You are on page 1of 19

‫الدرس الثالث‬

‫للشيخ أبي‬ ‫شرح منهج السالكين‬


‫البراء خالد حمودة حفظه هللاتنلنل‬

‫ان الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده هللا فال‬
‫مضل له ومن يضلل فال هادي له واشهد أن ال اله إال هللا وحده ال شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله‬
‫صلى هللا عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد‪:‬‬
‫في الدرس الماضي كان الشيخ رحمه هللا قد شرع في الكالم على أحكام المياه وعلمنا انه بين أن الماء اذا‬
‫خالطته نجاسة فغيرت لونه او طعمه او ريحه فهو نجس ال يجوز استعماله في طهارة حدث وال طهارة‬
‫خبث‬
‫وأما ما عدا ذلك فانه طاهر يجوز استعماله في األحداث واالخباث بما في ذلك الماء الذي تغير بشيء‬
‫طاهر لم يغلب عليه اي لم يكثر الى درجة ان يسلبه وصف الماء المطلق‬
‫وهذا القسم الثالث هو الذي خالف فيه جماعة من الفقهاء وجعلوه طاهرا غير مطهر يعني يستعمل في‬
‫إزالة النجاسات وهي طهارة الخبث لكن ال يستعمل في إزالة الحدث أو في رفع الحدث وبذلك صار الماء‬
‫عندهم طاهرا ونجسا وطهورا‬
‫وأما عند الشيخ رحمه هللا وغيره من العلماء وهو الراجح في الدليل فالماء اما نجس متغير احد االوصاف‬
‫بنجاسة واما طاهر ولو كان وقعت فيه نجاسة لم تغيره ولو كان تغير بشيء يسير من طاهر لم يغلب عليه‬
‫هذا كله اذا كان التغير او عدم التغير معلوما لكن يبقى فيما اذا شك االنسان في هذه العوارض وهذا عقد له‬
‫الشيخ رحمه مبحثا مستقال وقفنا عنده‪.‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين قال العالمة عبد‬
‫الرحمن بن ناصر السعدي رحمه هللا تعالى‬

‫‪1‬‬
‫نعم اذا هذه المسألة هي مسألة اشتباه الماء مسألة الشك في الماء او في غيره من أمور الطهارة و يعقد لها‬
‫الفقهاء أحكام االشتباه ولها تفاصيل كثيرة متشعبة‬
‫لكن الشيخ رحمه هللا لخصها بحسب ما قام عليه الدليل في قاعدة واحدة وهي قاعدة عظيمة من قواعد‬
‫الشريعة تدل على ما في هذه الشريعة من اليسر والسهولة والسماحة فهي قاعدة تعتبر من محاسن دين‬
‫االسالم وهي قاعدة االستصحاب استصحاب الشيء على حسب ما ثبت عليه فال يتغير وال يزال إال بدليل‬
‫يدل على تغيره وزواله يعبر عنها الفقهاء بمعنى العام وهو ان اليقين ال يزول بالشك‬
‫ويعبرون عنها بتعبيرات أخرى وحاصلها انك اذا علمت شيئا ما على وصف معين اما انه ثابت او غير‬
‫ثابت اما انه طاهر او نجس اما انه موجود او معدوم فاالصل ان تبقى على ما علمته على الوصف الذي‬
‫علمته سواء كان وصفا ثبت بحكم العدم االصلي وال ثبت بالوصف الشرعي وال تنتقل عن ذلك اال بدليل‬
‫وانت بعد ذلك في راحة عظيمة من الشك والوسواس‬
‫تطبيق ذلك فيما نحن فيه في طهارة الخبث وطهارة الحدث هو ما بينه الشيخ رحمه هللا في هذه السطور‬
‫فيقول األصل في االشياء الطهارة واالباحة فاذا شك المسلم في نجاسة ماء او ثوب او بقعة او غيرها فهو‬
‫طاهر اذا االصل في االشياء‬
‫والمقصود باالشياء اي االشياء التي ينتفع بها االنسان المنافع التي سخرها هللا تبارك وتعالى لنا حتى ال‬
‫تدخل فيها المضار والخبائث التي تضر الطهارة وكذلك االصل فيها انها مباحة‬
‫قوله واالباحة ال يتعلق بما نحن فيه وانما ذكره الشيخ رحمه هللا ليكمل به القاعدة وستأتي فروعه في‬
‫ابواب الحقة في باب االنية وباب اللباس وباب االطعمة وغيرها تأتي فروع قاعدة االصل في االشياء‬
‫االباحة ونتكلم عليها هنالك الذي يعنينا هنا االصل في االشياء الطهارة اي كل شيء مما تراه وتقع عليه‬
‫عينك من حيوان او جماد او شجر او حجر او ماء او صناعة او غير ذلك كله االصل انه طاهر وال يحكم‬
‫بالنجاسة اال لما دل الدليل على نجاسته اال لما علمت انه نجس ورأيت سبب تنجسه‬

‫‪2‬‬
‫اذا شككت في ذلك لم يقم الدليل على النجاسة او لم يقم الدليل على ما يقتضي التنجيس فأنت باق على‬
‫االصل وعلى هذا لو كان عندك ماء أعددته لتطهر شيئا ما أعددته لوضوء او إلزالة نجاسة ثم شككت هل‬
‫وقع فيه نجس او لم يقع فيه؟‬
‫فاألصل انه نجس فاألصل انه طاهر وتبقى على أصل الطهارة أنت تمشي في الشارع وقع عليك ماء‬
‫قطرات من ماء ال تدري هل هذا الماء طاهر وال نجس؟‬
‫األصل انه طاهر إذا تبقى على هذا األصل وال تنتقل عنه ال يلزمك انك تغسل مالبسك لشكك هل الماء‬
‫الذي أصابك طاهر أو نجس حتى تستيقن أن الماء الذي أصابك نجست حين ذاك يجب عليك أن تغسل‬
‫مالبسك وما أصابك منه ما دام لم يثبت هذا فأنت على األصل‬
‫وعلى هذا يقول في نجاسة الثوب أيضا ثوب ال تدري هل هو نجس أو طاهر؟‬
‫األصل انه طاهر وبقعة تريد أن تصلي عليها ال تدري هل هي طاهرة أو نجسة؟‬
‫األصل أنها طاهرة إذا تبقى على هذا األصل حتى ينقلك عنه دليل واضح والمقصود بالدليل الواضح هنا‬
‫يقين أو ما يقوم مقامه من الظن الغالب بمعنى في سورة المثال الذي ذكرناه مثال الماء الذي يسقط عليك‬
‫من عمارة مثال غالب الظن أن األصل في هذا الماء انه طاهر وأيضا ال يوجد ظن غالب انه نجس‬
‫لكن لو فرضنا ان انك تعرف ذلك المكان ويغلب على ظنك ان الماء الذي ينزل من ذلك المكان نجس كأن‬
‫يكون مثال ماء خارجا من مرحاض مثال بحكم معرفتك بذلك المكان هنا يغلب على الظن أن ذلك الماء‬
‫نجس‪.‬‬
‫ال نقول األصل بقاء الطهارة‪ .‬الن األصل بقاء الطهارة ما دام لم يوجد ناقل‪ .‬فاذا وجد ناقل فاألصل أو‬
‫فينتقل اإلنسان مع ما يدل على غالب الظن‪.‬‬

