Professional Documents
Culture Documents
الخطبة األولى
_________
وأطيعوا اهلل ورسولَه لعلَّكم
ُ أما بعد :فاتَّقوا اهلل ّأيها المسلمون،
ّ
ِ
تفلحون.
وتقدست أسماؤه بعث ِ
صفَّيه ُ ََ إن ربكم جلَّت عظمتُه َّ عباد اهللَّ ،
َ
محم ًدا علَى فَتر ٍة من الرسل ،وأنزل عليه الكتاب ِ
والحكمة، َ ّ ُ ّ َ
فعلم الناس من القرآنِ ،
وعلموا ودعا إلى ربِّه على بصير ٍةِ ،
ُ َ َ
لحق َرسو ُل اهلل من السّنة ،وفَقهوا في دين اهلل تعالى ،وما ِ
َ ّ
ِ ق األعلَى حتى ترك أمتَه علَى ِ
الواضح نهاج
الم ِ َ ّ َ الرفي ِ بِ ّ
يما ِ ِ ِ راط المستقيم ،قال اهللُ تعالىَ :وأ َّ والص ِ
َن َه َذا ص َراطي ُم ْستَق ً ّ
ق بِ ُك ْم َع ْن َسبِ ِيل ِه َذِل ُك ْم َوصَّا ُك ْم بِ ِه
فَاتَّبِ ُعوهُ َوال تَتَّبِ ُعوا السُُّب َل فَتَفََّر َ
َّ
َّ
المحجة ال (( :تركتُكم على ون [األنعام ،]153 :وقَ َ لَ َعل ُك ْم تَتَّقُ َ
ِ
كنهارها ،ال يزيغ عنها إال هالك)) .]1[ Kأخرجه البيضاء K،ليلُها
أحمد وابن ماجه في مقدمة السنن
ِ وص ِ أصول اإليمان ِ
ال َج ّل
ين ،فَقَ َ المؤ ِمن َ فات َ فبين اهلل تعالى َّ
ق َواْل َم ْغ ِر ِب وه ُك ْم ِقَب َل ُّ ِ
اْل َم ْش ِر ِ َن تَُولوا ُو ُج َ كره :لَ ْي َس اْلبَِّر أ ْ ذ ُ
اآلخ ِر واْلمالئِ َك ِة واْل ِكتَ ِ
اب ولَ ِك َّن اْلبَِّر م ْن آمن بِاللَّ ِه واْليوِم ِ
َ َ َ َ َْ َ ََ َ
ِ ِ
ين
امى َواْل َم َساك َ ِّين َوآتَى اْل َما َل َعلَى ُحبِّه َذ ِوي اْلقُ ْرَبى َواْلَيتَ َ النبِي َ
َو َّ
ام الصَّالةَ وآتَى َّ
الز َكاةَ الرقَ ِK
ين َو ِفي ِّ ِِ السبِ ِ
َ اب َوأَقَ َ يل َوالسَّائل َ َو ْاب َن َّ
الض َّر ِK
اء اء َو َّ واْلموفُون بِعه ِد ِهم ِإ َذا عاه ُدوا والصَّابِ ِرين ِفي اْلبأْس ِ
َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َْ ْ
ص َدقُوا َوأ ُْولَئِ َ ْس أُولَئِ َ َِّ ِ
ون [البقرة: ك ُه ْم اْل ُمتَّقُ َ ين َك الذ َ ين اْلَبأ ِ ْ َوح َ
لما َسأَلَه ِجبري ُل ِ ب ِّ
الد ِ ِ َّ .]177
ين في الحديث ّ الرسو ُل َم َرات َ وبي َن َّ
والسالم ،وهي اإلسالم واإليمان واإلحسان [، ]2
ُ الصالة
عليه ّ
حديث سؤال جبريل عليه السالم للنبي عن اإلسالم واإليمان
واإلحسان أخرجه البخاري ،ومسلم عن عمران بن حصين
رضي اهلل عنه.
