You are on page 1of 31

‫الفصل الثالث‪ :‬العالج المعرفي السلوكي‬

‫متهيد‬

‫‪ - 1‬التيار السلوكي‬

‫‪ - 2‬مبادئ التيار السلوكي‬

‫‪ - 3‬قوانني التعلم يف التيار السلوكي‬

‫‪ - 4‬التيار املعريف‬

‫‪ - 5‬أهم مفاهيم املدرسة املعرفية‬

‫‪ - 6‬العالج املعريف السلوكي‬

‫‪ - 7‬املبادئ العالجية املعرفية السلوكية‬

‫‪ -8‬مراحل العالج املعريف السلوكي‬

‫‪ -9‬طرق العالج املعريف السلوكي‬

‫‪ -10‬تقنيات العالج املعريف السلوكي‬

‫‪ -11‬إرشادات العالج املعريف السلوكي‬

‫‪ -12‬مضادات إالستعمال للعالج املعريف السلوكي‬

‫خالصة الفصل‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫تمهيد ‪:‬‬

‫تعددت النظريات والنماذج العالجية يف العالج النفسي‪ ،‬ومن بني هذه النظريات جند نظرية العالج املعريف السلوكي‪ .‬حيث‬

‫يعترب العالج املعريف السلوكي شكل من أشكال العالج النفسي احلديثة نسبيا‪ ،‬يركز اهتمامه على تطبيق اخلطوات‬

‫التجريبية يف العالج النفسي‪ ،‬هبدف الوصول إىل فهم وتعديل أو تغيري االضطرابات النفسية اليت تعرقل حياة الفرد ‪.‬تطرقنا‬

‫يف هذا الفصل إىل البحث عن العالج السلوكي املعريف‪ ،‬حيث كان علينا التعرف على التيار السلوكي والتيار املعريف كل‬

‫على حدا لنتطرق فيما بعد إىل التعريف بالعالج املعريف السلوكي‪ ،‬خصائصه ومبادئه بإالضافة إىل مراحل العالج املعريف‬

‫السلوكي وكذا اخللفيات النظرية لطرق العالج‪ ،‬لنتطرق يف األخري إىل أهم التقنيات العالجية املعرفية السلوكية ‪.‬‬

‫‪1 .‬التيار السلوكي ‪:‬‬

‫تعرف املدرسة السلوكية على أهنا تيار سيكولوجي يهتم بدراسة السلوك اإلنساين واحليواين ‪،‬دون البحث عن املسببات‬

‫والعوامل النفسية الداخلية ‪،‬إذ يويل هذا التيار اهتماما واضحا للمحيط )العوامل اخلارجية ( كمحدد الستجابة الفرد‬

‫‪Lawrence A.Pervin et al.la personnalité: de la théorie à la ( )2005‬‬

‫‪recherche P302‬‬

‫‪ . 2‬مبادئ التيار السلوكي ‪:‬‬

‫إن اهلدف األساسي للنظرية السلوكية هو التحليل الوظيفي للسلوك‪ ،‬و ذلك من خالل حتديد املثريات" ‪" stimuli‬‬

‫السابقة واحلالية يف عالقة السبب )املثري( باألثر )االستجابة( بني مجلة من السلوكيات ومجلة من األحداث "‬

‫‪" événements‬‬

‫( ‪)Marcelo Otero; les règles de l’individualité contemporaine;2003 P216‬‬

‫‪46‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫تفضل السلوكية كتيار سيكولوجي العوامل اخلارجية إذن كجزء من احمليط‪ ،‬إذ أن دور العوامل الداخلية يكاد يكون‬

‫منعدما كعوامل النضج اخلاصة بكل فرد‪ .‬يف نظر املدرسة السلوكية أن الفرد وحدة يف تفاعل مستمر مع حميطه حيث أن‬

‫منوه‬

‫السيكولوجي يتحدد من خالل التغريات احلادثة جراء هذا التفاعل ويقصد بذلك أن عملية النمو أو النضج تتلخص عن‬

‫تأثري التجارب اليت يتعرض هلا الفرد فهي احملدد إذن يف حتديد سلوكه املستقبلي وشخصيته امجإال‪.‬‬

‫تركز املدرسة السلوكية على دور التعزيز يف عملية التعلم ويف ثبات السلوك املكتسب أو زواله)انطفائه( من خالل توضيح‬

‫مبدأ االشرتاط اإلجرائي ‪ conditionnement opérant‬الذي يعين أن السلوك هو استجابة ناجتة عم مثريات‬

‫احمليط اخلارجي القريب‪ ،‬وهو إما أن يتم دعمه فيعزز وإما انه ال يتلقى الدعم فينطفئ‪ .‬ومن هنا ترى السلوكية أن التعلم‬

‫مرتبط بنتائج السلوك امل ا رد تعلمه‪ .‬ال ترى املدرسة السلوكية السلوك على انه عرض أو مؤشر حلالة مضطربة وإمنا هو‬

‫املرض ذاته‪ ،‬فالعرض هو املرض ومن هنا يرتكز العالج على تغيري أو تعديل هذا السلوك بدل إقصائه وذلك بتعليم الشخص‬

‫املضطرب كيفية تغيري سلوكه غري املتكيف وتعديله حنو املقبول‬

‫‪les thérapies cogntivo-comportementals، (Jean Cottraux، )2004‬‬

‫‪3 .‬قوانين التعلم في المدرسة السلوكية ‪:‬‬

‫‪ .1 .3‬التعزيز ‪):) le renforcement‬‬

‫هو أداة تسمح بإعادة إنتاج سلوك ما‪ ،‬إذ يقسم إىل تعزيز إجيايب يسمح باحلفاظ على السلوك احملبذ‪ ،‬وتعزيز سليب يتمثل يف‬

‫الكف عن تعريض الفرد ملثريات مؤملة أو غري مرغوب‪ ª‬فيها‪.‬‬

‫‪ .2-3-‬االنطفاء ‪): )l’extinction‬‬

‫يتمثل يف نقصان واختفاء االستجابة )السلوك( املتعلمة يف حني يتم الكف عن إرفاق املثري الشرطي بغري الشرطي‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ . 3.3‬إعادة الظهور المفاجئ ‪): )récupération spontanée‬‬

‫هي إعادة ظهور السلوك بعد انطفاء كلي ‪.‬‬

‫‪ . 4 .3‬تعميم المثير ‪) : )généralisation de stimuli‬‬

‫و يتمثل يف إظهار الفرد لنفس السلوك ملثريات عدة تتشابه فيما بينها‪.‬‬

‫‪ .5 .3‬فرز المثيرات (‪: )discriminions de stimulus‬‬

‫و هي عكس عملية تعميم املثريات و تتمثل يف إعطاء استجابة معينة لكل مثري ‪.‬‬

‫‪ .6 .3‬التنفير (‪: )l’aversion‬‬

‫تعريض الفرد ملثريات منفرة يدفع إىل إنقاص شدة وتكرار السلوك الذي يسبق ذلك‪.‬‬

‫‪ .7 .3‬التشكيل التدريجي (‪: ) façonnement progressif‬‬

‫ويعين التطور التدرجيي للسلوك املرغوب لغاية بلوغه درجة كافية وكمثال على ذلك ‪،‬تأكيد الذات اليت تستعمل كتقنية‬

‫عالجية‪.‬‬

‫‪ .8 .3‬الحرمان واإلشباع ‪:‬‬

‫من خالل استثارة وخربة كافية ميكن لسلوك ما أن يتعزز تبعا للخصائص التعزيزية للمثري وعلى النقيض من ذلك ميكن‬

‫لنفس السلوك أن ينقص أو ينطفئ من خالل احلرمان‪.‬‬

‫‪ .9 .3‬االشراط البديل و الكف المتبادل ‪:‬‬

‫ميكن االشراط البديل من استبدال سلوك غري مرغوب‪ ª‬فيه بآخر أكثر مالئمة‪ ،‬ويعين الكف املتبادل انه حني تعريض فرد ما‬

‫إىل وضعية مثرية للقلق فان هذا القلق سيتالشى مع مرور الوقت‪ ،‬وإذا مت تعزيز حتاشي هذه الوضعية الصعبة فان القلق‬

‫سيتزايد على العكس ‪،‬بقول‬

‫‪48‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫آخر أن الكف املتبادل يتمثل حني وجود مثريين يف وقت واحد فان احدمها يؤثر على اآلخر فإذا ا زد احدمها نقص‬

‫وضعف اآلخر‪.‬‬

‫استنادا إىل هذه القوانني عامة يتم تدخل املعاجل السلوكي يف خمتلف اجملاالت الرتبوية ‪-‬البيداغوجية‪ ،‬ويف جمال االضطرابات‬

‫النفسية‬

‫‪ 4 .‬التيار المعرفي ‪:‬‬

‫قبل ظهور النظرية املعرفية كان البد من املرور مب ا رحل‪ ،‬وهي ظهور نظرية معاجلة املعلومة ‪traitement de‬‬

‫‪ l’information‬ممهدتا للنظرية املعرفية احلديثة‪ ،‬إذ كان ألعمال بياجي ‪ Piaget‬إسهاما كبريا يف تبلورها‪ .‬برزت‬

‫النظرية املعرفية احلديثة يف بداية الثمانينات من القرن املاضي خاصة بعد أعمال ا‪.‬بيك ‪ A.Beck‬خبصوص االكتئاب‪ .‬وهي‬

‫متثل تيارا للبحث والتطبيق يف ميدان علم النفس ‪،‬إذ يدرس )التيار( السلوك البشري على اعتباره حمكوما بقوانني‬

