًم‪44 4 4‬ا َّما أَتَ‪ُ 4 4 4‬‬
‫يتَ َذ َّك ُرو َن ﴾ [القصص‪.]46:‬‬

‫‪41‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ك ِمن َّر ُس ٍ‬
‫ول ﴾ [األنبياء‪.]25:‬‬ ‫ب ـ قبل المفعول مثل‪َ ﴿ :‬و َما أ َْر َسلْنَا ِمن َق ْبلِ َ‬
‫اح ٌد ﴾ [المائدة‪.]73:‬‬ ‫جـ ـ قبل المبتدأ مثل‪ ﴿ :‬وما ِمن إلَ ٍه إالَّ إلَهٌ و ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ‬
‫‪3‬ـ النك‪44‬رة الالزم‪44‬ة للنفي‪ :‬مث‪44‬ل‪ :‬دي‪44‬ار‪ ،‬كم‪44‬ا في قول‪44‬ه تع‪44‬الى عن ن‪44‬وح‪ ﴿ :‬ال تَ‪َ 4‬ذ ْر‬
‫يارا ﴾ [نوح‪.]26:‬‬ ‫ض ِم َن الْ َكافِ ِر َ‪4‬‬
‫ين َد ً‬ ‫َعلَى األ َْر ِ‬
‫ص ‪4‬ا فيم‪44‬ا ع‪44‬دا ذل‪44‬ك ك‪44‬النكرة العامل‪44‬ة فيه‪44‬ا «ال» عم‪44‬ل ليس‪،‬‬ ‫وتك‪44‬ون ظ‪44‬اهرة ال ن ًّ‬
‫مثل قولك‪« :‬ال رجل في الدار»‪.‬‬

‫داللة اللفظ العام واستعماالته‪:‬‬


‫األص‪44‬ل في الع‪44‬ام أن تك‪44‬ون داللت‪44‬ه كلي‪44‬ة أي يك‪44‬ون الحكم في‪44‬ه على ك‪44‬ل ف‪44‬رد من‬
‫أف ‪44‬راده المتدرج ‪44‬ة تحت ‪44‬ه‪ ،‬وه ‪44‬ذا إن لم يدخل ‪44‬ه تخص ‪44‬يص ه ‪44‬و الع ‪44‬ام الب ‪44‬اقي على‬
‫عمومه‪ 4‬وهو قليل ومن أمثاله‪:‬‬
‫ض إالَّ َعلَى اللَّ ِه ِر ْز ُق َها ﴾ [هود‪.]6:‬‬ ‫‪1‬ـ قوله‪َ ﴿ :‬و َما ِمن َدابٍَّة فِي األ َْر ِ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫يم ﴾ [البقرة‪.]282:‬‬ ‫‪2‬ـ وقوله‪َ ﴿ :‬واللَّهُ ب ُك ِّل َشيء َعل ٌ‬
‫ت َعلَي ُك ْم أ َُّم َهاتُ ُك ْم ﴾ [النساء‪.]23:‬‬ ‫‪3‬ـ وقوله‪ُ ﴿ :‬ح ِّر َم ْ‬
‫‪4‬ردا من أف‪44 4‬راده‪ ،‬وه‪44 4‬ذا ه‪44 4‬و الع‪444‬ام الم‪44 4‬راد ب‪44 4‬ه‬
‫وق‪44 4‬د يطل‪44 4‬ق ويك‪44 4‬ون الم‪44 4‬راد ب‪44 4‬ه ف‪ً 4 4‬‬
‫َّاس ﴾ [آل عم‪44‬ران‪ ]173:‬على‬ ‫َّ ِ‬
‫‪4‬ال لَ ُه ُم الن ُ‬
‫ين قَ‪َ 4‬‬
‫الخصوص‪ ،‬كقوله تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬الذ َ‬
‫أن الم ‪44 4‬راد بالن ‪44 4‬اس خص ‪44 4‬وص نعيم بن مس ‪44 4‬عود‪ 4‬أو غ ‪44 4‬يره‪ ،‬وقول ‪44 4‬ه تع ‪44 4‬الى‪ ﴿ :‬أ َْم‬
‫ض‪4‬لِ ِه ﴾ [النس‪44‬اء‪ ،]54:‬على أن الم‪44‬راد‬ ‫اه ُم اللَّهُ ِمن فَ ْ‬
‫َّاس َعلَى َما آتَ ُ‬ ‫س ُدو َن الن َ‬
‫يح ُ‬
‫ْ‬
‫عاما ثم يدخل ‪44 4‬ه‬ ‫بالن ‪44 4‬اس هن ‪44 4‬ا رس ‪44 4‬ول اهلل ص ‪44 4‬لى اهلل علي ‪44 4‬ه وس ‪44 4‬لم وق ‪44 4‬د يطل ‪44 4‬ق ًّ‬
‫التخصيص‪ ،‬وهنا هو العام المخصوص‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬
‫‪4‬ات يتربَّص‪4 4‬ن بِأَن ُف ِس‪ِ 4‬ه َّن ثَالثَ‪4‬ةَ ُق‪44‬ر ٍ‬
‫وء ﴾ [البق‪44‬رة‪]228:‬‬ ‫ُ‬ ‫كقول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬وال ُْمطَلَّ َق‪َ ْ َ َ ُ 4‬‬
‫َجلُ ُه َّن أَن‬ ‫َح ‪4‬م ‪ِ 4‬‬
‫‪4‬ال أ َ‬ ‫الت األ ْ َ‬
‫فلف‪44 4‬ظ المطلق‪44 4‬ات ع‪44 4‬ام خص‪44 4‬ص بقول‪44 4‬ه تع‪44 4‬الى‪َ ﴿ :‬وأ ُْو ُ‬
‫ض ْع َ‪4‬ن َح ْملَ ُه َّن ﴾ [الطالق‪ ،]4:‬فجعل أجلهن وضع الحمل ال ثالثة قروء‪.‬‬ ‫يَ‬
‫عموم حكم الخطاب الخاص به صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫الخط‪44‬اب الخ‪44‬اص ب‪44‬النبي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم يتن‪44‬اول حكم‪44‬ه األم‪44‬ة إال إذا دل‬
‫على اختصاصه به‪.‬‬
‫ض ‪4‬ى َزي ‪ٌ 4‬د ِّم ْن َه‪44‬ا َوطَ‪4ً 4‬را َز َّو ْجنَا َك َه‪44‬ا لِ َكي ال‬ ‫ومن أدل‪44‬ة ذل‪44‬ك قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬فلَ َّما قَ َ‬
‫ض ‪ْ 4 4 4‬وا ِم ْن ُه َّن َوطَ‪4ً 4 4 4‬را ﴾‬
‫اج أَ ْد ِعي‪44 4 4‬ائِ ِه ْم إذَا قَ َ‬
‫ج فِي أَ ْز َو ِ‬ ‫ي ُك‪44 4 4‬و َن َعلَى ال ُْم‪4ْ 4 4 4‬ؤ ِمنِ َ‪4‬‬
‫ين َح‪4َ 4 4 4‬ر ٌ‬
‫ك ِمن ُد ِ‬
‫ون‬ ‫ص ‪4 4‬ةً لَّ َ‬ ‫ِ‬
‫[األح‪44 4‬زاب‪ ،]37:‬وقول‪44 4‬ه تع‪44 4‬الى في الواهب‪44 4‬ة نفس‪44 4‬ها‪َ ﴿ :‬خال َ‬
‫ين ﴾ [األح‪44‬زاب‪ ،]50:‬ول‪44‬و ك‪44‬ان حكم الخط‪44‬اب ب‪44‬ه يختص ب‪44‬ه لم يص‪44‬ح‬ ‫ال ُْم‪4ْ 4‬ؤ ِمنِ َ‪4‬‬
‫التعليل في اآلية األولى ولم يحتج إلى التخصيص في اآلية الثانية‪.‬‬

‫العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب‪:‬‬


‫إذا ورد لف ‪44‬ظ العم ‪44‬وم على س ‪44‬بب خ ‪44‬اص لم يس ‪44‬قط عموم ‪44‬ه س ‪44‬واء ك ‪44‬ان الس ‪44‬بب‬
‫س‪4‬ؤاالً أو غ‪4‬يره‪ ،‬كم‪4‬ا روي أن‪4‬ه ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم م‪4‬ر على ش‪4‬اة ميت‪4‬ة لميمون‪4‬ة‬
‫فق‪44‬ال‪« :‬أيم‪44‬ا إه‪44‬اب دب‪44‬غ فق‪44‬د طه‪44‬ر» وي‪44‬دل ل‪44‬ذلك أن الص‪44‬حابة ك‪44‬انوا يس‪44‬تدلون‬
‫بالعموميات الواردة في أسباب خاصة من غير خالف‪ ،‬وأص‪4‬رح األدل‪4‬ة في ذل‪4‬ك‬
‫ات ي‪ْ 4 4 4 4‬ذ ِه ْب َن‬
‫إن الْحس‪4 4 4 4‬نَ ِ‬
‫أن األنص ‪44 4 4‬اري ال ‪44 4 4‬ذي قبَّل األجنبي ‪44 4 4‬ة ون ‪44 4 4‬زلت في ‪44 4 4‬ه‪َ َ َّ ﴿ :‬‬
‫ات ﴾ [هود‪ ]114:‬سأل رسول اهلل ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم عن حكم ه‪44‬ذه‬ ‫السيئَ ِ‬
‫َّ‬
‫اآلية هل يختص به بقول‪44‬ه‪ :‬ألي ه‪44‬ذا وح‪44‬دي؟ فأجاب‪44‬ه الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‬
‫بما يدل على التعميم حيث قال‪« :‬بل ألمتي كلهم»‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ويوض‪44‬حه من جه‪44‬ة اللغ‪44‬ة‪ :‬أن الرج‪44‬ل ل‪44‬و ق‪44‬الت ل‪44‬ه زوجت‪44‬ه‪ :‬طلق‪44‬ني فطل‪44‬ق جمي‪44‬ع‬
‫نسائه وقع الطالق عليهن ولم يختص بالطالبة وحدها‪.‬‬

‫الحكم على المفرد بحكم العام ال يسقط عمومه‪:‬‬


‫إذا ذك‪44‬ر ع‪44‬ام محك‪44‬وم علي‪44‬ه بحكم ثم حكم ب‪44‬ذلك الحكم على بعض أف‪44‬راده لم‬
‫معا مثل‪َ ﴿ :‬تَن َّز ُل ال َْمالئِ َكةُ‬
‫يسقط به حكم العام خالفًا ألبي ثور‪ ،‬وسواء ذكرتا ً‬
‫وح ﴾ [الق ‪44‬در‪ ]4:‬أم ال مث ‪44‬ل ح ‪44‬ديث‪« :‬أيم ‪44‬ا إه ‪44‬اب دب ‪44‬غ فق ‪44‬د طه ‪44‬ر» م ‪44‬ع‬
‫َوال ‪4ُّ 4‬ر ُ‬
‫حديث مسلم أنه صلى اهلل عليه وس‪4‬لم م‪4‬ر بش‪4‬اة ميت‪4‬ة فق‪4‬ال‪« :‬هال أخ‪4‬ذتم إهابه‪4‬ا‬
‫فانتفعتم ب‪44‬ه» ومث‪44‬ل ح‪44‬ديث‪« :‬من وج‪44‬د متاع‪44‬ه عن‪44‬د رج‪44‬ل ق‪44‬د أفلس فه‪44‬و أح‪44‬ق ب‪44‬ه‬
‫من الغرم‪4‬اء»‪ ،‬ومث‪4‬ل ق‪4‬ول ج‪4‬ابر رض‪4‬ي اهلل عن‪4‬ه‪ :‬قض‪4‬ى رس‪4‬ول اهلل ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه‬
‫وس ‪44‬لم بالش ‪44‬فعة في ك ‪44‬ل ش ‪44‬يء‪ ،‬م ‪44‬ع ح ‪44‬ديث‪« :‬ف ‪44‬إذا وقعت الح ‪44‬دود وص ‪44‬رفت‬
‫الطرق فال شفعة»‪.‬‬
‫وفائ‪44‬دة الحكم على بعض الع‪44‬ام بحكم الع‪44‬ام قي‪44‬ل إنه‪44‬ا على احتم‪44‬ال إخراج‪44‬ه من‬
‫العام‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ما ينـزل منـزلة العموم‪:‬‬


‫اش‪44 4‬تهر بين األص‪44 4‬وليين فيم‪44 4‬ا ي‪44 4‬نزل منزل‪44 4‬ة العم‪44 4‬وم عب‪44 4‬ارة منس‪44 4‬جمة‪ 4‬تنس‪44 4‬ب إلى‬
‫الش‪44 4‬افعي رحم‪44 4‬ه اهلل ونص‪44 4‬ها‪« :‬ت‪44 4‬رك االستفص‪44 4‬ال في حكاي‪44 4‬ة الح‪44 4‬ال م‪44 4‬ع قي‪44 4‬ام‬
‫االحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ويحسن به االستدالل» ومن أمثل‪44‬ة ه‪44‬ذه‬
‫القاع ‪44 4‬دة قول ‪44 4‬ه ص ‪44 4‬لى اهلل علي ‪44 4‬ه وس ‪44 4‬لم لغيالن الثقفي وق ‪44 4‬د أس ‪44 4‬لم على عش ‪44 4‬رة‬
‫مع‪44‬ا أو‬
‫أربع‪44‬ا وف‪44‬ارق س‪4‬ائرهن» ولم يس‪44‬أله ه‪4‬ل عق‪44‬د عليهن ً‬
‫نس‪44‬وة‪«:‬أمس‪44‬ك منهن‪ً 4‬‬
‫على الترتيب فدل على عدم الفرق بين الحالين‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫الـخـ ــاص‬

‫تعريف الخاص‪:‬‬
‫الخ ‪44‬اص مقاب ‪44‬ل للع ‪44‬ام‪ ،‬ف ‪44‬إذا ك ‪44‬ان الع ‪44‬ام يتن ‪44‬اول أك ‪44‬ثر من واح ‪44‬د بال حص ‪44‬ر ف ‪44‬إن‬
‫الخاص ال يتناول سوى واحد كزي‪44‬د مثالً أو يتن‪44‬اول أك‪44‬ثر من‪44‬ه ولكن‪44‬ه على س‪44‬بيل‬
‫الحصر‪ ،‬كاثنين أو خمسة أو مائة ألنه خاص بهذا العدد‪ ،‬ومنه النكرة في سياق‬
‫‪4‬الحا‬
‫اإلثب‪44‬ات كقول‪44‬ك‪ :‬رأيت رجالً في ال‪44‬بيت أو اعتن‪44‬ق عب‪ً 4‬دا‪ ،‬فإن‪44‬ه وإن ك‪44‬ان ص‪ً 4‬‬
‫لكل رجل‪ ،‬وصادقًا ب‪4‬أي عب‪44‬د إال أن‪44‬ه عملي‪4‬ا ال يص‪44‬دق إال بف‪4‬رد واح‪4‬د يختص ب‪4‬ه‬
‫ألنه بمعنى‪ :‬رأيت رجالً واح ًدا واعتنق عب ًدا واح ًدا‪.‬‬

‫التخصيص‪:‬‬
‫تعريف التخصيص‪:‬‬
‫لغة‪ :‬اإلفراد‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬قصر المقام على بعض أفراده لدليل يدل على ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫‪4‬ورا على بعض أف‪44‬راده ب‪44‬إخراج البعض اآلخ‪44‬ر‬
‫أي جعل الحكم الث‪44‬ابت للع‪44‬ام مقص‪ً 4‬‬
‫ضا‪.‬‬
‫عنه وقد يكون التخصيص قصر المتعدد‪ 4‬على بعض أفراده أي ً‬
‫األمثلة‪:‬‬
‫ص ‪4‬ي ُكم اللَّهُ فِي أَو ِ‬
‫الد ُك ْم ﴾ [النس‪44‬اء‪،]11:‬‬ ‫أ ـ قص‪44‬ر الع‪44‬ام‪ :‬كقول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬يو ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫فه‪44‬ذا ع‪44‬ام في جمي‪44‬ع أوالد المخ‪44‬اطبين وع‪44‬ام في ك‪44‬ل ول‪44‬د‪ ،‬فخص األول بقول‪44‬ه‬
‫صلى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬إن‪44‬ا معاش‪44‬ر األنبي‪44‬اء ال ن‪44‬ورث» ف‪44‬أخرج أوالد األنبي‪44‬اء من‬
‫عموم أوالد المخاطبين‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وق‪44‬ال ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬ال ي‪44‬رث المس‪44‬لم الك‪44‬افر‪ »...‬فخص عم‪44‬وم ك‪44‬ل‬
‫ولد بإخراج الولد الكافر‪.‬‬
‫ب ـ مث‪4‬ال قص‪4‬ر‪ 4‬المتع‪4‬دد‪ :‬كقول‪4‬ك مثالً‪ :‬ل‪4‬ه علي عش‪4‬رة دن‪4‬انير إال ثالث‪4‬ة ف‪4‬إن في‪4‬ه‬
‫قصر الدين على سبعة فقط‪.‬‬
‫فتحصل في هذا أمران‪:‬‬
‫‪1‬ـ عام أو متعدد‪ ،‬أخرج منه البعض‪ ،‬فهو العام المخصوص المتقدم ذكره‪.‬‬
‫‪2‬ـ دال على اإلخراج‪ ،‬فهو المخصص‪ 4‬ـ باسم الفاع‪44‬ل ـ كالح‪44‬ديثين‪ 4‬الم‪44‬ذكورين‪،‬‬
‫واالستثناء في األخير‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫المخصصات‪:‬‬
‫المخصص العام على قسمين‪ :‬متصل ومنفصل‪.‬‬
‫دائما‪.‬‬
‫األول‪ :‬هو ما ال يستقل بنفسه بل يتعلق معناه باللفظ فهو مقارن له ً‬
‫الثاني‪ :‬هو ما استقل بنفسه وال ارتباط له في الذكر مع العام من لفظ أو غيره‪.‬‬

‫المخصصات المتصلة‪:‬‬
‫وهي خمسة أشياء‪:‬‬
‫‪1‬ـ االستثناء‪.‬‬
‫‪2‬ـ الشروط‪.‬‬
‫‪3‬ـ الصفة‪.‬‬
‫‪4‬ـ الغاية‪.‬‬
‫‪5‬ـ بدل البعض‪.‬‬

‫التخصيص باالستثناء‪:‬‬
‫تعريفه‪ :‬هو إخراج البعض بأداة «إالَّ» أو ما يقوم مقامها‪.‬‬
‫وهو قسمان‪ :‬متصل ومنقطع‪.‬‬
‫ض ‪4‬ا من المس‪44‬تثنى من‪44‬ه كقول‪44‬ه تع‪44‬الى في‬ ‫‪1‬ـ فالمتص‪44‬ل‪ :‬م‪44‬ا ك‪44‬ان في‪44‬ه المس‪44‬تثنى بع ً‬
‫‪4‬ف َس ‪4 4 4‬نَ ٍة إالَّ َخ ْم ِس ‪4َ 4 4 4‬‬
‫ين َع ًام‪44 4 4‬ا ﴾‬ ‫ث فِي ِه ْم أَلْ‪َ 4 4 4‬‬
‫ش‪44 4 4‬أن ن‪44 4 4‬وح علي‪44 4 4‬ه الس‪44 4 4‬الم‪َ ﴿ :‬فلَبِ َ‬
‫[العنكبوت‪ ]14:‬وهذا القسم هو المقصود باتفاق‪.‬‬
‫ض ‪4‬ا من المس‪44‬تثنى من‪44‬ه نح‪44‬و‪ :‬ل‪44‬ه علي‬
‫‪2‬ـ والمنقط‪44‬ع‪ :‬م‪44‬ا لم يكن في‪44‬ه المس‪44‬تثنى بع ً‬
‫عشرة دنانير إال كتابًا‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وفي التخص‪44‬يص به‪44‬ذا الن‪44‬وع خالف وعلى الق‪44‬ول ب‪44‬ه كم‪44‬ا عن‪44‬د المالكي‪44‬ة يحت‪44‬اج‬
‫إلى التأوي‪44 4‬ل أي إال قيم‪44 4‬ة الكت‪44 4‬اب‪ ،‬فيك‪44 4‬ون المخ‪44 4‬رج من العش‪44 4‬رة دن‪44 4‬انير قيم‪44 4‬ة‬
‫الكتاب فكأنه يعود عمليا إلى النوع األول‪.‬‬

‫شروط صحة االستثناء‪:‬‬


‫ولصحة التخصيص باالستثناء شروط منها‪:‬‬
‫ظلما عند المالكية‪.‬‬
‫‪1‬ـ أن يكون ملفوظًا يسمع ال بمجرد‪ 4‬النية‪ ،‬إال في يمين ً‬
‫‪2‬ـ أن يكون متصالً بما قبل‪4‬ه لفظً‪4‬ا في الع‪4‬رف‪ ،‬فال يض‪4‬ر فص‪4‬له بتنفس أو عط‪4‬اس‬
‫خالفًا البن عباس إذ أجاز فصله مطل ًقا‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن ال يس‪44‬تغرق المس‪44‬تثنى من‪44‬ه كخمس‪44‬ة إال خمس‪44‬ة ألن‪44‬ه يع‪44‬د لغ‪4ً 4‬وا أو أك‪44‬ثر من‬
‫النصف عند الحنابلة كخمسة إال ثالثة ألن االستثناء إلخراج القليل‪.‬‬

‫وحاصل الخالف في الشرط األخير كاآلتي‪:‬‬


‫‪1‬ـ أن يكون المستثنى أقل مما بقي كخمسة إال اثنين فهذا‪ 4‬صحيح باإلجماع‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يكون المستثنى مستغرقًا لجميع المس‪44‬تثنى من‪44‬ه كخمس‪44‬ة إال خمس‪44‬ة وه‪44‬ذا‬
‫باطل عند األكثر خالفًا البن طلحة األندلسي‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن يكون المستثنى أكثر مما بقي كخمسة إال أربعة وهو جائز عند الجمهور‬
‫ممنوع عند الحنابلة‪.‬‬

‫ورود االستثناء بعد جمل متعاطفة‪:‬‬

‫‪49‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ص ‪4 4 4‬نَات ثُ َّم لَ ْم ي ‪4 4 4‬أْتُوا بأ َْر َب َع‪44 4 4‬ة ُش ‪َ 4 4 4‬ه َد َ‬
‫اء‬ ‫ين ْير ُم‪44 4 4‬و َن ال ُْم ْح َ‬
‫ق‪44 4 4‬ال اهلل تع‪44 4 4‬الى‪َ ﴿ :‬والذ َ‬
‫‪4‬ك ُه ُم الْ َفا ِس‪ُ 4‬قو َن (‪)4‬‬ ‫ادةً أَبَ‪ً 4‬دا َوأ ُْولَئِ َ‬
‫ين َج ْل َدةً َوال َت ْقَبلُ‪4‬وا لَ ُه ْم َش‪َ 4‬ه َ‬ ‫ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫وه ْم ثَ َمان َ‬
‫اجل ُد ُ‬‫ْ‬
‫إن اللَّه غَ ُف ِ‬ ‫ين تَابُوا ِم ْن َب ْع ِد َذلِ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫يم ﴾ [النور‪.]5،4:‬‬ ‫ور َّرح ٌ‬ ‫َصلَ ُحوا فَ َّ َ ٌ‬ ‫ك َوأ ْ‬ ‫إالَّ الذ َ‬

‫فقد ورد االستثناء في هذه اآلية بعد ثالث جمل‪:‬‬


‫‪1‬ـ جملة األمر بالجلد‪.‬‬
‫‪2‬ـ جملة النهي عن قبول الشهادة منهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ جملة الحكم عليهم بالفسق‪.‬‬
‫فهل يعود االستثناء إلى الجميع أو إلى الجملة األخيرة فقط‪ ،‬خالف‪.‬‬
‫أ ـ ف ‪44‬الجمهور على أن ‪44‬ه يع ‪44‬ود إلى الجمي ‪44‬ع ألن ‪44‬ه الظ ‪44‬اهر م ‪44‬ا لم ي ‪44‬دل دلي ‪44‬ل على‬
‫خالف ذلك فال يصح رجوعه إلى جملة الجلد في هذه اآلية مثالً‪.‬‬
‫ب ـ وأبو حنيفة على أنه يعود إلى الجملة األخيرة فقط ألنه المتيقن‪.‬‬
‫ض ‪4‬ا نح‪44‬و‪ :‬تص ‪44‬دق على الفق ‪44‬راء‬
‫ومثل‪44‬ه ورود االس ‪44‬تثناء بع‪44‬د مف‪44‬ردات متعاطف‪44‬ة أي ً‬
‫والمساكين والغارمين إال الفسقة‪ 4‬منهم‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫التخصيص بالشرط‪:‬‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫الم‪44‬راد بالش‪44‬رط هن‪44‬ا‪ :‬الش‪44‬رط اللغ‪44‬وي وه‪44‬و المع‪44‬روف بتعلي‪44‬ق أم‪44‬ر ب‪44‬أمر‪ ،‬وأدوات‪44‬ه‬
‫كثيرة منها‪« :‬إن وإذا» مثل‪« :‬إن نجح زيد فأعطه جائزة»‪.‬‬
‫ووج‪44‬ه التخص‪44‬يص بالش‪44‬رط في المث‪44‬ال المتق‪44‬دم‪ :‬أن‪44‬ه يخ‪44‬رج من الكالم ح‪44‬االً من‬
‫أح‪44‬وال زي‪44‬د وهي ع‪44‬دم نجاح‪44‬ه ول‪44‬وال الش‪44‬رط ل‪44‬وجب إعط‪44‬اؤه الج‪44‬ائزة على ك‪44‬ل‬
‫حال‪.‬‬
‫‪4‬اح أَن‬ ‫ِ‬ ‫ض‪4 4‬ربتُم فِ‬
‫يس َعلَي ُك ْم ُجنَ ‪ٌ 4‬‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ل‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ض‬ ‫َر‬
‫ْ‬ ‫أل‬‫ا‬ ‫ي‬ ‫وق ‪44‬د ج ‪44‬اء في قول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪َ ﴿ :‬وإذَا َ َ ْ ْ‬
‫الة ﴾ [النساء‪ ]101:‬تعليق قصر الصالة على حصول الشرط‬ ‫الص ِ‬ ‫ص ُروا ِم َن َّ‬
‫َت ْق ُ‬
‫وسفرا‪ ،‬لكن‪44‬ه‬
‫حضرا ً‬ ‫وهو الضرب في األرض‪ ،‬ولوال الشرط لجاز القصر مطل ًقا ً‬
‫خص بحال ‪44‬ة الس ‪44‬فر‪ ،‬ويش ‪44‬ترط للتخص ‪44‬يص بالش ‪44‬رط أن يتص ‪44‬ل بالمش ‪44‬روط لفظً ‪44‬ا‬
‫كما في االستثناء‪.‬‬

