Professional Documents
Culture Documents
الشيخ أبو البراء خالد حمودة حفظه هللا شرح منهج السالكين
ان الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره .نعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا .من يهده هللا فال مضل له .ومن يضلل
فال هادي له .واشهد ان ال اله اال هللا وحده ال شريك له .واشهد ان محمد عبده ورسوله .صلى هللا عليه وعلى اله وصحبه وسلم
تسليما كثيرا الى يوم الدين .اما بعد
فقبل ان نشرع في باب جديد توجد مسألة من الدرس الماضي .سأل عنها اإلخوة وطلبوا إعادتها في اول الدرس .وهي ما
ذكرناه من استحباب الجمع .بين الماء والحجارة في االستنجاء .ودليل ذلك من حديث عائشة رضي هللا عنها في قولها .مرن
ازواجكن يتبعن الحجارة الماء فان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يفعله.
وجه االشكال الذي عرض لالخوان هو ان هذا الحديث مروي في سنن الترمذي ومسند احمد وغيرهما .بلفظ مرن ازواجكن
ان يستطيبوا بالماء .وان يستطيبوا بالماء فان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يفعله .وهذا اللفظ ليس فيه اال استعمال الماء
مجردا .ليس فيه الجمع بينهما .وقد ذهب من ذهب من اهل العلم الى انه ال يشرع الجمع بينهما لما فيه من خشية الغلو .وربما
انه يفتح باب الوسواس.
من جهة ان الذي ذكرناه هو ان هذا اللفظ وهو َم ِرن ازواجكن او مرن ازواجكن يتبعن الحجارة الماء ذكره الموفق ابن قدامة
في المغني .عن احمد رحمه هللا انه احتج به في الجمع بينهما .قال احتج به احمد .فان احمد قال أ ِحب او أ َحب الي ان يجمع
بينهما .ثم احتج بهذا الحديث بهذا اللفظ الذي فيه يتبعن الحجارة الماء.
-1اما ان نقول ان هذا اللفظ الذي احتج به احمد ليس بين ايدينا مسندا .يعني لم يوقف له على اسناد .هو هكذا ذكره احمد
واحتج به .فنقول انه مجرد ذكر احمد له بغير اسناد ال يمكن ان يبنى عليه الحكم .وال نقبل احتجاج احمد به بهذا اللفظ .هذا
احتمال.
-2وعندنا احتمال اخر .هو ان احمد ابن حنبل رحمه هللا امام حجة في الحديث .فقها وتصحيحا وتضعيفا .ومثل احمد في
جاللته من الصعب جدا ان يقال انه يحتج بحديث ويصححه مع انه ربما لفظ شاذ او لم يثبت او ليس مسندا .ولذلك فان االقرب
وهللا اعلم .ان يعتبر هذا اللفظ الذي ذكره احمد تفسيرا ألللفظ المشهور الموجود في السنن.
فان عائشة رضي هللا عنها في اللفظ المشهور قالت ان يستطيبوا بالماء .قولها ان يستطيبوا بالماء يحتمل امرين .اما ان
يستطيبوا بالماء ابتداء .مقتصرين عليه .واما ان يستطيبوا بالماء .بعد استعمال الحجارة .وعندنا اللفظ الذي يحتج به احمد يبين
احد هذه االحتماالت.
وال شك انه حديث يحتمل وجهين .واحد هذين الوجهين تؤيده رواية مفسرة .ذكرها مثل احمد في جاللته .واحتج بها .هذا
يجعل هذا الوجه .اقوى من ان نقول ان حديث عائشة في استعمال الماء مجردا .فهذا هو وجه االحتجاج بالرواية التي ذكرها
1
مفسرة للرواية المشهورة ليست معارضة لها النها لو كانت معارضة احمد مع اننا ال نعرف لها اسنادا .وجه ذلك هو ان تجعل ِ
لها .فال شك ان سنقدم الرواية المسندة .على الرواية التي ال نعرف لها اسنادا .وهللا تعالى اعلم.
تفضل ابو بكر .بسم هللا والصالة والسالم على رسول هللا .وعلى آله وصحبه ومن وااله .قال العالمة عبد الرحمن بن ناصر
السعدي رحمه تعالى وغفر له وللشارح والسامعين وعموم المسلمين.
.
نعم اذا هو فصل في ازالة النجاسة واالشياء النجسة .وعندكم في الكتاب ازالة النجاسة واألشياء النجسة بين معقوفين .اشارة
الى انها من زيادات المحقق .فهو يزيد هذه العناوين .توضيحا.
اما الشيخ فكتب فصل وشرع في الكالم بعده .والعنوان الذي اختاره المحقق فيه قصور .الن الباب في الحقيقة يعقده الفقهاء
ومنه الشيخ ابن سعدي لمسألتين.
لذلك االفضل لو كتب مثال كما يكتب الفقهاء فصل في األعيان النجسة وكيفية ازالته فيها او في بيان النجاسة وكيفية تطهيرها
يكون هذا أفضل وابين لمقصود الشيخ رحمه هللا.
اذا الفصل معقود لتمييز االشياء النجسة .من االشياء الطاهرة ولبيان كيفية تطهيرها .بدأ الشيخ رحمه هللا بتمهيد وتقرير االصل
العام في هذا الباب .وهو ان جميع النجاسات في الثوب او البدن او البقعة او غيرها او غيرها يقصد مثال مثل االواني .او
طهر المحل .كيفما كانالسطوح .يكفي في جميع ذلك ان تزول عين النجاسة عن المحل .فاذا زالت عين النجاسة عن المحل َ
زوالها سواء زالت بنفسها او زالت بفعل فاعل .وسواء استعملنا في ازالتها الماء .او غيره من المائعات .بل حتى لو زالت بغير
ماء وال مائع .لو زال عين النجاسة مثال بالشمس او بالريح او باالستحالة.
