You are on page 1of 186

‫بقلم‬

‫تد مغٍت النقاري نظر إليو الباري‬ٛ‫عبد السبلـ بن أ‬

KHAZANAH NAQARIYAH
STUDY, PRINTING & PUBLISHING
Jln. Sultan Hasanuddin RT. 01 / 02 Tanah Grogot Pasir Kaltim
Indonesia. SMS & MOBILE +62 852 4811 0609
@ Cetakan Pertama, April 2013 / J. Akhir 1434 H
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫بقلم‬
‫أيب الكماؿ عبد السبلـ بن أ‪ٛ‬تد مغٍت بن ا‪ٝ‬تاعيل النقاري حفظو هللا‬
‫الباري‬

‫الطبعة األوذل ‪ :‬أبريل ٖٕٔٓ ـ ‪ٚ /‬تادى اآلخرة ٖٗٗٔ ىػ‬

‫‪KHAZANAH NAQARIYAH‬‬
‫‪STUDY, PRINTING & PUBLISHING‬‬
‫‪Jln. Sultan Hasanuddin RT. 01 / 02 Tanah Grogot Pasir Kaltim‬‬
‫‪Indonesia. SMS & MOBILE +62 852 4811 0609‬‬
‫‪@ Cetakan Pertama, April 2013 M / J. Akhir 1434 H‬‬
‫‪2‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫بسم هللا الر‪ٛ‬تن الرحيم‬

‫كثَتا‬
‫‪ٛ‬تدا ً‬
‫ا‪ٟ‬تمد ً‬
‫ُ‬ ‫لِل َ‪ٛ‬تْ ًدا َكثِ ًَتا طَيِّبًا ُمبَ َارًكا فِ ِيو‪ .‬اللهم لك‬
‫ا‪ٟ‬تم ُد َِِ‬
‫َْ ْ‬
‫‪ٛ‬تدا ال ُمْنتَػ َهى لو دو َف مشيئتِك‪ ,‬و‬ ‫خالِ ًدا مع خ ِ‬
‫لودؾ‪ ,‬و لك ا‪ٟ‬تمد ً‬ ‫ُ‬
‫أجَر لقالِئِ ِو إال رضاؾ‪ .‬أشهد أنك أنت هللا الذي‬ ‫‪ٛ‬تدا ال ْ‬ ‫لك ا‪ٟ‬تمد ً‬
‫آل إلو إال أنت ا‪ٟ‬تي القيوـ الذي عنت لك الوجوه وخشعت لك‬
‫األصوات ووجلت القلوب من خشيتك‪ .‬أنت هللا األحد الصمد‬
‫الذي دل يلد ودل يولد ودل يكن لو كفوا أحد‪ .‬وأشهد أف سيدنا ‪٤‬تمدا‬
‫عبده ورسولو الذي أعطاه صفاء ا‪٠‬تُلَة وجعلو واسطة احملبة حيث قاؿ‬
‫الِلُ َويَػ ْغ ِف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َ‬
‫الِلُ‬ ‫‪ :‬قُ ْل إِ ْف ُكْنتُ ْم ُِٖتبُّو َف َ‬
‫الِلَ فَاتَبِعُ ِون ُْ٭تبِْب ُك ُم َ‬
‫ب‬‫الِلَ َال ُِ٭ت ُّ‬
‫وؿ فَِإ ْف تَػ َولَْوا فَِإ َف َ‬ ‫الِلَ َوالَر ُس َ‬
‫َطيعُوا َ‬ ‫َغ ُفور رِحيم‪ .‬قُل أ ِ‬
‫ٌ َ ٌ ْ‬
‫ِ‬
‫ين [آؿ عمراف‪ .]ٖٕ-ٖٔ/‬اللهم صل على واسطتك العظمى‬ ‫الْ َكاف ِر َ‬
‫وحبيبك ورسولك وعبدؾ ‪٤‬تمد وآلو وصحبو وبارؾ وسلم‪ .‬أما بعد ‪:‬‬
‫فيقوؿ أفقر الورى إذل نظر الباري‪ ,‬عبد السبلـ بن أ‪ٛ‬تد مغٍت النقاري‬
‫‪ :‬قد سنح رل أف أكتب رسالة ُب أسرار الطريق وأصولو وأسانيدي ُب‬

‫‪3‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ذلك فقد رأيت الناس ألفوا ُب ذلك كتبا كثَتة طواال فهنا أحب أف‬
‫أكتب رسالة ‪٥‬تتصرة تتضمن أسرار الطريق وىي أربعة ‪:‬‬
‫األوؿ ‪ :‬صحبة شيخ كامل يعلمك الشريعة والطريقة وا‪ٟ‬تقيقة‬
‫والثان ‪ :‬حبلوة ذكر دائم وطاعة وعبادة دائمتُت مع حضور تاـ‬
‫وخضوع كامل بعد التلقُت وا‪١‬تبايعة‪,‬‬
‫والثالث ‪ :‬التحكيم وإلباس ا‪٠‬ترقة يوثق عنقك ويوصلك إذل ا‪ٞ‬تنة‬
‫بشروطو‪.‬‬
‫والرابع ‪ :‬الفتوحات الذوقية الروحية وتسمى إ‪٢‬تامات وإمدادات والعلوـ‬
‫اللدنية والكشوفات وغَت ذلك‪.‬‬
‫وتتضمن أصوؿ الطريق ولكل طريقة أصوؿ‪.‬‬
‫وتتضمن نبذة ُب ذكر بعض أسانيدي للطرائق العشرة بل األربعُت‬
‫وىي ‪ :‬القادرية‪ ,‬الشاذلية‪ ,‬العلوية العيدروسية‪ ,‬العلوية العطاسية‪,‬‬
‫العلوية ا‪ٟ‬تدادية‪ ,‬النقشبندية‪ ,‬السنوسية‪ ,‬اإلدريسية‪ ,‬األشرفية‪,‬‬
‫األىدلية‪ ,‬السمانية‪ ,‬الشطارية‪ ,‬والبدوية‪.......‬‬
‫فقد قاؿ ا‪ٟ‬تافظ ا‪١‬تنذري ُب كتابو " الًتغيب والًتىيب " ج ٔ ص ‪ٚٛ‬‬
‫الرَدين قاؿ قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا عليو‬
‫ا‪ٟ‬تديث ‪ : ٔ٘ٙ‬وعن أيب ُ‬

‫‪4‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وسلم ‪ " :‬ما من قوـ ‪٬‬تتمعوف على كتاب هللا يتعاطَونو بينهم إال كانوا‬
‫أضيافا هلل وإال حفتهم ا‪١‬تبلئكة حىت يقوموا أو ٮتوضوا ُب حديث‬
‫العلم) أو‬
‫ٯتوت (اي ُ‬‫غَته‪ ,‬وما من عا ٍدل ٮترج ُب طلب العلم ‪٥‬تافةَ أف َ‬
‫درس (أي ٘تحى آثاره وتزوؿ) إال كاف كالغازي‬ ‫ِ‬
‫استنساخو ‪٥‬تافةَ أف يُ َ‬
‫الرائح ُب سبيل هللا‪ ,‬ومن ي ِ‬
‫بط ُئ بو عملُو دل يُس ِرع بو نسبو " رواه‬‫ُ‬
‫الطربان ُب الكبَت من رواية إ‪ٝ‬تاعيل بن عياش‪ .‬وعن أيب ىريرة رضي‬
‫هللا عنو قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم ‪ " :‬إذا مات ابن‬
‫آدـ انقطع عملو إال من ثبلث ‪ :‬صدقة جارية‪ ,‬أو علم ينتفع بو‪ ,‬أو‬
‫ولد صاحل يدعو لو " رواه مسلم وغَته‪ .‬قاؿ ا‪١‬تنذري ‪ :‬وناسخ العلم‬
‫النافع لو أجره وأجر من قرأه أو نسخو أو عمل بو َمن بعده ما بقي‬
‫خطو والعمل بو ‪٢‬تذا ا‪ٟ‬تديث وأمثالو‪ .‬اىػ منذري‪.‬‬
‫وقاؿ إمامنا الشافعي ر‪ٛ‬تو هللا ‪ " :‬لوال ا‪١‬ت َحابِر ‪٠‬تطبت الزنادقة على‬
‫َ‬
‫ا‪١‬تنابر " ( ديواف اإلماـ الشافعي للشيخ ‪٤‬تمد عبد الرحيم الدمشقي‬
‫ص ‪.) ٜ٘‬‬

‫‪5‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ٍب إنو قد طلب مٍت بعض اإلخواف واألخوات أف أجيزه ُب تلك‬


‫وحسن ظ ٍن منو‬
‫َ‬ ‫األسانيد حبا منو ُب ِسلْك اإلتصاؿ بسلسلة الرجاؿ‬
‫للفقَت ُب ذلك وإف كنت لست أىيبل ُب ‪٨‬تو ىذه ا‪١‬تسالك‪.‬‬

‫ومنهم أخي ‪ /‬أخيت ُب هللا‬


‫من أىل البلد‬
‫بعد أف رأيت فيو ‪ /‬فيها لوائح ا‪٠‬تَت والصبلح‬
‫فأقوؿ ‪ :‬أجزتو ‪ /‬أجزهتا ُب ذلك عسى هللا أف ينفعو هبذه‬
‫اإلجازة‪ .‬آمُت يارب العا‪١‬تُت‪.‬‬
‫تارٌخ ‪:‬‬

‫وكاف أوؿ ما شرعت ُب ‪ٚ‬تع ىذه الكراسات ُب مدينة صنعاء باليمن‪,‬‬


‫خامس ذي ا‪ٟ‬تجة سنة ٕٖٗٔ ىػ ا‪١‬توافق ٖٔ أكتوبور ٕٔٔٓ ـ‬
‫عسى هللا الكرمي أف ‪٬‬تعلها خالصة لوجهو الكرمي وينفعٍت هبا حُت أف‬
‫أجوز على الصراط يوـ تزؿ فيو األقداـ آمُت يا أرحم الرا‪ٛ‬تُت‪ ,‬وصلى‬
‫هللا على سيدنا ‪٤‬تمد وآلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت وا‪ٟ‬تمد هلل رب العا‪١‬تُت‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الباب األوؿ‬
‫ُب ذكر أسرار الطريق وفيو فصوؿ‬
‫األوؿ ‪ :‬سر الصحبة‬
‫الثان ‪ :‬أسرار الذكر والتلقُت وا‪١‬تبايعة‬
‫الثالث ‪ :‬سر التحكيم وإلباس ا‪٠‬ترقة الصوفية‬
‫الرابع ‪ :‬سر الفتوحات الذوقية الروحية‬
‫ا‪٠‬تامس ‪ :‬سر اإلستقامة‬
‫وهللا ورل التوفيق‬

‫‪7‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الفصل األوؿ‬

‫سر الصحبة‬
‫وىناؾ اصطبلحات أخرى‪ :‬التلقي والتلقُت واألخذ كلها ٔتعٌت‬
‫متقارب‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬
‫قاؿ تعاذل ‪ :‬فَػتَػلَقَى آَ َد ُـ م ْن َربِّو َكل َمات فَػتَ َ‬
‫اب َعلَْيو إِنَوُ ُى َو التَػ َو ُ‬
‫اب‬
‫يم [البقرة‪]ٖٚ/‬‬ ‫ِ‬
‫الَرح ُ‬

‫ولنشرع ُب ا‪١‬تقصود وىو ذكر أسرار الطريق ولنبدأ بالكبلـ حوؿ‬


‫الصحبة‪ ,‬أ‪٫‬تيتها‪ ,‬معناىا‪ ,‬شروطها‪ ,‬آداهبا‪ ,‬فوائدىا وأسرارىا وغَت‬
‫ذلك‪ ,‬ومارل فيو إال النقل‪ ,‬فنقوؿ وهلل ا‪ٟ‬تمد ‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬معٌت الصحبة اللغوي ودليلها من القرآف‬


‫الكرمي‬
‫‪8‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الصحبة ُب اللغة ‪ :‬قاؿ الزبيدي ُب تاج العروس ج ٔ ‪ /‬ص ٘٘‪: ٙ‬‬


‫َم‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وص ْحبَةً بالض ّ‬ ‫ْسر ُ‬ ‫ص َحابَةً بال َفْتح ويُك َ‬‫ص َحبُو َ‬ ‫صحبَو َكسم َعو يَ ْ‬ ‫َ‬
‫يب‬ ‫اشر وىم أَصحاب وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اشره ‪ .‬وال َ ِ‬
‫َصاح ُ‬ ‫ب ‪ :‬ا‪١‬تَُع ُ َ ُ ْ ْ َ ٌ َ‬ ‫صاح ُ‬ ‫احبَو ‪َ :‬ع َ َُ‬
‫ص َ‬ ‫َك َ‬
‫اب بال َك ْس ِر ِمثْ ُل‬ ‫اب ُ ِ ِ‬
‫وشبَاف وص َح ٌ‬
‫ِ ِ‬
‫َم ُب األَخَت مثْ ُل َش ٍّ‬ ‫ِ‬
‫وص ْحبَا ٌف بالض ّ‬
‫ُ‬
‫الص ْحبَةُ‬
‫ب ‪ .‬و ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وص ْح ٌ‬
‫وص َحابَةٌ بال َفْتح وص َحابَةٌ بال َك ْسر َ‬ ‫َجائ ٍع وجيَ ٍاع َ‬
‫ص ْحبَةً ‪ .‬وقالوا ‪ُ :‬ب النِّ َس ِاء ‪ُ :‬ى َن‬‫ص َحب ُ‬ ‫ب يَ ْ‬
‫ك‪ِ :‬‬
‫صح َ‬
‫ِ‬
‫ص َد ُر قَػ ْول َ َ‬ ‫َم ْ‬
‫والزَمو وُك ُّل ما‬ ‫ص َحبَو ‪َ :‬د َعاهُ إِ َذل ُّ‬ ‫احب ي ٍ‬ ‫ِ‬
‫الص ْحبَة ‪َ .‬‬ ‫استَ ْ‬
‫وسف ‪ .‬و ْ‬ ‫ص َو ُ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ص َحبَو ‪.‬‬ ‫استَ ْ‬
‫الََزـ َشْيئاً فَػ َقد ْ‬
‫ب ‪َ :‬ذ َؿ‬ ‫َص َح َ‬
‫اؿ ‪ :‬وأ ْ‬ ‫ب البَعَِتُ والدَابَةُ ‪ :‬انْػ َق َادا َوِمْنػ ُهم َم ْن َع ّم فَػ َق َ‬‫َص َح َ‬
‫أْ‬
‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫وانْػ َقاد ‪ .‬وا‪١‬ت ِ‬
‫صعُوبَة ‪ .‬وُب‬ ‫اد بَػ ْع َد ُ‬ ‫ب َك ُم ْحس ٍن َوُى َو الذل ُ‬
‫يل ا‪١‬تُْنػ َق ُ‬ ‫صح ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫احبَها ‪.‬‬ ‫ا‪ٟ‬تديث ‪ :‬فأَصحبت النَاقَةُ أَي انْػ َقادت واستَػرسلَت وتَبِعت ص ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ت‬ ‫قاؿ أَبو عبيد ‪ :‬ص ِحبت الَرجل من ُّ ِ‬
‫ت أَي انْػ َق ْد ُ‬‫َص َحْب ُ‬ ‫الص ْحبَة ‪ .‬وأ ْ‬ ‫َ ْ ُ َُ‬
‫ب أَي ا‪١‬تْنػ َق ِاد من ا ِإل ْ ِ‬ ‫لَو ‪ .‬كا‪١‬تص ِ‬
‫اح ِ‬
‫ايب ‪.‬‬‫ص َحاب ‪ .‬قالو ابْن األ َْعَرِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫اص َحْبنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاصطَ َحبَو ‪ .‬وُب ا‪ٟ‬تديث ‪ :‬اللّ ُه ّم ْ‬ ‫ب فُبلَناً ‪َ :‬حفظَو ْ‬ ‫َص َح َ‬
‫أْ‬
‫ك ُب َس َف ِرنا و ْارِج ْعنا بأ ََمانَتِك‬ ‫اح َفظْنَا ِْت ْف ِظ َ‬
‫ِ ِ‬
‫بص ْحبَة واقْلْبػنَا بِذ َمة أَي ْ‬ ‫ُ‬

‫‪9‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫احباً ‪ُ :‬م َسلَماً‬ ‫ومن ا‪١‬ت َجا ِز ‪ْ :‬ام ِ‬ ‫وعه ِدؾ إِ َذل بػلَ ِدنا ‪ِ .‬‬
‫ص َ‬ ‫وم َ‬‫ص ُحوباً ُ‬ ‫ض َم ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ب فُبلَناً ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ومعاَب ‪ .‬وتَػ ُق ُ ِ‬
‫َص َح َ‬ ‫احباً ‪ .‬وأ ْ‬‫ص َ‬ ‫وؿ عْند التػ َْوديع ‪ُ :‬م َعاناً ُم َ‬ ‫َُ ً‬
‫ومْنو ُب التػْن ِزيل ‪ :‬وال ىم ِمنَا يصحبوف ‪ .‬قاؿ الَز َجاج يػع ٍِت ِ‬
‫اآل‪٢‬تَة‬ ‫منَػعو ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ ْ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫ص َحبوف ‪٬ُ :‬تَ ُاروف أَي ال ُكفَار ‪ .‬أَال‬ ‫ال ٘تَْنَ ُع أَنْػ ُف َسها ‪ .‬والَ ُىم منَا يُ ْ‬
‫اؿ‬‫العَرب تقوؿ ‪ :‬أَنا َج ٌار لك ومعناه أ ُِجَتُؾ وأ َْمنَػعُك فَػ َق َ‬ ‫تَػَرى أَ َف َ‬
‫هللا ِٓتََْت ‪ .‬وقاؿ‬ ‫يصحبوف با ِإلجارة ‪ .‬وقَاؿ قَػتادةُ ‪ :‬ال يصحبوف ِمن ِ‬
‫ُ ْ َُ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ َُ‬
‫ب أَي ٯتُْنَ ُع‬‫ص َح ُ‬ ‫ت الَر ُج َل أَي َمنَػ ْعتُو ‪ .‬تُ ْ‬ ‫أَبُو عُثْ َماف ا‪١‬تَ ِازنّ ‪ :‬أ ْ‬
‫َص َحْب ُ‬
‫ص ِحبَك هللاُ أَي َح ِفظك وَكا َف‬ ‫ظ ‪ .‬وقَاؿ َغْيػُره ‪ :‬ىو من قَػ ْولو ‪َ :‬‬ ‫و٭ت َف ُ‬
‫ُْ‬
‫ب ُك ِّل َش ْيء‬ ‫ك جاراً ‪ .‬ومن ا‪١‬تجا ِز ‪ :‬ىو صاحب ِع ْلم وماؿ ِ‬
‫وصاح ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫لَ َ َ‬
‫‪ :‬ذُوهُ ‪ .‬اىػ‬
‫وا‪١‬تقصود ىنا ‪ :‬أف تصحب شيخا كامبل يرشدؾ وٕتعلو أستاذا لك‬
‫وتبلزمو إذل وفاتو وال تفارقو إال بإذنو‪.‬‬
‫الِلِ َوَر ُسولِِو َوإِذَا َكانُوا‬
‫ين آَ َمنُوا بِ َ‬ ‫ِ َِ‬ ‫َِ‬
‫ودليلها قولو تعاذل ‪ :‬إ‪٪‬تَا الْ ُم ْؤمنُو َف الذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ َِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫ين يَ ْستَأْذنُونَ َ‬ ‫َم َعوُ َعلَى أ َْم ٍر َجام ٍع َدلْ يَ ْذ َىبُوا َح َىت يَ ْستَأْذنُوهُ إ َف الذ َ‬
‫ض َشأِْنِِ ْم فَأْذَ ْف‬‫وؾ لِبَػ ْع ِ‬ ‫ِِ‬ ‫أُولَئِك الَ ِذين يػؤِمنو َف بِ َِ‬
‫الِل َوَر ُسولو فَِإذَا ْ‬
‫استَأْذَنُ َ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫َ‬

‫‪01‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫يم ( سورة النور ‪:‬‬ ‫الِل َغ ُف ِ‬


‫ور َرح ٌ‬ ‫استَػ ْغ ِف ْر َ‪٢‬تُ ُم َ‬
‫الِلَ إِ َف ََ ٌ‬
‫لِمن ِشْئ ِ‬
‫ت مْنػ ُه ْم َو ْ‬
‫َْ َ‬
‫ٕ‪.) ٙ‬‬
‫وما أحسن ما قالو الز‪٥‬تشري ُب تفسَته " الكشاؼ " (ج ٗ ‪ /‬ص‬
‫عز‬
‫‪ )ٕٜٗ‬ونقل عنو ابن َحيَاف ُب تفسَته " البحر احمليط " ‪ :‬أراد ّ‬
‫وجل أف يريهم ِعظَم ا‪ٞ‬تِنايَة ُب ذىاب الذاىب عن ‪٣‬تلس رسوؿ هللا‬ ‫ّ‬
‫بغَت إذنو { وإِذَا َكانُواْ َم َعوُ على أ َْم ٍر َج ِام ٍع } فجعل ترؾ ذىاهبم‬
‫حىت يستأذنوه ثالث اإلٯتاف باهلل واإلٯتاف برسولو ‪ ،‬وجعلهما‬
‫كالتشبيب لو والبساط لذكره ‪ ،‬وذلك مع تصدير ا‪ٞ‬تملة بإ‪٪‬تا وإيقاع‬
‫ا‪١‬تؤمنُت مبتدأ ‪٥‬ترباً عنو ٔتوصوؿ أحاطت صلتو بذكر اإلٯتانُت ‪ٍ ،‬ب‬
‫عقبو ٔتا يزيده توكيداً وتشديداً ‪ ،‬حيث أعاده على أسلوب آخر وىو‬
‫ك الذين يػُ ْؤِمنُو َف باهلل َوَر ُسولِِو }‬
‫ك أ ُْولَئِ َ‬
‫قولو ‪ { :‬إِ َف الذين يَ ْستَئذنُونَ َ‬
‫وضمنو شيئاً آخر ‪ ،‬وىو ‪ :‬أنو جعل االستئذاف كا‪١‬تصداؽ لصحة‬

‫وعرض ْتاؿ ا‪١‬تنافقُت وتسللهم لواذاً ‪ .‬ومعٌت قولو ‪َ { :‬دلْ‬ ‫اإلٯتانُت ‪ّ ،‬‬
‫ئذنُوهُ } دل يذىبوا حىت يستأذنوه ويأذف ‪٢‬تم ‪ ،‬أال تراه‬ ‫ي ْذىبواْ حىت يست ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ َُ‬
‫كيف علق األمر بعد وجود استئذاِنم ٔتشيئتو وإذنو ‪١‬تن استصوب أف‬
‫يأذف لو ‪ .‬واألمر ا‪ٞ‬تامع ‪ :‬الذي ‪٬‬تمع لو الناس ‪ ،‬فوصف األمر‬

‫‪00‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫عدو ‪ ،‬أو تشاور ُب‬


‫با‪ٞ‬تمع على سبيل اجملاز ‪ ،‬وذلك ‪٨‬تو مقاتلة ّ‬
‫مهم ‪ ،‬أو تضاـ إلرىاب ‪٥‬تالف ‪ ،‬أو ٘تاسح ُب حلف وغَت‬
‫خطب ّ‬
‫ذلك ‪ .‬أو األمر الذي يعم بضرره أو بنفعو ‪ .‬وقرىء ‪« :‬أمر ‪ٚ‬تيع»‬
‫وُب قولو ‪ { :‬وإِذَا َكانُواْ َم َعوُ على أ َْم ٍر َج ِام ٍع } أنو خطب جليل ال‬
‫وقوة ‪ ،‬يظاىرونو‬
‫ب ّد لرسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم فيو من ذوي رأي ّ‬
‫عليو ويعاونونو ويستضيء بآرائهم ومعارفهم وٕتارهبم ُب كفايتو ‪،‬‬
‫فمفارقة أحدىم ُب مثل تلك ا‪ٟ‬تاؿ ‪٦‬تا يشق على قلبو ويشعث عليو‬
‫رأيو ‪ ،‬فمن ‪ٙ‬تة غلظ عليهم وضيق عليهم األمر ُب االستئذاف ‪ ،‬ومع‬
‫العذر ا‪١‬تبسوط ومساس ا‪ٟ‬تاجة إليو ‪ ،‬واعًتاض ما يهمهم ويعنيهم ‪،‬‬
‫ض َشأِْنِِ ْم } ‪ .‬وذكر االستغفار للمستأذنُت ‪:‬‬
‫وذلك قولو ‪ { :‬لِبَػ ْع ِ‬
‫دليل على أ ّف األحسن األفضل أف ال ٭تدثوا أنفسهم بالذىاب وال‬
‫يستأذنوا فيو ‪ .‬وقيل ‪ :‬نزلت ُب حفر ا‪٠‬تندؽ وكاف قوـ يتسللوف بغَت‬
‫إذف ‪ .‬وقالوا ‪ :‬كذلك ينبغي أف يكوف الناس مع أئمتهم ومقدميهم‬
‫ُب الدين والعلم يظاىروِنم وال ٮتذلوِنم ُب نازلة من النوازؿ وال‬
‫مفوض إذل اإلماـ ‪ :‬إف شاء أذف‬
‫يتفرقوف عنهم ‪ .‬واألمر ُب اإلذف ّ‬
‫وإف شاء دل يأذف ‪ ،‬على حسب ما اقتضاه رأيو ‪ .‬انتهى ز‪٥‬تشري‪.‬‬

‫‪02‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫قاؿ أبو حياف ُب تفسَته البحر احمليط بعد نقلو كبلـ الز‪٥‬تشري (ج ‪ٛ‬‬
‫‪ /‬ص ‪ : )ٖٖٛ‬وىو تفسَت حسن‪ .‬اىػ‬

‫الزـ أف تكوف لك طريقةٌ تتبعها !‬


‫ٕ‪ْ -‬‬

‫قلت ‪ :‬عندؾ‬
‫سألٍت بعض احملبُت من فمنكيو ‪ :‬أي العمل خَت ؟ ُ‬
‫طريقة ؟ قاؿ ‪ :‬ال‪ ,‬ما عندي من طريقة‪ ,‬قلت ‪ :‬الزـ أف تكوف لك‬
‫طريقة تتبعها‪.‬‬
‫الطريقة عرفا ىي الكيفية أعٍت كيفية السلوؾ مسالك األخيار لتفوز‬
‫با‪ٞ‬تنة دار القرار‪ .‬فنفسك أو قلبك أو حياتك وسعادتك كبدنك أو‬
‫سيَارتك‪ .‬البدف ٭تتاج إذل ترويض ومعا‪ٞ‬تة (‪ .)terapi‬فقلَما بد ٌف ُب‬
‫الس َمن (‪)kolestrol‬‬‫ىذه األزمنة خبل عن مرض من مثل ُّ َ ِ‬
‫السكر و ّ‬
‫والكبد وغَت ذلك وكلها أمراض ضارة‪ .‬وكذلك سيارتك‪٘ ,‬تشي كل‬
‫يوـ ما شاء هللا أف ٘تشي فقلما ٗتلو عن مشكلة خاصة هبا دوف سائر‬
‫السيارات‪.‬‬

‫‪03‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫فكيف تصح وليس عندؾ ترويض أـ كيف تدخل ا‪ٞ‬تنة ودل تعلم‬
‫مسالك‬
‫َ‬ ‫٭ترر لك‬ ‫الطريقةَ ُب دخلو‪٢‬تا وسلوكها ؟‪ .‬إ ًذا ٖتتاج إذل ٍ‬
‫طبيب ِّ‬
‫وٖترر أمامو مشاكل صحتك‬‫ص َحتِك‪ .‬وطريقو ‪ :‬أف ٕتيئ إذل الطبيب ِّ‬
‫فعند ذلك يرشدؾ مسالك صحتك من ا‪ٟ‬تِ ْمية واألدوية‪.‬‬
‫مشاكل نفسك من الكسل ُب‬
‫َ‬ ‫وٖتِّرر أم َامو‬
‫وكذلك الشيخ ‪ٕ :‬تيئ إليو ُ‬
‫العبادة وعدـ اإلنتباه لصبلة الصبح أو التهجد وغَت ذلك كما ٕتيئ‬
‫إذل ٍ‬
‫فقيو تسألو وتستفتيو‪ ,‬وإالَ فا‪١‬ترض النفسي أىم من فروع الفقو‬
‫بأسرىا‪ .‬كما قاؿ الوالد ر‪ٛ‬تو هللا ‪ :‬الفقو كثَت التكلم ُب أمور غَتؾ‬
‫لست بتاجر مثبلً‪ .‬فبل يكفي ُب ذلك أف ٖتضر‬
‫كأبواب ا‪١‬تعاملة و َ‬
‫‪٣‬تلس وعظو ُب ‪ٚ‬تع من الناس فقط ألنو ليس فيو ٖترير أمراضك‬
‫النفسية ا‪١‬تتخصصة بك‪.‬‬
‫واألسلم من الطرائق ‪ :‬أف تتبع طريقة اتفقت األئمة على أِنا موافقة‬
‫للكتاب العزيز والسنة ا‪١‬تطهرة كالقادرية والعلوية والشاذلية وغَتىا على‬
‫يدي شيخ استوى عنده الذىب وا‪ٟ‬تجر‪ ,‬عادل بعلوـ التوحيد والفقو‬
‫َ‬
‫والتصوؼ أو تقوؿ ‪ :‬عادل جامع بُت علمي الباطن والظاىر‪ ,‬عنده‬
‫سلسلة متصلة مسلسلة ببعض أئمة تلك الطرائق ا‪١‬تعتربة السنية‪.‬‬

‫‪04‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وصفت سعادتُك وُب يديو ُحورؾ‪ .‬قاؿ تعاذل ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فبالشيخ الذي كما‬
‫ور‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات ِحسا ٌف (ٓ‪ )ٚ‬فَبِأ ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َي آََالء َربّ ُك َما تُ َك ّذبَاف (ٔ‪ُ )ٚ‬ح ٌ‬ ‫ّ‬ ‫فيه َن َخْيػَر ٌ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ا‪٠‬تِي ِاـ (ٕ‪ )ٚ‬فَبِأ ِ ِ‬
‫َي آََالء َربِّ ُك َما تُ َك ّذبَاف (ٖ‪َ )ٚ‬دلْ‬ ‫ّ‬ ‫ات ُِب ْ َ‬ ‫ص َور ٌ‬ ‫َم ْق ُ‬
‫َي آََال ِء ربِ ُكما تُ َك ِّذب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اف‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫س قَػْبػلَ ُه ْم َوَال َجاف (ٗ‪ )ٚ‬فَبأ ِّ‬ ‫يَطْمثْػ ُه َن إنْ ٌ‬
‫َي آََال ِء‬ ‫ِ‬ ‫ض ٍر وعبػ َق ِر ٍ ِ ٍ‬
‫ي ح َساف (‪ )ٚٙ‬فَبأ ِّ‬
‫ٍ‬
‫ُت َعلَى َرفْػَرؼ ُخ ْ َ َْ ّ‬
‫ِِ‬
‫(٘‪ُ )ٚ‬متَكئ َ‬
‫اإل ْكَرِاـ (‪)ٚٛ‬‬ ‫ك ِذي ا ْ‪ٞ‬تََبل ِؿ َو ِْ‬ ‫اس ُم َربِّ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َربِّ ُك َما تُ َك ّذبَاف (‪ )ٚٚ‬تَػبَ َارَؾ ْ‬
‫وؼ َعلَْي ِه ْم ِولْ َدا ٌف ُ‪٥‬تَلَ ُدو َف‬
‫[الر‪ٛ‬تن‪ .]ٚٛ-ٚٓ/‬وقاؿ جل شأنو ‪ :‬يَطُ ُ‬
‫يق وَكأْ ٍس ِم ْن َمعِ ٍ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫صدَعُو َف َعْنػ َها َوَال‬ ‫ُت (‪َ )ٔٛ‬ال يُ َ‬ ‫(‪ )ٔٚ‬بأَ ْك َواب َوأَبَار َ َ‬
‫يػُْن ِزفُو َف (‪َ )ٜٔ‬وفَاكِ َه ٍة ِ‪٦‬تَا يػَتَ َخيَػُرو َف (ٕٓ) َو َ‪ٟ‬تْ ِم طٍََْت ِ‪٦‬تَا يَ ْشتَػ ُهو َف‬
‫وف (ٖٕ) َجَزاءً ِٔتَا َكانُوا‬ ‫ُت (ٕٕ) َكأَمثَ ِاؿ اللُّ ْؤلُ ِؤ الْمكْنُ ِ‬ ‫(ٕٔ) وح ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ور ع ٌ‬‫َُ ٌ‬
‫يما (ٕ٘) إَِال قِ ًيبل َس َبل ًما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَػ ْع َملُو َف (ٕٗ) َال يَ ْس َمعُو َف ف َيها لَ ْغ ًوا َوَال تَأْث ً‬
‫َس َبل ًما (‪[ )ٕٙ‬الواقعة‪.]ٕٙ-ٔٚ/‬‬
‫وصفت يعطيك ا‪ٟ‬تبور والسرور ُب أياـ الدنيا وُب‬
‫ُ‬ ‫فشيخك الذي كما‬
‫داخل القبور وُب يوـ البعث والنشور‪ .‬فهو يعطيك كل شيئ‪ .‬فمن‬
‫البلزـ عليك أف ٖتًتمو وٕتعلو فوؽ كل شيئ من أمورؾ حىت وإف‬

‫‪05‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫كنت سلطانا من السبلطُت أو أمَتا من األمراء‪ .‬ىدانا هللا أ‪ٚ‬تعُت‬


‫َ‬
‫آمُت‪.‬‬
‫قاؿ سيدنا القطب األكرب ا‪ٟ‬تبيب عبد هللا العيدروس ُب كتابو "‬
‫الكربيت األ‪ٛ‬تر واإلكسَت األكرب " ‪ :‬سلوؾ الطريق على ا‪ٟ‬تقيقة‬
‫بالعبادات أو با‪١‬تقامات أو باألحواؿ أو باألنفاس أو با‪١‬تعارؼ أو‬
‫بضرب األمثاؿ أو باإلمتثاؿ وحفظ القلوب أو با‪١‬تقاببلت أو‬
‫بالقابليات أو با‪١‬تناظرات واجملالسات أو باحملبات أو با‪١‬تخالطات‬
‫وا‪١‬تودات مع حسن الظن وىو من األخبلؽ احملمديات أو با‪١‬تذاكرات‬
‫أو بالتصديق واإلعتقادات أو باإلنقطاع وا‪٠‬تدمة أو بالًتبية أو بالعلوـ‬
‫اللدنيات‪ .‬وىذا ال ٯتكن إال بقصد شيخ عارؼ سالك ‪٣‬تذوب‪,‬‬
‫واصل ‪٤‬تبوب‪ ,‬واصل موصوؿ‪ ,‬عارؼ بالنقل والعقل‪ ,‬عارؼ باهلل‬
‫وبنفسو‪ ,‬حاضر غائب ُب ا‪٠‬تلوات وا‪ٞ‬تلوات بقلبو ُب عادل الشهادة‬
‫والغيوب‪ .‬انتهى‬
‫قلت ‪ :‬ومن ا‪١‬تعلوـ ُب الطب ‪ :‬أنو ال ينبغي للمريض أف ‪٬‬تيئ إذل‬
‫طبيبُت ‪٥‬تتلفُت ‪١‬ترض واحد ويشرب من أدويتهما ‪ٚ‬تيعا وإف كانا‬
‫ماىري ِن فإف ذلك يفسد حالو ويزيده مرضا إذل مرضو أكثر من‬ ‫ِ‬
‫ثقتَُت َ‬

‫‪06‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫مرضو األوؿ‪ ,‬إال إذا أرشده الطبيب األوؿ أف ائْ ِ‬


‫ت إذل الطبيب فبلف‬
‫مثبل فإنو أعلم مٍت‪ .‬وىذا من اآلداب ا‪١‬تهمة ُب الطريقة‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬أ‪٫‬تية الصحبة واإلسناد‬

‫قاؿ اإلماـ قطب الواصلُت مسند السادة العلويُت العبلمة العارؼ باهلل‬
‫ا‪ٟ‬تبيب عيدروس بن عمر ا‪ٟ‬تبشي ُب ثبتو عقد اليواقيت ٔ ‪ٖٔٛ /‬‬
‫ما نصو ‪:‬‬
‫‪ ‬قاؿ األوزاعي‪ :‬اذا ذىب األستاذ ذىب العلم‪.‬‬
‫‪ ‬وقاؿ اإلماـ عبد هللا بن ا‪١‬تبارؾ‪ :‬اإلسناد الدين كلو ولوال‬
‫اإلسناد لقاؿ من يشاء ٔتا يشاء‪.‬‬
‫‪ ‬وقاؿ ا‪ٟ‬تجة الغزارل‪ :‬ا‪١‬تريد ال غٌت لو عن شيخ وأستاذ يَقتدي‬
‫بو ومن دل يكن لو شيخ يَهديو قاده الشيطاف إذل مهاويو‪.‬‬
‫صلُو بسلسلة‬‫‪ ‬وقاؿ أبو العباس ا‪١‬ترسي‪ :‬من دل يكن لو أستاذ ي ِ‬
‫َ‬
‫اإلتِّباع ويكشف عن قلبو القناع فهو ُب ىذا الشأف لقي ٌ‬
‫ط ال‬
‫أب لو ودعي ال نسب لو‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ ‬وقاؿ أبو يزيد‪ :‬من دل يكن لو أستاذ فأستاذه الشيطاف‪ .‬اىػ‬


‫حبيب عيدروس‬

‫ٗ‪ -‬أ‪٫‬تية معرفة السلسلة وفضل قرائتها‬

‫قاؿ الكمشخانوي ر‪ٛ‬تو هللا ُب كتابو " جامع األصوؿ ُب األولياء "‬
‫ص ٕٖ ‪ :‬واعلم أف من ال يعرؼ أباه وأجداده ُب الطريق فهو مطرود‬
‫وكبلمو دعوى غَت مقبولة ورٔتا انتسب إذل غَت أبيو فيدخل ُب قولو‬
‫صلى هللا عليو وسلم ‪ " :‬لعن هللا من انتسب إذل غَت أبيو "‪ .‬وقد‬
‫أ‪ٚ‬تع السلف كلهم على أف من دل يصح لو نسب القوـ وال أذف ُب‬
‫أف ‪٬‬تلس للناس ال ‪٬‬توز لو التصدر إذل إرشاد الناس وال أف يأخذ‬
‫عليهم عهدا وال أف يلقنهم ذكرا وال شيئا من الطريق‪ ,‬إذ السر ُب‬
‫الطريق إ‪٪‬تا ىو ارتباط القلوب بعضها ببعض إذل الرسوؿ صلى هللا‬
‫عليو وسلم إذل حضرة ا‪ٟ‬تق جل جبللو‪ .‬فمن دل يدخل ( ُب )‬
‫سلسلة القوـ فهو غَت معدود منهم‪ .‬اىػ‬

‫‪08‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ومثلو قاؿ الشيخ ‪٤‬تمد أمُت الكردي ُب كتابو " تنوير القلوب " ص‬
‫فصل‪ .‬ينبغي للمريدين أف يعرفوا نسبة شيخهم ورجاؿ‬ ‫ٖٗٗ ‪ٌ :‬‬
‫السلسلة كلها من مرشدىم إذل النيب صلى هللا عليو وسلم‪ ,‬ألِنم إذا‬
‫أرادوا ا‪١‬تدد من روحانيتهم وكاف انتساهبم إليهم صحيحا حصل ‪٢‬تم‬
‫ا‪١‬تدد من روحانيتهم‪ .‬فمن دل تتصل سلسلتو إذل ا‪ٟ‬تضرة النبوية فإنو‬
‫مقطوع الفيض ودل يكن وارثا لرسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم وال‬
‫تؤخذ منو ا‪١‬تبايعة واإلجازة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫وقاؿ (أي الكردي) فيو أيضا ص ‪( : ٗٙٙ‬فائدة ُب قرائة السلسلة‬
‫وفضلو)‪ .‬قاؿ أبو سعيد ‪٤‬تمد ا‪٠‬تادمي ‪ :‬من قرأ سلسلة ا‪١‬تشائخ بعد‬
‫ختم ا‪ٞ‬تواجكاف (ا‪٠‬تواجكاف ‪ٚ :‬تع فارسي ‪٠‬تواجو بواو ٍب ألف وال‬
‫تقرأ الواو إ‪٪‬تا أٌب هبا لتفخيم ا‪١‬تد‪ .‬وا‪٠‬تواجو ٔتعٌت الشيخ‪ .‬وحكمة‬
‫تسمية ا‪٠‬تتم ختما أف السادات كانوا إذا اجتمع ا‪١‬تريدوف عندىم‬
‫وأحب الشيخ اإلنصراؼ ختم ‪٣‬تلسو هبذه األذكار ا‪١‬تسماة بػ"ختم‬
‫ا‪٠‬تواجكاف") وعند تلقُت الذكر وعند الشروع ُب ذكره و٘تاـ ورده ‪:‬‬
‫ص َل لو الًتقيات وا‪١‬تكاشفات‪ ,‬ويقرأىا لتفريج الكروب وا‪٢‬تموـ‬
‫ٖت َ‬

‫‪09‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫والغموـ وتيسَت ا‪١‬تراد وقضاء ا‪ٟ‬توائج ولشفاء ا‪١‬تريض وتكتب أيضا‬


‫وٖتمل‪ .‬اىػ‬

‫٘‪ -‬بطبلف اإلدعاء من غَت صحبة‬

‫وقاؿ اإلماـ ابن عجيبة ا‪ٟ‬تسٍت ُب كتابو " إيقاظ ا‪٢‬تمم ُب شرح‬
‫ا‪ٟ‬تكم " ٔ‪ : ٕٕٚ /‬تنبيو قد رأينا كثَتاً من الناس يًتاموف على ىذا‬
‫ا‪١‬تقاـ الكامل من غَت صحبة وال جذب واالختطاؼ من شهود‬
‫األكواف إذل شهود ا‪١‬تكوف وال بد من سكر ٍب صحو وجذب ٍب‬
‫سلوؾ و‪ٚ‬تع ٍب فرؽ وفناء ٍب بقاء‪ ,‬نعم قد يكوف بعض األفراد أقوياء‬
‫ُ‪٬‬تذبوف إذل حضرة ا‪ٟ‬تق مع مشاىدة ا‪٠‬تلق ويسَتوف بُت جذب‬
‫وسلوؾ كما تقدـ ُب الطريقة الشاذلية وأمثا‪٢‬تا‪ .‬وأما من دل يصحب‬
‫العارفُت الذين سلكوا ىذه ا‪١‬تقامات فبل يطمع ُب نيل ىذا ا‪١‬تقاـ أبداً‬
‫إال الفرد النادر الذي ال حكم لو وهللا تعاذل أعلم‪ .‬اىػ‬

‫‪ -ٙ‬معٌت األخذ والصحبة عند الصوفية‬


‫‪21‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وقاؿ ا‪ٟ‬تبيب عيدروس ُب العقد أيضا ٕ‪ : ٕٔٛ /‬قاؿ سيدنا عبد هللا‬
‫ا‪ٟ‬تداد ‪ :‬إذا قيل فبلف أخذ عن فبلف ليس معناه أنو أخذ عنو ُب‬
‫كتاب أو قرأ عليو ُب كتاب‪ .‬إ‪٪‬تا معناه ‪ :‬انو اقتدى بو ُب سَتتو‬
‫بأخبلقو وأفعالو وأقوالو‪ ,‬فإذا فعل ذلك فذلك شيخو وىو لو مريد‪ .‬اىػ‬
‫وقاؿ اإلماـ أبو علي الكوىن الفاسي ا‪١‬تتوَب سنة ‪ ٖٔٗٚ‬ىػ ُب كتابو‬
‫" طبقات الشاذلية الكربى " ص ‪ ٖٔٛ‬عند تر‪ٚ‬تة القطب ‪٤‬تمد بن‬
‫عبد الكرمي السماف ا‪١‬تدن ‪ :‬ومن قولو قدس هللا سره ُب كتابو "‬
‫النفحات اإل‪٢‬تية " ‪ :‬صحبة أىل الطريق ىي التخلق بأخبلؽ أولئك‬
‫الفريق‪ .‬اىػ‬
‫قلت ‪ :‬إ ًذا فبل بد ُب الصحبة غالبا من أمرين ‪ :‬األوؿ ‪ :‬طوؿ زماف‬
‫الصحبة‪ ,‬إذ بو يَعرؼ ا‪١‬تريد أحواؿ شيخو‪ .‬الثان ‪ٗ :‬تلقو بأخبلؽ‬
‫شيخو ا‪ٞ‬تميلة ا‪ٟ‬تسنة‪ .‬لكن طوؿ الزماف ليس بشرط‪ ,‬فنظرةٌ واحدة‬
‫من الكاملُت تقع ُب قلب ا‪١‬تريد تفيده أحواال سنية‪ ,‬ولرٔتا رؤية واحدة‬
‫من ا‪١‬تريد لشيخو العارؼ ينظر فيها تواضعو أثَرت ُب قلبو بَردا أبرد من‬
‫أيت‬
‫شاىدت بنفسي حينما ر ُ‬
‫ُ‬ ‫الثلج ال ينفك من فلبو أبدا كما‬

‫‪20‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ونظرت شيخنا العبلمة الكبَت احملدث الشهَت الشيخ ا‪ٞ‬تليل الربوفيسور‬


‫الدكتور السيد حسن بن حسن بن حسن ‪٤‬تمد مقبورل األىدؿ حيث‬
‫أضافنا ُب بيتو با‪١‬تراوعة من ببلد اليمن الشمارل فبلطفنا والحظنا‬
‫ُ‬
‫فسبحاف هللا حيث أف أرانا هللا كيف الصا‪ٟ‬توف ُب تواضعهم وإكرامهم‬
‫الضيوؼ فجزاه هللا خَتا ونفعٍت وذرييت ْتبو آمُت‪.‬‬
‫وقاؿ ا‪ٟ‬تبيب ا‪١‬تعمر عقيل بن ‪٤‬تمد بن عبد هللا بن سادل العطاس‬
‫البوغوري حفظو هللا تعاذل ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم ‪ :‬إ‪٪‬تا‬
‫بعثت أل٘تم مكارـ األخبلؽ‪ .‬إ ًذا‪ ,‬العادل ببل أخبلؽ ال شيئ لو‪ ,‬أو‬
‫كما فاؿ‪.‬‬

‫‪ -ٚ‬من الذي يسمى باسم " الشيخ " ُب علم‬


‫التصوؼ ؟‬

‫الشيوخ أربعة ‪:‬‬


‫ٔ‪ .‬شيخ الًتبية ويسمى أيضا شيخ اإلرشاد أو شيخ السلوؾ‬
‫والتسليك أو شيخ التخريج واإلنتساب أو شيخ الًتبية‬
‫‪22‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫والتحكيم أو شيخ اإلرادة‪ .‬وىذا ىو الشيخ الكامل‪ ,‬ووجوده‬

‫نادر ال يَأْبَوُ بو ُ‬
‫الناس‪ .‬فإذا وجدتو‬ ‫ُب ىذه األزمنة ا‪١‬تتأخرة ٌ‬
‫ك بو فإنو كا‪٠‬تضر ‪١‬توسى عليهما السبلـ‪ ,‬وتَع ِرفُو‬ ‫فتم َس ْ‬
‫بأماراتو اليت سأبينها‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬شيخ الفتح أو شيخ الفتوح‪ ,‬سأبينو لك‬
‫ٖ‪ .‬شيخ التلقي ويسمى أيضا شيخ القرائة‪ .‬وىو أف تقرأ أو‬
‫تدرس عليو كتابا من الكتب الدينية ُب العلوـ اإلسبلمية‬
‫كعلوـ القرآف من التجويد والقراآت وا‪ٟ‬تديث والفقو والنحو‬
‫والصرؼ وغَت ذلك‬
‫ٗ‪ .‬شيخ التربؾ ويسمى أيضا شيخ اإلجازة‪ .‬وىو أف تتفق بشيخ‬
‫وٕتتمع بو ُب مكاف من ا‪١‬تكاف مرَة أو مر ٍ‬
‫ات قليلةً أو تراسلو‬
‫أو تكاتبو وتستفيد منو بعض الفوائد أوتستجيز منو إجازة‬
‫بعد‪.‬‬
‫عامة أو خاصة ٍب دل ٕتتمع بو فيما ُ‬
‫ٍب إليك بعض بياف ذلك ‪:‬‬
‫أما شيخ الًتبية فقد قاؿ شيخنا وشيخ شيوخنا األستاذ ا‪ٞ‬تليل العبلمة‬
‫الصوُب ا‪١‬تتخشن العارؼ باهلل ا‪ٟ‬تبيب عبد هللا بن أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد‬

‫‪23‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪ٟ‬تداد حفظو هللا تعاذل حينما زرناه ُب بيتو ُب حاوي ا‪ٟ‬توطة‬


‫ْتضرموت يوـ اإلثنُت ا‪ٟ‬تادي عشر من ذي ا‪ٟ‬تجة سنة ٕٖٗٔ ىػ‬
‫شاىدت ‪ -‬شيخا خبَتا بدقائق آفات القلوب ‪ :‬املريب‬
‫ُ‬ ‫وكاف – فيما‬
‫عرفك نفسك وعرفك ربك‪ .‬إذا فقدت ا‪١‬تريب فعليك‬
‫هو الذي َّ‬
‫بكتبو مثل كتب ا‪ٟ‬تبيب عبد هللا بن علوي ا‪ٟ‬تداد‪ .‬قاؿ بعض‬
‫تكرب ُب‬
‫السلف‪ :‬لوال ا‪١‬تريب ما عرفت ريب‪ .‬إذا دل يكن للشخص مربيا َ‬
‫نفسو ألنو ليس لو من ِّ‬
‫يعرفو نفسو‪ .‬والشيخ ا‪١‬تريب ىو شيخ الفتوح‬
‫غالبا يعٍت ىو شيخ الًتبية ال شيخ القرائة وال شيخ التربؾ ( أي وال‬
‫شيخ اإلجازة )‪ .‬اىػ‬
‫وقاؿ اإلماـ العارؼ باهلل ابن عجيبة ا‪ٟ‬تسٍت ُب شرح ا‪ٟ‬تكم ص‬
‫ٔ‪ : ٕ٘/‬والبد من شيخ كامل ٮترجك من تعب نفسك إذل راحتك‬
‫بشهود ربك‪ .‬فالشيخ الكامل ىو الذي ير٭تك من التعب ال الذي‬
‫اإلنْ َسا َف ُِب َكبَ ٍد‬
‫يدلك على التعب‪ .‬وأما قولو تعاذل‪ :‬لََق ْد َخلَ ْقنَا ِْ‬
‫[البلد‪ ]ٗ/‬اي تعب فهو خاص بأىل ا‪ٟ‬تجاب أو تقوؿ خاص بأحياء‬
‫النفوس‪ ,‬وأما من مات (اي نفسو) فقد قاؿ تعاذل فيو‪ :‬فَأََما إِ ْف َكا َف‬
‫ُت فَػَرْو ٌح َوَرْ٭تَا ٌف َو َجنَةُ نَعِي ٍم [الواقعة‪ ]ٜٛ-ٛٛ/‬اي فروح‬ ‫ِ‬
‫م َن الْ ُم َقَربِ َ‬

