Professional Documents
Culture Documents
آثار الحضارة الإسلامية في التاريخ (1 - 2) بقلم - د. مصطفى السباعي
آثار الحضارة الإسلامية في التاريخ (1 - 2) بقلم - د. مصطفى السباعي
مصطفى السباعي
تاريخ النشر 21-12-2013 :
وقلنا :إَّن الحضارات إَّن ما تخُلد بمقدار ما ُت قدمه في تاريخ اإلنسانَّي ة من آثار خالدة في ُم ختلف
الَّنواحي الِف كرية ،والخلقية ،والمادية
،
كما قلنا :إَّن الحضارة اإلسالمية لعبت دوًر ا خطيًر ا في تاريخ التقُّد م اإلنساني ،وتركت في
ميادين العقيدة والعلم ،والحكم والفلسفة ،والفن واألَد ب وغيرها -آثاًر ا بعيدة المدى ،قويَة
فقد كان لمبادئ الحضارة اإلسالمية أثٌر كبيٌر في حركات اإلصالح الِّد ينية التي قامت في أوربا،
ُم نذ القرن السابع حَّت ى عصر الَّنهضة الحديثة؛
فاإلسالم الذي أعلن وحدانية اهلل ،وانفراده بالُّس لطان ،وتنزيهه عن التجسيم والظلم والَّنقص
،
كما أعلن استقالل اإلنسان في عبادته وصلته مع اهلل ،وفهمه لشرائعه دون وساطة رجال الِّد ين -
كان عامًال كبيًر ا في تفُّت ح أذهان الُّش عوب إلى هذه المبادئ القوَّي ة الَّر ائعة
،
وقد كانت الُّش عوب يومئذ َت رُس ف في أغالٍل من الخصام المذهبي العنيف ،والخضوع لُس لطان
رجال الِّد ين على أفكارهم وآرائهم وأموالهم وأبداِن هم
،
فمن الَّط بيعي -وقد وصلت ُف توحاته في الَّش رق والَغ رب إلى ما وصلت إليه -أن تتأثر األمم
المجاورة له بمبادئه في العقيدة قبل كِّل شيء
،
وهذا ما حدث فعًال؛ إذ قام في القرن السابع الميالدي في الَغ ربِّي ين من ينكر عبادة الُّص ور
،
ثم قام بعدهم من ُي نكر الوساطة بين اهلل وعباده ،ويدعو إلى االستقالل في فهم الكتب المقَّد سة
بعيًد ا عن سلطان رجال الدين وُم راقبتهم
.
وُي ؤكد كثيٌر من الباحثين أن (لوثر) في حركته اإلصالحَّي ة كان متأثًر ا بما قرأه للفالِس َف ة الَع رب،
والعلماء المسلمين من آراء في الدين والعقيدة والوحي
،
وقد كانت الجامعات األوربية في عصره ال تزاُل تعتمد على ُكُت ب الفالِس َف ة الُم سلمين ،التي
ترجمت ُم نذ عهد بعيد إلى الالتينية
،
ونستطيع أن نؤِّكد أَّن حركة الفصل بين الِّد ين والدولة ،التي ُأ علنت في الثورة الفرنسية كانت
وليدة الحركات الِف كرية العنيفة التي سادت أوربا ثالثة قرون أو أكثر
،
وكان للحضارة اإلسالمية فضل في إيقاد جذوتها عن طريق الُح ُر وب الصليبية واألندلس
.
واألندلس. وكان
ثانيها :في َم يدان الفلسفة والعلوم ،من طب ورياضيات وكيمياء وجغرافيا وفلك
:
فلقد أفاقت أوربا على صوت علمائنا وفالسفتنا يدِّر سون هذه العلوم في مساجد إشبيلية
وقرطبة وغرناطة وغيرها
،
وكان رَّو اد الَغ ربيين اُألول بمدارسنا شديدي اإلعجاب والشغف بُكِّل ما يستمعون إليه من هذه
العلوم ،في جٍّو من الحِّر ية ال يعرفون له مثيًال في بالدهم؛
ففي الوقت الذي كان فيه علماؤنا يتحَّد ثون في حلقاتهم العلمَّي ة ومؤلفاتهم عن دوران األرض
وكروَّي تها ،وحركات األفالك واألجرام السماوَّي ة -كانت عقول األوربيين تمتلئ بالخرافات
واألوهام عن هذه الحقائق ُكِّلها
ها
..
ومن َث َّم ابتدأت عند الَغ ربيين حركة الَّت رجمة من الَع ربية إلى الالتينية ،وغدت ُكُت ب علمائنا
ُت دَّر س في الجامعات الَغ ربية؛
فقد ُت رجم كتاب (القانون) في الطِّب لـ ابن سينا في القرن الثاني عشر
،
كما ُت رجم كتاب (الحاوي) للَّر ازي -وهو أوسع من القانون وأضخم -في نهاية القرن الثالث عشر
،
وظل هذان الكتابان عمدة لتدريس الطب في الجامعات األوربية حَّت ى القرن السادس عشر
،
أَّم ا كتب الفلسفة فقد استمرت أكثر من ذلك ،ولم يعرف الَغ رب فلسفة اليونان إَّال عن طريق
ُم ؤلفاتنا وترجماتنا
،
ومن هنا يعترف كثير من الَغ ربِّي ين الُم نصفين بأَّن نا كنا في القرون الوسطى أساتذة أوربا مدًة ال
تقل عن ستمائة سنة
.
