You are on page 1of 7

‫عدد الحديث الصحيح‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫اختلف علم اء الح ديث ح ول ع دد األح اديث النبوية الص حيحة‪ .‬وال راجح هو ما ذك ره ابن حجر‬
‫العسقالني في كتاب "النكت على ابن الص الح" (ص‪« :)992‬ذكر أبو جعفر محمد بن الحس ين في‬
‫كتاب "التمييز" له‪ ،‬عن شعبة و الثوري و يحيى بن سعيد القطان و ابن المه دي و أحمد بن حنبل و‬
‫غ يرهم‪ :‬أن جملة األح اديث المس ندة عن الن بي ‪( ‬يع ني الص حيحة بال تكرار)‪ :‬أربعة آالف و‬
‫أربعمئة حديث»‪ .‬وقال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص‪« :)9‬وعن أبي داود قال‪:‬‬
‫"نظرت في الحديث المسند ف إذا هو أربعة آالف ح ديث"»‪ .‬قلت‪ :‬يقصد بالح ديث ال ُمس نَد‪ :‬الح ديث‬
‫المتصل الصحيح‪ .‬وال يمكن حصر ذلك بأحاديث األحكام ألسباب سنذكرها تباعاً‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ونحن نعلم أن علم اء الح ديث ال ذين يعتد بق ولهم قد اتفق وا على ص حة كل ما ج اء في ص حيحي‬
‫البخاري و مسلم ما عدا أحاديث قليلة‪ .‬فإذا كان مجموع ما في الصحيحين بدون تكرار ه و‪2980 :‬‬
‫حديث‪ ،‬أي أقل قليالً من ‪ 3000‬حديث‪ ،‬مع تسليمنا ب أن ع دد الح ديث الص حيح هو ح والي ‪4400‬‬
‫حديث‪ ،‬نستنتج أن ح والي ثالثة أرب اع الح ديث الص حيح قد أخرجه الش يخان‪ .‬و قد بقي ق ريب من‬
‫األلف وأربعمئة حديث لم يخرجاه‪ .‬والغالبية (العظمى) من الحديث المتبقي‪ ،‬موجودة عند الترم ذي‬
‫وأبي داود والنـَّسائي‪ ،‬كما ذكر النووي‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫أما األحاديث المهمة التي يدور عليها الحالل والحرام فنس تطيع الق ول أنها كلها تقريباً موج ودة في‬
‫الصحيحين‪ .‬وقد قدرها البعض بخمسمئة حديث‪ .‬فقد روى ال بيهقي في "من اقب الش افعي" (‪915\1‬‬
‫تحقيق أحمد ص قر)‪ُ :‬س ئِل اإلم ام الش افعي «كم أص ول الس نة (أي أص ول األحك ام)؟»‪ .‬فق ال"‬
‫«خمسمئة»‪ .‬فقيل له‪« :‬كم منها عند مالك؟»‪ .‬قال «كلها إال خمسة و ثالثين»‪ .‬والمعروف أن غ الب‬
‫أحاديث األحكام التي أخرجها مالك في الموطأ قد أخرجها البخاري ومس لم في ص حيحيهما‪ .‬ول ذلك‬
‫قام ابن دقيق العيد بكتابة كتاب في أحاديث األحك ام معتم داً على ص حيحي البخ اري ومس لم فق ط‪.‬‬
‫وفي الصحيح ما يُغني عن الضعيف‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫قال إمام المغرب ابن عبد البر األندلسي في كتابه "التمهيد" (‪ )278\10‬عن بعض األحاديث‪« :‬ولم‬
‫يخرج البخاري وال مسلم بن الحجاج منها حديثا ً واحداً‪ .‬وحسبك بذلك ض عفا ً له ا»‪ .‬ونقل ابن حجر‬
‫أصل من األص ول‪ ،‬فإنه‬ ‫ٍ‬ ‫عن ابن عبد البر قوله‪« :‬أن البخاري ومسلما ً إذا اجتمعا على ترك إخراج‬
‫وجدَت‪ ،‬فهي معلولة»‪ .‬قال محمد األمين‪ :‬ول ذلك تجد أن الش يخين‬ ‫ق صحيحةٌ‪ .‬وإن ِ‬ ‫ال يكون له طري ٌ‬
‫قد استوعبا األحاديث األساسية التي ت دور عليها أحك ام الحالل والح رام‪ .‬وكل ما بقي تقريب ا ً يمكن‬
