You are on page 1of 247

‫يح ا ْل ِف ْق ِه يف ّ‬

‫الد ْين‬ ‫ض‬‫و َتو ِ‬


‫َ ْ ُ‬
‫حقوق الطبع حمفوظة‬

‫حقوق الطبع حمفوظة ‪7341‬ـهـ ال يسمح إعادة نرش هذا‬


‫الكتاب أو جزء منه بأي شكل من األشكال إال بإذن خطي‬
‫من مكتبة دار احلديث بالفيوش‬

‫‪2‬‬
‫ـيح ال ِْف ْق ِه في ال ّديْن‬
‫َْ ُ‬
‫وتَـو ِ‬
‫ض‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫هذا رشح وتعليق ومرور عىل هذا الكتاب املفيد املسمى بـ (منهج السالكني وتوضيح‬
‫املفِّس الفقيه األصويل عبد الرمحن السعدي¬‪ :‬أحد‬
‫الفقه يف الدين)(‪ )7‬للشيخ العالمة ر‬
‫كبار العلامء يف هذا العرص وممن نفع اهلل ´ بتآليفهم وما صنفوه وأنتجوه ونرشوه ومن هذه‬
‫الرسائل املفيدة التي ألفها ¬‪ :‬هذه الرسالة املخترصة يف الفقه‪)2( .‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )7‬أتوجه بالشكر لألخوين الفاضلني‪ :‬األخ‪ :‬وديع مهيم‪ ،‬واألخ‪ :‬خالد مرجح اللذان تكرما بالتعاون يف مراجعة (كتاب‬

‫الطهارة) وإبداء مالحظات مهمة عىل هذا اجلزء‪ ،‬ونسأل اهلل أن جيعل عملنا خالص ًا لوجه اهلل´‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذا الرشح العظيم عبارة عن دروس ألقاها الشيخ¬ عىل طالبه يف دار احلديث بالفيوش‪ ،‬بدأ الشيخ رشح الكتاب‬
‫يف ربيع األول عام ‪7344‬ـهـ وانتهى منه يف رجب عام ‪7341‬ـهـ‬

‫‪4‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫قال املصنف ¬‪ :‬بِ ْس ِم َا هَّللِ َا هلر ْمح َِن َا هلر ِحي ِم‪َ ،‬وبِ ِه ن َْست َِعنيُ ‪َ ،‬ا ْحلَ ْمدُ ِ هَّللِ‪ ،‬ن َْح َمدُ ُه َون َْست َِعينُ ُه‪،‬‬
‫َّلل َُ َال ُم ِ هل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َنسـ َت ْْ ِفره‪ ،‬و َنتُوب إِ َلي ِه‪ ،‬و َنعو ُذ بِ َاَّللِ ِمن ُرش ِ ِ‬
‫ور َأنْ ُفسـنَا َو َسـ ري ََات َأ ْع َاملنَا َم ْن ََْد َا ه ُ‬ ‫ه ْ ُ‬ ‫َ ْ ُ َ ُ ْ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رشي َ َل ُه‪َ ،‬و َأ ْش ـ َهدُ َأ هن ُ َ‬
‫حم همدً ا‬ ‫َّلل َو ْحدَ ُه َال َ ِ‬ ‫َ إِ هال َا ه ُ‬ ‫َل ُه‪َ ،‬و َم ْن ُي ْ ـل ْل َُ َال َهاد َي َل ُه‪َ ،‬و َأ ْشـ َهدُ َأ ْن َال إِ َ َ‬
‫َّلل َع َل ْي ِه َوآلِ ِه َو َس هل َم‪َ .‬أ هما َب ْعدُ ‪:‬‬
‫َع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه‪َ ،‬ص هىل َا ه ُ‬
‫تعريف املخترص وبيان ُائدته‬
‫َرص ِيف َا ْل ِف ْق ِه‪.‬‬
‫ُمت َ ٌ‬
‫ِ‬
‫‪ ‬قال ¬‪َ َُ :‬ه َذا كت ٌ‬
‫َاب ُ ْ‬
‫االختصار هو‪" :‬تقليل املباين مع إيفاء املعاين"‪ُ ،‬املخترص هو الذي قللت مبانيه‬
‫ووُيت معانيه‪ ،‬أو هو جتريد اللفظ اليسري من الكالم الكثري مع توُية املعنى‪ ،‬أو هو ما قل‬
‫لفظه وكثرت معانيه‪.‬‬
‫يطول يف الكالم ألجل إرادة الفهم‪.‬‬
‫وإنام خيترص الكتاب ألجل أن يسهل احلفظ‪ ،‬و ه‬
‫ُهذا الكتاب يعترب ُمترصا مفيدا جامعا يف مسائل أساسية يف باب الفقه‪ ،‬وألجل هذا‬
‫َس ُه َل عىل املشتْلني بالعلم املرور عىل هذا الكتاب نظرا الختصاره‪ ،‬وأما املؤلفات املط ّولة‬
‫قل ما ينتهي منها من يدرسها نظرا لتشعب مسائلها وكثرت تفاصيلها‪ ،‬وهذا من اليشء اجليد‬ ‫َُ َ‬
‫يف باب التأليف؛ أن طالب العلم جيد املؤلفات املخترصة واملتوسطة واملطولة(‪. )7‬‬
‫ُيبدأ باملخترص ُإذا وُقه اهلل ´ألخذه وُهمه أعطاه دُعة للمرور عىل ما هو أبسط‬
‫وأوسع‪.‬‬

‫(‪ )7‬قال املصنف‪-‬اإلمام السعدي ¬ حني بعث بالكتاب للشيخ عبد اهلل بن عقيل‪( :‬اخترصناه ُصار أقل من مجيع‬
‫املخترصات التي تعرُوهنا‪ .‬األجوبة الناُعة (‪)07-09‬‬

‫‪3‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ني َا ْمل ََس ِائ ِل َوالده َال ِئل‪.‬‬ ‫‪ ‬وقوله‪ِ :‬يف َا ْل ِف ْق ِه َ َ‬


‫مج ْع ُت ُِ ِيه َب ْ َ‬
‫الفقه مركب من مسائل ودالئل‪.‬‬
‫املسائل هي‪ :‬األحكام الرشعية التي حتتاج إىل الدليل مثل الوجوب والتحريم‬
‫والكراهة واالستحباب كلها حتتاج إىل األدلة‪ .‬مثل‪ :‬وجوب الصالة أو وجوب بر الوالدين‬
‫أو حرمة اخلمر‪ ،‬هذه تعترب مسألة وحتتاج إىل الدليل‪.‬‬
‫األدلة التي يستدل هبا ملسائل الفقه عىل قسمني‪:‬‬
‫‪-7‬األدلــة الكليــة‪ ،‬وهي‪ :‬القوا عــد العــامــة التي يس ـ ـ ـ ـ ـتــدل هبــا عىل األحكــام‪ ،‬مثال األمر‬
‫للوجوب‪ ،‬هذه قاعدة كلية وهذا دليل كيل يشـ ـ ـ ــمل مجيع املسـ ـ ـ ــائل التي حتت هذه القاعدة‪ :‬أن‬
‫األمر يفيد الوجوب إال لصارف أو أن النهي يفيد التحريم إال لصارف‪.‬‬
‫‪-2‬األدلة اجلزئية‪ :‬والدليل اجلزئي‪-‬خاص‪-‬هو‪ :‬الذي يستدل به بالنظر الصحيح إلثبات‬
‫حكم رشعي‪.‬‬
‫ُمثالً‪ :‬وجوب الصالة أو وجوب بر الوالدين‪-‬هذه املسألة‪-‬الدليل عليها قال اهلل‬
‫تعاىل‪{ :‬ﮛ ﮜ ﮢ} [سورة البقرة‪ .]34:‬هذا دليل جزئي‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪{ :‬ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮱ} [سورة اإلسراء‪ ]34:‬هذا دليل‬
‫جزئي خاص عىل وجوب بر الوالدين‪.‬‬
‫ور ِة إِ َىل َه َذا‬
‫لَّض َ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال¬‪ :‬وا ْقتَرص ُ ِ ِ‬
‫ت ُيه َع َىل َأ َه رم َا ْألُ ُمور‪َ ،‬و َأ ْع َظم َها َن ْف ًعا‪ ،‬لشده ة َا ه ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫َا ْمل َْو ُضو ِع‪.‬‬
‫املصنرف حاول جهده أن خيترص املسائل ووقع اختصار شديد يف أبواب ‪-‬مثال‪-‬كام سيأيت‬
‫ُقد خلص باب املياه يف كلامت يسريات‪ ،‬وهكذا يف باب اآلنية ويف باب االستنجاء وق اء‬
‫احلاجة‪ ،‬كثري من املسائل اخترص ُيها اختصار ًا شديدا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫َان َا ْحلُك ُْم ُِ ِيه َوا ِضـ ـ ًحا ل ِ ُس ـ ـ ُهو َل ِة ِح ْفظِ ِه‬
‫هص إِ َذا ك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬وكَث ًريا َما َأ ْق َت ُ‬
‫رص ـ ـ َع َىل َالن ر‬
‫َو َُ ْه ِم ِه َع َىل َا ْمل ُ ْبت َِد ِئني‪.‬‬
‫ُائدة عظيمة أنه جيمع بني املسألة واحلكم بذكر النص‬
‫جيد‪،‬‬ ‫هذا ُخيترص لطالب العلم أن يعرف احلكم وحيفظ الدليل عليه‪ ،‬وهذا مسل‬
‫وقد كان السلف رمحهم اهلل يعتنون هبذه الطريقة(‪ُ )7‬يسأل أحدهم عن املسألة ُيذكر الدليل‬
‫الذي حيفظه‪ .‬وبعض الناس ال يستطيع أن يأخذ احلكم بمجرد ما تذكر له الدليل‪ُ ،‬قد حيتاج‬
‫إىل اإلي اح والبيان وذكر وجه الداللة من احلديث أو من النص عىل هذه املسألة‪ ،‬لكن بعض‬
‫املسائل تكون كام ذكر املصنف¬‪( :‬احلكم املأخوذ من الدليل واضحا) ُيقترص عىل ذكر‬
‫الدليل‪.‬‬
‫‪ ‬قال¬‪ِ :‬ألَ هن َا ْل ِع ْل َم‪َ :‬م ْع ِر َُ ُة َا ْحلَ رق بِدَ لِيلِ ِه‪.‬‬
‫األمور التي ينبْي أن يعتني هبا طالب العلم‬
‫الت لع واالستزادة من األدلة‪ُ ،‬إن العلم كام قال¬‪َ ( :‬م ْع ِر َُ ُة َا ْحلَ رق بِدَ لِيلِ ِه) ُهذا هو‬
‫العلم الناُع وهذا هو العلم الرشعي‪ :‬معرُة أحكام القرآن والسنة عىل ُهم سلف األمة‪.‬‬
‫وما أحسن قول اإلمام الشاُعي¬‪ :‬إذ يقول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫كل ل لُ ُومل لوِل ق‬
‫ال ُ قرل ل ل ل ل لاة ُومل ِل ق ُ ل ل ل ل ل ل ول ل ل ُ ُ ُ إالَّ ُوحلل ل لإَّل ل للق ُه َّإال ُومل ل ل قل ل ل ل ل ل ُ ُوم ل ل قلإَّلل ل ل قُ‬ ‫ل ِ‬
‫ُ‬ ‫وم لُ لول ِلك ُ ل للق ُك ل للق ُ ل ل ل ل ُ ل للق ُ ل للإ ل ل للق ُ ُ ه ُلقُ قرل ل ل ل ل لاةَُوُُهرل ل ل ل ل لاو ِ ُوم َّ ل ل ل ل ل ل لق ق قُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويقول العالمة ابن القيم¬‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ومل ل ل ل ل ل ل لو ل ل ل ُِلك ُ ل ل للق ُس ُ ل ل للق ُ رل ل ل ل ل ل ل ل للامل ل ل ل ُ ل للق ُومه ل ل ل ل ل لف ل للق ل ل ل ُ للك ُ همللا ُوم ل ق ل ل ل لق قُ‬
‫ُ‬ ‫ل للق ُوم وكُنهل ل ل ل ل ل ِل له ُمو ق ُرل ل ل ل ل ل ل لق ل ل ُ ُ ُ ل ل لُل ُومل ل ل ل رل ل ل ل ل ل ل ل للا ُه ل ل ل ل ُ ُ ل ل ل ل قُ‬
‫ُ‬

‫(‪ )7‬أي العناية بالدليل‬

‫‪6‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ويقول الذهبي¬‪:‬‬
‫إ ُص ل ل ل ل ل َّ ُهو ل لُلقعِ ُ ل للق لهل ل لإ ُ ل ل ل ُ‬ ‫وم ل ل ل ل ل لول ل للك ُ ل ل للق ُس ُ ل ل للق ُ رل ل ل ل ل ل ل للام ل ل ل‬
‫ُ ه ل لقم ل ل ُ ُ ُ ل ل لُ ُومل ل ل ر ل ل ل ل ل ل للا ُه ل ل ل ُ ُ ل ل ل ق ل ل ل ل ل ل قُ ُ‬ ‫ة ُو‬ ‫ه ل ل و قُ ُ ق ُنه ل ل ل ل ل ل ل ق‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬

‫ُهـذا هو العلم الناُع؛ معرُة احلق بدليله‪ُ .‬لهذا يويص العلامء باالهتامم بحفظ املتون‪ ،‬ومن‬
‫املتون املهمــة النــاُعــة املفيــدة لطــالــب العلم يف الفقــه‪ :‬عمــدة األحكــام للمقــدي¬‪ ،‬وهكــذا‬
‫بلوغ املرام البن حجر¬‪ُ .‬تجــد مَــات املس ـ ـ ـ ـ ــائــل ُيهــا ويكون عنــد الــدالئــل والرباهني‬
‫عليهـا‪ ،‬بـل يكون احلــديـث الوا حـد ُيـه مـا يس ـ ـ ـ ـ ـتـدل بـه عىل عــدد من املس ـ ـ ـ ــائــل‪ُ ،‬هــذا هو العلم‬
‫الناُع‪.‬‬
‫ُـاحرص عىل حفظ الدليل وعىل معرُة هذا الدليل وما يت ـ ـ ـ ــمنه من األحكام ويف هذا يقول‬
‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ‪« :‬إِ هن َم َثـ َل َمـا َب َع َثنى ه ُ‬
‫اَّلل بِـه َع هز َو َجـ هل م َن ْاَُدَ ا َوا ْلع ْل ِم ك ََم َث ِل َث ْيث َأ َصـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫اب َأ ْر ًضـ ـ ـ ـ ـا‬
‫ب ا ْلكَث ِ َري»(‪ )7‬هذا مثال للذين رزقهم‬ ‫املاء َُ َأنْبت ِ‬
‫َت ا ْل َك َ‬
‫أل َوا ْل ُع ْش َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت من َْها َطائ َف ٌة َط ري َب ٌة َقبِ َلت ْ َ َ َ‬
‫َُكَان ْ ِ‬
‫اهلل ´حفظ النص ـ ـ ـ ــوص والدراية هبا ومعرُة معانيها ُينتفعون يف أنفس ـ ـ ـ ــهم وينفعون ثريهم‬
‫ُيحفظون النص ـ ـ ــوص ويس ـ ـ ــتنبطون منها األحكام ويفجرون منها الينابيع واخلريات والفوائد‬
‫واملسائل‪ُ ،‬هؤالء هم يف أعىل الدرجات‪.‬‬
‫َاب‪َ ،‬والس ـن ِهة‪،‬‬
‫رش ـ ِع هي ِة َا ْل َف ْر ِع هي ِة بِ َأ ِد هلتِ َها ِم ْن َا ْل ِكت ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬وا ْلف ْق َه‪َ :‬م ْع ِر َُ ُة َا ْألَ ْحكَا ِم َال ه ْ‬
‫لص ِح ِ‬
‫يح‪.‬‬ ‫اإل ْمجَا ِع‪َ ،‬وا ْل ِق َي ِ‬
‫اس َا ه‬ ‫َو ْ ِ‬

‫‪ ‬تعريف الفقه لْة ورشع ًا‬


‫الفقـه يف (اللْـة) بمعنى الفهم كام قال اهلل تعاىل‪ { :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄ} [س ـ ـ ــورة النسـ ـ ـ ـ ء‪ .]87:‬وقوله´ { ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ} [ســورة اإلســراء‪ .]33:‬وكام قال تعاىل‪{ :‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨ} [سورة طه‪ُ .]37-38:‬الفقه يف هذه اآليات بمعنى الفهم‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )21 / 7‬برقم‪ )10( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )64 / 1‬برقم‪.)2222( :‬‬

‫‪1‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ْ‬
‫ُإذن‪ ،‬معنى الفقه يف‬ ‫والفقه يف (الرشع) هو معرُة أحكام اهلل‪ :‬العقائد والعمليات‪.‬‬
‫الرشع أوسع من جمرد معرُة األحكام العملية وإخراج األحكام العلمية العقائدية السلوكية‪،‬‬
‫بل الفقه يف الرشع يشمل معرُة أحكام اهلل سواء كانت عمليات أو كانت عقائد أو كانت‬
‫اَّلل بِ ِه َخ ْ ًريا‬ ‫ِ‬
‫سلوكيات‪ ،‬وَذا قيل لعلم العقيدة الفقه األكرب ويف هذا يقول النبي ‪َ « :‬م ْن ُي ِرد ه ُ‬
‫ُي َف رق ْه ُه ِِف الدر ِ‬
‫ين»(‪.)7‬‬
‫لرش ِع هي ِة)‪ :‬خيرج العقلية املح ة‪.‬‬
‫وقوله‪َ ( :‬م ْع ِر َُ ُة َا ْألَ ْحكَا ِم َا ه ْ‬
‫قوله‪َ ( :‬ا ْل َف ْر ِع هي ِة) خيرج األحكام األصـ ــلية يقصـ ــدون به العقيدة‪ُ ،‬إن مسـ ــائل العقائد ال‬
‫تتناول وال تؤخذ يف باب الفقه‪.‬‬
‫قال¬‪ :‬األحكام مخسة‪.‬‬
‫يعني األحكام التكليفية‪ُ .‬األحكام عىل قس ــمني‪ :‬تكليفية ووض ــعية‪ ،‬وهو أعرض عن‬
‫األحكام الوضعية وإنام اقترص عىل ذكر األحكام التكليفية‪.‬‬
‫لص ِح ِ‬
‫يح‪.‬‬ ‫اإل ْمجَا ِع َوا ْل ِق َي ِ‬
‫اس َا ه‬ ‫َاب‪َ ،‬والسن ِهة‪َ ،‬و ْ ِ‬
‫‪ ‬قوله‪ :‬بِ َأ ِد هلتِ َها ِم ْن َا ْل ِكت ِ‬

‫‪ ‬أنواع األدلة الرشعية‬


‫ألن هــذه املس ـ ـ ـ ـ ــائــل حتتــاج وتفتقر إىل أدلــة‪ ،‬واألدلــة تــدور عىل هــذه األمور األربعــة‪،‬‬
‫ليس ـ ـ ـ ــت هنـا مس ـ ـ ـ ــألـة خـارجـة عن هـذه األدلـة األربعـة‪ :‬القرآن والس ـ ـ ـ ـ ـنـة واإلمجـاع والقيــاس‬
‫الصـحيح‪ .‬واألصـل هو القرآن والســنة‪ ،‬واإلمجاع والقياس يســتند إليهام ويرجع إليهام أي إىل‬
‫القرآن والسـ ــنة‪ُ .‬اإلمجاع‪ :‬ال بد أن يسـ ــتند إىل الدليل سـ ــواء ظهر الدليل أو خفي الدليل‪ ،‬ما‬
‫يكون هنا إمجاع إال وهو مستند إىل الدليل‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )21 / 7‬برقم‪ )21 / 3( ، )17( :‬برقم‪ )291 / 3( ، )4776( :‬برقم‪، )4637( :‬‬
‫(‪ )797 / 0‬برقم‪ )746 / 0( ، )1472( :‬برقم‪ )1369( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )03 / 4‬برقم‪)01 / 4( ، )7941( :‬‬
‫برقم‪ )14 / 6( ، )7941( :‬برقم‪ )14 / 6( ، )7941( :‬برقم‪)7941( :‬‬

‫‪2‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫والقيـاس هو‪ :‬االجتهـاد يف حـدود األدلـة من القرآن والس ـ ـ ـ ـ ـنة وهو‪ :‬إحلاق ُرع بأص ـ ـ ـ ــل‬
‫لعلة جامعة بينهام‪ُ .‬القرآن والس ـ ـ ــنة واإلمجاع تس ـ ـ ــمى باألدلة النقلية‪ ،‬والقياس يوص ـ ـ ــف بأنه‬
‫دليل عقيل ألن مرجعه ومرده إىل النظر والرأي املستند إىل النقل‬
‫جامدا عىل املذهب‬ ‫ومعلوم أن الش ـ ــيخ عبد الرمحن بن س ـ ــعدي¬‪ :‬عامل حمقق ولي‬
‫أو مقلدا إلمام وإنام هو عامل حمقق كثريا ما يميل مع اختيارات شـ ـ ــيخ اإلسـ ـ ــالم ابن تيمية¬‬
‫والعالمة ابن القيم رمحهم اهلل ُقد عني بدراســة كتبهام واألخذ واالســتفادة منها حتى ظهرت‬
‫عىل مؤلفـاته‪ُ .‬تجد ُيها ما جتد يف كتب ش ـ ـ ـ ــيخ اإلس ـ ـ ـ ــالم ابن تيمية وابن القيم من ذكر العلم‬
‫الرص ـ ـ ـ ــني والقوا ع ــد وال ــدالئ ــل والفوا ئ ــد العظيم ــة‪ ،‬لو ن ُِز َع الْالف ومل ي ــذكر اس ـ ـ ـ ــم املؤلف‬
‫لتومهت يف بعض تآليف الشـيخ عبد الرمحن بن سـعدي أنه بقلم العالمة ابن القيم‪ ،‬من حسـن‬
‫َ‬
‫األلفـا وقواـا ودقتهـا وجزا لـة املعـاين وكثرة الفوا ئـد ُرمحه اهلل رمحة واس ـ ـ ـ ــعة‪ُ ،‬قد ُُتح عليه‬
‫ُتحا عظيام يف باب التعليم والتأليف‪.‬‬
‫‪ ‬األحكام الرشعية‬
‫بت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال‪َ :‬ا ْل َو ِ‬
‫َار ُكه‪.‬‬ ‫ب‪َ :‬و ُه َو َما ُأث َ‬
‫يب َُاع ُل ُه‪َ ،‬و ُعوق َ‬ ‫اج ُ‬
‫بـذكر احلقيقـة واملاهية‪ .‬جرا بعض العلامء يف‬ ‫هـذا تعريف بـذكر احلكم والثمرة ولي‬
‫يعرُوه بــذكر احلقيقــة‬
‫تعريف الوا جــب واملنــدوب واملحرم واملكروه بــذكر احلكم والثمرة ومل ّ‬
‫واملاهية‪.‬‬
‫الوا جـب هو‪ :‬مـا أثيـب ُـاعلـه‪ ،‬و ُع ِ‬
‫وقب تاركه أو اس ـ ـ ـ ــتحق العقاب تاركه‪ .‬لكن ما هو‬
‫تعريف الواجب؟ تعريفه‪ :‬ما أمر به عىل وجه اإللزام بالفعل‪.‬‬
‫مثل وجوب إقامة الص ــالة ووجوب بر الوالدين أو وجوب الزكاة والص ــوم واحلج أو‬
‫وجوب الصدق يف احلديث والوُاء بالوعود وثري ذل من الواجبات الكثرية‪.‬‬

‫‪0‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫احلَ َرا ُم‪ِ :‬ضده ُه‪.‬‬


‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و ْ‬
‫يعني احلرام بالنسبة لكونه حكام تكليفي ًا‪ّ ،‬ملا قوبل احلرام بالواجب كان هو ضده وإال‬
‫ُاحلرام هو ضد احلالل كام قال اهلل تعاىل‪{ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯣ} [سورة النحل‪ .]111:‬ولكن ملا كان يف هذا الباب باب األحكام‬
‫التكليفية قوبل الواجب باحلرام‪.‬‬
‫قال‪( :‬وهو ِضده ُه) وتعريفه‪ :‬ما أمر به عىل وجه اإللزام بالرت ‪.‬‬
‫بت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َاركُه‪.‬‬ ‫ُون‪َ :‬ما ُأث َ‬
‫يب َُاع ُله‪َ ،‬و َمل ْ ُي َعا َق ْ‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬وا ْمل َْسن ُ‬

‫ه ــذا كام تق ــدم يعني ذكر التعريف ب ــذكر احلكم والثمرة‪ .‬املس ـ ـ ـ ــنون يق ــال ل ــه املن ــدوب‬
‫ويقــال لــه املس ـ ـ ـ ــتحــب ويقــال لــه النــاُلــة ويقــال لــه التطوع وهو مــا أمر بــه عىل ثري وجــه اإللزام‬
‫بالفعل‪.‬‬

‫قال‪َ :‬وا ْ َملك ُْرو ُه‪ِ :‬ضده ُه‪.‬‬


‫كام تقدم يف احلرام مع الواجب وهو ما هني عنه لي عىل سبيل اإللزام‪.‬‬
‫‪ ‬قال¬‪ :‬وا ْملباح‪ :‬وهو َا هل ِذي ُِع ُله وتَر ُكه ع َىل حدٍّ سو ص‬
‫اء‪.‬‬ ‫ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ َُ ُ َ ُ َ‬
‫ال مـدح يف ُعلـه وال ذم يف تركه‪ ،‬هذا من حيث األص ـ ـ ـ ــل ولكن إذا كانت هنا نية ُإنه يثاب‬
‫عىل قـدر نيتـه الص ـ ـ ـ ــاحلـة ُتنقلـب العـادات واملبـاحـات إىل عبادات ومس ـ ـ ـ ــتحبات‪ ،‬يؤجر عليها‬
‫اإلنس ـ ـ ـ ــان‪ ،‬كام إذا أكـل ألجـل أن يتقوا عىل طـاعـة اهلل‪ ،‬ونام ألجل أن يتقوا بالنوم عىل قيام‬
‫يعف نفسه ويعف أهله‪.‬‬
‫الليل وهكذا أتى أهله ألجل أن ّ‬

‫‪79‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫َاج إِ َل ْي ِه ِيف ِع َبا َداتِ ِه َو ُم َعا َم َالتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َجيِ ُ‬
‫ب َع َىل َا ْمل ُ َك هلف َأ ْن َي َت َع هل َم منْه ك هُل َما َ ْ‬
‫حيت ُ‬
‫َو َث ْ ِ‬
‫ري َها‪.‬‬
‫(املكلف) هو العاقل البالغ‪.‬‬
‫( َأ ْن َي َت َع هل َم ِمنْه) أي من هذا العلم‪.‬‬
‫العلم الرشعي ينقسم اىل قسمني‪:‬‬
‫‪ُ-7‬رض عني‪ ،‬وهو الـذي يطـالب بتعلمه كل أحد عىل س ـ ـ ـ ــبيل التعيني مع القدرة ‪-‬إذا‬
‫كـان قــادرا ‪-‬وال تــدخلــه ال ـابــة ال بــد لكــل أحـد أن يتعلمــه‪ ،‬يتعلم مــا يكون بـه عىل بص ـ ـ ـ ــرية يف‬
‫دينه وعىل بينة من أمره‪ ،‬يتعلم أحكام العقيدة وأحكام العبادة من الصـالة وما يرتبط بالصالة‬
‫من الطهارة ويتعلم أحكام الزكاة إذا كان من أهل الزكاة والصوم واحلج‪.‬‬
‫وهكذا إذا كان يبيع ويش ـ ــرتي يتعلم ش ـ ــيَا تص ـ ــح به معامالته‪ُ ،‬هو ما ال يس ـ ــع املس ـ ــلم‬
‫ب ا ْل ِع ْل ِم َُ ِري َ ـ ـ ـ ٌة َع َىل ك رُل ُم ْس ـ ـ ـلِ صم» (‪ )7‬حسـ ـ ــنه بعض أهل‬
‫جهله‪ ،‬واسـ ـ ــتدلوا له بحديث‪َ « :‬ط َل ُ‬
‫العلم‪.‬‬
‫‪ُ-2‬رض كفاية‪ :‬وهو الذي تدخله ال ابة ويكون املقصود هو وجود هذا اليشء إذا قام‬
‫به البعض سقط الوجوب عن اآلخرين‪ .‬مثل العلوم التي حتفظ هبا الرشيعة كعلم احلديث‬
‫والتفسري واللْة العربية والفقه والتوسع يف املسائل؛ تعلم أحكام املواريث والوصايا‬
‫واألوقاف وأحكام األنكحة واجلنايات واحلدود وأحكام الق اء‪ُ ،‬هذا املقصود هو حصول‬
‫هذا العلم‪ ،‬ال يطالب به كل أحد وال يمكن‬
‫والدليل عليه قوله تعاىل‪{ :‬ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ} [سورة التوبة‪:‬‬
‫‪ُ.]133‬ال بد لطائفة من األمة أن تتعلم العلم الرشعي وأن تت لع منه وأن حتفظ هذا العلم‬
‫وأن تنرشه‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه ابن ماجه يف "سننه" (‪ )717 / 7‬برقم‪ ،)223( :‬قال الشيخ األلباين صحيح‬

‫‪77‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫َّلل بِ ِه َخ ْ ًريا ُي َف رق ْه ُه ِيف َالدر ِ‬


‫ين» (‪ُ )7‬م هت َف ٌق َع َليْ ِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬ق َال ‪َ «ُ ‬م ْن ُي ِرد َا ه َ‬
‫َّلل بِ ِه َخ ْ ًريا) باإلرادة‬ ‫ِ‬
‫(م ْن ُي ِرد َا ه َ‬
‫من حديث معاوية بن أيب سفيان ‪َ ( .‬من) من ألفا العموم‪َ ،‬‬
‫الكونية القدرية‪ ،‬ألن األمور بأسباهبا‪ُ ،‬العلم من أسباب السعادة واخلريية كام أن اجلهل هو‬
‫من أعظم أسباب الرش‪.‬‬
‫ُمن رزقه اهلل´‪ :‬العلم الناُع ُقد أراد اهلل به خريا ‪ ،‬ومن أراد اهلل به خريا ُقهه يف‬
‫الدين‪ُ ،‬من تفقه يف الدين كان دليال عىل أن اهلل´ أراد به خريا ‪.‬‬
‫(يفقهه يف الدين) الدين هو ما جاء به النبي ‪ ‬عن ربه تبار وتعاىل‪.‬‬
‫يف االصطالح‪-‬يشمل أحكام اهلل´ العقائد‬ ‫ُكام تقدم أن الفقه يف الرشع ‪-‬لي‬
‫والعمليات‪ُ ،‬قوله (يف الدين) يشمل العقيدة والعبادة واملعاملة واألخالق واآلداب‬
‫والسلوكيات هذه كلها تشملها لفظة الدين‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )7‬سبق خترجيه ‪ ،‬انظر (ص‪)2‬‬

‫‪72‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪:‬‬
‫ول اَّللِ‬ ‫ِ‬ ‫َق َال النهبِي ‪ُ « :‬بن ِ َي ْ ِ‬
‫َ إِ هال ه ُ‬
‫اَّلل َو َأ هن ُحم هَمدً ا َر ُس ُ ه‬ ‫مخ ص ‪َ :‬شـ َها َدة َأ ْن َال إِ َ َ‬
‫اإل ْسـ َال ُم َع َىل َ ْ‬
‫ان» (‪ُ )2‬م هت َف ٌق َع َل ْي ِه‪.‬‬‫ت َو َص ْو ِم َر َم َ َ‬‫َاة وحج ا ْلبي ِ‬ ‫َاء ه ِ‬ ‫وإِ َقا ِم الص َال ِة وإِيت ِ‬
‫الزك َ َ ر َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫أصل الدين وأساس امللة‬
‫ابتدأ املص ــنف¬‪ :‬بذكر أص ــل الدين وأس ــاس امللة أال ومها الش ــهادتان ألنه كام ثبت‬
‫ِ‬
‫َ إِ هال ه ُ‬
‫اَّلل َو َأ هن ُحم هَمدً ا‬ ‫عن النبي ‪ ‬أن اإلسـالم بني عىل هذه األركان اخلمسـة‪َ « :‬شـ َها َدة َأ ْن َال إِ َ َ‬
‫ان وحج بي ِ‬ ‫َاء ه ِ‬ ‫ول اَّللِ وإِ َقا ِم الص َال ِة وإِيت ِ‬
‫ت اهلل احلرام»‪.‬‬ ‫الزكَاة َو َص ْو ِم َر َم َ َ َ َ ر َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َر ُس ُ ه َ‬
‫ُهذه هي األركان والدعائم التي يقوم عليها الدين‪ُ ،‬النبي ‪ ‬ش ـ ـ ـ ــبه هذا الدين بالبناء‬
‫وعىل هذه األركان واألس ـ ـ ــاس ـ ـ ــيات‪ ،‬ومعلوم أن أي بناء‬ ‫الذي يقوم عىل هذه القواعد اخلم‬
‫ال يقوم وال يسـ ـ ــتقيم إال إذا صـ ـ ــح أسـ ـ ــاسـ ـ ــه وقوي أصـ ـ ــله وإال ُإنه عرضـ ـ ــة للسـ ـ ــقو واَدم‬
‫واالهنيار‪.‬‬
‫اهندمت منه هذه األركان اخلمسـ ـ ــة ُال دين له‪ ،‬ألن الدين أصـ ـ ــال‬
‫ْ‬ ‫ُهذا يدلنا عىل أن من‬
‫ال يقوم وال يسـ ـ ــتقيم إال عىل هذه األركان اخلمسـ ـ ــة‪ .‬وهكذا رأس هذه األركان اخلمسـ ـ ــة هي‬
‫الش ـ ــهادتان‪ُ ،‬ال إيامن إال بإيامن باهلل ورس ـ ــوله‪ُ ،‬أص ـ ــل اإليامن هو اإليامن باهلل وَذا ت ـ ــاف‬
‫إليه مجيع األركان‪.‬‬
‫ُاملصـ ـ ـ ــنف¬‪ :‬تعرض َاتني الش ـ ـ ـ ــهادتني يف مبدأ هذه الرس ـ ـ ـ ــالة ُإن جربيل ’‬
‫حينام جاء إىل النبي ‪ ‬وهو جال مع أص ـ ــحابه وأراد أن يعلمهم الدين س ـ ــأله عن اإلس ـ ــالم‬
‫ال َة َوت ُْؤتِ َى‬ ‫ول ِ ِ‬
‫يم ال هص ـ ـ َ‬ ‫َ إِاله ه ُ‬
‫اَّلل َو َأ هن ُحم هَمدً ا َر ُس ـ ـ ُ ه‬
‫اَّلل َوتُق َ‬ ‫ال ُم َأ ْن َت ْش ـ ـ َهدَ َأ ْن الَ إِ َ َ‬ ‫ُقال ‪« :‬ا ِ‬
‫إل ْس ـ ـ َ‬
‫ال»(‪ُ .)4‬حسن باملصنف‪ :‬أن يبتدئ‬‫اس َت َط ْع َت إِ َل ْي ِه َسبِي ً‬ ‫ِ‬
‫حت هج ا ْل َب ْي َت إِن ْ‬
‫ان َو َ ُ‬
‫الزكَا َة َوت َُصو َم َر َم َ َ‬
‫ه‬
‫بام ابتدأ جربيل ’ السؤال عنه‪ ،‬حول اإلسالم وهو األعامل الظاهرة‪.‬‬

‫(‪ )7‬يف بعض النسخ‪ :‬كتاب الطهارة بدون كلمة "ُصل"‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )77 / 7‬برقم‪ )2( :‬ومسلم يف "صحيحه" برقم‪)76( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )22 / 7‬برقم‪)2( :‬‬

‫‪74‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُألجل هذا تعرض املصنف ¬‪ :‬لتفسري هاتني الكلمتني‪.‬‬


‫معنى شهادة أن ال إَ إال اهلل‪:‬‬
‫هــذه الكلمــة العظيمــة هي كلمــة اإلخالص والتقوا وهي العروة الوثقى وهي الفــارقــة‬
‫بني املسلم والكاُر‪ .‬والتي ألجلها خلق اهلل اخلالئق وبعث الرسل وأنزل عليهم الكتب‪.‬‬
‫ُمعنى هذه الكلمة العظيمة‪ :‬علم العبد واعتقاده والتزامه أنه ال يس ــتحق األلوهية والعبودية‬
‫أحد إال اهلل وحده ال رشي له‪.‬‬
‫ُهذه الكلمة ليست كلمة تقال باللسان بدون معرُة معناها ومعرُة حقيقتها وإنام كلمة‬
‫قول وكلمة اعتقاد وكلمة عمل‪ُ ،‬يقوَا بلسانه ويعتقدها بقلبه ويط ّبقها بأُعاله وجوارحه‪.‬‬
‫وكثريا من الناس من يردد هذه الكلمة يف الصباح واملساء ثم يناق وهنا بسبب عدم‬
‫علمهم بمعناها وحقيقتها‪ُ .‬هذه الكلمة ال تكفي بمجرد النطق هبا ُإنه قد نطق هبا املناُقون‬
‫كذهبم وجعلهم مناُقني {ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫وهم ثري معتقدين بمعناها‪ ،‬واهلل´ ّ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ}‬
‫[سورة المن فقون‪.]1:‬يدعوه‬
‫وكام قال اهلل تعاىل‪ { :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ} [ســورة البقرة‪:‬‬
‫‪ .]7‬وال يكفي أي ـ ـ ـ ـ ــا االعتقــاد بــدون عمــل ألن معنــاهــا علم العبــد واعتقــاده والتزا مــه أنــه ال‬
‫يس ـ ـ ـ ــتحق األلوهية والعبودية إال اهلل وحده ال رشي له‪ُ ،‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ"ال إَ إال اهلل" أن يعتقد أنه ال‬
‫معبود بحق إال اهلل أي ال يس ـ ـ ـ ــتحق العب ــادة أح ــد إال اهلل ´‪ُ ،‬يفرد اهلل ¸ ب ــاس ـ ـ ـ ــتحق ــاق‬
‫العبوديــة ألن "ال إَ" (إَ) بمعنى مــألوه‪ُِ ،‬عــال بمعنى مفعول‪ ،‬واإلَ هو املعبود‪" ،‬ال إَ"‬
‫اله ًة أي َع َبدَ ‪َ -‬ي ْع ُبدُ ‪ِ -‬ع َبا َدة‪ُ ،‬األلوهية هي‬ ‫ِ‬
‫أي ال معبود‪ُ .‬ـ ـ ـ ـ ــ(اإلَ) مأخوذ من َأل َه – َي َأ َل ُه – إِ َ‬
‫العبودية‪ُ .‬ال إَ إال اهلل أي ال معبود بحق إال اهلل؛ أن يعتقد أنه ال يس ــتحق العبادة أحد إال‬
‫اهلل‪ ،‬ال مل مقرب وال نبي مرس ــل وال ش ــجر وال حجر وال حيوان وال إنس ــان وال ص ــالح‬
‫وال طــالح‪ ،‬ال معبود بحق إال اهلل‪ُ ،‬ينفي اس ـ ـ ـ ــتحقــاق العبــادة عن أحــد س ـ ـ ـ ــوا ربــه ´ويفرد‬
‫ربه´ بالعبادة وحده ال رشي له‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ويعتقد العبد أن املعبودات التي تعبد من دون اهلل ¸ إنام عبدت بالظلم والعدوان والباطل‬
‫وبالظنون واألوهام كام قال اهلل´ { ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ‬
‫ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ} [سورة النجم‪ ]34 :‬إذا‬
‫اعتقد اإلنسان ذل أن هذه املعبودات واملألوهات إنام عبدت بالباطل وأن اهلل ´هو الذي‬
‫ُعبِد باحلق‪{ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ} [سورة الحج‪.]13:‬‬
‫ُالوا جب أنه خيلص مجيع الدين هلل ´ وأن تكون عباداته الظاهرة والباطنة كلها هلل وحده‬
‫وأال يرش به شيَا يف مجيع أمور الدين‪ ،‬أما كون اإلنسان يدعي بلسانه أنه يعرتف ويوقن ويقر‬
‫بأنه ال يستحق العبادة أحد إال اهلل ثم يذهب يناقض هذه الدعوا وخيالف هذا الزعم بدعوة‬
‫ثري اهلل ´ بأن يتوجه إىل القبور واألرضحة أو أن يتوجه إىل األولياء والصاحلني وأن يتوجه‬
‫إىل هؤالء املقبورين واملدُونني ُيدعوهم من دون اهلل ويسألهم تلبية الدعوات وكشف‬
‫الكربات وحتصيل احلاجات واملدد والولد والشفاء والرزق والعاُية‪ُ ،‬هذا مل حيقق معنى هذه‬
‫الكلمة العظيمة‪.‬‬
‫ألن هذه الكلمة العظيمة كام تقدم ُيها االعتقاد وُيها النطق وُيها العمل‪ُ ،‬إذا قال بلسانه‪:‬‬
‫وأقر أنه ال يستحق العبادة أحد إال اهلل‪ُ ،‬كيف يذهب يدعو ثري اهلل‬
‫ال إَ إال اهلل ُاعرتف ّ‬
‫´؟! هذا يناقض هذه الكلمة العظيمة وهذا إنام هو بسبب اجلهل وَذا قال‪( :‬أن يعلم العبد)‬
‫َ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫العلم‬
‫ُ‬ ‫ُيسبق‬
‫وما أوقع كثريا من الناس ُيام وقعوا ُيه من الرش باهلل ´ إال بسبب اجلهل بمعنى‬
‫هذه الكلمة العظيمة‪ َ ،‬هملا ِ‬
‫جهلوا معناها ناق وها وقالوها يف الصباح واملساء ومل يعرُوا أهنم‬
‫ناق وها وخالفوها‪ ،‬يرددوهنا ويكرروهنا وهم يفعلون خالُها ويأتون بنواق ها يف الصباح‬
‫واملساء‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُإخالص العبادات هلل ´وحده هو أصل الدين { ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬


‫ﮞ ﮟ } [سورة البينة‪ُ ]5:‬عبادة بدون إخالص ال تعترب عبادة‪ .‬وعبادة بدون التربؤ من‬
‫املعبودات سوا اهلل ´هذه ال تعترب عبادة‪ُ ،‬اهلل ´أخرب عن املرشكني أن َم عبادات من‬
‫الصدقة واحلج والعمرة وأُعاالً كثرية من أُعال املعروف‪ ،‬ثم جعلها اهلل هبا ًء منثورا ومل يتقبل‬
‫منهم هذا‪ ،‬وسامهم مرشكني مع أن عندهم عبادات‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬ﯞﯟ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯧﯨﯩ‬
‫ﯪﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ } [سورة التوبة‪ُ ]53 :‬هذا أمر‬
‫عظيم وهو اإللتزام بام ينطق به بلسانه وما يدعي أنه قد اعتقده بقلبه‪ُ .‬لهذا ملا بعث اهلل ´‬
‫نبيه ‪ ‬إىل كفار‪-‬مكة عرُوا معنى ما يدعوهم إليه‪ُ ،‬قد كانوا مقيمني عىل عبادة الالت‬
‫والعزا واألصنام واألوثان ُدعاهم إىل عبادة اهلل وحده ال رشي له ُقالوا ‪{ :‬ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ} [سورة‪ :‬ص‪ُ ]5 :‬لم يقبلوا ومل يرضوا أن يتخلوا عن هذه‬
‫الوسائط وهذه املعبودات التي اختذوها شفعاء بينهم وبني اهلل ´‪.‬‬
‫وهم قد عرُوا معناها وجمرد املعرُة ال تكفي حتى حيصل االعتقاد وااللتزام بام تدل‬
‫عليه‪ .‬وهؤالء املرشكون املتأخرون مل يعرُوا معناها‪ ،‬وقبلوها بدون معرُة معناها؛ ُألجل‬
‫موحدون وأهنم مسلمون‪.‬‬
‫هذا ناق وها وهم يزعمون أهنم ر‬
‫ُكيف يقول الواحد منهم (ال إَ إال اهلل) ُيعرتف بلسانه أنه ال يستحق العبادة أحد‬
‫إال اهلل ثم يذهب يذبح لْري اهلل وينذر لْري اهلل ويستْيث بْري اهلل يف أمور ال يقدر عليها‬
‫أحد إال اهلل‪ ،‬كيف هذا؟! كيف يزعم أنه يعتقد أنه ال يستحق العبادة أحد إال اهلل وهو يرصف‬
‫كثريا من العبادات لْري اهلل ´؟! إذن هؤالء ما التزموا وما أخلصوا دينهم هلل‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫اه َر ُة َوا ْل َباطِنَ ُة كُل َها ِ هَّللِ َو ْحدَ ُه َو َأ ْن َال ُي ْ ِ‬


‫رش َ بِ ِه َش ْي ًَا‬ ‫ُون ِعبادا ُته َال هظ ِ‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َأ ْن َتك َ َ َ ُ‬
‫ور َالدر ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ِيف َ ِ‬
‫مجي ِع ُأ ُم ِ‬

‫الظاهرة مثل الصالة والزكاة واحلج والعمرة وبر الوالدين وصلة األرحام والصدق‬
‫باحلديث والوُاء بالوعود وأداء األمانات واألخالق الفاضلة وهكذا أشياء كثرية‪ .‬والباطنة‬
‫كاملحبة‪-‬التي هي حمبة العبادة‪-‬والرجاء ‪-‬الذي هو رجاء العبادة‪-‬والتوكل واالستعانة‬
‫واالستعاذة واخلوف‪-‬الذي هو خوف الِّس‪-‬والرثبة والرهبة واخلشية واإلنابة وحب اهلل‬
‫من‬ ‫ورسوله وإخالص الدين والصرب حلكم اهلل والشكر لنعمه والرضا بق ائه وثري ذل‬
‫العبادات كلها هلل تبار وتعاىل‪ .‬هذا هو معنى ال إَ إال اهلل؛ ُيه النفي وُيه اإلثبات ُال‬
‫يكتفى بأحدمها عن اآلخر بل ال بد أن يتحقق ذل ‪ُ ،‬ينفي استحقاق العبادة عن كل من‬
‫سوا اهلل ويفرد اهلل ´ بالعبادة وحده ال رشي له‪.‬‬
‫مجي ِع َا ْملرسـلِنيَ و َأتْب ِ‬
‫اع ِه ْم‪ ،‬ك ََام َق َال َت َع َاىل‪{ :‬ﭑﭒ‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َه َذا َأ ْصـ ُل ِد ِ‬
‫ين َ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ} [سورة األنبياء‪.]52:‬‬
‫وهذه الكلمة التي اتفق عليها األنبياء واملرس ـ ــلون‪ُ .‬دينهم واحد وهو اإلسـ ـ ــالم الذي‬
‫ال يقبل اهلل دينا ســواه‪ ،‬وإنام اختلفوا يف الرشـائع‪ { ،‬ﭸﭹﭺ ﭻ ﭼﭽ } [ســورة آل‬
‫عمران‪ ]1١ :‬وقــال تعــاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [س ـ ـ ـ ـ ــورة آل عمران‪:‬‬
‫‪ُ .]75‬دين األنبياء واحد وهو التوحيد وأما الرش ـ ـ ــائع ُهي ُمتلفة كام قال اهلل تعاىل‪ { :‬ﮚ‬
‫ﮛ ﮜﮝﮞﮟ } [ســورة الم دة‪ُ .]37 :‬هذا أصــل دين مجيع املرســلني وأتباعهم‬
‫كلهم عىل التوحيــد وإخالص العبــادة هلل تبــار وتعــاىل كام تــدلنــا عىل ذل ـ اآليــات الكريامت‬
‫{ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽﭾﭿ } [س ـ ــورة النحل‪]41 :‬‬
‫وكام قال تعاىل{ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ } [سورة النحل‪.]3 :‬‬

‫‪71‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫َّلل َأ ْر َس َل ُحم هَمدً ا ‪ ‬إِ َىل‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال¬‪ :‬و َشهادة َأ هن حمَم ا رس ُ ِ‬
‫ول َا هَّلل‪َ :‬أ هن َي ْعتَقدَ َا ْل َع ْبدُ َأ هن َا ه َ‬ ‫َ َ َ ُ ُ ه دً َ ُ‬
‫ني ‪َ -‬ا ْ ِ‬
‫إل ْن ِ َو ْ ِ‬
‫اجل رن‬ ‫َِ‬
‫مجي ِع َال هث َق َل ْ ِ‬

‫معنى شهادة أن حممدا رسول اهلل‬


‫ش ـ ــهادة أن حممدا رس ـ ــول اهلل أن يعتقد العبد أن اهلل أرس ـ ــل حممدا ‪ ‬إىل مجيع الثقلني‪.‬‬
‫ُمعنى قولنـا "نش ـ ـ ـ ـ ـهـد أن حممـدا رس ـ ـ ـ ــول اهلل"! أي أننـا نعتقد أن اهلل ´اص ـ ـ ـ ــطفى هذا النبي‬
‫الكريم كام أن اهلل اص ـ ـ ــطفى األنبياء الذين قبله { ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂﮃ } [سورة الحج‪ { ]85 :‬ﭽﭾ ﭿﮀﮁ} [سورة ص‪ { ،]38 :‬ﯱﯲ‬
‫ﯳ ﯴﯵﯶ} [سورة األنع م‪.]133 :‬‬
‫ُهذا النبي الكريم اصطفاه اهلل ´برسالته وابتعثه هبذا الدين ومحّله هذه الرشيعة وأمره‬
‫بتبليْها إىل مجيع الثقلني اجلن واإلن ‪ُ ،‬اهلل ´بعثه إىل الناس كاُة إنسهم وجنرهم ومحهله هذه‬
‫الرسالة وأمره بتبليْها‪.‬‬
‫ُأنت تعتقد هذا‪ ،‬تؤمن بالنبي الكريم وأن اهلل ´أرسله كام قال تعاىل‪ { :‬ﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧﯨﯩﯪ } [سورة التغ بن‪ ]7 :‬وكام قال تعاىل‪ { :‬ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰﮱ} [سورة الحديد‪ ]37 :‬وكام قال تعاىل‪{ :‬ﭻﭼﭽﭾﭿﮀ‬
‫ﮁﮂﮃ ﮄﮅ } [سورة النس ء‪ ]141 :‬وكام قال تعاىل‪{ :‬ﮓﮔﮕ‬
‫ﮖﮗﮘﮙﮚ ﮛ ﮜﮝ } [سورة األعراف‪ُ ]158 :‬أنت تؤمن بذل‬
‫وتعتقد بقلب وأن اهلل أرسله إىل الناس كاُة‪.‬‬
‫وجن‪ :‬قال´‪{ :‬ﮥ ﮦ‬ ‫أرسله إىل كل أسود وأبيض وأصفر وأمحر إىل كل إن‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ} [سورة سبأ‪.]37:‬‬
‫وكام قال تعاىل‪{ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﯤ} [سورة‬
‫األعراف‪ .]157:‬وكام قال تعاىل‪{:‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ} [سورة‬
‫األنبي ء‪ُ.]108:‬اهلل جعل رسالته عامة للناس‪{ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛﯜﯝ} [سورة الفرق ن‪.]1:‬‬

‫‪72‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫اَّلل َو ُي ْؤ ِمنُوا بِى َوبِ َام‬


‫َ إِاله ه ُ‬ ‫هاس َحتهى َي ْش َهدُ وا َأ ْن الَ إِ َ َ‬
‫ِ‬
‫ت َأ ْن ُأ َقات َل الن َ‬ ‫وقال النبي ‪ُ « :‬أ ِم ْر ُ‬
‫اص ًة َو ُب ِع ْث ُت إِ َىل‬ ‫ِِ‬
‫ث إِ َىل َق ْومه َخ ه‬ ‫ِجَْ ُت بِ ِه»(‪ .)7‬رواه مسلم وهكذا هو القائل‪َ « :‬وكَا َن النهبِي ُي ْب َع ُ‬
‫هاس َعا هم ًة» (‪ )2‬وهو القائل ‪َ « :‬وا هل ِذي َن ْف ُ ُحم هَم صد بِيَ ِد ِه َال َي ْس َم ُع ِيب َأ َحدٌ ِم ْن َه ِذ ِه ْاألُ هم ِة‬ ‫الن ِ‬
‫هار‪)4( » .‬‬ ‫اب الن ِ‬ ‫وت َو َمل ُي ْؤ ِم ْن بِا هل ِذي ُأ ْر ِس ْل ُت بِ ِه إِ هال كَا َن ِم ْن َأ ْص َح ِ‬ ‫ُ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫م‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫ث‬ ‫‪،‬‬ ‫اين‬‫َرص ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ٌّ‬
‫َ ِ‬
‫ود‬‫َُ‬
‫ْ‬ ‫ٌّ‬
‫رواه مسلم عن أيب هريرة‪.‬‬
‫يد َا هَّللِ َو َطا َعتِ ِه‬
‫‪‬قال¬‪ :‬يدْ ُعوهم إِ َىل تَو ِح ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫هذه زبدة الرس ـ ـ ــالة أن اهلل أرس ـ ـ ــله ليدعو الناس إىل أن يوحدوه ويطيعوه كام قال عمرو‬
‫ال َل صة َو َأ ههنُ ْم َل ْي ُس ـ ـ ـوا َع َىل َش ـ ـ ـ ْى صء َو ُه ْم‬
‫هاس َع َىل َض ـ ـ ـ َ‬ ‫بن عبسـ ـ ــة‪ُ « :‬كن ُْت و َأنَا ِِف ْ ِ ِ ِ‬
‫اجلَاهل هية َأ ُظن َأ هن الن َ‬ ‫َ‬
‫اح َلتِى َُ َقـ ِد ْمـ ُت َع َل ْيـ ِه َُـ ِإ َذا‬
‫ان َُس ـ ـ ـ ـ ـ ِمعـ ُت بِرجـ صل بِم ـهكـ َة ُخي ِْرب َأ ْخبـارا َُ َقعـدْ ُت َع َىل ر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ون األَ ْو َثـ َ َ ْ‬ ‫َي ْع ُبـدُ َ‬
‫اَّللِ ‪ُ ‬م ْس ـ ـت ْ‬
‫َخ ِف ًيا ُج َر َءا ُء َع َل ْي ِه َق ْو ُم ُه َُ َت َل هط ْف ُت َحتهى َد َخ ْل ُت َع َل ْي ِه بِ َم هك َة َُ ُق ْل ُت َل ُه َما َأن َْت‬ ‫ول ه‬ ‫َر ُس ـ ـ ُ‬
‫اَّلل »‪ُ َُ .‬ق ْل ُت وبأي َشـ ـ ْى صء َأ ْر َسـ ـ َل َ َق َال‪« :‬‬ ‫ِ‬
‫َق َال‪َ « :‬أنَا نَبِ ٌّى »‪ُ َُ .‬ق ْل ُت َو َما َنبِ ٌّى؟ َقا َل‪َ « :‬أ ْر َسـ ـ َلنى ه ُ‬
‫رش ُ بِ ِه َش ْى ٌء » (‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َأ ْر َس َلنِى بِ ِص َل ِة األَ ْر َحا ِم َوك ْ ِ‬
‫َِّس األَ ْو َثان َو َأ ْن ُي َو هحدَ ه ُ‬
‫اَّلل الَ ُي ْ َ‬
‫َاب َهنْ ِي ِه‪،‬‬‫اجتِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال¬‪ :‬بتصديق خربه‪َ ،‬وامتِ َث ِ‬
‫ال َأ ْم ِره‪َ ،‬و ْ‬ ‫ْ‬
‫ال تتم ش ـ ــهادة أن حممدا رس ـ ــول اهلل إال بأربعة أمور جيب حتقيقها‪ ،‬ألهنا من مقت ـ ـ ـيات‬
‫هـذه الش ـ ـ ـ ـ ـهـادة‪ .‬وهي‪ :‬أنه يلزمه طاعته ُيام أمر‪ ،‬وتص ـ ـ ـ ــديقه ُيام أخرب‪ ،‬واجتناب ما هنى عنه‬
‫وزجر‪ ،‬وأال يعبد اهلل إال بام رشع يف كتابه وعىل لسان رسوله ‪.‬‬
‫(طاعته ُيام أمر) أي يف مجيع املأمورات‪ ،‬ما كان منها عىل س ـ ــبيل الوجوب ُواجب وما‬
‫كان عىل سبيل االستحباب ُمستحب‪{ ،‬ﯵ ﯶﯷﯸ ﯹﯺﯻ ﰓ} [سورة‬
‫النس ء‪ .]5١ :‬وقال تعال‪ { :‬ﭑﭒ ﭓﭔﭕﭖ } [سورة النور‪]53 :‬‬

‫(‪ )7‬عن أيب هريرة‪ :¢‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )40 / 7‬برقم‪)27( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 7‬برقم‪ )01 / 7( ،)441( :‬برقم‪ )21 / 3( ،)342( :‬برقم‪ )4722( :‬ومسلم يف‬
‫"صحيحه" (‪ )64 / 2‬برقم‪ )64 / 2( ،)127( :‬برقم‪)127( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪)04 / 7‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )292 / 2‬برقم‪)242( :‬‬

‫‪70‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫و(تصـ ــديقه ُيام أخرب) من اعتقد بأنه رسـ ــول من اهلل ُإنه يسـ ــتسـ ــلم يف مجيع أخباره وال‬
‫خيتار منها ما يواُق هواه وش ــهوته ويرد ما مل يواُق هواه وعقله القال بل من ش ــهد أن حممدا‬
‫رسـول اهلل؛ يسـلم ويصـدق بجميع أخباره ألنه يعتقد بأنه رسول مرسل من اهلل وأن اهلل أيده‬
‫بالوحي وأنه ال ينطق عن اَوا‪.‬‬
‫و قوله (وامتثال أمره واجتناب هنيه) بالنسبة لألوامر بحسب االستطاعة « َُ ِإ َذا َأ َم ْر ُتك ُْم‬
‫ِ‬ ‫ص‬
‫بِ َش ْىء َُ ْأتُوا منْ ُه َما ْ‬
‫اس َت َ ْ ْ‬
‫طعتُم»(‪)7‬‬

‫وأما بالنسبة للنواهي بدون تفصيل؛ جيب االنتهاء عنها كلها إال يف حال الَّضورة « َُ ِإ َذا‬
‫اجتَن ِ ُبو ُه »‪.‬‬ ‫هني ُتكُم عن َ ص‬
‫َشء َُ ْ‬
‫َ َْ ْ َ ْ ْ‬
‫(وأال يعبد اهلل إال بام رشع) اهلل ´ال يعبد إال باإلخالص واملتابعة‪ ،‬ال يعبد بالرش‬
‫وال باألهواء وال بالعادات واألسالف وال باألذواق واالستحسانات وإنام العبادة تكون‬
‫باإلخالص واملتابعة للنبي ‪.‬‬

‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َأنه ُه َال َس َعا َد َة َو َال َص َال َح ِيف َالد ْن َيا َو ْاآل ِخ َر ِة إِ هال بِ ْ ِ‬
‫اإل َيام ِن بِ ِه َو َطا َعتِ ِه‬
‫اإليامن بـالرس ـ ـ ـ ــول ‪ ‬وطـاعتـه س ـ ـ ـ ـ ـبـب الس ـ ـ ـ ـ ـعـادة يف الـدنيا واآلخرة كام قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫{ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇﮈﮉﮊﮋ} [سورة النس ء‪]1١ :‬وقال تعاىل‪ { :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ } [سورة النور‪.]53 - 51 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )03 / 0‬برقم‪ )1222( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )792 / 3‬برقم‪/ 1( ، )7441( :‬‬
‫‪ )07‬برقم‪ )07 / 1( ، )7441( :‬برقم‪ )07 / 1( ، )7441( :‬برقم‪ )07 / 1( ، )7441( :‬برقم‪)07 / 1( ، )7441( :‬‬
‫برقم‪ )07 / 1( ، )7441( :‬برقم‪)7441( :‬‬

‫‪29‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫هاس َأ ْمج َِعنيَ‬


‫حم هب ِة َالنه ْف ِ َوا ْل َو َل ِد َوالن ِ‬
‫حم هبتِ ِه َع َىل َ َ‬
‫ب َت ْق ِدي ُم َ َ‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َأنه ُه َجيِ ُ‬
‫من مقت يات شهادة أن حممدا رسول اهلل حمبته ونرصته ومواالته وتعظيمه‪ُ ،‬يقدم‪-‬‬
‫بالنسبة للبرش‪-‬حمبة النبي ‪ ‬عىل كل حمبة‪ ،‬عىل حمبة النف واألهل والولد كام قال ‪َ « :‬ال‬
‫هاس َأ ْمج َِعنيَ » (‪ُ )7‬حقه مقدم عىل حق‬
‫ب إِ َليْ ِه ِم ْن َوال ِ ِد ِه َو َو َل ِد ِه َوالن ِ‬ ‫ِ‬
‫ُي ْؤم ُن َأ َحدُ ك ُْم َحتهى َأكُو َن َأ َح ه‬
‫اآلباء واألمهات بل مقدم عىل حق النفوس ‪ -‬صلوات ريب وسالمه عليه‪.-‬‬
‫ات َالده ا هل ِة َع َىل ِر َسا َلتِ ِه‪.‬‬
‫‪ ‬وقوله‪ :‬و َأ هن َاَّلل َأيدَ ه بِا ْملع ِج َز ِ‬
‫هَ ه ُ ُْ‬ ‫َ‬
‫من رمحة اهلل ´ بعباده ومن كامل عدله أنه َأيهد هؤالء األنبياء باآليات البينات‬
‫واملعجزات الباهرات التي تدل عىل صدقهم ألن اهلل ´ حيب العذر وحيب إقامة احلجة عىل‬
‫اخللق‪ُ ،‬لهذا أيد أنبياءه هبذه اآليات البينات وهذه املعجزات الظاهرات‬
‫كام قال ´‪ { :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚﭛﭜ } [سورة الحديد‪ ]35 :‬وكام قال تعاىل{ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ‬
‫ﮘﮙﮚﮛﮜ} [سورة آل عمران‪ُ ]173 :‬اهلل ´ أيد األنبياء كام يف‬
‫ات َما ِم ْث ُل ُه‬ ‫الصحيحني من حديث أيب هريرة ‪ « ‬ما ِمن األَنْبِي ِ‬
‫اء ِمن نَبِى إِاله َقدْ ُأ ْعطِى ِمن اآلي ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫آ َم َن َع َليْ ِه ا ْل َب َرش»(‪ )2‬هذا ُيه إطالق اآليات عىل املعجزات ألنه لي يف كتاب اهلل وسنة نبيه‬
‫‪ ‬لفظ املعجزات‪ُ ،‬اآليات ُع ّرب هبا عن املعجزات يف كتاب اهلل ويف سنة نبيه ‪ ‬كام قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ } [سورة اإلسراء‪ ]101 :‬وكام قال تعاىل‪{ :‬ﭪ‬
‫ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ } [سورة األعراف‪]143 :‬‬
‫وكام قال اهلل‪{ :‬ﯫﯬﯭﯮﯯﯰ } [سورة األعراف‪ ]84 :‬وكام قال ´‪{ :‬‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ } [سورة األنع م‪ُ ]10١ :‬فيها التعبري عن‬
‫املعجزات بأهنا آيات‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )72 / 7‬برقم‪ )71( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )30 / 7‬برقم‪)30 / 7( ، )33( :‬‬
‫برقم‪)33( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )722 / 6‬برقم‪ )3027( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )02 / 7‬برقم‪)712( :‬‬

‫‪27‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُ ــاهلل ´ أي ــد األنبي ــاء ب ــاآلي ــات البين ــات‪ ،‬واآلي ــات بمعنى املعجزات وهي خوارق‬
‫العادات أي األشياء التي عىل خالف العادة‪.‬‬
‫الفرق بني معجزات األنبياء وخوارق العادات التي تكون من السحرة واملشعوذين‬
‫اهلل تبـار وتعـاىل أيد هؤالء األنبياء ومنهم نبينا ‪ ‬هبذه املعجزات وخوارق العادات‪،‬‬
‫وكون األنبياء ُأيردُ وا باملعجزات ال ينكره أحد ممن ينتسـب إىل امل ّلة ولكن دُ ًعا حلصول اللب‬
‫بني معجزات األنبياء وبني خوارق العادات التي تكون للسـحرة والكهنة واملشـعوذين ذهبت‬
‫معجزات‬ ‫طــائفــة وعىل رأس ـ ـ ـ ــهم املعتزلــة إىل إنكــار كرا مــات األوليــاء وقــالوا ‪" :‬حتى ال تلتب‬
‫األنبياء بام يأيت به ثريهم" ُذهبوا ينكرون كرامات األولياء‪ ،‬وهذا ال يصح‪.‬‬
‫كرا مــات األوليــاء ثــابتــة بــالكتــاب والس ـ ـ ـ ـ ـنــة‪ ،‬وهكــذا خوارق العــادات للكهنــة والــدجــاجلــة‬
‫واملشعوذين ثابتة يف الكتاب والسنة‪.‬‬
‫الفرق بني النبي وبني الويل واملشعوذ‬
‫وهنا ُرق كبري بني النبي وبني املش ــعوذ وبني الويل‪ُ .‬الويل ً‬
‫أوال‪ :‬ال يدعي النبوة ُهذا‬
‫هو الفرق بني الويل والنبي‪ ،‬حتصـ ـ ـ ـ ــل خوارق العــادات لكن هــذا الرجــل ي ـدعي النبوة وحيكي‬
‫عن اهلل أن اهلل ´ أيده وأرسله‪ ،‬وهذا يقول‪ :‬أنا تابع للنبي ُهنا ال لب ‪.‬‬
‫الفرق بني األنبياء وثريهم من‬ ‫لكن بالنس ـ ــبة للدجاجلة والس ـ ــحرة واملش ـ ــعوذين ُلي‬
‫الدجاجلة واملش ـ ــعوذين مقص ـ ــورا عىل وجود هذه اآليات الباهرات بل الذي يدعي النبوة كام‬
‫ذكر أهل العلم إما أن يكون أص ـ ـ ــدق الص ـ ـ ــادقني أو أكذب الكاذبني‪ ،‬وال بد أن يفت ـ ـ ــح ُإن‬
‫الصدق َدي إىل الرب وإن الكذب َدي إىل الفجور‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ال يمكن أن يوجد من يدعي النبوة وهو كاذب وال يفت ح أمره وال يكتشف حاله‪،‬‬
‫هذا كام ذكر أهل العلم أنه ال يكون أبدا ألن هذا ُيه مَّضة يف الدين والدنيا عىل الناس‪ ،‬ممكن‬
‫أن يؤيد احلاكم الظامل ويبقى سنوات طويلة ويبقى له ملكه حتى يموت‪ ،‬أما الذي يدعي النبوة‬
‫ُال يمكن ألن بالنسبة للحاكم الظامل يف الْالب أن هنا ُوائد يستفيد منها املجتمع‪ ،‬يكون‬
‫ظاملا لكن مثال ي بط األمن‪ ،‬يكون ظاملا ولكن يوُر للناس أمورهم ومعاشهم‬
‫وإذا مل يكن هنا خريات ظاهرة وُوائد ُهنا الصرب وانتظار الفرج والتوبة إىل اهلل‬
‫واإلقالع عن الذنوب ألن اهلل ´ابتالهم هبذا الظامل حتى يتوبوا ويراجعوا أنفسهم‪ ،‬ولكن‬
‫الذي يدعي النبوة ال يمكن أن يبقى عىل علوه ويبقى عىل ثقة الناس به أبد اآلباد‪ ،‬هذا ال‬
‫يمكن‪.‬‬
‫ُال بد أن يعرف ذل ألن من يدعو إىل َشء ال بد أن يواُق ُع ُله قو َله‪ُ ،‬هؤالء السحرة‬
‫والكهنة واملشعوذون عندهم من ال الالت واالنحراُات واألحوال الشيطانية واألمور‬
‫الظاهرة التي تكشفهم عىل ما هم عليه وتبني حقيقة حاَم وكذهبم‪.‬‬
‫ُاحلاصل أن اهلل ´ أيد األنبياء باملعجزات ومنهم نبينا ‪ُ ‬معجزاته ودالئل نبوته‬
‫كثرية جدا‪ .‬وهنا مؤلف عظيم يف هذا الباب لشيخنا اإلمام الوادعي¬‪ :‬بعنوان "الصحيح‬
‫املسند من دالئل النبوة" ُهو من أحسن املؤلفات يف هذا الباب‪ ،‬اقترص عىل الصحيح وأورد‬
‫أشياء ناُعة ومفيدة‪.‬‬
‫األ ْخ َال ِق َا ْل َعال ِ َي ِة‪َ ،‬وبِ َام اِ ْشت ََم َل َع َل ْي ِه‬
‫َام َل ِة‪َ ،‬و ْ َ‬ ‫‪ ‬قوله‪ :‬وبِام جب َله َاَّلل َع َلي ِه ِمن َا ْلع ُلو ِم َا ْلك ِ‬
‫َ َ ََ ُ هُ ْ ْ ُ‬
‫احلَ رق‪َ ،‬وا ْمل ََصال ِ ِح َالدر ين ِ هي ِة َوالد ْن َي ِو هي ِة‬
‫الر ْمح َِة َو ْ‬ ‫ِ‬
‫َد ْينُ ُه م ْن َا َُْدَ ا َو ه‬
‫من األشياء التي أيد اهلل هبا حممد ًا ‪‬‬
‫ومن هــذه األش ـ ـ ـ ـ ـيــاء التي أيــد هبــا النبي ‪ ‬مــا جبلــه اهلل ´ عليــه من العلوم الكــاملــة‬
‫النــاُعــة قــال تعــاىل‪ { :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ‬
‫ﯿﰀﰁﰂ } [سورة النس ء‪{ ،]114 :‬ﭑﭒﭓﭔ ﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚ‬
‫ﭛﭜ ﭝﭞﭟﭠ ﭡ } [سورة الشورى‪]53 :‬‬

‫‪24‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُاهلل ´ أعطاه علام واس ـ ـ ـ ــعا مع أنه أمي‪-‬ال يكتب وال يقرأ املكتوب‪-‬ومع هذا أخربه‬
‫اهلل ´ وعلمــه بعلوم وأخبــار األمم املــاض ـ ـ ـ ـ ـيــة‪ ،‬أخرب النبي ‪ ‬عن قصـ ـ ـ ـ ــة آدم وزوجــه ومــا‬
‫وعن نوح وإبراهيم واألنبياء‪ُ ،‬هذا دليل واضح عىل أنه نبي مرسل من اهلل‬ ‫حصـل مع إبلي‬
‫{ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ‬
‫ﮅﮆ} [س ـ ـ ــورة الق ـ ـ ـ ـ ‪ ]31 :‬وكام قال تعاىل‪ { :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [س ـ ـ ـ ـ ــورة آل عمران‪ ]33 :‬وكام قــال تعــاىل‪ { :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩﮪ } [س ـ ـ ــورة و ‪:‬‬
‫‪ ،]3١‬وهكــذا مــا أخرب بــه النبي ‪ ‬عىل األمور املس ـ ـ ـ ــتقبلــة وتقع عىل وُق مــا أخرب بــه عليــه‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪َ :‬و ْاألَ ْخ َال ِق َا ْل َعال ِ َي ِة‪.‬‬
‫كام قــال اهلل تعــاىل‪ { :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ } [س ـ ـ ـ ـ ــورة الق م‪ُ ]3 :‬ــاألخالق العظيمــة‬
‫واخلالل الكريمــة التي كــان عليهــا النبي ‪َ ‬مل ِ ْن أكرب األدلــة عىل صـ ـ ـ ـ ــدقــه وتــأييــد اهلل لــه عليــه‬
‫الصالة والسالم‪ُ ،‬قد كان خلقه القرآن(‪.)7‬‬
‫احلَ رق‪َ ،‬وا ْ َمل َص ـ ـ ـ ـ ـال ِ ِح َالــدر ين ِ هيـ ِة‬
‫الر ْمحـ َِة َو ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬قــال¬‪َ :‬وبِ َام ا ْشـ ـ ـ ـ ـ َت َمـ َل َع َل ْيـه َد ْينُـ ُه م ْن َا َْ ُـدَ ا َو ه‬
‫َوالد ْن َي ِو هية‪.‬‬
‫ِ أي ا هذه الرشيعة من درسها وتأملها عرف أهنا من قبل احلكيم احلميد ´؛ ُيها العلم‬
‫وُيها احلكمة وُيها مصالح الدين والدنيا وُيها اَدا والرمحة واحلق‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )762 / 2‬برقم‪)136( :‬‬

‫‪23‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫يم‪ ،‬بِ َام ُِيـ ِـه ِم ْن َا ْحلَ رق ِيف األخبــار واألمر‬ ‫ِ‬
‫آن َا ْل َعظ ُ‬
‫ُربا‪َ :‬هـ َذا َا ْل ُق ْر ُ‬
‫‪ ‬قــال¬‪َ :‬وآ َي ُتـ ُه َا ْلك ْ َ‬
‫والنهي‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫القرآن الكريم أعظم اآليات‬
‫أيـد اهلل ´ نبيـه ‪ ‬بـآيـات كثرية‪ ،‬وكـان من أعظمهـا هـذا القرآن الكريم ُهو أعظم آيـة‬
‫أوتيهــا النبي ‪ ‬مع كثرة مــا أويت من اآليــات‪ ،‬وَــذا ملــا طلــب الكفــار من النبي ‪ ‬آيــة تــدَم‬
‫عىل صــدقه أرشــدهم اهلل ´ إىل هذا القرآن قال´ {ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ‬
‫ﮫﮬﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓﯔ * ﯖﯗ ﯘ ﯙﯚﯛ ﯜ‬
‫ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡﯢﯣ ﯤﯥ} [سورة العنكبوت‪.]51 – 50 :‬‬
‫وهكذا يقول النبي ‪ ‬كام يف احلديث املتقدم من حديث أيب هريرة يف الصحيحني « َما‬
‫ِ‬
‫اَّلل إِ َ هيل‪،‬‬ ‫رش‪َ ،‬وإِن َهام كَا َن ا هل ِذي ُأوتِ ُ‬
‫يت َو ْح ًيا َأ ْو َحا ُه ه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن األَنْبِ َياء نَبِ ٌّي إِ هال ُأ ْعط َي َما م ْثل ُه آ َم َن َع َل ْيه ال َب َ ُ‬
‫الق َيا َم ِة »(‪.)7‬‬‫َُ َأرجو َأ ْن َأكُو َن َأ ْك َثرهم تَابِعا يوم ِ‬
‫َ ُ ْ ً َْ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫ُهذه اآلية الكربا وهذه املعجزة اخلالدة املستمرة‪ ،‬بخالف آيات ومعجزات األنبياء‬
‫ُإهنا تبقى ببقاء النبي ُإذا مات النبي ذهبت وهي تشاهد باألعيان‪ ،‬وأما معجزة نبينا ‪ُ ‬إهنا‬
‫تدر بالبصائر وبالعقول ملا أودع اهلل ´ يف كتابه الكريم مما تقدم ذكره‪ُ ،‬القرآن معجز يف‬
‫ألفاظه ويف معانيه وَذا حتدّ ا اهلل ´ كفار مكة وهم أهل البالثة والفصاحة وإىل أشعارهم‬
‫ومعلقاام املنتهى يف البالثة والفصاحة قبل نزول القرآن مع شدة العداوة وحتري الفرص‬
‫للطعن ُيام جاء به النبي ‪ ‬حتداهم اهلل ´ بأن يأتوا بمثل هذا القرآن ُعجزوا مع حرصهم‬
‫عىل أن يعارضوا هذا القرآن وأن يردوا قول الرسول ‪ُ ‬لم يستطيعوا { ﭜ ﭝﭞ‬
‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ} [سورة‬
‫اإلسراء‪.]77 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )722 / 6‬برقم‪ )02 / 0( ، )3027( :‬برقم‪ )1213( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )02‬برقم‪)712( :‬‬

‫‪21‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وكام قال اهلل تعاىل يف كتابه الكريم{ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ‬


‫ﭛﭜﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡﭢﭣ } [سورة و ‪ ]14 :‬وكام قال ´‪ { :‬ﮚ ﮛ‬
‫ﮜﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣﮤﮥ ﮦ ﮧﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ‬
‫ﮯ * ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ }‬
‫[سورة يونس‪ ]47 – 48 :‬وكام قال تعاىل‪{ :‬ﯢﯣ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ‬
‫ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ } [سورة البقرة‪ُ ،]34 :‬اهلل حتداهم أن‬
‫يأتوا بمثل هذا القرآن وأن يأتوا بعرش سور وأن يأتوا بسورة واحدة وعىل قول اجلمهور من‬
‫أهل العلم أن التحدي واقع حتى عىل السور القصرية‪-‬مثل سورة العرص أو سورة ُق ْل ُه َو اهلل‬
‫أحد أو سورة النرص‪ُ-‬ام استطاعوا ‪ ،‬وأما قوله ´‪{ :‬ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ‬
‫ﮪﮫﮬ ﮭ ﮮﮯﮰ ﮱ ﯓﯔﯕ} [سورة األنف ل‪ُ ]41 :‬هذا كان منهم‬
‫عىل سبيل املكابرة والعناد وإال هم عاجزون عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن‪.‬‬
‫وابتــدأ املص ـ ـ ـ ــنف¬‪ :‬بكتــاب الطهــارة واس ـ ـ ـ ـ ـتــدل بحــديــث ابن عمر‪ ƒ‬عن النبي ‪ُ « ‬بن ِ َي‬
‫الزك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ِ‬
‫َاة‬ ‫الص َال ِة َوإِيتَاء ه‬
‫اَّلل َوإِ َقا ِم ه‬ ‫َ إِ هال ه ُ‬
‫اَّلل َو َأ هن ُحم هَمدً ا َر ُس ُ ه‬
‫ِ‬
‫مخ ص ‪َ :‬ش َها َدة َأ ْن َال إِ َ َ‬ ‫ِْ‬
‫اإل ْس َال ُم َع َىل َ ْ‬
‫ان » (‪ )7‬وهذا احلديث متفق عليه‪ُ ،‬أخذ العلامء من هذا احلديث‬ ‫ت َو َصـ ـ ـ ـ ْو ِم َر َم َ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫وحج ا ْلبي ِ‬
‫َ َ ر َْ‬
‫ومن حديث عمر بن اخلطاب يف قصـة جميء جربيل ’ إىل النبي ‪ ‬يســأله عن أمور الدين‬
‫ول ِ ِ‬
‫يم‬ ‫َ إِاله ه ُ‬
‫اَّلل َو َأ هن ُحم هَمدً ا َر ُس ُ ه‬
‫اَّلل َوتُق َ‬ ‫ال ُم َأ ْن ت َْش َهدَ َأ ْن الَ إِ َ َ‬ ‫ُسأله عن اإلسالم ُقال له‪ِ « :‬‬
‫اإل ْس َ‬
‫اس َت َط ْع َت إِ َل ْي ِه َسبِي ً‬
‫ال » (‪،)2‬‬ ‫ِ‬
‫حت هج ا ْل َب ْي َت إِن ْ‬ ‫ان َو َ ُ‬ ‫ال َة َوت ُْؤتِ َى ه‬
‫الزكَا َة َوت َُصو َم َر َم َ َ‬ ‫ال هص َ‬

‫(‪ )7‬سبق خترجيه‪ ،‬انظر (ص‪)74‬‬


‫(‪ )2‬سبق خترجيه‪ ،‬انظر (ص‪)74‬‬

‫‪26‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫طريقة املصنفني يف ترتيب التصانيف الفقهية‬


‫ُمن هنا ابتدأ املصـ ـ ـ ــنفون يف الفقه بذكر كتاب الطهارة‪ ،‬ألن ما يتعلق بالشـ ـ ـ ــهادتني هذا‬
‫يتعلق بأمور العقيدة وأمور العقيدة َا كتب‪ ،‬ثم ذكر الص ــالة ألهنا أعظم أركان اإلس ــالم بعد‬
‫الش ـ ـ ـ ـ ـهــادتني ُهي عبــادة بــدنيــة وص ـ ـ ـ ـ ـل ـة بني العبــد وبني ربــه وُوا ئــدهــا وأرسارهــا َشء كثري‪،‬‬
‫ُ ــابت ــدؤوا ب ــذكر العب ــادات ثم املع ــامالت ثم ذكروا ب ــاب احل ــدود واجلن ــاي ــات وثري ذل ـ ـ ‪.‬‬
‫وابتدؤوا بالعبادات ألمهيتها‪ ،‬وألهنا أمور دينية‪.‬‬
‫وابتدؤوا بالص ـ ـ ـ ــالة ألهنا أهم العبادات ُهي أعظم أركان اإلس ـ ـ ـ ـ ـالم بعد الش ـ ـ ـ ــهادتني‪،‬‬
‫والص ـ ـ ـ ــالة َ ــا رشو ومن أعظم رشوطه ــا الطه ــارة‪ ُ ،‬ــالطه ــارة رش مق ــدم عىل ك ــل رش‬
‫للص ـ ـ ــالة‪ .‬اس ـ ـ ــتقبال القبلة رش ولكن الطهارة يكون قبل اس ـ ـ ــتقبال القبلة‪ ،‬ما يقف املص ـ ـ ــيل‬
‫ليسأل عن القبلة أو يستقبلها وهو ثري متطهر‪ُ ،‬ألجل هذا ابتدأ املصنفون بكتاب الطهارة‪.‬‬
‫ثم ابت ــدؤوا ب ــالعب ــادات وأوَ ــا الص ـ ـ ـ ــالة ثم ب ـالزك ــاة ثم ب ــالص ـ ـ ـ ــوم ثم ب ــاحلج ثم ذكروا‬
‫املعـامالت كـالبيوع واألنكحة ثم احلدود والقص ـ ـ ـ ــاص واجلنايات وُص ـ ـ ـ ــل يف اخلص ـ ـ ـ ــومات‪.‬‬
‫ُابتدؤوا بالعبادات ألمهيتها‪ ،‬ثم ذكروا املعامالت ألهنا تتعلق بأمور رضورية َم من شـ ـ ـ ــهوة‬
‫البطن وشهوة الفرج‪ ،‬ثم ذكروا ما يتعلق باجلنايات‪.‬‬
‫قال العلامء‪ :‬ألن الْالب يف املشاكل واخلصومات أهنا تكون بعد حتصيل شهوة‬
‫البطن والفرج‪.‬‬
‫ُابتدأ املصــنف¬‪ :‬بكتاب الطهارة كام جرت به العادة‪ .‬وهنا ننبه أن املصــنفني جرت‬
‫عادام يف تص ـ ــانيفهم عىل أهنا تكون عىل أنواع‪ ،‬قس ـ ــموها إىل كتب وإىل أبواب وإىل ُص ـ ــول‪.‬‬
‫ُالكتب هي التي تشـمل مسـائل متعددة‪ ،‬وأجناسا متعددة وأنواعا متعددة لكن جيمعها حكم‬
‫واحد مثال كتاب الطهارة يش ــمل باب اآلنية وباب ق ــاء احلاجة وباب الوض ــوء وباب س ــنن‬
‫الفطرة وباب التيمم وباب الْسل وثري ذل ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ومثال يقال كتاب الص ــالة يف ص ــفة الص ــالة‪ ،‬يف باب ص ــالة اجلامعة‪ ،‬يف ص ــالة التطوع‪،‬‬
‫يف سجود السهو‪ ،‬يف صالة اجلمعة‪ ،‬يف صالة العيدين يف صالة اخلوف‪.‬‬
‫واألبواب ُيها تفصـيل األنواع ثم إذا طال الباب ُي ْذكَر الفصــل لبعض املسـائل‪ .‬هذا إذا‬
‫ذكرت الثالثة؛ كتاب ُإن الكتاب يشـمل األبواب واألبواب يشـمل الفصـول‪ ،‬تفصل الكتب‬
‫باألبواب وتفصل األبواب بالفصول‪ ،‬والفصول هي التي إذا طال الباب أتوا بالفصل‪.‬‬
‫وأحيــانــا يعربون عن الكتــاب بــالفصـ ـ ـ ـ ــل وأحيــانــا يعربون عن البــاب بــالفصـ ـ ـ ـ ــل لكن إذا‬
‫مجعـت الثالثة هكذا يكون الرتتيب‪ :‬كتاب وباب وُص ـ ـ ـ ــل‪ .‬وإنام كانوا كذل يف تقس ـ ـ ـ ــيمهم‬
‫ألجل التنش ـ ـ ــيط لطالب العلم حتى ال تزدحم املسـ ـ ـ ـائل عليه ُال حيص ـ ـ ــل الفهم ُقس ـ ـ ــموه إىل‬
‫كتـب وإىل أبواب وُص ـ ـ ـ ــول حتى حيص ـ ـ ـ ــل الفهم والتنش ـ ـ ـ ــيط لطـالـب العلم أنـه كلام قطع كتـابا‬
‫حصل له نشا كاملساُر كلام قطع مرحلة حصل له من النشا ‪.‬‬

‫وهكذا ‪-‬سبحان اهلل ‪-‬كتاب اهلل ´ ه‬


‫مقسم إىل أجزاء‪ ،‬كلام حفظ احلاُظ أجزا ًء ُإنه‬
‫ينشط ويطمع يف الوصول إىل هنايته‪ .‬وهكذا ينبْي عىل طالب العلم أن يستفيد من هذا‪ ،‬أنه‪-‬‬
‫مثال‪-‬يف باب احلفظ أنه يبتدئ باملخترصات وال يذهب يدخل يف املطوالت من أول وهلة‪.‬‬
‫طالب علم مبتدئ ال يبدأ ‪-‬مث ً‬
‫ال‪-‬بحفظ صحيح البخاري أو صحيح مسلم‪.‬‬
‫‪‬التدرج يف طلب العلم‬
‫عىل طالب العلم أن يبدأ باملخترصا ت التي تعطيه النشا والرثبة مثل األربعني النووية ُإذا‬
‫أكملها انتقل اىل عمدة األحكام‪ ،‬وهكذا أي ًا يف مادة الفقه بلوغ املرام‪ ،‬وعنده رياض‬
‫الصاحلني أو اللؤلؤ واملرجان‪ُ .‬إذا استطاع الطالب أن يأيت عىل هذه الكتب بالتدريج ُإنه بعد‬
‫إذا دخل يف حفظ صحيح البخاري يسهل عليه بخالف ذا الذي يبتدئ بحفظ‬ ‫ذل‬
‫البخاري مبارشة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫جتدون كثريا من طالب العلم املبتدئني إذا مل جيدوا من مل ينص ــح َم ُإهنم كالسـ ـابح يف‬
‫البحر العميق الذي يتعلم السباحة يريد أن يتعلم ويدخل يف ُجلّة البحر‪.‬‬
‫وهكذا املبتدئ يقطع ويقطع وال زال يف أوائل الكتاب‪ ،‬وصل إىل النصف تف هلت عليه‬
‫اجلديد أو يف الوسط أو يف األول تر‬ ‫كامل الذي مىض‪ ،‬ما يدري ماذا يمس ‪ ،‬يمس‬
‫سنوات ما ظفر بيشء‪ ،‬ال أنه أكمل صحيح‬ ‫الدروس وتر املراجعة واملذاكرة ثم بعد مخ‬
‫البخاري ومسلم وال أنه أخذ من الدروس التي حيتاج إليها ومن املخترصات التي ينتفع هبا‪.‬‬
‫‪ ‬قول املصنف ¬‪ :‬كتاب الطهارة‬
‫ب – يكتب – كتاب ًا وكتابة؛ ُهي دليل عىل ال ـ ـ ــم واجلمع وَذا‬
‫كتاب مأخوذة من َك َت َ‬
‫يقال‪ :‬كتيبة اخليل ألهنا جتتمع وحترش وتتابع‪.‬‬
‫والطه ــارة يف (اللْ ــة) بمعنى النظ ــاُ ــة والنزا ه ــة من األجن ــاس‪ .‬والطه ــارة طه ــارت ــان‪:‬‬
‫طهـارة من احلــدط وطهــارة من اخلبــث‪ ،‬وس ـ ـ ـ ـ ـيـأيت أن احلـدط منـه األكرب ومنــه األص ـ ـ ـ ــْر‪ ،‬وأن‬
‫الطهارة من اخلبث يعني من النجاسات‪.‬‬
‫ثم قال‪ُ( :‬صـ ــل كتاب الطهارة) اآلن هذا الكتاب يشـ ــمل أبوابا ولعل يف بعض النسـ ــخ‬
‫س ـ ـ ــيكون باب ًا وهو أليق ألن ما بعده باب اآلنية‪ ،‬باب االس ـ ـ ــتنجاء‪ ،‬هكذا منه ما هو باب ومنه‬
‫ما هو ُصل‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪20‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫رشو ٌ َت َت َقده ُم َع َل ْي َها‪ِ َُ ،‬من َْها‪ :‬ال هط َه َار ُة‪ :‬ك ََام َق َال َالنهبِي ‪َ « ‬ال َي ْق َب ُل‬ ‫‪َ ‬و َأ هما َا ه‬
‫لص َال ُة‪َ َُ :‬ل َها ُ ُ‬
‫ور» ُم هت َف ٌق َع َل ْي ِه‪.‬‬
‫ري ُط ُه ص‬‫َّلل َص َال ًة بِ َْ ْ ِ‬
‫َا ه ُ‬
‫ابتدأ املصنف ¬ باملاء ألن املاء هو األصل يف الطهارة كام قال اهلل تعاىل{ﭷﭸ‬
‫ﭹﭺ} [سورة النس ء‪ 34 :‬والم دة‪ ]1 :‬واملياه مجع ماء وإنام مجعت املياه إشارة لتعدد‬
‫أنواع املياه‪.‬‬
‫(ال هط َهـ َار ُة) مــأخوذ من َط َه َر ويقــال َط ُه َر واألُص ـ ـ ـ ــح بفتح الطــاء ُهو طهــارة واملصـ ـ ـ ـ ــدر‬
‫َط ُه ْور و ُط ُه ْور‪ ،‬واملش ـ ـ ـ ــهور عن ــد أهـ ـل اللْ ــة أن ال هطهور‪-‬ب ــالفتح‪-‬هو امل ــاء ال ــذي يتطهر ب ــه‬
‫والطهور‪-‬بال ـ ــم‪-‬هو الفعل‪ .‬إذا رأيت اإلنس ـ ــان يتطهر تقول هذا الفعل ُطهور واملاء الذي‬
‫يتطهر بـه يقـال هذا َطهور‪ ،‬هذا قول اجلمهور من أهل اللْة وبعض أئمة اللْة جعلوا ال هطهور‬
‫والطهور بمعنى واحد يصلح ملا يتطهر به ويصلح للفعل‪.‬‬
‫هذا من حديث ابن عمر‬ ‫ْ ُ‬ ‫ري ُطه ص‬
‫ور»(‪)7‬‬ ‫« َال ي ْقب ُل َاَّلل ص ـ ـ ـ َال ًة بِ َْ ِ‬
‫وقوله‪ :‬ك ََام َق َال َالنهبِي ‪ َ َ ‬ه ُ َ‬
‫‪ .¢‬وهذا احلديث يفيد أن الطهارة رش يف ص ــحة الص ــالة‪ ،‬ال تص ــح الص ــالة إال بالطهارة‬
‫دليله اآلية القرآنية { ﭑﭒﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗﭘﭙﭚ‬
‫ﭛﭜﭝﭞﭟ ﭠﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦﭧ} [س ـ ــورة‬
‫الم دة‪ ]1 :‬وهذا احلديث الذي بني أيدينا‪.‬‬
‫َّلل) هنا نفي القبول بمعنى نفي الص ــحة أي ال تص ــح الص ــالة بْري‬ ‫قوله ‪َ ( :‬ال َي ْق َب ُل َا ه ُ‬
‫ال َة َأ َح ِدك ُْم‬
‫طهور‪ .‬واحلديث اآلخر عن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسـول اهلل ‪ « :‬الَ َي ْق َب ُل اهلل َص َ‬
‫ط َحتهى َيت ََو هض َأ »(‪.)2‬‬ ‫إِ َذا َأ ْحدَ َ‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه"(‪ )739 / 7‬برقم‪ /)223( :‬بلفظ (ال تقبل) ومل خيرجه البخاري وإنام وضعه ترمجة لباب‬
‫عىل رشطه ولكنه أورد يف الباب ما يقوم مقامه كام قال احلاُظ‪.‬‬ ‫(‪ ،)40/7‬ألنه لي‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )40 / 7‬برقم‪ )24 / 0( ، )741( :‬برقم‪ )6013( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )739‬برقم‪)221( :‬‬

‫‪49‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫(ال يقبــل) نفي القبول ُــأحيــانــا يؤتى بــه لنفي الص ـ ـ ـ ـ ـحــة وأحيــانــا يؤتى بــه لنفي اإلثــابــة‪،‬‬
‫وهنا بمعنى نفي الصحة‪( .‬ال يقبل اهلل) أي ال تصح الصالة إال بالطهور‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬‬
‫ال َي ْق َب ُل اهلل َص ـ ـ ـ َ‬
‫ال َة) يش ـ ــمل ص ـ ــالة الفري ـ ــة وص ـ ــالة الناُلة وكلام يطلق عليه‬
‫صـالة حتى صـالة اجلنازة‪ .‬تسـمى صـالة والنبي ‪ ‬سـامها صـالة قال‪ « :‬صـلوا َع َىل ص ِ‬
‫احبِك ُْم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫» (‪)7‬وقــال‪َ « :‬م ْن تَبِ َع َجن ـ َ‬
‫َاز ًة َحتهى ُي َصـ ـ ـ ـ ـ هىل َع َل ْي َه ـا » (‪ُ )2‬ــإذن يش ـ ـ ـ ــرت َــا الطهور وهــذا قول‬
‫اجلمهور من أهــل العلم خالُــا لبعض العلامء الــذين قــالوا ‪ :‬ممكن للجنــازة أن يتيمم‪ ،‬وجيزئ‬
‫ولو كان املاء قري ًبا منه ألنه ُرش َع ُيها التخفيف"‬
‫واجلواب أن التيمم طهــارة‪ ،‬لكنهــا طهــارة بــدليــة بعــد انعــدام املــاء أو عــدم القـدرة عىل‬
‫استعامل املاء‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور »(‪ُ )4‬من تطهر أتى باملفتاح الذي يفتح هذا‬ ‫وهكذا حديث‪ « :‬م ْفت ُ‬
‫َاح ال هص ـ ـ ـ ـالَة الط ُه ُ‬
‫القفل‪ُ ،‬شبه احلدط كالقفل والطهارة كاملفتاح‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪َُ :‬من َمل ي َت َطهر ِمن َا ْحلدَ ِ‬
‫ط َا ْألَك َ ِ‬
‫ْرب واألَ ْص َْ ِر والن َهج َ‬
‫اسة َُ َال َص َال َة َل ُه‪.‬‬ ‫َ ْ َْ هْ َ َ‬
‫الفرق بني احلدط األكرب واألصْر‬
‫ظاهر هذه العبارة وهذا قول عامة أهل العلم أن الطهارة رش يعني من احلدط األكرب‬
‫واألصْر ومن النجاسة‪ ،‬ال تصح الصالة مع وجود احلدط األصْر أو األكرب أو النجاسة يف‬
‫البدن أو يف املكان أو يف الثياب‪ .‬احلدط األكرب‪ :‬هو الذي يوجب الْسل مثل اجلنابة واحليض‬
‫والنفاس‪ .‬وأما احلدط األصْر‪ُ :‬هو الذي يوجب الوضوء مثل الفساء أو الَّضا أو خروج‬
‫اليشء من أحد السبيلني أو النوم أو أكل حلم اإلبل‪ ،‬هذه نواقض تسمى احلدط األصْر‬
‫توجب الوضوء‪.‬‬
‫قولـه‪( :‬والنجـاس ـ ـ ـ ــة) واجـب اجتنـاب النجـاس ـ ـ ـ ــة وقول عـامة أهل العلم أهنا ال تص ـ ـ ـ ــح‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )01 / 4‬برقم‪ )2202( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )62 / 1‬برقم‪)7670( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )392 / 7‬برقم‪ )7 / 7040( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )3242 / 2‬برقم‪)72201( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )22 / 7‬برقم‪ )242 / 7( ، )67( :‬برقم‪ )672( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪)13 / 7‬‬
‫برقم‪ )4( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )724 / 7‬برقم‪)211( :‬‬

‫‪47‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫الص ـ ــالة إذا مل جتتنب النجاس ـ ــة مع التعمد‪ .‬والنجاس ـ ــة واجب اجتناهبا يف البدن؛ ُال جيوز أن‬
‫يص ــيل وهو مل ّطخ ببول أو بعذرة لقول النبي ‪ ‬يف حديث ابن عباس ‪ ƒ‬وقد مر عىل قربين‬
‫ِ‬ ‫َان َال يس ـت ِ ِ‬
‫َرت م ْن ا ْل َب ْول َو َأ هما ْ ُ‬
‫اآل َخر (‪)7‬‬
‫مها َُك َ َ ْ ُ‬ ‫ان ِيف كَبِ ص‬
‫ري َأ هما َأ َحدُ ُ َ‬
‫ان وما يع هذب ِ‬
‫ِ‬
‫ُقال‪ « :‬إِ ههنُ َام َل ُي َع هذ َب َ َ ُ َ َ‬
‫ويف روايــة‪َ « :‬ال َي ْسـ ـ ـ ـ ـ َتن ِْزه ِم ْن ال َب ْو ِل »(‪ .)2‬وأمــا طهــارة الثيــاب ُلقول اهلل ´‪ { :‬ﯖ ﯗ}‬
‫[سـ ــورة المد ر‪ .]3 :‬وحديث أيب س ــعيد ‪¢‬حينام ص ــىل النبي ‪ ‬يف نعليه ُص ــىل الص ــحابة يف‬
‫نعاَم ُبينام هو يف الص ـ ـ ـ ــالة إذ خلع نعليه‪ُ ،‬في آخر احلديث قال‪ « :‬إن جربيل آتاين ُأخربين‬
‫ايب َُ َب َال ِيف‬ ‫َ‬
‫أن هبام قـذرا» ‪ .‬وأمـا طهـارة البقعـة أو املكـان ُلحـديث أن ‪ ‬قال‪َ « :‬جا َء أ ْع َر ِ ٌّ‬
‫(‪)4‬‬

‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس هل َم‪َ َُ ،‬ل هام َق َىض َب ْو َل ُه‪َ ،‬أ َم َر النهبِي‬


