You are on page 1of 8

‫فلسفة اإلسالم بخصوص الخالفة‬

‫الخالفة هي قيام الشيء مقام الشيء‪ ،‬يقول اإلمام الراغب األصفهاني في مفرداته‪ " :‬الخالفة‪ :‬النيابة عن الغير‪،‬‬
‫ُمل َتْخ َل‬
‫إما لغيبة املنوب عنه‪ ،‬وإما ملوته‪ ،‬وإما لعجزه‪ ،‬وإما لتشريف ا ْس ِف ‪ .‬وعلى هذا الوجه األخير استخلف‬
‫َتْخ ُف‬ ‫َلُك َخ َف َأْل‬ ‫َّل‬
‫هللا أولياءه في األرض‪ ،‬قال تعالى‪ُ﴿ :‬ه و ا ِذ ي َج َع ْم الِئ ِف ي ا ْر ِض ﴾ (فاطر‪ )39 :‬وقال‪َ﴿ :‬و َي ْس ِل َر ِّب ي‬
‫ْن‬ ‫َق ًا َغ ُك‬
‫ْو م ْي َر ْم ﴾‪( 1‬هود‪ ،)57 :‬إ‪.‬هـ‪ .‬والحكم هلل تعالى‪ ،‬وقد جعله هللا للخلق على العموم بقوله ﷺ‪ِ« :‬إ َّن الُّد َي ا‬
‫َف ُظ َك َف َت ُل‬ ‫َتْخ ُك‬ ‫َّل‬ ‫ْل ٌة َخ ٌة‬
‫ُح َو ِض َر َو ِإ َّن ال َه ُم ْس ِل ُف ْم ِف يَه ا َي ْن ُر ْي ْعَم وَن » رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬مصداقا‬
‫ُظ َك َف َت ُل‬ ‫ْل ُك َخ َف َأل‬ ‫ُث‬
‫لقوله تعالى ﴿ َّم َج َع َن ا ْم الِئ ِف ي ا ْر ِض ِم ن َب ْع ِد ِه م ِل َن ن َر ْي ْعَم وَن ﴾ يونس ‪ 2،14‬أي أن تطبقوا‬
‫أحكام هللا‪ ،‬ومنهج هللا فيما بينكم وعلى أنفسكم في كل شأن‪ ،‬والخالفة على الخصوص في الحكم‪ ،‬من قبل‬
‫الحاكم يحكم بما أنزل هللا‪ ،‬إذ إن هذا املنهج هو الذي يميز بين أن يكون املستخلف في األرض مفسدا فيها‪،‬‬
‫سافكا للدماء‪ ،‬أو أن يكون خليفة يعصمه ذلك املنهج عن ذلك الزلل‪ ،‬ولكي يسود املنهج ال بد أن يسود من‬
‫خالل دولة‪ ،‬ال مجرد أن يلتزم به أفراد في ظل مجتمع يطغى فيه غير ذلك املنهج! ولكي يتحقق أن يكون‬
‫ُمل َتْخ َل‬
‫معنى االستخالف تشريف ا ْس ِف ‪ ،‬فال تشريف ملن لم ُي ِق م منهج هللا! ال تشريف ملن أفسد وسفك الدماء!‬
‫َن‬ ‫َخ ًة‬ ‫َأل‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬إِّن ي َج اِع ٌل ِف ي ا ْر ِض ِل يَف ﴾ قال القرطبي رحمه هللا‪ :‬هذه اآلية أصٌل في ْص ب إماٍم وخليفة‬
‫ُي ْس َم ع له ويطاع؛ لتجتمع به الكلمة‪ ،‬وتنفذ به أحكام الخليفة‪ .‬وال خالف في وجوب ذلك بين األمة وال بين‬
‫األئمة إال ما ُر وي عن األَص ّم حيث كان عن الشريعة أَص َّم ‪ ،‬انتهى‪ ،‬وهذا من دقة علم اإلمام القرطبي رضي‬
‫َخ ًة‬ ‫َأل‬
‫هللا عنه! ورد في تفسير الجاللين في هذه اآلية‪﴿ :‬إِّن ي َج اِع ٌل ِف ي ا ْر ِض ِل يَف ﴾ يخلفني في تنفيذ أحكامي فيها‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫وذلك أن هللا تعالى أقام السموات واألرض على العدل‪ ،‬كما في الحديث القدسي عن أبي ذٍر جندب بن جنادة‪،‬‬
‫ُؤ‬ ‫َتَق‬ ‫َت َل‬ ‫َت‬
‫رضي هللا عنه‪ ،‬عن النبي ﷺ فيما يروي عن ِهللا َب اَر َك َو َع ا ى ﷻ‪َ ،‬ر ِّب الِع َّز ِة ‪َّ ،‬د َس ْت أْس َم ا ُه أنه قال‪« :‬يا‬
‫ًا‬
‫عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرم فال تظاملو»‪ ،‬فقد حرم هللا الظلم على نفسه‪،‬‬
‫وحرمه على العباد وأنزل الشرع‪ ،‬واملنهج الذي يضمن أن ال يدخل الجور في ملكوت السموات واألرض‪،‬‬
‫َأ ْل‬ ‫َل ْل‬ ‫َل َق َأ ْل‬ ‫ًة‬
‫فجعَل االنساَن خليف ليقيم النظام الذي يقيم العدل‪ ،‬ويمنع الجور‪ْ ﴿ ،‬د ْر َس َن ا ُر ُس َن ا ِب ا َب ِّي َن اِت َو نَز َن ا‬
‫ْل‬ ‫ْل‬
‫َم َع ُه ُم ا ِك َت اَب َو اِمْل يَز اَن ِل َي ُق وَم الَّن اُس ِب ا ِق ْس ِط ﴾ ‪ 25‬الحديد‪ ،‬فجعل السلطان لألمة تنيب عنها حاكما يحكمها‬
‫بشرعة ربها‪ ،‬كما استقر من االستنباط من أصول نظام الحكم في اإلسالم‪ ،‬فالخليفة املذكور هم املؤمنون‬
‫املتبعون لشرعة هللا تعالى في ما أمرهم القيام به من أوامر في حياتهم‪ ،‬املقيمون ملنهجه فيهم‪ ،‬كما أسلفنا‪،‬‬
‫فإن قيام املنهج في األفراد ال يقيمه في املجتمع‪ ،‬وإذا لم يقم في املجتمع لم يتحقق احتكامهم إليه‪ ،3‬ولم‬

‫‪1‬‬
‫مفردات ألفاظ القرآن الكريم – الراغب األصفهاني – تحقيق‪ :‬صفوان عدنان داوودي – دار القلم – دمشق – ط‪1412 – 1‬هـ ‪1992 -‬م‬
‫‪ –.‬ص‪294‬‬
‫‪ 2‬وقوله تعالى‪َ﴿ :‬و ُه َو اَّل ِذ ي َج َع َلُك ْم َخ َال ِئ َف اَأل ْر َو َر َف َع َب ْع َض ُك ْم َف ْو َق َب ْع َد َر َج اٍت ِّل َي ْب ُل َو ُك ْم ي َم ا آَت اُك ْم َّن َر َّب َك َس يُع اْل ِع َق ا َو َّنُه َل َغُف وٌر‬
‫ِب ِإ‬ ‫ِر‬ ‫ِإ‬ ‫ِف‬ ‫ٍض‬ ‫َّل ِض َلُك َخ اَل َف َأْل‬
‫َّر ِح يٌم ﴾ ‪ 165‬األنعام‪ ،‬وقوله تعالى‪ُ﴿ :‬ه َو ا ِذ ي َج َع ْم ِئ ِف ي ا ْر ِض ﴾ ‪ 39‬فاطر‪.‬‬
‫ُت‬
