You are on page 1of 6

‫املحورالثاني‪ :‬الفساد ومكافحته‬

‫أوال‪ :‬مفهوم الفساد‬

‫‪ -10‬لغة‬

‫أصل الفساد لغة من الفعل فسد‪،‬يفسد‪ ،‬وفسد فسادا فهو فاسد‪ ،‬فيقال تفاسد القوم بمعنى قطعوا األرحام‬
‫واملفسدة خالف املصلحة‪ ،‬ويطلق لفظ الفساد على التلف والعطب واالضطراب والقحط‪.‬‬

‫فالفساد هو الخروج عن االعتدال وضده الصالح‪ ،‬ويستعمل ذلك في النفس والبدن واألشياء الخارجة عن‬
‫االستقامة‪.‬‬

‫وال يختلف املعنى في اللغة الفرنسية ‪ ،‬فجاء للداللة عن تشويه الحقيقة‪ ،‬تحريف الحيثيات ‪ ،‬الجور والظلم‬
‫واالضطهاد والتدمير والخراب‪ ،‬ويعني أيضا اختراق القوانين ‪...‬‬

‫أما في اللغة اإلنجليزية فهو متعدد االستعمال ‪ ،‬فهو مشتق من الفعل الالتيني (‪ )Rumpere‬الذي يعني كسر ش يء‬
‫ما قد يكون املكسر ذا مدلول مادي أو أخالقي أو اجتماعي أو قاعدة إدارية‪ ،‬ويرتبط الكسر بالحصول على كسب‬
‫مادي‪ ،‬ويعني أيضا تضييع ا أمانة بسبب استعمال الرشوة‪.‬‬

‫وفي قاموس أكسفورد يقصد بالفساد تدهور القيم األخالقية في املجتمع أو لدى الفرد‪.‬‬

‫‪ -10‬اصطالحا‬

‫جاء الفساد في القرآن الكريم بمختلف التصريفات خمسين مرة‪ ،‬أما الفعل فذكر في ثمانية عشر موضعا‪،‬‬
‫ۖٗ‬
‫وسنعرض بعضا منها‪ ،‬ففي قوله تعالى‪َ ﴿ :‬وإِ ۡذ قَا َل َرب َُّك ِل ۡل َملَئِ َك ِة إِنِي َجا ِع ‪ٞ‬ل فِي ۡٱۡل َ ۡر ِ‬
‫ض َخ ِليفَة قَالُواْ أَت َۡجعَ ُل‬
‫ِس لَ ۖٗ َك قَا َل إِنِي أ َ ۡعلَ ُم َما ََل ت َعۡ لَ ُمونَ ‪( .‬سورة‬
‫ِك َونُقَد ُ‬ ‫فِي َها َمن ي ُۡف ِسدُ فِي َها َويَ ۡس ِفكُ ِ‬
‫ٱلد َما َء َون َۡح ُن نُ َ‬
‫سبِ ُح بِ َحمۡ د َ‬
‫البقرة‪-‬اآلية ‪) 03‬‬
‫َّللاُ ََل ي ُِحبُّ ْالفَ َ‬
‫سادَ ‪.‬‬ ‫ض ِليُ ْف ِسدَ فِي َها َويُ ْه ِل َك ْال َح ْر َ‬
‫ث َوالنَّ ْس َل ۗ َو َّ‬ ‫وقال تعالى‪َ ﴿ :‬و ِإذَا ت ََولَّى َ‬
‫س َعى فِي ْاۡل َ ْر ِ‬
‫(سورة البقرة‪ -‬اآلية ‪) 532‬‬
‫أي ‪ :‬هو أعوج املقال ‪ ،‬سيئ الفعال ‪ ،‬فذلك قوله ‪ ،‬وهذا فعله ‪ :‬كالمه كذب ‪ ،‬واعتقاده فاسد ‪ ،‬وأفعاله قبيحة‪.‬‬
‫ال َسنُ َقتِ ُل أَبْنَاءَ ُه ْم‬
‫ك ۚ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫وس ٰى َوقَ ْوَمهُ لِيُ ْف ِس ُدوا ِِف ْاْل َْر ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ض َويَ َذ َرَك َوآِلتَ َ‬ ‫ال الْ َم ََلُ من قَ ْوم فْر َع ْو َن أَتَ َذ ُر ُم َ‬
‫وقال تعالى‪َ :‬وقَ َ‬
‫اهُرو َن ‪( .‬سورة اْلعراف‪ -‬اآلية ‪)721‬‬ ‫ونَستحيِي نِساءهم وإِ اَّن فَوقَهم قَ ِ‬
‫َ َْ ْ َ َُ ْ َ ْ ُ ْ‬

