You are on page 1of 140

‫التْقِر ِ‬

‫يب‬ ‫ألفاظِ َّ‬


‫ح َ‬ ‫يب فِي شَْر ِ‬ ‫ج ِ‬
‫يب المُ ِ‬
‫القِر ِ‬
‫ح َ‬ ‫فَْت ُ‬
‫أَ ْو‬
‫ص ِ‬
‫ار‬ ‫غايَُة االختِ َ‬‫ح َ‬‫ار فِي شَْر ِ‬‫خَت ُ‬
‫الم ْ‬
‫القْولُ ُ‬
‫َ‬

‫تأليف‬
‫لإلمام شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن قاسم الغزي ثم القاهري الشافعي‬

‫نسخة‬
‫محب الدين أبومالك آدم الرومي الشافعي‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫س ِم هللاِ ال َّرح َم ِن ال َّر ِحيم‬ ‫بِ ْ‬


‫مقدمة‬
‫اسِم‬
‫ن َق ِ‬ ‫هللا ُمحََّمُد ْب ُ‬ ‫عْبدِ ِ‬ ‫ين أَُبْو َ‬ ‫شْمسُ الدِّ ِ‬ ‫اإلما ُم العَِالُم العَلاَّمَُة َ‬ ‫الشي ُخ َ‬ ‫َقالَ َّ‬
‫ين‪:‬‬ ‫آم َ‬ ‫هللا ِبَرحمَِتِه َوِرضَْوِانِه؛ ِ‬ ‫ي َت َغ َّم َدُه ُ‬ ‫الشافَِع ُّ‬ ‫َّ‬
‫خاتَِمُة ُك ِّ‬
‫ل‬ ‫ال؛ َو َ‬ ‫ل َأْمٍر ِذي بَ ٍ‬ ‫ابتَداءُ ُك ِّ‬ ‫الحَْمُد هّلِل ِ تبرُّكا بِفَِاتحَِة ال ِكتَاب؛ ِلأََّنَها ِ‬
‫ن َوفَّ َ‬
‫ق‬ ‫اب؛ َأحَْمُدُه َأ ْ‬ ‫ار الثََّو ِ‬ ‫ين فِي الجََّنِة َد ِ‬ ‫عَوى المُْؤِمِن َ‬ ‫اء ُمجَابٍ‪َ ،‬وآخُِر َد ْ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ُد َ‬
‫سِّلُم َعلَى‬ ‫ادِه‪َ ،‬وُأصَِّلي وَُأ َ‬ ‫ق ُمرَ ِ‬ ‫ادِه للتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ َعلَى َو ْف ِ‬ ‫عَب ِ‬ ‫اد ِمنْ ِ‬ ‫َم ْن أََر َ‬
‫ل‪َ ( :‬منْ يُ ِر ِد هللاُ بِ ِه َخ ْي ًرا يُفَقِّ ْههُ فِي‬ ‫ين القَائِ ِ‬ ‫سلِ َ‬‫سِّيِد المُْر َ‬ ‫ل خَْلقِِه ُمحََّمٍد َ‬ ‫ض ِ‬ ‫أَْف َ‬
‫‪1‬‬
‫ين‪.‬‬
‫ين َو َسهوِ الغَِافلِ َ‬ ‫كر الذَّا ِكرِ َ‬ ‫صحِْبِه ُمدة ِذ ِ‬ ‫علَى آلِِه َو َ‬ ‫الدِّي ِن) ؛ َو َ‬
‫التْهِذيبِ‪َ ،‬وضَعتُ ُه َعلَى ال ِكتَاب‬ ‫صارِ َو َّ‬ ‫غايَِة االختِ َ‬ ‫َوَبْعُد؛ هَ َذا ِكتَاب فِي َ‬
‫يعِة‬‫الشِر َ‬ ‫وع َّ‬ ‫ن المَُبتِدِئينَ؛ ِلفُُر ِ‬ ‫حَتاجُ ِم َ‬ ‫يب))‪ِ .‬لَيْنَتفَِع بِ ِه المُ ْ‬ ‫ـالتقِْر ِ‬ ‫مسَّمى بـِ(( َّ‬ ‫الُ َ‬
‫سِميعُ‬ ‫ين‪ .‬إَِّنُه َ‬ ‫سلِِم َ‬ ‫ادِه المُ ْ‬ ‫سَيلةً لَِنجَِاتي يَو َم الدِّينِ‪َ ،‬وَنفَعًا ِلِعَب ِ‬ ‫ين‪َ ،‬وِلَيُكونَ َو ِ‬ ‫َوالدِّ ِ‬
‫سأَلَ َك ِعبَا ِدي َعنِّي‬ ‫يب‪َ { .‬وإِ َذا َ‬ ‫صَدُه اَل يُخِ ُ‬ ‫ن َق َ‬ ‫جيبٌ‪َ ،‬وَم ْ‬ ‫ادِه َوَقِريبٌ ُم ِ‬ ‫عِاء عَِب ِ‬ ‫ُد َ‬
‫فَإِنِّي قَ ِريب} ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫سِمَيُتُه َتارًَة بِـ‬ ‫طَبِتِه َت ْ‬ ‫خ ْ‬‫ير ُ‬‫ض نُ َسخِ هَ َذا ال ِكتَاب فِي غَ ِ‬ ‫جُد فِي بَْع ِ‬ ‫اعلَْم َأَّنُه ُيْو َ‬ ‫َو ْ‬
‫اسِمينِ‪:‬‬ ‫سَّمُيتُه ِب ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ار)؛ َفلَِذِل َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ايِة االختِ َ‬ ‫ارًة ِبـ(ـغَ َ‬ ‫يب)‪َ ،‬وَت َ‬ ‫التْقِر ِ‬ ‫(ـ َّ‬
‫يب)‪.‬‬ ‫التقِْر ِ‬ ‫اظ َّ‬ ‫رح َألفَ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫يب فِي َ‬ ‫المجِ ِ‬ ‫يب ُ‬ ‫القِر ِ‬ ‫ح َ‬ ‫َأحَُدهَُما‪َ( :‬فْت ُ‬
‫ار)‪.‬‬
‫ص ِ‬ ‫ايِة االختِ َ‬ ‫رح غَ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ار فِي َ‬ ‫المخَْت ُ‬ ‫ول ُ‬ ‫َوالثَّانِي‪( :‬القَ ُ‬
‫ين‬
‫الملَِة َوالدِّ ِ‬ ‫شَهابُ ِ‬ ‫اع ِ‬ ‫شَتَهُر أَيضًا‪ِ :‬بأَِبي ُشجَ ٍ‬ ‫ب؛ َوُي ْ‬ ‫الطِّي ِ‬ ‫ام أَُبْو َّ‬ ‫اإلَم ُ‬ ‫يخ ِ‬ ‫الش ُ‬ ‫َقالَ َّ‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫الرحَْمِة‬ ‫صِبيبَ َّ‬ ‫سَقى هللاُ َثَرُاه َ‬ ‫ي؛ َ‬ ‫األصَْفَهانِ َّ‬ ‫حَمَد َ‬ ‫بن أَ ْ‬ ‫سينِ ِ‬ ‫ن الحُ َ‬ ‫حَمُد ِب ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫ان‪:‬‬
‫يس الجَِن ِ‬ ‫اد ِ‬ ‫سَكَنُه أَ ْعلَى فََر ِ‬ ‫ان؛ َوَأ ْ‬ ‫ضَو ِ‬ ‫َوالرِّ ْ‬
‫ئ ِكَتابِي هَ َذا‪.‬‬ ‫س ِم هللاِ ال َّرح َم ِن ال َّر ِحيم) َأْبَتِد ُ‬ ‫(ب ِ ْ‬
‫ود‪.‬‬ ‫الوجُ ِ‬ ‫اجبِ ُ‬ ‫لذات الوَ ِ‬ ‫اس ُم لِ َّ‬ ‫وَهللاُ‪ْ :‬‬
‫يم‪.‬‬
‫الرحِ ِ‬ ‫ن َّ‬ ‫ن‪ :‬أَْبَلُغ ِم ْ‬ ‫حَم ُ‬ ‫الر ْ‬‫وَ َّ‬
‫يم‪.‬‬
‫ظ ِ‬ ‫التْع ِ‬‫يل َعلَى جَِهِة َّ‬ ‫اء َعلَى هللاِ تَ َعالَى ِبالجَِم ِ‬ ‫هلل) هُ َو‪ :‬الثََّن ُ‬ ‫(الحَْمُد ِ‬
‫(َر ِّب)؛ أَي‪َ :‬مِالكْ‪.‬‬
‫ل‪ ،‬اَل‬ ‫ن َيْعِق ُ‬ ‫اص ِبَم ْ‬ ‫خ ٌّ‬ ‫اس ُم َج ْمعٍ َ‬ ‫ك‪ْ :‬‬ ‫ن َمالِ ٍ‬ ‫ام‪َ ،‬وهُ َو كََما َقالَ ْاب ُ‬ ‫ح اللَّ ِ‬ ‫(ال َعالَمِينَ) ِبَفْت ِ‬
‫خاصٌّ‬ ‫هللا‪ .‬والجَْمُع َ‬ ‫سَوى ِ‬ ‫ام لَِما ِ‬ ‫ع ٌّ‬ ‫اسٌم َ‬ ‫ام؛ لَِأَّنُه ْ‬ ‫ح اللَّ ِ‬ ‫عالَ ٌم ِبَفْت ِ‬ ‫جَْم ٌع‪َ .‬وُمْفَر ُدهُ َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ن َيْعِق ُ‬ ‫ِبَم ْ‬

‫‪ 1‬البخاري‪ ،71 :‬مسلم‪.1037 :‬‬


‫‪ 2‬البقرة‪.186 :‬‬
‫‪ 3‬أحمد بن الحسين بن أحمد ‪ ،‬أبو شجاع ‪ ،‬شهاب الدين أبو الطيب األصفهاني ؛ فقيه من علماء ال ّشافعيّة ؛ ‪ 593 533‬هـ = ‪ 1197 1138‬م <األعالم‬
‫للزركلي ‪. >1/116‬‬
‫ْت الما َء‪َ :‬س َك ْبتُه‪.‬‬ ‫َّب‪ :‬أَراقه‪َ ،‬‬
‫وصبَب ُ‬ ‫صب َ‬ ‫صبُّه صبّا ً فَصُبَّ وا ْن َ‬
‫صبَّ وتَ َ‬ ‫‪ 4‬من الصب‪ .‬صبَّ الما َء ونحوه يَ ُ‬

‫‪2‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫سانٌ‬ ‫ي)؛ ه َُو‪ِ :‬بالهَْمِز َوَتْرِكِه؛ ِإْن َ‬ ‫النِب ِّ‬ ‫حَّمٍد َّ‬ ‫سلَّمَ ( َعلَى سَِّيِدَنا مُ َ‬ ‫صلَّى هللاُ) َو َ‬ ‫(وَ َ‬
‫ن أُمَِر ِبَتْبِل ِ‬
‫يغِه؛ َفَنِب ٌّي‬ ‫يغِه‪َ ،‬فِإ ْ‬ ‫ن لَ ْم يُؤ َم ْر ِبَتْبلِ ِ‬ ‫ل بِ ِه؛ َوِإ ْ‬ ‫ع َيْعَم ُ‬ ‫شْر ٍ‬ ‫يه ِب َ‬ ‫ي ِإلَ ِ‬ ‫وح َ‬ ‫أُ ِ‬
‫ام َعلَي ِه‪.‬‬
‫السلَ َ‬
‫اة َو َّ‬ ‫ئ الصََّل َ‬ ‫ش ُّ‬‫المْعنَى‪ُ :‬يْن ِ‬ ‫ل أَيضًا‪َ .‬و َ‬ ‫سْو ٌ‬ ‫َوَر ُ‬
‫ل ِمْنُه أَ ْو‬ ‫النِب ُّي‪َ :‬بَد ٌ‬
‫ين‪َ ،‬و َّ‬ ‫ف العَ ِ‬ ‫ضَّع ِ‬ ‫ول المُ َ‬ ‫ن اسمِ َمْفُع ٍ‬ ‫ول ِم ِ‬ ‫وَُمحَ َّم ٌد‪َ :‬علَمٌ َمْنقُ ٌ‬
‫ان َعلَي ِه‪.‬‬ ‫ف َبَي ٍ‬ ‫ط ُ‬ ‫ع ْ‬
‫َ‬
‫ن َبِني‬ ‫ون ِم ْ‬ ‫الشِافع ُِّي‪ " :‬أََقارُِبُه المُْؤِمُن َ‬ ‫اهِرينَ) ُهْم َكَما َقالَهُ َّ‬ ‫( َو) َعلَى (ِآلِه الطَّ ِ‬
‫سلِم ٍ‪َ .‬وَلَعَّل َقْوَلُه‪:‬‬‫ل ُم ْ‬ ‫ارُه النَّ َو ِوي‪ :1‬إِنَّهُم كُ ُّ‬ ‫يل؛ َواختَ َ‬ ‫ب "‪َ .‬وقِ َ‬ ‫طلِ ِ‬ ‫اشم ٍ َوَبِني المُ َّ‬ ‫َه ِ‬
‫ولِه تَ َعالَى‪َ { :‬ويُطَ ِّه َر ُك ْم تَ ْط ِهي ًرا} ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ن َق ِ‬ ‫ع ِم ْ‬ ‫اهِرينَ) ُمْنَتِز ٌ‬ ‫(الطَّ ِ‬
‫ي‪.‬‬
‫ب النَِّب ِّ‬ ‫صاحِ ِ‬ ‫ابِتِه)؛ جَْمٌع‪َ :‬‬ ‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫( َو) َعلَى ( َ‬
‫حابَِتِه‪.‬‬ ‫ين)؛ َتْأِكيدٌ ِلصَ َ‬ ‫جَمِع َ‬ ‫ولُه‪َ( :‬أ ْ‬ ‫َوَق ُ‬
‫سَأَلِني‬ ‫صِر؛ ِبَقْولِِه‪َ ( :‬‬ ‫يف هَ َذا المُخَْت َ‬ ‫ل فِي تَصِْن ِ‬ ‫سُؤْو ٌ‬ ‫صنِّف أََّنُه َم ْ‬ ‫ُثَّم َذَكَر ال ُم َ‬
‫يق‪.‬‬‫جْمُع‪ :‬صَِد ٍ‬ ‫اء)‪َ ،‬‬ ‫صِدَق ِ‬ ‫األ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫َبْع ُ‬
‫عائَِّيٌة‪.‬‬‫هللا تَ َعالَى) جُْملٌـٌَ َد َ‬ ‫ظهُُم ُ‬ ‫حفِ َ‬ ‫ولُه‪َ ( :‬‬ ‫َوَق ُ‬
‫اه‪.‬‬
‫ظُه َوَكُثَر َمْعَن ُ‬ ‫ل َلفْ ُ‬ ‫ص ًرا)؛ ه َُو‪َ :‬ما قَ َّ‬ ‫خَت َ‬ ‫عَم َل ُم ْ‬ ‫(َأنْ َأ ْ‬
‫(فِي الفِْقِه)؛ هُ َو لُ َغةً‪ :‬الفَهـْ ُم‪.‬‬
‫الع ْل ُم باألحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية‪.‬‬ ‫واصطالحا‪ِ :‬‬ ‫ً‬
‫( َعلَى مذهب اإلمام) األعظم المجتهد ناصر السنة والدين أبي عبد هللا محمد‬
‫بن إدريس بن العباس ابن عثمان بن شافع (الشافعي)‪ُ .‬ولد‪ :‬بغزة سنة‬
‫خمسين ومائة‪.‬‬
‫ومات‪( :‬رحمة هللا تَ َعالَى َعلَي ِه ورضوانه)‪ :‬يو َم ال ُج َم َعة سلخ رجب سنة‬
‫‪3‬‬

‫أربع ومائتين‪.‬‬
‫صنِّف مختصره بأوصاف؛ ِم ْنهَا أنه‪( :‬فِي غاية االختصار‬ ‫ووصف ال ُم َ‬
‫ونهاية اإليجاز)‪ .‬والغاية والنهاية‪ :‬متقاربان‪َ ،‬و َك َذا‪ :‬االختصار واإليجاز؛‬
‫َو ِم ْنهَا أنه‪( :‬يقرب َعلَى المتعلم) لفروع الفقه (درسه‪ ،‬ويسهل َعلَى المبتدئ‬
‫حفظه)؛ أَي‪ :‬استحضاره َعلَى ظهر قلب؛ لمن يرغب فِي حفظ مختصر فِي‬
‫الفقه‪.‬‬
‫( َو) سألني أَيضًا بعض األصدقاء‪( :‬أن أكثر فِي ِه)؛ أَي‪ :‬المختصر‪( :‬من‬
‫التقسيمات)‪ :‬لألحكام الفقهية‪َ ( .‬و) من (حصر)؛ أَي‪ :‬ضبط (الخصال)‪:‬‬
‫الواجبة والمندوبة وغيرهما‪.‬‬
‫طالبا للثواب) من هللا جزا ًء َعلَى تصنيف هَ َذا‬ ‫ً‬ ‫(فأجبته إِلَى) سؤاله فِي (ذلك‬
‫المختصر‪.‬‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬األحزاب‪33:‬‬
‫‪ 3‬آخره‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(راغبًا إِلَى هللا سبحانهُ وتعالى) فِي اإلعانة من فضله َعلَى تمام هَ َذا‬
‫المختصر‪َ ،‬و (فِي التوفيق للصواب)؛ َوه َُو‪ :‬ضد الخطأ‪( ،‬إنه) تَ َعالَى ( َعلَى‬
‫ما يشاء) يريد (قدير)؛ أَي‪ :‬قادر‪( ،‬وبعباده لطيف خبير)؛ بأحوال عباده‪.‬‬
‫ولِه تَ َعالَى‪{ :‬هَّللا ُ لَ ِطيفٌ بِ ِعبَا ِد ِه}‪.1‬‬ ‫َواألَ ْول‪ :‬مقتبس مِ ْ‬
‫ن َق ِ‬
‫ولِه تَ َعالَى‪َ { :‬وه َُو ا ْل َح ِكي ُم ا ْل َخبِي ُر}‪.2‬‬ ‫َوالثَّانِي‪ِ :‬م ْ‬
‫ن َق ِ‬
‫سَمائِِه تَ َعالَى‪.‬‬‫ن أَ ْ‬‫واللطيف والخبير‪ :‬اسمان مِ ْ‬
‫َو َم ْعنَى األول‪ :‬العالِ ُم بدقائق األمور ومشكالتها؛ ويطلق أَيضًا بِ َم ْعنَى‪َّ :‬‬
‫الرِفيقُ‬
‫جُهم‪ ،‬رفيق بهم‪َ .‬و َم ْعنَى الثَانِي‪:‬‬ ‫اضِع حََوِائ َ‬‫ادِه َوِبَمَو ِ‬ ‫اهلل تَ َعالَى عَالِم بِِعَب ِ‬
‫ِبِهم؛ َف ُ‬
‫رت الشيء أخبر‪ ،‬فأنا ِب ِه خبير؛ أَي‪ :‬عليم‪.‬‬ ‫قَ ِريب من معنى األول؛ َويُقَال‪َ :‬خبَ ُ‬

‫صنِّف رحمه هللا تَ َعالَى‪:‬‬


‫قال ال ُم َ‬

‫‪ 1‬الشورى‪19 :‬‬
‫‪ 2‬األنعام‪18 :‬‬

‫‪4‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ِكتَاب أحكام الطهارة‬


‫والكتاب‪ :‬لُ َغةً‪ :‬مصد ٌر؛ بِ َم ْعنَى‪َ :‬‬
‫الض ِّم وال َج ْمع‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬اس ٌم لجنس من األَحْ َكام‪.‬‬ ‫ً‬
‫أّ َّما الباب‪ :‬فاسم لنوع مما دخل تحت ذلك الجنس‪.‬‬
‫والطَّهارة؛ بفتح الطاء‪ :‬لُ َغةً‪ :‬النظافةُ‪.‬‬
‫يرة؛ ِم ْن َها قولهم‪ :‬فعل ما تستباح بِ ِه الصالةُ؛‬ ‫َوأَ َّما شر ًعا‪ :‬ففيها تَفَا ِسير َكثِ َ‬
‫أَي‪ :‬من وضوء وغسل وتيمم وإزالة نجاسة‪.‬‬
‫ارة؛ بالضم‪ :‬فاسم لبقية الماء‪.‬‬ ‫ط َه َ‬‫أّ َّما ال ُّ‬
‫أنواع ال ِميَاه‬
‫صنِّف ألنواع ال ِميَاه؛ فقال‪:‬‬ ‫ان الماء آلةً للطهارة؛ ا ْستَ ْ‬
‫ط َر َد ال ُم َ‬ ‫ولما َك َ‬
‫(ال ِميَاه الَتِي يجوز)؛ أَي‪ :‬يصحُّ (التطهير بها سب ُع ِمياه)‪:‬‬
‫‪( .1‬ما ُء السما ِء)؛ أَي‪ :‬النازل ِم ْنهَا‪َ .‬وه َُو‪ :‬المطر‪.‬‬
‫‪( .2‬وماء البحر)؛ أَي‪ :‬الملح‪.‬‬
‫‪( .3‬وما ُء النهر)؛ أَي‪ :‬الحلو‪.‬‬
‫‪( .4‬وماء البئر)‬
‫‪( .5‬وماء العين)‬
‫‪( .6‬وماء الثلج)‬
‫‪( .7‬وماء البرد)‪.‬‬
‫ويجمع هَ ِذ ِه السبعة قولك‪ :‬ما نزل من السماء‪ ،‬أَ ْو نبع من األرض؛ َعلَى؛‬
‫الخ ْلقَة‪.‬‬
‫ان من أصل ِ‬ ‫أَي‪ :‬صفة َك َ‬
‫أقسام ال ِميَاه‬
‫(ثم ال ِميَاه) تَ ْنقَ ِسم ( َعلَى أربعة أقسام)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬طاهر) فِي نفسه ( ُمطَ ِّهر) لغيره (غير مكرو ٍه استعمالُه؛ َو ُه َو‪:‬‬
‫الماء المطلق) َع ْن قيد الزم؛ فَاَل يضر‪ :‬القيد المنفك؛ كماء البئر فِي كونه‬
‫مطلقًا‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬طاهر) فِي نفسه (مطهر) لغيره (مكروه استعماله) فِي‬
‫البدن؛ اَل فِي الثوب؛ ( َوه َُو‪ :‬الماء المشمس)؛ أَي‪ :‬المسخن بتأثير‬
‫طر حا ٍّر فِي إناء منطَبَع؛ إالَّ‪ :‬إناء‬ ‫الشمس فِي ِه‪ .‬وإنما يكره شر ًعا‪ :‬بقُ ْ‬
‫لصفاءـ جوهرهما‪ .‬وإذا برد‪ :‬زالت الكراهة‪ْ .‬‬
‫واختَار النَّ َو ِوي‪:1‬‬ ‫النقدين؛ َ‬
‫عدم الكراهة مطلقًا‪.‬‬
‫ضا‪ :‬شديد السخونة والبرودة‪.‬‬ ‫ويُكره أَي ً‬

‫محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪5‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫سم الثَّالِث‪( :‬طاهر) فِي نفسه (غير مطهر لغيره؛ َو ُه َو‪ :‬الماء‬ ‫‪َ ( .3‬و) القِ ْ‬
‫ال ُمستع َمل) فِي رفع حدث أَ ْو إزالة نجس؛ إن لَ ْم يتغير؛ ولم يزد وزنُه بعد‬
‫ان؛ بعد اعتبار ما يتشربه المغسول من الماء‪.‬‬ ‫انفصاله عما َك َ‬
‫(والمتغير)؛ أَي‪ :‬ومن هَ َذا القِسْم‪ :‬الما ُء المتغير أح ُد أوصافه؛ (بما)؛ أَي‪:‬‬
‫بشيء (خالطه من الطاهرات) تغيُّرًا يمنع إطالق اسم الماء َعلَي ِه؛ فإنه‪:‬‬
‫ان اختلط بالماء ما يوافقه‬ ‫ان التغير أَ ْو تقديريًا‪َ .‬ك َ‬‫طاهر غير طهور‪ ،‬حسيًا َك َ‬
‫فِي صفاته؛ كماء الورد المنقطع الرائحة والماء المستعمل‪ .‬فإن لَ ْم يمنع‬
‫ان تغيّره بالطاهر يسيرًا؛ أَ ْو‪ :‬بما يوافق الماء‬ ‫اطالق اسم الماء َعلَي ِه؛ بأن َك َ‬
‫فِي صفات ِه؛ وقدر مخالفًاـ‪ ،‬ولم يغيره‪ :‬فَاَل يسلب طهوريته؛ فَهُ َو مطهر لغيره‪.‬‬
‫واحت ََر َز‪ :‬بقوله‪( :‬خالطه) َع ْن الطاهر المجاو ُر له؛ فإنه باق َعلَى طهوريته‬ ‫ْ‬
‫ان التغير كثيرا؛ َو َك َذا المتغير بمخالط اَل يستغني الماء عنه؛ كطين‬ ‫َولَ ْو َك َ‬
‫وطُحْ لَب وما فِي مق ِّره وممره‪ ،‬والمتغير بطول المكث‪ ،‬فإنه طهور‪.‬‬
‫سم ال َّرابِع‪( :‬ماء نجس)؛ أَي‪ :‬متنجس؛ َوه َُو قسمان‪:‬‬ ‫‪َ ( .4‬و) القِ ْ‬
‫‪ .1‬أحدهما‪َ ( :‬وه َُو الذي حلَّت فِي ِه نجاسةٌ)؛ تغير أم اَل ‪َ ( .‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬والحال‬
‫أنه ماء (دون القلتين)‪.‬‬
‫ق عضو‬ ‫سم‪ :‬الميتة الَتِي اَل َدم لها سائل؛ عند قتلها أَ ْو ش ّ‬ ‫ستَ ْثنَى من َه َذا القِ ْ‬ ‫َويُ ْ‬
‫ِم ْنهَا؛ كال ُذباب‪ ،‬إن لَ ْم تطرح فِي ِه ولم تغيره؛ َو َك َذا النجاسة الَتِي اَل يدركها‬
‫الطرف؛ فكل ِم ْنهُ َما اَل ينجس الماء‪َ .‬ويُ ْستَ ْثنَى أَيضًا‪ :‬صور مذكورات فِي‬ ‫ُ‬
‫ت‪.‬‬‫ال َم ْبسُوطَا ِ‬
‫ان) كثيرًا (قلتين)‬ ‫سم ال َّرابِع؛ بقوله‪( :‬أَ ْو َك َ‬‫‪ .2‬وأشار للقسم الثَّانِيمن القِ ْ‬
‫فأكثر؛ (فتغير) يسيرًا أَ ْو كثيرًا‪.‬‬
‫صح) فيهما‪ .‬والرطل‬ ‫(والقلتان‪ :‬خمسمائة رطل بغدادي تقريبًا فِي األَ َ‬
‫البغدادي عند النَّ َو ِوي‪ :1‬مائة وثمانية وعشرون دره ًما وأربعة أسباع درهم‪.‬‬
‫صنِّف‪ :‬قس ًما خامسًا؛ َوه َُو‪ :‬الماء المطهر الحرام؛ كالوضوء بماء‬ ‫وترك ال ُم َ‬
‫مغصوب أَ ْو مسبل للشرب‪.‬‬
‫صل فِي ذكر شيء من األعيان المتنجسة وما يطهر ِم ْن َها بالدباغ وما اَل‬ ‫فَ ْ‬
‫يطهر‬
‫(وجلود الميتة) كلها‪( :‬تط ُهر بالدباغ)‪ ،‬سواء فِي ذلك‪ :‬ميتة مأكول اللحم‬
‫وغيره‪.‬‬
‫وكيفية الدبغ‪ :‬أن ينزع فضول الجلد مما يُ َعفِّنه من َدم ونحوه‪ ،‬بشيء‬
‫ان الحريف نجسًا؛ كذرق حمام؛ كفى فِي الدبغ‪.‬‬ ‫ِح ِّريف؛ كعفص‪َ ،‬ولَ ْو َك َ‬

‫محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪6‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(إال جل َد الكلب والخنزير وما تولد ِم ْن ُه َما أَ ْو من أحدهما) مع حيوان طاهر‪،‬‬


‫فَاَل يطهر بالدباغ‪.‬‬
‫نجس) َو َك َذا الميتة أَيضًا‪ :‬نجسة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫(وعظ ُم الميت ِة وشع ُرها‪:‬‬
‫َوأُ ِري َد بِ َها‪ :‬الزائلة الحياة بغير ذكاة شرعية؛ فَاَل يستثنى حينئذ‪ :‬جنين‬
‫ال ُم َذ َّكاة؛ إذا خرج من بطن أمه ميتًا؛ ألن ذكاته فِي ذكاة أمه؛ َو َك َذا غيره‪ :‬من‬
‫المستثنيات المذكورة فِي ال َم ْبسُوطَا ِ‬
‫ت‪.‬‬
‫ثم استثنى من شعر الميتة‪ :‬قوله‪( :‬إال اآلدمي)؛ أَي‪ :‬فإن شعره طاهر؛‬
‫ك َميتَتِه‪.‬‬
‫صل فِي بيان ما يحرم استعماله من األواني وما يجوز‬ ‫فَ ْ‬
‫وبدأ باألول فقال‪( :‬وال يجوز) فِي غير ضرورة لرجل أَ ْو امرأة (استعمال)‬
‫شيء من (أواني الذهب والفضة)؛ اَل فِي أكل وال فِي شرب وال غيرهما‪.‬‬
‫صح‪.‬‬ ‫وكما يحرم استعمال ما ذكر؛ يحرم‪ :‬اتخاذه من غير استعمال فِي األَ َ‬
‫طلِ ّي بذهب أَ ْو فضة؛ إن حصل من ال ِطالَ ِء شي ٌء‬ ‫ضا‪ :‬اإلناء ال َم ْ‬‫ويحرم أَي ً‬
‫بعرض ِه َعلَى النار‪.‬‬
‫(ويجوز استعمال)‪ :‬إناء (غيرهما)؛ أَي‪ :‬غير الذهب والفضة (من األواني)‬
‫النفيسة؛ كإناء ياقوت‪.‬‬
‫ويحرم‪ :‬اإلناء المضببـ بضبة فضة كبيرة عرفًا لزينة‪ .‬فإن كانت‪ :‬كبيرة‬
‫لحاج ٍة جاز مع الكراهة؛ أَ ْو‪ :‬صغيرة ُعرفًا لزين ٍة كرهت؛ أَ ْو‪ :‬لحاجة فَاَل‬
‫تكره‪.‬‬
‫أّ َّما ضبة الذهب‪ :‬فتحرم مطلقًا؛ كما صححه النَّ َو ِوي ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫س َواك‬ ‫صل فِي استعمال آلة ال ِّ‬ ‫فَ ْ‬


‫َوهُ َو من‪ُ :‬سنَن الوضوء‪ .‬ويطلق الس َِّواك أَيضًا َعلَى‪ :‬ما يستاك بِ ِه من أراك‬
‫س َواك‪ :‬مستحب فِي كل حال)‪.‬‬ ‫ونحوه‪َ ( .‬وال ِّ‬
‫وال يكره‪ :‬تنزيهًا (إال بعد الزوال للصائم) فرضًا أَ ْو نفالً‪ .‬وتزول الكراهة‪:‬‬
‫واختَار النَّ َو ِوي‪ 2‬عدم الكراهة مطلقًا‪.‬‬ ‫بغروب الشمس‪ْ .‬‬
‫استحبابا) من غيرها‪:‬‬
‫ً‬ ‫( َوه َُو)؛ أَي‪ :‬الس َِّواك (فِي ثالثة مواضع أش ُّد‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬عند تغ ُّير الفم من أزم)؛ قِي َل‪ :‬هُ َو سكوت طويل‪َ .‬وقِي َل‪ :‬هُ َو ترك‬
‫األكل‪.‬‬
‫وإنما قال‪( :‬وغيره)؛ ليُشتمل‪ :‬تغيُّر الفم بغير أزم؛ كأكل ذي ريح كريه؛ من‬
‫صل وغيرهما‪.‬‬ ‫وم وبَ َ‬ ‫ثَ ٍ‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬عند القيام)؛ أَي‪ :‬االستيقاظ (من النوم)‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬عند القيام إِلَى الصالة)؛ فرضًا أَ ْو نفاًل ‪.‬‬
‫محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪7‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ويتأكد أَيضًا؛ فِي غير الثالثة المذكورة مما هُ َو مذكور فِي المطوالت؛‬
‫كقراءة القرآن واصفرار األسنان‪.‬‬
‫سن‪ :‬أن ينوي بالسواك السنةَ‪ ،‬وأن يستاك بيمينه‪ ،‬ويبدأ‪ :‬بالجانبـ األيمن‬ ‫َويُ َ‬
‫من فمه‪ ،‬وأن يمره َعلَى سقف حلقه امرارًا لطيفًا‪ ،‬وعلى كراسي أضراسه‪.‬‬
‫صل فِي فروض ال ُوضوء‬ ‫فَ ْ‬
‫َوه َُو‪ :‬بضم الواو فِي األشهر اسم‪ :‬للفعل‪َ .‬وهُ َو ال ُم َراد هُنَا‪ .‬وبفتح الواو‪ :‬اسم‬
‫لما يتوضأ ِب ِه‪.‬‬
‫ويشتمل األو ُل َعلَى‪ :‬فروض و ُسنَن‪.‬‬
‫صنِّف الفروض فِي قوله‪( :‬وفروض الوضوء ستة أشياء)‪:‬‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬النية)؛ وحقيقتهاـ شر ًعا‪ :‬قصد الشيء مقترنا بفعله‪ .‬فإن تراخى‬
‫عنه؛ سمي‪ :‬عز ًما‪ .‬وتكون النية‪( :‬عن َد غسل) أول جزء من (الوجه)؛‬
‫أَي‪ :‬مقترنة بذلك الجزء‪ ،‬اَل بجميعه‪ ،‬وال بما قبله‪ ،‬وال بما بعده‪ .‬فينوي‬
‫المتوضئ‪ :‬عند غسل ما ُذكر رف َع حدث من أحداثه؛ أَ ْو ينوي استباحة‬
‫مفتقر إِلَى وضوء؛ أَ ْو ينوي فرض الوضوء؛ أَ ْو الوضوء فَقَط‪ ،‬أَ ْو‬
‫الطهارة َع ْن الحدث‪ .‬فإن لَ ْم يقل َع ْن الحدث‪ :‬لَ ْم يص َّح‪ .‬وإذا نوى ما يعتبر‬
‫من هَ ِذ ِه النيات وشرك معه نية تنظف أَ ْو تبرد‪ :‬ص ّح وضوؤه‪.‬‬
‫ين منابت شعر‬ ‫وحدُّه طوالً‪ :‬ما بَ َ‬‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬غسل) جميع (الوجه)‪َ .‬‬
‫الرأس غالبًا وآخر اللحيين؛ وهما‪ :‬العظمان اللذان ينبت عليهما األسنان‬
‫السفلى‪ ،‬يجتمع مقدمهما‪ :‬فِي الذقن‪ ،‬ومؤخرهما‪ :‬فِي األذن‪ .‬وحدُّه‬
‫ين األذنين‪.‬‬‫ضا‪ :‬ما بَ َ‬ ‫عر ً‬
‫ان َعلَى الوجه شع ٌر خفيف أَ ْو كثيف‪ :‬وجب إيصال الماء إليه مع‬ ‫وإذا َك َ‬
‫البشرة الَتِي تحته‪َ .‬وأَ َّما لحية الرجل‪ :‬الكثيفة‪ :‬بأن لَ ْم ي َر المخاطبُ بشرتَها‬
‫ف الخفيفة‪َ :‬و ِه َي ما يرى المخاطبـ‬ ‫من خاللها؛ فيكفي‪ :‬غسل ظاهرها‪ .‬بِ ِخاَل ِ‬
‫ف لحية امرأة وخنثى‪ :‬فَيَ ِجب‪:‬‬ ‫بشرتها؛ فَيَ ِجب‪ :‬إيصال الماء لبشرتها‪َ .‬وبِ ِخاَل ِ‬
‫إيصال الماء لبشرتهما؛ َولَ ْو كثفا‪ .‬وال بد مع غسل الوجه‪ :‬من غسل جزء‬
‫من الرأس والرقبة؛ وما تحت الذقن‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬غسل اليدين إِلَى ال ِم ْرفَقين)؛ فإن لَ ْم يكن له مرفقان‪ :‬اعتبر‬
‫ب غسل‪ :‬ما َعلَى اليدين من‪ :‬شعر وسلعة وأصبع زائدة‬ ‫قدرهما‪َ .‬ويَ ِج ُ‬
‫ب إزالة‪ :‬ما تحتها من وسخ يمنع وصول الماء‪.‬‬ ‫وأظافير‪َ .‬ويَ ِج ُ‬
‫س ُح بعض الرأس) ِمن َذكر أَ ْو أنثى أَ ْو خنثى‪ .‬أَ ْو مسح‪:‬‬ ‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪َ ( :‬م ْ‬
‫بعض شعر فِي حد الرأس‪ .‬وال تتعيَّن‪ :‬اليد للمسح؛ بَلْ يجوز‪ :‬بخرقة‬
‫وغيرها‪َ .‬ولَ ْو غسل رأسه بدل مسحها‪ :‬جاز‪َ .‬ولَ ْو وضع يده المبلولة ولم‬
‫يحركها‪ :‬جاز‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬غسل الرجلين إِلَى الكعبين)؛ إن لَ ْم يكن المتوضئ البسًا‬
‫ان البسهما‪ :‬وجب َعلَي ِه مسح الخفين؛ أَ ْو غسل الرجلين‪.‬‬ ‫للخفين؛ فإن َك َ‬
‫ق فِي‬ ‫ب غسل‪ :‬ما عليهما من‪ :‬شعر وسلعة وأصبع زائدة؛ َك َما َسبَ َ‬ ‫َويَ ِج ُ‬
‫اليدين‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس‪( :‬الترتيب) فِي الوضوء ( َعلَى ما)؛ أَي‪َ :‬علَى الوجه الذي‬
‫(ذكرناه) فِي عد الفروض‪ .‬فلو نسي الترتيب‪ :‬لَ ْم يكف‪َ .‬ولَ ْو غسل أربعة‬
‫أعضائه دفعةً واحدة بإذنه‪ :‬ارتفع حدث وجهه فَقَط‪.‬‬
‫خ ال َم ْت ِن‪( :‬عشر‬ ‫(وسننه)؛ أَي‪ :‬الوضوء‪( :‬عشرة أشياء)‪َ ،‬وفِي بَع ِ‬
‫ْض نُ َس ِ‬
‫خصال)‪:‬‬
‫‪( .1‬التسمية) أ َّولَه‪ .‬وأقلها‪" :‬بسم هللا"‪ .‬وأكملها‪" :‬بِس ِْم هللاِ الرَّح َم ِن ال َّر ِحيم"‪.‬‬
‫فإن ترك التسمية أ َّولَه‪ :‬أتى بها فِي أثنائه‪ .‬فإن فرغ من الوضوء‪ :‬لَ ْم يأت‬
‫بها‪.‬‬
‫‪( .2‬وغسل الكفين) إِلَى الكوعين؛ قبل المضمضة‪ .‬ويغسلهما ثالثًا إن تردد‬
‫فِي طهرهما (قبل إدخالهما اإلنا َء)؛ المشتمل َعلَى‪ :‬ماء دون القلتين‪ .‬فإن‬
‫ُكره‬‫لَ ْم يغسلهما‪ :‬كره له غمسهما فِي اإلناء‪ .‬وإن تيقن طهرهما‪ :‬لَ ْم ي َ‬
‫َغمسُهما‪.‬‬
‫‪( .3‬والمضمضة) بعد غسل الكفين‪ .‬ويحصل أصل السنة فيها‪ :‬بإدخال الماء‬
‫فِي الفم؛ سواء‪ :‬أداره فِي ِه‪ ،‬ومجه أم اَل ‪ .‬فإن أراد األكمل‪ :‬مجه‪.‬‬
‫بإدخال الما ِء‬
‫ِ‬ ‫‪( .4‬واالستنشاق) بعد المضمضة‪ .‬ويحصل أصل السنة فِي ِه‪:‬‬
‫فِي األنف‪ ،‬سواء‪ :‬جذبه بنفسه إِلَى خياشيمه‪ ،‬ونثره أم اَل ‪ .‬فإن أراد‬
‫األكمل‪ :‬نثره‪ .‬والمبالغة‪ :‬مطلوبة فِي المضمضة واالستنشاق‪ .‬والجمع‪:‬‬
‫ين المضمضة واالستنشاق بثالث غرف يتمضمض من كل ِم ْنهَا ثم‬ ‫بَ َ‬
‫يستنشق‪ :‬أفضل من الفصل بينهما‪.‬‬
‫خ ال َم ْت ِن‪( :‬واستيعاب الرأس‬ ‫ْض نُ َس ِ‬
‫‪( .5‬ومسح جميع الرأس) َوفِي بَع ِ‬
‫ق‪َ .‬ولَ ْو لَ ْم يرد نزع ما‬ ‫بالمسح)‪ .‬أّ َّما مسح بعض الرأس‪ :‬فواجب َك َما َسبَ َ‬
‫َعلَى رأسه من عمامة ونحوها‪ :‬كمل بالمسح عليها‪.‬‬
‫‪( .6‬ومسح) جميع (األذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد)؛ أَي‪ :‬غير بلل‬
‫الرأس‪ .‬والسنة فِي كيفية مسحهما‪ :‬أن يدخل مسبحتيه فِي صماخيه‪،‬‬
‫ويديرهما َعلَى المعاطف‪ ،‬ويم ّر إبهاميه َعلَى ظهورهما‪ ،‬ثم يلصق كفيه‪،‬‬
‫وهما‪ :‬مبلولتان باألذنين استظهارًا‪.‬‬
‫‪( .7‬وتخليل اللحية ال َكثَّة) بمثلثة؛ من الرجُل‪ .‬أّ َّما لحية الرجل الخفيفة‬
‫ُدخل الرج ُل‬ ‫ولحية المرأة والخنثى‪ :‬فَيَ ِجب تخليلهما‪ .‬وكيفيته‪ :‬أن ي ِ‬
‫أصابعه من أسفل اللحية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪( .8‬وتخليل أصابع اليدين َوال ِّرجلين)؛ إن وصل الماء إليها من غير تخليل‪.‬‬
‫يصل إال ِب ِه؛ كاألصابع الملتفة‪ :‬وجب تخليلها‪ .‬وإن لَ ْم يتأت‬ ‫فإن لَ ْم ِ‬
‫تخليلها اللتحامها؛ حرم فتقُها للتخليل‪ .‬وكيفية تخليل اليدين‪ :‬بالتشبيك‪.‬‬
‫وال ِرجلين‪ :‬بأن يبدأ بخنصر يده اليسرى من أسف ِل الرِّ جل مبتدئًا بخنصر‬
‫الرجل اليمنى‪ ،‬خات ًما بخنصر اليسرى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪( .9‬وتقديم اليمنى) من يديه ورجليه ( َعلى اليسرى) ِمنهُ َما‪ .‬أ َّما العضوان‬
‫اللذان يسهل غسلهما معا؛ كالخدين‪ :‬فَاَل يقدم األيمن ِم ْنهُ َما‪ ،‬بَلْ يطهران‬
‫دفعة واحدة‪.‬‬
‫صنِّف‪ :‬سنية تثليث العضو المغسول والممسوح فِي قوله‪:‬‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫خ‪( :‬والتكرار)؛ أَي‪ :‬للمغسول‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(والطهارة ثالثا ثالثا)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫والممسوح‪.‬‬
‫ين العضوين‬ ‫‪( .10‬والمواالة)؛ ويعبر عنها‪ :‬بالتتابع؛ َو ِه َي‪ :‬أن اَل يحصل بَ َ‬
‫ق كثير‪ ،‬بَلْ يطهر العضو بعد العضو‪ ،‬بحيث اَل يجف المغسول قبله‬ ‫تفري ٌ‬
‫مع اعتدال الهواء والمزاج والزمان‪ .‬وإذا ثلث‪ :‬فاالعتبار آلخر غسلة‪.‬‬
‫وإنما تندب المواالة فِي غير وضوء‪ :‬صاحب الضرورة؛ أّ َّما ه َُو‪:‬‬
‫فالمواالة واجبة فِي حقه‪.‬‬
‫َوبَقِ َي للوضوء سنن أخرى مذكورة فِي المطوالت‪.‬‬
‫صل فِي االستنجاء وآداب قاضي الحاجة‬ ‫فَ ْ‬
‫(واالستنجاء)؛ َوهُ َو من‪( :‬نَجوت الشي َء)؛ أَي‪ :‬قطعته‪ .‬فكأن المستنجي‪:‬‬
‫يقطع بِ ِه األذى َع ْن نفسه‪( .‬واجب‪ :‬من) خروج‪( :‬البول والغائط)؛ بالماء أَ ْو‬
‫الحجر؛ وما فِي معناه من كل‪ :‬جامد طاهر قالع غير محترم‪.‬‬
‫( َو) لَ ِك ْن‪( :‬األفضل أن يستنجي) أ َّوال (باألحجار ثم يُتب َعها) ثانيًا (بالماء)‪.‬‬
‫ثالث مسحات‪َ ،‬ولَ ْو بثالثة أطراف حجر واحد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ب‪:‬‬‫اج ُ‬
‫َوال َو ِ‬
‫(ويجوز‪ :‬أن يقتصر) المستنجي‪َ ( :‬علَى الماء أَ ْو َعلَى ثالثة أحجار يُنقي‬
‫سن بعد‬ ‫بهن المح َّل) إن حصل اإلنقاء بها‪َ .‬وإِاَل ‪ :‬زاد عليها حتى ينقى‪َ .‬ويُ َ‬
‫ذلك‪ :‬التثليث‪( .‬فإذا أراد االقتصا َر َعلَى أحدهما؛ فالما ُء أفضل)؛ ألنه يزيل‬
‫عين النجاسة وأثرها‪.‬‬
‫يجف الخارجـ النجسُ ‪ ،‬وال ينتق َل‬ ‫َّ‬ ‫وشرط أجزاء االستنجاء بالحجر‪ :‬أن اَل‬
‫َع ْن محل خروجه‪ ،‬وال يطرأ َعلَي ِه نجسٌ آخر أجنبي عنه‪ .‬فإن انتفى شرط‬
‫من ذلك‪ :‬تعيَّن الما ُء‪.‬‬
‫(ويجتنب) وجوبًا قاضي الحاجة‪( :‬استقبا َل القبلة) اآلن؛ َو ِه َي‪ :‬الكعبة‪.‬‬
‫ان ولم‬ ‫(واستدبارها‪ :‬فِي الصحراء)؛ إن لَ ْم يكن بينه وبين القبلة سات ٌر‪ ،‬أَ ْو َك َ‬
‫يبلغ‪ :‬ثلثي ذراع‪ ،‬أَ ْو بلغهما وبَعُد عنه أكثر من‪ :‬ثالثة أذرع بذراع اآلدمي؛‬

‫‪10‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫كما قاله بعضهم‪ .‬والبنيان فِي هَ َذا؛ كالصحراء‪ ،‬بالشرط المذكور؛ إال‪ :‬البنا َء‬
‫ال ُم َع َّد لقضاء الحاجة؛ فَاَل حرمةَ فِي ِه مطلقًا‪.‬‬
‫ت المقدس؛ فاستقباله‬ ‫ان قِبلةً أوالً؛ كبَي ِ‬
‫اآلن)‪َ :‬ما َك َ‬‫َو َخ َر َج‪ :‬بقولنا‪َ ( :‬‬
‫واستدباره‪ :‬مكروه‪.‬‬
‫(ويجتنب) أدبًا قاضي الحاجة‪( :‬البو َل والغائط فِي الماء الراكد)‪ .‬أّ َّما‬
‫الجاري‪ :‬فيكره فِي القليل منه دون الكثير؛ لَ ِك ْن األولى‪ :‬اجتنابه‪ .‬وبحث‬
‫ان أَ ْو راكدا‪َ ( .‬و) يجتنب أيضا البول‬ ‫النَّ َو ِوي‪ 1‬تحريمه فِي القليلـ‪ :‬جاريا َك َ‬
‫والغائط (تحت الشجرة المثمرة) وقت الثمر وغيره؛ ( َو) يجتنب ما ذكر‪:‬‬
‫(فِي الطريق) المسلوك للناس ( َو) فِي موضع (الظل) صيفًا‪ ،‬وفي موضع‬
‫الثقب) فِي األرض؛ َوهُ َو‪ :‬النازل المستدير‪.‬‬ ‫الشمس ِشتا ًء‪َ ( ،‬و) فِي ( ُ‬
‫ولفظ‪( :‬الثقب) ساقط فِي بعض نسخ المتن‪.‬‬
‫(وال يتكلم) أدبًا لغير ضرورة؛ قاضي الحاجة ( َعلَى البول والغائط)؛ فإن‬
‫دعت ضرورة إِلَى الكالم؛ كمن رأى حيَّةً تقصد إنسانًا‪ :‬لَ ْم يكره الكالم‬
‫حينئذ‪.‬‬
‫الشمس والقمر وال يستدبرهما)؛ أَي‪ :‬يكره له ذلك حا َل قضاء‬ ‫َ‬ ‫(وال يستقبل‬
‫حاجته‪ .‬لَ ِك ْن النَّ َو ِوي‪ 2‬فِي الروضة وشرح المهذب؛ قال‪" :‬إن استدبارهما‬
‫ترك استقبالهما واستدبارهما‬ ‫"إن َ‬ ‫يس بمكروه"‪ .‬وقال فِي شرح الوسيط‪َّ :‬‬ ‫َولَ َ‬
‫سواء"؛ أَي‪ :‬فيكون مباحا‪ .‬وقال فِي التحقيق‪" :‬إن كراهة استقبالهما اَل أصل‬
‫لها"‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬وال يستقبل‪ . .‬إلخ) ساقطٌ فِي بعض نُ َسخ المتن‪.‬‬
‫ضا‪ :‬بأسباب الحدث‬ ‫صل فِي نواقض الوضوء؛ ال ُمسماة أَي ً‬ ‫فَ ْ‬
‫ستَّةُ أشياء)‪:‬‬ ‫ُبطل (الوضو َء ِ‬ ‫(والذي يُنقِض)؛ أَي‪ :‬ي ِ‬
‫خرج من) أحد (السبيلين)؛ أَي‪ :‬القُبل وال ُدبر من متوضئ‬ ‫َ‬ ‫‪ .1‬أحدها‪( :‬ما‬
‫ان الخارج؛ كبول وغائط‪ ،‬أَ ْو نادرًا؛ كدم وحصى‬ ‫حي واضح؛ معتادًا َك َ‬ ‫ٍّ‬
‫بإحتالم من‬ ‫ٍ‬ ‫الخارج‬
‫َ‬ ‫نجسًا؛ كهذه األمثلة‪ ،‬أَ ْو طاهرًا؛ كدود‪ ،‬إال المني‬
‫متوضئ ممكن مقعده من األرض‪ :‬فَاَل ينقض‪.‬‬
‫والمشكل‪ :‬إنما ينتقض وضوؤه بالخارج من فرجيه جميعًا‪.‬‬
‫خ ال َم ْت ِن‬ ‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬النوم َعلَى غير هيئة المتمكن)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫ْض نُ َس ِ‬
‫ادة‪( :‬من األرض) بمقعده‪ .‬واألرض‪ :‬ليست بقيد‪.‬‬ ‫ِزَي َ‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بـ (ـالمتمكن)‪ :‬ما لو نام قاعدًا غير متمكن أَ ْو نام قائ ًما أَ ْو َعلَى قفاه؛‬
‫َولَ ْو متمكنا‪.‬‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫س َكر أَ ْو مرض) أَ ْو جُنون‬ ‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬زوال العقل)؛ أَي‪ :‬الغلبة َعلَي ِه (ب ُ‬
‫أَ ْو إغماء أَ ْو غير ذلك‪.‬‬
‫الرجل المرأةَ األجنبيةَ) َ‬
‫غير ال َمحْ َرم َولَ ْو ميتة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬لمس‬
‫َوال ُم َراد بالرجل والمرأة‪ :‬ذكر وأنثى بلغا ح َّد الشهوة عرفًا‪.‬‬
‫َوال ُم َراد بال َم ْح َرم‪َ :‬من َحرُم نكاحُها ألجل نسب أَ ْو رضاع أَ ْو مصاهرة‪.‬‬
‫ان هناك حائل فَاَل نقض حينئذ‪.‬‬ ‫ُخرج ما لو َك َ‬
‫وقوله‪ِ ( :‬من غير حائل) ي ِ‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪َ :‬وهُ َو آخر النواقض (مس فرج اآلدمي بباطن الكف) من‬
‫نفسه وغيره‪ ،‬ذكرًا أَ ْو أنثى‪ ،‬صغيرًا أَ ْو كبيرًا‪ ،‬حيًا أَ ْو ميتًا‪ .‬ولفظ‪:‬‬
‫(اآلدمي) ساقط فِي بعض نسخ المتن‪َ ،‬و َك َذا قوله‪( :‬ومس حلقة دبره)؛‬
‫أَي‪ :‬اآلدمي ينقض ( َعلَى) القول (الجديد)‪ .‬وعلى القديم‪ :‬اَل ينقض مس‬
‫الحلقة‪َ .‬وال ُم َراد بها‪ :‬ملتقى المنفذ‪ .‬وبباطن الكف‪ :‬الراحة مع بطون‬
‫األصابع‪.‬‬
‫وحرفه ورؤوس األصابع وما بينها؛ فَاَل نقض‬ ‫َو َخ َر َج‪ :‬بباطن الكف‪ :‬ظاهره ِ‬
‫بذلك؛ أَي‪ :‬بعد التحامل اليسير‪.‬‬
‫صل فِي موجب الغسل‬ ‫فَ ْ‬
‫والغسل‪ :‬لُ َغةً‪َ :‬سيَالَن الماء َعلَى الشيء مطلقًا‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬سيالنه َعلَى جميع البدن بنية مخصوصة‪.‬‬
‫ستةُ أشياء)‪:‬‬
‫وجب الغس َل ِ‬ ‫(والذي يُ ِ‬
‫(ثالثة) ِم ْنهَا (تشترك فيها الرجال والنساء)‪:‬‬
‫حي واضح‬ ‫‪َ ( .1‬و ِه َي‪ :‬التقاء الختانين)‪ .‬ويعبر َع ْن هَ َذا االلتقاء‪ :‬بإيالج ٍّ‬
‫َغيَّب َحشفَة ال َذ َكر منه أَ ْو قدرها من مقطوعها فِي فرج‪ ،‬ويصير اآلدمي‬
‫ال ُمولَج فِي ِه‪ :‬جُنبًا بإيالج ما ُذكر‪ .‬أّ َّما الميت‪ :‬فَاَل يعاد غسله بإيالج فِي ِه‪.‬‬
‫َوأَ َّما ال ُخنثى المشكل‪ :‬فَاَل غسل َعلَي ِه بإيالج حشفته‪ ،‬وال بإيالج فِي قُبُله‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) من المشترك‪( :‬إنزال)؛ أَي‪ :‬خروج (المني) من شخص بغير إيالج‪.‬‬
‫ان الخارج بجماع‬ ‫وإن قل المني؛ كقطرة‪َ .‬ولَ ْو كانت َعلَى لون الدم‪َ .‬ولَ ْو َك َ‬
‫أَ ْو غيره؛ فِي يقظة أَ ْو نوم‪ ،‬بشهوة أَ ْو غيرها‪ .‬من طريقه المعتاد أَ ْو‬
‫ان انكسر صلبه فخرج منيُّه‪.‬‬ ‫غيره؛ َك َ‬
‫‪َ ( .3‬و) من المشترك‪( :‬الموت)؛ إال فِي الشهيد‪.‬‬
‫(وثالثة تختص بها النساء)‪:‬‬
‫‪َ ( .1‬و ِه َي‪ :‬الحيض)؛ أَي‪ :‬الدم الخارجـ من امرأة بلغت تسع سنين‪.‬‬
‫‪( .2‬والنفاس)؛ َوهُ َو‪ :‬الدم الخارجـ عقب الوالدة؛ فإنه موجب للغسل قطعا‪.‬‬
‫‪( .3‬وال ِوالدة) المصحوبة بالبلل موجبة للغسل قطعا‪ .‬والمجردة َع ْن البلل‬
‫موجبة فِي األَ َ‬
‫صح ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫فَ ْ‬
‫صل‬
‫(وفرائض الغسل ثالثة أشياء)‪:‬‬
‫الجنَابَة أَ ْو الحدث األكبر ونحو ذلك‪.‬‬ ‫‪ .1‬أحدها‪( :‬النية)؛ فينوي ال ُجنُبُ ‪َ :‬رف َع َ‬
‫وتنوي الحائض والنفساء‪ :‬رفع حدث الحيض أَ ْو النفاس‪ .‬وتكون النية‬
‫مقرونة‪ :‬بأول الفرض‪َ .‬و ُه َو‪ :‬أول ما يغسل من أَ ْعلَى البدن أَ ْو أسفله‪ .‬فلو‬
‫نوى بعد غسل جزء‪ :‬وجبت إعادته‪.‬‬
‫‪( .2‬وإزالة النجاسة إن كانت َعلَى بدنه)؛ أَي‪ :‬المغتسل‪ .‬وهذا ما رجحه‬
‫الرَّافَ ِعي؛ وعليه فَاَل يكفي غسلة واحدة َع ْن الحدث والنجاسة‪ .‬ورجح‬
‫النَّ َو ِوي‪ 1‬االكتفاء بغسلة واحدة عنهما‪ .‬ومحله‪ :‬ما إذا كانت النجاسة‬
‫حُكميَّةً؛ أّ َّما إذا كانت النجاسة عينية وجب غسلتان عنهما‪.‬‬
‫خ بدل‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫‪( .3‬وإيصال الماء إِلَى جميع الشعر والبشرة)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫أصول)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫جميع)‪( :‬‬
‫ِ‬ ‫(‬
‫ين‪ :‬الخفيف منه والكثيف‪ .‬والشعر‬ ‫ين‪ :‬شعر الرأس وغيره‪ ،‬وال بَ َ‬ ‫وال فرق‪ :‬بَ َ‬
‫المضفور إن لَ ْم يصل الماء إِلَى باطنه إال بالنقض‪ :‬وجب نقضه‪.‬‬
‫ب غسل‪ :‬ما ظهر من صماخي أذنيه‪،‬‬ ‫َوال ُم َراد بالبشرة‪ :‬ظاهر الجلد‪َ .‬ويَ ِج ُ‬
‫ب إيصال الماء إِلَى‪ :‬ما تحت القلفة‬ ‫ومن أنف مجدع‪ ،‬ومن شقوق بدن‪َ .‬ويَ ِج ُ‬
‫من األقلف‪ ،‬وإلى ما يبدو من فرج المرأة عند قعودها لقضاء حاجتها‪ .‬ومما‬
‫يجب غسله‪ :‬ال َمسرُبة‪ ،‬ألنها تظهر فِي وقت قضاء الحاجة؛ فتصير من‬
‫ظاهر البدن‪.‬‬
‫سنن الغسل‬
‫(وسننه)؛ أَي‪ :‬الغسل (خمسة أشياء)‪:‬‬
‫‪( .1‬التسمية)‬
‫‪( .2‬والوضوء) كاماًل (قبله)؛ وينوي بِ ِه المغتسل‪ :‬سنة الغسل؛ إن تجردت‬
‫ث األصغر؛ َوإِاَل ‪ :‬نوى بِ ِه األصغ َر‪.‬‬ ‫جنابته َع ْن الحد ِ‬
‫‪( .3‬وإمرار اليد َعلَى) ما وصلت إليه من (الجسد)؛ ويعبر َع ْن هَ َذا‬
‫اإلمرار‪ :‬بالدلك‪.‬‬
‫‪( .4‬والمواالة)؛ وسبق معناها فِي الوضوء‪.‬‬
‫‪( .5‬وتقديم اليمنى) من شقيه ( َعلَى اليسرى)‪.‬‬
‫ت‪ِ .‬م ْن َها‪ :‬التثليث وتخليل‬ ‫َوبَقِ َي من سنن الغسل أمور؛ مذكورة فِي ال َم ْبسُوطَا ِ‬
‫الشعر‪.‬‬
‫صل‬ ‫فَ ْ‬
‫عشر غسال)‪:‬‬ ‫َ‬ ‫(واالغتساالت المسنونة سبعةَ‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الج َم َعة) لحاضرها‪َ .‬و َو ْقتَهُ‪ :‬من الفجر الصادق‪.‬‬ ‫‪( .1‬غسل ُ‬
‫‪َ ( .2‬و) ُغسل (العيدين)‪ :‬الفطر واألضحى‪ .‬ويدخل وقت َه َذا الغسل‪ :‬بنصف‬
‫الليل‪.‬‬
‫‪( .3‬واالستسقاء)؛ أَي‪ :‬طلب ال ُس ْقيا من هللا تَ َعالَى‪.‬‬
‫‪( .4‬والخسوف) للقمر‪.‬‬
‫‪( .5‬والكسوف) للشمس‪.‬‬
‫ان أَ ْو كافرًا‪.‬‬ ‫‪( .6‬والغسل من غسل الميت)؛ مسل ًما َك َ‬
‫‪َ ( .7‬و) غسل (الكافر إذا أسلم)؛ إن لَ ْم يجنب فِي كفره‪ ،‬أَ ْو لَ ْم تحض الكافرة؛‬
‫صح‪َ .‬وقِي َل‪ :‬يسقط إذا أسلم‪.‬‬ ‫َوإِاَل ‪ :‬وجب الغسل بعد اإلسالم فِي األَ َ‬
‫‪( .8‬والمجنون والمغمى َعلَي ِه إذا أفاقا)؛ ولم يتحقق ِم ْنهُ َما إنزال؛ فإن تحقق‬
‫ِم ْنهُ َما إنزال‪ :‬وجب الغسل َعلَى كل ِم ْنهُ َما‪.‬‬
‫ين‪ :‬بالغ‬‫‪( .9‬والغسل عند) إراد ِة (اإلحرام)؛ وال فرق فِي هَ َذا الغسل بَ َ‬
‫ين‪ :‬طاهر وحائض‪ .‬فإن لَ ْم يجد‬ ‫ين‪ :‬مجنون وعاقل؛ وال بَ َ‬ ‫وغيره؛ وال بَ َ‬
‫ال ُمحْ ِرم الما َء‪ :‬تيمم‪.‬‬
‫‪َ ( .10‬و) الغسل (لدخول مكة)؛ لمحرم بحج أَ ْو عمرة‪.‬‬
‫‪( .11‬وللوقوف بعرفة) فِي‪ :‬تاسع ذي الحجة‪.‬‬
‫‪( .12‬وللمبيت بمزدلفة)‬
‫‪( .13‬ولرمي الجمار الثالث) فِي‪ :‬أيام التشريق الثالثة؛ فيغتسل لرمي‪ :‬كل‬
‫يوم ِم ْنهَا غسال‪ .‬أّ َّما رمي جمرة العقبة فِي يوم النحر‪ :‬فَاَل يغتسل له‬
‫لقرب زمنه من غسل الوقوف‪.‬‬
‫‪َ ( .14‬و) الغسل (للطوافـ)؛ الصادق بطواف‪ :‬قدوم وإفاضة ووداع‪.‬‬
‫وبقية األغسال المسنونة مذكورة فِي المطوالت‪.‬‬
‫صل‬‫فَ ْ‬
‫(والمسح َعلَى الخفين‪ :‬جائ ٌز) فِي الوضوء؛ اَل فِي غسل فرض أَ ْو نفل؛ وال‬
‫غسل‬
‫ِ‬ ‫فِي إزالة نجاسة‪ .‬فلو أجنب و َدميت ِرجْ لُه فأراد المسح بدال َع ْن‬
‫الرِّجل‪ :‬لَ ْم يُجْ ِز؛ بَلْ اَل بد من‪ :‬الغسل‪ .‬وأشعر قوله‪( :‬جائز)؛ أن غسل‬
‫الرجلين‪ :‬أفضل من المسح‪ .‬وإنما يجوز مسح الخفين؛ اَل أحدهما فَقَط إال أن‬
‫يكون فاقد األخرى‪( .‬بثالثة شرائط)‪:‬‬
‫‪( .1‬أن يبتدئ)؛ أَي‪ :‬الشخص (لبسهما بعد كمال الطهارة)‪ .‬فلو غسل ِرجالً‬
‫يكف‪َ .‬ولَ ْو ابتدأ لبسهما بعد كمال‬ ‫ِ‬ ‫وألبسها خفها ثم فعل باألخرى كذلك‪ :‬لَ ْم‬
‫الطهارة ثم أحدث قبل وصول الرِّ جْ ل قد َم الخف‪ :‬لَ ْم يُجْ ِز المسح‪.‬‬
‫‪( .2‬وأن يكونا)؛ أَي‪ :‬الخفان (ساترين لمحل غسل الفرض من القدمين)‬
‫يكف المسح عليهما‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بكعبيهما‪ .‬فلو كانا دون الكعبين؛ كالمداس‪ :‬لَ ْم‬

‫‪14‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫َوال ُم َراد بالساتر ُهنَا‪ :‬الحائلـ؛ اَل مانع الرؤية؛ وأن يكون الستر من أسفل‬
‫ومن جوانب الخفين؛ اَل من أعالهما‪.‬‬
‫‪( .3‬وأن يكونا مما يمكن تتابع المشي عليهما) لتردد مسافر فِي حوائجه‬
‫من حط وترحال‪.‬‬
‫صنِّف‪ :‬كونهما قويين؛ بحيث يمنعان نفوذ الماء‪.‬‬ ‫ويؤخذ من كالم ال ُم َ‬
‫ضا‪ :‬طهارتهما‪.‬‬ ‫ويشترط أَي ً‬
‫ان األعلى صالحًا للمسح دون‬ ‫َولَ ْو لبس خفًّا فوق خف لشدة البرد مثاًل ‪ :‬فإن َك َ‬
‫للمسح دون‬
‫ِ‬ ‫ان األسفل صال ًحاـ‬ ‫األسفل‪ :‬صح المسح َعلَى األعلى‪ .‬وإن َك َ‬
‫األعلى فمسح األسفل‪ :‬صح؛ أَ ْو األعلى فوصل البلل لألسفل‪ :‬ص َّح؛ إن قصد‬
‫األسفل أَ ْو قصدهما معًا‪ .‬اَل إن قصد األعلى فَقَط‪ .‬وإن لَ ْم يقصد واحدًا ِم ْنهُ َما؛‬
‫صح‪.‬‬‫بَلْ قصد المسح فِي الجملة‪ :‬أجزأ فِي األَ َ‬
‫(ويمسح المقي ُم‪ :‬يوما وليلة)‪.‬‬
‫( َو) يمسح (المساف ُر‪ :‬ثالثة أيام بلياليهن) المتصلة بها؛ سواء تقدمت أَ ْو‬
‫تأخرت‪.‬‬
‫(وابتداء المدة) تحسب‪( :‬من حين يحدث)؛ أَي‪ :‬من انقضاء الحدث الكائن؛‬
‫(بعد) تمام‪( :‬لبس الخفين)؛ اَل من ابتداء الحدث؛ وال من وقت المسح؛ وال‬
‫من ابتداء اللبس‪ .‬والعاصي بالسفر والهائم يمسحان‪ :‬مسح مقيم‪ .‬ودائم‬
‫الحدث‪ :‬إذا أحدث بعد لبس الخف حدثًا آخر مع حدث ِه الدائم قبل أن يصلي بِ ِه‬
‫ان يستبيحه‪ .‬لو بقي طهره الذي لبس َعلَي ِه خفيه؛‬ ‫فرضًا‪ :‬يمسح ويستبيح ما َك َ‬
‫َوهُ َو‪ :‬فرض ونوافل‪ :‬فلو صلى بطهره فرضًا قبل أن يحدث‪ :‬مسح واستباح‬
‫النوافل فَقَط‪( .‬فإن مسح) الشخص (فِي الحضر ثم سافر أَ ْو مسح ِفي السفر‬
‫اجبُ فِي مسح الخف ما‬ ‫الو ِ‬
‫ثم أقام) قبل مضي يوم وليلة (أتم مسح مقيم)‪َ .‬و َ‬
‫ان َعلَى ظاهر الخف‪ .‬وال يجزئ المسح َعلَى‬ ‫يُطلَق َعلَي ِه اسم المسح إذا َك َ‬
‫باطنه‪ ،‬وال َعلَى عقب الخف‪ ،‬وال َعلَى ِحرفه‪ ،‬وال َعلَى أسفله‪ .‬والسنة فِي‬
‫ين أصابعه وال يضمها‪.‬‬ ‫مسحه أن يكون خطوطا‪ ،‬بأن يفرج الماسح بَ َ‬
‫(ويبطل المسح) َعلَى الخفين (بثالثة أشياء)‪:‬‬
‫‪( .1‬بخلعهما) أَ ْو خلع أحدهما أَ ْو انخالعه أَ ْو خروج الخف َع ْن صالحية‬
‫المسح كتخرُّ قه‪.‬‬
‫خ‪ُ ( :‬مدة المسح) من يوم وليلة لمقيم‪،‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫‪( .2‬وانقضاء المدة)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫وثالثة أيام بليالها؛ لمسافر‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) بعروض (ما يوجب الغسل)‪ ،‬كجنابة أَ ْو حيض أَ ْو نفاس لالبس‬
‫الخف‪.‬‬
‫صل فِي التيمم‬ ‫فَ ْ‬

‫‪15‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫خ ال َم ْت ِن‪ :‬تقديم هَ َذا الفصلـ َعلَى الذي قبله‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ض نُ َ‬


‫َوفِي بَ ْع ِ‬
‫والتيمم‪ :‬لُ َغةً‪ :‬القص ُد‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬إيصا ُل تراب طهور للوجه واليدين بدال َع ْن وضو ٍء أَ ْو غس ٍل أَ ْو‬
‫غسل عض ٍو بشرائطَ مخصوصة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خ ال َم ْت ِن‪( :‬خمس خصال)‪:‬‬ ‫ْض نُ َس ِ‬
‫(وشرائط التيمم خمسة أشياء)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬وجود العذر بسفر أَ ْو مرض)‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬دخو ُل وقت الصالة)؛ فَاَل يصح التيمم لها قبل دخول وقتها‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬طلب الماء) بعد دخول الوقت؛ بنفسه أَ ْو بمن أذن له فِي‬
‫ان منفر ًدا‪ :‬نظر حواليه من‬ ‫طلبه؛ فيطلب الماء من‪ :‬رحله ورُفقته‪ .‬فإن َك َ‬
‫ان فيها ارتفاع‬ ‫ان بمستو من األرض‪ .‬فإن َك َ‬ ‫الجهات األربع إن َك َ‬
‫وانخفاض‪ :‬تردد قدر نظره‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) الرَّابِع‪( :‬تعذر استعماله)؛ أَي‪ :‬الماء‪ .‬بأن يخاف من استعمال الماء‬
‫ان بقُربه ما ٌء‬ ‫َعلَى ذهاب نفس أَ ْو منفعة عضو‪ .‬ويدخل فِي العذر‪ :‬ما لو َك َ‬
‫وخاف لو قصده َعلَى نفسه ِم ْن َسبُع أَ ْو عدو‪ ،‬أَ ْو َعلَى ماله من سارق أَ ْو‬
‫غاصب‪ .‬ويوجد فِي بعض نسخ المتن فِي هَ َذا الشرط زيادة بعد تعذر‬
‫استعماله؛ َو ِه َي‪( :‬وإعوازه بعد الطلب)‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬التراب الطاهر)؛ أَي‪ :‬الطهور غير المندي‪ .‬ويصدق‬
‫الطاهر‪ :‬بالمغصوب وتراب مقبرة لَ ْم تنبش‪ .‬ويوجد فِي بعض نسخ المتن‬
‫زيادة فِي هَ َذا الشرط؛ َو ِه َي‪( :‬الذي له غبار‪ .‬فإن خالطه جص أَ ْو رمل‬
‫لَ ْم يُ ْج ِز)‪ .‬وهذا موافق لما قاله النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي‪ :‬شرح المهذب والتصحيح‪،‬‬
‫ضا‪ :‬برمل فِي ِه‬ ‫لكنه فِي الروضة والفتاوى َج َّوز ذلك‪ .‬ويصح التيمم أَي ً‬
‫غبار‪.‬‬
‫صنِّف (التراب)‪ :‬غيرُه؛ كنورة وسحاقة خزف‪.‬‬ ‫َو َخ َر َج‪ :‬بقول ال ُم َ‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بـ (الطاهر)‪ :‬النجس‪َ .‬وأَ َّما التراب المستعمل‪ :‬فَاَل يصح التيمم ِب ِه‪.‬‬
‫(وفرائضه أربعة أشياء)‪:‬‬
‫خ ال َم ْت ِن‪( :‬أربع خصال‪ :‬نية الفرض)؛ فإن‬ ‫ْض نُ َس ِ‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬النية)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫الفرض والنفل؛ استباحهما؛ أَ ْو‪ :‬الفرض فَقَط؛ استباح معه‬ ‫َ‬ ‫نوى المتيم ُم‪:‬‬
‫النفل وصالة الجنازة أَيضًا؛ أَ ْو‪ :‬النفل فَقَط لَ ْم يستبح معه الفرض؛ َو َك َذا‬
‫ب‪ :‬قرن نية التيمم بنقل التراب للوجه واليدين؛‬ ‫لو نوى الصالة‪َ .‬ويَ ِج ُ‬
‫واستدامة‪ :‬هَ ِذ ِه النية إِلَى مسح شيء من الوجه‪َ .‬ولَ ْو أحدث بعد نقل‬
‫التراب‪ :‬لَ ْم يمسح بذلك التراب بَلْ ينقل غيره‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ْض نُ َس ِ‬
‫خ‬ ‫‪َ .3‬والثَّالِث‪( :‬مسح الوجه‪ ،‬ومسح اليدين مع المرفقين)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫ال َم ْت ِن‪( :‬إِلَى المرفقين)؛ ويكون مسحهما‪ :‬بضربتين‪َ .‬ولَ ْو وضع يده َعلَى‬
‫تراب ناعم فعلق بها تراب من غير ضرب‪ :‬كفى‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬الترتيب)‪ .‬فَيَ ِجب‪ :‬تقدي ُم مسح الوجه َعلَى مسح اليدين؛‬
‫يص َّح‪َ .‬وأَ َّما‬
‫سواء تيمم‪َ :‬ع ْن حدث أصغر أَ ْو أكبر‪َ .‬ولَ ْو ترك الترتيب‪ :‬لَ ْم ِ‬
‫أخذ التُراب للوجه واليدين‪ :‬فَاَل يشترط فِي ِه ترتيب‪ .‬فلو ضرب بيديه‬
‫دفعة َعلَى تراب ومسح بيمينه وجهَه وبيَساره يَمينَه‪ :‬جاز‪.‬‬
‫خ ال َم ْت ِن‪( :‬ثالث‬ ‫(وسننه)؛ أَي‪ :‬التيمم (ثالثة أشياء)‪َ :‬وفِي بَع ِ‬
‫ْض نُ َس ِ‬
‫خصال)‪:‬‬
‫‪( .1‬التسمية)‬
‫‪( .2‬وتقديم اليمنى) من اليدين ( َعلَى اليسرى) ِم ْنهُ َما‪ .‬وتقديم أَ ْعلَى‬
‫الوجه َعلَى أسفله‪.‬‬
‫‪( .3‬والمواالة)؛ وسبق معناها فِي الوضوء‪.‬‬
‫َوبَقِ َي للتيمم سنن أخرى مذكورة فِي المطوالت؛ ِم ْن َها‪ :‬نزع المتيمم خاتمه‬
‫فِي‪ :‬الضربة األولى‪ ،‬أّ َّما الثانية؛ فَيَ ِجب نزع الخاتم فيها‪.‬‬
‫(والذي يبطل التيمم ثالثة أشياء)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪ :‬كل (ما أبطل الوضوء)‪ ،‬وسبق بيانه فِي أسباب الحدث؛ فمتى‬
‫ان متيمما ثم أحدث بطل تيممه‪.‬‬ ‫َك َ‬
‫خ‪( :‬وجود الماء) (فِي غير‬ ‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪ُ ( :‬رؤية الماء)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫وقت الصالة)‪ .‬فمن تيمم لفقد الماء؛ ثم رأى الماء؛ أَ ْو توهمه قبل دخوله‬
‫فِي الصالة‪ :‬بطل تيممه‪ .‬فإن رآه بعد دخول فيها وكانت الصالة مما اَل‬
‫يسقط فرضها بالتيمم؛ كصالة مقيم‪ :‬بطلت فِي الحال؛ أَ ْو‪ :‬مما يسقط‬
‫فرضها بالتيمم؛ كصالة مسافر‪ :‬فَاَل تبطل؛ فرضًا كانت الصالة أَ ْو نفاًل ‪.‬‬
‫ان تيمم الشخص لمرض ونحوه؛ ثم رأى الماء‪ :‬فَاَل أثر لرؤيته؛ بَلْ‬ ‫وإن َك َ‬
‫تيممه باق بحاله‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪ِّ ( :‬‬
‫الردَّة)؛ َو ِه َي‪ :‬قطع اإلسالم‪.‬‬
‫وإذا امتنع شرعًا استعمال الماء فِي عضو؛ فإن لَ ْم يكن َعلَي ِه ساتر‪ :‬وجب‬
‫َعلَي ِه التيمم وغسل الصحيح؛ وال ترتيب بينهما‪ :‬للجنب‪ .‬أّ َّما المحدث‪ :‬فإنما‬
‫ان َعلَى العضو ساتر؛ فحكمه‬ ‫وقت دخول غسل العضو العليل؛ فإن َك َ‬ ‫َ‬ ‫يتيمم‬
‫صنِّف‪:‬‬‫مذكور فِي قول ال ُم َ‬
‫الجبائر)؛ جمع‪ :‬جبيرة؛ بفتح‪ :‬الجيم؛ َو ِه َي‪ :‬أخشاب أَ ْو قصب‬ ‫(وصاحب َ‬
‫تسوى‪ ،‬وتشد َعلَى موضع الكسر ليلتحم‪( .‬يمسح عليها) بالماء؛ إن لَ ْم يمكنه‬
‫نزعها؛ لخوف ضرر مما سبق‪( .‬ويتيمم) صاحب الجبائر فِي‪ :‬وجهه‬

