You are on page 1of 14

‫تفريغ الدرس الرابع‬

‫الشيخ أبو البراء خالد حمودة حفظه هللا‬ ‫شرح منهج السالكين‬

‫ان الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ .‬نعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا‪ .‬من يهده هللا فال مضل له‪ .‬ومن يضلل‬
‫فال هادي له‪ .‬واشهد ان ال اله اال هللا وحده ال شريك له‪ .‬واشهد ان محمد عبده ورسوله‪ .‬صلى هللا عليه وعلى اله وصحبه وسلم‬
‫تسليما كثيرا الى يوم الدين‪ .‬اما بعد‬

‫فقبل ان نشرع في باب جديد توجد مسألة من الدرس الماضي‪ .‬سأل عنها اإلخوة وطلبوا إعادتها في اول الدرس‪ .‬وهي ما‬
‫ذكرناه من استحباب الجمع‪ .‬بين الماء والحجارة في االستنجاء‪ .‬ودليل ذلك من حديث عائشة رضي هللا عنها في قولها‪ .‬مرن‬
‫ازواجكن يتبعن الحجارة الماء فان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يفعله‪.‬‬

‫وجه االشكال الذي عرض لالخوان هو ان هذا الحديث مروي في سنن الترمذي ومسند احمد وغيرهما‪ .‬بلفظ مرن ازواجكن‬
‫ان يستطيبوا بالماء‪ .‬وان يستطيبوا بالماء فان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يفعله‪ .‬وهذا اللفظ ليس فيه اال استعمال الماء‬
‫مجردا‪ .‬ليس فيه الجمع بينهما‪ .‬وقد ذهب من ذهب من اهل العلم الى انه ال يشرع الجمع بينهما لما فيه من خشية الغلو‪ .‬وربما‬
‫انه يفتح باب الوسواس‪.‬‬

‫لكن الجواب عن هذا ‪:‬‬

‫من جهة ان الذي ذكرناه هو ان هذا اللفظ وهو َم ِرن ازواجكن او مرن ازواجكن يتبعن الحجارة الماء ذكره الموفق ابن قدامة‬
‫في المغني‪ .‬عن احمد رحمه هللا انه احتج به في الجمع بينهما‪ .‬قال احتج به احمد‪ .‬فان احمد قال أ ِحب او أ َحب الي ان يجمع‬
‫بينهما‪ .‬ثم احتج بهذا الحديث بهذا اللفظ الذي فيه يتبعن الحجارة الماء‪.‬‬

‫فاالن صار عندنا احتمالين‪.‬‬

‫‪ -1‬اما ان نقول ان هذا اللفظ الذي احتج به احمد ليس بين ايدينا مسندا‪ .‬يعني لم يوقف له على اسناد‪ .‬هو هكذا ذكره احمد‬
‫واحتج به‪ .‬فنقول انه مجرد ذكر احمد له بغير اسناد ال يمكن ان يبنى عليه الحكم‪ .‬وال نقبل احتجاج احمد به بهذا اللفظ‪ .‬هذا‬
‫احتمال‪.‬‬

‫‪ -2‬وعندنا احتمال اخر‪ .‬هو ان احمد ابن حنبل رحمه هللا امام حجة في الحديث‪ .‬فقها وتصحيحا وتضعيفا‪ .‬ومثل احمد في‬
‫جاللته من الصعب جدا ان يقال انه يحتج بحديث ويصححه مع انه ربما لفظ شاذ او لم يثبت او ليس مسندا‪ .‬ولذلك فان االقرب‬
‫وهللا اعلم‪ .‬ان يعتبر هذا اللفظ الذي ذكره احمد تفسيرا ألللفظ المشهور الموجود في السنن‪.‬‬

‫فان عائشة رضي هللا عنها في اللفظ المشهور قالت ان يستطيبوا بالماء‪ .‬قولها ان يستطيبوا بالماء يحتمل امرين‪ .‬اما ان‬
‫يستطيبوا بالماء ابتداء‪ .‬مقتصرين عليه‪ .‬واما ان يستطيبوا بالماء‪ .‬بعد استعمال الحجارة‪ .‬وعندنا اللفظ الذي يحتج به احمد يبين‬
‫احد هذه االحتماالت‪.‬‬

‫وال شك انه حديث يحتمل وجهين‪ .‬واحد هذين الوجهين تؤيده رواية مفسرة‪ .‬ذكرها مثل احمد في جاللته‪ .‬واحتج بها‪ .‬هذا‬
‫يجعل هذا الوجه‪ .‬اقوى من ان نقول ان حديث عائشة في استعمال الماء مجردا‪ .‬فهذا هو وجه االحتجاج بالرواية التي ذكرها‬
‫‪1‬‬
‫مفسرة للرواية المشهورة ليست معارضة لها النها لو كانت معارضة‬ ‫احمد مع اننا ال نعرف لها اسنادا‪ .‬وجه ذلك هو ان تجعل ِ‬
‫لها‪ .‬فال شك ان سنقدم الرواية المسندة‪ .‬على الرواية التي ال نعرف لها اسنادا‪ .‬وهللا تعالى اعلم‪.‬‬

‫تفضل ابو بكر‪ .‬بسم هللا والصالة والسالم على رسول هللا‪ .‬وعلى آله وصحبه ومن وااله‪ .‬قال العالمة عبد الرحمن بن ناصر‬
‫السعدي رحمه تعالى وغفر له وللشارح والسامعين وعموم المسلمين‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫نعم اذا هو فصل في ازالة النجاسة واالشياء النجسة‪ .‬وعندكم في الكتاب ازالة النجاسة واألشياء النجسة بين معقوفين‪ .‬اشارة‬
‫الى انها من زيادات المحقق‪ .‬فهو يزيد هذه العناوين‪ .‬توضيحا‪.‬‬

‫اما الشيخ فكتب فصل وشرع في الكالم بعده‪ .‬والعنوان الذي اختاره المحقق فيه قصور‪ .‬الن الباب في الحقيقة يعقده الفقهاء‬
‫ومنه الشيخ ابن سعدي لمسألتين‪.‬‬

‫المسألة االولى هي بيان االعيان النجسة‪ .‬وتمييزها عن االعيان الطاهرة‪.‬‬

‫والمسألة الثانية كيفية ازالة تلك النجاسات‪.‬‬

‫لذلك االفضل لو كتب مثال كما يكتب الفقهاء فصل في األعيان النجسة وكيفية ازالته فيها او في بيان النجاسة وكيفية تطهيرها‬
‫يكون هذا أفضل وابين لمقصود الشيخ رحمه هللا‪.‬‬

‫اذا الفصل معقود لتمييز االشياء النجسة‪ .‬من االشياء الطاهرة ولبيان كيفية تطهيرها‪ .‬بدأ الشيخ رحمه هللا بتمهيد وتقرير االصل‬
‫العام في هذا الباب‪ .‬وهو ان جميع النجاسات في الثوب او البدن او البقعة او غيرها او غيرها يقصد مثال مثل االواني‪ .‬او‬
‫طهر المحل‪ .‬كيفما كان‬‫السطوح‪ .‬يكفي في جميع ذلك ان تزول عين النجاسة عن المحل‪ .‬فاذا زالت عين النجاسة عن المحل َ‬
‫زوالها سواء زالت بنفسها او زالت بفعل فاعل‪ .‬وسواء استعملنا في ازالتها الماء‪ .‬او غيره من المائعات‪ .‬بل حتى لو زالت بغير‬
‫ماء وال مائع‪ .‬لو زال عين النجاسة مثال بالشمس او بالريح او باالستحالة‪.‬‬

