You are on page 1of 36

‫األدب كما هو معروف يكتسب أهمية كبيرة ألنه تعبيرعن المجتمع ‪ ،‬فهو‬

‫يمثل أهم انعكاس للواقع وينقل مشاكل واحتياجات المجتمع‪ .‬لذا ‪ ،‬فإن عمل‬
‫هو مثال جيد لما سبق ألنه يناقش "‪ "La Virgen de los Sicarios‬ر‬
‫مشاكل وظلم المجتمع الكولومبي حيث توجد بيئة مليئة بالفقر والفساد‪.‬‬
‫والعنف‪ .‬عن أحد الكتاب األكثر إثارة للجدل‪ .‬في كولومبيا ‪ ،‬فرناندو فاليجو ‪،‬‬
‫الذي تخلى عن جنسيته الكولومبية ‪ ،‬ينشر هذه القصة كشكل من أشكال النقد‬
‫لما عاشه المجتمع في ذلك‪ .‬البلد‪ .‬في التسعينيات ؛ خاصة في مدينة ميديلين ‪،‬‬
‫‪.‬مسقط رأس أحد أقوى مهربي المخدرات في البالد‬
‫في عام ‪ ، 1994‬ويقدم موضوعًا ‪ُ La Virgen de los Sicarios‬نشر‬
‫للعنف والمخدرات والمافيا ويتعامل عل ًنا مع المثلية الجنسية في إحدى المدن‬
‫الكولومبية الرئيسية‪ .‬يروي الكتاب ‪ ،‬المكتوب بضمير المتكلم ‪ ،‬قصة‬
‫فرناندو ‪ ،‬الكاتب الذي عاد إلى ميديلين بعد أن عاش في الخارج لزيارة‬
‫مسقط رأسه‪" .‬كانت هناك في ضواحي ميديلين بلدة صامتة ومسالمة تسمى‬
‫سابانيتا" (فاليجو ‪ ،‬فرناندو ‪ ،‬ال فيرجين دي لوس سيكاريوس ‪ ،‬إسبانيا ‪،‬‬
‫افتتاحية ألفاجوارا ‪ ، 2003 ،‬ص ‪ ، )7‬بهذه العبارة يبدأ المؤلف الرواية‪.‬‬
‫تدور أحداث هذه القصة في منتصف التسعينيات في ميديلين‪ .‬العذراء‬
‫السيكاريوس جزء من السيرة الذاتية‪ .‬للكاتب الكولومبي فرناندو فاليجو‪.‬‬
‫يروي هذا الكتاب شظايا من قصته عند عودته ‪ ،‬بعد سنوات من الغياب ‪،‬‬
‫يجد مدينة بها تغييرات عميقة ‪ ،‬ومليئة بالعنف تمامًا ‪ ،‬وحيث االتجار‬
‫بالمخدرات وقتل الناس هو أمر يشهد ويشهد كل يوم‪ .‬إنها رواية صعبة‬
‫للغاية تخبرنا بدون رحمة أو تنازالت عن العنف السائد في شوارع مدينة‬
‫ميديلين في كولومبيا‪ .‬يصف فرناندو فاليخو مشه ًدا حضريًا مفجعًا ح ًقا حيث‬
‫يتجول المراهقون الصغار ‪ ،‬وأحيا ًنا األطفال ‪ ،‬بمسدس على أحزمةهم‬
‫استعدا ًد ا إلطالق النار دون أي تردد على أي شخص يعبر طريقهم لسبب‬
‫‪.‬بسيط هو أنهم كانوا في أكثر اللحظات غير المناسبة في الخطأ مكان‬
‫هؤالء المراهقون ‪ -‬األوالد الذين تتراوح أعمارهم بين ‪ 12‬و ‪ 17‬عامًا ‪ -‬هم ح ًقا مالئكة‬
‫يبيدون ويقدمون خدماتهم ألي شخص عديم الضمير على استعداد لدفع ثمنها‪ .‬والمدينة ‪ ،‬أو‬
‫البلد بأكمله ‪ ،‬وف ًقا لتعليقات الراوي ‪ ،‬أصبحت مكا ًنا غير صالح للسكن حيث ال قيمة للحياة ‪،‬‬
‫وحيث تنجو من البؤس االجتماعي والفساد السياسي ‪ ،‬ويعمل الشباب كذبحين أو مهربين أو‬
‫‪.‬رجال ضرب‬
‫)‪ (Alfaguara ، 1994 ، 2002‬لفرناندو فاليجو "‪ "La virgen de los sicarios‬في رواية‬
‫‪ Sabaneta ،‬يضع الراوي نفسه من الحاضر الستحضار الماضي وفي ذاكرته تأتي بلدة ‪،‬‬
‫وهي بلدة صغيرة من طفولته ‪ " ،‬صامت "و" سلمي "‪ .‬تستخدم شخصية الراوي هذه الوسيلة‬
‫لتسليط الضوء الح ًقا على االختالفات بين مدينة طفولته البائدة اآلن ‪ ،‬والتي تم تقليصها اآلن‬
‫اليوم‪ .‬في تلك األيام ‪ ،‬لم تكن سابانيتا أكثر من مدينة ‪ Sabaneta‬إلى مجرد ذكرى ‪ ،‬و‬
‫صغيرة ال تتعدى مشاكلها الحياة اليومية البسيطة ‪ ،‬كانت مكا ًنا يعرف فيه الجميع بعضهم‬
‫البعض باألسماء واأللقاب وحيث "ال يوجد شيء"‪ .‬يتذكر بحنين عميق طفولته السعيدة ‪ ،‬يتذكر‬
‫مناخ السالم مع والديه وجده ؛ ومع ذلك ‪ ،‬فإن كل ما يحتفظ به في ذاكرته يتعارض مع‬
‫‪.‬الحاضر ‪ ،‬إنه تغيير مفاجئ‪ .‬ذلك المكان ‪ ،‬كولومبيا ‪ ،‬لم يعد ذلك البلد الذي حلمت به كثيرً ا‬
‫إن سنوات الغياب هي السبب في عدم قدرته على فهم سبب الكثير من األشياء السخيفة ‪،‬‬
‫وقدرته على الدهشة والدهشة كاملة ألنه يقارن تلك اللحظة بما عاشه في طفولته وال يمكنه‬
‫ببساطة أن يشرحها له ‪ ،‬موقفه النقدي والمتشائم يجعلنا نرى دولة بال إمكانية ‪ ،‬وتعتقد أن‬
‫كولومبيا ليس لديها حل "كولومبيا في هذه األثناء ‪ ،‬خرجت عن السيطرة"‪ .‬هذه الحقيقة‬
‫المجردة تجعله شخصية ذات مظهر وتعريف صارم وقوي ‪ ،‬لذلك فهو ال يتردد في اعتبار‬
‫‪".‬كولومبيا "أكثر دولة إجرامية على وجه األرض‬
‫بهذا المعنى ‪ ،‬ميديلين هي إحدى المدن التي كانت فريسة لهذا التغيير الهائل المدمر ‪ ،‬وكان‬
‫تحولها مفاجًئ ا وكارثيًا ‪ ،‬كل هذا بسبب نموها والبؤس السائد‪ .‬إنها مدينة ال تظهر بوادر تقدم ‪،‬‬
‫وال يزال سكانها غارقين في المسلسالت وكرة القدم وفاليناتوس ‪ .‬في جولته ‪ ،‬يؤكد فرناندو أن‬
‫الشعب الكولومبي مستمر في التدهور ‪ ،‬والدليل على ذلك أنه حتى الطرق الرئيسية‬
‫إنهم ال يزالون غير ممهدين ‪ ،‬وخيانة الحكومة في ذلك الوقت هي التي ال تفي‬
‫‪.‬بوعدها‬
‫إن معرفة الحقيقة الصارخة لذلك المجتمع في حالة تحلل تجعله من النوع الحرج‬
‫والشديد ‪ ،‬وفي تلك المرحلة ال شيء يعطيه األمل ‪ ،‬على العكس من ذلك ‪ ،‬يفضل‬
‫ً‬
‫بسيطا لذلك المجتمع المتدهور‪ .‬لهذا السبب‬ ‫االنتحار على االستمرار في كونه مراقبًا‬
‫حاول االنتحار عدة مرات ألنه لم يعد هناك ما يثيره في هذا العالم ‪ ،‬فالمجتمع‬
‫المتدهور يتجه نحو الهاوية وال يالحظ أحد‪ .‬شخصية الراوي مقتنعة بأن الناس في‬
‫ذلك البلد جيدون فقط لكرة القدم ‪ ،‬فاليناتوس ‪ ،‬وفي النهاية ‪ ،‬هم مجرد شخصيات‬
‫متواضعة بسيطة يلتهمها النظام‪ .‬على الرغم من عدم ذكر المكان الذي كان فيه‬
‫طوال تلك الفترة ‪ ،‬يميل فرناندو إلى الحكم على كولومبيا من منظور آخر ؛ هناك‬
‫‪"".‬خيبة أمله‬
‫يعمل راوي الشخصية كعين حرجة لذلك المجتمع في حالة تدهور‪ .‬إنه يعلم أن‬
‫سلبيته لن تؤدي به إلى أي شيء إيجابي ؛ ومع ذلك ‪ ،‬فإن معرفة هذه الحقيقة كما‬
‫هي تجعل الشخص يشعر بالمرارة ونفاد الصبر لدرجة أنه يريد أن يأخذ حياته أو‬
‫حياتها ‪" ،‬إذا رأيت الحقيقة البسيطة ‪ ،‬فإنك تطلق النار على نفسك"‪ .‬ومن هنا جاءت‬
‫وحدته ومحاوالته المتكررة لالنتحار ألنه في العالم الذي يسكنه لم يعد من المنطقي‬
‫‪.‬مواصلة القتال ‪ ،‬فقد اختفى بلد طفولته‬
‫تجعله شخصية الراوي يرى الواقع كما هو ‪ ،‬وفي هذا العالم الخاص والمتصارع‬
‫يدرك أنانية وفردية الناس ‪ ،‬كل منهم يبحث عن راحته‪ .‬هذا المجتمع معلق دائمًا‬
‫بخيط رفيع وحقيقة العودة إلى الوطن بأمان تعتمد فقط على الصدفة‪ .‬لقد تطورت‬
‫‪.‬الجريمة بحيث يمكن قتل اإلنسان دون سبب سوى الرغبة‬
‫في جميع أنحاء النص يمكننا أن نرى أن اإلفالت من العقاب‪ .‬يسود على الجريمة‪.‬‬
‫ضا داخل الدولة حيث يكون‬‫لكن انعدام األمن ليس خارجيًا فحسب ‪ ،‬بل يحدث أي ً‬
‫ارتكاب أي عمل من أعمال الفساد أسهل‪ .‬المجرمون ينهون كل شيء ‪ ،‬هناك أزمة‬
‫عامة الشيء الوحيد المؤكد فيها هو الموت‪ .‬نحن نعيش في هذا المناخ من اإلحباط‬
‫التام ‪ ،‬والناس ليس لديهم أهداف ‪ ،‬والمستقبل لم يعد في األفق ‪ ،‬إنها رؤية نهاية‬
‫‪.‬العالم تؤدي إلى قمع كل محاوالت المصالحة والتقدم بالموت‬
‫بعد وفاة بابلو إسكوبار ‪ ،‬استمرت موجة القتل منذ أن سادت الجريمة ‪ ،‬وبمجرد أن تجذر‬
‫العنف ‪ ،‬ال شيء يمكن أن يوقفه‪ .‬إنها تنتهي بالقاتل ولكن ليس بالنظام المفروض‪ .‬القانون‬
‫‪.‬السائد هو إقامة العدل بأيدي المرء‬