‫التخصيص بالصفة‪:‬‬
‫والم‪44‬راد بالص‪44‬فة‪ :‬الص‪44‬فة المعنوي‪44‬ة‪ ،‬ال النعت المع‪44‬روف في علم النح‪44‬و‪ ،‬فتش‪44‬مل‬
‫الحال والظرف والتمييز وغيرها‪.‬‬
‫والغ‪44‬الب في الص‪44‬فة أن تجيء مخصص ‪4‬ة‪ 4‬للموص‪44‬وف قبله‪44‬ا وربم‪44‬ا تق‪44‬دمت علي‪44‬ه‬
‫كما في إضافة الصفة إلى الموصوف‪.‬‬
‫ووج ‪44‬ه التخص ‪44‬يص بالص ‪44‬فة‪ :‬أنه ‪44‬ا تقص ‪44‬ر الحكم على م ‪44‬ا تص ‪44‬دق علي ‪44‬ه وتخ ‪44‬رج‬
‫مفهومها عن نطاق الحكم إذا كان لها مفهوم معتبر‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أ ـ فمثالً‪ :‬اقرأ الكتب النافعة في البيت‪ ،‬فإن قولك لصديقك‪ :‬اقرأ الكتب‪ ،‬ع‪44‬ام‬
‫في ك‪44 4‬ل كت‪44 4‬اب ولكن الوص‪44 4‬ف ب‪44 4‬النفع قص‪44 4‬ر حكم الق‪44 4‬راءة على الن‪44 4‬افع منه‪44 4‬ا‬
‫وأخرج ما عدا ذلك‪.‬‬
‫ب ـ وك ‪44‬ذلك‪« :‬اق ‪44‬رأ الكتب» ع ‪44‬ام في ك ‪44‬ل مك ‪44‬ان ولكن قول ‪44‬ك‪« :‬في ال ‪44‬بيت»‬
‫قصر القراءة في مكان دون غيره‪.‬‬
‫جـ ـ وقول‪44‬ك‪« :‬إذا حض‪44‬رت مبك‪4ً 4‬را أدركت ال‪44‬درس األول» فحض‪44‬رت ع‪44‬ام في‬
‫ومبكرا تخصيص له‪ ،‬ومن أمثلة التخصيص بالصفة قوله تع‪4‬الى‪:‬‬ ‫ً‬ ‫جميع األحوال‪،‬‬
‫ات الْم ْؤ ِمنَ ‪ِ 4‬‬
‫‪4‬ات فَ ِمن َّما َملَ َك ْ‬ ‫ِ‬
‫ينكح الْم ْحص ‪4‬نَ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت‬ ‫ُ‬ ‫﴿ َو َمن لَّ ْم ي ْس ‪4‬تَط ْع من ُك ْم طَ ‪4ْ 4‬والً أَن َ ُ َ‬
‫‪4‬ات ﴾ [النس‪44 4‬اء‪ ،]25:‬فلفظ‪44 4‬ة «فتي‪44 4‬اتكم» عام‪44 4‬ة‬ ‫َيم ‪44‬انُ ُكم ِّمن َفتَي‪44 4‬اتِ ُكم الْم ْؤ ِمنَ‪ِ 4 4‬‬
‫أ َ‪4‬‬
‫ُ ُ‬
‫خصصتها الصفة بالمؤمنات‪.‬‬
‫شرط التخص‪44‬يص بالص‪44‬فة‪ :‬ويش‪44‬ترط ل‪44‬ذلك أن تك‪44‬ون الص‪44‬فة متص‪44‬لة بالموص‪44‬وف‬
‫لفظًا كما في الشرط واالستثناء‪.‬‬

‫التخصيص بالغاية‪:‬‬
‫غاية الشيء‪ :‬نهايته وله‪44‬ا أدوات دال‪44‬ة عليه‪44‬ا هي‪ :‬إلى وح‪44‬تى‪ ،‬وهي ال‪44‬تي يتق‪44‬دمها‬
‫عموم يشمل ما بعدها ألنها تخرج ما بعدها من عموم ما قبلها‪.‬‬
‫ْيوِم ِ‪4‬‬
‫اآلخ‪ِ 4 4‬ر َوال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ال ْيؤمنُ ‪44 4‬و َن بِاللَّه َوال بِ ‪44 4‬ال ْ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫مثاله ‪44 4‬ا‪ :‬ق ‪44 4‬ال تع ‪44 4‬الى‪ ﴿ :‬قَ ‪44 4‬اتلُوا الذ َ‬
‫‪4‬اب‬ ‫ِ‬ ‫يح ِّرم‪44‬و َن م‪44‬ا ح‪4َّ 4‬رم اللَّهُ ورس ‪4‬ولُهُ وال ي‪4ِ 4‬دينُو َن ِدين الْح‪ِ َّ ِ ِّ 4‬‬
‫ين أُوتُ‪44‬وا الْكتَ‪َ 4‬‬
‫‪4‬ق م َن الذ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ ََ ُ َ‬
‫اغ ُرو َن ﴾ [التوبة‪.]29:‬‬ ‫يد وهم ص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َحتَّى ْيعطُوا الْج ْزيةَ َعن َ ُ ْ َ‬
‫فإن ما قبل الغاية وهو األمر بقتالهم عام يشمل كل أح‪44‬والهم‪ ،‬فل‪44‬وال التخص‪44‬يص‬
‫بالغاية لكنا مأمورين بقتالهم سواء أعطوا الجزية أم لم يعطوها‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫التخصيص ببدل البعض‪:‬‬


‫إذا قلت‪« :‬أكرم القوم العلماء منهم» فقد أبدلت عم‪4‬وم الق‪4‬وم وجعلت اإلك‪4‬رام‬
‫خاصا بهم فهذا البدل مخصص عند البعض وهو الصحيح‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫اع إلَ ِيه َس‪4‬بِيالً ﴾‬ ‫َّاس ِح ُّج الْب ِ‬
‫يت َم ِن ْ‬
‫استَطَ َ‬ ‫ومن أمثلته قوله تعالى‪َ ﴿ :‬ولِلَّ ِه َعلَى الن ِ‬
‫َ‬
‫[آل عم‪44‬ران‪ ]97:‬فلف‪44‬ظ الن‪44‬اس ع‪44‬ام يش‪44‬مل المس‪44‬تطيع وغ‪44‬ير المس‪44‬تطيع‪ ،‬فلم‪44‬ا‬
‫ذكر بعده بدل البعض خصصه بالمستطيع‪.‬‬

‫المخصصات المنفصلة‪:‬‬
‫تقدم تعريف المخصص المنفصل وهو أقسام نذكر بعضها فيما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬التخصيص بالنص عن الكتاب أو السنة وهو‪:‬‬


‫ص ‪َ 4 4‬ن‬ ‫أ ـ إم‪444‬ا آي‪44 4‬ة تخص‪44 4‬ص عم‪44 4‬وم آي‪44 4‬ة‪ :‬مث‪44 4‬ل قول‪444‬ه تع‪444‬الى‪َ ﴿ :‬وال ُْمطَلَّ َق‪ُ 44‬‬
‫‪4‬ات َيت َربَّ ْ‬
‫وء ﴾ [البق ‪44‬رة‪ ]228:‬خص ‪44‬ص من ‪44‬ه أوالت األحم ‪44‬ال بقول ‪44‬ه‬ ‫بِأَن ُف ِس‪ِ 4 4‬ه َّن ثَالثَ‪4 4‬ةَ ُق ‪44‬ر ٍ‬
‫ُ‬
‫ض ‪ْ 4 4‬ع َن َح ْملَ ُه َّن ﴾ [الطالق‪ ]4:‬وخص‬ ‫َجلُ ُه َّن أَن ي َ‬ ‫َح ‪4‬م ‪ِ 4‬‬
‫‪4‬ال أ َ‬ ‫الت األ ْ َ‬ ‫تع‪44 4‬الى‪َ ﴿ :‬وأ ُْو ُ‬
‫آمنُوا إذَا نَ َك ْحتُ ُم‬ ‫ضا المطلقات قبل المسيس بقوله تعالى‪ ﴿ :‬يا أ َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫َيها الذ َ‬ ‫َ‬ ‫منه أي ً‬
‫وه َّن فَ َم‪44 4 4‬ا لَ ُك ْم َعلَي ِه َّن ِمن ِع‪4َّ 4 4 4‬د ٍة‬ ‫‪4‬وه َّن ِمن َق ْب‪4ِ 4 4 4‬ل أَن تَ َم ُّ‬
‫س‪ُ 444‬‬ ‫الْم ْؤ ِمنَ‪ِ 4 4 4‬‬
‫‪4‬ات ثُ َّم طَلَّ ْقتُ ُم‪ُ 4 4 4‬‬ ‫ُ‬
‫َت ْعتَ ُّدو َن َها ﴾ [األحزاب‪.]49:‬‬
‫ت َعلَي ُك ُم‬ ‫ب ـ وإم ‪44‬ا ح ‪44‬ديث يخص ‪44‬ص عم ‪44‬وم آي ‪44‬ة‪ :‬مث ‪44‬ل قول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪ُ ﴿ :‬ح‪4ِّ 4‬ر َم ْ‬
‫ال َْميتَةُ ﴾ [المائدة‪ ]3:‬خص من‪44‬ه الس‪44‬مك والج‪44‬راد بقول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪:‬‬
‫«أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان‪ :‬فالجراد والحوت» ومثل قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪﴿ :‬‬

‫‪53‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫اء فِي ال َْم ِح ِ‬


‫يض َوال‬ ‫س‪َ 4 4 4 4‬‬ ‫ك َع ِن ال َْم ِح ِ‬
‫يض قُ ‪4ْ 4 4 4‬ل ُه‪4َ 4 4 4‬و أَذًى فَ ‪44 4 4‬ا ْعتَ ِزلُوا النِّ َ‬ ‫َوي ْس‪4 4 4 4‬أَلُونَ َ‬
‫‪4‬وه َّن َحتَّى يط ُْه‪4ْ 4‬ر َن ﴾ [البق‪44‬رة‪ ]222:‬خص بم‪44‬ا روي عن عائش‪44‬ة وأم س‪44‬لمة‬
‫َت ْق َربُ‪ُ 4‬‬
‫أنه صلى اهلل عليه وسلم ك‪44‬ان ي‪4‬أمر بعض أزواج‪44‬ه أن تش‪44‬د إزاره‪4‬ا فيباش‪44‬رها وهي‬
‫حائض‪.‬‬
‫جـ ـ وإما آية تخصص عم‪4‬وم ح‪4‬ديث‪ :‬مث‪4‬ل قول‪4‬ه ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم‪« :‬م‪4‬ا أبين‬
‫َص َوافِ َها َوأ َْوبَا ِر َها َوأَ ْش َعا ِر َها أَثَاثً‪44‬ا‬ ‫ِ‬
‫من حي فهو ميت» خص بقوله تعالى‪َ ﴿ :‬وم ْن أ ْ‬
‫اع‪44‬ا إلَى ِحي ٍن ﴾ [النح‪44‬ل‪ ]80:‬ومث‪44‬ل قول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬إذا التقى‬ ‫َو َمتَ ً‬
‫المسلمان بس‪44‬يفيهما فالقات‪4‬ل والمقت‪44‬ول في الن‪4‬ار» خص بقول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬ف َق‪44‬اتِلُوا‬
‫يء إلَى أ َْم ِر اللَّ ِه ﴾ [الحجرات‪.]9:‬‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬
‫التي َت ْبغي َحتَّى تَف َ‬
‫د ـ وإما حديث يخصص عموم حديث‪ :‬مث‪44‬ل قول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬فيم‪44‬ا‬
‫س‪444‬قت الس‪444‬ماء العش‪444‬ر»‪ 4‬خص بقول‪444‬ه ص‪444‬لى اهلل علي‪444‬ه وس‪444‬لم‪« :‬ليس فيم‪444‬ا دون‬
‫خمسة أوسق صدقة»‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلجماع ‪:‬‬


‫الد ُك ْم لِل‪4َّ 44‬ذ َك ِر ِمثْ ‪44‬ل َح‪ِّ 44‬‬
‫‪4‬ظ األُنثَ ‪44‬يي ِن ﴾‬ ‫ص ‪44‬ي ُكم اللَّهُ فِي أَو ِ‬
‫ْ‬
‫مث‪444‬ل قول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪ ﴿ :‬يو ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫[النس‪44 4‬اء‪ ]11:‬خص من‪44 4‬ه الول‪44 4‬د الرفي‪44 4‬ق باإلجم‪44 4‬اع ومن‪44 4‬ه تخص‪44 4‬يص العموم‪44 4‬ات‬
‫المانعة من الغرر باإلجماع على جواز المضاربة‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬القياس‪:‬‬
‫اح ٍد ِّم ْن ُه َم‪44‬ا ِمائَ ‪4‬ةَ َج ْل ‪َ 4‬د ٍة ﴾‬
‫‪4‬ل َو ِ ‪4‬‬
‫اجلِ ‪ُ 4‬دوا ُك‪َّ 4‬‬
‫الزانِي ‪4‬ةُ َوال‪4َّ 4‬زانِي فَ ْ‬
‫مث‪44‬ل قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َّ ﴿ :‬‬
‫[الن‪44‬ور‪ ]2:‬ف‪44‬إن عم‪44‬وم الزاني‪44‬ة خص ب‪44‬النص وه‪44‬و قول‪44‬ه تع‪44‬الى في اإلم‪44‬اء‪ ﴿ :‬فَ‪44‬إ ْن‬

‫‪54‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ات ِم َن ال َْع ‪َ 4‬ذ ِ‬


‫اب ﴾ [النس‪44‬اء‪]25:‬‬ ‫ف م‪44‬ا َعلَى الْم ْحص ‪4‬نَ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ش ‪4‬ة َف َعلَي ِه َّن نِ ْ‬
‫ص‪َ ُ 4‬‬
‫أَتَين بَِف ِ‬
‫اح َ ٍ‬
‫َ‬
‫وأما عموم الزاني فهو مخصص بقياس العبد على األمة لعدم الفارق‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الحس ‪:‬‬


‫ً‬
‫‪4‬ل َش‪ٍ 4 4‬‬
‫يء ﴾ [القص ‪44‬ص‪]57:‬‬ ‫يجبَى إلَي ‪4ِ 4‬ه ثَ َم‪4َ 4‬ر ُ‬
‫ات ُك‪ِّ 4‬‬ ‫ومن أمثلت ‪44‬ه قول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪ْ ﴿ :‬‬
‫يء ﴾ [النم‪44‬ل‪ ]23:‬ف‪44‬إن المش‪44‬اهد‬ ‫‪4‬ل َش‪ٍ 4‬‬ ‫يت ِمن ُك‪ِّ 4‬‬ ‫وقول‪44‬ه عن ملك‪44‬ة س‪44‬بأ‪َ ﴿ :‬وأُوتِ ْ‬
‫في مك‪44‬ة حرس‪44‬ها اهلل أنه‪44‬ا ال تج‪44‬بى إليه‪44‬ا جمي‪44‬ع الثم‪44‬ار على اختالفه‪44‬ا وتنوعه‪44‬ا‪،‬‬
‫وكذلك بلقيس لم تؤت البعض من كل شيء‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬العقل ‪:‬‬


‫ً‬
‫‪4‬ل َش‪ٍ 4‬‬
‫يء ﴾ [الزم‪4‬ر‪ ]62:‬ف‪4‬إن العق‪4‬ل دل‬ ‫ومن أمثلت‪4‬ه قول‪4‬ه تع‪4‬الى‪ ﴿ :‬اللَّهُ َخ‪4‬الِ ُق ُك ِّ‬
‫على أن ذات ال‪44‬رب ج‪44‬ل جالل‪44‬ه م‪44‬ع ص‪44‬فاته غ‪44‬ير مخلوق‪44‬ة‪ ،‬وإن ك‪4‬ان لف‪44‬ظ الش‪44‬يء‬
‫ك إالَّ َو ْج َههُ ﴾ [القصص‪.]88:‬‬ ‫يتناوله كما في قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ك ُّل َش ٍ‬
‫يء َهالِ ٌ‬

‫‪55‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أقسام اللفظ من حيث الداللة‪:‬‬


‫اللفظ من حيث هو دال على المعنى له حاالت‪:‬‬
‫ش‪َ 4‬رةٌ َك ِاملَ‪4‬ةٌ ﴾ [البق‪44‬رة‪:‬‬ ‫‪1‬ـ أال يحتم‪44‬ل إال مع‪44‬نى واح‪ً 4‬دا كقول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬تِْل‪َ 4‬‬
‫‪4‬ك َع َ‬
‫ين لَيلَ‪4‬ةً ﴾ [األع‪44‬راف‪ ]142:‬ومث‪44‬ل ه‪44‬ذا‬ ‫ات ربِِّه أَرب ِ‬
‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ي‬‫م‬‫‪ ،]196‬وقوله‪َ ﴿ :‬فت َّم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫«نصا» مأخوذ من منصة العروس ومعناه في اللغة الرفع‪.‬‬ ‫يسمى ًّ‬
‫‪2‬ـ أن يحتم‪44 4‬ل أك‪44 4‬ثر من مع‪44 4‬نى على الس‪44 4‬واء كم‪44 4‬ا في «ق‪44 4‬رء وعين» ويس‪44 4‬مى‬
‫«مجمالً»‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن يحتم ‪44‬ل أك ‪44‬ثر من مع ‪44‬نى ولكن ‪44‬ه في أح ‪44‬دها أرجح من ‪44‬ه في غ ‪44‬يره ف ‪44‬الراجح‬
‫«ظاهرا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫يسمى‬
‫كقولك‪« :‬رأيت اليوم أس ًدا» فهو محتمل للحي‪44‬وان المف‪44‬ترس وللرج‪44‬ل الش‪44‬جاع‬
‫ولكنه في األول أرجح‪.‬‬
‫‪4‬ؤول كحم ‪44‬ل لف ‪44‬ظ «أس ‪44‬د»‪ 4‬على‬
‫‪4‬ـ وإن حم ‪44‬ل على المع ‪44‬نى المرج ‪44‬وح فه ‪44‬و الم ‪َّ 4‬‬
‫الرجل الشجاع في المثال السابق‪ ،‬وال بد في حمل‪44‬ه على المع‪44‬نى المرج‪44‬وح من‬
‫قرينة وإال كان باطالً‪.‬‬
‫ووجه الحصر في هذه األقسام‪ :‬أن اللف‪4‬ظ إم‪4‬ا أن يحتم‪4‬ل مع‪4‬نى واح‪ً 4‬دا فق‪4‬ط‪ ،‬أو‬
‫أك‪44‬ثر ف‪44‬األول النص‪ ،‬والث‪44‬اني إم‪44‬ا أن يك‪44‬ون في أح‪44‬د المعن‪44‬يين‪ 4‬أو المع‪44‬اني‪ ،‬أظه‪44‬ر‬
‫من ‪44‬ه في غ ‪44‬يره‪ ،‬أوالً ب ‪44‬أن يك ‪44‬ون على الس ‪44‬واء ف ‪44‬األول الظ ‪44‬اهر ومقابل ‪44‬ه الم ‪44‬ؤول‪،‬‬
‫والثاني المجمل‪.‬‬
‫حكم هذه األقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ ال يعدل عن النص إال بنسخ‪.‬‬
‫‪2‬ـ ال يعمل بالمجمل إال بعد البيان‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪3‬ـ ال ي ‪44 4‬ترك الظ‪44 4‬اهر‪ ،‬وينتق ‪44 4‬ل إلى الم ‪44 4‬ؤول إال لقرين ‪44 4‬ة قوي ‪44 4‬ة‪ ،‬تجع ‪44 4‬ل الج ‪44 4‬انب‬
‫راجحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المرجوح‬
‫مثاله‪ :‬لف‪4‬ظ «الج‪4‬ار» في ح‪4‬ديث‪« :‬الج‪4‬ار أح‪4‬ق بس‪4‬قبه» فإن‪4‬ه راجح في المج‪4‬اور‬
‫مرجوح في الشريك فحمله الحنابلة على الش‪4‬ريك م‪4‬ع أن‪4‬ه مرج‪4‬وح لقرين‪4‬ة قوي‪4‬ة‬
‫وهي قول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬ف‪44‬إذا ض‪44‬ربت الح‪44‬دود وص‪44‬رفت الط‪44‬رق فال‬
‫شفعة»فقالوا‪ :‬ال ضرب لح‪4‬دود وال ص‪44‬رف لط‪4‬رق إال في الش‪4‬ركة‪ ،‬أم‪44‬ا الج‪4‬يران‬
‫فكل على حدوده وطرقه‪ ،‬ولهذا قالوا‪ :‬ال شفعة لجار‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫المجمل والمبين‬
‫أوالً‪ :‬المجمل‪:‬‬
‫تعريفه لغة‪ :‬هو ما جمع وجملة الشيء مجموعة كجملة الحساب‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬ما احتمل معنيين أو أكثر من غير ت‪44‬رجح ألح‪44‬دهما أو أح‪44‬دهما على‬
‫ً‬
‫غيره‪.‬‬
‫األمثل‪44 4‬ة‪ :‬من ذل‪44 4‬ك لف‪44 4‬ظ الق‪44 4‬رء فه‪44 4‬و م‪44 4‬تردد بين معن‪44 4‬يين على الس‪44 4‬واء‪ :‬الطه‪44 4‬ر‬
‫والحيض ب ‪44‬دون ت ‪44‬رجح ألح ‪44‬دهما على اآلخ ‪44‬ر وله ‪44‬ذا ال ‪44‬تردد وق ‪44‬ع الخالف في‬
‫‪4‬ات يتربَّص‪4‬ن بِأَن ُف ِس‪ِ 4‬ه َّن ثَالثَ‪4‬ةَ ُق‪44‬ر ٍ‬
‫وء ﴾‬ ‫ُ‬ ‫الم‪44‬راد ب‪44‬القرء في قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬وال ُْمطَلَّ َق‪َ ْ َ َ ُ 4‬‬
‫[البقرة‪ ]228:‬فحمله الشافعي ومالك على الطه‪44‬ر‪ ،‬وأب‪44‬و حنيف‪44‬ة وأحم‪44‬د حماله‬
‫على «الحيض»‪.‬‬

‫أنواع اإلجمال‪:‬‬
‫قد يكون اإلجمال في مركب أو مفرد‪ ،‬والمف‪4‬رد‪ 4‬يك‪44‬ون اس ً‪4‬ما أو فعالً أو حرفً‪4‬ا‪،‬‬
‫وقد يكون الختالف في تقدير حرف محذوف‪.‬‬
‫األمثلة‪:‬‬
‫‪1‬ـ اإلجم ‪44‬ال في الم ‪44‬ركب‪ :‬كقول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪ ﴿ :‬إالَّ أَن ْيع ُف‪44‬و َن أ َْو ْيع ُف‪4َ 4‬و الَّ ِذي بِي ‪4ِ 4‬د ِه‬
‫‪4‬اح ﴾ [البق‪4‬رة‪ ،]237:‬الحتم‪44‬ال أن يك‪44‬ون ال‪4‬زوج وأن يك‪4‬ون ال‪44‬ولي‪،‬‬
‫عُ ْق‪َ 4‬دةُ النِّ َك ِ‬
‫ولذا حمله أحمد والشافعي على الزوج‪ ،‬وحمله مالك على الولي‪.‬‬
‫‪2‬ـ اإلجمال في المفرد‪:‬‬
‫أ ـ اإلجم‪44‬ال في االس‪44‬م‪ :‬تق‪44‬دم من‪44‬ه لف‪44‬ظ‪« :‬الق‪44‬رء» ومثل‪44‬ه لف‪44‬ظ «العين» للجارح‪44‬ة‬
‫والجارية والنقد‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫س ﴾ [التك‪4‬وير‪]17:‬‬ ‫ب ـ اإلجمال في الفعل‪ :‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬واللَّ ِ‬


‫يل إذَا َع ْس‪َ 4‬ع َ‬
‫لتردده بين أقبل وأدبر‪.‬‬
‫جـ ـ اإلجمال في الحرف كقوله تعالى‪ ﴿ :‬فَامسحوا بِوج‪ِ 4‬‬
‫‪4‬وه ُك ْم َوأَي‪4ِ 4‬دي ُكم ِّم ْن‪44‬هُ ﴾‬ ‫َُْ ُُ‬
‫[المائ ‪44 4‬دة‪ ]6:‬الحتم ‪44 4‬ال «من»‪ 4‬للتبعيض والبت ‪44 4‬داء الغاي ‪44 4‬ة ول ‪44 4‬ذا حمل ‪44 4‬ه أحم ‪44 4‬د‬
‫والشافعي على األول‪ ،‬وحمله مالك وأبو حنيفة على الثاني‪.‬‬
‫‪3‬ـ اإلجم‪44 4‬ال بس‪44 4‬بب الخالف في تق‪44 4‬دير الح‪44 4‬رف المح‪44 4‬ذوف‪ :‬كقول‪44 4‬ه تع‪44 4‬الى‪:‬‬
‫وه َّن ﴾ [النساء‪ ،]127:‬ألن الحرف المقدر بعد ترغب‪44‬ون‬ ‫ِ‬
‫﴿ َوَت ْرغَبُو َن أَن تَنك ُح ُ‬
‫يحتم‪44‬ل أن يك‪44‬ون «في» أي ترغب‪44‬ون في نك‪44‬احهن لجم‪44‬الهن‪ ،‬ويحتم‪44‬ل أن يك‪44‬ون‬
‫«عن» أي ترغبون عن نكاحهن لفقرهن ودمامتهن‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫العمل في المجمل‪:‬‬
‫ينظر أوالً هل هناك ق‪44‬رائن‪ 4‬أو مرجح‪44‬ات ألح‪44‬د المع‪44‬اني أص‪4‬الً ف‪44‬إن وج‪44‬دت عم‪44‬ل‬
‫بها‪ ،‬وإال ترك االستدالل به ولذا قيل‪ :‬إذا وجد االحتمال بطل االستدالل‪.‬‬

‫نصوص ليست مجملة‪:‬‬


‫ت َعلَي ُك ْم أ َُّم َه‪44‬اتُ ُك ْم ﴾‬
‫‪1‬ـ التح‪44‬ريم المض‪44‬اف إلى األعي‪44‬ان كقول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ُ ﴿ :‬ح‪4ِّ 4‬ر َم ْ‬
‫ت َعلَي ُك ُم ال َْميتَ ‪4‬ةُ ﴾ [المائ‪44‬دة‪ ]3:‬ليس بمجم‪44‬ل‬
‫[النس‪44‬اء‪ ،]23:‬وقول‪44‬ه‪ُ ﴿ :‬ح‪4ِّ 4‬ر َم ْ‬
‫لظهوره عرفًا في النكاح في األول‪ ،‬وفي األكل في الثاني‪.‬‬
‫س ‪ُ 4‬حوا بُِرءُو ِس ‪ُ 4‬ك ْم ﴾ [المائ‪44‬دة‪ ]6:‬ليس بمجم‪44‬ل ب‪44‬ل ه‪44‬و‬
‫‪2‬ـ قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬و ْام َ‬
‫ظاهر في مسح جميع الرأس ألن الرأس اسم للكل ال للبعض‪.‬‬
‫‪3‬ـ قوله صلى اهلل عليه وس‪4‬لم‪« :‬رف‪4‬ع عن أم‪4‬تي الخط‪4‬أ والنس‪4‬يان» ليس بمجم‪4‬ل‪،‬‬
‫إذ الم‪44‬راد ب‪44‬ه رف‪44‬ع المؤاخ‪44‬ذة‪ ،‬ألن ذات الخط‪44‬أ والنس‪44‬يان غ‪44‬ير مرفوع‪44‬ة‪ ،‬وض‪44‬مان‬
‫إجماعا فلم يبق إال رفع المؤاخذة‪.‬‬
‫ً‬ ‫المتلف خطأ أو نسيانًا غير مرفوع‪4‬‬
‫‪4‬ـ قوله صلى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم‪« :‬ال ص‪4‬الة إال بطه‪4‬ور» و «ال نك‪4‬اح إال ب‪4‬ولي» و‬
‫«ال صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل»‪ ،‬ونحو ذلك ليس بمجمل ألن المراد‬
‫شرعا‪.‬‬
‫نفي الصحة‪ 4‬واالعتداد ً‬
‫‪5‬ـ قوله صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬ال عمل إال بنية» ليس بمجمل ألن العمل‪:‬‬
‫شرعا‪.‬‬
‫أ ـ إن كان عبادة فالمراد فيه الصحة واالعتداد ً‬
‫إجماعا‪ ،‬والنفي فيه ينص‪44‬ب‬
‫ً‬ ‫ب ـ وإن كان معاملة فهو يصح ويعتد به‪ ،‬دون النية‬
‫على انتف‪44 4‬اء األج‪44 4‬ر‪ ،‬فمن رد األمان‪44 4‬ة والمغص‪44 4‬وب مثالً ال يري‪44 4‬د وج‪44 4‬ه اهلل ف‪44 4‬إن‬