ومعنى االستحالة ان تتغير تركيبة العين النجسة .فتتحول من شيء نجس الى شيء طاهر .يزول ما فيها من معنى التنجيس.
مثل ما تستعمل االن كثير من االدوية التي يكون اصلها شيئا نجسا .لكن لما تستخرج المادة منها يجرى عليها من التعديل ما
تزول به الخصائص االصلية للمادة النجسة فتصير بذلك مكونا طاهرا بعد ان كان مكونا نجسا .هذا يسمى في الفقه االستحالة.
وعليه يتخرج كثير من االشياء التي تستعمل االن في الطب وفي العطور وفي غيرها.
هذا هو االصل الذي دلت عليه مجموع النصوص في هذا الباب .وان كان من العلماء من يخالف في هذا ويشترط مثال الزالة
النجاسات سبع غسالت او يشترط صفة معينة في الغسل.
الشيخ رحمه هللا يقول ان هذا كله غير معتبر .وهذا الذي ذكره هو الصواب الصحيح الذي تدل عليه االدلة الشرعية .فال
يشترط في ازالة النجاسة نية وال صفة وال عدد وال غير ذلك .اذا زالت النجاسة عن المحل فقد طهرا .هكذا يقول الشيخ رحمه
هللا.
ثم علل ذلك قال الن الشارع لم يشترط في جميع في جميع غسل النجاسات عددا اال في نجاسة الكلب .فاشترط فيها سبع
غسالت احداها بالتراب في الحديث المتفق عليه وهو حديث ابي هريرة رضي هللا عنه ان النبي صلى هللا عليه وسلم قال اذا
ولغ الكلب في اناء احدكم فليغسله سبعا احداها بالتراب.
فتخصيص النبي صلى هللا عليه وسلم للكلب بهذا الحكم .هو عند الشيخ رحمه هللا ومن يوافقه .دليل على ان ما عدا الكلب من
النجاسات ال يشترط لها العدد.
فالنبي صلى هللا عليه وسلم اقتصر في االمر بسبع على الكلب .ثم من العلماء من فهم ان االمر بغسل االناء من ولوغ الكلب
سبع مرات بسبب التنجيس .فقالوا كما قال الشيخ ابن سعدي كل النجاسات تطهر بزوال عينها من المحل اال نجاسة الكلب او
نجاسة لعاب الكلب البد فيها من السبع .ومن العلماء من بقي على األصل العام ولم يستثن شيئا بما فيها الكلب.
وقال ان التطهير من ولوغ الكلب سبعا ليس لعلة تنجيس وانما هو لعلة اخرى علة تعبدية او علة طبية او غير ذلك كما هو قول
أصحاب اإلمام مالك رحمه هللا وعلى القولين يبقى االصل مستقرا وهو ان كل نجاسة يكتفى بها بزوال عينها من المحل ثم لنا
طريقتين
اما طريقة الشيخ ابن سعدي ومن معه وهي ان نستثني الكلب فقط بدليل الحديث ونقول يشترط فيه السبع دون من عداه
واما ان نبقى على طريقة اصحاب االمام مالك ومن معهم فنقول ان النجاسات كلها يكتفى في بزوال عينها من المحل .غسل
االناء من بلوغ الكلب .امر تعبدي او امر طبي ال عالقة له بالتنجيس.
ونعم .اذا هنا شرع رحمه هللا في بيان هذه االعيان النجسة .التي يجب على المكلف ان يطهر منها ثوبه .وبدنه والبقعة التي
يصلي فيها .قبل ان يشرع في الصالة.
واذا وجدها وهو في الصالة .اذا انتبه لها وهو في الصالة يلزمه ايضا ان يزيلها .ولهذا نحتاج الى معرفة هذه االعيان النجسة
النه يترتب عليها حكم .والحكم هو ما سبق لنا ان طهارة الخبث شرط في صحة الصالة .ومعنى طهارة الخبث ان يطهر ثوبه
وبقعته بقعة ليصلي فيها وبدنه من النجاسات .ولو كان في أثناء الصالة .ثم وجد شيئا من تلك النجاسات في ثوبه او بدنه او
بقعته فيلزمه ان يزيله ثم يستمر في الصالة.
3
واذا كان ال يمكنه ازالته واالستمرار في الصالة يلزمه ان يقطع فيزيله ثم يستأنف صالته من جديد .وقد فعل النبي صلى هللا
عليه وسلم مثل هذا لما جاءه جبريل فاخبره ان في نعله اذى فالقاه النبي صلى هللا عليه وسلم وهو في الصالة .وهذا دليل على
وجوب ازالة النجاسة ولو كان المصلي في اثناء الصالة .لكن بشرط ان ال يكون فيها من العمل شيء كثير بحيث يفعل ما
ينافي الصالة .لو احتاج الى ازالة النجاسة الى ان يفعل ما ينافي الصالة كأن يكون مثال ثوب في مكان بحيث لو نزع الثوب
تنكشف عورته .فهنا سيقصر في شرط من شروط الصالة .او ايضا يكون اذا اراد ان يزيل النجاسة يحتاج الى ان يستدبر
القبلة .او يتحرك حركة كثيرة تبطل مثلها الصالة .ففي مثل هذا الحال يقطع صالته .ويزيل النجاسة ثم يرجع الى الصالة.
لكن تطبيق هذا الحكم كله متوقف على تمييز االعيان النجسة.
لكن الشيخ رحمه هللا كان قد لنا اصال .الشيخ رحمه هللا كان قرر لنا اصال نستصحبه في الكالم على هذه المسائل وهو ان
االصل في االشياء الطهارة واالباحة .وهذا االصل مستصحب في هذا الباب وفي غيره .فكل شيء ادعى بعض الفقهاء انه
نجس فاالصل انه طاهر .وال ننتقل عن هذا اال بدليل يدل على تنجيسه .واال فان االصل هو الطهارة.