‫‪24‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الوصاؿ ور٭تاف ا‪ٞ‬تماؿ وجنة الكماؿ وقاؿ تعاذل‪َ :‬ال ٯتََ ُّس ُه ْم فِ َيها‬
‫ب [ا‪ٟ‬تجر‪ ]ٗٛ/‬اي تعب‪ ,‬ولكن ال تدرؾ الراحة إال بعد التعب‬ ‫صٌ‬‫نَ َ‬
‫وال ٭تصل الظفر اال بالطلب "حفت ا‪ٞ‬تنة با‪١‬تكاره ‪ -‬وحفت النار‬
‫بالشهوات" رواه مسلم ُب صحيحو‪ .-‬اىػ‬
‫قاؿ القطب ا‪ٟ‬تبيب عبد هللا بن علوي ا‪ٟ‬تداد ُب رسالتو " آداب‬
‫سلوؾ ا‪١‬تريد " ص ٖ٘‪ : ٘ٙ-‬واعلم أف الشيخ الكامل ىو الذي‬
‫يفيده (أي ا‪١‬تريد) هبمتو وفعلو وقولو و٭تفظو ُب حضوره و َغيبتو وإف‬
‫ب منو إشارةً‬ ‫كاف ا‪١‬تريد بعيدا عن شيخو من حيث ا‪١‬تكا ُف‪ .‬فليطلُ ْ‬
‫أضر شيئ على ا‪١‬تريد تغيُّػُر قلب‬ ‫ويًتؾ‪ .‬و ُّ‬
‫كليةً فيما يأٌب من أمره ُ‬
‫الشيخ عليو ولو اجتمع على إصبلحو بعد ذلك مشائخ ا‪١‬تشرؽ‬
‫شيخو‪ .‬واعلم أنو ينبغي‬
‫ُ‬ ‫وا‪١‬تغرب دل يستطيعوه إال أف يرضى عنو‬
‫كل من يُذكر‬
‫ُب نفسو َ‬ ‫للمريد الذي يطلب شيخا أف ال ُ٭تَ ِّك َم‬
‫تمع عليو قلبُو‪.‬‬ ‫و‪٬‬ت َ‬
‫با‪١‬تشيخة وتسليك ا‪١‬تريدين حىت يَعرؼ أىليتو َ‬
‫وكذلك ال ينبغي للشيخ إذا جاء ا‪١‬تريد يطلب الطريق أف يَ ْس َم َح لو هبا‬
‫وشدة تعطُّ ِشو إذل من يدلُّو على ربو‪.‬‬ ‫قبل أف ٮتترب ِصدقَو ُب طلبِو ِ‬
‫َ‬ ‫من ِ‬
‫وىذا كلو ُب شيخ التحكيم‪ ,‬وقد شرطوا على ا‪١‬تريد أف يكوف معو‬

‫‪25‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫كا‪١‬تيت بُت يدي الغاسل وكالطفل مع أمو‪ ,‬وال ‪٬‬تري ىذا ُب شيخ‬
‫أكثر من‬
‫التربؾ دوف التحكيم فكلما َ‬
‫التربؾ‪ .‬ومهما كاف قصد ا‪١‬تريد َ‬
‫لقاء ا‪١‬تشائخ وزيارهتم والتربؾ هبم كاف أحسن‪ .‬وإذا دل ‪٬‬تد ا‪١‬تريد‬
‫شيخا فعليو ٔتبلزمة ا‪ٞ‬تِ ِّد واإلجتهاد مع كماؿ الصدؽ ُب اإللتجاء إذل‬ ‫ً‬
‫رشده فسوؼ ُ‪٬‬تيبو َمن ‪٬‬تيب‬ ‫هللا واإلفتقار إليو ُب أف يػ َقيِض لو من ي ِ‬
‫ُّ َ َ ُ‬
‫بعض‬ ‫ِ ِ‬
‫سوؽ إليو َمن يَأخذ بيده من عباده‪ .‬وقد َ٭تسب ُ‬ ‫ا‪١‬تضطر ويَ ُ‬
‫شيخ لو‪ ,‬فتجده يطلب الشيخ‪ ,‬ولو شيخ دل يره‪ ,‬يػَُربِّْي ِو‬‫ا‪١‬تريدين أنو ال َ‬
‫بنظره ويُراعيو بعُت رعايتو وىو ال يشعر‪ ,‬وإال فا‪١‬تشائخ احملققوف‬
‫موجودوف ولكن سبحاف من دل ‪٬‬تعل الدليل على أولياءه إال من‬
‫حيث الدليل عليو ودل ي ِ‬
‫وصل إليهم إال من أراد أف يوصلو إليو‪ .‬اىػ‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وقاؿ الشيخ ا‪ٝ‬تاعيل عثماف زين اليمٍت ُب ثبتو " صلف ا‪٠‬تلف‬
‫بأسانيد السلف " ص ٘‪ ٛ‬عن شيخو الشيخ حامد بن ابراىيم ا‪٢‬ترري‬
‫قاؿ ‪ :‬ىل اإلجازة من الشرائع القدٯتة أو من خصائص ىذه األمة ؟‬
‫ُجيز ؟ وىل للمشيخة أصل ُب كتاب هللا ؟ أما اإلجازة‬
‫ومن أوؿ من أ َ‬
‫فهي من الشرائع القدٯتة كما صح ذلك‪ .‬وأما اإلسناد فهو من‬
‫خصائص ىذه األمة‪ .‬وأوؿ من أجيز " آدـ عليو السبلـ " أجازه هللا‬

‫‪26‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫بقولو " وعلم آدـ األ‪ٝ‬تاء كلها " كما ذكر ذلك القسطبلن على‬
‫البخاري‪ .‬وأما ا‪١‬تشيخة فلها أصل أصيل ُب كتاب هللا‪ ,‬فقد ذكر‬
‫السيد العبلمة عبد الر‪ٛ‬تن بن سليماف األىدؿ ُب كتابو بركة الدنيا‬
‫واآلخرة حيث قاؿ ‪ :‬وأما ا‪١‬تشيخة فشأِنا عظيم وأمرىا جسيم فقد‬
‫ألَف فيها العلماء الرسائل سيما أىل ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬وذكر شيخ الًتبية‬
‫والتخريج فقاؿ ‪ :‬ىو الشيخ البالغ ُب العلوـ الثبلثة اليت ىي علم‬
‫الشريعة والطريقة وا‪ٟ‬تقيقة إذل ا‪ٟ‬تد الذي من بلغو كاف عا‪١‬تا ربانيا مربيا‬
‫ِ َِ‬
‫ىاديا مهديا‪ ,‬إذل أف قاؿ ‪ :‬واألصل ُب ا‪١‬تشيخة قولو تعاذل ‪ :‬إ َف الذ َ‬
‫ين‬
‫الِلُ قُػلُوبَػ ُه ْم‬
‫ين ْامتَ َح َن َ‬ ‫الِل أُولَئِ َ ِ‬
‫وؿ َِ‬‫يػغُضُّو َف أَصواتَػهم ِعْن َد رس ِ‬
‫ك ا لذ َ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َْ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫يم [ا‪ٟ‬تجرات‪ ]ٖ/‬وإذل غَت ذلك من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجٌر َعظ ٌ‬
‫للتَػ ْق َوى َ‪٢‬تُ ْم َم ْغفَرةٌ َوأ ْ‬
‫اآليات واألحاديث ا‪١‬تذكورة ُب حا‪٢‬تا‪ .‬اىػ‬
‫وأما شيخ الفتح فقاؿ ا‪ٟ‬تبيب حسن بن سقاؼ السقاؼ ُب كتابو "‬
‫نشر ‪٤‬تاسن األوصاؼ " ص ٕٓٔ ‪ :‬يقاؿ ‪ :‬من عبلمة شيخ الفتح‬
‫من ُ‪٬‬تدي فيك (أي ينفعك) سكوتو كما ‪٬‬تدي كبلمو‪ .‬وقاؿ فيو ص‬
‫ٕٕٔ ‪ :‬فمن كبلمو (أي ا‪ٟ‬تبيب عمر بن زين بن ‪ٝ‬تيط) رضي هللا‬
‫عنو ‪ :‬أف شيخ الفتح يقع واف دل ٭تصل بو اتفاؽ (أي فرصة اجتماع)‬

‫‪27‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ٓتبلؼ شيخ الًتبية والتسليك ال بد من تسليك ا‪١‬تريد على يديو‪,‬‬


‫كأيب مدين (ا‪١‬تغريب) مع سيدنا الفقيو (ا‪١‬تقدـ) حيث أرسل با‪٠‬ترقة‬
‫من غَت اتفاؽ وإ‪٪‬تا ىو با‪١‬تراسلة‪ ,‬حىت كاف آخر كتاب من أيب مدين‬
‫أنت فيو (أي‬
‫كتاب حيث ما َ‬‫ب لنا ٌ‬ ‫إذل سيدنا الفقيو " الَ َع َاد تُكتَ ُ‬
‫من مقامات الوالية) ما (للنفي) وصلناه (أي دل يصل أبو مدين إذل‬
‫ذلك ا‪١‬تقاـ وهللا أعلم) "‪ ,‬وسيدنا ا‪ٟ‬تبيب عبد هللا (ا‪ٟ‬تداد) مع‬
‫صاحب مكة (عادل مكة ا‪١‬تكرمة السيد ‪٤‬تمد بن علوي السقاؼ)‬
‫وصلت ا‪٠‬ترقة (إذل ا‪ٟ‬تبيب‬
‫ْ‬ ‫فحُت‬
‫با‪١‬تكاتبة حىت أرسل لسيدنا با‪٠‬ترقة َ‬
‫القطب ا‪ٟ‬تداد) ولبسها توُب شيخو ا‪١‬تذكور‪ .‬اىػ‬
‫وقاؿ ا‪ٟ‬تبيب علي بن حسُت بن ‪٤‬تمد بن حسُت بن جعفر العطاس‬
‫ُب كتابو تاج األعراس ج ٔ ص ‪ : ٔٙٓ – ٔ٘ٙ‬تنقسم ا‪١‬تشيخة إذل‬
‫ثبلثة أقساـ ‪:‬‬
‫أو‪٢‬تا ‪ :‬شيخ اإلرادة‪ .‬وىي ا‪١‬تقصودة عند اإلطبلؽ كما ىنا‪ .‬وصورهتا‬
‫‪ :‬أف يقرأ ا‪١‬تريد ُب شيئ من الكتب على شيخ أو يقرأ غَته على ذلك‬
‫الشيخ وا‪١‬تريد ا‪١‬تذكور يسمع قراءة ذلك الغَت أو يقرأ الشيخ نفسو‬
‫قاصدا األخذ عن‬
‫أيضا حالة كوف ذلك ا‪١‬تريد ً‬
‫وا‪١‬تريد ا‪١‬تذكور يسمع ً‬

‫‪28‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ذلك الشيخ واإلنتظاـ ُب سلك مريديو وعا‪١‬تا ٔتعٌت تلك القراءة ولو‬
‫من بعض الوجوه‪ ,‬سواءٌ اف تكلم ذلك الشيخ على شيئ من معان‬
‫تلك القراءة أو سكت‪ .‬وىذا القسم يسمى أخذ إرادة ويسمى أخذ‬
‫ٖتقيق‪ .‬ولئلكثار والتقليل من ذلك حكمهما‪ .‬ومن ىذا القسم تصاغ‬
‫حلقات سبلسل األخذ‪ ,‬وعليو تنبٍت األثبات ‪ٚ‬تع ثبت بالتحريك‪.‬‬
‫قاؿ العبلمة ا‪١‬تسند الشيخ يوسف بن ا‪ٝ‬تاعيل النبهان على ظهر ثبتو‬
‫" ىادي ا‪١‬تريد إذل طرؽ األسانيد " ‪ :‬الثبت بفتح الثاء ا‪١‬تثلثة وسكوف‬
‫ا‪١‬توحدة الثقة العدؿ‪ ,‬وبفتح ا‪١‬توحدة ىو ما ‪٬‬تمع مرويات الشيخ‬
‫انتهى‪ .‬قلت (القائل‪ :‬ا‪ٟ‬تبيب علي بن حسُت) ‪ :‬وأوؿ شيخ ٭تصل‬
‫للمريد عنده شرح الصدر وصفاء الذىن وذوؽ العلم يسمى شيخ‬
‫الفتح‪ .‬فيجب على ا‪١‬تريد تعظيمو وتقدٯتو زيادة على غَته من بقية‬
‫ا‪١‬تشايخ مع حفظ كرامتهم والوفاء ْتقهم‪.‬‬
‫وثانيها ‪ :‬مشيخة النسبة‪ .‬وىو أف شيوخ شيوخك ىم مشاٮتك أيضا‪.‬‬
‫شيخك‪ .‬ويسمى ىذا القسم‬
‫تباد َؿ األخ َذ معو ُ‬
‫وكذلك كل من َ‬
‫األخذ بالواسطة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وثالثها ‪ :‬مشيخة التربؾ والتشبو‪ .‬وىي أف ٭تضر اإلنساف ا‪١‬تتربؾ بقرب‬


‫الصا‪ٟ‬تُت أو ا‪١‬تتشبو بالسالكُت درس أحد ا‪١‬تشايخ أو يسمع مذاكرتو‬
‫أو يصافحو ويلتمس منو الدعاء ٍب ينتمي إذل ذلك الشيخ ويلتحق‬
‫ٔتريديو ُب ا‪ٞ‬تملة‪ .‬ويسمى ىذا القسم أخذ التربؾ‪.‬‬
‫و‪٬‬تري أيضا ىذا التقسيم ُب ‪ٚ‬تيع اإلتصاالت با‪١‬تشايخ من تلقُت‬
‫كلمة التوحيد وا‪١‬تصافحة ا‪١‬تعروفة واإللباس والتحكيم والصحبة‬
‫واإلجازة سواء كانت مكتوبة أو مشافهة وغَت ذلك من كل ما يعد‬
‫رابِطًا بُت ا‪١‬تريد والشيخ‪ .‬وأما قوؿ ا‪١‬تشايخ ُب إجازاهتم " أجزت فبلنا‬
‫بشرطو ا‪١‬تعترب " يعٍت عند أىل ىذا الفن وىو ‪ :‬تصحيح منت ا‪ٟ‬تديث‬
‫وضبط وإعراب ا‪١‬تشكل والتحرز من التحريف والتصحيف‪ .‬وعلى‬
‫ذلك يقاس غَته من كل ما يرويو ا‪١‬تريد عن ا‪١‬تشايخ‪.‬‬
‫وقاؿ اإلماـ احملقق والبحاثة ا‪١‬تدقق ا‪ٟ‬تبيب علي بن حسن العطاس ُب‬
‫كتابو " العطية ا‪٢‬تنية والوصية ا‪١‬ترضية " بعد ما بُت ما ينبغي لطالب‬
‫العلم ٖتقيقو من العلوـ ما نصو ‪:‬‬
‫وليكن لك ُب أخذ ىذه العلوـ وسلوؾ سبيلها شيخ ‪٤‬تقق عارؼ‬
‫متضلع ذو فهم وعلم وحكم وأدب وحسب ونور وبصَتة منَتة‬

‫‪31‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وحسن سريرة وسَتة يرجع ُب علمو إذل شيخ أو شيوخ ‪٢‬تم سلسلة‬ ‫ُ‬
‫متصلة يرتفع سندىا إذل رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم‪ ,‬واف اتفق‬
‫شريف علوي حسيٍت سٍت فهو الكماؿ قاؿ عليو الصبلة والسبلـ ‪:‬‬
‫عادل قريش ٯتؤل طباؽ األرض علما‪ .‬ا‪ٟ‬تديث ا‪١‬تشهور‪ .‬وقاؿ أيضا ‪:‬‬
‫تعلموا منها أي من قريش‪ ,‬ألنك بذلك تصَت لو ابنًا فيكوف لك أبًا‬
‫و٭تصل اإلتصاؿ الروحي الذي أدرؾ سلماف وجرى عليو السلف‬
‫وا‪٠‬تلف‪.‬‬
‫فإذا لقيت ذلك الشيخ فينبغي لك أف تلقي قيادؾ إليو وتعتمد ُب‬
‫مهمات أمورؾ عليو وٗتضع نفسك باإلنقياد لديو وٕتعلو واسطة‬
‫بينك وبُت هللا وتأخذ لك منو إجازة ُب رواية العلوـ الشرعية ‪ٚ‬تلة‬
‫وتطلب منو لباس ا‪٠‬ترقة الصوفية وتلقُت كلمة ال إلو إال هللا وا‪١‬تصافحة‬
‫ا‪١‬تعروفة عند أىل الطريق‪ ,‬فإنك بذلك تنتظم ُب سلك أىل تلك‬
‫السلسلة ويكوف لك ما ‪٢‬تم وعليك ما عليهم اف شاء هللا تعاذل‬
‫وتعاملو باألدب ْتيث ال تصدر إال عن رأيو من كل أمر وعلى كل‬
‫حاؿ وإف َ‬
‫دؽ‪ ,‬وتعتمد ما قالو وإف ش َق‪ .‬وتعتمد ُب معرفة ما لو‬

‫‪30‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫عليك من ا‪ٟ‬تقوؽ ما ذكره حجة اإلسبلـ (الغزارل) ُب البداية واإلحياء‬


‫و‪٤‬تي الدين (النووي) ُب التبياف وغَته‪.‬‬
‫فإف احملصوؿ من العلم والفتح والنور أعٍت الكشف للحجب على‬
‫قدر األدب مع الشيخ‪ ,‬وعلى قدر كرب ما يكوف كِبَػُر مقدا ِره (أي‬
‫الشيخ) عندؾ يكوف لك ذلك ا‪١‬تقدار عند هللا بغَت شك‪.‬‬
‫وبا‪ٞ‬تملة ‪ :‬فينبغي لك أف تقطع بأف ما على وجو األرض أفضل وال‬
‫أكمل وال أنبل وال أجل منو‪ ,‬وأف ترى ‪ٚ‬تيع مراتب ا‪١‬تشايخ دوف‬
‫مرتبتو وإف جلوا‪ ,‬وأف ال تعًتض عليو ُب أمر من األمور ال ظاىرا وال‬
‫ورقِ ِّي أعلى ا‪١‬تراتب‪ .‬قاؿ سيدنا‬
‫فر ّتميع ا‪١‬تطالب ُ‬‫َ‬
‫باطنا إف شئت الظ َ‬
‫فعززت مطلوبًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذللت طالبًا‬
‫عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما ‪َ :‬‬
‫وكاف (ابن عباس) يقبل قدـ شيخو زيد بن ثابت بن الضحاؾ‬
‫ا‪٠‬تزرجي األنصاري ويأخذ بركاب بغلتو‪ .‬وكاف األمُت وا‪١‬تأموف ابنا‬
‫ىاروف الرشيد يتبادراف نعلي شيخهما الكسائي أيهما يلبسو إيا‪٫‬تا‬
‫فيقوؿ ‪٢‬تما عند ذلك ‪ :‬لكل واحد واحدة‪ .‬وقد روي ُب ا‪ٟ‬تديث ‪:‬‬
‫آبائك ثبلثة ‪ :‬أبوؾ الذي ولدؾ والذي زوجك ابنتو والذي علَمك‬
‫وىو أفضلهم‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫واعلم أف الشيخ ا‪١‬تقتدى بو ُب التعليم واإلىتداء إذل سبيل الغفور‬


‫الرحيم يعتمد ُب ٘تكُت اإلتصاؿ وحصوؿ القبوؿ واإلقباؿ منو ُب كل‬
‫حالة منو على نية الطالب ومقصد الراغب‪ ,‬ال ينفك منو إال إذا وقع‬
‫ذلك من الطالب‪ .‬وأما منو فبل ٭تصل اإلنفكاؾ ولو أراده‪ .‬مثاؿ‬
‫إماما ‪ٞ‬تماعة دوف فبلف "‬
‫ذلك ‪ :‬اإلماـ ُب الصبلة‪ ,‬فإنو لو قاؿ " ً‬
‫فإِنا ال تبطل قدوتو بو‪ .‬وأما ا‪١‬تقتدي فمىت نوى ا‪١‬تفارقة انقطعت‬
‫القدوة بأوؿ خاطر‪ .‬انتهى ا‪١‬تراد من الوصية ا‪١‬ترضية (للحبيب علي بن‬
‫حسن العطاس)‪.‬‬
‫شعرا ُب ذلك ‪:‬‬
‫وقاؿ الشيخ ‪٤‬تمد بن عبد الدامي الشهَت بابن ا‪١‬تيلق ً‬

‫الشيخ ُب أعلى منازلو ‪ ‬واجعلو قبلةَ تعظي ٍم وتنزيو‬


‫َ‬ ‫و ِ‬
‫أنزؿ‬
‫اعتقادؾ فيو ال شبيو لو ‪ ‬من أولياء عصره يدانيو‬
‫َ‬ ‫وِ‬
‫الق‬
‫ب وهللا يعطيو‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وا‪١‬ترءُ ا ْف يَعتق ْد شيئا وليس كما ‪ ‬يظنو دل َٮت ْ‬
‫وليس ينفع قطب ِ‬
‫الوقت ذَا ٍ‬
‫خلل ‪ُ ‬ب االعتقاد وال َمن ال يواليو‬ ‫ُ ُ‬

‫‪33‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اىػ كبلـ ا‪ٟ‬تبيب علي بن حسُت صاحب التاج‪ ,‬وىو كما ترى غُ ٌرر‬
‫غالية مفيدة اف شاء هللا تعاذل‪ ,‬وكل ذلك فوائد نفيسة ترجع إذل ا‪١‬تريد‬
‫ُب دينو وسعادة دنياه وآخراه‪ ,‬وهللا يتوذل ُىدانا آمُت‪.‬‬

‫‪ -ٛ‬حكم تعدد الشيخ‬

‫قاؿ الشيخ ‪٤‬تمد عبد الباقي األيويب ُب كتبو " ا‪١‬تناىل السلسلة ُب‬
‫األحاديث ا‪١‬تسلسلة " ص ‪ : ٖٜٙ-ٖٙٛ‬الشيخ شيخاف ‪ :‬شيخ‬
‫الًتبية والتحكيم وشيخ الصحبة والتربؾ‪ .‬فشيخ الًتبية ال ‪٬‬توز تعدده‪.‬‬
‫وبالغ الشيخ األكرب (ابن عريب) ُب ٖتتُّم وحدتو‪ .‬وذكر العارؼ عبد‬
‫الكرمي السماف (لعلو ‪٤‬تمد بن عبد الكرمي) أف عليو ‪ٚ‬تهور ا‪١‬تشائخ‪.‬‬
‫وقاؿ صاحب الرائية (من ْتر الطويل) ‪:‬‬

‫وال تَػ ْق َد َم ْن قبل اعتقادؾ أنو ‪ٍّ ....‬‬


‫مرب وال أوذل هبا منو ُب العصر‬
‫حملبوب السر ِ‬
‫اية ال تسري‬ ‫فإف رقيب اإللتفات لغَته ‪ ....‬يقوؿ ِ‬
‫قاؿ الغوث (عبد العزيز) الدباغ (ا‪١‬تغريب) ‪ :‬إ‪٪‬تا وجب عليو ذلك ألف‬
‫شيخ غَته يقطع عنو ا‪١‬تادة‬
‫الشيخ الذي يرى من مريده اإللتفات إذل ٍ‬

‫‪34‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫(لعلو ا‪١‬تدد)‪ .‬وأما شيخ الصحبة فج َوزوا تعدده وىو ‪٤‬تمل قوؿ‬
‫الفاسي (حيث قاؿ ‪ :‬ا‪١‬تعترب ُب لباس ا‪٠‬ترقة الشريفة كثرة ا‪١‬تشائخ إذ‬
‫بكثرهتم يكثر أنواع ا‪٠‬تَت) ألنو يتربؾ باألخذ عنو‪ .‬وقاؿ احملدث ورل‬
‫هللا العمري ُب تكرار البيعة من شخصُت (شيخُت) ‪ :‬أنو إف كاف‬
‫بظهور خلل فيمن بايعو فبل بأس‪ ,‬وكذلك بعد موتو أو غيبتو‬
‫ا‪١‬تنقطعة‪ .‬وأما ببل عذر فإنو يشبو التبلعب ويُذىب الربكة ويصرؼ‬
‫قلوب الشيوخ عن تعهده‪ ,‬انتهى (كبلـ العمري)‪ .‬بل قاؿ بعضهم ‪:‬‬
‫إف من بايع على يد من دل يتأىل للمشيخة أنو ال تصح إرادتو‪ ,‬وإ‪٪‬تا‬
‫ِ‬
‫مكمل‪ ,‬وإن ْتمد هللا دل أتقدـ با‪١‬تبايعة‬
‫تصح اإلرادة مع شيخ كامل ّ‬
‫على يد شيخنا وموالنا ‪٤‬تمد عبد الرزاؽ األنصاري إال بعد أف تيقنت‬
‫استقامتو وٖتققت واليتو ٍب دل تر عيٍت ُب حياتو وال بعد ‪٦‬تاتو مثلَو‪.‬‬
‫اىػ أيويب‪ .‬أال ترى وىو كبلـ غاؿ ‪٤‬تشو بالآلؿ فاغتنمو !‪ .‬والظاىر‬
‫عندي أف مقصوده بالتأىل للمشيخة ىو من يعلمك الشريعة‬
‫والطريقة وا‪ٟ‬تقيقة‪ .‬أما من يعلمك ا‪ٟ‬تقيقة وال يعلمك الشريعة فهو‬
‫شيطاف وىذا كثَت ُب ىذا الزماف‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ -ٜ‬فوائد الصحبة وأسرارىا‬

‫قاؿ اإلماـ أ‪ٛ‬تد الكمشخانوي النقشبندي ُب كتابو النفيس " جامع‬


‫األصوؿ ُب األولياء " ص ٖٓ – ٖٔ ‪ :‬بياف فوائد الصحبة وآداهبا ‪:‬‬
‫اعلم أف للصحبة ثبلث فوائد ‪:‬‬
‫أف صحبة أىل ا‪٠‬تَت ٘تنع ا‪١‬تريد عن اإلنقبلب والعود إذل‬ ‫ٔ‪.‬‬
‫البطالة وتبعد النفس عن التشوؽ إذل ا‪١‬تعاصي‪ .‬فإف البعد‬
‫عن ا‪١‬تعاصي يثقل فعلها على النفس‪ ,‬والقرب من‬
‫يهوف أمرىا على النفس‪ ,‬فربكة الصحبة وقوة‬‫الطاعات ّ‬
‫الروحانية القدسية يسهل أمر‪٫‬تا عليو‪.‬‬
‫أف علم القلوب ال يصطاد إال بالصحبة‪ .‬فإف َمن (أي‬ ‫ٕ‪.‬‬
‫ٮتل حاضروه‬
‫شيخ) ٖتقق حالو (أي من علم القلوب) دل ُ‬
‫منها (أي من الصحبة)‪ ,‬والطبع يسرؽ من الطبع من‬
‫حيث ال يعلم‪ ,‬وا‪١‬ترء على دين خليلو‪ ,‬وا‪١‬تؤمن مرآة أخيو‪,‬‬
‫وما كاف من ا‪١‬ترئيات انطبع ُب ا‪١‬ترآة ا‪١‬تقابلة ‪٢‬تا‪ ,‬ولذا‪ :‬كاف‬
‫معوؿ الشاذلية والنقشبندية على الصحبة‪{ .‬واعلم} أف‬

‫‪36‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الداعي للصحبة بُت اثنُت‪ :‬وجود ا‪ٞ‬تنسية والنسبة بينهما‪,‬‬


‫فبل يصحب إال َمن وجد‪٫‬تا‪ .‬فإنك ٕتد جنس البشر مثبل‬
‫ٯتيل بعضهم إذل بعض‪ ,‬وكذلك غَتىم من ا‪ٟ‬تيوانات ٯتيل‬
‫كل نوع إذل بعضو أكثر من ميلو إذل النوع اآلخر‪ ,‬وكميل‬
‫أىل ا‪١‬تلة إذل بعضهم‪ ,‬وكميل أىل الطاعة إذل بعضهم‪,‬‬
‫وكذلك أىل ا‪١‬تعصية‪ ,‬وكميل أىل الشرع والطريقة وا‪ٟ‬تقيقة‬
‫وا‪١‬تعرفة‪ ,‬وكذلك أىل كل علم وحاؿ وقاؿ ومقاـ وصنائع‬
‫وحرفة‪ ,‬ويؤيد ذلك قوؿ النيب صلى هللا عليو وسلم ‪" :‬‬
‫األرواح جنود ‪٣‬تندة‪ ,‬فما تعارؼ منها ائتلف‪ ,‬وما تناكر‬
‫منها اختلف "‪ .‬فإذا علمت أف ا‪١‬توجب (أي ا‪١‬تسبِّب)‬
‫للصحبة وجود ا‪ٞ‬تنسية والنسبة فتف َق ْد نفسك عند ا‪١‬تيل‬
‫إذل صحبة شخص وا‪ٟ‬تالة اليت فيو من أجلها أحببتَو وِزف‬
‫ذلك ٔتيزاف الشرع ‪ :‬فإذا رأيت أحوالو مسدَدة ِّ‬
‫فبشر‬
‫نفسك ْتسن ا‪ٟ‬تاؿ‪ ,‬وإذا رأيت أحوالو غَت مسددة‬
‫فارجع إذل نفسك باللوـ فإف تلك ا‪ٟ‬تالة القبيحة مركوزة‬
‫ُب نفسك وفَِر منو كفرارؾ من األسد فإنو زادؾ ظلمة‬

‫‪37‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وبعدا ومقتا وغفلة ونقمة‪ .‬فيجب أف تقتدي ٔتن علم‬


‫بالديانة والصيانة والر‪ٛ‬تة والعفة والتقوى واألمانة من البدع‬
‫واألىواء وا‪٠‬تيانة بعد أف ٖتقق أف طريقتو موافقة للكتاب‬
‫والسنة وأفعاؿ الصحابة وا‪١‬تشائخ الراسخُت والعارفُت‬
‫وكبار األمة‪.‬‬
‫أف السالك مبتلى بنفسو‪ .‬فإذا عمل وحده رٔتا ظفر منو‬ ‫ٖ‪.‬‬
‫الشيطاف ٓتياالت وأوىاـ وعقائد فاسدة وأفكار كاسدة‬
‫وكسل ومكر وحيل وزندقة واستدراج وغَتىا ويو‪٫‬تو أف‬
‫ذلك من األحواؿ واألصوؿ وىو ال يدري وال سيما‬
‫ا‪١‬تبتدئ‪ ,‬فإنو يشوش عليو ىذه ا‪ٟ‬تالة‪ ,‬فبل بد من شيخ‬
‫بشروطو السابقة لينجو من ىذه الورطة وعقبات الطريق‬
‫وتوقُّفو‪.‬‬
‫وقاؿ الشيخ ‪٤‬تمد عبد الباقي األيويب ُب كتبو " ا‪١‬تناىل السلسلة‬
‫ُب األحاديث ا‪١‬تسلسلة " ص ‪ : ٖٙٛ-ٖٙٚ‬وقاؿ ا‪ٟ‬تافظ أبو‬
‫بكر بن ناصر ‪ :‬النزوؿ ُب سند الصوفية ضد العلو ُب سند‬
‫احملدثُت‪ ,‬ألف النزوؿ ُب ىذا علو عند العارفُت لتضاعف الربكة‬

‫‪38‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫من كثرة أيدي الصا‪ٟ‬تُت‪ .‬وقاؿ (ابن ناصر) ‪ :‬علماءُ الصوفية‬


‫وا‪١‬تشائخ احملققوف باألحواؿ الذين أفادىم العلم بعلم الدراسة علم‬
‫قلوب الصادقُت وىو جنود هللا ُب األرض‪,‬‬
‫الوراثة ‪٬َ :‬تذبوف َ‬
‫ولكن يستفاد بطريق الصحبة كالبدر الذي أودع هللا فيو خاصية‬
‫النماء والقوت‪ .‬وطريق الصحبة متصل بالنيب صلى هللا عليو‬
‫نفسو بقوـ اتصل هبم بر‪ٛ‬تة أرح ِم الرا‪ٛ‬تُت‪,‬‬
‫وسلم‪ .‬فمن وصل َ‬
‫ومن تشبو بقوـ فهو منهم وا‪١‬ترء مع من أحب‪ .‬وقاؿ (ابن ناصر)‬
‫‪ُ :‬ب الذين يلبسوف ا‪٠‬ترقة من أيدي الصا‪ٟ‬تُت الربكةُ ألف من‬
‫نظروا إليو فاضت بركاهتم عليو بل تسري بركاهتم عليو من وجوه‬
‫حىت من ‪ٚ‬تاد وقع نظرىم عليو أو ‪١‬تسوه‪ .‬اىػ‬

‫ٓٔ‪ -‬فضائل ‪٤‬تبة األولياء ونظرىم وزيارهتم‬

‫ذكر اإلماـ أبو علي الكوىن الفاسي ُ‪ٚ‬تبل من فضائل األولياء و‪٤‬تبتهم‬
‫ُب كتابو القيم " طبقات الشاذلية الكربى " ص ٔٔ – ‪ ٔٚ‬فمما‬
‫قاؿ ‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ ‬وأما إظهار فضائلهم ومناقبهم ومزاياىم فقد تقرر عند‬


‫األكابر أف إظهار فضل األولياء لينتفع هبا الوجود من‬
‫‪٤‬تبتهم‪ .‬قاؿ صلى هللا عليو وسلم ‪ " :‬ا‪١‬ترء مع من أحب "‬
‫(رواه البخاري ومسلم)‪ .‬و‪٤‬تبتهم وتوقَتىم من ‪٤‬تبة هللا‬
‫والرسوؿ‪.‬‬
‫القلوب ‪ٝ‬تاعُها * ويَروي‬
‫َ‬ ‫‪ ‬وهلل در القائل ‪ :‬حكايا ُهتم ُ٭تيِي‬
‫بعذب شر ِ‬
‫اب‬ ‫ظما الصادي ِ‬
‫‪ ‬قاؿ الشيخ العارؼ باهلل شاه بن شجاع الكرمان ‪ :‬ما تعبد‬
‫متعبد بأكثر من التحبب إذل أولياء هللا تعاذل‪.‬‬
‫‪ ‬وقاؿ بعض العارفُت ‪ :‬إذا أحب هللا عبدا حبَب إليو زيارة‬
‫أوليائو وأحبائو‪.‬‬

‫‪ ‬وقاؿ سيدي الشيخ مكُت الدين األ‪ٝ‬تر ‪ :‬كما أف للدنيا أبناءً‬


‫من استند إليهم كفاه‪ ,‬كذلك لآلخرة أولياء من أحبهم‬
‫واستند إليهم أغناه‪ .‬وال تقل ‪ :‬طلبتهم فلم أجدىم‪ .‬فلو‬
‫طلبتهم بصدؽ نية لوجدهتم‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ ‬وقاؿ الشيخ سيدي تاج الدين بن عطاء هللا السكندري ‪:‬‬


‫إياؾ يا مسكُت أف تقوؿ ‪ :‬إف أولياء هللا دل يوجدوا‪,‬‬
‫فتُحجب عن رؤيتهم‪ ,‬وتفوتك صحبتهم و‪٤‬تبتهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫حسن يا مسكُت ظنك باهلل‬ ‫‪ ‬وقاؿ الشاذرل قدس سره ‪ّ :‬‬
‫وبعباد هللا‪ ,‬وأكثر من ‪٤‬تبة أوليائو تكن منهم وٖتشر معهم‬
‫لقولو عليو السبلـ " من أحب قوما ُحشر معهم "‪.‬‬
‫‪ ‬وقاؿ الشيخ سيدي أبو العباس ا‪١‬ترسي رضي هللا عنو ‪ :‬معرفة‬
‫الورل أصعب من معرفة هللا‪ ,‬فإف هللا معروؼ بكمالو وجبللو‪.‬‬
‫عرفك بورل من أوليائو طوى عنك شهود‬ ‫فإذا أراد هللا أف يُ ِّ‬
‫بشريتو وأشهدؾ وجود خصوصيتو‪ .‬وُب ىذا إشارة إذل قولو‬
‫تعاذل " أوليائي ٖتت فنائي‪ ,‬ال يعرفهم أحد غَتي "‪ .‬وىذا‬
‫من ِغَتة ا‪ٟ‬تق سبحانو على أىل حضرتو فبل يُظهرىم إال ‪١‬تن‬
‫كشف عن قلبو ا‪ٟ‬تجاب‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬وقاؿ العارؼ باهلل شيخ شيوخنا سيدي أبو بكر البنان رضي‬
‫هللا عنو ُب " الفتوحات القدسية " ما نصو ‪ :‬واعلم أف نظر‬
‫العلماء الراسخُت والرجاؿ البالغُت ترياؽ نافع‪ ,‬ينظر أحدىم‬

‫‪40‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫حسن استعداده‪,‬‬
‫إذل الرجل الصادؽ فيستنشق بنفوذ بصَتتو َ‬
‫اىب هللا تعاذل ا‪٠‬تاصة‪ ,‬فيقع ُب قلبو ‪٤‬تبةُ ا‪١‬تريد‬
‫واستئهالو مو َ‬
‫بصَتة‪ ,‬وىم من جنود‬ ‫ٍ‬ ‫الصادؽ‪ ,‬وينظر إليو نظرَة ٍ‬
‫‪٤‬تبة عن‬
‫هللا‪ ,‬فيكسبوف بنظرىم أحواال سنيةً‪ ,‬ويهبوف آثارا مرضية‪.‬‬
‫الرجل من نفس‬
‫َ‬ ‫وقاؿ الشاذرل رضي هللا عنو ‪ :‬إن ألُوصل‬
‫واحد‪ .‬وقاؿ ا‪١‬ترسي رضي هللا عنو ‪ :‬وهللا ما بيٍت وبُت الرجل‬
‫إال أف أنظر إليو نظرة وقد أغنيتو يعٍت الغٌت ا‪١‬تعنوي فهو‬
‫الغٌت الدائم‪.‬‬

‫‪ ‬ولقد وقعت رل حكاية أسوقها إليك لتعلم أف نظرىم إكسَتٌ‬


‫أسرعُ من الكربيت األ‪ٛ‬تر (ُب لساف العرب ٕ‪: ٚٙ/‬‬
‫الكربيت ‪ :‬الياقوت أو الذىب األ‪ٛ‬تر) الذي يعكس‬
‫النحاس ذىبا ‪١ :‬تا أذنت العناية الربانية باجتماعي بشيخنا‬
‫الشيخ نسيم الدرمللي قدس سره‪ ,‬وكاف اجتماعي بو على‬
‫لت ‪١‬تقابلتو ‪١‬تا سبق ُب‬ ‫ٍ‬
‫غَت موعد‪ ,‬وبدوف سابق معرفة‪ ,‬فتأ َى ُ‬
‫علم هللا األزرل‪ ,‬فأمدَن بنظراتو‪ ,‬ولقد كانت ‪٢‬تا تأثَت‬
‫عجيب‪ ,‬فهم أىل البصائر‪ ,‬وكاف ما حصل بعدىا وما أنا‬

‫‪42‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أ‪ٛ‬تد هللا تعاذل عليو اآلف‪ .‬فقد أدركنا بفضلو سبحانو هبذه‬
‫ومعٌت‪ .‬وهلل ا‪ٟ‬تمد وا‪١‬تنة‪.‬‬
‫قبل حسا ً‬
‫النظرة ما دل نُدركو من ُ‬
‫‪ ‬قاؿ العارؼ الكبَت شيخنا الشيخ سيدي أبو ا‪١‬تواىب فتح‬
‫هللا البنان الرباطي رضي هللا عنو ‪ :‬من زار وليا من أولياء هللا‬
‫تعاذل حيا كاف أو ميتا‪ ,‬فإف الًتاب الذي ٯتشي عليو ُب‬
‫طريق ذىابو لزيارة ذلك الورل يَنقلو هللاُ تعاذل إذل ببلد‬
‫الكفار‪ ,‬فكل من مشى عليو من الكفار ألقى هللا ُب قلبو‬
‫ا‪٢‬تداية‪ ,‬وأ‪٢‬تمو كلمة التوحيد‪ ,‬فينعكس من الظلمة إذل النور‪,‬‬
‫ويكتب ثواب ذلك إذل الزائر‪ .‬أو كبلـ ىذا معناه‪ .‬فانظر يا‬
‫أخي إذل ىذه الكرامة العظيمة‪ ,‬وهللا يهدي بفضلو من‬
‫يشاء‪ .‬اىػ‬

‫ٔٔ‪ -‬بعض آداب الصحبة وفيو وصية اإلماـ‬


‫ا‪ٟ‬تداد‬

‫‪43‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وقاؿ اإلماـ أ‪ٛ‬تد الكمشخانوي أيضا ُب كتابو " جامع األصوؿ ُب‬
‫األولياء " ص ٘٘ٔ ‪ :‬بياف حرمة ا‪١‬تشائخ والتعظيم ‪٢‬تم وترؾ‬
‫ا‪١‬تخالفة‪.‬‬
‫‪ ‬قاؿ هللا تعاذل ُب قصة موسى مع ا‪٠‬تضر عليهما السبلـ ‪" :‬‬
‫ىل أتبعك " ‪١‬تا أراد الصحبة حفظ شروط األدب فاستأذف‬
‫فيها أوال‪ ,‬فشرط عليو ا‪٠‬تضر أف ال يعارضو ُب شيئ بقولو "‬
‫فإف اتبعتٍت فبل تسألٍت عن شيئ "‪ ,‬و‪١‬تا خالفو ٕتاوز عنو ُب‬
‫ا‪١‬ترة األوذل والثانية‪ ,‬فلما انتهى إذل الثالثة وىي أُوذل مراتب‬
‫الكثرة سامو الفرقة بقولو " ىذا فراؽ بيٍت وبينك "‪.‬‬
‫‪ ‬وقاؿ النيب صلى هللا عليو وسلم ‪ :‬ما أكرـ شاب شيخا لسنو‬
‫إال قيض هللا من يكرمو عند كرب سنو‪.‬‬
‫‪ ‬وقاؿ ا‪١‬تشائخ ‪ :‬عقوؽ األستاذين ال توبة لو‪.‬‬
‫‪ ‬وقاؿ أبو سهل الصعلوكي ‪َ :‬من قاؿ ألستاذه " ِدلَ " ال‬
‫يفلح‪.‬‬
‫‪ ‬وقيل ‪ :‬إف شقيقا البلخي وأبا تراب النخشي قدما على أيب‬
‫يزيد وعنده شاب ٮتدمو فحضر الطعاـ فقاال للشاب ‪ :‬كل‬

‫‪44‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫معنا‪ ,‬فقاؿ ‪ :‬أنا صائم‪ ,‬فقاؿ أبو تراب ‪ :‬كل ولك أجر‬
‫صوـ شهر‪ ,‬فأىب‪ ,‬فقاؿ ‪٢‬تما أبو يزيد ‪ :‬دعا من سقط من‬
‫عُت هللا‪ ,‬فأخذ ذلك ُب السرقة بعد سنة وقطعت يده‪.‬‬
‫‪ ‬وقيل ‪ :‬ما استصغر أحد أحدا إال حرـ فائدتو‪ .‬اىػ‬

‫وقاؿ ا‪ٟ‬تبيب عبد هللا بن علوي ا‪ٟ‬تداد ُب " آداب سلوؾ ا‪١‬تريد " ص‬
‫ولتكن لك أيها ا‪١‬تريد عنايةٌ تامةٌ بصحبة األخيار و‪٣‬تالسة‬
‫ْ‬ ‫ٔ٘‪: ٖ٘-‬‬
‫الصا‪ٟ‬تُت األبرار‪,‬‬
‫وكن شديد ا‪ٟ‬ترص على طلب شيخ صاحل مرشد ناصح عارؼ‬
‫بالشريعة سالك للطريقة ذائق للحقيقة كامل العقل واسع الصدر‬
‫حسن السياسة عارؼ بطبقات الناس ‪٦‬تَُيِّز بُت غرائزىم وفِطَرىم‬
‫وأحوا‪٢‬تم‪.‬‬
‫نفسك عليو وح ِّك ْمو ُب ‪ٚ‬تيع أمورؾ و ْارِج ْع إذل‬ ‫ِ‬
‫رت بو فألْق َ‬
‫ِ‬
‫فإف ظف َ‬
‫وم ُشورتو ُب كل شأنك واقتد بو ُب ‪ٚ‬تيع أفعالو وأقوالو إال فيما‬‫رأيو َ‬
‫ومداراهتم ودعوة‬‫يكوف خاصا منها ٔترتبة ا‪١‬تشيخة كمخالطة الناس ُ‬
‫ِ‬
‫القريب والبعيد إذل هللا وما أشبو ذلك فتُ َسلّ ُمو لو وال تع ًِت ْ‬
‫ض عليو ُب‬

‫‪45‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫شيئ من‬
‫شيئ من أحوالو ال ظاىرا وال باطنا‪ .‬وإف وقع من قلبك ٌ‬
‫نتف فح ِّد ْ‬
‫ث بو‬ ‫ا‪٠‬تواطر ُب جهتو فاجتهد ُب نفيو عنك‪ ,‬فإف دل ي ِ‬
‫َ‬
‫الشيخ ليُػ َعِّرفك وجوَ ا‪٠‬تبلص منو‪ ,‬وكذلك ُٗتربه بكل ما يقع لك‬
‫َ‬
‫خصوصا فيما يتعلق بالطريق‪.‬‬
‫تعلم أنو يطلع عليك وتَعصيو ُب‬
‫وحيث ُ‬
‫ُ‬ ‫احذر أف تطيعو ُب العبلنية‬
‫و ْ‬
‫السر وحيث ال يعلم فتَػ َق ُع ُب ا‪٢‬تبلؾ‪.‬‬
‫بأحد من ا‪١‬تشايخ ا‪١‬تتظاىرين بالتسليك إال عن إذنو‪ ,‬فإف‬ ‫وال ٕتتمع ٍ‬
‫ْ‬
‫أردت‪ .‬وإف دل يأذف لك فاعلم‬ ‫اجتمع ٔتن َ‬
‫أذف لك فاحف ْظ قلبَك و ْ‬
‫ا‪ٟ‬تسد والغَيػرَة‪ ,‬معا َذ ِ‬
‫هللا أف‬ ‫أنو قد آثر مصلحتك فبل تَػتَ ِه ْمو وتظن بو‬
‫َ َْ‬
‫مثل ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يصد َر عن أىل هللا وخاصتو ُ‬ ‫ُ‬
‫احذر من مطالبة الشيخ بالكرامات وا‪١‬تكاشفة ٓتواطرؾ فإف الغيب‬
‫و ْ‬
‫يطلعو هللا على بعض الغيوب ُب‬
‫ال يعلمو إال هللا‪ .‬وغايةُ الورل أف َ‬
‫بعض األحياف‪ ,‬ورٔتا دخل ا‪١‬تريد على شيخو يطلب منو أف يكاشفو‬
‫وسًتا‬
‫ومكاشف بو صيانةً للسر ً‬
‫َ‬ ‫ٓتاطره فبل يكاشفو وىو مطَلِ ٌع عليو‬
‫للحاؿ‪ ,‬فإِنم رضي هللا عنهم أحرص الناس على كتماف األسرار‬

‫‪46‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وصِّرفوا‬ ‫ِ‬
‫أبعدىم عن التظاىر بالكرامات وا‪٠‬توارؽ وإف ُم ّكنُوا منها ُ‬
‫و ُ‬
‫فيها‪.‬‬
‫وأكثر الكرامات الواقعة من األولياء وقعت بدوف اختيارىم وكانوا إذا‬
‫وصوف َمن ظَ َهَر لو أف ال ُ٭ت ِّدث بو حىت‬
‫شيئ من ذلك يُ ُ‬
‫ظهر عليهم ٌ‬
‫ٮترجوا من الدنيا‪ .‬ورٔتا أظهروا منها شيئا اختيارا ‪١‬تصلحة تزيد على‬
‫مصلحة ال َس ًْت‪ .‬اىػ ر‪ٛ‬تو هللا تعاذل‪.‬‬

‫ٕٔ‪ -‬التحذير من التكلم بكبلـ الصوفية أو التزي‬


‫بزيهم وعدـ التخلق بأخبلقهم السنية والتحذير من‬
‫صحبة من اتصف بذلك‬

‫ين آَ َمنُوا ِدلَ تَػ ُقولُو َف َما َال تَػ ْف َعلُو َف (ٕ) َكبُػَر‬ ‫َِ‬
‫قاؿ هللا تعاذل ‪ :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬
‫الِل أَ ْف تَػ ُقولُوا َما َال تَػ ْف َعلُو َف (ٖ) سورة الصف‪.‬‬ ‫م ْقتا ِعْن َد َِ‬
‫ًَ‬
‫قاؿ اإلماـ أبو القاسم القشَتي فيمن أدركو ٖتلى ْتلية القوـ ُب‬
‫ظاىره وتعرى عنهم ُب باطنو ‪:‬‬

‫‪47‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أما ا‪٠‬تياـ فإِنا كخيامهم وأرى نساء ا‪ٟ‬تي غَت نسائها‬


‫أراد با‪٠‬تياـ الزي الظاىر‪ ,‬وأراد بالنساء األفعاؿ واألخبلؽ‪.‬‬
‫قاؿ ا‪ٟ‬تافظ ا‪١‬تنذري ُب كتابو " الًتغيب والًتىيب " ٔ ‪: ٜٖ /‬‬
‫(ا‪ٟ‬تديث ٕ٘ٔ) وعن مالك بن دينار عن ا‪ٟ‬تسن (البصري) قاؿ ‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم ‪ " :‬ما من عبد ٮتطب خطبة إال‬
‫هللا عز وجل سائلو عنو " (أي ىل كاف يعمل ٔتا يقوؿ – اىػ ‪٤‬تققو‬
‫اللحاـ) أظنو قاؿ ‪ " :‬ما أراد هبا "‪ .‬قاؿ جعفر ‪ :‬كاف‬
‫سعيد ‪٤‬تمد ّ‬
‫مالك بن دينار إذا حدَث هبذا ا‪ٟ‬تديث بكى حىت ينقطع ٍب يقوؿ ‪:‬‬
‫ٖتسبوف أف عيٍت ت َقُّر بكبلمي عليكم وأنا أعلم أف هللا عز وجل‬‫َ‬
‫سائلي عنو يوـ القيامة ما أردت بو ؟ رواه ابن أيب الدنيا والبيهقي‬
‫مرسبل بإسناد جيد‪( .‬ا‪ٟ‬تديث ‪ )ٕٔٙ‬وعن لقماف يعٍت ابن عامر قاؿ‬
‫‪ :‬كاف أبو الدرداء رضي هللا عنو يقوؿ ‪ :‬إ‪٪‬تا أخشى من ريب يوـ‬
‫القيامة أف يدعون على رؤوس ا‪٠‬تبلئق فيقوؿ رل ‪ :‬يا عوٯتر (تصغَت‬
‫مت ؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لت فيما عل َ‬‫ا‪ٝ‬تو عامر)‪ ,‬فأقوؿ ‪ :‬لبيك ريب‪ ,‬فيقوؿ ‪ :‬ما عم َ‬
‫رواه البيهقي اىػ منذري‬

‫‪48‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫قاؿ اإلماـ ابن عريب ُب كتابو " روح القدس ُب ‪٤‬تاسبة النفس " ص‬
‫‪ِ : ٔٚ‬‬
‫وهللا ما أعلم أىل الطريق كذا‪ ,‬وما كاف الطريق إال بالقعود ُب‬
‫اضعا) ‪٣‬تاىد ًة‪ ,‬وٖتمل األذى وكفة رياضة‪ ,‬والر‪ٛ‬تة‬
‫مرابض الكبلب (تو ً‬
‫والشفقة والعطف على الفقراء وا‪١‬تساكُت وا‪١‬تسلمُت كافة ٖتقيقا‬
‫ومعرفة‪ ,‬أين ىم من صفة أىل هللا ؟‪ .‬اىػ‬
‫فعلينا أف نفر من أمثاؿ ىؤالء وال نصاحبهم وال نتعلم الدين منهم‬
‫شفقةً لديننا فإف الطبع يسرؽ من الطبع فقد ثبت ُب الصحيحُت عن‬
‫أيب ىريرة رضي هللا عنو قاؿ ‪ٝ‬تعت رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم‬
‫َس ِد‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يقوؿ ‪ :‬فَر م ْن الْ َم ْج ُذوـ فَر َارَؾ م ْن ْاأل َ‬
‫وقد قاؿ اإلماـ الغزارل ر‪ٛ‬تو هللا ُب كتابو " إحياء علوـ الدين " (ج ٕ‬
‫‪ /‬ص ٖ‪ : )ٔٚ‬وأما ا‪ٟ‬تريص على الدنيا فصحبتو سم قاتل‪ ,‬ألف‬
‫الطباع ‪٣‬تبولة على التشبو و االقتداء‪ ,‬بل الطبع يسرؽ من الطبع من‬
‫حيث ال يدري صاحبو‪ .‬فمجالسة ا‪ٟ‬تريص على الدنيا ِّ‬
‫ٖترؾ ا‪ٟ‬ترص‪.‬‬
‫تزىد ُب الدنيا‪ .‬فلذلك تُكره صحبة طبلب الدنيا‬ ‫ِ‬
‫و‪٣‬تالسة الزاىد ّ‬
‫ويستحب صحبة الراغبُت ُب اآلخرة‪ .‬اىػ‬

‫‪49‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وقد قاؿ احملققوف عن فضيلة الصحبة ‪ :‬ال ٮتفى ما للصحبة من أثر‬