‫‪60‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫المطالب‪44‬ة تس‪44‬قط عن‪44‬ه ويص‪44‬ح فعل‪44‬ه ويعت‪44‬د ب‪44‬ه ولكن ال أج‪44‬ر ل‪44‬ه‪ ،‬وك‪44‬ذلك جمي‪44‬ع‬
‫المتروك‪.‬‬
‫***‬
‫ثانيا‪ :‬المبين‪:‬‬
‫أ ـ الم‪44‬بين «ب‪44‬الفتح» بمع‪44‬نى ال‪44‬بين الواض‪44‬ح وه‪44‬و المقاب‪44‬ل للمجم‪44‬ل ألن‪44‬ه المتض‪4‬ح‪4‬‬
‫ضا‪.‬‬
‫معناه فال يفتقر إلى بيان من خارج‪ ،‬ويسمى البيان أي ً‬
‫ب ـ والمبين ـ بالكسر ـ على زنة اسم الفاعل هو الموضح إلجمال المجمل‪.‬‬
‫‪4‬طالحا‪ :‬الكاش‪44 4‬ف عن الم‪44 4‬راد من الخط‪44 4‬اب‪ ،‬وعلى ه‪44 4‬ذا أدرج أك‪44 4‬ثر‬
‫وه‪44 4‬و اص‪ً 4 4‬‬
‫األص ‪44‬وليين فخص ‪44‬وا البي ‪44‬ان بإيض ‪44‬اح م ‪44‬ا في ‪44‬ه خف ‪44‬اء‪ ،‬ومنهم من يطلق ‪44‬ه على ك ‪44‬ل‬
‫إيضاح سواء تقدمه خفاء أم ال‪.‬‬
‫ما يقع به البيان‪:‬‬

‫مع‪44‬ا‪ ،‬وق‪44‬د يك‪44‬ون ب‪44‬ترك الفع‪44‬ل لي‪44‬دل‬


‫يق‪44‬ع البي‪44‬ان ب‪44‬القول ت‪44‬ارة وبالفع‪44‬ل ت‪44‬ارة وبهم‪44‬ا ً‬
‫على عدم الوجوب‪.‬‬
‫البيان بالقول‪:‬‬
‫‪1‬ـ كتاب بكتاب قال تعالى‪ ﴿ :‬إالَّ َما ْيتلَى َعلَي ُك ْم ﴾ [المائدة‪ ]1:‬فه‪44‬ذا مجم‪4‬ل‬
‫الد ُم ﴾ [المائدة‪.]3:‬‬ ‫ت َعلَي ُك ُم ال َْميتَةُ َو َّ‬
‫بينه اهلل بقوله‪ُ ﴿ :‬ح ِّر َم ْ‬
‫اد ِه ﴾ [األنع‪4‬ام‪ ]141:‬فحق‪4‬ه‬
‫‪2‬ـ كتاب بسنة قال تعالى‪ ﴿ :‬وآتُ‪4‬وا ح َّقهُ ي‪4‬وم حص‪ِ 4‬‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َ‬
‫مجمل بينه صلى اهلل عليه وسلم بقوله‪« :‬فيما سقت السماء العشر‪ ،‬وفيما سقي‬
‫بالنضح نصف العشر»‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫البيان بالفعل‪:‬‬
‫أ ـ يكون بصورة العم‪44‬ل كص‪44‬الته ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم ف‪44‬وق المن‪44‬بر لي‪44‬بين للن‪4‬اس‬
‫ولذا قال لهم‪« :‬صلوا كما رأيتموني أصلي»‪ ،‬وكقطعه يد السارق من الكوع‪.‬‬
‫ب ـ ويكون بالكتابة ككتابته صلى اهلل عليه وسلم أسنان الزكاة لعماله عليها‪.‬‬
‫جـ ـ ويك ‪44‬ون باإلش ‪44‬ارة كقول ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم‪« :‬الش ‪44‬هر هك ‪44‬ذا وهك ‪44‬ذا‬
‫يوما‪.‬‬
‫وهكذا» وأشار بأصابع يديه وقبض اإلبهام في الثالثة يعني تسعة وعشرين ً‬

‫البيان بترك الفعل‪:‬‬


‫كترك‪44 4‬ه ص‪44 4‬لى اهلل علي‪44 4‬ه وس‪44 4‬لم ال‪44 4‬تراويح في رمض‪44 4‬ان بع‪44 4‬د أن فعله‪44 4‬ا وكترك‪44 4‬ه‬
‫الوضوء مما مست النار‪ ،‬مما دل على عدم الوجوب فيهما‪.‬‬

‫مراتب البيان‪:‬‬
‫مراتب‪44‬ه متفاوت‪44‬ة فأعاله‪44‬ا م‪44‬ا ك‪44‬ان بالخط‪44‬اب ثم بالفع‪44‬ل‪ ،‬ثم باإلش‪44‬ارة‪ ،‬ثم بالكتاب‪44‬ة‬
‫ومعلوم أن الترك قص ًدا‪ 4‬فعل‪.‬‬
‫تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه‪:‬‬

‫تأخير البيان على قسمين‪:‬‬


‫‪1‬ـ تأخير إلى أن يأتي وقت العم‪44‬ل‪ :‬فه‪44‬ذا ج‪44‬ائز وواق‪44‬ع فق‪44‬د فرض‪44‬ت الص‪44‬الة ليل‪44‬ة‬
‫اإلسراء مجملة وتأخر بيانها إلى الغد حتى جاء جبريل وبينه‪44‬ا‪ ،‬وق‪44‬د علم رس‪44‬ول‬
‫اهلل ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم أن الم‪44‬راد بقول‪44‬ه تع‪44‬الى في خمس الغنيم‪44‬ة‪َ ﴿ :‬ولِ‪4ِ 4‬ذي‬
‫الْ ُق‪4ْ 4‬ربَى ﴾ [األنف‪44‬ال‪ ]41:‬بن‪44‬و هاش‪44‬م وبن‪44‬و المطلب دون إخ‪44‬وانهم من ب‪44‬ني نوف‪44‬ل‬

‫‪62‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وعبد شمس مع أن الكل أوالد عبد مناف فأخر بيانه ح‪44‬تى س‪44‬أله جب‪44‬ير بن مطعم‬
‫الن‪44‬وفلي وعثم‪44‬ان بن عف‪44‬ان العبش‪44‬مي رض‪44‬ي اهلل عنهم‪44‬ا فق‪44‬ال‪« :‬أن‪44‬ا وبن‪44‬و المطلب‬
‫لم نف‪444‬ترق في جاهلي‪44 4‬ة وال في إس‪444‬الم»‪ ،‬وك‪444‬ذا آي‪444‬ات الص‪44 4‬الة والزك‪444‬اة والحج‬
‫ض‪4‬ا قول‪4‬ه تع‪4‬الى‪ ﴿ :‬فَ‪4‬إذَا َق َرأْنَ‪4‬اهُ‬
‫بينته‪4‬ا الس‪4‬نة ب‪4‬التراخي والت‪4‬دريج‪ ،‬وي‪4‬دل ل‪4‬ذلك أي ً‬
‫فَ ‪44‬اتَّبِ ْع ُق ْرآنَ ‪44‬هُ (‪ )18‬ثُ َّم َّ‬
‫إن َعلَينَ ‪44‬ا بَيانَ ‪44‬هُ ﴾ [القيام ‪44‬ة‪ ،]19،18:‬وثم لل ‪44‬تراخي إلى‬
‫غير ذلك من األدلة‪.‬‬
‫‪2‬ـ تأخير عن وقت الحاجة‪ :‬فهذا‪ 4‬ال يج‪44‬وز ألن‪44‬ه يلزم‪44‬ه تكلي‪44‬ف المخ‪44‬اطب بم‪44‬ا ال‬
‫يطيق وهو غير جائز‪.‬‬

‫منـزلة المبين من المبين‪:‬‬


‫ال يشترط في المبين ـ باسم الفاعل ـ أن يكون أق‪44‬وى س‪44‬ن ًدا أو دالل‪44‬ة من الم‪44‬بين ـ‬
‫باسم المفعول ـ بل يجوز بيان المتواتر بأخبار اآلحاد‪ ،‬والمنطوق بالمفهوم‪.‬‬
‫األمثلة‪:‬‬
‫أ ـ بي‪4‬ان الكت‪4‬اب بالس‪44‬نة‪ :‬كقول‪4‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬فَ‪4‬إن طَلَّ َق َه‪4‬ا فَال تَ ِ‪4‬ح ُّل لَ‪44‬هُ ِم ْن َب ْع‪ُ 4‬د َحتَّى‬
‫نك َح َز ْو ًجا غَ َيرهُ ﴾ [البقرة‪ ]230:‬فإن طلقها فال تح‪44‬ل ل‪44‬ه من بع‪44‬د ح‪44‬تى تنكح‬ ‫تَ ِ‬
‫زوج‪44‬ا غ‪44‬يره‪ ،‬بين ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم نك‪44‬اح ال‪44‬زوج الث‪44‬اني بأن‪44‬ه ال‪44‬وطء بقول‪44‬ه‬ ‫ً‬
‫المرأة رفاعة القرظي‪«:‬حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪ ﴿ :‬وأ ِ‬
‫َع ُّدوا لَ ُهم َّما ا ْس‪4‬تَطَ ْعتُم ِّمن ُق‪4َّ 4‬و ٍة ﴾ [األنف‪44‬ال‪ ]60 :‬بين‪44‬ه ص‪44‬لى‬ ‫َ‬
‫اهلل عليه وسلم بقوله‪« :‬أال إن القوة الرمي»‪.‬‬
‫ين لِلن ِ‬
‫َّاس َم‪44‬ا‬ ‫ِ‬
‫‪4‬ك ال‪4ِّ 4‬ذ ْك َر لتُبَ َ‬
‫وي‪44‬دل لبي‪44‬ان الكت‪44‬اب بالس‪44‬نة قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬وأَ َنزلْنَ‪44‬ا إلَي‪َ 4‬‬
‫ُن ِّز َل إلَي ِه ْم ﴾ [النحل‪.]44:‬‬

‫‪63‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ب ـ وبيان المنطوق بالمفهوم‪ :‬كبيان منطوق قوله تع‪44‬الى في س‪4‬ورة «الن‪44‬ور»‪﴿ :‬‬
‫ف َم‪44‬ا‬ ‫َوال‪4َّ 4‬زانِي ﴾ [الن‪44‬ور‪ ،]2:‬بمفه‪44‬وم الموافق‪44‬ة في قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬ف َعلَي ِه َّن نِ ْ‬
‫ص‪ُ 4‬‬
‫اب ﴾ [النس ‪44‬اء‪ ]25:‬ف ‪44‬إن مفه ‪44‬وم موافقت ‪44‬ه أن العب ‪44‬د‬ ‫ات ِم َن ال َْع‪َ 4 4‬ذ ِ‬
‫َعلَى الْم ْحص‪4 4‬نَ ِ‬
‫ُ َ‬
‫كاألم‪4‬ة في ذل‪4‬ك يجل‪4‬د خمس‪4‬ين‪ 4‬جل‪44‬دة ف‪4‬بين ه‪4‬ذا المفه‪44‬وم أن الم‪44‬راد ب‪4‬الزاني في‬
‫سورة «النور» خصوص الحر‪.‬‬

‫ال يشترط في البيان أن يعلمه كل إنسان‪:‬‬


‫ليس من ش‪44‬رط البي‪4‬ان أن يعلم‪44‬ه جمي‪44‬ع المكلفين الموج‪44‬ودين‪ 4‬في وقت‪44‬ه ب‪44‬ل يج‪44‬وز‬
‫أن يكون بعضهم جاهالً به‪ ،‬فإنه يقال‪ :‬بين له غير أنه لم يتبين‪.‬‬
‫مثال ذلك أن النبي صلى اهلل عليه وسلم بين أن عموم قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬يو ِ‬
‫ص‪4‬ي ُك ُم‬
‫الد ُك ْم ﴾ [النساء‪ ،]11:‬ال يتناول األنبياء بقوله‪« :‬إن‪4‬ا معاش‪4‬ر األنبي‪4‬اء‬ ‫اللَّهُ فِي أَو ِ‬
‫ْ‬
‫ال ن‪44 4‬ورث» فال يق‪44 4‬دح في ه‪44 4‬ذا البي‪44 4‬ان أن فاطم‪44 4‬ة رض‪44 4‬ي اهلل عنه‪44 4‬ا لم تعلم ب‪44 4‬ه‬
‫وجاءت إلى أبي بكر تطلب ميراثها منه صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫ال ـنـسـ ــخ‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫لغة‪ :‬يطلق بمعنى اإلزال‪44‬ة‪ ،‬ومن‪44‬ه نس‪4‬خت الش‪44‬مس الظ‪4‬ل أي‪ :‬أزالت‪4‬ه وحلت محل‪4‬ه‬
‫ض‪4 4‬ا على م ‪44‬ا يش ‪44‬به النق ‪44‬ل تق ‪44‬ول‪:‬‬
‫ونس ‪44‬خت ال ‪44‬ريح األث ‪44‬ر أي‪ :‬أزالت ‪44‬ه‪ ،‬ويطل ‪44‬ق أي ً‬
‫نسخت الكتاب أي‪ :‬نقلت شيئًا يشبه ما فيه‪ ،‬ووضعته في محل آخر‪.‬‬
‫وال ‪44‬ذي يواف‪444‬ق المع ‪44‬نى االص ‪44‬طالحي للنس ‪44‬خ من معنيي ‪44‬ه اللغ‪444‬ويين ه ‪44‬و األول إذ‬
‫النسخ في االصطالح‪ :‬رفع الحكم الثابت بخط‪44‬اب متق‪44‬دم بخط‪44‬اب آخ‪44‬ر م‪44‬تراخ‬
‫عنه‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫شرح التعريف‪:‬‬
‫(الثابت) وص‪4‬ف للحكم‪ ،‬و(بخط‪4‬اب متق‪44‬دم) متعل‪44‬ق بالث‪4‬ابت‪ ،‬و(بخط‪4‬اب) الثاني‪44‬ة‬
‫متعلق برفع‪ ،‬والضمير في عنه راجع للثابت بخطاب متقدم‪.‬‬
‫(رفع الحكم) جنس يعم النسخ وغيره مما يخرج بالقيود التالية لذلك‪ ،‬فيخ‪44‬رج‬
‫من ‪44‬ه بقي ‪44‬د (الث ‪44‬ابت بخط ‪44‬اب متق ‪44‬دم) ال ‪44‬براءة األص ‪44‬لية فإيج ‪44‬اب الص ‪44‬الة والزك ‪44‬اة‬
‫والصوم والحج وغير ذلك رفع للبراءة األص‪44‬لية وليس بنس‪44‬خ ويخ‪44‬رج من‪44‬ه بقي‪44‬د‬
‫(بخط‪44‬اب آخ‪44‬ر) رف‪44‬ع الحكم ب‪44‬الجنون والم‪44‬وت‪ .‬ويخ‪44‬رج بقي‪44‬د (م‪44‬تراخ عن‪44‬ه) م‪44‬ا‬
‫كان متصالً بالخطاب كالتخصيص فإن ذلك ال يسمى نس ًخا‪.‬‬
‫وضوحا وهو أن الواجب في أول اإلس‪44‬الم مص‪44‬ابرة‬
‫ً‬ ‫وإليك مثالً نزيد به التعريف‬
‫الواح‪44‬د من المس‪44‬لمين‪ 4‬للعش‪44‬رة من الكف‪44‬ار في الح‪44‬رب ثم نس‪44‬خ ذل‪44‬ك بوج‪44‬وب‬
‫مص‪444‬ابرة الواح ‪44‬د من المس‪444‬لمين لالث‪444‬نين من الكف ‪44‬ار فوج ‪44‬وب مص‪444‬ابرة الواح ‪44‬د‬
‫للعش‪44‬رة حكم ثبت بخط‪44‬اب متق‪44‬دم هـو قولـه تـعالى‪ ﴿ :‬إن ي ُكن ِّمن ُك ْم ِع ْش ‪ُ 4‬رو َن‬
‫صابُِرو َن يغْلِبُوا ِماَئتَي ِن ﴾ [األنفال‪ ]65:‬فرفع ه‪4‬ذا الحكم بخط‪4‬اب آخ‪4‬ر مت‪4‬أخر‬ ‫َ‬
‫ض ‪ْ 4‬ع ًفا فَ‪44‬إن ي ُكن‬ ‫ف اللَّهُ َعن ُك ْم َو َعلِ َم أ َّ‬
‫َن فِي ُك ْم َ‬ ‫عن‪44‬ه وه‪44‬و قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬اآل َن َخ َّف َ‬
‫صابَِرةٌ ي ْغلِبُوا ِماَئتَي ِن ﴾ [األنفال‪.]66:‬‬ ‫ِّمن ُكم ِّمائَةٌ َ‬

‫جواز النسخ ووقوعه‪:‬‬


‫س‪ْ 4‬خ ِم ْن آي‪4ٍ 4‬ة أ َْو‬
‫شرعا ودليل ذلك قوله تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬م‪44‬ا َن ْن َ‬
‫النسخ جائز عقالً وواقع ً‬
‫ِِ‬ ‫نُ ِ‬
‫نس َها نَأ ِ‬
‫ْت بِ َخ‪4‬ي ٍر ِّم ْن َه‪4‬ا أ َْو مثْل َه‪4‬ا ﴾ [البق‪4‬رة‪ ،]106:‬وقول‪4‬ه تع‪4‬الى‪ْ ﴿ :‬يم ُح‪4‬و اللَّهُ‬

‫‪65‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ت و ِعن ‪َ 4‬دهُ أ ُُّم ال ِ‬


‫ْكتَ‪ِ 4‬‬
‫‪4‬اب ﴾ [الرع‪44‬د‪ ،]39:‬وقول‪44‬ه‪َ ﴿ :‬وإذَا بَ‪4َّ 4‬دلْنَا آي ‪4‬ةً‬ ‫ِ‬
‫ش ‪4‬اءُ َويثْب ُ َ‬
‫َم‪44‬ا ي َ‬
‫آية ﴾ [النحل‪.]101:‬‬ ‫َّم َكا َن ٍ‬
‫وقول ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم فيم ‪44‬ا ص ‪44‬ح عن ‪44‬ه‪« :‬كنت نهيتكم عن زي‪44‬ارة القب ‪44‬ور‬
‫فزوروها فإنها تذكر اآلخرة»‪.‬‬
‫ممتنع‪44 4‬ا لم يق‪44 4‬ع لكن‪44 4‬ه وق‪44 4‬ع‬
‫‪4‬رعا إذ ل‪44 4‬و ك‪44 4‬ان ً‬
‫ف‪44 4‬دل ذل‪44 4‬ك على ج‪44 4‬وازه عقالً وش‪ً 4 4‬‬
‫للنصوص المذكورة وما في معناها‪.‬‬

‫نسخ الرسم والحكم‪:‬‬


‫ينقسم النسخ بهذا االعتبار إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ نسخ رسم اآلية مع بقاء حكمها‪ :‬مثال ذل‪44‬ك آي‪44‬ة ال‪44‬رجم وهي قول‪44‬ه‪« :‬الش‪44‬يخ‬
‫والش‪44‬يخة إذا زني‪44‬ا فارجموهم‪44‬ا البت‪44‬ة نك‪44‬االً من اهلل واهلل عزي‪44‬ز حكيم»‪ ،‬كم‪44‬ا ثبت‬
‫التنويه بهذه اآلية عن عمر رضي اهلل عنه في خطبته في «الصحيحين»‪.‬‬
‫‪2‬ـ نس‪44‬خ حكم اآلي‪44‬ة دون رس‪44‬مها‪ :‬مث‪44‬ال ذل‪44‬ك نس‪44‬خ حكم آي‪44‬ة اعت‪44‬داد المت‪44‬وفى‬
‫عنهن أزواجهن حوالً مع بقاء رسمها في المصحف وتالوتها‪.‬‬
‫ّ‪4‬‬
‫مع‪4‬ا‪ :‬مث‪4‬ال ذل‪4‬ك م‪4‬ا ثبت في «ص‪44‬حيح مس‪4‬لم» من‬
‫‪3‬ـ نس‪44‬خ رس‪4‬م اآلي‪4‬ة وحكمه‪44‬ا ً‬
‫ح‪444‬ديث عائش‪444‬ة رض‪444‬ي اهلل عنه‪444‬ا‪ :‬ك‪444‬ان فيم‪444‬ا أن‪444‬زل من الق‪444‬رآن عش‪444‬ر رض‪444‬عات‬
‫معلومات يحرمن ثم نس‪4‬خن‪ 4‬بخمس معلوم‪4‬ات فت‪4‬وفي رس‪4‬ول اهلل ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه‬
‫وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن‪.‬‬
‫فآي‪44‬ة التح‪4‬ريم بعش‪44‬ر الرض‪44‬عات منس‪44‬وخ رس‪4‬مها وحكمه‪44‬ا‪ ،‬وآي‪4‬ة التح‪44‬ريم بخمس‬
‫الرضعات منسوخ رسمها دون حكمها‪ ،‬فقد اجتمع في هذا الحديث مثاالن‪:‬‬
‫أ ـ لمنسوخ التالوة والحكم‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ب ـ لمنسوخ التالوة دون الحكم كما ترى‪.‬‬

‫النسخ إلى غير بدل‪:‬‬


‫مذهب جمهور العلماء جواز النسخ إلى غير بدل عن الحكم المنسوخ‪.‬‬
‫ومن أدلتهم‪ :‬نسخ وجوب تقديم الصدقة بين ي‪44‬دي نج‪44‬وى رس‪44‬ول اهلل ص‪44‬لى اهلل‬
‫عليه وسلم إلى غير بدل كما في سورة «المجادلة»‪.‬‬

‫النسخ إلى بدل‪:‬‬


‫والنسخ إلى بدل ال يخلو من واحد من ثالثة أقسام‪:‬‬
‫أ ـ إما أن يكون الناسخ أخف من المنسوخ‪.‬‬
‫ب ـ أو مساويا له‪.‬‬
‫جـ ـ أو أثقل منه‪.‬‬
‫وال خالف في ج ‪44 4‬واز القس ‪44 4‬مين‪ 4‬األولين‪ ،‬وأم ‪44 4‬ا الث ‪44 4‬الث ف ‪44 4‬القول بج ‪44 4‬وازه ق ‪44 4‬ول‬
‫الجمهور‪.‬‬
‫واألمثلة كاآلتي‪:‬‬
‫ص‪4‬ابُِرو َن‬ ‫ِ‬
‫‪1‬ـ النسخ إلى بدل أخف‪ :‬نسخ قوله تعالى‪ ﴿ :‬إن ي ُكن ِّمن ُك ْم ع ْش ‪ُ 4‬رو َن َ‬
‫ص ‪4‬ابَِرةٌ ي ْغلِبُ‪44‬وا‬ ‫ِ ِ‬
‫ي ْغلبُ‪44‬وا م‪44‬اَئتَي ِن ﴾ [األنف‪44‬ال‪ ،]65:‬بقول‪44‬ه‪ ﴿ :‬فَ‪44‬إن ي ُكن ِّمن ُكم ِّمائَ ‪4‬ةٌ َ‬
‫ِم‪44‬اَئتَي ِن ﴾ [األنف‪44‬ال‪ ،]66:‬فوج‪44‬وب مص‪44‬ابرة الواح‪44‬د لالث‪44‬نين أخ‪44‬ف من وج‪44‬وب‬
‫مصابرته للعشرة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪2‬ـ النس‪44‬خ إلى ب‪44‬دل مس‪44‬او‪ :‬نس ‪44‬خ اس ‪44‬تقبال بيت المق‪44‬دس الث‪44‬ابت بالس ‪44‬نة بقول ‪44‬ه‬
‫ْح‪4َ 4‬ر ِام ﴾ [البق ‪44‬رة‪ ]144:‬فاس ‪44‬تقبال‬ ‫ِِ‬ ‫تع ‪44‬الى‪َ ﴿ :‬ف‪4َ 4‬و ِّل َو ْج َه‪َ 4‬‬
‫‪4‬ك َش‪4 4‬ط َْر ال َْم ْس‪4 4‬جد ال َ‬
‫الكعبة مسا ٍو الستقبال بيت المقدس بالنسبة لفعل المكلف‪.‬‬
‫‪3‬ـ النسخ إلى بدل أثقل‪ :‬نسخ التخي‪44‬ير بين ص‪44‬يام ش‪44‬هر رمض‪44‬ان واإلطع‪44‬ام بتع‪44‬يين‬
‫ص‪44‬يامهن ونس‪44‬خ أم‪44‬ر الص‪44‬حابة ب‪44‬ترك القت‪44‬ال واإلع‪44‬راض عن المش‪44‬ركين‪ 4‬بإيج‪44‬اب‬
‫الجهاد‪.‬‬
‫فتع ‪44‬يين الص ‪44‬يام أثق ‪44‬ل من التخي ‪44‬ير بين ‪44‬ه وبين اإلطع ‪44‬ام‪ ،‬ووج ‪44‬وب القت ‪44‬ال أثق ‪44‬ل من‬
‫تركه‪.‬‬

‫نسخ الكتاب أو السنة بكتاب أو سنة‪:‬‬


‫النسخ بهذا االعتبار أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ نسخ الكتاب بالكتاب وال خالف في جواز هذا القسم‪.‬‬
‫ومن أمثلته آيتا العدة وآيتا المصابرة كما تقدم ذلك‪.‬‬
‫‪2‬ـ نسخ السنة بالكتاب‪.‬‬
‫ومن أمثلته نس‪4‬خ التوج‪4‬ه إلى بيت المق‪44‬دس الث‪4‬ابت بالس‪44‬نة بقول‪4‬ه تع‪4‬الى‪َ ﴿ :‬ف َ‪4‬و ِّل‬
‫ْح َر ِام ﴾ [البقرة‪.]144:‬‬ ‫ِِ‬
‫ك َشط َْر ال َْم ْسجد ال َ‬
‫َو ْج َه َ‬
‫‪3‬ـ نسخ الكتاب بالسنة ويشتمل هذا القسم على شيئين‪:‬‬
‫أح ‪44 4‬دهما‪ :‬نس ‪44 4‬خ الكت‪44 4‬اب باآلح ‪44 4‬اد من الس ‪44 4‬نة‪ ،‬والق ‪44 4‬ول بمن ‪44 4‬ع ج ‪44 4‬وازه م ‪44 4‬ذهب‬
‫الجمهور‪ ،‬ألن القطعي ال ينسخه الظني‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫والث ‪44‬اني‪ :‬نس ‪44‬خ الكت ‪44‬اب بمت ‪44‬واتر الس ‪44‬نة‪ ،‬والق ‪44‬ول بمن ‪44‬ع ج ‪44‬واز ه ‪44‬ذا الن ‪44‬وع ق ‪44‬ول‬
‫البعض مس‪44‬تدالًّ بقول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ ﴿ :‬م‪44‬ا َن ْنس‪ْ 4‬خ ِمن آي‪4ٍ 4‬ة أَو نُن ِس‪َ 4‬ها نَ‪4‬أ ِ‬
‫ْت بِ َخ‪44‬ي ٍر ِّم ْن َه‪44‬ا أ َْو‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ِمثْلِ َها ﴾ [البقرة‪.]106:‬‬
‫‪4‬يرا من‪44‬ه‪ ،‬والق‪44‬ول ب‪44‬الجواز‬ ‫ووج‪44‬ه الدالل‪44‬ة أن الس‪44‬نة ال تك‪44‬ون مث‪44‬ل الق‪44‬رآن وال خ‪ً 4‬‬
‫مذهب الجمهور كما حكاه ابن الحاجب‪.‬‬
‫ودلي ‪44‬ل ه ‪44‬ذا الق ‪44‬ول‪ :‬أن الك ‪44‬ل وحي من اهلل‪ ،‬وق ‪44‬د وق ‪44‬ع نس ‪44‬خ الوص ‪44‬ية للوال ‪44‬دين‬
‫بقول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪4‬لم‪« :‬ال وص‪44‬ية ل‪44‬وارث»‪ ،‬ف‪44‬إن اإلجم‪44‬اع ق‪44‬د انعق‪44‬د على‬
‫معنى هذا الحديث‪.‬‬
‫‪4‬ـ نسخ السنة بالسنة‪ :‬اتفاقً‪4‬ا في ج‪44‬واز نس‪44‬خ آحاده‪44‬ا ومتواتره‪44‬ا ب‪4‬المتواتر منه‪44‬ا‪،‬‬
‫ونسخ آحادها‪ ،‬واختالفًا في جواز نسخ المتواتر منها باآلحاد‪ ،‬ومن أمثلة نس‪44‬خ‬
‫السنة بالسنة قول الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬كنت نهيتكم عن زي‪44‬ارة القب‪44‬ور‬
‫فزوروها»‪.‬‬

