You are on page 1of 65

‫البيعة عند الصوفية‬

‫البيعة عند الصوفية‬


‫دراسة على ضوء السنة وأقوال علماء األمة‬

‫مجع وإعداد‬

‫األستاذ ‪ /‬علي غريسي‬

‫‪3‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫تأليؼ‬

‫عمي غريسي‬

‫المطبعة‬

‫مطبعة سيب ‪SIB‬‬

‫الطريؽ الكطني رقـ‪ 48‬بمدية ككينيف ػ كالية الكادم‬

‫الجزائر‬

‫الطبعة األكلى ‪2014:‬‬

‫رقـ اإليداع القانكني ‪:‬‬

‫‪ 855‬ػػػ ‪2014‬‬

‫ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ‬

‫‪4‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫الترقيـ الدكلي المكحد لمكتاب ( ردمؾ )‬

‫‪I.S.B.N‬‬

‫‪978‬ػػ ‪9931‬ػػ ‪ 9121‬ػػ ‪ 5‬ػػ ‪ 6‬ػػ‬

‫مقدمة‬

‫الحمد هلل رب العالميف ‪ .‬حمد ذاتو قبؿ حمد الحامديف ‪،‬كمدح نفسو‬
‫مف عمينا بأعظـ م َنة‪،‬‬
‫قبؿ مدح المادحيف ‪ ،‬نحمده سبحانو كتعالى أف ن‬
‫كجعمنا مف خير أمة‪ ،‬كشرع لنا أقكـ شرعة كأكضح سنة ‪،‬نحمده سبحانو‬
‫إذ أنطؽ األلسنة بتكحيده‪ ،‬كأكرمنا بأفضؿ خمقو كعبيده‪ ،‬نحمده عمى‬
‫آالء كنعماء لـ تزؿ عمينا تترل‪ ،‬كنشكره سبحانو عفا عمف ىفا تحمما‬
‫منو كست ار ‪.‬أشيد أف ال إلو إال اهلل كحده ال شريؾ لو جعؿ في خمقنا ما‬
‫يدؿ عمى كجكده‪ ،‬كما يبث مف دابة إشارة إلى رحمتو ك جكده ‪ ،‬خمؽ‬
‫الخمؽ بقدرتو فسكاىـ ‪،‬كقدر أقكاتيـ ثـ ىداىـ ‪ ،‬رحميـ مكالىـ فمـ‬
‫كمبل ‪،‬فكاف حظنا‬
‫ىمبل ‪ ،‬أسرج ليـ العقكؿ كأرسؿ ليـ رجاال ن‬
‫يتركيـ ن‬
‫منيـ أعظـ الحظكظ ‪،‬كشرفنا عمى األمـ الشرؼ الممحكظ ‪،‬كذلؾ حيف‬
‫خصنا سبحانو بالرحمة الرحيمة ‪ ،‬كالمنة العظيمة ‪،‬سيدنا محمد كريـ‬
‫األبكيف كسيد الثقميف ‪ ،‬أكؿ العابديف سجكدا ‪،‬كأفضؿ الساجديف شيكدا‬

‫‪5‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫‪ ،‬ساحة الحؽ القائمة ‪ ،‬كراية الشفاعة الدائمة ‪ ،‬صمى اهلل كسمـ عميو‬
‫كعمى آلو عدد خمقو كمداد كممتو‪ ،‬كجزاه عنا خير ما جزل نبيا عف‬
‫أمتو‪ ،‬بو ىدل األمة مف بعد غييا كطغيانيا‪ ،‬كأنار القمكب مف بعد‬
‫ظممتيا كرانيا ‪.‬‬

‫ىذا كلـ تزؿ حبائؿ اهلل تعالى إلى عباده ممدكدة ‪ ،‬كألطافو بيف‬
‫األناـ في كؿ لمحة مشيكدة ‪ ،‬فمك ترؾ اإلمداد لحظة لساد الفناء‬
‫كالفساد ‪،‬كلك حجب ميراث النبكة حينا لعـ الكفر كاإللحاد ‪ ،‬ليذا جرت‬
‫حكمتو ‪ ،‬كاقتضت مشيئتو ‪،‬أف هي ِ‬
‫كجد في خمقو مف يحيي بيـ القمكب‬
‫كاألركاح ‪،‬كيدليا عمى طريؽ اليدل كالصبلح ‪،‬فكما خمؽ اهلل الشمس‬
‫تمد األرض بنكرىا كتحفظيا مف البكار‪،‬فقد جعؿ العارفيف شمكسا لمقمكب‬
‫كضياء لؤلبصار ‪،‬فمف تعرض لنكرىـ استنار كمف أعرض فقد أحؿ نفسو‬
‫دار البكار ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫العمماء كرثة األنبياء‬

‫يقكؿ الحؽ سبحانو كتعالى في كتاب ق العزيز<< كلكؿ قكـ ىاد >> ‪.1‬‬
‫دلت ىذه اآلية عمى أف قضية المعمـ اليادم كالدليؿ المرشد ضركرة‬
‫لزكمية طبعا كشرعا‪ ،‬كمف ىنا أرسؿ اهلل الرسؿ كلـ يدع الناس ألفكارىـ‬
‫كحدىا كاف سمت كعمت كبمغت ما بمغت فإف العقؿ محؿ الخطأ كالكاقع‬
‫كتاريخ الفبلسفة كالمفكريف كالعقبلنييف يشيد لذلؾ‪ ،‬فكانت كظيفة الرسؿ‬
‫النصح كاإلرشاد كتبييف الحؽ كالصكاب عندىا باف لمعقؿ السميـ حاجة‬
‫اإلنساف لمكحي كالنبكة كأدرؾ مدل تأثيرىما في صقؿ األفكار كتيذيب‬
‫الفمسفات كاألخبلؽ كما انحرؼ مف جميع المنظكمات البشرية ككاف‬
‫عمى الخمؽ اتباعيـ كاقتفاء آثارىـ كمحبتيـ كنصرتيـ كمكاالتيـ‬
‫‪....‬كحتى ال ينقطع نكر النبكة جعؿ اهلل العمماء كرثة لؤلنبياء بنص‬
‫الحديث الصحيح ‪.2‬فيـ تبع لمرسؿ كرثكا عنيـ العمـ كاإلرشاد كالنصح‬

‫‪1‬‬
‫سورة الرعد اآلٌة ‪07‬‬
‫‪2‬‬
‫عن أبً الدرداء قال سمعت رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌقول << ‪....‬العلماء‬
‫ورثة األنبٌاء ‪ >>....‬رواه أبو داود حدٌث رقم ‪3641‬‬

‫‪7‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كعمى الناس كذلؾ اتباع العمماء كالكرثة الكمؿ كمحبتيـ كمكاالتيـ‬


‫كنصرتيـ ‪ ...‬نسأؿ اهلل تعالى أف يكرمنا كيدخمنا في زمرة أحبيا كأكرميا‬
‫فيـ كفدم إذا ما حضركا ‪ .....‬عند بابي يطمبكف الزلفا‬ ‫‪.‬‬

‫أعطيـ ما سألكني جيػػػرة ‪ .....‬كأنميـ مف جناني غرفا‬

‫الدعوة التامة‬

‫يقكؿ الحؽ سبحانو كتعالى << مف ييد اهلل فيك الميتد كمف يضمؿ فمف‬
‫‪1‬‬
‫تجد لو كليا مرشدا >>‬

‫مف ىذه اآلية الكريمة استنبط أىؿ المعرفة أف الدعكة إلى اهلل تعالى‬
‫تككف أكمؿ كأتـ ما تككف إذا كجد الكلي المرشد كعندما يضع اإلنساف‬
‫يده بيد الكلي المرشد يككف ذلؾ أجكد ما يككف في باب اليداية إلى اهلل‬
‫كالى طريقو‪.2‬‬

‫كاذا كاف الرسؿ عمييـ الصبلة كالسبلـ في األصؿ ىـ اليداة‬


‫الحقيقييف إلى اهلل تعالى فاألكلياء المرشدكف ىـ الكراث الكاممكف‬
‫‪3‬‬
‫لؤلنبياء في باب الدعكة‬

‫سكرة الكيؼ اآلية ‪17‬‬


‫‪1‬‬

‫تربيتنا الركحية ‪ /‬سعيد حكل الباب ‪15‬ص ‪217‬‬


‫‪2‬‬

‫نفسو ص ‪217‬‬
‫‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كمف ىذا المعنى ندرؾ أىمية كجكد الكلي المرشد لصبلح الدعكة‬
‫ككماليا كتماميا‪،‬كبفقدانو تككف ساحة الدعكة كميداف اإلرشاد أقؿ في‬
‫التأثير ىذا إف لـ نقؿ أدعى لمتنفير‪.‬‬

‫الكلي المرشد‬

‫أمرنا الحؽ سبحانو كتعالى في كتابو العزيز بصحبة الصادقيف فقاؿ‬


‫‪1‬‬
‫<< ياأييا الذيف آمنكا اتقكا اهلل كككنكا مع الصادقيف >>‬

‫كحتى نككف مع ىؤالء كجب عمينا أف نتعرؼ عمى صفاتيـ كالتي قد‬
‫حددىا اهلل تعالى في كثير مف اآليات حيث قاؿ ‪ <<:‬إنما المكمنكف‬
‫الذيف آمنكا باهلل كرسكلو ثـ لـ يرتابكا كجاىدكا بأمكاليـ كأنفسيـ في‬
‫سبيؿ اهلل أكلئؾ ىـ الصادقكف >>‪. 2‬‬

‫كقاؿ أيضا << ليس البر أف تكلكا كجكىكـ قبؿ المشرؽ كالمغرب كلكف‬
‫البر مف آمف باهلل كاليكـ اآلخر كالمبلئكة كالكتاب كالنبيئيف كآتى الماؿ‬
‫عمى حبو ذكم القربى كاليتامى كالمساكيف كابف السبيؿ كالسائميف كفي‬

‫‪1‬‬
‫سورة التوبة اآلٌة ‪111‬‬
‫‪2‬‬
‫سورة الحجرات اآلٌة ‪15‬‬

‫‪9‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫الرقاب كأقاـ الصبلة كآتى الزكاة كالمكفكف بعيدىـ إذا عاىدكا كالصابريف‬
‫في البأساء كالضراء كحيف البأس أكلئؾ الذيف صدقكا >> ‪.1‬‬

‫كقاؿ أيضا << لمفقراء المياجريف الذيف أخرجكا مف ديارىـ كأمكاليـ‬


‫يبتغكف فضبل مف اهلل كرضكانا كينصركف اهلل كرسكلو أكلئؾ ىـ‬

‫الصادقكف >>‪ .2‬كاآليات في ذلؾ كثيرة ‪.‬‬

‫فالصادقكف ىـ أكال مؤمنكف ثـ تأتي صفة اليقيف مباشرة بعد اإليماف‬


‫فاليقيف صفتيـ حيث قاؿ سبحانو << ثـ لـ يرتابكا >> فقمكب الصادقيف‬
‫مؤلل باليقيف ‪ ،‬كىك مف أحسف ما يتصؼ بو اإلنساف كمف أعظـ ما‬
‫يمقى في القمكب كمف أعز كأندر ما قسـ في األرض حيث يقكؿ عميو‬
‫‪3‬‬
‫الصبلة كالسبلـ << مانزؿ في األرض شيء أقؿ مف اليقيف >>‬

‫كزيادة عمى ىذه الخصيصة التي اختصكا بيا فيـ كذلؾ ػػ مف باب‬
‫أكلى ػػ مصمكف مزككف صابركف كافكف بالعيكد محبكف لمشيادة كما‬
‫جاء في اآليات ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سورة البقرة اآلٌة ‪177‬‬
‫‪2‬‬
‫سورة الحشر اآلٌة ‪8‬‬
‫‪3‬‬
‫ابن أبً الدنٌا ‪/‬كتاب الٌقٌن حدٌث رقم ‪ 5‬ورواه ابن عبد البر من حدٌث معاذ وأبو‬
‫حامد الغزالً فً اإلحٌاء‬

‫‪10‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كالكلي المرشد ىك المتصؼ بيذه الصفات جميعا كيربي عمييا‬


‫الناس كاال فبل يصمح لممعية كالصحبة كال يستأىؿ مقاـ الدعكة كاإلرشاد‪.‬‬

‫ثـ إف مقاـ المرشد يقتضي أف يككف فقييا في الديف إذ ال تتـ‬


‫الكراثة الكاممة لرسؿ اهلل تعالى كأنبيائو مالـ يرث عنيـ عمكميـ‬
‫كفيكميـ كأحكاليـ كأذكاقيـ ‪،‬كىذا متضمف في قكلو سبحانو كتعالى <<‬
‫فمكال نفر مف كؿ فرقة منيـ طائفة ليتفقيكا في الديف كلينذركا قكميـ إذا‬
‫رجعكا إلييـ لعميـ يحذركف >> ‪ .1‬فاإلنذار جزء مف ميمات المرشد كال‬
‫يتـ ذلؾ كما ىك ممحكظ في اآلية إال إذا تقدمو الفقو في الديف ‪ ،‬أما‬
‫مجرد الكالية كحدىا فبل تكفي ألنيا جزء مف المشيخة كقد يككف الرجؿ‬
‫كليا ك لكف ليس في مقاـ المرشد أك الشيخ المربي ‪.‬‬

‫كما أنو يتكجب عمى الكارث الحقيقي أف يككف حكيما يدعك إلى اهلل‬
‫بالحكمة ‪ ،‬كالحكمة معنى زائد عف العمـ قاؿ تعالى <<كمف يكت الحكمة‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬كالحكمة عطاء مف اهلل تعالى فقد يككف‬ ‫فقد أكتي خي ار كثي ار >>‬
‫اإلنساف عالما بالكتاب كعمكمو ممما بالحديث كفيكمو كلكف تنقصو‬
‫الحكمة أما الحكيـ فيك الذم يقكؿ الكممة المناسبة كيتصرؼ التصرؼ‬
‫المناسب ضمف حدكد الشريعة فبل تربكو األحداث كال المكاقؼ كال يفعؿ‬
‫فعبل يناقض قكلو كال يقكؿ ما يعكد عميو أك عمى غيره بالضرر‪ ،‬بؿ إف‬

‫‪1‬‬
‫سورة التوبة اآلٌة ‪124‬‬
‫‪2‬‬
‫سورة البقرة اآلٌة ‪269‬‬

‫‪11‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫الحكمة ىي التي عمييا محؾ الدعكة في النجاح أك الفشؿ ‪ ،‬كمشكمة‬


‫المرشديف األكلى كاألخيرة ىي فقداف الحكمة ‪ ،‬ككثير مف الدعاة ال تأثير‬
‫ليـ في الكعظ ليذا السبب ‪.‬‬

