Professional Documents
Culture Documents
ان الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده هللا فال
مضل له ومن يضلل فال هادي له واشهد أن ال اله إال هللا وحده ال شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله
صلى هللا عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد:
في الدرس الماضي كان الشيخ رحمه هللا قد شرع في الكالم على أحكام المياه وعلمنا انه بين أن الماء اذا
خالطته نجاسة فغيرت لونه او طعمه او ريحه فهو نجس ال يجوز استعماله في طهارة حدث وال طهارة
خبث
وأما ما عدا ذلك فانه طاهر يجوز استعماله في األحداث واالخباث بما في ذلك الماء الذي تغير بشيء
طاهر لم يغلب عليه اي لم يكثر الى درجة ان يسلبه وصف الماء المطلق
وهذا القسم الثالث هو الذي خالف فيه جماعة من الفقهاء وجعلوه طاهرا غير مطهر يعني يستعمل في
إزالة النجاسات وهي طهارة الخبث لكن ال يستعمل في إزالة الحدث أو في رفع الحدث وبذلك صار الماء
عندهم طاهرا ونجسا وطهورا
وأما عند الشيخ رحمه هللا وغيره من العلماء وهو الراجح في الدليل فالماء اما نجس متغير احد االوصاف
بنجاسة واما طاهر ولو كان وقعت فيه نجاسة لم تغيره ولو كان تغير بشيء يسير من طاهر لم يغلب عليه
هذا كله اذا كان التغير او عدم التغير معلوما لكن يبقى فيما اذا شك االنسان في هذه العوارض وهذا عقد له
الشيخ رحمه مبحثا مستقال وقفنا عنده.
بسم هللا الرحمن الرحيم والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين قال العالمة عبد
الرحمن بن ناصر السعدي رحمه هللا تعالى
1
نعم اذا هذه المسألة هي مسألة اشتباه الماء مسألة الشك في الماء او في غيره من أمور الطهارة و يعقد لها
الفقهاء أحكام االشتباه ولها تفاصيل كثيرة متشعبة
لكن الشيخ رحمه هللا لخصها بحسب ما قام عليه الدليل في قاعدة واحدة وهي قاعدة عظيمة من قواعد
الشريعة تدل على ما في هذه الشريعة من اليسر والسهولة والسماحة فهي قاعدة تعتبر من محاسن دين
االسالم وهي قاعدة االستصحاب استصحاب الشيء على حسب ما ثبت عليه فال يتغير وال يزال إال بدليل
يدل على تغيره وزواله يعبر عنها الفقهاء بمعنى العام وهو ان اليقين ال يزول بالشك
ويعبرون عنها بتعبيرات أخرى وحاصلها انك اذا علمت شيئا ما على وصف معين اما انه ثابت او غير
ثابت اما انه طاهر او نجس اما انه موجود او معدوم فاالصل ان تبقى على ما علمته على الوصف الذي
علمته سواء كان وصفا ثبت بحكم العدم االصلي وال ثبت بالوصف الشرعي وال تنتقل عن ذلك اال بدليل
وانت بعد ذلك في راحة عظيمة من الشك والوسواس
تطبيق ذلك فيما نحن فيه في طهارة الخبث وطهارة الحدث هو ما بينه الشيخ رحمه هللا في هذه السطور
فيقول األصل في االشياء الطهارة واالباحة فاذا شك المسلم في نجاسة ماء او ثوب او بقعة او غيرها فهو
طاهر اذا االصل في االشياء
والمقصود باالشياء اي االشياء التي ينتفع بها االنسان المنافع التي سخرها هللا تبارك وتعالى لنا حتى ال
تدخل فيها المضار والخبائث التي تضر الطهارة وكذلك االصل فيها انها مباحة
قوله واالباحة ال يتعلق بما نحن فيه وانما ذكره الشيخ رحمه هللا ليكمل به القاعدة وستأتي فروعه في
ابواب الحقة في باب االنية وباب اللباس وباب االطعمة وغيرها تأتي فروع قاعدة االصل في االشياء
االباحة ونتكلم عليها هنالك الذي يعنينا هنا االصل في االشياء الطهارة اي كل شيء مما تراه وتقع عليه
عينك من حيوان او جماد او شجر او حجر او ماء او صناعة او غير ذلك كله االصل انه طاهر وال يحكم
بالنجاسة اال لما دل الدليل على نجاسته اال لما علمت انه نجس ورأيت سبب تنجسه
2
اذا شككت في ذلك لم يقم الدليل على النجاسة او لم يقم الدليل على ما يقتضي التنجيس فأنت باق على
االصل وعلى هذا لو كان عندك ماء أعددته لتطهر شيئا ما أعددته لوضوء او إلزالة نجاسة ثم شككت هل
وقع فيه نجس او لم يقع فيه؟
فاألصل انه نجس فاألصل انه طاهر وتبقى على أصل الطهارة أنت تمشي في الشارع وقع عليك ماء
قطرات من ماء ال تدري هل هذا الماء طاهر وال نجس؟
األصل انه طاهر إذا تبقى على هذا األصل وال تنتقل عنه ال يلزمك انك تغسل مالبسك لشكك هل الماء
الذي أصابك طاهر أو نجس حتى تستيقن أن الماء الذي أصابك نجست حين ذاك يجب عليك أن تغسل
مالبسك وما أصابك منه ما دام لم يثبت هذا فأنت على األصل
وعلى هذا يقول في نجاسة الثوب أيضا ثوب ال تدري هل هو نجس أو طاهر؟
األصل انه طاهر وبقعة تريد أن تصلي عليها ال تدري هل هي طاهرة أو نجسة؟
األصل أنها طاهرة إذا تبقى على هذا األصل حتى ينقلك عنه دليل واضح والمقصود بالدليل الواضح هنا
يقين أو ما يقوم مقامه من الظن الغالب بمعنى في سورة المثال الذي ذكرناه مثال الماء الذي يسقط عليك
من عمارة مثال غالب الظن أن األصل في هذا الماء انه طاهر وأيضا ال يوجد ظن غالب انه نجس
لكن لو فرضنا ان انك تعرف ذلك المكان ويغلب على ظنك ان الماء الذي ينزل من ذلك المكان نجس كأن
يكون مثال ماء خارجا من مرحاض مثال بحكم معرفتك بذلك المكان هنا يغلب على الظن أن ذلك الماء
نجس.