‫اه ُم النهبِي َص هىل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َطائ َفة ا ْمل َْس ِجد‪َ َُ ،‬ز َج َر ُه الن ُ‬
‫هاس‪َُ ،‬ن ََه ُ‬
‫اء َُ ُأ ْه ِر َيق َع َل ْي ِه»(‪ُ .)3‬فيه تطهري املوضع‪.‬‬ ‫ُوب ِمن م ص‬ ‫ِ‬
‫اهلل َع َل ْيه َو َس هل َم بِ َذن ص ْ َ‬
‫َص هىل ُ‬
‫املاء َو ِه َي َا ْألَ ْص ُل‪.‬‬ ‫مها َط َه َارة بِ ْ َ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬قال¬‪ :‬وال هط َه َارة ن َْو َعان‪َ :‬أ َحدُ ُ َ‬
‫أنواع الطهارة‬
‫يقول اهلل ´‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﮑ} [سورة الم دة‪:‬‬
‫‪ .]1‬الشاهد قوله {ﭘﮑ} هذا يدل عىل أن األصل هو الطهارة باملاء‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )14 / 7‬برقم‪ )276( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )766 / 7‬برقم‪)202( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجها النسائي يف "املجتبى" (‪ )42 / 7‬برقم‪ )323 / 7( ،)7 / 47( :‬برقم‪ )321 / 7( ، )7 / 2961( :‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )2 / 2962‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )0 / 7‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )772 / 7‬برقم‪ )19( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )222‬برقم‪)431( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )231 / 7‬برقم‪ )619( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )2424 / 1‬برقم‪/ 1( ، )77422( :‬‬
‫‪ )2193‬برقم‪)72911( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 7‬برقم‪ )270( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )764 / 7‬برقم‪)223( :‬‬

‫‪42‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫املاء َو ِه َي َا ْ َ‬
‫أل ْص ُل‬ ‫مها َط َه َارة بِ ْ َ‬
‫‪ ‬قوله‪َ :‬أ َحدُ ُ َ‬
‫هذا النوع األول وسيأيت النوع الثاين يف التيمم‪.‬‬
‫لس َام ِء‪َ ،‬أ ْو َن َب َع ِم ْن َا ْألَ ْر ِ‬
‫ض‪ُ َُ ،‬ه َو َط ُه ٌ‬
‫ور‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ص‬
‫‪ ‬قال¬‪َُ :‬كُل َماء ن ََز َل م َن َا ه‬
‫األصل يف املياة‬
‫األصل يف املياه الطهارة؛ سواء كانت نازلة من السامء أو نابعة من األرض أو كانت‬
‫جارية مثل مياه العيون والبحار واألهنار ومياه السيول ومياه األمطار‪ ،‬كل ماء هو طاهر ألن‬
‫اهلل ´ يقول‪{ :‬ﮏ ﮐﮑﮒﮓ} [سورة الفرق ن‪( ]37 :‬طهورا) ُيه العموم‪ ،‬هذا‬
‫النكرة يف سياق اإلثبات‪ ،‬وإن كان املتقرر أن النكرة يف سياق النفي أو النهي أو الرش هي‬
‫التي تفيد العموم‪.‬‬
‫لكن هنا قال العلامء‪ :‬ألهنا نكرة يف سياق االمتنان ُق ّعدوا قاعدة أن النكرة إذا كانت يف‬
‫سياق االمتنان أهنا تفيد العموم ألن اهلل ´ أراد أن يمت ّن عىل العباد بكثرة خريه ونعمه ولو‬
‫ُعطل هذا العموم ملا حصل املقصود‪ُ ،‬اهلل ´ يقول{ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ‬
‫ﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒﮓ } [سورة الفرق ن‪ ]37 :‬ويقول‪ { :‬ﭷﭸ ﭹﭺ‬
‫ﭻﭼ ﭽ} [سورة األنف ل‪ ]11 :‬ويقول‪ { :‬ﭷﭸ ﭹﭺ } [سورة الم دة‪:‬‬
‫ور الَ ُين رَج ُس ُه َش ْى ٌء » (‪ )7‬ويقول‪ « :‬إِ َذا َب َل َغ‬ ‫‪ُ ]1‬هذه األدلة إضاُة إىل قوله ‪ « :‬إِ هن ْ‬
‫املَا َء َط ُه ٌ‬
‫اخلَ َب َث » (‪ُ )2‬هذه األدلة ُيه الداللة عىل أن املاء طاهر‪ ،‬كل ماء‪ ،‬سواء نزل‬ ‫حي ِم ِل ْ‬ ‫املَا ُء ُق هلت ْ ِ‬
‫َني َمل ْ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫من السامء أو نبع من األرض يعترب ماء طاهرا ‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )21 / 7‬برقم‪ )21 / 7( ، )7 / 421( :‬برقم‪ )2 / 426( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )23‬برقم‪ )21 / 7( ، )66( :‬برقم‪ )61( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )792 / 7‬برقم‪ )66( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪/ 1‬‬
‫‪ )2472‬برقم‪ ،)77222( :‬قال األلباين‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )41 / 7‬برقم‪ )21 / 7( ، )7 / 12( :‬برقم‪ )7 / 421( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )24‬برقم‪ )64( :‬برقم‪ )61( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )790 / 7‬برقم‪ )61( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )423 / 7‬برقم‪:‬‬
‫(‪)171‬‬

‫‪44‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬بعض أنواع املياه التي ُيها َشء من اخلالف‪:‬‬


‫اؤه ْ ِ‬
‫احلل مي َت ُته»(‪)7‬‬ ‫يف ماء البحر « هو ال هطهور م ُ‬ ‫‪ )7‬ماء البحر‪ :‬ماء طهور لقول النبي ‪‬‬
‫َْ ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫وللعمومات املتقدمة‪.‬‬
‫‪ )2‬مـاء الثلج والربد‪ :‬هـذا مـاء طـاهر ُالذي ينزل من الس ـ ـ ـ ــامء عىل هيَة برد أو ثلج هذا‬
‫ني‬
‫اي ك ََام َباعَدْ َت َب ْ َ‬ ‫ني َخ َطا َي َ‬‫اعدْ َب ْينِي َو َب ْ َ‬
‫ماء طاهر‪ ،‬قال النبي ‪ ‬يف دعاء االستفتاح‪ « :‬ال هلهم ب ِ‬
‫ُ ه َ‬
‫اخلَ َطا َيا َك َام ُينَ هقى ال هث ْو ُب ْاألَبْ َي ُض ِم ْن الده َن ِ ال هل ُه هم ا ْث ِس ـ ـ ـ ـ ْل‬
‫ب ال هل ُه هم َن رقنِي ِم ْن ْ‬
‫رش ـ ـ ـ ـ ِق َوا ْ َمل ْْ ِر ِ‬
‫ا ْ َمل ْ ِ‬
‫اء وال هث ْل ِج وا ْل ِ‬
‫ربد »(‪.)2‬‬
‫َخ َطاياي بِ ْ َ ِ‬
‫َ ََ‬ ‫امل َ‬ ‫َ َ‬
‫يف ِ‬
‫الرب هذا ال خالف ُيه‪ ،‬لكن‬ ‫‪ )4‬املاء املش ــم ‪ :‬ماء طاهر‪ ،‬أما بالنس ــبة للمش ــم‬
‫يف األواين والقدور يف أي مكان ُهذا طاهر للعمومات‪.‬‬ ‫إذا شم‬
‫وه ــذه املس ـ ـ ـ ـ ــائ ــل ُيه ــا خالف؛ م ــاء البحر ُي ــه خالف‪ ،‬م ــاء الثلج والربد ُي ــه َشء من‬
‫ُيه َشء من اخلالف لكن األص ــل أنه ماء طاهر‪ .‬الذي يقول‬ ‫اخلالف اليس ــري‪ ،‬املاء املش ــم‬
‫بطاهر أو هنا كراهة يف استعامله هو الذي يطالب بالدليل‪.‬‬ ‫هذا لي‬
‫‪ )3‬املاء املسخن‪ :‬يف احلاممات الساخنة أو سخن ب ُ‬
‫الش َول ماء طاهر للعمومات‪.‬‬
‫‪ )1‬ماء زمزم‪ :‬ماء طاهر جيوز استعامله يف رُع احلدط وإزالة النجاسات وهو من أرشف‬
‫املياه‪ .‬والدليل عىل ذل أن النبي ‪ ‬يف ليلة اإلرساء واملعراج شق جربيل صدر النبي ‪‬‬
‫ُهذا يدل عىل أنه من أرشف املياه‪ ،‬وهو القائل‬ ‫زمزم(‪)4‬‬ ‫ُأخرج قلبه وثسله يف طست بامء‬
‫‪« :‬إِ ههنَا ُم َبا َر َك ٌة إِ ههنَا َط َعا ُم ُط ْع صم َو ِش َفا ُء ُس ْق صم »(‪.)3‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )46 / 7‬برقم‪ ،)7 / 10( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )47 / 7‬برقم‪ )24( :‬والرتمذي يف‬
‫"جامعه" (‪ )777 / 7‬برقم‪ )60( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )219 / 7‬برقم‪ ، )426( :‬قال األلباين‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )730 / 7‬برقم‪ )133( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )02 / 2‬برقم‪)102( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )797 / 7‬برقم‪)762( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )712 / 1‬برقم‪ )711 / 1( ، )2314( :‬برقم‪ )711 / 1( ، )2314( :‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )716 / 1( ، )2314‬برقم‪ )711 / 1( ، )2173( :‬برقم‪ )711 / 1( ، )2173( :‬برقم‪)2173( :‬‬

‫‪43‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ومع هذا ُيجوز استعامله‪ُ ،‬إن النبي ‪ ‬رشب من ماء زمزم واثتسل به‪ ،‬وإن كان ما ًء‬
‫رشيفا‪ُ ،‬الذي يالقي بدن النبي ‪ ‬من املياه مياه رشيفة‬
‫ومع ذل ال خالف بني العلامء يف جواز استعامَا للطهارة‪ ،‬مثال النبي ‪ ‬أدخل أصابعه‬
‫يف اإلناء ُنبع املاء ُهذا ماء رشيف إلدخال النبي ‪ ‬أصابعه ومع ذل جيوز استعامله‪ُ ،‬لي‬
‫كل ماء رشيف هنا مانع من استعامله للطهارة‪ُ ،‬يجوز استخدام ماء زمزم ولو يف احلاممات‪،‬‬
‫ولو يف تْسيل املمسوسني‪ ،‬وأوئل الذين يرون مرشوعية القراءة عىل املياه ُإذا قرأ عىل املاء‬
‫ُال يقال‪ :‬هذا املاء مقروء ال جيوز أن يدخل به احلامم أو تْسل به النجاسات‪ ،‬ألن هذه أمور‬
‫معنوية‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬استثنى النبي ‪ ‬البَر التي كانت تردها الناقة‪:‬‬
‫هنــا من امليــاه مــا يمنع إال ميــاه آبــار ثمود‪ ،‬وثمود يف بالد تبو املعروُــة‪ُ ،‬ــالنبي‬ ‫لي‬
‫ومر عىل هذه اآلبار ُاس ــتعجل الص ــحابة بنا ًء عىل األص ــل اس ــتقوا من هذه‬
‫‪ ‬خرج يف س ــفره ّ‬
‫اآلب ــار وعجنوا ب ــه عجينهم ُ ــأمرهم النبي ‪ ‬أن َريقوا املـ ــاء وأن يطعموا العجني اإلبـ ــل‬
‫وأمرهم أن يردوا البَر التي كانت تردها الناقة(‪.)7‬‬
‫‪ ‬مس ـ ـ ـ ــألــة‪ /‬كيف ُعرُــت البَر التي تردهــا النــاقــة من زمن ص ـ ـ ـ ــالح إىل زمن النبي ‪،‬‬
‫وهل ُيه أن التواتر ال يشرت ُيه اإلسالم؟‬
‫اجلواب‪ُ /‬عرُ ــت ب ــالوحي‪ ،‬أخرب النبي ‪ ‬أن ه ــذه البَر هي البَر التي ك ــان ــت ترده ــا‬
‫الناقة‪ُ ،‬لهذا أمر النبي ‪ ‬أن يستقوا من هذه البَر‪.‬‬
‫ويا سـ ــبحان اهلل‪ ،‬إىل مدد قريبة يف املصـ ــنفات األخرية التي صـ ــنفها بعض العلامء وهذه‬
‫البَر معلومة حمددة‪ ،‬يص ـ ــفوهنا أهنا التي يف املوض ـ ــع ُالين‪ ،‬اإلمام النووي ذكرها قال‪ :‬هي ال‬
‫زالت معروُة منذ زمن النبي ‪ ‬إىل اليوم‪ .‬وهكذا بعض املؤلفني قبل مخســني ســنة ذكر أي ــا‬
‫قالوا ‪ :‬وهي البَر التي يف املوضع ُالين‪ُ .‬هذا يدل عىل بقاء هذه البَر ومعرُة الناس َا‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )732 / 3‬برقم‪ )730 / 3( ، )4412( :‬برقم‪ )4410( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪2‬‬
‫‪ )227 /‬برقم‪)2027( :‬‬

‫‪41‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫اط و ْاألَ ْخبـ ِ‬


‫اط‪َ .‬و َل ْو َت َْ ه َري َل ْو ُنـ ُه َأ ْو َط ْع ُمـ ُه َأ ْو‬ ‫‪ ‬قــال¬‪ُ :‬هو طهور ي َطهر ِمن َا ْألَحـدَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ رُ َ ْ‬
‫ِرحيه بِ َيش صء َط ِ‬
‫اهر‪.‬‬ ‫ُُ ْ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا خالط املاء َشء من الطاهرات‪:‬‬
‫مثل أوراق الش ـ ـ ـ ــجر ومثل الش ـ ـ ـ ــاي‪ ،‬والقهوة‪ ،‬واخلل‪ ،‬والعس ـ ـ ـ ــل‪ ،‬والورد‪ ،‬والزعفران‪،‬‬
‫والص ـ ـ ـ ـ ــابون وثري ذل ـ ‪ .‬إذا خــالط املــاء َشء من الطــاهرات يص ـ ـ ـ ــري طــاهرا ثري مطهر عنــد‬
‫اجلمهور من أهــل العلم ُعنــدهم املــاء عىل ثالثــة أقس ـ ـ ـ ـ ــام‪ :‬طــاهر مطهر‪ ،‬وطــاهر‪ ،‬ونج ‪.‬‬
‫وهنا تقسيم آخر أن املاء ينقسم إىل قسمني ُقط‪ :‬طهور ونج ‪.‬‬
‫والراجح‪ :‬أن املــاء إذا خــالطــه َشء من الطــاهرات ُــأض ـ ـ ـ ــيف املــاء إليــه ومل يْلــب هــذا‬
‫الذي أضــيف إليه عىل املاء حتى يســلبه االســم املطلق ُإن هذا املاء يبقى عىل أصــل الطهورية‬
‫طاهرا مطهرا ‪.‬‬
‫أما إذا ثلب هذا الطاهر عىل املاء حتى ســلبه اســمه املطلق ومل ي ُعد يقال له ما ٌء إنام يقال‬
‫هذا عص ــري‪ ،‬ينظر الناظر ويطعم الطاعم ويش ــم الش ــام جيدونه ص ــار عص ــريا ‪ُ ،‬هذا ال يس ــمى‬
‫ما ًء أص ـ ــال ولكن هذا يقال عىل ما ثلب‪ ،‬هذا ش ـ ــاي أو عص ـ ــري أو زعفران أو هذا ماء ورد أو‬
‫ماء زعفران أو ثري ذل ‪ُ ،‬العربة بالْلبة‪.‬‬
‫إذا قال قائل‪ :‬ما هو الدليل عىل أن املاء إذا خالطه َشء من الطاهرات ومل يسـلبه أسمه‬
‫املطلق أنه ال يزال ماء طاهرا مطهرا ؟‬

‫‪46‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫اجلواب‪ /‬الدليل أن النبي ‪( ‬أمر يف ثسـ ـ ـ ــل املحرم أن يْسـ ـ ـ ــل بامء وسـ ـ ـ ــدر)(‪ .)7‬ومعلوم أن‬
‫السـ ـ ــدر سـ ـ ــيخالط املاء ومع ذل ال يزال مسـ ـ ــتعمال‪ .‬وهكذا يف حديث أم هانئ أن النبي ‪‬‬
‫(‪.)2‬‬ ‫(اثتسل من جفنة ُيها أثر العجني)‬

‫‪ ‬قال¬‪ :‬ك ََام َق َال َالنهبِي ‪-‬صـىل اهلل عليه وسلم «إِ هن َا ْ َملا َء َط ُه ٌ‬
‫ور َال ُين رَج ُس ُه َ ْ‬
‫َش ٌء» ‪-‬‬
‫ِ‬
‫يح‪.‬‬ ‫َر َوا ُه َأ ْه ُل َالسن َِن َو ُه َو َصح ٌ‬

‫هذا احلديث صــحيح‪« .‬إِ هن َا ْ َملا َء َط ُه ٌ‬


‫ور َال ُين رَج ُس ـ ُه َ ْ‬
‫َش ٌء» هبذا القيد ال يْلب عليه‪ .‬اتفق‬
‫العلامء عىل أن مجيع امل ــائع ــات ال جيوز التطهر هب ــا مث ــل اخل ــل وال ــدهون واملرق ونحو ذل ـ ‪،‬‬
‫واختلفوا يف النبيذ خالُا يس ـ ـ ــريا وإال مجهور أهل العلم عىل أن النبيذ ال جيوز التطهر به‪ ،‬ومن‬
‫جوز التطهر بالنبيذ استدل بيشء من األحاديث ال عيفة(‪.)4‬‬
‫ه‬
‫ب اِ ْجتِن َُاب ُه‪.‬‬ ‫‪ ‬ق ل¬‪ِ ُ :‬إ ْن َت َْ هري َأ َحدُ َأ ْو َصا ُِ ِه بِن ََجاس صة َُ ُه َو ن ِ‬
‫َج ٌ ‪َ ،‬جيِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حكم املاء إذا تْريت أوصاُه‬
‫املاء طهور ال ينجس ـ ــه َشء ولكن إذا تْري أحد أوص ـ ــاُه بالنجاس ـ ــة ُإنه يكون نجس ـ ــا‪،‬‬
‫وإذا كان نجس ـ ــا ُال جيوز اس ـ ــتخدام هذا املاء يف رُع األحداط‪ .‬إذا تْري أحد أوص ـ ــاُه اللون‬
‫أو الريح أو الطعم بس ـ ـ ــب النجاس ـ ـ ــة‪ ،‬وهذا ال خالف ُيه بني أهل العلم؛ أن املاء إذا خالطته‬
‫النجاسـ ـ ــة من بول أو ثائط أو دم حيض أو ميتة ونحو ذل من النجاسـ ـ ــات ُظهرت أثر هذه‬
‫النجاسة عىل لون املاء أو رحيه أو طعمه ُإنه يكون نجسا‪،‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 2‬برقم‪ ، )7261( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )24 / 3‬برقم‪، )7296( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )17 / 7‬برقم‪ )7 / 239( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )236 / 7‬برقم‪ )412( :‬وأمحد يف‬
‫"مسنده" (‪ )6199 / 72‬برقم‪)21141( :‬قال الشيخ األلباين‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫بأسا بالوضوء بالنبيذ ومل يصح‪ ،‬وبه يقول احلسن البرصي واألوزاعي‪ ،‬وقال‬
‫(‪ )4‬روي عن عيل‪ ¢‬أنه كان ال يرا ً‬
‫حممد بن احلسن‪ :‬جيمع بني النبيذ والتيمم‪ .‬حكاه املاوردي عنه‪ ،‬انظر "احلاوي"‬
‫عكرمة‪ :‬النبيذ وضوء من مل جيد املاء‪ .‬وقال ه‬
‫(‪)31/7‬‬

‫‪41‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ال يشرت اجتامع األوصاف الثالثة يف املاء‪.‬‬


‫ال يشرت حتى يكون نجسا أن يتْري لونه وطعمه ورحيه بل لو تْري أحد هذه األوصاف‬
‫بسبب النجاسة ُإنه يكون نجسا‪ ،‬خالُا ملذهب ربيعة وثريه الذي يشرتطون تْري وصفني‬
‫وال يكتفون بتْري وصف(‪ .)7‬وهذا قول مرجوح‪ .‬يكفي وصف واحد بقليل تْري أو كثريه كام‬
‫هو قول اجلمهور إال يف الرحية ُهنا مذهب مشهور عىل أن الرحية اليسرية يعفى عنها‪ ،‬ذكر‬
‫هذا اخلرقي ورجحه ابن قدامة وهو قول شيخ اإلسالم ابن تيمية واحلاُظ ابن القيم واحلاُظ‬
‫ابن رجب‪ .‬وبعض العلامء عىل أن يسري الرائحة يعفى عنها‪ ،‬ملاذا؟ لِّسعة رسيان الرائحة ُإن‬
‫مَّضة وحتصل بسبب املجاورة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرائحة حتصل بسبب املخالطة واملامزجة وهذه ه‬
‫مثال لو كـانـت هنـا جيفـة بجوار بركـة مـاء ُـإنـ لو رُعت هذا املاء تش ـ ـ ـ ــم رحية اجليفة‬
‫بسـبب املجاورة‪ ،‬ولكن ما الذي يميز أنه ما حصلت املخالطة واملامزجة له وأن الرحية بسبب‬
‫املجـاورة ُقط؟ الفص ـ ـ ـ ــل‪ ،‬خـذ هـذا املـاء إىل مكان بعيد‪ ،‬إذا اس ـ ـ ـ ــتطعت أن تزيل هذه الرائحة‬
‫الكرَــة ُهــذا يــدل عىل أن الرحيــة كــانــت بس ـ ـ ـ ـ ـبــب املجــاورة ُقط‪ ،‬أمــا لو مل يمكن ُصـ ـ ـ ـ ــل هــذه‬
‫الرائحة عن هذا املاء ُهذا يدل عىل أن النجاس ـ ـ ـ ــة قد خالطته ومازجت هذا املاء حتى متكنت‬
‫ُيه‪ُ .‬اخلالصة أن املاء إذا خالطته النجاسة وتْريت أحد أوصاُه ُهو نج ‪.‬‬
‫مسائل يف املاء إذا حلت ُيه النجاسة‪:‬‬
‫‪ ‬املسـ ــألة األوىل‪ :‬املاء القليل أو الكثري إذا ح هل ْت ُيه نجاسـ ــة وتْريت أحد أوصـ ــاُه‬
‫ُهو نج ‪ ،‬وهذه املسألة ال خالف ُيها‪.‬‬
‫‪ ‬املسـ ـ ــألة الثانية‪ :‬املاء الكثري املسـ ـ ــتبحر ‪-‬مثال بحرية أو بحر أو بركة كبرية جدا‪-‬لو‬
‫حلت ُيه النجاسة ومل تتْري أحد أوصاُه ُهو طاهر‪ ،‬وهذه ال خالف ُيها‪.‬‬
‫‪ ‬املسـ ـ ـ ـ ــألــة الثــالثــة‪ :‬مــا دون املــاء املس ـ ـ ـ ــتبحر إذا حلــت ُيــه النجــاسـ ـ ـ ـ ــة ومل تتْري أحــد‬
‫أوصاُه‪ ،‬هل يبقى طهورا؟‬

‫(‪ )7‬انظر ُتح الباري‪)431/7( :‬‬

‫‪42‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫الراجح من أقوال أهل العلم أنه يبقى طهورا س ـ ـ ــواء كان قليال أو كثريا ً‪ ،‬سـ ـ ـ ــواء كان يف‬
‫وعــاء ص ـ ـ ـ ــْري أو يف دلو كبري أو يف بركــة كبرية أو ص ـ ـ ـ ــْرية‪ ،‬ألن العربة بــالتْري ط ـاملــا مل يتْري‬
‫َش ٌء »‬ ‫ُعندنا عموم احلديث « إِ هن َا ْ َملا َء َط ُه ٌ‬
‫ور َال ُين رَج ُس ُه َ ْ‬
‫والنبي ‪ ‬أمر بص ـ ــب َذنوب من ماء عىل بول األعرايب‪ ،‬ومعلوم أن بول األعرايب كثري‬
‫والذنوب َشء يســري ومع هذا اكتفى النبي ‪ ‬بصــب هذا الذنوب ُيدل عىل أن يســري املاء إذا‬
‫حلت ُيه النجاسة ومل تتْري أحد أوصاُه أنه يبقى طهورا « إِ هن َا ْ َملا َء َط ُه ٌ‬
‫ور َال ُين رَج ُس ُه َ ْ‬
‫َش ٌء »‪.‬‬
‫قول املصنف‪ :‬األصل يف األشياء الطهارة واإلباحة‬
‫وثياب وأواين؛‬ ‫األصل يف مجيع األشياء من مأكوالت ومرشوبات وأرايض ومالب‬
‫األصل ُيها الطهارة واحلل واإلباحة‪.‬‬
‫والدليل عىل أن مجيع األرايض األصل ُيها الطهارة قول النبي ‪َ « :‬و ُج ِع َل ْت ِ َىل األَ ْر ُض‬
‫احلَ هام َم »(‪ .)2‬وهكذا‬ ‫جدً ا َو َط ُهورا » (‪ )7‬وقال النبي ‪ « :‬األَر ُض كُل َها مس ِ‬
‫جدٌ إِاله ا ْ َمل ْق ُ َرب َة َو ْ‬ ‫مس ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ ْ‬
‫التي ادا‬ ‫الطهارة‪ .‬ألن النبي ‪ ‬والصحابة كانوا يلبسون املالب‬ ‫األصل يف مجيع املالب‬
‫َم ويؤتى َم هبا من بالد الشام وكانت بيد الروم والتي يؤتى هبا من بالد ُارس والتي يؤتى‬
‫هبا من بالد اليمن وكانوا عىل رش ‪ .‬والدليل عىل احلل واإلباحة قول اهلل´‪ { :‬ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ } [سورة البقرة‪ { ]3١ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ} الالم تفيد‬
‫اإلباحة أي لتنتفعوا ولتستفيدوا‪ ،‬تنتفعوا أكال ورشبا ولبسا ويف كل وجوه االنتفاع‪{ .‬ﯬ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ }اسم املوصول يفيد العموم‪ .‬وهكذا يقول اهلل ´‪{ :‬ﰄ‬
‫ﰅﰆ ﰇﰈﰉ ﰊﰋﰌﰍﰎ } [سورة الج ية‪]14 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 7‬برقم‪ )01 / 7( ، )441( :‬برقم‪ )21 / 3( ، )342( :‬برقم‪)4722( :‬‬
‫ومسلم يف "صحيحه" (‪ )64 / 2‬برقم‪ )64 / 2( ، )127( :‬برقم‪)127( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )723 / 7‬برقم‪ )302( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )419 / 7‬برقم‪ )471( :‬وابن ماجه‬
‫يف "سننه" (‪ )310 / 7‬برقم‪ )131( :‬والدارمي يف "مسنده" (‪ )213 / 2‬برقم‪ )7349( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪)2329 / 1‬‬
‫برقم‪ )2327 / 1( ، )77063( :‬برقم‪ ،)77062( :‬قال الشيخ األلباين‪( :‬صحيح) اجلامع ‪)2161(:‬‬

‫‪40‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫سـخر اهلل ´ َذا اإلنسـان ما يف السموات وما يف األرض ألجل أن ينتفع هبا‪ ،‬وهكذا‬
‫قول اهلل ´‪{ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ } [س ـ ـ ـ ـ ــورة األعراف‪:‬‬
‫‪.]43‬‬
‫وهكذا آيات كثرية ُيها الدليل َذه القاعدة (األصــل يف األشــياء احلل واإلباحة) لقوله‬
‫´‪ { :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣﭤ } [س ـ ـ ــورة األنع م‪ُ ،]11١ :‬كل ما مل‬
‫يبني لنا حتريمه ُهو عىل أص ـ ـ ـ ــل احلل‪ ،‬وهكذا قوله ´‪ { :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢﮣ ﮤ ﮥﮦﮧ } [سورة األنع م‪]135 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهكذا قول النبي ‪ « :‬ما هني ُتكُم َعنْه َُ ِ‬
‫اجتَن ُبو ُه َو َما َأ َم ْر ُتك ُْم بِه َُا ُْ َع ُلوا منْ ُه َما ْ‬
‫اس َت َط ْعت ُْم‬ ‫َ َ َْ ْ ُ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫» (‪ )7‬وهكذا قوله ‪َ « :‬أ ْع َظ ُم ا ْمل ُ ْسلمنيَ ِف ا ْمل ُ ْسلمنيَ ُج ْر ًما َم ْن َس َأ َل َع ْن َأ ْم صر َمل ْ ُ َ‬
‫حي هر ْم َُ ُح رر َم َع َىل‬
‫هاس ِم ْن َأ ْج ِل َم ْس َأ َلتِ ِه »(‪ُ )2‬يدل عىل أن األصل اإلباحة‪ ،‬وهكذا احلديث « َُ َام َأ َح هل َُ ُه َو َحال ٌَل‬ ‫الن ِ‬
‫َت َعنْ ُه َُ ُه َو َع ْف ٌو » (‪ُ )4‬األصل يف مجيع األشياء احلل واإلباحة إال‬
‫َو َما َح هر َم َُ ُه َو َح َرا ٌم َو َما َسك َ‬
‫يف باب العبادات‪ ،‬العبادات األصل ُيها احلظر حتى يأيت دليل الترشيع ألن العبادة هي‪ :‬ما‬
‫ال يكون عبادة بل‬ ‫أمر اهلل هبا عىل سبيل اإلجياب أو عىل سبيل االستحباب‪ُ ،‬ام عدا ذل‬
‫يكون بدعة‪.‬‬
‫بعبادة بل‬ ‫ُام مل يأمر اهلل به ال عىل سبيل اإلجياب وال عىل سبيل االستحباب ُهو لي‬
‫هو بدعة‪ُ .‬األصل يف العبادات املنع واحلظر قال اهلل ´‪ { :‬ﮭ ﮮﮯﮰﮱ‬
‫ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ } [سورة الشورى‪]31 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )03 / 0‬برقم‪ )1222( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )792 / 3‬برقم‪/ 1( ، )7441( :‬‬
‫‪ )07‬برقم‪ )07 / 1( ، )7441( :‬برقم‪ )07 / 1( ، )7441( :‬برقم‪ )07 / 1( ، )7441( :‬برقم‪)07 / 1( ، )7441( :‬‬
‫برقم‪ )07 / 1( ، )7441( :‬برقم‪)7441( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )01 / 0‬برقم‪ )1220( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )02 / 1‬برقم‪/ 1( ، )2412( :‬‬
‫‪ )02‬برقم‪ )02 / 1( ، )2412( :‬برقم‪)2412( :‬‬
‫(‪)4‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )371 / 4‬برقم‪ )4299( :‬واحلاكم يف "مستدركه" (‪ )471 / 2‬برقم‪ ،)4211( :‬وعبد‬
‫الرزاق يف "مصنفه" (‪ )143 / 3‬برقم‪.)2161( :‬‬

‫‪39‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ط ِِف َأ ْم ِرنَا َه َذا َما َل ْي َ ِمنْ ُه َُ ُه َو َر ٌّد » (‪ )7‬وكان عليه الصالة‬


‫وقال النبي ‪َ « :‬م ْن َأ ْحدَ َ‬
‫اَّلل ِ َو َأ ْح َس َن ْاََدْ ِي َهدْ ُي ُحم هَم صد َو َرش‬
‫َاب ه‬
‫والسالم كثريا ً ما يقول يف خطبه «إِ هن َأصدَ َق ْ ِ ِ ِ‬
‫احلَديث كت ُ‬ ‫ْ‬
‫ور ُحمْدَ َث ُااَا َوكُل ُحمْدَ َث صة بِدْ َع ٌة َوكُل بِدْ َع صة َض َال َل ٌة »(‪)2‬ويف خارج الصحيح‪َ « :‬وكُل َض َال َل صة ِيف‬
‫ْاألُ ُم ِ‬
‫الن ِهار » (‪ُ )4‬األصل يف العبادات املنع‪ ،‬ال تقدم عىل َشء متقربا به إىل اهلل حتى تعرف الدليل‬
‫عىل مرشوعيته من كتاب اهلل أو من سنة رسوله ‪.‬‬
‫أما األصل يف بقية األشياء من املعامالت والعادات واملأكوالت واملرشوبات‬
‫وامللبوسات والترصُات كلها األصل ُيها اإلباحة‪ .‬الناس جرت عادام عىل معامالت‬
‫معينة‪ ،‬عىل مراسيم معينة يف ال ياُة‪ ،‬عىل أمور اعتادوها يف أشياء كثرية‪ُ ،‬األصل ُيها‬
‫اإلباحة حتى يأيت الدليل باملنع‪ .‬املعامالت من بيع وإجارة ورهن‪ ،‬امللبوسات‪ ،‬املأكوالت‪،‬‬
‫املرشوبات‪ ،‬الترصُات‪ ،‬العادات إال ما خالف النص والرشع‪ُ ،‬إذا خالف الرشع ُهو حمرم‬
‫وال يلتفت إىل هذه العادات‪ ،‬مثال من عادة الناس التعامل مع ال ُبنُو الربوية‪ ،‬وحلق اللحى‬
‫ُهذه العادة ُمالفة الرشع ُهي مردودة‪.‬‬
‫ب َأ ْو ُب ْق َع صة‪َ ،‬أ ْو َث ْ ِ‬
‫ري َها‪.‬‬ ‫‪ ‬قال ¬‪ِ َُ :‬إ َذا َش ه َا ْملسلِم ِيف نَجاس ِة م ص‬
‫اء َأ ْو َث ْو ص‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫حكم الش يف نجاسة املاء‬
‫إذا عرُنا ما تقدم أن األصل يف األشياء الطهارة‪ُ ،‬إذا ش املسلم يف نجاسة املاء هل‬
‫ُريجع إىل األصل‪ ،‬األصل أنه طاهر‪ .‬لو تْري املاء وال يدري هل سبب‬ ‫هو طاهر أم نج‬
‫التْري نجاسة أو ثري النجاسة ُاألصل أنه طاهر بدون خالف بني أهل العلم‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )723 / 4‬برقم‪ )2601( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )742 / 1‬برقم‪1( ، )7172( :‬‬
‫‪ )742 /‬برقم‪)7172( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )77 / 4‬برقم‪ )77 / 4( ، )261( :‬برقم‪ )77 / 4( ، )261( :‬برقم‪)261( :‬‬
‫(‪ )4‬النسائي يف "املجتبى" (‪ )442 / 7‬برقم‪)7 / 7111( :‬‬

‫‪37‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫بل يقول شيخ اإلسالم بن تيمية¬ أنه ال يرشع االحتيا يف تر املاء ألجل الش‬
‫(‪.)7‬‬‫ال عىل سبيل الوجوب وال يكون مستحبا بل قال أي ا‪ :‬ال يرشع أن يسأل عن املاء‬
‫ُاألصل بقاء املاء عىل أصل الطهارة وأن تستعمله وال تتكلف وال تتنطع تسأل عن‬
‫هذا املاء‪ُ ،‬إذا ش املسلم يف نجاسة املاء ُاألصل ُيه الطهارة‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬أ ْو َث ْو ص‬
‫ب) األصل ُيه الطهارة‪ ،‬مثال جاء من سفر بعد مدة ويريد أن يصيل ُرأا‬
‫ثوبا مرميا يف ثرُته ُال يدري هل أصـيب بيشـء حال ثيابه‪ ،‬هل تركه قبل شهر وهو طاهر أم‬
‫نج ‪ ،‬إذا ش ُاألصل أنه طاهر‪.‬‬
‫قولـه‪َ ( :‬أ ْو ُب ْق َعـ صة) مثال دخــل ونزل عىل ش ـ ـ ـ ـ ـخص ض ـ ـ ـ ــيفـا يف بيــت يبـدو أنـه مهجور ميلء‬
‫يقل‪ :‬أنا ما س ــأص ــيل حتى أعرف أن هذه البقعة طاهرة‪ .‬ألن األص ــل يف األماكن‬ ‫باألتربة ُال ْ‬
‫والبقع أهنا طاهرة وإذا ش أي ا ُريجع عىل األصل أهنا طاهرة‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬أ ْو َث ْ ِ‬
‫ري َها) مثل األواين‪ ،‬هل أنا أض ـ ــع املاء يف هذا الدلو وأتوض ـ ــأ أو هذا نج‬
‫واهلل أعلم بأي َشء أصـ ـ ــيب قبيل هل ولْت ُيه الكالب‪ ،‬هل بال ُيه األطفال‪ ،‬هل حصـ ـ ــل‬
‫ُيه َشء من النجاسات؟! ال يلتفت إىل هذا‪.‬‬
‫اهر َأو َتي هقن َال هطهار َة و َش ه ِيف َا ْحلدَ ِ‬
‫ط‪َُ :‬هو َط ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ٌر‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬قوله‪ُ َُ :‬ه َو َط ٌ ْ َ َ َ َ َ‬
‫من تيقن الطهارة وش يف احلدط‬
‫هذه مس ــألة أخرا؛ إذا تيقن الطهارة وش ـ يف احلدط ُهو طاهر‪ ،‬األص ـل بقاء ما كان‬
‫عىل مــا كــان‪ ،‬واليقني ال يزول بــالش ـ ـ ـ ـ ـ ‪ .‬أنــت عىل اليقني بــالطهــارة ُطرأ علي ـ الش ـ ـ ـ ـ ـ ُال‬
‫تلتفت إىل هذا الش ـ ـ ‪ .‬يعرف أنه بعد اإلرشاق صـ ــىل ركعتني وخرج إىل البيت‪ ،‬جاء السـ ــاعة‬
‫العــارشة ُال يــدري خالل هــذه األربعــة الس ـ ـ ـ ـ ــاعــات هــل أحــدط أم ال‪ ،‬هو أعــاد الــذاكرة إىل‬
‫اخللف تذكر أن آخر عهده يف الص ـ ـ ـ ــالة بعد اإلرشا ق‪ُ ،‬هو متيقن أنه قبل ثالثة س ـ ـ ـ ــاعات كان‬
‫عىل الطهارة بدليل أنه صىل‪ُ ،‬يبقى عىل هذا األصل حتى يأتيه يقني أو ثلبة ظن‪.‬‬

‫(‪ )7‬انظر جمموع الفتاوا‪)16/27( :‬‬

‫‪32‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫لص َال ِة‪َ « :‬ال َين َ ِ‬ ‫خيي ُل إِ َلي ِه َأنهه َجيِدُ َا ه ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬


‫ف َحتهى َي ْس َم َع‬
‫ْرص ْ‬ ‫ليش َء يف َا ه‬
‫ْ‬ ‫‪ ‬قوله‪ :‬ل َق ْوله ‪ ‬يف َا هلر ُج ِل ُ َ ه ْ ُ‬
‫َص ْوتًا َأ ْو َجيِدَ ِر ً‬
‫حيا»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫استدل بحديث الرجل الذي خييل إليه أنه جيد اليشء يف الصالة‪( ،‬خييل) أي يش‬
‫ص‬
‫دبيب أو َشء من‬ ‫ويتوهم أنه وجد اليشء يف الصالة يعني يشعر بحركة يف بطنه أو قرقرة أو‬
‫ف َح هتى َي ْس َم َع َص ْو ًتا َأ ْو َجيِدَ ِر ً‬
‫حيا »(‪.)7‬‬ ‫ذل ‪ُ ،‬قال النبي ‪َ « :‬ال َين َ ِ‬
‫ْرص ْ‬
‫ُال يلتفت إىل هذه الشكو وهذه الوساوس‪ ،‬لكن الذي يدُع اليقني‪ :‬يقني مثله وعىل‬
‫القول الراجح أي ا ثلبة الظن‪ ،‬ألن كثريا ً من أمور الرشع بنيت عىل اليقينيات وعىل ثلبة‬
‫الظن‪ُ ،‬إذا شعر بحركة ثلب عىل ظنه أهنا حدط وهذا حيصل‪ُ ،‬إذا كان يف الصالة خيرج من‬
‫عىل طهارة‪.‬‬ ‫الصالة وإذا كان خارج الصالة أي ا يعرف أنه لي‬
‫املسألة مقصورة عىل جمرد‬ ‫قد يكون اإلنسان أص ًام ال يسمع أو يكون أخش ًام ال يشم ُلي‬
‫الشم أو سامع الصوت لكن املقصود هو حصول اليقني‪ ،‬إذا حصل اليقني ُإنه يعمل به وإن‬
‫مل يسمع صوتا أو جيد رحيا ألن هذا يراد به عىل الْالب وحصول اليقني‪.‬‬
‫قاعدة‪ :‬بقاء ما كان عىل ما كان‪.‬‬
‫وهذه القاعدة مفيدة ومن أعظم القواعد يف باب النكاح وضده‪ ،‬يف باب البيع وضده‪ ،‬ويف‬
‫مجيع األبواب‪ .‬إذا كنت عىل يقني عدم الطهارة ُشككت هل تطهرت أم ال‪ُ ،‬تبقى عىل اليقني‪،‬‬
‫مثال ‪-‬عىل املثال األول‪-‬جاء الساعة العارشة قال‪ :‬أنا اآلن عىل طهارة أم ال‪ ،‬أعاد الذاكرة إىل‬
‫اخللف تيقن أنه يف الساعة الثامنة دخل احلامم ليقيض حاجته‪ ،‬ثم يف الساعة العارشة يقول‪:‬‬
‫هل ملا دخلت احلامم‪ ،‬هل تطهرت أو مل أتطهر؟! وهو يف اليقني أنه دخل احلامم وقىض حاجته‬
‫من ثائط أو بول وش هل تطهر‪ُ ،‬األصل بقاء ما كان عىل ما كان يعني أنت عىل ثري طهارة‬
‫ُتبقى عىل هذا حتى يأتي ثلبة الظن أن تطهرت‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )40 / 7‬برقم‪ )36 / 7( ، )741( :‬برقم‪ )13 / 4( ، )711( :‬برقم‪)2916( :‬‬
‫ومسلم يف "صحيحه" (‪ )720 / 7‬برقم (‪.)467‬‬

‫‪34‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫مثال آخر‪ :‬زوجته يف عصمته ش يف املرة األوىل ملا حصل اخلصام هل طلقت أم ال‪ ،‬ألنه‬
‫قبل سنتني حصلت خصومة وطلق‪ ،‬لكن هذا التي قبل سنة ال يدري ملا حصلت اخلصومة‬
‫هل طلق أم ال‪ ،‬وهذا حيصل‪.‬‬
‫ُاألص ـ ـ ـ ــل بقاء الزوجية طاملا هو يش ـ ـ ـ ـ ـ هل طلق أم مل يطلق ُاألص ـ ـ ـ ــل بقاء الزوجية‪.‬‬
‫وهكــذا يف البيع‪ ،‬والطالق والرض ـ ـ ـ ـ ــاع ويف أبواب كثرية‪ ،‬األص ـ ـ ـ ـ ــل بقــاء مــا كــان عىل مــا كــان‬
‫ف َحتهى َي ْس َم َع َص ْوتًا َأ ْو‬ ‫واليقني ال يزول بالشـ ومسـتند هذه القاعدة هذا احلديث « َال َينْ َ ِ‬
‫رصـ ْ‬
‫حيا» وهذا عام يف الص ـ ـ ـ ــالة وخارج الص ـ ـ ـ ــالة وهذا قول مجهور أهل العلم خالُا ل مام‬ ‫َجيِدَ ِر ً‬
‫مال ُعنه ثالط روايات‪:‬‬
‫الرواية األوىل‪ :‬كقول اجلمهور‪.‬‬
‫والرواية الثانية‪ :‬عىل خالف قول اجلمهور متاما‪ ،‬أنه عليه الوض ـ ــوء مطلقا س ـ ــواء كانت‬
‫هذه الشكو يف الصالة أو خارج الصالة‪.‬‬
‫الرواية الثالثة‪ :‬التفصيل؛ لو كان يف الصالة ُال ينرصف وإذا كان خارج الصالة ُإنه‬
‫ينرصف‪.‬‬
‫والقول الراجح هو قول اجلمهور أن الشــكو ال يعترب هبا وال يلتفت إليها ســواء كانت‬
‫يف الصالة أو خارج الصالة‪.‬‬
‫اليش َء ِيف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خييه ُل إ َل ْيه َأنه ُه َجيدُ ه ْ‬
‫ِ‬
‫لو قال قائل‪ :‬احلديث يقول‪ُ « :‬شك َي َإىل النهبِ ري ‪ ‬ه‬
‫الر ُج ُل ُ َ‬
‫الص َال ِة » حدده يف الصالة‪ُ ،‬ام اجلواب؟‬
‫ه‬
‫اجلواب‪ /‬أن يف حــديــث أيب هريرة وهو يف مس ـ ـ ـ ــلم عــدم ذكر الص ـ ـ ـ ــالة قــال‪« :‬إِ َذا َو َج ـدَ‬
‫َأ َحدُ ك ُْم ِِف َب ْطن ِ ِه َشـ ْي ًَا َُ َأ ْشـك ََل َع َل ْي ِه َأ َخ َر َج ِمنْ ُه َشـ ْى ٌء َأ ْم الَ َُ َ‬
‫ال َخي ُْر َج هن ِم َن ا ْ َمل ْسـ ِج ِد َحتهى َي ْس َم َع‬
‫حيا»(‪.)7‬‬ ‫َص ْوتًا َأ ْو َجيِدَ ِر ً‬
‫‪‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )709 / 7‬برقم‪)462( :‬‬

‫‪33‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫(اآلنية) مجع إناء كأسقية وسقاء وأردية ورداء‪ ،‬واإلناء هو الوعاء‪ ،‬ومجع اآلنية أواين‪.‬‬

‫يع َا ْألَ َو ِاين ُم َب َ‬


‫اح ٌة‪.‬‬ ‫‪ ‬قول املصنف ¬‪َ :‬و َ ِ‬
‫مج ُ‬
‫مجيع األواين مباحة س ـ ـ ــواء كانت من زجاج أو من حديد أو من ص ـ ـ ــفر أو من خش ـ ـ ــب أو من‬
‫جلود أو من خزف أو من حج ــارة منحوت ــة أو من اجلواهر النفيس ـ ـ ـ ـ ـ ــة ك ــالي ــاقوت والز َم هرد‪،‬‬
‫ُجميع األواين مباحة إال ما جاء الرشــع باســتثنائه كام ســيأيت يف آنية الذهب والف ــة‪ .‬والدليل‬
‫تقـدم يف القاعدة التي ذكرها املص ـ ـ ـ ــنف‪ :‬وهي أن األص ـ ـ ـ ــل يف األش ـ ـ ـ ــياء اإلباحة إال العبادات‬
‫ُاألصل ُيها املنع واحلظر حتى يقوم الدليل عىل الترشيع‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬استعامل اآلنية الثمينة‪:‬‬
‫مجيع األواين مب ــاح ــة من مجيع األش ـ ـ ـ ـ ـي ــاء‪ُ ،‬ألج ــل ه ــذا جيوز التطهر يف ك ــل إن ــاء ب ــدون‬
‫(‪ )2‬واثتس ـ ــل من جفنة(‪)4‬‬‫اس ـ ــتثناء‪ ،‬والنبي ‪ ‬قد تطهر من تور من ص ـ ــفر(‪ )7‬وتطهر من إداوة‬
‫وأي ــا توضــأ من ِقربة‪ُ ،‬لهذا ُاألصــل يف مجيع األواين أنه جيوز اســتعامَا والوض ــوء والتطهر‬
‫منهــا واختــاذهــا زينــة واس ـ ـ ـ ــتعامَــا يف س ـ ـ ـ ـ ــائر أنواع االس ـ ـ ـ ــتعامالت حتى لو كــانــت ثمينــة مثــل‬
‫الفريوزج‪ ،‬والزمرد‪ ،‬واليــاقوت وإذا وجــد من الزجــاج كلهــا جــائز‪ ،‬وهــذا قول اجلمهور من‬
‫أهل العلم بقاء عىل األصل‪ ،‬األصل اإلباحة واستصحابا للرباءة األصلية‪.‬‬
‫وخالف بع هم ُحرم ما كان ثمينا جدا قالوا ‪ :‬هذا ُيه إرساف وُيه خيالء إذا كان‬
‫اإلناء الذي يتوضأ ُيه أو يأكل ُيه باملاليني‪ ،‬هذا ال يليق بأخالق املتقني‪ .‬لكن الراجح هو‬
‫قول اجلمهور‪ { ،‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ } [سورة األعراف‪:‬‬
‫‪ ]43‬قد يكون ورثه عن أبيه‪ ،‬أو وجده‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )32 / 7‬برقم‪ )721( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )731 / 7‬برقم‪)241( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪)32 / 7‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )21 / 7‬برقم‪ )7 / 423( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )26 / 7‬برقم‪ )62( :‬والرتمذي يف‬
‫"جامعه" (‪ )791 / 7‬برقم‪ )61( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪)237 / 7‬‬

‫‪31‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫لكن إذا اشرتا هذا اإلناء باملاليني ملجرد األكل أو الرشب ُيه ُقد يقال إن هذا ال جيوز‬
‫لقوله تعاىل‪ { :‬ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ} [سورة األنع م‪ ]131 :‬وقوله تعاىل‪{ :‬‬
‫ﯵﯶﯷ *ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ} [سورة اإلرساء‪:‬‬
‫‪ ،]21 - 26‬والنبي ‪ ‬هنى عن إضاعة املال كام يف حديث املْرية بن شعبة وأيب هريرة « إِ هن‬
‫و َك ْثر َة الس َؤ ِ‬
‫ال» (‪)7‬‬ ‫اهلل ك َِر َه َلكُم َث َال ًثا‪ِ :‬ق َيل َو َق َال‪َ ،‬وإِ َضا َع َة ْ ِ‬
‫املَال‪َ َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اج ِة‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ب وا ْل ِف ه ِة وما ُِ ِيه َ ِ‬
‫َش ٌء منْ ُه َام‪ ،‬إِ هال َا ْل َيس َري م ْن َا ْلف ه ة ل ْل َح َ‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫‪ ‬قال¬‪ :‬إِ هال آنِ َي َة َا ه‬
‫لذ َه ِ َ‬
‫ب َوا ْل ِف ه ِة‪َ ،‬و َال َت ْأ ُك ُلوا ِيف ِص َحاُِ َها َُ ِإ ههنَا ََ ُ ْم ِيف َالد ْنيَا‪َ ،‬و َلك ُْم‬ ‫َرش ُبوا ِيف آنِيَ ِة َا ه‬
‫لذ َه ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫؛ ل َق ْوله ‪َ « ‬ال ت ْ َ‬
‫ِيف َا ْآل ِخ َر ِة» ‪ُ -‬م هت َف ٌق َع َليْ ِه‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬استعامل آنية الذهب والف ة؟‬
‫ال جيوز استعامَا يف األكل والرشب وهذا بإمجاع من أهل العلم للحديث الذي ذكره‬
‫ب َوا ْل ِف ه ِة‪َ ،‬و َال َت ْأ ُك ُلوا ِيف ِص َحاُِ َها‬ ‫َرش ُبوا ِيف آنِيَ ِة َا ه‬
‫لذ َه ِ‬ ‫املصنف‪ :‬وهو حديث حذيفة ‪َ « ‬ال ت ْ َ‬
‫َُ ِإ ههنَا ََ ُ ْم ِيف َالد ْنيَا‪َ ،‬و َلك ُْم ِيف َا ْآل ِخ َر ِة» (‪ُ )2‬هذا احلديث واضح الداللة عىل التحريم‪ُ ،‬األصل‬
‫يف النهي أنه يفيد التحريم بل ويف حديث أم سلمة~ ما يدل عىل ما هو أعظم من جمرد‬
‫التحريم وهو أنه كبرية من كبائر الذنوب‪ُ ،‬في حديث أم سلمة يف الصحيح أن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫جي ْر ِج ُر ِِف َب ْطن ِ ِه ن ََار َج َهن َهم »(‪ُ )4‬هو متوعد بالنار‪ ،‬ومن ضابط‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫رش ُب ِف آنيَة ا ْلف ه ة إِن َهام ُ َ‬
‫ِ‬
‫«ا هلذا َي ْ َ‬
‫الكبرية أنه ما توعد عليه بوعيد يف اآلخرة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )762 / 7‬برقم‪ ، )233( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )01 / 2‬برقم‪)104( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 1‬برقم‪ )772 / 1( ، )1326( :‬برقم‪ )774 / 1( ، )1642( :‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )730 / 1( ، )1644‬برقم‪ )719 / 1( ، )1247( :‬برقم‪ )1241( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )746 / 6‬برقم‪)2961( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )774 / 1‬برقم‪ )1643( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )743 / 6‬برقم‪.)2961( :‬‬

‫‪36‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ونقل ثري واحد اإلمجاع عىل حتريم األكل والرشب يف آنية الذهب والف ة‪ ،‬وهنا‬
‫خالف يسري؛ قول معاوية بن قرة أحد التابعني يقول‪ :‬ال حيرم‪ .‬قال العلامء‪ :‬لعله مل يبلْه‬
‫النهي‪ .‬والشاُعي‪ :‬يف قوله القديم قال‪ :‬يكره يعني ال يكون حمرما‪ .‬ولكن هذا قوله القديم‬
‫وأما قوله يف اجلديد ُهو التحريم‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إىل حتريم الرشب ُقط‪ ،‬لكن قد ثبت يف حديث حذيفة ‪‬‬
‫ب َوا ْل ِف ه ِة‪َ ،‬و َال َت ْأ ُك ُلوا ِيف ِص َحاُِ َها» لعل البعض مل يقفوا عىل حديث‬ ‫َرش ُبوا ِيف آنِ َي ِة َا ه‬
‫لذ َه ِ‬ ‫« َال ت ْ َ‬
‫حذيفة الذي ُيه اجلمع بني النهي عن األكل والرشب‪.‬‬
‫وسواء كان هذا اإلناء صْريا أو كان كبريا ؛ ُهو داخل يف التحريم‪ ،‬وهذا احلكم شامل‬
‫للرجال وللنس ـ ـ ــاء وإن كانت املرأة ُأبيح َا اس ـ ـ ــتعامل الذهب لكن ألجل أن تتزين لزوجها أو‬
‫لسـ ـ ـ ــيدها‪ُ ،‬هذا خرج عن األصـ ـ ـ ــل يقال‪ :‬األصـ ـ ـ ــل بالنسـ ـ ـ ــبة للمرأة جواز اسـ ـ ـ ــتعامَا للذهب‬
‫آنية الذهب والف ــة وإن كان جيوز َا اســتعامل‬ ‫والف ــة إال ُيام اســتثناه الدليل‪ ،‬وهو خص ووو‬
‫احليل من الذهب للتزين وثريه لكن بالنسبة آلنية الذهب والف ة ُال جيوز لعموم احلديث‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل التحريم مقترص عىل اخلالص من الذهب والف ة أو يشمل أي ا‬
‫واملموة ‪-‬أي املطيل‪-‬؟‬
‫ه‬ ‫املخلو بنحاس أو حديد‬
‫اجلواب‪ /‬املطيل أصله نحاس أو حديد وطيل بذهب أو ُ ة‪ ،‬أو امل هبب وهو‪ :‬الذي‬
‫ُيه ضبة وهي التي تتخذ يف الكسور ويف الشقوق ويف موضع الرشب مثل إناء خشبي انكِّس‬
‫ُسده بسل من ُ ة أو وضع يف موضع الفم من اإلناء حلقة من ُ ة‪.‬‬
‫قول اجلمهور من أهل العلم أنه يشمل املخلو واخلالص إال ما استثني كام سيأيت‪،‬‬
‫رش َب ِِف‬
‫وأظهر دليل َم حديث ابن عمر ‪ ¢‬الذي رواه الدارقطني والبيهقي مرُوعا « َم ْن َ ِ‬
‫ب َأو ُِ صة َأو إِن ص‬
‫َاء ُِ ِيه َش ْى ٌء ِم ْن َذل ِ َ » (‪ )7‬يعني ولو كان شيَا يسريا ُملوط ًا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إِنَاء َذ َه ص ْ ه ْ‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "الكربا" (‪ )494 / 6‬برقم‪ )494 / 6( ، )6217( :‬برقم‪ )6212( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري"‬
‫(‪ )22 / 7‬برقم‪ )20 / 7( ، )791( :‬برقم‪ )790( :‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ )06( :‬معلول بجهالة حال‬
‫إبراهيم بن عبد اهلل بن مطيع وولده انظر (ُتح الباري رشح صحيح البخاري)‪)792 / 79( :‬‬

‫‪31‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ولكن هذا احلديث ضعيف ال يصح مرُوعا يف سنده ضعف ورجح البيهقي وقفه عىل ابن‬
‫عمر‪ ،‬وأنه من ُعله؛ ما كان يرشب يف َشء ُملو ‪ُ .‬النهي جاء يف أواين الذهب والف ة‪،‬‬
‫ُكل ما قيل إنه ذهب أو ُ ة هذا الذي يشمله التحريم‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للم بب ُالراجح بالدليل أنه جائز والدليل عىل ذل حديث أن ‪‬‬
‫ب ِس ْل ِس َل ًة ِم ْن ُِ ه صة» (‪ )7‬رواه البخاري‪( ،‬مكان‬
‫اخت َذ َمكَا َن ال هش ْع ِ‬ ‫« َأ هن َقدَ َح النهبِ ري ‪ ‬ا ْنك َ َ‬
‫َِّس َُ ه َ‬
‫الشعب) أي مكان الكِّس‪.‬‬
‫وهذا ُيه الداللة عىل جواز ت بيب األقداح بالف ة‪ ،‬وإن كان األصل هو املنع ولكن‬
‫جاءت السنة بذكر الت بيب بالف ة واجلمهور يشرتطون يف الت بيب رشوط ًا‪:‬‬
‫أن تكون ضبة‪ ،‬وأن تكون يسرية‪ ،‬وأن تكون من ُ ة‪ ،‬وأن تكون للحاجة‪.‬‬
‫وهنا قول آخر ال يشرتطون احلاجة بل يسهلون يف شأن الت بيب‪ُ .‬عىل قول اجلمهور‬
‫أن يكون للحاجة ما يكون للزينة‪ ،‬مثال عنده إناء خشبي ُذهب يزينه جيعل يف موضع الفم‬
‫من اإلناء حلقة من ُ ة ويف األسفل حلقة من ُ ة ليصري حسنا‪.‬‬
‫كلمة (للحاجة) هي ثري الَّضورة أما إذا كانت هنا رضورة ُيجوز استعامل إناء‬
‫الذهب والف ة يف األكل والرشب للَّضورة‪ ،‬مثال إذا كان اإلنسان ما عنده وعاء يأكل به‬
‫وهو م طر‪ ،‬ما يستطيع أن يأكل هذا األكل إال بطريقة الوعاء‪ ،‬وهذا باإلمجاع من أهل العلم‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )24 / 3‬برقم‪ )774 / 1( ، )4790( :‬برقم‪.)1642( :‬‬

‫‪32‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيوز استخدام آنية الذهب والف ة يف الطهارة ويف سائر االستعامالت‪،‬‬
‫ثري األكل والرشب؟‬
‫اجلواب‪ )7( /‬املسألة ُيها قوالن ألهل العلم‪:‬‬
‫‪ ‬القول األول‪ :‬أنه حيرم األكل والرشب يف آنية الذهب والف ة وحيرم أي ا االختاذ‬
‫َام ‪-‬أي االقتناء‪-‬ومجيع أنواع االستعامالت‪ ،‬وهذا قول مجهور أهل العلم واستدلوا بأنه إذا‬
‫كان األكل والرشب مع احلاجة إليهام يمنع يف أواين الذهب والف ة مع أنه هو الْالب يف‬
‫استعامالت الناس‪ُْ ،‬ري األكل والرشب يكون ممنوعا من باب أوىل‪ .‬هذه من حججهم‪.‬‬
‫‪ ‬القول الثاين‪ :‬جيوز اختاذ أواين الذهب والف ة واستعامَام يف مجيع أنواع استعامالت‬
‫إال يف األكل والرشب‪ ،‬وهذا قول طائفة من أهل العلم‪.‬‬
‫وهنا رواية عن أمحد يف كراهة االختاذ‪ ،‬وهو قول بالكراهة عند بعض الشاُعية يف‬
‫االختاذ واالستعامل‪ ،‬وهو قول طائفة من املحققني كالعالمة الصنعاين واإلمام الشوكاين وهو‬
‫قول الشيخ ابن عثيمني من املعالين؛ أن التحريم مقترص ُقط عىل األكل والرشب وأن‬
‫سائر وجوه االستعامالت مباحة‪.‬‬
‫ب َوا ْل ِف ه ِة‪َ ،‬و َال‬ ‫َرش ُبوا ِيف آنِ َي ِة َا ه‬
‫لذ َه ِ‬ ‫دليلهم‪ :‬قالوا ‪ :‬أن النص جاء يف األكل والرشب « َال ت ْ َ‬
‫َت ْأ ُك ُلوا ِيف ِص َحاُِ َها» ُنبقى يف سائر االستعامالت عىل األصل اإلباحة‪.‬‬
‫والدليل الثاين‪ :‬حديث أم سلمة أهنا اختذت جلجال ‪-‬وعاء صْري ‪-‬من ُ ة وجعلت‬
‫ُيه شعرات من شعرات النبي ‪ُ ‬كانت إذا مرض مريض أخرجت هذه الشعرات حتى‬
‫يستشفى هبا وهو يف البخاري (‪)2‬قالوا ‪ :‬هذه أم سلمة أم املؤمنني وزوجة النبي ‪ ‬اختذت وعاء‬
‫صْريا من ُ ة ألجل هذا الْرض‪.‬‬

‫(‪ )7‬قال الشيخ¬‪( :‬يف توضيح املسألة) مثل التكحل يعني يتخذ إناء صْريا ً من ُ ة أو ذهب ليجعل هذا اإلناء‬
‫مكحلة أو جيعلها ظرُا للطيب أو للتجمري أو للزينة‪ ،‬هل حتريم استعامل أواين الذهب والف ة ُقط يف األكل والرشب أو‬
‫يشمل سائر االستعامالت ومجيع أنواع اإلختاذات‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )769 / 1‬برقم‪.)1206( :‬‬

‫‪30‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وهذا القول الثاين قوي أنه ال دليل واضح عىل حتريم ثري األكل والرشب‪ ،‬ولكن األحو أنه‬
‫يرت ‪ .‬وابن حجر¬ يقول‪ :‬واملنع مبني عىل العلة(‪.)7‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬ما هي علة حتريم األكل والرشب يف إناء الذهب والف ة؟‬
‫‪ ‬القول األول‪ :‬قيل‪ :‬ألهنام ذهب وُ ة‪.‬‬
‫‪ ‬القول الثاين‪ :‬ألجل أال حيصـ ـ ــل ت ـ ـ ــييق يف النقدين يف الذهب والف ـ ـ ــة ُهي كانت أثامنا‬
‫وق َي ًام للمتلفات ولو اسـتعملت أواين واسـتعملت يف سـائر االســتعامالت معناه أنه يقل ويؤدي‬ ‫ِ‬
‫إىل حص ـ ـ ــول الت ـ ـ ــييق عىل الناس يف قلة النقدين الذي حيتاج الناس إليهام‪ ،‬وهذا مرجح عند‬
‫الشاُعية أن العلة خوُا من قلة النقدين‪.‬‬
‫‪ ‬القول الثالث‪ :‬ألجل الِّسف واخليالء أو ألجل أال تنكِّس قلوب الفقراء‪.‬‬
‫ألجل أال تشبه باألعاجم ُإن هذا من ُعل األعاجم‪)2( .‬‬ ‫‪ ‬القول الرابع‪:‬‬
‫لو كانت علة التحريم الِّسف واخليالء أو كِّس قلوب الفقراء‪ُ ،‬القول باملنع يف سائر‬
‫أنواع االستعامالت قول وجيه؛ ألنه ال ُرق بني أن تأكل وأن ترشب وأن تقتني أو أن‬
‫تستعمل‪ُ ،‬العلة موجودة‪ ،‬ولكن هذه العلة ليست منصوص عليها‪ُ ،‬قد يقول قائل‪ :‬نكتفي‬
‫بام ورد يف النص بدليل أن اجلمهور أنفسهم يرجحون استعامل أواين سائر األشياء ولو كانت‬
‫ثمينة ولو كانت أثىل من الذهب والف ة‪.‬‬

‫(‪ )7‬انظر‪ :‬رشح صحيح البخاري البن حجر (ُتح الباري) (‪)02-01/79‬‬
‫(‪ )2‬ذكر احلاُظ هذه األقوال يف الفتح‪ ،‬انظر املصدر السابق‬

‫‪19‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم التطهر بإناء الذهب أو الف ة؟‬


‫اجلواب‪ /‬املسالة ُيها ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ ‬القول األول‪ :‬الطهـارة ص ـ ـ ـ ــحيحة مع اإلثم‪ ،‬وهذا قول اجلمهور ودليلهم ما تقدم‬
‫حتريم سائر أنواع االستعامالت‪ ،‬قالوا وال يؤدي إىل بطالن الوضوء أو الْسل‪.‬‬
‫وهذا القول نسب إىل داود الظاهري(‪)7‬‬ ‫‪ ‬القول الثاين‪ :‬الطهارة باطلة‪،‬‬
‫‪ ‬القول الثــالـث‪ :‬بنــاء عىل مـا تقـدم أنـه جـائز بــدون كرا هــة وبع ـ ـ ـ ــهم يقول جــائز مع‬
‫الكرا هـة وألن القـائلني بـاجلواز منهم من كره ومنهم من جوز بـدون كراهة‪ .‬والراجح يف هذه‬
‫املسألة هو القول الراجح يف املسألة التي قبلها‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم استعامل أواين الكفار أو املرشكني؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح هو جواز استعامل أواين املرشكني بدون كراهة إذا مل يستعملوها يف املحرم؛‬
‫يف طبـاخـة اخلنزير وامليتة أو يف رشب اخلمور ُيها‪ ،‬والدليل عىل ذل حديث جابر ‪ُ « :‬كنها‬
‫يب َذل ِ َ‬ ‫رش ـ ـكِنيَ و َأس ـ ـ ِقيتِ ِهم َُنَس ـ ـ َتمتِع ِهبا َُ َ ِ‬
‫يب ِم ْن آنِ َي ِة ا ْمل ُ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ِ‬
‫ال َيع ُ‬ ‫َ ْ َ ْ ْ ْ ُ َ‬ ‫َن ْْ ُزو َم َع َر ُس ـ ـ ِ ه‬
‫اَّلل ‪َُ ‬نُص ـ ـ ُ‬
‫َع َل ْي ِه ْم» (‪ )2‬رواه أمحد وأبو داود وهو حديث صحيح‪،‬‬
‫وأما حديث أيب ثعلبة اخلشني أنه قال‪ :‬يا رسول اهلل إن يف أرض قوم من أهل الكتاب أُنأكل‬
‫يف آنيتهم؟ قـال‪« :‬ال إال أال جتـدوا ثريها ُتْس ـ ـ ـ ــلوها وتأكلوها ُيها » (‪ )4‬متفق عليه‪ُ .‬ظاهر‬
‫احلديث أن اجلواز برش عدم وجود ثريها وبرش ثسلها قبل استعامَا‪.‬‬

‫(‪)7‬انظر "املجموع رشح املهذب" (‪ )217 /7‬و"رشح صحيح مسلم للنووي" (‪)49 /73‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )322 / 4‬برقم‪ )4242( :‬وأخرجه أمحد يف "مسنده" (‪ )4710 / 6‬برقم‪)71221( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )26 / 1‬برقم‪ )22 / 1( ، )1312( :‬برقم‪ )09 / 1( ، )1322( :‬برقم‪)1306( :‬‬
‫ومسلم يف "صحيحه" (‪ )12 / 6‬برقم‪ )10 / 6( ، )7049( :‬برقم‪ )10 / 6( ، )7049( :‬برقم‪)10 / 6( ، )7047( :‬‬
‫برقم‪ )10 / 6( ، )7047( :‬برقم‪ )10 / 6( ، )7047( :‬برقم‪)7047( :‬‬

‫‪17‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وجه العلامء هذا احلديث عىل أنه قد ُعلم أهنم يأكلون عليها اخلنزير ويرشبون ُيها اخلمور‬
‫وإذا كان كذل ُال تستخدم إال إذا مل يوجد ثريها‪ُ ،‬تستخدم بعد ثسلها‪ُ ،‬هذا قول اجلمهور‬
‫يف مسألة أواين املرشكني وهو القول الراجح ألن النبي ‪ ‬استخدم أواين املرشكني‪ ،‬وقد دعاه‬
‫َودي إىل خبز شعري وإهالة سنخة ُأجابه(‪ ،)7‬وأهدت إليه امرأة شاة مسمومة(‪ )2‬وقد تكون‬
‫ٌ‬
‫يف وعاء وهكذا أخذ النبي ‪ ‬وأصحابه من مزادة امرأة مرشكة (‪ )4‬وثبت عن عمر موقوُا أنه‬
‫توضأ من جرة امرأة نرصا نية(‪.)3‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه ال ياء املقدي يف "األحاديث املختارة" (‪ )26 / 1‬برقم‪)2304( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه احلاكم يف "مستدركه" (‪ )270 / 4‬برقم‪ )3002( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )203 / 3‬برقم‪)3190( :‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري (‪)16 /7‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )42 / 7‬برقم‪ )749( :‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )40 / 7‬برقم‪/ 7( ، )64( :‬‬
‫‪ )40‬برقم‪)63( :‬‬

‫‪12‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫(االستنجاء) هو قطع األذا وإزالة النجو وهو العذرة‪ .‬وهذا الباب يعرب عنه الفقهاء‬
‫ِ‬
‫ب‬‫بباب االستنجاء؛ ألجل ما تقدم‪ ،‬وباب االستطابة لقول النبي ‪ ‬كام يف مسلم‪َ « :‬والَ َي ْستَط ْ‬
‫ال َء»(‪ ،)2‬وكانت‬ ‫بِ َي ِمين ِ ِه » (‪ ،)7‬ويعرب عنه بباب التخيل لقول النبي ‪« :‬إِ َذا َد َخ َل َأ َحدُ ك ُُم ْ‬
‫اخلَ َ‬
‫العادة للعرب أهنم يعربون عام يستقبح الترصيح به بيشء من الكنايات‪،‬‬
‫وهذا أسلوب القرآن الكريم‪ ،‬واهلل ´ قال‪ { :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [سورة‬
‫الم دة‪ ]1 :‬وهو صاملكان املنخفض الذي تقىض ُيه احلاجة‪ ،‬وهكذا يف شأن اجلامع قال اهلل ´‬
‫{ﭴﭵﭶ} [سورة الم دة‪.]1 :‬‬
‫وهكذا النبي ‪ ‬كان يكني األشياء التي األوىل عدم الترصيح هبا إال إذا كانت هنا‬
‫حاجة مل يتميز للسامع وخيشى عليه اللب ُقد يرصح وإال ُفي احلديث « َُ ِإ هن ُه الَ َيدْ ِرا َأيْ َن‬
‫َت َيدُ ُه »(‪ )4‬يعني هل وقعت عىل قبله أو دبره أو يف مكان آخر‪ ،‬لكن لو خيش من حصول‬
‫َبات ْ‬
‫اللب ؛ أن املستمع ال يعرف املقصود وال يميز ُال بأس بالترصيح كام يف قصة ماعز‬
‫اج ِة) ُيه آداب قولية وُعلية‪ ،‬وهذا يدلنا‬ ‫ِ‬ ‫اب االستنجاء َوآ َد ِ‬
‫اب َق َ اء َا ْحلَ َ‬ ‫(ب ُ‬
‫ُهذا الباب َ‬
‫عىل شمول الرشيعة وعىل سعتها وأهنا ال ترت شيَا مما حيتاج إليه إال وجاء الرشع ببيانه‬
‫وإي احه حتى يف مسائل ق اء احلاجة‪ .‬جاءت اآلداب واإلرشادات وذكر ُيه هدي النبي‬
‫اح َبك ُْم ُي َع رل ُمك ُْم َحتهى‬ ‫ُون إِنرى َأرا ص ِ‬ ‫رشك َ‬ ‫‪ ‬ويف صحيح مسلم َع ْن َس ْل َام َن َق َال‪َ « :‬ق َال َلنَا ا ْمل ُ ْ ِ‬
‫َ َ‬
‫اخل َرا َء َة‪َ َُ ،‬ق َال‪َ :‬أ َج ْل‪ ،‬إِ هن ُه َهنَانَا َأ ْن َي ْس َتن ِْج َى َأ َحدُ نَا بِ َي ِمين ِ ِه َأ ْو َي ْس َت ْقبِ َل ا ْل ِق ْب َل َة َو َهنَى َع ِن‬
‫يع رلمكُم ْ ِ‬
‫َُ َ ُ‬
‫ار »(‪.)3‬‬ ‫ال َث ِة َأ ْح َج ص‬ ‫ط وا ْل ِع َظا ِم‪ ،‬و َق َال‪ « :‬الَ يس َتن ِْجى َأحدُ كُم بِدُ ِ‬
‫ون َث َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الر ْو َ‬
‫ه‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )713 / 7‬برقم‪)261( :‬‬


‫(‪ )2‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪)261( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )34 / 7‬برقم‪ )762( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )769 / 7‬برقم‪، )212( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )713 / 7‬برقم‪ )713 / 7( ، )262( :‬برقم‪)262( :‬‬

‫‪14‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫اج ِة) يعربون عن هذا الباب أي ـا بباب ق اء‬ ‫ِ‬ ‫اب االسـتنجاء َوآ َد ِ‬
‫اب َق َ ـاء َا ْحلَ َ‬ ‫(ب ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫اج َة َأبْ َعدَ ِِف ا ْمل َْذ َه ِ‬
‫ب»(‪.)7‬‬ ‫َان إِ َذا َأ َرا َد ْ‬
‫احلَ َ‬ ‫احلاجة كام جاء يف حديث املْرية « َأ هن النهبِ هى ‪ ‬ك َ‬

‫ويف قصة ماعز‪ ،‬لح له النبي ‪ ‬باللفظ(‪ ،)2‬ألن املسألة ترتب عليها حد‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ ‬قال¬‪ُ :‬ي ْست ََحب إِ َذا َد َخ َل َا ْخلَ َال َء‪َ :‬أ ْن ُي َقدر َم ر ْج َل ُه َا ْل ُي ْ َ‬
‫ِّسا‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل ُي ْست ََحب إِ َذا َد َخ َل َا ْخلَ َال َء‪َ :‬أ ْن ُي َقدر َم ر ْج َل ُه َا ْل ُي ْ َ‬
‫ِّسا؟‪:‬‬
‫هنا دليل خاص بتقديم اليِّسا عند الدخول والبدء باليمنى عند اخلروج‪ ،‬مل‬ ‫لي‬
‫يثبت عن النبي ‪ ‬دليل خاص ال من قوله وال من ُعله وإنام يستدل باألدلة العامة‪ ،‬من هذه‬
‫ور ِه َو ِيف َش ْأنِ ِه ُك رل ِه »(‪ )4‬قالوا ‪:‬‬
‫ج ُب ُه ال هت َيم ُن ِيف َتنَعلِ ِه َوت ََرجلِ ِه َو ُط ُه ِ‬
‫األدلة العامة «كَا َن النهبِي ‪ُ ‬ي ْع ِ‬
‫كل ما كان من باب التكريم والترشيف ُاألوىل استعامل اليمني إكراما وترشيفا َا وما كان‬
‫عىل ال د من ذل ُإنه يستعمل له الشامل وَذا هنى النبي ‪ ‬أن يستنجي باليمني‪ .‬قالوا ‪:‬‬
‫وكان النبي ‪ ‬يدخل املسجد باليمنى وخيرج باليِّسا(‪ .)3‬وهذا ال يصح ودليل آخر أن النبي‬
‫‪ ‬أمر من أراد أن ينتعل أن يبدأ باليمنى وينزع باليِّسا(‪ُ .)1‬عىل كل هذه أدلة عامة استدلوا‬
‫هنا‬ ‫هبا عىل مرشوعية البدء يف الدخول باليمني واخلروج باليسار‪ .‬والذي يظهر أنه لي‬
‫دليل والقول باالستحباب حكم رشعي حيتاج إىل دليل واضح‪ .‬الدخول إىل املسجد مل يثبت‬
‫أنه باليمنى واخلروج أنه باليِّسا‪ُ ،‬األمر يف هذا سهل‪ ،‬من دخل املسجد باليمنى أو باليِّسا‬
‫ومن خرج باليمنى أو باليِّسا‬

‫(‪ )7‬أخرجه ابن ماجه يف "سننه" (‪ )229 / 7‬برقم‪)447( :‬‬


‫(‪ )2‬انظر "صحيح البخاري" (‪ )761 / 2‬برقم‪)6223( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )31 / 7‬برقم‪ )04 / 7( ،)762( :‬برقم‪ )62 / 1( ،)326( :‬برقم‪1( ، )1429( :‬‬
‫‪ )713 /‬برقم‪ ، )1213( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪ )716 / 7( ، )262( :‬برقم‪)262( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو يعىل يف "مسنده" (‪ )312 / 3‬برقم‪ )2677( :‬وأخرجه الطرباين يف "الكبري" (‪ )473 / 79‬برقم‪:‬‬
‫يف املصادر املذكورة (وخيرج باليِّسا)‪.‬‬ ‫(‪ ،)79166‬ضعفه األلباين‪ :‬انظر ضعيف اجلامع‪ ،‬رقم (‪( ،)3312‬تنبيه) لي‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )713 / 1‬برقم‪ )713 / 1( ،)1211( :‬برقم‪ )1216( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪6‬‬
‫‪ )714 /‬برقم‪ )714 / 6( ، )2901( :‬برقم‪)2901( :‬‬

‫‪13‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وهكذا احلامم من دخل باليمنى أو اليِّسا‪ ،‬ولو كان مستحبا لثبت عن النبي ‪ ‬لحيا من‬
‫رشع ذل ‪ُ ،‬إن النبي ‪ ‬مل يرت شيَا يقرب من اهلل إال ودل عليه ومل يرت‬ ‫قوله أو ُعله أنه ُي َ‬
‫شيَا يبعد عن اهلل إال وحذر منه‪ُ .‬الذي يظهر أن القول باالستحباب لي عليه دليل خاص‪.‬‬
‫اخلب ِائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث‪.‬‬ ‫ول‪ :‬بِ ْس ِم َا هَّلل َال هل ُه هم إِ رين َأ ُعو ُذ بِ َ م ْن َا ْخلُ ْبث َو ْ َ َ‬
‫‪‬قال¬‪َ :‬و َي ُق َ‬

‫قوله‪( :‬يقول عند دخول اخلالء‪ :‬بِ ْس ِم َا هَّللِ)‪:‬‬


‫هذا بناء عىل حديث روي يف الباب وهو حديث عيل بن أيب طالب ‪ ‬مرُوعا « َس ْ ُرت َما‬
‫اَّلل ِ» (‪)7‬رواه الرتمذي‬
‫ول بِ ْس ِم ه‬
‫ال َء َأ ْن َي ُق َ‬ ‫ات َبنِى آ َد َم إِ َذا َد َخ َل َأ َحدُ ُه ُم ْ‬
‫اخلَ َ‬ ‫اجلن و َعور ِ‬ ‫ني َأ ْع ُ ِ‬
‫ني ْ ِ ر َ ْ َ‬ ‫َب ْ َ‬
‫اَّللِ الن ْهرص را وهو جمهول‬ ‫ِ‬
‫احلَ َك ِم ْب ِن َع ْبد ه‬ ‫وابن ماجه وثريمها وهو حديث ضعيف يف سنده ْ‬
‫السبِ ْي ِعي وهو مدل ‪ .‬وله شواهد من حديث أن وابن عمر‬ ‫وأي ا ُيه عنعنة أيب إسحاق ه‬
‫وابن مسعود وأيب سعيد ومعاوية بن َح ْيدَ ة ‪ ‬وكلها ضعيفة يعني شديدة ال عف ال تصلح‬
‫يف الشواهد وال يف املتابعات‪ُ .‬لهذا ال يثبت هذا احلديث وعليه ُال ترشع التسمية عند دخول‬
‫اخلالء ألن املرشوعية والقول باالستحباب حكم رشعي حيتاج ويفتقر إىل دليل وال دليل‪.‬‬
‫اخلب ِائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث)‬ ‫‪ ‬وقوله يقول يف احلديث ( َال هل ُه هم إِ رين َأ ُعو ُذ بِ َ م ْن َا ْخلُ ْبث َو ْ َ َ‬
‫َان النهبِي ‪ ‬إِ َذا َد َخ َل‬
‫يقول‪« :‬ك َ‬ ‫هذه من اآلداب الثابتة عن النبي ‪ ‬كام يف حديث أن‬
‫اخلب ِائ ِ‬ ‫اخل َالء َق َال‪ :‬ال هلهم إِين َأ ُعو ُذ بِ َ ِمن ْ ِ‬
‫ث»(‪.)2‬‬ ‫اخلُ ُبث َو ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ه ر‬ ‫َْ َ‬
‫قول ــه‪( :‬ك ــان) هن ــا ي ــدل عىل االس ـ ـ ـ ــتمرار‪ ،‬ليس ـ ـ ـ ـ ــت "ك ــان" يف ك ــل موض ـ ـ ـ ــع ت ــدل عىل‬
‫االس ـ ــتمرار‪ُ ،‬قد عرب الصـ ـ ــحابة بقوَم "كان" يف مواطن مل حيص ـ ــل ُعله من النبي ‪ ‬إال مرة‬
‫واحدة‬

‫(‪ )7‬أخرجه الرتمذي يف "جامعه" (‪ )106 / 7‬برقم‪ ،)696( :‬وقال عنه‪ :‬حديث ثريب ال نعرُه إال من هذا الوجه وقال‪:‬‬
‫بذا القوي‪ .‬وقال احلاُظ ابن رجب‪ :‬يف أسناده مقال‪ ،‬انظر "ُتح الباري رشح صحيح البخاري البن‬ ‫إسناده لي‬
‫رجب"‪ .)69 / 7( :‬ولالستزادة انظر‪ :‬كتاب "العلل الواردة يف األحاديث النبوية" للدارقطني (‪.)722/4‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )39 / 7‬برقم‪ )17 / 2( ، )732( :‬برقم‪ )6422( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )701‬برقم‪ )701 / 7( ، )411( :‬برقم‪.)411( :‬‬

‫‪11‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُمث ً‬
‫ال يف حجتـه ‪ُ ‬ـإنـه مل حيج بعـد بعثتـه إال مرة واحـدة يف حجـة الوداع مع ذل كانوا‬
‫يقولون‪ :‬كان‪.‬‬
‫حل رل ِه َق ْب َل َأ ْن َي ُط َ‬
‫ام ِه َقب َل َأ ْن ُحي ِرم و ِ ِ‬ ‫إلحر ِ‬ ‫ول ِ‬
‫وف‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫اَّلل ‪َ ْ ِ ‬‬
‫ب َر ُس َ ه‬ ‫وعائشة تقول‪ُ « :‬كن ُْت ُأ َط ري ُ‬
‫َان َي ْق َرأ ُ ِِف ا ْل ِعيدَ ْي ِن ِ‬
‫ب ( َس ـ ـ رب ِح ا ْس ـ ـ َم‬ ‫ت»(‪ )7‬وهو مل حيج إال مرة واحدة‪ ،‬وهكذا حديث «ك َ‬ ‫بِا ْلبي ِ‬
‫َْ‬
‫اشي ِة») (‪)2‬‬
‫ِ‬ ‫(ه ْل َأتَا َ َح ِد ُ‬
‫يث ا ْل َْ َ‬ ‫َر رب َ األَ ْع َىل) َو َ‬
‫ويف حديث آخر ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ (اجلمعة) و(املناُقني) (‪ُ)4‬يدل عىل أنه ال يفيد االسـ ــتمرار‪ ،‬ولكن‬
‫هنـا لي هنـا معارض‪ُ ،‬قوله (كان) يدل عىل االس ـ ـ ـ ــتمرار أي كان كل ما دخل اخلالء قال‪:‬‬
‫اخلب ِائ ِ‬ ‫«ال هلهم إِين َأ ُعو ُذ بِ َ ِمن ْ ِ‬
‫ث»‪.‬‬ ‫اخلُ ُبث َو ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ه ر‬
‫دعاء دخول اخلالء‬
‫كان إِ َذا‬ ‫َان النهبِي ‪ ‬إِ َذا َد َخ َل ْ‬
‫اخلَ َال َء» ويف رواية معلقة يف صحيح البخاري « َ‬ ‫قوله‪« :‬ك َ‬
‫َأ َرا َد َأ ْن َيدْ ُخ َل »(‪ )3‬ووصلها يف كتابه األدب املفرد بسند ظاهره احلسن(‪.)1‬‬
‫َان النهبِي ‪ ‬إِ َذا َد َخ َل‬
‫مرشوعية قول هذا الذكر بعد أن يدخل احلامم‪ُ ،‬قوله‪« :‬ك َ‬ ‫ُلي‬
‫اخلَ َال َء» بمعنى كان إذا أراد أن يدخل كام قال اهلل {ﮝ ﮞﮟﮠﮡ ﮢﮣ‬
‫ْ‬
‫ﮤ} [سورة النحل‪ ]١7 :‬بمعنى إذا أردت أن تقرأ القرآن‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬ال هل ُه هم) أصلها يا اهلل‪ُ ،‬حذُت الياء ختفيفا وعوض عنها بامليم ُصارت مهللا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬إِ رين َأ ُعو ُذ بِ َ ) أستجري وأعتصم وأحرتز‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )746 / 2‬برقم‪ )710 / 2( ، )7140( :‬برقم‪ )764 / 1( ، )7113( :‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )763 / 1( ، )1022‬برقم‪ )763 / 1( ، )1022( :‬برقم‪ )1049( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )79 / 3‬برقم‪)7720( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )71 / 4‬برقم‪ )76 / 4( ، )212( :‬برقم‪ )76 / 4( ، )212( :‬برقم‪)212( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )76 / 4‬برقم‪ )76 / 4( ، )210( :‬برقم‪ )76 / 4( ، )210( :‬برقم‪)210( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )39 / 7‬برقم‪)732( :‬‬
‫(‪ )1‬انظر (األدب املفرد‪-‬حتقيق األلباين) رقم (‪)602‬‬

‫‪16‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫اخلب ِائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ث) روي اخلبث ب م الباء وبإسكاهنا‪ ،‬وعامة املحدثني عىل‬ ‫قوله‪( :‬م ْن َا ْخلُ ْبث َو ْ َ َ‬
‫اإلسكان‪ .‬اخل ْبث مجع خبيث وهم ذكران الشياطني‪ ،‬واخلبائث مجع خبيثة وهم إناط‬
‫الشياطني‪.‬‬
‫وقيل اخلبث الرش‪ ،‬وقيل الكفر‪ ،‬وقيل يف اخلبائث املعايص أو مجيع األمور املذمومة‪.‬‬
‫اخلب ِ‬ ‫ِ‬
‫ث‬ ‫ذكر مستحب باإلمجاع‪ ،‬إذا أراد أن يدخل اخلالء أن يقول‪ :‬ال هل ُه هم إِ رين َأ ُعو ُذ بِ َ م ْن ْ ُ ْ‬
‫ُهذا ٌ‬
‫اخلب ِائ ِ‬
‫ث‪.‬‬ ‫َو ْ َ َ‬
‫اخلَ َال َء) يدل عىل أنه مكان حمصور مثل الكنيف واحلاممات املبنية ألن ُيه‬ ‫َان إِ َذا َد َخ َل ْ‬
‫(ك َ‬
‫الدخول وُيه اخلروج‪ ،‬هذا ظاهر اللفظ أنه يف املكان املبني ويف مسلم «إِ َذا َد َخ َل ا ْلكَن ِ ْي َ‬
‫ف» (‪)7‬‬

‫أما قول اجلمهور من أهل العلم ُعىل مرشوعية هذا الذكر سواء كان يف مكان ُمعد ومبني أو‬
‫كان يف الصحراء والف اء‪.‬‬
‫اخلَ َالء» وهذه الرواية ُيها َشء من االحتامل‪،‬‬ ‫واستدلوا برواية البخاري «كَا َن إِ َذا َأتَى ْ‬
‫اَّللِ ‪‬‬
‫ول ه‬‫أتى اخلالء يعني املكان املعد وأقوا َشء استدلوا به حديث أن ‪« ‬كَا َن َر ُس ُ‬
‫امل ِ‬ ‫الم نَح ِوا إِداو ًة ِمن م ص‬
‫اء َو َعن ََز ًة َُيَ ْس َتن ِْجى بِ ْ‬
‫َاء»(‪.)2‬‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ال َء َُ َأ ْمحِ ُل َأنَا َو ُث َ ٌ ْ‬ ‫َيدْ ُخ ُل ْ‬
‫اخلَ َ‬
‫قالوا ‪ :‬لو كان يف مكان معد ما احتاج إىل هذه اخلدمة‪ ،‬إذا كان يف بيته ُإنه خيدم من أهل‬
‫بيته‪ُ ،‬هذا يدل عىل أنه يميش يف مكان ُ اء‪.‬‬
‫كل ظاهر احلديث أنه إذا دخل وكذل إذا مش ـ ــى إىل مكان خيش ـ ــى من وجود‬ ‫لكن عىل ٍّ‬
‫اخلبا ِئ ِ‬ ‫َشء من اجلن أو اَوام أو ثريها يأيت هبذا الذكر «ال هلهم إِين َأ ُعو ُذ بِ َ ِمن ْ ِ‬
‫ث»‪.‬‬ ‫اخلُ ُبث َو ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ه ر‬
‫متى يقول إذا أراد أن يدخل املكان املبني؟ قبل أن يدخل‪ ،‬وأما يف املكان الف اء‬
‫والصحراء ُإذا أراد أن خيلع رساويله ‪-‬مثال‪ُ-‬يقول‪ :‬مهللا إين أعوذ ب من اخلبث واخلبائث‬
‫ألن هذه األماكن أماكن قذرة تستطيبها الشياطني‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )701 / 7‬برقم‪)411( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )32 / 7‬برقم‪ ، )712( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )716 / 7‬برقم‪)217( :‬‬

‫‪11‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ََّض ٌة » (‪ )7‬يعني حتَّضها الشياطني‪،‬‬


‫حمت َ َ‬ ‫وكام يف حديث زيد بن أرقم «إِ هن َه ِذ ِه ا ْحلُ ُش َ‬
‫وش ُ ْ‬
‫ولكن حديث زيد بن أرقم ضعيف‪.‬‬
‫ُظاهر اللفظ أنه يف املكان املبني واجلمهور عىل التعميم لعلة أن هذه األماكن حتَّضها‬
‫الشياطني‪ُ .‬اإلنسان حتى لو كان يف الف اء والصحراء أو خارج احلاممات املبنية إذا قرب‬
‫يف املكان ُليقل هذا الذكر طرد ًا للشياطني واستعاذة باهلل من رشهم‪.‬‬ ‫وأراد أن جيل‬
‫‪ ‬قال¬‪ :‬وإذا َخ َر َج ِمنْ ُه قدم اليمنى َو َق َال‪ُ :‬ث ْف َرا َن ‪.‬‬
‫دعاء اخلروج من اخلالء‬
‫تقـدم أنـه مل يثبـت حــديـث ليح خـاص يف هـذه املس ـ ـ ـ ــألـة واألمر يف هـذا واس ـ ـ ـ ــع‪ ،‬واهلل‬
‫‪ ‬أن من السـنة إذا دخل املسجد أن يبدأ باليمنى وإذا خرج أن يبدأ‬ ‫أعلم‪ .‬وأما حديث أن‬
‫باليِّسا‪ُ ،‬شيخ احلاكم ُيه َشء من الكالم‬
‫وقوله‪َ ( :‬ق َال‪ُ :‬ث ْف َرا َن َ )‪ :‬كام يف حديث عائش ـ ـ ـ ــة ~ الذي روا أمحد وأبو داود وابن‬
‫اخلَال َِء َق َال‪ُ « :‬ث ْف َرا َن َ »(‪ )2‬وهذا من‬
‫َان النهبِى ‪ ‬إِ َذا َخ َر َج ِم َن ْ‬
‫مـاجه والرتمذي وثريهم‪« :‬ك َ‬
‫طريق يوسـ ـ ــف ابن أيب ُب ْر َدة مل يرو عنه ثري اثنني‪ ،‬ووثقه ابن حبان والعجيل واحلاكم والذهبي‬
‫ويف التقريب‪ :‬مقبول‪ ،‬يعني عند املتابعة وإال ُهو لني‪.‬‬
‫وهــذا احلــديــث ص ـ ـ ـ ــححــه ابن خزيمــة وابن حبــان وابن اجلــارود والنووي والــذهبي وحس ـ ـ ـ ـ ـنــه‬
‫الرتمذي‪ُ .‬يوس ـ ـ ـ ــف ابن أيب بردة جمهول احلال ولكن بتقوية تص ـ ـ ـ ــحيح هؤالء األئمة قد يقال‬
‫ـحح عــدا ابن اجلــارود ُيهم ُيــه َشء من التسـ ـ ـ ـ ــاهــل‬
‫بــأنــه ثــابــت‪ ،‬ولكن لو نظرت إىل من ص ـ ـ ـ ـ ه‬
‫خاصة يف باب اآلداب‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "الكربا" (‪ )43 / 0‬برقم‪ ، )0229( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )6 / 7‬برقم‪ )6( :‬وابن ماجه يف‬
‫"سننه" (‪ )702 / 7‬برقم‪ )206( :‬انظر كالم البخاري عليه يف " عمدة القاري‪ ،)260 / 2( :‬والدارقطني يف "العلل"‬

‫(‪)749/72‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "الكربا" (‪ )41 / 0‬برقم‪ )0223( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )72 / 7‬برقم‪ )49( :‬والرتمذي يف‬
‫"جامعه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ )1( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )299 / 7‬برقم‪. )499( :‬‬

‫‪12‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫واألمر يف هذا سـهل ألن تصحيح هذه األئمة يعطي للحديث شيَا من القوة‪ُ ،‬من رأا ثبوته‬
‫ُليعمل هبذا احلديث‪ُ .‬عىل ص‬
‫كل احلديث حيتمل التحسني‪ ،‬إذا خرج من اخلالء قال‪ :‬ثفران ‪.‬‬
‫وقد كان ش ــيخنا الوادعي¬‪ :‬ي ــعفه‪ ،‬ويقول‪ :‬س ــنده ض ــعيف ألجل يوس ــف بن أيب بردة‬
‫جمهول احلال‪.‬‬
‫قوله‪ُ ( :‬ث ْف َرا َن َ ) ألنه يسأل ربه ´ الْفران‪ُ .‬اهلل ´ يِّس له بالرزق احلالل الطيب ُأكله‬
‫ويِّس له بأكله ثم اهن م يف بطنه ثم استحالت هذه املواد الفاسدة التي لو بقيت يف البطن‬
‫‪Tercerna‬‬

‫أهلكت ثم يِّس اهلل ´ بخروج هذه السموم وهذه املواد الفاسدة‪ُ ،‬هو يسأل ربه ´ أن‬
‫يْفر له تقصريه يف القيام بشكر هذه النعمة العظيمة واملنهة اجلليلة‪ .‬قل ما يستحَّض اإلنسان‬
‫قدر هذه النعمة ويقوم بشكر اهلل ´ عليها ُيقول ثفران ألجل هذا‪ .‬ومنهم من قال ألجل‬
‫يكف عن الذكر تعظيام هلل ´‪.‬‬‫التقصري يف الذكر أثناء ق اء احلاجة ولكن هذا قول بعيد ألنه ْ‬
‫ب َعنري َا ْألَ َذا َو َعا َُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اين (‪)7‬‬
‫‪ ‬قوله‪ :‬ويقول‪َ :‬ا ْحلَ ْمدُ هَّلل َا هلذي َأ ْذ َه َ‬
‫رواه ابن ماجه وثريه وســنده ضــعيف جدا ُيه إســامعيل بن مســلم‬ ‫هذا من حديث أن‬
‫املكي وهو ضــعيف جدا‪ ،‬وله شــواهد منها عن أيب ذر ُيه جهالة واضــطراب وأثر عن حذيفة‬
‫وأيب الدرداء ومها ضعيفان(‪ُ ،)2‬هذا ال يصح عن النبي ‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "الكربا" (‪ )41 / 0‬برقم‪ )46 / 0( ،)0221( :‬برقم‪ )46 / 0( ،)0226( :‬برقم‪ )0221( :‬قال‬
‫األلباين ضعيف‪ ،‬انظر "املشكاة (‪ ،)413‬اإلرواء (‪)14‬‬
‫(‪ )2‬لالستزادة‪ :‬انظر "السلسلة ال عيفة" ح(‪)1612‬‬

‫‪10‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ب َا ْل ُي ْمنَى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫‪ ‬قوله‪َ :‬و َي ْعتَمدُ يف ُج ُلوس ُه َع َىل ر ْجله َا ْل ُي ْ َ‬
‫ِّسا‪َ ،‬و َينْص ُ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬كيفية اجللوس عند ق اء احلاجة‪:‬‬
‫ب َا ْل ُي ْمنَى) هذا ذكروه من‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(و َي ْعتَمدُ يف ُج ُلوس ُه َع َىل ر ْجله َا ْل ُي ْ َ‬
‫ِّسا‪َ ،‬و َينْص ُ‬ ‫ُقال املصنف‪َ :‬‬
‫رسا َقة بن مال رواه البيهقي‬ ‫اآلداب يف اجللوس لق اء احلاجة‪ ،‬وهذا روي يف حديث ُ َ‬
‫والطرباين(‪ )7‬وهو ضعيف‪ُ ،‬فيه رجالن مبهامن وُيه راو جمهول وُيه راو ضعيف‪ُ ،‬فيه أربعة‬
‫راويان مبهامن ص ص‬
‫وراو جمهول وراو ضعيف‪ُ ،‬هذا ال يثبت عن النبي ‪.‬‬
‫عىل‬ ‫وذكروا صفة ثريبة يف تفسري هذا احلديث أنه ع هلمنا إذا أردنا أو نقيض احلاجة أن نجل‬
‫اليِّسا وأن ننصب اليمنى‪ ،‬وُيها صعوبة ومشقة‪ .‬وَذا ُهذا احلديث مل يثبت عن النبي ‪‬‬
‫هبذه اَيَة ُيها ولكنهم حني عللوا أخذوا بظاهر احلديث ‪-‬والفقهاء كلام روي يفِّسونه‬
‫ويعملون به ويستنبطون منه األحكام ‪-‬قالوا ‪ :‬ألن هذا أسهل وأعون يف خروج اخلارج بكل‬
‫يِّس وسهولة‪ .‬وقالوا أي ا‪ :‬من باب الترشيف لليمني‪ .‬لكن هذا حكم رشعي‪ ،‬إذا قيل يسن‬
‫عىل الكيفية التي يقدر‬ ‫أو يستحب حيتاج إىل دليل ومل يثبت عن النبي ‪ُ .‬ألجل هذا جيل‬
‫عليها والتي هي أنسب وأكثر مالئمة له‪ ،‬والناس خيتلفون‪ ،‬واَيَة املعروُة التي جيلسها عامة‬
‫الناس أنه يعتمد عىل رجليه‪ ،‬ال أنه يعتمد عىل اليمنى وال عىل اليِّسا ُهذا أسهل َم‪.‬‬
‫وخالف هذه الكيفية حتتاج إىل الدليل‪ ،‬ولي يف هذا َشء عن النبي ‪ ‬إال ما رواه بن أيب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شيبة عن احلسن البرصي قال‪َ « :‬حده َثني َم ْن َر َأا النهبِ هي َص هىل ُ‬
‫اهلل َع َل ْيه َو َس هل َم َب َال َقاعدً ا‪َ َُ ،‬ت َف ه‬
‫اج‬
‫َحتهى َظنَنها َأ هن َو ِر َك ُه َس َينْ َف ‪ )2( » .‬أي باعد بني رجليه يف حال التبول‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )06 / 7‬برقم‪ )367( :‬وأورده ابن حجر يف "املطالب العالية" (‪ )723 / 2‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )723 / 2( ، )7 / 31‬برقم‪ )2 / 31( :‬وأخرجه الطرباين يف "الكبري" (‪ )746 / 1‬برقم‪ ،)6691( :‬قال األلباين‪:‬‬
‫(منكر) "ال عيفة" (‪)1676‬‬
‫اج)؛ قال ابن األثري يف "النهاية" (‪:)372/4‬‬ ‫(‪ )2‬أخرجه ابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )24 / 2‬برقم‪ ،)7479( :‬وقوله ( َُ َت َف ه‬
‫ت‬ ‫اج َ هرت ْ‬
‫ت َو ْ‬ ‫اج ْت عَ َل ْي ِه َو َد هر ْ‬ ‫ص‬ ‫ني‪َ ،‬و ُه َو ِم َن ا ْل َف رج ‪ :‬ال هط ِر ُيق ‪َ .‬و ِمنْ ُه َح ِد ُ‬
‫يث ُأ رم َم ْع َبد " َُ َت َف ه‬ ‫الر ْج َل ْ ِ‬
‫ني ر‬ ‫ال هت َفاج‪ :‬ا ْمل ُ َبا َل َْ ُة ِيف َت ْف ِريجِ َما َب ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احل ِد ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َاز ِين " َُركِب ُت ا ْل َفح َل َُ َت َف ِ‬ ‫"‪َ .‬و َح ِد ُ‬
‫يث " حنيَ ُسَ َل َع ْن َبني عَام صر َُ َق َال‪َ :‬مج ٌَل َأزْ َه ُر ُم َت َف ٌّ‬
‫اج‬ ‫اج ل ْل َب ْو ِل "‪َ .‬ومنْ ُه ْ َ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫امل ِ ر َ ْ‬ ‫يث ُع َبا َد َة ْ‬

