You are on page 1of 352

‫وزارة التعليـــم العالــي والبحــث العلمـــي‬

‫جامعـــــــــة باتنـــــــــة ‪1‬‬


‫كليـــة الحقـوق والعلـوم السياسية‬
‫قســــم العلــــوم السياسـيـــة‬

‫التخطيـــط االستراتيجـي المحلـي كآليـة لإلدارة‬


‫المحلية في تحقيــق التنميــــة المحليـــة‪:‬‬
‫دراســة حالـــة الجزائــــــر‬

‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في العلــوم السياسية‬


‫تخصص‪ :‬تنظيمات سياسية وإدارية‬
‫إشـــراف األستــاذ الدكتــور‪:‬‬ ‫إعـــــداد الطالبـــة‪:‬‬
‫عبد الحــق زغــــدار‬ ‫ليـــلى صوالحــــي‬
‫لجنــــــة المناقشـــــــــــة‬
‫الصفـــــــة‬ ‫المؤسسة الجامعية‬ ‫الرتبـــة العلمية‬ ‫الرقم االســـم واللقـــب‬
‫رئيســــــــــا‬ ‫جامعــــة باتنـــة ‪1‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫صالـــح زيــانـــــي‬ ‫‪01‬‬
‫مشرفـــا ومقــررا‬ ‫جامعـــة باتنــــة ‪1‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫عبــد الحـق زغـــدار‬ ‫‪02‬‬
‫ممتحنــــــــا‬ ‫جامعـــة ورقلــــــة‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫غنيـــــة شليغـــــــم‬ ‫‪03‬‬
‫ممتحنــــــــا‬ ‫جامعـــة باتنــــة ‪1‬‬ ‫أستـــــاذ محاضـــر أ‬ ‫مسعــــود البلـــــي‬ ‫‪04‬‬
‫جامعـــة أم البواقـي ممتحنــــــــا‬ ‫أستـــــاذ محاضـــر أ‬ ‫زيــن العابديـــن معــو‬ ‫‪05‬‬
‫جامعـــة بسكــــــرة ممتحنــــــــا‬ ‫نـور الصبـاح عكنـوش أستـــــاذ محاضـــر أ‬ ‫‪06‬‬

‫السنـة الجامعيـة‪2018-2017 :‬‬


‫شكــــــــــر وتقديــــــــــر‬

‫بسم هللا والحمد هلل وما توفيقي إال باهلل الواحد األحد‪،‬‬
‫فسبحانه جل عاله‪ ،‬له جزيل الحمد والشكر والثناء على إتمام هذه الدراسة‪،‬‬
‫والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى صحبه وآله أجمعين وبعد‪:‬‬
‫*أتقدم بالشكر والتقدير ألستاذي الفاضل األستاذ الدكتور‬

‫«زغـــــدار عبــد الحــــق» على تفضله باإلشراف على هذه الدراسة‪،‬‬


‫ومتابعة خطواتها‪ ،‬وإسداء توجيهاته القيمة‪ ،‬بكل رحابة صدر‪ ،‬فله مني جزيل الشكر‬
‫والتقدير‪.‬‬
‫*كما أرفع يدي بالدعاء والتضرع إلى هللا بأن يحفظ والدتي الكريمة‬
‫ويرحم والدي العزيز " وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا "‪.‬‬
‫*شكري وامتناني إلى جميع أساتذتي األفاضل بقسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‬
‫وكل من كان لي شرف تلقي العلم على يديه طوال مدة دراستي‪.‬‬
‫* شكر خاص لصديقتي الغالية " كواشي عتيقة"‪.‬‬
‫وأخيراً‪ ،‬أشكر كل من قدم لي يد العون في هذه الدراسة‪،‬‬
‫وأدعو هللا أن يجزى لهم خير الجزاء‪،‬‬
‫إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫صوالحــــي ليلــى‬
‫اهـــــــــــــــداء‬

‫إلى أمي الغالية حفظها هللا‪ ،‬وأبي العزيز رحمه هللا‪.‬‬

‫إلى زوجي وابني محمد‪.‬‬

‫إلى الذي بفضله وصلت هذه الدراسة إلى الصورة التي هي عليها اآلن‪،‬‬

‫والذي كان نعم الموجه والداعم‪ ،‬إلى أستاذي الدكتور الفاضل‪:‬‬

‫«زغــــدار عبـــد الحـــــق»‪.‬‬

‫إلى جميع أساتذتي األفاضل وكل من كان لي شرف تلقي العلم على يديه‬
‫طوال مدة دراستي‪.‬‬
‫إلى جميع إخوتي خاصة "محمد"‪ ،‬إلى كل أقاربي وصديقاتي وزمالئي‬