‫فاعل ُب اكتساب األخبلؽ سلبا أو إ‪٬‬تابا ‪ ،‬ومسارقة الطبع تؤدي ُب‬
‫ذلك دورا كبَتا ‪ (( ،‬إذ الطبع يسرؽ من الطبع الشر وا‪٠‬تَت ‪ٚ‬تيعا ))‬

‫ٖٔ‪ -‬تنبيو ُب التحذير من سوء األدب‬

‫يقوؿ شيخنا العارؼ باهلل الشيخ السيد يوسف بن ‪٤‬تي الدين البخور‬
‫ا‪ٟ‬تسٍت الشاذرل ا‪١‬تصري ‪ :‬إذا تقدـ ا‪٠‬تاطب على امرأة يريد ِخطبتها‬
‫بسوء األدب فمن ا‪١‬تعروؼ عادةً أِنا يرميها ْتذائها‪ .‬اىػ أو كما قاؿ‬
‫حفظو هللا تعاذل‪.‬‬
‫بيت‪ .‬وفبلف صاحبُك أو تلميذؾ استأجره‬ ‫قلت ‪ :‬مثاؿ آخر ‪ :‬لك ٌ‬ ‫ُ‬
‫منك فآجرتو على واحد مليوف روبية شهريا مثبل فسكنو بأىلو‪ٍ .‬ب بعد‬
‫فدخلت فيو ببل إذف من صاحبك‪.‬‬
‫َ‬ ‫جئت إذل ذلك البيت‬
‫ُت َ‬ ‫حٍ‬
‫تنبو من مثل ىذا فإنو‬
‫فذلك سوء األدب وإف كاف البيت بيتك‪ .‬فليُ ْ‬
‫نفيس‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪51‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الفصل الثان‬

‫أسرار الذكر‬
‫قاؿ تعاذل ‪ :‬يا أَيػُّها الَ ِذين آَمنُوا اذْ ُكروا َ ِ ِ‬
‫الِلَ ذ ْكًرا َكث ًَتا (ٔٗ) َو َسبِّ ُحوهُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫صلِّي َعلَْي ُك ْم َوَم َبلئِ َكتُوُ لِيُ ْخ ِر َج ُك ْم ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بُكَْرةً َوأَص ًيبل (ٕٗ) ُى َو الَذي يُ َ‬
‫يما (ٖٗ) [األحزاب‪-ٗٔ/‬‬ ‫ات إِ َذل النُّوِر وَكا َف بِالْمؤِمنِ ِ‬
‫الظُّلُم ِ‬
‫ُت َرح ً‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٖٗ]‬

‫ولنشرع ُب ذكر أسرار الذكر وما يتعلق بو فنقوؿ ‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬معٌت الذكر وفضيلتو من القرآف الكرمي‬


‫‪50‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫بسم هللا الر‪ٛ‬تن الرحيم‬


‫وب‬ ‫الِل أََال بِ ِذ ْك ِر َِ ِ‬
‫الَ ِذين آمنوا وتَطْمئِ ُّن قُػلُوبػهم بِ ِذ ْك ِر َِ‬
‫الِل تَطْ َمئ ُّن الْ ُقلُ ُ‬ ‫ُُ ْ‬ ‫َ َُ َ َ‬
‫ب‬‫وىب َ‪٢‬تُم وحسن مآَ ٍ‬ ‫الَ ِذين آَمنُوا وع ِملُوا ال َ ِ ِ‬
‫صا‪ٟ‬تَات طُ َ ْ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫[الرعد‪]ٕٜ-ٕٛ/‬‬

‫ففي ىلتُت اآليتُت ذَ َكَر هللا معٌت الذكر وىو ‪ :‬اإلٯتاف والعمل الصاحل‪.‬‬
‫وذكر فضيلتو وىو ‪ :‬طوىب وحسن مآب‪ .‬ال ِّذكر وسيلة وطريقة‪,‬‬
‫ُّ‬
‫التفكر والتعلُّم وسيلتاف أيضا واإلٯتاف والعمل الصاحل‬ ‫وكذلك‬
‫مقصوده‪.‬‬
‫كوت‬ ‫ِ‬
‫وُب كتاب " عقيدة السنة " لشيخ شيوخنا الشيخ ا‪ٝ‬تاعيل نػَلّْي ْ‬
‫ر‪ٛ‬تو هللا ص ٓ‪ ٖٛ‬نقبل عن " بغية ا‪١‬تسًتشدين " ص ‪ُ : ٗٛ‬ب‬
‫كل ما يَتو َجوُ بو العبد إذل ا‪ٟ‬تق ظاىرا‬
‫الذكر ‪ُ :‬‬
‫اصطبلح الصوفية ُ‬
‫وباطنا ‪ .‬اىػ‬
‫قاؿ اإلماـ القرطيب ُب تفسَته " ا‪ٞ‬تامع ألحكاـ القرآف " (ج ٕ ‪ /‬ص‬
‫أمر وجوابُو‪ .‬وفيو معٌت‬
‫‪ : )ٔٙٙ‬قولو تعاذل ‪ ( :‬فاذكرون أذكركم ) ٌ‬

‫‪52‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اجملازاة فلذلك ُج ِزَـ‪ .‬وأصل الذكر ‪ :‬التنبُّوُ بالقلب للمذكور والتيقظ‬


‫لو‪ ,‬و‪ٝ‬تي الذكر باللساف ذكرا ألنو داللة على الذكر القليب غَت أنو ‪١‬تا‬
‫كثر إطبلؽ الذكر على القوؿ اللسان صار ىو السابق للفهم‪.‬‬
‫ومعٌت اآلية ‪ :‬اذكرون بالطاعة أذكركم بالثواب وا‪١‬تغفرة قالو سعيد بن‬
‫جبَت وقاؿ أيضا ‪ :‬الذكر طاعة هللا فمن دل يطعو دل يذكره وإف أكثر‬
‫التسبيح والتهليل وقراءة القرآف وروي عن النيب صلى هللا عليو و سلم‬
‫‪ [ :‬من أطاع هللا فقد ذكر هللا وإف أقل صبلتو وصومو وصنيعو للخَت‬
‫ومن عصى هللا فقد نسي هللا وإف كثر صبلتو وصومو وصنيعو للخَت‬
‫] ذكره أبو عبد هللا ‪٤‬تمد بن خويز منداد ُب أحكاـ القرآف لو‪ .‬اىػ‬
‫وُب تفسَت الشيخ ابن عاشور " التحرير والتنوير " (ج ٗ ‪ /‬ص‬
‫٘‪ : )ٕٛ‬الذكر القليب ىو تذ ّكر ما أمر هللا بو وِنَى عنو فإ ّف ذكر‬
‫أفضل من ذكر هللا‬
‫ُ‬ ‫ذلك ىو ذكر هللا كقوؿ عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪:‬‬
‫كر هللا عند أمره وِنيو‪ .‬اىػ‬‫ِ‬
‫باللساف ذ ُ‬

‫ٕ‪ -‬كيفية الذكر وأوقاتو‬

‫‪53‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ضُّر ًعا َو ِخي َفةً َوُدو َف‬


‫ك تَ َ‬‫نَػ ْف ِس َ‬ ‫ك ُِب‬ ‫قاؿ هللا تبارؾ وتعاذل ‪َ :‬واذْ ُك ْر َربَ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِاؿ َوَال‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫ُت (ٕ٘ٓ)‬ ‫تَ ُك ْن م َن الْغَافل َ‬ ‫ا‪ٞ‬تَ ْه ِر م َن الْ َق ْوؿ بِالْغُ ُد ِّو َو ْاآلَ َ‬
‫[األعراؼ‪.]ٕٓ٘/‬‬
‫قاؿ اإلماـ الرازي ُب تفسَته " مفاتيح الغيب " (ج ‪ / ٚ‬ص ‪- ٖٜٗ‬‬
‫ٕٖ٘) ‪:‬‬
‫ُب اآلية مسائل ‪:‬‬
‫ا‪١‬تسألة األوذل ‪ :‬اعلم أنو تعاذل ‪١‬تا قاؿ ‪َ { :‬وإِذَا قُِرىءَ القرءاف‬
‫َنصتُواْ } [ األعراؼ ‪ ] ٕٓٗ :‬اعلم أف قارئاً يقرأ‬ ‫فاستمعوا لَو وأ ِ‬
‫ُ َ‬
‫القرآف بصوت عاؿ حىت ٯتكنهم استماع القرآف ‪ ،‬ومعلوـ أف ذلك‬
‫القارىء ليس إال الرسوؿ عليو السبلـ ‪ ،‬فكانت ىذه اآلية جارية‬
‫‪٣‬ترى أمر هللا ‪٤‬تمداً صلى هللا عليو وسلم بأف يقرأ القرآف على القوـ‬
‫بصوت عاؿ رفيع ‪ ،‬وإ‪٪‬تا أمره بذلك ليحصل ا‪١‬تقصود من تبليغ الوحي‬
‫والرسالة ‪ٍ ،‬ب إنو تعاذل أردؼ ذلك األمر ‪ ،‬بأف أمره ُب ىذه اآلية بأف‬
‫يذكر ربو ُب نفسو ‪ ،‬والفائدة فيو ‪ :‬أف انتفاع اإلنساف بالذكر إ‪٪‬تا‬
‫يكمل إذا وقع الذكر هبذه الصفة ‪ ،‬ألنو هبذا الشرط أقرب إذل‬
‫االخبلص والتضرع ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪١‬تسألة الثانية ‪ :‬أنو تعاذل أمر رسولو بالذكر مقيداً بقيود ‪.‬‬
‫ك } وا‪١‬تراد بذكر هللا ُب نفسو‬‫ك ُِب نَػ ْف ِس َ‬
‫القيد األوؿ ‪ { :‬واذكر َربَ َ‬
‫كونو عارفاً ٔتعان األذكار اليت يقو‪٢‬تا بلسانو مستحضراً لصفات‬
‫الكماؿ والعز والعلو وا‪ٞ‬تبلؿ والعظمة ‪ ،‬وذلك ألف الذكر باللساف إذا‬
‫كاف عارياً عن الذكر بالقلب كاف عدمي الفائدة ‪ .‬أال ترى أف الفقهاء‬
‫أ‪ٚ‬تعوا على أف الرجل إذا قاؿ ‪ :‬بعت واشًتيت مع أنو ال يعرؼ معان‬
‫ىذه األلفاظ وال يفهم منها شيئاً ‪ ،‬فإنو ال ينعقد البيع والشراء ‪،‬‬
‫فكذا ىهنا ويتفرع على ما ذكرنا أحكاـ ‪:‬‬
‫ا‪ٟ‬تكم األوؿ ‪:‬‬
‫‪ٝ‬تعت أف بعض األكابر من أصحاب القلوب كاف إذا أراد أف يأمر‬
‫واحداً من ا‪١‬تريدين با‪٠‬تلوة والذكر ‪ ،‬أمره با‪٠‬تلوة والتصفية أربعُت يوماً‬
‫‪ٍ ،‬ب عند استكماؿ ىذه ا‪١‬تدة وحصوؿ التصفية التامة ‪ ،‬يقرأ عليو‬
‫األ‪ٝ‬تاء التسعة والتسعُت ‪ ،‬ويقوؿ لذلك ا‪١‬تريد اعترب حاؿ قلبك عند‬
‫‪ٝ‬تاع ىذه األ‪ٝ‬تاء ‪ ،‬فكل اسم وجدت قلبك عند ‪ٝ‬تاعو قوي تأثره‬
‫وعظم شوقو ‪ ،‬فاعرؼ أف هللا إ‪٪‬تا يفتح أبواب ا‪١‬تكاشفات عليك‬

‫‪55‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫بواسطة ا‪١‬تواظبة على ذكر ذلك االسم بعينو ‪ ،‬وىذا طريق حسن‬
‫لطيف ُب ىذا الباب ‪.‬‬
‫ا‪ٟ‬تكم الثان ‪:‬‬
‫قاؿ ا‪١‬تتكلموف ‪ :‬ىذه اآلية تدؿ على إثبات كبلـ النفس ألنو تعاذل‬
‫‪١‬تا أمر رسولو بأف يذكر ربو ُب نفسو وجب االعًتاؼ ْتصوؿ الذكر‬
‫النفسان وال معٌت لكبلـ النفس إال ذلك ‪.‬‬
‫فإف قالوا ‪ :‬دل ال ‪٬‬توز أف يكوف ا‪١‬تراد من الذكر النفسان العلم‬
‫وا‪١‬تعرفة؟‬
‫قلنا ‪ :‬ىذا باطل ألف اإلنساف ال قدرة لو على ٖتصيل العلم بالشيء‬
‫ابتداء ألنو إما أف يطلبو حاؿ حصولو أو حاؿ عدـ حصولو ‪ .‬واألوؿ‬
‫باطل ألنو يقتضي ٖتصيل ا‪ٟ‬تاصل وىو ‪٤‬تاؿ ‪ .‬والثان باطل ألف ما‬
‫ال يكوف متصوراً ‪ ،‬كاف الذىن غافبلً عنو والغافل عن الشيء ٯتتنع‬
‫كونو طالباً لو فثبت أنو ال قدرة لئلنساف على ٖتصيل التصورات ‪،‬‬
‫فامتنع ورود األمر بو ‪ ،‬واآلية دالة على ورود األمر بالذكر النفسان ‪،‬‬
‫فوجب أف يكوف الذكر النفسان معٌت مغايراً للمعرفة والعلم والتصور ‪،‬‬
‫وذلك ىو ا‪١‬تطلوب ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪ٟ‬تكم الثالث ‪:‬‬


‫ك ُِب نَػ ْف ِس َ‬
‫ك } ودل يقل ‪ :‬واذكر إ‪٢‬تك‬ ‫أنو تعاذل قاؿ ‪ { :‬واذكر َربَ َ‬
‫وال سائر األ‪ٝ‬تاء‪ ،‬وإ‪٪‬تا ‪ٝ‬تاه ُب ىذا ا‪١‬تقاـ باسم كونو ربا ‪ ،‬وأضاؼ‬
‫نفسو إليو ‪ ،‬وكل ذلك يدؿ على ِناية الر‪ٛ‬تة والتقريب والفضل‬
‫واإلحساف ‪ ،‬وا‪١‬تقصود منو ‪ ،‬أف يصَت العبد فرحاً مبتهجاً عند ‪ٝ‬تاع‬
‫ىذا االسم ‪ ،‬ألف لفظ الرب مشعر بالًتبية والفضل ‪ ،‬وعند ‪ٝ‬تاع ىذا‬
‫االسم يتذكر العبد أقساـ نعم هللا عليو ‪ ،‬وبا‪ٟ‬تقيقة ال يصل عقلو إذل‬
‫ِ‬
‫وىا }‬
‫صَ‬ ‫أقل أقسامها‪ ،‬كما قاؿ تعاذل ‪َ { :‬وإِف تَػعُ ُّدواْ ن ْع َمةَ هللا الَ ُْٖت ُ‬
‫[ إبراىيم ‪ ] ٖٗ :‬فعند انكشاؼ ىذا ا‪١‬تقاـ ُب القلب يقوى الرجاء ‪،‬‬
‫ضُّر ًعا َو ِخي َفةً } عظم ا‪٠‬توؼ ‪ ،‬وحينئذ‬ ‫فإذا ‪ٝ‬تع بعد ذلك قولو ‪ { :‬تَ َ‬
‫ٖتصل ُب القلب موجبات الرجاء وموجبات ا‪٠‬توؼ ‪ ،‬وعنده يكمل‬
‫اإلٯتاف على ما قاؿ عليو السبلـ ‪ " :‬لو وزف خوؼ ا‪١‬تؤمن ورجاؤه‬
‫العتدال " إال أف ىنا دقيقة ‪ ،‬وىي أف ‪ٝ‬تاع لفظ الرب يوجب الرجاء‬
‫و‪ٝ‬تاع لفظ التضرع وا‪٠‬تيفة يوجب ا‪٠‬توؼ ‪ ،‬فلما وقع االبتداء ٔتا‬
‫يوجب الرجاء ‪ ،‬علمنا أف جانب الرجاء أقوى ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫القيد الثان ‪ :‬من القيود ا‪١‬تعتربة ُب الذكر حصوؿ التضرع ‪ ،‬وإليو‬


‫ضُّر ًعا } وىذا القيد معترب ‪ ،‬ويدؿ عليو‬
‫اإلشارة بقولو تعاذل ‪ { :‬تَ َ‬
‫القرآف ‪ ،‬وا‪١‬تعقوؿ ‪ .‬أما القرآف فقولو ُب سورة األنعاـ { قُ ْل َمن‬
‫ضُّرعاً َو ُخ ْفيَةً } [ األنعاـ ‪:‬‬
‫يػُنَ ّجي ُك ْم ّمن ظلمات الرب والبحر تَ ْدعُونَوُ تَ َ‬
‫ٖ‪ ] ٙ‬وأما ا‪١‬تعقوؿ ‪ :‬فؤلف كماؿ حاؿ اإلنساف إ‪٪‬تا ٭تصل بانكشاؼ‬
‫أمرين ‪ :‬أحد‪٫‬تا ‪ :‬عزة الربوبية ‪ ،‬وىذا ا‪١‬تقصود ‪ ،‬إ‪٪‬تا يتم بقولو ‪{ :‬‬
‫ك } الثان ‪ٔ :‬تشاىدة ذلة العبودية وذلك إ‪٪‬تا‬ ‫ك ُِب نػَ ْف ِس َ‬
‫واذكر َربَ َ‬
‫ضُّر ًعا } فاالنتقاؿ من الذكر إذل التضرع يشبو‬
‫يكمل بقولو ‪ { :‬تَ َ‬
‫النزوؿ من ا‪١‬تعراج ‪ ،‬واالنتقاؿ من التضرع إذل الذكر يشبو الصعود ‪،‬‬
‫وهبما يتم معراج األرواح القدسية وىهنا ْتث وىو أف معرفة هللا من‬
‫لوازمها التضرع ‪ ،‬وا‪٠‬توؼ ‪ ،‬والذكر القليب ٯتتنع انفكاكو عن التضرع‬
‫وا‪٠‬توؼ ‪ ،‬فما الفائدة ُب اعتبار ىذا التضرع وا‪٠‬توؼ؟ وأجيب عنو‬
‫بأف ا‪١‬تعرفة ال يلزمها التضرع وا‪٠‬توؼ على اإلطبلؽ ‪ ،‬ألنو رٔتا‬
‫استحكم ُب عقل اإلنساف أنو تعاذل ال يعاقب أحداً ألف ذلك‬
‫العقاب إيذاء للغَت ‪ ،‬وال فائدة للحق فيو ‪ .‬وإذا كاف كذلك ال‬
‫يعذب فإذا اعتقد ىذا ‪ ،‬دل يكمل التضرع وا‪٠‬توؼ ‪ .‬فلهذا السبب‬

‫‪58‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫نص هللا تعاذل على أنو ال بد منو وأجيب عنو بأف ا‪٠‬توؼ على‬
‫قسمُت ‪ :‬األوؿ ‪ :‬خوؼ العقاب ‪ ،‬وىو مقاـ ا‪١‬تبتدين ‪ .‬والثان ‪:‬‬
‫خوؼ ا‪ٞ‬تبلؿ وىو مقاـ احملققُت ‪ ،‬وىذا ا‪٠‬توؼ ‪٦‬تتنع الزواؿ وكل من‬
‫كاف أعرؼ ّتبلؿ هللا كاف ىذا ا‪٠‬توؼ ُب قلبو أكمل ‪ ،‬وأجيب عن‬
‫ىذا ا‪ٞ‬تواب بأف ألصحاب ا‪١‬تكاشفات مقامُت ‪ :‬مكاشفة ا‪ٞ‬تماؿ ‪،‬‬
‫ومكاشفة ا‪ٞ‬تبلؿ ‪ ،‬فإذا كشفوا با‪ٞ‬تماؿ عاشوا ‪ ،‬وإذا كوشفوا‬
‫با‪ٞ‬تبلؿ طاشوا ‪ ،‬وال بد ُب مقاـ الذكر من رعاية ا‪ٞ‬تانبُت ‪.‬‬
‫القيد الثالث ‪ :‬قولو ‪َ { :‬و ِخي َفةً } وُب قراءة أخرى { َو ُخ ْفيَةً } وقاؿ‬
‫الزجاج ‪ :‬أصلها «خوفة» فقلبت الواو ياء النكسار ما قبلها ‪ ،‬أقوؿ‬
‫ىذا ا‪٠‬توؼ يقع على وجوه ‪ :‬أحدىا ‪ :‬خوؼ التقصَت ُب األعماؿ ‪.‬‬
‫وثانيها ‪ :‬خوؼ ا‪٠‬تا٘تة ‪ .‬واحملققوف خوفهم من السابقة ‪ ،‬ألنو إ‪٪‬تا‬
‫يظهر ُب ا‪٠‬تا٘تة ما سبق ا‪ٟ‬تكم بو ُب الفاٖتة ‪ ،‬ولذلك كاف عليو‬
‫السبلـ يقوؿ ‪ " :‬جف القلم ٔتا ىو كائن إذل يوـ القيامة " وثالثها ‪:‬‬
‫خوؼ أن كيف أقابل نعمة هللا اليت ال حصر ‪٢‬تا وال حد بطاعاٌب‬
‫الناقصة وأذكاري القاصرة؟ وكاف الشيخ أبو بكر الواسطي يقوؿ ‪:‬‬
‫الشكر شرؾ ‪ ،‬فسألون عن ىذه الكلمة فقلت ‪ :‬لعل ا‪١‬تراد وهللا أعلم‬

‫‪59‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أف من حاوؿ مقابلة وجوه إحساف هللا بشكره فقد أشرؾ ‪ .‬ألف على‬
‫ىذا التقدير يصَت كأف العبد يقوؿ ‪ :‬منك النعمة ومٍت الشكر ‪ ،‬وال‬
‫شك أف ىذا شرؾ ‪ ،‬فأما إذا أتى بالشكر مع خوؼ التقصَت ومع‬
‫االعًتاؼ بالذؿ وا‪٠‬تضوع ‪ ،‬فهناؾ يشم فيو رائحة العبودية ‪.‬‬
‫وأما القراءة الثانية ‪ :‬وىو قولو ‪َ { :‬و ُخ ْفيَةً } فاإلخفاء ُب حق‬
‫ا‪١‬تبتدين يراد لصوف الطاعات عن شوائب الرياء والسمعة ‪ ،‬وُب حق‬
‫ا‪١‬تنتهُت ا‪١‬تقربُت منشؤه الغَتة ‪ ،‬وذلك ألف احملبة إذا استكملت أوجبت‬
‫الغَتة ‪ ،‬فإذا كمل ىذا التوغل وحصل الفناء ‪ ،‬وقع الذكر ُب حُت‬
‫كل لسانو "‪.‬‬ ‫اإلخفاء بناء على قولو عليو السبلـ ‪ " :‬من عرؼ هللا َ‬
‫القيد الرابع ‪ :‬قولو ‪َ { :‬وُدو َف ا‪ٞ‬تهر ِم َن القوؿ } وا‪١‬تراد منو أف يقع‬
‫ذلك الذكر ْتيث يكوف متوسطاً بُت ا‪ٞ‬تهر وا‪١‬تخافتة كما قاؿ تعاذل‬
‫ُت ذلك َسبِيبلً } [‬ ‫‪ { :‬والَ َْٕتهر بِصبلتِك والَ ُٗتافِ ِ‬
‫ت هبَا وابتغ بػَ ْ َ‬
‫َ َْ َ َ َ َ ْ‬
‫اإلسراء ‪ ] ٔٔٓ :‬وقاؿ عن زكريا عليو السبلـ ‪ { :‬إِ ْذ نادى َربَوُ نِ َداء‬
‫َخ ِفيّاً } [ مرمي ‪ ] ٖ :‬قاؿ ابن عباس ‪ :‬وتفسَت قولو ‪َ { :‬وُدو َف ا‪ٞ‬تهر‬
‫نفسو ‪ ،‬فإف ا‪١‬تراد‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن القوؿ } ا‪١‬تعٌت ‪ :‬أف يذكر ربو على وجو يُسمع َ‬
‫حصوؿ الذكر اللسان ‪ ،‬والذكر اللسان إذا كاف ْتيث يسمع نفسو‬

‫‪61‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪٠‬تياؿ من ذلك الذكر‪ .‬وتأثر ا‪٠‬تياؿ يوجب قوًة ُب الذكر‬


‫فإنو يتأثر ُ‬
‫القليب الروحان ‪ ،‬وال يزاؿ يتق َوى كل واحد من ىذه األركاف الثبلثة ‪،‬‬
‫وتنعكس أنوار ىذه األذكار من بعضها إذل بعض ‪ ،‬وتصَت ىذه‬
‫االنعكاسات سبباً ‪١‬تزيد القوة وا‪ٞ‬تبلء واالنكشاؼ والًتقي من‬
‫حضيض ظلمات عادل األجساـ إذل أنوار مدبر النور والظبلـ ‪.‬‬
‫والقيد ا‪٠‬تامس ‪ :‬قولو ‪ { :‬بالغدو واألصاؿ } وىهنا مسائل ‪:‬‬
‫ا‪١‬تسألة األوذل ‪ُ :‬ب لفظ «الغدو» قوالف ‪ :‬القوؿ األوؿ ‪ :‬أنو مصدر‬
‫يقاؿ غدوت أغدو غدواً غدوا ‪ ،‬ومنو قولو تعاذل ‪ { :‬غُ ُد ُّوَىا َش ْهٌر }‬
‫[ سبأ ‪ ] ٕٔ :‬أي غدوىا للسَت ‪ٍ ،‬ب ‪ٝ‬تى وقت الغدو غدواً ‪ ،‬كما‬
‫يقاؿ ‪ :‬دنا الصباح أي وقتو ‪ ،‬ودنا ا‪١‬تساء أي وقتو ‪ .‬القوؿ الثان ‪:‬‬
‫أف يكوف الغدو ‪ٚ‬تع غدوة ‪ ،‬قاؿ الليث ‪ :‬الغدو ‪ٚ‬تع مثل الغدوات‬
‫وواحد الغدوات غدوة ‪ ،‬وأما { اآلصاؿ } فقاؿ الفراء ‪ :‬واحدىا‬
‫مؤصلُت أي‬ ‫ِ‬
‫أصل وواحد األصل األصيل ‪ .‬قاؿ ‪ :‬يقاؿ ‪ :‬جئناىم ّ‬
‫عند اآلصاؿ ‪ ،‬ويقاؿ ‪ :‬األصيل مأخوذ من األصل ‪ ,‬واليوـ بليلتو إ‪٪‬تا‬
‫يبتدأ بالشروع من أوؿ الليل ‪ ,‬وآخر ِنار كل يوـ متصل بأوؿ ليل‬

‫‪60‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اليوـ الثان ‪ ،‬فسمى آخر النهار أصيبلً ‪ ،‬لكونو مبلصقاً ‪١‬تا ىو‬
‫األصل لليوـ الثان ‪.‬‬
‫ا‪١‬تسألة الثانية ‪ :‬خص الغدو واآلصاؿ هبذا الذكر ‪ ،‬وا‪ٟ‬تكمة فيو أف‬
‫عند الغدوة انقلب اإلنساف من النوـ الذي ىو كا‪١‬توت إذل اليقظة‬
‫اليت ىي كا‪ٟ‬تياة ‪ ،‬والعادل انقلب من الظلمة اليت ىي طبيعة عدمية‬
‫إذل النور الذي ىو طبيعة وجودية ‪ .‬وأما عند اآلصاؿ فاألمر بالضد‬
‫ألف اإلنساف ينقلب فيو من ا‪ٟ‬تياة إذل ا‪١‬توت ‪ ،‬والعادل ينقلب فيو من‬
‫النور ا‪٠‬تالص إذل الظلمة ا‪٠‬تالصة ‪ .‬وُب ىذين الوقتُت ٭تصل ىذاف‬
‫النوعاف من التغيَت العجيب القوي القاىر وال يقدر على مثل ىذا‬
‫التغيَت إال اإللو ا‪١‬توصوؼ با‪ٟ‬تكمة الباىرة والقدرة الغَت ا‪١‬تتناىية ‪،‬‬
‫فلهذه ا‪ٟ‬تكمة العجيبة خص هللا تعاذل ىذين الوقتُت باألمر بالذكر ‪.‬‬
‫ومن الناس من قاؿ ‪ :‬ذكر ىذين الوقتُت وا‪١‬تراد مداومة الذكر‬
‫وا‪١‬تواظبة عليو بقدر اإلمكاف ‪ .‬عن ابن عباس أنو قاؿ ُب قولو ‪{ :‬‬
‫الذين يَ ْذ ُكُرو َف هللا قياما َوقُػعُوداً وعلى ُجنُوهبِِ ْم } [ آؿ عمراف ‪ٜٔٔ :‬‬
‫] لو حصل البن آدـ حالة رابعة سوى ىذه األحواؿ ألمر هللا بالذكر‬
‫عندىا وا‪١‬تراد منو أنو تعاذل أمر بالذكر على الدواـ ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫والقيد السادس ‪ :‬قولو تعاذل ‪َ { :‬والَ تَ ُك ْن ِّم َن الغافلُت } وا‪١‬تعٌت أف‬


‫قولو ‪ { :‬بالغدو واألصاؿ } دؿ على أنو ‪٬‬تب أف يكوف الذكر‬
‫حاصبلً ُب كل األوقات وقولو ‪َ { :‬والَ تَ ُك ْن ِّم َن الغافلُت } يدؿ‬
‫على أف الذكر القليب ‪٬‬تب أف يكوف دائماً ‪ ،‬وأف ال يغفل اإلنساف‬
‫‪ٟ‬تظة واحدة عن استحضار جبلؿ هللا وكربيائو بقدر الطاقة البشرية‬
‫والقوة اإلنسانية ‪ ،‬وٖتقيق القوؿ ‪ ،‬أف بُت الروح وبُت البدف عبلقة‬
‫عجيبة ‪ ،‬ألف كل أثر حصل ُب جوىر الروح نزؿ منو أثر إذل البدف ‪،‬‬
‫وكل حالة حصلت ُب البدف صعدت منها نتائج إذل الروح ‪ .‬أال ترى‬
‫أف اإلنساف إذا ٗتيل الشيء ا‪ٟ‬تامض ضرس سنو ‪ ،‬وإذا ٗتيل حالة‬
‫مكروىة وغضب سخن بدنو ‪ ،‬فهذه آثار تنزؿ من الروح إذل البدف ‪،‬‬
‫وأيضاً إذا واظب اإلنساف على عمل من األعماؿ وكرر مرات وكرات‬
‫حصلت ملكة قوية راسخة ُب جوىر النفس فهذه آثار صعدت من‬
‫البدف إذل النفس ‪.‬‬
‫إذا عرفت ىذا فنقوؿ ‪ :‬إذا حضر الذكر اللسان ْتيث يسمع نفسو ‪،‬‬
‫حصل أثر من ذلك الذكر اللسان ُب ا‪٠‬تياؿ ‪ٍ ،‬ب يصعد من ذلك‬
‫األثر ا‪٠‬تيارل مزيد أنوار وجبليا إذل جوىر الروح ‪ٍ ،‬ب تنعكس من تلك‬

‫‪63‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اإلشراقات الروحانية آثار زائدة إذل اللساف ومنو إذل ا‪٠‬تياؿ ‪ٍ ،‬ب مرة‬
‫أخرى إذل العقل ‪ ،‬وال يزاؿ تنعكس ىذه األنوار من ىذه ا‪١‬ترايا بعضها‬
‫إذل بعض ‪ ،‬ويتقوى بعضها بعض ويستكمل بعضها ببعض ‪ ،‬و‪١‬تا‬
‫كاف ال ِناية لتزايد أنوار ا‪١‬تراتب ‪ ،‬ال جرـ ال ِناية لسفر العارفُت ُب‬
‫ىذه ا‪١‬تقامات العالية القدسية وذلك ْتر ال ساحل لو ‪ ،‬ومطلوب ال‬
‫ِناية لو ‪.‬‬
‫ك ُِب نػَ ْف ِس َ‬
‫ك } وإف كاف ظاىره‬ ‫واعلم أف قولو تعاذل ‪ { :‬واذكر َربَ َ‬
‫خطاباً مع النيب عليو السبلـ ‪ ،‬إال أنو عاـ ُب حق كل ا‪١‬تكلفُت ولكل‬
‫أحد درجة ‪٥‬تصوصة ومرتبة معينة ْتسب استعداد جوىر نفسو‬
‫ِ‬
‫الناطقة كما قاؿ ُب صفة ا‪١‬تبلئكة ‪َ { :‬وَما منَا إِالَ لَوُ َم َق ٌاـ َم ْعلُ ٌ‬
‫وـ }‬
‫[ الصافات ‪ . ] ٔٙٗ :‬اىػ رازي وىو كبلـ جليل ‪.‬‬
‫وقاؿ اإلماـ ا‪ٟ‬تارث احملاسيب ا‪١‬تتوَب سنة ٖٕٗ ىػ ر‪ٛ‬تو هللا تعاذل ُب‬
‫كتابو " شرح ا‪١‬تعرفة وبذؿ النصيحة " ط‪ .‬دار القلم دمشق ص ٔ‪ٛ‬‬
‫‪ :‬والناس ُب الذكر رجبلف ‪ :‬فرجل ذكر هللا بلسانو وىو غافل بقلبو‪,‬‬
‫فهذا ال ‪٬‬تد حبلوة وال لذاذة‪ .‬ورجل ذكر هللا عز وجل بلسانو مع‬
‫قلبو‪ ,‬فهذا ضلت مكائد إبليس عنده‪ .‬اىػ‬

‫‪64‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ٖ‪ -‬فائدة ُب دليل اتياف الذكر هبذه األفاظ‬


‫" هللا " و " ال الو اال هللا " و " ىو " وأي األلفاظ‬
‫أفضل ؟‬

‫َِ‬
‫ين آَ َمنُوا‬‫‪ ‬دليل الذكر بلفظ ا‪ٞ‬تبللة " هللا " قولو تعاذل ‪ :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬
‫صلِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الِلَ ذ ْكًرا َكث ًَتا َو َسبِّ ُحوهُ بُكَْرًة َوأَص ًيبل ُى َو الَذي يُ َ‬
‫اذْ ُكروا َ ِ‬
‫ُ‬
‫ات إِ َذل النُّوِر َوَكا َف‬ ‫علَي ُكم وم َبلئِ َكتُو لِيخ ِرج ُكم ِمن الظُّلُم ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ ْ ََ ُ ُ ْ َ ْ َ‬
‫يما [األحزاب‪ .]ٖٗ-ٗٔ/‬وقاؿ جل جبللو ‪ :‬قُ ِل‬ ‫بِالْمؤِمنِ ِ‬
‫ُت َرح ً‬ ‫ُْ َ‬
‫الِلُ ٍبَُ َذ ْرُى ْم ُِب َخ ْو ِض ِه ْم يَػ ْل َعبُو َف [األنعاـ‪.]ٜٔ/‬‬ ‫َ‬
‫‪ ‬دليل الذكر بلفظ التهليل " الالو اال هللا " ‪ :‬فَػ َه ْل يَػْنظُُرو َف إَِال‬
‫اعةَ أَ ْف تَأْتِيَػ ُه ْم بَػ ْغتَةً فَػ َق ْد َجاءَ أَ ْشَراطُ َها فَأ َ‬
‫َّن َ‪٢‬تُ ْم إِذَا َجاءَتْػ ُه ْم‬ ‫ال َس َ‬
‫الِل واستَػ ْغ ِفر لِ َذنْبِ َ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُت‬
‫ك َول ْل ُم ْؤمن َ‬ ‫اعلَ ْم أَنَوُ َال إلَوَ إَال َُ َ ْ ْ‬ ‫ذ ْكَر ُاى ْم فَ ْ‬
‫الِلُ يَػ ْعلَ ُم ُمتَػ َقلَبَ ُك ْم َوَمثْػ َوا ُك ْم [‪٤‬تمد‪]ٜٔ-ٔٛ/‬‬ ‫ات َو َ‬ ‫والْمؤِمنَ ِ‬
‫َ ُْ‬

‫‪65‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫َح ٌد‬ ‫‪ ‬دليل الذكر بكلمة الضمَت " ىو هللا " ‪ :‬قُ ْل ُى َو َ‬
‫الِلُ أ َ‬
‫[اإلخبلص‪]ٔ/‬‬

‫روى الًتمذي والنسائي وابن ماجو وابن حباف وا‪ٟ‬تاكم وصححاه عن‬
‫الِل صلى هللا‬ ‫وؿ َِ‬‫ت َر ُس َ‬ ‫الِل عْنػهما يػ ُق ُ ِ‬ ‫جابِ ٍر بن عب ِد َِ ِ‬
‫وؿ ‪َٝ :‬ت ْع ُ‬ ‫الِل َرض َي َُ َ ُ َ َ‬ ‫َ ْ َ َْ‬
‫ُّع ِاء ْ‬
‫ا‪ٟ‬تَ ْم ُد‬ ‫ض ُل الد َ‬ ‫ض ُل ال ِّذ ْك ِر َال إِلَوَ إَِال َ‬
‫الِلُ َوأَفْ َ‬ ‫وؿ ‪ :‬أَفْ َ‬
‫عليو وسلم يَػ ُق ُ‬
‫َِِ‬
‫لِل‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ أ‪ٛ‬تد الكمشخانوي النقشبندي ُب كتابو " جامع أصوؿ‬
‫األولياء " ص ٖٕ ‪ :‬واعلم أف أوؿ صيغ الذكر لفظة " هللا " عند‬
‫النقشبندية مع مبلحظة ا‪١‬تعٌت‪ ,‬وقوؿ " ال الو إال هللا " عند الشاذلية‪,‬‬
‫و‪٫‬تا واإلستغفار والصبلة (على النيب صلى هللا عليو وسلم) عند سائر‬
‫الطرؽ ْتضور تاـ وأدب‪ .‬اىػ‬
‫وقاؿ اإلماـ التاج ابن عطاء هللا السكندري ُب كتابو " لطائف ا‪١‬تنن "‬
‫ص ‪ : ٖٔٛ‬وقاؿ ( أبو العباس ا‪١‬ترسي ) رضي هللا عنو لبعض‬
‫أصحابو ‪ :‬ليكن ذكرؾ " هللا "‪ ,‬فإف ىذا اإلسم سلطاف األ‪ٝ‬تاء ولو‬
‫بساط و‪ٙ‬ترة ‪ :‬وبساطو العلم و‪ٙ‬ترتو النور‪ٍ ,‬ب النور ليس مقصودا لنفسو‬
‫وإ‪٪‬تا يقنع بو الكشف والعياف‪ .‬اىػ‬
‫‪66‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وقاؿ الشيخ األكرب ابن عريب ر‪ٛ‬تو هللا تعاذل ُب كتابو " الفتوحات‬
‫ا‪١‬تكية " ‪ :‬وعليك بذكر لفظة هللا هللا من غَت مزيد‪ ,‬فإف نتيجة ىذا‬
‫الذكر عظيمة‪ ,‬قلنا لبعض ا‪ٟ‬تاضرين مع هللا من شيوخنا وكاف ذكره هللا‬
‫هللا من غَت مزيد فقلت لو‪ :‬دل ال تقوؿ ال إلو إال هللا ؟ أطلب بذلك‬
‫الفائدة منو‪ ,‬فقاؿ رل‪ :‬يا ولدي أنفاس ا‪١‬تتنفس بيد هللا ما ىي بيدي‪,‬‬
‫س‪ ,‬فنخاؼ إذا قلت‪ ,‬ال أريد ال إلو إال هللا‪ ,‬فرٔتا‬ ‫وكل ٍ‬
‫حرؼ ن َف ٌ‬ ‫ْ‬
‫آخر ن َفسي فأموت ُب وحشة النفي‪ .‬وكلمة "هللا"‬
‫س ببل َ‬ ‫يكوف الن َف ُ‬
‫فيها من الفائدة ما ال يكوف ُب غَتىا‪ .‬فإنو ما ٍَب كلمة ٖتذؼ منها‬
‫حرفاً فحرفاً إال وٮتتل ما بقي إال ىذه الكلمة كلمة هللا فلو زاؿ‬
‫األلف بقي هلل كلمة مفيدة‪ ,‬ولو زالت البلـ األوذل بقي لو‪ ,‬وقد قاؿ‪:‬‬
‫"هلل ما ُب السماوات وما ُب األرض"‪ ,‬وقاؿ‪" :‬لو ملك السماوات‬
‫واألرض"‪ .‬فلو زاؿ البلماف واأللف بقي إ‪٢‬تاً وىو قولك وقد جاء ىو‬
‫هللا وُب غَت ىذه الكلمة فيما أظن ما ٕتد غَت ىذا وكاف رجبلً أمياً‬
‫من عامة الناس وكاف نظره مثل ىذا واعتباره‪ .‬اىػ‬

‫ٗ‪ -‬أسرار الذكر باأللفاظ ا‪١‬تضمرة ‪ :‬ىو‪ ,‬أنا‪,‬‬


‫أنت‬
‫‪67‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫يقوؿ اإلماـ ا‪ٞ‬تليل ا‪١‬تفسر الكبَت الفخر الرازي ُب تفسَته الكبَت‬


‫ا‪١‬تسمى " مفاتيح الغيب " ُب تفسَت سورة الفاٖتة (ٔ ‪- ٖٔٔ /‬‬
‫‪: )ٖٔٚ‬‬
‫الفصل التاسع ُب األ‪ٝ‬تاء ا‪ٟ‬تاصلة هلل تعاذل من باب األ‪ٝ‬تاء ا‪١‬تضمرة‬
‫األ‪ٝ‬تاء ا‪١‬تضمرة ‪:‬‬
‫اعلم أف األ‪ٝ‬تاء ا‪١‬تضمرة ثبلثة ‪ :‬أنا ‪ ،‬وأنت ‪ ،‬وىو ‪ ،‬وأعرؼ األقساـ‬
‫الثبلثة قولنا ‪« :‬أنا» أف ىذا اللفظ لفظ يشَت بو كل أحد إذل نفسو‬
‫‪ ،‬وأعرؼ ا‪١‬تعارؼ عند كل أحد نفسو ‪ ،‬وأوسط ىذه األقساـ قولنا ‪:‬‬
‫«أنت» ألف ىذا خطاب للغَت بشرط كونو حاضراً ‪ ،‬فؤلجل كونو‬
‫خطاباً للغَت يكوف دوف قولو أنا ‪ ،‬وألجل أف الشرط فيو كوف ذلك‬
‫ا‪١‬تخاطب حاضراً يكوف أعلى من قولو ‪« :‬ىو» فثبت أف أعلى‬
‫األقساـ ىو قولو ‪« :‬أنا» وأوسطها «أنت» وأدناىا «ىو» وكلمة‬
‫التوحيد وردت بكل واحدة من ىذه األلفاظ ‪ ،‬أما لفظ «أنا» فقاؿ‬
‫ُب أوؿ سورة النحل { أَ ْف أَنْ ِذ ُرواْ أَنَوُ ال إلو إِال أَنَاْ } [ النحل ‪] ٕ :‬‬
‫الِلُ الَ إلو إِال أَنَاْ } [ طو ‪ ] ٔٗ :‬وأما لفظ‬ ‫وُب سورة طو { إِن ٌَِت أَنَا َ‬

‫‪68‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أنت فقد جاء ُب قولو ‪ { :‬فنادى َِب الظلمات أَف الَ إلو إِالَ أ َ‬
‫َنت }‬
‫[ األنبياء ‪ ] ٛٚ :‬وأما لفظ ىو فقد جاء كثَتاً ُب القرآف أو‪٢‬تا ُب‬
‫سورة البقرة ُب قولو ‪ { :‬وإ‪٢‬تكم إلو واحد الَ إلو إِالَ ُى َو الر‪ٛ‬تن الرحيم‬
‫ب‬‫} [ البقرة ‪ ] ٖٔٙ :‬وآخرىا ُب سورة ا‪١‬تزمل وىو قولو ‪َ { :‬ر ُّ‬
‫ا‪١‬تشرؽ وا‪١‬تغرب الَ إلو إِالَ ُى َو فاٗتذه َوكِيبلً } [ ا‪١‬تزمل ‪ ] ٜ :‬وأما‬
‫ورود ىذه الكلمة مقروناً باسم آخر سوى ىذه األربعة فهو الذي‬
‫حكاه هللا تعاذل عن فرعوف أنو قاؿ ‪ { :‬آمنت أنو ال إلو إالّ الذي‬
‫آمنت بو بنو اسرائيل } [ يونس ‪ٍ ] ٜٓ :‬ب بُت هللا تعاذل أف تلك‬
‫الكلمة ما قبلت منو ‪.‬‬
‫إذا عرفت ىذا فلنذكر أحكاـ ىذه األقساـ فنقوؿ ‪ :‬أما قولو ‪ { :‬ال‬
‫إلو إِال أَنَاْ } فهذا الكبلـ ال ‪٬‬توز أف يتكلم بو أحد إال هللا أو من‬
‫يذكره على سبيل ا‪ٟ‬تكاية عن هللا ‪ ،‬ألف تلك الكلمة تقتضي إثبات‬
‫اإل‪٢‬تية لذلك القائل ‪ ،‬وذلك ال يليق إال باهلل سبحانو ‪ ،‬واعلم أف‬
‫معرفة ىذه الكلمة مشروطة ٔتعرفة قولو ‪« :‬أنا» وتلك ا‪١‬تعرفة على‬
‫سبيل التماـ والكماؿ ال ٖتصل إال للحق سبحانو وتعاذل؛ ألف علم‬
‫كل أحد بذاتو ا‪١‬تخصوصة أكمل من علم غَته بو ‪ ،‬ال سيما ُب حق‬

‫‪69‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪ٟ‬تق تعاذل ‪ ،‬فثبت أف قولو ‪« :‬ال إلو إال أنا» دل ٭تصل العلم بو على‬
‫سبيل الكماؿ إال للحق تعاذل ‪ ،‬وأما الدرجة الثانية وىي قولو ‪« :‬ال‬
‫إلو إال أنت» فهذا يصح ذكره من العبد لكن بشرط أف يكوف حاضراً‬
‫ال غائباً ‪ ،‬لكن ىذه ا‪ٟ‬تالة إ‪٪‬تا اتفق حصو‪٢‬تا ليونس عليو السبلـ عند‬
‫غيبتو عن ‪ٚ‬تيع حظوظ النفس ‪ ،‬وىذا تنبيو على أف اإلنساف ما دل‬
‫يصر غائباً عن كل ا‪ٟ‬تظوظ ال يصل إذل مقاـ ا‪١‬تشاىدة ‪ ،‬وأما الدرجة‬
‫الثالثة وىي قولو ‪« :‬ال إلو إال ىو» فهذا يصح من الغائبُت ‪.‬‬
‫واعلم أف درجات ا‪ٟ‬تضور ‪٥‬تتلفة بالقرب والبعد ‪ ،‬وكماؿ التجلي‬
‫ونقصانو ‪ ،‬وكل درجة ناقصة من درجات ا‪ٟ‬تضور فهي غيبة بالنسبة‬
‫إذل الدرجة الكاملة ‪ ،‬و‪١‬تا كانت درجات ا‪ٟ‬تضور غَت متناىية كانت‬
‫مراتب الكماالت والنقصانات غَت متناىية ‪ ،‬فكانت درجات ا‪ٟ‬تضور‬
‫والغيبة غَت متناىية ‪ ،‬فكل من صدؽ عليو أنو حاضر فباعتبار آخر‬
‫يصدؽ عليو أنو غائب ‪ ،‬وبالعكس وعن ىذا قاؿ الشاعر ‪:‬‬
‫أبا غائباً حاضراً ُب الفؤاد ‪ ...‬سبلـ على الغائب ا‪ٟ‬تاضر‬
‫و٭تكى أف الشبلي ‪١‬تا قربت وفاتو قاؿ بعض ا‪ٟ‬تاضرين ‪ :‬قل ال إلو إال‬
‫هللا ‪ ،‬فقاؿ ‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫كل بيت أنت حاضره ‪ ...‬غَت ‪٤‬تتاج إذل السرج‬


‫وجهك ا‪١‬تأموؿ حجتنا ‪ ...‬يوـ تأٌب الناس با‪ٟ‬تجج‬

‫أسرار من التصوؼ ُب لفظ " ىو " ‪:‬‬


‫واعلم أف لفظ «ىو» فيو أسرار عجيبة وأحواؿ عالية ‪ ،‬فبعضها ٯتكن‬
‫شرحو وتقريره وبيانو ‪ ،‬وبعضها ال ٯتكن ‪ ،‬قاؿ مصنف الكتاب ‪ :‬وأنا‬
‫بتوفيق هللا كتبت أسراراً لطيفة ‪ ،‬إال أن كلما أقابل تلك الكلمات‬
‫ا‪١‬تكتوبة ٔتا أجده ُب القلب من البهجة والسعادة عند ذكر كلمة‬
‫«ىو» أجد ا‪١‬تكتوب بالنسبة إذل تلك األحواؿ ا‪١‬تشاىدة حقَتاً ‪،‬‬
‫فعند ىذا عرفت أف ‪٢‬تذه الكلمة تأثَتاً عجيباً ُب القلب ال يصل البياف‬
‫إليو ‪ ،‬وال ينتهي الشرح إليو ‪ ،‬فلنكتب ما ٯتكن ذكره فنقوؿ ‪ :‬فيو‬
‫أسرار ‪:‬‬
‫األوؿ ‪ :‬أف الرجل إذا قاؿ ‪« :‬يا ىو» فكأنو يقوؿ ‪ :‬من أنا حىت‬
‫أعرفك ‪ ،‬ومن أنا حىت أكوف ‪٥‬تاطباً لك ‪ ،‬وما للًتاب ورب األرباب‬
‫‪ ،‬وأي مناسبة بُت ا‪١‬تتولد عن النطفة والدـ وبُت ا‪١‬توصوؼ باألزلية‬
‫والقدـ؟ فأنت أعلى من ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تناسبات وأنت مقدس عن عبلئق‬

‫‪70‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫العقوؿ وا‪٠‬تياالت ‪ ،‬فلهذا السبب خاطبو العبد ٓتطاب الغائبُت فقاؿ‬


‫‪ :‬يا ىو ‪.‬‬
‫والفائدة الثانية ‪ :‬أف ىذا اللفظ كما دؿ على إقرار العبد على نفسو‬
‫بالدناءة والعدـ ففيو أيضاً داللة على أنو أقر بأف كل ما سوى هللا‬
‫تعاذل فهو ‪٤‬تض العدـ ‪ ،‬ألف القائل إذا قاؿ ‪« :‬يا ىو» فلو حصل‬
‫ُب الوجود شيئاف لكاف قولنا ‪« :‬ىو» صا‪ٟ‬تاً ‪٢‬تما ‪ٚ‬تيعاً ‪ ،‬فبل يتعُت‬
‫واحد منهما بسبب قولو ‪« :‬ىو» فلما قاؿ ‪ ( :‬يا ىو ) فقد حكم‬
‫على كل ما سوى هللا تعاذل بأنو عدـ ‪٤‬تض ونفي صرؼ ‪ ،‬كما قاؿ‬
‫تعاذل ‪ُ { :‬ك ُّل َش ْىء َىالِ ٌ‬
‫ك إِالَ َو ْج َهوُ } [ القصص ‪ ] ٛٛ :‬وىذاف‬
‫ا‪١‬تقاماف ُب الفناء عن كل ما سوى هللا مقاماف ُب غاية ا‪ٞ‬تبلؿ ‪ ،‬وال‬
‫٭تصبلف إال عند مواظبة العبد على أف يذكر هللا بقولو ‪ :‬يا ىو ‪.‬‬
‫والفائدة الثالثة ‪ :‬أف العبد مىت ذكر هللا بشيء من صفاتو دل يكن‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يتذكر‬ ‫مستغرقاً ُب معرفة هللا تعاذل؛ ألنو إذا قاؿ ‪« :‬يا ر‪ٛ‬تن»‬
‫ر‪ٛ‬تتو فيميل طبعو إذل طلبها فيكوف طالباً للحصة ‪ ،‬وكذلك إذا قاؿ ‪:‬‬
‫( يا كرمي ‪ ،‬يا ‪٤‬تسن ‪ ،‬يا غفار ‪ ،‬يا وىاب ‪ ،‬يا فتاح ) وإذا قاؿ ‪( :‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يتذكر ملكو وملكوتو وما فيو من أقساـ النعم‬ ‫يا ملك )‬