المراد ال يستتر اي ال يجعل بينه وبين رشاش البول ساترا .وهذا من الذنوب العظيمة .والحديث هذا يدل على انه من الكبائر.
النه كان سببا للعذاب .كون االنسان يقضي حاجته وال يتحرز ان تصيبه النجاسات .ثم يصلي وهو على تلك الحالة ويدخل
المساجد وهو على تلك الحال .او يلقى اخوانه المسلمين وهو على تلك الحال .هذا من الذنوب التي ذكر النبي صلى هللا عليه
وسلم .انها اوجبت العذاب لصاحبها.
وقوله صلى هللا عليه وسلم في الحديث وما يعذبان في كبير .اي ليس كبيرا في نفسه .الفعل سهل ليس فعال كبيرا في نفسه.
لكنه عند هللا جل وعال كبير .فالنميمة امر سهل ان ينقل الكالم من شخص الى اخر .بغرض االفساد بينهما .و عدم االستتار من
البول ايضا امر سهل .فقال النبي صلى هللا عليه وسلم انهما ليعذبان .وما يعذبان في كبير اي ليس الفعل في نفسه كبيرا .لكن
حكمه عند هللا تبارك وتعالى كبير .لذلك كان سببا في العذاب.
اذا نجاسة البول والعَ ِذرة بول ادم وعبرته متفق عليه بين المسلمين.
4
.ودليل نجاسته قول هللا تبارك وتعالى(( قل ال اجد فيما اوحي نعم .الثاني او الثالث من النجاسات هو الدم
الي محرما على طاعم يطعمه اال ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير فانه رجس او فسقا اهل لغير هللا به))
والرجس في المشهور في المشهور المتبادر من اللسان هو النجس ولذلك استند الفقهاء الى هذه االية في تقرير نجاسة الدمِ
سواء كان من ادمي او من حيوان وسواء كان الحيوان مأكول اللحم او غير مأكوله مأكول اللحم اي مما يباح اكله كالغنم
واالبل والبقر وغير ذلك .وغير مأكول اللحم اي ما ال يجوز اكله كالكلب والسباع والنمور وغير ذلك.
لم يستثن الشيخ رحمه هللا من ذلك اال الدم المسفوح .من الحيوان المأكول .وهذا معنى قول هللا تبارك وتعالى(( أو دما
مسفوحا)) فهو لم يستثن اال الدم غير المسفوح .وهو الذي يبقى في اللحم والعروق .فالمقصود بالدم المسفوح هو الدم الذي
يسيل .اما غير المسفوح فهو الدم الذي يبقى في اللحم .ويبقى في العروق اذا ذبحت شاة مثال .وطبخ لحمها يكون في لحمها
وفي داخل عروقها شيء من الدم .لو كان هذا الدم محرما للزم من ذلك حرمة اكل اللحم في كثير من االحوال.
لكن هللا تبارك وتعالى لم يحرم علينا الدم الذي يكون في اللحم والعروق وانما حل تبعا لحل اكل اللحم والعروق .فهذه االية
هي مستند العلماء رحمهم هللا في القول بنجاسة الدم وايدوها ايضا بقول النبي صلى هللا عليه وسلم للمستحاضة لما سألته قال
صلى هللا عليه وسلم اغسلي عنك الدم وصلي فامرها بالغسل منه دليل على نجاسته.
وقد حكى غير واحد من العلماء اجماع العلماء على نجاستهم .سئل االمام احمد رحمه هللا عن القيح والدم .هل هما سواء؟ قال
ال .الدم لم يختلف الناس فيه .اي لم يختلف الناس في نجاسته .واحمد رحمه هللا من اعلم الناس .باقوال الصحابة رضي هللا
عنهم ومن بعدهم من التابعين واتباعهم .وهو من اشد الناس تورعا في حكاية االجماع .وعنه تعلم الناس ان حكاية االجماع
بغير ثبت نوع من كذب
كان يقول رحمه هللا ال يقول اجمع الناس .ليقول ال اعلمهم اختلفوا .ما يدريه لعل الناس اختلفوا .فأحمد كان متورعا في حكاية
االجماع .ال لكن مع ذلك حكى االجماع في هذه المسألة .يقول ان الدم لم يختلفوا فيه .وتابعه غيره ابن حزم رحمه هللا ايضا
وهو من اعلم الناس بموا قع االجماع واالختالف حكى االجماع في كتابه مراتب االجماع .ولذلك فان الحكم عند عامة فقهاء
االسالم او جميعهم .هو نجاسة الدم وال يستثن من ذلك اال الدم الذي يكون في اللحم والعروق .فانه ما دام انه مباح أحله هللا
تبارك تعالى فان هذا يستلزم انه طاهر .النه ال يمكن ان يكون مباحا وهو نجس..
هللا تبارك وتعالى حرم علينا الخبائث .فما دام أبيح الدم غير المسفوح فهذا يعني انه طاهر .ال يستثن الشيخ رحمه هللا
ومن معه من الفقهاء اال الدم اليسير .قال الشيخ رحمه هللا اال انه يعفى عن الدم اليسير.
ومعنى ذلك ان يكون مثال المصلي في صالة فيرى قطرة دم في ثوبه .قطرة دم شيء يسير ال تستوجب ان يزيل ثوبه .او يقطع
صالته بل يستمر في الصالة .او مثال يرعف رعافا يسيرا فاذا مسحه بيده زال ذلك الدم .فان هذا يعفى عنه.