‫نسخ المتواتر واآلحاد بمتواتر وآحاد‪:‬‬


‫الص ‪44‬ور الممكن ‪44‬ة في ذل ‪44‬ك تس ‪44‬ع تق ‪44‬دمت‪ 4‬في البحث ال ‪44‬ذي قب ‪44‬ل ه ‪44‬ذا فن ‪44‬ذكرها‬
‫إجماالً فيما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ نسخ المتواتر من القرآن بالمتواتر منه‪.‬‬
‫‪2‬ـ نسخ متواتر السنة بالمتواتر منها‪.‬‬
‫‪3‬ـ نسخ اآلحاد من السنة باآلحاد‪.‬‬
‫والناسخ في هذه الصور الثالث مساو للمنسوخ‪.‬‬
‫‪4‬ـ نسخ السنة األحادية بالقرآن‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪5‬ـ نسخ اآلحاد بالمتواتر من السنة‪.‬‬


‫‪6‬ـ نسخ متواتر السنة بالقرآن‪.‬‬
‫والناسخ في هذه الصور الثالث فوق المنسوخ‪.‬‬
‫‪7‬ـ نسخ القرآن بمتواتر السنة‪.‬‬
‫‪8‬ـ نسخ القرآن باآلحاد من السنة‪.‬‬
‫‪9‬ـ نسخ متواتر السنة باآلحاد‪.‬‬
‫والناسخ في هذه الصور الثالث دون المنسوخ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫اإلجـم ــاع‪4‬‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫هو في اللغة يطلق على شيئين‪:‬‬
‫‪1‬ـ االتفاق‪ ،‬يقال‪ :‬أجم‪4‬ع الق‪4‬وم على ك‪4‬ذا إذا اتفق‪4‬وا علي‪4‬ه‪ ،‬وه‪4‬ذا ال يت‪4‬أتى إال من‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫‪2‬ـ العزم المصمم يقال‪ :‬أجمع فالن رأي‪44‬ه على ك‪44‬ذا‪ ،‬إذا ص‪44‬مم عزم‪4‬ه‪ 4‬علي‪44‬ه وه‪44‬ذا‬
‫يتأتى من الواحد ومن الجماعة‪.‬‬
‫وفي االص‪44‬طالح ه‪44‬و‪ :‬اتف‪44‬اق جمي‪44‬ع العلم‪44‬اء المجته‪44‬دين‪ 4‬من أم‪44‬ة محم‪4‬د‪ 4‬ص‪44‬لى اهلل‬
‫عليه وسلم بعد وفاته في عصر من العصور على أمر ديني‪.‬‬

‫شرح التعريف‪:‬‬
‫«االتفاق» جنس يعم أشياء متعددة يخرج غير المراد منها ب‪44‬القيود التالي‪44‬ة ل‪44‬ذلك‬
‫فخ ‪44‬رج بإض ‪44‬افته إلى جمي ‪44‬ع العلم ‪44‬اء المجته ‪44‬دين‪ :‬المتعلم ال ‪44‬ذي لم يبل ‪44‬غ درج ‪44‬ة‬
‫االجته‪44 4‬اد فض ‪4 4‬الً‪ 4‬عن الع‪44 4‬امي ومن في حكم‪44 4‬ه فال ع‪44 4‬برة بوف‪44 4‬اقهم وال بخالفهم‬
‫ضا حصول اإلجماع من بعض المجتهدين دون البعض‪.‬‬
‫وخرج به أي ً‬
‫وخ‪44‬رج بقي‪44‬د «من أم‪44‬ة محم‪44‬د ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم»‪ :‬إجم‪44‬اع غيره‪44‬ا من األمم‪،‬‬
‫والمراد باألمة‪ :‬أمة اإلجابة ال أمة الدعوة‪.‬‬
‫والم‪44‬راد بالتقيي‪44‬د بم‪44‬ا بع‪44‬د وفات‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪ :‬بي‪44‬ان ب‪44‬دء ال‪44‬وقت ال‪44‬ذي‬
‫يوج‪44‬د في‪44‬ه اإلجم‪44‬اع في أي عص‪44‬ر وج‪44‬د بع‪44‬د زمن النب‪44‬وة س‪44‬واء في ذل‪44‬ك عص‪44‬ر‬
‫الصحابة ومن بعدهم‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وخرج بقيد «على أمر ديني»‪ :‬اتفاق مجتهدي األمة على أمر من األمور العقلي‪44‬ة‬
‫أو العادية مثالً‪.‬‬

‫أمثلة لإلجماع‪:‬‬
‫تق‪44 4‬دم في بحث الخ‪44 4‬اص وغ‪44 4‬يره أمثل‪44 4‬ة لإلجم‪44 4‬اع‪ ،‬وإلي‪44 4‬ك جمل‪44 4‬ة من المس‪44 4‬ائل‬
‫المجم‪4 4‬ع‪ 4‬عليه ‪44‬ا نقلناه ‪44‬ا من كت ‪44‬اب «م ‪44‬راتب اإلجم ‪44‬اع» البن ح ‪44‬زم رحم ‪44‬ه اهلل‪،‬‬
‫اخترناها من أبواب متعددة‪:‬‬
‫‪1‬ـ اتفقوا على أن للمعتدة من طالق رجعي السكنى والنفقة‪.‬‬
‫‪2‬ـ اتفقوا على أن الوطء يفسد االعتكاف‪.‬‬
‫‪3‬ـ اتفقوا على أن فعل الكبائر والمجاهرة بالصغائر جرح ترد به الشهادة‪.‬‬
‫‪4‬ـ اتفقوا على أنه ال يرث مع األم جدة‪.‬‬
‫‪5‬ـ اتفقوا على أن الوصية لوارث ال تجوز‪.‬‬
‫‪6‬ـ اتفقوا على أنه ال قود على القاتل خطأ‪.‬‬
‫‪7‬ـ اتفقوا على أن المطلقة طالقًا رجعيا يرثها الزوج وترثه ما دامت في العدة‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ اتفقوا على أن سفر المرأة فيما أبيح لها مع زوج أو ذي محرم مباح‪.‬‬
‫‪9‬ـ اتفقوا على أن ذبح األنعام في المحرم وللمحرم حالل‪.‬‬
‫‪ _10‬اتفقوا على أنه ليس في القرآن أكثر من خمس عشرة سجدة‪.‬‬
‫‪11‬ـ اتفقوا على أن الحائض تقضي ما أفطرت في حيضها‪.‬‬
‫‪ _12‬اتفقوا على أنه ال يصوم أحد عن إنسان حي‪.‬‬

‫دليل حجية اإلجماع‪:‬‬

‫‪72‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ذهب الجمهور إلى أن اإلجماع حجة يجب العمل به‪ ،‬وخ‪4‬الف في ذل‪4‬ك النظ‪4‬ام‬
‫والشيعة والخوارج‪.‬‬
‫وقد استدل الجمهور لحجيته بأدلة كثيرة منها‪:‬‬
‫‪4‬ير‬‫‪4‬‬‫َ‬‫غ‬ ‫‪4‬ع‬
‫ْ‬ ‫‪4‬‬‫ول ِم ْن َب ْع‪4ِ 4‬د َم‪44‬ا َتبَين لَ‪44‬هُ ال ُْه‪َ 4‬دى ويتَّبِ‬ ‫ش ‪4‬اقِ ِق َّ‬
‫الر ُس ‪َ 4‬‬ ‫‪1‬ـ قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬و َمن ي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تم ِ‬ ‫يل الْم ْؤ ِمنِين ُنولِّ ِه ما َتولَّى ونُ ِ ِ‬
‫ص‪ً 4‬يرا ﴾ [النس‪4‬اء‪،]115:‬‬ ‫اء ْ َ‬ ‫َّم َو َس‪َ 4‬‬ ‫ص‪4‬له َج َهن َ‬ ‫َسبِ ِ ُ َ َ َ َ َ ْ‬
‫وذل ‪44‬ك أن اهلل تع ‪44‬الى توع ‪44‬د من خ ‪44‬الف س ‪44‬بيل المؤم ‪44‬نين بالع ‪44‬ذاب ف ‪44‬وجب اتب ‪44‬اع‬
‫سبيلهم‪ ،‬وما ذاك إال ألنه حجة‪.‬‬
‫‪2‬ـ قوله صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬ال تزال طائفة من أم‪4‬تي ظ‪4‬اهرين على الح‪4‬ق‪»...‬‬
‫الحديث‪.‬‬
‫فلو أجمع أهل عصر‪ 4‬من العصور على باطل لتخلف مص‪44‬داق الح‪44‬ديث في ذل‪4‬ك‬
‫العصر لعدم وجود ظهير للحق في‪4‬ه وذل‪4‬ك باط‪4‬ل فبط‪4‬ل أن يك‪4‬ون إجم‪4‬اعهم‪ 4‬على‬
‫خالف الحق‪ ،‬إ ًذا فهو حجة يجب اتباعه‪.‬‬

‫عصر‪ 4‬اإلجماع‪:‬‬
‫تقدم في تعريف اإلجماع أنه عام في أي عصر كان بعد وفاة الرسول ص‪44‬لى اهلل‬
‫علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪ ،‬ال ف‪44‬رق في ذل‪44‬ك بين عص‪44‬ور الص‪44‬حابة وعص‪44‬ور من بع‪44‬دهم‪ ،‬وه‪44‬ذا‬
‫ق‪44‬ول الجمه‪44‬ور خالفً‪44‬ا لمن خص‪44‬ه بعص‪44‬ر الص‪44‬حابة‪ ،‬ك‪44‬داود الظ‪44‬اهري ومن وافق‪44‬ه‬
‫مس‪44‬تدلين ب‪4‬أن قل‪4‬ة ع‪44‬دد الص‪4‬حابة وحص‪44‬رهم وض‪44‬عف دواعي اله‪4‬وى فيهم يتيس‪44‬ر‬
‫مع‪44 4‬ه إجم‪44 4‬اعهم واالطالع علي‪44 4‬ه فيمكن‪ 4‬االحتج‪44 4‬اج ب‪44 4‬ه بخالف من بع‪44 4‬دهم ف‪44 4‬إن‬
‫ك ‪44‬ثرتهم‪ 4‬واختالف أه ‪44‬وائهم وض ‪44‬عفهم‪ 4‬عن مقاوم ‪44‬ة الحك ‪44‬ام يبع ‪44‬د ع ‪44‬ادة حص ‪44‬ول‬
‫اإلجماع منهم واالطالع عليه‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وق ‪44‬د رد الجمه ‪44‬ور ه ‪44‬ذا االس ‪44‬تدالل ب ‪44‬أن أرب ‪44‬اب الش ‪44‬به على ك ‪44‬ثرتهم واختالف‬
‫أه ‪44‬وائهم ق ‪44‬د اتفقت كلمتهم‪ 4‬على الباط ‪44‬ل‪ ،‬واطل ‪44‬ع على ذل ‪44‬ك منهم ك ‪44‬اليهود في‬
‫إنكار نبوة محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فإجماع المسلمين على الحق أولى بأن‬
‫يقع ويطلع عليه‪.‬‬
‫ومن أدلة الجمهور‪ :‬أن األدلة التي دلت على حجية اإلجم‪4‬اع عام‪4‬ة لم تخص‪4‬ص‬
‫عصرا‪ 4‬دون عصر‪ ،‬فكان اإلجماع في أي عصر حجة‪.‬‬
‫ً‬

‫هل انقراض عصر المجمعين‪ 4‬شرط في انعقاد إجماعهم أو ال ؟‬


‫إذا حص‪44 4‬ل اإلجم‪44 4‬اع من المجته‪44 4‬دين‪ 4‬في زمن فه‪44 4‬ل ينعق‪44 4‬د إجم‪44 4‬اعهم من وقت‬
‫حص‪44‬وله أو ال ب‪44‬د في انعق‪44‬اده من انق‪44‬راض عص‪44‬رهم في‪44‬ه ق‪44‬والن هم‪44‬ا روايت‪44‬ان عن‬
‫أحمد‪.‬‬
‫والصحيح األول وهو قول الجمهور ويدل له أمور‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن أدلة اإلجماع من الكتاب والسنة ال توجب اعتبار انقراضه‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن الت‪44‬ابعين ق‪44‬د احتج‪44‬وا بإجم‪44‬اع الص‪44‬حابة قب‪44‬ل انق‪44‬راض عص‪44‬رهم ول‪44‬و ك‪44‬ان‬
‫ذلك شرطًا لم يحتجوا به قبل انقراضهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن اشتراط انقراض العصر ي‪4‬وجب أن ال يك‪4‬ون إجم‪4‬اع إلى ي‪4‬وم القيام‪4‬ة‪ ،‬ألن‪4‬ه‬
‫ال يخل‪44 4‬و العص‪44 4‬ر من توال‪44 4‬د أف‪44 4‬راد ونش‪44 4‬أتهم وبل‪44 4‬وغهم درج‪44 4‬ة االجته‪44 4‬اد وقب‪44 4‬ل‬
‫انقراض‪44‬هم يتوال‪44‬د غ‪44‬يرهم وهلم ج‪4ًّ 4‬را‪ ،‬وم‪44‬ا أدى إلى إبط‪44‬ال انعق‪44‬اد اإلجم‪44‬اع فه‪44‬و‬
‫باطل‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪ :‬ينبني على الخالف في هذه المسألة شيئان‪:‬‬

‫‪74‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪1‬ـ على الق‪44‬ول باش‪44‬تراط انق‪44‬راض العص‪44‬ر يس‪44‬وغ لبعض المجمعين‪ 4‬الرج‪44‬وع عن‬
‫رأيه وال يعتبر مخال ًفا لإلجماع ألنه لم ينعقد‪.‬‬
‫وعلى القول بعدم االشتراط ال يسوغ ألحد الرجوع عن رأيه الموافق لإلجماع‬
‫ألن اإلجم‪44‬اع الحاص‪44‬ل إم‪44‬ا أن يك‪44‬ون على ح‪44‬ق أو باط‪44‬ل‪ ،‬والث‪44‬اني منت‪ٍ 4‬‬
‫‪4‬ف لألدل‪44‬ة‬
‫الدالة على ذلك فلزم األول وهو كونه ًّ‬
‫حقا وال يجوز العدول عما هو حق‪.‬‬
‫‪2‬ـ على الق‪44‬ول باالش‪44‬تراط ال ب‪44‬د من موافق‪44‬ة من نش‪44‬أ وبل‪44‬غ درج‪44‬ة االجته‪44‬اد وإال‬
‫لم ‪44‬ا تم؛ ألن ‪44‬ه لم ينعق ‪44‬د إال ب ‪44‬انقراض العص ‪44‬ر‪ ،‬وعلى الق ‪44‬ول بعدم ‪44‬ه ال يج ‪44‬وز ل ‪44‬ه‬
‫مخالفة اإلجماع؛ ألنه قد انعقد‪.‬‬

‫مستند اإلجماع‪:‬‬
‫ال ينعق‪44‬د اإلجم‪44‬اع إال عن مس‪44‬تند من كت‪44‬اب أو س‪44‬نة وق‪44‬ال ق‪44‬وم‪ :‬يج‪44‬وز انعق‪44‬اده‬
‫عن اجته‪44 4‬اد فق‪44 4‬ط ومن‪44 4‬ع ذل‪44 4‬ك ش‪44 4‬يخ اإلس‪44 4‬الم ابن تيمي‪44 4‬ة رحم‪44 4‬ه اهلل في كتاب‪44 4‬ه‬
‫«مع‪44‬ارج الوص‪44‬ول إلى أن أص‪44‬ول ال‪44‬دين وفروع‪44‬ه ق‪44‬د بينه‪44‬ا الرس‪44‬ول» حيث ق‪44‬ال‬
‫فيه‪:‬‬
‫«وال توج‪44‬د مس‪44‬ألة يتف‪44‬ق اإلجم‪44‬اع عليه‪44‬ا إال وفيه‪44‬ا نص‪ ،‬وق‪44‬د ك‪44‬ان بعض الن‪44‬اس‬
‫ي ‪44‬ذكر مس ‪44‬ائل فيه ‪44‬ا إجم ‪44‬اع بال نص كالمض ‪44‬اربة‪ ،‬وليس ك ‪44‬ذلك ب ‪44‬ل المض ‪44‬اربة‬
‫كانت مشهورة بينهم في الجاهلي‪44‬ة ال س‪44‬يما ق‪44‬ريش ف‪44‬إن األغلب عليهم التج‪44‬ارة‪،‬‬
‫وكان أصحاب األموال يدفعونها إلى العمال‪ ،‬ورسول اهلل صلى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‬
‫قد سافر بمال غيره قبل النب‪4‬وة كم‪4‬ا س‪4‬افر بم‪4‬ال خديج‪4‬ة‪ ،‬والع‪4‬ير ال‪4‬تي ك‪4‬ان فيه‪4‬ا‬
‫أبو سفيان كان أكثرها مض‪4‬اربة م‪4‬ع أبي س‪4‬فيان وغ‪4‬يره‪ ،‬فلم‪4‬ا ج‪4‬اء اإلس‪4‬الم أقره‪4‬ا‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فكان أصحابه يسافرون بمال غيرهم مض‪44‬اربة‪،‬‬

‫‪75‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ولم ينه عن ذلك‪ ،‬والسنة قوله وفعله وتقريره صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فلما أقره‪44‬ا‬
‫كانت ثابتة بالسنة» انتهى‪.‬‬
‫أقسام اإلجماع‪:‬‬
‫ينقسم اإلجماع من حيث هو إلى قسمين‪:‬‬
‫‪1‬ـ إجماع قولي أو فعلي‪.‬‬
‫‪2‬ـ وإجماع سكوتي‪.‬‬
‫فاألول‪ :‬أن يصرح كل فرد بقوله في الحكم المجمع عليه أو يفعل‪44‬ه في‪44‬دل فعل‪44‬ه‬
‫إياه على جوازه عنده‪.‬‬
‫وهذا القسم من اإلجماع ال خالف في حجيته عند القائلين بثبوت اإلجماع‪.‬‬
‫والث ‪44‬اني‪ :‬أن يحص ‪44‬ل الق ‪44‬ول أو الفع ‪44‬ل من البعض وينتش ‪44‬ر ذل ‪44‬ك عنهم ويس ‪44‬كت‬
‫الباقون عن القول به أو فعله‪ ،‬أو ال ينكروا على من حصل منه‪.‬‬
‫ومن أمثلت‪44‬ه‪ :‬الع‪44‬ول حكم ب‪44‬ه عم‪44‬ر في خالفت‪44‬ه بمش‪44‬ورة بعض الص‪44‬حابة وس‪44‬كت‬
‫باقيهم‪.‬‬
‫وه‪44‬ذا القس‪44‬م اختل‪44‬ف في‪44‬ه فق‪44‬ال ق‪44‬وم‪ :‬إن‪44‬ه إجم‪44‬اع ال يس‪44‬وغ الع‪44‬دول عن‪44‬ه‪ ،‬وق‪44‬ال‬
‫قوم‪ :‬إنه ليس بإجماع وال حجة‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬إنه حجة وليس بإجماع‪.‬‬
‫استدل القائلون بأنه إجم‪44‬اع ب‪44‬أن الت‪44‬ابعين ك‪44‬انوا إذا نق‪44‬ل إليهم عن الص‪44‬حابة مث‪44‬ل‬
‫هذا ال يجوزون العدول عنهم‪ ،‬فهو إجماع منهم على أنه حجة‪.‬‬
‫إجماع‪44‬ا ب‪4‬أن الس‪44‬كوت من‬
‫ً‬ ‫واستدل من قال بأنه ليس بحجة فضالً عن أن يك‪44‬ون‬
‫المجته‪44 4‬د يحتم‪44 4‬ل أن يك‪44 4‬ون للموافق‪44 4‬ة ويحتم‪44 4‬ل أن يك‪44 4‬ون لع‪44 4‬دم اجته‪44 4‬اده في‬
‫المسألة أو اجتهد فيها ولكن لم يظهر له فيها شيء‪ ،‬أو سكت مهاب‪44‬ة كم‪44‬ا روى‬
‫ابن عباس رضي اهلل عنه في مسألة العول‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وب‪4‬أن س‪44‬كوت العلم‪44‬اء عن‪44‬د وق‪44‬وع فع‪44‬ل منك‪44‬ر مثالً ال ي‪44‬دل على أن‪44‬ه عن‪44‬دهم ليس‬
‫بمنك‪44 4‬ر لم‪44 4‬ا علم من أن م‪44 4‬راتب اإلنك‪44 4‬ار ثالث‪ :‬بالي‪44 4‬د أو اللس‪44 4‬ان أو ب‪44 4‬القلب‪،‬‬
‫وانتفاء اإلنكار باليد واللس‪44‬ان ال ي‪44‬دل على انتفائ‪44‬ه ب‪44‬القلب‪ ،‬فه‪44‬ل ي‪44‬دل الس‪44‬كوت‬
‫إجماع‪44‬ا س‪44‬كوتيا وال‬
‫ً‬ ‫على تقري‪44‬ر الس‪44‬اكت لم‪44‬ا وق‪44‬ع ح‪44‬تى يق‪44‬ال فق‪44‬د أجم‪44‬ع علي‪44‬ه‬
‫يثبت ذل‪44‬ك عن‪44‬ه ويض‪44‬اف إلي‪44‬ه إالّ إذا علم رض‪44‬اه ب‪44‬الواقع وال يعلم ذل‪44‬ك إال عالم‬
‫الغيوب‪.‬‬
‫األخـبـ ــار‬
‫األخب‪44 4‬ار بفتح الهم‪44 4‬زة‪ :‬جم‪44 4‬ع خ‪44 4‬بر وه‪44 4‬و لغ‪44 4‬ة م‪44 4‬أخوذ من الخب‪44 4‬ار وهي األرض‬
‫الرخ ‪44‬وة ألن الخ ‪44‬بر يث ‪44‬ير الفائ ‪44‬دة كم ‪44‬ا أن األرض الخب ‪44‬ار تث ‪44‬ير الغب ‪44‬ار إذا حفره ‪44‬ا‬
‫الحافر ونحوه‪.‬‬
‫وهو نوع مخصوص من القول وقس‪44‬م من أقس‪44‬ام الكالم‪ ،‬وق‪44‬د يس‪44‬تعمل في غ‪44‬ير‬
‫القول كما قيل‪ :‬تخبرك العينان ما القلب كاتم‪.‬‬
‫وتعريف الخبر من حيث هو‪ :‬ما يحتمل الصدق والكذب لذاته‪ ،‬أي إن احتمال‪44‬ه‬
‫‪4‬برا وق ‪44‬د يقط ‪44‬ع بص ‪44‬دق الخ ‪44‬بر أو كذب ‪44‬ه ألم ‪44‬ر خ ‪44‬ارجي‬
‫لهم ‪44‬ا من حيث كون ‪44‬ه خ ‪ً 4‬‬
‫فاألول كخبر اهلل تعالى والثاني كالخبر عن المحاالت كق‪4‬ول القائ‪4‬ل‪« :‬الض‪4‬دان‬
‫خبرا‪.‬‬
‫يجتمعان» فال يخرج بذلك عن كونه ً‬
‫والخبر يطلق عند المحدثين‪ 4‬على ما أض‪44‬يف إلى الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم من‬
‫قول أو فعل أو تقرير أو وصف ُخلقي أو َخلقي‪.‬‬

‫تقسيم الخبر باعتبار وصفه بالصدق والكذب‪:‬‬


‫ينقسم الخبر من حيث وصفه بالصدق والكذب إلى ثالثة أقسام‪:‬‬

‫‪77‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫األول‪ :‬الخبر المقطوع بصدقه‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ الخبر الذي بلغ رواته حد التواتر‪.‬‬
‫‪2‬ـ خبر اهلل وخبر رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪3‬ـ الخبر المعلوم صدقه باالستدالل كقول أهل الحق‪« :‬العالم حادث»‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬الخبر المقطوع بكذبه وهو أنواع منها‪:‬‬


‫‪1‬ـ ما علم خالفه بالضرورة مثل قول القائل‪« :‬النار باردة»‪.‬‬
‫‪2‬ـ ما علم خالفه باالستدالل مثل قول الفالسفة‪« :‬العالم قديم»‪.‬‬
‫‪4‬واترا‪ ،‬إم‪44‬ا لكون‪44‬ه‬
‫صحيحا لت‪44‬وفرت ال‪44‬دواعي على نقل‪44‬ه مت‪ً 4‬‬
‫ً‬ ‫‪3‬ـ الخبر الذي لو كان‬
‫من أص ‪44‬ول الش ‪44‬ريعة‪ ،‬أو لكون ‪44‬ه أم ‪4ً 4‬را غريبً ‪44‬ا كس ‪44‬قوط الخطيب عن المن ‪44‬بر وقت‬
‫الخطبة مثالً‪.‬‬
‫‪4‬ـ خبر مدعي الرسالة من غير معجزة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الخبر الذي لم يقطع بصدقه وال بكذبه وهو ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪1‬ـ ما ظن صدقه كخبر العدل‪.‬‬
‫‪2‬ـ ما ظن كذبه كخبر الفاسق‪.‬‬
‫‪3‬ـ ما شك فيه كخبر مجهول الحال فإنه يستوي فيه االحتماالن لعدم المرجح‪.‬‬
‫***‬
‫تقسيم الخبر إلى متواتر وآحاد‪:‬‬
‫ينقس ‪44‬م الخ ‪44‬بر باعتب ‪44‬ار طريق ‪44‬ه الموص ‪44‬لة ل ‪44‬ه إلى المخ ‪44‬بر ب ‪44‬ه إلى قس ‪44‬مين‪ :‬مت ‪44‬واتر‬
‫وآحاد‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫المتواتر‪:‬‬
‫تعريفه‪ :‬وهو في اللغة المتتابع‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬ما رواه جماعة كثيرون تحي‪44‬ل الع‪44‬ادة تواط‪44‬ؤهم وت‪44‬وافقهم على‬
‫الكذب عن جماعة كذلك إلى أن ينتهي إلى محسوس‪.‬‬

‫شروطه‪:‬‬
‫ويشترط في المتواتر أربعة شروط‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يكون رواته كثيرين‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن تحيل العادة تواطؤهم وتوافقهم‪ 4‬على الكذب‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن تس‪44‬توي جمي‪44‬ع طبق‪44‬ات الس‪44‬ند بالش‪44‬رطين‪ 4‬الس‪44‬ابقين إلى أن يتص‪44‬ل ب‪44‬المخبر‪4‬‬
‫به‪.‬‬
‫‪4‬ـ أن يكون علمهم بذلك حصل عن مشاهدة أو سماع‪.‬‬

‫أقسامه‪:‬‬
‫ينقسم المتواتر إلى قسمين‪:‬‬
‫‪1‬ـ لفظي‪ :‬وه‪44‬و م‪44‬ا اش‪44‬ترك روات‪44‬ه في لف‪44‬ظ معين مث‪44‬ل ح‪44‬ديث‪« :‬من‪ 4‬ك‪44‬ذب علي‬
‫متعم ًدا‪ 4‬فليتبوأ مقعده من النار» وحديث‪« :‬المرء مع من أحب»‪.‬‬
‫‪2‬ـ معن‪444‬وي‪ :‬وه‪444‬و م‪444‬ا اختلفت ال‪44 4‬رواة في ألفاظ‪44 4‬ه م‪444‬ع ت‪444‬وافقهم‪ 4‬في معن‪444‬اه مث‪444‬ل‬
‫أحاديث حوض الرسول صلى اهلل عليه وسلم وأحاديث المسح على الخفين‪.‬‬
‫نوع العلم الذي يفيده المتواتر‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫والمت‪44‬واتر يفي‪44‬د العلم اليقي‪44‬ني ال‪44‬ذي يض‪44‬طر اإلنس‪44‬ان إلي‪44‬ه بحيث ال يمكن‪44‬ه دفع‪44‬ه‪،‬‬
‫وهذا هو الحق‪ ،‬فإنَّا نقطع بوج‪44‬ود البالد الغائب‪44‬ة عن‪4‬ا‪ ،‬واألش‪4‬خاص الماض‪44‬ية قبلن‪4‬ا‬
‫جزما خاليا من التردد جاريا مجرى جزمنا بالمشاهدات‪.‬‬
‫ونجزم بذلك ً‬