‫كما أف عميو أيضا كراثة جميع الصفات النبكية التي كردت في قكلو‬
‫سبحانو كتعالى << كما أرسمنا فيكـ رسكال منكـ يتمكا عميكـ آياتنا‬
‫‪1‬‬
‫كيزكيكـ كيعممكـ الكتاب كالحكمة كيعممكـ مالـ تككنكا تعممكف >>‬
‫فعميو أف يذكر بآيات اهلل القرآنية كالككنية كيزكي النفكس كيطيرىا مف‬
‫عيكبيا كيخمصيا مف أمراضيا كيعمـ الكتاب كالحمكة ككؿ ما يمزميـ في‬
‫أمر دينيـ ‪ ،‬كىذا يحتـ عميو أف يككف محيطا بعمكـ اإلسبلـ كثقافات‬
‫المسمميف ‪،‬عارفا بعصره كتاريخو‪ ،‬مطمعا عمى خبايا النفس كأدكائيا‬
‫كالى ىذه المعاني أشار ابف البنا السرقسطي‪ 2‬فقاؿ ‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫عار لمف لـ ينيؿ العمكما ‪ ....‬كيعمـ المكجكد كالمػػػػػػػػػعدكما‬

‫كلـ يكف في بدئو فقيػػػػػيا ‪ ....‬كسائر العمػػػػػػػػػكـ ال يدريػػػػػيا‬

‫‪1‬‬
‫سورة البقرة اآلٌة ‪151‬‬
‫‪2‬‬
‫اسمه أبو العباس أحمد بن محمد بن ٌوسف التجٌبً المعروف بابن البنا السرقسطً‬
‫بظم القاف نسبة إلى سرقسطة إذ كان أصل نسبه منها ثم استقر بفاس وتوفً بها ٌقول‬
‫اإلمام زروق لم أقف على تارٌخ وفاته قال ولم ٌكن مشهورا بالعلم مع ماله فٌه من القدم‬
‫الراسخ الذي دل علٌه كتابه المباحث فقد ع ًد من عجائب مدٌنة فاس اهـ ( الفتوحات‬
‫اإللهٌة ) إلبن عجٌبة‬
‫‪3‬‬
‫أي ٌعلم الوجود الواجب والعارض والعدم الواجب والعارض‬

‫‪12‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كالحد كاألصكؿ كالمسانػػػػا ‪ ....‬كالذكر كالحديػػػػػث كالبرىانػػػػػا‬

‫كلـ يكف أحكـ عمـ الحػاؿ ‪ ....‬كال درل مقاصػػػػػػػػػػػد الرجػػػػػاؿ‬

‫كلـ ينزه صفة المػػعبػػػػػػػكد ‪ ....‬كال درل مراتب الكجػػػػػػػػػػػػػػػػػػكد‬

‫كالنفس كالعقؿ معا كالركحا‪ ....‬كيدرم منو صدره المشركحا‬

‫‪1‬‬
‫كعمـ سر النسخ كالمنسكخ ‪ ....‬أف يتعاطى رتبة الشيكخ‬

‫ثـ إنو ال يكفي اإلطبلع عمى العمكـ كالمعارؼ ككسائؿ التربية‬


‫كغيرىا بؿ عمى المرشد أف يككف قد سمؾ طريؽ تصفية النفس عمى‬
‫أيدم األكلياء المرشديف مف قبؿ‬

‫لحضرة الحؽ كظاعػػػػػػػػػػػػػػػػػػػنكف‬ ‫كانما القكـ مسافركف ‪.....‬‬

‫ذم بصر بالسير كالمػػػػػػػػػػػػػػػػػػقيؿ‬ ‫فافتقركا فيو إلى دليؿ ‪.....‬‬

‫قد سمؾ الطريؽ ثـ عاد ‪ .....‬ليخبر القكـ بما استػػػػػػػػػػػػػػػػػػػفاد‬

‫‪3‬‬
‫كجاب منيا الكىد كاألكاما‪ .....2‬كراض منيا الرمؿ كالرغامػػػػػػا‬

‫كجاؿ فييا رائحا كغاديػػػػػا ‪ .....‬كسار كػػػػػػؿ فدفد ‪ 4‬ككاديػػػػػػػػػػػػػػػػا‬

‫‪1‬‬
‫من متن المباحث األصلٌة إلبن البنا السرقسطً‬
‫‪2‬‬
‫الوهد المكان المنخفض بعكس األكمة (جمعها آكام)‬
‫‪3‬‬
‫راض المكان ٌعنً اختبره ‪.‬والرغام التراب‬
‫‪4‬‬
‫فدفد مكان فٌه غلظ وارتفاع‬

‫‪13‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كعمـ المخكؼ كالمأمػػكنػػا ‪ .....‬كعرؼ األنيػػػػػػػػار كالعيػػػػػػػػػػكنػػػا‬

‫قد قطع البيداء كالمفػػػػػاكز ‪ .....‬كارتاد كؿ حابػػػػػػػس كحاجػػػػػػػػػػػػز‬

‫كحؿ في منازؿ المناىػػػػػػػؿ ‪ .....‬ككؿ شرب كػػػػػػػاف منو ناىػػػػػػػػػػػؿ‬

‫‪1‬‬
‫فعندما قاـ بيذا الخطػػػػػب ‪ .....‬قالكا جميعا أنت شيخ الػػػػػركب‬

‫زيادة عمى التفقو في الديف كالحكمة كالسمكؾ عمى أيدم‬


‫المرشديف عمى المرشد أف يرث تمؾ األحكاؿ القمبية التي كاف رسكؿ اهلل‬
‫صمى اهلل عميو كسمـ يرقي بيا أصحابو ‪ ،‬كلقد ذكر الصحابة كيؼ أنيـ‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬كما‬ ‫أنكركا قمكبيـ بعد أف فرغكا مف دفف النبي عميو الصبلة كالسبلـ‬
‫ركم في ىذا المعنى عف حنظمة كذلؾ أنو قاؿ ‪ :‬نككف عند رسكؿ اهلل‬
‫صمى اهلل عميو كسمـ يذكرنا بالجنة كالنار كأنيا رأم عيف كاذا خرجنا مف‬
‫عنده عافسنا األزكاج ‪....‬إلى آخر ما ذكره حنظمة ‪.3‬‬

‫محسة مف خبلؿ مجالسة‬


‫ن‬ ‫كؿ ىذا يدؿ عمى أف األحكاؿ القمبية كانت‬
‫النبي صمى اهلل عميو كسمـ كأف مف مظاىر ىذا الحاؿ أف يستشعر‬

‫‪1‬‬
‫المباحث األصلٌة ابن البنا السرقسطً‬
‫‪2‬‬
‫عن أنس قال <<‪.....‬فلما كان الٌوم الذي مات فٌه أظلم منها كل شًء ولما نفضنا عن‬
‫رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم األٌدي وإنا لفً دفنه حتى أنكرنا قلوبنا >> رواه‬
‫الترمذي حدٌث رقم ‪3618‬‬
‫‪3‬‬
‫رواه مسلم ‪ /‬كتاب التوبة حدٌث رقم ‪2750‬‬

‫‪14‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫أحدىـ كأنو يرل الجنة كالنار ‪،‬كىذه األحكاؿ القمبية كاألحاسيس لف‬
‫يستطيع أحد أف ينقميا إلى غيره مالـ يكف لو سير مف قبؿ كالى ىذا‬
‫أشار الشيخ الشيخ سعيد حكل ‪1‬بقكلو ‪ << :‬مف خبلؿ الكاقع نجد أف‬
‫الذيف ليس ليـ سير صكفي لـ يستطيعكا أف ينقمكا األحاسيس إلى‬
‫غيرىـ بؿ ىـ أنفسيـ ال يشعركف بيا >>‪.2‬‬

‫كلقد شدد الصكفية أنفسيـ في تحديد مكاصفات الكلي المرشد ذلؾ‬


‫<<إلعتباره نائبا لرسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ >> ‪،3‬كقالكا‪ <<:‬ليس‬
‫كؿ عالـ يصمح لمخبلفة >> ‪.4‬‬

‫كلقد ذكر حجة اإلسبلـ الغزالي جممة مف المكاصفات العالية التي تمس‬
‫ظاىره كباطنو ال نريد أف نطيؿ الكقكؼ عمييا ‪ ،‬بؿ إنيـ أركا أف الشيخ‬
‫إذا لـ يكف بيذا الكماؿ فإف السالؾ عمى يديو ىالؾ ‪ .‬يقكؿ الشيخ ابف‬
‫المبارؾ ‪:‬إف شيخ التربية إذا لـ يكف بيذا الكماؿ جامعا لكصؼ العمـ‬
‫الظاىر كالباطف جمعا كامبل فأقرب أحكاؿ المريد معو عمى اليبلؾ >> ‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫هو من أحد أبرز العلماء النشطٌن فً سورٌة والذٌن قاموا بإكمال مسٌرة اإلخوان‬
‫المسلمٌن ٌتمٌز بغزارة اإلنتاج والنشاط العلمً من أهم شٌوخه الشٌخ مصطفى السباعً‬
‫توفً ‪1409‬هـ الموافق لـ ‪1989‬م‬
‫‪2‬‬
‫تربٌتنا الروحٌة ‪ /‬سعٌد حوى ص ‪222‬‬
‫‪3‬‬
‫الغزالً ‪/‬أٌها الولد المحب ص ‪64‬‬
‫‪4‬‬
‫نفسه‬
‫‪5‬‬
‫كتاب اإلبرٌز إلبن المبارك ص ‪396‬‬

‫‪15‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كليـ في ذلؾ أقاكيؿ منيا قكؿ أبي مديف شيخ ابف عربي‪ <<:‬الشيخ‬
‫‪1‬‬
‫الحقيقي مف ىذبؾ بأخبلقو كأدبؾ بإطراقو كأنار باطنؾ بإشراقو >>‬

‫كمما سبؽ ندرؾ أف الكارث الكامؿ ( الكلي المرشد ) ىك عالـ فقيو‬


‫بالديف حكيـ معمـ لمكتاب كالسنة قادر عمى تزكية النفكس كسياستيا لو‬
‫حاؿ بو ينقؿ القمب البشرم إلى آفاؽ اإلستشعار كالشفافية كبو تككف‬
‫الدعكة تامة ك تجتمع األمة بعد الشتات كتستدرؾ بأمثالو ما فات ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مٌارة ـ الدر الثمٌن ص ‪420‬‬

‫‪16‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫مف ىدم السنة‬

‫مف المسائؿ التي أخذت اىتماما كبي ار لدل فقيائنا كعممائنا ككتابنا‬
‫كخاصة المتخصصيف في السياسة الشرعية ‪1‬مسألة البيعة كذلؾ لما ليا‬
‫مف أىمية بالغة حيث ذكرت في القرآف الكريـ فقاؿ سبحانو كتعالى‪<< :‬‬
‫إف الذيف يبايعكنؾ إنما يبايعكف اهلل >> ‪ 2‬كقاؿ أيضا‪ << :‬لقد رضي اهلل‬
‫عف المكمنيف إذ يبايعكنؾ تحت الشجرة >>‪. 3‬‬

‫كما أف نصكص السنة تشيد عمى كثرة كركدىا كتنكع استعماالتيا‬


‫كتعدد مجاالتيا إال أف القارئ أك السامع ما يكاد يق أر أك يسمع عف‬
‫البيعة إال كينصرؼ ذىنو إلى البيعة السياسية ذلؾ ألف ىذه األخيرة‬

‫‪1‬‬
‫من أمثال الماوردي وله األحكام السلطانٌة وكذا قوانٌن الوزارة وكابن الحداد له‬
‫الجوهر النفٌس فً سٌاسة الرئٌس وكابن القٌم له الطرق الحكمٌة والجوٌنً له غٌاث‬
‫األمم وابن جماعة له تحرٌر األحكام وابن تٌمٌة له السٌاسة الشرعٌة ‪....‬وغٌرهم‬
‫‪2‬‬
‫سورة الفتح اآلٌة ‪10‬‬
‫‪3‬‬
‫سورة الفتح اآلٌة ‪18‬‬

‫‪17‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫حقيقة مما تفردت بو الحضارة اإلسبلمية عف مثيبلتيا مف الحضارات‬


‫اإلنسانية ( فنظاـ البيعة ) أبدعتو الحضارة اإلسبلمية ككانت مف أىـ‬
‫مميزات نظاميا السياسي ألنيا ككما تعني الطاعة فإنيا تعني مف كجو‬
‫آخر اشراؾ الرعية في المنظكمة السياسية الحاكمة ‪ ،‬كلعؿ ىذا التفرد‬
‫كىذا التميز جعؿ مفيكـ البيعة مقتص ار عند األغمب إال عمى أعماؿ‬
‫السياسة فغابت مف جراء ىذه النظرة العديد مف صكر البيعة لدرجة أف‬
‫البعض ظنكا بأنيا دخيمة عمى الديف اإلسبلمي ‪،‬في حيف أف السنة‬
‫النبكية طافحة بصكر شتى كمجاالت عدة ليا كما ذكرنا ككما سنكضح‬
‫ذلؾ في مبحثو ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫مفيكـ البيعة‬

‫مفيكميا المغكم ‪:‬‬

‫البيعة مشتقة مف األصؿ الثبلثي (باع) كىي الصفقة عمى ايجاب البيع‬
‫كعمى المبايعة كالطاعة ‪.1‬‬

‫كجاء أيضا أنيا مشتقة مف (الباع) ألف كؿ كاحد مف المتعاقديف يمد‬


‫‪2‬‬
‫باعو لؤلخذ كالعطاء‬

‫كجاء أيضا أف البيعة إعطاء شيء مقابؿ ثمف معيف أك إعطاء العيد‬
‫‪3‬‬
‫بقبكؿ كالية أك خبلفة‬

‫‪1‬‬
‫لسان العرب ابن منظور ج‪ 9‬ص ‪371‬‬
‫‪2‬‬
‫لسان العرب ابن منظور ج‪ 8‬مادة ( ب ي ع )‬
‫‪3‬‬
‫المعجم العربً األساسً ص ‪188‬‬

‫‪19‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كال يجب أف نقؼ عند المفيكـ المغكم كاف كانت لو داللتو كاشارتو إال‬
‫أف الذم ييمنا البيعة في اإلصطبلح اإلسبلمي كمما يمي نكرد بعضا مف‬
‫تعاريؼ العمماء في ذلؾ كسنحاكؿ بحكؿ اهلل أف نخرج منيا بتعريؼ‬
‫جامع مانع‪ 1‬لمفيكـ البيعة ‪.‬‬

‫مفيكـ البيعة اصطبلحا ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫يقكؿ الراغب األصفياني < بايع السمطاف إذا تضمف بذؿ الطاعة لو >‬
‫كيقكؿ العبلمة ابف خمدكف << البيعة ىي عيد عمى الطاعة كأف المبايع‬
‫‪3‬‬
‫يعاىد أميره عمى أف يسمـ النظر في أمر نفسو ‪>>...‬‬
‫كفي ىذيف التعريفيف نمحظ المنحى السياسي كاضحا كذلؾ بإدخاؿ لفظ‬
‫(السمطاف مرة كاألمير مرة أخرل) كبالتالي فيك ال يعطي التكصيؼ‬
‫الكامؿ لمبيعة كانما يقيدىا بالبيعة السياسية فعندىا تخرج منو جميع‬
‫صكر البيعات األخرل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جامع ٌعنً دخول جمٌع أفراده فٌه ( أي فً التعرٌف )‬
‫ومانع ٌعنً ٌمنع دخول غٌره فٌه ومن عٌوب التعرٌف أن ال ٌكون جامعا مانعا‬
‫‪2‬‬
‫المفردات فً غرٌب القرآن ‪ /‬مادة بٌع‬
‫‪3‬‬
‫المقدمة الفصل التاسع والعشرون ص ‪ 209‬ط احٌاء التراث‬