‫فرناندو فاليجو‪( :‬ميديلين ‪)1942 ،‬‬


‫كاتب كولومبي ‪ .‬من عائلة ثرية ‪ ،‬درس في المدارس الدينية‪ .‬في سن الرابعة والعشرين ‪ ،‬انتقل‬
‫إلى روما لدراسة السينما ‪ ،‬ثم إلى نيويورك والمكسيك ‪ ،‬حيث درس لمدة سبع سنوات‪ .‬إنه‬
‫مثلي وملحد بشكل علني ‪ ،‬وهذا ينعكس على أعماله‪ .‬لقد حصل على مكانة بارزة في السرد‬
‫الكولومبي‪ .‬المعاصر بسبب نثره القوي والخشن واألصلي والمستقل ‪ ،‬بدون حدود لألنواع أو‬
‫األيديولوجيات أو المعتقدات‪ .‬جعلت هجماته المباشرة ضد الكنيسة أو البيروقراطية أو‬
‫السياسيين منه أحد أكثر الشخصيات انتقا ًدا على الساحة األدبية األيبيرية األمريكية‪ .‬يبدو أن‬
‫رواية فرناندو فاليخو ظهرت من العنف الكولومبي ‪ ،‬تقريبًا في معارضة "الواقعية السحرية"‬
‫لمواطنه غابرييل غارسيا ماركيز وعمله األكثر رمزية ‪ ،‬مائة عام من العزلة‪ .‬إن المثلية‬
‫الجنسية ‪ ،‬والمساحات المرنة والهامشية ‪ ،‬والروتين‪ .‬العنيف والسرعة التي تربط بها بين‬
‫الحاضر والماضي في نسيج سردي واحد تخلق هذا الجو العنيف والضار والغنائي الذي يميز‬
‫ضا بإهاناته لكولومبيا أو ردود أفعاله المتناقضة على الجوائز‬ ‫عمل فاليجو‪ .‬وهو معروف أي ً‬
‫التي ُنشرت عام ‪ La virgen de los sicarios ،‬والمظاهر االجتماعية‪ .‬تشمل رواياته‬
‫‪ 1994‬وتم تحويلها إلى فيلم لباربيت شرودر عام ‪ ، 2000‬يروي العالم الدنيئ والعنيف‬
‫لتهريب المخدرات في ميديلين في أيام بابلو إسكوبار‪ .‬يشكل النص نق ًدا اجتماعيًا شرسًا‬
‫ً‬
‫‪.‬وتاريخا حضريًا وعالمًا سفليًا‬
‫مؤامرة ‪2.‬‬
‫محور فيرجن هو األحداث التي حدثت حول العالقة بين فرناندو وأليكسيس ‪ ،‬في‬
‫الجزء األول ‪ ،‬وفرناندو وويلمار ‪ ،‬في الجزء الثاني‪ .‬لكن القصة الثانية هي تكرار‬
‫للقصة األولى‪ .‬تم بناء هذه القصة المكررة للعالقات‪ .‬بين كتلتين من ثالث سالسل‪:‬‬
‫رحلة ‪ Alexis ،‬وتذكر طفولة سعيدة ‪ ،‬رحلة مع ‪ Alexis‬مع ‪ Sabaneta‬رحلة إلى‬
‫إلى الكوميونات والتحقق من البؤس والتعاسة ؛ زيارة سابانيتا مع ويلمار وإحياء‬
‫ذكرى الطفولة السعيدة‪ .‬رحلة مع ويلمار ‪ ،‬وزيارة المدرج وإدراك عدم جدوى‬
‫‪.‬الحياة‪ .‬الكسيس وويلمار "أسماء القتلة" (ص ‪)9 ،‬‬
‫تبدأ القصة بعودة رجل ناضج يدعى فرناندو ‪ ،‬مثقف ‪ ،‬إلى البالد بعد سنوات عديدة‬
‫من الغياب ‪ ،‬وعلى وجه الخصوص إلى مسقط رأسه ‪ ،‬ميديلين‪ .‬فرناندو هذا كاتب‬
‫نحوي وكاتب‪ .‬بدون شك إنه نفس فرناندو فاليجو‪ .‬لكن عندما عاد إلى مدينته ‪ ،‬وجد‬
‫‪.‬أشياء مختلفة كثيرة عما كان يعرفه ‪ ،‬ال سيما حالة العنف‬
‫مثلي الجنس ‪ ،‬يبحث عن عاشق صغير ويلتقي الكسيس صبي من الكوميونات‪.‬‬
‫سرعان ما يكتشف أن هذا الصبي هو قاتل محترف‪ .‬تدور أحداث القصة بعد وفاة‬
‫بابلو إسكوبار في عام ‪ ، 1993‬مما جعل عصابات القتلة الذين كانوا في خدمة أكبر‬
‫أباطرة المخدرات يفقدون الوظائف التي وفرتها لهم المافيا‪ .‬يتجول القتلة في المدينة‬
‫ويرتكبون العديد من الفظائع‪ .‬واحد منهم هو أليكسيس ‪ ،‬عاشق فرناندو‪ .‬كالهما يقوم‬
‫بجولة في المدينة ‪ ،‬وخاصة زيارة المعابد ‪ ،‬ويربط فرناندو ذكريات طفولته بما يراه‬
‫في الوقت الحاضر ‪ ،‬بينما يصبح أليكسيس مالك الموت ‪ ،‬ويقتل كل من يعترض‬
‫‪.‬طريقه ويثير االستياء من كليهما‬
‫وصلت المسرحية ذروتها عندما قتل اثنان من القتلة الكسيس على دراجة نارية‬
‫أليكسيس‪ .‬هذا يقود فرناندو للبحث‪ .‬عن القاتل‪ .‬في بحثها ‪ ،‬تلتقي بصبي آخر تبدأ معه‬
‫‪.‬عالقة في نفس الظروف مثل السابقة‬
‫ضا رجل ناجح ‪ ،‬اسمه ويلمار ويربطه فرناندو تمامًا بأليكسيس‪ .‬بالطريقة‬ ‫هذا الولد الثاني هو أي ً‬
‫نفسها ‪ ،‬ال يزال ويلمار هو المالك المُبيد أثناء اتباع خط سير زيارة المعابد ‪ ،‬حتى أخبر ال‬
‫بالجا ‪ ،‬صديق أليكسيس ‪ ،‬فرناندو أن ويلمار هو الذي قتل ألكسيس ‪ .‬عندما يريد فرناندو قتله‬
‫‪.‬لالنتقام ‪ ،‬ال يجرؤ ألنه يحبه وألن ويلمار يخبره أنه قتل ألكسيس ألنه قتل شقيقه‬
‫تحدث ختام المسرحية عندما يطلب فرناندو من ويلمار مغادرة البالد ‪ ،‬لكن الصبي يخبره أنه‬
‫يريد العودة إلى المنزل لتوديع والدته‪ .‬فرناندو ينتظره في الشقة ‪ ،‬لكنه يتلقى مكالمة من‬
‫السلطات تخبره بضرورة الذهاب والتعرف على جثة صبي لديه رقم هاتفه‪ .‬عندما ذهب‬
‫‪.‬فرناندو إلى المشرحة ‪ ،‬اكتشف أنها ويلمار‬

‫العنف‬

‫في هذا الجزء سوف نقدم تعري ًفا عامًا لمفهوم "العنف"‪ .‬وسنتناول السياق التاريخي للعنف في‬
‫كولومبيا لتوضيح أحداث العنف وأسبابها في مسألة الدراسة الخاصة بالعمل‪ .‬ثم سأتحدث عن‬
‫الجوانب السياسية والجوانب ‪ La Virgen de los Sicarios:‬جوانب العنف في عمل‬
‫‪.‬االجتماعية واالقتصادية والجوانب الطبيعية‬

‫كما يقولون ‪ ،‬فإن اإلنسان بطبيعته نزاع ‪ ،‬لكنه سلمي أو عنيف بحكم ثقافته‪ .‬العنف البشري‬
‫ليس في جيناتهم ولكن في بيئتهم‪ .‬لذا ‪ ،‬فإن العنف هو أحد المشاكل التي عانت منها البشرية‬
‫عبر التاريخ كله‪ .‬العنف كلمة تظهر في كثير من الخطب وحتى في الصحف‪ .‬لكن معالجة هذا‬
‫‪.‬المصطلح‪ .‬وجوانبه في األدبيات تتطلب تعري ًفا ثاب ًتا لكلمة العنف‬
‫لذلك يبدو لي من المهم معرفة ما هو العنف؟ ص‬
‫‪.‬ما هي جوانبها؟ سيصبح هذا واضحً ا في األسطر التالية‬
‫العنف هو االستخدام المفرط للقوة (الجسدية أو النفسية) من قبل الشخص العنيف أو المعتدي‬
‫لتحقيق أهداف تتعارض مع إرادة الضحية أو الضحية‪ .‬لكن يمكن أن ينطلق العنف ليس فقط‬
‫ضد الناس ‪ ،‬ولكن ضد الحيوانات (القسوة على الحيوانات) ‪ ،‬والنباتات ‪ ،‬واألشياء الفنية أو‬
‫الدينية ‪ ،‬والبيئات الطبيعية أو البيئية (التلوث البيئي)‪ .‬يمكن التحريض عليه بمحفزات مختلفة‬
‫ضا باإلجراءات المختلفة لإلذالل أو التهديد‬‫ضا إظهار نفسه بطرق متعددة مرتبطة أي ً‬ ‫ويمكنه أي ً‬
‫أو الرفض أو المضايقة أو العدوان اللفظي أو العاطفي أو المعنوي أو الجسدي‪ .‬يمكن أن تكون‬
‫النتيجة ‪ -‬وفي جميع الحاالت تقريبًا ‪ -‬إصابة أو تدمير جزئيًا أو كليًا لكائن بشري أو‬
‫مجموعة ‪ ،‬من ناحية ؛ حيوان أو من نوع طبيعي آلخر ؛ أو األشياء والسلع والممتلكات نادرً ا‬
‫‪.‬ما تكون مملوكة وغالبًا ما تكون أجنبية أو شائعة‬

‫على الرغم من وجود العديد من التعريفات والنظريات حول العنف مثل نظرية جيرارد مارتن‬
‫‪ ، 3.‬المتخصص في دراسة العنف في كولومبيا ‪ ،‬أو نهج دي ألونسو ساالزار ج‬

‫يُعرِّ ف فرانكو العنف على أنه أي شكل من أشكال ‪ Saúl Franco .4‬سأركز فقط على نظرية‬
‫التفاعل البشري الذي ‪ ،‬من خالل القوة ‪ ،‬ينتج األذى لآلخر من أجل تحقيق غاية‪ .‬العنف ليس‬
‫‪.‬غاية ‪ ،‬بل وسيلة لتحقيق غاية معينة‬
‫‪":‬معاني مصطلح "العنف‬

‫التي "‪ "Vis‬مصطلح "عنف" مشتق من الالتينية "عنيفة" التي تتكون من كلمتين ؛ واحد هو‬
‫الذي يعني "يحمل"‪ .‬هذا "‪ "Fero‬الفعل الماضي من الفعل ‪ Lotus ،‬تعني "القوة أو القدرة" و‬
‫‪".‬يعني أن هذا المصطلح‪ .‬الالتيني يعني منذ البداية "استخدام القوة ضد شيء ما أو شخص ما‬
‫‪".‬إنه اسم مؤنث للفعل "ينتهك" من نفس الجذر يأتي صفة "عنيف" والظرف "بعنف‬
‫هناك العديد من المعاني النفسية لمصطلح "العنف" ‪ ،‬وسنقدم بع ً‬
‫ضا منها لفهم هذا المفهوم‬
‫‪.‬بشكل أفضل‬

‫من وجهة النظر اإلسبانية "العنف" هو حالة نفسية تحدث عند الشعور أو سماع أو رؤية شيء‬
‫ما أو شخص ما مما يولد توترً ا داخليًا‪ .‬بمعنى آخر ‪ ،‬العنف هو الموقف العقلي الذي يجد فيه‬
‫الشخص نفسه ‪ ،‬في حين أن الفعل الذي يقوم به نفس الشخص كرد فعل متزامن يسمى جانب‬
‫‪.‬العنف‬