‫اآلحاد‪:‬‬
‫تعريفه‪ :‬هو ما فقد شرطًا فأكثر من شروط المتواتر السابقة‪.‬‬

‫الذي تفيده‪:‬‬
‫اختلف في أخبار اآلحاد فذهب بعض العلماء إلى أنها ال تفي‪44‬د القط‪44‬ع ال بنفس‪44‬ها‬
‫وال بالقرائن‪ ،‬وإنما تفيد الظن‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬األصل في خبر الواحد أن يفيد الظن وربم‪44‬ا أف‪44‬اد القط‪44‬ع ب‪4‬القرائن‬
‫مثل كونه مرويا في «الصحيحين» وهذا هو الراجح‪.‬‬

‫التعبد بأخبار اآلحاد‪:‬‬


‫سمعا فمن‪ 4‬ذلك‪:‬‬
‫التعبد بأخبار اآلحاد جائز عقالً‪ ،‬وقد قام الدليل عليه ً‬
‫‪1‬ـ إجماع الصحابة رضي اهلل عنهم‪ 4‬على قبولها‪ ،‬فقد اشتهر عنهم الرجوع إليها‬
‫في وقائع ال تنحصر كما في إرث الجدة السدس ودية الجنين‪ ،‬وتوريث الم‪44‬رأة‬
‫من دي ‪44‬ة زوجه ‪44‬ا‪ ،‬وتح ‪44‬ول أه ‪44‬ل قب ‪44‬اء إلى القبل ‪44‬ة في ص ‪44‬التهم‪ ،‬وأخ ‪44‬ذ الجزي ‪44‬ة من‬
‫المجوس كأهل الكتاب‪ ،‬وعامة أفعال الرسول صلى اهلل عليه وسلم في بيوته‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪4‬اء ُك ْم فَا ِس‪ٌ 4 4 4‬ق بِنَبَ ‪4ٍ 4 4‬أ فََتَبَينُ ‪44 4‬وا ﴾‬
‫آمنُ ‪44 4‬وا إن َج‪َ 4 4‬‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫َيه‪44 4‬ا الذ َ‬
‫‪2‬ـ قول ‪44 4‬ه تع ‪44 4‬الى‪ ﴿ :‬ي ‪44 4‬ا أ َ‬
‫[الحج‪44‬رات‪ ،]6:‬وقول‪44‬ه‪َ ﴿ :‬فلَ‪4ْ 4‬وال َن َف‪4َ 4‬ر ِمن ُك‪ِّ 4‬‬
‫‪4‬ل فِ ْرقَ‪4ٍ 4‬ة ِّم ْن ُه ْم طَائَِف‪ 4‬ةٌ لِّ َيت َف َّق ُه‪44‬وا فِي‬
‫ِ ِ‬
‫يح َذ ُرو َن ﴾ [التوبة‪.]122:‬‬ ‫الدِّي ِن َولينذ ُروا َق ْو َم ُه ْ‪4‬م إ َذا َر َجعُوا إلَي ِه ْم لَ َعلَّ ُه ْم ْ‬
‫‪3‬ـ ما تواتر من بعثه صلى اهلل عليه وسلم اآلحاد إلى النواحي لتبليغ األحكام مع‬
‫العلم بتكليف المبعوث إليهم بذلك‪.‬‬
‫‪4‬ـ انعق‪44‬اد اإلجم‪44‬اع في قب‪44‬ول ق‪44‬ول المف‪44‬تي فيم‪44‬ا يخ‪44‬بر ب‪44‬ه عن ظن‪44‬ه وقب‪44‬ول قول‪44‬ه‬
‫فيما يخبر به عن السماع الذي ال شك فيه أولى‪.‬‬

‫تقسيم اآلحاد من حيث رواته قلة وكثرة‪:‬‬


‫تنقسم أخبار اآلحاد من حيث كثرة الرواة وقلتهم إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪3‬ـ غريب‪.‬‬ ‫‪2‬ـ عزيز‪.‬‬ ‫‪1‬ـ مشهور‪.‬‬
‫‪ -1‬المشهور‪ :‬ما قصر في عدد رواته عن درجة الت‪44‬واتر ولم ي‪44‬نزل في طبق‪44‬ة من‬
‫طبقاته عن ثالثة‪.‬‬
‫مثاله حديث‪« :‬المسلم‪ 4‬من سلم المسلمون من لسانه ويده»‪.‬‬
‫‪2‬ـ والعزيز‪ :‬ما نزل سنده ولو في بعض الطبقات إلى اثنين فقط‪.‬‬
‫مثاله حديث‪« :‬ال يؤمن أحدكم حتى أك‪44‬ون أحب إلي‪44‬ه من ول‪44‬ده ووال‪44‬ده والن‪44‬اس‬
‫أجمعين»‪4.‬‬
‫‪3‬ـ والغريب‪ :‬ما نزل سنده ولو في بعض الطبقات إلى واحد‪.‬‬
‫مثال‪44‬ه ح‪44‬ديث عم‪44‬ر بن الخط‪44‬اب رض‪44‬ي اهلل عن‪44‬ه ال‪44‬ذي يجعل‪44‬ه كث‪44‬ير من المص‪44‬نفين‬
‫في الح ‪44‬ديث فاتح ‪44‬ة كتبهم وه ‪44‬و قول ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم‪« :‬إنم ‪44‬ا األعم ‪44‬ال‬
‫بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أقسام اآلحاد من حيث القبول أو الرد‪:‬‬


‫قطعا‪.‬‬
‫من المعلوم أن المتواتر مقبول ً‬
‫‪4‬حيحا‪ ،‬ويك ‪44‬ون حس ‪44‬نًا‪ ،‬وكالهم ‪44‬ا مقب ‪44‬ول‪ ،‬ويك ‪44‬ون‬
‫أم ‪44‬ا خ ‪44‬بر الواح ‪44‬د فيك ‪44‬ون ص ‪ً 4‬‬
‫ض‪44‬عي ًفا وه‪44‬و الم‪44‬ردود وذل‪44‬ك بحس‪44‬ب ق‪44‬رائن الص‪44‬حة والحس‪44‬ن أو أس‪44‬باب ال‪44‬رد‪،‬‬
‫ولكل ضوابط كاآلتي‪:‬‬
‫تاما من غ‪4‬ير‬
‫‪1‬ـ الصحيح‪ 4‬لذاته‪ :‬هو ما اتصل س‪4‬نده برواي‪4‬ة الع‪4‬دل الض‪4‬ابط ض‪4‬بطًا ًّ‬
‫شذوذ وال علة‪.‬‬
‫ولغيره‪ :‬ما خفت فيه شروط الصحيح‪ 4‬لذاته وجبر بكثرة الطرق‪.‬‬
‫‪2‬ـ والحسن لذاته‪ :‬ما خفت فيه شروط الصحيح لذاته ولم يجبر بكثرة الطرق‪.‬‬
‫ولغ‪44 4‬يره‪ :‬ه‪44 4‬و الح‪44 4‬ديث المتوق‪44 4‬ف في‪44 4‬ه إذا ق‪44 4‬امت قرين‪44 4‬ة ت‪44 4‬رجح ج‪44 4‬انب قبول‪44 4‬ه‪،‬‬
‫كحديث مستور الحال إذا تعددت طرقه‪.‬‬
‫‪3‬ـ والض‪4‬عيف‪ :‬ه‪44‬و ال‪4‬ذي لم يتص‪44‬ف بش‪4‬يء من ص‪44‬فات الص‪4‬حيح‪ 4‬وال من ص‪4‬فات‬
‫الحسن‪.‬‬
‫فإيج‪44‬اب ال‪44‬رد‪ :‬إم‪44‬ا س‪44‬قوط من الس‪44‬ند أو طعن في ال‪44‬راوي وتفص‪44‬يل ذل‪44‬ك في فن‬
‫المصطلح‪.‬‬
‫حيث يفرق‪44‬ون بين ك‪44‬ون الس‪4‬اقط واح‪ً 4‬دا أو أك‪44‬ثر‪ ،‬وبين كون‪44‬ه في أول الس‪44‬ند أو‬
‫وسطه أو آخره‪.‬‬
‫أما األصوليون فإنهم يقسمونه‪ 4‬من حيث اتصال السند وانقطاعه إلى قسمين‪:‬‬
‫‪1‬ـ مسند‪.‬‬
‫‪2‬ـ مرسل‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أوالً‪ :‬المسند‪.‬‬
‫اس ‪44‬م مفع ‪44‬ول من اإلس ‪44‬ناد وه ‪44‬و ض ‪44‬م جس ‪44‬م إلى آخ ‪44‬ر‪ ،‬ثم اس ‪44‬تعمل في المع ‪44‬اني‬
‫يقال‪ :‬أسند فالن الخبر إلى فالن إذا نسبه إليه‪.‬‬
‫وفي االص‪44‬طالح‪ :‬م‪44‬ا اتص‪44‬ل س‪44‬نده إلى منته‪44‬اه‪ ،‬ب‪44‬أن يروي‪44‬ه عن ش‪44‬يخه بلف‪44‬ظ يظه‪44‬ر‬
‫منه أنه أخذه عنه وكذلك شيخه عن شيخه متصالً إلى الص‪44‬حابي إلى رس‪44‬ول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المرسل‪.‬‬
‫اسم مفعول من اإلرسال‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬هو رواية الراوي عمن لم يسمع منه‪ ،‬فه‪44‬و على ه‪44‬ذا لم يتص‪44‬ل‬
‫‪4‬اهرا لس‪44‬قوط بعض روات‪44‬ه وس‪44‬واء ك‪44‬ان الس‪44‬اقط واح ‪ً 4‬دا أو أك‪44‬ثر من أي‬
‫س‪44‬نده ظ‪ً 4‬‬
‫موض‪44 4‬ع في الس‪44 4‬ند وه‪44 4‬ذا في اص‪44 4‬طالح األص‪44 4‬وليين خالفً‪44 4‬ا أله‪44 4‬ل الح‪44 4‬ديث إذ‬
‫يخصون اسم المرسل بما سقط منه الصحابي سواء كان وحده أو م‪44‬ع غ‪44‬يره من‬
‫الصحابة والتابعين إذا كان المرسل له صحابيا أو تابعيا‪.‬‬
‫أقسام المرسل‪:‬‬
‫والمراسيل على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ مراسيل الصحابة‪.‬‬
‫‪2‬ـ مراسيل التابعين‪.‬‬
‫‪3‬ـ مراسيل غيرهم ممن‪ 4‬بعدهم‪.‬‬
‫وإليك بيانها‪:‬‬
‫مرسل الصحابة‪:‬‬

‫‪83‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أن يقول الص‪44‬حابي فيم‪4‬ا لم يس‪4‬معه من الن‪4‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم‪ :‬ق‪44‬ال رس‪44‬ول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم كذا ونحو ذلك‪.‬‬
‫متأخرا وحديث‪4‬ه عن أم‪44‬ر متق‪44‬دم‪،‬‬
‫ويعرف عدم سماعه منه ذلك بأن يكون إسالمه ً‬
‫ولم يكن تحم‪44‬ل من رس‪44‬ول اهلل ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم قب‪44‬ل إس‪44‬المه أو بكون‪44‬ه من‬
‫صغار الصحابة ويروي عنه صلى اهلل عليه وسلم ما وق‪44‬ع قب‪44‬ل والدت‪44‬ه‪ ،‬ف‪44‬إذا ق‪44‬در‬
‫أن مث ‪44‬ل ه ‪44‬ذا الص ‪44‬حابي لم يس ‪44‬مع الح ‪44‬ديث من الرس ‪44‬ول ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم‬
‫مشافهة بل سمعه من واسطة فتلك الواسطة يغلب على الظن أنها ص‪44‬حابي آخ‪44‬ر‬
‫إسالما‪ ،‬كأحاديث أبي هري‪44‬رة عم‪44‬ا قب‪44‬ل الس‪44‬نة الس‪44‬ابعة من‬
‫ً‬ ‫أكبر منه أو أسبق منه‬
‫الهج ‪44 4‬رة لت ‪44 4‬أخر إس ‪44 4‬المه إلى تل ‪44 4‬ك الس ‪44 4‬نة‪ ،‬وكأح ‪44 4‬اديث ابن عب ‪44 4‬اس وابن عم ‪44 4‬ر‬
‫ونحوهم‪44‬ا عن أوائ‪44‬ل اإلس‪44‬الم لت‪44‬أخر مول‪44‬دهما‪ ،‬فيك‪44‬ون ه‪44‬ذا المرس‪44‬ل مقب‪44‬والً ألن‬
‫الصحابة كلهم عدول فحكمه‪ 4‬حكم المسند‪.‬‬
‫مرسل التابعي‪:‬‬
‫وإذا أرسل التابعي الحديث فأسنده إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مباش‪44‬رة‬
‫فق ‪44‬د أس ‪44‬قط واس ‪44‬طة بين ‪44‬ه وبين الرس ‪44‬ول ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم‪ ،‬وه ‪44‬ذه الواس ‪44‬طة‬
‫يحتمل أن تكون صحابيا أو تابعيا أو أكثر من ذلك‪.‬‬
‫أما الصحابي فقد علمت عدالته وإن جهل بخالف التابعي فال سبيل إلى الحكم‬
‫عليه ألنه مجهول والحكم على إنسان فرع معرفته‪.‬‬
‫يس ‪44 4‬تثنى من ذل ‪44 4‬ك عن ‪44 4‬د الجمه ‪44 4‬ور مراس ‪44 4‬يل ابن المس ‪44 4‬يب فإنه ‪44 4‬ا تتبعت كله ‪44 4‬ا‬
‫فوجدت مروية عن الصحابة فهي كالمسند لما علم أن الصحابة كلهم عدول‪.‬‬
‫مرسل غير الصحابي والتابعي‪:‬‬

‫‪84‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ه ‪44‬و أن ي ‪44‬روي ش‪44‬خص في أثن‪44‬اء الس‪44‬ند عمن لم يلق ‪44‬ه فيس ‪44‬قط واس‪44‬طة بين‪44‬ه وبين‬
‫الذي روى عنه‪.‬‬
‫حكم المرسل‪:‬‬
‫أ ـ علمنا أن مراسيل الصحابة في حكم المسند فهي حجة وال عبرة بش‪44‬ذوذ من‬
‫شذ ويدل لذلك‪:‬‬
‫‪1‬ـ اتف ‪44‬اق األم ‪44‬ة على قب ‪44‬ول رواي ‪44‬ة ابن عب ‪44‬اس وأمثال ‪44‬ه من أص ‪44‬اغر الص ‪44‬حابة م ‪44‬ع‬
‫إكثارهم من الرواية فبعض روايتهم عن النبي صلى اهلل عليه وسلم مراسيل‪.‬‬
‫ض ‪4‬ا ف‪44‬إن الص‪44‬حابة ق‪44‬د علمت ع‪44‬دالتهم‪ ،‬فال ي‪44‬روون إال عن ص‪44‬حابي غالبً‪44‬ا‬
‫‪2‬ـ وأي ً‬
‫نادرا فال يروون إال عمن‪ 4‬علموا عدالته‪.‬‬
‫وإن رووا عن غيره ً‬
‫ب ـ وأم‪44‬ا مراس‪44‬يل الت‪44‬ابعين فمن بع‪44‬دهم فهي حج‪44‬ة عن‪44‬د مال‪4‬ك وأحم‪44‬د في رواي‪44‬ة‬
‫وأبي حنيف‪44 4‬ة غ‪44 4‬ير حج‪44 4‬ة عن‪44 4‬د الش‪44 4‬افعي وأه‪44 4‬ل الح‪44 4‬ديث إال مراس‪44 4‬يل س‪44 4‬عيد بن‬
‫المسيب كما تقدم‪.‬‬
‫تصرف الراوي في نقله للخبر‪:‬‬
‫للراوي في كيفية نقله للخبر أحوال أربع‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يروي ‪44‬ه باللف ‪44‬ظ ال ‪44‬ذي س ‪44‬مع‪ ،‬وه ‪44‬ذه الحال ‪44‬ة هي األص ‪44‬ل في الرواي ‪44‬ة‪ ،‬وهي‬
‫أفضل أحواله‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يروي‪44‬ه بمعن‪4‬اه‪ ،‬وه‪44‬ذه الحال‪44‬ة ال تج‪4‬وز إال لع‪4‬ارف بم‪4‬دلوالت األلف‪4‬اظ وبم‪44‬ا‬
‫يحيل المعاني‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن يح ‪44‬ذف بعض لف ‪44‬ظ الخ ‪44‬بر‪ ،‬وه ‪44‬ذا ممن ‪44‬وع إذا ك ‪44‬ان المح ‪44‬ذوف ل ‪44‬ه تعل ‪44‬ق‬
‫بالم‪44 4‬ذكور؛ ال إذا لم يكن ل‪44 4‬ه تعل‪44 4‬ق‪ ،‬وكث‪44 4‬ير من الس‪44 4‬لف س‪44 4‬لك ه‪44 4‬ذه الطريق‪44 4‬ة‬

‫‪85‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫فاقتص‪44‬ر في الرواي‪44‬ة على ق‪44‬در الحاج‪44‬ة المس‪44‬تدل عليه‪44‬ا‪ ،‬ال س‪44‬يما في األح‪44‬اديث‬
‫الطويلة‪.‬‬
‫‪4‬ـ أن يزيد في الخبر على ما سمعه من النبي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪ ،‬وه‪44‬ذا ج‪44‬ائز‬
‫إذا ك‪44‬ان م‪44‬ا زاده يتض‪44‬من بي‪44‬ان س‪44‬بب الح‪44‬ديث أو تفس‪44‬ير معن‪44‬اه‪ ،‬لكن بش‪44‬رط أن‬
‫يبين ما زاده حتى يفهم السامع أنه ليس من كالم النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫الشروط المعتبرة في الراوي‪:‬‬
‫يشترط في الراوي أربعة شروط‪:‬‬
‫‪1‬ـ اإلسالم‪ :‬فالكافر ال تقبل روايته ألن‪44‬ه متهم في ال‪44‬دين إال إذا تحم‪44‬ل في كف‪44‬ره‬
‫وأدى بعد إسالمه كما في قصة أبي سفيان مع هرقل‪.‬‬
‫‪2‬ـ التكلي ‪44‬ف وقت األداء‪ :‬فال تقب ‪44‬ل رواي ‪44‬ة الص ‪44‬بي‪ ،‬وم ‪44‬ا س ‪44‬معه في الص ‪44‬غر بع ‪44‬د‬
‫التمي‪44‬يز وأداه بع‪44‬د البل‪44‬وغ مقب‪44‬ول‪ ،‬إلجم‪44‬اع الص‪44‬حابة رض‪44‬ي اهلل عنهم على قب‪44‬ول‬
‫رواي‪44‬ة أص‪44‬اغر الص‪44‬حابة ك‪44‬ابن عب‪44‬اس وابن الزب‪44‬ير ومحم‪44‬ود بن الربي‪44‬ع والحس‪44‬ن‬
‫والحسين ونحوهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ العدال‪44‬ة‪ :‬فال تقب‪44‬ل رواي‪44‬ة الفاس‪44‬ق‪ ،‬وقي‪44‬ل‪ :‬إال المت‪44‬أول إذا لم يكن داعي‪44‬ة إلى‬
‫بدعته‪.‬‬
‫‪4‬ـ الضبط‪ :‬وهو ضبط ص‪44‬در وض‪44‬بط كت‪44‬اب‪ ،‬ف‪44‬إن من ال يحس‪44‬ن ض‪4‬بط م‪4‬ا حفظ‪44‬ه‬
‫عند التحمل ليؤديه على وجهه ال يطمأن إلى روايته وإن لم يكن فاس ًقا‪.‬‬
‫فقيها‪.‬‬
‫مبصرا‪ ،‬وال ً‬
‫حرا‪ ،‬وال ً‬
‫ذكرا‪ ،‬وال ًّ‬
‫وال يشترط في الراوي أن يكون ً‬
‫صيغ األداء‪:‬‬
‫للص ‪44‬حابي في نقل ‪44‬ه الخ ‪44‬بر عن الرس ‪44‬ول ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم ألف ‪44‬اظ‪ ،‬ترتيبه ‪44‬ا‬
‫بحسب القوة كاآلتي‪:‬‬

‫‪86‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪1‬ـ أن يقول‪ :‬س‪4‬معت رس‪4‬ول اهلل ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم‪ ،‬أو ح‪4‬دثني‪ ،‬أو ش‪4‬افهني‪،‬‬
‫أو رأيت‪44‬ه يفع‪44‬ل ك‪44‬ذا ونح‪44‬و ذل‪44‬ك‪ ،‬فه‪44‬ذا اللف‪44‬ظ ال يتط‪44‬رق إلي‪44‬ه احتم‪44‬ال الواس‪44‬طة‬
‫أصالً‪ ،‬وهو حجة بال خالف‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يقول‪ :‬قال رسول اهلل ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم ك‪4‬ذا‪ ،‬فه‪4‬ذا محتم‪4‬ل للواس‪4‬طة‬
‫والظاهر فيه االتصال‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن يقول‪ :‬أمر رسول اهلل ص‪4‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪4‬لم بك‪44‬ذا أو نهى عن ك‪4‬ذا‪ ،‬وه‪44‬ذا‬
‫في‪44‬ه م‪44‬ع احتم‪44‬ال الواس‪44‬طة احتم‪44‬ال أن يك‪44‬ون الص‪44‬حابي ق‪44‬د ظن م‪44‬ا ليس ب‪44‬أمر أو‬
‫نهي أم ‪4ً 4‬را ونهي ‪44‬ا‪ ،‬والص ‪44‬حيح أن ‪44‬ه كس ‪44‬ابقه‪ ،‬وأن الص ‪44‬حابي ال يق ‪44‬ول‪« :‬أم ‪4َ 4‬ر»‪ 4‬أو‬
‫«نهى»‪ 4‬إال بعد سماعه ما هو أمر أو نهي حقيقة‪.‬‬
‫‪4‬ـ أن يق‪44‬ول‪ :‬أُمرن‪44‬ا بك‪44‬ذا أو نهين‪44‬ا عن ك‪44‬ذا‪ ،‬وه‪44‬ذا في‪44‬ه م‪44‬ع االحتم‪44‬الين الس‪44‬ابقين‬
‫عدم تعيين اآلمر أو الناهي أهو النبي صلى اهلل عليه وسلم أم غيره؟‬
‫والص‪44‬حيح أن‪44‬ه ال يحم‪44‬ل إال على أم‪44‬ر رس‪44‬ول اهلل ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم أو نهي‪44‬ه‪،‬‬
‫وفي معناه‪ :‬من السنة كذا‪.‬‬
‫‪5‬ـ أن يق‪44‬ول‪ :‬كن‪44‬ا نفع‪44‬ل ك‪44‬ذا وك‪44‬انوا يفعل‪44‬ون ك‪44‬ذا‪ ،‬فه‪44‬ذا عن‪44‬د إض‪44‬افته إلى زمن‬
‫النب ‪44‬وة حج ‪44‬ة لظه ‪44‬ور إق ‪44‬رارهم علي ‪44‬ه‪ ،‬وق ‪44‬ال أب ‪44‬و الخط ‪44‬اب‪ :‬إن ق ‪44‬ول الص ‪44‬حابي‪:‬‬
‫«كانوا يفعلون كذا» نقل لإلجماع‪.‬‬
‫مراتب ألفاظ الرواية من غير الصحابي‪:‬‬
‫وأللفاظ الرواية من غير الصحابي مراتب بعضها أقوى من بعض وهي‪:‬‬
‫المرتبة األولى‪ :‬قراءة الشيخ على التلميذ في معرض اإلخبار ليروي عنه‪ ،‬وه‪44‬ذه‬
‫المرتب‪44 4‬ة في الغاي‪44 4‬ة في التحم‪44 4‬ل‪ ،‬وهي طريق‪44 4‬ة الرس‪44 4‬ول ص‪44 4‬لى اهلل علي‪44 4‬ه وس‪44 4‬لم‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وللتلميذ في هذه المرتبة أن يقول‪ :‬حدثني أو أخبرني وقال فالن وسمعته يقول‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫المرتب‪44‬ة الثاني‪44‬ة‪ :‬ق‪44‬راءة التلمي‪44‬ذ على الش‪44‬يخ وه‪44‬و يس‪44‬مع فيق‪44‬ول‪ :‬نعم أو يس‪44‬كت‬
‫فتج‪44‬وز الرواي‪44‬ة ب‪44‬ذلك خالفً‪44‬ا لبعض الظاهري‪44‬ة‪ ،‬ويق‪44‬ول التلمي‪44‬ذ في ه‪44‬ذه المرتب‪44‬ة‪:‬‬
‫أخبرني أو حدثني ق‪4‬راءة علي‪4‬ه‪ ،‬وه‪4‬ل يس‪4‬وغ ل‪4‬ه ت‪4‬رك «ق‪4‬راءة علي‪4‬ه»؟ ق‪4‬والن هم‪4‬ا‬
‫روايتان عن أحمد رحمه اهلل‪.‬‬
‫المرتبة الثالثة‪ :‬المناولة‪:‬‬
‫فرعا مقابالً عليه‪ ،‬أو يحضر التلميذ ذلك‬
‫وهي أن يناول الشيخ تلميذه أصله أو ً‬
‫األصل أو فرعه‪ 4‬المقابل عليه‪ ،‬ويقول الشيخ‪ :‬هذا روايتي عن فالن فاروه عني‪.‬‬
‫وم‪44‬ذهب الجمه‪44‬ور‪ :‬ج‪44‬واز الرواي‪44‬ة به‪44‬ا ويق‪44‬ول التلمي‪44‬ذ في ه‪44‬ذه المرتب‪44‬ة‪ :‬ن‪44‬اولني‪،‬‬
‫أو أخبرني أو حدثني مناولة وأجاز بعضهم ترك كلمة «مناولة»‪.‬‬
‫المرتب ‪44‬ة الرابع ‪44‬ة‪ :‬اإلج ‪44‬ازة‪ ،‬وهي أن يق ‪44‬ول الش ‪44‬يخ لتلمي ‪44‬ذه‪ :‬أج ‪44‬زت ل ‪44‬ك رواي ‪44‬ة‬
‫الكتاب الفالني أو ما صح عندك من مسموعاتي‪.‬‬
‫ومذهب الجمهور جواز الرواية بها‪ ،‬ونقل عن أحم‪44‬د أن‪44‬ه ق‪4‬ال‪ :‬ل‪4‬و بطلت لض‪4‬اع‬
‫العلم‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬ومن فوائدها أنه ليس في قدرة كل طالب الرحلة في طلب العلم‪،‬‬
‫ويق‪44‬ول التلمي‪44‬ذ في ه‪44‬ذه المرتب‪44‬ة‪ :‬أج‪44‬ازني‪ ،‬أو يق‪44‬ول‪ :‬أخ‪44‬برني أو ح‪44‬دثني إج‪44‬ازة‪،‬‬
‫وأجاز بعضهم ترك كلمة «إجازة»‪.‬‬