‫استنتاجه بالقياس أو القرآن‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫قال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص‪« :)60‬فإذا ُو ِج َد مثل هذه األحاديث باألسانيد الصحيحة‬
‫غير مخرَّجة في كتابي اإلمامين البخاري ومسلم‪ ،‬لَ ِز َم صاحب الحديث التنق ير عن ِعلّت ه‪ ،‬وم ذاكرة‬
‫أهل المعرفة به لتظهر علت ه»‪ .‬وق ال الحافظ ابن من دة في "ش روط األئم ة" (ص‪ )73‬ق ال‪ :‬ق ال‬
‫سمعت (الحافظ أبو عبد هللا) محم ُد بن يعق وب بن األخ َر ِم (ش ي ُخ الح اكم) وذكر كالم ا ً معن اه ه ذا‪:‬‬
‫ُت من الحديث»‪ .‬وقال اإلمام ابن حزم في "األحك ام" بعد أن‬‫ي ومسلما ً مما يَ ْثب ُ‬ ‫«ق َّل ما يَفُ ُ‬
‫وت البخار َّ‬
‫ذكر خ بر "فمن أراد بحبوحة الجنة فل يزم الجماع ة"‪« :‬ه ذا الخ بر لم يخرجه أح ٌد ممن اش ترط‬
‫الص حيح‪ ،‬ولكنا نتكلم فيه على ِعالّت ه»‪ .‬وق ال الحافظ ال بيهقي في الس نن الك برى (‪ )278\10‬عن‬
‫أحاديث الرش من ب ول الغالم والغسل من ب ول الجاري ة‪« :‬وكأنها لم تثبت عند الش افعي حين ق ال‪:‬‬
‫"وال يت بين لي في ب ول الص بي والجارية ف رق من الس نة الثابت ة"‪ .‬وإلى مثل ذلك ذهب البخ اري‬
‫ومسلم حيث لم يودعا شيئا ً منهما كتابيهما»‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ومثال ذلك أيضا ً األحاديث المصرحة بالجهر بالبسملة‪ ،‬لم يخرج البخاري ومس لم ش يئا ً منه ا‪ .‬ق ال‬
‫الحافظ ال زيلعي في نصب الراية (‪« :)355|1‬وبالجملة فه ذه األح اديث كلها ليس فيها ص ريح‬
‫ص حيح‪ ،‬بل فيها ع دمهما أو ع دم أح دهما‪ .‬وكيف تك ون ص حيحة‪ ،‬وليست مخرجة في ش يء من‬
‫الص حيح وال المس انيد وال الس نن المش هورة؟!»‪ .‬ثم ق ال‪« :‬ويكفينا في تض عيف أح اديث الجه ر‪:‬‬
‫إعراض أصحاب الجوامع الصحيحة والسنن المعروفة والمسانيد المشهورة المعتمد عليها في حجج‬
‫العلم ومسائل الدين‪ .‬فالبخاري –رحمه هللا– مع ش دة تعص به (وه ذا الكلمة ال يوافَق عليه ا) وف رط‬
‫تحامله على مذهب أبي حنيفة‪ ،‬لم يودع صحيحه منها ح ديثا ً واح داً‪ .‬وال ك ذلك مس لم –رحمه هللا–‪.‬‬
‫فإنهما لم ي ذكرا في ه ذا الب اب‪ ،‬إال ح ديث أنس ال دال على اإلخف اء‪ .‬وال يق ال في دفع ذلك أنهما لم‬
‫صحيح‪ ،‬يعني فيكونان قد تركا أح اديث الجهر في جملة‬ ‫ٍ‬ ‫ث‬
‫يلتزما أن يودعا في صحيحيهما كل حدي ٍ‬
‫ما تركاه من األحاديث الصحيحة‪ .‬وهذا ال يقوله إال سخيفٌ أو مكاب ٌر‪ .‬ف إن مس ألة الجهر بالبس ملة‪،‬‬
‫وج َوالن ا ً في ال ُمص نَّفات‪.‬‬
‫من أعالم المس ائل ومعض الت الفق ه‪ ،‬ومن أكثرها دوران ا ً في المن اظرة َ‬
‫والبخاري كثير التّتبّع لما يرد على أبي حنيفة من السنة‪ .‬فيذكر الحديث‪ ،‬ثم يُ َعرِّ ضُ ب ِذكر ِه‪ ،‬فيق ول‪:‬‬
‫"قال رسول هللا ‪ ‬ك ذا وك ذا‪ ،‬وق ال بعض الن اس ك ذا وك ذا"‪ .‬يش ير ببعض الن اس‪ ،‬إليه (إلى أبي‬
‫حنيفة) ويُشنِّ ُع –لمخالفة الحديث– عليه‪ .‬وكيف يَخلى كتابه من أحاديث الجهر بالبس ملة‪ ،‬وهو يق ول‬