‫وسريورات عقلية )معرفية( معقدة على عكس املدرسة السلوكية‬

‫يدرس ما يعرف بالوظائف العليا مثل التفكري‪ ،‬حل املشكالت‪ ،‬الذكاء‪ ،‬اللغة‪ ،‬اإلدراك االنتباه و الذاكرة‪.‬‬

‫‪5 .‬أهم مفاهيم المدرسة المعرفية ‪:‬‬

‫‪ .1 .5‬المعرفة‪: la cognition o‬‬

‫من وجهة نظر املدرسة املعرفية‪ ،‬إن املعرفة مفردة أو مفهوم يدل على آليات التفكري البشري‪ ،‬إهنا الوظيفة اليت تسمح‬

‫باكتساب املعرفة كمادة ‪ Annie Bertrand ;psychologie cognitive p57( ، )2005‬وباملعىن‬

‫العام نقول أن املعرفة ‪ cognition‬كسريورة ترتبط بكل ما يتعلق باكتساب مادة املعرفة بالنسبة للكائن البشري‪ ،‬تعترب‬

‫نتاجا وظيفيا لنشاط املخ )تدخل آليات معقدة يف ذلك(‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪France 2007)، P48 ، Psychologie cognitive ، (Jean Yves Boudoum‬‬

‫ويرى نيسر " ‪ " Neisser‬أن املعرفة ‪ cognition‬هي جمموع األنشطة أو األفعال العقلية العليا وظائفيا اليت تسمح‬

‫باكتساب‪ ،‬تنظيم واستعمال مادة املعرفة ‪.‬‬

‫‪ .2 .5‬المثير (‪: ) stimulus‬‬

‫تشري املدرسة املعرفية واملدرسة السلوكية إىل أن املثري هو عامل خارجي يدفع إىل أحداث استجابة‪ .‬وحسب ن‪.‬سيالمي "‬

‫‪ N.Sillamy‬فانه عامل خارجي أو داخلي بإمكانه إحداث تغيري جزئي )رد فعل فيزيولوجي) أو عام‬

‫(سلوكي( للكائن ‪.‬‬

‫‪Paris ، dictionnaire encyclopédique de psychologie ، (N.Sillamy ، )1980‬‬

‫‪ .3. 5‬المخطط المعرفي (‪: )shéma cognitive‬‬

‫يعرف املخطط املعريف على انه البنية املعرفية الثابتة املخزنة يف الذاكرة والعاملة بشكل آيل (‪ )automatique‬يتدخل‬

‫املخطط املعريف يف تسيري كل مراحل معاجلة املعلومة(‪ )traitement de l’information‬ويف تعريف أ وسع إن‬

‫املخططات املعرفية هي تلك التمثالت ‪ représentation‬العقلية اجملردة اليت تعمل بصفة آلية يف تسيري األحداث‪،‬‬

‫املواقف‪ ،‬أو التجارب املتشاهبة‪ .‬إهنا خمزنة يف الذاكرة طويلة املدى إذ تسمح بتأويل وحتليل الوضعيات اجلديدة انطالقا من‬

‫تلك السابقة‪ ،‬هلذا إهنا متثل منوذجا ملعاجلة املعلومة وتوجيه السلوك آليا دون احلاجة لدراسة وحتليل كل وضعية على أهنا‬

‫جديدة ‪.‬‬

‫‪OP.cit.p47) ، les thérapies cognitive et comportemental ، (Jean Cottraux‬‬

‫‪ 4-5-‬الزيغ المعرفي (‪: )distortion cognitive‬‬

‫أو ما يعرف بالتشوه واألخطاء املعرفية اليت تعرف بأهنا املعاجلة اخلاطئة للمعلومة من خالل أفكار غري مؤسسة تؤدي إىل‬

‫تأويالت خاطئة وسلبية تضر بالفرد نفسه ومبحيطه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫يف تعريف ج‪.‬كوترو " ‪ J. Cottraux :‬إن األخطاء املعرفية هي اضطراب يف التفكري املنطقي أثناء معاجلة املعلومة "‪ .‬و‬

‫نذكر من بني هذه األخطاء مايلي ‪:‬‬

‫‪ .1 .5.4‬االستدالل العشوائي (‪ :)l’ inférence arbitraire‬أو االستنتاج العشوائي وهو من بني أكثر األخطاء‬

‫املعرفية عموما وشيوعا‪ ،‬إذ يتمثل يف استخالص نتائج بدون دليل أو برهان كقاعدة أساسية‪ ،‬فالسلوك هنا ينتج عن‬

‫ختمينات نسبية على مجلة املعلومات غري املؤسسة وغري املنطقية حيث يتم إدراك املعلومة )الوضعية(‬

‫خارج سياقها‪ .‬إذ يتم الرتكيز على بعض التفاصيل ويتجاهل السياق العام للوضعية‪ ،‬ويتجاهل الفرد هنا تعدد املثريات وال‬

‫يركز إال على تلك اليت تتالءم مع خصائصه )فشل‪ ،‬خطر‪ ،‬عدم القدرة ضعف‪.(...‬‬

‫‪ .4.2 .5‬التعميم الزائد (‪: )la sur généralisation‬‬

‫يعمم الفرد جتربة فاشلة انطالقا من حادث سابق يتعلق هبذا الفشل ‪.‬‬

‫‪ .3 .5.4‬التهويل و التصغري (‪: )maximalisation et minimalisation‬‬

‫يتعلق األمر بتهويل الفشل و املواقف السلبية ‪ ،‬و تصغري أو عدم إعطاء أمهية شخصية خالل النجاح و املواقف االجيابية ‪.‬‬

‫‪ .4.4 .5‬التخصيص (‪: )la personnalisation‬‬

‫الشخصنة أو اخذ األمور على حممل شخصي إذ يتعلق األمر باملبالغة يف إجياد عالقة بني األحداث املؤملة أو غري املرغوبة ‪،‬و‬

‫بني الشخص نفسه فكل ما يتعلق بالفشل ‪ ،‬الضعف ‪،‬اإلخفاء ‪،‬اإلمهال يرجعه الفرد إىل شخصه ‪.‬‬

‫‪ .5.4. 5‬قطبية التفكري (‪: )dichotomie‬‬

‫أو ثنائية التفكري‪ ،‬ينحصر الفرد يف جمال ضيق من التفكري إذ يبحث عن الكل أو الالشئ فاألمور إما أن تكون كاملة‪ ،‬أوال‬

‫فانه لن يستطيع احلديث عن أي اجناز‪ ،‬إذ تصبح نظرته للمواقف نظرة ثنائية وال مكان لوضعية أو موقف وسط‪ ،‬بقول آخر‬

‫‪51‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫إما األبيض أو األسود وال مكان للرمادي‪p 253، cybermétique de la pensée ، ، )1983‬‬

‫‪(Bernard Grand‬‬

‫‪ 5-5-5-‬األفكار اآللية (‪: )les pensées automatiques‬‬

‫هي أفكار نتاج عن معاجلة املعلومة بطريقة غري صحيحة‪) ،‬غري منطقية( باللجوء ( الشعوريا( إىل استخدام األفكار الزائغة‬

‫‪ ،‬إذ تضم نظرة سلبية يف الغالب ختص ذات الفرد‪ ،‬عامله اخلارجي ومستقبله‪ .‬تعرف كذلك بأهنا متثيالت يكون جمراها‬

‫وتأثريها يف عدة حاالت بل أكثرها إن مل نقل كلها الشعوريا و حتدث رغما عن إ ا ردة الفرد‪.‬‬

‫( ; ‪J.Cottraux place des psychothérapie comprt.de le traitement de dépr.Paris‬‬

‫‪)2006 ;p60‬‬

‫‪ 5-5-.6‬الحدث المعرفي‪))événement cognitive :‬‬

‫ميثل احلدث املعريف نتيجة ملعاجلة املعلومة عن طريق املخططات و السريورات املعرفية‪ ،‬انه فكرة‪ ،‬أو تصور عقلي ال ميكن‬

‫للفرد أن يشعر به‪ ،‬انه بقول آخر نتاج معريف متمثل يف داخلية‪ ،‬أفكار‪،‬تصورات عقلية‪ ،‬أو تعبريات لفظية تتداخل فيها‬

‫اخلربات الشخصية من املخططات املعرفية ليكون الناتج هو احلدث املعريف‪.‬‬

‫‪P76) ، Paris ،2011، les psychothérapie comportemental et cognitive ، (J.cottraux‬‬

‫‪ .5 - 7-5‬معالجة المعلومة (‪: )traitement de l’information‬‬

‫تقوم النظرية املعرفية على نظرية معاجلة املعلومة‪ ،‬اليت هتتم بدراسة السلوك من خالل إجياد عالقة تفسريية بني ما جيري‬

‫للفرد من عمليتني مهمتني مها تعرضه ملثريات احمليط من جهة واالستجابة اليت يصدرها كرد فعل عن هذا املثري‪.‬‬

‫ينقسم النموذج املعريف بصفة عامة يف املنهجية إىل ثالث أجزاء تعترب مراحل متالمحة يف دراسة السلوك وهي املخطط‬

‫املعريف ‪ ،‬السريورة املعرفية ‪ ،‬احلدث املعريف‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ -‬فاملخطط املعريف ميثل التجارب املرتاكمة واليت تسمح برد الفعل سريعا أمام موقف متكرر‪ ،‬وكما سبق ذكره فان هذا‬

‫املخطط املعريف عبارة عن منوذج أساسي للتعامل مع وضعيات متشاهبة خمزنة يف الذاكرة الطويلة املدى‪ ،‬أما احلدث املعريف‬

‫فيتمثل يف النتيجة اليت يؤول إليها سلوك الفرد انطالقا من املخطط املعريف )احلوار الداخلي‪ ،‬صور عقلية‪ ،‬انطباعات‪،‬‬