‫‪72‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫فيميل طبعو إليو فيطلب شيئاً منها ‪ ،‬وقس عليو سائر األ‪ٝ‬تاء ‪ ،‬أما‬
‫إذا قاؿ ‪ ( :‬يا ىو ) فإنو يعرؼ أنو ىو ‪ ،‬وىذا الذكر ال يدؿ على‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ٭تصل ُب قلبو نور ذكره ‪ ،‬وال يتكدر ذلك‬ ‫شيء غَته ألبتة ‪،‬‬
‫النور بالظلمة ا‪١‬تتولدة عن ذكر غَت هللا ‪ ،‬وىناؾ ٭تصل ُب قلبو النور‬
‫التاـ والكشف الكامل ‪.‬‬
‫والفائدة الرابعة ‪ :‬أف ‪ٚ‬تيع الصفات ا‪١‬تعلومة عند ا‪٠‬تلق ‪ :‬إما صفات‬
‫ا‪ٞ‬تبلؿ ‪ ،‬وإما صفات اإلكراـ ‪ ،‬أما صفات ا‪ٞ‬تبلؿ فهي قولنا ليس‬
‫ّتسم وال ّتوىر وال عرض وال ُب ا‪١‬تكاف وال ُب احملل ‪ ،‬وىذا فيو‬
‫دقيقة؛ ألف من خاطب السلطاف فقاؿ ‪ :‬أنت لست أعمى ولست‬
‫أصم ولست كذا وال كذا ويعد أنواع ا‪١‬تعايب والنقصانات فإنو‬
‫يستوجب الزجر وا‪ٟ‬تجر والتأديب ‪ ،‬ويقاؿ ‪ :‬إف ‪٥‬تاطبتو بنفي ىذه‬
‫األشياء عنو إساءة ُب األدب ‪ ،‬وأما صفات اإلكراـ فهي كونو خالقاً‬
‫للمخلوقات مرتباً ‪٢‬تا على النظم األكمل ‪ ،‬وىذا أيضاً فيو دقيقة من‬
‫وجهُت ‪ :‬األوؿ ‪ :‬ال شك أف كماؿ ا‪٠‬تالق أعلى وأجل من كماؿ‬
‫ا‪١‬تخلوؽ ٔتراتب ال ِناية ‪٢‬تا ‪ ،‬فإذا شرحنا نعوت كماؿ هللا وصفات‬
‫جبللو بكونو خالقاً ‪٢‬تذه ا‪١‬تخلوقات فقد جعلنا كماؿ ىذه ا‪١‬تخلوقات‬

‫‪73‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫كالشرح والبياف لكماؿ جبلؿ ا‪٠‬تالق ‪ ،‬وذلك يقتضي تعريف الكامل‬


‫ا‪١‬تتعاذل بطريق ُب غاية ا‪٠‬تسة والدناءة ‪ ،‬وذلك سوء أدب ‪ ،‬والثان ‪:‬‬
‫أف الرجل إذا أخذ ٯتدح السلطاف القاىر بأنو أعطى الفقَت الفبلن‬
‫كسرة خبز أو قطرة ماء فإنو يستوجب الزجر وا‪ٟ‬تجر ‪ ،‬ومعلوـ أف‬
‫نسبة ‪ٚ‬تيع عادل ا‪١‬تخلوقات من العرش إذل آخر ا‪٠‬تبلء الذي ال ِناية‬
‫لو إذل ما ُب خزائن قدرة هللا أقل من نسبة كسرة ا‪٠‬تبز وقطرة ا‪١‬تاء إذل‬
‫‪ٚ‬تيع خزائن الدنيا ‪ ،‬فإذا كاف ذلك سوء أدب فهذا أوذل أف يكوف‬
‫سوء أدب فثبت أف مدح هللا وثناءه بالطريقُت ا‪١‬تذكورين فيو ىذه‬
‫االعًتاضات ‪ ،‬إال أف ىهنا سبباً يرخص ُب ذكر ىذه ا‪١‬تدائح ‪ ،‬وىو‬
‫أف النفس صارت مستغرقة ُب عادل ا‪ٟ‬تس وا‪٠‬تياؿ فاإلنساف إذا أراد‬
‫جذهبا إذل عتبة عادل القدس احتاج إذل أف ينبهها على كماؿ ا‪ٟ‬تضرة‬
‫ا‪١‬تقدسة ‪ ،‬وال سبيل لو إذل معرفة كماؿ هللا وجبللو إال هبذين‬
‫الطريقُت ‪ ،‬أعٍت ذكر صفات ا‪ٞ‬تبلؿ وصفات اإلكراـ فيواظب على‬
‫ىذين النوعُت حىت تعرض النفس عن عادل ا‪ٟ‬تس وتألف الوقوؼ‬
‫على عتبة القدس فإذا حصلت ىذه ا‪ٟ‬تالة فعند ذلك يتبنو ‪١‬تا ُب‬
‫ذينك النوعُت من الذكر من االعًتاضات ا‪١‬تذكورة وعند ذلك يًتؾ‬

‫‪74‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫تلك األذكار ويقوؿ ‪ ( :‬يا ىو ) كأف العبد يقوؿ ‪ :‬أجل حضرتك‬


‫أف أمدحك وأثٍت عليك بسلب نقائص ا‪١‬تخلوقات عنك أو بإسناد‬
‫كماالت ا‪١‬تخلوقات إليك ‪ ،‬فإف كمالك أعلى وجبللك أعظم ‪ ،‬بل‬
‫ال أمدحك وال أثٍت عليك إال هبويتك من حيث ىي ‪ ،‬وال أخاطبك‬
‫أيضاً بلفظة ( أنت ) ألف تلك اللفظة تفيد التيو والكرب حيث تقوؿ‬
‫الروح إن قد بلغت مبلغاً صرت كا‪ٟ‬تاضر ُب حضرة واجب الوجود ‪،‬‬
‫ولكٍت ال أزيد على قورل ( ىو ) ليكوف إقراراً بأنو ىو ا‪١‬تمدوح لذاتو‬
‫بذاتو ‪ ،‬ويكوف إقراراً بأف حضرتو أعلى وأجل من أف يناسبو حضور‬
‫ا‪١‬تخلوقات ‪ ،‬فهذه الكلمة الواحدة تنبو على ىذه األسرار ُب مقامات‬
‫التجلي وا‪١‬تكاشفات ‪ ،‬فبل جرـ كاف ىذا الذكر أشرؼ األذكار لكن‬
‫بشرط التنبيو ‪٢‬تذه األسرار ‪.‬‬
‫الفائدة ا‪٠‬تامسة ‪ُ :‬ب ىذا الذكر ‪ :‬أف ا‪١‬تواظبة على ىذا الذكر تفيد‬
‫الشوؽ إذل هللا ‪ ،‬والشوؽ إذل هللا ألذ ا‪١‬تقامات وأكثرىا هبجة وسعادة‬
‫‪ ،‬إ‪٪‬تا قلنا أف ا‪١‬تواظبة على ىذا الذكر تورث الشوؽ إذل هللا وذلك ألف‬
‫كلمة ( ىو ) ضمَت الغائب فالعبد إذا ذكر ىذه الكلمة علم أنو‬
‫غائب عن ا‪ٟ‬تق ٍب يعلم أف ىذه الغيبة ليست بسبب ا‪١‬تكاف وا‪ٞ‬تهة ‪،‬‬

‫‪75‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وإ‪٪‬تا كانت بسبب أنو موصوؼ بنقصانات ا‪ٟ‬تدوث واإلمكاف ‪،‬‬


‫ومعيوب بعيب الكوف ُب إحاطة ا‪١‬تكاف والزماف ‪ ،‬فإذا تنبو العقل ‪٢‬تذه‬
‫الدقيقة وعلم أف ىذه الصفة حاصلة ُب ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تمكنات واحملدثات‬
‫فعند ىذا يعلم أف كل احملدثات واإلبداعيات غائبة عن عتبة علو‬
‫ا‪ٟ‬تق سبحانو وتعاذل ‪ ،‬وعرؼ أف ىذه الغيبة إ‪٪‬تا حصلت بسبب‬
‫ا‪١‬تفارقة ُب النقصاف والكماؿ وا‪ٟ‬تاجة واالستغناء ‪ ،‬فعند ىذا يعتقد أف‬
‫ا‪ٟ‬تق موصوؼ بأنواع من الكماؿ متعالية عن مشاهبة ىذه ىذه‬
‫الكماالت ومقدسة عن مناسبة ىذه احملادثات ‪ ،‬واعتقد أف تصوره‬
‫غائب عن العقل والفكر والذكر ‪ ،‬فصارت تلك الكماالت مشعوراً‬
‫هبا من وجو دوف وجو ‪ ،‬والشعور هبا من بعض الوجوه يشوؽ إذل‬
‫الشعور بدرجاهتا ومراتبها ‪ ،‬وإذا كاف ال ِناية لتلك ا‪١‬تراتب والدرجات‬
‫فكذلك ال ِناية ‪١‬تراتب ىذا الشوؽ ‪ ،‬وكلما كاف وصوؿ العبد إذل‬
‫مرتبة أعلى ‪٦‬تا كاف ‪ ،‬أسهل كاف شوقو إذل الًتقي عن تلك الدرجة‬
‫أقوى وأكمل ‪ ،‬فثبت أف لفظ «ىو» يفيد الشوؽ إذل هللا تعاذل ‪،‬‬
‫وإ‪٪‬تا قلنا إف الشوؽ إذل هللا أعظم ا‪١‬تقامات ‪ ،‬وذلك ألف الشوؽ يفيد‬
‫حصوؿ آالـ ولذات متوالية متعاقبة ‪ ،‬ألف بقدر ما يصل يلتذ وبقدر‬

‫‪76‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ما ٯتتنع وصولو إليو يتأدل ‪ ،‬والشعور باللذة حاؿ زواؿ األدل يوجب‬
‫مزيد االلتذاذ واإلبتهاج والسرور ‪ ،‬وذلك يدؿ على أف مقاـ الشوؽ‬
‫إذل هللا أعظم ا‪١‬تقامات ‪ ،‬فثبت أف ا‪١‬تواظبة على ذكر كلمة «ىو»‬
‫تورث الشوؽ إذل هللا تعاذل وثبت أف الشوؽ إذل هللا أعظم ا‪١‬تقامات‬
‫وأكثرىا هبجة وسعادة فيلزـ أف يقاؿ ‪ :‬ا‪١‬تواظبة على ذكر ىذه الكلمة‬
‫تفيد أعلى ا‪١‬تقامات وأسٌت الدرجات ‪.‬‬
‫الفائدة السادسة ‪ُ :‬ب شرح جبللة ىذا الذكر ‪ :‬واعلم أف ا‪١‬تقصود ال‬
‫يتم إال بذكر مقدمتُت ‪ :‬ا‪١‬تقدمة األوذل ‪ :‬أف العلم على قسمُت ‪:‬‬
‫تصور ‪ ،‬وتصديق ‪ ،‬أما التصور فهو أف ٖتصل ُب النفس صورة من‬
‫غَت أف ٖتكم النفس عليها ْتكم ألبتة ال ْتكم وجودي وال ْتكم‬
‫عدمي ‪ ،‬أما التصديق فهو أف ٭تصل ُب النفس صورة ‪٥‬تصوصة ‪ٍ ،‬ب‬
‫أف النفس ٖتكم عليها إما بوجود شيء أو عدمو إذا عرفت ىذا‬
‫فنقوؿ ‪ :‬التصور مقاـ التوحيد ‪ ،‬وأما التصديق فإنو مقاـ التكثَت ‪.‬‬
‫ا‪١‬تقدمة الثانية ‪ :‬أف التصور على قسمُت ‪ :‬تصور يتمكن العقل من‬
‫التصرؼ فيو ‪ ،‬وتصور ال ٯتكنو التصرؼ فيو ‪ :‬أما القسم األوؿ ‪ :‬فهو‬
‫تصور ا‪١‬تاىيات ا‪١‬تركبة ‪ ،‬فإنو ال ٯتكنو تصور ا‪١‬تاىيات ا‪١‬تركبة إال‬

‫‪77‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫بواسطة استحضار ماىيات أجزاء ذلك ا‪١‬تركب ‪ ،‬وىذا التصرؼ عمل‬


‫وفكر ‪ ،‬وتصرؼ من بعض الوجوه ‪ ،‬وأما القسم الثان ‪ :‬فهو تصور‬
‫ا‪١‬تاىيات البسيطة ا‪١‬تنزىة عن ‪ٚ‬تيع جهات الًتكيبات فإف اإلنساف ال‬
‫ٯتكنو أف يعمل عمبلً يتوسل بو إذل استحضار تلك ا‪١‬تاىية ‪ ،‬فثبت ٔتا‬
‫ذكرنا أف التصديق ‪٬‬تري ‪٣‬ترى التكثَت بالنسبة إذل التصور ‪ ،‬وأف‬
‫التصور توحيد بالنسبة إذل التصديق وثبت أيضاً أف تصور ا‪١‬تاىية‬
‫البسيطة ىو النهاية ُب التوحيد والبعد عن الكثرة ‪ ،‬وإذا عرفت ىذا‬
‫فنقوؿ ‪ :‬قولنا ُب ا‪ٟ‬تق سبحانو وتعاذل ‪« :‬يا ىو» ىذاتصور ‪٤‬تض‬
‫ٍ‬
‫خاؿ عن التصديق ‪ٍ ،‬ب إف ىذا التصور تصور ‪ٟ‬تقيقة منزىة عن ‪ٚ‬تيع‬
‫جهات الًتكيب والكثرة ‪ ،‬فكاف قولنا ‪« :‬يا ىو» ِناية ُب التوحيد‬
‫والبعد عن الكثرة ‪ ،‬وىو أعظم ا‪١‬تقامات ‪.‬‬
‫الفائدة السابعة ‪ :‬أف تعريف الشيء إما أف يكوف بنفسو ‪ ،‬أو‬
‫باألجزاء الداخلة فيو ‪ ،‬أو باألمور ا‪٠‬تارجة عنو ‪ ،‬أما القسم األوؿ‬
‫وىو تعريفو بنفسو فهو ‪٤‬تاؿ؛ ألف ا‪١‬تعرؼ سابق على ا‪١‬تعرؼ ‪،‬‬
‫فتعريف الشيء بنفسو يقتضي تقدـ العلم بو على العلم بو ‪ ،‬وذلك‬
‫‪٤‬تاؿ ‪ ،‬وأما القسم الثان وىو تعريفو باألمور الداخلة فيو فهذا ُب حق‬

‫‪78‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪ٟ‬تق ‪٤‬تاؿ؛ ألف ىذا إ‪٪‬تا ‪٬‬تري ُب ا‪١‬تاىية ا‪١‬تركبة ‪ ،‬وذلك ُب حق ا‪ٟ‬تق‬
‫‪٤‬تاؿ ‪ ،‬وأما القسم الثالث وىو تعريفو باألمور ا‪٠‬تارجة عنو فهذا أيضاً‬
‫باطل ‪٤‬تاؿ؛ ألف أحواؿ ا‪٠‬تلق ال يناسب شيء منها شيئاً من أحواؿ‬
‫القدمي الواجب لذاتو؛ ألنو تعاذل ‪٥‬تالف بذاتو ا‪١‬تخصوصة وهبويتو‬
‫ا‪١‬تعينة لكل ما سواه و‪١‬تا كاف كذلك امتنع أف تكوف أحواؿ ا‪٠‬تلق‬
‫كاشفة عن ماىية هللا تعاذل وحقيقتو ا‪١‬تخصوصة فإذا كاف كذلك‬
‫فقد انسدت أبواب التعريفات بالنسبة إذل ىويتو ا‪١‬تخصوصة وماىيتو‬
‫ا‪١‬تعينة ‪ ،‬فلم يبق طريق إليو إال من جهة واحدة ‪ ،‬وىو أف يوجو‬
‫اإلنساف حدقة عقلو وروحو إذل مطلع نور تلك ا‪٢‬توية على رجاء أنو‬
‫رٔتا أشرؽ ذلك النور حاؿ ما كانت حدقة عقلو متوجهة إليها‬
‫فيستسعد ٔتطالعة ذلك النور ‪ ،‬فقوؿ الذاكر «يا ىو» توجيو ‪ٟ‬تدقة‬
‫العقل والروح إذل ا‪ٟ‬تضرة القدسية على رجاء أنو رٔتا حصلت لو تلك‬
‫السعادة ‪.‬‬
‫الفائدة الثامنة ‪ :‬أف الرجل إذا دخل على ا‪١‬تلك ا‪١‬تهيب والسلطاف‬
‫القاىر ووقف بعقلو على كماؿ تلك ا‪١‬تهابة وعلى جبلؿ تلك‬
‫السلطنة فقد يصَت ْتيث تستورل عليو تلك ا‪١‬تهابة وتلك السلطنة‬

‫‪79‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫فيصَت غافبلً عن كل ما سواه ‪ ،‬حىت أنو رٔتا كاف جائعاً فينسى‬


‫جوعو ‪ ،‬ورٔتا كاف بو أدل شديد فينسى ذلك األدل ُب تلك ا‪ٟ‬تالة ‪،‬‬
‫ورٔتا رأى أباه أو ابنو ُب تلك ا‪ٟ‬تالة وال يعرفهما ‪ ،‬وكل ذلك ألف‬
‫استيبلء تلك ا‪١‬تهابة عليو أذىلو عن الشعور بغَته ‪ ،‬فكذلك العبد إذا‬
‫قاؿ ‪« :‬يا ىو» وٕتلى لعقلو وروحو ذرة من نور جبلؿ تلك ا‪٢‬توية‬
‫وجب أف يستورل على قلبو الدىشة وعلى روحو ا‪ٟ‬تَتة ‪ ،‬وعلى فكرة‬
‫الغفلة ‪ ،‬فيصَت غائباً عن كل ما سوى تلك ا‪٢‬توية ‪ ،‬معزوالً عن‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ ال يبقى معو ُب تلك ا‪ٟ‬تالة إال أف‬ ‫اإللتفات إذل شيء سواىا ‪،‬‬
‫يقوؿ بعقلو ‪« :‬ىو» وبلسانو «ىو» فإذا قاؿ العبد «ىو» وواظب‬
‫على ىذا الذكر فهذا منو تشبو بتلك ا‪ٟ‬تالة على رجاء أنو رٔتا وصل‬
‫إذل تلك ا‪ٟ‬تالة ‪ ،‬فنسأؿ هللا تعاذل الكرمي أف يسعدنا هبا ‪.‬‬
‫الفائدة التاسعة ‪ :‬من فوائد ىذا الذكر العارل روي عن النيب صلى هللا‬
‫عليو وسلم أنو قاؿ ‪ " :‬من جعل ‪٫‬تومو ‪٫‬تاً واحداً كفاه هللا ‪٫‬توـ‬
‫الدنيا واآلخرة " فكأف العبد يقوؿ ‪٫ :‬تومي ُب الدنيا واآلخرة غَت‬
‫متناىية ‪ ،‬وا‪ٟ‬تاجات اليت ىي غَت متناىية ال يقدر عليها إال ا‪١‬توصوؼ‬
‫بقدرة غَت متناىية ‪ ،‬ور‪ٛ‬تة غَت متناىية ‪ ،‬وحكمة غَت متناىية ‪ ،‬فعلى‬

‫‪81‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ىذا أنا ال أقدر على دفع حاجاٌب وال على ٖتصيل مهماٌب ‪ ،‬بل‬
‫ليس القادر على دفع تلك ا‪ٟ‬تاجات وعلى ٖتصيل تلك ا‪١‬تهمات إال‬
‫هللا سبحانو وتعاذل ‪ ،‬فأنا أجعل ‪٫‬تي مشغوالً بذكره فقط ‪ ،‬ولسان‬
‫مشغوالً بذكره فقط فإذا فعلت ذلك فهو بر‪ٛ‬تتو يكفيٍت مهمات‬
‫الدنيا واآلخرة ‪.‬‬
‫الفائدة العاشرة ‪ :‬أف العقل ال ٯتكنو االشتغاؿ بشيء حالة االستغراؽ‬
‫ُب العلم بشيء آخر ‪ ،‬فإذا وجو فكره إذل شيء يبقى معزوالً عن غَته‬
‫‪ ،‬فكأف العبد يقوؿ ‪ :‬كلما استحضرت ُب ذىٍت العلم بشيء فاتٍت‬
‫ُب ذلك الوقت العلم بغَته ‪ ،‬فإذا كاف ىذا الزماً فاألوذل أف أجعل‬
‫قليب وفكري مشغوالً ٔتعرفة أشرؼ ا‪١‬تعلومات ‪ ،‬وأجعل لسان مشغوالً‬
‫بذكر أشرؼ ا‪١‬تذكورات؛ فلهذا السبب أواظب على قولو ‪« :‬يا ىو»‬
‫‪.‬‬
‫الفائدة ا‪ٟ‬تادية عشرة ‪ :‬أف الذكر أشرؼ ا‪١‬تقامات ‪ ،‬قاؿ عليو السبلـ‬
‫حكاية عن هللا تعاذل ‪ " :‬إذا ذكرن عبدي ُب نفسو ذكرتو ُب نفسي ‪،‬‬
‫وإذا ذكرن ُب مؤل ذكرتو ُب مؤل خَت من ملئو " وإذا ثبت ىذا فنقوؿ‬
‫‪ :‬أفضل األذكار ذكر هللا بالثناء ا‪٠‬تارل عن السؤاؿ ‪ ،‬قاؿ عليو السبلـ‬

‫‪80‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫حكاية عن هللا تعاذل ‪ " :‬من شغلو ذكرى عن مسأليت أعطيتو أفضل‬
‫ما أعطي السائلُت ‪ " ،‬إذا عرفت ىذه ا‪١‬تقدمة فنقوؿ ‪ :‬العبد فقَت‬
‫‪٤‬تتاج ‪ ،‬والفقَت احملتاج إذا نادى ‪٥‬تدومو ٓتطاب يناسب الطلب‬
‫والسؤاؿ كاف ذلك ‪٤‬تموالً على السؤاؿ ‪ ،‬فإذا قاؿ الفقَت للغٍت «يا‬
‫كرمي» كاف معناه أكرـ وإذا قاؿ لو ‪« :‬يا نفاع» كاف معناه طلب‬
‫النفع ‪ ،‬وإذا قاؿ ‪« :‬يا ر‪ٛ‬تن» كاف معناه ارحم ‪ ،‬فكانت ىذه‬
‫األذكار جارية ‪٣‬ترى السؤاؿ ‪ ،‬وقد بينا أف الذكر إ‪٪‬تا يعظم شرفو إذا‬
‫كاف خالياً عن السؤاؿ والطلب ‪ ،‬أما إذا قاؿ ‪« :‬يا ىو» كاف معناه‬
‫خالياً عن اإلشعار بالسؤاؿ والطلب ‪ ،‬فوجب أف يكوف قولنا ‪« :‬ىو»‬
‫أعظم األذكار ‪.‬‬
‫ولنختم ىذا الفصل بذكر شريف رأيتو ُب بعض الكتب ‪ :‬يا ىو ‪ ،‬يا‬
‫من ال ىو إال ىو ‪ ،‬يا من ال إلو إال ىو ‪ ،‬يا أزؿ ‪ ،‬يا أبد ‪ ،‬يا دىر ‪،‬‬
‫يا ديهار ‪ ،‬يا ديهور ‪ ،‬يا من ىو ا‪ٟ‬تي الذي ال ٯتوت ‪.‬‬
‫ومن لطائف ىذا الفصل أف الشيخ الغزارل ر‪ٛ‬تة هللا عليو كاف يقوؿ ‪:‬‬
‫«ال إلو إال هللا» توحيد العواـ ‪« ،‬وال إلو إال ىو» توحيد ا‪٠‬تواص ‪،‬‬
‫ولقد استحسنت ىذا الكبلـ وقررتو بالقرآف والربىاف ‪ :‬أما القرآف فإنو‬

‫‪82‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ءاخَر الَ إلو إِالَ ُى َو } ٍب قاؿ بعده‬


‫تعاذل قاؿ ‪َ { :‬والَ تَ ْدعُ َم َع هللا إ‪٢‬تا َ‬
‫ك إِالَ َو ْج َهوُ } [ القصص ‪ ] ٛٛ :‬معناه إال ىو‬ ‫‪ُ { :‬ك ُّل َش ْىء َىالِ ٌ‬
‫‪ ،‬فذكر قولو إال ىو بعد قولو ال إلو فدؿ ذلك على أف غاية التوحيد‬
‫ىي ىذه الكلمة ‪ ،‬وأما الربىاف فهو أف من الناس من قاؿ ‪ :‬إف تأثَت‬
‫الفاعل ليس ُب ٖتقيق ا‪١‬تاىية وتكوينها ‪ ،‬بل ال تأثَت لو إال ُب إعطاء‬
‫صفة الوجود ‪٢‬تا ‪ ،‬فقلت ‪ :‬فالوجود أيضاً ماىية ‪ ،‬فوجب أف ال يكوف‬
‫الوجود واقعاً بتأثَته ‪ ،‬فإف التزموا ذلك وقالوا الواقع بتأثَت الفاعل‬
‫موصوفية ا‪١‬تاىية بالوجود فنقوؿ ‪ :‬تلك ا‪١‬توصوفية إف دل تكن مفهوماً‬
‫مغايراً للماىية والوجود امتنع إسنادىا إذل الفاعل ‪ ،‬وإف كانت‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ‬ ‫مفهوماً مغايراً فذلك ا‪١‬تفهوـ ا‪١‬تغاير ال ب ّد وأف يكوف لو ماىية؛‬
‫يعود الكبلـ ‪ ،‬فثبت أف القوؿ بأف ا‪١‬تؤثر ال تأثَت لو ُب ا‪١‬تاىيات ينفي‬
‫التأثَت وا‪١‬تؤثر ‪ ،‬وينفي الصنع والصانع بالكلية ‪ ،‬وذلك باطل فثبت أف‬
‫ا‪١‬تؤثر يؤثر ُب ا‪١‬تاىيات ‪ ،‬فكل ما بالغَت فإنو يرتفع بارتفاع الغَت ‪،‬‬
‫فلوال ا‪١‬تؤثر دل تكن تلك ا‪١‬تاىية ماىية وال حقيقة ‪ ،‬فبقدرتو صارت‬
‫ا‪١‬تاىيات ماىيات ‪ ،‬وصارت ا‪ٟ‬تقائق حقائق وقبل تأثَت قدرتو فبل‬
‫ماىية وال وجود وال حقيقة وال ثبوت ‪ ،‬وعند ىذا يظهر صدؽ قولنا ‪:‬‬

‫‪83‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫«ال ىو إال ىو» أي ‪ :‬ال تقرر لشيء من ا‪١‬تاىيات وال ٗتصص‬


‫لشيء من ا‪ٟ‬تقائق إال بتقريره وٗتصيصو ‪ ،‬فثبت أنو «ال ىو إال ىو»‬
‫‪ ،‬وهللا أعلم ‪ .‬اىػ رازي‬

‫٘‪ -‬فضيلة ذكر هللا سبحانو وتعاذل ُب ا‪٠‬تلوة‬

‫روى اإلماماف البخاري ومسلم ُب صحيحيهما َع ْن أَِيب ُىَريْػَرَة َع ْن‬


‫الِلُ ُِب ِظلِّ ِو يَػ ْوَـ َال ِظ َل‬
‫اؿ َسْبػ َعةٌ يُ ِظلُّ ُه ْم َ‬
‫َيب صلى هللا عليو وسلم قَ َ‬ ‫ِ‬
‫الن ِّ‬
‫اإلماـ الْع ِاد ُؿ وشاب نَشأَ بِعِباد ِة َِ‬
‫الِل َوَر ُج ٌل قَػ ْلبُوُ ُم َعلَ ٌق ُِب‬ ‫َ ََ‬ ‫إَِال ِظلُّوُ ِْ َ ُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج ِد ورج َبل ِف َٖتابَا ُِب َِ‬ ‫ِ‬
‫اجتَ َم َعا َعلَْيو َوتَػ َفَرقَا َعلَْيو َوَر ُج ٌل َد َعْتوُ‬‫الِل ْ‬ ‫َ‬ ‫الْ َم َس َ َ ُ‬
‫ص َدقٍَة‬‫َؽ بِ َ‬‫صد َ‬‫الِلَ َوَر ُج ٌل تَ َ‬‫اؼ َ‬ ‫َخ ُ‬ ‫اؿ إِِّن أ َ‬‫ب َو َ‪ٚ‬تَ ٍاؿ فَػ َق َ‬
‫صٍ‬‫امرأَةٌ َذات مْن ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َْ‬
‫الِلَ َخالِيًا‬ ‫ِ‬
‫اىا َح َىت َال تَػ ْعلَ َم َٯتِينُوُ َما تُػْن ِف ُق ِشَالُوُ َوَر ُج ٌل ذَ َكَر َ‬‫َخ َف َ‬
‫فَأ ْ‬
‫ت َعْيػنَاهُ‪ .‬قاؿ الدكتور مصطفى ديب البغا أبو ا‪ٟ‬تسن ‪٤‬تقق‬ ‫اض ْ‬
‫فَػ َف َ‬
‫صحيح البخاري ‪ ( :‬خاليا ) من ا‪٠‬تبلء وىو موضع ليس فيو أحد‬
‫من الناس‪ ( .‬ففاضت عيناه ) ذرفت بالدموع إجبلال هلل وشوقا إذل‬
‫لقائو‪ .‬وقاؿ اإلماـ العيٍت ُب كتابو " عمدة القاري شرح البخاري "‬
‫(٘ ‪ : )ٜٔٚ /‬قولو ورجل أي والسابع رجل ذكر هللا خاليا أي من‬
‫ا‪٠‬تلق ألنو حينئذ يكوف أبعد من الرياء وقيل خاليا من االلتفات إذل‬
‫‪84‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫غَته تعاذل ولو كاف ُب ا‪١‬تؤل ويؤيده رواية البيهقي ذكر هللا بُت يديو‬
‫ويؤيد األوؿ رواية ابن ا‪١‬تبارؾ و‪ٛ‬تاد بن زيد ذكر هللا ُب خبلء أي ُب‬
‫موضع خاؿ وقاؿ بعضهم ذكر هللا أي بقلبو من التذكر أو بلسانو من‬
‫الذكر قلت ليس كذلك ألف الذكر بالقلب من الذكر بضم الذاؿ‬
‫وباللساف من الذكر بكسر الذاؿ وأيضا لفظ ذكر ببل قيد وال يكوف‬
‫مشتقا من التذكر فمن لو يد ُب علم التصريف يفهم ىذا قولو‬
‫ففاضت عيناه وإ‪٪‬تا أسند الفيض إذل العُت مع أف العُت ال تفيض ألف‬
‫الفائض ىو الدمع مبالغة كأِنا ىي الفائض وذلك كقولو وترى‬
‫أعينهم تفيض من الدمع ( ا‪١‬تائدة ٖ‪ ) ٛ‬وقاؿ القرطيب وفيض العُت‬
‫ْتسب حاؿ الذاكر وْتسب ما ينكشف لو ففي حاؿ أوصاؼ‬
‫ا‪ٞ‬تبلؿ يكوف البكاء من خشية هللا وُب حاؿ أوصاؼ ا‪ٞ‬تماؿ يكوف‬
‫البكاء من الشوؽ إليو‪ .‬اىػ وقاؿ اإلماـ السيوطي ُب كتابو " الديباج‬
‫على صحيح مسلم بن ا‪ٟ‬تجاج " (ٖ‪ : )ٔٔٓ/‬قاؿ القرطيب ‪ :‬وىذا‬
‫ا‪ٟ‬تديث جدير بأف ٯتعن فيو النظر ويستخرج ما فيو من العرب‪ .‬اىػ‬
‫وذكر ا‪ٟ‬تافظ ا‪١‬تنذري ُب كتابو " الًتغيب والًتىيب " ا‪ٟ‬تديث برقم‬
‫ٗ٘‪ ٕٙ‬قاؿ ‪ :‬وعن سعد بن أيب وقاص رضي هللا عنهما قاؿ ‪:‬‬
‫‪ٝ‬تعت رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم يقوؿ ‪ " :‬خَت الذك ِر ُّ‬
‫ا‪٠‬تفي‪,‬‬
‫وخَت الرزؽ ما يَكفي " رواه أبو عوانة وابن حباف ُب صحيحيهما‪ .‬اىػ‬

‫‪85‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ -ٙ‬بعض ألفاظ الذكر وفضائلها ودليل اٗتاذ‬


‫السْبحة‬
‫ُّ‬

‫ألفاظ الذكر كثَتة مستفيضة ُب اآليات واألحاديث منها ‪:‬‬

‫رسوؿ هللا صلى هللا عليو‬ ‫اؿ ُ‬ ‫اؿ ‪ :‬قَ َ‬ ‫عن ابن مسعود رضي هللا عنو قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ ‪ :‬يَا ُ‪٤‬تَ ّم ُد أقْ ِر ْ‬
‫ىء‬ ‫ي ِيب ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫ُس ِر َ‬‫يم لَيلَةَ أ ْ‬
‫ت إبْػَراى َ‬ ‫وسلم ‪ (( :‬لَقْي ُ‬
‫أَُمتك ِم ٍِت ال َسبلَـ ‪ ،‬وأَخِربىم أ َف ا‪ٞ‬تنَةَ طَيَبةُ التػُّرب ِة ‪ ،‬ع ْذبةُ ِ‬
‫ا‪١‬تاء ‪ ،‬وأنػ ََها‬ ‫َ َ َْ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُْ ْ‬ ‫ََ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َها ‪ُ :‬سْب َحا َف هللا ‪ ،‬وا‪ٟ‬تَ ْم ُد هلل ‪َ ،‬والَ إلوَ إِالَ هللاُ ‪ ،‬وهللاُ‬ ‫ق َيعا ٌف وأ َف غَر َ‬
‫أ ْكبَػُر )) ‪ .‬رواه الًتمذي وقاؿ ‪ :‬حديث حسن‪ .‬ورواه الطربان وزاد ‪:‬‬
‫َوالَ َح ْو َؿ َوالَ قُػ َوةَ اِالَ بِاهللِ‪.‬‬
‫وروى الًتمذي والنسائي وابن ماجو وابن حباف وا‪ٟ‬تاكم وصححاه‬
‫وؿ َِ‬
‫الِل‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫الِل عْنػهما يػ ُق ُ ِ‬ ‫عن جابِ ٍر بن عب ِد َِ ِ‬
‫وؿ ‪َٝ :‬ت ْع ُ‬ ‫الِل َرض َي َُ َ ُ َ َ‬ ‫َ ْ َ َْ‬
‫ِ‬
‫ض ُل ال ّذ ْك ِر َال إِلَوَ إَِال َ‬
‫ض ُل‬ ‫الِلُ َوأَفْ َ‬ ‫وؿ ‪ :‬أَفْ َ‬ ‫صلى هللا عليو وسلم يَػ ُق ُ‬
‫ا‪ٟ‬تم ُد َِِ‬
‫لِل‪.‬‬ ‫الد ِ‬
‫ُّعاء َْ ْ‬ ‫َ‬
‫ب بْ ُن َج ِري ٍر‬ ‫وقاؿ اإلماـ أ‪ٛ‬تد ُب مسنده رقم ٗٓ‪َ : ٙٛ‬ح َدثَػنَا َوْى ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسلَ َم َع ْن‬ ‫ث َع ْن َزيْد بْ ِن أ ْ‬ ‫ب بْ َن ُزَى ٍَْت ُ٭تَ ّد ُ‬ ‫ص ْق َع َ‬
‫ت ال َ‬ ‫َح َدثػَنَا أَِيب َ‪ٝ‬ت ْع ُ‬
‫الِل بْ ِن َع ْم ٍرو قَ َ‬‫عطَ ِاء ب ِن يسا ٍر عن عب ِد َِ‬
‫َيب صلى هللا عليو‬ ‫اؿ ‪ :‬أَتَى النِ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َْ‬
‫‪86‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اج‬‫اج أ َْو َم ْزُر َورةٌ بِ ِديبَ ٍ‬‫وسلم أ َْعَرِايب َعلَْي ِو ُجبَةٌ ِم ْن طَيَالِ َس ٍة َم ْك ُفوفَةٌ بِ ِديبَ ٍ‬
‫احبَ ُك ْم َى َذا يُِر ُ‬ ‫اؿ إِ َف ص ِ‬
‫ض َع ُك َل‬ ‫يد أَ ْف يَػ ْرفَ َع ُك َل َر ٍاع ابْ ِن َر ٍاع َويَ َ‬ ‫َ‬ ‫فَػ َق َ‬
‫َخ َذ ِٔتَ َج ِام ِع‬
‫ضبًا فَأ َ‬ ‫َيب صلى هللا عليو وسلم ُم ْغ َ‬ ‫فَا ِر ٍس ابْ ِن فَا ِر ٍس فَػ َق َاـ النِ ُّ‬
‫وؿ‬‫اب َم ْن َال يػَ ْع ِق ُل ٍبَُ َر َج َع َر ُس ُ‬ ‫اؿ َال أَرى علَي َ ِ‬
‫ك ثيَ َ‬ ‫اجتَ َذبَوُ َوقَ َ َ َ ْ‬
‫ِِ‬
‫ُجبَتو فَ ْ‬
‫وحا َعلَْي ِو ال َس َبلـ لَ َما‬ ‫الِل صلى هللا عليو وسلم فَ َجلَس فَػ َق َ ِ‬ ‫َِ‬
‫اؿ ‪ :‬إ َف نُ ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضرتْوُ الْوفَاةُ َد َعا ابْػنَػْي ِو فَػ َق َ ِ‬
‫آمُرُك َما‬‫اؿ إِّن قَاصٌر َعلَْي ُك َما الْ َوصيَةَ ُ‬ ‫َح َ َ َ‬
‫آمُرُك َما بِ َبل‬ ‫ُت أَنْػها ُكما عن ِّ ِ ِ‬ ‫بِاثْػنَتَػ ْ ِ‬
‫الش ْرؾ َوالْك ِْرب َو ُ‬ ‫ُت َوأَنْػ َها ُك َما َع ْن اثْػنَتَػ ْ ِ َ َ َ ْ‬
‫ات و ْاألَرض وما فِي ِهما لَو و ِضعت ُِب كِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِلَوَ إَِال َ ِ‬
‫َة‬ ‫َ ْ ُ َْ‬ ‫الِلُ فَإ َف ال َس َم َو َ ْ َ َ َ‬
‫ِِ‬ ‫ت َال إِلَ َو إَِال َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ت أ َْر َج َح َولَ ْو أَ َف‬‫الِلُ ُِب الْكفَة ْاألُ ْخَرى َكانَ ْ‬ ‫الْم َيزاف َوُوض َع ْ‬
‫ت َال إِلَوَ إَِال َ‬
‫الِلُ َعلَْيػ َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َكانػَتَا َح ْل َقةً فَػ ُوض َع ْ‬ ‫ال َس َم َوات َو ْاأل َْر َ‬
‫لََفصمْتػها أَو لََقصمْتػها وآمرُكما بِسبحا َف َِ ِ ِ ِ‬
‫ص َبلةُ ُك ِّل‬ ‫الِل َوْتَ ْمده فَِإنػ ََها َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ َ ُُ َ ُْ َ‬
‫َش ْي ٍء َوِهبَا يػُْرَز ُؽ ُك ُّل َش ْي ٍء‪ .‬اىػ قاؿ شعيب األرناووط ‪ :‬اسناده‬
‫صحيح‪ .‬اىػ قلت ‪ :‬ورواه أيضا البخاري ُب األدب ا‪١‬تفرد والنسائي ُب‬
‫سننو الكربى وا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ وصححو وابن أيب شيبة ُب‬
‫ا‪١‬تصنف وعبد بن ‪ٛ‬تيد ُب مسنده‪.‬‬
‫وؿ َِ‬
‫الِل صلى هللا عليو‬ ‫اؿ ِرل َر ُس ُ‬ ‫اؿ ‪ :‬قَ َ‬ ‫ي قَ َ‬ ‫وسى ْاألَ ْش َع ِر ِّ‬ ‫و َع ْن أَِيب ُم َ‬
‫اؿ َعلَى َكْن ٍز ِم ْن‬ ‫ك َعلَى َكلِ َم ٍة ِم ْن ُكنُوِز ا ْ‪ٞ‬تَن َِة أ َْو قَ َ‬ ‫وسلم ‪ :‬أََال أ َُدلُّ َ‬
‫الِل‪ .‬رواه‬ ‫اؿ ‪َ :‬ال حو َؿ وَال قُػ َوَة إَِال بِ َِ‬ ‫ت بػَلَى فَػ َق َ‬ ‫ُكنُوِز ْ ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ا‪ٞ‬تَنَة فَػ ُق ْل ُ‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اص َعن أَبِيها أَنَو َدخل مع رس ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬


‫وؿ‬ ‫و َع ْن َعائ َشةَ بْنت َس ْعد بْ ِن أَِيب َوقَ ٍ ْ َ ُ َ َ َ َ َ ُ‬
‫صى تُ َسبِّ ُح‬ ‫ٍ‬ ‫َِ‬
‫ُت يَ َديْػ َها نَػ ًوى أ َْو َح ً‬
‫الِل صلى هللا عليو وسلم َعلَى ْامَرأَة َوبَػ ْ َ‬
‫اؿ ‪ :‬أُخِرب ِؾ ِٔتَا ىو أَيسر علَي ِ ِ‬ ‫بِِو فَػ َق َ‬
‫اؿ ‪:‬‬ ‫ك م ْن َى َذا أ َْو أَفْ َ‬
‫ض ُل فَػ َق َ‬ ‫َُ ْ َُ َ ْ‬ ‫ُْ‬
‫الِل َع َد َد َما َخلَ َق ُِب‬ ‫الِل ع َدد ما خلَق ُِب ال َسم ِاء وسبحا َف َِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُْ َ‬ ‫ُسْب َحا َف َ َ َ َ َ َ‬
‫الِل ع َدد ما خلَق بػُت َذلِك وسبحا َف َِ‬
‫الِل َع َد َد َما ُى َو‬ ‫ِ‬ ‫ْاأل َْر ِ‬
‫ض َو ُسْب َحا َف َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫الِلُ ِمثْ ُل‬ ‫ِ‬ ‫الِل أَ ْكبػر ِمثْل َذلِك و ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َوَال إِلَوَ إَِال َ‬ ‫ا‪ٟ‬تَ ْم ُد َلِل ِمثْ ُل َذل َ‬ ‫َخال ٌق َو َُ َ ُ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫َذلِك وَال حو َؿ وَال قُػ َوَة إَِال بِ َِ‬
‫ك‪ .‬قاؿ ا‪١‬تنذري ‪ :‬رواه أبو‬ ‫الِل ِمثْ ُل َذل َ‬ ‫َ َ َْ َ‬
‫داود والًتمذي وقاؿ حديث حسن غريب من حديث سعد‪,‬‬
‫والنسائي وابن حباف ُب صحيحو وا‪ٟ‬تاكم وقاؿ صحيح اإلسناد‪ .‬اىػ‬
‫السْبحة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفيو دليل الٗتاذ ُ‬
‫وُب مسند أيب يعلى ا‪١‬توصلي (ج ٗٔ ‪ /‬ص ٘ٓٗ) قاؿ ‪ :‬حدثنا زىَت‬
‫‪ ،‬حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ‪ ،‬حدثنا ىاشم الكوُب ‪ ،‬حدثنا‬
‫كنانة ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬حدثتٍت صفية ‪ ،‬أف رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم‬
‫جعل عتقها مهرىا ‪ ،‬وأنو صلى هللا عليو وسلم دخل عليها وبيدىا‬
‫أربعة آالؼ نواة تسبح هبا ‪ ،‬فقاؿ ‪ « :‬لقد سبحت منذ قمت عليك‬
‫أكثر ‪٦‬تا سبحت » ‪ ،‬قالت ‪ :‬قلت ‪ :‬علمٍت يا رسوؿ هللا ‪ ،‬قاؿ ‪« :‬‬
‫قورل سبحاف هللا عدد ما خلق »‪ .‬ورواه الًتمذي وا‪ٟ‬تاكم وىو‬
‫ضعيف‪ .‬قاؿ ا‪١‬تنذري ‪ :‬وليس اسناده ٔتعروؼ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وُب تفسَت ابن كثَت (ج ٗ ‪ /‬ص ‪ : )ٗٛٙ‬وقاؿ ‪٤‬تمد بن إسحاؽ ‪:‬‬


‫جاء مالك األشجعي إذل رسوؿ هللا صلى هللا عليو و سلم فقاؿ لو ‪:‬‬
‫عوؼ‪ ,‬فقاؿ لو رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم ‪ [ :‬أرسل‬ ‫أُ ِسَر ابٍت ٌ‬
‫إليو أف رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم يأمر أف تكثر من قوؿ ال حوؿ‬
‫وال قوة إال باهلل ] وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنو فخرج فإذا‬
‫ىو بناقة ‪٢‬تم فركبها وأقبل فإذا بسرح القوـ الذين كانوا قد شدوه‬
‫فصاح هبم فاتبع أو‪٢‬تا آخرىا فلم يفجأ أبويو إال وىو ينادي بالباب‬
‫فقاؿ أبوه ‪ :‬عوؼ ورب الكعبة فقالت ‪ :‬أمو ‪ :‬واسوأتاه ! وعوؼ‬
‫عوؼ قد‬
‫كيف يقدـ ‪١‬تا ىو فيو من القد فاستبقا الباب وا‪٠‬تادـ فإذا ٌ‬
‫مؤل الفناء إببل فقص على أبيو أمره وأمر اإلبل فقاؿ أبوه ‪ :‬قفا حىت‬
‫آٌب رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم فأسألو عنها فأتى رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو وسلم فأخربه ٓترب عوؼ وخرب اإلبل فقاؿ لو رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو وسلم ‪ [ :‬اصنع هبا ما أحببت وما كنت صانعا ٔتالك ]‬
‫ونزؿ ‪ { :‬ومن يتق هللا ‪٬‬تعل لو ‪٥‬ترجا * ويرزقو من حيث ال ٭تتسب‬
‫} رواه ابن أيب حاًب‪.‬‬
‫إذل غَت ذلك من األحاديث الكثَتة الشهَتة‪ .‬وبا‪ٞ‬تملة ‪ :‬كل لفظ فيو‬
‫كلمة ا‪ٞ‬تبللة وورد بو آية أو حديث أو أثر فهو ذكر‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ -ٚ‬حديثاف مرفوعاف عن رسوؿ هللا ُب دليل‬


‫تلقُت الذكر‬

‫ا‪ٟ‬تديث األوؿ ‪ :‬قاؿ الشيخ ‪٤‬تدث ا‪١‬تدينة ا‪١‬تنورة فاحل الظاىري ر‪ٛ‬تو‬
‫هللا تعاذل ُب ثبتو " حسن الصفا " ص ‪ ( ٔٚ‬وكذلك اإلماـ ابن‬
‫عجيبة ا‪ٟ‬تسٍت ُب " إيقاظ ا‪٢‬تمم " ٔ ‪ : ) ٙٔ /‬والذكر ا‪١‬تلقَن ىو ‪" :‬‬
‫ال الو اال هللا "‪ .‬ففي ر٭تاف القلوب لسيدي يوسف الكوران ( وىو‬
‫أبو احملاسن ‪ٚ‬تاؿ الدين يوسف بن عبد هللا الكوران الشهَت بالعجمي‬
‫) بسند ساقو اذل ا‪ٟ‬تسن البصري ( الكوران عن الشيخُت بدر الدين‬
‫الطوسي و‪٧‬تم الدين األصفهان و‪٫‬تا عن نور الدين عبد الصمد عن‬
‫‪٧‬تيب الدين علي بن برعش الشَتازي عن عمر السهروردي عن عمو‬
‫ضياء الدين أيب النجيب عن أبيو وجيو الدين عن أبيو ‪٤‬تمد‬
‫السهروردي ا‪١‬تعروؼ بعمويو عن ‪٦‬تشاد الينوري عن ا‪ٞ‬تنيد البغدادي‬
‫عن السري عن معروؼ عن داود عن حبيب عن ا‪ٟ‬تسن البصري )‬
‫أي‬
‫عن علي كرـ هللا وجهو قلت ‪ :‬يا رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم‪ُّ ,‬‬
‫الطرؽ أقرب إذل هللا وأسهلها على عباد هللا وأفضلها عند هللا تعاذل؟‬
‫‪91‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫فقاؿ ‪ :‬يا علي عليك ٔتداومة ذكر هللا ُب ا‪٠‬تلوات فقاؿ علي ‪ :‬ىكذا‬
‫كل الناس ذاكروف فقاؿ صلى هللا عليو وسلم ‪ " :‬يا‬
‫فضيلة الذكر و ُّ‬
‫علي ال تقوـ الساعة حىت ال يبقي على وجو األرض من يقوؿ هللا هللا‬
‫" فقاؿ لو على ‪ :‬كيف أذكر يا رسوؿ هللا فقاؿ لو صلى هللا عليو‬
‫‪ٝ‬تع مٍت ثبلث مرات ٍب قل أنت ثبلث‬ ‫ِ‬
‫غمض عينيك وا ْ‬ ‫وسلم ‪ّ " :‬‬
‫مرات وأنا أ‪ٝ‬تع " فقاؿ صلى هللا عليو وسلم ‪ " :‬ال إلو إال هللا " ثبلث‬
‫مغمضاً عينيو رافعا صوتو وعلي يسمع ٍب قاؿ علي ‪ " :‬ال إلو‬ ‫ِ‬
‫مرات ّ‬
‫ِ‬
‫مغمضاً عينيو رافعا صوتو والنيب صلى هللا عليو‬
‫إال هللا " ثبلث مرات ّ‬
‫وسلم يسمع‪ٍ .‬ب لقنها علي للحسن البصري ٍب ا‪ٟ‬تسن ‪ٟ‬تبيب‬
‫العجمي ٍب حبيب لداوود الطائي ٍب داوود ‪١‬تعروؼ الكرخي ٍب معروؼ‬
‫للسري ٍب السري للجنيد ٍب انتقلت إذل أرباب الًتبية‪ .‬اىػ ظاىري‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وُب صحة ىذا ا‪ٟ‬تديث كبلـ طويل مشهور بُت العلماء ومداره‬
‫على اإلماـ ا‪ٟ‬تسن البصري‪ ,‬وىو ثقة تابعي جليل لكن ىل ثبت‬
‫‪ٝ‬تاعو من اإلماـ علي كرـ هللا وجهو؟ فأثبتو ‪ٚ‬تع وأنكره آخروف وىم‬
‫األكثروف‪ ,‬ومن ا‪١‬تعلوـ أف اإلثبات مقدـ على النفي ُب مصطلح‬
‫ا‪ٟ‬تديث وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪ٟ‬تَ َك ُم بْ ُن نَافِ ٍع‬