‫‪ 3‬حجر الزاوية في هوية املجتمع هو الكيفية التي سّي ر بموجبها العالقات‪ ،‬والنظم التي تضبط هذه العالقات‪ ،‬فالعالقات الربوية نتاج‬
‫تطبيق نظام رأسمالي مثال‪ ،‬ال يمكن أن تتغير في املجتمع طاملا بقي املجتمع رأسماليا‪ ،‬وال أثر المتناع ماليين الناس من املسلمين في‬
‫يتحقق العدل‪ ،‬لذلك اقتضى األمر قيام املنهج في األفراد واملجتمع والدولة‪ ،‬وحيث إن جل هذه األحكام‬
‫ًا‬
‫تطبق من خالل الدولة‪ ،‬فالناس يبايعون عليها خليفة يقيمها فيهم‪ ،‬فكان َج ْع ُل الخليفة الحاكم هو أيض‬
‫َخ َف ًة‬ ‫َأل‬ ‫ْل َال َك‬ ‫ْذ َق‬
‫معنى قوله تعالى‪َ﴿ :‬و ِإ اَل َر ُّب َك ِل َم ِئ ِة ِإ ِّن ي َج اِع ٌل ِف ي ا ْر ِض ِل ي ﴾‪ ،‬أي الذي به يتحقق معنى‬
‫االستخالف تحققا يفضي للمقصد من ذلك االستخالف ‪ ،‬وتحقيقا ملعنى التشريف في االستخالف‪ ،‬مما تدل‬
‫َق ُل ْا َأ َت‬ ‫ُة‬
‫عليه اآلية كما استنبطها القرطبي‪ ،‬لذلك سألت املالئك رَّب العزِة سبحانه وتعالى‪ ﴿ :‬ا و ْج َع ُل ِف يَه ا َم ن‬
‫َال َت َل‬ ‫َأ َل‬ ‫َق‬ ‫ًة‬
‫ُي ْف ِس ُد ِف يَه ا َو َي ْس ِف ُك الِّد َم اَء ﴾ خليف ؟ فقال الحق تعالى مجيبا‪ ﴿ :‬اَل ِإ ِّن ي ْع ُم َم ا ْع ُم وَن ﴾‪ ،‬وليس من معنى‬
‫َق ُل ْا‬ ‫ُة‬
‫ألن يكون الخليف كناية عن االنسان يفعل ما يشاء‪ ،‬فلو كان ذلك كذلك‪ ،‬لتحقق معنى استنكارهم‪ ﴿ :‬ا و‬
‫َال َت َل‬ ‫َأ َل‬ ‫َأ َت‬
‫ْج َع ُل ِف يَه ا َم ن ُي ْف ِس ُد ِف يَه ا َو َي ْس ِف ُك الِّد َم اَء ﴾‪ ،‬أما وقد أجابهم رب العزة قائال‪ِ﴿ :‬إ ِّن ي ْع ُم َم ا ْع ُم وَن ﴾ ففيه‬
‫معنى أنه لم يجعله خليفة لسفك الدماء‪ ،‬واإلفساد‪ ،‬ومن هذا نستثني من االستخالف من يتبع أي منهج‬
‫يفضي لإلفساد وسفك الدماء‪ ،‬وهذا حال كل منهج قام على تشريع الناس‪ ،‬وأهوائهم‪ ،‬مصداقا لقوله تعالى‪:‬‬
‫﴿َو َل اَّت َبَع اْل َح ُّق َأ ْه َو اءُه ْم َل َف َس َد الَّس َم اَو اُت َو اَأْل ْر ُض َو َم ن ي َّن ﴾ ‪ 71‬املؤمنون‪ُ﴿ ،‬ث َّم َج َع ْل َن اَك َع َل ى َش يَع َن‬
‫ِر ٍة ِّم‬ ‫ِف ِه‬ ‫ِت‬ ‫ِو‬
‫َن‬ ‫ُم‬ ‫َأْل ْم َف َّت ْع َه َو اَل َتَّت ْع َأ ْه َو َّل َن اَل َي ْع َل‬
‫و ﴾ ‪ 18‬الجاثية‪ ،‬فغير شريعة هللا اتباع ألهواء املشرعين‪ ،‬ويفضي‬ ‫اء ا ِذ ي‬ ‫ِب‬ ‫ا ِر ا ِب ا‬
‫لإلفساد في األرض‪ ،‬لذلك فالخليفة املشار إليه هو الذي يقيم منهج هللا الذي يضمن إحقاق الحق والعدل‬
‫وفقا لشرع هللا‪ ،‬بتطبيق شريعته هذا هو الذي استخلفه هللا تعالى‪ :‬املؤمنون يقيمون شريعته ويبايعون‬
‫خليفة يطبقها فيهم‪.‬‬
‫ْل َح َو َتَّت‬ ‫َّن‬ ‫َن‬ ‫َبْي‬ ‫َق َل ُّب َع َمل َن ُس ْب َح َنُه َت َع َل َي َد ُو ُد َّن َج َع ْل َن َك َخ َف ًة َأل ْر َف ْح ُك‬
‫ا ِل ي ِف ي ا ِض ا م ال اِس ِب ا ِّق ال ِب ِع‬ ‫ا و ا ى‪ ﴿ :‬ا ا و ِإ ا‬
‫َّل‬
‫و ا ر ال ا ي‬
‫َف َّل‬ ‫ْل‬
‫ا َه َو ى ُي ِض َك ن ِب يِل ال ِه ﴾ ‪ 26‬ص‪ ،‬وذلك تناسبا مع كون هللا تعالى أنزل الكتب لتحكم بين الناس بالحق‪،‬‬ ‫َس‬ ‫َع‬
‫ا‬ ‫﴿َك اَن الَّن اُس ُأ َّم ًة َو ا َد ًة َف َبَع َث الَّل ُه الَّن يَن ُم َب يَن َو ُم ن يَن َو َأ نَز َل َم َع ُه ُم اْل َت اَب اْل َح َيْح ُك َم َبْي َن الَّن‬
‫ِس‬ ‫ِك ِب ِّق ِل‬ ‫ِذ ِر‬ ‫ِّش ِر‬ ‫ِب ِّي‬ ‫ِح‬
‫ْخ ْا‬
‫ِف يَم ا ا َت لُف و ِف يِه ﴾ فاستخالف داود عليه السالم وحكمه بين الناس بالحق كاستخالف محمد ﷺ وحكمه بين‬
‫الناس بالحق ﴿َو َأ اْح ُك م َبْي َن ُه م َم ا َأ نَز َل الَّل ُه َو َال َتَّت ْع َأ ْه َو اءُه ْم َو اْح َذ ْر ُه ْم َأ ن َي ْف ُن وَك َع ن َب ْع َم ا َأ نَز َل الَّل ُه‬
‫ِض‬ ‫ِت‬ ‫ِب‬ ‫ِب‬ ‫ِن‬
‫َل‬
‫ِإ ْي َك ﴾ ‪ 49‬املائدة‪ ،‬وهذه فيها خطاب للرسول ﷺ وهو خطاب ألمته‪ ،‬فكان االستخالف قياما بأحكام هللا تعالى‬
‫في العباد‪ ،‬وهو أصل في كل تشريع رباني‪ ،‬وكل كتاب نزل من عند هللا إنما نزل ليحكم‪ ،‬وكانت بنو إسرائيل‬
‫تسوسهم األنبياء بتلك الكتب والتشريعات الربانية‪ ،‬ثم انتقلت هذه السنة إلى الخلفاء بعد الرسول ﷺ كما في‬
‫حديث البخاري عن أبي حازم قال‪ :‬قاعدُت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي ﷺ قال‪« :‬كانت‬
‫بنو إسرائيل تسوسهم األنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي‪ ،‬وإنه ال نبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر‪ ،‬قالوا ما‬
‫تأمرنا؟ قال‪ :‬فوا ببيعة األول فاألول وأعطوهم حقهم‪ ،‬فإن هللا سائلهم عما استرعاهم» [رواه مسلم‬
‫والبخاري وابن حنبل وابن ماجه]‪ ،‬فقد نص على أن سياسة األمة تكون للنبي ﷺ ثم للخلفاء من بعده‪ ،‬وأمر‬