‫تصرفات (‪....‬‬

‫والبني العمليتني املذكورتني توجد عالقة مباشرة تتمثل يف السريورة املعرفية اليت تتوسطها وتسمح بتحليل كل وضعية‬

‫وانتقاء االستجابة املالئمة حسب كل فرد انطالقا من املخططات املعرفية اخلاصة به ‪P 60)، OP ، Pierre‬‬

‫‪Henri Garier ، . (Annie Bernard‬‬

‫‪ -‬إن املقاربة املعرفية السلوكية تنص على أن مواقفنا و سلوكاتنا هي نتيجة ملزيج بني امليوالت املوروثة وتأثري احمليط‬

‫‪،‬بإالضافة إىل عملية التعلم‪ ،‬ومن هنا تأيت العالجات املعرفية السلوكية لرتتبط بعملية االستبصار ‪pris de‬‬

‫‪ - - conscience‬هبذه العوامل لتسيري تعلم جديد من اجل حتقيق التوازن الداخلي أمام العوامل البيولوجية الفردية‪،‬‬

‫تأثري املاضي‪ ،‬و ضغوط احمليط‪.‬‬

‫‪ . 6‬العالج المعرفي السلوكي ‪:‬‬

‫‪ -‬العالج املعريف السلوكي هو التطبيق العلمي لعلم النفس املعريف السلوكي يف عالج بعض االضطرابات احملددة من طرف‬

‫هذا االجتاه‪ ،‬إذ و حسب هذا األخري أن العالج قائم على منهج جترييب يستند إىل التطبيق امليداين لعدة خيارات عالجية من‬

‫اجل اختيار أحسنها‬

‫وانفعها ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫ويستمد هذا األسلوب العالجي جذوره من أعمال "اليس " منذ اخلمسينات و أعمال "بيك " يف ستينات القرن املاضي‬

‫على مرضى االكتئاب‪ .‬ومنذ ذلك الوقت والعالج املعريف السلوكي يلقى تأييدا امربيقيا للجوانب النظرية اليت قدمها بيك‬

‫وتطبيقاته املتعددة ‪،‬و ذلك على مدى واسع من املمارسة اإلكلينيكية وعينات خمتلفة من املرضى ‪.‬و يركز كل من )‬

‫اليس( و)بيك( على أفكار اعتقادات املريض اخلاطئة أو املشوهة على أهنا السبب يف االضطرابات االنفعالية السلوكية‪،‬‬

‫ويعتقد أن األفراد ميكن هلم على املستوى الشعوري أن يستخدموا املنطق يف دحض األفكار‪ .‬كما أهنما يستخدمان احلوار‬

‫النشط مع املرضى بدال من أن يكونوا مستمعني سلبيني ‪.‬‬

‫ويشري العالج املعريف السلوكي إىل جمموعة من املبادئ و اإلجراءات اليت تشرتك يف افرتاض أن العمليات املعرفية تؤثر يف‬

‫السلوك‪ ،‬و هذه العمليات تتغري من خالل الفنيات املعرفية السلوكية )إبراهيم عبد الستار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪)23‬‬

‫‪ . 7‬المبادئ العالجية للعالج المعرفي السلوكي ‪:‬‬

‫يقرتح العالج السلوكي تطبيق مبادئ التعلم لعالج العديد من االضطرابات النفسية مستهدفا بذلك التغيري يف السلوك‬

‫والعادات دون املساس يف أعماق الشخصية‪ ،‬لكنه مل يسلم من انتقادات وجهت إليه ختص منهجه ومن ذلك انه يتجاهل‬

‫البعد السيكولوجي اإلنساين‬

‫وباخلصوص العالقة بني التفكري واالنفعال وتأثريها على السلوك )لويس كامل مليكه ‪ ،‬العالج السلوكي و تعديل‬

‫السلوك‪ ،‬الكويت‪ ، 1990 ،‬ص‪) 277‬‬

‫باملقابل إن العالج املعريف يدرس أفكار الفرد من خالل حتديد األخطاء املعرفية وتصحيحها‪ ،‬إن العالج املعريف خاصة بعد‬

‫أعمال ‪Beck‬‬

‫اخلاصة باالكتئاب أصبح مكمال والزما للمقاربة السلوكية يف عالج خمتلف االضطرابات باالهتمام أكثر بدراسة‬

‫املخططات املعرفية املضطربة‪ ،‬وأثرها يف إحداث االضطراب النفسي والعقلي‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫ومن هنا جاءت مقاربة العالج املعريف السلوكي لتأخذ بعني االعتبار التأثري املتبادل بني كل من التفكري‪ ،‬السلوك‪ ،‬االنفعال‬

‫من جهة ودور احمليط يف إثارة هذه املكونات من جهة أخرى‪ ،‬ضمن جمموعة من املبادئ يقوم عليها هذا العالج تتلخص‬

‫يف‪:‬‬

‫يعتمد العالج املعريف السلوكي على صياغة مشكلة املريض اليت يتم تطويرها وحتديدها بصورة دقيقة ضمن إطار‬ ‫‪-‬‬

‫املنظور املعريف‪.‬‬

‫يتطلب العالج املعريف السلوكي وجود عالقة عالجية جيدة بني املعاجل واملريض جتعل هذا األخري يثق يف املعاجل من‬ ‫‪-‬‬

‫خالل التعاطف واالهتمام باملريض‪ ،‬وكذلك االحرتام الصادق له وحسن االستماع‪ ،‬بإالضافة إىل كفاءة املعاجل‬

‫اليت تظهر من خالل سري العملية العالجية‪.‬‬

‫يشدد العالج املعريف السلوكي على أمهية التعاون واملشاركة النشطة والعمل كفريق يشرتك يف وضع جداول عمل‬ ‫‪-‬‬

‫للجلسات ويف إعداد الواجبات املنزلية اليت يقوم هبا املريض بني اجللسات ‪.‬‬

‫يسعى املعاجل إىل حتقيق أهداف معينة وحل مشكالت معينة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يركز العالج على املشكالت احلالية وعلى مواقف معينة تثري القلق لدى املريض ومع ذلك يتطلب األمر النظر إىل‬ ‫‪-‬‬

‫ماضي املفحوص خاصة إذا رغب هو يف ذلك‪ ،‬أو عندما يالحظ املعاجل بان هناك حاجة لفهم الكيفية اليت تطورت‬

‫هبا األفكار غري الفعالة لدى املريض‪.‬‬

‫العالج املعريف السلوكي عالج تعليمي‪ ،‬يهدف إىل جعل املريض معاجلا لنفسه‪ ،‬كما يهتم كثريا بتزويد املريض‬ ‫‪-‬‬

‫باملهارات الالزمة ملنع عودة االنتكاسة بعد التحسن‪.‬‬

‫العالج املعريف السلوكي هو قصري املدى‪ ،‬حيث يتم عالج معظم احلاالت ضمن حصص حمددة ترتاوح بني ‪ 10‬و‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 25‬حصة ‪.‬‬

‫يستخدم العالج املعريف السلوكي فنيات متعددة إلحداث تغريات يف التفكري و املزاج والسلوك‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪55‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ . 8‬مراحل العالج المعرفي السلوكي ‪:‬‬

‫العالج املعريف السلوكي عالج مبين مسبقا قبل البدء يف العالج مدته الزمنية حمددة من طرف املعاجل وهذه العملية العالجية‬

‫املعرفية السلوكية تتمثل يف أربع مراحل فهي مرتبطة حتما الواحدة باألخرى ‪.‬‬

‫‪ 1-8-‬التحليل الوظيفي (‪: ) l’analyse fonctionnel‬‬

‫ويقصد بالتحليل الوظيفي للحالة أو املشكل‪ ،‬وضع حدوده‪ ،‬وعوامل تفجريه‪ ،‬إذ ال يتوقف األمر عند دراسة سطحية‬

‫للمشكل و إمنا السعي إىل حتديد األسباب اجلوهرية‪ ،‬حيث يساعد ذلك يف تعديل جذري للسلوك‪ ،‬يستعني املعاجل املعريف‬

‫السلوكي يف ذلك بدراسة األفكار‪ ،‬الصور العقلية‪ ،‬احلوار الداخلي للحالة إذ غالبا ما يرافق أو يسبق السلوك املشكل ‪.‬‬

‫(‪)Luis.P Vera.TCC chez l’enfant et l’adolescent 2009 p19‬‬

‫تطبيقيا يتم خالل هذه املرحلة حتديد و تقدمي املشكل و الصياغة االبتدائية لألهداف من خالل عدة شبكات تسمح بصياغة‬

‫أحسن للتحليل الوظيفي ليكون واضحا ومنهجيا‪ ،‬ومن بني هذه اللوائح نذكر ‪:‬‬

‫شبكة ‪SORC ) : ( stimuls -organisme -réponse -consequence‬‬ ‫‪‬‬

‫و هي الئحة بسيطة متكن من تدوين مايلي ‪:‬‬

‫املثري (‪: )S‬طبيعته و مصدره‬

‫احلالة (‪: )O‬و ذلك بتحديد مدى تأثري املثري عليه‪ ،‬إذ يف العادة يستعني املعاجل مبجموعة من األسئلة أبرزها ‪ :‬ما هي العالقة‬

‫بني السلوك املشكل‪ ،‬واالنفعال وما هي اآللية اليت مسحت بظهور السلوك املشكل ؟ كيف يدرك احلالة السلوك ؟‬

‫االستجابة (‪ : )R‬ماهي االستجابة الفعلية ‪،‬كيف يصفها احلالة وكيف يعيشها أيضا ؟ وما العالقة بني االستجابة و طبيعة‬