‫‪17‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ان وضعها)؛ أَي‪ :‬الجبائر‪:‬‬ ‫ويديه؛ كماسبق‪( .‬ويصلي وال إعادة َعلَي ِه إن َك َ‬
‫( َعلَى طهر) وكانت فِي غير أعضاء التيمم؛ َوإِاَل ‪ :‬أعاد‪ .‬وهذا ما قاله‬
‫النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي الروضة؛ لكنه قال فِي المجموع‪ :‬إن إطالق الجمهور يقتضي‬
‫ين أعضاء التيمم وغيرها‪.‬‬ ‫عدم الفرق؛ أَي‪ :‬بَ َ‬
‫ويشترط فِي الجبيرة‪ :‬أن اَل تأخذ من الصحيح إال ما اَل بد منه لالستمساك‬
‫صابَة وال َمرْ هَم ونحوها َعلَى الجرح كالجبيرة‪.‬‬ ‫واللَصُوق ِ‬
‫والع َ‬
‫ين صالتي فرض بتيمم واحد؛‬ ‫(ويتيمم لكل‪ :‬فريضة) ومنذورة؛ فَاَل يجمع بَ َ‬
‫ين جمعة وخطبتيها‪.‬‬ ‫ين صالة وطواف؛ وال بَ َ‬ ‫ين طوافين؛ وال بَ َ‬ ‫وال بَ َ‬
‫وللمرأة‪ :‬إذا تيممت لتمكين الحليل أن تفعله مرارا‪ ،‬وتجمع بينه وبين‬
‫الصالة بذلك التيمم‪ .‬وقوله‪( :‬ويصلي بتيمم واحد‪ :‬ما شاء من النوافل)‬
‫ساقط من بعض نسخ المتن‪.‬‬
‫صل فِي بيان النجاسات وإزالتها‬ ‫فَ ْ‬
‫وهذا الفصل مذكور فِي بعض النسخ قبيل ِكتَاب الصالة‪.‬‬
‫والنجاسة‪ :‬لُ َغةً‪ :‬الشيء المستقذر‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬كل عين حرُم تناولها َعلَى اإلطالق حالة االختيار مع سهولة‬
‫التمييز؛ اَل لحرمتها وال الستقذارها وال لضررها فِي بدن أَ ْو عقل‪ .‬ودخل‬
‫فِي اإلطالق‪ :‬قليل النجاسة وكثيرها‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بـ(ـاالختيار)‪ :‬الضرورةُ؛ فإنها تبيح تناول النجاسة‪.‬‬
‫وبـ(ـسهولة التمييز)‪ :‬أك ُل الدو ِد الميت فِي جُبن أَ ْو فاكهة ونحو ذلك‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بقوله‪( :‬اَل لحرمتها)‪ :‬ميتة ُاألدمي‪.‬‬
‫المني ونحوه‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫وبـ(ـعدم االستقذار)‬
‫ضر ببدن أَ ْو عقل‪.‬‬ ‫وبـ(ـنفي الضرر)‪ :‬الحج ُر والنبات ال ُم ِ‬
‫صنِّف‪ :‬ضابطًا للنجس الخارج من القُبل والدبر؛ بقوله‪:‬‬ ‫ثم ذكر ال ُم َ‬
‫نجس)؛ هُ َو صادق بالخارج المعتاد؛ كالبول‬ ‫ٌ‬ ‫(وكل مائع خرج من السبيلين‪:‬‬
‫والغائط‪ ،‬وبالنادر؛ كالدم والقيح‪( .‬إال‪ :‬المني) من آدمي أَ ْو حيوان؛ غير كلب‬
‫وخنزير وما تولد ِم ْنهُ َما أَ ْو من أحدهما مع حيوان طاهر‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بـ(ـمائع) الدو ُد؛ وكل متصلب اَل تحيله المعدة؛ فليس بنجس؛ بَلْ ‪:‬‬
‫متنجس يطهر بالغسل‪.‬‬
‫خ‪( :‬وكل ما يخرج) بلفظ المضارع؛ وإسقاط مائع‪.‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫ان من‪ :‬مأكول اللحم (واجب)‪.‬‬ ‫(وغسل جميع‪ :‬األبوال واألرواث)؛ َولَ ْو َك َ‬
‫وكيفية غسل النجاسة‪ :‬إن كانت مشاهدة بالعين؛ َو ِه َي المسماة‪ :‬بالعينية؛‬
‫تكون بزوال عينها‪ .‬و ُمحاولة زوال أوصافها من‪ :‬طَعْم أَ ْو لون أَ ْو ريح؛ فإن‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫لون؛ أَ ْو‪ :‬ري ٌح عسُر زوالُه‪ :‬لَ ْم يضر‪ .‬وإن‬ ‫طع ُم النجاسة ض َّر‪ .‬أَ ْو‪ٌ :‬‬ ‫بقي‪َ :‬‬
‫كانت النجاسة‪ :‬غير مشاهدة؛ َو ِه َي المسماة‪ :‬بالحُكمية؛ فيكفي َجرْ ي الماء‬
‫صنِّف من األبوال؛ قوله‪:‬‬ ‫َعلَى المتنجس بها؛ َولَ ْو مرة واحدة‪ .‬ثم استثنى ال ُم َ‬
‫(إال بول الصبي الذي لَ ْم يأكل الطعام)؛ أَي‪ :‬لَ ْم يتناول مأكواًل وال مشروبًا‬
‫ش الماء َعلَي ِه)‪ .‬وال يشترط‬ ‫بر ِّ‬‫َعلَى جهة التغذى‪( .‬فإنه)؛ أَي‪ :‬البول (يطهر َ‬
‫الن الماء‪ .‬فإن أكل الصبي الطعام َعلَى جهة التغذى‪ :‬غسل‬ ‫ش‪َ :‬سيَ ُ‬ ‫فِي ال َر ِّ‬
‫بوله قطعًا‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بـ(ـالصبي)‪ :‬الصبية والخنثى؛ فيغسل من بولهما‪.‬‬
‫ان قليال؛ فإن عكس‪ :‬لَ ْم‬ ‫ويشترط فِي غسل المتنجس‪ :‬ورو ُد الماء َعلَي ِه إن َك َ‬
‫يطهر‪.‬‬
‫ين‪ :‬كون المتنجس واردًا أَ ْو مورودًا‪.‬‬ ‫أّ َّما الماء الكثير‪ :‬فَاَل فرق بَ َ‬
‫(وال يعفى عَنْ شيء من النجاسات إال اليسير من الدم والقيح)؛ فيعفى‬
‫عنهما فِي ثوب أَ ْو بدن‪ ،‬وتصح الصالة معهما‪َ ( ،‬و) إالَّ (ما) شيء (اَل نفس‬
‫له سائلة) ك ُذباب ونمل (إذا وقع فِي اإلناء ومات فِي ِه‪ ،‬فإنه اَل ينجسه)‪.‬‬
‫خ‪( :‬إذا مات فِي اإلناء)‪ .‬وأفهم قوله‪( :‬وقع)؛ أَي‪ :‬بنفسه‪ ،‬أنه‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫لو‪ :‬طُرح ما اَل نفس له سائلة فِي المائع‪ :‬ض َّر‪َ .‬وهُ َو ما جزم بِ ِه الرَّافَ ِعي فِي‬
‫الشرح الصغير‪ ،‬ولم يتعرض لهذه المسألة فِي الكبير‪ .‬وإذا كثرت ميتة ما اَل‬
‫نفس له سائلة؛ وغيّرت ما وقعت فِي ِه‪ :‬نجسته‪ .‬وإذا نشأت هَ ِذ ِه الميتة من‬
‫المائع؛ كدود َخ ّل وفاكهة‪ :‬لَ ْم تنجسه قطعًا‪.‬‬
‫ت سبق بعضها فِي‬ ‫َويُ ْستَ ْثنَى مع ما ذكر هُنَا مسائل مذكورة فِي ال َم ْبسُوطَا ِ‬
‫ِكتَاب الطهارة‪.‬‬
‫(والحيوان كله طاهر؛ إال الكلب والخنزير وما تولد ِم ْن ُه َما أَ ْو من أحدهما)؛‬
‫أَي‪ :‬مع حيوان طاهر‪ .‬وعبارته تصدق‪ :‬بطهارة الدود المتولد من النجاسة؛‬
‫َوهُ َو كذلك‪( .‬والميتة كلها نجسة؛ إال السمك والجراد واآلدمي)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫ْض‬
‫خ‪( :‬ابن آدم)؛ أَي‪ :‬ميتة كل ِم ْنهَا؛ فإنها طاهرة‪.‬‬ ‫النُّ َس ِ‬
‫(ويُغسل اإلنا ُء من ُولوغـ الكلب والخنزير سب َع مرات) بماء طهور؛‬
‫ان‬‫(إحداهن) مصحوبة (بالتراب) الطهور؛ يعم المحل المتنجس‪ .‬فإن َك َ‬
‫المتنجس بما ذكر فِي ماء جار؛ ك ِدر‪ :‬كفى مرور سبع جريات َعلَي ِه؛ بال‬
‫عين النجاسة الكلبية؛ إال بست غسالت مثال حسبت كلها‬ ‫تعفير‪ .‬وإذا لَ ْم تزل ُ‬
‫صح‪.‬‬ ‫غسلة واحدة‪ .‬واألرض الترابية‪ :‬اَل يجب التراب فيها َعلَى األَ َ‬
‫خ‪:‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫واحدة)؛ َوفِي بَع ِ‬ ‫(ويغسل من سائر)؛ أَي‪ :‬باقي (النجاسات مرة ِ‬
‫خ‪( :‬والثالثة)؛ بالتاء‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(مرة) (تأتي َعلَي ِه؛ والثالث)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫(أفضل)‪ .‬واعلم أن ُغسالة النجاسة؛ بعد طهارة المحل المغسول‪ :‬طاهرة؛ إن‬

‫‪19‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ان بعد اعتبار‬ ‫انفصلت غير متغيرة؛ ولم يزد وزنها بعد انفصالها؛ عما َك َ‬
‫مقدار ما يتشربه المغسول من الماء‪ .‬هَ َذا إن لَ ْم يبلغ قلتين؛ فإن بلغهما‬
‫فالشرط عدم التغير‪.‬‬
‫صنِّف مما يطهر بالغسل؛ َش َر َع فيما يطهر‪ :‬باالستحالة؛ َو ِه َي‪:‬‬ ‫ولما فرغ ال ُم َ‬
‫انقالب الشيء من صفة إِلَى صفة أخرى؛ فقال‪( :‬وإذا تخللت الخمرة)؛‬
‫تخذة من ما ِء العنب‪ ،‬محترمةً كانت الخمرة أم اَل ‪َ .‬و َم ْعنَى تخللت‪:‬‬ ‫َو ِه َي‪ :‬ال ُم َ‬
‫صارت خالًّ؛ وكانت صيرورتها خال (بنفسها‪ :‬طهرت)‪َ .‬و َك َذا لو تخللت‪:‬‬
‫بنقلها من شمس إِلَى ظل وعكسه‪( .‬وإن) لَ ْم تتخلل الخمرة بنفسها؛ بَلْ ‪:‬‬
‫(تخللت بطرح شيء فيها‪ :‬لَ ْم تطهر)‪ .‬وإذا طهرت الخمرة‪ :‬طهر َدنُّها؛ تبعا‬
‫لها‪.‬‬
‫صل فِي بيان أحكام الحيض والنفاس واالستحاضة‬ ‫فَ ْ‬
‫(ويخرج من الفرج ثالثة دماء‪َ :‬دم الحيض‪ ،‬والنفاس‪ ،‬واالستحاضة)‪:‬‬
‫‪( .1‬فالحيض؛ ه َُو)‪ :‬الدم (الخارج) فِي سن الحيض؛ َو ُه َو‪ :‬تسع سنين فأكثر‬
‫(من فرج المرأة َعلَى سبيل الصحة)؛ أَي‪ :‬اَل لعلة؛ بَلْ للجبلة؛ (من غير‬
‫سبب الوالدة)‪.‬‬
‫يس فِي أكثر نسخ المتن‪ .‬وفي‬ ‫وقوله‪( :‬ولونه‪ :‬أسود محتدم لذاع)؛ َولَ َ‬
‫الصحاحـ‪ :‬احتدم الدم‪ :‬اشتدت حمرته حتى اسود‪ .‬ولذعته‪ :‬النار حتى‬
‫أحرقته‪.‬‬
‫‪( .2‬والنفاس؛ ه َُو)‪ :‬الدم (الخارج عقِب الوالدة)‪ .‬فالخارج مع الولد أَ ْو‬
‫قبله‪ :‬اَل يسمى نفا َسا‪ .‬وزيادة الياء فِي‪( :‬عقيب) لُ َغةً‪ :‬قليلة؛ واألكثر‬
‫حذفها‪.‬‬
‫‪( .3‬واالستحاضة)؛ أَي‪ :‬دمها؛ (ه َُو‪ :‬الدم الخارج فِي غير أيام الحيض‬
‫والنفاس)؛ اَل َعلَى سبيل الصحة‪.‬‬
‫(وأقل الحيض) زمنًا‪( :‬يوم وليلة)؛ أَي‪ :‬مقدار ذلك؛ َوه َُو‪ :‬أربعة وعشرون‬
‫ساعة َعلَى االتصال المعتاد فِي الحيض‪.‬‬
‫(وأكثره‪ :‬خمسة عشر يو ًما) بليالها‪ .‬فإن زاد عليها؛ فَ ُه َو‪ :‬استحاضة‪.‬‬
‫(وغالبه‪ :‬ست أَ ْو سبع)‪ .‬والمعتمد فِي ذلك‪ :‬االستقرا ُء‪.‬‬
‫(وأقل النفاس‪ :‬لحظة)‪َ ،‬وأُ ِري َد بِ َها‪ :‬زمن يسير‪ .‬وابتداء النفاس‪ :‬من‬
‫انفصال الولد‪( .‬وأكثره‪ :‬ستون يو ًما‪ .‬وغالبه‪ :‬أربعون يو ًما)‪ .‬والمعتمد فِي‬
‫ذلك‪ :‬االستقراء أَيضًا‪.‬‬
‫ين الحيضتين‪ :‬خمسةَ عش َر يوما)‪.‬‬ ‫(وأقل الطهر) الفاصل (بَ َ‬

‫‪20‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ين حيض ونفاس؛‬ ‫ين الحيضتين) َع ْن الفاصلـ‪ :‬بَ َ‬ ‫صنِّف بقوله‪( :‬بَ َ‬ ‫واحْ تَ َر َز ال ُم َ‬
‫إذا قلنا باألصح‪ :‬إن الحامل تحيض‪ ،‬فإنه يجوز‪ :‬أن يكون دون خمسة عشر‬
‫يوما‪.‬‬
‫(وال َح َّد ألكثره)؛ أَي‪ :‬الطهر‪ .‬فقد تمكث المرأة دهرها بال حيض‪ .‬أّ َّما غالب‬
‫ان الحيض ستًا؛ فالطهر‪ :‬أربع‬ ‫الطهر فيعتبر‪ :‬بغالب الحيض‪ .‬فإن َك َ‬
‫ان الحيض سبعًا؛ فالطهر‪ :‬ثالثة وعشرون يو ًما‪.‬‬ ‫وعشرون يو ًما‪ .‬أَ ْو َك َ‬
‫خ (الجارية)‪( :‬تسع سنين)‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وأقل زمن تحيض فِي ِه المرأة)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫قمرية‪ .‬فلو رأته قبل تمام التسع بزمن يضيق َع ْن حيض وطهر؛ فَه َُو‪:‬‬
‫حيض؛ َوإِاَل فَاَل ‪.‬‬
‫(وأقل الحمل) زمنًا‪( :‬ستة أشهر) ولحظتان‪.‬‬
‫(وأكثره) زمنًا‪( :‬أربع سنين‪ .‬وغالبه) زمنًا‪( :‬تسعة أشهر)‪ .‬والمعتمد فِي‬
‫ذلك‪ :‬الوجود‪.‬‬
‫خ (ويحرم َعلَى الحيض)‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬ ‫(ويحرم بالحيض والنفاس)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫(ثمانية أشياء)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬الصالة)‪ ،‬فرضًا أَ ْو نفاًل ؛ َو َك َذا سجدة التالوة والشكر‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬الصوم)‪ ،‬فرضا ً أَ ْو نفاًل ‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬قراءة القرآن)‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬مس المصحف)؛ َوه َُو‪ :‬اسم للمكتوب من كالم هللا تَ َعالَى‬
‫ين الدفتين (وحمله)؛ إالّ إذا خافت َعلَي ِه‪.‬‬ ‫بَ َ‬
‫للحائض إن خافت تلويثه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬دخول المسجد)‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس‪( :‬الطواف) فرضًا أَ ْو نفاًل ‪.‬‬
‫سن لمن وطئ فِي إقبال الدم‪ :‬التصدق بدينار‪.‬‬ ‫‪َ ( .7‬و) السابع‪( :‬الوطء)‪َ .‬ويُ َ‬
‫ولمن وطئ فِي إدباره‪ :‬التصدق بنصف دينار‪.‬‬
‫ين السرة والركبة) من المرأة؛ فَاَل يحرم‬ ‫‪َ ( .8‬و) الثامن‪( :‬االستمتاع بما بَ َ‬
‫االستمتاع بهما؛ وال بما فوقهما َعلَى المختار فِي شرح المهذب‪.‬‬
‫صنِّف لذكر ما حقه أن يذكر فيما سبق فِي فَصْ ل موجب‬ ‫ط َر َد ال ُم َ‬ ‫ثم ا ْستَ ْ‬
‫الغسل؛ فقال‪:‬‬
‫(ويحرم َعلَى الجنب خمسة أشياء)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬الصالة)‪ ،‬فرضًا أَ ْو نفاًل ‪.‬‬
‫ان أَ ْو حرفًا‪،‬‬ ‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬قراءة القرآن)؛ أَي‪ :‬غير منسوخ التالوة؛ آية َك َ‬
‫س ًّرا أَ ْو جهرًا‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بالقرآن‪ :‬التوراة واإلنجيل‪.‬‬
‫أّ َّما أذكار القرآن‪ :‬فتحلُّ ؛ اَل بقصد قرآن‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬مس المصحف وحمله) من باب أولى‪.‬‬


‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬الطواف) فرضًا أَ ْو نفاًل ‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬اللبث فِي المسجد) لجنب مسلم؛ إال لضرورة كمن احتلم‬
‫فيالمسجد وتعذر َعلَي ِه خروجه منه لخوف َعلَى نفسه أَ ْو ماله‪.‬‬
‫صح ‪.‬‬‫أّ َّما عبور المسجد مارّا بِ ِه من غير مكث فَاَل يحرم‪ ،‬بَلْ وال يكره فِي األَ َ‬
‫وتردد الجنب فِي المسجد بمنزلة اللبث‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بالمسجد‪ :‬المدارس والربط‪.‬‬
‫صنِّف أيضا من أحكام الحدث األكبر إِلَى أحكام الحدث‬ ‫ثم ا ْستَ ْ‬
‫ط َر َد ال ُم َ‬
‫األصغر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫حدثا أصغر (ثالثة أشياء)‪:‬‬ ‫(ويحرم َعلَى المحدث) ً‬
‫‪( .1‬الصالة)‬
‫‪( .2‬والطواف)‬
‫‪( .3‬ومس المصحف وحمله) َو َك َذا خريطة وصندوق فيهما مصحف‪ .‬ويحل‬
‫حمله فِي أمتعة وفي تفسير أكثر من القرآن‪ ،‬وفي دنانير ودراهم وخواتم‬
‫نقش َعلَى كل ِم ْنهَا قرآن‪ .‬وال يمنع المميز المحدث ِمن َمسِّ مصحف‬
‫ولوح لدراسة وتعلُّم قرآن‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ِكتَاب أحكام الصالة‬


‫َو ِه َي لُ َغةً‪ :‬ال ُدعاء‪.‬‬
‫تحةٌ بالتكبير‪ ،‬مختتمةٌ بالتسليم‬ ‫َوش َْر ًعا كما قال الرَّافَ ِعي‪ :‬أقوا ٌل وأفعال ُمفتَ َ‬
‫ب َشرائطَ مخصوص ٍة‪.‬‬
‫خ (الصلوات المفروضاتـ) (خمس)‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(الصالة المفروضة) َوفِي بَع ِ‬
‫يجب كل ِم ْنهَا بأول الوقت وجوبا موسعا إِلَى أن يبقى من الوقت ما يسعها‪،‬‬
‫فضيق حينئذ‪:‬‬
‫‪( .1‬الظهر)؛ أَي‪ :‬صالته‪ .‬قال النَّ َو ِوي ‪ :‬سميت بذلك‪ :‬ألنها ظاهرة وسط‬
‫‪1‬‬

‫النهار‪( .‬وأول وقتها‪ :‬زوال)؛ أَي‪ :‬ميل (الشمس) َع ْن وسط السماء‪ .‬اَل‬
‫بالنظر لنفس األمر بَلْ لما يظهر لنا‪ .‬ويعرف ذلك الميل‪ :‬بتحول الظل‬
‫إِلَى جهة المشرق بعد تناهي قصره الذي هُ َو غاية ارتفاع الشمس؛‬
‫(وآخره)؛ أَي‪ :‬وقت الظهر‪( :‬إذا صار ظل كل شيء مثلَه بعد)؛ أَي‪ :‬غير‬
‫(ظل الزوال)‪ .‬والظلُّ ؛ لُ َغةً‪ :‬الستر‪ .‬تقول‪ :‬أنا فِي ظل فالن؛ أَي‪ :‬ستره‪.‬‬
‫وليس الظل‪ :‬عدم الشمس؛ كما قد يتوهم؛ بَلْ هُ َو‪ :‬أمر وجودي يخلقه هللا‬
‫تَ َعالَى لنفع البدن وغيره‪.‬‬
‫وقت الغروب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪( .2‬والعصر)؛ أَي‪ :‬صالتها‪ ،‬وسميت بذلك‪ :‬لمعاصرتها‬
‫(وأول وقتها الزيادة َعلَى ظل المثل)‪ .‬وللعصر خمسة أوقات‪ :‬أحدها‪:‬‬
‫أول الوقت‪َ .‬والثَّانِي‪ :‬وقت االختيار؛ وأشار‬ ‫وقت الفضيلة؛ َوه َُو‪ :‬فعلها َ‬
‫له بقوله‪( :‬وآخره فِي االختيار‪ :‬إِلَى ظل المثلين)‪َ .‬والثَّالِث‪ :‬وقت الجواز؛‬
‫وأشار له بقوله‪( :‬وفي الجواز‪ :‬إِلَى غروب الشمس)‪ .‬والرابع‪ :‬وقت‬
‫جواز بال كراهة؛ َوه َُو‪ :‬من مصير الظل مثلين إِلَى االصفرار‪.‬‬
‫والخامس‪ :‬وقت تحريم؛ َوهُ َو‪ :‬تأخيرها إِلَى أن يبقى من الوقت ما اَل‬
‫يسعها‪.‬‬
‫وقت الغروب‪( .‬ووقتها‬ ‫َ‬ ‫‪( .3‬والمغرب)؛ أَي‪ :‬صالتها‪ ،‬وسميت بذلك‪ :‬لفعلها‬
‫واحد؛ َوه َُو‪ :‬غروب الشمس)؛ أَي‪ :‬بجميع قرصها‪ .‬وال يضر‪ :‬بقاء‬
‫ُشعاع بع َده‪( .‬وبمقدار‪ :‬ما يؤذن) الشخص (ويتوضأ) أَ ْو يتيمم (ويستر‬
‫العورة‪ ،‬ويقيم الصالة ويصلي خمس ركعات)‪ .‬وقوله‪( :‬وبمقدار) إلخ‪،‬‬
‫ساقط فِي بعض نسخ المتن‪ .‬فإن انقضى المقدا ُر المذكور‪ :‬خرج وقتُها‪.‬‬
‫وهذا هُ َو القول الجديد والقديم‪ .‬ورجحه النَّ َو ِوي‪ :2‬أن وقتها‪ :‬يمتد إِلَى‬
‫مغيب الشفق األحمر‪.‬‬
‫والعشاء) بكسر العين ممدودًا؛ اسم ألول الظالم‪ .‬وسميت بذلك‪ :‬لفعلها‬ ‫‪ِ ( .4‬‬
‫فِي ِه‪( .‬وأول وقتها‪ :‬إذا غاب الشفق األحمر)‪َ .‬وأَ َّما البلد الذي اَل يغيب فِي ِه‬
‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫زمن يغيب فِي ِه‬ ‫ٌ‬ ‫ق‪ :‬فوقت العشاء فِي حق أهله أن يمضي بعد الغروب‬ ‫الشف ُ‬
‫ب البالد إليهم‪ .‬ولها وقتان‪ :‬أحدهما‪ :‬اختيار‪ ،‬وأشار له‬ ‫شف ُ‬
‫ق أقر ِ‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬وآخره)‪ :‬يمت ّد (فِي االختيار إِلَى ثلُث الليل)‪َ .‬والثَّانِي‪:‬‬ ‫ال ُم َ‬
‫جواز؛ وأشار له بقوله‪( :‬وفي الجواز‪ :‬إِلَى طلوع الفجر الثَانِي)؛ أَي‪:‬‬
‫ضوؤه معترضا باألفق‪َ .‬وأَ َّما الفجر الكاذب؛‬ ‫الصادق‪َ ،‬وهُ َو المنتشر َ‬
‫فيطلع قبل ذلك؛ اَل معترضًا‪ ،‬بَلْ مستطيال ذاهبا فِي السماء‪ ،‬ثم يزول‬
‫وتعقبه ظلمة‪ ،‬وال يتعلق بِ ِه حكم‪ .‬وذكر الشيخ أبو حامد الغزالي‪ :‬أن‬
‫ين الفجرين‪.‬‬ ‫للعشاء‪ :‬وقت كراهة؛ َوهُ َو‪ :‬ما بَ َ‬
‫‪( .5‬والصبح)؛ أَي‪ :‬صالته‪َ .‬وهُ َو لُ َغةً‪ :‬أول النهار‪ .‬وسميت الصالة بذلك‪:‬‬
‫لفعلها فِي أوله‪ .‬ولها؛ كالعصر خمسة أوقات‪ :‬أحدها‪ :‬وقت الفضيلة؛‬
‫صنِّف فِي قوله‪:‬‬ ‫َوه َُو‪ :‬أول الوقت‪َ .‬والثَّانِي‪ :‬وقت االختيار؛ وذكره ال ُم َ‬
‫(وأول وقتها طلوع الفجر الثَانِي‪ ،‬وآخره فِي االختيار إِلَى اإلسفار)؛‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬وفي‬ ‫َوهُ َو اإلضاءة‪َ .‬والثَّالِث‪ :‬وقت الجواز؛ وأشار له ال ُم َ‬
‫الجواز)؛ أَي‪ :‬بكراهة‪( :‬إِلَى طلوع الشمس)‪ .‬والرابع‪ :‬جواز بال كراهة‬
‫إِلَى طلوع الحمرة‪ .‬والخامس‪ :‬وقت تحريم؛ َوه َُو‪ :‬تأخيرها إِلَى أن يبقى‬
‫من الوقت ما اَل يسعها‪.‬‬
‫صل‬‫فَ ْ‬
‫(وشرائط وجوب الصالة ثالثة أشياء)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬اإلسالم)؛ فَاَل تجب الصالة َعلَى الكافر األصلي؛ وال يجب َعلَي ِه‬
‫قضاؤها إذا أسلم‪َ .‬وأَ َّما المرت ّد؛ فتجب َعلَي ِه الصالة وقضاءها إن عاد إِلَى‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬البلوغ)؛ فَاَل تجب َعلَى صبي وصبية‪ ،‬لَ ِك ْن يؤمران بها بعد‬
‫سبع سنين إن حصل التمييز بها‪َ ،‬وإِاَل فبعد التمييز‪ ،‬ويضربان َعلَى‬
‫تركها بعد كمال عشر سنين‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬العقل)؛ فَاَل تجب َعلَى مجنون‪ .‬وقوله‪َ ( :‬و ُه َو حد التكليف)‬
‫ساقط فِي بعض نسخ المتن‪.‬‬
‫خ (المسنونات) (خمس)‪:‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(والصلوات المسنونة) َوفِي بَع ِ‬
‫‪( .1‬العيدان)؛ أَي‪ :‬صالة عيد الفطر وعيد األضحى‪.‬‬
‫‪( .2‬والكسوفان)؛ أَي‪ :‬صالة كسوف الشمس وخسوف القمر‪.‬‬
‫‪( .3‬واالستسقاء)؛ أَي‪ :‬صالته‪.‬‬
‫(والسنن التابعة للفرائض) ويعبر عنها أيضا بالسنة الراتبة‪َ ،‬و ِه َي (سبعة‬
‫عشر ركعة‪ :‬ركعتا الفجر‪ ،‬وأربع قبل الظهر‪ ،‬وركعتان بعده‪ ،‬وأربع قبل‬
‫العصر‪ ،‬وركعتان بعد المغرب‪ ،‬وثالث بعد العشاء يوتر بواحدة منهن)؛‬

‫‪24‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الواحدة‪ِ :‬ه َي أقل الوتر‪ .‬وأكثره‪ :‬إحدى عشرة ركعة‪َ .‬و َو ْقتَهُ‪ :‬بعد صالة‬
‫العشاء وطلوع الفجر؛ فلو أوتر قبل العشاء عمدا أَ ْو سهوا لَ ْم يعتد بِ ِه‪.‬‬
‫والراتب المؤكد من ذلك كله عشر ركعات‪ :‬ركعتان قبل الصبح وركعتان‬
‫قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء‪.‬‬
‫(وثالث نوافل مؤكدات) غير تابعة للفرائض‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬صالة الليل)‪ .‬والنفل المطلق فِي الليل أفضل من النفل المطلق‬
‫آخره أفضل‪ .‬وهذا لمن قسم‬ ‫فِي النهار‪ ،‬والنفل وسطَ الليل أفضل‪ ،‬ثم َ‬
‫الليل أثالثا‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬صالة الضحى) وأقلها ركعتان‪ ،‬وأكثرها اثنتا عشرة ركعة‪،‬‬
‫ووقتها من ارتفاع الشمس إِلَى زوالها كما قال النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي التحقيق‬
‫وشرح المهذب‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬صالة التراويح) َو ِه َي عشرون ركعة بعشر تسليمات فِي‬
‫كل ليلة من رمضان؛ وجملتها خمس ترويحات‪ .‬وينوي الشخص فِي كل‬
‫ركعتين ِم ْنهَا سنة التراويح أَ ْو قيام رمضان‪َ .‬ولَ ْو صلى أربع ركعات ِم ْنهَا‬
‫ين صالة العشاء وطلوع الفجر‪.‬‬ ‫بتسليمة واحدة لَ ْم تصح‪ .‬ووقتها‪ :‬بَ َ‬
‫صل‬‫فَ ْ‬
‫(وشرائط الصالة قبل الدخول فيها خمسة أشياء)‪ :‬والشروط؛ جمع‪ :‬شرط‪.‬‬
‫َوه َُو لُ َغةً‪ :‬العالمةُ‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬ما تتوقف صحة الصالة َعلَي ِه وليس جزأ ِم ْنهَا‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بهذا القيد‪ :‬الركن‪ ،‬فإنه جزء من الصالة‪.‬‬
‫‪ .1‬الشرط األول‪( :‬طهارة األعضاء من الحدث) األصغر واألكبر عند‬
‫القدرة‪ .‬أّ َّما فاقد الطهورين‪ :‬فصالته صحيحة مع وجوب اإلعادة َعلَي ِه؛‬
‫( َو) طهارة (النجس) الذي اَل يعفى عنه فِي ثوب وبدن ومكان‪ .‬وسيذكر‬
‫صنِّف هَ َذا األخير قريبًا‪.‬‬ ‫ال ُم َ‬
‫ان الشخص خاليا أَ ْو‬ ‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬ستر) لون (العورة) عند القدرة َولَ ْو َك َ‬
‫فِي ظلمة‪ .‬فإن عجز َع ْن سترها صلى عاريا‪ ،‬وال يومئ بالركوع‬
‫والسجود؛ بَلْ يتمهما؛ وال إعادة َعلَي ِه‪ .‬ويكون ستر العورة‪( :‬بلباس‬
‫طاهر)‪َ .‬ويَ ِجبُ ‪ :‬سترها أَيضًا فِي غير الصالة َع ْن الناس وفي الخلوة إال‬
‫لحاجة من اغتسال ونحوه‪َ .‬وأَ َّما سترها عَنْ نفسه‪ :‬فَاَل يجب لكنه يكره‬
‫ين سرته وركبته‪َ ،‬و َك َذا األَمة‪ .‬وعورة‬ ‫نظره إليها‪ .‬وعورة الذكر‪ :‬ما بَ َ‬
‫ال ُحرَّة فِي الصالة‪ :‬ما سوى وجهها وكفيها ظهرا وبطنا إِلَى الكوعين‪ .‬أّ َّما‬
‫خارج الصالة‪ :‬فجميع بدنها؛ وعورتها فِي الخلوة؛ كالذكر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عورة ال ُحرَّة‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫والعورة لُ َغةً‪ :‬النقص‪ .‬وتطلق شرعًا‪َ :‬علَى ما يجب ستره‪َ .‬وهُ َو ال ُم َراد‬
‫هُنَا؛ وعلى ما يحرم نظره‪ .‬وذكره األصحاب فِي ِكتَاب النكاح‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬الوقوف َعلَى مكان طاهر)؛ فَاَل تصح صالة شخص يالقي‬
‫بعضُ بدنه أَ ْو لباسه نجاسةً فِي قيام أَ ْو قعود أَ ْو ركوع أَ ْو سجود‪.‬‬
‫الع ْل ُم بدخول الوقت) أَ ْو ظن دخوله باالجتهاد؛ فلو صلى‬ ‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪ِ ( :‬‬
‫بغير ذلك لَ ْم تصح صالته وإن صادف الوقت‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬استقبال القبلة)؛ أَي‪ :‬الكعبة‪ .‬سميت قبلةً‪ :‬ألن المصلي‬
‫يقابلها‪ ،‬وكعبةً الرتفاعها‪ .‬واستقبالها بالصدر شرط لمن قدر َعلَي ِه‪.‬‬
‫صنِّف من ذلك ما ذكره بقوله‪( :‬ويجوز ترك) استقبال‬ ‫واستثنى ال ُم َ‬
‫(القبلة) فِي الصالة (فِي حالتين‪ :‬فِي شدة الخوف) فِي قتال مباح‪ ،‬فرضا‬
‫كانت الصالة أَ ْو نفال؛ (وفي النافلة ِفي السفر َعلَى الراحلة)‪ .‬فللمسافر‬
‫سفرًا مباحا َولَ ْو قصيرا التنف ُل صوب مقصده‪.‬‬
‫وراكب الدابة اَل يجب َعلَي ِه وضع جبهته َعلَى سرجها مثال‪ ،‬بَلْ يومئ‬
‫أخفض من ركوعه‪َ ،‬وأَ َّما الماشي فيتم‬ ‫َ‬ ‫بركوعه وسجوده؛ ويكون سجوده‬
‫ركوعه وسجوده‪ ،‬ويستقبل القبلة فيهما‪ ،‬وال يمشي إال فِي قيامه وتشهده‪.‬‬
‫صل فِي أركان الصالة‬ ‫فَ ْ‬
‫وتقدم معنى الصالة لُ َغةً َوشَرْ عًا‪.‬‬
‫(وأركان الصالة ثمانية عشر ركنًا)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬النية)‪َ ،‬و ِه َي‪ :‬قصد الشيء مقترنا بفعله‪ .‬ومحلها‪ :‬القلبـ‪ .‬فإن‬
‫كانت الصالة فرضًا‪ :‬وجب نية الفرضية؛ وقصد فعلها؛ وتعيينها من‬
‫صبح أَ ْو ظهر مثال‪ ،‬أَ ْو كانت الصالة نفال ذات وقت كراتبة‪ ،‬أَ ْو ذات‬
‫سبب كاستسقاء وجب قصد فعلها وتعيينها‪ ،‬اَل نية النفلية‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬القيام مع القدرة) َعلَي ِه؛ فإن عجز َع ْن القيام قعد كيف شاء‪،‬‬
‫وقعوده مفترشا أفضل‪.‬‬
‫ق بها‪ ،‬بأن يقول‪:‬‬ ‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬تكبيرة اإلحرام)‪ ،‬فيتعين َعلَى القادر النط ُ‬
‫الرحمن أكبر ونحوه‪ ،‬وال يصح فيها تقديم الخبر َعلَى‬ ‫ُ‬ ‫هللا أكبر؛ فَاَل يصح‬
‫المبتدأ كقوله‪ :‬أكبر هللا‪ .‬ومن عجز َع ْن النطق بها بالعربية ترجم عنها‬
‫بأي لُ َغةً شاء‪ ،‬وال يعدل عنها إِلَى ذكر آخر‪َ .‬ويَ ِجبُ قرن النية بالتكبير‪.‬‬
‫َوأَ َّما النَّ َو ِوي‪ 1‬فاختار االكتفاء بال ُمقارنة العُرفِية‪ ،‬بحيث يعد ُعرفًا أنه‬
‫مستحضر للصالة‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬قراءة الفاتحة) أَ ْو بدلها لمن لَ ْم يحفظها‪ ،‬فرضا كانت‬
‫الصالة أَ ْو نفال‪( .‬وبِ ْ‬
‫س ِم هللاِ ال َّرح َم ِن ال َّر ِحيم آيةٌ ِم ْن َها) كاملة‪ .‬ومن أسقط‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫من الفاتحة حرفا أَ ْو تشديدة أَ ْو أبدل حرفا ِم ْنهَا بحرف لَ ْم تصح قراءته‬
‫وال صالته إن تعمد‪َ ،‬وإِاَل وجب َعلَي ِه إعادة القراءة‪َ ،‬ويَ ِجبُ ترتيبها بأن‬
‫يقرأ آياتها َعلَى نظمها المعروف‪َ ،‬ويَ ِجبُ أيضا مواالتها‪ ،‬بأن يصل‬
‫بعض كلماتها ببعض من غير فَصْ ل إال بقدر التنفس‪ .‬فإن تخلل الذكر‬
‫ين مواالتها قطعها إال أن يتعلق الذكر بمصلحة الصالة كتأمين المأموم‬ ‫بَ َ‬
‫فِي أثناء فاتحته لقراءة إمامه‪ ،‬فإنه اَل يقطع المواالة‪ .‬ومن جهل الفاتحة أَ ْو‬
‫تعذرت َعلَي ِه لعدم معلم مثال وأحسن غيرها من القرآن وجب َعلَي ِه سبع‬
‫آيات متوالية عوضا َع ْن الفاتحة أَ ْو متفرقة؛ فإن عجز َع ْن القرآن أتى‬
‫بذكر بدال عنها بحيث اَل ينقص َع ْن حروفها؛ فإن لَ ْم يحسن قرآنا وال‬
‫خ (وقراءة الفاتحة بعد بِس ِْم هللاِ‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫ذكرا وقف قدر الفاتحة‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫َّحيم‪َ ،‬و ِه َي آية ِم ْنهَا)‪.‬‬
‫الرَّح َم ِن الر ِ‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬الركوع)‪ ،‬وأقل فرضه لقائم قادر َعلَى الركوع معتد ِل‬
‫سليم يديه وركبتيه أن ينحنى بغير انخناس قدر بلوغ راحتيه‬ ‫الخلقة ِ‬ ‫ِ‬
‫رُكبتيه لو أراد وضعهما عليهما؛ فإن لَ ْم يقدر َعلَى هَ َذا الركوع انحنى‬
‫ظهره وعنقَه بحيث‬ ‫َ‬ ‫مقدوره وأومأ بطرفه‪ .‬وأكمل الركوع تسوية الراكع‬
‫يصيران كصفيحة واحدة‪ ،‬ونصب ساقيه وأخذ ركبتيه بيديه‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس‪( :‬الطمأنينة) َو ِه َي سكون بعد حركة (فِي ِه)؛ أَي‪ :‬الركوع‪.‬‬
‫والمصنف يجعل الطمأنينة فِي األركان ركنا مستقالًّ؛ ومشى َعلَي ِه‬
‫صنِّف يجعلها هيئة تابعة لألركان‪.‬‬ ‫النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي التحقيق‪ .‬وغي ُر ال ُم َ‬
‫‪َ ( .7‬و) السابع‪( :‬الرفع) من الركوع‪( ،‬واالعتدال) قائما َعلَى الهيئة الَتِي‬
‫عاجز َع ْن القيام؛‬
‫ٍ‬ ‫قادر وقُعو ِد‬‫ٍ‬ ‫قيام‬
‫ان عليها قبل ركوعه من ِ‬ ‫َك َ‬
‫‪َ ( .8‬و) الثامن‪( :‬الطمأنينة فِي ِه)؛ أَي‪ :‬االعتدال‪.‬‬
‫‪َ ( .9‬و) التاسع‪( :‬السجود) مرتين فِي كل ركعة‪ .‬وأقله مباشرة بعض جبهة‬
‫المصلي موض َع سجوده من األرض أَ ْو غيرها‪ .‬وأكمله أن يكبر لهويه‬
‫للسجود بال رفع يديه‪ ،‬ويضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه؛‬
‫‪َ ( .10‬و) العاشر‪( :‬الطمأنينة فِي ِه)؛ أَي‪ :‬السجود‪ ،‬بحيث ينال َموض َع‬
‫سُجوده ثِقَ ُل رأسه‪ .‬وال يكفي إمساس رأسه موض َع سجوده‪ ،‬بَلْ يتحامل‬
‫ان تحته قطن مثال الَن َكبس وظهر أثره َعلَى ي ٍد لو فُرضت‬ ‫بحيث لو َك َ‬
‫تحته‪.‬‬
‫ين السجدتين) فِي كل ركعة‪ ،‬سواء‬ ‫‪َ ( .11‬و) الحادي عشر‪( :‬الجلوس بَ َ‬
‫سكون بعد حركة أعضائه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫صلى قائما أَ ْو قاعدا أَ ْو مضطجعا‪ .‬وأقله‪:‬‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ين السجدتين‬ ‫وأكمله‪ :‬الزيادة َعلَى ذلك بالدعاء الوارد فِي ِه؛ فلو لَ ْم يجلس بَ َ‬
‫بَلْ صار إِلَى الجلوس أقرب لَ ْم يصح‪.‬‬
‫ين السجدتين‪.‬‬ ‫‪َ ( .12‬و) الثَّانِيعشر‪( :‬الطمأنينة فِي ِه)؛ أَي‪ :‬الجلوس بَ َ‬
‫‪َ ( .13‬و) الثَّالِث عشر‪( :‬الجلوس األخير)؛ أَي‪ :‬الذي يعقبه السالم‪.‬‬
‫‪َ ( .14‬و) ال َّرابِع عشر‪( :‬التشهد فِي ِه)؛ أَي‪ :‬فِي الجلوس األخير‪ .‬وأقل‬
‫ك أَيُّهَا النَّبِ ُّي َو َرحْ َمةُ هللاِ وبَ َر َكاتُه‪َ ،‬سالَ ٌم‬ ‫َّات هّلِل ِ‪َ ،‬سالَ ٌم َعلَ ْي َ‬
‫التشهد‪( :‬التَّ ِحي ُـ‬
‫ين؛ أَ ْشهَ ُد أَ ْن اَل إِلهَ إِالَّ هللا‪َ ،‬وأَ ْشهَ ُد أَ َّن ُم َح َّمدًا‬ ‫َعلَ ْينَا َو َعلَى ِعبَا ِد هللا الصَّالِ ِح َ‬
‫ات الطَّيِّبَ ُ‬
‫ات هّلِل ِ‪،‬‬ ‫َّلو ُـ‬
‫ات الص َ‬‫َّات ْال ُمبَا َر َك ُ‬
‫َرسُو ُل هللاِ)‪ .‬وأكمل التشهد‪( :‬التَّ ِحي ُـ‬
‫ْك أَيُّهَا النَّبِ ُّي َو َرحْ َمةُ هللاِ وبَ َر َكاتُه‪ ،‬ال َّسالَ ُم َعلَ ْينَا َو َعلَى ِعبَا ِد ِ‬
‫هللا‬ ‫ال َّسالَ ُم َعلَي َ‬
‫ين؛ أَ ْشهَ ُد أَ ْن اَل إِلهَ إِالَّ هللا‪َ ،‬وأَ ْشهَ ُد أَ َّن ُم َح َّمدًا َرسُو ُل هللاِ)‪.‬‬‫الصَّالِ ِح َ‬
‫‪َ ( .15‬و) الخامس عشر‪( :‬الصالة َعلَى النبي صلى هللا َعلَي ِه وسلم فِي ِه)؛‬
‫أَي‪ :‬فِي الجلوس األخير بعد الفراغ من التشهد‪ .‬وأقل الصالة َعلَى النبي‬
‫صنِّف أن‬ ‫صلِّ َعلَى ُم َح َّم ٍد)‪ .‬وأشعر كالم ال ُم َ‬ ‫صلى هللا َعلَي ِه وسلم‪( :‬اللهُ َّم َ‬
‫الصالة َعلَى اآلل اَل تجب؛ َوهُ َو كذلك؛ بَلْ ِه َي سنة‪.‬‬
‫‪َ ( .16‬و) السادس عشر‪( :‬التسليمة األولى) َويَ ِجبُ إيقاع السالم حال‬
‫القعود‪ .‬وأقله‪( :‬السَّال ُم َعلَ ْي ُك ْم) مرةً واحدة‪ .‬وأكمله‪( :‬السَّال ُم َعلَ ْي ُك ْم‬
‫ورح َمةُ هللاِ) مرتين يمينا وشماال‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪َ ( .17‬و) السابع عشر‪( :‬نية الخروج من الصالة)‪ .‬وهذا وجه؛ مرجوح‪،‬‬
‫صح‪.‬‬ ‫َوقِي َل‪ :‬اَل يجب ذلك؛ أَي‪ :‬نية الخروج‪ .‬وهذا الوجه؛ هُ َو األَ َ‬
‫ين التشهد األخير والصالة‬ ‫‪َ ( .18‬و) الثامن عشر‪( :‬ترتيب األركان) حتى بَ َ‬
‫َعلَى النبي صلى هللا َعلَي ِه وسلم فِي ِه‪ .‬وقوله‪َ ( :‬علَى ما ذكرناه) يستثنى‬
‫منه وجوب مقارنة النية لتكبيرة اإلحرام ومقارنة الجلوس األخير للتشهد‬
‫والصالة َعلَى النبي صلى هللا َعلَي ِه وسلم‪.‬‬
‫( َو) الصالة (سننها قبل الدخول فيها شيئان)‪:‬‬
‫‪( .1‬األذان) َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬اإلعال ُم‪َ .‬وش َْر ًعا‪ :‬ذك ٌر مخصوص لإلعالم بدخول‬
‫وقت صالة مفروضة‪ .‬وألفاظه‪ :‬مثنى إال التكبير أ َّولَه فأرب ٌع؛ َوإِاَل‬
‫آخره؛ فواحد‪.‬‬ ‫التوحيد َ‬
‫‪( .2‬واإلقامة) َو ِه َي مصد ُر‪( :‬أقَا َم)‪ ،‬ثم سمي بها الذكر المخصوص ألنه‬
‫ُشرع كل من األذان واإلقامة للمكتوبة‪َ ،‬وأَ َّما‬ ‫يقيم إِلَى الصالة‪ .‬وإنما ي َ‬
‫غيرها فينادى لها (الصالةُ َجا ِمعة)‪.‬‬
‫( َو) سننها (بعد الدخول فيها شيئان)‪:‬‬
‫‪( .1‬التشهد األول)‬

‫‪28‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪( .2‬والقنوت فِي الصبح)؛ أَي‪ :‬فِي اعتدال الركعة الثانية منه؛ َوهُ َو لُ َغةً‬
‫ْت‪،‬‬‫ال ُدعاء‪َ ،‬وشَرْ عًا ذك ٌر مخصوص‪َ ،‬وهُ َو‪( :‬اللَّهُ َّم ا ْه ِدنِي فِي َم ْن هَ َدي َ‬
‫ْت‪،‬‬‫ار ْك لِي فِي َما أَ ْعطَي َ‬ ‫ْت‪َ ،‬وبَ ِ‬ ‫ْت‪َ ،‬وتَ َولَّنِي فِي َم ْن تَ َولَّي َ‬ ‫َو َعافِنِي فِي َم ْن َعافَي َ‬
‫ْك‪َ ،‬وإِنَّهُ اَل يَ ِذلُّ َم ْن‬‫ضى َعلَي َ‬ ‫ضي َواَل يُ ْق َ‬ ‫ك تَ ْق ِ‬‫ْت‪ ،‬إِنَّ َ‬
‫ضي َ‬ ‫َوقِنِي َش َّر َما قَ َ‬
‫ْت‪ ،‬فلك الحمد َعلَى ما‬ ‫ت َربَّنَا َوتَ َعالَي َ‬ ‫ار ْك َ‬ ‫ْت‪ ،‬تَبَ َ‬‫ْت‪َ ،‬واَل يَ ِع ُّز َم ْن َعا َدي َ‬
‫َوالَي َ‬
‫قضيت‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك)‪َ ( .‬و) القنوت (فِي) آخر (الوتر فِي‬
‫النصف الثَّانِيمن شهر رمضان)‪َ .‬وهُ َو؛ كقنوت الصبح المتقدم فِي محله‬
‫ولفظه‪ .‬وال تتعين كلمات القنوت السابقة؛ فلو قنت بآية تتضمن دعا ًء‬ ‫ِ‬
‫وقصد القنوت حصلت سنة القنوت‪.‬‬
‫هيئات الصالة‬
‫يس رُكنًا فيها وال بعضًا‬ ‫(وهيئاتها)؛ أَي‪ :‬الصالة‪ .‬وأراد بهيئاتها‪ :‬ما َولَ َ‬
‫يُجبر بسجود السهو (خمسةَ عش َر خصلة)‪:‬‬
‫‪( .1‬رفع اليدين عند تكبيرة اإلحرام) إِلَى حذو منكبيه؛ ( َو) رفع اليدين (عند‬
‫الركوع؛ َو) عند (الرفع منه)‪.‬‬
‫‪( .2‬ووضع اليمين َعلَى الشمال)؛ ويكونان تحت صدره وفوق سرته‪.‬‬
‫ْت َوجْ ِه َي لِلَّ ِذي فَطَ َر‬ ‫عقب التحرم‪َ { :‬و َّجه ُ‬ ‫َ‬ ‫‪( .3‬والتوجه)؛ أَي‪ :‬قول المصلي‬
‫ين}‪َ .1‬وال ُم َراد‪ :‬أن يقول‬ ‫ض َحنِيفًا َو َما أَنَا ِم َن ْال ُم ْش ِر ِك َ‬ ‫ت َواأْل َرْ َ‬‫اوا ِ‬‫ال َّس َم َ‬
‫المصلي بعد التحرم دعا َء االفتتاح هَ ِذ ِه اآلية أَ ْو غيرها مما ورد فِي‬
‫االستفتاح‪.‬‬
‫‪( .4‬واالستعاذة) بعد التوجه‪ .‬وتحصل بكل لفظ يشتمل َعلَى التعوذ؛‬
‫َّج ِيم)‪.‬‬‫ان الر ِ‬ ‫واألفضل‪( :‬أَ ُعو ُذ بِاهللِ ِم َن ال َّش ْيطَ ِ‬
‫‪( .5‬والجهر فِي موضعه) َوهُ َو الصبح وأولتا المغرب والعشاء والجمعة‬
‫والعيدان‪.‬‬
‫‪( .6‬واإلسرار فِي موضعه) َوهُ َو ما عدا الذي ذكر‪.‬‬
‫عقب الفاتحة لقارئها فِي صالة وغيرها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫‪( .7‬والتأمين)؛ أَي‪ :‬قول (آمين)‬
‫لَ ِك ْن فِي الصالة آكد‪ .‬وي َُؤ ِّمن المأمو ُم مع تأمين إمامه‪ ،‬ويجهر بِ ِه‪.‬‬
‫إلمام ومنفرد فِي ركعتي الصبح وأولتي‬ ‫ٍ‬ ‫‪( .8‬وقراءة السورة بعد الفاتحة)‬
‫غيرها‪ .‬وتكون قراءة السورة بعد الفاتحة؛ فلو قدم السورة عليها لَ ْم‬
‫يحسب‪.‬‬
‫‪( .9‬والتكبيرات عند الخفض) للركوع (والرفع)؛ أَي‪ :‬رفع الصلبـ من‬
‫الركوع‪.‬‬

‫‪ 1‬األنعام‪79 :‬‬

‫‪29‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫س ِم َع هللاُ لِ َمنْ َح ِم َدهُ)) حين يرفع رأسه من الركوع‪َ .‬ولَ ْو‬ ‫‪( .10‬وقول‪َ ( :‬‬
‫قال‪َ ( :‬م ْن ح ِمد هللاَ سمع لَهُ) كفى‪َ .‬و َم ْعنَى ( َس ِم َع هللاُ لِ َم ْن َح ِم َدهُ)‪ :‬تقبل هللا‬
‫منه حمده وجازاه َعلَي ِه‪ .‬وقو ُل المصلي‪َ (( :‬ربَّنَا لَ َك ا ْل َح ْم ُد)) إذا انتصب‬
‫قائما؛‬
‫ان َربِ َي‬ ‫‪( .11‬والتسبيح فِي الركوع) وأدنى الكمال فِي هَ َذا التسبيح (سُب َح َ‬
‫ان‬ ‫ال َع ِظ ِيم) ثالثا؛ ( َو) التسبيح فِي (السجود)‪ ،‬وأدنى الكمال فِي ِه (سُب َح َ‬
‫َربِ َي األَعلَى) ثالثا؛واألكمل فِي تسبيح الركوع والسجود مشهو ٌر‪.‬‬
‫‪( .12‬ووضع اليدين َعلَى الفخذين فِي الجلوس) للتشهد األول واألخير‬
‫سرى) بحيث تسا َمت رؤوسُ أصابعها الرُكبةَ‪،‬‬ ‫(يبسط) اليد (اليُ َ‬
‫(ويقبض) اليد (اليمنى)؛ أَي‪ :‬أصابعها (إال المسبحة) من اليمنى‪ ،‬فَاَل‬
‫يقبضها؛ (فإنه يشير بها) رافعا لها حال كونه ( ُمتشهدا)؛ وذلك عند‬
‫قوله‪( :‬إالَّ هللا)‪ ،‬وال يحركها؛ فإن حرَّكها كره‪ ،‬وال تبطل صالتُه فِي‬
‫صح‪.‬‬ ‫األَ َ‬
‫‪( .13‬واالفتراش فِي جميع الجلسات) الواقعة فِي الصالة‪ ،‬كجلوس‬
‫ين السجدتين وجلوس التشهد األول‪ .‬واالفتراس‪:‬‬ ‫االستراحة والجلوس بَ َ‬
‫ظهرها لألرض وينصب‬ ‫َ‬ ‫أن يجلس الشخص َعلَى كعب اليسرى جاعالً‬
‫قدمه اليمنى ويضع باألرض أطراف أصابعها لجهة القبلة‪.‬‬
‫‪( .14‬والتورك فِي الجلسة األخيرة) من جلسات الصالة؛ َو ِه َي‪ :‬جلوس‬
‫ُخرج يساره‬ ‫التشهد األخير‪ .‬والتورك مثل االفتراش؛ إال أن المصلي ي ِ‬
‫َعلَى هيئتها فِي االفتراش من جهة يمينه‪ ،‬ويلصق وركه باألرض‪ .‬أّ َّما‬
‫المسبوق والساهي؛ فيفترشان وال يتوركان‪.‬‬
‫‪( .15‬والتسليمة الثانية)‪ .‬أّ َّما األولى فسبق أنها من أركان الصالة‪ .‬ما‬
‫تخالف المرأة فِي ِه الرجل‪.‬‬
‫الرج َل فِي الصالة‬
‫ُ‬ ‫صل فِي أمور تخالف فيها المرأةُ‬ ‫فَ ْ‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬والمرأة تُخالف الرج َل فِي خمسة أشياء)‪:‬‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫(فالرجل يجافي)؛ أَي‪ :‬يرفع (مرفقيه عَنْ جنبيه؛ ويقل)؛ أَي‪ :‬يرفع (بطنه‬
‫عَنْ فخذيه فِي الركوع والسجود؛ ويجهر فِي موضع الجهر)‪ .‬وتقدم بيانه‬
‫فِي موضعه‪( .‬وإذا نابه)؛ أَي‪ :‬أصابه (شيء فِي الصالة سبَّح)؛ فيقول‪:‬‬
‫ان هللا) بقصد الذكر فَقَط‪ ،‬أَ ْو مع اإلعالم أَ ْو أطلق لَ ْم تبطل صالته‪ ،‬أَ ْو‬ ‫( ُسب َْح َ‬
‫ّ‬
‫ين سرته وركبته)؛ أ َّما هُ َما فليسا‬ ‫اإلعالم فَقَط بطلت‪( .‬وعورةُ الرجل ما بَ َ‬
‫من العورة‪ ،‬وال ما فوقهما‪.‬‬
‫الرجل فِي الخمس المذكورة‪ ،‬فإنها (تضم بعضها إِلَى‬ ‫َ‬ ‫(والمرأة) تخالف‬
‫بعض)‪ ،‬فتلصق بطنها بفخذيها فِي ركوعها وسجودها‪( .‬وتخفض صوتها)‬

‫‪30‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫إن صلت (بحضرة الرجال األجانب)‪ .‬فإن صلت منفردة عنهم جهرت‪( .‬وإذا‬
‫نابها شيء فِي الصالة صفقت) بضرب بطن اليمنى َعلَى ظهر اليسرى؛‬
‫فلو ضربت بطنا ببطن بقصد اللعب َولَ ْو قليال مع علم التحريم بطلت‬
‫الح َّرة عورة إال وجهها‬ ‫صالتُها‪ .‬والخنثى كالمرأة‪( .‬وجميع بدن) المرأة ( ُ‬
‫وكفيها)‪ .‬وهذه عورتها فِي الصالة؛ أّ َّما خار َج الصالة فعورتها جميع بدنها‪.‬‬
‫ين سرتها وركبتها‪.‬‬ ‫(واألمة كالرجل فِي الصالة)؛ فتكون عورتها ما بَ َ‬
‫صل فِي عدد مبطالت الصالة‬ ‫فَ ْ‬
‫عشر شيئًا)‪:‬‬‫َ‬ ‫(والذي يبطل الصالة أح َد‬
‫‪( .1‬الكالم العمد) الصالح لخطاب اآلدميين‪ ،‬سواء تعلق بمصلحة الصالة أَ ْو‬
‫اَل ‪.‬‬
‫ان ذلك أَ ْو سهوا؛ أّ َّما‬
‫‪( .2‬والعمل الكثير) المتوالي كثالت خطوات‪ ،‬عمدا َك َ‬
‫العمل القليل فَاَل تبطل الصالة بِ ِه‪.‬‬
‫‪( .3‬والحدث) األصغر واألكبر‪.‬‬
‫وحدوث النجاسة) الَتِي اَل يعفى عنها‪َ .‬ولَ ْو وقع َعلَى ثوبه نجاسة يابسة‬ ‫‪ُ ( .4‬‬
‫فنفض ثوبه َحااَل ً لَ ْم تبطل صالته‪.‬‬
‫‪( .5‬وان ِكشاف العورة) عمدا؛ فإن كشفها الريح فسترها فِي الحال لَ ْم تبطل‬
‫صالته‪.‬‬
‫ان ينوي الخروج من الصالة‪.‬‬ ‫‪( .6‬وتغيير النية) َك َ‬
‫ان يجعلها خلف ظهره‪.‬‬ ‫‪( .7‬واستدبار القبلة) َك َ‬
‫ان المأكول والمشروبأو قليال‪ ،‬إال أن يكون‬ ‫‪( .8‬واألكل‪ ،‬والشرب) كثيرا َك َ‬
‫الشخص فِي هَ ِذ ِه الصورة جاهالً تحري َم ذلك‪.‬‬
‫‪( .9‬والقهقهة) ومنهم من يعبِّر عنها بالضحك‪.‬‬
‫‪( .10‬والردة) َو ِه َي قطع اإلسالم بقول أَ ْو فعل‪.‬‬
‫صل فِي عدد ركعات الصالة‬ ‫فَ ْ‬
‫(وركعات الفرائض)؛ أَي‪ :‬فِي كل يوم وليلة فِي صالة الحضرـ إال يوم‬
‫عشر ركعة)‪ .‬أّ َّما يوم ال ُج َم َعة فعدد ركعات الفرائض فِي‬ ‫َ‬ ‫ال ُج َم َعة (سبعةَ‬
‫يومها خمسةَ عشر ركعةً‪َ .‬وأَ َّما عدد ركعات صالة السفر فِي كل يوم‬
‫للقاصر فإحدى عشرة ركعة‪ .‬وقوله‪( :‬فيها‪ :‬أربع وثالثون سجدةً‪ ،‬وأربع‬
‫وتسعون تكبيرة‪ ،‬وتسع تشهدات‪ ،‬وعشر تسليمات‪ ،‬ومائة وثالث‬
‫وخمسون تسبيحة)‪( .‬وجملة األركان فِي الصالة‪ :‬مائة وستة وعشرون‬
‫ركنًا‪ :‬فِي الصبح ثالثون ركنًا‪ ،‬وفي المغرب اثنان وأربعون ركنًا‪ ،‬وفي‬
‫الرباعية أربعة وخمسون ركنًا) إِلَى آخره ظاهر غني َع ْن الشرح‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫من عجز َع ْن القيام فِي صالة الفرض (ومن عجز عَنْ القيام فِي الفريضة)‬
‫لمشقة تلحقه فِي قيامه (صلى جالسا) َعلَى؛ أَي‪ :‬هيئة شاء‪ ،‬ولكن افتراشه‬
‫فِي موضع قيامه أفضل من تَ َرب ُِّعه فِي األظهر‪.‬‬
‫(ومن عجز عَنْ الجلوس صلى مضطجعا)؛ فإن عجز َع ْن االضطجاع‬
‫صلى مستلقيا َعلَى ظهره ورجاله للقبلة؛ فإن عجز َع ْن ذلك كله أومأ بطرفه‬
‫ونوى بقلبه‪َ ،‬ويَ ِجبُ َعلَي ِه استقبالها بوجهه بوضع شيء تحت رأسه ويومئ‬
‫برأسه فِي ركوعه وسجوده؛ فإن عجز َع ْن اإليماء برأسه أومأ بأجفانه؛ فإن‬
‫عجز َع ْن اإليماء بها أجرى أركان الصالة َعلَى قلبه‪ ،‬وال يتركها ما دام‬
‫عقله ثابتا‪ .‬والمصلي قاعدا اَل قضاء َعلَي ِه‪ ،‬وال ينقص أجره‪ ،‬ألنه معذور‪.‬‬
‫ف أَجْ ِر ْالقَائِ ِم‪َ ،‬و َم ْن‬ ‫َوأَ َّما قوله صلى هللا َعلَي ِه وسلم‪َ ( :‬م ْن َ‬
‫صلَى قَا ِعدًا فَلَهُ نِصْ ُ‬
‫اع ِد)‪ ،‬فمحمول َعلَى النفل عند القدرة‪.‬‬ ‫ف أَجْ ِر ْالقَ ِ‬
‫صلَى نَائِ ًما فَلَهُ نِصْ ُ‬‫َ‬
‫أنواع المتروك من الصالة‬
‫سنة‬ ‫(والمتروك من الصالة ثالثة أشياء‪ :‬فرض) ويسمى‪ :‬بالركن أيضا‪( ،‬و ُ‬
‫وهيئة)؛ وهما ما عدا الفرض‪.‬‬
‫صنِّف الثالثة فِي قوله‪( :‬فالفرض اَل ينوب عنه سجو ُد السهو‪ ،‬بَ ْل‬ ‫وبي ََّن ال ُم َ‬
‫إن ذكره)؛ أَي‪ :‬الفرض َوهُ َو فِي الصالة أتى بِ ِه وتمت صالته‪ ،‬أَ ْو ذكره بعد‬
‫السالم (والزمان قَ ِريب أتى بِ ِه‪ ،‬وبنى َعلَي ِه) ما بقي من الصالة‪( ،‬وسجد‬
‫للسهو)‪َ .‬وهُ َو سنة كما سيأتي لَ ِك ْن عند ترك مأمور بِ ِه فِي الصالة أَ ْو فعل‬
‫منهي عنه فيها‪( .‬والسنة) إن تركها المصلي (اَل يعود إليها بعد التلبس‬
‫بالفرض)؛ فمن ترك التشهد األول مثال فذكره بعد اعتداله مستويا اَل يعود‬
‫إليه؛ فإن عاد إليه عالما تحريمه بطلت صالته‪ ،‬أَ ْو ناسيا أنه فِي الصالة أَ ْو‬
‫ان مأموما عاد‬ ‫جاهال فَاَل تبطل صالته‪ ،‬ويلزمه القيام عند ت َذ ُّكره‪ .‬وإن َك َ‬
‫وجوبا لمتابعة إمامه (لكنه يسجد للسهو عنها) فِي صورة عدم العود‪ ،‬أَ ْو‬
‫العود ناسيا‪.‬‬
‫األبعاض الستة‪َ ،‬و ِه َي‪:‬‬
‫َ‬ ‫صنِّف بالسنة ُهنَا‪:‬‬ ‫وأراد ال ُم َ‬
‫التشهد األول وقعوده‪ ،‬والقنوت فِي الصبح وفي آخر الوتر فِي النصف‬
‫الثَّانِيمن رمضان‪ ،‬والقيام للقنوت‪ ،‬والصالة َعلَى النبي صلى هللا َعلَي ِه وسلم‬
‫فِي التشهد األول‪ ،‬والصالة َعلَى اآلل فِي التشهد األخير‪.‬‬
‫(والهيئة) كالتسبيحات ونحوها؛ مما اَل يجبر بالسجود؛ (اَل يعود) المصلي‬
‫(إليها بعد تركها‪ ،‬وال يسجد للسهو عنها) سواء تركها عمدا أَ ْو سهوا‪.‬‬
‫ك هل صلى‬ ‫(وإذا ش َّك) المصلي (فِي عدد ما أتى بِ ِه من الركعات) كمن َش َّ‬
‫ثالثا أَ ْو أربعا (بنى َعلَى اليقين‪َ ،‬وه َُو األقل) كالثالثة فِي هَ َذا المثال‪ ،‬وأتى‬

‫‪32‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫بركعة (وسجد للسهو)‪ ،‬وال ينفعه غلبة الظنِّ أنه صلى أربعا‪ ،‬وال يعمل‬
‫بقول غيره له أنه صلى أربعا‪َ ،‬ولَ ْو بلغ ذلك القائلـ عد َد التواتر‪.‬‬
‫ق‪( .‬ومحله‪ :‬قبل السالم)؛ فإن سلم المصلي‬ ‫(وسجود السهو‪ :‬سنة) َك َما َسبَ َ‬
‫عامدا عالما بالسهو أَ ْو ناسيا وطال الفص ُل ُعرفًا فات محله‪ ،‬وإن قصر‬
‫الفص ُل ُعرفًا لَ ْم يفت‪ ،‬وحينئذ فله السجود وتركه‪.‬‬
‫األوقات الَتِي تكره فيها الصالة‬
‫كما فِي الروضة وشرح المهذب هُنَا وتنزيها كما فِي التحقيق وشرح‬
‫المهذب فِي نواقض الوضوء‪.‬‬
‫(وخمسة أوقات اَل يصلى فيها إال صالة لها سبب) أّ َّما متقد ٌم؛ كالفائتة‪ ،‬أَ ْو‬
‫مقارن؛ كصالة الكسوف واالستسقاء‪ .‬فاألول من الخمسة الصالةُ الَتِي اَل‬ ‫ٌ‬
‫سبب لها إذا فعلت‪:‬‬
‫‪( .1‬بعد صالة الصبح) وتستمر الكراهة (حتى تطلع الشمس)‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪ :‬الصالة (عند طلوعهاـ)؛ فإذا طلعت (حتى تتكامل وترتف َع‬
‫قدر رمح) فِي رأي العين‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪ :‬الصالة (إذا استوت حتى تزول) َع ْن وسط السماء‪َ .‬ويُ ْستَ ْثنَى‬
‫وقت االستواء‪َ ،‬و َك َذا حر ُم‬‫َ‬ ‫من ذلك يوم ال ُج َم َعة؛ فَاَل تكره الصالة فِي ِه‬
‫مكةَ‪ ،‬المسجد وغيره؛ فَاَل تكره الصالة فِي ِه فِي هَ ِذ ِه األوقات كلها‪ ،‬سواء‬
‫صلى سنة الطواف أَ ْو غيرها‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬بعد صالة العصر حتى تغرب الشمس)‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬عند الغروب) للشمس‪ ،‬فإذا دنت للغروب (حتى يتكامل‬
‫غروبها)‪.‬‬
‫صالة الجماعة‬
‫(وصالة الجماعة) للرجالـ فِي الفرائض غير ال ُج َم َعة (سنة مؤكدةٌ)؛ عند‬
‫صح عند النَّ َو ِوي‪ :1‬أنها فرض كفاية‪ .‬ويُ ْد ِرك‬ ‫صنِّف والرافعي‪َ .‬واألَ َ‬ ‫ال ُم َ‬
‫المأمو ُم الجماعةَ مع اإلمام فِي غير ال ُج َم َعة مالم يسلم التسليمة األولى وإن لَ ْم‬
‫يقعد معه‪.‬‬
‫َوأَ َّما الجماعة فِي ال ُج َم َعة ففرض عين‪ ،‬وال تحصل بأقل من ركعة‪.‬‬
‫( َو) يجب ( َعلَى المأموم أن ينوي االئتمام) أَ ْو االقتداء باإلمام‪ ،‬وال يجب‬
‫تعيينه‪ ،‬بَلْ يكفي االقتداء بالحاضر إن لَ ْم يعرفه؛ فإن عيَّنه وأخطأ بطلت‬
‫صالته إال إن انضمت إليه إشارةٌ؛ كقوله‪ :‬نويت االقتداء بزيد هَ َذا‪ ،‬فبان‬
‫عمرا‪ ،‬فتصح‪( .‬دون اإلمام)؛ فَاَل يجب فِي صحة االقتداء بِ ِه فِي غير‬
‫ال ُج َم َعة نية اإلمامة‪ ،‬بَلْ ِه َي مستحبة فِي حقه‪ ،‬فإن لَ ْم ينو فصالته فرادى‪.‬‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الح ُّر بالعبد‪ ،‬والبالغ بال ُمراهق)‪ .‬أّ َّما الصبي غير المميز‬ ‫(ويجوز أن يأتم ُ‬
‫فَاَل يصح االقتداء بِ ِه‪.‬‬
‫رجل بامرأة) وال بخنثى مشكل‪ ،‬وال خنثى مشكل بامرأة‬ ‫ٍ‬ ‫(وال تصح قدوةُ‬
‫وال بمشكل‪( ،‬وال قارئ) َوهُ َو من يحسن الفاتحة؛ أَي‪ :‬اَل يصح اقتداؤه‬
‫(بأمي) َوهُ َو من يخل بحرف أَ ْو تشديدة من الفاتحة‪.‬‬
‫صنِّف لشروط القدوة بقوله‪( :‬وأي موضع صلى فِي المسجد‬ ‫ثم أشار ال ُم َ‬
‫بصالة اإلمام فِي ِه)؛ أَي‪ :‬فِي المسجد ( َوه َُو)؛ أَي‪ :‬المأموم (عالم بصالته)؛‬
‫أَي‪ :‬اإلمام بمشاهدة المأموم له أَ ْو بمشاهدة بعض صف (أجزأه)؛ أَي‪ :‬كفاه‬
‫ذلك فِي صحة االقتداء بِ ِه (مالم يتقدم َعلَي ِه)؛ فإن تقدم َعلَي ِه بعقبه فِي جهته‬
‫لَ ْم تنعقد صالته‪ ،‬وال تضر مساواته إلمامه‪ ،‬ويندب تخلفه َع ْن إمامه قليال‪،‬‬
‫وال يصير بهذا التخلف منفردا َع ْن الصف حتى اَل يحوز فضيلة الجماعة‪.‬‬
‫خارج المسجد) حال كونه (قريبا‬ ‫َ‬ ‫(وإن صلى) اإلمام (فِي المسجد والمأموم‬
‫منه)؛ أَي‪ :‬اإلمام‪ ،‬بأن لَ ْم تزد مسافة ما بينهما َعلَى ثالث مئة ذراع تقريبا‪،‬‬
‫( َوه َُو)؛ أَي‪ :‬المأموم (عالم بصالته)؛ أَي‪ :‬اإلمام (وال حائل هناك)؛ أَي‪ :‬بَ َ‬
‫ين‬
‫اإلمام والمأموم (جاز) االقتداء بِ ِه‪ ،‬وتعتبر المسافة المذكورة من آخر‬
‫ان اإلمام والمأموم فِي غير المسجد؛ أّ َّما فضاء أَ ْو بناء؛‬ ‫المسجد‪ .‬وإن َك َ‬
‫فالشرط‪ :‬أن اَل يزيد ما بينهما َعلَى ثلثمائة ذراع‪ ،‬وأن اَل يكون بينهما حائل‪.‬‬
‫صل فِي قصر الصالة وجمعها‬ ‫فَ ْ‬
‫(ويجوز للمسافر)؛ أَي‪ :‬الملتبس بالسفر (قص ُر الصالة الرباعية) اَل‬
‫غيرها‪ ،‬من ثنائية وثالثية‪ .‬وجواز قصر الصالة الرباعية (بخمس شرائط)‪:‬‬
‫‪ .1‬األول‪( :‬أن يكون سفره)؛ أَي‪ :‬الشخص (فِي غير معصية) هُ َو شامل‬
‫للواجب كقضاء دين‪ ،‬وللمندوب كصلة الرحم‪ ،‬وللمباح كسفر تجارة‪ .‬أّ َّما‬
‫سفر المعصية كسفر لقطع الطريق‪ ،‬فَاَل يترخص فِي ِه بقصر وال جمع‪.‬‬
‫س ًخا) تحديدا‬ ‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن تكون مسافته)؛ أَي‪ :‬السفر (ستةَ عش َر فر َ‬
‫صح‪ ،‬وال تحسب ُمدة الرجوع ِم ْنهَا‪.‬‬ ‫فِي األَ َ‬
‫والفرسخ‪ :‬ثالثة أميال؛ وحينئذ فمجموع الفراسخ‪ :‬ثمانية وأربعون ِميالً‪.‬‬
‫ُ‬
‫والخطوة‪ :‬ثالثة أقدام‪َ .‬وال ُم َراد باألميال‪:‬‬ ‫والمي ُل‪ :‬أربعة آالف ُخطوة‪.‬‬
‫الهاشمية‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬أن يكون) القاصر (مؤديًا للصالة الرباعية)‪ .‬أّ َّما الفائتة‬
‫حضرا فَاَل تقضى فِي ِه مقصورة‪ .‬والفائتة فِي السفر تقضى فِي ِه مقصورة‪،‬‬
‫اَل فِي الحضر‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬أن ينوي) المسافر (القصر) للصالة (مع اإلحرام) بها؛‬