وفصل ّ وشرع األحكام، السَننَ ، وسن عليه الصَّالة والسَّالم ّ َّ
أكم َل َبيان ،وحقَّق عليه ِ والحرامَّ ،
وبين مسائل العقيدة َ َ الحالل
العبودي ِة كلِّها لربِّه ،و َكفَى َنبَِّينا َش َرفًا َّ الصَّالة والسَّالم مقام ِ
ات َ
ق َع ِظ ٍيم [القلم: ك لَ َعلى ُخلُ ٍ ثناء اهلل تعالى عليه بقولهَ :وإِ َّن َ درا ُ وقَ ً
.]4
الش ِ
ريعة ون َقلَةُ َّ ضي اهلل َعنهم تَربَِيةُ رسول اهلل َ والصحابةُ ر ِ
َ ّ
حبة نبيِّه عليه سبيل اهلل ،اختَارهم اهلل لص ِ والمجاهدون في ِ ِ
ُ َ
الرب تبارك وتعالى باإليمان ِ
الكامل ُّ ووصفَهم الصَّالة والسَّالم،
َ
الصالحات Kفقال تبارك وتعالى: عل ّ ِK
الخيرات و ِف ِ ق إلى والسَّب ِ
ين َآووا اه ُدوا ِفي سبِ ِ َّ ِ َِّ َِّ
يل الله َوالذ َ َ اج ُروا َو َج َ آمُنوا َو َه َ ين َ َوالذ َ
ق َك ِر ٌ
يم ون َحقًّا لَهُ ْم َم ْغ ِف َرةٌ َو ِر ْز ٌك ُه ْم اْل ُم ْؤ ِمُن َ ص ُروا أ ُْولَئِ َ َوَن َ
ون ِم ْنون األ ََّولُ َ [األنفال ،]74 K:وقال تََب َارك وتَ َعالىَ :والسَّابِقُ َ
ض َي اللَّهُ َع ْنهُ ْم ان ر ِ
وه ْم بِِإ ْح َس ٍ َ ين اتََّب ُع ُ َِّ
َنص ِار َوالذ َ ين َواأل َ اْل ُمهَا ِج ِر َ
ين ِفيهَا ِِ ٍ
َع َّد لَهُ ْم َجَّنات تَ ْج ِري تَ ْحتَهَا األ َْنهَ ُار َخالد َ ضوا َع ْنهُ َوأ َ َو َر ُ
يم [التوبة ،]100 :وأثنى َعلَي ِهم رسو ُل اهلل ِ أََب ًدا َذِل َ
ك اْلفَ ْو ُز اْل َعظ ُ
((خ ُيركم قرني ،ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم)) [ في قَوِلهَ :
.]3
وع ِملوا ِّ
بالدين لف الصالح حقَّقوا الحياةَ ِ
الع َملّية لإلسالمَ ، َ فالس ُ ّ ّ
التطبيق الكامل ،وهم
َ والعامةَّ ،
وطبقوه في حياتهم الخاص ِ
َّة
ّ
عدهم ،فكانت ِس َيرتهم ِ
اإلسالم لمن أتى َب َ القُدوةُ في العمل بِتع ِ
اليم َ ََ َ
ط ِريقَهم َ
اهتدى والع َمل ،فمن اتَّبع َ ِِ ِ
عدهم في العلم َ لألجيال َب َ منارا
ً
ان ِم َن
وغوى و َك َ َّ
النعيم ،ومن خالفهم ضل َ ات َّ بجن ِ
وفاز ّ
ِ
الخاسرين.
لما وعمالً ِ أكمل َّ
الناس ع ً َ رضي اهلل عنهمَ ولما كان السلفَّ
بالنبي َر َّغب عليه الصَّالةُ والسَّالم في ِ
لزوم ِّ اقتداء
ً الن ِ
اس َّ
وأشد َّ
من
بالتمسك بما كانوا َعلَيه َ ّ وأمر
صحابتُهَ ، كان َعلَيه هو َو َ
ما َ
ِ
اختالف عند ِّ
بالحق َ الناجية المتمسِّكةَ اله َدى ،وأَخبر أن ِ
الفرقةَ
َ ّ ُ
وأصحابه ،فقا َل (( :افتََرقَ ِKت
ُ األمة هي ما كان عليه الرسو ُل ّ
وافترقت النصارى على ِ إحدى وسبعين ِفرقَة، اليهود على َ
ُ
وستفترق هذه األمة على ثَ ٍ
الث وسبعين ِ وسبعين ِفرقَة،