‫‪1‬‬
‫وفي قول املأل من قوم فرعون أي ‪ :‬لفرعون ( أتذر موس ى وقومه ) أي ‪ :‬أتدعهم ليفسدوا في األرض ‪ ،‬أي ‪:‬‬
‫يفسدوا أهل رعيتك ويدعوهم إلى عبادة ربهم دونك ‪ ،‬ياهلل للعجب ! صار هؤالء يشفقون من إفساد موس ى وقومه‬
‫! أال إن فرعون وقومه هم املفسدون ولكن ال يشعرون‪.‬‬

‫ض ۚ أُوٰلَئِ َ‬
‫ك ُه ُم‬ ‫وصل َويُ ْف ِس ُدو َن ِِف ْاْل َْر ِ‬ ‫اَّللِ ِمن ب ع ِد ِميثَاقِ ِه وي ْقطَعو َن ما أَمر ا ِِ‬ ‫اِ‬
‫اَّللُ به أَن يُ َ َ‬ ‫ََ ُ َ ََ‬ ‫ضو َن َع ْه َد ا َ ْ‬ ‫ين يَن ُق ُ‬
‫ويقول تعالى‪ :‬الذ َ‬
‫اْل ِ‬
‫اسُرو َن‪( .‬سورة البقرة ‪-‬اآلية ‪) 21‬‬‫َْ‬
‫فأما املؤمنون فوصلوا ما أمر هللا به أن يوصل من هذه الحقوق‪ ،‬وقاموا بها أتم القيام‪ ،‬وأما الفاسقون‪،‬‬
‫فقطعوها‪ ،‬ونبذوها وراء ظهورهم‪ ،‬معتاضين عنها بالفسق والقطيعة; والعمل باملعاص ي; وهو‪ :‬اإلفساد في األرض‪.‬‬
‫وفي السنة النبوية الشريفة أيضا ورد العديد من األحاديث في مواضع كثيرة ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إنما األعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعاله‪ ،‬وإذا فسد أسفله فسد‬
‫أعاله‪ .‬اخرجه ابن ماجة في سننه وصححه األلباني‪.‬‬
‫وفي حديث ابن الدرداء رض ي هللا عنه قال ‪ :‬قال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أال أخبركم بأفضل من درجة الصيام‬
‫والصالة والصدقة‪ ،‬قالوا بلى‪ ،‬قال صالح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة)‪ .‬أخرجه الترميذي في سننه‬
‫وقال األلباني صحيح‪.‬‬
‫سواء من أمور الدين أو ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫الدنيا؛‬ ‫ِ ِ‬ ‫ذوره‪ِ ٌ ،‬‬‫وتحلقه وتقطعه من ج ِ‬ ‫كل ش ٍيء ِ‬ ‫القاطعة واملنهية التي تأ ِتي على ِ‬
‫ِ‬ ‫الحالقة أي‪:‬‬
‫نسان‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫التشاحن َ‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫السي ِئ على اإل ِ‬
‫لبي ِ‬‫األثر الق ِ‬
‫الناس والتهاج ِر وربما التقاتل‪ ،‬هذا غير ما فيها ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫بين‬ ‫ِ‬ ‫ؤدي إلى‬‫ألنها ت ِ‬
‫ُّ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُ‬
‫الحديث‪ :‬الحث‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫مجتم ِعه‪ ،‬وفي‬ ‫ظاهر في ن ْف ِسه أو‬ ‫للدين وال ِعبادات ٌ‬
‫أثر‬ ‫فسد قلبه على إخوا ِنه‪ ،‬فال يكون ِ‬
‫َ‬
‫في ِ‬
‫ُ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫َ‬
‫بين‬ ‫القات‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫إصالح‬
‫ِ‬ ‫على‬ ‫والترغيب‬
‫ين ُّ‬ ‫هدم الد َ‬ ‫إفساد العالقات َ‬ ‫َ‬ ‫وفيه أيضا ُ‬
‫بيان َّأن‬
‫والدنيا‪.‬‬ ‫الناس َي ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫بين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفي حديث أبي أمامة الباهلي رض ي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪(:‬أن األمير إذا ابتىى الريبة في الناس‬
‫أفسدهم)‪ .‬أخرجه أبوداوود في سننه‪.‬‬
‫ُ‬
‫الحديث لألمير َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬
‫ألنه‬ ‫ِ‬ ‫وغيره‪ ،‬وجاء‬
‫كالوزير ِ‬
‫ِ‬ ‫ومسؤولية‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫رعاية‬
‫أي ٍ‬ ‫تولى َّ‬ ‫الحاك َم‪ ،‬ويدخ ُل في معناه من ي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫األمير أي‪:‬‬
‫ُّ َ‬ ‫الناس)‪ ،‬أي‪َ :‬‬ ‫واملسؤول (إذا ْاب َت َىى الر َيب َة في َّ‬ ‫َ‬
‫وتجسس على عيوبهم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫الظ ِن‪،‬‬
‫وسوء ِ‬ ‫َ‬ ‫الت َه َمة‬ ‫األصل فيهم‬ ‫َ‬ ‫جعل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫امل ْر ِج ُع‬
‫َ‬ ‫ومعاد ُهم؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وات َهمهم في أحوالهم بن َّية َف ْ‬
‫ألنه بفعله َّأداهم إلى ارتكا ِب ما‬ ‫َ‬ ‫ض ِحهم (أف َس َد ُهم) أي‪ :‬أف َس َد عليهم َمعاش ُهم‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫َّ‬

‫فينبىي‬‫لش َّق ذلك عليه؛ َ‬ ‫ْ َ‬


‫لكل قو ٍل أو فع ٍل‬ ‫ب‬‫يخلو من ْذنب‪ ،‬فلو ُأ ِد َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فاإلنسان ال‬ ‫سدوا‪،‬‬ ‫فف ُ‬ ‫َ‬
‫ظن بهم ِمن ال ُّس ِ‬
‫وء‬ ‫َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اس ذلك منه‪ ،‬وكان فيه‬ ‫امت َثل َّ‬
‫الن ُ‬ ‫هللا َبت ْرك َت َت ُّبعه‪َ ،‬‬‫الس ْت ُر‪ ،‬فإذا َت َت َّب َع ما َأمر ُ‬ ‫الناس ما َوس َعه َّ‬ ‫للحاكم أن َي ْس ُت َر على َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سادهم‪.‬‬‫َف ُ‬
‫َ‬ ‫ْ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫ُّ‬
‫واهرهم‪.‬‬‫اس على ظ ِ‬ ‫ات‪ ،‬وتر ِك الن ِ‬ ‫وفي الحديث‪ :‬الحث على التغاف ِل‪ ،‬وعد ِم تت ُّب ِع الع َور ِ‬

‫‪2‬‬
‫وفي عصرنا تعددت تعريفات الفساد حسب الزاوية التي ينظر منها له‪ ،‬وفيما يلي عرض ألهم هذه التعريفات‪:‬‬

‫يعرفه البنك الدولي بأنه سوء استغالل السلطة العامة من أجل الحصول على املكاسب الخاصة‪ ،‬والفساد‬
‫تبعا لهذا يكون في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬قبول أو طلب رشوة من قبل موظف عمومي بغرض تسهيل إجراءات إدارية لفائدة جهة ما أو تسريع‬
‫إجراءات عقود‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم رشاوي من قبل الشركات أو وسائطها لالستفادة من امتيازات تنافسية وتحقيق أرباح غير‬
‫قانونية في األصل‪.‬‬
‫‪ -‬استغالل الوظيفة من أجل توظيف األقارب أو ترقيتهم بطرق غير شرعية‪.‬‬