‫بطاعتهم والوفاء ببيعتهم‪ ،‬وعن أبي سعيد الخدري عن رسول هللا ﷺ أنه قال‪« :‬إذا بويع لخليفتين فاقتلوا‬
‫اآلخر منهما»‪ ،‬فأمر بوحدة دولة الخالفة وجعل من يفرق جماعة املسلمين حالل الدم‪ ،‬روى مسلم في كتاب‬

‫املجتمعات الغربية أو حتى البالد اإلسالمية التي يتفشى فيها نظام الربا عن الربا في تغيير النظام االقتصادي الرأسمالي فيه‪ ،‬بل إنهم وال‬
‫شك ستدخل أموالهم البنوك‪ ،‬وتستثمرها البنوك بشكل قانوني فيما يراه البنك‪ ،‬وتختلط أموال املسلمين بالربا وبتجارة الخمور‪،‬‬
‫واالستثمارات التي تستثمرها البنوك في النوادي الليلية‪ ،‬شاء املسلمون في الغرب أم أبو‪ ،‬بل وفوق ذلك‪ ،‬فإنهم سيخضعون لقوانين الدولة‬
‫من تأمين إلزامي‪ ،‬وضرائب‪ ،‬ونظم محرمة في اإلسالم وغير ذلك‪ ،‬فالعبرة إذن في العالقات واألنظمة ال في معتقدات األفراد‪.‬‬
‫ُي ُد َأ ْن‬ ‫َل‬ ‫َأ َت ُك َأ ُك‬ ‫ُق‬ ‫َّل‬ ‫ُت‬ ‫َف َة َق‬
‫اإلمارة‪َ« :‬ع ْن َع ْر َج اَل َس ِم ْع َر ُس وَل ال ِه ﷺ َي وُل َم ْن ا ْم َو ْم ُر ْم َج ِم يٌع َع ى َر ُج ٍل َو اِح ٍد ِر ي‬
‫َت ُك َف ْق ُت ُل‬ ‫ُك َأ َف َق‬ ‫ُش‬
‫َي َّق َع َص ا ْم ْو ُي ِّر َج َم اَع ْم ا وُه »‪.‬‬
‫تقوم أنظمة الحكم على تشريعات وقوانين تبين التشريعات املتعلقة بالنظام السياسي (نظام الحكم)‪،‬‬
‫والقضاء والعقوبات‪ ،‬والسياسة الداخلية والخارجية والنظام التعليمي واالجتماعي واالقتصادي‪،‬‬
‫فقد نزلت آيات تفصيلية في التشريع‪:‬‬
‫‪ .1‬السياسي (نظام الحكم)‬
‫ُن‬
‫أ) واستنبطنا منها املفاهيم التي تحدد الدستور‪ ،4‬أي‪ :‬مجموع القواعد التي يجبُر السلطا الناَس‬
‫‪5‬‬
‫على اتباعها في عالقاتهم‪ ،‬وتحدد أنظمة الحكم القائمة على تشريعات وقوانين تبين شكل الدولة‬
‫وصفتها‪ ،6‬وقواعدها‪ 7‬وأجهزتها في الحكم ‪ 8‬واإلدارة‪ ،9‬واألساس الذي تقوم عليه‪( ،10‬أي‪:‬‬
‫ُت‬
‫"األساس الفكري‪ ،‬أي مجموعة املفاهيم واملقاييس والقناعات التي رعى الشئون بمقتضاها‬
‫والذي يحدد حقوق األفراد‪ ،11‬وينظم العالقة السياسية بين الدولة كسلطة تقوم على رعاية‬

‫‪ 4‬أنظر فصل‪ :‬مقومات الدولة القانونية بين التصور اإلسالمي والتصور الغربي ‪ -‬مقارنة‬
‫‪ 5‬شكل الحكم في اإلسالم ليس ملكيا (ال ملكية وراثية مطلقة (كاألردن أو السعودية)‪ ،‬وال ملكية دستورية (كبريطانيا)‪ ،‬وال أميريا (كقطر)‪،‬‬
‫وال سلطانيا (كعمان)‪ ،‬وال جمهوريا (رئاسيا كأميريكا‪ ،‬وال نيابيا كتركيا)‪ ،‬وال إمبراطوريا (كاليابان)‪ ،‬وال بابويا (كالفاتيكان)‪ ،‬وال نظام حكم‬
‫مجلسي قائم على حكومة الجمعية (كسويسرا)‪ ،‬وال اتحاديا (كأميريكا واإلمارات)‪ ،‬ولكنه نظام خالفة! نظام وحدة‪ ،‬وليس باتحادي‪ ،‬ال‬
‫فدرالي وال كونفدرالي‪ ،‬نظام متميز عن كل النظم املعروفة اآلن في أصوله وأسسه‪ ،‬وإن تشابهت بعض مظاهره مع بعض مظاهرها‪ .‬وهو‬
‫فوق كل ما تقدم مركزي في الحكم‪ ،‬يحصر السلطة العليا في املركز العام‪ ،‬فالحكم مركزي‪ ،‬ويجعل له الهيمنة والسلطة على كل جزء من‬
‫أجزاء الدولة صغر أو كبر‪ ،‬وال يسمح باالستقالل ألي جزء منه‪ ،‬حتى ال تتفكك أجزاء الدولة‪ .‬وهو الذي يعين القواد والوالة والحكام‬
‫ًا‬
‫واملسؤولين عن املالية واالقتصاد‪ ،‬وهو الذي يولي القضاة في كل إقليم من أقاليمه‪ ،‬وهو الذي يعين كل َم ن عمله يكون حكم ‪ ،‬وهو املباشر‬
‫لكل شيء من الحكم في جميع البالد‪ ،‬واإلدارة فيه ال مركزية‪.‬‬
‫‪ 6‬إسالمية‪ ،‬ليست بالديمقراطية‪ ،‬وال بالدكتاتورية‪ ،‬وليست بالثيوقراطية‪ ،‬وليست باملدنية‪ ،‬وال بالعلمانية‪ ،‬وليست باالشتراكية وال‬
‫بالشيوعية!‬
‫‪ 7‬السيادة للشرع‪ ،‬والسلطان لألمة‪ ،‬ونصب خليفة واحد فرض‪ ،‬وحق التبني للخليفة وحده‪.‬‬
‫‪ -1 8‬الخليفة‪ -2 ،‬املعاونون (وزراء التفويض)‪ -3 ،‬وزراء التنفيذ‪ -4 ،‬الوالة‪ -5 ،‬أمير الجهاد (الجيش)‪ -6 ،‬األمن الداخلي‪ -7 ،‬الخارجية‪-8 ،‬‬
‫الصناعة‪ -9 ،‬القضاء‪ -10 ،‬مصالح الناس‪ -11 ،‬بيت املال‪ -12 ،‬اإلعالم‪ -13 ،‬مجلس األمة (الشورى واملحاسبة)‪.‬‬
‫‪ 9‬أما الحكم فمركزي‪ ،‬وأما اإلدارة فال مركزية‪ ،‬والحكم هو سلطة مباشرة رعاية الشئون‪ ،‬وتنفيذ أحكام الشرع وتنفيذ أحكام القضاء‪،‬‬
‫وما عدا ذلك فهو من اإلدارة‪ ،‬ومن يقوم بأعمال اإلدارة ال يحتاج للرجوع إلى من عينه في الصالحيات املوكلة إليه‪ ،‬إال أن ُي لزم بوسائل‬
‫وأساليب معينة أو بأنظمة إدارية معينة‪.‬‬
‫اّل‬