‫املثري ؟ هذه التساؤالت يستعني هبا املعاجل على سبيل املثال ال احلصر‪.‬‬

‫االنعكاسات (‪ : )C‬ختص ماهية االنعكاسات اليت ختلفها استجابة احلالة للمثري املفجر للسلوك و بالتايل تأثره بدوره برد‬

‫فعل احمليط ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫شبكة ‪ BASIC ID:‬تتكون هذه الشبكة للتحليل الوظيفي من ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ Behavior :‬السلوك املشكل الذي تعاين منه احلالة‬

‫‪ Affect :‬االنفعاالت اليت تعاين منها احلالة‬

‫‪ Sensation :‬و يقصد هبا األحاسيس اجلسدية‬

‫‪ Imagination :‬التصورات اليت تبنيها احلالة‬

‫‪ Cognition :‬األفكار اليت متر يف ذهن احلالة‬

‫‪ Interpersonnel :‬ويقصد فيها العالقات إالجتماعية للحالة يف االضطراب الذي تعاين منه‪.‬‬

‫‪ Drogs :‬األدوية اليت يتعاطاها احلالة أو العالجات األخرى اليت تلقاها أثناء االضطراب ‪.‬‬

‫وتعد هذه الشبكة جد مفصلة حيث تصف مجيع جوانب السلوك املضطرب‪ ،‬وخاصة مع احلاالت اليت تعاين من مشاكل‬

‫عالئقية أو عائلية‪.‬‬

‫‪ ‬شبكة‪ SECCA :‬وهي الئحة دقيقة وأكثر اكتماال‪ ،‬وضعها ‪ J.Cottraux‬سنة ‪ 1990‬وهي أكثر مالئمة‬

‫الضطراب القلق واالكتئاب‪ ،‬إذ تتيح للمعاجل فرصة وصف بشكل دقيق للوضعية اإلمجالية للحالة‪ .‬وتتألف هذه الشبكة من‬

‫قسمني احلايل ‪ " synchronique‬و "التارخيي ‪" historique‬‬

‫‪ 2-8-‬وضع أهداف عالجية ‪:‬‬

‫يف هذه املرحلة و بعد مجع املعطيات بدقة عن احلالة وعن السلوك املشكل‪ ،‬يتم وضع فرضيات حول هذا السلوك وحول‬

‫عوامل تفجريه وثباته وبعدها يتم التطرق إىل وضع عقد بني املتعاجل واملعاجل خيص األهداف العالجية والوسائل املستعملة يف‬

‫ذلك‪)J.Cottraux, les thérapies cognitvo-comprt, Op, cit, p67( .‬‬

‫‪57‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫ويتم ذلك بشرح بشرح التقنيات العالجية أو التكفلية املتبعة ومناقشتها مع املفحوص وتوضيح مدى االشرتاك واجلهد الذي‬

‫من املنتظر أن يقدمهما هذا األخري‪.‬‬

‫‪ 3-8-‬وضع خطة عالجية ‪:‬‬

‫انطالقا من السلوك املشكل واألهداف العالجية املوضوعة احملددة سابقا يتم اختيار طريقة وتقنية العالج املعريف السلوكي‪،‬‬

‫ليتم حتفيز احلالة لعملية التنظيم الذايت وذلك مب ا رقبة سلوكه يف كل وضعية وتعميم ما تعلمه خالل احلصص العالجية على‬

‫خمتلف الوضعيات خارج‬

‫احلصة‪ .‬ونظرا حلساسية هذه املرحلة وص ا رمتها يف جناح أو فشل العملية العالجية‪ ،‬من الضروري‪ ª‬إتباع اإلجراءات‬

‫التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬إشراك املتعاجل لوضع خطة عالجية مالئمة‪.‬‬

‫‪ -‬الشروع يف تطبيق اخلطة العالجية موازاة مع التحليل الدائم للسلوك‪،‬األفكار‪ ،‬واملعاش العاطفي للحالة‪.‬‬

‫‪ -‬تكليف احلالة بواجبات منزلية وحىت خارج الوضعية العالجية أثناء احلصة‪.‬‬

‫‪ -‬التقييم املتواصل للخطة العالجية‪ ،‬وان اقتضت الضرورة إعادة وضع الفرضيات وبالتايل تغيري اخلطة العالجية‪.‬‬

‫‪ 4-8-‬تقييم نتائج العالج ‪:‬‬

‫وهي آخر مرحلة وذلك مبقارنة سلوك وأفكار احلالة قبل‪ ،‬أثناء وبعد تطبيق اخلطة العالجية‪ ،‬حيث يكون من املفيد مواصلة‬

‫املتابعة ملدة سنة على األقل من خالل حصة تقييميه كل ثالثة أشهر‪ ،‬ستة أشهر أو سنة‪ .‬كما جيدر مراعاة النقاط التالية يف‬

‫هذه املرحلة‪:‬‬

‫‪ -‬تقييم مدى مطابقة األهداف العالجية املوضوعة مسبقا مع النتائج املتوصل إليها من خالل املالحظة املباشرة أو االستعانة‬

‫باالختبارات النفسية واالستمارات ‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على مساعدة احلالة من اجل حتقيق استقاللية‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ -‬العمل على الوقاية من االنتكاسة‪.‬‬

‫‪ -‬إهناء العالج وترك اجملال للتعبري عن انطباعه العام ورضاه أو عدمه اجتاه اخلطة العالجية ‪.‬‬

‫‪ . 9‬طرق العالج المعرفي السلوكي ‪:‬‬

‫‪ 1-9-‬التحليل العقالني لألفكار السلبية و إعادة البناء المعرفي ل "بيك ‪"Beck:‬‬

‫هي إسرتاتيجية عالجية هتدف إىل تصحيح التشوهات املتعلقة بالعامل املعريف للفرد‪ ،‬أفكاره وتوقعاته وتقييماته وكما هتدف‬

‫إىل تعلم بدائل وطرق أكثر واقعية لصياغة التجارب‪.‬‬

‫يتضمن تعديل وتغري اجلوانب العقلية املعرفية اليت ترتكز حول اخلربات الصادمة وذلك بالنظر إليها من زاوية خمتلفة مثال‪:‬‬

‫كخربة ماضية ميكن أن يتعرض هلا أي فرد وميكن أن يتغلب عليها‪ ،‬والنظر إىل اخلربات املؤملة كخربات متعلمة‪ ،‬والرتكيز‬

‫على املفاهيم غري الدقيقة اليت اكتسبها الفرد عن نفسه وعن العامل الذي يعيش فيه‪ ،‬والتخفيف من الشحنات االنفعالية‬

‫القوية الناجتة عنها‪ ،‬وتعديل مفهوم الذات السالب على املستوى العقلي املعريف‪ ،‬أي أن االستبصار هام جدا يف هذا‬

‫العالج ‪.‬‬

‫إن عالج إعادة البناء املعريف يهدف إىل تغري الشخصية وإعادة بنائها‪ ،‬وتغري عادات املفحوص السلوكية‪ ،‬وطريقة تفكريه‪،‬‬

‫واجتاهاته األساسية وأسلوب حياته‪ ،‬ومفهومه‪ ª‬عن ذاته واآلخرين‪) .‬حامد عبد السالم زه ا رن‪ ،‬ص ‪) 210 - 208‬‬

‫يرى بيك أن الشخصية تتكون من خمططات أو بنيات معرفية ‪ schéma‬تشتمل على املعلومات واملعتقدات واملفاهيم لدى‬

‫الفرد‪ ،‬واليت يكسبها خالل م ا رحل النمو‪ ،‬فريى أن البنيات املعرفية السائدة يف حاالت االكتئاب تتعلق باآلراء السلبية‬

‫حول الذات‪ ،‬أو اآلخرين‪،‬‬

‫واملستقبل يف حني تتعلق البنيات املعرفية يف حاالت القلق باخلطر و احتمال التعرض له‪( .‬عادل محمد عبد اهلل ‪،‬‬

‫‪، 2000‬ص ‪)60‬‬

‫‪59‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫حسب بيك فان االضطرابات تنشا عن عدم االتساق بني النظام املعريف للفرد وبني املثريات اخلارجي اليت يتعرض هلا ذلك‬

‫الفرد‪ ،‬وحتليلها وتفسريها عن طريق ذلك النظام املعريف الداخلي الذي ميزه‪ ،‬ويبدأ يف االستجابة للمواقف واألحداث‬

‫املختلفة انطالقا من تلك املعاين اليت يعطيها هلا )عادل محمد عبد اهلل ‪ ، 2000 ،‬ص ‪) 67‬‬

‫ويهدف هذا األسلوب العالجي إىل إ ا زلة األمل والضيق النفسي الذي يشعر به املفحوص‪ ،‬من خالل التعرف على املفاهيم‬

‫واإلشارات الذاتية اخلاطئة وحتديدها والعمل على تصحيحها ومن مث تعديلها‪ ،‬استنادا إىل أن االستجابات االنفعالية اليت‬

‫أتت باملفحوص إىل العالج تعد نتائج تفكريه اخلاطئ الذي يتميز به هذا االضطرابات أو ذاك‪ ،‬وعلى هذا فإهنا تزول عندما‬

‫يتم تصحيح ذلك التفكري و تعديله‪.‬‬

‫‪ 2-9-‬التدريب التحصيني ضد الضغوط‪:‬‬

‫وضع هذا االجتاه "دونالد هربرت ميكنبوم ‪ " Donald Herbart Meichanbaum‬الذي يستخدم خالل تعديل‬

‫السلوك والعالج املعريف ‪،‬طريقة التعليمات الذاتية تتمثل يف احلديث الذايت للفرد‪ ،‬وهو ما يعد ابتعادا عن االشراط اإلجرائي‬

‫حيث يتم إدخال عنصر‬

‫معريف يف العالج‪ ،‬وقد كشف استخدام هذه التعليمات الذاتية من جانب ‪ Meichanbaum‬مع مرضى الفصام ومع‬