‫وكثير من الناس إذا سمع القاعدة األصل أو اليقين ال يزول بالشك يفهم‬
‫من ذلك أن اليقين البد له من يقين بمعنى قطعي ليس معه شك وليس‬
‫هذا مقصود العلماء‪.‬‬
‫مقصود العلماء إن اإلنسان ال يتبع الشكوك والوساوس وإنما يبقى مع اليقين وما كان في حكمه من‬
‫الظن الغالب‪ .‬وبهذا يكون معتدال ال يكون متعبدا بالنجاسات من جهة وال يكون أيضا مغاليا في الوسواس‬
‫وتتبع الخطرات من جهة أخرى بل يكون وسطا‬
‫األصل في الماء والثوب والبقعة وغير ذلك من األشياء أنها طاهرة فأنت مستصحب لهذا األصل وسائر‬
‫عليه حتى يغلب على ظنك خالفه هذا تطبيق هذه القاعدة في طهارة الخبث‬
‫وتطبيقها في طهارة الحدث يقول الشيخ رحمه هللا او تيقن طهارته وشك في الحدث فهو طاهر اذا كان‬
‫اإلنسان محدثا ثم توضأ وبعد ذلك شك هل عرض له حدث ينقض الوضوء او هو باق على طهارته؟‬
‫فما دام لم يستيقن الحدث ولم يغلب على ظنه انه احدث فانه على أصل الطهارة يجوز له ان يصلي بذلك‬
‫الوضوء وال يلزمه ان يجدد وضوءا أخر وكذلك العكس لو استيقن انه محدث والحدث وهو االصل في‬
‫االنسان الن الوضوء وصف عارض يحتاج الى طهارة يفعلها اإلنسان فإذا كان على األصل او استيقن انه‬
‫احدث ثم شك بعد ذلك هل توضأ من الحدث او لم يتوضأ؟‬

‫‪3‬‬
‫ما األصل ؟‬
‫األصل انه محدث فال يجوز له ان يصلي حتى يحدث وضوءا لماذا؟‬
‫ألنه يتيقن انه احدث ويتذكر مثال انه في صباح هذا اليوم دخل الخالء لكن ال يدري بعد ذلك هل توضأ‬
‫فصلى الظهر او انه لم يتوضأ ؟‬
‫فنقول ما دمت مستيقنا أنك أحدثت قبل الصالة فهذا يعني انك تبني على أصل الصالة حتى تعلم وتتأكد انك‬
‫أحدثت وضوءا وإال فاألصل انك محدث وهذا األصل العظيم يريح االنسان وذكره العلماء كما تقدم في‬
‫محاسن ان االنسان يستصحب االصل الذي عنده ويبني عليه وال ينتقل عنه اال بناقل والدليل عليه حديث‬
‫عبد هللا بن زيد المشهور وهو في الصحيحين انه شكي الى النبي صلى هللا عليه وسلم الرجل يخيل اليه انه‬
‫يجد الشيء في الصالة يخيل اليه ان يظن ويقع في خاطره من غير يقين انه يجد الشيء في الصالة اي انه‬
‫يحدث يصدر منه ريح فقال النبي صلى هللا عليه وسلم ((ال ينصرف حتى يسمع صوتا او يجد ريحا )) او‬
‫ال ينصرف على النهي او على النفي حتى يسمع صوتا او يجد ريحا‬
‫النه اذا سمع الصوت قد تحقق انه احدث اذا وجد الريح اذا شم ما خرج منه فقد استيقن ايضا بدليل وهو‬
‫الريح او الصوت انه احدث ومفهوم هذا انه ما لم يغلب على ظنه انه صدر منه ما ينقض الوضوء فهو باق‬
‫على اصل الطهارة ولو وجد تخيالت ولو وجد بعض كما يكون عند من يبتلى بالغازات يتخيل اليه انه‬
‫احدث لكن ليس متأكدا من ذلك‬
‫نقول أفتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بما يدل على هذا االصل الجليل وهو ان تستصحب اصل‬
‫الطهارة وال تنتقل عنها اال بيقين‬

‫نعم أحسن هللا إليك‬


‫قال رحمه هللا‬

‫‪4‬‬
‫نعم هذا الباب باب اآلنية يعقده الفقهاء هنا لمناسبة باب المياه فان االنسان اذا هم بالطهارة سيستعمل الماء‬
‫والماء يكون عادة قبل وجود الحنفيات في البيوت يكون عادة في انية يتوضأ منها االنسان وليست كل انية‬
‫يجوز استعمالها في التطهر ولذلك احتاج الفقهاء الى هذا الباب فهو ماء يكون موضوعا في اناء يباح‬
‫التطهر منه بعد ذلك يشرع االنسان في الطهارة المشروعة‪.‬‬
‫يقول الشيخ رحمه هللا اذا باب االنية وهي جمع اناء وهو الوعاء الذي يكون فيه شيء يوضع فيه ماء او‬
‫طعام او غيره‬
‫االصل في جميع االواني الطاهرة انها مباحة والفقهاء يقيدون بالطاهرة والشيخ استغنى عن هذا القيد الن‬
‫غالب االنية التي يستعملها الناس هي االنية الطاهرة‬
‫االنية النجسة التي تكون مصنوعة مثال من جلد ال يطهر بالدباغ كأن تكون مصنوعة مثال من جلد كلب او‬
‫جلد خنزير هذا اناء نجس ولو كان يابسا لكن قليلة هي االنية المصنوعة من اشياء نجسة‬
‫ولذلك الشيخ رحمه هللا لما كان همه الفروع التي تكثر الحاجة اليها كأنه استغنى عن هذا القيد‬
‫وهذا الحكم هو فرع مما سبق له ان قال االصل في االشياء الطهارة واالباحة يدخل فيما االصل فيه‬
‫الطهارة واباحة االستعمال جميع االنية فجميع االنية مباحة االستعمال في الوضوء وفي غيره إال ما‬
‫اخرجه الدليل الدال على انه ال يجوز استعماله‬
‫الدليل اخرج االمور النجسة النه ال يجوز مباشرتها وهذا علمناه مما سبق واخرج ايضا انية الذهب‬
‫والفضة يقول الشيخ وما فيه شيء منهما‬
‫النه صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم(( انه قال ال تشربوا في انية الذهب والفضة وال تأكلوا في‬
‫صحافها))‬