‫وا‪ٟ‬تديث الثان ‪ :‬قاؿ اإلماـ أ‪ٛ‬تد ُب مسنده ‪َ :‬ح َدثَػنَا ْ‬
‫اش َع ْن َر ِاش ِد بْ ِن َد ُاوَد َع ْن يَػ ْعلَى‬ ‫اعيل بْ ُن َعيَ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫اؿ َح َدثَػنَا إ ْ‪ٝ‬تَ ُ‬ ‫اف قَ َ‬ ‫أَبو الْيم ِ‬
‫ُ ََ‬
‫تح ِ‬ ‫اؿ ح َدثٍَِت أَِيب َشدَاد بن أَو ٍس وعبادةُ بن ال َ ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫اضٌر‬ ‫صام َ‬ ‫ُ ْ ُ ْ َ َُ َ ْ ُ‬ ‫بْ ِن َشدَاد قَ َ َ‬
‫اؿ ‪َ :‬ى ْل فِي ُك ْم‬ ‫َيب صلى هللا عليو وسلم فَػ َق َ‬ ‫ِ ِ‬
‫اؿ ‪ُ :‬كنَا عْن َد الن ِّ‬ ‫ص ِّدقُوُ قَ َ‬‫يُ َ‬
‫اب‪,‬‬ ‫الِلِ‪ ,‬فَأَمر بِغَْل ِق الْب ِ‬ ‫َغ ِريب يػ ْع ٍِت أ َْىل الْكِتَ ِ‬
‫َ‬ ‫وؿ َ َ َ‬ ‫اب فَػ ُق ْلنَا ‪َ :‬ال يَا َر ُس َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ‬
‫اعةً ٍبَُ‬ ‫ِ‬ ‫اؿ ‪ْ :‬ارفَػعُوا أَيْ ِديَ ُك ْم َوقُولُوا " َال إِلَوَ إَِال َ‬
‫الِلُ "‪ ,‬فَػَرفَػ ْعنَا أَيْديَػنَا َس َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ا‪ٟ‬تم ُد َِِ‬
‫لِل اللَ ُه َم‬ ‫وؿ َِ‬
‫اؿ ‪ْ َْ :‬‬ ‫الِل صلى هللا عليو وسلم يَ َدهُ‪ٍ ,‬بَُ قَ َ‬ ‫ض َع َر ُس ُ‬ ‫َو َ‬
‫ِ‬ ‫بَػ َعثْتٍَِت ِهبَ ِذ ِه الْ َكلِ َم ِة َوأ ََم ْرتٍَِت ِهبَا َوَو َع ْدتٍَِت َعلَْيػ َها ْ‬
‫ف‬ ‫َك َال ُٗتْل ُ‬ ‫ا‪ٞ‬تَنَةَ َوإِن َ‬
‫الِلَ َعَز َو َج َل قَ ْد‬‫اؿ صلى هللا عليو وسلم ‪ :‬أَبْ ِشُروا فَِإ َف َ‬ ‫الْ ِم َيع َاد‪ٍ ,‬بَُ قَ َ‬
‫َغ َفَر لَ ُك ْم‪ .‬قاؿ ا‪١‬تنذري ُب الًتغيب رقم ‪ : ٕٖٜ٘‬رواه أ‪ٛ‬تد بإسناد‬
‫حسن والطربان وغَت‪٫‬تا‪ .‬اىػ قلت ‪ :‬ورواه أيضا البزار ُب مسنده‬
‫وا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ وقاؿ ‪ :‬حاؿ إ‪ٝ‬تاعيل بن عياش يقرب من‬
‫ا‪ٟ‬تديث قبل ىذا فإنو أحد أئمة أىل الشاـ ‪ ،‬وقد نسب إذل سوء‬
‫ا‪ٟ‬تفظ ‪ ،‬وأنا على شرطي ُب أمثالو‪ .‬اىػ وُب مسند أ‪ٛ‬تد ٖتقيق‬
‫األرنؤوط (ج ٗ ‪ /‬ص ‪ :)ٔٙٛ‬تعليق شعيب األرنؤوط ‪ :‬إسناده‬

‫‪92‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ضعيف لضعف راشد بن داود ‪ -‬وىو الصنعان الدمشقي ‪ -‬وبقية‬


‫رجالو ثقات‪ .‬اىػ‬
‫قلت ‪ :‬وىذاف ا‪ٟ‬تديثاف ‪٫‬تا من األدلة ا‪١‬تهمة ُب تلقُت الذكر‪.‬‬

‫‪ -ٛ‬معٌت التلقُت وفوائده‬

‫فقد ظهر ُب ا‪ٟ‬تديثُت ا‪١‬تتقدمُت الذين ذكرهتما أف التلقُت ىو ‪ :‬أف‬


‫يقوؿ الشيخ كذا وكذا ٍب يتبعو تلميذه‪ .‬وأف للتلقُت فوائد منها ‪:‬‬
‫األوذل ‪ :‬استحكاـ كلمة التوحيد ُب قلب ا‪١‬تريد‪ .‬قاؿ ابن خلدوف ُب‬
‫مقدمتو (ص ‪ : )ٖٗٛ‬اف حصوؿ ا‪١‬تلكات عن ا‪١‬تباشرة والتلقُت أشد‬
‫استحكاماً وأقوى رسوخاً‪ .‬اىػ‪ .‬وُب كشف الظنوف ‪ٟ‬تاجي خليفة (ج‬
‫ٔ ‪ /‬ص ٕٗ) ‪ :‬أف الرحلة ُب الطلب مفيدة وسبب ذلك ‪ :‬أف‬
‫البشر يأخذوف معارفهم وأخبلقهم وما ينتحلونو من ا‪١‬تذاىب تارة ‪:‬‬
‫علما وتعليما وإلقاء‪ ,‬وتارة ‪٤ :‬تاكاة وتلقينا با‪١‬تباشرة إال أف حصوؿ‬
‫ا‪١‬تلكات على ا‪١‬تباشرة والتلقُت أشد استحكاما وأقوى رسوخا فعلى‬
‫قدر كثرة الشيوخ يكوف حصوؿ ا‪١‬تلكة ورسوخها‪ .‬اىػ‬

‫‪93‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫شهدت أحاديث‬
‫ْ‬ ‫الثانية ‪ :‬غفراف الذنوب كما ُب ا‪ٟ‬تديث الثان‪ .‬وقد‬
‫صحاح ُب صحيحي البخاري ومسلم وغَت‪٫‬تا ُب فضل قوؿ " ال الو‬ ‫ٌ‬
‫َيب صلى هللا‬ ‫ك أَ َف النِ َ‬‫اال هللا "‪ .‬مثالو ‪َ :‬عن قَػتَ َاد َة ح َدثػَنَا أَنَس بن مالِ ٍ‬
‫ُ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الِلُ َوَكا َف ُِب قَػلْبِ ِو‬
‫اؿ َال إِلَوَ إَِال َ‬‫اؿ ‪َ :‬ٮتُْر ُج ِم ْن النَا ِر َم ْن قَ َ‬ ‫عليو وسلم قَ َ‬
‫اؿ َال إِلَوَ إَِال َ‬
‫الِلُ َوَكا َف‬ ‫ا‪٠‬تََِْت َما يَِز ُف َشعِ ََتةً ٍبَُ َٮتُْر ُج ِم ْن النَا ِر َم ْن قَ َ‬
‫ِم ْن ْ‬
‫اؿ َال إِلَوَ إَِال َ‬
‫الِلُ‬ ‫ا‪٠‬تََِْت َما يَِز ُف بػَُرةً ٍبَُ َٮتُْر ُج ِم ْن النَا ِر َم ْن قَ َ‬
‫ُِب قَػلْبِ ِو ِم ْن ْ‬
‫ا‪٠‬تََِْت َما يَِز ُف ذَ َرةً‪ .‬متفق عليو‪ .‬وُب رواية ‪ " :‬من‬ ‫َوَكا َف ُِب قَػ ْلبِ ِو ِم ْن ْ‬
‫اإلٯتاف " بدؿ " من ا‪٠‬تَت "‪ .‬إذل غَت ذلك من األحاديث ا‪١‬تعروفة‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬إف العلم علماف ‪ :‬طبيعي يهتدي إليو اإلنساف بفكره وقد‬
‫ٮتطئ فكره فيصيب بعد أف رأى التجاريب وال بأس بذلك ألف العلوـ‬
‫الطبيعية ا‪٪‬تا ىو علوـ الدنيا فقط‪ ,‬ونقلي وىو ما يهتدي إليو بشيخو‬
‫وىو العلوـ الدينية واألخروية‪ .‬فالتلقُت يضمن للمريد أف ال ٮتطئ‪.‬‬

‫‪ -ٜ‬فائدة‪ .‬أوؿ الطريقة ىو األخذ لتلقُت الذكر أو‬


‫البيعة‬

‫‪94‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫قاؿ الشيخ عبد الصمد الفلمبان ر‪ٛ‬تو هللا ُب كتابو ا‪١‬تخطوط " العروة‬
‫الوثقى وسلسلة ورل هللا األتقى القطب الربان والعارؼ الصمدان‬
‫شيخنا وأستاذنا سيدي الشيخ ‪٤‬تمد بن الشيخ عبد الكرمي السماف‬
‫ا‪١‬تدن " ص ٕ٘ٗ إخراج خزانة فطانية ‪:‬‬

‫كتهوي أولهمو هً سڬل سودراكو ٌڠ مڠهنداكً برجالن‬


‫كفدا هللا تعالى بهوسث أفبٌل أڠكو برهادف كفدا جالن‬
‫ٌڠ مثمفٌكن كفدا هللا تعالى سرت مڠهنداكً أڠكو‬
‫ممفرباٌكً كالكوانم دڠن توفٌك هللا تعالى من فرمالئن‬
‫فرجالنن مرٌكئٌت دڠن دوا فركار ‪:‬‬
‫فرتام دڠن فرتمباتن صوري نماث‪ .‬كدوا دڠن فرتمباتن‬
‫معنوي نماث‪.‬‬
‫أدافون فرتمباتن صوري اٌت بهو مڠمبٌل مرٌد ٌڠ‬
‫ساالن اٌت أكن تلمٌن ذكر أتو بٌعة أتو كدواث درٌفدا‬
‫ڬورو ٌڠ مرشد سرة مڠرجاكن بارڠٌڠ دسوروه أولٌه‬
‫ڬورو اٌت درٌفد سڬل ورد ٌڠ دتنتوكن أولٌه ڬورو اٌت‬
‫ٌائت دڠن تٌاد ِچد َْر سام أد دالم ممٌم أتو ددالم مسافر‪,‬‬
‫كارن مڠٌكوت أكن سڬل ٌڠ دسوره أوله ڬورو اٌت‬
‫ٌائت مملٌهراكن اي أكن كٌت دان جكلو جاوه ڬورو‬
‫اٌت درٌفد دٌري كٌت سكلٌفون تتاف هاتٌث دان‬
‫‪95‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫فلهرأنث اٌت همفر كفد كٌت‪ .‬من جكلو دككلكن سڬل‬


‫ورد ٌڠدسوره أكندي أوله ڬورو اٌت من ٌائت ثابت‬
‫بڬً دفرهبڠكن مرٌد اٌت كفد ڬورو ٌڠ ممفوثائً‬
‫طرٌمة اٌت سؤوله‪ 2‬ممفوسكائً مرٌد اٌت درٌفد‬
‫ڬوروث اٌت دان جدٌله ڬوروث اٌت بفاث بڬً مرٌد‬
‫اٌت ٌڠ دبڠساكن كفد روح دان مرٌد اٌت جادي له أنمث‬
‫ٌائت دالم فلهرأنث ددالم دنٌا دان ددالم آخرة دان جدٌله‬
‫مرٌد اٌت ددالم شفاعتث من كتٌن اٌت تٌاداله تكوة‬
‫مرٌكئت أكن ٌڠ الٌن درفد هللا تعالى دان تٌاد دون چٌت‬
‫ؼ َعلَْي ِه ْم َوَال ُى ْم‬ ‫سفرة فرمان هللا تعالى أََال إِ َف أَولِياء َِ‬
‫الِل َال َخ ْو ٌ‬ ‫ََْ‬
‫َْ٭تَزنُو َف [يونس‪ ]ٕٙ/‬أرتٌث ‪ :‬بهوسث أداله أولٌاء هللا اٌت‬
‫تٌاد تكوة أكن سسوات أتس مرٌكئت دان تٌاد مرٌكئت‬
‫دوكچٌت‪.‬‬
‫أدافون فرتمباتن معنوي اٌت بهو مڠمبٌل مرٌد اٌت أكن‬
‫تلمٌن ذكر أتو بٌعة (أتو) كدواث سرة برصحابة دان‬
‫برخدمة كفد ڬوروث دان مڠرجاكن أكن سڬل‬
‫ٌڠدسورهث اٌت دڠن تٌاد ِچد َْر كارن اي مننتوت أكن‬
‫فائدة ٌڠدجالنٌث اٌت ٌائت مثمفٌكن دٌرٌث كفد حضرة‬
‫توهنث رب العالمٌن دان جادي ماسك اي ممفُسكاي‬
‫درفد ڬوروث أكن بنر‪ 2‬علم حمٌمة سفرة سبد نبً صلى‬
‫هللا علٌه وسلم ‪َ " :‬م ْن َع ِم َل ِٔتَا َعلِ َم َوَرثَوُ هللاُ ِع ْل َم َما َدلْ يَػ ْعلَ ْم "‬
‫‪96‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أرتٌث ‪ :‬برڠسٌاف مڠملكن برڠٌڠ دكتهوٌث اٌت‬


‫نسچاي ممبري ممفسكاي هللا تعالى أكندي علم ٌڠ تٌاد‬
‫دكتهوي أوله أورڠ باثك اٌت ٌائت علم حمٌمة دان‬
‫دنمائً علم لدنً دان دنمائً فول علم وهبً ٌائٌتوله‬
‫فڠتهوان كٌت كفد هللا تعالى دڠن علم ٌڠ فوتس دان‬
‫ٌائٌتوله سهٌڠڬ‪ 2‬علم أنبٌاء دان أولٌاء علٌهم الصالة‬
‫والسالم‪ .‬اهـ‬

‫ٓٔ‪ -‬فائدة مهمة ُب كيفية أخذ البيعة‬

‫وقاؿ الشيخ عبد الصمد الفلمبان ُب كتابو ا‪١‬تذكور ص ٖٕٗ باللغة‬


‫ا‪١‬تبليوية ‪:‬‬

‫فائدة اٌن سوات فائدة فد مثتاكن كٌفٌة تلمٌن ذكر دان‬


‫بٌعة‪.‬‬
‫برمول كٌفٌة تلمٌن ذكر دان بٌعة اٌت بهو مثوره شٌخ‬
‫كٌت كفد مرٌد دڠن توبة درفد سڬل دوس معصٌة دان‬
‫مثوره مڠرجاكن طاعة‪ ,‬من برجابت تاڠن شٌخ دڠن‬
‫مرٌد من بركات شٌخ فد حال مرٌن اٌت مڠٌكوت‬
‫أكندي ‪:‬‬
‫‪97‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ِ َِ‬
‫أعوذ باهلل من الشيطاف الرجيم بسم هللا الر‪ٛ‬تن الرحيم إ َف الذ َ‬
‫ين‬
‫ِ‬ ‫الِل ي ُد َِ‬ ‫يػبايِعُونَ َ ِ ِ‬
‫ث‬‫ث فَِإَ‪٪‬تَا يَػْن ُك ُ‬
‫الِل فَػ ْو َؽ أَيْدي ِه ْم فَ َم ْن نَ َك َ‬ ‫ك إَ‪٪‬تَا يػُبَايعُو َف ََ َ‬ ‫َُ‬
‫يما‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َجًرا َعظ ً‬ ‫الِلَ فَ َسيُػ ْؤتيو أ ْ‬ ‫اى َد َعلَْيوُ َ‬ ‫َعلَى نَػ ْفسو َوَم ْن أ َْو ََب ٔتَا َع َ‬
‫[الفتح‪.]ٔٓ/‬‬
‫اهلل َربًّا َوبِا ِإل ْسبلَِـ ِديْػنًا َؤِتُ َح َم ٍد صلى‬ ‫من بركات مرٌد ‪ :‬ر ِضيت بِ ِ‬
‫َ ُْ‬
‫آف اَِم ًاما َوبِالْ َك ْعبَ ِة قِْبػلَةً َو َسيِّ ِدي الشَْي ِخ َشْي ًخا‬ ‫هللا عليو وسلم نَبِيًّا وبِالْ ُقر ِ‬
‫َ ْ‬
‫ومربِيا ودلِيبل وبِالْفقر ِاء التَابِعِ ِ‬
‫ُت ا ْخ َونًا‪ْ ِ ,‬رل َما َ‪٢‬تُ ْم َوَما َعلَْي ِه ْم‪ ,‬اَلطَ َ‬
‫اعةُ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ ًَّ َ َ ْ ً َ ُ َ َ‬
‫َْٕتمعنَا والْمع ِ‬
‫صيَةُ تَػ َفُّرقُػنَا‪.‬‬ ‫َُ َ َْ‬
‫من مڠات شٌخ برسام‪ 2‬دڠن مرٌدث اٌت ‪ :‬أ ِ‬
‫َستَػ ْغفُر هللاَ‬‫ْ‬
‫ب إِلَْي ِو تٌڬ كال‪,‬‬ ‫الْ َع ِظْي َم الَ ِذ ْي آلإِلَوَ إِالَ ُى َو ْ‬
‫ا‪ٟ‬تَ ُّي الْ َقيُّػ ْوُـ َوأَتُػ ْو ُ‬
‫كمودٌان مڠات شٌخ ‪ " :‬ال الو اال هللا " تٌڬ كال فدحال‬
‫مرٌد اٌت منڠر أكندي كمودٌان من مرٌد اٌت مڠات "‬
‫ال الو اال هللا " تٌڬ كال فدحال شٌخ اٌت منڠر أكندي‪,‬‬
‫كمودٌان من بركات شٌخ برسام‪ 2‬دڠن مرٌد اٌت " ال‬
‫الو اال هللا " سراتس كال أتو لبٌه‪ ,‬كمودٌان من ممباچ‬
‫شٌخ دعاء دمٌكٌان بثٌث ‪:‬‬

‫‪98‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اب ُك ِّل َخ ٍَْت َك َما فَػتَ ْحتَػ َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الله َم ُخ ْذ مْنوُ َوتَػ َقبَ ْل مْنوُ َوافْػتَ ْح َعلَْيو أَبْػ َو َ‬
‫ُ‬
‫ُت‪.‬‬ ‫ك وعِب ِاد َؾ ال َ ِِ‬ ‫علَى أَنْبِيائِ َ ِ ِ‬
‫صا‪ٟ‬ت ْ َ‬ ‫ك َوأَوليَائ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫كمودٌان مثوره شٌخ اٌت أكن مرٌدث اٌت ممباثمكن‬
‫ذكر هللا دان مڠكلكن دي فد تٌف‪ 2‬كتٌن‪ ,‬سام أد‬
‫بردٌري أتو دودق أتو بربارڠ سفرة فرمان هللا تعالى ‪:‬‬
‫الِل ِذ ْكرا َكثَِتا (ٔٗ) وسبِحوه بكْرًة وأ ِ‬ ‫َِ‬
‫َص ًيبل‬ ‫َ َّ ُ ُ ُ َ َ‬ ‫ين آَ َمنُوا اذْ ُكُروا ََ ً ً‬ ‫يَا أَيػُّ َها الذ َ‬
‫(ٕٗ) ىو الَ ِذي يصلِّي علَي ُكم وم َبلئِ َكتُو لِيخ ِرج ُكم ِمن الظُّلُم ِ‬
‫ات إِ َذل‬ ‫ُ َ َ ْ ْ ََ ُ ُ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َُ‬
‫يما [األحزاب‪ ]ٖٗ-ٗٔ/‬أرتٌث ‪َ :‬‬ ‫النُّوِر وَكا َف بِالْمؤِمنِ ِ‬
‫ت‬‫سبُ ْ‬ ‫ُت َرح ً‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬
‫أولهم أكن هللا تعالى أكن سبوتن ٌڠ أمت باثك‪.‬‬
‫ض‬‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫دان الڬ فرمان هللا تعالى ‪ :‬إِ َف ُِب خ ْل ِق ال َسماو ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ين يَ ْذ ُكُرو َف‬ ‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫ات ِأل ِ‬ ‫ؼ اللَي ِل والنػَها ِر َآلَي ٍ‬ ‫واختِ َبل ِ‬
‫ُورل ْاألَلْبَاب (ٓ‪ )ٜٔ‬الذ َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ض‬‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫الِل قِياما وقُػعودا وعلَى جنُوهبِِم ويػتَػ َف َكرو َف ُِب خلْ ِق ال َسماو ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ً َ ُ ً َ َ ُ ْ َ َ ُ‬
‫اط ًبل سبحانَ ِ‬
‫اب النَا ِر (ٔ‪َ )ٜٔ‬ربػَنَا‬ ‫ك فَقنَا َع َذ َ‬ ‫ت َى َذا بَ ِ ُ ْ َ َ‬ ‫َربػَنَا َما َخلَ ْق َ‬
‫صا ٍر (ٕ‪)ٜٔ‬‬ ‫َك من تُ ْد ِخ ِل النَار فَػ َق ْد أَخزيػتَو وما لِلظَالِ ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫ُت م ْن أَنْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫إن َ َ ْ‬
‫اف أَ ْف آَِمنُوا بَِربِّ ُك ْم فَآَ َمنَا َربػَنَا فَا ْغ ِف ْر‬
‫ربػَنَا إِنػَنَا َِ‪ٝ‬تعنَا منَ ِاديا يػنَ ِادي لِ ِْئلٯتَ ِ‬
‫ْ ُ ً ُ‬ ‫َ‬
‫لَنَا ذُنُوبَػنَا َوَك ِّف ْر َعنَا َسيِّئَاتِنَا َوتَػ َوفَػنَا َم َع ْاألَبْػَرا ِر (ٖ‪َ )ٜٔ‬ربػَنَا َوآَتِنَا َما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف الْ ِم َيع َاد‬ ‫َك َال ُٗتْل ُ‬ ‫ك َوَال ُٗتْ ِزنَا يَػ ْوَـ الْقيَ َام ِة إِن َ‬ ‫َو َع ْدتَػنَا َعلَى ُر ُسل َ‬

‫‪99‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫(ٗ‪[ )ٜٔ‬آؿ عمراف‪ ]ٜٔٗ-ٜٔٓ/‬أرتٌث ‪ :‬مرٌن ٌڠ مثبت‬


‫أكن هللا تعالى فد حال بردٌري دان دودق دان بربارڠ‬
‫مرٌكئٌت‪ ,‬استٌمٌوا فول فد تٌف‪ 2‬كمودٌان درفد سمبهٌڠ‬
‫لٌم ولت ‪ ...‬اهـ‬

‫تيب جيِّ ٌد ُب كيفية أخذ البيعة من ا‪١‬تريد‬


‫ٔٔ‪ -‬تر ٌ‬

‫أوال ‪ :‬أف يستخَت ا‪١‬تريد والشيخ أو أحد‪٫‬تا فقط ‪ٟ‬تديث ‪ " :‬ما خاب‬
‫من استخار "‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬يأمر الشيخ ا‪١‬تريد أف يغتسل غسل التوبة‬
‫ثالثا ‪ :‬يصلى ا‪١‬تريد صبلة التوبة ركعتُت‬
‫رابعا ‪ :‬يتصدؽ ا‪١‬تريد بصدقة‬
‫خامسا ‪٬ :‬تيئ عند الشيخ فيجلسو بُت يديو ويلصق ركبتيو بركبتيو ٍب‬
‫يد ا‪١‬تريد اليمٌت كا‪١‬تصافح لو ٍب يستتيبو عن‬
‫يأخذ الشيخ بيده اليمٌت َ‬
‫‪ٚ‬تيع ا‪١‬تعاصي وا‪١‬تخالفات اليت أضاع عمره هبا ويأخذ عليو العهد على‬
‫اإلستحبلؿ من أرباب ا‪ٟ‬تقوؽ ورد ا‪١‬تظادل واسًتضاء ا‪٠‬تصوـ‪ ,‬ويأخذ‬
‫العهد على التقيُّد ٔتتابعة السنة والعمل بالعزٯتة واإلجتناب عن كل‬
‫‪011‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫رخصة والتباعد عن كل بدعة واإلعراض عن ‪ٚ‬تيع القبائح من‬


‫ا‪١‬تنكرات والصفات ا‪١‬تذمومات‪.‬‬
‫سادسا ‪ٍ :‬ب يقرآف معا ىاتُت اآليتُت بنية التوبة من ‪ٚ‬تيع ما ٮتالف‬
‫رضا هللا سبحانو وتعاذل كما قاؿ موسى ويونس ‪:‬‬
‫ِِ‬
‫ُت [األعراؼ‪,]ٖٔٗ/‬‬ ‫ت إِلَْي َ‬
‫ك َوأَنَا أََو ُؿ الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫ك تُػْب ُ‬
‫ُسْب َحانَ َ‬
‫ِِ‬ ‫ك إِِن ُكْن ِ‬
‫ت م َن الظَالم َ‬
‫ُت [األنبياء‪]ٛٚ/‬‬ ‫ت ُسْب َحانَ َ ّ ُ‬ ‫َال إِلَوَ إَِال أَنْ َ‬
‫سابعا ‪ٍ :‬ب يغمض ا‪١‬تريد عينيو والشيخ يتكلم بالتهليل ثبلثا كما فعل‬
‫النيب صلى هللا عليو وسلم مع علي كرـ هللا وجهو‪ٍ .‬ب يقرأ الشيخ قولو‬
‫الِل فَػ ْو َؽ أَيْ ِدي ِه ْم فَ َم ْن‬
‫الِل ي ُد َِ‬ ‫تعاذل " إِ َف الَ ِذين يػبايِعُونَ َ ِ ِ‬
‫ك إَ‪٪‬تَا يػُبَايعُو َف ََ َ‬ ‫َ َُ‬
‫الِلَ فَ َسيُػ ْؤتِ ِيو‬
‫اى َد َعلَْيوُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ث َعلَى نَػ ْفسو َوَم ْن أ َْو ََب ٔتَا َع َ‬‫ث فَِإَ‪٪‬تَا يػَْن ُك ُ‬
‫نَ َك َ‬
‫يما " [الفتح‪ ]ٔٓ/‬للتربؾ ولئلشارة إذل أنو كأ‪٪‬تا يبايع الرسوؿ‬ ‫ِ‬
‫َجًرا َعظ ً‬ ‫أْ‬
‫صلى هللا عليو وسلم‪ٍ ,‬ب يضع الشيخ وا‪١‬تريد أيديهما على ركبتيهما‬
‫ويغمضاف عينيهما ٍب يذكر الشيخ بقلبو اسم الذات ( هللا ) على نية‬
‫التلقُت والتعليم لقلب ا‪١‬تريد ثبلثا با‪١‬تد وا‪ٟ‬تضور كأنو يشاىد ا‪١‬تلك‬
‫الغفور‪.‬‬

‫‪010‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ثامنا ‪ٍ :‬ب يأمر الشيخ مريده بقراءة اإلستغفار وسورة الفاٖتة وسورة‬
‫اإلخبلص إذل السلسلة والرابطة لشيخو بشرط أف يعتقد أنو ( أي أف‬
‫شيخو ) خليفتو صلى هللا عليو وسلم ُب القبض واإلمداد وأنو نائب‬
‫عنو ُب تربية ا‪٠‬تلق واإلرشاد‪.‬‬
‫انتهى ملخصا من كتاب " جامع أصوؿ األولياء " ص ٖ‪ ٔٙ‬و ص‬
‫‪ .ٜٔٙ‬قلت ‪ :‬ولعلو كاف أحسن ترتيب ألخذ البيعة من ا‪١‬تريد‪.‬‬
‫والكيفيات من ا‪١‬تشائخ ‪٥‬تتلفة وال بأس بذلك‪ ,‬ألف ا‪١‬تقصود األىم إ‪٪‬تا‬
‫ىو وصوؿ ا‪١‬تريد إذل حضرة هللا‪ .‬فالوصوؿ ٭تتاج إذل وسائل وكيفيات‬
‫يفهمها أرباب الطريق ا‪١‬تاىروف‪ .‬وهللا ورل التوفيق ويهدي السبيل وىو‬
‫حسبنا ونعم الوكيل وال حوؿ وال قوة إال باهلل العلي العظيم‪.‬‬

‫ٕٔ‪ -‬فائدة ُب دليل غُسل التوبة وصبلة التوبة‬

‫روينا ُب " سنن أيب داود " (ج ٗ ‪ /‬ص ‪ )ٖٔٚ‬قاؿ ‪َ :‬ح َدثَػنَا ُم َسد ٌ‬
‫َد‬
‫َح َدثػَنَا أَبُو َع َوانَةَ َع ْن عُثْ َما َف بْ ِن الْ ُمغِ ََتِة الثَػ َق ِف ِّي َع ْن َعلِ ِّي بْ ِن َربِ َيعةَ‬
‫ت َعلِيًّا َر ِض َي َ‬
‫الِلُ َعْنوُ‬
‫ا‪ٟ‬ت َك ِم الْ َفزا ِر ِي قَ َ ِ‬
‫اؿ َ‪ٝ‬ت ْع ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‪ٝ‬تَاءَ بْ ِن َْ‬
‫ي َع ْن أ ْ‬ ‫ْاأل ِ‬
‫َسد ِّ‬ ‫َ‬
‫‪012‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الِل صلى هللا عليو وسلم‬ ‫وؿ َِ‬‫وؿ ُكْنت رج ًبل إِ َذا َِ‪ٝ‬تعت ِمن رس ِ‬ ‫يَػ ُق ُ‬
‫ْ ُ ْ َُ‬ ‫ُ َُ‬
‫َص َحابِِو‬ ‫الِل ِمْنو ِٔتَا َشاء أَ ْف يػْنػ َفع ٍِت وإِ َذا ح َدثٍَِت أ ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ٌد م ْن أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َحديثًا نَػ َف َع ٍِت َُ ُ‬
‫ص َد َؽ أَبُو‬ ‫اؿ َو َح َدثٍَِت أَبُو بَ ْك ٍر َو َ‬ ‫ف ِرل َ‬
‫ص َدقْػتُوُ قَ َ‬ ‫استَ ْحلَ ْفتُوُ فَِإ َذا َحلَ َ‬ ‫ْ‬
‫وؿ َِ‬ ‫الِل عْنو أَنَو قَ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫الِل صلى هللا عليو وسلم‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫اؿ ‪َٝ :‬ت ْع ُ‬ ‫بَ ْك ٍر َرض َي َُ َ ُ ُ‬
‫صلِّي‬ ‫ِ‬
‫ب ذَنْػبًا فَػيُ ْحس ُن الطُّ ُه َور ٍبَُ يَػ ُق ُ‬
‫وـ فَػيُ َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫وؿ ‪َ :‬ما م ْن َعْبد يُ ْذن ُ‬ ‫يَػ ُق ُ‬
‫ين إِذَا‬ ‫َِ‬ ‫ِِ‬ ‫الِلَ إَِال َغ َفَر َ‬‫ُت ٍبَُ يَ ْستَػ ْغ ِفُر َ‬
‫رْك َعتَػ ْ ِ‬
‫الِلُ لَوُ ٍبَُ قَػَرأَ َىذه ْاآليَةَ { َوالذ َ‬ ‫َ‬
‫آخ ِر ْاآليَِة‪ .‬ورواه‬ ‫الِل } إِ َذل ِ‬ ‫ِ‬
‫فَػ َعلُوا فَاح َشةً أ َْو ظَلَ ُموا أَنْػ ُف َس ُه ْم ذَ َكُروا ََ‬
‫أيضا الًتمذي والنسائي وأ‪ٛ‬تد والبيهقي ُب شعب اإلٯتاف وغَتىم‬
‫وصححو األلبان وشعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫وُب رواية ُب " مسند أ‪ٛ‬تد " (ج ٔ ‪ /‬ص ‪َ : )ٜٗ‬ح َدثػَنَا َعْب ُد الَر ْ‪ٛ‬تَ ِن‬
‫ت َعلِ َي بْ َن‬ ‫بن مه ِد ٍي ح َدثػَنَا ُشعبةُ عن عثْما َف ب ِن الْمغَِتِة قَ َ ِ‬
‫اؿ َ‪ٝ‬ت ْع ُ‬ ‫َْ َ ْ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫ُْ َْ ّ َ‬
‫اؿ‬‫َ‪ٝ‬تَاءَ ِم ْن بٍَِت فَػَز َارَة قَ َ‬
‫َ‪ٝ‬تَاءَ أ َْو ابْ ِن أ ْ‬ ‫ث َع ْن أ ْ‬ ‫ربِيعةَ ِمن ب ٍِت أ ٍ ِ‬
‫َسد ُ٭تَ ّد ُ‬ ‫َ َ ْ َ َ‬
‫الِل صلى هللا‬ ‫وؿ َِ‬ ‫الِل َعْنو ‪ُ :‬كْنت إِذَا َِ‪ٝ‬تعت ِمن رس ِ‬ ‫قَ َ ِ ِ‬
‫ْ ُ ْ َُ‬ ‫ُ‬ ‫اؿ َعلي َرض َي َُ ُ‬
‫الِلُ ِٔتَا َشاءَ أَ ْف يَػْنػ َف َع ٍِت ِمْنوُ َو َح َدثٍَِت أَبُو بَ ْك ٍر‬
‫عليو وسلم َشْيئًا نػَ َف َع ٍِت َ‬
‫الِل صلى هللا عليو وسلم َما ِم ْن‬ ‫وؿ َِ‬ ‫اؿ َر ُس ُ‬‫اؿ قَ َ‬‫ص َد َؽ أَبُو بَ ْك ٍر قَ َ‬
‫َو َ‬

‫‪013‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اذل‬ ‫ُت ٍبَُ يَ ْستَػ ْغ ِفُر َ‬


‫الِلَ تَػ َع َ‬ ‫صلِّي رْك َعتَػ ْ ِ‬
‫ضأُ فَػيُ َ َ‬ ‫ب َذنْػبًا ٍبَُ يَػتَػ َو َ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫ُم ْسلم يُ ْذن ُ‬
‫ب إَِال َغ َفر لَوُ وقَػرأَ َىاتَػ ْ ِ‬
‫ُت ْاآليَػتَػ ْ ِ‬
‫ُت‬ ‫ك ال َذنْ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ ََ‬ ‫ل َذل َ‬
‫الِلَ َغ ُف ًورا‬‫الِلَ َِ‪٬‬ت ْد َ‬‫{ َوَم ْن يَػ ْع َم ْل ُسوءًا أ َْو يَظْلِ ْم نَػ ْف َسوُ ٍبَُ يَ ْستَػ ْغ ِف ْر َ‬
‫رِحيما } النساء ٓٔٔ { والَ ِذين إِذَا فَػعلُوا فَ ِ‬
‫اح َشةً أ َْو ظَلَ ُموا أَنْػ ُف َس ُه ْم‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ً‬
‫} ْاآليَةَ آؿ عمراف ٖ٘ٔ ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قولو صلى هللا عليو وسلم " فَػيُ ْح ِس ُن الطُّ ُه َور " ٭تتمل الغسل‬
‫والوضوء‪ .‬وقد جاء ا‪ٟ‬تديث النبوي ٔتشروعية اإلغتساؿ عند دخوؿ‬
‫اإلسبلـ‪ ,‬فقيس عليو اإلغتساؿ عند دخوؿ الطريقة‪ .‬قاؿ الشيخ‬
‫األكرب ابن عريب ُب كتابو " الفتوحات ا‪١‬تكية " (ج ٔ ‪ /‬ص ٕٕٗ) ‪:‬‬
‫باب االغتساؿ عند اإلسبلـ وىو سنة بل فرض‪ .‬االغتساؿ عند‬
‫النبوي وأما اعتباره ُب الباطن فإف‬
‫ّ‬ ‫اإلسبلـ مشروع وقد ورد بو ا‪٠‬ترب‬
‫اإلسبلـ اإلنقياد فإذا أظهر اإلنساف انقياد الظاىر كاف مسلماً ظاىراً‬
‫فيجب عليو االنقياد بباطنو حىت يكوف مسلماً باطناً كما كاف ظاىراً‬
‫فهو ىنا تطهَت الباطن عند اإلسبلـ باإلٯتاف قاؿ تعاذل ُب حق طائفة‬
‫قالت آمنا قل دل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا و‪١‬تا يدخل اإلٯتاف ُب‬

‫‪014‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫قلوبكم وىو الطهارة الباطنة النافعة ا‪١‬تنجية من التخليد ُب النار‪.‬‬


‫انتهى‬
‫وقاؿ الشيخ ‪٤‬تمد أنور شاه ابن معظم شاه الكشمَتي ُب كتابو "‬
‫العرؼ الشذي شرح سنن الًتمذي " (ج ٔ ‪ /‬ص ٗ٘ٗ) ‪ :‬باب ما‬
‫جاء ُب الصبلة عند التوبة‪ .‬ورواية ا‪ٟ‬تديث ُب صبلة التوبة سنده‬
‫حسن‪ .‬وأما تعيُت السور والقيود فبل أصل ‪٢‬تا‪ .‬وليعلم أف بُت التوبة‬
‫واالستغفار فرقاً ‪ :‬فإف التوبة ىو ترؾ اإلٍب والعزـ على الًتؾ مع الندامة‬
‫على ما فعل‪ ،‬وليس ذلك ُب االستغفار وعلى ىذا ٯتكن االستغفار‬
‫للغَت ٓتبلؼ التوبة ‪.‬‬

‫ٖٔ‪ -‬فائدة ُب غُسل الشفاء وموعظة من حياة‬


‫األنبياء عليهم الصبلة والسبلـ للشهيد سيد قطب‬

‫يُستحسن الغُسل بنية الشفاء من األمراض الظاىرة والباطنة اقتداء‬


‫بنيب هللا أيوب عليو السبلـ‪ .‬وكيفتو أف تنوي الغسل لشفاء األمراض‬
‫الظاىرة والباطنة وتقرأ عند نضح ا‪١‬تاء ورشو ُب ‪ٚ‬تيع البدف قولو تعاذل‬
‫وب إِ ْذ نَ َادى َربَوُ أِّ‬
‫َن‬ ‫حكاية عن أيوب عليو السبلـ ‪َ :‬واذْ ُك ْر َعْب َدنَا أَيُّ َ‬
‫‪015‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ِ‬ ‫ب و َع َذ ٍ‬
‫ض بِ ِر ْجل َ‬
‫ك َى َذا ُم ْغتَ َس ٌل‬ ‫اب (ٔٗ) ْارُك ْ‬ ‫َم َس ٍِت الشَْيطَا ُف بِنُ ْ ٍ‬
‫ص َ‬ ‫َ‬
‫اب (ٕٗ) [ص‪ .]ٕٗ ،ٗٔ/‬وال بأس باقتداء األنبياء‪.‬‬ ‫بَا ِرٌد َو َشَر ٌ‬
‫وقصتو كما ُب تفسَت ابن كثَت ٖتقيق سامي سبلمة (ج ‪ / ٚ‬ص‬
‫ٗ‪: )ٚ‬‬
‫يذكر تعاذل عبده ورسولو أيوب عليو السبلـ وما كاف ابتبله تعاذل بو‬
‫من الضر ُب جسده ومالو وولده حىت دل يبق من جسده َم ْغرز إبرة‬
‫سليما سوى قلبو ودل يبق لو من حاؿ الدنيا شيء يستعُت بو على‬
‫مرضو وما ىو فيو غَت أف زوجتو حفظت وده إلٯتاِنا باهلل ورسولو‬
‫فكانت ٗتدـ الناس باألجرة وتطعمو وٗتدمو ‪٨‬توا من ‪ٙ‬تان عشرة سنة‪.‬‬
‫وقد كاف قبل ذلك ُب ماؿ جزيل وأوالد وسعة طائلة من الدنيا‬
‫لب ‪ٚ‬تيع ذلك حىت آؿ بو ا‪ٟ‬تاؿ إذل أف ألقي على مزبلة من مزابل‬
‫فَ ُس َ‬
‫البلدة ىذه ا‪١‬تدة بكما‪٢‬تا ورفضو القريب والبعيد سوى زوجتو رضي هللا‬
‫عنها فإِنا كانت ال تفارقو صباحا و [ال] مساء إال بسبب خدمة‬
‫الناس ٍب تعود إليو قريبًا‪ .‬فلما طاؿ ا‪١‬تطاؿ واشتد ا‪ٟ‬تاؿ وانتهى القدر‬
‫ا‪١‬تقدور وًب األجل ا‪١‬تقدر تضرع إذل رب العا‪١‬تُت وإلو ا‪١‬ترسلُت فقاؿ‪:‬‬
‫ِِ‬ ‫{ أِّ ِ‬
‫ُت } [ األنبياء ‪ ] ٖٛ :‬وُب‬ ‫ٍت الضُُّّر َوأَنْ َ‬
‫ت أ َْر َح ُم الَرا‪ٛ‬ت َ‬ ‫َن َم َس َ‬

‫‪016‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ىذه اآلية الكرٯتة قاؿ‪ :‬رب إن مسٍت الشيطاف بنصب وعذاب‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫بنصب ُب بدن وعذاب ُب مارل وولدي‪ .‬فعند ذلك استجاب لو‬
‫أرحم الرا‪ٛ‬تُت وأمره أف يقوـ من مقامو وأف يركض األرض برجلو‪.‬‬
‫ففعل فأنبع هللا عينا وأمره أف يغتسل منها فأذىب ‪ٚ‬تيع ما كاف ُب‬
‫بدنو من األذى ٍب أمره فضرب األرض ُب مكاف آخر فأنبع لو عينا‬
‫أخرى وأمره أف يشرب منها فأذىبت ما كاف ُب باطنو من السوء‬
‫ِ‬
‫ض بِ ِر ْجل َ‬
‫ك َى َذا‬ ‫وتكاملت العافية ظاىرا وباطنا و‪٢‬تذا قاؿ تعاذل‪ْ { :‬ارُك ْ‬
‫اب }‪.‬‬‫ُم ْغتَ َس ٌل بَا ِرٌد َو َشَر ٌ‬
‫‪ٚ‬تيعا‪ :‬حدثنا يونس بن عبد األعلى‬
‫قاؿ ابن جرير وابن أيب حاًب ً‬
‫أخربنا ابن وىب أخربن نافع بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب عن‬
‫أف رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم قاؿ‪" :‬إف نيب‬ ‫أنس بن مالك‬
‫هللا أيوب عليو السبلـ لبث بو ببلؤه ‪ٙ‬تان عشرة سنة فرفضو القريب‬
‫والبعيد إال رجلُت كانا من أخص إخوانو بو كانا يغدواف إليو‬
‫ويروحاف فقاؿ أحد‪٫‬تا لصاحبو‪ :‬تَػ َعلَ ْم –وهللا ‪ -‬لقد أذنب أيوب ذنبا‬
‫ما أذنبو أحد من العا‪١‬تُت‪ .‬قاؿ لو صاحبو‪ :‬وما ذاؾ؟ قاؿ‪ :‬من ‪ٙ‬تان‬
‫فيكشف ما بو‪ .‬فلما راحا إليو دل يصرب‬
‫َ‬ ‫عشرة سنة دل ير‪ٛ‬تو هللا‪،‬‬

‫‪017‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الرجل حىت ذكر ذلك لو‪ .‬فقاؿ أيوب‪ :‬ال أدري ما تقوؿ غَت أف هللا‬
‫يعلم أن كنت ُأمُّر على الرجلُت يتنازعاف فيذكراف هللا عز وجل‪،‬‬
‫فأرجع إذل بييت فأُ َك ِّفر عنهما‪ ،‬كراىية أف يذكرا هللا إال ُب حق‪ .‬قاؿ‪:‬‬
‫ُ‬
‫أمسكت امرأتو بيده‬
‫ْ‬ ‫وكاف (أي أيوب) ٮترج إذل حاجتو فإذا قضاىا‬
‫يبلغ فلما كاف ذات يوـ أبطأ عليها وأوحى هللا تعاذل إذل أيوب‪،‬‬ ‫حىت َ‬
‫ِ‬
‫اب }‬ ‫ض بِ ِر ْجل َ‬
‫ك َى َذا ُم ْغتَ َس ٌل بَا ِرٌد َو َشَر ٌ‬ ‫عليو السبلـ‪ ،‬أف { ْارُك ْ‬
‫فاستبطأتو فتلقتو تنظر فأقبل عليها قد أذىب هللا ما بو من الببلء وىو‬
‫على أحسن ما كاف‪ .‬فلما رأتو قالت‪ :‬أي بارؾ هللا فيك ىل رأيت‬
‫نيب هللا ىذا ا‪١‬تبتلى‪ .‬فوهللا على ذلك ما رأيت رجبل أشبو بو منك إذ‬
‫كاف صحيحا‪ .‬قاؿ‪ :‬فإن أنا ىو‪ .‬قاؿ‪ :‬وكاف لو أندراف أندر للقمح‬
‫وأندر للشعَت فبعث هللا سحابتُت فلما كانت إحدا‪٫‬تا على أندر‬
‫القمح أفرغت فيو الذىب حىت فاض وأفرغت األخرى ُب أندر الشعَت‬
‫حىت فاض‪ .‬ىذا لفظ ابن جرير ر‪ٛ‬تو هللا (وىو حديث صحيح)‪.‬‬
‫وقاؿ اإلماـ أ‪ٛ‬تد‪ :‬حدثنا عبد الرزاؽ حدثنا َم ْع َمر عن ‪٫‬تاـ بن ُمنَبِّو‬
‫قاؿ‪ :‬ىذا ما حدثنا أبو ىريرة قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا عليو‬
‫وسلم‪" :‬بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليو جراد من ذىب فجعل‬

‫‪018‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أيوب ٭تثو ُب ثوبو فناداه ربو يا أيوب أدل أكن أغنيتك عما ترى؟‬
‫قاؿ‪ :‬بلى يا رب ولكن ال غٌت يب عن بركتك"‪ .‬انفرد بإخراجو‬

‫البخاري من حديث عبد الرزاؽ بو‪ .‬و‪٢‬تذا قاؿ تعاذل ‪َ { :‬وَوَىْبػنَا لَوُ‬
‫اب } قاؿ ا‪ٟ‬تسن‬ ‫َ‬ ‫أ َْىلَوُ َوِمثْػلَ ُه ْم َم َع ُه ْم َر ْ‪ٛ‬تَةً ِمنَا َوِذ ْكَرى ِ‬
‫ألورل األلْب ِ‬
‫وقتادة‪ :‬أحياىم هللا تعاذل لو بأعياِنم وزادىم مثلهم معهم‪.‬‬
‫وقولو‪َ { :‬ر ْ‪ٛ‬تَةً ِمنَا } أي‪ :‬بو على صربه وثباتو وإنابتو وتواضعو‬
‫ألورل األلْب ِ‬ ‫ِ‬
‫اب } أي‪ :‬لذوي العقوؿ ليعلموا أف‬ ‫واستكانتو { َوذ ْكَرى ِ َ‬
‫عاقبةَ الصرب الفر ُج وا‪١‬تخر ُج والراحة ‪.‬‬
‫ب بِِو َوال َْٖتنَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ث } وذلك أف أيوب‬ ‫وقولو‪َ { :‬و ُخ ْذ بِيَد َؾ ِض ْغثًا فَ ْ‬
‫اض ِر ْ‬
‫عليو السبلـ كاف قد غضب على زوجتو ووجد عليها ُب أمر فعلتو‪.‬‬
‫قيل‪[ :‬إِنا] باعت ضفَتهتا ٓتبز فأطعمتو إياه فبلمها على ذلك‬
‫وحلف إف شفاه هللا ليضربنها مائة جلدة‪ .‬وقيل‪ :‬لغَت ذلك من‬
‫األسباب‪ .‬فلما شفاه هللا وعافاه ما كاف جزاؤىا مع ىذه ا‪٠‬تدمة‬
‫التامة والر‪ٛ‬تة والشفقة واإلحساف أف تقابل بالضرب فأفتاه هللا عز‬
‫وجل أف يأخذ ضغثًا ‪-‬وىو‪ِّ :‬‬
‫الشمراخ‪-‬فيو مائة قضيب فيضرهبا بو‬
‫ضربة واحدة وقد بَػّرت ٯتينو وخرج من حنثو ووَب بنذره وىذا من‬

‫‪019‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الفرج وا‪١‬تخرج ‪١‬تن اتقى هللا وأناب إليو و‪٢‬تذا قاؿ تعاذل‪ { :‬إِنَا َو َج ْدنَاهُ‬
‫اب } أثٌت هللا تعاذل عليو ومدحو بأنو { نِ ْع َم‬ ‫ِ‬
‫صابًِرا ن ْع َم الْ َعْب ُد إِنَوُ أ ََو ٌ‬
‫َ‬
‫اب } أي‪َ :‬ر َجاع منيب و‪٢‬تذا قاؿ تعاذل‪َ { :‬وَم ْن يَػت َِق َ‬
‫الِلَ‬ ‫الْ َعْب ُد إِنَوُ أ ََو ٌ‬
‫ب } [ الطبلؽ ‪] ٖ ، ٕ :‬‬ ‫ِ‬ ‫َْ‪٬‬ت َع ْل لَوُ ‪٥‬تََْر ًجا َويَػ ْرُزقْوُ ِم ْن َحْي ُ‬
‫ث ال َْ٭تتَس ُ‬
‫وقد استدؿ كثَت من الفقهاء هبذه اآلية الكرٯتة على مسائل ُب‬
‫األٯتاف وغَتىا وأخذوىا ٔتقتضاىا [ومنعت طائفة أخرى من الفقهاء‬
‫من ذلك‪ ،‬وقالوا‪ :‬دل يثبت أف الكفارة كانت مشروعة ُب شرع أيوب‪،‬‬
‫عليو السبلـ‪ ،‬فلذلك رخص لو ُب ذلك‪ ،‬وقد أغٌت هللا ىذه األمة‬
‫بالكفارة]‪.‬‬
‫وما أحسن ما تكلم بو اإلماـ الداعية الشهيد سيد قطب ر‪ٛ‬تو هللا ُب‬
‫تفسَته " ُب ظبلؿ القرآف " (ج ‪ / ٙ‬ص ‪ )ٕٓٙ‬بعد قولو تعاذل ُب‬
‫سورة ص ‪:‬‬
‫ِ‬
‫اب (‪ )ٔٚ‬إِنَا‬ ‫اصِ ْرب َعلَى َما يَػ ُقولُو َف َواذْ ُك ْر َعْب َدنَا َد ُاو َ‬
‫ود ذَا ْاألَيْد إِنَوُ أََو ٌ‬ ‫ْ‬
‫اإل ْشَر ِاؽ (‪َ )ٔٛ‬والطَْيػَر َْ‪٤‬ت ُش َورةً‬ ‫اؿ َم َعوُ يُسبِّ ْح َن بِالْ َع ِش ِي َو ِْ‬ ‫ا‪ٞ‬تِبَ َ‬
‫َس َخ ْرنَا ْ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ا‪٠‬تِطَ ِ‬
‫اب‬ ‫ص َل ْ‬ ‫ْمةَ َوفَ ْ‬
‫ُكل لَو أ ََواب (‪ )ٜٔ‬و َش َد ْدنَا م ْل َكو وآَتَػيػنَاه ِْ‬
‫ا‪ٟ‬تك َ‬ ‫ُ َُ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ٌ‬
‫اب (ٕٔ) إِ ْذ َد َخلُوا َعلَى‬ ‫ِ‬
‫ص ِم إِ ْذ تَ َس َوُروا الْم ْحَر َ‬ ‫اؾ نَػبَأُ ْ‬
‫ا‪٠‬تَ ْ‬ ‫(ٕٓ) َوَى ْل أَتَ َ‬

‫‪001‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ض‬ ‫ضنَا َعلَى بَػ ْع ٍ‬ ‫ف خصم ِ‬ ‫داوود فَػ َف ِز ِ‬