‫‪ 10‬العقيدة اإلسالمية هي أساس الدولة‪ ،‬بحيث ال يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها‪ ،‬إ بجعل العقيدة‬
‫اّل‬ ‫ًا‬
‫اإلسالمية أساس له‪ .‬وهي في نفس الوقت أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث ال ُي سمح بوجود شيء مما له عالقة بأي منهما إ إذا‬
‫ًا‬
‫كان منبثق عن العقيدة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ 11‬تمكين الرعايا مسلمين وذميين من كافة الحقوق ومن االنتفاع بالثروات‪ ،‬ومن مرافق الدولة العامة‪ ،‬وضمان حاجاتهم األساسية‪،‬‬
‫واملساواة بين الرعية في الحقوق مسلمين وأهل ذمة‪ ،‬لهم ما لنا من اإلنصاف‪ ،‬وعليهم ما علينا من االنتصاف‪ .‬أّم ا أن لهم ما لنا من اإلنصاف‬
‫ّال َت‬ ‫َش‬ ‫َت‬
‫فذلك آت من عموم قوله تعالى‪﴿ :‬وإذا حكمتم بين الناس أن حكموا بالعدل﴾ وقوله جّل شأنه‪﴿ :‬وال َي جِر َم َّن كم َن آن قوم أ عِد لوا‬
‫اعِد لوا هو أقرب للتقوى﴾ وقوله عن الُح كم بين أهل الكتاب‪﴿ :‬وإذا حكمَت فاحكم بينهم بالقسط﴾‪ .‬وأّم ا أّن عليهم ما علينا من االنتصاف‬
‫ًا‬ ‫َق‬
‫فذلك آٍت من أن النبي ﷺ كان يوِق ع العقوبة على الكفار كما يوِق عها على املسلمين‪ ،‬فقد تل الرسول ﷺ يهودي عقوبة على قتله امرأة‪،‬‬
‫ًا‬ ‫ُأ‬
‫و ِت ي له ﷺ برجل وامرأة يهوديين قد زنيا فرجمهما‪ .‬وألهل الذمة علينا من الحماية ما للمسلمين‪ ،‬لقول رسول هللا ﷺ‪« :‬من قتل نفس‬
‫ُأ‬ ‫ًا‬ ‫َل‬
‫معاِه دة لها ذمة هللا ورسوله فقد أخفر ذمة هللا وال َي ِر ح رائحة الجنة وإن ريحها يوَج د من مسيرة أربعين خريف »‪ ،‬وقد ِت ي لرسول هللا‬
‫شئون الناس‪ ،12‬وحماية حقوقهم ورعايتها‪ 13‬وبينهم")‪ ،‬وفق مفاهيم تضبط العالقات العامة‬
‫أي العالقات الدستورية وتضبط العالقات بين الراعي (أي السلطة العامة) والرعية‪ ،‬وتحدد‬
‫مفاهيم ومسؤوليات الدولة الرعوية‪ ،14‬وتبين حدود واختصاص كل سلطة في الدولة‪.15‬‬
‫واألحكام املتعلقة بالسلطة‪ ،‬ويمكن تفكيكها إلى سبعة مسائل سبرنا غورها في فصل تفكيك‬ ‫ب)‬
‫مفهوم السلطة فراجعه‪:‬‬
‫‪ )1‬طريقة نشوء الدولة‪ )2 ،‬طريقة أخذ السلطة‪ )3 ،‬طبيعة السلطة‪ )4 ،‬صالحيات السلطة‪)5 ،‬‬
‫واجبات السلطة‪ )6 .‬مهمات السلطة‪ )7 ،‬موقف الرعية حين إخالل السلطة بما سبق‪.‬‬
‫وأحكام الشورى‪ ،16‬واتخاذ القرارات‪ ،17‬والطاعة‪ ،‬والسلطان‪ ،18‬واألمان‪ ،19‬والسيادة‪( ،20‬أي‬ ‫ت)‬
‫من هو صاحب القول الفصل فيما يقع من تنازع ونقاش في شتى األمور‪ ،21‬وبمعنى أن الكلمة‬
‫العليا في الدولة وخارجها ملن؟)‪،‬‬
‫وتضبط العالقات بين الناس فيما بينهم‪ ،‬من أنظمة االجتماع والتعليم واالقتصاد والسياسة‬ ‫ث)‬
‫الخارجية والحكم والقضاء والعقوبات‪.‬‬

‫ًا‬ ‫َق‬
‫ﷺ بمسلٍم َت َل َي هودّي فقتله به‪ ،‬وقال‪« :‬نحن أحق من وفى بذمته»‪ ،‬وألهل الذمة من رعاية شؤونهم وضمانة معاشهم ما للمسلمين‪ ،‬عن أبي‬
‫ّك‬
‫وائل عن أبي موسى أو أحدهما بإسناده أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬أطِع موا الجائع وُع ودوا املريض وف وا العاني»‪ ،‬قال أبو عبيد‪" :‬وكذلك‬
‫ًا‬
‫أهل الذمة يجاَه د ِم ن دونهم‪ ،‬ويفتك عناتهم‪ ،‬فإذا استنقذوا رجعوا إلى ذمتهم وعهدهم أحرار وفي ذلك أحاديث"‪ .‬أنظر‪ :‬مقدمة الدستور أو‬
‫األسباب املوجبة له لحزب التحرير أحكام عامة‪.‬‬
‫‪ 12‬أنظر فصل‪ :‬تفكيك مفهوم السلطة في اإلسالم باب‪ :‬طبيعة السلطة‪ ،‬والحظ رعوية الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ 13‬الدولة املعاصرة في ضوء الفكر اإلسالمي رسالة دكتوراة للدكتور عثمان بخاش‪ .‬ص ‪ .9‬بتصرف‬
‫‪ 14‬راجع فصل‪ :‬تفكيك مفهوم السلطة في اإلسالم‪.‬‬
‫‪ 15‬أنظر فصل‪ :‬نظرة اإلسالم للفصل بين السلطات‪ ،‬فيه تفصيل مهم‪.‬‬
‫‪ 16‬أنظر فصل‪ :‬الشورى وأخذ الرأي في اإلسالم في كتاب الشخصية اإلسالمية الجزء األول لتقي الدين النبهاني رحمه هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ 17‬القيادة في اإلسالم فردية‪ ،‬أحيطت بسياج الشورى‪ ،‬واملحاسبة‪ ،‬واملسئولية‪ ،‬والقضاء!‬
‫ّل‬ ‫ّك‬ ‫ّك‬ ‫َّل‬
‫‪ 18‬السلطان في اإلسالم لألمة‪ ،‬يقال في اللغة‪َ :‬س طُه ‪ ،‬أي أطلق له السلطان والقدرة‪ ،‬وسلطه عليه‪ :‬م نه منه وح مه فيه‪ .‬وتس ط عليه‪:‬‬
‫ّك‬ ‫ّك‬
‫تح م وتم ن وسيطر‪ .‬والسلطان القوة والقهر‪ ،‬ومعنى السلطان‪ :‬من له والية التحكم والسيطرة في الدولة‪ ،‬فإن الحكم وامللك والسلطان‬
‫بمعنى واحد‪ ،‬وهو السلطة التي تنفذ األحكام‪ ،‬والسلطان ال يتحقق إال بأمرين‪ :‬أحدهما‪ :‬رعاية املصالح‪ ،‬أي مصالح الناس عامة‪( ،‬نظام‬