‫‪5‬‬
‫اي صحاف جمع الصحفة اي االنية التي تعد لوضع الطعام منها فانها لهم في الدنيا ولكم في االخرة‬
‫وصح عن النبي صلى هللا عليه وسلم ايضا في الصحيح انه قال ((الذي يشرب في اناء الفضة انما يجرجر‬
‫في بطنه نار جهنم ))‬
‫وهذا وعيد شديد يدل على ان استعمال انية الذهب والفضة في الطعام والشراب من كبائر الذنوب والسبب‬
‫في ذلك ان الذهب والفضة هما النقدان اللذين يستعملهما الناس في شؤونهما والنفوس معلقة بها فاستعمالها‬
‫في االكل والشرب فيه انه مظنة السرف ومظنة الخيالء وفيه ايظا كسر لقلوب الفقراء فالفقير الذي ربما‬
‫ال يجد ما يشتري به قوت يومه يراك تستعمل اناء الذهب والفضة الغالي النفيس في امور مبتذلة لم‬
‫تستعمل او لم توضع النقدان من اجلهما‬
‫اذا لما فيه من هذا الفخر والخيالء وكسر قلوب الفقراء قال النبي صلى هللا عليه ((انها لهم في الدنيا )) اي‬
‫لمن لم يؤمن باهلل ورسوله صلى هللا عليه وسلم للمشركين والكفار لهم في الدنيا ولكم في االخرة كما قال‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم نفس هذا المعنى في الحرير والذهب في لبسهما في حق الرجل لكن في الحلية‬
‫في اللباس واستثنيت النساء لحاجتهن الى الحرير والذهب‬
‫ففي باب الحلية يحرم الحرير والذهب على الرجال دون النساء واما في باب االنية فالتحريم شامل‬
‫للجنسين قد يظن انه اذا جاز للمرأة ان تلبس الذهب معناه يجوز لها ان تأكل او تشرب فيهما او تتوضأ‬
‫فيهما لكن هذا غير صحيح‬
‫ما كان حلية فهو مباح للنساء محرم على الرجال وما كان انية فانه محرم على الرجال وعلى النساء‬
‫لكن قد يقول قائل الحديث لم يذكر فيه النبي صلى هللا عليه وسلم إال األكل والشرب وفي الحديث اآلخر‬
‫ذكر الشرب فقط‬
‫ما الدليل على ان الوضوء الذي ساق الشيخ من اجله الباب يدخل فيه؟‬
‫فالجواب ان الدليل على ذلك هو المعنى الذي هو القياس الصحيح الذي ذكر الشيخ رحمه هللا في اول‬
‫كالمه في المقدمة انه من ادلة االحكام ومن اصول الشرائع‬
‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم ذكر او نهى عن االكل والشرب في انية الذهب والفضة ال النه يريد ان ما عدا‬
‫االكل والشرب من انواع االستعمال ليس منهيا عنه بل الن غالب استعمال الناس النية الذهب والفضة هو‬
‫في االكل والشرب‪ .‬اذا هذا القيد وهو ال تشربوا وال تأكلوا خرج مخرج الغالب‪ .‬خرج مخرج الغالب النه‬
‫هو غالب حال الناس‪.‬‬
‫وفي معناه كل ماعدا ذلك من أنواع االستعمال كأن يضع اإلنسان مثال إناء من ذهب أو فضة يضع فيه ماء‬
‫أو يتوضأ منه أو يجعل فيه مثال إناء للكحل او خزينة للمال او اي غرض من ذلك او ملعقة مثال يتناول‬
‫بها او آلة يدخن بها كما يفعل بعض المدخنين كل هذه الصور يشملها نهي النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫والدليل على ذلك انها متساوية في المعنى مع االكل والشرب كل ما يوجد في االكل والشرب من الفخر‬
‫والخيالء والسرف وكسر قلوب الفقراء موجود في غيره من انواع االستعمال فلذلك كان الحكم هو انه نهي‬
‫عن استعمال انية الذهب والفضة في كل انواع االستعمال بما فيها االكل والشرب هللا تعالى اعلم‬

‫‪6‬‬
‫احسن هللا اليك‬
‫قال رحمه هللا‬

‫باب االستنجاء وآداب قضاء الحاجة هو أيضا من مقدمات الطهارة ألن اإلنسان يحتاج إلى هذا الحكم قبل‬
‫الوضوء فغالبا يحتاج اإلنسان إلى أن يدخل الخالء قبل أن يتوضأ وقد ال يحتاج إلى ذلك ان احتاج إلى ذلك‬
‫قبل الوضوء أو غير ذالك من األحوال فإنه تتعلق به هذه األحكام‬
‫ولمناسبة هذا الباب وحاجة اإلنسان إليه قبل الوضوء غالبا عد عند العلماء من مقدمات أحكام الطهارة‬
‫فيقول باب االستنجاء أي باب الذي تذكر فيه أحكام االستنجاء أي طلب النجو أي طلب إزالة أثر الخارج‬
‫من اإلنسان وهو تطييب لإلنسان وتطهر لذلك يسمى االستطابة يسمى باب االستنجاء ويسمى أيضا باب‬
‫االستطابة وهما بمعنى واحد‬
‫ان يطهر اإلنسان نفسه من األثر الخارجي منه هو أيضا مما يدل على كمال هذه الشريعة فإن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم بعث بكل خير وهدى حتى في مثل هذه الحال التي يكون فيها اإلنسان في الحمام يقضي‬
‫حاجته جاء فيها عن النبي صلى هللا عليه وسلم األحكام واآلداب الوافية التي ترشد اإلنسان إلى ما فيه‬
‫الصالح والخير والسالمة والعافية مع وسطية واعتدال‪.‬‬
‫ليس مبالغة في التطهر والوسوسة كما كان عند بني اسرائيل اذا اصاب احد منهم البول فانه يقطع ذلك‬
‫المكان من ثوبه‪ .‬وليس ايضا تساهال في التطهر كما هو عند من ال يتطهرون من النجاسات اصال‪.‬‬
‫وانما كان وسطا بين الغلو وبين مالبسة النجاسات‪ .‬وقد علم هذا اليهود وحسدوا عليه المسلمين في بداية‬
‫االمر‪ .‬في وقت النبي صلى هللا عليه وسلم سألوا سلمان الفارسي رضي هللا عنه‪ .‬قالوا له علمكم نبيكم‬
‫صلى هللا عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة‪ .‬بالكسر‪ .‬كسر الراء( الخاء أويقصد فتح الراء) اي حتى هيئة‬
‫قضاء الحاجة‪ .‬فقال لهم نعم‪.‬‬
‫علمنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كذا وكذا وذكر لهم بعض أحكام وآداب قضاء الحاجة أال يستنجي‬
‫احدنا بيمينه‪ .‬وأال يستقبل القبلة بغائط أو بول وأال نستنجي بعظم او روث‪.‬‬
‫اذا هذا من كمال شريعة اإلسالم وقد فطن لها هؤالء الذين حسد يحسدون االسالم على شريعته الكاملة في‬
‫ذلك الوقت‪ .‬وهو من صور بيان ان النبي صلى هللا عليه وعلى اله وسلم رسول من عند هللا تبارك وتعالى‪.‬‬
‫جاء بما فيه صالح االنسان في كل حال من أحواله حتى في هذه الحال التي يقضي فيها حاجته‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫فاذا هذا الباب يذكر فيه العلماء احكاما وادابا‪ .‬يحتاج اليها المسلم حال قضاء حاجته‪ .‬والفرق بينهما ان‬
‫االحكام متعلقة بما يحل ويحرم ما يؤمر به وما ينهى عنه‪.‬واآلداب متعلقة بما يكون اكمل وافضل‪.‬‬
‫ولهذا قال الشيخ باب االستنجاء واداب قضاء الحاجة‪ .‬بدأ باول ادب منها فقال انه يستحب لالنسان اذا‬
‫دخل الخالء ان يقدم رجله اليسرى‪.‬‬
‫الن الخالء اماكن محتضرة جاء في الحديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ .‬تحضرها الجن وهي اماكن‬
‫للنجاسة‪ .‬اذا هي اماكن فيها ما فيها من الخبث واالذى‪ .‬فلذلك استحب ان يدخل االنسان فيها بيساره‪.‬‬
‫واذا خرج كما سيأتي معنا يخرج بيمينه‪ .‬عكس المسجد‪ .‬اذا دخل يدخل باليمين واذا خرج يخرج بالشمال‬
‫وكذلك اللبس والنزع اذا لبس ثوبه او نعله كان النبي صلى هللا عليه وسلم يبدأ باليمين واذا نزع كان عليه‬
‫الصالة والسالم يبدأ باليسار واخذ من هذا العلماء قاعدة عامة ان كل فعل فعل يشترك فيه‬
‫يشترك فيه العضوان‪ .‬تباشره انت بعضويك اليدين او الرجلين‪ .‬فانه الجانب الشريف منه تباشره‬
‫باليمين‪ .‬والجانب الذي يقابله الجانب الذي فيه رداءة وخبث‪ .‬يباشره باليسار‪.‬‬
‫فدخول المسجد والخروج‪ .‬الدخول اشرف من الخروج‪ .‬والدخول فيه دخول الى مكان رحمة هللا وافضل‬
‫االماكن عند هللا‪ .‬والخروج بالعكس‪ .‬اذا يقدم في الدخول اليمين‪ .‬ويقدم في الخروج اليسار‪ .‬والخالء عكسه‪.‬‬
‫مكان محتضر‪ .‬مظنة النجاسة‪ .‬يقدم اليسار في الدخول‪ .‬واليمين في الخروج‪ .‬وهكذا في غيره من المواطن‬
‫التي تفعل بالعضوين‪.‬‬
‫فاذا كان فعل يفعله بعضو واحد‪ .‬فما كان من أمور الكرامة‪ .‬وما كان من امور الطهارة‪ .‬واألشياء الفاضلة‬
‫يفعله بيمينه‪ .‬وما كان غير ذلك من امور االذى وازالته يباشره بيساره‪.‬‬
‫قالت عائشة رضي هللا عنها كان النبي صلى هللا عليه وسلم يعجبه التيمن‪ .‬في تنعله وترجله وطهوره وفي‬
‫شأنه كله‪.‬‬
‫فاذا يدخل الخالء بيده اليسرى برجله اليسرى يخرج منه برجله اليمنى‪.‬‬