‫في الدراسة والعمل‪،‬‬

‫وإلى كل من بذل معي جهدا ووفر لي وقتا‪ ،‬ونصح لي قوال‪،‬‬


‫أسال هللا أن يجزيهم عني خير الجزاء‪.‬‬
‫إلى كل هؤالء أهدي ثمرة هذا الجهد‪.‬‬

‫صوالحــــي ليلــى‬
‫مقدمـــــــــــــة‬
‫مقدمـــــــــــــة‬

‫مقدمــــــــــــــــة‬
‫مع اتساع نطاق الدولة وازدياد وظائفها ومسؤولياتها في الخدمات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬لم يكن‬
‫أمامها إال أن تختصر من سلطاتها من أجل أن تتمكن من أداء وظائفها‪ ،‬وذلك بالتخلي عن بعض سلطاتها‬
‫المركزية لإلدارة المحلية‪ ،‬واإلدارة المحلية هي أسلوب إداري يقسم إقليم الدولة بمقتضاه إلى وحدات‬
‫صغيرة ذات هوية محلية‪ .‬تديرها هيئة تمثل اإلدارة العامة ألهلها ومواردها المالية مرتبطة بالحكومة‬
‫المركزية‪ ،‬وبالتالي فهي سلطة تنفيذية تنحصر اختصاصاتها في منطقة معينة ذات خصائص سكانية‬
‫واقتصادية وإدارية محددةومتجانسة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار فإن اإلدارة المحلية تعتبر عامال أساسيا في التنمية اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫وقد برزت بعض االتجاهات لتنفيذ مشاريع تنموية على المستوى المحلي‪ ،‬حيث بدأ االهتمام بالفروقات بين‬
‫المناطق وداخل المناطق‪ .‬واإلدارة المحلية الجيدة هي التي تبني خططا مدروسة بعناية وبالتالي ظهر‬
‫التخطيط المحلي‪.‬‬
‫وبما أن االنسان كائن مستقبلي مفطور على حاستين هما‪ :‬الذاكرة والتوقع‪ ،‬فهو ينظم حياته داخل شبكة‬
‫ينسجها الماضي أو الحاضر والمستقبل‪ ،‬فال غرور إذن أن يكون التخطيط استراتيجيا‪ .‬وقد ظهر التخطيط‬
‫االستراتيجي كأحدث صورة من صور التخطيط في المنظمات والحكومات‪ ،‬كما أنه يحتل موقعا بارزا في‬
‫العملية اإلد ارية‪ ،‬فهو يعمل على توضيح معالم الطريق وتحديد مسار العملية اإلدارية‪ ،‬فهو مهارة البد‬
‫منها لمن أراد أن يتصدر القيادة والريادة‪.‬‬
‫فمن خالل التخطيط االستراتيجي تتمكن المنظمة من التعرف على حقيقة امكانياتها الداخلية وكذا نقاط‬
‫قوتها لالستفادة منها ونقاط ضعفها لمعالجتها‪ .‬باإلضافة إلى أنه يعد الوسيلة المنهجية لتقليل درجة عدم‬
‫التأكد والمخاطر المرتبطة بالمتغيرات الخارجة عن إرادة المنظمة‪ ،‬وبالتالي التعرف على كل ما تواجهه‬
‫المنظمة من فرص وتهديدات‪.‬‬
‫وقد أثبتت العديد من التجارب التطبيقية للتخطيط االستراتيجي أن اإلدارة التي تخطط استراتيجيا تتفوق في‬
‫أداءها الكلي على اإلدارة التي ال تخطط استراتيجيا‪ ،‬مما يعني أن التخطيط االستراتيجي يعمل على تحسين‬
‫األداء في المنظمات‪.‬‬
‫وعلى اعتبار أن اإلدارة المحلية وسيط بين المواطن واإلدارة المركزية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬إذ ي تم من خاللها تنفيذ السياسة االقتصادية واالجتماعية للدولة كالتهيئة العمرانية‪ ،‬التشغيل‪،‬‬
‫السكن‪ ،‬محاربة الفقر وغيرها‪ .‬وبتبني اإلدارة المحلية أسلوب التخطيط االستراتيجي فإنه سيساعدها على‬
‫بلورة رؤيتها بشكل واضح‪ ،‬وكذلك صياغة رسالتها وغاياتها وأهدافها االستراتيجية‪ .‬كما أنه سيساعدها‬
‫على تحديد مسارها ووضع اإلطار العام لتصرفاتها عند مواجهة التغييرات البيئية بكل أشكالها‪.‬‬
‫فالتخطيط االستراتيجي يفضي إلى وضع استراتيجيات لالستفادة من الفرص المتاحة وتالفي المخاطر‬
‫المحتملة‪ ،‬كما أنه يساهم في توضيح اآلليات والوسائل التي يجب اعتمادها لتحقيق غاياتها‪.‬‬
‫وستركز هذه الدراسة على "التخطيط االستراتيجي المحلي كآلية لإلدارة المحلية في تحقيق التنمية‬
‫المحلية‪ :‬دراسة حالة الجزائر"بح يث ستتضمن الدراسة تركيزا محددا على الجوانب التطبيقية باإلضافة‬
‫إلى الجوانب النظرية لموضوع التخطيط االستراتيجي‪.‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬


‫هناك مجموعة من االعتبارات واألسباب التي دفعت الباحثة الختيار موضوع الدراسة المتمثل في‪:‬‬
‫التخطيط االستراتيجي المحلي كآلية لإلدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية‪ :‬دراسة حالة‬
‫الجزائرنذكر منها مايلي‪:‬‬

‫‪ .1‬أهمية التخطيط االستراتيجي بالنسبة لإلدارة المحلية‪.‬‬


‫‪ .2‬الدور الهام الذي تلعبه االدارة المحلية في عملية التنمية المحلية الشاملة‪.‬‬
‫‪ .3‬قلة الدراسات واألبحاث في مجال التخطيط االستراتيجي المحلي على الرغم من أهميته‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫مقدمـــــــــــــة‬

‫‪ .4‬باإلضافة إلى االهتمامات الشخصية بالمواضيع المتعلقة بالتخطيط االستراتيجي واإلدارة‬


‫المحلية‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫تنبع أهمية الموضوع من كونه يحاول البحث في موضوع التخطيط االستراتيجي‪ ،‬والذي يمثل أحد‬
‫المواضيع المهمة في مجال اإلدارة عموما واإلدارة المحلية بصفة خاصة‪ ،‬وقد تزايد االهتمام بهذا‬
‫الموضوع نظرا ألهميته في تفعيل أداء اإلدارة المحلية‪ ،‬وستركز هذه الدراسة على الوضع في الجزائر‬
‫نظرا لزيادة االهتمام بهذا الموضوع من خالل ادراجه في الحقيبة البيداغوجية لتكوين رؤساء المجالس‬
‫الشعبية البلدية‪ .‬باإلضافة إلى دراسة تجربتي المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية في مجال‬
‫التخطيط االستراتيجي في اإلدارة المحلية‪.‬‬

‫الهدف من دراسة الموضوع‪:‬‬

‫وتهدف هذه الدراسة إلى تحقيق مايلي‪:‬‬


‫‪ .1‬التعرف على موضوع هام يتعلق بالتخطيط االستراتيجي المحلي‪.‬‬
‫‪ .2‬محاولة إبراز دور التخطيط االستراتيجي في تحقيق التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ .3‬محاولة التعرف على أهم المشاكل التي تواجهها اإلدارة المحلية الجزائرية‪.‬‬
‫‪ .4‬محاولة التعرف على معوقات تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر وسبل معالجتها‪.‬‬
‫‪ .5‬إسقاط الجانب النظري على أرض الواقع إلبراز مدى التقارب والتجاوب الذي يحظى به التخطيط‬
‫االستراتيجي لدى اإلدارة المحلية الجزائرية‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬

‫تشترك معظم العلوم في خاصية التراكم المعرفي‪ ،‬حيث ينطلق جل الباحثين من حيث انتهى سابقيهم‪،‬‬
‫وعليه فالدراسات السابقة تعد ضرورة منهجية وجزء متكامل من عملية البحث في مختلف الظواهر‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫بناءا على ما سبق فقد تم البحث عن مختلف الدراسات التي تناولت موضوع التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي كآلية لإلدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية‪ :‬دراسة حالة الجزائر‪ ،‬وما تم مالحظته أن هذا‬
‫الموضوع لم يحظى باهتمام كبير من طرف الباحثين في العلوم السياسية بقدر ما حظي به من طرف‬
‫الباحثين في علم االقتصاد واإلدارة العامة‪ ،‬وبالتالي فإن الهدف من عرض الدراسات السابقة هو اإلشارة‬
‫إلى أهم النتائج التي توصل إليها باحثي تلك الدراسات‪.‬‬