‫العنف في كولومبيا‬
‫كولومبيا بلد عانى العديد من أنواع العنف ‪ ،‬ولكن في القرن العشرين ‪ ،‬وخالل القرن الحادي‬
‫والعشرين ‪ ،‬اشتدت الصراعات المتعلقة بالعنف السياسي‪ .‬االفتقار إلى المشاركة السياسية ‪،‬‬
‫وعدم المساواة ‪ ،‬وعدم الحصول على األراضي ‪ ،‬والسياق الدولي ؛ هناك العديد من األسباب‬
‫‪.‬التي تفسر ظهور العنف السياسي في كولومبيا‬
‫مع مرور الوقت ‪ ،‬ولدت مجموعات حرب العصابات‪ .‬مثلت هذه جزءًا من الخالف الشعبي مع‬
‫الوضع السياسي الذي كان قائما ً في ذلك الوقت ‪ ،‬لكنها كانت أي ً‬
‫ضا نتيجة النتشار عالمي‬
‫للحركات اليسارية ؛ في هذه الحالة خارج القانون‪ .‬يصف هذا الصوت والدة الجيل األول من‬
‫‪.‬رجال حرب العصابات الرئيسيين في كولومبيا‬
‫كانت مبادئ العنف في المجتمع الكولومبي حروبًا أهلية‪ .‬منذ منتصف القرن التاسع عشر ‪ ،‬تم‬
‫تسويق كولومبيا بثماني حروب أهلية متتالية بسبب الخالف بين الحزبين (الليبرالي والمحافظ)‬
‫الذي تنازع على السلطة‪ .‬إحدى هذه الحروب هي حرب األلف يوم من عام ‪ 1899‬إلى عام‬
‫‪ .1902‬كانت آخر حرب أهلية في كولومبيا في القرن التاسع عشر ‪ ،‬وهي الحرب األطول‬
‫واألكثر دموية‪ .‬نشأت من معارضة الليبراليين لحكومة التجديد المحافظة والبحث عن إصالح‬
‫لدستور ‪ 1886‬الذي يعتبر سلطويًا‪ .‬في هذه الحرب قتل ما يقرب من مائة ألف شخص وكان‬
‫‪.‬تأثيرها تعزيز التوتر بين العرضين‬
‫بعد حرب األلف يوم ‪ ،‬تمكن المحافظون من السيطرة على الحياة السياسية من عام ‪ 1902‬إلى‬
‫عام ‪ .1930‬لكن الليبراليين‪ .‬حكموا بعد سقوط حزب المحافظين بسبب انقسامه واستمروا في‬
‫تولي السلطة حتى عام ‪ ، 1946‬وهو العام الذي ولد فيه ماريانو المحافظ‪ .‬أوسبينا بيريز إلى‬
‫‪.‬الرئاسة‬
‫كما تم تشكيل جيش التحرير الوطني ‪ ،‬ولكن على عكس القوات المسلحة الثورية لكولومبيا ‪،‬‬
‫تحت تأثير أكبر بكثير من الثورة الكوبية‪ .‬في الواقع ‪ ،‬يُعتقد أن لديهم عالقة وثيقة مع فيدل‬
‫ضا من تكتيكات تشي جيفارا القتالية‪ .‬وجد كل من‬ ‫‪ FARC ،‬و ‪ ELN‬كاسترو وأنهم تعلموا بع ً‬
‫وبشكل عام جميع مجموعات حرب العصابات ‪ ،‬الظروف الالزمة لتبرير ظهورهم في‬
‫مرحلة ( ‪: La Violencia‬الصراع الذي شهدته كولومبيا في النصف األول من القرن العشرين‬
‫من هذه المرحلة ولدت الجبهة ‪).‬سابقة من المواجهة الحزبية بين المحافظين و الليبراليين‬
‫الوطنية الحل السياسي الذي قدمه تحالف الحزبين ‪ ،‬في نفس الوقت الذي ترسخ فيه كتهديد‬
‫‪.‬خطير للمشاركة السياسية وبشكل عام على الممارسة الديمقراطية نفسها‬
‫ضا رجال حرب عصابات في المناطق الحضرية‪ .‬إنه الجيل‬ ‫ومع ذلك ‪ ،‬كان لدى كولومبيا أي ً‬
‫حرب ‪ M19 ،‬الثاني من هذا النوع من الجماعات الخارجة عن القانون‪ .‬هذه هي حالة‬
‫العصابات المعروفة بغاراتها الرمزية ‪ ،‬مثل سرقة سيف سيمون بوليفار ‪ ،‬ولكن أيضًا في‬
‫‪.‬فترات حزينة في التاريخ الوطني ‪ ،‬مثل االستيالء على قصر العدل في ‪ 6‬نوفمبر ‪1985‬‬
‫اتسمت المراحل األولى من حرب العصابات التي نشأت في كولومبيا بفترات من الخمول ‪The‬‬
‫‪.‬ركزت فيها الجماعات المسلحة على السيطرة‬
‫للمساحات الصغيرة‪ .‬من التراب الوطني ‪ ،‬كما هو موضح في الصوت التالي‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن‬
‫‪.‬األمور ستتغير بمرور الوقت‬
‫في عام ‪ ، 1924‬كان هناك إضراب نظمه راؤول إدواردو ماهيشا حيث اشتكى العمال من‬
‫‪.‬ظروف العمل الالنهائية واألجور المنخفضة فيما يتعلق بالعمال األجانب في نفس الوظائف‬
‫بعد بضع سنوات ‪ ،‬بدأ إضراب آخر في عام ‪ ، 1927‬للمطالبة بزيادة األجور ‪ ،‬والضمان‬
‫االجتماعي ‪ ،‬وراحة يوم األحد ‪ ،‬والعمل لمدة ثماني ساعات ‪ ،‬وتحسين الظروف الغذائية‬
‫والصحية‪ .‬لكن األمر األكثر مأساوية هو المواجهة العنيفة بين الشرطة والمضربين‪ .‬عام‬
‫‪ .1928.‬نظمه ماهيشا مما أدى إلى إعالن حالة الحصار وسجن القادة ومقتل العديد من الناس‬
‫كان من بين األحداث التي أدت إلى تفاقم العنف في كولومبيا اغتيال زعيم الحزب الليبرالي‬
‫‪ "el‬خورخي إلييسير غايتان في وسط بوغوتا عام ‪ .1948‬وقد عُرف هذا الحدث باسم‬
‫ضا لويس كارلوس غاالن ‪bogotazo" 5 ،‬‬ ‫والذي عدل نمط العنف من الخفي إلى افتح‪ .‬أي ً‬
‫الذي كان مرشحً ا لرئاسة كولومبيا في عامي ‪ 1982‬و ‪ ، 1986‬اغتيل في عام ‪ 1989‬خالل‬
‫‪.‬إحدى أحداث حملته الرئاسية األخيرة ‪ ،‬على يد قتلة بأوامر من ميديلين كارتل‬
‫لم يكن االتجار بالمخدرات مجرد وقود للمغاوير والنزاع المسلح ‪ ،‬بل شجع أيضًا على ظهور‬
‫أنواع أخرى من المنظمات خارج القانون‪ .‬كانت الثمانينيات فترة انتقالية بدأ فيها حجم الصراع‬
‫في االزدياد ‪ ،‬مع تداعيات خطيرة على الحياة الوطنية في السنوات التالية‪ .‬ثم ظهرت‬
‫المجموعات األولى من الجماعات شبه العسكرية من تجارة المخدرات‪ .‬في البداية تم تركيبهم‬
‫كأذرع مسلحة لمنظمات المافيا في البالد ‪ ،‬على الرغم من أنهم الح ًقا كانوا يكملون أعمالهم‬
‫العسكرية ببعض السياسات ‪ ،‬خاصة فيما يتعلق باليمين المتطرف الكولومبي‪ .‬بمرور الوقت ‪،‬‬
‫وبدأت صفحة مظلمة أخرى في ‪ AUC ،‬تم إنشاء قوات الدفاع الذاتي المتحدة في كولومبيا‬
‫‪.‬التاريخ الوطني‬
‫حدثت هذه الحقيقة عندما عُقد المؤتمر التاسع للبلدان األمريكية في المدينة المذكورة (وكانت‬
‫نتائجه الرئيسية هي توقيع ميثاق بوغوتا ‪ ،‬وقد أدت هذه الشخصية في التاريخ السياسي‬
‫الكولومبي إلى معارضة النظام المحافظ لماريانو أوسبينا بيريز (‪ ، )1950-1946‬مما يدل‬
‫‪.‬على راديكالية الليبرالية ضد الفساد اإلداري والتزوير االنتخابي‬
‫مع التوتر الشعبي والروح الثورية التي اكتسبها الليبراليون‪ .‬بسبب اغتيال خورخي إلييسير‬
‫غايتان ‪ ،‬اندلعت فترة عنف قاسية للغاية في كولومبيا من عام ‪ 1949‬إلى عام ‪ ، 1953‬أطلق‬
‫عليها "الموجة األولى من العنف"‪ .‬كان الدافع وراء هذه الموجة هو العوامل الثالثة لحملة عام‬
‫‪ 1949‬التي انتشرت باالستراتيجية السياسية ‪ ،‬األمر الذي دخل في صراع مع األحزاب‬
‫التقليدية‪ .‬إن استقرار المجموعة المحافظة في السلطة ‪ ،‬واستخدام الشرطة في حملة اضطهاد‬
‫وإعالن المقاومة المدنية من قبل الحزب الليبرالي المضطهد ‪ ،‬هي العوامل الثالثة التي تقضي‬
‫‪.‬على الصدمة وبالتالي العنف الحتمي‬
‫لم يكن الوضع يسيطر عليه الكراهية والخالف السياسي فحسب ‪ ،‬بل ساءت األمور أيضًا ؛ منذ‬
‫أن تم تنظيم حرب العصابات بشكل أفضل‪ .‬فتزايدت المجازر والحرائق في جميع المناطق‪.‬‬
‫ونتيجة للعواقب والعنف والفوضى هزت البالد وسمت في التاريخ فترة جديدة من التحلل في‬
‫‪.‬كولومبيا‬
‫عُرفت الفترة من ‪ 1949‬إلى ‪ 1953‬بعام الهدنة‪ .‬لكنها لم تكن هدنة سلمية بالكامل ولكنها‬
‫اعتبرت نقطة انطالق الفترة المسماة "الموجة الثانية من العنف" التي تعود إلى ‪ 1954‬إلى‬
‫‪ .1957‬وقد تميزت هذه الموجة ببعض األحداث الخاصة‪ .‬في هذه الموجة ‪ ،‬واجه الشعب‬
‫والجيش الموت ‪ ،‬مما أدى إلى إحداث سلسلة من العنف أكثر حدة مما حدث في الموجة‬
‫‪.‬األولى‬
‫في عام ‪ 1953‬بدأت حكومة العقيد غوستافو روخاس بينيال ‪ ،‬واليته بدعوة من أجل السالم‪.‬‬
‫وهو يظهر توجهه السلمي ‪ ،‬إذ خاطب األفراد المشاركين في أعمال مناهضة للسلطة العامة‬
‫الذين قدموا أنفسهم طواعية أمام السلطات العسكرية‪ .‬لذلك كانت أعمال العنف أكثر ندرة‪ .‬لكن‬
‫بعد ذلك بقليل ‪ ،‬عادت أعمال العنف للظهور مرة أخرى في بعض أجزاء البالد حتى أصبحت‬
‫عمالً يوميًا‬
‫من عام ‪ 1957‬إلى حوالي عام ‪ ، 1965‬شهدت كولومبيا أعمال عنف تسمى "العنف‬
‫المتأخر"‪ .‬تم تأطير هذا العنف في فترة "الجبهة الوطنية" ‪ .7‬في هذه الفترة من العنف ‪ ،‬مارس‬
‫المجرمون العنف من أجل المصالح الخاصة ‪ ،‬التي لم يعد دافعها يمثل المثل األعلى ‪ ،‬ولم يتم‬
‫نصحهم أو توجيههم من قبل أعضاء الحكومة العليا المجاالت ‪ ،‬وال حتى الدوافع الدينية التي‬
‫حفزتهم ‪ ،‬لكنهم قدموا أنفسهم على أنهم مجرمون محترفون ‪ ،‬بدون حزب وبدون أيديولوجية ‪،‬‬
‫اعتادوا على ارتكاب الجرائم ‪ ،‬ونفذوا ما كانوا يعرفون ببساطة كيف يفعلونه‬
‫‪:‬االقتصاد الكولومبي‪ .‬بالعنف‬
‫كان القرن العشرين الكولومبي‪ .‬فترة تحوالت عميقة حدثت في سياقات متناقضة من الحرب‬
‫والسالم ‪ ،‬واالستبداد والديمقراطية ‪ ،‬والحمائية وتحرير األسواق‪ .‬يمكن التأكيد على أنه في‬
‫ذلك القرن ‪ ،‬سلك االقتصاد والمجتمع الكولومبي الطريق نحو الحداثة جنبًا إلى جنب مع إنتاج‬
‫وتصدير البن ثم التصنيع الح ًقا‪ .‬نمت الصناعة الكولومبية‪ .‬بنسبة ‪ ٪ 5.8‬بين عامي ‪ 1925‬و‬
‫‪ ، 1928.‬وهو معدل أعلى من ‪ ٪ 4.9‬الذي نما فيه االقتصاد في نفس الفترة‬
‫ظهرت المصانع المخصصة إلنتاج السلع االستهالكية المحلية مثل البيرة والشوكوالته‬
‫والمباريات والصابون والمنسوجات وما إلى ذلك في بوغوتا وميديلين ‪ .‬وبنفس الطريقة ‪ ،‬ارتفع‬
‫سعر البن وصادراته في نهاية العقد األول من القرن العشرين وبين عامي ‪ 1924‬و ‪، 1928‬‬
‫في سياق تطور إيجابي لشروط التبادل التجاري وزيادة االستثمار األجنبي الموجه إلنتاج‬
‫‪.‬منتجات أخرى‪ .‬منتجات مثل الزيت والموز‬
‫بدءًا من الثالثينيات من القرن الماضي ‪ ،‬اتبعت الدورة االقتصادية الكولومبية عن كثب‬
‫التقلبات في أسعار القهوة ‪ ،‬في حين ظهرت مجموعة من الصناعيين الذين تمكنوا من الوصول‬
‫إلى التمويل والسلع الرأسمالية في الخارج بفضل الظروف المواتية الناتجة عن صادرات البن‪.‬‬
‫وهكذا ‪ ،‬فإن تحديث الدولة والتنمية االقتصادية والسياسة االقتصادية تأثرت بقوة بالرجال الذين‬
‫يقفون وراء البن واإلنتاج الصناعي ‪ ،‬من هم هؤالء الناس؟ ما هو مصدرها؟ كيف أثروا على‬
‫السياسة العامة والتنمية االقتصادية الكولومبية بين عامي ‪ 1930‬و ‪1990‬؟ يتم تناول كل هذه‬
‫‪.‬األسئلة أدناه‬
‫بين بداية القرن العشرين ومنتصفه ‪ ،‬ولدت الشركات والمؤسسات التي أصبحت مع مرور‬
‫الوقت العضالت والدعم لالقتصاد ‪ ،‬ولكن في السنوات األولى أبحر حكام كولومبيا بشكل‬
‫أعمى في بلد يفتقر إلى التنظيم ‪ ،‬وكان مجزأ ومنقسما‪ .‬بالمواجهة‬
‫السياسة ‪ ،‬عاشت تداعيات حروبها وحروب اآلخرين وتفتقر إلى الضوابط والتوجيه في إدارة‬
‫‪.‬المالية واإلنفاق العام والميزانية‬
‫منذ ذلك الوقت (‪ )1923‬كان إفالس بنك بانكو لوبيز ‪ ،‬األهم في سوق البن الوطني ‪ ،‬والذي‬
‫‪.‬نفد السيولة وأدى إلى الذعر للمدخرين ‪ ،‬في خضم أزمة اقتصادية معممة‬
‫مع هذه النظرة القاتمة ‪ ،‬وصلت بعثة كيميرر إلى كولومبيا في عام ‪ ، 1923‬بتعاقد مع حكومة‬
‫‪.‬بيدرو نيل أوسبينا ‪ ،‬بعد أزمة تجارية ومالية تسببت في استقالة الرئيس ماركو فيديل سواريز‬
‫بعد ست سنوات ‪ ،‬في أبريل ‪ ، 1929‬ولدت بورصة بوغوتا (البورصة‪ .‬الكولومبية اليوم) ‪،‬‬
‫والتي قدمت جولتها األولى في مكان السباق في وسط المدينة‪ .‬على حد تعبير كاتب العمود‬
‫كان وجود بورصة بوغوتا أمرً ا أساسيًا لتعزيز رسملة " ‪Carlos Caballero Argáez ،‬‬
‫وتوسيع الشركات الخاصة في الثالثينيات واألربعينيات من القرن الماضي ‪ ،‬وهي العقود التي‬
‫كانت مجتمعة للنمو االقتصادي واالندفاع الصناعي" ‪ .7‬ابتدا ًء من الثالثينيات ‪ ،‬ظهر‬
‫الصناعيون الذين تمكنوا من الحصول على تمويل للسلع الرأسمالية في الخارج بفضل‬
‫الظروف المواتية الناتجة عن صادرات البن‪ .‬يشير منشور صادر عن الشبكة الثقافية لبنك‬
‫الجمهورية إلى انطالق عملية التصنيع في البالد في عام ‪ 1920‬بفضل مزيج من عدة‬
‫عناصر‪" :‬قوة عاملة منضبطة ‪ ،‬وتقنية عقالنية ‪ ،‬وسوق داخلية مكفولة بشبكة السكك الحديدية‬
‫‪ ".‬والطرق ‪ ،‬وقانون العمل البدائي ‪ ،‬الدولة الحمائية وتنظيم األعمال للعمل‬
‫في القرن العشرين ‪ ،‬لعبت النقابات والنقابات دورً ا رئيسيًا في التنمية ‪ .‬ويعني تقويتها وجود ثقل‬
‫موازن لقرارات الحكومة والدفاع عن مختلف القطاعات االقتصادية وقطاعات العمل‪ .‬كانت‬
‫كولومبيا قادرة على النهوض من أزمتين انهار فيهما نمو االقتصاد‪ :‬أزمة عام ‪ ، 1929‬عندما‬
‫كانت ‪ ، ٪2.8-‬وأزمة عام ‪ ، 1999‬عندما كان االنخفاض ‪ ، ٪4.3-‬وهي نكسة كبيرة لتلك‬
‫اللحظات‪ .‬حدث معلم بارز في تطور البالد في عام ‪ ، 1972‬عندما أنشأ الرئيس آنذاك ميشيل‬
‫والتي سعت لتكون حالً الئتمان اإلسكان ‪ (Upac) ، ،‬باسترانا وحدة القوة الشرائية الثابتة‬
‫وأجازت إنشاء شركات االدخار واإلسكان‪ .‬مكنت آلية القيمة الثابتة هذه لالدخار والمديونية‬
‫ً‬
‫مرتبطا‪ .‬تقدمت‬ ‫واالئتمان طويل األجل لإلسكان من تمييز البناء و ‪ 32‬قطاعًا صناعيًا‬
‫الشركات بفضل االستثمارات المحلية واألجنبية في األسمنت والصلب‪ .‬والخشب والبورسلين‬
‫‪.‬للبناء والزجاج واأللمنيوم والخدمات المعمارية والهندسية والنقل‬
‫في نهاية القرن ‪ ،‬انهار هذا النظام في خضم أزمة مالية اجتاحت العديد من البنوك وفقد العديد‬
‫من المدينين منازلهم بسبب االرتفاع المفرط في أسعار الفائدة ‪ ،‬مما أدى إلى ارتفاع قيمة‬
‫والتي تعتبر اليوم الدعامة ‪ (UVR) ،‬القروض وأقساطها‪ .‬ثم جاءت وحدة القيمة الحقيقية‬
‫‪.‬األساسية لقروض الرهن العقاري‬
‫في القرن العشرين ‪ ،‬ولدت ونمت المؤسسات العامة والخاصة والقطاعية واإلقليمية ‪ ،‬وتم‬
‫وضع الالئحة األولى للحد األدنى لألجور ‪ ،‬وتم الترويج للسياسة العامة لتحديد النسل ‪ ،‬وتم‬
‫إطالق العنان للهجرة من الريف إلى المدن ودخلت النساء سوق العمالة الجماعية‪ .‬في رحلته ‪،‬‬
‫يؤكد فرناندو ‪ ،‬بطل رواية روايتنا ‪ ،‬أن الشعب الكولومبي مستمر في التدهور ‪ ،‬والدليل على‬
‫ذلك أنه حتى الطرق الرئيسية ال تزال غير معبدة ‪ ،‬وخيانة الحكومة اليوم هي التي ال تلتزم ما‬
‫‪.‬وعد به‬
‫‪ Acerías Paz del‬ولدت بعض الشركات التي ميزت التصنيع بمبادرة من الحكومة ‪ ،‬مثل‬
‫في عام ‪ ، 1948‬والتي تم توحيدها في الستينيات باعتبارها شركة الصلب المتكاملة ‪Río ،‬‬
‫‪ .‬الوحيدة في البالد ‪ ،‬والمسؤولة عن أكثر من ‪ ٪ 30‬من إنتاج الصلب‬
‫في السبعينيات ‪ ،‬تم تعزيز القطاع التعاوني الذي بدأ إنشائه في عام ‪ .1959‬في عام ‪1975‬‬
‫كان هناك ‪ 1750‬تعاونية تضم ‪ 1.5‬مليون عضو‪ .‬في العقد األخير من القرن العشرين ‪ ،‬جاء‬
‫‪ César‬تدويل االقتصاد مع الرئيس فيرجيليو باركو وما يسمى باالنفتاح االقتصادي لـ‬
‫في خضم عملية تأسيسية جمعت جميع القطاعات السياسية في البالد والتي انتهت‪Gaviria ، .‬‬
‫مع تغيير دستور عام ‪ ، 1886‬وصول االنتخابات الشعبية لرؤساء البلديات والمحافظين ونائب‬
‫الرئيس ووالدة الوصاية ‪ ،‬وهي أداة قانونية ارتفع استخدامها بين المواطنين‪ .‬للمطالبة بحقوق‬
‫‪.‬مثل الصحة ‪ ،‬والتي تم رفضها وتأجيلها لفترة طويلة‬