‫اف بَػغَى بَػ ْع ُ‬ ‫ع مْنػ ُه ْم قَالُوا َال َٗتَ ْ َ ْ َ‬ ‫َُ َ َ‬
‫اط (ٕٕ) إِ َف‬ ‫الصر ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اح ُك ْم بَػْيػنَػنَا بِ ْ ِ‬
‫ا‪ٟ‬تَ ّق َوَال تُ ْشط ْط َو ْاىدنَا إ َذل َس َواء ّ َ‬ ‫فَ ْ‬
‫اؿ أَ ْك ِف ْلنِ َيها‬ ‫اح َدةٌ فَػ َق َ‬ ‫َخي لَو تِسع وتِسعو َف نَػعجةً وِرل نَػعجةٌ و ِ‬
‫ُ ٌْ َ ُْ ْ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ى َذا أ ِ‬
‫َ‬
‫اؿ لََق ْد ظَلَمك بِسؤ ِاؿ نَػعجتِك إِ َذل نِع ِ‬
‫اج ِو‬ ‫اب (ٖٕ) قَ َ‬ ‫ا‪٠‬تِطَ ِ‬ ‫َو َعَزِن ُِب ْ‬
‫َ‬ ‫َ َ َُ ْ َ َ‬
‫ا‪٠‬تلَطَ ِاء لَيبغِي بػعضهم علَى بػع ٍ ِ َ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين آَ َمنُوا‬ ‫ض إَال الذ َ‬ ‫َْ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ‬ ‫َوإِ َف َكث ًَتا م َن ُْ‬
‫وع ِملُوا ال َ ِ ِ ِ‬
‫استَػ ْغ َفَر َربَوُ‬ ‫ود أََ‪٪‬تَا فَػتَػنَاهُ فَ ْ‬
‫يل َما ُى ْم َوظَ َن َد ُاو ُ‬ ‫صا‪ٟ‬تَات َوقَل ٌ‬ ‫ََ‬
‫ك َوإِ َف لَوُ ِعْن َدنَا لَُزلْ َفى َو ُح ْس َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب (ٕٗ) فَػغَ َف ْرنَا لَوُ ذَل َ‬ ‫َو َخَر َراك ًعا َوأَنَ َ‬
‫ُت الن ِ‬
‫َاس‬ ‫اح ُك ْم بَػ ْ َ‬‫ض فَ ْ‬ ‫اؾ َخلِي َفةً ُِب ْاأل َْر ِ‬ ‫ود إِنَا َج َع ْلنَ َ‬
‫ب (ٕ٘) يَا َد ُاو ُ‬ ‫م َآ ٍ‬
‫َ‬
‫الِل إِ َف الَ ِذين ي ِ‬ ‫ضلَك عن سبِ ِيل َِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ْ‬
‫ضلُّو َف َع ْن‬ ‫َ َ‬ ‫ا‪ٟ‬تَ ِّق َوَال تَػتَبِ ِع ا ْ‪٢‬تََوى فَػيُ َ َ ْ َ‬
‫اب (‪َ )ٕٙ‬وَما َخلَ ْقنَا‬ ‫ا‪ٟ‬تِس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫سبِ ِيل َِ‬
‫اب َشدي ٌد ٔتَا نَ ُسوا يػَ ْوَـ ْ َ‬ ‫الِل َ‪٢‬تُ ْم َع َذ ٌ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫َِ‬ ‫ال َسماء و ْاألَرض وما بػيػنػهما ب ِ ِ‬
‫ين َك َفُروا فَػ َويْ ٌل للَذ َ‬
‫ين‬ ‫ك ظَ ُّن الذ َ‬ ‫اط ًبل َذل َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ َْ َ ُ َ َ‬
‫ات‬ ‫ا‪ٟ‬ت ِ‬ ‫َك َفروا ِمن النَا ِر (‪ )ٕٚ‬أَـ َ‪٧‬تعل الَ ِذين آَمنوا وع ِملُوا ال َ ِ‬
‫ص َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫ْ َْ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اب‬‫ُت َكالْ ُف َجا ِر (‪ )ٕٛ‬كتَ ٌ‬ ‫ض أ َْـ َْ‪٧‬ت َع ُل الْ ُمتَق َ‬ ‫ين ُِب ْاأل َْر ِ‬ ‫َكالْ ُم ْفسد َ‬
‫ك مبارٌؾ لِي َدبػَروا آَياتِِو ولِيتَ َذ َكر أُولُو ْاألَلْب ِ‬ ‫ِ‬
‫اب (‪َ )ٕٜ‬وَوَىْبػنَا‬ ‫َ‬ ‫أَنْػَزلْنَاهُ إلَْي َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ض َعلَْي ِو بِالْ َع ِش ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب (ٖٓ) إِ ْذ عُ ِر َ‬ ‫ود ُسلَْي َما َف ن ْع َم الْ َعْب ُد إِنَوُ أ ََو ٌ‬‫ل َد ُاو َ‬
‫ا‪٠‬تََِْت َع ْن ِذ ْك ِر َرِّيب‬ ‫صافِنَات ِْ‬
‫ب ْ‬ ‫ت ُح َ‬ ‫اؿ إِِّن أ ْ‬
‫َحبَْب ُ‬ ‫اد (ٖٔ) فَػ َق َ‬ ‫ا‪ٞ‬تيَ ُ‬ ‫ال َ ُ‬

‫‪000‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وؽ‬‫الس ِ‬‫وىا َعلَ َي فَطَِف َق َم ْس ًحا بِ ُّ‬ ‫اب (ٕٖ) ُرُّد َ‬ ‫ا‪ٟ‬تِج ِ‬
‫ت ب َْ‬
‫ح َىت تَػوار ْ ِ‬
‫َ ََ‬
‫اؽ (ٖٖ) َولََق ْد فَػتَػنَا ُسلَْي َما َف َوأَلْ َقْيػنَا َعلَى ُك ْرِسيِّ ِو َج َس ًدا ٍبَُ‬ ‫و ْاأل َْعنَ ِ‬
‫َ‬
‫َح ٍد ِم ْن‬ ‫ِ ِ‬
‫ب ِرل ُم ْل ًكا َال يػَْنبَغي أل َ‬
‫اؿ ر ِ ِ‬
‫ب ا ْغف ْر ِرل َوَى ْ‬ ‫اب (ٖٗ) قَ َ َ ّ‬ ‫أَنَ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يح َْٕت ِري بأ َْم ِره ُر َخاءً‬ ‫اب (ٖ٘) فَس َخ ْرنَا لَوُ ِّ‬
‫الر َ‬ ‫َ‬ ‫ت الْ َوَى ُ‬ ‫بَػ ْعدي إِن َ‬
‫َك أَنْ َ‬
‫اص (‪َ )ٖٚ‬وآَ َخ ِر َ‬
‫ين‬ ‫ُت ُك َل بَػنَ ٍاء َو َغ َو ٍ‬ ‫ِ‬
‫اب (‪َ )ٖٙ‬والشَيَاط َ‬ ‫َص َ‬‫ث أَ‬ ‫َحْي ُ‬
‫اب‬‫ك بِغَ َِْت ِحس ٍ‬
‫َ‬ ‫َص َف ِاد (‪َ )ٖٛ‬ى َذا َعطَ ُاؤنَا فَ ْامنُ ْن أ َْو أ َْم ِس ْ‬ ‫ُت ُِب ْاأل ْ‬
‫ِ‬
‫ُم َقَرن َ‬
‫وب إِ ْذ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(‪َ )ٖٜ‬وإِ َف لَوُ عْن َدنَا لَُزلْ َفى َو ُح ْس َن َمآَب (ٓٗ) َواذْ ُك ْر َعْب َدنَا أَيُّ َ‬
‫ِ‬ ‫ب و َع َذ ٍ‬
‫ك‬ ‫ض بِ ِر ْجل َ‬ ‫اب (ٔٗ) ْارُك ْ‬ ‫ص َ‬
‫َن َم َس ٍِت الشَْيطَا ُف بِنُ ْ ٍ‬
‫َ‬ ‫نَ َادى َربَوُ أِّ‬
‫اب (ٕٗ) َوَوَىْبػنَا لَوُ أ َْىلَوُ َوِمثْػلَ ُه ْم َم َع ُه ْم َر ْ‪ٛ‬تَةً‬ ‫َى َذا ُم ْغتَ َس ٌل بَا ِرٌد َو َشَر ٌ‬
‫ب بِِو َوَال‬ ‫ِ‬ ‫ِمنَا َوِذ ْكَرى ِأل ِ‬
‫اب (ٖٗ) َو ُخ ْذ بِيَد َؾ ِض ْغثًا فَ ْ‬
‫اض ِر ْ‬ ‫ُورل ْاألَلْب ِ‬
‫َ‬
‫اب (ٗٗ) َواذْ ُك ْر ِعبَ َادنَا‬ ‫ِ‬
‫صابًِرا ن ْع َم الْ َعْب ُد إِنَوُ أ ََو ٌ‬‫ث إِنَا َو َج ْدنَاهُ َ‬ ‫َْٖتنَ ْ‬
‫صا ِر (٘ٗ) إِنَا‬ ‫ِ‬ ‫وب أ ِ‬ ‫يم َوإِ ْس َح َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُورل ْاألَيْدي َو ْاألَبْ َ‬ ‫اؽ َويَػ ْع ُق َ‬ ‫إبْػَراى َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَخلَصناىم ِٓتالِ ٍ ِ‬
‫ُت‬
‫صطََف ْ َ‬ ‫صة ذ ْكَرى الدَا ِر (‪َ )ٗٙ‬وإِنػ َُه ْم عْن َدنَا لَم َن الْ ُم ْ‬ ‫ْ َْ ُ ْ َ َ‬
‫َخيَا ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْاأل ْ ِ‬
‫يل َوالْيَ َس َع َوذَا الْك ْف ِل َوُكل م َن ْاأل ْ‬ ‫َخيَار (‪َ )ٗٚ‬واذْ ُك ْر إ ْ‪ٝ‬تَاع َ‬
‫(‪)ٗٛ‬‬

‫‪002‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ىذا الدرس كلو قصص وأمثلة من حياة الرسل صلوات هللا عليهم‬
‫تعرض كي يذكرىا رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم ويدع ما يعانيو من‬
‫قومو من تكذيب واهتاـ وتعجيب وافًتاء؛ ويصرب على ما يواجهونو بو‬
‫‪٦‬تا تضيق بو الصدور ‪.‬‬
‫وىذا القصص يعرض ُب الوقت ذاتو آثار ر‪ٛ‬تة هللا بالرسل قبلو ‪ :‬وما‬
‫أغدؽ عليهم من نعمة وفضل ‪ ،‬وما آتاىم من ملك وسلطاف ومن‬
‫رعاية وإنعاـ ‪ .‬وذلك رداً على عجب قومو من اختيار هللا لو ‪ .‬وما‬
‫ىو ببدع من الرسل ‪ .‬وفيهم من آتاه هللا إذل جانب الرسالة ا‪١‬تلك‬
‫والسلطاف؛ وفيهم من سخر لو ا‪ٞ‬تباؿ يسبحن معو والطَت؛ وفيهم من‬
‫سخر لو الريح والشياطُت ‪ . .‬كداود وسليماف ‪ . .‬فما وجو العجب‬
‫ُب أف ٮتتار هللا ‪٤‬تمداً الصادؽ لينزؿ عليو الذكر من بُت قريش ُب‬
‫آخر الزماف؟‬
‫كذلك يصور ىذا القصص رعاية هللا الدائمة لرسلو ‪ ،‬وحياطتهم‬
‫بتوجيهو وتأديبو ‪ .‬فقد كانوا بشراً كما أف ‪٤‬تمداً صلى هللا عليو وسلم‬
‫بشر وكاف فيهم ضعف البشر ‪ .‬وكاف هللا يرعاىم فبل يدعهم‬
‫لضعفهم؛ إ‪٪‬تا يبُت ‪٢‬تم ويوجههم ‪ ،‬ويبتليهم ليغفر ‪٢‬تم ويكرمهم ‪.‬‬

‫‪003‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وُب ىذا ما يطمئن قلب الرسوؿ صلى هللا عليو وسلم إذل رعاية ربو لو‬
‫‪ ،‬و‪ٛ‬تايتو وحياطتو ُب كل خطوة ٮتطوىا ُب حياتو ‪.‬‬
‫{ اصرب على ما يقولوف ‪ ،‬واذكر عبدنا داود ذا األيد ‪ ،‬إنو أواب إنا‬
‫سخرنا ا‪ٞ‬تباؿ معو يسبحن بالعشي واإلشراؽ ‪ .‬والطَت ‪٤‬تشورة كل لو‬
‫أواب ‪ .‬وشددنا ملكو وآتيناه ا‪ٟ‬تكمة وفصل ا‪٠‬تطاب } ‪. .‬‬
‫{ اصرب } ‪ . .‬إِنا اإلشارة إذل الطريق ا‪١‬تطروؽ ُب حياة الرسل عليهم‬
‫صلوات هللا الطريق الذي يضمهم أ‪ٚ‬تعُت ‪ .‬فكلهم سار ُب ىذا‬
‫الطريق ‪ .‬كلهم عاّن ‪ .‬وكلهم ابتلي ‪ .‬وكلهم صرب ‪ .‬وكاف الصرب ىو‬
‫زادىم ‪ٚ‬تيعاً وطابعهم ‪ٚ‬تيعاً ‪ .‬كل حسب درجتو ُب سلم األنبياء ‪. .‬‬
‫لقد كانت حياهتم كلها ٕتربة مفعمة باالبتبلءات؛ مفعمة باآلالـ؛‬
‫وحىت السراء كانت ابتبلء وكانت ‪٤‬تكاً للصرب على النعماء بعد الصرب‬
‫على الضراء ‪ .‬وكلتا‪٫‬تا ُب حاجة إذل الصرب واالحتماؿ ‪. .‬‬
‫ونستعرض حياة الرسل ‪ٚ‬تيعاً كما قصها علينا القرآف الكرمي فنرى‬
‫الصرب كاف قوامها ‪ ،‬وكاف العنصر البارز فيها ‪ .‬ونرى االبتبلء‬
‫واالمتحاف كاف مادهتا وماءىا ‪. .‬‬

‫‪004‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫لكأ‪٪‬تا كانت تلك ا‪ٟ‬تياة ا‪١‬تختارة بل إِنا لكذلك صفحات من‬


‫االبتبلء والصرب معروضة للبشرية ‪ ،‬لتسجل كيف تنتصر الروح‬
‫اإلنسانية على اآلالـ والضرورات؛ وكيف تستعلي على كل ما تعتز بو‬
‫ُب األرض؛ وتتجرد من الشهوات وا‪١‬تغريات؛ وٗتلص هلل وتنجح ُب‬
‫امتحانو ‪ ،‬وٗتتاره على كل شيء سواه ‪ٍ . .‬ب لتقوؿ للبشرية ُب‬
‫النهاية ‪ :‬ىذا ىو الطريق ‪ .‬ىذا ىو الطريق إذل االستعبلء ‪ ،‬وإذل‬
‫االرتفاع ‪ .‬ىذا ىو الطريق إذل هللا ‪ .‬اىػ وىو جدير بأف ٯتعن فيو النظر‬
‫للدعاة‪.‬‬

‫ٗٔ‪ -‬حقيقة البيعة‬

‫اعلم يا مسكُت ر‪ٛ‬تك هللا ووفَقك ‪١‬ترضاتو ‪ :‬أف حقيقة البيعة أف‬
‫تتوب إذل هللا بصدؽ وإخبلص من ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تعاصي الباطنة والظاىرة من‬
‫شيخ‬ ‫ِ‬
‫بشاىد ٍ‬ ‫الكفر والشرؾ والرياء والعجب وحب الدنيا وذلك‬
‫يدلُّك ويرشدؾ على طريق اإلسبلـ وا‪٢‬تدى‪ .‬فالشيخ إ‪٪‬تا ىو شاى ٌد‬
‫ُ‬
‫لتوبتك يشهدؾ ويراعيك ويراقبك ُب الدنيا واآلخرة‪ .‬أما الذي تُبايعو‬

‫‪005‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وتُعاىده ىو ‪ :‬هللا جل جبللو ورسولو األعظم ‪ .‬قاؿ هللا تعاذل ‪ :‬إِ َف‬
‫ث فَِإَ‪٪‬تَا‬ ‫ِ‬ ‫الِل ي ُد َِ‬ ‫الَ ِذين يػبايِعُونَ َ ِ ِ‬
‫الِل فَػ ْو َؽ أَيْدي ِه ْم فَ َم ْن نَ َك َ‬ ‫ك إَ‪٪‬تَا يػُبَايعُو َف ََ َ‬ ‫َ َُ‬
‫يما‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َجًرا َعظ ً‬ ‫الِلَ فَ َسيُػ ْؤتيو أ ْ‬
‫اى َد َعلَْيوُ َ‬ ‫ث َعلَى نَػ ْفسو َوَم ْن أ َْو ََب ٔتَا َع َ‬‫يَػْن ُك ُ‬
‫[الفتح‪.]ٔٓ/‬‬

‫٘ٔ‪ -‬تنبيو ‪ :‬تلقُت الذكر وإلباس ا‪٠‬ترقة وا‪١‬تبايعة‬


‫وسائل وا‪١‬تقصود الكلي ىو الصحبةُ‬
‫ُ‬

‫قاؿ القطب ا‪ٟ‬تبيب أبو بكر العدن العيدروس ُب كتابو " ا‪ٞ‬تزء‬
‫اللطيف " ص ٗ‪ ٗٙ‬نقبل عن كبلـ اإلماـ السهروردي صاحب‬
‫عوارؼ ا‪١‬تعارؼ ‪ :‬ففي ا‪٠‬ترقة معٌت ا‪١‬تبايعة‪ .‬وا‪٠‬ترقة عتبة الدخوؿ ُب‬
‫الصحبة‪ .‬وا‪١‬تقصود الكلي ىو الصحبة‪ .‬والصحبة ٕتمع للمريد كل‬
‫وروي عن أيب يزيد أنو قاؿ ‪ :‬من دل يكن لو أستاذ فأستاذه‬
‫خَت‪ُ .‬‬
‫الشيطاف‪ .‬قلت (القائل ا‪ٟ‬تبيب العدن) ‪ :‬قولو أستاذ ‪ :‬جامع بعلم‬
‫الباطن والظاىر‪ ,‬فمن ال أستاذ لو فيهما أو ُب أحد‪٫‬تا فبل شك أف‬
‫إمامو ىواه وإماـ ا‪٢‬توى الشيطاف‪ .‬انتهى‪ٍ .‬ب قاؿ الشيخ السهروردي ‪:‬‬
‫‪006‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫و‪٦‬تا يؤيده أيضا ‪ :‬ما وريناه ُب كتاب الرسالة للقشَتي أنو يروي عن‬
‫بتت بنفسها من غَت‬
‫شيخو أيب علي الدقاؽ أنو قاؿ ‪ :‬الشجرةُ إذا نَ ْ‬
‫أ‪ٙ‬ترت كاف ضعيفا كما تثمر األشجار‬
‫تثمر‪ ,‬وإف ْ‬‫غارس فإِنا تورؽ وال ُ‬
‫طعم كفاكهة‬
‫اليت ُب األودية وا‪ٞ‬تباؿ ولكن ال يكوف لفاكهتها ٌ‬
‫آخر يكوف‬
‫البساتُت‪ .‬وكذا الغرس إذا نُقل من موضع إذل موضع َ‬
‫فيو (أي من‬ ‫‪Pengelolaan‬‬ ‫التصرؼ‬
‫ُّ‬ ‫أحسن وأكثر ‪ٙ‬ترةً لدخوؿ‬
‫َ‬
‫وجوب التعليم ُب الكلب ا‪١‬تعلَم و َ‬
‫أحل‬ ‫َ‬ ‫الغارس)‪ .‬وقد اعترب الشرعُ‬
‫(أي الشرع) ما يقتلو ٓتبلؼ عَت ا‪١‬تعلَم‪ .‬و‪ٝ‬تعت بعض ا‪١‬تشايخ‬
‫يفلح (وعن بعض السلف قاؿ ‪ :‬من‬‫يقولوف ‪ :‬من دل ير مفلحا ال ُ‬
‫جالس ا‪١‬تفلح كيف ال يفلح؟‪ ,‬ومن دل ‪٬‬تالس ا‪١‬تفلح كيف يفلح؟)‪.‬‬
‫ولنا ُب رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم أسوة حسنة كما ُروي عن‬
‫الصحابة رضي هللا عنهم ‪ :‬علَمنا رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم كل‬
‫شيئ حىت ا‪٠‬تِرائةَ (رواه مسلم عن سلماف رضي هللا عنو)‪ٍ .‬ب قاؿ (أي‬
‫وص ِحبَو‬
‫السهروردي) ‪ :‬فا‪١‬تريد الصادؽ إذا دخل ٖتت حكم الشيخ َ‬
‫وتأ َدب بآدابو سرى من باطن الشيخ إذل باطن ا‪١‬تريد ِ‬
‫كسر ٍاج يقتبس‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫من سراج‪ .‬اىػ‬

‫‪007‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ -ٔٙ‬دليل ا‪١‬تبايعة ‪ /‬البيعة ومشروعيتها وأمر النيب‬


‫صلى هللا عليو وسلم هبا والًتىيب من تركها‬

‫قد تظاىرت األدلة وتواترت من اآليات القرآنية واألحاديث الصحاح‬


‫النبوية ُب مشروعية ا‪١‬تبايعة واألمر هبا والًتىيب من عدمها‪ .‬فمن ذلك‬
‫‪:‬‬

‫اآليات القرآنية ‪ :‬أعوذ باهلل من الشيطاف الرجيم‬


‫الِل فَػ ْو َؽ أَيْ ِدي ِه ْم فَ َم ْن‬
‫الِل ي ُد َِ‬ ‫ٔ‪ .‬إِ َف الَ ِذين يػبايِعُونَ َ ِ ِ‬
‫ك إَ‪٪‬تَا يػُبَايعُو َف ََ َ‬ ‫َ َُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ث فَِإَ‪٪‬تَا يَػْن ُك ُ‬
‫الِلَ‬
‫اى َد َعلَْيوُ َ‬ ‫ث َعلَى نَػ ْفسو َوَم ْن أ َْو ََب ٔتَا َع َ‬ ‫نَ َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يما [الفتح‪]ٔٓ/‬‬ ‫فَ َسيُػ ْؤتيو أَ ْجًرا َعظ ً‬
‫َجَرِة فَػ َعلِ َم‬
‫ت الش َ‬ ‫ك َْٖت َ‬ ‫ُت إِ ْذ يػُبَايِعُونَ َ‬‫ِِ‬ ‫ٕ‪ .‬لََق ْد َر ِض َي َ‬
‫الِلُ َع ِن الْ ُم ْؤمن َ‬
‫َما ُِب قػُلُوهبِِ ْم فَأَنْػَزَؿ ال َس ِكينَةَ َعلَْي ِه ْم َوأَثَابَػ ُه ْم فَػْت ًحا قَ ِريبًا‬
‫[الفتح‪.]ٔٛ/‬‬

‫‪008‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫األحاديث النبوية ا‪١‬تصطفوية ‪:‬‬


‫ٔ‪ .‬عن عباد َة ب ِن الْولِ ِ‬
‫يد بْ ِن عُبَ َاد َة َع ْن أَبِ ِيو َع ْن َج ِّد ِه قَ َ‬
‫اؿ ‪ :‬بَايَػ ْعنَا‬ ‫َ ْ َُ َ ْ َ‬
‫اع ِة ُِب‬ ‫وؿ َِ‬
‫الِل صلى هللا عليو وسلم َعلَى ال َس ْم ِع َوالطَ َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫الْعُ ْس ِر َوالْيُ ْس ِر َوالْ َمْن َش ِط َوالْ َمكَْرِه َو َعلَى أَثػََرٍة َعلَْيػنَا َو َعلَى أَ ْف‬
‫اؼ‬ ‫وؿ بِ ْ‬
‫ا‪ٟ‬تَ ِّق أَيْػنَ َما ُكنَا َال َ‪٩‬تَ ُ‬ ‫َال نػُنَا ِز َ‬
‫ع ْاأل َْمَر أ َْىلَوُ َو َعلَى أَ ْف نَػ ُق َ‬
‫الِل لَ ْوَمةَ َالئِ ٍم‪ .‬رواه الشيخاف ومالك وغَتىم‪.‬‬ ‫ُِب َِ‬

‫ٕ‪ .‬وُب صحيح البخاري بتحقيق البغا (ج ٔ ‪ /‬ص ٖٔ) ‪:‬‬


‫حدثنا أبو النعماف قاؿ حدثنا أبو عوانة عن زياد بن عبلقة‬
‫قاؿ ‪ٝ‬تعت جرير بن عبد هللا يقوؿ يوـ مات ا‪١‬تغَتة بن شعبة‬
‫قاـ فحمد هللا وأثٌت عليو وقاؿ ‪ :‬عليكم بإتقاء هللا وحده ال‬
‫شريك لو والوقار والسكينة حىت يأتيكم أمَت فإ‪٪‬تا يأتيكم‬
‫اآلف ‪ٍ .‬ب قاؿ استعفوا ألمَتكم فإنو كاف ٭تب العفو ‪ٍ .‬ب‬
‫قاؿ أما بعد فإن أتيت النيب صلى هللا عليو وسلم قلت‬
‫أبايعك على اإلسبلـ فشرط علي ( والنصح لكل مسلم ) ‪.‬‬
‫ورب ىذا ا‪١‬تسجد إن لناصح لكم ‪ٍ .‬ب‬‫فبايعتو على ىذا ِّ‬
‫استغفر ونزؿ‪ .‬تعليق البغا ‪ [ :‬ش ( قاـ ) أي جرير بن عبد‬

‫‪009‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫هللا وقد كاف ا‪١‬تغَتة واليا على الكوفة ُب خبلفة معاوية رضي‬
‫هللا عنهم واستناب عند موتو ابنو عروة وقيل استناب جرير‬
‫بن عبد هللا ولذا قاـ وخطب ىذه ا‪٠‬تطبة بعد موت ا‪١‬تغَتة [‬
‫فتح ] ( الوقار ) الرزانة ( السكينة ) السكوف وا‪٢‬تدوء (‬
‫استعفوا ) اطلبوا لو العفو من هللا تعاذل ]‪ .‬اىػ‬
‫ٖ‪ .‬وُب صحيح مسلم بتحقيق ‪٤‬تمد فؤاد عبد الباقي (ج ٖ ‪/‬‬
‫ي َح َدثػَنَا أَِيب‬ ‫الِل بْ ُن ُم َع ٍاذ الْ َعنْ َِرب ُّ‬
‫ص ‪ : )ٔٗٚٛ‬ح َدثػَنا عبػي ُد َِ‬
‫َ َ َُ ْ‬
‫اص ٌم َوُى َو ابْ ُن ُ‪٤‬تَ َم ِد بْ ِن َزيْ ٍد َع ْن َزيْ ِد بْ ِن ُ‪٤‬تَ َم ٍد َع ْن‬ ‫ح َدثػَنَا ع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫الِل بن عمر إِ َذل عب ِد َِ‬ ‫ِ‬ ‫نَافِ ٍع قَ َ‬
‫الِل بْ ِن ُمطي ٍع ح َ‬
‫ُت‬ ‫َْ‬ ‫اؿ َجاءَ َعْب ُد َ ْ ُ ُ َ َ‬
‫اؿ اطَْر ُحوا‬ ‫يد بْ ِن ُم َعا ِويَةَ فَػ َق َ‬ ‫َكا َف ِم ْن أ َْم ِر ْ‬
‫ا‪ٟ‬تََرِة َما َكا َف َزَم َن يَِز َ‬
‫اؿ إِِن َدل آتِك ِأل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫س‪ ,‬أَتَػْيتُ َ‬ ‫َجل َ‬ ‫ألَِيب َعْبد الَر ْ‪ٛ‬تَ ِن ِو َس َاد ًة فَػ َق َ ّ ْ َ ْ‬
‫وؿ َِ‬ ‫ِألُح ِّدثَ َ ِ ِ‬
‫الِل صلى هللا عليو وسلم يَػ ُقولُوُ‬ ‫ت َر ُس َ‬‫ك َحديثًا َ‪ٝ‬ت ْع ُ‬ ‫َ‬
‫وؿ ‪َ :‬م ْن َخلَ َع يَ ًدا‬ ‫الِل صلى هللا عليو وسلم يَػ ُق ُ‬ ‫وؿ َِ‬‫ت َر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫َ‪ٝ‬ت ْع ُ‬
‫س‬ ‫ِ ِ‬ ‫اع ٍة لَِق َي َ‬ ‫ِ‬
‫ات َولَْي َ‬ ‫الِلَ يَػ ْوَـ الْقيَ َامة َال ُح َجةَ لَوُ َوَم ْن َم َ‬ ‫م ْن طَ َ‬
‫اىلِيَةً‪ .‬و َح َدثػَنَا ابْ ُن ُ‪٪‬تٍََْت َح َدثػَنَا‬ ‫ُِب عن ِق ِو بػيػعةٌ مات ِميتةً ج ِ‬
‫ُُ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫ث عن عبػي ِد َِ‬ ‫َ٭تِت بن عب ِد َِ‬
‫الِل بْ ِن أَِيب‬ ‫الِل بْ ِن بُ َك ٍَْت َح َدثَػنَا لَْي ٌ َ ْ َُ ْ‬ ‫ْ َ ْ ُ َْ‬

‫‪021‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫َش ِّج َع ْن نَافِ ٍع َع ْن ابْ ِن‬ ‫الِل بْ ِن ْاأل َ‬


‫جع َف ٍر عن ب َك َِت ب ِن عب ِد َِ‬
‫َ ْ َ ْ ُ ْ ْ َْ‬
‫الِلُ َعلَْي ِو َو َسلَ َم‬
‫صلَى َ‬ ‫َيب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عُ َمَر أَنَوُ أَتَى ابْ َن ُمطي ٍع فَ َذ َكَر َع ْن الن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي ح و َح َدثػَنَا‬ ‫َْ‪٨‬ت َوهُ َح َدثػَنَا َع ْمُرو بْ ُن َعل ٍّي َح َدثػَنَا ابْ ُن َم ْهد ٍّ‬
‫‪ٚ‬ت ًيعا‬‫ُ‪٤‬ت َم ُد بن عم ِرو ب ِن جبػلَةَ ح َدثػَنَا بِ ْشر بن عمر قَ َاال َِ‬
‫ُ ْ ُ ُ ََ‬ ‫َ ْ ُ َ ْ ْ ََ َ‬
‫َسلَ َم َع ْن أَبِ ِيو َع ْن ابْ ِن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َح َدثػَنَا ى َش ُاـ بْ ُن َس ْعد َع ْن َزيْد بْ ِن أ ْ‬
‫يث نَافِ ٍع َع ْن‬ ‫الِل علَي ِو وسلَم ِٔتَعٌت ح ِد ِ‬
‫صلَى َُ َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َيب َ‬ ‫ِ‬
‫عُ َمَر َع ْن الن ِّ‬
‫ابْ ِن عُ َمَر‪ .‬تعليق ‪٤‬تمد فؤاد عبد الباقي ‪( :‬ال حجة لو) أي‬
‫ال حجة لو ُب فعلو وال عذر لو ينفعو ]‪ .‬اىػ‬

‫‪ -ٔٚ‬ا‪١‬تبايعة ُب ا‪١‬تناـ‬

‫قاؿ اإلماـ عبد الغٍت النابلسي ُب كتابو " تعطَت األناـ ُب تفسَت‬
‫األحبلـ " (ج ٔ ‪ /‬ص ‪ : )ٕٙٙ‬من رأى ُب ا‪١‬تناـ أنو بايع أىل بيت‬
‫الِل عليو وسلّم وأشياعو فإنو يتبع ا‪٢‬تدى و٭تفظ شريعة‬ ‫النيب صلى ّ‬
‫اإلسبلـ والصراط ا‪١‬تستقيم‪ .‬وإف رأى أنو بايع أمَتاً من أمراء الثغور‬
‫فإنو بشارة لو ونصرة على أعدائو ويكوف تائباً عابداً حامدا راكعاً‬
‫‪020‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ساجداً‪ .‬فإف بايع فاسقاً فإنو يعُت قوماً فاسقُت‪ .‬وإف بايع ٖتت‬
‫الِل تعاذل‪ .‬اىػ‬
‫شجرة فإنو يناؿ غنيمة ُب مرضاة ّ‬
‫قلت ‪ :‬ويصح تلقُت ومبايعة ُب ا‪١‬تناـ ويكوف ذلك تربكا ال تسلكا اف‬
‫شاء هللا تعاذل‪.‬‬

‫‪ -ٔٛ‬الذكر الدائم‬

‫ِ‬
‫وعا (‪ )ٜٔ‬إِ َذا َم َسوُ الشَُّر َجُز ً‬
‫وعا‬ ‫قاؿ هللا تعاذل ‪ :‬إِ َف ِْ‬
‫اإلنْ َسا َف ُخل َق َىلُ ً‬
‫َِ‬ ‫ا‪٠‬تيػر منوعا (ٕٔ) إَِال الْم ِ‬
‫ين ُى ْم‬ ‫ُت (ٕٕ) الذ َ‬ ‫صلّ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫(ٕٓ) َوإِذَا َم َسوُ َْْ ُ َ ُ ً‬
‫ص َبلهتِِ ْم َدائِ ُمو َف (ٖٕ) [ا‪١‬تعارج‪]ٕٖ-ٜٔ/‬‬ ‫َعلَى َ‬
‫قاؿ اإلماـ الفخر الرازي ُب تفسَته الكبَت " مفاتيح الغيب " (ج ‪ٔٙ‬‬
‫صبلَهتِِ ْم َدائِ ُمو َف‬
‫‪ /‬ص ٕٖ) ‪ :‬قولو ‪ { :‬إِالَ ا‪١‬تصلُت * الذين ُى ْم على َ‬
‫صبلَهتِِ ْم‬ ‫} فإف قيل ‪ :‬قاؿ ‪ { :‬على ِِ ِ‬
‫صبلَهت ْم َدائ ُمو َف } ٍب ‪ { :‬على َ‬ ‫َ‬
‫ُ٭تَافِظُو َف } [ ا‪١‬تعارج ‪ ] ٖٗ :‬قلنا ‪ :‬معٌت دوامهم عليها أف ال‬
‫يًتكوىا ُب شيء من األوقات و‪٤‬تافظتهم عليها ترجع إذل االىتماـ‬
‫ْتا‪٢‬تا حىت يؤتى هبا على أكمل الوجوه ‪ ،‬وىذا االىتماـ إ‪٪‬تا ٭تصل‬

‫‪022‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫تارة بأمور سابقة على الصبلة وتارة بأمور الحقة هبا ‪ ،‬وتارة بأمور‬
‫مًتاخية عنها ‪.‬‬
‫أما األمور السابقة فهو أف يكوف قبل دخوؿ وقتها متعلق القلب‬
‫بدخوؿ أوقاهتا ‪ ،‬ومتعلق بالوضوء ‪ ،‬وسًت العورة وطلب القبلة ‪،‬‬
‫ووجداف الثوب وا‪١‬تكاف الطاىرين ‪ ،‬واإلتياف بالصبلة ُب ا‪ٞ‬تماعة ‪،‬‬
‫وُب ا‪١‬تساجد ا‪١‬تباركة ‪ ،‬وأف ‪٬‬تتهد قبل الدخوؿ ُب الصبلة ُب تفريغ‬
‫القلب عن الوساوس وااللتفات إذل ما سوى هللا تعاذل ‪ ،‬وأف يبالغ ُب‬
‫االحًتاز عن الرياء والسمعة ‪.‬‬
‫وأما األمور ا‪١‬تقارنة فهو أف ال يلتفت ٯتيناً وال ِشاالً ‪ ،‬وأف يكوف‬
‫حاضر القلب عند القراءة ‪ ،‬فا‪٫‬تاً لؤلذكار ‪ ،‬مطلعاً على حكم‬
‫الصبلة ‪.‬‬
‫وأما األمور ا‪١‬تًتاخية فهي أف ال يشتغل بعد إقامة الصبلة باللغو‬
‫واللهو واللعب ‪ ،‬وأف ٭تًتز كل االحًتاز عن اإلتياف بعدىا بشيء من‬
‫ا‪١‬تعاصي ‪ .‬اىػ الرازي‬

‫‪023‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وُب " الرسالة القشَتية " ص ‪ : ٕ٘ٙ‬قاؿ األستاذ (اإلماـ القشَتي) ‪:‬‬
‫والذكر ركن قوي ُب طريق ا‪ٟ‬تق سبحانو وتعاذل بل ىو العمدة ُب ىذا‬
‫الطريق‪ .‬وال يصل أحد إذل هللا إال بدواـ الذكر‪ .‬اىػ‬
‫وُب " إحياء علوـ الدين " لئلماـ الغزارل ط‪ .‬دار ا‪١‬تعرفة (ج ٗ ‪ /‬ص‬
‫‪ : )ٖٜٔ‬فاف كنت طالبا سعادة لقاء هللا تعاذل فانبذ الدنيا وراء‬
‫ظهرؾ واستغرؽ العمر ُب الذكر الدائم والفكر البلزـ فعساؾ ٖتظى‬
‫منها بقدر يسَت ولكن تناؿ بذلك اليسَت ملكا عظيما ال آخر لو‪ .‬اىػ‬
‫وُب " حلية األولياء " للحافظ أيب نعيم األصبهان ط‪ .‬دار الكتاب‬
‫العريب (ج ٓٔ ‪ /‬ص ‪ٝ : )ٕٓٛ‬تعت ‪٤‬تمد بن ا‪ٟ‬تسن بن علي قاؿ‬
‫‪ٝ‬تعت أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن سادل يقوؿ ‪ :‬كنت عند سهل بن عبدهللا‬
‫ودخل عليو رجل وقاؿ ‪ :‬يا أستاذ أي شيء القوت ؟ قاؿ ‪ :‬الذكر‬
‫الدائم‪ .‬اىػ‬
‫وُب تفسَت " البحر ا‪١‬تديد " لئلماـ أ‪ٛ‬تد بن عجيبة (ج ٗ ‪ /‬ص‬
‫‪ : )ٖٔٛ‬إف هللا يدخل الذين آمنوا بطريق ا‪٠‬تصوص ‪ ،‬جنات‬
‫ا‪١‬تعارؼ ‪ٕ ،‬تري من ٖتتها أِنار العلوـ ‪ُ ،‬٭تلوف فيها بأنواع احملاسن‬
‫وىدوا إذل الطيب‬
‫والفضائل ‪ ،‬ويتطهروف من ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تساوئ والرذائل ‪ُ ،‬‬

‫‪024‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫من القوؿ ‪ ،‬وىو الذكر الدائم بالقلب ا‪٢‬تائم ‪ ،‬وا‪١‬تخاطبة اللينة من‬
‫وىدوا إذل طريق الًتبية والًتقية ‪ ،‬حىت وصلوا إذل‬
‫القلوب الصافية ‪ُ ،‬‬
‫شهود ا‪ٟ‬تبيب ‪ ،‬ا‪ٟ‬تامد احملمود ‪ ،‬القريب اجمليب ‪ .‬حققنا هللا ٔتقامهم‬
‫ٔتنِّو وكرمو ‪ .‬اىػ‬
‫وُب " الكشاؼ " للز‪٥‬تشري (ج ٖ ‪ /‬ص ‪ : )ٖٕٜ‬قاؿ تعاذل ‪َ :‬ولََق ْد‬
‫ك َوُك ْن ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ص ْد ُرَؾ ِٔتَا يَػ ُقولُو َف (‪ )ٜٚ‬فَ َسبِّ ْح ِْتَ ْمد َربِّ َ‬ ‫يق َ‬
‫نػَعلَم أَن َ ِ‬
‫َك يَض ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُت (‪ .)ٜٜ‬قولو ‪ِٔ { :‬تَا‬ ‫ك الْيَق ُ‬ ‫ك َح َىت يَأْتِيَ َ‬
‫ين (‪َ )ٜٛ‬و ْاعبُ ْد َربَ َ‬‫ال َساجد َ‬
‫يَػ ُقولُو َف } من أقاويل الطاعنُت فيك وُب القرآف { فَ َسبّ ْح } فافزع‬
‫فيما نابك إذل هللا ‪ ،‬والفزع إذل هللا ‪ :‬ىو الذكر الدائم وكثرة السجود ‪،‬‬
‫يكفك ويكشف عنك الغم ‪ .‬ودـ على عبادة ربك { حىت يَأْتِيَ َ‬
‫ك‬
‫اليقُت } أي ا‪١‬توت ‪ ،‬أي ما دمت حياً فبل ٗتل بالعبادة ‪ .‬اىػ‬

‫‪ -ٜٔ‬ذكر األنفاس وحفظها من الضياع والغفلة‬

‫لقد كثر كبلـ العلماء حوؿ موضوع " ذكر األنفاس "‪ .‬فما من‬
‫عارؼ باهلل إال وقد تكلم فيو‪ .‬ومن دل يتكلم فيو فرٔتا ال يعرؼ‬

‫‪025‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪١‬توضوع أو عرؼ وعلم بو ولكن ال يعملو‪ .‬فالن َفس موىبة عظيمة من‬
‫ا‪١‬توذل الكرمي‪.‬‬
‫قاؿ هللا سبحانو وتعاذل ‪َ :‬ال تَػ ْع َج ْل َعلَْي ِه ْم إَِ‪٪‬تَا نػَعُ ُّد َ‪٢‬تُ ْم َعدًّا (ٗ‪)ٛ‬‬
‫وؽ الْم ْج ِرِم َ ِ‬ ‫يػوَـ َْ‪٨‬ت ُشر الْمت َِق َ ِ‬
‫َم‬
‫ُت إ َذل َج َهن َ‬ ‫ُت إ َذل الَر ْ‪ٛ‬تَ ِن َوفْ ًدا (٘‪َ )ٛ‬ونَ ُس ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َْ‬
‫ِوْرًدا (‪[ )ٛٙ‬مرمي‪.]ٛٙ-ٛٗ/‬‬
‫قاؿ البغوي ُب تفسَته " معادل التنزيل " (ج ٘ ‪ /‬ص ٕ٘٘) ‪ { :‬فَبل‬
‫تَػ ْع َج ْل َعلَْي ِه ْم } أي ال تعجل بطلب عقوبتهم { إَِ‪٪‬تَا نػَعُ ُّد َ‪٢‬تُ ْم َعدًّا }‬
‫قاؿ الكليب‪ :‬يعٍت الليارل واألياـ والشهور واألعواـ‪ .‬وقيل‪ :‬األنفاس‬
‫اليت يتنفسوف هبا ُب الدنيا إذل األجل الذي أجل لعذاهبم‪ .‬اىػ‬
‫يسى ابْ ُن َم ْرَميَ اللَ ُه َم َربػَنَا أَنْ ِزْؿ َعلَْيػنَا َمائِ َد ًة ِم َن‬ ‫وقاؿ هللا تعاذل ‪ :‬قَ َ ِ‬
‫اؿ ع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َخْيػُر‬ ‫ك َو ْارُزقْػنَا َوأَنْ َ‬ ‫يدا ِألََولنَا َوآَ ِخ ِرنَا َوآَيَةً ِمْن َ‬
‫ال َس َماء تَ ُكو ُف لَنَا ِع ً‬
‫ِ‬
‫ُت (ٗٔٔ) [ا‪١‬تائدة‪.]ٔٔٗ/‬‬ ‫الَرا ِزق َ‬
‫ُب تفسَت النيسابوري (ج ٖ ‪ /‬ص ‪ : )ٕٖٚ‬قالوا { يا عيسى ابن‬
‫مرمي ىل يستطيع ربك } فما راعوا األدب مع نبيهم حيث دل يقوموا‬
‫يا رسوؿ هللا أو يا روح هللا ‪ ،‬وال مع رهبم حيث تشككوا ُب كماؿ‬
‫قدرتو ‪ٍ .‬ب أظهروا دناءة ‪٫‬تتهم حيث طلبوا بواسطة مثل عيسى من‬

‫‪026‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫واىب ا‪١‬تواىب مائدة جسمانية ال فائدة روحانية فقاؿ عيسى {‬


‫اللهم ربنا أنزؿ علينا مائدة } األسرار وا‪ٟ‬تقائق من ‪ٝ‬تاء العناية عليها‬
‫أطعمة ا‪٢‬تداية { تكوف لنا } أي ألىل ا‪ٟ‬تق والصدؽ { عيداً }‬
‫نفرح هبا { ألولنا وآخرنا } أي ألوؿ أنفاسنا وآخرىا فإف أىل ا‪ٟ‬تق‬
‫يراقبوف األنفاس لتصعد مع هللا وهتوي مع هللا { وأنت خَت الرازقُت }‬
‫ألف الذي ترزؽ رزؽ منك والذي يرزؽ ظاىراً من غَتؾ فهو أيضاً‬
‫منك بالواسطة ‪ ،‬وما بالذات خَت ‪٦‬تا بالواسطة ‪ .‬اىػ‬
‫وقاؿ اإلماـ السيوطي ُب تفسَته " الدر ا‪١‬تنثور " (ج ٘ ‪ /‬ص ‪)ٔٙ‬‬
‫‪ :‬وأخرج ابن ا‪١‬تنذر عن فضيل بن عياض ُب قولو ‪ :‬ومن وراءه‬
‫عذاب غليظ قاؿ حبس األنفاس‪.‬‬
‫وللشهيد سيد قطب كبلـ ُح ٌلو حوؿ موضوعنا‪ .‬قاؿ ُب تفسَته " ُب‬
‫ظبلؿ القرآف " (ج ٖ ‪ /‬ص ٔ‪ : )ٚ‬كل نفس معدودة األنفاس ‪،‬‬
‫مًتوكة ألجل ال تعلمو ‪ -‬فهو بالنسبة ‪٢‬تا غيب ال سبيل إذل كشفو ‪-‬‬
‫بينما ىو مرسوـ ‪٤‬تدد ُب علم هللا ‪ ،‬ال يتقدـ وال يتأخر ‪ .‬وكل نفس‬
‫موكل بأنفاسها وأجلها حفيظ قريب مباشر حاضر ‪ ،‬ال يغفو وال‬
‫يغفل وال يهمل ‪ -‬فهو حفيظ من ا‪ٟ‬تفظة ‪ -‬وىو رسوؿ من ا‪١‬تبلئكة‬

‫‪027‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ -‬فإذا جاءت اللحظة ا‪١‬ترسومة ا‪١‬توعودة ‪ -‬والنفس غافلة مشغولة ‪-‬‬


‫أدى ا‪ٟ‬تفيظ مهمتو ‪ ،‬وقاـ الرسوؿ برسالتو ‪ . .‬وىذا التصور كفيل‬
‫كذلك بأف يرتعش لو الكياف البشري؛ وىو ٭تس بالقدر الغييب ٭تيط‬
‫بو؛ ويعرؼ أنو ُب كل ‪ٟ‬تظة قد يُقبض ‪ ،‬وُب كل نفس قد ٭تُت‬
‫األجل احملتوـ ‪ٍ { .‬ب ردوا إذل هللا موالىم ا‪ٟ‬تق } ‪ .‬اىػ‬

‫وقاؿ الشيخ حسُت ناصر بن طيب ا‪١‬تسعودي البنجاري ا‪١‬تاليزي ُب‬


‫كتابو " ىداية ا‪١‬تتفكرين ُب ٖتقيق معرفة رب العا‪١‬تُت " مطبعة ا‪١‬تعارؼ‬
‫فولَو فينانج ماليزيا ص ٓٗ – ٔٗ ‪ :‬قاؿ الشيخ العارؼ عفيف‬
‫الدين ُب كتابو الكربيت األ‪ٛ‬تر ‪ :‬أ‪ٚ‬تع العارفوف على أف أفضل العبادة‬
‫حفظ األنفاس مع هللا تعاذل ويكوف دخو‪٢‬تا وخروجها بذكر ا‪ٞ‬تبللة‬
‫وىي قولك " هللا هللا " أو ذكر " ال الو اال هللا " وىو الذكر ا‪٠‬تفي‬
‫الذي ال تتحرؾ بو الشفتاف‪ .‬وقاؿ اإلماـ العارؼ الربان الشيخ عبد‬
‫الوىاب الشعران ُب كتابو العهود الصغرى ‪ :‬أُخذ علينا العهود أف ال‬
‫ٯتضي علينا يوـ وال ليلة حىت نذكر هللا تعاذل بتكرير ا‪ٞ‬تبللة أربعا‬

‫‪028‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وعشرين ألف مرة ( ٕٓٓٓٗ ) عدد األنفاس الواقعة ُب‬


‫(وقت‪/‬زماف) الثبلثة ا‪١‬تائة والستُت درجة‪ .‬اىػ مسعودي‬

‫ٕٓ‪ -‬الذكر ذنب ألىل الشهود‬

‫قاؿ األلوسي ُب تفسَته " روح ا‪١‬تعان " (ج ٘ ‪ /‬ص ٔ‪: )ٔٛ‬‬
‫ذكر سبحانو من وصف ا‪١‬تنافقُت أِنم إذا قاموا إذل الصبلة قاموا‬
‫كساذل لعدـ شوقهم إذل ا‪ٟ‬تضور ونفورىم عنو لعدـ استعدادىم‬
‫واستيبلء ا‪٢‬توى عليهم يراءوف الناس الحتجاجهم هبم عن رؤية هللا‬
‫تعاذل واليذكروف هللا إال قليبل ألِنم اليذكرونو إال باللساف وعند‬
‫حضورىم بُت الناس ٓتبلؼ ا‪١‬تؤمنُت الصادقُت فنهم إذا قاموا إذل‬
‫الصبلة يطَتوف اليها ّتناحى الرغبة والرىبة بل ٭تنوف اذل أوقاهتا حنُت‬
‫اعرابية حنت إذل أطبلؿ ‪٧‬تد فارقتو ومرخو ومن ىنا كاف صلى هللا‬
‫تعاذل عليو وسلم يقوؿ لببلؿ ‪ :‬أرحنا ياببلؿ يريد عليو الصبلة و‬
‫السبلـ أقم لنا الصبلة لنصلى ونسًتيح هبا المنها وظن األخَت برسوؿ‬
‫هللا صلى هللا عليو و سلم كفروا والعياذ باهلل تعاذل وإذا عبدوا‬

‫‪029‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اليريدوف إال هللا تعاذل وما قدر السوى عندىم لَتاءوه وإف كل جزء‬
‫منهم يذكر هللا تعاذل نعم إِنم قد يشتغلوف بو عنو فهناؾ اليتأتى ‪٢‬تم‬
‫الذكر وقد عد العارفوف الذكر ألىل الشهود ذنبا و‪٢‬تذا قاؿ قائلهم ‪:‬‬
‫بذكر هللا تزداد الذنوب وتنكشف الرذائل والعيوب وترؾ الذكر أفضل‬
‫كل شىء وِشس الذات ليس ‪٢‬تا مغيب لكن ذكر بعضهم أنو اليصل‬
‫العبد إذل ذلك ا‪١‬تقاـ إال بكثرة الذكر وأشار إذل مقاـ عاؿ من قاؿ ‪:‬‬
‫اليًتؾ الذكر إال من يشاىده وليس يشهده من ليس يذكره والذكر‬
‫سًت مذكوره سًت فخُت اذكره َب ا‪ٟ‬تاؿ يسًته فبل أزاؿ على االحواؿ‬
‫أشهده وال أزاؿ على األنفاس أذكره‪ .‬اىػ‬

‫‪031‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الفصل الثالث‬

‫سر التحكيم وإلباس ا‪٠‬ترقة الفقرية الصوفية‬


‫ك َخْيػٌر [األعراؼ‪]ٕٙ/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس التَػ ْق َوى َذل َ‬
‫قاؿ تعاذل ‪َ :‬ولبَ ُ‬

‫ولنشرع ُب ذكر سر التحكيم وإلباس ا‪٠‬ترقة الفقرية الصوفية وما يتعلق‬


‫بذلك فنقوؿ ‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬إلباس ا‪٠‬ترقة الصوفية ‪ :‬حقيقتها وفضيلتها‬


‫وأقسامها‬

‫قاؿ القطب ا‪ٟ‬تبيب عيدروس بن عمر ا‪ٟ‬تبشي ُب العقد ٕ‪: ٕٔٛ/‬‬

‫‪030‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ولبس ا‪٠‬ترقة ُب عرؼ السادة الصوفية واصطبلحهم عبارة عن‬


‫الصحبة وأخذ العهد وتلقُت الذكر‪.‬‬
‫وحقيقتو ‪ :‬تصرؼ الشيخ ُب ا‪١‬تريد بل تصرفو ُب قلبو وسرياف روحو‬
‫ُب روح ا‪١‬تريد وتربيتو بالباطن‪.‬‬
‫وقاؿ فيو أيضا ٔ‪ :ٖٜٔ /‬ولبس ا‪٠‬ترقة هبيئتو كالبيعة والتلقُت لو أصل‬
‫أصيل من الكتاب والسنة والقياس‪ ,‬وىو عتبة الدخوؿ ُب الطريق‬
‫وأصل عقد األساس‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ قطب الطريقُت ومفيت الفريقُت نور الدين علي بن أيب بكر‬
‫السكراف (ُب كتابو الربقة ا‪١‬تشيقة ُب ذكر لبس ا‪٠‬ترقة األنيقة) ‪ :‬أما‬
‫بعد فقد اجتمعت شيوخ ىذه األمة احملمدية وأكابر سادات األئمة‬
‫األ‪ٛ‬تدية على نسبة ا‪٠‬ترقة الشريفة وتوابعها ا‪١‬تنيفة من آداب وتنويب‬
‫وٖتكيم ونصح ووصية وتلقُت وتعليم ألىل طريقة ا‪ٟ‬تقيقة أصحاب‬
‫ا‪١‬تعارؼ الدقيقة وأرباب اإلشارات النورانية وا‪١‬تنازالت الربانية سلسلةً‬
‫واحدة متصلة بالنيب صلى هللا عليو وسلم وأصلها من الرب العلي‬
‫األعلى‪ ,‬إذا ٖترؾ أدناىا ٖترؾ أعبلىا‪ ,‬ومن دخل ُب دائرة أىلها‬
‫بصحبة ونسبة وخرقة فقد دخل ُب ‪ٛ‬تاىا ُب حرـ‪ ,‬ومن ٘تسك من‬