ّ اثنتَين َ
فرقة ،كلُّها في َّ
الن ِار إال واحدة)) ،قيل :من هي يا رسول اهلل؟
قال(( :من كان على ِم ِ
ثل ما أنا عليه وأصحابي)) .]4[ Kأخرجه
الترمذي من حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما
السلَف ِ
الوعيد المعلوم عند َّ وقوله (( :كلُّها Kفي ّ
النار)) Kهذا ِم َن
ان َعلَى ِمثل ما أنا
((من َك َ
تَفس ُيره ،وهذه الزيادةُ وهي قوله َ :
ِ
وغيره من طُرق [ ، ]5وال ُ اآلجري
ّ َعلَيه وأصحابي)) رواها
صحة معناهاK. شك في َّ َّ
كننا ُكلِّفنا رقة ،ولَ َّ االختالف والفُ ِ
ِ النبي من
أخبر به ُّ وقد وقع ما َ
رقة ،وأ ُِمرنا أن الف والفُ ِ الخ ِ ون ِبذ ِ والسَّنة َ
تاب ّ بالك ِباالعتصام ِ ِ
َّ
الحق علمت بالحق التي ِ اجية المتمسِّكة الف ِ نكون من ِ
ّ الن َرقة ّ َ
آمُنوا اتَّقُوا اللَّهَ َو ُك ُ
ونوا ين َ
َِّ
وعملت به ،قال اهلل تَ َعالىَ :يا أَُّيهَا الذ َ
ِ
ين [التوبة.]119 : ِِ
َم َع الصَّادق َ
الحق وغيرها ِّ تزعم أنها على ِ ُّ ِ
اإلسالمية ُ ّ الفرقَوكل فرقة م َن َ
وزن عند اهلل ما لم ي ُكن لها عاوى ٌ على ِ
للد َ الباطل ،ولكن ليس ّ
الصالح ،وقد َّبين اهلل تعالى في العلم ِ ِّنات من ِ
والعمل ّ َ النافع بي ٌ
َّ الن ِ ِ ِ ِ ِ
أمرها رسو ُل اهلل ؛ اجية ،وجلى َ كتابِه صفات هذه الفرقة ّ َ
ور من ربِّهَ ،و َم ْن دينه وعلى ُن ٍ ِليكون المسلم على بصير ٍة من ِ
َ ُ َ
ور [النور.]40 : ورا فَ َما لَهُ ِم ْن ُن ٍ َّ
لَ ْم َي ْج َع ْل اللهُ لَهُ ُن ً
األم ِة
لسلَف ّ ٍ
إحسان َ الفرقة الناجية االتِّباعُ بِ هذه ِ فات ِ ص ِ فمن ِ ِ
ِ
ون
ون األ ََّولُ َ السابِقين َرضي اهلل عنهم ،قال اهلل تعالىَ :والسَّابِقُ َ
َّ وهم بِِإ ْحس ٍ ِ َِّ ِم ْن اْلمه ِ
ان َرض َي اللهُ َ ين اتََّب ُع ُ ْ َنص ِار َوالذ َ ين َواأل َ اج ِر َ َُ
ات تَ ْج ِري تَ ْحتَهَا األ َْنهَ ُار ع ْنهم ورضوا ع ْنه وأَع َّد لَهم جَّن ٍ
َ ُْ َ َ ُ َ ُ َ َ ُْ َ
يم [التوبة.]100 : ِ ين ِفيهَا أََب ًدا َذِل َ ِِ
ك اْلفَ ْو ُز اْل َعظ ُ َخالد َ
العباد ِة هلل تعالى ،وإ ِ ِ داء ب ِهم في ِ
ثبات َ توحيد واالتِّباعُ هو االقت ُ
ووصفَه بها رسوله َ نفسه
وصف بها َ عز وج ّل التي َ صفات Kاهلل ّ
ك وتعالى عن تبار َ ِ ِإ َ
الرب َ
ّ وتنزيه يفية،
إثبات َك ّ
َ ثبات َمعنى ،الَ
كانت َمعاني فإن السلف رضي اهلل عنهم َ ِّ
كل ما ال َيليق بهَّ ،
العم ّلية، ِ
َظهر عندهم من َم َعاني األحكام َ ِK
صفات اهلل تعالى أ َ
األحكام ،والو ِ
قوف ِ ولذلك لم َيسأَلوا عن معانيها َك َما َسأَلوا في
ُ
الدين. . ِ
وأحكام ّ ِ
العبادة حيث انتهَوا إليه في ِ