‫ومعنى االستحالة ان تتغير تركيبة العين النجسة‪ .‬فتتحول من شيء نجس الى شيء طاهر‪ .‬يزول ما فيها من معنى التنجيس‪.‬‬
‫مثل ما تستعمل االن كثير من االدوية التي يكون اصلها شيئا نجسا‪ .‬لكن لما تستخرج المادة منها يجرى عليها من التعديل ما‬
‫تزول به الخصائص االصلية للمادة النجسة فتصير بذلك مكونا طاهرا بعد ان كان مكونا نجسا‪ .‬هذا يسمى في الفقه االستحالة‪.‬‬
‫وعليه يتخرج كثير من االشياء التي تستعمل االن في الطب وفي العطور وفي غيرها‪.‬‬

‫الجرم الذي حكم بنجاسته‪ .‬وسنعرف هذه االشياء النجسة واحدة‬


‫فالمقصود ان الحكم الذي علقه الشرع علقه بعين النجاسة بذلك ِ‬
‫واحدة‪ .‬فاذا كانت موجودة في ثوب او بقعة او او بدن او في غيرها‪ .‬فان المطلوب من المكلف ان يزيل تلك العين‪ .‬فاي شيء‬
‫استعمله الزالة تلك العين‪ .‬فانه قد حصل المقصود ولو لم ينو ازالة النجاسة يكون في ثوبه نجاسة مثال فيضعه في مكان ينزل‬
‫‪2‬‬
‫عليه مطر او يصيبه شمس او ريح تزول النجاسة نقول والثوب او المكان‪ .‬وال حاجة الى نية وال الى عدد وال الى كيفية‬
‫مخصوصة‪.‬‬

‫هذا هو االصل الذي دلت عليه مجموع النصوص في هذا الباب‪ .‬وان كان من العلماء من يخالف في هذا ويشترط مثال الزالة‬
‫النجاسات سبع غسالت او يشترط صفة معينة في الغسل‪.‬‬

‫الشيخ رحمه هللا يقول ان هذا كله غير معتبر‪ .‬وهذا الذي ذكره هو الصواب الصحيح الذي تدل عليه االدلة الشرعية‪ .‬فال‬
‫يشترط في ازالة النجاسة نية وال صفة وال عدد وال غير ذلك‪ .‬اذا زالت النجاسة عن المحل فقد طهرا‪ .‬هكذا يقول الشيخ رحمه‬
‫هللا‪.‬‬

‫ثم علل ذلك قال الن الشارع لم يشترط في جميع في جميع غسل النجاسات عددا اال في نجاسة الكلب‪ .‬فاشترط فيها سبع‬
‫غسالت احداها بالتراب في الحديث المتفق عليه وهو حديث ابي هريرة رضي هللا عنه ان النبي صلى هللا عليه وسلم قال اذا‬
‫ولغ الكلب في اناء احدكم فليغسله سبعا احداها بالتراب‪.‬‬

‫فتخصيص النبي صلى هللا عليه وسلم للكلب بهذا الحكم‪ .‬هو عند الشيخ رحمه هللا ومن يوافقه‪ .‬دليل على ان ما عدا الكلب من‬
‫النجاسات ال يشترط لها العدد‪.‬‬

‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم اقتصر في االمر بسبع على الكلب‪ .‬ثم من العلماء من فهم ان االمر بغسل االناء من ولوغ الكلب‬
‫سبع مرات بسبب التنجيس‪ .‬فقالوا كما قال الشيخ ابن سعدي كل النجاسات تطهر بزوال عينها من المحل اال نجاسة الكلب او‬
‫نجاسة لعاب الكلب البد فيها من السبع‪ .‬ومن العلماء من بقي على األصل العام ولم يستثن شيئا بما فيها الكلب‪.‬‬

‫وقال ان التطهير من ولوغ الكلب سبعا ليس لعلة تنجيس وانما هو لعلة اخرى علة تعبدية او علة طبية او غير ذلك كما هو قول‬
‫أصحاب اإلمام مالك رحمه هللا وعلى القولين يبقى االصل مستقرا وهو ان كل نجاسة يكتفى بها بزوال عينها من المحل ثم لنا‬
‫طريقتين‬

‫اما طريقة الشيخ ابن سعدي ومن معه وهي ان نستثني الكلب فقط بدليل الحديث ونقول يشترط فيه السبع دون من عداه‬

‫واما ان نبقى على طريقة اصحاب االمام مالك ومن معهم فنقول ان النجاسات كلها يكتفى في بزوال عينها من المحل‪ .‬غسل‬
‫االناء من بلوغ الكلب‪ .‬امر تعبدي او امر طبي ال عالقة له بالتنجيس‪.‬‬

‫تفضل‪ .‬احسن هللا اليكم‪ .‬قال رحمه هللا‪.‬‬

‫ونعم‪ .‬اذا هنا شرع رحمه هللا في بيان هذه االعيان النجسة‪ .‬التي يجب على المكلف ان يطهر منها ثوبه‪ .‬وبدنه والبقعة التي‬
‫يصلي فيها‪ .‬قبل ان يشرع في الصالة‪.‬‬

‫واذا وجدها وهو في الصالة‪ .‬اذا انتبه لها وهو في الصالة يلزمه ايضا ان يزيلها‪ .‬ولهذا نحتاج الى معرفة هذه االعيان النجسة‬
‫النه يترتب عليها حكم‪ .‬والحكم هو ما سبق لنا ان طهارة الخبث شرط في صحة الصالة‪ .‬ومعنى طهارة الخبث ان يطهر ثوبه‬
‫وبقعته بقعة ليصلي فيها وبدنه من النجاسات‪ .‬ولو كان في أثناء الصالة‪ .‬ثم وجد شيئا من تلك النجاسات في ثوبه او بدنه او‬
‫بقعته فيلزمه ان يزيله ثم يستمر في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫واذا كان ال يمكنه ازالته واالستمرار في الصالة يلزمه ان يقطع فيزيله ثم يستأنف صالته من جديد‪ .‬وقد فعل النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم مثل هذا لما جاءه جبريل فاخبره ان في نعله اذى فالقاه النبي صلى هللا عليه وسلم وهو في الصالة‪ .‬وهذا دليل على‬
‫وجوب ازالة النجاسة ولو كان المصلي في اثناء الصالة‪ .‬لكن بشرط ان ال يكون فيها من العمل شيء كثير بحيث يفعل ما‬
‫ينافي الصالة‪ .‬لو احتاج الى ازالة النجاسة الى ان يفعل ما ينافي الصالة كأن يكون مثال ثوب في مكان بحيث لو نزع الثوب‬
‫تنكشف عورته‪ .‬فهنا سيقصر في شرط من شروط الصالة‪ .‬او ايضا يكون اذا اراد ان يزيل النجاسة يحتاج الى ان يستدبر‬
‫القبلة‪ .‬او يتحرك حركة كثيرة تبطل مثلها الصالة‪ .‬ففي مثل هذا الحال يقطع صالته‪ .‬ويزيل النجاسة ثم يرجع الى الصالة‪.‬‬