‫‪032‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أيدي أوليائها ٍ‬
‫بيد فقد استمسك ْتبل هللا واعتصم‪ ,‬وإذل فيض ْتر‬
‫الر‪ٛ‬تة والربكة قصد وأ َـ‪ .‬ومن لبس من شيخ من شيوخها خرقة فقد‬
‫وعلَم ‪...‬‬
‫أصبح وأمسى يف ظالل جالل كنف عظمة هللا حتت لواء َ‬
‫اخل‬
‫وقد ذكروا أنو ‪ :‬ال يشًتط ُب لبسها أف تكوف ملكا للشيخ وال من‬
‫لباسو بل بركتها ا‪١‬تعتربة ٖتصل بوضعو ‪٢‬تا بيده الطاىرة على رأس‬
‫ا‪١‬تريد‪.‬‬
‫وقالوا أيضا ‪ :‬وال ينبغي للمريد أف يدمي لبسها ألِنا تفٌت حينئذ وتفوتو‬
‫بركة بقائها عنده بل لبسها ُب ‪٨‬تو ا‪ٞ‬تمعة والعيدين ال غَت‪.‬‬
‫وقالوا أيضا ‪ :‬تكفي من أي اللباس ا‪ٞ‬تائز كاف‪ ,‬سواء كانت قلنسوة‬
‫أو عمامة أو قميصا أو إزارا أو ‪٦‬تا ‪ٝ‬تي لباسا‪.‬‬
‫وقالوا أيضا ‪ :‬ينبغي للمريد أف يُقبِّل بعد إلباس الشيخ إياىا رأس‬
‫الشيخ أو يده أو رجلو اقتداء بفعل الصحابة‪.‬‬
‫وىي (اي ا‪٠‬ترقة) تنقسم إذل ثبلثة أقساـ ‪ :‬خرقة التربؾ وخرقة التشبو‬
‫وخرقة اإلرادة‪ .‬وقاؿ الشيخ ابن حجر ‪ :‬لبس ا‪٠‬ترقة على ‪ٜ‬تسة أوجو‬
‫‪ :‬قدوة وصحبة وتربؾ وتشبو وشهرة‪ ,‬وا‪١‬تع َوؿ من ىذه ا‪٠‬تمسة ا‪٪‬تا ىو‬

‫‪033‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫تفصيل‬
‫َ‬ ‫وذكرت (القائل ىو ا‪ٟ‬تبيب عيدروس)‬ ‫ُ‬ ‫على القدوة انتهى‪.‬‬
‫أقسامها ُب كتايب شفاء الفؤاد‪ .‬أما خرقة التربؾ فهو أف يلبسها على‬
‫سبيل التربؾ بالقوـ واف دل يدـ لبسو ‪٢‬تا بل يكفي ولو ‪ٟ‬تظة‪.‬‬
‫وقالوا أيضا ‪ :‬ينبغي للمريد صحبة ا‪١‬تشائخ واف كثروا وأخ ُذ خرقة‬
‫خاص ال‬
‫مدد ٌ‬ ‫التربؾ أو التشبو منهم واف تعددوا ليحصل لو من ٍ‬
‫كل ٌ‬
‫خرقة اإلرادة (أي فليأخذىا من شيخ واحد فقط)‪ .‬اىػ‬

‫ٕ‪ -‬األصل والدليل ُب ٖتكيم الشيخ وإلباس ا‪٠‬ترقة‬


‫ومعٌت التحكيم وشرط الشيخ ا‪١‬تح َكم‬
‫ُ‬
‫ك‬‫أما األصل ُب التحكيم فقد قاؿ هللا صلى هللا عليو وسلم ‪ :‬فَ َبل َوَربِّ َ‬
‫يما َش َجَر بَػْيػنَػ ُه ْم ٍبَُ َال َِ‪٬‬ت ُدوا ُِب أَنْػ ُف ِس ِه ْم‬ ‫َال يػؤِمنو َف ح َىت ُ٭ت ِّكم َ ِ‬
‫وؾ ف َ‬ ‫ُْ ُ َ َ ُ‬
‫يما [النساء‪ .]ٙ٘/‬فالعلماء ورثة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َويُ َسلّ ُموا تَ ْسل ً‬
‫ضْي َ‬
‫َحَر ًجا ‪٦‬تَا قَ َ‬
‫األنبياء‪ ,‬والعادل ُب القرية خليفة رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم ُب‬
‫تلك القرية‪ .‬وىذا أصل أصيل ُب التحكيم‪ .‬ومعٌت التحكيم ‪ :‬أف‬
‫شيخو على مقتضى الكتاب والسنة‬
‫يرضى ا‪١‬تريد كل ما َح َكم بو ُ‬
‫‪034‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪١‬تطهرة‪ ,‬بأف يقوؿ ‪ :‬رضيت بك شيخا‪ .‬فبل بد من الشيخ أف يكوف‬


‫شيخا كامبل جامعا للمنقوؿ وا‪١‬تعقوؿ‪ ,‬عا‪١‬تا بظواىر الشريعة وبدقائق‬
‫القوب وأسرارىا وآفاهتا‪ ,‬عامبل ٔتا علم سرا وعبلنية ظاىرا وباطنا‪,‬‬
‫شوب َما من حب الدنيا وحب‬
‫ٌ‬ ‫عابدا صا‪ٟ‬تا زاىدا ال يدخلو‬
‫الفلوس‪.‬‬
‫أي ٍ‬
‫لباس فهو خرقةٌ ) فهو سنة ثابتة ُب‬ ‫وأما إلباس اللباس ( و ُّ‬
‫الصحيح وغَته كما روينا ُب صحيح اإلماـ البخاري ر‪ٛ‬تو هللا تعاذل‬
‫(صحيح البخاري ٖتقيق البغا ج ٘ ‪ /‬ص ‪: )ٕٜٔٛ‬‬
‫‪ - ٘٘ٓٚ‬حدثنا أبو الوليد حدثنا إسحق بن سعيد بن عمرو بن‬
‫سعيد بن العاص قاؿ حدثٍت أيب قاؿ حدثتٍت أـ خالد بنت خالد‬
‫قالت ‪ :‬أٌب رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم بثياب فيها ‪ٜ‬تيصة سوداء‬
‫قاؿ ( من تروف نكسوىا ىذه ا‪٠‬تميصة ؟ ) ‪ .‬فأسكت القوـ قاؿ (‬
‫ائتون بأـ خالد ) ‪ .‬فأٌب يب النيب صلى هللا عليو وسلم فألبسنيها بيده‬
‫وقاؿ ( أبلي وأخلقي ) ‪ .‬مرتُت فجعل ينظر إذل علم ا‪٠‬تميصة ويشَت‬
‫بيده إرل ويقوؿ ( يا أـ خالد ىذا سنا ) ‪ .‬والسنا بلساف ا‪ٟ‬تبشة‬
‫ا‪ٟ‬تسن‬

‫‪035‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وقد جائت أحاديث صحاح وغَتىا ُب فضل إطعاـ الطعاـ وإلباس‬


‫العرياف وإرشاد الضاؿ منها ما رويناه ُب جامع اإلماـ الًتمذي قاؿ ‪:‬‬
‫ي َح َدثػَنَا‬ ‫الزبػَ َِْت ُّ‬ ‫ود بْ ُن َغْي َبل َف َح َدثػَنَا أَبُو أ ْ‬
‫َ‪ٛ‬تَ َد ُّ‬ ‫‪َ - ٕٗٓٛ‬ح َدثػَنَا َْ‪٤‬ت ُم ُ‬
‫اؿ ‪َ :‬جاءَ َسائِ ٌل فَ َسأ ََؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُت قَ َ‬‫ص ٌْ‬ ‫َخال ُد بْ ُن طَ ْه َما َف أَبُو الْ َع َبلء َح َدثػَنَا ُح َ‬
‫اؿ ‪:‬‬ ‫الِلُ ؟ قَ َ‬‫اس لِل َسائِ ِل ‪ :‬أَتَ ْش َه ُد أَ ْف َال إِلَوَ إَِال َ‬ ‫اؿ ابْ ُن َعبَ ٍ‬ ‫ابْ َن َعبَ ٍ‬
‫اس فَػ َق َ‬
‫وـ‬ ‫وؿ َِ‬‫اؿ ‪ :‬أَتَ ْش َه ُد أَ َف ُ‪٤‬تَ َم ًدا َر ُس ُ‬
‫صُ‬ ‫اؿ ‪َ :‬وتَ ُ‬ ‫اؿ ‪ :‬نػَ َع ْم قَ َ‬‫الِل ؟ قَ َ‬ ‫نػَ َع ْم قَ َ‬
‫ت َولِل َسائِ ِل َحق إِنَوُ َ‪ٟ‬تَق َعلَْيػنَا أَ ْف‬ ‫اؿ ‪َ :‬سأَلْ َ‬ ‫اؿ ‪ :‬نػَ َع ْم قَ َ‬ ‫ضا َف ؟ قَ َ‬ ‫َرَم َ‬
‫الِل صلى هللا عليو وسلم‬ ‫وؿ َِ‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫ك فَأَعطَاه ثَػوبا ٍبَُ قَ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ ‪َٝ :‬ت ْع ُ‬ ‫نَصلَ َ ْ ُ ْ ً‬
‫الِل َما‬‫وؿ ‪ :‬ما ِمن مسلِ ٍم َكسا مسلِما ثَػوبا إَِال َكا َف ُِب ِح ْف ٍظ ِمن َِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ ْ ً ًْ‬ ‫يَػ ُق ُ َ ْ ُ ْ‬
‫يب ِم ْن‬ ‫ث َح َس ٌن َغ ِر ٌ‬ ‫اؿ (الًتمذي) ‪َ :‬ى َذا َح ِدي ٌ‬ ‫َد َاـ ِمْنوُ َعلَْي ِو ِخ ْرقَةٌ‪ .‬قَ َ‬
‫َى َذا الْ َو ْج ِو‪ .‬اىػ‬

‫ٖ – شروط ا‪١‬تريد ا‪١‬تلبَس وشروط الشيخ ا‪١‬ت ْلبِس‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وسر إرخاء العذبة ُب العمامة‬

‫‪036‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ال يثبت ُب اإللباس با‪١‬تعٌت والكيفية ا‪١‬تتعارؼ بُت الصوفية حديث‬


‫مثل ما ثبتت السنة ُب ا‪١‬تبايعة كذا قالو احملدثوف إال ُب‬
‫صحيح صريح َ‬
‫كفن األموات‪ ,‬فلذلك ال نُلبِس ا‪٠‬ترقة إال من ماتت أخبلقو السيئة‬
‫إال على سبيل التربؾ ال عن سبيل السلوؾ واإلرادة‪.‬‬
‫وقد قاؿ سيدي ا‪ٟ‬تبيب أبو بكر العدن ُب كتابو " ا‪ٞ‬تزء اللطيف ُب‬
‫التحكيم الشريف " ص ٓ‪ : ٗٙ‬ومن ا‪١‬تشهور ا‪١‬تستفاض عند علماء‬
‫‪ٚ‬تعا كثَتا‬
‫الصوفية رضي هللا عنهم أف النيب صلى هللا عليو وسلم ألبس ً‬
‫من الصحابة رضي هللا عنهم أ‪ٚ‬تعُت ذكر منهم القاضي شيذلةُ ُب‬
‫وعمارا‬
‫ً‬ ‫كتابو " شروط التصوؼ " ‪ :‬أبا بكر وعمر وعليا وببلال‬
‫وصهيبا وحذيفة‪ .‬وذكر من النسوة ‪ :‬أمهات ا‪١‬تؤمنُت عائشة وحفصة‬
‫وسودة رضي هللا عنهن‪ .‬اىػ‬
‫قاؿ الشيخ عبد الوىاب الشعران ُب كتابو " الطبقات الكربى " (ج‬
‫ٔ ‪ /‬ص ٖٔٗ) ‪:‬‬
‫الشيخ من‬
‫َ‬ ‫وأما إلباس ا‪٠‬ترقة فشرطو عندي أيضاً أف يعطي هللا ذلك‬
‫حاؿ قولو لو " اخلع قميصك أو قلنسوتك‬
‫القوة ما ينزع بو عن ا‪١‬تريد َ‬
‫‪ٚ‬تيع األخبلؽ ا‪١‬تذمومة‪ .‬فيتعطل عن استعماؿ شيء منها إذل‬
‫" مثبلً َ‬

‫‪037‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أف ٯتوت ذلك ا‪١‬تريد ٍب ٮتلع على ا‪١‬تريد مع إلباسو تلك ا‪٠‬ترقة ‪ٚ‬تيع‬
‫األخبلؽ احملمودة اليت ىي غاية درجة ا‪١‬تريد ُب علم هللا عز وجل فبل‬
‫٭تتاج ذلك ا‪١‬تريد بعد إلباس شيخو لو ا‪٠‬ترقةَ إذل عبلج ُخلُق من‬
‫األخبلؽ‪.‬‬
‫فمن دل يعطو هللا تعاذل ذلك ففعلو كاالستهزاء بطريق العارفُت‪،‬‬
‫ولبسها على ىذا الشرط سيدي الشيخ ‪٤‬تيي الدين بن العريب رضي‬
‫هللا تعاذل عنو من ا‪٠‬تضر عليو السبلـ عند ا‪ٟ‬تجر األسود وأخذ عليو‬
‫العهد بالتسليم ‪١‬تقامات الشيوخ‪.‬‬
‫وأما إرخاء العذبة فشرطو عندي أيضاً أف يقدر هللا ذلك الشيخ على‬
‫أف ٮتلع على ا‪١‬تريد حاؿ إرخائها لو سر النمو والزيادة لكل شيء‬
‫يد أو نظر إليو لتكوف تلك الزيادة ا‪١‬ترخاة من العمامة‬
‫م َسو ذلك ا‪١‬تر ُ‬
‫عبلمةً وإشارًة إذل التحقيق لتلك ا‪١‬ترتبة من باب التحدث بالنعم‪ .‬و‪١‬تا‬
‫أرخاىا معروؼ الكرخي رضي هللا عنو للسري السقطي رضي هللا عنو‬
‫فقصَر خشبةٌ عن الوصوؿ إذل ا‪ٞ‬تدار اآلخر فمطها (أي‬
‫ف بيتاً لو ُ‬
‫َس َق َ‬
‫أطالت العذبة) فطالت (أي ا‪٠‬تشبة‪ .‬قلت ‪ :‬وىذا من باب الكرامة)‪.‬‬
‫ومن قاؿ من متصوفة ىذا الزماف ‪ :‬ليس ما قلتَو ُب ىذه الثبلثة األمور‬

‫‪038‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫شرطاً لكونو ىو عارياً عن تلك الشروط فقد أساء الظن وك َذب‬


‫بكرامات السلف الصاحل فبل حوؿ وال قوة إال باهلل العلي العظيم‪ .‬اىػ‬

‫ٗ‪ -‬لباس التقوى‬

‫ِ‬
‫اسا يػُ َوا ِري َس ْوآَتِ ُك ْم َوِر ً‬
‫يشا‬ ‫قاؿ تعاذل ‪ :‬يَا بٍَِت آَ َد َـ قَ ْد أَنْػَزلْنَا َعلَْي ُك ْم لبَ ً‬
‫ات َِ‬
‫الِل لَ َعلَ ُه ْم يَ َذ َكُرو َف‬ ‫ك ِمن آَي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َخْيػٌر َذل َ ْ َ‬ ‫اس التَػ ْق َوى َذل َ‬
‫َولبَ ُ‬
‫[األعراؼ‪.]ٕٙ/‬‬

‫قاؿ اإلماـ أبو ا‪ٟ‬تسن علي بن ‪٤‬تمد ا‪٠‬تازف ر‪ٛ‬تو هللا تعاذل ُب تفسَته‬
‫" لباب التأويل ُب معان التنزيل " (ج ٖ ‪ /‬ص ‪: )ٜ‬‬
‫قولو عز وجل ‪ { :‬يا بٍت آدـ قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم‬
‫} اعلم أف هللا عز وجل ‪١‬تا أمر آدـ وحواء با‪٢‬تبوط إذل األرض وجعلها‬
‫مستقراً ‪٢‬تم أنزؿ عليهم كل ما ٭تتاجوف إليو من مصاحل الدين والدنيا‪.‬‬
‫فكاف ‪٦‬تا أنزؿ عليهم اللباس الذي ٭تتاج إليو ُب الدين والدنيا‪ .‬فأما‬
‫منفعتو ُب الدين فإنو يسًت العورة وسًتىا شرط ُب صحة الصبلة‪ .‬وأما‬
‫فامنت هللا على عباده بأف أنزؿ‬
‫منفعتو ُب الدنيا فإنو ٯتنع ا‪ٟ‬تر والربد ّ‬
‫‪039‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫عليهم لباساً يواري سوءاهتم فقاؿ تعاذل ‪ { :‬يا بٍت آدـ قد أنزلنا‬
‫عليكم لباساً يواري سوءاتكم } يعٍت لباساً تسًتوف بو عوراتكم ‪.‬‬
‫فإف قلت ما معٌت قولو قد أنزلنا عليكم لباساً ؟‪.‬‬
‫قلت ذكر العلماء فيو وجوىاً ‪:‬‬
‫‪ -‬أحد‪٫‬تا ‪ :‬أنو ٔتعٌت خلق أي خلقنا لكم لباساً أو ٔتعٌت‬
‫رزقناكم لباساً ‪.‬‬
‫‪ -‬الوجو الثان ‪ :‬أف هللا تعاذل أنزؿ ا‪١‬تطر من السماء وىو سبب‬
‫نبات اللباس فكأنو أنزلو عليهم ‪.‬‬
‫‪ -‬الوجو الثالث ‪ :‬أف ‪ٚ‬تيع بركات األرض تنسب إذل السماء‬
‫وإذل اإلنزاؿ كما قاؿ تعاذل ‪ :‬وأنزلنا ا‪ٟ‬تديد ‪.‬‬
‫{ وريشاً } الريش للطائر معروؼ وىو لباسو وزينتو كالثياب لئلنساف‬
‫فاستعَت لئلنساف ألنو لباسو وزينتو‪ .‬وا‪١‬تعٌت ‪ :‬وأنزلنا عليكم لباسُت‬
‫لباساً يواري سوءاتكم ولباساً لزينتكم‪ ,‬ألف التزيُت غرض صحيح كما‬
‫قاؿ تعاذل { لًتكبوىا وزينة }‪ ,‬وقاؿ { ولكم فيها ‪ٚ‬تاؿ }‪ ,‬وقاؿ‬
‫رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم « إف هللا ‪ٚ‬تيل ٭تب ا‪ٞ‬تماؿ »‪.‬‬
‫واختلفوا ُب معٌت الريش ا‪١‬تذكور ُب اآلية ‪:‬‬

‫‪041‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ -‬فقاؿ ابن عباس رضي هللا عنهما ‪ :‬وريشاً يعٍت ماالً ‪ ،‬وىو‬
‫قوؿ ‪٣‬تاىد والضحاؾ والسدي ألف ا‪١‬تاؿ ‪٦‬تا يتزين بو ‪،‬‬
‫ويقاؿ ‪ :‬تريش الرجل إذا ٘تّوؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬وقاؿ ابن زيد ‪ :‬الريش ا‪ٞ‬تماؿ وىو يرجع إذل الزينة أيضاً ‪،‬‬
‫األثاث وما ظهر من‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬وقيل ‪ :‬إف الرياش ُب كبلـ العرب‬
‫الثياب وا‪١‬تتاع ‪٦‬تا يبلس أو يفرش‪ .‬والريش أيضاً ا‪١‬تتاع‬
‫واألمواؿ عندىم ورٔتا استعملوه ُب الثياب والكسوة دوف‬
‫سائر ا‪١‬تاؿ‪ ,‬يقاؿ إنو ‪ٟ‬تسن الريش أو ‪ٟ‬تسن الثياب‪,‬‬
‫‪ -‬وقيل الريش والرياش يستعمل أيضاً ُب ا‪٠‬تصب ورفاىية‬
‫العيش ‪.‬‬
‫{ ولباس التقوى } اختلف العلماء ُب معناه ‪ :‬فمنهم من ‪ٛ‬تلو على‬
‫نفس ا‪١‬تلبوس وحقيقتو ‪ ،‬ومنهم من ‪ٛ‬تلو على اجملاز‪.‬‬
‫أما من ‪ٛ‬تلو على نفس ا‪١‬تلبوس فاختلفوا أيضاً ُب معناه ‪:‬‬
‫‪ -‬فقاؿ ابن األنباري ‪ :‬لباس التقوى ىو اللباس األوؿ وإ‪٪‬تا‬
‫أعاده إخباراً أ ّف سًت العورة من التقوى وذلك خَت ‪.‬‬

‫‪040‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ -‬وقيل ‪ :‬إ‪٪‬تا أعاده ألجل أف ٮترب عنو بأنو خَت ألف العرب ُب‬
‫ا‪ٞ‬تاىلية كانوا يتعبدوف بالتعري وخلع الثياب ُب الطواب‬
‫بالبيت فأخرب أف سًت العورة ُب الطواؼ ىو لباس التقوى‬
‫وذلك خَت ‪.‬‬
‫‪ -‬وقاؿ زيد بن علي ر‪ٛ‬تو هللا تعاذل ‪ :‬لباس التقوى آآلت‬
‫ا‪ٟ‬ترب اليت يتقى هبا ُب ا‪ٟ‬تروب كالدروع وا‪١‬تغفر و‪٨‬تو ذلك‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬وقيل لباس التقوى ىو الصوؼ وا‪٠‬تشن من الثياب اليت‬
‫يبلسها أىل الزىد والورع ‪.‬‬
‫‪ -‬وقيل ‪ :‬ىو سًت العورة ُب الصبلة‪.‬‬
‫وأما من ‪ٛ‬تل لباس التقوى على اجملاز فاختلفوا ُب معناه ‪:‬‬
‫‪ -‬فقاؿ قتادة والسدي ‪ :‬لباس التقوى ىو اإلٯتاف ألف صاحبو‬
‫يتقي بو من النار ‪،‬‬
‫‪ -‬وقاؿ ابن عباس رضي هللا عنهما ‪ :‬لباس التقوى ىو العمل‬
‫الصاحل ‪،‬‬

‫‪042‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ -‬وقاؿ ا‪ٟ‬تسن رضي هللا عنو ‪ :‬ىو ا‪ٟ‬تياء ألنو ٭تث على‬
‫التقوى ‪.‬‬
‫‪ -‬وقاؿ عثماف بن عفاف رضي هللا عنو ‪ :‬لباس التقوى ىو‬
‫السمت ا‪ٟ‬تسن ‪،‬‬
‫‪ -‬وقاؿ عروة بن الزبَت رضي هللا عنو ‪ :‬لباس التقوى خشية هللا‬
‫‪،‬‬
‫‪ -‬وقاؿ الكليب ‪ :‬ىو العفاؼ‬
‫فعلى ىذه األقواؿ ‪ :‬إف لباس التقوى خَت لصاحبو إذا أخذ بو ‪٦‬تا‬
‫خلق هللا لو من لباس التجمل وزينة الدنيا وىو قولو تعاذل ‪ { :‬ذلك‬
‫خَت } يعٍت لباس التقوى خَت من لباس ا‪ٞ‬تماؿ والزينة وأنشدوا ُب‬
‫ا‪١‬تعٌت ‪:‬‬
‫القميص‬
‫َ‬ ‫إذا أنت دل تلبس ثياباً من التقى ‪ ...‬عريت وإف وارى‬
‫قميص‬
‫ُ‬
‫وقولو تعاذل ‪ { :‬ذلك من آيات هللا } يعٍت أنزؿ اللباس عليكم يا بٍت‬
‫آدـ من آيات هللا الدالة على معرفتو وتوحيده { لعلهم يذكروف }‬
‫يعٍت لعلهم يذكروف نعمتو عليهم فيشكروِنا ‪ .‬اىػ خازف‬

‫‪043‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫٘‪ -‬لباس الصوفية لباس األنبياء عليهم الصبلة‬


‫والسبلـ ولباس الصحابة رضواف هللا عليهم‬
‫وأحوا‪٢‬تم أحوا‪٢‬تم وشعارىم شعارىم‬

‫اعلم أف الصوؼ معناه الثوب ا‪٠‬تشن‪ .‬الصوُب ‪ :‬من اعتاد وغلب عليو‬
‫لبس الثوب ا‪٠‬تشن‪ .‬التصوؼ ‪ :‬التلبس بالثوب ا‪٠‬تشن‪ .‬ىذا معٌت‬
‫لغوى‪.‬‬
‫ِ‬
‫بالضم‬ ‫وؼ‬
‫الص ُ‬‫قاؿ الزبيدي ُب تاج العروس (ج ٔ ‪ /‬ص ‪ُّ : )ٜ٘ٙٛ‬‬
‫ّ‬
‫الوبَِر ل ِئلبِ ِل‬ ‫َع ِر َ ِ ِ‬
‫وؼ للغَنَ ِم كالش َ‬ ‫ابن ِس َ‬
‫للمعز و َ‬ ‫الص ُ‬
‫يده ‪ُّ :‬‬ ‫قاؿ ُ‬
‫وؼ َ‬
‫‪َ :‬م ْعُر ٌ‬
‫اؼ‪ .‬اىػ وكاف لباس الصوؼ لباس األنبياء ٍب صار لباس‬ ‫َصو ٌ‬
‫ا‪ٞ‬تمع أ ْ‬
‫و ُ‬
‫الزىاد ا‪١‬تعروفوف باسم الصوفية‪ .‬وقد ب َوب ا‪ٟ‬تافظ ا‪١‬تنذري ُب كتابو "‬
‫الًتغيب والًتىيب " بابا حسنا ‪ٝ‬تاه " باب الًتغيب ُب ترؾ الًتفع ُب‬
‫اللباس تواضعا واقتداء بأشرؼ ا‪٠‬تلق ‪٤‬تمد صلى هللا عليو وسلم‬

‫‪044‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وأصحابو والًتىيب من لباس الشهرة والفخر وا‪١‬تباىاة " وأورد فيو‬


‫أحاديث منها ‪:‬‬
‫ت إِلَْيػنَا إَِز ًارا َغلِيظًا ِ‪٦‬تَا‬‫َخَر َج ْ‬
‫ِ‬
‫ت َعلَى َعائ َشةَ فَأ ْ‬ ‫اؿ ‪َ :‬د َخلْ ُ‬ ‫َع ْن أَِيب بػُْرَد َة قَ َ‬
‫الِلِ إِ َف‬
‫ت بِ َ‬‫اؿ فَأَقْ َس َم ْ‬ ‫صنَ ُع بِالْيَ َم ِن َوكِ َساءً ِم ْن الَِيت يُ َس ُّمونَػ َها الْ ُملَبَ َد َة قَ َ‬
‫يُ ْ‬
‫وؿ َِ‬
‫ُت‪ .‬رواه البخاري‬ ‫ض ُِب َى َذيْ ِن الثػَوبَػ ْ ِ‬
‫ْ‬ ‫الِل صلى هللا عليو وسلم قُبِ َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ومسلم وأبو داود والًتمذي أخصر منو‪ .‬قولو ا‪١‬تلبد ‪ :‬ا‪١‬ترقع‪.‬‬
‫وعن أنس رضي هللا عنو ‪ :‬أف النيب صلى هللا عليو وسلم أكل خشنا و‬
‫لبس خشنا لبس الصوؼ و احتذى ا‪١‬تخصوؼ قيل للحسن ‪ :‬ما‬
‫ا‪٠‬تشن ؟ قاؿ ‪ :‬غليظ الشعَت ما كاف النيب صلى هللا عليو وسلم‬
‫يسيغو إال ّترعة من ماء‪ .‬قاؿ ا‪ٟ‬تاكم ‪ :‬ىذا حديث صحيح اإلسناد‬
‫و دل ٮترجاه وقاؿ الذىيب ُب التلخيص ‪ :‬دل يصح‪ .‬ا‪١‬تخصوؼ ‪ :‬النعل‬
‫ا‪١‬ترقع‪.‬‬
‫وسى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اؿ ‪َ :‬كا َف َعلَى ُم َ‬
‫َيب صلى هللا عليو وسلم قَ َ‬ ‫َع ْن ابْن َم ْسعُود َع ْن الن ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يل‬‫ِ‬
‫صوؼ َو َسَراو ُ‬ ‫صوؼ َوُك َمةُ ُ‬‫صوؼ َو ُجبَةُ ُ‬ ‫يَػ ْوَـ َكلَ َموُ َربُّوُ ك َساءُ ُ‬
‫ت‪ .‬رواه الًتمذي وا‪ٟ‬تاكم‪ .‬قاؿ‬ ‫وؼ وَكانَت نػَع َبله ِمن ِج ْل ِد ِ‪ٛ‬تا ٍر ميِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ َّ‬ ‫ص َ ْ ْ ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫الًتمذي غريب أي ضعيف‪ .‬وقاؿ ‪ :‬الكمة ‪ :‬القلنسوة الصغَتة‪ .‬قاؿ‬

‫‪045‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ا‪ٟ‬تاكم ‪ :‬و ىذا حديث كبَت ُب التصوؼ و التكلم و دل ٮترجاه و لو‬


‫شاىد من حديث إ‪ٝ‬تاعيل بن عياش‪.‬‬
‫وقاؿ ا‪ٟ‬تاكم ‪ :‬حدثنا أبو العباس ‪٤‬تمد بن يعقوب ثنا ا‪ٟ‬تسن بن علي‬
‫بن عفاف ثنا ٭تِت بن آدـ ثنا إسرائيل عن أيب إسحاؽ عن أيب‬
‫األحوص أيب عبيدة عن عبد هللا (أي ابن مسعود) قاؿ ‪ :‬كانت‬
‫األنبياء يستحبوف أف يلبسوا الصوؼ و ٭تتلبوا الغنم و يركبوا ا‪ٟ‬تمر‪.‬‬
‫ىذا حديث صحيح على شرط الشيخُت و دل ٮترجاه‪ .‬قاؿ الذىيب قي‬
‫التلخيص ‪ :‬على شرط البخاري ومسلم‪ .‬وىو حديث صحيح موقوؼ‬
‫ال سبيل للرأي فيو فلو حكم ا‪١‬ترفوع‪.‬‬
‫اؿ ِرل أَِيب يَا بػُ ََ‬
‫ٍت‬ ‫اؿ ‪ :‬قَ َ‬‫و َع ْن أَِيب بػُْرَد َة (أي ابن أيب موسى األشعري) قَ َ‬
‫لَ ْو َرأَيْػتَػنَا َوَْ‪٨‬ت ُن َم َع نَبِيِّنَا صلى هللا عليو وسلم َوقَ ْد أ َ‬
‫َصابػَْتػنَا ال َس َماءُ‬
‫ضأْ ِف‪ .‬رواه أبو داود وابن ماجو والًتمذي وقاؿ‬ ‫ِ‬
‫يح ال َ‬ ‫ت أَ َف ِر٭تَنَا ِر ُ‬
‫َحسْب َ‬
‫‪ :‬حديث صحيح‪ .‬قاؿ ا‪١‬تنذري ‪ :‬ومعٌت ا‪ٟ‬تديث ‪ :‬أنو كاف ثياهبم‬
‫الصوؼ وكاف إذا أصاهبم ا‪١‬تطر ‪٬‬تيئ من ثياهبم ريح الصوؼ‪ ,‬ورواه‬
‫الطربان بإسناد صحيح ‪٨‬توه وزاد ‪ :‬إ‪٪‬تا لباسنا الصوؼ وطعامنا‬
‫األسوداف ‪ :‬التمر وا‪١‬تاء‪ .‬اىػ منذري‬

‫‪046‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫اسا ِم ْن أ َْى ِل الْعَِر ِاؽ َجاءُوا‬ ‫ِ‬


‫وروينا ُب سنن أيب داود َع ْن ع ْك ِرَمةَ أَ َف أُنَ ً‬
‫اؿ َال َولَ ِكنَوُ أَطْ َهُر‬ ‫ا‪ٞ‬تُ ُم َع ِة َو ِاجبًا قَ َ‬
‫اس أَتَػَرى الْغُ ْس َل يػَ ْوَـ ْ‬ ‫فَػ َقالُوا يَا ابْ َن َعبَ ٍ‬
‫ُخِربُُك ْم‬
‫ب َو َسأ ْ‬ ‫و َخْيػر لِم ْن ا ْغتَسل وَم ْن َدلْ يَػ ْغتَ ِسل فَػلَْيس َعلَْي ِو بِو ِاج ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ٌ َ‬
‫ِ‬
‫وؼ َويَػ ْع َملُو َف َعلَى‬ ‫الص َ‬ ‫ين يػَ ْلبَ ُسو َف ُّ‬ ‫َاس َْ‪٣‬ت ُهود َ‬‫ف بَ ْدءُ الْغُ ْس ِل َكا َف الن ُ‬ ‫َكْي َ‬
‫ضيِ ًقا م َقا ِرب ال َس ْق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يش فَ َخَر َج‬‫ف إَِ‪٪‬تَا ُى َو َع ِر ٌ‬ ‫ظُ ُهوِرى ْم َوَكا َف َم ْسج ُد ُى ْم َ ّ ُ َ‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫َاس ُِب ذَل َ‬ ‫ِ ٍ ٍ ِ‬ ‫وؿ َِ‬
‫الِل صلى هللا عليو وسلم ُب يَػ ْوـ َح ّار َو َعر َؽ الن ُ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ِ‬ ‫وؼ ح َىت ثَار ِ‬ ‫الص ِ‬
‫ضا فَػلَ َما َو َج َد‬ ‫ض ُه ْم بَػ ْع ً‬
‫ك بَػ ْع ُ‬‫اح آذَى بِ َذل َ‬ ‫ت مْنػ ُه ْم ِريَ ٌ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُّ‬
‫وؿ َِ‬
‫َاس إِ َذا َكا َف‬ ‫اؿ ‪ :‬أَيػُّ َها الن ُ‬ ‫يح قَ َ‬ ‫الر َ‬‫ك ِّ‬ ‫الِل صلى هللا عليو وسلم تِْل َ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫اؿ‬‫ض َل َما َِ‪٬‬ت ُد ِم ْن ُد ْىنِ ِو َو ِطيبِ ِو‪ .‬قَ َ‬ ‫َح ُد ُك ْم أَفْ َ‬
‫سأَ‬ ‫َى َذا الْيَػ ْوَـ فَا ْغتَ ِسلُوا َولْيَ َم َ‬
‫وؼ َوُك ُفوا الْ َع َم َل َوُو ِّس َع‬ ‫الص ِ‬ ‫ا‪٠‬تََِْت َولَبِ ُسوا َغْيػَر ُّ‬ ‫الِلُ بِ ْ‬
‫اس ٍبَُ َجاءَ َ‬ ‫ابْ ُن َعبَ ٍ‬
‫ضا ِم ْن الْ َعَرِؽ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض الَذي َكا َف يػُ ْؤذي بَػ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم بَػ ْع ً‬ ‫ب بَػ ْع ُ‬ ‫َم ْسج ُد ُى ْم َو َذ َى َ‬
‫رواه أبو داود ومثلو أ‪ٛ‬تد وا‪ٟ‬تاكم وابن خزٯتة ُب صحيحو‪ .‬قاؿ األلبان‬
‫‪ :‬حسن‪ .‬وقاؿ األرناووط ‪ :‬جيد‪.‬‬
‫وفيما ذكرنا كفاية ودليل أف ساداتنا الصوفية دل ٮتًتعوا الدين من عند‬
‫أنفسهم ودل ينتدعوا وا‪٪‬تا كانت أحوا‪٢‬تم أحواؿ األنبياء والصحابة‬
‫الكراـ‪ .‬واألحاديث ا‪١‬تذكورة أعبله أصل أصيل ُب التصوؼ‪ .‬فمعٌت‬

‫‪047‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫التصوؼ ‪ :‬اإلقتداء بأحواؿ األنبياء والصحابة‪ ,‬وىم سرج ا‪٢‬تدي‬


‫ومصابيح األمة فمن أين اإلنكار على الصوفية ؟؟؟ وهللا أعلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫سر الفتوحات الذوقية الروحية‬

‫يكفي ُب ىذا ا‪١‬توضوع ما قالو اإلماـ العبلمة ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بن‬
‫عبد هللا بلفقيو باعلوي ( من تبلميذ اإلماـ ا‪ٟ‬تداد ) شعرا ‪:‬‬
‫ػائم‬ ‫ٍ‬
‫ودل يػ ُذقْهػا فهو ساه ن ُ‬ ‫ومن يػكن بػكل علم عادل‬

‫‪048‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫عند كػفاح ا‪١‬توت واألىػواؿ‬ ‫فخف عليو ما ٮتػاؼ ا‪٢‬تػائم‬


‫أو فتػح فضل بعد جد كسيب‬ ‫ونيلها من منح فيػض وىػيب‬
‫وال بػقيل عػلمهػا أو قػاؿ‬ ‫ال من روايات الورى والكتب‬
‫وا‪٨‬تػل من رؽ السوى قيػاده‬ ‫طوىب ‪١‬تن طاب لو استػعداده‬
‫فػذاؽ منهػا بػلة بػػباؿ‬ ‫فحل من عُت ا‪ٟ‬تجػا رشاده‬
‫تػمؤلء ريػاض القلب بالعلوـ‬ ‫فػبلة من كػاسها ا‪١‬تخػتوـ‬
‫وتػطلق الػعقل من العقػاؿ‬ ‫وٖتفظ الػفهم عن الػوىوـ‬

‫كذا نقلت من كتاب " العلم النرباس ُب منهج األكياس " (كتب ُب‬
‫الطريقة العلوية للحبيب عبد هللا بن علوي العطاس ص ٕٔ‬
‫الفصل ا‪٠‬تامس‬

‫سر اإلستقامة‬

‫يكفي ُب ىذا ا‪١‬توضوع ما قالو اإلماـ العبلمة أ‪ٛ‬تد الكمشخانوي ُب‬


‫كتابو " جامع األصوؿ ُب األولياء " ص ‪: ٜٔٚ‬‬

‫‪049‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وأما حقيقة اإلستقامة ففي اللغة ضد اإلعوجاج‪ .‬وُب اصطبلح أىل‬


‫ا‪ٟ‬تقيقة ‪ :‬ىي الوفاء بالعهود كلها ومبلزمة الطريق ا‪١‬تستقيم‪ .‬والطريق‬
‫ا‪١‬تستقيم ‪ :‬رعاية حد التوسط والعدؿ ُب كل األمور من الطعاـ‬
‫والشراب واللباس والنكاح وُب كل أمر ديٍت ودنيوي‪ .‬فذالك ىو‬
‫الصراط ا‪١‬تستقيم ُب الدنيا كالصراط ا‪١‬تستقيم ُب اآلخرة‪ .‬ومن ىدي‬
‫إذل معرفة الصراط ا‪١‬تستقيم ُب الدنيا كاف سببا لنجاتو عند مروره عليو‬
‫ُب اآلخرة‪ .‬وا‪٢‬تداية إذل معرفتو من أعظم نعم هللا تعاذل على العبد‪.‬‬
‫اط ُم ْستَ ِقي ٍم [البقرة‪,]ٕٔٗ/‬‬ ‫قاؿ هللا تعاذل ‪ :‬يػه ِدي من ي َشاء إِ َذل ِصر ٍ‬
‫َ‬ ‫َْ َ ْ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ك‬‫ك َويَػ ْهديَ َ‬ ‫وقاؿ ُب حق النيب صلى هللا عليو وسلم ‪َ :‬ويُتِ َم نِ ْع َمتَوُ َعلَْي َ‬
‫يما [الفتح‪ .]ٕ/‬وقيل ‪ :‬اإلستقامة أف ال ٗتتار لنفسك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صَراطًا ُم ْستَق ً‬
‫غَت ما ٮتتار هللا تعاذل لك وال تدبر لو أمرا‪ .‬وقاؿ الشبلي ‪ :‬ىي أف‬
‫ِ َِ‬
‫ين قَالُوا‬ ‫تشهد الدنيا قيامة‪ .‬وقد مدح هللا ا‪١‬تستقيمُت بقولو ‪ :‬إ َف الذ َ‬
‫استَػ َق ُاموا تَػتَػنَػَزُؿ َعلَْي ِه ُم الْ َم َبلئِ َكةُ أََال َٗتَافُوا َوَال َْٖتَزنُوا َوأَبْ ِشُروا‬
‫الِلُ ٍبَُ ْ‬
‫َربػُّنَا َ‬
‫ا‪ٟ‬تَيَ ِاة ُّ‬
‫الدنْػيَا َوُِب‬ ‫وع ُدو َف (ٖٓ) َْ‪٨‬ت ُن أ َْولِيَا ُؤُك ْم ُِب ْ‬ ‫بِ ْ ِ‬
‫ا‪ٞ‬تَنَة الَِيت ُكنْتُ ْم تُ َ‬
‫ْاآلَ ِخَرِة َولَ ُك ْم فِ َيها َما تَ ْشتَ ِهي أَنْػ ُف ُس ُك ْم َولَ ُك ْم فِ َيها َما تَدَعُو َف (ٖٔ)‬
‫نػُُزًال ِم ْن َغ ُفوٍر َرِحي ٍم (ٕٖ) [فصلت‪ .]ٖٕ-ٖٓ/‬قاؿ أبو بكر‬

‫‪051‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الصديق رضي هللا عنو ‪ :‬دل يشركوا باهلل شيئا‪ .‬وقاؿ عمر رضي هللا‬
‫عنو ‪ :‬دل يروغوا روغ الثعلب أي لعبو‪ .‬فقوؿ الصديق ‪٤‬تموؿ على‬
‫مراعاة أصوؿ التوحيد‪ ,‬وقوؿ عمر ‪٤‬تموؿ على مراعاة ترؾ طلب‬
‫التأويل‪ .‬وقيل ‪ :‬معناه استقاموا بأفعا‪٢‬تم كما استقاموا بأقوا‪٢‬تم‪ .‬وقاؿ‬
‫صوا َو ْاعلَ ُموا أَ َف َخْيػَر‬ ‫النيب صلى هللا عليو وسلم ‪ِ :‬‬
‫يموا َولَ ْن ُْٖت ُ‬
‫استَق ُ‬
‫ْ‬
‫ص َبلةَ (رواه مالك ببلغا وابن ماجو عن ثوباف رضي هللا‬ ‫أ َْع َمالِ ُك ْم ال َ‬
‫عنو)‪ .‬وقاؿ أبو علي الدقاؽ ‪ :‬اإلستقامة ‪٢‬تا ثبلثة معارج ‪ :‬أو‪٢‬تا‬
‫التقومي وىو تأديب النفس‪ ,‬وثانيها اإلقامة وىي هتذيب القلوب‪,‬‬
‫وثالثها اإلستقامة وىي تقريب الرب‪.‬‬
‫(واعلم) أف اإلستقامة درجة هبا ٘تاـ األمر وكمالو‪ ,‬وىي مقاـ ال‬
‫يطيقو إال األكابر‪ ,‬يؤيده ما حكي عن بعض ا‪١‬تشائخ ‪ :‬أنو رأى النيب‬
‫صلى هللا عليو وسلم ُب ا‪١‬تناـ فقاؿ لو يارسوؿ هللا روي عنك أنك‬
‫قلت ‪ :‬شيبتٍت ىود‪ ,‬فما الذي شيبك فيها من قصص األنبياء وىبلؾ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫األمم ؟ قاؿ ‪ :‬ال‪ ,‬ولكن قولو تعاذل ‪ :‬و ِ‬
‫استَق ْم َك َما أُم ْر َ‬
‫َ ْ‬
‫[الشورى‪.]ٔ٘/‬‬

‫‪050‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وقيل ‪ :‬إف اإلستقامة توجب الكرامة‪ ,‬وإذل ذلك وقعت اإلشارة بقولو‬
‫ِ‬
‫اى ْم َماءً َغ َدقًا (‪)ٔٙ‬‬ ‫استَػ َق ُاموا َعلَى الطَِري َقة َأل ْ‬
‫َس َقْيػنَ ُ‬ ‫تعاذل ‪َ :‬وأَ ْف لَ ِو ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ض َع ْن ذ ْك ِر َربِّو يَ ْسلُكْوُ َع َذابًا َ‬
‫ص َع ًدا (‪)ٔٚ‬‬ ‫لنَػ ْفتنَػ ُه ْم فيو َوَم ْن يػُ ْع ِر ْ‬
‫[ا‪ٞ‬تن‪ .]ٔٚ ،ٔٙ/‬اىػ‬
‫وقاؿ اإلماـ البغوي ُب تفسَته ٖتقيق ‪ٚ‬تاعة من احملققُت (ج ‪ / ٛ‬ص‬
‫استَػ َق ُاموا َعلَى الطَِري َق ِة } اختلفوا ُب تأويلها فقاؿ‬
‫ٕٔٗ) ‪َ { :‬وأَ ْف لَ ِو ْ‬
‫قوـ‪ :‬لو استقاموا على طريقة ا‪ٟ‬تق واإلٯتاف وا‪٢‬تدى فكانوا مؤمنُت‬
‫كثَتا قاؿ مقاتل‪ :‬وذلك بعدما‬
‫اى ْم َماءً َغ َدقًا } ً‬
‫ألس َقْيػنَ ُ‬
‫مطيعُت { ْ‬
‫لوسعنا عليهم ُب‬
‫رفع عنهم ا‪١‬تطر سبع سنُت‪ .‬وقالوا معناه لو آمنوا ّ‬
‫رغدا وضرب ا‪١‬تاء الغدؽ مثبل ألف‬
‫وعيشا ً‬
‫كثَتا ً‬
‫الدنيا وأعطيناىم ماال ً‬
‫ا‪٠‬تَت والرزؽ كلو ُب ا‪١‬تطر‪ ،‬كما قاؿ‪" :‬ولو أِنم أقاموا التوراة واإل‪٧‬تيل‬
‫وما أنزؿ إليهم من رهبم ألكلوا من فوقهم" اآلية (ا‪١‬تائدة‪ )ٙٙ-‬وقاؿ‪:‬‬
‫"ولو أف أىل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء"‬
‫اآلية (األعراؼ‪ . )ٜٙ-‬وقولو تعاذل‪ { :‬لِنَػ ْفتِنَػ ُه ْم فِ ِيو } أي‪ :‬لنختربىم‬
‫كيف شكرىم فيما ُخ ِّولوا‪ .‬وىذا قوؿ سعيد بن ا‪١‬تسيب وعطاء بن‬
‫أيب رباح والضحاؾ وقتادة ومقاتل وا‪ٟ‬تسن‪.‬‬

‫‪052‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وقاؿ آخروف‪ :‬معناىا وأف لو استقاموا على طريقة الكفر والضبللة‬


‫كثَتا ولوسعنا عليهم لنفتنهم فيو‪ ،‬عقوبةً ‪٢‬تم‬‫ألعطيناىم ماال ً‬
‫اجا حىت يفتتنوا هبا فنعذهبم‪ ،‬وىذا قوؿ الربيع بن أنس وزيد بن‬
‫واستدر ً‬
‫أسلم والكليب وابن كيساف‪ ،‬كما قاؿ هللا‪" :‬فلما نسوا ما ذكروا بو‬
‫فتحنا عليهم أبواب كل شيء" اآلية (األنعاـ‪ . )ٗٗ-‬اىػ‬

‫الباب الثان‬
‫ُب ذكر أصوؿ الطريق وبعض كتبو‬
‫وفيو فصوؿ‬
‫‪053‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫األوؿ ‪ :‬أصوؿ الطريقة القادرية‬


‫الثان ‪ :‬أصوؿ الطريقة العلوية‬
‫الثالث ‪ :‬أصوؿ الطريقة النقشبندية‬
‫الرابع ‪ :‬أصوؿ الطريقة الشاذلية‬

‫الفصل األوؿ‬

‫أصوؿ الطريقة القادرية‬


‫وىي شيئاف ‪ :‬ترؾ اللذات واحتماؿ األذى أو قلت ‪ :‬ا‪١‬توت وا‪ٟ‬تياة‬

‫‪054‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫والقادرية نسبة إذل الشيخ عبد القادر بن أيب صاحل موسى جنكي‬
‫دوست ا‪ٞ‬تيبلن ا‪ٟ‬تسٍت ا‪ٟ‬تسيٍت الصديقي‪ .‬ولد ّتيبلف مدينة ُب‬
‫إيراف سنة ٔ‪ ٗٚ‬ىػ وتوُب ببغداد سنة ٔ‪ ٘ٙ‬ىػ‬

‫ولنشرع ُب ذكر أصوؿ الطريق ولنبدأ بالكبلـ على أصوؿ الطريقة‬


‫القادرية فنقوؿ ‪ :‬يكفيك فيها كبلـ وجيز للشيخ عبد القادر قدس سره‬
‫ُب كتابو العجيب " فتوح الغيب " ص ٘ٔٔ ‪ :‬ا‪١‬تقالة ا‪٠‬تمسوف ُب‬
‫عبلمة دفع العبد عن هللا تعاذل وبياف كيفية التقرب منو تعاذل‪.‬‬
‫قاؿ رضي هللا عنو وأرضاه ‪ :‬ال ٮتلو أمرؾ من قسمُت ‪ :‬إما أف تكوف‬
‫غائبا عن القرب من هللا أو قريبا منو واصبل إليو‪ .‬فإف كنت غائبا عنو‬
‫فما قعودؾ وتوانيك عن ا‪ٟ‬تظ األوفر والنعيم والعز الدائم والكفاية‬
‫الكربى والسبلمة والغٌت والدالؿ ُب الدنيا واآلخرة؟ فقم وأسرع ُب‬
‫الطَتاف إليو سبحانو وتعاذل ّتناحُت ‪:‬‬
‫أحد‪٫‬تا ‪ :‬ترؾ اللذات والشهوات ا‪ٟ‬تراـ منها وا‪١‬تباح والراحات أ‪ٚ‬تع‪.‬‬

‫‪055‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫واآلخر (أي الثان) ‪ :‬احتماؿ األذى وا‪١‬تكاره وركوب العزٯتة واألشد‬


‫وا‪٠‬تروج عن ا‪٠‬تلق وا‪٢‬توى واإلرادات وا‪١‬تٌت دنيا وأخرى حىت تظفر‬
‫بالوصوؿ والقرب‪.‬‬
‫فتجد عند ذلك ‪ٚ‬تيع ما نتمى‪ ,‬وٖتصل لك الكرامة العظمى والعزة‬
‫الكربى‪.‬‬
‫فإف كنت من ا‪١‬تقربُت إليو سبحانو وتعاذل ‪٦‬تن أدركتهم العناية وِشلتهم‬
‫الرعاية وجذبتهم احملبة ونالتهم الر‪ٛ‬تة والرأفة‪ ,‬فأحسن األدب وال تغًت‬
‫ٔتا أنت فيو‪ ,‬فتقصر ُب ا‪٠‬تدمة‪ ,‬وال ٗتلد إذل الرعونة األصلية من‬
‫وما‬ ‫ِ‬ ‫الظلم وا‪ٞ‬تهل والعجل ُب قولو تعاذل ‪َ :‬و َ‪ٛ‬تَلَ َها ِْ‬
‫اإلنْ َسا ُف إنَوُ َكا َف ظَلُ ً‬
‫َج ُه ًوال [األحزاب‪ ]ٕٚ/‬وقولو تعاذل ‪ :‬وَكا َف ِْ‬
‫اإلنْ َسا ُف َع ُج ًوال‬ ‫َ‬
‫[اإلسراء‪ ,]ٔٔ/‬واحفظ قلبك من اإللتفات إذل ما تركتو من ا‪٠‬تلق‬
‫وا‪٢‬توى واإلرادة والتخَت وترؾ الصرب وا‪١‬توافقة والرضا عند نزوؿ الببلء‪,‬‬
‫واستطرح بُت يدي هللا سبحانو وتعاذل كالكرة بُت يدي الفارس يقبلها‬
‫بصو‪ٞ‬تانو‪ ,‬وا‪١‬تيت بُت يدي الغاسل‪ ,‬والطفل الرضيع ُب حجر أمو‬
‫وظئره‪ ,‬تعامى عمن سواه سبحانو وتعاذل فبل ترى لغَته وجودا وال ضرا‬
‫وال نفعا وال عطاء وال منعا‪ ,‬اجعل ا‪٠‬تليقة واألسباب عند األذية والبلية‬