‫األطفال زائدي النشاط احلركي فقد وجد حدوث قدر معقول من التحسن حيث مت تعديل كم كبري من تلك السلوكيات‪.‬‬

‫وعندما استخدم ‪ Meichanbaum‬بعد ذلك طريقة تشتمل على التعليمات الذاتية اللفظية اليت يقوهلا املرضى ألنفسهم‬

‫لتدريب حاالت الفصام على تعديل سلوكهم‪ ،‬واشتملت التعليمات اللفظية املستخدمة على مايلي ‪:‬‬

‫إعادة صياغة مطالب املهمة و الواجب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تعليمات وإرشادات بأداء املهمة ببطء مع التفكري قبل التصرف‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أسلوب معريف يتمثل يف التخيل و ذلك للبحث عن حل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عبارات تقدير الذات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪60‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫عبارة تصف كيفية التعامل مع الفشل وكيفية الوصول إىل االستجابة املناسبة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هذا وتقوم فكرة األحاديث الذاتية أو التعليمات الذاتية على فرض أن األشياء اليت يقوهلا األفراد ألنفسهم حتدد باقي‬

‫األشياء اليت يفعلوهنا‪ .‬إال أن مثل هذه األحاديث ال تظهر بشكل مباشر يف حالة تنأ ول الضغوط وكيفية مواجهتها‪،‬و إمنا‬

‫يشري األمر إىل أن الكيفية اليت يتعامل معها الفرد مع الضغوط تتأثر حبد كبري بكيفية تقديره لقدرته على التعامل مع مصدر‬

‫الضغط‪ ،‬أي انه يشجع نفسه على مواجهة مصدر الضغط مستخدما عبارات تعكس قدرته على التعامل معه وإمكانية‬

‫السيطرة عليه‪ ،‬وهو ما يؤثر على سلوكه يف هذا املوقف فإذا كانت هذه األحاديث إجيابية فان معدل القلق ينخفض معها‪.‬‬

‫وتتضمن عملية العالج وفق اجتاه ميكنبوم ثالث م ا رحل هي ‪:‬‬

‫المرحلة اال ولى ‪ :‬املالحظة الذاتية‪ ،‬حيث يقوم املتعاجل هنا برصد وحتديد ما لديه من أحاديث سلبية ذاتية أو ختيالت غري‬

‫مناسبة ويركز على استجاباته وردود أفعاله الفكرية أو االنفعالية واالستجابة الفيزيولوجية وما يتصل بتفاعله الشخصي من‬

‫سلوكيات‪ ،‬وهذا يزود‬

‫املتعاجل بإعادة تصوره للمشكلة وتعريفها مبا يساعده على الفهم الدقيق لتلك املشكلة ‪،‬مما يعطي مفاهيم و معاين جديدة‬

‫وخمتلفة لألفكار واملشاعر والسلوكات‪.‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬توليد سلوكيات جديدة تتنافر مع السلوكيات القدمية‪ ،‬يف هذه املرحلة من العالج‪ ،‬يدرك املتعاجل أن ما‬

‫يردده لنفسه من حوارات داخلية جيب أن تعمل على توليد سلوكيات جديدة تناهض السلوكيات غري املتوافقة املراد‬

‫تغيريها على أن يؤثر هذا احلوار الداخلي‪ ،‬على االنتباه والتقدير واالستجابات الفيزيولوجية‪ ،‬واستثارة سلوكيات جديدة‪،‬‬

‫مما يؤثر على البنيات املعرفية للمتعاجل‪ ،‬وهذا ما يؤدي إىل تغيري والسلوكيات غري املرغوب فيها ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬تطوير اجلوانب املعرفية املتصلة بالتغيري‪ ،‬يف هذه املرحلة من العالج يدرب املتعاجل على سلوكات املواجهة‬

‫واألحاديث الذاتية بصفة يومية وال يكفي الرتكيز على املهارات السلوكية فقط‪ ،‬بل يتم الرتكيز على األحاديث الذاتية‬

‫والبنيات املعرفية اجلديدة‪ ،‬وبالتايل حيدث تطوير وتعديل للجوانب املعرفية اليت تتعلق بالتغيري املطلوب‪.‬‬

‫‪ 3-9-‬اتجاه ‪ Albert Ellis‬في العالج العقالني االنفعالي ‪:‬‬

‫يعرف اليس ‪ 1988‬العالج العقالين االنفعايل انه عالج مباشر موجه‪ ،‬يستخدم فنيات معرفية وانفعالية ملساعدة املريض‬

‫لتصحيح معتقداته غري العقالنية اليت يصاحبها خلل انفعايل وسلوكي إىل معتقدات عقالنية يصاحبها ضبط انفعايل‬

‫وسلوكي‬

‫( حامد عبد السالم زهران ‪ ، 2005 ،‬ص ‪)226‬‬

‫أما عن عملية العالج العقالين االنفعايل فهي عملية تعليم املفحوص التفكري العقالين بأسلوب نشط‪ ،‬وتتضمن العملية عالج‬

‫الالعقل بالعقل‪ ،‬والالمنطق باملنطق‪ ،‬واخلرافة بالعلم وعملية العالج عقلية حبتة‪ .‬ومهمة املعاجل هي مساعدة املفحوص على‬

‫التخلص من األفكار الالعقالنية وغري املنطقية واستبداهلا بأفكار عقالنية ومنطقية‪ ،‬وجيب أن يتوافر يف املعاجل الثقافة الواسعة‬

‫والطالقة اللفظية والقدرة على التعليم والشرح والتفسري أو اإلقناع‪.‬‬

‫‪ 1-3-9-‬أسس العالج العقالني االنفعالي ‪:‬‬

‫يقوم العالج العقالين االنفعايل على عدة مسلمات خاصة بطبيعة اإلنسان وتفسري سلوكه وحتديد مصدر اضطرابه وهي ‪:‬‬

‫الفكر واالنفعال مرتابطان ومتداخالن‪ ،‬ويؤثر كل منهما على اآلخر‪ ،‬والتفكري واالنفعال والسلوك تشكل مثلث‬ ‫‪-‬‬

‫يؤثر كل واحد يف اآلخر ‪.‬‬

‫اإلنسان مابني عقالين وغري عقالين‪ ،‬والسلوك العقالين يؤدي للصحة النفسية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪62‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫االضطراب النفسي االنفعايل والسلوك املرضي ينتج عن التفكري غري العقالين وغري املنطقي واملضطرب هو شخص‬ ‫‪-‬‬

‫أفكاره غري عقالنية‪ ،‬عاجز انفعاليا وسلوكه مدمر للذات ‪.‬‬

‫ينبع التفكري غري املنطقي من التعلم غري املنطقي من الوالدين والبيئة والثقافة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اإلنسان يعرب عن فكره رمزيا و لغويا‪ ،‬وكل من الفكر واالنفعال يتضمنان الكالم مع الذات يف شكل مجل‬ ‫‪-‬‬

‫مستدخلة‪ ،‬وإذا كان الفكر مضطربا صاحبه انفعال مضطرب وكان الفرد حيدث نفسه دائما بالفكر غري املنطقي‬

‫ويرتمجه يف شكل سلوك‪.‬‬

‫األفكار السالبة أو اخلادعة للنفس واليت تقوم على أساس العقالين ميكن تعديلها إىل موجبة وإعادة تنظيمها‬ ‫‪-‬‬

‫عقالنيا ومنطقيا‪) .‬حامد عبد السالم زهران ‪ ،‬ص ‪. ) 368‬‬

‫‪ 2-3-9-‬خطوات العالج العقالني االنفعالي ‪:‬‬

‫‪ -‬حماولة التعرف على أفكار املريض ‪،‬حتديد الالعقالين منها‪.‬‬

‫‪ -‬إخبار املفحوص أهنا غري منطقية وخرافية ‪ ،‬وإهنا أدت إىل اضطرابه االنفعايل مع ذكر أمثلة من سلوكه املضطرب‪.‬‬

‫‪ -‬إخبار املفحوص أن اضطرابه يستمر إذا استمر يفكر تفكي ا ر غري منطقي وهذا التفكري هو املسؤول عن حالته وليس‬

‫تأثري األحداث السابقة‪.‬‬

‫‪ -‬تغيري تفكري املفحوص وإلغاء األفكار غري العقالنية‪.‬‬

‫‪ -‬إرساء دعائم فلسفية عقالنية جديدة للحياة حبيث يتجنب املفحوص الوقوع ضحية ألفكار و معتقدات غري عقالنية و‬

‫خرافية أخرى‪.‬‬

‫‪ 3-3-9-‬نظرية ‪ ABC‬و العالج العقالني االنفعالي ‪:‬‬

‫قام البريت اليس ‪ 1977‬بطرح ما امساه بنظرية ‪ ABC‬يف السلوك و الشخصية فكل من هذه الرموز تعين ‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ A :‬تعين ‪ activiting expérience event‬أي اخلربة النشطة أو احلادث النشط مثل‪ ،‬وفاة أب‪ ،‬رسوب ‪ª...‬‬

‫واحلادثة يف حد ذاهتا ال حتدث االضطرابات ‪.‬‬

‫‪ B :‬تعين ‪ belief system‬أي نظام املعتقدات ‪،‬يتم إدراك اخلربة النشطة يف ضوء نظام املعتقدات لدى الفرد‪ ،‬و قد‬

‫يكون نظام املعتقدات عقالنيا أو غري عقالنيا‪ ،‬وهذا ما يؤدي باالنفعال‪.‬‬

‫‪ C :‬تعين ‪ consequence‬أي نتيجة أو االستجابة االنفعالية والنتيجة قد تكون عقالنية (صرب‪ ،‬رضا‪ ،‬إصالح ( أو غري‬