‫لكن تطبيق هذا الحكم كله متوقف على تمييز االعيان النجسة‪.‬‬

‫ماهي االشياء النجسة التي تنبني عليها هذه االحكام‪.‬؟‬


‫فعقد الشيخ رحمه هللا لذلك هذا الفصل‪ .‬وهي اعيان كثيرة وفيها خالف‪ .‬وفي بعض صور هذه المسائل خالف قوي‪.‬‬

‫لكن الشيخ رحمه هللا كان قد لنا اصال‪ .‬الشيخ رحمه هللا كان قرر لنا اصال نستصحبه في الكالم على هذه المسائل وهو ان‬
‫االصل في االشياء الطهارة واالباحة‪ .‬وهذا االصل مستصحب في هذا الباب وفي غيره‪ .‬فكل شيء ادعى بعض الفقهاء انه‬
‫نجس فاالصل انه طاهر‪ .‬وال ننتقل عن هذا اال بدليل يدل على تنجيسه‪ .‬واال فان االصل هو الطهارة‪.‬‬

‫رته‪ .‬هذان نجسان بإجماع المسلمين ليس بين علماء المسلمين‬


‫ع ِذ َ‬
‫و َ‬ ‫وأول هذه األعيان هو بول اآلدمي‬
‫في ذلك خالف‪ .‬وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم لما مر في حديث ابن عباس في الصحيحين لما مر على قبرين يعذبان قال‬
‫انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير‪ .‬اما احدهما فكان يمشي بالنميمة واما االخر فكان ال يستتر من بوله ومعنى ال يستتر من‬
‫بوله انه كان يصيب ثوبه وال يحترز من اصابة البول لثوبه وليس معناه انه كان ال يستتر اي ال يستتر من الناس عند البول‪.‬‬
‫هذا فهم قد يتبادر من الحديث لكن ليس هو المراد‪.‬‬

‫المراد ال يستتر اي ال يجعل بينه وبين رشاش البول ساترا‪ .‬وهذا من الذنوب العظيمة‪ .‬والحديث هذا يدل على انه من الكبائر‪.‬‬
‫النه كان سببا للعذاب‪ .‬كون االنسان يقضي حاجته وال يتحرز ان تصيبه النجاسات‪ .‬ثم يصلي وهو على تلك الحالة ويدخل‬
‫المساجد وهو على تلك الحال‪ .‬او يلقى اخوانه المسلمين وهو على تلك الحال‪ .‬هذا من الذنوب التي ذكر النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ .‬انها اوجبت العذاب لصاحبها‪.‬‬

‫وقوله صلى هللا عليه وسلم في الحديث وما يعذبان في كبير‪ .‬اي ليس كبيرا في نفسه‪ .‬الفعل سهل ليس فعال كبيرا في نفسه‪.‬‬
‫لكنه عند هللا جل وعال كبير‪ .‬فالنميمة امر سهل ان ينقل الكالم من شخص الى اخر‪ .‬بغرض االفساد بينهما‪ .‬و عدم االستتار من‬
‫البول ايضا امر سهل‪ .‬فقال النبي صلى هللا عليه وسلم انهما ليعذبان‪ .‬وما يعذبان في كبير اي ليس الفعل في نفسه كبيرا‪ .‬لكن‬
‫حكمه عند هللا تبارك وتعالى كبير‪ .‬لذلك كان سببا في العذاب‪.‬‬

‫اذا نجاسة البول والعَ ِذرة بول ادم وعبرته متفق عليه بين المسلمين‪.‬‬

‫تفضل‪ .‬احسن هللا اليكم‪ .‬قال رحمه هللا‬

‫‪4‬‬
‫‪ .‬ودليل نجاسته قول هللا تبارك وتعالى(( قل ال اجد فيما اوحي‬ ‫نعم‪ .‬الثاني او الثالث من النجاسات هو الدم‬
‫الي محرما على طاعم يطعمه اال ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير فانه رجس او فسقا اهل لغير هللا به))‬

‫والرجس في المشهور في المشهور المتبادر من اللسان هو النجس ولذلك استند الفقهاء الى هذه االية في تقرير نجاسة الدم‬‫ِ‬
‫سواء كان من ادمي او من حيوان وسواء كان الحيوان مأكول اللحم او غير مأكوله مأكول اللحم اي مما يباح اكله كالغنم‬
‫واالبل والبقر وغير ذلك‪ .‬وغير مأكول اللحم اي ما ال يجوز اكله كالكلب والسباع والنمور وغير ذلك‪.‬‬

‫لم يستثن الشيخ رحمه هللا من ذلك اال الدم المسفوح‪ .‬من الحيوان المأكول‪ .‬وهذا معنى قول هللا تبارك وتعالى(( أو دما‬
‫مسفوحا)) فهو لم يستثن اال الدم غير المسفوح‪ .‬وهو الذي يبقى في اللحم والعروق‪ .‬فالمقصود بالدم المسفوح هو الدم الذي‬
‫يسيل‪ .‬اما غير المسفوح فهو الدم الذي يبقى في اللحم‪ .‬ويبقى في العروق اذا ذبحت شاة مثال‪ .‬وطبخ لحمها يكون في لحمها‬
‫وفي داخل عروقها شيء من الدم‪ .‬لو كان هذا الدم محرما للزم من ذلك حرمة اكل اللحم في كثير من االحوال‪.‬‬

‫لكن هللا تبارك وتعالى لم يحرم علينا الدم الذي يكون في اللحم والعروق وانما حل تبعا لحل اكل اللحم والعروق‪ .‬فهذه االية‬
‫هي مستند العلماء رحمهم هللا في القول بنجاسة الدم وايدوها ايضا بقول النبي صلى هللا عليه وسلم للمستحاضة لما سألته قال‬
‫صلى هللا عليه وسلم اغسلي عنك الدم وصلي فامرها بالغسل منه دليل على نجاسته‪.‬‬

‫وقد حكى غير واحد من العلماء اجماع العلماء على نجاستهم‪ .‬سئل االمام احمد رحمه هللا عن القيح والدم‪ .‬هل هما سواء؟ قال‬
‫ال‪ .‬الدم لم يختلف الناس فيه‪ .‬اي لم يختلف الناس في نجاسته‪ .‬واحمد رحمه هللا من اعلم الناس‪ .‬باقوال الصحابة رضي هللا‬
‫عنهم ومن بعدهم من التابعين واتباعهم‪ .‬وهو من اشد الناس تورعا في حكاية االجماع‪ .‬وعنه تعلم الناس ان حكاية االجماع‬
‫بغير ثبت نوع من كذب‬

‫كان يقول رحمه هللا ال يقول اجمع الناس‪ .‬ليقول ال اعلمهم اختلفوا‪ .‬ما يدريه لعل الناس اختلفوا‪ .‬فأحمد كان متورعا في حكاية‬
‫االجماع‪ .‬ال لكن مع ذلك حكى االجماع في هذه المسألة‪ .‬يقول ان الدم لم يختلفوا فيه‪ .‬وتابعه غيره ابن حزم رحمه هللا ايضا‬
‫وهو من اعلم الناس بموا قع االجماع واالختالف حكى االجماع في كتابه مراتب االجماع‪ .‬ولذلك فان الحكم عند عامة فقهاء‬
‫االسالم او جميعهم‪ .‬هو نجاسة الدم وال يستثن من ذلك اال الدم الذي يكون في اللحم والعروق‪ .‬فانه ما دام انه مباح أحله هللا‬
‫تبارك تعالى فان هذا يستلزم انه طاهر‪ .‬النه ال يمكن ان يكون مباحا وهو نجس‪..‬‬