‫‪:‬دور المرأة‬
‫يعود جزء كبير من هذه التغييرات في التنمية إلى تقدم التعليم ‪ ،‬الذي لم يكن لديه في بداية‬
‫القرن البنية التحتية المادية ‪ ،‬والتي تم التغلب عليها ‪ ،‬وكذلك وصول النساء إليها ‪ ،‬وهي حقيقة‬
‫ال يمكن تصورها في بداية ومنتصف القرن العشرين ‪ ،‬عندما كان من االستثنائي رؤية امرأة‬
‫في فصل دراسي بالجامعة‪ .‬دخلت أول امرأة التعليم العالي في كولومبيا في عام ‪.1935‬‬
‫وبحلول عام ‪ ، 1965‬زاد وجودهن إلى ‪ .٪35‬بحلول عام ‪ 1985‬كانت قد وصلت إلى‬
‫‪ .٪49‬هذا ‪ ،‬وحقيقة أنه في ‪ 25‬أغسطس ‪ 1954‬سُمح لها بالحق في التصويت ‪ ،‬سهّل على‬
‫‪.‬النساء دخول سوق العمل وأن لدينا اليوم تخصصات مختلفة مع مساهمتها في نمو المجتمع‬
‫ال ينكر أي خبير اقتصادي أن االتجار بالمخدرات على مستوى التنمية قد ترك بصمة عميقة ‪،‬‬
‫ليس فقط بسبب األموال التي يتم تداولها وتداولها على جميع المستويات ‪ ،‬ولكن أيضًا بسبب‬
‫التسرب في المجتمع والرسائل التي تحملها‪ .‬أرسل األموال السهلة وسمعة المجتمع‬
‫الكولومبي ‪ ،‬وتغيير الهياكل االجتماعية ‪ ،‬وتعديل سلوك األجيال الجديدة ‪ ،‬والتسبب في صورة‬
‫‪.‬سيئة للبالد على الساحة الدولية ‪ ،‬والتي ال تزال تشكل عبًئ ا‬
‫‪:‬تأثير العنف على األدب الكولومبي‬
‫هناك أحداث مثل حرب األلف يوم ‪ ،‬والنضال بين الحزبين ‪ ،‬ووقوع تهريب المخدرات‬
‫والصراع‪ .‬المسلح التي نشأت خالل القرنين العشرين والحادي والعشرين ‪ ،‬تدل على محتوى‬
‫واسع النطاق كتب عليه األدب في كولومبيا‪ .‬وهذا يقود إلى اإلشارة إلى أن بعض أحداث‬
‫العنف في تاريخ البالد كان لها تأثير على اإلنتاج الفني للروايات وأي ً‬
‫ضا على الطريقة التي‬
‫‪.‬يتظاهر بها الكتاب بتمثيل العنف وف ًقا للسياق االجتماعي والسياسي المحيط بهم‬
‫نشأت لحظة أخرى من المواجهة وزيادة كبيرة في إنتاج الرسائل في كولومبيا حول موضوع‬
‫العنف ‪ ،‬من الصراع‪ .‬بين الحزبين في منتصف القرن العشرين ‪ .‬أثر الصراع على السلطة‬
‫السياسية بشكل ملحوظ على البنية االجتماعية للبلد ‪ ،‬أي أن آالف الفالحين أجبروا على التخلي‬
‫‪.‬عن أراضيهم األصلية بسبب المشاجرات بين الطرفين المتعارضين (الليبراليين والمحافظين)‬
‫مثل هذا النزوح وظروف البؤس الواضحة في حد ذاتها على المواجهات ‪ ،‬حفزت كتابة‬
‫قصص ال حصر لها أظهرت ‪ ،‬من ناحية ‪ ،‬أهوال الحرب بطريقة مخيفة وصريحة ‪ ،‬ومن‬
‫‪.‬ناحية أخرى ‪ ،‬سمحت باالنفتاح على سيناريو واعي حول معاملة العنف‬
‫في األدب الكولومبي‪ .‬المعاصر ‪ ،‬يبدو أن تمثيل المجرم قد تم تقليصه ‪ ،‬بشكل متزامن ‪ ،‬إلى‬
‫شخصية القاتل المأجور‪ .‬في الثمانينيات ‪ ،‬أدى العنف السياسي في كولومبيا ‪ ،‬المتعلق باقتصاد‬
‫تهريب المخدرات ‪ ،‬إلى ظهور الرجل الضارب كموضوع اجتماعي كانت مهنته تكليف بقتل‬
‫رجال الشرطة والسياسيين والقوات شبه العسكرية والقضاة وغيرهم من القتلة‪ .‬يُعرِّ ف ماريو‬
‫فارغاس يوسا الرجل الضارب بأنه "فتى مراهق ‪ ،‬أحيا ًنا يبلغ من العمر اثني عشر أو ثالثة‬
‫عشر عامًا ‪ ،‬وُ لِد ونشأ في العالم السفلي الدارويني" للكوميونات "‪ ،‬وأحياء فقيرة للفقراء‬
‫والمشردين والمهمشين الذين كانوا يتسلقون المنحدرات من الجبال‪ .‬التي تحيط بمديلين "‪ .‬كان‬
‫العمل كقتلة مأجورين هو المورد الذي وجده مئات من شباب الطبقة الدنيا في المدن‬
‫مثل ميديلين أو كالي أو بوغوتا‪ .‬تم تجنيد هؤالء الشباب من قبل المنظمات اإلجرامية لالتجار‬
‫‪.‬بالمخدرات ‪ ،‬وأصبحوا جزءًا من سوق الجريمة‬
‫لقد وفرت األنشطة المتعلقة باالتجار بالمخدرات في كولومبيا عمالت أجنبية هائلة وولّدت‬
‫موارد كبيرة ‪ ،‬مما أدى إلى والدة عصابات قوية وتنافسية تعمل في إطار اقتصاد مختلط‬
‫(رسمي وغير رسمي)‪ .‬خالل الثمانينيات ‪ ،‬أفسح إنتاج وتصدير وتوزيع األدوية المجال لتوحيد‬
‫المنظمات المعروفة باسم "الكارتالت الكولومبية"‪ .‬بين عامي ‪ 1986‬و ‪ ، 1992‬حدث ما‬
‫يسمى بتعديالت الحساب وآليات أخرى للعنف مثل إرهاب المخدرات والحرب بين عصابات‬
‫‪.‬كالي وميديلين‬
‫على المستوى األدبي ‪ ،‬تمثل األعمال المنشورة منذ عام ‪ 1980‬ونهاية القرن العشرين معالجة‬
‫خيالية وشهادة للديناميكيات المشار إليها في الفقرات السابقة فيما يتعلق باالتجار بالمخدرات‪.‬‬
‫تكثر الروايات المحملة بأصوات الشهادات التي تقدم سر ًدا لتجارب الحرب واالختطاف‬
‫والتشريد واألحداث األخرى المستمدة من نشاط الصراع‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬تقدم بعض هذه‬
‫األعمال تمثياًل للواقع ال يشكك أو يتخذ موق ًفا بشأن الفعل العنيف ‪ ،‬ولكنه يتميز بسرد سلسلة‬
‫‪.‬من التجارب المؤلمة للحرب‬
‫وأخبار )‪ Fernando Vallejo (1994‬بواسطة ‪ La virgen de los sicarios‬عناوين مثل‬
‫‪ Jorge Franco Ramos‬لـ ‪ Rosario Tijeras‬و )‪ García Márquez (1996‬اختطاف‬
‫تضيف بال شك وجهات نظر وموضوعات جديدة للظاهرة ‪ ،‬لكن ال تشكك فيها ‪(1999) ،‬‬
‫‪.‬إمكانية التمثيل األخير للواقع الحقيقي‬
‫في الدراسة التي أجراها جيرالدو (‪ ، )2008‬تظهر الطريقة التي يتم بها تمثيل سرد اإلزاحة‬
‫بواسطة فرناندو فاليجو ‪ ،‬ومن )‪ ، La virgen de los sicarios (1994‬في عملين‪ :‬من ناحية‬
‫ناحية أخرى ‪ ،‬روزاريو تيجيراس (‪ )1999‬بواسطة خورخي فرانكو‪ .‬تم تأطير هاتين‬
‫الروايتين من خالل الوضع المعقد للقتلة في بلديات ميديلين (المناطق الهامشية والهامشية حيث‬
‫توقف اآلالف من النازحين بسبب العنف)‪ .‬إنهم يستجيبون للسياق االجتماعي الذي عاشته تلك‬
‫السنوات في هذه المدينة من البالد ‪ ،‬وبالمثل ‪ ،‬فهم يتعلقون بأسلوب السرد الذي ينوي كال‬
‫الكتابين تنفيذه‪ .‬الكتابة التي لها خصوصية في سرعة اإلجراءات وتركيز الموضوعات‬
‫مستمدة من فعل عنيف ساحق‪ .‬يتم توضيح المجتمع الذي يعيش في أزمة منهكه الفقر ويفتقر‬
‫أي ً‬
‫ض ا إلى القيم األخالقية التي تسمح بتحقيق نموذج مثالي للحياة في سالم‪ .‬وهكذا ‪ ،‬فإن "الدور‬
‫القيادي للمفكر المغترب الذي ينظر إلى المدينة على أنها نسيج أجنبي مدهش ‪ ،‬على عكس‬
‫أولئك الذين يعيشون من حالتهم الهامشية ‪ ،‬والذين يبدو أنهم يدركون دورً ا مقي ًدا فقط في منطقة‬
‫" ‪.‬جوارهم‬
‫للتعرف على بعض العناصر التي تشكل جزءًا من التكوين السردي لهذه الفترة التاريخية‪.‬‬
‫أوالً ‪ ،‬الطريقة التي يتم بها اقتراح الراوي من خالل شخصية شخصية تسرد ما يحدث حوله‬
‫نشطا فيه ؛ من خالل تصرفات‬ ‫ً‬ ‫أمر ال جدال فيه‪ .‬العنف يقع بالقرب منه ولكنه ليس مشار ًكا‬
‫الشخصيات األخرى ‪ ،‬من الممكن مالحظة األحداث التي تحدث في الزمكان وهذا الراوي‬
‫‪:‬يرى ويخبر ويعطي رأيه حول األحداث التي وقعت‪ .‬يظهر مثال على ذلك في الجزء التالي‬