‫أفعال الرسول صلى اهلل عليه وسلم وتقريراته‬


‫أوالً‪ :‬أفعاله عليه الصالة والسالم‪:‬‬

‫‪88‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫تنقسم أفعال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إلى أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ م‪44‬ا ك‪44‬ان يفعل‪44‬ه بمقتض‪44‬ى الجبل‪44‬ة كالقي‪44‬ام والقع‪44‬ود واألك‪44‬ل والش‪44‬رب‪ ،‬فحكم‪44‬ه‬
‫اإلباحة‪.‬‬
‫‪4‬ترددا بين الجبل‪44‬ة والتش‪44‬ريع كوقوف‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم راكبً‪44‬ا‬
‫‪2‬ـ م‪44‬ا ك‪44‬ان م‪ً 4‬‬
‫بعرفة ونزوله بالمحصب‪.‬‬
‫مباح‪44‬ا كم ‪44‬ا تق ‪44‬دم‪ ،‬أو بالتش ‪44‬ريع فيتأس ‪44‬ى ب ‪44‬ه؟ في ‪44‬ه‬
‫فه ‪44‬ل يلح ‪44‬ق ب ‪44‬الجبلي فيك ‪44‬ون ً‬
‫قوالن‪.‬‬
‫‪3‬ـ م‪44‬ا ثبتت خصوص‪44‬يته ب‪44‬ه مث‪44‬ل ج‪44‬واز جمع‪44‬ه بين أك‪44‬ثر من أرب‪44‬ع نس‪44‬وة بالنك‪44‬اح‬
‫‪4‬ك ﴾ [األح‪44‬زاب‪ ،]50:‬وكن‬ ‫‪4‬ك أَ ْز َو َ‬
‫اج‪َ 4‬‬ ‫َيه‪44‬ا النَّبِي إنَّا أ ْ‬
‫َحلَلْنَ‪44‬ا لَ‪َ 4‬‬ ‫لقوله تعالى‪ ﴿ :‬يا أ َ‬
‫ك ِمن ُد ِ‬
‫ون‬ ‫ص‪4 4‬ةً لَّ َ‬ ‫ِ‬
‫أك ‪44‬ثر من أرب ‪44‬ع‪ ،‬ونك ‪44‬اح الواهب ‪44‬ة نفس ‪44‬ها لقول ‪44‬ه تع ‪44‬الى‪َ ﴿ :‬خال َ‬
‫ين ﴾ [األحزاب‪ ]50:‬فهذا ال شركة ألحد معه فيه‪.‬‬ ‫ال ُْم ْؤ ِمنِ َ‪4‬‬
‫‪ 4‬ـ ما كان بيانًا لنص قرآن كقطعه صلى اهلل عليه وسلم يد الس‪44‬ارق من الك‪44‬وع‬
‫س ‪4‬ا ِرقَةُ فَ‪44‬اقْطَعُوا أَي‪4ِ 4‬د ُيه َما ﴾ [المائ‪44‬دة‪،]38:‬‬ ‫س ‪4‬ا ِر ُق َوال َّ‬‫بيانً‪44‬ا لقول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬وال َّ‬
‫ِ‬
‫ص‪4‬الةَ ﴾ [البق‪44‬رة‪:‬‬ ‫وكأعمال الحج والصالة فهما بيان لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬وأَق ُ‬
‫يموا ال َّ‬
‫اع إلَ ِيه َسبِيالً ﴾‬
‫استَطَ َ‬‫يت َم ِن ْ‬ ‫َّاس ِح ُّج الْب ِ‬ ‫‪ ،]43‬وقوله‪َ ﴿ :‬ولِلَّ ِه َعلَى الن ِ‬
‫َ‬
‫[آل عم ‪44‬ران‪ ،]97:‬ول ‪44‬ذا ق ‪44‬ال ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم‪«:‬ص ‪44‬لوا كم ‪44‬ا رأيتم ‪44‬وني‬
‫أصلي»‪ ،‬وقال‪« :‬خذوا عني مناسككم»‪.‬‬
‫فه‪44‬ذا القس‪44‬م حكم‪44‬ه لألم‪44‬ة حكم الم‪44‬بين ـ ب‪44‬الفتح ـ ففي الوج‪44‬وب واجب‪ ،‬وفي‬
‫غيره بحسبه‪.‬‬
‫‪5‬ـ ما فعله صلى اهلل عليه وسلم ال لجبل‪44‬ة وال لبي‪4‬ان ولم تثبت خصوص‪4‬يته‪ ،‬فه‪4‬ذا‬
‫على قسمين‪:‬‬

‫‪89‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أ ـ أن يعلم حكم ‪44‬ه بالنس ‪44‬بة إلى الرس ‪44‬ول ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم من وج ‪44‬وب أو‬
‫ن‪44‬دب أو إباح‪44‬ة‪ ،‬فيك‪44‬ون حكم‪44‬ه لألم‪44‬ة ك‪44‬ذلك كص‪44‬الته ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم في‬
‫الكعب‪44‬ة‪ ،‬وق‪44‬د علمن‪44‬ا أنه‪44‬ا في حق‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم ج‪44‬ائزة‪ ،‬فهي لألم‪44‬ة على‬
‫الجواز‪.‬‬
‫ب ـ أن ال يعلم حكمه بالنسبة إليه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم وفي ه‪44‬ذا القس‪44‬م أربع‪44‬ة‬
‫أقوال‪:‬‬
‫‪1‬ـ الوج‪44‬وب‪ :‬عمالً ب‪44‬األحوط وه‪44‬و ق‪44‬ول أبي حنيف‪44‬ة وبعض الش‪44‬افعية ورواي‪44‬ة عن‬
‫أحمد‪.‬‬
‫‪2‬ـ الن ‪44‬دب‪ :‬لرجح ‪44‬ان الفع ‪44‬ل على ال ‪44‬ترك وه ‪44‬و ق ‪44‬ول بعض الش ‪44‬افعية ورواي ‪44‬ة عن‬
‫ضا‪.‬‬
‫أحمد أي ً‬
‫‪3‬ـ اإلباح ‪44‬ة‪ :‬ألنه ‪44‬ا الم ‪44‬تيقن ولكن ه ‪44‬ذا فيم ‪44‬ا ال قرب ‪44‬ة في ‪44‬ه إذ القرب ‪44‬ة ال توص ‪44‬ف‬
‫باإلباحة‪.‬‬
‫‪4‬ـ التوقف‪ :‬لعدم معرفة المراد‪ ،‬وهو ق‪44‬ول المعتزل‪44‬ة‪ ،‬وه‪44‬ذا أض‪44‬عف األق‪44‬وال ألن‬
‫التوقف ليس فيه تأس‪.‬‬
‫فتحصل لنا من هذه األقوال األربع‪44‬ة أن الص‪44‬حيح الفع‪44‬ل تأس‪44‬يا برس‪44‬ول اهلل ص‪44‬لى‬
‫اهلل عليه وسلم وجوبًا أو ندبًا‪.‬‬
‫ومثلوا لهذا الفعل بخلعه ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم نعل‪4‬ه في الص‪4‬الة فخل‪4‬ع الص‪4‬حابة‬
‫كلهم نعالهم‪.‬‬
‫فلما انتهى صلى اهلل عليه وسلم سألهم عن خلعهم نع‪44‬الهم‪ ،‬ق‪44‬الوا‪ :‬رأين‪44‬اك فعلت‬
‫ففعلن‪44‬ا‪ ،‬فق‪44‬ال لهم‪« :‬أت‪44‬اني جبري‪44‬ل وأخ‪44‬برني أن في نعلي أذى فخلعتهم‪44‬ا»‪ 4،‬فإن‪44‬ه‬

‫‪90‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أق ‪44‬رهم على خلعهم تأس ‪44‬يا ب ‪44‬ه ولم يعب عليهم م ‪44‬ع أنهم لم يعلم ‪44‬وا الحكم قب ‪44‬ل‬
‫إخباره إياهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقريراته صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬


‫وتلحق تقريراته‪ 4‬صلى اهلل عليه وسلم بأفعاله‪ ،‬فكل أم‪4‬ر أق‪4‬ر علي‪4‬ه ولم ينك‪4‬ر على‬
‫فاعله فحكمه‪ 4‬حكم فعله صلى اهلل عليه وسلم قوالً كان ذلك األمر أو فعالً‪.‬‬
‫‪4‬افرا أو مناف ًق‪4‬ا فال ي‪4‬دل‬
‫‪4‬ادا لش‪4‬رع‪ ،‬ف‪4‬إن ك‪4‬ان ك ً‬
‫هذا إذا كان اإلنس‪44‬ان المق‪44‬رر منق ً‬
‫تقريره له على الجواز كتقريره ص‪4‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪4‬لم ال‪44‬ذي على الفط‪4‬ر في نه‪4‬ار‬
‫رمض‪44‬ان‪ ،‬فمث‪44‬ال تقري‪44‬ره على الق‪44‬ول تقري‪44‬ره ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم أب‪44‬ا بك‪44‬ر رض‪44‬ي‬
‫اهلل عنه على قوله بإعط‪4‬اء س‪44‬لب القتي‪4‬ل لقاتل‪4‬ه ومث‪4‬ال تقري‪4‬ره على الفع‪4‬ل‪ :‬تقري‪44‬ره‬
‫ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم خال‪44‬د ابن الولي‪44‬د على أك‪44‬ل الض‪44‬ب‪ ،‬وحس‪44‬ان على إنش‪44‬اد‬
‫الشعر في المسجد‪.‬‬
‫هذا فيما رآه صلى اهلل عليه وسلم أو سمعه أو بلغه فأقره‪.‬‬
‫وكذلك استبشاره صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬كاستبشاره صلى اهلل عليه وسلم بقول‬
‫مجزز الدلجي ـ وقد بدت أقدام زيد بن حارثة وابن‪4‬ه أس‪4‬امة رض‪44‬ي اهلل عنهم‪44‬ا من‬
‫تحت الغط‪44‬اء ـ أن ه‪44‬ذه األق‪44‬دام بعض‪44‬ها من بعض‪ ،‬ألن‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم ال‬
‫يقر على باطل وال يستبشر لباطل‪.‬‬
‫ولذا قال الشافعي وأحمد رحمهما اهلل بإثبات النسب عن طريق القافة‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ال ـقـي ـ ــاس‬


‫تعريفه‪:‬‬
‫القياس في اللغة‪ :‬التقدير والتسوية‪ ،‬تقول‪ :‬قست الثوب بال‪44‬ذراع إذا قدرت‪44‬ه ب‪44‬ه‪،‬‬
‫وفالن يقاس بفالن‪ ،‬أي يسوى به‪.‬‬
‫وفي االص‪4‬طالح ه‪4‬و‪ :‬إلح‪4‬اق ف‪4‬رع بأص‪4‬ل في حكم لج‪4‬امع بينهم‪4‬ا كإلح‪4‬اق األرز‬
‫ب‪44‬البر في تح‪44‬ريم الرب‪44‬ا لج‪44‬امع ه‪44‬و الكي‪44‬ل عن‪44‬د الحنابل‪44‬ة واالقتي‪44‬ات واالدخ‪44‬ار عن‪44‬د‬
‫المالكية والطعم عند الشافعية‪.‬‬

‫إثبات القياس على منكريه‪:‬‬


‫‪4‬رعا عن ‪44‬د الجمه ‪44‬ور ومنهم األئم ‪44‬ة األربع ‪44‬ة‬
‫التعب ‪44‬د بالقي ‪44‬اس ج ‪44‬ائز عقالً وواق ‪44‬ع ش ‪ً 4‬‬
‫رحمهم اهلل واستدلوا إلثباته بأدلة كثيرة منها‪:‬‬
‫ِ‬
‫‪1‬ـ قوله تعالى‪ ﴿ :‬فَا ْعتَبِ ُروا يا أ ُْولي األَبْ َ‬
‫صا ِر ﴾ [الحشر‪ ]2:‬واالعتبار من العبور‬
‫وه ‪44‬و االنتق ‪44‬ال من ش ‪44‬يء إلى آخ ‪44‬ر والقي‪44‬اس في ‪44‬ه انتق ‪44‬ال ب ‪44‬الحكم من األص ‪44‬ل إلى‬
‫مأمورا به‪.‬‬
‫ً‬ ‫الفرع فيكون‬
‫‪2‬ـ تص ‪44‬ويب الن ‪44‬بي ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم لمع ‪44‬اذ رض ‪44‬ي اهلل عن ‪44‬ه حين ق ‪44‬ال‪ :‬إن ‪44‬ه‬
‫يجته ‪44‬د حيث ال كت ‪44‬اب وال س ‪44‬نة ف ‪44‬إن االجته ‪44‬اد حيث ال نص يك ‪44‬ون باإللح ‪44‬اق‬
‫بالمنصوص‪.‬‬
‫‪3‬ـ قول ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم للخثعمي ‪44‬ة حين س ‪44‬ألته عن الحج عن الوال ‪44‬دين‪:‬‬
‫«أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفع‪4‬ه؟» ق‪4‬الت‪ :‬نعم‪ ،‬ق‪4‬ال‪« :‬ف‪4‬دين‪4‬‬
‫اهلل أحق أن يقضى»‪ 4‬فهو تنبيه منه صلى اهلل عليه وسلم على قياس دين الخلق‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪4‬ـ قول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم لعم‪44‬ر حين س‪44‬أله عن القبل‪44‬ة للص‪44‬ائم‪« :‬أرأيت ل‪44‬و‬
‫تمضمضت»‪ 4‬فهو قياس للقبلة على المضمضة‪4.‬‬
‫غالم‪4‬ا أس‪4‬ود‪ ،‬فمث‪4‬ل ل‪4‬ه الن‪4‬بي ص‪4‬لى اهلل علي‪4‬ه‬
‫‪5‬ـ قصة الرجل ال‪4‬ذي ول‪4‬دت امرأت‪4‬ه ً‬
‫وس ‪44‬لم باإلب ‪44‬ل الحم ‪44‬ر ال ‪44‬تي يك ‪44‬ون األورق من أوالدهم ‪44‬ا‪ ،‬ووج ‪44‬ه االس ‪44‬تدالل من‬
‫القص‪44‬ة‪ :‬أن الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم ق‪44‬اس ول‪44‬د ه‪44‬ذا الرج‪44‬ل المخ‪44‬الف للون‪44‬ه‬
‫بولد اإلبل المخالف لونه أللوانها‪ ،‬وذكر العلة الجامعة وهي نزع العرق‪.‬‬
‫أركان القياس وتعريف كل ركن‪:‬‬
‫ظهر لنا من تعريف القياس أنه ال بد فيه من أربعة أركان هي‪:‬‬
‫‪1‬ـ أص‪44‬ل مقيس علي‪44‬ه‪ :‬وه‪44‬و المح‪44‬ل ال‪44‬ذي ثبت حكم‪44‬ه وألح‪44‬ق ب‪44‬ه غ‪44‬يره ك‪44‬الخمر‬
‫ثبت لها التحريم وألحق بها النبيذ‪.‬‬
‫‪2‬ـ فرع ملحق باألصل‪ :‬وهو في اللغة ما تولد عن غيره والنهي عليه‪.‬‬
‫وفي اص‪44‬طالح األص‪44‬وليين‪ :‬المح‪44‬ل المطل‪44‬وب إلحاق‪44‬ه بغ‪44‬يره في الحكم‪ ،‬كالنبي‪44‬ذ‬
‫طلب إلحاقه بالخمر في حكمها وهو التحريم‪.‬‬
‫‪3‬ـ عل‪44‬ة تجم‪44‬ع بين األص‪44‬ل والف‪44‬رع‪ :‬وهي المع‪44‬نى المش‪44‬ترك بين األص‪44‬ل والف‪44‬رع‬
‫المقتض‪44‬ي إثب‪44‬ات الحكم كاإلس‪44‬كار المس‪44‬تدعي‪ 4‬إلح‪44‬اق النبي‪44‬ذ ب‪44‬الخمر في حكم‬
‫التحريم‪.‬‬
‫‪4‬ـ الحكم الث ‪44‬ابت لألص ‪44‬ل المقيس علي ‪44‬ه‪ :‬وه ‪44‬و األم ‪44‬ر المقص ‪44‬ود‪ 4‬إلح ‪44‬اق الف ‪44‬رع‬
‫باألصل فيه كالقصاص أثبت في القتل بالمثقل إلحاقًا له بالقتل بالمحدد‪.‬‬
‫شروط القياس‪:‬‬
‫وللقياس شروط يجب توفرها فيه لصحته منها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬شروط األصل‪:‬‬

‫‪93‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪1‬ـ يشترط في األصل الذي هو المقيس عليه أن يكون الحكم في‪44‬ه ثابتً‪44‬ا بنص أو‬
‫إجماع أو اتفاق الخصمين‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن ال يك‪44‬ون مع‪4‬دوالً ب‪44‬ه عن قاع‪4‬دة عام‪44‬ة مث‪44‬ل بي‪4‬ع العراي‪4‬ا وش‪44‬هادة خزيم‪44‬ة فال‬
‫يص‪44‬حان أص ‪4‬الً يق‪44‬اس علي‪44‬ه ألن الحكم في القي‪44‬اس مط‪44‬رد والخ‪44‬ارج عن القاع‪44‬دة‬
‫مطردا خالفًا لمن يجيز القياس في الرخص فيجوز العري‪44‬ة في العنب‬
‫العامة ليس ً‬
‫قياسا على الرطب‪.‬‬
‫والتين ً‬
‫‪4‬اء على الق‪44‬ول ب‪44‬أن األص‪44‬ل ه‪44‬و نفس الحكم‪ ،‬ال‬
‫وم‪44‬ا ذك‪44‬ر في ه‪44‬ذين الش‪44‬رطين‪ 4‬بن‪ً 4‬‬
‫محل لحكم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط الفرع‪ ،‬ويشترط في الفرع شرطان‪:‬‬
‫‪1‬ـ وجود علة األصل فيه ألنها مناط تعدية الحكم إليه‪.‬‬
‫منصوصا على حكمه‪ ،‬فإن كان لم يحتج إلى قياسه على غيره‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪2‬ـ أن ال يكون‬
‫ثالثًا‪ :‬شروط حكم األصل‪ ،‬ويشترط في حكم األصل شرطان‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يكون الفرع مساويا له في األصل كقياس األرز على البر في تحريم الربا‬
‫فإن كان الحكم في الفرع أزيد منه في األصل أو أنقص لم يصح القي‪44‬اس‪ ،‬ك‪44‬أن‬
‫يكون حكم األصل الوجوب وحكم الفرع الندب أو العكس‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يك ‪44‬ون ش ‪44‬رعيا‪ ،‬ال عقلي ‪44‬ا فال يثبت ذل ‪44‬ك بالقي ‪44‬اس ألن ‪44‬ه يطلب في ‪44‬ه اليقين‬
‫والقياس يفيد الظن‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬شروط العلة‪ ،‬ويشترط في العلة شرطان‪:‬‬
‫ً‬
‫‪1‬ـ أن تكون العلة متعدية فإن ك‪44‬انت قاص‪44‬رة على محله‪44‬ا امتن‪44‬ع القي‪44‬اس به‪4‬ا لع‪44‬دم‬
‫تعديها إلى الفرع‪.‬‬
‫مثال ذلك‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫جعل شهادة خزيمة كشهادة رجلين لعلة سبقه إلى تص‪4‬ديق‪ 4‬الن‪4‬بي ص‪4‬لى اهلل علي‪44‬ه‬
‫وسلم بنوع من التصديق لم يسبقه إليه غيره‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن تك ‪44‬ون كاإلس ‪44‬كار فكلم ‪44‬ا وج ‪44‬د اإلس ‪44‬كار في ش ‪44‬يء وج ‪44‬د التح ‪44‬ريم في ‪44‬ه‪،‬‬
‫وك‪44‬الطعم والكي‪44‬ل فكلم‪44‬ا وج‪44‬د الكي‪44‬ل أو الطعم في ش‪44‬يء ح‪44‬رم الرب‪44‬ا في‪44‬ه‪ ،‬ف‪44‬إذا‬
‫تخلفت فإن ك‪44‬ان تخلفه‪44‬ا لم‪44‬انع فال تبط‪44‬ل كم‪44‬ا ل‪44‬و قي‪44‬ل‪ :‬القت‪44‬ل العم‪44‬د ‪ ،‬الع‪44‬دوان‬
‫علة للقصاص وقد تخلفت في قتل الوالد لولده عدوانًا إذ إنه ال يقتل به فيقال‪:‬‬
‫إنها تخلفت لمانع هو األبوة فال تبطل في غ‪44‬ير األب‪ ،‬فكلم‪44‬ا وج‪44‬د القت‪44‬ل العم‪44‬د‬
‫العدوان من غير األب ونحوه وجب القصاص‪.‬‬
‫وإن كان تخلفها من غير مانع فال يصح التعلي‪44‬ل به‪44‬ا كم‪44‬ا ل‪44‬و قي‪44‬ل‪ :‬تجب الزك‪44‬اة‬
‫في المواش‪44‬ي قيا ًس ‪4‬ا على األم‪44‬وال بج‪44‬امع دف‪44‬ع حاج‪44‬ة الفق‪44‬ير فيق‪44‬ال‪ :‬إن التعلي‪44‬ل‬
‫بدفع حاجة الفقير قد تخلف عنها الحكم في الجواهر مثالً‪.‬‬

‫تقسيم القياس‪:‬‬
‫تقسيم القياس إلى قطعي وظني‪ ..‬أو جلي وخفي‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬القياس القطعي‪:‬‬
‫تعريف ‪44‬ه‪ :‬ه ‪44‬و م‪44‬ا ال يحت ‪44‬اج مع ‪44‬ه إلى التع ‪44‬رض للعل ‪44‬ة الجامع ‪44‬ة ب‪44‬ل يكتفى في ‪44‬ه بنفي‬
‫الفارق المؤثر في الحكم كإلغاء الفارق بين الب‪44‬ول في الم‪44‬اء الراك‪44‬د والب‪44‬ول في‬
‫إناء وصبه فيه‪ ،‬وهو أنواع منها‪:‬‬
‫‪1‬ـ م‪44‬ا ك‪44‬ان المس‪44‬كوت عن‪44‬ه أولى ب‪44‬الحكم من المنط‪44‬وق م‪44‬ع القط‪44‬ع بنفي الف‪44‬ارق‬
‫كإلح ‪44‬اق مثق ‪44‬ال الحب بمثق ‪44‬ال ال ‪44‬ذرة في المؤاخ ‪44‬ذة‪ ،‬وإلح ‪44‬اق ض ‪44‬رب الوال ‪44‬دين‬

‫‪95‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫بالت‪44‬أفيف في التح‪44‬ريم‪ ،‬وإلح‪44‬اق م‪44‬ا دون القنط‪44‬ار وف‪44‬وق ال‪44‬دينار بهم‪44‬ا في التأدي‪44‬ة‬
‫من بعض أهل الكتاب إذا ائتمن عليه في األول والمطل من بعضهم‪ 4‬في الثاني‪.‬‬
‫‪2‬ـ ما كان المسكوت عن‪44‬ه مس‪44‬اويا للمنط‪44‬وق في الحكم م‪44‬ع القط‪44‬ع بنفي الف‪44‬ارق‬
‫كإلحاق إغراق‪ 4‬مال اليتيم وإحراقه بأكله في التحريم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القياس الظني‪:‬‬
‫القي‪44‬اس الظ‪44‬ني ه‪44‬و‪ :‬م‪44‬ا اح‪44‬تيج في‪44‬ه إلى البحث عن العل‪44‬ة الجامع‪44‬ة كإلح‪44‬اق األرز‬
‫بالبر في تحريم الربا بجامع الكيل‪.‬‬
‫فتحصل من هذا أن لإللحاق طريقتين‪ :‬إلحاق بنفي الفارق وإلحاق بالجامع‪.‬‬
‫تقسيم القياس باعتبار التصريح بالعلة وعدمه‪:‬‬
‫ينقسم القياس بهذا االعتبار إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ قي‪44‬اس العل‪44‬ة‪ :‬وه‪44‬و م‪44‬ا جم‪44‬ع في‪44‬ه بالوص‪44‬ف المناس‪44‬ب المش‪44‬تمل على المص‪44‬لحة‬
‫الصالحة لترتيب الحكم عليها كقياس النبيذ على الخمر بجامع اإلسكار‪.‬‬
‫‪2‬ـ قي‪44‬اس الدالل‪44‬ة‪ :‬وه ‪44‬و م ‪44‬ا جم‪44‬ع في ‪44‬ه بين األص‪44‬ل والف ‪44‬رع بم‪44‬ا ي‪44‬دل على العل‪44‬ة‬
‫ويرش‪44‬د إليه‪44‬ا كقي‪44‬اس النبي‪44‬ذ على الخم‪44‬ر بج‪44‬امع الرائح‪44‬ة الكريه‪44‬ة والش‪44‬دة الدال‪44‬ة‬
‫على العلة وهي اإلسكار‪.‬‬
‫‪3‬ـ قي‪4‬اس في مع‪44‬نى األص‪4‬ل‪ :‬وه‪44‬و م‪4‬ا اكتفي في‪4‬ه بنفي الف‪4‬ارق الم‪4‬ؤثر في الحكم‪،‬‬
‫وهو مفهوم الموافقة‪ 4،‬والقي‪44‬اس الجلي كقي‪44‬اس األم‪44‬ة على العب‪44‬د في تق‪44‬ويم حص‪44‬ة‬
‫الشريك على شريكه المعتق نصيبه‪.‬‬
‫قياس الشبه‪:‬‬
‫إذا شابه الفرع أصلين مختلفين وحصل تردد بأيهما يلحق فهو قياس الشبه‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫مثاله‪ :‬إذا قتل العبد مثالً فهل يلحق بالحر فتكون في‪4‬ه الدي‪4‬ة‪ ،‬أو بالمت‪44‬اع فتك‪4‬ون‬
‫فيه القيمة؟‬
‫فمن‪ 4‬جه‪44‬ة أن‪44‬ه إنس‪44‬ان مكل‪44‬ف ش‪44‬ابه الح‪44‬ر‪ ،‬وفي الح‪44‬ر الدي‪44‬ة‪ ،‬ومن جه‪44‬ة أن‪44‬ه يب‪44‬اع‬
‫وي ‪44 4‬وهب وي ‪44 4‬ورث ش ‪44 4‬ابه المت ‪44 4‬اع وفي المت ‪44 4‬اع القيم ‪44 4‬ة فق ‪44 4‬د جم ‪44 4‬ع بين ش ‪44 4‬بهين‬
‫مختلفين‪ ،‬شبه الح‪4‬ر في‪4‬وجب الدي‪4‬ة‪ ،‬وش‪4‬به المت‪4‬اع في‪4‬وجب القيم‪4‬ة‪ ،‬وله‪4‬ذا س‪4‬مي‬
‫قي ‪44‬اس الش ‪44‬به‪ ،‬ثم وج ‪44‬دناه ألص ‪44‬ق بأح ‪44‬دهما في الحكم الش ‪44‬رعي‪ 4‬حيث إن ‪44‬ه يب ‪44‬اع‬
‫وي‪44‬وهب وي‪44‬ورث ب‪44‬ل وتض‪44‬من أج‪44‬زاؤه بالقيم‪44‬ة فه‪44‬ذه كله‪44‬ا رجحت ش‪44‬بهه بالم‪44‬ال‬
‫فلحق به في الضمان‪.‬‬
‫تقسيم العلة باعتبار مجاري االجتهاد فيها‪:‬‬
‫تنقسم العلة بهذا االعتبار إلى ثالثة أقسام‪ :‬تحقيق العلة‪ ،‬وتنقيحها‪ ،‬وتخريجها‪.‬‬
‫إال أن عادة األصوليين جرت بإضافة هذه المصادر الثالثة إلى أحد ألق‪44‬اب العل‪44‬ة‬
‫وه‪44‬و المن‪44‬اط‪ ،‬والمن‪44‬اط مش‪44‬تق من الن‪44‬وط وهي تعلي‪44‬ق الش‪44‬يء بش‪44‬يء آخ‪44‬ر فل‪44‬ذا‬
‫أطلق الفقهاء المناط على متعلق الحكم وهو العلة الجامعة بين األصل والفرع‪.‬‬
‫األول‪ :‬تحقيق المناط‪:‬‬
‫وه‪44‬و البحث عن وج‪44‬ود العل‪44‬ة فى الف‪44‬رع واالجته‪44‬اد فى تحقيقه‪44‬ا في‪44‬ه بع‪44‬د النص‬
‫عليها أو االتفاق عليها في ذاتها وهو قسمان‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن تكون القاعدة الكلية منصوص‪44‬ا أو متف ًق‪44‬ا عليه‪44‬ا وإنم‪44‬ا يبحث المجته‪4‬د‪ 4‬عن‬
‫تحقيقه‪44‬ا في آح‪44‬اد الص‪44‬ور وتطبيقه‪44‬ا على الجزئي‪44‬ات‪ ،‬فالقاع‪44‬دة مث‪44‬ل قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪:‬‬
‫َّع ِم ﴾ [المائدة‪.]95:‬‬ ‫ِ‬
‫﴿ فَ َج َزاءٌ ِّمثْ ُل َما َقتَ َل م َن الن َ‬