عسر عبد هللا ابن عمر رضي هللا عنه بَثرة في وجهه فساح فسال منها دم فاستمر في صالته .وبصق ابن ابي اوفى رضي هللا
دما فاستمر في صالته .وهذا دليل على ان الدم اليسير يعفى عنه .مفهومه ان ما فوق اليسير ال يعفى عنه .واختلف الفقهاء في
تحديد اليسير وغير اليسير .واصح ما قيل في ذلك ما روي عن ابن عباس رضي هللا عنه انه قال ان كان فاحشا اعاده واال لم
يعد .معنى الفاحش يعني الشيء الذي انت تستكثره لما تراه في يدك وال في ثوبك تستفحشه ترى انه كثير .كأن يكون مثال قدر
راحة اليد .او يكون اكثر من ذلك .او قريبا منه .هذا مستفحش.
لكن يكون قطرة وقطرتين وثالث والسيما اذا كانت مفرقة هذا شيء يسير ال يوجب قطع الصالة والسبب في العفو عنه هو
كثرة االبتالء به اكثر الناس ال يسلم من هذا ال يسلم من رعاف مثال او من بثرة يسيح يسيل منها او من جرح يسيل منه شيء
من الدم او غير ذلك من االحوال .ولما كانت االشياء هذه تكثر مالبستها عفا الشرع عنها.
5
اذا الشيخ رحمه هللا ومن معه من الفقهاء .الذي قلنا ان احمد يقول هم جميع الفقهاء ال يستثنون اال الدم اليسير.
بعض العلماء مثل الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا .استثنوا ايضا دم االدمي كله .قالوا دم االدمي كله ليس نجسا .بدليل مثال ان
الحسن البصري رحمه هللا قال كان المسلمون يصلون في جراحاتهم .كانوا يذهبون الى الحروب يقاتلون يجاهدون في سبيل
هللا .ومعلوم ان المقاتل سيصيبه جروح ويكون فيه دم في ثوبه وفي بدنه .كانوا يصلون في جراحهم .بل الشهيد النبي صلى هللا
عليه وسلم امر ان يدفن في دمه .واخبر النبي صلى هللا عليه وسلم انه يأتي يوم القيامة .يثعب دما .اللون لونه الدم الريح ريح
المسك ولما طعن عمر ابن الخطاب رضي هللا عنه صلى وجرحه يثعب دما.
هذه النصوص وما في معناها اخذ منها الشيخ ابن عثيمين استثناء دم االدمي .المستثنى اذا عنده الدم اليسير ودم االدمي مطلقا
وزاد غيرهم مثل الشيخ االلباني رحمه هللا استثناء دم االدمي ودم الحيوان مأكول اللحم النه جاء عن بعض اصحاب النبي
صلى هللا عليه وسلم سعيد الخدري وغيره ما يدل على انهم كانوا ال يرون حرجا ان يصلي المصلي وعليه اثر الفرث والدم
من ذبيحته .يذبح ذبيحته ثم يصلي وقد اصابه من فرثها ودمها.
كان ابو سعيد الخدري رضي هللا عنه وغيره من الصحابة ال يرون بأسا في ذلك .فأخذ من هذا لو اخذ الشيخ من هذا ان دم
االدمي ودم مأكول اللحم طاهر .ولم يبق عنده في دائرة النجاسة اال ما وقع عليه النص واالجماع وهو دم الحيض والنفاس.
واما ما عداه فيرى انه ال يقاس عليه.
واما ان الدم نجس ما عدا اليسير منه ودم االدمي .وهو قول الشيخ ابن عثيمين.
واما انه ال ينجس اال دم الحيض والنفاس وما عداهم .فان االصل فيه انه طاهر.
و ال شك ان قول الجمهور من جهة الدليل ومن جهة القائلين اقوى واصح ال سيما مع االجماع الذي حكاه احمد ابن حنبل
رحمه هللا فانه كما قلنا من اعلم الناس باجماع الناس واختالفهم ولوال ان الخالف في هذه المسألة شهير جدا والحاجة اليهما
...تعرضنا له
نحن شرطنا كما في الكتاب ان نقتصر على قول واحد وهو الذي يذكره الشيخ اال اذا كان قول الشيخ الذي ذكره ضعيفا فننبه
على خالفه
او يكون في المسألة خالف مشهور ال يمكن ان يتغاض عنه مثل هذه الخالف هذا الذي سمعتموه
لكن الذي ينبغي على المسلم هو ان يبقى على قول الجمهور ولو ظهر له من جهة االدلة ان قول الشيخ ابن عثيمين او قول
الشيخ االلباني فيه نوع من الوجاهة لكن القول االخر فيه ظاهر االدلة ظاهر االية وفيه نص النبي صلى هللا عليه وسلم في
سؤال له المرأة عن الدم .مع القياس الواضح في قياس غير دم النفاس عليه.
فمجموع هذه االدلة مع حكاية االجماع يدل على ان الذي ينبغي ان يتعبد به االنسان في نفسه .ان ال يصلي وفي ثوبه او بدنه
او البقعة التي يصلي فيها دم غير يسير.
فاذا كان في الثوب او البقع او البدن دم ولو دم يجاوز القدر اليسير الذي ذكرنا انه يعفى عنه .فالذي ينبغي احتياطا لهذا القول
الذي ذكر .والذي يظهر انه اقوى .دليال وقائال فالذي ينبغي وهللا اعلم ان ال يصلي االنسان اال بعد ازالته.
6
احسن هللا اليك قال رحمه هللا
نجس .تبع ابو هريرة رضي هللا عنه النبي صلى هللا عليه نعم كل حيوان محرم اكله فان بوله وروثه
وسلم مرة .فقال له النبي صلى هللا عليه وسلم ابغني احجارا استجمر بها .قال ابو هريرة رضي هللا عنه فاتيته بحجرين وروثة.
وفي بعض الروايات روثة حمار .وهي يابسة ظن ابو هريرة انها يحصل منها المقصود
وقد علمنا من من الدرس الماضي ان المقصود من الحجارة ونحوها كل يابس يمكن ان يزيل النجاسة ينقي المحل فابو هريرة
رظي هللا عنه مشى على هذا فاخذ النبي صلى هللا عليه وسلم الحجرين والقى الروثة وقال انها ركس .انها ركس .اي نجس؟
فبول وروث الحيوانات التي ال يؤكل لحمها .كالكلب والقط مثال .و السباع والنمور .و كل ما ال يؤكل لحمه .فانه نجس بدليل
الحديث مذكور.
