You are on page 1of 1

‫عرش الرحمن من أهم أول المخلوقات‪ ،‬التي خلقها هللا عز وجل‪ ،‬وله حملة من المالئكة يحملونه بقدرة هللا‪،‬‬

‫دائمو التسبيح‪ ،‬من أفضل وأشرف المالئكة عند هللا‪ ،‬وثبُت ذلك في القرآن الكريم‪ ،‬كما في قوله تعالى‪( :‬الَّذِينَ‬
‫َيحْ ِملُونَ ْال َع ْر َ‬
‫ش َو َم ْن َح ْولَهُ يُ َ‬
‫س ِِّبحُونَ ِب َح ْم ِد َر ِِّب ِه ْم َويُؤْ ِمنُونَ ِب ِه‪« ،)...‬سورة غافر‪ :‬اآلية ‪ ،»7‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ش َر ِبِّكَ فَ ْوقَ ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ ثَ َمانِيَةٌ)‪« ،‬سورة الحاقة‪ :‬اآلية ‪ ،»17‬وقد قال عنهم النبي‪ ،‬صلى هللا‬ ‫(‪َ ...‬ويَحْ ِم ُل َ‬
‫ع ْر َ‬
‫عليه وسلم‪« :‬إن هللا تبارك وتعالى أمر جميع المالئكة أن يغدوا ويروحوا بالسالم على حملة العرش تفضيالً‬
‫لهم على سائر المالئكة»‪ ،‬وقال ابن عباس‪ :‬ثمانية صفوف من المالئكة ال يعلم عددهم إال هللا‪.‬‬
‫يقول ابن كثير‪ ،‬يخبر هللا عن المالئكة المقربين من حملة العرش ومن حوله من المالئكة‪ ،‬بأنهم يسبحون‬
‫بحمد ربهم‪ ،‬وقد اصطفى هللا تعالى من مالئك ِته هؤالء الثمانية ليقوموا بوظيفة واحدة‪ ،‬وهي حمل عرش‬
‫الرحمن عز وجل‪ ،‬وعددهم ثمانية مالئكة‪ ،‬والمالئكة تس ِبِّح على جوانب السماء‪ ،‬ويحمل عرش هللا يوم‬
‫القيامة عندما تقوم الساعة ثمانية من المالئكة‪ ،‬وقيل ثمانية من صفوفهم‪ ،‬وهللا أعلم بعددهم‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية‪ ،‬وهذا يوجب أن هلل عرشا ً يُحمل‪ ،‬ويوجب أن ذلك العرش ليس هو ال ُملك‪ ،‬فإن ال ُملك هو‬
‫مجموع الخلق‪ ،‬فهنا دلَّت اآلية على أن هلل مالئكة من جملة خلقه يحملون عرشه‪ ،‬وآخرون يكونون حوله‪،‬‬
‫وتلك اآليات تدل داللة واضحة على أن للعرش حملة يحملونه اليوم ويوم القيامة‪ ،‬وأنهم مالئكة من خلقه‪،‬‬
‫و ِّكلهم رب العزة بحمل عرشه‪ ،‬وعددهم يوم القيامة ثمانية‪ ،‬أما عددهم اآلن ومن يحمل العرش بعد موتهم فلم‬
‫تصح في ذلك أية أسانيد‪.‬‬
‫وجاء في صفات حملة عرش الرحمن أن خلقهم عظيم جداً‪ ،‬عن جابر بن عبدهللا رضي هللا عنهما‪ ،‬أن‬
‫رسول هللا‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬أ ُذِن لي أن أُح ِّدِث عن ملك من مالئكة هللا تعالى من حملة العرش أن‬
‫ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مئة عام»‪ ،‬وفي الحديث الذي رواه العباس بن عبد المطلب الذي‬
‫جاء فيه‪ ...« :‬ثم فوق ذلك ثمانية أمالك أوعال ما بين أظالفهم إلى ركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء‪ ،‬ثم‬
‫فوق ظهورهم العرش»‪ ،‬وهذا يدل على أن حملة العرش اآلن ثمانية‪.‬‬
‫وأجمع السلف من الصحابة والتابعين على أن العرش عظيم‪ ،‬خلقه هللا واستوى عليه بعد أن خلق السموات‬
‫واألرض‪ ،‬وقال اإلمام مالك‪ ،‬االستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة‪ ،‬وقيل عنه إن السماوات‬
‫السبع‪ ،‬ما هي إال حلقة في الكرسي‪ ،‬والكرسي ما هو إال مثل حلقة في الصحراء‪ ،‬وهذه الصحراء ما هي إال‬
‫حلقة في العرش‪ ،‬وعن أبي ذر الغفاري قال‪« :‬قلتُ للنبي‪ :‬يا رسو َل هللاِ أيما أنز َل عليكَ أعظ ُم‪ ،‬قال‪ :‬آيةُ‬
‫العرش على‬
‫ِ‬ ‫بأرض فالةٍ‪ ،‬وفض ُل‬
‫ِ‬ ‫ذر ما السماواتُ السب ُع مع الكر ِسي إال كحلَق ٍة ملقا ٍة‬
‫الكرسي‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا أبا ِّ‬
‫الكر ِسي كفض ِل الفالةِ على الحلق ِة‪».‬‬
‫والعرش فوق الفردوس األعلى‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إذا سألتم هللا الجنة فسلوه الفردوس‪ ،‬فإنه أعلى‬
‫الجنة وأوسط الجنة وفوق عرش الرحمن‪».‬‬

You might also like