‫أما األمم املتحدة ففي املشروع التمهيدي التفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد نظرا لعدم االتفاق على‬
‫تعريف محدد للفساد‪ ،‬فقد اكتفت باإلشارة إلى صوره كالرشوة واختالس املمتلكات واستغالل الوظيفة‬
‫واملتاجرة بالنقود والرشوة في القطاع الخاص وإعاقة السير الحسن للعدالة‪...‬إلخ‬

‫وفي تعريف منظمة الشفافية الدولية ‪-‬وهي منظمة عاملية تعنى بالفساد وتجتهد ملكافحته والوقاية منه‪،-‬‬
‫ترى بأنه سلوك الذي يمارسه املسؤولون في القطاع العام أو القطاع الخاص سواء كانوا سياسيين أو‬
‫موظفين إداريين بهدف إثراء أنفسهم أو أقاربهم بصورة غير قانونية وذلك من خالل سوء استغاللهم للسلطة‬
‫املمنوحة لهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنواع الفساد‬

‫الفساد ظاهرة اجتماعية واقتصادية وسياسية ال يكاد يخلو منها مجتمع من املجتمعات‪ ،‬غير أن خطورتها‬
‫وانتشارها يختلف من مجتمع إلى آخر‪ ،‬وتختلف أنواع الفساد باختالف املعايير التي نعرضها في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬الفساد حسب املجال الذي نشأ فيه‪ :‬ويقسم إلى‪:‬‬