‫‪056‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫كسوطو سبحانو وتعاذل يضربك بو‪ ,‬وعند النعمة والعطية كيده يلقمك‬
‫هبا‪.‬‬
‫وقاؿ رضي هللا عنو فيو أيضا ص ‪ : ٕٔٛ‬ا‪١‬تقالة الرابعة والستوف ُب‬
‫ا‪١‬توت الذي ال حياة فيو وا‪ٟ‬تياة اليت ال موت فيو‪ .‬ضاؽ يب األمر يوما‬
‫فتحرؾ ُب نفسي فقيل رل ‪ :‬ماذا تريد ؟ فقلت ‪ :‬أريد موتا ال حياة فيو‬
‫وحياة ال موت فيها‪ .‬فقيل رل ‪ :‬ما ا‪١‬توت الذي ال حياة فيو وما ا‪ٟ‬تياة‬
‫اليت ال موت فيها ؟ قلت ‪:‬‬
‫‪ ‬ا‪١‬توت الذي ال حياة فيو ‪ :‬موٌب عن جنسي من ا‪٠‬تلق فبل‬
‫أراىم ُب الضر والنفع‪ ,‬وموٌب عن نفسي وىوائي وإرادٌب‬
‫ومنائي ُب الدنيا واآلخرى فبل أحس ُب ‪ٚ‬تيع ذلك وال أجد‪.‬‬
‫‪ ‬وأما ا‪ٟ‬تياة اليت ال موت فيها ‪ :‬فحياٌب بفعل ريب سبحانو‬
‫وتعاذل ببل وجودي فيو‪ .‬وا‪١‬توت ُب ذلك ‪ :‬وجودي‬
‫معهسبحانو وتعاذل‪ .‬فكانت ىذه اإلرادة أنفس إرادة أردهتا‬
‫عقلت‪ .‬اىػ‬
‫منذ ُ‬

‫‪057‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ولساداتنا القادرية كتب كثَتة شهَتة منها ‪ :‬سر األسرار ومظهر‬


‫األنوار‪ ,‬فتوح الغيب‪ ,‬الغنية لطالب ا‪ٟ‬تق‪ ,‬تفسَت القرآف كلها للشيخ‬
‫عبد القادر إذل غَت ذلك‪.‬‬

‫الفصل الثان‬

‫أصوؿ الطريقة العلوية‬


‫وىي ‪ٜ‬تسة ‪ :‬العلم‪ ,‬العمل‪ ,‬اإلخبلص‪ ,‬الورع وا‪٠‬توؼ من هللا تعاذل‬
‫والعلوية نسبة إذل موالنا الشيخ ا‪ٟ‬تبيب الفقيو ا‪١‬تقدـ األستاذ األعظم‬
‫‪٤‬تمد بن علي باعلوي ا‪ٟ‬تسيٍت ا‪٢‬تاِشي ا‪ٟ‬تضرمي ولد ُب ترمي أشرؼ‬
‫ببلد وادي حضرموت باليمن سنة ٗ‪ ٘ٚ‬ىػ وتوُب هبا سنة ٖ٘‪ ٙ‬ىػ‬

‫لقننا ا‪ٟ‬تبيب أ‪ٛ‬تد بن حسُت عيديد حفظو هللا مدير رباط النور ٔتدينة‬
‫أصوؿ تلك‬
‫َ‬ ‫الشحر ْتضرموت بعد أف أجازنا ُب الطريقة العلوية‬
‫الطريقة‪ .‬فقاؿ ‪ :‬قاؿ ا‪ٟ‬تبيب عبد هللا بن علوي ا‪ٟ‬تداد ‪ :‬طريقتنا على‬
‫ُسس ‪ :‬العلم‪ ,‬العمل‪ ,‬اإلخبلص‪ ,‬الورع وا‪٠‬توؼ من هللا تعاذل‪.‬‬
‫‪ٜ‬تسة أ ُ‬
‫‪058‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫قلت ‪ :‬وقد بسط العلماء ُب ذلك كلو ال سيما اإلماـ الغزارل ر‪ٛ‬تو ُب‬
‫كتابو " إحياء علوـ الدين " فا‪٠‬تمسة األصوؿ ا‪١‬تذكورة ىي خبلصة‬
‫أيت‪.‬‬
‫اإلحياء كما ر َ‬
‫وقاؿ اإلماـ العبلمة ا‪ٟ‬تبيب عيدروس بن عمر ا‪ٟ‬تبشي ُب ثبتو ا‪ٞ‬تليل "‬
‫عقد اليواقيت ا‪ٞ‬توىرية " ٔ ‪ : ٖٔ /‬وقاؿ سيدنا إماـ العلوـ العقلية‬
‫والنقلية أ‪ٛ‬تد بن زين ا‪ٟ‬تبشي نفع هللا بو ُب تعريفو لطريقة سلفو وحزبو‬
‫‪ :‬طريق السادة آؿ أيب علوي إ‪٪‬تا ىي العلم والعمل والورع وا‪٠‬توؼ من‬
‫هللا واإلخبلص لو سبحانو وتعاذل‪ .‬انتهى فانظر إذل كماؿ ٖتقيقو رضي‬
‫هللا عنو وسعة اطبلعو ومديد باعو‪ٚ ,‬تع نعتهم الشريف ووصفهم‬
‫ا‪١‬تنيف ُب ‪ٜ‬تس كلمات و‪ٜ‬تس حاالت ‪:‬‬
‫ا‪ٟ‬تالة األوذل ‪ :‬العلم أي ا‪١‬تعهود شرعا‪ ,‬وىو التفسَت وا‪ٟ‬تديث والفقو‬
‫وآالهتا‪ .‬فالعلم ىو أصل السعادات ُب الدنيا واآلخرة‪ ,‬إذ أعظم‬
‫األشياء رتبة ُب حق اآلدمي ‪ :‬السعادة األبدية األخروية والنظر إذل‬
‫وجو هللا الكرمي و‪٣‬تاورتو ُب جنات النعيم‪ .‬وأفضل األشياء ما ىو‬
‫وسيلة إليها‪ .‬وال يتوصل إذل ذلك إال بالعلم والعمل‪ ,‬وال يتوصل إذل‬
‫العمل إال بالعلم عن كيفية العمل‪ .‬فكاف ‪٢‬تم رضي هللا عنهم من‬

‫‪059‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫العلم القدح ا‪١‬تعلى وا‪١‬تقاـ الباذخ األعلى كما يعرفو من نظر ُب‬
‫مؤلفاهتم وطالع ترا‪ٚ‬تهم وخصوصا علوـ ا‪١‬تعاملة ا‪١‬تشتملة عليو الكتب‬
‫الغزالية وقد مر ذكر اعتنائهم هبا (أي كتب الغزارل ر‪ٛ‬تو هللا) وثنائهم‬
‫عليها‪.‬‬
‫ا‪ٟ‬تالة الثانية ‪ :‬العمل بالعلم وىو العبادة اليت ىي ‪ٙ‬ترة العلم ومن‬
‫ا‪ٞ‬تِ َن‬
‫ت ْ‬ ‫أجلها خلقت السموات واألرض بنص قولو تعاذل ‪َ :‬وَما َخلَ ْق ُ‬
‫وف [الذاريات‪ ,]٘ٙ/‬وكفى هبذه اآلية دليبل على‬ ‫اإلنْس إَِال لِيػعب ُد ِ‬
‫ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َو ْ َ‬
‫شرؼ العبادة ولزوـ اإلقباؿ عليها‪ .‬والعلم والعبادة كما قاؿ الغزارل ‪:‬‬
‫جوىراف‪ ,‬ألجلهما كاف كلما ترى وتسمع من تصنيف ا‪١‬تصنفُت‬
‫وتعليم ا‪١‬تعلمُت ووعظ الواعظُت ونظر الناظُت‪ ,‬بل ألجلهما أنزلت‬
‫الكتب وأرسلت الرسل‪ .‬انتهى‪ .‬فإذا علمت وخربت سَتىم ‪ٖ :‬تققت‬
‫أِنم أخذوا من ذلك بأقوى سبب وحازوا قصب السبق ُب معارل‬
‫الرتب وصاروا كما قاؿ السهروردي ‪ :‬كَر عملهم على العلم وعلمهم‬
‫على العمل فتناوب العلم والعمل فيهم حىت صفت أعما‪٢‬تم ولطفت‬
‫فصارت مسامرات ِسِّرية و‪٤‬تاورات روحية فتشكلت األعماؿ بالعلوـ‬

‫‪061‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وتشكلت العلوـ باألعماؿ لقوة فعلها وسرايتها إذل اإلستعدادات‪.‬‬


‫انتهى‬
‫ا‪ٟ‬تالة الثالثة ‪ :‬الورع‪ .‬وىو عبارة عن اإلحًتاز عن كل ما فيو شر‬
‫وا‪٨‬تراؼ شرعي أو شبهة مضرة‪ ,‬بالوقوؼ على حد العلم من غَت‬
‫تأويل‪.‬‬
‫ا‪ٟ‬تالة الرابعة ‪ :‬ا‪٠‬توؼ‪ .‬وىو ضد األماف‪ .‬وحقيقتو كما قاؿ اإلماـ‬
‫الغزارل ‪ :‬تأدل القلب واحًتاقو بسبب توقُّع مكروه ُب اإلستقباؿ‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬وىو ‪ٙ‬ترة ا‪١‬تعرفة باهلل تعاذل وعبلمتها‪ .‬قاؿ هللا تعاذل ‪ :‬إَِ‪٪‬تَا‬
‫الِلَ ِم ْن ِعبَ ِاد ِه الْعُلَ َماءُ [فاطر‪.]ٕٛ/‬‬
‫َٮتْ َشى َ‬
‫ا‪ٟ‬تالة ا‪٠‬تامسة ‪ :‬اإلخبلص‪ .‬وىو تصفية كل عمل قليب وقاليب من كل‬
‫شوب‪ .‬وإف أردت أف تعرؼ مقاماهتم ُب ذلك وأحوا‪٢‬تم فيما ىنالك‬
‫فدونك النظر ُب الكتب ا‪١‬تؤلفة ُب مناقبهم كالغرر البهي والعقد‬
‫النبوي وا‪١‬تشرع الروي تظفر ٔتا يروؽ األ‪ٝ‬تاع ويلُت سليم الطباع‪.‬‬
‫ولسيدنا أ‪ٛ‬تد بن زين ا‪١‬تذكور رضي هللا تعاذل عنو نبذة ‪٥‬تتصرة ‪ٝ‬تاىا‬
‫" تبصرة الورل بطريق السادة بٍت علوي "‪ .‬اىػ كبلـ ا‪ٟ‬تبيب عيدروس‬
‫وىو مع وجازتو جدير بأف ٯتعن فيو النظر وفقنا هللا ‪ٚ‬تيعا آمُت‪.‬‬

‫‪060‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ولسيدنا ا‪ٟ‬تبيب الفقيو الداعية زين بن إبراىيم بن ‪ٝ‬تيط حفظو هللا‬


‫تعاذل شرح مبسط جدا ُب ىذه األصوؿ ا‪٠‬تمسة للطريقة العلوية ا‪ٝ‬تو‬
‫" ا‪١‬تنهج السوي شرح أصوؿ طريقة السادة آؿ باعلوي " وىو مطبوع‬
‫متداوؿ‪.‬‬

‫ولساداتنا العلوية كتب كثَتة منها ‪ :‬النصائح الدينية لئلماـ عبد هللا بن‬
‫علوي ا‪ٟ‬تداد‪ ,‬عقد اليواقيت ا‪ٞ‬توىرية للحبيب عيدروس بن عمر‬
‫ا‪ٟ‬تبشي‪ ,‬العِلم النرباس ُب التنبيو على منهج األكياس للسيد عبد هللا‬
‫بن علوي بن حسن العطاس‪ ,‬إذل غَت ذلك‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫أصوؿ الطريقة النقشبندية‬


‫‪062‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وىي ‪ٙ‬تانية‪ .‬والنقشبندية نسبة إذل الشيخ السيد ‪٤‬تمد بن ‪٤‬تمد هباء‬
‫الدين ا‪ٟ‬تسيٍت األويسي النقشبندي البخاري‪ ,‬ولد ببخارى سنة ‪ٚٔٛ‬‬
‫ىػ وتوُب سنة ٔ‪ ٜٚ‬ىػ‬

‫قاؿ الشيخ أ‪ٛ‬تد الكمشخانوي النقشبندي ُب كتابو ا‪ٟ‬تافل " جامع‬


‫األصوؿ ُب األولياء " ص ‪ : ٔٛ‬بياف الطرؽ وأصو‪٢‬تا‪ .‬وأما الطريق‬
‫فاعلم أف أصوؿ طريقة النقشبندية ‪:‬‬
‫ٔ‪ .‬التمسك بعقائد أىل السنة‬
‫ٕ‪ .‬ترؾ الرخص واألخذ بالعزائم‬
‫ٖ‪ .‬دواـ ا‪١‬تراقبة واإلقباؿ على ا‪١‬توذل‬
‫ٗ‪ .‬اإلعراض عن زخارؼ الدنيا بل وعن كل ما سوى هللا‬
‫٘‪ٖ .‬تصيل ملكة ا‪ٟ‬تضور وا‪٠‬تلوة ُب ا‪ٞ‬تلوة مع التحلي‬
‫باإلستفادة واإلفادة ُب علوـ الدين‬
‫‪ .ٙ‬التزي بزي عواـ ا‪١‬تسلمُت وإخفاء الذكر‬
‫‪ .ٚ‬حفظ األنفاس ْتيث ال ٮترج وال يدخل نفس مع الغفلة عن‬
‫هللا الكرمي‬

‫‪063‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫‪ .ٛ‬والتخلق بأخبلؽ النيب صلى هللا عليو وسلم صاحب ا‪٠‬تلق‬


‫العظيم‪ .‬اىػ‬

‫ولساداتنا النقشبندية كتب شهَتة منها ‪:‬‬


‫تنوير القلوب ُب معاملة عبلـ الغيوب لئلماـ ‪٤‬تمد أمُت الكردي‬
‫وا‪ٟ‬تمد هلل قد درسنا بعضا منو على شيخنا العادل العامل ‪٤‬تمد بن‬
‫إبراىيم آلواف‪ ,‬وجامع األصوؿ ُب األولياء للكمشخانوي‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫‪064‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أصوؿ الطريقة الشاذلية‬


‫وىي ‪ٜ‬تسة‪ .‬والشاذلية نسبة إذل الشيخ أيب ا‪ٟ‬تسن علي بن عبد هللا‬
‫الشاذرل ا‪١‬تغريب ا‪ٟ‬تسٍت توُب سنة ‪ ٙ٘ٙ‬ىػ‬

‫قد ألف اإلماـ أ‪ٛ‬تد زروؽ الفاسي ر‪ٛ‬تو هللا تعاذل رسالة ا‪ٝ‬تو " رسالة‬
‫أصوؿ الطريق " أحب أف أوردىا ىنا بتمامها ‪:‬‬
‫قاؿ رضي هللا عنو ‪ :‬أصوؿ طريقتنا ‪ٜ‬تسة أشياء ‪-:‬‬
‫ٔ‪ .‬تقوى هللا ُب السر والعبلنية‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬إتباع السنة ُب األقواؿ واألفعاؿ‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬اإلعراض عن ا‪٠‬تلق ُب اإلقباؿ واإلدبار‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬الرضا عن هللا تعاذل ُب القليل والكثَت‪.‬‬
‫٘‪ .‬الرجوع إذل هللا تعاذل ُب السراء والضراء‪.‬‬

‫فتحقيق التقوى بالورع واالستقامة‪ ،‬وٖتقيق السنة بالتحفظ وحسن‬


‫ا‪٠‬تلق‪ ،‬وٖتقيق اإلعراض عن ا‪٠‬تلق بالصرب والتوكل‪ ،‬وٖتقيق الرضا عن‬
‫هللا بالقناعة والتفويض‪ ،‬وٖتقيق الرجوع إذل هللا با‪ٟ‬تمد والشكر ُب‬
‫السراء واللجأ إليو ُب الضراء‪.‬‬

‫‪065‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وأصوؿ ذلك كلو ‪ٜ‬تسة‪-:‬‬


‫ٔ‪ .‬علو ا‪٢‬تمة‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬حفظ ا‪ٟ‬ترمة‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬حسن ا‪٠‬تدمة‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬نفوذ العزمة‪.‬‬
‫٘‪ .‬تعظيم النعمة‪.‬‬
‫فمن علت ‪٫‬تتو ارتفعت رتبتو‪ ،‬ومن حفظ حرمة هللا حفظ هللا حرمتو‪،‬‬
‫ومن حسنت خدمتو وجبت كرامتو‪ ،‬ومن أنفذ عزمتو دامت ىدايتو‪،‬‬
‫ومن عظمت النعمة ُب عينو شكرىا‪ ،‬ومن شكرىا استوجب ا‪١‬تزيد‬
‫من ا‪١‬تنعم هبا حسبما وعده الصادؽ‪.‬‬

‫وأصوؿ ا‪١‬تعامبلت ‪ٜ‬تسة ‪-:‬‬


‫ٔ‪ .‬طلب العلم للقياـ باألمر ‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬صحبة ا‪١‬تشايخ واألخواف للتبصر‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬ترؾ الرخص والتأويبلت للحفظ‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬ضبط األوقات باألوراد للحضور‪.‬‬
‫شي للخروج عن ا‪٢‬توى‪ ،‬والسبلمة من‬
‫٘‪ .‬إهتاـ النفس ُب كل ْ‬
‫العطب والغلط‪.‬‬

‫‪066‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫فطلب العلم آفتو صحبو األحداث سنا أو عقبل أو دينا ‪٦‬تن ال يرجع‬
‫ألصل وال قاعدة‪ ،‬وآفة الصحبة االغًتار والفضوؿ‪ ،‬وآفة ترؾ الرخص‬
‫والتأويبلت الشفقة على النفس‪ ،‬وآفة ضبط األوقات اتساع النظر ُب‬
‫العلم لعلة ذي الفضائل‪ ،‬وآفة اهتاـ النفس األنس ْتسن أحوا‪٢‬تا‬
‫واستقامتها‪ ،‬وقد قاؿ هللا تعاذل " واف تعدؿ كل عدؿ ال يؤخذ منها "‬
‫وقاؿ الكرمي ابن الكرمي يوسف ابن يعقوب صلوات هللا وسبلمو‬
‫عليهما "وما أبرىء نفسي إف النفس ألمارة بالسوء إال ما رحم ريب"‪.‬‬

‫وأصوؿ ما تداوى بو علل النفس ‪ٜ‬تسة أشياء ‪-:‬‬


‫ٔ‪ٗ .‬تفيف ا‪١‬تعدة من الطعاـ ‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬اللجأ إذل هللا ‪٦‬تا يعرض عند عروضو‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬الفرار من مواقع ما ٮتشى وقوع األمر ا‪١‬تتوقع فيو‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬دواـ االستغفار مع الصبلة على رسوؿ هللا صلى هللا عليو‬
‫وسلم ٓتلوة واجتماع‪.‬‬
‫٘‪ .‬صحبة من يدؿ على هللا أو على أمر هللا وىو معدوـ ‪.‬‬
‫وقد قاؿ الشيخ أبو ا‪ٟ‬تسن الشاذرل رضي هللا عنو‪ :‬أوصان حبييب‬
‫فقاؿ ‪ :‬ال تنقل قدميك إال حيث ترجو ثواب هللا‪ ،‬وال ٕتلس إال‬
‫حيث تأمن غالبا من معصية هللا‪ ،‬وال تصطحب إال من تستعُت بو‬
‫على طاعة هللا‪ ،‬وال تصطف لنفسك إال من تزداد بو يقينا وقليل‬
‫‪067‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ماىم‪ ،‬أو كبلـ ىذا معناه‪ ،‬وقاؿ أيضا رضي هللا عنو‪ :‬من دلك على‬
‫الدنيا فقد غشك ومن دلك على العمل فقد أتعبك ومن دلك على‬
‫هللا فقد نصحك‪ ،‬وقاؿ أيضا رضي هللا عنو‪ :‬اجعل التقوى وطنك ٍب‬
‫ال يضرؾ مرح النفس مادل ترض بالعيب‪ ،‬أو تصر على الذنب‪ ،‬أو‬
‫تسقط منك خشية هللا بالغيب قلت ‪ :‬وىذه الثبلثة ىي أصوؿ العلل‬
‫والببليا و اآلفات‪.‬‬

‫وقد رأيت فقراء ىذا العصر ابتلوا ٓتمسة أشياء‪-:‬‬


‫ٔ‪ .‬إيثار ا‪ٞ‬تهل على العلم‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬االغًتار بكل ناعق‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬التهاوف ُب األمور‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬التعزز بالطريق‪.‬‬
‫٘‪ .‬استعجاؿ الفتح دوف شرطو‪.‬‬
‫فابلتوا ٓتمسة‪-:‬‬
‫ٔ‪ .‬إيثار البدعة على السنة‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬إتباع أىل الباطل دوف ا‪ٟ‬تق‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬العمل با‪٢‬توى ُب كل أمر أو اجل األمور‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬طلب الًتىات دوف ا‪ٟ‬تقائق‪.‬‬
‫ظهور الدعاوي دوف صدؽ‪.‬‬ ‫٘‪.‬‬
‫‪068‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫فظهروا بذلك ٓتمسة أشياء ىي‪-:‬‬


‫ٔ‪ .‬الوسوسة ُب العبادات‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬االسًتساؿ مع العادات‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬السماع واالجتماع ُب عموـ األوقات‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬استمالة الوجو ْتسب االمكاف‪.‬‬
‫٘‪ .‬صحبة أبناء الدنيا حىت النساء والصبياف‪.‬‬
‫واغًتوا بوقائع القوـ ُب ذلك وذكروا أحوا‪٢‬تم‪ ،‬ولو ٖتققوا لعلموا أف‬
‫األسباب رخصة الضعفاء‪ ،‬وا‪١‬تقاـ هبا بقدر ا‪ٟ‬تاجة من غَت زيادة‪ ،‬فبل‬
‫يسًتسل معها إال بعي ٌد من هللا‪ ،‬واف السماع رخصة ا‪١‬تغلوب أو راحة‬
‫الكامل وىي ا‪٨‬تطاط ُب بساط ا‪ٟ‬تق إذا كاف بشرطو من أىلو ُب ‪٤‬تلو‬
‫وأدبو‪ ،‬واف الوسوسة بدعة أصلها جهل السنة أو خبل ُب العقل‪ ،‬واف‬
‫التوجو إلقباؿ ا‪٠‬تلق إدبار عن ا‪ٟ‬تق‪ ،‬السيما قاريء مداىن أو جبار‬
‫غافل أو صوُب جاىل‪ ،‬واف صحبة األحداث ظلمة وعارُب الدنيا‬
‫والدين‪ ،‬وقبوؿ ارفاقهم أعظم وأعظم‪ ،‬وقد قاؿ الشيخ أبو مدين رضي‬
‫هللا عنو‪ :‬ا‪ٟ‬تدث من دل يوافقك على طريقتك واف كاف ابن تسعُت‬
‫سنة‪ ،‬قلت‪ :‬وىو الذي ال يثبث على حاؿ ويقبل كلما يلقى إليو‬
‫فيولع بو‪ ،‬وأكثر ما ٕتد ىذا ُب أبناء الطوائف وطلبة اجملالس‬
‫فاحذرىم بغاية جهدؾ‪.‬‬

‫‪069‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وكل من ادعى مع هللا حاال ٍب ظهرت منو إحدى ‪ٜ‬تس فهو كذاب‬
‫أو مسلوب‪-:‬‬
‫ٔ‪.‬إرساؿ ا‪ٞ‬توارح ُب معصية هللا‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬التصنع بطاعة هللا‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬الطمع ُب خلق هللا‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬الوقيعة ُب أىل هللا‪.‬‬
‫٘‪ .‬عدـ احًتاـ ا‪١‬تسلمُت على الوجو الذي أمر هللا‪.‬‬
‫وقلما ٮتتم لو على اإلسبلـ‬

‫وشروط الشيخ الذي يلقي ا‪١‬تريد إليو نفسو ‪ٜ‬تسة‪-:‬‬


‫ٔ‪ .‬ذوؽ صريح‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬علم صحيح‪.‬‬
‫ٖ‪٫ .‬تة عالية‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬حالة مرضية‪.‬‬
‫٘‪ .‬بصَتة نافذة‪.‬‬

‫ومن فيو ‪ٜ‬تسة ال تصح مشيختو‪-:‬‬


‫ٔ‪ .‬ا‪ٞ‬تهل بالدين‪.‬‬
‫إسقاط حرمة ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬ ‫ٕ‪.‬‬
‫‪071‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫دخوؿ ماال يعٍت‪.‬‬ ‫ٖ‪.‬‬


‫إتباع ا‪٢‬توى ُب كل شي ‪.‬‬ ‫ٗ‪.‬‬
‫سوء ا‪٠‬تلق من غَت مباالة‪.‬‬ ‫٘‪.‬‬

‫وآداب ا‪١‬تريد مع الشيخ واإلخواف ‪ٜ‬تسة ‪:‬‬


‫ٔ‪ .‬إتباع األمر واف ظهر لو خبلفو‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬اجتناب النهي واف كاف فيو حتفو‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬حفظ حرمتو أف كاف حاضرا أو غائبا‪ ،‬حيا أو ميتا‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬القياـ ْتقوقو حسب االمكاف ببل تقصَت‪.‬‬
‫٘‪ .‬عزؿ عقلو وعملو ورياستو إال ما يوافق ذلك من شيخو‪.‬‬
‫ويستغٌت عن ذلك باإلنصاؼ والنصحية وىي معاملة اإلخواف‪.‬‬
‫واف دل يكن لو شيخ مرشد أو وجد ناقصا عن شروطو ا‪٠‬تمسة‪،‬‬
‫اعتمد فيما كمل فيو‪ ،‬وعومل باإلخوة ُب الباقي‪.‬‬

‫انتهت األصوؿ ا‪٠‬تمسة ْتمد هللا وعونو وحسن توفيقة‪.‬‬

‫قاؿ ر‪ٛ‬تو هللا ‪:‬‬


‫ينبغي لك مطالعتها كل يوـ مرة أو مرتُت‪ ،‬وأال ففي كل ‪ٚ‬تعة‪ ،‬حىت‬
‫تنطبع معانيها ُب النفس‪ ،‬ويقع تصرفك على مقتضاىا‪ ،‬فاف فيها غنية‬
‫‪070‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫عن كثَت من الكتب والوصايا فقد قيل إ‪٪‬تا حرموا الوصوؿ من تضييع‬
‫األصوؿ‪ ،‬ومن تأمل ما قلناه عرؼ ذلك ٍب ال يزاؿ يتعهدىا قصدا‬
‫للتذكر هبا‪ ،‬وباهلل التوفيق‪.‬‬

‫وصلى هللا على سيدنا ‪٤‬تمد وعلى آلو وصحبو وسلم‬


‫سبحاف ربك رب العزة عما يصفوف وسبلـ على ا‪١‬ترسلُت وا‪ٟ‬تمد هلل‬
‫رب العا‪١‬تُت‪ .‬اىػ زروؽ‬

‫ولساداتنا الشاذلية كتب كثَتة منها ‪ :‬ا‪ٟ‬تكم العطائية بشروحو‪,‬‬


‫لطائف ا‪١‬تنن ُب مناقب اإلماـ ا‪١‬ترسي وشيخو اإلماـ أيب ا‪ٟ‬تسن‪ ,‬تاج‬
‫العروس ا‪ٟ‬تاوي هتذيب النفوس‪ ,‬التنوير ُب إسقاط التدبَت كلها لئلماـ‬
‫التاج ابن عطاء هللا السكندري‪ ,‬طبقات الشاذلية للكوىن الفاسي‪,‬‬
‫إذل غَت ذلك‪.‬‬

‫‪072‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الباب الثالث‬
‫ُب ٖترير أسانيد الطريق وفيو فصبلف‬
‫األوؿ ‪ :‬تفصيل الطرائق‬
‫الثان ‪ :‬تفصيل األسانيد‬

‫ولنشرع ُب ذكر اتصارل ّتميع أئمة الطرائق فإف اإلتصاؿ هبم سعادة‬
‫والدخوؿ ُب سلك اسنادىم اف شاء هللا مفيد نافع إذا خبل عن‬
‫شوائب الرياء والعجب‪ .‬وعبلوًة على ذلك‪ ,‬فإف العلماء كا‪ٟ‬تبيب أيب‬

‫‪073‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫بكر العدن العيدروس والعبلمة ‪٤‬تمد بن علي السنوسي وغَت‪٫‬تا قد‬


‫ذكروا األسانيد ُب أكثر من طريقة حىت يبلغ أحدىم (وىو السنوسي‬
‫ُب كتابو السلسبيل ا‪١‬تعُت ُب الطرائق األربعُت) إذل أربعُت طريقة‬
‫فأكثر‪ ,‬وقاؿ شيخنا الشيخ علي مسعدي أف بعض العلماء ذكر حىت‬
‫أكثر من مائيت طريقة‪ .‬فها أنا أحب أيضا ذكرىا اقتداء هبم وروما‬
‫لبقاء األسانيد وإخبلدا لذكر أ‪ٝ‬تاء الرجاؿ من شيوخي وشيوخهم‬
‫عسى هللا أف يدخل نياٌب ُب نياهتم فنقوؿ ‪:‬‬
‫قد من هللا علي – وهلل ا‪ٟ‬تمد – بنعم جليلة وآالء جزيلة ال أبغى أف‬
‫يكوف الدنيا ْتذافَتىا رل عنها بديلة‪ .‬وذلك فإف هللا رزقٍت اإلجتماع‬
‫واللقي وا‪١‬تعاصرة والنظر والتودد والتعلم واإلستفادة أواإلستجازة‬
‫واألخذ عن عدد كبَت وجم غفَت من العلماء العارفُت والشيوخ‬
‫ا‪١‬ترشدين فرأيتهم بعيٍت رأسي وصافحتهم أو جلهم وتلقنت الذكر‬
‫أوالشهادة أوالطريقة من أفواىهم وأحبهم ّتميع قليب وجعلتهم وسيلة‬
‫بيٍت وبُت ريب رضي هللا عنهم أ‪ٚ‬تعُت‪ .‬وإليك بعض ا‪ٝ‬تائهم ‪:‬‬
‫ٔ‪ .‬ا‪١‬تعمر الوالد السيد الشيخ أ‪ٛ‬تد مغٍت بن إ‪ٝ‬تاعيل النقاري‬
‫ٕ‪ .‬ا‪١‬تعمر السيد ‪ٛ‬تود بن عباس ا‪١‬ت َؤيَد ا‪ٟ‬تسٍت الصنعان اليمٍت‬
‫ُ‬

‫‪074‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ٖ‪ .‬ا‪١‬تعمر ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بن شيخ ا‪ٟ‬تبشي ا‪ٟ‬تضرمي‬


‫ٗ‪ .‬السيد كاظم باشا بن موسى ا‪ٞ‬تيبلن ا‪ٟ‬تيدربآدي‬
‫٘‪ .‬العارؼ باهلل ا‪ٟ‬تبيب ‪٤‬تمد بن علي ا‪ٞ‬تنيد ا‪ٟ‬تسيٍت العلوي‬
‫‪ .ٙ‬الفقيو ا‪١‬تريب احملدث السيد أبو علوي حامد بن علوي‬
‫الكاؼ‬
‫‪ .ٚ‬العبلمة احملقق السيد يوسف البخور ا‪ٟ‬تسٍت الشاذرل‬
‫ا‪١‬تصري‬
‫‪ .ٛ‬ا‪١‬تعمر السيد ‪ٚ‬تاؿ الدين بن ‪٤‬تي الدين ا‪ٞ‬تيبلن‬
‫البنجانافلي‬
‫‪ .ٜ‬السيد عليم بن شاه نعيم ا‪ٞ‬تائسي ا‪ٞ‬تيبلن األشرُب‬
‫اللكنوي‬
‫ٓٔ‪ .‬العبلمة األجل السيد ‪٤‬تمد بن ‪٤‬تمد بن عبده سليماف‬
‫األىدؿ‬
‫ٔٔ‪ .‬ا‪١‬تنصب ا‪ٟ‬تبيب شيخ بن عبد هللا بن سادل بن طو ا‪ٟ‬تبشي‬
‫ٕٔ‪ .‬العادل ا‪١‬تشارؾ ا‪ٟ‬تبيب شيخ بن أ‪ٛ‬تد ا‪١‬تساوى السورباوي‬
‫ٖٔ‪ .‬ا‪ٟ‬تبيب ‪٤‬تمد بن صاحل العطاس ا‪ٟ‬تريضي ا‪ٟ‬تضرمي‬

‫‪075‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ٗٔ‪ .‬ا‪ٟ‬تبيب حسن بن ‪٤‬تمد بن سادل العطاس السنقافوري‬


‫٘ٔ‪ .‬الفاضل احملقق ا‪١‬تكاشف ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بن طو‬
‫ا‪ٟ‬تبشي‬
‫‪ .ٔٙ‬الفاضل ا‪١‬تكاشف ا‪ٟ‬تبيب زين العابدين بن أ‪ٛ‬تد العيدروس‬
‫‪ .ٔٚ‬الفاضل ا‪ٟ‬تبيب صاحل بن أ‪ٛ‬تد بن سادل العيدروس‬
‫‪ .ٔٛ‬الفاضل ا‪ٟ‬تبيب عيدروس بن ‪٤‬تمد بن عيدروس العيدروس‬
‫‪ .ٜٔ‬العبلمة الدكتور ا‪ٟ‬تبيب ‪٤‬تمد شريف بن ‪٤‬تمد بن عقيل‬
‫ومنهم ‪:‬‬
‫ٕٓ‪ .‬الشيخ إدريس بن عبد ا‪ٟ‬تميد ر‪ٛ‬تو هللا‬
‫ٕٔ‪ .‬الشيخ ‪٤‬تمد زيٍت عبد الغٍت ر‪ٛ‬تو هللا‬
‫ٕٕ‪ .‬الشيخ أ‪ٛ‬تد ‪ٚ‬تهوري جهارس البنجري ا‪١‬تكي‬
‫ٖٕ‪ .‬الشيخ العارؼ باهلل أبو آدـ ‪٤‬تمد عيسى الدليمي العراقي‬
‫ٕٗ‪ .‬الشيخ ‪٤‬تمد ٓتيت‬
‫ٕ٘‪ .‬الشيخ أ‪ٛ‬تد فهمي زمزـ حفظهم هللا‪ ,‬وغَتىم‬

‫ٍب إنو ال يسعٍت ذكر وٖترير ‪ٚ‬تيع أسانيدىم فإف ‪٢‬تم أسانيد كثَتة‪.‬‬

‫‪076‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫الفصل األوؿ‬

‫تفصيل الطرائق وذكر اتصارل بأَئِ َمتِها‬

‫القادرية ‪ :‬عن الوالد إجازة مطلقة عن أبيو عن الشيخ سعيد‬ ‫ٔ‪.‬‬


‫ٯتان عن السيد أ‪ٛ‬تد دحبلف عن آبائو مسلسبل با‪ٞ‬تيبلنيُت‪,‬‬
‫وكذلك باإلجازة التامة عن ا‪ٟ‬تبيب ‪٤‬تمد رفيق بن لقماف‬
‫الكاؼ عن شيخو ا‪ٟ‬تبيب عمر بن أ‪ٛ‬تد بن شهاب عن أبيو‬
‫عن السيد أ‪ٛ‬تد زيٍت دحبلف‪ ,‬وعن الشيخ ‪٤‬تمد عيسى‬
‫الدليمي‪ ,‬والسيد كاظم باشا ا‪ٞ‬تيبلن‪ ,‬والسيد ‪ٚ‬تاؿ الدين‬
‫ا‪ٞ‬تيبلن‪ ,‬وا‪ٟ‬تبيب عبد هللا بن حامد بن عبد ا‪٢‬تادي ا‪ٞ‬تيبلن‬
‫وغَتىم بأسانيدىم‪ .‬وعن ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بن شيخ عن‬
‫ا‪ٟ‬تبيب عيدروس بن عمر عن ا‪ٟ‬تبيب عفيف الدين عبد هللا‬
‫بن علي بن عبد هللا بن عيدروس بن شهاب بإسناده‪ .‬وعن‬
‫السيد حسن مقبوؿ األىدؿ بإسناده إذل جده الشيخ علي بن‬

‫‪077‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫عمر األىدؿ عن ‪٤‬تمد بن سناف األحوزي عن الشيخ عبد‬


‫القادر‪ .‬وعن الشيخ أيب ‪٤‬تمد علي بن مسعدي ا‪ٞ‬تاوي‬
‫اجملاكرطاوي ا‪١‬ترزوقي عن شيوخو‪.‬‬
‫العلوية العيدروسية ‪ :‬عن ا‪ٟ‬تبيب زين أ‪ٛ‬تد العيدروس وغَته‬ ‫ٕ‪.‬‬
‫العلوية العطاسية ‪ :‬عن ا‪ٟ‬تبيب حسن بن ‪٤‬تمد العطاس‬ ‫ٖ‪.‬‬
‫بإسناده وعن الشيخ ‪٤‬تمد ٓتيت عن ا‪ٟ‬تبيب أيب بكر بن‬
‫حسن العطاس بإسناده‪.‬‬
‫العلوية ا‪ٟ‬تدادية ‪ :‬عن خبلئق ال ٭تصوف منهم ا‪ٟ‬تبيب ‪٤‬تمد‬ ‫ٗ‪.‬‬
‫بن علي ا‪ٞ‬تنيد وا‪ٟ‬تبيب شيخ بن عبد هللا ا‪ٟ‬تبشي وا‪ٟ‬تبيب‬
‫أ‪ٛ‬تد بن حسُت عيديد وغَتىم‪ ,‬ومنهم الوالد بإسناده‪.‬‬
‫الشاذلية ‪ :‬عن الوالد عن السيد أمُت كتيب‪ ,‬وعن الشيخ‬ ‫٘‪.‬‬
‫ادريس عبد ا‪ٟ‬تميد والسيد يوسف البخور ا‪ٟ‬تسٍت والشيخ‬
‫فهمي زمزـ بأسانيدىم‪.‬‬
‫النقشبندية ‪ :‬عن الشيخ دمياطي فمنكيو عن الشيخ ِع َوض‬ ‫‪.ٙ‬‬
‫بافضل عن الشيخ أ‪ٛ‬تد ا‪ٟ‬تجناوي بإسناده‪ .‬وأرويها أيضا عن‬
‫طرؽ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بن عبد هللا بلفقيو بإسناده‪.‬‬

‫‪078‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫القادرية والنقشبندية ‪ :‬عن الشيخ ‪٤‬تمد علي عبد الوىاب‬ ‫‪.ٚ‬‬


‫النقشبندية ا‪ٟ‬تقانية ‪ :‬عن الشيخُت ‪٤‬تمد يوسف وا‪ٝ‬تاعيل‬ ‫‪.ٛ‬‬
‫‪ٚ‬تيب‪ .‬وىي طريقة ‪٥‬تتلفة فيها ‪ :‬عدَىا مفيت لبناف ضالةً‬
‫منقطعة اإلسناد‪ ,‬وىي ‪٦‬تنوعة ُب ماليزيا‪ ,‬وعدىا ‪ٚ‬تاعة من‬
‫علماء اندونيسيا معتربةً و‪ٚ‬تاعة أخرى ليس كذلك‪.‬‬
‫األشرفية ‪ :‬عن السيد عليم بن نعيم أشرؼ ا‪ٞ‬تائسي‬ ‫‪.ٜ‬‬
‫اللكنوي‪ .‬وأصلها قادرية وجشتية‪.‬‬
‫ٓٔ‪ .‬السمانية ‪ :‬عن الشيخ زيٍت عبد الغٍت ا‪١‬ترتافوري‪ .‬وأرويها‬
‫بأسانيد عن السيد عبد الر‪ٛ‬تن بن سليماف األىدؿ عن الشيخ‬
‫عبد الصمد الفلمبان عن الورل السماف‪ .‬وبأسانيد عن الشيخ‬
‫داود فطان‪ .‬وأرويها باإلجازة التامة عن ا‪ٟ‬تبيب ‪٤‬تمد رفيق بن‬
‫لقماف الكاؼ‪.‬‬
‫ٔٔ‪ .‬السنوسية ‪ :‬عن شيخ ُب ا‪١‬تناـ خادـ الشيخ ترمذي ا‪ٝ‬تاعيل‪,‬‬
‫وعن الوالد وشيوخ عن السيد ‪٤‬تمد ا‪١‬تالكي بإسناد‪٫‬تا‪.‬‬
‫ٕٔ‪ .‬الشطارية ‪ :‬عن جدٌب حليمة عن صهرىا جدي ا‪ٟ‬تاج عبد‬
‫هللا الشطاري‪ .‬وأرويها أيضا عن طرؽ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن‬

‫‪079‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫بن عبد هللا بلفقيو بإسناده‪ .‬وأرويها أيضا مع الطريقة السمانية‬


‫عن طرؽ منها األستاذ عبد ا‪ٟ‬تليم ‪٤‬تمد ا‪١‬تاليزي عن ‪٥‬تدومو‬
‫الشيخ واف صغَت عبد هللا عن جده ألمو الشيخ أ‪ٛ‬تد الفطان‬
‫ا‪١‬تدرس با‪١‬تسجد ا‪ٟ‬تراـ اإلماـ الشهَت عن أبيو الشيخ ‪٤‬تمد‬
‫زين بن مصطفى الفطان عن شيخو اإلماـ الشيخ داود بن‬
‫عبد هللا الفطان عن العارؼ باهلل سيدي الشيخ ‪٤‬تمد أسعد‬
‫عن أبيو الشيخ ‪٤‬تمد سيد طاىر عن أبيو الشيخ ابراىيم ا‪١‬تدن‬
‫عن أبيو العارؼ باهلل الشيخ ‪٤‬تمد طاىر عن أبيو العارؼ باهلل‬
‫الشيخ ابراىيم الكوران عن العارؼ باهلل سيدي أ‪ٛ‬تد‬
‫القشاشي عن أيب ا‪١‬تواىب عبد هللا بن أ‪ٛ‬تد التػَنَاوي عن‬
‫سلطاف العارفُت سيدي صبغة هللا عن سيدي وجيو الدين‬
‫صور‬
‫العلوي عن سيدي ‪٤‬تمد الغوث عن الشيخ حاجي ُح ُ‬
‫ت عن‬‫عن إماـ أولياء هللا العارفُت الشيخ ىداية هللا َس ْرَم َس ْ‬
‫شيخ ا‪١‬تشائخ األعبلـ القاضي الشيخ الشطاري عن الشيخ‬
‫عبد هللا الشطاري عن سيدي ‪٤‬تمد عارؼ عن سيدي ‪٤‬تمد‬
‫عاشق عن العارؼ باهلل الشيخ ا‪ٟ‬تَ ْدقَلي عن الشيخ حسن‬

‫‪081‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫وت الطوسي عن الشيخ‬‫ا‪٠‬تَْرقان عن الشيخ أيب ا‪١‬تُظَفَر تَػ ْرُك ُ‬


‫يَِزيْل العِ ْش ِقي عن العارؼ باهلل الشيخ ‪٤‬تمد ا‪١‬تغريب عن‬
‫سلطاف العارفُت الشيخ أيب يزيد البسطامي عن اإلماـ جعفر‬
‫الصادؽ عن أبيو ‪٤‬تمد الباقر عن أبيو علي زين العابدين عن‬
‫أبيو ا‪ٟ‬تسُت عن أبيو علي بن أيب طالب عن رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو وسلم (انتهى نقبل عن واف صغَت عبد هللا ُب تر‪ٚ‬تتو‬
‫للشيخ داود فطان)‪.‬‬
‫ٖٔ‪ .‬اإلدريسية ‪ :‬عن الشيخ أ‪ٛ‬تد فهمي عن السيد ‪٤‬تمد مالكي‬
‫ٗٔ‪ .‬األىدلية ‪ :‬عن السيد ‪٤‬تمد عبده سليماف األىدؿ‬
‫٘ٔ‪ .‬الغزالية ‪ :‬عن الوالد وغَته بإسنادىم إذل اإلماـ الغزارل‬
‫‪ .ٔٙ‬البدوية ‪ :‬عن السيد حامد الكاؼ وعن طرؽ إذل ا‪ٟ‬تبيب‬
‫عبد الر‪ٛ‬تن بن عبد هللا بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫‪ .ٔٚ‬ا‪٠‬تلوتية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ ابراىيم ا‪٠‬تلوٌب ‪ :‬عن طرؽ منها ‪:‬‬
‫ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بن شيخ عن ا‪ٟ‬تبيب عيدروس بن عمر‬
‫عن ا‪ٟ‬تبيب أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن علوي احملضار أخذ عنو الطريقة‬
‫ا‪٠‬تلوتية كما أخذ عن شيخو سيدي أ‪ٛ‬تد الصاوي عن شيخو‬

‫‪080‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أ‪ٛ‬تد الدردير عن الشيخ ‪٤‬تمد ا‪ٟ‬تفناوي عن القطب الكامل‬


‫سيدي مصطفى بن كماؿ الدين ا‪٠‬تلوٌب البكري إذل آخر‬
‫السند‪ .‬وعن الشيخ كندر والشيخ زيٍت وغَت‪٫‬تا بأسانيدىم إذل‬
‫الشيخ ‪٤‬تمد السماف عن شيخو مصطفى بكري‪ .‬وعن طرؽ‬
‫إذل السيد عبد الر‪ٛ‬تن بن سليماف األىدؿ عن الشيخ عبد‬
‫الصمد الفملبان عن الورل السماف عن مصطفى بكري‬
‫بإسناده‪ .‬وأرويها أيضا عن طرؽ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بن‬
‫عبد هللا بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫‪ .ٔٛ‬العمودية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ سعيد بن عيسى العمودي ‪:‬‬
‫أرويها عن طرؽ منها ‪ :‬باإلجازة العامة عن ا‪ٟ‬تبيب ا‪١‬تفضاؿ‬
‫عبد الر‪ٛ‬تن بن شيخ ا‪ٟ‬تبشي ْتق إجازتو العامة عن ا‪ٟ‬تبيب‬
‫ا‪١‬تسند عيدروس بن عمر ا‪ٟ‬تبشي عن أكثر شيوخو منهم ‪:‬‬
‫ا‪ٟ‬تبيب ا‪ٟ‬تسن بن صاحل البحر وا‪ٟ‬تبيب عبد هللا بن حسُت‬
‫بن طاىر وا‪ٟ‬تبيب ‪٤‬تمد بن أ‪ٛ‬تد بن جعفر بن أ‪ٛ‬تد بن زين‬
‫ا‪ٟ‬تبشي وغَتىم كلهم عن شيخ مشائخ األشراؼ اجملمع على‬
‫قطبانيتو ببل خبلؼ ا‪ٟ‬تبيب عمر بن سقاؼ السقاؼ عن‬

‫‪082‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫والده ا‪ٟ‬تبيب سقاؼ بن ‪٤‬تمد السقاؼ وشيخو الغوث‬


‫ا‪ٟ‬تبيب علي بن عبد هللا السقاؼ عن شيخهما ا‪ٟ‬تبيب عبد‬
‫الر‪ٛ‬تن بن عبد هللا بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫العبَادية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ عبد هللا باعباد ‪ :‬أرويها بالسند‬
‫‪َ .ٜٔ‬‬
‫ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٕٓ‪ .‬الرفاعية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ أ‪ٛ‬تد الرفاعي ‪ :‬أرويها بالسند‬
‫ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٕٔ‪ .‬السهروردية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ عمر بن ‪٤‬تمد السهروردي ‪:‬‬
‫أرويها بالسند ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٕٕ‪ .‬الكازرونية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ ابراىيم بن شهربار الكازرون ‪:‬‬
‫أرويها بالسند ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٖٕ‪ .‬ا‪١‬تدينية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ أيب مدين ‪ :‬أرويها بالسند ا‪١‬تتقدـ‬
‫إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٕٗ‪ .‬األويسية ا‪١‬تنسوبة إذل سيدنا أويس القرن ‪ :‬أرويها بالسند‬
‫ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬

‫‪083‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ٕ٘‪ .‬ا‪٠‬تضرية ا‪١‬تنسوبة إذل ا‪٠‬تضر احملكوـ بثبوتو وواليتو وبقائو إذل‬
‫اآلف عند كثَتين ‪ :‬أرويها بالسند ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد‬
‫الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫‪ .ٕٙ‬القشَتية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ عبد الكرمي بن ىوازف صاحب‬
‫الرسالة ‪ :‬أرويها بالسند ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو‬
‫بإسناده‪.‬‬
‫‪ .ٕٚ‬الفردوسية الكربوية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ ‪٧‬تم الدين الكربي ‪:‬‬
‫أرويها بالسند ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫‪ .ٕٛ‬وا‪ٟ‬تبشتية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ أيب اسحق ا‪ٟ‬تبشيت ‪ :‬أرويها‬
‫بالسند ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫‪ .ٕٜ‬والطيفورية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ طيفور الشامي ‪ :‬أرويها بالسند‬
‫ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٖٓ‪ .‬وا‪٢‬تمدانية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ علي ا‪٢‬تمدان ‪ :‬أرويها بالسند‬
‫ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٖٔ‪ .‬العادلية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ بدر الدين العادرل ‪ :‬أرويها بالسند‬
‫ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬

‫‪084‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫ٕٖ‪ .‬الغوثية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ ‪٤‬تمد الغوث ‪ :‬أرويها بالسند‬


‫ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٖٖ‪ .‬الدسوقية ا‪١‬تنسوبة إذل الشيخ ابراىيم الدسوقي ‪ :‬أرويها بالسند‬
‫ا‪١‬تتقدـ إذل ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بلفقيو بإسناده‪.‬‬
‫ٖٗ‪ .‬ا‪ٞ‬تنيدية‪ .‬أرويها وأخذت بيعتها عن الشيخ ‪ٛ‬تلياف شاه‬
‫البدري البنجري تنقارونج عن الشيخ ا‪٠‬تليفة ‪٤‬تمد قرطيب بن‬
‫خالد كاليماننت األليب عن الشيخ كشف األنوار فردوس عن‬
‫الشيخ عمر باجنيد عن اإلماـ عبد هللا عبد هللا العلوي عن‬
‫اإلماـ العلوي عن اإلماـ عبد الر‪ٛ‬تن العلوي عن اإلماـ عبد‬
‫الرحيم العلوي عن اإلماـ شيخ باجنيد عن الشيخ علوي‬
‫الرضى عن اإلماـ شيخ ‪٤‬تمد الزاىد عن اإلماـ القشَتي عن‬
‫اإلماـ النصراباذي عن اإلماـ الشبلي عن سيد الطائفة أيب‬
‫القاسم اإلماـ ا‪ٞ‬تنيد البغدادي عن السري السقطي عن‬
‫معروؼ الكرخي عن داود الطائي عن حبيب العجمي عن‬
‫ا‪ٟ‬تسن البصري عن اإلماـ علي بن أيب طالب كرـ هللا وجهو‬
‫عن النيب صلى هللا عليو وسلم‪ ( .‬ح ) وروى داود الطائي‬

‫‪085‬‬
‫إرشاد الرفيق بذكر أسرار وأصوؿ وأسانيد الطريق ‪ :‬عبد السبلـ النقاري‬

‫أيضا عن حسن بن حسن بن حسن عن مالك بن عمَتة عن‬


‫أيب ذر الغفاري عن رسوؿ هللا صلى هللا عليو وسلم‪.‬‬
‫إذل غَت ذلك‪.‬‬

‫قاؿ ا‪ٟ‬تبيب عبد الر‪ٛ‬تن بن عبد هللا بلفقيو ُب كتابو " رفع األستار عن‬
‫مفاتيح األنوار " فيما نقلتُو من عقد اليواقيت ٔ ‪: ٙٙ – ٙ٘ /‬‬
‫وىي (أي الطرائق) واف تفَرعت رسومها وتن َوعت علومها ترجع إذل‬
‫أصل واحد وتدور مقاصدىا على تقريب الطريق إذل األحد الواحد‪,‬‬
‫فبعضها راجع إذل بعض ُب السنة والفرض‪ ,‬وال خبلؼ بُت القوـ إال‬
‫ُب ا‪٢‬تيئآت والرسوـ‪ ,‬وليس الطريق إذل هللا منحصرة ُب تلك الطرائق‬
‫بل طرؽ هللا على عدد أنفاس ا‪٠‬تبلئق‪ ,‬فكم فتح هللا على عبد ُب‬
‫ذكر‪ ,‬وكم قربو ُب تذكَت وفكر‪ ,‬أو توبة وشكر‪ ,‬جذبو إليو ُب جذبة‬
‫وىيبة فأغنتو عن ا‪١‬تسالك ُب كل أمر‪ .‬انتهى‪ .‬وا‪ٟ‬تمد هلل رب العا‪١‬تُت‪.‬‬

‫‪086‬‬

You might also like