‫‪34‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬أن اَل يأتَ َّم) فِي جزء من صالته (بمقيم)؛ أَي‪ :‬بمن يصلي‬
‫صالة تامة ليشمل المسافر المتم‪.‬‬
‫جمع الصالة للمسافر‬
‫ين) صالتَي (الظهر‬ ‫(ويجوز للمسافر) سفرا طويال مباحا (أن يجمع بَ َ‬
‫والعصر) تقديما وتأخيرا‪َ ،‬وهُ َو معنى قوله‪( :‬فِي وقت أيهما شاء‪َ ،‬و) أن‬
‫ين) صالتَي (المغرب والعشاء) تقديما وتأخيرا‪َ ،‬وهُ َو معنى قوله‪:‬‬ ‫يجمع (بَ َ‬
‫(فِي وقت أيهما شاء)‪.‬‬
‫وشروط جمع التقديم ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يبدأ بالظهر قبل العصر‪ ،‬وبالمغرب قبل العشاء؛ فلو عكس َك َ‬
‫ان‬
‫بدأ بالعصر قبل الظهر مثال لَ ْم يصح‪ ،‬ويعيدها إن أراد الجمع‪.‬‬
‫قترن نيةُ الجمع بتحرمها‪ ،‬فَاَل‬‫أول الصالة األولى‪ ،‬بأن تُ َ‬ ‫َوالثَّانِي‪ :‬نية الجمع َ‬
‫يكفي تقديمها َعلَى التحرم وال تأخيرها َع ْن السالم من األولى‪ .‬وتجوز فِي‬
‫أثنائها َعلَى األظهر‪.‬‬
‫ين األولى والثانية‪ ،‬بأن اَل يطول الفصل بينهما؛ فإن طال‬ ‫َوالثَّالِث‪ :‬المواالة بَ َ‬
‫ُعرفًا َولَ ْو بعذر كنوم وجب تأخير الصالة الثانية إِلَى وقتها‪ .‬وال يضر فِي‬
‫المواالة بينهما فَصْ ل يسير عرفا‪َ .‬وأَ َّما جمع التأخير فَيَ ِجب فِي ِه أن يكون نية‬
‫الجمع‪ ،‬وتكون النية هَ ِذ ِه فِي وقت األولى‪ .‬ويجوز تأخيرها إِلَى أن يبقى من‬
‫زمن لو ابتُ ِدئت فِي ِه كانت أداء‪ .‬وال يجب فِي جمع التأخير‬ ‫ٌ‬ ‫وقت األولى‬
‫ترتيبٌ وال مواالة‬
‫وال نية جمع َعلَى الصحيح فِي الثالثة‪.‬‬
‫(ويجوز للحاضر)؛ أَي‪ :‬المقيم (فِي) وقت (المطر أن يجمع بينهما)؛ أَي‪:‬‬
‫الظهر والعصر‪ ،‬والمغرب والعشاء‪ ،‬اَل فِي وقت الثانية‪ ،‬بَلْ (فِي وقت‬
‫األولى ِم ْن ُه َما) إن بَلْ المط ُر أَ ْعلَى الثوب وأسفل النعل‪ ،‬ووجدت الشروط‬
‫السابقة فِي جمع التقديم‪ .‬ويشترط أيضا وجود المطر فِي أول الصالتين‪ ،‬وال‬
‫يكفي وجوده فِي أثناء األولى ِم ْنهُ َما‪ .‬ويشترط أيضا وجوده عند السالم من‬
‫األولى‪ ،‬سواء استمر المطر بعد ذلك أم اَل ‪ .‬وتختص رُخصة الجمع بالمطر‬
‫بالمصلي فِي جماعة بمسجد أَ ْو غيره من مواضع الجماعة بعيد عرفا‪،‬‬
‫ويتأذى الذاهب للمسجد أَ ْو غيره من مواضع الجماعة بالمطر فِي طريقه‪.‬‬
‫صل‬‫فَ ْ‬
‫الج َم َعة سبعة أشياء‪ :‬اإلسالم‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬والعقل)؛ وهذه‬ ‫(وشرائط وجوب ُ‬
‫شروط أيضا لغير ال ُج َم َعة من الصلواتـ‪( ،‬والحرية‪ ،‬والذكورية‪ ،‬والصحة‪،‬‬
‫واالستيطان)؛ فَاَل تجب ال ُج َم َعة َعلَى كافر أصلي وصبي ومجنون ورقيق‬
‫وأنثى ومريض ونحوه ومسافر‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(وشرائط) صحة (فعلها ثالثة)‪:‬‬


‫‪ .1‬األول دار اإلقامة الَتِي يستوطنها العدد المجمعون‪ ،‬سواء فِي ذلك‬
‫صنِّف َع ْن ذلك بقوله‪( :‬أن‬ ‫ال ُم ُدن والقُرى الَتِي تتخذ وطنا‪ .‬وعبر ال ُم َ‬
‫تكون البلد مصرا) كانت البلد (أَ ْو قرية)‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(أن يكون العدد) فِي جماعة ال ُج َم َعة (أربعين) رجال (من‬
‫المستوطنون‪ ،‬بحيث اَل‬ ‫ِ‬ ‫الج َم َعة)‪ ،‬وهم المكلفون الذكور األحرار‬ ‫أهل ُ‬
‫يظ َعنون عما استوطنوه ِشتا ًء وال صيفا إال لحاجة‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ (أن يكون الوقت باقيًا) َوهُ َو وقت الظهر؛ فيشترط أن‬
‫تقع‬
‫وقت الظهر عنها بأن لَ ْم يبق منه ما اَل‬ ‫ُ‬ ‫ال ُج َم َعة كلها فِي الوقت؛ فلو ضاق‬
‫يسع الذي اَل بد منه فيها من خطبتيها وركعتيها صليت ظهرا‪( .‬فإن خرج‬
‫الوقت أَ ْو عدمت الشروط)؛ أَي‪ :‬جمي ُع وقت الظهر يقينا أَ ْو ظنا وهم فيها‬
‫صليت ظهرا) بنا ًء َعلَى ما فعل ِم ْنهَا‪ ،‬وفاتت ال ُج َم َعة‪ ،‬سواء أدركوا ِم ْنهَا‬ ‫( ُ‬
‫ركعة أم اَل ‪َ .‬ولَ ْو شكوا فِي خروج وقتها وهم فيها أتموها جمعة َعلَى‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫(وفرائضها) ومنهم من عبر عنها بالشروط (ثالثة)‪:‬‬
‫أحدها وثانيها (خطبتان يقوم)؛ أَي‪ :‬الخطيب (فيهما ويجلس بينهما)‪ .‬قال‬
‫ين السجدتين‪َ .‬ولَ ْو عجز َع ْن القيام وخطب قاعدا‬ ‫المتولي‪ :‬بقدر الطمأنينة بَ َ‬
‫أَ ْو مضطجعا صح وجاز االقتداء بِ ِه َولَ ْو مع الجهل بحاله‪ .‬وحيث خطب‬
‫ين الخطبتين بسكتة‪ ،‬اَل باضطجاع‪.‬‬ ‫قاعدًا فَصْ ل بَ َ‬
‫وأركان الخطبة خمسة‪ :‬حمد هللا تَ َعالَى‪ ،‬ثم الصالة َعلَى رسول هللا صلى هللا‬
‫َعلَي ِه وسلم‪ .‬ولفظهما متعين‪ ،‬ثم الوصية بالتقوى‪ ،‬وال يتعين لفظها َعلَى‬
‫الصحيح‪ ،‬وقراءة آية فِي إحداهما‪ ،‬والدعاء للمؤمنين والمؤمنات فِي الخطبة‬
‫أركان الخطبة ألربعين تنعقد بهم‬‫َ‬ ‫الثانية‪ .‬ويشترط أن يُس ِمع الخطيبُ‬
‫ين‬
‫ين كلمات الخطبة‪ ،‬وبين الخطبتين؛ فلو فرق بَ َ‬ ‫ال ُج َم َعة‪ .‬ويشترط المواالة بَ َ‬
‫كلماتها َولَ ْو بعذر بطلت‪ .‬ويشترط فيهما ستر العورة وطهارة الحدث‬
‫والخبث فِي ثوب وبدن ومكان‪.‬‬
‫( َو) الثَّالِثـ من فرائض ال ُج َم َعة (أن تُصلَّى) بضم أوله (ركعتين فِي‬
‫جماعة) تنعقد بهم ال ُج َم َعة‪ .‬ويشترط وقوع هَ ِذ ِه الصالة بعد الخطبتين‪،‬‬
‫ف صالة العيد‪ ،‬فإنها قبل الخطبتين‪.‬‬ ‫بِ ِخاَل ِ‬
‫(وهيآتها) وسبق معنى الهيئة (أربع خصال)‪ :‬أحدها (الغسل) لمن يريد‬
‫خضورها من ذكر أَ ْو أنثى‪ُ ،‬ح ٍّر أَ ْو عبد‪ ،‬مقيم أَ ْو مسافر‪ .‬ووقت غسلها من‬

‫‪36‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الفجر الثَانِي؛ وتقريبه من ذهابه أفضل‪ .‬فإن عجز َع ْن غسلها تيمم بنية‬
‫الغسل لها‪.‬‬
‫صنَان‪ ،‬فيتعاطى ما‬ ‫( َو) الثَّانِي(تنظيف الجسد) بإزالة الريح الكريه منه ك ُ‬
‫يزيله من مرتك ونحوه‪.‬‬
‫( َو) الثَّالِثـ (لبس الثياب البِيض)‪ ،‬فإنها أفضل الثياب‪َ ( .‬و) الرَّابِع (أخذ‬
‫الظفر) إن طال‪ ،‬والشعر كذلك‪ ،‬فينتف إبطه ويقص شاربه‪ ،‬ويحلق عانته‪،‬‬
‫(والتطيب) بأحسن ما وجد منه‪.‬‬
‫(ويستحب اإلنصات) َوهُ َو السكوت مع اإلصغاء (فِي وقت الخطبة)‪.‬‬
‫َويُ ْستَ ْثنَى من اإلنصات أمور مذكورة فِي المطوالت‪ِ .‬م ْنهَا إنذار أعمى أن‬
‫يقع فِي بئر‪ ،‬ومن َدبَّ إليه عقربٌ مثال‪.‬‬
‫(ومن َد َخل) المسج َد (واإلمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين ثم يجلس)‪.‬‬
‫صنِّف بـ ( َد َخل) يفهم أن الحاضرـ اَل ينشئ صالة ركعتين‪ ،‬سواء‬ ‫وتعبير ال ُم َ‬
‫صلى سنة ال ُج َم َعة أم اَل ‪ .‬وال يظهر من هَ َذا المفهوم أن فعلهما حرام أَ ْو‬
‫مكروه‪ ،‬لَ ِك ْن النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي الشرح المهذب صرح بالحرمة‪ ،‬ونقل اإلجماع‬
‫ي‪.2‬‬‫عليها َع ْن ال َماور ِد ّ‬
‫صل‬‫فَ ْ‬
‫(وصالة العيدين)؛ أَي‪ :‬الفطر واألضحى (سنةٌ مؤكدة)‪ .‬وتُشرع جماعةً‪،‬‬
‫ولمنفرد ومسافر‪ ،‬وحُرٍّ وعبد‪ ،‬وخنثى وامرأة‪ ،‬اَل جميلة‪ ،‬وال ذات هيئة‪ .‬أّ َّما‬
‫ين‬
‫العجوز فتحضر العيد فِي ثياب بيتها بال طيب‪ .‬ووقت صالة العيد ما بَ َ‬
‫طلوع الشمس وزوالها‪َ ( .‬و ِه َي)؛ أَي‪ :‬صالة العيد (ركعتان) يحرم بهما بنية‬
‫عيد الفطر أَ ْو األضحى‪ ،‬ويأتي بدعاء االفتتاح؛ َو (يكبر فِي) الركعة (األولى‬
‫سبعا سوى تكبيرة اإلحرام)‪ ،‬ثم يتعوذ ويقرأ بعدها سورة (ق) جهرًا‪َ ( ،‬و)‬
‫يكبر (فِي) الركعة (الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام) ثم يتعوذ‪ ،‬ثم يقرأ‬
‫الفاتحة وسورة (اقت ََربَت) جهرا‪( .‬ويخطب) ندبا (بعدهما)؛ أَي‪ :‬الركعتين‬
‫(خطبتين‪ ،‬يكبر فِي) ابتداء (األولى تسعا) والء‪َ ( ،‬و) يكبر (فِي) ابتداء‬
‫ان حسنا‪.‬‬ ‫(الثانية سبعا) والء‪َ .‬ولَ ْو فَصْ ل بينهما بتحميد وتهليل وثناء َك َ‬
‫التكبير للعيدين‬
‫ب صالة؛ ومقيد‪َ ،‬وهُ َو ما‬ ‫والتكبير َعلَى قسمين‪ :‬مرسل‪َ ،‬وهُ َو ما اَل يكون عقِ َ‬
‫صنِّف باألول فقال‪( :‬ويكبر) ندبا كلٌّ من ذكر وأنثى‪،‬‬ ‫يكون عقبها‪ .‬وبدأ ال ُم َ‬
‫وحاضر ومسافر‪ ،‬فِي المنازل والطرُق‪ ،‬والمساجد واألسواق (من غروب‬
‫الشمس من ليلة العيد)؛ أَي‪ :‬عيد الفطر‪ ،‬ويستمر هَ َذا التكبير (إِلَى أن يدخل‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري ال َماور ِديّ ‪ ،‬تــ‪450‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫اإلمام فِي الصالة) للعيد‪ .‬وال يسن التكبير ليلةَ عيد الفطر عقب الصالة‪،‬‬
‫ولكن النَّ َو ِوي‪ 3‬فِي األذكار اختار أنه سنة‪.‬‬
‫ثم َش َر َع فِي التكبير المقيد فقال‪َ ( :‬و) يكبر (فِي) عيد (األضحى َخلف‬
‫الصلوات المفروضات) من مؤداة وفائتة؛ َو َك َذا خلف راتبة ونفل مطلق‬
‫صبح يوم عرفةَ إِلَى العصر من آخر أيام التشريق)‪.‬‬ ‫وصالة جنازة‪ِ ( ،‬من ُ‬
‫صيغة التكبيروصيغة التكبير‪( :‬هللاُ أَ ْكبَ ُر‪ ،‬هللاُ أَ ْكبَ ُر‪ ،‬هللاُ أَ ْكبَ ُر‪ ،‬اَل إِلهَ إالَّ هللاَ‪،‬‬
‫َوهللاُ أَ ْكبَ ُر‪ ،‬هللاُ أكبَ ُر‪َ ،‬وهّلِل ِ ْال َح ْم ُد‪ ،‬هللاُ أَكبَ ُر َكبِيرًا‪َ ،‬و ْال َح ْم ُد هّلِل ِ َكثِيرًا‪َ ،‬و ُس ْب َح َ‬
‫ان‬
‫ص َر َع ْب َدهُ‪َ ،‬وأَ َع َّز‬
‫ق َو ْع َدهُ‪َ ،‬ونَ َ‬ ‫صيالً‪ ،‬اَل إِلهَ إالَّ هللاَ َوحْ َدهُ‪َ ،‬‬
‫ص َد َ‬ ‫هللاِ بُ ْك َرةً َوأَ ِ‬
‫اب َوحْ َدهُ)‪.‬‬ ‫ُج ْن َدهُ‪َ ،‬وهَ َّز َم األَحْ َز َـ‬
‫صل‬ ‫فَ ْ‬
‫(وصالة الكسوف)‪ :‬للشمس‪ .‬وصالة الخسوف‪ :‬للقمر؛ كل ِم ْنهُ َما‪( :‬سنة‬
‫مؤكدة‪.‬‬
‫(فإن فاتت) هَ ِذ ِه الصالة (لَ ْم تقض)؛ أَي‪ :‬لَ ْم يُش َرع قضا ُؤها‪( .‬ويصلي‬
‫لكسوف الشمس وخسوف القمر‪ :‬ركعتين)؛ يحرم بنية‪ :‬صالة الكسوف؛ ثم‬
‫بعد االفتتاح والتعوذ يقرأ الفاتحة؛ ويركع؛ ثم يرفع رأسه من الركوع؛ ثم‬
‫يعتدل؛ ثم يقرأ الفاتحة ثانيًا؛ ثم يركع ثانيًا أخف من الذي قبله؛ ثم يعتدل‬
‫ثانيا؛ ثم يسجد السجدتين بطمأنينة فِي الكل؛ ثم يصلي ركعة ثانية بقيامين‬ ‫ً‬
‫وقراءتين وركوعين واعتدالين وسجودين‪.‬‬
‫وهذا معنى قوله‪( :‬فِي كل ركعة) ِم ْنهُ َما (قيامان يطيل القراءة فيهما) كما‬
‫سيأتي‪َ ( ،‬و) فِي كل ركعة (ركوعانـ يطيل التسبيح فيهما‪ ،‬دون السجود)؛‬
‫فَاَل يطوله‪َ ،‬وهُ َو أحد وجهين‪ ،‬لَ ِك ْن الصحيح أنه يطوله نحو الركوع الذي‬
‫قبله‪( ،‬ويخطب) اإلمام (بعدهما)؛ أَي‪ :‬بعد صالة الكسوف والخسوف‬
‫الناس فِي‬
‫َ‬ ‫(خطبتين) كخطبتي ال ُج َم َعة فِي األركان والشروط‪ ،‬ويحث‬
‫الخطبتين َعلَى التوبة من الذنوب وعلى فعل الخير من صدقة وعتق ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫س ُّر) بالقراءة (فِي كسوف الشمس‪ ،‬ويجهر) بالقراءة (فِي خسوف‬ ‫(ويُ ِ‬
‫القمر)‪ .‬وتفوت صالة كسوف الشمس باالنجالء للمنكسف وبغروبها كاسفة‪،‬‬
‫وتفوت صالة خسوف القمر باالنجالء وطلوع الشمس‪ ،‬اَل بطلوع الفجر وال‬
‫بغروبه خاسفا‪ ،‬فَاَل تفوت الصالة‪.‬‬
‫صل‬ ‫فَ ْ‬
‫صالة االستسقاء؛ أَي‪ :‬طلب ال ُس ْقيَا ِمن هللا تَ َعالَى‪( .‬وصالة االستسقاء‪:‬‬
‫مسنونة) لمقيم ومسافر عند الحاجة من انقطاع غيث أَ ْو عين ماء ونحو‬

‫‪ 3‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ذلك‪ .‬وتُعاد صالة االستسقاء ثانيا وأكثر من ذلك إن لَ ْم يُسقَوا حتى يسقيهم‬
‫هللا؛ (فيأمرهم اإلما ُم) ونحوه (بالتوبة) ويلزمهم امتثال أمره كما أفتى بِ ِه‬
‫النَّ َو ِوي‪ .1‬والتوبة من الذنب واجبة‪ .‬أمر اإلمام بها أَ ْو اَل ‪( ،‬والصدقة‪،‬‬
‫والخروج من المظالم) للعباد (ومصالحة األعداء‪ ،‬وصيام ثالثة أيام) قبل‬
‫ميعاد الخروج‪ ،‬فيكون بِ ِه أربعة أيام‪( ،‬ثم يخرج بهم فِي اليوم ال َّرابِع)‬
‫صياما غير متطيبين وال متزينين‪ ،‬بَلْ يخرجون (فِي ثياب بِ ْذلَة) بموحدة‬
‫وقت العمل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫مكسورة وذال معجمة ساكنة‪َ ،‬و ِه َي ما يلبس من ثياب المهنة‬
‫(واستكانة)؛ أَي‪ :‬خشوع (وتضرع)؛ أَي‪ :‬خضوع وتذلل‪ .‬ويخرجون معهم‬
‫الصبيان والشيوخ والعجائز والبهائم‪( .‬ويصلي بهم) اإلمام أَ ْو نائبه (ركعتين‬ ‫ُ‬
‫كصالة العيدين) فِي كيفيتهما من االفتتاح والتعوذ والتكبير سبعا فِي الركعة‬
‫األولى‪ ،‬وخمسا فِي الركعة الثانية برفع يديه‪( ،‬ثم يخطب) ندبا خطبتين‬
‫كخطبتي العيدين فِي األركان وغيرها‪ ،‬لَ ِك ْن يستغفر هللاَ تَ َعالَى فِي الخطبتين‬
‫بدل التكبير أولهما فِي خطبتي العيدين؛ فيفتتح الخطبة األولى باالستغفار‬
‫تسعا‪ ،‬والخطبة الثانية سبعا‪ .‬وصيغة االستغفار (أَ ْستَ ْغفِ ُر هللاَ ْال َع ِظي َم الَّ ِذي اَل‬
‫ي ْالقَيُّو َم َوأَتُوبُ إِلَ ْي ِه)‪ .‬وتكون الخطبتان (بعدهما)؛ أَي‪:‬‬ ‫إِلهَ إِالَّ هُ َو ْال َح َّ‬
‫الركعتين‪( .‬ويُ َح ّول) الخطيب (رداءه)؛ فيجعل يمينه يساره‪ ،‬وأعاله أسفله‪،‬‬
‫وي َُح ِّول الناس أر ِديتهم مثل تحويل الخطيب‪( ،‬ويُكثر من الدُعاء) سرا‬
‫وجهرا‪ ،‬فحيث أسر الخطيب أسر القوم بالدعاء‪ ،‬وحيث جهر أمنوا َعلَى‬
‫دعائه‪َ ( .‬و) يكثر الخطيب من (االستغفار)؛ ويقرأ قوله تَ َعالَى‪{ :‬ا ْستَ ْغفِرُوا‬
‫ان َغفَّارًا * يُرْ ِس ِل ال َّس َما َء َعلَ ْي ُك ْم ِم ْد َرارًا}‪.2‬‬ ‫َربَّ ُك ْم إِنَّهُ َك َ‬
‫خ ال َم ْت ِن زيادة َو ِه َي‪( :‬ويدعو بدعاء رسول هللا صلى هللا‬ ‫ْض نُ َس ِ‬ ‫َوفِي بَع ِ‬
‫ب‪َ ،‬والَ‬ ‫س ْقيَا َع َذا ٍ‬ ‫س ْقيَا َر ْح َم ٍة‪َ ،‬والَ ت َْج َع ْل َها ُ‬ ‫اج َع ْل َها ُ‬
‫َعلَي ِه وسلم‪َ ،‬وه َُو‪( :‬الل ُه َّم ْ‬
‫ت‬‫ب َواآل َك ِام َو َمنَابِ ِ‬ ‫رق؛ الل ُه َّم َعلَى الظِّ َرا ِ‬ ‫ق‪َ ،‬والَ بَالَ ٍء‪َ ،‬والَ َهد ٍْم‪َ ،‬والَ َغ ٍ‬ ‫َم ْح ٍ‬
‫سقِنا َغ ْيثًا ُمغيثًا‪،‬‬ ‫الش ََّج ِر‪ ،‬وبُطُو ِن األَ ْو ِديَ ِة؛ الل ُه َّم َح َوالَ ْينَا َوالَ َعلَ ْينَا‪ ،‬الل ُه َّم ا ْ‬
‫ِّين؛ الل ُه َّم‬ ‫س َّحا َعا ّمًا‪َ ،‬غ َدقًا طَبَقًا‪ُ ،‬م َجلِّالً َدائِ ًما إِلَى يَ ْو ِم الد ِ‬ ‫َم ِريئًا َم ِري ًعا‪َ ،‬‬
‫ين؛ الل ُه َّم إِنَّ بِا ْل ِعبَا ِد َوالبِالَ ِد ِم َن ا ْل ُج ْه ِد‬ ‫ث‪َ ،‬والَ ت َْج َع ْلنَا ِم َن ا ْلقَانِ ِط َ‬ ‫سقِنَا ال َغ ْي َ‬ ‫ا ْ‬
‫ش ُكو إِالَّ إِلَيكَ ؛ الل ُه َّم أَ ْنبِتْ لَنَا ال َّز ْر َع‪َ ،‬وأَ ِد َّر لَنَا‬ ‫ض ْن ِك َما اَل نَ ْ‬ ‫وع َوال َّ‬ ‫َوا ْل ُج ِ‬
‫ض‪،‬‬‫ت األَ ْر ِ‬ ‫س َما ِء‪َ ،‬وأَ ْنبِتْ لَنَا ِمنْ بَ َر َكا ِ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫ض ْر َع‪َ ،‬وأَ ْن ِز ْل َعلَ ْينَا ِمنْ بَ َر َكا ِ‬ ‫ال َّ‬
‫ستَ ْغفِ ُركَ ‪ ،‬إِنَّ َك ُك ْنتَ‬ ‫شفُهُ َغ ْي ُركَ ؛ الل ُه َّم إِنَّا نَ ْ‬ ‫شفْ َعنَّا ِم َن ا ْلبَالَ ِء َما اَل يَ ْك ِ‬ ‫َوا ْك ِ‬
‫س َما َء َعلَ ْينَا ِم ْد َرا ًرا)‪ .‬ويغتسل فِي الوادي إذا سال‪ ،‬ويسبح‬ ‫س ِل ال َّ‬ ‫َغفَّا ًرا‪ ،‬فَأ َ ْر ِ‬
‫للرعد والبرق)‪ .‬انتهت الزيادة‪َ ،‬و ِه َي لطولها اَل تناسب حال المتن من‬
‫االختصار‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬نوح‪.10/11 :‬‬

‫‪39‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صل فِي كيفية صالة الخوف‬ ‫فَ ْ‬


‫صنِّف َع ْن غيرها من الصلوات بترجمة ألنه يحتمل فِي‬ ‫وإنما أفردها ال ُم َ‬
‫إقامة الفرض فِي الخوف ما اَل يحتمل فِي غيره‪ .‬أنواع صالة الخوف‬
‫يرة تبلغ ستة أضرب كما فِي صحيح مسلم‬ ‫(وصالة الخوف) أنواع َكثِ َ‬
‫صنِّف ِم ْنهَا ( َعلَى ثالثة أضرب‪ :‬أحدها أن يكون العدو فِي غير‬ ‫اقتصر ال ُم َ‬
‫اوم كل فرقة منهم‬ ‫جهة القبلة)‪َ ،‬وهُ َو قليل‪ ،‬وفي المسلمين كثرة بحيث تُقَ ِ‬
‫العدو؛ (فيفرقهم اإلمام فرقتين‪ :‬فرقة تقف فِي وجه العدو) تحرسه‪،‬‬ ‫َ‬
‫(وفرقة تقف خلفه)؛ أَي‪ :‬اإلمام؛ (فيصلي بالفرقة الَتِي خلفه ركعةً‪ ،‬ثم) بعد‬
‫قيامه للركعة الثانية (تتم لنفسها) بقية صالتها‪( ،‬وتمضي) بعد فراغ‬
‫صالتها (إِلَى وجه العدو) تحرسه‪( ،‬وتأتي الطائفة األخرى) الَتِي كانت‬
‫حارسة فِي الركعة األولى‪( ،‬فيصلي) اإلمام (بها ركعة)‪ ،‬فإذا جلس اإلمام‬
‫للتشهد تفارقه (وتتم لنفسها) ثم ينتظرها اإلمام (ويسلم بها)‪ .‬وهذه صالة‬
‫رسول هللا صلى هللا َعلَي ِه وسلم بذات الرقاع‪ .‬سميت بذلك ألنهم رقعوا فيها‬
‫يل غير ذلك‪.‬‬ ‫راياتهم؛ َوقِ َ‬
‫( َوالثَّانِي أن يكون فِي جهة القبلة) فِي مكان اَل يسترهم َع ْن أعين المسلمين‬
‫صفَّين) مثال‪،‬‬ ‫شيء‪ ،‬وفي المسلمين كثرة تحتمل تفرقهم‪( ،‬فيصفّهم اإلمام َ‬
‫(ويحرم بهم) جميعا؛ (فإذا سجد) اإلمام فِي الركعة األولى (سجد معه أح ُد‬
‫الصفين) سجدتين‪( ،‬ووقف الصفُّ اآلخر يحرسهم؛ فإذا رفع) اإلمام رأسه‬
‫(سجدوا ولحقوه) ويتشهد بالصفين‪ ،‬ويسلم بهم‪ .‬وهذه صالة رسول هللا‬
‫صلى هللا َعلَي ِه وسلم ب ُعسْفان‪َ ،‬و ِه َي قرية فِي طريق الحاجـ المصري‪ ،‬بينها‬
‫وبين مكة مرحلتان؛ سميت بذلك لعسف السيول فيها‪َ ( .‬والثَّالِث أن يكون فِي‬
‫ين القوم بحيث‬ ‫شدة الخوف والتحام الحرب)‪ ،‬هُ َو كناية َع ْن شدة االختالط بَ َ‬
‫يلتصق لحم بعضهم ببعض‪ ،‬فَاَل يتمكنون من ترك القتال‪ ،‬وال يقدرون َعلَى‬
‫النزول إن كانوا ركبانا‪ ،‬وال َعلَى االنحراف إن كانوا مشاة؛ (فيصلي) كل‬
‫من القوم (كيف أمكنه‪ ،‬راجال)؛ أَي‪ :‬ماشيا (أَ ْو راكبا‪ ،‬مستقبل القبلة وغير‬
‫مستقبل لها)‪ .‬ويعتذرون فِي األعمال‬
‫الكثيرة فِي الصالة كضربات متوالية‪.‬‬
‫صل فِي اللباس‬ ‫فَ ْ‬
‫َ‬
‫والتختُّم بالذهب) والقز فِي حال‬ ‫لبس الحرير‬‫ُ‬ ‫(ويحرم َعلَى الرجال‬
‫االختيار‪َ ،‬و َك َذا يحرم استعمال ما ذكر َعلَى جهة االفتراش وغير ذلك من‬
‫كحرٍّ وبَرد مهلكين‪.‬‬ ‫وجوه االستعماالت‪ .‬ويحل للرجال لبسه للضرورة‪َ ،‬‬
‫(ويحل للنساء) لبس الحرير وافتراشه‪ ،‬ويحل للولي إلباس الصبي الحري َر‬
‫قبل سبع سنين وبعدها‪( .‬وقليل الذهب وكثيره)؛ أَي‪ :‬استعمالهما (فِي‬

‫‪40‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ان بعض الثوب إبريسما)؛ أَي‪ :‬حريرا (وبعضه)‬ ‫التحريم سواء‪ .‬وإذا َك َ‬
‫اآلخر (قُطنا أَ ْو َكتَّانًا) مثال (جاز) للرجل (لبسه مالم يكن اإلبريسم غالبا)‬
‫صح‪.‬‬ ‫ان غير اإلبريسم غالبا حل؛ َو َك َذا إن استويا فِي األَ َ‬ ‫َعلَى غيره؛ فإن َك َ‬
‫ما يلزم فِي الميت‬
‫فيما يتعلق بالميت من غسله وتكفينه والصالة َعلَي ِه ودفنه‪.‬‬
‫(ويلزم) َعلَى طريق‪ :‬فرض الكفاية (فِي الميت) المسلم؛ غير ال ُم ِ‬
‫حرم‬
‫والشهيد؛ (أربعة أشياء‪ :‬غسله‪ ،‬وتكفينه‪ ،‬والصالة َعلَي ِه‪ ،‬ودفنه)‪ .‬وإن لَ ْم‬
‫يعلم بالميت إال واحد تعيَّن َعلَي ِه ما ذكر‪.‬‬
‫ان أَ ْو ذميًا‪ .‬ويجوز‪ :‬غسله‬ ‫َوأَ َّما الميت الكافر؛ فالصالة َعلَي ِه‪ :‬حرام؛ حربيًا َك َ‬
‫فِي الحالين‪َ .‬ويَ ِجبُ ‪ :‬تكفين الذمي ودفنه؛ دون‪ :‬الحربي والمرتد‪.‬‬
‫حرمة‪َ .‬وأَ َّما الشهيد؛ فَاَل‬ ‫حرم؛ إذا ُكفن فَاَل يُستَر رأسُه؛ وال وجهُ ال ُم ِ‬ ‫َوأَ َّما ال ُم ِ‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬واثنان اَل يغسالن وال يصلى‬ ‫يصلى َعلَي ِه كما ذكره ال ُم َ‬
‫عليهما)‪:‬‬
‫أحدهما‪( :‬الشهيد فِي معركة المشركين)؛ َوه َُو‪ :‬من مات فِي قتال الكفار‬
‫بسببه؛ سواء قتله كافر مطلقًا‪ ،‬أَ ْو مسلم خطأ ً‪ ،‬أَ ْو عاد سالحه إليه‪ ،‬أَ ْو سقط‬
‫َع ْن دابته‪ ،‬أَ ْو نحو ذلك‪.‬‬
‫فإن مات بعد انقضاءـ القتال‪ :‬بجراحة فِي ِه يقطع بموته ِم ْنهَا فغير شهيد فِي‬
‫القتال اَل بسبب القتال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األظهر؛ َو َك َذا لو مات فِي قتال البغاة‪ ،‬أَ ْو مات فِي‬
‫( َو) الثَّانِي(السقط الذي لَ ْم يستهل)؛ أَي‪ :‬لَ ْم يرفع صوته (صارخا)‪ .‬فإن‬
‫استهل صار ًخا‪ ،‬أَ ْو بكى فحكمه؛ كالكبير‪.‬‬
‫وال ِّس ْقط؛ بتثليث السين‪ :‬الولد النازل قبل تمامه‪ ،‬مأخوذ من السقوط‪.‬‬
‫غسل الميت‬
‫(ويغسل الميت ِوت ًرا) ثالثا أَ ْو خمسا أَ ْو أكثر من ذلك‪( ،‬ويكون فِي أول‬
‫غسله سدر)؛ أَي‪ :‬يسن أن يستعين الغاسل فِي الغسلة األولى من غسالت‬
‫الميت بسدر أَ ْو خطمي‪َ ( ،‬و) يكون (فِي آخره)؛ أَي‪ :‬آخر غسل الميت غير‬
‫المحرم‪( :‬شي ٌء) قليل (من كافور) بحيث اَل يغير الماء‪.‬‬
‫واعلم؛ أن أقل غسل الميت‪ :‬تعميم بدنه بالماء مرة واحدة‪َ .‬وأَ َّما أكمله؛‬
‫ت‪.‬‬‫فمذكور فِي ال َم ْبسُوطَا ِ‬
‫ان أَ ْو اَل (فِي ثالثة أثواب‬ ‫ان أَ ْو أنثى‪ ،‬بالغا َك َ‬
‫(ويكفن) الميت‪ ،‬ذكرا َك َ‬
‫بيض)‪ ،‬وتكون كلها لفائف متساوية طوال وعرضا‪ ،‬تستر كل واحدة ِم ْنهَا‬
‫يس فيها قميص وال عمامة)‪.‬‬ ‫جمي َع البدن ( َولَ َ‬
‫وإن كفن الذكر فِي خمسة فهي الثالثة المذكورة وقميص وعمامة‪ ،‬أَ ْو المرأة‬
‫فِي خمسة‪ ،‬فهي إزار وخمار وقميص ولفافتان‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صح فِي الروضة وشر ح‬ ‫وأقل الكفن‪ :‬ثوب واحد يستر عورة الميت َعلَى األَ َ‬
‫المهذب‪ .‬ويختلف قدره بذكورة الميت وأنوثته‪.‬‬
‫ويكون الكفن من جنس ما يلبسه الشخص فِي حياته‪.‬‬
‫الصالة َعلَى الجنازة‬
‫(ويكبر َعلَي ِه)؛ أَي‪ :‬الميت إذا صُلي َعلَي ِه (أربع تكبيرات)‪ِ ،‬م ْنهَا تكبيرة‬
‫اإلحرام؛ َولَ ْو كبّر خمسا لَ ْم تبطل‪ ،‬لَ ِك ْن لو خ َّمس إمامه لَ ْم يتابعه بَلْ يسلم أَ ْو‬
‫ينتظره ليسلم معه‪َ ،‬وهُ َو أفضل‪.‬‬
‫َو (يقرأ) المصلي (الفاتحة بعد) التكبيرة (األولى)‪ ،‬ويجوز قراءتها بعد غير‬
‫األولى؛ (ويصلى َعلَى النبي صلى هللا َعلَي ِه وسلم بعد) التكبيرة (الثانية)‪.‬‬
‫صلِّ َعلَى ُم َح َّم ٍد‪.‬‬ ‫وأقل الصالة َعلَي ِه‪ :‬صلى هللا َعلَي ِه وسلم اللهُ َّم َ‬
‫(ويدعو للميت بعد الثالثة‪ ،‬فيقول)؛ وأقل الدُعاء للميت‪( :‬اللهُ َّم ا ْغفِرْ لَهُ)‪.‬‬
‫صنِّف فِي بعض نسخ المتن‪َ ،‬وهُ َو‪( :‬اللهُ َّم إِ َّن هَ َذا‬ ‫وأكمله‪ :‬مذكور فِي قول ال ُم َ‬
‫ح ال ُّد ْنيَا َو َس َعتِهَا‪َ ،‬و َمحْ بُوبُهُ َوأَ ِحبَّا ُؤهُ فِيهَا‬ ‫ْك‪َ ،‬خ َر َج ِم ْن َر ْو ِ‬ ‫ك َو ُ‬
‫ابن َع ْب َدي َ‬ ‫َع ْب ُد َ‬
‫ك‬‫ك‪ ،‬اَل َش ِري َ‬ ‫ت َوحْ َد َ‬ ‫ان يَ ْشهَ ُد أَ ْن اَل إِلهَ إِالَّ أَ ْن َ‬ ‫إِلَى ظُ ْل َم ِة ْالقَب ِْر َو َما هُ َو الَقِي ِه‪َ ،‬ك َ‬
‫ت‬ ‫ك َوأَ ْن َ‬ ‫أنت أَ ْعلَ ُم بِ ِه ِمنَّا؛ اللهُ َّم إِنَّهُ نَ َز َل بِ َ‬ ‫ك‪َ ،‬و َ‬ ‫ك َو َرسُولُ َ‬ ‫ك‪َ ،‬وأَ َّن ُم َح َّمدًا َع ْب ُد َ‬ ‫لَ َ‬
‫ت َغنِ ٌّي َع ْن َع َذابِ ِه‪َ ،‬وقَ ْد‬ ‫ك‪َ ،‬وأَ ْن َ‬ ‫ول بِ ِه‪َ ،‬وأَصْ بَ َح فَقِيرًا إِلَى َرحْ َمتِ َ‬ ‫َخ ْي ُر َم ْن ُز ٍ‬
‫ان ُمحْ ِسنًا فَ ِز ْد فِي إِحْ َسانِ ِه‪َ ،‬وإِ ْن‬ ‫يك ُشفَ َعا َء لَهُ؛ اللهُ َّم إِ ْن َك َ‬ ‫ين إِلَ َ‬ ‫اغبِ َ‬‫اك َر ِ‬ ‫ِج ْئنَ َ‬
‫ك‪َ ،‬وقِ ِه فِ ْتنَةَ ْالقَب ِْر َو َع َذابَهُ‪،‬‬ ‫ضا َ‬‫ك ِر َ‬ ‫ان ُم ِسيئًا فَتَ َجا َو ْز َع ْنهُ‪َ ،‬ولَقِ ِه ِب َرحْ َمتِ َ‬ ‫َك َ‬
‫ك األَ ْم َن ِم ْن‬ ‫ض َع ْن َج ْنبَ ْي ِه‪َ ،‬ولَقِ ِه ِب َرحْ َمتِ َ‬ ‫اف األَرْ َ‬ ‫َوا ْف َسحْ لَهُ فِي قَب ِْر ِه‪َ ،‬و َج ِ‬
‫ين)‪.‬‬ ‫ك يَا أَرْ َح َم الر ِ‬
‫َّاح ِم َ‬ ‫ك بِ َرحْ َمتِ َ‬ ‫ك‪َ ،‬حتَّى تَ ْب َعثَهُ آ ِمنًا إِلَى َجنَّتِ َ‬ ‫َع َذابِ َ‬
‫ويقول فِي الرابعة‪( :‬اللهُ َّم اَل تَحْ ِر ْمنَا أَجْ َرهُ‪َ ،‬والَ تَ ْفتِنَّا بَ ْع َدهُ‪َ ،‬وا ْغفِرْ لَنَا َولَهُ)‪.‬‬
‫ويسلم بعد الرابعة‪.‬‬
‫دفن الميت‬
‫(ويُدفن) الميت (فِي لحد مستقب َل القبلة)‪.‬‬
‫واللَّحْ د؛ بفتح الالم وضمها وسكون الحاء‪ :‬ما يحفر فِي أسفل جانب القبر من‬
‫جهة القبلة قدر ما يسع الميت ويستره‪.‬‬
‫والدفن فِي اللحد أفضل من الدفن فِي الشق إن صلبت األرض‪.‬‬
‫والشق‪ :‬أن يحفر فِي وسط القبر؛ كالنهر‪ ،‬ويبنى جانباه‪ ،‬ويوضع الميت‬
‫بينهما ويسقف َعلَي ِه بلبن ونحوه؛ ويوضع الميت عند مؤخر القبر‪.‬‬
‫س ُّل من قِبَل رأسه)‬ ‫خ بعد مستقبل القبلة زيادة‪َ ،‬و ِه َي‪( :‬ويُ َ‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫سو ِل هللاِ‬ ‫س ِم هللا َو َعلَى ِملَّ ِة َر ُ‬ ‫سال (برفق)‪ ،‬اَل بعنف (ويقول الذي يلحده‪( :‬بِ ْ‬
‫صلى هللا َعلَي ِه وسلم)‪ .‬ويضجع فِي القبر بعد أن يعمق قامة وبسطة)‪،‬‬
‫ويكون االضطجاع مستقبل القبلة َعلَى جنبه األيمن؛ فلو ُدفن مستدب َر القبل ِة‬

‫‪42‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫أَ ْو مستلقيا نُبش‪ ،‬و ُوجِّ هَ للقبلة مالم يتغير‪( .‬ويسطح القبر) وال يسنم‪( ،‬وال‬
‫يبنى َعلَي ِه وال يجصص)؛ أَي‪ :‬يكره تجصيصه بالجص َوهُ َو النورة المسماة‬
‫بالجير‪.‬‬
‫البكاء َعلَى الميت والتعزية َعلَى أهله‬
‫(وال بأس بالبكاء َعلَى الميت)؛ أَي‪ :‬يجوز البكاء َعلَي ِه قبل الموت وبعده؛‬
‫وتركه أولى‪ ،‬ويكون البكاء َعلَي ِه (من غير نَوح)؛ أَي‪ :‬رفع صوت بالندب‬
‫خ (جيب) بدل ثوب‪ .‬والجيب طوق‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وال شق ثوب) َوفِي بَع ِ‬
‫القميص‪.‬‬
‫(ويعزى أهله)؛ أَي‪ :‬أهل الميت صغيرهم وكبيرهم‪ ،‬ذكرهم وأنثاهم إال‬
‫الشابة؛ فَاَل يعزيها إال محارمها‪.‬‬
‫والتعزية‪ :‬سنة قبل الدفن وبعده (إِلَى ثالثة أيام من) بعد (دفنه) ‪.‬‬
‫ان أحدهما غائبا امتدت التعزية‬ ‫حاضرين؛ فإن َك َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والمعزى‬ ‫المعزي‬
‫ِ‬ ‫إن َك َ‬
‫ان‬
‫إِلَى حضوره‪.‬‬
‫والتعزية لُ َغةً‪ :‬التسلية لمن أصيب بمن يع ّز َعلَي ِه‪.‬‬
‫َوشَرْ عًا‪ :‬األمر بالصبر والحث َعلَي ِه بوعد األجر والدعاء للميت بالمغفرة‬
‫للمصاب بجبر المصيبة‪.‬‬
‫(وال يدفن اثنان فِي قبر) واحد (إال لحاجة) كضيق األرض وكثرة الموتى‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ِكتَاب أحكام الزكاة‬


‫َو ِه َي لُ َغةً‪ :‬النماء‪.‬‬
‫ص‪ ،‬يُؤخذ من مال مخصوص‪َ ،‬علَى وجه‬ ‫ال مخصو ٍ‬ ‫َوشَرْ عًا‪ :‬اسم ل َم ٍ‬
‫مخصوص‪ ،‬يصرف لطائفة مخصوصة‪.‬‬
‫ما تجب فِي ِه الزكاة‬
‫(تجب الزكاة فِي خمسة أشياء؛ َو ِه َي)‪:‬‬
‫‪( .1‬المواشي) َولَ ْو عبَّر بالنَّ َعم لكان أولى؛ ألنها أخص من المواشي‪.‬‬
‫والكالم هُنَا فِي األخص‪.‬‬
‫‪( .2‬واألثمان) َوأُ ِري َد بِهَا الذهب والفضة‪.‬‬
‫‪( .3‬والزروع) َوأُ ِري َد بِهَا األقوات‪.‬‬
‫‪( .4‬والثمار)‪.‬‬
‫‪( .5‬وعروض التجارة)‪.‬‬
‫وسيأتي كل من الخمسة مفصال‪.‬‬
‫زكاة المواشي‬
‫(فأما المواشي فتجب الزكاة ِفي ثالثة أجناس ِم ْن َها‪َ ،‬و ِه َي‪ :‬اإلبل‪،‬‬
‫والبقر‪ ،‬والغنم)؛ فَاَل تجب فِي الخيل والرقيق والمتولَّد مثال بَ َ‬
‫ين غنم‬
‫وظباء‪.‬‬
‫شروط وجوب زكاة المواشي‬
‫ت خصال‪:‬‬ ‫خ ال َم ْت ِن ِس ُّ‬‫ْض نُ َس ِ‬
‫(وشرائط وجوبها ستة أشياء)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫‪( .1‬اإلسالم)؛ فَاَل تجب َعلَى كافر أصلي‪.‬‬
‫َوأَ َّما المرتد فالصحيح أن ماله موقوف؛ فإن عاد إِلَى اإلسالم وجبت‬
‫َعلَي ِه‪َ ،‬وإِاَل فَاَل ‪.‬‬
‫‪( .2‬والحرية)؛ فَاَل زكاة َعلَى رقيق‪.‬‬
‫َوأَ َّما المبعض فتجب َعلَي ِه الزكاة فيما ملكه ببعض ال ُح ّر‪.‬‬
‫ك التام)؛ أَي‪ :‬فالملك الضعيف اَل زكاة فِي ِه؛ كالمشتري قبل‬ ‫‪( .3‬وال ِم ْل ُ‬
‫صنِّف تبعا للقول‬ ‫قبضه اَل تجب فِي ِه الزكاة كما يقتضيه كالم ال ُم َ‬
‫القديم‪ ،‬لَ ِك ْن الجديد الوجوب‪.‬‬
‫‪( .4‬والنصاب)‬
‫والحول)؛ فلو نقص كل ِم ْنهُ َما فَاَل زكاة‪.‬‬ ‫‪َ ( .5‬‬
‫‪( .6‬والسوم) وهوالرعي فِي كالء مباح‪.‬‬
‫فلو علفت الماشية معظ َم الحول فَاَل زكاة فيها‪ ،‬وإن علفت نصفه فأقل‬
‫ين وجبت زكاتها؛ َوإِاَل فَاَل ‪.‬‬ ‫قدرا تعيش بدونه بال ضرر بَ َ‬
‫زكاة الذهب والفضة‬

‫‪44‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫( َوأَ َّما األثمان؛ فشيئان)‪:‬‬


‫‪( .1‬الذهب)‬
‫‪( .2‬والفضة) مضروبين كانا أَ ْو اَل ؛ وسيأتي نصابهما‪.‬‬
‫شروط وجوب زكاة الذهب والفضة‬
‫(وشرائط وجوب الزكاة فيها)؛ أَي‪ :‬األثمان (خمسة أشياء)‪:‬‬
‫‪( .1‬اإلسالم)‬
‫‪( .2‬والحرية)‬
‫‪( .3‬وال ِملك التام)‬
‫‪( .4‬والنصاب)‬
‫‪( .5‬والحول)‬
‫وسيأتي بيان ذلك‪.‬‬
‫زكاة الزروع والثمار‬
‫صنِّف بها المقتات من حنطة وشعير وعدس‬ ‫( َوأَ َّما الزروع) وأراد ال ُم َ‬
‫وأرز؛ َو َك َذا ما يُقتات اختيارا كذرة وحمص‪.‬‬
‫(فتجب الزكاة فيها بثالثة شرائط)‪:‬‬
‫‪( .1‬أن يكون مما يزرعه)؛ أَي‪ :‬يستنبته (اآلدميون)؛ فإن نبت بنفسه‬
‫بحمل ما ٍء أَ ْو هواء فَاَل زكاة فِي ِه‪.‬‬
‫‪( .2‬وأن يكون قوتا مدخرا)‪ .‬وسبق قريبا بيان المقتاتـ‪َ .‬و َخ َر َج بالقوت‬
‫ما اَل يقتات من األبزار نحو الكمون‪.‬‬
‫قشر عليها)‪.‬‬‫َ‬ ‫‪( .3‬وأن يكون نصابا‪َ ،‬وه َُو خمسة أوسق اَل‬
‫خ‪( :‬وأن يكون خمسة أوسق) بإسقاط نصاب‪.‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫( َوأَ َّما الثمار فتجب الزكاة فِي شيئين‪ِ ،‬م ْن َها)‪:‬‬
‫‪( .1‬ثمرة النخل)‬
‫‪( .2‬وثمرة الكرم)‪.‬‬
‫َوال ُم َراد بهاتين الثمرتين التمر والزبيب‪.‬‬
‫شروط وجوب زكاة الزروع والثمار‬
‫(وشرائط وجوب الزكاة فيها)؛ أَي‪ :‬الثمار (أربعة أشياء)‪:‬‬
‫‪( .1‬اإلسالم)‬
‫‪( .2‬والحرية)‬
‫‪( .3‬والملك التام)‬
‫‪( .4‬والنصاب)‬
‫وجوب‪.‬‬
‫َ‬ ‫فمتى انتفى شرط من ذلك فَاَل‬
‫زكاة التجارة‬

‫‪45‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫( َوأَ َّما عروض التجارة فتجب الزكاة فيها بالشرائط المذكورة) سابقًا (فِي‬
‫األثمان)‪ .‬والتجارة؛ َو ِه َي‪ :‬التقليب فِي المال لغرض الربح‪.‬‬
‫نصاب اإلبل‬
‫(وأول نصاب اإلبل‪ :‬خمس؛ وفيها شاة)؛ أَي‪ :‬جدعة ضأن‪ ،‬لها سنة‬
‫ودخلت فِي الثانية‪ ،‬أَ ْو ثنية معز‪ ،‬لها سنتان ودخلت فِي الثالثة‪.‬‬
‫ثالث شياه‪ ،‬وفي عشرين‬ ‫ُ‬ ‫وقوله‪( :‬وفي عشر شاتان‪ ،‬وفي خمسة عشر‬
‫أرب ُع شياه‪ ،‬وفي خمس وعشرين بنتُ مخاض من اإلبل‪ ،‬وفي ست وثالثين‬
‫بنت لبون‪ ،‬وفي ست وأربعين حقةٌ‪ ،‬وفي إحدى وستين جذعة‪ ،‬وفي ست‬
‫وسبعين بنتا لبون‪ ،‬وفي إحدى وتسعين حقتان‪ ،‬وفي مائة وإحدى‬
‫وعشرين ثالث بنات لبون) إِلَى آخره ظاهر غني َع ْن الشرح‪.‬‬
‫وبنت المخاض‪ :‬لها سنة ودخلت فِي الثانية‪.‬‬
‫وبنت اللبون‪ :‬لها سنتان ودخلت فِي الثالثة‪.‬‬
‫والحقة‪ :‬لها ثالث سنين ودخلت فِي الرابعة‪.‬‬
‫والجذعة‪ :‬لها أربع سنين ودخلت فِي الخامسة‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬ثم فِي كل)؛ أَي‪ :‬ثم بعد زيادة التسع َعلَى مائة وإحدى وعشرين‬
‫وزيادة عشر بعد زيادة التسع وجملة ذلك مائة وأربعون يستقيم الحساب‬
‫َعلَى أن فِي كل (أربعين بنت لبون‪ ،‬وفي كل خمسين حقة) ففي مائة‬
‫وأربعين حقتان وبنت لبون وفي مائة وخمسين ثالث حقاق وهكذا‪.‬‬
‫نصاب البقر‬
‫خ (وفيه)؛‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وأول نصاب البقر ثالثون‪َ ،‬و) يجب (فيها) َوفِي بَع ِ‬
‫أَي‪ :‬النصاب (تبيع) ابن سنة؛ ودخل فِي الثانية‪ .‬سُمي بذلك‪ :‬لتبعية أمه فِي‬
‫المرعى‪َ .‬ولَ ْو أخرج تبيعة أجزأت بطريق األولى‪.‬‬
‫سنَّةٌ) لها سنتان؛ ودخلت فِي الثالثة‪ .‬سميت بذلك‪:‬‬ ‫( َو) يجب (فِي أربعين ُم ِ‬
‫لتكامل أسنانها‪َ .‬ولَ ْو أخرج َع ْن أربعين تبيعين أجزأه َعلَى الصحيح‪( .‬وعلى‬
‫س)‪ .‬وفي مائة وعشرين ثالث مسنات أَ ْو أربعة أتبعة‪.‬‬ ‫َه َذا أبَ ًدا فقِ ْ‬
‫نصاب الغنم‬
‫(وأول نصاب الغنم‪ :‬أربعون؛ وفيها‪ :‬شاة جذعة من الضأن؛ أَ ْو ثنية من‬
‫المعز‪ ،).‬وسبق بيان الجذعة والثنية‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬وفي مائة وإحدى وعشرين‪ :‬شاتان‪ .‬وفي مائتين وواحدة‪ :‬ثالث‬
‫شياه‪ .‬وفي أربعمائة‪ :‬أربع شياه‪ .‬ثم فِي كل مائة‪ :‬شاة) إِلَى آخره ظاهر‬ ‫ِ‬
‫غني َع ْن الشرح‪.‬‬
‫زكاة المال المشترك‬
‫(والخليطان يز ِّكيان) بكسر الكاف (زكاةَ) الشخص (الواحد)‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫والخلطة قد تفيد الشريكين تخفيفا‪ ،‬بأن يملكا ثمانين شاة بالسوية بينهما‬ ‫ِ‬
‫فيلزمهما شاةٌ‪ ،‬وقد تفيد تثقيال‪ ،‬بأن يملكا أربعين شاة بالسوية بينهما فيلزمهما‬
‫ان يملكا ستين‪،‬‬ ‫شاة‪ ،‬وقد تفيد تخفيفا َعلَى أحدهما وتثقيال َعلَى اآلخر‪َ ،‬ك َ‬
‫ان يملكا مائتي‬ ‫ألحدهما ثلثها ولآلخر ثلثاها‪ ،‬وقد اَل تفيد تخفيفا وال تثقيال‪َ ،‬ك َ‬
‫شاة بالسوية بينهما‪ .‬وإنما يزكيان زكاة الواحد (بسبع شرائط)‪:‬‬
‫ان) (ال ُمراح واحدا)؛ َوهُ َو بضم‬ ‫خ (إن َك َ‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫ان) َوفِي بَع ِ‬ ‫‪( .1‬إذا َك َ‬
‫الميم‪ :‬مأوى الماشية ليال‪.‬‬
‫‪( .2‬وال َمسرح واحدا)؛ َوال ُم َراد بالمسرح‪ :‬الموضع الذي تسرح إليه‬
‫الماشية‪.‬‬
‫‪( .3‬وال َمر َعى) والراعي (واحدا)‪.‬‬
‫‪( .4‬والفَحل واحدا)؛ أَي‪ :‬إن اتحد نوع الماشية؛ فإن اختلف نوعها؛ كضأن‬
‫ومعز فيجوز أن يكون لكل ِم ْنهُ َما فحل يطرق ماشيته‪.‬‬
‫‪( .5‬والمشرب)؛ أَي‪ :‬الذي تشرب منه الماشية؛ كعين أَ ْو نهر أَ ْو غيرهما‬
‫(واحدا)‪.‬‬
‫صح‬ ‫‪ .6‬وقوله‪( :‬والحالب واحدا) هُ َو أحد الوجهين فِي هَ ِذ ِه المسألة‪َ ،‬واألَ َ‬
‫عدم االتحاد فِي الحالب؛ َو َك َذا ال ِمحْ لَبـ بكسر الميم؛ َوهُ َو‪ :‬اإلناء الذي‬
‫يحلب فِي ِه‪.‬‬
‫‪( .7‬وموضع الحلَب) بفتح الالم (واحدا)‪ .‬وحكى النَّ َو ِوي اسكان الالم‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫َوهُ َو‪ :‬اسم اللبن؛ ويطلق َعلَى المصدر‪ .‬قال بعضهم‪ :‬هُ َو ال ُم َراد هُنَا‪.‬‬
‫نصاب الذهب والفضة‬
‫بوزن مكة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫(ونصاب الذهب عشرون مثقاالً) تحديدًا‬
‫والمثقال‪ :‬درهم وثالثة أسباع درهم‪.‬‬
‫(وفيه)؛ أَي‪ :‬نصاب الذهب‪( :‬ربع العشر‪َ .‬وه َُو‪ :‬نصف مثقال‪ .‬وفيما‬
‫زاد) َعلَى عشرين مثقاالً‪( :‬بحسابه)‪ .‬وإن قل الزائد‪.‬‬
‫الو ِرق) بكسر الراء؛ َوهُ َو‪ :‬الفِضَّة‪( :‬مائتا درهم‪ .‬وفيه‪ :‬ربع‬ ‫(ونصاب َ‬
‫العشر؛ َوه َُو‪ :‬خمسة دراهم وفيما زاد) َعلَى المائتين‪( :‬بحسابه)‪ .‬وإن قل‬
‫الزائد‪ ،‬وال شيء فِي المغشوش من ذهب أَ ْو فضة حتى يبلغ خالصه نصابا‪.‬‬
‫(وال يجب فِي الحلي المباح زكاة)‪.‬‬
‫أّ َّما المحرم؛ كسوار وخلخال لرجل وخنثى؛ فتجب الزكاة فِي ِه‪.‬‬
‫نصاب الزروع والثمار‬
‫(ونصاب الزروع والثمار خمسة أوسق)‪ :‬من الوسق؛ مصدر بِ َم ْعنَى‪:‬‬
‫الجمع؛ ألن الوسق يجمع‪ :‬الصيعان؛ ( َو ِه َي)؛ أَي‪ :‬الخمسة أوسق‪( :‬ألف‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫خ‪( :‬بالبغدادي)‪( ،‬وما زاد‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬


‫وستمائة رطل؛ بالعراقي)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫فبحسابه)‪.‬‬
‫ورطل بغداد عند النَّ َو ِوي ‪ :‬مائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع‬
‫‪1‬‬

‫درهم‪.‬‬
‫سقِيَت بماء السماء)؛ َوهُ َو‪ :‬المطر‬ ‫(وفيها)؛ أَي‪ :‬الزروع والثمار‪( :‬إن ُ‬
‫س ْيح)؛ َوهُ َو‪ :‬الماء الجاري َعلَى األرض بسبب سد‬ ‫ونحوه؛ كالثلج (أَ ْو ال َ‬
‫النهر فيصعد الماء َعلَى وجه األرض فيسقيها‪( :‬العشر)‬
‫سقيت بدُوالب)؛ بضم الدال وفتحها‪َ :‬ما يديره الحيوان (أَ ْو) سقيت‬ ‫(وإن ُ‬
‫(بنضح) من نهر أَ ْو بئر بحيوان؛ كبعير أَ ْو بقرة‪( :‬نصف العشر)‪.‬‬
‫مثلا سواء ثالثة أرباع العشر‪.‬‬ ‫وفيما سقي بماء السماء والدوالب؛ ً‬
‫تقويم عروض التجارة‬
‫ان ثمن‬ ‫عروض التجارة عند آخر الحول بما اشتريت بِ ِه) سواء َك َ‬ ‫ُ‬ ‫(وتُق َّوم‬
‫مال التجارة نصابا أم اَل ؛ فإن بلغت قيمةُ العروض آخر الحول نصابا‬
‫خرج من ذلك) بعد بلوغ قيمة مال التجارة نصابا (ربع‬ ‫ز َّكاها‪َ ،‬وإِاَل فَاَل (ويُ َ‬
‫العشر) منه‪.‬‬
‫زكاة المعدن والركاز‬
‫(وما استخرج من معادن الذهب والفضة يخرج منه) إن بلغ نصابًا‪( :‬رب ُع‬
‫ستخرج من أهل وجوب الزكاة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫العشر فِي الحال) إن َك َ‬
‫ان ال ُم‬
‫لمكان خلق هللا تَ َعالَى فِي ِه‬
‫ٍ‬ ‫والمعادن جمع‪َ :‬مع َِدن؛ بفتح داله وكسرها‪ :‬اسم‬
‫ذلك من موات أَ ْو ملك‪.‬‬
‫(وما يوجد من الركاز)؛ َوهُ َو‪ :‬دفين الجاهلية‪َ .‬و ِه َي الحالة الَتِي كانت عليها‬
‫العرب قبل اإلسالم من الجهل باهلل ورسوله وشرائع اإلسالم‪( :‬ففيه)؛ أَي‪:‬‬
‫الركاز (الخمس)‪.‬‬
‫ُصرف مصرف الزكاة َعلَى المشهور‪ ،‬ومقابله‪ :‬أنه يصرف إِلَى أهل‬ ‫وي َ‬
‫الخمس المذكورين فِي آية الفيء‪.‬‬
‫زكاة الفطر‬
‫(وتجب زكاة الفطر) َويُقَال لها زكاة الفطرة؛ أَي‪ :‬الخلقة (بثالثة أشياء)‪:‬‬
‫‪( .1‬اإلسالم)؛ فَاَل فطرة َعلَى كافر أصلي إال فِي رقيقه وقريبه المسلمين‪.‬‬
‫خرج‬ ‫‪( .2‬وبغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان)‪ .‬وحينئذ‪ :‬فتُ َ‬
‫زكاة الفطر عمن مات بعد الغروب دون من ُولد بعده‪.‬‬
‫‪( .3‬ووجود الفضل) َوهُ َو يسار الشخص بما يفضل (عَنْ قوته وقوت‬
‫عياله فِي ذلك اليوم)؛ أَي‪ :‬يوم عيد الفطر َو َك َذا ليلته أيضا‪.‬‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(ويزكي) الشخص (عَنْ نفسه وعمن تلزمه نفقته من المسلمين)؛ فَاَل‬


‫كفار وإن وجبت نفقتهم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫يلزم المسل َم فطرةُ عبد وقريب وزوجة‬
‫وإذا وجبت الفطرة َعلَى الشخص فيخرج (صاعا من قُوت بلده) إن َك َ‬
‫ان‬
‫بلديا‪.‬‬
‫ان فِي البلد أقوات غلب بعضها؛ وجب اإلخراج منه‪.‬‬ ‫فإن َك َ‬
‫ان الشخص فِي بادية اَل قوت فيها أخرج من قوت أقرب البالد إليه‪.‬‬ ‫َولَ ْو َك َ‬
‫ومن لَ ْم يوسر بصاع بَلْ ببعضه لزمه ذلك البعض‪.‬‬
‫طل‬ ‫الر ْ‬ ‫(وقدره)؛ أَي‪ :‬الصاع‪( :‬خمسة أرطال وثلث بالعراقي)؛ وسبق بيان ِ‬
‫العراقي فِي نصاب الزروع‪.‬‬
‫من تدفع له الزكاة‬
‫(وتدفع الزكاة إِلَى األصناف الثمانية الذين ذكرهم هللا تَ َعالَى فِي كتابه‬
‫ين َعلَ ْيهَا‬ ‫ين َو ْال َعا ِملِ َ‬
‫ات لِ ْلفُقَ َرا ِء َو ْال َم َسا ِك ِ‬ ‫العزيز فِي قوله تَ َعالَى‪{ :‬إِنَّ َما ال َّ‬
‫ص َدقَ ُـ‬
‫يل}‬‫يل هَّللا ِ َواب ِْن ال َّسبِ ِ‬
‫ين َوفِي َسبِ ِ‬ ‫ب َو ْال َغ ِ‬
‫ار ِم َ‬ ‫َو ْال ُم َؤلَّفَ ِة قُلُوبُهُ ْم َوفِي الرِّ قَا ِـ‬
‫[التوبة‪ ،]60 :‬هُ َو ظاهر غني َع ْن الشرح إال معرفة األصناف المذكورة‪.‬‬
‫‪ .1‬فالفقير فِي الزكاة هُ َو الذي اَل مال له وال كسب يقع موقعا من حاجته؛ أّ َّما‬
‫الفقير العرايا فَهُ َو من اَل نقد بيده‪.‬‬
‫‪ .2‬والمسكين من قدر َعلَى مال أَ ْو كسب يقع كل ِم ْنهُ َما موقعا من كفايته وال‬
‫يكفيه‪ ،‬كمن يحتاج إِلَى عشرة دراهم وعنده سبعة‪.‬‬
‫‪ .3‬والعامل من استعمله اإلمام َعلَى أخذ الصدقات ودفعها لمستحقيها‪.‬‬
‫‪ .4‬والمؤلفة قلوبهم وهم أربعة أقسام‪ :‬أحدها مؤلفة المسلمين‪َ ،‬وهُ َو من أسلم‬
‫ونيته ضعيفة فِي اإلسالم فتألف بدفع الزكاة له‪ ،‬وبقية األقسام مذكورة‬
‫فِي ال َم ْبسُوطَا ِ‬
‫ت‪.‬‬
‫‪ .5‬وفي الرقاب وهم المكاتبون كتابة صحيحة؛ أّ َّما المكاتب كتابة فاسدة فَاَل‬
‫يعطى من سهم المكاتبين‪.‬‬
‫‪ .6‬والغارم َعلَى ثالثة أقسام‪ :‬أحدها من استدان دينا لتسكين فتنة بَ َ‬
‫ين‬
‫طائفتين فِي قتيل لَ ْم يطهر قاتله‪ ،‬فتحمل دينا بسبب ذلك فيقضى دينه من‬
‫ان أَ ْو فقيرا‪ .‬وإنما يعطى الغارم عند بقاء الدين‬ ‫سهم الغارمين‪ ،‬غنيا َك َ‬
‫َعلَي ِه؛ فإن أداه من ماله أَ ْو دفعه ابتداء لَ ْم يعط من سهم الغارمين؛ وبقية‬
‫أقسام الغارمين فِي ال َم ْبسُوطَا ِ‬
‫ت‪.‬‬
‫‪َ .7‬وأَ َّما سبيل هللا فهم الغزاة الذين اَل سهم لهم فِي ديوان المرتزقة‪ ،‬بَلْ هم‬
‫متطوعون بالجهاد‪.‬‬
‫‪َ .8‬وأَ َّما ابن سبيل فَه َُو من ينشئ سفرا من بلد الزكاة أَ ْو يكون مجتازا ببلدها‪،‬‬
‫ويشترط فِي ِه الحاجة وعدم المعصية‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫وقوله‪( :‬وإلى من يوجد منهم)؛ أَي‪ :‬األصناف فِي ِه إشارة إذا فقد بعض‬
‫األصناف ووجد البعض تصرف لمن يوجد منهم؛ فإن فقدوا كلهم حفظت‬
‫الزكاة حتى يوجدوا كلهم أَ ْو بعضهم‪.‬‬
‫(وال يقتصر) فِي إعطاء الزكاة ( َعلَى أقل من ثالثة من كل صنف) من‬
‫األصناف الثمانية (إال العامل)؛ فإنه يجوز أن يكون واحدا إن حصلت بِ ِه‬
‫خ (الكفاية) فإن صرف الثنين من كل صنف غرم‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫الحاجة َوفِي بَع ِ‬
‫للثالث أقل متمول‪َ .‬وقِي َل يغرم له الثلث‪.‬‬
‫من اَل تدفع له الزكاة‬
‫(وخمسة اَل يجوز دفعها)؛ أَي‪ :‬الزكاة (إليهم‪ :‬الغني بمال أَ ْو كسب‪،‬‬
‫والعبد‪ ،‬وبنو هاشم‪ ،‬وبنو المطلب) سواء منعوا حقهم من خمس الخمس أم‬
‫اَل ‪َ ،‬و َك َذا عتقاؤهم اَل يجوز دفع الزكاة إليهم‪ .‬ويجوز لكل منهم أخذ صدقة‬
‫خ (وال تصح للكافر)‪.‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫التطوع َعلَى المشهور‪( ،‬والكافر)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫المزكي نفقتُه اَل يدفعها)؛ أَي‪ :‬الزكاة (إليهم باسم الفقراء‬ ‫َ‬ ‫(ومن تلزم‬
‫والمساكين)‪ .‬ويجوز دفعها إليهم باسم كونهم‪ُ :‬غزاةً وغارمين مثال‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ِكتَاب بيان أحكام الصيام‬


‫والصوم مصدران‪ ،‬معناهما لُ َغةً‪ :‬اإلمساك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َوهُ َو‬
‫َوشَرْ عًا‪ :‬إمساك َع ْن مفطر بنية مخصوصة؛ جمي َع نهار قابل للصوم؛ من‬
‫عاقل طاهر من حيض ونفاس‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مسلم‬
‫ٍ‬
‫شروط وجوب الصيام‬
‫خ (أربعة‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وشرائط وجوب الصيام ثالثة أشياء)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫أشياء)‪:‬‬
‫‪( .1‬اإلسالم)‬
‫‪ .2‬والبلوغ)‬
‫‪ .3‬والعقل)‬
‫‪ .4‬والقدرة َعلَى الصوم)‪ .‬وهذا هُ َو الساقط َعلَى نسخة الثالثة‪.‬‬
‫فَاَل يجب الصوم َعلَى المتصف بأضداد ذلك‪.‬‬
‫فرائض الصوم‬
‫(وفرائض الصوم أربعة أشياء)‪:‬‬
‫كرمضان أَ ْو نذرا فَاَل بد‬
‫َ‬ ‫ان الصوم فرضًا‬ ‫‪ .1‬أحدها (النية) بالقلب؛ فإن َك َ‬
‫من إيقاع النية ليال‪َ ،‬ويَ ِجبُ التعيين فِي صوم الفرض كرمضان؛ وأكمل‬
‫ضا ِن‬‫ض َر َم َ‬ ‫ص ْو َم َغ ٍد َع ْن أ َداء فَرْ ِ‬
‫يت َ‬ ‫نية صومه أن يقول الشخص‪( :‬نَ َو ُ‬
‫هَ ِذ ِه السَّن ِة هّلِل ِ تَ َعالَى)‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(اإلمساك عَنْ األكل والشرب) وإن قل المأكول والمشروب‬
‫ان قَ ِريب عهد باإلسالم‬ ‫عند التعمد؛ فإن أكل ناسيا أَ ْو جاهال لَ ْم يفطر إن َك َ‬
‫أَ ْو نشأ بعيدا َع ْن العلماء‪َ ،‬وإِاَل أفطر‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ (الجماع) عامدا؛ َوأَ َّما الجماع ناسيا فكاألكل ناسيا‪.‬‬
‫( َو) الرَّابِع (تعمد التقيء)؛ فلو غلبه القيء لَ ْم يبطل صو ُمه‪.‬‬
‫ما يفطر بِ ِه الصائم‬
‫(والذي يفطر بِ ِه الصائم عشرة أشياء)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها وثانيها (ما وصل عمدا إِلَى الجوف) المنفتح‬
‫‪( .2‬أَ ْو) غير المنفتح كالوصول من مأمومة إِلَى (الرأس)؛ َوال ُم َراد إمساك‬
‫الصائم َع ْن وصول عين إِلَى ما يسمى جوفا‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ (الحقنة فِي أحد السبيلين)‪َ ،‬و ِه َي دواء يحقن بِ ِه المريض فِي‬
‫قبل أَ ْو دبر‪ ،‬المعبر عنهما فِي المتن بالسبيلين‪.‬‬
‫ق‪.‬‬‫‪َ ( .4‬و) الرَّابِع (القيء عمدا)؛ فإن لَ ْم يتعمد لَ ْم يبطل صومه َك َما َسبَ َ‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس (الوطء عمدا فِي الفرج)؛ فَاَل يفطر الصائم بالجماع ناسيا‬
‫ق‪.‬‬ ‫َك َما َسبَ َ‬