‫رشبِ ِه‪.‬‬ ‫زَال يب ُ ِ ِ ِ ِ‬ ‫" َأراد َأنهه ُُم ِْص ِ ص‬


‫ول ل َك ْث َرة َأكْله َو ُ ْ‬ ‫ب يف َماء َو َش َج صر‪ُ َُ ،‬ه َو َال َي ُ َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ ُ‬

‫‪69‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬االستتار عند ق اء احلاجة‪:‬‬


‫قال املصنف¬‪( :‬ويسترت بحائط أو ثريه) من هذه اآلداب مرشوعية االستتار لقايض‬
‫احلاجة‪ .‬واالستتار عىل قسمني‪ :‬استتار بمعنى أنه خيفي العورة‪ُ ،‬هذا واجب‪ ،‬واستتار بمعنى‬
‫التباعد وهذا سيأيت‪.‬‬
‫(ويسترت بحائط أو ثريه) يسترت بحائط أو بْريه ألجل أال تنكشف عورته‪ُ ،‬إنه سيقيض‬
‫حاجته وقد رُع رساويله أو أنزَا‪ُ ،‬لو مل يسترت قد تنكشف عورته‪ .‬واألمر بسرت العورة‬
‫معلوم؛ قال اهلل ´‪ { :‬ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ }‬
‫[سورة النور‪ ]40 :‬أي حيفظها عن الفاحشة وحيفظها لَال ينظر إليها‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪ :‬ويسترت بحائط أو ثريه‪.‬‬
‫وهكذا يف حديث معاوية بن حيدة قال يا رسول اهلل‪َ « :‬ع ْو َرا ُتنَا َما َن ْأتِى ِمن َْها َو َما ن ََذ ُر‬
‫َت ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مينُ َ »‪)7( .‬‬
‫اح َف ْظ َع ْو َر َت َ إِاله م ْن َز ْو َجت َ َأ ْو َما َم َلك ْ َ‬
‫َق َال‪ْ « :‬‬
‫ُواجب عىل قايض احلاجة وعىل املســلم عموما أن حيفظ عورته أال تنكشــف‪ُ ،‬ال جيوز‬
‫لـه أن يظهرهـا ألحـد إال لزوجتـه أو مـا ملكـت يمينـه وجيوز أن يكش ـ ـ ـ ــفها لْري الزوجة أو مل‬
‫اليمني إذا كانت هنا حاجة أو رضورة من تداوي أو ثريه‪.‬‬
‫است َ ََرت بِ ِه َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫وقد كان النبي ‪ ‬يسترت كام يف حديث عبد اهلل بن جعفر «كَا َن َأ َح ه‬
‫ب َما ْ‬
‫َخ صل»(‪( )2‬اَدف) املكان املبني املرتفع‪ ،‬و(حائش نخل) أي‬ ‫ف َأ ْو َحائِ ُش ن ْ‬
‫اجتِ ِه َهدَ ٌ‬ ‫ِ ِ‬
‫اَّلل ‪ ‬حلَ َ‬
‫ه‬
‫نخل امللتف الكثيف‪ُ .‬يرشع له أن يسترت لَال تنكشف عورته وألن هذا من املروءة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )12 / 3‬برقم‪ )3971( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )316 / 3‬برقم‪/ 3( ، )2160( :‬‬
‫‪ )302‬برقم‪ )2103( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )796 / 4‬برقم‪ )7029( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )3627 / 0‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )3622 / 0( ، )29417‬برقم‪ )3622 / 0( ، )29412( :‬برقم‪ )3623 / 0( ، )29414( :‬برقم‪)29411( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )723 / 7‬برقم‪ )742 / 1( ،)432( :‬برقم‪)2320( :‬‬

‫‪67‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُاالستتار يكون بدخول املكان املبني وال حيتاج إىل أن يتباعد ولو كان عىل بعد مخسة‬
‫أمتار أو عرشة أمتار من الناس‪ ،‬واآلن الناس يدخلون احلاممات وجتدهم طوابري املنتظرون‬
‫عىل الباب مبارشة وقد حصل املقصود باالستتار ألنه دخل يف مكان مبني ُاسترت‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪ :‬ويبعد إن كان يف الف اء‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬االبتعاد عند ق اء احلاجة‪:‬‬
‫قال‪( :‬ويبعد إن كان يف الف اء) إن كان يف مكان يسترت ببناء أو بحائط أو بخشب أو‬
‫بشجر ُإنه يسترت وال حيتاج أن يبتعد إذا كان بحَّضة الناس‪ ،‬والنبي ‪ ‬كام يف حديث عبد اهلل‬
‫ف َأ ْو َحائِ ُش َن ْ‬
‫اجتِ ِه َهدَ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬
‫خ صل» وأي ا كان‬ ‫است َ ََرت بِه َر ُس ُ ه‬
‫اَّلل ‪ ‬حلَ َ‬ ‫بن جعفر «كَا َن َأ َح ه‬
‫ب َما ْ‬
‫يدخل اخلالء وكان يقيض حاجته يف بيته‪ ،‬ومرة خرج كام يف مسلم يف حديث طويل من حديث‬
‫ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل ‪َ ‬ي ْقىض َح َ‬
‫اج َت ُه‬ ‫ب َر ُس ُ ه‬ ‫اَّلل ‪َ ‬حتهى ن ََز ْلنَا َواد ًيا َأ ُْ َي َح َُ َذ َه َ‬ ‫رسنَا َم َع َر ُس ِ ه‬ ‫جابر « ْ‬
‫َان بِ َشاطِ ِئ ا ْلو ِ‬‫ول اَّللِ ‪َ َُ ‬لم ير َشي ًَا يست َِرت بِ ِه َُ ِإ َذا َشجرت ِ‬ ‫ص‬ ‫ص ِ‬
‫ادا‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ ََ ْ َ ْ ُ‬ ‫َُا هت َب ْع ُت ُه بِ ِإ َد َاوة م ْن َماء َُنَ َظ َر َر ُس ُ ه‬
‫اَّلل ِ»‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امها َُ َأ َخ َذ بِ ُْ ْص صن م ْن َأ ْث َص ِاهنَا َُ َق َال‪« :‬ا ْن َقادا َع َ هىل بِ ِإ ْذن ه‬ ‫اَّلل ‪ ‬إِ َىل إِ ْحدَ ُ َ‬
‫ول ِ‬
‫َُا ْن َط َل َق َر ُس ُ ه‬
‫وش ا هل ِذا ُي َصانِ ُع َقا ِئدَ ُه َحتهى َأتَى ه‬
‫الش َج َر َة األُ ْخ َرا َُ َأ َخ َذ بِ ُْ ْص صن‬ ‫َخ ُش ِ‬ ‫ري ا ْمل ْ‬‫َُا ْن َقا َد ْت َم َع ُه كَا ْل َب ِع ِ‬
‫ف ِممها‬ ‫َ‬ ‫اَّلل ِ»‪َُ ،‬ا ْن َقا َد ْت َم َع ُه ك ََذلِ َ َحتهى إِ َذا ك َ‬
‫َان بِا ْ َملنْص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن َأ ْث َص ِاهنَا َُ َق َال‪« :‬ا ْن َقادا َع َ هىل بِ ِإ ْذن ه‬
‫ِ‬
‫اَّلل ِ» َُا ْل َت َأ َمتا»(‪ُ .)7‬قىض حاجته خلف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مج َع ُه َام ‪َ َُ -‬ق َال‪« :‬ا ْلتََ َام َع َ هىل بِ ِإ ْذن ه‬ ‫َب ْين َُه َام ألَ َم َب ْين َُه َام ‪َ -‬ي ْعنِى َ َ‬
‫مطوال‪.‬‬
‫هاتني الشجرتني‪ ،‬واحلديث يف مسلم ه‬
‫قال املصنف¬‪( :‬ويبعد إن كان يف الف اء) أي ا يرشع لقايض احلاجة أن يبتعد‪ ،‬إذا‬
‫مل يكن هنا مكان مبني يسترت به ُيرشع له االبتعاد ألنه سيسرت بذل عورته‪ .‬قال املْرية‪¢‬‬
‫ول ِ‬
‫ارا َعنرى» (‪)2‬اختفى وابتعد ابتعادا كبريا ‪ ،‬وهكذا يف حديث‬ ‫« َُا ْن َط َل َق َر ُس ُ ه‬
‫اَّلل ‪َ ‬حتهى ت ََو َ‬
‫َذهب َأبعدَ »(‪)4‬‬
‫جمموعة من الصحابة «كَا َن النهبِى ‪ ‬إِ َذا َذ َه َ‬
‫ب ا ْمل ْ َ َ ْ َ‬

‫(‪ )7‬انظر‪" :‬صحيح مسلم" (‪ )247/2‬برقم (‪)4973‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )27 / 7‬برقم‪ ، )464( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪)213( :‬‬
‫(‪ )4‬سبق خترجيه‪ ،‬انظر (ص‪)13‬‬

‫‪62‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫مكان عىل بعد‬ ‫اجتِ ِه إِ َىل ا ْمل ُ َْ هم‬


‫ِ »(‪)7‬‬ ‫بل يف حديث ابن عمر «كَا َن النهبِي ‪ ‬ي ْذ َه ِ‬
‫ب حلَ َ‬
‫َ ُ‬
‫ميلني من مكة‪ُ .‬كان من هدي النبي ‪ ‬أنه يبتعد يف الف اء يميش مساُة طويلة‪ُ ،‬هذا من‬
‫سمع له صوت أو ُيشم له ريح وهذا من‬
‫باب االستتار ومن باب املروءة واألدب وأي ا لَال ُي َ‬
‫احلياء واحلياء من اإليامن‪ ،‬إذا مل يكن هنا َشء يسترت به ُيرشع التباعد حتى ال يرا بدنه‬
‫تشم رائحة وال سيام يف باب الْائط‪0 .‬‬
‫وجسده وال يسمع صوت وال ّ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬االبتعاد عند التبول‪:‬‬
‫أمـا يف التبول ُــاألمر أس ـ ـ ـ ـ ـهـل وإن مل يبتعــد بعيـدا كام يف حـديـث حــذيفـة بن اليامن ‪َ «¢‬أ هن‬
‫النهبِ هى ‪َ ‬أتَى ُس ـ ـ َبا َط َة َق ْو صم َُ َب َال َق ِائ ًام» (‪)2‬وبع ــهم اعتذر بأنه حص ــل للنبي ‪ ‬حاجة مفاجأة‪،‬‬
‫لكن اس ـ ـ ـ ــتنبط بعض العلامء من هــذا احلــديــث أن أمر التبول أخف من أمر التْو يف مس ـ ـ ـ ــألــة‬
‫االبتعاد‪.‬‬
‫حت َت‬ ‫اج َت ُه ِيف َط ِر ْي صق‪َ ،‬أ ْو ِيف َحم َّل ُج ُل ْو ص‬
‫س لِلنهاس‪َ ،‬أ ْو َ ْ‬ ‫ِ‬
‫وال َحي ّل َل ُه َأ ْن َي ْقيض َح َ‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬‬
‫األَ ْش َجار ا ْمل ُ ْث َم َرة‪َ ،‬أ ْو ِيف َحم َّل ُيؤذي بِ ِه النهاس‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬األماكن التي حيرم أو يكره ق اء احلاجة عندها؟‪:‬‬
‫‪‬األول‪ :‬الطريق‪ ،‬يعني الطريق املسلو التي يسلكه الناس وتقرعه األقدام‪ُ ،‬في‬
‫مسلم من حديث أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬ا هت ُقوا ال هل هعان ْ ِ‬
‫َني» (‪َ )4‬قا ُلوا ‪َ :‬و َما‬
‫هاس َأ ْو ِِف ظِ رل ِه ْم» أضيفت الطريق إىل‬ ‫اَّللِ؟ َق َال‪« :‬ا هل ِذا َيت َ‬
‫َخ هىل ِِف َط ِر ِيق الن ِ‬ ‫ول ه‬
‫ال هلعان ِ‬
‫َان َيا َر ُس َ‬ ‫ه‬
‫الناس أي الطريق التي يميش عليها الناس‪ُ ،‬هذه الطريق ال جيوز ق اء احلاجة عندها ملا‬
‫يؤدي إىل التأذي وحصول الَّضر للناس ألهنم يمشون يف الليل ويف النهار وتطأ أقدامهم عىل‬
‫األذا ُيسبون ويلعنون من كان سببا يف حصول األذية َم‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو يعىل يف "مسنده" (‪ )316 / 0‬برقم‪ )1626( :‬وأخرجه الطرباين يف "الكبري" (‪ )317 / 72‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )74642‬وأخرجه الطرباين يف "األوسط" (‪ )734 / 1‬برقم‪)3094( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 7‬برقم‪ )11 / 7( ،)223( :‬برقم‪ )11 / 7( ،)221( :‬برقم‪/ 4( ،)226( :‬‬
‫‪ )741‬برقم‪ )2317( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪ )711 / 7( ،)214( :‬برقم‪)214( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )716 / 7‬برقم‪)260( :‬‬

‫‪64‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪‬الثاين‪ :‬يف حمل جلوس الناس‪ :‬مأخوذ من حيث املعنى عدم حصول األذية ألن النبي ‪‬‬
‫هاس‬ ‫اَّللِ؟ َق َال‪«:‬ا هل ِذا َيت َ‬
‫َخ هىل ِِف َط ِري ِق الن ِ‬ ‫ول ه‬
‫َني»‪َ ،‬قا ُلوا وما ال هلعان ِ‬
‫َان َيا َر ُس َ‬ ‫ه‬ ‫ََ‬ ‫يقول‪« :‬ا هت ُقوا ال هل هعان ْ ِ‬

‫َأ ْو ِِف ظِ رل ِه ْم» ُمحل جلوس الناس الْالب أهنم جيلسون يف أماكن الظالل‪ُ .‬ال جيوز أن‬

‫تقىض احلاجة يف أماكن الظالل وأماكن جلوس الناس‪ُ ،‬هذا ُيه من األذية واهلل ´يقول‪:‬‬

‫{ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ}‬
‫[سورة األحزاب‪ .]57 :‬ومن السنة حديث ابن عمر ‪« :ƒ‬يا معرش من آمن بلسانه ومل يدخل‬
‫(‪)7‬‬ ‫اإليامن قلبه ال تؤذوا املؤمنني»‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث‪ :‬حتت األشـ ــجار املثمرة‪ :‬مثال شـ ــجرة املنجا أو اجلواُة أو النخل ُيها ثامر‪،‬‬
‫وهذه ثامر إذا سقطت وهنا أذا حتتها ُإنه يؤدي إىل تلوثها وعدم االنتفاع هبا‪.‬‬
‫َم ومقيل َم وظل َم وحمل‬ ‫‪ ‬الرابع‪ :‬يف حمل يؤذي به الناس‪ :‬يف أي مكان جمل‬
‫اجتامعاام أو حمل انتظارهم‪ ،‬وكام قال بعض العلامء املعالين‪ :‬احلدائق العامة واألُنية‬
‫واألندية ونحو ذل ‪ُ ،‬كل ما حيصل به الَّضر للناس ُال جيوز لألدلة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬اخلام ‪ :‬املسجد‪ُ :‬إن النبي ‪ ‬ملا بال األعرايب زجره الناس‪ ،‬وهذا يدل عىل أنه‬
‫متقرر عندهم أن هذه املساجد ال تصلح لق اء احلاجة‪ ،‬ثم النبي ‪ ‬أمر بذنوب من ماء‬ ‫ه‬
‫اجدَ الَ َت ْص ُل ُح ل ِ َش ْى صء ِم ْن َه َذا ا ْل َب ْو ِل َوالَ ا ْل َق َذ ِر إِن َهام ِه َى ل ِ ِذك ِْر‬
‫ُأهريق عليه وقال‪« :‬إِ هن َه ِذ ِه ا ْملَس ِ‬
‫َ‬
‫آن»(‪)2‬وهو يف الصحيح‪ُ .‬املسجد ال جيوز أن تقىض ُيه‬ ‫اَّلل ِ َع هز وج هل والصال َِة وقِرا ء ِة ا ْل ُقر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ ه‬ ‫ه‬
‫احلاجة ال ثائط وال بول داخل املسجد ولو يف إناء إال للَّضورة‪.‬‬

‫(‪)7‬أخرجه الرتمذي يف "جامعه" (‪ )113 / 4‬برقم‪ )2942( :‬بلفظ ((يا معرش من أسلم بلسانه ومل يفض اإليامن إىل قلبه‬
‫ال تؤذوا املسلمني))‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 7‬برقم‪ )13 / 7( ، )270( :‬برقم‪( )13 / 7( ، )227( :‬بدون ترقيم) ‪2( ،‬‬
‫‪ )72 /‬برقم‪ )6921( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )764 / 7‬برقم‪ )764 / 7( ، )223( :‬برقم‪)764 / 7( ، )223( :‬‬
‫برقم‪)221( :‬‬

‫‪63‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬السـ ــادس‪ :‬اجلحر‪ُ :‬قد هنى النبي ‪ ‬عن ق ـ ــاء احلاجة يف اجلحر‪ ،‬واجلحر الثقب‬
‫التي تفعلـه وحتفره اَوام والس ـ ـ ـ ـ ـبـاع‪ ،‬ألنـه قد يكون هنا من العقارب واحليات أو احليوانات‬
‫الصْرية واحلرشات إذا بال ُيها ُتؤذيه‪ ،‬أو يشعر بيشء ُيقفز ُيؤدي إىل تلويثه بالبول‪.‬‬
‫‪ ‬الس ــابع‪ :‬املس ــتحم‪ :‬وهو املكان الذي يْتس ــل ُيه أو يتوض ــأ ُيه ولكن هذا حممول‬
‫عىل املك ــان ال ــذي جتتمع ُي ــه النج ــاسـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬أم ــا ه ــذه احلامم ــات املبلط ــة ُ ــاهلل أعلم العل ــة ثري‬
‫موجودة‪ ،‬ولكن من قبـ ــل مل تكن هنـ ــا هـ ــذه احلاممـ ــات مب هلطـ ــة يف كثري من األمـ ــاكن ُيبول‬
‫وجيتمع البول ُلو ذهب يتوض ـ ـ ــأ أو يْتس ـ ـ ــل لعله يرجع عليه رش ـ ـ ــاش هذه النجاس ـ ـ ــة أما هذه‬
‫احلاممات املبلطة واملجهزة ُهذا ال يدخل يف النهي‪.‬‬
‫ص ا ْل َق ْ ُرب َو َأ ْن ُي ْق َعـ ـدَ َع َل ْيـ ـ ِه َو َأ ْن ُي ْبنَى‬ ‫‪ ‬الث ــامن‪ :‬املقربة‪ ُ :‬ــالنبي ‪َ « ‬هنَى َأ ْن ُ َ‬
‫جي هصـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َع َل ْي ِه»(‪.)7‬‬
‫‪ ‬التاسـ ـ ـ ــع‪ :‬يف املياه الراكدة‪ :‬وهكذا جاء النهي عن التبول وق ـ ـ ـ ــاء احلاجة يف املياه‬
‫جي ِري ُث هم َي ْْت َِس ُل ُِ ِيه» (‪ُ)2‬املاء الدائم إذا كان‬ ‫الراكدة « َال يبو َلن َأحدُ كُم ِيف ْ َ ِ ِ ِ‬
‫املاء الده ائ ِم ا هلذي َال َ ْ‬ ‫َُ ه َ ْ‬
‫مســتبحرا صــار بحرية كبرية وبحرا من البحار ُهذا ال هني ُيه بإمجاع‪ ،‬أما إذا مل يكن مســتبحرا‬
‫جي ِري ُث هم َي ْْ َت ِسـ ُل ُِي ِه»‪ .‬وهكذا‬ ‫ُعندنا قول النبي ‪َ « ‬ال يبو َلن َأحدُ كُم ِيف ْ َ ِ ِ ِ‬
‫املاء الده ائ ِم ا هلذي َال َ ْ‬ ‫َُ ه َ ْ‬
‫املــاء اجلــاري إذا كــان قليال ُــالنهي أي ـ ـ ـ ـ ــا َــذه العلــة‪ ،‬ألجــل التقــذير والتنجي ‪ ،‬أمــا امل ـاء‬
‫اجلاري الكثري ُال هني ُيه‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )67 / 4‬برقم‪ )62 / 4( ، )019( :‬برقم‪ )62 / 4( ، )019( :‬برقم‪)019( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ )240( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )762 / 7‬برقم‪)222( :‬‬

‫‪61‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫اج ِة ل ِ َق ْول ِ ِه ‪ « :‬إِ َذا َأتَ ْيت ُُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َال َي ْس َت ْقبِ ُل َا ْلق ْب َل َة َأ ْو َي ْستَدْ بِ ُر َها َح َال َق َ اء َا ْحلَ َ‬
‫رش ُقوا َأ ْو َث رر ُبوا » ُم هت َف ٌق َع َل ْي ِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َا ْل َْائ َط َُ َال ت َْس َت ْقبِ ُلوا َا ْلق ْب َل َة بِ َْائط َو َال َب ْو صل َو َال ت َْستَدْ بِ ُر َ‬
‫وها َو َلك ْن َ ر‬
‫أي ـ ــا من هذه اآلداب لقايض احلاجة أنه منهي عن اس ـ ــتقبال القبلة أو اس ـ ــتدبارها‪ .‬اس ـ ــتقبال‬
‫القبلة هو أن يتوجه بوجهه إليها‪ ،‬واستدبار القبلة هو أن يتوجه بظهره إليها‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم استقبال واستدبار القبلة عند ق اء احلاجة؟‪:‬‬
‫هنا أحاديث عن النبي ‪ ‬يف النهي عن اسـ ــتقبال القبلة وعن اسـ ــتدبارها عند ق ـ ــاء احلاجة‬
‫منها حديث أيب أيوب األنص ــاري الذي ذكره املص ــنف‪ .‬وحديث س ــلامن « َهنَانَا َأ ْن َي ْس ـ ـ َتن ِْج َى‬
‫َأ َحدُ نَا بِ َي ِمين ِ ِه َأ ْو َي ْسـ ـ ـ ـ َت ْقبِ َل ا ْل ِق ْب َل َة» (‪ )7‬وهكذا حديث مجاعة من الص ـ ـ ــحابة‪ .‬وَذا اختلف أهل‬
‫العلم يف حكم االس ـ ـ ـ ــتقبــال واالس ـ ـ ـ ـ ـتــدبـار ألجـل بعض األحـاديــث الواردة يف البـاب تـدل عىل‬
‫يت َي ْو ًما َع َىل َب ْي ِت َح ْف َص َة َُ َرأ َ يْ ُت النهبِ هى ‪‬‬
‫اجلواز بظاهرها كحديث ابن عمر ‪ ƒ‬أنه قال‪َ « :‬ر ِق ُ‬
‫اجتِ ِه ُم ْس ـ ـ َت ْقبِ َل ال هش ـ ـ ْأ ِم ُم ْس ـ ـتَدْ بِ َر ا ْل َك ْع َب ِة» (‪)2‬متفق عليه‪ ،‬وهكذا حديث جابر قال‪َ « :‬هنَى‬ ‫َع َىل َح َ‬
‫النهبِى ‪َ ‬أ ْن َن ْسـ ـ ـ ـ ـ َت ْقبِـ َل ا ْل ِق ْب َل َة بِ َب ْو صل َُ َرأ َ يْ ُت ُه َق ْب َل َأ ْن ُي ْق َب َض بِ َعا صم َي ْسـ ـ ـ ـ ـ َت ْقبِ ُل َها»(‪ُ )4‬هذا احلديث ُيه‬
‫االس ــتقبال وحديث ابن عمر ُيه االس ــتدبار وحديث أيب أيوب وس ــلامن ونحومها ُيهام النهي‬
‫عن االستقبال واالستدبار‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )713 / 7‬برقم‪ )713 / 7( ،)262( :‬برقم‪)262( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )37 / 7‬برقم‪ )37 / 7( ، )731( :‬برقم‪ )32 / 7( ، )732( :‬برقم‪3( ، )730( :‬‬
‫‪ )22 /‬برقم‪ )4792( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪ )711 / 7( ، )266( :‬برقم‪)266( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن اجلارود يف "املنتقى" (‪ )29 / 7‬برقم‪ )43( :‬وابن خزيمة يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪ )12( :‬وابن‬
‫حبان يف "صحيحه" (‪ )262 / 3‬برقم‪ )7329( :‬واحلاكم يف "مستدركه" (‪ )713 / 7‬برقم‪ )113( :‬وأبو داود يف "سننه"‬
‫(‪ )1 / 7‬برقم‪ )74( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )10 / 7‬برقم‪ )0( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )276 / 7‬برقم‪ )421( :‬وأمحد‬
‫يف "مسنده" (‪ )4740 / 6‬برقم‪ )71797( :‬احلديث‪ :‬حسنه الرتمذي والبزار وكذ ا النووي‪ ،‬وصححه البخاري وابن‬
‫السكن واحلاكم وواُقه الذهبي‪ .‬ورواه ابن خزيمة وابن حبان يف صحيحيهام‪ ،‬وضعفه‪ :‬امحد وابن حزم وابن عبد الرب‪،‬‬
‫واأللباين حيسن هذا احلديث‬

‫‪66‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫والذي يذهب إليه املؤلف ‪-‬واهلل أعلم ‪-‬بظاهر عبارته إىل أن االس ـ ــتقبال واالسـ ـ ــتدبار‬
‫حمرم مطلقا أي بدون تفص ــيل س ــواء كان يف الف ــاء أو كان يف البنيان‪ ،‬س ــواء كان لالس ــتقبال‬
‫أو كان لالسـ ــتدبار‪ ،‬وهذا ترجيح مجاعة من أهل العلم وهو املشـ ــهور عن أيب حنيفة والثوري‬
‫وأمحـد ورجحـه مجـاعة من املحققني منهم اإلمام ابن حزم وابن العريب وش ـ ـ ـ ــيخ اإلس ـ ـ ـ ــالم ابن‬
‫تيمية واحلاُظ ابن القيم والشوكاين‪ .‬وهنا أقوال أخرا كثرية‪،‬‬
‫والـذي يظهر ‪-‬واهلل أعلم ‪-‬أن الراجح كام رجحـه مجاعة وهو قول طائفة من املتقدمني‬
‫أن النهي حيمل عىل التنزيه ســواء كان يف الف ــاء أو كان يف البنيان‪ ،‬وســواء كان لالســتقبال أو‬
‫كـان لالس ـ ـ ـ ــتدبار مجعا بني األدلة‪ُ ،‬حديث أيب أيوب وحديث س ـ ـ ـ ــلامن يفيد بظاهره التحريم‪،‬‬
‫وحــديــث ابن عمر وحــديــث جــابر يفيــدان بظــاهرمهـا اجلواز‪ُ ،‬يحمــل النهي عىل التنزيــه وهــذا‬
‫هو الراجح و ُنسـ ـ ـ ـ ــب إىل النخعي وجمــاهــد وقــال بــه طــائفــة من أهــل العلم أن النهي حيمــل عىل‬
‫التنزيـه مجعـا بني األدلـة‪ .‬أمـا حـديث ابن عمر ‪ ƒ‬قيل له‪َ « :‬أ َل ْي َ َقدْ ُ ِهن َى َع ْن َه َذا؟ َق َال‪َ :‬ب َىل‬
‫ال َب ْأ َس»(‪ُ )7‬هو حديث‬ ‫ني ا ْل ِق ْب َل ِة َش ْى ٌء َي ْس ُ ُرت َ َُ َ‬ ‫إِنهام ِهنى عن َذل ِ َ ِِف ا ْل َف ِ‬
‫اء َُ ِإ َذا ك َ‬
‫َان َب ْينَ َ َو َب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ْ‬
‫ضعيف من طريق احلسن بن ذكوان‪.‬‬
‫ُاحلاص ـ ـ ـ ــل أن النهي عن االس ـ ـ ـ ــتقبال يعارض ـ ـ ـ ــه حديث جابر‪ ،‬والنهي عن االس ـ ـ ـ ــتدبار‬
‫يعارضـ ــه حديث ابن عمر‪ .‬وابن عمر ارتقى يوما لْري قصـ ــد كام يف رواية الصـ ــحيح « ْار َت َق ْي ُت‬
‫ت َح ْف َص ـ ـ ـ ـ ـة حلــاجـ صـة يل» مــا أراد أن ينظر ويطلع عىل ُعــل النبي ‪ ‬إنام ارتقى عىل‬ ‫يوم ـا َع َىل بي ـ ِ‬
‫َْ‬ ‫ًَْ‬
‫اجلدار حلاجة ُرأا النبي ‪ُ ‬وقع ذل اتفاقا بْري قص ـ ـ ــد‪ُ ،‬ام أراد أن حيرم األمة هذه الفائدة‬
‫ُـذهـب حيـدط هبـذا بعـد وُـاة النبي ‪ ‬تبليْـا للعلم‪ُ .‬ـاحلـاص ـ ـ ـ ــل أنـه جيمع بني األدلة ُيحمل‬
‫النهي عىل التنزيه‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه ابن اجلارود يف "املنتقى" (‪ )29 / 7‬برقم‪ )41( :‬وابن خزيمة يف "صحيحه" (‪ )710 / 7‬برقم‪)69( :‬‬
‫واحلاكم يف "مستدركه" (‪ )713 / 7‬برقم‪ )114( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )1 / 7‬برقم‪ )77( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري"‬
‫(‪ )02 / 7‬برقم‪ )02 / 7( ، )332( :‬برقم‪ )334( :‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )02 / 7‬برقم‪ ،)767( :‬قال ابن معني ‪ ،‬وأبو‬
‫حاتم يف احلسن بن ذكوان‪( :‬ضعيف) انظر "اذيب التهذيب"‪)403 / 7( :‬‬

‫‪61‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫رش ُقوا َأ ْو َث رر ُبوا) هذا خطاب ألهل املدينة ومن كان يف جهتهم الذين إذا‬ ‫ِ‬
‫قوله‪َ ( :‬و َلك ْن َ ر‬
‫استقبلوا القبلة كان الرشق عن أيامهنم والْرب عن شامئلهم‪ُ ،‬يقول‪َ َُ « :‬ال ت َْس َت ْقبِ ُلوا َا ْل ِق ْب َل َة‬
‫ِ‬ ‫ِ ص‬
‫رش ُقوا » إذا كانت املدينة هي يف شامل مكة وهكذا اليمن‬ ‫بِ َْائط َو َال َب ْو صل َو َال ت َْستَدْ بِ ُر َ‬
‫وها َو َلك ْن َ ر‬
‫يف جنوب مكة‪ ،‬بالنسبة ألهل املدينة ومن كان يف جهتهم ممن هم يف شامل القبلة وهكذا أهل‬
‫رش ْق أو َث رر ْب‪ُ ،‬إذا‬
‫اليمن ومن كان يف جهتهم ممن هو يف جنوب القبلة يقال للواحد منهم‪ َ :‬ر‬
‫رشق أو ثرب املدين ال يتوجه إىل القبلة‪ ،‬وهكذا اليمني إذا رشق أو ثرب‪ ،‬ولكن من كان‬
‫يف رشق القبلة ومن كان يف ثرهبا ال يقال له رشق أو ثرب‪ ،‬مثال أهل َقطر أو أهل الرياض‬
‫رشقوا ‪ ،‬سيكونون‬
‫أو أهل البحرين أو أهل اإلمارات‪ ،‬هؤالء يف رشق القبلة إذا قيل َم‪ :‬ر‬
‫مستدبرين‪ ،‬وإذا قيل َم‪ :‬ثربوا ‪ُ ،‬سيكونون مستقبلني‪ .‬وهكذا مثال أهل السودان إذا قيل‬
‫َم‪ :‬رشقوا ‪ُ ،‬سيكونون مستقبلني‪ ،‬وإذا قيل َم ثربوا ‪ ،‬سيكونون مستدبرين‪.‬‬
‫ُهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم يف مسألة االستقبال واالستدبار‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم االستنجاء مستقبال للقبلة أو مستدبرا َا؟‬
‫اجلواب‪ /‬االسـ ـ ــتنجاء ال دليل عىل املنع مسـ ـ ــتقبال أو مسـ ـ ــتدبرا وال عىل الكراهة‪ ،‬وهذا‬
‫قول اجلمهور من أهل العلم‪ .‬وذهب بع هم إىل الكراهة واملنع وال دليل‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫اس َتن ِْجى بِ ْ َ‬


‫املاء‬ ‫اج َت ُه اِ ْست َْج َم َر بِ َث َال َث ِة َأ ْح َج ص‬
‫ار َون َْح ِو َها ُتنَ رقي َا ْمل ََح هل ثم ْ‬ ‫‪ِ َُ ‬إ َذا َق َىض َح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫مها‪.‬‬‫َو َيكْفي اال ْقت َصار َع َىل َأ َحد ِ َ‬
‫آداب ق اء احلاجة‬

‫( َُ ِإ َذا َق َىض َح َ‬
‫اج َت ُه) تقدمت اآلداب لقايض احلاجة يعني ُإذا قىض حاجته كيف يزيل‬
‫هذا األذا؟‬
‫قال¬‪( :‬اِ ْس ـ ـ ـت َْج َم َر بِ َث َال َث ِة َأ ْح َج ص‬
‫ار َون َْح ِو َها) االس ـ ـ ــتجامر هو‪ :‬إزالة األذا من ثائط‬
‫وبول باحلجارة الصْرية التي يقال َا اجلامر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫( ُتنَ رقي َا ْمل ََح هل ثم ا ْس ـ ـ ـ ـ َتن ِْجى بِ ْ َ‬
‫مها) ُيه أن قايض احلاجة‬ ‫املاء َو َيكْفي اال ْقت َص ـ ـ ـ ـار َع َىل َأ َحد ِ َ‬
‫عنــده االس ـ ـ ـ ــتجامر وهو إزالــة األذا بــاحلجــارة‪ ،‬وعنــده االس ـ ـ ـ ــتنجــاء وهو إزالــة ّ‬
‫األذا بــاملــاء‪،‬‬
‫وعنده اجلمع بني االستجامر واالستنجاء‪.‬‬
‫االست َْج َامر بِ َث َال َث ِة َأ ْح َج ص‬
‫ار َون َْح ِو َها‪:‬‬ ‫‪ ‬مسألة‪ْ /‬‬
‫ثبت ذل عن النبي ‪ ‬يف عدة أحاديث؛ األمر باالس ــتجامر بثالثة أحجار؛ من حديث‬
‫عائش ـ ــة وأيب هريرة وابن مس ـ ــعود وس ـ ــلامن وثري ذل من األحاديث(‪ُ )7‬يها ذكر االس ـ ــتجامر‬
‫بثالثة أحجار أو أكثر‪« .‬اِ ْسـت َْج َم َر بِ َث َال َث ِة َأ ْح َجار» ُهذه األحاديث تدل عىل جواز االقتصار يف‬
‫إزالة األذا عىل احلجارة‪ُ .‬ال بأس أن يزيل األذا بثالثة أحجار‪.‬‬
‫وهــل املقص ـ ـ ـ ــود ثالثــة أحجــار أو ثالط مس ـ ـ ـ ـ ـحــات بمعنى لو كــان عنــده حجر َــا ثالثــة‬
‫أوجه‪ ،‬هل له أن يقترص عليها حجر واحدة َا ثالثة أوجه؟‬
‫قال بجواز االقتصار عليها أكثر أهل العلم(‪ ،)2‬قالوا ‪ :‬جيوز أن يقترص عىل حجرة واحدة‬
‫َا ثالثة أوجه ألن العربة واملقصود هو إزالة النجاسة ُإذا أزيلت بحجرة َا ثالثة أوجه‬
‫حصل املقصود واستدلوا بحديث ُيه ذكر ثالط مسحات وهو ضعيف ُال يصح‬
‫واستدلوا باملعنى أي أن املعنى املقصود هو إزالة النجاسة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )34 / 7‬برقم‪)716( :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬رشح صحيح مسلم للنووي (‪)716 /4‬‬

‫‪60‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وذهـب بعض أهـل العلم إىل أنـه من أراد أن يس ـ ـ ـ ــتجمر بـاحلجـارة ُال بـد أن تكون ثالثــة‬
‫للتنصيص عليها‪.‬‬
‫عنـ ــد اجلمهور إال بعض األحـ ــاديـ ــث‬ ‫وهـ ــذا أحو ألن هـ ــذا هو ظـ ــاهر النص ولي‬
‫ال عيفة واملعنى‪ ،‬قالوا ‪ :‬من حيث املعنى املقصود هو إزالة النجاسة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬كيف يستجمر بثالثة أحجار‪ ،‬هل هنا كيفية معينة ثبتت يف السنة؟‬
‫اجلواب‪ /‬مل يثبت َشء عن النبي ‪ ‬يف ذل ‪ .‬رويت أحاديث يف بيان الكيفية وهي ال‬
‫تصح يعني أن يبدأ باجلانب األيمن أو باجلانب األيِّس أو باملِّسبة أو بموضع خروج األذا‪،‬‬
‫هذا كله ال يصح‪ ،‬بل يستخدم ثالثة أحجار ويزيل‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم الوتر يف االستجامر‪:‬‬
‫الواجب أن تكون ثالثا ُأكثر حلديث سلامن «هنانَا َأ ْن نَس َت ْقبِ َل ا ْل ِقب َل َة ل ِ َْائِ ص‬
‫ط َأ ْو َب ْو صل َأ ْو َأ ْن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ار»‪ ،‬ويرشع بل هو عىل سبيل الوجوب أن‬ ‫ال َث ِة َأ ْح َج ص‬
‫ني َأ ْو َأ ْن ن َْس َتن ِْج َى بِ َأ َق هل ِم ْن َث َ‬
‫ن َْس َتن ِْج َى بِا ْليَ ِم ِ‬
‫يكون هذا وترا وأقل الوتر ثالثة يف هذا املوضع حلديث سلامن وثريه؛ ُيزيلها بثالثة أحجار‬
‫إن مل تكف بخمسة أو بسبعة أو بتسعة‪ ،‬وهكذا وترا ‪ .‬والدليل عىل وجوب الوتر قوله ‪:‬‬
‫اس َت ْج َم َر َُ ْل ُيوتِ ْر َم ْن َُ َع َل َذل ِ َ َُ َقدْ‬ ‫ِ‬
‫ت َُ َأ ْوت ْر»(‪ .)7‬وأما حديث أيب هريرة « َم ِن ْ‬ ‫«إِ َذا ْ‬
‫است َْج َم ْر َ‬
‫ريي وأبو سعد‬ ‫ني ْ ِ‬
‫احل ْم َ ِ‬ ‫ال َح َر َج » (‪)2‬هذا حديث ضعيف ُيه جمهوالن‪ُ :‬ح َص ْ ٌ‬ ‫َأ ْح َس َن َو َم ْن الَ َُ َ‬
‫اخلري‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )43 / 7‬برقم‪ )34 / 7( ، )7 / 34( :‬برقم‪ )2 / 20( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )12‬برقم‪ )21( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )262 / 7‬برقم‪ )396( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )3221 / 2‬برقم‪ )70770( :‬ويف‬
‫ال ْست ِ ْج َام ُر ت ٌَّو» أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪)29 / 3‬‬
‫الرواية األخرا «إِ َذا استَجمرتُم َُ َأوتِروا» وحديث جابر يف مسلم «ا ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ ْ َْ‬
‫برقم‪)7499( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه وأبو داود يف "سننه" (‪ )74 / 7‬برقم‪ ،)14 / 7( ، )41( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )222 / 7‬برقم‪)441( :‬‬

‫‪19‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل هنا أشياء يستجمر هبا ثري احلجارة؟‬


‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬جيوز االس ـ ـ ــتجامر بكل ما كان يف معنى احلجارة من اخلش ـ ـ ــب أو اخلزف‬
‫أو األوراق أو املناديل أو أي َشء‪ ،‬وهذا قول اجلمهور‪ ،‬والدليل‪:‬‬
‫‪ ‬أوالً‪ :‬من حيث املعنى املقصود هو إزالة النجاسة‪ .‬وهذا وحده ال يكفي‪.‬‬
‫‪ ‬ثاني ًا‪ :‬هني النبي ‪ ‬عن َشء ُمص ـ ـ ـ ــوص‪ -‬الروط والعظم‪ -‬يدل عىل أن ما عداه جائز‪،‬‬
‫وإال مل يكن َذا االستثناء معنى‪ُ .‬كل ما يقوم مقام احلجارة مما حيصل به اإلنقاء هذا جائز‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما معنى اإلنقاء؟‬
‫اإلنقاء‪ :‬أنه يس ـ ـ ــتخدم هذه احلجارة بحيث ال يبقى عني النجاس ـ ـ ــة وال تبقى بلة ويعرف ذل‬
‫أنه لو مرر احلجرة الناش ـ ــفة ال يأيت عليها رطوبة وال َشء من النجاسـ ـ ــة‪ ،‬يبقى أثر ال يزيله إال‬
‫املاء‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس َتن ِْجى بِ ْ َ‬
‫املاء َو َيكْفي االقتصار َع َىل َأ َحد ِ َ‬
‫مها‬ ‫‪ ‬قال¬‪ :‬ثم ْ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم اجلمع بني االستجامر واالستنجاء‪:‬‬
‫االستنجاء‪ :‬إزالة النجو وهو الْائط‪ ،‬ومنهم من أدخل أي ا البول‪ُ .‬فيه أن طرق التطهري‬
‫تكون باستخدام احلجارة وما كان يف معناها أو باملاء‪ ،‬والدليل عىل مرشوعية االستنجاء باملاء‬
‫الم نَح ِوا إِداو ًة ِمن م ص‬
‫اء َو َعن ََز ًة‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ال َء َُ َأ ْمحِ ُل َأنَا َو ُث َ ٌ ْ‬ ‫اَّلل ِ ‪َ ‬يدْ ُخ ُل ْ‬
‫اخلَ َ‬ ‫ول ه‬‫حديث أن «كَا َن َر ُس ُ‬
‫اء َُ ِإنرى‬ ‫امل ِ‬
‫اج ُك هن َأ ْن َي ْستَطِي ُبوا بِ ْ َ‬ ‫َُيس َتن ِْجى بِ ْ ِ‬
‫املَاء» (‪)7‬وأي ا حديث عائشة~ قالت‪ُ « :‬م ْر َن َأ ْز َو َ‬ ‫َْ‬
‫اَّلل ِ ‪ ‬كَا َن َي ْف َع ُل ُه» (‪ )2‬وهو صحيح‪.‬‬ ‫ول ه‬ ‫َأ ْست َْحيِ ِ‬
‫يه ْم َُ ِإ هن َر ُس َ‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )32 / 7‬برقم‪ )32 / 7( ، )719( :‬برقم‪ )32 / 7( ، )717( :‬برقم‪7( ، )712( :‬‬
‫‪ )14 /‬برقم‪ )796 / 7( ، )271( :‬برقم‪ )199( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )716 / 7‬برقم‪ )716 / 7( ، )219( :‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )716 / 7( ، )217‬برقم‪)217( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )43 / 7‬برقم‪ )2 / 36( :‬والنسائي يف "الكربا" (‪ )09 / 7‬برقم‪ )36( :‬والرتمذي‬
‫يف "جامعه" (‪ )19 / 7‬برقم‪ ،)70( :‬وصححه األلباين‪ ،‬والعالمة الوادعي يف "الصحيح املسند"‬

‫‪17‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫قوله‪( :‬ثم استنجى باملاء)‪ :‬املصنف¬‪ :‬يذهب إىل أنه جيمع بني احلجارة واملاء وهذا‬
‫قول اجلمهور من أهل العلم عىل مرشوعية اجلمع بني احلجارة واملاء‪ ،‬واستدلوا بمجموعة‬
‫أحاديث(‪ )7‬رويت عن مجاعة من الصحابة يف سبب نزول {ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ‬
‫ﮄﮅ } [سورة التوبة‪ ]107 :‬أهنا نزلت يف أهل قباء وأهنم كانوا يتبعون احلجارة‬
‫باملاء‪ ،‬وأسانيدها ضعيفة(‪ .)2‬األمر الثاين‪ :‬استدلوا بأن هذا أنقى وأنظف وأبعد عن مالمسة‬
‫النجاسة‪ُ ،‬احلجارة تزيل العني واملاء يزيل األثر‪ .‬بد ً‬
‫ال من أن يبارش بيده النجاسة أوال يستعني‬
‫باحلجارة حتى خيففها أو يزيل عني النجاسة ثم يستخدم املاء ُيكون قد خفف من مبارشة‬
‫النجاسة ومالمسة النجاسة‪.‬‬
‫ولكن هذه الطريقة مل تثبت عن النبي ‪ ‬اجلمع بني احلجارة واملاء‪ ،‬وَذا ذهب بعض‬
‫ُقط‬ ‫أهل العلم إىل أن هذا يعترب بدعة‪ ،‬لكن كام تقدم أن اجلمهور عىل مرشوعية ذل لي‬
‫عىل اجلواز بل عىل املرشوعية‪.‬‬
‫والذي يظهر أنه جائز‪ ،‬وال يصل إىل حد الندب ألنه مل يثبت عن النبي ‪ ‬اجلمع‪ ،‬وإذا كان‬
‫املاء قليال ُلو أنه استخدم املاء ُقط لبقيت آثار يف املوضع‪ُ ،‬هنا قد يقال بمرشوعية اجلمع‬
‫ألجل قلة املاء ُيزيل عني النجاسة باحلجر أو بنحو احلجر من منديل أو خشب أو أي َشء‬
‫ثم يتبعه باملاء‪.‬‬
‫قولــه‪( :‬ويكفي االقتص ـ ـ ـ ــار عىل أحــدمهــا) وهــذا كام تقــدم‪ ،‬لــه أن يقترص ـ ـ ـ ـ ـ عىل احلجــارة‬
‫باألدلة الكثرية وله أن يقترص عىل املاء لألدلة املتقدمة‪.‬‬

‫(‪ )7‬انظرها عند ابن ماجه يف "سننه" (‪ )244 / 7‬برقم‪ )411( :‬وابن اجلارود يف "املنتقى" (‪ )24 / 7‬برقم‪)34( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )76 / 7‬برقم‪ )33( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )711 / 1‬برقم‪ )4799( :‬وابن ماجه يف‬
‫بن‬ ‫"سننه" (‪ )243 / 7‬برقم‪ )411( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )791 / 7‬برقم‪ ،)176( :‬واحلديث ضعيف ُيه يون‬
‫احلارط الثقفي الطائفي "ضعيف"‪ ،‬وله شاهد‬

‫‪12‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬قال¬‪ :‬وال يستجمر بالروط والعظام‪ ،‬لنهي النبي ‪ ‬عن ذل‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬ال يستجمر باليشء الذي ال ينقي‪:‬‬
‫ُاليشء الذي ال ينقي ال يصلح وال جيوز مثل الزجاج‪ ،‬إذا كان عنده كأس من زجاج‬
‫أو عنده قصب أمل ‪ُ ،‬هذا ال يزيل عني النجاسة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬بالروط والعظام) كام ثبت عن النبي ‪ ‬من حديث ابن مسـ ــعود وأيب هريرة وس ـ ــلامن‬
‫وعن مجاعة من الصحابة‪ ،٪‬لكن ما هو التعليل يف النهي عن الروط والعظم؟‬
‫يف حــديــث ابن مس ـ ـ ـ ــعود من طريق الش ـ ـ ـ ــعبي أن الروط طعــام دواب اجلن وأن العظم‬
‫طعام اجلن ولكن هذا الراجح أنه من مرا س ـ ـ ــيل الش ـ ـ ــعبي‪ .‬ويف حديث أيب هريرة يف البخاري‬
‫أنــه هنى عن الروط والعظم ُقيــل‪ :‬ملــا ي ـا رس ـ ـ ـ ــول اهلل؟ قــال‪« :‬ألنــه طعــام اجلن»‪ ،‬وهــذا هو‬
‫الراجح يف التعليــل أنــه طعــام اجلن بــدون تفص ـ ـ ـ ـ ـيــل‪ .‬ويف حــديــث أيب هريرة اآلخر «ُ ـإهنام ال‬
‫ولكنه ضعيف كام سيأيت‪.‬‬ ‫يطهران» يدل عىل أنه نج‬
‫ُينهى عن االس ـ ـ ـ ــتجامر بالروط والعظم ولو كان العظم طاهرا ‪-‬عظم مأكول اللحم ‪-‬‬
‫ال جيوز االسـ ــتنجاء بالعظم لنهي النبي ‪ُ ،‬ال يظن أن العظم هو عظم احلمري أو الكالب أو‬
‫احليوانات التي ال تؤكل‪ ،‬بل مجيع العظام حتى لو كانت طاهرة‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪َ :‬وك ََذل ِ َ كُل َما َل ُه ُح ْر َم ٌة‪.‬‬
‫أي ا ال جيوز االستجامر بيشء له حرمة‪-‬مث ً‬
‫ال‪َ-‬شء ُيه ذكر هلل ´‪-‬القرآن الكريم‬
‫وكتب احلديث وكتب الفقه وكتب العلم‪-‬واألشياء املحرتمة‪-‬الطعام املحرتم‪ ،‬ال جيوز‪ ،‬هذا‬
‫من االستهانة بنعم اهلل ´‪ ،‬وما كان ُيها ذكر هلل هذا من باب االعتداء عىل حرمات اهلل ´‪،‬‬
‫بل ذكر بع هم بأن االستنجاء أو االستجامر بالقرآن يعترب كفرا ورد ًة ملا ُيه من االستخفاف‬
‫واالستهزاء‪ .‬وأي ا بكل نج ‪ ،‬ال جيوز االستنجاء أو االستجامر بكل نج ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا خالف واستجمر بالعظم أو بالروط أو بام له حرمة‪ ،‬هل يطهر؟‬
‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬إذا أنقى يطهر مع اإلثم‪ ،‬وأم ــا ح ــدي ــث أيب هريرة ‪ ‬ق ــال‪« :‬إهنام ال‬
‫ُهو حــديــث ض ـ ـ ـ ــعيف‪ُ ،‬يــه س ـ ـ ـ ــلمــة بن رجــاء وهو ض ـ ـ ـ ــعيف قــد أنكر عليــه هــذا‬ ‫يطهران»(‪)7‬‬

‫احلديث‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه الدارقطني يف "س ـ ـ ــننه" (‪ )22 / 7‬برقم‪ ،)712( :‬قال ابن عدي يف "س ـ ـ ــلمة بن رجاء‪ " :‬أحاديثه أُراد‬

‫وثرائب وحيدط عن قوم بأحاديث ال يتابع عليها‪ ،‬انظر "نصب الراية ألحاديث اَداية‪")270 / 7( :‬‬

‫‪13‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪:‬‬
‫ب‪َ ،‬أ ْو َا ْل ُب ْق َع ِة‪َ ،‬أ ْو‬ ‫مجي ِع َالنهجاس ـ ـ ـ ِ‬
‫ات َع َىل َا ْل َبدَ ِن‪َ ،‬أ ْو َال هث ْو ِ‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َيك ِْفي ِيف َثس ـ ـ ـ ِل َ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ات عَدَ ًدا‪.‬‬ ‫مجي ِع َثس ِل َالنهجاس ِ‬ ‫ار َع َمل َي ْش َ ِرت ْ ِيف َ ِ‬
‫لش ِ‬ ‫ول َع ْين َُها َع ْن َا ْمل ََح رل ِ َ‬
‫أل هن َا ه‬ ‫ري ِها‪َ :‬أ ْن ت َُز َ‬
‫َث ْ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫هذا الباب ُيه ذكر إزالة النجاســة وذكر األشــياء النجســة‪ .‬واإلزالة بمعنى إبعاد وتنحية‬
‫هو املس ـ ــتقذر اخلبيث ولكن هو يف‬ ‫النجاس ـ ــات‪ ،‬النجاس ـ ــة مص ـ ــدر ومجعها أنجاس‪ ،‬والنج‬
‫أشـ ــياء معينة‪ ،‬األشـ ــياء اخلبيثة واملحرمة كثرية ولكن باب النجاسـ ــات يف أشـ ــياء جاءت األدلة‬
‫تدل عىل نجاستها‪.‬‬
‫جرم خبيث وإذا أزيل هذا اجلرم‬
‫وذكر¬‪ :‬أن النجاسـ ـ ــات املقص ـ ـ ــود إزالة عينها ُهو ْ‬
‫حص ـ ــل املقص ـ ــود وال يش ـ ــرت عدد معني يف الْس ـ ــالت حتى تزال هذه العني‪ ،‬وهذه املس ـ ــألة‬
‫اختلف ُيها أهل العلم ُيام عدا الكلب وما كان يف معنى الكلب‪.‬‬
‫أقوال العلامء يف إزالة النجاسة‬
‫‪‬القول األول‪ :‬من أهل العلم من اشــرت إلزالة النجاســة أن تْســل ســبعا واســتدلوا‬
‫بحديث ابن عمر‪ ¢‬أن النبي ‪ ‬أمر بْسل النجاسات سبعا‪ ،‬وهذا ال أصل له‪.‬‬
‫‪ ‬القول الثــاين‪ :‬ومنهم من اش ـ ـ ـ ــرت أن تكون ثالثــا‪ُ-‬مثال‪-‬الْــائط أو البول أو دم‬
‫احليض ال يكفي بْس ـ ـ ـ ـ ـلـة واحـدة بـل ال بد أن تكون ثالثا‪ ،‬واس ـ ـ ـ ــتدلوا بحديث األمر ب ُْس ـ ـ ـ ـ ـل‬
‫الكفني للمس ــتيقظ من نومه قالوا ‪ :‬إنام هذا ألجل النجاس ــة أو عند توهم وجود النجاس ــة وإذا‬
‫كان عند توهم وجود النجاسة جاء األمر بْسل الكفني ثالثا ُعند حتققها من باب أوىل‪.‬‬
‫وهذا التعليل ثري صــحيح أنه جاء األمر بْســل الكفني عند االســتيقا ألجل النجاســة‬
‫إنام هذا أمر تعبدي‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬القول الثالث‪ :‬وهو قول اجلمهور أن النجاس ـ ـ ـ ــة املطلوب إزالة عينها‪ ،‬واس ـ ـ ـ ــتدلوا‬
‫بأن دم احليض قد أمجعوا عىل نجاســته ومع هذا ملا ســَل النبي ‪ ‬عن كيفية تطهري دم احليض‬
‫أو الثوب الذي يصيبه دم احليض ُقال‪َ « :‬حتته ُثم َت ْقرصه بِ ْ َ ِ‬
‫اء ُثم َتنْ َ حه ُثم تُص رىل ُِ ِ‬
‫يه»(‪)7‬‬
‫ُ ُ ه َ‬ ‫امل ه‬ ‫ُ ُ ه ُ ُ ُ‬
‫ُإذا كان دم احليض وهو جممع عىل نجاسته مل يزد الرشع عىل جمرد إزالته ومل يذكر عددا‬
‫بعدد ُمصـ ــوص وإنام املقصـ ــود اإلزالة‬ ‫ُيدل عىل أن هذا هو الراجح‪ ،‬أن إزالة النجاسـ ــة لي‬
‫ُإذا أزيلت هذه النجاسة بْسلة واحدة‪ ،‬أو باثنتني‪ ،‬أو بثالط حصل املقصود‪.‬‬
‫اب ِ(يف‬ ‫ص‬
‫يها َسـ ـ ـ ْب َع َث ْسـ ـ ـ َالت‪ ،‬إِ ْحدَ َاها بِ َ‬
‫الرت ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قوله‪ :‬إِ هال ِيف ن ََجا َسـ ـ ـ ِة َا ْل َك ْل ِ‬
‫ب‪َُ ،‬ا ْشـ ـ ـ َ َرت َ ُ َ‬
‫يث َا ْمل ُ هت َف ِق َع َل ْي ِه)‪.‬‬
‫َا ْحل ِد ِ‬
‫َ‬
‫ثبــت يف الص ـ ـ ـ ــحيح عن النبي ‪ ‬أنــه قــال‪« :‬إِ َذا و َل َغ ا ْل َك ْلـب ِيف إِ ـَنـ ِ‬
‫اء َأ َحـ ِدك ُْم َُ ْل َي ْْ ِسـ ـ ـ ـ ـ ْل ـ ُه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رش َب»‪ ،‬ولكن األكثر يروونه بلفظ (ولغ)‪ ،‬ويف‬ ‫َسـ ـ ْب ًعا»(‪)2‬ويف رواية مال ومن تابع معه «إِ َذا َ ِ‬
‫ِ‬
‫َاء َأح ِدكُم إِ َذا و َل َغ ا ْل َك ْلب ُِ ِيه َأ ْن ي ْْ ِس َله سبع مر ص‬
‫ات»‪.‬‬ ‫ُ َ َْ َه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ور إِن َ ْ‬ ‫رواية أخرا « ُط ُه ُ‬
‫أو كله طاهر؟‬ ‫أو لعابه نج‬ ‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل الكلب كله نج‬
‫اجلواب‪ُ /‬يه ثالثة أقوال ألهل العلم‪:‬‬
‫بدليل أن الرشع جاء بذكر تطهري اإلناء من ولوغ‬ ‫‪ ‬القول األول‪ :‬أن كله نج‬
‫الكلب ُيدل عىل نجاسة اللعاب‪ ،‬وإنام اللعاب جزء من البدن ُإذا كان اللعاب نجسا ُالكلب‬
‫كله نج ‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ )60 / 7( ، )221( :‬برقم‪ )491( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )766‬برقم‪ )766 / 7( ، )207( :‬برقم‪)207( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )31 / 7‬برقم‪ )712( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )767 / 7‬برقم‪/ 7( ، )210( :‬‬
‫‪ )767‬برقم‪ )767 / 7( ، )210( :‬برقم‪ )762 / 7( ، )210( :‬برقم‪ )762 / 7( ، )210( :‬برقم‪)210( :‬‬

‫‪16‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وَذا قال‪ُ « :‬طهور إِن ِ‬


‫َاء َأ َح ِدك ُْم» يعني يطهر اإلناء إذا‬ ‫‪ ‬القول الثـاين‪ :‬أن لعـابـه ُقط نج‬
‫ُ ُ‬
‫ولغ ُيه الكلب ُيدل عىل نجاسة اللعاب‪.‬‬
‫‪ ‬القول الثالث‪ :‬كله طاهر ألن اهلل ´ يقول‪ { :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ} [سـ ـ ــورة الم دة‪:‬‬
‫‪ ]3‬ومل يذكر ثسال وألن الرشع جاء بإجازة اقتناء كلب الصيد واملاشية والزرع‪.‬‬
‫ألجل النجاسة‪ُ .‬عىل‬ ‫والذين قالوا بأنه طاهر جعلوا األمر بالْسل إنام هو تعبدي لي‬
‫ُكيف تطهر هذه النجاسة أو نجاسة لعاب الكلب؟‬ ‫أو لعابه نج‬ ‫القول بأنه نج‬
‫جاء الرشع بذكر أمرين ليسا موجودين يف ثريها من النجاسات‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬التسـ ــبيع يف ثسـ ــل هذا اإلناء قال‪ْ َُ « :‬ل َي ْْ ِس ـ ـ ْل ُه َس ـ ـ ْب ًعا» ُهذا احلديث ظاهر‬
‫الداللة عىل وجوب التسبيع أي أن تكون الْسالت سبعا‪.‬‬
‫واألمر الثاين‪ :‬الترتيب أن تكون أوالهن بالرتاب‪.‬‬
‫هذا بخصوص الكلب وإال ُاخلنزير وسائر السباع مل يأت الرشع بذكر التسبيع وال‬
‫بذكر الترتيب‪ .‬وذكر العدد بالتسبيع وإحداهن بالرتاب هذا أمر تعبدي وهذا خاص بولوغ‬
‫الكلب حتى اخلنزير الذي هو من أخبث احليوانات ال دليل عىل أن اخلنزير يلحق بالكلب‪،‬‬
‫بل أصال اخلنزير ال دليل عند طائفة من أهل العلم عىل نجاسته وأما األدلة الواردة يف التنفري‬
‫عنه وبيان خبثه إنام هو يف باب األكل { ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ‬
‫ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ } [سورة األنعام‪ ]731 :‬يعني خبيث‬
‫حمرم‪.‬‬
‫ُألجل هذا ُاخلنزير لو ولغ يف اإلناء ُال دليل أوال عىل نجاسة لعابه ثم ال دليل ثانيا‬
‫عىل التسبيع أو الترتيب‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫اب) جــاءت الروايــات أوالهن‪ ،‬إحــداهن‪ُ ،‬أخراهن لكن أرجح‬ ‫قولــه‪( :‬إِ ْح ـدَ ا َه ـا بِ ـ َ‬
‫الرت ِ‬
‫الروايــات وهي التي عليهــا أكثر الرواة بــذكر (أوالهن) وهــذا يتنــاس ـ ـ ـ ـ ــب مع املعنى أن اإلنــاء‬
‫يْس ـ ـ ـ ــل إمـا أن يص ـ ـ ـ ــب الرتاب ثم يتبعـه بـاملـاء أو يص ـ ـ ـ ــب املاء ثم يتبعه بالرتاب أو خيلط املاء‬
‫والرتاب ثم يمرره عىل اإلنـاء‪ُ .‬ـالوا جـب بعـد ولوغ الكلـب أنـه يْس ـ ـ ـ ــل اإلناء س ـ ـ ـ ــبع ًا ويكون‬
‫الرت ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب» (‪ )7‬من حــديــث عبــد اهلل‬ ‫الرتاب يف األوىل‪ ،‬ويف بعض الروايــات « َو َع رف ُرو ُه ال هثـامنَـ َة ِف َ‬
‫بن مْفل ولكن حتمل عىل أن الْسـلة التي مع الرتاب تعترب ثسـلتني وإال ُهي سـبع ثســالت‪.‬‬
‫إذا ثســل الْســلة األوىل يعني مجع بني املاء والرتاب حيســبها اثنتني ثم يْســل بعدها س ـتا حتى‬
‫الرت ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب» وإال ُاحلاصل أهنا سبع‪ ،‬هذا الذي‬ ‫تكون ثامنية عىل رواية الثامنية « َو َع رف ُرو ُه ال هثامنَ َة ِف َ‬
‫يف حديث أيب هريرة « َُ ْل َي ْْ ِس ْل ُه َس ْب ًعا»‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم الترتيب‪:‬‬
‫والترتيــب واجــب وال يقوم مقــام الرتاب الصـ ـ ـ ـ ــابون واألش ـ ـ ـ ـ ـنــان‪ ،‬وقــد كــان األش ـ ـ ـ ـ ـنــان‬
‫موجودا يف زمن النبي ‪ ‬ومل يرشــد إليه النبي الكريم ‪ُ ‬لعل يف الرتاب خاصــية ال توجد يف‬
‫ثريها من املطهرات وَذا اكتش ـ ـ ـ ــف العلم احلديث أن يف الرتاب خاص ـ ـ ـ ــية يف قتل اجلراثيم ال‬
‫توجد يف كثري من املطهرا ت‪ُ ،‬ألجل هذا ال بد من اسـ ـ ـ ــتخدام الرتاب وأن تكون الْسـ ـ ـ ــالت‬
‫سبع ًا‪.‬‬
‫هنا ُروع كثرية ُيام يتعلق بولوغ الكلب مرت بنا يف دروس املنتقى‪.‬‬
‫يف شأن احلامر ُإنه من حيث األكل‪.‬‬ ‫ُائدة‪ :‬أبوال احلمري طاهرة وأما قوله‪ُ :‬إهنا رج‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )762 / 7‬برقم‪)229( :‬‬

‫‪12‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫األ ْش َيا ُء َالن ِهج َس ُة‪َ :‬ب ْو ُل َا ْآل َد ِم ري‪َ ،‬وع ْذ َر ُت ُه‪َ ،‬والده ُم‪ ،‬إِ هال َأنه ُه ُي ْع َفى َع ِن َالده ِم‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و ْ َ‬
‫ون َا هل ِذي َي ْب َقى ِيف َال هل ْح ِم َوا ْل ُعر ِ‬
‫وق‪ِ َُ ،‬إ هن ُه‬ ‫ُول‪ُ ،‬د َ‬ ‫ري‪ ،‬و ِم ْث ُله‪َ :‬الده م َا ْملَس ُفوح ِمن َا ْحليو ِ‬
‫ان َا ْ َمل ْأك َ‬ ‫ُ ْ ُ ْ ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َا ْل َي ِس ِ‬
‫ُ‬
‫َط ِ‬
‫اه ٌر‪.‬‬
‫ذكر األعيان النجسة‪:‬‬
‫‪ ‬األول‪ :‬بول اآلدمي وعذرته؛ بول اآلدمي وعذرته جممع عىل نجاســته‪ .‬أما بالنســبة‬
‫للبول ُلحــديــث ابن عبــاس ‪ ƒ‬يف الرجــل الــذي عــذب يف قربه قــال‪َ « :‬م هر النهبِي ‪ ‬بِ َق ْ َرب ْي ِن‬
‫َرت ِم ْن ا ْل َب ْو ِل»(‪ )7‬ويف رواية‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َان َال َي ْسـت ُ‬‫مها َُك َ‬ ‫ان ِيف كَبِ ص‬
‫ري َأ هما َأ َحدُ ُ َ‬
‫ان وما يع هذب ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ َق َال‪ « :‬إِ ههنُ َام َل ُي َع هذ َب َ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫« َُكَا َن الَ َي ْسـ ـ َتن ِْز ُه ِم ْن ال َب ْو ِل» «ك َ‬
‫َرت» بمعنى لي الس ــرت عن‬ ‫َان َال َي ْس ـ ـت َْرب ُئ م ْن َب ْوله»‪َ « .‬ال َي ْس ـ ـت ُ‬
‫األعني وإنام املقص ـ ـ ـ ــود إنــه ال جيعــل حــائال بينــه وبني البول ُيص ـ ـ ـ ـ ـيــب بــدنــه ويرتكــه وال يقوم‬
‫َان َال َي ْس ـت ِ َُرت ِم ْن ا ْل َب ْو ِل» ويف رواية « ِم ْن َب ْولِ ِه»‪ .‬وهكذا أمر النبي ‪‬‬ ‫بإزالته‪ُ .‬البول نج « َُك َ‬
‫بصب الذنوب من املاء عىل بول األعرايب الذي بال يف املسجد‪.‬‬
‫وأما العذرة وهي الْائط ُأي ـ ــا جممع عىل نجاس ـ ــتها ال خالف بني أهل العلم يف كوهنا‬
‫نجس ــة‪ ،‬والدليل ‪-‬إضـ ــاُة عىل اإلمجاع ‪-‬حديث أيب هريرة وأيب سـ ــعيد أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬إِ َذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور»(‪ )2‬ويدخل الْائط دخوال أوليا يف هذا‪.‬‬ ‫اب َل ُه َط ُه ٌ‬ ‫َوط َئ َأ َحدُ ك ُْم بِنَ ْع َل ْيه األَ َذا َُ ِإ هن َ‬
‫الرت َ‬
‫هنا دليل عىل نجاس ــته ال هلهم‬ ‫‪ ‬الثاين‪ :‬قال‪َ ( :‬والده ُم‪ ،‬إِ هال َأنه ُه ُي ْع َفى َع ِن َالده ِم َا ْل َي ِسـ ـ ِ‬
‫ري)؛ لي‬
‫بالنص حلديث أس ــامء حينام س ــَل النبي ‪ ‬عن تطهري دم احليض قال‪:‬‬ ‫دم احليض‪ُ ،‬هو نج‬
‫امل ِ‬
‫حتت ُه ُث هم َت ْق ُر ُص ُه بِ ْ َ‬
‫اء ُث هم َتنْ َ ُح ُه »(‪)4‬متفق عليه‪ .‬وأمجع العلامء عىل نجاسة دم احليض‪.‬‬ ‫«َُ‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )14 / 7‬برقم‪ )14 / 7( ، )276( :‬برقم‪( )13 / 7( ، )272( :‬بدون ترقيم) ‪2( ،‬‬
‫‪ )01 /‬برقم‪ )00 / 2( ، )7467( :‬برقم‪ )76 / 2( ، )7412( :‬برقم‪ )71 / 2( ، )6912( :‬برقم‪ )6911( :‬ومسلم يف‬
‫"صحيحه" (‪ )766 / 7‬برقم‪ )766 / 7( ، )202( :‬برقم‪)202( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )732 / 7‬برقم‪( )732 / 7( ، )421( :‬بدون ترقيم) والبزار يف "مسنده" (‪)747 / 71‬‬
‫برقم‪ )2341( :‬وابن خزيمة يف "صحيحه" (‪ )403 / 7‬برقم‪)202( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ )60 / 7( ، )221( :‬برقم‪ )491( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )766‬برقم‪ )766 / 7( ، )207( :‬برقم‪)207( :‬‬

‫‪10‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وهكذا الدماء التي خترج من أحد الس ـ ـ ـ ــبيلني‪ ،‬هذه الدماء نجس ـ ـ ـ ــة ألهنا ال ختلو من ب ّلة‪،‬‬
‫الذي ُيه جرح يف الباطن‪.‬‬
‫ُهذا الدم الذي خيرج من دبره دم نج ‪ ،‬وهكذا الدم الذي خيرج من إحليله ُهو نج ‪ .‬أما‬
‫بقي ــة ال ــدم ــاء التي خترج عن ــد الرع ــاف والتي خترج من اجلروح وثري ذلـ ـ من ال ــدم ــاء ُهي‬
‫ُيحتاج إىل‬ ‫طاهرة بناء عىل األص ـ ـ ـ ــل‪ ،‬واألص ـ ـ ـ ــل يف األش ـ ـ ـ ــياء الطهارة ُحينام يقال هذا نج‬
‫دليل وال دليل!‬
‫األصل يف األشياء الطهارة‪ ،‬وما هو الدليل عىل نجاسة سائر الدماء؟ استدلوا باآلية‪ { :‬ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟﮠ ﮡﮢﮣ ﮤ ﮥﮦﮧ ﮨ ﮩﮪ} [سورة األنع م‪:‬‬
‫‪ ]135‬لكن هذه اآلية سيقت يف مساق التحريم وال مالزمة بني النجاسة والتحريم‪ُ ،‬لي‬
‫كل َشء حمر صم هو نج ‪ ،‬املخدرات حمرمة واخلمر حمرم وأشياء كثرية من املأكوالت‬
‫واملطعومات واملرشوبات حمرمة وليست نجسة‪.‬‬
‫وأي ا مما يدل عىل عدم نجاستها أن رجال أنصاري ًا حينام كان حارسا يف ليلة من الليايل ورمي‬
‫بثالثة أسهم ُاستمر يف صالته(‪ )7‬وهذا يف زمن النبي ‪ ،‬وعمر صىل بالناس وجرحه يثعب‬
‫أي يسيل‪ُ ،‬ال دليل عىل نجاسة سائر الدماء‪.‬‬
‫هنا دليل عىل نجاسة الدم‬ ‫قوله‪( :‬إِ هال َأنه ُه ُي ْع َفى َع ِن َالده ِم َا ْل َي ِس ِ‬
‫ري) وتقدم أنه أصال لي‬
‫يف اجلرح ولو كان كثريا ويف الرعاف‪.‬‬
‫ُول‪ُ ،‬دو َن َا هل ِذي َي ْب َقى ِيف َال هل ْح ِم َوا ْل ُعر ِ‬
‫وق) الدم‬ ‫قوله‪( :‬ومثله َالده م َا ْملَس ُفوح ِمن َا ْحليو ِ‬
‫ان َا ْ َمل ْأك َ‬ ‫ُ ْ ُ ْ ََ َ‬
‫ُ‬
‫املسفوح هذا يف شأن التحريم‪ .‬كانت عادة اجلاهلية أهنم جيمدون الدماء ثم ُترشب وتؤكل‬
‫يف مساق بيان النجاسات‪ { .‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫ألجل اجلوع‪ُ .‬اآلية يف مساق التحريم ولي‬
‫ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ } [سورة األنع م‪{ ]135 :‬ﮨﮩﮪ‬
‫ﮫﮬﮭ } [سورة األنع م‪ ]135 :‬هذا كله يف شأن األكل‪ُ .‬الدماء التي خترج من احليوان‬
‫املأكول املذبوح هي دماء طاهرة‪ ،‬وهكذا ما يبقى بني اللحم وبني العروق‪.‬‬

‫(‪ )7‬الشيخ رمحه اهلل كان يرا حتسني احلديث‪ ،‬ثم تراجع انظر احلاشية (ص‪)742‬‬

‫‪29‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ص‬ ‫‪ ‬قال¬‪ :‬و ِمن َالنهجاسـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ط ك رُل َح َي َوان ُحم هَر صم َأ ْك ُل ُه‪ ،‬وال رسـ ـ ـ ـ ـ َب ُ‬
‫اع كُل َها‬ ‫ات‪َ :‬ب ْو ُل َو َر ْو ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ن ِ‬
‫َج َس ٌة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬بول وروط كل حيوان حمرم أكله‪ ،‬هل هو نج ؟‬
‫بول وروط كل حيوان حمرم أكله؛ مثل الس ــباع والذئاب والص ـقور والنس ــور واألس ــود‬
‫والقرود‪ُ ،‬ــالنبي ‪ ‬هنى عن كــل ذي ُملــب من الطري وكــل ذي نــاب من الس ـ ـ ـ ـ ـبــاع‪ ،‬وهكــذا‬
‫احليوانات املحرم أكلها والتي جاء األمر بقتلها كالفأرة‪.‬‬
‫والسباع كلها نجسة‪.‬‬ ‫يقول املصنف أن بوَا وروثها نج‬
‫كام تقدم أن األص ـ ــل يف األش ـ ــياء الطهارة وال دليل عىل أن الس ـ ــباع نجسـ ـ ــة أبداهنا وهي‬
‫حية‪ ،‬أما إذا ماتت ُهي من مجلة امليتة وأما قبل مواا ُال دليل عىل أهنا نجس ـ ــة‪ ،‬وال دليل عىل‬
‫نجاسة أبواَا وأرواثها‪.‬‬
‫وأما حديث ابن عمر ‪ ƒ‬أن النبي ‪ ‬سـ ـ ـ ــَل عن املاء يكون يف الفالة وما ينوبه من السـ ـ ـ ــباع‬
‫حي ِم ـ ِل ْ‬
‫اخلَ َب ـ َث» (‪ُ)7‬لي يف احلــديــث داللــة عىل‬ ‫ان ا ْ َمل ـا ُء ُق هلت ْ ِ‬
‫َني َمل ْ َ ْ‬ ‫والــدواب ُقــال ‪« :‬إِ َذا ـَكـ َ‬
‫نجاسـتها‪ ،‬ألن كوهنا آكلة اللحوم ال يمنع من أهنا تتلطخ بامليتة ودماء امليتة‪ ،‬وألجل هذا قال‬
‫النبي ‪ ‬ذلـ ‪ .‬ال أهنـا يف نفس ـ ـ ـ ـ ـهـا نجس ـ ـ ـ ــة وهم قـالوا ‪ :‬هـذا ُيـه داللـة وإال مل يكن يف التقييد‬
‫اخلَ َب َث»‪ .‬ولكن أجاب‬ ‫حي ِم ِل ْ‬ ‫املا ُء ُق هلت ْ ِ‬
‫َني َمل ْ َ ْ‬ ‫بالقلتني معنى‪ ،‬لوال أهنا نجس ـ ـ ـ ــة ما قال‪« :‬إِ َذا ك َ‬
‫َان ْ َ‬
‫ِ‬ ‫بع ـ ــهم‪ :‬أهنا قد حتمل النجاسـ ــات وحتمل امليتات وَذا قال النبي ‪« ‬إِ َذا ك َ‬
‫َان ْ َ‬
‫املا ُء ُق هلت َْني َمل ْ‬
‫حي ِم ِل ْ‬
‫اخلَ َب َث»‪.‬‬ ‫َْ‬
‫ُاحلاص ــل أنه ال دليل عىل نجاس ــة الس ــباع وال دليل عىل نجاس ــة أبواَا وأرواثها وقوُا‬
‫عند األصل وهو أن األصل يف األشياء الطهارة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )41 / 7‬برقم‪ )21 / 7( ، )7 / 12( :‬برقم‪ )7 / 421( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )24‬برقم‪( )24 / 7( ، )64( :‬بدون ترقيم) ‪ )23 / 7( ،‬برقم‪ )61( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )790 / 7‬برقم‪)61( :‬‬
‫وابن ماجه يف "سننه" (‪ )423 / 7‬برقم‪)171( :‬‬

‫‪27‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ْت‬ ‫وأي ـ ـ ـ ـ ــا هنــا حــديــث يــدل عىل طهــارة أبوا َــا وهو حــديــث ابن عمر‪ ¢‬قــال‪ُ « :‬كنـ ُ‬
‫َت ا ْل ِك َال ُب ُت ْقبِ ُل َوتُدْ بِ ُر ِيف ا ْ َمل ْس ـ ِج ِد‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َأ ْع َزب َش ـابا َأبِ ُ ِ‬
‫يت يف ا ْ َمل ْس ـ ِجد يف َع ْهد َر ُس ـ ِ ه‬
‫اَّلل ‪َ ‬وكَان ْ‬ ‫َ‬
‫ون َش ْي ًَا ِم ْن َذل ِ َ »(‪ُ )7‬الكلب حمرم أكله وأخرب ابن عمر ‪ ƒ‬أنه تأيت الكالب‬ ‫َُ َل ْم َيكُونُوا َي ُرش َ‬
‫تقبل وتدبر وتبول ُلم يكونوا يرشون من ذل شيَا‪ُ ،‬هذا دليل عىل طهاراا‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪َ :‬وك ََذل ِ َ ا ْ َمل ْيت ُ‬
‫َات‪.‬‬
‫َ‬
‫طهر»(‪)2‬‬
‫اب ُدبِ َغ َُ َقدْ ُ َ‬ ‫بالنس ـ ــبة للميتة هي نجس ـ ــة للحديث املروي عن النبي ‪َ « ‬أي َام إِ َه ص‬
‫ال َأ َخـ ـ ْذت ُْم إِ َهـ ـا َهبَـ ـا‬
‫مع أن بعض أه ــل العلم أعلـ ـه هب ــذا اللفظ‪ ،‬وهك ــذا يف قول النبي ‪َ « :‬ه ه‬
‫َُدَ َب ْْت ُُمو ُه َُا ْن َت َف ْع ُت ْم بِ ِه»(‪ .)4‬ونقل ثري واحد اإلمجاع عىل نجاسة امليتة‪.‬‬
‫ُــامليتــة وهي‪ :‬كــل حيوا ن مــات حتف أنفــه بــدون ذكــاة رشعيــة ُهي نجسـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬أمــا الــذي‬
‫يذكى ويذبح أو الذي يصاد ويذكر اسم اهلل عليه ُهذا ال يقال ُيه ميتة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬قرن امليتة وظفرها وعظمها وشعرها وصوُها‪:‬‬
‫وأمـا قرن امليتة وظفرها وعظمها وش ـ ـ ـ ــعرها وص ـ ـ ـ ــوُها ُهذه طاهرة وقوُا عند األص ـ ـ ـ ــل‪ ،‬إنام‬
‫النج مـا كـان ُيهـا الـدم والعص ـ ـ ـ ــب واللحم‪ .‬وقـد علق البخاري‪ :‬يف ص ـ ـ ـ ــحيحه من قول‬
‫ف ا ْل ُع َل َام ِء َي ْم َت ِش ـ ـ ـ ـ ـ ُط َ‬
‫ون‬ ‫ري ِه َأدر ـْكـ ُت ـَنـاس ـ ـ ـ ـ ـا ِمن س ـ ـ ـ ـ ـ َل ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الزهري‪( :‬يف ع َظ ـا ِم ا ْمل َْوتَى ن َْح َو ا ْلفيـ ِـل َو َث ْ ِ ْ َ‬
‫ِهبَا)(‪ُ :)3‬امليتة هي النجس ـ ـ ــة‪ ،‬مثل وحيد القرن إذا ُأخذ قرنه وجعل يف اجلنايب أو يف الس ـ ـ ــيوف‬
‫ومثل الفيلة يؤخذ ناهبا وتعمل به أش ـ ــياء وهكذا العظام والش ـ ــعور ألهنا ال حتلها احلياة‪ ،‬ممكن‬
‫جيز الصوف ويستفاد منه واحليوان ال يزال حيا‪.‬‬
‫أن يزال أو ّ‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )31 / 7‬برقم‪)713( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )707 / 7‬برقم‪) )466( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )722 / 2‬برقم‪ )27 / 4( ، )7302( :‬برقم‪ )06 / 1( ، )2227( :‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )06 / 1( ، )1147‬برقم‪ )1142( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )709 / 7‬برقم‪ )709 / 7( ، )464( :‬برقم‪7( ، )464( :‬‬
‫‪ )709 /‬برقم‪ )709 / 7( ، )464( :‬برقم‪ )707 / 7( ، )464( :‬برقم‪)461( :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪" :‬صحيح البخاري" (‪)16/7‬‬

‫‪22‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫أما إذا قطعت اليد من الشـ ــاة ُهي نجس ـ ــة‪ُ ،‬هذا يدل عىل الفرق بني الشـ ــعر وبني س ـ ــائر‬
‫اللحم‪ ،‬إذا قطعــت يــدا من الش ـ ـ ـ ـ ــاة ُام قطع من البهيمــة وهي حيــة ُهو ميتــة وهو نج ‪ ،‬أمــا‬
‫الشعر جيز الصوف من الشاة وهي عىل قيد احلياة ُينتفع به‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪ :‬إِ هال‪َ :‬م ْي َت َة َا ْآل َد ِم ري‪.‬‬
‫ميتة اآلدمي طاهرة‪،‬‬
‫مس ـ ــلام كان أم كاُرا ‪ .‬أما بالنس ـ ــبة للمس ـ ــلم وهو حي ُقول عامة أهل العلم أنه طاهر‪،‬‬
‫ُاملسـلم احلي ال خالف بني أهل العلم أنه طاهر ودليله‪ :‬أوال‪ :‬بقاء عىل األصـل وأي ـا لقوله‬
‫اَّللِ إِ هن‬
‫ان ه‬‫تعاىل‪{ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ } [ســورة اإلســراء‪ ]80 :‬وأي ــا لقول النبي ‪ُ « :‬س ـ ْب َح َ‬
‫ا ْمل ُ ْؤ ِم َن الَ َين ُْج ُ » (‪ )7‬وهكذا ألثر ابن عباس الذي علقه البخاري ووصــله ســعيد بن منصــور‬
‫بسند صحيح «ا ْمل ُ ْسلِ ُم َال َين ُْج ُ َحيا َو َال َم ريتًا»(‪.)2‬‬
‫وأما بالنس ــبة للمس ــلم امليت ُقول مجهور أهل العلم أنه طاهر بناء عىل األص ــل وأي ــا‬
‫اَّللِ إِ هن ا ْمل ُ ْؤ ِم َن الَ َين ُْج » وأي ـ ــا ألثر ابن عباس ‪« ƒ‬ا ْمل ُ ْسـ ـ ـلِ ُم َال‬
‫ان ه‬‫لقول النبي ‪ُ « :‬سـ ـ ـ ْب َح َ‬
‫َين ُْج ُ َحيـا َو َال َم ريتـًا»‪ .‬وأمـا بالنس ـ ـ ـ ــبة للكاُر ُاجلمهور من أهل العلم عىل طهارة بدنه إال إذا‬
‫ت َل هب بالنجاسة‪ ،‬واستدلوا باألدلة‪:‬‬
‫منها؛ أن اهلل ´ أباح للمس ـ ـ ــلم نكاح الكتابية وو ء الس ـ ـ ــبايا من أهل الكتاب‪ ،‬واملعلوم أن‬
‫من عــارش املرأة ُــإهنــا ال ختلو من عرق وأش ـ ـ ـ ـ ـيــاء‪ُ ،‬لو كــانــت نجسـ ـ ـ ـ ــة مــا أبــاح اهلل ´ نكــاح‬
‫العفيفــة من أهــل الكتــاب وو ء السـ ـ ـ ـ ـبــايــا بمل ـ اليمني { ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ }‬
‫[ســورة المع ر ‪ 40 :‬والمؤمنون‪ ،]1 :‬وأي ــا أباح اهلل لنا طعامهم وأكل النبي ‪ ‬من طعامهم‬
‫ورشب من رشا هبم وتوض ـ ـ ـ ــأ من أوانيهم وهكذا أنزَم يف مس ـ ـ ـ ــجده كام يف وُد ثقيف وهكذا‬
‫ربط ثاممة بن أثال يف املسجد وهو كاُر‪ُ ،‬هذه األدلة تدل عىل طهارة الكاُر‪،‬‬
‫وأما قوله ´‪{:‬ﭟﭠﭡ ﭢﭣ ﭤ } [سورة التوبة‪]37 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )61 / 7‬برقم‪ )61 / 7( ، )224( :‬برقم‪ )221( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )703‬برقم‪)417( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )14 / 2‬برقم‪)7214( :‬‬

‫‪24‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُهذه نجاسة معنوية وهي من نجاسة االعتقاد‪.‬‬


‫ُــاآلدمي املس ـ ـ ـ ــلم والكــاُر طــاهر يف احلي ـاة وبعــد املوت وهــذا قول اجلمهور بــالنس ـ ـ ـ ـ ـبــة‬
‫للمسلم امليت والكاُر أي ا يف حال حياته وبعد موته‪.‬‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َما َال َن ْف َ َل ُه َس ِائ َل ًة‬
‫له سائلة‬ ‫حكم طهارة احلرشات وما ال نف‬
‫هنـا بمعنى الـدم‪ ،‬يقـال‪ :‬نفس ـ ـ ـ ــت املرأة يعني خرج منها الدم‪ ،‬وس ـ ـ ـ ــالت نفس ـ ـ ـ ـ ـه‬ ‫النف‬
‫بمعنى سال دمه ألن قوام احليوان من هذا الدم ُأطلق عىل الدم بأنه نف ‪.‬‬
‫َا دم يسيل إذا قتلت مثل‪ :‬الذباب‬ ‫(و َما َال َن ْف َ َل ُه َس ِائ َل ًة) بمعنى احلرشات التي لي‬
‫َ‬
‫والعنكبوت والعقارب والذر والنمل والنحل واخلناُ والفراش وثري ذل ‪،‬‬
‫وبع هم يذكر البعوض يقول‪ :‬لي ُيه دم سائل أي ما يسيل إذا ذبح‪ ،‬إذا أميت ما‬
‫كل ال ص‬
‫يذكر ألن بعض البعوضة يكون‬ ‫يسيل الدم وقد يكون ُيه قطرة يسرية جدا ولكن عىل ص ص‬
‫مشبعا بالدم‪.‬‬
‫له سائلة؛ ُهذا ميتته طاهرة بمعنى لو وقع يف الطعام أو‬ ‫هذا هو الذي ما ال نف‬
‫الرشاب ال ينجسه وإذا مات يف يد أو وقع عىل ثوب ميتا ُأي ا‪ ،‬والدليل قول النبي ‪« :‬‬
‫َاحيْ ِه َدا ًء َو ْاألُ ْخ َرا ِش َفا ًء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِ َذا و َقع الذباب ِيف َرش ِ ِ‬
‫اب َأ َحدك ُْم َُ ْليَ ْْم ْس ُه ُث هم ليَن ِْز ْع ُه َُ ِإ هن يف إِ ْحدَ ا َجن َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫والرشاب حار يف الْالب‬ ‫»(‪ )7‬لوال أنه طاهر بعد موته ملا أمر النبي ‪ ‬بْمسه ألنه إذا ثم‬
‫أنه يموت‪ُ ،‬لو كان بعد موته يصري ميتة نجسة ما أمر النبي ‪ ‬بْمسه وإُساد الطعام بل أمر‬
‫برشب الرشا ب وأكل الطعام‪ُ ،‬إذا كان هذا احلكم يف الذباب ُكل ما كان يف حكم الذباب‬
‫أو يف معنى الذباب يأخذ حكمه ألن السبب يف نجاسة امليتة هذا الدم املحتقن أما هذه‬
‫احلرشات ُليست ُيها دماء حمتقنة يؤدي إىل ُسادها‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )749 / 3‬برقم‪ )739 / 1( ، )4429( :‬برقم‪)1122( :‬‬

‫‪23‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ألهنا َط ِ‬
‫اه َر ٌة‪َ .‬ق َال َت َع َاىل‪ُ { :‬ح رر َم ْت َع َل ْيك ُُم َا ْ َمل ْي َت ُة َوالده ُم } إِ َىل‬ ‫ِ‬
‫اجلَ َرا َد َ ه َ‬ ‫‪ ‬قال ¬‪َ :‬و ه‬
‫الس َم َ َو ْ‬
‫آخ ِرها [الْمائِدةِ‪ .]3 :‬و َق َال َالنهبِي ‪َ « :‬ا ْمل ْؤ ِمن َال ينْج حيا و َال مي ًتا»‪ .‬و َق َال‪ُ « :‬أ ِح هل َلنَا مي َتت ِ‬
‫َان‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ ُ ُ َ َ َر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ان‪َ ،‬أما ا ْ َملي َتت ِ‬
‫ودم ِ‬
‫اج ْه‪.‬‬‫اجلَ َرا ُد‪َ .‬و َأ هما الد َمان‪َُ :‬ا ْلكَبِدُ َوال رط َح ُال» َر َوا ُه َأ ْمحَدُ َو ْاب ُن َم َ‬ ‫وت َو ْ‬ ‫َان‪ْ َُ :‬‬
‫احلُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ََ‬
‫أي ـ ـ ـ ــا الس ـ ـ ـ ـ ـمـ ‪ ،‬مجيع ميتـات البحر ‪-‬احليوان الـذي ال يعيش إال يف البحر ‪ُ-‬إن ميتته‬
‫َان ودمـ ِ‬
‫ان َُـ َأ همـا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طـاهر‪ .‬وأي ـ ـ ـ ــا اجلراد يؤكــل ولو مــات حتف أنفــه حلــديــث‪ُ « :‬أح هلـ ْت َلنـَا َم ْي َتتـ َ َ َ‬
‫ان َُا ْلكَبِدُ َوال رط َح ُال»(‪ .)7‬أما الربمائي مثل الس ـ ـ ـ ــلحفاة إذا‬ ‫اجلرا د و َأما الده م ِ‬ ‫ا ْ َملي َتتـ ِ‬
‫َان َُ ْ‬
‫َ‬ ‫وت َو ْ َ َ ُ َ ه‬
‫احلُ ُ‬ ‫ْ‬
‫مات يف الرب يأخذ حكم الرب وإذا مات يف البحر يأخذ حكم البحر‪.‬‬
‫اَا‪ِ َُ :‬هي َط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اه َر ٌة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اط َا ْحلَ َي َوا نَات َا ْ َمل ْأكُو َلة َو َأبْ َو ُ َ‬
‫‪ ‬قال ¬‪َ :‬و َأ هما َأ ْر َو ُ‬

‫حكم أرواط وأبوال احليوانات املأكولة‬


‫احليوا ن ــات امل ــأكول ــة ك ــاإلب ــل والبقر والْنم وثريه ــا من احليوا نـ ـات امل ــأكول ــة أبوا َ ــا‬
‫وأرواثها طاهرة‪ ،‬والدليل عىل ذل ‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬األصل‪ُ ،‬األصل يف األشياء الطهارة ُال يعدل عىل هذا األصل إال بدليل‪.‬‬
‫‪ ‬وأي ـ ـ ـ ــا أذن‬ ‫‪ ‬ثانيا‪ :‬أن النبي ‪ ‬ص ـ ـ ـ ـ ّـىل يف مرابض الْنم(‪ )2‬كام يف حديث أن‬
‫بالصـ ــالة يف مرابض الْنم‪ ،‬ومعلوم أن هذه األماكن التي تبيت ُيها الْنم ال ختلو من األبوا ل‬
‫واألرواط ومع ذل أذن النبي ‪ ‬بالصالة ُيها بل و صىل‪.‬‬
‫يف ِشأن العرنيني(‪ )4‬أمرهم النبي ‪ ‬أن يرشبوا من أبوال اإلبل وألباهنا‪،‬‬ ‫‪ ‬ثالثا‪ :‬حديث أن‬
‫ولو كانت نجسة ما أمرهم النبي ‪ ‬برشب النج ‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه ابن ماجه يف "سننه" (‪ )412 / 3‬برقم‪ )347 / 3( ، )4272( :‬برقم‪ )4473( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪/ 4‬‬
‫‪ )7243‬برقم‪)1221( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )16 / 7‬برقم‪ )243( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )61 / 2‬برقم‪)123( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )16 / 7‬برقم‪ )244( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )797 / 1‬برقم‪)7617( :‬‬

‫‪21‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ولو قال قائل‪ :‬هذا عىل سبيل التداوي؟!‬

‫ُاجلواب‪ /‬أن النبي ‪ ‬هنى عن الدواء اخلبيث ويف حديث أم س ـ ـ ـ ــلمة ~‪« :‬إِ هن ه َ‬
‫اَّلل َمل ْ‬
‫جي َع ْل ِش َفا َءك ُْم ُِ َيام َح هر َم َع َل ْيك ُْم»(‪ُ)7‬ال جيوز التداوي باملحرم‪ُ ،‬هذا يدل عىل طهاراا‪.‬‬
‫َْ‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬طاف النبي ‪ ‬يف حجة الوداع عىل بعري يستلم الركن بمحجن‪ ،‬ومعلوم أنه‬
‫خيش ـ ـ ـ ــى من نزول َشء من بوَـا أو روثها ُمع ذل طاف‪ُ ،‬يدل عىل طهارة أبوا َا وأرواثها‪.‬‬
‫وأي ا أم سلمة ~ طاُت عىل بعري‪.‬‬
‫وأي ـ ــا رويت أحاديث ض ـ ــعيفة «الَ َب ْأ َس بِ َب ْو ِل َما ُي ْؤك َُل َحلْ ُم ُه» (‪ )2‬من حديث جابر بن‬
‫سمرة وحديث الرباء ومها ضعيفان‪.‬‬
‫وأي ا مل يزل عمل املسلمني عىل أهنم يدوسون حبوهبم بالبقر مع أنه ال يأمن من نزول‬
‫َشء من أبواَا وأرواثها عىل هذا احلبوب ُتؤكل وتباع يف األسواق بدون نكري‪.‬‬
‫ُـالراجح من أقوال أهـل العلم أن أبوال وأرواط مـا يؤكــل حلمـه طـاهر‪ ،‬بـل قـال ش ـ ـ ـ ــيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪ :‬أنه ال يعرف عن السلف القول بنجاستها(‪ُ ،)4‬هو قول حمدط‪.‬‬
‫‪ ‬قال¬‪ :‬ومني اآلدمي طاهر كان النبي ‪َ ‬ي ْْ ِس ُل َر ْط َب ُه‪َ ،‬و َي ْف ُر ُ َيابِ َسه‪.‬‬
‫حكم مني اآلدمي‬
‫أي ا مما اختلف ُيه مني اآلدمي‪ ،‬املني هو‪ :‬السائل األبيض املعروف الذي خيرج عند‬
‫الشهوة أو اجلامع أو االحتالم ويعقبه ُتور‪ُ .‬مني اآلدمي الراجح أنه طاهر ألنه أصل اإلنسان‬
‫بام ُيهم األنبياء والصديقون والصاحلون ُال يمكن أن يكون أصل اإلنسان نجسا‪،‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو يعىل يف "مسنده" (‪ )392 / 72‬برقم‪ )6066( :‬وأورده ابن حجر يف "املطالب العالية" (‪)293 / 77‬‬
‫برقم‪ )2199( :‬وأخرجه ابن حبان يف "صحيحه" (‪ )244 / 3‬برقم‪ )7407( :‬وأخرجه الطرباين يف "الكبري" (‪/ 24‬‬
‫‪ )426‬برقم‪ )130( :‬وأخرجه البيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )1 / 79‬برقم‪)70137( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الرتمذي يف "جامعه" (‪ )776/7‬بعد حديث رقم (‪)12‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪" :‬جمموع الفتاوا" (‪)129/27‬‬