ال نقول األصل بقاء الطهارة .الن األصل بقاء الطهارة ما دام لم يوجد ناقل .فاذا وجد ناقل فاألصل أو
فينتقل اإلنسان مع ما يدل على غالب الظن.
وكثير من الناس إذا سمع القاعدة األصل أو اليقين ال يزول بالشك يفهم
من ذلك أن اليقين البد له من يقين بمعنى قطعي ليس معه شك وليس
هذا مقصود العلماء.
مقصود العلماء إن اإلنسان ال يتبع الشكوك والوساوس وإنما يبقى مع اليقين وما كان في حكمه من
الظن الغالب .وبهذا يكون معتدال ال يكون متعبدا بالنجاسات من جهة وال يكون أيضا مغاليا في الوسواس
وتتبع الخطرات من جهة أخرى بل يكون وسطا
األصل في الماء والثوب والبقعة وغير ذلك من األشياء أنها طاهرة فأنت مستصحب لهذا األصل وسائر
عليه حتى يغلب على ظنك خالفه هذا تطبيق هذه القاعدة في طهارة الخبث
وتطبيقها في طهارة الحدث يقول الشيخ رحمه هللا او تيقن طهارته وشك في الحدث فهو طاهر اذا كان
اإلنسان محدثا ثم توضأ وبعد ذلك شك هل عرض له حدث ينقض الوضوء او هو باق على طهارته؟
فما دام لم يستيقن الحدث ولم يغلب على ظنه انه احدث فانه على أصل الطهارة يجوز له ان يصلي بذلك
الوضوء وال يلزمه ان يجدد وضوءا أخر وكذلك العكس لو استيقن انه محدث والحدث وهو االصل في
االنسان الن الوضوء وصف عارض يحتاج الى طهارة يفعلها اإلنسان فإذا كان على األصل او استيقن انه
احدث ثم شك بعد ذلك هل توضأ من الحدث او لم يتوضأ؟
3
ما األصل ؟
األصل انه محدث فال يجوز له ان يصلي حتى يحدث وضوءا لماذا؟
ألنه يتيقن انه احدث ويتذكر مثال انه في صباح هذا اليوم دخل الخالء لكن ال يدري بعد ذلك هل توضأ
فصلى الظهر او انه لم يتوضأ ؟
فنقول ما دمت مستيقنا أنك أحدثت قبل الصالة فهذا يعني انك تبني على أصل الصالة حتى تعلم وتتأكد انك
أحدثت وضوءا وإال فاألصل انك محدث وهذا األصل العظيم يريح االنسان وذكره العلماء كما تقدم في
محاسن ان االنسان يستصحب االصل الذي عنده ويبني عليه وال ينتقل عنه اال بناقل والدليل عليه حديث
عبد هللا بن زيد المشهور وهو في الصحيحين انه شكي الى النبي صلى هللا عليه وسلم الرجل يخيل اليه انه
يجد الشيء في الصالة يخيل اليه ان يظن ويقع في خاطره من غير يقين انه يجد الشيء في الصالة اي انه
يحدث يصدر منه ريح فقال النبي صلى هللا عليه وسلم ((ال ينصرف حتى يسمع صوتا او يجد ريحا )) او
ال ينصرف على النهي او على النفي حتى يسمع صوتا او يجد ريحا
النه اذا سمع الصوت قد تحقق انه احدث اذا وجد الريح اذا شم ما خرج منه فقد استيقن ايضا بدليل وهو
الريح او الصوت انه احدث ومفهوم هذا انه ما لم يغلب على ظنه انه صدر منه ما ينقض الوضوء فهو باق
على اصل الطهارة ولو وجد تخيالت ولو وجد بعض كما يكون عند من يبتلى بالغازات يتخيل اليه انه
احدث لكن ليس متأكدا من ذلك
نقول أفتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بما يدل على هذا االصل الجليل وهو ان تستصحب اصل
الطهارة وال تنتقل عنها اال بيقين
4
نعم هذا الباب باب اآلنية يعقده الفقهاء هنا لمناسبة باب المياه فان االنسان اذا هم بالطهارة سيستعمل الماء
والماء يكون عادة قبل وجود الحنفيات في البيوت يكون عادة في انية يتوضأ منها االنسان وليست كل انية
يجوز استعمالها في التطهر ولذلك احتاج الفقهاء الى هذا الباب فهو ماء يكون موضوعا في اناء يباح
التطهر منه بعد ذلك يشرع االنسان في الطهارة المشروعة.