‫قال ويقول بسم هللا اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث‪.‬‬


‫فاما بسم هللا التسمية فالنه صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم انه قال ((ستر مابين أعين الجن وعورات‬
‫بني ادم ان يقول احدهم اذا دخل الخالء بسم هللا))‪.‬‬
‫فالتسمية عند دخول الخالء مشروعة‪ .‬ودليلها هذا الحديث وهو حديث علي رضي هللا عنه خرجه الترمذي‬
‫وغيره‪ .‬وهو حسن بمجموع طرقه‪ .‬حسنه األلباني رحمه هللا بمجموع طرقه وهو يدل على مشروعية‬
‫التسمية عند دخول الخالء‪.‬‬
‫ثم يقول بعد التسمية اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الخبث بسكون الباء‪ .‬وهو الشر‪ .‬عموما‪.‬‬
‫والخبائث‪ .‬اي الشياطين والجن‪.‬‬
‫فيكون بذلك جمع بين االستعاذة من الشر ومن اهله‪ .‬الشر في قوله اعوذ باهلل من الخبث‪ .‬واهل الشر في‬
‫قوله اعوذ باهلل من الخبائث‪.‬‬
‫وضبط هذه اللفظة بعض العلماء بالضم‪ .‬بضم الباء اللهم اني اعوذ بك من الخبث‪ .‬وقالوا انه على هذا‬
‫الخبث يكون جمع خبيث‪ .‬مثل ما نقول نذير ونذر‪ .‬و الخبائث جمع خبيثة‪.‬‬
‫فيكون على هذا استعاذ من ذكران الجن‪ .‬ومن إناثهم‪.‬‬

‫لكن األول أعم أن تستعيذ من الشر وأهله اعم من أن تستعيذ من‬


‫ذكران الجن وشياطينهم‪.‬‬

‫الخبث‬ ‫ولذلك كان المختار هو لفظ اإلسكان ان تقول بسم هللا اللهم اني اعوذ بك من‬

‫‪.‬‬ ‫والخبائث‬
‫هذا كله يمكن تطبيقه اذا كان الخالء بيتا مبنيا‪ .‬فيقدم رجله اليسرى وقبل ان يدخل يقول بسم هللا‪ .‬اللهم اني‬
‫اعوذ بك من الخبث والخبائث‪.‬‬
‫لهذا قال الشيخ اذا دخل الخالء المقصود به اذا أراد ان يدخل‪ .‬كقول هللا عز وجل ((اذا قمتم الى الصالة‬
‫فاغسلوا وجوهكم )) اي اذا اردتم القيام‪ .‬الن هللا تبارك وتعالى ال يذكر داخل الخالء‪ .‬اذا أين يأتي بهذا‬
‫الدعاء؟‬
‫يأتي به اذا أراد ان يدخل‪.‬‬
‫كيف يطبق هذه السنن؟‬
‫اذا كان سيقضي حاجته في خالء في فضاء يكون مسافر في طريق ويحتاج الى ان ينزل في طريقه‬
‫فيقضي حاجته او يكون في صحراء‪ .‬كيف يطبق هذه السنن؟‬
‫يقول العلماء انه يطبقها اذا أراد ان ينزع ثوبه او يرفعه‪.‬‬
‫فيقول بسم هللا اعوذ باهلل من الخبث الخبائث‪ .‬والدخول بالرجل اليسرى ليس له محل فتسقط هذه السنة‪ .‬لكن‬
‫تبقى سنة الذكر‪ .‬ويلحق بها وهذا هو الذي يبين لنا اهمية هذه المسألة‪ .‬الحمامات الكبيرة التي تجمع مكان‬
‫قضاء الحاجة ومكان الغسل‪ .‬أومكان االغتسال‬
‫في البيوت او في اكثرها يكون الحمام كبيرا واسعا‪ .‬يكون فيه مكان لقضاء الحاجة‪ .‬ويكون فيه مكان‬
‫لالغتسال ولغير ذلك من االمور‪ .‬كيف يطبق االنسان هذه السنة في هذا النوع من الحمامات؟‬
‫الذي عليه فتوى اهل العلم انه يطبقها عند موضع قضاء الحاجة‪ .‬حتى ال يدخل في ذلك ال يقال ان موضع‬
‫االغتسال ال يجوز فيه مثال التسمية عنده‪ .‬وانما يسمي قبل ان يدخل‪ .‬ال يقال هذا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫األصح ان موضع قضاء الحاجة هو الذي يأخذ هذا الحكم‪ .‬فاذا أراد ان يدخل الى ذلك البيت‪ .‬يدخل بيساره‬
‫ويقول بسم هللا فيدخل بيساره فاذا اراد ان يرفع ثوبه يقول بسم هللا اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث‬
‫ويكون في هذا قد طبق السنة في ذاك الموضع‬
‫اذا انتقل الى موضع الغسل وموضع له ان يتوضأ ويسمي هللا تعالى عند وضوءه وله ان يغتسل ويذكر هللا‬
‫تعالى بعد وضوءه وغسله ان شاء‪.‬‬
‫احسن هللا اليكم‬
‫وقال رحمه هللا‬