قال العالمه جوستاف لوبون (ظلت ترجمات كتب العرب وال سيما الكتب العلميه المصدر الوجيد
تقريبا للتدريس في جامعات أوربا خمسه قرون أو سته قرون
ويمكننا أن نقول ان تأثير العرب فى بعض العلوم كعلم الطب مثال دام الى ايامنا فقد ُش رحت
كتب ابن سينا فى مونبلييه في أواخر القرن الماضي)
ويقول هذا العالم ايضا ( على كتب العرب وحدها عّو ل روجر بيكون وليونارد البيزي وأرنو
الفيلفوفي و ريمون لول وسان ثوما وألبرت الكبير و األذفوش العاشر القشتالي)
قال مسيو رينان ( ان البرت الكبير مدين البن سينا وسان توما مدين فى فلسفته البن رشد)
ويقول العَّالمة المستشرق "سيديو"" :كان الَع رب وحَد هم حاملين لواَء الحضارة الوسطى،
فدحروا بربرية أوربا التي زلزلتها غاراُت قبائل الشمال
،
وسار الَع رب إلى منابع فلسفة اليونان الخالدة ،فلم يقفوا عند حِّد ما اكتسبوه من ُكُنوز المعرفة،
بل وسعوه وفتحوا أبواًبا جديدة لدرس الطبيعة"
.
ويقول أيًض ا" :والَع رب حين زاولوا علم الهيئة ُع ُنوا عناية خاَّص ة بالعلوم الرياضية كِّلها؛ فكان لهم
ويقول ( :واذا بحثنا فيما اقتبسه الالتين من العرب في بدء األمر وجدنا ان جربرت الذى
اضحى بابا باسم سلفستر الثاني أدخل الينا بين سنه 970و سنه 980ما تعلمه فى االندلس من
المعارف الرياضيه
وان اوهيالرد االنجليزي طاف بين سنه 1100و سنه 1128في األندلس ومصر فترجم من
العربيه كتاب االركان القليدس الذى كان الغرب يجهله
وأن رودلف البروجي ترجم من العربيه كتاب الجغرافيا فى المعمور من االرض لبطليموس
وأن ليونارد البيزي ألف حوالى 1200رساله فى الجبر الذى تعلمه عن العرب
وأن كنيانوس النبري ترجم عن العرب فى القرن الثالث عشر كتاب اقليدس ترجمه جيده شارحا
له
وان قيتليون البولوني ترجم كتاب البصريات للحسن بن الهيثم في ذلك القرن
وأن جيرارد الكريموني أذاع في ذلك القرن ايضا علم الفلك الحقيقي المتين بترجمته المجسطي
لبطليموس والشرح لجابر إلخ
..
وفي سنه 1250أمر األذفونش القشتالى بنشر األزياج الفلكيه التى تحمل اسمه
وإذا كان روجر األَّو ل قد شَّج ع على تحصيل علوم الَع رب في صقلية ،ال سَّي ما كتب اإلدريسي
-فإَّن اإلمبراطور فردريك الثاني لم َي بُد أقل حًّض ا على دراسة علوم الَع رب وآدابهم
،
وكان أبناُء ابن رشد ُي قيمون ببالط هذا اإلمبراطور ،فيعلمونه تاريخ النباتات والحيوانات
الطبيعي
،
ويقول "هومبلد" في كتابه عن الكون" :والَع رب هم الذين أوجدوا الَّص ْي َد َلَة الكيماوية
،
ومن الَع رب أتت الوصايا الُم حَكمة األولى التي انتحلتها مدرسة (ساليرم) ،فانتشرت في جنوب
أوربا بعد زَم ن
،
وأَّد ت الصيدلة ومادة الطب اللتان يقوم عليهما فُّن الشفاء إلى دراسة علم النبات والكيمياء في
وقت واحٍد ،ومن طريقين ُم خَت ِل فين ،وبالَع رب ُف ِت َح عهٌد جديد لذلك العلم
وأوجبت خبره العرب بالعالم النباتي اضافتهم الى اعشاب ذليفوريدس ألفي نبات واشتمال
صيدليتهم على عدة أعشاب كان يجهلها االغريق جهال تاما"
.
ويقول "سيديو" عن الرازي وابن سينا" :إَّن هما سيطرا بُكُت بهما على مدارس الَغ رب زمًنا طويًال
،
وُع رف ابن سينا في أوربا طبيًب ا؛ فكان له على مدارسها سلطان مطلق مَّد ة ستة قرون تقريًب ا
،
فُت رِج م كتابه (القانون) المشتمل على خمسة أجزاء ،وُط بع عَّد ة مرات؛ ِلَع ِّد ه أساًس ا للدراسات في
جامعات فرنسا وإيطاليا"
.
.................