أمور
الفرقة الناجية :هم قلّة بين الناس ،دعا لهم رسول اهلل صلى
أناس صالحون ،في
اهلل عليه و سلم بقوله " :طوبى للغرباء ٌ :
أناس سوء كثير ،من َيعصيهم أكثر ممن ُيطيعهم" (صحيح
رواه أحمد)
و لقد أخبر عنهم القرآن الكريم فقال مادحا لهم " :و قليل من
عبادي الشكور" (سورة سبأ)
االعتصام بكتاب اهلل تعالى الحق النا ِجية
ّ صفات ِف ِ
رقة ِ و ِمن
ُ
ِ
واالختالف إلى ذلك ،قال اهلل تعالى: ور ُّد ُ
التنازع وسّنة َرسوِله َ
ُ
ِ َّ ِ ِ و ْ ِ
يعا َوال تَفََّرقُوا [آل عمران،]103 : اعتَص ُموا بِ َحْبل الله َجم ً َ
الرس ِ َّ ِ ٍ ِ
ول بحانه :فَِإ ْن تََن َاز ْعتُ ْم في َش ْيء فَ ُر ُّدوهُ ِإلَى الله َو َّ ُ
وقال ُس َ
اآلخ ِر [النساء.]59 : ِإ ْن ُكنتُم تُؤ ِمُنون بِاللَّ ِه واْليوِم ِ
َ َْ ْ ْ َ
ِ
بالقرآن الفرقة الناجية تَأوي ُل القُرآن وتَفسيره ِ هذهفات ِ
ص ِ ومن ِ
ذم
فإن اهلل تَعالى َّ َّحابة والتابعينَّ ، وتفسيره بالسنة وبأقوال الص ِ
طريق السلف في تفسير
َ بالرأي وخالف َم ِن اتَّبع المتشابِهَ َّ
وأول ّ
الراسخين في العلم المتّبِعين غير
القرآن والسنة ،ومدح ّ
ك اْل ِكتَ ِ
اب م ْنهُ َ المبتدعين ،قال اهلل تعالىُ :ه َو الَِّذي أ َْن َز َل َعلَ ْي َ ِ
ين ِفي ات فَأ َّ َِّ ُخ ُر ُمتَ َشابِهَ ٌ ات ُه َّن أ ُُّم اْل ِكتَ ِ
َما الذ َ اب َوأ َ ات ُم ْح َك َم ٌ َآي ٌ
اء تَأ ِْو ِيل ِه ُقلُوبِ ِهم َز ْيغٌ فَيتَّبِعون ما تَ َشابه ِم ْنه ْابتِ َغ ِ ِ ِ
اء اْلفتَْنة َو ْابت َغ َ
َ ََ ُ َ ُ َ َ ْ
آمَّنا بِ ِهون َ
اس ُخ ِ ِ ِ
ون في اْلعْلم َيقُولُ َ َ
الر ِ َو َما َي ْعلَ ُم تَأ ِْويلَهُ ِإالَّ اللَّهُ َو َّ
ُك ٌّل ِم ْن ِع ْن ِد َربَِّنا [آل عمران.]7 :
السلف
ُ ك بما أجمع عليه التمس ُ
ُّ الحق الناجية ِّ و ِمن صفات ِ
فرقة
ِ َّ ِ
وعد ُم المشاقة هلل ورسوله ،قال اهللُ األمة َ لماء ّ أجمع عليه ُع ُ وما َ
الر ُسو َل ِم ْن َب ْع ِد َما تََبَّي َن لَهُ اْلهُ َدى َوَيتَّبِ ْع تَ َعالىَ :و َم ْن ُي َش ِاق ْق َّ
يل اْلمؤ ِمنِين ُنولِّ ِه ما تَولَّى وُن ِ ِ
ت صله َجهََّن َم َو َس َ
اء ْ َغ ْي َر َسبِ ِ ُ ْ َ َ َ َ َ ْ
ص ًيرا [النساء.]115 : م ِ
َ
وسنتِه
رسول اهلل ّ ِ الناجية تعظيم ِ
قول ُ
ِ الف ِ
رقة هذه ِ صفات ِ ِ و ِمن
ِ
ان قَ ْو َل والرضا بتحكيمها ،قال اهلل تعالىِ :إَّن َما َك َ َ والعنايةُ ِ
بآثاره
َّ
ين ِإ َذا ُد ُعوا ِإلَى الل ِه َو َر ُسوِل ِه ِلَي ْح ُك َم َب ْيَنهُ ْم أ ْ ِ
َن َيقُولُوا اْل ُم ْؤ ِمن َ
ال تَ َعالى: ون [النورَ ،]51 :وقَ َ ِ ط ْعَنا َوأ ُْولَئِ َ