يقول الشيخ رحمه هللا اذا باب االنية وهي جمع اناء وهو الوعاء الذي يكون فيه شيء يوضع فيه ماء او
طعام او غيره
االصل في جميع االواني الطاهرة انها مباحة والفقهاء يقيدون بالطاهرة والشيخ استغنى عن هذا القيد الن
غالب االنية التي يستعملها الناس هي االنية الطاهرة
االنية النجسة التي تكون مصنوعة مثال من جلد ال يطهر بالدباغ كأن تكون مصنوعة مثال من جلد كلب او
جلد خنزير هذا اناء نجس ولو كان يابسا لكن قليلة هي االنية المصنوعة من اشياء نجسة
ولذلك الشيخ رحمه هللا لما كان همه الفروع التي تكثر الحاجة اليها كأنه استغنى عن هذا القيد
وهذا الحكم هو فرع مما سبق له ان قال االصل في االشياء الطهارة واالباحة يدخل فيما االصل فيه
الطهارة واباحة االستعمال جميع االنية فجميع االنية مباحة االستعمال في الوضوء وفي غيره إال ما
اخرجه الدليل الدال على انه ال يجوز استعماله
الدليل اخرج االمور النجسة النه ال يجوز مباشرتها وهذا علمناه مما سبق واخرج ايضا انية الذهب
والفضة يقول الشيخ وما فيه شيء منهما
النه صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم(( انه قال ال تشربوا في انية الذهب والفضة وال تأكلوا في
صحافها))
5
اي صحاف جمع الصحفة اي االنية التي تعد لوضع الطعام منها فانها لهم في الدنيا ولكم في االخرة
وصح عن النبي صلى هللا عليه وسلم ايضا في الصحيح انه قال ((الذي يشرب في اناء الفضة انما يجرجر
في بطنه نار جهنم ))
وهذا وعيد شديد يدل على ان استعمال انية الذهب والفضة في الطعام والشراب من كبائر الذنوب والسبب
في ذلك ان الذهب والفضة هما النقدان اللذين يستعملهما الناس في شؤونهما والنفوس معلقة بها فاستعمالها
في االكل والشرب فيه انه مظنة السرف ومظنة الخيالء وفيه ايظا كسر لقلوب الفقراء فالفقير الذي ربما
ال يجد ما يشتري به قوت يومه يراك تستعمل اناء الذهب والفضة الغالي النفيس في امور مبتذلة لم
تستعمل او لم توضع النقدان من اجلهما
اذا لما فيه من هذا الفخر والخيالء وكسر قلوب الفقراء قال النبي صلى هللا عليه ((انها لهم في الدنيا )) اي
لمن لم يؤمن باهلل ورسوله صلى هللا عليه وسلم للمشركين والكفار لهم في الدنيا ولكم في االخرة كما قال
النبي صلى هللا عليه وسلم نفس هذا المعنى في الحرير والذهب في لبسهما في حق الرجل لكن في الحلية
في اللباس واستثنيت النساء لحاجتهن الى الحرير والذهب
ففي باب الحلية يحرم الحرير والذهب على الرجال دون النساء واما في باب االنية فالتحريم شامل
للجنسين قد يظن انه اذا جاز للمرأة ان تلبس الذهب معناه يجوز لها ان تأكل او تشرب فيهما او تتوضأ
فيهما لكن هذا غير صحيح
ما كان حلية فهو مباح للنساء محرم على الرجال وما كان انية فانه محرم على الرجال وعلى النساء
لكن قد يقول قائل الحديث لم يذكر فيه النبي صلى هللا عليه وسلم إال األكل والشرب وفي الحديث اآلخر
ذكر الشرب فقط
ما الدليل على ان الوضوء الذي ساق الشيخ من اجله الباب يدخل فيه؟
فالجواب ان الدليل على ذلك هو المعنى الذي هو القياس الصحيح الذي ذكر الشيخ رحمه هللا في اول
كالمه في المقدمة انه من ادلة االحكام ومن اصول الشرائع
فالنبي صلى هللا عليه وسلم ذكر او نهى عن االكل والشرب في انية الذهب والفضة ال النه يريد ان ما عدا
االكل والشرب من انواع االستعمال ليس منهيا عنه بل الن غالب استعمال الناس النية الذهب والفضة هو
في االكل والشرب .اذا هذا القيد وهو ال تشربوا وال تأكلوا خرج مخرج الغالب .خرج مخرج الغالب النه
هو غالب حال الناس.
وفي معناه كل ماعدا ذلك من أنواع االستعمال كأن يضع اإلنسان مثال إناء من ذهب أو فضة يضع فيه ماء
أو يتوضأ منه أو يجعل فيه مثال إناء للكحل او خزينة للمال او اي غرض من ذلك او ملعقة مثال يتناول
بها او آلة يدخن بها كما يفعل بعض المدخنين كل هذه الصور يشملها نهي النبي صلى هللا عليه وسلم
والدليل على ذلك انها متساوية في المعنى مع االكل والشرب كل ما يوجد في االكل والشرب من الفخر
والخيالء والسرف وكسر قلوب الفقراء موجود في غيره من انواع االستعمال فلذلك كان الحكم هو انه نهي
عن استعمال انية الذهب والفضة في كل انواع االستعمال بما فيها االكل والشرب هللا تعالى اعلم
6
احسن هللا اليك
قال رحمه هللا
باب االستنجاء وآداب قضاء الحاجة هو أيضا من مقدمات الطهارة ألن اإلنسان يحتاج إلى هذا الحكم قبل
الوضوء فغالبا يحتاج اإلنسان إلى أن يدخل الخالء قبل أن يتوضأ وقد ال يحتاج إلى ذلك ان احتاج إلى ذلك
قبل الوضوء أو غير ذالك من األحوال فإنه تتعلق به هذه األحكام
ولمناسبة هذا الباب وحاجة اإلنسان إليه قبل الوضوء غالبا عد عند العلماء من مقدمات أحكام الطهارة
فيقول باب االستنجاء أي باب الذي تذكر فيه أحكام االستنجاء أي طلب النجو أي طلب إزالة أثر الخارج
من اإلنسان وهو تطييب لإلنسان وتطهر لذلك يسمى االستطابة يسمى باب االستنجاء ويسمى أيضا باب
االستطابة وهما بمعنى واحد
ان يطهر اإلنسان نفسه من األثر الخارجي منه هو أيضا مما يدل على كمال هذه الشريعة فإن النبي صلى
هللا عليه وسلم بعث بكل خير وهدى حتى في مثل هذه الحال التي يكون فيها اإلنسان في الحمام يقضي
حاجته جاء فيها عن النبي صلى هللا عليه وسلم األحكام واآلداب الوافية التي ترشد اإلنسان إلى ما فيه
الصالح والخير والسالمة والعافية مع وسطية واعتدال.
ليس مبالغة في التطهر والوسوسة كما كان عند بني اسرائيل اذا اصاب احد منهم البول فانه يقطع ذلك
المكان من ثوبه .وليس ايضا تساهال في التطهر كما هو عند من ال يتطهرون من النجاسات اصال.
وانما كان وسطا بين الغلو وبين مالبسة النجاسات .وقد علم هذا اليهود وحسدوا عليه المسلمين في بداية
االمر .في وقت النبي صلى هللا عليه وسلم سألوا سلمان الفارسي رضي هللا عنه .قالوا له علمكم نبيكم
صلى هللا عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة .بالكسر .كسر الراء( الخاء أويقصد فتح الراء) اي حتى هيئة
قضاء الحاجة .فقال لهم نعم.
علمنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كذا وكذا وذكر لهم بعض أحكام وآداب قضاء الحاجة أال يستنجي
احدنا بيمينه .وأال يستقبل القبلة بغائط أو بول وأال نستنجي بعظم او روث.
اذا هذا من كمال شريعة اإلسالم وقد فطن لها هؤالء الذين حسد يحسدون االسالم على شريعته الكاملة في
ذلك الوقت .وهو من صور بيان ان النبي صلى هللا عليه وعلى اله وسلم رسول من عند هللا تبارك وتعالى.