‫‪51‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .6‬و) السادس (اإلنزال) َوهُ َو خروج المني (عَنْ مباشرة) بال جماع‬
‫محرما كإخراجه بيده أَ ْو غي َر محرم كإخراجه بيد زوجته أَ ْو جاريته‪.‬‬
‫واحْ تَ َر َز بمباشرة َع ْن خروج المني باحتالم‪ ،‬فَاَل إفطار بِ ِه جزما‪.‬‬
‫‪َ ( .7‬و) السابع إِلَى آخر العشرة (الحيض)‬
‫‪( .8‬والنفاس)‬
‫‪( .9‬والجنون)‬
‫‪( .10‬والردة)‬
‫فمتى طرأ شيء ِم ْنهَا فِي أثناء الصوم أبطله‪.‬‬
‫ما يستحب للصائم‬
‫(ويُستحب فِي الصوم ثالثة أشياء)‪:‬‬
‫ك فَاَل‬
‫‪ .1‬أحدها (تعجيل الفطر) إن تحقق الصائ َم غروبُ الشمس؛ فإن ش َّ‬
‫ُفطر َعلَى تمر‪َ ،‬وإِاَل فماء‪.‬‬
‫الفطر‪َ .‬ويُ َسن أن ي ِ‬‫َ‬ ‫يعجل‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(تأخير السحور) مالم يقع فِي شك‪ ،‬فَاَل يؤخر‪ .‬ويحصل‬
‫السحور بقليل األكل والشرب‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ (ترك ال ُه ْجر)؛ أَي‪ :‬الفُحش (من الكالم) الفاحشـ‪ ،‬فيصون‬
‫والغيبة ونحو ذلك‪ ،‬كالشتم‪ .‬وإن شتمه أح ٌد فليقل‬ ‫الصائم لسانَه َع ْن الكذب ِ‬
‫مرتين أَ ْو ثالثا‪( :‬إني صائم)‪ ،‬أّ َّما بلسانه كما قال النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي األذكار أَ ْو‬
‫بقلبه كما نقله الرَّافَ ِعي َع ْن األئمة‪ .‬واقتصر َعلَي ِه‪.‬‬
‫األيام الَتِي يحرم فيها الصوم ويكره‬
‫(ويحرم صيام خمسة أيام‪:‬‬
‫(العيدان)؛ أَي‪ :‬صوم يوم عيد الفطر وعيد األضحى‪.‬‬
‫(وأيام التشريق)؛ َو ِه َي‪( :‬الثالثة) الَتِي بعد يوم النحر‪.‬‬
‫تحريما‪( :‬صوم يوم الشك) بال سبب يقتضي صومه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫(ويكره)‬
‫ص َور هَ َذا السبب بقوله‪( :‬إال أن يوافق عادة له) فِي‬ ‫صنِّف لبعض ُ‬ ‫وأشار ال ُم َ‬
‫تطوعه‪ ،‬كمن عادته صيام يوم وإفطار يوم؛ فوافق صو ُمه يو َم الشكِّ ‪ ،‬وله‬
‫صيام يوم الشك أيضا َع ْن قضاء ونذر‪.‬‬
‫ويوم الشك؛ هُ َو‪ :‬يوم الثالثين من شعبان إذا لَ ْم ير الهالل ليلتها مع الصحو‪،‬‬
‫صبيان أَ ْو عبي ٌد‬
‫ٌ‬ ‫أَ ْو تحدث الناس برؤيته ولم يعلم عدل رآه‪ ،‬أَ ْو شهد برؤيته‬
‫أَ ْو فسقةٌ‪.‬‬
‫الجماع فِي نهار رمضان‬
‫(ومن وطئ فِي نهار رمضان) حال كونه (عامدا فِي الفرج) َوهُ َو مكلف‬
‫بالصوم ونوى من الليل َوهُ َو آثم بهذا الوطء ألجل الصوم‪( ،‬فعليه القضاء‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫خ (سليمة من العيوب‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬


‫والكفارة؛ َو ِه َي عتق رقبة مؤمنة)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫المضرة بالعمل والكسب)؛ (فإن لَ ْم يجدها فصيام شهرين متتابعين؛ فإن لَ ْم‬
‫يستطع) صومهما (فإطعام ستين مسكينا) أَ ْو فقيرا‪( ،‬لكل مسكين مد)؛ أَي‪:‬‬
‫مما يجزئ فِي صدقة الفطر؛ فإن عجز َع ْن الجميع استقرت الكفارة فِي‬
‫ذمته؛ فإذا قدر بعد ذلك َعلَى خصلة من خصال الكفارة فعلها‪.‬‬
‫قضاء الصوم عَنْ الميت‬
‫(ومن مات وعليه صيام) فائت (من رمضان) بعذر‪ ،‬كمن أفطر فِي ِه‬
‫ان استمر مرضه حتى مات فَاَل إثم َعلَي ِه‬ ‫لمرض ولم يتمكن من قضائه‪َ ،‬ك َ‬
‫فِي هَ َذا الفائت‪ ،‬وال تُ َدارك له بالفدية؛ وإن فات بغير عذر ومات قبل التمكن‬
‫من قضائه (أطعم عنه)؛ أَي‪ :‬أخرج الولي َع ْن الميت من تركته (لكل يوم)‬
‫عام‪َ ،‬وهُ َو رطل وثلث بالبغدادي‪َ ،‬وهُ َو بالكيل نصف قدح‬ ‫فات ( ُم ُّد) طَ ٍ‬
‫مصري‪.‬‬
‫صنِّف هُ َو القول الجديد؛ والقديم اَل يتعين اإلطعام‪ ،‬بَلْ يجوز‬ ‫وما ذكره ال ُم َ‬
‫ص َّوب‬ ‫للولي أيضا أن يصوم عنه‪ ،‬بَلْ يسن له ذلك كما فِي شرح المهذب‪ ،‬و َ‬
‫فِي الروضة الجزم بالقديم‪.‬‬
‫صوم الكبير‬
‫(والشيخ الهرم) والعجوز والمريض الذي اَل يُرجى بُرؤه (إذا عجز) كل‬
‫منهم (عَنْ الصوم يفطر ويطعم عَنْ كل يوم مدا)‪ ،‬وال يجوز تعجيل المد قبل‬
‫رمضان‪ ،‬ويجوز بعد فجر كل يوم‪.‬‬
‫صوم الحامل والمرضع‬
‫(والحامل والمرضع إن خافتا َعلَى أنفسهما) ضررا يلحقهما بالصوم‪،‬‬
‫كضرر المريض (أفطرتا‪َ ،‬و) وجب (عليهما القضاء‪ ،‬وإن خافتا َعلَى‬
‫أوالدهما)؛ أَي‪ :‬إسقاط الولد فِي الحامل وقلة اللبن فِي المرضع (أفطرتا‪َ ،‬و)‬
‫وجب (عليهما القضاء) لإلفطار (والكفارة) أيضا‪ .‬والكفارة أن يُخرج (عَنْ‬
‫ق (رطل وثلث بالعراقي)‪ .‬ويعبر عنه بالبغدادي‪.‬‬ ‫كل يوم مد؛ َوه َُو) َك َما َسبَ َ‬
‫صوم المريض والمسافر (والمريض والمسافر سف ًرا طويال) مباحا إن‬
‫ان مرضه مطبقا تر ُ‬
‫ك‬ ‫تضررا بالصوم (يفطران ويقضيان)‪ .‬وللمريض إن َك َ‬
‫ان ي ُح ّم وقتا دون وقت‪َ ،‬و َك َ‬
‫ان‬ ‫النية من الليل‪ ،‬وإن لَ ْم يكن مطبقا كما لو َك َ‬
‫وقت الشروع فِي الصوم محموما فله ترك النية‪َ ،‬وإِاَل فعليه النية ليال؛ فإن‬
‫صنِّف َع ْن صوم التطوع‪،‬‬ ‫عادت ال ُح َّمى واحتاج للفطر أفطر‪ .‬وسكت ال ُم َ‬
‫َوهُ َو مذكور فِي المطوالت‪ ،‬ومنه صوم عرفة وعاشوراء وتاسوعا وأيام‬
‫البيض وستة من شوال‪.‬‬
‫االعتكاف‬

‫‪53‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬اإلقامة َعلَى الشيء من خير أَ ْو شر‪.‬‬


‫َوش َْر ًعا‪ :‬إقامة بمسجد بصفة مخصوصة‪.‬‬
‫(واالعتكاف‪ :‬سنة مستحبة) فِي كل وقت‪َ ،‬وهُ َو فِي العشر األواخر من‬
‫رمضان أفضل منه فِي غيره ألجل طلب ليلة القدر‪.‬‬
‫َو ِه َي عند الشافعي رضي هللا عنه منحصرة فِي العشر األخير من رمضان؛‬
‫فكل ليلة منه محتملة لها‪ ،‬لَ ِك ْن ليالي الوتر أرجاها‪ ،‬وأرجى ليالي الوتر ليلة‬
‫الحادي أَ ْو الثَّالِث والعشرين‪.‬‬
‫(وله)؛ أَي‪ :‬لالعتكاف المذكور (شرطان)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدهما (النية)‪ ،‬وينوي فِي االعتكاف المنذور الفرضيةَ أَ ْو النذ َر‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(اللبث فِي المسجد)‪.‬‬
‫وال يكفي فِي اللبث قدر الطمأنينة‪ ،‬بَلْ الزيادة َعلَي ِه بحيث يسمى ذلك اللبث‬
‫عكوفا‪ .‬وشرط المعتكف إسالم وعقل ونقاء َع ْن حيض ونفاس وجنابة؛ فَاَل‬
‫يصح اعتكاف كافر ومجنون وحائض ونفساء وجنب‪َ .‬ولَ ْو ارتد المعتكف أَ ْو‬
‫سكر بطل اعتكافه‪.‬‬
‫(وال يخرج) المعتكف (من االعتكاف المنذور إال لحاجة اإلنسان) من بول‬
‫وغائط وما فِي معناهما كغسل جنابة (أَ ْو عذر من حيض) أَ ْو نفاس‪ ،‬فتخرج‬
‫المرأة من المسجد ألجلهما (أَ ْو) عذر من (مرض اَل يمكن المقام معه) فِي‬
‫ان يحتاج لفرش وخادم وطبيب أَ ْو يخاف تلويث المسجد‬ ‫المسجد‪ ،‬بأن َك َ‬
‫كإسهال وإدرار بول‪.‬‬
‫صنِّف‪( :‬اَل يمكن ‪ . . .‬إلخ)‪ :‬المرضُ الخفيف ك ُح َّمى خفيف ٍة‪،‬‬ ‫َو َخ َر َج‪ :‬بقول ال ُم َ‬
‫فَاَل يجوز الخروج من المسجد بسببها‪.‬‬
‫مبطالت االعتكاف‬
‫(ويبطل) االعتكاف (بالوطء) مختارا ذاكرا لالعتكاف عالما بالتحريم‪.‬‬
‫َوأَ َّما مباشرة المعتكف بشهوة فتبطل اعتكافه إن أنزل؛ َوإِاَل فَاَل ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ِكتَاب أحكام الحج‬


‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬القص ُد‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬قصد البيت الحرام للنُسُك‪.‬‬
‫شروط وجوب الحج‬
‫خ‪( :‬سبع خصال)‪:‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وشرائط وجوب الحج سبعة أشياء)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫‪( .1‬اإلسالم)‬
‫‪( .2‬والبلوغ)‬
‫‪( .3‬والعقل)‬
‫‪( .4‬والحرية)‬
‫فَاَل يجب الحج َعلَى المتصف بضد ذلك‪.‬‬
‫‪( .5‬ووجود الزاد) وأوعيته إن احتاج إليها‪.‬‬
‫وقد اَل يحتاج إليها كشخص قَ ِريب من مكة‪ .‬ويشترط أَيضًا وجود الماء فِي‬
‫المواضع المعتاد حمل الماء ِم ْنهَا بثمن المثل‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) وجود (الراحلة) الَتِي تصلح لمثله بشراء أَ ْو استئجار‪ .‬هَ َذا إذا َك َ‬
‫ان‬
‫الشخص بينه وبين مكة مرحلتان فأكثر‪ ،‬سواء قدر َعلَى المشي أم اَل ‪،‬‬
‫ان بينه وبين مكة دون مرحلتين‪َ ،‬وهُ َو قوي َعلَى المشي لزمه الحج‬ ‫فإن َك َ‬
‫بال راحلة‪ .‬ويشترط كون ما ذكر فاضال َع ْن َدينه وعن مؤن ِة َمن َعلَي ِه‬
‫مؤنتُهم ُمدة ذهابه وإيابه‪ ،‬وفاضال أيضا َع ْن مسكنه الالئق بِ ِه وعن عبد‬
‫يليق ِب ِه‪،‬‬
‫‪( .7‬وتخلية الطريق)؛ َوال ُم َراد بالتخلية هُنَا‪ :‬أمن الطريق ظنا بحسب ما‬
‫يليق بكل مكان؛ فلو لَ ْم يأمن الشخص َعلَى نفسه أَ ْو ماله أَ ْو بُضعه لَ ْم‬
‫يجب َعلَي ِه الحج‪ .‬وقوله‪( :‬وإمكان المسير) ثابت فِي بعض النسخ‪.‬‬
‫َوال ُم َراد بهذا اإلمكان أن يبقى من الزمان بعد وجود الزاد والراحلة ما‬
‫يمكن فِي ِه السير المعهود إِلَى الحج؛ فإن أمكن إال أنه يحتاج لقطع‬
‫مرحلتين فِي بعض األيام لَ ْم يلزمه الحج للضرر‪.‬‬
‫أركان الحج‬
‫(وأركان الحج أربعة)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬اإلحرام مع النية)؛ أَي‪ :‬نية الدخول فِي الحج‪.‬‬
‫حرم بال َحج لحظةً بع َد‬ ‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬الوقوف بعرفة)‪َ .‬وال ُم َراد حُضور ال ُم ِ‬
‫زوال الشمس يو َم عرفةَ‪َ ،‬وهُ َو اليوم التاسع من ذي الحجة بشرط كون‬
‫الواقف أهال للعبادة‪ ،‬اَل مجنونا وال ُم ْغ َمى َعلَي ِه‪ .‬ويستمر وقت الوقوف‬
‫إِلَى فجر يوم النحر‪َ ،‬وهُ َو العاشر من ذي الحجة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫البيت َع ْن‬
‫َ‬ ‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ‪( :‬الطواف بالبيت) سبع طوفات جاعال فِي طوافه‬
‫يساره مبتدئا بالحجر األسود محاذيا له فِي مروره بجميع بدنه؛ فلو بدأ‬
‫بغير الحجر لَ ْم يحسب له‪.‬‬
‫ين الصفا والمروة) سبع مرات‪.‬‬ ‫‪َ ( .4‬و) الرَّابِع‪( :‬السعي بَ َ‬
‫وشرطه‪ :‬أن يبدأ فِي أول مرة‪ :‬بالصفاـ‪ .‬ويختم‪ :‬بالمروة‪ .‬ويُحسب ذهابه من‬
‫الصفا إِلَى المروة‪ :‬مرةً‪ .‬وعوده ِم ْنهَا إليه‪ :‬مرة أخرى‪.‬‬
‫والصفا‪ :‬بالقصر طرف جبل أبي قبيس‪ .‬وال َمروة؛ بفتح الميم‪ :‬علَم َعلَى‬
‫الموضع المعروف بمكة‪.‬‬
‫الحلق أَ ْو التقصير؛ إن جعلنا كال ِم ْنهُ َما نُسكا؛ َوهُ َو‬ ‫َوبَقِ َي من أركان الحج‪َ :‬‬
‫المشهور‪.‬‬
‫فإن قلنا إن كال ِم ْنهُ َما استباحة محظور فليسا من األركان‪َ .‬ويَ ِجبُ تقديم‬
‫اإلحرام َعلَى كل األركان السابقة‪.‬‬
‫أركان العمرة‬
‫(وأركان العمرة ثالثة)؛ كما فِي بعض النسخ؛ وفي بعضها (أربعة أشياء)‪:‬‬
‫‪( .1‬اإلحرام)‬
‫‪( .2‬والطواف)‬
‫‪( .3‬والسعي)‬
‫قريبا؛‬
‫ق ً‬ ‫‪( .4‬والحلق أَ ْو التقصير فِي أحد القولين)‪َ .‬وهُ َو الراجح َك َما َسبَ َ‬
‫َوإِاَل فَاَل يكون من أركان العمرة‪.‬‬
‫واجبات الحج‬
‫(وواجبات الحج غير األركان ثالثة أشياء)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬اإلحرام من الميقات) الصادق بالزماني والمكاني؛ فالزماني‬
‫بالنسبة للحج شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة‪َ .‬وأَ َّما بالنسبة‬
‫للعمرة فجميع ال َّسنَة وقت إلحرامها‪.‬‬
‫ان أَ ْو آفاقيا‪.‬‬
‫والميقات المكاني للحج فِي حق المقيم بمكة‪ :‬نفس مكة؛ مكيًّا َك َ‬
‫َوأَ َّما غير المقيم فِي مكة؛ فميقات المتوجه من المدينة الشريفة‪ :‬ذو ال ُحلَيفَة‪.‬‬
‫والمتوجه من الشام ومصر والمغرب‪ :‬الجُحْ فَة‪.‬‬
‫والمتوجه من تِهامة اليمن‪ :‬يَلَ ْملَم‪.‬‬
‫والمتوجه من نجد الحجازـ ونجد اليمن‪ :‬قَرْ ن‪.‬‬
‫والمتوجه من المشرق‪ :‬ذات ِعرْ ق‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬رمي الجمار الثالث) يبدأ بالكبرى ثم الوسطى ثم جمرة‬
‫العقبة‪ .‬ويرمى كل جمرة بسبع حصيات واحدةً بعد واحدة؛ فلو رمى‬

‫‪56‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫حصاتين دفعة واحدة حسبت واحدة‪َ ،‬ولَ ْو رمى حصاة واحدة سبع مرات‬
‫كفى‪.‬‬
‫ويشترط كون المر َمى بِ ِه حجرا‪ ،‬فَاَل يكفي غيره كلؤلؤ وجص‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ‪( :‬الحلق) أَ ْو التقصير‪ .‬واألفضل للرجل الحلق‪ ،‬وللمرأة‬
‫التقصير‪ .‬وأقل الحلق إزالة ثالث شعرات من الرأس حلقا أَ ْو تقصيرا أَ ْو‬
‫ُسن له إمرار ال ُمو َسى َعلَي ِه‪.‬‬ ‫صا‪ .‬ومن اَل شعر برأسه ي ُّ‬ ‫نتفا أَ ْو إحراقاـ أَ ْو ق ًّ‬
‫وال يقوم شعر غير الرأس من اللحية وغيرها مقام شعر الرأس‪.‬‬
‫سنن الحج‬
‫(وسنن الحج سبع)‪:‬‬
‫ُحرم أوالً‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬اإلفراد‪َ ،‬وه َُو تقديم الحج َعلَى العمرة)‪ ،‬بأن ي ِ‬
‫ُحرم‬
‫الحلِّ في ِ‬ ‫بالحج من ميقاته ويفرغ منه‪ ،‬ثم يخرج َع ْن مكة إِلَى أدنى ِ‬
‫فردًا‪.‬‬ ‫بالعمرة‪ ،‬ويأتي بعملها؛ َولَ ْو عكس لَ ْم يكن ُم ِ‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬التلبية)‪َ ،‬ويُ َسن اإلكثار ِم ْنهَا فِي دوام اإلحرام‪ .‬ويرفع‬
‫ش ِري َك لَكَ لَبَّ ْي َك‪،‬‬‫الرجل صوته بها‪ .‬ولفظها‪( :‬لَبَّ ْي َك الل ُه َّم لَبَّ ْي َك‪ ،‬لَبَّ ْيكَ اَل َ‬
‫ش ِر ْيكَ لَكَ )‪ .‬وإذا فرغ من التلبية‬ ‫الح ْم َد َوالنِّ ْع َمةَ لَكَ َوا ْل ُم ْلكَ ‪ ،‬اَل َ‬
‫إنَّ َ‬
‫صلى َعلَى النبي صلى هللا َعلَي ِه وسلم وسأل هللاَ تَ َعالَى الجنة‬
‫ورضوانه واستعاذ بِ ِه من النار‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ‪( :‬طواف القدوم)‪ .‬ويختص بحاجٍّ دخل مكة قبل الوقوف‬
‫بعرفة‪ .‬والمعتمر إذا طاف العمرة أجزأه َع ْن طواف القدوم‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) الرَّابِع‪( :‬المبيت بمزدلفةَ)‪ .‬و َع ّده من السنن هُ َو ما يقتضيه كالم‬
‫الرَّافَ ِعي‪ ،‬لَ ِك ْن الذي فِي زيادة الروضة وشرح المهذب أن المبيت‬
‫بمزدلفة واجب‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬ركعتا الطواف) بعد الفراغ منه‪ ،‬ويصليهما خلف مقام‬
‫إبراهيم َعلَي ِه الصالة والسالم؛ ويُ ِسرُّ بالقراءةـ فيهما نهارا‪ ،‬ويجهر بها‬
‫الحجر‪َ ،‬وإِاَل ففي المسجد‪َ ،‬وإِاَل‬ ‫خلف المقام ففي ِ‬ ‫َ‬ ‫ليال‪ .‬وإذا لَ ْم يصلهما‬
‫ففي؛ أَي‪ :‬موضع شاء من الحرم وغيره‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس‪( :‬المبيت بمنى)‪ .‬هَ َذا ما صححه الرَّافَ ِعي‪ ،‬لَ ِك ْن صحح‬
‫النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي زيادة الروضة الوجوب‪.‬‬
‫‪َ ( .7‬و) السابع (طواف الوداع) عند إرادة الخروج من مكة لسفر‪ ،‬حاجاـ‬
‫صنِّف من‬ ‫ان السفر أَ ْو قصيرا‪ .‬وما ذكره ال ُم َ‬ ‫ان أَ ْو اَل ‪ ،‬طويال َك َ‬ ‫َك َ‬
‫سنيته قول مرجوح‪ ،‬لَ ِك ْن األظهر وجوبه‪.‬‬
‫اإلحرام‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(ويتجرد الرجل) حتما كما فِي شرح المهذب (عند اإلحرام عَنْ‬
‫المخيط) من الثياب وعن منسوجها وعن معقودها وعن غير الثياب‬
‫ف ونعل‪( ،‬ويلبس إزارا ورداء أبيضين) جديدين؛ َوإِاَل‬ ‫من ُخ ٍّ‬
‫فنظيفين‪.‬‬
‫صل فِي أحكام محرمات اإلحرام‪َ ،‬و ِه َي ما يحرم بسبب اإلحرام‬ ‫فَ ْ‬
‫(ويح ُرم َعلَى ال ُمح ِرم عشرةُ أشياء)‪:‬‬
‫ع‪،‬‬‫‪ .1‬أحدها‪( :‬لبس المخيط) كقميص وقباء وخف‪ ،‬ولبس المنسوج ك ِدرْ ٍ‬
‫أَ ْو المعقود كلِبد فِي جميع بدنه‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬تغطية الرأس) أَ ْو بعضه (من الرجل) بما يُ َع ُّد ساترا‪،‬‬
‫ض َّر‪ ،‬كوضع يده َعلَى بعض‬ ‫كعمامة وطين؛ فإن لَ ْم يُع ّد ساترا لَ ْم ي ُ‬ ‫ِ‬
‫رأسه‪ ،‬وكانغماسه فِي ماء واستظالله بمحمل وإن مس رأسه‪َ ( ،‬و)‬
‫تغطية (الوجه) أَ ْو بعضه (من المرأة) بما يعد ساترا‪َ ،‬ويَ ِجبُ عليها‬
‫أن تستر من وجهها ما اَل يتأتى ستر جميع الرأس إال بِ ِه‪ .‬ولها أن‬
‫تسبل َعلَى وجهها ثوبا متجافيا عنه بخشبة ونحوها‪ .‬والخنثى كما قاله‬
‫القاضي أبو الطيب يؤمر بالستر ولبس المخيط‪َ .‬وأَ َّما الفدية فالذي‬
‫َعلَي ِه الجمهور أنه إن ستر وجهه أَ ْو رأسه لَ ْم تجب الفدية للشك وإن‬
‫سترهما وجبت‪.‬‬
‫صنِّف من‬ ‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬ترجيل)؛ أَي‪ :‬تسريح (الشعر) كذا ع َّده ال ُم َ‬
‫المحرمات‪ ،‬لَ ِك ْن الذي فِي شرح المهذب أنه مكروه‪َ ،‬و َك َذا َح ُّك الشعر‬
‫بالظفر‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬حلقه)؛ أَي‪ :‬الشعر أَ ْو نتفه أَ ْو إحراقه‪َ .‬وال ُم َراد إزالته‬
‫ان َولَ ْو ناسيا‪.‬‬‫بأيِّ طريق َك َ‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬تقليم األظفار)؛ أَي‪ :‬إزالتها من يد أَ ْو ِرجل بتقليم أَ ْو‬
‫غيره‪ ،‬إال إذا انكسر بعضُ ظفر المحرم وتأذى بِ ِه‪ ،‬فله إزالة المنكسر‬
‫فَقَط‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس‪( :‬الطيب)؛ أَي‪ :‬استعماله قصدا بما يقصد منه رائحة‬
‫الطيب نحو مسك وكافور فِي ثوبه‪ ،‬بأن يلصقه بِ ِه َعلَى الوجه المعتاد‬
‫فِي استعماله أَ ْو فِي بدنه‪ ،‬ظاهره أَ ْو باطنه‪ ،‬كأكله الطيب‪ ،‬وال فرق‬
‫ان أَ ْو اَل ‪َ .‬و َخ َر َج‬
‫ين كونه َرجُال أَ ْو امرأة‪ ،‬أخش َم َك َ‬ ‫فِي ُمستع ِمل الطيب بَ َ‬
‫كره َعلَى استعماله أَ ْو جهل‬ ‫ُ‬
‫بـ (قصدا) ما لو ألقت َعلَي ِه الريح طيبا أَ ْو أ ِ‬
‫حرم‪ ،‬فإنه اَل فدية َعلَي ِه؛ فإن علم تحريمه وجهل‬ ‫تحري َمه أَ ْو نسي أنه ُم ِ‬
‫الفدية وجبت‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .7‬و) السابع‪( :‬قتل الصيد) البري المأكول أَ ْو ما فِي أصله مأكول من‬
‫وحش وطير‪ .‬ويحرم أيضا صيده‪ ،‬ووضع اليد َعلَي ِه والتعرض لجزئه‬
‫وشعره وريشه‪.‬‬
‫‪َ ( .8‬و) الثامن‪( :‬عقد النكاح) فيحرم َعلَى المحرم أن يعقد النكاح لنفسه‬
‫أَ ْو غيره‪ ،‬بوكالة أَ ْو والية‪.‬‬
‫‪َ ( .9‬و) التاسع‪( :‬الوطء) من عاقل عالم بالتحريم‪ ،‬سواء جا َمع فِي حج‬
‫أوعمرة‪ ،‬فِي قبل أَ ْو دبر‪ ،‬من ذكر أَ ْو أنثى‪ ،‬زوجة أَ ْو مملوكة أَ ْو‬
‫أجنبية‪.‬‬
‫( َو) العاشر‪( :‬المباشرة) فيما دون الفرج كلمس وقُبلة‬ ‫‪.10‬‬
‫(بشهوة)؛ أّ َّما بغير شهوة فَاَل يحرم‪.‬‬
‫(وفي جميع ذلك)؛ أَي‪ :‬المحرمات السابقة (الفدية) وسيأتي بيانها‪.‬‬
‫والجماع المذكور تفسد بِ ِه العمرة المفردة‪.‬‬
‫أّ َّما الَتِي فِي ضمن حج فِي قران فهي تابعة له صحةً وفسادا‪.‬‬
‫َوأَ َّما الجماع فيفسد الحج قبل التحللـ األول بعد الوقوف أَ ْو قبله‪.‬‬
‫أّ َّما بعد التحلل األول فَاَل يفسد (إال عقد النكاح؛ فإنه اَل ينعقد وال يفسده إال‬
‫ف المباشرة فِي غير الفرج‪ ،‬فإنها اَل تفسده‪.‬‬ ‫الوطء فِي الفرج)‪ ،‬بِ ِخاَل ِ‬
‫(وال يخرج) المحرم (منه بالفساد) بَلْ يجب َعلَي ِه المضي فِي فاسده‪ .‬وسقط‬
‫فِي بعض النسخ قوله‪( :‬فِي فاسده)؛ أَي‪ :‬النسك من حج أَ ْو عمرة‪ ،‬بأن يأتي‬
‫ببقية أعماله‪ .‬فوات الوقوف بعرفة (ومن)؛ أَي‪ :‬والحاجـ الذي (فاته الوقوف‬
‫بعرفةَ) بعذر وغيره (تحلل) حت ًما (بعمل عمرة)‪ ،‬فيأتي بطواف وسعي إن‬
‫لَ ْم يكن سعي بعد طواف القدوم‪( ،‬وعليه)؛ أَي‪ :‬الذي فاته الوقوف (القضاء)‬
‫ان نسكه أَ ْو نفال‪ .‬وإنما يجب القضاء فِي فوات لَ ْم ينشأ َع ْن‬ ‫وراً‪ ،‬فرضا َك َ‬ ‫فَ َ‬
‫ان له طريق غير الَتِي وقع الحصر فيها لزمه‬ ‫حصر؛ فإن أحصر شخص َو َك َ‬
‫صح‪َ ( .‬و) َعلَي ِه مع‬ ‫سلو ُكها وإن علم الفوات‪ .‬فإن مات لَ ْم يقض عنه فِي األَ َ‬
‫القضاء (الهدي)‪.‬‬
‫ويوجد فِي بعض النسخ زيادة؛ َو ِه َي‪( :‬ومن ترك ركنا) مما يتوقف َعلَي ِه‬
‫الحج (لَ ْم يحل من إحرامه حتى يأتي بِ ِه) وال يجبر ذلك الركن بدم؛ (ومن‬
‫ترك واجبا) من واجبات الحج (لزمه الدم) وسيأتي بيان الدم‪.‬‬
‫(ومن ترك سنة) من سنن الحج (لَ ْم يلزمه بتركها شي ٌء)‪.‬‬
‫اجبُ والسنة‪.‬‬ ‫الو ِ‬
‫ين‪ :‬الركن َو َ‬ ‫وظهر من كالم المتن الفرق بَ َ‬
‫صل فِي أنواع الدماء الواجبة فِي اإلحرام بترك واجب أَ ْو فعل حرام‬ ‫فَ ْ‬
‫(والدماء الواجبة فِي اإلحرام خمسة أشياء)‪:‬‬

‫‪59‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ك مأمور بِ ِه‪ ،‬كترك اإلحرام‬ ‫‪( .1‬أحدها‪ :‬الدم الواجب بترك نسك)؛ أَي‪ :‬تر ِ‬
‫من الميقاتـ‪َ ( ،‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬هَ َذا الدم ( َعلَى الترتيب) فَيَ ِجب أوالً بترك‬
‫المأمور بِ ِه (شاة) تجزئ فِي األضحية‪( ،‬فإن لَ ْم يجدها) أصال أَ ْو وجدها‬
‫بزيادة َعلَى ثمن مثلها (فصيام عشرة أيام‪ :‬ثالثة فِي الحج) تسن قبل يوم‬
‫سادس ذي الحجة وساب َعه وثامنه‪َ ( ،‬و) صيام (سبعة إذا‬ ‫َ‬ ‫عرفة‪ ،‬فيصوم‬
‫رجع إِلَى أهله) ووطنه‪ .‬وال يجوز صيامها فِي أثناء الطريق‪ .‬فإن أراد‬
‫اإلقامة بمكةَ صامها كما فِي المحرر‪َ .‬ولَ ْو لَ ْم يصم الثالثةَ فِي الحج‬
‫ين الثالثة والسبعة بأربعة أيام ومدة‬ ‫ورجع لزمه صوم العشرة‪ ،‬وفرَّق بَ َ‬
‫صنِّف من كون الدم المذكور َدم‬ ‫إمكان السير إِلَى الوطن‪ .‬وما ذكره ال ُم َ‬
‫ترتيب موافق لما فِي الروضة وأصلها وشرح المهذب‪ ،‬لَ ِك ْن الذي فِي‬
‫المنهاج تبعا للمحرر أنه َدم ترتيب وتعديل؛ فَيَ ِجب أوال شاة‪ ،‬فإن عجز‬
‫عنها اشترى بقيمتها طعاما وتصدق بِ ِه‪ ،‬فإن عجز صام َع ْن كل مد يوما‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬والثَّانِي‪ :‬الدم الواجب بالحلق والترفه) كالطيب والدهن والحلق‪ ،‬أّ َّما‬
‫لجميع الرأس أَ ْو لثالث شعرات‪َ ( ،‬و ُه َو)؛ أَي‪ :‬هَ َذا الدم ( َعلَى التخيير)‪،‬‬
‫فَيَ ِجب أّ َّما (شاة) تجزئ فِي األضحية (أَ ْو صوم ثالثة أيام‪ ،‬أَ ْو التصدق‬
‫ص ٍع َعلَى ستة مساكين) أَ ْو فقراء‪ ،‬لكل منهم نصف صاع من‬ ‫بثالثة آ ُ‬
‫طعام يجزئ فِي الفطرة‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬والثَّالِث‪ :‬الدم الواجب بإحصار‪ ،‬فيتحلل) المحرم بنية التحلل‪ ،‬بأن يقصد‬
‫يث أحصر‬ ‫الخروج من نسكه باإلحصار (ويُه ِدي)؛ أَي‪ :‬يذبح (شاة) َح ُ‬
‫ويحلق رأسه بعد الذبح‪.‬‬
‫‪( .4‬والرابع‪ :‬الدم الواجب بقتل الصيد‪َ ،‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬هَ َذا الدم ( َعلَى التخيير)‬
‫ان الصيد مما له مث ٌل)‪َ .‬وال ُم َراد بمثل الصيد ما‬ ‫ين ثالثة أمور (إن َك َ‬ ‫بَ َ‬
‫صنِّف األول من هَ ِذ ِه الثالثة فِي قوله‪:‬‬ ‫يقاربه فِي الصورة‪ .‬وذكر ال ُم َ‬
‫(أخرج المثل من النَّ َعم)؛ أَي‪ :‬يذبح المثل من النعم ويتصدق بِ ِه َعلَى‬
‫مساكين الحرم وفقرائه؛ فَيَ ِجب فِي قتل النعامة بدنةٌ‪ ،‬وفي بقر الوحش‬
‫وحماره بقرة‪ ،‬وفي الغزال عنز‪ .‬وبقية الصور الذي له مثل من النعم‬
‫مذكورة فِي المطوالت‪ .‬وذكر الثَّانِيفِي قوله‪( :‬أَ ْو ق َّومه)؛ أَي‪ :‬المثل‬
‫بدراهم بقيمة مكة يو َم اإلخراج (واشترى بقيمته طعاما) مجزئا فِي‬
‫صنِّف أيضا‬ ‫الفطرة (وتصدق بِ ِه) َعلَى مساكين الحرم وفقرائه‪ .‬وذكر ال ُم َ‬
‫الثَّالِث فِي قوله‪( :‬أَ ْو صام عَنْ كل مد يوما)‪ .‬فإن بقي أقل من مد صام‬
‫ين أمرين ذكرهما‬ ‫ان الصيد مما اَل مثل له) فيتخير بَ َ‬ ‫عنه يوما‪( .‬وإن َك َ‬
‫صنِّف فِي قوله‪( :‬أخرج بقيمته طعاما) وتصدق بِ ِه‪( ،‬أَ ْو صام عَنْ كل‬ ‫ال ُم َ‬
‫مد يوما)‪ .‬وإن بقي أقل من مد صام عنه يوما‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪( .5‬والخامس‪ :‬الدم الواجب بالوطء) من عاقل عامد عالم بالتحريم‪ ،‬سواء‬
‫ق‪.‬‬‫جامع فِي قُبل أَ ْو ُدبر َك َما َسبَ َ‬
‫( َوه َُو)؛ أَي‪ :‬هَ َذا الدم الواجبـ ( َعلَى الترتيب)؛ فَيَ ِجب بِ ِه أوال (بدنةٌ)‬
‫وتطلق َعلَى الذكر واألنثى من اإلبل‪( ،‬فإن لَ ْم يجدها فبقرة‪ ،‬فإنلم يجدها‬
‫فسبع من الغنم‪ ،‬فإن لَ ْم يجدها ق َّوم البدنة) بدراهم بسعر مكة وقت‬
‫الوجوب‪( ،‬واشترى بقيمتها طعاما وتصدق بِ ِه) َعلَى مساكين الحرم‬
‫وفقرائه‪ ،‬وال تقدير فِي الذي يدفع لكل فقير‪َ .‬ولَ ْو تصدق بالدراهم لَ ْم يجزه‪،‬‬
‫(فإن لَ ْم يجد) طعاما (صام عَنْ كل مد يوما)‪.‬‬
‫واعلم أن ال َهدْي َعلَى قسمين‪:‬‬
‫ان َع ْن إحصارـ‪ ،‬وهذا اَل يجب بعثه إِلَى الحرم‪ ،‬بَلْ ذبح فِي‬ ‫أحدهما‪ :‬ما َك َ‬
‫موضع اإلحصار‪.‬‬
‫َوالثَّانِي‪ :‬الهدي الواجب بسبب ترك واجب أَ ْو فعل حرام‪ ،‬ويختص ذبحه‬
‫بالحرم‪.‬‬
‫صنِّف هَ َذا فِي قوله‪( :‬وال يجزئه الهدي وال اإلطعام إال بالحرم)‪.‬‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫وأقل ما يجزئ أن يدفع الهدي إِلَى ثالثة مساكين أَ ْو فقراء‪( .‬ويجزئه أن‬
‫يث شاء) من حرم أَ ْو غيره‪.‬‬ ‫يصوم َح ُ‬
‫كرهًا َعلَى قتله‪َ .‬ولَ ْو أحرم ثم ج َُّن‬ ‫(وال يجوز قتل صيد الحرم) َولَ ْو َك َ‬
‫ان ُم َ‬
‫فقتل صيدا لَ ْم يضمنه فِي األظهر‪.‬‬
‫(وال) يجوز (قطع شجره)؛ أَي‪ :‬الحرم‪ ،‬ويضمن الشجرة الكبيرة ببقرة‪،‬‬
‫والصغيرة بشاة‪ ،‬كل ِم ْنهُ َما بصفة األضحية‪ .‬وال يجوز أيضا قطع وال قلع‬
‫نبات الحرم الذي اَل يستنبته الناس‪ ،‬بَلْ ينبت بنفسه‪ .‬أّ َّما الحشيش اليابس‬
‫فيجوز قطعه اَل قلعه‪.‬‬
‫(وال ُم ِح ُّل) بضم الميم؛ أَي‪ :‬الحالل (وال ُم ْح ِرم فِي ذلك) الحكم السابق‬
‫(سواء)‪.‬‬
‫صنِّف من معاملة الخالق؛ َو ِه َي العباداتـ أخذ فِي معاملة‬ ‫ولما فرغ ال ُم َ‬
‫الخالئق؛ فقال‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ِكتَاب أحكام البيوع وغيرها من المعامالت كقراض وشركة‬


‫يس بمال‬ ‫ع جم ُع‪ :‬بَيع؛ والبَي ُع لُ َغةً‪ُ :‬مقابلةُ شي ٍء بشيء‪ ،‬فدخل ما َولَ َ‬ ‫والبيو ُ‬
‫كخمر‪.‬‬
‫َوأَ َّما شرعًا؛ فأحسن ما قِي َل فِي تعريفه‪ :‬أنه تمليك عين مالية بمعاوضة بإذن‬
‫شرعي‪ ،‬أَ ْو تمليك منفعة مباحة َعلَى التأبيد بثمن مالي‪.‬‬
‫ك حق‬ ‫فخرج‪ :‬بمعاوضة‪ :‬القرضُ ‪ ،‬وبإذن شرعي الربا‪ .‬ودخل فِي منفعة تملي ُ‬
‫بثمن األجرةُ فِي اإلجارة؛ فإنها اَل تسمى ثمنا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫البناء‪َ ،‬و َخ َر َج‬
‫(البيوع ثالثة أشياء)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬بيع عين مشاهدة)؛ أَي‪ :‬حاضرة (فجائز)؛ إذا وجدت الشروط‬
‫للعاقد َعلَي ِه‬
‫ِ‬ ‫مقدورا َعلَى تسليمه؛‬
‫ً‬ ‫طاهرا منتفعًا بِ ِه؛‬
‫ً‬ ‫من‪ :‬كون المبيع‬
‫ِولَاية‪.‬‬
‫وال بد فِي البيع من‪ :‬إيجابـ وقبول‪.‬‬
‫فاألول؛ كقول البائع أَ ْو القائم مقامه‪( :‬بعتُك وملكتُك بكذا)‪.‬‬
‫َوالثَّانِي؛ كقول المشتري أَ ْو القائم مقامه‪( :‬اشتريت وتملكتُ )‬
‫ونحوهما‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِيمن األشياء‪( :‬بيع شيء موصوف فِي الذ َّمة)؛ ويسمى هَ َذا‪:‬‬
‫بالسلم (فجائز إذا وجدت) فِي ِه (الصفة َعلَى ما ُوصف بِ ِه) من صفاتـ‬
‫السلَم؛ اآلتية فِي فَصْ ل السلم‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ (بيع عين غائبة لَ ْم تشاهد) للمتعاقدين؛ (فَاَل يجوز) بيعها‪.‬‬
‫َوال ُم َراد بالجواز فِي هَ ِذ ِه الثالثة‪ :‬الصحةُ‪.‬‬
‫وقد يشعر قوله‪( :‬لَ ْم تشاهد)؛ بأنها إن شوهدت ثم غابت عند العقد؛ أنه‬
‫ين الرؤية‬ ‫يجوز‪ ،‬ولكن محل هَ َذا فِي عين اَل تتغير غالبًا فِي المدة المتخللة بَ َ‬
‫والشراء‪.‬‬
‫(ويصح بيع كل طاهر منتفع بِ ِه مملوك)‪.‬‬
‫صنِّف بمفهوم هَ ِذ ِه األشياء فِي قوله‪( :‬وال يصح بيع عين‬ ‫وصرح ال ُم َ‬
‫نجسة)‪ ،‬وال متنجسة؛ كخمر ودهن وخل متنجس ونحوه مما اَل يمكن‬
‫تطهيره‪( ،‬وال) بيع (ما اَل منفعة فِي ِه)؛ كعقرب ونمل وسبع؛ اَل ينفع‪.‬‬
‫صل فِي الربا‬ ‫فَ ْ‬
‫بألف مقصورة؛ لُ َغةً‪ :‬الزيادةُ‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬مقابلةُ عوض بآخر مجهول التماثل؛ فِي معيار الشرع حالةَ العقد‬
‫ضين أَ ْو أحدهما‪.‬‬ ‫أَ ْو مع تأخير فِي ال ِع َو َ‬
‫(والربا‪ :‬حرام؛ وإنما يكون فِي الذهب والفضة)‬

‫‪62‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫( َو) فِي (المطعومات)؛ َو ِه َي‪ :‬ما يقصد غالبا للطعم اقتياتا أَ ْو تفكها أَ ْو‬
‫تداويا‪.‬‬
‫وال يجري الربا فِي غير ذلك‪.‬‬
‫(وال يجوز بيع الذهب بالذهب‪ ،‬وال الفضة كذلك)؛ أَي‪ :‬بالفضة‪ ،‬مضروبين‬
‫كانا أَ ْو غير مضروبين (إال متماثال)؛ أَي‪ :‬مثال بمثل؛ فَاَل يصح بيع شيء‬
‫من ذلك متفاضال‪ .‬وقوله‪( :‬نقدا)؛ أَي‪َ :‬حااَل ً يدا بيد؛ فلو بِيع شيء من ذلك‬
‫مؤجال لَ ْم يصح‪.‬‬
‫(وال) يصح (بيع ما ابتاعه) الشخص (حتى يقبضه)؛ سواء باعه للبائع أَ ْو‬
‫لغيره‪.‬‬
‫ان من جنسه؛ كبيع لحم شاة بشاة‬ ‫(وال) يجوز (بيع اللحم بالحيوان)‪ ،‬سواء َك َ‬
‫أَ ْو من غير جنسه‪ ،‬لَ ِك ْن من مأكول كبيع لحم بقر بشاة‪.‬‬
‫نقدا)؛ أَي‪َ :‬حااَل ً مقبوضًا قبل‬ ‫(ويجوز بيع الذهب بالفضة متفاضال) لَ ِك ْن ( ً‬
‫التفرق‪( .‬وكذلك المطعومات‪ ،‬اَل يجوز بيع الجنس ِم ْن َها بمثله إال متماثال‬
‫نقدا)؛ أَي‪َ :‬حااَل ً مقبوضا قبل التفرق‪.‬‬
‫(ويجوز بيع الجنس ِم ْن َها بغيره متفاضال) لَ ِك ْن (نق ًدا)؛ أَي‪َ :‬حااَل ً مقبوضا‬
‫قبل التفرق؛ فلو تفرق المتبايعان قبل قبض كله بطل‪ ،‬أَ ْو بعد قبض بعضه‬
‫تفريق الصفقة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ففيه قوالَ‬
‫(وال يجوز بيع الغرر)؛ كبيع عبد من عبيده أَ ْو طير فِي الهواء‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الخيار‬ ‫فَ ْ‬
‫ين إمضاء البيع وفسخه؛ أَي‪ :‬يثبت لَهُ َما خيار‬ ‫(والمتبايعان بالخيار) بَ َ‬
‫المجلس فِي أنواع البيع كال َسلَم (مالم يتفرقا)؛ أَي‪ُ :‬مدة عدم تفرقهما عرفا؛‬
‫أَي‪ :‬ينقطع خيا ُر المجلس أّ َّما بتفرُّ ق المتبايعين ببدنهما َع ْن مجلس العقد أَ ْو‬
‫بأن يختار المتبايعان لزو َم العقد‪ .‬فلو اختار أحدهما لزو َم العقد ولم يختر‬
‫وراً سقط حقه من الخيار‪َ ،‬وبَقِ َي الحق لآلخر‪( .‬ولهما)؛ أَي‪:‬‬ ‫اآلخر فَ َ‬
‫الخيار) فِي أنواع‬ ‫َ‬ ‫المتبايعين‪َ ،‬و َك َذا ألحدهما إذا وافقه اآلخ ُر (أن يشترطا‬
‫المبيع (إِلَى ثالثة أيام)‪.‬‬
‫وتحسب من العقد‪ ،‬اَل من التفرق‪ .‬فلو زاد الخيارـ َعلَى الثالثة بطل العقد؛‬
‫ان المبيع مما يفسد فِي المدة المشترطة بطل العقد‪.‬‬ ‫َولَ ْو َك َ‬
‫العين نقصًا‬ ‫ُ‬ ‫(وإذا وجد بالمبيع عيب) موجود قبل القبض تنقص بِ ِه القيمةُ أَ ْو‬
‫ان الغالبـ فِي جنس ذلك المبيع عد َم ذلك العيب‬ ‫يفوت بِ ِه غرضٌ صحيح‪َ ،‬و َك َ‬
‫كزنا رقيق وسرقته وإباقه (فللمشتري ردُّه)؛ أَي‪ :‬المبيع‪ .‬بيع الثمرة (وال‬
‫يجوز بيع الثمرة) المنفردة َع ْن الشجرة (مطلقا)؛ أَي‪َ :‬ع ْن شرط القطع (إال‬
‫ظهور (صالحها)‪َ ،‬وهُ َو فيما اَل يتلون انتها ُء حالها إِلَى ما‬ ‫ِ‬ ‫بع َد بُ ُد ِّو)؛ أَي‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫يقصد ِم ْنهَا غالبا؛ كحالوة قصب وحموضة رُمان ولين تِين‪ ،‬وفيما يتلون‬
‫بأن يأخذ فِي ُح ْم َر ٍة أَ ْو َسوا ٍد أَ ْو صُفرة‪ ،‬كالعناب واإلجاص والبلح‪.‬‬
‫أّ َّما قبل بُ ُد ِّو الصالح فَاَل يصح بيعها مطلقا‪ ،‬اَل من صاحب الشجرة وال من‬
‫غيره إال بشرط القطع‪ ،‬سواء جرت العادة بقطع الثمرة أم اَل ‪.‬‬
‫شرط قطعها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َولَ ْو قُطعت شجرةٌ عليها ثمرةٌ جازبيعها بال‬
‫قلعه‪ ،‬فإن بيع‬ ‫قطعه أَ ْو ِ‬ ‫وال يجوز بيع الزرع األخضر فِي األرض إال بشر ِط ِ‬
‫الزرع مع األرض أَ ْو منفردا عنها بعد اشتداد ال َحبِّ جاز بال شرط‪ .‬ومن‬
‫باع ثمرا أَ ْو زرعا لَ ْم يب ُد صالحُه لزمه سقيُه قدر ما تنمو بِ ِه الثمرةُ وتسلم‬
‫ين المشتري والمبيع أَ ْو لَ ْم ي َُخلِّ ‪.‬‬ ‫َع ْن التلف‪ ،‬سواء َخلَّى البائ ُع بَ َ‬
‫(وال) يجوز (بيع ما فِي ِه الربا بجنسه َر ْطبا) بسكون الطاء ال ُم ْه ِملَة‪ .‬وأشار‬
‫بذلك إِلَى أنه يعتبر فِي بيع الربويات حالة الكمال؛ فَاَل يصح مثال بيع ِعنَب‬
‫بعنب‪.‬‬
‫اللبن)؛ أَي‪ :‬فإنه يجوز بيع بعضه‬ ‫َ‬ ‫صنِّف مما سبق قولَه‪( :‬إال‬ ‫ثم استثنى ال ُم َ‬
‫اللبن فشمل الحليب والرائب‬ ‫صنِّف َ‬ ‫ببعض قبل تَجْ بِينه‪ .‬وأطلق ال ُم َ‬
‫والمخيض والحامض‪ .‬والمعيا ُر فِي اللبن الكي ُل حتى يص َّح بي ُع الرائبـ‬
‫بالحليب كيال وإن تفاوتَا وزنًا‪.‬‬
‫صل فِي أحكام السلم‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو والسلف لُ َغةً‪ :‬بِ َم ْعنَى واحد‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬بيع شيء موصوف فِي الذمة؛ وال يصح إال بإيجاب وقبول‪.‬‬
‫صح؛ وإنما‬ ‫سلَ ُم‪َ :‬حااَل ً ومؤجال) فإن أطلق السلم؛ انعقد َحااَل ً فِي األَ َ‬ ‫(ويصح ال َ‬
‫خمس شرائط)‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫يصح السلم (فيما)؛ أَي‪ :‬فِي شيء (تكامل ِفي ِه‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬أن يكون) ال ُمسلَم فِي ِه (مضبوطًا بالصفة) الَتِي يختلف بها‬
‫الغرضُ فِي المسلم فِي ِه بحيث تنتفي بالصف ِة الجهالةُ فِي ِه‪ ،‬وال يكون ذكر‬
‫لع َّزة الوجود فِي ال ُمسلَم فِي ِه‪ ،‬كلؤلؤ ِكبار‬ ‫األوصاف َعلَى وج ٍه يؤدي ِ‬
‫وجاري ٍة وأختِها أَ ْو ولدها‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن يكون جنسا لَ ْم يختلط بِ ِه غيره)؛ فَاَل يصح السلم فِي‬
‫المختلط المقصود األجزاء الَتِي اَل تنضبط كهريسة ومعجون؛ فإن‬
‫انضبطت أجزاؤه صح السلم فِي ِه كجبن وأقط‪.‬‬
‫‪ .3‬والشرط الثَّالِث مذكور فِي قوله‪( :‬ولم تدخله النار إلحالته)؛ أَي‪:‬‬
‫بأندخلته لطَبخ أَ ْو َش ٍّي؛ فإن دخلته النار للتمييز كال َعسل والس ِمن صح‬
‫السلم فِي ِه‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ان معينا‬ ‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬أن اَل يكون) المسلم فِي ِه ( ُمعيَّنا) بَلْ َدينا؛ فلو َك َ‬
‫كأسلمت إليك هَ َذا الثوب مثال فِي هَ َذا العبد فليس يسلم قطعا‪ ،‬وال ينعقد‬
‫أيضا بيعا فِي األظهر‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس أن (اَل ) يكون (من معين)‪ ،‬كأسلمت إليك هَ َذا الدرهم فِي‬
‫صبْرة‪.‬‬ ‫صاع من هَ ِذ ِه ال ُ‬
‫شروط صحة ال ُمسلم فِي ِه‬
‫خ (ويصح السلم‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(ثم لصحة ال ُمسلَم فِي ِه ثمانية شرائط)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫بثمانية شرائط)‪:‬‬
‫صنِّف‪َ ( :‬وه َُو أن يصفه بع َد ِذكر جنسه ونوعه‬ ‫‪ .1‬األول مذكور فِي قول ال ُم َ‬
‫بالصفات الَتِي يختلف بها الثمن)‪.‬‬
‫ق؛ مثال‪ :‬نو َعه؛ كتُركي أَ ْو هندي‪ ،‬و ُذكورتَه أَ ْو‬ ‫فيذكر فِي السلَم فِي رقي ٍ‬
‫كأبيض‪ ،‬ويصف‬ ‫َ‬ ‫وسنَّه تقريبًا‪ ،‬وقَ َّده طولًا أَ ْو قصرًا أَ ْو َربْعةً‪ ،‬ولونَه‬ ‫أُنوثتَه‪ِ ،‬‬
‫ببياضه بسمرة أَ ْو شقرة‪.‬‬
‫والبغال والحمير‪ :‬الذكورةَ واألنوثة‬ ‫ِ‬ ‫والخيل‬
‫ِ‬ ‫ويذكر فِي اإلبل والبقر والغنم‬
‫والسن واللون والنو َع‪.‬‬‫َّ‬
‫ويذكر فِي الطير‪ :‬النو َع والصغر والكبر والذكورةَ واألنوثةَ والسن إن‬
‫ُعرف‪.‬‬
‫حرير‪ ،‬والنو َع؛ كقطن عراقي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الجنس؛ كقطن أَ ْو كتان أَ ْو‬ ‫َ‬ ‫ويذكر فِي الثوب‪:‬‬
‫والغلظة والدقةَ والصفاقة والرقة والنعومة والخشونة‪.‬‬ ‫والطول وال َعرض ِ‬ ‫َ‬
‫ويقاس بهذه الص َور غيرُها‪.‬‬
‫ومطلق السلم فِي الثوب يحمل َعلَى الخام‪ ،‬اَل َعلَى المقصور‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن يذكر قدره بما ينفي الجهالة عنه)؛ أَي‪ :‬أن يكون المسلم‬
‫فِي ِه معلو َم القدر كيالً فِي مكيل‪ ،‬ووزنا فِي موزون‪ ،‬وع ًّدا فِي معدود‪،‬‬
‫وذرعا فِي مذروع‪.‬‬
‫ان) السلم (مؤجالً ذكر) العاقد‬ ‫صنِّف‪( :‬وإن َك َ‬ ‫‪َ .3‬والثَّالِث مذكور فِي قول ال ُم َ‬
‫(وقتَ محله)؛ أَي‪ :‬األجل كشهر كذا؛ فلو أجل السلم بقدوم زيد مثال لَ ْم‬
‫يصح‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬أن يكون) المسلم فِي ِه (موجودا عند االستحقاق فِي‬
‫الغالب)؛ أَي‪ :‬استحقاق تسليم المسلم فِي ِه‪ .‬فلو أسلم فيما اَل يوجد عند‬
‫المحل كرطب فِي الشتاء لَ ْم يصح‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬أن يذكر موضع قبضه)؛ أَي‪ :‬محل التسليم إن َك َ‬
‫ان‬
‫الموضع اَل يصلح له أَ ْو صلح له‪ ،‬ولكن لحمله إِلَى موضع التسليم مؤنةٌ‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس‪( :‬أن يكون الثمن معلوما) بالقدر أَ ْو بالرؤية له‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .7‬و) السابع‪( :‬أن يتقابضا)؛ أَي‪ :‬ال ُمسلِم وال ُمسلَم إليه فِي مجلس العقد‬
‫(قبل التفرق)؛ فلو تفرقا قبل قبض رأس المال بطل العقد‪ ،‬أَ ْو بعد قبض‬
‫بعضه ففيه خالف تفريق الصفقة‪ .‬والمعتبر‪ :‬القبض الحقيقي‪.‬‬
‫وقبضه ال ُمحتا ُل‪َ ،‬وهُ َو المسلم إليه من‬
‫َ‬ ‫فلو أحال المسلِم برأس مال السلم‬
‫يكف‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ال ُمحال َعلَي ِه فِي المجلس لَ ْم‬
‫ف‬‫‪َ ( .8‬و) الثامن (أن يكون عق ُد السلم ناجزا اَل يدخله خيار الشرط)‪ ،‬بِ ِخاَل ِ‬
‫خيار المجلس فإنه يدخله‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الرهن‬ ‫فَ ْ‬
‫َوه َُو لُ َغةً‪ :‬الثبوت‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬جعل عين مالية وثيقةً بِ َدي ٍن يُستوفى ِم ْنهَا عند تعذر الوفاء‪.‬‬
‫وال يصح الرهن إال‪ :‬بإيجابـ وقبول‪.‬‬
‫ق التصرف‪.‬‬ ‫وشرط كل من الراهن وال ُم ْرت ِهن‪ :‬أن يكون مطل َ‬
‫صنِّف ضابط المرهون فِي قوله‪( :‬وكل ما جاز بيعه جاز رهنه فِي‬ ‫وذ َكر ال ُم َ‬
‫الديون إذا استقر ثبوتها فِي الذمة)‪.‬‬
‫صنِّف بـ(ـالديون) َع ْن األعيان؛ فَاَل يصح الرهن عليها؛ كعين‬ ‫واحْ تَ َر َز ال ُم َ‬
‫مغصوبة ومستعارة ونحوهما من األعيان المضمونة‪.‬‬
‫واحت ََر َز بـ(ـاستقرار) َع ْن الديون قبل استقرارها كدين السلم وعن الثمن ُمدة‬ ‫ْ‬
‫الخيار‪.‬‬
‫(وللراهن الرجوع فِي ِه مالم يقبضه)؛ أَي‪ :‬المرتهن؛ فإن قبض العين‬
‫المرهونة ممن يصح إقباضه لزم الرهن وامتنع َعلَى الراهن الرجوع فِي ِه‪.‬‬
‫والرهن وضعه َعلَى األمانة‪َ ( .‬و) حينئذ (اَل يضمنه المرتهن)؛ أَي‪ :‬اَل‬ ‫ُ‬
‫المرهون (إال بالتعدى) فِي ِه‪ .‬وال يسقط بتلفه شيء من الدين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يضمن المرتهن‬
‫َولَ ْو ادعى تلفه ولم يذكر سببا لتلفه صدق بيمينه؛ فإن ذكر سببا ظاهرا لَ ْم‬
‫يقبل إال ببينة‪َ .‬ولَ ْو ادعى المرتهن ر َّد المرهون َعلَى الراهن لَ ْم يقبل إال‬
‫ببينة‪.‬‬
‫(وإذا قبض) المرتهن (بعض الحق) الذي َعلَى الراهن (لَ ْم يخرج)؛ أَي‪ :‬لَ ْم‬
‫قضى جمي ُعه)؛ أَي‪ :‬الحق الذي َعلَى الراهن‪.‬‬ ‫ينفك (شيء من الرهن حتى يُ َ‬
‫صل فِي ِحجر السفيه والمفلس‬ ‫فَ ْ‬
‫والح ْجر) لُ َغةً‪ :‬المنع‪.‬‬
‫( ِ‬
‫ف التصرف فِي غيره كالطالق‪،‬‬ ‫َوش َْر ًعا‪ :‬منع التصرف فِي المال؛ بِ ِخاَل ِ‬
‫فينفذ من السفيه‪.‬‬
‫الحجر ( َعلَى ستة) من األشخاص‪:‬‬ ‫َ‬ ‫صنِّف‬ ‫وجعل ال ُم َ‬
‫(الصبي‪ ،‬والمجنون‪ ،‬والسفيه)‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صنِّف بقوله‪( :‬المبذر لماله)؛ أَي‪ :‬الذي لَ ْم يصرفه فِي مصارفه‪،‬‬ ‫وفسره ال ُم َ‬
‫(والمفلس) َوهُ َو لُ َغةً َم ْن صار مالُه فُلوسًا‪ ،‬ثم كنى بِ ِه َع ْن قلة المال أَ ْو‬
‫عدمه‪ ،‬وشرعا الشخص (الذي ارتكبته الديون)‪ ،‬وال يفي مالُه بدينه أَ ْو‬
‫ديونه‪( ،‬والمريض المخوف َعلَي ِه) من مرضه‪ .‬والحجر َعلَي ِه (فيما زاد‬
‫َعلَى الثلث) َوهُ َو ثلثا التركة ألجل حق الورثة‪ .‬هَ َذا إن لَ ْم يكن َعلَى المريض‬
‫ان َعلَي ِه دين يستغرق تركتَه حجر َعلَي ِه فِي الثلث وما زاد َعلَي ِه‪،‬‬ ‫دين؛ فإن َك َ‬
‫ٌ‬
‫(والعبد الذي لَ ْم يؤذن له فِي التجارة)؛ فَاَل يصح تصرفه بغير إذن سيده‪.‬‬
‫الحجْ ر مذكورة فِي المطوالت‪ِ .‬م ْنهَا الحجر‬ ‫صنِّف َع ْن أشياء من ِ‬ ‫وسكت ال ُم َ‬
‫َعلَى المرتد لحق المسلمين‪َ ،‬و ِم ْنهَا الحجر َعلَى الراهن لحق المرتهن‪.‬‬
‫(وتصرف الصبي والمجنون والسفيه غير صحيح)؛ فَاَل يصح منهم بي ٌع وال‬
‫شرا ٌء وال هبة وال غيرها من التصرفاتـ‪َ .‬وأَ َّما السفيه فيصح نكاحه بإذن‬
‫وليه‪( .‬وتصرف المفلس يصح فِي ذمته)؛ فلو باع سلَما طعاما أَ ْو غي َره أَ ْو‬
‫اشترى كال ِم ْنهُ َما بثمن فِي ذمته صح‪( ،‬دون) تصرفه فِي (أعيان ماله) فَاَل‬
‫يصح‪ .‬وتصرفه فِي نكاح مثال أَ ْو طالق أَ ْو خلع صحيح‪َ .‬وأَ َّما المرأة‬
‫المفلسة‪ ،‬فإن اختلعتـ َعلَى عين لَ ْم يصح‪ ،‬أَ ْو دي ٍن فِي ذمتها صح‪.‬‬
‫(وتصرف المريض فيما زاد َعلَى الثلث موقوف َعلَى إجازة الورثة)؛ فإن‬
‫أجازوا الزائ َد َعلَى الثلث صح‪َ ،‬وإِاَل فَاَل ‪ .‬وإجازةُ الورثة ور ُّدهم َ‬
‫حال‬
‫المرض اَل يعتبران‪ ،‬وإنما يعتبر ذلك (من بعده)؛ أَي‪ :‬من بعد موت‬
‫المريض‪ .‬وإذا أجاز الوارث ثم قال‪( :‬إنما أجزت لظني أن المال قليل‪ ،‬وقد‬
‫بان خالفَه)‪ ،‬صدق بيمينه‪.‬‬
‫(وتصرف العبد) الذي لَ ْم يؤذن له فِي التجارة (يكون ِفي ذمته)‪َ .‬و َم ْعنَى‬
‫كونه فِي ذمته أنه (يتبع بِ ِه بعد عتقه إذا عتق)‪ .‬فإن أ ِذن له السيد فِي‬
‫التجارة صح تصرفه بحسب ذلك اإلذن‪.‬‬
‫صل فِي الصلح‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬قطع المنازعة‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬عق ٌد يحصل بِ ِه قطعُها‪.‬‬
‫(ويصح الصلح مع اإلقرار)؛ أَي‪ :‬إقرار المد َعى َعلَي ِه بال ُم َّد َعى بِ ِه (فِي‬
‫األموال) َوهُ َو ظاهر‪َ ( ،‬و) كذا (ما أفضى إليها)؛ أَي‪ :‬األموال كمن ثبت له‬
‫َعلَى شخص قِصاصٌ ‪ ،‬فصالحه َعلَي ِه َعلَى مال بلفظ الصلح‪ ،‬فإنه يصح‪ ،‬أَ ْو‬
‫بلفظ البيع فَاَل ‪َ ( .‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬الصلح (نوعان‪ :‬إبراء‪ ،‬ومعاوضة‪ .‬فاإلبراء)؛‬
‫أَي‪ :‬صلحه (اقتصاره من حقه)؛ أَي‪َ :‬دينه ( َعلَى بعضه)؛ فإذا صالحه من‬
‫األلف الذي له فِي ذمة شخص َعلَى خمسمائة ِم ْنهَا فكأنه قال له‪ :‬أعطني‬
‫خمسمائة وأبرأتُك من خمسمائة‪( .‬وال يجوز) بِ َم ْعنَى اَل يصح (تعليقه)؛ أَي‪:‬‬

‫‪67‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫تعليق الصلح بِ َم ْعنَى اإلبراء ( َعلَى شرط)‪ ،‬كقوله‪ :‬إذا جاء رأس الشهر فقد‬
‫صالحتك‪( .‬والمعاوضة)؛ أَي‪ :‬صلحها (عدوله عَنْ حقه إِلَى غيره) َك َ‬
‫ان‬
‫ادعى َعلَي ِه دارا أَ ْو ِش ْقصًا ِم ْنهَا وأق َّر له بذلك وصالحه ِم ْنهَا َعلَى معين‬
‫كثوب‪ ،‬فإنه يصح‪( ،‬ويجري َعلَي ِه)؛ أَي‪َ :‬علَى هَ َذا الصلح (حك ُم البيع) فكأنه‬
‫فِي المثال المذكور باعه الدار بالثوب‪ ،‬وحينئذ فيثبت فِي المصالح َعلَي ِه‬
‫أحكا ُم البيع كالرد بالعيب ومنع التصرف قبل القبض‪َ ،‬ولَ ْو صالحه َعلَى‬
‫بعض العين المدعاة فهبة منه لبعضها المتروك ِم ْنهَا‪ ،‬فيثبت فِي هَ ِذ ِه الهبة‬
‫أحكامها الَتِي تذكر فِي بابها‪ ،‬ويسمى هَ َذا صلح الحطيطة‪ ،‬وال يصح بلفظ‬
‫ان يبيعه العين المدعاة ببعضها‪.‬‬ ‫البيع للبعض المتروك َك َ‬
‫إشراع الروشن‬
‫(ويجوز لإلنسان) ال ُمسلِم (أن يُش ِرع) بضم أوله وكسر ما قبل آخره؛ أَي‪:‬‬
‫ي ُْخ ِرج (روشنا) ويسمى أيضا بالجناح‪َ ،‬وهُ َو إخراج خشب َعلَى جدار (فِي)‬
‫المار بِ ِه)؛‬
‫ُّ‬ ‫هواء (طريق نافذ)‪ ،‬ويسمى أيضا بالشارع (بحيث اَل يتضرر‬
‫أَي‪ :‬الروشن‪ ،‬بَلْ يرفع بحيث يمر تحته المار التام الطويل منتصبا‪ .‬واعتبر‬
‫ان الطريق النافذ م َم َّر‬ ‫ي أن يكون َعلَى رأسه الحمولة الغالبة‪ .‬وإن َك َ‬ ‫ال َماور ِد ّ‬
‫فرسان وقوافل فليرفع الروشن بحيث يمر تحته المحمل َعلَى البعير مع‬
‫أخشاب المظلة الكائنة فوقالمحملـ‪ .‬أّ َّما الذمي فيمنع من إشراع الروشن‬
‫والساباط وإن جاز له المرور فِي الطريق النافذ‪.‬‬
‫(وال يجوز) إشراع الروشن (فِي الدرب المشترك إال بإذن الشركاء) فِي‬
‫الدرب‪َ .‬وال ُم َراد بهم‪ :‬من نفذ بابُ داره منهم إِلَى الدرب‪ ،‬وليس ال ُم َراد بهم‬
‫من الصقه منهم جداره بال نفوذ باب إليه‪ .‬وكل من الشركاء يستحق االنتفاع‬
‫من باب داره إِلَى رأس الدرب دون ما يلي آخر الدرب‪.‬‬
‫(ويجوز تقديم الباب فِي الدرب المشترك‪ ،‬وال يجوز تأخيره)؛ أَي‪ :‬الباب‬
‫(إال بإذن الشركاء) فحيث منعوه لَ ْم يجز تأخيره‪ .‬وحيث منع من التأخير‬
‫فصالح شركاء الدرب بمال صح‪.‬‬
‫الحوالَة‬
‫صل فِي َ‬ ‫فَ ْ‬
‫بفتح الحاء‪ ،‬وحكى كسرها‪َ .‬و ِه َي لُ َغةً التحول؛ أَي‪ :‬االنتقال‪ ،‬وشرعا نقل‬
‫الحق من ذمة المحيل إِلَى ذمة ال ُمحالـ َعلَي ِه‪( .‬وشرائط الحوالة أربعة)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬رضا المحيل) َوهُ َو من َعلَي ِه الدين‪ ،‬اَل المحال َعلَي ِه؛ فإنه اَل‬
‫ين َعلَي ِه‪.‬‬ ‫صح‪ .‬وال تصح الحوالة َعلَى من اَل َد َ‬ ‫يشترط رضاه فِي األَ َ‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬قبول المحتال)‪َ ،‬وهُ َو مستحق الدين َعلَى المحيل‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬كون الحق) المحال بِ ِه (مستقرا فِي الذمة)‪ .‬والتقييد‬
‫باالستقرار موافق لما قاله الرَّافَ ِعي‪ ،‬لَ ِك ْن النَّ َو ِوي‪ 1‬استدرك َعلَي ِه فِي‬
‫الروضة‪ .‬وحينئذ فالمعتبر فِي دين الحوالة أن يكون الزما أَ ْو يؤول إِلَى‬
‫اللزوم‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬اتفاق ما)؛ أَي‪ :‬الدين الذي (فِي ذمة المحيل والمحال َعلَي ِه‬
‫فِي الجنس) والقدر (والنوع والحلولـ والتأجيل) والصحة والتكسير‪،‬‬
‫(وتبرأ بها)؛ أَي‪ :‬الحوالة (ذمة المحيل)؛ أَي‪َ :‬ع ْن َدين المحتالـ‪ ،‬ويبرأ‬
‫أيضا المحا ُل َعلَي ِه َع ْن دين المحيل‪ ،‬ويتحول حق المحتال إِلَى ذمة‬
‫المحال َعلَي ِه حتى لو تعذر أخذه من المحال َعلَي ِه بفلس أَ ْو جحد للدين‬
‫ان المحالـ َعلَي ِه مفلسا عند الحوالة‬ ‫ونحوهما لَ ْم يرجع َعلَى المحيل‪َ .‬ولَ ْو َك َ‬
‫وجهله المحتال فَاَل رجوع له أيضا َعلَى المحيل‪.‬‬
‫صل فِي الضمان‬ ‫فَ ْ‬
‫ضمانا إذا كفلتُه‪.‬‬ ‫ت ال َشي َء َ‬ ‫َوه َُو مصدر‪ :‬ض ِم ْن ُ‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬التزام ما فِي ذمة الغير من المال‪.‬‬
‫وشرط الضامن‪ :‬أن يكون فِي ِه أهلية التصرف‪.‬‬
‫(ويصح ضمان الديون المستقرة فِي الذمة إذا عُلم قد ُرها)‪ .‬والتقييد‬
‫بالمستقرة يشكل َعلَي ِه صحة ضمان الصداق قبل الدخول؛ فإنه حينئذ غير‬
‫مستقر فِي الذمة؛ ولهذا لَ ْم يعتبر الرَّافَ ِعي والنووي‪ 2‬إال كون ال َدين ثابتا‬
‫الزما‪.‬‬
‫الديون المجهولة؛ فَاَل يصح ضمانها كما‬ ‫ُ‬ ‫َو َخ َر َج‪ :‬بقوله‪( :‬إذا عُلم قد ُرها)‬
‫سيأتي‪( .‬ولصاحب الحق)؛ أَي‪ :‬ال َدين ( ُمطالبَة من شاء من الضامن‬
‫والمضمون عنه) َوهُ َو من َعلَي ِه الدين‪.‬‬
‫ان الضمان َعلَى ما بيَّنَّا) ساقط فِي أكثر نسخ المتن‪.‬‬ ‫وقوله‪( :‬إذا َك َ‬
‫(وإذا غرم الضامن رجع َعلَى المضمون عنه) بالشرط المذكور فِي قوله‪:‬‬
‫ان الضمان والقضاء)؛ أَي‪ :‬كل ِم ْنهُ َما (بإذنه)؛ أَي‪ :‬المضمون عنه‪ .‬ثم‬ ‫(إذا َك َ‬
‫صرح بمفهوم قوله سابقًا‪( :‬إذا عُلم قد ُرها) بقوله هُنَا‪( :‬وال يصح ضمان‬
‫المجهول)؛ كقوله‪( :‬بِع فالنا كذا‪ ،‬وعل َّي ضمانُ الثمن)‪( .‬وال) ضمان (ما لَ ْم‬
‫يجب) كضمان مائة تجب َعلَى زيد فِي المستقبل (إال َد َرك المبيع)؛ أَي‪:‬‬
‫ضمان درك المبيع‪،‬بأن يضمن للمشتري الثمن إن خرج المبيع مستحقا‪ ،‬أَ ْو‬
‫يضمن للبائع المبيع إن خرج الثمن مستحقا‪.‬‬
‫صل فِي ضمان غير المال من األبدان‬ ‫فَ ْ‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ويسمى‪ :‬كفالة الوجه أيضا؛ وكفالة البدن كما قال‪( :‬والكفالة بالبدن جائزة‬
‫ان َعلَى المكفول بِ ِه)؛ أَي‪ :‬ببدنه (حق آلدمي)؛ كقصاص وح ِّد قذف‪.‬‬ ‫إذا َك َ‬
‫ق هللا تَ َعالَى؛ فَاَل تصح الكفالة ببدن َمن َعلَي ِه حق هللا‬ ‫َو َخ َر َج‪ :‬بحق اآلدمي‪ :‬ح ُّ‬
‫تَ َعالَى؛ كحد سرقة وحد خمر وحد زنا‪.‬‬
‫ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول ببدنه فِي مكان التسليم بال حائل يمنع المكفول‬
‫له عنه‪َ .‬وأَ َّما مع وجود الحائل فَاَل يبرأ الكفيل‪.‬‬
‫صل فِي الشركة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي لُ َغةً‪ :‬االختالط‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬ثبوت الحق َعلَى جهة الشيوع فِي شيء واحد الثنين فأكثر‪.‬‬
‫(وللشركة خمس شرائط)‪:‬‬
‫‪ .1‬األول‪( :‬أن تكون) الشركة ( َعلَى ناض)؛ أَي‪ :‬نقد (من الدراهم‬
‫والدنانير) وإن كانا مغشوشين‪ ،‬واستمر رواجهما فِي البلد‪ .‬وال تصح فِي‬
‫تِبْر و ُحلِي وسبائك‪ .‬وتكون الشركة أيضا َعلَى المثلي كالحنطة‪ ،‬اَل‬
‫المتقوم كالعروض من الثياب ونحوها‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن يتفقا فِي الجنس والنوع)؛ فَاَل تصح الشركة فِي الذهب‬
‫والدراهم‪ ،‬وال فِي صحاح ومكسرة‪ ،‬وال فِي حنطة بيضاء وحمراء‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬أن يخلطا المالين) بحيث اَل يتميزان‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬أن يأذن كل واحد ِم ْن ُه َما)؛ أَي‪ :‬الشريكين (لصاحبه فِي‬
‫التصرف)‪ .‬فإذا أذن له فِي ِه تصرَّف بال ضرر؛ فَاَل يبيع كل ِم ْنهُ َما نسيئة‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫وال بغير نقد البلد‪ ،‬وال بغبن فاحش‪ ،‬وال يسافر بالمال المشترك إال بإذن‪.‬‬
‫فإن فعل أحد الشريكين ما نُ ِهي عنه لَ ْم يصح فِي نصيب شريكه؛ وفي‬
‫نصيبه قوال تفريق الصفقة‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬أن يكون الربح والخسران َعلَى قدر المالين)‪ ،‬سواء‬
‫تساوى الشريكان فِي العمل فِي المال المشترك أَ ْو تفاوتا فِي ِه‪ .‬فإن اشترطا‬
‫التساوى فِي الربح مع تفاوت المالين أَ ْو عكسه لَ ْم يصح‪ .‬والشركة عقد‬
‫جائز من الطرفين‪َ ( ،‬و) حينئذ (لكل واحد ِم ْن ُه َما)؛ أَي‪ :‬الشريكين‬
‫(فسخها متى شاء)‪ ،‬وينعزالن َع ْن التصرف بفسخهما‪( .‬ومتى مات‬
‫أحدهما) أَ ْو ج َُّن أَ ْو أُ ْغ ِمي َعلَي ِه (بطلت) تلك الشركة‪.‬‬
‫صل فِي أحكام ال َو َكالَة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي بفتح الواو وكسرها؛ فِي اللغة‪ :‬التفويض‪.‬‬
‫وفي الشرع‪ :‬تفويض شخص شيأ‪ ،‬له فعلُه مما يقبل النيابةَ إِلَى غيره ليفعله‬
‫حال حياته‪.‬‬‫َ‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بهذا القيد‪ :‬اإليصاء‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صنِّف ضابط الوكالة فِي قوله‪( :‬وكل ما جاز لإلنسان التصرف فِي ِه‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫بنفسه جاز له أن يُو ِّكل فِي ِه) غي َره (أَ ْو يتوكل فِي ِه) َع ْن غيره‪ .‬فَاَل يصح من‬
‫صبي أَ ْو مجنون أن يكون ُمو ِّكال وال وكيال‪.‬‬
‫وشرط المو َّكل فِي ِه‪ :‬أن يكون قابال للنيابة؛ فَاَل يصح التوكيل فِي عبادة بدنية‬
‫إال الحج وتفرقة الزكاة مثال‪ ،‬وأن يملكه الموكل؛ فلو وكل شخصا فِي بيع‬
‫عبد سيملكه أَ ْو فِي طالق امرأة سينكحها بطل‪.‬‬
‫(والوكالة عقد جائز) من الطرفين‪َ ( ،‬و) حينئذ (لكل ِم ْنهُ َما)؛ أَي‪ :‬الم َو ِّكل‬
‫والوكيل (فسخها متى شاء)‪.‬‬
‫(وتنفسخ) الوكالة (بموت أحدهما) أَ ْو جنونه أَ ْو إغمائه‪.‬‬
‫(والوكيل أمين)‪ .‬وقوله‪( :‬فيما يقبضه‪ ،‬وفيما يصرفه) ساقط فِي أكثر‬
‫النسخ‪( .‬وال يضمن) الوكيل (إال بالتفريط) فيما وكل فِي ِه‪ .‬و ِمن التفريط‬
‫تسليمه المبي َع قبل قبض ثمنه‪.‬‬
‫(وال يجوز) للوكيل وكالةً مطلقة (أن يبيع ويشتري إال بثالثة شرائط)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬أن يبيع بثمن المثل)‪ ،‬اَل بدونه وال بغبن فاحش‪َ ،‬وهُ َو ما اَل‬
‫يحتمل فِي الغالبـ‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن يكون) ثمن المثل (نقدا)؛ فَاَل يبيع الوكيل نسيئةً وإن‬
‫ان قدر ثمن المثل‪.‬‬ ‫َك َ‬
‫ان فِي البلد نقدان باع باألغلب‬ ‫‪َ .3‬والثَّالِث‪ :‬أن يكون النقد (بنقد البلد)‪ .‬فلو َك َ‬
‫ِم ْنهُ َما؛ فإن استويا باع باألنفع للموكل؛ فإن استويا تُ ُخيِّر‪ ،‬وال يبيع‬
‫رواج النقود‪.‬‬
‫َ‬ ‫بالفلوس وإن راجت‬
‫(وال يجوز أن يبيع) الوكيل بيعا مطلقا (من نفسه) وال من ولده الصغير‬
‫َولَ ْو صرح الموكل للوكيل فِي البيع من الصغير كما قاله المتولي خالفا‬
‫للبغوي‪.‬‬
‫صح أنه يبيع ألبيه وإن عال والبنه البالغ وإن سفل إن لَ ْم يكن سفيها وال‬ ‫َواألَ َ‬
‫مجنونا‪ .‬فإن صرح الموكل بالبيع ِم ْنهُ َما صح جزما‪.‬‬
‫(وال يُقِ ُّر) الوكيل ( َعلَى موكله)؛ فلو وكل شخصا فِي خصومة لَ ْم يملك‬
‫اإلقرار َعلَى الموكل‪ ،‬وال اإلبراء من َدينه وال الصلح عنه‪.‬‬ ‫َ‬
‫صح‪ :‬أن التوكيل فِي اإلقرار‬ ‫َ‬
‫وقوله‪( :‬إال بإذنه) ساقط فِي بعض النسخ‪َ .‬واأل َ‬
‫اَل يصح‪.‬‬
‫صل فِي أحكام اإلقرار‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬اإلثبات‪.‬‬
‫ق َعلَى ال ُمقِ ّر‪.‬‬‫َوش َْر ًعا‪ :‬إخبا ٌر بح ٍ‬
‫فخرجت‪ :‬الشهادة؛ ألنها إخبا ٌر بحق للغير َعلَى الغير‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(والمقَ ُّر بِ ِه ضربان)‪:‬‬


