Professional Documents
Culture Documents
http://www.saaid.net/daeyat/omhani/15.htm
أم هاني
من منا ال يعلم قصة الذبيـــح ،الُم فدى بكبش من السماء مليـــح ؟!
في كل عام وفي كريم ظّل هذه اآليام ؛ حيث يجود هللا على خلقه بكثير من الرحمات ويعبق الكون حولنا بجميل نعمه
و عاطر النفحات ،تّلح على خاطري تلكم الذكريات بكل ما تحمله لنا من صادق الحّب هلل بأنفـــس القربـــات .
وقد كنت أظن أني بكل أحداثها خبيرة ،وبدقيق معانيها و جليلها ملمة بصيرة ،
والحق أني كنت بظني هذا واهمــة ! أّدعي فهما صعب النوال حالمـــة !
فأيــن أنا من عميـــق معانيها ،وتصور عظيم البالء فيهــــا ؟ !!
عاينت ذلك لما صيرني هللا أًّم ا تهيم بصغارها حًّبا ،فال حب يعدل في القلب حب الولد حيث فطرة هللا ال يستطيع
جحدها من أحد ،وقد جاء في الحديث :
(( أن رجال أتى النبي صلى هللا عليه وسلم ،ومعه ابن له ،فقال له :أتحبه ؟
فقال :أحبك هللا كما أحبه ،فمات ففقده ،فسأل عنه فقال :ما يسرك أن ال تأتى بابا من أبواب الجنة إال وجدته عنده ،
يسعى يفتح لك ))
صحيح النسائي /رقم1869 :
والشاهد أن نبينا الكريم -عليه الصالة وأتم التسليم -لم ينكر على ذلك الوالد شديد حّبه وتعلق قلبه بولده هكذا فطر هللا
قلوب العباد ومن وجد غير ذلك فعن َسِوِّي فطرته قد حاد .
-كما جاء في صحيح األثر -:
(( قدم على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بسبي .فإذا امرأة من السبي ،تبتغي ،إذا وجدت صبيا في السبي ،أخذته
فألصقته ببطنها وأرضعته .فقال لنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "
أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ " قلنا :ال .وهللا ! وهي تقدر على أن تطرحه .
www.saaid.net/daeyat/omhani/15.htm?print_it=1 1/6
7/28/22, 3:21 PM قصة إبراهيم عليه السالم
فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " هلل أرحم بعباده من هذه بولدها " )).
صحيح مسلم /رقم2754 :
فرحمة األم بأوالدها شديدة تكاد تكون طاغية فريدة ،هلل كم له في خلقه من حكم َ ،فَفْط ُر ُه قلوب
األمهات على الرحمة من أكبر العطايا و النعم .
**ولنأِت أخواتي الفضليات على ذكر أول الحكاية ،وكيف كانت أحداثها عجيبة منذ البداية -:
**(**)1
* ُر زق إبراهيم الخليل الولد الذي تمناه ،بعد سنين طوال من الشوق يلقاه
فمــا لبث غير قليل إال وجاءه األمر من العظيــم بالرحيـــل
فــي صحراء قاحلة وُشقة عن الديار بعيدة ،يترك سريته مع وليدها عند بيته الحرام وحيدة .
كما جاء في صحيح األثر عن ابن عباس – رضي هللا عنهما – عند البخاري قد صح الخبر :
(( أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ،اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة ،ثم جاء بها إبراهيم وبابنها
إسماعيل وهي ترضعه ،حتى وضعها عند البيت ،عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ،وليس بمكة يومئذ أحد ،
وليس بها ماء ،فوضعهما هنالك ،ووضع عندهما جرابا فيه تمر ،وسقاء فيه ماء ،ثم قفى إبراهيم منطلقا ،فتبعته أم
إسماعيل ،فقالت :يا إيراهيم ،أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي ،الذي ليس فيه إنس وال شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ،
وجعل ال يتلفت إليها=)).....
-الحق أني رأيت نفسي بعين الخيال مكانها فلم أقَو على تصّو ر ما نالها ؟
فقلت لنفسي هبي أن زوجي تركني وصغيري في ميدان عام يكتظ بالناس في وسط الزحام ،فراعني أني ما كنت
ألقبل تركه لنا َثــَّم بسالم هذا إن لم أزده وأشدد عليه العتاب والمالم :
-كيف تتركني مع ابني وحيدة في هذا الخضم من األنام شريدة؟!!