‫أنا أتحدث عن الكومونات بممتلكات أولئك الذين يعرفونهم ‪ ،‬لكن ال ‪ ،‬لقد رأيتهم فقط من بعيد"‬
‫‪ ،‬وأنوارهم الصغيرة تنبض على الجبل وفي الليل الرهيب‪ .‬لقد رأيتهم ‪ ،‬حلمت ‪ ،‬تأملوا من‬
‫المدرجات من شقتي ‪ ،‬وتركت روحه القاتلة والشهية تمسك بي "‪( .‬فاليجو ‪ ،‬فرناندو ‪،‬‬
‫‪ ، 2003.‬ص ‪)30‬‬
‫يتم مالحظة الصراع من مسافة وسلبية عملية ‪ ،‬باإلضافة إلى أن الظروف يتم تقييمها من‬
‫‪.‬خالل الحكم النقدي ألولئك الذين يكرهون الوجود في بلد مثل كولومبيا‬
‫يشعر الراوي نفسه بأنه أجنبي في األرض التي ولد فيها ‪ ،‬لكن الغياب الذي عاشه لسنوات‬
‫عندما كان يعيش في بلدان مختلفة ‪ ،‬قاده إلى تكوين وجهة نظر نقدية حول التغيرات‬
‫االجتماعية والسياسية في ميديلين‪ .‬في كل خطوة يخطوها في مدينته األصلية ‪ ،‬يالحظ تحواًل‬
‫واضحً ا ‪ ،‬فالشخصيات التي ترافقه ‪ ،‬وهما في هذه الحالة اثنان من عشاقه ‪ ،‬تسمح له بتحديد‬
‫الزيادة والروتين اليومي للعنف في هذه األراضي الكولومبية ‪ .‬جرائم القتل والسرقة وعدم‬
‫المساواة والظلم االجتماعي هي‬
‫بانوراما يصادفها عندما يعود إلى وطنه ‪ ،‬عودة تمكن ‪ ،‬في ظل ممارسات اغتيال رفاقه ‪ ،‬من‬
‫إظهارها وقبولها كممارسات عنف عادية في مثل هذا السياق‪ .‬وهذه ظاهرة الموت الممثلة في‬
‫القاتل المأجور هي التي تجعل من الممكن تقديم رؤية للتغييرات وديناميكيات العنف التي كانت‬
‫‪.‬موجودة في كولومبيا ألكثر من قرن‬
‫‪:‬تم دمج القاتل في األدب والثقافة الجماهيرية ‪ ،‬وتحول إلى شخصية‪ .‬كما يؤكد فارغاس يوسا‬
‫باإلضافة إلى كونهم جزءًا من الحياة االجتماعية والسياسية لكولومبيا ‪ ،‬فإن القتلة يشكلون أيضًا‬
‫‪ ،‬مثل رعاة البقر في غرب أمريكا الشمالية أو الساموراي الياباني ‪ ،‬أساطير صاغها األدب‬
‫والسينما والموسيقى والصحافة والفانتازيا الشعبية ‪ ،‬نتحدث عنها ‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أننا‬
‫نسير على تلك المنطقة اللذيذة والزلقة ‪ ،‬المفضلة لدى الروائيين ‪ ،‬حيث يتم الخلط بين الخيال‬
‫‪.‬والواقع‬

‫‪:‬العنف في ميديلين‬
‫قرب الثمانينيات وبعد ديناميكيات العنف التي مورست في كل من حرب األلف يوم والح ًقا في‬
‫المواجهة بين الحزبين في منتصف القرن ‪ ،‬اضطر آالف الفالحين إلى هجر أراضيهم‬
‫وأماكنهم األصلية لالنتقال إلى المدن الرئيسية في البالد‪ .‬بدأ بناء أحزمة البؤس في المناطق‬
‫الطرفية من بوغوتا (سيوداد بوليفار) وميديلين (المجتمعات الشمالية الشرقية) ‪ ،‬من الواضح‪.‬‬
‫أنها مساحات هامشية وخطيرة تدل على أزمة المجتمع الكولومبي‪ .‬جعلت ظاهرة الهجرة هذه‬
‫زيادة المشاكل االجتماعية ‪ ،‬حيث يوجد نقص في التكيف عند الوصول إلى منطقة غير‬
‫‪.‬معروفة ‪ ،‬وبالتالي فهي غريبة عن عاداتها‬
‫ويؤثر هذا االنتقال من الريف إلى المدينة على النازحين ألنهم "‪ ...‬يعانون من التنظيم المدني ‪،‬‬
‫وعالمات البطالة ‪ ،‬وصعوبات التعليم وإعادة التوطين ‪ ،‬فضالً عن انعدام األمن االجتماعي ‪،‬‬
‫‪.‬وأشكال العدوان ‪ ،‬والنفور واإلقصاء" ‪9‬‬
‫هذا يعني العيش في فضاء غريب عن العادات التي كانت موجودة في منطقة المنشأ‪ .‬هناك‬
‫تضارب مع طرق التفكير والتصرف‪ .‬والقول فيما يتعلق بسكان البيئة الحضرية ‪ ،‬وطرق‬
‫التفاعل والتعامل مع التغيير اآلخر بشكل كبير‪ .‬هذا االقتالع لما هو الئق والسرعة التي يولدها‬
‫يتسبب في سلسلة من العنف على المستوى المحلي ال يشمل فقط السياسي واالجتماعي‬
‫ضا على المستوى العاطفي لألفراد النازحين‬‫‪.‬واالقتصادي ‪ ،‬بل يقع أي ً‬
‫تعتبر ميديلين المدينة الثانية في البالد ‪ ،‬والتي نمت نتيجة الهجرة الجماعية للفالحين الذين‬
‫اجتذبتهم احتمالية ظروف معيشية أفضل أو طردهم العنف الريفي‪ .‬تضمنت عمليات الهجرة‬
‫المتسارعة وغير المنتظمة هذه النمو الديموغرافي والمادي للمدن وتجاوز قدرة السلطات على‬
‫توجيهها ‪ ،‬بحيث أنه خالل عقود من نمو المدينة ‪ ،‬لم يكن هناك ‪ ،‬في كلتا الحالتين ‪ ،‬نموذج‬
‫يوجهها وينظمها‪ .‬النمو وتكوينها كمركز حضري وشكل دمج سكانها الجدد‪ .‬هذا هو السبب في‬
‫أنه من الصحيح التأكيد على أن بوغوتا وميديلين تشكالن مثاالً على "مدينة التخلف" ‪ ،‬مع‬
‫‪.‬مشاكل الفقر والتهميش‪ .‬وعدم المساواة التي تضاف إليها مشاكل انعدام األمن والخوف‬
‫بينما يبدأ البعض في التكيف مع التجربة الحضرية ‪ ،‬يبدأ أولئك الذين تسببوا في عمليات‬
‫النزوح هذه في االستيالء على األراضي الريفية التي تم غزوها‪ .‬تتولى مجموعات الدفاع عن‬
‫النفس ‪ ،‬والجماعات شبه العسكرية ‪ ،‬والميليشيات ‪ ،‬والجماعات األخرى الواقعة على هامش‬
‫القانون ‪ ،‬النضال من أجل االستيالء على مختلف المجاالت التي توفر فائدة اقتصادية ملحوظة‪.‬‬
‫في ظل هذا السيناريو االجتماعي المعقد ‪ ،‬بدأ االنفتاح على االتجار بالمخدرات والخالف حول‬
‫إدارة تسويقها على المستويين الوطني والدولي ‪ ،‬بدأ إنشاء العديد من الكارتالت حول هذا‬
‫العمل ‪ ،‬وبالتالي ‪ ،‬لمواجهته بعنف‪ .‬في خضم هذا الصراع المسلح ‪ ،‬هناك مدنيون أبرياء يجب‬
‫أن يغادروا منازلهم ‪ ،‬دون أن ينبس ببنت شفة ‪ ،‬إلى وجهة غير مؤكدة ‪ ،‬والذهاب إلى أي‬
‫‪.‬مكان‬
‫جغرافية الرواية هي مدينة ميديلين (كولومبيا) خالل التسعينيات ‪ ،‬وهي فترة صعبة بالنسبة‬
‫للمجتمع الكولومبي ‪ ،‬عندما أعلنت المافيا حربًا إرهابية ضد الدولة والمؤسسات الكولومبية ‪،‬‬
‫بقيادة بابلو إسكوبار جافيريا سيئ السمعة‪ .‬كانت ثاني أكبر مدينة في كولومبيا هي المرحلة‬
‫الرئيسية حيث أرادت المافيا السيطرة على األمة من خالل الهجمات اإلرهابية ‪ ،‬باستخدام قتلة‬
‫‪.‬صغار ج ًدا من األحياء الفقيرة ‪ ،‬كانوا معروفين باسم القتلة‬
‫ميديلين هي مدينة نمت بفضل واحدة من أعظم عصابات تهريب المخدرات التي عارضت‬
‫طرق تجارة المخدرات وتمكنت من وضع قوانينها الخاصة ؛ حيث خلق الفساد بيئة معادية‬
‫لسكان المنطقة‪ .‬كان من الشائع سماع أخبار الموتى كل يوم ‪ ،‬وهذا هو السبب في أن ميديلين‬
‫‪.‬في التسعينيات كانت تعتبر واحدة من أكثر المدن عن ًفا في أمريكا الالتينية‬
‫يوضح فاليجو في عمله ظهور مجموعات اجتماعية جديدة تخرج من مشكلة المخدرات‪.‬‬
‫والقتال (الضاربون) هم نتيجة هذا التوتر‪ .‬كان معظمهم من األوالد المستعدين للقتل من أجل‬
‫المال ‪ ،‬مثلما عرضته المنظمات اإلجرامية ‪ ،‬إلبادة أولئك الذين تجرأوا على تحدي سلطة‬
‫المافيا أو تعريض أعمالهم للخطر‪ .‬إذا لم تقبل السلطات أنشطتها الفاسدة ‪ ،‬لجأت المافيا إلى‬
‫إرسال قاتل شاب (الصقارين) ‪ .‬عادة ما يتم قتل القتلة بواسطة دراجة نارية‪ .‬من المفارقات أن‬
‫المافيا الكولومبية تحافظ على قوة‬
‫‪:‬العنف في الرواية‬
‫العنف ‪ ،‬بال شك ‪ ،‬هو أحد المحاور الموضوعية األكثر صلة في جميع أنحاء الرواية‪ .‬اآلن ‪،‬‬
‫هذا العنف ‪ ،‬بعي ًدا عن حصر نفسه في عالم القتلة ‪ ،‬يضعه فاليجو على أنه سمة هوية حزينة‬
‫للكولومبيين‪ .‬وهذا يعني ‪ ،‬في عدة مقاطع من الرواية ‪ ،‬أن أكبر مشكلة للعنف في كولومبيا‬
‫تكمن في كيفية قيام المجتمع بتجنيسه‪ .‬بهذه الطريقة ‪ ،‬يتأمل المؤلف في العنف ‪ -‬من ميديلين‬
‫على وجه الخصوص ومن كولومبيا بشكل عام ‪ -‬بنبرة متشائمة إلى حد ما ‪ ،‬وفي نهاية‬
‫‪.‬المطاف ‪ ،‬ميؤوس منه بالتأكيد‬
‫تشترك عذراء القتلة في العنف الشديد الجسدي واللفظي‪ .‬يصب الراوي نق ًدا الذعًا على جميع‬
‫ضا ؛ يتحدث عن ميديلين ويمدها إلى بقية‬ ‫ً‬
‫محيطا بل عالميًا أي ً‬ ‫جوانب الواقع ‪ ،‬ليس فقط‬
‫الكوكب‪ .‬والمظلة المليئة بالعناصر التي تشير إلى العنف والموت تكمل صورة العالم بال‬
‫عالج‪ .‬ميديلين هي "عاصمة الكراهية" ‪" ،‬المدينة الملعونة" ‪" ،‬قاتل كلي الوجود ذو نفسية‬
‫مظلمة ورؤوس ال حصر لها" ‪" ،‬قلب ممالك الشيطان الواسعة"‪( .‬فاليجو ‪ ،‬فرناندو ‪، 2003 ،‬‬
‫الصفحات ‪ .)82 ، 46 ، 28 ، 10‬في مشهد يخرج فيه فرناندو وأليكسيس من سيارة أجرة‬
‫في بوليفار بارك ويتجهان نحو أفينيدا ال باليا ‪ ،‬يقدم الراوي ‪ ،‬وهو يفكر فيما يُعرض من حوله‬
‫‪ ،:‬واحدة من أصعب أجزاء الرواية وأكثرها ازدراءًا للجنس البشري‬