‫‪ .1‬أحدهما‪( :‬حق هللا تَ َعالَى)؛ كالسرقة والزنا‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬حق اآلدمي)؛ كحد القذف لشخص‪.‬‬
‫ان يقو َل من أق َّر‬ ‫(فحق هللا تَ َعالَى يصح الرجوع فِي ِه عَنْ اإلقرار بِ ِه) َك َ‬
‫بالزنا‪( :‬رجعتُ عَنْ َه َذا اإلقرار أَ ْو كذبت فِي ِه)‪َ .‬ويُ َسن لل ُمقِرِّ بالزنا الرجو ُ‬
‫ع‬
‫عنه‪( .‬وحق اآلدمي اَل يصح الرجوع فِي ِه عَنْ اإلقرار بِ ِه)‪.‬‬
‫ق هللا تَ َعالَى مبني َعلَى المسامحة‪ ،‬وحق‬ ‫ين هَ َذا والذي قبله بأ َ َّن َح َّ‬ ‫وفرق بَ َ‬
‫اآلدمي مبني َعلَى المشاحة‪.‬‬
‫(وتفتقر صحة اإلقرار إِلَى ثالثة شرائط)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬البلوغ)‪ ،‬فَاَل يصح إقرار الصبي َولَ ْو مراهقا َولَ ْو بإذن وليه‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬العقل)‪ ،‬فَاَل يصح إقرار المجنون والمغمى َعلَي ِه وزائل‬
‫العقل بما يعذر فِي ِه؛ فإن لَ ْم يعذر فحكمه كالسكران‪.‬‬
‫كره بما أكره َعلَي ِه‪.‬‬ ‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬االختيار)‪ ،‬فَاَل يصح إقرار ُم َ‬
‫ان) اإلقرار (بمال اعتبر فِي ِه شرط رابع‪َ ،‬و ُه َو الرشد)‪َ .‬وال ُم َراد بِ ِه‬ ‫(وإن َك َ‬
‫ق التصرف‪.‬‬ ‫كون المقِ ّر مطل َ‬
‫صنِّف بمال‪َ :‬ع ْن اإلقرار بغيره كطالق وظهار ونحوهما؛ فَاَل‬ ‫واحْ تَ َر َز ال ُم َ‬
‫يشترط فِي المقِر بذلك الرش ُد‪ ،‬بَلْ يصح من الشخص السفيه‪( .‬وإذا أق َّر)‬
‫الشخص (بمجهول) كقوله‪( :‬لفالن عل َّي شي ٌء)‪ُ ( ،‬رجع)‬
‫بضم أوله (إليه)؛ أَي‪ :‬المقر (فِي بيانه)؛ أَي‪ :‬المجهول‪ ،‬فيقبل تفسيره بكل‬
‫ما يُت َم َّول وإن قل كفلس‪َ .‬ولَ ْو فسر المجهول بما اَل يتمول لَ ِك ْن من جنسه‬
‫ب ُم َعلَّم‬ ‫يس من جنسه لَ ِك ْن يحل اقتناؤه كجلد ميتة وكل ٍ‬ ‫كحبَّة ِحنطة‪ ،‬أَ ْو َولَ َ‬ ‫َ‬
‫صح‪ .‬ومتى أقر بمجهول وامتنع من‬ ‫َ‬
‫وزبل قُبل تفسيره فِي جميع ذلك َعلَى األ َ‬ ‫ٍ‬
‫بيانه بعد أن طولب بِ ِه حبس حتى يبين المجهول‪ .‬فإن مات قبل البيان طولب‬
‫بِ ِه الوارث ووقف جميع التركة‪( .‬ويصح االستثناء فِي اإلقرار إذا وصله‬
‫بِ ِه)؛ أَي‪ :‬وصل المقر االستثناء بالمستثنى منه؛ فإن فَصْ ل بينهما بسكوت أَ ْو‬
‫كالم كثير أجنبي ض َّر‪ .‬أّ َّما السكوت اليسير كسكتة تنفس فَاَل يضر‪.‬‬
‫ويشترط أَيضًا فِي االستثناء أن اَل يستغرق المستثنى منه؛ فإن استغرقه‬
‫نحو‪( :‬لزيد عل َّي عشرة إال عشرة) ض َّر‪َ ( .‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬اإلقرار (فِي حال‬
‫الصحة والمرض سواء)‪ ،‬حتى لو أقر شخص فِي صحته ب َدين لزيد وفي‬
‫مرضه بدين لعمرو لَ ْم يقدم اإلقرار األول‪ ،‬وحينئذ فيقسم المقَ ّر بِ ِه بينهما‬
‫بالسوية‪.‬‬
‫صل فِي أحكام العارية‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي بتشديد الياء فِي األفصح مأخوذة من عار إذا ذهب‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫وحقيقتها الشرعية‪ :‬إباحة االنتفاع من أهل التبرع بما يحل االنتفاع بِ ِه مع‬
‫بقاء عينه ليرده َعلَى المتبرع‪ .‬وشرط المعير صحة تبرعه وكونه مالكا‬
‫لمنفعة ما يعيره‪.‬‬
‫فمن اَل يصح تبرعه؛ كصبي ومجنون اَل تصح إعارته‪ .‬ومن اَل يملك‬
‫المنفعة؛ كمستعير اَل تصح إعارته إال بإذن المعير‪.‬‬
‫صنِّف ضابط ال ُمعار فِي قوله‪( :‬وكل ما يمكن االنتفاع بِ ِه) منفعةً‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫مباحةً (مع بقاء عينه جازت إعارته)؛ فخرج بمباحة آلةُ اللهو‪ ،‬فَاَل تصح‬
‫إعارتها؛ وببقاء عينه إعارةُ الشمعة للوقود‪ ،‬فَاَل تصح‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬إذا كانت منافعه آثارا) مخرج للمنافع الَتِي ِه َي أعيان كإعارة شاة‬
‫للبنها وشجر ٍة لثمرتها ونحو ذلك؛ فإنه اَل يصح‪ .‬فلو قال لشخص‪ :‬خذ هَ ِذ ِه‬
‫الشاة فقد أبحتُك َدرَّها ونسلها‪ ،‬فاإلباحة صحيحة والشاة عارية‪( .‬وتجوز‬
‫ت كأ َعرتُك هَ َذا‬ ‫العارية مطلقا) من غير تقييد بوقت (ومقيدا بمدة)؛ أَي‪ :‬بوق ٍ‬
‫الثوب شهرا‪.‬‬
‫خ (وتجوز العارية مطلقة ومقيدة بمدة)‪ .‬وللمعير الرجوع‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫فِي كل ِم ْنهُ َما متى شاء‪َ ( .‬و ِه َي)؛ أَي‪ :‬العارية إذا تلفت‪ ،‬اَل باستعمال مأذون‬
‫فِي ِه (مضمونة َعلَى المستعير بقيمتها يوم تلفها) اَل بقيمتها يوم طلبها‪ ،‬وال‬
‫بأقصى القِيَم‪ .‬فإن تلفت باستعمال مأذون فِي ِه كإعارة ثوب للُبسه فانسحق أَ ْو‬
‫انمحق باالستعمال فَاَل ضمان‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الغصب‬ ‫فَ ْ‬
‫َوه َُو لُ َغةً‪ :‬أخذ الشيء ظُل ًما مجاهرة‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬االستيالء َعلَى حق الغير ُع ْدوانًا‪.‬‬
‫ويُرجع فِي االستيالء للعرف‪ .‬ودخل فِي حق الغير ما يصح غصبه مما‬
‫يس بمال كجلد ميتة‪.‬‬ ‫َولَ َ‬
‫دوانا‪ :‬االستيالء َعلَى مال الغير بعقد‪.‬‬ ‫َو َخ َر َج‪ :‬ب ُع ً‬
‫أضعاف قيمته‪.‬‬ ‫َ‬ ‫غرم َعلَى رده‬
‫(ومن غصب ماال ألحد لزمه ردُّه) لمالكه َولَ ْو ِ‬
‫( َو) لزمه أيضا (أرش نقصه) إن نقص‪ ،‬كمن غصب ثوبا فلبسه أَ ْو نقص‬
‫بغير لبس‪َ ( ،‬و) لزمه أيضا (أجرة مثله)‪.‬‬
‫أّ َّما لو نقص المغصوب برخص سعره فَاَل يضمنه الغاصب َعلَى الصحيح‪.‬‬
‫خ (ومن غصب مال امرئ أجبر َعلَى رده)‪.‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫ان له)؛ أَي‪:‬‬‫(فإن تلف) المغصوب (ضمنه) الغاصب (بمثله إن َك َ‬
‫صح أن المثلي ما حصره كي ٌل أَ ْو وزن وجاز السلم‬ ‫المغصوب (مثل)‪َ .‬واألَ َ‬
‫فِي ِه‪ ،‬كنحاس وقطن‪ ،‬اَل غالية ومعجون‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صنِّف ضمان المتقوم فِي قوله‪( :‬أَ ْو) ضمنه (بقيمته إن لَ ْم يكن له‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫ان متقوما‪ ،‬واختلفت قيمته (أكثر ما كانت من يوم الغصب إِلَى‬ ‫مثل) بأن َك َ‬
‫يوم التلف)‪.‬‬
‫والعبرة فِي القيمة‪ :‬بالنقد الغالبـ؛ فإن غلب نقدان وتساويا قال الرَّافَ ِعي‪:‬‬
‫َعيَّن القاضي واحدا ِم ْنهُ َما‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الشفعة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي بسكون الفاءـ‪ ،‬وبعض الفقهاء يضمها‪ ،‬ومعناها لُ َغةً‪ :‬الضم‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬حق تملك قهري يثبت للشريك القديم َعلَى الشريك الحادثـ‬
‫بسبب الشركة بالعوض الذي ملك بِ ِه‪ .‬وشرعت لدفع الضرر‪.‬‬
‫(والشفعة واجبة)؛ أَي‪ :‬ثابتة للشريك (بالخلطة)؛ أَي‪ :‬خلطة الشيوع‪،‬‬
‫ان أَ ْو غيره‪ .‬وإنما‬ ‫(دون) خلطة (الجوار)؛ فَاَل شفعة لجار الدار مالصقا َك َ‬
‫تثبت الشفعة (فيما ينقسم)؛ أَي‪ :‬يقبل القسمة (دون ما اَل ينقسم) كحمام‬
‫صغير؛ فَاَل شفعةَ فِي ِه‪ .‬فإن أمكن انقسامه كحمام كبير يمكن جعله حمامين‬
‫تثبت الشفعة فِي ِه‪.‬‬
‫( َو) الشفعة ثابتة أيضا (فِي كل ما اَل ينقل من األرض) غير الموقوفة‬
‫والمحتكرة (كال َعقار وغيره) من البناء والشجر تبعا لألرض‪ .‬وإنما يأخذ‬
‫ان الثمن مثليا‬ ‫ص ال َعقار (بالثمن الذي وقع َعلَي ِه البيع)‪ .‬فإن َك َ‬ ‫الشفيع ِش ْق َ‬
‫كحبٍّ ونقد أخذه بمثله‪ ،‬أَ ْو ُمتق َّوما كعبد وثوب أخذه بقيمته يوم البيع‪َ ( .‬و ِه َي)؛‬ ‫َ‬
‫أَي‪ :‬الشفعة بِ َم ْعنَى طلبها ( َعلَى الفور)‪ .‬وحينئذ فليبادر الشفيع إذا علم بيع‬
‫الشقص بأخذه‪ .‬والمبادرة فِي طلب الشفعة َعلَى العادة؛ فَاَل يكلف اإلسراع‬
‫َعلَى خالف عادته ب َع ْدو أَ ْو غيره‪ ،‬بَلْ الضابط فِي ذلك أن ما ُع َّد توانيا فِي‬
‫أخرها)؛ أَي‪ :‬الشفعة (مع القدرة عليها‬ ‫طلب الشفعة أسقطها‪َ ،‬وإِاَل فَاَل ‪( .‬فإن َّ‬
‫ان مريد الشفعة مريضا أَ ْو غائبا َع ْن بلد المشتري أَ ْو محبوسا‬ ‫بطلت)‪ .‬فلو َك َ‬
‫أَ ْو خائفا من‬
‫َع ُد ٍّو فليوكل إن قدر‪َ ،‬وإِاَل فليشهد َعلَى الطلب‪ .‬فإن ترك المقدور َعلَي ِه من‬
‫التوكيل أَ ْو اإلشهاد بطل حقه فِي األظهر‪َ .‬ولَ ْو قال الشفيع‪( :‬لَ ْم أعلم أن حق‬
‫ان ممن يخفى َعلَي ِه ذلك صدق بيمينه‪( .‬وإذا تزوج)‬ ‫الشفعة َعلَى الفور)‪َ ،‬و َك َ‬
‫قص (بمهر‬ ‫ش ْقص أخذه)؛ أَي‪ :‬أخذ (الشفي ُع) ال ِش َ‬ ‫شخص (امرأة َعلَى ِ‬
‫ان الشفعاء جماعة استحقوهاـ)؛ أَي‪ :‬الشفعة‬ ‫المثل) لتلك المرأة‪( ،‬وإن َك َ‬
‫ان ألحدهم نصف عقار ولآلخر‬ ‫صهم من (األمالك)‪ .‬فلو َك َ‬ ‫ص ِ‬‫( َعلَى قدر) ِح َ‬
‫ثلثه ولآلخر سدسه فباع صاحبـ النصف حصته أخذها اآلخران أثالثا‪.‬‬
‫صل فِي أحكام القراض‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً؛ مشتق من القِرْض؛ َوه َُو‪ :‬القطع‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫َوش َْر ًعا‪ :‬دفع المالك ماالً للعامل ليعمل فِي ِه‪ ،‬والربح بينهما‪.‬‬
‫(وللقراض أربعة شرائط)‪:‬‬
‫ض)؛ أَي‪ :‬نقد (من الدراهم والدنانير)‬ ‫‪ .1‬أحدها‪( :‬أن يكون َعلَى نا ٍ‬
‫الخالصة؛ فَاَل يجوز القراض َعلَى تبر‪ ،‬وال َعلَى حُلي‪ ،‬وال مغشوش‪،‬‬
‫وال عروض‪َ ،‬و ِم ْنهَا الفلوس‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن يأذن رب المال للعامل فِي التصرف) إذنا (مطلقا)؛ فَاَل‬
‫التصرف َعلَى العامل‪ ،‬كقوله‪( :‬اَل تشتر شيئا‬ ‫َ‬ ‫يجوز للمالك أن يضيِّق‬
‫تشاورني)‪ ،‬أَ ْو (اَل تشتر إال الحنطة البيضاء) مثال‪ .‬ثم عطف‬ ‫َ‬ ‫حتى‬
‫صنِّف َعلَى قوله سابقا (مطلقا) قوله هُنَا‪( :‬أَ ْو فيما)؛ أَي‪ :‬فِي التصرف‬ ‫ال ُم َ‬
‫فِي شيء (اَل ينقطع وجوده غالبا)‪ .‬فلو شرَّط َعلَي ِه شرا َء شيء يندر‬
‫وجو ُده كالخيل البَلَق لَ ْم يصح‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬أن يشترط له)؛ أَي‪ :‬يشترط المالك للعامل (جزءا معلوما‬
‫قارضتك َعلَى هَ َذا‬ ‫من الربح) كنصفه أَ ْو ثلثه‪ .‬فلو قال المالك للعامل‪َ :‬‬
‫المال َعلَى أن لك فِي ِه ِشركةً أَ ْو نصيبا منه فسد القراض‪ ،‬أَ ْو َعلَى أن‬
‫الربح بيننا صح‪ ،‬ويكون الربح نصفين‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬أن اَل يُقَدَّر) القراض (بمدة) معلومة‪ ،‬كقوله‪( :‬قارضتك‬
‫سنةً)‪ .‬وأن اَل يعلق بشرط‪ ،‬كقوله‪( :‬إذا جاء رأس الشهر قارضتك)‪.‬‬ ‫َ‬
‫ضمان َعلَى العامل) فِي مال القراض (إال‬ ‫َ‬ ‫والقرض أمانة ( َو) حينئذ (اَل‬
‫بعدوان) فِي ِه‪.‬‬
‫خ‪( :‬بالعدوان)‪.‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫(وإذا حصل) فِي مال القراض (ربح وخسران جبر الخسران بالربح)‪.‬‬
‫واعلم أن عقد القراض جائز من الطرفين‪ ،‬فلكل من المالكـ والعامل فسخه‪.‬‬
‫صل فِي أحكام ال ُمساقاة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي لُ َغةً‪ :‬مشتقة من السقي‪.‬‬
‫شجر ِعنَب لمن يتعهده بسقي وتربية َعلَى أن‬ ‫َ‬ ‫َوش َْر ًعا‪ :‬دفع الشخص نخال أَ ْو‬
‫له قدرا معلوما من ثمره‪.‬‬
‫(والمساقاة جائزة َعلَى) شيئين فَقَط‪:‬‬
‫‪( .1‬النخل)‬
‫‪( .2‬وال َك ْرم)‬
‫ين و ِم ْش ِمش‪ .‬وتصح المساقاة من جائز‬ ‫فَاَل تجوز المساقاة َعلَى غيرهما كتِ ٍ‬
‫التصرف لنفسه ولصبي ومجنون بالوالية عليهما عند المصلحة‪.‬‬
‫وصيغتها‪( :‬ساقيتُكَ َعلَى َه َذا النحل بكذا‪ ،‬أَ ْو سلمته إليك لتتعهده) ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ويشترط قبول العامل‪.‬‬


‫(ولها)؛ أَي‪ :‬للمساقاة (شرطان)‪:‬‬
‫‪( .1‬أحدهما‪ :‬أن يقدرها) المالك (بمدة معلومة) كسنة هاللية‪ .‬وال يجوز‬
‫صح‪.‬‬‫تقديرها بإدراك الثمرة فِي األَ َ‬
‫‪َ ( .2‬والثَّانِي‪ :‬أن يعيّن) المالك (للعامل جزءا معلوما من الثمرة)‪ ،‬كنصفها‬
‫أَ ْو ثلثها‪.‬‬
‫فلو قال المالك للعامل‪َ ( :‬علَى أن ما فتح هللا بِ ِه من الثمرة يكون بيننا) صح‪،‬‬
‫وحمل َعلَى المناصفة‪.‬‬
‫(ثم العمل فيها َعلَى ضربين)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدهما‪( :‬عمل يعود نفعه إِلَى الثمرة)‪ ،‬كسقي النخل وتلقيحه بوضع‬
‫شيء من طلع الذكور فِي طلع اإلناث؛ (فَ ُه َو َعلَى العامل)‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬عمل يعود نفعه إِلَى األرض) كنصب الدواليب وحفر‬
‫األنهار؛ (فَ ُه َو َعلَى رب المال)‪.‬‬
‫يس من أعمال المساقاة‬ ‫وال يجوز أن يشرط المالكـ َعلَى العامل شيئا َولَ َ‬
‫كحفر نهر‪ .‬ويشترط أيضا انفراد العامل بالعمل‪.‬‬
‫فلو شرط رب المال عمل غالمه مع العامل لَ ْم يصح‪.‬‬
‫واعلم أن عقد المساقاة الزم من الطرفين‪.‬‬
‫ان أوصى بثمرة النحل المساقى عليها؛ فللعامل‬ ‫َولَ ْو خرج الثمر مستحقًا؛ َك َ‬
‫َعلَى رب المال أجرةُ المثل لعمله‪.‬‬
‫اإلجارة‬
‫صل فِي أحكام ِ‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي بكسر الهمزة فِي المشهور‪ ،‬وحكي ضمها‪َ .‬و ِه َي لُ َغةً‪ :‬اسم لألجرة‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬عق ٌد َعلَى منفعة معلومة مقصودة قابلة للبذل واإلباحة بعوض‬
‫معلوم‪.‬‬
‫المؤجر والمستأجر‪ :‬الرش ُد وعدم اإلكراه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وشرط كل من‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بمعلومة‪ :‬الجعالةُ‪.‬‬
‫وبمقصودة‪ :‬استئجا ُر تفاحة لشمها‪.‬‬
‫وبقابلة‪ :‬للبذل منفعةُ البُضع؛ فالعقد عليها اَل يسمى إجارة‪.‬‬
‫وباإلباحة‪ :‬إجارةُ الجواري للوطء‪.‬‬
‫ض‪ :‬اإلعارةُ‪.‬‬‫وبعو ٍ‬
‫وبمعلوم‪ :‬عَوضُ المساقاة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫كاستأجرت‪.‬‬ ‫وقبول؛‬
‫ٍ‬ ‫ب؛ كآجرتُك‪،‬‬ ‫وال تصح اإلجارة إال بإيجا ٍ‬

‫‪76‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صنِّف ضابطَ ما تصح إجارته بقوله‪( :‬وكل ما أمكن االنتفاع بِ ِه مع‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫بقاء عينه) كاستئجار دار للسكنى‪ ،‬ودابة للركوب (صحت إجارتُه)‪َ ،‬وإِاَل‬
‫فَاَل ‪.‬‬
‫ولصحة إجارة ما ذكر شروط؛ ذكرها بقوله‪( :‬إذا قُد َِّرت منفعته بأحد‬
‫أمرين)‪:‬‬
‫‪ .1‬أّ َّما (بمدة)؛ كآجرتك هَ ِذ ِه الدار َسنةً‪.‬‬
‫‪( .2‬أَ ْو عمل)؛ كاستأجرتك لتخيط لي هَ َذا الثوب‪.‬‬
‫وتجب األجرة فِي اإلجارة بنفس العقد‪( .‬وإطالقها يقتضي تعجيل األجرة إال‬
‫أن يشترط) فيها (التأجيل)‪ ،‬فتكون األجرة مؤجلة حينئذ‪.‬‬
‫(وال تبطل اإلجارة بموت أحد المتعاقدين)؛ أَي‪ :‬المؤجر والمستأجر‪ ،‬وال‬
‫بموت المتعاقدين‪ ،‬بَلْ تبقى اإلجارة بعد الموت إِلَى انقضاء مدتها‪ ،‬ويقوم‬
‫المؤجرة‪.‬‬
‫َ‬ ‫وارث المستأجر مقامه فِي استيفاء منفعة العين‬
‫(وتبطل) اإلجارة (بتلف العين المستأجرة)‪ ،‬كانهدام الدار وموت الدابة‬
‫وبطالن اإلجارة بما ذكر بالنظر للمستقبل‪ ،‬اَل الماضي؛ فَاَل تبطل‬ ‫ُ‬ ‫المعينة‪.‬‬
‫اإلجارة فِي ِه فِي األظهر‪ ،‬بَلْ يستقر قسطه من المسمى باعتبار أجرة المثل‪،‬‬
‫فتُقَ َّوم المنفعةُ حال العقد فِي المدة الماضية‪.‬‬
‫فإذا قِي َل‪ :‬كذا يؤخذ بتلك النسبة من المسمى‪ .‬وما تقدم من عدم االنفساخ فِي‬
‫الماضي مقيد بما بعد قبض العين المؤجرة‪ ،‬وبعد مضي ُمدة لها أجرةٌ‪َ ،‬وإِاَل‬
‫تنفسخ فِي المستقبل والماضي‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بالمعيَّنة‪ :‬ما إذا كانت الدابةُ المؤجرة فِي الذمة‪ ،‬فإن المؤجر إذا‬
‫أحضرها وماتت فِي أثناء المدة فَاَل تنفسخ اإلجارة‪ ،‬بَلْ يجب َعلَى المؤجر‬
‫إبدالها‪.‬‬
‫واعلم أن يد األجير َعلَى العين المؤجرة ي ُد أمانة‪َ ( ،‬و) حينئذ (اَل ضمان َعلَى‬
‫ان ضرب الدابة فوق العادة‪ ،‬أَ ْو أركبها شخصا‬ ‫األجير إال بعدوان) فيها‪َ ،‬ك َ‬
‫أثقل منه‪.‬‬
‫الجعالة‬
‫صل فِي أحكام ِ‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي‪ :‬بتثليث الجيم؛ ومعناها لُ َغةً‪ :‬ما يُج َعل لشخص َعلَى شيء يفعله‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬التزام مطلق التصرف عوضا معلوما َعلَى عمل معين أَ ْو مجهول‬
‫لمعين أَ ْو غيره‪.‬‬
‫(والجعالة جائزة)؛ من الطرفين‪ :‬طرف الجاعل‪ ،‬والمجعول له‪.‬‬
‫( َو ِه َي أن يشترط فِي رد ضالته عوضا معلوما) كقول مطلق التصرف‪:‬‬
‫( َمن ر َّد ضالتي فله كذا)‪.‬‬
‫ق) الرا ُّد (ذلك العوض المشروط) له‪.‬‬ ‫(فإذا ردها استح َّ‬

‫‪77‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صل فِي أحكام المخابرة‬ ‫فَ ْ‬


‫َو ِه َي‪ :‬عمل العامل فِي أرض المالك ببعض ما يخرج ِم ْنهَا‪ ،‬والبذر من‬
‫العامل‪.‬‬
‫(وإذا دفع) شخص (إِلَى رجل أرضا ليزرعها وشرط له جزءا معلوما من‬
‫َريعها لَ ْم يجز) ذلك‪ ،‬لَ ِك ْن النَّ َو ِوي‪ 1‬تبعا البن المنذر اختار جواز المخابرة‪.‬‬
‫َو َك َذا المزارعة؛ َو ِه َي عمل العامل فِي األرض ببعض ما يخرج ِم ْنهَا‪،‬‬
‫والبذر من المالك‪.‬‬
‫(وإن أكراه)؛ أَي‪ :‬شخصا (إياها)؛ أَي‪ :‬أرضا (بذهب أَ ْو فضة أَ ْو شرط له‬
‫طعاما معلوما ِفي ذمته جاز)‪.‬‬
‫أّ َّما لو دفع لشخص أرضا فيها نخل كثير أَ ْو قليل فساقاه َعلَي ِه وزرعه َعلَى‬
‫األرض فتجوز هَ ِذ ِه المزارعة تبعا للمساقاة‪.‬‬
‫صل فِي أحكام إحياء الموات‬ ‫فَ ْ‬
‫ك لها‪ ،‬وال ينتفع بها‬ ‫َوهُ َو كما قال الرَّافَ ِعي فِي الشرح الصغير أرضٌ اَل مال َ‬
‫أح ٌد‪( .‬وإحياء الموات جائز بشرطين)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدهما‪( :‬أن يكون المحي مسلما)‪ ،‬فيسن له إحياء األرض الميتة‪ ،‬سواء‬
‫ان ح َّمى اإلمام‬ ‫أذن له اإلمام أم اَل ‪ ،‬اللهُ َّم إال أن يتعلق بالموات حق‪َ ،‬ك َ‬
‫صح‪ .‬أّ َّما‬ ‫قطعة منه فأحياهاـ شخص‪ ،‬فَاَل يملكها إال بإذن اإلمام فِي األَ َ‬
‫الذمي وال ُمعاهَد وال ُمستأ َمن فليس لهم اإلحياء َولَ ْو أذن لهم اإلمام‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن تكون األرض حرة‪ ،‬لَ ْم يج ِر عليها ِمل ٌك لمسلم)‪.‬‬
‫خ (أن تكون األرض حرة)‪.‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫ان معمورا َوهُ َو اآلن خراب فَه َُو لمالكه‬ ‫صنِّف‪ :‬أن ما َك َ‬ ‫َوال ُم َراد من كالم ال ُم َ‬
‫ان أَ ْو ذميا‪ .‬وال يُملَك هَ َذا الخراب باإلحياء‪.‬‬‫إن ُعرف‪ ،‬مسلما َك َ‬
‫فإن لَ ْم يُعرف مال ُكه والعمارة إسالمية‪ ،‬فهذا المعمور مال ضائع‪ ،‬األمر فِي ِه‬
‫ان المعمور جاهليةً ُملِك‬ ‫لرأي اإلمام فِي حفظه أَ ْو بيعه وحفظ ثمنه‪ .‬وإن َك َ‬
‫باإلحياء‪.‬‬
‫ان فِي العادة عمارة لل ُمحيا)‪ ،‬ويختلف هَ َذا باختالف‬ ‫(وصفة اإلحياء ما َك َ‬
‫الغرض الذي يقصده المحي؛ فإذا أراد المحي إحياء الموات مسكنا اشترط‬
‫فِي ِه تحويط البقعة ببناء حيطانها بما جرت بِ ِه عادةُ ذلك المكان من آجر أَ ْو‬
‫ضا سقف بعضها ونصب باب‪.‬‬ ‫َح َجر أَ ْو قصب‪ .‬واشترط أَي ً‬
‫وإن أراد المحي إحياء الموات زريبة دواب فيكفي تحويط دون تحويط‬
‫السكنى‪ .‬وال يشترط السقف‪.‬‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫وإن أراد المحي إحياء الموات مزرعةً فيجمع التراب حولها‪ ،‬ويسوي‬
‫األرض ب َكسْح ُمستَعل فيها‪ ،‬وطَ ِّم ُمن َخفض‪ ،‬وترتيب ماء لها بشق ساقية من‬
‫بئر أَ ْو حفر قناة‪ ،‬فإن كفاها المطر المعتاد لَ ْم يحتج لترتيب الماء َعلَى‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وإن أراد المحي إحياء الموات بستانا فجمع التراب والتحويط حول أرض‬
‫البستان إن جرت بِ ِه عادةٌ‪ .‬ويشترط مع ذلك الغرس َعلَى المذهب‪.‬‬
‫بذل الماء‬
‫واعلم أن الماء المختص بشخص اَل يجب بذله لماشية غيره مطلقا‪.‬‬
‫( َو) إنما (يجب بذل الماء بثالثة شرائط)‪:‬‬
‫ضل عَنْ حاجته)؛ أَي‪ :‬صاحبـ الماء؛ فإن لَ ْم يفضل َع ْن‬ ‫‪ .1‬أحدها‪( :‬أن يف ُ‬
‫حاجته بدأ بنفسه‪ ،‬وال يجب بذله لغيره‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن يحتاج إليه غي ُره) أّ َّما (لنفسه أَ ْو لبهيمته)‪ .‬هَ َذا إذا َك َ‬
‫ان‬
‫هناك كالء ترعاه الماشية‪ ،‬وال يمكن رعيه إال بسقي الماء‪ .‬وال يجب‬
‫َعلَي ِه بذل الماء لزرع غيره وال لشجره‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬أن يكون) الماء فِي مقره َوهُ َو (مما يستخلف فِي بئر أَ ْو‬
‫عين)‪ .‬فإذا أخذ هَ َذا الماء فِي إناء لَ ْم يجب بذله َعلَى الصحيح‪.‬‬
‫وحيث وجب البذل للماء؛ فالمراد بِ ِه تمكين الماشية من حضورها البئ َر إن‬
‫لَ ْم يتضرر صاحب الماء فِي زرعه أَ ْو ماشيته؛ فإن تضرر بورودها منعت‬
‫ي‪ .‬وحيث وجب البذل للماء امتنع‬ ‫منه واستقى لهاالرعاة كما قاله ال َماور ِد ّ‬
‫أخذ العوض َعلَي ِه َعلَى الصحيح‪.‬‬
‫صل‬‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬الحبس‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬حبسُ ما ٍل ُم َعيَّن قابل للنقل يمكن االنتفاع بِ ِه مع بقاء عينه وقطع‬
‫التصرف فِي ِه َعلَى أن يصرف فِي جهة خير تقربا إِلَى هللا تَ َعالَى‪.‬‬
‫وشرط الواقف‪ :‬صحة عبارته وأهلية التبرع‪.‬‬
‫خ (والوقف جائز‪ ،‬وله ثالثة‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(والوقف جائز بثالثة شرائط)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫شروط)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬أن يكون) الموقوف (مما ينتفع بِ ِه مع بقاء عينه)؛ ويكون‬
‫االنتفاع مباحا مقصودا؛ فَاَل يصح وقف آلة اللهو‪ ،‬وال وقف دراهم‬
‫للزينة‪ .‬وال يشترط النفع فِي الحالـ‪ ،‬فيصح وقف عبد وجحش صغيرين‪.‬‬
‫َوأَ َّما الذي اَل تبقى عينه كمطعوم وريحان فَاَل يصح وقفه‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬أن يكون) الوقف ( َعلَى أصل موجود وفرع اَل ينقطع)؛‬
‫فخرج الوقف َعلَى من سيولد للواقف‪ ،‬ثم َعلَى الفقراءـ‪ .‬ويسمى هَ َذا‬
‫ان منقط َع األول واآلخر‪.‬‬ ‫منقطع األول؛ فإن لَ ْم يقل (ثم َعلَى الفقراء) َك َ‬
‫وقوله‪( :‬اَل ينقطع) احترا ٌز َع ْن الوقف المنقطع اآلخر‪ ،‬كقوله‪( :‬وقفت َه َذا‬
‫َعلَى زيد ثم نسله)‪ ،‬ولم يزد َعلَى ذلك‪ .‬وفيه طريقان‪ :‬أحدهما أنه باطل‬
‫صنِّف‪ ،‬لَ ِك ْن الراجح الصحة‪.‬‬ ‫كمنقطع األول‪َ ،‬وهُ َو الذي مشى َعلَي ِه ال ُم َ‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ (أن اَل يكون) الوقف (فِي محظور) بظاء ُمشالَة؛ أَي‪ُ :‬مح َرم؛‬
‫فَاَل يصح الوقف َعلَى عمارة كنيسة للتعبد‪.‬‬
‫صنِّف أنه اَل يشترط فِي الوقف ظهور قصد القربة‪ ،‬بَلْ انتفاء‬ ‫وأفهم كال ُم ال ُم َ‬
‫المعصية‪ ،‬سواء وجد فِي الوقف ظهو ُر قصد القربة كالوقف َعلَى الفقراءـ‪ ،‬أم‬
‫اَل كالوقف َعلَى األغنياء‪ .‬ويشترط فِي الوقف أن اَل يكون مؤقتا كوقفت هَ َذا‬
‫سنةً‪ .‬وأن اَل يكون معلقا كقوله‪ :‬إذا جاء رأس الشهر فقد وقفت كذا‪َ ( .‬وه َُو)؛‬
‫أَي‪ :‬الوقف ( َعلَى ما شرط الواقف) فِي ِه (من تقديم) لبعض الموقوف عليهم‪،‬‬
‫كوقفت َعلَى أوالدي األورع منهم‪( ،‬أَ ْو تأخير) كوقفت َعلَى أوالدي‪ .‬فإذا‬
‫ين‬‫انقرضوا فعلى أوالدهم‪( ،‬أَ ْو تسوية) كوقفت َعلَى أوالدي بالسوية بَ َ‬
‫ذكورهم وإناثهم‪( ،‬أَ ْو تفضيل) لبعض األوالد َعلَى بعض‪ ،‬كوقفت َعلَى‬
‫أوالدي للذكر منهم حظ األنثيين‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الهبة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي لُ َغةً‪ :‬مأخوذة من هُبوب الريح‪ .‬ويجوز أن تكون من هَبَّ من نومه إذا‬
‫استيقظ‪ ،‬فكأن فاعلها استيقظ لإلحسان‪.‬‬
‫حال الحياة بال عوض َولَ ْو من‬ ‫عين َ‬ ‫ك منج ٌز مطلق فِي ٍ‬ ‫َو ِه َي فِي الشرع‪ :‬تملي ٌ‬
‫األعلى‪.‬‬
‫فخرج‪ :‬بالمنجز‪ :‬الوصيةُ‪.‬‬
‫ك المؤقت‪.‬‬ ‫وبالمطلق‪ :‬التملي ُ‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بالعين‪ِ :‬هبَّةُ المنافع‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بحال الحياة‪ :‬الوصيةُ‪.‬‬
‫وال تصح الهبة إال‪ :‬بإيجاب وقبول‪ ،‬لفظًا‪.‬‬
‫صنِّف ضابط الموهوب فِي قوله‪( :‬وكل ما جاز بيعه جازت ِهبَّتُه)‪.‬‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫وما اَل يجوز بيعه كمجهول اَل تجوز هبته إال حبتي حنطة ونحوهما‪ ،‬فَاَل‬
‫يجوز بيعهما ويجوز هبتهما وال تملك‪.‬‬
‫(وال تلزم الهبة إال بالقبض) بإذن الواهب؛ فلو مات الموهوب له أَ ْو الواهب‬
‫قبل قبض الهبة لَ ْم تنفسخ الهبة‪ ،‬وقام وارثه مقا َمه فِي القبض واإلقباض‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(وإذا قبضها الموهوب له لَ ْم يكن للواهب أن يرجع فيها إال أن يكون والدا)‬
‫وإن عال‪.‬‬
‫(وإذا أعمر) شخص (شيئا)؛ أَي‪ :‬دارا مثال‪ ،‬كقوله‪( :‬أعمرتُك َه ِذ ِه الدار)‪،‬‬
‫(أَ ْو أرقبه) إياها‪ ،‬كقوله‪( :‬أرقبتك َه ِذ ِه الدار وجعلتها لك رقبي)؛ أَي‪ :‬إن إن‬
‫ان) ذلك‬ ‫ت قبلك استقرت لك‪ ،‬فقبل وقبض ( َك َ‬ ‫ي‪ ،‬وإن ِم ُّ‬ ‫ت قبلي عادت إل َّ‬ ‫ِم َّ‬
‫الشيء (لل ُم َع َّمر أَ ْو للم َرقَّب) بلفظ اسم المفعول فيهما (ولورثته من بعده)‪.‬‬
‫ويلغو الشرط المذكور‪.‬‬
‫صل فِي أحكام اللُّقَطة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي‪ :‬بفتح القاف؛ اسم للشيء ال ُملتَقَط‪.‬‬
‫ومعناها شر ًعا‪ :‬ما ٌل ضاع من مالكه بسقوط أَ ْو غفلة ونحوهما‪.‬‬
‫ان أَ ْو اَل‬
‫ان أَ ْو اَل ‪ ،‬فاسقا َك َ‬
‫ان أَ ْو اَل ‪ ،‬مسلما َك َ‬‫(وإذا وجد) شخص بالغا َك َ‬
‫(لُقَطةً فِي موات أَ ْو طريق فله أخذها أَ ْو تركها؛ َو) لَ ِك ْن (أخذها أولى من‬
‫ان) اآلخذ لها ( َعلَى ثِقة من القيام بها)‪.‬‬ ‫تركها إن َك َ‬
‫غير أَ ْخ ٍذ لَ ْم يضمنها‪ ،‬وال يجب اإلشهاد َعلَى التقاطها لتملك أَ ْو‬ ‫فلو تركها من ِ‬
‫حفظ‪ .‬وينزع القاضي اللقطة من الفاسق ويضعها عند َع ْدل‪.‬‬
‫وال يعتمد تعريف الفاسق اللقطةَ بَلْ يضم القاضي إليه رقيبا َع ْدالً يمنعه من‬
‫الخيانة فيها‪.‬‬
‫وينزع الولي اللقطة من يد الصبي ويُعرِّفها‪ ،‬ثم بعد التعريف يتملك اللقطة‬
‫للصبي إن رأى المصلحة فِي تملكها له‪.‬‬
‫عقب أخذها‬ ‫َ‬ ‫(وإذا أخذها)؛ أَي‪ :‬اللقطة (وجب َعلَي ِه أن يَع ِرف) فِي اللقطة‬
‫صهاـ)‪َ ،‬وهُ َو بِ َم ْعنَى‬ ‫(ستة أشياء‪ِ :‬وعاءهاـ) من جلد أَ ْو خرقة مثال‪( ،‬و ِعفا َ‬
‫الوعاء (و ِوكاءهاـ) بالمد‪َ ،‬وهُ َو الخيط الذي تربط بِ ِه‪( ،‬وجنسها) من ذهب أَ ْو‬
‫فضة‪( ،‬وعددها‪ ،‬ووزنها)‪ .‬ويُ ْعرف بفتح أوله وسكون ثانيه من المعرفة‪ ،‬اَل‬
‫من التعريف‪َ ( .‬و) أن (يحفظها) حتما (فِي حرز مثلها‪ ،‬ثم) بعد ما ذكر (إذا‬
‫أراد) الملتقط (تملكها ع َّرفها) بتشديد الراء من التعريف‪ ،‬اَل من المعرفة‬
‫(سنةً َعلَى أبواب المساجد) عند خروج الناس من الجماعة‪( ،‬وفي الموضع‬
‫الذي وجدها فِي ِه)‪ ،‬وفي األسواق ونحوها من مجامع الناس‪ .‬ويكون‬
‫التعريف َعلَى العادة زمانا ومكانا‪ .‬وابتداء ال َسنة يحسب من وقت التعريف‪،‬‬
‫اَل من وقت االلتقاط‪ .‬وال يجب استيعاب السنة بالتعريف‪ ،‬بَلْ يُع ِّرف أوالً ك َّل‬
‫وقت القيلولة‪ ،‬ثم يُ َعرِّ ف بعد ذلك كل‬ ‫َ‬ ‫يوم مرتين طرفَي النهار‪ ،‬اَل ليال‪ ،‬وال‬
‫أسبوع مرةً أَ ْو مرتين‪ .‬ويذكر الملتقط فِي تعريف اللقطة بعض أوصافها؛‬
‫فإن بالغ فيها ضمن‪ ،‬وال يلزمه مؤنة التعريف إن أخذ اللقطة ليحفظها َعلَى‬
‫مالكها‪ ،‬بَلْ يرتبها القاضي من بيت المال أَ ْو يقترضها َعلَى المالكـ‪ .‬وإن أخذ‬

‫‪81‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫اللقطة ليتملكها وجب َعلَي ِه تعريفها ولزمه مؤنة تعريفها‪ ،‬سواء تملكها بعد‬
‫ذلك أم اَل ‪ .‬ومن التقط شيأ حقيرا اَل يُعرِّ فه َسنةً‪ ،‬بَلْ يعرفه زمنا يظن أن فاقده‬
‫يعرض عنه بعد ذلك الزمن‪( .‬فإن لَ ْم يجد صاحبها) بعد تعريفها سنة ( َك َ‬
‫ان‬
‫ضي السنة‪،‬‬ ‫له أن يتملكها بشرط الضمان) لها‪ .‬وال يتملكها الملتقطُ بمجرد ُم ِ‬
‫بَلْ اَل بد من لفظ يدل َعلَى التملك‪ ،‬كتملكت هَ ِذ ِه اللقطة‪ .‬فإن تملكها وظهر‬
‫مالكها َو ِه َي باقية واتفقا َعلَى رد عينها أَ ْو بدلها‪ ،‬فاألمر فِي ِه واضح؛ وإن‬
‫تنازعا فطلبها المالك وأراد الملتقط العدول إِلَى بدلها أجيب المالكـ فِي‬
‫صح‪ .‬وإن تَلِفَت اللقطة بعد تملكها غرم الملتقط مثلَها إن كانت مثلية‪ ،‬أَ ْو‬ ‫األَ َ‬
‫قيمتَها إن كانت متقومة يو َم التملك لها‪ .‬وإن نقصت بعيب فله أخذها مع‬
‫خ (وجملة اللقطة) ( َعلَى‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫صح‪( .‬واللقطة) َوفِي بَع ِ‬ ‫اإلرش فِي األَ َ‬
‫أربعة أضرب)‪:‬‬
‫‪( .1‬أحدها‪ :‬ما يبقى َعلَى الدوام) كذهب وفضة؛ (فهذا)؛ أَي‪ :‬ما سبق من‬
‫تعريفها سنةً وتملكها بعد السنة (حكمه)؛ أَي‪ :‬حكم ما يبقى َعلَى الدوام‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الضربـ (الثَانِي‪ :‬ما اَل يبقى) َعلَى الدوام‪( ،‬كالطعام الرطب؛ فَ ُه َو)‬
‫ين) خصلتين (أكلِه وغر ِمه) أَ ْو غرم قيمته (أَ ْو بيعه‬ ‫الملتقط له ( ُم َخيَّر بَ َ‬
‫وحفظ ثمنه) إِلَى ظهور مالكه‪.‬‬
‫والعنب (فيفعل ما فِي ِه‬ ‫‪َ ( .3‬والثَّالِث‪ :‬ما يبقى بعالج) فِي ِه‪( ،‬كالرطب) ِ‬
‫المصلحة‪ِ ،‬من بيعه وحفظـ ثمنه‪ ،‬أَ ْو تجفيفه وحفظه) إِلَى ظهور مالكه‪.‬‬
‫‪( .4‬والرابع‪ :‬ما يحتاج إِلَى نفقة‪ ،‬كالحيوان؛ َو ُه َو ضربان)‪:‬‬
‫أحدهما‪( :‬حيوان اَل يمتنع بنفسه) من صغار السباع كغنم و ِعجل؛ (فَ ُه َو)؛‬
‫ين) ثالثة أشياء‪( :‬أكله وغرم ثمنه‪ ،‬أَ ْو تركه) بال‬ ‫أَي‪ :‬الملتقط (مخير) فِي ِه (بَ َ‬
‫أكل (والتطوع باإلنفاق َعلَي ِه أَ ْو بيعه وحفظ ثمنه) إِلَى ظهور مالكه‪.‬‬
‫( َو) الثَانِي‪( :‬حيوان يمتنع بنفسه) من صغار السباع‪ ،‬كبعير وفرس؛ (فإن‬
‫وجده) الملتقط (فِي الصحراء تركه) وحرم التقاطه للتملك‪ .‬فلو أخذه للتملك‬
‫ين األشياء الثالثة‬ ‫مخيَّر بَ َ‬‫ضمنه‪( ،‬وإن وجده) الملتقط (فِي الحضر؛ فَ ُه َو َ‬
‫فِي ِه)‪َ .‬وال ُم َراد الثالثة السابقة فيما اَل يمتنع‪.‬‬
‫صل فِي أحكام اللقيط‬ ‫فَ ْ‬
‫منبوذ اَل كافِ َل له من أب أَ ْو جد أَ ْو ما يقوم مقامهما‪ .‬ويلحق‬ ‫ٌ‬ ‫صبي‬
‫ٌّ‬ ‫َوه َُو‪:‬‬
‫بالصبي كما قال بعضهم‪ :‬المجنون البالغ‪.‬‬
‫(وإذا ُو ِجد لقيطٌ) بِ َم ْعنَى ملقوط (بقارعة الطريق فأ َ ْخ ُذه) ِم ْنهَا (وتربيته‬
‫وكفالتُه واجبةٌ َعلَى الكفاية)‪ .‬فإذا التقطه بعض ممن هُ َو أهل لحضانة اللقيط‬
‫سقط اإلث ُم َع ْن الباقي؛ فإن لَ ْم يلتقطه أح ٌد أَثِم الجمي ُع‪.‬‬
‫صح‪ :‬اإلشهاد َعلَى التقاطه‪.‬‬ ‫َولَ ْو علم بِ ِه واح ٌد فَقَط تعيَّن َعلَي ِه؛ َويَ ِجبُ فِي األَ َ‬

‫‪82‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صنِّف لشرط الملتقط بقوله‪( :‬وال يُقَ ُّر) اللقيط (إال فِي يد أمين) ُح ٍّر‬ ‫وأشار ال ُم َ‬
‫مسلم رشيد؛ (فإن ُوجد معه)؛ أَي‪ :‬اللقيط (مال أنفق َعلَي ِه الحاكم منه)‪ .‬وال‬
‫ينفق الملتقط َعلَي ِه منه إال بإذن الحاكم‪( .‬وإن لَ ْم يوجد معه)؛ أَي‪ :‬اللقيط‬
‫(مال فنفقته) كائنة (فِي بيت المال) إن لَ ْم يكن له مال عام كالوقف َعلَى‬
‫اللقطاء‪.‬‬
‫خ‪( :‬اللقطى)‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ض النُّ َ‬
‫َوفِي بَ ْع ِ‬
‫صل فِي أحكام الوديعة‬ ‫فَ ْ‬
‫ِه َي‪ :‬فَ ِعيلة ِم ْن َو َد َع إذا ترك‪ .‬وتطلق لُ َغةً‪َ :‬علَى الشيء المودوع عند غير‬
‫صاحبه للحفظ‪.‬‬
‫وتطلق شرعًا‪َ :‬علَى العقد المقتضي لالستحفاظ‪( .‬والوديعة أمانة) فِي يد‬
‫الوديع‪( .‬ويُستحب قبولُها لمن قام باألمانة فيها) إن َك َ‬
‫ان ثَ َّم غيرُه‪َ ،‬وإِاَل‬
‫وجب قبولها كما أطلقه جم ٌع‪ .‬قال فِي الروضة كأصلها‪ :‬وهذا محمول َعلَى‬
‫أصل القبول‪ ،‬دون إتالف منفعته وحرزه مجانا‪.‬‬
‫(وال يضمن) الوديع الوديعةَ (إال بالتعدي) فيها‪.‬‬
‫يرة مذكورة فِي المطوالت؛ ِم ْن َها‪ :‬أن يُو ِدع الوديعةَ عند‬ ‫وصور التعدي َكثِ َ‬
‫غيره بال إذن من المالكـ‪ ،‬وال عذر من الوديع‪.‬‬
‫َو ِم ْن َها‪ :‬أن ينقلها من محلة أَ ْو دار إِلَى أخرى دونها فِي الحرز‪.‬‬
‫(وقول ال ُمو َدع) بفتح الدال (مقبول فِي ردها َعلَى ال ُمو ِدع) بكسر الدال‪.‬‬
‫(وعليه)؛ أَي‪ :‬الوديع (أن يحفظها فِي حرز مثلها)؛ فإن لَ ْم يفعل ضمن‪.‬‬
‫(وإذا طولب) الوديع (بها)؛ أَي‪ :‬الوديعة (فلم يخرجها مع القدرة عليها‬
‫إخراجها لعذر لَ ْم يضمن‪.‬‬
‫َ‬ ‫حتى تلفت ضمن)‪ .‬فإن أ َّخر‬
‫ِكتَاب أحكام الفرائض والوصايا‬
‫والفرائض جمع فريضة‪ ،‬بِ َم ْعنَى مفروضة من الفرض بِ َم ْعنَى التقدير؛‬
‫صيَّة ِم ْن‬ ‫والفريضة شرعًا اسم نصيب مقدر لمستحقه‪ .‬والوصايا جمع َو ِ‬
‫ع بحق مضاف‬ ‫صيت الشي َء بالشيء إذا وصلته ِب ِه‪ .‬والوصية شرعًا تبر ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َو‬
‫لما بعد الموت‪.‬‬
‫(والوارثون من الرجال) المجمع َعلَى إرثهم (عشرة)‪ :‬باالختصار‪،‬‬
‫صنِّف العشرة بقوله‪:‬‬‫وبالبسط خمسةَ عشر‪ .‬و َع َّد ال ُم َ‬
‫‪( .1‬االبن)‬
‫‪( .2‬وابن االبن وإن سفل)‬
‫‪( .3‬واألب)‬
‫‪( .4‬والجد وإن عال)‬
‫‪( .5‬واألخ)‬

‫‪83‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪( .6‬وابن األخ وإن تراخى)‬


‫‪( .7‬والعم)‬
‫‪( .8‬وابن العم وإن تباعدا)‬
‫‪( .9‬والزوج)‬
‫‪( .10‬والمولى المعتق) إلخ‪.‬‬
‫ث منهم ثالثةٌ‪:‬‬ ‫َولَ ْو اجتمع كل الرجال َو ِر َ‬
‫‪ .1‬األب‬
‫‪ .2‬واإلبن‬
‫‪ .3‬والزوج فَقَط‬
‫وال يكون الميت فِي هَ ِذ ِه الصورة إال امرأة‪.‬‬
‫(والوارثات من النساء) المجمع َعلَى إرثهن (سب ٌع)؛ باالختصار؛ وبالبسط‬
‫صنِّف السب َع فِي قوله‪:‬‬ ‫عشرةٌ؛ و َع َّد ال ُم َ‬
‫‪( .1‬البنت)‬
‫‪( .2‬وبنت االبن) وإن سفلت‬
‫‪( .3‬واألم)‬
‫‪( .4‬والجدة) وإن علت‬
‫‪( .5‬واألخت)‬
‫‪( .6‬والزوجة)‬
‫‪( .7‬والموالة المعتقة) إلخ‪.‬‬
‫َولَ ْو اجتمع كل النساء فَقَط َو ِرث منهن خمس‪:‬‬
‫‪ .1‬البنت‬
‫‪ .2‬وبنت اإلبن‬
‫‪ .3‬واألم‬
‫‪ .4‬والزوجة‬
‫‪ .5‬واألخت الشقيقة‬
‫وال يكون الميت فِي هَ ِذ ِه الصورة إال رجال‪.‬‬
‫بحال خمسةٌ)‪:‬‬‫(ومن اَل يسقط) من الورثة ( ٍ‬
‫(الزوجان)؛ أَي‪ :‬الزوج والزوجة‪.‬‬
‫(واألبوان)؛ أَي‪ :‬األب واألم‪.‬‬
‫ان أَ ْو أنثى‪.‬‬‫(وولد الصلب)؛ ذكرًا َك َ‬
‫(ومن اَل يرث بحال سبعة)‪:‬‬
‫‪( .1‬العبد) واألمة‪َ .‬ولَ ْو عبر بالرقيق لكان أولى‪.‬‬
‫‪( .2‬والمدبر)‪،‬‬

‫‪84‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪( .3‬وأم الولد)‪،‬‬


‫‪( .4‬والمكاتب)‪َ .‬وأَ َّما الذي بعضه ُح ٌّر إذا مات َع ْن مال ملكه ببعضه الحرُّ‬
‫ورثه قريبُه الحر وزوجته ومعتق بعضه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ان قتله مضمونا أم اَل ‪.‬‬ ‫‪( .5‬والقاتل) اَل يرث ممن قتله‪ ،‬سواء َك َ‬
‫‪( .6‬والمرتد)‪ .‬ومثله الزنديق‪َ ،‬وهُ َو من يُخفي الكف َر ويُظهر اإلسال َم‪.‬‬
‫ويرث الكاف ُر من‬ ‫‪( .7‬وأهل ِملَّتين)؛ فَاَل يرث مسلم من كافر‪ ،‬وال عكسه‪ِ .‬‬
‫الكافر وإن اختلف ملتهما‪ ،‬كيهودي ونصراني‪ .‬وال يرث حربي من‬
‫ذمي‪ ،‬وعكسه‪ .‬والمرتد اَل يرث من مرتد وال من مسلم وال من كافر‪.‬‬
‫يس له‬‫خ (العصبةُ)؛ َوأُ ِري َد بِ َها‪ :‬من َولَ َ‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وأقرب العصبات)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫حال تعصيبه سهم مقدر من المجمع َعلَى توريثهم‪ .‬وسبق بيانهم‪.‬‬
‫والجد؛ فإن لكل ِم ْنهُ َما سهما‬ ‫َ‬ ‫حال التعصيب؛ ليدخل األبُ‬ ‫وإنما اعتبر السهم َ‬
‫مقدرا فِي غير التعصيب‪.‬‬
‫صنِّف األقربية فِي قوله‪( :‬االبن‪ ،‬ثم ابنه‪ ،‬ثم األب‪ ،‬ثم أبوه‪ ،‬ثم‬ ‫ثم ع َّد ال ُم َ‬
‫األخ لألب واألم‪ ،‬ثم األخ لألب‪ ،‬ثم ابن األخ لألب واألم‪ ،‬ثم ابن األخ لألب)‬
‫إلخ‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬ثم العم َعلَى َه َذا الترتيب‪ ،‬ثم ابنه)؛ أَي‪ :‬فيقدم العم لألبوين ثم‬
‫لألب‪ ،‬ثم بنو العم كذلك‪ ،‬ثم يقدم عم األب من األبوين ثم من األب‪ ،‬ثم‬
‫بنوهما كذلك‪ ،‬ثم يقدم عم الجد من األبوين‪ ،‬ثم من األب‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫(فإن َع ِد َمت العصبات) من النسب‪ ،‬والميت عتيق (فالمولى المعتق) يرثه‬
‫ان المعتق أَ ْو أنثى‪ .‬فإن لَ ْم يوجد للميت عصبة بالنسب‪،‬‬ ‫بالعصوبة‪ ،‬ذكرا َك َ‬
‫وال عصبة بالوالء فماله لبيت المال‪.‬‬
‫الفروض المقدرة‬
‫خ‪( :‬والفروض المقدرة فِي ِكتَاب‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(والفروض المذكورة)؛ َوفِي بَع ِ‬
‫هللا تَ َعالَى ستة)‪ :‬اَل يُزاد عليها‪ ،‬وال يُنقص ِم ْنهَا إال لعارض كالعول؛ والستة‬
‫ِه َي‪:‬‬
‫‪( .1‬النصف)‬
‫‪( .2‬وال ُربع)‬
‫‪( .3‬والثمن)‬
‫‪( .4‬والثلثان)‬
‫‪( .5‬والثلث)‬
‫‪( .6‬والسدس)‬
‫وقد يُعبَّر الفرضيون َع ْن ذلك بعبارة مختصرة؛ َو ِه َي‪ :‬الربع والثلث؛‬
‫وضعف كل ونصف كل‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(فالنصف فرض خمسة)‪:‬‬


‫‪( .1‬البنت)‬
‫‪( .2‬وبنت االبن) إذا انفرد كل ِم ْنهُ َما َع ْن ذكر يعصبها‬
‫‪( .3‬واألخت من األب واألم)‬
‫‪( .4‬واألخت من األب) إذا انفرد كل ِم ْنهُ َما َع ْن ذكر يعصبها‬
‫ان الولد أَ ْو أنثى‪ ،‬وال ولد ابن‪.‬‬ ‫‪( .5‬والزوج إذا لَ ْم يكن معه ول ٌد)‪ ،‬ذكرا َك َ‬
‫والربع فرض اثنين)‪:‬‬ ‫( ُّ‬
‫ان ذلك الولد منه أَ ْو من غيره‪.‬‬ ‫‪( .1‬الزوج مع الولد أَ ْو ولد االبن)‪ ،‬سواء َك َ‬
‫‪َ ( .2‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬الربع (فرض الزوجة) والزوجتين (والزوجات مع عدم‬
‫الولد أَ ْو ولد االبن)‪.‬‬
‫واألفصح فِي الزوجة‪ :‬حذف التاء‪ ،‬ولكن إثباتها فِي الفرائض أحسن للتمييز‪.‬‬
‫(والثمن فرض)‪:‬‬
‫‪( .1‬الزوجة) والزوجين (والزوجات مع الولد أَ ْو ولد االبن) يشتركن كلهن‬
‫فِي الثمن‪.‬‬
‫(والثلثان فرض أربعة)‪:‬‬
‫خ؛ (وبنات‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫‪( .1‬البنتين) فأكثر‪( ،‬وبنتي االبن) فأكثر‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫االبن)‪( ،‬واألختين من األب واألم) فأكثر‪( ،‬واألختين من األب) فأكثر‪.‬‬
‫ان معهن ذكر فقد يزدن‬ ‫وهذا عند انفراد كل ِم ْنهُ َما َع ْن إخوتهن؛ فإن َك َ‬
‫َعلَى الثلثين‪ ،‬كما لو ُك َّن عشرا والذكر واحدا فلهن عشرة من اثني عشر‪،‬‬
‫َو ِه َي أكثر من ثلثيها‪ ،‬وقد ينقصن كبنتين مع ابنين‪.‬‬
‫(والثلث فرض اثنين)‪:‬‬
‫‪( .1‬األم إذا لَ ْم تحجب)‪ .‬وهذا إذا لَ ْم يكن للميت ولد‪ ،‬وال ولد ابن أَ ْو اثنان من‬
‫اإلخوة واألخوات‪ ،‬سواء كن أشقاء أَ ْو ألب أَ ْو ألم‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬الثلث (لالثنين فصاعدا من اإلخوة واألخوات من ولد‬
‫األم)‪ ،‬ذكورا كانوا أَ ْو إناثا أَ ْو خناثى‪ ،‬أَ ْو البعض كذا‪ ،‬والبعض كذا‪.‬‬
‫(والسدس فرض سبعة)‪:‬‬
‫‪( .1‬األم مع الولد‪ ،‬أَ ْو ولد االبن‪ ،‬أَ ْو اثنين فصاعدا من اإلخوة واألخوات)‪،‬‬
‫ين كون البعض كذا؛ والبعض كذا‪.‬‬ ‫ين األشقاء وغيرهم؛ وال بَ َ‬ ‫وال فرق بَ َ‬
‫‪َ ( .2‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬السدس (للجدة عند عدم األم)‪ .‬وللجدتين والثالث‪.‬‬
‫‪( .3‬ولبنت االبن مع بنت الصلب) لتكملة الثلثين‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬السدس (لألخت من األب مع األخت من األب واألم) لتكملة‬
‫الثلثين‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .5‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬السدس (فرض األب مع الولد أَ ْو ول ِد االبن)‪ .‬ويدخل فِي‬
‫الميت بنتا وأبا فللبنت النصف‪ ،‬ولألب السدس‬ ‫ُ‬ ‫صنِّف ما لو خلف‬ ‫كالم ال ُم َ‬
‫فرضا‪ ،‬والباقي تعصيبا‪.‬‬
‫‪( .6‬وفرض الجد) الوارث (عند عدم األب)‪ .‬وقد يُ ْف َرض للجد السدس أيضا‬
‫ان سدس المال خيرا له من‬ ‫ان معه ذو فرض‪َ ،‬و َك َ‬ ‫مع اإلخوة‪ ،‬كما لو َك َ‬
‫المقاسمة‪ ،‬ومن ثلث الباقي كبنتين وجد وثالثة إخوة‪.‬‬
‫ان أَ ْو أنثى‪.‬‬ ‫‪َ ( .7‬وه َُو)؛ أَي‪ :‬السدس (فرض الواحد من ولد األم)؛ ً‬
‫ذكرا َك َ‬
‫(وتسقط الجدات) سواء ق ُربْن أَ ْو بعُدن (باألم) فَقَط‪َ ( ،‬و) تسقط (األجدا ُد‬
‫باألب‪ ،‬ويسقط ول ُد األم)؛ أَي‪ :‬األخ لألم (مع) وجود (أربعة الول ِد) ذكرا‬
‫ان أَ ْو أنثى ( َو) مع (ول ِد االبن) كذلك ( َو) مع ( ِّ‬
‫األب والج ّد) وإن عال‪.‬‬ ‫َك َ‬
‫وابن االبن) وإن سفل‪َ ( ،‬و) مع‬ ‫ِ‬ ‫(ويسقط األخ لألب واألم مع ثالثة االبن‪،‬‬
‫األب)‪.‬‬
‫( ّ‬
‫(ويسقط ولد األب) بأربعة‪:‬‬
‫(بهؤالء الثالثة)؛ أَي‪ :‬االبن‪ ،‬وابن االبن‪ ،‬واألب‪( ،‬وباألخ لألب واألم)‪.‬‬
‫(وأربعة يعصبون أخواتِهم)؛ أَي‪ :‬اإلناث؛ للذكر مثل حظ األنثيين‪:‬‬
‫‪( .1‬االبن)‬
‫‪( .2‬وابن االبن)‬
‫‪( .3‬واألخ من األب واألم)‬
‫‪( .4‬واألخ من األب)‬
‫أّ َّما األخ من األم فَاَل يعصب أخته؛ بَلْ لَهُ َما الثلث‪.‬‬
‫(وأربعة يرثون دون أخواتهم؛ وهم)‪:‬‬
‫‪( .1‬األعمام)‬
‫‪( .2‬وبنو األعمام)‬
‫‪( .3‬وبنو األخ)‬
‫‪( .4‬وعصبات المولى المعتق)‪.‬‬
‫وإنما انفردوا َع ْن أخواتهم؛ ألنهم عصبة وارثون وأخواتهم من ذوي‬
‫األرحام اَل يرثون‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الوصية‬ ‫فَ ْ‬
‫أوائل ِكتَاب الفرائض‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وسبق معناها لُ َغةً َوشَرْ عًا؛‬
‫الموصى بِ ِه‪ :‬أن يكون معلوما وموجودا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ويشترط فِي‬
‫( َو) حينئذ (تجوز الوصية بالمعلوم والمجهول) كاللبن فِي الضرع‪،‬‬
‫(وبالموجود والمعدوم) كالوصية بثمر هَ ِذ ِه الشجرة قبل وجود الثمرة‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الموصي؛ (فإن زاد) َعلَى‬ ‫ِ‬ ‫( َو ِه َي)؛ أَي‪ :‬الوصية (من الثلث)؛ أَي‪ :‬ثلث مال‬
‫الثلث (وقف) الزائد ( َعلَى إجازة الورثة) المطلقين التصرف؛ فإن أجازوا‬
‫فإجازتهم تنفيذ للوصية بالزائد‪ ،‬وإن ردوه بطلت فِي الزائد‪.‬‬
‫(وال تجوز الوصية لوارث) وإن كانت ببعض الثلثـ (إال أن يجيزها باقي‬
‫الورثة) المطلقين التصرف‪.‬‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫خ‪:‬‬ ‫صنِّف شرط الموصي فِي قوله‪( :‬وتصح)؛ َوفِي بَع ِ‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫ان كافرا أَ ْو‬ ‫(وتجوز)؛ (الوصية من كل بالغ عاقل)؛ أَي‪ :‬مختار حر وإن َك َ‬
‫محجورا َعلَي ِه بسفه؛ فَاَل تصح وصية مجنون ومغمى َعلَي ِه وصبي ومك َره‪.‬‬
‫ان معينا فِي قوله‪( :‬لكل مت َملِّك)؛ أَي‪ :‬لكل من‬ ‫وصى له إذا َك َ‬‫وذكر شرط ال ُم َ‬
‫وحم ٍل موجو ٍد عند‬ ‫يتصور له الملك من صغير وكبير‪ ،‬وكامل ومجنون‪َ ،‬‬
‫الوصية‪ ،‬بأن ينفصل أِل َق َّل ِمن ستة أشهر من وقت الوصية‪.‬‬
‫ان الموصى له جهة عامة؛ فإن الشرط فِي هَ َذا أن اَل‬ ‫َو َخ َر َج‪ :‬بمعين‪ :‬ما إذا َك َ‬
‫تكون الوصية جهة معصية‪ ،‬كعمارة كنيسة من مسلم أَ ْو كافر للتعبد فيها‪.‬‬
‫( َو) تصح الوصية (فِي سبيل هللا تَ َعالَى)؛ وتصرف للغزاة‪.‬‬
‫خ بدل سبيل هللا‪( :‬وفي سبيل البر)؛ أَي‪ :‬كالوصية للفقراء أَ ْو‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫لبناء مسجد‪.‬‬
‫(وتصح الوصية)؛ أَي‪ :‬اإليصاء بقضاء الديون وتنفيذ الوصايا والنظر فِي‬
‫أمر األطفال (إِلَى من اجتمعت فِي ِه خمس خصال)‪:‬‬
‫‪( .1‬اإلسالم)‬
‫‪( .2‬والبلوغ)‬
‫‪( .3‬والعقل)‬
‫‪( .4‬والحرية)‬
‫‪( .5‬واألمانة)‬
‫صنِّف َع ْن العدالة؛ فَاَل يصح اإليصاء ألضداد من ذكر‪ ،‬لَ ِك ْن‬ ‫واكتفى بها ال ُم َ‬
‫صح جواز وصية ذمي إِلَى ذمي َع ْدل فِي دينه َعلَى أوالد الكفار‪.‬‬ ‫األَ َ‬
‫ويشترط أيضا فِي الوصي أن اَل يكون عاجزا َع ْن التصرف؛ فالعاجزـ عنه‬
‫ل ِكبر أَ ْو هرم مثال‪ ،‬اَل يصح اإليصاء إليه‪ .‬وإذا اجتمعت فِي أم الطفل‬
‫الشرائط المذكورة فهي أولى من غيرها‪.‬‬
‫ِكتَاب أحكام النكاح وما يتعلق بِ ِه من األَ ْح َكام والقضايا‬
‫خ‪( :‬وما يتصل ِب ِه من األَ ْح َكام والقضايا)‪ .‬وهذه الكلمة‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫ساقطة من بعض نسخ المتن‪.‬‬
‫والنكاح يطلق لُ َغةً‪َ :‬علَى الضم والوطء والعقد‪.‬‬
‫ويطلق شر ًعا‪َ :‬علَى عقد مشتمل َعلَى األركان والشروط‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ستح ٌّب لمن يحتاج إليه) بتَوقَان نفسه للوطء‪ ،‬ويجد أُ ْهبَته ك َمهر‬ ‫(والنكاح ُم َ‬
‫ُستحب له النكاح‪.‬‬ ‫ونفقة؛ فإن فقد األُهبَة لَ ْم ي َ‬
‫ين أربع حرائر) فَقَط إال أن تتعين الواحدةُ فِي حقه‪،‬‬ ‫للح ِّر أن يجمع بَ َ‬ ‫(ويجوز ُ‬
‫كنكاح سفيه ونحوه مما يتوقف َعلَى الحاجة‪.‬‬
‫( َو) يجوز (للعبد) َولَ ْو مدبرا أَ ْو مبعضا أَ ْو مكاتبا أَ ْو معلقا عتقُه بصفة (أن‬
‫ين اثنتين)؛ أَي‪ :‬زوجتين فَقَط‪.‬‬ ‫يجمع بَ َ‬
‫الحر أَمةً) لغيره (إال بشرطين)‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫(وال ينكح‬
‫‪( .1‬عدم صداق الحرة) أَ ْو فقد الحرة أَ ْو عدم رضاها بِ ِه‪.‬‬
‫‪( .2‬وخوف العنت)؛ أَي‪ :‬الزنا ُمدة فَ ْق ِد الحرة‪.‬‬
‫صنِّف شرطين آخرين‪:‬‬ ‫وترك ال ُم َ‬
‫أحدهما‪ :‬أن اَل يكون تحته حرة مسلمة أَ ْو كتابية تصلح لالستمتاع‪.‬‬
‫َوالثَّانِي‪ :‬إسالم األَمة الَتِي ينكحها الحرُّ ؛ فَاَل يحل لمسلم أمةٌ كتابية‪.‬‬
‫وإذا نكح الحر أمةً بالشروط المذكورة ثم أيسر ونكح حرةً لَ ْم ينفسخ نكاح‬
‫األمة‪( .‬ونظر الرجل إِلَى المرأة َعلَى سبعة أضرب)‪:‬‬
‫ان شيخا هرما عاجزا َع ْن الوطء (إِلَى أجنبية لغير‬ ‫‪( .1‬أحدها‪ :‬نظره) َولَ ْو َك َ‬
‫ان النظر لحاجة كشهادة عليها‬ ‫حاجة) إِلَى نظرها (فغير جائز)؛ فإن َك َ‬
‫جاز‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬والثَّانِي‪ :‬نظره)؛ أَي‪ :‬الرجل (إِلَى زوجته وأمته؛ فيجوز أن ينظر) من‬
‫كل ِم ْنهَا (إِلَى ما عدا الفرج ِم ْن ُه َما)‪ .‬أّ َّما الفرج فيحرم نظره؛ وهذا وجه‬
‫صح جواز النظر إليه لَ ِك ْن مع الكراهة‪.‬‬ ‫ضعيف‪َ ،‬واألَ َ‬
‫‪َ ( .3‬والثَّالِث‪ :‬نظره إِلَى ذوات محارمه) بنسب أَ ْو رضاع أَ ْو مصاهرة (أَ ْو‬
‫ين السرة والركبة)‪ .‬أّ َّما‬ ‫أمته المز َّوجة‪ ،‬فيجوز) أن ينظر (فيما عدا ما بَ َ‬
‫الذي بينهما فيحرم نظره‪.‬‬
‫‪( .4‬والرابع‪ :‬النظر) إِلَى األجنية (ألجل) حاجة (النكاح؛ فيجوز) للشخص‬
‫عند عزمه َعلَى نكاح امرأة النظ ُر (إِلَى الوجه والكفين) ِم ْنهَا ظاهرا‬
‫وباطنا وإن لَ ْم تأذن له الزوجة فِي ذلك‪ ،‬وينظر من األمة َعلَى ترجيح‬
‫النَّ َو ِوي‪ 1‬عند قصد خطبتها ما ينظره من الحرة‪.‬‬
‫‪( .5‬والخامس‪ :‬النظر للمداواة؛ فيجوز) نظر الطبيب من األجنبية (إِلَى‬
‫المواضع الَتِي يحتاج إليها) فِي ال ُمداواة حتى مداواة الفرج‪ .‬ويكون ذلك‬
‫بحضور محرم أَ ْو زوج أَ ْو سيد‪ ،‬وأن اَل تكون هناك امرأة تُعالجها‪.‬‬
‫‪( .6‬والسادس‪ :‬النظر للشهادة) عليها فينظر الشاهد فرجها عند شهادته‬
‫بزناها أَ ْو والدتها؛ فإن تعمد النظر لغير الشهادة فسق‪ ،‬و ُر َّدت شهادتُه‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(أَ ْو) النظر (للمعاملة) للمرأة فِي بيع وغيره؛ (فيجوز النظر)؛ أَي‪ :‬نظره‬
‫لها‪ .‬وقوله‪( :‬إِلَى الوجه) ِم ْنهَا (خاصة) يرجع للشهادة وللمعاملة‪.‬‬
‫‪( .7‬والسابع‪ :‬النظر إِلَى األمة عند ابتياعها)؛ أَي‪ :‬شرائها؛ (فيجوز) النظر‬
‫(إِلَى المواضع الَتِي يحتاج إِلَى تقليبها)؛ فينظر أطرافها وشعرها‪ ،‬اَل‬
‫عورتها‪.‬‬
‫صل فيما اَل يصح النكاح إال بِ ِه‬ ‫فَ ْ‬
‫خ (بول ّي ذكر)‪َ ،‬وهُ َو‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وال يصح عقد النكاح إال بول ّي) عدل‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫غيرها‪َ ( .‬و) اَل يصح عقد‬ ‫زوج نف َسها وال َ‬‫احتراز َع ْن األنثى؛ فإنها اَل تُ ِّ‬
‫صنِّف شرط كل من‬ ‫النكاح أيضا إال بحضور (شاه َدي عدل)‪ .‬وذكر ال ُم َ‬
‫الولي والشاهدين فِي قوله‪( :‬ويفتقر الولي والشاهدان إِلَى ستة شرائط)‪:‬‬
‫صنِّف‬ ‫‪ .1‬األول‪( :‬اإلسالم)؛ فَاَل يكون ُّ‬
‫ولي المرأ ِة كافرًا إال فيما يستثنيه ال ُم َ‬
‫بع ُد‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬البلوغ)؛ فَاَل يكون ول ّي المرأة صغيرا‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬العقل)؛ فَاَل يكون ول ّي المرأة مجنونا‪ ،‬سواء أطبق جنونُه‬
‫أَ ْو تقطع‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬الحرية)؛ فَاَل يكون الول ّي عبدا فِي إيجاب النكاح‪ .‬ويجوز‬
‫أن يكون قابال فِي النكاح‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬الذكورة)؛ فَاَل تكون المرأة والخنثى وليين‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس‪( :‬العدالة)؛ فَاَل يكون الول ّي فاسقا‪.‬‬
‫صنِّف من ذلك ما تضمنه قوله‪( :‬إال أنه اَل يفتقر نكاح الذمية‬ ‫واستثنى ال ُم َ‬
‫إِلَى إسالم الولي‪ ،‬وال) يفتقر (نكاح األمة إِلَى عدالة السيد)؛ فيجوز كونه‬
‫فاسقا‪.‬‬
‫وجميع ما سبق فِي الولي يعتبر فِي شاهدي النكاح‪َ .‬وأَ َّما العمى فَاَل يقدح فِي‬
‫الوالية فِي األَ َ‬
‫صح ‪.‬‬
‫(وأولى الوالة)؛ أَي‪ :‬حق األولياء بالتزويج (األب‪ ،‬ثم الجد أبو األب) ثم‬
‫أبوه وهكذا‪ .‬ويقدم األقرب من األجداد َعلَى األبعد‪( ،‬ثم األخ لألب واألم)‬
‫َولَ ْو عبر بالشقيق لكان أحصر‪( ،‬ثم األخ لألب‪ ،‬ثم ابن األخ لألب واألم) وإن‬
‫سفل‪( ،‬ثم ابن األخ لألب) وإن سفل‪( ،‬ثم العم) الشقيق ثم العم لألب‪( ،‬ثم‬
‫ابنه)؛ أَي‪ :‬ابن كل ِم ْنهُ َما وإن سفل ( َعلَى َه َذا الترتيب)‪ ،‬فيقدم ابن العم‬
‫الشقيق َعلَى ابن العم لألب‪.‬‬
‫(فإذا عدمت العصبات) من النسب (فالمولى المعتق) الذكر‪( ،‬ثم عصابته)‬
‫َعلَى ترتيب اإلرث‪ .‬أّ َّما الموالة المعتقة إذا كانت حيةً فيزوج عتيقتها َمن‬
‫يزوج المعتقة بالترتيب السابق فِي أولياء النسب‪ .‬فإذا ماتت المعتقة ز َّوج‬ ‫ِّ‬