‫‪20‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬
‫‪1‬‬
‫أما ابف األثير فيك يعرؼ البيعة فيقكؿ <البيعة معاقدة كمعاىدة >‬
‫كتعريؼ ابف األثير ىذا يقترب مف تعريؼ البسيكني ‪ 2‬حيث يعرؼ البيعة‬
‫‪3‬‬
‫إال أف ابف األثير يردفيا بمفظة‬ ‫بأنيا << عقد بيف طرفيف >>‬
‫(معاىدة) ليزيد معنى ثاف عف مجرد العقد كىك التعيد الذم يتضمف‬
‫اإلشارة إلى الكفاء المصاحب لمعقد ‪.‬‬

‫ثـ إف ىذيف التعريفيف ليس فييما اشارة إلى الييئة التي عرفت بيا‬
‫البيعة كما أف جميع العقكد يمكنيا أف تدخؿ تحت مسمى ىذا التعريؼ ‪.‬‬

‫كاف مف التعاريؼ التي اقتربت إلى حد كبير مف ضبط معنى البيعة في‬
‫المفيكـ اإلسبلمي تعريؼ الدكتكر عدناف عمي رضا النحكم حيث‬
‫يقكؿ‪ <<:‬البيعة كممات تعبر عف نية كعزيمة عمى الكفاء كاألداء‬
‫كيصحب ذلؾ بسط يد كمصافحة تكثؽ ذلؾ كمو ليتـ العيد قمبا بقمب‬
‫كيدا بيد ‪ ،‬كمف ىنا جاء التعبير بقكلو كال تنزعكا يدا مف طاعة ‪4‬ككذلؾ‬
‫‪.5‬‬ ‫في بيعة العقبة قاؿ القكـ ابسط يدؾ فبسط يده فبايعكه >>‬
‫ىذا التعريؼ اشتمؿ عمى معنى البيعة كىيئتيا كصفتيا كلـ يخصصيا‬

‫‪1‬‬
‫النهاٌة ‪ /‬ابن األثٌر ج‪1‬ص‪174‬‬
‫‪2‬‬
‫أحد الدكاترة والباحثٌن المعاصرٌن‬
‫‪3‬‬
‫الفكر السٌاسً ‪ /‬صالح الدٌن البسٌونً ص ‪189‬‬
‫‪4‬‬
‫ٌشٌر إلى قوله صلى هللا علٌه وسلم ‪/‬انظر صحٌح مسلم كتاب اإلمارة باب خٌار‬
‫األئمة وشرارهم حدٌث رقم ‪1855‬‬
‫‪5‬‬
‫كتاب العهد والبٌعة ‪ /‬د عدنان علً رضا النحوي ص ‪107‬‬

‫‪21‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كيحددىا لذلؾ كاف جامعا لجميع صكر البيعات كمانعا منع دخكؿ العقكد‬
‫األخرل كالبيع كالزكاج كغيرىا فيو فاستحؽ لقب التعريؼ الجامع المانع‬

‫‪.‬كمف خبلؿ عرض التعاريؼ السابقة يتضح لنا جميا أف البيعة عقد بيف‬
‫طرفيف كعيد عمى الطاعة مع عزيمة عمى الكفاء يصحب ذلؾ بسط يد‬
‫كمصافحة‪. 1‬‬

‫العقكد في التشريع اإلسبلمي‬

‫‪2‬‬
‫يقكؿ الحؽ سبحانو كتعالى << يا أييا الذيف آمنكا أكفكا بالعقكد >>‬
‫‪.‬كيفسر سيدنا ابف عباس العقكد فيقكؿ ‪ :‬تعني العيكد ‪.3‬‬
‫كيقكؿ ابف جرير الطبرم ‪ :‬أكفكا بالعقكد يعني أكفكا بالعيكد التي‬
‫عاىدتمكىا ربكـ كالعقكد التي عاقدتمكىا اياه كأكجبتـ بيا عمى أنفسكـ‬
‫حقكقا كألزمتـ أنفسكـ بيا هلل فركضا فأتمكىا بالكفاء كالكماؿ كالتماـ ‪. 4‬‬

‫‪1‬‬
‫هذه هً الصورة الغالبة للبٌعة ( الكالم والمصافحة ) إال بٌعة النساء ومن به عاهة‬
‫فتكون بالكالم فقط كبٌعته صلى هللا علٌه وسلم للمجذوم حٌث قال له ارجع فقد باٌعتك‬
‫رواه النسائً ـ بٌعة من به عاهة ح رقم ‪ .4182‬وقد تكون بالكتابة كبٌعة النجاشً للنبً‬
‫صلى هللا علٌه وسلم ولجعفر حٌث ٌقول فٌه ‪ :‬قد باٌعتك وباٌعت ابن عمك وأسلمت على‬
‫ٌدٌه هلل رب العالمٌن ‪.‬ذكرها الزٌلعً فً نصب الراٌة وابن طولون الدمشقً فً إعالم‬
‫السائلٌن ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫سورة المائدة اآلٌة ‪01‬‬
‫‪3‬‬
‫تفسٌر الطبري ‪ /‬سورة المائدة اآلٌة ‪01‬‬
‫‪4‬‬
‫نفسه ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كلمفقياء كبلـ طكيؿ عريض في العقكد كاإللتزامات كما يتفرع عف ذلؾ‬


‫مف أحكاـ ‪.‬‬

‫كفي التشريع اإلسبلمي تنقسـ العقكد إلى قسميف ‪:‬‬

‫عقد بإرادتيف‪ :‬كيقصد بو اجتماع طرفيف فيو كيمتزـ كؿ طرؼ بكاجباتو‬

‫كيدخؿ في ىذا القسـ عقد البيع كما شاكمو مف اجارة كشركة كسائر‬
‫العقكد التي يشترط فييا تبلقي اإليجاب كالقبكؿ كتدخؿ فييا كذلؾ العيكد‬
‫كالمكاثيؽ‪. 1‬‬

‫عقد بإرادة كاحدة ‪ :‬كيقصد بو إلتزاـ مف جية كاحدة كيدخؿ في ىذا‬


‫‪2‬‬
‫عمى‬ ‫كالكعد كاليبة كالكصية‬ ‫القسـ النذر كاليميف كالظماف كالحكالة‬

‫غير معيف‪3‬كالجعالة كعيد األماف ‪. 4>>...‬‬

‫كعميو فمصطمح البيعة أك العيد كما يعبر عنو البعض ليس جديدا‬
‫عمى الثقافة اإلسبلمية ‪ ،‬كىك داخؿ كما رأينا في قسـ العقد بإرادتيف‬

‫‪1‬‬
‫حقٌقة العقد فً الفقه اإلسالمً والقانون ‪ /‬د عباس حسنً محمد ‪.‬المبحث األول‬
‫ص‪22‬‬
‫‪2‬‬
‫الحوالة ‪ :‬مؤخوذة من التحوٌل والمقصود بها نقل الدٌن من ذمة المحٌل إلى ذمة‬
‫المحال علٌه وتقتضً وجود محٌل وشًء محال ومحال علٌه‬
‫‪3‬‬
‫الوصٌة على غٌر معٌن هً كالوقف على الفقراء والمساجد ‪ ....‬بخالف الوصٌة على‬
‫معٌن فهً تفتقر إلى طرف القبول عند الجمهور‬
‫‪4‬‬
‫حقٌقة العقد فً الفقه اإلسالمً والقانون ‪ /‬د عباس حسنً محمد ‪.‬المبحث األول‬
‫ص‪22‬‬

‫‪23‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كلكف ىناؾ تغييب لبعض مجاالت كصكر البيعة مما أدل بالبعض إلى‬
‫الشؾ في مشركعية بعض صكرىا (كبيعة الكلي المرشد)أك ما يعرؼ بػ‬
‫(أخذ العيد الصكفي) بؿ بمغ الحاؿ عند البعض إلى القكؿ ببدعيتيا ليذا‬
‫أردت أف أكضح كأؤصؿ ليذه الصكرة مف صكر البيعات مف خبلؿ السنة‬
‫المطيرة كأقكاؿ سمؼ األمة حتى يتضح كجو الحؽ لمف أراد الحؽ‬
‫كنتكصؿ إلى الفصؿ في الجدلية القائمة ( ىؿ بيعة الصكفية أك الكلي‬
‫المرشد مف ىدم السنة كسمؼ األمة أـ أنيا بدعة ال أصؿ ليا ؟)‪.‬‬

‫البيعة الصكفية ( أخذ العيد عف الكلي المرشد )‬

‫لقد شاعت بيف الصكفية مصطمحات عديدة تدؿ عمى عمؽ العبلقة‬
‫بيف الشيخ كالمريد كمصطمح الرباط ‪ ،‬العيد كالبيعة ‪ ،‬التحكيـ ‪ ،‬الباس‬
‫الخرقة‪ ،‬الطريؽ‪... ،‬كغيرىا ‪ .‬كىي ألفاظ ذات دالالت تربكية تعني‬
‫بحسب الظاىر ابتداء الرابطة بيف المريد السالؾ كالشيخ الكارث الكامؿ ‪،‬‬
‫كبحسب الحقيقة ربط المريد بالمراد كىك الحؽ سبحانو كتعالى‪.‬‬

‫كيرجع العيد في المغة إلى عدة معاني منيا ‪ :‬الكصية كالضماف‬


‫كالرؤية ككؿ ما عكىد اهلل عميو ككؿ مابيف العباد مف المكاثيؽ ىك عيد‬

‫‪24‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كأمر اليتيـ مف العيد ككؿ أمر أمر بو اهلل عيد ككؿ نيي نيى عنو فيك‬
‫‪ .1‬كيأتي بمعنى‬ ‫عيد لقكلو تعالى <<ألـ أعيد اليكـ يا بني آدـ >>‬
‫‪2‬‬
‫العقد كالميثاؽ كاألمانة كالنذر كالبيعة‪>>...‬‬

‫كالعيد في اإلصطبلح عمى ما عرفو الشريؼ الجرجاني كىك ‪ <<:‬حفظ‬


‫الشيء كمراعاتو حاال بعد حاؿ >>‪.3‬‬

‫كىذا المعنى متحقؽ في العيد عند الصكفية حيث يقصد (بأخذ العيد)‬
‫أنو عمى المريد المحافظة عمى الكاجبات كاآلداب الشرعية كيراعي ما‬
‫‪4‬‬
‫حاال بعد حاؿ كال‬ ‫يمقنو لو شيخو مف األذكار كاألكراد كالمجاىدات‬
‫ييمميا أك يغفؿ عنيا‪ ،‬فالمقصكد بالعيد عندىـ ىك التأكيد عمى المريد‬
‫السالؾ باإلنتقاؿ مف حياة الغفمة كغمبة الشيكات إلى حياة اليقظة‬
‫كالتكبة كاألخذ بالعزـ كالجد ‪.‬‬

‫كفي معنى العيد كذلؾ عندىـ مدخؿ الصحبة المباركة بيف الشيخ‬
‫كالمريد التي كاف أكؿ ابتدائيا المعاىدة عمى طاعة مف الطاعات أك‬

‫‪1‬‬
‫سورة ٌس اآلٌة‬
‫‪2‬‬
‫انظر كتاب العهد والمٌثاق ‪ /‬الدكتور ناصر بن سلٌمان العمر‬
‫‪3‬‬
‫التعرٌفات حرف العٌن ص ‪175‬‬
‫‪4‬‬
‫هناك عهد على بعض المجاهدات سٌؤتً توضٌحها فً مجاالت البٌعة‬

‫‪25‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬
‫‪1‬‬
‫بقكلو ‪<<:‬العيد كالبيعة مترادفاف‬ ‫كميا ‪،‬ك إلى ىذا أشار السيركردم‬
‫كىما إرتباط بيف الشيخ كالمريد>>‪.2‬‬

‫كفي معنى العيد عند الصكفية يدخؿ كذلؾ الشعكر بالتممذة كىذا‬
‫الشعكر يخمؽ في النفس تكاضعا كتذلبل كىما مف اآلداب المطمكبة‬
‫شرعا بؿ كمف أصعب ما يجاىد بو المرء نفسو ‪.‬‬

‫ثـ إنو اليكفي عند الصكفية في سمككيـ مجرد العمـ فقراءة كتب‬
‫التيذيب كالتصكؼ ػػ ببل معاناة لتيذيب النفس كمجاىدتيا ػػ تعد متعة‬
‫ذىنية كثقافة عقمية قد تشارؾ فييا النفس األمارة بالسكء فتككف طريقا‬
‫إلى الضبلؿ بدؿ اليدل ‪ ،‬كال يستقيـ السير إال بدليؿ كىك األستاذ‬
‫المتصؼ بكماؿ الكراثة كالمتابعة لسيدنا محمد صمى اهلل عميو كسمـ ‪.‬‬

‫كالبد مف شيخ يريؾ شخكصيا ‪ ....‬كاال فنصؼ العمـ عندؾ ضائع‬

‫‪1‬‬
‫هو شهاب الدٌن أبو حفص عمر السهروردي البغدادي قال عنه الذهبً < هو الشٌخ‬
‫اإلمام العالم القدوة الزاهد العارف المحدث شٌخ اإلسالم أوحد الصوفٌة ‪ >...‬انظر‬
‫ترجمته السٌر ج‪ 377/22‬ولد سنة‪539‬هـ وتوفً ‪632‬هـ صحب الشٌخ الجٌالنً قلٌال‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عوارف المعارف للسهروردي ص‪ 78‬دار المعرفة بٌروت‬

‫‪26‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫أقساـ كمجاالت البيعة في السنة النبكية‬

‫اشتممت السنة المطيرة عمى عدة أنكاع مف البيعات يمكف حصرىا‬


‫في قسميف رئيسييف ‪:‬‬

‫القسـ األكؿ ‪ :‬البيعة العامة‬

‫‪27‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كىي ما عرفت ببيعة الخبلفة اإلسبلمية أك بيعة الحكاـ كفييا يبايع‬


‫المسممكف خميفتيـ أك حاكميـ عمى السمع كالطاعة في مقابؿ أف يحكـ‬
‫بما فيو مصمحتيـ عمى أساس الشريعة اإلسبلمية ‪ ،‬كالطاعة في ىذه‬
‫البيعة تككف كاجبة لقكلو تعالى << يا أييا الذيف آمنكا أطيعكا اهلل‬
‫كأطيعكا الرسكؿ كأكلي األمر منكـ >> ‪ 1‬كعف ابف عمر رضي اهلل عنيما‬
‫قاؿ ‪ :‬كنا نبايع رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ عمى السمع كالطاعة ثـ‬
‫‪2‬‬
‫يقكؿ فيما استطعت >>‬