‫األرصفة؟ تجاوز مع أكشاك الحلى التي منعت حركة المرور ‪ .‬الهواتف‬


‫عام؟ ممزقة‪ .‬المركز؟ دمر‪ .‬جامعة؟ ممزقة‪ .‬جدرانه؟‬
‫تدنيس بشعارات الكراهية "تبرئة" حقوق "الشعب"‪ .‬التخريب المتعمد في كل مكان والجحافل‬
‫البشرية‪ :‬الناس والمزيد من الناس والمزيد من الناس وكأن هناك القليل منا ‪ ،‬من وقت آلخر ‪،‬‬
‫امرأة عجوز حامل ‪ ،‬واحدة من هؤالء العاهرات الذين يحتشدون في كل مكان بأبشع بطونهم‬
‫في اإلفالت من العقاب‪ .‬لقد كانوا الغوغاء يغزون كل شيء ‪ ،‬ويدمرون كل شيء ‪ ،‬ويقودون‬
‫‪.‬كل شيء ببؤسها الفظيع‬
‫قفوا جانبا أيها الرعاع الخنازير!" كنت أنا وطفلي نشق طريقنا من خالل ذلك الغوغاء "‬
‫العدواني والقبيح والدنيء ‪ ،‬ذلك العرق الفاسد وغير البشري ‪ ،‬مكتبة الوحش‪ .‬ما تراه سكان‬
‫المريخ هنا هو حاضر كولومبيا وما ينتظر الجميع إذا لم يوقفوا االنهيار الجليدي‪ .‬قصاصات‬
‫من العبارات التي تتحدث عن عمليات السطو والسرقة والوفيات واالعتداءات (هنا تعرض كل‬
‫شخص للسرقة أو القتل مرة واحدة على األقل) وصلت إلى أذني من خالل األطباق الشهية‬
‫التي ال مفر منها لـ "لقيط" و "ابن العاهرة" والتي بدونها هذه الساللة الجميلة والرائعة ال‬
‫يستطيع فتح فمه‪ .‬وتلك رائحة الزبدة الفاسدة واألطعمة المقلية وغاز المجاري ‪ ..‬ما هذا! ما‬
‫‪.‬هذا! ما هذا! يبدو‪ .‬انها تشعر‪ .‬الناس حاضرون "‪( .‬فاليخو ‪ ،‬ص ‪)65-64‬‬

‫( ‪. Hijueputa‬من الواضح‪ .‬أن اإلهانة تشكل أحد أكثر األساليب المثمرة في تصوير العنف‬
‫‪.‬شائع ج ًدا في الرواية )‪ hijueputear‬قاعدة الفعل‬

‫بعض أهداف غضب الراوي وإهاناته ‪ ،‬باستثناء الفقراء والنساء الحوامل وسائقي سيارات‬
‫األجرة ‪ ،‬المؤسسات‪ :‬الشركة والحكومة والكنيسة بشكل أساسي‪ .‬لهجة التدنيس واضحة‪ .‬يمثل‬
‫هللا أصل الشر ‪ ،‬الذي له شخصية متسامية وخارقة ‪ ،‬والعالم هو الجحيم‪ .‬الراوي ‪ ،‬برفقة‬
‫ألكسيس (هما شخص ال ينفصالن عن شخصين مختلفين ‪ ،‬يعيشان ويعمالن كمخلص جديد‬
‫للبشرية ؛ الموتات محاطة بذكريات دينية مستقيلة والقلب الذي يرتبط بهما ليس سوى انعكاس‬
‫لضمير اإلنسان‪ .‬مهمة بسيطة في عالم من الرعب شاسع لدرجة أنه ال يسمح لنفسه بالسيطرة‬
‫‪.‬عليه ‪ ،‬ولهذا السبب يقدم فرناندو وصفات لمحاربة هذا الطاعون‬

‫إلنهاء جنسه ‪ Medellín‬المالك المبيد الذي نزل على ‪ Alexis‬اآلن ‪ ،‬القتلة هم المالئكة‪" :‬كان‬
‫)‪" (Vallejo ، p55‬الشرير‬

‫الكسيس شاب مضروب ‪ .‬الرجال المصابون هم شباب أو فتيان تتراوح أعمارهم بين ‪ 12‬و‬
‫‪ 17‬سنة ‪ ،‬مدفوعين بالفقر إلى العنف ‪ .‬تجول في الشوارع حامالً البنادق وانضم إلى‬
‫‪.‬العصابات‪ .‬يقتلون عندما يُطلب منهم ذلك ‪ ،‬أحيا ًنا مقابل المال ‪ ،‬وأحيا ًنا لمجرد القتل‬
‫و ‪ Alexis‬كما قال من قبل ‪ ،‬هذه الرواية من جزأين ‪ ،‬في الجزء األول يظهر العنف مع‬
‫وهذا الجزء يمثل نضج وعدم نضج رجلين ال يترابطان اجتماعيًا فحسب ‪ ،‬بل ‪Fernando ،‬‬
‫ضا في العالقة الجنسية الحميمة التي يصبحان متواطئين معها‪ . .‬يمكن أن يرتبط‬ ‫يتشاركان أي ً‬
‫بطريقة تتناسب طرديًا مع عدم النضج ؛ من ناحية أخرى ‪ Alexis‬الرجل األصغر س ًنا المسمى‬
‫‪ ،‬يمكن تسمية الرجل األكبر س ًنا المسمى فرناندو بأنه شخص ناضج‪ .‬بالطبع ‪ ،‬قد تحتوي هذه‬
‫المقدمة على عناصر نسبية في بنيتها النحوية والرمزية فيما يتعلق بالواقع الذي تمثله الرواية‬
‫‪.‬التي كتبها فرناندو‬

‫فاليجو‪ .‬وهذا نتيجة حقيقة أن كبار السن ليسوا دائمًا ناضجين والقصر غير ناضجين ‪ ،‬ألن هذه‬
‫األنواع من الحقائق ال تتفق مع ما نالحظه يوميًا في مجتمعنا‪ .‬هناك رجال يتصرفون‬
‫ويتصرفون مثل األطفال المتقلبين ‪ ،‬وآخرون على العكس من ذلك ‪ ،‬كونهم صغارً ا ج ًدا ‪،‬‬
‫‪.‬ويتصرفون بطريقة عقالنية وليست متقلبة‬

‫بقي أليكسيس يعيش مع فرناندو في شقته ‪ ،‬الذي لم يكن لديه أثاث ‪ ،‬فقط ما كان ضروريًا ‪ ،‬لم‬
‫يقرأ أليكسيس أي نوع من الكتب في حياته ‪ ،‬فقط لقتل الناس ألنهم طلبوا منه ذلك‪ .‬عندما قتلوا‬
‫دون بابلو (التوظيف العظيم للقتلة) ‪ُ ،‬ترك أليكسيس بدون وظيفة ‪ ،‬وكان أحد العصابات العديدة‬
‫التي استأجرت مهربي المخدرات لزرع القنابل وتصفية الحسابات‪ .‬عندها التقى بألكسيس‬
‫‪.‬المقيم في منزل خوسيه أنطونيو فاسكيز ‪ ،‬على أمل العثور على شخص ما ليكون برفقته‬

‫لكن العنف داخل الرواية لم يقتصر على الشخصيات الرئيسية والقتلة ‪ ،‬بل على العنف الذي‬
‫‪.‬اجتاح المجتمع الكولومبي‪ .‬بكافة أشكاله‬

‫لقد شاهدت عملية سطو‪ :‬أرى أنه في صف السيارات التي أوقفتها إشارة المرور ‪ ،‬رجل "‬
‫دهني ‪ ،‬خنزير ‪ ،‬يسرق بمسدس سيارة جيب يقودها صبي‪ :‬أحد أطفال أبيهم الجميلين واألثرياء‬
‫الذين يسحرونني (أخرج الصبي المفاتيح ‪ ،‬وقفز من الجيب ‪ ،‬وركض ‪ ،‬وصرخ من بعيد على‬
‫الرجل‪" :‬ظللت أتعرف عليك ‪ ،‬أيها اللعين!" بدأت السرقة المحبطة ‪ ،‬والسخرية ‪ ،‬والمختطفة ‪،‬‬
‫‪.‬في مطاردة الصبي وهو يطلق النار عليه‬
‫أصابته إحدى الطلقات‪ .‬عندما سقط الصبي ‪ ،‬كان الرجل فوقه وأطلق النار عليه "(فاليجو ‪،‬‬
‫‪ ، 2003.‬ص ‪)19‬‬

‫هذه هي الحادثة األولى في الرواية ‪ ،‬وبهذه الحالة يظهر لنا الكاتب العنف المنتشر في المدينة‬
‫والذي يمكن أن يحدث طوال الوقت في وضح النهار وفي كل مكان‪ .‬سطو في وسط شارع‬
‫مزدحم بغض النظر عما إذا كانت هناك عقوبة أو منع لهذا الحادث‪ .‬الموت هو أسهل خيار‬
‫للمجرمين كما يشرح الراوي ‪ .‬في‬