‫‪ -‬الفساد املالي‪ :‬ويتمثل في االنحرافات املالية ومخالفة القواعد واألحكام املالية التي تنظم سير العمل املالي‬
‫في الدولة ومؤسساتها‪ ،‬ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة املالية‪ ،‬من مظاهره غسل األموال‪،‬‬
‫التهرب الضريبي‪ ،‬تزوير العملة النقدية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد اإلداري‪ :‬ويقصد به تلك االنحرافات اإلدارية والوظيفية والتنظيمية‪ ،‬التي تصدر عن املوظف‬
‫العام أثناء تأديته ملهام وظيفته‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬الفساد األخالقي‪ :‬وهو الفساد الذي يؤدي بالفرد إلى االنحطاط في سلوكياته بصورة تجعله ال يحكم‬
‫عقله الذي ميزه هللا تعالى به عن سائر املخلوقات‪ ،‬فيستسلم لنزواته ورغباته فينحط إلى أقل الدرجات‬
‫واملراتب‪ ،‬فينتج عنه انتشار الرذيلة والفاحشة والسلوكات املخالفة لآلداب‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد السياس ي‪ :‬وهو إساءة استخدام السلطة العامة من قبل النخب الحاكمة ألهداف غير‬
‫مشروعة‪ ،‬كما عرفته األمم املتحدة بأنه استغالل السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة‪ ،‬من مظاهره‬
‫غياب الديموقرطية‪ ،‬فقدان املشاركة السياسية‪ ،‬فساد الحكام‪...‬‬
‫‪ -‬الفساد الثقافي‪ :‬ويقصد به الخروج عن الثوابت العامة لألمة مما يفكك هويتها وإرثها الثقافي‪ ،‬وهو عكس‬
‫األنواع السابقة يصعب اإلجماع على إدانته أو سن التشريعات التي تجرمه كونه يتحصن وراء حرية‬
‫التعبير واإلبداع‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد االجتماعي‪ :‬هو الخلل الذي يصيب املؤسسات االجتماعية التي أوكل لها املجتمع تربية الفرد‬
‫وتنشئته‪ ،‬كاألسرة واملدرسة والجامعات ومؤسسات العمل‪ ،‬فالتنشئة الفاسدة تؤدي حتما إلى فساد‬
‫اجتماعي مستقبلي‪ ،‬من مظاهره عدم تقبل الوالء الوظيفي‪ ،‬عدم احترام الرؤساء في العمل‪ ،‬عدم تنفيذ‬
‫األوامر واإلخالل باألمن العام‪....‬‬
‫‪ -‬الفساد القضائي‪ :‬هو االنحراف الذي يصيب الهيئات القضائية مما يؤدي إلى ضياع الحقوق وتفش ي‬
‫الظلم‪ ،‬من أبرز مظاهره املحسوبية والوساطة‪ ،‬قبول الهدايا والرشاوي‪ ،‬شهادة الزور‪ ،‬وهو من أخطر‬
‫أشكال الفساد يهلك الشعوب والحكومات كونه السلطة التي يلجأ لها الناس الستعادة حقوقهم‬
‫املهضومة‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد االقتصادي‪ :‬ويتعلق باملمارسات املنحرفة واالستغاللية واالحتكارات االقتصادية وقطاعات‬
‫األعمال التي تستهدف تحقيق منافع اقتصادية خاصة على حسام املصلحة العامة‪ ،‬وتحدث هذه‬
‫املمارسات نتيجة غياب الرقابة أو نتيجة ضعف الضوابط والقواعد الحاكمة واملنظمة للمناخ‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -0‬الفساد حسب األفراد املنخرطين فيه‪ :‬ويمكن التمييز بين نوعيين‪:‬‬
‫‪ -‬فساد القطاع العام‪ :‬وهو استغالل النشاط العام خاصة في تطبيق أدوات السياسات املالية واملصرفية‬
‫مثل التعريفات الجمركية واالئتمان املصرفي واإلعفاء الضريبي‪...‬ألغراض خاصة‪ ،‬حيث يتواطأ املوظفون‬
‫العموميون معا لتحويل الفوائد والرسوم ألنفسهم بدال من تحويلها لخزينة الدولة‪ ،‬بطرق مختلفة‬
‫كاالختالس‪ ،‬السرقة‪ ،‬الرشوة‪...‬إلخ‪ ،‬وهو من أخطر أنواع الفساد املعيقة للتنمية‪.‬‬
‫‪ -‬فساد القطاع الخاص‪ :‬يتمثل في استغالل النفوذ الخاصة بفضل ما يملكه هذا القطاع من مال للتأثير‬
‫على الحكومات‪ ،‬ويظهر في شكل هدايا ورشاوي من قبل القطاع الخاص مقابل اإلعفاءات واإلعانات التي‬
‫يقدمها القطاع العام‪،‬وينتج عنه تغيير السياسات الحكومية وانحرافها نحو طبقة أو فئة معينة وهي‬