‫القسـ الثاني ‪ :‬البيعة الخاصة‬

‫كاألصح أف نقكؿ البيعات الخاصة كذلؾ لتعدد صكرىا كمجاالتيا كىي‬


‫البيعات التي أخذىا رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ عمى بعض الخاصة‬
‫مف أصحابو في أمكر خاصة نكرد مف ذلؾ ‪:‬‬

‫أ ‪ /‬البيعة عمى النصح ‪:‬‬

‫عف جرير بف عبد اهلل رضي اهلل عنو قاؿ ‪ :‬بايعت رسكؿ اهلل صمى اهلل‬
‫عميو كسمـ عمى النصح لكؿ مسمـ >> ‪ .3‬كبمقتضى ىذه البيعة عمؿ‬
‫أمر مكاله أف يشترم لو فرسا‬ ‫جرير بف عبد اهلل البجمي حيث كرد أنو‬

‫‪1‬‬
‫سورة النساء اآلٌة‬
‫‪2‬‬
‫رواه مسلم ـ اإلمارة حدٌث رقم ‪1867‬‬
‫‪3‬‬
‫أخرجه البخاري (‪)166/1‬ــ ومسلم (‪)39/1‬واللفظ له ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫فاشترل لو فرسا بثبلثمائة درىـ كجاء بو كبصاحبو لينقده الثمف فقاؿ‬


‫جرير لصاحب الفرس ‪ :‬فرسؾ خير مف ثبلثمائة درىـ أتبيعو بأربعمائة‬
‫درىـ؟ قاؿ ذلؾ إليؾ يا أب ا عبداهلل‪ ,‬فقاؿ فرسؾ خير مف ذلؾ أتبيعو‬
‫بخمسمائة درىـ ؟ ثـ لـ يزؿ يزيده مائة فمائة كصاحبو يرضى كجرير‬
‫يقكؿ ‪ :‬فرسؾ خير إلى أف بمغ ثما فمائة درىـ ‪ ,‬فاشتراه بيا فقيؿ لو في‬
‫ذلؾ فقاؿ ‪ :‬إني بايعت رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ عمى النصح لكؿ‬
‫مسمـ ‪ .1‬فجرير رضي اهلل عنو أدرؾ أنيا بيعة كعيد يجب الكفاء‬
‫كاإللتزاـ بو‪ ،‬فنفذىا عمى أكمؿ كجو‪.‬‬

‫ب ‪ /‬البيعة عمى عدـ الشرؾ كعمى الصمكات‪:‬‬

‫عف عكؼ بف مالؾ قاؿ ‪:‬كنا عند رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ فقاؿ‬
‫‪:‬أال تبايعكف؟ رددىا ثبلثا فقدمنا أيدينا فبايعناه فقمنا ‪:‬يارسكؿ اهلل قد‬
‫بايعناؾ فعمى ما ؟ قاؿ ‪:‬عمى أف تعبدكا اهلل كال تشرككا بو شيئا‬
‫كالصمكات الخمس >>‪.2‬‬

‫ج ‪ /‬البيعة عمى القكؿ بالعدؿ ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ذكرها النووي على شرحه لمسلم وابن حجر فً الفتح وسكت عنها ورواها الطبرانً‬
‫فً المعجم الكبٌر ج‪334/2‬رقم الحدٌث ‪2395‬وقال محقق المعجم حدٌث صحٌح وٌإٌد‬
‫هذا ما رواه أبو داود فً السنن حدٌث رقم ‪ 4.945‬أن جرٌرا كان إذا اشترى شٌئا أو‬
‫باعه قال لصاحبه ‪ :‬إعلم أن ما أخذنا منك أحب إلٌنا مما أعطٌناك فاختر‬
‫‪2‬‬
‫رواه النسائً باب البٌعة على الصلوات الخمس حدٌث رقم ‪460‬‬

‫‪29‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫عف عبادة بف الصامت رضي اهلل عنو قاؿ ‪ :‬بايعنا رسكؿ اهلل صمى اهلل‬
‫عميو كسمـ عمى أف نقكؿ بالعدؿ أينما كنا كال نخاؼ في اهلل لكمة الئـ‪.1‬‬

‫د‪ /‬البيعة عمى المكت ‪:‬‬

‫عف قتيبة بف سعيد قاؿ حدثنا حاتـ بف اسماعيؿ عف يزيد بف أبي عبيد‬
‫اهلل قاؿ ‪ :‬قمت لسممة بف األككع عمى أم شيء بايعتـ رسكؿ اهلل صمى‬
‫اهلل عميو كسمـ يكـ الحديبية ؟قاؿ عمى المكت ‪.2‬‬

‫ق ‪ /‬البيعة عمى عدـ الفرار ‪:‬‬

‫عف قتيبة بف سعيد قاؿ حدثنا سفياف عف أبي الزبير سمع جاب ار يقكؿ ‪:‬‬
‫لـ نبايع رسكؿ اهلل عمى المكت كانما بايعناه عمى أف ال نفر‪.3‬‬

‫ك ‪ /‬البيعة عمى الجياد ‪:‬‬

‫عف يعمى بف أمية حدثو أف أباه أخبره أف يعمى بف أمية قاؿ ‪:‬جئت‬
‫رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ بأبي أمية فقمت يارسكؿ اهلل بايع أبي‬

‫‪1‬‬
‫رواه أحمد فً المسند حدٌث رقم ‪22170‬‬
‫‪2‬‬
‫البخاري حدٌث رقم ‪7206‬‬
‫‪3‬‬
‫رواه الترمذي حدٌث رقم ‪1591‬‬

‫‪30‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫عمى اليجرة فقاؿ رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ << بؿ أبايعو عمى‬
‫الجياد كقد انقطعت اليجرة >>‪.1‬‬

‫ز ‪ /‬البيعة عمى األثرة ‪:‬‬

‫عف يسار كيحيى بف سعيد أنيما سمعا عبادة بف الكليد يحدث عف أبيو‬
‫عف جده قاؿ ‪ << :‬بايعنا رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ عمى السمع‬
‫كالطاعة في عسرنا كيسرنا كمنشطنا كمكرىنا كأثرة عمينا >> ‪.2‬‬

‫كاألثرة ‪ :‬بفتح اليمزة كالثاء أم ‪ :‬يفضمكف غيرىـ عمييـ في نصيبيـ‬


‫مف الفيء ‪ .‬كىي صكرة مف صكر مجاىدة النفس إذ النفس ميالة إلى‬
‫حب التممؾ ‪.‬‬

‫ؾ ‪ /‬البيعة عمى عدـ مسألة الناس ‪:‬‬

‫عف عكؼ بف مالؾ األشجعي قاؿ ‪:‬كنا عند رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو‬
‫كسمـ تسعة أك ثمانية أك سبعة فقاؿ ‪:‬أال تبايعكف رسكؿ اهلل؟ ككنا‬
‫حديث عيد ببيعة فقمنا قد بايعناؾ يارسكؿ اهلل ثـ قاؿ‪:‬أال تبايعكف رسكؿ‬
‫اهلل؟ فقمنا قد بايعناؾ يارسكؿ اهلل ثـ قاؿ ‪:‬أال تبايعكف رسكؿ اهلل؟ قاؿ‬
‫فبسطنا أيدينا كقمنا قد بايعناؾ يارسكؿ اهلل فعبلـ نبايعؾ ؟ قاؿ ‪:‬أف‬

‫‪1‬‬
‫رواه النسائً كتاب البٌعة حدٌث رقم ‪7484‬‬
‫‪2‬‬
‫رواه النسائً كتاب البٌعة ‪.‬البٌعة على األثرة ح رقم ‪4154‬‬

‫‪31‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫تعبدكا اهلل كال تشرككا بو شيئا كالصمكات الخمس كتطيعكا ‪.‬كأسر بكممة‬
‫خفية كال تسألكا الناس شيئا فمقد رأيت بعض أكلئؾ النفر يسقط سكط‬
‫أحدىـ فما يسأؿ أحدا يناكلو إياه >> ‪ .1‬كىذه صكرة أخرل مف صكر‬
‫البيعة عمى ما فيو نكع مف مجاىدة النفس‬

‫ؿ ‪ /‬البيعة عمى الصدقة ‪:‬‬

‫عف بشر بف الخصاصية قاؿ ‪:‬أتيت النبي صمى اهلل عميو كسمـ ألبايعو‬
‫فاشترط عمي شيادة أف ال إلو إال اهلل كأف محمدا رسكؿ اهلل كأف أقيـ‬
‫الصبلة كأف أؤدم الزكاة كأف أحج حجة اإلسبلـ كأف أصكـ شير رمضاف‬
‫كأف أجاىد في سبيؿ اهلل فقمت يارسكؿ اهلل أما اثنتاف فكاهلل ما أطيقيما‬
‫‪:‬الجياد كالصدقة فإنيـ زعمكا أنو مف كلى الدبر فقد باء بغضب مف اهلل‬
‫فأخاؼ إف حضرت تمؾ جشعت نفسي ككرىت المكت ‪،‬كالصدقة فكاهلل‬
‫مالي إال غنيمة كعشر ذكد ‪،‬ىف رسؿ أىمي كحمكلتيـ ‪.‬قاؿ‪ :‬فقبض‬
‫رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ يده‪ ،‬ثـ حرؾ يده‪ ،‬ثـ قاؿ ‪ :‬فبل جياد‬
‫كال صدقة‪ ،‬فبـ تدخؿ الجنة إذا؟ قاؿ ‪ :‬قمت‪:‬يارسكؿ اهلل أنا أبايعؾ قاؿ ‪:‬‬
‫فبايعتو عمييف كميف >>‪.2‬‬

‫ـ ‪ /‬البيعة عمى عدـ النياحة ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫رواه مسلم ـ كتاب الزكاة ـ باب كراهة المسؤلة للناس ح رقم ‪1043‬‬
‫‪2‬‬
‫رواه أحمد فً المسند ــ مسند األنصار ـ حدٌث بشر بن الخصاصٌة ح رقم ‪21952‬‬

‫‪32‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫عف أـ عطية رضي اهلل عنيا قالت ‪ <<:‬أخذ عمينا رسكؿ اهلل صمى اهلل‬
‫عميو كسمـ البيعة عمى أف ال ننكح >>‪.1‬‬

‫كىكذا تمضي بيعات النبي صمى اهلل عميو كسمـ ألصحابو عمى أعماؿ‬
‫اإلسبلـ باختبلفيا كتعددىا‪ ،‬فقد كاف رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ‬
‫يأخذ البيعة عمى الدخكؿ في اإلسبلـ كعمى أعماؿ مف شعائر اإلسبلـ بؿ‬
‫كحتى مف آداب كمباحات كما تبيف مما سمؼ ‪.‬‬

‫كعميو يتضح لنا أف لمبيعة صك ار غير الصكرة السياسية‪ ،‬كلكف بعد‬


‫كفاة النبي صمى اهلل عميو كسمـ كجدت صيغة كحيدة ليا كىي البيعة‬
‫السياسية بمعنى أنو ال تكجد سكل بيعة كاحدة كىي التي تعطى لؤلمير ‪.‬‬

‫يقكؿ الشيخ سعيد حكل ‪ :‬كلما اختمفت اإلتجاىات في األمة اإلسبلمية‬


‫بقيت البيعة تعطى عمى أساس الكالء لحية في إطار سياسي مرتبطة‬
‫بالحكـ كالسمطاف كبقي األمر عمى ذلؾ حتى القرف الخامس اليجرم‬
‫حيث كجدت البيعة لمشيخ في بعض الييئات عمى أساس اإللتزاـ بأعماؿ‬
‫أك شيء مف ذلؾ كفصؿ ىذا النكع مف البيعات لمشيكخ عف اإلطار‬
‫السياسي فأصبح بعض الناس ليـ بيعتاف ‪ :‬بيعة لمسمطاف في األحكاؿ‬

‫‪1‬‬
‫رواه النسائً كتاب البٌعة ‪.‬بٌعة النساء ح رقم ‪4180‬‬

‫‪33‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫العامة كبيعة لمشيخ عمى اإللتزاـ بالتقكل كأصبح كؿ شيخ يأخذ البيعة‬
‫عمى مريديو في ىذا اإلطار >>‪. 1‬‬

‫كتعضيدا ليذا ( ظيكر البيعة قي القرف الخامس) يقكؿ الشيخ أبك‬


‫الحسف الندكم ‪ : 2‬أف الشيخ عبد القادر الجيبلني فتح باب البيعة‬
‫كالتكبة عمى مصراعيو‪ ،‬يدخؿ فيو المسممكف مف كؿ ناحية مف نكاحي‬
‫العالـ اإلسبلمي‪ ،‬يجددكف العيد كالميثاؽ مع اهلل‪ ،‬كيعاىدكف عمى أالَّ‬

‫يشرككا كال يكفركا‪ ،‬كال يفسقكا‪ ،‬كال يبتدعكا‪ ،‬كال يظممكا‪ ،‬كال يستحمكا ما‬
‫حرـ اهلل‪ ،‬كال يترككا ما فرض اهلل‪ ،‬كال يتفانكا في الدنيا‪ ،‬كال يتناسكا‬
‫َّ‬
‫اآلخرة‪ .‬كقد دخؿ في ىذا الباب ‪ -‬كقد فتحو اهلل عمى يد الشيخ عبد‬
‫القادر الجيبلني ‪ -‬خمؽ ال يحصييـ إال اهلل‪ ،‬كصمحت أحكاليـ‪ ،‬كحسف‬
‫إسبلميـ‪ ،‬كظؿ الشيخ يربييـ كيحاسبيـ‪ ،‬كيشرؼ عمييـ‪ ،‬كعمى‬
‫بعد‬ ‫تقدميـ‪ ،‬فأصبح ىؤالء التبلميذ الركحيكف يشعركف بالمسؤكلية‬
‫البيعة كالتكبة كتجديد اإليماف >>‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫تربٌتنا الروحٌة ـ الباب الخامس عشر ص ‪237‬‬
‫‪2‬‬
‫مفكر اسالمً وداعٌة كبٌر اسمه أبو الحسن علً بن عبد الحً أبوه من كبار‬
‫المإرخٌن ٌنتهً نسبه إلى سٌدنا علً كرم هللا وجهه ولد بالهند وعاش بها أسس العدٌد‬
‫من الهٌئات الدٌنٌة التعلٌمٌة وألف العدٌد من الكتب والمقاالت ‪...‬انظر كتاب ربانً‬
‫األمة وداعٌة اإلسالم أبو الحسن الندوي بقلم الدكتور ٌوسف القرضاوي ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫رجال الفكر والدعوة ـ أبو الحسن الندوي ص ‪209‬‬

‫‪34‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫فالشيخ أبك الحسف الندكم يرل أف مف فتح باب البيعة عمى المشايخ أك‬
‫باألحرل أكؿ مف أحيى ىذه السنة ىك الشيخ سيدم عبد القادر‬
‫الجيبلني‪ 1‬كىك أمر مشيكر عنو كلـ ينكر عميو أحد في ذلؾ ‪.‬‬