‫نعم قلنا الدخول يكون باليسار‪ .‬الخروج يكون باليمين ألنه هو األشرف‪ .‬ويقول بعد ذلك غفرانك صح هذا‬
‫من حديث عائشة رضي هللا عنها ان النبي صلى هللا عليه وسلم كان يقوله‪ .‬ومناسبته ان الخالء هو مظنة‬
‫للغفلة‪ .‬والوسوسة وحضور الشياطين‪ .‬فلذلك اذا خرج منه ناسب ان يطلب المغفرة‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول لما طهر باطنه من الدرن الحسي‪ .‬ناسب ذلك اذا خرج ان يطلب من هللا تبارك‬
‫وتعالى ان يطهره من الدرن المعنوي من االذى المعنوي وهو الذنوب‪ .‬وكالهما محتمل لكن يقتصر على‬
‫قوله غفرانك‪.‬‬
‫واما هذا وهو الحمد هلل الذي اذهب عني وعافاني ذكره الشيخ مع هذا الذكر‪ .‬لكن الحديث فيه ضعيف‪.‬‬
‫ولذلك ال يشرع التعبد به‪ .‬يقتصر العبد على ان يقول اذا خرج بعد ان يخرج برجله‬
‫اليسرى غفرانك‪.‬‬
‫ويستحضر أحد هذين المعنيين الذين ذكرا او كالهما‪.‬‬

‫‪ .‬نعم هذه الهيئة اختارها الفقهاء عند قضاء الحاجة‪ .‬ألنه ورد فيها من جهة حديث في سنن ابن ماجة وهو‬
‫حديث ضعيف‪ .‬ثم عللوه بأنه أسهل للخارج‪ .‬يعني لما يجلس على رجله اليسرى‪ .‬وينصب الجهة اليمنى‬
‫قالوا انه يكون أسهل للخارج‪ .‬لكن هذا غير صحيح‪ .‬ال رواية وال فقها‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫فالرواية لم يثبت بهذا الحديث في سنن البيهقي وهو ضعيف جدا‪ .‬والمعنى أيضا غير‬
‫صحيح‪ .‬فان الطب الحديث ال يثبت هذا‪.‬‬
‫ومن يعتني ببحث المسائل الفقهية من جهة الطب العصري يقولون انه ال عالقة بين هذه الجلسة وبين‬
‫تسهيل الخارج فلذلك ال تكونوا سنة وال مستحبة على الصحيح‬
‫يجلس المسلم كيفما سهل عليه‬
‫تفضل قال رحمه‬

‫‪ .‬نعم يستتر بحائط او غيره‪ .‬واضح ان هذا إذا كان في الفضاء‪ .‬ال يقضي حاجته في مكان رحب بحيث‬
‫يراه الناس‪ .‬بل األفضل أن يستتر‪.‬‬
‫اذا لم يستتر يكون عرضة النكشاف عورته فان الستر يكون واجبا عليه‪ .‬وإذا لم يكن كذلك يكون الستر‬
‫مستحبا‪ .‬وقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم كما في حديث المغيرة وغيره اذا ذهب المذهب أبعد‪ .‬معنى‬
‫أبعد أي ذهب بعيدا عن الناس ال يقضي حاجته قريبا من الناس‪ .‬وكان النبي صلى هللا عليه وسلم اكمل‬
‫الناس ادبا‪ .‬وذلك النه اذا قضى حاجته قريبا من الناس قد يؤذيهم بصوت او ريح‪ .‬فيبعد فيكون ذلك استر‬
‫له وابعد عن ان يؤذي عباد هللا تبارك وتعالى‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫تفضل‪.‬‬

‫‪ .‬نعم صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم انه قال(( اتقوا هللا الالعنين‪ .‬فسئل عنهما؟‬
‫فقال قارعة الطريق والظل))‪ .‬يعني ان اإلنسان اذا قضى الحاجة في األماكن التي يحتاج الناس مثل‬
‫األماكن التي يجلس الناس فيها في قارعة الطريق‪ .‬او األماكن الذي يجلس الناس فيها تحت تحت الظل‪.‬‬
‫الذي يستظلون به من حر الشمس او تحت االشجار المثمرة حيث يقطفون الثمار‪ .‬او في الشواطئ‪ .‬حيث‬
‫يجلس الناس على شاطئ البحر او على ضفاف الوادي‪ .‬كل هذه المواطن التي يحتاج الناس اليها‪ .‬فانه اذا‬
‫قضى حاجته فيها سيؤذيهم‪ .‬وسيعرضه ذلك الى اللعنة ان يلعن الناس فاعل ذلك‪ .‬فلهذا سماها النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم الالعنين‬
‫وفي حديث قال المالعن الثالث‪.‬‬
‫لكن الشيخ بعد ان ذكر بعض هذه المواطن المعينة قارعة الطريق‪ .‬وتحت األشجار المثمرة ومحل جلوس‬
‫الناس قال او في محل يؤذي به الناس‪.‬‬
‫فهذا تعميم بعد تخصيص‪ .‬وبيان لمدار الحكم‪ .‬فالحكم ليس مخصوصا بقارعة الطريق فقط‪.‬‬
‫او باألشجار المثمرة‪ .‬وتحت الظل فقط‪ .‬بل كل مكان يتأذى الناس بقضاء الحاجة فيه فانه‬
‫يحرم على العبد المسلم ان يقضي فيه حاجته‬
‫والسنة له ان يرتاد لنفسه مكانا بعيدا عن األعين ال يصله الناس غالبا وال يتأذون باستعماله فيقضي فيه‬
‫حاجته فهذا أدب عظيم وفيه اإلشارة الى ان يتجنب االنسان ما فيه اذية لخلق هللا عز وجل في كل شيء‪ .‬حتى‬
‫في هذه االمور المختصة به اذا كان سيؤذي به عباد هللا فانه يحرم عليه ذلك‪ .‬فكيف بما هو اكثر من هذا من االذى!‬
‫تفضل‪ .‬احسن هللا اليكم‪ .‬قال رحمه هللا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫نعم من اداب قضاء الحاجة‪ .‬ان يكرم االنسان القبلة‪ .‬جهة الصالة‪ .‬يستقبل القبلة بغائط او بول وال يستدبرها ايضا‪ .‬النه‬
‫جاء عن النبي صلى هللا عليه وسلم انه قال اذا اتيتم الغائط فال تستقبلوا القبلة وال تستدبروها‪.‬‬
‫اذا اتيتم الغائط معناها المكان المنخفض مكان قضاء الحاجة‪ .‬الن الغائط هو في االصل المكان ثم توسعوا فيه فاستعملوه‬
‫في الخارج نفسه‪ .‬فيقول النبي صلى هللا عليه وسلم اذا اتيتم الى مكان قضاء الحاجة فال تستقبلوا القبلة وال تستدبروها‪ .‬اذا‬
‫كيف نفعل؟‬
‫قال عليه الصالة والسالم ولكن شرقوا او غربوا‪ .‬اي الى جهة اليمين أو الى جهة اليسار‪ .‬الن القبلة في المدينة في مدينة‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم الى جهة الجنوب‪ .‬المسجد النبوي قبلته الجنوب‪ .‬فالنبي صلى هللا عليه وسلم يخاطب اصحابه‬
‫في المدينة‪ .‬يقول لهم ال تستقبلوا القبلة اي ال تتوجهوا الى الجنوب‪ .‬وال تستدبروها‪ .‬جهة الشمال التي هي بيت المقدس‬
‫ايضا‪.‬‬
‫ولكن اذا توجه الى الشرق او الغرب يكون قد انحرف عن القبلة‪.‬‬
‫اما بالنسبة الينا نحن فالشرق هو قبلتنا‪ .‬فالمنهي عنه هو ان يشرق االنسان او يغرب‪ .‬والمطلوب ان يستقبل الجهة‬
‫المنحرفة عن جهة القبلة يمينا او يسارا حيثما كانت القبلة‪ .‬يتوجه الى جهة اخرى‪.‬‬
‫هذا هكذا امر النبي صلى هللا عليه وسلم حتى ال يكون في ذلك امتهان لقبلة المسلمين‪ .‬فهي جهة يتوجه اليها في صالته‬
‫فال يليق ان يتوجه اليها حال قضاء حاجته‪.‬‬