‫هللا تبارك وتعالى حرم علينا الخبائث‪ .‬فما دام أبيح الدم غير المسفوح فهذا يعني انه طاهر‪ .‬ال يستثن الشيخ رحمه هللا‬
‫ومن معه من الفقهاء اال الدم اليسير‪ .‬قال الشيخ رحمه هللا اال انه يعفى عن الدم اليسير‪.‬‬

‫ومعنى ذلك ان يكون مثال المصلي في صالة فيرى قطرة دم في ثوبه‪ .‬قطرة دم شيء يسير ال تستوجب ان يزيل ثوبه‪ .‬او يقطع‬
‫صالته بل يستمر في الصالة‪ .‬او مثال يرعف رعافا يسيرا فاذا مسحه بيده زال ذلك الدم‪ .‬فان هذا يعفى عنه‪.‬‬

‫عسر عبد هللا ابن عمر رضي هللا عنه بَثرة في وجهه فساح فسال منها دم فاستمر في صالته‪ .‬وبصق ابن ابي اوفى رضي هللا‬
‫دما فاستمر في صالته‪ .‬وهذا دليل على ان الدم اليسير يعفى عنه‪ .‬مفهومه ان ما فوق اليسير ال يعفى عنه‪ .‬واختلف الفقهاء في‬
‫تحديد اليسير وغير اليسير‪ .‬واصح ما قيل في ذلك ما روي عن ابن عباس رضي هللا عنه انه قال ان كان فاحشا اعاده واال لم‬
‫يعد‪ .‬معنى الفاحش يعني الشيء الذي انت تستكثره لما تراه في يدك وال في ثوبك تستفحشه ترى انه كثير‪ .‬كأن يكون مثال قدر‬
‫راحة اليد‪ .‬او يكون اكثر من ذلك‪ .‬او قريبا منه‪ .‬هذا مستفحش‪.‬‬

‫لكن يكون قطرة وقطرتين وثالث والسيما اذا كانت مفرقة هذا شيء يسير ال يوجب قطع الصالة والسبب في العفو عنه هو‬
‫كثرة االبتالء به اكثر الناس ال يسلم من هذا ال يسلم من رعاف مثال او من بثرة يسيح يسيل منها او من جرح يسيل منه شيء‬
‫من الدم او غير ذلك من االحوال‪ .‬ولما كانت االشياء هذه تكثر مالبستها عفا الشرع عنها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫اذا الشيخ رحمه هللا ومن معه من الفقهاء‪ .‬الذي قلنا ان احمد يقول هم جميع الفقهاء ال يستثنون اال الدم اليسير‪.‬‬

‫بعض العلماء مثل الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا‪ .‬استثنوا ايضا دم االدمي كله‪ .‬قالوا دم االدمي كله ليس نجسا‪ .‬بدليل مثال ان‬
‫الحسن البصري رحمه هللا قال كان المسلمون يصلون في جراحاتهم‪ .‬كانوا يذهبون الى الحروب يقاتلون يجاهدون في سبيل‬
‫هللا‪ .‬ومعلوم ان المقاتل سيصيبه جروح ويكون فيه دم في ثوبه وفي بدنه‪ .‬كانوا يصلون في جراحهم‪ .‬بل الشهيد النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم امر ان يدفن في دمه‪ .‬واخبر النبي صلى هللا عليه وسلم انه يأتي يوم القيامة‪ .‬يثعب دما‪ .‬اللون لونه الدم الريح ريح‬
‫المسك ولما طعن عمر ابن الخطاب رضي هللا عنه صلى وجرحه يثعب دما‪.‬‬

‫هذه النصوص وما في معناها اخذ منها الشيخ ابن عثيمين استثناء دم االدمي‪ .‬المستثنى اذا عنده الدم اليسير ودم االدمي مطلقا‬

‫وزاد غيرهم مثل الشيخ االلباني رحمه هللا استثناء دم االدمي ودم الحيوان مأكول اللحم النه جاء عن بعض اصحاب النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم سعيد الخدري وغيره ما يدل على انهم كانوا ال يرون حرجا ان يصلي المصلي وعليه اثر الفرث والدم‬
‫من ذبيحته‪ .‬يذبح ذبيحته ثم يصلي وقد اصابه من فرثها ودمها‪.‬‬

‫كان ابو سعيد الخدري رضي هللا عنه وغيره من الصحابة ال يرون بأسا في ذلك‪ .‬فأخذ من هذا لو اخذ الشيخ من هذا ان دم‬
‫االدمي ودم مأكول اللحم طاهر‪ .‬ولم يبق عنده في دائرة النجاسة اال ما وقع عليه النص واالجماع وهو دم الحيض والنفاس‪.‬‬
‫واما ما عداه فيرى انه ال يقاس عليه‪.‬‬

‫اذا صارت المسألة من حيث الجملة فيها هذه االقوال الثالثة‪.‬‬


‫اما ان الدم كله نجس ال يعفى اال عن اليسير منه وهو الذي حكاه احمد وغيره اجماعا‪.‬‬

‫واما ان الدم نجس ما عدا اليسير منه ودم االدمي‪ .‬وهو قول الشيخ ابن عثيمين‪.‬‬

‫واما انه ال ينجس اال دم الحيض والنفاس وما عداهم‪ .‬فان االصل فيه انه طاهر‪.‬‬

‫و ال شك ان قول الجمهور من جهة الدليل ومن جهة القائلين اقوى واصح ال سيما مع االجماع الذي حكاه احمد ابن حنبل‬
‫رحمه هللا فانه كما قلنا من اعلم الناس باجماع الناس واختالفهم ولوال ان الخالف في هذه المسألة شهير جدا والحاجة اليهما‬
‫‪...‬تعرضنا له‬

‫نحن شرطنا كما في الكتاب ان نقتصر على قول واحد وهو الذي يذكره الشيخ اال اذا كان قول الشيخ الذي ذكره ضعيفا فننبه‬
‫على خالفه‬

‫او يكون في المسألة خالف مشهور ال يمكن ان يتغاض عنه مثل هذه الخالف هذا الذي سمعتموه‬

‫لكن الذي ينبغي على المسلم هو ان يبقى على قول الجمهور ولو ظهر له من جهة االدلة ان قول الشيخ ابن عثيمين او قول‬
‫الشيخ االلباني فيه نوع من الوجاهة لكن القول االخر فيه ظاهر االدلة ظاهر االية وفيه نص النبي صلى هللا عليه وسلم في‬
‫سؤال له المرأة عن الدم‪ .‬مع القياس الواضح في قياس غير دم النفاس عليه‪.‬‬

‫فمجموع هذه االدلة مع حكاية االجماع يدل على ان الذي ينبغي ان يتعبد به االنسان في نفسه‪ .‬ان ال يصلي وفي ثوبه او بدنه‬
‫او البقعة التي يصلي فيها دم غير يسير‪.‬‬

‫اليسير قلنا انه معفو عنه‪.‬‬

‫فاذا كان في الثوب او البقع او البدن دم ولو دم يجاوز القدر اليسير الذي ذكرنا انه يعفى عنه‪ .‬فالذي ينبغي احتياطا لهذا القول‬
‫الذي ذكر‪ .‬والذي يظهر انه اقوى‪ .‬دليال وقائال فالذي ينبغي وهللا اعلم ان ال يصلي االنسان اال بعد ازالته‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫احسن هللا اليك قال رحمه هللا‬