جاء بما فيه صالح االنسان في كل حال من أحواله حتى في هذه الحال التي يقضي فيها حاجته.
7
فاذا هذا الباب يذكر فيه العلماء احكاما وادابا .يحتاج اليها المسلم حال قضاء حاجته .والفرق بينهما ان
االحكام متعلقة بما يحل ويحرم ما يؤمر به وما ينهى عنه.واآلداب متعلقة بما يكون اكمل وافضل.
ولهذا قال الشيخ باب االستنجاء واداب قضاء الحاجة .بدأ باول ادب منها فقال انه يستحب لالنسان اذا
دخل الخالء ان يقدم رجله اليسرى.
الن الخالء اماكن محتضرة جاء في الحديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم .تحضرها الجن وهي اماكن
للنجاسة .اذا هي اماكن فيها ما فيها من الخبث واالذى .فلذلك استحب ان يدخل االنسان فيها بيساره.
واذا خرج كما سيأتي معنا يخرج بيمينه .عكس المسجد .اذا دخل يدخل باليمين واذا خرج يخرج بالشمال
وكذلك اللبس والنزع اذا لبس ثوبه او نعله كان النبي صلى هللا عليه وسلم يبدأ باليمين واذا نزع كان عليه
الصالة والسالم يبدأ باليسار واخذ من هذا العلماء قاعدة عامة ان كل فعل فعل يشترك فيه
يشترك فيه العضوان .تباشره انت بعضويك اليدين او الرجلين .فانه الجانب الشريف منه تباشره
باليمين .والجانب الذي يقابله الجانب الذي فيه رداءة وخبث .يباشره باليسار.
فدخول المسجد والخروج .الدخول اشرف من الخروج .والدخول فيه دخول الى مكان رحمة هللا وافضل
االماكن عند هللا .والخروج بالعكس .اذا يقدم في الدخول اليمين .ويقدم في الخروج اليسار .والخالء عكسه.
مكان محتضر .مظنة النجاسة .يقدم اليسار في الدخول .واليمين في الخروج .وهكذا في غيره من المواطن
التي تفعل بالعضوين.
فاذا كان فعل يفعله بعضو واحد .فما كان من أمور الكرامة .وما كان من امور الطهارة .واألشياء الفاضلة
يفعله بيمينه .وما كان غير ذلك من امور االذى وازالته يباشره بيساره.
قالت عائشة رضي هللا عنها كان النبي صلى هللا عليه وسلم يعجبه التيمن .في تنعله وترجله وطهوره وفي
شأنه كله.
فاذا يدخل الخالء بيده اليسرى برجله اليسرى يخرج منه برجله اليمنى.
8
الخبث بسكون الباء .وهو الشر .عموما.
والخبائث .اي الشياطين والجن.
فيكون بذلك جمع بين االستعاذة من الشر ومن اهله .الشر في قوله اعوذ باهلل من الخبث .واهل الشر في
قوله اعوذ باهلل من الخبائث.
وضبط هذه اللفظة بعض العلماء بالضم .بضم الباء اللهم اني اعوذ بك من الخبث .وقالوا انه على هذا
الخبث يكون جمع خبيث .مثل ما نقول نذير ونذر .و الخبائث جمع خبيثة.
فيكون على هذا استعاذ من ذكران الجن .ومن إناثهم.
الخبث ولذلك كان المختار هو لفظ اإلسكان ان تقول بسم هللا اللهم اني اعوذ بك من
. والخبائث
هذا كله يمكن تطبيقه اذا كان الخالء بيتا مبنيا .فيقدم رجله اليسرى وقبل ان يدخل يقول بسم هللا .اللهم اني
اعوذ بك من الخبث والخبائث.
لهذا قال الشيخ اذا دخل الخالء المقصود به اذا أراد ان يدخل .كقول هللا عز وجل ((اذا قمتم الى الصالة
فاغسلوا وجوهكم )) اي اذا اردتم القيام .الن هللا تبارك وتعالى ال يذكر داخل الخالء .اذا أين يأتي بهذا
الدعاء؟
يأتي به اذا أراد ان يدخل.
كيف يطبق هذه السنن؟
اذا كان سيقضي حاجته في خالء في فضاء يكون مسافر في طريق ويحتاج الى ان ينزل في طريقه
فيقضي حاجته او يكون في صحراء .كيف يطبق هذه السنن؟
يقول العلماء انه يطبقها اذا أراد ان ينزع ثوبه او يرفعه.
فيقول بسم هللا اعوذ باهلل من الخبث الخبائث .والدخول بالرجل اليسرى ليس له محل فتسقط هذه السنة .لكن
تبقى سنة الذكر .ويلحق بها وهذا هو الذي يبين لنا اهمية هذه المسألة .الحمامات الكبيرة التي تجمع مكان
قضاء الحاجة ومكان الغسل .أومكان االغتسال
في البيوت او في اكثرها يكون الحمام كبيرا واسعا .يكون فيه مكان لقضاء الحاجة .ويكون فيه مكان
لالغتسال ولغير ذلك من االمور .كيف يطبق االنسان هذه السنة في هذا النوع من الحمامات؟
الذي عليه فتوى اهل العلم انه يطبقها عند موضع قضاء الحاجة .حتى ال يدخل في ذلك ال يقال ان موضع
االغتسال ال يجوز فيه مثال التسمية عنده .وانما يسمي قبل ان يدخل .ال يقال هذا.
9
األصح ان موضع قضاء الحاجة هو الذي يأخذ هذا الحكم .فاذا أراد ان يدخل الى ذلك البيت .يدخل بيساره
ويقول بسم هللا فيدخل بيساره فاذا اراد ان يرفع ثوبه يقول بسم هللا اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث
ويكون في هذا قد طبق السنة في ذاك الموضع
اذا انتقل الى موضع الغسل وموضع له ان يتوضأ ويسمي هللا تعالى عند وضوءه وله ان يغتسل ويذكر هللا
تعالى بعد وضوءه وغسله ان شاء.