‫كيرل بعض الدارسيف كالباحثيف أف البيعة الصكفية كجدت قبؿ القرف‬


‫الخامس اليجرم كليـ في ذلؾ تدليبلت كتخريجات ليس ىذا محميا‬

‫أخذ العيد سنة السمؼ‬

‫‪1‬‬
‫إمام صوفً جلٌل وفقٌه حنبلً لقبه أتباعه بمحً الدٌن وتاج العارفٌن إلٌه تنسب‬
‫الطرٌقة القادرٌة ولد سنة ‪470‬هـ وتوفً ‪561‬هـ ذاع صٌته فً المشرق والمغرب له‬
‫تآلٌف عدٌدة منها ماهو مخطوط ومنها ماهو مطبوع وله كتاب (الطرٌق إلى هللا )‬
‫ٌتحدث فٌه عن الخلوة والبٌعة واألسماء السبعة ‪.‬أثنى علٌه العدٌد من العلماء نذكر منهم‬
‫النووي حٌث ٌقول فً بستان العارفٌن ما علمنا فٌما بلغنا عن الثقات الناقلٌن وكرامات‬
‫األولٌاء أكثر مما وصل إلٌنا من كرامات القطب شٌخ بغداد محًٌ الدٌن عبد القادر‬
‫الجٌالنً كان شٌخ الشافعٌة والحنابلة ببغداد انتهت إلٌه رئاسة العلم فً وقته ‪.....‬إلى أن‬
‫قال وبالحملة فلم ٌكن فً زمنه مثله‪ .‬كما ترجم له كثٌر فً البداٌة حٌث قال ‪ :‬الشٌخ‬
‫عبد القادر الجٌلً كان فٌه تزهد كثٌر وأحوال صالحة ومكاشفات ‪.‬‬
‫وأثنى علٌه الذهبً فً السٌر فقال ‪ :‬هو الزاهد العارف القدوة شٌخ اإلسالم وعلم‬
‫األولٌاء ومحًٌ الدٌن ‪.....‬إلخ ‪.‬وترجم له ابن حجر وأثنى علٌه وغٌرهم كثٌر ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫لقد تبيف مما سمؼ أف البيعة عمى عمؿ مف أعماؿ اإلسبلـ أك‬
‫طاعة مف الطاعات لو أصمو في السنة كذلؾ بقكلو كفعمو صمى اهلل‬
‫عميو كسمـ ‪ .1‬ثـ إف البيعة الصكفية أك ( أخذ العيد مف الشيخ المرشد‬
‫) أمر تمقتو األمة بالقبكؿ‪2‬كدرج عميو السمؼ كلـ ينكركه ‪.‬‬

‫يقكؿ صاحب تفسير (ركح البياف) ‪ << :‬المبايعكف ثبلثة ‪:‬الرسؿ‬


‫كالشيكخ الكرثة ‪ .‬كالسبلطيف ‪.‬كالمبايع في ىؤالء الثبلثة عمى الحقيقة‬
‫ىك اهلل تعالى كىؤالء الثبلثة شيكد اهلل عمى بيعة ىؤالء األتباع >>‪.3‬‬

‫فبيعة الشيكخ الكرثة ىي تبع لبيعة األنبياء كالرسؿ ذلؾ ألف العمماء‬
‫كرثة األنبياء‪ ،‬كفيما يمي نكرد أقكاال لبعض العمماء المتقدميف‬
‫كالمتأخريف في أخذ العيد ‪.‬‬

‫‪ /1‬أقكاؿ العمماء المتقدميف‬

‫‪1‬‬
‫العجب من الشٌخ العربً التبسً وهو من علماء الجزائر المتؤخرٌن حٌث ٌصرح فً‬
‫كتابه بدعة الطرائق بؤن أخذ العهد بدعة لٌس له أصل وإن حاول المستنبط وتكلف فإنه‬
‫لن ٌجد وأنه ال قٌاس بٌن بٌعة الصحابة للنبً صلى هللا علٌه وسلم وبٌعة (الطرقٌة كما‬
‫ٌسمٌهم) للشٌوخ‪ .‬وهو بهذا ٌعارض مبادئ القٌاس السلٌم وٌهمش أقوال أهل العلم‬
‫والدٌن وٌرمً بالبدعة الكثٌر من علماء المسلمٌن من حٌث ال ٌدري كما سٌؤتً معنا ان‬
‫شاء هللا ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫كما مر من قبل أن الشٌخ عبد القادر الجٌالنً أول من فتح هذا الباب ولم ٌنكر علٌه‬
‫أحد من العلماء بل أثنوا علٌه وما رآه المسلمون حسنا فهو عند هللا حسن كما قال سٌدنا‬
‫ابن مسعود رضً هللا عنه ‪ /‬المقاصد الحسنة للسخاوي ح رقم ‪914‬وقال حدٌث موقوف‬
‫حسن‬
‫‪3‬‬
‫تفسٌر روح البٌان إلسماعٌل حقً فً تفسٌر قوله تعالى << إن الذٌن ٌباٌعونك إنما‬
‫ٌباٌعون هللا >>‬

‫‪36‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫قكؿ العبلمة ابف الحاج‪:1‬‬

‫يقكؿ رحمة اهلل عميو في كتابو المدخؿ << كال يظف ظاف أف ما تقدـ‬
‫ذكره فيو إنكار ألخذ العيد مف أىمو بشرطو المعتبر عندىـ إذ أنو عميو‬
‫درج السمؼ الصالح نفعنا اهلل بيـ ‪،‬كال ننكر أيضا اإلنتماء إلى المشايخ‬
‫بشرطو كىك أف يككف عند المريد شيخو كغير شيخو بالسكاء بالنسبة‬
‫إلى اإلتباع كترؾ اإلبتداع كيككف ايثاره لشيخو بسبب أنو كاف كصكلو‬
‫إلى اهلل تعالى عمى يديو فيرل ذلؾ لو فبيذا اإلعتبار يقع التفضيؿ‬
‫لشيخو كاإلختصاص بو دكف غيره >>‪. 2‬‬

‫كلقد ذكرت قكؿ ابف الحاج ىنا بالذات ألف كتابو المدخؿ كتاب تعرض‬
‫فيو لرد ما أحدثو الناس كابتدعكه ‪ ،3‬كىك مع ىذا يقر بأف أخذ العيد‬
‫عمى المشايخ ال إنكار عميو بؿ ىك مما درج عميو السمؼ الصالح كما‬
‫مر ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫هو الشٌخ محمد بن محمد أبو عبد هللا العبدري المعروف بابن الحاج المغربً الفاسً‬
‫المالكً قال عنه ابن فرحون ‪ :‬هو من عباد هللا الصالحٌن والعلماء العاملٌن من أصحاب‬
‫أبً محمد بن أبً جمرة كان فقٌها عارفا بمذهب مالك سمع من بعض شٌوخه بالمغرب‬
‫وقدم القاهرة وسمع بها توفً سنة ‪737‬هـ ‪/‬الدٌباج المذهب ج ‪2‬‬
‫‪2‬‬
‫كتاب المدخل ج‪2‬ص‪354/353‬‬
‫‪3‬‬
‫قال ابن حجر فً الدرر الكامنة فً ترجمته إلبن الحاج << كتاب المدخل كتاب كثٌر‬
‫الفوائد كشف فٌه عن معاٌب وبدع ٌفعلها الناس وٌتساهلون فٌها أكثرها مما ٌنكر‬
‫وبعضها مما ٌحتمل >>‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫الحافظ ابف أبي جمرة ‪:1‬‬

‫يقكؿ ابف الحاج في كتابو المدخؿ << كاف سيدم أبك محمد رحمو اهلل‬
‫يأبى أف يأخذ العيد عمى أحد فسألتو ما المكجب لذلؾ أىك بدعة ؟ قاؿ‬
‫‪:‬ال كلكف عبد اهلل يعني نفسو ليس كغيره فأخاؼ إف أخذت العيد عمى‬
‫أحد فقد ال يكفي بما أخذ عميو مف العيد فيقع لو التشكيش كأككف‬
‫السبب في ذلؾ فأتركيـ رحمة بيـ كشفقة عمييـ >>‪.2‬‬

‫فالحافظ ابف أبي جمرة رحمة اهلل عميو كىك كما عممنا مف كبار الحفاظ‬
‫كالمحدثيف يصرح بعدـ بدعية أخذ العيد كلكنو ترؾ ذلؾ خكفا كشفقة‬
‫عمى الناس ‪.‬‬

‫أبك اسحاؽ الشاطبي ‪:‬‬

‫أبك اسحاؽ الشاطي األصكلي المحقؽ كالنظار المدقؽ في كتابو‬


‫المكافقات يؤصؿ لمسألة أخذ العيد عند الصكفية كيدرجيا في المسألة‬

‫‪1‬‬
‫هو الحافظ المشهور اإلمام المحدث الكبٌر عبد هللا بن سعد بن سعٌد بن أبً جمرة‬
‫األزدي األندلسً ٌمتد نسبه إلى الصحابً الجلٌل سعد بن عبادة األنصاري وٌكنى بؤبً‬
‫محمد من العلماء بالحدٌث عالما بمذهب مالك توفً بمصر ‪695‬هـ ‪.‬له كتاب جمع النهاٌة‬
‫بختصره لصحٌح البخاري‪،‬‬‫وبهجة النفوس والمرائً الحسان عرف ابن أبً جمرة كثٌرا م‬
‫وهو من بٌت علم‪ ،‬وكان ٌروي عن أبٌه ‪ .‬ولقد تناول كتابه هذا الكثٌرون بالشرح والتفسٌر‬
‫‪...‬انظر ترجمته فً األعالم للزركلً ج‪4‬ص ‪ 89‬ونٌل اإلبتهاج ص ‪،216‬وكان ابن‬
‫حجر العسقالنً ٌسمٌه بالشٌخ القدوة وكثٌرا ما ٌقول عقب ذكره (نفع هللا ببركته)كما فً‬
‫فتح الباري ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المدخل ج‪2‬ص‪354‬‬

‫‪38‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫الثامنة مف مسائؿ النكع الرابع في بياف قصد الشارع مف األعماؿ دكاـ‬


‫المكمؼ عمييا فيقكؿ << مف ىنا يؤخذ حكـ ما ألزمو الصكفية أنفسيـ‬
‫مف األكراد في األكقات كأمركا بالمحافظة عمييا >>‪.1‬‬

‫كمف المعمكـ عند العامة فضبل عف العمماء كخاصة في زمف الشاطبي‬


‫كعصره أف التزاـ الصكفي (باألكراد) ‪ 2‬يتـ عف طريؽ البيعة (أخذ العيد)‬
‫بقكلو ‪:‬كأمركا‬ ‫بؿ إف الشاطبي أكضح ذلؾ ػػ كاف لـ يصرح بالمفظ ػػ‬
‫بالمحافظة عمييا كما يكضح ذلؾ أكثر أنو كاف يراسؿ الشيخ الجميؿ‬
‫وفي ذلؾ إشارة إلى تسميـ‬ ‫صكفي زمانو ابف عباد النفزم الرندم‬
‫الشاطبي لمشايخ التربية‪ ،‬جاء في إحدل ىذه الرسائؿ قكلو ‪":‬ىؿ عمى‬
‫السالؾ إلى اهلل تعالى أف يتخذ لزاما شيخ طريقة كتربية يسمؾ عمى يديو‬
‫؟؟ أـ يسكغ لو أف يككف سمككو إلى اهلل تعالى مف طريؽ التعمـ كالتمقي‬
‫مف أىؿ العمـ دكف أف يككف لو شيخ طريقة ؟>>‪.3‬‬

‫كما أنو تحدث في المكافقات عف خطكرة مف سمؾ كحده بدكف شيخ‬


‫تربية كسمكؾ‪. 4‬‬

‫‪1‬‬
‫كتاب الموافقات ج‪2‬ص‪405‬‬
‫‪2‬‬
‫الورد فً المصطلح الصوفً هو <الذكر الذي ٌعاهد المرٌد شٌخه فً بٌعة كاملة‬
‫التشرٌفات على مالزمته مدى الحٌاة > من كتاب التصوف اإلسالمً من الرمز إلى‬
‫العرفان د‪/‬محمد بن برٌكة ص‪315‬‬
‫‪3‬‬
‫على هامش رسالة المسترشدٌن ‪/‬عبد الفتاح أبو غدة ص ‪39‬‬
‫‪4‬‬
‫كتاب الموافقات بحث خوارق العادات ج ‪2‬ص‪189‬‬

‫‪39‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كيقكؿ أيضا في كتابو اإلعتصاـ << إف كثي ار مف الجياؿ يعتقدكف أف‬


‫الصكفية متساىمكف في اإلتباع كأف اختراع العبادات كالتزاـ مالـ يأت‬
‫الشرع بالتزامو مما يقكلكف بو كيعممكف عميو كحاشاىـ مف ذلؾ أف‬
‫يعتقدكه أك يقكلكا بو فأكؿ شيء بنكا عميو طريقتيـ اتباع السنة‬
‫كاجتناب ما خالفيا >>‪.1‬‬

‫‪ / 2‬شيادات لبعض العمماء المتأخريف‪:‬‬

‫العبلمة المفسر الفقيو أحمد الصاكم ‪:‬‬

‫يقكؿ رحمة اهلل عميو في تفسير قكلو تعالى << إف الذيف يبايعكنؾ إنما‬
‫يبايعكف اهلل يد اهلل فكؽ أيدييـ >>‪ << :‬ىذه اآلية كاف كاف سبب‬
‫نزكليا بيعة الرضكاف إال أف العبرة بعمكـ المفظ فيشمؿ مبايعة اإلماـ‬
‫عمى الطاعة كالكفاء بالعيد ‪،‬كمبايعة الشيخ العارؼ عمى محبة اهلل‬
‫‪2‬‬
‫كرسكلو كالتزاـ شركطو كآدابو >>‬

‫‪3‬‬
‫الشيخ المحدث الكاندىمكم‬

‫‪1‬‬
‫اإلعتصام ج‪1‬ص‪89‬ط دار المعرفة ‪1406‬هـ‬
‫‪2‬‬
‫حاشٌة الصاوي على الجاللٌن ‪ 94/4‬دار الفكر بٌروت سنة ‪1385‬هـ‬
‫‪3‬‬
‫هو العالمة المحدث محمد زكرٌاء الكاندهلوي ولد سنة ‪1315‬هـ أحد كبار المحدثٌن‬
‫فً العالم اإلسالمً له من المإلفات ما ٌزٌد عن ‪140‬مإلفا توفً سنة‪1402‬هـ بالمدٌنة‬
‫المنورة انظر ترجمته فً (تذكرة حٌاته )ألبً الحسن الندوي‬

‫‪40‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫يقكؿ رحمة اهلل عميو‪ <<:‬إف البيعة المعمكؿ بيا عند السادة الصكفية‬
‫حاصميا أنيا معاىدة لئللتزاـ باألحكاـ كاإلىتماـ باألعماؿ الظاىرة‬
‫‪1‬‬
‫كالباطنة ‪........‬إلى أف قاؿ ‪ :‬فثبت أف إنكار ىذه البيعة جيؿ >>‬

‫‪2‬‬
‫الشيخ سعيد حكل‬

‫يقكؿ في كتابو غذاء العبكدية << كنحف نرل أف أخذ العيد مف الدعاة‬
‫الكمؿ فيو بركة لآلخذ كالمعطي >>‪. 3‬‬