‫‪97‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪4‬ارا‬
‫والج‪44‬زئي‪ :‬ال‪44‬ذي حققت في‪44‬ه إيج‪44‬اب بق‪44‬رة على من ه‪44‬و ص‪44‬اد وه‪44‬و مح‪44‬رم حم‪ً 4‬‬
‫وحش‪44‬يا للمماثل‪44‬ة بينهم‪44‬ا في نظ‪44‬ر المجته‪44‬د‪ ،‬وه‪44‬ذا الن‪44‬وع متف‪44‬ق علي‪44‬ه وليس من‬
‫القياس في شيء‪.‬‬
‫‪2‬ـ البحث عن وج‪44‬ود العل‪44‬ة في الف‪44‬رع بع‪44‬د االتف‪44‬اق عليه‪44‬ا في ذاته‪44‬ا ك‪44‬العلم ب‪44‬أن‬
‫السرقة‪ 4‬هي من‪4‬اط القط‪4‬ع فيحق‪4‬ق‪ 4‬المجته‪4‬د‪ 4‬وجوده‪4‬ا في النبَّاش ألخ‪4‬ذه الكفن من‬
‫حرز مثله خفية‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تنقيح المناط‪:‬‬
‫التنقيح في اللغ ‪44‬ة‪ ،‬الته ‪44‬ذيب والتص ‪44‬فية؛ فتنقيح المن ‪44‬اط ته ‪44‬ذيب العل ‪44‬ة وتص ‪44‬فيتها‬
‫بإلغاء ما ال يصلح للتعديل واعتبار الصالح له‪.‬‬
‫مث‪44‬ال ذل‪44‬ك‪ :‬قص‪44‬ة األع‪44‬رابي ال‪44‬ذي ج‪44‬اء إلى الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم يض‪44‬رب‬
‫ص‪44 4 4‬دره وينت‪44 4 4‬ف ش‪44 4 4‬عره وه‪44 4 4‬و يق‪44 4 4‬ول‪ :‬هلكت وأهلكت واقعت أهلي في نه‪44 4 4‬ار‬
‫رمضان‪ ،‬فق‪44‬ال ل‪44‬ه الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬أعت‪44‬ق رقب‪44‬ة‪»...‬الح‪44‬ديث‪.‬فكون‪4‬ه‪4‬‬
‫أعرابيا‪ ،‬وكون الموطوءة زوجته‪ ،‬وكونه جاء يض‪44‬رب ص‪44‬دره وينت‪4‬ف ش‪44‬عره مثالً‬
‫كلها أوصاف ال تصلح للتعليل فتلغى‪.‬‬
‫فل ‪44‬و وطئ حض ‪44‬ري س ‪44‬ريته في نه ‪44‬ار رمض ‪44‬ان وج ‪44‬اء بت ‪44‬ؤدة وطمأنين ‪44‬ة يس ‪44‬أل عم ‪44‬ا‬
‫يجب عليه ألجيب بوجوب الكفارة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬تخريج المناط‪:‬‬
‫وهو أن ينص الش‪44‬ارع على حكم دون علت‪44‬ه فيس‪44‬تخرج المجته‪44‬د علت‪44‬ه باجته‪44‬اده‬
‫ونظره في محل الحكم‪.‬‬
‫مث‪4‬ال ذل‪4‬ك‪ :‬ال‪4‬بر نُص على حكم‪4‬ه وه‪4‬و تح‪4‬ريم‪ 4‬الرب‪4‬ا دون العل‪4‬ة‪ ،‬ف‪4‬رأى المجته‪4‬د‪4‬‬
‫بعد البحث أنها الكيل مثالً فقاس عليه األرز ونحوه‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫مسالك العلة‪:‬‬
‫مسالك العلة هي طرقها الدالة عليها وهي كثيرة نذكر منها ثالثة‪:‬‬
‫المس‪444‬لك األول‪ :‬النص الص‪444‬ريح على العل‪444‬ة وه‪444‬و م‪444‬ا ي‪444‬دل على التعلي‪444‬ل بلف‪444‬ظ‬
‫موض‪44‬وع ل‪44‬ه في لغ‪44‬ة الع‪44‬رب مث‪44‬ل‪« :‬من أج‪44‬ل» كم‪44‬ا في قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ِ ﴿ :‬م ْن أ ْ‪4‬‬
‫َج ِ‪4‬ل‬
‫يل ﴾ [المائ‪44 4‬دة‪ ،]32:‬اآلي‪44 4‬ة ومث‪44 4‬ل‪« :‬إنم‪44 4‬ا جع‪44 4‬ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪4‬ك َكتَْبنَ‪44 4‬ا َعلَى بَني إ ْس ‪َ 4 4‬رائ َ‬ ‫ذَلِ‪َ 4 4‬‬
‫ض‪ِ 4‬هم‬‫االستئذان من أجل البصر»‪ ،‬ومثل «الباء» كما في قوله تع‪4‬الى‪ ﴿ :‬فَبِم‪4‬ا َن ْق ِ‬
‫َ‬
‫َّاه ْم ﴾ [المائ‪44 4 4 4‬دة‪ ]13:‬ومث‪44 4 4 4‬ل «الالم» كم‪44 4 4 4‬ا في قول‪44 4 4 4‬ه تع‪44 4 4 4‬الى‪:‬‬ ‫ِّميثَ‪44 4 4 4‬ا َق ُه ْم لَ َعن ُ‬
‫َّاس ﴾ [البق‪44‬رة‪،]143:‬‬ ‫اء َعلَى الن ِ‬ ‫ك َج َعلْنَ‪44‬ا ُك ْم أ َُّمةً َو َس‪4‬طًا لِّتَ ُكونُ‪44‬وا ُش‪َ 4‬ه َد َ‬ ‫﴿ َو َك َذلِ َ‬
‫ون ﴾ [ال‪444‬ذاريات‪ ،]56:‬ومث‪444‬ل‬ ‫ْج َّن واإلنس إالَّ لِ ْيعب ‪ُ 44‬د ِ‬ ‫وقول‪44 4‬ه‪ ﴿ :‬وم‪444‬ا َخلَ ْق ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ت ال َ َ‬ ‫ََ‬
‫ياء ﴾ [الحشر‪.]7:‬‬ ‫«كي» كما في قوله تعالى‪َ ﴿ :‬كي ال ي ُكو َن دولَةً بين األَ ْغنِ ِ‬
‫ُ ََ‬
‫المسلك الث‪4‬اني‪ :‬النص الم‪4‬ومئ إلى العل‪4‬ة‪ ،‬ويس‪4‬مى اإليم‪4‬اء والتنبي‪4‬ه‪ ،‬وض‪4‬ابطه أن‬
‫يقترن الحكم بوصف على وجه ل‪4‬و لم يكن عل‪4‬ة لك‪4‬ان الكالم معيبً‪44‬ا عن‪4‬د العقالء‬
‫وهو أقسام منها‪:‬‬
‫‪1‬ـ تعلي‪44‬ق الحكم على العل‪44‬ة بالف‪44‬اء‪ :‬ب‪44‬أن ت‪44‬دخل الف‪44‬اء على العل‪44‬ة ويك‪44‬ون الحكم‬
‫المح‪ِ 44‬رم ال ‪44‬ذي وقص ‪44‬ته ناقت ‪44‬ه‪:‬‬
‫‪4‬دما كم ‪44‬ا في قول ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم في ُ‬
‫متق ‪ً 4‬‬
‫«وكفنوه في ثوبيه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا»‪.‬‬
‫أو ت‪44 4 4‬دخل الف‪44 4 4‬اء على الحكم وتك‪44 4 4‬ون العل‪44 4 4‬ة متقدم ‪4 4 4‬ة‪ 4‬كم‪44 4 4‬ا في قول‪44 4 4‬ه تع‪44 4 4‬الى‪:‬‬
‫س ‪4‬ا ِرقَةُ فَ ‪44‬اقْطَعُوا أَي ‪4ِ 4‬د ُيه َما ﴾ [المائ ‪44‬دة‪َ ﴿ ،]38:‬وي ْس ‪4‬أَلُونَ َ‬
‫ك َع ِن‬ ‫س ‪4‬ا ِر ُق َوال َّ‬
‫﴿ َوال َّ‬
‫يض ﴾ [البقرة‪ ،]222:‬ويلتح‪44‬ق‬ ‫اء فِي ال َْم ِح ِ‬
‫ِّس َ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫وا‬‫ُ‬‫ل‬ ‫ِ‬
‫ز‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫َ‬‫ف‬ ‫ى‬‫ذ‬
‫ً‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يض‬ ‫ح‬‫الْم ِ‬
‫َ‬
‫به‪44‬ذا القس‪44‬م م‪44‬ا رتب‪44‬ه ال‪44‬راوي بالف‪44‬اء كقول‪44‬ه‪« :‬س‪44‬ها الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‬
‫فسجد»‪ ،‬و«زنا ماعز فرجم»‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪2‬ـ ت‪444‬رتيب الحكم على الوص‪444‬ف بص‪444‬يغة الش‪444‬رط والج‪444‬زاء‪ ،‬مث‪444‬ل قول‪444‬ه تع‪444‬الى‪:‬‬
‫يج َع‪44 4 4 4‬ل لَّهُ َم ْخ َر ً‪4‬ج ‪44 4 4‬ا ﴾ [الطالق‪َ ﴿ ،]2:‬و َمن َيت َو َّك ْل َعلَى اللَّ ِه‬
‫﴿ َو َمن يت َِّق اللَّهَ ْ‬
‫َف ُه َو َح ْسبُهُ ﴾ [الطالق‪.]3:‬‬
‫‪3‬ـ أن يحكم الشارع بحكم عقب حادثة سئل عنها كقوله صلى اهلل عليه وس‪44‬لم‬
‫لألع‪44‬رابي‪« :‬أعت‪44‬ق رقب‪44‬ة» جوابً‪44‬ا لس‪44‬ؤاله عن مواقع ‪4‬ة‪ 4‬أهل‪44‬ه في نه‪44‬ار رمض‪44‬ان وه‪44‬و‬
‫صائم‪ ،‬فإنه دليل على كون الوقاع علة لوجوب الكفارة‪.‬‬
‫‪4‬ـ أن ي‪44‬ذكر م‪44‬ع الحكم ش‪44‬يئًا ول‪44‬و يق‪44‬در التعلي‪44‬ل ب‪44‬ه لم‪44‬ا ك‪44‬ان ل‪44‬ذكره فائ‪44‬دة وه‪44‬و‬
‫قسمان‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يس ‪44‬تنطق الس ‪44‬ائل عن الواقع ‪44‬ة ب ‪44‬أمر ظ ‪44‬اهر الوج ‪44‬ود ثم ي ‪44‬ذكر الحكم عقب ‪44‬ه‬
‫كقول‪44‬ه ص‪4‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪4‬لم لم‪44‬ا س‪4‬ئل عن بي‪44‬ع ال‪4‬رطب ب‪4‬التمر‪« :‬أينقص ال‪44‬رطب‬
‫إذا يبس؟» ق‪44‬الوا‪ :‬نعم ق‪44‬ال‪« :‬فال إذًا» فل‪44‬و لم يكن نقص‪44‬ان ال‪44‬رطب ب‪44‬اليبس عل‪44‬ة‬
‫لغوا‪.‬‬
‫للمنع لكان االستكشاف عنه ً‬
‫‪2‬ـ أن يع‪44‬دل في الج‪44‬واب إلى نظ‪44‬ير مح‪44‬ل الس‪44‬ؤال كم‪44‬ا روي أن‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه‬
‫وس‪44‬لم لم‪44‬ا س‪44‬ألته الخثعمي‪4‬ة‪ 4‬عن الحج عن الوال‪44‬دين‪« :‬أرأيت ل‪44‬و ك‪44‬ان على أبي‪44‬ك‬
‫دين فقضيتيه أكان ينفعه؟» ق‪44‬الت‪ :‬نعم ق‪44‬ال‪« :‬ف‪44‬دين‪ 4‬اهلل أح‪44‬ق أن يقض‪44‬ى» فيفهم‬
‫منه التعليل بكونه دينًا‪.‬‬
‫المس ‪44‬لك الث ‪44‬الث‪ :‬اإلجم ‪44‬اع على العل ‪44‬ة‪ ،‬فإن ‪44‬ه م ‪44‬تى وج ‪44‬د االتف ‪44‬اق من مجته ‪44‬دي‬
‫األمة على العلة صح التعليل بها‪ ،‬مثال ذل‪44‬ك‪ :‬الص‪44‬غر فق‪44‬د أجم‪44‬ع على أن‪44‬ه عالم‪44‬ة‬
‫لثبوت الوالية على المال فيقاس عليه الوالية على النكاح‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪101‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ترتيب األدلة‬
‫وترجيح بعضها على بعض‬
‫ترتيب األدلة‪:‬‬
‫األدل‪44‬ة‪ :‬جم‪44‬ع دلي‪44‬ل والم‪44‬راد ب‪44‬ه هن‪44‬ا‪ :‬م‪44‬ا تثبت ب‪44‬ه األحك‪44‬ام الش‪44‬رعية‪ 4‬من الكت‪44‬اب‬
‫والسنة واإلجماع والقياس وقول الصحابي واالستصحاب‪.‬‬
‫وال‪44‬ترتيب في اللغ‪44‬ة‪ :‬جع‪44‬ل واح‪44‬د من ش‪44‬يئين أو أك‪44‬ثر في رتبت‪44‬ه ال‪44‬تي يس‪44‬تحقها‪،‬‬
‫ومعل‪44‬وم أن األدل‪44‬ة الش‪44‬رعية متفاوت‪44‬ة في الق‪44‬وة فيحت‪44‬اج إلى معرف‪4‬ة‪ 4‬األق‪44‬وى ليق‪44‬دم‬
‫على غيره عند التعارض‪.‬‬

‫ودرجات األدلة الشرعية على الترتيب اآلتي‪:‬‬


‫‪1‬ـ اإلجم‪44‬اع‪ :‬ألن‪44‬ه قطعي معص‪44‬وم من الخط‪44‬أ وال يتط‪44‬رق إلي‪44‬ه نس‪44‬خ‪ ،‬والم‪44‬راد ب‪44‬ه‬
‫اإلجماع القطعي وهو النطق المنقول بالتواتر أوالمشاهد بخالف غيره‪.‬‬
‫‪2‬ـ النص القطعي‪ :‬وهو نوعان‪:‬‬
‫أ ـ الكتاب‪.‬‬
‫ب ـ السنة المتواترة‪ ،‬وهي في قوة الكتاب ألنها تفيد العلم القطعي‪.‬‬
‫‪3‬ـ خ‪44‬بر اآلح‪44‬اد‪ :‬ويق‪44‬دم منه‪44‬ا الص‪44‬حيح لذات‪44‬ه‪ ،‬فالص‪44‬حيح لغ‪44‬يره‪ ،‬فالحس‪44‬ن لذات‪44‬ه‪،‬‬
‫فالحسن لغيره‪.‬‬
‫‪4‬ـ القي‪44‬اس‪ :‬وعن‪44‬د أحم‪44‬د يق‪44‬دم ق‪44‬ول الص‪44‬حابي على القي‪4‬اس في إح‪44‬دى الرواي‪44‬تين‬
‫عنه‪.‬‬
‫ف ‪44‬إن لم يكن دلي ‪44‬ل من ه ‪44‬ذه األدل ‪44‬ة استُص ‪44‬حب األص ‪44‬ل ـ وه ‪44‬و ب ‪44‬راءة الذم ‪44‬ة من‬
‫التكاليف ـ فإذا تعارض أحد هذه األدلة مع اآلخر قدم األقوى منها‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫تنبيه‪:‬‬
‫ص‪4‬ا ل‪44‬ه؛‬
‫ال يق‪44‬ع تع‪44‬ارض بين قطع‪44‬يين إال إذا ك‪44‬ان أح‪44‬دهما ناس‪ً 4‬خا لآلخ‪44‬ر أو مخص ً‬
‫ألن كل قطعي يفيد العلم والعمل‪ ،‬فإذا تعارضا تناقضا والشريعة‪ 4‬ال تتناقض‪.‬‬
‫وال بين قطعي وظني‪ ،‬ألن الظ‪44‬ني ال يق‪4‬اوم القطعي ب‪44‬ل يق‪44‬دم القطعي علي‪44‬ه‪ ،‬م‪44‬ا لم‬
‫ص ‪4‬ا ل‪44‬ه فيك‪44‬ون من ب‪44‬اب تخص‪44‬يص الع‪44‬ام كم‪44‬ا تق‪44‬دم؛ فال ي‪44‬ترك الظ‪44‬ني‬
‫يكن مخص ً‬
‫لوجود القطعي حينئذ‪.‬‬
‫ت َعلَي ُك ُم ال َْميتَ ‪4‬ةُ َوال‪4َّ 4‬د ُم ﴾ [المائ‪44‬دة‪ ]3:‬فه‪44‬ذا‬
‫مث‪44‬ال ذل‪44‬ك قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪ُ ﴿ :‬ح‪4ِّ 4‬ر َم ْ‬
‫نص قطعي الثب‪44‬وت ع‪44‬ام الدالل‪44‬ة في ك‪44‬ل ميت‪44‬ة وك‪44‬ل دم م‪44‬ع ح‪44‬ديث‪« :‬أحلت لن‪44‬ا‬
‫ميتتان ودمان‪ ،‬أما الميتتان فالجراد والحوت‪ ،‬وأما الدمان فالكبد والطحال»‪.‬‬
‫وح‪44‬ديث ميت‪44‬ة البح‪44‬ر وه‪44‬و قول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم في البح‪44‬ر‪« :‬ه‪44‬و الطه‪44‬ور‬
‫ماؤه الحل ميتته»‪.‬‬
‫فخص‪44‬ص عم‪44‬وم الكت‪44‬اب وه‪44‬و قطعي بخ‪44‬بر اآلح‪44‬اد وه‪44‬و ظ‪44‬ني‪ ،‬ولم يق‪44‬دم القطعي‬
‫على الظني‪.‬‬
‫ف‪44 4‬إذا ع‪44 4‬رف أن‪44 4‬ه ال يق‪44 4‬ع تع‪44 4‬ارض بين قطع‪44 4‬يين وال بين قطعي وظ‪44 4‬ني لم يب‪44 4‬ق إال‬
‫الظنيان‪ ،‬فإذا تعارض ظنيان فال يخلو أمرهما من إحدى حالتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬إمكان الجمع بينهما‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬عدم إمكانه‪.‬‬
‫ففي حالة إمكان الجمع‪ :‬يجمع بينهما‪ ،‬سواء علم تاريخهما أو لم يعلم‪.‬‬
‫مثال ذلك ح‪44‬ديث اغتس‪44‬ال الرس‪44‬ول ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪4‬لم بفض‪44‬ل ميمون‪44‬ة وقول‪44‬ه‬
‫لها بعد أن أخبرته أنها كانت جنبًا‪« :‬إن الماء ال يجنب» مع ح‪44‬ديث نهي‪44‬ه ص‪44‬لى‬

‫‪103‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم أن تغتس‪44‬ل الم‪44‬رأة بفض‪44‬ل الرج‪44‬ل والرج‪44‬ل بفض‪44‬ل الم‪44‬رأة‪ ،‬فجم‪44‬ع‬
‫بينهما بحمل النهي على الكراهة والفعل على اإلباحة ويؤيد هذا الجمع ح‪44‬ديث‬
‫ب‪44‬ئر بض‪44‬اعة أن‪« :‬الم‪44‬اء طه‪44‬ور ال ينجس‪44‬ه ش‪44‬يء إال م‪44‬ا غلب على ريح‪44‬ه وطعم‪44‬ه‬
‫ولونه»‪.‬‬
‫فإذا لم يمكن الجمع فله حالتان‪:‬‬
‫‪1‬ـ معرفة‪ 4‬التاريخ‪ :‬ويكون المتأخر ناس ًخا للمتقدم‪.‬‬
‫مثاله حديث طل‪44‬ق بن علي رض‪44‬ي اهلل عن‪44‬ه أن‪44‬ه ق‪44‬دم المدين‪44‬ة وك‪44‬ان مس‪44‬جد رس‪44‬ول‬
‫اهلل صلى اهلل علي‪4‬ه وس‪4‬لم من ع‪4‬ريش‪ ،‬فس‪4‬مع‪ 4‬أعرابي‪4‬ا يس‪4‬أل رس‪4‬ول اهلل ص‪4‬لى اهلل‬
‫علي‪44‬ه وس‪44‬لم عن الرج‪44‬ل يمس‪44‬ك ذك‪44‬ره بع‪44‬د أن يتوض‪44‬أ‪ ،‬أعلي‪44‬ه وض‪44‬وء؟ فق‪44‬ال ل‪44‬ه‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬وهل هو إال بضعة منك؟»‪.‬‬
‫مع حديث بسرة بنت صفوان وأبي هريرة رض‪44‬ي اهلل عنهم‪44‬ا أن رس‪44‬ول اهلل ص‪4‬لى‬
‫اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم ق‪44‬ال‪« :‬من‪ 4‬مس ذك‪44‬ره فليتوض‪44‬أ» فق‪44‬د تع‪44‬ارض ه‪44‬ذان الح‪44‬ديثان‬
‫ولم يمكن الجم‪44 4‬ع‪ .‬وق‪44 4‬د علم تق‪44 4‬دم ح‪44 4‬ديث طل‪44 4‬ق وت‪44 4‬أخر ح‪44 4‬ديث بس‪44 4‬رة وأبي‬
‫هريرة؛ ألن حديث طلق حين ك‪44‬ان مس‪44‬جد‪ 4‬رس‪44‬ول اهلل ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم من‬
‫عريش أي في أول قدوم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم المدينة‪ ،‬مع أن إسالم‬
‫أبي هريرة حصل في السنة السابعة من الهجرة فحكم بعض العلم‪44‬اء على األول‬
‫بالنسخ‪.‬‬
‫‪2‬ـ فإن لم يعرف التاريخ‪ :‬ف‪44‬الترجيح بطلب أم‪44‬ر خ‪4‬ارج عنهم‪44‬ا ي‪44‬رجح ب‪44‬ه أح‪44‬دهما‬
‫على اآلخر‪.‬‬
‫ومثال‪44‬ه األح‪44‬اديث الدال‪44‬ة على التغليس بص‪44‬الة الص‪44‬بح م‪44‬ع األح‪44‬اديث الدال‪44‬ة على‬
‫اإلسفار بها فإنه لم يمكن الجمع بينهما ولم يعلم التاريخ فرجح جانب التغليس‬

‫‪104‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫لموافقت‪44‬ه لعم‪44‬وم قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬و َس‪4‬ا ِرعُوا إلَى َم ْغ ِف‪4َ 4‬ر ٍة ِّمن َّربِّ ُك ْم ﴾ [آل عم‪44‬ران‪:‬‬
‫‪.]133‬‬
‫وك‪44‬ذلك ح‪44‬ديث ابن عب‪44‬اس رض‪44‬ي اهلل عنهم‪44‬ا في زواج الرس‪44‬ول ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه‬
‫وس‪44‬لم بميمون‪44‬ة وه‪44‬و مح‪44‬رم م‪44‬ع ح‪44‬ديث أبي راف‪44‬ع أن‪44‬ه تزوجه‪44‬ا وه‪44‬و حالل ق‪44‬ال‪:‬‬
‫وكنت الس ‪44 4‬فير بينهم ‪44 4‬ا‪ ،‬فالقص ‪44 4‬ة واح ‪44 4‬دة وال تف ‪44 4‬اوت في ال ‪44 4‬زمن بالنس ‪44 4‬بة إلى‬
‫الح ‪44 4‬ديثين‪ 4‬فال يمكن ادع ‪44 4‬اء النس ‪44 4‬خ في أح ‪44 4‬دهما وال يمكن الجم ‪44 4‬ع بين حالل‬
‫ومح ‪ِ 4 4‬رم في وقت واح‪44 4‬د فانتق‪44 4‬ل إلى ال‪44 4‬ترجيح ف‪44 4‬رجح ح‪44 4‬ديث أبي راف‪44 4‬ع على‬
‫ُ‬
‫حديث ابن عباس ألمور منها‪:‬‬
‫‪4‬فيرا بين رس ‪44‬ول اهلل ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم وميمون ‪44‬ة فيك ‪44‬ون أعلم‬
‫‪1‬ـ كون ‪44‬ه س ‪ً 4‬‬
‫بحقيقة الواقع من ابن عباس إذ هو المباشر للقصة‪.‬‬
‫‪2‬ـ ج ‪44‬اء عن ميمون ‪44‬ة نفس ‪44‬ها وهي ص ‪44‬احبة القص ‪44‬ة أن ال ‪44‬زواج ك ‪44‬ان ورس ‪44‬ول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم حالل غير ُمح ِرم‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫الـترجـيـ ـح‪4‬‬

‫تعريفه‪:‬‬
‫هو تقوية أحد الطرفين المتعارضين فيقوم بسببه على غيره‪.‬‬

‫طرق الترجيح‪:‬‬
‫وال ‪44‬ترجيح إم ‪44‬ا أن يك ‪44‬ون عن طري ‪44‬ق الس ‪44‬ند أو عن طري ‪44‬ق المتن أو ألم ‪44‬ر خ ‪44‬ارج‬
‫عنهما‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الترجيح عن طريق السند‪:‬‬


‫‪1‬ـ يقدم األكثر رواة على األقل واألعلى سن ًدا على األنزل منه‪.‬‬
‫‪2‬ـ تقدم رواية األضبط األحفظ على رواية الضابط الحافظ‪.‬‬
‫‪3‬ـ يقدم المسند على المرسل‪.‬‬
‫‪4‬ـ تقدم رواية صاحب القصة والمباشر لها على األجنبي عنها‪.‬‬
‫ومن أمثل‪44‬ة ذل‪44‬ك‪ :‬تق‪44‬ديم ح‪44‬ديث ميمون‪44‬ة وأبي راف‪44‬ع على ح‪44‬ديث ابن عب‪44‬اس كم‪44‬ا‬
‫تقدم قريبًا ألن ميمون‪44‬ة هي ص‪4‬احبة القص‪4‬ة وأب‪44‬و راف‪44‬ع ه‪44‬و الس‪4‬فير بين رس‪4‬ول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وميمونة‪.‬‬
‫وك‪44‬ذلك تق‪44‬ديم ح‪44‬ديث عائش‪44‬ة وأم س‪44‬لمة رض‪44‬ي اهلل عنهم‪44‬ا في ص‪44‬حة ص‪44‬وم من‬
‫أدرك‪44‬ه الفج‪44‬ر وه‪44‬و جنب على ح‪44‬ديث أبي هري‪44‬رة بخالف ح‪44‬ديثهما‪ ،‬ألن عائش‪44‬ة‬
‫وأم سلمة أدرى من أبي هريرة في ذلك ألن غسل الجنابة وما يشاكله من أم‪4‬ور‬
‫البيت التي يشهد أنها وغيرها يغيب عنها‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ثانيا‪ :‬الترجيح عن طريق المتن‪:‬‬


‫كأن يقدم النص على الظاهر‪ ،‬والظ‪44‬اهر على الم‪44‬ؤول‪ ،‬والم‪44‬ؤول بقرين‪44‬ة ص‪44‬حيحة‬
‫على ما ليست له قرينة أو له ولكنها باطلة‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ثالثًا‪ :‬الترجيح ألمر خارج عنهما‪:‬‬