‫عقالنية )توتر‪ ،‬قلق ‪،‬حزن‪ ( ) ª...،‬حامد عبد السالم زهران ‪ ،‬ص‪) 369‬‬

‫‪ . 10‬تقنيات العالج المعرفي السلوكي ‪:‬‬

‫يستخدم لتحقيق أهداف العالج املعريف جمموعة من التقنيات السلوكية واملعرفية‪ ،‬وميكن تعليم هذه التقنيات للمتعاجلني‬

‫لتساعدهم يف االستجابة بطريقة وظيفية أكثر‪ .‬ويعتمد هذا املزج الدقيق بني التقنيات السلوكية واملعرفية على مستوى األداء‬

‫الوظيفي للمتعاجل‪ ،‬و مهارات‬

‫املعاجل ومدة العالج‪ ،‬وأهداف املعاجلة‪ ،‬فاملعاجل يشكل طريقته يف العالج تبعاً حلاجات نوعية للمتعاجل معني يف وقت معني‪ª.‬‬

‫‪ 1-10-‬التقنيات المعرفية‪: o‬‬

‫تستخدم هذه التقنيات للحد من عملية اجرتار األفكار اليت تساعد على استمرار املشكلة‪ ،‬وهي مهمة بالذات يف بداية‬

‫العالج قبل أن يتدرب املريض على إجياد بدائل لألفكار التلقائية السلبية‪ ،‬ورمبا ال حتدث هذه التقنيات تغريات معرفية‬

‫جوهرية‪ ،‬ولكنها حتد من تكرار‬

‫األفكار السلبية‪ ،‬وبالتايل حتسن مزاج املريض األمر الذي يساعده على حل مشكلته‪ ،‬ومن هذه التقنيات جند مايلي ‪:‬‬

‫‪64‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ 1-1-10-‬مراقبة األفكار التلقائية وتحديدها‪:‬‬

‫يكرس الكثري من عمل العالج املعريف لتعرف األفكار التلقائية غري املنطقية السلبية‪/‬أو املشوهة ‪،‬إن أقوى طريقة لتعريف‬

‫املتعاجل على اآلثار األفكار التلقائية هو االستعانة بأمثلة حية عن الكيفية اليت ميكن لألفكار التلقائية فيها أن تؤثر يف‬

‫االستجابات االنفعالية‪ .‬أو‬

‫ميكن أن يطلب املعاجل من املتعاجل أن يتذكر حادثة أو موقف من املواقف املرتبطة بتبدل مزاجه ‪ ،‬ويطلب إليه وصف‬

‫األفكار اليت عربت فكره قبل تبدل م ا زجه‪ .‬ومن أساليب حتديد األفكار التلقائية و تعديلها جند ‪:‬‬

‫الحوار السقراطي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ويع ّد من أكثر تقنيات العالج املعريف‪ ،‬وأكثرها استخداما يف طرح األسئلة و يسمى أيضا االكتشاف املوجه‪ ،‬وليس هناك‬

‫شكل أو تنسيق حمدد أو بروتوكول خاص هبذا األسلوب‪ ،‬وإمنا بديل ذلك جيب على املعاجل أن يعتمد على خربته وإبداعه‬

‫بصوغ األسئلة لسابرة اليت من احملتمل أن تكشف عن أمناط األفكار املختلة وظيفيا مثل "ماذا تقصدين؟ " " دعينا نتوقف"‬

‫"هل ترغبني؟" ‪.‬‬

‫التخيل‪ :‬يستخدم التخيل كأسلوب بديل للكشف عن املعرفيات حينما ال جتدي األسئلة املباشرة يف توضيح‬ ‫‪‬‬

‫التفكري التلقائي السليب‪ ،‬ويتم اختيار هذه األساليب أيضا عندما يظهر املنهج السقراطي يف األسئلة كماً حمدوداً من‬

‫األفكار التلقائية‪ ،‬ويكون لدى املعاجل شك بأن هنالك املزيد من األفكار التلقائية املهمة اليت ما ا زلت موجودة‪ ª.‬وقد يتمكن‬

‫بعض املتعاجلني من استخدام إجراءات التخيل بتذكري أو توجيه قليل من املعاجل وال حيتاج إال أن يطلب إليه أن يتخيل نفسه‬

‫يف حالة ماضية‪ ،‬مزعجة أو تسبب انفعاال حمددا‪ ،‬وأن يصف بالتايل األفكار‬

‫اليت أوردته ‪ ،‬وغالبا ما يرى املتعاجل ال معقولية أفكاره‪ ،‬وهو يصف املشاعر املصاحبة هلذه املخططات أي إن املطلوب هنا‬

‫هو اسرتجاع خربات املاضي املؤملة لنضعه يف صيغة احلاضر ومآل املستقبل‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫لعب الدور ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يف الغالب يكون لعب الدور أكثر فائدة من التخيل‪ ،‬وذلك بعد احلصول على وصف ٍ‬
‫واف لسلوك الشخص الذي حدث‬

‫معه املوقف‪ .‬وعندها يقوم املعاجل بأداء دور ذلك الشخص بينما يقوم املتعاجل بدوره هو‪ ،‬أو ميكن عكس الدور وذلك‬

‫بتمثيل املتعاجل دور املعاجل‪.‬‬

‫سجل األفكار ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫هو أحد أكثر إجراءات العالج املعريف استخداما لتحديد األفكار التلقائية وميكن أن يُطلب من املتعاجلني أن يسجلوا‬

‫أفكارهم بعدد من الطرائق املختلفة‪،‬تسمى كل واحدة منها طبقا لعدد األعمدة وأسهل طريقة هي أسلوب العمود املزدوج‬

‫وهو إجراء يستخدم غالباً حاملا يبدأ‬

‫يدون األفكار التلقائية اليت ختطر يف باله يف‬


‫املتعاجل بتعلم كيف مييز األفكار التلقائية‪ .‬ويُطلب إىل املتعاجل يف هذه احلالة أن ّ‬
‫حالة التوتر أو االنزعاج‪ .‬وميكن أن حيدد املتعاجل بالتناوب االستجابات االنفعالية يف عمود األفكار التلقائية يف العمود‬

‫اآلخر‪،‬كما ميكن أن نستخدم تقنية السهم العمودي أيضا لكشف األفكار التلقائية‪ ،‬حيث تع ّد هذه التقنية ناجتاً ثانوياً‬

‫لطريقة العمود املزدوج وتبدأ ب "إذا كانت هذه الفكرة صحيحة فماذا تعين يل؟ وملاذا تزعجين؟" وتقود إىل سلسلة من‬

‫األفكار التلقائية تكشف عن السبب احلقيقي للمشكلة‪ .‬وميكن أن يضيف املعاجل أو ينقص من عدد األعمدة حبسب‬

‫احلاجات النوعية‬

‫للمتعاجل وبقدر فهمه لألفكار التلقائية وللعالقة بني املعرفيات السلبية والشعور غري السار والسلوك غري املثمر‪ .‬ويسمى‬

‫أسلوب األعمدة الثالث إذا احتوت االستمارة على ثالثة أعمدة العمود إال ول يقدم وص ًفا للحالة‪ ،‬والعمود الثاين قائمة‬

‫األفكار التلقائية‪ ،‬والعمود الثالث االستجابة النفعالية‪ .‬وقد وسع بيك أسلوب األعمدة ليصبح مؤلفاً من مخسة أعمدة‪،‬‬

‫‪66‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫ومساه السجل اليومي لألفكار املختلة وظيفياً ‪ Daily Record of Dysfunctional Thoughts‬ويرمز له‬

‫اختصارا( ‪) DRDT‬‬

‫استخدمت كلمة )سيامو( وهي األحرف األوىل من الكلمات التالية)‪ :‬سجل يومي لألفكار املختلة وظيفيا (‬
‫ويف العربية ُ‬
‫مناقشة‪ o‬الحوار الداخلي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫هذه التقنية مأخوذة عن أسلوب ميكنباوم يف العالج املعريف‪ ،‬فقد ركز على أمهية احلوار الداخلي عند الفرد يف تغيري‬

‫مشاعره وتفكريه‪ ،‬ومن مثّ سلوكه فاملزاج الكئيب يفتح الباب للمتعاجل ليقول لنفسه يف حوار داخلي "إنين عدمي القيمة"‬

‫"أف إنين لست جيدا" "إنين أقل‬

‫من اآلخرين"‪ .‬وهي عبارات للتقليل من قيمة الذات‪ ،‬وتزيد يف مشاعر اليأس وسوء احرتام الذات ليصل املكتئب إىل اإلميان‬

‫هبا‪ ،‬مما قد يقود إىل ردة فعل عنيفة رمبا توصل إىل تفضيل املوت بسبب عدم االرتياح‪ .‬ومبا أن املكتئب يسيء إىل نفسه‪،‬‬

‫فإنه يتحول هبذا إىل شخص غري فعال ومشلول وخائف ومنعزل عن املشاركة يف مسار احلياة الطبيعية‪ .‬وبسبب النتائج‬

‫السلوكية واالنفعالية السلبية لتفكري املتعاجل السليب فإن اخلطوة األساسية هي أن يتوقف عن القول لنفسه " إنين عدمي القيمة‪،‬‬

‫إنين‪...‬اخل وهذا ما ذكره ميكنباوم يف عالجه أن يتدرب املتعاجل على التحدث إىل ذاته بطريقة بنّاءة"‬

‫‪ 2-1-10-‬تعديل األفكار التلقائية ‪:‬‬

‫‪ -‬ليس هناك عادة فصل تام يف العالج املعريف السلوكي بني مراحل حتديد األفكار التلقائية وتعديلها‪ .‬ففي الواقع إن‬