احسن هللا اليكم
وقال رحمه هللا
نعم قلنا الدخول يكون باليسار .الخروج يكون باليمين ألنه هو األشرف .ويقول بعد ذلك غفرانك صح هذا
من حديث عائشة رضي هللا عنها ان النبي صلى هللا عليه وسلم كان يقوله .ومناسبته ان الخالء هو مظنة
للغفلة .والوسوسة وحضور الشياطين .فلذلك اذا خرج منه ناسب ان يطلب المغفرة.
وبعض العلماء يقول لما طهر باطنه من الدرن الحسي .ناسب ذلك اذا خرج ان يطلب من هللا تبارك
وتعالى ان يطهره من الدرن المعنوي من االذى المعنوي وهو الذنوب .وكالهما محتمل لكن يقتصر على
قوله غفرانك.
واما هذا وهو الحمد هلل الذي اذهب عني وعافاني ذكره الشيخ مع هذا الذكر .لكن الحديث فيه ضعيف.
ولذلك ال يشرع التعبد به .يقتصر العبد على ان يقول اذا خرج بعد ان يخرج برجله
اليسرى غفرانك.
ويستحضر أحد هذين المعنيين الذين ذكرا او كالهما.
.نعم هذه الهيئة اختارها الفقهاء عند قضاء الحاجة .ألنه ورد فيها من جهة حديث في سنن ابن ماجة وهو
حديث ضعيف .ثم عللوه بأنه أسهل للخارج .يعني لما يجلس على رجله اليسرى .وينصب الجهة اليمنى
قالوا انه يكون أسهل للخارج .لكن هذا غير صحيح .ال رواية وال فقها.
10
فالرواية لم يثبت بهذا الحديث في سنن البيهقي وهو ضعيف جدا .والمعنى أيضا غير
صحيح .فان الطب الحديث ال يثبت هذا.
ومن يعتني ببحث المسائل الفقهية من جهة الطب العصري يقولون انه ال عالقة بين هذه الجلسة وبين
تسهيل الخارج فلذلك ال تكونوا سنة وال مستحبة على الصحيح
يجلس المسلم كيفما سهل عليه
تفضل قال رحمه
.نعم يستتر بحائط او غيره .واضح ان هذا إذا كان في الفضاء .ال يقضي حاجته في مكان رحب بحيث
يراه الناس .بل األفضل أن يستتر.
اذا لم يستتر يكون عرضة النكشاف عورته فان الستر يكون واجبا عليه .وإذا لم يكن كذلك يكون الستر
مستحبا .وقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم كما في حديث المغيرة وغيره اذا ذهب المذهب أبعد .معنى
أبعد أي ذهب بعيدا عن الناس ال يقضي حاجته قريبا من الناس .وكان النبي صلى هللا عليه وسلم اكمل
الناس ادبا .وذلك النه اذا قضى حاجته قريبا من الناس قد يؤذيهم بصوت او ريح .فيبعد فيكون ذلك استر
له وابعد عن ان يؤذي عباد هللا تبارك وتعالى.
11
تفضل.
.نعم صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم انه قال(( اتقوا هللا الالعنين .فسئل عنهما؟
فقال قارعة الطريق والظل)) .يعني ان اإلنسان اذا قضى الحاجة في األماكن التي يحتاج الناس مثل
األماكن التي يجلس الناس فيها في قارعة الطريق .او األماكن الذي يجلس الناس فيها تحت تحت الظل.
الذي يستظلون به من حر الشمس او تحت االشجار المثمرة حيث يقطفون الثمار .او في الشواطئ .حيث
يجلس الناس على شاطئ البحر او على ضفاف الوادي .كل هذه المواطن التي يحتاج الناس اليها .فانه اذا
قضى حاجته فيها سيؤذيهم .وسيعرضه ذلك الى اللعنة ان يلعن الناس فاعل ذلك .فلهذا سماها النبي صلى
هللا عليه وسلم الالعنين
وفي حديث قال المالعن الثالث.
لكن الشيخ بعد ان ذكر بعض هذه المواطن المعينة قارعة الطريق .وتحت األشجار المثمرة ومحل جلوس
الناس قال او في محل يؤذي به الناس.
فهذا تعميم بعد تخصيص .وبيان لمدار الحكم .فالحكم ليس مخصوصا بقارعة الطريق فقط.
او باألشجار المثمرة .وتحت الظل فقط .بل كل مكان يتأذى الناس بقضاء الحاجة فيه فانه
يحرم على العبد المسلم ان يقضي فيه حاجته
والسنة له ان يرتاد لنفسه مكانا بعيدا عن األعين ال يصله الناس غالبا وال يتأذون باستعماله فيقضي فيه
حاجته فهذا أدب عظيم وفيه اإلشارة الى ان يتجنب االنسان ما فيه اذية لخلق هللا عز وجل في كل شيء .حتى
في هذه االمور المختصة به اذا كان سيؤذي به عباد هللا فانه يحرم عليه ذلك .فكيف بما هو اكثر من هذا من االذى!
تفضل .احسن هللا اليكم .قال رحمه هللا.
12
نعم من اداب قضاء الحاجة .ان يكرم االنسان القبلة .جهة الصالة .يستقبل القبلة بغائط او بول وال يستدبرها ايضا .النه
جاء عن النبي صلى هللا عليه وسلم انه قال اذا اتيتم الغائط فال تستقبلوا القبلة وال تستدبروها.
اذا اتيتم الغائط معناها المكان المنخفض مكان قضاء الحاجة .الن الغائط هو في االصل المكان ثم توسعوا فيه فاستعملوه
في الخارج نفسه .فيقول النبي صلى هللا عليه وسلم اذا اتيتم الى مكان قضاء الحاجة فال تستقبلوا القبلة وال تستدبروها .اذا
كيف نفعل؟
قال عليه الصالة والسالم ولكن شرقوا او غربوا .اي الى جهة اليمين أو الى جهة اليسار .الن القبلة في المدينة في مدينة
الرسول صلى هللا عليه وسلم الى جهة الجنوب .المسجد النبوي قبلته الجنوب .فالنبي صلى هللا عليه وسلم يخاطب اصحابه
في المدينة .يقول لهم ال تستقبلوا القبلة اي ال تتوجهوا الى الجنوب .وال تستدبروها .جهة الشمال التي هي بيت المقدس
ايضا.
ولكن اذا توجه الى الشرق او الغرب يكون قد انحرف عن القبلة.