‫ىذه بعض مف أقكاؿ الفقياء كالمحدثيف كاألصكلييف المتقدميف منيـ‬


‫كالمعاصريف الذيف ارتضتيـ األمة كأخذت عنيـ‪،‬أما عف أئمة الصكفية‬
‫المقتدل بيـ فنذكر منيـ استئناسا ‪:‬‬

‫الكلي الصالح سيدم عبد القادر الجيبلني‪:4‬‬

‫كىك كما أشرنا مف قبؿ أنو أكؿ مف فتح باب تجديد البيعة كأخذ عميو‬
‫الكثير مف الخمؽ العيكد‪ ،‬كأفرد لو تأليفا خاصا بعنكاف (الطريؽ إلى اهلل)‬
‫يتحدث فيو خاصة عف الخمكة كالبيعة كاألسماء السبعة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫كتاب الشرٌعة والطرٌقة ص ‪123/122‬‬
‫‪2‬‬
‫تقدمت ترجمته‬
‫‪3‬‬
‫كتاب غذاء العبودٌة للشٌخ سعٌد حوى ص ‪07‬‬
‫‪4‬‬
‫تقدمت ترجمته‬

‫‪41‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫‪1‬‬
‫العبلمة اإلماـ عبد الكىاب الشعراني‬

‫قاؿ رحمو اهلل ‪ <<:‬مف ترؾ الذكر فقد نكث عيد شيخو >>‪ ،2‬كما أف لو‬
‫كتاب العيكد المحمدية ككذا كتاب البحر المكركد في المكاثيؽ كالعيكد ‪.‬‬

‫الخبلصة‬

‫يتبيف لنا مف خبلؿ ىذا السرد أف مسألة البيعة لمكلي المرشد ليست أم ار‬
‫جديدا عمى الثقافة اإلسبلمية كليس ابتداعا في ديف اهلل تعالى كأف ليا‬
‫أصكليا مف السنة المطيرة ارتضاىا أئمة الديف كلـ ينكركىا بؿ كمف‬
‫خبلؿ مطالعتنا المحدكدة كجدنا تسجيبلت لكبار عمماء األمة في أخذىـ‬
‫كتمقييـ البيعة الصكفية كما سنكضحو بإذنو تعالى ليستيقف القارئ أف‬
‫أخذ العيد ككما أف لو أصمو فيك مما درج عميو السمؼ كما قاؿ ابف‬
‫الحاج آنفا ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫هو أبو المواهب عبد الوهاب بن أحمد بن علً األنصاري عالم زاهد وفقٌه محدث‬
‫أثرى المكتبة اإلسالمٌة بتآلٌفه ولد سنة ‪898‬هـ حفظ القرآن وعمره ثمان سنوات وكان‬
‫ٌختمه فً ركعة واحدة قبل سن الرشد وكذا المتون توفً ‪973‬هـ انظر أعالم اإلسالم‬
‫توفٌق الطوٌل ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫األنوار القدسٌة ج‪1‬ص‪70‬‬

‫‪42‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫عمماء أخذكا العيد عف المشايخ‬

‫شيخ اإلسبلـ زكرياء األنصارم‪: 1‬‬

‫يقكؿ عف نفسو ‪ <<:‬كقد ألبسني الخرقة كلقنني الذكر ػػ يعني شيخو‬


‫عمي البتيتي ػػ مف طريؽ سيدم محمد الغمرم كذكر لي أنو سافر إلى‬
‫المحمة الكبرل فأخذ عنو لبس الخرقة كتمقيف الذكر >> ‪.2‬‬

‫‪3‬‬
‫اإلماـ الحافظ السخاكم‬

‫يقكؿ في كتابو الضكء البلمع ‪ <<:‬كقد اجتمعت بو كثي ار ػػ يعني مديف‬


‫بف أحمد األشمكني ػػ كتمقنت منو الذكر عمى طريقتيـ >>‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫هو شٌخ اإلسالم ووحٌد عصره زٌن الدٌن أبو ٌحٌى زكرٌاء بن محمد بم أحمد بن‬
‫زكرٌاء األنصاري الخزرجً األزهري الشافعً محدث وفقٌه ومفسردرس جمٌع العلوم‬
‫والمعارف قال عنه الغزي ‪ :‬كان عارفا بسائر العلوم الشرعٌة وآالتها وقال العالئً‬
‫‪:‬جمع أنواع العلوم والمعارف والمإلفات وكان على ما علٌه من اإلجتهاد فً العلم‬
‫واإلشتغال به وعلى ما علٌه من اإلفتاء وأمور القضاء ال ٌفتر عن الطاعة لٌال نهارا‬
‫وكان مهاب الجناب ‪...‬توفً سنة ‪926‬هـ ودفن قرب الشافعً ترجمته فً الكواكب‬
‫السٌارة للغزي وانظر األعالم للزركلً‬
‫‪2‬‬
‫كتاب الطبقات الكبرى للشعرانً ص ‪ 460‬وزاد نجم الدٌن الغزي فً كتابه الكواكب‬
‫السٌارة اسنادا آخر له فً الذكر عن أحمد بن علً األتكاوي ومحمد بن أحمد الغزي‬
‫وقال ‪ :‬تلقن منهم الذكر وأذنوا له بالتقٌن واإللباس ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫هو شمس الدٌن أبو الخٌر محمد بن عبد الرحمن بن أبً بكر بن عثمان بن محمد‬
‫السخاوي نسبة إلى سخا شمال مصر مإرخ كبٌر وعالم بالحدٌث والتفسٌر واألدب عاش‬
‫بالقاهرة ومات بالمدٌنة المنورة سافر فً البلدان سفرا طوٌال وصنف أكثر من مئتً‬
‫مصنف منها كتابه الضوء الالمع ترجم فٌه لنفسه فً ثالثٌن صفحة توفً سنة ‪902‬هـ‬
‫‪4‬‬
‫الضوء الالمع فً أعٌان القرن التاسع ج ‪10‬ص‪151‬‬

‫‪43‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬
‫‪1‬‬
‫اإلماـ المفسر عماد الديف بف كثير‬

‫كاف ابف كثير ممف ينكركف عمى الصكفية كيشددكف عمى أىميا إال أنو‬
‫في آخر عمره رجع كاعترؼ بالتصكؼ كدخؿ في صؼ الطريقة الشاذلية‬
‫يقكؿ تمميذه العبلمة الصفدم ‪ <<:2‬كرأيت شيخنا عماد الديف بف كثير‬
‫قد فتر عنو في اآلخر ػػ يقصد أبك الحسف الشاذلي ػػ كبقي كاقفا في ىذه‬
‫تصكؼ عمى طريقتو كأخذ عف نجـ‬ ‫العبارات‪3‬حائ ار في الرجؿ ألنو قد‬
‫الديف األصفياني كنجـ الديف صحب أبا العباس المرسي صاحب الشيخ‬
‫أبي الحسف الشاذلي >> ‪.4‬‬

‫‪5‬‬
‫الشيخ الفقيو ابف الحاج المالكي‬

‫‪1‬‬
‫هو أبو الفداء عماد الدٌن بن اسماعٌل بن عمر بن كثٌر بن ضوء بن كثٌر البصري ثم‬
‫الدمشقً المعروف بابن كثٌر حافظ فقٌه مفسر ومفت مإرخ وعالم بالرجال مشارك فً‬
‫اللغة ولد سنة ‪700‬هـ سمع الكثٌر من الشٌوخ وتتلمذ فً بدئه على الشٌخ ابن تٌمٌة توفً‬
‫سنة‪774‬هـ انظر ترجمته فً الدرر الكامنة‬
‫‪2‬‬
‫هو صالح الدٌن خلٌل بن أٌبك بن عبد هللا األلبكً الصفدي الدمشقً الشافعً حفظ‬
‫القرآن فً صغره وبرع فً األدب والنحو والشعر وأخذ عن العدٌد من العلماء فً صفد‬
‫ودمشق سمع من الشٌخ ابن جماعة والتاج السبكً والمزي والذهبً وابن تٌمٌة وابن‬
‫كثٌر وتولى العدٌد من الوظائف اإلدارٌة والمالٌة له من التصانٌف الشًء الكثٌر منها‬
‫الوافً ( فً ‪30‬مجلدا ) توفً‪764‬هـ انظر ترجمته فً طبقات الشافعٌة ج ‪10‬‬
‫‪3‬‬
‫ٌقصد عباراته فً الحقٌقة ألن الصفدي ذكر أن الشاذلً له عبارات تكلف الكثٌر‬
‫اإلعتذار له فٌها لعدم فهم الناس لها واألولى تركها ثم ذكر سبب توقف شٌخه ابن كثٌر‬
‫عن التعلٌق عنها ألنه كان على طرٌقته‬
‫‪4‬‬
‫الوافً فً الوفٌات ج ‪21‬ص ‪142/141‬ط احٌاء التراث ‪1420‬هـ‬
‫‪5‬‬
‫تقدمت ترجمته‬

‫‪44‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫يقكؿ عنو الشيخ ابف فرحكف المالكي ‪ <<:‬صحب جماعة مف الصمحاء‬


‫كأرباب القمكب كتخمؽ بأخبلقيـ كأخذ عنيـ الطريقة >> ‪.1‬‬

‫كالطريقة في المصطمح الصكفي ىي << عيد بيف المريد كشيخو عمى‬


‫التزاـ الكرد كآداب مخصكصة لمتطيير الباطني كمعرفة اهلل >>‪.2‬‬

‫‪3‬‬
‫الشيخ الفقيو أبك بكر المكصمي‬

‫‪4‬‬
‫يقكؿ عنو ابف حجر العسقبلني << كاف يمقف الذكر كيمبس الخرقة >>‬

‫‪5‬‬
‫الشيخ أحمد شمس الديف األقصرائي‬

‫ذكر ابف حجر العسقبلني سند تمقيو لمذكر حتى سيدنا عمي كرـ اهلل‬
‫كجيو ثـ نقؿ قكؿ قطب الديف الحمبي عف ىذا السند كقاؿ << أنو‬
‫اشتمؿ عمى جممة مف المشايخ الصمحاء >>‪ .6‬ىذا عف األكائؿ ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الدٌباج المذهب فً معرفة علماء المذهب ج ‪2‬ص‪322‬‬
‫‪2‬‬
‫كتاب التصوف اإلسالمً من الرمز إلى العرفان د‪/‬محمد بن برٌكة ص ‪294‬‬
‫‪3‬‬
‫أبو بكر بن علً بن عبد هللا الموصلً ثم الدمشقً قرأ القرآن الكرٌم وحفظ الحاوي ثم‬
‫سكن الشام وحفظ التنبٌه وتمهر فً الفقه وكان ٌقرئ منازل السائرٌن وٌتكسب من‬
‫حرفة الحٌاكة وأطال ابن حجر فً ترجمته انظر الدرر الكامنة ج ‪1‬ص ‪151‬‬
‫‪4‬‬
‫الدرر الكامنة ج‪1‬ص ‪151‬‬
‫‪5‬‬
‫هو أحمد بن تركان شاه بن أبً الحسن شمس الدٌن أبو محمد األقصرائً الصوفً‬
‫كان أوال صوفٌا بسعٌد السعداء ثم انتقل إلى القرافة كانت له ٌد فً التصوف انظر‬
‫الدرر الكامنة ج‪1‬ص‪36‬‬
‫‪6‬‬
‫الدرر الكامنة ج‪1‬ص‪36‬‬

‫‪45‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫أما مف المتأخريف فنذكر ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الشيخ الفقيو أبي البركات أحمد الدردير‬

‫يقكؿ عنو الشيخ محمد حسنيف مخمكؼ <<أخذ عف الممكم كالحنفي‬


‫كبو تخرج في طريؽ القكـ كصار أكبر خمفائو في الخمكتية كعنو أخذ‬
‫جممة منيـ ‪ :‬الدسكقي كالعقباكم كالصاكم كالسباعي كجماعة >> ‪.2‬‬

‫‪3‬‬
‫اإلماـ المحدث محمد بف عمي الشككاني‬

‫يقكؿ عف نفسو في كتابو البدر الطالع في ترجمة السيد عبد الكىاب بف‬
‫محمد شاكر << ‪ ..‬كقد تمقيت منو الذكر عمى الطريقة النقشبندية >>‪.4‬‬

‫>>‪.4‬‬
‫‪5‬‬
‫يقكؿ في كتابو مذكرات الدعكة كالداعية << كاذا‬ ‫الشيخ الحسف البنا‬
‫لـ تخني الذاكرة‪ ،‬فقد كاف يكافؽ يكـ األحد حيث تمقيت الحصافية‬
‫الشاذلية عنو كأدبني بأدكارىا ككظائفو>>‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫هو أحمد بن أحمد بن أبً حامد العدوي المالكً أحد أبرز الفقهاء واألصولٌٌن له‬
‫تآلٌف عدٌدة فً اللغة والفقه والتصوف توفً سنة ‪1201‬هـ أفرد له شٌخ األزهر عبد‬
‫الحلٌم محمود بترجمة خاصة فً كتاب عنوانه أبو البركات سٌدي أحمد الدردٌر‬
‫‪2‬‬
‫شجرة النور الزكٌة ج‪1‬ص‪359‬‬
‫‪3‬‬
‫هو محمد بن علً الشوكانً أحد أبرز علماء الٌمن ولد سنة ‪1173‬هـ وتوفً ‪1255‬هـ‬
‫من مإلفاته نٌل األوطار وفتح القدٌر وارشاد الفحول ترجم لنفسه فً البدر الطالع‬
‫‪4‬‬
‫البدر الطالع ج‪1‬ص‪406‬‬
‫‪5‬‬
‫شخصٌة مشهورة بارزة فً العصر الحدٌث مإسس حركة اإلخوان المسلمٌن ولد‬
‫‪1324‬هـ واستشهد ‪1368‬هـ له مإلفات عدٌدة‬
‫‪6‬‬
‫كتاب مذكرات الدعوة والداعٌة باب ــ الطرٌقة الحصافٌة ــ ص ‪27‬‬

‫‪46‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫الشيخ محمد متكلي الشعراكم‬

‫كىذ األخير يقكؿ في قصيدة لو حينما دخؿ إلى الطريقة اليبرية‬


‫البمقائدية ‪:1‬‬

‫نكر القمكب كرم ركح الكارد ‪ .....‬ىبرية تدني الكصكؿ لعابػػػػػػػػػػػػػػػد‬

‫تزىك بسمسمة ليا ذىبيػػػػػػػػػػة ‪ .....‬مف شاىد لممصطفى عف شاىد‬

‫طكفت في شرؽ اليبلد كغربيا‪ ....‬كبحثت جيدم عف امػػػػػاـ راػئػػػػػد‬

‫أشفي بو ظمأ لغيب حقيقة ‪ .....‬كأىيػػػـ منو في جػػػػػبلؿ مشػػػػتاىد‬

‫فيداني الكىاب جؿ جبللو ‪ .....‬حتى كجدت بتممساف مقاصػػػػػدم‬

‫كاليكـ آخذ نكرىا عف شيخنا ‪ .....‬محيي الطريػػػؽ محمد بمقائػػػػػػػػػػػد‬

‫ذقنا مكاجيد الحقيقة عنده ‪ .....‬كبو عرجنا في صفاء مصػػػػػػػػػػػػاعد‬

‫عف شيخو اليبرم در كنكزه ‪ .....‬فاغنـ آللئو كجػػػػػػػد كجػػػػػػػػػػػػاىػػػػػػػد‬