‫العمليات املرتبطة بتحديد األفكار التلقائية غالباً ما تكون كافية للبدء بالتغري احلقيقي‪.‬‬

‫إيجاد البدائل ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪67‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫يرى العديد من األفراد أنفسهم وكأهنم قد فقدوا كل اخليارات ولعل املثال األبرز على االفتقار إىل اخليارات يف املتعاجلني‬

‫الذين يقدمون على االنتحار أهنم يرون اخليارات والبدائل املتوافرة هلم حمدودة جداً لدرجة أهنم قد يرون أن املوت هو‬

‫اخليار األسهل واألبسط‬

‫والتكتيك املعريف هنا يتضمن العمل سوية مع املتعاجل إلجياد بدائل أخرى‪.‬‬

‫تفحص الدليل ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫هو املكون الرئيس لالختبار التجرييب التعاوين يف العالج املعريف فبعد كتابة األفكار السلبية وحتديد التشوهات فيها‪ ،‬يتم‬

‫اعتبار جمموعات األفكار التلقائية فرضية يقوم املعاجل واملتعاجل بالبحث عن دليل يؤيد فرضيته أو يدحضها‪ ،‬خاصة وأن‬

‫املتعاجل غالباً ما يقدم دليالً يدعم ويعزز اعتقاده متجاهالً معلومات أخرى رئيسة‪ ،‬ومر ّكزا على معلومات قليلة تعزز‬

‫أفكاره املختلة‪ .‬وعند ذلك يُسأل املتعاجل "ما الدليل على هذه الفكرة ؟" ألننا غالباً عندما نشعر بأننا لسنا على ما ي ا رم‬

‫فإننا نعتقد بأن األشياء سيئة دون التدقيق يف احلقائق والتأكد منها وحينما نتفحصها فإننا سنرى األشياء من منظور خمتلف‪.‬‬

‫اإلقالل من إضفاء الصفة الكارثية ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫وتسمى بأسلوب افرتاضي " ماذا لو ‪ " What if‬ويساعد هذا األسلوب املتعاجل على التقومي بنفسه فيما إذا كان يبالغ يف‬

‫تقدير الصفة الكارثية للحدث أو للفكرة‪ ،‬وفيه يسأ ل املتعاجلون أسئلة سلبية مثل "ماذا لو مل أستطع " " ماذا لو رسبت "‬

‫فال يعطون وقتا ألسئلة مشاهبة حرفيا ولكن بشكل إجيايب مثل‪ :‬ماذا لو جنحت" "ماذا لو استطعت" إهنم يبحثون عن إجابة‪،‬‬

‫أو عن وجهات نظر بديلة بشكل مثايل ‪.‬‬

‫إعادة عزو األسباب ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫عادة ما تكون الصفات املنسوبة إىل أحداث احلياة يف حالة االضطراب مشوهة يف االجتاه السليب إذ يقوم املفحوصني بلوم‬

‫أنفسهم على أحداث احلياة غري املواتية‪ ،‬وإعطاء معىن عام للحوادث احملددة وغري املتوقعة‪ ،‬و يعتقدون أن احلالة السلبية‬

‫ستدوم‬

‫‪68‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫إىل ما ال هناية‪ .‬وقد ُو ِجد أن التشوهات السلبية لدى املضطربني تكمن يف العزو الداخلي الذي يقود الفرد إىل اخنفاض يف‬

‫تقدير ذاته كالعبارة الشائعة بني املتعاجلني "هذا ما جنيته على نفسي" وعلى الرغم من أن املرء ال يستطيع أن ينفي هذا‬

‫متاماً‪ ،‬إال أنه من غري املرجح أن يكون شخصاً واحداً مبفرده مسؤوالً عن كل خلل حيدث يف عالقة ما‪ ،‬لذلك يكون‬

‫التدخل العالجي هنا يف إعادة توزيع املسؤولية بني كل األطراف ذات الصلة باألزمة ‪.‬‬

‫التدريب المعرفي االستطالعي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫وتستخدم للمساعدة يف الكشف مسبق اً عن األفكار التلقائية السلبية‪ ،‬ويف تدريب املتعاجل على تطوير معرفيات أكثر تكيفاً‬

‫ومالئمة ويكون ذلك بطلب من املتعاجل أن يستخدم األفكار البديلة يف وضع مشكلي جديد‪ ،‬ويراقب انفعاالته املرتافقة مع‬

‫هذا السلوك اجلديد‪ ،‬ويساعد ذلك على حتديد العقبات احملتملة )املعرفية والسلوكية( اليت ستعيقه يف تنفيذها يف املستقبل‪.‬‬

‫‪ 3-1-10-‬تحديد المخططات و تعديلها ‪:‬‬

‫إن عملية حتديد املخططات وتعديلها هي أصعب إىل حد ما من تغيري األفكار التلقائية السلبية ألن هذه املعتقدات اجلوهرية‬

‫األساسية مطمورة بعمق أكثر ورمبا أبعد بكثري عن وعي املتعاجل وتكون قد تعززت عادة عرب سنوات من التجارب احلياتية‪.‬‬

‫وميكن للعديد من‬

‫األساليب ذاهتا اليت مت ذكرها يف تعديل األفكار التلقائية أن توظف توظيفاً ناجحاً يف العمل العالجي على مستوى‬

‫إجراءات املنهج السقراطي يف طرح األسئلة أو التخيل ولعب األدوار وتسجيل األفكار للكشف‬ ‫املخططات مثل ‪:‬‬

‫عن املخططات ذات التكيف السيئ وحينما يكتسب املتعاجل اخلربة يف متييز األفكار التلقائية‪ ،‬تبدأ أمناط متكررة بالظهور مما‬

‫قد يوحي بج وهر املخططات األساسية‪ ،‬وارتباطها مع األفكار التلقائية‪ .‬وهنا ميكن أن يستخدم املعاجل طريقة التثقيف‬

‫النفسي لشرح مفهوم املخططات ) قد تُسمى املعتقدات احملورية ‪ Core Beliefs‬أو االفرتاضات األساسية (‪Basic‬‬

‫‪69‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ ، Assumption‬ومن مث قد يبدأ املتعاجلون بتمييز املخططات من تلقاء ذاهتم ولكن‪ ،‬عندما يبدأ املتعاجل باكتشاف هذه‬

‫االفرتاضات األساسية‬

‫فقد حيتاج املعاجل إىل االقرتاحات بأن خمططات حمددة قد تكون فعالة ومؤثرة وبالتايل يُشرك املتعاجل يف متارين مشرتكة‬

‫الختبار هذه الفرضيات‪ .‬قد يتطلب تعديل املخططات اهتماماً متكررا داخل جلسات العالج وخارجها‪ .‬وإحدى‬

‫اإلجراءات املستخدمة استخداماً شائعاً هو الطلب من املتعاجل االحتفاظ بقائمة يف دفرت خاص بالعالج عن كل املخططات‬

‫اليت حددت حىت تارخيه‪ .‬وميكن م ا رجعة قائمة املخططات قبل كل جلسة‪.‬‬

‫وتتضمن تدخالت العالج املعريف املفيدة بشكل خاص يف تعديل املخططات ما يلي‪:‬‬

‫تفحص الدليل)الدليل املؤيد والدليل املعارض(‪،‬و إعداد قائمة باملزايا والسيئات‪،‬و إجياد البدائل والتدريب املعريف‬

‫االستطالعي‪ ،‬والسهم العمودي‪.‬‬

‫‪ 2-10-‬التقنيات السلوكية ‪:‬‬

‫يتمثل اهلدف من استخدام التقنيات السلوكية ضمن نسق العالج املعريف السلوكي يف‪:‬‬

‫استخدام أساليب واسرتاتيجيات سلوكية مباشرة الختبار التصرفات واألفكار املختلة وظيفياً مثل ) العجز‪ ،‬العزلة‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫امللل‪ ،‬الكسل‪...‬اخل(‪،‬وذلك من خالل جعل املتعاجل جيرب السلوك الذي ما دام خيشاه أو يتجنبه‪ ،‬مما يتيح التحدي املباشر‬

‫لألفكار القدمية‪ .‬و من بني هذه التقنيات جند‪:‬‬

‫‪ 1-2-10-‬جدول النشاطات ‪:‬‬

‫ويتم ذلك بأن يطلب املعاجل من املتعاجل أن يسجل يف سجل أداء يومي أو أسبوعي ما قام به يف كل ساعة من اليوم‪ ،‬وأن‬

‫يعطي نسبة لكل فعالية من حيث اإلتقان والرضا مبقياس من صفر إىل عشرة‪ ،‬حينما يقدم سجل النشاط ألول مرة ‪ ،‬يُطلب‬

‫من املتعاجل عادة أن يعد‬

‫سجالً للنشاطات األساسية دون حماولة إجراء أي تغيري وتتم مراجعة املعطيات يف جلسة العالج التالية ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ 2-2-10-‬المهام المتدرجة ‪:‬‬

‫وتستخدم هذه التقنية عندما يواجه املتعاجل عمالً يبدو له صعباً‪ ،‬ويتم ذلك بتجزئة اهلدف السلوكي إىل خطوات صغرية‬

‫متتابعة‪ ،‬ميكن تنفيذها خطوة واحدة يف كل مرة وصوالً إىل اهلدف املرجو‪ .‬ويُستخدم تعيني الواجبات املتدرجة مع‬

‫األشخاص املكتئبني على حنو منوذجي كأسلوب حلل املشكالت‪ .‬وميكن هلذه الطريقة التدرجيية فضالً عن األساليب املعرفية‬

‫مثل أسلوب طرح األسئلة السقراطي وتسجيل األفكار أن جتدد نشاط املتعاجل وتركز طاقته بصورة منتجة‪ ،‬وبالتايل ترفع‬