اما بالنسبة الينا نحن فالشرق هو قبلتنا .فالمنهي عنه هو ان يشرق االنسان او يغرب .والمطلوب ان يستقبل الجهة
المنحرفة عن جهة القبلة يمينا او يسارا حيثما كانت القبلة .يتوجه الى جهة اخرى.
هذا هكذا امر النبي صلى هللا عليه وسلم حتى ال يكون في ذلك امتهان لقبلة المسلمين .فهي جهة يتوجه اليها في صالته
فال يليق ان يتوجه اليها حال قضاء حاجته.
وظاهر اطالق الشيخ رحمه هللا هنا .انه يرى ان النهي عام في البنيان وفي غيره .النه لم يفسر ولم
يستثن .وان كان المنصور عند اصحاب احمد الذين منهم الشيخ ان النهي خاص في غير البنيان .هو مذهب مالك رحمه
هللا وجمهور العلماء .النهم .النهم رأوا ان عبد هللا ابن عمر رضي عنه لما رقى على بيت حفصة رضي هللا عنها اخته
قال رأيت النبي صلى هللا عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة
فقالوا ان هذا من ابن عمر رضي هللا عنه فقه في الحديث في حديث في نهي النبي صلى هللا عليه وسلم عن االستقبال
العام والخاص فان عبد هللا ابن عمر رضي هللا عنه سئل عن ذلك فيما بعد فقال انما نهي عنه في الفضاء.
فكان رضي هللا عنه كأنه لما رأى النبي صلى هللا عليه وسلم يستدبر القبلة .فهم من ذلك ان النهي خاص بالفضاء وان
البنيان ال يدخل فيه .وعبد هللا بن عمر هو راوي الحديث .ومعلوم ان الراوي ادري بما روى.
ولذلك قال أكثر العلماء إن النهي مخصوص بالفضاء .لكن القول االخر الذي هو ظاهر قول الشيخ قول قوي .وله وجاهته
قد قال أبو أيوب االنصاري رضي هللا عنه وهو راوي هذا اللفظ الذي معنا .فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بنيت نحو
القبلة .فكنا ننحرف عنها ونستغفر هللا عز وجل.
اذا أبو أيوب فهم ان النهي عام .حتى وجد بيوتا في الشام الى جهة القبلة فكان ينحرف عنها .فتعارض عند العلماء
حديثان قول وفعل ومع كل منهما فهم راوي الحديث صاحب رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم.
لذلك كانت المسألة مشكلة غاية اإلشكال .لكن نحن ماذا نستفيد من هذا؟
نستفيد من هذا ان الحديث في ظاهره عام .وأبو أيوب رضي هللا عنه راويه فهم منه
العموم.
13
ولذلك ينبغي لالنسان اال يستقبل القبلة وال يستدبرها ولو في البنيان .او اذا بنى بيت خالء في بيته او في مسجد او في
غيره فانه ينبغي ان يجعله الى غير جهة القبلة او الجهة المستدبرة للقبلة .فاذا كان عليه في ذلك حرج ومشقة شديدة ال
تأتي الشريعة بمثلها .فحين ذاك يترخص .بعض الناس يقع في مثل هذا في بيته ال يستطيع ان يبني المرحاض الى الجهة
التي ال تكون الى جهة القبلة .واذا بناه ذلك فانه يكون في استعماله مشقة شديدة وضيق في المكان .وهذا يحصل للناس.
فمثل هذا نقول له نقول له األمر فيه نوع من السعة بسبب خالف اهل العلم .ومن
المعلوم ان من فوائد الخالف ان يكون فيه توسعة .فما دام االنسان قادرا على ان يتجنب
االستقبال او االستدبار .حتى في البنيان فهذا هو الذي ينبغي احتياطا .وأخذا بفقه ابي ايوب راوي الحديث.
وأخذا بظاهر حديث النبي صلى هللا عليه وسلم.
لكن اذا احتاج الى ذلك وكان عليه فيه مشقة فان له في قول عبد هللا بن عمر وفي قول من قال به من العلماء سعة تدفع
عنه الحرج والمشقة ان شاء هللا.
قال رحمه هللا احسن هللا اليكم
.نعم
اذا ازالة اثر الخارج من االنسان .له هذه األحكام التي ذكرها الشيخ رحمه هللا .هو انه من جهة التطهر والتنظف ثالث
درجات .كل واحدة منها أفضل من االخرى .افضل هذه الدرجات ان يبدأ بإزالة الخارج بإزالة عين خارج .بحجارة او ما
يقوم مقامها .وهذا الذي يسمى االستجمار.
قال الشيخ رحمه هللا فاذا قضى حاجته استجمر بثالثة أحجار .االستجمار استفعال من الجمار .وهي الحصى الصغيرة .اي
يستعمل الحجارة الصغيرة في ازالة اثر الخارج.
وان كان االصل في الشرع ان النجاسة البد من إزالة عينها وأثرها .إال انه في هذا الموضع عفي عنه توسعة من الشرع.
بحاجة اإلنسان الى التوسع في مثل هذا .فيجوز لإلنسان أن يزيل أثر خارجي بحجر لثالثة أحجار منقية للمحل .قال الشيخ
رحمه هللا تنقي محل ويقال ونحوها .ليبين انه ليس المقصود خصوص األحجار.
بهذه القيود الخمسة. وانما يدخل في ذلك كل يابس طاهر منق غير مؤذ وال محترم.
وال محترم -منق -غير مؤذ - كل يابس -طاهر
فاليابس يخرج الشيء المائع فالشيء المائع ال يطهر ربما يزيد تنجيس الموضع والمحل ال بدأن يكون يابسا
14
وأن يكون طاهرا ألنه إذا استنجى بشيء نجس سيزيد نجاسة على نجاسة ال بدأن يكون شيئا طاهرا
.وان يكون منقيا الن بعض األشياء اللزجة مثال ال تنقي لو اخذ زجاجا .الزجاج ال ينقي لكونه أملس.
وان يكون أيضا غير مؤذ .غير مؤذ كحجر محدد مثال او سكين او زجاج او حديدة محددة .هذه تؤذي .ال تستعمل ايضا
في االستنجاء.
واخيرا غير محترم .اي شيء ليس له حرمة .اما الشيء المحترم .وهو الذي اشار اليه فيما بعد بقوله وال يستجمر بالروث
والعظام .كما نهى عنه النبي صلى هللا عليه وسلم .وكذلك كل ما له حرمة .الروث والعظام اخبر النبي صلى هللا عليه
وسلم وهو الصادق المصدوق.