‫وظاهر اطالق الشيخ رحمه هللا هنا‪ .‬انه يرى ان النهي عام في البنيان وفي غيره‪ .‬النه لم يفسر ولم‬
‫يستثن‪ .‬وان كان المنصور عند اصحاب احمد الذين منهم الشيخ ان النهي خاص في غير البنيان‪ .‬هو مذهب مالك رحمه‬
‫هللا وجمهور العلماء‪ .‬النهم‪ .‬النهم رأوا ان عبد هللا ابن عمر رضي عنه لما رقى على بيت حفصة رضي هللا عنها اخته‬
‫قال رأيت النبي صلى هللا عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة‬
‫فقالوا ان هذا من ابن عمر رضي هللا عنه فقه في الحديث في حديث في نهي النبي صلى هللا عليه وسلم عن االستقبال‬
‫العام والخاص فان عبد هللا ابن عمر رضي هللا عنه سئل عن ذلك فيما بعد فقال انما نهي عنه في الفضاء‪.‬‬
‫فكان رضي هللا عنه كأنه لما رأى النبي صلى هللا عليه وسلم يستدبر القبلة‪ .‬فهم من ذلك ان النهي خاص بالفضاء وان‬
‫البنيان ال يدخل فيه‪ .‬وعبد هللا بن عمر هو راوي الحديث‪ .‬ومعلوم ان الراوي ادري بما روى‪.‬‬
‫ولذلك قال أكثر العلماء إن النهي مخصوص بالفضاء‪ .‬لكن القول االخر الذي هو ظاهر قول الشيخ قول قوي‪ .‬وله وجاهته‬
‫قد قال أبو أيوب االنصاري رضي هللا عنه وهو راوي هذا اللفظ الذي معنا‪ .‬فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بنيت نحو‬
‫القبلة‪ .‬فكنا ننحرف عنها ونستغفر هللا عز وجل‪.‬‬
‫اذا أبو أيوب فهم ان النهي عام‪ .‬حتى وجد بيوتا في الشام الى جهة القبلة فكان ينحرف عنها‪ .‬فتعارض عند العلماء‬
‫حديثان قول وفعل ومع كل منهما فهم راوي الحديث صاحب رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫لذلك كانت المسألة مشكلة غاية اإلشكال‪ .‬لكن نحن ماذا نستفيد من هذا؟‬

‫نستفيد من هذا ان الحديث في ظاهره عام‪ .‬وأبو أيوب رضي هللا عنه راويه فهم منه‬
‫العموم‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫ولذلك ينبغي لالنسان اال يستقبل القبلة وال يستدبرها ولو في البنيان‪ .‬او اذا بنى بيت خالء في بيته او في مسجد او في‬
‫غيره فانه ينبغي ان يجعله الى غير جهة القبلة او الجهة المستدبرة للقبلة‪ .‬فاذا كان عليه في ذلك حرج ومشقة شديدة ال‬
‫تأتي الشريعة بمثلها‪ .‬فحين ذاك يترخص‪ .‬بعض الناس يقع في مثل هذا في بيته ال يستطيع ان يبني المرحاض الى الجهة‬
‫التي ال تكون الى جهة القبلة‪ .‬واذا بناه ذلك فانه يكون في استعماله مشقة شديدة وضيق في المكان‪ .‬وهذا يحصل للناس‪.‬‬

‫فمثل هذا نقول له نقول له األمر فيه نوع من السعة بسبب خالف اهل العلم‪ .‬ومن‬
‫المعلوم ان من فوائد الخالف ان يكون فيه توسعة‪ .‬فما دام االنسان قادرا على ان يتجنب‬
‫االستقبال او االستدبار‪ .‬حتى في البنيان فهذا هو الذي ينبغي احتياطا‪ .‬وأخذا بفقه ابي ايوب راوي الحديث‪.‬‬
‫وأخذا بظاهر حديث النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫لكن اذا احتاج الى ذلك وكان عليه فيه مشقة فان له في قول عبد هللا بن عمر وفي قول من قال به من العلماء سعة تدفع‬
‫عنه الحرج والمشقة ان شاء هللا‪.‬‬
‫قال رحمه هللا‬ ‫احسن هللا اليكم‬

‫‪ .‬نعم‬
‫اذا ازالة اثر الخارج من االنسان‪ .‬له هذه األحكام التي ذكرها الشيخ رحمه هللا‪ .‬هو انه من جهة التطهر والتنظف ثالث‬
‫درجات‪ .‬كل واحدة منها أفضل من االخرى‪ .‬افضل هذه الدرجات ان يبدأ بإزالة الخارج بإزالة عين خارج‪ .‬بحجارة او ما‬
‫يقوم مقامها‪ .‬وهذا الذي يسمى االستجمار‪.‬‬
‫قال الشيخ رحمه هللا فاذا قضى حاجته استجمر بثالثة أحجار‪ .‬االستجمار استفعال من الجمار‪ .‬وهي الحصى الصغيرة‪ .‬اي‬
‫يستعمل الحجارة الصغيرة في ازالة اثر الخارج‪.‬‬
‫وان كان االصل في الشرع ان النجاسة البد من إزالة عينها وأثرها‪ .‬إال انه في هذا الموضع عفي عنه توسعة من الشرع‪.‬‬
‫بحاجة اإلنسان الى التوسع في مثل هذا‪ .‬فيجوز لإلنسان أن يزيل أثر خارجي بحجر لثالثة أحجار منقية للمحل‪ .‬قال الشيخ‬
‫رحمه هللا تنقي محل ويقال ونحوها‪ .‬ليبين انه ليس المقصود خصوص األحجار‪.‬‬

‫بهذه القيود الخمسة‪.‬‬ ‫وانما يدخل في ذلك كل يابس طاهر منق غير مؤذ وال محترم‪.‬‬
‫وال محترم‬ ‫‪ -‬منق ‪ -‬غير مؤذ ‪-‬‬ ‫كل يابس ‪ -‬طاهر‬
‫فاليابس يخرج الشيء المائع فالشيء المائع ال يطهر ربما يزيد تنجيس الموضع والمحل ال بدأن يكون يابسا‬