‫أما إذا كان غاضبًا وارتكب الجريمة وقتل الطفل ‪ ،‬فعلى الرغم من أنه عندما فشلت العملية‬
‫كان بإمكانه الهروب ‪ ،‬كان سيغادر ببساطة ويحاول السرقة مرة أخرى دون أن يقتل أو يخشى‬
‫أن يتم القبض عليه من قبل الشرطة ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬لكن في هذا المجتمع ال يحدث هذا ‪،‬‬
‫فالقتل شيء يومي وطبيعي موجود بالفطرة‪ .‬ويوضح الراوي أن أصل العنف في المدينة يعود‬
‫إلى الفالحين الذين قدموا من الريف ونقلوا عاداتهم وثقافتهم ‪ ،‬كاالنتقام والخالفات على‬
‫األرض‪ .‬غالبًا ما تم تنفيذ أعمال العنف في المدينة من قبل الرجل الضارب البالغ من العمر‬
‫‪ 10‬أو ‪ 12‬عامًا لالنتقام وحرب العصابات التي أعقبت وفاة دون بابلو وقبل ذلك كانت‬
‫بأوامره‪ .‬لكن في هذه الحالة ‪ ،‬كانت مجرد عملية سطو ليس لها دافع آخر ‪ ،‬لذا فإن وجود‬
‫‪.‬وانتشار العنف والموت واضح‬

‫ويشير الكاتب إلى أن اإلفالت من العقاب وغياب الدولة من أسباب انتشار العنف ‪ ،‬وهذه حقيقة‬
‫‪.‬كما في الوضع السابق السرقة والقتل في وضح النهار دون خوف ودون هروب‬

‫بهذا هنا ‪ ،‬في بلد القوانين والدساتير ‪ ،‬الديمقراطية ‪ ،‬ال أحد مذنب حتى يدينه ‪ ،‬وال يدينه إذا "‬
‫لم يحكموا عليه ‪ ،‬وال يحكمون عليه إذا لم يقبضوا عليه ‪ ،‬و إذا قبضوا عليه يطلقون سراحه ‪...‬‬
‫قانون كولومبيا هو اإلفالت من العقاب وأول مجرم بال عقاب هو الرئيس‪ ، .‬الذي يجب أن‬
‫يحتفل في هذا الوقت بالبلد والمنصب‪ .‬أين؟ في اليابان ‪ ،‬في المكسيك ‪ ...‬في المكسيك القيام‬
‫‪.‬بدورة‬
‫من القاتل المزعوم ‪ ،‬لم يبق سوى "المزعوم" الذي كان يطفو بمهارة في هواء أفينيدا سان‬
‫خوان ‪ ،‬حتى اختفى االفتراض في الضباب الدخاني للسيارات‪ .‬أو االفتراض ‪ ،‬إذا كنت تفضل‬
‫ذلك وأعطهم صحة اللغة في هذا البلد الذي كان بلد النحاة ‪ ،‬منذ قرون‪ .‬من اللصوص يا‬
‫صديقي مملكة هذا العالم وما وراءها ال يوجد غيرها‪ .‬ويتبع ذلك الغبار والديدان "‪( .‬فاليخو ‪،‬‬
‫‪.‬ص ‪)20‬‬
‫أكبر مجرم هو الدولة ‪ ،‬الحكومة‪ .‬أدت الصراعات السياسية التي ال تنتهي إلى عدم وجود‬
‫قوانين ‪ ،‬وحكومة قوية ‪ ،‬ودولة ذات أنظمة قوية ‪ ،‬ورادع النتشار الجريمة‪ .‬دولة تخشى فيها‬
‫الشرطة المجرمين األقوى‪ .‬التوسع في مدينة ميديلين ‪ ،‬و‬
‫صعود تجارة المخدرات كنظام اقتصادي مؤثر في هذه المدينة في التسعينيات‪ .‬وكذلك تصاعد‬
‫العنف الذي تسبب فيه‪ .‬بعبارة أخرى ‪ ،‬جنبًا إلى جنب مع عالقة فرناندو بالقتلة ‪ ،‬فإن المحتوى‬
‫‪.‬هو النمو الحضري وتدهور مدينة ميديلين‬

‫فرناندو هو الشخصية التي ال تؤمن بالسياسة تمامًا ولكن قبل كل شيء بالسياسيين ‪ ،‬فهو‬
‫يختلف مع رئيس الجمهورية ‪ ،‬من رؤيته لكولومبي وصل لتوه إلى بالده ‪ ،‬يعتقد أن األمور‬
‫"مقلوبة"‪ .‬ال يمكن تفسير مدى سهولة تدخل الواليات المتحدة في بلدك دون أن يفعل أحد أي‬
‫‪.‬شيء‬

‫في جميع أنحاء النص يمكننا أن نرى أن اإلفالت من العقاب يسود على الجريمة‪ .‬لكن انعدام‬
‫ضا داخل الدولة حيث يكون ارتكاب أي عمل من‬ ‫األمن ليس خارجيًا فحسب ‪ ،‬بل يحدث أي ً‬
‫أعمال الفساد أسهل‪ .‬المجرمون ينهون كل شيء ‪ ،‬هناك أزمة عامة الشيء الوحيد المؤكد فيها‬
‫هو الموت‪ .‬نحن نعيش في هذا المناخ من اإلحباط التام ‪ ،‬والناس ليس لديهم أهداف ‪،‬‬
‫والمستقبل لم يعد في األفق ‪ ،‬إنها رؤية نهاية العالم تؤدي إلى قمع كل محاوالت المصالحة‬
‫‪.‬والتقدم بالموت‬
‫سوء الحكم كامل ‪ ،‬هنا حيث يتم تكوين اإلقليمية التي تسخر من القوانين المفروضة ‪ ،‬حقيقة‬
‫الرغبة في حلها بمفردها ‪ ،‬دون وساطة العدالة ‪ ،‬توضح الفوضى التي نعيش فيها‪ .‬كل من لديه‬
‫السالح في تلك اللحظة يقرر مستقبل اآلخر ‪ ،‬عندما يقتل أليكسيس البونكيرو ‪ ،‬يجادل فرناندو‬
‫‪"".‬لقد قتلناه لوجوده‬
‫يؤكد فرناندو أن اندماج هذه المجموعة االجتماعية "الكوميونات" قد أدى إلى التدهور ‪،‬‬
‫وبمرور الوقت تغيرت األمور نحو األسوأ ‪ ،‬تمكنت الكوميونات من أن تصبح كيانات تولد‬
‫‪.‬الفوضى والموت ‪ ،‬فهي بال هوادة إذا كان البقاء على قيد الحياة‬
‫لقد تم تقويض الشعور بالوجود‪ .‬يُجبر األطفال على القتل غريزيًا تقريبًا ‪ ،‬وأهم شيء هو أن‬
‫يكون ألمهم مالبس وأجهزة إلكترونية ‪ .‬يتم تحليل الدور الجاذب للبلديات ألن هذا هو المكان‬
‫‪.‬الذي يأتي منه القتلة ‪ ،‬فهم عنيدون ومتعطشون للدماء في أراضيهم‬
‫ومع ذلك ‪ ،‬ال يمكن أن يتواجد القتلة بدون نظرائهم ‪ ،‬الذين هم في هذه الحالة مقاولوهم‪ .‬وف ًقا‬
‫للمنطق ‪ ،‬هؤالء هم الذين يجب أن يتحملوا المسؤولية الكاملة ألن هؤالء هم في النهاية هم‬
‫الذين يختارون الضحايا‬

‫يستكشف بطل رواية النص األدبي والسينمائي مع أليكسيس وويلمار فقر مدينته وبلده والعالم‪.‬‬
‫يمكن رؤية التدرج التصاعدي للطابع الكارثي في تطبيع العنف الذي يثيره الفقر نفسه‪ .‬أسماء‬
‫الشبان القتلى ضرورية لفهم الهشاشة التي تحيط بحياتهم ‪ ،‬ألن االسم هو مركز المغنطة‬
‫الداللية لجميع صفاتهم ‪ ،‬وربما الشيء الوحيد الذي يمكن للفقراء أن يتركوه ألطفالهم‪.‬‬
‫المواجهة بين البطل والقتلة هي تعليم عاطفي ‪ ،‬رحلة استهاللية عبر البؤس وعملية تدريب‬
‫على أساس المعرفة الجديدة المكتسبة‪ :‬أليكسيس ‪ ،‬آها ‪ ،‬هذا ما يسمى‪ .‬االسم جميل لكنني لم‬
‫أعطه إياه ‪ ،‬أعطته والدته إياه‪ .‬وبذلك أعطى الفقراء إلعطاء أبنائهم أسماء غنية ‪ ،‬باهظة الثمن‬
‫‪ ،‬أجنبية‪ :‬تايسون ألكساندر ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬أو فابر أو إيدر أو ويلفر أو روميل أو ييسون‬
‫أو ماذا أعرف‪ .‬ال أعرف من أين أتوا بهم أو كيف يخترعونهم ‪ .‬إنه الشيء الوحيد الذي يمكن‬
‫أن يقدموه ليبدأوا أطفالهم في هذه الحياة البائسة ‪ ،‬اسم أجنبي سخيف أو مخترع ومضحك‬
‫ومضحك‪ .‬حس ًنا ‪ ،‬اعتقدت أنها سخيفة عندما سمعتهم ألول مرة ‪ ،‬لم أعد أفكر في األمر بهذه‬
‫الطريقة بعد اآلن‪ .‬إنها أسماء القتلة الملطخين بالدماء‪ .‬مدوي أكثر من طلقة مع حمولة من‬
‫‪.‬الكراهية‬
‫هؤالء الرجال الصغار ذوي الوجه المزدوج‪ :‬نضارة جمالهم وقصر حياتهم ‪ Vallejo‬يقدم‬
‫يتناقض مع التجربة التي مروا بها والتي تقودهم قبل األوان إلى الشيخوخة والموت‪ .‬إن البحث‬
‫عن سعادة عابرة يتحكم في مصائرهم ويقرب حياتهم غير المنفصلة عن طريق الغرباء‬
‫االتجاهات ‪ ،‬إلى تلك الخاصة بالمؤلف‪ :‬لقد عشت في حالة من اليأس ‪ ،‬ويبدو لي أنك ستعيش‬
‫بنفس الطريقة‪ .‬وذات يوم كان علي أن أذهب‬
‫دون الرغبة في ذلك ‪ ،‬ويبدو لي أنك ستضطر إلى المغادرة على أي حال‪ .‬مصير الكولومبيين‪.‬‬
‫‪.‬هو المغادرة‬

‫بالتأكيد ‪ ،‬إذا لم يقتلونا أوالً‪ .‬حس ًنا ‪ ،‬أولئك الذين تمكنوا من الذهاب ال يحلمون بأنهم قد غادروا‬
‫‪.‬ألنه أينما ذهبوا ‪ ،‬ستتبعهم كولومبيا‪ .‬سوف يتبعهم كما كان يتبعني ‪ ،‬يومًا بعد يوم‬

‫لم يستطع فرناندو تحمل الضجيج طوال اليوم من التلفاز ومشغل الكاسيت وانتظر الليل فقط‬
‫ليشعر بنسيم الريح ‪ ،‬وعندما فتح النافذة دخل ضجيج ما اعتاد "الهبيز" اللعب في الجوار‪، .‬‬
‫انزعج فرناندو ألنه بالفعل لم يستطع تحمل تلك الفضيحة ‪ ،‬قال على الهواء "أود قتل هذا‬
‫‪.‬األحمق" ‪ ،‬فرد عليه أليكسيس‪ .:‬سأكسره‬

‫صامت ‪ ،‬حرق مدفأة حبنا في حرارة الصيف‪ ".‬افتح النوافذ يا طفل ‪ -‬طلبت منه السماح "‬
‫بدخول النسيم‪ .‬نسيم ‪ ،‬ولكن الموسيقى ‪ ،‬والضوضاء ‪ ،‬من الهبي المجاور ورفاقه ‪ ،‬المتنمرين‪.‬‬
‫"هذا المعدن اللعين قد أضر الليل بالفعل ‪ "،‬اشتكيت "إنه ليس رأس معدني" ‪ ،‬أوضح لي‬
‫أليكسيس عندما أشرت إلى له في الشارع في اليوم التالي‪ .‬إنه فاسق‪ "" .‬على أي حال‪ .‬أود أن‬
‫أقتل هذا األبله‪" .‬سأقتله ‪ "،‬أخبرتني أليكسيس برضاها هذا ‪ ،‬وهي دائمًا منتبهة ألهوائي‬
‫البسيطة‪ .‬دعني أخرج المكواة في المرة القادمة‪" .‬الحديد هو المسدس‪ .‬في البداية اعتقدت أنه‬
‫سكين ولكن ال ‪ ،‬إنه مسدس‪ .‬أوه ‪ ،‬لقد قمت بنسخ الكلمات المحبوبة لطفلي خطأ‪ .‬لم يقل" أنا‬
‫سأقتلك‪ ،" .‬قال" سأكسرها من أجلك‪(" .‬فاليجو ‪ ،‬ص ‪)25‬‬