َس ِم ْعَنا َوأَ َ
ك ُه ْم اْل ُم ْفل ُح َ
يما َش َج َر َب ْيَنهُ ْم ثَُّم ال ِّك ال يؤ ِمُنون حتَّى يح ِّكم َ ِ
وك ف َ فَال َو َرب َ ُ ْ َ َ ُ َ ُ
ِ ِّ ِ ِ ِ
يما [النساء: ت َوُي َسل ُموا تَ ْسل ً َي ِج ُدوا في أَنفُس ِه ْم َح َر ًجا م َّما قَ َ
ض ْي َ
بن حصين رضي اهلل عمران ِ بسنده عن ،]65وروى اآلجري ِ
َ ُّ ََ َ
(إنككتاب اهللّ : رجل يقول :ال أَعمل إال بما في ِ عنه ّأنه قال ِل ٍ
َ
أربعا الَ ُيجهَر فيها الظهر ً َ عز وج ّل أحمق ،أَتَ ِج ُد في كتاب اهلل ّ َ
والزكاة ونحوهما ،ثم قال: عدد عليه الصالةَ َّ بالقراءة؟!) ثم َّ َ
كتاب اهلل ج ّل
َ وج ّل مفَس ًَّرا؟! َّ
إن عز(أتّ ِجد هذا في كتاب اهلل ّ
وروى اإلمامتفسِّر ذلك) [َ ، ]6 وعال أَح َك َم ذلك ،وإ ّن َّ
السنةَ
أحمد عن عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه ّأنه قال في
لعن
ألعن من َ
(ما لي ال ُ والمتن ّمصةَ :
َ الواشمة والمستوشمة
الر ُسو ُل فَ ُخ ُذوهُ َو َما رسول اهلل وهو في ِ
كتاب اهللَ :و َما آتَا ُك ْم َّ
َنهَا ُك ْم َع ْنهُ فَ ْانتَهُوا [الحشر]7 :؟!) [ .]7مسند أحمد
الحق
ّ ِ
معرفة ِ
الجهد في الحق الناجية بذ ُل
ّ صفات ِف ِ
رقة و ِمن ِ
مما ال ِ
الرضا بأقوال الرجل في دين اهلل تعالى ّ دم ِّوع ُ
ودالئله َ َ
ون اْلقَ ْو َل ِ َِّ
ين َي ْستَم ُع َ سنة ،قال اهلل تعالى :الذ َ كتاب وال ّ ٌ يؤيِّده
ك ُهم أُولُوا األَْلَب ِ ِ َّ َحسَنه أُولَئِ َ َِّ
اب اه ْم اللهُ َوأ ُْولَئ َ ْ ْ ين َه َد ُك الذ َ ون أ ْ َ ُ ْ فََيتَّبِ ُع َ
[الزمرَ ،]18 :وقَا َل تَ َعالى :اتَّبِ ُعوا َما أ ُْن ِز َل ِإلَ ْي ُك ْم ِم ْن َرِّب ُك ْم َوال
تَتَّبِعوا ِم ْن ُدونِ ِه أَوِلي ِ
ون [األعراف.]3 : اء َقليالً َما تَ َذ َّك ُر َْ َ َ ُ
ورحمةُ الف ِ فات َه ِذه ِ ص ِ و ِمن ِ
محبةُ المؤمنين َ رقة الناجية ّ
والشر عنهم ،قال اهلل تَ َعالىَ :يا ِّ وكف األذى ُّ صحهم ون ُ المسلمين ُ
ف َيأْتِي اللَّهُ بِقَ ْوٍم آمُنوا َم ْن َي ْرتَ َّد ِم ْن ُك ْم َع ْن ِدينِ ِه فَ َس ْو َ
ين َ
َِّ
أَُّيهَا الذ َ
ِ ونه أ َِذلَّ ٍة علَى اْلمؤ ِمنِ ِ ِ ِ
ينين أَع َّز ٍة َعلَى اْل َكاف ِر َ ُْ َ َ ُيحُّبهُ ْم َوُيحُّب َ ُ
كالبنيان ي ُش ّد بعضه ِ ِ
للمؤمن ((المؤمن
ُ [المائدة ،]54 :وقال :
((مثَ ُل المؤمنين في
بعضا)) ]8[ Kرواه البخاري ،وقال َ :
ً
كمثَل الجسد الواحد ،إذا اشتكى ِ ِ ِّ
توادهم وتراحمهم وتعاطُفهم َ
والحمى)) [ .]9رواه َّ الجسد بالسَّهَر
َ عضو تداعى له سائِ ُر ٌ منه
البخاري
األمة ِ ِ الف ِ
فات َه ِذه ِص ِ و ِمن ِ