‫‪1‬ـ يقدم ما تشهد له نصوص أخرى على ما لم تشهد له‪ ،‬كأح‪44‬اديث التغليس في‬
‫الصبح كما تقدم‪.‬‬
‫‪2‬ـ ويقدم الخبر الناقل عن حكم األصل والموجب للعبادة مثالً على النافي لها؛‬
‫ألن النافي جاء على مقتضى العق‪44‬ل واآلخ‪44‬ر مت‪44‬أخر فك‪44‬ان كالناس‪44‬خ‪ ،‬مث‪44‬ل ح‪44‬ديث‬
‫بس‪44‬رة وأبي هري‪44‬رة في نقض الوض‪44‬وء بمس ال‪44‬ذكر فيق‪44‬دم على ح‪44‬ديث طل‪44‬ق بن‬
‫علي لكونه جاء على مقتضى األصل‪.‬‬
‫‪3‬ـ تق‪444‬دم رواي‪444‬ة اإلثب‪444‬ات على رواي‪444‬ة النفي ألن المثبت مع‪444‬ه زي‪444‬ادة خفيت على‬
‫النافي‪.‬‬
‫‪4‬ـ يقدم المقتضي للحظر على المبيح لكونه أحوط‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫االجتهاد والتقليد‬

‫أوالً‪ :‬االجتهاد‪:‬‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫االجته‪44‬اد في اللغ‪44‬ة‪ :‬ب‪44‬ذل المجه‪44‬ود واس‪44‬تفراغ الوس‪44‬ع في فع‪44‬ل من األفع‪44‬ال وال‬
‫يستعمل إال فيما في‪4‬ه مش‪4‬قة يق‪4‬ال‪ :‬اجته‪4‬د في حم‪4‬ل الص‪4‬خرة وال يق‪4‬ال في حم‪4‬ل‬
‫العصا أو النواة مثالً‪ ،‬والجهد ـ بالفتح ـ المش‪4‬قة والطاق‪4‬ة وـ بالض‪4‬م ـ الطاق‪4‬ة فق‪4‬ط‬
‫ومنه قوله تعالى‪ ﴿ :‬والَّ ِذين ال ِ‬
‫يج ُدو َن إالَّ ُج ْه َد ُه ْم ﴾ [التوبة‪.]79:‬‬ ‫َ َ‬
‫وفي االصطالح‪ :‬بذل الوسع في النظر في األدلة للحصول على القط‪4‬ع أو الظن‬
‫بحكم شرعي‪.‬‬

‫حكمه واألصل فيه‪:‬‬


‫يما َن إ ْذ‬
‫حكم االجته‪44‬اد ف‪44‬رض كفاي‪44‬ة‪ ،‬واألص‪44‬ل في‪44‬ه قول‪44‬ه تع‪44‬الى‪َ ﴿ :‬و َد ُاو َد َو ُس ‪4‬لَ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش‪ِ ِ ْ 4‬‬ ‫‪4‬ان فِي الْح‪44‬ر ِ‬
‫يح ُكم‪ِ 4‬‬
‫ين (‪)78‬‬ ‫ت في ‪44‬ه غَنَ ُم الْ َق‪4ْ 4‬وم َو ُكنَّا ل ُح ْكم ِه ْ‪4‬م َش ‪4‬اهد َ‬ ‫ث إ ْذ َن َف َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬
‫يما َن َو ُكالًّ آتَينَا ُح ْك ًما َو ِعل ًْما ﴾ [األنبياء‪.]79،78:‬‬ ‫اها ُسلَ َ‬
‫َف َف َّه ْمنَ َ‬
‫وقوله ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬إذا اجته‪44‬د الح‪44‬اكم فأص‪4‬اب فل‪44‬ه أج‪44‬ران»‪ ،‬وقول‪44‬ه‬
‫ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم لمع ‪44‬اذ‪« :‬الحم‪4 4‬د‪ 4‬هلل ال ‪44‬ذي وف ‪44‬ق رس ‪44‬ول رس ‪44‬ول اهلل لم ‪44‬ا‬
‫يرض‪44‬ي رس‪44‬ول اهلل»حين ق‪44‬ال للن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪ :‬إن‪44‬ه يجته‪44‬د حيث ال‬
‫كتاب وال سنة‪.‬‬

‫دائما‪:‬‬
‫باب االجتهاد مفتوح ً‬

‫‪109‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫ال يج ‪44‬وز خل ‪44‬و الزم ‪44‬ان من مجته ‪44‬د ق ‪44‬ائم هلل بحجت ‪44‬ه ي ‪44‬بين للن ‪44‬اس م ‪44‬ا أن ‪44‬زل إليهم؛‬
‫خالفًا لمن قال بإغالق ب‪4‬اب االجته‪4‬اد‪ ،‬وي‪4‬دل للق‪44‬ول الح‪44‬ق قول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪4‬ه‬
‫وس‪44‬لم‪« :‬ال ت‪44‬زال طائف‪44‬ة من أم‪44‬تي ظ‪44‬اهرين على الح‪44‬ق ح‪44‬تى تق‪44‬وم الس‪44‬اعة» فإن‪44‬ه‬
‫ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم أخ‪44‬بر في ه‪44‬ذا الح‪44‬ديث باس‪44‬تمرار وج‪44‬ود الق‪44‬ائمين ب‪44‬الحق‬
‫إلى انتهاء الدنيا‪.‬‬

‫شروط المجتهد‪:‬‬
‫عالم‪4‬ا بوج‪44‬ود ال‪44‬رب وم‪4‬ا يجب ل‪4‬ه س‪44‬بحانه من ص‪44‬فات الكم‪4‬ال وم‪4‬ا‬
‫‪1‬ـ أن يك‪4‬ون ً‬
‫يمتن ‪44‬ع علي ‪44‬ه من ص ‪44‬فات النقص والعيب وأن يك ‪44‬ون مص ‪44‬دقًا بالرس ‪44‬ول ص ‪44‬لى اهلل‬
‫علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم وم ‪44‬ا ج ‪44‬اء ب ‪44‬ه الش ‪44‬رع ليك ‪44‬ون فيم ‪44‬ا يس ‪44‬نده من األق ‪44‬وال واألحك ‪44‬ام‬
‫محق ًقا‪.‬‬
‫عالم‪44‬ا بنص‪44‬وص الكت‪44‬اب والس‪44‬نة ال‪44‬تي له‪44‬ا تعل‪44‬ق بم‪44‬ا يجته‪44‬د في‪44‬ه من‬
‫‪2‬ـ أن يك‪44‬ون ً‬
‫األحكام وإن لم يكن حافظًا لها‪.‬‬
‫عالما بمسائل اإلجماع والخالف لئال يعمل ويفتي بخالف ما وق‪44‬ع‬
‫‪3‬ـ أن يكون ً‬
‫اإلجماع عليه‪.‬‬
‫عالما بالناسخ والمنسوخ لئال يعمل ويفتي بالمنسوخ‪.‬‬
‫‪4‬ـ أن يكون ً‬
‫‪5‬ـ أن يكون عارفًا بما يصلح لالحتجاج به من األحاديث وما ال يصلح‪.‬‬
‫عالما بالقدر الالزم لفهم الكالم من اللغة والنحو‪.‬‬
‫‪6‬ـ أن يكون ً‬
‫‪7‬ـ أن يكون على علم بأصول الفقه ألن هذا الفن هو الدعامة ال‪44‬تي يعتم‪4‬د عليه‪4‬ا‬
‫االجتهاد‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫أقسام المجتهدين ومنزلة كل قسم‪:‬‬


‫والمجتهدون على أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ المجتهد المطلق‪ :‬وهو الذي توفرت فيه شروط االجتهاد المتقدمة فيتمسك‬
‫بال‪44‬دليل حيث ك‪44‬ان‪ ،‬فه‪44‬ذا القس‪44‬م من المجته‪44‬دين‪ 4‬هم ال‪44‬ذين يس‪44‬وغ لهم اإلفت‪44‬اء‪،‬‬
‫ويس‪44 4‬وغ اس‪44 4‬تفتاؤهم ويت‪44 4‬أدى بهم ف‪44 4‬رض‪ 4‬االجته‪44 4‬اد وهم ال‪44 4‬ذين ق‪44 4‬ال فيهم علي‬
‫رضي اهلل عنه‪ :‬لن تخلو من قائم هلل بحجته‪.‬‬
‫‪2‬ـ مجته‪4 4‬د‪ 4‬الم ‪44‬ذهب‪ :‬وه ‪44‬و الع ‪44‬الم المتبح ‪44‬ر بم ‪44‬ذهب من ائتم ب ‪44‬ه المتمكن من‬
‫تخ ‪44‬ريج م ‪44‬ا لم ينص علي ‪44‬ه إمام ‪44‬ه على منص ‪44‬وص‪ ،‬ف ‪44‬إذا ن ‪44‬زلت ب ‪44‬ه مثالً نازل ‪44‬ة ولم‬
‫ص‪4‬ا أمكن‪44‬ه االجته‪44‬اد فيه‪44‬ا على مقتض‪44‬ى الم‪44‬ذهب وتخريجه‪44‬ا‬
‫يع‪44‬رف إلمام‪44‬ه فيه‪44‬ا ن ًّ‬
‫على أصوله‪.‬‬
‫‪3‬ـ مجتهد‪ 4‬الفتوى والترجيح‪ :‬وهو أقل درجة من سابقه ألنه قص‪44‬ر اجته‪44‬اده على‬
‫ما ص‪44‬ح عن إمام‪44‬ه ولم يتمكن من تخ‪44‬ريج غ‪44‬ير المنص‪44‬وص‪ ،‬وإذا ك‪44‬ان إلمام‪44‬ه في‬
‫مسألة قوالن فأكثر اجتهد في ت‪44‬رجيح أح‪44‬دهما‪ ،‬ففت‪44‬اوى القس‪44‬م األول كم‪4‬ا ق‪4‬ال‬
‫ابن القيم رحم ‪44‬ه اهلل ـ من جنس توقيع ‪44‬ات المل ‪44‬وك‪ ،‬وفت ‪44‬اوى القس ‪44‬م الث ‪44‬اني من‬
‫جنس توقيع ‪44 4‬ات ن ‪44 4‬وابهم‪ ،‬وفت ‪44 4‬اوى القس ‪44 4‬م الث ‪44 4‬الث من جنس توقيع ‪44 4‬ات ن ‪44 4‬واب‬
‫نوابهم‪.‬‬

‫المصيب واحد من المجتهدين‪:‬‬


‫الحق في قول واحد من المجتهدين المختلفين ومن عداه مخطئ لكن المخطئ‬
‫في الف‪44 4‬روع ال‪44 4‬تي ليس فيه‪44 4‬ا دلي‪44 4‬ل قطعي ـ مع‪44 4‬ذور غ‪44 4‬ير آثم ب‪44 4‬ل ل‪44 4‬ه أج‪44 4‬ر على‬
‫اجتهاده‪ ،‬وهذا هو القول الحق خالفًا لمن قال‪ :‬إن كل مجتهد‪ 4‬مصيب‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وفصل النزاع في ه‪4‬ذه المس‪4‬ألة م‪4‬ا ثبت في الح‪4‬ديث المتف‪4‬ق على ص‪4‬حته من أن‬
‫الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر‪ ،‬فإن الحديث‬
‫ص‪444‬ريح في أن الح‪444‬ق واح‪444‬د وأن بعض المجته‪444‬دين يوافق‪444‬ه فيق‪444‬ال ل‪444‬ه‪ :‬مص‪444‬يب‬
‫م ‪44‬أجور أج ‪44‬رين على اجته ‪44‬اده وإص ‪44‬ابته‪ ،‬وبعض المجته ‪44‬دين‪ 4‬يخالف ‪44‬ه فيق ‪44‬ال ل ‪44‬ه‪:‬‬
‫مخطئ م ‪44‬أجور م ‪44‬رة واح ‪44‬دة على اجته ‪44‬اده‪ ،‬واس ‪44‬تحقاقه األج ‪44‬ر ال يس ‪44‬تلزم كون ‪44‬ه‬
‫مص‪44‬يبًا ف‪44‬إن الن‪44‬بي ص‪4‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم جع‪44‬ل المجته‪44‬دين قس‪44‬مين‪ :‬قس‪4ً 4‬ما مص‪44‬يبًا‬
‫وقس ‪4ً 4‬ما مخطئً ‪44‬ا‪ ،‬ول ‪44‬و ك ‪44‬ان ك ‪44‬ل منهم مص ‪44‬يبًا كم ‪44‬ا ذهب إلي ‪44‬ه من ذهب لم يكن‬
‫لهذا التقسيم معنى‪.‬‬
‫تجزؤ االجتهاد‪:‬‬
‫االجته ‪44‬اد يقب ‪44‬ل التج ‪44‬زؤ واالنقس ‪44‬ام على الص ‪44‬حيح‪ ،‬فيك ‪44‬ون الرج ‪44‬ل مجته‪ً 44‬دا في‬
‫ن‪44‬وع من العلم‪ ،‬مقل ‪ً 4‬دا في غ‪44‬يره كمن اس‪44‬تفرغ وس‪44‬عه في علم الف‪44‬رائض وأدلته‪44‬ا‬
‫واس ‪44‬تنباطها من الكت‪44‬اب والس ‪44‬نة‪ ،‬دون غ ‪44‬يره من العل ‪44‬وم فيج ‪44‬وز ل ‪44‬ه أن يف ‪44‬تي في‬
‫النوع الذي اجتهد فيه؛ ألن‪44‬ه ق‪4‬د ع‪4‬رف الح‪44‬ق بدليل‪44‬ه وق‪44‬د ب‪4‬ذل جه‪4‬ده في معرف‪4‬ة‪4‬‬
‫الصواب‪ ،‬فحكمه‪ 4‬في ذلك حكم المجتهد‪ 4‬المطلق في سائر األنواع‪ ،‬وال يجوز‬
‫له اإلفتاء‪ ،‬فيما لم يجتهد فيه فإن القاصر في فن كالعامي فيه‪.‬‬

‫اجتهاد النبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬


‫االجته‪44‬اد من الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم ج‪44‬ائز وواق‪44‬ع ومن أمثل‪44‬ة وقوع‪44‬ه‪ :‬إذن‪44‬ه‬
‫ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم للمتخلفين عن غ ‪44‬زوة تب ‪44‬وك قب ‪44‬ل أن يت ‪44‬بين ص ‪44‬ادقهم من‬
‫ك ‪44‬اذبهم‪ ،‬وأس ‪44‬ره ألس ‪44‬ارى ب ‪44‬در وأخ ‪44‬ذ الف ‪44‬داء منهم‪ ،‬وأم ‪44‬ره ب ‪44‬ترك ت ‪44‬أبير النخ ‪44‬ل‪،‬‬
‫وقول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪« :‬ل‪44‬و اس‪44‬تقبلت من أم‪44‬ري م‪44‬ا اس‪44‬تدبرت لم‪44‬ا س‪44‬قت‬

‫‪112‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫اله ‪44‬دي»‪ ،‬وإرادت ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم ال ‪44‬نزول دون م ‪44‬اء ب ‪44‬در ح ‪44‬تى ق ‪44‬ال ل ‪44‬ه‬
‫الحب‪44‬اب بن المن‪44‬ذر رض‪44‬ي اهلل عن‪44‬ه‪« :‬إن ك‪44‬ان ه‪44‬ذا ب‪44‬وحي فنعم‪ ،‬وإن ك‪44‬ان ال‪44‬رأي‬
‫والمكيدة فأنزل بالناس على الماء لتحول بينه وبين العدو» فقال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪« :‬إنما هو رأي رأيته»‪ ،‬فرجع إلى قول الحباب رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫االجتهاد في زمن النبوة‪:‬‬


‫من‪44‬ع ق‪44‬وم االجته‪44‬اد في عص‪44‬ر النب‪44‬وة مطل ًق‪44‬ا وأج‪44‬ازه ق‪44‬وم مطل ًق‪44‬ا وال‪44‬راجح التفري‪44‬ق‬
‫بين من ك‪44‬ان غائبً‪44‬ا عن‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم فيج‪44‬وز ل‪44‬ه ومن ك‪44‬ان حاض‪4ً 4‬را فال‬
‫يجوز له إال بإذنه‪.‬‬
‫ومن أدلة ذلك‪ :‬قصة معاذ رض‪44‬ي اهلل عن‪44‬ه وتص‪44‬ويب الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‬
‫ل ‪44‬ه‪ ،‬وتفويض ‪44‬ه ص ‪44‬لى اهلل علي ‪44‬ه وس ‪44‬لم الحكم في ب ‪44‬ني قريظ ‪44‬ة إلى س ‪44‬عد بن مع ‪44‬اذ‬
‫رض ‪44‬ي اهلل عن ‪44‬ه لم ‪44‬ا نزل ‪44‬وا على حكم ‪44‬ه فحكم بقت ‪44‬ل المقاتل ‪44‬ة وس ‪44‬بي ال ‪44‬ذراري‪،‬‬
‫فصوبه‪ 4‬النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وتقري‪44 4‬ره ص‪44 4‬لى اهلل علي‪44 4‬ه وس‪44 4‬لم لعم‪44 4‬رو بن الع‪44 4‬اص رض‪44 4‬ي اهلل عن‪44 4‬ه لم‪44 4‬ا ص‪44 4‬لى‬
‫‪4‬تنادا إلى عم ‪44‬وم قول ‪44‬ه‬
‫متيمم‪44‬ا ولم يغتس ‪44‬ل من الجناب ‪44‬ة لش ‪44‬دة ال ‪44‬برد اس ‪ً 4‬‬
‫بأص ‪44‬حابه ً‬
‫س ُك ْ‪4‬م ﴾ [النساء‪.]29:‬‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬وال َت ْق ُتلُوا أَن ُف َ‬
‫ومن ذلك أكل الصحابة رضي اهلل عنهم وهم محرمون من حمار الوحش ال‪44‬ذي‬
‫صاده أبو قتادة رضي اهلل عنه فإن أكلهم منه باجتهاد منهم‪.‬‬
‫ومنه تحول أهل قباء في صالتهم إلى الكعبة إلى غير ذلك من األدلة‪.‬‬
‫***‬
‫ثانيا‪ :‬التقليد‬

‫‪113‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫تعريفه‪:‬‬
‫التقليد في اللغة‪ :‬وض‪4‬ع الش‪4‬يء في العن‪4‬ق م‪4‬ع اإلحاط‪4‬ة ب‪4‬ه‪ ،‬وذل‪4‬ك الش‪4‬يء يس‪4‬مى‬
‫قالدة والجم‪44‬ع قالئ‪44‬د وق‪44‬د يس‪44‬تعمل في تف‪44‬ويض األم‪44‬ر إلى الش‪44‬خص ك‪44‬أن األم‪44‬ر‬
‫محمول‪ 4‬في عنقه كالقالدة‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬هو قبول قول من ليس قوله حجة من غير معرفة‪ 4‬دليله‪.‬‬
‫فخرج بالقي‪44‬د األول‪ :‬قب‪44‬ول ق‪44‬ول الن‪44‬بي ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم واألخ‪44‬ذ باإلجم‪44‬اع‬
‫فإن ذلك حجة بنفسه‪.‬‬
‫وخ ‪44‬رج بالقي ‪44‬د الث ‪44‬اني‪ :‬قب ‪44‬ول ق ‪44‬ول من ليس حج ‪44‬ة إذا بين ال ‪44‬دليل وأظه ‪44‬ره ف ‪44‬إن‬
‫اتباعا ال تقلي ًدا‪.‬‬
‫األخذ بالدليل الذي أخبر به ال بقوله ويسمى ذلك ً‬

‫من يسوغ له التقليد ومن ال يسوغ له‪:‬‬


‫ال يج ‪44‬وز التقلي ‪44‬د لمجته‪4 4‬د‪ 4‬أداه اجته ‪44‬اده إلى الظن بحكم‪ ،‬أو لم يجته ‪44‬د بالفع ‪44‬ل‬
‫لكنه متمكن‪ 4‬من االجتهاد ويجوز للعامي ولمن لم يبل‪4‬غ درج‪4‬ة االجته‪4‬اد في علم‬
‫أو في باب من العلم ألن القاصر في فن كالعامي فيه‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫المفتي والمستفتي‪4‬‬
‫المفتي‪:‬‬
‫اسم فاعل من اإلفتاء قيل في الق‪44‬اموس‪ :‬إفت‪44‬اء في األم‪44‬ر بأن‪44‬ه ل‪44‬ه والفتي‪44‬ا والفت‪44‬وى‬
‫وتفتح ما أفتى به الفقيه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫والمفتي يطلق على المخبر‪ 4‬بالحق على غير جهة اإللزام به‪.‬‬
‫ويطل‪44‬ق عن‪44‬د األص‪44‬وليين على المجته‪4‬د‪ 4‬وه‪44‬و‪ :‬الب‪44‬اذل وس‪44‬عه في النظ‪44‬ر في األدل‪44‬ة‬
‫ليحصل على العلم أو الظن بحكم شرعي‪.‬‬
‫والمستفتي‪:‬‬
‫اسم فاعل من االستفتاء وهو لغة‪ :‬طالب الفتوى‪.‬‬
‫وفي االص ‪44 4‬طالح ه ‪44 4‬و‪ :‬من طلب الحكم الش ‪44 4‬رعي من المجته ‪44 4‬د‪ ،‬في ‪44 4‬دخل في ‪44 4‬ه‬
‫العامي والمتعلم الذي لم يبلغ درجة االجتهاد‪.‬‬

‫من ورد اإلفتاء مسن ًدا إليه في الكتاب والسنة‪:‬‬


‫ورد اإلفتاء في الكتاب العزيز مسن ًدا إلى الرب كما في قوله تعالى‪ ﴿ :‬قُ‪4ِ 4‬ل اللَّهُ‬
‫ي ْفتِي ُك ْم ﴾ [النس‪44‬اء‪ ]127:‬وإلى الق‪44‬رآن كم‪44‬ا في قول‪44‬ه‪َ ﴿ :‬و َم‪44‬ا ْيتلَى َعلَي ُك ْم فِي‬
‫اب ﴾ [النساء‪ ]127:‬أي يفتيكم‪.‬‬ ‫ْكتَ ِ‬‫ال ِ‬
‫وورد في السنة المطهرة مسن ًدا إلى الناس كم‪4‬ا في قول‪44‬ه ص‪44‬لى اهلل علي‪44‬ه وس‪44‬لم‪:‬‬
‫«واإلثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك»‪.‬‬

‫من يستفتي المقلد‪:‬‬

‫‪115‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫المس ‪44‬تفتي يس ‪44‬تفتي من غلب على ظن ‪44‬ه أن ‪44‬ه أه ‪44‬ل للفت ‪44‬وى‪ ،‬بم ‪44‬ا ي ‪44‬راه من انتص ‪44‬ابه‬
‫للفتيا واحترام الناس له وأخذهم عنه‪ ،‬أو بخبر عدل عنه‪.‬‬

‫إذا تعدد المفتون فأيهم يستفتي المقلد؟‬


‫إذا كان في البلد مجته‪44‬دون فللمقل‪44‬د اس‪44‬تفتاء من ش‪44‬اء منهم‪ ،‬وال يلزم‪44‬ه مراجع‪44‬ة‬
‫األعلم‪ ،‬وقي ‪44‬ل‪ :‬ب ‪44‬ل يلزم ‪44‬ه س ‪44‬ؤال األفض ‪44‬ل‪ ،‬واس ‪44‬تدل لألول ب ‪44‬أن المفض ‪44‬ول من‬
‫الصحابة والتابعين كان يفتي مع وج‪44‬ود الفاض‪4‬ل وم‪44‬ع اش‪4‬تهار ذل‪4‬ك وتك‪44‬رره ولم‬
‫إجماع‪44‬ا على ج‪44‬واز اس‪44‬تفتائه م‪44‬ع الق‪44‬درة على اس‪44‬تفتاء الفاض‪44‬ل‪،‬‬
‫ً‬ ‫ينك‪44‬ر أح‪44‬د فك‪44‬ان‬
‫واستدل للثاني بأن األفضل أهدى إلى أسرار الشريعة‪ 4‬من غيره‪.‬‬
‫***‬

‫آداب المفتي والمستفتي‬


‫لكل من المفتي والمستفتي آداب فمن آداب المفتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من آداب المفتي‪:‬‬


‫‪1‬ـ أن يك‪44‬ون ذا ني‪44‬ة حس‪44‬نة فإنم‪44‬ا األعم‪44‬ال بالني‪44‬ات‪ ،‬ومن فق‪44‬د الني‪44‬ة الحس‪44‬نة لم‬
‫يكن عليه نور وال على كالمه نور‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يك‪44‬ون ذا حلم ووق‪44‬ار وس‪44‬كينة ف‪44‬إن ذل‪44‬ك ه‪44‬و كس‪44‬وة العلم وجمال‪44‬ه‪ ،‬ف‪44‬إذا‬
‫افتقدها المفتي كان علمه كالبدن العاري من اللباس‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن يس‪44‬تعف عم‪44‬ا في أي‪44‬دي الن‪44‬اس‪ ،‬فإن‪44‬ه إن أك‪44‬ل منهم ش‪44‬يئًا أكل‪44‬وا من لحم‪44‬ه‬
‫ودمه أضعافه‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫‪4‬ـ أن يك‪44‬ون على ج‪44‬انب كب‪44‬ير من معرف ‪4‬ة‪ 4‬الن‪44‬اس فإن‪44‬ه إذا ع‪44‬دم ذل‪44‬ك تص‪44‬ور ل‪44‬ه‬
‫الظالم بصورة المظلوم وعكسه وراج عليه المكر والخداع واالحتيال فكان ما‬
‫يفسده أكثر مما يصلحه‪.‬‬
‫‪5‬ـ أن يتوج‪44‬ه إلى اهلل تع‪44‬الى ويتض‪44‬رع‪ 4‬إلي‪44‬ه ويك‪44‬ثر من ال‪44‬دعاء واالس‪44‬تغفار ليلهم‪44‬ه‬
‫الصواب ويفتح له طريق السداد‪.‬‬
‫‪6‬ـ أن يتح‪44‬رز م‪44‬ا أمكن‪44‬ه التح‪44‬رز من نس‪44‬بة الحكم إلى اهلل تع‪44‬الى وإلى رس‪44‬ول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم إال بنص يستند عليه في ذلك‪.‬‬
‫‪7‬ـ أن يستش‪44‬ير في فت‪44‬واه من يث‪44‬ق بعلم‪44‬ه ودين‪44‬ه ف‪44‬إن عم‪44‬ر رض‪44‬ي اهلل عن‪44‬ه ك‪44‬ان إذا‬
‫نزلت به النازلة استشار من حضره من الصحابة وربما جمعهم فشاورهم‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ أن يعمل بعلمه فإن العمل هو ثمرة العلم وبدون العم‪44‬ل يك‪44‬ون علم اإلنس‪44‬ان‬
‫حجة عليه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من آداب المستفتي‪:‬‬


‫‪1‬ـ أن يتخل‪44‬ق ب‪44‬األخالق الفاض‪44‬لة مطل ًق‪44‬ا وب‪44‬األخص م‪44‬ع المف‪44‬تي فال يفع‪44‬ل مع‪44‬ه م‪44‬ا‬
‫ج‪44‬رت ع‪44‬ادة الع‪44‬وام ب‪44‬ه‪ ،‬كإيم‪44‬اء بي‪44‬ده في وجه‪44‬ه وال يق‪44‬ول ل‪44‬ه م‪44‬ا ال ينبغي ك‪44‬أن‬
‫يق‪44‬ول‪ :‬أفت‪44‬اني غ‪44‬يرك بك‪44‬ذا‪ ،‬وال يس‪44‬أله في حال‪44‬ة ض‪44‬جر أو هم أو غض‪44‬ب ونح‪44‬و‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن ال يس ‪44‬أل عم ‪44‬ا ال يع ‪44‬ني وال يك ‪44‬ثر من األس ‪44‬ئلة إلى ح ‪44‬د يس ‪44‬أم في ‪44‬ه المف ‪44‬تي‬
‫ويمل‪.‬‬
‫هذا آخر ما يسر اهلل ذكره في هذه المذكرة‪.‬‬
‫وآخرا‬
‫والحمد‪ 4‬هلل أوالً ً‬

‫‪117‬‬
‫مذكرة تسهيل الوصول إلى فهم علم األصول‬

‫وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا محمد‪ 4‬وعلى آله وأصحابه‬
‫ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‬

‫‪118‬‬

You might also like