‫‪90‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫عتيقتها من له الوالء َعلَى المعتقة ثم ابنه ثم ابن ابنه‪( ،‬ثم الحاكم) يزوج عند‬
‫فقد األولياء من النسب والوالء‪.‬‬
‫الخطبة بكسر الخاء‪َ ،‬و ِه َي التماس الخاطب من‬ ‫صنِّف فِي بيان ِ‬ ‫ثم َش َر َع ال ُم َ‬
‫المخطوبة النكاح؛ فقال‪( :‬وال يجوز أن يصرح بخطبة معتدة) َع ْن وفاة أَ ْو‬
‫طالق بائن أَ ْو رجعي‪.‬‬
‫نكاحك)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫والتصريح ما يقطع بالرغبة فِي النكاح كقوله للمعتدة‪( :‬أريد‬
‫بالخطبة‬‫(ويجوز) إن لَ ْم تكن المعتدة َع ْن طالق رجعي (أن يعرض لها) ِ‬
‫(وينكحها بعد انقضاء عدتها)‪.‬‬
‫والتعريض‪ :‬ما اَل يقطع بالرغبة فِي النكاح‪ ،‬بَلْ يحتملها كقول الخاطب‬
‫فيك)‪.‬‬
‫ب ِ‬ ‫ب راغ ٍ‬ ‫للمرأة‪ُ ( :‬ر َّ‬
‫أّ َّما المرأةُ الخلية من موانع النكاح وعن خطبة سابقة فيجوز خطبتها‬
‫تعريضا وتصريحا‪.‬‬
‫(والنساء َعلَى ضربين‪ :‬ثيبات‪ ،‬وأبكار)‪ .‬والثيب‪ :‬من زالت بكارتها بوطء‬
‫حالل أوحرام‪ ،‬والبكر عكسها؛ (فالبكر‪ :‬يجوز لألب والجد) عند عدم األب‬
‫أصال أَ ْو عدم أهليته (إجبارها)؛ أَي‪ :‬البكر ( َعلَى النكاح) إن ُوجدت شروطُ‬
‫اإلجبار بكون الزوجة غير موطوأة بقبل وأن تزوج بكفء بمهر مثلها من‬
‫نقد البلد‪( .‬والثيب اَل يجوز) لوليها (تزويجها إال بعد بلوغها وإذنها) نطقا‪،‬‬
‫اَل سكوتًا‪.‬‬
‫صل‬ ‫فَ ْ‬
‫(والمحرمات)؛ أَي‪ :‬المحرم نكاحهن (بالنص أربع عشرة)‪َ :‬وفِي بَع ِ‬
‫ْض‬
‫خ (أربعة عشر)؛ (سبع بالنسب؛ وهن)‪:‬‬ ‫النُّ َس ِ‬
‫‪( .1‬األم وإن علت)‬
‫‪( .2‬والبنت وإن سفلت)‪ .‬أّ َّما المخلوقة من ماء زنا شخص فت ِحلُّ له َعلَى‬
‫صح‪ ،‬لَ ِك ْن مع الكراهة‪ ،‬وسواء كانت ال ُمزنَى بها مطاوعة أَ ْو اَل ‪َ .‬وأَ َّما‬ ‫األَ َ‬
‫المرأة فَاَل يحل لها ول ُدها من الزنا‪.‬‬
‫‪( .3‬واألخت) شقيقة كانت أَ ْو ألب أَ ْو ألم‪.‬‬
‫‪( .4‬والخالة) حقيقة أَ ْو بتوسط كخالة األب واألم‪.‬‬
‫‪( .5‬والعمة) حقيقة أَ ْو بتوسط كعمة األب‪,‬‬
‫‪( .6‬وبنت األخ) وبنات أوالده من ذكر أَ ْو أنثى‪.‬‬
‫‪( .7‬وبنت األخت) وبنات أوالدها من ذكر أَ ْو أنثى‪.‬‬
‫صنِّف َعلَى قوله سابقا (سبع) قوله هُنَا‪( :‬واثنتان)؛ أَي‪:‬‬ ‫وعطف ال ُم َ‬
‫المحرمات بالنص اثنتان‪( :‬بالرضاع) وهما‪:‬‬
‫المرضعة)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪( .1‬األم‬

‫‪91‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪( .2‬واألخت من الرضاع)‪.‬‬


‫صنِّف َعلَى االثنتين للنص عليهما فِي اآلية‪َ ،‬وإِاَل فالسبع‬ ‫وإنما اقتصر ال ُم َ‬
‫المحرمة بالنسب تحرم بالرضاع أيضا كما سيأتي التصريح بِ ِه فِي كالم‬
‫المتن‪.‬‬
‫( َو) المحرماتـ بالنص (أربع بالمصاهرة) وهن‪:‬‬
‫‪( .1‬أم الزوجة) وإن علت أمها‪ ،‬سواء من نسب أَ ْو رضاع‪ ،‬سواء وقع‬
‫دخول الزوج بالزوجة أم اَل ‪.‬‬
‫‪( .2‬والربيبة)؛ أَي‪ :‬بنت الزوجة (إذا دخل باألم)‪.‬‬
‫‪( .3‬وزوجة األب) وإن عال‪.‬‬
‫‪( .4‬وزوجة االبن) وإن سفل‪.‬‬
‫والمحرمات السابقة حرمتها َعلَى التأبيد‪( ،‬وواحدة) حرمتُها اَل َعلَى التأبيد‪،‬‬
‫بَلْ (من جهة الجمع) فَقَط‪َ ( .‬و ِه َي)‪:‬‬
‫‪( .1‬أخت الزوجة)؛ فَاَل يُج َمع بينها وبين أختها من أب أَ ْو أم وبينهما نسبٌ‬
‫ع‪َ ،‬ولَ ْو رضيت أختُها بالجمع‪.‬‬ ‫أَ ْو رضا ٌ‬
‫ين المرأة وخالتهاـ)؛ فإن جمع‬ ‫ين المرأة وعمتها‪ ،‬وال بَ َ‬ ‫(وال يجمع) أيضا (بَ َ‬
‫ين من حرم الجمع بينهما بعقد واحد نكحهما فِي ِه بطل نكاحهما‪ ،‬أَ ْو‬ ‫الشخص بَ َ‬
‫لَ ْم يجمع بينهما‪ ،‬بَلْ نكحهما مرتبا‪ ،‬فالثاني هُ َو الباطل إن علمت السابقة؛ فإن‬
‫جهلت بطل نكاحهما‪ ،‬وإن علمت السابقة ثم نسيت منع ِم ْنهُ َما‪.‬‬
‫ومن حرم جمعهما بنكاح حرم جمعهما أيضا فِي الوطء بملك اليمين‪َ ،‬و َك َذا‬
‫لو كانت إحداهما زوجةً واألخرى مملوكة‪ .‬فإن وطئ واحدة من المملوكتين‬
‫حرمت األخرى حتى يحرم األولى بطريق من الطرق كبيعها أَ ْو تزويجها‪.‬‬
‫وأشار لضابط كلي بقوله‪( :‬ويحرم من الرضاع‪ :‬ما يحرم من النسب)‪.‬‬
‫وسبق أن الذي يحرم من النسب سبع‪ ،‬فيحرم بالرضاع تلك السبع أيضا‪.‬‬
‫ثم َش َر َع فِي عيوب النكاح المثبتة للخيارـ فِي ِه‪ ،‬فقال‪( :‬وترد المرأة)؛ أَي‪:‬‬
‫الزوجة (بخمسة عيوب)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬بالجنون)‪ ،‬سواء أطبق أَ ْو تقطع قبل العالج أَ ْو اَل ‪ ،‬فخرج‬
‫اإلغماء؛ فَاَل يثبت بِ ِه الخيار فِي فسخ النكاح َولَ ْو دام‪ ،‬خالفا للمتولي‪.‬‬
‫الجذام) بذال المعجمة‪َ ،‬وهُ َو علة يحمر ِم ْنهَا العضو‬ ‫‪َ ( .2‬و) ثانيها‪ :‬بوجود ( ُ‬
‫ثم يسود ثم يتقطع ثم يتناثر‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪ :‬بوجود (البرص)‪َ ،‬وهُ َو بياض فِي الجلد يذهب َدم الجلد وما‬
‫تحته من اللحم؛ فخرج البهق‪َ ،‬وهُ َو ما يُغيِّر الجلد من غير إذهاب د ِّمه؛‬
‫فَاَل يثبت بِ ِه الخيار‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪ :‬بوجود (الرتق)‪َ ،‬وهُ َو انسداد محل الجماع بلحم‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ظم‪ .‬وما عدا‬ ‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪ :‬بوجود (القَرن)‪َ ،‬وهُ َو انسداد محل الجماع ب َع ْ‬
‫هَ ِذ ِه العيوب كالبخر والصنان اَل يثبت بِ ِه الخيار‪.‬‬
‫(ويرد الرجل) أيضا؛ أَي‪ :‬الزوج (بخمسة عيوب)‪:‬‬
‫‪( .1‬بالجنون)‬
‫‪( .2‬والجذام)‬
‫‪( .3‬والبرص)‪ .‬وسبق معناها‪.‬‬
‫الج ِّب)‪َ ،‬وهُ َو قطع الذكر كله أَ ْو بعضه والباقي منه دون‬ ‫‪َ ( .4‬و) بوجود ( َ‬
‫الحشفة؛ فإن بقي قدرها فأكثر فَاَل خيار‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) بوجود (ال ُعنة) بضم العين‪َ ،‬وهُ َو عجز الزوج َع ْن الوطء فِي القبل‬
‫لسقوط القوة الناشرة لضعف فِي قلبه أَ ْو آلته‪.‬‬
‫ويشترط فِي العيوب المذكورة الرفع فيها إِلَى القاضيـ‪.‬‬
‫ي‬‫وال ينفرد الزوجان بالتراضي بالفسخ فيها كما يقتضيه كالم ال َماور ِد ّ‬
‫وغيره‪ ،‬لَ ِك ْن ظاهر النص خالفه‪.‬‬
‫صداق‬ ‫صل فِي أحكام ال َّ‬ ‫فَ ْ‬
‫الصدق بفتح الصاد‪َ .‬وهُ َو‬ ‫ق من‪َ :‬‬ ‫َوهُ َو بفتح الصاد؛ أفصح من كسرها‪ .‬مشت ٌ‬
‫اسم‪ :‬لشديد الصلبـ‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬اسم لمال واجب َعلَى الرجل بنكاح أَ ْو وطء شبهة أَ ْو موت‪.‬‬
‫(ويستحب تسمية المهر فِي) عقد (النكاح) َولَ ْو فِي نكاح عبد السيد أمته‪.‬‬
‫ان‪ ،‬ولكن يسن عدم النقص َع ْن عشرة دراهم‬ ‫ويكفي تسمية؛ أَي‪ :‬شيء َك َ‬
‫وعدم الزيادة َعلَى خمسمائة درهم خالصة‪.‬‬
‫وأشعر قوله‪( :‬يستحب) بجواز إخالء النكاح َع ْن المهر‪َ ،‬وهُ َو كذلك‪.‬‬
‫س َّم) فِي عقد النكاح مه ٌر (صح العقد)‪ .‬وهذا معنى التفويض‪.‬‬ ‫(فإن لَ ْم يُ َ‬
‫ويصدر تارةً من الزوجة البالغة الرشيدة كقولها لوليها‪َ ( :‬ز ِّو ْجني بال مهر)‬
‫فيزوجها الولي وينفي المهر أَ ْو يسكت عنه‪َ .‬و َك َذا‬ ‫ِّ‬ ‫أَ ْو ( َعلَى أن اَل مهر لي)؛‬
‫لو قال سيد األمة لشخص‪( :‬ز َّوجتُك أمتي) ونفى المهر أَ ْو سكت‪.‬‬
‫( َو) إذا صح التفويض (وجب المهر) فِي ِه (بثالثة أشياء)‪َ :‬و ِه َي‪:‬‬
‫‪( .1‬أن يفرضه الزوج َعلَى نفسه) وترضى الزوجة بما فرضه‪،‬‬
‫مهر المثل‪.‬‬‫‪( .2‬أَ ْو يفرضه الحاكم) َعلَى الزوج ويكون المفروض َعلَي ِه َ‬
‫ويشترط علم القاضيـ بقدره‪ .‬أّ َّما رضا الزوجين بما يفرضه فَاَل يشترط‪،‬‬
‫فوضة قبل فرض من‬ ‫‪( .3‬أَ ْو يدخل)؛ أَي‪ :‬الزوج (بها)؛ أَي‪ :‬الزوجة ال ُم ِّ‬
‫الزوج أَ ْو الحاكم؛ (فَيَ ِجب) لها (مهر المثل) بنفس الدخول‪ .‬ويعتبر هَ َذا‬
‫صح‪ .‬وإن مات أحد الزوجين قبل فرض ووطء‬ ‫المهر بحال العقد فِي األَ َ‬
‫وجب مهر مثل فِي األظهر‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫َوال ُم َراد بمهر المثل قدر ما يرغب بِ ِه فِي مثلها عادةً‪( .‬وليس ألقل الصداق)‬
‫ح ٌّد معيَّن فِي القلة (وال ألكثره حد) معين فِي الكثرة‪ ،‬بَلْ الضابط فِي ذلك أن‬
‫كل شيء صح جعله ثمنا من عين أَ ْو منفعة صح جعله صداقا‪ .‬وسبق أن‬
‫المستحب عدم النقص َع ْن عشرة دراهم وعدم الزيادة َعلَى خمسمائة درهم‪.‬‬
‫(ويجوز أن يتزوجها َعلَى منفعة معلومة) كتعليمها القرآن‪( .‬ويسقط‬
‫بالطالق قب َل الدخول بها نصفُ المهر)‪ .‬أّ َّما بعد الدخول َولَ ْو مرةً واحدة‬
‫حال إحرامها‬ ‫ان الدخول حراما كوطء الزوج زوجته َ‬ ‫فَيَ ِجب كل المهر َولَ ْو َك َ‬
‫ق بموت أحد الزوجين‪ ،‬اَل بخلوة الزوج‬ ‫أَ ْو حيضها‪َ .‬ويَ ِجبُ كل المهر َك َما َسبَ َ‬
‫بها فِي الجديد‪ .‬وإذا قتلت الحرة نفسها قبل الدخول بها اَل يسقط مهرها‪،‬‬
‫ف ما لو قتلت األمة نفسها أَ ْو قتلها سيدها قبل الدخول فإنه يسقط‬ ‫بِ ِخاَل ِ‬
‫مهرها‪.‬‬
‫صل‬ ‫فَ ْ‬
‫(والوليمة َعلَى ال ُعرس‪ :‬مستحبة)‪َ .‬وال ُم َراد بها‪ :‬طعام يتخذ للعرس‪.‬‬
‫وقال الشافعي‪ :‬تصدق الوليمة َعلَى كل دعوة لحادث سرور‪ .‬وأقلها‪ :‬للمكثر‬
‫شاةٌ‪ .‬وللمقل‪ :‬ما تيسر‪ .‬وأنواعها َكثِي َرة مذكورة فِي المطوالت‪.‬‬
‫صح‪.‬‬ ‫(واإلجابة إليها)؛ أَي‪ :‬وليمة العرس (واجبة)؛ أَي‪ :‬فرض عين فِي األَ َ‬
‫صح‪.‬‬ ‫وال يجب األكل ِم ْنهَا فِي األَ َ‬
‫أّ َّما اإلجابة لغير وليمة العرس من بقية الوالئم فليست فرض عين‪ ،‬بَلْ ِه َي‬
‫سنة‪.‬‬
‫وإنما تجب الدعوة لوليمة العرس أَ ْو تسن لغيرها بشرط أن اَل يخص الداعي‬
‫األغنياء بالدعوة‪ ،‬بَلْ يدعوهم والفقراءـ وأن يدعوهم فِي اليوم األول‪.‬‬
‫فإن أَ ْولَم ثالثةَ أيام لَ ْم تجب اإلجابة فِي اليوم الثَانِي‪ ،‬بَلْ تستحب‪ ،‬وتكره فِي‬
‫اليوم الثَّالِث‪.‬‬
‫وبقية الشروط مذكورة فِي المطوالت‪.‬‬
‫ان يكون فِي موضع‬ ‫وقوله (إال من عذر)؛ أَي‪ :‬مانع من اإلجابة للوليمة‪َ ،‬ك َ‬
‫الدعوة من يتأذي بِ ِه المدعو أَ ْو اَل تليق بِ ِه مجالسته‪.‬‬
‫سم والنشوز‬
‫صل فِي أحكام القِ ْ‬ ‫فَ ْ‬
‫األول‪ :‬من جهة الزوج‪َ .‬والثَّانِي‪ :‬من جهة الزوجة‪.‬‬
‫َو َم ْعنَى نشوزها‪ :‬ارتفاعها َع ْن أداء الحق الواجب عليها‪.‬‬
‫ان فِي عصمة شخص زوجتان فأكثر اَل يجب َعلَي ِه القِسْم بينهما أَ ْو‬ ‫وإذا َك َ‬
‫بينهن حتى لو أعرض عنهن أَ ْو َع ْن الواحدة؛ فلم يبت عندهن أَ ْو عندها لَ ْم‬
‫يأثم‪ ،‬ولكن يستحب أن اَل يعطلهن من المبيت‪ ،‬وال الواحدة أيضا‪ ،‬بأن يبيت‬

‫‪94‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫عندهن أَ ْو عندها‪ .‬وأدنى درجات الواحدة أن اَل يخليها كل أربع ليال َع ْن‬
‫ليلة‪.‬‬
‫ين الزوجات‪ :‬واجبة)‪.‬‬ ‫سم ب َ َ‬
‫(والتسوية فِي القِ ْ‬
‫وتعتبر التسوية‪ :‬بالمكان تارةً‪ ،‬وبالزمان أخرى‪.‬‬
‫ين الزوجتين فأكثر فِي مسكن واحد إال بالرضا‪.‬‬ ‫أّ َّما المكان فيُحرم الجمع بَ َ‬
‫َوأَ َّما الزمان فمن لَ ْم يكن حارسا مثال فعماد القِسْم فِي حقه اللي ُل‪ ،‬والنها ُر تبع‬
‫له‪.‬‬
‫ان حارسا فعماد القِسْم فِي حقه النها ُر‪ ،‬واللي ُل تبع له‪.‬‬ ‫ومن َك َ‬
‫(وال يدخل) الزوج ليالً ( َعلَى غير المقسوم لها لغير حاجة)‪ .‬فإن َك َ‬
‫ان‬
‫لحاجة كعيادة ونحوها لَ ْم يمنع من الدخول؛ وحينئذ إن طال مكثه قضى من‬
‫نوبة المدخول عليها مثل مكثه؛ فإن جامع قضى زمن الجماع إال أن يقصر‬
‫زمنه فَاَل يقضيه‪( .‬وإذا أراد) من فِي عصمته زوجات (السف َر أقرع بينهن‬
‫َو َخ َر َج)؛ أَي‪ :‬سافر (بالتي تخرج لها القرعةُ)‪ .‬وال يقضي الزوج المسافر‬
‫للمتخلفاتـ ُمدة سفره ذهابا؛ فإن وصل مقصده وصار مقيما بأن نوى إقامة‬
‫مؤثرة أول سفره أَ ْو عند وصول مقصده أَ ْو قبل وصوله قضى ُمدة اإلقامة‬
‫ي؛ َوإِاَل لَ ْم يقض‪ .‬أّ َّما‬ ‫إن ساكن المصحوبة معه فِي السفر كما قاله ال َماور ِد ّ‬
‫ُمدة الرجوع فَاَل يجب َعلَى الزوج قضاؤها بعد إقامته‪.‬‬
‫ان عند الزوج‬ ‫صها) حتما َولَ ْو كانت أمةً‪َ ،‬و َك َ‬ ‫(وإذا تزوج) الزوج (جديدةً خ َّ‬
‫غير الجديدة َوهُ َو يبيت عندها (بسبع ليال) متوالياتـ (إن كانت) تلك الجديدة‬
‫(بِكرا)‪ .‬وال يقضي للباقياتـ‪َ ( ،‬و) خصها (بثالث) متوالياتـ (إن كانت) تلك‬
‫الجديدة (ثيبا)‪.‬‬
‫فلو فرق الليالي بنومه ليلةً عند الجديدة وليلةً فِي مسجد مثال اليحسب لها‬
‫ذلك‪ ،‬بَلْ يوفى الجديدة حقها متواليا ويقضي ما فرقه للباقيات‪.‬‬
‫ان نشو ُز‬‫خ (وإذا بَ َ‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬ ‫َ‬
‫نشوز المرأة)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬ ‫(وإذا خاف) الزوج (‬
‫المرأة)؛ أَي‪ :‬ظهر ( َو َعظَهاـ) زوجُها بال ضرب وال هجر لها‪ ،‬كقوله لها‪:‬‬
‫(اتقي هللا فِي الحق الواجب لي عليك‪ ،‬واعلمي أن النشوز ُمسقِط للنفقة‬
‫والقسم)‪.‬‬
‫وليس الشتم للزوج من النشوز‪ ،‬بَلْ تستحق بِ ِه التأديب من الزوج فِي‬
‫صح‪ ،‬وال يرفعها إِلَى القاضي‪( .‬فإن أبت) بعد الوعظ (إال النشوز‬ ‫األَ َ‬
‫هجرها) فِي مضجعها‪َ ،‬وهُ َو فراشها؛ فَاَل يضاجعها فِي ِه‪ .‬وهجرانها بالكالم‬
‫حرام فيما زاد َعلَى ثالثة أيام‪ .‬وقال فِي الروضة‪ :‬أنه فِي الهجر بغير عذر‬
‫شرعي؛ َوإِاَل فَاَل تحرم الزيادة َعلَى الثالثة‪( .‬فإن أقامت َعلَي ِه)؛ أَي‪ :‬النشوز‬

‫‪95‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫بتكرره ِم ْنهَا (هجرها وضربها) ضرب تأديب لها‪ .‬وإن أفضى ضربها إِلَى‬
‫التلف وجب الغرم‪( .‬ويسقط بالنشوز قس ُمها ونفقتها)‪.‬‬
‫صل فِي أحكام ُ‬
‫الخلع‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو بضم الخاءـ المعجمة مشتق من ال َخلعـ بفتحها؛ َوه َُو‪ :‬النزع‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬فُرقةٌ بعوض مقصود؛ فخرج الخلع َعلَى َدم ونحوه‪.‬‬
‫ان َعلَى‬ ‫(والخلع جائز َعلَى عوض معلوم) مقدور َعلَى تسليمه؛ فإن َك َ‬
‫ان خالعها َعلَى ثوب غير معين بَانَت بمهر المثل‪.‬‬ ‫عوض مجهول‪َ ،‬ك َ‬
‫( َو) الخلع الصحيح (تملك بِ ِه المرأة نفسها‪ ،‬وال رجعةَ له)؛ أَي‪ :‬الزوج‬
‫ان العوض صحيحاـ أَ ْو اَل ‪.‬‬ ‫(عليها) سواء َك َ‬
‫وقوله‪( :‬إال بنكاح جديد) ساقط فِي أكثر النسخ‪( .‬ويجوز الخلع فِي الطهر‬
‫وفي الحيض)‪ .‬وال يكون حراما‪( .‬وال يلحق المختلعة الطالق) بِ ِخاَل ِ‬
‫ف‬
‫الرجعية فيلحقها‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الطالق‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً‪َ :‬حلُّ القَيد‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬اسم ل َحلِّ قَيد النكاح‪.‬‬
‫ويشترط لنفوذه‪ :‬التكليف واالختيار‪.‬‬
‫َوأَ َّما السكران فينفذ طالقه عقوبةً له‪.‬‬
‫(والطالق ضربان‪ :‬صريح‪ ،‬وكناية)؛ فالصريح‪ :‬ما اَل يحتمل غير الطالق‪.‬‬
‫والكناية‪ :‬ما تحتمل غيره‪.‬‬
‫َولَ ْو تلفظ الزوج بالصريح‪ ،‬وقال‪( :‬لَ ْم أُ ِرد بِ ِه الطال َ‬
‫ق)‪ ،‬لَ ْم يقبل قولُه؛‬
‫ق‬‫(فالصريح ثالثة ألفاظ‪ :‬الطالق) وما اشتق منه‪ ،‬كطلقتك‪ ،‬وأنت طال ٌ‬
‫ومطلقةٌ‪( ،‬والفراق‪ ،‬والسراح) كفارقتك‪ ،‬وأنت مفارقة‪ ،‬وسرحتك‪ ،‬وأنت‬
‫مسرحة‪ .‬ومن الصريح أيضا الخلع إن ذكر المال‪َ .‬و َك َذا المفاداة‪( .‬وال يفتقر‬
‫صريح الطالق إِلَى النية)‪َ .‬ويُ ْستَ ْثنَى ال ُمك َره َعلَى الطالق؛ فصريحه كناية فِي‬
‫حقه‪ ،‬إن نوى وقع‪َ ،‬وإِاَل فَاَل ‪( .‬والكناية كل لفظ احتمل الطالق وغيره‪،‬‬
‫ويفتقر إِلَى النية)؛ فإن نوى بالكناية الطالق وقع‪َ ،‬وإِاَل فَاَل ‪ .‬وكناية الطالق‬
‫بأهلك‪ ،‬وغير ذلك مما هُ َو فِي المطوالت‪( .‬والنساء‬ ‫ِ‬ ‫الحقِي‬
‫ت بَرية خلية‪َ ،‬‬ ‫كأن ِ‬
‫فِي ِه)؛ أَي‪ :‬الطالق (ضربان)‪:‬‬
‫صنِّف‬ ‫سنةٌ وبدعة‪ ،‬وهن ذواتُ الحيض)‪ .‬وأراد ال ُم َ‬ ‫(ضرب فِي طالقهن ُ‬
‫بالسُنة الطالق الجائز‪ ،‬وبالبدعة الطالق الحرام؛ (فالسنة أن يُوقِع) الزوج‬
‫ق فِي‬ ‫(الطالق فِي طهر غير ُمجا َمع فِي ِه؛ والبدعة أن يوقع) الزوج (الطال َ‬
‫الحيض أَ ْو ِفي طهر جا َم َعها فِي ِه)‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫يس فِي طالقهن سنة وال بدعة؛ وهن أربع‪ :‬الصغيرة‪،‬‬ ‫(وضرب َولَ َ‬
‫واآليسة)‪َ ،‬و ِه َي الَتِي انقطع حيضها‪( ،‬والحامل‪ ،‬والمختلعة الَتِي لَ ْم يدخل‬
‫بها) الزو ُج‪ .‬وينقسم الطالق باعتبار آخر إِلَى واجب كطالق ال ُمولي‪،‬‬
‫ومندوب كطالق امرأة غير مستقمية الحالـ كسيئة ال ُخلُق‪ ،‬ومكروه كطالق‬
‫مستقمية الحال‪ ،‬وحرام كطالق البدعة وقد سبق‪ .‬وأشار اإلمام للطالق‬
‫المباح بطالق من اَل يهواها الزوج وال تسمح نفسه بمؤنتها بال استمتاع بها‪.‬‬
‫صل فِي حكم طالق الحر والعبد وغير ذلك‬ ‫فَ ْ‬
‫الحر) َعلَى زوجته َولَ ْو كانت أَمةً (ثالث تطليقات‪َ ،‬و)‬ ‫(ويملك) الزوج ( ُ‬
‫يملك (العبد) عليها (تطليقتين) فَقَط‪ ،‬حرةً كانت الزوجة أَ ْو أمة‪ .‬والمبعض‬
‫والمكاتب والمدبر كالعبد القن‪.‬‬
‫(ويصح االستثناء فِي الطالق إذا وصله بِ ِه)؛ أَي‪ :‬وصل الزوج لفظ‬
‫المستثنى بالمستثنى منه اتصااًل ُعرفيا‪ ،‬بأن يُع َّد فِي العرف كالما واحدا‪.‬‬
‫ويشترط أيضا أن ينوي االستثناء قبل فراغ اليمين‪ .‬وال يكفي التلفظ ِب ِه من‬
‫غير نية االستثناء‪.‬‬
‫ت‬
‫ويشترط أيضا عدم استغراق المستثنى المستثنى منه؛ فإن استغرق كـ (أن ِ‬
‫طالق ثالثا إال ثالثا) بطل االستثناء‪.‬‬
‫ت‬
‫الدار فأن ِ‬ ‫َ‬ ‫(ويصح تعليقه)؛ أَي‪ :‬الطالق (بالصفة والشرط) كـ (إن دخل ِ‬
‫ت‬
‫ق)؛ فتطلق إذا دخلَت‪َ ( .‬و) الطالق اَل يقع إال َعلَى زوجة‪ .‬وحينئذ (اَل يقع‬ ‫طال ٌ‬
‫الطالق قبل النكاح)؛ فَاَل يصح طالق األجنبية تنجيزا كقوله لها‪( :‬طلقتُ ِك)‪.‬‬
‫ت طالق)‪( .‬وإن تزوجت فالنة فهي‬ ‫تزوجتك فأن ِ‬
‫ِ‬ ‫وال تعليقا كقوله لها‪( :‬إن‬
‫طالق)‪.‬‬
‫(وأربع اَل يقع طالقهم‪ :‬الصبي‪ ،‬والمجنون)‪ .‬وفي معناه المغمى َعلَي ِه‪،‬‬
‫ان بحق وقع‪ .‬وصورته كما قال‬ ‫والمكره)؛ أَي‪ :‬بغير حق؛ فإن َك َ‬ ‫َ‬ ‫(والنائم‪،‬‬
‫جم ٌع إكراه القاضيـ لل ُمولي بعد ُمدة اإليالء َعلَى الطالق‪.‬‬
‫كره بكسر الراء َعلَى تحقيق ما هدد بِ ِه ال ُمك َره‬ ‫وشرط اإلكراه‪ :‬قدرة ال ُم ِ‬
‫المكره بكسرها‬ ‫ِ‬ ‫المكره بفتح الراء َع ْن دفع‬ ‫َ‬ ‫بفتحها بوالية أَ ْو تغلب‪ ،‬وعجز‬
‫بهرب منه أَ ْو استغاثة بمن يخلصه ونحو ذلك‪ ،‬وظنه أنه إن امتنع مما أكره‬
‫َعلَي ِه فعل ما خ َّوفه‪ .‬ويحصل اإلكراه بالتخويف بضرب شديد أَ ْو حبس أَ ْو‬
‫المكره بفتح الراء قرينة اختيار‪ ،‬بأن‬ ‫َ‬ ‫إتالف مال ونحو ذلك‪ .‬وإذا ظهر من‬
‫أكرهه شخصٌ َعلَى طالق ثالث فطلق واحدةً وقع الطالق‪ .‬وإذا صدر تعليق‬
‫الطالق بصفة من مكلف ووجدت تلك الصفة فِي غير تكليف فإن الطالق‬
‫المعلق بها يقع بها‪ .‬والسكران ينفذ طالقه َك َما َسبَ َ‬
‫ق‪.‬‬
‫الر ْجعة‬
‫صل فِي أحكام َ‬ ‫فَ ْ‬

‫‪97‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الرَّجعة بفتح الراء‪ ،‬وحكي كسرها‪َ .‬و ِه َي لُ َغةً‪ :‬المرة من الرجوع‪.‬‬


‫َوش َْر ًعا‪ :‬رد الزوجة إِلَى النكاح فِي عدة طالق غير بائن َعلَى وجه‬
‫مخصوص‪.‬‬
‫ق وط ُء الشبهة والظها ُر؛ فإن استباحةَ الوطء فيهما بعد زوال‬ ‫َو َخ َر َج‪ :‬بطال ٍ‬
‫المانع اَل تسمى رجعة‪.‬‬
‫(وإذا طلق) شخص (امرأته واحدة أَ ْو اثنتين فله) بغير إذنها (مراجعتُها‬
‫مالم تنقض عدتُها)‪ .‬وتحصل الرجعة من الناطق بألفاظ‪ِ ،‬م ْنهَا (راجعتُ ِك)‬
‫صح أن قول المرتجع‪( :‬رددتُك لنكاحي‪ ،‬وأمسكتك‬ ‫وما تصرف ِم ْنهَا‪َ .‬واألَ َ‬
‫َعلَي ِه) صريحان فِي الرجعة‪ .‬وأن قوله‪( :‬تزوجتُك أَ ْو نكحتُك) كنايتان‪.‬‬
‫وشرط المرتجع إن لَ ْم يكن محرما أهليةُ النكاح بنفسه؛ وحينئذ فتصح رجعة‬
‫السكران‪ ،‬اَل رجعة المرتد‪ ،‬وال رجعة الصبي والمجنون؛ ألن كال منهم غي ُر‬
‫ف السفيه والعبد فرجعتهما صحيحة من غير إذن‬ ‫أهل للنكاح بنفسه‪ ،‬بِ ِخاَل ِ‬ ‫ٍ‬
‫الولي والسيد وإن توقف ابتداء نكاحهما َعلَى إذن الولي والسيد‪( .‬فإن‬
‫انقضت عدتها)؛ أَي‪ :‬الرجعية (حل له)؛ أَي‪ :‬زوجها (نكاحها بعقد جديد‪،‬‬
‫وتكون معه) بعد العقد ( َعلَى ما بقي من الطالق)‪ ،‬سواء اتصلت بزوج‬
‫غيره أم اَل ‪.‬‬
‫ان عبدا قبل‬‫ان حرا‪ ،‬أَ ْو طلقتين إن َك َ‬ ‫(فإن طلقها) زوجها (ثالثا) إن َك َ‬
‫الدخول أَ ْو بعده (لَ ْم تحل له إال بعد وجود خمس شرائط)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬انقضاء عدتها منه)؛ أَي‪ :‬المطلق‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬تزويجها بغيره) تزويجا صحيحا‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث‪( :‬دخوله)؛ أَي‪ :‬الغير (بها‪ ،‬وإصابتها) بأن يولج حشفته أَ ْو‬
‫قدرها من مقطوعها بقُبل المرأة‪ ،‬اَل بدبرها بشرط االنتشار فِي الذكر‪،‬‬
‫وكون ال ُمولِج ممن يمكن ِجما ُعه‪ ،‬اَل طفال‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع‪( :‬بينونتها منه)؛ أَي‪ :‬الغير‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس‪( :‬انقضاء عدتها منه)‪.‬‬
‫صل فِي بيان أحكام اإليالء‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬مصدر إِلَى يول ّي إيال ًء إذا حلف‪.‬‬
‫زوج يصح طالقُه ليمتنع من وطء زوجته فِي قُبُلها مطلقا‪ ،‬أَ ْو‬ ‫ٍ‬ ‫َوش َْر ًعا‪ :‬حلف‬
‫صنِّف‪( :‬وإذا حلف أن اَل‬ ‫فوق أربعةَ أشهر‪ .‬وهذا المعنى مأخوذ من قول ال ُم َ‬
‫يطأ زوجتَه) وطأ (مطلقا أَ ْو ُمدة)؛ أَي‪ :‬وطأ مقيدا بمدة (تزيد َعلَى أربعة‬
‫ول) من زوجته‪ ،‬سواء حلف باهلل‬ ‫أشهر؛ فَ ُه َو)؛ أَي‪ :‬الحالف المذكور ( ُم ٍ‬
‫تَ َعالَى أَ ْو بصفة من صفاته أَ ْو علق وطء زوجته بطالق أَ ْو عتق‪ ،‬كقوله‪( :‬إن‬
‫ت طالق أَ ْو فعبدي ح ّرٌ)‪ .‬فإذا وطئ طلقت وعتق العبد‪َ .‬و َك َذا لو‬ ‫وطئتُك فأن ِ‬

‫‪98‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ق) فإنه يكون موليا‬ ‫حج أَ ْو عت ٌ‬ ‫قال‪( :‬إن وطئتك فلله عل َّي صالةٌ أَ ْو صوم أَ ْو ٌّ‬
‫ان أَ ْو عبدا فِي زوجة‬ ‫أيضا‪( .‬ويؤجل له)؛ أَي‪ :‬يمهل المولي حتما‪ ،‬حرا َك َ‬
‫مطيقة للوطء‪( .‬إن سألت ذلك أربعة أشهر) وابتداؤها فِي الزوجة من‬
‫اإليالء‪ ،‬وفي الرجعية من الرجعة‪( ،‬ثم) بعد انقضاءـ هَ ِذ ِه المدة (يخير)‬
‫ين الفيئة) بأن يولج المولي حشفته أَ ْو قدرها من مقطوعها بقُبل‬ ‫المولي (بَ َ‬
‫ان حلفه باهلل تَ َعالَى َعلَى ترك وطئها (أَ ْو‬ ‫المرأة (والتكفير) لليمين إن َك َ‬
‫الطالق) للمحلوف عليها‪( .‬فإن امتنع) الزوج من الفيئة والطالق (طلق‬
‫َعلَي ِه الحاك ُم) طلقة واحدة رجعية؛ فإن طلق أكثر ِم ْنهَا لَ ْم يقع؛ فإن امتنع من‬
‫الفيئة فَقَط أمره الحاكم بالطالق‪.‬‬
‫صل فِي بيان أحكام الظهار‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً مأخوذ من الظَهر‪َ ،‬وشَرْ عًا تشبيه الزوج زوجتَه غير البائن بأنثى‬
‫ت عل َّي كظهر أمي))‪.‬‬ ‫لَ ْم تكن ِحالًّ له‪( .‬والظهار أن يقول الرجل لزوجته‪( :‬أن ِ‬
‫وخص الظهر دون البطن مثال‪ ،‬ألن الظهر موضع الركوب‪ ،‬والزوجة‬
‫ي كظهر أمي‪( ،‬ولم يتبعه‬ ‫ت عل َّ‬ ‫مركوب الزوج‪( .‬فإذا قال لها ذلك)؛ أَي‪ :‬أن ِ‬
‫بالطالق صار عائدا) من زوجته‪( ،‬ولزمته) حينئذ (الكفَّارة) َو ِه َي ُم َرتَّبةٌ‪.‬‬
‫بيان ترتيبها فِي قوله‪( :‬والكفارة عتق رقبة مؤمنة) مسلمة‬ ‫صنِّف َ‬‫وذكر ال ُم َ‬
‫َولَ ْو بإسالم أحد أبويها (سليمة من العيوب المضرة بالعمل والكسب)‬
‫إضرارا بيِّنا‪( ،‬فإن لَ ْم يجد) ال ُمظاهر الرقبة المذكورة‪ ،‬بأن عجز عنها حسا‬
‫أَ ْو شرعا (فصيام شهرين متتابعين)‪ .‬ويعتبر الشهران بالهالل‪َ ،‬ولَ ْو نقص‬
‫كل ِم ْنهُ َما َع ْن ثالثين يوما‪ .‬ويكون صومهما بنية الكفارة من الليل‪ .‬وال‬
‫صح‪( ،‬فإن لَ ْم يستطع) المظاهر صوم الشهرين أَ ْو‬ ‫يشترط نية تتابع فِي األَ َ‬
‫لَ ْم يستطع تتابعها (فإطعام ستين مسكينا) أَ ْو فقيرا؛ (كل مسكين) أَ ْو فقير‬
‫المخرج فِي زكاة الفطر؛ وحينئذ فيكون من غالب‬ ‫َ‬ ‫الحبِّ‬
‫(م ّد) من جنس َ‬
‫قوت بلد ال ُمكفِّر كبُرٍّ وشعير‪ ،‬اَل دقيق وسويق‪ .‬وإذا عجز المكفر َع ْن‬
‫الخصال الثالث استقرت الكفارة فِي ذمته‪ .‬فإذا قدر بعد ذلك َعلَى خصلة‬
‫فعلها‪َ ،‬ولَ ْو قدر َعلَى بعضها ك ُمد طعام أَ ْو بعض مد أخرجه‪( .‬وال يحل‬
‫للمظاهر وطؤهاـ)؛ أَي‪ :‬زوجته الَتِي ظَاهَر ِم ْنهَا (حتى يُكفّر) بالكفارة‬
‫المذكورة‪.‬‬
‫صل فِي بيان أحكام القذف واللعان‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً مصدر مأخوذ من اللعن؛ أَي‪ :‬البعد‪ ،‬وشرعا كلمات مخصوصة‬
‫جعلت ُح َّجةً للمضطر إِلَى قذف من لطخ فراشه‪ ،‬وألحق العار بِ ِه‪( .‬وإذا‬
‫القذف) ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫رمى)؛ أَي‪ :‬قذف (الرجل زوجته بالزنا فعليه ح ُّد‬

‫‪99‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫وسيأتي أنه ثمانون جلدة (إال أن يقيم) الرجل القاذف (البيّنةَ) بزنا المقذوفة‪،‬‬
‫خ (أَ ْو يلتعن)؛ أَي‪ :‬بأمر‬ ‫(أَ ْو يُالعن) زوجته المقذوفة‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫الحاكم أَ ْو من فِي حكمه كالمحكم؛ (فيقول عند الحاكم فِي الجامع َعلَى‬
‫المنبر فِي جماعة من الناس) أقلُّهم أربعة‪( :‬أشهد باهلل إنني لمن الصادقين‬
‫فيما رميتُ ِب ِه زوجتي) الغائبة (فالنة من الزنا)‪ .‬وإن كانت حاضرةً أشار‬
‫ان هناك ولد ينفيه ذكره فِي الكلمات فيقول‪:‬‬ ‫لها بقوله‪( :‬زوجتي َه ِذ ِه)‪ .‬وإن َك َ‬
‫(وأن َه َذا الولد من الزنا‪ ،‬وليس مني)‪ .‬ويقول المالعن هَ ِذ ِه الكلمات (أربع‬
‫يعظه الحاك ُم) أَ ْو المحكم بتخويفه‬ ‫مرات‪ .‬ويقول فِي) المرة (الخامسة بعد أن ِ‬
‫له من عذاب هللا تَ َعالَى فِي اآلخرة وأنه أش ُّد من عذاب الدنيا‪(( :‬وعل َّي لعنةُ‬
‫صنِّف‬ ‫ُ‬
‫رميت بِ ِه هَ ِذ ِه من الزنا‪ .‬وقول ال ُم َ‬ ‫هللا إن كنتُ من الكاذبين))‪ .‬فيما‬
‫يس بواجب فِي اللعان‪ ،‬بَلْ هُ َو سنة‪( .‬ويتعلق‬ ‫َعلَى المنبر فِي جماعة َولَ َ‬
‫بلعانه)؛ أَي‪ :‬الزوج وإن لَ ْم تالعن الزوجة (خمسةُ أحكام)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها (سقوط الحد)؛ أَي‪ :‬حد القذف للمالعنة (عنه) إن كانت محصنة‬
‫وسقوط التعزير عنه إن كانت غير محصنة‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(وجوب الحد عليها)؛ أَي‪ :‬حد زناها مسلمة كانت أَ ْو كافرة إن‬
‫لَ ْم تالعن‪.‬‬
‫صنِّف بالفُرقة المؤبدة‪،‬‬ ‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث (زوال الفراش)‪ .‬وعبّر عنه غي ُر ال ُم َ‬
‫َو ِه َي حاصلة ظاهرا وباطنا وإن كذب المالعن نفسه‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع (نفي الولد) َع ْن المالعن‪ .‬أّ َّما المالعنة فَاَل ينتفي عنها نسب‬
‫الولد‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس (التحريم َعلَى األبد)؛ فَاَل يحل للمالعن نكاحها وال وطؤها‬
‫بملك اليمين لو كانت أمة واشتراها‪.‬‬
‫وفي المطوالت زيادة َعلَى هَ ِذ ِه الخمسة‪ِ ،‬م ْنهَا سقوطُ حصانتها فِي حق‬
‫الزوج إن لَ ْم تالعن حتى لو قذفها بزنا بعد ذلك اَل يحد‪( .‬ويسقط الحد عنها‬
‫بأن تلتعن)؛ أَي‪ :‬تالعن الزوج بعد تمام لعانه (فتقول) فِي لعانها إن َك َ‬
‫ان‬
‫المالعن حاضرا‪(( :‬أشهد باهلل‪ ،‬أن فالنا َه َذا لَ ِمن الكاذبين‪ ،‬فيما رماني بِ ِه‬
‫من الزنا))‪ .‬وتكرر المالعنة هَ َذا الكالم (أربع مرات‪ ،‬وتقول فِي المرة‬
‫الخامسة) من لعانها (بعد أن يعظها الحاكم) أَ ْو المحكم بتخويفه لها من‬
‫غضب هللا إن َك َ‬
‫ان‬ ‫ُ‬ ‫عذاب هللا فِي اآلخرة‪ ،‬وأنه أشد من عذاب الدنيا‪(( :‬وعل َّي‬
‫من الصادقين)) فيما رماني بِ ِه من الزنا‪ .‬وما ذكر من القول المذكور محله‬
‫فِي الناطق‪ .‬أّ َّما األخرس فيالعن بإشارة مفهمة؛ َولَ ْو أبدل فِي كلمات اللعان‬
‫لفظ الشهادة بالحلف كقول المالعن‪( :‬أحلف باهلل)‪ ،‬أَ ْو لفظ الغضب باللعن‬

‫‪100‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ي‪ ،‬أَ ْو ذكر كل من‬ ‫وعكسه كقولها‪( :‬لعنة هللا عل َّي)‪ .‬وقوله‪ :‬غضب هللا عل َّ‬
‫الغضب واللعن قبل تمام الشهادات األربع لَ ْم يصح فِي الجميع‪.‬‬
‫صل فِي أحكام العدة وأنواع المعتدة‬ ‫فَ ْ‬
‫تربُّص المرأة ُمدة يعرف فيها براءة‬ ‫َو ِه َي لُ َغةً االسم من اعتَ َّد‪ ،‬وشرعا َ‬
‫رحمها بأقراء أَ ْو أشهر أَ ْو وضع حمل‪( .‬والمعتدة َعلَى ضربين‪ :‬متوفى‬
‫عنها) زوجُها‪( ،‬وغير متوفى عنها؛ فالمتوفى عنها) زوجها (إن كانت)‬
‫حرة (حامال فعدتها) َع ْن وفاة زوجها (بوضع الحمل) كله حتى ثاني توأمين‬
‫مع إمكان نسبة الحمل للميت َولَ ْو احتماال‪ ،‬كمنفي بلعان‪ .‬فلو مات صبي اَل‬
‫يولد لمثله َع ْن حامل فعدتها باألشهر‪ ،‬اَل بوضع الحامل؛ (وإن كانت حائال‬
‫فعدتها أربعة أشهر وعشر) من األيام بلياليها‪ .‬وتعتبر األشهر باألهلة ما‬
‫أمكن‪ ،‬ويكمل المنكسر ثالثين يوما‪( .‬وغير المتوفى عنها) زوجها (إن‬
‫كانت حامال فعدتها بوضع الحمل) المنسوب لصاحبـ العدة‪( ،‬وإن كانت‬
‫حائال َو ِه َي من ذوات)؛ أَي‪ :‬صواحب (الحيض فعدتها ثالثة قروء‪َ ،‬و ِه َي‬
‫األطهار)‪ .‬وإن طلقت طاهرا حائضاـ بأن بقي من زمن طهرها بقية بعد‬
‫طالقها انقضت عدتها بالطعن فِي حيضة ثالثة‪ ،‬أَ ْو طلقت حائضا أَ ْو نفساء‬
‫انقضت عدتها بالطعن فِي حيضة رابعة‪ ،‬وما بقي من حيضها اَل يحسب‬
‫قرءا‪( .‬وإن كانت) تلك المعتدة (صغيرة) أَ ْو كبيرة لَ ْم تحض أصال ولم تبلغ‬
‫ِس َّن اليأس أَ ْو كانت متحيرة (أَ ْو آيسة فعدتها ثالثة أشهر) هاللية إن انطبق‬
‫طالقها َعلَى أول الشهر‪ .‬فإن طلقت فِي أثناء شهر فبعده هالالن‪ ،‬ويكمل‬
‫المنكسر ثالثين يوما من الشهر الرَّابِع؛ فإن حاضت المعتدة فِي األشهر‬
‫وجب عليها العدة باألقراء‪ ،‬أَ ْو بعد انقضاءـ األشهر لَ ْم تجب األقراء‪.‬‬
‫(والمطلقة قبل الدخول بها اَل عدة عليها) سواء باشرها الزوج فيما دون‬
‫الفرج أم اَل ‪( .‬وعدة األمة) الحامل إذا طلقت طالقا رجعيا أَ ْو بائنا (بالحمل)؛‬
‫أَي‪ :‬بوضعه بشرط نسبته إِلَى صاحبـ العدة‪ .‬وقوله‪( :‬كعدة الحرة) الحاملـ؛‬
‫أَي‪ :‬فِي جميع ما سبق‪( ،‬وباألقراء أن تعتد بقرأين)‪ .‬والمبعضة والمكاتبة‬
‫وأم الولد كاألمة‪( ،‬وبالشهور عَنْ الوفاة أن تعتد بشهرين وخمس ليال‪َ ،‬و)‬
‫عدتها (عَنْ الطالق أن تعتد بشهر ونصف) َعلَى النصف‪ ،‬وفي قول‬
‫يث‬‫صنِّف فجعله أولى َح ُ‬ ‫شهران‪ .‬وكالم الغزالي يقتضي ترجيحه‪َ .‬وأَ َّما ال ُم َ‬
‫ان أولى)‪ .‬وفي قول عدتها ثالثة أشهر‪َ ،‬وهُ َو‬ ‫قال‪( :‬فإن اعتدت بشهرين َك َ‬
‫األحوط كما قال الشافعي رضي هللا عنه وعليه جمع من األصحاب‪.‬‬
‫صل فِي أنواع المعتدة وأحكامها‬ ‫فَ ْ‬

‫‪101‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ب للمعتدة الرجعية السكنى) فِي مسكن فراقها إن الق بها‪( ،‬والنفقة)‬ ‫( َويَ ِج ُ‬
‫والكسوة إال أن تكون ناشزةً قبل طالقها أَ ْو فِي أثناء عدتها‪ .‬وكما يجب لها‬
‫النفقة يجب لها بقية ال ُمؤن إال آلة التنظيف‪.‬‬
‫ب للبائن السكنى دون النفقة إال أن تكون حامال)؛ فتجب النفقة لها‬ ‫( َويَ ِج ُ‬
‫يل‪ :‬إن النفقة للحمل‪.‬‬ ‫بسبب الحمل َعلَى الصحيح‪َ .‬وقِ َ‬
‫ب َعلَى المتوفى عنها) زوجها (اإلحداد؛ َو ُه َو) لُ َغةً مأخوذ من الحد‪،‬‬ ‫( َويَ ِج ُ‬
‫َوهُ َو المنع‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪( :‬االمتناع من الزينة) بترك لبس مصبوغ يقصد بِ ِه الزينة كثوب‬
‫أصفر أَ ْو أحمر‪.‬‬
‫ويباح غير المصبوغ من قطن وصوف وكتان وإبريسم‪ ،‬ومصبوغ اَل يقصد‬
‫لزينة‪َ ( ،‬و) االمتناع من (الطيب)؛ أَي‪ :‬من استعماله فِي بدن أَ ْو ثوب أَ ْو‬
‫طعام أَ ْو ُكحْ ل غير محرم‪ ،‬أّ َّما المحرم كاالكتحال باألثمد الذي اَل طيب فِي ِه‬
‫فحرام إال لحاجة كرمد‪ ،‬فيرخص فِي ِه للمحدة‪ ،‬ومع ذلك فتستعمله ليال‬
‫وتمسحه نهارا إال إن دعت ضرورة الستعماله نهارا‪ .‬وللمرأة أن تحد َعلَى‬
‫غير زوجها من قَ ِريب لها أَ ْو أجنبي ثالثة أيام فأقل‪ ،‬وتحرم الزيادة عليها إن‬
‫قصدت ذلك؛ فإن زادت عليها بال قصد اَل يحرم‪.‬‬
‫( َو) يجب ( َعلَى المتوفى عنها زوجها والمبتوتة مالزمة البيت)؛ أَي‪َ :‬وهُ َو‬
‫المسكن الذي كانت فِي ِه عند الفُرقة إن الق بها‪ ،‬وليس لزوج وال لغيره‬
‫إخراجها من مسكن فراقها‪ ،‬وال لها خروج منه‪ .‬وإن رضي زوجها (إال‬
‫ان تخرج فِي النهار لشراء طعام أَ ْو كتان‬ ‫لحاجة) فيجوز لها الخروج‪َ ،‬ك َ‬
‫وبيع غزل أَ ْو قطن ونحو ذلك‪ .‬ويجوز لها الخروج ليال إِلَى دار جارتها‬
‫لغزل وحديث ونحوهما بشرط أن ترجع وتبيت فِي بيتها‪ ،‬ويجوز لها‬
‫الخروج أيضا إذا خافت َعلَى نفسها أَ ْو ولدها وغير ذلك مما هُ َو مذكور فِي‬
‫المطوالت‪.‬‬
‫صل فِي أحكام االستبراء‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬طلب البراءة‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬تربص المرأة ُمدة بسبب حدوث ال ِملك فيها أَ ْو زواله عنها تعبدا أَ ْو‬
‫لبراءة رحمها من الحمل‪.‬‬
‫واالستبراء يجب بشيئين‪:‬‬
‫أحدهما زوال الفراش‪ ،‬وسيأتي فِي قول المتن‪( :‬وإذا مات سيد أم الولد…)‬
‫إلخ‪.‬‬
‫صنِّف فِي قوله‪( :‬ومن استحدث ملك‬ ‫والسبب الثَّانِيحدوث الملك‪ .‬وذكره ال ُم َ‬
‫خيار فِي ِه أَ ْو بإرث أَ ْو وصية أَ ْو ِهبَّة أَ ْو غير ذلك من طرق‬
‫َ‬ ‫أمة) بشراء اَل‬

‫‪102‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الملك لها ولم تكن زوجته (ح ُرم َعلَي ِه) عند إرادة وطئها (االستمتاع بها‬
‫حتى يستبرئها‪ .‬إن كانت من ذوات الحيض بحيضة) َولَ ْو كانت بكرا‪َ ،‬ولَ ْو‬
‫استبرأها بائعُها قبل بيعها‪َ ،‬ولَ ْو كانت منتقلة من صبي أَ ْو امرأة‪( .‬وإن كانت)‬
‫األمة (من ذوات الشهور) فعدتها (بشهر فَقَط‪ ،‬وإن كانت من ذوات الحمل)‬
‫فعدتها (بالوضع)‪ .‬وإذا اشترى زوجته س َُّن له استبراؤها‪َ .‬وأَ َّما األمة‬
‫المزوجة أَ ْو المعتدة إذا اشتراها شخص فَاَل يجب استبراؤها َحااَل ً‪ .‬فإذا زالت‬
‫ان طلقت األمة قبل الدخول أَ ْو بعده وانقضت العدة وجب‬ ‫الزوجية والعدة َك َ‬
‫االستبراء حينئذ‪.‬‬
‫(وإذا مات سيد أم الولد) وليست فِي زوجية وال عدة نكاح (استبرأت) حتما‬
‫(نفسها كاألمة)؛ أَي‪ :‬فيكون استبراؤها بشهر إن كانت من ذوات األشهر‪،‬‬
‫َوإِاَل فبحيضة إن كانت من ذوات األقراء‪َ .‬ولَ ْو استبرأ السيد أمته الموطوأة ثم‬
‫أعتقها فَاَل استبراء عليها‪ ،‬ولها أن تتزوج فِي الحالـ‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الرضاع‬ ‫فَ ْ‬
‫بفتح الراء وكسرها‪َ ،‬وهُ َو لُ َغةً‪ :‬اسم لمصّ الثدي وشرب لبنه‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬وصول لبن آدمية مخصوصة لجوف آدمي مخصوص َعلَى وجه‬
‫مخصوص‪.‬‬
‫وإنما يثبت الرضاع بلبن امرأة حية بلغت تسع سنين قمريةً بكرا كانت أَ ْو‬
‫ثيبا‪ ،‬خليةً كانت أَ ْو مزوجة‪.‬‬
‫(وإذا أرضعت المرأة بلبنها ولدا) سواء شرب ِم ْنهَا اللبن فِي حياتها أَ ْو بعد‬
‫ان محلوبا فِي حياتها (صار الرضيع ول َدها بشرطين)‪:‬‬ ‫موتها‪َ ،‬و َك َ‬
‫‪( .1‬أحدهما أن يكون له)؛ أَي‪ :‬الرضيع (دون الحولين) باألهلة‪ .‬وابتداؤهما‬
‫من تمام انفصالـ الرضيع‪ .‬ومن بلغ سنتين اَل يؤثر ارتضاعه تحريما‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الشرط (الثَّانِيأن ترضعه)؛ أَي‪ :‬المرضعة (خمس رضعات‬
‫ضي بكونه‬ ‫جوف الرضيع‪ .‬وضبطهن بالعُرف؛ فما قُ ِ‬ ‫َ‬ ‫متفرقات) واصلة‬
‫رضعة أَ ْو رضعات اعتبر‪َ ،‬وإِاَل فَاَل ‪ .‬فلو قطع الرضيع االرتضاع بَ َ‬
‫ين‬
‫كل من الخمس إعراضا َع ْن الثدي تعدد االرتضاع‪( .‬ويصير زوجها)؛‬
‫أَي‪ :‬المرتضعة (أبًا له)؛ أَي‪ :‬الرضيع‪.‬‬
‫رضع) بفتح الضاد (التزويج إليها)؛ أَي‪ :‬المرضعة (وإلى‬ ‫(ويحرم َعلَى ال ُم َ‬
‫كل من ناسبها)؛ أَي‪ :‬انتسب إليها بنسب أَ ْو رضاع‪( ،‬ويحرم عليها)؛ أَي‪:‬‬
‫رضع وولده) وإن سفل‪ ،‬ومن انتسب إليه وإن‬ ‫المرضعة (التزويج إِلَى ال ُم َ‬
‫ان فِي درجته)؛ أَي‪ :‬الرضيع كإخوته الذين لَ ْم يرضعوا‬ ‫عال‪( ،‬دون من َك َ‬
‫ان أَ ْعلَى (طبقة منه)؛ أَي‪ :‬الرضيع‬ ‫معه (أَ ْو أَ ْعلَى)؛ أَي‪ :‬ودون من َك َ‬

‫‪103‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫كأعمامه‪ .‬وتقدم فِي فَصْ ل محرمات النكاح ما يحرم بالنسب والرضاع‬


‫مفصال؛ فارجع إليه‪.‬‬
‫صل فِي أحكام نفقة األقارب‬ ‫فَ ْ‬
‫خ ال َم ْت ِن تأخير هَ َذا الفصل َع ْن الذي بعده‪ .‬والنفقة مأخوذة من‬ ‫ْض نُ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫اإلنفاق‪َ ،‬وهُ َو اإلخراج‪ .‬وال يستعمل إال فِي الخير‪.‬‬
‫وللنفقة أسباب ثالثة‪:‬‬
‫‪ .1‬القرابة‪.‬‬
‫‪ .2‬وملك اليمين‪.‬‬
‫‪ .3‬والزوجية‪.‬‬
‫صنِّف السبب األول فِي قوله‪( :‬ونفقة العمودين من األهل واجبة‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫للوالدين‪ ،‬والمولودين)؛ أَي‪ :‬ذكورا كانوا أَ ْو إناثا‪ ،‬اتفقوا فِي الدين أَ ْو‬
‫اختلفوا فِي ِه‪ ،‬واجبة َعلَى أوالدهم‪.‬‬
‫(فأما الوالدون) وإن علوا (فتجب نفقتهم بشرطين)‪:‬‬
‫‪( .1‬الفقر) لهم‪َ .‬وهُ َو عدم قدرتهم َعلَى مال أَ ْو كسب‪.‬‬
‫‪( .2‬والزمانة‪ ،‬أَ ْو الفقر والجنون)‪ .‬وال َّزمانة؛ ِه َي‪ :‬مصدر َز ِم َن‪ :‬الرج ُل‬
‫َزمانةً إذا حصل له آفةٌ؛ فإن قدروا َعلَى مال أَ ْو كسب لَ ْم تجب نفقتهم‪.‬‬
‫( َوأَ َّما المولودون) وإن سفلوا (فتجب نفقتهم) َعلَى الوالدين (بثالثة‬
‫شرائط)‪:‬‬
‫والصغر)؛ فالغني الكبير اَل تجب نفقته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ .1‬أحدها‪( :‬الفقر‬
‫‪( .2‬أَ ْو الفقر والزمانة)؛ فالغني القوي اَل تجب تفقته‪.‬‬
‫‪( .3‬أَ ْو الفقر والجنون) فالغني العاقل اَل تجب نفقته‪.‬‬
‫صنِّف السبب الثَّانِيفِي قوله‪( :‬ونفقة الرقيق والبهائم واجبة)؛ فمن‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫ملك رقيقا عبدا أَ ْو أمة‪ ،‬أَ ْو مدبرا أَ ْو أم ولد‪ ،‬أَ ْو بهيمةً وجب َعلَي ِه نفقته؛‬
‫فيطعم رقيقه من غالب قوت أهل البلد‪ .‬ومن غالب أدمهم بقدر الكفاية‪،‬‬
‫ويكسوه من غالب كسوتهم‪ .‬وال يكفي فِي كسوة رقيقه ست ُر العورة فَقَط‪.‬‬
‫(وال يكلفون من العمل ما اَل يطيقون)‪ .‬فإذا استعمل المالك رقيقه نهارا‬
‫أراحه ليال وعكسه‪ ،‬ويريحه صيفا وقت القيلولة‪ ،‬وال يكلف دابته أيضا ما اَل‬
‫صنِّف السبب الثَّالِثـ فِي قوله‪( :‬ونفقة الزوجة‬ ‫تطيق حمله‪ .‬وذكر ال ُم َ‬
‫الممكنة من نفسها واجبة) َعلَى الزوج‪ .‬ولما اختلفت نفقة الزوجة بحسب‬
‫صنِّف ذلك فِي قوله‪َ ( :‬و ِه َي مقدرة؛ فإن) َوفِي بَع ِ‬
‫ْض‬ ‫ين ال ُم َ‬ ‫حال الزوج بَ َ‬
‫ان الزوج موسرا)‪ ،‬ويعتبر يساره بطلوع فجر كل يوم‬ ‫خ (إن) ( َك َ‬ ‫النُّ َس ِ‬
‫(فمدان) من طعام‪ ،‬واجبان َعلَي ِه كل يوم مع ليلته المتأخرة عنه لزوجته‪،‬‬
‫مسلمةً كانت أَ ْو ذميةً‪ ،‬حرةً كانت أَ ْو رقيقة‪ .‬والمدان (من غالب قوتها)‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫َوال ُم َراد غالب قوت البلد من حنطة أَ ْو شعير أَ ْو غيرهما حتى األقط فِي أهل‬
‫ب) للزوجة (من األدم والكسوة ما جرت بِ ِه العادة) فِي‬ ‫بادية يقتاتونه‪َ ( .‬ويَ ِج ُ‬
‫كل ِم ْنهُ َما‪ .‬فإن جرت عادة البلد فِي األدم بزيت وشيرج وجبن ونحوها‬
‫اتبعت العادة فِي ذلك؛ وإن لَ ْم يكن فِي البلد أدم غالب فَيَ ِجب الالئق بحال‬
‫الزوج‪ .‬ويختلف األدم باختالف الفصول؛ فَيَ ِجب فِي كل فَصْ ل ما جرت بِ ِه‬
‫عادة الناس فِي ِه من األدم‪َ .‬ويَ ِجبُ للزوجة أيضا لحم يليق بحال زوجها‪ .‬وإن‬
‫ان)‬ ‫جرت عادة البلد فِي الكسوة لمثل الزوج بكتان أَ ْو حرير وجب‪( .‬وإن َك َ‬
‫الزوج (معسرا)؛ ويعتبر إعساره بطلوع فجر كل يوم (فمد)؛ أَي‪ :‬فالواجب‬
‫َعلَي ِه لزوجته مد طعام (من غالب قوت البلد) كل يوم مع ليلته المتأخرة عنه‬
‫خ (وما يتأدم) مما جرت بِ ِه‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وما يأتدم بِ ِه المعسرون) َوفِي بَع ِ‬
‫ان)‬ ‫عادتهم من األدم (ويكسونه) مما جرت بِ ِه عادتهم من الكسوة‪( .‬وإن َك َ‬
‫الزوج (متوسطا)؛ ويعتبر توسطه بطلوع فجر كل يوم مع ليلته المتأخرة‬
‫عنه (فمد)؛ أَي‪ :‬فالواجبـ َعلَي ِه لزوجته م ٌّد (ونصف) من طعام غالب قوت‬
‫ب) لها (من األدم) الوسط ( َو) من (الكسوة الوسط) َوهُ َو ما بَ َ‬
‫ين‬ ‫البلد‪َ ( .‬ويَ ِج ُ‬
‫ما يجب َعلَى الموسر والمعسر‪َ .‬ويَ ِجبُ َعلَى الزوج تمليك زوجته الطعام‬
‫َحبًّا؛ وعليه طحنه وخبزه‪َ .‬ويَ ِجبُ لها آلة أكل وشرب وطبخ‪َ ،‬ويَ ِجبُ لها‬
‫مسكن يليق بها عادة؛ (وإن كانت ممن يخدم مثلها فعليه)؛ أَي‪ :‬الزوج‬
‫(إخدامها) بحرة أَ ْو أمة له أَ ْو أمة مستأجرة أَ ْو باإلنفاق َعلَى من صحب‬
‫الزوجة من حرة أَ ْو أمة لخدمة إن رضي الزوج بها‪( .‬وإن أعسر بنفقتها)؛‬
‫أَي‪ :‬المستقبلة (فلها) الصبر َعلَى إعساره وتنفق َعلَى نفسها من مالها أَ ْو‬
‫تقترض ويصير ما أنفقته دينا َعلَي ِه‪ ،‬ولها (فسخ النكاح)‪ .‬وإذا فسخت‬
‫حصلت المفارقة‪َ ،‬و ِه َي فُرقة فسخ‪ ،‬اَل فرقة طالق‪َ .‬وأَ َّما النفقة الماضية فَاَل‬
‫فسخ للزوجة بسببها‪( ،‬وكذلك) للزوجة فسخ النكاح (إن أعسر) زوجها‬
‫(بالصداق قبل الدخول) بها‪ ،‬سواء علمت يساره قبل العقد أم اَل ‪.‬‬
‫ضانة‬‫الح َ‬
‫صل فِي أحكام َ‬ ‫فَ ْ‬
‫ضنة‬ ‫الحضن بكسر الحاء‪َ ،‬وهُ َو الجنب لضم الحا ِ‬ ‫َو ِه َي لُ َغةً‪ :‬مأخوذة من ِ‬
‫الطفل إليه‪.‬‬
‫َ‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬حفظ من اَل يستقِلُّ بأمر نفسه عما يؤذيه لعدم تمييزه كطفل وكبير‬
‫ومجنون‪.‬‬
‫(وإذا فارق الرجل زوجته وله ِم ْن َها ولد؛ فهي أحق بحضانته)؛ أَي‪ :‬بتربيته‬
‫بما يصلحه بتعهده بطعامه وشرابه وغسل بدنه وثوبه وتمريضه وغير ذلك‬
‫من مصالحه‪ .‬ومؤنة الحضانة َعلَى من َعلَي ِه نفقة الطفل‪ .‬وإذا امتنعت‬
‫الزوجة من حضانة ولدها انتقلت الحضانة ألمهاتها‪ ،‬وتستمر حضانة‬