‫‪14‬‬
‫وأن يكون طاهرا ألنه إذا استنجى بشيء نجس سيزيد نجاسة على نجاسة ال بدأن يكون شيئا طاهرا‬
‫‪ .‬وان يكون منقيا الن بعض األشياء اللزجة مثال ال تنقي لو اخذ زجاجا‪ .‬الزجاج ال ينقي لكونه أملس‪.‬‬
‫وان يكون أيضا غير مؤذ‪ .‬غير مؤذ كحجر محدد مثال او سكين او زجاج او حديدة محددة‪ .‬هذه تؤذي‪ .‬ال تستعمل ايضا‬
‫في االستنجاء‪.‬‬
‫واخيرا غير محترم‪ .‬اي شيء ليس له حرمة‪ .‬اما الشيء المحترم‪ .‬وهو الذي اشار اليه فيما بعد بقوله وال يستجمر بالروث‬
‫والعظام‪ .‬كما نهى عنه النبي صلى هللا عليه وسلم‪ .‬وكذلك كل ما له حرمة‪ .‬الروث والعظام اخبر النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم وهو الصادق المصدوق‪.‬‬
‫ان كل عظم ذكر اسم هللا عليه يجده الجن أوفر ما يكون لحما‪ .‬وكذلك الروث روث الدواب التي يؤكل لحمها هي علف‬
‫لدوابها‪.‬‬
‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم نهى استعمال العظم والروث النها زاد اخواننا من الجن‪ .‬وفي حديث صحيح في البخاري انه‬
‫لما جاءه وفد نصيبين لما كان قافال من الطائف لما خرج لدعوة اهل الطائف وجاءه وفد نصيبين واستمعوا منه القرآن‬
‫((قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به))‪ .‬هؤالء وفد نصيبين‪ .‬لما‬
‫جاءوا الى النبي صلى هللا عليه وسلم سألوه الزاد‪.‬‬
‫فسأل هللا لهم ان يجدوا طعاما في كل عظم ذكر اسم هللا عليه وفي كل روث‪ .‬والمقصود روث ما يؤكل لحمه‪ .‬اذا هذه‬
‫اشياء محترمة‪ .‬العظم والروث النها طعام الجن زاد الجن وطعام دوابهم‪.‬‬
‫اخذ من هذا العلماء ان ما كان محترما كاحترام العظم والروث او اولى‬
‫فانه يدخل في هذا الحكم‪.‬‬
‫ومن ذلك مثال علف دواب اإلنس‪ .‬اذا كان علف لدواب االنس‪ .‬يستعملونه وتحتاج اليه تلك الدواب‪ .‬ال ينبغي ان يفسد‬
‫عليهم االنسان باالستنجاء‪ .‬ومن باب اولى طعام االنس كالخبز والفاكهة والخضر وغير ذلك ال يشرع وال يجوز لالنسان‬
‫ان ينجسها باالستنجاء‪ .‬وكذلك الورق الذي يكون مكتوب عليه شيء فيه ذكر هللا او شيء من الفقه‪ .‬او شيء من حتى‬
‫الجرائد التي ال تخلو ال يكاد يخلو سطر منها من ذكر اسم هللا عز وجل‪ .‬واالسماء كعبدهللا وعبدالرحمن وغير ذلك‪ .‬هذه‬
‫اشياء محترمة‪ .‬ال يجوز االستنجاء بها‪.‬‬

‫اما ما عدا هذا مما جمع القيد المذكور‪ .‬فكله يجوز االستنجاء به‪ .‬الحجر مثال‪ .‬وقطع الخشب‪ .‬والورق‪ .‬هذه‬
‫كلها يابسة طاهرة منقية يجوز لإلنسان أن يستنجي بها‪.‬‬
‫وكما ذكر الشيخ األفضل أن يبدأ باستعمال هذه األشياء ثم بعد ذلك يغسل المحل بالماء ألنه أنقى‪ .‬جاء عن‬
‫عائشة رضي هللا عنها انه زارها جماعة من النساء‪ .‬فقالت لهن مرن أزواجكن وفي رواية مْن تضبط‬
‫بالوجهين‬
‫مرن أو مرن أزواجكن يتبع الحجارة الماء فاني استحييهم قد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يفعله‬
‫هكذا ذكر هذه الرواية لإلمام احمد رحمه هللا بهذا اللفظ يتبع الحجارة الماء وهي حجة على أن األفضل‬
‫استعمال األمرين الجمع بين االستنجاء بالحجارة او ما في معناها من الخشب والورق وغير ذلك ثم‬
‫يستعمل الماء بعد ذلك سيكون اطهر له الن الشيء اليابس الذي يستنجي به يزيل العين األذى ثم الماء‬
‫يزيل االثر والرائحة فيكون اطهر واكمل‪.‬‬
‫اذا لم يستعمل االمرين يقول الشيخ رحمه هللا يكفي االقتصار على احدهما‪ .‬اي يكفي ان يستجمر فقط‪.‬‬
‫ويكفي ان يغسل بالماء فقط‪ .‬واالفضل منهما هو أشدهما انقاءا وهو الماء‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫بدليل قول هللا تبارك وتعالى(( ان هللا يحب التوابين‪ .‬ويحب المتطهرين))‪ .‬في الحديث ان هذا نزل في اهل‬
‫قباء‪ .‬فيه رجال يحبون ان يتطهروا‪ .‬وهللا يحب المتطهرين‪ .‬فيه رجال يحبون ان يتطهروا هذا ورد انه‬
‫نزل في اهل قباء كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه االية وكان النبي صلى هللا يستعمله‪.‬‬
‫قال انس رضي هللا عنه كان النبي صلى هللا عليه وسلم يذهب الى الخالء فكنت احمل انا وغالم معي اداوة‬
‫من ماء فيستنجي بالماء عليه الصالة والسالم‪.‬‬
‫اذا االفضل هو الجمع بينهما ان امكن وتيسر ثم بعد ذلك الماء فان لم يمكن سيجزئه‬
‫ان يستجمر بثالثة أحجار او ما كان في معناها‪ .‬وصح عن النبي صلى هللا عليه وسلم انه نهى‬
‫عن االستنجاء باقل من ثالثة أحجار‪ .‬وفي هذا دليل على انه لو أنقى المحل بحجر واحد ال يجوز له ان‬
‫يقطع على حجر واحد ولو أنقى بحجرين ال يجوز له ان يقطع بل يجب عليه ان يزيد حجرا ثالثا و لو كان‬
‫أنقى المحل الن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن االستنجاء باقل من ثالثة احجار‪.‬‬
‫اذا لم تنق ثالثة احجار المحل‪ .‬فيجب عليه ان يزيد‪ .‬وحين ذاك يستحب له ان يقطع على وتر‪ .‬لقول النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم من استجمر الي يوتر‬
‫وبذلك يصير االيتار في االستجمار له حكمان‬
‫حكم واجب وحكم مستحب‪.‬‬
‫اما االيتار في الثالث فهو واجب‪ .‬بمعنى انه ال يجوز له ان يقطع على ما دون السلف‪ .‬واما االيتار فيما‬
‫جاوز على الثالث فهو مستحب‪ .‬لو أنقى في الرابعة جاز له ان يقطع‪ .‬وال يزيد لكن المستحب ان يزيد‬
‫خامسا ألمر النبي صلى هللا عليه وسلم بااليتار‪.‬‬
‫وقد علمنا انه فيما دون الثالث واجب في الثالث فيما دونها واجب‪ .‬وفيما زاد على ذلك فهو مستحب‪.‬‬
‫بقي التنبيه على قيد في قول الشيخ رحمه هللا استجمر بثالثة أحجار نحوها تنقي المحل ثم استنجى‬
‫بالماء‪ .‬يعني الجمع بينهما وهو أن الجمع بينهما في بعض األحيان قد يكون متكلفا‪.‬‬
‫فيه شيء من الغلو‪ .‬ففي البيوت التي نستعملها البيوت المبنية االن ليس فيها حجارة‪ .‬الزمن االول كانت‬
‫تبنى مراحيض لكن االرضية تكون فيها الحجارة فاذا اراد ان يجمع بين الماء والحجر ال يتكلف ذلك الن‬
‫الحجر حاضر عنده‪ .‬يمد يده فيرفعه‪ .‬لكن في البيوت العصرية الحجارة ليست كذلك‪.‬‬
‫فهل يشرع لالنسان ان يجمع الحصى من خارج البيت‪ .‬ويضعها في الحمام ليستعملها في االستنجاء‪.‬؟‬
‫ال يشرع ذلك‪ .‬قال الشيخ االلباني رحمه هللا اخشى ان يكون هذا نوعا من الغلو في الدين‪ .‬وقد جاء عن‬
‫بعض السلف ما يدل على أنهم نهوا بعض الناس عن استعمال الماء لما ظنوا‪ .‬انه من باب الغلو في الدين‪.‬‬
‫بعض الناس في الزمن االول كان يرى ان الحجارة ال تكفيه‪ .‬فيستعمل الماء‪ .‬جاء عن بعض الصحابة انهم‬
‫انكروا عليهم ذلك‪ .‬الن الشرع دل على إجزاء االستنجاء‪ .‬وانت على إجزاء االستجمار‪.‬‬
‫وانت لست اعلم من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بشرعه‪ .‬اذا االستجمار مجزئ وكاف والماء وحده‬
‫كاف فاذا تيسر لالنسان ان يجمع بينهما من غير تكلف ومن غير غلو فيجوز له ذلك‪ .‬وهو افضل‪.‬‬
‫مثل الذي يكون عنده ورق معد لذلك في الحمام‪ .‬والماء حاضر عنده‪ .‬فهذا يجوز له ان يقتصر على الماء‬
‫ويجوز له ان يقتصر على استعمال الورق النه يابس طاهر منق غير مؤذ وال محترم‪ .‬واالفضل في حقه‬
‫ان يجمع بينهما‪ .‬الن الجمع انقى وليس فيه مؤونة الن الورق حاضر وهو معد لذلك‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫وقد اخبرت عائشة رضي هللا عنها ان النبي صلى هللا عليه وسلم كان يفعله‪.‬‬
‫فاذا لم يتيسر له الجمع بغير حرج وال مشقة وال تكلف انتقل الى الماء النه أنقى وهو األصل في التطهر‪.‬‬
‫وأثنى هللا تبارك وتعالى على من فعله من اهل قباء‪.‬‬
‫واذا لم يتيسر له ذلك ينتقل الى الثالث وهو الحجارة وأحكامها وهي مجزئة ولما طال عهد الناس بها‬
‫وصارت اكثر البيوت فيها الماء جهل المسلمون هذا الحكم حتى تجد االنسان وهو في سفر يحتاج الى‬
‫قضاء الحاجة فيتكلف يتكلف ان يحظر الماء وان يشتريه وربما رأى ان الحجارة ال تجزئه وهذا خالف‬
‫شرع هللا عز وجل وخالف سنة النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫يقضي حاجته في الخالء الحجر والخشب وما حوله من االشياء التي ذكرنا في هذه القيود كلها مجزئة‪ .‬وال‬
‫يشرع له ان يتورع عنها وان يتكلف استحضار الماء‪ .‬الن هذا نوع من الغلو في الدين‪ .‬ويرى ان ما‬
‫شرعه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ليس فيه الكفاية‪.‬‬
‫وقد قلنا ان هذا الباب كله مبني على الوسط‪ .‬على الوسط بين المبالغة في التنظف والذي يفتح على االنسان‬
‫باب الوسوسة‪ .‬وبين التساهل في مالبسة النجاسات‪ .‬في الشريعة الوسط جاءت بالمحاسن‪ .‬والكماالت في‬
‫كل شيء‪ .‬ومن ذلك باب الطهارة الذي نحن فيه‪ .‬هذا أخر الباب‬
‫سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال اله اال أنت أستغفرك وأتوب إليك‬