‫في أول كتابه "باب الص الة من اإليم ان"‪ ،‬ثم يس وق أح اديث الب اب‪ ،‬ويقصد ال رد على أبي حنيفة‬
‫ير من الفقه اء‪ .‬ومس ألة الجهر‬ ‫قوله "إن األعم ال ليست من اإليم ان"؟! مع غم وض ذلك على كث ٍ‬
‫اع ِهم‪ .‬ه ذا مما ال يمكن‪ ،‬بل يس تحيل‪ .‬وأنا أحلف باهلل –وباهلل– لو اطّلَ َع‬‫يعرفها ع وام الن اس و رُع ِ‬
‫بشرط ِه –أو قريبا ً من شرْ طه– لم يخل منه كتابه‪ ،‬وال كذلك مس لم‬ ‫ِ‬ ‫ث منها مواف ٌ‬
‫ق‬ ‫البخاريُّ على حدي ٍ‬
‫رحمه هللا»‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ق ال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "ال رد على من ابتع غ ير الم ذاهب األربع ة" (ص‪« :)24‬وقد‬
‫صنف في الصحيح مصنفات أُخر بعد صحيحي الشيخين‪ ،‬لكن ال تبلغ كت ابي الش يخين‪ .‬وله ذا أنكر‬
‫تدرك"‪ .‬وب الغ بعض الحف اظ ف زعم أنه‬ ‫العلماء على من استدرك عليهما الكت اب ال ذي س ماه "المس َ‬
‫ليس فيه حديث واحد على شرطهما‪ ،‬وخالفه غيره وقال‪ :‬يصفو منه حديث كثير صحيح‪ .‬والتحقيق‪:‬‬
‫أنه يص فو منه ص حيح كث ير على غ ير ش رطهما‪ ،‬بل على ش رط أبي عيسى ونح وه‪ ،‬وأما على‬
‫حديث تركاه‪ ،‬إال وله علة خفية (لكن ال يشترط أن تكون قادح ة)‪ .‬لكن ِلع َّزة (أي‬ ‫ٌ‬ ‫شرطهما فال‪ .‬فقَ َّل‬
‫لقلّ ة) من يع رف العلل كمعرفتهما وينق ده‪ ،‬وكونه ال يتهيأ الواحد من منهم إال في األعص ار‬
‫المتباعدة‪ ،‬صار األمر في ذلك إلى االعتماد على كتابيهما والوثوق بهما والرجع إليهم ا‪ ،‬ثم بع دهما‬
‫على بقية الكتب المشار إليها‪ .‬ولم يقبل من أحد بعد ذلك الصحيح والضعيف‪ ،‬إال عمن اش تهر حذقه‬
‫ومعرفته بهذا الفن واطالعه عليه‪ .‬وهم قلي ٌل جداً‪ .‬وأما سائر الن اس ف إنهم يُ َع ِّول ون على ه ذه الكتب‬
‫المشار إليها‪ ،‬ويكتفون بالعزو إليها»‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ٌ‬
‫حديث من َك ٌر ال يص ّح االحتج اج ب ه‪،‬‬ ‫قال الحافظ ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (‪« :)326\2‬هذا‬
‫اذ اإلس ناد والمتن‪ ،‬ولم يخرجه أحد من أئمة الكتب الس تة‪ ،‬وال رواه أحمد في مس نده‪ ،‬وال‬ ‫ألنه ش ّ‬
‫ف في ال دنيا أح ٌد رواه‪ ،‬إال ال دارقطني‬
‫الشافعي‪ ،‬وال أح ٌد من أصحاب المسانيد المعروف ة‪ .‬وال يُع َر ُ‬
‫تخرج"‪ ،‬ولم ي روه إال من طريق‬ ‫َ‬ ‫عن البغ وي‪ .‬وقد ذك ره الحافظ أبو عبد هللا المقدسي في "المس‬
‫الدارقطني وحده‪ .‬ولو كان عنده من حديث غيره‪ ،‬لذكره كما ُع ِرفَ من عادته أنه يذكر الح ديث من‬
‫المسانيد التي رواها‪ ،‬كمسند أحمد وأبي يعلى الموصلي ومحمد بن هارون ومعجم الطبراني وغ ير‬
‫ذلك من األمهات‪ .‬وكيف يكون هذا الحديث صحيحا ً سالما ً من الشذوذ والعل ة‪ ،‬ولم يخرجه أح ٌد من‬
‫أئمة الكتب الستة وال المسانيد المشهورة‪ ،‬وهم محتاجون إليه أشد حاجة؟!»‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫إحصائيات عن عدد األحاديث في الكتب المشهورة‪:‬‬
‫ديثا ً‬ ‫ح‬ ‫داره ‪2200‬‬ ‫غ مق‬ ‫ذري يبل‬ ‫لم للمن‬ ‫حيح مس‬ ‫رص‬ ‫‪.‬مختص‬