‫‪26‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫اَّلل ِ ‪ْ َُ ‬ركًا‬
‫ول ه‬‫ب رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأي ا حلديث عائشة ~ قالت‪َ « :‬و َل َقدْ َر َأيْتُنى َأ ُْ ُر ُك ُه م ْن َث ْو ِ َ ُ‬
‫َُيُ َص رىل ُِ ِيه» (‪ )7‬حتكه حكا‪ ،‬ولو كان نجسا ما اكت ُِفي هبذا احل ّ ‪ُ ،‬لو ُأ ِصبت بيشء من الشمع‬
‫وحككته تبقى له آثار‪.‬‬
‫ولو كان املني نجسا لعومل معاملة دم احليض أنه يفر ثم يْسل باملاء‪ُ ،‬هذا أظهر‬
‫دليل أي ا إضاُة إىل األصل؛ األصل الطهارة وكونه أصل اإلنسان وكون عائشة ~تقول‪:‬‬
‫اَّلل ِ ‪ْ َُ ‬ركًا َُيُ َص رىل ُِ ِيه»‪ ،‬وأما ما ورد بأن عائشة كانت‬
‫ول ه‬‫ب رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫« َو َل َقدْ َر َأيْتُنى َأ ُْ ُر ُك ُه م ْن َث ْو ِ َ ُ‬
‫تْسله ُهذا يدل عىل أنه يْسل إذا كان رطبا وال يدل عىل نجاسته بل يدل عىل أن املرشوع إذا‬
‫كان رطبا أنه يْسل‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬املذي‪:‬‬
‫مل يذكر املصــنف¬‪ :‬املذي وهو من النجاســات‪ .‬وهو‪ :‬ســائل أبيض رقيق ِلزج خيرج‬
‫بخروجه ويس ـ ــتمر خروجه‪ .‬ونقل‬ ‫عند الش ـ ــهوة وبدون الش ـ ــهوة وال يعقبه ُتور وقد ال حي‬
‫ثري واحد اإلمجاع عىل نجاس ـ ـ ــة املذي والواقع أن هنا خالُا يس ـ ـ ــريا ذهب بعض أهل العلم‬
‫من احلنــابلــة وثريهم إىل طهــارة املــذي ولكن الراجح أنــه نج ألن النبي ‪ ‬أمر بْس ـ ـ ـ ـ ـلــه يف‬
‫ال م هذاء و ُكن ُْت َأسـ ـ ـ ـتَح ِيى َأ ْن َأسـ ـ ـ ـ َأ َل النهبِى ‪َ ِ ‬ملك ِ‬
‫َان‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫حديث عيل بن أيب طالب ‪ُ « :‬كن ُْت َر ُج ً َ ً َ‬
‫ْابنَتِ ِه َُ َأ َم ْر ُت ا ْمل ِ ْقدَ ا َد ْب َن األَ ْسـ َو ِد َُ َس ـ َأ َل ُه َُ َق َال‪َ « :‬ي ْْ ِس ـ ُل َذك ََر ُه َو َيت ََو هض ـ ُأ» (‪ُ )2‬أمر النبي ‪ ‬بْســل‬
‫الذكر منه‪ُ ،‬هذا يدل عىل نجاسته‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬كيفية تطهري املذي‪:‬‬
‫أما بالنس ــبة للمذي ُإنه يلزم منه الوض ــوء كام س ــيأيت يف باب نواقض الوض ــوء‪ ،‬وأما ما‬
‫هو الواجب عىل من أص ــيب باملذي؟ ُبالنس ــبة للبدن يْس ــل املوض ــع الذي أص ــابه املذي من‬
‫البدن‪ ،‬وواجب عليه أن يْسل الذكر‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه‪ :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )763 / 7‬برقم‪)222( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )42 / 7‬برقم‪ ، )742( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )760 / 7‬برقم‪)494( :‬‬

‫‪21‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يْسل رأس الذكر ‪-‬املوضع الذي خرج منه ‪-‬أم الذكر كله؟‬
‫اجلواب‪ /‬ظـاهر احلـديـث أنه يْس ـ ـ ـ ــل الذكر كله قال‪َ « :‬ي ْْ ِسـ ـ ـ ـ ـ ُل َذك ََر ُه» وهذا اللفظ يدل‬
‫بعمومه عىل أنه يشـ ـ ــمل الذكر كله‪ ،‬وأي ـ ـ ــا ال جيزئ الن ـ ـ ــح يف الذكر وأما الرواية « َوا ْن َ ـ ـ ـ ْح‬
‫َُ ْر َج ـ َ » (‪ُ )7‬هي معلــة وإن كــانــت يف مس ـ ـ ـ ــلم وانتقــدهــا الــدارقطني وتم االنتقــاد‪ ،‬ولو ثبت ـت‬
‫رواية الن ح للذكر حلملت عىل الْسل لكون الرواية الصحيحة بذكر الْسل‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيزئ أن ين ح الثوب يعني موضع من الِّسوال أو من الفوطة التي‬
‫تصاب باملذي أم ال بد من الْسل؟‪،‬‬
‫اجلواب‪ُ /‬يه قوالن ألهل العلم‪:‬‬
‫‪ ‬القول األول‪ :‬أنه واجب ثسله‪ ،‬واستدلوا باألحاديث اآلمرة بالْسل‪.‬‬
‫‪ ‬القول الثاين‪ :‬أنه يكتفى ُيها بالن ــح‪ ،‬وهذا هو الراجح‪ ،‬ودليله حديث س ــهل بن‬
‫ســعد الســاعدي قال‪ُ « :‬كن ُْت َأ ْل َقى ِم َن ا ْمل َْذ ِا ِشـده ًة َو َعنَا ًء َُ ُكن ُْت ُأكْث ِ ُر ِمنْ ُه ا ْل ُْ ْسـ َل َُ َذك َْر ُت َذل ِ َ‬
‫ف‬‫اَّللِ َك ْي َ‬
‫ول ه‬ ‫جي ِز ُئ َ ِم ْن َذل ِ َ ا ْل ُو ُضو ُء»(‪ُ َُ .)2‬ق ْل ُت َيا َر ُس َ‬ ‫ول ِ‬
‫ل َر ُس ِ ه‬
‫اَّلل ‪َ ‬و َس َأ ْل ُت ُه َعنْ ُه َُ َق َال «إِن َهام ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬‫يب َث ْوبِى منْ ُه َق َال‪َ « :‬يكْفي َ َأ ْن َت ْأ ُخ َذ كَفا م ْن َماء َُ َتنْ َ َح بِه َث ْو َب َ َح ْي ُث َت َرا َأنه ُه َأ َص َ‬ ‫بِ َام ُيص ُ‬
‫ِمنْ ُه » ُهكذا أرش ـ ـ ــده النبي ‪ ‬إىل الن ـ ـ ــح‪ُ ،‬بالنس ـ ـ ــبة للثوب يكتفى بالن ـ ـ ــح‪ ،‬والن ـ ـ ـح هو‬
‫يْمره باملاء ويبلله باملاء وإن مل يس ـ ـ ـ ــل هذا املاء ومل جير هذا املاء‪ .‬وأما رواية األمر بالْس ـ ـ ـ ــل‬
‫ولكن خفف يف‬ ‫هــذا يف الفرج‪ ،‬أمــا يف الثوب ُعنــدنــا حــديــث س ـ ـ ـ ـ ـهــل بن س ـ ـ ـ ـ ـع ـد‪ُ ،‬هو نج‬
‫تطهريه‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )213 / 7‬برقم‪)494( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )23 / 7‬برقم‪ )279( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )711 / 7‬برقم‪ )771( :‬وابن ماجه يف‬
‫"سننه" (‪ )471 / 7‬برقم‪ )196( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )4336 / 6‬برقم‪)76229( :‬‬

‫‪22‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬الودي‪:‬‬
‫أمــا الودي وهو‪ :‬س ـ ـ ـ ـ ــائــل أبيض ثخني خيرج بعــد البول وال خالف بني أهــل العلم يف‬
‫نجاسته‪.‬‬
‫ُل َال هط َعا َم ل ِ َش ْه َو صة‪َ :‬يك ِْفي ُِ ِيه َالنه ْ ُح َك َام‬
‫ري‪َ ،‬ا هل ِذي َمل ْ َي ْأك ِ‬
‫لص ِْ ِ‬
‫وب ْو ُل َا ْل ُْ َال ِم َا ه‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬‬
‫ار َي ِة‪َ ،‬و ُي َرش ِم ْن َب ْو ِل َا ْل ُْ َال ِم» َر َوا ُه َأبُو َد ُاو َد َوالن َهس ِائي‪.‬‬
‫َق َال َالنهبِي ‪ُ « :‬ي ْْ َس ُل ِم ْن َب ْو ِل َا ْجلَ ِ‬

‫حكم بول الْالم الصْري‬


‫وال ُرق بني بول الذكر واألنثى وال بني بول الصـ ـ ـ ــْري والكبري يف‬ ‫تقدم أن البول نج‬
‫كونــه نجس ـ ـ ـ ـ ـ ًا‪ ،‬لكن اختلفوا يف تطهري بول الْالم الص ـ ـ ـ ــْري الــذي ال يزال رض ـ ـ ـ ــيعــا وال يــأكــل‬
‫الطعام عىل س ـ ــبيل االش ـ ــتهاء‪ ،‬أما التمر الذي حين به وامللعقة من العس ـ ــل التي يداوا هبا أو‬
‫اللقمة التي يسـ ـ ـكت هبا‪ُ ،‬هذا ال خيرجه عن كونه رض ـ ــيعا‪ُ .‬الذي يأخذ هذا احلكم هو الذي‬
‫يستقل برشب اللبن وال يأكل أي طعام عىل سبيل االشتهاء والتْذي‪.‬‬
‫واختلف أهل العلم هل واجب أن يْسل من بول هذا الْالم الذي مل يأكل الطعام أو‬
‫يكتفى ُيه بالن ح؟ الراجح أنه يكتفى ُيه بالن ح‪ ،‬والدليل حديث أيب السمح(‪ )7‬وعائشة‬
‫ومجاعة من الصحابة ‪ُ)2( ‬يه التفصيل بني بول الْالم وبني بول اجلارية‪ُ .‬بالنسبة للْالم‬
‫ُس رهل يف تطهري بوله إما ألنه أمر تعبدي ُال نسأل عن احلكمة سواء ظهرت لنا أو مل تظهر أو‬
‫لكون الناس يتعلقون بالذكور أو لكون بوله ينترش بخالف بول األنثى إذا بالت ُإنه يكون يف‬
‫موضع واحد يف الْالب أما الذكر ُإنه ينترش ُيكون مشقة يف ثسله وإزالته وقيل ثري ذل ‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )62 / 7‬برقم‪ )27 / 7( ، )7 / 223( :‬برقم‪ )7 / 494( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )733‬برقم‪ )416( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )449 / 7‬برقم‪ )421 / 7( ، )126( :‬برقم‪ )674( :‬والنسائي يف "الكربا"‬
‫(‪ )762 / 7‬برقم‪ )726 / 7( ، )224( :‬برقم‪)220( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )731 / 7‬برقم‪ )410( :‬وابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )27 / 2‬برقم‪)7494( :‬‬

‫‪20‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫الراجح أنه يكتفى ُيه بمجرد الرش والن ح‪ .‬هذا بالنسبة لبول الْالم الصْري لكن هبذا‬
‫الرش أنه مل يأكل الطعام‪.‬‬
‫ويعامل‬ ‫وأما بالنســبة لْائطه ُليســت هنا كيفية يف التخفيف يف إزالة ثائطه ُهو نج‬
‫معاملة الْائط ل نسان‪.‬‬
‫ار َي ِة‪َ ،‬و ُي َرش ِم ْن َب ْو ِل َا ْل ُْ َال ِم» هذا احلديث صحيح‪.‬‬
‫قوله‪ُ « :‬ي ْْ َس ُل ِم ْن َب ْو ِل َا ْجلَ ِ‬

‫يح؛ ل ِ َق ْول ِ ِه ‪ِ ‬خلَ ْو َل َة ِيف‬ ‫ِ‬ ‫ني َالنهج ِ‬


‫اسة َط ُه َر َا ْملَحل َو َمل ْ َي ُ ه‬
‫َّض َب َقا ُء َال هل ْون َو ر‬
‫الر ِ‬ ‫‪َ ‬وإِ َذا َزا َل ْت َع ْ ُ َ َ‬
‫ض‪َ « :‬يك ِْفي ِ َا ْ َملا ُء‪َ ،‬و َال َي َُّض ِ َأث َُر ُه»‪.‬‬
‫َد ِم َا ْحلَ ْي ِ‬

‫حديث ( َيك ِْفي ِ َا ْملَا ُء‪َ ،‬و َال َي َُّض ِ َأث َُر ُه)(‪ )7‬هذا احلديث ضعيف ُيه عبد اهلل بن َيعة‬
‫وهو ضعيف‪.‬‬
‫بالنس ــبة لآللة التي تطهر هبا النجاس ــات ُال خالف بني أهل العلم يف املاء‪ ،‬أنه تطهر به‬
‫النجاســات هذا هو األصــل يف إزالة النجاســات لقول اهلل ´ {ﮏ ﮐﮑ ﮒﮓ }‬
‫[سـ ــورة الفرق ن‪ ]37 :‬وأي ــا قوله ´‪ { :‬ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻﭼ ﭽ } [سـ ــورة‬
‫امل ِ‬
‫حتت ُه ُث هم َت ْق ُر ُص ـ ُه بِ ْ َ‬
‫اء ُث هم َتنْ َ ـ ُح ُه ُث هم‬ ‫األنف ل‪ ]11 :‬وأي ــا حديث أس ــامء يف دم احليض قال‪ُ َ « :‬‬
‫ت َُص رىل ُِ ِيه»‪.‬‬
‫أو الريح وهكذا يف‬ ‫ولكن اختلف أهل العلم يف ثري املاء مثل اجلفاف بس ــبب الش ــم‬
‫أو خــل أو أي مــادة‬ ‫املــائعــات دون املــاء يعني إذا عنــده بِ ْ ُرتول أو َد ْي َزل أو ُالش أو كلورك‬
‫من هذه املواد‪ ،‬هل تطهر النجاس ـ ـ ــة؟ الراجح من أقوال أهل العلم أن األص ـ ـ ــل هو املاء وأن‬
‫بقية األمور التي هبا تزال عني النجاس ـ ـ ــة وال يبقى معها األثر أنه مطهرة يعني أن النجاس ـ ـ ــة إذا‬
‫أو الريح أو بــأي مــادة من مواد‬ ‫ذهبــت عينهــا ومل يبق األثر إمــا بــاجلفــاف بس ـ ـ ـ ـ ـبــب الش ـ ـ ـ ــم‬
‫املائعات أنه حيصل التطهري‪،‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )737 / 7‬برقم‪ )461( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )392 / 2‬برقم‪/ 2( ، )3722( :‬‬
‫‪ )392‬برقم‪ )3724( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )7239 / 2‬برقم‪ )7216 / 2( ، )2222( :‬برقم‪ ،)0967( :‬وهو كام قال‬
‫الشيخ ضعيف تفرد به ابن َيعة انظر‪ :‬البدر املنري يف ختريج األحاديث واآلثار الواقعة يف الرشح الكبري‪)129 / 7( :‬‬

‫‪09‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫والدليل عىل ذل حديث أيب هريرة وأيب س ـ ـ ــعيد‪ ƒ‬يف تطهري النعل بالدل واملس ـ ـ ــح‬
‫يض ُِ ِيه‬ ‫حت ُ‬ ‫إلحدَ انَا إِ هال َثوب و ِ‬
‫احدٌ َ ِ‬
‫ْ ٌ َ‬
‫بالرتاب وأي ـ ـ ــا حديث عائش ـ ـ ــة ~ يف البخاري «ما ك َ ِ‬
‫َان ِ ْ‬ ‫َ‬
‫َُ ِإ َذا َأص ـ ـ ـ ـابه ََشء ِمن د صم َقا َل ْت بِ ِر ِ‬
‫يق َها َُ َق َص ـ ـ ـ ـ َع ْت ُه بِ ُظ ْف ِر َها» (‪ )7‬يعني أنزلت شـ ـ ـ ــيَا من ريقها ثم‬ ‫َ َُ ْ ٌ ْ َ‬
‫بامء ومع ذل حيصل التطهري‪.‬‬ ‫حكته بظفرها‪ُ .‬الريق لي‬
‫وهكذا ألن النجاس ــة عني خبيثة ُإذا أزيلت كيفام أزيلت ُقد حص ــل املقص ــود وأي ــا‬
‫من بـاب ُعل املأمورات ُال حيتاج‬ ‫ألن إزالـة النجـاس ـ ـ ـ ــة من بـاب اجتنـاب املحظورات ولي‬
‫إىل النيــة‪ ،‬وَــذا إذا كــان هنــا بول ونزل املطر وأزال هــذا البول حتصـ ـ ـ ـ ــل الطهــارة بــدون نيــة‪،‬‬
‫ُهذا هو الراجح أن النجاسـة تزال باملاء وهو األصـل وتزال بكل مائع حيصـل به ذهاب العني‬
‫وذهاب األثر‪.‬‬
‫إذا حص ـ ـ ـ ــل اجلفاف وذهبت العني‪.‬‬ ‫وهكذا أي ـ ـ ـ ــا باجلفاف يعني بالريح أو بالش ـ ـ ـ ــم‬
‫واس ــتدلوا أي ــا بحديث ابن عمر‪ ƒ‬ولكن تقدم أن هذا ُيه داللة عىل عدم النجاس ــة أص ــال‬
‫بالنسبة للحيوانات‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله‪َ ( :‬وإِ َذا َزا َل ْت َع ْ ُ‬
‫يح) يعني إذا قام‬ ‫الر ِ‬‫َّض ـ َب َقا ُء َال هل ْون َو ر‬ ‫ني َالن َهجا َس ـة َط ُه َر َا ْملَحل َو َمل ْ َي ُ ه‬
‫امل ِ‬
‫حتت ُه ُث هم َت ْق ُر ُصـ ُه بِ ْ َ‬
‫اء ُث هم َتنْ َ ـ ُح ُه ُث هم ُت َص ـ رىل‬ ‫باملطلوب مثال يف باب دم احليض – مثال – قال‪ُ َ « :‬‬
‫ُِيـ ِـه» يعني تزيــل بظفرهــا اجلرم ثم تُتبِعــه بــاملــاء ثم تْمره بــاملــاء‪ ،‬إذا ُعلــت هــذه الطرق وبقي‬
‫َشء من األثر؛ َشء من اللون أو َشء من الريح ُــإن ــه يعفى عنــه‪ ،‬س ـ ـ ـ ــواء ك ــان يف البــدن أو‬
‫الثوب أو البقعة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )60 / 7‬برقم‪ )60 / 7( ، )492( :‬برقم‪)472( :‬‬

‫‪07‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫الوض ـ ــوء بال ـ ــم هو الف ْعل وبالفتح هو املاء الذي يتوض ـ ــأ به‪ .‬والوض ـ ــوء (رشعا) هو‬
‫تعبد هلل بْسل أع اء معلومة عىل وجه ُمصوص‪.‬‬
‫وذكر املصنف¬‪ :‬هذا الباب بكلامت يسريات‪ .‬وينبْي للمسلم وللمتوضئ أن‬
‫يقتدي بالنبي ‪ُ ،‬إن الصحابة كانوا يذكرون صفة وضوء النبي ‪ ‬ويِّسدون أُعاله رسدا‬
‫بدون التفصيل أن هذا واجب أو مستحب‪.‬‬
‫واألص ـ ـ ـ ــل يف بـاب الوض ـ ـ ـ ــوء حـديـث عثامن بن عفـان وأي ـ ـ ـ ــا حـديث عبد اهلل بن زيد‬
‫‪ُƒ‬هام يعتربان أصال َذا الباب وبقية األحاديث كاملكمالت َذين احلديثني‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لص َالة َون َْحو َها َوالنر هي ُة‪ْ َ :‬‬
‫رش ٌ‬ ‫‪ ‬قال ¬‪َ :‬و ُه َو‪َ :‬أ ْن َين ِْو َي َر ُْ َع َا ْحلَدَ ط‪َ ،‬أ ْو َا ْل ُو ُضو َء ل ه‬
‫ات‪َ ،‬وإِن َهام لِك رُل اِ ْم ِر صئ َما ن ََوا»‬
‫أل ْعام ُل بِال ر ِ‬
‫ه‬
‫أل ْعام ِل ِمن َطهار صة و َث ِ ِ ِ ِ‬
‫ري َها؛ ل َق ْوله ‪« :‬إِن َهام َا ْ َ َ‬ ‫ْ َ َ َ ْ‬ ‫جلَمي ِع َا ْ َ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ُم هت َف ٌق َع َل ْي ِه‪.‬‬
‫إما أن ينوي رُع احلدط إذا كان عىل احلدط أو ينوي أنه يصيل وإن مل يستحَّض أنه يرُع‬
‫احلدط‪ ،‬والنية رش ٌ يف العبادات وكل عبادة تفتقر إىل النية لقول اهلل ´‪ { :‬ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ } [سورة البينة‪ ]5 :‬وهكذا لقول النبي ‪« :‬إِنهام َا ْألَ ْعام ُل بِال ر ِ‬
‫ات»‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪ُ)7‬ال بد من نية‪ .‬وال خالف بني أهل العلم يف وجوب النية يف باب املقاصد‪-‬يعني الصالة‬
‫والزكاة والصوم واحلج‪-‬هذه العبادات ال خالف بني أهل العلم يف وجوب النية َا‪ ،‬وإنام‬
‫هنا َشء من اخلالف يف الوسائل كالطهارة والتيمم والوضوء والْسل‪ُ ،‬قول اجلمهور من‬
‫أهل العلم أن النية واجبة أي ا يف الوسائل كوجوهبا يف املقاصد(‪ )2‬وذل لعموم األدلة‪ُ ،‬هذه‬
‫عبادات ُإذا كانت عبادات ُال تصح العبادات إال بنية وال يلتفت إىل املخالف يف هذه املسألة‬
‫ُال دليل له‪ُ .‬لهذا ال بد للوضوء من النية‪.‬‬
‫والنية حملها القلب والتلفظ هبا بدعة‪ُ ،‬النية أنه ينوي أن يرُع احلدط أو أنه يصيل‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )6 / 7‬برقم‪ ،)7( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )32 / 6‬برقم‪)7091( :‬‬
‫(‪ )2‬انظر "املجموع" (‪)444/7‬‬

‫‪02‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ألن اهلل ´ يـ ـق ــول‪ { :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬


‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡﭢ } اىل آخر اآليــة [س ـ ـ ـ ـ ــورة‬
‫الم دة‪ُ .]1 :‬هذا يدل عىل أنه قام ليص ــيل ُهو عىل حدط أراد أن يرُع احلدط حتى يس ــتبيح‬
‫به الصالة أو أنه أراد أن يصيل ُيعلم أن اهلل ال يقبل الصالة إال بوضوء‪.‬‬
‫وحمله ــا القل ــب ُال حيت ــاج إىل أن يتلفظ ب ــالني ــة ُلم يكن من ه ــدي النبي ‪ ‬التلفظ ب ــالني ــة يف‬
‫العبادات‪ ،‬وهذا باب من أعظم األبواب يف حص ــول الوس ــواس للعبد‪ُ ،‬هذا ال دليل عليه بل‬
‫يكفي أن ينوي بقلبه‪ُ .‬ينوي املتوض ـ ــئ أن يْس ـ ــل األع ـ ــاء التي أمره اهلل بْس ـ ــلها ويفعل ما‬
‫جـاء يف س ـ ـ ـ ـ ـنـة النبي ‪ُ ،‬ال يفعـل ذلـ ألجـل إذهـاب النعـاس وال يفعـل ذلـ ألجل النظاُة‬
‫وال ألجل التداوي‪ ،‬بل يفعل هذا تقربا إىل اهلل وتعبد ًا هلل بذل ‪.‬‬
‫ول‪" :‬بِ ْس ِم َا هَّللِ"‪.‬‬
‫‪ ‬قال ¬‪ُ :‬ث هم َي ُق َ‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم التسمية يف أول الوضوء‪:‬‬


‫أكثر أهل العلم عىل استحباب التسمية يف أول الوضوء‪ ،‬واستدلوا باألحاديث املروية‬
‫يف الباب بأن اهلل ال يقبل وضوء ًا إال بالتسمية(‪ ،)7‬وهذه األحاديث كلها معلة وضعيفة وال‬
‫تصح عن النبي ‪ .‬وقد ذهب إىل عدم ثبواا مجاعة من األئمة منهم اإلمام أمحد والبيهقي‬
‫والنووي وابن العريب‪ُ .‬ألجل هذا ُالراجح يف التسمية يف أول الوضوء أنه ال دليل عىل‬
‫استحباهبا‪ُ ،‬لهذا ُهي ال ترشع ألهنا عبادة كسائر العبادات ال تفتقر إىل التسمية كام أن أول‬
‫الصوم ال ترشع يف أوله التسمية وهكذا الزكاة واحلج‪ُ ،‬هكذا هذه العبادة ال دليل عىل‬
‫استحباهبا يف أول الوضوء‪ ،‬واألحاديث املروية معلة وال تصح عن النبي ‪.‬‬
‫والذين ذكروا صفة وضوء النبي ‪ ‬عدد كبري من الصحابة‪ ،‬يزيدون عىل العرشين ومل يأت‬
‫يف حديث واحد منهم من األحاديث الصحيحة الثابتة أن النبي ‪ ‬اُتتح وضوءه بالتسمية‪،‬‬
‫وأصح األحاديث حديث عبد اهلل بن زيد وحديث عثامن بن عفان ومها يف الصحيحني لي‬
‫ُيهام ذكر التسمية ُلو كان مرشوعا لثبت عن النبي ‪ ،‬لكن هذه األحاديث الكثرية يف وصف‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )41 / 7‬برقم‪ )797( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )211 / 7‬برقم‪ )400( :‬وأمحد يف‬
‫"مسنده" (‪ )7060 / 2‬برقم‪)0134( :‬‬

‫‪04‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫بمرشوع‪.‬‬ ‫ُيها ذكر التسمية تدل داللة واضحة أنه لي‬ ‫وضوئه ‪ ‬ولي‬
‫‪ ‬ق ل¬‪َ :‬و َي ْْ ِس َل َك هف ْي ِه َث َال ًثا‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم ثسل الكفني يف أول الوضوء‪:‬‬
‫أول ُعل يفعله املتوضئ إذا مل تصح التسمية هو ثسل الكفني‪ .‬الكف هو بطن اليد مع‬
‫األصابع‪ُ .‬املرشوع إذا ابتدأ وضوءه أن يبدأ بْسل كفيه من أطراف األصابع إىل مفصل‬
‫الكف الذي يليها الرسغ‪ .‬وهذا الْسل يكون ثالثا اقتداء بالنبي ‪ .‬وهو مستحب يف أول‬
‫الوضوء وإن مل يستيقظ من نوم أن يقوم بْسل كفيه ثالثا‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يبتدئ باليمنى ثم باليِّسا أو يْسلهام مجيعا يف آن واحد؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح أنــه يْس ـ ـ ـ ــلهام يف آن واحــد ألنــه مل يــأت عن النبي ‪ ‬أنــه بــدأ بــاليمنى‬
‫بالنسبة للكفني‪ُ ،‬يْسلهام مجيعا‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪/‬حكم ثسل الكفني بعد االستيقا من النوم‪:‬‬
‫أما إذا قد اس ـ ــتيقظ من نوم ُواجب عليه أن يْس ـ ــل كفيه ثالثا قبل أن يدخلهام يف اإلناء‬
‫اإلن ِ‬
‫َاء َحتهى َي ْْ ِس َل َها َث َ‬ ‫ال َي ْْ ِم ْ َيدَ ُه ِِف ِ‬
‫اس َت ْي َق َظ َأ َحدُ ك ُْم ِم ْن ن َْو ِم ِه َُ َ‬
‫ال ًثا‬ ‫ألمر النبي ‪ ‬بذل «إِ َذا ْ‬
‫َت َيدُ ُه» إذا اس ـ ـ ـ ــتيقظ من النوم ُواجب عليه ‪-‬عىل الراجح ‪ -‬أن يْس ـ ـ ـ ــل‬ ‫َُ ِإ هن ُه الَ َيدْ ِرا َأيْ َن َبات ْ‬
‫يديه يف املاء الذي يف اإلناء حتى يْسلهام ثالثا ألمر النبي ‪.‬‬ ‫كفيه وال جيوز أن يْم‬

‫‪03‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسـ ـ ــألة‪ /‬هل العلة ‪-‬يف األمر بْسـ ـ ــل الكفني بعد االسـ ـ ــتيقا من النوم ‪-‬تعبدية أو ألجل‬
‫خوف النجاسة أو ألجل أن يده باتت عند الشيطان أو يف ُم الشيطان؟‬
‫اجلواب‪ُ /‬يــه ثالثــة أقوال‪ :‬منهم من قــال ألجــل خوف النجــاسـ ـ ـ ـ ــة وهــذا قول اجلمهور‬
‫وإن كان الْسـ ــل عندهم بعد االسـ ــتيقا من النوم عىل سـ ــبيل االسـ ــتحباب(‪ )7‬ومنهم من قال‬
‫تعبـدي كاملـ ومن معـه‪ .‬ومنهم من قـال بـأنه كام قال النبي ‪ِ َُ « ‬إ هن ُه الَ َيدْ ِرا َأيْ َن َبات ْ‬
‫َت َيدُ ُه»‬
‫ويف األحاديث األخرا أنه يكون مالمسـ ــا بالشـ ــيطان‪ ،‬الشـ ــيطان يبيت عىل خيشـ ــومه‪ُ ،‬يقول‬
‫ش ــيخ اإلس ــالم ابن تيمية‪ :‬ألجل اخلوف أن تبيت عند الش ــيطان‪ .‬واألقرب هو قول مال أنه‬
‫أمر تعبدي‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل أي نوم أو نوم الليل؟‬
‫الراجح أنـه نوم الليـل لقولـه ‪َُ « :‬ـ ِإ هنـ ُه الَ َيـدْ ِرا َأيْ َن َبـاتـ ْ‬
‫َت َيـدُ ُه» والبيتوتـة هي يف الليــل‬
‫وإن كان بعض أهل العلم واللْة جعلوا (بات) بمعنى ص ـ ـ ــار‪ ،‬لكن األقرب قول مجهور أهل‬
‫اللْــة أن البيتوتــة تكون يف الليــل‪َُ « .‬ـ ِإ هنـ ُه الَ َيـدْ ِرا َأيْ َن َبـاتـ ْ‬
‫َت َيـدُ ُه» يــدل عىل أن هــذا يكون بعــد‬
‫نوم الليـل‪ ،‬أمـا يف نوم النهـار ُـاألوىل عمال بـالس ـ ـ ـ ـ ـنـة أن يْس ـ ـ ـ ــل يـديـه‪ُ ،‬النبي ‪ ‬كام وص ـ ـ ـ ــف‬
‫وضوئه عثامن بن عفان وعبد اهلل بن زيد ‪« ƒ‬ثسل يديه ثالثا قبل أن يدخلهام يف اإلناء» ومل‬
‫يكن قبلـه نوم‪ُ ،‬إذا مل يكن قبله نوم ُهو مس ـ ـ ـ ــتحب‪ ،‬وإذا كان قبله ‪ -‬نوم أي نوم الليل ‪ُ -‬هو‬
‫واجب‪.‬‬
‫(و َي ْْ ِس َل َك هف ْي ِه َث َال ًثا) كام تقدم أنه يْسلهام يف وقت واحد‪ ،‬هذا ظاهر السنة كام يف‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫يف وص ــف ثس ــل الكفني أنه ثس ــل اليمنى‬ ‫حديث عبد اهلل بن زيد وعثامن ‪ ƒ‬وثريمها لي‬
‫قبل اليِّسا أو اليِّسا قبل اليمنى بل ثسلهام مجيعا لظاهر اللفظ‪.‬‬

‫(‪ )7‬انظر " املجموع رشح املهذب"(‪)430 /7‬‬

‫‪01‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ط َثر َُ ص‬
‫ات‪.‬‬ ‫‪ ‬قال ¬‪ُ :‬ثم يتَم ْ م َض ويس َتن ِْش َق َث َال ًثا‪ ،‬بِ َث َال ِ‬
‫ْ‬ ‫ََْ‬ ‫ه َ َ َ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم امل م ة‪:‬‬
‫امل ــم ــة هي إدخال املاء إىل الفم‪ .‬هل يشــرت ُيه إدارة؟ اشــرت كثري من أهل العلم‬
‫إدارة املــاء ولو بــأدنى إدارة وبع ـ ـ ـ ــهم اكتفى بــإدخــال املــاء إىل الفم‪ ،‬ولكن الــذي يظهر أن‬
‫الراجح أنه يشرت يف امل م ة إدارة املاء يف الفم أدنى اإلدارة ولو بيشء يسري‪.‬‬
‫وامل م ة سنة دليله ُعل النبي ‪ ‬وجمرد ُعله يف باب الوضوء يدل عىل االستحباب‪،‬‬
‫وأما األحاديث التي رويت باألمر «إِ َذا ت ََو هض ْأ َت َُ َم ْ ِم ْض» (‪ُ )7‬لم تصح عن النبي ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يشرت أن يلفظ املاء أو أنه لو ابتلع املاء قد حصلت امل م ة؟‬
‫اجلواب‪ /‬أن امل ـ ـ ـ ــم ـ ـ ـ ــة هي إدخال املاء يف الفم وإدارة املاء أدنى اإلدارة‪ ،‬أم التلفظ‬
‫بواجب ُلو أنه بلع املاء ُقد حصــلت امل ــم ــة وهي الســنة ألنه‬ ‫باملاء ُهذا مســتحب ولي‬
‫مل يثبت عن النبي ‪ ‬األمر هبا‪ ،‬وأما األحاديث املروية يف األمر ُلم تثبت عىل الراجح‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم االستنشاق‪:‬‬
‫االســتنشــاق هو جذب املاء إىل باطن األنف بريح النف ‪ .‬واالســتنشــاق واجب بمعنى‬
‫ركن ‪-‬يعني الواجبات هنا بمعنى األركان ‪-‬ال يص ـ ــح الوضـ ـ ــوء إال باالسـ ـ ــتنشـ ـ ــاق‪ ،‬دليله أمر‬
‫امل ِ‬
‫اء ُث هم ْل َينْتَث ِ ْر»(‪ .)2‬وهكذا قال النبي ‪:‬‬ ‫ْخ َر ْي ِه ِم َن ْ َ‬
‫النبي ‪« :‬إِ َذا تَو هض َأ َأحدُ كُم َُ ْليس َتن ِْش ْق بِمن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬
‫االستِن َْشا ِق إِاله َأ ْن َتك َ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ائام»(‪)4‬‬
‫ُون َص ً‬ ‫« َبال ْغ ِف ْ‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )11/7‬حتت حديث (‪. )732‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )736 / 7‬برقم‪)241( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )32 / 7‬برقم‪ ، )7 / 21( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )13 / 7‬برقم‪، )732( :‬‬
‫والرتمذي يف "جامعه" (‪ )21 / 7‬برقم‪ ، )42( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )262 / 7‬برقم‪ )391( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪/ 1‬‬
‫‪ )4160‬برقم‪)76632( :‬‬

‫‪06‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم املبالْة يف االستنشاق‪:‬‬


‫املبالْة يف االس ـ ــتنش ـ ــاق مس ـ ــتحبة وهي املبالْة يف إدخال املاء إىل اخلياش ـ ـ ـيم وإىل باطن‬
‫ُون َص ـ ـ ِائ ًام» لو كانت واجبة ألمر‬ ‫األنف‪ .‬والدليل الص ـ ــارف عن الوجوب؟ قوله‪« :‬إِ ه‬
‫ال َأ ْن َتك َ‬
‫بالتحري يف كل حال‪ُ .‬االستنشاق واجب واملبالْة مستحبة‪.‬‬
‫ر‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم االستنثار‪:‬‬
‫أمر النبي ‪ ‬بـاالس ـ ـ ـ ــتنثـار‪ .‬واالس ـ ـ ـ ــتنثـار هو إخراج املـاء من باطن األنف بريح النف‬
‫وحكمه واجب ألن النبي ‪ ‬أمر باالس ـ ـ ــتنش ـ ـ ــاق واالس ـ ـ ــتنثار‪ ،‬أما امل ـ ـ ــم ـ ـ ــة ُال دليل عىل‬
‫وجوهبا‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم التثليث يف امل م ة واالستنشاق‪:‬‬
‫السـ ــنة يف امل ـ ــم ـ ــة واالسـ ــتنشـ ــاق أن تكون بثالط ثرُات‪ ،‬يف كل ثرُة يتم ـ ـمض‬
‫بجزء من املاء ويسـ ـ ــتنشـ ـ ــق باجلزء اآلخر‪ ،‬هذه واحدة ثم الْرُة الثانية ثم الْرُة الثالثة‪ ،‬هذه‬
‫هي السـ ـ ــنة الثابتة عن النبي ‪ .‬وتكون امل ـ ـ ــم ـ ـ ــة واالسـ ـ ــتنش ـ ـ ــاق بالكف اليمنى‪ ،‬هذا هو‬
‫الثـابـت عن النبي ‪ ‬كام يف حـديـث عثامن بن عفـان ‪( )7( ¢‬بيـده اليمنى) وهكـذا يف حـديث‬
‫عيل بن أيب طالب عند أيب داود(‪ )2‬والنسائي(‪ )4‬وهو ثابت‪.‬‬
‫وإذا ُعل واحدة يف امل ــم ــة واالســتنشــاق واالســتنثار حصــل املقصــود‪ ،‬ولكن الســنة‬
‫التثليث‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )34 / 7‬برقم‪ )33 / 7( ، )710( :‬برقم‪ )47 / 4( ، )763( :‬برقم‪، )7043( :‬‬
‫(‪ )02 / 2‬برقم‪ )6344( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )737 / 7‬برقم‪)226( :‬‬
‫(‪" )2‬سنن أيب داود" (‪ )37/7‬برقم (‪)777‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه النسائي يف "الكربا" (‪ )797 / 7‬برقم‪)11( :‬‬

‫‪01‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬الفصل بني امل م ة واالستنشاق‪:‬‬


‫ال يفصــل بني امل ــم ــة واالســتنشــاق مع أنه جائز ولكن الســنة أن جيمع بينهام يف ثرُة‬
‫واحـدة ثالط مرات‪ .‬ولو ُص ـ ـ ـ ــل‪ :‬يبدأ بامل ـ ـ ـ ــم ـ ـ ـ ــة ثالث ًا ثم ينتهي ويْرف ثالط ثرُات‬
‫لالس ـ ـ ـ ــتنش ـ ـ ـ ــاق ُتكون س ـ ـ ـ ــتة‪ ،‬هذا لو ُعله جائز لكن الس ـ ـ ـ ــنة أن جيمع بينهام‪ ،‬وأما األحاديث‬
‫(‪.)7‬‬ ‫الواردة يف الفصل بني امل م ة واالستنشاق ُلم تصح عن النبي ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا كانت امل م ة واالستنشاق باليمنى‪ُ ،‬هل يستنثر بشامله؟‬
‫اجلواب‪ /‬رويت أحاديث يف كون االستنثار باليِّسا ومل تصح عن النبي ‪ُ ،‬ظاهر‬
‫حديث عبد اهلل بن زيد ‪ ¢‬أنه يكون باليمنى‪.‬‬
‫‪ ‬مســالة‪ /‬هل يشــرت يف االســتنثار أن ي ــع يده عىل أنفه أو أنه ممكن أن يســتنثر بدون‬
‫ما ي ع اليد؟‬
‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬قول اجلمهور من أهل العلم أنه يسـ ــتنثر بدون أن ي ـ ــع اليد عىل األنف‬
‫بدون كراهة لعدم الدليل وهذا هو الراجح‪ .‬وخالف بعض أهل العلم كامل ُقال‪ :‬ال يفعل‬
‫ذل إال احلامر(‪ ،)2‬لكن ال دليل‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يستحب يف امل م ة إدخال اإلصبع بني أسنانه ليدلكها؟‬
‫اجلواب‪ /‬ال دليل عىل هذا‬

‫(‪ )7‬ضعيف‪ .‬رواه أبو داود (‪740‬‬


‫(‪ )2‬انظر "النوادر والزيادات عىل ما يف املدونة من ثريها من األمهات" (‪)37 /7‬‬

‫‪02‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬قال¬‪ُ :‬ث هم َي ْْ ِس َل َو ْج َه ُه َث َال ًثا‪.‬‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم ثسل الوجه‪:‬‬
‫بعد امل م ة واالستنشاق يكون ثسل الوجه كام قال اهلل ´ { ﭑﭒﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ} [سـ ـ ــورة الم دة‪ُْ ]1 :‬س ـ ــل الوجه ركن من أركان‬
‫الوضوء‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هو حد الوجه‪:‬‬
‫الذ َقن‪-‬والذقن هو العظم ‪-‬ملتقى اللحيني ‪-‬‬
‫حدّ الوجه من منابت الشعر ثالبا إىل َ‬
‫الذقن هو الشعر‪ ،‬حتى يقال للمرأة ذقن وللصبي ذقن ولألمرد ذقن ومن األذن إىل‬ ‫ولي‬
‫األذن عرضا‪ ،‬أما األُرع الذي نزل شعره إىل حدود اجلبهة ال يقال أن الوجه عنده من آخر‬
‫الشعر وما دون‪ ،‬وهكذا الذي انحِّس شعر رأسه إىل الداخل (األجلح)‪ُ ،‬حد الوجه بالنسبة‬
‫َام ‪-‬لألُرع واألجلح ‪-‬من منابت الشعر يف الْالب(‪ )7‬إىل الذقن ومن األذن إىل األذن‪.‬‬
‫‪ ‬مس ـ ـ ــألة‪ /‬موض ـ ـ ــع ما بني األذن وبني منابت اللحية ‪ -‬الفراغ اليس ـ ـ ــري الذي ال ينبت‬
‫عليه الشعر‪ ،‬هل هذا من الوجه؟‬
‫اجلواب‪ /‬اختلف أهــل العلم ُيــه والراجح أنــه من الوجــه ألنــه حتصـ ـ ـ ـ ــل بــه املواجهــة ُوا جــب‬
‫ثسله‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل واجب عليه أن يْسل الشعر املسرتسل من حليته إىل صدره أو إىل عنقه؟‬
‫اجلواب‪ /‬اختلفوا يف هذه املسألة والراجح أن الشعر الذي يْطي برشة الوجه واجب ثسله‬
‫وأما ما اسرتسل ُال جيب ثسله ألن ما حتته ال يعترب وجها‪ ،‬أما هذا الشعر الذي ينبت عىل‬
‫اللحيني وعىل ما يقابل الذقن هذا واجب ثسله ألن ما حتته يعترب من الوجه وهكذا الشعر‬
‫الذي حتت العنفقة‪،‬‬

‫(‪ )7‬قول الشيخ (ثالبا) ليخرج األُرع واألجلح‬

‫‪00‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫باليمنى‪ .‬والذي يْسل وجهه بيد‬ ‫قوله‪ُ ( :‬ث هم َي ْْ ِس َل َو ْج َه ُه َث َال ًثا) أي باليدين مجيعا لي‬
‫واحدة واستوعب الوجه بالْسل قد حصل املقصود ولكن السنة أن يْسل الوجه باليدين‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يرشع أن يلطم الوجه باملاء؟‬
‫اجلواب‪ /‬ال دليل عىل لطم الوجه باملاء‪ .‬رويت أحاديث ضـ ـ ــعيفة منها حديث عيل‪¢‬‬
‫وثريه(‪ )7‬أنه يص املاء عىل وجهه صكا‪ ،‬لكنه مل يصح‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬مل يثبت أنه يرشع أن يسيل املاء من الناصية بعد ثسل الوجه‪ ،‬مل يثبت عن النبي‬
‫‪ ،‬روي حديث ضعيف أنه بعد ثسل الوجه يسيل املاء من الناصية‪.‬‬
‫‪ ‬قال ¬‪َ :‬و َيدَ ْي ِه إِ َىل َا ْمل ِ ْر َُ َق ْ ِ‬
‫ني َث َال ًثا‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم ثسل اليدين‪:‬‬
‫أي ــا من أركان الوض ــوء‪ :‬ثس ــل اليدين إىل املرُقني‪ .‬املقص ــود باليد‪ :‬التي تْس ــل من‬
‫أطراف األصابع إىل املرُقني‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬وهل املرُقان داخالن يف الْسل؟‬
‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬واجــب أن يْسـ ـ ـ ـ ــل املرُقني وهو قول اجلمهور(‪ )2‬ألن قولــه { ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ } [س ـ ـ ـ ـ ــورة الم ـ ــدة‪ُ ]1 :‬كلمــة (إىل) حيتمــل أن تفيــد الْــايــة‬
‫وحيتمل أن تكون بمعنى (مع) { ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ } [سـ ـ ـ ــورة النس ـ ـ ـ ـ ء‪ ]3 :‬يعني مع‬
‫أموا لكم‪{ ،‬ﯻ ﯼ ﯽﯾ} [سورة و ‪ ]53 :‬بمعنى مع قوتكم‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )34 / 7‬برقم‪ )771( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )704 / 7‬برقم‪ )641( :‬ضعفه البخاري‬
‫كام يف "التلخيص احلبري يف ختريج أحاديث الراُعي الكبري"‪)744 / 7( :‬‬
‫(‪ )2‬انظر "احلاوي يف ُقه الشاُعي" (‪" ،)729 /7‬املجموع رشح املهذب" (‪)421 /7‬‬

‫‪799‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ُتأيت (إىل) بمعنى (مع) وتأيت إىل للْاية قال ´ { ﮀﮁﮂ ﮃ ﮄﮅ } [سورة البقرة‪:‬‬
‫‪.]178‬‬
‫وال يدخل الليل يف الصـ ــيام‪ ،‬لكن دلت السـ ــنة عىل أن (إىل) هنا بمعنى (مع) حلديث أيب‬
‫هريرة ‪َ « :‬ع ْن ُن َع ْي ِم ْب ِن َع ْب ِد اهللِ ا ْمل ُ ْج ِم ِر َق َال‪َ :‬ر َأيْ ُت َأبَا ُه َر ْي َر َة َيت ََو هضـ ُأ‪َ َْ َُ ،‬سـ َل َو ْج َه ُه َُ َأ ْسـ َب َغ‬
‫رش َع ِيف ا ْل َع ُ ـ ِد‪،‬‬ ‫ِّسـا َحتهى َأ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ا ْلو ُضـوء‪ُ ،‬ثم َثسـ َل يدَ ه ا ْليمنَى حتهى َأ ْ ِ‬
‫رش َع يف ا ْل َع ُ ـد‪ُ ،‬ث هم َيدَ ُه ا ْل ُي ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ ه َ َ ُ ُْ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُثم مس ـح ر ْأس ـه‪ُ ،‬ثم َثس ـ َل ِرج َله ا ْليمنَى حتهى َأ ْ ِ‬
‫ِّس ـا َحتهى‬ ‫رش َع يف ال هس ـاق‪ُ ،‬ث هم َث َس ـ َل ر ْج َل ُه ا ْل ُي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ُْ َ‬ ‫ه َ َ َ َ َ ُ ه َ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َسـ هل َم َيت ََو هض ُأ »(‪ُ )7‬يدل عىل‬ ‫ِ‬ ‫اق‪ُ ،‬ث هم َق َال‪َ :‬هك ََذا َر َأيْ ُت َر ُسـ َ‬ ‫َأ ْرش َع ِيف السـ ِ‬
‫ول اهلل َصـ هىل ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫أن النبي ‪ ‬كان يْسل املرُقني‪.‬‬
‫واملرُق هو العظم الناتئ الذي يفص ـ ـ ـ ــل ما بني الس ـ ـ ـ ــاعد والع ـ ـ ـ ــد‪ُ ،‬يجب أن يْس ـ ـ ـ ــل‬
‫املرُق‪.‬‬
‫(و َيدَ ْي ِه إِ َىل َا ْمل ِ ْر َُ َق ْ ِ‬
‫ني َث َال ًثا) يبدأ باليمنى ثم باليِّسا كام دلت السنة‬ ‫‪.‬قوله‪َ :‬‬

‫مها إِ َىل َا ْمل ََح رل َا هل ِذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫‪ ‬قال ¬‪َ :‬و َي ْم َس َح َر ْأ َس ُه م ْن ُم َقده ِم َر ْأسه إِ َىل َق َفا ُه بِ َيدَ ْيه ُث هم ُيعيدَ ُ َ‬
‫بدَ َأ ِمنْه مر ًة و ِ‬
‫احدَ ًة‪.‬‬ ‫ُ َه َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم مسح الرأس‪:‬‬
‫الرأس يعني من موض ـ ـ ـ ــع منابت الش ـ ـ ـ ــعر يف الْالب إىل القفى ومن أعىل األذن إىل أعىل‬
‫األذن‪ُ .‬مسـح الرأس ركن من أركان الوضـوء ال يصـح الوضوء إال به‪ .‬كام قال اهلل تعاىل‪{ :‬‬
‫ﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞ} [سورة الم دة‪]1 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )730 / 7‬برقم‪)236( :‬‬

‫‪797‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل واجب يف مسح الرأس االستيعاب أو يكفي مسح جزء من الرأس؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح أنه واجب استيعاب الرأس باملسح سواء كان الذكر أو األنثى دليله‬
‫اآلية‪{ :‬ﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞ} [سورة الم دة‪{ ]1 :‬‬
‫ﭝﭞ} ُالباء ل لصاق ُتفيد االستيعاب بدليل ُعل النبي ‪ ‬أنه كان إذا مسح‬
‫هب لبعض‬
‫برأسه استوعب الرأس باملسح‪ُ .‬ال جيوز أن يقترص عىل جزء من الرأس‪ ،‬وهذا مذ ٌ‬
‫أهل العلم أنه يمسح الناصية أو شعرات من الرأس‪ ،‬ولكن الواجب استيعاب الرأس‬
‫باملسح(‪.)7‬‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬كيفية مسح الرأس‪:‬‬


‫الكيفية التي ذكرها املص ــنف‪ :‬هي مس ــتحبة؛ أنه يبدأ بمقدم رأس ــه حتى يردمها إىل قفاه‬
‫ثم يعود حتى يرجع إىل املكــان الــذي بــدأ منــه‪ ،‬هــذه س ـ ـ ـ ـ ـنــة ُعلهــا النبي ‪ ‬ومل يــأمر هبــا كام يف‬
‫حـديـث عبـد اهلل بن زيد ‪ُ .¢‬الواجب اس ـ ـ ـ ــتيعاب الرأس كامال لآلية ولفعل النبي ‪ ‬ولو‬
‫بمرة واح ــدة‪ ،‬ولو عم ــل من اليمني إىل اليس ـ ـ ـ ـ ــار أو من اليس ـ ـ ـ ـ ــار إىل اليمني‪ ،‬أو من أعىل إىل‬
‫األسفل أو من األسفل إىل األعىل‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬و َي ْم َس َح َر ْأ َس ُه ِم ْن ُم َقده ِم َر ْأ ِس ِه إِ َىل َق َفا ُه بِ َيدَ ْي ِه) املسح يكون باليدين دليله حديث‬
‫«ُأدخل يديه ُمسح هبام رأسه (‪)2‬‬

‫(‪ )7‬حاصل املذاهب يف مسح الرأس ثالثة‪ :‬األول‪ :‬أقل ما يصدق عليه من الرأس ولو ثالط شعرات وهو مذهب‬
‫الشاُعي‪ ،‬الثاين‪ :‬جزء من الرأس عىل خالف يف ذل هل هو الربع أو الثلث أو ثري ذل ‪ ،‬وهو مذهب أيب حنيفة‪ ،‬الثالث‪:‬‬
‫وجوب استيعاب مجيع الرأس‪ ،‬وهو مذهب أمحد ومال واملزين يف املشهور عنهم ويف املسألة ثري ذل ‪ .‬انظر تفصيل‬
‫املذاهب يف هذه املسألة‪" :‬املْني"(‪ ،)777/7‬املجموع (‪ ،)399/7‬أحكام القران للقرطبي (‪ ،)21/6‬احلاوي‬
‫(‪ ،)773/7‬التحفة (‪ ،)0/7‬معاين اآلثار يف (‪ ،)49/7‬الرشح الصْري (‪ )792/7‬وحكى القرطبي عن اجلمهور أن رد‬
‫اليدين ملن مسح رأسه كله إىل مقدم رأسه يستحب وال جيب‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه ُرض‪ .‬قرطبي ج ‪ 6‬ص‪20‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )32 / 7‬برقم‪ ،)721( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )731 / 7‬برقم‪)241( :‬‬

‫‪792‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫تنبيه‪ :‬املاء الذي يؤخذ ملسـ ـ ــح الرأس ثري املاء الذي يْسـ ـ ــل به يديه كام يف حديث عبد‬
‫ري َُ ْ ِل َيدَ ْي ِه» (‪ُ )7‬يأخذ ماء جديدا ملسح الرأس‪.‬‬‫اهلل بن زيد « َُ َم َس َح َر ْأ َس ُه بِ َام صء َث ْ ِ‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬عدد مسح الرأس‪:‬‬


‫قـال املص ـ ـ ـ ــنف‪َ ( :‬م هر ًة َوا ِحـدَ ًة) هذا قول مجهور أهل العلم أن مس ـ ـ ـ ــح الرأس يكون مرة‬
‫ُيها إال ذكر املس ــح مرة واحدة‪،‬‬ ‫واحدة لألحاديث الكثرية يف وص ــف وض ــوء النبي ‪ُ ‬لي‬
‫وأما األحاديث التي ذكر ُيها املسح ثالثا ُهي شاذة مل تصح عن النبي ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يمسح قفاه أو رقبته؟‬
‫اجلواب‪ /‬مل يثبت عن النبي ‪ ‬مســح القفى أو الرقبة‪ ،‬وكام قال العالمة الشــوكاين‪ :‬كاد‬
‫العلامء أن ُجي ِ‬
‫معوا عىل كونه بدعة(‪)2‬‬
‫ْ‬
‫أما ما اس ــرتس ــل من الش ــعر ُيام يزيد من الرأس ُال جيب مس ــحه‪ ،‬إذا كان ش ــعر الرجل‬
‫طويال يَّضـب إىل عينيه ُيمسـح الشعر الذي يف الرأس أما ما اسرتسل إىل الوجه والعينني ُال‬
‫يمســح‪ ،‬وهكذا إذا كان شــعره طويال يَّضــب إىل ظهره‪ ،‬وهكذا املرأة إنام يمســح الشــعر الذي‬
‫عىل الرأس وما زاد ُال يمسح‪.‬‬
‫مسألة‪ /‬هل جيزئ إذا ثسل الرأس بدال من املسح؟‬
‫اجلمهور عىل أنه ال جيزئ‪ ،‬وبع ـ ــهم يقول إذا ثسـ ــل الشـ ــعر وأمر اليد عىل الرأس ُقد‬
‫حصل اإلجزاء وإن كان ُمالفا للسنة‪.‬‬
‫ُائدة‪ :‬الفرق بني الْس ــل واملس ــح‪ :‬الْس ــل ُيه إس ــالة املاء‪ ،‬إذا س ــال املاء عىل الع ـ ـو‬
‫هذا معنى ثسل‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )736 / 7‬برقم‪)246( :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪" :‬نيل األوطار" (‪)291 /7‬‬

‫‪794‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اح َت ْيه يف ص ـ ـ ـ َام َخ ْي ُأ ُذ َن ْيه‪َ ،‬و َي ْم َس ـ ـ ـ َح بِ ِإ ْهبَا َم ْيه َظاه َر ُ َ‬
‫مها‪ُ .‬ث هم‬ ‫‪ ‬قال ¬‪ُ :‬ث هم َيدْ ُخ َل َس ـ ـ ـ هب َ‬
‫َي ْْ ِس َل ِر ْج َل ْي ِه َم َع َا ْل َك ْع َب ْ ِ‬
‫ني َث َال ًثا َث َال ًثا‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬مسح األذن وكيفيته‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اح َت ْيه يف ص َام َخ ْي ُأ ُذ َن ْيه‪َ ،‬و َي ْم َس َح بِ ِإ ْهبَا َم ْيه َظاه َر ُ َ‬
‫مها) ُيه‬ ‫قال املصنف¬‪ُ ( :‬ث هم َيدْ ُخ َل َس هب َ‬
‫من ُعله ‪ ‬يف حديث مجاعة من الصحابة‪ ،‬وجاء يف‬ ‫استحباب مسح األذنني لثبوت ذل‬
‫بعض األحاديث أن السبابتني يمسح هبام داخل األذن واإلهبامني من خارج األذن يف آن‬
‫من الواجب‪ ،‬وأما‬ ‫واحد‪ ،‬ال يبدأ باليمنى ثم باليِّسا بل يف وقت واحد‪ .‬هذا مستحب ولي‬
‫ِ ِ‬
‫حديث «األُ ُذنَان م َن ه‬
‫الرأ ْ ِ‬
‫س»(‪ُ )7‬لم يصح عن النبي ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ثسل الرجلني‪:‬‬
‫أي ا من أركان الوضوء ثسل الرجلني‪.‬‬
‫قوله‪ُ ( :‬ث هم َي ْْ ِسـ ـ ـ ـ ـ َل ِر ْج َل ْي ِه َم َع َا ْل َك ْع َب ْ ِ‬
‫ني) الكعب هو العظم الناتئ يف جانب القدم الذي‬
‫يفص ـ ـ ـ ـ ـ ــل بني الق ــدم والس ـ ـ ـ ـ ـ ــاق‪ُ ،‬في ك ــل رج ــل كعب ــان‪ ُ ،‬ــاهلل ´‪ { :‬ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠﭡﭢ } [سورة الم دة‪ ]1 :‬و(إىل) هنا بمعنى (مع)‬
‫رش َع ِِف‬ ‫ِ‬
‫والــدليــل حــديــث أيب هريرة املتقــدم يف مس ـ ـ ـ ــلم « ُث هم َث َس ـ ـ ـ ـ ـ َل ر ْج َلـ ُه ا ْل ُي ْمنَى َحتهى َأ ْ َ‬
‫اق) يدل عىل دخول‬ ‫اق» ( َحتهى َأ ْرش َع ِِف الس ِ‬ ‫اق ُثم َثس َل ِر ْج َل ُه ا ْل ُيِّسا َحتهى َأ ْرش َع ِِف الس ِ‬
‫الس ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه‬
‫الكعبني‪.‬‬
‫قوله( ُث هم َي ْْ ِس َل ِر ْج َل ْي ِه َم َع َا ْل َك ْع َب ْ ِ‬
‫ني َث َال ًثا َث َال ًثا) يعني اليمنى ثالثا واليِّسا ثالثا‪.‬‬
‫ُالرجلني واجب ثسلهام وال جيزئ املسح عليهام إذا مل يكن عليهام خفان أو ما كان يف معنى‬
‫اخلفني‪ ،‬وهذا قول مجهور أهل العلم خالُا للشيعة الذين قالوا بجواز املسح عليهام وإن مل‬
‫يكن عليها خفان‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه ابن ماجه يف "سننه" (‪ )222 / 7‬برقم‪ ،)334( :‬قال األلباين يف "السلسلة الصحيحة" (‪ )31 / 7‬برقم (‪:)46‬‬
‫حديث صحيح له طرق كثرية عن مجاعة من الصحابة"‬

‫‪793‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫الواجب ثسل الرجلني إذا مل يكن عليهام خفان وال جيوز املسح عليهام ألن هذه اآلية‬
‫الكريمة‪{ :‬ﭝﭞﭟﭠﭡﭢ } [سورة الم دة‪ ]1 :‬عطف الرجل‬
‫عىل ثسل الوجه‪ .‬وأي ا الذين وصفوا وضوء النبي ‪ ‬هم عدد كبري كلهم ذكروا ثسل النبي‬
‫اب ِم َن الن ِهار» (‪)7‬والعقب العظم‬ ‫‪ ‬لرجليه‪ ،‬وأي ا األحاديث الثابتة عن النبي ‪َ « ‬و ْي ٌل ل ِ َ‬
‫أل ْع َق ِ‬
‫يب»(‪ )2‬والفرق بني العرقوب والعقب‪:‬‬ ‫اق ِ‬ ‫الذي يف مؤخر القدم‪ ،‬ويف بعض الرواية‪« :‬وي ٌل ل ِ ْلعر ِ‬
‫ََ‬ ‫َْ‬
‫العرقوب هو العصب الذي ُوق العقب والعقب هو العظم الذي يف مؤخر القدم‪ُ .‬قول‬
‫اب ِم َن الن ِهار» وقد رآهم استعجلوا يف الوضوء ورأا بعض األعقاب أو‬ ‫النبي ‪َ « ‬و ْي ٌل ل ِ َ‬
‫أل ْع َق ِ‬
‫اب ِم َن الن ِهار» ُيدل عىل وجوب ثسل‬ ‫العراقيب مل يمسها املاء ُرصخ ونادا « َو ْي ٌل ل ِ َ‬
‫أل ْع َق ِ‬
‫الرجلني‪.‬‬
‫ُائدة‪ :‬خالف الشيعة يف ِ‬
‫الر ْجل يف ثالثة مواضع‪:‬‬
‫‪ .7‬أهل الس ــنة باألدلة الكثرية قالوا بوجوب ثس ــل الرجلني إذا مل يكن عليهام اخلف أو‬
‫يف معنى اخلف وهم قالوا باملسح‪.‬‬
‫‪ .2‬وأهل السنة قالوا باألدلة املتواترة بمرشوعية املسح عىل اخلفني‪ ،‬وهم قالوا ‪ :‬ال جيوز‬
‫املسح عىل اخلفني‪.‬‬
‫‪ .4‬يف الكع ــب‪ ُ ،‬ــالكع ــب عن ــدهم هو العظم الن ــاتئ ال ــذي يف أعىل الق ــدم‪ُ ،‬له ــذا إذا‬
‫مسحوا يمسحون هذا ُقط‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )22 / 7‬برقم‪ ، )69( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )732 / 7‬برقم‪)237( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )732 / 7‬برقم‪)232( :‬‬

‫‪791‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬قال ¬‪ :‬ه َذا َأكْم ُل َا ْلوض ِ‬


‫وء َا هل ِذي َُ َع َل ُه َالنهبِي ‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هذه الصفة التي ذكرها املصنف¬ ُيام مىض هي أكمل الوضوء الذي ُعله النبي ‪،‬‬
‫وكام تقدم أن املتعبد ال يفرق بني الواجب واملستحب والركن بل حيرص عىل االقتداء بالنبي‬
‫‪ ‬يف عباداته‪ .‬وإذا حصل اإلخالل ُإنه حيتاج أن يعرف احلكم‪-‬وحيتاج أن يعرف أن هذا‬
‫واجب وهذا مستحب وهذا ركن‪.‬‬
‫أما بالنسـبة لطالب العلم الذي يتفقه ُيحسن به أن يعرف هذه الدقائق‪ُ ،‬هذا من التفقه‬
‫ين» ثم طالب العلم يكون‬‫اَّلل بِ ِه َخ ْ ًريا ُي َف رق ْه ُه ِِف الدر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف الدين الذي ُمدح عليه صاحبه « َم ْن ُي ِرد ه ُ‬
‫ثدً ا معلام ومدرسـ ــا ُيحتاج أن يعرف هذه األحكام‪ ،‬وحيتاج إليه الناس‪ ،‬يس ـ ــألونه ويرجعون‬
‫إليه ُكونه يكون ُملِام هبذه األحكام وهذه الدقائق وهذه املسائل والتفاصيل هذا أمر مطلوب‬
‫ويمدح عليه‪.‬‬
‫‪ ‬ق ل¬‪ :‬وا ْل َفر ُض ِمن َذل ِ َ ‪َ :‬أ ْن ي ْْ ِس َل مر ًة و ِ‬
‫احدَ ًة‬ ‫َه َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫الواجب يف الوض ـ ـ ــوء أن تْس ـ ـ ــل األع ـ ـ ــاء مرة مرة وأما التثليث ُهو مس ـ ـ ــتحب بإمجاع أهل‬
‫العلم وهنا خالف يس ـ ــري منهم من أوجب التثليث‪ ،‬وهذا قول ش ـ ــاذ‪ .‬ومنهم من مل يس ـ ــتحب‬
‫التثليـث‪ ،‬وهـذا قول ش ـ ـ ـ ــاذ بـل قول عـامـة أهـل العلم وجعلـه بع ـ ـ ـ ــهم(‪ ،)7‬إمجـاعـا أن الواجب‬
‫املجزئ مرة واحدة وأن التثليث مستحب‪.‬‬
‫والدليل عىل ذل ‪ :‬ثبت يف أحاديث مجاعة من الصحابة أن النبي ‪ ‬توضأ مرة مرة وتوضأ‬
‫مرتني مرتني وتوضأ ثالثا ثالثا وكان هذا هو الْالب من ُعل النبي ‪ُ ،‬يدل عىل أن املرة‬
‫جمزئة وأهنا ّ‬
‫أقل الوجوب واملرتني مستحبة وأن األكمل واألُ ل أن يتوضأ ثالثا ثالث ًا يف‬
‫مواضع التثليث إال يف الرأس‪ُ ،‬مرة واحدة ألنه مل يثبت عن النبي ‪ ‬أنه مسح رأسه ثالثا‪،‬‬
‫رويت أحاديث وكلها معلة ال تصح(‪ُ ،)2‬لهذا قول اجلمهور من أهل العلم أنه يرشع يف مسح‬
‫الرأس أن يكون مرة واحدة‪.‬‬

‫(‪ )7‬نقل اتفاق العلامء ابن رشد‪ ،‬انظر‪" :‬بداية املجتهد وهناية املقتصد" (‪ ،)70 /7‬وانظر قول مال يف املدونة (‪)774/7‬‬
‫(‪ )2‬انظر "سنن الدارقطني" (‪ )73/7‬برقم (‪)202‬‬

‫‪796‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا كان الْسل مرة واحدة‪ ،‬متى حيسب مرة؟‬


‫اجلواب‪ /‬إذا اسـ ــتوعب الع ـ ــو يف مرة واحدة‪ ،‬أما إذا مل يسـ ــتوعب الع ـ ــو إال بْرُتني‬
‫أو بمرتني ُهذا يعترب ثس ــال واحدا‪ُ .‬إذا اس ــتطعت بْرُة واحدة أخذت ماء بالكفني تريد أن‬
‫ه‬
‫ُقل املاء يف كفي ُام ثســلت إال ثالط أرباع الوجه‪ ،‬هنا حتتاج إىل ثرُة ثانية‬ ‫تْســل وجه‬
‫ُإذا أتيت بالْرُة الثانية حتس ــب الْرُة األوىل والثانية ثس ــال واحدا‪ُ .‬تحس ــب ثس ــلة واحدة‬
‫إذا اســتوعبت كامل الع ــو ولو بثالط ثرُات‪ ،‬وســواء كان هذا يف الوجه أو يف اليدين أو يف‬
‫الرجلني‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الزيادة عىل ثالط ثسالت يف الوضوء‪:‬‬
‫بدعة(‪)7‬‬ ‫الزيادة عىل الثالط ال ترشع بل هي حمرمة واعتربها مجاعة من أهل العلم‬
‫ف‬ ‫اَّللِ َك ْي َ‬
‫ول ه‬ ‫ال َأتَى النهبِ هى ‪َ َُ ‬ق َال‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫حلديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده « َأ هن َر ُج ً‬
‫ال ًثا ُث هم َث َس َل ِذ َرا َع ْي ِه َث َ‬
‫ال ًثا ُث هم‬ ‫ال ًثا ُث هم َث َس َل َو ْج َه ُه َث َ‬ ‫الطهور؟ َُدَ عا بِام صء ِِف إِن ص‬
‫َاء َُ َْ َس َل َك هف ْي ِه َث َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫احت ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مسح بِرأ ْ ِس ِه َُ َأد َخ َل إِصبعي ِه السباحت ِ ِ‬
‫َني‬ ‫َني ِف ُأ ُذ َن ْيه َو َم َس َح بِ ِإ ْهبَ َام ْيه َع َىل َظاه ِر ُأ ُذ َن ْيه َوبِ ه‬
‫الس هب َ‬ ‫ْ ََْ ه ه َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ص َُ َقدْ‬ ‫ال ًثا ُث هم َق َال‪َ « :‬هك ََذا ا ْل ُو ُضو ُء َُ َم ْن َزا َد َع َىل َه َذا َأ ْو َن َق َ‬ ‫َباطِ َن ُأ ُذ َن ْي ِه ُث هم َث َس َل ِر ْج َل ْي ِه َث َ‬
‫ال ًثا َث َ‬
‫َأ َسا َء َو َظ َل َم»(‪ُ .)2‬هذا يعترب تكلفا وتن ّطعا وجتاوز ملا ُرض اهلل ´‪ُ ،‬ال جيوز الزيادة عىل سبيل‬
‫التعبد‪ ،‬أما لو ش هل ثسل اثنتني أو ثالثا ُيعمل بْلبة الظن‪ُ ،‬إذا عنده ثلبة الظن أهنا اثنتان‬
‫ُيزيد ثالثة إذا أراد‪ ،‬وإذا عنده ثلبة ظن أهنا ثالط ُيكتفي‪ُ .‬ال جيوز أن يزيد عىل الثالط‪.‬‬

‫(‪ )7‬مجاهري العلامء عىل أن الزيادة عىل ثالط مرات يف أُعال الوضوء مكروه وأنه ال يبطل الوضوء‪ .‬وحكى الدارمي يف‬
‫االستذكار عن قوم أنه يبطل الوضوء كام لو زاد يف الصالة‪ .‬وقال عبد اهلل بن املبار ‪ :‬ال آمن من ازداد عىل الثالط أن يأثم‪.‬‬
‫وقال أمحد¬‪ :‬ال يزيد عىل الثالط إال رجل مبتىل‪ .‬وقال إبراهيم النخعي‪ :‬تشديد الوضوء من الشيطان‪ .‬لو كان هذا‬

‫ُ ًال ألوثر به أصحاب ه‬


‫حممد ‘‪ ،‬انظر "املجموع رشح املهذب" (‪)340 /7‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )14 / 7‬برقم‪ )7 / 739( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )17 / 7‬برقم‪ )741( :‬وابن ماجه‬
‫يف "سننه" (‪ )217 / 7‬برقم‪ )322( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )7396 / 4‬برقم‪ )6102( :‬والنسائي يف "الكربا" (‪/ 7‬‬
‫‪ )796‬برقم‪)20( :‬‬

‫‪791‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬متى حتسب ثالث ًا؟‬


‫ال بد أن يعرف أن هذه اليد التي يريد أن يْسلها ثالثا قد استوعبها‪ .‬مثال‪ :‬أنا أخذت‬
‫بكفي اليِّسا ثرُة جاءت عىل نصف اليد ثم الْرُة الثانية جاءت عىل ربع اليد ثم الْرُة‬
‫الثالثة جاءت عىل الربع اآلخر‪ُ ،‬تحسب ثسلة واحدة‪ُ ،‬عيل أن ُأعيد هذه العملية حتى‬
‫أكمل الثالط‪.‬‬
‫َّلل َت َع ـ َاىل ِيف َق ْول ِـ ِه‪ { :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫‪‬قــال¬‪َ :‬و َأ ْن ُي َر رت َب َه ـا َع َىل َم ـا َذك ََر ُه َا ه ُ‬
‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ‬
‫ﭡ} [اَل َْم ِ َدةِ‪.]1 :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم الرتتيب يف الوضوء‪:‬‬
‫هل الرتتيب واجب يف الوضوء أو ال جيب أو هل هنا تفصيل؟‬
‫الراجح أن ُيه تفصي ً‬
‫ال‪ُ :‬الرتتيب واجب يف الوضوء إال ملن تر الرتتيب لعذر بنسيان‬
‫أو جهل‪ .‬نيس ُتوضأ وضوء ًا ثري مرتب وصىل ُتذكر أنه ثسل رجليه قبل ثسل الوجه أو‬
‫أنه مسح برأسه قبل ثسل اليدين‪ ،‬أو جهل بعد ما صىل قال له أحد زمالئه‪ :‬رأي ُت تتوضأ‬
‫وقدمت هذا عىل هذا ‪-‬جاهال ‪-‬يقول‪ :‬أنا ال أدري أن هذا واجب أن يقدم‪ُ .‬هذا هو الراجح‬
‫َ‬
‫أن الرتتيب يكون مع الذكر والتعمد أما إذا كان جاهال أو ناسيا ُال َشء عليه‪ ،‬والدليل عىل‬
‫ممسوحا بني مْسوالت قال ´‪{ :‬ﭑ‬
‫ً‬ ‫الوجوب سياق اآلية الكريمة ُاهلل ´ ذكر‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ} [سورة الم دة‪ ]1 :‬هذا الوجه‬
‫يْسل‪ { ،‬ﭚ ﭛ ﭜ } اليد أي ا تْسل‪ ،‬قال‪ { :‬ﭝ ﭞ} الرأس‬
‫يمسح‪ ،‬ثم قال‪{ :‬ﭟﭠﭡﭢ } الرجل تْسل‪ُ ،‬ذكر ممسوحا بني مْسوالت‪،‬‬
‫واحد يف نسق واحد‪.‬‬ ‫والعرب من عاداا أهنا تذكر ما كان من جن‬

‫‪792‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ُهنا ذكر املمسوح بني املْسوالت ال بد أن هنا حكمة وثرض ًا وُائدة‪ ،‬وهي وجوب‬
‫الرتتيب‪ُ .‬العدول عن ذكر اليشء مع نظريه ال يكون إال ألمر وُائدة‪ُ ،‬الفائدة يف اآلية‪:‬‬
‫اإلشعار بوجوب الرتتيب‪ .‬وأي ا مل يثبت عن النبي ‪ ‬أنه توضأ إال مرتبا‪ ،‬وأما حديث‬
‫ول اَّلل ِ ‪ ‬بِوض ص‬
‫وء َُت ََو هض َأ َُ َْ َس َل َك هف ْي ِه َث َال ًثا ُث هم َث َس َل َو ْج َه ُه‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫يت َر ُس ُ ه‬ ‫املقدام بن معدي كرب « ُأ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مها‬‫اس َتن َْش َق َث َال ًثا َو َم َس َح بِ َرأ ْسه َو ُأ ُذ َن ْيه َظاه ِر ِ َ‬‫َث َال ًثا ُث هم َث َس َل ذ َرا َع ْيه َث َال ًثا َث َال ًثا ُث هم َم ْ َم َض َو ْ‬
‫َو َباطِن ِ ِه َام َو َث َس َل ِر ْج َليْ ِه َث َال ًثا َث َال ًثا» (‪ُ )7‬هو حديث ضعيف ال يصح‪ ،‬من طريق عبد الرمحن‬
‫ِّس َة احلَّضمي وهو جمهول احلال(‪ُ )2‬احلاصل أن الرتتيب واجب‪ ،‬وال يسقط هذا‬
‫بن َم ْي َ َ‬
‫الوجوب إال لعذر النسيان أو اجلهل‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما معنى الرتتيب واجب؟‬
‫الرتتيب بني هذه األع ــاء واجب‪ ،‬يعني االســتنشــاق يكون قبل ثســل الوجه ثم ثس ـل‬
‫اليدين ثم مسح الرأس ثم ثسل الرجلني‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيب التيامن يف األع اء التي يرشع ُيها التيامن؟‬
‫اجلواب‪ /‬أما الكفان ُكام تقدم أنه يرشع ثسلهام يف آن واحد مجيعا‪ ،‬وأما األذنان ُيرشع‬
‫مسحهام يف آن واحد‪ ،‬وأما الوجه ُاملرشوع أنه يْسل يف وقت واحد‪ .‬وأما التيامن يف اليدين‬
‫والرجلني ُفيه أقوال ألهل العلم‪ :‬والراجح أنه مستحب التيامن بني اليدين كونه يبدأ بْسل‬
‫والرجل اليمنى قبل اليِّسا هذا مستحب دليله ُعل النبي ‪ُ ‬إنه‬
‫ْ‬ ‫اليد اليمنى قبل اليِّسا‬
‫كان ‪ ‬يبدأ باليمنى ثم باليِّسا يف اليدين والرجلني‪ ،‬وجمرد الفعل ال يدل عىل الزيادة عىل‬
‫اَّلل َع هز َو َج هل بِ ِ ْه»(‪ُ )4‬هو شاذ‪،‬‬
‫االستحباب‪ ،‬وأما حديث « ْابدَ ُءوا بِ َام َبدَ َأ ه ُ‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )31 / 7‬برقم‪ ، )727( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )222 / 7‬برقم‪ ،)312( :‬وأمحد يف‬
‫"مسنده" (‪ )4229 / 1‬برقم‪)71367( :‬‬
‫(‪ )2‬اذيب الكامل‪ ،)319 / 71( :‬اذيب التهذيب‪)112 / 2( :‬‬
‫(‪" )4‬سنن النسائي" (‪ )126/7‬برقم (‪)2062‬‬

‫‪790‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫اَّلل َع هز َو َج هل بِ ِ ْه» (‪)7‬وهذا حديث جابر‪ ،‬وأما حديث أيب‬


‫لكن املحفو « َأ َْبدَ ُأ بِ َام َبدَ َأ ه ُ‬
‫امنِك ُْم» (‪ُ )2‬هو أي ا شاذ‪،‬‬ ‫هريرة مرُوعا‪« :‬إِ َذا تَو هض ْأتُم َُابدَ ءوا بِمي ِ‬
‫ْ ْ ُ ََ‬ ‫َ‬
‫النعل بدأ باليمنى وإذا خلع‬ ‫واملحفو أنه موقوف من ُعل أيب هريرة أنه كان إذا لب‬
‫هنا دليل عىل وجوب التيامن بني اليدين اليمنى واليِّسا والرجلني‬ ‫بدأ باليِّسا‪ُ .‬لي‬
‫اليمنى واليِّسا‪ ،‬بل هو مستحب‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يقال أن من تر التيامن وقع يف املكروه؟‬
‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬ألن النبي ‪ ‬واظ ـب عىل التيــامن ُيس ـ ـ ـ ــتفــاد أن تر هــذا التيــامن يعترب‬
‫مكروها‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم دل األع اء يف الوضوء؟‬
‫يف الوض ـ ـ ـ ــوء يعني أنــه يمرر املــاء مع اليــد‪ ،‬إذا ثسـ ـ ـ ـ ــل الوجــه أو اليــدين أو‬ ‫اش ـ ـ ـ ــرتا الــدلـ‬
‫أن ي ـ ـ ـ ــع وجهـه أو يديه حتت احلنفية‬ ‫الرجلني أنـه يس ـ ـ ـ ـ ـ ّيـل املـاء ويمرر اليـد‪ ،‬وخالف الـدلـ‬
‫بدون دل أو رجليه حتت احلنفية بدون ما يمرر بيده‪.‬‬
‫بواجب ألن الواجب هو ال ُْســل والْســل هو إســالة املاء أو‬ ‫اجلواب‪ /‬الراجح أنه لي‬
‫بواجب هذا قول‬ ‫جريـان املـاء عىل الع ـ ـ ـ ــو هـذا معنى الْس ـ ـ ـ ــل يف اللْـة‪ .‬وكون الـدل لي‬
‫اجلمهور من أهــل العلم(‪ )4‬خالُــا للاملكيـة وطـائفــة(‪ )3‬أوجبوا الـدلـ ‪ ،‬ملــاذا؟ ألن الْس ـ ـ ـ ــل يف‬
‫اللْة معناه جريان املاء أو إسالة املاء عىل الع و‪،‬‬

‫(‪ )7‬انظر "صحيح مسلم" (‪ )39/3‬برقم (‪)7272‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )770 / 3‬برقم‪ )3737( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )466 / 4‬برقم‪ )7166( :‬وابن‬
‫ماجه يف "سننه" (‪ )210 / 7‬برقم‪ )392( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )7271 / 2‬برقم‪)2112( :‬‬
‫(‪ )4‬انظر "املجموع رشح املهذب" (‪)422 /7‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪" :‬املجموع رشح املهذب" (‪)721/2‬‬

‫‪779‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫حتثِى َع َىل َر ْأ ِسـ ـ ـ ـ ِ َثال َ‬


‫َط‬ ‫والدليل من الس ـ ـ ــنة حديث أم س ـ ـ ــلمة ~ «الَ إِن َهام َيك ِْفي ِ َأ ْن َ ْ‬
‫طه ِرين» (‪)7‬‬ ‫ات ُث هم ت ُِفي ِ نيَ َع َل ْي ِ ْ َ‬
‫املا َء َُ َت ْ ُ َ‬
‫ح َثي ص‬
‫َ َ‬
‫اَّللِ ‪َ َُ ‬ق َال‬
‫ول ه‬ ‫وهكذا حديث جبري بن مطعم ‪ ¢‬قال‪َ « :‬متار ْوا ِِف ا ْل ُْس ـ ـ ـ ـ ِل ِعنْدَ رس ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ول ِ‬
‫يض َع َىل‬ ‫اَّلل‪َ «  :‬أ هما َأنَا َُ ِإنرى ُأ ُِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َب ْع ُض ا ْل َق ْو ِم َأ هما َأنَا َُ ِإنرى َأ ْثسـ ُل َر ْأسى ك ََذا َوك ََذا َُ َق َال َر ُس ُ ه‬
‫ُف»(‪ ،)2‬وأمــا مــا روي من حــديــث عبــد اهلل بن زيــد «أنــه أيت بثلثي مــد ُجعــل‬ ‫َط َأك ٍّ‬ ‫َر ْأ ِسـ ـ ـ ـ ـى َثال َ‬
‫ُيه ذكر الدل ‪.‬‬ ‫يدل » (‪ُ )4‬هذه رواية شاذة بل املحفو أنه أصال من مسند أم ُعامرة ولي‬
‫واجبا وال دليل عىل الوجوب‪.‬‬ ‫ُاحلاصل أن الدل لي‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل ترشع إطالة الْرة والتحجيل املذكور يف احلديث‬
‫ِ‬ ‫َجلِنيَ ِم ْن آ َث ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ار ا ْل ُو ُضوء َُ َم ْن ْ‬
‫اس َت َط َ‬
‫اع‬ ‫قال النبي ‪« :‬إِ هن ُأ همتي ُيدْ َع ْو َن َي ْو َم ا ْلق َيا َمة ُثرا ُحم ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منْك ُْم َأ ْن ُيط َيل ُ ه ُ َ َ‬
‫ثر َته َُ ْلي ْفع ْل»؟ (‪)3‬‬

‫اجلواب‪ /‬املرشوع هو إسباغ الوضوء كام ثبت عن النبي ‪ ‬أنه أمر بإسباغ الوضوء وهو‬
‫تكميله وحتسينه‪ ،‬وأما اإلطالة ُقد اختلف أهل العلم‪ ،‬هل ترشع اإلطالة عىل املوضع‬
‫املفروض؟ الوجه له حدود‪ ،‬هل يرشع للمتوضئ أنه يزيد يف ثسل الوجه‪-‬يطلع إىل منابت‬
‫الشعر ويتجاوز إىل األذنني وينزل إىل الرقبة‪-‬؟ وهل يرشع اإلطالة يف ثسل الكفني‪-‬يطلع إىل‬
‫وسط الكتف أو إىل املنكب أو يرُع إىل نصف الساقني أو إىل الرقبة؟‬
‫ُيه قوالن مشهوران ألهل العلم‪ :‬والراجح عدم مرشوعية اإلطالة عىل احلد املرشوع وإنام‬
‫املستحب هو اإلسباغ‪ ،‬ومن اإلسباغ أنه إذا ثسل يديه يرشع يف الع د اقتداء بالنبي ‪‬‬
‫تكمي ً‬
‫ال لْسل املفروض وأنه يرشع يف الساق إذا ثسل رجليه تكميال للمفروض‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )712 / 7‬برقم‪)449( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪)421( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن خزيمة يف "صحيحه" (‪ )241 / 7‬برقم‪ )772( :‬وابن حبان يف "صحيحه"‪ )463 / 4( ،‬برقم‪)7924( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )40 / 7‬برقم‪ )746( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪)730 / 7‬‬

‫‪777‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫أما الزيادة أنه يْسل الوجه ويدخل يف الناصية ويتجاوز إىل اآلذان والرقبة أو أنه يرُع يف ثسل‬
‫اليدين إىل نصف الع د أو إىل املنكب أو يف الرجلني إىل نصف الساق إىل الركبة‪ ،‬هذا لي‬
‫بمرشوع‪ ،‬والدليل عىل ذل أن اهلل ´ حد حدودا يف احلديث ُال تعتدوها‪ ،‬وأي ا هدي‬
‫النبي ‪ ‬الذين وصفوا وضوءه ‪ ‬مل يذكروا أنه كان يطيل ويرُع‪ ،‬وأي ا قالوا ‪ :‬هو مادة‬
‫الوسواس وملا ُيه من الْلو والتنطع‪.‬‬
‫َجلِنيَ ِم ْن آ َث ِ‬
‫ار‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أما استدالَم برواية أيب هريرة ‪« ‬إِ هن ُأ همتي ُيدْ َع ْو َن َي ْو َم ا ْلق َيا َمة ُثرا ُحم ه‬
‫اس َت َطا َع ِمنْك ُْم َأ ْن ُيطِ َيل ُث هر َت ُه َُ ْليَ ْف َع ْل» ُاجلواب أن هذه الزيادة الراجح أهنا‬ ‫ِ‬
‫ا ْل ُو ُضوء َُ َم ْن ْ‬
‫مدرجة من كالم أيب هريرة‪ُ ،¢‬كام يقول احلاُظ ابن حجر¬‪ :‬مل أر هذه اجلملة يف رواية‬
‫أحد ممن روا هذا احلديث من الصحابة وهم عرشة وال ممن رواه عن أيب هريرة ثري رواية‬
‫نعيم هذه‪ )7( .‬ا‪ .‬ـه‪ُ .‬لم يذكر هذا من الرواة عن النبي ‪ ‬أحد ثري أيب هريرة ومل يذكر أحد‬
‫هذا يف روايته عن أيب هريرة إال نعيم امل ُ ْج ِمر‪ُ ،‬هذه رواية مدرجة‪.‬‬
‫احل ْل َي ُة ِم َن ا ْمل ُ ْؤ ِم ِن َح ْي ُث َي ْب ُل ُغ ا ْل َو ُضو ُء»(‪ُ .)2‬احللية تكون‬
‫وأما استدالَم بحديث « َتب ُل ُغ ْ ِ‬
‫ْ‬
‫زينة يف املوضع الذي ُيتز ّين ُيه‪ ،‬يف الساعد واملعصم‪ ،‬أما يف الع د والكتف ُال يعترب زينة‪.‬‬
‫ُاحلاصل أن اإلطالة ال ترشع‪ ،‬ومذهب كثري من أهل العلم مرشوعية اإلطالة‪ ،‬وَذا‬
‫جتدون يف وضوء كثري من العوام أنه إذا ثسل يديه ممكن يرُع إىل نصف الع د وإذا ثسل‬
‫رجليه رُع إىل نصف الساق‪ ،‬هذا يفعله كثري من الناس وتعلمه كثري من األبناء ً‬
‫أخذا من‬
‫آبائهم ومعلميهم ولكن هذا ثري مرشوع‪ ،‬وهذا القول رجحه املحققون من أهل العلم‪.‬‬

‫(‪ )7‬انظر‪ :‬رشح صحيح البخاري البن حجر ( ُتح الباري ) (‪)246 /7‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )717 / 7‬برقم‪)219( :‬‬

‫‪772‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ختليل اللحية‪:‬‬


‫‪ ‬أوال‪ :‬اللحية إذا كانت خفيفة ترا البرشة من حتتها‪ُ ،‬الواجب هو ثسل البرشة‪.‬‬
‫ألن اهلل ´قال‪{ :‬ﭘ ﭙ } [سورة الم دة‪ ]1 :‬الوجه ما واجه به‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬إذا كان الشعر كثيفا عىل الوجه ما ترا البرشة ُالواجب أن يْسل هذا الشعر‬
‫الكثيف ألن هذا الذي يواجه به‪ ،‬الشعر الكثيف هو الذي ُوق البرشة‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬ما اسرتسل عن حد الوجه من الشعر ‪-‬وقد تقدم معنا ‪ ،-‬هذا ال يرشع ثسله‬
‫من‬ ‫وال دليل عىل ثسله‪ ،‬ألن هذا الشعر املسرتسل الذي يقابل الصدر أو البطن ُهذا لي‬
‫الوجه‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا كان عنده الشعر الكثيف أو اللحية املسرتسلة‪ ،‬هل يرشع له أن خيلل‬
‫حليته؟‬
‫اجلواب‪ُ /‬يه ثالثة أقوال‪:‬‬
‫َان إِ َذا ت ََو هضـ ـ ـ ـ َأ‬
‫‪ ‬القول األول‪ :‬أنه واجب‪ ،‬واس ـ ـ ــتدلوا بحديث أن أن النبي ‪« :‬ك َ‬
‫َأ َخ ـ ـ َذ َكف ـ ـا ِمن م ـ ـ ص‬
‫اء َُ ـ ـ َأ ْد َخ َل ـ ـ ُه َحتْ ـ ـ َت َحنَ ِك ـ ـ ِه َُ َخ هل ـ ـ َل بِ ـ ـ ِه ِحلْ َي َت ـ ـ ُه َو َق ـ ـ َال‪َ « :‬ه َك ـ ـ َذا َأ َم َرنِى َر ربى َع هز‬ ‫ْ َ‬
‫َو َج هل»(‪)7‬وهو ضعيف‪.‬‬
‫‪ ‬القول الثاين‪ :‬يس ـ ــتحب‪ ،‬واس ـ ــتدلوا بأحاديث كثرية عن مجاعة من الص ـ ــحابة أن النبي ‪‬‬
‫توضأ وخلل حليته‪ .‬والراجح أهنا كلها معلة‪.‬‬
‫‪ ‬القول الثالث‪ :‬ال يرشع ختليل اللحية لعدم ثبوت األمر(‪ )2‬ولعدم ثبوت الفعل من ُعله‬
‫‪ ‬وهذا هو الراجح وهو قول مجاعة من أهل العلم‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه‪ :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )16 / 7‬برقم‪ )731( :‬يف إسناده الوليد بن زروان وهو جمهول احلال‪ ،‬انظر‪" :‬‬
‫التلخيص "‪)732 / 7( :‬‬
‫(‪ )2‬قال ابن أيب حاتم يف " كتاب العلل " سمعت أيب يقول‪ :‬ال يثبت يف ختليل اللحية حديث‪ .‬انظر‪ " :‬نصب الراية‬
‫ألحاديث اَداية" (‪)26 /7‬‬

‫‪774‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسـألة‪ /‬ما حكم ختليل أصـابع اليدين والرجلني يعني التفريج بني األصـابع وإسالة‬
‫املاء بينهام؟‬
‫(‪)7‬‬ ‫ني األَ َصابِ ِع»‬
‫اجلواب‪ /‬ثبت عن النبي ‪ ‬أنه أمر بالتخليل قال‪َ « :‬أ ْسبِ ِغ ا ْل ُو ُضو َء َو َخ رل ْل َب ْ َ‬
‫وهذا ثابت عن النبي ‪ .‬واختلف أهل العلم هل التخليل واجب أو مستحب؟ والراجح‬
‫أن ا لواجب هو إيصال املاء إىل هذه املواضع التي بني األصابع سواء كانت أصابع اليدين أو‬
‫الرجلني‪ُ ،‬إذا وصل املاء بدون التخليل ُقد حصل الواجب ويبقى التخليل مستحبا‪،‬‬
‫ُيها انفراج ‪-‬يعني‬ ‫وإذا مل يصل املاء ألن بع هم قد تكون أصابعه شبه ملتصقة لي‬
‫مرصوصة مع َشء من ال م‪-‬قد ال يصل املاء‪ ،‬واملاء عنرص رقيق بكل سهولة يتخلل‬
‫األماكن التي يستطيع أن يتخللها ولكن لو كان هنا َشء من االلتصاق يف أصابع الرجلني‬
‫ُيجب عليه أن يفرق بينهام حتى يصل املاء ما بني األصابع‪ ،‬أما لو كان وضع األصابع كحال‬
‫كثري من الناس بينها ُرج ُإنه لو ثسل الرجلني ُ ّ‬
‫إن املاء يتخلل ما بني األصابع‪.‬‬
‫ُالراجح وهو قول اجلمهور أنه ال جيب إذا وصل املاء يف خالل األصابع أما إذا مل يصل‬
‫ُواجب ألن األمر بتخليل األصابع إنام ألجل التأكد من إيصال املاء ما بني األصابع ُإذا‬
‫وصل حصل املقصود وحصل قدر الواجب‪ُ ،‬التخليل يعترب مستحب ًا إذا كان املاء يصل‬
‫بدون ختليل عمال بظاهر حديث ابن عباس‪ ،‬و لقيط بن صربة ‪.ƒ‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيب حتري اخلاتم إذا كان يف يده خاتم؟‬
‫اجلواب‪ /‬روي عن النبي ‪ ‬أنـه كـان إذا توض ـ ـ ـ ــأ حر خـامتـه(‪ ،)2‬وهـذا حديث ال يص ـ ـ ـ ــح عن‬
‫النبي ‪ُ .‬يقــال يف حتري ـ اخلــاتم مــا يقــال يف ختليــل األص ـ ـ ـ ـ ــابع إن كــان املــاء يص ـ ـ ـ ـ ــل بــدون‬
‫التحري ُال جيب وإن كان ال يصل إال بالتحري ُواجب ألن الوجوب هو إيصال املاء‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )32 / 7‬برقم‪ ، )7 / 21( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )13 / 7‬برقم‪ )732( :‬والرتمذي‬
‫يف "جامعه" (‪ )21 / 7‬برقم‪ )736 / 2( ، )42( :‬برقم‪ )122( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )262 / 7‬برقم‪)391( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجه يف "سننه" (‪ )226 / 7‬برقم‪ ،)330( :‬وضعفه األلباين‪" :‬ضعيف اجلامع" (‪)3467‬‬

‫‪773‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫يل ُع ْر ًُا‪ ،‬بِ َح ْي ُث َال َينْ َبنِي َب ْع ُ ـ ـ ـ ـ ُه َع َىل‬


‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َأ ْن َال َي ْف ِصـ ـ ـ ـ َل َب ْين ََها بِ َفا ِصـ ـ ـ ـ صل َط ِو ص‬
‫اال ُة‪.‬‬ ‫ض‪َ ،‬وك ََذا كُل َما اِ ْش ُ ِرت َط ْت َل ُه َا ْمل ُ َو َ‬
‫َب ْع ِ‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم املواالة يف الوضوء‪:‬‬


‫(صوراا) أن جيعل الوضوء متواليا يف وقت واحد وال يفصل‪ ،‬ال يذهب يْسل اليدين‬
‫ثم يرت ثم يأيت بعد ربع الساعة ويْسل الوجه ثم يذهب إىل أعامله ثم يواصل ويْسل‬
‫الرجلني؟ ُاملواالة مرشوعة‪،‬‬
‫ولكن اختلفوا هل هي واجبة بمعنى ال يصح الوضوء إال إذا كان متواليا‪ ،‬يْسل الوجه‬
‫ثم يْسل اليدين ثم يمسح الرأس ثم يْسل الرجلني ولو أنه ُصل بفاصل عليه أن يعيد مرة‬
‫أخرا من األول؟‬
‫ُيــه أقوال‪ :‬والراجح أن املواالة واجبــة إال إذا كــان هنــا عــذر من نس ـ ـ ـ ـ ـيــان أو جهــل‪،‬‬
‫والــدليــل عىل الوجوب أنــه مل يثبــت عن النبي ‪ ‬أنــه توض ـ ـ ـ ـ ــأ إال متواليــا‪ُ ،‬كــل من وص ـ ـ ـ ــف‬
‫بمعنى الركن وإنام هذا وجوب مس ــتقل‬ ‫وضــوءه ‪ ‬وص ــفه عىل التوايل‪ .‬وهذا الوجوب لي‬
‫بمعنى لو أخل وضوؤه صحيح مع اإلثم‪.‬‬
‫وأما إذا حص ـ ـ ــل له عذر بينام هو يتوض ـ ـ ــأ انقطع املاء وخرج من هذا املس ـ ـ ــجد ذهب إىل‬
‫مســجد آخر يبحث عن املاء ُبعد ربع الس ــاعة وجد املاء ُوا ص ــل الوض ــوء‪ُ ،‬هنا قطع املوالة‬
‫لعذر واهلل ´يقول‪ { :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ } [س ــورة التغ بن‪ ]11 :‬ويقول‪ { :‬ﯗﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜﯝ} [س ـ ـ ـ ـ ــورة الـبـقرة‪ ]371 :‬ويـقول ‪« :‬إِ َذا َأ َم ْر ُتك ُْم بِ ـ ـ َأ ْم صر َُ ـ ـ ْأتُوا ِمنْ ـ ـ ُه َم ـ ـا‬
‫اِ ْس َت َط ْعت ُْم»(‪.)7‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )03 / 0‬برقم‪ )1222( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )792 / 3‬برقم‪)7441( :‬‬

‫‪771‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم تنشيف األع اء بعد الوضوء؟‬


‫اجلواب‪ /‬الراجح هو قول املحققني من أهل العلم أنه ال يرشع تعبدا أن ر‬
‫ينشف أع اءه‪ ،‬أما‬
‫إذا كان ألجل الربد أو لعذر هذا أمر آخر‪ُ ،‬لم يكن من هدي النبي ‪ ،‬يعني التنشيف‪ .‬وأما‬
‫نفض اليد ُقد ثبت عن النبي ‪ ‬أنه أيت بخرقة ُلم يردها وجعل ينفض املاء بيديه‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الذكر بعد الوضوء‪:‬‬
‫الذكر الذي يقال بعد الوضوء (أشهد أن ال إَ إال اهلل وحده ال رشي له وأشهد أن‬
‫حممدا عبده ورسوله) (‪)7‬هذا يرشع بعد الوضوء‪ ،‬وال دليل عىل مرشوعيته بعد التيمم‬
‫والْسل‪ُ ،‬ظاهر احلديث أنه بعد الوضوء‪ .‬وليست هنا أذكار ثابتة أثناء الوضوء‪ ،‬إذا ثسل‬
‫يديه قال كذا وإذا ثسل وجهه قال كذا وإذا مسح برأسه قال كذا‪ ،‬هذا مل يثبت عن النبـي ‪،‬‬
‫وهكذا مل يثبت َشء ثري هذا الدعاء يف آخر الوضوء (أشهد أن ال إَ إال اهلل وحده ال رشي‬
‫له وأشهد أن حممدا عبده ورسوله) أما الزيادة «ال هلهم اجعلني من التوابني واجعلني من‬
‫املتطهرين»(‪ُ )2‬لم تثبت هذه الزيادة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬املسح عىل العاممة‪:‬‬
‫املْرية(‪)4‬‬ ‫يف حديث‬ ‫املسح عىل العاممة مرشوع‪ ،‬دلت السنة عىل ذل‬
‫وثوبان(‪)3‬وبالل(‪ )1‬ومجاعة من الصحابة‪ .‬والراجح من أقوال أهل العلم أنه جيوز االقتصار‬
‫عىل املسح عىل العاممة ُقط َذه األحاديث عن هؤالء الصحابة عن النبي ‪ُ ،‬يجوز إذا لب‬
‫العاممة لبسا معتادا وال يشرت أن تْطي مجيع الرأس بل ما لبست عىل وجه املعتاد وإن كشف‬
‫عىل هذا الوجه ُإنه جيوز املسح عليها‪.‬‬ ‫َشء من الشعر أو الرأس وكانت العاممة تلب‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )731/7‬برقم (‪)243‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه الرتمذي يف "جامعه" (‪ )00 / 7‬برقم‪ ،)11( :‬قال الرتمذي‪ :‬هذا حديث يف إسناده اضطراب وال يصح عن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )710/7‬برقم (‪)211‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أمحد يف "مسنده" (‪ )1213 / 79‬برقم‪)22213( :‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه أمحد يف "مسنده" (‪ )1161 / 77‬برقم‪)23127( :‬‬

‫‪776‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫كيفيات مسح الرأس‬


‫‪ ‬الكيفية األوىل‪ :‬يف املسح عىل الرأس‪ :‬يمسح إذا مل تكن عليه عاممة كام يف اآلية‬
‫الكريمة {ﭝﭞ} [سورة الم دة‪]1 :‬‬
‫‪‬الكيفية الثانية‪ :‬وإذا كانت عىل الرأس عاممة ُإنه يمسح عليها واقترص عىل املسح‬
‫عليها وال يمسح َشء من الرأس كام يف هذه األحاديث‪ :‬حديث املْرية وحديث ثوبان‬
‫ب والتهس ِ‬
‫اخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني»(‪ )7‬وهكذا حديث بالل يف املسح عىل اخلامر‬ ‫« َأ َم َر ُه ْم َأ ْن َي ْم َس ُحوا َع َىل ا ْل َع َصائ ِ َ َ‬
‫واخلفني(‪.)2‬‬