ان كل عظم ذكر اسم هللا عليه يجده الجن أوفر ما يكون لحما .وكذلك الروث روث الدواب التي يؤكل لحمها هي علف
لدوابها.
فالنبي صلى هللا عليه وسلم نهى استعمال العظم والروث النها زاد اخواننا من الجن .وفي حديث صحيح في البخاري انه
لما جاءه وفد نصيبين لما كان قافال من الطائف لما خرج لدعوة اهل الطائف وجاءه وفد نصيبين واستمعوا منه القرآن
((قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به)) .هؤالء وفد نصيبين .لما
جاءوا الى النبي صلى هللا عليه وسلم سألوه الزاد.
فسأل هللا لهم ان يجدوا طعاما في كل عظم ذكر اسم هللا عليه وفي كل روث .والمقصود روث ما يؤكل لحمه .اذا هذه
اشياء محترمة .العظم والروث النها طعام الجن زاد الجن وطعام دوابهم.
اخذ من هذا العلماء ان ما كان محترما كاحترام العظم والروث او اولى
فانه يدخل في هذا الحكم.
ومن ذلك مثال علف دواب اإلنس .اذا كان علف لدواب االنس .يستعملونه وتحتاج اليه تلك الدواب .ال ينبغي ان يفسد
عليهم االنسان باالستنجاء .ومن باب اولى طعام االنس كالخبز والفاكهة والخضر وغير ذلك ال يشرع وال يجوز لالنسان
ان ينجسها باالستنجاء .وكذلك الورق الذي يكون مكتوب عليه شيء فيه ذكر هللا او شيء من الفقه .او شيء من حتى
الجرائد التي ال تخلو ال يكاد يخلو سطر منها من ذكر اسم هللا عز وجل .واالسماء كعبدهللا وعبدالرحمن وغير ذلك .هذه
اشياء محترمة .ال يجوز االستنجاء بها.
اما ما عدا هذا مما جمع القيد المذكور .فكله يجوز االستنجاء به .الحجر مثال .وقطع الخشب .والورق .هذه
كلها يابسة طاهرة منقية يجوز لإلنسان أن يستنجي بها.
وكما ذكر الشيخ األفضل أن يبدأ باستعمال هذه األشياء ثم بعد ذلك يغسل المحل بالماء ألنه أنقى .جاء عن
عائشة رضي هللا عنها انه زارها جماعة من النساء .فقالت لهن مرن أزواجكن وفي رواية مْن تضبط
بالوجهين
مرن أو مرن أزواجكن يتبع الحجارة الماء فاني استحييهم قد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يفعله
هكذا ذكر هذه الرواية لإلمام احمد رحمه هللا بهذا اللفظ يتبع الحجارة الماء وهي حجة على أن األفضل
استعمال األمرين الجمع بين االستنجاء بالحجارة او ما في معناها من الخشب والورق وغير ذلك ثم
يستعمل الماء بعد ذلك سيكون اطهر له الن الشيء اليابس الذي يستنجي به يزيل العين األذى ثم الماء
يزيل االثر والرائحة فيكون اطهر واكمل.
اذا لم يستعمل االمرين يقول الشيخ رحمه هللا يكفي االقتصار على احدهما .اي يكفي ان يستجمر فقط.
ويكفي ان يغسل بالماء فقط .واالفضل منهما هو أشدهما انقاءا وهو الماء.
15
بدليل قول هللا تبارك وتعالى(( ان هللا يحب التوابين .ويحب المتطهرين)) .في الحديث ان هذا نزل في اهل
قباء .فيه رجال يحبون ان يتطهروا .وهللا يحب المتطهرين .فيه رجال يحبون ان يتطهروا هذا ورد انه
نزل في اهل قباء كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه االية وكان النبي صلى هللا يستعمله.
قال انس رضي هللا عنه كان النبي صلى هللا عليه وسلم يذهب الى الخالء فكنت احمل انا وغالم معي اداوة
من ماء فيستنجي بالماء عليه الصالة والسالم.
اذا االفضل هو الجمع بينهما ان امكن وتيسر ثم بعد ذلك الماء فان لم يمكن سيجزئه
ان يستجمر بثالثة أحجار او ما كان في معناها .وصح عن النبي صلى هللا عليه وسلم انه نهى
عن االستنجاء باقل من ثالثة أحجار .وفي هذا دليل على انه لو أنقى المحل بحجر واحد ال يجوز له ان
يقطع على حجر واحد ولو أنقى بحجرين ال يجوز له ان يقطع بل يجب عليه ان يزيد حجرا ثالثا و لو كان
أنقى المحل الن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن االستنجاء باقل من ثالثة احجار.
اذا لم تنق ثالثة احجار المحل .فيجب عليه ان يزيد .وحين ذاك يستحب له ان يقطع على وتر .لقول النبي
صلى هللا عليه وسلم من استجمر الي يوتر
وبذلك يصير االيتار في االستجمار له حكمان
حكم واجب وحكم مستحب.
اما االيتار في الثالث فهو واجب .بمعنى انه ال يجوز له ان يقطع على ما دون السلف .واما االيتار فيما
جاوز على الثالث فهو مستحب .لو أنقى في الرابعة جاز له ان يقطع .وال يزيد لكن المستحب ان يزيد
خامسا ألمر النبي صلى هللا عليه وسلم بااليتار.
وقد علمنا انه فيما دون الثالث واجب في الثالث فيما دونها واجب .وفيما زاد على ذلك فهو مستحب.
بقي التنبيه على قيد في قول الشيخ رحمه هللا استجمر بثالثة أحجار نحوها تنقي المحل ثم استنجى
بالماء .يعني الجمع بينهما وهو أن الجمع بينهما في بعض األحيان قد يكون متكلفا.
فيه شيء من الغلو .ففي البيوت التي نستعملها البيوت المبنية االن ليس فيها حجارة .الزمن االول كانت
تبنى مراحيض لكن االرضية تكون فيها الحجارة فاذا اراد ان يجمع بين الماء والحجر ال يتكلف ذلك الن
الحجر حاضر عنده .يمد يده فيرفعه .لكن في البيوت العصرية الحجارة ليست كذلك.