‫ح ديثا ً مرفوع ا ً بال مك رر‬ ‫‪.‬أف راد البخ اري على مس لم من مختص ر الزبي دي ع ددها ‪680‬‬

‫بقي ما لَم يورده المن ذري والزبي دي في الص حيحين‪ ،‬ويمكن إيج اده إ َّما من أص ل الص حيحين مرفوع ا ً غ ير‬
‫‪.‬معلق‪ ،‬أو من "الجمع بين الصحيحين"‪ ،‬أو من "اللؤلؤ والمرجان"‪ .‬وسوف تجتمع قرابة ‪ 100‬حديثا ً منهما‬

‫‪.‬فيكون مجموع ما في الصحيحين بدون تكرار هو‪ 2980  :‬حديث‪ ،‬أي أقل قليالً من ثالثة آالف حديث‬

‫‪.‬أفراد أبي داود على الصحيحين عددها ‪ 2450‬حديثا ً مرفوعا ً بال مكرر‬

‫‪.‬أفراد الترمذي على الصحيحين وأبي داود عددها ‪ 1350‬حديثا ً مرفوعا ً بال مكرر‬

‫‪.‬أفراد النَّسائي على األربعة الذين سبق ذكرهم عددها ‪ 2400‬حديثا ً مرفوعا ً بال مكرر‬

‫‪.‬فيكون مجموع أفراد السنن على الصحيحين‪ 6200 :‬حديثا ً‬

‫‪.‬أي‪ ‬مجموع األصول الخمسة التي تكاد تجمع كل الصحيح هو‪ 9180 :‬حديثا ً أكثرها ضعيف‬

‫‪.‬أفراد ابن ماجة على َمن سبق ذكرهم عددها ‪ 600‬حديثا ً مرفوعا ً بال مكرر‪ .‬أكثر من ‪ 500‬منها ضعيف‬

‫‪.‬أفراد الموطأ المرفوعة على الستة عددها ‪ 50‬حديثا ً‬

‫أفراد ني ل األوط ار (أغلبه ا أح اديث اش تهرت عن د الفقه اء المت أخرين وأص لها من س نن ال دارقطني ومعجم‬
‫‪.‬الطبراني)‪ ،‬ع ّدة تلك األحاديث مرفوعة ‪ 500‬حديثا ً‬

‫‪.‬تبلغ أفراد المسند على َمن سبق ذكرهم مرفوعةً بال مكرر وال شواهد عند من سبق ذكرهم ‪ 1500‬حديثا ً‬

‫فيكون مجموع الحديث كله الذي تجده مكتوبا في الكتب المشهورة ‪ 11830 :‬حديثاً‪ .‬وقد سبق بيان أن الصحيح‬
‫‪.‬منها حوالي ‪ 4400‬حديث‬