‫‪105‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫صنِّف ألن التمييز يقع فيها‬ ‫الزوجة (إِلَى) ُمضي (سبع سنين)‪ .‬وعبر بها ال ُم َ‬
‫غالبا‪ ،‬لَ ِك ْن المدار إنما هُ َو َعلَى التمييز‪ ،‬سواء حصل قبل سبع سنين أَ ْو‬
‫ين أبويه‪ ،‬فأيهما اختار سلم إليه)‪ .‬فإن‬ ‫بعدها‪( ،‬ثم) بعدها (يُ َخيَّر) المميز (بَ َ‬
‫ان فِي أحد األبوين نقص كجنون فألحق لآلخر مادام النقص قائما بِ ِه؛ وإذ‬ ‫َك َ‬
‫ين األم‬ ‫ين الجد واألم‪َ .‬و َك َذا يقع التخيير بَ َ‬
‫لَ ْم يكن األب موجودا ُخيِّر الولد بَ َ‬
‫ومن َعلَى حاشية النسب كأخ وعم‪.‬‬
‫(وشرائط الحضانة سبع)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها (العقل)؛ فَاَل حضانة لمجنونة أطبق جنونُها أَ ْو تقطع؛ فإن ق َّل‬
‫جنونها كيوم فِي سنة لَ ْم يبطل حق الحضانة بذلك‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(الحرية)؛ فَاَل حضانةَ لرقيقة وإن أذن لها سيدها فِي الحضانة‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ (الدِّين)؛ فَاَل حضانة لكافرة َعلَى مسلم‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) الرَّابِع‬
‫‪ .5‬والخامس (العفة‪ ،‬واألمانة) فَاَل حضانة لفاسقة‪ .‬وال يشترط للحضانة‬
‫تحقق العدالة الباطنة‪ ،‬بَلْ تكفى العدالة الظاهرة‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس (اإلقامة) فِي بلد المميز‪ ،‬بأن يكون أبواه مقيمين فِي بلد‬
‫ان السفر أَ ْو‬ ‫واحد‪ .‬فلو أراد أحدهما سفر حاجة كحج وتجارة طويال َك َ‬
‫ان الولد المميز وغيره مع المقيم من األبوين حتى يعود‬ ‫قصيرا‪َ ،‬ك َ‬
‫المسافر ِم ْنهُ َما‪َ .‬ولَ ْو أراد أحد األبوين سفر نقلة فاألب أولى من األم‬
‫حضانته فينزعه ِم ْنهَا‪،‬‬
‫يس من‬ ‫‪َ ( .7‬و) الشرط السابع (الخلو)؛ أَي‪ :‬خلو أم المميز (من زوج) َولَ َ‬
‫محارم الطفل‪ .‬فإن نكحت شخصا من محارمه كعم الطفل أَ ْو ابن عمه أَ ْو‬
‫ابن أخيه ورضي كل منهم بالمميز فَاَل تسقط حضانتها بذلك‪( ،‬فإن اختل‬
‫شرط ِم ْن َها)؛ أَي‪ :‬السبعة فِي األم (سقطت) حضانتها كما تقدم شرحه‬
‫مفصال‪.‬‬
‫ِكتَاب أحكام الجنايات‬
‫الجناياتـ جمع جناية‪ ،‬أعم من أن تكون قتال أَ ْو قطعا أَ ْو جرحا‪( .‬القتل َعلَى‬
‫ثالثة أضرب)‪ ،‬اَل رابع لها‪:‬‬
‫‪( .1‬عمد محض)‪َ ،‬وهُ َو مصدر ع َمد بوزن ض َرب؛ ومعناه‪ :‬القصد‪.‬‬
‫‪( .2‬وخطأ محض)‪.‬‬
‫‪( .3‬وعمد خطأ)‪.‬‬
‫صنِّف تفسير العمد فِي قوله‪( :‬فالعمد المحض ه َُو أن يع ِمد) الجاني‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫(إِلَى ضربه)؛ أَي‪ :‬الشخص (بما)؛ أَي‪ :‬بشيء (يقتل غالبا)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫ْض‬
‫خ (فِي الغالب)‪( ،‬ويقصد) الجاني (قتلَه) الشخص (بذلك) الشيء‪.‬‬ ‫النُّ َس ِ‬

‫‪106‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫وحينئذ (فَيَ ِجب القَود)؛ أَي‪ :‬القصاص ( َعلَي ِه)؛ أَي‪ :‬الشخص الجاني‪ .‬وما‬
‫ضعيف؛ والراجح خالفُه‪ .‬ويشترط‬ ‫ٌ‬ ‫صنِّف من اعتبار قصد القتل‬ ‫ذكره ال ُم َ‬
‫أمان؛ فيُهدر‬ ‫لوجوب القصاص فِي نفس القتيل أَ ْو قطع أطرافه إسال ٌم أَ ْو ٌ‬
‫الحربي والمرت ُّد فِي حق المسلم؛ (فإن عفا عنه)؛ أَي‪ :‬عفا المجني َعلَي ِه َع ْن‬
‫الجاني فِي صورة العمد المحض (وجبت) َعلَى القاتل ( ِديةٌ مغلظةٌ حالةً فِي‬
‫بيان تغليظها‪( .‬والخطأ المحض أن يرمي‬ ‫صنِّف َ‬ ‫مال القَاتل)‪ .‬وسيذكر ال ُم َ‬
‫إِلَى شيء) كصيد (فيصيب رجال فيقتله؛ فَاَل قو َد َعلَي ِه)؛ أَي‪ :‬الرامي‪( ،‬بَ ْل‬
‫بيان تخفيفها‪َ ( ،‬علَى العاقلة‬ ‫صنِّف َ‬ ‫تجب َعلَي ِه ديةٌ مخففةٌ)‪ .‬وسيذكر ال ُم َ‬
‫آخر ك ِّل سن ٍة ِم ْنهَا قد ُر ثُلث دية‬
‫مؤجلة) عليهم (فِي ثالث سنين) يؤخذ َ‬
‫ُ‬
‫نصف‬ ‫كاملة‪ ،‬أَ ْو َعلَى الغني من العاقلة من أصحابـ الذهب آخ َر كل سنة‬
‫دينار‪ ،‬ومن أصحاب الفضة ستةُ دراهم كما قاله المتولي وغيرُه‪َ .‬وال ُم َراد‬
‫بالعاقلة عصبةُ الجاني‪ ،‬اَل أصله وفرعه‪( .‬وعم ُد الخطأ أن يقصد ضربَه ب َما‬
‫صا خفيف ٍة‪( ،‬فيموت) المضروب (فَاَل قو َد‬ ‫ضربَه بِ َع َ‬
‫ان َ‬ ‫اَل يقتل غالبًا) َك َ‬
‫َعلَي ِه‪ ،‬بَ ْل تجب ديةٌ مغلظة َعلَى العاقلة مؤجلةً فِي ثالث سنين)‪ ،‬وسيذكر‬
‫صنِّف بيان تغليظَها‪.‬‬ ‫ال ُم َ‬
‫صنِّف فِي ذكر َمن يجب َعلَي ِه القصاصُ المأخو ُذ من اقتصاص‬ ‫ثم َش َر َع ال ُم َ‬
‫األثر؛ أَي‪ :‬تتبعه‪ ،‬ألن المجني َعلَي ِه يتبع الجناية‪ ،‬فيأخذ مثلها؛ فقال‪:‬‬
‫صل‬ ‫خ (ف َ ْ‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وشرائط وجوب القصاص) فِي القتل (أربعة)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫وشرائط وجوب القصاص أربع)‪ :‬األول (أن يكون القاتل بالغا)؛ فَاَل‬
‫قصاص َعلَى صبي‪َ .‬ولَ ْو قال‪( :‬أنا اآلن صبي)‪ ،‬صدق بال يمين‪ .‬الثَّانِيأن‬ ‫َ‬
‫يكون القاتل (عاقال)؛ فيمتنع القصاص من مجنون إال أن تقطَّع جنونه‪،‬‬
‫زمن إفاقته‪َ .‬ويَ ِجبُ القصاص َعلَى من زال عقله بشرب ُمسكر‬ ‫َ‬ ‫فيقتص منه‬
‫ُمتع ٍد فِي شربه؛ فخرج َمن لَ ْم يتع َّد‪ ،‬بأن شرب شيئا ظنه غي َر ُمسكر فزال‬
‫قصاص َعلَي ِه‪َ ( .‬و) الثَّالِثـ (أن اَل يكون) القاتل (والدا للمقتول)؛‬ ‫َ‬ ‫عقلُه‪ ،‬فَاَل‬
‫قصاص َعلَى والد بقتل ولده وإن سفل الولد‪ .‬قال ابن كج‪َ ( :‬ولَ ْو حكم‬ ‫َ‬ ‫فَاَل‬
‫حاكم بقتل والد لولده نقض حكمه)‪َ ( .‬و) الرَّابِع (أن اَل يكون المقتول أنقص‬
‫ان أَ ْو ذميا أَ ْو معاهدا‪،‬‬ ‫ق)؛ فَاَل يُقتل مسل ٌم بكافر حربيا َك َ‬ ‫من القاتل بكفر أَ ْو ِر ِّ‬
‫ان المقتول أنقص من القاتل بكبر أَ ْو صغر أَ ْو‬ ‫وال يقتل حُرٌّ برقيق‪َ .‬ولَ ْو َك َ‬
‫طول أَ ْو قصر مثال فَاَل عبرةَ بذلك‪( .‬وتقتل الجماعة بالواحد) إن كافأهم‪،‬‬
‫صنِّف لقاعدة بقوله‪:‬‬ ‫ان فعل كل واحد منهم لو انفرد َك َ‬
‫ان قاتال‪ .‬ثم أشار ال ُم َ‬ ‫َو َك َ‬
‫(وكل شخصين جرى القصاص بينهما فِي النفس يجري بينهما فِي‬
‫األطراف) الَتِي لتلك النفس‪ ،‬فكما يشترط فِي القاتل كونه مكلفًا يشترط فِي‬
‫القاطع لطَرف كونُه مكلفا؛ وحينئذ فمن اَل يقتل بشخص اَل يقطع بطرفه‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(وشرائط وجوب القصاص فِي األطراف بعد الشرائط المذكورة) فِي‬


‫قصاص النفس (اثنان)‪:‬‬
‫صنِّف‬ ‫أحدهما‪( :‬االشتراك فِي االسم الخاص) للطرف المقطوع‪ .‬وبيَّنه ال ُم َ‬
‫بقوله‪( :‬اليمنى باليمنى)؛ أَي‪ :‬تقطع اليمنى مثال من أذن أَ ْو يد أَ ْو ِرجل‬
‫باليمنى من ذلك‪( ،‬واليسرى) مما ذكر (باليسرى) مما ذكر؛ وحينئذ فَاَل‬
‫تقطع يمنى بيسرى‪ ،‬وال عكسه‪.‬‬
‫( َو) الثَانِي‪( :‬أن اَل يكون بأحد الطرفين شلل)؛ فَاَل تقطع ي ٌد أَ ْو ِرج ٌل‬
‫صحيحة بشالء‪َ ،‬و ِه َي الَتِي اَل عم َل لها‪ .‬أّ َّما الشالء فتقطع بالصحيحة َعلَى‬
‫المشهور‪ ،‬إال أن يقول عدالن من أهل الخبرة‪( :‬أن الشالء إذا قطعت اَل‬
‫ينقطع الدم‪ ،‬بَ ْل تنفتح أفواه العروق‪ ،‬وال تنسد بالحسم)‪ .‬ويشترط مع هَ َذا‬
‫أن يقنع بها مستوفيها‪ ،‬وال يطلب أرشا للشلل‪.‬‬
‫صنِّف لقاعدة بقوله‪( :‬وكل عضو أُخذ)؛ أَي‪ :‬قطع (من مفصل)‬ ‫ثم أشار ال ُم َ‬
‫كمرفق وكوع (ففيه القصاص)‪ .‬وما اَل مفصل له اَل قصاص فِي ِه‪.‬‬
‫واعلم أن شجاج الرأس والوجه عشرة‪:‬‬
‫‪ .1‬حارصة بمهمالت‪َ ،‬و ِه َي ما تشق الجلد قليال‪.‬‬
‫‪ .2‬ودامية تدميه‪.‬‬
‫‪ .3‬وباضعة تقطع اللحم‪.‬‬
‫‪ .4‬و ُمتالحمة تغوص فِي ِه‪.‬‬
‫ين اللحم والعظم‪.‬‬ ‫‪ .5‬و ِس ْم َحاق تبلغ الجلدة الَتِي بَ َ‬
‫ض َحة توضح العظ َم من اللحم‪.‬‬ ‫‪ .6‬و ُمو ِ‬
‫أوضحته أم اَل ‪.‬‬
‫َ‬ ‫وهاشمة تكسر العظم سواء‬ ‫ِ‬ ‫‪.7‬‬
‫‪ .8‬و ُمنَقِّلة تُنقل العظم من مكان إِلَى مكان آخر‪.‬‬
‫‪ .9‬ومأمومة تبلغ خريطة ال ِدماغ المسماة أُ َّم الرأس‪.‬‬
‫‪ .10‬ودا ِمغة بغين معجمة تخرق تلك الخريطة وتصل إِلَى أم الرأس‪.‬‬
‫صنِّف من هَ ِذ ِه العشرة ما تضمنه قوله‪( :‬وال قصاص فِي‬ ‫واستثنى ال ُم َ‬
‫الجروح)؛ أَي‪ :‬المذكورة (إال فِي الموضحة) فَقَط‪ ،‬اَل فِي غيرها من بقية‬
‫العشرة‪.‬‬
‫صل فِي بيان الدية‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي المال الواجبـ بالجناية َعلَى حُرٍّ فِي نفس أَ ْو طرف‪( .‬والدية َعلَى‬
‫ضربين‪ :‬مغلظة‪ ،‬ومخففة)‪ ،‬اَل ثالث لها؛ (فالمغلظة) بسبب قتل الذكر الحر‬
‫المسلم عمدا (مائة من اإلبل) والمائة مثلثة‪( :‬ثالثون ِحقَّةً‪ ،‬وثالثون جذعة)‪،‬‬
‫وسبق معناهما فِي ِكتَاب الزكاة‪( ،‬وأربعون َخلِفة) بفتح الخاء المعجمة‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬فِي بطونها أوالدها)‪.‬‬ ‫وكسر الالم وبالفاء‪ ،‬وفسرها ال ُم َ‬

‫‪108‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫والمعنى أن األربعين حوامل‪ ،‬ويثبت حملها بقول أهل الخبرة باإلبل‪.‬‬


‫(والمخففة) بسب قتل الذكر الحر المسلم (مائة من اإلبل) والمائة مخمسة‪:‬‬
‫(عشرون حقة‪ ،‬وعشرون جذعة‪ ،‬وعشرون بنت لبون‪ ،‬وعشرون ابن‬
‫لبون‪ ،‬وعشرون بنت مخاض)‪ .‬ومتى وجبت اإلبل َعلَى قاتل أَ ْو عاقلة‬
‫أخدت من إبل من وجبت َعلَي ِه‪ ،‬وإن لَ ْم يكن له إبل فتؤخذ من غالب إبل بلدة‬
‫بلدي أَ ْو قبيلة بدوي؛ فإن لَ ْم يكن فِي البلدة أَ ْو القبيلة إب ٌل فتؤخذ من غالب إبل‬
‫أقرب البالد أَ ْو القبائل إِلَى موضع المؤدي‪( .‬فإن عدمت اإلبل انتقل إِلَى‬
‫قيمتها)‪ .‬وفي نسخة أخرى فإن أعوزت اإلبل انتقل إِلَى قيمتها‪ .‬هَ َذا ما فِي‬
‫القول الجديد َوهُ َو الصحيح‪َ ( ،‬وقِي َل) فِي القديم (ينتقل إِلَى ألف دينار) فِي‬
‫حق أهل الذهب‪( ،‬أَ ْو) ينتقل إِلَى (اثني عشر ألف درهم) فِي حق أهل‬
‫الفضة‪ ،‬وسواء فيما ذكر الدية المغلظة والمخففة؛ (وإن غلظت) َعلَى القديم‬
‫(زيد عليها الثلث)؛ أَي‪ :‬قدره؛ ففي الدنانير ألف وثلثمائة وثالثة وثالثون‬
‫دينارا وثلث دينار‪ ،‬وفي الفضة ستة عشر ألف درهم‪( .‬وتغلظ دية الخطأ فِي‬
‫ثالثة مواضع)‪ :‬أحدها (إذا قتل فِي الحرم)؛ أَي‪ :‬حرم مكة‪ .‬أّ َّما القتل فِي‬
‫صح‪َ .‬والثَّانِي‬ ‫حرام المدينة أَ ْو القتل فِي حال اإلحرام فَاَل تغليظ فِي ِه َعلَى األَ َ‬
‫صنِّف‪( :‬أَ ْو قتل فِي األشهر الحرم)؛ أَي‪ :‬ذي القعدة وذي‬ ‫مذكور فِي قول ال ُم َ‬
‫الحجة والمحرم ورجب‪َ .‬والثَّالِث مذكور فِي قوله‪( :‬أَ ْو قتل) قريبا له (ذا‬
‫رحم َم ْحرم) بسكون ال ُم ْه ِملَة؛ فإن لَ ْم يكن الرحم محرما له كبنت العم فَاَل‬
‫تغليظ فِي قتلها‪( .‬ودية المرأة) والحنثى المشكل ( َعلَى النصف من دية‬
‫الرجل) نفسا وجرحا؛ ففي دية حرة مسلمة فِي قتل عمد أَ ْو شبه عمد‬
‫خمسون من اإلبل‪ :‬خمسة عشر ِحقَّة‪ ،‬وخمسة عشر َجذعة‪ ،‬وعشرون َخلِفة‬
‫إبال حوامل‪.‬‬
‫وفي قتل خطأ‪ :‬عشر بنات مخاض‪ ،‬وعشر بنات لبون‪ ،‬وعشر بني لبون‪،‬‬
‫وعشر حقاق‪ ،‬وعشر جذاع‪( .‬ودية اليهودي والنصراني) والمستأمن‬
‫والمعاهد (ثلث دية المسلم) نفسا وجرحا‪َ ( .‬وأَ َّما المجوسي ففيه ثلثا عشر‬
‫دية المسلم) وأخصر منه ثلث خمس دية المسلم‪( .‬وتكمل دية النفس)‪.‬‬
‫وسبق أنها مائة من اإلبل (فِي قطع) كل من (اليدين‪ ،‬والرجلين) فَيَ ِجب فِي‬
‫كل يد أَ ْو رجل خمسون من اإلبل‪ ،‬وفي قطعها مائة من اإلبل‪َ ( ،‬و) تكمل‬
‫الدية فِي قطع (األنف)؛ أَي‪ :‬فِي قطع ما الَن منه‪َ ،‬وهُ َو المارن‪ .‬وفي قطع‬
‫كل من طرفيه والحاجز ثلث دية‪َ ( .‬و) تكمل الدية فِي قطع (األذنين) أَ ْو‬
‫قلعهما بغير إيضاح؛ فإن حصل مع قلعهما إيضا ٌح وجب أرشه‪ .‬وفي كل‬
‫ين أذن السميع وغيره‪َ .‬ولَ ْو أيبس‬ ‫أذن نصف دية‪ ،‬وال فرق فيما ذكر بَ َ‬
‫األذنين بجناية عليهما ففيها دية‪( ،‬والعينين) وفي كل ِم ْنهَا نصف دية‪،‬‬

‫‪109‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫عين أحْ َو ُل أَ ْو أَ ْع َور أَ ْو أع َمش‪َ ( ،‬و) فِي (الجفون األربعة)‬‫وسواء فِي ذلك ٌ‬
‫ُ‬
‫اللسان‬ ‫فِي كل جفن ِم ْنهَا ربع دية‪( ،‬واللسان) الناطق سليم الذوق َولَ ْو َك َ‬
‫ان‬
‫أِل َلث َغ وأرت‪( ،‬والشفتين) وفي قطع إحداهما نصف دية‪( ،‬وذهاب الكالم)‬
‫كله‪ ،‬وفي ذهاب بعضه بقسطه من‬
‫الدية‪ .‬والحروف الَتِي توزع الدية عليها ثمانية وعشرون حرفا فِي لُ َغةً‬
‫العرب‪( ،‬وذهاب البصر)؛ أَي‪ :‬إذهابه من العينين‪ .‬أّ َّما إذهابه من إحداهما‬
‫شيخ وطفل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ين صغير ٍة وكبيرة‪ ،‬وعين‬ ‫ق فِي العين بَ َ‬ ‫ففيه نصف دية‪ ،‬وال فر َ‬
‫(وذهاب السمع) من األذنين‪ .‬وإن نقص من أذن واحدة سدت‪ .‬وضبط‬
‫منتهى سماع األخرى‪ .‬ووجب قسط التفاوت‪ ،‬وأخذ بنسبته من تلك الدية‪،‬‬
‫نخرين‪ .‬وإن نقص الشم وضبط قدره وجب قسطه من‬ ‫(وذهاب الشم) من ال َم َ‬
‫الدية‪َ ،‬وإِاَل فحكومة‪( ،‬وذهاب العقل)‪ .‬فإن زال بجرح َعلَى الرأس له أرش‬
‫مقدر أَ ْو حكومة وجبت الدية مع األرش‪( ،‬والذكر) السليم َولَ ْو ذكر صغير‬
‫وشيخ وعنين‪ .‬وقطع الحشفة كالذكر؛ ففي قطعها وح َدها دية‪( ،‬واألنثيين)؛‬
‫أَي‪ :‬البيضتين َولَ ْو من َعنِين ومجبوب‪ .‬وفي قطع إحداهما نصف دية‪( .‬وفي‬
‫الموضحة) من الذكر الحر المسلم‪َ ( ،‬و) فِي (السن) منه (خمس من اإلبل‪،‬‬
‫وفي) إذهاب (كل عضو اَل منفعة فِي ِه حكومة)‪َ .‬و ِه َي جزء من الدية نسبته‬
‫ان رقيقا‬ ‫إِلَى دية النفس نسبة نقصها؛ أَي‪ :‬الجناية من قيمة المجني َعلَي ِه لو َك َ‬
‫بصفاته الَتِي هُ َو عليها؛ فلو كانت قيمة المجني َعلَي ِه بال جناية َعلَى يده مثال‬
‫عشرة‪ ،‬وبدونها تسعة فالنقص عشر‪ .‬فَيَ ِجب عشر دية النفس‪( .‬ودية العبد)‬
‫المعصوم (قيمته)‪ ،‬واألمة كذلك َولَ ْو زادت قيمة كل ِم ْنهُ َما َعلَى دية الحر‪.‬‬
‫َولَ ْو قطع ذكر عبد وأنثياه وجبت قيمتان فِي األظهر‪( .‬ودية الجنين الحر)‬
‫المسلم تبعا ألحد أبويه إن كانت أمه معصومة حال الجناية (غرة)؛ أَي‪:‬‬
‫نسمة من الرقيق (عبد أَ ْو أمة) سليم من عيب مبيع‪ .‬ويشترط بلوغ الغرة‬
‫نصف عشر الدية‪ .‬فإن فقدت الغرة وجب بدلها‪َ ،‬وهُ َو خمسة أبعرة‪ .‬وتجب‬
‫الغرة َعلَى عاقلة الجاني‪( .‬ودية الجنين الرقيق عشر قيمة أمه) يوم الجناية‬
‫عليها ويكون ما وجب لسيدها َويَ ِجبُ فِي الجنين اليهودي أَ ْو النصراني غرة‬
‫كثلث غرة مسلم‪َ ،‬وهُ َو بعير وثلثا بعير‪.‬‬
‫صل فِي أحكام القسامة‬ ‫فَ ْ‬
‫لوث) بمثلثة‪َ ،‬وهُ َو لُ َغةً‪:‬‬
‫َو ِه َي‪ :‬أيمان الدماء‪( .‬وإذا اقترن بدعوى الدم ٌ‬
‫الضعف‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬قرينة تدل َعلَى صدق المدعي‪ ،‬بأن توقع تلك القرينة فِي القلب‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬يقع بِ ِه فِي النفس صدق المدعي)‬ ‫صدقه‪ .‬وإلى هَ َذا أشار ال ُم َ‬
‫بأن وجد قتيل أَ ْو بعضه كرأسه فِي محلة منفصلة َع ْن بلد كبير كما فِي‬

‫‪110‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الروضة وأصلها‪ ،‬أَ ْو وجد فِي قرية كبيرة ألعدائه‪ ،‬وال يشاركهم فِي القرية‬
‫غيرهم (حلف المدعي خمسين يمينا)‪ .‬وال يشترط مواالتها َعلَى المذهب‪.‬‬
‫جنون من الحالف أَ ْو إغما ٌء بُني بعد اإلفاقة َعلَى ما‬ ‫ٌ‬ ‫ين األيمان‬ ‫َولَ ْو تخلل بَ َ‬
‫مضى ِم ْنهَا إن لَ ْم يعزل القاضي الذي وقعت القسامة عنده؛ فإن عزل وولى‬
‫غيره وجب استئنافها‪َ ( .‬و) إذا حلف المدعي (استحق الدية)‪ .‬وال تقع‬
‫لوث فاليمين َعلَى الم َّد َعى‬
‫القسامة فِي قطع طرف‪( .‬وإن لَ ْم يكن هناك ٌ‬
‫َعلَي ِه) فيحلف خمسين يمينا‪.‬‬
‫(وعلى قاتل النفس المحرمة) عمدا أَ ْو خطأ أَ ْو شبه عمد (كفارةٌ) َولَ ْو َك َ‬
‫ان‬
‫القاتل صبيا أَ ْو مجنونا‪ ،‬فيعتق الولي عنهما من مالهما‪ .‬والكفارة (عتق رقبة‬
‫مؤمنة سليمة من العيوب المضرة)؛ أَي‪ :‬المخلة بالعمل والكسب‪( ،‬فإن لَ ْم‬
‫يجد) ها (فصيام شهرين) بالهالل (متتابعين) بنية الكفارة‪ .‬وال يشترط نبة‬
‫صح‪ .‬فإن عجز ال ُم َكفِّر َع ْن صوم شهرين لهرم أَ ْو لحقه‬ ‫التتابع فِي األَ َ‬
‫بالصوم مشقةٌ شديدة أَ ْو خاف زيادة المرض كفَّر بإطعام ستين مسكينا أَ ْو‬
‫فقيرا‪ ،‬يدفع لكل واحد منهم ُم ًّدا من طعام يجزىء فِي الفطرة‪ ،‬وال يطعم‬
‫كافرا وال هاشميا وال مطلبيا‪.‬‬
‫ِكتَاب أحكام الحدود‬
‫الحدود جمع‪َ :‬ح ٍّد‪َ .‬وه َُو لُ َغةً‪ :‬المن ُع‪.‬‬
‫وسميت الحدود بذلك‪ :‬لمنعها من ارتكاب الفواحش‪.‬‬
‫صنِّف من الحدود بحد الزنا المذكور فِي أثناء قوله‪( :‬والزاني َعلَى‬ ‫وبدأ ال ُم َ‬
‫ضربين‪ :‬محصن‪ ،‬وغير محصن؛ فالمحصن) وسيأتي قريبا أنه البالغ العاقل‬
‫الحُر الذي غيَّب حشفته أَ ْو قدرها من مقطوعها بقُبل فِي نكاح صحيح‪( ،‬حدُّه‬
‫الرجم) بحجارة معتدلة‪ ،‬اَل بحصى صغيرة وال بصخر؛ (وغير المحصن)‬
‫ِمن رجُل أَ ْو امرأة (حده مائة جلدة)‪.‬‬
‫سميت بذلك‪ :‬التصالها بالجلد‪( ،‬وتغريب عام إِلَى مسافة القصر) فأكث َر‬
‫مكان‬
‫َ‬ ‫برأي اإلمام‪ .‬وتحسب ُمدة العام من أول سفر الزاني‪ ،‬اَل من وصوله‬
‫التغريب‪ .‬واألولى أن يكون بعد الجلد‪.‬‬
‫(وشرائط اإلحصان أربع)‪ :‬األول َوالثَّانِي (البلوغ‪ ،‬والعقل)؛ فَاَل ح َّد َعلَى‬
‫صبي ومجنون‪ ،‬بَلْ يؤدبان بما يزجرهما َع ْن الوقوع فِي الزنا‪َ ( .‬و) الثَّالِث‬
‫(الحرية)؛ فَاَل يكون الرقيق والمبعض والمكاتب وأم الولد محصنا وإن‬
‫وطىء كل منهم فِي نكاح صحيح‪َ ( .‬و) الرَّابِع (وجود الوطء) من مسلم أَ ْو‬
‫خ (فِي النكاح الصحيح)‪ .‬وأراد‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫ذمي (فِي نكاح صحيح)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫بالوطء تغييب الحشفة أَ ْو قدرها من مقطوعها بقُبل‪َ .‬و َخ َر َج بالصحيح الوط ُء‬
‫فِي نكاح فاسد؛ فَاَل يحصل بِ ِه التحصين‪( .‬والعبد واألمة حدُّهما نصف حد‬

‫‪111‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الحر)؛ فيُح ُّد كل ِم ْنهُ َما خمسين جلدة‪ ،‬ويغرب نصف عام‪َ .‬ولَ ْو قال‬
‫ان أولى‪ ،‬ليعم المكاتب والمبعض‬ ‫ق حده…إلخ) َك َ‬ ‫صنِّف‪( :‬ومن فِي ِه ِر ٌّ‬ ‫ال ُم َ‬
‫وأم الولد‪( .‬وحكم اللواط وإتيان البهائم كحكم الزنا) فمن الط بشخص بأن‬
‫صنِّف‪ ،‬لَ ِك ْن‬ ‫وطئه فِي دبره ُح َّد َعلَى المذهب‪ .‬ومن أتى بهيمة ُح َّد كما قال ال ُم َ‬
‫الراجح أنه يعزر‪.‬‬
‫(ومن وطئ) أجنبيةً (فيما دون الفرج عزر‪ ،‬وال يبلغ) اإلمام (بالتعزير‬
‫أدنى الحدود)‪ .‬فإن عزر عبدا وجب أن ينقص فِي تعزيره َع ْن عشرين‬
‫جلدةً‪ ،‬أَ ْو عزر ُح ًّرا وجب أن ينقص فِي تعزيره َع ْن أربعين جلدة؛ ألنه أدنى‬
‫حد كل ِم ْنهُ َما‪.‬‬
‫صل فِي بيان أحكام القذف‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً الرمي‪َ ،‬وشَرْ عًا الرمي بالزنا َعلَى جهة التعيير لتخرج الشهادة‬
‫بالزنا‪( .‬وإذا قذف) بذال معجمة (غي َره بالزنا) كقوله‪َ ( :‬زنَيتَ ) (فعليه ح ُّد‬
‫القذف) ثمانين جلدة كما سيأتي‪ .‬هَ َذا إن لَ ْم يكن القاذف أبا أَ ْو أّ َّما وإن َعلِيَا‬
‫خ (ثالث)‪ِ ( :‬م ْن َها فِي‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫كما سيأتي‪( .‬بثمانية شرائط‪ :‬ثالثة)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫القاذف‪َ ،‬وه َُو‪ :‬أن يكون بالغا‪ ،‬عاقال)؛ فالصبي والمجنون اَل يحدان‬
‫بقذفهما شخصا‪( ،‬وأن اَل يكون والدا للمقذوف)‪ .‬فلو قذف األب أَ ْو األم وإن‬
‫عال ول َده وإن سفل اَل ح َّد َعلَي ِه‪( .‬وخمسة فِي المقذوف‪َ ،‬و ُه َو‪ :‬أن يكون‬
‫مسلما‪ ،‬بالغا‪ ،‬عاقال‪ ،‬حرا‪ ،‬عفيفا) َع ْن الزنا؛ فَاَل حد بقذف الشخص كافرا‬
‫أَ ْو صغيرا أَ ْو مجنونا أَ ْو رقيقا أَ ْو زانيا‪( .‬ويحد الحر) القاذف (ثمانين) جلدة‪،‬‬
‫(والعبد أربعين) جلدة‪( .‬ويسقط) َع ْن القاذف (حد القذف بثالثة أشياء)‪:‬‬
‫ان المقذوف أجنبيا أَ ْو زوجة‪َ ،‬والثَّانِي مذكور‬ ‫أحدها (إقامة البينة)‪ ،‬سواء َك َ‬
‫فِي قوله‪( :‬أَ ْو عفو المقذوف)؛ أَي‪َ :‬ع ْن القاذف‪َ ،‬والثَّالِث مذكور فِي قوله‪:‬‬
‫صل وإذا‬ ‫صنِّف‪( :‬فَ ْ‬ ‫(أَ ْو اللعان فِي حق الزوجة)‪ .‬وسبق بيانه فِي قول ال ُم َ‬
‫رمى الرجل…إلخ)‪.‬‬
‫صل فِي أحكام األشربة وفي الحد المتعلق بشربها‬ ‫فَ ْ‬
‫العنَب (أَ ْو شرابا مسكرا) من‬ ‫المتخذة من عصير ِ‬‫َ‬ ‫(ومن شرب خمرا) َو ِه َي‬
‫ان حرا‬ ‫غير الخمر كالنبيذ المتخذ من الزبيب (يحد) ذلك الشارب إن َك َ‬
‫(أربعين) جلدة‪( .‬ويجوز أن يبلغ) اإلمام (بِ ِه)؛ أَي‪ :‬حد الشرب (ثمانين)‬
‫جلدة‪ .‬والزيادة َعلَى أربعين فِي حر‪ ،‬وعشرين فِي رقيق ( َعلَى وجه‬
‫يل الزيادة َعلَى ما ذكر حد؛ وعلى هَ َذا يمتنع النقص عنها‪.‬‬ ‫التعزير)‪َ .‬وقِ َ‬
‫ب) الحد ( َعلَي ِه)؛ أَي‪ :‬شارب المسكر (بأحد أمرين)‪:‬‬ ‫( َويَ ِج ُ‬
‫‪( .1‬بالبينة)؛ أَي‪ :‬رجُلين يشهدان بشرب ما ذكر‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪( .2‬أَ ْو اإلقرار) من الشارب بأنه شرب مسكرا؛ فَاَل يحد بشهادة رجل‬
‫وامرأة‪ ،‬وال بشهادة امرأتين‪ ،‬وال بيمين مردودة‪ ،‬وال بعلم القاضي‪ ،‬وال‬
‫بعلم غيره‪.‬‬
‫(وال يحد) أَيضًا الشارب (بالقيء واالستنكاه)؛ أَي‪ :‬بأن يشم منه رائحة‬
‫الخمر‪.‬‬
‫صل فِي أحكام قطع السرقة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي لُ َغةً‪ :‬أخذ المال ُخفيةً‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬أخذه خفية ظُل ًما من ِحرز مثله‪.‬‬
‫خ (بست شرائط)‪:‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وتقطع يد السارق بثالثة شرائط)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫ان أَ ْو ذميا؛ فَاَل قطع َعلَى‬ ‫(أن يكون) السارق (بالغا‪ ،‬عاقال) مختارا مسلما َك َ‬
‫كره‪ .‬ويقطع مسلم وذمي؛ َوأَ َّما المعاهد فَاَل قطع َعلَي ِه فِي‬ ‫صبي ومجنون و ُم َ‬
‫صنِّف شرط القطع بالنظر‬ ‫األظهر‪ .‬وما تقدم شرط فِي السارق‪ .‬وذكر ال ُم َ‬
‫للمسروق فِي قوله‪( :‬وأن يسرق نصابا قيمته ربع دينار)؛ أَي‪ :‬خالصاـ‬
‫مضروبا‪ ،‬أَ ْو يسرق قدرا مغشوشا يبلغ خالصه ربع دينار مضروبا أَ ْو قيمته‬
‫ان المسروق بصحراء أَ ْو مسجد أَ ْو شارع اشترط‬ ‫(من حرز مثله)‪ .‬فإن َك َ‬
‫ت كفى لحاظ معتاد فِي مثله‪.‬‬ ‫ان بحصن كبي ٍ‬ ‫فِي إحرازه دوام اللحاظ؛ وإن َك َ‬
‫وثوب ومتاع وضعه شخص بقربه بصحراء مثال إن الحظه بنظره له وقتا‬
‫فوقتا ولم يكن هناك ازدحام طارقين فَه َُو محرز‪َ ،‬وإِاَل فَاَل ‪ .‬وشرط المالحظ‬
‫صنِّف فِي قوله‪:‬‬ ‫قدرته َعلَى منع السارق‪ .‬ومن شروط المسروق ما ذكره ال ُم َ‬
‫(اَل ِملكَ له فِي ِه‪ ،‬وال شُبهةَ)؛ أَي‪ :‬للسارق (فِي مال المسروق منه)؛ فَاَل‬
‫مال سيِّده‪( .‬وتقطع)‬ ‫ق َ‬ ‫وفرع للسارق‪ ،‬وال بسرقة رقي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أصل‬
‫ٍ‬ ‫قطع بسرقة مال‬
‫من السارق (يده اليمنى من مفصل الكوع) بعد خلعها منه بحبل يجر بعنف‪.‬‬
‫وإنما تقطع اليمنى فِي السرقة األولى؛ (فإن سرق ثانيا) بعد قطع اليمنى‬
‫(قطعت رجله اليسرى) بحديدة ماضية دفعة واحدة بعد خلعها من مفصل‬
‫القدم؛ (فإن سرق ثالثا قطعت يده اليسرى) بعد خلعها؛ (فإن سرق رابعا‬
‫قطعت رجله اليمنى) بعد خلعها من مفصل القدم كما فعل باليسرى‪ ،‬ويغمس‬
‫محل القطع بزيت أودهن مغلي؛ (فإن سرق بعد ذلك)؛ أَي‪ :‬بعد الرابعة‬
‫(عزر‪َ ،‬وقِي َل يقتل صبرا)‪ .‬وحديث األمر بقتله فِي المرة الخامسة منسوخ‪.‬‬
‫صل فِي أحكام قاطع الطريق‬ ‫فَ ْ‬
‫وسمي بذلك المتناع الناس من سلوك الطريق خوفا منه‪َ ،‬وهُ َو مسلم مكلف‬
‫له شوكة؛ فَاَل يشترط فِي ِه ذكورة‪ ،‬وال عدد‪.‬‬
‫ْض‬‫فخرج بقاطع الطريق المختلسُ الذي يتعرض آلخر القافلة‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫خ (ألخذ القافلة) ويعتمد الهرب‪.‬‬ ‫النُّ َس ِ‬

‫‪113‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(وقُطَّاع الطريق َعلَى أربعة أقسام)‪ :‬األول مذكور فِي قوله‪( :‬إن قتلوا)؛‬
‫أَي‪ :‬عمدا عدوانا من يكافؤنه (ولم يأخذوا المال قتلوا) حتما‪ .‬وإن قتلوا خطأ‬
‫أَ ْو شبه عمد أَ ْو من لَ ْم يكافؤه لَ ْم يقتلوا‪َ .‬والثَّانِي مذكور فِي قوله‪( :‬فإن قتلوا‬
‫وأخذوا المال)؛ أَي‪ :‬نصاب السرقة فأكثر (قتلوا وصلبوا) َعلَى خشبة‬
‫ونحوها‪ ،‬لَ ِك ْن بعد غسلهم وتكفينهم والصالة عليهم‪َ .‬والثَّالِث مذكور فِي قوله‪:‬‬
‫(وإن أخذوا المال ولم يقتلوا)؛ أَي‪ :‬نصاب السرقة فأكثر من حرز مثله وال‬
‫شبهة لهم فِي ِه (تقطع أيديهم وأرجلهم من خالف)؛ أَي‪ :‬تقطع منهم أوال اليد‬
‫والرجل اليسرى‪ .‬فإن عادوا فيُسراهم ويُمناهم تُقطعان؛ فإن كانت‬ ‫ِ‬ ‫اليمنى‬
‫صح‪ .‬والرابع‬ ‫اليمنى أَ ْو الرجل اليسرى مفقودةً اكتفى بالموجودة فِي األَ َ‬
‫مذكور فِي قوله‪( :‬فإن أخافوا) المارين فِي (السبيل)؛ أَي‪ :‬الطريق (ولم‬
‫يأخذوا) منهم (ماال ولم يقتلوا) نفسا (حبسوا) فِي غير موضعهم‬
‫(وعزروا)؛ أَي‪ :‬حسبهم اإلمام وعزرهم‪( .‬ومن تاب منهم)؛ أَي‪ :‬قطاع‬
‫الطريق (قبل القدرة) من اإلمام ( َعلَي ِه سقطت عنه الحدود)؛ أَي‪ :‬العقوبات‬
‫المختصة بقاطع الطريق؛ َو ِه َي تحتم قتله وصلبه وقطع يده ورجله‪ .‬وال‬
‫يسقط باقي الحدود الَتِي هلل تَ َعالَى كزنا وسرقة بعد التوبة‪ .‬وفُهم من قوله‪:‬‬
‫(وأُخذ) بضم أوله (بالحقوق)؛ أَي‪ :‬الَتِي تتعلق باآلدميين‪ ،‬كقصاص وحد‬
‫قذف‪ ،‬ورد مال أنه اَل يسقط شيء ِم ْنهَا َع ْن قاطع الطريق بتوبته‪َ ،‬وهُ َو‬
‫كذلك‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الصيال وإتالف البهائم‬ ‫فَ ْ‬
‫(ومن قُصد) بضم أوله (بأذى فِي نفسه أَ ْو ماله أَ ْو حريمه) بأن صال‬
‫َعلَي ِه شخص يريد قتله أَ ْو أخذ ماله وإن قل أَ ْو وطء حريمه (فقاتل عَنْ‬
‫ذلك)؛ أَي‪َ :‬ع ْن نفسه أَ ْو ماله أَ ْو حريمه‪( ،‬وقُتل) الصائلـ َعلَى ذلك دفعا‬
‫لصياله (فَاَل ضمان َعلَي ِه) بقصاص وال دية وال كفارة‪.‬‬
‫ان مالكها أَ ْو مستعيرها أَ ْو مستأجرها أَ ْو‬
‫(وعلى راكب الدابة) سواء َك َ‬
‫ان اإلتالف بيدها أَ ْو رجلها أَ ْو‬ ‫غاصبها (ضمان ما أتلفته دابته)‪ ،‬سواء َك َ‬
‫غير ذلك‪َ .‬ولَ ْو بالت أَ ْو راثت بطريق فتلف بذلك نفس أَ ْو مال فَاَل ضمان‪.‬‬
‫صل فِي أحكام البُغاة‬‫فَ ْ‬
‫اغ من البغي‪َ ،‬وهُ َو‬ ‫وهم فِرقَة مسلمون مخالفون لإلمام العادل‪ .‬ومفرد البُغاة بَ ٍ‬
‫الظلم‪( .‬ويُقاتَل) بفتح ما قبل آخره (أهل البغي)؛ أَي‪ :‬يقاتلهم اإلمام (بثالث‬
‫شرائط)‪ :‬أحدها (أن يكونوا فِي منعة)‪ ،‬بأن يكون لهم شوكة بقوة وعدد‬
‫وب ُمطاع فيهم وإن لَ ْم يكن المطاع إماما منصوبا‪ ،‬بحيث يحتاج اإلمام العادل‬
‫فِي ردهم لطاعته إِلَى كلفة من بذل مال وتحصيل رجال؛ فإن كانوا أفرادا‬
‫يسهل ضبطهم فليسوا بغاة‪َ ( .‬و) الثَّانِي(أن يخرجوا عَنْ قبضة اإلمام)‬

‫‪114‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ان الحق ماليا‬ ‫العادل أّ َّما بترك االنقياد له أَ ْو بمنع حق توجه عليهم‪ ،‬سواء َك َ‬
‫غيره كحد وقصاص‪َ ( .‬و) الثَّالِث (أن يكون لهم)؛ أَي‪ :‬للبغاة (تأويل‬ ‫أَ ْو َ‬
‫سائغ)؛ أَي‪ :‬محتمل كما عبر بِ ِه بعض األصحابـ كمطالبة أهل صفين بدم‬
‫يث اعتقدوا أن عليًّا رضي هللا عنه يعرف من قتل عثمان‪ .‬فإن َك َ‬
‫ان‬ ‫عثمان َح ُ‬
‫قطعي البطالن لَ ْم يعتبر‪ ،‬بَلْ صاحبه معاند‪ .‬وال يقاتل اإلمام البغاة‬ ‫َ‬ ‫التأويل‬
‫حتى يبعث إليهم رسوال أمنيا فطنا يسألهم ما يكرهونه؛ فإن ذكروا له مظلمة‬
‫ِه َي السبب فِي امتناعهم َع ْن طاعته أزالها؛ وإن لَ ْم يذكروا شيئا أَ ْو أصروا‬
‫بعد إزالة المظلمة َعلَى البغي نصحهم ثم أعلمهم بالقتالـ‪( .‬وال يقتل‬
‫صح‪.‬‬ ‫أسيرهم)؛ أَي‪ :‬البغاة‪ .‬فإن قتله شخص عادل فَاَل قصاص َعلَي ِه فِي األَ َ‬
‫ان صبيا أَ ْو امرأة حتى تنقضي الحربـ‪ ،‬ويتفرق‬ ‫وال يطلق أسيرهم وإن َك َ‬
‫جمعهم إالَّ أن يطيع أسيرهم مختارا بمتابعته لإلمام‪( ،‬وال يغنم مالهم)‪ .‬ويرد‬
‫سالحهم وخيلهم إليهم إذا انقضى الحرب وأمنت غائلتهم بتفرقهم أوردهم‬
‫كنار أَ ْو منجنيق إال لضرورة‪ ،‬فيقاتلون بذلك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫للطاعة‪ .‬وال يقاتلون بعظيم‬
‫ان قاتلونا بِ ِه أَ ْو أحاطوا بنا‪( ،‬وال يذفف َعلَى جريحهم)‪ .‬والتذفيف تتميم‬ ‫َك َ‬
‫القتل وتعجيله‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الردة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي أفحش أنواع الكفر‪ .‬ومعناها لُ َغةً الرجوع َع ْن الشيء إِلَى غيره‪،‬‬
‫وشرعا قطع اإلسالم بنية كفر أَ ْو قول كفر أَ ْو فعل كفر‪ ،‬كسجود لصنم‪،‬‬
‫ان َعلَى جهة االستهزاء أَ ْو العناد أَ ْو االعتقاد‪ ،‬كمن اعتقد حدوث‬ ‫سواء َك َ‬
‫الصانع‪( .‬ومن ارتد عَنْ اإلسالم) من رجل أَ ْو امرأة كمن أنكر وجو َد هللا‪،‬‬
‫أَ ْو كذب رسوال من رُسل هللا‪ ،‬أَ ْو حلل محرما باإلجماع كالزنا وشرب‬
‫الخمر‪ ،‬أَ ْو حرَّم حالال باإلجماع كالنكاح والبيع‪( ،‬استُتيب) وجوبا فِي الحالـ‬
‫صح فِي األولى أنه يسن االستتابة‪ ،‬وفي الثانية‬ ‫صح فيهما‪ .‬ومقابل األَ َ‬ ‫فِي األَ َ‬
‫أنه يمهل (ثالثا)؛ أَي‪ :‬إِلَى ثالثة أيام؛ (فإن تاب) بعوده إِلَى اإلسالم بأن يق َّر‬
‫بالشهادتين َعلَى الترتيب بأن يؤمن باهلل أوال ثم برسوله؛ فإن عكس لَ ْم يصح‬
‫كما قاله النوي فِي شرح المهذب فِي الكالم َعلَى نية الوضوء؛ ( َوإِاَل )؛ أَي‪:‬‬
‫ان حرا بضرب ُعنقه‪ ،‬اَل‬ ‫وإن لَ ْم يتب المرتد (قتل)؛ أَي‪ :‬قتله اإلمام إن َك َ‬
‫ان المرتد رقيقا جاز للسيد‬ ‫بإحراق ونحوه؛ فإن قتله غير اإلمام عزر‪ .‬وإن َك َ‬
‫صنِّف حكم الغسل وغيره فِي قوله‪( :‬ولم يغسل‬ ‫صح‪ .‬ثم ذكر ال ُم َ‬ ‫قتله فِي األَ َ‬
‫صنِّف حكم‬ ‫ولم يصل َعلَي ِه‪ ،‬ولم يدفن فِي مقابر المسلمين)‪ .‬وذكر غير ال ُم َ‬
‫صنِّف فذكره هُنَا فقال‪.‬‬ ‫تارك الصالة فِي ربع العبادات؛ َوأَ َّما ال ُم َ‬
‫صل‬‫فَ ْ‬

‫‪115‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(وتارك الصالة) المعهودة الصادقة بإحدى الخمس ( َعلَى ضربين‪ :‬أحدهما‬


‫أن يتركها) َوهُ َو مكلف (غير معتقد لوجوبها؛ فحكمه)‬
‫؛ أَي‪ :‬التارك لها (حكم المرتد)‪ .‬وسبق قريبا بيان حكمه‪َ ( .‬والثَّانِي أن‬
‫حال كونه (معتقدا لوجوبها‪ ،‬فيستتاب؛ فإن‬ ‫يتركها كسال) حتى يخرج وقتها َ‬
‫تاب وصلى) َوهُ َو تفسير للتوبة‪َ ( ،‬وإِاَل )؛ أَي‪ :‬وإن لَ ْم يتب (قتل ح ًّدا) اَل كفرا‪.‬‬
‫ان حكمه حكم المسلمين) فِي الدفن فِي مقابرهم‪ ،‬وال يطمس قبره‪ ،‬وله‬ ‫( َو َك َ‬
‫حكم المسلمين أيضا فِي الغسل والتكفين والصالة َعلَي ِه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ِكتَاب أحكام الجهاد‬
‫ان األمر ِب ِه فِي عهد رسول هللا صلى هللا َعلَي ِه وسلم بعد الهجرة فرض‬ ‫َو َك َ‬
‫كفاية‪.‬‬
‫َوأَ َّما بعده فللكفار حاالن‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدهما‪ :‬أن يكونوا ببالدهم فالجهاد فرض كفاية َعلَى المسلمين فِي كل‬
‫الح َرج َع ْن الباقين‪.‬‬
‫سنة؛ فإذا فعله من فِي ِه كفاية سقط َ‬
‫‪َ .2‬والثَّانِي‪ :‬أن يدخل الكفار بلدة من بالد المسلمين أَ ْو ينزلوا قريبا ِم ْنهَا‪،‬‬
‫أهل ذلك البلد الدف ُع للكفار بما‬ ‫فالجهاد حينئذ فرض عين عليهم؛ فيلزم َ‬
‫يمكن منهم‪.‬‬
‫(وشرائط وجوب الجهاد سبع خصال)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها (اإلسالم)؛ فَاَل جهاد َعلَى كافر‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(البلوغ)؛ فَاَل جهاد َعلَى صبي‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِثـ (العقل)؛ فَاَل جهاد َعلَى مجنون‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع (الحرية)؛ فَاَل جهاد َعلَى رقيق َولَ ْو أمره سيده‪ ،‬وال مبعض‬
‫وال مدبر وال مكاتب‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس (الذكورية)؛ فَاَل جهاد َعلَى امرأة وخنثى مشكل‪.‬‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس (الصحة)؛ فَاَل جهاد َعلَى مريض بمرض يمنعه َع ْن قتال‬
‫وركوب إال بمشقة شديدة ك ُح َّمى مطبقة‪.‬‬
‫‪َ ( .7‬و) السابع (الطاقة َعلَى القتال)؛ أَي‪ :‬فَاَل جهاد َعلَى أقطع يد مثال‪ ،‬وال‬
‫َعلَى من عدم أهبة القتال كسالح ومركوب ونفقة‪.‬‬
‫(ومن أسر من الكفار فعلى ضربين)‪:‬‬
‫خ بدل يكون‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫‪( .1‬ضرب) اَل تخيير فِي ِه لإلمام بَلْ (يكون) َوفِي بَع ِ‬
‫(يصير) (رقيقا بنفس السبي)؛ أَي‪ :‬األخذ‪( ،‬وهم الصبيان والنساء)؛‬
‫أَي‪ :‬صبيان الكفار ونساؤهم‪ .‬ويلحق بما ذكر الخناثى والمجانين‪.‬‬
‫َو َخ َر َج بالكفار نساء المسلمين‪ ،‬ألن األسر اَل يتصور فِي المسلمين‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ق بنفس السبي‪ ،‬وهم) الكفار األصليون (الرجال‬ ‫‪( .2‬وضرب اَل ير ُّ‬
‫البالغون) األحرار العاقلون‪.‬‬
‫ين أربعة أشياء)‪:‬‬ ‫(واإلمام مخير فيهم بَ َ‬
‫‪ .1‬أحدها (القتل) بضرب رقبة‪ ،‬اَل بتحريق وال تغريق مثال‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(االسترقاق)‪ .‬وحكمهم بعد االسترقاق كبقية األموال الغنيمة‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث (ال َمنُّ ) عليهم بتخلية سبيلهم‪.‬‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع (الفدية) أّ َّما (بالمال أَ ْو بالرجال)؛ أَي‪ :‬األسرى من المسلمين‪.‬‬
‫ومال فدائهم كبقية أموال الغنيمة‪ .‬ويجوز أن يفادى مشرك واحد بمسلم‬
‫أَ ْو أكثر‪ ،‬ومشركون بمسلم‪.‬‬
‫(يفعل) اإلمام (من ذلك ما فِي ِه المصلحة) للمسلمين؛ فإن خفي َعلَي ِه األحظ‬
‫حبسهم حتى يظهر له األحظ‪ ،‬فيفعله‪.‬‬
‫َو َخ َر َج بقولنا سابقا (األصليون) الكفا ُر غير األصليين كالمرتدين؛ فيطالبهم‬
‫اإلمام باإلسالم؛ فإن امتنعوا قتلهم‪( .‬ومن أسلم) من الكفار (قبل األسر)؛‬
‫أَي‪ :‬أسر اإلمام له (أحرز ماله ودمه وصغار أوالده) َع ْن السبي‪ ،‬وحكم‬
‫ف البالغين من أوالده؛ فَاَل يعصمهم إسالم أبيهم‪.‬‬ ‫بإسالمهم تبعا له؛ بِ ِخاَل ِ‬
‫وإسالم الجد يعصم أيضا الولد الصغير‪ .‬وإسالم الكافر اَل يعصم زوجته َع ْن‬
‫استرقاقها َولَ ْو كانت حامال‪ .‬فإن استرقت انقطع نكاحه فِي الحال‪.‬‬
‫(ويحكم للصبي باإلسالم عند وجود ثالثة أسباب)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها (أن يسلم أحد أبويه)؛ فيحكم بإسالمه تبعا لَهُ َما‪َ .‬وأَ َّما من بلغ‬
‫مجنونا أَ ْو بلغ عاقال ثم جن فكالصبي‪.‬‬
‫‪ .2‬والسبب الثَّانِيمذكور فِي قوله‪( :‬أَ ْو يسبيه مسلم) حال كون الصبي‬
‫(منفردا عَنْ أبويه)‪ .‬فإن سبي الصبي مع أحد أبويه فَاَل يتبع الصبي‬
‫السابي له‪َ .‬و َم ْعنَى كونه مع أحد أبويه أن يكونا فِي جيش واحد وغنيمة‬
‫واحدة‪ ،‬اَل أن مالكهما يكون واحدا‪َ .‬ولَ ْو سباه ذمي وحمله إِلَى دار اإلسالم‬
‫صح‪ ،‬بَلْ هُ َو َعلَى دين السابي له‪.‬‬ ‫لَ ْم يحكم بإسالمه فِي األَ َ‬
‫‪ .3‬والسبب الثَّالِث مذكور فِي قوله‪( :‬أَ ْو يوجد)؛ أَي‪ :‬الصبي (لقيطا ِفي دار‬
‫ان فيها أهل ذمة فإنه يكون مسلما‪َ .‬و َك َذا لو وجد فِي دار‬ ‫اإلسالم)‪ .‬وإن َك َ‬
‫كفار وفيها مسلم‪.‬‬
‫فَصْ ل فِي بيان أحكام السلب وقسم الغنيمة‬
‫(ومن قتل قتيال أعطي سلَبه) بفتح الالم بشرط كون القاتلـ مسلما‪ ،‬ذكرا َك َ‬
‫ان‬
‫أَ ْو أنثى‪ ،‬حرا أَ ْو عبدا‪ ،‬شرطه اإلمام له أَ ْو اَل ‪ .‬والسلب ثياب القتيل الَتِي‬
‫َعلَي ِه‪ ،‬والخف والران‪َ ،‬وهُ َو خف بال قدم يلبس للساق فَقَط‪ ،‬وآالت الحرب‪،‬‬
‫والمركوب الذي قاتل َعلَي ِه‪ ،‬أَ ْو أمسكه بعنانه‪ ،‬والسرج‪ ،‬واللجام‪ ،‬ومقود‬

‫‪117‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫والسوار‪ ،‬والطَوق‪ ،‬والمنطقة‪َ ،‬و ِه َي الَتِي يشد بها الوسط‪ ،‬والخاتم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الدابة‪،‬‬
‫والنفقة الَتِي معه‪ ،‬والجنيبة الَتِي تقاد معه‪.‬‬
‫سلب الكافر إذا غ ّر بنفسه حال الحربـ فِي قتله بحيث‬ ‫َ‬ ‫وإنما يستحق القاتل‬
‫يكفي بركوب هَ َذا الغرر شر ذلك الكافر‪ .‬فلو قتله َوهُ َو أسير أَ ْو نائم أَ ْو قتله‬
‫ان يفقأ‬ ‫بعد انهزام الكفار فَاَل سلب له‪ .‬وكفاية شر الكافر أن يزيل امتناعه‪َ ،‬ك َ‬
‫عينيه‪ ،‬أَ ْو يقطع يديه أَ ْو رجليه‪ .‬والغنيمة لُ َغةً مأخوذة من الغنم‪َ ،‬وهُ َو الربح؛‬
‫َوشَرْ عًا المال الحاصلـ للمسلمين من كفار أهل حرب بقتال وإيجاف خيل أَ ْو‬
‫إبل‪.‬‬
‫َو َخ َر َج بـ (أهل الحرب) الما ُل الحاصلـ من المرتدين؛ فإنه فيء‪ ،‬اَل غنيمةٌ‪.‬‬
‫(وتقسم الغنيمة بعد ذلك)؛ أَي‪ :‬بعد إخراج السلب ِم ْنهَا ( َعلَى خمسة‬
‫أخماس‪ :‬فيعطى أربعة أخماسها) من عقار ومنقول (لمن شهد)؛ أَي‪:‬‬
‫حضر (الوقعة) من الغانمين بنية القتال وإن لَ ْم يقاتل مع الجيش؛ َو َك َذا من‬
‫حضر اَل بِنِيَّة القتال وقاتَل فِي األظهر‪ .‬وال شيء لمن حضر بعد انقضاءـ‬
‫القتال‪( .‬ويعطى للفارس) الحاضرـ الوقعة َوهُ َو من أهل القتال بفرس مهيأ‬
‫للقتال َعلَي ِه‪ ،‬سواء قاتل أم اَل ‪( .‬ثالثة أسهم) سهمين لفرسه وسهما له‪ .‬وال‬
‫ان معه أفراس َكثِي َرة‪( ،‬وللراجل)؛ أَي‪ :‬المقاتل‬ ‫يعطى إال لفرس واحد َولَ ْو َك َ‬
‫َعلَى رجليه (سهم) واحد‪( .‬وال يسهم إال لمن)؛ أَي‪ :‬الشخص (استكملت فِي ِه‬
‫خمس شرائط‪ :‬اإلسالم‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬والعقل‪ ،‬والحرية‪ ،‬والذكورية‪ .‬فإن اختل‬
‫شرط من ذلك رضخ له ولم يسهم له)؛ أَي‪ :‬لمن اختل فِي ِه الشرط‪ ،‬أّ َّما لكونه‬
‫صغيرا أَ ْو مجنونا أَ ْو رقيقا أَ ْو أنثى أَ ْو ذميا‪ .‬والرضخ لُ َغةً العطا ُء القليل؛‬
‫َوشَرْ عًا شيء دون سهم يُعطى للراجل‪ .‬ويجتهد اإلمام فِي قدر الرضخ‬
‫بحسب رأيه‪ ،‬فيزيد المقاتل َعلَى غيره‪ ،‬واألكثر قتاال َعلَى األقل قتاال‪ .‬ومحل‬
‫الرضخ األخماس األربعة فِي األظهر‪َ ،‬والثَّانِي محله أصل الغنيمة‪( .‬ويقسم‬
‫الخمس) الباقي بعد األخماس األربعة ( َعلَى خمسة أسهم‪:‬‬
‫ان فِي حياته‪.‬‬ ‫(سهم) منه (لرسول هللا صلى هللا َعلَي ِه وسلم)‪َ ،‬وهُ َو الذي َك َ‬
‫(يصرف بعده للمصالح) المتعلقة بالمسلمين‪ ،‬كالقضاة الحاكمين فِي البالد‪.‬‬
‫ي وغيره‬ ‫أّ َّما قضاة العسكر فيرزقون من األخماس األربعة كما قال ال َماور ِد ّ‬
‫وك َس ِّد الثغور‪َ ،‬و ِه َي المواضع المخوفة من أطراف بالد المسلمين المالصقة‬
‫لبالدنا‪َ .‬وال ُم َراد سد الثغور بالرجال وآالت الحربـ‪ .‬ويقدم األهم من‬
‫المصالح فاألهم‪.‬‬
‫(وسهم لذوي القربى)؛ أَي‪ :‬قربى رسول هللا صلى هللا َعلَي ِه وسلم؛ (وهم‬
‫بنو هاشم وبنو المطلب)‪ .‬يشترك فِي ذلك الذك ُر واألنثى‪ ،‬والغني والفقير‪.‬‬
‫ويفضل الذكر‪ ،‬فيعطى مثل حظ األنثيين‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(وسهم لليتامى) المسلمين‪ ،‬جمع يتيم َوهُ َو صغير اَل أب له‪ ،‬سواء َك َ‬
‫ان‬
‫الصغير ذكرا أَ ْو أنثى‪ ،‬له جد أَ ْو اَل ‪ ،‬قتل أبوه فِي الجهاد أَ ْو اَل ‪ .‬ويشترط فقر‬
‫اليتيم‪.‬‬
‫(وسهم للمساكين‪ ،‬وسهم ألبناء السبيل)‪ .‬وسبق بيانهما قبيل ِكتَاب الصيام‪.‬‬
‫صل فِي قسم الفيء َعلَى مستحقيه‬ ‫فَ ْ‬
‫رجع‪ ،‬ثم استُعمل فِي المال الراجع من الكفار‬ ‫والفيء لُ َغةً مأخوذ من فَا َء إذا َ‬
‫إِلَى المسلمين‪َ .‬وشَرْ عًا هُ َو ما ٌل حصل من كفار بال قتال وال إيجاف خيل وال‬
‫إبل‪ ،‬كالجزية وعشر التجارة‪( .‬ويقسم مال الفيء َعلَى خمس فرق‪ :‬يصرف‬
‫خمسه) يعني الفيء ( َعلَى من)؛ أَي‪ :‬الخمسة الذين (يصرف عليهم خمس‬
‫ْض‬
‫الغنيمة)‪ .‬وسبق قريبا بيان الخمسة‪( .‬ويعطى أربعة أخماسها)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫خ (أخماسه)؛ أَي‪ :‬الفيء (للمقاتلة)‪ .‬وهم األجناد الذين عيَّنهم اإلمام‬ ‫النُّ َس ِ‬
‫للجهاد وأثبت أسماءهم فِي ديوان المرتزقة بعد اتصافهم باإلسالم والتكليف‬
‫والحرية والصحة؛ فيفرق اإلمام عليهم األخماس األربعة َعلَى قدر‬
‫حاجاتهم‪ ،‬فيبحث َع ْن حال كلٍّ من المقاتلة وعن عياله الالزمة نفقتهم وما‬
‫يكفيهم؛ فيعطيه كفايتهم من نفقة وكسوة وغير ذلك‪ ،‬ويراعي فى الحاجة‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬وفي مصالح‬ ‫الزمان والمكان والرخص والغالء‪ .‬وأشار ال ُم َ‬
‫المسلمين) إِلَى أنه يجوز لإلمام أن يصرف الفاضل َع ْن حاجاتـ المرتزقة‬
‫فِي مصالح المسلمين من إصالح الحصون والثغور ومن شراء ِسالح و َخي ٍل‬
‫َعلَى الصحيح‪.‬‬
‫صل فِي أحكام الجزية‬ ‫فَ ْ‬
‫لخرَّاج مجعول َعلَى أهل الذمة‪ .‬سميت بذلك ألنها جزت َع ْن‬ ‫َو ِه َي لُ َغةً اسم َ‬
‫القتل؛ أَي‪ :‬كفت َع ْن قتلهم‪َ .‬وشَرْ عًا ما ٌل يلتزمه كافر بعقد مخصوص‪.‬‬
‫ويشترط أن يعقده اإلمام أَ ْو نائبه‪ ،‬اَل َعلَى جهة التأقيت؛ فيقول‪( :‬أقررتكم‬
‫بدار اإلسالم غير الحجاز‪ ،‬أَ ْو أذنتُ فِي إقامتكم بدار اإلسالم َعلَى أن تبذلوا‬
‫الجزيه وتنقادوا لحكم اإلسالم)‪َ .‬ولَ ْو قال الكافر لإلمام ابتداء‪( :‬أقررني بدار‬
‫اإلسالم) كفى‪ .‬شروط وجوب الجزية (وشرائط وجوب الجزية خمس‬
‫خصال)‪ :‬أحدها (البلوغ)؛ فَاَل جزية َعلَى الصبي‪َ ( .‬و) الثَّانِي(العقل)؛ فَاَل‬
‫جزية َعلَى مجنون أطبق جنونه‪ .‬فإن تقطع جنونه قليال كساعة من شهر‬
‫لزمته الجزية‪ ،‬أَ ْو تقطع جنونه كثيرا َع ْن ذلك كيوم يجن فِي ِه ويوم يفيق فِي ِه‪،‬‬
‫لفقت أيام اإلفاقة؛ فإن بلغت سنةً وجب جزيتها‪.‬‬
‫( َو) الثَّالِث (الحرية)؛ فَاَل جزيةَ َعلَى رقيق وال َعلَى سيده أيضا‪ .‬والمكاتب‬
‫والمدبر والمبعض كالرقيق‪َ ( .‬و) ال َّرابِع (الذكورية)؛ فَاَل جزية َعلَى امرأة‬
‫وخنثى‪ .‬فإن بانت ذكورته أخذت منه الجزية للسنين الماضية كما بحثه‬

‫‪119‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي زيادة الروضة‪ ،‬وجزم بِ ِه فِي شرح المهذب‪َ ( .‬و) الخامس (أن‬
‫يكون) الذي تعقد له الجزية (من أهل ال ِكتَاب) كاليهودي والنصراني‪( ،‬أَ ْو‬
‫ممن له شبهة ِكتَاب)‪ .‬وتعقد أيضا ألوالد من تهود أَ ْو تنصر قبل النسخ‪ ،‬أَ ْو‬
‫شككنا فِي وقته‪َ ،‬و َك َذا تعقد لمن أحد أبويه َوثَن ٌّي واآلخر كتابي‪ ،‬ولزاعم‬
‫التمسك بصحف إبراهيم المنزلة َعلَي ِه أَ ْو بزبور داود المنزل َعلَي ِه‪( .‬وأقل)‬
‫ما يجب فِي (الجزية) َعلَى كل كافر (دينار فِي كل حول) وال ح َّد ألكثر‬
‫الجزية‪( .‬ويؤخذ)؛ أَي‪ :‬يسن لإلمام أن يماكس من عقدت له الجزية؛ وحينئذ‬
‫يؤخذ (من المتوسط) الحالـ (ديناران‪ ،‬ومن الموسر أربعة دنانير) استحبابا‬
‫ان سفيها لَ ْم يماكس اإلمام ولي السفيه‪.‬‬ ‫إذا لَ ْم يكن كل ِم ْنهَا سفيها؛ فإن َك َ‬
‫والعبرة فِي التوسط واليسار بآخر الحول‪( .‬ويجوز)؛ أَي‪ :‬يسن لإلمام إذا‬
‫صالح الكفار فِي بلدهم‪ ،‬اَل فِي دار اإلسالم (أن يشترط عليهم الضيافة) لمن‬
‫يمرُّ بهم من المسلمين المجاهدين وغيرهم‪( ،‬فضال)؛ أَي‪ :‬زائدا (عَنْ مقدار)‬
‫أقل (الجزية) َوهُ َو دينار كل سنة إن رضوا بهذه الزيادة‪( .‬ويتضمن عقد‬
‫الجزية) بعد صحته (أربعة أشياء)‪ :‬أحدها (أن يؤدوا الجزية) وتؤخذ منهم‬
‫برفق كما قال الجمهور‪ ،‬اَل َعلَى وجه اإلهانة‪َ ( .‬و) الثَّانِي(أن تجري عليهم‬
‫أحكام اإلسالم) فيضمنون ما يتلفونه َعلَى المسلمين من نفس أَ ْو مال‪ .‬وإن‬
‫فعلوا ما يعتقدون تحريمه كالزنا أقيم عليهم الحد‪َ ( .‬و) الثَّالِث (أن اَل يذكروا‬
‫دين اإلسالم إال بخير‪َ .‬و) ال َّرابِع (أن اَل يفعلوا ما فِي ِه ضرر َعلَى‬
‫المسلمين)؛ أَي‪ :‬بأن آووا من يطلع َعلَى عورات المسلمين وينقلها إِلَى دار‬
‫الحرب‪ .‬ويلزم المسلمين بعد عقد الذمة الصحيح الكف عنهم نفسا وماال‪.‬‬
‫وإن كانوا فِي بلدنا أَ ْو فِي بلد مجاور لنا لزمنا دفع أهل الحربـ عنهم‪.‬‬
‫الغيار) بكسر الغين المعجمة‪َ ،‬وهُ َو تغيير اللباس وأن يخيط‬ ‫(ويعرفون بلبس ِ‬
‫الذمي َعلَى ثوبه شيئا يخالف لون ثوبه‪ .‬ويكون ذلك َعلَى الكتف‪ .‬واألولى‬
‫باليهودي األصفر‪ ،‬وبالنصراني األزرق‪ ،‬وبالمجوس األسود واألحمر‪.‬‬
‫صنِّف‪( :‬ويعرفون) عبَّر بِ ِه النَّ َو ِوي‪ 2‬أيضا فِي الروضة تبعا‬ ‫وقول ال ُم َ‬
‫ألصلها‪ ،‬لكنه فِي المنهاج قال‪( :‬ويؤمر)؛ أَي‪ :‬الذمي‪ ،‬وال يعرف من كالمه‪،‬‬
‫أن األمر للوجوب أَ ْو الندب‪ ،‬لَ ِك ْن مقتضى كالم الجمهور األول‪ .‬وعطف‬
‫صنِّف َعلَى الغيار قوله‪( :‬وشد الزنار)‪َ ،‬وهُ َو بالزاء المعجمة خيطٌ غليظ‬ ‫ال ُم َ‬
‫يُ َش ُّد فِي الوسط فوق الثياب‪ .‬وال يكفي جعله تحتها‪( .‬ويمنعون من ركوب‬
‫الخيل) النفيسة وغيرها‪ ،‬وال يمنعون من ركوب الحمير َولَ ْو كانت نفيسة‪،‬‬
‫ويمنعون من أسماعهم المسلمين قول الشرك‪ ،‬كقولهم‪( :‬هللا ثالث ثالثة)‪.‬‬
‫تَ َعالَى هللا َع ْن ذلك علوا كبيرا‪.‬‬
‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ِكتَاب أحكام الصيد والذبائح والضحايا واألطعمة‬


‫والصيد مصدر أطلق هُنَا َعلَى اسم المفعول‪َ ،‬وهُ َو المصيد‪( .‬وما)؛ أَي‪:‬‬
‫والحيوان البري المأكول الذي (قُدر) بضم أوله ( َعلَى ذكاته)؛ أَي‪ :‬ذبحه‬
‫(فذكاته) تكون (فِي حلقه)‪َ ،‬وهُ َو أَ ْعلَى العنق (ولَبَّته)؛ أَي‪ :‬بالم مفتوحة‬
‫وموحدة مشددة‪ ،‬أسفل العنق‪ .‬والذكاة بذال معجمة معناها لُ َغةً التطييب‪ ،‬لما‬
‫فيها من تطييب أكل اللحم المذبوح‪َ ،‬وشَرْ عًا إبطال الحرارة الغريزية َعلَى‬
‫وجه مخصوص‪ .‬أّ َّما الحيوان المأكول البحري فيحلُّ َعلَى الصحيح بال ذبح‪.‬‬
‫(وما)؛ أَي‪ :‬والحيوان الذي (لَ ْم يُقدر) بضم أوله ( َعلَى ذكاته) كشاة أنسية‬
‫توحشت‪ ،‬أَ ْو بعير ذهب شاردا (فذكاته َع ْقره)‪ ،‬بفتح العين عقرا مزهقا‬
‫ان العقر‪( .‬وكمال الذكاة)‪،‬‬ ‫يث قدر َعلَي ِه)؛ أَي‪ :‬فِي؛ أَي‪ :‬موضع َك َ‬ ‫للروح ( َح ُ‬
‫خ (ويستحب فِي الذكاة) (أربعة أشياء)‪:‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫الح ْلقُوم)‪ ،‬بضم الحاءـ ال ُم ْه ِملَة؛ َوهُ َو مجرى النفس دخوال‬ ‫أحدها (قطع ُ‬
‫وخروجا‪َ ( .‬و) الثَّانِيقطع (ال َمريء) بفتح ميمه وهمز آخره‪ ،‬ويجوز تسهيله‪،‬‬
‫َوهُ َو مجرى الطعام والشراب من الحلق إِلَى المعدة‪ ،‬والمريء تحت‬
‫الحلقوم‪ .‬ويكون قطع ما ذكر دفعة واحدة‪ ،‬اَل فِي دفعتين؛ فإنه يحرم المذبوح‬
‫حينئذ‪ .‬ومتى بقي شيء من الحلقوم والمريء لَ ْم يح َّل المذبوح‪َ ( .‬و) الثَّالِث‬
‫الو َدجين) بواو ودال مفتوحتين‪ ،‬تثنية و َدج‪ ،‬بفتح الدال وكسرها؛‬ ‫والرابع ( َ‬
‫وهما عرقان فِي صفحتي العنق محيطان بالحلقوم‪( .‬والمجزئ ِم ْن َها)؛ أَي‪:‬‬
‫الذي يكفي فِي الذكاة (شيئان‪ :‬قطع الحلقوم‪ ،‬والمريء) فَقَط‪ .‬وال يسن قطع‬
‫ما وراء الودجين‪( .‬ويجوز)؛ أَي‪ :‬يحلُّ (االصطياد)؛ أَي‪ :‬أكل المصاد (بكل‬
‫خ (من سباع البهائم) كالفهد‬ ‫جارحة ُم َعلَّمة من السباع)‪َ ،‬وفِي بَع ِ‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫والنمر والكلب‪( .‬ومن جوارح الطير) كصقر وباز فِي؛ أَي‪ :‬موضع َك َ‬
‫ان‬
‫جرح السباع والطير‪ .‬والجارحة مشتقة من الجرح َوهُ َو الكسب‪.‬‬
‫(وشرائط تعليمها)؛ أَي‪ :‬الجوارح (أربعة)‪ :‬أحدها (أن تكون) الجارحة‬
‫معلمة بحيث (إذا أُرسلت)؛ أَي‪ :‬أرسلها صاحبها (استرسلت‪َ ،‬و) الثَّانِيأنها‬
‫(إذا ُزجرت) بضم أوله؛ أَي‪ :‬زجرها صاحبهاـ (انزجرت‪َ ،‬و) الثَّالِث أنها (إذا‬
‫قتلت صيدا لَ ْم تأكل منه شيئا‪َ ،‬و) ال َّرابِع (أن يتكرر ذلك ِم ْن َها)؛ أَي‪ :‬تكرر‬
‫الشرائط األربعة من الجارحة بحيث يظن تأدبها‪ ،‬وال يرجع فِي التكرار‬
‫لعدد‪ ،‬بَلْ المرجع فِي ِه ألهل الخبرة بطباع الجوارح‪( .‬فإن عدمت) ِم ْنهَا‬
‫(إحدى الشرائط لَ ْم يح ّل ما أخذته) الجارحة (إال أن يدرك) ما أخذته‬
‫صنِّف آلة الذبح فِي قوله‪:‬‬ ‫الجارحة (حيًّا فيذكى)‪ ،‬فيحل حينئذ‪ .‬ثم ذكر ال ُم َ‬
‫(وتجوز الذكاة بكل ما)؛ أَي‪ :‬بكل محدد (يجرح) كحديد ونحاس (إال بالسن‬
‫صنِّف من تصح‬ ‫والظفر) وباقي العظام؛ فَاَل تجوز التذكية بها‪ .‬ثم ذكر ال ُم َ‬