الناجية َسالمةُ ُقلوبهم لسلف ّ َ رقة َ
اءوا ِم ْن َِّ
ين َج ُقال اهلل تعالىَ :والذ َ ومحبتُهمَ ، ّ رضي اهلل عنهم
يم ِ ين َسَبقُ َ ِ ِ ِ َِّ بع ِد ِهم يقُولُون رَّبَنا ْ ِ
ان ونا باإل َ اغف ْر لََنا َو ِإل ْخ َوانَنا الذ َ َ َ َْ ْ َ
ك رء ٌ ِ ِ َِِّ ِ
يم
وف َرح ٌ آمُنوا َرَّبَنا ِإَّن َ َ ُ
ين َ َوال تَ ْج َع ْل في ُقلُوبَِنا غالً للذ َ
وائف ِمن ِ
الف َرق ِ
ط ُ َ بخالف ما َعلَيه َ [الحشر .]10 :وهذا
وسادات األولياء الذين هم ِ األم ِة ِ َّ ِ
اإلسالمية من سبِّهم لخيار ّ
النبيين رضي اهلل عنهم. أفضل الناس بعد ّ
عمالً بِه ودعوةً القيام ِّ ِ َو ِمن صفات هذه
بالدين َ ُ الناجية
َ الفرقة
هادا في سبيله ،قال اهلل وج ً للحجة على المخالفين ِ إليه وإِقامةً َّ
ونهُ أ َِذلَّ ٍة َعلَى
ف َيأْتِي اللَّهُ بِقَ ْوٍم ُي ِحُّبهُ ْم َوُي ِحُّب َ
تَ َعالى :فَ َس ْو َ
يل اللَّ ِه َوالون ِفي سبِ ِ
َ
ِ
ين ُي َجاه ُد َ
ِ اْلمؤ ِمنِ ِ
ين أَع َّز ٍة َعلَى اْل َكاف ِر َ ُْ َ
النبي قال: مسلم َّ
أن ٍِ
َّ ون لَ ْو َمةَ الئم [المائدةَ ،]54 :و َر َوى ٌ َي َخافُ َ
ضرهم من الحق ،ال َي ّ ِّ ((ال تَزا ُل طائفة من أمتي ظاهرين على
يأتي أمر اهلل وهم على ذلك)) [.]10
خالَفهم حتى َ
الفرقة الناجية النصيحةُ هلل ِ
ولكتابِه وِل َرسوِله ِ ِ
صفات هذه و ِمن
َ
وأمرهم ِ ِ
وعامتهم ،وطاعةُ ُوالة األمر ُ ّ المسلمين وألئمة
َّ
والصواب K،وطاعتُهم
ّ ونهيهم عن المنكر بالحكمة
بالمعروف ُ
ُ
بواح فيه
كفر ٌ وع َد ُم الخروج عليهم ما لم يكن ٌ
في المعروف َ
ِ ِ
من اهلل برهان ،بخالف بِدعة الخوارج الذين يستَحلّون َ
دماء
األئمة.
الخروج على ّ َ ون
وير َ
المسلمين وأموالهمَ ،
البدع أهل َ البدع قسمان :أئمةٌ وأتباع ،واألئمة من ِ ِ أهل
إن َ ثم َّ
ّ ّ
صد وكيد لإلسالم ،ومنهم من ِمنهم من انتح َل مذهبه بسو ِء قَ ٍ
َ َ َ
وكل هالك ضا ّل إالّ أن كٌّ ، بحسن َّني ٍة ّ
ولكنه ضا ّل هال ٌ ِ انتحلَه
َ
ين ِفي يتوبوا ويكونوا مع المؤ ِمنين ،قال اهلل تعالى :فَأ َّ َِّ
َما الذ َ
اء تَأ ِْو ِيل ِه ُقلُوبِ ِهم َز ْيغٌ فَيتَّبِعون ما تَ َشابه ِم ْنه ْابتِ َغ ِ ِ ِ
اء اْلفتَْنة َو ْابت َغ ََ ََ ُ َ ُ َ َ ْ
َو َما َي ْعلَ ُم تَأ ِْويلَهُ ِإالَّ اللَّهُ [آل عمران.]7 :
األمة الذين رضي سلف ّ تمسكوا بما كان عليه ُ ّأيها المسلمونّ ،
عدهم اهلل عنهم ورضوا عنه ،وكونوا ممن اتَّبعهم بإحسانَ ،و َو َ
ض ـ أيها المسلم ـ وع َّ ِ ِ
باإليمان الكاملُ ، الجنة ،وشهد لهم اهلل ّ
تستوحش من ِ تغتر بكثر ِة الهالكين ،وال ِ
بالنواجذ ،وال َّ على ذلك
قلّ ِة السالكين.