‫الحكم‪ ،‬وأنظمة الدولة) بأحكام معينة‪ ،‬وثانيهما‪ :‬القوة التي تحمي الرعية‪ ،‬وتنفذ األحكام‪ ،‬أي األمان‪.‬‬
‫‪ 19‬األمان عدم توقع املكروه في الزمن اآلتي‪ ،‬واألمان هو نقيض الخوف‪ ،‬أي حصول الطمأنينة في العيش وزوال الخوف‪ ،‬فإذا كان املؤمنون‬
‫َأ‬ ‫َخ‬ ‫َل َل‬
‫في دار اإلسالم آمنين غير خائفين‪ ،‬وكان أمنهم بأمان الدولة الذاتي‪ ،‬فقد تحقق األمان‪َ﴿ ،‬و ُي َب ِّد َّن ُه ْم ِم ْن َب ْع ِد ْو ِف ِه ْم ْم ًن اۚ ﴾‪ ،‬وال يتم ذلك إال‬
‫بامتالك قدر كاف من القوة يردع أعداء األمة ‪-‬داخليا وخارجيا‪ -‬عن أن تستطيع النوال من املسلمين‪ ،‬أو من اإلسالم‪ ،‬ولتحقق ذلك ال بد‬
‫من اجتماع مصادر القوة في املجتمع على دعم الدولة‪ ،‬وهي ثالث فئات‪ :‬أ‌‪ -‬فئة الجيش‪ ،‬وأهل القوة‪ ،‬ب‌‪ -‬وفئة أصحاب النفوذ في املجتمع‬
‫من صناع قرار ووسط سياسي‪ ،‬وعلماء‪ ،‬ووجهاء‪ ،‬وتجار‪ ،‬ومثل زعماء القبائل مثال‪ ،‬ت‌‪ -‬والفئة الثالثة هي سواد املسلمين‪.‬‬
‫وليس املقصود أن يجتمعوا كلهم على ذلك األمر‪ ،‬لكن املقصود أن يتحصل من اجتماعهم قوة تدفع باملجتمع من ورائهم ليكون للدولة‬
‫ظهيرا‪.‬‬
‫‪ 20‬السيادة في اإلسالم للشرع‪ ،‬والسيادة تعني الجهة التي تتمتع بالسلطة العليا في الدولة‪ ،‬املمارسة لإلرادة واملسيرة لها‪ ،‬في العالقات‬
‫جميعها‪ ،‬وحتى في األشياء‪ ،‬وملن تخضع في جميع ما يصدر عنها من تصرفات‪ ،‬أنظر‪ :‬اإلسالم وأصول الحكم للدكتور محمود الخالدي‪.‬‬
‫‪ 21‬الدولة املعاصرة في ضوء الفكر اإلسالمي رسالة دكتوراة للدكتور عثمان بخاش‪ .‬ص ‪.7‬‬
‫ج) وتفصل في أحكام الخروج على تلك األحكام‪ 22‬وعلى الدولة‪ ،‬وأحكام حماية الدولة‪( ،‬التشريعات‬
‫الجنائية الخاصة بالدولة)‪ ،‬ومنها أحكام خروج الرعية على الدولة‪ ،23‬وأحكام خروج الحاكم على‬
‫منظومة القيم التي قامت عليها الدولة‪ ،24‬وخصوصا الخروج على الحاكم حين إظهار نظام آخر‬
‫غير نظام اإلسالم (الكفر البواح)‪ ،‬وخروج األفراد على املجتمع‪ ،25‬ودور األمة واألحزاب في‬
‫محاسبة الحاكم‪ ،‬وأحكام نصيحة الحكام وأمرهم باملعروف ونهيهم عن املنكر‪ ،‬ودورهم في‬
‫ضمان سيادة منظومة القيم التي قامت عليها الدولة (األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬مما‬
‫تفردت به الدولة اإلسالمية عن غيرها من النظم في إقامة املسئوليات على كافة الصعد لضمان‬
‫بقاء تلك القيم سائدة وعليا في املجتمع والدولة)‬
‫ح) وأحكام تنظيم الرقابة القضائية على األعمال اإلدارية للدولة‪ ،‬ورقابة قضاء املظالم‪ ،‬ورقابة‬
‫‪26‬‬
‫نزاهة القضاء‪،‬‬
‫خ) وتفصل في طريقة اختيار الحاكم‪ ،‬وطريقة تنصيب الخليفة (البيعة)‪ ،‬وأحكام الطاعة‪ ،‬وأحكام‬
‫خلو الزمان من مستحق للبيعة‪ ،‬وطريقة عزله‪ ،‬وأحكام تعدد الخلفاء‪ ،‬وقتل الخليفة الثاني‪،‬‬
‫وأحكام شق صف املسلمين بإيجاد كيان ثان لهم‪ ،‬وصالحيات الحاكم‪ ،‬وأجهزة الحكم واإلدارة‬
‫َة ُت‬ ‫ُت‬
‫التي كِّو ُن الحكوم و َن ِّظ ُم عملها‪ ،‬وسلطاِت ها‪ ،‬وصالحياتها وتنظيمها السياسي فيما يتعلق بعالقة‬
‫الواليات باملركز وما شاكل‪ ،‬وقوانينها اإلدارية‪ ،‬واألساس الذي تقوم عليه‪ ،‬والقوانين األساسية‬
‫الناظمة لها التي تشكل مرجعيتها ومقاييسها (الدستور)‪،‬‬
‫‪ )2‬وأنظمة القضاء والبينات والعقوبات واملخالفات‪ ،‬وأحكام الجزاء والتشريع الجنائي والعقوبات من‬
‫حدود وقصاص وتعزير‪ ،‬وفض النزاعات وإرجاع الحقوق إلى أهلها‪ ،‬وإقامة القوة الحارسة لحسن‬
‫تطبيق األحكام‪،‬‬
‫‪ )3‬والسياسة الداخلية (تنفيذ أحكام اإلسالم في الداخل‪ ،‬من تنظيم املعامالت‪ ،‬وإقامة الحدود‪ ،‬وتنفيذ‬
‫العقوبات‪ ،‬وحراسة األخالق‪ ،‬وضمان القيام بالشعائر والعبادات‪ ،‬ورعاية شؤون األمة ورعايا‬
‫الدولة‪ ،‬سواء في عالقاتهم بالدولة وعالقة الدولة بهم‪ ،‬من محاسبة‪ ،‬ومجلس أمة‪ ،‬ومظالم‪ ،‬ودوائر‬
‫مصالح الناس‪ ،‬وتعيين والة وموظفين ومعاونين ومحتسبين‪ ،‬أو بعالقاتهم بعضهم مع بعض من نصح‬
‫وأمر باملعروف ونهي عن املنكر‪ ،‬وحفاظ على العقيدة‪ ،‬وحفظ الدين بنشر العلم‪ ،‬ومحاربة الجهل‬
‫والبدع‪ ،‬وسياسة إعالمية‪ ،‬وفض خصومات‪ ،‬وتمكين الرعايا مسلمين وذميين من كافة الحقوق‬
‫ومن االنتفاع بالثروات‪ ،‬ومن مرافق الدولة العامة‪ ،‬وضمان حاجاتهم األساسية‪ ،‬ومن إقامة املجتمع‬
‫على أسس من التعاون واإلخاء والتكافل واإليثار‪ ،‬ومن إقامة األمن‪ ،‬وإقامة األسواق واملساجد‬