-هبي أنه قال لي :هكذا أمرُت ؟
ما كنت ألعدم أن أحير جوابا عليه سيماء الدفع و االعتراض مّؤ َّكدا بالنفي والَعَبرات :أن يكون مثل هذا لإلله مراد
؟!!
و أكملت مع نفسي الكالم :ومع فارق الحالين التام ُ ،أراها قابلت هذا البالء العظيم بكل رضا قلٍب و كمال تسليم ،بل
زادت -عليها السالم -توكال على اإلله عظيم!!
فأخذ بجماع نفسي العجب ،زاده رًدها على الخليل بكمال إيمان وعظيم أدب -:
= (( ...فقالت له :آهلل الذي أمرك بهذا ؟ قال :نعم ،قالت :إذن ال يضيعنا ثم رجعت=)) ...
**ويبدو أنه لن ينقضي من النفس العجب ،حين صّدق الخليل أمر اإلله وذهب لم يلتفت إليهما و أدبر مسرعا إلى
البعيد عنهما ،كأنما يخشى غلبة الشفقة على فؤاده ،فيبدوعليه جّم حّبه لهما و فيض حنانه و وداده ،يخشى أن
يفضحه إذا ما التفت ناظراه ،يصبّر النفس أنه إنما يصّدق أمر مواله ،لسان حال الخليل :
www.saaid.net/daeyat/omhani/15.htm?print_it=1 2/6
7/28/22, 3:21 PM قصة إبراهيم عليه السالم
أّو ااااااااه ،أَّو ااااااااااه ِم ن قلٍب تفّطر وحشة عند الفراق ،فصبر جميل فاهلل خير حافظا وخير واٍق فلما انقطع منهما
عنه النظر ،استقبل البيت الحرام كما جاء في صحيح الخبر رافعا كَّفيه إلي السماء متوجها قلبه إلى الَعِلي بخالص
الحّب و الرجاء :
= (( ....ثم رجعت ،فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث ال يرونه ،استقبل بوجهه البيت ،ثم دعا بهؤالء
الكلمات ،ورفع يديه فقال { :ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصالة
فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون } سورة إبراهيم /آية )). ....36:صحيح
البخاري رقم3364 :
**قال السعدي في تفسيره :وذلك أنه أتى بـ "هاجر" أم إسماعيل وبابنها إسماعيل عليه الصالة والسالم وهو في
الرضاع ،من الشام حتى وضعهما في مكة وهي -إذ ذاك -ليس فيها سكن ،وال داع وال مجيب ،فلما وضعهما دعا ربه
بهذا الدعاء فقال -متضرعا متوكال على ربهَ { :ر َّبَنا ِإِّني َأْس َكْنُت ِم ْن ُذِّر َّيِتي } أي :ال كل ذريتي ألن إسحاق في الشام
وباقي بنيه كذلك وإنما أسكن في مكة إسماعيل وذريته ،وقولهِ { :بَو اٍد َغْيِر ِذي َز ْر ٍع } أي :ألن أرض مكة ال تصلح
للزراعة.
{ َر َّبَنا ِلُيِقيُم وا الَّص اَل ة } أي :اجعلهم موحدين مقيمين الصالة ألن إقامة الصالة من أخص وأفضل العبادات الدينية
فمن أقامها كان مقيما لدينه
{ َفاْج َعْل َأْفِئَدًة ِم َن الَّناِس َتْه ِو ي ِإَلْيِهْم } أي :تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه.
فأجاب هللا دعاءه فأخرج من ذرية إسماعيل محمدا صلى هللا عليه وسلم حتى دعا ذريته إلى الدين اإلسالمي وإلى ملة
أبيهم إبراهيم فاستجابوا له وصاروا مقيمي الصالة.
وافترض هللا حج هذا البيت الذي أسكن به ذرية إبراهيم وجعل فيه سرا عجيبا جاذبا للقلوب ،فهي تحجه وال تقضي
منه وطرا على الدوام ،بل كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد شوقه وعظم ولعه وتوقه ،وهذا سر إضافته تعالى إلى نفسه
المقدسة.