والنهي عن األمر بالمعروف الفرقة الناجيةِ فات هذهص ِ و ِمن ِ
ُ ُ
كمة والموعظة الحسنة وتبليغُ بالح ِ دين اهلل ِ والدعوةُ إلى ِ المن َكر ّ
ت ِل َّلن ِ
اس ُم ٍة أ ْ
ُخ ِر َج ْK قال اهلل تَ َعالىُ :ك ْنتُ ْم َخ ْي َر أ َّ
الحق للناسَ ، ِّ
ون بِاللَّ ِه [آل ِ
ون بِاْل َم ْع ُروف َوتَْنهَ ْو َن َع ْن اْل ُمن َك ِر َوتُ ْؤ ِمُن َ
ْم ُر َ
تَأ ُ
نكرا فليغيِّره َبي ِده، ِ
((من رأى منكم ُم ً ويقو ُل َ : عمرانَ ،]110 :
أضعف
ُ يستطع فبِ َقلبه ،وذلك ِ فإن لم يستطع فبِلسانه ،فإن لم
ون َّوابِه. للس ِ
لطان ُ اإليمان)) رواه مسلم [ ، ]11والتّغيير ِ
باليد ّ
ُ َ
اإلسالمية التي تسير على
ّ الفرقالفرقة الناجية ِمن ِ
ِ صفات
ُ هذه
َ
ٍ
بإحسان، ومن تبِ َعهماألمة من الصحابة والتابعين َنهج سلف َِّ
ِ
األخيارK، وهدي أصحابه ِ ِ
مخالفة هديِه وقد ح ّذر رسو ُل اهلل من
فإن َّ
كل ِ
فقال عليه الصَّالة والسَّالم(( :وإ ياكم ومحدثات األمور؛ ّ
اب بدعة ضاللة)) [ ، ]12قال تَعالى :فَاستَِقم َكما أ ِ ٍ
ت َو َم ْن تَ َ
ُم ْر َ ْ ْ َ َ
ص ٌير [هود.]12 : ط َغوا ِإَّنه بِما تَعملُون ب ِ
ك َوال تَ ْ ْ ُ َ ْ َ َ َ َم َع َ
القرآن العظيم ،ونفَعني وإ ّياكم بما ِ
فيه َ ِ َ ك اهلل لي ولَ ُكم في بار َ
َ
ِ
وقوله سيد المرسلين هدي ّ ونفعنا بِ ِ ِ
اآليات وال ّذ ِ
كر الحكيمَ ، من
َ
الجليل ،فاستغفروه َ العظيم ِ
وأستغفر اهلل القويم ،أقول قوِلي ه َذا،
َ
الرحيم.
الغفُور َّ
إنه هو َ
الخطبة الثانية
_________
هديفرج الكروب وي ِ الغيوب َغفّار ُّ
الذ ِ
نوبُ ،ي ِّ ِ الحمد هلل عالِّم
َ َ
ِ
وأستغفره ،وأثني عليه القلوب K،أحمد ربي وأشكره ،وأتوب إليه
شريك له ،وأشهَد
َ الخير كلَّه ،وأشهد أن ال إلهَ إال اهلل َ
وحده ال َ
همِ َّ
محم ًدا عبده ورسوله ،خيرتُه من َخلقه ،الل ّنبينا وسيِّدنا ّأن ّ
ّ
محمد وعلَى آله ِ
ص ّل وسلّم وبارك على عبدك ورسولك ّ
وصحبِه أجمعين.