‫‪ ‬والكيفية الثالثة‪ :‬قال‪« :‬ت ََو هضـ َأ َُ َم َسـ َح نَا ِصـ َي َت ُه َو ِع َام َم َت ُه»(‪ )4‬أنه يدخل رأسه ويمسح‬
‫مقدم الرأس شـيَا من الناصـية والناصـية‪ :‬مقدم الشـعر وليسـت الناصية اجلبهة إنام هي موضع‬
‫الش ــعر الذي ينبت يف مقدم الرأس‪« ،‬ت ََو هض ـ ـ َأ َُ َم َس ـ ـ َح نَا ِص ـ ـ َي َت ُه َو ِع َام َم َت ُه» قال اهلل تعاىل { ﯤ‬
‫ﯥ } [سورة الع ق‪ُ ]15 :‬ي َ‬
‫مس الرأس بأخذ الشعر الذي عىل الناصية‪.‬‬
‫ُهذه ثالط كيفيات بالنسبة للرأس‪:‬‬
‫‪-7‬أن يقترص عىل مسحه إذا مل تكن عليه عاممة‪.‬‬
‫‪-2‬يقترص يف املسح عىل العاممة ُقط‪.‬‬
‫َاص َي َت ُه َو ِع َام َم َت ُه»‪.‬‬
‫‪-4‬وكام يف حديث املْرية «تَو هض َأ َُمسح ن ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫عىل الطهارة؟‬ ‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يشرت يف املسح عىل العاممة أن تلب‬
‫عىل طهارة ألن الدليل ه‬
‫دل عىل اش ــرت‬ ‫ال يش ـرت يف جواز املس ــح عىل العاممة أن تلب‬
‫الطهـارة يف املس ـ ـ ـ ــح عىل اخلف وال دليــل عىل اش ـ ـ ـ ــرتا الطهـارة يف مس ـ ـ ـ ــح العاممــة‪ُ ،‬يجوز أن‬
‫يمسح عىل العاممة وإن مل يلبسها عىل طهارة‪ .‬وهكذا إذا خلع العاممة ال تنتقض طهارته‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )16 / 7‬برقم‪ )736( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )1266 / 79‬برقم‪ )22272( :‬واحلاكم يف‬
‫"مستدركه" (‪ )760 / 7‬برقم‪ )696( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )62 / 7‬برقم‪)209( :‬‬
‫(‪ )2‬سبق خترجيه‪ ،‬انظر (ص‪)776‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه‪ :‬والنسائي يف "املجتبى" (‪ )31 / 7‬برقم‪)7 / 791( :‬‬

‫‪771‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وال دليل عىل انتقاض ــها‪ .‬وال يش ــرت يف جواز املس ــح عىل العاممة أن تكون حمنّكة يعني‬
‫أن يمرر بيش ـ ـ ـ ــء منهــا حتــت الــذقن وال يش ـ ـ ـ ــرت أن تكون ذات ذؤاب ـة يعني مرخي ـ ْة األخري كام‬
‫اشــرت ذل بعض أهل العلم(‪ُ )7‬ال دليل عىل االشــرتا بل كام قال مجاعة من أهل العلم أن‬
‫أبناء الصحابة لبسوا العامئم ثري املحنكة والتي ليست ُيها ذؤابة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم املسح عىل اخلامر والقلنسوة‪:‬‬
‫وأما بالنسـبة للخامر والقلنسـوة ُأجاز طائفة من أهل العلم للمرأة أن متسح عىل مخارها‬
‫وأن يمســح الرجل عىل ال ُق ُلنْســوة‪ ،‬وأكثر أهل العلم عىل املنع(‪ )2‬ألن املراد باخلامر يف حديث‬
‫بالل وثريه هو العاممـة ألنـه خيمر الرأس أمـا مخار املرأة إذا مل يكن مش ـ ـ ـ ــدودا وال يش ـ ـ ـ ــق عليها‬
‫العاممة ويمســح عليها ولو‬ ‫نزعه ُواجب عليها أن متســح عىل رأســها‪ .‬وجيوز للرجل أن يلب‬
‫كان لعلة مثال وضع احلناء عىل رأسه‪ُ ،‬هذا ال بأس‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬التوقيت يف املسح عىل العاممة‪:‬‬
‫ُاحلاصل أن املسح عىل العاممة أمر مرشوع ودلت السنة عىل املسح عىل العاممة‪ ،‬وال‬
‫دليل عىل التحديد أو التوقيت يف مدة املسح عىل العاممة بخالف املسح عىل اخلفني ُقد جاء‬
‫ُيه الدليل‪ُ .‬كلام كانت العاممة عىل رأسه وكان بالوضوء ُله أن يمسح عىل هذه العاممة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪ )7‬انظر‪ :‬املْني البن قدامة (‪)229 /7‬‬


‫(‪ )2‬سيأيت ترجيح الشيخ يف مسألة املسح عىل القلنسوة (ص‪)712‬‬

‫‪772‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫مها َم ْس َح َع َل ْي ِه َام إِ ْن َشا َء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال¬‪ِ َُ :‬إ ْن ك َ‬


‫َان َع َل ْيه ُخ هفان َون َْح ُو ُ َ‬
‫هذه املس ــألة من مس ــائل الطهارة وهي مس ــألة املس ــح عىل اخلفني‪ .‬واخلفان هو ما ُُ رص ـ ـل عىل‬
‫ُوق الكعـب س ـ ـ ـ ــواء كـان من جلـد أو خش ـ ـ ـ ــب أو حـديد أو زجاج‪ُ ،‬كل ما‬ ‫قـدر القـدم ولب‬
‫عىل القدم ويكون أعىل من الكعب ُهذا يقال له خف‪.‬‬ ‫يلب‬
‫ُاملس ــح عىل اخلفني دلت عليه األدلة الكثرية من الس ــنة حتى ذهب مجاعة من األئمة إىل‬
‫أن أحاديث املس ـ ـ ـ ــح عىل اخلفني تعترب متواترة‪ ،‬رواها اجلمع الْفري من الص ـ ـ ـ ــحابة‪ ،‬أوص ـ ـ ـ ــلها‬
‫بع هم إىل سبعني حديثا عن سبعني من الصحابة‪.‬‬
‫ويف هذا يقول الشاعر‪:‬‬
‫ممل ل للق ُتل ل ل لاوت ل ل ل ُ ل ل ل قإَّل ل ل لق ُ ل ل ل ُك ل ل ل ُب ُ ه ل ل ل ُ ل ل لهلل ُ ل ل ل ل ل ل ل للق ُ ُهو ل ل ل ق ل ل ل لُلة ُ‬
‫هِؤَّلل ل ل ل ل ُ ُشل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل لق ل ل ل ل ل ُهوحلل ل ل ل لا ُِ ُ ُ ه ُ ل ل ل ل ل ل ل ل ُ ِ ل ل ل َّ ل ل ل ُه ل ل ل ق ُ ل ل ل ل ل ل ُِ ُ‬
‫ُ‬
‫وهذا قول عامة أهل العلم ومل خيالف إال اخلوارج والشيعة ُمنعوا املسح عىل اخلفني‪،‬‬
‫وخالُهم شاذ ومردود وال يعترب به‪ُ ،‬قد دلت األدلة املتكاثرة عىل مرشوعية املسح عىل‬
‫ط َق َال‪َ :‬ر َأيْ ُت َج ِر َير‬‫ار ِ‬
‫احلَ ِ‬
‫مها ِم ْب ِن ْ‬
‫اخلفني‪ ،‬وكان يعجبهم حديث جرير بن عبد اهلل ‪َ « ¢‬ع ْن َ ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْب َن َع ْبد اهلل َب َال ُث هم ت ََو هض َأ‪َ ،‬و َم َس َح َع َىل ُخ هف ْيه‪ُ ،‬ث هم َقا َم َُ َص هىل‪ُ َُ ،‬سَ َل َُ َق َال‪َ :‬ر َأيْ ُت النهبِ هي َص هىل ُ‬
‫اهلل‬
‫َان ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ ِر َم ْن َأ ْس َل َم»(‪.)7‬‬ ‫َان ُي ْع ِج ُب ُه ْم؛ ألَ هن َج ِر ًيرا ك َ ْ‬
‫يم‪َُ :‬ك َ‬ ‫َع َل ْيه َو َس هل َم َصن ََع م ْث َل َه َذا َق َال إِ ْب َراه ُ‬
‫وكان إسالمه بعد نزول آية املائدة‪ ،‬حتى ال يقول قائل‪ :‬أن أحاديث املسح عىل اخلفني كانت‬
‫قبل نزول آية املائدة ُلام نزلت نسخت املسح وأمر اهلل ´ بْسل القدمني ُلام كان إسالم‬
‫جرير بعد نزول آية املائدة ورأا النبي ‪ ‬وهو يمسح عىل خفيه دل عىل أن أحاديث املسح‬
‫عىل اخلفني مل تكن منسوخة بآية املائدة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )21 / 7‬برقم‪ )421( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )716 / 7‬برقم‪)212( :‬‬

‫‪770‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫بل مسح النبي ‪ ‬بعد نزول آية املائدة الذي يقول اهلل ´ ُيها‪{ :‬ﭑﭒﭓﭔ‬
‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ‬
‫ﭡﭢ} [سورة الم دة‪ُ ]1 :‬اآلية دلت عىل الْسل إذا مل يكن عىل القدم خف‪ ،‬واألحاديث‬
‫اخلف عىل القدم‪ُ ،‬األحاديث متواترة‬ ‫دلت عىل املسح عىل اخلف إذا كان املتوضئ قد لب‬
‫ُلهذا هذه سنة ثابتة‪.‬‬
‫اخلف ويمسح عليهام؟‬ ‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل األُ ل أن يْسل قدميه أو أنه يلب‬
‫اجلواب‪ُ /‬يـه أقوال ألهـل العلم‪ ،‬والراجح أنـه ال يتكلف خالف حـالـه بل من كان ثري‬
‫َام ُيرشـع له أن يْسـلهام ومن كان البسا َام ُال يرشع له أن ينزعهام ليْسل‪ ،‬وهذا هو‬ ‫الب‬
‫الراجح؛ رجحــه ش ـ ـ ـ ــيخ اإلس ـ ـ ـ ــالم ابن تيميــة والعالمــة ابن القيم(‪ )7‬وهو قول طــائفــة من أهــل‬
‫حتى يمس ـ ـ ـ ــح‬ ‫ُال يتكلف ويلب‬ ‫العلم أنـه ال يتكلف بـل بحس ـ ـ ـ ــب حـالـه‪ ،‬إن كـان ثري الب‬
‫وإن كان البسـ ــا ال يتكلف لينزع حتى يْسـ ــل‪ ،‬وإنام بحسـ ــب حاله‪ ،‬إن قدم إىل الوضـ ــوء وهو‬
‫ُال يقال له األُ ـ ـ ــل أن تنزع حتى تْسـ ـ ــل‪ ،‬وإن مل يكن البسـ ـ ــا ال يقال له األُ ـ ـ ــل أن‬ ‫الب‬
‫حتى متسح‪.‬‬ ‫تلب‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم املسح عىل اللفائف واجلرموق‪:‬‬

‫قال‪َ ( :‬ون َْح ُو ُ َ‬


‫مها) مثل اللفائف واجلوارب وهكذا يمسح عىل اجلرموق وهو عبارة عن‬
‫خف كبري‪ ،‬واللفائف خرق ليست مصنوعة أو منسوجة عىل قدر القدم وإنام هي خرقة طويلة‬
‫يذهب يعصبها عىل القدم‪ ،‬يف البوادي أو األماكن الباردة قد ال يتيِّس له اخلف أو اجلورب‬
‫ُيأيت باخلرقة مثل العاممة ويلفها عىل قدمه‪ ،‬هذا يقال َا‪ :‬اللفائف‪.‬‬

‫(‪ )7‬أنظر‪" :‬زاد املعاد يف هدي خري العباد" (‪)700 /7‬‬

‫‪729‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ُيجوز املسح عىل اللفائف ألنه يف معنى اخلف ُهي إذا سرت هبا القدم والكعبني ُهذه‬
‫ول‬‫تعترب يف معنى اخلفني‪ ،‬بل يدل عىل جواز املسح عىل اللفائف حديث ثوبان قال‪َ « :‬ب َع َث َر ُس ُ‬
‫ب‬‫اَّلل ِ ‪َ ‬أ َم َر ُه ْم َأ ْن َي ْم َس ُحوا َع َىل ا ْل َع َصائِ ِ‬
‫ول ه‬ ‫َ ُ‬ ‫َُُ ْ ه ُ‬ ‫اَّلل ِ ‪ِ َ ‬‬
‫رس هي ًة َُ َأ َصاهبم ا ْل َرب ُد َُ َلام َق ِدموا َع َىل رس ِ‬ ‫ه‬
‫ني»(‪)7‬‬ ‫ِ‬
‫َوالت َهساخ ِ‬

‫ُكلمة (التساخني) تشمل كلام يسخن القدم سواء كانت خفاُا أو كانت جوارب أو‬
‫كانت لفائف‪.‬‬
‫ُالراجح جواز املسح عىل اللفائف وجواز املسح عىل اجلوارب وهو بمعنى الرشابات‪،‬‬
‫إذا كان ساترا ً للقدم مع الكعبني ُإنه جيوز املسح ُهي يف معنى اخلفني‪ ،‬والدليل عىل جوازه‬
‫ب والتهس ِ‬
‫اخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني» العصائب هي‬ ‫هو عموم حديث ثوبان‪َ « ¢‬أ َم َر ُه ْم َأ ْن َي ْم َس ُحوا َع َىل ا ْل َع َصائ ِ َ َ‬
‫العامئم وأي ا ثبوت ذل عن مجاعة من الصحابة املسح عىل اجلوربني‪ ،‬وأما اللفائف ُألهنا‬
‫تدخل ُيام شمله حديث ثوبان (التساخني)‪.‬‬

‫(ون َْح ُو ُ َ‬
‫مها) يشـ ـ ــمل اخلف الوا سـ ـ ــع وال ـ ـ ــيق‪ ،‬وهكذا يقال يف اجلوارب‬ ‫وأي ـ ـ ــا قوله‪َ :‬‬
‫واللفائف‪ ،‬ســواء كانت اجلزمة كبرية التي هي ُوق الكعب واســعة أو ضــيقة وهكذا الرشـاب‬
‫سواء كان واسعا أو ضيقا وسواء كان سليام أو ُمرقا‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم املسح عىل اخلفاف واجلوارب املخرقة‪:‬‬
‫أي ا عىل الراجح أنه جيوز املسح عىل اخلفاف واجلوارب املخرقة‪ُ ،‬إن حال الصحابة‬
‫كانوا عىل حال شديد والْالب يف خفاُهم وجوارهبم أهنا ممزقة وُمرقة‪ُ ،‬طاملا يصح إطالق‬
‫اسم اخلف عليه ُإنه جيوز املسح عليه وطاملا يصح إطالق اسم اجلورب عليه ُيجوز املسح‬
‫هذه الرشاريب‬ ‫عليه‪ُ ،‬ال يشرت أن تكون صفيقة ال تصف عام حتتها‪ُ ،‬املرأة التي تلب‬
‫النسائية تعرُون أهنا خفيفة ممكن تُرا البرشة من حتتها وبعض رشاريب الرجال تكون خفيفة‪،‬‬
‫ُال يشرت يف جواز املسح عليها أن تكون ثخينة وأن تكون صفيقة ال تصف عام حتتها‪ُ .‬يجوز‬
‫املسح عىل الرشاب ولو كان ُمرقا أو خفيفا‪ ،‬ولو كان واسعا أو ضيقا لعموم األدلة‪.‬‬

‫(‪ )7‬سبق خترجيه‪ ،‬انظر (ص‪)771‬‬

‫‪727‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما الفرق بني اخلفني والنعلني؟‬


‫اجلواب‪ /‬النعل ما كان دون الكعب وما كان أعىل من الكعب ُهذا يقال له خف‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيوز أن يمسح عىل النعلني؟‬
‫الراجح عدم جواز املسـ ـ ـ ــح عىل النعلني‪ ،‬رويت أحاديث يف املسـ ـ ـ ــح عىل النعلني وكلها‬
‫ض ـ ـ ـ ــعيفـة معلولــة مل تص ـ ـ ـ ــح‪ ،‬وال جيوز قيــاس ـ ـ ـ ـ ـهــا عىل اخلف ُــإن اخلف معنــاه ثري معنى النعــل‪،‬‬
‫ُاألصـ ـ ــل هو ثس ـ ـ ــل القدمني‪ ،‬نخرج عن هذا األص ـ ـ ــل بالدليل يف املس ـ ـ ــح عىل اخلفني‪ ،‬وما مل‬
‫يكن يف معنى اخلفني ُال جيوز املس ـ ـ ـ ــح عليه بقاء عىل األص ـ ـ ـ ــل وهو وجوب ثس ـ ـ ـ ــل القدمني‪،‬‬
‫وهذا هو الراجح‪.‬‬
‫مها َم ْس َح َع َل ْي ِه َام إِ ْن َشا َء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قوله‪ِ َُ :‬إ ْن ك َ‬
‫َان َع َل ْيه ُخ هفان َون َْح ُو ُ َ‬
‫ُاملسـح رخصـة وقد يسـتحب أنه يمسح إذا كان يف نفسه َشء من احلرج أو إذا كان بني‬
‫أهل البدع يريد أن يع رلمهم هذه السنة عمليا‪.‬‬
‫‪ ‬قال¬‪ :‬يوما و َلي َل ًة ل ِ ْلم ِقي ِم و َث َال َث َة َأيا صم بِ َليالِيهن ل ِ ْلمس ِ‬
‫اُ ِر‪.‬‬ ‫ه ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ًَْ َ ْ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬التوقيت للمسح عىل اخلفني‪:‬‬
‫اَّلل ِ ‪َ ‬ث َ‬
‫ال َث َة َأيها صم‬ ‫ول ه‬‫التوقيت ثابت يف حديث عيل بن أيب طالب ‪ ‬أنه قال‪َ « :‬ج َع َل َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫َو َل َيال ِ َي ُه هن ل ِ ْل ُم َساُِ ِر َو َي ْو ًما َو َل ْي َل ًة ل ِ ْل ُم ِقي ِم»(‪ )7‬وهكذا يف حديث صفوان بن عسال‪« :‬كَا َن َر ُس ُ‬
‫ال َث َة َأيا صم و َليالِيهن إِاله ِمن جنَاب صة و َل ِكن ِمن َثائِ ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط‬ ‫ْ َ َ َ ْ ْ‬ ‫اَّلل ‪َ ‬ي ْأ ُم ُرنَا إِ َذا ُكنها َس ْف ًرا َأ ْن الَ َنن ِْز َع خ َفا َُنَا َث َ ه َ َ َ ُ ه‬
‫ه‬
‫ل ونَو صم»(‪ُ ،)2‬التوقيت ثابت يف حديث مجاعة من الصحابة أي ا يف حديث أيب بكرة(‪)4‬‬
‫َو َب ْو ص َ ْ‬
‫وهو حسن‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )710 / 7‬برقم‪)216( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )19 / 7‬برقم‪ )19 / 7( ، )7 / 726( :‬برقم‪ )16 / 7( ، )2 / 721( :‬برقم‪7( ، )7 / 712( :‬‬
‫‪ )16 /‬برقم‪ )7 / 710( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )739 / 7‬برقم‪ ،)06( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )492 / 7‬برقم‪)312( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن ماجه يف "سننه" (‪ )430 / 7‬برقم‪ )116( :‬وابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )217 / 2‬برقم‪ )7209( :‬والبزار يف‬
‫"مسنده" (‪ )09 / 0‬برقم‪ )4627( :‬وثريهم‬

‫‪722‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وهذا قول اجلمهور من أهل العلم أن هنا وقتا للمسح عىل اخلفني خالُا ملن يقول‬
‫بأنه يمسح ما شاء ولو بقيت يف رجله مخسة أيام أو عرشة أيام أو شهرا ‪ ،‬هذا قول لبعض أهل‬
‫العلم وال دليل‪ ،‬واستدلوا بأحاديث ضعيفة مل تصح عن النبي ‪ ‬ولكن األحاديث الثابتة‬
‫الصحيحة ُيها ذكر التوقيت‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬ي ْو ًما َو َل ْي َل ًة ل ِ ْل ُم ِقي ِم) املقيم خالف املســاُر‪ .‬بالنســبة للمقيم يرخص له يف املســح‬
‫عىل اخلفني وما كان يف معنى اخلفني ملدة يوم وليلة يعني أربعة وعرشين ساعة‪.‬‬
‫ُيه اخلف أو من الوقت‬ ‫‪ ‬مس ـ ـ ـ ــألـة‪ /‬مـا معنى يوم وليلـة؟ هـل من الوقـت الـذي يلب‬
‫الذي حيدط ُيه أو من الوقت الذي يمسح عىل اخلف ُيه؟‬
‫اجلواب‪ /‬عىل أقوال‪ ،‬والراجح يبتدئ الوقت من أول مسحة بعد احلدط‪ .‬مثال هو‬
‫الرشاب قام صالة الفجر توضأ‬ ‫توضأ الساعة التاسعة ليال‪ ،‬والساعة التاسعة والنصف لب‬
‫ومسح الرشاب ُمتى يبدأ الوقت؟ هل من الساعة التاسعة حينام توضأ أو من الساعة التاسعة‬
‫والنصف حينام لب ‪ ،‬أو من حني وقت النوم ‪-‬معلوم أن النوم ناقض للوضوء ‪-‬نام الساعة‬
‫العارشة واستيقظ مع األذان األول ودخل احلامم وتوضأ الساعة اخلامسة ثم مسح‪.‬‬
‫يف هذه األوقات كلها يبدأ عىل القول الراجح‪ :‬من أول مســحة بعد احلدط‪ُ ،‬إذا توضـأ‬
‫السـاعة اخلامسـة ومسـح عىل اخلف تبدأ األربعة وعرشـون ساعة من الساعة اخلامسة‪ ،‬ال عربة‬
‫وال عربة بوقت احلدط وال عربة بوقت االسـ ـ ـ ـتيقا ‪،‬‬ ‫بوقت الوض ـ ـ ــوء وال عربة بوقت اللب‬
‫إنام من أول مس ـ ـ ــحة بعد احلدط‪ .‬و الدليل عىل اعتبار املس ـ ـ ــح حديث أيب بكرة عن النبي ‪‬‬
‫ال َث َة َأيها صم‬ ‫اُ ِر إِ َذا ت ََو هض ـ ـ ـ َأ َو َلبِ َ ُخ هف ْي ِه ُث هم َأ ْحدَ َ‬
‫ط وض ـ ــوء ًا َأ ْن َي ْم َس ـ ـ ـ َح َث َ‬ ‫قال‪َ « :‬أنهه ر هخص ل ِ ْلمس ـ ـ ـ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫َو َل َيال ِ َي ُه هن َول ِ ْل ُم ِقي ِم َي ْو ًما َو َل ْي َل ًة» ُعلق املدة باملس ـ ـ ــح‪ُ ،‬متى ما مس ـ ـ ــح تبدأ املدة‪ ،‬هذا هو القول‬
‫الراجح‪.‬‬

‫‪724‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫لو مسح الساعة اخلامسة ُجرا ُيستمر له املسح إىل اليوم الثاين الساعة اخلامسة‪ُ ،‬إذا‬
‫الربنامج يعني نام الساعة العارشة ُاستيقظ ودخل احلامم وأراد أن يتوضأ وإذا‬ ‫عمل نف‬
‫بالوقت الساعة اخلامسة وعرش دقائق ُام جيوز له أن يمسح عىل الرشاب‪ ،‬بل واجب أن خيلع‬
‫الرشا ب ويْسل القدمني‪ ،‬لكن لو جاء اليوم الثاين الفجر قبل اخلامسة بلحظات ويريد أن‬
‫يمسح ُيجوز له أن يمسح ألن مدة املسح أربعة وعرشين ساعة‪ ،‬لو استيقظ وأراد أن يتوضأ‬
‫الساعة اخلامسة إال الربع أو إال دقيقة ُطاملا قبل ميض أربعة وعرشين ساعة ُيجوز أن يمسح‪،‬‬
‫أما إذا كان بعدها ولو بلحظات يسرية ُقد انتهى وقت املسح‪.‬‬
‫قولـه‪( :‬و َث َال َثـ َة َأيـا صم بِ َليـالِيهن ل ِ ْلمسـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫اُ ِر) أمــا املس ـ ـ ـ ــاُر ُيجوز لـه أن يمس ـ ـ ـ ــح ثالثـة أيــام‬ ‫ه ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ولياليهن‪ .‬من أول مس ــحة بعد احلدط‪ ،‬له أن يمس ــح اثنتني وس ــبعني س ــاعة‪ .‬واملس ــاُر سـ ـواء‬
‫كان الســفر قصــريا أو طويال‪ ،‬ســواء كان يف ســفر طاعة أو معصــية ُيشــمله اســم الســفر ُيجوز‬
‫له أن يرتخص باملسح عىل اخلفني‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا مسح وهو مقيم ثم ساُر‪ ،‬كيف املدة؟‬
‫اليوم يريد أن يساُر إىل‬ ‫مثال أول مسحه الساعة اخلامسة ُجرا ُجاء يف العرص يف نف‬
‫صنعاء‪ ،‬هو ساُر قبل ميض اليوم والليلة‪ْ ،‬‬
‫ُإذن يواصل املسح ملدة اثنتني وسبعني ساعة‪ .‬إذا‬
‫يطول الوقت بدل ما‬
‫ساُر إىل صنعاء ما يستأنف الوقت من جديد‪ ،‬قد بدأ الوقت‪ ،‬ولكن ّ‬
‫جيعله أربعة وعرشين ساعة جيعله اثنتني وسبعني ساعة من أول مسحة‪.‬‬
‫أما إذا مس ـ ـ ــح يوم الثالثاء ‪-‬مثال ‪-‬الس ـ ـ ــاعة اخلامس ـ ـ ــة ُجرا وجاء يوم األربعاء الس ـ ـ ــاعة‬
‫الس ـ ــادس ـ ــة س ـ ــاُر‪ُ ،‬هذا ال بد أن خيلع ويْس ـ ــل القدمني ألنه قد انتهى الوقت‪ ،‬ال يس ـ ــتطيع أن‬
‫يمسح عليها يف السفر إال إذا خلعها وتوضأ مرة أخرا‪.‬‬

‫‪723‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا مسح وهو مساُر ثم وصل حمل إقامته‪:‬‬


‫مثال‪ :‬عدين هو مس ـ ـ ــاُر يف ص ـ ـ ــنعاء وهو يف ص ـ ـ ــنعاء مس ـ ـ ــح عىل اخلف ‪-‬أول مس ـ ـ ــحه ‪-‬‬
‫السـاعة اخلامسـة ُجرا ثم ساُر يف ذلكم اليوم ووصل عدن يف العرص الساعة اخلامسة عرصا ‪،‬‬
‫ُكم يستمر يف املسح؟‬
‫ُاجلواب‪ /‬إذا كان مســاُرا وبدأ املســح ومل تنته مدة املســاُر وصــار مقيام ُعليه أن يكمل‬
‫مدة املقيم‪-‬مث ً‬
‫ال‪-‬لو مسـح السـاعة اخلامسة ُجرا يف صنعاء ووصل عدن الساعة الرابعة ُجرا‬
‫ُبقيت له ســاعة واحدة‪ ،‬أما إذا مســح الســاعة اخلامســة ُجرا من يوم الثالثاء – مثال ‪-‬ووصــل‬
‫عدن الس ـ ــاعة الثامنة ص ـ ــباحا من يوم األربعاء ُعليه أن خيلع إذا أراد أن يتوض ـ ــأ يف الظهر ألنه‬
‫قد انتهى الوقت‪.‬‬
‫رش ِ َأ ْن َي ْل َب َس ُه َام َع َىل َط َه َار صة‪.‬‬
‫‪ ‬قال ¬‪ :‬بِ َ ْ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬اشرتا لبسهام عىل طهارة‪:‬‬
‫هذا الرش ال خالف ُيه بني أهل العلم أنه يشرت للمسح عىل اخلفني أو ما كان يف‬
‫معنامها أن تلب عىل الطهارة‪ ،‬والدليل حديث املْرية قال‪ُ :‬كن ُْت َم َع النهبِ ري ‪ِ ‬يف َس َف صر‬
‫َُ َأ ْهوي ُت ِألَن ِْزع ُخ هفي ِه َُ َق َال‪« :‬د ْعهام َُ ِإ رين َأد َخ ْل ُتهام َط ِ‬
‫اه َر َت ْ ِ‬
‫ني»(‪َ َُ )7‬م َس َح َع َل ْي ِه َام‪.‬‬ ‫ْ َُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬
‫‪ ‬مس ــألة‪ /‬املقص ــود بالطهارة‪ ،‬هل هي طهارة الوض ــوء والْس ــل يعني الطهارة املائية‬
‫أو أي ا طهارة الرتاب بالتيمم؟‬
‫اجلواب‪ /‬أن الراجح من أقوال أهــل العلم أن الطهــارة املعتربة هي الطهــارة املــائيــة‪ ،‬إذا‬
‫خفيه ُحينَذ جيوز أن يمسح عليهام‪.‬‬ ‫توضأ ولب‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )31 / 7‬برقم‪ ،)722( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )712 / 7‬برقم‪)213( :‬‬

‫‪721‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُمن كان ثري واجد للامء أو كان ثري قادر عىل استعامله ثم تيمم لصالة معينة ُلام‬
‫حَّضت الصالة األخرا وجد املاء أو قدر عليه‪ُ ،‬هل يمسح عىل اخلفني؟ هذا حمل خالف‬
‫بني أهل العلم‪ ،‬والراجح أنه ال يمسح ألنه مل يدخلهام بطهارة املاء ألن طهارة التيمم إنام هي‬
‫بدلية إىل أن يقدر عىل استعامل املاء أو جيد املاء‪ُ ،‬لام وجد املاء زالت هذه الطهارة أصال‪،‬‬
‫املاء‪ُ ،‬هذا هو الراجح وهو قول األكثر من أهل العلم‪.‬‬ ‫ُواجب عليه أن يم‬
‫الرشاب األيمن ثم ثسل‬ ‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا توضأ الرجل وثسل قدمه اليمنى ثم لب‬
‫الرشاب األيِّس‪ ،‬هل له أن يصيل؟‬ ‫قدمه اليِّسا ُلب‬
‫اجلواب‪ /‬ال خالف أن له أن يصـ ــيل ألنه توضـ ــأ وضـ ــوء صـ ــحيحا‪ .‬لكن لو أحدط بعد‬
‫أربع ساعات يريد أن يمسح عىل اخلفني‪ ،‬هل له أن يمسح عىل اخلفني؟‬
‫املسألة ُيها قوالن واألقرب أنه ال يمسح عليهام ألن النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬د ْع ُه َام َُ ِإ رين‬
‫َني»‪ .‬قال‪( :‬برش أن يلبسهام عىل طهارة) ألنه لي بمجرد ثسل الرجل‬ ‫َأد َخ ْل ُتهام َط ِ‬
‫اه َرت ْ ِ‬ ‫ْ َُ‬
‫اليمنى يرتفع احلدط‪ .‬بل البد من إكامل الطهارة بْسل الرجل اليِّسا‪ُ .‬لهذا األقرب أنه يف‬
‫هذه احلالة ال يمسح عليهام‪.‬‬
‫ُإذا أراد أن يمسح عليهام وقد لبسهام كام يف الصورة السابقة ُام عليه إال أن ينزع اليمنى‬
‫ُإذا نزع اليمنى وأدخلها يكون أدخل اليمنى واليِّسا عىل طهارة‪ ،‬وجاز له املسح عليهام‪.‬‬
‫ط َا ْألَ ْص َْ ِر‪ .‬و َع ْن َأنَ ص ‪َ -‬م ْر ُُو ًعا‪ « :-‬إِ َذا ت ََو هض َأ‬ ‫‪ ‬قال ¬‪ :‬و َال يمسحهام إِ هال ِيف َا ْحلدَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ َ َ َُ‬
‫خي َل ْع ُه َام إِ ْن َشا َء إِ هال ِم ْن َجن ََاب صة » َر َوا ُه‬ ‫َأ َحدُ ك ُْم َو َلبِ َ ُخ هف ْي ِه َُ ْل َي ْم َسـ ْح َع َل ْي ِه َام‪َ ،‬و ْل ُي َص رل ُِ ِ‬
‫يه َام‪َ ،‬و َال َ ْ‬
‫َا ْحلَاكِ ُم َو َص هح َح ُه(‪. )7‬‬

‫(‪)7‬أخرجه احلاكم يف "مستدركه" (‪ )727 / 7‬برقم‪ )632( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )210 / 7‬برقم‪ )210 / 7( ، )7430( :‬برقم‪:‬‬

‫(‪ )7419‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )416 / 7‬برقم‪ )416 / 7( ، )129( :‬برقم‪)127( :‬‬

‫‪726‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬احلدط الذي يمسح منه‪:‬‬


‫قال املص ـ ـ ـ ــنف ¬‪( :‬و َال يمس ـ ـ ـ ـحهام إِ هال ِيف َا ْحلدَ ِ‬
‫ط َا ْألَ ْص ـ ـ ـ ـ َْ ِر) هذا بالنس ـ ـ ـ ــبة للحدط‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ َ َُ‬
‫األص ـ ــْر باالتفاق أما إذا حص ـ ــل له حدط أكرب ُواجب عليه أن ينزعهام حلديث ص ـ ــفوان‪¢‬‬
‫«إِاله ِمن جن ـَـ اب ـ صة و َل ِكن ِمن َث ـ ِائ ص‬
‫ط َو َب ْو صل َون َْو صم»‪ .‬إذا كــان عىل اجلنــابــة أو املرأة يف نفــاس أو يف‬ ‫ْ َ َ َ ْ ْ‬
‫حيض أو يف أي ثس ـ ـ ـ ــل واجب أو مس ـ ـ ـ ــتحب حيتاج أن ينزع‪ ،‬إذا أراد أن يْتس ـ ـ ـ ــل للجمعة ما‬
‫اخلفني ثم يمسـ ــح عىل اخلفني ألن األثسـ ــال الواجبة واملسـ ــتحبة‬ ‫يْتسـ ــل للجمعة وهو الب‬
‫واجب معهام أن ينزع‪.‬‬
‫وئ ِه َجبِ َري ٌة َع َىل ك ْ ص‬
‫َِّس‪َ ،‬أ ْو َد َوا ٌء َع َىل ُج ْر صح‪َ ،‬و َي َُّض ُه‬ ‫اء و ُض ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال ¬‪ِ َُ :‬إ ْن ك َ‬
‫َان َع َىل َأ ْع َ َ‬
‫األ ْص َْ ِر َحتهى َي ْ َربأ َ ‪.‬‬ ‫ألك َ ِ‬
‫ْرب َو ْ َ‬ ‫ط َا ْ َ‬ ‫امل ِ‬
‫اء ِيف َا ْحلدَ ِ‬ ‫َا ْل ُْ ْس ُل‪َ :‬م َس َح ُه بِ ْ َ‬
‫َ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬املسح عىل اجلبائر‪:‬‬
‫(اجلبائر) مجع جبرية وهي التي توض ـ ــع عىل الكس ـ ــور حتى تس ـ ــتقيم‪ُ ،‬قيل للكس ـ ــري بأنه‬
‫جبري من باب التفاؤل كام يقال للديغ بأنه س ـ ــليم أي أنه لدغ ُيتفاءلون بأنه يس ـ ـ ـلم من املوت‪،‬‬
‫وكام يق ــال للقفرة من األرض التي هي عرض ـ ـ ـ ـ ــة للهال يطلقون عليه ــا ب ــأهن ــا مف ــازة تف ــاؤالً‬
‫بالفوز والنجاة‪.‬‬
‫ُاجلبرية معروُة وهي التي توضـ ـ ــع عىل الكسـ ـ ــور ويف معناها األربطة التي توضـ ـ ــع عىل‬
‫اجلروح من هذه الش ــاش ــات واللفائف واخلرق واألربطة التي توض ــع عىل اجلروح هذه تأخذ‬
‫حكم اجلبرية‪.‬‬

‫‪721‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم املسح عىل اجلبائر؟‬


‫اجلواب‪ /‬رويت أحاديث يف مرشوعية املسح عىل اجلبائر وكلها ال تصح‪ ،‬حديث عيل‬
‫اجلبائِ ِر»(‪)7‬‬ ‫ِ‬
‫ت إِ ْحدَ ا َزنْدَ ها َُ َس َأ ْل ُت النهبِ هى ‪َ َُ ‬أ َم َرنى َأ ْن َأ ْم َس َح َع َىل ْ َ َ‬ ‫َِّس ْ‬
‫بن أيب طالب قال‪« :‬ا ْنك َ َ‬
‫ال ِمنها َح َج ٌر َُ َش هج ُه‬ ‫ِ‬
‫اب َر ُج ً‬ ‫ضعيف جدا‪ .،‬وأي ا حديث جابر أنه قال‪َ « :‬خ َر ْجنَا ِف َس َف صر َُ َأ َص َ‬
‫ون ِىل ر ْخ َص ًة ِِف ال هت َيم ِم؟ َُ َقا ُلوا ‪ :‬ما ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َجدُ َل َ‬ ‫َ‬ ‫اح َت َل َم َُ َس َأ َل َأ ْص َح َاب ُه َُ َق َال‪َ :‬ه ْل َجتدُ َ ُ‬ ‫ِف َر ْأسه ُث هم ْ‬
‫اثت ََس َل َُ َام َت َُ َل هام َق ِد ْمنَا َع َىل النهبِ رى ‪ُ ‬أ ْخ ِ َرب بِ َذلِ َ َُ َق َال‪َ « :‬ق َت ُلو ُه‬ ‫امل ِ‬
‫اء‪ْ َُ ،‬‬ ‫ُر ْخ َص ًة َو َأن َْت َت ْق ِد ُر َع َىل ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رص َأ ْو‬ ‫اَّلل َأاله َس َأ ُلوا إِ ْذ َمل ْ َي ْع َل ُموا َُ ِإن َهام ش َفا ُء ا ْلع رى الس َؤ ُال إِن َهام كَا َن َيكْفيه َأ ْن َي َتيَ هم َم َو َي ْع َ‬
‫َق َت َل ُه ُم ه ُ‬
‫وسى ‪َ -‬ع َىل ُج ْر ِح ِه ِخ ْر َق ًة ُث هم َي ْم َس َح َع َليْ َها َو َي ْْ ِس َل َسائِ َر َج َس ِد ِه»(‪ .)2‬وروي‬ ‫ب ‪َ -‬ش ه ُم َ‬
‫ِ‬
‫َي ْعص َ‬
‫بمعناه من حديث ابن عباس(‪ )4‬وكالمها ضعيف ال يصح‪ُ .‬ألجل هذا ُال دليل عىل املسح‬
‫عىل اجلبائر‪.‬‬
‫تنبيه مهم لألطباء يف ربط الشاش‬
‫واحلكم الرشعي يف هذه املسألة‪ :‬أنه يرت هذه اجلبرية بدون مسح‪ ،‬إذا كان اجلرح يف‬
‫مرض أو املجرب أال يتجاوز‬ ‫ساعده أو الكِّس ُينبْي أو ً‬
‫ال أن يكون ُقيها يأمر الطبيب أو امل ر‬
‫حمل اجلرح أو الكِّس إال بقدر احلاجة ألن بع هم يكون ُيه اجلرح قدر األنملة ويعملون‬
‫الشاش بقدر شرب بل زيادة عىل شرب وكان يستطاع اختصار هذا الربا ليشمل اجلرح ُقط‬
‫ولكن قد يبالغ جيعل الشاش أو اللفاُة من طرف اليد إىل طرُها أو من طرف الذراع إىل طرُه‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه ابن ماجه يف "سننه" (‪ )372 / 7‬برقم‪ ،)611( :‬قال أبو حاتم الرازي‪ :‬هذا حديث باطل ال أصل له‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫"البدر املنري يف ختريج األحاديث واآلثار الواقعة يف الرشح الكبري"‪ ،)679 / 2( :‬وقال احلاُظ ابن حجر‪ :‬ويف إسناده‬
‫عمرو بن خالد الواسطي وهو كذاب‪ ،‬انظر "التلخيص احلبري يف ختريج أحاديث الراُعي الكبري"‪)210 / 7( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه‪ :‬أبو داود يف "سننه" (‪ )742 / 7‬برقم‪ ،)744 / 7( ، )446( :‬قال املنذري‪ُ :‬يه الزبري بن خريق قال‬
‫بالقوي‪ ،‬انظر‪" :‬عون املعبود رشح سنن أيب داود"‪)742 / 7( :‬‬ ‫الدارقطني لي‬
‫(‪ )4‬أخرجه‪ :‬ابن ماجه يف "سننه" (‪ )462 / 7‬برقم‪)112( :‬‬

‫‪722‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ثم ما هو العمل؟ العمل أنه يتوضأ‪ ،‬هذه اليد اليِّسا ُيها َشء‪ ،‬يتوضأ وضوء طبيعيا‬
‫ُيها ربا يْسل الكف اليِّسا ‪ُ-‬وق‬ ‫إىل أن يأيت عىل هذا املوضع تبقى الكف اليِّسا لي‬
‫بنان ثم يْسل‬ ‫بنانات ُيها ربا ‪-‬يرت هذا املوضع الذي هو بقدر مخ‬ ‫الكف بمقدار مخ‬
‫أصابع والطبيب أو‬ ‫أو التهابات والربا عىل مخ‬ ‫املوضع الذي ُوقه‪ ،‬إذا كان ُيه حتس‬
‫املعالج يقول‪ :‬ممنوع مسح هذه املنطقة باملاء‪ ،‬وحتى لو مل يكن مربوطا ُيرت ثسل هذا‬
‫املوضع لقول اهلل ´‪{ :‬ﮧ ﮨ ﮩﮪ } [سورة التغ بن‪ ،]11 :‬ولقول اهلل ‪ { :‬ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜﯝ} [سورة البقرة‪ ]371 :‬ولقول النبي ‪ِ َُ « :‬إ َذا َأ َم ْر ُتك ُْم بِ َش ْى صء‬
‫ِ‬
‫اس َت َط ْعت ُْم»‪ُ .‬لي من رش الرت أن يكون مربوطا‪ ،‬بل يرت طاملا يَّضه استعامل‬ ‫َُ ْأتُوا منْ ُه َما ْ‬
‫املاء‪.‬‬
‫من حصلت له جروح كثري يف أجزاء جسمه‬
‫إذا قال قائل‪ :‬رجل أص ـ ــيب بحادط الس ـ ــيارة ‪-‬مثال ‪-‬أو س ـ ــقط أو حص ـ ــل له أي َشء‬
‫ُأص ــيب بجراح كثرية يف وجهه ويديه ورجليه‪ ،‬هل يتوض ــأ أو يتيمم أو أنه يْس ــل الذي يقدر‬
‫عىل ثسله ويرت الباقي؟‬
‫اجلواب‪ /‬عىل التفصيل‪ :‬إذا كان موضع الطهارة أكثره مصاب ًا وجمروح ًا ُإنه يلجأ إىل‬
‫التيمم وإن كان أكثره سلي ًام ُإنه يتوضأ ويرت هذا القدر الذي ُيه جراح‪ .‬مثال أصيب بحادط‬
‫ُنستطيع أن نقول إن ثلث من أع اء وضوئه مصابة باجلروح ُهنا يتوضأ ويرت هذه املناطق‬
‫جرح‬
‫التي ُيها اجلروح سواء ربطت أو مل تربط طاملا يَّضها وصول املاء‪ ،‬لي كل من ُيه ٌ‬
‫يمتنع عن الوضوء أو الْسل هبذا الرش الذي ذكره املصنف قال‪ِ َُ ( :‬إ ْن كَا َن ع َىل َأع ِ‬
‫اء‬ ‫َ ْ َ‬
‫َو ُضوئِ ِه َجبِ َري ٌة َع َىل ك ْ ص‬
‫َِّس‪َ ،‬أ ْو َد َوا ٌء َع َىل ُج ْر صح‪َ ،‬و َي َُّض ُه َا ْل ُْ ْس ُل)‪.‬‬
‫ألن هنا بعض األشياء ما يَّضها استعامل املاء‪ُ .‬عىل هذا التفصيل بالنسبة لقدر‬
‫اجلراح‪.‬‬

‫‪720‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫كيف يْتسل من ُأجري له عملية‬


‫وهكذا يف الْسل مثال امرأة عندها ثسل اجلنابة أو ثسل من احليض أو ثسل من‬
‫النفاس قد أجريت َا عملية قيرصية ُقطعت بطنها أو يف احلوادط ُيكون ع وا ً ممنوع ًا من‬
‫استعامل املاء‪ُ ،‬هكذا إذا كان هذا ع وا ً يسريا ً‪-‬مث ً‬
‫ال‪-‬اجلسم كامال سبعني يف املائة يمكن أن‬
‫متسحه باملاء‪ُ .‬إهنا تترصف‪ ،‬ممكن أن متد رأسها وتستعني بمن يعاوهنا يف إسالة املاء عىل‬
‫األع اء السليمة حتى ال تبقى يف تيمم الفرتة الطويلة‪-‬عرشين يوما أو شهرا ‪-‬وهي يف‬
‫التيمم‪ ،‬بل تترصف ألجل تْتسل وتعينها أمها أو ابنتها أو أختها أو زوجها‪.‬‬
‫قوله ( َو َي َُّض ُه َا ْل ُْ ْس ُل) هبذا الرش ‪ ،‬هنا جروح ما يَّضها املاء لكن يَّضها الربد ‪-‬‬
‫مثال ‪-‬أو احلر أو استعامل َشء‪.‬‬
‫ط َا ْألَك َ ِ‬
‫ْرب َو ْاألَ ْص َْ ِر َحتهى َي ْ َربأ َ ) هذا لو ثبت لكن مل يثبت‪ ،‬كأنه‬ ‫امل ِ‬
‫َاء ِيف َا ْحلدَ ِ‬ ‫قال‪َ ( :‬م َس َح ُه بِ ْ‬
‫َ‬
‫يريد أن ينبه عىل الفرق بني املسح عىل اخلفني واملسح عىل اجلبائر‪ .‬املسح عىل اخلفني إنام يكون‬
‫للحدط األصْر أما اجلبائر يمكن أن متسح عليها ولو مع وجود احلدط األكرب ألن يف اجلبائر‬
‫ما يستطيع االستْناء عن هذه اجلبرية‪ُ ،‬لو أصيب باجلنابة ُإنه يمسح عىل القول بثبوت‬
‫األدلة‪ ،‬ولكن مل تثبت‪ُ ،‬كام سبق أنه يرت هذا املوضع بدون مسح وال تيمم وال َشء لعدم‬
‫الدليل عىل ذل ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و ِص َف ُة َم َس ِح َا ْخلُ هف ْ ِ‬
‫ني‪َ :‬أ ْن َي ْم َس َح َأ ْك َث َر َظاه ِر ِ َ‬
‫مها‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬صفة املسح عىل اخلفني‪:‬‬
‫ْ‬
‫ُإذن‪ ،‬كل ما يطلق عليه‬ ‫ثبت عن النبي ‪ ‬أنه مسح ومل يثبت يف حديث كيف مسح‪.‬‬
‫اسم املسح هذا جمزئ‪ُ .‬لم ِ‬
‫يأت أنه بدأ باليمنى قبل اليِّسا‪ُ ،‬األمر واسع‪.‬‬

‫‪749‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ظاهر احلديث أنه مل يرا ِع ‪ ‬التيامن قال‪ُ« :‬مسح عليهام» يف حديث املْرية وحديث‬
‫حذيفة قال‪ُ « :‬كن ُْت َم َع النهبِ رى ‪َُ ‬ا ْنت ََهى إِ َىل ُس َبا َط ِة َق ْو صم َُ َب َال َق ِائ ًام َُ َتن هَح ْي ُت َُ َق َال‪« :‬ا ْد ُن ْه» َُدَ ن َْو ُت‬
‫َحتهى ُق ْم ُت ِعنْدَ َع ِق َب ْي ِه َُت ََو هض َأ َُ َم َس َح َع َىل ُخ هف ْي ِه»(‪ .)7‬ويف حديث حذيفة دليل عىل أن املسح‬
‫عىل اخلفني يكون ولو يف احلَّض‪ُ ،‬ال يشرت للمسح عىل اخلفني السفر‪ ،‬وهذا املسح شامل‬
‫للرجال والنساء‪ُ ،‬األصل عموم الترشيع‪.‬‬
‫ُاحلاصل أن كل ما يصح إطالق اسم املسح عليه جيزئ‪ُ ،‬ال يشرت االستيعاب‪ ،‬بل‬
‫يمسح بباطن األصابع عىل ظاهر اخلفني‪ .‬كلمة (ظاهر) خيرج الباطن وخيرج أي ا اجلوانب‪.‬‬
‫ُالنبي ‪ ‬مسح عىل ظاهر اخلف وأما الباطن ُال يرشع وقد يكون بدعة يعني إذا تقرب إىل‬
‫ط ِِف َأ ْم ِرنَا َه َذا َما َليْ َ ِمنْ ُه َُ ُه َو َر ٌّد»(‪ )2‬أي‬
‫اهلل بمسح الباطن حيكم عليه بأنه بدعة « َم ْن َأ ْحدَ َ‬
‫مردود عىل صاحبه‪.‬‬
‫ويف حـديث املْرية «ومس ـ ـ ـ ــح عىل خفيه» ويف حديث حذيفة « َُ َم َس ـ ـ ـ ـ ـ َح َع َىل ُخ هف ْي ِه » ويف‬
‫ف َأ ْو َىل بِا ْ َمل ْس ـ ـ ـ ـ ـ ِح ِم ْن‬ ‫الرأ ْ ِا َلك َ‬
‫َان َأ ْس ـ ـ ـ ـ ـ َف ُل ْ‬
‫اخلُ ر‬ ‫َان الدر ي ُن بِ ه‬
‫حـديـث عيل بن أيب طـالب قال‪َ « :‬ل ْو ك َ‬
‫ْ‬ ‫اَّللِ ‪َ ‬ي ْم َس ُح َع َىل َ‬
‫ظا ِه ِر ُخ هفي ِه»(‪)4‬‬
‫ول ه‬‫ال ُه َو َقدْ َر َأيْ ُت َر ُس َ‬
‫َأ ْع َ‬
‫ْت َأ َرا‬‫هــذا احلــديــث هبــذا اللفظ مرجوح واللفظ املحفو روايــة وكيع ومن معــه « ُكن ـ ُ‬
‫ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأ هن َباطِ َن ا ْل َقدَ َم ْ ِ‬
‫اهر ُمه ُا »(‪)3‬‬
‫اَّلل ‪َ ‬ي ْم َس ـ ـ ُح َظ َ َ‬ ‫ني َأ َحق بِا ْ َمل ْس ـ ـ ِح م ْن َظاه ِر ِ َ‬
‫مها َحتهى َر َأيْ ُت َر ُس ـ ـ َ ه‬
‫قال الراوي‪ :‬يعني عىل اخلفني‪ ،‬وقد س ـ ـاق الدارقطني الروايات واالختالُات ورجح طريق‬
‫وكيع هبــذا اللفظ(‪ُ .)1‬هــذا ظــاهر جــدا بــأن الــذي يمس ـ ـ ـ ــح إنام هو أعىل اخلف‪ .‬وال يش ـ ـ ـ ــرت‬
‫االستيعاب بل يمسح باألصابع عىل ظاهر اخلف مسحة واحدة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 7‬برقم‪ )223( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪)214( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )723 / 4‬برقم‪ )2601( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )742 / 1‬برقم‪)7172( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )64 / 7‬برقم‪)762( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أمحد يف "مسنده" (‪ )270 / 7‬برقم‪)132( :‬‬
‫(‪ )1‬انظر "العلل الواردة يف األحاديث النبوية"‪)33 / 3( :‬‬

‫‪747‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل ثبت التعدد يف املسح عىل اخلفني أي مسح مسحتني أو ثالثا‪:‬‬
‫اجلواب‪ /‬مل يثبت التعدد ُال يمس ـ ـ ــح ثالثا بل يكفي أن يمس ـ ـ ـ ـح مس ـ ـ ــحة واحدة‪ ،‬وهذا‬
‫قول مجهور أهل العلم‪.‬‬
‫‪ ‬مسـ ــألة‪ /‬كان عيل‪ ¢‬يقول‪ُ « :‬كن ُْت َأ َرا َأ هن َباطِ َن ا ْل َقدَ َم ْ ِ‬
‫ني َأ َحق بِا ْ َمل ْس ـ ـ ِح» ملاذا يظن‬
‫أن الباطن هو األوىل؟‬
‫باآلراء وال‬ ‫ألن الباطن هو الذي يبارش به األرض‪ ،‬ولكن هذا يدل عىل أن املسألة لي‬
‫باألذواق وال باإلستحسانات بل الوقوف عند أدلة الرشع‪.‬‬
‫ُيام مل يأت ُيه َشء‪ ،‬ت ِ‬
‫ُعمل العقل ملعرُة ما يكون أقرب إىل‬ ‫ممكن جتري عقل‬
‫النصوص العامة يف الرشيعة ولكن لو جاء النص ُكام قيل‪ :‬إذا جاء هنر اهلل بطل هنر معقل‪.‬‬

‫مج ِ‬
‫يع َها‪.‬‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َأما َا ْجلَبِري ُة‪َ َُ :‬يمس ُح َع َىل َ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫هــذا تقــدم‪ ،‬يعني أن املس ـ ـ ـ ــح عىل اجلبــائر يكون عىل اجلميع‪-‬مثلا‪-‬عنــده ربــا عىل اليــد‬
‫يمسح اجلميع عىل سبيل االستيعاب ولكن هذا مل يصح‪ .‬ثم يشرتطون رشطا ثريبا يف اجلبرية‬
‫عىل طهارة‪ ،‬ويقولون ال جيوز املس ــح عىل اجلبائر إال إذا وض ــعت عىل طهارة‪،‬‬ ‫وهي أهنا تلب‬
‫هذا قول األكثر منهم‪.‬‬
‫واجلواب عنهم‪ :‬أن هذا ُيه مش ـ ـ ــقة ظاهرة‪ُ .‬قد حيص ـ ـ ــل احلادط ُجأة ُام يس ـ ـ ــتطيع أن‬
‫يتوضأ ويتطهر ثم ي ع اجلبرية‪،‬‬

‫‪‬‬

‫‪742‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫لسبِي َل ْ ِ‬
‫ني ُم ْط َل ًقا‪.‬‬ ‫‪ ‬قال¬‪ :‬و ِهي‪َ :‬ا ْخل ِ ِ‬
‫ار ُج م ْن َا ه‬‫َ‬ ‫َ َ‬
‫هذا الباب يف نواقض الوض ـ ــوء‪ ،‬وتقدم أن الوض ـ ــوء رش من رشو ص ـ ــحة الص ـ ــالة لقول‬
‫ربنــا ‪ { :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ} اآليــة [س ـ ـ ـ ـ ــورة‬
‫الم دة‪ ]1 :‬اآلية‪ ،‬وأي ـ ـ ـ ــا لقول النبي ‪ ‬كام يف الص ـ ـ ـ ــحيحني من حديث أيب هريرة ‪« ‬الَ‬
‫ال َة َأ َح ِدك ُْم إِ َذا َأ ْحدَ َ‬
‫ط َحتهى َيت ََو هض ـ َأ»(‪ )7‬بمعنى ال جتزئ الصــالة وال تصــح‪ ،‬وإنام‬ ‫َي ْق َب ُل ه ُ‬
‫اَّلل َص ـ َ‬
‫عرب عن الص ــحة بالقبول ألن القبول هو ثمرة صـ ــحة العبادة‪ُ ،‬إذا صـ ــحت العبادة ُقبلت وإذا‬
‫ر‬
‫قبلت أثيب عليها‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬وجوب الطهارة للصالة‪:‬‬
‫ال َة َأ َح ِدك ُْم إِ َذا َأ ْحدَ َ‬
‫ط َحتهى َيت ََو هض ـ ـ ـ َأ» ُفيه عدم ص ـ ــحة الصـ ـ ــالة‬ ‫قال‪« :‬الَ َي ْق َب ُل ه ُ‬
‫اَّلل َص ـ ـ ـ َ‬
‫بدون طهارة إذا أحدط حتى يتوضـأ‪ُ ،‬من صىل بدون طهارة ُصالته باطلة‪ ،‬وُيه أن احلدط‬
‫يبطل الطهارة ســواء كان اختياريا أو اضــطراريا‪ ،‬بع ــهم يصــاب باألمراض ينزل منه احلدط‬
‫بش ـ ــكل دائم أو بْري قص ـ ــد أو ثري منتبه خرج منه ُس ـ ــاء أو رضا أو َشء كام س ـ ــيأيت إن ش ـ ــاء‬
‫اهلل‪ .‬أمجعت األمة باألدلة عىل وجوب الطهارة للصالة وأهنا ال تصح إال بطهارة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬من صىل متعمدا بْري طهارة هل يعترب كاُرا ؟‬
‫م ـ ـ ــطرا ‪ ،‬احلاممات بجواره والوض ـ ـ ــوء قريب‬ ‫وهذا يفعله أناس كثري متس ـ ـ ــاه ً‬
‫ال ولي‬
‫منــه‪ ،‬وُيــه أقوال ثالث ــة أله ــل العلم‪ :‬منهم من قــال‪ :‬ال يكفر مطلق ــا‪ ،‬وه ــذا قول اجلمهور‪،‬‬
‫ومنهم من قــال‪ :‬يكفر‪ ،‬ومنهم من يفص ـ ـ ـ ـ ــل وهو الراجح وهو اختيــار ش ـ ـ ـ ــيخ اإلس ـ ـ ـ ــالم ابن‬
‫تيمية(‪ :)2‬أنه إذا ُعل ذل اس ـ ــتخفاُا واس ـ ــتهزا ًء ُإنه يعترب كاُرا لقول اهلل { ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏﮐﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗﮘ } [سورة التوبة‪]11 - 15 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )40 / 7‬برقم‪ )24 / 0( ، )741( :‬برقم‪ )6013( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪/ 7‬‬
‫‪ )739‬برقم‪)221( :‬‬
‫(‪ )2‬انظر "جمموع الفتاوا" (‪)201 /27‬‬

‫‪744‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُالكفر ال يقترص ـ ـ عىل األمور القلبية‪ ،‬بل عىل األُعال كالسـ ــجود للصـ ــنم أو أن يدوس‬
‫املص ـ ـ ـ ــحف‪ ،‬هـذه أعامل‪ ،‬وهي كفريــة خترج من امللـة‪ُ ،‬لو ُعـل ذلـ مس ـ ـ ـ ــتخفـا مس ـ ـ ـ ــتهزئـا أو‬
‫مس ـ ـ ـ ــتحال أنــه يص ـ ـ ـ ــيل بــدون طهــارة يقول‪ :‬وهو يعرف األدلــة ُهــذا يعترب كــاُرا ‪ ،‬وإن مل يكن‬
‫كــذل ـ ُهو عىل خطر عظيم ومرتكــب لكبرية من كبــائر الــذنوب وأمره إىل اهلل ´‪ .‬وأمــا إذا‬
‫مستحال وال مستهزئا‪.‬‬ ‫كان عنده عذر ُال يكفر يعني لي‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬من ُقد املاء ومل يستطع عىل التيمم‪:‬‬
‫لطهور ْين والدليل عىل ذل‬ ‫َ‬ ‫من ُقد املاء ومل يس ـ ـ ـ ــتطع عىل التيمم يص ـ ـ ـ ــيل ص ـ ـ ـ ــالة ُاقد ا‬
‫حديث عائشــة~‪َ « :‬أهنا اس ـتعارت ِمن َأس ـامء ِق َالدة َُه َلكَت‪َ َُ ،‬أرس ـ َل رس ـ ُ ِ‬
‫ول اهلل َص ـ هىل ُ‬
‫اهلل‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫هَ ْ ََ َ ْ ْ ْ َ َ ًَ َ ْ‬
‫ري وض ص‬
‫وء‪َ َُ ،‬ل هام َأت َُوا النهبِ هي‬ ‫َع َل ْي ِه َو َسـ هل َم نَا ًسـا ِم ْن َأ ْصـ َحابِ ِه ِيف َط َلبِ َها‪َ َُ ،‬أ ْد َر َكت ُْه ُم ال هصـ َال ُة َُ َص هل ْوا بِ َْ ْ ِ ُ ُ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس ـ ـ هل َم َش ـ ـك َْوا َذل ِ َ إِ َل ْي ِه‪َُ ،‬ن ََز َل ْت آ َي ُة ال هت َيم ِم» ُيدل عىل وجوب الص ـ ــالة ملن مل‬ ‫َص ـ ـ هىل ُ‬
‫يتطهر ال بالوض ـ ــوء وال بالتيمم‪ ،‬وأي ـ ــا لعموم قوله تعاىل‪ { :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ } [س ـ ـ ـورة‬
‫التغ بن‪ ]11 :‬ويقول‪ { :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜﯝ} [سـ ـ ــورة البقرة‪ ]371 :‬ويقول ‪:‬‬
‫«إِ َذا َأ َم ْر ُتك ُْم بِ َأ ْم صر َُ ْأتُوا ِمنْ ُه َما اِ ْس َت َط ْعت ُْم»‪ُ .‬هذه تسمى صالة ُاقد ال هط ُه ْو َر ْين‪.‬‬
‫ض َا ْلوض ـ ـ ِ‬ ‫قال‪( :‬باب نَو ِ‬
‫وء) عندنا وض ـ ــوء وعندنا نواقض للوض ـ ــوء تفس ـ ــده وتبطله‬ ‫اق ِ ُ ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫وتوجب الطهارة‪ُ .‬ام هي هذه النواقض؟‬
‫ار ُج ِم ْن َال هس ـ ـ ـ ـبِي َل ْ ِ‬
‫ني ُم ْط َل ًقا) الس ـ ـ ــبيالن مها القبل والدبر‪ُ ،‬كل ما‬ ‫(و ِه َي‪َ :‬ا ْخلَ ِ‬
‫قال¬‪َ :‬‬
‫خرج من السبيلني أو أحدمها ُهو يعترب ناق ًا للوضوء‪ .‬والذي خيرج عىل قسمني‪:‬‬
‫قسم معتاد خروجه وقسم عىل خالف املعتاد‪ .‬أما املعتاد خروجه ُهو‪ :‬الْائط والبول‬
‫والفساء والَّضا ‪ُ .‬الْائط والبول ناقض للوضوء بدليل القرآن والسنة واإلمجاع‪،‬‬

‫‪743‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ُأما القرآن ُقوله تعاىل‪ { :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [سورة الم دة‪ ]1 :‬أي قىض‬
‫ال َة َأ َح ِدك ُْم إِ َذا َأ ْحدَ َ‬
‫ط َحتهى َيت ََو هض َأ»‪،‬‬ ‫حاجته من ثائط أو بول‪ ،‬ومن السنة «الَ َي ْق َب ُل ه ُ‬
‫اَّلل َص َ‬
‫وهكذا أمجعت األمة عىل ذل ‪ .‬وهكذا الفساء والَّضا ‪ُ ،‬في حديث أيب هريرة ‪ ‬مرُوعا‪:‬‬
‫ِ‬
‫ط َيا َأبَا ُه َر ْي َر َة؟‬
‫احلَدَ ُ‬ ‫ط َحتهى َيت ََو هض َأ» « َق َال َر ُج ٌل م ْن َح ْ َ‬
‫َّض َم ْو َت‪َ :‬ما ْ‬ ‫« َال ُت ْق َب ُل َص َال ُة َم ْن َأ ْحدَ َ‬
‫رضا ٌ »(‪ُ .)7‬خروج الريح أي ا ناقض للوضوء‪.‬‬ ‫َق َال‪َ ُُ :‬سا ٌء َأ ْو ُ َ‬
‫الصال َِة‬ ‫خيي ُل إِ َلي ِه َأنهه َجيِدُ ه ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ْى َء ِف ه‬ ‫الر ُج ُل ُ َ ه ْ ُ‬ ‫وحلديث عبد اهلل بن زيد‪ُ :‬شك َى إِ َىل النهبِ رى ‪ ‬ه‬
‫حيا» (‪)2‬متفق عليه‪ ،‬ويف حديث أيب هريرة‪« :‬إِ َذا‬ ‫ف َحتهى َي ْس َم َع َص ْوتًا َأ ْو َجيِدَ ِر ً‬ ‫ْرص ُ‬‫َق َال‪« :‬الَ َين َ ِ‬
‫ج ِد َحتهى‬ ‫ال َخيْر َج هن ِم َن ا ْملَس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َو َجدَ َأ َحدُ ك ُْم ِف َب ْطنه َشيًَْا َُ َأ ْشك ََل َع َليْه َأ َخ َر َج منْ ُه َش ْى ٌء َأ ْم الَ َُ َ ُ‬
‫حيا»(‪ .)4‬بالنسبة للفساء والَّضا والْائط والبول هذه إذا خرجت من‬ ‫َي ْس َم َع َص ْوتًا َأ ْو َجيِدَ ِر ً‬
‫املخرج املعتاد‪.‬‬
‫‪ ‬مســألة‪ /‬لو خرج الْائط والبول من ثري املوض ــع املعتاد ُأ ْجريت له عملية وقطعت البطن‬
‫وصار الْائط خيرج من بطنه‪ ،‬هل هذا أي ا ناقض للوضوء؟‬
‫اجلمهور من أهــل العلم عىل أنــه نــاقض لعموم اآليــة‪ { :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ }‬
‫[س ـ ـ ـ ـ ــورة المـ ــدة‪ُ ]1 :‬خروج الْــائط موجــب للوض ـ ـ ـ ــوء ومل تعني اآليــة املوض ـ ـ ـ ــع‪ُ ،‬عىل كـ ٍّـل‬
‫األحو أنه يتوضأ واألقرب أن خروج البول أو الْائط من أي موضع ناقض للوضوء‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )40 / 7‬برقم‪)741( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )40 / 7‬برقم‪ )36 / 7( ، )741( :‬برقم‪ )13 / 4( ، )711( :‬برقم‪)2916( :‬‬
‫ومسلم يف "صحيحه" (‪ )720 / 7‬برقم‪)467( :‬‬
‫(‪ )4‬سبق خترجيه‪ ،‬انظر (‪ )34‬و (ص‪)33‬‬

‫‪741‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬خروج الريح من القبل‪:‬‬


‫وأما بالنس ــبة للريح‪ ،‬املعتاد أن الريح خترج من الدبر‪ ،‬ولكن لو خرجت من القبل ُفيه‬
‫خالف بني أهل العلم واألكثر عىل أنه ال يعترب ناق ـ ــا للوض ـ ــوء‪ ،‬قالوا ‪ :‬ألن هذا الذي خيرج‬
‫من القبل وهو يف النسـ ــاء أكثر من الرجال عبارة عن اختالج وليسـ ــت هي الريح التي يقال َا‬
‫ُس ـ ـ ـ ــاء أو رضا ُـإن هــذه ال خترج إال من الــدبر‪ ،‬وأمـا هـذا الــذي خيرج من النس ـ ـ ـ ــاء ال س ـ ـ ـ ــيام‬
‫احلوامل ُهذه عبارة عن إُرازات واضـ ـ ـ ــطرابات وأصـ ـ ـ ــوات تكون بسـ ـ ـ ــبب السـ ـ ـ ــوائل التي يف‬
‫الرحم‪ُ ،‬قالوا ‪:‬‬
‫هذه أصوات ُرقعة بسبب السوائل املوجودة‪ ،‬تتوهم املرأة أنه ُساء أو رضا وهو‬
‫كذل ‪ ،‬ولكن قد تقول بعض النسوة‪َ :‬ا صوت كالصوت املعتاد وَا رحية‪ ،‬وهذا لعله‬ ‫لي‬
‫يكون نادرا‪ ،‬وأكثر ما تشكو النساء من هذا اليشء الذي عرب عنه البعض بقوله ُرقعات‬
‫واختالجات‪ ،‬وأما بالنسبة للذكر ُهو أندر من النادر أن حيصل له صوت من الذكر‪.‬‬
‫ُعىل كل إذا وجد الصوت بالصوت املعتاد وجد له رحيا ُاألحو أن يتوضأ وإال ُكام‬
‫قال ابن حزم أنه ال يقال له ُساء أو رضا إال إذا خرج من الدبر‪.‬‬
‫خارج معتاد املذي أو املني أو الودي هذه كلها ناق ـ ـ ـة للوض ـ ــوء قال النبي ‪‬‬
‫ٌ‬ ‫ومما هو‬
‫يف شأن املذي‪َ « :‬ي ْْ ِس ُل َذك ََر ُه َو َيت ََو هض ُأ»(‪ )7‬يدل عىل أن خروج املذي ناقض للوضوء‪.‬‬
‫املـذي والود ي واملني هـذه نواقض الوض ـ ـ ـ ــوء مع أن املني يوجب الْس ـ ـ ـ ــل إض ـ ـ ـ ــاُة إىل‬
‫الوضوء‪ .‬وهكذا الدم‪ ،‬إذا خرج الدم من أحد السبيلني ُهو ناقض للوضوء‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )760 / 7‬برقم‪)494( :‬‬

‫‪746‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬األشياء ثري املعتادة مثل احلىص‪ ،‬والدود وثريها إذا خرج احلىص من القبل‬
‫أو الدبر‪ ،‬هل هذه ناق ة للوضوء؟‬
‫ُيه قوالن مشهوران ألهل العلم أحدمها‪ :‬أنه ال ينقض‪ ،‬والثاين‪ :‬ينقض‪ ،‬والراجح أنه‬
‫ينقض ألن الْالب أن هذه األشياء ال ختلو من الب هلة‪ ،‬إذا خرج َشء من الدبر أو القبل ُإنه ال‬
‫خيلو من َشء من النجاسة‪ُ ،‬الدبر موضع الْائط والقبل موضع البول ُإذا خرج احلىص أو‬
‫َشء من الدود ُإهنا ال ختلو ولو بيشء يسري من هذه النجاسات‪ ،‬وَذا لو ُج ِزم أن هذا اليشء‬
‫ُيه أي بلة هذا ال دليل عىل أنه ينقض الوضوء‪ ،‬لكن الْالب أنه يكون‬ ‫الذي خرج ناشف لي‬
‫مالبسا ولو ليشء يسري من النجاسة سواء كان من القبل أو من الدبر‪.‬‬
‫ُاحلاص ــل أن اخلارج من أحد الس ــبيلني قال املؤلف يعترب ناق ــا للوض ــوء مطلقا يعني‬
‫سواء كان معتادا أو ثري معتاد وهذا هو الراجح‪.‬‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬والده ُم َا ْلكَث ِ ُري َون َْح ُو ُه‪.‬‬
‫(والده ُم َا ْلكَث ِ ُري َون َْح ُو ُه) يقصـد الذي خيرج من سـائر اجلسـد ال يقصد من السبيلني‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ألنه تقدم أن يف السبيلني قال‪( :‬مطلقا)‪.‬‬
‫مثل الرعاف ومثل الدم الذي خيرج يف احلجامة أو اجلروح‪ ،‬هذا يقول املص ـ ـ ـ ــنف‪( :‬أن‬
‫القليــل‪ ،‬إذا كــان هنــا جرح يس ـ ـ ـ ــري أو رعــاف خفيف أو حجــامــة أخرجـت‬ ‫الــدم الكثري) لي‬
‫دما يسريا هذا ال ينقض‪.‬‬
‫لكن لو كــان دمــا كثريا ُهــذا ينقض‪ ،‬والص ـ ـ ـ ــحيح عــدم الـدليــل عىل كون الــدم نــاق ـ ـ ـ ـ ـ ًا‬
‫للوضــوء ســواء كان كثريا أو قليال‪ ،‬وذل ألن األصــل هو الطهارة وال ينتقل عن هذا األصـل‬
‫إال بدليل‪ ،‬رويت أشياء ضعيفة ولكنها ال تصح‪.‬‬

‫‪741‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وكام قال احلســن‪ :‬مل يزل املســلمون يصــلون يف جراحاام‪ ،‬وعمر بن اخلطاب ‪ ¢‬صــىل‬
‫بالناس وواصــل يف صـالته ودمه يثعب(‪ ،)7‬وحديث األنصــاري(‪ )2‬وإن كان يف ســنده َشء من‬
‫املقال لكن حيســنه بعض أهل العلم وهو مروي يف البخاري معلقا أن ذلكم الرجل اســتمر يف‬
‫(‪.)4‬‬ ‫صالته حينام ُرمي بسهم‪.‬‬
‫والقيء والصديد؟‬ ‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل ينقض الوضوء بخروج القل‬
‫قول ــه‪َ ( :‬ون َْح ُو ُه) مث ــل القيء والقل وهو ال ــذي يكون بمق ــدار الفم أم ــا إذا رجع مل‬
‫يسموه َق ْي ًَا‪ ،‬إذا كان كثريا ُهو قيء وإذا كان يسريا يمأل الفم يقال له َق َل ‪ ،‬وأي ًا الصديد‪.‬‬
‫ُبـالنس ـ ـ ـ ـ ـبـة للقي أقوا مـا يس ـ ـ ـ ـ ـتـدلون به حديث ثوبان « َأ هن النهبِ هى ‪َ ‬قا َء َُ َأ ُْ َط َر»(‪ )3‬وهو‬
‫اَّللِ ‪َ ‬قا َء َُ َأ ُْ َط َر َُت ََو هض َأ» (‪)1‬وال دليل ُيه عىل أن القي‬
‫ول ه‬‫ثابت‪ ،‬ويف بعض الروايات « َأ هن َر ُس َ‬
‫ينقض الوض ـ ـ ـ ــوء ألن ـه حيتمــل يف (الفــاء) أن تكون للتعقيــب وال تكون للس ـ ـ ـ ــببيــة‪ ،‬إذا كــان ـت‬
‫ُيه أمر‪ ،‬أنه يس ـ ـ ــتحب ملن تق هيأ أنه‬ ‫للس ـ ـ ــببية تكون س ـ ـ ــببا قد حيمل عىل االس ـ ـ ــتحباب ألنه لي‬
‫وال بخروج‬ ‫يتوض ـ ـ ـ ـ ــأ وأنــه يفطر‪ُ ،‬لهــذا ُال دليــل عىل نقض الوض ـ ـ ـ ــوء بــالقيء وال بــالقل‬
‫الصديد وهذه األوساخ من البدن‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مال يف "املوطأ" (‪ )14 / 7‬برقم‪ )771( :‬وعبد الرزاق يف "مصنفه" (‪ )719 / 7‬برقم‪/ 7( ، )110( :‬‬
‫‪ )719‬برقم‪ )129( :‬وابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )330 / 1‬برقم‪)2313( :‬‬
‫(‪ )2‬انظر "سنن أيب داود (‪ )11/7‬برقم (‪)702‬‬
‫(‪ )4‬تنبيه‪ :‬قال الشيخ¬‪ :‬حديث األنصاري بمراجعة سنده ات ح أن ُيه جمهوال "عقيل بن جابر بن عبد اهلل" وهو‬
‫ورجعت إىل بحث العالمة األلباين‪ :‬هل وقف له عىل سند آخر ُلم يذكر‪ :‬طريقا أخرا للحديث بل هو من طريق‬
‫ُ‬ ‫جمهول‪،‬‬
‫عقيل بن جابر بن عبد اهلل وهو جمهول‪ .‬كنت بعيد عهد بمراجعة احلديث لكن مما علق بالذهن أن العالمة األلباين‬
‫يصححه ُلام رجعت إىل بحثه يف صحيح أيب داود(‪ )410-412/7‬وإذا به يقويه من هذه الطريق وحدها وهي من طريق‬
‫عقيل بن جابر وهو جمهول‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )224 / 2‬برقم‪)2427( :‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه الرتمذي يف "جامعه" (‪ )749 / 7‬برقم‪)21( :‬‬

‫‪742‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ري ِه‪.‬‬
‫قال¬‪َ :‬و َز َو ُال َا ْل َع ْق ِل بِن َْو صم َأ ْو َث ْ ِ‬

‫ري ِه) زوال العقــل من نواقض الوض ـ ـ ـ ــوء بجنون أو بــإثامء أو‬
‫(و َز َو ُال َا ْل َع ْق ـ ِل بِن َْو صم َأ ْو َث ْ ِ‬
‫َ‬
‫بس ــكر أو بنوم مس ــتْرق‪ .‬بالنس ــبة للجنون واإلثامء وهكذا لو زال العقل بس ــكر وثش ــية هذا‬
‫باإلمجاع ألن اإلنس ــان الذي هو جمنون ال يعرف ما حيص ــل له وهكذا املْمى عليه‪ ،‬وأما الذي‬
‫ُيه إشكال ُهو النوم‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬النوم هل هو مطلقا ناقض للوضوء؟‬
‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬الراجح أن النوم ن ــاقض للوض ـ ـ ـ ــوء‪ ،‬وال ــدلي ــل ح ــدي ـث ص ـ ـ ـ ــفوان بن‬
‫اَّللِ ‪َ ‬ي ْأ ُم ُرنَا إِ َذا ُكنها َس ـ ْف ًرا َأ ْن الَ َنن ِْز َع ِخ َفا َُنَا َث َ‬
‫ال َث َة َأيها صم َو َل َيال ِ َي ُه هن إِاله ِم ْن‬ ‫ول ه‬ ‫َان َر ُس ـ ُ‬ ‫عســال‪« :‬ك َ‬
‫ط َو َب ْو صل َون َْو صم»(‪ُ )7‬ذكر ‪ ‬النوم مع الْائط والبول اللذان مها ناق ـ ـ ـ ــان‬ ‫جنـَابـ صة و َل ِكن ِمن َث ِائ ص‬
‫َ َ َ ْ ْ‬
‫ال َي ْْ ِم ْ َيدَ ُه ِِف‬ ‫للوض ــوء‪ ،‬وهكذا يف حديث أيب هريرة ‪« :‬إِ َذا ا ْسـ ـ َت ْي َق َظ َأ َحدُ ك ُْم ِم ْن ن َْو ِم ِه َُ َ‬
‫ال ًثا»(‪ُ )2‬هذا ُيشـ ـ ِـعر بأن املسـ ــتيقظ من نومه أنه يتوضـ ــأ‪ ،‬وأي ـ ــا حديث‬ ‫اإل َن ِ‬
‫اء َحتهى َي ْْ ِس ـ ـ َل َها َث َ‬ ‫ِ‬
‫طلِ َق ا ْل ِوكَاء»(‪)4‬‬ ‫َني ِوكَاء الس ـ ـ ـ ـ ِه َُ ِإ َذا نَام ْت ا ْلعين ِ‬
‫َان ا ْس ـ ـ ـ ـ ُت ْ‬ ‫معاوية وعيل وُيهام ض ـ ـ ــعف «إِ هن ا ْل َع ْين ْ ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ه‬
‫الوكاء اخليط الذي تربط به القربة‪ ،‬والســه بمعنى الدبر‪ُ ،‬معنى احلديث أن اليقظة هي ســبب‬
‫احلفا عىل املوض ـ ــع الذي خيرج منه احلدط‪ُ ،‬املس ـ ــتيقظ يس ـ ــتطيع أن حياُظ عىل عدم انفتاح‬
‫املوضع الذي إذا انفتح قد خترج الريح‪ُ ،‬هذا احلديث يدل عىل أن النوم مظنة للحدط‪.‬‬
‫ُاحلاصــل أن النوم ناقض من نواقض الوضــوء‪ ،‬والعربة بزوال العقل ســواء كان بخمر‬
‫أو بمخدرات أو بقات أو مأكول أو مرشوب حالل أو حرام ُالعربة بزوال العقل‪.‬‬

‫(‪ )7‬سبق خترجيه‪ ،‬انظر (ص‪)722‬‬


‫(‪)2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )34 / 7‬برقم‪ )762( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )769 / 7‬برقم‪.)212( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه الدارمي يف "مسنده" (‪ )162 / 7‬برقم‪ )130( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )772 / 7‬برقم‪/ 7( ، )123( :‬‬
‫‪ )772‬برقم‪ )121( :‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )204 / 7‬برقم‪ ،)101( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )4122 / 1‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )71714‬وأبو يعىل يف "مسنده" (‪ )462 / 74‬برقم‪ )1412( :‬والطحاوي يف "رشح مشكل اآلثار" (‪ )11 / 0‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )4344‬والطرباين يف "الكبري" (‪ )412 / 70‬برقم‪)211( :‬‬

‫‪740‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ¢‬يف النوم قبل صالة العشاء‬ ‫‪ ‬مسألة‪ /‬كيف اجلواب عىل حديث أن‬
‫وس ُه ْم ُث هم ُي َصل َ‬
‫ون‬ ‫ختف َق ُر ُء ُ‬
‫اآلخر َة حتهى َ ْ ِ‬
‫َ َ‬
‫ون ا ْل ِع َشاء ِ‬
‫َ‬ ‫اَّللِ ‪َ ‬ينْتَظِ ُر َ‬ ‫ول ه‬ ‫اب رس ِ‬
‫ان َأ ْص َح ُ َ ُ‬ ‫« َك َ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس هل َم‬ ‫ِ ِ‬
‫اب َر ُسول اهلل َص هىل ُ‬ ‫َان َأ ْص َح ُ‬
‫َوالَ يتوضؤون»(‪ )7‬ويف بعض الروايات‪« :‬ك َ‬
‫ول اَّللِ‬ ‫ون َو َال َيت ََو هض ُؤ َ‬
‫ون »(‪ )2‬وهكذا حديث ابن عباس ~ وُيه‪َ َُ « :‬قا َم َر ُس ُ ه‬ ‫ون ُث هم ُي َصل َ‬ ‫َين َُام َ‬
‫ِّس َُ َأ َخ َذ بِ َي ِدا َُ َج َع َلنِى ِم ْن ِش رق ِه األَيْ َم ِن َُ َج َع ْل ُت إِ َذا َأ ْث َف ْي ُت َي ْأ ُخ ُذ‬
‫‪ُ َُ ‬ق ْم ُت إِ َىل َجنْبِ ِه األَيْ َ ِ‬
‫بِ َش ْح َم ِة ُأ ُذ ِين»(‪ )4‬وهكذا حديث أسامء~ يف صالة الكسوف وُيه‪ُ َُ « :‬ق ْم ُت َحتهى َ َ‬
‫جت هال ِين‬
‫ِ‬
‫يش َُ َج َع ْل ُت َأ ُصب َُ ْو َق َر ْأي ْ َ‬
‫املَاء»(‪)3‬‬
‫ا ْل َْ ْ ُ‬
‫هذا يدل عىل أن جمرد النعاس ال ينقض الوضوء‪ ،‬وهكذا أمر النبي ‪« :‬إِ َذا َن َع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ري ُقدْ َحتهى َي ْذ َه َ‬
‫ب َعنْ ُه الن ْهو ُم»(‪ )1‬لي جمرد النعاس ناق ا للوضوء‪،‬‬ ‫َأ َحدُ ك ُْم ِف ه‬
‫الصالَة َُ ْل َ ْ‬
‫ُالناع قد يسمع كالما أو يشعر بحركة أو يتوهم أمورا ولكن لو دخل يف النوم ال يشعر بام‬
‫جيري حوله والنائم كامليت وتقدم ذكر الدليل حديث صفوان بن عسال «إِاله ِم ْن َجن ََاب صة َو َل ِك ْن‬
‫ط َو َب ْو صل َون َْو صم» ُسوا النبي ‪ ‬بني هذه الثالثة األشياء‪ ،‬وحديث أن وما كان يف‬ ‫ِمن َثائِ ص‬
‫ْ‬
‫معناه حيمل عىل النعاس والنعاس مقدمات النوم أما الذي ينقض الوضوء ُهو النوم الذي‬
‫يصح أن يطلق عليه أنه نوم بحيث أنه ال يشعر بام جيري حوله‪ ،‬قالوا ‪ :‬من عالمات النوم‬
‫حصول الرؤية‪ ،‬من حصلت له الرؤية ُهذا نائم سواء كان رؤية قصرية أو طويلة‪ .‬بخالف‬
‫ممكن أن يسمع أصواتا أو شْبا أو كذا ولكن ال يستطيع أن يميز‪ ،‬أما إذا نام ُال يشعر‬ ‫الناع‬
‫بيشء‪ُ ،‬من حصل له النوم ُهذه األدلة تدل بظاهرها عىل نقض الوضوء‪ُ ،‬هذا هو الراجح‬
‫لكونه هو حدط يف نفسه ولكن هو مظنة للحدط‪ُ ،‬إذا نام ال‬ ‫أن النوم يكون ناق ا لي‬
‫يدري قد خيرج منه َشء أو ال خيرج‪ُ ،‬لهذا جاء الرشع بنقض الوضوء‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه وأبو داود يف "سننه" (‪ )10 / 7‬برقم‪ ،)299( :‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )242 / 7‬برقم‪)311( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )706 / 7‬برقم‪)416( :‬‬
‫(‪ )4‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )710 / 2‬برقم‪)164( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )22 / 7‬برقم‪.)26( :‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )14 / 7‬برقم‪ )272( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )709 / 2‬برقم‪)126( :‬‬

‫‪739‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬وقوله‪َ :‬و َأك َُل َحلْ ِم َا ْجلُ ُزور‬


‫(و َأ ـَكـ ُل َحلْ ِم َا ْجلُ ُز ِ‬
‫ور) اجلزور أي البعري‪ ،‬أي ـ ـ ـ ـ ــا من نواقض الوض ـ ـ ـ ــوء أكــل حلم اإلبــل‬ ‫َ‬
‫لثبوت ذل عن النبي ‪ ‬يف حديث جابر بن س ـ ـ ــمرة وهو يف مس ـ ـ ــلم(‪ )7‬ويف حديث الرباء بن‬
‫عازب وهو يف السـ ـ ـ ــنن(‪ .)2‬والذي يف السـ ـ ـ ــنن أصـ ـ ـ ــح والذي يف مسـ ـ ـ ــلم ُيه ص‬
‫راو قال ُيه بعض‬
‫العلامء بأنه جمهول احلال(‪ )4‬ولكن الراجح أن سـ ــنده حسـ ــن‪ُ .‬أكل حلم اإلبل ناقض للوضـ ــوء‬
‫ُقد أمر النبي ‪ ‬من أكل حلم اإلبل أن يتوضأ سواء كان هذا اللحم نيَا أو مطبوخا أو مشوي ًا‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يدخل يف حلم اإلبل بقية األجزاء؟‬
‫مثل الشحم والكرش والكبد والرأس وبقية أجزاء اإلبل أو هذا احلكم مقصور ُقط عىل‬
‫اللحم الذي هو املادة احلمراء؟ اجلواب‪ُ /‬يه خالف بني أهل العلم‪ ،‬واألحو أنه يتوضأ‬
‫منها‪ ،‬وأما بالنسبة أللبان اإلبل ُال دليل عىل نقض الوضوء برشهبا ُإن النبي ‪ ‬أمر العرنيني‬
‫أن يرشبوا من أبواَا وألباهنا ومل يأمرهم بالوضوء ولو كان ناق ا للوضوء ألمرهم‪ُ .‬اللبن‬
‫ثري اللحم‪ ،‬لكن اللحم كام تقدم قد يعرب باللحم عن احليوان يقال‪ :‬ما أهدي ل ؟ يقول‪:‬‬
‫َشء من الشحم وَشء من الكبد وَشء من اللحم‪.‬‬ ‫أهدي يل حلم بقر‪ ،‬وقد يأيت يف الكي‬
‫ُقد يعرب عن اليشء بجميع أجزائه أنه حلم كام قال اهلل ‪ { :‬ﮫﮬﮭ} [سورة األنع م‪:‬‬
‫‪ ]135‬يشمل حتريم مجيع اخلنزير بام ُيه من الشحم والعظم والكبد والطحال والكرش وثري‬
‫ذل ‪ُ .‬هذا هو الراجح بالنسبة للحم وتوابعه‪ ،‬أما بالنسبة لأللبان ُال دليل ألن اللبن ال يقال‬
‫له حلم‪ُ ،‬ألبان اإلبل ال تنقض الوضوء‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )720 / 7‬برقم‪ )720 / 7( ، )469( :‬برقم‪)469( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه داود يف "سننه" (‪ )12 / 7‬برقم‪ ،)723( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )3221 / 2‬برقم‪)72246( :‬‬
‫(‪ )4‬وهو "جعفر بن أيب ثور‪ ،‬والذي قال ُيه أنه جمهول هو عيل بن املديني انظر "إكامل اذيب الكامل"‪ ،)294 / 4( :‬وقد‬
‫صحح حديثه يف حلوم اإلبل مسلم‪ ،‬وابن خزيمة‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬وأبو عبد اهلل بن منده‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬وثري واحد‪ ،‬انظر "اذيب‬
‫التهذيب"‪ ،)492 / 7( :‬وذكره ابن حبان يف "مجلة الثقات" ُقال‪ :‬جعفر بن أيب ثور هو أبو ثور بن عكرمة ُمن مل حيكم‬
‫صناعة احلديث توهم أهنام رجالن جمهوالن‪ .‬انظر "إكامل اذيب الكامل" (‪)294 / 4‬‬

‫‪737‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هي العلة يف كون حلم اإلبل ينقض الوضوء؟‬


‫اجلواب‪ /‬الراجح أنـه تعبـدي ثري معقول املعنى ُلهـذا ال يقـاس عليـه‪ ،‬إذا كـانـت العلـة تعبـدية‬
‫ُال يقاس عليها‪ .‬نعم س ـ ــَل النبي ‪ ‬ملاذا هني عن الص ـ ــالة يف معاطن اإلبل؟ قال‪« :‬هي من‬
‫الشــياطني » (‪ )7‬هذا يف أمر آخر وهو يف مســألة الصــالة‪ ،‬يف معاطنها ُيها شــيطنة ولكن بالنســبة‬
‫لنقض الوضوء بأكل حلومها هذا أمر تعبدي ثري معقول املعنى ُال يقاس عليه‪.‬‬
‫‪ ‬مس ـ ـ ـ ــألة‪ /‬هل ينتقض الوض ـ ـ ـ ــوء بأكل اللحوم املحرمة س ـ ـ ـ ــوء أكان حلم الس ـ ـ ـ ــباع أو‬
‫اخلنازير أو احليات أو احليوانات املحرمة؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح هو قول اجلمهور أن الوض ـ ــوء ال ينتقض بأكل اللحوم املحرمة لعدم‬
‫الدليل؛ هذا هو الراجح‪ .‬وذهب بعض أهل العلم إىل نقض الوض ــوء بأكل اللحوم املحرمة‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬قياس ـ ـ ـ ــا عىل اإلبل وألهنا أوىل للنقض من أكل حلم اإلبل الذي هو مباح‪ ،‬لكن ال دليل‬
‫ألن نقض الوضوء بأكل حلم اإلبل تعبدي‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬مرق اإلبل‪:‬‬
‫ُيه حبيبات وال أجزاء من اللحم ُهو ال ينقض‪-‬واهلل‬ ‫اجلواب‪ /‬املرق إذا كان خالص ـ ـ ـ ــا لي‬
‫أعلم‪ ،‬لكن الْالب أن املرق ُيه أشياء‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬رشب بول اإلبل‪:‬‬
‫اجلواب‪ /‬بول اإلبل ثري ناقض‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬جمرد م غ اللحم‪:‬‬
‫جمرد م غ اللحم هذا ال يوجب الوضوء ألن هذا ال يسمى أكال‪ .‬إذا ابتلع لقمة أو‬
‫جعل لقمة يف ُمه وجعل يذوقها أو جعل يم ْها ومل يدخلها اىل معدته ولكن املقصود‬
‫باألكل هو األكل املعروف‪ ،‬ومثله يف باب الصيام الذي جيرح الصوم األكل والرشب‪ ،‬أما‬
‫تذوق الطعام مث ً‬
‫ال ُهذا ال يعترب أكال‪.‬‬ ‫من مت مض وحر املاء يف ُمه ثم لفظه ألجل ّ‬

‫(‪ )7‬حديث الرباء سبق خترجيه‪ ،‬انظر (ص‪)737‬‬

‫‪732‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬الوضوء مما مست النار‪:‬‬


‫كان يف أول األمر وجوب الوضـ ـ ــوء مما مسـ ـ ــته النار(‪ )7‬يعني أي َشء طبخ ومسـ ـ ــته النار‬
‫كـان واجبـا من أكلـه أنـه يتوض ـ ـ ـ ــأ ثم نس ـ ـ ـ ــخ ذلـ الوجوب بـأحـاديـث عن النبي ‪ ‬أنـه أكل مما‬
‫مس ـ ـ ــت النار ومل يتوض ـ ـ ــأ‪ُ ،‬هذا منس ـ ـ ــوخ وهنا حديث ليح يف هذا ولكنه معل هبذا اللفظ‬
‫ول اَّللِ ‪ ‬تَر ُ ا ْلوض ِ‬
‫وء ِممها َم هس ْت الن ُهار»(‪ )2‬وهو معل‬ ‫ِ‬ ‫حديث جابر «ك َ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َان آخ َر ْاألَ ْم َر ْي ِن م ْن َر ُس ِ ه‬
‫هبذا اللفظ وهو عمدة اجلمهور القائلني بالنس ـ ـ ــخ والص ـ ـ ــائرين إليه ولكن األحاديث األخرا‬
‫الثابت عن النبي ‪ ‬أنه أكل وصـ ــىل ومل يتوضـ ــأ دليل عىل كونه منسـ ــوخا ومل يثبت هذا احلكم‬
‫وَــذا اخللفــاء الرا ش ـ ـ ـ ــدون مل يتوض ـ ـ ـ ــؤوا ممــا مسـ ـ ـ ـ ــت النــار(‪ُ ،)4‬هــذا من أظهر األدلــة عىل كونــه‬
‫منسوخا‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل نسخ إىل االستحباب أو إىل اإلباحة؟‬
‫اجلواب‪ /‬من أهل العلم من قال‪ :‬يستحب‪ُ ،‬األمر وارد جمرد الرت ينقله من الوجوب‬
‫إىل االستحباب‪.‬‬
‫َا ْمل َْرأ َ ِة بِ َش ْه َو صة‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َم‬
‫(و َم َا ْمل َْرأ َ ِة بِ َش ْه َو صة) امل بمعنى اللم يعني الذي لي بمعنى اجلامع‪ ،‬جمرد م املرأة‬
‫َ‬
‫سواء كانت زوجة أو كانت ثري زوجة هذا مما ينتقض به الوضوء‪ ،‬وهذا ال دليل عليه بل‬
‫املرأة ال ينقض الوضوء وأعظم ما استدلوا به اآلية الكريمة { ﯤﯥ‬ ‫الراجح أن م‬
‫ﯦ ﯶ} [سورة النس ء‪ .]34 :‬واملقصود باملالمسة يف اآلية اجلامع كام ُِّسه بذل ابن‬
‫يأيت يف كتاب اهلل بمعنى اجلامع { ﮁ ﮂﮃ ﮄﮅ‬ ‫عباس ‪ ƒ‬وأي ا ألن امل‬
‫ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ } [سورة األحزاب‪]3١ :‬‬
‫وأي ا قوله´{ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ } إىل‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )721 / 7‬برقم‪)414( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ ،)702( :‬قال أبو حاتم‪ :‬هذا حديث م طرب املتن‪ .‬انظر "علل‬
‫احلديث"‪)633 / 7( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )12 / 7‬برقم‪)291( :‬‬

‫‪734‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫قوله تعاىل‪ { :‬ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ} [سورة البقرة‪ُ ]348 - 341 :‬يأيت امل‬
‫املرأة سواء كان بشهوة أو‬ ‫واملالمسة بمعنى اجلامع‪ُ ،‬لهذا ال دليل عىل نقض الوضوء بم‬
‫ُنزل منه َشء‪،‬‬ ‫بْري شهوة سواء كانت َحم ْر ًما أو ثري حمرم إال إذا م‬
‫لو كانت امرأة أجنبية ومسها بشهوة ُالْالب أنه ينزل منه َشء‪ ،‬تتحر شهوته ُيخرج‬
‫املذي‪ُ ،‬إن املذي ينزل عند حتر الشهوة أو تفكر يف هذه األمور‪ ،‬ولكن إذا مل ينزل منه َشء‬
‫‪ -‬ال يوجب الوضوء‪،‬‬ ‫‪ -‬جمرد امل‬
‫اَّلل ِ ‪َ ‬و ِر ْجال ََا ِِف ِق ْب َلتِ ِه‬
‫ول ه‬ ‫ني َيدَ ْا رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫والدليل حديث عائشة ~ قالت‪ُ « :‬كن ُْت َأنَا ُم َب ْ َ‬
‫َُ ِإ َذا َس َجدَ َث َم َزنِى َُ َق َب ْ ُت ِر ْج َ هىل َوإِ َذا َقا َم َب َس ْط ُت ُه َام»(‪ )7‬متفق عليه‪ ،‬والْمز يكون باليد‪ ،‬مع أن‬
‫هنا رواية خارج الصحيح «ُْمزين برجله»(‪ .)2‬سواء كان بيده أو برجله ُهذا يدُع القول‬
‫اَّللِ ‪َ ‬ليْ َل ًة‬‫ول ه‬ ‫ت َر ُس َ‬‫بأن م املرأة ينقض الوضوء‪ ،‬وهكذا حديث عائشة~ قالت‪َ َُ « :‬قدْ ُ‬
‫ج ِد و ُمها منْص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن ا ْل ِف َر ِ‬
‫وبتَان»(‪.)4‬‬ ‫اش َُا ْلت ََم ْس ُت ُه َُ َو َق َع ْت َيدا َع َىل َب ْط ِن َقدَ َم ْيه َو ُه َو ِف ا ْ َمل ْس َ َ َ ُ َ‬
‫املرأة واملرأة ال ينتقض وضوؤها أي ا إذا‬ ‫ُفيه أن الرجل ال ينتقض وضوؤه إذا م‬
‫املرأة أو مسته املرأة‪ ،‬سواء‬ ‫مست الرجل لعموم الترشيع وأي ا ال ينتقض وضوؤه سواء م‬
‫املرأة بحديث عائشة األول وهو متفق عليه وسواء مسته املرأة بحديث عائشة الثاين وهو‬ ‫م‬
‫الرجل ولكن‬ ‫املرأة أو كون املرأة مت‬ ‫الذي انفرد به مسلم‪ُ ،‬ال دليل عىل نقض الوضوء بم‬
‫لو نزل َشء ُهذا ناقض ألجل هذا اليشء الذي ينزل‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )26 / 7‬برقم‪ )422( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )67 / 2‬برقم‪)172( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أمحد يف "مسنده" (‪ )3063 / 0‬برقم‪)27626( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )17 / 2‬برقم‪)326( :‬‬

‫‪733‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫َا ْل َف ْر ِج‬ ‫‪‬وقوله‪َ :‬و َم‬