‫ومما يشهد لتلك النتيجة أنه عندي كت اب "جمع الفوائد من ج امع األص ول و مجمع الزوائ د" ال ذي‬
‫َّج أحاديثه‬
‫كتبه اإلمام محمد بن محمد بن س ليمان المغ ربي ثم الدمش قي (‪1094-1039‬هـ)‪ ،‬و خ ر َ‬
‫(تخريجا ً مب دئياً) الس يّد عبد هللا هاشم اليم اني الم دني في كت اب "أع ذب الم وارد في تخ ريج جمع‬
‫الفوائد"‪ .‬وهو كتاب يجمع بين الكتب الحديثية الـ‪ ،14‬ومجموع أحاديثه بغ ير تك رار عش رة آالف‪.‬‬
‫وأنا أعمل على تخريجه والحكم على أحاديث ه‪ ،‬وقد ت بين لي أن أك ثر من نصف أحاديثه ض عيفة‪.‬‬
‫وه ذا ينصر ق ول الجمه ور في ع دد الح ديث الص حيح‪ .‬مع المالحظة ب أن الح ديث الحسن عند‬
‫المتقدمين يعتبر من أنواع الحديث الضعيف كما أفاد شيخ اإلسالم‪.‬‬
‫هذا‪ ‬ومن أس وأ ما بثه أص حاب المنهج الح ديثي المت أخر‪ :‬إيه امهم الن اس أن األح اديث الص حيحة‬
‫المسندة قاع ال قرار له‪ ،‬وأنه باإلمكان اكتشاف سنّة جديدة أو مح رّم جديد مع كل مخط وط ح ديثي‬
‫يت ّم الوقوف عليه‪ ،‬بحجة‪ :‬التصحيح بكثرة الطرق‪ ،‬بغضّ النظر عن ش روط ذل ك‪ .‬وك أن التص حيح‬
‫والتض عيف معادلة رياض ية!‪  ‬ثم بعد أن يص حّحوا ما ض عّفه المتق دمون‪ ،‬يقوم ون بلي أعن اق‬
‫النص وص الص ريحة الص حيحة المخالفة بحج ة‪ :‬الجمع بين النص وص‪ .‬ثم يبحث ون في كالم أحد‬
‫األئمة المتقدمين ما يؤيّد صنعهم‪ ،‬بالرغم من أنهم ال يعتبرون كالم المتق دمين‪ .‬ولكنه مب دأ‪ :‬اعتقد ثم‬
‫استدل‪ .‬ونسي هؤالء أنهم يطعنون في كمال الشريعة بهذا التص رف غ ير المس ؤول‪ .‬فإنه من غ ير‬
‫المعقول أن يخبرنا هللا سبحانه أنه أكمل ديننا وأت ّم نعمته‪ ،‬ثم يُخفي علينا أموراً شرعية ال يقدر على‬
‫معرفتها سوى من سار على منهجهم المبتدع‪.‬‬
‫وقد ذكرنا في أول المقال أقوال العلماء وذكرهم لعدد الحديث الص حيح‪ .‬وليس مهم الع دد بالض بط‪،‬‬
‫بقدر أهمية العلم بأن األح اديث الص حيحة المس ندة ك انت معروفة متداول ة‪ ،‬وهو أمر يتفق وكم ال‬
‫إن ط رح ه ذه الحق ائق المه ّمة ال تي يحتاجها ك ّل‬‫يظن ه ؤالء‪ .‬لألسف ف ّ‬
‫الش ريعة وتمامه ا‪ ،‬ال كما ّ‬
‫مسلم؛ يغيظ الكالميين أصحاب المنهج الحديثي الظ اهري المت أخر‪  .‬كيف ال وهي تس ّد عليهم ب اب‬
‫اكتشاف سنن جديدة "غريبة!" أو "مهج ورة!"‪ ،‬وهو ما يتب اهون به ويروج ون به بض اعتهم ال تي‬
‫ظهر لكل عاقل كس ادها‪ .‬فاس عد أخي الس ني به ذه الحقيقة الرائعة ال تي ت د ّل على أن هللا حفظ دينه‬
‫بحفظ كتابه أوالً‪ ،‬وبتركيز العلماء على الصحيحين أك ثر من غيرهما من كتب الس نة ثاني اً‪  .‬أ ّما من‬
‫يظن أنه من الممكن أن يكتشف سنة جديدة مهجورة في "المعجم األوسط" أو "تاريخ دمشق" كانت‬ ‫ّ‬
‫غائبة عن المسلمين قروناً‪ ،‬فمنهجه فاسد مآله إلى هدم السنّة‪ ،‬سخيف مكابر كما قال الزيلعي‪.‬‬
‫ص حّت أو وقفت بين‬ ‫قال اإلمام ال بيهقي (كما في مقدمة ابن الص الح ص‪« :)120‬األح اديث ال تي َ‬
‫ت في الجوامع التي جمعها أئمة الح ديث‪ .‬وال يج وز أن ي ذهب ش يء‬ ‫الصحة والسقم قد د ّونت و ُكتِبَ ْ‬
‫منها على جميعهم‪ ،‬وإن جاز أن يذهب على بعضهم‪ ،‬لض مان ص احب الش ريعة حفظه ا‪ .‬فمن ج اء‬
‫روف عن دَهم‪ ،‬فال ذي يرويه ال‬
‫ٍ‬ ‫اليوم بحديث ال يوجد عند جميعهم لم يُقبل منه‪ .‬ومن جاء بحديث مع‬
‫ينفرد بروايته‪ ،‬والحجة قائمة بحديثه برواية غيره»‪ .‬واإلمام ال بيهقي المت وفي س نة (‪458‬هـ) ك ان‬
‫يتكلم عن عصره (قال‪ :‬فمن جاء اليوم)‪ ،‬فما بالك بعصر ابن عساكر المتوفى س نة (‪ 571‬هـ) ومن‬
‫جاء بعده؟‬