{ َو اْر ُز ْقُهْم ِم َن الَّثَمَر اِت َلَعَّلُهْم َيْشُكُر وَن } فأجاب هللا دعاءه ،فصار يجبي إليه ثمرات كل شيء ،فإنك ترى مكة
المشرفة كل وقت والثمار فيها متوفرة واألرزاق تتوالى إليها من كل جانب].
انتهــــــــــــى .
* وبعد سوق تلكم اآلية وتفسيرها ،هل الحظتَّن ما كان من عجيب أمرها :
-1بدأ الخليل بأن دعا لهم بصالح دينهم (وإقامة الصالة )
-2لم يدُع عليه السالم لَح َّبيه بمحض أنٍس من األنام .
-3وأَّخ ر الخليل الدعاء لهم بشيء من الثمرات و الرزق ،
و قرن دعاءه راجيا أن يهديهم ربهم ليقابلوا رزقــه بكثير من االمتنان و الشكر.
اللهم فقهنا في ديننا وعلمنا اللهم ما ينفعنا وانفعنا اللهم بما علمتنا
www.saaid.net/daeyat/omhani/15.htm?print_it=1 3/6
7/28/22, 3:21 PM قصة إبراهيم عليه السالم
باسم هللا والحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وبعـــــد :
()2
وما زلنا نجتر معا أخواتي تلكم األحداث ،نعيشها بعين الخيال حابسي األنفــــــاس انطلق الخليل عائدا إلى دياره
بالشام ،مستودعــــا َهللا أهله داعيا لهم بســـالم لزمت أم اسماعيل مكانها ،تشرب من الماء و ترضع وليدها ،فلما نفد
ما معهما من المــاء
وجف ما كان ُيِقيُتها من السقاء ،عطشت وأصاب حلقها الصدا ،وياليت عند هذا الحد األمر قد انقضى ،بل أصاب
شديد العطش صغيرها ،فعال صراخه مما أفزعها و أفرغ فؤادها :
={ وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ،حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها ،
وجعلت تنظر إليه يتلوى ،أو قال يتلبط ،فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ،فوجدت الصفا أقرب جبل في األرض يليها
،فقامت عليه ،ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا ،فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت
طرف درعها ،ثم سعت سعي اإلنسان المجهود حتى إذا جاوزت الوادي ،ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل
ترى أحدا فلم تر أحدا ،ففعلت ذلك سبع مرات .
قال ابن عباس :قال النبي صلى هللا عليه وسلم ( :فذلك سعي الناس بينهما ) }.. .
صحيح البخاري رقم3364 :
** هلل كم تمثلُت حال سعِّي حالها ،وبين العلمين األخضرين عاينت شدة وجدها ،كأني بعين الخيال بين الجبلين
أعاين هنالك ما مّر بها ،أرى عينيها حال السعي ال تفارقان موضع وليدها ُ ،يطّو ف منها اللحظ حواليه يرعاه قلبها ،
وعند العلمين األخضرين في بطن الوادي هنالك اشتّد كربها ؛ أم توارى عن ناظريها شخص وليدها ،فكربْت وطفقت
تجد السعي من شدة وجدها ،لهفة علي الوليد يسبقها قلبها .
***** قال الشيخ ابن العثيمين في كتابه الماتع (( الشرح الممتع على زاد المستقنع )) :
{{( كان رسول هللا -الرسول صّلى هللا عليه وسّلم – يسعى بين العلمين األخضرين حتى تدور به إزاره من شدة
السعي )
فإن قال قائل :ما الحكمة في كونه يسعى سعيًا شديدًا بين العلمين.
www.saaid.net/daeyat/omhani/15.htm?print_it=1 4/6
7/28/22, 3:21 PM قصة إبراهيم عليه السالم
فالجواب :أنه كان في هذا المكان واد ،أي مسيل مطر ،والوادي في الغالب يكون نازًال ويكون رخوًا رمليًا فيشق فيه
المشي العادي ،فيركض ركضًا.