‫َا ْل َف ْرجِ ) أي ا من نواقض الوضوء م‬
‫الفرج‪ ،‬والدليل حديث بِّسة عن النبي‬ ‫( َو َم‬
‫ه َذك ََر ُه َُ ْل َيت ََو هض ْأ»(‪ُ )7‬م الفرج من نواقض الوضوء ولكن ما هو املقصود‬
‫‪َ « :‬م ْن َم‬
‫بالفرج؟ أما ُرج ثري اآلدمي من هذه احليوانات ُال ينقض الوضوء باإلمجاع وأي ا إذا م‬
‫اخلصيتني ال ينتقض وضوؤه باإلمجاع ولكن يبقى ُرج اآلدمي سواء كان ُرج نفسه أو ُرج‬
‫الفرج وما هو الفرج؟‬ ‫الْري‪ ،‬هل ينتقض الوضوء بم‬
‫اجلواب‪ /‬الفرج هو القبل والدبر هذا يف (اللْة) أن الفرج يطلق عىل القبل والدبر‪،‬‬
‫حديث بِّسة وجاء عن مجاعة من الصحابة أن م الفرج ينقض الوضوء‪ُ ،‬هذا هو الراجح‬
‫الذكَر وحديث أم حبيبة ُيه الفرج « َم ْن َم ه َُ ْر َج ُه‬
‫أنه ينتقض الوضوء‪ .‬حديث بِّسة ُيه َ‬
‫َُ ْليَت ََو هض ْأ»(‪.)2‬‬
‫ُإذا كان األمر كذل ُينتقض الوضوء بم القبل أو الدبر ‪-‬حلقة الدبر ‪-‬سواء كان‬
‫من الرجل أو املرأة‪ ،‬وهنا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده « َأي َام َر ُج صل َم ه َُ ْر َج ُه‬
‫َُ ْليَت ََو هض ْأ َو َأي َام ا ْم َرأ َ صة َم هس ْ‬
‫ت َُ ْر َج َها َُ ْل َتت ََو هض ْأ»(‪ )4‬أشار اإلمام أمحد إىل ضعفه‪ ،‬سَل ُقال‪ :‬هو‬
‫بذا ‪ .‬وهكذا ضعفه ابن املنذر‪ ،‬وأما اإلمام البخاري كام نقل عنه‬ ‫حديث الزبيدي ولي‬
‫الرتمذي يف العلل ُهو يصحح احلديث يقول‪ :‬عندي صحيح‪ .‬وهكذا ثبت موقوُا عىل عائشة‬
‫أهنا قالت‪َ « :‬أي َام ا ْم َرأ َ صة َم هس ْت َُ ْر َج َها َُ ْل َتت ََو هض ْأ» ُبهذه األدلة نستفيد أن الرجل إذا م ذكره أو‬
‫دبره ُعليه أن يتوضأ وهكذا املرأة إذا مست قبلها أو دبرها ُعليها أن تتوضأ‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )11 / 7‬برقم‪ ، )7 / 764( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )17 / 7‬برقم‪)727( :‬‬
‫والرتمذي يف "جامعه" (‪ )721 / 7‬برقم‪ ، )22( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )492 / 7‬برقم‪)310( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )702 / 2‬برقم‪ )7146( :‬وأخرجه الطحاوي يف "رشح معاين اآلثار" (‪)11 / 7‬‬
‫برقم‪)319( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أمحد يف "مسنده" (‪ )7302 / 4‬برقم‪ )1701( :‬وابن اجلارود يف "املنتقى" (‪ )71 / 7‬برقم‪ )70( :‬والطحاوي‬
‫يف "رشح معاين اآلثار" (‪ )11 / 7‬برقم‪ )313( :‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )262 / 7‬برقم‪ )143( :‬والبيهقي يف "سننه‬
‫الكبري" (‪ )742 / 7‬برقم‪636( :‬‬

‫‪731‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما املقصود بامل ‪:‬‬


‫ِ‬
‫بالر ْجل وال بأي ع و وإنام هو باليد‪.‬‬ ‫م‬ ‫باليد لي‬ ‫أي امل‬ ‫واملقصود بامل‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬وهل يشرت باطن الكف؟‬
‫استدل بع هم بحديث أيب هريرة ‪« ‬إِ َذا َأ ُْ َىض َأ َحدك ُْم بِ َي ِد ِه إِ َىل َذكَره‪َ ،‬ليْ َ َبيْنه َو َبيْنه‬
‫َشء َُ ْل َيت ََو هض ْأ»(‪ )7‬قالوا ‪:‬‬
‫َ ْ‬
‫‪ ‬أولا‪ :‬اإلُ اء ال يكون إال بباطن الكف‪ ،‬ولكن هذا احلديث أوال‪ :‬ال يصح‪،‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬قال مجاعة من العلامء من أهل اللْة أن اإلُ اء ُيه مطلق الوصول وال‬
‫ُرجه بيده سواء كان بباطن الكف أو كان بظاهرها‪،‬‬ ‫يشرت أن يكون بباطن الكف‪ُ .‬إذا م‬
‫ذكره يف حال االثتسال ‪-‬‬ ‫سواء كان متعمدا أو ثري متعمد ُعليه أن يتوضأ‪ .‬والذي يم‬
‫وهذا حيصل ‪ُ-‬عليه أن يواصل الْسل ثم إذا انتهى من الْسل يتوضأ كام كان يفعل ابن عمر‬
‫‪ ƒ‬كام رواه عنه مال يف املوطأ بالسند الصحيح(‪ )2‬أنه كان يْتسل ثم يتوضأ ُقال له‪ :‬أما‬
‫ذكري ُأتوضأ‪ُ .‬من كان يْتسل‬ ‫جيزي الْسل من الوضوء؟ قال‪ :‬بىل‪ ،‬ولكني أحيانا أم‬
‫الفرج لكن إذا انتهى ُعليه أن يتوضأ‬ ‫من نواقض الْسل م‬ ‫ذكره ُليستمر ألن لي‬ ‫وم‬
‫ألنه قد انتقض وضوؤه‪.‬‬
‫ُرج الْري‪:‬‬ ‫‪ ‬مسألة‪ /‬م‬
‫واملقصود بالفرج ُرج نفسه ال ُرج اآلخرين‪ُ ،‬املرأة إذا ثسلت ُرج ولدها ال دليل عىل أنه‬
‫الذك ََر َُ ْل َيت ََو هض ْأ» (‪ُ )4‬يحمل هذا املطلق عىل املقيد‬
‫جيب عليها أن تتوضأ‪ ،‬وأما رواية « َم ْن َم ه َ‬
‫« َم ْن َم ه َذك ََر ُه َُ ْل َي َت َو هض ْأ»‪ .‬وأما من ُم ه ذكره من ِق َب ِل ثريه ُهذا ال دليل عىل انتقاض وضوئه‬
‫اإلنسان ُرج نفسه‪.‬‬ ‫إذا مل ينزل منه َشء‪ ،‬وإنام الذي ينقض الوضوء أن يم‬

‫(‪ )7‬أخرجه الطرباين يف "األوسط" (‪ )241 / 2‬برقم‪ )412 / 6( ، )7219( :‬برقم‪ )432 / 2( ، )6662( :‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )412 / 2( ، )2243‬برقم‪ )2090( :‬واأللباين يقول إسناده جيد انظر "الصحيحة" برقم (‪)7241‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مال يف "املوطأ" (‪ )10 / 7‬برقم‪)747( :‬‬
‫(‪ )4‬انفرد به عبدالرزاق يف "مصنفه" (‪ )727/7‬برقم (‪)337‬‬

‫‪736‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬قال ¬‪ :‬و َت ْْ ِس ُيل َا ْ َملي ِ‬


‫ت‪.‬‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫( َو َت ْْ ِس ـ ـ ـ ـ ُيل َا ْ َمل ري ِت) من ث ّسـ ـ ـ ـ ـل ميتا ُليتوض ـ ـ ـ ــأ وال دليل عىل هذا‪ ،‬مل يثبت عن النبي ‪‬‬
‫ذل ولكن روي حديث « َم ْن َث هس ـ ـ ـ ـ َل ا ْ َمل ري َت َُ ْل َي ْْ َت ِس ـ ـ ـ ـ ْل َو َم ْن َ َ‬
‫مح َل ُه َُ ْل َيت ََو هض ـ ـ ـ ـ ْأ»(‪ )7‬والراجح أنه‬
‫ضـعيف ال يصــح عن النبي ‪ ،‬وأما إجياب الوضــوء عىل من ثســل امليت ُلم يثبت عن النبي‬
‫‪ ،‬واألصل هو عدم النقض وال ينتقل عن هذا األصل إال بدليل‪،‬‬
‫ُرجــه ُال‬ ‫ُـالقول بــأن هــذا نــاقض حيتــاج إىل دليــل‪ .‬حتى لو قــام بتْس ـ ـ ـ ـ ـيــل امليــت وم‬
‫دليل عىل نق ه‪.‬‬
‫الر هد ُة‪َ :‬و ِه َي ُ ْ‬
‫حتبِ ُط َا ْألَ ْع َام َل ُك هل َها‪.‬‬ ‫‪ ‬قال¬‪ :‬ر‬
‫أل ْع َام َل ُك هل َهـا) واس ـ ـ ـ ـ ـتــدلوا بــاآليــة الكريمــة‪ { :‬ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫الر هد ُة‪َ :‬و ِه َي ُ ْ‬
‫حتبِ ُط َا ْ َ‬ ‫(و ر‬‫َ‬
‫ﯚ } [سورة الزمر‪ ]15 :‬وأي ا قوله تعاىل‪ { :‬ﮰﮱﯓﯔ ﯕ ﯖﯗ } [سورة‬
‫األنع م‪ ]77 :‬والردة هي الرجوع عن اإلس ـ ـ ــالم بفعل ناقض من نواق ـ ـ ــه لكن اآلية الكريمة‬
‫ت ـقــول‪ { :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥﮦ } [س ـ ـ ـ ــورة البقرة‪ ]318 :‬ق هيد اهلل ‪ ‬احلبو لألعامل باملوت عىل الكفر وإال ُهو‬
‫عاود ال حيبط عمله‪ ،‬إنام حبو العمل إذا‬ ‫يقول ‪َ « :‬أ ْس ـ َل ْم َت َع َىل َما َأ ْس ـ َل ْف َت ِم ْن َخ ْ ص‬
‫ري» ُإذا َ‬
‫مــات عىل الكفر ُال دليــل عىل كون الردة من نواقض الوض ـ ـ ـ ــوء‪ ،‬هــذا هو القول الراجح أن‬
‫الردة ال تعترب من نواقض الوضوء لعدم الدليل الظاهر يف كوهنا ناق ا من نواقض الوضوء‪.‬‬
‫‪ ‬قـال¬‪ :‬ل ِ َق ْول ِـ ِه َت َع َاىل‪ { :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [سو و و و و و ووورة‬
‫املائدة‪]٦ :‬‬
‫يعني اس ـ ـ ـ ـ ـتــدل عىل األمور املتقــدمــة يف ق ـ ـ ـ ــاء احلــاجــة من ثــائط أو بول وهكــذا { ﭴ ﭵ‬
‫املرأة كام تقدم‪.‬‬ ‫م‬ ‫ﭶ}املقصود اجلامع ولي‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )712 / 4‬برقم‪)4767( :‬‬

‫‪731‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫إلبِ ِلَ َُ َق َال‪َ « :‬ن َع ْم » َر َوا ُه ُم ْس ـ ـلِ ٌم‪.‬‬‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و ُس ـ ـ َِ َل َالنهبِي‪َ :‬أنَت ََو هض ـ ـ ُأ ِم ْن ُحلُو ِم َا ْ ِ‬
‫لرت ِم ِذي َو َص هح َح ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ِ ص‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َق َال يف َا ْخلُ هف ْني‪َ « :‬و َلك ْن م ْن َثائط َو َب ْول َون َْو صم» َر َوا ُه الن َهسائي َو َا ر ْ‬
‫نعم‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬وهذا ُيه أن النوم ناقض للوضوء‬
‫‪ ‬مســألة‪ :‬رجل صــىل اجلامعة وشــعر بأنه ســينزل منه البول ُســلم قبل أن يســلم اإلمام‪ ،‬هل‬
‫صالته صحيحة؟‬
‫اجلواب‪ :‬واهلل أعلم أن صالته صحيحة‪ُ ،‬األنصاري حينام أطال معاذ‪ ¢‬انرصف ومل‬
‫يواصل ومل يأت أنه استأنف الصالة بل تنحى وواصل صالته‪ُ ،‬عدم املواصلة مع اإلمام ال‬
‫تبطل الصالة ولكن إذا كان متعمدا لْري عذر ُيكون آثام وإذا كان له عذر ُعندنا حديث الفتى‬
‫األنصاري‪ .‬وهذا الذي يظهر كان له عذر يعني يشق عليه الوضوء أو مصاب بيشء أو الوقت‬
‫ضيق أو وراءه أعامل‪ ،‬وهو جازم بنزول البول‪ ،‬إذا كان له عذر ‪-‬واهلل أعلم ‪-‬قد يعذر‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬من مسح عىل العاممة هل يرشع أن يمسح أذنيه؟‬
‫اجلواب‪ :‬نقل ابن قدامة اإلمجاع(‪ )7‬عىل أنه ال يرشع أن يمسح‪ ،‬لكن اهلل أعلم‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل دم االستحاضة من نوا قض الوضوء؟‬
‫اجلواب‪ :‬نعم‪ ،‬الذي يظهر‪ ،‬وإن كانت لفظة «وتوضـ ـ ــَي لكل صـ ـ ــالة» (‪ )2‬ثري حمفوظة‬
‫ولكن هذا الدم خارج من أحد السبيلني ُهو يوجب الوضوء‪.‬‬

‫(‪ )7‬املْني البن قدامة (‪)229 /7‬‬


‫(‪)2‬أخرجه أمحد يف مسنده (‪ )6721/77‬برقم (‪ ،)2642‬وابن حبان يف "صحيحه" (‪ )722 / 3‬برقم‪ ،)7413( :‬قال‬
‫النووي‪ :‬أسقطها مسلم ألهنا مما انفرد به محاد‪ ،‬انظر "عمدة القاري رشح صحيح البخاري"‪)479 / 4( :‬‬

‫‪732‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل ال َع َرق الذي خيرج من السبيلني ينقض الوضوء؟‬


‫اجلواب‪ :‬الظــاهر أنــه ال يكون من البــاطن – واهلل أعلم – وإال إذا كــان هــذا السـ ـ ـ ـ ــائــل‬
‫خيرج من أحد السبيلني ُهو ناقض‪.‬‬
‫‪ ‬مس ـ ــألة ‪ /‬من ص ـ ــىل بالناس وذكر أنه أحدط واس ـ ــتحيى أن خيرج من الص ـ ــالة ُامذا‬
‫عليه؟‬
‫اجلواب‪ :‬عليه أن يتوب ويستْفر ُقد ُعل أمرا حمرما‪.‬‬
‫الذكر أن يكون بدون حائل؟‬ ‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل يشرت يف م‬
‫الذكر أو الفرج ناق ـ ًا للوضــوء إذا كان مبارشة أما إذا كان مع‬ ‫اجلواب‪ :‬إنام يكون م‬
‫احلائل ُال ينقض الوضوء‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬ما صحة احلديث «إنام هو ب عة من » وكيف اجلمع؟‬
‫اجلواب‪ /‬احل ــديـ ــث من طريق عيل بن طلق بن عيل وهو جمهول احلـ ــال(‪ ،)7‬يقول أبو‬
‫بالقوي وهو ال يصح (‪)2‬‬ ‫حاتم وأبو زرعة‪ :‬لي‬

‫لعيل بن طلق هذا إال حديث ًا واحد ًا وهو «إذا ُسا أحدكم ُليتوضأ‪ ،‬وال تأتوا النساء يف أعجازهن »انظر " العلل‬ ‫(‪ )7‬لي‬
‫بن طلق عن أبيه‪ ،‬واحلديث أخرجه ابن اجلارود يف‬ ‫الكبري للرتمذي" (‪ )39/34‬الخ ‪ ،‬وكل طرق احلديث عن قي‬
‫"املنتقى" (‪ )76 / 7‬برقم‪ )76 / 7( ، )29( :‬برقم‪ )27( :‬وابن حبان يف "صحيحه" (‪ )392 / 4‬برقم‪/ 4( ، )7770( :‬‬
‫‪ )394‬برقم‪ )393 / 4( ، )7729( :‬برقم‪ )7727( :‬وال ياء املقدي يف "األحاديث املختارة" (‪ )712 / 2‬برقم‪:‬‬
‫(‪ )714 / 2( ، )762‬برقم‪ )764( :‬والنسائي يف "املجتبى" (‪ )12 / 7‬برقم‪ )7 / 761( :‬والنسائي يف "الكربا" (‪/ 7‬‬
‫‪ )741‬برقم‪ )769( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )12 / 7‬برقم‪ ، )722( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )721 / 7‬برقم‪)21( :‬‬
‫وابن ماجه يف "سننه" (‪ )493 / 7‬برقم‪ )324( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )4136 / 1‬برقم‪ )76134( :‬وثريهم‪.‬‬
‫بن طلق الذي روا احلديث عن أبيه كام سبق‪ ،‬انظر "سنن الدارقطني"‪4( :‬‬ ‫(‪ )2‬أبو حاتم والدارقطني إنام قاال هذا يف قي‬
‫‪ )771 /‬برقم‪ ،)2722( :‬و"اذيب التهذيب"‪)319 / 4( :‬‬

‫‪730‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل االستنجاء من الوضوء؟‬


‫من ُروض الوضوء وال من مستحباته إنام هو أمر مستقل‪.‬‬ ‫اجلواب‪ :‬االستنجاء لي‬
‫‪ ‬مس ــألة ‪ /‬رجل ذهب إىل املس ــجد ُأقيمت الص ــالة ُأراد أن يتوض ــأ ُلم جيد ماء إذا‬
‫رجع إىل البيـت ليتوض ـ ـ ـ ــأ س ـ ـ ـ ــتفوتـه اجلامعة‪ُ ،‬هل له أن يتيمم ويدخل مع اجلامعة أو يرجع إىل‬
‫البيت ليتوضأ؟‬
‫اجلواب‪ :‬ال ــذي يظهر أن ــه يرجع إىل البي ــت ألن امل ــاء موجود واهلل ‪ ‬يقول‪ { :‬ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ} [سورة الم دة‪.]1 :‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل تقبيل املرأة ينقض الوضوء؟‬
‫وليحذر املق ربل ال‬
‫ْ‬ ‫اجلواب‪ :‬تقبيل املرأة ومسها ال ينقض الوضوء إال إذا نزل منه َشء‪،‬‬
‫يكون قد نزل َشء وهو ال يشعر‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬ما حكم رذاذ البول إذا كان يتكرر دائام؟‬
‫اجلواب‪ :‬خروج البول ناقض الوضـوء‪ ،‬إذا كان املقصـود ب ـ ـ ـ ـ ـ(الرذاذ) يعني رشح البول‬
‫ُخروج البول ناقض للوضوء‪ ،‬ومن ابتيل بيشء مستمر ُعليه أن يتوضأ لكل صالة‪.‬‬
‫‪ ‬مسـ ـ ــألة‪ :‬كيف يفعل صـ ـ ــاحب األنبوب الذي يف الذكر كونه يبقى ُيه ُرتة وخروج‬
‫البول مستمر؟‬
‫اجلواب‪ :‬عليه أن يتوضأ لكل صالة‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل جيوز الوضوء يف احلامم؟‬
‫اجلواب‪ :‬نعم‪ ،‬ال مانع أن تتوضأ داخل احلامم‪.‬‬
‫البول ينقض الوضوء؟‬ ‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل سل‬
‫عليه أن يتوضـأ لكل صالة‪ ،‬إذا توضأ لصالة املْرب وصىل‬ ‫اجلواب‪ :‬صـاحب السـل‬
‫املْرب مع النواُل ُإذا جاء العشــاء ُعليه أن يتوضــأ إال إذا مل ينزل َشء بني املْرب والعشــاء‬
‫ُله أن يصيل بوضوء املْرب‪.‬‬

‫‪719‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وهكذا لو توضأ يف الظهر ومل خيرج َشء بني الظهر والعرص ُله أن يصيل بوضوء الظهر‪،‬‬
‫ما يكاد يستمس عندهم البول الساعة والساعتني‬ ‫أما إذا نزل َشء كعادة أصحاب السل‬
‫ُعليه أن يتوضأ لكل صالة‪ُ ،‬إذا توضأ لصالة الظهر يصيل الناُلة والفري ة وهكذا يف العرص‬
‫ويف املْرب ويف العشاء ويف الفجر وحياول أن يتوضأ يف أقرب وقت إىل الصالة‪ ،‬إذا استطاع‬
‫أن يتوضأ بعد دخول الوقت ُهذا األُ ل وإذا كان هنا زمحة يف احلاممات كطالب العلم‬
‫مثال يف املركز هنا زمحة بعد األذان وهو يريد أن يتقدم إىل الصف األول أو يصيل أو كذا ُله‬
‫أن يتوضأ ولو قبل دخول الوقت‪.‬‬
‫الذكر باليد اليمنى عند االستجامر له؟‬ ‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل جيوز م‬
‫اجلواب‪ :‬نعم‪ ،‬وتقــدم أن النهي إنام يف حــال التبول وأمــا يف حــال االس ـ ـ ـ ــتنجــاء ُال بـأس‬
‫ول» (‪)7‬أما يف ثري حال التبول ُال بأس‪.‬‬ ‫قال ‪« :‬الَ ُي ْم ِس َك هن َأ َحدُ ك ُْم َذ َك َر ُه بِ َي ِمين ِ ِه َو ُه َو َي ُب ُ‬

‫‪ ‬مسألة ‪ /‬كم مقدار املاء الذي يتوضأ به؟‬


‫اجلواب‪ :‬الواجب أال يِّسف‪ ،‬وكان النبي ‪ ‬يتوضأ باملقدار اليسري يْتسل بالصاع‬
‫ويتوضأ باملد واملدين‪.‬‬
‫الذكر ثم األمر بالوضوء؟‬ ‫‪ ‬مسألة ‪ /‬كيف جيمع بني صحة الْسل مع م‬
‫اجلواب‪ :‬نعم‪ ،‬هو اآلن ال يتوض ـ ــأ ويْتس ـ ــل ُإذا م ذكره يوا ص ـ ــل الْس ـ ــل واهلل ´‬
‫يقول{ ﭣ ﭤﭥﭦﭧ } [ســورة الم دة‪ُ ]1 :‬يوا صــل الْســل ُإذا انتهى توضــأ «الَ‬
‫ال َة َأ َح ِدك ُْم إِ َذا َأ ْحدَ َ‬
‫ط َحتهى َيت ََو هض َأ»‪ ،‬ال إشكال إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫َي ْق َب ُل اهلل َص َ‬

‫(‪ )7‬أخرجه ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪)261( :‬‬

‫‪717‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مســألة ‪ /‬رجل توضــأ ُبعد أن أكمل وضــوئه؛ رأا بقعة يف عقبه مل يصــل إليها املاء‪،‬‬
‫ُامذا يفعل؟ هل يدلكها أم يْسل رجله أم يعيد الوضوء؟‬
‫اجلواب‪ :‬القدم واجب ثسـ ــلها والْسـ ــل ثري املسـ ــح وثري الن ـ ــح وثري التبليل ُال بد‬
‫أن جيري املاء عىل الع ـ ـ ــو حتى يكون قد ثسـ ـ ــل هذا الع ـ ـ ــو الواجب ثسـ ـ ــله‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫بقعة ناش ـ ـ ــفة وذهب يبللها باملاء‪ُ ،‬ال! ألن من رش الْس ـ ـ ــل جريان املاء عىل الع ـ ـ ـو‪ُ ،‬إذا‬
‫حص ـ ـ ـ ــل هـذا يف وقـت يس ـ ـ ـ ــري ُهـذا ال بـأس وأمـا إذا طـالت املدة وطال الفص ـ ـ ـ ــل ُكام تقدم أن‬
‫املواالة واجبة مع القدرة وعدم الفصل الكثري‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل من نزع خفيه يعيد الوضوء؟‬
‫اجلواب‪ :‬نزع اخلفني ال ينقض الوض ـ ـ ـ ــوء ولكن نزع اخلفني بع ــد املس ـ ـ ـ ــح عليهام يمنع‬
‫واملس ـ ـ ـ ــح عليهام مرة أخرا‪ُ ،‬نزع اخلفني ال دليــل عىل أنــه ينقض‬ ‫املــاس ـ ـ ـ ــح من إعــادة اللب‬
‫الوضــوء‪ .‬مثال‪ :‬رجل مســح عىل خفيه ثم نزع ُله أن يصــيل طاملا الوضــوء باقيا هبذه الطهارة‪،‬‬
‫ولكن يمنع من إعـ ــادة اللب واملس ـ ـ ـ ــح مرة أخرا لقول النبي ‪َ « ::‬د ْع ُه َام َُ ـ ـ ِإ رين َأ ْد َخ ْلت ُُه َام‬
‫ني» ُلو نزع ثم أعاد اللب مل يعد لبس ـ ــهام عىل طهارة ُال يص ـ ــح له أن يمس ـ ــح وهذا هو‬ ‫َط ِ‬
‫اه َر َت ْ ِ‬
‫الراجح‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬ما هو الراجح يف مسألة القلنسوة وما هي القلنسوة يف عرصنا؟‬
‫اجلواب‪ :‬القلنسـ ـ ـ ــوة هي الكوُية‪ ،‬واجلمهور من أهل العلم عىل عدم املسـ ـ ـ ــح عىل القلنسـ ـ ـ ــوة‬
‫وهو األقرب‪ُ ،‬ــاألصـ ـ ـ ـ ــل أن املس ـ ـ ـ ــح يكون عىل الرأس مبــارشة وجــاءت األدلــة بــذكر العامئم‬
‫والعص ــائب‪ُ ،‬ام دخل يف هذا يمس ــح عليه أما القلنس ــوة الكوُية العادية هذه ال يمس ــح عليها‬
‫عىل الراجح أما إذا كانت ض ـ ــخمة وهنا مش ـ ــقة يف نزعها ُهذه أجاز ش ـ ــيخ اإلس ـ ــالم املس ـ ــح‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬شخص أصيب باحلروق يف كفه ُكيف يستنجي باملاء؟‬
‫اجلواب‪ :‬إذا كان املقصود أنه باليِّسا ُيمكن باليمنى‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪712‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ب َا ْل ُْ ْس ُل ِم َن‪َ :‬ا ْجلَن ََاب ِة‪َ :‬و ِه َي‪ :‬إِن َْز ُال َا ْ َملن ِ ري بِ َو ْ صء َأ ْو َث ْ ِ‬
‫ري ِه‪.‬‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َجيِ ُ‬
‫هذا الباب باب موجبات الْســل يعني األســباب التي توجب الْســل‪ .‬وال ُْ ْس ـل بال ــم‬
‫مع إس ــكان الس ــني وهو س ــيالن املاء أو جريانه عىل األع ــاء‪ .‬وهذا الْس ــل له أس ــباب جتعله‬
‫واجب ًا‪ ،‬وهنا أثسال مستحبة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هي األثسال الواجبة؟‬
‫ري ِه)‪ .‬أول موجبات الْسـ ـ ــل إنزال‬ ‫(و ِه َي إِن َْز ُال َا ْملَن ِ ري بِ َو ْ صء َأ ْو َث ْ ِ‬
‫قال‪( :‬اجلَن ََابة)‪ :‬قال‪َ :‬‬
‫املني‪ ،‬واملني خيرج من الرجل واملرأة وهو بالنسـ ــبة للرجل كام تقدم يف النجاسـ ــات أنه سـ ــائل‬
‫كــالبيض وإذا كــان ثري‬ ‫أبيض ثخني خيرج عنــد الش ـ ـ ـ ــهوة بتــدُق ويعقبــه ُتور ورائحتــه إذا يب‬
‫كطلع النخل الذي يشبه رائحة العجني‪.‬‬ ‫ياب‬
‫هـذا هو األص ـ ـ ـ ــل يف الرجـل الص ـ ـ ـ ــحيح البـدن أنه يكون هبذا الوص ـ ـ ـ ــف‪ ،‬وأحيانا يتْري‬
‫صـفته إما ملرض أو لكثرة اخلروج‪ .‬وأما بالنسـبة للمني يف املرأة ُهو رقيق أصفر خيرج بشهوة‬
‫ويعقبه ُتور ورائحته كرائحة مني الرجل‪.‬‬
‫ُنزول املني موج ــب للْس ـ ـ ـ ـ ــل لقول النبي ‪ ‬كام يف ح ــدي ــث أيب س ـ ـ ـ ــعي ــد‪« :‬ا ْ َمل ـا ُء ِم َن‬
‫اء»(‪)7‬رواه مسلم‪ ،‬يعني ماء الْسل إذا خرج املاء من الرجل واملرأة‪.‬‬ ‫امل ِ‬
‫َْ‬

‫(‪ )7‬أخرجه ومسلم يف "صحيحه" (‪ )721 / 7‬برقم‪)434( :‬‬

‫‪714‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ول اَّللِ‬
‫وهكذا يف حديث أم ســلمة قالت‪َ :‬جا َء ْت ُأم ُسـ َل ْي صم إِ َىل النهبِ رى ‪َ َُ ‬قا َل ْت‪َ « :‬يا َر ُسـ َ ه‬
‫اَّللِ ‪َ « :‬ن َع ْم‬ ‫ِ ِ‬ ‫اَّلل الَ َي ْست َْح ِيى ِم َن ْ‬
‫احلَ رق َُ َه ْل َع َىل ا ْمل َْرأ َة م ْن ُث ْس صل إِ َذا ْ‬
‫اح َت َل َم ْت َُ َق َال َر ُس ُ‬
‫ول ه‬ ‫إِ هن ه َ‬
‫ت ا ْ َملـا َء » (‪)7‬متفق عليـه‪ُ .‬خروج املني س ـ ـ ـ ــواء كان بو ء يعني مجاع ‪-‬وس ـ ـ ـ ــيأيت أن من‬ ‫إِ َذا ر َأ ِ‬
‫َ‬
‫موجبات الْس ـ ـ ــل اجلامع – أو ثريه مثل االحتالم أو بفعل اليد كاالس ـ ـ ــتمناء وإن كان حراما‬
‫ولكن يــذكرونــه وإذا نزل املني بــأي طريقــة كــانــت أو بنظر أو بس ـ ـ ـ ــامع‪ُ ،‬كيفام نزل املني ُهو‬
‫يوجب الْسل‪.‬‬
‫بالنس ــبة لالحتالم حلديث أم س ــلمة املتقدم قالت‪َ :‬جا َء ْت ُأم ُس ـ َل ْي صم إِ َىل النهبِ رى ‪َ َُ ‬قا َل ْت‬
‫ِ ِ‬ ‫اَّلل الَ َي ْس ـت َْح ِيى ِم َن ْ‬ ‫ول ِ‬
‫ول‬ ‫احلَ رق َُ َه ْل َع َىل ا ْمل َْرأ َة م ْن ُث ْس ـ صل إِ َذا ْ‬
‫اح َت َل َم ْت َُ َق َال َر ُس ـ ُ‬ ‫اَّلل إِ هن ه َ‬
‫َيا َر ُس ـ َ ه‬
‫ت ا ْ َملـا َء» ُـاالحتالم أن يرا النـائم يف نومـه ش ـ ـ ـ ــيَـا من هـذه األمور‪ُ ،‬من‬ ‫اَّللِ ‪َ « :‬نعم إِ َذا ر َأ ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ه‬
‫احتلم ونزل منه املني ُهذا موجب للْسل سواء كان بو ء أي مجاع أو بْريه كاالحتالم‪.‬‬
‫‪ ‬االحتالم له أربع حاالت‪:‬‬
‫‪ ‬احلالة األوىل‪ :‬أن يتذكر االحتالم ويصبح ويرا البلل‪ُ ،‬هذا يوجب الْسل بدون‬
‫خالف حلديث أم سلمة وأيب سعيد ‪ƒ‬‬
‫‪ ‬احلــالــة الثــانيــة‪ :‬أنــه ال يــذكر االحتالم ولكن يص ـ ـ ـ ــبح ويرا البلــل الــذي هو املني‪،‬‬
‫ُهذا يوجب أي ـ ــا الْس ـ ــل ونقل ثري واحد اإلمجاع عليه‪ ،‬والدليل حديث أيب س ـ ــعيد‪َ ْ « :‬‬
‫املا ُء‬
‫اء» هو اآلن رأا املاء الذي هو املني ُإذن واجب عليه إُاضـ ـ ـ ــة املاء وهو ماء الْسـ ـ ـ ــل‬ ‫امل ِ‬
‫ِم َن ْ َ‬
‫حلديث أيب سعيد‪.¢‬‬
‫‪ ‬احلالة الثالثة‪ :‬يذكر االحتالم وال جيد املاء؛ إذا أصبح ويذكر أنه يف منامه رأا شيَا ولكن‬
‫ُيها بلل وال أثر‪ُ ،‬هذا ال يوجب الْسل‬ ‫ناشفة لي‬ ‫يصبح وجيد املالب‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صـ ـ ــحيحه" (‪ )42 / 7‬برقم‪ )63 / 7( ، )749( :‬برقم‪ )742 / 3( ، )222( :‬برقم‪، )4422( :‬‬

‫(‪ )23 / 2‬برقم‪ )20 / 2( ، )6907( :‬برقم‪ )6727( :‬ومس ــلم يف "ص ــحيحه" (‪ )712 / 7‬برقم‪)712 / 7( ، )474( :‬‬
‫برقم‪)474( :‬‬

‫‪713‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ونقل بع هم اإلمجاع وخالف بعض أهل العلم وهو خالف شاذ‪ُ ،‬هذا قول عامة أهل العلم‬
‫َاء» وهذا تذكر االحتالم ومل ير املاء‪ ،‬ويف حديث‬ ‫امل ِ‬
‫املَا ُء ِم َن ْ‬
‫أنه ال يوجب الْسل‪ ،‬للحديث‪ْ « :‬‬
‫املَا َء» هبذا الرش ‪ ،‬وأي ا حديث َأ هن ُأ هم ُس َل ْي صم َحده َث ْت َأ ههنَا َس َأ َل ْت‬ ‫ت ْ‬ ‫أم سلمة قال‪َ « :‬نعم إِ َذا ر َأ ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫ت َذل ِ ِ ا ْ َمل ْرأ َ ُة‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نَبِى ِ‬
‫اَّلل ‪« :‬إِ َذا َر َأ ْ‬ ‫اَّلل ‪َ ‬ع ِن ا ْمل َْرأ َ ة ت ََرا ِف َمنَام َها َما َي َرا ه‬
‫الر ُج ُل َُ َق َال َر ُس ُ ه‬ ‫ه ه‬
‫َُ ْل َت ْْت َِس ْل»(‪ُ)7‬لي بمجرد االحتالم يوجب الْسل‪ .‬قال‪ :‬إذا هي رأت املاء‪ ،‬هبذا الرش ‪.‬‬
‫‪ ‬احلالة الرابعة‪ :‬إذا أص ـ ــبح جيد بلال اش ـ ــتبه عليه هل هو مني أو مذي أو بول أو َشء آخر‬
‫وال يتذكر احتالما‪ ،‬وما اســتطاع أن يميزه‪ُ .‬هل يْتســل أو ال يْتســل؟ منهم من ُصــل‪ :‬قال‪:‬‬
‫ينظر هــل كــان يفكر يف َشء قبــل نومــه ُــإذا ُكر يف َشء ُــإن التفكري يف الْــالــب يعقبــه نزول‬
‫املـذي‪ ،‬وذكروا ش ـ ـ ـ ــيَــا من هــذا‪ .‬لكن عىل ك ٍّـل‪ ،‬إذا اش ـ ـ ـ ــتبــه عليــه ومل جيزم أنـه مني أو ثري مني‬
‫ُـالراجح‪-‬واهلل أعلم ‪-‬أنـه ال جيب عليه الْس ـ ـ ـ ــل بقاء عىل األص ـ ـ ـ ــل أما األحاديث‪َ « :‬ن َع ْم إِ َذا‬
‫اء» املقصود هو املاء املعروف بصفته وهو ماء املني أما إذا كان بلال‬ ‫امل ِ‬
‫املا ُء ِم َن ْ َ‬
‫املا َء»‪َ ْ « ،‬‬
‫ت َْ‬‫ر َأ ِ‬
‫َ‬
‫ال يــدري موجبــه ومــا هو؟! ُقول اجلمهور أنــه ال يوجــب الْس ـ ـ ـ ـ ــل ولكن يقولون‪ :‬يْتس ـ ـ ـ ـ ــل‬
‫احتياطا قد يكون منيا‪ُ ،‬قول اجلمهور هو األرجح أنه ال جيب إذا تشـ ـ ــك ولكن إذا اثتسـ ـ ــل‬
‫احتياطا ُهذا إليه أما من حيث الوجوب ُال جيب‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬نزول املني ملرض أو لربد‪:‬‬
‫نزول املني يوجــب الْس ـ ـ ـ ـ ــل ولكن نزولــه عىل وجــه املعتــاد أمــا إذا نزل املني ملرض أو‬
‫لربد‪ ،‬بع ـ ــهم قد يص ـ ــاب بحادط ُيؤدي إىل نزول املني بش ـ ــكل مس ـ ــتمر وهو مس ـ ــتيقظ وما‬
‫يشــعر ببلل وإذا باملني قد نزل؛ قد يصــاب بدقة يف الصــلب الذي هو موضــع خروج املني كام‬
‫قال اهلل تعاىل‪ { :‬ﭭ ﭮ ﭯﭰﭱ } [سورة الط رق‪]8 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )712 / 7‬برقم‪)477( :‬‬

‫‪711‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫و قــد يصـ ـ ـ ـ ــاب بربد أو يصـ ـ ـ ـ ــاب بــأي نوع من أنواع املرض ُيؤدي إىل نزول املني بــدون‬
‫احتالم أو مجاع أو ثريمها‪:‬‬
‫الراجح أنه يوجب الْســل‪ ،‬وهذا قول الشــاُعية(‪)7‬خالُا للجمهور لعموم األحاديث‪:‬‬
‫امل ِ‬
‫اء»‬ ‫املا ُء ِم َن ْ َ‬
‫« َْ‬
‫قـال‪َ « :‬نعم إِ َذا ر َأ ِ‬
‫ت ا ْ َملـا َء» هذا هو الراجح أنه يوجب الْس ـ ـ ـ ــل للعموم؛ كام أن خروج‬ ‫َ ْ َ‬
‫الْـائط والبول واملـذي والنوم بـأي ش ـ ـ ـ ـ ـكْل كان؛ يوجب الوض ـ ـ ـ ــوء وينقض الوض ـ ـ ـ ــوء ُهكذا‬
‫خروج املني يوجب الْسل‪ ،‬وهذا نادر‪.‬‬
‫َاء َحتهى َت َشـ هق َق‬ ‫وأما اسـتدالَم بحديث عيل‪ُ « :‬كنْت رج ًال م هذاء َُجع ْلت َأ ْث َت ِسـ ُل ِيف ال رشـت ِ‬
‫ُ َ ُ َ ً َ َ ُ‬
‫َظ ْه ِري َقـ َال َُـ َذك َْر ُت َذل ِـ َ لِلنهبِ ري ‪َ ‬أ ْو ُذكِ َر َل ُه َق َال َُ َق َال‪َ « :‬ال َت ْف َع ْل إِ َذا َر َأيْ َت ا ْمل َْذ َي َُا ْث ِسـ ـ ـ ـ ـ ْل‬
‫املا َء َُا ْث َت ِس ـ ـ ْل» (‪ُ )2‬هو هبذا اللفظ ال يصـ ــح‬ ‫َذك ََر َ َوت ََو هض ـ ـ ْأ ُو ُض ـ ـو َء َ لِل هص ـ ـ َال ِة َُ ِإ َذا َُ َ ـ ـ ْخ َت ْ َ‬
‫وأصــل احلديث‪َ « :‬ي ْْ ِس ـ ُل َذك ََر ُه َو َيت ََو هض ـ ُأ» ُرواه بعض الرواة هبذا اللفظ وهو ال يصــح‪ِ َُ « .‬إ َذا‬
‫َُ َ ـ ـ ـ ـ ـ ْخـ َت» هو الــدُع والرمي واحلــذف وَــذا يف بعض الروايــات «إذا حــذُــت ُــاثتس ـ ـ ـ ــل من‬
‫ُهذا ال يصــح وهو عمدة اجلمهور يف التفريق بني‬ ‫اجلنابة وإذا مل تكن حاذُا ُال تْتســل»(‪.)4‬‬
‫الوجه املعتاد ُيوجب الْســل وثري الوجه املعتاد ُال يوجب الْســل ولكن احلديث ال يصــح‬
‫ُاألص ـ ــل أنه يوجب الْس ـ ــل وإن ش ـ ــق عليه يتيمم‪ ،‬وهذا نادر أن ينزل املني بش ـ ــكل مس ـ ــتمر‬
‫بسبب أمراض أو ثريها‪.‬‬

‫(‪ )7‬انظر احلاوي يف ُقه الشاُعي (‪)422- 427/7‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه وأبو داود يف "سننه" (‪ )24 / 7‬برقم‪ ،)296( :‬و النسائي يف "الكربا" (‪ )712 / 7‬برقم‪ ،)701( :‬وأمحد يف‬

‫"مسنده" (‪ )236 / 7‬برقم‪ ،)224( :‬قال األلباين "صحيح‬


‫(‪ )4‬قال العالمة األلباين‪ :‬أخرجه أمحد بسند حسن أو صحيح‪ ،‬انظر‪" :‬إرواء الْليل" عند حديث رقم (‪)521‬‬

‫‪716‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬لو انكِّس الصلب وجعل املني خيرج منه‪:‬‬


‫خروج املني من موضـعه املعتاد هو الذي يوجب الْسل أما لو انكِّس الصلب – وهذا‬
‫أي ـ ــا مسـ ــألة نادرة ولكن ذكرها أهل العلم – وجعل املني خيرج منه ُقول عامة أهل العلم‬
‫أنه ال يوجب الْسل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬إِن َْز ُال َا ْملَن ِ ري بِ َو ْ صء َأ ْو َث ْ ِ‬
‫ري ِه) وهذا من الرجال والنس ــاء كام تقدم س ــواء كان املني‬
‫قليال أو كثريا ولو قطرات من مني توجب الْسل‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬لو حتر املني ومل ينزل‪ُ ،‬هل يوجب الْسل؟‬
‫اجلواب‪ /‬اجلمهور(‪)7‬عىل أنـه ال يوجـب الْس ـ ـ ـ ــل‪ ،‬وهذا هو الراجح ورجحه ابن قدامة‬
‫املا َء» وحديث‬ ‫وش ـ ـ ــيخ اإلس ـ ـ ــالم ابن تيمية ألن العربة بخروج املاء لقوله ‪َ « :‬نعم إِ َذا ر َأ ِ‬
‫ت َْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫امل ِ‬
‫اء» وخالف اإلمام أمحد يف روايته املش ـ ـ ــهورة وطائفة قالوا ‪ :‬ال يتص ـ ـ ــور أن‬ ‫املا ُء ِم َن ْ َ‬
‫آخر‪َ ْ « :‬‬
‫يتحر وال خيرج وال يظهر وإنام ال بد أن خيرج ولو بعد حني‪.‬‬
‫ُهم أوجبوا بمجرد التحر والراجح قول اجلمهور لظاهر األحاديث ألنه قد ينحب‬
‫كام أن دم احليض العربة بخروجه وظهوره قد تشعر املرأة بتحر دم احليض قبل املْرب بعرش‬
‫دقائق وهي صائمة يف رم ان‪ُ ،‬ال يفسد صومها إال إذا خرج من املوضع أما جمرد التحر‬
‫ُال يفسد الصوم‪ ،‬وهكذا بالنسبة للمني إذا شعر بتحركه ُال يوجب الْسل وكذا املرأة حتى‬
‫يظهر‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا اثتسل اإلنسان من اجلنابة ثم خرج منه املني‪:‬‬
‫إذا اش ــتبه عليه هل هو من بقايا املني األول الذي اثتس ــل ألجله أو مني جديد‪ُ ،‬الذي‬
‫يظهر لعموم األدلة أنه واجب عليه إعادة الْسل‪.‬‬

‫(‪ )7‬انظر املجموع رشح املهذب (‪ ،)739 /2‬و املْني البن قدامة (‪)731 /7‬‬

‫‪711‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا خرج من ُرج املرأة مني الرجل بعد ثسلها‪:‬‬


‫إذا خرج من ُرجها مني الرجل بعد ثس ـ ـ ــلها‪ُ ،‬الراجح هنا أنه يوجب عليها الوض ـ ـ ــوء‬
‫ُقط‪.‬‬
‫اخلتَان ْ ِ‬
‫َني‪.‬‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬أو بِا ْلتِ َق ِ‬
‫اء ْ ِ‬
‫ْ‬
‫َني) املوجب الثاين التقاء اخلتانني‪ :‬ختان الرجل وختان املرأة وهذا كناية عن‬ ‫اخلتَان ْ ِ‬ ‫( َأو بِا ْلتِ َق ِ‬
‫اء ْ ِ‬
‫ْ‬
‫حص ــول اجلامع‪ ،‬من موجبات الْس ــل أي ــا حص ــول اجلامع أن يلتقي اخلتانان وهذا ال يكون‬
‫إال بإيالج احلشفة‪ُ ،‬ال جيب الْسل إال اإليالج ‪-‬إيالج ع و الرجل يف ع و املرأ ة‪.‬‬
‫جمرد اإليالج يوجب الْسل وإن مل ينزل‬
‫اإليالج يوجب الْسل بإمجاع أهل العلم وإن مل ينزل؛ وهو قول عامة أهل العلم وهنا‬
‫خالف يسري‪ .‬اجلامع يوجب الْسل‪ ،‬ولي من رش وجوب الْسل حصول اإلنزال بل‬
‫بمجرد اإليالج يف الفرج جيب الْسل وإن مل ينزل لعموم احلديث «إِ َذا َج َل َ َب ْ َ‬
‫ني ُش َعبِ َها األَ ْر َب ِع‬
‫ب َع َليْ ِه ا ْل ُْ ْس ُل»(‪َ )7‬و ِِف رواية مسلم « َوإِ ْن َمل ْ ُين ِْز ْل»(‪ ،)2‬وكان يف أول اإلسالم‬
‫ُث هم َج َهدَ َها َُ َقدْ َو َج َ‬
‫أن من جامع ومل ينزل أنه ال جيب عليه الْسل ثم نسخ ذل كام يف حديث أيب بن كعب كانت‬
‫ُُتْيا يف أول اإلسالم ثم نسخت(‪ ، )4‬والنبي ‪ ‬سَل عن ذل بحَّضة عائشة «إِنرى ألَ ُْ َع ُل َذل ِ َ‬
‫َأنَا َو َه ِذ ِه ُث هم َن ْْت َِس ُل»(‪ُ .)3‬الراجح وهو قول عامة أهل العلم أنه بمجرد اجلامع جيب الْسل‬
‫وإن مل ينزل يف الفرج والفرج عند اجلمهور يطلق عىل القبل والدبر مع التنبيه عىل أن الو ء‬
‫يف الدبر حرام ال جيوز واعتربه العلامء اللوطية الصْرا { ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ }}ﯨ [سورة البقرة‪ ]334 :‬يعني يف موضع واحد الذي أباحه اهلل ´‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )66 / 7‬برقم‪)207( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )726 / 7‬برقم‪)432( :‬‬

‫(‪)4‬أخرجه‪ :‬أبو داود يف "سننه" (‪ )26 / 7‬برقم‪ ،)271( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )423 / 7‬برقم‪ ،)690( :‬وأمحد يف‬

‫"مسنده" (‪ )3092 / 0‬برقم‪)27302( :‬‬


‫(‪ )3‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )721 / 7‬برقم‪)419( :‬‬

‫‪712‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ُاجلامع يوجب الْسل وإن كان مع احلائل لعموم احلديث «إِ َذا َج َل َ َب ْ َ‬
‫ني ُش َعبِ َها األَ ْر َب ِع‬
‫ب َع َل ْي ـ ِه ا ْل ُْ ْس ـ ـ ـ ـ ـ ُل» وال ُرق بني أن يكون هــذا احلــائــل ثخينــا أو خفيفــا‪،‬‬
‫ُث هم َج َه ـدَ َه ـا َُ َق ـدْ َو َج ـ َ‬
‫ُمجرد اإليالج يعني إيالج ع ـ ـ ـ ــو الرجل؛ ال َشء ثري الع ـ ـ ـ ــو من إص ـ ـ ـ ــبع أو َشء هذا ال‬
‫يوجب الْسل ولكن الذي يوجب الْسل إيالج الع و‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل ثسل اجلنابة واجب عىل الفور؟‬
‫واجب ًا عىل الفور ولكن قيد بالصـ ـ ـ ــالة‪ ،‬أجنب يف الصـ ـ ـ ــباح؛ ال جيب‬ ‫اجلواب‪ /‬ال‪ ،‬لي‬
‫عليه أن يْتسل إال إذا احتاج إىل الصالة‪.‬‬
‫‪ ‬مس ــألة‪ /‬من اس ــتيقظ يف هنار اجلمعة وهو حمتلم‪ ،‬هل ممكن أن جيمع يف ثس ــل واحد‬
‫بني األمرين الْسل للجنابة والْسل للجمعة؟‬
‫اجلواب‪ُ /‬يـه خالف بني أهـل العلم‪ ،‬والراجح أنـه جيزئـه‪ ،‬وهـذا قول اجلمهور من أهل‬
‫تْرب ألن عندهم‬
‫العلم‪ ،‬ألهنام س ــببان عىل الراجح يوجبان الْس ــل وإال عند اجلمهور ال ُي ْس ـ ـ َ‬
‫ثسل اجلمعة مستحب‪ُ ،‬عندهم مستحب يندرج حتت الواجب‪.‬‬
‫ذكره – مثال‬ ‫ُيجزئ أن يْتس ــل ثس ــال واحدا كأس ــباب الوض ــوء‪ ،‬من نام وتبول وم‬
‫– ُهذه كل واحدة ســبب من أســباب الوضــوء‪ُ ،‬لو توضــأ وضــوء ًا واحدا لكان جمزئا‪ ،‬خاصـة‬
‫إذا عرُنا أن املقص ـ ــود من ثس ـ ــل اجلمعة هو التنظف والتزين‪ُ ،‬هذا حيص ـ ــل بذلكم الْسـ ـ ـل‬
‫الذي يْتسله للجنابة‪ُ ،‬يحصل التزين والتنظف وإذهاب الروائح‪ُ ،‬هذا هو الراجح‪.‬‬

‫‪710‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫اجلُ ُم َع ِة َُ َق َال‪:‬‬
‫وأمـا حـديـث عبد اهلل بن أيب قتادة قال‪َ « :‬د َخ َل َع َ هىل َأ ِيب َو َأنَا َأ ْث َت ِس ـ ـ ـ ـ ـ ُل َي ْو َم ْ‬
‫آخ َر‪ِ َُ ،‬إنرى َس ـ ـ ـ ِم ْع ُت‬‫ال َ‬ ‫ُث ْس ـ ـ ـ ُل َ ِم ْن َجن ََاب صة َأ ْو ل ِ ْل ُج ُم َع ِة؟ َق َال ُق ْل ُت‪ِ :‬م ْن َجن ََاب صة‪َ .‬ق َال‪َ :‬أ ِعدْ ُث ْس ـ ـ ـ ً‬
‫اجلُ ُم َع ِة األُ ْخ َرا» (‪ )7‬هذا‬ ‫َان ِِف َط َه َار صة إِ َىل ْ‬ ‫اجلُ ُم َع ِة ك َ‬ ‫اَّللِ ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫ول‪َ « :‬م ِن ا ْث َت َسـ ـ ـ ـ َل َي ْو َم ْ‬ ‫ول ه‬‫َر ُسـ ـ ـ ـ َ‬
‫احلديث حيسنه بعض علامئنا رمحهم اهلل‪ ،‬وأما اإلمام الذهبي ُيقول‪ :‬هو حديث منكر(‪.)2‬‬
‫ُهذا احلديث ال يصــح‪ ،‬ثم حتى لو صــح ُفيه أنه مل ِ‬
‫ينو ولكن الكالم عىل ما إذا اثتســل‬
‫ثسال واحدا بالنية يريد أن يرُع احلدط ويريد أن يكون للجمعة‪ُ ،‬هذا جيزئه ثسل واحد‪.‬‬
‫‪‬قال¬‪ :‬وبخروج دم احليض والنفاس‪.‬‬
‫احليض َشء من الــدم جعلــه اهلل ´ عــادة كام س ـ ـ ـ ـ ـيــأيت يف بــاب خــاص‪ ،‬دم خلقــه اهلل ´ يف‬
‫بنات آدم خيرج بش ـ ــكل دوري‪ ،‬هذا يف الْالب يكون للمرأة أيام خيرج منها – إذا كانت بالْة‬
‫– دم بص ـ ــفة معروُة من حيث اللون يميل إىل الس ـ ــواد ومن حيث الرائحة ذو رائحة كرَة‬
‫ومن حيــث الثخونــة ُهو ثخني وهو ال يتجمــد بعــد خروجــه ويقولون ال يتخثر بعــد خروجــه‪.‬‬
‫ُـإذا خرج دم احليض ُهو يوجـب الْس ـ ـ ـ ــل لقولـه ´‪{ :‬ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ} ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ }‬
‫[س ـ ــورة البقرة‪ ]333 :‬أي حتى يتوقف الدم‪ ،‬قال اهلل‪{ :‬ﮮ ﮯ } يعني حصـ ــول التطهر‬
‫وهو االثتسـ ـ ــال‪ ،‬وهكذا حلديث عائشـ ـ ــة يف شـ ـ ــأن ُاطمة بنت أيب جحش قال‪َ « :‬وإِ َذا َأ ْد َب َر ْت‬
‫َُا ْثت َِس ِيل َو َص ريل»(‪ )4‬متفق عليه‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه ابن خزيمة يف "صحيحه" (‪ )239 / 4‬برقم‪ )7169( :‬وابن حبان يف "صحيحه" (‪ )23 / 3‬برقم‪)7222( :‬‬

‫واحلاكم يف "مستدركه" (‪ )222 / 7‬برقم‪ )7932( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )202 / 7‬برقم‪ )7334( :‬والطرباين يف‬
‫"األوسط" (‪ )749 / 2‬برقم‪)2729( :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املهذب يف اختصار السنن الكبري (رقم ‪)7222‬‬

‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ )222( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )729 / 7‬برقم‪)444( :‬‬

‫‪769‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫أي ـ ـ ـ ـ ــا خروج دم النفــاس يوجــب الْس ـ ـ ـ ـ ــل وهو الــدم الــذي خيرج مع الوالدة أو قبــل‬
‫الوالدة بيوم أو يومني أو أكثر إذا كان ُيه صفة دم احليض أو دم النفاس‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا خرجت علقة من بطن املرأة‪ ،‬هل جيب عليها الْسل؟‬
‫الراجح إذا خرجت من املرأة قطعة دم متجمدة وتس ـ ــمى علقة ُهذه ال توجب الْس ـ ــل‬
‫وال تســمى نفاســا بل تعامل معاملة املســتحاضــة‪ ،‬وهذا اختيار الشــوكاين والصــنعاين وشــيخنا‬
‫الوادعي بنحو هذا‪.‬‬
‫وجيب عليها الْسـ ــل إذا أخرجت امل ُ ْ ـ ـْة وهي عبارة عن قطعة حلم بقدر أصـ ــابع‪ .‬أو‬
‫أخرجت أعىل من امل ْة قد صارت يف بداية التخليق‪ ،‬أو جنين ًا ُملقا أو إذا نفخ ُيه الروح‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬لو خرج دم قبل الوالدة بيوم أو يومني أو ثالط؛ هل هذا يوجب الْسل؟‬
‫اجلواب‪ /‬ينظر إىل ص ـ ـ ـ ـ ـفـة هـذا الـدم‪ ،‬هـل ُيه ص ـ ـ ـ ــفة دم احليض أو دم النفاس أو هو دم‬
‫أمحر كـالـذي خيرج من اجلروح‪ ،‬هـذا ال يوجـب ش ـ ـ ـ ــيَا‪ .‬ومنهم من قيده إذا كان ُيه ص ـ ـ ـ ــفة دم‬
‫احليض أو النف ــاس مع طلق يعني وجع الوالدة‪ ،‬ق ــالوا ‪ :‬إذا مل يكن مع الطلق ُال يعترب دم‬
‫نفاس‪.‬‬
‫مسألة‪ /‬املرأة التي ت ع بدون الدم‪:‬‬
‫وهذا أندر من النادر‪ُ ،‬ال يرتتب عليها َشء‪ ،‬ممكن أن تصيل وتوطأ وال يوجب عليها‬
‫الْسل‪ ،‬ولكن الْالب أن هذا اليشء كتبه اهلل عىل بنات آدم‪ ،‬ما ت ع املرأة مولودا إال وخيرج‬
‫معها الدم‪ ،‬ويف الْالب خيرج منها دم احليض ولكن لو ُقدر ر هذا ووضعت بدون دم ُال تعترب‬
‫ت»(‪ )7‬بمعنى احليض‪،‬‬ ‫نفساء‪ ،‬والنفاس هو عبارة عن حيض قال ‪ ‬ألم سلمة‪َ « :‬أن ُِفس ِ‬
‫ْ‬
‫ُاحليض يطلق عليه بأنه نفاس ألن الدم هو واحد‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )66 / 7‬برقم‪ ،)203( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )21 / 3‬برقم‪)7277( :‬‬

‫‪767‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مس ـ ـ ـ ــألة‪ /‬تس ـ ـ ـ ــقط املرأ ة ِس ـ ـ ـ ـقطا خيرج ميتا لكن قد نفخ ُيه الروح‪ ،‬هل هذا واجب‬
‫يْسل ويكفن ويصىل عليه؟‬
‫منفوس ـ ــة س ـ ــتبعث يوم‬ ‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬هذا واجب إذا كان قد نفخ ُيه الروح ألنه نف‬
‫القيـامـة ومـا كـان قبـل نفخ الروح يعـامـل معـاملـة أي قطعة حلم يوارا يف أي مكان أو يرمى يف‬
‫احلامم أو يف أي مكان‪ُ ،‬هذا قطعة ال حكم َا‪ ،‬أما إذا كان قد نفخ ُيه الروح وســقط وهو ابن‬
‫س ــتة أش ــهر أو س ــبعة أش ــهر أو ثامنية أش ــهر أو تس ــعة أش ــهر وقد نفخ ُيه الروح ُيعامل معاملة‬
‫بقية املوتى يْســل ويكفن ويصــىل عليه‪ُ .‬هذا واجب ألن هذه النف ســتبعث يوم القيامة كام‬
‫ْب ِر ْز ِق ِه َو َأ َجلِ ِه َو َع َملِ ِه‬ ‫قـال ‪ُ « :‬ثم يرسـ ـ ـ ـ ـ ُل ا ْ َمل َل ُ َُينْ ُف ُخ ُِ ِيه الروح وي ْؤمر بِ َأرب ِع كَلِام ص‬
‫ت بِ َكت ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َُ َْ‬ ‫َ‬ ‫ه ُْ َ‬
‫َو َش ِق ٌّى َأ ْو َس ِعيدٌ »(‪.)7‬‬
‫‪ ‬قال ¬‪ :‬وموت ثري الشهيد‬
‫عىل‬ ‫أي ـ ـ ـ ـ ـ ــا من موجب ــات الْسـ ـ ـ ـ ـ ــل؛ املوت ولكن ه ــذا الوجوب عىل األحي ــاء ولي‬
‫مخ ًسا َأ ْو َأ ْك َث َر ِم ْن َذل ِ َ »(‪ )2‬وقوله يف الذي‬
‫األموات لقول النبي ‪ ‬يف ابنته‪« :‬ا ْث ِس ْلن ََها َث َال ًثا َأ ْو َ ْ‬
‫س ـ ــقط عن راحلته وهو حمرم ُامت قال‪« :‬ا ْث ِسـ ـ ـ ُلو ُه بِ َام صء َو ِسـ ـ ـدْ صر» (‪ُْ)4‬س ـ ــل امليت واجب عىل‬
‫األحياء أن يْسلوا امليت املسلم‪.‬‬
‫أما شهيد املعركة مع الكفار ُهو يوارا يف ثيابه التي قتل ُيها بدون ثسل وال تكفني‬
‫وال صالة كام أمر النبي ‪ ‬يف قتىل أحد أن يدُنوا بدمائهم ومل يْسلوا ومل ُي َص هل عليهم(‪ ،)3‬هبذا‬
‫الرش ؛ شهيد املعركة مع الكفار يف حرب الكفار‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )777 / 3‬برقم‪ ، )4292( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )33 / 2‬برقم‪)2634( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" ‪ )14 / 2( ،‬برقم‪ ،)7214( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )31 / 4‬برقم‪/ 4( ، )040( :‬‬
‫‪ )31‬برقم‪)040( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 2‬برقم‪ ، )7261( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )24 / 3‬برقم‪)7296( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )07 / 2‬برقم‪ )7434( :‬عن جابر بن عبد اهلل‬

‫‪762‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫أما إذا كان يف حرب مع الكفار ونقل جرحيا ومات بعد شهر أو شهرين يف املستشفى ُهذا‬
‫يعامل معامل بقية املوتى‪ ،‬ولو كانت احلرب مع خوارج أو مع بْاة أو مع مسلمني معتدين‬
‫ُأي ا يعامل معاملة بقية املوتى‪.‬‬

‫‪ ‬قال¬‪ :‬وإسالم الكاُر‪.‬‬


‫أي ـا من موجبات الْسـل أن يسلم الكاُر سواء كان الكاُر األصيل الذي مل يسبق وأن‬
‫دخل يف اإلس ـ ـ ــالم أو الكاُر املرتد كان مس ـ ـ ــلام ُارتد ثم عاود اإلس ـ ـ ــالم هذا يقال كاُر مرتد‪.‬‬
‫ُإســالم الكاُر يقول املصــنف‪ :‬يوجب الْســل‪ ،‬واســتدلوا ببعض األحاديث املروية يف الباب‬
‫ُيهـا أمر النبي ‪ ‬بـالْس ـ ـ ـ ــل ملن أس ـ ـ ـ ــلم؛ أربعة أو مخس ـ ـ ـ ــة أحاديث وهي معلة‪ ،‬ومنها حديث‬
‫يصــححه أو حيســنه شــيخنا مقبل‪« :‬ا ْث َت ِس ـ ْل بِ َام صء َو ِس ـدْ صر»(‪ )7‬وهو معل أي ــا أعله بعض العلامء‬
‫املتقدمني‪.‬‬
‫ُالراجح أنه ال جيب عىل الكاُر إذا أسلم أن يْتسل إال إذا كان عنده ما يوجب الْسل‬
‫ثري اإلسالم كأن يكون عىل جنابة أو امرأة عليها حيض‪ ،‬وهنا ثالثة أقوال مشهورة‪ :‬منهم‬
‫من يقول واجب أن يْتسل‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬ال جيب‪ ،‬ومنهم من ُصل‪ ،‬والصحيح أنه‬
‫يستحب له الْسل لفعل ثاممة بن أثال ُإنه ملا أسلم ذهب واثتسل وهذا يدل عىل أنه مستحب‬
‫واحلكمة من الْس ـ ـ ـ ــل عند اجلمهور يف إس ـ ـ ـ ــالم الكاُر قالوا ‪ :‬أنه ملا خرج من نجاس ـ ـ ـ ــة‬
‫معنوية هي نجاسة الكفر والرش رشع له أن يْتسل‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬مل يثبت حديث « َأ ْل ِق َعنْ َ َش ْع َر ا ْل ُك ْف ِر»(‪ )2‬مل يثبت أنه أمر من أسلم أن حيلق شعر‬
‫رأسه‪ ،‬روي يف بعض األحاديث وهي ضعيفة مل تصح عن النبي ‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه احلاكم يف "مستدركه" (‪ )119 / 4‬برقم‪ )6320( :‬والطرباين يف "الكبري" (‪ )22 / 22‬برقم‪ )700( :‬والطرباين‬

‫يف "الصْري" (‪ )771 / 2‬برقم‪ ، )229( :‬قال احلاُظ ابن حجر‪ :‬إسناده ضعيف‪ ،‬انظر "التلخيص احلبري يف ختريج‬
‫أحاديث الراُعي الكبري"‪)746 / 2( :‬‬
‫(‪ )2‬جزء من احلديث السابق‬

‫‪764‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬قال¬‪ :‬قال تعاىل‪َ { :‬وإِ ْن ُكنْت ُْم ُجنُ ًبا َُا هط هه ُروا } [سووورة املائدة‪ .]٦ :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫ِ‬
‫اَّلل } [سورة البقرة‪]555 :‬‬ ‫وه هن َحتهى َي ْط ُه ْر َن َُ ِإ َذا َت َط هه ْر َن َُ ْأت ُ‬
‫ُوه هن م ْن َح ْي ُث َأ َم َرك ُُم ه ُ‬ ‫{ َو َال َت ْق َر ُب ُ‬
‫يل َا ْ َملي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َو َأ َم َر َم ْن َأ ْس َل َم‬ ‫أي‪ :‬إذا اثتسلن‪ .‬وقد أمر النبي صىل اهلل عليه وسلم بِا ْل ُْ ْس ِل م ْن َت ْْس ِ ر‬
‫َأ ْن َي ْْت َِس َل‪.‬‬
‫قال تعاىل‪َ { :‬وإِ ْن ُكنْت ُْم ُجنُ ًبا َُا هط هه ُروا } [ الم دة‪ :]1 :‬عادة املصــنف يذكر األدلة بعد‬
‫ما يِّسد األحوال‪ ،‬وهذه اآلية ملسألة اجلنابة‪.‬‬
‫ُوه هن ِم ْن َح ْي ُث َأ َم َرك ُُم‬
‫وه هن َحتهى َي ْط ُه ْر َن َُ ِإ َذا َت َط هه ْر َن َُ ْأت ُ‬
‫قوله‪ :‬وقال تعاىل‪َ { :‬و َال َت ْق َر ُب ُ‬
‫اَّلل } [ البقرة‪ ]333 :‬أي‪ :‬إذا اثتسلن)‪ :‬يف مسألة خروج دم احليض والنفاس‪.‬‬ ‫هُ‬
‫قولـه‪( :‬وقـد أمر النبي ‪ ‬بِـا ْل ُْسـ ـ ـ ـ ـ ِل ِمن َت ْْ ِسـ ـ ـ ـ ـي ِـل َا ْ َمليـ ِ‬
‫ت)‪ :‬وهـذا أمر آخر ي ـ ـ ـ ــاف إىل‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ثسل ميتا ُعليه أن يْتسل‪.‬‬
‫املوجبات املتقدمة وهو من ه‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل من ثسل ميتا عليه أن يْتسل؟‬
‫روي عن النبي ‪َ « ‬م ْن َث هس َل َميرتًا َُ ْليَ ْْت َِس ْل»(‪ )7‬وهو مل يصح‪ُ ،‬لهذا ال دليل عىل وجوب‬
‫عن النبي ‪ .‬واجلمهور من أهل العلم عىل‬ ‫الْسل عىل من ثسل ميتا لعدم ثبوت ذل‬
‫استحباب الْسل ملن ثسل ميتا واستدلوا باألحاديث املروية‪ ،‬وقالوا ‪ :‬احلكمة أنه حيصل له‬
‫ال عف إذا رأا امليت وتذ هك َر املوت ُيرشع حينَذ أن يستعيد شيَ ًا من القوة باالثتسال‪.‬‬
‫هكذا تعليلهم إضاُة إىل األحاديث املروية لكنها مل تصح‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬و َأ َم َر َم ْن َأ ْس ـ ـ ـ ـ َل َم َأ ْن َي ْْ َت ِس ـ ـ ـ ـ َل) تقدم أن هنا أحاديث رويت لكنها كلها معلة مل‬
‫تصح‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )712 / 4‬برقم‪( )712 / 4( ، )4767( :‬بدون ترقيم) والرتمذي يف "جامعه" (‪/ 2‬‬

‫‪ )492‬برقم‪ )004( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )332 / 2‬برقم‪ )7364( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )7677 / 4‬برقم‪:‬‬
‫(‪ ،)1293‬قال اإلمام أمحد مل يصح يف هذا الباب َشء انظر " البدر املنري يف ختريج األحاديث واآلثار الواقعة يف الرشح‬
‫الكبري‪)123 / 2( :‬‬

‫‪763‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وهنا ثسـل واجب مل يذكره املصنف‪ :‬ألنه ال يرا وجوبه – واهلل أعلم – وهو ثسل‬
‫اجلمعة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم ثسل اجلمعة‪:‬‬
‫اجلم َع ِة َو ِ‬
‫ب َع َىل‬
‫اج ٌ‬ ‫الراجح أنه واجب حلديث أيب سعيد ‪ ¢‬عن النبي ‪« :‬ا ْل ُْ ْس ُل َي ْو َم ْ ُ ُ‬
‫اجلمع َة َُ ْلي ْْت ِ‬ ‫ك رُل ُ ْ ِ‬
‫َس ْل» (‪)2‬‬
‫حمتَل صم» (‪ ،)7‬وهكذا حديث ابن عمر ‪ ƒ‬قال ‪« :‬إِ َذا َجا َء َأ َحدُ ك ُْم ْ ُ ُ َ َ‬
‫متفق عليه‪ ،‬وهكذا حديث أيب هريرة ‪ ‬عن النبي ‪َ « :‬ح ٌّق ِ هَّلل ِ َع َىل ك رُل ُم ْسلِ صم َأ ْن َي ْْت َِس َل ِِف‬
‫ك رُل َسبْ َع ِة َأيها صم»(‪.)4‬‬
‫واملسألة ُيها خالف وهذا هو الراجح أن ثسل اجلمعة واجب‪ ،‬والوجوب – واهلل‬
‫من‬ ‫أعلم – عىل الرجال والنساء‪ .‬ثم ال بد أن نعلم أن وجوب الْسل هو َشء مستقل لي‬
‫رش صحة الصالة بمعنى من مل يْتسل يوم اجلمعة وإنام توضأ ُصالته صحيحة مع اإلثم‪،‬‬
‫كاجلنب إذا مل يْتسل مع القدرة ُصالته باطلة ولكن ثسل اجلمعة واجب مستقل‪،‬‬ ‫لي‬
‫بالنسبة للرجل يتأكد الوجوب إذا مشى إىل اجلمعة وإذا ُات الْسل قبل اجلمعة ُليْتسل ولو‬
‫بعد اجلمعة‪َ « :‬ح ٌّق ِ هَّلل ِ َع َىل ك رُل ُم ْسلِ صم َأ ْن َي ْْت َِس َل ِِف ك رُل َس ْب َع ِة َأيها صم»‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )717 / 7‬برقم‪ )4 / 2( ، )212( :‬برقم‪ )4 / 2( ، )210( :‬برقم‪/ 2( ، )229( :‬‬

‫‪ )1‬برقم‪ )711 / 4( ، )201( :‬برقم‪ )2661( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )4 / 4‬برقم‪ )4 / 4( ، )236( :‬برقم‪)236( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )2 / 2‬برقم‪ ،)211( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )2 / 4‬برقم‪)233( :‬‬

‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )1 / 2‬برقم‪)206( :‬‬

‫‪761‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬بعض األثسال املستحبة‪:‬‬


‫‪‬االثتس ـ ــال ل حرام؛ حلديث ابن عمر ‪ ƒ‬قال‪« :‬من الس ـ ــنة أن يْتس ـ ــل الرجل إذا‬
‫أراد أن حيرم»(‪)7‬رواه البزار وثريه وهو صحيح‪.‬‬
‫‪‬االثتس ـ ـ ـ ــال لــدخول مكــة؛ مس ـ ـ ـ ــتحــب حلــديــث ابن عمر ‪« ƒ‬إِ َذا َد َخـ َل َأ ْدنَى ْ‬
‫احلَ َر ِم‬
‫اَّللِ َصـ هىل‬
‫ط َأ هن نَبِ هي ه‬ ‫حيدر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأمسـ َ َعن ال هت ْلبِي ِة ُثم يبِ ُ ِ ِ‬
‫يت بِذي ط ًوا ُث هم ُي َصـ ريل بِه الصـ ْب َح َو َي ْْ َتسـ ُل َو ُ َ‬ ‫َ ه َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫َان َي ْف َع ُل َذل ِ َ »(‪)2‬متفق عليه‪.‬‬
‫اَّلل َع َل ْي ِه َو َس هل َم ك َ‬
‫هُ‬
‫‪‬الْسل عند اإلثامء؛ ُقد أثمي النبي ‪ ‬ثم أُاق وأمر بمخ ب واثتسل ثم أثمي‬
‫عليه وأعاد الْسل‪ ،‬وهو يف الصحيح(‪.)4‬‬
‫مسألة‪ /‬ثسل العيدين‪:‬‬
‫أما ثسل العيدين ُلم يثبت عن النبي ‪ ‬دليل واضح عىل مرشوعيته ‪ ،‬رويت أحاديث‬
‫وهي ضعيفة(‪)3‬يف مرشوعية الْسل للعيدين ولكن ثبت موقوُا عىل ابن عمر ‪«ƒ‬كَا َن َي ْْت َِس ُل‬
‫َان َي ْْت َِس ُل ِيف ا ْل ِعيدَ ْي ِ‬
‫ن» (‪)1‬‬ ‫َي ْو َم ا ْل ِف ْط ِر َق ْب َل َأ ْن َي ْْدُ َو إِ َىل ا ْمل ُ َص هىل‪ » .‬ويف رواية « َأنه ُه ك َ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البزار يف "مسنده" (‪ )492 / 72‬برقم‪ )6712( :‬وابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )144 / 2‬برقم‪)71231( :‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )733 / 7‬برقم‪)7114( :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )742 / 7‬برقم‪ ،)621( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )29 / 2‬برقم‪)372( :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬عند ابن ماجه يف "سننه" (‪ )436 / 2‬برقم‪ )7471( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )212 / 4‬برقم‪)6279( :‬‬
‫وابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )249 / 3‬برقم‪)1223( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مال يف "املوطأ" (‪ )232 / 7‬برقم‪ )690( :‬وعبد الرزاق يف "مصنفه" (‪ )490 / 4‬برقم‪/ 4( ، )1112( :‬‬
‫‪ )490‬برقم‪ )1114( :‬وابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )249 / 3‬برقم‪ )249 / 3( ، )1224( :‬برقم‪ )1221( :‬والبيهقي يف‬
‫"سننه الكبري" (‪ )200 / 7‬برقم‪ )212 / 4( ، )7331( :‬برقم‪)6290( :‬‬

‫‪766‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وروي أثر أي ا عن عيل ‪)7( ¢‬ولكن ممكن أن يستدل عىل مرشوعيته بحديث « ْاب َت ْع‬
‫يد َول ِ ْل َو ُْ ِد»(‪)2‬ويف رواية «للوُد واجلمعة» (‪ُ)4‬يدل عىل أنه يرشع يف يوم‬
‫ه ِذ ِه َُتَجم ْل ِهبا ل ِ ْل ِع ِ‬
‫َ ه َ‬ ‫َ‬
‫التنظف‪،‬‬ ‫أحسن الثياب ومن التجمل أن يسبق هذا اللب‬ ‫العيد التجمل ومن التجمل لب‬
‫ُمن هذا يؤخذ أنه من اثتسل إلرادة التزين والتجمل ُيساعده هذا احلديث ومنهم من نقل‬
‫اإلمجاع عىل مرشوعية الْسل للعيدين‪.‬‬
‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و َأ هما ِص َف ُة َث ْس ِل َالنهبِ ري ‪ِ ‬م َن َا ْجلَن ََاب ِة َُكَا َن َي ْْ ِس ُل َُ ْر َج ُه َأ هو ًال‪ُ ،‬ث هم َيت ََو هض ُأ‬
‫رو ِيه بِ َذل ِ َ ‪ ،‬ثم يفيض املاء عىل سائر جسده ُث هم‬ ‫َام ًال‪ُ ،‬ثم َحيثِي َا ْ َمل ِ‬
‫اء َع َىل َر ْأ ِس ِه َث َال ًثا‪َ ،‬ي ِ‬ ‫وضوء ًا ك ِ‬
‫ه ْ‬
‫ور َا ْخلَ ِفي َف ِة‬
‫حت َت َالش ـ ـ ُع ِ‬ ‫آخر‪َ .‬وا ْل َفر ُض ِم ْن َه َذا‪َ :‬ثس ـ ـ ُل َ ِ‬
‫مجي ِع َا ْل َبدَ ِن‪َ ،‬و َما َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َي ْْس ـ ـ ُل ِر ْج َل ْيه بِ َم َح ٍّل َ َ‬
‫َّلل َأ ْع َل َم‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َوا ْلكَثي َفة‪َ .‬و َا ه ُ‬
‫ذكر املصــنف‪ :‬يف هذا صــفة الْســل‪ .‬والْســل له صــورتان‪ :‬الْســل الكامل املســتحب‬
‫املسنون والْسل املجزئ أن يأيت بأقل قدر يصح به الْسل وحيصل به اإلجزاء‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه عبد الرزاق يف "مصنفه" (‪ )490 / 4‬برقم‪ )1117( :‬وابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )42 / 3‬برقم‪، )1939( :‬‬
‫(‪ )249 / 3‬برقم‪ )1222( :‬والطحاوي يف "رشح معاين اآلثار" (‪ )770 / 7‬برقم‪ )123( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪4‬‬
‫‪ )212 /‬برقم‪ )6292( :‬وأورده ابن حجر يف "املطالب العالية" (‪ )617 / 3‬برقم‪)604( :‬‬
‫أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )443 / 7‬برقم‪)7 / 7110( :‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )3 / 2‬برقم‪)226( :‬‬

‫‪761‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬الْسل املسنون والْسل الواجب ال بد قبله من أعامل‬


‫‪ ‬أوالً‪ :‬النية‪ :‬كام قال اهلل ‪{ :‬ﮘ ﮙ ﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟ} [سورة البينة‪:‬‬
‫‪ ]5‬وهكذا يف قول النبي ‪« :‬إِ هنام ْاألَ ْعام ُل بِال ر ِ‬
‫ات»(‪ُ)7‬ال بد للمْتس ــل أن ينوي رُع احلدط‬‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أو ينوي استباحة الصالة‪.‬‬
‫‪ ‬الثاين‪ :‬ثسل اليدين‪ :‬بعد النية يرشع له أن يْسل يديه أي كفيه كام ثبت يف حديث عائشة‬

‫اجلَن ََاب ِة َبدَ َأ َُ َْ َس َل َيدَ ْي ِه»(‪)2‬وهكذا يف حديث ميمونة‬


‫~‪َ « :‬أ هن النهبِ هي ‪ ‬كَا َن إِ َذا ا ْثت ََس َل ِم ْن ْ‬

‫~‪َ « :‬و َض ْع ُت لِلنهبِ ري ‪َ ‬ما ًء ل ِ ْل ُْ ْس ِل َُ َْ َس َل َيدَ ْي ِه»(‪ُ .)4‬يقوم بتنظيفها وإزالة األذا منها‪ ،‬كام‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬‫ِ‬
‫يشري إليه حديث ميمونة « َُ َْ َس َل َيدَ ْيه َم هرت َْني َأ ْو َث َال ًثا ُث هم َأ ُْ َر َغ َع َىل ش َامله َُ َْ َس َل َم َذاك َ‬
‫ري ُه» (‪)3‬؟‬

‫وثسل اليدين يف أول الْسل سنة‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث‪ :‬ثسل الفرج‪ :‬ثم يْسل ُرجه‪ ،‬هذه سنة‪ .‬من كان عىل جنابة من احتالم أو‬
‫إنزال أو مجاع ُيرشع له قبل الْسل املسنون أن يْسل ُرجه‪ .‬وبالنسبة للمرأة ال جيب عليها‬
‫أن تْسل باطن الفرج خالُا لبعض أهل العلم الذين قالوا ‪ :‬أن املرأة البكر ال جيب عليها أن‬
‫تْسل باطن الفرج وأما املرأة الثيب ُيجب عليها أن تْسل ما يظهر يف حال قعودها لق اء‬
‫حاجتها؛ قالوا ‪ :‬ألنه يكون يف حكم الظاهر‪ .‬وهذا ال دليل عليه بل الراجح أنه ال جيب عىل‬
‫املرأة ثسل باطن الفرج‪.‬‬
‫ُإذا ثسل ُرجه رجع يْسل كفيه وإذا كان هنا صابون ُهذا يرشع إلزالة ما لعله يعلق‬
‫باليدين أو الكفني ألن النبي ‪ ‬ثسلهام ورضب هبام احلائط أو األرض‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )6 / 7‬برقم‪ ،)7( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )32 / 6‬برقم‪)7091( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )10 / 7‬برقم‪ ،)232( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )713 / 7‬برقم‪)476( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )69 / 7‬برقم‪)211( :‬‬

‫(‪ )3‬سبق خترجيه‬

‫‪762‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫َام ًال) ُيرشع امل م ة‬ ‫‪ ‬الرابع‪ :‬الوضوء وضوء ًا كامال‪ :‬قال‪ُ ( :‬ثم يتَو هض ُأ وضوء ًا ك ِ‬
‫ه َ َ‬
‫واالستنشاق واالستنثار‪ ،‬هذا مستحب يف الْسل لذكره يف حديث عائشة ~‪ُ « :‬ث هم َيت ََو هض ُأ‬
‫لص َال ِة» ووضوؤه للصالة ُيه امل م ة وُيه االستنشاق وهكذا ُذكر يف حديث‬ ‫ِ‬
‫ك ََام َيت ََو هض ُأ ل ه‬
‫ميمونة ~‪ُ « :‬ث هم َم ْ َم َض َو ْ‬
‫اس َتنْ َش َق» ُفيه مرشوعية امل م ة واالستنشاق‪.‬‬
‫وامل ـم ــة واالســتنشــاق ليســا واجبني لعدم الدليل عىل الوجوب ولكنهام سـنة‪ ،‬أما لو‬
‫اثتســل الْس ــل الواجب الذي هو جمزئ وإن مل يتم ــمض ويس ــتنش ــق ُْس ــله ص ــحيح‪ ،‬لكنه‬
‫سـنة ومسـتحب يتم ـمض ويسـتنشق‪ .‬بخالف الوضوء ُكام تقدم أن االستنشاق واالستنثار‬
‫واجبان يف الوضــوء‪ ،‬أما الْســل ُامل ــم ــة واالســتنشــاق واالســتنثار ســنة‪ ،‬لعدم الدليل عىل‬
‫وجوب َشء منها إنام نقل من ُعل النبي ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل ترشع التسمية يف أول الْسل؟‬
‫مل تذكر التسمية يف ثسل النبي ‪ُ ‬هي ليست مرشوعة ُال دليل عىل استحباب التسمية‬
‫يف أول الْسل كام أنه ال دليل عىل التسمية يف أول الوضوء‪.‬‬
‫قوله‪ُ ( :‬ثم يتَو هض ُأ وضوء ًا ك ِ‬
‫َام ًال) يْسل كفيه ويتم مض ويستنشق ويستنثر ويْسل‬ ‫ه َ َ‬
‫ُيه الترصيح بمسح الرأس‬ ‫وجهه ويديه إىل املرُقني ويمسح رأسه مع أن يف الروايات لي‬
‫ولكن عندنا عموم حديث عائشة وميمونة ‪ُ «٪‬ث هم ت ََو هض َأ ُو ُضو َء ُه للصالة» ُهذه الكلمة تفيد‬
‫املسح وإال ذهب املالكية إىل أنه ال يرشع مسح الرأس يف ابتداء الوضوء ألنه مل يذكر يف‬
‫الروايات‪.‬‬

‫‪760‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫قوله‪( :‬ك ِ‬
‫َام ًال) معناه أنه يْسل رجليه‪ ،‬وهذه املسألة ُيها خالف بني أهل العلم‪ ،‬هل‬
‫األُ ل أن يقدم ثسل القدمني مع أول الوضوء أو أنه يتوضأ وضوءا كامال عدا ثسل‬
‫القدمني؟ ألن يف حديث عائشة بظاهره أنه توضأ وضوءا كامال بام يف ذل ثسل القدمني ويف‬
‫حديث ميمونة أنه أخر ثسل القدمني إىل بعد إكامل الْسل‪.‬‬
‫ُلهذا اختلف العلامء؛ هل املْتســل الذي يتوضــأ وضــوءه للصــالة يكمل الوضــوء بام يف ذل‬
‫ثسـل القدمني ثم يرشـع يف إُاضة املاء عىل الرأس ثم يْسل سائر اجلسد أو أنه يتوضأ وضوء‬
‫كامال عدا ثسل القدمني؟ ُيه أربعة أقوال‪:‬‬
‫والقول الرابع وهو الراجح – إن ش ـ ـ ــاء اهلل – أن له أن يعمل تارة بحديث عائشـ ـ ــة ُيْس ـ ـ ــل‬
‫قدميه يف أول الوض ــوء ثم يْتس ــل وله أن يعمل بحديث ميمونة أنه يس ــتثني يف أول الوض ــوء‬
‫ثس ـ ــل القدمني ال يْس ـ ــلهام‪ ،‬ويرجع إىل إُاض ـ ــة املاء عىل الرأس ثم يْس ـ ــل س ـ ــائر اجلس ـ ــد ثم‬
‫يْسل القدمني يف آخر الْسل‪ ،‬هذا ظاهر حديث ميمونة‪.‬‬
‫‪ ‬اخلام ‪ :‬حيثي املاء عىل رأس ــه ثالثا‪ :‬قال‪ُ ( :‬ثم َحيثِي َا ْ َمل ِ‬
‫اء َع َىل َر ْأ ِس ـ ـ ِه َث َال ًثا‪ُ ،‬ي َر رو ِيه‬ ‫ه ْ‬
‫بِ َذل ِ َ ) بعد ما يتوضـأ وضـوءه للصـالة سواء بْسل القدمني أو بتأخري ثسل القدمني يتجه إىل‬
‫الرأس‪ُ ،‬يحثي املــاء عىل رأسـ ـ ـ ـ ــه‪ ،‬واحلثيــات هي‪ :‬احلفنــات‪ ،‬وهي مــا يمأل الكفني من املــاء‪،‬‬
‫يصب املاء عىل رأسه‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل املرشوع يف ثسل الرأس أن يكون ثالث ًا عىل سبيل التعميم أو عىل سبيل‬
‫التوزيع؟‬
‫قوله‪َ ( :‬ث َال ًثا) اختلف العلامء‪ ،‬هل املرشوع يف ُثسل الرأس أن يكون ثالثا عىل سبيل‬
‫التعميم يعني يكرر ثسل الرأس ثالثا أو املقصود ثالثا عىل سبيل التوزيع‪-‬يعني الْرُة األوىل‬
‫يف اجلانب األيمن والْرُة الثانية يف اجلانب األيِّس والْرُة الثالثة يف الوسط؟‬
‫اجلواب‪ /‬جاء الترصيح يف بعض روايات حديث عائشة أنه يبدأ باجلانب األيمن من الرأس‬
‫عىل‬ ‫ثم األيِّس ثم يصب عىل رأسه‪ُ ،‬ظاهر هذه الرواية أن التثليث عىل سبيل التوزيع ولي‬
‫سبيل التكرار‪ .‬ألن معنى التكرار أنه يعمم الرأس كامال بْسلة يعتربها واحدة ثم مرة ثانية‬
‫ثم مرة ثالثة‪ ،‬لكن األقرب أن هذا التثليث عىل سبيل التوزيع‪.‬‬

‫‪719‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫موزعة‬
‫والسنة أن يبدأ باجلانب األيمن ثم باجلانب األيِّس ثم يف الوسط‪ ،‬ثالط ثرُات ّ‬
‫عىل الرأس ُيكون قد ثسل رأسه مرة واحدة‪ُ ،‬إذا كان التثليث يف ثسل الرأس عىل سبيل‬
‫التوزيع ُال يقاس عىل الرأس مرشوعية التثليث يف ثسل سائر البدن كام ذهب إىل ذل مجهور‬
‫أهل العلم‪ ،‬ألنه ال دليل عىل التثليث بخالف الوضوء‪ُ ،‬قد جاء لحيا عن النبي ‪ ‬أنه كان‬
‫ُي َث رلث وأنه ُي َثنري وأنه كان يْسل مرة واحدة‪ ،‬ثبت عنه أنه يْسل يف الوضوء األع اء مرة‬
‫واحدة ومرتني مرتني وثالثا ثالثا‪.‬‬
‫ِ ِ‬
‫خي رل ُل بِ َيده َش َع َر ُه َحتهى إِ َذا َظ هن َأنه ُه َقدْ َأ ْر َوا َب َ َ‬
‫رش َت ُه‬ ‫وهذا احلثي كام قالت عائشة ~‪ُ « :‬ث هم ُ َ‬
‫ِ‬ ‫َأ َُ َ‬
‫اض َع َل ْيه ْ َ‬
‫املَاء »(‪)7‬‬

‫‪ ‬مس ـ ـ ــألة‪ /‬هل املقص ـ ـ ــود أنه َيبِل أص ـ ـ ــابعه باملاء ثم يدخلها أو املقص ـ ـ ــود أنه يدخلها‬
‫ناشفة ثم يصب املاء؟‬
‫الراجح أهنا تكون مبلولة باملاء‪ ،‬وُائدة إدخال األص ـ ـ ـ ــابع حص ـ ـ ـ ــول التخليل وض ـ ـ ـ ــامن‬
‫وصول املاء إىل أصول الشعر ُهذه يساعد عىل وصول املاء إىل البرشة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيب ثسل الشعر املسرتسل باملاء؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح أنه جيب إرواء البرشة يعني وصول املاء إىل أصول الشعر وأما‬
‫الشعور املسرتسلة ُال دليل عىل مرشوعية ثسلها‪.‬‬
‫ومن األدلة عىل ذل حديث عائشة ~ لي ُيه إال أنه أدخل أصابعه يف أصول الشعر‬
‫ثم أُاض عليه املاء‪ ،‬وحديث أم سلمة ~ قال َا النبي ‪« :‬الَ إِن َهام َيك ِْفي ِ َأ ْن َحتْثِى َع َىل‬
‫ات ُث هم ت ُِفي ِ نيَ َع َليْ ِ ْ‬
‫املَا َء َُ َت ْط ُه ِري َن» (‪)2‬كالمها يف الصحيح‪،‬‬ ‫َط ح َثي ص‬ ‫ِ ِ‬
‫َر ْأس َثال َ َ َ‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )64 / 7‬برقم‪)212( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )712 / 7‬برقم‪)449( :‬‬

‫‪717‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫اجلن ََاب ِة ِعنْدَ النهبِ ري ‪َ َُ ‬ق َال‪َ « :‬أ هما َأنَا‬ ‫ِ‬
‫وحديث جبري بن مطعم قال‪ :‬ت ََذاك َْرنَا ا ْل ُْ ْس َل م ْن ْ َ‬
‫يض َع َىل َر ْأ ِي َث َال ًثا»(‪)7‬رواه مسلم‪،‬‬
‫َُ ُأُِ ُ‬
‫ف بِا ْل ُْ ْس ِل َُ َق َال‪:‬‬ ‫وهكذا حديث جابر بن عبد اهلل قال‪« :‬إِ هن َأ ْر َضنَا َأ ْر ٌض َب ِ‬
‫ار َد ٌة َُ َك ْي َ‬
‫ال ًثا»(‪)2‬وهكذا يف حديث صحابة آخرين كحديث عمران بن حصني‬ ‫« َأ هما َأنَا َُ ُأ ُْ ِر ُغ َع َىل َر ْأ ِسى َث َ‬
‫يف الذي رآه النبي ‪ ‬مل يصل‪َ « :‬ما َمنَ َع َ َيا ُُ َال ُن َأ ْن ت َُص ر َيل َم َع ا ْل َق ْو ِم» قال‪َ :‬أ َص َابتْنِي َجن ََاب ٌة َو َال‬
‫ب َُ َأ ُْ ِر ْث ُه َع َل ْي َ » (‪ُ ،)4‬هذا هو الواجب؛ ثسل‬ ‫َما َء – ُذكر يف احلديث أنه أيت باملاء قال‪« :‬ا ْذ َه ْ‬
‫أصول الشعر ثسل البرشة وهي اجللدة التي تكون حتت الشعور‪ .‬ودليل القائلني بْسل كل‬
‫ت ك رُل َش ْع َر صة َجن ََاب ًة َُا ْث ِس ُلوا ه‬
‫الش ْع َر َو َأنْ ُقوا ا ْل َب َ َ‬
‫رش» (‪)3‬وهو‬ ‫شعرة حديث أيب هريرة ‪« ¢‬إِ هن َحتْ َ‬
‫ضعيف ُيه احلارط بن َو ِجيه وهو منكر احلديث‪.‬‬
‫ص‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬
‫واستدلوا بحديث عيل ‪¢‬قال‪ :‬سمعت النبي ‪َ « :‬م ْن ت ََر َ َم ْوض َع َش َع َرة م ْن َجن ََابة َمل ْ‬
‫اَّلل َت َع َاىل بِ ِه ك ََذا َوك ََذا ِم ْن الن ِهار» (‪َ )1‬ق َال َع ِ ٌّيل ‪ِ َُ :‬م ْن َث هم َعا َد ْي ُت َش ْع ِري‪ ،‬يعني‬ ‫ِ‬
‫ُيص ْب َها َما ٌء َُ َع َل ه ُ‬
‫كان حيلق‪ ،‬وهو ضعيف أي ا‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )69 / 7‬برقم‪ )213( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪)421( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )712 / 7‬برقم‪)422( :‬‬

‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )16 / 7‬برقم‪)433( :‬‬

‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )792 / 7‬برقم‪ ،)232( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )416 / 7‬برقم‪ )101( :‬قال أبو حاتم‪:‬‬

‫هذا حديث منكر واحلارط ضعيف احلديث "علل احلديث"‪)316 / 7( :‬‬


‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )794 / 7‬برقم‪ )230( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )412 / 7‬برقم‪ )100( :‬والدارمي يف‬

‫"مسنده" (‪ )129 / 7‬برقم‪ )112( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )271 / 7‬برقم‪)142( :‬‬

‫‪712‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيب عىل املرأة إذا كان شعرها م فورا أن تنقض هذه ال فائر؟‬
‫اَّللِ إِنرى ا ْم َرأ َ ٌة‬
‫ول ه‬‫اجلواب‪ /‬روا مس ــلم من حديث أم س ــلمة أهنا قالت‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ « :‬يا َر ُسـ ـ َ‬
‫َط‬ ‫حتثِى َع َىل َر ْأ ِس ـ ـ ِ َثال َ‬ ‫اجلَن ََاب ِة؟ َق َال‪« :‬الَ إِن َهام َيك ِْفي ِ َأ ْن َ ْ‬
‫َأ ُش ـ ـد َض ـ ـ ْف َر َر ْأ ِس ـ ـى َُ َأنْ ُق ُ ـ ـ ُه ل ِ ُْ ْس ـ ـ ِل ْ‬
‫ن»(‪.)7‬‬ ‫ات ُث هم ت ُِفي ِ نيَ َع َل ْي ِ ْ َ‬
‫املا َء َُ َت ْط ُه ِري َ‬
‫ح َثي ص‬
‫َ َ‬
‫ويف حديث عائشة ~ أن أسامء~ سألت النبي ‪ ‬عن ثسلها من املحيض ُقال‪:‬‬
‫ور ُث هم ت َُصب َع َىل َر ْأ ِس َها َُتَدْ ُل ُك ُه َد ْلكًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫« َت ْأ ُخ ُذ إِ ْحدَ ا ُك هن َما َء َها َوسدْ َر َاَا َُ َت َط هه ُر َُت ُْحس ُن الط ُه َ‬
‫َش ِديدً ا» (‪)2‬ومل يذكر َا النقض‪ُ ،‬هذا هو الراجح أن الواجب هو وصول املاء إىل أصول الشعر‬
‫وإىل البرش وإذا حصل هذا بدون النقض ُال جيب‪.‬‬
‫أما إذا كان مشدودا شدا يمنع من وصول املاء إىل أصول الشعر ُفي هذه احلالة جيب‬
‫نق ه ألن الواجب إيصال املاء إىل أصول الشعر‪ ،‬ويف حديث أم سلمة‪َ َُ :‬أنْ ُق ُ ُه لِ ُْ ْس ِل‬
‫اجلَن ََاب ِة؟ َق َال‪« :‬الَ»‬
‫ْ‬
‫ويف حديث عائشة أن أسامء سألت النبي ‪ ‬عن ثسلها من املحيض ُلم يأمر بالنقض‬
‫وإنام أمرها باملبالْة يف الدل « َُ َتدْ ُل ُك ُه َد ْلكًا َش ِديدً ا» يدل عىل مرشوعية املبالْة يف ثسل الرأس‬
‫للمرأة احلائض‪.‬‬

‫(‪ )7‬سبق خترجيه‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )710 / 7‬برقم‪)442( :‬‬

‫‪714‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مس ـ ـ ـ ــألة‪ /‬هل هنا دليل عىل القول بالتفريق بني ثسـ ـ ـ ــل اجلنابة واحليض يف نقض‬
‫الشعرَ‬
‫اجلواب‪ /‬حديث عائشة ~ يف شأن احلج أهنا حاضت ُقال َا النبي ‪« :‬ا ْن ُق ِىض‬
‫َر ْأ َس ِ » (‪)7‬ولكن هذا ا حلديث حيمل عىل أن احلج له خاصية وهو املبالْة يف ثسل املرأة‬
‫لشعرها وجيب عليها أن تنقض ال فائر‪ُ ،‬هذا الذي تنتظم به األدلة – واهلل أعلم – أن املرأة‬
‫املْتسلة سواء كانت من جنابة أو من حيض ال جيب عليها أن تنقض ال فائر بل الواجب أن‬
‫توصل املاء إىل أصول الشعر‪ُ ،‬إن أمكن وصوله بدون نقض ال فائر ُاحلمد هلل‪ ،‬إذا مل يمكن‬
‫وصوله يعني عملت ال فائر بطريقة أو كان شعرها كثيفا جدا يمنع من وصول املاء إىل‬
‫أصول الشعر ُيجب أن تنق ه حتى يصل املاء إىل املوضع الذي جيب أن يصل إليه‪ ،‬هذا هو‬
‫الراجح‪.‬‬
‫‪ ‬السادس‪ :‬إُاضة املاء عىل سائر اجلسد‪:‬‬
‫قال‪( :‬ثم يفيض املاء عىل سائر جسده) بعد ما يفرغ من ثسل الرأس يفيض املاء عىل‬
‫ســائر جســده‪ .‬وهل املقصــود‪-‬بســائر‪-‬كامل البدن بام ُيه أع ــاء الوضــوء أم املقصــود يفيض‬
‫املاء عىل سائر جسده عدا أع اء الوضوء ُإنه قد ثسلها يف أول األمر؟‬
‫ُيه قوالن ألهل العلم‪ :‬منهم من قال‪ :‬الوضـوء األول سـنة مستقلة‪ ،‬وعىل هذا ُبعد أن‬
‫يتوضــأ؛ يْتســل ويْســل مجيع البدن بالرتتيب يبدأ بالشــعر ثم يفيض املاء عىل مجيع اجلســد بام‬
‫ُيه أع اء الوضوء الذي تقدم ثسلها‪.‬‬
‫ومنهم من قال‪ :‬كلمة (سائر اجلسد) يدل عىل أنه ما عدا املتقدم‪ُ .‬ظاهر حديث عائشة‬
‫~ أنه ال يعاد ثس ــل أع ــاء الوض ــوء(‪ ،)2‬ويف ألفا حديث ميمونة قد يس ــتفاد منه التعميم‪،‬‬
‫وكأن األحو ‪-‬واهلل أعلم ‪-‬أنه يرجع ويْسل مجيع البدن‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )19 / 7‬برقم‪ ،)476( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )21 / 3‬برقم‪)7277( :‬‬