‫كان ذلك بعد ظهر يوم الثالثاء (ألننا عدنا في الصباح للحج إلى سابانيتا) عندما وضع البانك"‬
‫عالمة الصليب‪ .‬ها هو يذهب! ها هو يذهب!" صاح أليكسيس عندما رأته في الشارع‪ .‬لم يكن‬
‫لدي الوقت إليقافه‪ .‬ركض نحو الهبي ‪ ،‬تقدم أمامه ‪ ،‬استدار ‪ ،‬أخرج مسدسه وعلى بعد أقدام‬
‫قليلة أصيب برصاصة في جبهته ‪ ،‬في المنتصف ‪ ،‬حيث وضعوا الصليب‪ .‬المقدس عليك يوم‬
‫أربعاء الرماد‪ .‬؛ تاس! طلقة واحدة ‪ ،‬جافة ‪ ،‬حتمية ‪ ،‬مدوية ‪ ،‬أرسلت السيالن بضوضاءه إلى‬
‫أعماق الجحيم‪ .‬كم مرة لم أتجاوز المشهد من خالل رأسي في وضع الخمول! "(فاليجو ‪ ،‬ص‬
‫‪)26.‬‬
‫أصبح مال ًكا قاتاًل ومبي ًدا يجوب الشوارع ‪ ،‬ويسعد فرناندو ويفهم ‪ Alexis‬دعونا نتذكر أن‬
‫عصابه ‪ ،‬في محاولة لتطهير المدينة من جزء كبير من سكانها الذين يزعجون حبه الناضج‪.‬‬
‫تخلص من سائقي سيارات األجرة العدوانيين الذين يعزفون الراديو بأحجام كاملة ‪ ،‬وسائقي‬
‫سيارات األجرة الصاخبين الذين ال يتركون النوم ‪ ،‬واللصوص غير المهمين الذين يثيرون‬
‫ضجة فقط وجميع أنواع الكائنات التي تكرس نفسها فقط إلزعاج صديقهم النحوي‪ .‬الكسيس‬
‫‪ ،‬كأداة موت لفرناندو‬

‫كم عدد القتلى عند ابني هذا ‪ ،‬آلة القتل الرائعة الخاصة بي؟ واحد على حد علمي واآلن‪ .‬ال "‬
‫أجيب لمن هم في الخلف‪ .‬ال أسأل عادة كيف الكهنة الذين يريدون أن يعرفوا كل شيء بأنفسهم‬
‫‪ ،.‬دون مشاركة ‪ ،‬في مقبرة سرية لالعتراف ”(فاليجو ‪ ،‬ص ‪)32‬‬

‫في مواجهة هذا الموقف الحرج ‪ ،‬يقترح فرناندو وسيلة للخالص إلرسال الجميع إلى الحائط ‪،‬‬
‫ويقترح البدء من األطفال الضالين ألن هؤالء سيصبحون قريبًا ذلك الطاعون الذي يخافه‬
‫‪.‬المجتمع‬
‫إنه عالم طبيعي ‪ ،‬تم فيه اختزال اإلنسان إلى أقسى تعبير له وأكثرها عنصرية ‪ ،‬وقد تم تدمير‬
‫اإلنجاز الذي حققه العقد االجتماعي ‪ ،‬على أمل حياة أكثر عدالً على أساس التعاون والخضوع‬
‫‪.‬للقوانين ‪ ،‬من خالل العودة‪ .‬ألبسط المصالح‪ :‬المال والفجور‬
‫إنه من الكوميونات حيث يخرج الناس للقتل ‪ ،‬كل هذه تحكمها تشريعاتها الخاصة ‪ ،‬داخل‬
‫حدودها فرص الهروب سالمة نادرة ‪ ،‬في هذه األماكن تدهورت البؤس لدرجة أن الحياة ال‬
‫تساوي شيًئ ا ‪ ،‬إنهم يقتلون أي شخص بدون سبب واضح ‪ ،‬يقدم لنا الراوي كذا وكذا هذا‬
‫‪.‬المجتمع‬
‫القتلى القادمون من أليكسيس كانوا ثالثة جنود‪ .‬كنا نتجول في حديقة بوليفار ‪ ،‬الحديقة "‬
‫الرئيسية ‪ ،‬عندما رأيناهم من بعيد في بحث‪ .‬إذا أحضر أليكسيس المكواة ‪ ،‬فإن أفضل شيء هو‬
‫صرف انتباهنا‪" .‬وألن؟" "يا رجل ‪ ،‬يا فتى ‪ ،‬لماذا سيطالبوننا وسيأخذونها منك‪ .‬أال ترى أننا‬
‫مشتبه بهم؟" لقد ضمنت نفسي في "نحن" للحساسية ؛ ال أحد هنا يشك في كبار السن ‪ ،‬الذين تم‬
‫إثبات ذلك بالفعل‪ :‬ال يوجد لصوص قدامى ‪ ،‬لقد قتلوا بعضهم البعض منذ فترة طويلة ‪ ،‬ألنه‬
‫على الرغم من حقيقة أن الكلب ال يأكل الكلب ‪ ،‬إال أن السارق يعمل السارق‪" .‬دعونا نتحول"‪.‬‬
‫ال ‪ ،‬ونواصل‪ .‬وبالطبع أوقفونا‪ .‬كان من األفضل لهم أال يولدوا ‪ .‬تاس! تاس! تاس! ثالث‬
‫طلقات في الجبين النقية وثالثة جنود بني فاتح‪ .‬متى حصل أليكسيس على المسدس؟ لم أستطع‬
‫حتى الرؤية‪ .‬كان الجنود يفتشونني منذ وصولي إلى البركة إلثارة أسماك القرش ‪ ،‬لالستمرار‬
‫مع طفلي‪ .‬لم يعودوا يتبعون‪ .‬على الرغم من أنهم أرادوا في آخر لحظات حياتهم ‪ ،‬إال أنهم لم‬
‫يعودوا قادرين على ذلك‪ .‬الموتى ال يستولون‪ .‬رصاصة في الجبين لمن يمحو الحاسوب "‪.‬‬
‫(فاليجو ‪ ،‬ص ‪)37‬‬

‫تأسس العنف قبل كل شيء على أنه فعل الحقيقة واالستجابة لحدث معين ‪ ،‬إنه عنف يتوسع‬
‫‪.‬ويخلق سيناريو من عدم االستقرار وعدم اليقين ‪ ،‬ويتوسع على جميع المستويات والطبقات‬
‫من يمتلك السلطة عادة يستخدم العنف ‪ ،‬وهذا سوف يتم تمثيله في الكسيس الذي يمكنه قتل‬
‫الشخص الذي يريده ‪ ،‬ستكون قوة السالح ‪ ،‬والفكرة هي القضاء على الشرير ألن وجوده في‬
‫هذا العالم هو إحساس بالخطيئة‪ .‬العنف متجذر في المجتمع وهذا يقوم على قواعد اللعبة‬
‫الخاصة به وفلسفته الخاصة ‪ ،‬أنواع العنف متنوعة‪ .‬من خالل نظرة فرناندو النقدية ‪ ،‬نرى‬
‫الوضع الذي تمر به مدينة ميديلين ‪ ،‬فمن الضروري‪ .‬إقامة عالقات قائمة بين الواقع التاريخي‬
‫والواقع المتمثل في الرواية‪ .‬في الهيكل السردي نرى كيف أن القيمة الفنية قد مثلت حقيقة‬
‫ملموسة ‪ ،‬لذلك تم تكوينها بشكل جيد للغاية ‪ ،‬على المستويين الزماني والمكاني لتكون قادرة‬
‫‪.‬على تمثيل تلك الحقيقة الملموسة‬
‫العنف والموت والخوف والفقر مترابطة كنتيجة وسبب‪ .‬هنا مثال نرى الموت كنتيجة وقد يكون‬
‫السبب هنا الخوف أو الهروب من الجنود لكن الراوي فضل قتلهم ليبين لنا ضعف الدولة‬
‫والفوضى التي تعيشها المدينة حتى لو كانت‪ .‬هي مبالغة ‪ ،‬فالطفل يقتل ثالثة جنود دفعة واحدة‬
‫‪.‬بسبب الخوف‬

‫داخل الرواية يظهر العنف في جرائم القتل ‪ ،‬لكن السبب مختلف دائمًا ‪ ،‬وعنوان الرواية يشير‬
‫صراحة إلى فكرة القاتل ‪ ،‬لكنها ال تظهر كثيرً ا في الرواية ‪ ،‬من الوقائع ‪ ،‬القتل‪ .‬كمفهوم للقاتل‬
‫‪ ،‬مثل القتل في حالة واحدة ‪ ،‬حيث أشار الكاتب إلى مقتل المرشح الرئاسي الكولومبي‪ .‬خالل‬
‫‪.‬حملته االنتخابية على يد قتلة قتلة بأوامر من ميديلين كارتل في عام ‪1989‬‬
‫وهكذا ‪ ،‬من حزب إلى حزب ‪ ،‬ذكرى مرشح معين للرئاسة ‪ ،‬ليبرالي ‪ ،‬مهم للغاية ‪"،‬‬
‫كان هنا والذي أسقطه بعض القتلة من منصة ‪ ،‬عند الغسق ‪ ،‬تحت األضواء الدرامية وقبل‬
‫عشرين أل ًفا من أعضاء الحزب‪ ، .‬يتم تصفيتها‪ .‬مظاهرة لك مع الرايات الحمراء‪ .‬في ذلك‬
‫)‪ ، P40‬فاليجو( ‪ ”.‬اليوم رفعت البالد صرخة في السماء ومزقت ثيابها‬

‫هذا العنف ‪ ،‬بعي ًدا عن كونه مقصورً ا على عالم القاتل المأجور ‪ ،‬يضعه فاليجو على أنه سمة‬
‫هوية حزينة للكولومبيين‪ .‬وهذا يعني ‪ ،‬في عدة مقاطع من الرواية ‪ ،‬أن أكبر مشكلة للعنف في‬
‫كولومبيا تكمن في كيفية قيام المجتمع بتجنيسه‪ .‬بهذه الطريقة ‪ ،‬يتأمل المؤلف في العنف ‪ -‬من‬
‫ميديلين على وجه الخصوص ومن كولومبيا بشكل عام ‪ -‬بنبرة متشائمة إلى حد ما ‪ ،‬وفي نهاية‬
‫‪.‬المطاف ‪ ،‬ميؤوس منه بالتأكيد‬
Libros:

1- Barreira, César. González, Roberto. Fernando, Luis.


Violencia Política y Conflictos sociales en América Latina.
Editorial Universidad del Norte; Clacso, 2013, páginas (10-
50).

2- Giraldo, Luz Mary. En otro lugar. Migración y


desplazamientos la Narrativa colombiana. Pontificia
Universidad Javeriana; 1pr Edición 2008. Bogotá. Páginas
(31-47).

3- Osario, Óscar, La virgen de los sicarios y lo novela del


sicario en Colombia, Secretaría de Cultura Valle del
Cauca, 2013.
Tesis doctoral:
1- Rengifo, Ángela, Tesis doctoral, El sicariato en la literatura
colombiana: Aproximación desde algunas novelas, Correa
doctora de maestría en Literatura Colombiana y
Latinoamericana, Editorial Majestad del posgrado, 2009,
Páginas 98- 110.

2- Herbert A. Schlenker, Tesis doctoral, relato y


representación del sicario, Editorial Universidad andina
simón bolívar, 2008, especialista en estudios de la cultura
página 10.

3- Torres, Aurora. Política en América Latina. Revista


Encrucijada Americana, 2010, P 51-62.

4- Fernando, Walter. La virgen de los sicarios: crisis del


sentido en una novela urbana. Trabajo de Grado,
Universidad Pedagógica Nacional, 2021. P 26- 34.

5- El-Sayed Mohamed Diab, Mohamed: “la violencia el en cien


años de soledad de Gabriel García Márquez”; tesina de
máster, 2003.pp 21-36.
Bibliografía electrónica:

1- https://www.monografias.com/docs110/analisis-virgen-sicarios-
fernando-vallejo/analisis-virgen-sicarios-fernando-vallejo.shtml

2- https://www.gradesaver.com/la-virgen-de-los-sicarios/study-
guide/character-list

3- https://www.eltiempo.com/mas-contenido/colombia-del-siglo-xx-
al-siglo-xxi-en-desarrollo-economico-583786?
fbclid=IwAR0VquRpBZkdRYd28hC7nGjJHTaCUTcqwCz18l-
ke8yCtyKUpsh0leubTds

4- https://www.buenastareas.com/ensayos/La-Virgen-De-Los-
Sicarios/1275052.html?
fbclid=IwAR1Ez1RPHPM7L_FneeGO_xx2vC6CngBKwolwqREJ-
Li_BRgV3vAaoTj621Q

5- https://panoramacultural.com.co/literatura/1312/un-estudio-del-
mundo-alterno-en-la-virgen-de-los-sicarios?
fbclid=IwAR1PkZLzIuCu0-kQF1dMxh9nk-
Xe_gNgQGNt3R6wBoFYulry3xaq9OH9vfs

You might also like