‫‪4‬‬
‫املؤسسات الخاصة ورجال األعمال ‪...‬على حساب البسطاء والفقراء‪،‬وهنا تكون سيادة القانون معطلة‬
‫بحيث تسمح للفئة األولى بممارسة سلطتها عن طريق االحتكار مثال‪.‬‬
‫‪ -3‬الفساد من حيث حجمه‪ :‬ينقسم إلى‪:‬‬
‫‪ -‬الفساد الكبير‪ :‬يرتبط هذا النوع بالفساد بالصفقات الكبرى في املقاوالت وتجارة السالح والحصول على‬
‫التوكيالت التجارية للشركات التجارية الكبرى املتعددة الجنسيات‪،‬ويطال هذا النوع من الفساد كبار‬
‫املسؤولين في الدولة وصناع القرار‪،‬من أمثلته االستالء على املال العام‪ ،‬سحب القروض الضخمة من‬
‫البنوك‪ ،‬تسهيل حصول رجال األعمال على قروض ضخمة بفوائد منخفضة وبدون ضمانات‪ ،‬التزوير في‬
‫املحررات الرسمية بفضل النفوذ لالستيالء على املمتلكات العامة وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد الصغير‪ :‬ويشير إلى أشكال الفساد التي تعبر عن سلوك شخص ي أو أكثر باملنظمة‪ ،‬يقوم بع‬
‫صغار املوظفين عبر االختالسات الصغيرة وتلقى الرشاوي وغيرها‪،‬ويتسم بأن يكون غير منظم في اغلب‬
‫األحيان‪ ،‬يكون في شكل تيسير إجراءات معقدة وتوفير خدمات مقابل رشاوى وهدايا‪ ،‬وعلى الرغم من أنه‬
‫أقل خطورة من النوع السابق إال أن له أثر بالغ في تركيبة املجتمع والطبقات الفقيرة خاصة إذا تفش ى‬
‫وصعب السيطرة عليه‪.‬‬
‫‪ -4‬الفساد من حيث نطاقه‪ :‬ويتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -‬الفساد املحلي‪ :‬هو الذي يتم داخل حدود البلد‪ ،‬ويقتصر على أطراف محليين ويتم عادة عند التقاء‬
‫القطاع الخاص بالقطاع العام في معاملة ما‪ ،‬وقد يكون الطرفان في القطاع العام ‪ ،‬قد يكون في شكل‬
‫رشاوي تقدم ملسؤولين حكوميين للحصول على الصفقات مما يخل بقواعد املنافسة‪ ،‬كما يؤدي إلى زيادة‬
‫تكاليف املشروعات ومن ثم زيادة األسعار بسبب إضافة قيمة الرشاوي املدفوعة إلى تكاليف املشروع‬
‫مما يحمل الدولة نفقات إضافية‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد الدولي‪ :‬وهو الذي يتجاوز حدود الدولة‪ ،‬وذلك عند تعامل الدولة مع أطراف خارجية حيث تقوم‬
‫الحكومات في الدول النامية بشراء معدات ومستلزمات من الخارج ودفع الرشاوي والعموالت للتعاقد مع‬
‫شركة دون أخرى‪ ،‬ويكون هذا بصفة خاصة في الصفقات الكبرى املتعلقة بالنشاط االستراتيجي‬
‫ومشروعات البنية األساسية‪ ،‬صفقات السالح‪...‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -5‬الفساد من حيث طبيعة طرفي الفساد‪ :‬وينقسم إلى‪:‬‬
‫‪ -‬الفساد القصري‪ :‬وهنا يتم إجبار املستهلك أو طالب الخدمة على دفع رشوة وإال تعطلت مصالحه‬
‫وتأخر في الحصول على الخدمة‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد تآمري‪ :‬أو االتفاقي وهنا يكون هناك تعاون بين طرفي الفساد بحيث يتفق طرفا الفساد على‬
‫تجنب الدفع للحكومة ودفع مبلغ أقل للموظف الحكومي‪ ،‬مثل دفع مبلغ ملوظف الجمارك للسماح‬
‫بدخول سلعة خاضعة للضريبة الجمركية بدون تقاض ي هذه الضريبة الجمركية أو تخفيضها‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -6‬الفساد من حيث درجة التنظيم‪ :‬ويتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬الفساد العرض ي‪ :‬وهذا يشير إلى كافة أنواع الفساد الصغيرة والعرضية مما يجعلها تعبر عن سلوك‬
‫شخص ي وليس نظام عام‪ ،‬كاالختالس‪ ،‬املحسوبية‪ ،‬املحاباة‪ ،‬سرقة أدوات مكتبية أو بعض املبالغ‬
‫الصغيرة‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد املنظم‪ :‬وينتشر هذا النوع في الهيئات واإلدارات واملنظمات املختلفة من خالل إجراء ترتيبات‬
‫مسبقة ومحددة‪ ،‬تعرف من خاللها مقدار الرشوة وآلية دفعها وكيفية إنهاء املعاملة‪ ،‬بمعنى أن يدير‬
‫العمل برمته شبكة مترابطة للفساد يستفيد ويعتمد كل عنصر فيها على اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬الفساد الشامل‪ :‬وهو نهب واسع النطاق لألموال واملمتلكات الحكومية من طرف صفقات وهمية‪،‬‬
‫أوتحويل ممتلكات عامة إلى مصالح خاصة بدعوى املصلحة العامة‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like