‫نجس‪ .‬تبع ابو هريرة رضي هللا عنه النبي صلى هللا عليه‬ ‫نعم كل حيوان محرم اكله فان بوله وروثه‬
‫وسلم مرة‪ .‬فقال له النبي صلى هللا عليه وسلم ابغني احجارا استجمر بها‪ .‬قال ابو هريرة رضي هللا عنه فاتيته بحجرين وروثة‪.‬‬
‫وفي بعض الروايات روثة حمار‪ .‬وهي يابسة ظن ابو هريرة انها يحصل منها المقصود‬

‫وقد علمنا من من الدرس الماضي ان المقصود من الحجارة ونحوها كل يابس يمكن ان يزيل النجاسة ينقي المحل فابو هريرة‬
‫رظي هللا عنه مشى على هذا فاخذ النبي صلى هللا عليه وسلم الحجرين والقى الروثة وقال انها ركس‪ .‬انها ركس‪ .‬اي نجس؟‬

‫فبول وروث الحيوانات التي ال يؤكل لحمها‪ .‬كالكلب والقط مثال‪ .‬و السباع والنمور‪ .‬و كل ما ال يؤكل لحمه‪ .‬فانه نجس بدليل‬
‫الحديث مذكور‪.‬‬

‫احسن هللا اليكم‪ .‬قال رحمه هللا‬

‫نعم‪ .‬السباع كلها نجسة‪ .‬السباع المقصود بها الكلب والنمر والذئب‪ .‬وغير ذلك من الحيوانات‪ .‬المفترسة‪ .‬هذه كلها نجسة‪ .‬سئل‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم عن بئر بضاعة‪ .‬وما ينوبه من السباع‪ .‬فقال صلى هللا عليه وسلم ((ان الماء طهور ال ينجسه‬
‫شيء))‪.‬‬

‫وهذا الجواب مقترنا مع انه سئل عن السباع التي تنوب الماء اي تشرب منه‪ .‬وتلَغوا فيه دليل على ان سؤرها نجس‪ .‬واذا نجس‬
‫سؤرها فسائرها أيضا نجس‬

‫وجاء عن النبي صلى هللا عليه وسلم صح عنه عليه الصالة والسالم انه قال في الهرة لما اصغى اليها اناء فشربت منه فنظرت‬
‫اليه ام كبشة رضي هللا عنها متحيرة فقال النبي صلى هللا عليه وسلم انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم‬

‫ففيه ان علة طهارة سؤر الهرة كثرة مالبستها ونحن علمنا من الكالم على يسير الدم ان كثرة المالبسة سبب للعفو فالهرة وما‬
‫في معناها من الحيوانات التي يكثر طوافها ببني ادم‪ .‬هذا النوع لو قيل ان سؤره نجس لكان في ذلك مشقة على الناس‪ .‬فعفا‬
‫عنه النبي صلى هللا عليه وسلم‪ .‬مفهومه ان غير الطواف علينا من السباع‪ .‬سؤره نجسة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وصح عن النبي صلى هللا وسلم ايضا انه نهى عن جلود السباع‪ .‬وجلود السباع انما نهى عنها النها نجسة‪ .‬فاذا كانت جلودها‬
‫نجسة دليل على انها هي كلها نجسة‪ .‬اذا السباع اي الحيوانات التي ال تؤكل كلها نجسة‪.‬‬

‫قال رحمه هللا‬

‫‪ .‬وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم في الدباغ‪ .‬ايما‬ ‫نعم‪ .‬الميتات كلها نجسة‪ .‬وهذا ال إشكال فيه‬
‫اهاب دبغ فقد طهر‪ .‬الدباغ هو الجلد الذي يزال من من الشاة‪ .‬من الدواب الميتة فاشتراط الطهارة في اشتراط الدباغ في الجلد‬
‫من اجل ان يطهر دليل على انه قبل الدباغ نجس‪ .‬وهذا محل اجماع ان الميتات نجسة ال خالف في هذا بين احد من اهل العلم‪.‬‬

‫اال ان الشيخ رحمه هللا استثنى من ذلك ثالثة اشياء‪.‬‬


‫االول ميتة االدمي‪ .‬فان االدمي من مسلم وكافر ميتته طاهرة‪ .‬وهذا تشريف له وتكريما وهللا تبارك وتعالى يقول(( ولقد كرمنا‬
‫بني ادم‪)).‬‬

‫الشيء الثاني هو ميتة ما ال نفس له سائال‪ .‬ما ال نفس له الى هنا معناه ما ال دم له يسيل اذا قتل مثال او جرح مثل الذباب‬
‫والبعوض والصراصير والجراد هذه االشياء التي ليس لها دم في ذاتها ليس فيها دم ال تنجس بالموت والدليل ان النبي صلى‬
‫هللا عليه وعلى اله وسلم قال ((اذا وقع الذباب في شراب احدكم فليغمسه ثم لينزعه فان في احد جناحيه داء في االخر دواء ))‬

‫والذباب معلوم انه لو وقع في االناء في الشراب وربما يكون الشراب ساخنا مثال فانه سيموت على الفور‪ .‬ومع ذلك النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم قال يغمسه ثم ينزعه‪ .‬معناه انه طاهر ليس معناه ان النبي صلى هللا عليه وسلم امر باستعمال ذلك‬
‫الشراب‪.‬‬

‫استعماله هذا يرجع الى االنسان في نفسه‪ .‬من شاء ان يشربه ومن شاء ان يلقيه‪ .‬لكن لما كان وقوع الذباب فيه داء امر النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم بغمسه وكان ذلك دليال على ان ماال نفس له سائل كالذباب والبعوض وغيره ميتته ليست نجسة‬

‫اذا وقع ذباب او بعوض او صرصور مثال في ماء فانه ال ينجسه لما؟‬

‫النه ال نفس له سائلة وما ال نفس له سائلة فانه ال ينجس‪ .‬ومن ذلك الجراد الذي ذكر في الحديث الذي سيأتي فالجراد ايضا‬
‫مما ال تنجس ميتته النه ليس فيه دم‪ .‬هذا الثاني‪.‬‬

‫والثالث مما استثناه هو السمك‪ .‬فان السمك ايضا طاهر ولو كان ميتا‪ .‬هللا تبارك وتعالى يقول ((احل لكم صيد البحر‬
‫وطعامه))‪ .‬فسرها السلف عمر بن الخطاب رضي هللا عنه وغيره‪ .‬بان صيد البحر هو ما اخذ منه وهو حي‪ .‬وطعامهما القاه‬
‫البحر وميت‪ .‬فلو القى القى البحر مثال حيوانا ميتا مثل العنبر الذي خرج الصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم‪ .‬في الحديث‬
‫المشهور مع ابي عبيدة يكون مباحا لو خرج حوت‪ .‬الى البحر خرج ميتا القاه البحر وهو ميت‪ .‬فانه مباح‪ .‬للحديث الذي‬
‫سيذكره الشيخ رحمه هللا فيما بعد‬