‫دندف بما لقنتو مف كرده ‪ .....‬بصفاء نفس متيػػػػػػػػـ متكاجػػػػػػػػػػػػػػػػد‬

‫إياؾ مف لفت الفؤاد لغيره ‪ .....‬كاجعؿ سبيػػػمػػػؾ كاحدا لمػػػػػكاحػػػػػػػػػػد‬

‫‪1‬‬
‫ألقاها فً صٌف ‪ 1972‬بعد خروجه من الخلوة وهً مسجلة صوتٌا بصوته رحمة هللا‬
‫علٌه‬

‫‪47‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫‪1‬‬
‫عمماء لبسكا خرقة التصكؼ‬
‫‪2‬‬
‫الشيخ ابف قدامة المقدسي‬

‫قاؿ العميمي في كتابو المنيج األحمد << يقكؿ المكفؽ ‪:‬لبست أنا‬
‫كالحافظ عبد الغني الخرقة مف يد شيخ اإلسبلـ عبد القادر >>‪.3‬‬

‫‪4‬‬
‫العبلمة المقرئ ابف الجزرم‬

‫يقكؿ في كتابو مناقب األسد الغالب << كأما لبس الخرقة كاتصاليا‬
‫بأمير المكمنيف عمي كرـ اهلل كجيو فإني لبستيا مف جماعة ككصمت‬

‫‪1‬‬
‫خرقة التصوف وتسمى لباس الفتوة أو المرقعة وهً ما ٌلبسه المرٌد من شٌخه الذي‬
‫دخل فً إرادته وفً لبسها معنى المباٌعة ودخول المرٌد تحت تربٌة شٌخه ٌقول اإلمام‬
‫السهروردي عن لبس الخرقة <وفٌها معنى العهد والمباٌعة> الطرٌق الصوفً‪ٌ/‬وسف‬
‫زٌدان ‪ .‬وٌقول العالمة ابن عالن الصدٌقً < لبس الخرقة فٌه نوع من المباٌعة >‬
‫وٌإصل رحمة هللا علٌه لها فً كتابه الفتوحات الربانٌة فً شرح األذكار النواوٌة‬
‫ج‪1‬ص‪310‬‬
‫‪2‬‬
‫هو موفق الدٌن أبو محمد عبد هللا بن أحمد بن محمد بن قدامة ‪ ....‬بن سالم بن عبد هللا‬
‫بن عمر بن الخطاب رضً هللا عنهما ٌقول ابن تٌمٌة ‪ :‬ما دخل الشام بعد األوزاعً‬
‫أفقه منه ولد سنة‪541‬هـ حفظ القرآن ومتون المذهب الحنبلً كما أنه أقام مدة عند الشٌخ‬
‫عبد القادر الجٌالنً توفً سنة ‪620‬هـ له مإلفات عدة كالمغنً واللمعة والكافً ‪...‬إلخ‬
‫‪3‬‬
‫المنهج األحمد ج‪1‬ص‪191‬‬
‫‪4‬‬
‫هو الحافظ الحجة الثبت المدقق والرأس المحقق قاضً القضاة وشٌخ القراء بلغ‬
‫الذروة فً علوم التجوٌد وفن القراءات وصار فٌها إماما ال ٌدرك شؤوه وال ٌشق غباره‬
‫اسمه محمد بن محمد بن محمد بن علً بن ٌوسف الجزري الدمشقً الشافعً ولد سنة‬
‫‪751‬هـ وتوفً سنة ‪833‬هـ له مصنفات فاقت التسعٌن مصنفا فً القراءات وأصول‬
‫الفقه وعلوم القرآن ومصطلح الحدٌث والتارٌخ والمناقب وصفه ابن حجر بالحافظ فً‬
‫العدٌد من المواطن فً الدرر الكامنة‬

‫‪48‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫إلي مف طريؽ ‪ ........‬ثـ ساؽ سنده إلى الشيخ عز الديف الفاركثي ثـ‬
‫قاؿ كلمشيخ عز الديف المذككر لو في لبسيا ثبلث طرؽ ‪:‬أحمدية‬
‫‪1‬‬
‫كقادرية كسيركردية >>‬

‫‪2‬‬
‫الشيخ المحدث ابف الصبلح‬

‫يقكؿ جبلؿ الديف السيكطي في كتابو تأييد الحقيقة العمية << ‪...‬كيقكؿ‬
‫‪3‬‬
‫ابف الصبلح لي في لبس الخرقة اسناد عالي >>‬

‫كنقؿ العبلمة ابف عبلف الصديقي قكال إلبف الصبلح حيث يقكؿ ‪<<:‬مف‬
‫القرب لبس الخرقة >>‪.4‬‬

‫‪5‬‬
‫سمطاف العمماء العز بف عبد السبلـ‬

‫يقكؿ عنو اإلماـ السيكطي ‪ << :‬لبس خرقة التصكؼ مف الشياب‬


‫‪6‬‬
‫السيركردم >>‬

‫‪1‬‬
‫مناقب األسد الغالب ص ‪85/84‬‬
‫‪2‬‬
‫أبو عمرو عثمان ابن المفتً صالح الدٌن بن عبد الرحمان الكردي أحد علماء الحدٌث‬
‫تفقه على والده ودرس بالمدرسة الصالحٌة قال عنه ابن خلكان ‪:‬كان أحد فضالء‬
‫عصره فً الحدٌث والتفسٌر والفقه وأسماء الرجال واللغة وفنون عدٌدة وهو أحد‬
‫أشٌاخً توفً ‪643‬هـ أنظر ترجمته فً وفٌات األعٌان ج ‪3‬ص ‪243‬‬
‫‪3‬‬
‫تؤٌٌد الحقٌقة العلٌة ص ‪13‬‬
‫‪4‬‬
‫الفتوحات الربانٌة فً شرح األحادٌث النواوٌة ج ‪1‬ص ‪308‬‬
‫‪5‬‬
‫هو سلطان العلماء كما ٌلقب أشعري شافعً برز زمن الممالٌك والحروب الصلٌبٌة‬
‫وعاصر الدولة المنشقة عن الخالفة العباسٌة وهومغربً األصل من أسرة فقٌرة مغمورة‬
‫كان مهابا متقٌدا بوضع العمامة على عادة الفقهاء حفظ التنبٌه فً مدة وجٌزة كان ٌنكر‬
‫على الصوفٌة ثم عدل عن ذلك ولزم أبا الحسن الشاذلً له مإلفات عدٌدة توفً ‪660‬هـ‬
‫انظر ترجمته فً حسن المحاضرة للسٌوطً ج ‪1‬‬
‫‪6‬‬
‫حسن المحاضرة ج‪1‬ص ‪273‬‬

‫‪49‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫‪1‬‬
‫اإلماـ شمس الديف الذىبي‬

‫يقكؿ عف نفسو في سير أعبلـ النببلء ‪ <<:‬ألبسني خرقة التصكؼ‬


‫المحدث الزاىد ضياء الديف األنصارم بالقاىرة كقاؿ ‪:‬ألبسنييا شياب‬
‫‪2‬‬
‫الديف السيركردم بمكة عف عمو أبي النجيب ‪>>...‬‬

‫كفي ذكر ىذا القدر مف العمماء كالصمحاء كاؼ لطالبي الحؽ كمريدم‬
‫اإلنصاؼ ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قاٌماز شمس الدٌن أبو عبد هللا الذهبً محمدث‬
‫وحافظ طلب العلم وهو ابن ثمان عشرة كان من تالمذة ابن تٌمٌة وكان شدٌد المٌل إلى‬
‫الحنابلة وهو تركمانً األصل له رحالت كثٌرة ومإلفات عدٌدة منها السٌر وتارٌخ‬
‫اإلسالم ‪...‬توفً ‪ 748‬انظر ترجمته‬
‫‪2‬‬
‫السٌر ج‪22‬ص‪377‬‬

‫‪50‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫فكائد أخذ العيد‬

‫لقد ذكرنا في مبحث ( معنى العيد كدالالتو ) أنو يتضمف معنى الصحبة‬
‫المباركة كما أنو يكجد في النفس الشعكر بالتممذة الذم مف شأنو أف‬
‫يحطـ مف كبرياء النفس كعتكىا‪ ،‬لكف بقي أف نشير إلى فائدتيف‬
‫جميمتيف ألخذ العيد كىما ‪:‬‬

‫‪ /1‬كسيمة مف كسائؿ إصبلح المجتمع ‪:‬‬

‫ال يخفى عمى أحد ىذا التزايد المذىؿ كالنمك المتسارع لممجتمع في‬
‫العمراف كالبنياف كاإلنساف كلقد بدا جميا كذلؾ انفتاح الدنيا عمى الخمؽ‬
‫كغدا العالـ قرية صغيرة في ظؿ ىذا التقدـ‪ ،‬كتنكعت الفتف كتفننكا فييا‬
‫ككثرت ركافد اإلنحراؼ كسبؿ الضياع الفكرية كالخمقية مما أدل إلى‬
‫عسر في إصبلح المجتمع كلـ تعد المدارس كالمعاىد تجدم عمى تعددىا‬
‫ككثرتيا كلـ تعد الكتب تسعؼ عمى تنكعيا ككفرتيا حتى أعمف بعض‬
‫الدعاة اليأس كاإلستسبلـ ‪،‬في حيف دعا بعض الكتاب كالدعاة‬
‫كالمصمحيف إلى ضركرة الرجكع بأخذ العيد كاعتبركه أنجع طريؽ‬
‫إلصبلح المجتمع ‪ ،‬كلقد أجاد العبلمة أبك الحسف الندكم في تكصيؼ‬
‫ذلؾ فقاؿ ‪ <<:‬كىكذا أصبحت ىذه المدارس النظامية التي تخضع لقيكد‬
‫كتقاليد كثيرة قاصرة عف إصبلح شعبي كتربية عامة ‪ ،‬كبقيت منحصرة‬

‫‪51‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫في نطاؽ ضيؽ ال تفيد كال تسعؼ إال القميؿ ممف يمتحؽ بيا فبل صمة‬
‫ليا بالشعب كال صمة لمشعب بيا ‪،‬إال عند اإلستفتاء أك ما يشبو ذلؾ ‪،‬‬
‫ككذلؾ المؤلفكف المثقفكف الكبار فالفجكة الثقافية كالعقمية بينيـ كبيف‬
‫الشعب كاسعة ‪،‬ثـ إف صؿة الناس بالمدارس كالعمماء كالمؤلفيف صمة‬
‫عممية عقمية‪،‬ال تخضع ؿىا القمكب كالنفكس ‪ ،‬كال تنصبغ بيا الحياة‬
‫كاألخبلؽ كالطبائع إال في النادر‪ ،‬كال يتقيد بيا الناس كال يرتبطكف بيا‬
‫ارتباطاَ ركحيان لذلؾ فالمسممكف في حاجة إؿ ل دعاة كشخصيات قكية‬
‫كتعميـ الكتاب كالحكمة كتزكية‬ ‫جامعة تجمع بيف تبلكة اآليات‬
‫النفكس‪،‬كمف مجدد صمتيا باهلل كالرسكؿ ‪ ،‬ك مجدد ليا الميثاؽ الذم‬
‫كما عاىدت كبايعت عميو‬ ‫دخمت فيو ىذه األمة كالمسممكف جميعان ‪،‬‬
‫النبي عميو الصبلة كالسبلـ ‪ ،‬كلكف لؤلسؼ فقد تغافؿ عف ذلؾ الخمفاء‬
‫( غير الراشديف ) كاقتصركا عؿل الجباية كالفتكح كأخذ البيعة ألنفسيـ‬
‫كأكالدىـ ‪ ،‬كعجز عف ذلؾ العمماء ‪ ،‬فاشتغمكا بالفتكل كالكعظ كالتدريس‬
‫كالعمـ كالتأليؼ ‪ ،‬كاذا أرادكا لـ تخضع ليـ العامة ؛ ألنيـ ال يركف فييـ‬
‫إال النادر القميؿ مف اإلخبلص كالزىد كىكذا ضعؼ الشعكر عند العامة‬
‫الخاصة‬ ‫بؿ ك حتى عند كثير مف‬ ‫كالسكقة كالفبلحيف كالعممة ‪،‬‬
‫كالمتعمميف بأف اإلسبلـ عيد كميثاؽ كبيع كشراء بيف العبد‬

‫كربو كأصبحكا أح ار ارن في تصرفاتيـ ‪ ،‬جامحيف عاتيف في شيكاتيـ ىمبلن‬


‫كقطعانان ‪ ،‬ال يضبطيـ راع ‪ ،‬كضعفت في كثير منيـ الرغبة في الطاعات‬

‫‪52‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كتفمتكا مف اإللتزامات ناىيؾ عف بمكغ درجة اإلحساف كالحصكؿ عمى‬


‫كخمدت النفكس ‪،‬‬ ‫نكر اليقيف كبشاشة اإليماف ‪ ،‬كتقاصرت اليمـ ‪،‬‬
‫‪ .‬عندىا قاـ‬ ‫كأقبؿ الناس ػ إال مف عصـ ربؾ ػ عمى المذات كالشيكات‬
‫صمى اهلل عميو‬ ‫في نكاحي المممكة اإلسبلمية الكاسعة خمفاء الرسكؿ‬
‫كسمـ الربانيكف ‪ ،‬يجدد الناس بدعكتيـ كصحبتيـ ميثاؽ اإلسبلـ ‪،‬‬
‫كاستردكا بذلؾ حبلكة اإلسبلـ كلذة اإليماف ‪ ،‬كخرجكا مف سمطاف اليكل‬
‫كرؽ الشيكات ‪ ،‬كنشطكا في العبادات كالطاعات‪.1>>.‬‬

‫كالى ىذا أشار كذلؾ الدكتكر محمد القيكجي في كتابو نظرات في‬
‫نحف في عصرنا ىذا أشد الناس حاج ة إلى‬ ‫التصكؼ حيث قاؿ <<‬
‫متصكؼ يعمؿ بنظاـ المتصكؼ الحقيقي كذلؾ ألف شبابنا قد استيكتو‬
‫األىكاء كسيطرت عمى قمبو فأصبحت دكر السينما مف المغريات كأشد‬
‫الكسائؿ جمبا ليا كالمجبلت الفارغة كاإلذاعات البلىية البلعبة أصبح كؿ‬
‫ىذا يستيكيو كاذا سيطرت األىكاء كالشيكات عمى جيؿ مف األجياؿ‬
‫أصبحت خطب الخطباء ال تجدم ككتابة الكتاب ال تجدم كمكاعظ‬
‫الكعاظ ال تجدم كحكـ العمماء ال تجدم ككؿ كسائؿ اليداية ال تجدم‬
‫شيئا ‪....‬إذا البد لنا مف طرؽ آخر لئلصبلح ىذا الطريؽ أف نتجو إلى‬
‫عف طريؽ الشيخ‬ ‫كىذا ال يككف إال‬ ‫اإلستيبلء عمى نفكس الشباب‬