‫بعض ألفا حديث عائشة‪ُ « :‬ث هم ث ََس َل َج َسدَ ُه» بدون سائر‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪713‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وعىل القول بأنه يْس ـ ـ ــل س ـ ـ ــائر جس ـ ـ ـ ـده‪-‬أي باقيه‪ُ-‬عىل الذي يتوض ـ ـ ــأ أن ينتبه يف حال‬
‫وضوئه أن ينوي رُع احلدط األكرب ورُع اجلنابة هبذا الوضوء‪.‬‬
‫‪ ‬السابع‪ :‬إعادة ثسل الرجلني يف آخر الْسل‪:‬‬
‫قال‪ُ ( :‬ث هم َي ْْ ِسـ ـ ـ ُل ِر ْج َل ْي ِه بِ َم َح ٍّل َ‬
‫آخ َر) معناه أنه يعيد‪ُ .‬عىل التفص ـ ــيل املتقدم يف حديث‬
‫عائش ـ ـ ــة ~أنه س ـ ـ ــيْس ـ ـ ــل القدمني مرتني‪ ،‬وعىل حديث ميمونة يف الوض ـ ـ ــوء يس ـ ـ ــتثني ثس ـ ـ ــل‬
‫القدمني ويرجع يْسل مجيع البدن بام ُيه القدمان يف األخري‪.‬‬
‫ُاملص ـ ـ ــنف‪ :‬كأنه يرجح العمل بحديث عائش ـ ـ ــة‪ :‬توض ـ ـ ــأ وض ـ ـ ــوء كامال بام ُيه ثس ـ ـ ــل‬
‫القدمني ثم يرجع ويْسل قدميه مرة أخرا‪ .‬هذا هو الْسل املسنون املستحب‪.‬‬
‫قال¬‪َ ( :‬وا ْل َف ْر ُض ِم ْن َه َذا) يعني القدر املجزئ‪.‬‬
‫ور َا ْخلَ ِفي َف ِة َوا ْلكَثِي َف ِة) الواجب هو إس ـ ــالة املاء عىل‬ ‫مجي ِع َا ْل َبدَ ِن‪َ ،‬و َما َ ْ‬
‫حت َت َالش ـ ـ ُع ِ‬ ‫قال‪َ ( :‬ثس ـ ـ ُل َ ِ‬
‫ْ‬
‫حتت احلنفية وبلل مجيع البدن وأوص ــل‬ ‫يف املاء أو جل‬ ‫مجيع البدن حتى ولو دخل وانْم‬
‫املــاء إىل أص ـ ـ ـ ــول الش ـ ـ ـ ــعر ُهــذا هو قــدر الوا جــب بــدون البــدء بــالكفني‪ ،‬وبــدون البــدء بْس ـ ـ ـ ـ ـل‬
‫الرأس‪ ،‬وبدون مراعاة التيامن يف ثسـل الرأس‪ ،‬بدون هذا الرتتيب‪ .‬الواجب أن يوصل املاء‬
‫إىل مجيع البدن كام قال اهلل ´‪ { :‬ﭣ ﭤﭥﭦﭧ } [سورة الم دة‪ ]1 :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫{ ﮯﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕﯖﯗ } [سورة النس ء‪ ]34 :‬وكام يف األحاديث املتقدمة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل االثتسال بدون وضوء جيزئ عن احلدط األصْر واألكرب؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح وهو قول اجلمهور وبع ـ ـ ـ ــهم جعلـه إمجـاعـا‪ ،‬أنه جيزئه يف األثس ـ ـ ـ ــال‬
‫الواجبة أن يْتس ـ ــل بدون وض ـ ــوء لعموم اآلية { ﭣ ﭤ ﭥﭦﭧ } [س ـ ــورة الم دة‪:‬‬
‫‪ ]1‬وقوله ´‪ { :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖﯗ } [س ـ ــورة النسـ ـ ـ ء‪ ]34 :‬وباألدلة التي‬
‫يض‬‫املا َء» وحديث جبري بن مطعم « َأ هما َأنَا َُ ُأ ُِ ُ‬
‫ذكرت‪ :‬حديث أم سـ ــلمة « ُث هم ُت ِفي ِ ـ ـنيَ َع َل ْي ِ ْ َ‬
‫َع َىل َر ْأ ِي َث َال ًثا» وأي ا حديث جابر بمعناه‬

‫‪711‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وهكذا حديث عمران بن حص ــني(‪ ،)7‬هذا قول اجلمهور وهو الراجح أن الْس ــل يرُع‬
‫احلــدط األص ـ ـ ـ ــْر واألكرب وال جيــب الوض ـ ـ ـ ــوء‪ ،‬هــذا الوض ـ ـ ـ ــوء الــذي يتقــدم الْسـ ـ ـ ـ ــل إنام هو‬
‫مستحب وال جيب ولو كان عىل حدط أصْر‪.‬‬
‫والوضوء إنام يرشع يف أول الْسل‪ ،‬أما بعد الْسل ُال يرشع إال ملن انتقض وضوؤه‬
‫السنة أنه يْتسل ثم يتوضأ‪ ،‬قد‬ ‫ُرجه يف أثناء الْسل كام تقدم‪ .‬هذا هو السنة لي‬ ‫كأن يم‬
‫سَل ابن عمر‪ ƒ‬عن الوضوء بعد الْسل ُقال‪« :‬وأي وضوء أعم من الْسل؟ » وسنده‬
‫صحيح‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬القدر الذي ُيتوضأ به و ُيْتسل به‪:‬‬
‫كان النبي ‪ ‬يقلل من املاء يف الوض ــوء والْس ــل‪ُ ،‬كان يتوض ــأ باملد ويْتس ــل بالص ــاع‬
‫هذا عىل سـ ـ ـ ــبيل التحديد والتوقيف ولكن يدل عىل قلة اسـ ـ ـ ــتعامل املاء يف الطهارة وإال‬ ‫ولي‬
‫ُقد ثبت أنه اثتس ــل بالص ــاع إىل مخس ــة أمداد(‪)2‬وأنه اثتس ــل بثالثة أمداد (‪)4‬وأنه توض ــأ بثل َثي‬
‫ُمد (‪ ،)3‬وأنه اثتس ـ ـ ــل هو وعائش ـ ـ ــة من ُرق والفرق يس ـ ـ ــع ثالثة آص ـ ـ ــع (‪ ،)1‬إذا كانا اثنني ومها‬
‫يْتسـالن من ُرق يسـع ثالثة آصـع ُلكل واحد صاع ونصف‪ُ .‬إذن لي عىل سبيل التحديد‬
‫والتوقيف ومل يكن النبي ‪ ‬يكيل املاء قبل أن يتوض ـ ــأ أو قبل أن يْتس ـ ــل ولكن هذا يدل عىل‬
‫مرشوعية التخفيف يف استعامل املاء يف الطهارة‪.‬‬

‫(‪ )7‬سبق ختريج حديث جابر وحديث عمران‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )17 / 7‬برقم‪ ، )297( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪)421( :‬‬

‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )716 / 7‬برقم‪)427( :‬‬

‫(‪ )3‬أخرجه ابن خزيمة يف "صحيحه" (‪ )241 / 7‬برقم‪)772( :‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )10 / 7‬برقم‪ ، )219( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )711 / 7‬برقم‪)470( :‬‬

‫‪716‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬الْسل الواجب جيزئ عن الوضوء أما الْسل املستحب ُال جيزئ‪:‬‬
‫معنــاه إذا جــاء اإلنسـ ـ ـ ـ ــان وهو عىل ثري اجلنــابــة دخــل احلامم يف أيــام احلر يريــد أن يتنظف‬
‫عىل جنابة‪ُ ،‬هل جيوز له أن‬ ‫الوقت يريد أن يرُع احلدط حتى يص ـ ـ ــيل ولي‬ ‫ويتربد ويف نف‬
‫يْتســل كامال ُيحصــل به اىل جانب التنظف أو التربد رُع احلدطَ اجلواب ال‪ ،‬ما جيزئ ألن‬
‫ثس ـ ـ ـ ــال واجبـا ولكن لو كـان عليـه جنـابة أو املرأة طهرت من احليض أو النفاس‬ ‫ثس ـ ـ ـ ـ ـلـه لي‬
‫عليه جنابة ويريد أن يْتس ـ ــل ويرُع احلدط هبذا االثتس ـ ــال‬ ‫ُيمكن بذل ‪ ،‬أما اإلنس ـ ــان لي‬
‫ُهذا ال جيزئ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪711‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫التيمم يف (اللْة) بمعنى مطلق القصد قال اهلل تعاىل‪ { :‬ﮡﮢﮣ ﮤﮥ‬
‫وأمم ْته بمعنى قص ـ ـ ــدتُه‪ ،‬ويف هذا يقول‬
‫تيممت ُالنا وتأممته َ‬
‫ُ‬ ‫} [سـ ـ ـ ــورة البقرة‪ ]318 :‬ويقال‪:‬‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ل ل ل ل ل للق ُ د قة ُإقَو َُيل ل ل ل ل ل ل ل ِ ُ ل ل ل ل ل ل ل للقُ ُ ُ ِ َّلل ل ل ل ِإ ُو ل ل ل ل ل ل ل ل ُ َّلل ل ل ل ِهل ل ل ل ل ل ل لق َُّلل ل ل لول ل ل ل ل ل ل ق ُ‬
‫لهلل ُ‬
‫ُ‬
‫والتيمم (رشعا) هو التعبد هلل بقصد الصعيد الطيب ملسح الوجه والكفني‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ ‬قال املصنف¬‪َ :‬و ُه َو َالن ْهو ُع َال هث ِاين ِم َن َال هط َه َارة‪.‬‬


‫تقــدمــت الطهــارة األوىل وهي الطهــارة بــاملــاء للوض ـ ـ ـ ــوء وللْس ـ ـ ـ ــل‪ ،‬وهــذه هي الطهــارة‬
‫الثـانيـة لقوله ´‪ { :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ } [س ـ ـ ـ ـ ــورة الم دة‪ .]1 :‬الطهارة األوىل طهارة‬
‫مائية وهذه الطهارة طهارة ترابية‪.‬‬
‫اء ِألَع ـ ـ ِ‬
‫اء َال هط َه َار ِة َأ ْو َب ْع ِ ـ ـ َها‬ ‫اء إِ َذا َتع هذر اِس ـ ـتِعام ُل َا ْ َمل ِ‬
‫‪ ‬قال¬‪ :‬وهو بدَ ٌل ع ِن َا ْ َمل ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫ف َرض صر بِاستِعامل ِ ِه‪َُ ،‬ي ُقوم َالرتاب م َقام َا ْ َمل ِ‬
‫اء‪.‬‬ ‫لِعدَ ِم ِه‪َ ،‬أو َخو ِ‬
‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫(و ُه َو َبـ ـدَ ٌل َع ِن َا ْ َملـ ـ ِاء) بنص اآلي ــة الكريم ــة { ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ }‬ ‫[‪ ]4‬قول ــه‪َ ::‬‬
‫[سورة الم دة‪.]1 :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬متى يرشع التيمم؟‬
‫رض صر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫قال‪( :‬إِ َذا َت ْع هذ َر ا ْست ْع َام ُل َا ْملَاء ألَ ْع َ اء َال هط َه َارة َأ ْو َب ْع َها ل َعدَ مه‪َ ،‬أ ْو َخ ْوف َ َ‬
‫استِ ْع َامل ِ ِه) يرشع التيمم يف حالتني‪:‬‬ ‫بِ ْ‬
‫‪ ‬احلالة األوىل‪ :‬يف حالة عدم وجدان املاء‪.‬‬
‫‪ ‬احلالة الثانية‪ :‬يف حالة عدم القدرة عىل استعامل املاء مع وجوده‪.‬‬
‫أما يف احلالة األوىل ُكام يف هذه اآلية الكريمة { ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ } [سورة‬
‫الم دة‪ُ ]1 :‬من مل جيد املاء ُيرشع له التيمم ألن الصالة ال بد َا من طهارة‪.‬‬

‫‪712‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬متى يكون ثري واجد للامء؟‬


‫اجلواب‪ /‬إم ــا أن يتيقن أن املك ــان ال ــذي هو ُي ــه ال يوج ــد ُي ــه م ــاء‪ُ ،‬ه ــذا ال حيت ــاج أن‬
‫يطلـب املـاء‪ ،‬أمـا إذا مل يتيقن بعـدم وجود املـاء ُعليـه أن يطلـب املـاء ألنه ال يقال له ثري واجد‬
‫وهو مل يطلب‪ ،‬واهلل ´ رشع يف بعض كفارات إعتاق رقبة قال اهلل تعاىل{ ﮘ ﮙ ﮚﮛ‬
‫ﮜﮝ } [سـ ـ ـ ـ ــورة المج لة‪ ]3 :‬ما يعدل من اإلعتاق إىل الص ـ ـ ـ ــوم إال بعد أن يطلب‬
‫الرقبـة‪ُ ،‬ـإن كـان متيقنـا بعـدم وجودهـا ُيعـدل مبـارشة إىل الص ـ ـ ـ ــوم‪ ،‬وأما إذا كان هنا احتامل‬
‫أنه جيد الرقبة أو ال جيدها ُعليه أن يطلبها‪.‬‬
‫وهكذا بالنســبة للامء ُاهلل يقول‪ { :‬ﭷﭸ ﭹﭺ } [س ــورة الم دة‪ ]1 :‬وهذا‬
‫الطلـب لي أمرا ُر ْوتِ ْينِيا كام يقال‪ُ ،‬إذا كان هنا احتامل وجود املاء يطلب املاء‪ ،‬أما إذا كان‬
‫يتيقن بعـدم وجود املـاء ُال حيتـاج أن يطلـب خالُـا لبعض أهل العلم ُعندهم الطلب واجب‬
‫يف مجيع األحوال(‪.)7‬‬

‫وهذا ال دليل عليه ألن اهلل يقول‪ { :‬ﭷ ﭸ ﭹ } إذا كان هو ثري واجد للامء‬
‫ويتيقن أنه ال جيد املاء ُال حيتاج أن يطلب املاء ولكن لو كان هنا احتامل العثور عىل املاء‬
‫ُواجب عليه أن يطلب املاء‪ ،‬إذا نزل يف املكان يذهب يمينا ويسارا وجد محامات أمامه ووجد‬
‫أناسا هنا ُيميش إليهم ويسألهم‪ ،‬وجد آثار خَّضة وزراعة يقول لعل هنا ما ًء جاري ًا يميش‪،‬‬
‫معناه أنه إذا كان يف السفر ينزل من الباص وينظر يمينا ويسارا ويذهب يتيمم‪ ،‬بل ال بد‬ ‫لي‬
‫ُاملسوغ األول للتيمم عدم وجود املاء { ﭷﭸﭹ‬
‫ر‬ ‫املاء ويبحث عن املاء‪.‬‬ ‫أن يلتم‬
‫} [سورة الم دة‪.]1 :‬‬

‫(‪ )7‬وهو املشهور من مذهب مال ‪ ،‬انظر" تفسري القرطبي (اجلامع ألحكام القرآن)" (‪)220 /1‬‬

‫‪710‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا وجد املاء بالثمن‪ ،‬هل جيب عليه أن يشرتي؟‬


‫اجلواب‪ /‬إذا كان يف مقدوره أن يشرتي بدون مشقة وال رضر ُواجب عليه أن يشرتي‬
‫ألن اهلل تعاىل يقول‪ { :‬ﭷﭸ ﭹ } وهذا واجد للامء‪ .‬املاء أمامه وعنده قدرة بدون‬
‫مَّضة عىل رشاء املاء ُواجب عليه أن يشرتي هذا املاء‪،‬‬
‫ولكن لو عنده دراهم يسرية يريد أن يرتفق هبا يف سفره‪-‬يركب هبا ويأكل هبا‪-‬واملاء‬
‫بسعر ال يستطيع أن يشرتي إال بمخاطرة أو بمَّضة عليه‪ُ ،‬ال جيب عليه يف هذه احلالة «الَ‬
‫رض َار» (‪)7‬وقال تعاىل‪ { :‬ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ } [سورة البقرة‪{ ]371 :‬‬ ‫ِ‬
‫رض َر َوالَ َ‬
‫َ َ‬
‫ﮪﮫﮬ ﮭﮮ ﮯﮰﮱ } [سورة الحج‪{ ]87 :‬ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ‬
‫ﯞ } [سورة البقرة‪ُ .]175 :‬احلالة األوىل عدم وجود املاء وال يكون ثري واجد إال بعد‬
‫الطلب‪.‬‬
‫‪ ‬مسـألة‪ /‬رجل عليه جنابة أو عليه حدط أصــْر وال جيد من املاء إال ما يكفي بعض‬
‫األع اء؟‬
‫اجلواب‪ /‬املس ـ ـ ــألة ُيها خالف‪ ،‬والراجح – واهلل أعلم – أنه إذا ُوجد عنده قليل من‬
‫املـاء ال يكفي ألع ـ ـ ـ ــاء طهـارته أنه ينتقل إىل التيمم ُيكون داخال يف عموم اآلية‪ { :‬ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ } ألنه إذا كان جنبا اهلل يقول‪ { :‬ﭣ ﭤ ﭥﭦﭧ } [سـ ــورة الم دة‪]1 :‬‬
‫ويقول{ ﮯﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕﯖﯗ } [سورة النس ء‪]34 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مال يف "املوطأ" (‪ )7912 / 7‬برقم‪ )699 / 2112( :‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )17 / 3‬برقم‪، )4910( :‬‬
‫(‪ )392 / 1‬برقم‪ )3137( :‬واحلاكم يف "مستدركه" (‪ )11 / 2‬برقم‪ )2412( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪)60 / 6‬‬
‫برقم‪)77192( :‬‬

‫‪729‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ويف الــوض ـ ـ ـ ـ ــوء ي ـقــول ´‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬


‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨﭩﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲﭳ ﭴﭵﭶ ﭷﭸ ﭹﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﮑ} [ســورة الم دة‪ .]1 :‬يعني مل جتدوا ماء للْســل أو للوضــوء ُتيمموا ‪ُ ،‬هذا‬
‫ثري واجد ليشء يسمى ثسال وهذا ثري واجد ليشء يسمى وضوء ًا‪ُ ،‬يلجأ إىل التيمم‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬من وجبت عليه عتق الرقبة ومل جيد إال بعض الرقبة‪ُ ،‬له أن ينتقل إىل الصيام‬
‫ألنه مل جيد ما أمر اهلل ´ به‪ُ ،‬اهلل أمر بإعتاق رقبة وهو ال جيد إال نصف رقبة ُيلجأ إىل‬
‫الصوم‪ ،‬وهكذا من مل جيد من املاء إال اليشء اليسري الراجح أنه يلجأ إىل التيمم‪.‬‬
‫استِ ْع َامل ِ ِه)‬
‫رض صر بِ ْ‬
‫ِ‬
‫قال‪َ ( :‬أ ْو َخ ْوف َ َ‬
‫هذه احلالة الثانية‪ ،‬أن يكون واجدا للامء لكن ال يستطيع أن يستعمل املاء‪ ،‬مثال ُجينب‬
‫وهو يف حالة برد وال يستطيع أن يسخن املاء‪ ،‬أما لو كان عىل جنابة ويستطيع أن يسخن املاء‬
‫ُواجب عليه أن يسخن املاء‪ ،‬وبع هم يستطيع أن يسخن املاء لكن يف عرا ء ولو كان ماء‬
‫ساخنا هو يف جو بارد جدا ال يكفي تسخني املاء يريد ما يتدُأ به أثناء الْسل أو قبله أو بعده‬
‫وال جيد ُيخاف عىل نفسه الَّضر‪ ،‬أو مريض خيشى من تأخر الربء أو زيادة يف املرض أو خياف‬
‫عىل نفسه باستعامل هذا املاء خياف أنه يعطش ُيموت‪ ،‬عنده َشء يسري من املاء وهو يف السفر‬
‫وال يدري هل جيد ماء عام قريب أو ال جيد‪ ،‬إما خياف عىل نفسه أو خياف عىل رُقته أو عىل‬
‫هبائمه أي عنده حيوان‪ُ-‬رس أو محار أو بعري‪-‬خيشى لو أنه تطهر باملاء للْسل أو للوضوء‬
‫أنه يعطش ُرسه أو بعريه أو محاره ُيموت‪،‬‬
‫ُإذا خاف أو عجز عن استعامل املاء ُإنه يلجأ إىل التيمم‪ ،‬دليله قوله ´‪ { :‬ﮤﮥ‬
‫ﮦﮧﮨﮩ} [سورة البقرة‪ ]1١5 :‬ويقول اهلل {ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ}‬
‫رض َر َوالَ‬
‫[سورة النس ء‪ ]3١ :‬والعموم من اآليات الدالة عىل رُع الَّضر وقول النبي ‪« ‬الَ َ َ‬
‫ار»‬ ‫ِ‬
‫رض َ‬
‫َ‬

‫‪727‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ار َد صة ِِف َث ْز َو ِة‬


‫اح َت َل ْم ُت ِِف َل ْي َل صة َب ِ‬
‫ويستدلون أي ا بحديث عمرو بن العاص ‪ ¢‬قال‪ْ « :‬‬
‫السال َِس ِل َُ َأ ْش َف ْق ُت إِ ِن ْ‬
‫اثت ََس ْل ُت َأ ْن َأ ْه ِل َ َُ َت َي هم ْم ُت ُث هم َص هل ْي ُت بِ َأ ْص َحابِى الص ْب َح َُ َذك َُروا‬ ‫ِ‬
‫َذات ه‬
‫ُب؟ » َُ َأ ْخ َ ْرب ُت ُه بِا هل ِذا َمنَ َعنِى ِم َن‬ ‫ِ ِ‬
‫َذل َ للنهبِ رى ‪َ َُ ‬ق َال‪َ « :‬يا َع ْم ُرو َص هل ْي َت بِ َأ ْص َحابِ َ َو َأن َْت ُجن ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ول‪ { :‬ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫اال ْثت َسال َو ُق ْل ُت‪ :‬إِنرى َسم ْع ُت ه َ‬
‫اَّلل َي ُق ُ‬
‫اَّللِ ‪َ ‬و َمل ْ َي ُق ْل َش ْي ًَا»(‪ .)7‬وهذا احلديث ُيه َشء من الكالم وبع هم‬ ‫ول ه‬ ‫} َُ َ ِح َ َر ُس ُ‬
‫يرجح ُيه اإلرسال‪،‬‬
‫ال ِمنها َح َج ٌر َُ َش هج ُه ِِف‬ ‫اب َر ُج ً‬ ‫ِ‬
‫واستدلوا أي ا بحديث جابر قال‪َ « :‬خ َر ْجنَا ِف َس َف صر َُ َأ َص َ‬
‫ون ِىل ر ْخ َص ًة ِِف ال هت َيم ِم َُ َقا ُلوا ما ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َجدُ َل َ ُر ْخ َص ًة‬ ‫َ‬ ‫اح َت َل َم َُ َس َأ َل َأ ْص َح َاب ُه َُ َق َال َه ْل َجتدُ َ ُ‬ ‫َر ْأسه ُث هم ْ‬
‫َاء َُا ْثت ََس َل َُ َام َت َُ َل هام َق ِد ْمنَا َع َىل النهبِ رى ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ُ -‬أ ْخ ِ َرب بِ َذلِ َ‬ ‫امل ِ‬
‫َو َأن َْت َت ْق ِد ُر َع َىل ْ‬
‫اَّلل َأاله َس َأ ُلوا إِ ْذ َمل ْ َي ْع َل ُموا َُ ِإن َهام ِش َفا ُء ا ْل ِع رى الس َؤ ُال إِن َهام كَا َن َي ْك ِف ِيه َأ ْن َي َت َي هم َم»‬
‫َُ َق َال‪َ « :‬ق َت ُلو ُه َق َت َل ُه ُم ه ُ‬
‫(‪ )2‬وهذا احلديث كام تقدم أنه ضعيف ال يصح‪.‬‬
‫اط‪ .‬ثم يقول‪ :‬بسم اهلل‪ُ .‬ث هم َي ْ ِ‬
‫َّض َب‬ ‫‪‬قال¬‪ :‬بِ َأ ْن‪ :‬ين ِْوي ر ُْع ما َع َلي ِه ِمن َا ْألَحدَ ِ‬
‫َ َ َ َ َ ْ ْ ْ‬
‫احدَ ًة َي ْم َس ُح ِهبِ َام َمجِي َع َو ْج ِه ِه َو َمجِي َع َك هفيْ ِه‪ِ َُ .‬إ ْن َرض َب َم هرت ْ ِ‬
‫َني َُ َال َب ْأ َس‪.‬‬ ‫َالرتاب بِي ِد ِه مر ًة و ِ‬
‫َ َ َ َه َ‬
‫َ‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )742 / 7‬برقم‪ ،)443( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )3991 / 1‬برقم‪)72907( :‬‬

‫يف "سننه" (‪ )421 / 7‬برقم‪ ،)627( :‬لالستزادة انظر "اإلعالم بسنته عليه الصالة والسالم برشح سنن ابن ماجه اإلمام"‪:‬‬
‫(‪)447 / 2‬‬
‫أخرجه‪ :‬أبو داود يف "سننه" (‪ )742 / 7‬برقم‪ ،)744 / 7( ، )446( :‬قال املنذري‪ُ :‬يه الزبري بن خريق قال‬ ‫(‪)2‬‬

‫بالقوي‪ ،‬انظر‪" :‬عون املعبود رشح سنن أيب داود"‪.)742 / 7( :‬‬ ‫الدارقطني لي‬

‫‪722‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬النية يف التيمم‪:‬‬


‫قــال‪( :‬بِـ َأ ْن ين ِْوي ر ُْع م ـا َع َليـ ِه ِمن َا ْألَح ـدَ ِ‬
‫اط) التيمم طهــارة حتتــاج إىل نيــة‪ ،‬وهــذا قول‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫أل ْعام ُل بِال ر ِ‬
‫ات» وهكذا لقول اهلل تعاىل‪ { :‬ﮘﮙ ﮚ‬ ‫ه‬ ‫عامة أهل العلم لقول النبي ‪« ‬إِن َهام َا ْ َ َ‬
‫الرتاب ومســح وجهه‬ ‫من م‬ ‫ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ } [ســورة البينة‪ُ ]5 :‬ال بد من نية لي‬
‫ويديه بدون النية يرتفع احلدط‪.‬‬
‫قال‪َُ ( :‬ي ُقوم َالرتاب م َقام َا ْ َمل ِ‬
‫اء) نعم‪ ،‬بنص اآلية‪ { :‬ﭷﭸ ﭹ }‪.‬‬ ‫َ ُ َ ُ َ َ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬التسمية يف أول التيمم‪:‬‬
‫قال‪( :‬ثم يقول‪ :‬بسم اهلل) هذا قول اجلمهور من‬
‫أهل العلم أنه تس ـ ـ ــتحب التس ـ ـ ــمية يف أول التيمم ولكن أوال‪ :‬ال دليل عىل اس ـ ـ ــتحباب‬
‫التسمية يف أول التيمم‪.‬‬
‫َان َيك ِْفي َ‬‫ثانيا‪ :‬مل يعلم النبي ‪ ‬عامرا حينام علمه التيمم أن يقول بسم اهلل قال‪« :‬إِن َهام ك َ‬
‫احدَ ًة ُث هم َم َس ـ ـ ـ ـ ـ َح ال رش ـ ـ ـ ـ ـ َام َل َع َىل ا ْل َي ِم ِ‬
‫ني‬ ‫ول بِيـدَ ي َ هك ََذا» ُثم َرضب بِيدَ ي ِه األَر َض َرضب ًة و ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ َ َ ْ‬ ‫َأ ْن َت ُق َ َ ْ َ‬
‫اه َر َك هف ْي ِه َو َو ْج َه ُه»(‪ُ .)7‬لم يرشده إىل التسمية ُلم يبق إال القياس عىل الوضوء‪.‬‬ ‫و َظ ِ‬
‫َ‬
‫عليه الذي هو أصـل الوضوء مل يثبت عن النبي ‪ ‬التسمية يف‬ ‫واجلواب‪ /‬أوال‪ :‬املقي‬
‫أول الوضوء كام تقدم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عىل تقدير أهنا قد ثبتت التسـمية يف أول الوضـوء؛ ُال يقاس التيمم عىل الوضــوء‬
‫لوجود الفارق‪ُ ،‬الوض ـ ـ ــوء يف مخس ـ ـ ــة أع ـ ـ ــاء وأما التيمم يف ع ـ ـ ــوين‪ُ ،‬ال تقاس عبادة عىل‬
‫عبادة‪ُ .‬احلاصل أنه ال ترشع التسمية يف أول التيمم‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )702 / 7‬برقم‪)462( :‬‬

‫‪724‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسـ ـ ــألة‪ /‬هل يشـ ـ ــرت يف التيمم أن يكون بالرتاب‪ ،‬أو جيوز التيمم بكل ما كان عىل‬
‫وجه األرض؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح أن التيمم يكون بكل ما كان عىل وجه األرض من تراب أو رمل أو‬
‫حىص أو حصباء أو ثري ذل لعموم اآلية الكريمة‪{ :‬ﭺﭻﭼ } [سورة الم دة‪:‬‬
‫‪ ]1‬والصعيد هو‪ :‬وجه األرض‪ ،‬وأي ا لعدم الدليل عىل اشرتا الرتاب‪ ،‬نعم جاء يف‬
‫ِ‬
‫ورا»(‪)7‬ولكن هذا لي‬ ‫الروايات الصحيحة يف حديث حذيفة وثريه « َو ُجع َل ْت ت ُْر َب ُت َها َلنَا َط ُه ً‬
‫ُيه دليل عىل اشرتا الرتاب ألن يف حديث جابر وثريه « َو ُج ِع َل ْت ِيل َا ْألَر ُض مس ِ‬
‫جدً ا‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫َو َط ُه ً‬
‫ورا»(‪ُ ،)2‬ذ ْك ر الرتاب يكون من باب ذكر بعض أُراد العام وهو ال يفيد ختصيصا ألن‬
‫التخصيص هو اإلخراج‪ ،‬أما ذكر بعض أُراد العام ال يفيد التخصيص‪.‬‬
‫إذا قلت‪( :‬أكرم الطلبة) ثم يف موضع آخر قلت (أكرم زيدا) ال يستفاد أنه ال يكرم من‬
‫الطلبة إال زيدا ألن زيدا هو بعض من الطلبة‪ُ ،‬هذا يقال ُيه ذكر بعض أُراد العام ال يفيد‬
‫ختصيصا‪ ،‬ألن التخصيص عبارة عن إخراج أما هذا من باب آخر‪.‬‬
‫ُـالــدليــل عىل أنـه جيوز بكــل مــا كــان عىل وجــه األرض ظــاهر اآليـة الكريمــة‪ { :‬ﭺ‬
‫ﭻ} أي ما صــعد عىل وجه األرض‪ { ،‬ﭼ } أي طاهرا ال يكون نجســا‪ ،‬وأي ــا عموم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حديث جابر وثريه « َو ُجع َل ْت ِ َيل َا ْألَ ْر ُض َم ْس ـ ـ ـ ـجدً ا َو َط ُه ً‬
‫ورا» كام أننا نص ـ ـ ــيل يف أي بقعة وهذا‬
‫من ُ ـ ـ ـ ــل اهلل عىل هــذه األمــة‪ ،‬كــان يف األمم املتقــدمــة الص ـ ـ ـ ــالة مقص ـ ـ ـ ــورة عىل أمــاكن معـدة‬
‫للعبادة كالكنائ والصوا مع والبِيع‪.‬‬
‫أما هذه األمة ُمن رمحة اهلل هبا أن أذن َا بالصــالة يف أي موضــع‪ ،‬لو كنت يف أرض جبلية أو‬
‫أرض رملية أو أرض ترابية أو َسـ ـ ـبِخة أو أي نوع من أنواع األرض‪ ،‬تص ـ ــح ل الص ـ ــالة ُيها‬
‫ورا »!؟ ُهكذا يصح التيمم يف أي موضع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لعموم احلديث « َو ُج ِع َل ْت ِ َيل َا ْ َ‬
‫أل ْر ُض َم ْسجدً ا َو َط ُه ً‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )64 / 2‬برقم‪)122( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 7‬برقم‪)441( :‬‬

‫‪723‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ُالص ــحراء أرض رملية والرمل ثري الرتاب ُامتن اهلل ´ علينا عىل لس ــان نبيه « َو ُج ِع َل ْت ِ َيل‬
‫َا ْألَ ْر ُض» كام أن تصـ ــيل يف أي موضـ ــع ُهكذا التيمم يكون يف أي موضـ ــع‪ .‬وأي ـ ــا النبي ‪‬‬
‫س ـ ـ ــاُر إىل تبو هو وأص ـ ـ ــحابه وكانت الطريق إىل تبو وبالد تبو أرض ـ ـ ــا رملية ومل ينقل أن‬
‫النبي ‪ ‬استصحب معه الرتاب‪ُ .‬الراجح أن التيمم يكون بكل ما كان عىل وجه األرض‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬صفة التيمم‪:‬‬
‫َّضب َالرتاب بِي ِد ِه مر ًة و ِ‬
‫احدَ ًة) كيفية التيمم هي‪ :‬أنه يَّضب بكفيه األرض‬ ‫قال‪ُ ( :‬ث هم َي ْ ِ َ َ َ َ َ ه َ‬
‫مرة واحدة‪ ،‬هذا هو الراجح حلديث عامر أن النبي ‪ ‬علمه التيمم َُّضب بيده األرض رضبة‬
‫واحدة وهو يف الصحيحني‪.‬‬
‫قال‪َ ( :‬ي ْم َس ُح ِهبِ َام َمجِي َع َو ْج ِه ِه َو َمجِي َع َك هفيْ ِه) لقوله ´‪ { :‬ﭷﭸ ﭹﭺﭻ‬
‫ﭼﭽﭾﭿﮀﮁ} [سورة الم دة‪ .]1 :‬يَّضب بيديه رضبة واحدة‬
‫ثم ينفخ هذا الذي قد يعلق عىل الكفني‪ .‬ثبت النفخ يف حديث عامر يف الصحيح ثم يمسح‬
‫مجيع وجهه وكفيه ألن اهلل ‪ ‬يقول‪{ :‬ﭽﭾ} والنبي ‪ ‬ع هلم عامرا بأن‬
‫يمسح عىل وجهه و عىل كفيه‪ ،‬ولكن لو مسح وبقيت أجزاء مل متر عليها الكف ما عليه بأس‬
‫ولكن ال يتعمد يمسح مسحا جزئيا مثل أن يمسح اجلبهة وال ُوجنتني أو يمسح اجلبهة وعند‬
‫الذقن أو يف األطراف بل املسح يكون عىل مجيع الوجه‪ ،‬لكن لو ُاتت بعض املواضع ما عليه‬
‫بأس ألن النبي ‪ ‬مل يتكلف؛ رضب بيديه ثم مسح‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬ثبت يف الص ـ ـ ــحيح بلفظ النفخ‪ ،‬وقد اختلفت الطرق يف هذه اللفظة‪ ،‬الثابت هو‬
‫النفخ‪ ،‬أمــا النفض ُهنــا اختالف بني الرواة‪ ،‬وأم ـا اجلمع بني النفخ والنفض ُال يثبــت عن‬
‫النبي ‪ ‬ولكن يف بع ـ ـ ـ ــها ذكر النفخ ويف بع ـ ـ ـ ــها ذكر النفض‪ُ ،‬الذي هو أصـ ـ ـ ــح أنه ينفخ‪،‬‬
‫والنفض أن يَّضب أحد الكفني باألخرا ُهذا ُيه َشء من الكالم‪.‬‬

‫‪721‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيب الرتتيب يف املسح عند التيمم؟‬


‫اجلواب‪ /‬ظاهر اآلية البدء بالوجه { ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ [سورة‬
‫ُيقال‪ :‬أن األمرين‬ ‫(‪،)7‬‬ ‫الم دة‪ ]1 :‬ويف رواية للبخاري من حديث عامر البدء بالكفني‬
‫جائزان‪ ،‬أنه يبدأ بالوجه كام هو ظاهر اآلية وأن يبدأ بالكفني واألمر يف هذا واسع وإن كان‬
‫األقرب البدء بالوجه‪ ،‬وأي ا يف روايات الصحيح تقديم الوجه عىل الكفني ويف بعض‬
‫الروايات تقديم الكفني عىل الوجه‪ُ ،‬اليشء املتيقن البدء بالوجه وأما البدء بالكفني ُهذا يف‬
‫بعض الروايات‪ .‬والبدء بالوجه أصح منها ُيقال‪ :‬كال األمرين جائز وإن كان األوىل البدء‬
‫بالوجه كام هو نص اآلية الكريمة‪.‬‬
‫يع َو ْج ِه ِه) وتقدم ضابط الوجه يف الكالم عىل الوضوء‪.‬‬ ‫قال‪َ ( :‬يمس ُح ِ ِهبام َ ِ‬
‫مج َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫يع َك هف ْي ِه) يمس ـ ــح الش ـ ــامل عىل اليمني واليمني عىل الشـ ـ ــامل؛ الظاهر والباطن‬ ‫قال‪َ ( :‬و َ ِ‬
‫مج َ‬
‫هبذه الطريقة‪.‬‬
‫واهلل ´ يقول‪{ :‬ﭽﭾ ﭿ ﮀﮁ} [سـ ـ ــورة الم دة‪ ]1 :‬اليد‬
‫قد يقصـ ــد هبا الكف وقد يقصـ ــد هبا اليد إىل املرُق وقد يقصـ ــد هبا اليد إىل الكتف ولكن دلت‬
‫الس ــنة عىل أن املراد باليد هو الكف كام علم النبي ‪ ‬عامر ًا بأن يمسـ ـح عىل وجهه وكفيه قال‪:‬‬
‫رض َب ـ ًة َوا ِح ـدَ ًة ُث هم َم َس ـ ـ ـ ـ ـ َح‬ ‫ِ‬
‫رض َب بِ َي ـدَ ْي ـه األَ ْر َض َ ْ‬ ‫ان َيك ِْفي ـ َ َأ ْن َت ُق َ‬
‫ول بِ َي ـدَ ْي ـ َ َه ـَكـ َذا» ُث هم َ َ‬ ‫«إِن َهام ـَكـ َ‬
‫اه َر َك هف ْي ِه َو َو ْج َه ُه»‪.‬‬
‫ني و َظ ِ‬ ‫ِ‬
‫الش َام َل َع َىل ا ْل َيم ِ َ‬‫ر‬
‫عىل‬ ‫ُهذه صفة التيمم‪ ،‬الَّضبة تكون واحدة واملسح يكون عىل الكفني ُقط لي‬
‫الذراعني إىل املرُقني‪ ،‬ال دليل عىل الَّضبتني وال دليل عىل مسح اليد إىل املرُقني‪.‬‬
‫قال‪ِ َُ ( :‬إ ْن َرض َب َم هرت ْ ِ‬
‫َني َُ َال َب ْأ َس) لكن ال دليل‪ ،‬السنة أن يَّضب رضبة واحدة‪ .‬ولعل‬ ‫َ‬
‫املصنف ¬ يرا أن األحاديث املروية حتدط قوة وأن الَّضب مرة واحدة أصح‪ ،‬ولكن‬
‫اجلواب‪ /‬أنه مل يصح الَّضب مرتني‪ُ ،‬لهذا السنة الَّضب مرة واحدة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 7‬برقم‪)431( :‬‬

‫‪726‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫جتدُ وا ماء َُ َتيمموا ص ـ ـ ـ ِعيدً ا َطيبا َُامس ـ ـ ـحوا بِوج ِ‬


‫وهك ُْم‬ ‫رً ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫َّلل َت َع َاىل‪َ َُ { :‬ل ْم َ ِ َ ً َ ه ُ َ‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬ق َال َا ه ُ‬
‫َّلل ل ِ َي ْج َعـ َل َع َل ْيك ُْم ِم ْن َح َر صج َو َل ِك ْن ُي ِريـدُ ل ِ ُي َط ره َرك ُْم َول ِ ُيتِ هم نِ ْع َم َتـ ُه َع َل ْيك ُْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َأيْـديك ُْم منْـ ُه َمـا ُي ِريـدُ َا ه ُ‬
‫ون } [الْمائِدةِ‪.]٦ :‬‬ ‫َل َع هلك ُْم ت َْشك ُُر َ‬
‫وعن جابِ صر َأ هن َالنهبِي ‪-‬صـىل اهلل عليه وسلم ‪َ -‬ق َال‪ُ " :‬أعطِيت َمخْسا َمل يع َطهن َأحدٌ ِمن َا ْألَنْبِي ِ‬
‫اء‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ً ُْْ ُ ه َ‬ ‫ه‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقب ِيل‪ُ :‬ن ِرصـ ُت بِالر ْع ِ ِ‬
‫ورا‪َ َُ ،‬أيه َام َر ُج ٌل َأ ْد َر َك ْت ُه‬‫ب َمسـ َري َة َش ْه صر‪َ ،‬و ُجع َل ْت ِ َيل َا ْألَ ْر ُض َم ْسجدً ا َو َط ُه ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َان َالنهبِي‬ ‫يت َال هشـ ـ ـ ـ َفا َع َة‪َ ،‬وك َ‬‫حت هل ِألَ َح صد َق ْب ِيل‪َ ،‬و ُأ ْعطِ ُ‬ ‫َالص ـ ـ ـ َال ُة َُ ْليص ـ ـ ـ رل‪ ،‬و ُأ ِح هل ْت ِيل َا ْل َْن َِائم‪ ،‬و َمل َ ِ‬
‫ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ه‬
‫هاس َعا هم ًة " ُم هت َف ٌق َع َل ْي ِه‪.‬‬ ‫اص ًة‪َ ،‬و ُب ِع ْث ُت إِ َىل َالن ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُي ْب َع ُث إِ َىل َق ْومه َخ ه‬
‫‪ ‬مس ــألة‪ /‬هل يش ــرت يف التيمم أن يكون بعد دخول الوقت أو له أن يتيمم ولو قبل‬
‫دخول الوقت؟‬
‫ُيه خالف والراجح أن له أن يتيمم ولو قبل دخول الوقت‪ ،‬ألن هذه الطهارة صحيحة‬
‫ُإذا كانت طهارة وهي بدل عن الوضوء ُكام أن تتوضأ قبل دخول الوقت‪ُ ،‬هكذا يف التيمم‬
‫تتيمم ولو قبل دخول الوقت وال دليل عند املانعني‪ ،‬هنا من أهل العلم من يمنع التيمم قبل‬
‫دخول الوقت يعني ما عند ماء لصالة الظهر ال تتيمم قبل دخول الظهر إنام إذا أذن الظهر‬
‫تتيمم‪ ،‬إذا أذن العرص تتيمم‪ ،‬إذا أذن املْرب أو العشاء أو الفجر‪ ،‬لكن ال دليل عىل هذا‪.‬‬
‫وأما قوله ´‪ { :‬ﭔﭕ ﭖﭗ } ُأنت تقوم إىل الصالة بعد دخول الوقت‬
‫وقبل دخول الوقت ُأنت تتطهر وتتوضأ وتْتسل ولو قبل جميء الصالة‪ُ .‬لهذا الراجح أن‬
‫التيمم ال يشرت له دخول الوقت ل طالق‪ .‬قال‪ { :‬ﭷﭸ ﭹﭺﭻﭼ }‬
‫يشرت أن يكون طاهرا ‪{ .‬ﭽﭾﭿﮀﮁ } ِ‬
‫و(من) هنا عند القائلني‬
‫بعدم اشرتا الرتاب تكون ابتدائية‪ { .‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ } وهذا‬
‫يؤيد أن التيمم يكون بكل ما كان عىل وجه األرض وال يشرت أن يكون ترابا‪ُ ،‬كيف اإلنسان‬
‫يف أرض رملية حيتاج أن يصدر ويوُر ترابا‪ ،‬أو كان يف أرض جبلية عبارة عن صخور حيتاج‬
‫أن يوُر ترابا‪ ،‬ال! { ﮂﮃ ﮄﮅﮆﮇﮈ } اهلل ´ رُع احلرج‪ .‬قال‪:‬‬
‫{ ﮉ ﮊﮋ } بعد ذكر التيمم قال ´‪ { :‬ﮉ ﮊﮋ } يدل عىل أن‬
‫التيمم طهارة وهي طهارة بدلية عن املاء‪.‬‬

‫‪721‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل التيمم راُع للحدط أو مبيح للصالة ُقط؟‬


‫هــذه مس ـ ـ ـ ـ ــألــة اختلف ُيهــا أهــل العلم‪ ،‬والراجح أن التيمم راُع للحــدط ولكنــه رُع‬
‫مؤقت إىل أن جيد املاء أو يقدر عىل اسـ ــتعامله والدليل عىل ذل هذه اآلية الكريمة‪ { :‬ﮉ‬
‫ﮊﮋ }ُهي طهارة رشعية كاملة ال نقص ُيها‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما معنى رُع مؤقت؟‬
‫اجلواب‪ :‬من كان عىل جنابة ومل جيد املاء أو مل يقدر عىل اس ـ ـ ـ ــتعامل املاء ُتيمم‪ ،‬واجب‬
‫عليه أن يْتس ـ ـ ــل إذا وجد املاء ألن التيمم راُع للحدط رُعا مؤقتا‪ ،‬والدليل حديث عمران‬
‫بن حصــني ‪ ¢‬أن النبي ‪ ‬رأا رجال معتزال بعد الصــالة ُقال‪َ « :‬ما َمنَ َع َ َيا ُُ َال ُن َأ ْن ُت َصـ ر َيل‬
‫َم َع ا ْل َق ْو ِم» قال‪َ :‬أ َص ـ ـ ـ ـ ـ َابتْنِي َجنَا َب ٌة َو َال َما َء‪ُ .‬أرش ـ ـ ـ ــده النبي ‪ ‬إىل التيمم ثم أيت النبي ‪ ‬بامء‬
‫ب َُ َأ ُْ ِر ْث ُه َع َل ْي َ » (‪)7‬وهذا قول عامة أهل العلم خالُا أليب سلمة بن عبد الرمحن‬
‫ُقال‪« :‬ا ْذ َه ْ‬
‫الزهري ُعنــده أن التيمم راُع للحــدط رُعــا كليــا يعني من تيمم وهو جنــب ووجــد املــاء مــا‬
‫حيتاج إىل أن يْتسل ولكن هذا ثري صحيح‪.‬‬
‫التيمم يصـلح للحدط األصْر واألكرب لقوله ´‪ { :‬ﭨﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ } [س ـ ـ ــورة الم دة‪ُ ]1 :‬ذكر اهلل‬
‫´ احلدثني األص ــْر واألكرب وهكذا حلديث عمران بن حص ــني وحديث عامر بن يارس قال‪:‬‬
‫« َُـ َأ ْجنَ ْبـ ُت َُ َل ْم َأ ِجـ ِد ا ْ َملـا َء َُ َت َم هر ْثـ ُت ِِف ال هصـ ـ ـ ـ ـ ِعيـ ِـد ك ََام َمت َ هر ُغ الــده ا هبـ ُة» (‪ُ )2‬ــالتيمم يكون للحــدط‬
‫األصْر ويكون أي ا للحدط األكرب‪.‬‬
‫ونواقض التيمم هي نواقض الوض ـ ــوء والْس ـ ــل وقد تقدمت ويزيد أمرا وهو وجود املاء ملن‬
‫عدم املاء والقدرة عىل استعامل املاء ملن كان عاجزا ً عن استعامل املاء‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )16 / 7‬برقم‪)433( :‬‬

‫(‪ )2‬سبق خترجيه‬

‫‪722‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل خروج الوقت ينقض التيمم؟‬


‫ناق ـ ًا للتيمم مثال إنسـان تيمم لصـالة املْرب ‪-‬وقت املْرب‬ ‫خروج الوقت هذا لي‬
‫ينتهي بذهاب الش ـ ـ ــفق األمحر ‪-‬هل إذا س ـ ـ ــقط الش ـ ـ ـ ـفق األمحر ودخل وقت العشـ ـ ـ ــاء وأراد أن‬
‫يص ـ ـ ــيل العش ـ ـ ــاء واجب عليه أن يعيد التيمم؟ اجلواب‪ /‬ال‪ ،‬ألنه ال دليل عىل ذل ُهي طهارة‬
‫كاملة ُال دليل عىل أن خروج الوقت من نواقض التيمم‪ُ .‬إذا تيمم املص ـ ـ ـ ــيل ُال ينتقض هذا‬
‫إال بنواقض الوضوء أو الْسل أو بوجود املاء أو بالقدرة عىل استعامل املاء إذا كان عاجزا ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬وجود املاء ناقض للتيمم وله حاالت‪:‬‬
‫‪ ‬احلـالــة األوىل‪ :‬وجـد املـاء بعــد خروج الوقــت‪ ،‬مثال يف ص ـ ـ ـ ــالة املْرب مل جيــد املــاء‬
‫ُتيمم وصىل ثم وجد املاء يف صالة العشاء‪ُ ،‬ال يعيد صالة املْرب بإمجاع‪.‬‬
‫‪ ‬احلالة الثانية‪ :‬وجد املاء بعد انتهاء الصـالة وال يزال الوقت باقيا‪ ،‬إذا صىل املْرب‬
‫ثم وجد املاء بعد انتهاء صـالة املْرب‪ُ ،‬هل يعيد صــالة املْرب وال يزال الوقت باقيا‪ ،‬أي ـ ًا‬
‫ال يعيد ألن اهلل ´ قال‪ { :‬ﭷﭸ ﭹﭺ } ُجعل التيمم طهارة تؤدا هبا الصالة‪.‬‬
‫‪ ‬احلالة الثالثة‪ :‬إذا وجد املاء وهو يف الصالة‪ ،)7( ،‬هل واجب عليه أن خيرج من‬
‫الصالة أو يواصل الصالة؟ اجلواب‪ُ /‬يه قوالن مشهوران قويان ألهل العلم‪ :‬ومن رجح‬
‫اخلروج استدل بظاهر اآلية‪ { :‬ﭷﭸ ﭹ } وهذا اآلن واجد للامء‪ ،‬واستدلوا بحديث‬
‫أيب هريرة وأيب ذر~‪ُ« :‬إذا وجدت املاء ُأمسسه برشت ولو بعد عرش سنني»(‪.)2‬‬

‫ُيه ماء – بيت منعزل عندهم مرشوع مياه كام هو حاصل يف القرا يكون البيت‬ ‫(‪ )7‬قال الشيخ‪ :‬مث ً‬
‫ال لوكان يف بيت لي‬
‫بعيدا عىل مساُات طويلة – ُفتح احلنفيات وما وجد ماء ُتيمم ألنه ما وجد املاء وبحث عنه وطلب ثم يف أثناء الصالة‬
‫سمع خرير املاء من احلنفية‬
‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )26 / 7‬برقم‪ )7 / 427( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )720 / 7‬برقم‪ ،)442( :‬وابن‬
‫حبان يف "صحيحه" (‪ )741 / 3‬برقم‪ )7477( :‬وُيه جمهول احلال وهو عمر بن بجدان ال يعرف‪ ،‬انظر‪" :‬عمدة القاري‬
‫رشح صحيح البخاري"‪ ،)24 / 3( :‬وجاء حديث عند البزار يف "مسنده" (‪ )490 / 71‬برقم‪ )79962( :‬وحسنه بعض‬
‫أهل العلم((الصعيد وضوء املسلم وإن مل جيد املاء عرش سنني‪ُ ،‬إذا وجد املاء ُليتق اهلل وليمسه برشته))‬

‫‪720‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫والقائلون بعدم اخلروج يستدلون بأن هذه طهارة صحيحة وهو بحث عن املاء وطلبه‬
‫ُلم جيد املاء ُأذن اهلل ´ له بالصالة‪ ،‬والصالة َا أول وآخر ُام هو الدليل عىل وجوب‬
‫خروجه وقد عمل بمقتىض الرشع؟! واهلل يقول‪ { :‬ﮇﮈﮉ } [سورة محمد‪]44 :‬‬
‫بالصالة‪.‬‬ ‫وهذا هو األقرب – واهلل أعلم‪ُ ،‬ام هنا دليل عىل أنه خيرج وقد تل ّب‬
‫ومثله الذي رشع يف الصيام؛ رجل كان عليه كفارة إعتاق الرقبة ُلم جيد الرقبة ُبدأ‬
‫بالصيام يف أثناء الصيام بعد ما صام شهرا من الشهرين وجد الرقبة‪ ،‬هل عليه أن يفسخ الصوم‬
‫ويلجأ إىل عتق الرقبة؟ اجلواب‪ /‬ال‪ ،‬طاملا عمل بمقتىض الرشع بحث عن رقبة ُلم جيدها‬
‫ورشع يف الصوم ُيواصل الصوم‪ ،‬وهذا مثله – واهلل أعلم ‪.-‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬من نيس وجود املاء وكان عاملا بوجوده‪ ،‬أو جهل وجود املاء مع وجوده‪:‬‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح أن يف احلالتني‪ :‬إذا نيس وجود املاء أو جهل وجود املاء وصىل أن‬
‫صالته صحيحة ألنه ُعل ما أمر اهلل ´‪ { :‬ﭷﭸ ﭹﭺ} وربنا ´ يقول‪{ :‬‬
‫ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ } [سورة البقرة‪ ]371 :‬ويقول اهلل ‪{ :‬ﮧﮨ‬
‫ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ } [سورة األحزاب‪ُ ]5 :‬هذا هو الراجح أن من‬
‫نيس وجود املاء وتيمم وصىل أن صالته صحيحة‪ ،‬وأن من جهل وجود املاء مع وجوده‬
‫بجواره وصىل أن صالته صحيحة‪.‬‬

‫‪709‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مس ــألة‪ /‬من مل جيد املاء لكن حتقق أن جيده يف آخر الوقت‪ُ ،‬هل له أن يص ــيل يف أول‬
‫الوقت أو عليه أن يؤخر الصالة إىل آخر الوقت؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح أن له أن يقدم الص ـ ـ ــالة وأن يص ـ ـ ــليها يف أول الوقت لعموم قوله ‪:‬‬
‫« َُ َأيه َام َر ُج ٌل َأ ْد َر َك ْت ُه َا ه‬
‫لص َال ُة َُ ْل ُي َص رل» (‪)7‬وإن تيقن حصول املاء يف آخر الوقت‪ ،‬ألن هذا التيقن‬
‫قد ال حيصل‪ُ ،‬قد حيصل مانع يمنعه‪.‬‬
‫‪ ‬مس ـ ـ ــألة‪ /‬من كان عىل بدنه أو ثوبه َشء من النجاس ـ ـ ــة ومل جيد ماء يزيلها ُهل له أن‬
‫يتيمم ألجل هذه النجاسة؟‬
‫اجلواب‪ /‬ال يتيمم؛ ألن التيمم إنام رشع ألجل احلدط ُهذه عبادة‪ ،‬وحتص ـ ـ ـ ــيل الطهارة‬
‫ال َة َأ َح ِدك ُْم إِ َذا‬ ‫أمر مطلوب‪ ،‬والنص ورد يف حالة احلدط بدالً عن الوضـ ــوء «الَ َي ْق َب ُل ه ُ‬
‫اَّلل َص ـ ـ َ‬ ‫ٌ‬
‫ط َحتهى َيت ََو هضـ َأ» قال تعاىل‪ { :‬ﭷﭸ ﭹﭺ}‪ .‬أما بالنسبة للنجاسة ُاملطلوب‬ ‫َأ ْحدَ َ‬
‫التخيل عنها ُإذا أمكن التخيل عنها ُهذا واجب وإذا مل يمكن صـىل ولو كان مالبســا للنجاســة‬
‫{ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ } [س ـ ـ ــورة البقرة‪ { ]371 :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ } [س ـ ـ ــورة‬
‫التغ بن‪ ]11 :‬وال دليل عىل التيمم يف هذه احلالة والتيمم عبادة حيتاج إىل دليل‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 7‬برقم‪ ، )441( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )64 / 2‬برقم‪)127( :‬‬

‫‪707‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ف بِا ْلبي ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬م ْن َع َل ْي ِه َحدَ ٌ‬


‫ت‪َ ،‬و َال‬ ‫ط َأ ْص ـ َْر‪َ :‬مل ْ َحيل َل ُه َأ ْن ُي َص ـ ِ َيل‪َ ،‬و َال َأ ْن َي ُط ْو َ َ ْ‬
‫َي َم ّ امل ُ ْص َحف‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬من كان عىل حدط أصْر ُهو ممنوع من أمور‪:‬‬
‫‪ ‬األمر األول‪ :‬الص ــالة ألن اهلل ´ أمر بالطهارة {ﭑﭒﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ } اآليـة[س ـ ـ ـ ـ ــورة الم دة‪ ]1 :‬وذكر اهلل ´ الوض ـ ـ ـ ــوء‪ ،‬وهكذا النبي ‪‬‬
‫ط َحتهى َيت ََو هضـ ـ ـ ـ ـ َأ»(‪ )7‬متفق عليـه من حـديث أيب‬ ‫ال َة َأ َحـ ِدك ُْم إِ َذا َأ ْحـدَ َ‬ ‫يقول‪« :‬الَ َي ْق َبـ ُل ه ُ‬
‫اَّلل َصـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ور َوالَ َص ـ ـ ـ ـ ـدَ َقـ ًة ِم ْن ُث ُل ص‬
‫ال ًة إِاله بِ ُط ُه ص‬
‫ول»(‪ُ .)2‬تحرم عليــه‬ ‫هريرة ويقول ‪« :‬الَ َي ْق َبـ ُل ه ُ‬
‫اَّلل َصـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫الص ـ ـ ـ ــالة س ـ ـ ـ ــواء كـانـت ُري ـ ـ ـ ــة أو ناُلة‪ ،‬وقوله ´‪ { :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ِ‬
‫ال َة َأ َحـدك ُْم» وقولــه‪« :‬الَ َي ْق َبـ ُل ه ُ‬
‫اَّلل‬ ‫ﭗ ﭘ } وقولــه يف احلــديــث‪« :‬الَ َي ْق َبـ ُل ه ُ‬
‫اَّلل َصـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َصـ ـ َ‬
‫ال ًة» نس ــتفيد من هذه العمومات أن كل ما ص ــح أنه ص ــالة ُال جيوز أن تؤدا إال بالطهارة‬
‫ولو كانت صالة اجلنازة؛ هذا األمر األول وهو يف ثري اجلنازة جممع عليه‪.‬‬
‫‪ ‬األمر الثاين‪ :‬الطواف بالبيت يعني بالكعبة‪ ،‬ما هو دليله؟ استدلوا بحديث ابن‬
‫اهلل َأ َح هل َلك ُْم ُِ ِيه الن ْ‬
‫ط َق » (‪)4‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اف بِا ْل َبيْت َص َال ٌة‪َ ،‬و َلك هن َ‬
‫عباس ‪« :ƒ‬ال هط َو ُ‬
‫وهذا احلديث ال يصح عن النبي ‪ ‬والراجح وقفه عىل ابن عباس ُال دليل ُيه‪ ،‬ثم مل يأخذ‬
‫أحد بعمومه‪ُ ،‬يجوز للطائف أن يأكل أو يرشب وجيوز له أن يتوقف بخالف الصالة‪ُ ،‬هذا‬
‫احلديث ولو ثبت ُلم يأخذ أحد بعمومه‪ُ ،‬ال دليل عىل اشرتا الطهارة كرش للطواف‬
‫ولكن الطهارة الراجح من أقوال أهل العلم أهنا واجبة للطواف‪ُ ،‬عندنا ثالثة أقوال‪:‬‬

‫(‪ )7‬سبق خترجيه‬

‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجه يف "سننه" (‪ )727 / 7‬برقم‪ ،)212( :‬وجاء بلفظ (ال تقبل) أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪/ 7‬‬

‫‪ )739‬برقم‪)223( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه النسائي يف "املجتبى" (‪ )110 / 7‬برقم‪ )110 / 7( ، )7 / 2022( :‬برقم‪ )2 / 2024( :‬والرتمذي يف‬

‫"جامعه" (‪ )222 / 2‬برقم‪ )069( :‬والدارمي يف "مسنده" (‪ )7761 / 2‬برقم‪ )7766 / 2( ، )7220( :‬برقم‪)7209( :‬‬
‫وأمحد يف "مسنده" (‪ )4269 / 6‬برقم‪)71662( :‬‬

‫‪702‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬أن الطهارة رش يف صحة الطواف‪  ،‬وأن الطهارة واجبة‪  ،‬وأن الطهارة مستحبة‪.‬‬
‫ما معنى الواجب؟ يعني إذا قرص ُطواُه صحيح مع اإلثم‪ ،‬والدليل حديث عائشة‬
‫وجابر(‪ُ)7‬يه أنه توضأ ثم طاف وهكذا حديث عائشة(‪)2‬وهو يف الصحيح‪ ،‬وقد قال النبي ‪‬‬
‫يف احلج‪ُ « :‬خ ُذوا َعنري من ِ‬
‫َاس َكك ُْم»(‪ُ)4‬يدل عىل وجوب الطهارة للطواف‪ ،‬وال دليل عىل‬ ‫َ‬
‫الرشطية وأي ا القول باالستحباب مرجوح‪ .‬والراجح القول بالوجوب لفعل النبي ‪ ‬له‬
‫قبل طواُه مع قوله‪ُ « :‬خ ُذوا َعنري من ِ‬
‫َاس َكك ُْم»‪.‬‬ ‫َ‬
‫وألنه يف أيام الزحام‪ ،‬بع هم يكون يف وسط الطواف وحيصل له احلدط ُلو أنه خرج‬
‫يتوضأ ألخذ عليه وقت ًا يف اخلروج ثم مشقة عظيمة يف العودة إىل وسط الصحن ثم قد ال جيد‬
‫املاء قد يميش مساُة طويلة وهو يبحث عن ماء الوضوء ي طر أن خيرج مثال من احلرم وجيد‬
‫مشقة يف أيام الزحام يف العودة مرة أخرا‪ ،‬لكن حتى نعرف أن قد ي طر اإلنسان وهو حمدط‬
‫أن يواصل الطواف‪ُ ،‬إذا عرُنا أن الطهارة ليست رشطا ُمن حيث الصحة ُطواُه صحيح‬
‫ألنه مل يرت الطهارة مع القدرة ولكن قد تكون رضورة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )41 / 3‬برقم‪)7274( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )712 / 2‬برقم‪ )711 / 2( ، )7673( :‬برقم‪ )7637( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪3‬‬

‫‪ )13 /‬برقم‪ )7241( :‬وابن خزيمة يف "صحيحه" (‪ )469 / 3‬برقم‪ )2600( :‬وابن حبان يف "صحيحه" (‪)771 / 0‬‬
‫برقم‪ )4292( :‬والبيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )11 / 1‬برقم‪ )26 / 1( ، )0446( :‬برقم‪)0402( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )721 / 1‬برقم‪)0629( :‬‬

‫‪704‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫يم ّ املصـ ـ ــحف‪ ،‬أي ـ ـ ــا يقول املصـ ـ ــنف‪ :‬أن من كان عىل حدط‬ ‫‪‬األمر الثالث‪ :‬ال َ‬
‫أص ـ ـ ــْر ُال جيوز له أن يم املص ـ ـ ــحف وهذا قول اجلمهور من أهل العلم واسـ ـ ـ ــتدلوا باآلية‬
‫الكريمة‪ { :‬ﭙ ﭚ ﭛﭜ } [س ـ ـ ــورة الواقعة‪ ]8١ :‬واسـ ـ ــتدلوا أي ـ ـ ــا بحديث‪َ « :‬ال‬
‫آن إِ هال َط ِ‬
‫اه ٌر»(‪.)7‬‬ ‫َي َم ه ا ْل ُق ْر َ‬

‫املص ـ ـ ـ ــحف يف حــال‬ ‫واس ـ ـ ـ ـ ـتــدلوا ببعض اآلثــار عن بعض الس ـ ـ ـ ــلف يف االمتنــاع من م‬
‫املصـ ـ ــحف للمحدط حدثا‬ ‫احلدط‪ ،‬روي عن مجاعة من الصـ ـ ــحابة‪ ،‬والراجح هو جواز م‬
‫أصْر‪ ،‬والدليل‪:‬‬
‫‪‬األول‪ :‬أن األصل طهارة املسلم‪.‬‬
‫‪‬الثاين‪ :‬أن املسلم ال ينج ‪ُ ،‬ام هو املانع له من م املصحف حمد ًثا‪.‬‬
‫احلاج َثري َأالَ َت ُط ِ‬
‫ويف بِا ْلبي ِ‬
‫ت َحتهى‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫‪‬الثالث‪ :‬قول النبي ‪ ‬لعائش ـ ـ ــة‪« :‬ا ُْ َع ِيل َما َي ْف َع ُل ْ َ‬
‫َت هط هه ِري» (‪ُ)2‬لم يمنعه ــا النبي ‪ ‬يف ح ــال احليض إال من الطواف‪ ،‬واملعلوم أن احل ــاج يقرأ‬
‫املصحف ويذكر اهلل ويبقى يف املسجد‪.‬‬ ‫القرآن ويم‬
‫وأما اآلية القرآنية ُسياقها يدل عىل أن املقصود { ﭙﭚ ﭛﭜ ﭝ } [سورة‬
‫الـواقـع ـ ــة‪ ]8١ :‬أي اللوح املحفو { ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ } [ســورة الواقعة‪ ]8١ - 88 :‬بدليل اآلية األخرا‪ { :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ } [سورة عبس‪]15 - 14 :‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البيهقي يف "سننه الكبري" (‪ )22 / 7‬برقم‪ )372( :‬والدارقطني يف "سننه" (‪ )270 / 7‬برقم‪)341( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )21 / 3‬برقم‪)7277( :‬‬

‫‪703‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫اه ٌر» احلــديــث ُيــه كالم‪ ،‬روي عن مجــاعــة من‬ ‫آن إِ هال َط ـ ِ‬
‫وأمــا احلــديــث‪َ « :‬ال َي َم ه ا ْل ُق ْر َ‬
‫الصــحابة ويف مجيع طرقه َشء من ال ــعف‪ ،‬ما خيلو طريق منها من ال ــعف‪ ،‬ولكن قد يقال‬
‫آن إِ هال َط ِ‬
‫اه ٌر» أي مس ــلم كام قال اهلل‬ ‫بمجموع الطرق‪ُ .‬لو ص ــح احلديث حيمل « َال َي َم ه ا ْل ُق ْر َ‬
‫´‪ { :‬ﭢﭣ ﭤ } [ســورة التوبة‪ُ ]37 :‬هم عىل نجاســة معنوية والنبي ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫ال َين ُْج ُ »‪ ،‬بدليل أن هذا الكتاب أرسل إىل أهل اليمن وُيهم الكفار‬ ‫اَّللِ إِ هن ا ْمل ُ ْؤ ِم َن َ‬
‫ان ه‬‫« ُس ْب َح َ‬
‫اه ٌر» بمعنى مس ـ ـ ـ ــلم‪ُ ،‬يكون‬ ‫آن إِ هال َطـ ِ‬
‫وُيهم من أهــل الكتــاب ُقــال النبي ‪َ « :‬ال َي َم ه ا ْل ُق ْر َ‬
‫ول اَّللِ ‪َ ‬أ ْن يس ـا َُر بِا ْل ُقر ِ‬
‫آن إِ َىل َأ ْر ِ‬
‫ض ا ْل َعدُ رو» (‪)7‬متفق‬ ‫ْ‬ ‫َُ َ‬ ‫بمعنى حديث ابن عمر~ « َهنَى َر ُس ـ ُ ه‬
‫عليه‪.‬‬
‫ُـالراجح أنـه ال دليل واض ـ ـ ـ ــح عىل منع املحدط حدث ًا أص ـ ـ ـ ــْر من م القرآن‪ُ ،‬القرآن يقرأ‬
‫ولو كـان القـارئ عىل حـدط أص ـ ـ ـ ــْر‪ ،‬بـل عىل الراجح كام س ـ ـ ـ ـ ـيــأيت ولو كــان عىل ح ص‬
‫ـدط أكرب‪،‬‬
‫ُاملحدط حدث ًا أصْر أو أكرب له أن يقرأ القرآن‪ ،‬والقراءة أعظم من جمرد امل ‪.‬‬
‫املص ـ ــحف ثم ذكروا‬ ‫املص ـ ــحف ولكن هي مبنية عىل املنع يف م‬ ‫هنا ُروع عىل م‬
‫املص ـ ـ ـ ــحف ال دليــل عليــه ُال‬ ‫ُروعــا‪ ،‬ولكن إذا عرُنــا أن األصـ ـ ـ ـ ــل أن منع املحــدط من م‬
‫داعي للتعرض َذه الفروع الذي ذكرها اجلمهور من أهل العلم‪.‬‬
‫آن َو َال َي ْل َب ُث ِِف‬
‫ط َأكْرب‪َ :‬أنهـه َال ي ْقرأ ُ َشـ ـ ـ ـ ـيَ ًا ِمن ا ْل ُقر ِ‬
‫ْ َ ْ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫‪ ‬قـال ¬‪َ :‬و َي ِز ْيـدُ َم ْن َع َل ْيـه َحـدَ ٌ َ‬
‫املَس ِج ِد بِ َال وض ص‬
‫وء‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫احلـدط األص ـ ـ ـ ــْر هو الـذي يوجـب الوض ـ ـ ـ ــوء واحلـدط األكرب الـذي يوجـب الْس ـ ـ ـ ــل‪.‬‬
‫ُــالــذي عليــه احلــدط األكرب يمنع من الص ـ ـ ـ ــالة ومن الطواف بــالبيــت‪ ،‬وبــالنس ـ ـ ـ ـ ـبــة للحــائض‬
‫والنفساء قد دل الدليل عىل عدم جواز الطواف وأن رُع هذا احلدط رش يف صحة الطواف‬
‫احلاج َثري َأالَ َت ُط ِ‬
‫ويف بِا ْلبي ِ‬
‫ت َحتهى َت هط هه ِري»‪ .‬وأي ا ال‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫لقول النبي ‪ ‬لعائشة‪« :‬ا ُْ َع ِيل َما َي ْف َع ُل ْ َ‬
‫املصحف‪.‬‬ ‫دليل عىل أن صاحب احلدط األكرب يمنع من م‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )16 / 3‬برقم‪ )2009( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )49 / 6‬برقم‪)7260( :‬‬

‫‪701‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وقول اجلمهور أن ص ـ ـ ــاحب احلدط األكرب يمتنع من قراءة القرآن واس ـ ـ ــتدلوا بحديث‬
‫احل ِائض َشـ ـ ـي ًَا ِمن ا ْل ُقر ِ‬ ‫ابن عمر ‪ ƒ‬مرُوعا‪َ « :‬ال َي ْق َرأ ْ‬
‫آن»(‪)7‬وهو ض ـ ــعيف‪ ،‬وأي ـ ــا‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫اجلُنُب َو ْ َ‬
‫اَّللِ ‪ُ ‬ي ْق ِر ُئنَا ا ْل ُق ْر َ‬
‫آن َع َىل ك رُل َح ص‬
‫ال َما َمل ْ َي ُك ْن ُجنُ ًبا»(‪)2‬وهو‬ ‫ول ه‬ ‫َان َر ُسـ ـ ُ‬
‫اس ــتدلوا بحديث عيل «ك َ‬
‫ضعيف أي ا‪.‬‬
‫ُلهذا الراجح هو جواز قراءة القرآن للمحدط حدثا أكرب‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬لألصل‪ ،‬األصل هو اجلواز وال ينتقل عن هذا األصل إال بدليل‪.‬‬

‫َان النهبِى ‪َ ‬ي ْذك ُُر ه َ‬


‫اَّلل َع َىل ك رُل‬ ‫‪ ‬ثانيا‪ :‬أن النبي ‪ ‬كام يف حديث عائشة~ قالت‪« :‬ك َ‬
‫َأ ْح َيـانِـ ِه» (‪)4‬البخــاري رواه مس ـ ـ ـ ــلم وعلقــه البخــاري‪ُ ،‬هــذا يش ـ ـ ـ ـ ـمــل ذكر اهلل بتالوة القرآن أو‬
‫بالتسـبيح أو التحميد أو التهليل أو بأنواع الذكر‪ ،‬وأي ـا حلديث عائشـة حينام حاضت قال َا‬
‫ت َحتهى َت هط هه ِري»(‪)3‬واحلاج يقرأ القرآن ومل‬ ‫ال َت ُط ِ‬
‫ويف بِا ْلبي ِ‬ ‫النبي ‪« :‬ا ُْ َع ِيل َما َي ْف َع ُل ْ‬
‫احلَاج َث ْ َري َأ َ‬
‫َْ‬
‫يمنعها النبي ‪ ‬من تالوة القرآن‪،‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه الرتمذي يف "جامعه" (‪ )713 / 7‬برقم‪ ،)747( :‬قال أبو حاتم الرازي‪ :‬هذا باطل أنكر عىل إسامعيل يعني أنه‬

‫وهم منه انظر "البدر املنري يف ختريج األحاديث واآلثار الواقعة يف الرشح الكبري"‪)134 / 2( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الرتمذي يف "جامعه" (‪ )709 / 7‬برقم‪)736( :‬‬

‫(‪ )4‬علقه البخاري يف "صحيحه" (‪ )62 / 7‬برقم‪ ،)491( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )703 / 7‬برقم‪)414( :‬‬

‫(‪ )3‬سبق خترجيه‬

‫‪706‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ُــالراجح أن ص ـ ـ ـ ـ ــاح ــب احل ــدط األكرب ل ــه أن يقرأ القرآن وي ــذكر اهلل وإن ك ــان األوىل‬
‫اَّللِ ‪‬‬
‫ول ه‬ ‫للمس ـ ــلم أال يذكر اهلل إال عىل الطهارة حلديث املهاجر بن قنفذ َأنه ُه س ـ ـ ـ هلم َع َىل رس ـ ـ ـ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫وئ ِه َق َال «إِ هن ُه َمل ْ َي ْمنَ ْعنِى َأ ْن َأ ُر هد َع َل ْي َ إِ ه‬
‫ال َأنرى ك َِر ْه ُت‬ ‫وهو يتَو هض ُأ َُ َلم يرد َع َلي ِه َُ َلام َُر َغ ِمن و ُض ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ َُ ه ْ ه َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬
‫اَّلل إِاله َع َىل َط َه َار صة»(‪ )7‬ولكن هذا حيمل عىل األوىل ولي حراما عىل صاحب احلدط‬ ‫َأ ْن َأ ْذك َُر ه َ‬
‫ان النهبِى ‪َ ‬ي ْذك ُُر ه َ‬
‫اَّلل‬ ‫األكرب وال ص ــاحب احلدط األص ــْر أن يذكر اهلل ´ لعموم األدلة « َك َ‬
‫َع َىل ك رُل َأ ْح َيانِ ِه» وكام يف قول اهلل ´‪{ :‬ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ } [سورة‬
‫آل عمران‪ ]1١1 :‬وأي ـ ــا حديث عبادة بن الصـ ــامت عن النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن َت َع هار ِم َن ال هل ْي ِل‬
‫احلَ ْمدُ ‪َ ،‬و ُه َو َع َىل ك رُل َش ْى صء َق ِد ٌير‪ْ ،‬‬
‫احلَ ْمدُ‬ ‫رشي َ َل ُه‪َ ،‬ل ُه ا ْمل ُ ْل ُ ‪َ ،‬و َل ُه ْ‬ ‫َ إِاله ه ُ‬
‫اَّلل َو ْحدَ ُه الَ َ ِ‬ ‫َُ َق َال الَ إِ َ َ‬
‫اَّللِ‪ُ ،‬ث هم َق َال ال هل ُه هم ا ْث ِف ْر‬ ‫ان ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْرب‪َ ،‬والَ َح ْو َل َوالَ ُق هو َة إِاله بِ ه‬
‫اَّلل َأك َ ُ‬ ‫َ إِاله ا ه ُ‬
‫َّلل‪َ ،‬و ه ُ‬ ‫اَّلل‪َ ،‬والَ إِ َ َ‬
‫هَّلل‪َ ،‬و ُس ْب َح َ ه‬
‫ال ُت ُه»(‪)2‬وهو يف الصــحيح‪( ،‬تعار) يعني ُزع‬ ‫يب‪ِ َُ ،‬إ ْن ت ََو هض ـ َأ َو َص ـ هىل ُقبِ َل ْت َص ـ َ‬ ‫ُج َ‬ ‫ِىل َأ ْو َد َعا اس ـت ِ‬
‫ْ‬
‫أو قام يف وسط الليل‪،‬‬
‫ُهذا نص واض ـ ـ ــح عىل جواز ذكر اهلل هو يقوم من الليل ويأيت هبذا الذكر ُيحمل قوله‬
‫ال َع َىل َط َه َار صة» عىل سبيل األولوية يعني األوىل له أنه يذكر اهلل‬
‫اَّلل إِ ه‬
‫‪« :‬إنرى ك َِر ْه ُت َأ ْن َأ ْذك َُر ه َ‬
‫عىل طهارة‪.‬‬
‫قال‪( :‬وال يلبث ِف املسجد بال وضوء) يقول املصنف¬‪ :‬من األمور التي يمنع منها‬
‫صاحب احلدط األكرب اللبث يف املسجد إال إذا خفف هذا احلدط بالوضوء‪.‬‬
‫اس ــتدلوا عىل أن ص ــاحب احلدط األكرب ال جيوز له أن يبقى يف املس ــجد باآلية الكريمة‬
‫{ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ } [سـ ـ ـ ـ ــورة النس ـ ـ ـ ـ ـ ء‪ ]34 :‬قالوا ‪ :‬اهلل ´ مل يرخص‬
‫للجنب بالنسبة للمسجد إال جمرد االجتياز أنه يمر مرورا‪،‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )2 / 7‬برقم‪ )71( :‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )249 / 7‬برقم‪419( :‬وأمحد يف "مسنده" (‪2‬‬

‫‪ )3419 /‬برقم‪)70440( :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )13 / 2‬برقم‪)7713( :‬‬

‫‪701‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫واستدلوا أي ا بحديث عائشة وأم سلمة ~ وثريمها‪ِ َُ « :‬إنرى الَ ُأ ِحل ا ْ َمل ْس ِجدَ ِحلَ ِائ ص‬
‫ض‬
‫َوالَ ُجن ص‬
‫ُب»(‪.)7‬‬
‫وأما اجلواز مع الوضوء ُاستدلوا بأثر عطاء بن يسار «أن أصحاب رسول اهلل ‪ ‬كانوا‬
‫جيلسون يف املسجد وهم جمنبون إذا توضأوا»(‪ ،)2‬وهذا األثر من طريق هشام بن سعد عن زيد‬
‫بن أسلم‪ ،‬وهشام ُيه ضعف(‪)4‬ولكن كان أثبت الناس يف زيد بن أسلم‪ ،‬واستدلوا أي ا بأمر‬
‫النبي ‪ ‬احليض أن حيَّضن صالة العيد وأن يعتزلن املصىل‪.‬‬
‫والراجح هو جواز مكث صاحب احلدط األكرب يف املسجد‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬لألصل‪ ،‬األصل هو اجلواز وال ينتقل عن هذا األصل إال بدليل‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬ضعف األحاديث الواردة يف املنع‪.‬‬
‫احلاج َثري َأالَ َت ُط ِ‬
‫ويف بِا ْلبي ِ‬
‫ت َحتهى‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫‪ ‬ثالثا‪ :‬قول النبي ‪ ‬لعائشة ~‪« :‬ا ُْ َع ِيل َما َي ْف َع ُل ْ َ‬
‫َت هط هه ِري» واحلاج يمكث يف املسـ ـ ـ ــجد؛ ُلم يمنعها النبي ‪ ‬من املكث يف املسـ ـ ـ ــجد‪ ،‬وأي ـ ـ ـ ــا‬
‫يس ـ ــتدل ببقاء أهل الص ـ ــفة يف املس ـ ــجد وهم ش ـ ــباب وحيص ـ ــل َم اجلنابة ومل يأمرهم النبي ‪‬‬
‫باخلروج من املس ـ ـ ـ ــجد إذا ص ـ ـ ـ ــاروا جمنبني بام ُيهم ابن عمر ‪ ƒ‬كان يبيت يف املس ـ ـ ـ ــجد وهو‬
‫شاب أعزب ال بيت له وال أهل له يعني ال زوجة له‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه ابن خزيمة يف "صحيحه" (‪ )366 / 2‬برقم‪ )7421( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪ )02 / 7‬برقم‪)242( :‬‬

‫(‪ )2‬تفرد به سعيد بن منصور يف "سننه" (‪ )7211/3‬برقم (‪)636‬‬

‫(‪ )4‬ضعفه ابن معني‪ ،‬انظر "إكامل اذيب الكامل"‪)734 / 72( :‬‬

‫‪702‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬رابع ـ ًا‪ :‬أن النبي ‪ ‬أنزل الوليــدة الس ـ ـ ـ ــوداء املس ـ ـ ـ ـ ـجــد اختــذت َــا خبــاء وبقيــت يف‬
‫َا أهل‪ ،‬التي َا قصة طويلة وهي يف الصحيح(‪ُ ،)7‬الشاهد أن الوليدة السوداء‬ ‫املسجد لي‬
‫اختـذت خبـاء يف املسـ ـ ـ ـ ـجـد وجلس ـ ـ ـ ــت ُيـه وهي امرأة حيص ـ ـ ـ ــل َـا احليض ومل يـأمرهـا النبي ‪‬‬
‫باخلروج إذا حصل َا احليض أو اجلنابة‪.‬‬
‫‪ ‬خامس ًا‪ :‬أنه جيوز للمرش أن يدخل املسجد ُكيف باملسلم؟! من باب أوىل ولو‬
‫كان عىل جنابة‪ُ ،‬النبي ‪ ‬استقبل وُود العرب(‪)2‬وربط ثاممة(‪)4‬يف املسجد‪.‬‬
‫ُالراجح هو جواز بقاء ص ــاحب احلدط األكرب يف املس ــجد‪ .‬وأما اآلية القرآنية‪ { :‬ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ } [سـ ـ ــورة النس ـ ـ ـ ء‪ُ ]34 :‬املقص ـ ــود كام قال اهلل ´ يف هذه‬
‫اآليــة الكريمــة‪ { :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕﯖﯗ } [سورة النس ء‪.]34 :‬‬
‫ُاملقصود { ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ } [سورة النس ء‪ ]34 :‬أنكم وإن كنتم‬
‫يف السفر وهو مظنة النعدام املاء ُالواجب عليكم أن تْتسلوا ُإن مل جتدوا ماء ُتيمموا ‪ُ ،‬قد‬
‫ذكروا قولني يف معنى اآلية وهذا القول هو الراجح‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )01 / 7‬برقم‪ )32 / 1( ، )340( :‬برقم‪)4241( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق يف "مصنفه" (‪ )373 / 7‬برقم‪ )7629( :‬وابن أيب شيبة يف "مصنفه" (‪ )63 / 6‬برقم‪،)2266( :‬‬

‫(‪ )61 / 6‬برقم‪ )2261( :‬والطحاوي يف "رشح معاين اآلثار" (‪ )74 / 7‬برقم‪ )0( :‬وأبو داود يف "املراسيل" (‪)29 / 7‬‬
‫برقم‪)71( :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )724 / 4‬برقم‪)2322( :‬‬

‫‪700‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وأما حديث «وأمر احليض أن يعتزلن املصىل» (‪)7‬أو ًال‪ :‬هنا جواب وهو أن يف بعض‬
‫الروايات يف مسلم «وأمر احليض أن يعتزلن الصالة»(‪ُ )2‬لو كانت هذه الرواية حمفوظة مل يكن‬
‫يف احلديث دليل ألن احلائض ممنوعة من الصالة ولكن الرواية (يعتزلن الصالة) شاذة‪.‬‬
‫ألجل أن احلائض ممنوعة من‬ ‫وجياب عىل احلديث «وأمر احليض أن يعتزلن املصىل» لي‬
‫املصىل‪ُ ،‬املصىل ثري املسجد كام هو قول اجلمهور من أهل العلم‪ ،‬ال يأخذ حكم املسجد‬
‫ولكن لَال حتصل صورة استهانة حني يبقني بني الصفوف وقد قامت النسوة ألداء الصالة ثم‬
‫يؤدي إىل قطع الصفوف حينام يتخلل هؤالء احليض الصفوف ُإذا أقيمت الصالة يؤدي إىل‬
‫انقطاع الصفوف ولكن من أول األمر َي ُك هن يف جانب بحيث لو أقيمت الصالة ما حصل‬
‫التَّضر وال قطع للصفوف‪.‬‬
‫احلَ ِائض َوالن َف َساء‪َ :‬أ ههنَا َال ت َُص ْو ُم‪َ ،‬و َال َحيِ ّل َو ْط َُ َها‪َ ،‬و َال َط ه‬
‫ال ُقها‪.‬‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬وت َِز ْيدُ ْ‬
‫يعني أن احلائض والنفساء إضاُة إىل ما تقدم أهنا ممنوعة من الصالة وهذا بإمجاع من‬
‫أهل العلم لقول النبي ‪َ « :‬أ َل ْي َ إِ َذا َحا َض ْت َمل ْ ت َُص رل َو َمل ْ ت َُص ْم» (‪)4‬وهكذا ملا «سألت معاذة‬
‫وري ٌة َأن ِ‬ ‫ِ‬ ‫احل ِائ ِ ِ‬
‫ْت ُق ْل ُت َل ْس ُت‬ ‫ال َة َُ َقا َل ْت َأ َح ُر ِ ه‬ ‫الص ْو َم َوالَ َت ْقىض ه‬
‫الص َ‬ ‫ض َت ْقىض ه‬ ‫عائشة ~‪َ :‬ما َب ُال ْ َ‬
‫اء الصو ِم والَ نُؤمر بِ َق ِ‬ ‫َان ي ِصيبنَا َذلِ َ َُنُؤمر بِ َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِحر ِ ص‬
‫اء‬ ‫َُْ َ‬ ‫ه ْ َ‬ ‫َُْ َ‬ ‫ور هية َو َلكنرى َأ ْس َأ ُل‪َ .‬قا َل ْت ك َ ُ ُ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ (‪)3‬‬
‫الصالَة» متفق عليه‪ .‬وأهنا ال تصم حلديث أيب سعيد املتقدم «أ َل ْي َ إ َذا َحا َض ْت َمل ْ ُت َص رل َو َمل ْ‬ ‫ه‬
‫ت َُص ْم» وهذا جممع عليه أهنا ممنوعة من الصالة وممنوعة من الصوم‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )29 / 4‬برقم‪)209( :‬‬

‫(‪ )2‬انظر التخريج السابق‬

‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )62 / 7‬برقم‪)493( :‬‬

‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )17 / 7‬برقم‪ )427( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )722 / 7‬برقم‪)441( :‬‬

‫‪299‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫يف‬ ‫وأي ـ ــا نزيد أمرا أنه يف وقت الصـ ــالة ال يلزمها َشء؛ ومن قال أهنا تتوضـ ــأ وجتل‬
‫مصالها وأهنا تذكر وتسبح‪ ،‬هذا يعترب بدعة‪.‬‬
‫ُاملرأة احلائض ال تصيل ولو أهنا طهرت يف آخر وقت العرص أو قبل خروج وقت‬
‫العشاء ُال يلزمها إال أداء الصالة احلارضة يعني تصيل العرص وال حيتاج أن تقيض الظهر‪،‬‬
‫وهكذا تصيل العشاء وال ت يف إىل العشاء املْرب‪.‬‬
‫ولو أهنا طهرت قبل العرص بقليل يعني يف آخر وقت الظهر أو قبل خروج وقت العرص‬
‫أو قبل خروج وقت العشاء أو قبل خروج وقت الفجر ومل تتمكن من االثتسال والصالة؛‬
‫ُال َشء عليها ألهنا مل تتمكن‪.‬‬
‫قال‪( :‬وال حيل وطَها) أي ــا تزيد املرأة احلائض من األحكام أنه ال جيوز مجاعها لقول‬
‫اهلل تعاىل‪{ :‬ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ} ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯﮰ } [سـ ــورة البقرة‪ ]333 :‬وهكذا يقول النبي ‪ ‬كام يف حديث أن ‪« :‬ا ْصـ ـنَ ُعوا ك هُل‬
‫ص‬
‫َش ْىء إِاله النرك َ‬
‫َاح»(‪.)7‬‬
‫اصنَ ُعوا ك هُل َش ْى صء إِاله‬
‫أما بالنسبة لالستمتاع من ثري مجاع ُهو جائز لقول النبي ‪ْ « :‬‬
‫اصنَ ُعوا ك هُل َش ْى صء»‬
‫َاح» ولكن اإلتيان يف الدبر حرام سواء كانت حائ ًا أو كانت طاهرا ً ‪ْ « ،‬‬
‫النرك َ‬
‫أي يف ثري اليشء املمنوع‪.‬‬
‫واالستمتاع ُيام هو أعىل من الِّسة ودون والركبة هذا جائز‪ ،‬لكن خالف ما بني الِّسة‬
‫إىل الركبة بدون اجلامع والراجح من أقوال أهل العلم أنه جائز وإن كان األوىل أن تأتزر املرأة‬
‫ارشنِى َو َأنَا َحائِ ٌض»(‪.)2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لقول عائشة ~‪َ « :‬وكَا َن َي ْأ ُم ُرنى َُ َأت ِهز ُر‪ُ َُ ،‬ي َب ُ‬

‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف "صحيحه" (‪ )760 / 7‬برقم‪)492( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )61 / 7‬برقم‪)200( :‬‬

‫‪297‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬من جامع امرأته وهي حائض عامل ًا بالتحريم هل تلزمه الكفارة؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح أن ــه تلزم ــه التوب ــة واالس ـ ـ ـ ــتْف ــار ومل يثب ــت عن النبي ‪ ‬أن من أتى‬
‫حائ ــا ُليتصــدق بدينار أو نصــف دينار‪ ،‬هذا مل يثبت عن النبي ‪ ‬وإنام هو موقوف عن ابن‬
‫عباس‪.‬‬
‫وأما احلائض املعتدة إذا طهرت قبل ميض عداا ُيجوز وطؤها { ﮠ ﮡ‬
‫ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩﮪ}ﮬﮭﮮﮯﮰ } [سورة البقرة‪]333 :‬‬
‫ُعلق اهلل ´ اجلواز بحصول الطهر‪.‬‬
‫قـال‪( :‬وال طالقهـا) من األحكـام يف احلـائض أنـه ال جيوز طالقهـا‪ ،‬والدليل حديث ابن‬
‫عمر ‪ ¢‬أنه طلق امرأته وهي حائض ُذكر ذل عمر لرسول اهلل ‪ُ ‬تْيظ منه وقال‪ُ « :‬م ْر ُه‬
‫اجعها ُثم ْلي ْرتكْها حتهى َت ْطهر ُثم َ ِ‬
‫يض ُث هم َت ْط ُه َر ُث هم إِ ْن َشا َء َأ ْم َس َ َب ْعدُ َوإِ ْن َشا َء َط هل َق َق ْب َل‬
‫حت َ‬ ‫َُ ه‬ ‫َُ ْل ُ َري ِ ْ َ ه َ ُ َ َ‬
‫اَّلل َع هز َو َج هل َأ ْن ُي َط هل َق َََا النر َس ـا ُء»(‪)7‬وهو يف الص ــحيح‪ُ ،‬تْيظ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْن َي َم ه َُت ْل َ ا ْلعده ُة ا هلتى َأ َم َر ه ُ‬
‫النبي ‪ ‬يدل عىل أن هذا أمر حرام أن يطلق املرأة وهي حائض‪.‬‬
‫املص ـ ـ ــحف تقدم أنه جائز‬ ‫واحلائض والنفس ـ ـ ــاء ال تص ـ ـ ــيل وال تطوف بالبيت‪ ،‬وأما م‬
‫وقراءة القرآن جائز وكذل اللبث يف املسجد جائز‪.‬‬
‫واحلــائض ال جيوز طالقهــا إذا كــانــت مــدخوال هبــا أمــا إذا كــانــت ثري مــدخول هبــا ُيجوز أن‬
‫تطلق ولو كــانــت حــائ ـ ـ ـ ـ ــا ألن ـه ال عــدة عليهــا قــال اهلل ´‪ { :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍﮎﮏ ﮐ ﮑﮒﮓ } [سورة األحزاب‪:‬‬
‫‪.]3١‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )711 / 6‬برقم‪ )3092( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )710 / 3‬برقم‪)7317( :‬‬

‫‪292‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬بالنسبة للنفساء هل حيرم أي ا طالقها؟‬


‫اجلواب‪ /‬النفاس يعترب حي ـ ًا لقول النبي ‪ ‬لعائشــة وقد حاضــت‪َ « :‬أن َِفس ـ ِ‬
‫ت» وهو يف‬ ‫ْ‬
‫الص ــحيح ُأطلق النبي ‪ ‬عىل احليض بأنه نفاس‪ .‬وقول اجلمهور من أهل العلم أن النفس ــاء‬
‫حيرم طالقها ألهنا يف معنى احلائض وهذا الراجح – واهلل أعلم ‪.-‬‬
‫اجعها ُثم ْلي َط رل ْقها َط ِ‬
‫اه ًرا‬ ‫وأي ا الدليل عىل أن النفساء حيرم طالقها قوله ‪ُ « :‬م ْر ُه َُ ْل ُ َري ِ ْ َ ه ُ َ‬
‫ال» والنفساء ليست بطاهر وليست بحامل‪.‬‬ ‫َأو ح ِ‬
‫ام ً‬ ‫ْ َ‬
‫احلائض والنفساء تشرتكان يف األحكام إال يف بعض املسائل منها‪:‬‬
‫‪ ‬أن احليض عالمـة للبلوغ بخالف النفــاس ُال يكون النفـاس عالمـة ألهنـا ال تنف‬
‫إال بعد احلمل‪ُ ،‬احلمل هو عالمة للبلوغ‪.‬‬
‫‪ ‬يف العدة‪ُ ،‬احليض حمس ـ ــوب من العدة بخالف النفاس ُإهنا لو طلقت وهي حامل‬
‫ُعداا بوضع احلمل وإذا طلقت بعد الوضع ُأهنا تنتظر حتى حتيض ثالط حيض‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يقع طالق احلائض؟‬
‫أمـر النبي ‪ ‬البن عمر‬ ‫اجلـواب‪ /‬الـرا جـح أن ـ ــه حيس ـ ـ ـ ـ ـب ويـقـع وال ـ ـدلـي ـ ــل عـىل ذل ـ ـ‬
‫بمراجعتهــا‪ ،‬لو ال أن الطالق حيس ـ ـ ـ ـ ــب ويقع ملــا أمر النبي ‪ ‬ابن عمر بمراجعتهــا‪ ،‬وأي ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫حديث ابن عمر عند ابن خزيمة قيل له‪َ « :‬أ ُح ِسـ ـ ـ ـ ـ َب ْت من طالقها؟ َق َال‪َ :‬م ْه‪َ .‬أرأيت إِ ْن َع َج َز‬
‫َح َم َق»(‪.)7‬‬
‫است ْ‬
‫َو ْ‬

‫‪‬‬

‫(‪ )7‬مل أجده يف ابن خزيمة وهو يف مسلم يف "صحيحه" (‪ )727/3‬برقم (‪ )7317‬بلفظ((‪َ :‬أ َف ُح ِس َب ْت عَ َل ْي ِه ؟ َق َال ‪َ :‬ف َم ْه ‪َ ،‬أ َو‬

‫إِ ْن َع َجزَ َو ْ‬
‫است َْح َم َق))‬

‫‪294‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫هـذا البــاب بـاب مهم ويعترب عنـد أهــل العلم من عويص املس ـ ـ ـ ــائــل حتى إهنم نقلوا عن‬
‫اإلمــام أمحــد¬‪ :‬أنــه قــال‪" :‬جلس ـ ـ ـ ــت يف بــاب احليض تس ـ ـ ـ ــع س ـ ـ ـ ــنني حتى ُهمتــه"‪ .‬و ُألفــت‬
‫املؤلفــات يف بعض املس ـ ـ ـ ـ ــائــل املتعلقــة يف بــاب احليض ولكن إذا التزم طــالــب العلم ب ـاألدلــة‬
‫الواردة ُإهنا تسهل املسائل عليه‪.‬‬
‫اخلالف بني أهل العلم يف مس ـ ـ ـ ــائل احليض واس ـ ـ ـ ــع وكبري ولكن إذا أخذ من األقوال ما‬
‫يرجحه الدليل سهلت املسائل بإذن اهلل ´‪.‬‬
‫وكأن املص ـ ـ ــنف¬ قد أعرض عن كثري من اخلالُات يف هذا الباب ورأا أن مس ـ ـ ــألة‬
‫دم احليض وما يتعلق به هذا أمر يرجع إىل عادة النس ــاء وعرف النس ــاء يف أصـ ـله وهنا بعض‬
‫املسائل ذكر الراجح ُيها‪.‬‬
‫اب َا ْحلَ ْي ِ‬
‫ض) احليض يف (اللْة) هو الس ـ ـ ـ ــيالن‪ ،‬يقال‪ :‬حاض الوادي إذا س ـ ـ ـ ــال‪،‬‬ ‫قال ( َب ُ‬
‫وحاض ــت الشـ ــجرة إذا س ــال منها دم أمحر وهو الصـ ــمغ‪ ،‬ويقال للمرأة حائض عىل األُصـ ــح‬
‫وال يقال َا حائ ة‪.‬‬
‫وهذا الدم عبارة عن دم يرخيه الرحم خيرج من املوضع املخصوص يف أوقات معلومة‬
‫وهو دم صـحة لي بدم ُسـاد وهو من آيات اهلل ´ ومما كتبه اهلل ‪ ‬عىل بنات آدم كام ثبت‬
‫عن النبي ‪ ‬من حديث عائشة~ قالت‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬ه َذا َشىء َك َتبه اَّلل َع َىل بن ِ‬
‫َات‬ ‫َ‬ ‫ْ ٌ َُ هُ‬ ‫َ‬
‫آ َد َم»(‪.)7‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )66 / 7‬برقم‪ )203( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )21 / 3‬برقم‪)7277( :‬‬