‫‪8‬‬
‫فاذا احل لكم صيد البحر وطعامه طعام البحر هو ما يلقيه البحر ميتا فال يشترط في كل ما يعيش في البحر‪ .‬الذكاة ما عدا ما‬
‫يعيش في البحر الحيوانات التي يعيش في البر‪ .‬ما يؤكل منها ال يحل اال بالذكاة‪ .‬اما ما يكون في البحر فانه يحل بغير ذكاة‪.‬‬
‫كما سيأتي دليله في كالم الشيخ رحمه هللا‪.‬‬

‫تفضل‪ .‬احسن هللا اليكم‪ .‬قال رحمه هللا‪.‬‬

‫شرط على نفسه‪ .‬كما مر معنا انه يجمع بين المسائل والدالئل‪ .‬يذكر المسائل و يذكر ادلتها‪ .‬هو ذكر‬
‫نعم الشيخ رحمه هللا كان َ‬
‫لنا النجاسات‪ .‬واالن وفاءا بوعده يذكر االدلة‪ .‬فذكر قول هللا تبارك وتعالى(( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير‪ )).‬الى‬
‫اخر االية‪.‬‬

‫فان هذه دليل على نجاسة الميتة والدم كما مضى معنا‪ .‬وعرفنا ما فيه من الكالم‪ .‬قال وقال النبي صلى هللا عليه وسلم ((المؤمن‬
‫ال ينجس حيا وال ميتا)) هذا ساقه من اجل ما استثناه في نجاسة االدمي‪ .‬لكن الحديث بهذا اللفظ ليس من كالم النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ .‬هذا اللفظ صح عن عبد هللا بن عباس رضي هللا عنه ذكره البخاري في صحيحه معلقا عنه مجزوما به‪ .‬قال ابن‬
‫نجسوا موتاكم ان الميت ال ينجس حيا وال ميتا‪ )).‬الذي صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم‬ ‫عباس رضي هللا عنهما(( ال ت ِ‬
‫شطره االول‪ .‬ان المؤمن ال ينجس او ان المسلم ال ينجس لقيه ابو هريرة رضي هللا عنه فيما يحكي عن نفسه قال لقيت‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم في بعض طرق المدينة وانا جنب فانخنست منه فلما لقيني قال ما بك يا ابا هريرة? قال اني كنت‬
‫فقال النبي صلى هللا عليه وسلم سبحان هللا يا ابا هر‪.‬‬ ‫جنبا فاستحييت ان القاك او أمسك وانا على غير طهارة‬
‫ان المسلم ال ينجس‪.‬‬
‫هذا دليل على ان المسلم طاهر حيا وميتا‪ .‬ومثله ايضا كما ذكرنا الكافر فليس معناه ان الكافر ينجس‪.‬‬

‫الكافر ايضا ميتته طاهرة كما تقدم معنا‬

‫ثم الحديث الثالث هو احل لنا ميتتان ودمان وهو الدليل الذي استثنى به السمك والجراد‪ .‬وهو ايضا هذا روي مرفوعا عن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم من حديث ابن عمر‪ .‬الصحيح عند علماء الحديث انه من كالم عبد هللا بن عمر موقوفا عليه‪.‬‬

‫قال عبدهللا بن عمر أحل لنا ميتتان ودمان‪ .‬لكن له حكم الرفع‪ .‬الن من الذي يحل ويحرم للصحابة؟ يتلقون الحل والحرمة‪ .‬عن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬فهو نعم من جهة االسناد‪ .‬الصواب فيه انه موقوف على عبد هللا بن عمر‪ .‬ال تقل قال رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم أحل لنا ميتتان ودمان‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ولكن تقول قال عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما احلت لنا ميتتان ودمان‪ .‬فاما الميتتان فالسمك والجراد واما الدمان فالكبد‬
‫والطحال‪ .‬لكن مع كونه موقوفا عليه اال ان له حكم الرفع‪ .‬فالصحابي اذا قال امرنا بكذا او نهينا عن كذا او احل لنا كذا او حرم‬
‫علينا كذا فكل هذا مرفوع حكما الى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫تفضل‪ .‬قال رحمه هللا‬

‫نعم هو الباب كما رأينا معقود لبيان االعيان النجسة‪ .‬اذا ال يلزمه ان يتكلم على االعيان الطاهرة الن االصل في كل االشياء‬
‫التي ذكر الن االصل في كل االعيان المنتفع بها انها طاهرة‪.‬‬

‫واستثنينا هذه االشياء الستة او السبعة التي ذكرت فاذا ما عداها كله طاهر على االصل‪ .‬لكن توجد بعض المسائل وقع فيها‬
‫خالف كثير‪.‬‬

‫فلذلك الشيخ رحمه هللا اشار الى اثنين منها مما قال بعض العلماء انه‬
‫نجس‪ .‬والصواب انه طاهر‪.‬‬

‫االول منها هو بول وروث ما يؤكل لحمه‪ .‬كالغنم واالبل والبقر والدجاج والطيور وسائر الطيور‪ .‬هذه‬
‫األشياء الصواب فيها أنها طاهرة ليست نجسة‪ .‬فاذا أصابك شيء من أثر طائر مثال او من بول او روث ما يؤكل لحمه فانه‬
‫طاهر على الصحيح‪.‬‬

‫والدليل على ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى هللا عليه وسلم من أشهرها حديث الع َرنيين قوم من ع َرينة اتوا النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم فاجتووا المدينة يعني اصابهم داء في بطونهم بسبب جو المدينة‪ .‬فامرهم النبي صلى هللا عليه وسلم ان يشربوا من‬
‫ابواب االبل والبانها‪ .‬امرهم ان يشربوا من ابوال االبل والبانها‪ .‬وهذا دليل على طهارتها‪ .‬وكان النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫يأذن للصحابة ان يصلوا في مرابض الغنم‪ .‬يعني االماكن التي تأوي اليها الغنم للنوم لتبيت فيها‪ .‬اجاز النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم الصالة فيها و طاف النبي صلى هللا عليه وسلم على بعير وأذن الم سلمة أن تطوف على بعير ومعلوم ان البعير سينزل‬
‫منه شيء من بوله او روثه اثناء الطواف‬

‫لو كان بوله وروثه نجسا لما طاف النبي صلى هللا عليه وسلم عليه اذا بول وروث ما يؤكل لحمه كله طاهر على الصحيح‪.‬‬

‫المني‪ .‬فانه ايضا طاهر على الصحيح‪ .‬كان النبي صلى هللا عليه وسلم يغسله من ثوبه رطبا ويفركه يابسا‪.‬‬ ‫الثاني هو‬
‫قالت عائشة رضي هللا عنها ربما فركته من ثوبه بظفري‪ .‬الن ذاك الوقت لم تكن المالبس واألثواب موفورة كما هو عليه‬
‫الحال عندنا اليوم عند اكثر الناس‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫االنسان اليوم اذا اصاب ثوبه شيء ولو كان طاهرا فانه يغيره‪ .‬لكن في الزمن االول كان االمر عسير‪ .‬فربما الرجل ليس له اال‬
‫ثوب واحد يكون في الرجل ليس له اال ثوب واحد‪ .‬فكان النبي صلى هللا عليه وسلم على هذا الحال الذي ذكرته عائشة وهو‬
‫دليل على انه ليس بنجس‪ .‬النه لو كان نجسا لما اكتفي بفركه‪ .‬اضافة الى كونه اصل ابن ادم‪ .‬هو االصل الذي خلق االنسان بما‬
‫فيه االنبياء والصالحون ومثل هذا ال يناسب ابدا ان يكون نجسا‬