‫شبهات وردود‬
‫‪  )1‬ق ال بعض هم‪ :‬وذكر أبو محمد بن ح زم أن مس ند بقي بن مخلد احت وى من ح ديث أبي هري رة‬
‫على خمسة آالف حديث وكسر‪ .‬فحديث أبي هريرة وحده أكثر مما في الصحيحين‪.‬‬
‫والجواب من وجوه‪:‬‬
‫يدخل في مصطلح "حديث" عند المتقدمين‪ :‬ك ّل ما وصلهم بسند‪ ،‬ومنه المرفوع والموق وف‬ ‫‪‬‬
‫والمقطوع وأقوال العلماء الفقهية والمغازي سواء كانت ص حيحة أم ال‪ .‬ول ذلك ف إن اإلم ام‬
‫أحمد كان يحفظ مليون حديث‪ ،‬فلماذا قال إنه لم يصح منها سوى ‪4400‬؟ واإلم ام أبو داود‬
‫كان يحفظ نصف مليون‪ ،‬فلماذا قال إنه لم يصح سوى ‪4000‬؟‬
‫مرويات أبي هريرة (رضي هللا عنه) الـ‪ 5374‬تشمل المكرر والصحيح وغ يره‪ .‬وقد ج زم‬ ‫‪‬‬
‫شيخهم اللص علي الحلبي في مقدمة "الصحيفة الصحيحة" أن أحاديثه من غ ير المك رر ال‬
‫تزيد على ‪ 2000‬حديث‪ ،‬وهذا يشمل الصحيح وغيره‪ .‬ويكاد كلها يكون قد روي من حديث‬
‫صحابة غيره‪ ،‬كما حققه أحد الباحثين‪ ،‬وهي فائدة هامة‪.‬‬
‫المتتبع لروايات أبي هري رة ‪ ‬في الكتب التس عة (الص حيحين وس نن أبي داود والترم ذي‬ ‫‪‬‬
‫والنسائي وابن ماجة وموطأ مالك ومسند أحمد والدارمي) يجد أن أغلب الصحابة اش تركوا‬
‫مع أبي هري رة في كل رواياته ما ع دا ثماينة أح اديث فق ط! والثمانية هي‪:‬‬
‫‪ ( -1‬بينما رجل راكب بقرة ) إلى آخر الحديث ‪ ،‬سنن الترمذي المناقب حديث رقم ‪3610‬‬
‫‪ ( -2‬ق رأ رس ول هللا ( يومئذ ت ّح دث أخبارها ) ‪ ،‬س نن الترم ذي ص فة القيامة ح ديث رقم‬
‫‪2353‬‬
‫‪ ( -3‬أت درون من المفلس ‪ ، ) ...‬ص حيح مس لم ‪ ،‬ال بر والص لة ‪ ،‬ح ديث رقم ‪4678‬‬
‫‪ ( -4‬أول من يُدعى يوم القيامة ‪ ، ) ..‬مسند أحمد ‪ ،‬باقي مسند المكثرين حديث رقم ‪8558‬‬
‫‪ ( -5‬أظلكم ش هركم ‪ ، ) ...‬مس ند أحمد ‪ ،‬ب اقي مس ند المك ثرين ح ديث رقم ‪10365‬‬
‫‪ ( -6‬أع ذر هللا إلى ام رئ ‪ ، ) ..‬ص حيح البخ اري ‪ ،‬الرق اق ‪ ،‬ح ديث رقم ‪5940‬‬
‫‪ ( -7‬أق رب ما يك ون العبد ‪ ، ) ..‬ص حيح مس لم ‪ ،‬الص الة ‪ ،‬ح ديث رقم ‪744‬‬
‫‪ ( -8‬بينا أي وب يغتسل ‪ ، ) ..‬ص حيح البخ اري ‪ ،‬الغس لل ‪ ،‬ح ديث رقم ‪270‬‬
‫أن كل حديث في الكتب التسعة غير ه ذه األح اديث الثمانية فإنه يوجد ص حابي أو‬ ‫والمعنى ّ‬
‫أكثر قد اش ترك في رواية الح ديث مع أبي هري رة ‪ ،‬فلم ينف رد أبو هري رة إال به ذه الثمانية‬
‫فقط (في الكتب التس عة)‪ .‬وهن اك كت اب لمحمد يم اني عن أبي هري رة ‪ ‬ك ان يضع فيها‬
‫أح اديث أبي هري رة ب النص ويضع مقابلها نفس الرواي ات لكن من رواية غ يره‪ ،‬ثم خلص‬
‫إلى النتيجة السابقة‪.‬‬
‫‪ )2‬قال بعضهم‪ :‬قال البخاري‪ :‬ما أدخلت في كتابي الجامع إال ما صح وت ركت من الص حاح لح ال‬
‫الطول‪ .‬وقال مسلم‪ :‬ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا‪ ،‬إنما وضعت ما أجمعوا عليه‪.‬‬
‫والجواب على ذلك‪ :‬نقل ابن حجر في "هدى الساري" (ص‪ )18‬عن اإلسماعيلي أن البخاري ق ال‪:‬‬
‫« لم أخرج في هذا الكتاب إال صحيحاً‪ ،‬وما تركت من الص حيح أك ثر‪ .» ...‬وق ال‪« :‬ما أدخلت في‬
‫كت ابي الج امع إال ما ص ح‪ ،‬وت ركت من الص حاح لح ال الط ول»‪ .‬وفي بعض الرواي ات‪« :‬لمالل‬
‫الطول»‪ .‬والمراد‪ :‬أنه ترك ذكر كثير من األحاديث الص حيحة في كتاب ه‪ ،‬خش ية أن يط ول الكت اب‬
‫فيمل الناس من طوله‪.‬‬
‫وعنه ‪« :‬صنفت الجامع من ستمئة ألف حديث‪ ،‬في ست عش رة س نة‪ .‬وجعلته حجة فيما بي ني وبين‬
‫هللا»‪ .‬وكلمة "ح ديث" في اص طالح المتق دمين من علم اء الح ديث معناها اإلس ناد‪ .‬فيك ون للمتن‬
‫الواحد أسانيد كثيرة‪ .‬وكل إسنا ٍد يسمى حديث‪ .‬فالبخاري لم يرد أن يذكر لكل متن كل األسانيد ال تي‬