نعم .السباع كلها نجسة .السباع المقصود بها الكلب والنمر والذئب .وغير ذلك من الحيوانات .المفترسة .هذه كلها نجسة .سئل
النبي صلى هللا عليه وسلم عن بئر بضاعة .وما ينوبه من السباع .فقال صلى هللا عليه وسلم ((ان الماء طهور ال ينجسه
شيء)).
وهذا الجواب مقترنا مع انه سئل عن السباع التي تنوب الماء اي تشرب منه .وتلَغوا فيه دليل على ان سؤرها نجس .واذا نجس
سؤرها فسائرها أيضا نجس
وجاء عن النبي صلى هللا عليه وسلم صح عنه عليه الصالة والسالم انه قال في الهرة لما اصغى اليها اناء فشربت منه فنظرت
اليه ام كبشة رضي هللا عنها متحيرة فقال النبي صلى هللا عليه وسلم انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم
ففيه ان علة طهارة سؤر الهرة كثرة مالبستها ونحن علمنا من الكالم على يسير الدم ان كثرة المالبسة سبب للعفو فالهرة وما
في معناها من الحيوانات التي يكثر طوافها ببني ادم .هذا النوع لو قيل ان سؤره نجس لكان في ذلك مشقة على الناس .فعفا
عنه النبي صلى هللا عليه وسلم .مفهومه ان غير الطواف علينا من السباع .سؤره نجسة.
7
وصح عن النبي صلى هللا وسلم ايضا انه نهى عن جلود السباع .وجلود السباع انما نهى عنها النها نجسة .فاذا كانت جلودها
نجسة دليل على انها هي كلها نجسة .اذا السباع اي الحيوانات التي ال تؤكل كلها نجسة.
.وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم في الدباغ .ايما نعم .الميتات كلها نجسة .وهذا ال إشكال فيه
اهاب دبغ فقد طهر .الدباغ هو الجلد الذي يزال من من الشاة .من الدواب الميتة فاشتراط الطهارة في اشتراط الدباغ في الجلد
من اجل ان يطهر دليل على انه قبل الدباغ نجس .وهذا محل اجماع ان الميتات نجسة ال خالف في هذا بين احد من اهل العلم.
الشيء الثاني هو ميتة ما ال نفس له سائال .ما ال نفس له الى هنا معناه ما ال دم له يسيل اذا قتل مثال او جرح مثل الذباب
والبعوض والصراصير والجراد هذه االشياء التي ليس لها دم في ذاتها ليس فيها دم ال تنجس بالموت والدليل ان النبي صلى
هللا عليه وعلى اله وسلم قال ((اذا وقع الذباب في شراب احدكم فليغمسه ثم لينزعه فان في احد جناحيه داء في االخر دواء ))
والذباب معلوم انه لو وقع في االناء في الشراب وربما يكون الشراب ساخنا مثال فانه سيموت على الفور .ومع ذلك النبي
صلى هللا عليه وسلم قال يغمسه ثم ينزعه .معناه انه طاهر ليس معناه ان النبي صلى هللا عليه وسلم امر باستعمال ذلك
الشراب.
استعماله هذا يرجع الى االنسان في نفسه .من شاء ان يشربه ومن شاء ان يلقيه .لكن لما كان وقوع الذباب فيه داء امر النبي
صلى هللا عليه وسلم بغمسه وكان ذلك دليال على ان ماال نفس له سائل كالذباب والبعوض وغيره ميتته ليست نجسة
اذا وقع ذباب او بعوض او صرصور مثال في ماء فانه ال ينجسه لما؟
النه ال نفس له سائلة وما ال نفس له سائلة فانه ال ينجس .ومن ذلك الجراد الذي ذكر في الحديث الذي سيأتي فالجراد ايضا
مما ال تنجس ميتته النه ليس فيه دم .هذا الثاني.
والثالث مما استثناه هو السمك .فان السمك ايضا طاهر ولو كان ميتا .هللا تبارك وتعالى يقول ((احل لكم صيد البحر
وطعامه)) .فسرها السلف عمر بن الخطاب رضي هللا عنه وغيره .بان صيد البحر هو ما اخذ منه وهو حي .وطعامهما القاه
البحر وميت .فلو القى القى البحر مثال حيوانا ميتا مثل العنبر الذي خرج الصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم .في الحديث
المشهور مع ابي عبيدة يكون مباحا لو خرج حوت .الى البحر خرج ميتا القاه البحر وهو ميت .فانه مباح .للحديث الذي
سيذكره الشيخ رحمه هللا فيما بعد
8
فاذا احل لكم صيد البحر وطعامه طعام البحر هو ما يلقيه البحر ميتا فال يشترط في كل ما يعيش في البحر .الذكاة ما عدا ما
يعيش في البحر الحيوانات التي يعيش في البر .ما يؤكل منها ال يحل اال بالذكاة .اما ما يكون في البحر فانه يحل بغير ذكاة.
كما سيأتي دليله في كالم الشيخ رحمه هللا.
شرط على نفسه .كما مر معنا انه يجمع بين المسائل والدالئل .يذكر المسائل و يذكر ادلتها .هو ذكر
نعم الشيخ رحمه هللا كان َ
لنا النجاسات .واالن وفاءا بوعده يذكر االدلة .فذكر قول هللا تبارك وتعالى(( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير )).الى
اخر االية.