‫‪1‬‬
‫رجال الفكر والدعوة للعالمة أبو الحسن الندوي ص ‪ 209/208‬طبعة نزار مصطفى‬
‫(‪4‬أجزاء ضمن مجلد واحد)‬

‫‪53‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كمريديو بحيث يككف في كؿ قرية كفي كؿ حي كفي كؿ بيئة عممية أك‬


‫اجتماعية أك سياسية رجاؿ يقفكف مكقؼ الشيخ الصكفي مف مريديو‬
‫‪1‬‬
‫>>‬

‫‪ /2‬بركة اتصاؿ السند ‪:‬‬

‫لقد غدا معمكما عند العاـ كالخاص أف اإلسناد مف خصكصيات األمة‬


‫المحمدية كلـ تكجد أمة مف األمـ أكلت العناية باإلسناد مثميا لذلؾ قاؿ‬
‫ابف المبارؾ ‪ <:‬اإلسناد مف الديف كلكال اإلسناد لقاؿ مف شاء ما شاء >‬
‫كىك يقصد اإلسناد في ركاية الحديث ألنو باإلسناد تميز صحيح الخبر‬
‫مف سقيمو كبو حفظ الديف كسنة النبي عميو الصبلة كالسبلـ ‪ ،‬كما‬
‫اعتنى بذلؾ القراء في إسناد قراءاتيـ حتى قالكا ‪ :‬ال تأخذ القرءاف مف‬
‫مصحفي ( أم الذم قرأه مف المصحؼ دكف شيخ متصؿ السند إلى‬
‫النبي صمى اهلل عميو كسمـ )‪.‬‬

‫بؿ كانو مف شدة العناية بالسند ىذه كجد في األمة ما يسمى‬


‫بالمسمسبلت الحديثية كفييا تنقؿ حتى الييئات كيتـ تمقييا كأخذىا‬
‫بييئتيا كالمسمسؿ بالمصافحة كالمسمسؿ بالمشابكة كالمسمسؿ بكضع‬
‫اليد عمى الرأس كغيرىا فيأخذىا طالب الحديث بييئتيا تمؾ طالبا بذلؾ‬
‫بركة اتصاؿ السند ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نظرات فً التصوف اإلسالمً للدكتور محمد القهوجً ص ‪52‬‬

‫‪54‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫كلما كاف لئلسناد ىذه األىمية البالغة درج عمماء الصكفية عمى غرار‬
‫عمماء الحديث كالقراءات في إسناد األحكاؿ القمبية كالمجاىدات شيخا‬
‫عف شيخ حتى يتصؿ السند بسيدنا عمي كرـ اهلل كجيو الذم تنسب إليو‬
‫جميع طرؽ المجاىدات كالتصفية كىك أخذ ىذه األحكاؿ مف النبي صمى‬
‫اهلل عميو كسمـ كيشيد لتمقي سيدنا عمي رضي اهلل عنو ليذه العيكد‬
‫‪1‬‬
‫كلمحافظ أحمد بف الصديؽ الغمارم‬ ‫كالمجاىدات الكثير مف األحاديث‬
‫كتاب نفيس في إثبات اتصاؿ السند الركحي كالخرقة الصكفية إلى سيدنا‬
‫عمي كرـ اهلل كجيو سماه ( عمي بف أبي طالب إماـ العارفيف ) ‪.‬‬

‫فأخذ العيد عند الصكفية ماىك إال تكصيؼ فعمي إلتصاؿ السند‬
‫السمككي كالذم أرادكا أف يككف أكؿ بدء لو عف طريؽ المعاىدة كإشعار‬
‫لمسالؾ أنو بدأ طريؽ المجاىدة كىاىك يعاىد كيمزـ نفسو بالتكبة كالذكر‬
‫‪2‬‬
‫<< كطريقة‬ ‫كغيرىا مما يشترطو عميو المربي يقكؿ الشيخ الزمزمي‬
‫الصكفية في ذلؾ ػػ أم أخذ األكراد ػػ طريقة المحدثيف في ركاية الحديث‬
‫مسمسبل بشيخ عف شيخ إلى النبي صمى اهلل عميو كسمـ >>‪.3‬‬

‫لذلؾ فمف شركط الصكفية أف يككف الشيخ متصؿ السند كاال فبل يجكز‬
‫األخذ عنو كفي ذلؾ يقكؿ العبلمة ابف خمدكف في كتابو شفاء السائؿ‬

‫‪1‬‬
‫منها ما أخرجه الطبرانً فً الصغٌر وأبو نعٌم فً الحلٌة بسند حسن إلى ابن عباس‬
‫رضً هللا عنهما أنه قال كنا نتحدث أن النبً صلى هللا علٌه وسلم عهد إلى علً سبعٌن‬
‫عهدا لم ٌعهدها إلى غٌره وفً رواٌة أبً نعٌم ثمانٌن عهدا‬
‫‪2‬‬
‫محمد الزمزمً بن محمد بن الصدٌق الغماري ٌعتبر من كبار مناهضً الفكر‬
‫الصوفً حتى أنه تبرأ من والده وإخوته ورد علٌهم ورغم أنه كان متعصبا إال أنه ألف‬
‫كتابه اإلنتصار لطرٌق الصوفٌة وهو ال ٌنكر العهد كما رأٌنا كما أنه كان ٌحتفل بالمولد‬
‫وقٌل أنه أعلن بهذا الكتاب توبته ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫كتاب اإلنتصار ‪ /‬للشٌخ محمد الزمزمً ص ‪17‬‬

‫‪55‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫<< مف راـ أف يتصكؼ دكف شيخ قد رباه شيخ آخر بسند سمككي إلى‬
‫المعمـ األكؿ كالمرشد الحؽ صمى اهلل عميو كسمـ فقد راـ أم ار صعبا‬
‫‪1‬‬
‫كرمى مرمى بعيدا >>‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫شفاء السائل لتهذٌب المسائل ‪/‬ابن خلدون ص ‪67‬‬

‫‪56‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫الخاتمة‬

‫كثيرة ىي القضايا التي اختمؼ فييا العمماء كالفقياء كالمحدثكف‬


‫كذىبكا في ذلؾ مذاىب عديدة ‪،‬كنحف في ىذا البحث ال نجزـ باإلجماع‬
‫أك ندعي أف الحؽ حميفنا كال نرمي مخالفنا بالباطؿ كانما نرعى لو حؽ‬
‫الخبلؼ كنعذره فيما ذىب إليو‪ ،‬كساحة اإلسبلـ كسماحتو أكسع مف أف‬
‫نرمي بعضنا بالتبديع في مسألة غاية األمر فييا أنيا خبلفية ‪.‬‬

‫كغاية جيدم كأممي مف ىذه الرسالة المتكاضعة التخمؽ بأدب‬


‫الخبلؼ مع حسف الظف بالمخالؼ فعمى طالب العمـ كمريد الحؽ‬
‫كاإلنصاؼ أف يتريث في إصدار األحكاـ فرب أمر كاف يحسبو مرجكحا‬
‫كلكف عند التحقيؽ يتبيف أنو راجح كفي ىذا يقكؿ ابف القيـ في مدارج‬
‫السالكيف << ال تعجؿ بإنكار مالـ تحط بعممو فضبل عف ذكؽ حالو‬
‫كأعط القكس بارييا كخ َؿ المطايا كحادييا فمك انصفت لعرفت >> ‪،‬‬
‫كعمى طالب العمـ كمريد الحؽ أف يسمـ كال يعارض الكبار خاصة في‬
‫المسائؿ الفرعية كفي ىذا يقكؿ اإلماـ الشاطبي << عيد بالتجربة مف‬
‫أف اإلعتراض عمى الكبراء قاض بامتناع الفائدة >>‪.‬‬

‫ىذا كاف يقيني في األمة يتضاعؼ فيي مظير الرحمة كالتآلؼ‬


‫كالصبر كأنيا عمى خطى الكميـ في الثقة باهلل تعالى كذلؾ حيف غدا‬
‫يطمب النار فكجد النكر ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫ثـ إف ىذا الجيد المتكاضع في ىذه الرسالة البسيطة لف يخمك مف‬


‫عيكب كنقائص ذلؾ ألنو جيد بشرم كلف يعبر أحدنا عف بشريتو إال‬
‫بالخطأ يقكؿ الحافظ المزني تمميذ اإلماـ الشافعي ‪:‬قرأت الرسالة عمى‬
‫اإلماـ الشافعي ثمانيف مرة فما مف مرة إال ككاف يقؼ عمى خطأ فقاؿ‬
‫الشافعي ‪ :‬ىيو أبى اهلل أف يككف كتابا صحيحا غير كتابو ‪.‬‬

‫كقاؿ الشاعر ‪:‬‬

‫كـ مف كتاب قد تصفحتو ‪ .....‬كقمت في نفسي أصمحتو‬

‫حتى إذا طالعتو ثانيػػػػػػػػػػػا ‪ .....‬كجدت تصحيفا فصححتو‬

‫ىذا كنسأؿ اهلل تعالى أف يكفقنا إلى ما فيو الخير كالصبلح كما كاف فيو‬
‫مف حؽ كصكاب فمف اهلل كما كاف مف خطأ فمف نفسي كمف الشيطاف‬
‫كصمى اهلل عمى سيدنا محمد كعمى آلو كأصحابو كسمـ تسميما كثي ار ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫المصادر كالمراجع‬

‫‪ /1‬القرآف الكريـ‬

‫‪ /2‬الحديث الشريؼ‬

‫ـ صحيح البخاري‬

‫ـ صحيح مسمم‬

‫ـ سنن ابن ماجة‬

‫ـ سنن الترمذي‬

‫ـ مسند أحمد‬

‫ـ معجم الطبراني‬

‫‪ /3‬التفسير‬

‫ـ تفسير الطبري‬

‫ـ تفسير روح البيان‬

‫‪59‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫ـ حاشية الصاوي عمى الجاللين‬

‫‪ /4‬الفقو اإلسبلمي‬

‫ـ كتاب المدخل إلبن الحاج‬

‫ـ الموافقات لمشاطبي‬

‫ـ العقد في الفقه اإلسالمي دكتور عباس حسني‬

‫ـ الدر الثمين لمميارة‬

‫‪ /5‬كتب الطبقات‬

‫ـ الدرر الكامنة إلبن حجر‬

‫ـ الضوء الالمع لمسخاوي‬

‫ـ سير األعالم لمذهبي‬

‫ـ الطبقات الكبرى لمشعراني‬

‫ـ الديباج المذهب إلبن فرحون‬

‫ـ شجرة النور الزكية لمحمد مخموف‬

‫‪60‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫ـ البدر الطالع لمشوكاني‬

‫ـ الوافي في الوفيات لمعالمة الصفدي‬

‫ـ حسن المحاضرة لمسيوطي‬

‫ـ األعالم لمزركمي‬

‫‪ /6‬كتب المغة‬

‫ػػ لسان العرب إلبن منظور‬

‫ـ المعجم العربي األساسي‬

‫ـ المفردات لمراغب األصفهاني‬

‫ـ النهاية إلبن األثير‬

‫ـ التعريفات لمجورجاني‬

‫‪ /7‬مراجع أخرل‬

‫ـ اليقين إلبن أبي الدنيا‬

‫ـ أيها الولد لمغزالي‬

‫‪61‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫ـ عوارف المعارف لمسهروردي‬

‫ـ األنوار القدسية لمشعراني‬

‫ـ الفتوحات الربانية ابن عالن الصديقي‬

‫ـ تأييد الحقيقة العمية السيوطي‬

‫ـ مناقب األسد الغالب إبن الجزري‬

‫ـ المقدمة إلبن خمدون‬

‫ـ شفاء السائل إلبن خمدون‬

‫ـ المنهج األحمد لممعممي‬

‫ـ اإلعتصام لمشاطبي‬

‫ـ اإلبريز إلبن المبارك‬

‫ـ المباحث األصمية السرقسطي‬

‫ـ تربيتنا الروحية سعيد حوى‬

‫ـ غذاء العبودية سعيد حوى‬

‫‪62‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫ـ مذكرات الدعوة والداعية حسن البنا‬

‫ـ الشريعة والطريقة لمكاندهموي‬

‫ـ رجال الفكر لمندوي‬

‫ـ العهد والميثاق ناصر بن سميمان العمر‬

‫ـ التصوف اإلسالمي بن بريكة‬

‫ـ نظرات في التصوف محمد القهوجي‬

‫ـ اإلنتصار محمد الزمزمي‬

‫ـ العهد والبيعة عدنان عمي رضا النحوي‬

‫ـ الفكر السياسي صالح الدين البسيوني‬

‫‪63‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫الفيرس‬

‫المقدمة ‪03.......................................................‬‬

‫محطات البد منيا‪05...............................................‬‬

‫ػػ العمماء كرثة األنبياء‪05.......................................‬‬

‫ػػ الدعكة التامة ‪06..............................................‬‬

‫ػػ الكلي المرشد ‪07..............................................‬‬

‫ػػ مف ىدم السنة ‪15............................................‬‬

‫مفيكـ البيعة ‪17.................................................../‬‬

‫ػػ مفيكميا المغكم‪17........................................‬‬

‫ػػ مفيكميا في اإلصطبلح‪18.................................‬‬

‫العقكد في التشريع اإلسبلمي‪20.....................................‬‬

‫البيعة الصكفية ( داللتيا كمعانييا )‪22..............................‬‬

‫أقساـ كمجاالت البيعة في السنة النبكية ‪25..........................‬‬

‫أخذ العيد سنة السمؼ ‪33...........................................‬‬

‫‪64‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫شيادات العمماء المتقدميف ‪34.......................................‬‬

‫ػػ العبلمة ابف الحاج المالكي ‪34..............................‬‬

‫ػػ الحافظ ابف أبي جمرة ‪35....................................‬‬

‫ػػ أبك اسحاؽ الشاطبي ‪35....................................‬‬

‫ػػ العبلمة المفسر الصاكم ‪38.................................‬‬

‫ػػ الشيخ المحدث الكاندىمكم ‪38...............................‬‬

‫ػػ الشيخ سعيد حكل ‪38.......................................‬‬

‫ػػ الدكتكر محمد القيكجي ‪38.................................‬‬

‫أقكاؿ ألئمة الصكفية ‪39............................................./‬‬

‫ػػ سيدم عبد القادر الجيبلني ‪39..............................‬‬

‫ػػ سيدم عبد الكىاب الشعراني ‪39.............................‬‬

‫عمماء أخذكا العيد عف المشايخ ‪41...................................‬‬

‫عمماء لبسكا خرقة التصكؼ ‪46 ......................................‬‬

‫فكائد أخذ العيد ‪51...................................................‬‬

‫الخاتمة ‪56...........................................................‬‬

‫‪65‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫‪66‬‬
‫البيعة عند الصوفية‬

‫‪67‬‬

You might also like