‫‪ 22‬أمثلة‪ :‬قتال الِّص يال للدفاع عن الحرمات الخاصة‪ ،‬وقتال املحاربين (الحرابة وقطاع الطرق)‪ ،‬قتال أهل الردة‪ ،‬األمر باملعروف والنهي عن‬
‫املنكر‪ ،‬النصيحة‬
‫‪ 23‬أمثلة‪ :‬قتال أهل البغي‪ ،‬القتال من أجل وحدة الدولة اإلسالمية‪ ،‬قتال الفتنة‪،‬‬
‫‪ 24‬أمثلة‪ :‬القتال ضد انحراف الحاكم‪ ،‬قتال مغتصب السلطة‪ ،‬أحكام األمر باملعروف والنهي عن املنكر واملحاسبة‪.‬‬
‫‪ 25‬أمثلة‪ :‬القتال للدفاع عن الحرمات الخاصة (قتال الصيال)‪ ،‬قتال املحاربين (الحرابة)‪ ،‬قتال الفتنة‪.‬‬
‫‪ 26‬أنظر‪ :‬النظام السياسي اإلسالمي مقارنا بالدولة القانونية دراسة شرعية وقانونية مقارنة لألستاذ الدكتور منير حميد البياتي‪ ،‬ص ‪،16‬‬
‫وانظر‪ :‬فصل نظرة اإلسالم للفصل بين السلطات فيه تفصيل مهم‪.‬‬
‫واملستشفيات ومراكز األبحاث واملرافق‪ ،‬والسدود‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬وإظهار طريقة العيش اإلسالمية‬
‫ًة‬ ‫ًة‬ ‫ًة‬ ‫ًال‬
‫بأرقى صورها لتكون مثا ناصًع ا تسوده الفضيلة‪ ،‬وقيم عليا وأدا أساسي لحمل الدعوة‬
‫اإلسالمية للغير‪ ،‬ورعاية الدولة لهذه الحقوق والشئون تأخذ ناحية تشريعية قانونية إلزامية ال‬
‫روحية)‬
‫‪ )4‬والسياسة الخارجية (العالقات الدولية أي عالقات الجماعات واألمم والدول بعضها مع بعض‪ ،‬في‬
‫أحكام املعاهدات والجهاد والتشريع الحربي والرسل والسفارات‪ ،‬ومن إقامة جهاز يقوم على صنع‬
‫وتنفيذ السياسات والقرارات املتعلقة بالسياسة الخارجية‪ ،‬سواء الجهاز الحكومي أو الجهاز غير‬
‫الحكومي املتمثل باألحزاب السياسية والوسط السياسي‪ ،‬ومن معاهدات‪ ،‬وحمل دعوة لنشر‬
‫اإلسالم‪ ،‬وجهاد‪ ،‬وحربية‪ ،‬وما يتبع ذلك من إنشاء الصناعات الثقيلة وبناء املصانع واستخراج‬
‫الثروات الطبيعية‪ ،‬والعالقات الدولية مع الدول واألطراف الدولية األخرى لتنفيذ أهداف الدولة‬
‫ًا‬
‫اإلسالمية على الساحة الدولية ونشر اإلسالم واتخاذ القرارات التي تسير عالقات الدولة دولي ‪،‬‬
‫والسهر على شؤون الدولة من خالل مواكبة األحداث والتفاعالت التي يشهدها النظام العالمي على‬
‫املستويات السياسية‪ ،‬واالستراتيجية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والثقافية ودراسة أثر ذلك على‬
‫األمة‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات الالزمة لرعاية مصالح األمة‪ ،‬ووضع الخطط الالزمة لحمل الدعوة ونشر‬
‫اإلسالم ورعاية مصالح الرعايا خارج الدولة)‪.‬‬
‫‪ )5‬واالجتماعي (العالقات األسرية من نكاح وطالق ونفقة وكفالة وقرابات وأرحام ونسب ومواريث‪،‬‬
‫وأحكام الحياة العامة والخاصة‪ ،‬واالختالط والخلوة (النظام االجتماعي))‪.‬‬
‫‪ )6‬واالقتصادي (وما فيه من ملكيات عامة وخاصة‪ ،‬وملكية دولة‪ ،‬والتحقق من إقامة الدولة اقتصاديا‬
‫وتحقيق الغايات من ذلك النظام‪ ،‬واألحكام املتعلقة بكيفية تملك املال‪ ،‬وتنميته‪ ،‬وكيفية إنفاقه‬
‫والتصرف فيه‪ ،‬وكيفية توزيع الثروة على أفراد املجتمع‪ ،‬وكيفية إيجاد التوازن فيه ومن أحكام‬
‫الخراج والزكاة واألراضي‪ ،‬والنقود والسياسات النقدية‪ ،‬والتجارة الداخلية والخارجية‪،‬‬
‫والصناعات والعقود‪ ،‬والزراعة‪ ،‬وتبادل املنافع املادية بالتجارة واملقاوالت واملؤسسات والشركات‬
‫وتشريعات املال العام من خراج وفيء وضرائب ومكوس‪ ،‬وأموال امللكية العامة وأموال الدولة)‪.‬‬
‫‪ )7‬والتعليم‪( ،‬جعل الثقافة اإلسالمية األساس في منهاج التعليم‪ ،‬وفتح املدارس واملعاهد والجامعات‬
‫ومراكز البحث العلمي)‪.‬‬
‫وما يشكل مجموُع ُه أحكام السياسة الشرعية وبالنظر في اإلسالم نجده حدد مفاهيم دقيقة تفصيلية في‬
‫كل هذا!‪ ،‬سنجد أن اإلسالم حدد هذه كلها بدقة متناهية بأحكام ثابتة في القرآن والسنة‪ ،‬أي أن الشارع‬
‫قد أحاط بتفاصيل األحكام املتعلقة بالدولة‪ ،‬ولم يترك تفاصيل هذه األحكام للناس‪ ،‬فالخالفة إذن نظام‬
‫رباني‪.‬‬
‫وقد وردت آيات تأمر بتنصيب ولي أمر يستحق الطاعة مقابل تطبيق الشريعة في األمة‪ ،‬فاألمر بطاعة ولي‬
‫األمر أمر بتنصيب ولي األمر‪ ،‬وقد رتبت اآليات واألحاديث الطاعة بالتزام ولي األمر بتطبيق الشريعة‪ ،‬فهي‬
‫طاعة لولي أمر مخصوص ال طاعة ألي حاكم يحكم بالطاغوت كما هم حكام اليوم نواطير االستعمار أعداء‬
‫َش َف ُّد ُه َل َّل‬ ‫ُس َو ُأ ْو َأل ْم ْن ُك َف ْن َتَن َز ْع ُت‬ ‫َي َأ َّل َن َم ُن َأ ُع َّل َه َو َأ ُع‬
‫األمة‪ ﴿ :‬ا ُّي َه ا ا ِذ ي آ وا ِط ي وا ال ِط ي وا الَّر وَل ِل ي ا ِر ِم ْم ِإ ا ْم ِف ي ْي ٍء ُر و ِإ ى ال ِه‬