فان هذه دليل على نجاسة الميتة والدم كما مضى معنا .وعرفنا ما فيه من الكالم .قال وقال النبي صلى هللا عليه وسلم ((المؤمن
ال ينجس حيا وال ميتا)) هذا ساقه من اجل ما استثناه في نجاسة االدمي .لكن الحديث بهذا اللفظ ليس من كالم النبي صلى هللا
عليه وسلم .هذا اللفظ صح عن عبد هللا بن عباس رضي هللا عنه ذكره البخاري في صحيحه معلقا عنه مجزوما به .قال ابن
نجسوا موتاكم ان الميت ال ينجس حيا وال ميتا )).الذي صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم عباس رضي هللا عنهما(( ال ت ِ
شطره االول .ان المؤمن ال ينجس او ان المسلم ال ينجس لقيه ابو هريرة رضي هللا عنه فيما يحكي عن نفسه قال لقيت
النبي صلى هللا عليه وسلم في بعض طرق المدينة وانا جنب فانخنست منه فلما لقيني قال ما بك يا ابا هريرة? قال اني كنت
فقال النبي صلى هللا عليه وسلم سبحان هللا يا ابا هر. جنبا فاستحييت ان القاك او أمسك وانا على غير طهارة
ان المسلم ال ينجس.
هذا دليل على ان المسلم طاهر حيا وميتا .ومثله ايضا كما ذكرنا الكافر فليس معناه ان الكافر ينجس.
ثم الحديث الثالث هو احل لنا ميتتان ودمان وهو الدليل الذي استثنى به السمك والجراد .وهو ايضا هذا روي مرفوعا عن النبي
صلى هللا عليه وسلم من حديث ابن عمر .الصحيح عند علماء الحديث انه من كالم عبد هللا بن عمر موقوفا عليه.
قال عبدهللا بن عمر أحل لنا ميتتان ودمان .لكن له حكم الرفع .الن من الذي يحل ويحرم للصحابة؟ يتلقون الحل والحرمة .عن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .فهو نعم من جهة االسناد .الصواب فيه انه موقوف على عبد هللا بن عمر .ال تقل قال رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم أحل لنا ميتتان ودمان.
9
ولكن تقول قال عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما احلت لنا ميتتان ودمان .فاما الميتتان فالسمك والجراد واما الدمان فالكبد
والطحال .لكن مع كونه موقوفا عليه اال ان له حكم الرفع .فالصحابي اذا قال امرنا بكذا او نهينا عن كذا او احل لنا كذا او حرم
علينا كذا فكل هذا مرفوع حكما الى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم.
نعم هو الباب كما رأينا معقود لبيان االعيان النجسة .اذا ال يلزمه ان يتكلم على االعيان الطاهرة الن االصل في كل االشياء
التي ذكر الن االصل في كل االعيان المنتفع بها انها طاهرة.
واستثنينا هذه االشياء الستة او السبعة التي ذكرت فاذا ما عداها كله طاهر على االصل .لكن توجد بعض المسائل وقع فيها
خالف كثير.
فلذلك الشيخ رحمه هللا اشار الى اثنين منها مما قال بعض العلماء انه
نجس .والصواب انه طاهر.
االول منها هو بول وروث ما يؤكل لحمه .كالغنم واالبل والبقر والدجاج والطيور وسائر الطيور .هذه
األشياء الصواب فيها أنها طاهرة ليست نجسة .فاذا أصابك شيء من أثر طائر مثال او من بول او روث ما يؤكل لحمه فانه
طاهر على الصحيح.
والدليل على ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى هللا عليه وسلم من أشهرها حديث الع َرنيين قوم من ع َرينة اتوا النبي صلى هللا
عليه وسلم فاجتووا المدينة يعني اصابهم داء في بطونهم بسبب جو المدينة .فامرهم النبي صلى هللا عليه وسلم ان يشربوا من
ابواب االبل والبانها .امرهم ان يشربوا من ابوال االبل والبانها .وهذا دليل على طهارتها .وكان النبي صلى هللا عليه وسلم
يأذن للصحابة ان يصلوا في مرابض الغنم .يعني االماكن التي تأوي اليها الغنم للنوم لتبيت فيها .اجاز النبي صلى هللا عليه
وسلم الصالة فيها و طاف النبي صلى هللا عليه وسلم على بعير وأذن الم سلمة أن تطوف على بعير ومعلوم ان البعير سينزل
منه شيء من بوله او روثه اثناء الطواف
لو كان بوله وروثه نجسا لما طاف النبي صلى هللا عليه وسلم عليه اذا بول وروث ما يؤكل لحمه كله طاهر على الصحيح.
المني .فانه ايضا طاهر على الصحيح .كان النبي صلى هللا عليه وسلم يغسله من ثوبه رطبا ويفركه يابسا. الثاني هو
قالت عائشة رضي هللا عنها ربما فركته من ثوبه بظفري .الن ذاك الوقت لم تكن المالبس واألثواب موفورة كما هو عليه
الحال عندنا اليوم عند اكثر الناس.
10
االنسان اليوم اذا اصاب ثوبه شيء ولو كان طاهرا فانه يغيره .لكن في الزمن االول كان االمر عسير .فربما الرجل ليس له اال
ثوب واحد يكون في الرجل ليس له اال ثوب واحد .فكان النبي صلى هللا عليه وسلم على هذا الحال الذي ذكرته عائشة وهو
دليل على انه ليس بنجس .النه لو كان نجسا لما اكتفي بفركه .اضافة الى كونه اصل ابن ادم .هو االصل الذي خلق االنسان بما
فيه االنبياء والصالحون ومثل هذا ال يناسب ابدا ان يكون نجسا
اذا هذان امران قيل بنجاستهما والصواب الذي تدل عليه االدلة هو طهارتهما ولذلك نبه الشيخ رحمه هللا على ذلك.