فهل يشرع لالنسان ان يجمع الحصى من خارج البيت .ويضعها في الحمام ليستعملها في االستنجاء.؟
ال يشرع ذلك .قال الشيخ االلباني رحمه هللا اخشى ان يكون هذا نوعا من الغلو في الدين .وقد جاء عن
بعض السلف ما يدل على أنهم نهوا بعض الناس عن استعمال الماء لما ظنوا .انه من باب الغلو في الدين.
بعض الناس في الزمن االول كان يرى ان الحجارة ال تكفيه .فيستعمل الماء .جاء عن بعض الصحابة انهم
انكروا عليهم ذلك .الن الشرع دل على إجزاء االستنجاء .وانت على إجزاء االستجمار.
وانت لست اعلم من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بشرعه .اذا االستجمار مجزئ وكاف والماء وحده
كاف فاذا تيسر لالنسان ان يجمع بينهما من غير تكلف ومن غير غلو فيجوز له ذلك .وهو افضل.
مثل الذي يكون عنده ورق معد لذلك في الحمام .والماء حاضر عنده .فهذا يجوز له ان يقتصر على الماء
ويجوز له ان يقتصر على استعمال الورق النه يابس طاهر منق غير مؤذ وال محترم .واالفضل في حقه
ان يجمع بينهما .الن الجمع انقى وليس فيه مؤونة الن الورق حاضر وهو معد لذلك.
16
وقد اخبرت عائشة رضي هللا عنها ان النبي صلى هللا عليه وسلم كان يفعله.
فاذا لم يتيسر له الجمع بغير حرج وال مشقة وال تكلف انتقل الى الماء النه أنقى وهو األصل في التطهر.
وأثنى هللا تبارك وتعالى على من فعله من اهل قباء.
واذا لم يتيسر له ذلك ينتقل الى الثالث وهو الحجارة وأحكامها وهي مجزئة ولما طال عهد الناس بها
وصارت اكثر البيوت فيها الماء جهل المسلمون هذا الحكم حتى تجد االنسان وهو في سفر يحتاج الى
قضاء الحاجة فيتكلف يتكلف ان يحظر الماء وان يشتريه وربما رأى ان الحجارة ال تجزئه وهذا خالف
شرع هللا عز وجل وخالف سنة النبي صلى هللا عليه وسلم.
يقضي حاجته في الخالء الحجر والخشب وما حوله من االشياء التي ذكرنا في هذه القيود كلها مجزئة .وال
يشرع له ان يتورع عنها وان يتكلف استحضار الماء .الن هذا نوع من الغلو في الدين .ويرى ان ما
شرعه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ليس فيه الكفاية.
وقد قلنا ان هذا الباب كله مبني على الوسط .على الوسط بين المبالغة في التنظف والذي يفتح على االنسان
باب الوسوسة .وبين التساهل في مالبسة النجاسات .في الشريعة الوسط جاءت بالمحاسن .والكماالت في
كل شيء .ومن ذلك باب الطهارة الذي نحن فيه .هذا أخر الباب
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال اله اال أنت أستغفرك وأتوب إليك
17
سؤال الدرس الثالث ماضابط االستنجاء ؟
السالم عليكم .بعض االخوة انتبهوا إلى ان السؤال وقع فيه االستنجاء .وليس االستجمار.
وبعضهم لم ينتبه.
كنا فرقنا بينهما في الدرس بان االستنجاء .هو ازالة الخارج نفسه .وهذا يقع
بالماء .وبما يقوم مقام الماء.
واما االستنجاء فهو الذي يقوم مقام الماء .وهو اللي ذكرنا
فيه الضابط ذي الخمسة قيود.
الحمد هلل اكثر االجوبة كانت موفقة .واكمل االجوبة هو من قال اصحابه ان االستنجاء يكون
بالماء .او بما يقوم مقامه من االحجار .ونحوها مما يجمع الضوابط الخمسة التي ذكرناه.
على كل انا قصدت بهذا السؤال .لفت االنتباه الى انه هذا النوع من المسائل .الذي يذكره
العلماء الذي هو مثال ضابط وما يجوز ضابط وما يحرم.
كما هنا مثال ضابط ما يستنجى به ضابط او ضابط ما يقوم مقام الماء .عند من تكلم على
ضابط االستجمار.
هذا النوع من المسائل هو من اهم ما يذكره علماء في كتب الفقه .وهو في الحقيقة الذي ينمي
الملكة الفقهية ولذلك انت لما يكون عندك هذا الضابط .كل مسألة متعلقة بهذا الموضوع وهي
جواز االستنجاء وعدمه .انت ستردها الى هذا الضابط سواء نص عليها الفقهاء او لم ينصوا.
انت ستردها الى هذا الضابط.
فاذا انطبق عليه الضابط علمت جوازه .واذا لم ينطبق عليها علمت انها ال تجوز .فيكسبك ذلك
هذا الفقه الذي من اجله وضعت كتب الفقه .وهو من اكبر الفروق .بين كتب الفقه التي وضعت
في هذا النوع من مسائل أصالة .وبين مثال كتب شرح الحديث.
18
نبهت فيما سبق على انه من طرق التفقه الخاطئة .ان يحال طالب الفقه الى شرح الحديث.
شرح الحديث مثال تذهب الى اداب االستنجاء تجد الكالم على أحاديث النهي عن االستنجاء
باقل من ثالث أحجار او االستجمار باقل من ثالث أحجار.
لكن ال تجد الكالم على هذا الضابط وماذا يدخل فيه وما ال يدخل فيه .اما كتب الفقه فانها
وضعت لهذا الغرض اساسا.
يمكن ان نعبر عن هذا بان نقول ان كتب الفقه وضعت للمسائل المنصوصة .كتب الشرح الحديث وضعت للمسائل
المنصوصة خاصة أحاديث االحكام وكتب الفقه وضعت للمسائل المستنبطة.
ونعني بالمسائل المستنبطة هذه المسائل الكثيرة التي يفرعها الفقهاء .ويحرصون على ذكر
ضوابط لها وال يجدها االنسان في غير كتب الفقه.
اذا هذه المسائل وما كان من هذا النوع هي التي ينبغي ان يحرص على فهمها وضبطها.
ووفقنا هللا واياكم جميعا لكل خير.
19