‫وص لت إلي ه‪ .‬فه ذا ما قص ده من كلمة "ح ديث" ب دليل أنه ق ال‪« :‬أحفظ مئة ألف ح ديث ص حيح‪،‬‬
‫ومئتي ألف حديث غير ص حيح»‪ .‬وقد ذكر ال ذهبي أن ما صح من ذلك (من المت ون بغ ير تك رار)‬
‫أقل من عشر معشار ذلك (أي أقل من عشرة آالف)‪ .‬ول ذلك ق ال اإلس ماعيلي‪« :‬ألنه لو أخ َر َج كل‬
‫ق ُكل واح ٍد منهم إذا‬
‫صحيح عنده‪ ،‬لجمع في الباب الواحد حديث جماع ٍة من الصحابة‪ ،‬ول َذ َك َر طري َ‬‫ٍ‬
‫صحّت‪ ،‬فيصير كتابا ً كبيراً جداً»‪.‬‬
‫وقال مسلم في صحيحه‪« :‬ليس كل ش يء عن دي ص حيح وض عته هاهن ا‪ ،‬إنما وض عت ما أجمع وا‬
‫عليه»‪ .‬أي‪ :‬ما وجد عنده فيه شرائط الصحيح المجمع عليها‪ .‬وإذا فقد ص حح أح اديث اتفق العلم اء‬
‫قبله على ضعفها‪ .‬وصحح أحاديث لم يصححها أحد قبله‪ .‬وقال‪« :‬لو أن أهل الح ديث يكتب ون مئ تي‬
‫س نة الح ديث فم دارهم على ه ذا المس ند»‪ ،‬يع ني ص حيحه‪ .‬وه ذا ي دل على أنه اس توعب غ الب‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫‪ )2‬قال بعضهم‪ :‬قال البخاري‪ :‬ما أدخلت في كتابي الجامع إال ما صح وت ركت من الص حاح لح ال‬
‫الطول‪ .‬وقال مسلم‪ :‬ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا‪ ،‬إنما وضعت ما أجمعوا عليه‪.‬‬
‫والجواب على ذلك‪ :‬نقل ابن حجر في "هدى الساري" (ص‪ )18‬عن اإلسماعيلي أن البخاري ق ال‪:‬‬
‫« لم أخرج في هذا الكتاب إال صحيحاً‪ ،‬وما تركت من الص حيح أك ثر‪ .» ...‬وق ال‪« :‬ما أدخلت في‬
‫كت ابي الج امع إال ما ص ح‪ ،‬وت ركت من الص حاح لح ال الط ول»‪ .‬وفي بعض الرواي ات‪« :‬لمالل‬
‫الطول»‪ .‬والمراد‪ :‬أنه ترك ذكر كثير من األحاديث الص حيحة في كتاب ه‪ ،‬خش ية أن يط ول الكت اب‬
‫فيمل الناس من طوله‪.‬‬
‫وعنه ‪« :‬صنفت الجامع من ستمئة ألف حديث‪ ،‬في ست عش رة س نة‪ .‬وجعلته حجة فيما بي ني وبين‬
‫هللا»‪ .‬وكلمة "ح ديث" في اص طالح المتق دمين من علم اء الح ديث معناها اإلس ناد‪ .‬فيك ون للمتن‬
‫الواحد أسانيد كثيرة‪ .‬وكل إسنا ٍد يسمى حديث‪ .‬فالبخاري لم يرد أن يذكر لكل متن كل األسانيد ال تي‬
‫وص لت إلي ه‪ .‬فه ذا ما قص ده من كلمة "ح ديث" ب دليل أنه ق ال‪« :‬أحفظ مئة ألف ح ديث ص حيح‪،‬‬
‫ومئتي ألف حديث غير ص حيح»‪ .‬وقد ذكر ال ذهبي أن ما صح من ذلك (من المت ون بغ ير تك رار)‬
‫أقل من عشر معشار ذلك (أي أقل من عشرة آالف)‪ .‬ول ذلك ق ال اإلس ماعيلي‪« :‬ألنه لو أخ َر َج كل‬
‫ق ُكل واح ٍد منهم إذا‬
‫صحيح عنده‪ ،‬لجمع في الباب الواحد حديث جماع ٍة من الصحابة‪ ،‬ول َذ َك َر طري َ‬‫ٍ‬
‫صحّت‪ ،‬فيصير كتابا ً كبيراً جداً»‪.‬‬
‫وقال مسلم في صحيحه‪« :‬ليس كل ش يء عن دي ص حيح وض عته هاهن ا‪ ،‬إنما وض عت ما أجمع وا‬
‫عليه»‪ .‬أي‪ :‬ما وجد عنده فيه شرائط الصحيح المجمع عليها‪ .‬وإذا فقد ص حح أح اديث اتفق العلم اء‬
‫قبله على ضعفها‪ .‬وصحح أحاديث لم يصححها أحد قبله‪ .‬وقال‪« :‬لو أن أهل الح ديث يكتب ون مئ تي‬
‫س نة الح ديث فم دارهم على ه ذا المس ند»‪ ،‬يع ني ص حيحه‪ .‬وه ذا ي دل على أنه اس توعب غ الب‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫إحصائيات وأرقام‬
‫حسب النتائج التي أعطاها برنامج شركة حرف للكتب التسعة‪ .‬وهي نتائج تقريبية لكنها قريب ة للواق ع‪ .‬فمثالً‪ :‬ص حيح مس لم‬
‫حسب ترقيم عبد الباقي ‪ .3033‬بينما مختصر صحيح مسلم للمنذري يبلغ مقداره ‪ 2200‬حديثا ً فقط‪ .‬والفرق بس بب التك رار‪.‬‬
‫وإذا اعتبرنا األحاديث المرفوعة فقط وغير المكررة (وفقا ً للبرنامج) وأخذنا نسبة ما وافقت فيه أحاديث كت اب ألح اديث في‬
‫البخاري أو مسلم‪ ،‬فنحصل على النتائج التالية‪:‬‬