‫‪121‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫منه التذكية بقوله‪( :‬وتحل ذكاة كل مسلم) بالغ أَ ْو مميز يطيق الذبح‪َ ( ،‬و)‬
‫ذكاة كل (كتابي) يهودي أَ ْو نصراني‪ .‬ويحل ذبح مجنون وسكران فِي‬
‫األظهر‪ .‬وتكره ذكاة األعمى‪( .‬وال تحل ذبيحة مجوسي‪ ،‬وال وثني) وال‬
‫نحوهما ممن اَل ِكتَاب له‪( .‬وذكاة الجنين) حاصلة (بذكاة أمه)؛ فَاَل يحتاج‬
‫لتذكيته‪ .‬هَ َذا إن وجد ميتا أَ ْو فِي ِه حياة غير مستقرة‪ ،‬اللهُ َّم (إال أن يوجد حيا)‬
‫بحياة مستقرة بعد خروجه من بطن أمه (فيذكى) حينئذ‪( .‬وما قطع من)‬
‫حيوان (حي فَ ُه َو ميت إال الشعر)؛ أَي‪ :‬المقطوع من حيوان مأكول‪َ .‬وفِي‬
‫خ (إال الشعور) (المنتفع بها فِي المفارش والمالبس) وغيرها‪.‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫بَع ِ‬
‫صل فِي أحكام األطعمة الحالل ِم ْن َها وغيرها‬‫فَ ْ‬
‫(وكل حيوان استطابته العرب) الذين هم أهل ثروة وخصب وطباع سليمة‬
‫ورفاهية (فَ ُه َو حالل إال ما)؛ أَي‪ :‬حيوان (ورد الشرع بتحريمه)؛ فَاَل يرجع‬
‫فِي ِه الستطابتهم له‪( .‬وكل حيوان استخبثته العرب)؛ أَي‪ :‬ع ُّدوه خبيثا (فَ ُه َو‬
‫حرام إال ما ورد الشرع بإباحته) فَاَل يكون حراما‪( .‬ويحرم من السباع ما‬
‫له ناب)؛ أَي‪ِ :‬س ٌّن (قوي يعدو بِ ِه) َعلَى الحيوان كأسد ونمر‪( .‬ويحرم من‬
‫الطيور ما له ِم ْخلَب) بكسر الميم وفتح الالم؛ أَي‪ :‬ظفر (قوي يجرح بِ ِه)‬
‫كصقر وباز وشاهين‪( .‬ويحل للمضطر)‪َ ،‬وهُ َو من خاف َعلَى نفسه الهالك‬
‫من عدم األكل (فِي المخمصة) موتا أَ ْو مرضا مخوفا‪ ،‬أَ ْو زيادة مرض‪ ،‬أَ ْو‬
‫انقطاع رفقة‪ ،‬ولم يجد ما يأكله حالال (أن يأكل من الميتة المحرمة) َعلَي ِه‬
‫(ما)؛ أَي‪ :‬شيئا (يسد بِ ِه رمقه)؛ أَي‪ :‬بقية روحه‪( .‬ولنا ميتتان حالالن)‬
‫وهما‪( :‬السمك والجراد‪َ ،‬و) لنا (دمان حالالن) وهما‪( :‬الكبد والطحالـ)‪ .‬وقد‬
‫صنِّف هُنَا وفيما سبق‪ ،‬أن الحيوان َعلَى ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫عرف من كالم ال ُم َ‬
‫أحدها ما اَل يؤكل؛ فذبيحته وميتته سواء‪َ ،‬والثَّانِي ما يؤكل؛ فَاَل يحل إال‬
‫بالتذكية الشرعية‪َ ،‬والثَّالِث ما تحل ميتته كالسمك والجراد‪.‬‬
‫فَصْ ل فِي أحكام األُضحية‬
‫بضم الهمزة فِي األشهر‪َ ،‬و ِه َي اسم لما يذج من الن َعم يو َم عيد النحر وأيام‬
‫التشريق تقرُّ بًا إِلَى هللا تَ َعالَى‪( .‬واألضحية سنة مؤكدة) َعلَى الكفاية؛ فإذا‬
‫أتى بها واحد من أهل بيت كفى َع ْن جميعهم‪ .‬وال تجب األضحية إال بالنذر‪.‬‬
‫(ويجزئ فيها الجذع من الضأن)‪َ ،‬وهُ َو ما له َسنَةٌ وطعن فِي الثانية‪،‬‬
‫(والثني من المعز)‪َ ،‬وهُ َو ما له سنتان وطعن فِي الثالثة‪( ،‬والثني من اإلبل)‬
‫ما له خمس سنين وطعن فِي السادسة‪( ،‬والثني من البقر) ما له سنتان‬
‫وطعن فِي الثالثة‪( .‬وتجزىء البدنة عَنْ سبعة) اشتركوا فِي التضحية بها‪،‬‬
‫( َو) تجزىء (البقرة عَنْ سبعة) كذلك‪َ ( ،‬و) تجزىء (الشاة عَنْ ) شخص‬
‫(واحد) َو ِه َي أفضل من مشاركته فِي بعير‪ .‬وأفضل أنواع األضحية إبل ثم‬

‫‪122‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫خ (وأربعة) (اَل تجزئ فِي الضحايا)‪:‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬


‫بقر ثم غنم‪( .‬وأربع)‪َ ،‬وفِي بَع ِ‬
‫صح‪.‬‬ ‫أحدها (العوراء البَيِّنُ )؛ أَي‪ :‬الظاهر (عو ُرها) وإن بقيت الحدقة فِي األَ َ‬
‫ان حصول العرج لها عند‬ ‫( َو) الثَّانِي(العرجاء البين عرجها) َولَ ْو َك َ‬
‫اضجاعها لتضحية بسبب اضطرابها‪َ ( .‬و) الثَّالِث (المريضة البين مرضها)‪.‬‬
‫وال يضر يسير هَ َذا األمور‪َ ( .‬و) ال َّرابِع (العجفاء) َو ِه َي (الَتِي ذهب مخها)؛‬
‫أَي‪ :‬ذهب دماغها (من الهزال) الحاصلـ لها‪( .‬ويجزئ الخصي)؛ أَي‪:‬‬
‫المقطوع الخصيتين (والمكسور القرن) إن لَ ْم يؤثر فِي اللحم‪ ،‬ويجزىء‬
‫أيضا فاقدة القرون‪َ ،‬و ِه َي المسماة بالجلحاء‪( .‬وال تجزئ المقطوعة) كل‬
‫(األذن) وال بعضها وال المخلوقة بال أذن‪َ ( ،‬و) اَل المقطوعة (الذنب) وال‬
‫بعضه‪َ ( .‬و) يدخل (وقت الذبح) لألضحية (من وقت صالة العيد)؛ أَي‪ :‬عيد‬
‫النحر‪ .‬وعبارة الروضة وأصلها (يدخل وقت التضحية إذا طلعت الشمس‬
‫يوم النحر‪ ،‬ومضى قدر ركعتين وخطبتين خفيفتين)‪ .‬انتهى‪ .‬ويستمر وقت‬
‫الذبح (إِلَى غروب الشمس من آخر أيام التشريق)‪َ ،‬و ِه َي الثالثة المتصلة‬
‫بعاشر ذي الحجة‪.‬‬
‫(ويستحب عند الذبح خمسة أشياء)‪:‬‬
‫س ِم هللاِ ال َّرح َم ِن‬ ‫‪ .1‬أحدها (التسمية) فيقول الذابح (بسم هللا)‪ .‬واألكمل (بِ ْ‬
‫ال َّر ِحيم)؛ فلو لَ ْم يسم حل المذبوح‪.‬‬
‫ين اسم هللا واسم‬ ‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(الصالة َعلَى النبي)‪ ،‬ويكره أن يجمع بَ َ‬
‫رسوله‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث (استقبال القبلة) بالذبيحة؛ أَي‪ :‬يوجه الذابح مذبحها للقبلة‪،‬‬
‫ويتوجه هُ َو أيضا‪.‬‬
‫ي‪.‬‬‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع (التكبير)؛ أَي‪ :‬قبل التسمية أَ ْو بعدها ثالثا كما قال ال َماور ِد ّ‬
‫ك َوإِلَ ْي َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫‪َ ( .5‬و) الخامس (الدُعاء بالقبول)؛ فيقول الذابح‪( :‬اللهُ َّم هَ ِذ ِه ِم ْن َ‬
‫ك‪ ،‬فَتَقَب َّْلهَا‬ ‫ْت ِبهَا إِلَي َ‬ ‫ك َعلَ َّ‬
‫ي‪َ ،‬وتَقَ َّرب ُ‬ ‫فَتَقَبَّلْ ؛ أَي‪ :‬هَ ِذ ِه األُض ِحية نِ ْع َمةً ِم ْن َ‬
‫ِمنِّي)‪.‬‬
‫(وال يأكل المضحي شيئا من األضحية المنذورة)‪ ،‬بَلْ يجب َعلَي ِه التصدق‬
‫بجميع لحمها‪ .‬فلو آخرها فتلفت لزمه ضمانها‪( ،‬ويأكل من األضحية‬
‫المتطوع بها) ثلثا َعلَى الجديد‪.‬‬
‫َوأَ َّما الثلثان؛ فقيل‪ :‬يتصدق بهما‪ .‬ورجحه النَّ َو ِوي‪ 1‬فِي تصحيح التنبيه‪.‬‬
‫َوقِي َل‪ :‬يهدى ثلثا للمسلمين األغنياء‪ ،‬ويتصدق بثلث َعلَى الفقراء من لحمها‪.‬‬
‫ولم يرجح النَّ َو ِوي‪ 2‬فِي الروضة وأصلها شيئا من هذين الوجهين‪.‬‬

‫‪ 1‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي النَّ َو ِوي ال ّشافع ّي الدمشقي ‪ ،‬تـ‪676‬ـ هـ ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(وال يبيع)؛ أَي‪ :‬يحرم َعلَى المضحي بيع شيء (من األضحية)؛ أَي‪ :‬لحمها‬
‫أَ ْو شعرها أَ ْو جلدها‪ ،‬ويحرم أيضا جعله أجرة للجزار َولَ ْو كانت األضحية‬
‫تطوعا‪.‬‬
‫(ويطعم) حتما من األضحية المتطوع بها (الفقراء والمساكين)‪ .‬واألفضل‬
‫التصدق بجميعها إال لقمة أَ ْو لقما يتبرك المضحي بأكلها؛ فإنه يسن له ذلك‪.‬‬
‫وإذا أكل البعض وتصدق بالباقي حصل له ثواب التضحية بالجميع‬
‫والتصدق بالبعض‪.‬‬
‫صل فِي بيان أحكام العقيقة‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي لُ َغةً‪ :‬اسم للشعر َعلَى رأس المولود‪.‬‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬والعقيقة) َع ْن المولود (مستحبة)‪.‬‬ ‫َوش َْر ًعا‪ :‬ما سيذكره ال ُم َ‬
‫صنِّف العقيقة بقوله‪َ ( :‬و ِه َي الذبيحة عَنْ المولود يو َم سابعه)؛ أَي‪:‬‬ ‫وفسر ال ُم َ‬
‫يوم سابع والدته‪ .‬ويحسب يوم الوالدة من السبع َولَ ْو مات المولود قبل‬
‫السابع‪ .‬وال تفوت بالتأخير بعده؛ فإن تأخرت للبلوغ سقط حكمها فِي حق‬
‫العاق َع ْن المولود؛ أّ َّما هُ َو فمخير فِي العق َع ْن نفسه والترك‪.‬‬
‫(ويذبح عَنْ الغالم شاتان‪َ ،‬و) يذبح (عَنْ الجارية شاة)‪ .‬قال بعضهم‪َ :‬وأَ َّما‬
‫الخنثى فيحتمل إلحاقه بالغالم أَ ْو بالجارية؛ فلو بانت ذكورته أمر بالتدارك‬
‫وتتعدد العقيقة بتعدد األوالد‪.‬‬
‫ق من العقيقة (الفقرا َء والمساكين) فيطبخها بحلو ويهدي ِم ْنهَا‬ ‫(ويطعم) العا ّ‬
‫للفقراء والمساكين‪ ،‬وال يتخذها دعوة وال بكسر عظمها‪ .‬واعلم أن ِس َّن‬
‫العقيقة وسالمتها من عيب ينقص لحمها واألكل ِم ْنهَا والتصدق ببعضها‬
‫وامتناع بيعها وتعينها بالنذر حكمه َعلَى ما سبق فِي األضحية‪َ .‬ويُ َسن أن‬
‫يؤذن فِي أذن المولود اليمنى حين يولد‪ ،‬ويقيم فِي أذنه اليسرى‪ ،‬وأن يحنك‬
‫داخل فمه لينزل منه شيء إِلَى جوفه؛‬ ‫َ‬ ‫المولود بتمر؛ فيمضغ ويدلك بِ ِه حنكه‬
‫فإن لَ ْم يوجد تمر فرطب‪َ ،‬وإِاَل فشيء حلو‪ .‬وأن يسمى المولود يوم سابع‬
‫والدته‪ ،‬وتجوز تسميته قبل السابع وبعده‪َ .‬ولَ ْو مات المولود قبل السابع س َُّن‬
‫تسميته‪.‬‬
‫ِكتَاب أحكام السبق والرمي‬
‫أَي‪ :‬بسهام ونحوها‪( .‬وتصح المسابقة َعلَى الدواب)؛ أَي‪َ :‬علَى ما هُ َو‬
‫األصل فِي المسابقة عليها من خيل وإبل وفيل وبغل وحمار فِي األظهر‪ .‬وال‬
‫تصح المسابقة َعلَى بقر‪ ،‬وال َعلَى نطاح الكباش‪ ،‬وال َعلَى مهارشه الديكة‪،‬‬
‫اَل بعوض وال غيره‪َ ( .‬و) تصح (المناضلة)؛ أَي‪ :‬المراماة (بالسهام إذا‬
‫ين موقف الرامي والغرض الذي يرمى إليه‬ ‫كانت المسافة)؛ أَي‪ :‬مسافة ما بَ َ‬
‫(معلومةً‪َ ،‬و) كانت (صفة المناضلة معلومة) أيضا‪ ،‬بأن يبين المتناضالن‬

‫‪124‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫كيفية الرمي من قرع‪َ ،‬وهُ َو إصابة السهم الغرض‪ ،‬وال يثبت فِي ِه‪ ،‬أَ ْو من‬
‫خسق‪َ ،‬وهُ َو أن يثقب السهم الغرض ويثبت فِي ِه‪ ،‬أَ ْو من مرق‪َ ،‬وهُ َو أن ينفذ‬
‫السهم من الجانبـ اآلخر من الغرض‪ .‬واعلم أن عوض المسابقة هُ َو المال‬
‫الذي يخرج فيها‪ .‬وقد يخرجه أحد المتسابقين‪ ،‬وقد يخرجانه معا‪.‬‬
‫صنِّف األول فِي قوله‪( :‬ويخرج العوض أح ُد المتسابقين حتى إنه‬ ‫وذكر ال ُم َ‬
‫استردَّه)؛ أَي‪ :‬العوض الذي أخرجه‪( ،‬وإن‬ ‫غيره ( َ‬ ‫سبق) بفتح السين َ‬ ‫إذا َ‬
‫سبق) بضم أوله (أخذه)؛ أَي‪ :‬العوض (صاحبُه) السابق (له)‪ .‬وذكر‬ ‫ُ‬
‫صنِّف الثَّانِيفِي قوله‪( :‬وإن أخرجاه)؛ أَي‪ :‬العوض المتسابقان (معا لَ ْم‬ ‫ال ُم َ‬
‫يجز)؛ أَي‪ :‬لَ ْم يصح إخراجهماـ للعوض (إال أن يُدخال بينهما ُمحلِّال) بكسر‬
‫سبق)‬ ‫خ (إال أن يَدخل بينهما ُم َحلِّ ٌل)؛ (فإن َ‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫الالم األولى‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫سبق)‬ ‫بفتح السين كال من المتسابقين (أخذ العوض) الذي أخرجاه‪( ،‬وإن ُ‬
‫بضم أوله (لَ ْم يغرم) لَهُ َما شيئا‪.‬‬
‫ِكتَاب أحكام األيمان والنذور‬
‫يمان بفتح الهمزة جمع يمين‪ .‬وأصلها لُ َغةً‪ :‬الي ُّد اليُمنى‪ ،‬ثم أطلقت َعلَى‬ ‫األَ ُ‬
‫الحلف‪.‬‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬تحقيق ما يحتمل المخالفة أ ْو تأكيده بذكر اسم هللا تَ َعالَى أ ْو صفة من‬
‫صفات ذاته‪.‬‬
‫والنذور جمع‪ :‬نذر‪ ،‬وسيأتي معناه فِي الفصل الذي بعده‪.‬‬
‫(اَل ينعقد اليمين إال باهلل تَ َعالَى)؛ أَي‪ :‬بذاته‪ ،‬كقول الحالفـ‪َ ( :‬وهللاِ)‪( ،‬أَ ْو‬
‫باسم من أسمائه) المختصة بِ ِه الَتِي اَل تستعمل فِي غيره كخالق الخلق‪( ،‬أَ ْو‬
‫صفة من صفات ذاته) القائمة بِ ِه كعلمه وقدرته‪ .‬وضابط الحالف كل مكلف‬
‫مختار ناطق قاصد لليمين‪( .‬ومن حلف بصدقة ماله) كقوله‪( :‬هَلِل ِ عل َّي أن‬
‫أتصدق بمالي)‪ .‬ويعبر َع ْن هَ َذا اليمين تارة بيمين اللَّجَّاج والغضب‪ ،‬وتارة‬
‫ين) الوفاء بما‬ ‫بنذر اللجاج والغضب؛ (فَ ُه َو)؛ أَي‪ :‬الحالف أَ ْو الناذر (مخير بَ َ‬
‫حلف َعلَي ِه والتزمه بالنذر من (الصدقة) بماله (أَ ْو كفارة اليمين) فِي‬
‫األظهر‪ .‬وفي قول‪ :‬يلزمه كفارة يمين‪ ،‬وفي قول يلزمه الوفاء بما التزمه‪.‬‬
‫(وال شيء فِي لغو اليمين)‪ .‬وفسر بما سبق لسانه إِلَى لفظ اليمين من غير‬
‫أن يقصدها كقوله فِي حال غضبه أَ ْو غلبته أَ ْو عجلته‪( :‬اَل وهللاِ) مرة‪َ ،‬و‬
‫(بلى وهللا) مرةً فِي وقت آخر‪( .‬ومن حلف أن اَل يفعل شيئا)؛ أَي‪ :‬كبيع‬
‫عبده (فأمر غي َره بفعله) ففعله بأن باع عبد الحالفـ (لَ ْم يحنث) ذلك الحالف‬
‫بفعل غيره‪ ،‬إال أن يريد الحالفـ أنه اَل يفعل هُ َو وال غيره‪ ،‬فيحنث بفعل‬
‫مأموره‪ .‬أّ َّما لو حلف أن اَل ينكح فوكل غيره فِي النكاح فإنه يحنث بفعل‬
‫وكيله له فِي النكاح‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(ومن حلف َعلَى فعل أمرين) كقوله‪( :‬وهللاِ‪ ،‬اَل ألبس هذين الثوبين)؛‬
‫(ففعل)؛ أَي‪ :‬لبس (أحدهما لَ ْم يحنث)؛ فإن لبسهما معا أَ ْو مرتبا حنث‪ .‬فإن‬
‫قال‪( :‬اَل ألبس َه َذا وال َه َذا)‪ ،‬حنث بأحدهما‪ .‬وال تنحل يمينه‪ ،‬بَلْ إذا فعل‬
‫اآلخر حنث أيضا‪.‬‬
‫ين ثالثة أشياء)‪:‬‬ ‫(وكفارة اليمين ه َُو)؛ أَي‪ :‬الحالف إذا حنث ( ُم َخيَّر فيها بَ َ‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬عتق رقبة مؤمنة) سليمة من عيب يخل بعمل أَ ْو كسب‪.‬‬
‫‪ .2‬وثانيها مذكور فِي قوله‪( :‬أَ ْو إطعام عشرة مساكين؛ كل مسكين مدا)؛‬
‫أَي‪ :‬رطال وثلثا من َحبٍّ من غالب قوت بلد المكفر‪ .‬وال يجزىء فِي ِه غير‬
‫الحب من تمر وأقط‪.‬‬
‫‪ .3‬وثالثها مذكور فِي قوله‪( :‬أَ ْو كسوتهم)؛ أَي‪ :‬يدفع المكفر لكل من‬
‫المساكين (ثوبا ثوبا)؛ أَي‪ :‬شيئا يسمى كسوة مما يعتاد لبسه‪ ،‬كقميص أَ ْو‬
‫عمامة أَ ْو خمار أَ ْو كساء‪ .‬وال يكفي خف وال قفازان‪.‬‬
‫وال يشترط فِي القميص كونه صالحا للمدفوع إليه؛ فيجزىء أن يدفع للرجل‬
‫ثوب صغير أَ ْو ثوب امرأة‪ .‬وال يشترط أيضا كون المدفوع جديدا؛ فيجوز‬
‫دفعه ملبوسا لَ ْم تذهب قوته‪.‬‬
‫(فإن لَ ْم يجد) المكفر شيئا من الثالثة السابقة (فصيام) فيلزمه صيام (ثالثة‬
‫أيام)؛ وال يجب تتابعها فِي األظهر‪.‬‬
‫صل فِي أحكام النذور‬ ‫فَ ْ‬
‫جمع‪ :‬نذر؛ َوهُ َو بذال المعجمة ساكنة وحكي فتحها‪ ،‬ومعناه‪ :‬لُ َغةً‪ :‬الوعد‬
‫بخير أَ ْو شر‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬التزام قربة الزمة بأصل الشرع‪.‬‬
‫والنذر ضربان‪ :‬أحدهما نذر اللَّجَّاجـ بفتح أوله‪َ ،‬وهُ َو التمادى فِي الخصومة‪.‬‬
‫َوال ُم َراد بهذا النذر‪ :‬أن يخرج مخرج اليمين بأن يقصد الناذر منع نفسه من‬
‫شيء‪ ،‬وال يقصد القربة‪ ،‬وفيه كفارة يمين أَ ْو ما التزمه بالنذر‪َ .‬والثَّانِي‪ :‬نذر‬
‫المجازاة َوهُ َو نوعان‪:‬‬
‫هلل عل َّي صو ٌم أَ ْو‬
‫‪ .1‬أحدهما‪ :‬أن اَل يعلقه الناذر َعلَى شيء‪ ،‬كقوله ابتداء‪ِ ( :‬‬
‫ق)‪.‬‬
‫عت ٌ‬
‫‪َ .2‬والثَّانِي‪ :‬أن يعلقه َعلَى شيء‪.‬‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬والنذر يلزم فِي المجازاة َعلَى) نذر (مباح‬ ‫وأشار له ال ُم َ‬
‫وطاعة‪ ،‬كقوله)؛ أَي‪ :‬الناذر‪(( :‬إن شفى هللا مريضي) َوفِي بَع ِ‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫خ‬
‫(مرضي) أَ ْو كفيت شر عدوي (فلِلّ ِه أن أصلي أَ ْو أصوم أَ ْو أتصدق)‪،‬‬
‫ويلزمه)؛ أَي‪ :‬الناذر (من ذلك)؛ أَي‪ :‬مما نذره من صالة أَ ْو صوم أَ ْو صدقة‬
‫(ما يقع َعلَي ِه االسم) من صالة‪ .‬وأقلها ركعتان‪ ،‬أَ ْو صوم وأقله يوم‪ ،‬أَ ْو‬

‫‪126‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الصدقة َو ِه َي أقل شيء مما يتمول‪َ .‬و َك َذا لو نذر التصدق بمال عظيم كما‬
‫صنِّف بمفهوم قوله سابقا َعلَى مباح فِي‬ ‫قال القاضيـ أبو الطيب‪ .‬ثم صرح ال ُم َ‬
‫قوله‪( :‬وال نذر فِي معصية)؛ أَي‪ :‬اَل ينعقد نذرها‪( ،‬كقوله‪( :‬إن قتلتُ فالنا)‬
‫بغير حق (فلله علي كذا))‪.‬‬
‫َو َخ َر َج‪ :‬بالمعصية‪ :‬نذر المكروه كنذر شخص صوم الدهر‪ ،‬فينعقد نذره‪،‬‬
‫ويلزمه الوفاء بِ ِه‪.‬‬
‫ّ‬
‫وال يصح أيضًا نذر واجب َعلَى العين كالصلواتـ الخمس‪ .‬أ َّما الواجب َعلَى‬
‫الكفاية فيلزمه كما يقتضيه كالم الروضة وأصلها‪( .‬وال يلزم النذر)؛ أَي‪ :‬اَل‬
‫ينعقد ( َعلَى ترك مباح) أَ ْو فعله؛ فاألول (كقوله‪( :‬اَل آكل لحما وال أشرب‬
‫لبنا) وما أشبه ذلك) من المباح كقوله‪ :‬اَل ألبس كذا‪َ ،‬والثَّانِي نحو آكل كذا‬
‫وأشرب كذا‪ ،‬وألبس كذا‪ .‬وإذا خالف النذر المباح لزمه كفارة يمين َعلَى‬
‫الراجح عند البغوي‪ ،‬وتبعه المحرر والمنهاج‪ ،‬لَ ِك ْن قضية كالم الروضة‬
‫وأصلها عدم اللزوم‪.‬‬
‫ِكتَاب أحكام األقضية والشهادات‬
‫واألقضية جمع قضاء بالمد‪َ ،‬وهُ َو لُ َغةً أحكام الشيء وإمضاؤه‪.‬‬
‫ين خصمين بحكم هللا تَ َعالَى‪.‬‬ ‫َوش َْر ًعا‪ :‬فَصْ ل حكوم ٍة بَ َ‬
‫والشهادات جمع‪ :‬شهادة؛ مصدر‪َ :‬ش ِهد؛ مأخوذ‪ :‬من الشهود بِ َم ْعنَى‪:‬‬
‫الحضور‪ .‬والقضاء فرض كفاية؛ فإن تعيَّن َعلَى شخص لزمه طلبه‪.‬‬
‫ْض‬
‫(وال يجوز أن يلي القضا َء إال من استكملت فِي ِه خمسة عشر) َوفِي بَع ِ‬
‫خ (خمس عشرة) (خصلة)‪:‬‬ ‫النُّ َس ِ‬
‫‪ .1‬أحدها‪( :‬اإلسالم)؛ فَاَل تصح والية الكافر َولَ ْو كانت َعلَى كافر مثله‪ .‬قال‬
‫ي‪( :‬وما جرت بِ ِه عادة الوالية من نصب رجل من أهل الذمة‬ ‫ال َماور ِد ّ‬
‫فتقليد رياسة وزعامة‪ ،‬اَل تقليد حكم وقضاء)‪ .‬وال يلزم أهل الذمة الحكم‬
‫بإلزامه بَلْ بالتزامهم‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي‬
‫‪َ .3‬والثَّالِث (البلوغ‪ ،‬والعقل)؛ فَاَل والية لصبي ومجنون‪ ،‬أطبق جنونه أَ ْو‬
‫اَل ‪.‬‬
‫ق كله أَ ْو بعضه‪.‬‬ ‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع (الحرية)؛ فَاَل تصح والية رقي ٍ‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس (الذكورة)؛ فَاَل تصح والية امرأة‪ ،‬وال خنثى‪َ .‬ولَ ْو ولى‬
‫ان ذكرًا لَ ْم ينفذ حكمه فِي المذهب‪.‬‬ ‫حال الجهل فح َكم ثم بَ َ‬ ‫الخنثى َ‬
‫‪َ ( .6‬و) السادس (العدالة)‪ ،‬وسيأتي بيانها فِي فَصْ ل الشهادات؛ فَاَل والية‬
‫لفاسق بشيء اَل ُشبهةَ له فِي ِه‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪َ ( .7‬و) السابع (معرفة أحكام ال ِكتَاب والسنة) َعلَى طريق االجتهاد‪ ،‬وال‬
‫يشترط حفظه آليات األَحْ َكام‪ ،‬وال أحاديثها المتعلقات بها َع ْن ظهر قلب‪.‬‬
‫َو َخ َر َج باألحكام القصص والمواعظ‪َ ( .‬و) الثامن (معرفة اإلجماع)‪َ ،‬وهُ َو‬
‫اتفاق أهل الحلِّ وال َعقد من أمة محمد صلى هللا َعلَي ِه وسلم َعلَى أمر من‬
‫األمور‪ .‬وال يشترط معرفته لكل فرد من أفراد اإلجماع‪ ،‬بَلْ يكفيه فِي‬
‫أن قوله اَل يخالف اإلجما َع فيها‪َ ( .‬و)‬ ‫المسألة الَتِي يفتي بها أَ ْو يحكم فيها‪َّ ،‬‬
‫ين العلماءـ‪.‬‬‫التاسع (معرفة االختالف) الواقع بَ َ‬
‫‪َ ( .8‬و) العاشر (معرفة طرق االجتهاد)؛ أَي‪ :‬كيفية االستدالل من أدلة‬
‫األَحْ َكام‪َ ( .‬و) الحادي عشر (معرفة طرف من لسان العرب) من لُ َغةً‬
‫وصرف ونحو‪( ،‬ومعرفة تفسير ِكتَاب هللا تَ َعالَى‪َ .‬و) الثَّانِيعشر (أن‬
‫يكون سميعا) َولَ ْو بصياح فِي أذنيه؛ فَاَل يصح تولية أصم‪َ ( .‬و) الثَّالِث‬
‫عشر (أن يكون بصيرا)؛ فَاَل يصح تولية أعمى‪ .‬ويجوز كونه أعور كما‬
‫صنِّف من‬ ‫قال الروياني‪َ ( .‬و) ال َّرابِع عشر (أن يكون كاتبا)‪ .‬وما ذكره ال ُم َ‬
‫صح خالفه‪َ ( .‬و) الخامس‬ ‫اشتراط كون القاضي كاتبا وجه مرجوح؛ َواألَ َ‬
‫عشر (أن يكون مستيقظا)؛ فَاَل يصح تولية مغفل‪ ،‬بأن اخت َّل نظره أَ ْو‬
‫صنِّف من شروط‬ ‫فكره‪ ،‬أّ َّما لكبر أَ ْو مرض أَ ْو غيره‪ .‬ولما فرغ ال ُم َ‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫خ‬ ‫القاضي َش َر َع فِي آدابه‪ ،‬فقال‪( :‬ويستحب أن يجلس)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫(أن ينزل)؛ أَي‪ :‬القاضيـ (فِي وسط البلد) إذا اتسعت خطته؛ فإن كانت‬
‫يث شاء إن لَ ْم يكن هناك موضع معتاد تنزله القضاةـ‪،‬‬ ‫البلد صغيرةً نزل َح ُ‬
‫ويكون جلوس القاضي (فِي موضع) فسيح (بارز)؛ أَي‪ :‬ظاهر (للناس)‬
‫بحيث يراه المستوطن والغريب والقوي والضعيف‪ ،‬ويكون مجلسه‬
‫مصونا من أذى َحرٍّ وبرد‪ ،‬بأن يكون فِي الصيف فِي مهب الريح‪ ،‬وفي‬
‫خ (وال حاجب دونه)؛‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫الشتاء فِي كن‪( ،‬وال حجاب له)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫فلو اتخذ حاجبا أَ ْو بَ َّوابا كره‪( .‬وال يقعد) القاضي (للقضاء فِي المسجد)؛‬
‫وقت حضوره فِي المسجد لصالة أَ ْو غيرها‬ ‫َ‬ ‫فإن قضى فِي ِه كره‪ .‬فإن اتفق‬
‫خصومةٌ لَ ْم يكره فصلها فِي ِه‪َ .‬و َك َذا لو احتاجـ إِلَى المسجد لعذر من مطر‬
‫ين الخصمين فِي ثالثة أشياء)‪:‬‬ ‫ونحوه‪( .‬ويسوي) القاضيـ وجوبا (بَ َ‬
‫ين يديه إذا‬ ‫أحدها التسوية (فِي المجلس)؛ فيُجلس القاضي الخصمين بَ َ‬
‫استويا شرفا‪ .‬أّ َّما المسلم فيرفع َع ْن الذمي فِي المجلس‪َ ( .‬و) الثَّانِيالتسوية‬
‫فِي (اللفظ)؛ أَي‪ :‬الكالم؛ فَاَل يسمع كالم أحدهما دون اآلخر‪َ ( .‬و) الثَّالِث‬
‫التسوية فِي (اللحظ)؛ أَي‪ :‬النظر؛ فَاَل ينظر أحدهما دون اآلخر‪( .‬وال‬
‫يجوز) للقاضي (أن يقبل الهدية من أهل عمله)؛ فإن كانت الهدية فِي‬
‫صح‪ .‬وإن أهدى إليه َمن هُ َو فِي‬ ‫غير عمله من غير أهله لَ ْم يحرم فِي األَ َ‬

‫‪128‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫محل واليته وله خصومة وال عادةَ له بالهدية قَبلَها حرُم َعلَي ِه قبولُها‪.‬‬
‫(ويجتنب) القاضي (القضاء)؛ أَي‪ :‬يكره له ذلك (فِي عشرة مواضع)‪،‬‬
‫خ (فِي‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫خ (أحوال)‪( :‬عند الغضب)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬
‫الغضب)‪ .‬قال بعضهم‪ :‬وإذا أخرجه الغضب َع ْن حالة االستقامة حرم‬
‫َعلَي ِه القضا ُـء حينئذ‪( .‬والجوع) والشبع المفرطين‪( ،‬والعطش‪ ،‬وشدة‬
‫الشهوة‪ ،‬والحزن‪ ،‬والفرح المفرط‪ ،‬وعند المرض)؛ أَي‪ :‬المؤلم‪،‬‬
‫(ومدافعة األخبثين)؛ أَي‪ :‬البول والغائط‪( ،‬وعند النعاس‪َ ،‬و) عند (شدة‬
‫الح ِّر والبرد)‪ .‬والضابط الجامع لهذه العشرة وغيرها أنه يكره للقاضي‬ ‫َ‬
‫القضاء فِي كل حال يسوء ُخلُقه‪ .‬وإذا حكم فِي حال مما تقدم نفذ حكمه‬
‫ين يدي‬ ‫مع الكراهة‪( .‬وال يسأل) وجوبا؛ أَي‪ :‬إذا جلس الخصمانـ بَ َ‬
‫القاضي اَل يسأل (المدعى َعلَي ِه إال بعد كمال)؛ أَي‪ :‬بعد فراغ المدعي من‬
‫(الدعوى) الصحيحة‪ .‬وحينئذ يقول القاضي للمدعي َعلَي ِه‪( :‬أخرج من‬
‫دعواه)‪ .‬فإن أقر بما ادعى بِ ِه َعلَي ِه لزمه ما أق َّر بِ ِه‪ ،‬وال يفيده بعد ذلك‬
‫رجو ُعه‪ .‬وإن أنكر ما ادعي بِ ِه َعلَي ِه فللقاضي أن يقول للمدعي‪( :‬ألك‬
‫ان الحق مما يثبت بشاهد ويمين‪( .‬وال‬ ‫بينة أَ ْو شاهد مع يمينك؟) إن َك َ‬
‫خ (وال يستحلفه)؛ أَي‪ :‬اَل يحلف القاضي‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫يحلفه)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫المد َعى َعلَي ِه (إال بعد سؤال المدعي) من القاضي أن يحلف المدعى‬
‫َعلَي ِه‪( ،‬وال يلقن) القاضي (خصما حجةً)؛ أَي‪ :‬اَل يقول لكل من‬
‫ان يدعي‬ ‫الخصمين‪( :‬قل كذا َو َك َذا)‪ .‬أّ َّما استفسار الخصم فجائز‪َ ،‬ك َ‬
‫شخصٌ قتال َعلَى شخص‪ ،‬فيقول القاضي للمدعي‪( :‬قتله عمدا أَ ْو‬
‫خطأ؟)‪( ،‬وال يفهمه كالما)؛ أَي‪ :‬اَل يعلمه كيف يدعي‪ .‬وهذه المسألة‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫خ‬ ‫ساقطة فِي بعض نسخ المتن‪( .‬وال يتعنت بالشهداء)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫ان يقول له القاضي‪( :‬كيف تحملت؟ ولعلك ما‬ ‫(وال يتعنت بشاهد)‪َ ،‬ك َ‬
‫شهدت)‪( .‬وال يقبل الشهادة إال ممن)؛ أَي‪ :‬شخص (ثبتت عدالته)؛ فإن‬
‫عرف القاضيـ عدالة الشاهد عمل بشهادته أَ ْو عرف فسقه رد شهادته‪.‬‬
‫فإن لَ ْم يعرف عدالته وال فسقه طلب منه التزكية‪ ،‬وال يكفي فِي التزكية‬
‫ي عد ٌل‪ ،‬بَلْ اَل بد من إحضار من‬ ‫قول المدعى َعلَي ِه إن الذي شهد عل َّ‬
‫يشهد عند القاضيـ بعدالته‪ ،‬فيقول‪( :‬أشهد أنه عدل)‪ .‬ويعتبر فِي المزكي‬
‫شروط الشاهد من العدالة وعدم العداوة وغير ذلك‪ .‬ويشترط مع هَ َذا‬
‫معرفته بأسباب الجرح والتعديل‪ ،‬وخبرة باطن من يعدله بصحبة أَ ْو‬
‫جوار أَ ْو معاملة‪( .‬وال يقبل) القاضيـ (شهادة عد ٍُّو َعلَى عدوه)‪َ .‬وال ُم َراد‬
‫بعدو الشخص من يبغضه‪( ،‬وال) يقبل القاضي (شهادة والد) وإن عال‬
‫خ (لمولوده)؛ أَي‪ :‬وإن سفل‪( ،‬وال) شهادة (ولد‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(لولده)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬

‫‪129‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫لوالده) وإن عال‪ .‬أّ َّما الشهادة عليهما فتقبل‪( .‬وال يقبل ِكتَاب قاض إِلَى‬
‫قاض آخر فِي األَ ْح َكام إال بعد شهادة شاهدين يشهدان) َعلَى القاضي‬
‫صنِّف بذلك‬ ‫الكاتب (بما فِي ِه)؛ أَي‪ :‬ال ِكتَاب عند المكتوب إليه‪ .‬وأشار ال ُم َ‬
‫إِلَى أنه إذا ادعى شخص َعلَى شخص غائب بمال‪ ،‬وثبت المال َعلَي ِه؛‬
‫ان له مال حاضر قضاه القاضي منه‪ ،‬وإن لَ ْم يكن له مال حاضر‬ ‫فإن َك َ‬
‫وسأل المدعي إنها َء الحال إِلَى قاضي بلد الغائب أجابه لذلك‪ .‬وفسر‬
‫األصحاب إنهاء الحال بأن يشهد قاضي بلد الحاضرـ عدلين بما ثبت عنده‬
‫من الحكم َعلَى الغائب‪ .‬وصفة ال ِكتَاب‪ :‬بِس ِْم هللاِ الرَّح َم ِن ال َّر ِحيم حضر‬
‫المقيم فِي بلدك‬
‫ِ‬ ‫فالن‪ ،‬وادعى َعلَى فال ٍن الغائ ِ‬
‫ب‬ ‫ٌ‬ ‫عندنا عافاني هللا وإيَّاك‬
‫بالشيء الفالني‪ ،‬وأقام َعلَي ِه شاهدين‪ ،‬وهما فالن وفالن‪ ،‬وقد عدال‬
‫وحلفت المدعي وحكمت له بالمال‪ ،‬وأشهدت بالكتاب فالنا‬ ‫ُ‬ ‫عندي‪،‬‬
‫وفالنا‪ .‬ويشترط فِي شهود ال ِكتَاب والحكم ظهور عدالتهم عند القاضي‬
‫المكتوب إليه‪ ،‬وال تثبت عدالتُهم عنده بتعديل القاضي الكاتب إياهم‪.‬‬
‫سمة‬ ‫صل فِي أحكام القِ ْ‬ ‫فَ ْ‬
‫َو ِه َي بكسر القاف االسم من قسم الشيء قَ ْس ًما‪ ،‬بفتح القاف‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬تمييز بعض األنصباء من بعض بالطريق اآلتي‪.‬‬
‫ْض النُّ َس ِ‬
‫خ‬ ‫(ويفتقر القاسم) المنصوب من جهة القاضيـ (إِلَى سبعة) َوفِي بَع ِ‬
‫(إِلَى سبع) (شرائط‪ :‬اإلسالم‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬والعقل‪ ،‬والحرية‪ ،‬والذكورة‪،‬‬
‫والعدالة‪ ،‬والحساب)؛ فمن اتصف بضد ذلك لَ ْم يكن قاسما‪َ .‬وأَ َّما إذا لَ ْم يكن‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬فإن‬ ‫القاسم منصوبا من جهة القاضي فقد أشار إليه ال ُم َ‬
‫خ (فإن تراضيا) (الشريكان بمن يقسم بينهما)‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫تراضى) َوفِي بَع ِ‬
‫المال المشترك (لَ ْم يفتقر) فِي هَ َذا القاسم (إِلَى ذلك)؛ أَي‪ :‬إِلَى الشروط‬
‫السابقة‪ .‬واعلم أن القسمة َعلَى ثالثة أنواع‪ :‬أحدها القسمة باألجزاء‪ ،‬وتسمى‬
‫قسمة المتشابهات كقسمة المثليات من حبوب وغيرها‪ ،‬فتجزأ األنصباء كيالً‬
‫ين‬
‫فِي المكيل‪ ،‬ووزنا فِي الموزون‪ ،‬وذرعا فِي مذروع‪ ،‬ثم بعد ذلك يقرع بَ َ‬
‫األنصباء ليتعين لكل نصيب ِم ْنهَا واح ٌد من الشركاء‪ .‬وكيفية األقراع أن‬
‫تؤخذ ثالث رقاع متساوية‪ ،‬ويكتب فِي كل رقعة ِم ْنهَا اسم شريك من‬
‫الشركاء‪ ،‬أَ ْو جزء من األجزاء مميز َع ْن غيره ِم ْنهَا‪ ،‬وتدرج تلك الرقاع فِي‬
‫بنادق متساوية من طين مثال بعد تجفيفه‪ ،‬ثم توضع فِي حجر من لَ ْم يحضر‬
‫ُخرج من لَ ْم يحضرهما رقعةً َعلَى الجزء األول من‬ ‫الكتابة واإلدراج‪ ،‬ثم ي ِ‬
‫تلك األجزاء‪ ،‬إن كتبت أسماء الشركاء فِي الرقاع كزيد وبكر وخالد فيعطى‬
‫من خرج اسمه فِي تلك الرقعة‪ ،‬ثم يُخرج رقعة أخرى َعلَى الجزءـ الذي بلى‬
‫الجزء األول من تلك األجزاء‪ ،‬فيعطى من خرج اسمه فِي الرقعة الثانية‪،‬‬

‫‪130‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ويتعين الجزء الباقي للثالث إن كانت الشركاء ثالثة‪ ،‬أَ ْو يخرج من لَ ْم‬
‫يحضر الكتابة واإلدراج رقعة َعلَى اسم زيد مثال‪ ،‬إن كتبت فِي الرقاع‬
‫أجزاء األنصباء‪ ،‬ثم َعلَى اسم خالد‪ ،‬ويتعين الجزء الباقي للثالث‪.‬‬
‫النوع الثَّانِيالقِسْم بالتعديل للسهام‪َ ،‬و ِه َي األنصباء بالقيمة كأرض تختلف‬
‫قيمة أجزائها بقوة إنبات أَ ْو قرب ماء‪ ،‬وتكون األرض بينهما نصفين‪،‬‬
‫ويساوي ثلث األرض مثال لجودته ثلثيها؛ فيجعل الثلث سهما‪ ،‬والثلثان‬
‫سهما‪ .‬ويكفي فِي هَ َذا النوع والذي قبله قاسم واحد‪ .‬النوع الثَّالِث القسمة‬
‫بالرد‪ ،‬بأن يكون فِي أحد جانبي األرض المشتركة بئر أَ ْو شجر مثال‪ ،‬اَل‬
‫يمكن قسمته فيرد من يأخذه بالقسمة الَتِي أخرجتها القرعة قسط قيمة كل من‬
‫البئر أَ ْو الشجر فِي المثال المذكور؛ فلو كانت قيمة كل من البئر أَ ْو الشجر‬
‫ألفًا‪ ،‬وله النصف من األرض رد اآلخذ ما فِي ِه ذلك خمسمائة‪ .‬وال بد فِي هَ َذا‬
‫ان فِي القسمة تقويم لَ ْم يقتصر فِي ِه)؛‬ ‫النوع من قاسمين كما قال‪( :‬وإن َك َ‬
‫أَي‪ :‬فِي المال المقسوم ( َعلَى أقل من اثنين)‪ .‬وهذا إن لَ ْم يكن القاسم حاكما‬
‫فِي التقويم بمعرفته‪ ،‬فإن حكم فِي التقويم بمعرفته فَهُ َو كقضائه بعلمه‪.‬‬
‫صح جوازه بعلمه‪( .‬وإذا دعا أحد الشريكين شريكه إِلَى قسمة ما اَل‬ ‫َواألَ َ‬
‫ضرر فِي ِه لزم) الشريك (اآلخر إجابته) إِلَى القسمة‪ .‬أّ َّما الذي فِي قسمته‬
‫ضرر كحمام اَل يمكن جعله حمامين إذا طلب أحد الشركاء قسمته وامتنع‬
‫صح ‪.‬‬‫اآلخر فَاَل يجاب طالب قسمته فِي األَ َ‬
‫صل فِي الحكم بالبينة‬ ‫فَ ْ‬
‫ان مع المدعي بينة سمعها الحاكم‪ ،‬وحكم له بها) إن عرف‬ ‫(وإذا َك َ‬
‫عدالتها‪َ ،‬وإِاَل طلب ِم ْنهَا التزكية؛ (وإن لَ ْم تكن له) المدعي (بينة‪ ،‬فالقول‬
‫قول المدعى َعلَي ِه بيمينه)‪َ .‬وال ُم َراد بالمدعي من يخالف قوله الظاهر‪،‬‬
‫والمدعى َعلَي ِه من يوافق قوله الظاهر؛ (فإن نكل)؛ أَي‪ :‬امتنع المدعى َعلَي ِه‬
‫(عَنْ اليمين) المطلوبة منه (ردت َعلَى المدعي‪ ،‬فيحلف) حينئذ (ويستحق)‬
‫اليمين‪:‬‬
‫َ‬ ‫المدعى ِب ِه‪ .‬والنكول أن يقول المدعى َعلَي ِه بعد عرض القاضي َعلَي ِه‬
‫(أنا ناكل عنها)‪ .‬ويقول له القاضي‪( :‬أحلف)؛ فيقول‪( :‬اَل أحلف)‪( .‬وإذا‬
‫تداعيا)؛ أَي‪ :‬اثنان (شيئا ِفي يد أحدهما؛ فالقول قول صاحب اليد بيمينه)؛‬
‫ان فِي أيديهما) أَ ْو لَ ْم يكن فِي يد واحد ِم ْنهُ َما‬ ‫أَي‪ :‬أن الذي فِي يده له؛ (وإن َك َ‬
‫(تحالفا‪ ،‬وجعل) المدعى بِ ِه (بينهما) نصفين‪( .‬ومن حلف َعلَى فعل نفسه)‬
‫والبت بموحدة فمثناة فوقية معناه‬ ‫ّ‬ ‫اثباتا أَ ْو نفيا (حلف َعلَى البتّ والقطع)‪.‬‬
‫صنِّف القطع َعلَى البت من عطف التفسير‪( .‬ومن‬ ‫القطع‪ .‬وحينئذ فعطف ال ُم َ‬
‫ان إثباتا حلف َعلَى البت‬ ‫حلف َعلَى فعل غيره) ففيه تفصيل؛ (فإن َك َ‬

‫‪131‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الع ْل ُم)‪َ ،‬وهُ َو أنه اَل يعلم أن‬ ‫ان نفيا) مطلقا (حلف َعلَى نفي ِ‬ ‫والقطع؛ وإن َك َ‬
‫غيره فعل كذا‪ .‬أّ َّما النفي المحصور فيحلف فِي ِه الشخص َعلَى البت‪.‬‬
‫صل فِي شروط الشاهد‪.‬‬ ‫فَ ْ‬
‫(وال تقبل الشهادة إال ممن)؛ أَي‪ :‬شخص (اجتمعت فِي ِه خمس خصال)‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدها (اإلسالم) َولَ ْو بالتبعية؛ فَاَل تقبل شهادة كافر َعلَى مسلم أَ ْو كافر‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَّانِي(البلوغ)؛ فَاَل تقبل شهادة صبي َولَ ْو مراهقا‪.‬‬
‫‪َ ( .3‬و) الثَّالِث (العقل)؛ فَاَل تقبل شهادة مجنون‪.‬‬
‫ان أَ ْو‬
‫‪َ ( .4‬و) ال َّرابِع (الحرية) َولَ ْو بالدار؛ فَاَل تقبل شهادة رقيق‪ ،‬قنا َك َ‬
‫مدبرا أَ ْو مكاتبا‪.‬‬
‫‪َ ( .5‬و) الخامس (العدالة)‪َ ،‬و ِه َي لُ َغةً التوسط وشرعا ملكة فِي النفس تمنعها‬
‫من اقتراف الكبائر والرذائل المباحة‪.‬‬
‫خ (خمسة شروط)‪:‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وللعدالة خمس شرائط)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫‪ .1‬أحدها (أن يكون) العدل (مجتنبا للكبائر)؛ أَي‪ :‬لكل فرد ِم ْنهَا؛ فَاَل‬
‫تقبل شهادة صاحبـ كبيرة كالزنا وقتل النفس بغير حق‪.‬‬
‫ص ٍّر َعلَى القليل من الصغائر)؛ فَاَل‬ ‫‪َ .2‬والثَّانِي أن يكون العدل (غير ُم ِ‬
‫تقبل شهادة المصر عليها‪ .‬وعد الكبائر مذكور فِي المطوالت‪.‬‬
‫‪َ .3‬والثَّالِث أن يكون العدل (سليم السريرة)؛ أَي‪ :‬العقيدة؛ فَاَل تقبل شهادة‬
‫مبتدع يكفر أَ ْو يفسق ببدعته؛ فاألول كمنكر البعث‪َ ،‬والثَّانِي ك َسابِّ‬
‫الصحابة‪ .‬أّ َّما الذي اَل يكفر وال يفسق ببدعته فتقبل شهادته‪َ .‬ويُ ْستَ ْثنَى‬
‫من هَ َذا الخطابيةُ؛ فَاَل تقبل شهادتهم‪ ،‬وهم فِرقَة يجوزون الشهادة‬
‫لصاحبهم إذا سمعوه يقول لي َعلَى فالن كذا‪ .‬فإن قالوا رأيناه يقرضه‬
‫كذا قبلت شهادتهم‪.‬‬
‫خ (مأمونا‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫‪ .4‬والرابع أن يكون العدل (مأمون الغضب)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫عند الغضب)؛ فَاَل تقبل شهادة من اَل يؤمن عند غضبه‪.‬‬
‫‪ .5‬والخامس أن يكون العدل (محافظا َعلَى مروءة مثله)‪ .‬والمروءة‬
‫تخلق اإلنسان بخلق أمثاله من أبناء عصره فِي زمانه ومكانه؛ فَاَل‬
‫تقبل شهادة من اَل مروءة له كمن يمشي فِي السوق مكشوف الرأس‬
‫أَ ْو البدن غير العورة‪ ،‬وال يليق بِ ِه ذلك‪ .‬أّ َّما كشف العورة فحرام‪.‬‬
‫صل‬‫فَ ْ‬
‫والحقوق ضربان‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدهما‪( :‬حق هللا تَ َعالَى) وسيأتي الكالم َعلَي ِه‪.‬‬
‫‪َ ( .2‬و) الثَانِي‪( :‬حق اآلدمي؛ فأما حقوق اآلدميين فثالثة)‪.‬‬
‫خ (فهي َعلَى ثالثة) (أضرب)‪:‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫َوفِي بَع ِ‬

‫‪132‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫‪( .1‬ضرب اَل يقبل فِي ِه إال شاهدان ذكران)؛ فَاَل يكفي رجل وامرأتان‪ .‬وفسر‬
‫صنِّف هَ َذا الضربـ بقوله‪َ ( :‬وه َُو ما اَل يقصد منه المال‪ ،‬ويطلع َعلَي ِه‬ ‫ال ُم َ‬
‫الرجال) غالبا كطالق ونكاح‪ .‬ومن هَ َذا الضرب أيضا عقوبة هللا تَ َعالَى‬
‫كحد شرب خمر‪ ،‬أَ ْو عقوبة ألدمي كتعزير وقصاص‪.‬‬
‫‪( .2‬وضرب) آخر (يقبل فِي ِه) أحد أمور ثالثة أّ َّما (شاهدان)؛ أَي‪ :‬رجالن‬
‫(أَ ْو رجل وامرأتان‪ ،‬أَ ْو شاهد) واحد (ويمين المدعي)‪ .‬وإنما يكون يمينه‬
‫بعد شهادة شاهده‪ ،‬وبعد تعديله‪َ .‬ويَ ِجبُ أن يذكر فِي حلفه أن شاهده‬
‫صادق فيما شهد له بِ ِه؛ فإن لَ ْم يحلف المدعي وطلب يمين خصمه فله‬
‫ذلك؛ فإن نكل خصمه فله أن يحلف يمين الرد فِي األظهر‪ .‬وفسر‬
‫ان القصد منه المال) فَقَط‪.‬‬ ‫صنِّف هَ َذا الضربـ بأنه (ما َك َ‬ ‫ال ُم َ‬
‫‪( .3‬وضرب) آخر (يقبل فِي ِه) أحد أمرين أّ َّما (رجل وامرأتان‪ ،‬أَ ْو أربع‬
‫صنِّف هَ َذا الضربـ بقوله‪َ ( :‬وه َُو ما اَل يطلع َعلَي ِه‬ ‫نسوة)‪ .‬وفسر ال ُم َ‬
‫الرجال) غالبا‪ ،‬بَلْ نادرا‪ ،‬كوالدة وحيض ورضاع‪ .‬واعلم أنه اَل يثبت‬
‫شيء من الحقوق بامرأتين ويمين‪َ ( .‬وأَ َّما حقوق هللا تَ َعالَى فَاَل تقبل فيها‬
‫النساء) بَلْ الرجال فَقَط؛ ( َو ِه َي)؛ أَي‪ :‬حقوق هللا تَ َعالَى ( َعلَى ثالثة‬
‫أضرب‪ :‬ضرب اَل يقبل ِفي ِه أقل من أربعة) من الرجال‪َ ( ،‬و ُه َو الزنا)‪،‬‬
‫ويكون نظرهم له ألجل الشهادة؛ فلو تعمدوا النظر لغيرها فسقوا وردت‬
‫شهادتهم؛ أّ َّما إقرار شخص بالزنا فيكفي فِي الشهادة َعلَي ِه رجالن فِي‬
‫األظهر‪( .‬وضرب) آخر من حقوق هللا تَ َعالَى (يقبل فِي ِه اثنان)؛ أَي‪:‬‬
‫صنِّف هَ َذا الضرب بقوله‪َ ( :‬و ُه َو ما سوى الزنا من‬ ‫رجالن‪ .‬وفصَّل ال ُم َ‬
‫الحدود) كحد شرب‪.‬‬
‫(وضرب) آخر من حقوق هللا تَ َعالَى (يقبل ِفي ِه رجل واحد؛ َوه َُو هالل)‬
‫شهر (رمضان) فَقَط دون غيره من الشهور‪.‬‬
‫وفي المبسوطات مواضع يقبل فيها شهادة الواحد فَقَط‪ِ ،‬م ْنهَا شهادة اللوث‪،‬‬
‫َو ِم ْنهَا أنه يكتفي فِي الخرص بعدل واحد‪.‬‬
‫خ (خمس)‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وال تقبل شهادة األعمى إال فِي خمسة)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫(مواضع)‪َ .‬وال ُم َراد بهذه الخمسة ما يثبت باالستفاضة مثل (الموت‪،‬‬
‫والنسب) لذكر أَ ْو أنثى َع ْن أب أَ ْو قبيلة؛ َو َك َذا األم يثبت النسب فيها‬
‫صح‪َ ( .‬و) مثل (الملك المطلق‪ ،‬والترجمة)‪ .‬وقوله‪:‬‬ ‫باالستفاضة َعلَى األَ َ‬
‫(وما شهد بِ ِه قبل العمى) ساقط فِي بعض نسخ المتن‪ .‬ومعناه أن األعمى لو‬
‫تحمل الشهادة فيما يحتاج للبصر قبل عروض العمى له‪ ،‬ثم بعد ذلك شهد‬
‫ان المشهود له‪ ،‬وعليه معروفي االسم والنسب‪َ ( .‬و) ما شهد‬ ‫مما تحمله إن َك َ‬
‫بِ ِه ( َعلَى المضبوط)‪ .‬وصورته أن يق َّر شخص فِي أذن عمى بعتق أَ ْو طالق‬

‫‪133‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫لشخص يعرف اسمه ونسبه‪ ،‬ويد ذلك األعمى َعلَى رأس ذلك المق ِّر‪ ،‬فيتعلق‬
‫األعمى بِ ِه ويضبطه حتى يشهد َعلَي ِه مما سمعه منه عند قاض‪.‬‬
‫جار لنفسه نفعا وال دافع عنها ضررا)‪ .‬وحينئذ‬ ‫(وال تقبل شهادة) شخص ( ٍّ‬
‫ترد شهادة السيد لعبده المأذون له فِي التجارة ومكاتبه‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ِكتَاب أحكام العتق‬


‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬مأخوذ من قولهم عتق الفرخ إذا طار واستق َّل‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬إزلة ملك َع ْن آدمي اَل إِلَى مالك تقرُّ با إِلَى هللا تَ َعالَى‪.‬‬
‫بآدمي الطي ُر والبهيمة؛ فَاَل يصح عتقهما‪( .‬ويصح العتق من كل‬ ‫ٍّ‬ ‫َو َخ َر َج‬
‫خ (جائز التصرف) (فِي ملكه)؛ فَاَل‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫مالك جائز األمر)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫يصح عتق غير جائز التصرف كصبي ومجنون وسفيه‪ .‬وقوله‪( :‬ويقع‬
‫العتق بصريح العتق)‪ .‬كذلك فِي بعض النسخ‪ ،‬وفي بعضها (ويقع بصريح‬
‫العتق)‪.‬‬
‫واعلم أن صريحه اإلعتاق والتحرير وما تصرف ِم ْنهُ َما‪ ،‬كأنت عتيق أَ ْو‬
‫صح ُّ‬
‫فك‬ ‫ين هازل وغيره‪ .‬ومن صريحه فِي األَ َ‬ ‫محرر‪ .‬وال فرق فِي هَ َذا بَ َ‬
‫الرقبة‪ .‬وال يحتاج الصريح إِلَى نية‪ .‬ويقع العتق أيضا بغير الصريح كما‬
‫قال‪( :‬والكناية مع النية) كقول السيد لعبده‪( :‬اَل ملكَ لي عليك‪ ،‬اَل سلطان لي‬
‫عليك)‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫بعض عبد) مثال (عتق َعلَي ِه جميعه) موسرا‬ ‫َ‬ ‫(وإذا أعتق) جائ ُز التصرف (‬
‫ان ذلك البعض أَ ْو اَل ‪.‬‬ ‫ان السيد أَ ْو اَل ‪ ،‬معينا َك َ‬ ‫َك َ‬
‫خ (عتق) (شركا)؛ أَي‪ :‬نصيبا (له ِفي عبد)‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(وإن أعتق) َوفِي بَع ِ‬
‫مثال‪ ،‬أَ ْو أعتق جميعه‪َ ( ،‬و ُه َو موسر) بباقيه (سرى العتق إِلَى باقيه)؛ أَي‪:‬‬
‫العبد‪ ،‬أَ ْو سرى إِلَى ما أيسر بِ ِه من نصيب شريكه َعلَى الصحيح‪ .‬وتقع‬
‫السراية فِي الحال َعلَى األظهر‪ .‬وفي قول بأداء القيمة‪.‬‬
‫وليس ال ُم َراد بالموسر هُنَا‪ :‬هُ َو الغني‪ ،‬بَلْ من له من المال وقت اإلعتاق ما‬
‫يفي بقيمة نصيب شريكه‪ ،‬فاضال َع ْن قوته وقوت من تلزمه نفقته فِي يومه‬
‫ان َعلَي ِه)؛ أَي‪:‬‬ ‫وليلته‪ ،‬وعن َدسْت ثوب يليق بِ ِه وعن سكنى يومه‪َ ( ،‬و َك َ‬
‫المعتق (قيمة نصيب شريكه) يوم إعتاقه‪.‬‬
‫(ومن ملك واحدا من والديه أَ ْو) من (مولو ِديه عتق َعلَي ِه) بعد ملكه‪ ،‬سواء‬
‫ان المالك من أهل التبرع أَ ْو اَل ‪ ،‬كصبي ومجنون‪.‬‬ ‫َك َ‬
‫صل فِي أحكام الوالء‬ ‫فَ ْ‬
‫ق من المواالة‪.‬‬ ‫َوهُ َو لُ َغةً‪ :‬مشت ٌّ‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬عصوبة سببها زوال الملك َع ْن رقيق معتق‪.‬‬
‫(والوالء) بالمد (من حقوق العتق؛ وحكمه)؛ أَي‪ :‬حكم اإلرث بالوالء‬
‫(حكم التعصيب عند عدمه)‪ .‬وسبق معنى التعصيب فِي الفرائض‪.‬‬
‫(وينتقل الوالء عَنْ المعتق إِلَى الذكور من عصبته) المتعصبين بأنفسهم‪ ،‬اَل‬
‫كبنت معتقه وأخته‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(وترتيب العصبات فِي الوالء كترتيبهم فِي اإلرث)‪ ،‬لَ ِك ْن األظهر فِي باب‬
‫ف اإلرث؛‬ ‫الوالء أن أخا المعتق وابن أخيه مقدمان َعلَى جد المعتق‪ ،‬بِ ِخاَل ِ‬
‫أَي‪ :‬بالنسب؛ فإن األخ والجد شريكان‪.‬‬
‫وال ترث المرأة بالوالء إال من شخص باشرت عتقه أَ ْو من أوالده وعتقائه‪.‬‬
‫(وال يجوز)؛ أَي‪ :‬اَل يصح (بيع الوالء وال هبته)‪ .‬وحينئذ اَل ينتقل الوالء‬
‫َع ْن مستحقه‪.‬‬
‫صل فِي أحكام التدبير‪.‬‬ ‫فَ ْ‬
‫َوهُ َو لُ َغةً النظر فِي عواقب األمور‪َ ،‬وشَرْ عًا عتق َع ْن دبر الحياة‪ ،‬وذكره‬
‫صنِّف بقوله‪( :‬ومن)؛ أَي‪ :‬السيد إذا (قال لعبده) مثال‪(( :‬إذا ِمتُّ ) أنا‬ ‫ال ُم َ‬
‫(فأنتَ ُح ٌّر)؛ فَه َُو)؛ أَي‪ :‬العبد (مدبَّر‪ ،‬يعتق بعد وفاته)؛ أَي‪ :‬السيد (من‬
‫ثلثه)؛ أَي‪ :‬ثلث ماله إن خرج كله من الثلث؛ َوإِاَل عتق منه بقدر ما يخرج‬
‫صنِّف هُ َو من صريح التدبير‪.‬‬ ‫من الثلث إن لَ ْم تجز الورثة‪ .‬وما ذكره ال ُم َ‬
‫ُ‬
‫كخليت‬ ‫ومنه أعتقتُك بعد موتي‪ .‬ويصح التدبير بالكناية أيضا مع النية‪،‬‬
‫سبيلَك بعد موتي‪( .‬ويجوز له)؛ أَي‪ :‬السيد (أن يبيعه)؛ أَي‪ :‬المدبر (فِي حال‬
‫حياته‪ ،‬ويبطل تدبيره)‪ .‬وله أيضا التصرف فِي ِه بكل ما يزيل الملك كهبة بعد‬
‫قبضها أَ ْو جعله صداقا‪ .‬والتدبير تعليق عتق بصفة فِي األظهر‪ .‬وفي قول‬
‫وصية للعبد بعتقه؛ فعلى األظهر لو باعه السيد ثم ملكه لَ ْم يعد التدبير َعلَى‬
‫المذهب‪.‬‬
‫(وحكم المدبَّر فِي حال حياة السيد حكم العبد القن)‪ .‬وحينئذ تكون أكساب‬
‫المدبر للسيد‪ .‬وإن قتل المدبر فللسيد القيمة‪ ،‬أَ ْو قطع المدبر فللسيد األرش‪.‬‬
‫خ (وحكم المدبر فِي حياة سيده حكم‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫ويبقي التدبير بحاله‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫العبد القن)‪.‬‬
‫صل فِي أحكام ال ِكتابة‬ ‫فَ ْ‬
‫يل بفتحها كال َعتاقة‪َ ،‬و ِه َي لُ َغةً‪ :‬مأخوذة من‬ ‫بكسر الكاف فِي األشهر‪َ ،‬وقِ َ‬
‫الكتب‪َ ،‬وهُ َو بِ َم ْعنَى الضم والجمع‪ ،‬ألن فيها ضم نجم إِلَى نجم‪.‬‬
‫َوش َْر ًعا‪ :‬عتق معلق َعلَى مال منجم بوقتين معلومين فأكثر‪( .‬والكتابة‬
‫ان) كل ِم ْنهُ َما (مأمونا)؛ أَي‪ :‬أمينا‬ ‫مستحبة إذا سألها العبد) أَ ْو األمة‪َ ( ،‬و َك َ‬
‫(مكتسبا)؛ أَي‪ :‬قويا َعلَى كسب يوفي بِ ِه ما التزمه من أداء النجوم‪( .‬وال‬
‫تصح إال بمال معلوم) كقول السيد لعبده‪( :‬كاتبتك َعلَى دينارين) مثال‪.‬‬
‫(ويكون) المال المعلوم (مؤجال إِلَى أجل معلوم‪ ،‬أقله نجمان)‪ ،‬كقول السيد‬
‫فِي المثال المذكور لعبده تدفع إِلَى الدينارين فِي كل نجم دينار‪ .‬فإذا أديت‬
‫ذلك فأنت ح ّر‪َ ( .‬و ِه َي)؛ أَي‪ :‬الكتابة الصحيحة (من جهة السيد الزمة)‪،‬‬
‫فليس له فسخها بعد لزومها إال أن يعجز المكاتب َع ْن أداء النجم أَ ْو بعضه‬

‫‪136‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ت َع ْن ذلك‪ ،‬فللسيد حينئذ فسخها‪ .‬وفي معنى‬ ‫ْ‬


‫عجز ُ‬ ‫عند المحل‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫العجز امتناع المكاتب من أداء النجوم مع القدرة عليها‪.‬‬
‫( َو) الكتابة (من جهة) العبد (المكاتب جائزة؛ فله) بعد عقد الكتابة تعجيز‬
‫ان معه ما يوفي‬ ‫نفسه بالطريق السابق‪ ،‬وله أيضا (فسخها متى شاء) وإن َك َ‬
‫اختيار الفسخ‪ .‬أّ َّما‬‫َ‬ ‫صنِّف‪( :‬متى شاء) أن له‬ ‫بِ ِه نجوم الكتابة‪ .‬وأفهم قول ال ُم َ‬
‫الكتابة الفاسدة‪ :‬فجائزة من جهة المكاتب والسيد‪( .‬وللمكاتب التصرف فيما‬
‫فِي يده من المال) ببيع وشراء وإيجار ونحو ذلك‪ ،‬اَل بهبة ونحوها‪َ .‬وفِي‬
‫خ ال َم ْت ِن‪( :‬ويملك المكاتب التصرف فيما فِي ِه تنمية المال)‪.‬‬ ‫ْض نُ َس ِ‬
‫بَع ِ‬
‫َوال ُم َراد‪ :‬أن المكاتب يملك بعقد الكتابة منافعه وإكسابه إال أنه محجور َعلَي ِه‬
‫ب َعلَى السيد) بعد صحة كتابة‬ ‫ألجل السيد فِي استهالكها بغير حق‪َ ( .‬ويَ ِج ُ‬
‫عبده (أن يضع)؛ أَي‪ :‬يحط (عنه من مال الكتابة ما)؛ أَي‪ :‬شيئا (يستعين ِب ِه‬
‫َعلَى أداء نجوم الكتابة)‪ .‬ويقوم مقام الحط أن يدفع له السيد جزأ معلوما من‬
‫مال الكتابة‪ ،‬ولكن الحط أولى من الدفع‪ ،‬ألن القصد من الحط اإلعانة َعلَى‬
‫العتق‪َ ،‬و ِه َي محققة فِي الحط موهومة فِي الدفع‪.‬‬
‫(وال يعتق) المكاتب (إال بأداء جميع المال)؛ أَي‪ :‬مال الكتابة بعد القدر‬
‫الموضوع عنه من جهة السيد‪.‬‬
‫فِي أحكام أمهات األوالد‬
‫ان أَ ْو كافرا (أَمتَه) َولَ ْو كانت‬ ‫(وإذا أصاب)؛ أَي‪ :‬وطىء (السيد) مسلما َك َ‬
‫حائضا أَ ْو محرما له أَ ْو مزوجة‪ ،‬أَ ْو لَ ْم يصبها‪ ،‬ولكن استدخلت ذكره أَ ْو ماءه‬
‫المحترم‪( ،‬فوضعت) حيا أَ ْو ميتا أَ ْو ما يجب فِي ِه غرة َوهُ َو (ما)؛ أَي‪ :‬لحم‬
‫خ‪( :‬من خلق اآلدميين)‪،‬‬ ‫ْض النُّ َس ِ‬
‫(تبين فِي ِه شيء من خلق آدمي)‪َ .‬وفِي بَع ِ‬
‫لكل أحد أَ ْو ألهل الخبرة من النساء‪ .‬ويثبت بوضعها ما ذكر كونها مستولدة‬
‫لسيدها‪ .‬وحينئذ‪( :‬حرم َعلَي ِه بي ُعها) مع بطالنه أيضا إال من نفسها؛ فَاَل‬
‫يحرم وال يبطل‪َ ( .‬و) حرم َعلَي ِه أيضا (رهنُها وهبتها)‪ ،‬والوصية بها‪.‬‬
‫(وجاز له التصرف فيها باالستخدام والوطء) أَ ْو باإلجارة واإلعارة‪ ،‬وله‬
‫أيضا أرش جناية عليها‪ ،‬وعلى أوالدها التابعين لها وقيمتها إذا قتلت‪،‬‬
‫ان السيد كافرا‪َ ،‬و ِه َي‬ ‫وقيمتهم إذا قتلوا‪ ،‬أَ ْو تزويجها بغير إذنها إال إذا َك َ‬
‫مسلمةٌ‪ ،‬فَاَل يزوجها‪.‬‬
‫(وإذا مات السيد) َولَ ْو بقتلها له (عتقت من رأس ماله)‪َ .‬و َك َذا عتق أوالدها‬
‫(قبل) دفع (الديون) الَتِي َعلَى السيد (والوصايا) الَتِي أوصى بها‪.‬‬
‫(وولدها)؛ أَي‪ :‬المستولدة (من غيره)؛ أَي‪ :‬غير السيد بأن ولدت بعد‬
‫استيالدها ولدا من زوج أَ ْو من زنا (بمنزلتها)‪ .‬وحينئذ فالولد الذي ولدته‬
‫للسيد يعتق بموته‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫(ومن أصاب)؛ أَي‪ :‬وطىء (أمة غيره بنكاح) أَ ْو زنا وأحبلها فولدت منه‬
‫(فولده ِم ْن َها مملوك لسيدها)‪.‬‬
‫أّ َّما لو غ َّر شخص بحُرية أمة فأولدها فالولد حُرٌّ ‪ .‬وعلى المغرور‪ :‬قيمته‬
‫لسيدها‪.‬‬
‫(وإن أصابها)؛ أَي‪ :‬أمة غيره (بشبهة) منسوبة للفاعل كظنه أنها أمته أَ ْو‬
‫زوجته الحرة (فولده ِم ْن َها حر؛ وعليه‪ :‬قيمته للسيد)‪ .‬وال تصير أم ولد فِي‬
‫الحال بال خالف‪.‬‬
‫(وإن ملك) الواطىء بالنكاح (األمة المطلقة بعد ذلك لَ ْم تصر أ َّم ولد له‬
‫بالوطء فِي النكاح) السابق‪( ،‬وصارت أم ولد له بالوطء بالشبهة َعلَى أحد‬
‫القولين)‪ .‬والقول الثَانِي‪ :‬اَل تصير أم ولد له‪َ ،‬وهُ َو الراجح فِي المذهب‪ .‬وهللا‬
‫أعلم بالصواب‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫الخاتمة‬
‫صنِّف رحمه هللا تَ َعالَى كتابه‪ :‬بالعتق؛ رجا ًءا لعتق هللا تَ َعالَى له‬ ‫وقد ختم ال ُم َ‬
‫من النار‪ ،‬وليكون سببًا فِي دخول الجنة؛ دار األبرار‪.‬‬
‫وهذا آخر شرح ال ِكتَاب غاية االختصارـ بال إطناب؛ فالحمد لربنا المنعم‬
‫الوهَّاب‪ .‬وقد ألفته عاجال فِي ُمدة يسيرة‪ ،‬والمرجو ممن اطلع فِي ِه َعلَى هفوة‬
‫صغيرة أَ ْو كبيرة أن يصلحها إن لَ ْم يمكن الجواب عنها َعلَى وجه حسن‬
‫ليكون ممن يدفع السيئة بالتي ِه َي أحسن‪ ،‬وأن يقول من اطلع فِي ِه َعلَى‬
‫الفوائد من جاء بالخيرات‪.‬‬
‫إن الحسنات يذهبن السيئات‪ .‬جعلنا هللا وإياكم بحسن النية فِي تأليفه مع‬
‫النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‪ ،‬وحسن أولئك رفيقا فِي دار‬
‫الجنان‪.‬‬
‫الموت َعلَى اإلسالم واإليمان بجاه سيد المرسلين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ونسأل هللا الكريم المنان‬
‫وخاتم النبيين‪ ،‬وحبيب رب العالمين محمد بن عبد هللا ابن عبد المطلب بن‬
‫هاشم السيد الكامل‪.‬‬
‫والحمد هلل الهادي إِلَى سواء السبيل‪ ،‬وحسبنا هللا ونعم الوكيل وال حول وال‬
‫ق ّوة إال باهلل العلي العظيم‪ .‬وصلى هللا َعلَى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا إِلَى يوم الدين ورضي هللا َع ْن أصحابـ رسول‬
‫هللا أجمعين‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫فتح القريب المجيب فِي شرح ألفاظ التقريب‬

‫ترجمة المؤلف‬
‫ه َُو اإلمام شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن قاسم بن محمد بن محمد الغزي‬
‫ثم القاهري الشافعي ويعرف بابن الغرابيلي‪.‬‬
‫ولد سنة ‪ 859‬من الهجرة بغزة نشأ بها وحفظ القرآن والشاطبية والمنهاج‬
‫وألفية الحديث والنحو ومعظم جمع الجوامع ثم قدم القاهرة فِي رجب سنة‬
‫‪ 881‬من الهجرة‪.‬‬
‫من شيوخه‪ :‬أحمد بن علي الشهاب العبادي (‪880-807‬هـ)‪ ،‬شمس الدين‬
‫محمد بن عبد الرحمن السخاوي (‪902-831‬هـ)‪ ،‬شمس الدين أبو الوفا‬
‫محمد بن أحمد الغزي المعروف بابن الحمصي (‪881-812‬هـ)‪.‬‬
‫توفى رحمه هللا سنة ‪ 918‬من الهجرة‪.‬‬

‫ترجمة صاحب المتن‬

‫‪140‬‬

You might also like