‫َأ‬ ‫َأ َل َت َل َّل‬ ‫َّل ْل‬ ‫ُك‬
‫َو الَّر ُس وِل ِإ ْن نُت ْم ُتْؤ ِم ُن وَن ِب ال ِه َو ا َيْو ِم اآلِخ ِر ﴾‪ .‬إلى أن قال سبحانه‪ْ ﴿ :‬م َر ِإ ى ا ِذ يَن َيْز ُع ُم وَن َّن ُه ْم آَم ُن وا‬
‫َم ا ُأ ن َل َل ْي َك َو َم ا ُأ ن َل ْن َق ْب َك ُي يُد وَن َأ ْن َي َت َح اَك ُم وا َل ى الَّط اُغ و َو َق ْد ُأ ُر وا َأ ْن َي ْك ُف ُر وا َو ُي يُد‬
‫ِب ِه ِر‬ ‫ِم‬ ‫ِت‬ ‫ِإ‬ ‫ِز ِم ِل ِر‬ ‫ِب ِز ِإ‬
‫ّي‬ ‫ًد‬ ‫َب‬ ‫َّش ْي َط ُن َأ ْن ُي َّل ُه ْم َض َالًال‬
‫ِع ي ا﴾‪ .‬فهذه النصوص تب ن أن الفكر السياسي اإلسالمي يقوم على أساس أن‬ ‫ِض‬ ‫ال ا‬
‫السيادة للشرع وليست لجهاز الحكم‪ ،‬وبناء على ذلك فإن طاعة ولي األمر وخليفة املسلمين مرتبطة بطاعته‬
‫ُت ُث َأ‬ ‫َق‬
‫لشرع هللا تعالى‪ ،‬وقد روى مسلم في كتاب اإلمارة َع ْن َيْح َي ى ْب ِن ُح َص ْي ٍن اَل َس ِم ْع ُت َج َّد ِت ي َح ِّد َّن َه ا‬
‫َّل‬ ‫َس َع ْت الَّن َّي ﷺ َي ْخ ُط ُب ي َح َّج اْل َو َد ا َو ُه َو َي ُق وُل «َو َل ْو اْس ُت ْع َل َع َل ْي ُك ْم َع ْب ٌد َي ُق ُد ُك َت‬
‫و ْم ِب ِك اِب ال ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِة‬ ‫ِف‬ ‫ِم‬
‫ِع‬
‫ُع‬ ‫َف ْس َم ُع َلِبُه َو َأ‬
‫ِط ي وا» فاشترط للطاعة أن يقود بكتاب هللا تعالى‪.‬‬ ‫ا وا‬
‫وقد نزلت آيات تفصيلية في التشريع الحربي والجنائي والسياسي واالجتماعي واالقتصادي واملعامالت‬
‫ُط‬ ‫ُأ‬
‫والقضاء وغيرها‪ ،‬وكلها نزلت للحكم بها ولتطبيقها وتنفيذها‪ .‬وقد بقت بالفعل في الواقع العملي أيام‬
‫الرسول ﷺ‪ ،‬وأيام الخلفاء الراشدين‪ ،‬ومن أتى بعدهم من حكام املسلمين‪ .‬مما يدل داللة واضحة على أن‬
‫ُأل‬
‫اإلسالم نظاٌم محدد للحكم والدولة‪ ،‬وللمجتمع والحياة‪ ،‬ول مة واألفراد‪ .‬كما يدل على أن الدولة ال تملك‬
‫ُت‬ ‫ًا‬
‫الحكم إال إذا كانت تسير وفق نظام اإلسالم‪ .‬وال يكون لإلسالم وجود إال إذا كان حي في دولة نفذ أحكامه‪.‬‬
‫فاإلسالم دين ومبدأ والحكم والدولة جزء منه‪ ،‬والدولة هي الطريقة الشرعية الوحيدة التي وضعها اإلسالم‬
‫ًا ًا‬
‫لتطبيق أحكامه وتنفيذها في الحياة العامة‪ .‬وال يوجد اإلسالم وجود حي إال إذا كانت له دولة تطبقه في‬
‫جميع األحوال‪ ،‬كما يدل داللة قاطعة على أن اإلسالم حدد بالتفصيل شكل نظام الحكم وتفصيالته‪ ،‬وطبقها‬
‫واقعا عمليا في دولة النبوة األولى في املدينة ومن ثم في دولة الخالفة من بعده‪ ،‬مما يسقط كل شبهة تقوم على‬
‫أن اإلسالم إنما ترك تحديد تلك التفصيالت لكل عصر وزمان ولعقول الناس وأهوائهم‪.‬‬
‫وقد أقام الرسول ﷺ الدولة اإلسالمية في املدينة وبين أجهزتها ونظامها‪ ،‬فعين الوالة‪ ،‬والقضاة‪ ،‬واملعاونين‪،‬‬
‫وأقام نظام الشورى‪ ،‬وباشر الحكم فيها‪ ،‬وبايعه الصحابة بوصفه رئيسا للدولة‪ ،‬وحين انتقل للرفيق األعلى‬
‫سبحانه وتعالى استمر النظام الذي أنشأه هو هو‪ ،‬وكما سماه ﷺ بالخالفة في جملة من األحاديث التي سبق‬
‫وذكرنا طرفا منها‪،‬‬
‫مما يدل داللة واضحة على أن شكل الدولة اإلسالمية ونظامها تشريع رباني‪ ،‬وأن األحكام نزلت ونزلت معها‬
‫طريقة تطبيقها‪ ،‬ولم تترك األمر ألهواء الناس وما تعارفوا عليه!‬
‫لذلك كان نظام الخالفة أو اإلمامة أو والية األمر هو النظام الرباني الذي به يستخلف الناس في األرض‬
‫ليقيموا أحكام هللا‪ ،‬ويختارون خليفة يحكمهم بشرع هللا‪ ،‬فكانت التسمية والنظام نفسه ربانيين فرضا‬
‫من هللا تعالى‪ ،‬ال من صنع البشر‪،‬‬
‫عن العرباض بن سارية‪ ،‬قال‪ :‬صلى لنا رسول هللا ﷺ صالة الصبح‪ ،‬ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة وجلت‬
‫منها القلوب وذرفت منها العيون‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول هللا كأنها موعظة مودع فأوصنا‪ ،‬قال‪« :‬أوصيكم بتقوى هللا‪،‬‬
‫والسمع والطاعة وإن أمر عليكم عبد حبشي‪ ،‬فإنه من يعش منكم فسيرى اختالفا كثيرا‪ ،‬فعليكم بسنتي‪،‬‬
‫وسنة الخلفاء الراشدين املهديين عضوا عليها بالنواجذ‪ ،‬وإياكم ومحدثات األمور‪ ،‬فإن كل بدعة ضاللة‪».‬‬
‫قال رسول هللا ﷺ‪« :‬تكون النبوة فيكم ما شاء هللا أن تكون‪ ،‬ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها‪ ،‬ثم تكون خالفة‬
‫على منهاج النبوة‪ ،‬فتكون ما شاء هللا أن تكون‪ ،‬ثم يرفعها إذا شاء هللا أن يرفعها‪ ،‬ثم تكون ملكا عاضا‪،‬‬
‫فيكون ما شاء هللا أن يكون‪ ،‬ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها‪ ،‬ثم تكون ملكا جبرية‪ ،‬فتكون ما شاء هللا أن‬