‫تركة مع أحد‬ ‫اديث المش‬ ‫بة األح‬ ‫نس‬


‫عددها عدد أحاديث الكتاب‬ ‫الكتاب‬
‫الصحيحين‬
‫‪732‬‬ ‫‪517‬‬ ‫‪71%‬‬ ‫موطأ مالك‬
‫ائي‬ ‫نن النس‬ ‫س‬
‫‪5352‬‬ ‫‪3622‬‬ ‫‪68%‬‬
‫الصغرى‬
‫‪4326‬‬ ‫‪2033‬‬ ‫‪47% ‬‬ ‫أبو داود‬
‫‪3735‬‬ ‫‪1702‬‬ ‫‪46%‬‬ ‫الترمذي‬
‫نجد مما س بق أن أصح الكتب األربعة هو موطأ مالك (وهو أص غرها) ثم س نن النس ائي (وهو‬
‫أكبرها) ثم يتساوى سنن أبي داود مع سنن الترمذي‪ ،‬لكن سنن الترم ذي أفضل ألن الترم ذي يحكم‬
‫على عامة أحاديثه وكث يرا ما يُ بيّن علل الض عيف منه ا‪ ،‬بينما ه ذا قليل من أبي داود‪ .‬وفي دراسة‬
‫ألحد الباحثين قام بمقارنة أحكام األلباني على السنن‪ ،‬فتبين أن نسبة األح اديث الص حيحة والحس نة‬
‫عند األلباني (وهو متساهل) في سنن النسائي تبلغ ‪ %92‬بينما هي حوالي ‪ %80‬في س نن أبي داود‬
‫والترمذي‪ ،‬لكن نسبة األحاديث الضعيفة جداً عند الترمذي أك ثر من أبي داود‪ .‬ومع ذلك يبقى س نن‬
‫اديث‪.‬‬ ‫ذي أفضل ألنه يحكم على األح‬ ‫الترم‬

‫‪ ‬‬

You might also like