‫‪293‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫ُكــل أنثى حتيض بــإذن اهلل ´ إذا بلْــت إال يف أنــدر من النــادر التي ال ينزل منهــا دم‬
‫احليض وهي التي يقال َا ال ـ ـ ـ ـ ـهياء‪ .‬وهو من آيات اهلل ´ إذ أنه خيرج من املرأة بكثرة مع‬
‫بدم ُســاد بخالف دم االســتحاضــة ُإنه دم ُســاد يدل عىل‬ ‫وُور صــحتها ُهو دم صــحة ولي‬
‫مرض‪.‬‬
‫ولــه حكمــة‪ ،‬جعلــه اهلل ´ يف بنــات آدم‪ُ ،‬ــإذا كــانــت املرأة حــامال ُــالْــالــب أنــه ينقطع‬
‫منها دم احليض وينقلب هذا الدم إىل ثذاء للجنني‪ُ ،‬إذا وض ــعت الْالب عىل املر ِض ـع أهنا ال‬
‫حتيض ُيصـري هذا الدم لبن ًا للجنني‪ُ ،‬إذا مل تكن املرأة ال حامال وال مرضعا ُيتجمع هذا الدم‬
‫ثم خيرج عىل هيَة إُرازات بعادة مستمرة بشكل شهري ُهو يعترب من آيات اهلل ´‪.‬‬
‫يب َا ْمل َْرأ َ َة َأنه ُه َح ْي ٌض‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال¬‪َ :‬و ْ َ‬
‫األ ْص ُل يف َالده ِم َا هلذي ُيص ُ‬
‫من عالمـات البلوغ نزول هـذا الـدم‪ .‬األص ـ ـ ـ ــل إذا كانت املرأة عىل أبواب البلوغ ونزل‬
‫هذا الدم ُإنه يكون دليال عىل بلوثها‪.‬‬
‫كل ما ينزل من املرأة أو الفتاة يدل عىل أنه دم احليض إذا‬ ‫ودم احليض له ص ـ ـ ـ ــفات لي‬
‫خرج من املوض ـ ـ ــع املعلوم‪ ،‬ألنه قد يكون بس ـ ـ ــبب مرض أو حادط‪ُ .‬هنا ما يميز هذا الدم‬
‫عن س ــائر الدماء‪ُ ،‬دم احليض متميز‪ُ ،‬لهذا قد يكون هنا نظر يف كون أن األص ــل ُيام خرج‬
‫منها أنه دم احليض‪ ،‬بل يقال إذا خرج بالصفة املعلومة‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬و ْاألَ ْص ـ ـ ُل) بمعنى الْالب‪ ،‬بالنسـ ــبة للمرأة إذا خرج منها الدم بدون مرض وال‬
‫حادط ُالْالب أن يكون دم احليض‪ ،‬لعل األص ــل هنا بمعنى الْالب وإال ال يقال إن كل دم‬
‫خيرج من موضع الولد منها أنه يكون دم احليض‪.‬‬
‫إذا نزل تنظر املرأة إىل ص ـ ــفته والْالب أنه يكون مص ـ ــاحبا ألحد هذه الص ـ ـفات بل هذا‬
‫هو األصــل أنه ما يكون دم احليض إال وُيه واحدة من هذه الصــفات‪ ،‬ال يشــرت اجتامع هذه‬
‫الصفات كلها؛ اللون والرائحة والثخونة وأنه ال يتخثر بعد خروجه‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هي صفة دم احليض؟‬


‫من حيـث اللون يميـل إىل الس ـ ـ ـ ــواد ومن حيث الرائحة ُهو ذو رائحة كرَة ومن حيث‬
‫كـالـدم الذي خيرج من اجلروح والعروق ُهو خفيف وأما دم احليض‬ ‫الثخونـة ُهو ثخني لي‬
‫ُهو ثخني‪ ،‬وهنا صـ ـ ــفة رابعة ذكرها األطباء أنه ال يتخثر بعد خروجه يعني ال يتجمد‪ُ ،‬إنه‬
‫كــان متجمــدا يف الرحم ثم س ـ ـ ـ ــال بعــد جتمــده ال يعود مرة أخرا إىل التجمــد‪ ،‬بخالف الــدمــاء‬
‫األخرا تتجمد بعد خروجها‪.‬‬
‫‪ ‬وقوله‪ :‬بِ َال َحدٍّ ل ِ ِسن ِره‪.‬‬
‫للمرأة س ـ ـ ـ ــن معني خيرج منها‪ ،‬ال حد‬ ‫قال‪( :‬بِ َال َحدٍّ ل ِ ِسـ ـ ـ ـ ـن ِره) يعني أن دم احليض لي‬
‫لسنه‪ ،‬ال يف األقل وال يف األكثر‪.‬‬
‫‪ ‬مســألة‪ /‬هل هنا ســن معني إذا خرج من املرأة دم قبل بلوغ هذا الســن ال يعترب دم‬
‫حيض‪ ،‬وهــل هنــا س ـ ـ ـ ــن معني إذا جتــاوزتــه املرأة وخرج منهــا الــدم ُال يعترب دم احليض يف‬
‫األقل ويف األكثر؟‬
‫ُيــه أقوال كثرية‪ ،‬والراجح عنــد املحققني من أهــل العلم أنــه ال حــد ألقلــه يعني ال حــد‬
‫ألقل السن الذي يبتدئ خروج هذا الدم من املرأة وال حد ألكثره‪.‬‬
‫واجلمهور من أهل العلم حددوا تس ــع س ــنوات؛ قبل تس ــع س ــنوات إذا خرج الدم ولو‬
‫بـالص ـ ـ ـ ــفة املعروُة ال يعترب دم حيض ُال حيكم عىل الفتاة بأهنا بالغ وال متنع من الص ـ ـ ـ ــالة وال‬
‫متنع من الص ـ ـ ـ ــوم وإذا كـانـت متزوجة ال متنع من الو ء‪ ،‬ملاذا؟ قالوا ‪ :‬ألن الدم نزل منها قبل‬
‫بلوغ التاسعة‪.‬‬
‫وهكذا وض ــعوا س ــن ًا وهي مخس ــون س ــنة عىل األش ــهر وبع ــهم قال‪ :‬س ــتون س ــنة يعني‬
‫عىل القول املش ـ ـ ــهور؛ املرأة لو خرج منها هذا الدم املعروف بص ـ ـ ــفته بعد مخس ـ ـ ــني ما يعترب دم‬
‫حيض‪ُ ،‬ال متنع من الص ـ ــالة وال متنع من الص ـ ــوم وال متنع من الفراش إذا كانت متزوجة وال‬
‫متنع من دخول املســجد عىل قوَم بمنع احلائض من دخول املســجد‪ُ ،‬وضــعوا ســنا يف ابتدائه‬
‫ويف انتهائه‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫والراجح هو قول املحققني من أهل العلم أنه ال حد يف أقل السـ ـ ــن وال يف أكثر السـ ـ ــن‪.‬‬
‫والْالب أن املرأة ال حتيض قبل التاس ـ ــعة ولكن لو وجد‪ ،‬إذا خرج الدم عىل الص ـ ــفة املعروُة‬
‫ُه ــذا حيكم علي ــه ب ــأن ــه دم حيض لعموم اآلي ــة {ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩﮪ} } [سـ ـ ــورة البقرة‪ُ ]333 :‬املحيض وص ـ ــفه بأنه أذا‪ُ ،‬كلام وجد األذا‬
‫ترتبت عليه األحكام‪.‬‬
‫وهكذا يقول اهلل ´‪ { :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ } [سورة الطالق‪ ]3 :‬مل يقل اهلل‪:‬‬
‫بلْن مخسني أو ستني] بل علقه اهلل باإلياس وهو االنقطاع‪ُ ،‬قد ينقطع الدم من‬
‫َ‬ ‫[والاليت‬
‫املرأة يف األربعني أو يف اخلمسة واألربعني أو يف اخلمسني أو يف الستني‪ ،‬وقد يبتدئ ُيها يف‬
‫العارشة أو يف التاسعة أو يف الثانية عرشة وهو أندر من النادر أن ينزل منها الدم قبل التاسعة‬
‫وقد ال يكون له أمثلة إال يف أندر من النادر مما وجد يف الكتب أو يف بعض األمثلة واحلكايات‪،‬‬
‫لكن ال يمنع‪ ،‬لي هنا دليل يمنع‪ ،‬مثال لو قامت األرسة بإحصاء أيام الفتاة إحصاء دقيق ًا‬
‫تبني أن يف هذه الليلة بقي عليها ثالثة أيام حتى ُتكمل التاسعة ونزل منها الدم‪.‬‬
‫ب ــدم احليض‪ ،‬ألهن ــا بقي ـ ـت ثالث ــة أي ــام ولكن عىل القول‬ ‫ُعىل قول اجلمهور أن ــه لي‬
‫الراجح ال يمنع إذا نزل منها الدم بالصفة املعروُة أنه يكون دم احليض وإن كان قبل التاسعة‬
‫بأسبوع أو بشهر أو بشهرين ألنه ال دليل عىل التحديد بالتاسعة ُهذا هو القول الراجح‪.‬‬
‫وهذه املس ـ ـ ـ ــائل مهمة‪ ،‬تأيت املرأة بعد اخلمس ـ ـ ـ ــني ينزل منها الدم عىل الص ـ ـ ـ ــفة املعروُة‪،‬‬
‫ُتـأخـذ حكم احلـائض‪ .‬وهـذا خيتلف بـاختالف قوة البنيـة وض ـ ـ ـ ــعفهـا ورقتهـا واختالف املنـاخ‬
‫والبالد‪ ُ .‬ــاألخت ــان خترج ــان من بطن واح ــدة ومه ــا ُمتلفت ــان يف البني ـة والقوة‪ ،‬وهك ــذا ه ــذه‬
‫املسائل‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬قوله‪َ :‬و َال َقدْ ِر ِه‪.‬‬


‫هنا قدر معني َذا الدم حتى حيكم عليه بأنه دم حيض‪ ،‬ال من حيث الكمية وال‬ ‫لي‬
‫من حيث الوقت‪ُ ،‬القطرة من الدم املعروف بصفته هذا يعترب حي ا‪ ،‬وهكذا من حيث املدة‬
‫ألن بعض أهل العلم قالوا ‪ :‬ال يمكن أن يكون حي ا وهو أقل من يوم وليلة‪ ،‬أما القطرة‬
‫والقطرتان أو الساعة والساعتان ال حيكم َذا الدم بأنه دم احليض‪ ،‬منهم من قال ثالثة أيام‪،‬‬
‫منهم من قال مخسة‪ ،‬واألكثر منهم من قال ال يزيد عىل عرشة أيام‪ ،‬ومنهم من قال ال يزيد عىل‬
‫مخسة عرش يوما‪ .‬والقول الراجح وهو قول املحققني من أهل العلم أن املدة ال دليل عىل‬
‫حتديدها‪ ،‬قد تكون قليلة وقد تكون كثرية والدليل ما تقدم من قول ربنا ´‪{ :‬ﮠ‬
‫ﮡﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ } [سورة البقرة‪ُ ]333 :‬إذا وجد األذا ترتب احلكم‪ ،‬لو وجد يف‬
‫ساعة أو ساعتني أو يوم أو يومني أو لو استمر نزول هذا الدم يف مدة ستة عرشة يوما أو‬
‫عرشين يوما أو مخسة وعرشين يوما وهو عىل الصفة املعروُة ُهو ال يزال دم حيض‪.‬‬
‫وإن جتاوز املعلوم واملعتاد ُإهنا امرأة مري ة؛ إذا صار الدم ينزل منها شهر أو شهرين‬
‫ُال يمكن أن تكون شهرين وزيادة وهي ال زالت يف احليض‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة للطهر‪ :‬أقل الطهر وأكثره‪ .‬بالنسبة ألكثر الطهر ال خالف أنه ال حد‬
‫ألكثره؛ ُلو استمر الطهر ملدة سنة أو سنتني أو عرشة سنوات‪ُ ،‬ال خالف بني أهل العلم بأنه‬
‫ال حد ألكثر الطهر‪ .‬لكن اختلفوا يف أقل الطهر‪ ،‬كم هي مدة أقل الطهر؟‬
‫منهم من قال‪ :‬أقل مدة الطهر‪-‬مثال‪-‬مخسة عرش يوما‪ ،‬ومن رجح هذا القول معناه لو‬
‫جاء قبل ميض مخسة عرش يوما بيوم أو يومني أو ثالثة ال يعتربونه حي ا؛ تصيل وتصوم‬
‫وتطوف وتطلق وجتامع ألهنم قالوا ‪ :‬هذا ال يعترب دم حيض‪ ،‬بل دم ُساد كوهنا يأتيها قبل‬
‫انتهاء املدة‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫احلاج َثري َأ ْن الَ َت ُط ِ‬


‫وِف بِا ْلبي ِ‬
‫ت َحتهى‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫لكن ال دليل عىل هذا قال النبي ‪ ‬لعائشة‪« :‬ا ُْ َع ِىل َما َي ْف َع ُل ْ َ‬
‫َت ْط ُه ِرا» ُاحليض لي هنا مدة ألقله وال ألكثره‪ ،‬واهلل يقول‪{ :‬ﮠ ﮡﮢﮣ‬
‫ﮤﮥﮦ } [سورة البقرة‪ ]333 :‬طاملا مل جيد األذا أو وجد األذا ُال دليل عىل التحديد‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪َ :‬و َال َتكَر ِر ِه‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يشرت التكرر حتى حيكم بأنه دم احليض؟‬
‫قـال‪َ ( :‬و َال َتكَر ِر ِه) ألن بعض الفقهـاء قالوا ‪ :‬ال حيكم عليه بأنه دم احليض إال إذا تكرر‬
‫ألنــه يــأيت يف أوقــات معلومــة أمــا إذا نزل مرة أو مرتني قــد ال يكون دم حيض‪ ،‬وهــذا ال دليــل‬
‫عليه‪-‬ال دليل عىل التكرر‪-‬بل العربة بالص ـ ـ ــفة‪ ،‬خيرج الدم عىل الص ـ ـ ــفة املعروُة ُيحكم عليه‬
‫بأنه دم حيض‪.‬‬
‫ُال يش ـ ـ ــرت حتى حيكم بأنه حيض أن يتكرر‪ .‬ينزل يف هذا الشـ ـ ـ ــهر ثم ينزل يف الشـ ـ ـ ــهر‬
‫الذي بعده ثم يف الش ــهر الثالث‪ ،‬نقول املرأة حائض‪ ،‬والعادة قد تتْري ال س ــيام إذا اس ــتعملت‬
‫املرأة هذه األدوية وهذه العقاقري‪.‬‬
‫أسباب اضطراب احليض عند النساء‬
‫وبس ـ ـ ـ ـ ـب ــب ه ــذه العق ــاقري واألدوي ــة وه ــذه احلبوب امل ــانعـ ـة للحم ــل واحليض أدا إىل‬
‫حصـول اضـطرابات عظيمة عند النسـوة‪ ،‬ما تعرف كثري من النسوة هذه االضطرابات إال بعد‬
‫مـا دخلـت هـذه العقاقري وهذه األدوية‪ ،‬وَذا ينص ـ ـ ـ ــح أهل العلم باجتناهبا‪ُ ،‬هي تدخل املرأة‬
‫يف حرية ويف متاهات وت طرب الدورة عند كثري من النسوة بسبب هذه العقاقري‪.‬‬
‫سمعت امرأة تسأل أهنا‪ :‬تأتيها حي ة يومني ثم تتوقف أربعة أيام ثم تأيت ثالثة أيام‬
‫َ‬ ‫ُإذا‬
‫ثم تتوقف مخسة أيام ثم تأيت يوم ثم تتوقف مخسة أيام‪ ،‬لوجدت يف الْالب أهنا تستعمل شيَا‬
‫من هذه العقاقري وهذه األدوية‪ ،‬وهذا جمرب‪ .‬وقد نبه األطباء والعلامء أن املرأة عليها أن‬
‫جتتنب هذه العقاقري واحلبوب إال للَّضورة‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُإن املرأة األص ـ ـ ــل ُيها أهنا تكون يف عادة يف وقت حمدد‪ ،‬من النس ـ ـ ــاء من تكون يف أول‬
‫الشــهر من النســاء يف وســط الشــهر‪ ،‬من النســاء يف آخر الشــهر‪ ،‬لكن ممكن تتْري العادة‪ ،‬يف هذا‬
‫الشهر يف أوله تنقطع شهر ونصف ثم يأتيها يف آخر الشهر أو يأتيها يف نصف الشهر‪.‬‬
‫ُبع ـ ــهم اش ـ ــرت التكرر إذا جاء يف ثري موض ـ ــعه املعتاد ُال يعترب حي ـ ــا حتى يتكرر‬
‫وهذا ال دليل عليه‪ُ .‬هو حيض سواء أتى مرة أو تكرر ُطاملا جاء عىل الصفة ُهو حيض‪.‬‬
‫وهــذا مريح لطــالــب العلم‪ ،‬أنــه يتقيــد بــاألدلــة؛ هنــا أحــاديــث متكــاثرة يف بــاب احليض‬
‫والنفـاس‪ ،‬لكن حيـاول أن يتعرف عىل األحـاديـث الص ـ ـ ـ ــحيحـة وينظر كالم أهل العلم يف أخذ‬
‫األحكــام منهــا ُريجح األقوال التي تــدل عليهــا ظواهر هــذه األدلــة ُتنهــار كثري من اخلالُــات‬
‫ويس ـ ـ ـ ــرتيح طــالــب العلم من كثرة اخلالُــات يف هــذا البــاب وكثرة التفص ـ ـ ـ ــيالت التي ال تكون‬
‫مبنية عىل أدلة وإنام تكون مبنية عىل اجتهادات الفقهاء‪.‬‬
‫سهل لنفسه بأن أخذ باألدلة ودار مع األدلة حيث دارت‬
‫ُالباب سهل وميِّس ملن ّ‬
‫ورجح من األقوال ما يرجحه الدليل‪ُ ،‬إذا تقيد الطالب بالدليل‪ :‬تسهلت عليه املسائل‬
‫وتذهب األقوال الكثرية التي هي عىل خالف الدليل أو مبنية عىل أدلة ضعيفة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا رأت املرأة يوما دما ويوما نقاء‪ ،‬كيف تفعل؟‬
‫اجلواب‪ /‬الراجح أن أيام الدم والنقاء تعترب حي ا ألن احليض ال ينزل بالشكل املستمر‬
‫يف كل حلظة وثانية‪ ،‬بل يأيت وينقطع ويأيت وينقطع‪ُ ،‬إذا رأت يوما دما ويوما نقاء ُإهنا جتعل‬
‫اجلميع حي ا‪ ،‬هذا إذا كان َا عادة أهنا يف كل شهر يأتيها ملدة األسبوع هبذه الصورة يوما دما‬
‫ويوما نقاء ُتعترب اجلميع حي ا‪.‬‬
‫أما لو كان ألول مرة أو ليست َا عادة من بطة مستمرة ُالعربة بالتوقف أربعة‬
‫وعرشين ساعة يعني يوم ًا وليلة‪ ،‬من توقف منها الدم أربعة وعرشين ساعة ُإهنا تْتسل‬
‫وتصيل ألهنا ال تدري هل يعاودها مرة أخرا أم ال‪ ،‬وهذا اجتهاد اجتهد ُيه بعض أهل العلم‬
‫كابن قدامة وتبعه مجاعة من أهل العلم وهو الراجح‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬بالنسبة للكدرة والصفرة واحلمرة هل تعترب حي ا؟‬


‫اجلواب‪ /‬الراجح من أقوال أهــل العلم أن الكــدرة والص ـ ـ ـ ــفرة إذا كــانــت بعــد جميء دم‬
‫احليض متص ـ ـ ـ ــال بـدم احليض أهنـا تعترب حي ـ ـ ـ ــا والـدليـل حـديـث أم عطية « ُكنها َ‬
‫ال َن ُعد ا ْل ُكدْ َر َة‬
‫َوالص ـ ـ ـ ْف َر َة َب ْعدَ الط ْه ِر َش ـ ـ ـ ْي ًَا» (‪ُ)7‬مفهوم احلديث أنه إذا كان قبل احليض أنه ال يكون حي ـ ـ ــا‬
‫وإذا كان بعد الطهر ال يعترب حي ـ ـ ــا‪ ،‬لكن لو جاء الدم نزل ثالثة أيام دم احليض وص ـ ـ ــفته ثم‬
‫يف اليوم الرابع نزلت الكدرة أو الصفرة أو احلمرة ُتأخذ حكم احليض‪.‬‬
‫الكدرة مثل املاء الوس ـ ــخ والص ـ ــفرة مثل املاء األص ـ ــفر واحلمرة هي الس ـ ـ ـائل الذي ُيه‬
‫محرة الدم‪ُ .‬الكدرة والص ـ ـ ــفرة واحلمرة إنام تكون حي ـ ـ ــا إذا جاءت بعد احليض متص ـ ـ ــال هبا‬
‫لي مفصوال بالطهر لظاهر حديث أم عطية « ُكنها الَ َن ُعد ا ْل ُكدْ َر َة َوالص ْف َر َة َب ْعدَ الط ْه ِر َش ْي ًَا»‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هو الطهر؟‬
‫اجلواب‪ /‬الطهر يكون عىل حالتني‪ :‬إما بخروج القصة البي اء وهو سائل شبيه باملني‬
‫أو كامء اجلص وهذا اليشء تعرُه النسوة‪ .‬إذا انقطع دم احليض ُعالمة الطهر عند ثالب‬
‫النسوة خروج هذا اليشء الذي يسمى القصة البي اء‪ .‬وبعض النسوة ليست عندها هذه‬
‫العالمة أي عالمة الطهر‪ُ ،‬تعرف الطهر باجلفاف بحيث أهنا حتتيش القطنة وخترج ناشفة‪.‬‬
‫ُهذه عالمة الطهر‪ :‬إما بخروج القصة البي اء وهو الْالب يف النسوة وإما باجلفاف‪،‬‬
‫وقد كانت النساء يبعثن إىل عائشة بالدرجة ُيها الكرسف ُيه الصفرة ُتقول‪َ « :‬ال َت ْع َج ْل َن‬
‫َحتهى ت ََر ْي َن ا ْل َق هص َة ا ْل َبيْ َ ا َء»(‪.)2‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه احلاكم يف "مستدركه" (‪ )713 / 7‬برقم‪)623( :‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" معلق ًا (‪ )17 / 7‬قبل حديث رقم‪)429( :‬‬

‫‪277‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬قال ¬‪ :‬إِ هال إِ ْن َأ ْط َب َق َالده ُم َع َىل َا ْمل َْرأ َ ِة‪َ ،‬أ ْو َص ـ ـ ـ ـ َار َال َينْ َقطِ ُع َعن َْها إِ هال َي ِس ـ ـ ـ ـ ًريا ‪ِ َُ ،‬إ ههنَا‬
‫ت َِص ُري ُم ْست ََح َ‬
‫اض ًة‪.‬‬
‫اخلالصة أن الدماء ثالثة‪:‬‬
‫‪‬دم احليض وهو الـذي يرخيـه الرحم عىل ص ـ ـ ـ ـ ـفـة معلومـة يف أوقـات معلومة وهو دم‬
‫بدم ُساد‪.‬‬ ‫صحة ولي‬
‫‪ ‬دم النفاس وهو الدم الذي خيرج مع الوالدة أو قبل الوالدة بيوم أو يومني أو أكثر‬
‫بخلقة وال عادة وال طبع للمرأة وإنام خيرج بسـ ـ ــبب‬ ‫‪‬دم االسـ ـ ــتحاضـ ـ ــة وهو دم لي‬
‫انفجار عرق ُهو دم ُساد ومرض‪.‬‬
‫لـه عـادة معلومـة كـالْـالب يف دم احليض‪ ،‬دم احليض له عادة‬ ‫ودم االس ـ ـ ـ ــتحـاض ـ ـ ـ ــة لي‬
‫معلومة يف ثالب النس ـ ــاء؛ من النس ـ ــوة من يأتيها يف أول الش ـ ــهر س ـ ــبعة أيام منهن من يأتيها يف‬
‫وسـط الشـهر ومنهن من يأتيها يف آخر الشهر‪ ،‬الْالب أن تكون ستة أيام أو سبعة‪ ،‬من النسوة‬
‫من تكون مخس ـ ــة أيام‪ ،‬ومن النس ـ ــوة من تكون ثامنية أو تس ـ ــعة أيام ولكن الْالب أن تكون بني‬
‫الستة والسبعة أيام‪ ،‬قد تكون يف أول الشهر أو وسطه أو آخره ختتلف النسوة يف ذل ‪.‬‬
‫وقد يطبق دم االس ـ ـ ـ ــتحاض ـ ـ ـ ــة إطباقا كامال ويس ـ ـ ـ ــتمر نزوله وال يكاد يتوقف وقد يكون‬
‫ُيه ص ــفة دم احليض؛ ال يف اللون وال يف الرائحة‬ ‫ثالبا يف املرأة وقد يكون متقطعا ولكن لي‬
‫وال يف الثخونة وال يف الصفة الرابعة أنه ال يتخثر بعد خروجه‪ ،‬بل اللون يميل إىل محرة كالدم‬
‫ُي ــه رائح ــة كرَ ــة وال‬ ‫ال ــذي خيرج من اجلروح‪ ،‬ألن ــه عب ــارة عن عرق انفجر‪ ،‬وهك ــذا لي‬
‫يكون ثخينا بل يكون طبيعيا خفيفا وهكذا يتخثر بعد خروجه‪.‬‬
‫ومسألة املستحاضة‪ ،‬خلص املصنف ¬‪ :‬أحكامها يف هذا األسطر‪:‬‬

‫‪272‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬قال¬‪" :‬إِ هال إِ ْن َأ ْط َب َق َالده ُم َع َىل َا ْمل َْرأ َ ِة‪َ ،‬أ ْو َص ـ ـ ـ َار َال َينْ َقطِ ُع َعن َْها إِ هال َي ِس ـ ـ ـ ًريا ‪ِ َُ ،‬إ ههنَا‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫جتل َ َعا َد َاَا َُإ ْن َمل ْ َي ُك ْن َََا َعا َد ٌة‪َُ ،‬إ َىل َمتْييز َها َُإ ْن َمل ْ‬
‫اض ًة َُ َقدْ َأمر َها َالنهبِي ‪َ ‬أ ْن َ ْ ِ‬
‫ََ‬ ‫ت َِص ُري ُم ْست ََح َ‬
‫ي ُكن ََا َمت ِييز‪ِ َُ ،‬إ َىل عاد ِة َالنرس ِ‬
‫اء َا ْل َْال ِ َب ِة‪ِ :‬ست ِهة َأيها صم َأ ْو َس ْب َع صة"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ ٌ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬املستحاضة َا حالتان‪:‬‬
‫‪ ‬احلـالـة األوىل‪ :‬أن تكون مبتدأه يعني مل تكن َا عادة من قبل مل ينزل منها الدم قبل‬
‫نزول هذا الدم الذي أطبق واسـ ــتمر‪ ،‬كأن تكون شـ ــابة ص ـ ــْرية حصـ ــل َا حادط(‪ُ )7‬اس ـ ــتمر‬
‫نزول الدم‪ُ ،‬هذه املبتدأه َا صورتان‪:‬‬
‫‪ ‬الص ــورة األوىل‪ :‬أن تكون مميزة يعني أص ــيبت بحادط ُاس ــتمر نزول الدم بش ــكل‬
‫مس ـ ـ ـ ــتمر ولكن تـأيت أوقـات من الش ـ ـ ـ ــهر متيز الـدم‪ ،‬يميل إىل الس ـ ـ ـ ــواد يف هذه األيام ُيه رائحة‬
‫كرَة ويف هذه األيام تشـعر به ثخينا‪ُ ،‬إذا كانت مميزة ُإهنا ترت الصالة يف األيام التي متيز ُيه‬
‫ت‬‫الدم عىل ص ـ ــفة دم احليض ألن دم احليض له ص ـ ــفات معروُة‪ .‬لقول النبي ‪ِ َُ « :‬إ َذا َأ ْقب َل ِ‬
‫َ‬
‫ال َة َوإِ َذا َأ ْد َب َر ْت َُـا ْث ِسـ ـ ـ ـ ـ ِىل َعنْـ ِ الــده َم َو َصـ ـ ـ ـ ـ رىل»(‪)2‬ولقول اهلل ´‪{ :‬‬
‫احلَ ْي َ ـ ـ ـ ـ ـ ُة َُ ـدَ ِعى ال هصـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ْ‬
‫ﮠ ﮡﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ } [سورة البقرة‪.]333 :‬‬
‫‪ ‬الص ـ ـ ـ ــورة الثانية‪ :‬أن تكون مبتدأه ثري مميزة يعني حص ـ ـ ـ ــل َا نزيف وال متيز الدم؛‬
‫ينزل بص ـ ـ ـ ـ ـفـة واحـدة طيلـت األوقات كام تقدم قد يطبق هبا إطباقا كليا يعني يس ـ ـ ـ ــتمر نزوله يف‬
‫أكثر األوقات بشـ ـ ــكل مس ـ ـ ــتمر وقد يسـ ـ ــتمر يومني ويقف ثم يأتيها بعد يومني وهكذا‪ُ ،‬إذا مل‬
‫تكن مميزة ُفيه أقوال والراجح ‪ -‬واهلل أعلم ‪ -‬أهنا ال تعترب نف َس ـ ـها حائ ـ ــا وال ترت الصـ ــالة‬
‫ألهنـا امرأة مبتـدأه مل تعرف قبـل ذلـ الـدم ولكن بس ـ ـ ـ ـ ـبـب هـذا احلـادط مثال أو هذا املرض أو‬
‫ُيه ص ـ ــفة دم احليض ُال يقال بأهنا ترت الص ـ ــالة يف أيام‬ ‫هذه الس ـ ــقطة نزل منها دم وهو لي‬
‫من الشهر ألنه قد يكون هذا الدم عبارة عن دم ُساد واستحاضة وال يعترب دم حيض‪.‬‬

‫مقصور ًا عىل احلادط‬ ‫(‪ )7‬وقد يكون السبب ثري احلادط بسبب مرض أو أدوية‪ُ ،‬لي‬

‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ ،)222( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )729 / 7‬برقم‪)444( :‬‬

‫‪274‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُالراجح أهنا إذا كانت مبتدأه وثري مميزة للدم بص ــفة دم احليض أهنا تس ــتمر يف ص ــالاا‬
‫وص ـ ـ ـ ــومهـا وإذا كـانـت متزوجـه أهنـا تؤتى‪ ،‬وألهنا قد تعالج نفس ـ ـ ـ ــها ُيعاُيها اهلل ´ من هذا‬
‫الدم‪.‬‬
‫‪ ‬احلـالـة الثـانيـة‪ :‬أن تكون معتـادة‪-‬يعني قبل هذا النزيف يأتيها الدم يف أول الش ـ ـ ـ ــهر‬
‫ســبعة أيام يف وســط الشــهر يف آخر الشــهر ثم أصــيبت باحلادط واســتمر نزول الدم‪ُ-‬إذا كانت‬
‫َا عادة ُلها صورتان‪:‬‬
‫‪‬الص ـ ـ ـ ــورة األوىل‪ :‬إن كــانــت ثري مميزة‪ ،)7( ،‬ترجع إىل عــاداــا الس ـ ـ ـ ــابقــة لألحــاديــث‬
‫حتبِ ُسـ ِ َح ْي َ ـ ُت ِ ُث هم ا ْثت َِس ِىل» (‪)2‬والرواية األوىل‪:‬‬
‫َت َ ْ‬ ‫الكثرية قال النبي ‪« ‬ا ْمكُثِى َقدْ َر َما كَان ْ‬
‫ب َقدْ ُر َها َُا ْث ِس ِيل َعنْ ِ الده َم َو َص ريل»(‪ُ)4‬رتجع إىل‬‫الص َال َة َُ ِإ َذا َذ َه َ‬
‫ِ‬ ‫« َُ ِإ َذا َأ ْق َب َل ْت ْ‬
‫احلَ ْي َ ُة َُات ُْركي ه‬
‫العادة ولو كان الدم أمحر بعد احلادط‪ ،‬صـ ـ ــار أمحر ال يتميز ولكن عندها العادة سـ ـ ــابقة ُالنبي‬
‫‪ ‬أرجعها إىل عاداا الس ـ ـ ـ ــابقة طاملا تعرف م ْن نفس ـ ـ ـ ــها أهنا حتيض يف أول الش ـ ـ ـ ــهر؛ من أول‬
‫الشهر العريب يستمر مثال سبعة أيام ترجع إىل عاداا األوىل قبل احلادط‪.‬‬

‫(‪ )7‬قال الشيخ‪ :‬صورة املسألة‪ :‬امرأة معتادة يعني كانت َا عادة سابقة ُأصيبت بحادط واستمر نزول الدم وحصل َا‬

‫نزيف ُاآلن يف هذه األيام نسألها‪ :‬هل متيزين الدم أو ال متيزين الدمَ هل تأيت األيام يتمز الدم بصفة معروُة أو الدم بعد‬

‫احلادط صار ينزل يف طيلة الشهر بصورة واحدة‬

‫(‪ )2‬أخرجه ومسلم يف "صحيحه" (‪ )729 / 7‬برقم‪)443( :‬‬

‫(‪ )4‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )62 / 7‬برقم‪)496( :‬‬

‫‪273‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫مميزا يعني‬ ‫احلادط(‪)7‬‬ ‫‪‬الصورة الثانية‪ :‬أن تكون مميزة للدم‪ ،‬إذا كان الدم بعد‬
‫استطاعت املرأة أن متيز الدم‪ُ ،‬هذه احلالة َا صورتان‪:‬‬
‫‪‬األوىل‪ :‬أن تتفق العـادة مع التمييز‪ ،‬مثال امرأة قبـل احلـادط كـان يأتيها الدم من أول‬
‫الشــهر إىل اليوم الســابع ثم بعد احلادط صــارت متيز الدم الذي ُيه صــفة دم احليض‪-‬من أول‬
‫الشهر إىل اليوم السابع يتْري يميل إىل السواد أو يكون ثخينا أو يكون ُيه رائحة كرَة‪،‬‬
‫ُهنا تواُقت العادة مع التمييز‪ ،‬فل إش ـ ــكال تعمل بالعادة والتمييز ألهنا يف أيام واحدة‪.‬‬
‫لكن اإلشكال إذا اختلفت العادة مع التمييز‪.‬‬
‫‪‬الثانية‪ :‬إذا اختلفت العادة مع التمييز‪ ،‬كان عاداا قبل احلادط يأتيها الدم من أول‬
‫عرش إىل اليوم‬ ‫الشهر إىل اليوم السابع وبعد احلادط صارت متيز الدم بصفته من اليوم اخلام‬
‫الثاين والعرشين ُهي َا عادة سابقة‪ُ ،‬بأي َشء تعمل؟ هل تعمل عىل عاداا السابقة أو أهنا‬
‫تعمل بالتميز؟‬
‫ُيــه أقوال وأش ـ ـ ـ ــهرهــا‪ :‬منهم من قــدم العــادة ومنهم من قــدم التمييز‪ .‬والراجح ‪-‬واهلل‬
‫أعلم ‪-‬أهنــا تقــدم التمييز ألن دم احليض دم معروف بص ـ ـ ـ ــفتــه كام قــال اهلل‪{ :‬ﮠ ﮡ‬
‫ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ } [س ـ ـ ـ ــورة البقرة‪ ]333 :‬ويف بعض األحاديث ال ـ ـ ــعيفة حديث ُاطمة‬
‫ض َد ٌم َأ ْسـ ـ ـ ـ ـ َو ُد‬ ‫بنـ ــت أيب حبيش ~ كـ ــانـ ــت تس ـ ـ ـ ــتحـ ــاض ُقـ ــال َـ ــا النبي ‪« :‬إِ هن َد َم ْ‬
‫احلَ ْي ِ‬
‫ف»(‪)2‬وهو ال يص ـ ـ ــح‪ُ ،‬هي تقدم العمل بالتمييز ألن هذا الدم له ص ـ ـ ــفات ُهي رأت هذه‬
‫ُي ْع َر ُ‬
‫الصفات يف هذه األيام املعينة‪ُ ،‬التمييز أظهر العالمات‪.‬‬

‫(‪ )7‬التمثيل باحلادط وإال دم االستحاضة قد حيصل بدون حادط مثل املرض أو احلمل أو أي َشء قدر اهلل‬

‫(‪ )2‬أخرجه النسائي يف "سننه" برقم (‪)276‬‬

‫‪271‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫وأما األحاديث التي ُيها إرجاع النبي ‪ ‬املرأة إىل عاداا ُتحمل عىل أن املرأة التي‬
‫أعادها النبي ‪ ‬إىل عاداا أنه مل يكن َا متييز‪ ،‬أما لو ميزت ُهذه عالمة ظاهرة‪ .‬خاصة إذا‬
‫علمنا أن العادة للمرأة قد تتْري‪ ،‬وهذا معلوم‪ ،‬مثال قبل زواجها يأتيها احليض من اليوم األول‬
‫يف الشهر إىل اليوم السابع ممكن بعض النسوة بعد زواجها ت طرب عاداا وتتأخر‪ ،‬مث ً‬
‫ال تبدأ‬
‫إىل اليوم العارش أو من اليوم العارش إىل اليوم السابع عرش‪ُ ،‬إذا عرُنا أن‬ ‫من اليوم اخلام‬
‫العادة تتْري ُالتمييز أوضح يف الداللة أن هذا دم حيض أو لي بدم احليض‪ .‬واملسألة قوية‬
‫من اجلانبني ولكن هذا هو األقرب ‪-‬واهلل أعلم‪ ،‬وذكر املصنف ¬‪ :‬أمور ًا ولكن الذي‬
‫تقدم هو الراجح ُيام يظهر من كالم أهل العلم – واهلل أعلم ‪.-‬‬
‫جتلِ َ َعا َد َاَا‪.‬‬
‫‪ ‬قال ¬‪َ َُ :‬قدْ َأ َم َر َها َالنهبِي ‪َ ‬أ ْن َ ْ‬
‫عاداا إذا مل يكن َا متييز‪ .‬يعني قبل حص ـ ـ ــول االس ـ ـ ــتحاض ـ ـ ــة كان يأتيها الدم يف‬ ‫جتل‬
‫أول الشـ ــهر إىل اليوم الس ـ ــابع ُقدر اهلل حص ـ ــل َا مرض أو حادط واس ـ ــتمر نزول الدم كيف‬
‫من اليوم األول إىل اليوم السابع‪.‬‬ ‫تفعل؟ ترجع إىل عاداا السابقة جتل‬
‫‪ ‬وقوله‪ِ ُ :‬إ ْن َمل ْ َي ُك ْن َََا َعا َد ٌة َُ ِإ َىل َمت ْ ِي ِيز َها‪.‬‬
‫ُإذا مل يكن َا عادة ُإىل متييزها يعني إذا أص ـ ـ ــيبت باالس ـ ـ ــتحاض ـ ـ ــة ومل تكن َا عادة من‬
‫قبل ُرتجع إىل التمييز‪ُ ،‬ال إش ــكال‪ .‬لكن اإلش ــكال إذا اجتمعت العادة والتمييز ُأَام تقدم؟‬
‫تقدم ترجيحه أن التمييز يقدم عىل العادة ألمور‪:‬‬
‫األول‪ :‬ألهنا عالمة ظاهرة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬ألهنا عالمة يف موضع النزاع‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ألن العادة قد ت ـ ــطرب‪ ،‬تكون املرأة عاداا يف أول الش ـ ــهر ال يمنع أهنا تنتقل‬
‫إىل أول الشهر‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫الرابع‪ :‬لقوله ´‪{ :‬ﮠ ﮡﮢﮣ ﮤ ﮥﮦ } [سورة البقرة‪ ،]333 :‬أي ا‬


‫حتبِ ُس ـ ـ ـ ـ ِ َح ْي َ ـ ـ ـ ـ ُت ِ » عىل املرأة التي عندها عادة‬ ‫جياب عىل األحاديث «ا ْمكُثِى َقدْ َر َما كَان ْ‬
‫َت َ ْ‬
‫عندها متييز‪ ،‬ألن ظواهر األس ـ ــَلة التي س ـ ــألت ُيها النس ـ ــوة أهنن يس ـ ــألن عن َشء ثري‬ ‫ولي‬
‫متميز ( كيف نفعل يا رس ــول اهلل؟ ) ولس ــان حاَن يقول‪( :‬إن الدم قد أطبق) ُأحاَن النبي‬
‫‪ ‬وأرجعهن إىل العادة املاضية‪.‬‬
‫أما إذا كانت املرأة متيز والدم مس ـ ـ ـ ــتمر ُيها طيلة الش ـ ـ ـ ــهر ولكن تأيت عىل أيام يتْري لون‬
‫الـدم يص ـ ـ ـ ــري أس ـ ـ ـ ــود‪ ،‬هـذا أقرب للعمـل بـه من أهنـا تـأخـذ عىل عاداا املاض ـ ـ ـ ــية‪ ،‬ألن املرأة قد‬
‫ت ـ ـ ــطرب عاداا حتى يف حالة الص ـ ـ ــحة بس ـ ـ ــبب اض ـ ـ ــطرابات نفس ـ ـ ــية أو أدوية أو أمور‪ ،‬هذا‬
‫كل استدل‪.‬‬ ‫األقرب واملسألة كام تقدم قوية من اجلانبني ٌّ‬

‫وهن ـ ــا أئم ـ ــة حمققون يرجحون القول األول وهن ـ ــا أئم ـ ــة حمققون يرجحون القول‬
‫الثاين‪ ،‬مثال ابن حزم يرجح القول بالتمييز‪ ،‬وشــيخ اإلســالم ابن تيمية(‪)7‬يرجح القول بالعادة‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫ص‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬قال ¬‪ِ َُ :‬إ ْن َمل ْ َي ُك ْن َََا َمت ْ ِي ٌيز َُ ِإ َىل َعا َدة َالنر َسـ ـاء َا ْل َْال َبة‪ :‬سـ ـتهة َأيها صم َأ ْو َسـ ـ ْب َعة‪َ ،‬و َا ه ُ‬
‫َّلل‬
‫َأ ْع َل ُم‪.‬‬
‫يعني مل يكن َا عادة من قبل وال متييز الدم ُامذا تفعل؟ قال‪ِ َُ ( :‬إ َىل َعا َد ِة َالن َرسا ِء َا ْل َْال ِ َب ِة‪:‬‬
‫ِس ـ ـت ِهة َأيها صم َأ ْو َس ـ ـ ْب َع صة) هذا بنوه عىل حديث محنة بنت جحش وهو ض ــعيف(‪)2‬يف س ـ ـنده عبد اهلل‬
‫بن حممــد بن عقيــل والراجح ض ـ ـ ـ ــعفــه‪ ،‬وهــذا قول أكثر أهــل العلم وهو الــذي ذكره الش ـ ـ ـ ــيخ‬
‫َا أن ترت الص ـ ـ ـ ــالة الحتامل أنه مل ينزل‬ ‫الس ـ ـ ـ ـ ـعـدي ¬‪ ،‬وطائفة قليلة تقول‪ :‬عىل أنه لي‬
‫منها دم احليض بعد‪.‬‬

‫(‪ )7‬انظر جمموع الفتاوا (‪)622 /27‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف "سننه" (‪ )776 / 7‬برقم‪ )221( :‬والرتمذي يف "جامعه" (‪ )760 / 7‬برقم‪ )722( :‬وابن ماجه يف‬

‫"سننه" (‪ )402 / 7‬برقم‪)401 / 7( ، )622( :‬‬

‫‪271‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫ُائدة‪ :‬مل يتعرض املصنف¬ لباب النفاس‪.‬‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬رشب ما يقطع احليض‪:‬‬
‫دم احليض هو ما تقدم‪ :‬الدم الذي يرخيه الرحم عىل صفة معلومة يف أوقات معلومة‬
‫وهو دم صحة ولي بدم ُساد وال يدل عىل مرض وإنام هو دم طبيعة قال ‪« :‬إِ هن َه َذا َش ْى ٌء‬
‫َات آ َد َم» ُمن اخلطأ أن تذهب املرأة تعمل أمورا توقف هذا اليشء الذي ينزل‬ ‫َك َتبه اَّلل َع َىل بن ِ‬
‫َ‬ ‫َُ هُ‬
‫منها عىل سبيل الطبيعة واجلبلة وكل ما كان عىل خالف الطبيعة يف الْالب أنه يؤثر وأنه يَّض‪،‬‬
‫وَذا ينصح العلامء بعدم استعامل موانع احليض ألنه َشء جبلت عليه املرأة وخلقت عليه‪.‬‬
‫وملا دخل النبي ‪ ‬عىل عائشة وهي تبكي يف احلج أحرمت بالعمرة وجاءها احليض تريد أن‬
‫تفعل مثل ما يفعل الناس‪ ،‬خرج النبي ‪ ‬بأزواجه يف حجة الوداع؛ أحرم الرجال وأحرم‬
‫النساء ٌّ‬
‫وكل متهيئ وُرح بالبداية يف أداء النس وإذا باحليض يقدره اهلل ´ ويأتيها‪ ،‬تعلم‬
‫أهنا ستحرم من أُعال سيفعلها النبي ‪ ‬والصحابة والنسوة‪ُ ،‬بكت حزنا عىل حاَا‪ ،‬دخل‬
‫عليها ُقال‪« :‬أنفست» قالت‪ :‬نعم يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪« :‬إِ هن ه َذا َشىء َك َتبه اَّلل َع َىل بن ِ‬
‫َات آ َد َم»‬ ‫َ‬ ‫ْ ٌ َُ هُ‬ ‫َ‬
‫قاله َا مسليا‪ُ .‬إذا كان هذا اليشء كتبه اهلل عىل بنات آدم ُلهذا ينصح العلامء بعدم استعامل‬
‫هذه األدوية والعقاقري وهذه اإلبر واألعشاب التي تؤدي إىل إيقاف احليض‪ ،‬ألنه يؤدي إىل‬
‫الَّضر إما رضر حارض أو مستقبل ألنه عىل خالف الطبيعة‪َ .‬شء ايأ البدن عىل إُرا زه‪،‬‬
‫تذهب املرأة حتبسه يؤدي إىل مرض ولكن ما حكمه؟ حكمه أنه جائز برش عدم الَّضر‬
‫وبإذن الزوج ألهنا قد حترمه من حقه يف النسل‪ ،‬انقطع منها احليض وال حتمل‪.‬‬
‫ينزل احليض‪:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬رشب ما ر‬
‫وبقاء املرأة عىل‬ ‫تنزل احليض أي ا ينصح العلامء برت ذل‬
‫وهكذا إذا استخدمت األدوية ر‬
‫طبيعتها ُهو أبعد َا عن الَّضر‪ .‬وهو جائز برش عدم الَّضر وعدم التهرب من واجب‪-‬‬
‫يعجل بنزول‬ ‫مث ً‬
‫ال‪-‬يأيت هذا املوسم موسم رم ان يف شدة احلر ُتذهب تتناول األدوية ر‬
‫احليض منها أو جيعل احليض مستمرا ُيها‪ ،‬إذا كانت متحيلة تريد أن تتهرب من صوم رم ان‬
‫يف هذا املوسم ُهذا حرام‪ ،‬أي َشء ُيف َعل ألجل التحيل عىل إسقا الواجب حرام‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وهكذا كام تقدم من أكل ثوما أو كراثا أو بقال ألجل أن يتهرب من صالة اجلامعة‪ُ ،‬يه‬
‫كسل ويعلم أنه بعد قليل سينادي املنادي لصالة العرص ُيذهب يأكل كراثا أو بصال أو ثوما‬
‫حتى يعلل ويقول لنفسه‪ :‬أنا ممنوع من املسجد‪ُ ،‬هذا األكل يكون حراما ألنه قصد التحيل‬
‫عىل إسقا واجب‪ ،‬أما إذا كان مشتهيا رأا الكراط أو البقل أو البصل أو الثوم يعني َشء‬
‫لْرض التهرب من صالة اجلامعة ُهذا حالل إذا‬ ‫ُيه ثوم كثري ُاشتهى وأراد أن يأكل ولي‬
‫مل يكن له عادة يف كل يوم يقدم له هذه اخلَّضوات التي متنعه من صالة اجلامعة‪ُ ،‬رشب ما‬
‫يؤدي إىل نزول العادة جائزا ً برش عدم الَّضر والتحيل للهروب من واجب كصوم رم ان‬
‫وبرش إذن الزوج حتى ال حترمه من اإلستمتاع‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬رشب ما يقطع النسل أي الولد‪:‬‬
‫إذا كان قطعا هنائيا ُال جيوز إال للَّضورة‪ ،‬أصيبت باألمراض أو بأورام خبيثة أو‬
‫أن حتميل‪ ،‬إذا محلت‬ ‫بعمليات متكررة ُقال َا جمموعة من األطباء الثقات‪ :‬ال يمكن ل‬
‫يتحقق حصول الوُاة ألن البطن ال يتحمل االنتفاخ بسبب كثرة العمليات القيرصية التي‬
‫ُيها‪ ،‬أو ُيها أورام أو ُيها أمراض‪ ،‬يقرر األخصائيون والثقات من األطباء أنه ال يمكن َذه‬
‫املرأة أن حتمل‪ُ ،‬هنا لو قطعت النسل ُهذا رضورة‪ ،‬قال اهلل { ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ‬
‫ﭠ ﭡﭢﭣﭤ } [سورة األنع م‪.]11١ :‬‬
‫وأمـا إذا كـان املقص ـ ـ ـ ــود بـالقطع القطع املؤقت للحاجة ُهذا جائز‪ ،‬ترا كم األطفال عىل‬
‫املرأة وحصــل تعب َا أو مشــقة ُممكن أن تقطع ملدة ثالط ســنوات أو مخ ســنوات تعمل‬
‫حلوال توقف احلمــل ملــدة معينــة هــذا جــائز ألجــل تنظم النسـ ـ ـ ـ ــل وتــأخــذ قس ـ ـ ـ ـ ـط ـ ًا من الرا حــة‪،‬‬
‫بع ـهم يأتيهم األوالد متتابعني‪ ،‬كل سـنة واحد‪ُ ،‬تتعب‪ ،‬ممكن أن تنظم تسـتخدم شيَا تأخذ‬
‫أنفاسها وتستعيد نشاطها وقواا‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم إسقا احلمل بعد نفخ الروح ُيه؟‬


‫منفوسة خلقها اهلل وستبعث يوم‬ ‫اجلواب‪ /‬الراجح أنه حرام ال جيوز ألن هذه نف‬
‫القيامة وال جيوز قتل هذه النف { ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ } [سورة التكوير‪:‬‬
‫كثرية قال اهلل { ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ‬ ‫‪ ]١ - 7‬واألدلة يف النهي عن قتل النف‬
‫ﯼ ﯽﰃ} [سورة األنع م‪.]151 :‬‬
‫وذهب بعض علامئنا ‪-‬رمحهم اهلل ‪-‬إىل أنه ولو قال األطباء لو استمر احلمل يف بطن‬
‫املرأة يؤدي إىل وُاة األم يف حال الوضع وهو العالمة ابن عثيمني¬‪ :‬قال‪ :‬ألن حياة اجلنني‬
‫متحققة ووُاة األم ظني‪ ،‬اهلل أعلم متوت أو ال متوت أما اآلن اجلنني أمام أعيننا حي يف بطنها!‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم إسقا احلمل قبل نفخ الروح ُيه؟‬
‫إذا كان قبل نفخ الروح جيوز للَّضورة‪ .‬املرأة تستخدم األدوية أو يستخدم الزوج‬
‫العزل وُجأة محلت وشعرت به قبل نفخ الروح‪ُ ،‬يجوز إسقاطه للَّضورة‪ ،‬والَّضورة كأن‬
‫تكون املرأة متعبة ُيها عمليات وُيها أمراض ُتجد مشقة عظيمة يف احلمل أو يف الرضاع أو‬
‫يف الرتبية‪ُ ،‬هنا جائز للَّضورة‪ .‬أو حتمل املرأة من زنا وختاف أن ُتقتل وقد تابت أو توطأ كرها‬
‫ُتحمل وختشى الف يحة وهي بريَة عفيفة ممكن أن ُيس هقط اجلنني ألجل الَّضورة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم الكدرة والصفرة واحلمرة؟(‪)7‬‬

‫اجلواب‪ /‬الكدرة كاملاء الوس ـ ـ ـ ــخ والص ـ ـ ـ ــفرة كاالص ـ ـ ـ ــفرار الذي يعلو الص ـ ـ ـ ــديد واحلمرة الدم‬
‫األمحر أو املـاء املش ـ ـ ـ ــوب بحمرة‪ ،‬هذا يف ثري أيام احليض‪ ،‬الراجح أهنا إذا جاءت يف ثري أيام‬
‫احليض أو جـاءت يف أيـام احليض قبـل نزول احليض هـذا ال يعترب حي ـ ـ ـ ــا‪ ،‬أما إذا س ـ ـ ـ ــبق هذه‬
‫األمور دم حيض واتص ـ ـ ـ ـ ـلـت هـذه األمور بـدم احليض ُـإهنـا تأخذ حكم احليض‪ُ .‬الراجح ما‬
‫ت منه حديث أم عطية « ُكنها الَ َن ُعد ا ْل ُكدْ َر َة َوالص ْف َر َة َب ْعدَ الط ْه ِر َش ْي ًَا» كلمة ( َب ْعدَ الط ْه ِر َش ْي ًَا)‬
‫خترج صور ًا‪:‬‬
‫‪ -‬إذا طهرت يف هذا اليوم يوم الســبت وجاءاا الكدرة أو الصــفرة بعد يومني نرجع إىل‬

‫(‪ )7‬تكررت هذه املسألة ملزيد ُائدة حيث رضب الشيخ أمثلة توضح املسألة أكثر‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫احلديث « ُكنها الَ َن ُعد ا ْل ُكدْ َر َة َوالصـ ـ ـ ـ ـ ْف َر َة َب ْعدَ الط ْه ِر َشـ ـ ـ ـ ـ ْي ًَا» (الطهر) خرج اليوم يوم الس ـ ـ ـ ــبت‬
‫وعاودها الدم بحمرة أو كدرة أو صفرة يف يوم الثالثاء أو االثنني‪ ،‬هذا ال يعترب شيَا‪.‬‬
‫‪ -‬عاداا أن تأتيها الدورة يف أول الش ــهر العريب ُجاءاا يف يوم ثامنية وعرش ــين من آخر‬
‫الشهر كدرة أو صفرة أو محرة‪ ،‬هذا ال تعتربه شيَا‪.‬‬
‫‪ -‬عاداا أن تأتيها الدورة يف أول الشهر العريب‪-‬مثال‪-‬أول الشهر هذا اليوم ‪-‬يوم‬
‫السبت ‪-‬نزلت كدرة أو صفرة أو محرة ومل ينزل دم احليض لو رجعنا إىل لفظ احلديث « ُكنها الَ‬
‫َن ُعد ا ْل ُكدْ َر َة َوالص ْف َر َة َب ْعدَ الط ْه ِر َشيًَْا» هذا يعترب بعد الطهر‪ ،‬ألن الطهر كان قبل عرشين يوما‬
‫أو مخسة وعرشين يوما‪ .‬لكن نستفيد من حالة واحدة إذا نزل الدم يف أول الشهر واستمر ثالثة‬
‫أيام ثم يف اليوم الرابع توقف الدم املعروف بصفته ونزلت كدرة أو صفرة أو محرة ُهذه تأخذ‬
‫حكم احليض‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هي أحكام املستحاضة بالنسبة للوضوء والْسل؟‬
‫اجلواب‪ /‬بالنسبة للوضوء األكثر من أهل العلم عىل أنه يلزمها أن تتوضأ لكل صالة‬
‫واستدلوا برواية «ت ََو هضَِى لِك رُل َصال صَة» (‪)7‬وهي شاذة‪ ،‬قدر اثنني وعرشين راويا يرووهنا عن‬
‫هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بدون ذكر هذه الزيادة «ت ََو هضَِى لِك رُل َصال صَة» وجاء مخسة‬
‫من الرواة أو ستة أو سبعة ُرووه عن هشام بذكر هذه الزيادة ُتكون شاذة‪ ،‬ولكن مع ذل‬
‫ُهذا الدم خارج من أحد السبيلني ُهو ناقض للوضوء‪ُ .‬الراجح قول اجلمهور أهنا تتوضأ‬
‫لكل صالة‪ ،‬وهكذا كل صاحب حدط دائم كصاحب سلسل البول والْازات واملذي ُإهنم‬
‫يتوضؤون لكل صالة‪.‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه البخاري يف "صحيحه" (‪ )11 / 7‬برقم‪ )62 / 7( ، )222( :‬برقم‪ )17 / 7( ، )496( :‬برقم‪/ 7( ، )429( :‬‬

‫‪ )12‬برقم‪ )14 / 7( ، )421( :‬برقم‪ )447( :‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )729 / 7‬برقم‪ )729 / 7( ، )444( :‬برقم‪:‬‬

‫(‪)444‬‬

‫‪227‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل جيب عىل املستحاضة الْسل لكل صالة؟‬


‫اجلواب‪ /‬رويت أحاديث بأمر املســتحاضــة بالْس ــل عند كل صــالة أو الْس ــل عند كل‬
‫ص ـ ـ ـ ــالتني والفجر تْتس ـ ـ ـ ـ ــل عنــده‪ ،‬والراجح أهن ـا معلــة‪ُ .‬ــالراجح أنــه ال يثبــت أمر النبي ‪‬‬
‫املســتحاضــة بأن تْتســل إال مرة واحدة إذا طهرت من حي ــها أو إذا عملت بعاداا ُتْتســل‬
‫حتى خترج من احليض وتكون مستحاضة‪ ،‬وإذا صحت األحاديث ُتحمل عىل االستحباب‪،‬‬
‫ُيستحب للمرأة املستحاضة أن تْتسل عند كل صالة‪ ،‬أما عىل سبيل الوجوب ُال‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم إتيان املستحاضة‪ ،‬هل جتامع؟‬
‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬هي كــالطــاهرات قــال ابن عبــاس ~ حينام س ـ ـ ـ ـ ـَــل عن ذلـ قــال‪ :‬هي‬
‫تصيل والصالة أعظم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪222‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪:‬‬
‫النفاس بكِّس النون هو‪ :‬الوالدة وأصله اخلروج والبيان كام قال اهلل ´‪{ :‬ﮕ ﮖ‬
‫عن ُالن كربته أي أزاَا وأبعدها‬ ‫ﮗ } [سورة التكوير‪ ]17 :‬أي ظهر وبان‪ ،‬ونف‬
‫وأخرجها‪.‬‬
‫والنفاس (رشعا) هو الدم الذي يكون مع الوالدة‪ ،‬يقال ن ُِف َست املرأة ون َِف َست املرأة‬
‫بفتح النون وضمها ولكن مع كِّس الفاء‪ ،‬وامرأة نفساء ونسوة نِفاس بالكِّس ويقال أي ا‬
‫نَفاس بالفتح‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل هنا مدة ألقل النفاس وألكثره؟‬
‫اجلواب‪ /‬بالنسبة ألقل النفاس ال حتديد؛ ممكن أن ت ع املرأة جنينها وخترج دُعة‬
‫واحدة من الدم مع اجلنني‪ ،‬أو خيرج منها الدم ملدة يوم أو يومني ُقط ثم ينقطع‪ُ .‬امذا تفعل؟‬
‫تْتسل وتصيل ولو ملدة يوم أو يومني بل ولو مدة ست ساعات بل ولو يف الساعة األوىل ما‬
‫خرج منها إال دُعة من الدم ثم توقف الدم متاما‪ ،‬تْتسل وتصيل‪ ،‬ألن النفاس عبارة عن الدم‬
‫الذي خيرج‪ُ ،‬إذا وضعت ومل خيرج منها الدم أصال ُبعض العلامء قال‪ :‬ال ترت الصالة وتأخذ‬
‫أحكام الطاهرات متاما‪.‬‬
‫ولكن قال البعض اآلخر‪ :‬أنه يستبعد أن خيرج اجلنني وال يكون مصاحب ًا ليشء من‬
‫الدم‪ ،‬وهذا صحيح‪.‬‬
‫ولكن قد يوجد هذا يف صورة‪ :‬إذا وضعت املرأة بالعملية القيرصية‪ ،‬قطع بطنها‬
‫من املوضع املعتاد (الرحم) وص هفوا ما يف الرحم من البطن من أوساخ‬ ‫وأخرج الولد لي‬
‫ودماء ومل خترج قطرة واحدة من الرحم‪ُ ،‬هذه تصيل‪ ،‬ولكن الْالب ولو عملت عملية‬
‫قيرصية أنه خيرج َشء من الدم من املوضع املعتاد‪ ،‬هذا هو الْالب ولكن لو حصل هذا وقد‬
‫طرحت بعض النسوة بعض األسَلة لبعض أهل العلم هبذا‪ ،‬أهنا قد جترا َا عملية قيرصية‬
‫وال خيرج منها َشء من الدم‪ُ .‬لو ُقدر ر حصول مثل هذا ُإهنا تصيل وتأخذ أحكام الطاهرات‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫أما بالنســبة ألكثر النفاس ُيه خالف بني أهل العلم‪ ،‬والقول املشــهور وهو قول مجهور‬
‫أهل العلم أن أكثر النفاس أربعون يوما‪ ،‬واستدلوا بحديث أم سلمة~ «كَان ِ‬
‫َت الن َف َسا ُء َع َىل‬
‫ول اَّللِ ‪َ ‬ت ْقعدُ بعدَ نِ َف ِ‬
‫اس َها َأ ْر َب ِعنيَ َي ْو ًما»(‪)7‬وله شواهد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ َْ‬ ‫َع ْهد َر ُس ِ ه‬
‫ُأخذوا هبذا احلديث وقالوا ‪ :‬أكثر مدة للنفاس تكون أربعني يوما‪ ،‬معناه لو وضعت‬
‫املرأة واستمر منها نزول الدم جاء اليوم الواحد واألربعون والدم ال يزال نازال قالوا ‪ :‬هذه ما‬
‫تعترب نفساء‪ ،‬تْتسل يف هناية اليوم األربعني وتصيل ولو استمر نزول الدم ألن أكثر مدة‬
‫للنفاس أربعون يوما‪ ،‬مقتىض هذا القول أنه لو استمر الدم بعد األربعني أهنا ال تبايل به تْتسل‬
‫وتصيل وتصوم وجيامعها زوجها وتطلق وتطوف وتأخذ حكم الطاهرات مستندين إىل هذا‬
‫احلديث‪.‬‬
‫وهنا قول بس ـ ـ ـ ــتني‪ ،‬وهنا قول بخمس ـ ـ ـ ــني وهنا قول ال حد ألكثره وهو الراجح ‪-‬‬
‫واهلل أعلم – أنه ال حد ألكثر النفاس ألن اهلل ‪ ‬يقول‪{ :‬ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ } [سـ ــورة البقرة‪ ]333 :‬والنفاس هو من احليض قال النبي ‪ ‬لعائش ــة~‪َ « :‬أن َِفس ـ ـ ِ‬
‫ت»‬ ‫ْ‬
‫وقد حاضت‪.‬‬
‫وأما اجلواب عن حديث أم سلمة~ ُبعد مراجعة طرقه – واهلل أعلم – احلديث‬
‫بشواهده ّ‬
‫معل‪ُ ،‬احلديث ال يصح‪ُ ،‬إذا كان ثري صحيح ُريجع إىل الوجود والعادة والواقع‪.‬‬
‫{ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ } [سورة البقرة‪ُ ]333 :‬إذا وجد األذا ترتب عليه‬
‫األكثر؛ ُاألكثر أن الدم يتوقف قبل األربعني‪،‬‬ ‫احلكم وهذا موجود بكثرة يف النسوة‪ ،‬لي‬
‫ولكن يوجد بكثرة من تتعدا األربعني‪،‬‬
‫ُعىل مقتىض القول األول أهنا تْتسل وتصيل وعىل القول الراجح ال ُرق بني األربعني‬
‫واخلمسة واألربعني‪،‬‬

‫(‪ )7‬أخرجه احلاكم يف "مستدركه" (‪ )711 / 7‬برقم‪ )711 / 7( ، )626( :‬برقم‪ )621( :‬وأبو داود يف "سننه" (‪7‬‬

‫‪ )724 /‬برقم‪ )477( :‬والرتمــذي يف "جــامعــه" (‪ )722 / 7‬برقم‪ )740( :‬وابن مــاجــه يف "سـ ـ ـ ــننــه" (‪ )374 / 7‬برقم‪:‬‬

‫(‪ )632‬وأمحد يف "مسنده" (‪ )6373 / 72‬برقم‪)21293( :‬‬

‫‪223‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫وإذا استمر منها نزول الدم إىل مخسة وأربعني يوما ُإهنا تنتظر وال تستعجل‪ ،‬إىل مخسني يوما‬
‫ال تستعجل‪ ،‬إذا زاد عىل العادة زاد عىل ستني مث ً‬
‫ال ُقد تكون هبا علة ُرتاجع اإلخ ّصائية بل‬
‫لو زاد عىل اخلمسني الْالب أنه ال يزيد مدة طويلة‪ .‬حيصل خالل أسَلة النسوة أنه يزيد عىل‬
‫اخلمسني ولكن ما أرسع ما يتوقف بعد جماوزة اخلمسني‪ ،‬وَذا يقول العالمة الشوكاين‪ :‬إذا‬
‫خرج عن عادة النساء جاوزت الشهرين ُعليها أن تنظر َا عالجا‪.‬‬
‫‪ ‬مســألة‪ /‬إذا توقف قبل األربعني‪-‬مثال‪-‬يف اليوم الثالثني ُاثتســلت وصــلت ثم عاد‬
‫مرة أخرا يف اليوم السابع وثالثني؟‬
‫اجلواب‪ /‬ينظر إىل صــفة هذا الدم هل ُيه صــفة دم النفاس أو احليض وصــفاته معلومة‪،‬‬
‫أما إذا مل تكن ُيه صفة دم النفاس أو احليض ُكام تقدم أنه يعترب دم ُساد وتتوضأ وتصيل‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا طهرت قبل األربعني‪ ،‬هل لزوجها أن جيامعها؟‬
‫اجلواب‪ /‬نعم‪ ،‬ألهنا طاهر تأخذ أحكام الطاهرات‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الدم الذي خيرج قبل الوالدة بيوم أو يومني‪ ،‬ما حكمه؟‬
‫اجلواب‪ُ /‬يــه أقوال والراجح أنــه إذا كــان ُيــه ص ـ ـ ـ ـ ـفــة دم احليض أو النفـاس ُــإنــه يكون‬
‫حي ـ ــا أو نفاسـ ــا وإذا مل يكن ُيه صـ ــفة دم احليض أو النفاس ُيعترب دم ُسـ ــاد تتوضـ ــأ وتصـ ــيل‬
‫سواء كان قبل الوالدة بيومني أو ثالط أو أقل‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬املرأة إذا ألقت ما يف بطنها‪ ،‬هل يف مجيع األحوال تعترب نفساء؟‬
‫اجلواب‪ُ /‬يه أحوال‪:‬‬
‫‪ ‬احلالة األوىل‪ :‬إذا ألقت النطفة‪ ،‬وهذا قد يكتشـ ـ ــف عرب األجهزة‪ ،‬نطفة مني‪ُ ،‬هذا‬
‫ال يعترب نفاس ًا باتفاق‪.‬‬
‫‪ ‬احلـالـة الثـانيـة‪ :‬إذا ألقـت علقـة وهي عبـارة عن قطعـة من الدم املتجمدة‪ ،‬النطفة لو‬
‫تأخرت تص ـ ـ ــري دما يقال له علقة‪ُ ،‬أي ـ ـ ــا هذه ال تكون نفس ـ ـ ــاء بل تأخذ حكم املس ـ ـ ــتحاض ـ ـ ــة‬
‫تتوضأ وتصيل‪.‬‬
‫‪ ‬احلالة الثالثة‪ :‬إذا ألقت م ـْة سواء كانت ُملقة أو ثري ُملقة‪ ،‬وامل ْة عبارة عن‬

‫‪221‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫قطعة من اللحم صــْرية بقدر ما يم ــغ أي بقدر أربعة أصــابع أو أقل أو أكثر‪ .‬ومعنى ُملقة‪:‬‬
‫تظهر ص ـ ــورة اليد أو الرأس أو الرجل أو الذكر إذا كان ذكرا ‪ ،‬وقد يظهر اجلميع الرجل واليد‬
‫والرأ س والرقبـة‪ُ .‬ـامل ـ ـ ـ ـ ـْـة الراجح أهنـا تعترب نفس ـ ـ ـ ــاء ألنـه ملـا كـانـت قطعة دم ال ُيدرا هل‬
‫س ـ ـ ـ ــتس ـ ـ ـ ــتمر ويكون ولـدا‪ ،‬أمـا إذا كـانـت قطعة حلم ُيدل عىل أن هذا املولود يف طريق التخلق‬
‫ُيكون نفـاس ـ ـ ـ ــا وتـأخـذ املرأة حكم النفـاس ترت الص ـ ـ ـ ــالة حتى يتوقف الـدم‪ .‬وأمـا إذا كـانـت‬
‫م ْة ُملقة ونفخ ُيها الروح وهذا يكون بعد أربعة أشهر ُهذا واضح أهنا تكون نفساء‪.‬‬

‫‪‬‬
‫[انتهى كتاب الطهارة]‬

‫‪226‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫ُمقَ ِّد َم ُةُُالشَّا ِرحُ‪3ُ............................................................................‬‬


‫تعريف المختصر وبيان فائدته ‪4.....................................................‬‬
‫الفقه مركب من مسائل ودالئل ‪5.....................................................‬‬
‫األدلة التي يستدل بها لمسائل الفقه على قسمين‪5................................ :‬‬
‫فائدة عظيمة أنه يجمع بين المسألة والحكم بذكر النص‪6....................‬‬
‫‪ ‬تعريف الفقه لغة وشرعا ‪7...................................................‬‬
‫‪ ‬أنواع األدلة الشرعية ‪8............................................................‬‬
‫‪ ‬األحكام الشرعية‪9.............................................................‬‬
‫العلم الشرعي ينقسم الى قسمين‪11 ........................................... :‬‬
‫فصل‪ِ :‬كتَابُاَلطَّ َها َرة ُ‪33ُ..................................................................‬‬
‫أصل الدين وأساس الملة ‪11 .........................................................‬‬
‫معنى شهادة أن ال إله إال هللا‪14 .................................................... :‬‬
‫معنى شهادة أن محمدا رسول هللا ‪18 ...............................................‬‬
‫الفرق بين معجزات األنبياء وخوارق العادات التي تكون من السحححححرة‬
‫والمشعوذين ‪22 ...........................................................................‬‬
‫طريقة المصنفين في ترتيب التصانيف الفقهية ‪27 ...............................‬‬
‫‪‬التدرج في طلب العلم ‪28 .....................................................‬‬

‫‪221‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬قول المصنف ¬‪ :‬كتاب الطهارة‪29 .........................................‬‬

‫فَ ْ‬
‫صلُُفِيُاَ ْل ِميَا ُِهُ‪33ُ.........................................................................‬‬
‫الفرق بين الحدث األكبر واألصغر‪11 .............................................‬‬
‫األصل في المياة ‪11 ...................................................................‬‬
‫‪ ‬بعض أنواع المياه التي فيها شيء من الخالف‪14 ..................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬استثنى النبي ‪ ‬البئر التي كانت تردها الناقة‪15 ............. :‬‬
‫‪ ‬مسحألة‪ /‬كيف ُعرفت البئر التي تردها الناقة من زمن صالح إلى زمن‬
‫النبي ‪ ،‬وهل فيه أن التواتر ال يشترط فيه اإلسالم؟‪15 ..........................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا خالط الماء شيء من الطاهرات‪16 ......................... :‬‬
‫حكم الماء إذا تغيرت أوصافه ‪17 ...................................................‬‬
‫ال يشترط اجتماع األوصاف الثالثة في الماء‪18 .................................‬‬
‫مسائل في الماء إذا حلت فيه النجاسة‪18 ......................................... :‬‬
‫قول المصنف‪ :‬األصل في األشياء الطهارة واإلباحة ‪19 ........................‬‬
‫حكم الشك في نجاسة الماء ‪41 .......................................................‬‬
‫من تيقن الطهارة وشك في الحدث ‪42 ..............................................‬‬
‫قاعدة‪ :‬بقاء ما كان على ما كان‪41 ................................................ .‬‬
‫ابُاَ ْْلنِيَ ُِةُ‪54ُ...............................................................................‬‬
‫بَ ُُ‬
‫‪ ‬قول المصنف ¬‪َ :‬و َج ِمي ُع اَ أألَ َوانِي ُمبَا َحة‪45 .............................. .‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬استعمال اآلنية الثمينة‪45 ..........................................:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬استعمال آنية الذهب والفضة؟ ‪46 .................................‬‬

‫‪222‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬هل التحريم مقتصحححر على الخالص من الذهب والفضحححة أو‬


‫يشمل أيضا المخلوط بنحاس أو حديد والمم َّوة ‪-‬أي المطلي‪-‬؟‪47 ................‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬هل يجوز اسحححتخدام آنية الذهب والفضحححة في الطهارة وفي‬
‫سائر االستعماالت‪ ،‬غير األكل والشرب؟ ‪49 ........................................‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ :‬ما هي علة تحريم األكل والشححرب في إناء الذهب والفضححة؟‬
‫‪55 ..........................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم التطهر بإناء الذهب أو الفضة؟ ‪51 ......................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم استعمال أواني الكفار أو المشركين؟ ‪51 ...............‬‬
‫اج ُِةُ‪43ُ...............................................‬‬ ‫بُقَ َ‬
‫ضا ُِءُاَ ْل َح َ‬ ‫ابُاالستنجاءُ َوآدَا ُِ‬
‫بَ ُُ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يُ أستَ َحب إِ َذا َد َخ َل اَ أل َخ َال َء‪ :‬أَ أن يُقَ ِّد َم ِرجأ لَهُ اَ أليُ أس َرى؟‪54 .... :‬‬
‫دعاء دخول الخالء ‪56 ................................................................‬‬
‫دعاء الخروج من الخالء ‪58 .........................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬كيفية الجلوس عند قضاء الحاجة‪65 ............................ :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬االستتار عند قضاء الحاجة‪61 ................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬االبتعاد عند قضاء الحاجة‪62 .................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬االبتعاد عند التبول‪61 ............................................. :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬األماكن التي يحرم أو يكره قضاء الحاجة عندها؟‪61 ........ :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم استقبال واستدبار القبلة عند قضاء الحاجة؟‪66 ..........:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم االستنجاء مستقبال للقبلة أو مستدبرا لها؟ ‪68 ..........‬‬
‫آداب قضاء الحاجة ‪69 ................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬اال أستَجأ َمار ِبثَ َالثَ ِة أَحأ َجار َونَحأ ِوهَا‪69 ............................ :‬‬

‫‪220‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسححألة‪ /‬كيف يسححتجمر بثالثة أحجار‪ ،‬هل هناك كيفية معينة ثبتت في‬
‫السنة؟ ‪75 ..................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم الوتر في االستجمار‪75 ..................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل هناك أشياء يستجمر بها غير الحجارة؟ ‪71 .................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما معنى اإلنقاء؟ ‪71 .................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم الجمع بين االستجمار واالستنجاء‪71 ..................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ال يستجمر بالشيء الذي ال ينقي‪71 .............................:‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬إذا خالف واسححتجمر بالعظم أو بالروث أو بما له حرمة‪ ،‬هل‬
‫يطهر؟ ‪74 ..................................................................................‬‬
‫س ُِةُ َو ْاْلَ ْ‬
‫شيَا ُِءُاَلنَّ ِج َ‬
‫س ُِةُ‪54ُ............................................‬‬ ‫صلُ‪ :‬إِ َزالَ ُةُُاَلنَّ َجا َ‬
‫فَ ْ‬
‫أقوال العلماء في إزالة النجاسة‪75 ..................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل الكلب كله نجس أو لعابه نجس أو كله طاهر؟ ‪76 .........‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم التتريب‪78 .................................................... :‬‬
‫ذكر األعيان النجسة‪79 ..............................................................:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬بول وروث كل حيوان محرم أكله‪ ،‬هل هو نجس؟ ‪81 ........‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬قرن الميتة وظفرها وعظمها وشعرها وصوفها‪82 .......... :‬‬
‫ميتة اآلدمي طاهرة‪81 .............................................................. ،‬‬
‫حكم طهارة الحشرات وما ال نفس له سائلة ‪84 ...................................‬‬
‫حكم أرواث وأبوال الحيوانات المأكولة‪85 ........................................‬‬
‫حكم مني اآلدمي ‪86 ...................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬المذي‪87 .............................................................:‬‬

‫‪249‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬كيفية تطهير المذي‪87 .............................................:‬‬


‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬هل يغسحححل رأس الذكر ‪-‬الموضحححع الذي خرج منه ‪-‬أم الذكر‬
‫كله؟‪88 .....................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسحألة‪ /‬هل يجزئ أن ينضح الثوب يعني موضع من السروال أو من‬
‫الفوطة التي تصاب بالمذي أم ال بد من الغسل؟‪88 ................................،‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الودي‪89 .............................................................:‬‬
‫حكم بول الغالم الصغير‪89 ..........................................................‬‬

‫صفَ ُِةُاَ ْل ُو ُ‬
‫ضو ِءُ‪29ُ.....................................................................‬‬ ‫ابُ ِ‬
‫بَ ُُ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم التسمية في أول الوضوء‪91 ................................:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم غسل الكفين في أول الوضوء‪94 ..........................:‬‬
‫‪ ‬مسححححألة‪ /‬هل يبتدئ باليمنى ثم باليسححححرى أو يغسححححلهما جميعا في آن‬
‫واحد؟‪94 ...................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪/‬حكم غسل الكفين بعد االستيقاظ من النوم‪94 ................... :‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬هل العلة ‪-‬في األمر بغسححل الكفين بعد االسححتيقاظ من النوم ‪-‬‬
‫تعبدية أو ألجل خوف النجاسحححة أو ألجل أن يده باتت عند الشحححيطان أو في فم‬
‫الشيطان؟‪95 ...............................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل أي نوم أو نوم الليل؟ ‪95 .......................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم المضمضة‪96 .................................................:‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬هل يشحححترط أن يلفظ الماء أو أنه لو ابتلع الماء قد حصحححلت‬
‫المضمضة؟‪96 ............................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم االستنشاق‪96 ................................................. :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم المبالغة في االستنشاق‪97 ...................................:‬‬

‫‪247‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم االستنثار‪97 ................................................... :‬‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم التثليث في المضمضة واالستنشاق‪97 ....................:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الفصل بين المضمضة واالستنشاق‪98 ......................... :‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬إذا كانت المضحححمضحححة واالسحححتنشحححاق باليمنى‪ ،‬فهل يسحححتنثر‬
‫بشماله؟‪98 .................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسحالة‪ /‬هل يشحترط في االسحتنثار أن يضع يده على أنفه أو أنه ممكن‬
‫أن يستنثر بدون ما يضع اليد؟‪98 ......................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يستحب في المضمضة إدخال اإلصبع بين أسنانه ليدلكها؟‬
‫‪98 ..........................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم غسل الوجه‪99 ............................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هو حد الوجه‪99 ................................................ :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬موضع ما بين األذن وبين منابت اللحية ‪ -‬الفراغ اليسير الذي‬
‫ال ينبت عليه الشعر‪ ،‬هل هذا من الوجه؟ ‪99 .........................................‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬هل واجب عليه أن يغسححل الشححعر المسححترسححل من لحيته إلى‬
‫صدره أو إلى عنقه؟‪99 ..................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يشرع أن يلطم الوجه بالماء؟ ‪155 ...........................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم غسل اليدين‪155 ............................................. :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬وهل المرفقان داخالن في الغسل؟ ‪155 ..........................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم مسح الرأس‪151 ............................................. :‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬هل واجب في مسححح الرأس االسححتيعاب أو يكفي مسححح جزء‬
‫من الرأس؟ ‪152 ..........................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬كيفية مسح الرأس‪152 ............................................ :‬‬

‫‪242‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬عدد مسح الرأس‪151 ............................................. :‬‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يمسح قفاه أو رقبته؟‪151 ......................................‬‬
‫مسألة‪ /‬هل يجزئ إذا غسل الرأس بدال من المسح؟ ‪151 ...................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬مسح األذن وكيفيته‪154 ...........................................:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬غسل الرجلين‪154 ................................................. :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا كان الغسل مرة واحدة‪ ،‬متى يحسب مرة؟ ‪157 .............‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الزيادة على ثالث غسالت في الوضوء‪157 .................. :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬متى تحسب ثالثا؟ ‪158 .............................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم الترتيب في الوضوء‪158 ...................................:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما معنى الترتيب واجب؟‪159 .....................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يجب التيامن في األعضاء التي يشرع فيها التيامن؟ ‪159‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يقال أن من ترك التيامن وقع في المكروه؟ ‪115 ...........‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم دلك األعضاء في الوضوء؟‪115 ........................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل تشرع إطالة الغرة والتحجيل المذكور في الحديث ‪111 ..‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬تخليل اللحية‪111 ................................................... :‬‬
‫‪ ‬مسحألة‪ /‬إذا كان عنده الشحعر الكثيف أو اللحية المسحترسلة‪ ،‬هل يشرع‬
‫له أن يخلل لحيته؟ ‪111 ..................................................................‬‬
‫‪ ‬مسححححألة‪ /‬ما حكم تخليل أصححححابع اليدين والرجلين يعني التفريج بين‬
‫األصابع وإسالة الماء بينهما؟‪114 .....................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يجب تحريك الخاتم إذا كان في يده خاتم؟ ‪114 ............‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم المواالة في الوضوء‪115 ................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم تنشيف األعضاء بعد الوضوء؟‪116 ....................‬‬
‫‪244‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬الذكر بعد الوضوء‪116 ........................................... :‬‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬المسح على العمامة‪116 .......................................... :‬‬
‫كيفيات مسح الرأس ‪117 .............................................................‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬هل يشححترط في المسححح على العمامة أن تلبس على الطهارة؟‬
‫‪117 ........................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم المسح على الخمار والقلنسوة‪118 ........................ :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬التوقيت في المسح على العمامة‪118 ........................... :‬‬
‫حُ َعلَىُاَ ْل ُخفَّ ْي ُِ‬
‫نُ َوا ْل َجبِي َر ُِة]ُ‪332ُ.......................................‬‬ ‫فَ ْ‬
‫صلُُ[فِيُاَ ْل َم ْ‬
‫س ُِ‬
‫‪ ‬مسححححألة‪ /‬هل األفضححححل أن يغسححححل قدميه أو أنه يلبس الخف ويمسححححح‬
‫عليهما؟‪125 ...............................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم المسح على اللفائف والجرموق‪125 ...................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم المسح على الخفاف والجوارب المخرقة‪121 ........... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما الفرق بين الخفين والنعلين؟ ‪122 ..............................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يجوز أن يمسح على النعلين؟‪122 ...........................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬التوقيت للمسح على الخفين‪122 .................................:‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬ما معنى يوم وليلة؟ هل من الوقت الذي يلبس فيه الخف أو‬
‫من الوقت الذي يحدث فيه أو من الوقت الذي يمسح على الخف فيه؟ ‪121 .....‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا مسح وهو مقيم ثم سافر‪ ،‬كيف المدة؟ ‪124 ..................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا مسح وهو مسافر ثم وصل محل إقامته‪125 ............... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬اشتراط لبسهما على طهارة‪125 ................................ :‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬المقصححود بالطهارة‪ ،‬هل هي طهارة الوضححوء والغسححل يعني‬
‫الطهارة المائية أو أيضا طهارة التراب بالتيمم؟‪125 ...............................‬‬

‫‪243‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسحألة‪ /‬إذا توضحأ الرجل وغسحل قدمه اليمنى ثم لبس الشحراب األيمن‬
‫ثم غسل قدمه اليسرى فلبس الشراب األيسر‪ ،‬هل له أن يصلي؟ ‪126 ...........‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الحدث الذي يمسح منه‪127 ...................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬المسح على الجبائر‪127 .......................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم المسح على الجبائر؟‪128 .................................‬‬
‫تنبيه مهم لألطباء في ربط الشاش ‪128 ............................................‬‬
‫من حصلت له جروح كثير في أجزاء جسمه ‪129 ...............................‬‬
‫كيف يغتسل من أُجري له عملية ‪115 ..............................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬صفة المسح على الخفين‪115 .................................... :‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬هل ثبت التعدد في المسححح على الخفين أي مسححح مسحححتين أو‬
‫ثالثا‪112 ..................................................................................:‬‬
‫ت أَ َرى أَ َّن بَا ِطنَ أالقَ َد َم أي ِن أَ َحق‬
‫‪ ‬مسححححححألحة‪ /‬كحان علي‪ ¢‬يقول‪ُ « :‬ك أنح ُ‬
‫أح» لماذا يظن أن الباطن هو األولى؟ ‪112 ....................................‬‬ ‫بِ أال َمس ِ‬
‫ضُاَ ْل ُو ُ‬
‫ضو ُِءُ‪333ُ...............................................................‬‬ ‫ابُنَ َواقِ ُِ‬
‫بَ ُُ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬وجوب الطهارة للصالة‪111 ..................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬من صلى متعمدا بغير طهارة هل يعتبر كافرا؟ ‪111 ..........‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬من فقد الماء ولم يستطع على التيمم‪114 .......................:‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬لو خرج الغائط والبول من غير الموضححع المعتاد أُجأ ريت له‬
‫عملية وقطعت البطن وصححححار الغائط يخرج من بطنه‪ ،‬هل هذا أيضححححا ناقض‬
‫للوضوء؟‪115 .............................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬خروج الريح من القبل‪116 .......................................:‬‬

‫‪241‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسحألة‪ /‬األشحياء غير المعتادة مثل الحصى‪ ،‬والدود وغيرها إذا خرج‬
‫الحصى من القبل أو الدبر‪ ،‬هل هذه ناقضة للوضوء؟‪117 ........................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل ينقض الوضوء بخروج القلس والقيء والصديد؟ ‪118 ...‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬النوم هل هو مطلقا ناقض للوضوء؟ ‪119 .......................‬‬
‫‪ ‬مسحححححألة‪ /‬كيف الجواب على حديث أنس ‪ ¢‬في النوم قبل صحححححالة‬
‫العشاء ‪145 ................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يدخل في لحم اإلبل بقية األجزاء؟ ‪141 .....................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هي العلة في كون لحم اإلبل ينقض الوضوء؟ ‪142 ........‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬هل ينتقض الوضحححوء بأكل اللحوم المحرمة سحححوء أكان لحم‬
‫السباع أو الخنازير أو الحيات أو الحيوانات المحرمة؟ ‪142 ......................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬مرق اإلبل‪142 ..................................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬شرب بول اإلبل‪142 .............................................. :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬مجرد مضغ اللحم‪142 ............................................ :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الوضوء مما مست النار‪141 .................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل نسخ إلى االستحباب أو إلى اإلباحة؟ ‪141 ..................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما المقصود بالمس‪146 ........................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬وهل يشترط باطن الكف؟ ‪146 ....................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬مس فرج الغير‪146 ................................................:‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ :‬رجل صححلى الجماعة وشححعر بأنه سححينزل منه البول فسححلم قبل‬
‫أن يسلم اإلمام‪ ،‬هل صالته صحيحة؟ ‪148 ...........................................‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬من مسح على العمامة هل يشرع أن يمسح أذنيه؟ ‪148 ......‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل دم االستحاضة من نواقض الوضوء؟ ‪148 ................‬‬

‫‪246‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل ال َع َرق الذي يخرج من السبيلين ينقض الوضوء؟ ‪149 ..‬‬
‫‪ ‬مسححألة ‪ /‬من صححلى بالناس وذكر أنه أحدث واسححتحيى أن يخرج من‬
‫الصالة فماذا عليه؟‪149 .................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل يشترط في مس الذكر أن يكون بدون حائل؟ ‪149 ........‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬ما صحة الحديث «إنما هو بضعة منك» وكيف الجمع؟ ‪149‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل االستنجاء من الوضوء؟ ‪155 ................................‬‬
‫‪ ‬مسحألة ‪ /‬رجل ذهب إلى المسحجد فأقيمت الصحالة فأراد أن يتوضأ فلم‬
‫يجد ماء إذا رجع إلى البيت ليتوضححأ سححتفوته الجماعة‪ ،‬فهل له أن يتيمم ويدخل‬
‫مع الجماعة أو يرجع إلى البيت ليتوضأ؟ ‪155 ......................................‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل تقبيل المرأة ينقض الوضوء؟ ‪155 ..........................‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬ما حكم رذاذ البول إذا كان يتكرر دائما؟ ‪155 .................‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ :‬كيف يفعل صحححاحب األنبوب الذي في الذكر كونه يبقى فيه‬
‫فترة وخروج البول مستمر؟ ‪155 ......................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل يجوز الوضوء في الحمام؟‪155 .............................‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل سلس البول ينقض الوضوء؟ ‪155 ..........................‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل يجوز مس الذكر باليد اليمنى عند االستجمار له؟ ‪151 ..‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬كم مقدار الماء الذي يتوضأ به؟ ‪151 ............................‬‬
‫‪ ‬مسحححححألة ‪ /‬كيف يجمع بين صححححححة الغسحححححل مع مس الذكر ثم األمر‬
‫بالوضوء؟ ‪151 ...........................................................................‬‬
‫‪ ‬مسححألة ‪ /‬رجل توضححأ فبعد أن أكمل وضححوئه؛ رأى بقعة في عقبه لم‬
‫يصل إليها الماء‪ ،‬فماذا يفعل؟ هل يدلكها أم يغسل رجله أم يعيد الوضوء؟ ‪152‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬هل من نزع خفيه يعيد الوضوء؟ ‪152 ..........................‬‬

‫‪241‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسحححألة ‪ /‬ما هو الراجح في مسحححألة القلنسحححوة وما هي القلنسحححوة في‬


‫عصرنا؟ ‪152 .............................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ /‬شخص أصيب بالحروق في كفه فكيف يستنجي بالماء؟ ‪152‬‬
‫صفَتِ ُِهُ‪343ُ......................................................‬‬ ‫بُاَ ْلغُ ْ‬
‫س َُلُ َو ِ‬ ‫ابُ َماُيُو ِج ُُ‬
‫بَ ُُ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هي األغسال الواجبة؟ ‪151 .....................................‬‬
‫‪ ‬االحتالم له أربع حاالت‪154 ............................................. :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬نزول المني لمرض أو لبرد‪155 ................................ :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬لو انكسر الصلب وجعل المني يخرج منه‪157 ............... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬لو تحرك المني ولم ينزل‪ ،‬فهل يوجب الغسل؟ ‪157 ...........‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا اغتسل اإلنسان من الجنابة ثم خرج منه المني‪157 ...... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا خرج من فرج المرأة مني الرجل بعد غسلها‪158 ........ :‬‬
‫مجرد اإليالج يوجب الغسل وإن لم ينزل ‪158 ...................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل غسل الجنابة واجب على الفور؟ ‪159 .......................‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬من اسححتيقظ في نهار الجمعة وهو محتلم‪ ،‬هل ممكن أن يجمع‬
‫في غسل واحد بين األمرين الغسل للجنابة والغسل للجمعة؟‪159 ................‬‬
‫‪ ‬مسححححألة‪ /‬إذا خرجت علقة من بطن المرأة‪ ،‬هل يجب عليها الغسححححل؟‬
‫‪161 ........................................................................................‬‬
‫‪ ‬مسحححححألة‪ /‬لو خرج دم قبل الوالدة بيوم أو يومين أو ثالث؛ هل هذا‬
‫يوجب الغسل؟‪161 .......................................................................‬‬
‫مسألة‪ /‬المرأة التي تضع بدون الدم‪161 ..................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬تسقط المرأة ِسقطا يخرج ميتا لكن قد نفخ فيه الروح‪ ،‬هل هذا‬
‫واجب يغسل ويكفن ويصلى عليه؟ ‪162 ..............................................‬‬

‫‪242‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل من غسل ميتا عليه أن يغتسل؟ ‪164 .........................‬‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم غسل الجمعة‪165 ............................................ :‬‬
‫‪ ‬بعض األغسال المستحبة‪166 .............................................:‬‬
‫مسألة‪ /‬غسل العيدين‪166 .......................................................:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الغسل المسنون والغسل الواجب ال بد قبله من أعمال‪168 ...‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل تشرع التسمية في أول الغسل؟ ‪169 .........................‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬هل المشحححروع في غسحححل الرأس أن يكون ثالثا على سحححبيل‬
‫التعميم أو على سبيل التوزيع؟ ‪175 ...................................................‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬هل المقصححود أنه يَبِل أصححابعه بالماء ثم يدخلها أو المقصححود‬
‫أنه يدخلها ناشفة ثم يصب الماء؟ ‪171 ................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يجب غسل الشعر المسترسل بالماء؟‪171 ..................‬‬
‫‪ ‬مسحألة‪ /‬هل يجب على المرأة إذا كان شعرها مضفورا أن تنقض هذه‬
‫الضفائر؟‪171 .............................................................................‬‬
‫‪ ‬مسححححححألة‪ /‬هل هناك دليل على القول بالتفريق بين غسححححححل الجنابة‬
‫والحيض في نقض الشعر؟ ‪174 .......................................................‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬هل االغتسحححال بدون وضحححوء يجزئ عن الحدث األصححححغر‬
‫واألكبر؟ ‪175 .............................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬القدر الذي يُتوضأ به ويُغتسل به‪176 ...........................:‬‬
‫‪ ‬مسحألة‪ /‬الغسحل الواجب يجزئ عن الوضحوء أما الغسحل المستحب فال‬
‫يجزئ‪177 ............................................................................... :‬‬
‫ابُاَلتَّيَ ُّم ُِمُ‪351ُ.............................................................................‬‬
‫بَ ُُ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬متى يشرع التيمم؟ ‪178 .............................................‬‬

‫‪240‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬متى يكون غير واجد للماء؟ ‪179 .................................‬‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا وجد الماء بالثمن‪ ،‬هل يجب عليه أن يشتري؟ ‪185 ........‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬رجل عليه جنابة أو عليه حدث أصححغر وال يجد من الماء إال‬
‫ما يكفي بعض األعضاء؟ ‪185 .........................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬النية في التيمم‪181 .................................................:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬التسمية في أول التيمم‪181 ....................................... :‬‬
‫‪ ‬مسححألة‪ /‬هل يشححترط في التيمم أن يكون بالتراب‪ ،‬أو يجوز التيمم بكل‬
‫ما كان على وجه األرض؟ ‪184 .......................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬صفة التيمم‪185 .................................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يجب الترتيب في المسح عند التيمم؟ ‪186 ..................‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬هل يشحححترط في التيمم أن يكون بعد دخول الوقت أو له أن‬
‫يتيمم ولو قبل دخول الوقت؟‪187 ......................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل التيمم رافع للحدث أو مبيح للصالة فقط؟ ‪188 .............‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما معنى رفع مؤقت؟‪188 ..........................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل خروج الوقت ينقض التيمم؟ ‪189 ............................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬وجود الماء ناقض للتيمم وله حاالت‪189 ...................... :‬‬
‫‪ ‬مسححححألة‪ /‬من نسححححي وجود الماء وكان عالما بوجوده‪ ،‬أو جهل وجود‬
‫الماء مع وجوده‪195 ................................................................... :‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬من لم يجد الماء لكن تحقق أن يجده في آخر الوقت‪ ،‬فهل له‬
‫أن يصلي في أول الوقت أو عليه أن يؤخر الصالة إلى آخر الوقت؟ ‪191 ......‬‬
‫‪ ‬مسحححألة‪ /‬من كان على بدنه أو ثوبه شحححيء من النجاسحححة ولم يجد ماء‬
‫يزيلها فهل له أن يتيمم ألجل هذه النجاسة؟ ‪191 ....................................‬‬

‫‪239‬‬
‫شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬من كان على حدث أصغر فهو ممنوع من أمور‪192 ........:‬‬
‫‪ ‬قال ¬‪َ :‬ويَ ِز أي ُد َم أن َعلَ أي ِه َحدَث أَ أكبَر‪ :‬أَنَّهُ َال يَ أق َرأ ُ َشححححيأئا ِمنَ أالقُرأ آ ِن َو َال‬
‫ث فِى ال َم أس ِج ِد بِ َال ُوضُوء‪195 ......................................................... .‬‬ ‫يَ ألبَ ُ‬

‫‪ ‬مسححححححألة‪ /‬من جامع امرأته وهي حائض عالما بالتحريم هل تلزمه‬


‫الكفارة؟ ‪252 ..............................................................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬بالنسبة للنفساء هل يحرم أيضا طالقها؟ ‪251 ...................‬‬
‫الحائض والنفساء تشتركان في األحكام إال في بعض المسائل منها‪251 :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يقع طالق الحائض؟‪251 ......................................‬‬
‫ابُاَ ْل َح ْي ُِ‬
‫ضُ‪935ُ...........................................................................‬‬ ‫بَ ُُ‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هي صفة دم الحيض؟ ‪256 .....................................‬‬
‫‪ ‬مسححححألة‪ /‬هل هناك سححححن معين إذا خرج من المرأة دم قبل بلوغ هذا‬
‫السحن ال يعتبر دم حيض‪ ،‬وهل هناك سن معين إذا تجاوزته المرأة وخرج منها‬
‫الدم فال يعتبر دم الحيض في األقل وفي األكثر؟ ‪256 ..............................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يشترط التكرر حتى يحكم بأنه دم الحيض؟ ‪259 ..........‬‬
‫أسباب اضطراب الحيض عند النساء ‪259 ........................................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا رأت المرأة يوما دما ويوما نقاء‪ ،‬كيف تفعل؟‪215 .........‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬بالنسبة للكدرة والصفرة والحمرة هل تعتبر حيضا؟ ‪211 ....‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هو الطهر؟ ‪211 ..................................................‬‬
‫الخالصة أن الدماء ثالثة‪212 ...................................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬المستحاضة لها حالتان‪211 ...................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬شرب ما يقطع الحيض‪218 ...................................... :‬‬
‫ينزل الحيض‪218 ...................................... :‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬شرب ما ِّ‬

‫‪237‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫‪ ‬مسألة‪ /‬شرب ما يقطع النسل أي الولد‪219 ............................. :‬‬


‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم إسقاط الحمل بعد نفخ الروح فيه؟ ‪225 .................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم إسقاط الحمل قبل نفخ الروح فيه؟ ‪225 .................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما حكم الكدرة والصفرة والحمرة؟ ‪225 .........................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬ما هي أحكام المستحاضة بالنسبة للوضوء والغسل؟ ‪221 ....‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل يجب على المستحاضة الغسل لكل صالة؟ ‪222 ...........‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬حكم إتيان المستحاضة‪ ،‬هل تجامع؟ ‪222 ........................‬‬
‫بعضُالمسائلُفيُالنفاس‪993ُ.........................................................ُ:‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬هل هناك مدة ألقل النفاس وألكثره؟‪221 ........................‬‬
‫‪ ‬مسحححححألة‪ /‬إذا توقف قبل األربعين‪-‬مثال‪-‬في اليوم الثالثين فاغتسحححححلت‬
‫وصلت ثم عاد مرة أخرى في اليوم السابع وثالثين؟‪225 .........................‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬إذا طهرت قبل األربعين‪ ،‬هل لزوجها أن يجامعها؟ ‪225 .....‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ /‬الدم الذي يخرج قبل الوالدة بيوم أو يومين‪ ،‬ما حكمه؟‪225 ..‬‬
‫‪ ‬مسححححألة‪ /‬المرأة إذا ألقت ما في بطنها‪ ،‬هل في جميع األحوال تعتبر‬
‫نفساء؟ ‪225 ................................................................................‬‬
‫خطأ! مرجع االرتباط التشعبي غير صحيح‪.‬‬
‫فهرسُالمحتوياتُ‪995ُ...................................................................‬‬

‫‪232‬‬

You might also like