‫اذا هذان امران قيل بنجاستهما والصواب الذي تدل عليه االدلة هو طهارتهما ولذلك نبه الشيخ رحمه هللا على ذلك‪.‬‬

‫تفضل احسن هللا اليكم قال رحمه هللا‬

‫نعم اذا هنا اه ذكر الشيخ رحمه هللا تكملة لما استفتح به الباب‪ .‬فاننا رأينا انه استفتح الباب او الفصل ببيان االصل العام‪ .‬وهو‬
‫ان النجاسة يكتفى فيها بزوال عينها عن المحل‪ .‬لكن توجد بعض االشياء خفف الشرع في طهارتها‪ .‬علمنا انه توجد بعض‬
‫االشياء عفا الشرع عنها‪ .‬كيسير الدم مثال‪ .‬هذه ليس الشرع عفى عنها من جهة انه حكم بطهارتها‪ .‬لكن روعي العسر في‬
‫تطهيرها من جهة تخفيف كيفية الطهارة‪ .‬فيكتفى فيها بنوع معين من التطهير‪ .‬ولو لم ت َزل عين النجاسة عن المحل‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫وذلك اشياء ذكر الشيخ رحمه هللا منها بول الغالم‪ .‬الصغير الذي لم يأكل الطعام لشهوة‪ .‬فهذه ثالثة قيود‬
‫االول ان يكون غالما‪ .‬وغالم احتراز من الجارية‪ .‬يعني ان يكون غالما ذكرا ليس انثى‪ .‬وسيأتي الكالم على ذلك‪.‬‬

‫والقيد الثاني ان يكون لم يأكل الطعام‪ .‬يعني ما زال صبيا صغيرا ال يزال يغتذي على اللبن‪ .‬لم يأكل الطعام بعد لم يصل الى‬
‫درجة ان يأكل الفاكهة والخضار والخبز وغير ذلك‪ .‬ال يزال يتغذى باللبن فقط‪.‬‬

‫والقيد الثالث قال للشهوة‪ .‬اي لم يأكل الطعام لشهوة‪ .‬هذا احتراز من مثال اذا حنك بتمر عند والدة هذا اكل طعاما اكل تمرا لكن‬
‫لم يأكله النه صار يتغذى بالطعام تشهيا له‪ .‬انما اطعمه اذا وضع في فمه مثال شيء من الدواء‪ .‬والدواء ليس لبنا لكن هذا وضع‬
‫في فمه ولم يتناوله هو لشهوة‪ .‬اذا الذي يشترط هوان يكون صغيرا‪ .‬ال يزال يغتدي باللبن ولم يأكل الطعام لشهوة‪.‬‬

‫اذا توفرت هذه الشروط الثالثة فقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغالم‪ .‬بمعنى ان‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم سهل في طهارة بول الغالم بهذه القيود الثالثة‪ .‬وهذا من الفروق الصحيحة في الفقه‪.‬‬

‫بعض المسائل احيانا تكون متشابهة متقاربة‪ .‬لكن الشرع يفرق بينها في الحكم‪ .‬من اوضح هذه الفروق هذه المسألة‪ .‬وهي ان‬
‫يكون ذكر وانثى في نفس السن‪ .‬كالهما حديثي الوالدة بول الجارية البد من غسله حتى َيطهر الثوب او المحل‪.‬‬

‫واما بول الغالم فيكفي فيه النضح ومقصود بالنضح هو ان يعمه بالماء يرمي عليه ماء فقط‪ .‬في حديث ام قيس بنت ِمحصن‬
‫االسدية ان النبي صلى هللا عليه وسلم اوتي بغالم اجلسه في حجره فبال عليه‪ .‬قالت فدعا النبي صلى هللا عليه وسلم بماء فصبه‬
‫عليه ولم يغسله‪ .‬الغسل فيه زيادة فرك وجريان للماء وربما عسر‪ .‬حتى تخرج النجاسة التي تشربها الثوب‪ .‬اما النصح فمجرد‬
‫ان يلقي عليه ماء‪ .‬اذا هذا فرق صحيح ثبت عن النبي صلى هللا وسلم في هذا الحديث وفي غيره‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫لكن تكلم الناس في سبب التفريق‪ .‬الن هذا مما تطلبه العقول‪ .‬ما السبب في التفريق بين بول الغالم وبول الجارية؟‬

‫ذكروا في ذلك وجوها كثيرة‪ .‬ذكر العلماء في ذلك في القديم بحسب معارفهم ومن انتهى إليه علمهم فروقا‪ .‬وال يزال الناس في‬
‫هذا العصر ايضا يذكرون فروقا وفي بعض الجامعات العراقية اجرى بعض الناس بحثا مخبريا‪ .‬على عينات من بول خمسة‬
‫وثالثين رضيعة صغيرة‪ .‬وثمانية وثالثين رضيع الصغير‪.‬‬

‫وجدوا فرقا كبيرا في المكونات وان بول االناث الصغيرات فيه بكتيريا بكمية كبيرة زيادة على بول الغالم‪ .‬لكن لما يكبر‬
‫الغالم هذا أجروه في عينات صغيرة لكن لما يكبر الغالم‪ .‬وتكبر الجارية نسبة البكتيريا تقل في بول الجارية وتكثر في بول‬
‫الغالم حتى يستويا بعد ان يصير غالما يأكل الطعام فتصير المكونات واحدة‬

‫هذا وجد في بعض الجامعات لكن هذا صح او لم يصح؟ هذا المعنى او المعنى الذي ذكره العلماء سابقا ذكروا معاني اخرى‬
‫كل تلك المعاني التي ذكرت والتي ال يزال الناس يبحثون عنها‪ .‬سواء صحت او لم تصح نقول كما قال ابن القيم رحمه هللا في‬
‫تحفة المودود لما تكلم على هذه المسألة وذكر عددا من الوجوه‪ .‬قال ان صحت هذه الفروق و إال فالمعول على تفريق السنة‪.‬‬
‫يعني ان سنة النبي صلى هللا عليه وسلم فرقت بين أمرين ونحن نعلم علما جازما ان النبي صلى هللا عليه وسلم لم يكن ليفرق‬
‫بينهما لو لم يكن هنالك موجب للتفريق‪ .‬اذا علمنا هذا الموجب الذي اوجب التفريق بينهما هذا زيادة علم‪ .‬نفرح بها ونستعملها‬
‫ربما في الفقه والقياس‪.‬‬

‫واذا لم نعلم ذلك فنحن موقنون بقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ممتثلون المره مستجيبون لتفريقه وحكمه وال يضرنا بعد‬
‫ذلك ان جهلنا سبب التفريق مثل المرأة التي جاءت الى عائشة رضي هللا عنها قالت لها ما بال الحائض تقضي الصوم وال‬
‫تقضي الصالة قالت عائشة رضي هللا عنها احرورية انت؟ حرورية يعني هل انت من الخوارج؟ الن الخوارج اشتهروا‬
‫باالعتراض على السنن‪ .‬قالت احارورية انت؟كان يصيبنا ذلك على عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬فنؤمر بقضاء الصوم‬
‫وال نؤمر بقضاء الصالة‪.‬‬

‫يعني وقفت مع النص‪ .‬سواء عرفت علة الحكم‪ .‬او لم تعرفها فانت باق على امر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫احسن هللا اليكم‪ .‬قال رحمه هللا‬