ِ
باألجر وأطيعوه ،فمن تمسَّك بتقواه فاز
ُ أما بعد :فاتّقوا اهلل
ّ
عذاب ٍ
أليم. ٍ ون ِّج َي من
العظيم ُ
الفتَن ،ونهى عن الفُرقة ُّأيها المسلمون ،لقد ح َّذر اهلل تعالى من ِ
َ
الخير واالئتالف، ِ باالجتماع والتَّعاون على وأمر ِ
ِ والخالفَ ،
ِ َّ ِ ِ فقَا َل تَعالى :و ْ ِ
يعا َوال تَفََّرقُوا َوا ْذ ُك ُروا اعتَص ُموا بِ َحْبل الله َجم ً َ َ
ف َب ْي َن ُقلُوبِ ُك ْم فَأ ْ
َصَب ْحتُ ْم اء فَأَلَّ َ
َع َد ًنِ ْع َمةَ اللَّ ِه َعلَ ْي ُك ْم ِإ ْذ ُك ْنتُ ْم أ ْ
الن ِار فَأ َْنقَ َذ ُك ْم ِم ْنهَا َك َذِل َ
ك بِنِ ْع َمتِ ِه ِإ ْخ َو ًانا َو ُك ْنتُ ْم َعلَى َشفَا ُح ْف َر ٍة ِم ْن َّ
ون [آل عمران.]103 : ِ ِ َّ يبي َّ
ِّن اللهُ لَ ُك ْم َآياته لَ َعل ُك ْم تَ ْهتَ ُد َ َُ ُ
بالدين كلِّه أو ذهب ِّ والسن ِة ِمن ِ
الف ِ ِ
ألنها تَ َ
تن ّ ّ َ القرآن وتحذير
ُ
ذهب باألموال ِ
الحرمات Kواألعراض أو تَ َ تُضعفُه أو تُنتَهَك فيها ُ
والفتن)) [.]1 ((إياكم
وتفسد الحياةَ ،وفي الحديثّ : ِ
َ
واألخالق ين تهدم ِّ وات التي ِ الفتن في هذا َّ و ِمن ِ
َ الد َ الزمان القََن ُ
الضارة في َشب ِ ِ ِ
كة َ وتدعو إلى االنحراف ،وكذلك المواقعُ َّ ّ
وتص ُّد عن ِّ
كل شركل ٍّ المعلومات وما أكثرها ،فإنها تدعو إلى ِّ ِ
ُ َ
غير اإلسالمية في ك ّل شيء، األمِم ِ
محاكاةَ ََخير ،وتحسِّن َ
((لتتبع َّن َسنن من كانُ والرسول عليه الصالة والسالم يقول:
ضب لدخلتُموه)) ٍّ حر
دخلوا ُج َ حذو القُ ّذة بالق ّذ ِة حتى لو َ
قبلَكم َ
أمتِه من ِ
لتحذير ّ خباره بِ َذلك
رواه البخاري ومسلم [ ، ]2وإ ُ
التشبه بهم.
ّ
والعم ِل به، ِّ
الحق ِ
بمعرفة أنفسكم ـ ُّأيها المسلمون ـ
َ فحصنوا َ ِّ
ِ ِ
فإن اهلل تبارك الحق وحمل ِهم علَيهّ ، ِّ بتعليم وحصنوا أجيالَكمِّ
َهِلي ُك ْم َن ًارا َوقُ ُ َِّ
ود َها آمُنوا قُوا أَنفُ َس ُك ْم َوأ ْين َ وتعالى قالَ :يا أَُّيهَا الذ َ
اس َواْل ِح َج َارةُ [التحريم.]6 : َّ
الن ُ
َِّ عباد اهللِ ،إ َّن اللَّه ومالئِ َكتَه ي ُّ
النبِ ِّي َيا أَُّيهَا الذ َ
ين ون َعلَى َّ صل َ ُُ َ َََ َ
يما [األحزاب ،]56 :وقد قَا َل : ِ ِ ِّ آمُنوا ُّ
صلوا َعلَ ْيه َو َسل ُموا تَ ْسل ًَ َ
عشرا))K.
واحدة صلّى اهلل عليه بها ً
َ علي صالةً
((من صلّى َّ
المرسلين.
َ األولين واآلخرين وإ مام
سيد ّ فصلُّوا وسلِّموا على ّ
محمد كما صلّيت على إبراهيم ِّ
محمد وعلى آل ّ
اللهم صل على ّ ّ
محمد وعلى
وبارك على ّوعلى آل إبراهيم ّإنك حميد مجيدِ ،
حميد
ٌ باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ّإنك
َ محمد كما
آل ّ
تسليما كثيراK...
ً مجيد ،وسلِّم