نعم اذا هنا اه ذكر الشيخ رحمه هللا تكملة لما استفتح به الباب .فاننا رأينا انه استفتح الباب او الفصل ببيان االصل العام .وهو
ان النجاسة يكتفى فيها بزوال عينها عن المحل .لكن توجد بعض االشياء خفف الشرع في طهارتها .علمنا انه توجد بعض
االشياء عفا الشرع عنها .كيسير الدم مثال .هذه ليس الشرع عفى عنها من جهة انه حكم بطهارتها .لكن روعي العسر في
تطهيرها من جهة تخفيف كيفية الطهارة .فيكتفى فيها بنوع معين من التطهير .ولو لم ت َزل عين النجاسة عن المحل.
. وذلك اشياء ذكر الشيخ رحمه هللا منها بول الغالم .الصغير الذي لم يأكل الطعام لشهوة .فهذه ثالثة قيود
االول ان يكون غالما .وغالم احتراز من الجارية .يعني ان يكون غالما ذكرا ليس انثى .وسيأتي الكالم على ذلك.
والقيد الثاني ان يكون لم يأكل الطعام .يعني ما زال صبيا صغيرا ال يزال يغتذي على اللبن .لم يأكل الطعام بعد لم يصل الى
درجة ان يأكل الفاكهة والخضار والخبز وغير ذلك .ال يزال يتغذى باللبن فقط.
والقيد الثالث قال للشهوة .اي لم يأكل الطعام لشهوة .هذا احتراز من مثال اذا حنك بتمر عند والدة هذا اكل طعاما اكل تمرا لكن
لم يأكله النه صار يتغذى بالطعام تشهيا له .انما اطعمه اذا وضع في فمه مثال شيء من الدواء .والدواء ليس لبنا لكن هذا وضع
في فمه ولم يتناوله هو لشهوة .اذا الذي يشترط هوان يكون صغيرا .ال يزال يغتدي باللبن ولم يأكل الطعام لشهوة.
اذا توفرت هذه الشروط الثالثة فقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغالم .بمعنى ان
النبي صلى هللا عليه وسلم سهل في طهارة بول الغالم بهذه القيود الثالثة .وهذا من الفروق الصحيحة في الفقه.
بعض المسائل احيانا تكون متشابهة متقاربة .لكن الشرع يفرق بينها في الحكم .من اوضح هذه الفروق هذه المسألة .وهي ان
يكون ذكر وانثى في نفس السن .كالهما حديثي الوالدة بول الجارية البد من غسله حتى َيطهر الثوب او المحل.
واما بول الغالم فيكفي فيه النضح ومقصود بالنضح هو ان يعمه بالماء يرمي عليه ماء فقط .في حديث ام قيس بنت ِمحصن
االسدية ان النبي صلى هللا عليه وسلم اوتي بغالم اجلسه في حجره فبال عليه .قالت فدعا النبي صلى هللا عليه وسلم بماء فصبه
عليه ولم يغسله .الغسل فيه زيادة فرك وجريان للماء وربما عسر .حتى تخرج النجاسة التي تشربها الثوب .اما النصح فمجرد
ان يلقي عليه ماء .اذا هذا فرق صحيح ثبت عن النبي صلى هللا وسلم في هذا الحديث وفي غيره.
11
لكن تكلم الناس في سبب التفريق .الن هذا مما تطلبه العقول .ما السبب في التفريق بين بول الغالم وبول الجارية؟
ذكروا في ذلك وجوها كثيرة .ذكر العلماء في ذلك في القديم بحسب معارفهم ومن انتهى إليه علمهم فروقا .وال يزال الناس في
هذا العصر ايضا يذكرون فروقا وفي بعض الجامعات العراقية اجرى بعض الناس بحثا مخبريا .على عينات من بول خمسة
وثالثين رضيعة صغيرة .وثمانية وثالثين رضيع الصغير.
وجدوا فرقا كبيرا في المكونات وان بول االناث الصغيرات فيه بكتيريا بكمية كبيرة زيادة على بول الغالم .لكن لما يكبر
الغالم هذا أجروه في عينات صغيرة لكن لما يكبر الغالم .وتكبر الجارية نسبة البكتيريا تقل في بول الجارية وتكثر في بول
الغالم حتى يستويا بعد ان يصير غالما يأكل الطعام فتصير المكونات واحدة
هذا وجد في بعض الجامعات لكن هذا صح او لم يصح؟ هذا المعنى او المعنى الذي ذكره العلماء سابقا ذكروا معاني اخرى
كل تلك المعاني التي ذكرت والتي ال يزال الناس يبحثون عنها .سواء صحت او لم تصح نقول كما قال ابن القيم رحمه هللا في
تحفة المودود لما تكلم على هذه المسألة وذكر عددا من الوجوه .قال ان صحت هذه الفروق و إال فالمعول على تفريق السنة.
يعني ان سنة النبي صلى هللا عليه وسلم فرقت بين أمرين ونحن نعلم علما جازما ان النبي صلى هللا عليه وسلم لم يكن ليفرق
بينهما لو لم يكن هنالك موجب للتفريق .اذا علمنا هذا الموجب الذي اوجب التفريق بينهما هذا زيادة علم .نفرح بها ونستعملها
ربما في الفقه والقياس.
واذا لم نعلم ذلك فنحن موقنون بقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ممتثلون المره مستجيبون لتفريقه وحكمه وال يضرنا بعد
ذلك ان جهلنا سبب التفريق مثل المرأة التي جاءت الى عائشة رضي هللا عنها قالت لها ما بال الحائض تقضي الصوم وال
تقضي الصالة قالت عائشة رضي هللا عنها احرورية انت؟ حرورية يعني هل انت من الخوارج؟ الن الخوارج اشتهروا
باالعتراض على السنن .قالت احارورية انت؟كان يصيبنا ذلك على عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .فنؤمر بقضاء الصوم
وال نؤمر بقضاء الصالة.
يعني وقفت مع النص .سواء عرفت علة الحكم .او لم تعرفها فانت باق على امر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم.