‫نعم هذه المسألة التي ختم بها الشيخ رحمه هللا الفصل هي مكملة لكل ما سبق هي تكملة لبيان معنى تطهير النجاسة وازالتها‪.‬‬

‫نحن قلنا ان النجاسات االصل فيها ان يكتفى بزوال عين النجاسة عن المحل‪ .‬وبعض النجاسات خفف فيها الشرع‪ .‬ذكر الشيخ‬
‫رحمه هللا من ذلك بوال الغالم الصغير الذي لم يأكل الطعام‪ .‬وكنت اريد ان اضيف شيئين اخرين صحت بهما السنة ونسيت‪.‬‬
‫فاستدركهما االن‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم ايضا التخفيف في طهارة النجاسة تكون في اسفل النعل‪ .‬لما يكون االنسان يمشي في‬
‫الطريق والمساجد لم تكن مفروشة في ذلك الزمان‪ .‬فكانوا يمشون ربما تكون نجاسة في اسفل النعل‪ .‬قال النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم اذا جاء احدكم المسجد نعم فليمسحه فليصلي فيهما‪ .‬يعني االنسان اذا جاء الى المسجد يكفيه ان يمسح نعله على االرض‪.‬‬
‫ربما اذا مسحه على االرض‪ .‬تكون النجاسة ال تزال متصلة بأسفل النعل‪ .‬لكن مع ذلك أذن النبي وسلم في ذلك ألنه لو كلف‬
‫الناس انه اذا جاء الى المسجد البد ان يقلب رجله ويبحث فيها ويغسل نعله اذا وجد فيها اذى حتى يزيل عين النجاسة‪ .‬يكون‬
‫هذا تكليفا شاقا‪.‬‬

‫فأذن صلى هللا عليه وسلم بمسح النعل والصالة فيها‪ .‬وكذلك ذيل المرأة لما تكون المرأة تلبس درعا أو جلبابا سابغا كما هي‬
‫السنة في لباس النساء‪ .‬ويكون يصيب األرض‪ .‬فسئل النبي صلى هللا عليه وسلم عن ذلك ربما تمر على مكان فيه نجاسة‪ .‬فقال‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم يطهره ما بعده‪ .‬يعني يمر على تراب طاهر بعد ان مر على مكان نجس‪ .‬فيكون ذلك تطهيرا له‪.‬‬

‫اذا هذه انواع خفف الشر في طهارتها لشدة مالبسة الناس لها وحاجتهم الى التخفيف‪ .‬ما عدا هذا فانه البد من زوال عين‬
‫النجاسة‪.‬‬

‫االن ذكر الشيخ هذه المسألة ليكمل المقصود بزوال عين النجاسة‪ .‬ما المقصود بذلك؟‬

‫يقول المقصود بذلك ان ِجرم النجاسة يزول‪ِ .‬جرم النجاسة أي مادتها يزول ‪ .‬لكن اذا زال جرم النجاسة وبقي بعد ذلك مثال‬
‫ريح‪ .‬بقيت رائحة النجاسة او بقي لونها‪ .‬ال سيما في بعض النجاسات الغليظة المستحكمة مثل الدم مثال‪ .‬يصيب الدم ثوبك‪.‬‬
‫تغسل الدم‪ .‬ويزول لكن اثر البقعة يبقى في الثوب‪.‬‬

‫سألت خولة بنت يسار رضي هللا عنها نبينا صلى هللا عليه وسلم عن هذا‪ .‬عن اثر الدم في الثوب‪ .‬فقال النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم يكفيك الماء‪ .‬وال يضرك أثره‪ .‬هذا الحديث ضعفه بعض اهل العلم‪.‬‬

‫ابن حجر في البلوغ‪ .‬قال رواه الترمذي وهو ضعيف‪ .‬النه من رواية رجل يسمى عبد هللا بن لهيعة‪ .‬وعبدهللا بن لهيعة ضعيف‬
‫المضطرب الحديث‪ .‬لكن الصواب انه حديث صحيح‪ .‬الن عبدهللا بن لهيعة اذا روى عنه مجموعة من الرواة‬
‫يسمون العبادلة‪ .‬عبدهللا بن وهب وعبدهللا بن المبارك وعبدهللا بن يزيد المقرئ فان حديثهم عنه صحيح‪.‬‬

‫وهذا الحديث مما رواه عبدهللا بن وهب و عن عبدهللا بن لهيعة‪ .‬ورواه ايضا عنه اخرون‪ .‬فهو من صحيح حديث عبدهللا بن‬
‫لهيعة‪ .‬وهو دليل على هذه المسألة المهمة‪ .‬وهو ان النجاسة اذا زالت عينها انت ترى ان جرم النجاسة ومادتها زالت من‬
‫الثوب‪ .‬لكن مع ذلك انت تجد ريحا تشم رائحة‪ .‬او تجد لونا‪ .‬النبي صلى هللا عليه وسلم قال ال يضرك ذلك‪ .‬وهذا تيسير على‬
‫تيسير‪.‬‬

‫عديدة‪ .‬اولها واعظمها انه جعل االصل في‬ ‫وبذلك يعلم ان الشرع سهل في باب النجاسة من وجوه‬
‫االشياء الطهارة‪.‬‬

‫وال يحكم بنجاسة شيء اال اشياء محصورة دل الدليل عليها‪ .‬وهي هذه االشياء التي سمعناها‪ .‬وربما يلحق بها بعض العلماء‬
‫االشياء لم ير الشيخ حاجة الى ايرادها تطلب من غير هذا الموضع‪ .‬اذا هذا تخفيف وتسهيل‪ .‬كل ما تراه فاالصل فيه انه طاهر‬
‫وال يلزمك ان تزيله‪ .‬بما في ذلك مثال المخاط واللعاب‪ .‬وغير ذلك من األشياء التي تعترض االنسان‪.‬‬

‫ثم تخفيف اخر ان االشياء التي تكثر مالبستها‬


‫ويحتاج االنسان او ربما ال يستطيع االنسان ان يتحرز عن اليسير منها عفى الشرع عن اليسير منها كاليسير من الدم‪.‬‬

‫ثم بعد ذلك تخفيف ثالث‪ .‬وهو اشياء لم يعفوا الشرع عن يسيرها‪ .‬لكن ومع ذلك خفف في تطهيرها‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫كبول الغالم الذي لم يأكل الطعام وهذا تخفيف ثالث‪.‬‬

‫ثم رابعا بعض االشياء التي امر الشرع بازالتها حتى تزول العين‪ .‬اُغتفر في ذلك فيما لو بقي رائحة او لون‪.‬‬

‫فهو تخفيف بعد تخفيف بعد تخفيف بعد تخفيف‪ .‬وهو يدل على االصل الذي اشرنا اليه في بداية الكالم على مسائل الطهارة‪.‬‬
‫وهو ان االسالم جاء فيها بوسطية بين الغلو والحرج‪ .‬التساهل في مالبسات النجاسات والقاذورات فهو وسطية وسهولة مع‬
‫تخفيف وتيسير على المكلف بحيث يكون نظيفا متجافيا عن النجاسات متباعدا عنها مع يسر وسهولة في غير كلفة فالحمد هلل‬
‫رب العالمين اذا هذا اخر الباب وسبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك ‪.‬‬

‫‪14‬‬

You might also like