‫تكون‪ ،‬ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها‪ ،‬ثم تكون خالفة على منهاج النبوة‪ ،‬ثم سكت»‪ .‬رواه اإلمام أحمد في‬
‫املسند‪.‬‬
‫ًا‬
‫وعن ابن عباس عن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬من كره من أميره شيئ فليصبر عليه‪ ،‬فإنه ليس أحد من الناس‬
‫ًا‬
‫خرج من السلطان شبر فمات عليه إال مات ميتة جاهلية»‪ .‬فهذه األحاديث فيها إخبار من الرسول ﷺ بأنه‬
‫ٌة‬ ‫ٌة‬
‫سيلي املسلمين والة‪ ،‬وفيها وصف للخليفة بأنه ُج َّن أي وقاي ؛ فوصف الرسول بأن اإلمام جنة هو إخبار عن‬
‫فوائد وجود اإلمام فهو طلب‪ ،‬ألن اإلخبار من هللا ومن الرسول إن كان يتضمن الذم فهو طلب ترك‪ ،‬أي‬
‫نهي‪ ،‬وإن كان يتضمن املدح فهو طلب فعل‪ ،‬فإن كان الفعل املطلوب يترتب على فعله إقامة الحكم الشرعي‪،‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫أو يترتب على تركه تضييعه‪ ،‬كان ذلك الطلب جازم ‪ ،‬وفي هذه األحاديث أيض أن الذين يسوسون املسلمين‬
‫هم الخلفاء‪ ،‬وهو يعني طلب إقامتهم‪ ،‬وفيها تحريم أن يخرج املسلم من السلطان‪ ،‬وهذا يعني أن إقامة املسلم‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫سلطان ‪ ،‬أي حكم له أمر واجب‪ ،‬على أن الرسول ﷺ أمر بطاعة الخلفاء‪ ،‬وبقتال من ينازعهم في خالفتهم‪،‬‬
‫ًا‬
‫وهذا يعني أمر بإقامة خليفة‪ ،‬واملحافظة على خالفته بقتال كل من ينازعه‪ .‬فقد روى مسلم أن النبي ﷺ قال‪:‬‬
‫«َو َم ْن َب اَي َع َم اًم ا َف َأ ْع َط اُه َص ْف َق َة َي َو َث َم َر َة َق ْل َف ْل ُي ْع ُه َم ا اْس َت َط اَع ‪َ ،‬ف ْن َج اَء آَخ ُر ُي َن ا ُع ُه َف اْض ُب وا ُع ُن َق‬
‫ِر‬ ‫ِز‬ ‫ِإ‬ ‫ِب ِه ِط‬ ‫ِد ِه‬ ‫ِإ‬
‫َخ‬
‫اآل ِر »‪ .‬فاألمر بطاعة اإلمام أمر بإقامته‪ ،‬واألمر بقتال من ينازعه قرينة على الجزم في دوام إيجاده خليفة‬
‫ًا‬
‫واحد ‪ .‬والحمد هلل رب العاملين‪.‬‬
‫فهذه هي فلسفة الخالفة في اإلسالم! ومن مجمل ذلك وجدنا إحاطة فرض الخالفة بما يجعله متواترا‪،‬‬
‫فكل ما سبق من أحكام متعلقة باألمر بإقامة الخليفة‪ ،‬واألمر بطاعته‪ ،‬وقرن طاعته في املعروف بطاعة‬
‫هللا تعالى‪ ،‬واألمر بقتل من يشق عصا املسلمين ويفرق جماعتهم التي اجتمعت على الخليفة‪ ،‬وجعل‬
‫َّنُه اَل ْس اَل َم اَّل َج َم َع َو اَل َج َم َع َة اَّل َم َر َو اَل‬
‫ا ِإ ِبِإ ا ٍة ‪،‬‬ ‫ِإ ِب ا ٍة ‪،‬‬ ‫ِإ‬ ‫اجتماع املسلمين على الخليفة إقامة لجماعتهم‪ ،‬فِإ‬
‫َم َر َة اَّل َط َع َف َم ْن َس َّو َد ُه َق ْو ُم ُه َع َل ْل ْق َك َن َح َي ًة َل ُه َو َل ُه ْم َو َم ْن َس َّو َد ُه َق ْو ُم ُه َع َل َغ ْي ْق َك َن‬
‫ى ِر ِف ٍه ‪ ،‬ا‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ى ا ِف ِه ‪ ،‬ا‬ ‫ِإ ا ِإ ِب ا ٍة ‪،‬‬
‫اَل ًك َل َل‬
‫َه ا ُه َو ُه ْم ‪ ،27‬ووصف من يموت وعصره خال من الخليفة بأنه يموت ميتة جاهلية‪ ،‬ومن خرج من‬
‫السلطان شبرا خلع ربقة اإلسالم من عنقه‪ ،‬ولقي هللا ال حجة له‪ ،‬وما سبق بيانه من مواضيع السياسة‬
‫الشرعية التي فصلت فيها الشريعة يتوقف وجود كل تلك األحكام على وجود الدولة‪ ،‬وتنعدم بانعدامها‪،‬‬
‫فدلت بمجموعها على التواتر املعنوي على فرض الخالفة‪ ،‬أي على القطع بهذا الفرض‪ ،‬فتأمل!‬

‫‪ 27‬سنن الدارمي‪َ ،‬ب اب ي َذ َه ا اْل ْل ‪( ،‬حديث موقوف) َأ ْخ َب َر َن ا َأ ْخ َب َر َن ا َي يُد ْب ُن َه اُر وَن ‪َ ،‬أ ْخ َب َر َن ا َب َّي ُة ‪َ ،‬ح َّد َث ي َص ْف َو اُن ْب ُن ُر ْس ُت َم ‪َ ،‬ع ْن َع‬
‫ْب ِد‬ ‫ِن‬ ‫ِق‬ ‫ِز‬ ‫ِب ِع ِم‬ ‫ِف‬
‫الَّر ْح َم ْب َم ْي َس َر َة ‪َ ،‬ع ْن َت ِم ي الَّد ا ‪َ ،‬ر َي ُهللا َع ْنُه ‪َ ،‬ق اَل ‪َ :‬ت َط اَو َل الَّن اُس ي اْل َن اِء ي َز َم ُع َم َر َر َي ُهللا َع ْنُه ‪َ ،‬ف َق اَل ُع َم ُر ‪َ" :‬ي ا َم ْع َش َر‬
‫ِض‬ ‫ِف ِب ِف ِن‬ ‫ِر ِّي ِض‬ ‫ٍم‬ ‫ِن ِن‬
‫اْل ُع َر ْي ‪ ،‬اَأْل ْر َض اَأْل ْر َض ‪َّ ،‬نُه اَل ْس اَل َم اَّل َج َم اَع ‪َ ،‬و اَل َج َم اَع َة اَّل َم اَر ‪َ ،‬و اَل َم اَر َة اَّل َط اَع ‪َ ،‬ف َم ْن َس َّو َد ُه َق ْو ُم ُه َع َل ى اْل ْق ‪َ ،‬ك اَن َح َي اًة َل ُه‬
‫ِف ِه‬ ‫ِإ ِب ٍة‬ ‫ِإ‬ ‫ِإ ِبِإ ٍة‬ ‫ٍة‬ ‫ِإ ِب‬ ‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِب‬
‫َك اَل ًك َل َل‬ ‫َل َغ‬ ‫َق‬ ‫َل‬
‫َو ُه ْم ‪َ ،‬و َم ْن َس َّو َد ُه ْو ُم ُه َع ى ْي ِر ِف ْق ٍه ‪ ،‬اَن َه ا ُه َو ُه ْم "‪.‬‬

You might also like