‫من م ا زجه‪.‬‬

‫‪ 3-2-10-‬التدريب على المهارات إالجتماعية ‪:‬‬

‫إذا كان اختبار الواقع مهماً‪ ،‬وكان بعض املتعاجلني يفتقرون إىل مهارات حمددة فإن من واجب املعاجل مساعدة هؤالء‬

‫املتعاجلني على اكتساب هذه املهارات ‪ ،‬واليت قد تبدأ من إلقاء التحية بالشكل املرغوب حىت التدريب على مهارات احلوار‬

‫والتواصل‪.‬‬

‫‪ 4-2-10-‬التدريب على توكيد الذات ‪:‬‬

‫تعبريا مباشرا‬
‫وتنفع هذه التقنية مع املتعاجلني املكتئبني والقلقني‪ ،‬وذلك بالرتكيز على التعبري عن مشاعرهم‪ ،‬وأرائهم ً‬
‫وبأسلوب مقبول اجتماعيا ‪.‬وتساعد التوكيدية على حتقيق أكرب قدر ممكن من الفاعلية والنجاح عندما يدخل اإلنسان يف‬

‫عالقات اجتماعية مع اآلخرين‪ ،‬فال يكون ضحية ملوقف خاطئ من صنع اآلخرين‪ ،‬ودوافعهم يف مثل هذه املواقف‪.‬‬

‫‪ 5-2-10-‬تشتت االنتباه ‪:‬‬

‫يعترب اإلهلاء مهارة إزاحة وليس منهجاً لتغيري التفكري غري الواقعي‪ ،‬لذلك هو من النشاطات البديلة)مثل االستماع إىل‬

‫املذياع‪ ،‬االستماع إىل الفكاهات‪ ،‬حل كلمات متقاطعة‪،‬لعبة رياضية‪ ،‬تسلية ما( اليت ميكنها بشكل مؤقت أن تلهي املتعاجل‬

‫عن األفكار االقتحامية أو التأمالت االكتئابية أو أية معرفيات أخرى خمتلة وظيفياً‪.‬‬

‫‪ 6-2-10-‬التدريب على االسترخاء ‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫ويتم ذلك بتعليم املتعاجل مترينات االسرتخاء خالل اجللسة العالجية‪ ،‬أو إعطاءه شريطاً مسجالً صوتياً مناسباً له ميكنه من‬

‫ممارسة هذه التدريبات لوحده‪.‬‬

‫‪ 7-2-10-‬التدريب عل حل المشكالت ‪:‬‬

‫تفيد هذه التقنية املتعاجلني الذين يفتقرون للمهارات يف حل مشكالهتم‪ ،‬عن طريق تعليمهم سلسلة من اخلطوات تساعدهم‬

‫على املضي يف التفكري يف املشكالت واحللول‪ .‬وملساعدهتم على التأقلم مع مشكالهتم بطريقة بنّاءة أكثر وميكن أن يشرح‬

‫املعاجل للمتعاجل خطوات حل املشكالت عرب حصص عالجية متتالية‪.‬‬

‫‪ 8-2-10-‬أسلوب التعريض‪:‬‬

‫إن فنية التعريض مكون أساسي يف العالج املعريف السلوكي‪ ،‬وكذلك يف العالج السلوكي الضطرابات القلق‪ ،‬الذي يتضمن‬

‫تعرض الفرد للموقف الذي يسبب له القلق ‪،‬فقد وجد الباحثون يف هذا اجملال إن التعرض املستمر للمثريات اليت تسبب‬

‫القلق ينتج عنه تشتت استجابة القلق لدى الفرد الذي يعاين من القلق )حممد سعفان إبراهيم‪) 2003 ،‬‬

‫ويتخذ أسلوب التعريض عدة أشكال منها التعريض التخيلي والتدرجيي‪ ،‬والتعريض يف الواقع ويكون من غري تدرج‪ ،‬مع‬

‫توفر بعض الشروط أمهها موافقة املفحوص‪ .‬واهلدف من هذه التقنية التأثري على األعراض السلبية للقلق بإطفائها وذلك‬

‫مبواجهة املثري من جهة ومن جهة أخرى مواجهة سلوك التجنب ‪.‬‬

‫‪ 9-2-10-‬الواجبات المنزلية ‪:‬‬

‫بعد مناقشة بنود العمل األساسية يف اجللسة و إعطاء تلخيص دوري ملل يقال من قبل املفحوص ‪،‬يقوم املعاجل بتحديد مهام‬

‫الواجب املنزيل ملا بني اجللسات‪ .‬وتكون مهام الواجب املنزيل اليت تنفذ فيما بني اجللسات أكثر إفادة إذا توفر هلا مايلي‪:‬‬

‫‪72‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬

‫التتبع املنطقي ملا كان حيدث يف اجللسة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬أن يكون هناك هدف واضح مفهوم ومقبول لدى كل من املعاجل و املفحوص‪ .‬ومن الضروري عند اختيار الواجبات‬

‫املنزلية أن خيتار املعاجل الواجبات اليت باستطاعة املفحوص القيام هبا‪ ،‬الن الفشل يف هذه املهام سيؤثر على دافعية‬

‫املفحوص‪ ،‬ويفقد األمل‪.‬‬

‫‪ -‬من خالل ما سبق ذكره عن خمتلف التقنيات املتبعة يف العالج املعريف السلوكي‪ ،‬البد أن جتدر اإلشارة إىل دور املعاجل‬

‫وأمهيته يف املرحلة العالجية‪ ،‬اليت تكمن يف مدى حتكمه يف تلك التقنيات وكذا قدرته على املزج بينها حسب طبيعة كل‬

‫اضطراب أو مشكل‪ ،‬بإالضافة إىل مراعاة االختالف بني املتعاجلني ‪.‬‬

‫‪ . 11‬إرشادات العالج المعرفي السلوكي ‪:‬‬

‫اثبت العالج املعريف السلوكي فعالية يف معاجلة العديد من االضطرابات النفسية والسلوكية‪ ،‬إال انه و بالرغم من ذلك هناك‬

‫حاالت ينصح بتفادي اللجوء إىل العالج املعريف السلوكي معها نظرا لعدم ثبوت جدواه من جهة ‪،‬و تفاديا لتفاقم‬

‫االضطراب‪.‬‬

‫وفيما يلي نذكر احلاالت اليت ينصح باستعمال العالج املعريف السلوكي يف معاجلتها ‪:‬‬

‫‪ -‬اخلوف البسيط‪ ،‬فوبيا األماكن املغلقة‪ ،‬الرهاب االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬نوبات اهللع وأزمات القلق ‪.‬‬

‫‪ -‬الوسواس القهري ‪.‬‬

‫‪ -‬احلصر املعمم ‪.‬‬

‫‪ -‬االكتئاب الرئيسي مع تعاطي مضادات االكتئاب‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬
‫‪ -‬املشاكل اجلنسية ومشاكل العالقة الزوجية ‪.‬‬

‫‪ -‬اضطرابات األكل كالشراهة ‪.‬‬

‫‪ -‬اآلالم املزمنة ذات املنشأ النفسي‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة التأهيل النفسي واالجتماعي حلاالت الفصام‪.‬‬

‫‪ -‬اضطراب القلق بعد الصدمة ‪.‬‬

‫بإالضافة إىل حاالت قيد البحث واالختبار ‪:‬‬

‫‪ -‬اضطرابات الشخصية ‪.‬‬

‫‪ -‬الطب السلوكي )علم النفس الصحي(الضغط‪ ª،‬املناعة‪ ،‬السيدا‪ ،‬السرطان‪ ،‬ارتفاع ضغط الدم‪ ،‬علم النفس املسنني ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلدمان و سلوكات التبعية ‪.‬‬

‫‪ -‬املشاكل النفسية للطفل واملراهق ‪.‬‬

‫‪ . 12‬مضادات إالستعمال للعالج المعرفي السلوكي ‪:‬‬

‫هناك حاالت ينصح بتجنب العالج املعريف السلوكي نذكر منها‪ ،‬حاالت الفصام احلاد‪ ،‬اضطراب ثنائي القطب‪ ،‬ويف بعض‬

‫احلاالت اليت يصعب حتديد األهداف العالجية مع املتعاجل ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫العالج المعرفي‬ ‫الفصل الثالث‬
‫السلوكي‬

‫خالصة الفصل‪o:‬‬

‫من خالل عرضنا هلذا الفصل خنلص للقول أن العالج املعريف السلوكي واحد من العالجات النفسية اليت جتمع بني التقنيات‬

‫املعرفية و التقنيات السلوكية حيث يعتمد عليها املعاجل على أساس عقد عالجي مع املفحوص ‪ ،‬أين تتضح لكليهما‬

‫االتفاقيات واملهام و األهداف اليت ستؤول هلا اجللسات العالجية ‪.‬‬

‫و يف هذا البحث الذي يدور حول العالج املعريف السلوكي املطبق على عينة من املمرضات اللوايت يعانني درجة عالية من‬

‫االحرتاق النفسي‪ ،‬ستطبق جمموعة من التقنيات العالجية املعرفية السلوكية وفق برنامج و جلسات هبدف التعرف على‬

‫األفكار‬

‫الالعقالنية و املشوهة عند املفحوصني حول الظروف املهنية وطبيعة العمل الذي يقدمونه ‪،‬بإالضافة إىل تدريبهم على‬
‫مهارات توكيد الذات ولعب الدور و التخلص من ضغوط العمل و التوتر الدائم من خالل االسرتخاء ‪.‬و بالتايل الوصول‬
‫هبن إىل درجة من االستقرار النفسي و الرضا و االجناز املهين ‪.‬‬

‫‪75‬‬

You might also like