نعم هذه المسألة التي ختم بها الشيخ رحمه هللا الفصل هي مكملة لكل ما سبق هي تكملة لبيان معنى تطهير النجاسة وازالتها.
نحن قلنا ان النجاسات االصل فيها ان يكتفى بزوال عين النجاسة عن المحل .وبعض النجاسات خفف فيها الشرع .ذكر الشيخ
رحمه هللا من ذلك بوال الغالم الصغير الذي لم يأكل الطعام .وكنت اريد ان اضيف شيئين اخرين صحت بهما السنة ونسيت.
فاستدركهما االن.
12
صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم ايضا التخفيف في طهارة النجاسة تكون في اسفل النعل .لما يكون االنسان يمشي في
الطريق والمساجد لم تكن مفروشة في ذلك الزمان .فكانوا يمشون ربما تكون نجاسة في اسفل النعل .قال النبي صلى هللا عليه
وسلم اذا جاء احدكم المسجد نعم فليمسحه فليصلي فيهما .يعني االنسان اذا جاء الى المسجد يكفيه ان يمسح نعله على االرض.
ربما اذا مسحه على االرض .تكون النجاسة ال تزال متصلة بأسفل النعل .لكن مع ذلك أذن النبي وسلم في ذلك ألنه لو كلف
الناس انه اذا جاء الى المسجد البد ان يقلب رجله ويبحث فيها ويغسل نعله اذا وجد فيها اذى حتى يزيل عين النجاسة .يكون
هذا تكليفا شاقا.
فأذن صلى هللا عليه وسلم بمسح النعل والصالة فيها .وكذلك ذيل المرأة لما تكون المرأة تلبس درعا أو جلبابا سابغا كما هي
السنة في لباس النساء .ويكون يصيب األرض .فسئل النبي صلى هللا عليه وسلم عن ذلك ربما تمر على مكان فيه نجاسة .فقال
النبي صلى هللا عليه وسلم يطهره ما بعده .يعني يمر على تراب طاهر بعد ان مر على مكان نجس .فيكون ذلك تطهيرا له.
اذا هذه انواع خفف الشر في طهارتها لشدة مالبسة الناس لها وحاجتهم الى التخفيف .ما عدا هذا فانه البد من زوال عين
النجاسة.
االن ذكر الشيخ هذه المسألة ليكمل المقصود بزوال عين النجاسة .ما المقصود بذلك؟
يقول المقصود بذلك ان ِجرم النجاسة يزولِ .جرم النجاسة أي مادتها يزول .لكن اذا زال جرم النجاسة وبقي بعد ذلك مثال
ريح .بقيت رائحة النجاسة او بقي لونها .ال سيما في بعض النجاسات الغليظة المستحكمة مثل الدم مثال .يصيب الدم ثوبك.
تغسل الدم .ويزول لكن اثر البقعة يبقى في الثوب.
سألت خولة بنت يسار رضي هللا عنها نبينا صلى هللا عليه وسلم عن هذا .عن اثر الدم في الثوب .فقال النبي صلى هللا عليه
وسلم يكفيك الماء .وال يضرك أثره .هذا الحديث ضعفه بعض اهل العلم.
ابن حجر في البلوغ .قال رواه الترمذي وهو ضعيف .النه من رواية رجل يسمى عبد هللا بن لهيعة .وعبدهللا بن لهيعة ضعيف
المضطرب الحديث .لكن الصواب انه حديث صحيح .الن عبدهللا بن لهيعة اذا روى عنه مجموعة من الرواة
يسمون العبادلة .عبدهللا بن وهب وعبدهللا بن المبارك وعبدهللا بن يزيد المقرئ فان حديثهم عنه صحيح.
وهذا الحديث مما رواه عبدهللا بن وهب و عن عبدهللا بن لهيعة .ورواه ايضا عنه اخرون .فهو من صحيح حديث عبدهللا بن
لهيعة .وهو دليل على هذه المسألة المهمة .وهو ان النجاسة اذا زالت عينها انت ترى ان جرم النجاسة ومادتها زالت من
الثوب .لكن مع ذلك انت تجد ريحا تشم رائحة .او تجد لونا .النبي صلى هللا عليه وسلم قال ال يضرك ذلك .وهذا تيسير على
تيسير.
عديدة .اولها واعظمها انه جعل االصل في وبذلك يعلم ان الشرع سهل في باب النجاسة من وجوه
االشياء الطهارة.
وال يحكم بنجاسة شيء اال اشياء محصورة دل الدليل عليها .وهي هذه االشياء التي سمعناها .وربما يلحق بها بعض العلماء
االشياء لم ير الشيخ حاجة الى ايرادها تطلب من غير هذا الموضع .اذا هذا تخفيف وتسهيل .كل ما تراه فاالصل فيه انه طاهر
وال يلزمك ان تزيله .بما في ذلك مثال المخاط واللعاب .وغير ذلك من األشياء التي تعترض االنسان.
ثم بعد ذلك تخفيف ثالث .وهو اشياء لم يعفوا الشرع عن يسيرها .لكن ومع ذلك خفف في تطهيرها.
13
كبول الغالم الذي لم يأكل الطعام وهذا تخفيف ثالث.
ثم رابعا بعض االشياء التي امر الشرع بازالتها حتى تزول العين .اُغتفر في ذلك فيما لو بقي رائحة او لون.
فهو تخفيف بعد تخفيف بعد تخفيف بعد تخفيف .وهو يدل على االصل الذي اشرنا اليه في بداية الكالم على مسائل الطهارة.
وهو ان االسالم جاء فيها بوسطية بين الغلو والحرج .التساهل في مالبسات النجاسات والقاذورات فهو وسطية وسهولة مع
تخفيف وتيسير على المكلف بحيث يكون نظيفا متجافيا عن النجاسات متباعدا عنها مع يسر وسهولة في غير كلفة فالحمد هلل
رب العالمين اذا هذا اخر الباب وسبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك .
14