وأصل السعي أن يتذكر اإلنسان حال أم إسماعيل ،فإنها ـ رضي هللا عنها ـ لما خَّلفها إبراهيم ـ عليه الصالة والسالم ـ
هي وابنها في هذا المكان ،وجعل عندها ،سقاًء من ماء ،وجرابًا من تمر ،فجعلت األم تأكل من التمر وتشرب من
الماء ،وتسقي اللبن لولدها ،فنفَد الماء ونفد التمر ،فجاعت وعطشت ،ويبس ثديها ،فجاع الصبي ،وجعل يتلوى من
الجوع ،فأدركتها الشفقة ،فرأت أقرب جبل إليها الصفا فذهبت إلى الصفا ،وجعلت تتحسس لعلها تسمع أحدًا ،ولكنها لم
تسمع ،فنزلت إلى االتجاه الثاني إلى جبل المروة ،ولما هبطت في بطن الوادي نزلت عن مشاهدة ابنها ،فجعلت تسعى
سعيًا شديدًا ،حتى تصعد لتتمكن من مشاهدة ابنها ،ورقيت لتسمع وتتحسس على المروة ،ولم تسمع شيئًا ،حتى أتمت
هذا سبع مرات / ....والقصة مطولة في صحيح البخاري /كتاب األنبياء /رقم )3364( :فهذا هو السبب في كون
الناس يسعون سعيًا شديدًا إذا وصلوا هذا المكان ،واآلن ليس فيه واد ،لكن فيه عالمة على هذا الوادي وهو هذا العلم
األخضر.فاإلنسان إذا سعى يستحضر:
أوًال :سنة الرسول ـ عليه الصالة والسالم ـ،
وثانيًا :حال هذه المرأة وأنها وقعت في شدة عظيمة حتى أنجاها هللا ،فأنت اآلن في شدة عظيمة من الذنوب فتستشعر
أنك تحتاج إلى مغفرة هللا ـ عّز وجل ـ كما احتاجت هذه المرأة إلى الغذاء ،واحتاج ولدها إلى اللبن،
وقد قرأ النبي صّلى هللا عليه وسّلم حين أقبل على الصفا« :إن الصفا والمروة من شعائر هللا» أبدأ بما بدأ هللا
به[( ،])262ليشعر نفسه أنه إنما طاف بالصفا والمروة؛ ألنهما من شعائر هللا ـ عّز وجل ـ ولذلك ال تقرأ هذه اآلية إال
إذا أقبل على الصفا حين ينتهي من الطواف وأما بعد ذلك فال تقرأ.
مسألة :إذا سعى هو وزوجته ووصال إلى العلم األخضر فهل يسعى سعيًا شديدًا وزوجته معه؟
الجواب :ال يسعى سعيًا شديدًا ،ال سيما في أيام المواسم والزحام فإنه لو سعى ضيعها.
لكن هنا إشكال وهو أنه إذا كان أصل سعينا بين العلمين سعي أم إسماعيل وهي امرأة ،فلماذا ال نقول :إن النساء أيضًا
يسعين؟
الجواب :من وجهين :
األول :أن أم إسماعيل سعت وحدها ليس معها رجال.
الثاني :أن بعض العلماء كابن المنذر حكى اإلجماع على أن المرأة ال ترمل في الطواف وال تسعى بين العلمين ،وعليه
فال يصح القياس؛ ألنه قياس مع الفارق ولمخالفة اإلجماع إن صح}}....
انتهى النقل بتصرف /ج / 7كتاب المناسك /ص308-306 :
** أخـــــــــــواتي -:
أحيا هللا بما صدر عن فطرة األم سّنة ،يتدبرها من حج بيته شاعر له بالمّنــة
كتب هللا سبحانه على نفسه الرحمة ،فال يخلو شرع وال منسك أمرنا به من نعمة
فمن وجد في قلبه تدبرا لها فقد حاذ في قلبه الجنة .
www.saaid.net/daeyat/omhani/15.htm?print_it=1 5/6
7/28/22, 3:21 PM قصة إبراهيم عليه السالم
أم هــاني
مقاالت
كتب
الصفحة الرئيسية
ملتقى الداعيات
للنساء فقط
www.saaid.net/daeyat/omhani/15.htm?print_it=1 6/6