‫‪17‬‬
‫سؤال الدرس الثالث ماضابط االستنجاء ؟‬
‫السالم عليكم‪ .‬بعض االخوة انتبهوا إلى ان السؤال وقع فيه االستنجاء‪ .‬وليس االستجمار‪.‬‬
‫وبعضهم لم ينتبه‪.‬‬

‫كنا فرقنا بينهما في الدرس بان االستنجاء‪ .‬هو ازالة الخارج نفسه‪ .‬وهذا يقع‬
‫بالماء‪ .‬وبما يقوم مقام الماء‪.‬‬
‫واما االستنجاء فهو الذي يقوم مقام الماء‪ .‬وهو اللي ذكرنا‬
‫فيه الضابط ذي الخمسة قيود‪.‬‬

‫الحمد هلل اكثر االجوبة كانت موفقة‪ .‬واكمل االجوبة هو من قال اصحابه ان االستنجاء يكون‬
‫بالماء‪ .‬او بما يقوم مقامه من االحجار‪ .‬ونحوها مما يجمع الضوابط الخمسة التي ذكرناه‪.‬‬
‫على كل انا قصدت بهذا السؤال‪ .‬لفت االنتباه الى انه هذا النوع من المسائل‪ .‬الذي يذكره‬
‫العلماء الذي هو مثال ضابط وما يجوز ضابط وما يحرم‪.‬‬
‫كما هنا مثال ضابط ما يستنجى به ضابط او ضابط ما يقوم مقام الماء‪ .‬عند من تكلم على‬
‫ضابط االستجمار‪.‬‬
‫هذا النوع من المسائل هو من اهم ما يذكره علماء في كتب الفقه‪ .‬وهو في الحقيقة الذي ينمي‬
‫الملكة الفقهية ولذلك انت لما يكون عندك هذا الضابط‪ .‬كل مسألة متعلقة بهذا الموضوع وهي‬
‫جواز االستنجاء وعدمه‪ .‬انت ستردها الى هذا الضابط سواء نص عليها الفقهاء او لم ينصوا‪.‬‬
‫انت ستردها الى هذا الضابط‪.‬‬
‫فاذا انطبق عليه الضابط علمت جوازه‪ .‬واذا لم ينطبق عليها علمت انها ال تجوز‪ .‬فيكسبك ذلك‬
‫هذا الفقه الذي من اجله وضعت كتب الفقه‪ .‬وهو من اكبر الفروق‪ .‬بين كتب الفقه التي وضعت‬
‫في هذا النوع من مسائل أصالة‪ .‬وبين مثال كتب شرح الحديث‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫نبهت فيما سبق على انه من طرق التفقه الخاطئة‪ .‬ان يحال طالب الفقه الى شرح الحديث‪.‬‬
‫شرح الحديث مثال تذهب الى اداب االستنجاء تجد الكالم على أحاديث النهي عن االستنجاء‬
‫باقل من ثالث أحجار او االستجمار باقل من ثالث أحجار‪.‬‬
‫لكن ال تجد الكالم على هذا الضابط وماذا يدخل فيه وما ال يدخل فيه‪ .‬اما كتب الفقه فانها‬
‫وضعت لهذا الغرض اساسا‪.‬‬
‫يمكن ان نعبر عن هذا بان نقول ان كتب الفقه وضعت للمسائل المنصوصة‪ .‬كتب الشرح الحديث وضعت للمسائل‬
‫المنصوصة خاصة أحاديث االحكام وكتب الفقه وضعت للمسائل المستنبطة‪.‬‬

‫ونعني بالمسائل المستنبطة هذه المسائل الكثيرة التي يفرعها الفقهاء‪ .‬ويحرصون على ذكر‬
‫ضوابط لها وال يجدها االنسان في غير كتب الفقه‪.‬‬
‫اذا هذه المسائل وما كان من هذا النوع هي التي ينبغي ان يحرص على فهمها وضبطها‪.‬‬
‫ووفقنا هللا واياكم جميعا لكل خير‪.‬‬

‫‪19‬‬

You might also like