‫وفيما يلي عرض ألهم الدراسات السابقة التي تم الحصول عليها‪:‬‬

‫‪( .1‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،)2011 ،‬وهي أطروحة دكتوراه بعنوان‪ :‬التخطيط اإلقليمي ودوره في‬
‫التنمية المحلية (دراسة مقارنة)‪.‬‬

‫إن أه م ما توصلت إليه الباحثة من خالل هذه الدراسة هو أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه التخطيط‬
‫اإلقليمي كأداة من األدوات الهامة في عملية التنمية‪ ،‬حيث اتضح أن مركزية اإلدارة المحلية أدت الى‬
‫التأثير بشكل سلبي على أداء فعاليات سياسات التنمية وبالتالي يجب تحقيق الالمركزية لتحرير اإلدارة‬
‫وزيادة دور المشاركة الشعبية في عملية التنمية‪ ،‬كما أن النظام المحلي في مصر يواجه عدة قيود‬
‫وتحديات‪ ،‬وبالتالي اتضحت الحاجة الى التخطيط اإلقليمي نتيجة الفروق االقتصادية واالجتماعية بين‬
‫‪2‬‬
‫مقدمـــــــــــــة‬

‫المناطق وازدياد حدتها‪ ،‬باإلضافة إلى اتباع أسلوب التخطيط الشامل والذي ال بد من استكماله بمعايير‬
‫إقليمية حتى ال تتراكم مشاكل المدن وتتسع الهوة بين المناطق الحضرية والريفية‪ .‬وفي هذا الصدد تبرز‬
‫مشكلتان رئيسيتان بالنسبة للتخطيط اإلقليمي في مصر‪ ،‬تتمثل األولى في عدم التوازن في عملية التنمية‬
‫وضرورة البحث عن استراتيجية مالئمة للتنمية االقتصادية‪ ،‬أما الثانية فهي تتعلق بالتقسيم االقتصادي إلى‬
‫أقاليم وعالقة اإلقليم كوحدة اقتصادية أو كوحدة تخطيطية بالوحدات اإلدارية (المحافظات)‪.‬‬

‫‪ .2‬دراسة (موفق الضمور‪ ،)2008 ،‬وهي أطروحة دكتوراه بعنوان‪ :‬واقع التخطيط االستراتيجي‬
‫للموارد البشرية في القطاع العام في األردن‪.‬‬

‫وقد كانت أهم النتائج التي توصل إليها الباحث هي وجود عالقة ارتباطية ايجابية ذات داللة‬
‫إحصائية بين أنشطة إدارة الموارد البشرية ( تحليل‪ ،‬تصميم العمل وتخطيط الموارد البشرية واستقطاب‬
‫الموارد البشرية واختبارهم وتدريبهم وتطويرهم وتحفيزهم وإدارة أداءهم)‪ ،‬وممارسة التخطيط‬
‫االستراتيجي إلدارة الموارد البشرية في الوزارات األردنية‪ ،‬وعدم وجود فروق ذات داللة إحصائية بين‬
‫أ ثر أنشطة إدارة الموارد البشرية على ممارسة التخطيط االستراتيجي إلدارة الموارد البشرية في‬
‫الوزارات األردنية تعزى إلى المتغيرات الشخصية والوظيفية (الجنس‪ ،‬العمر‪ ،‬المستوى التعليمي‪،‬‬
‫المستوى الوظيفي‪ ،‬الخبرة العلمية)‪.‬‬

‫‪ .3‬دراسة (خنفري خيضر‪ ،)2011/2010 ،‬وهي أطروحة دكتوراه علوم بعنوان‪ :‬تمويل التنمية‬
‫المحلية في الجزائر واقع وأفاق‪.‬‬

‫وأهم ما توصل الباحث من خالل هذه الدراسة إلى أن تحقيق التنمية المحلية يتطلب تطبيق سياسة‬
‫عمومية مبنية على أسس علمية ومنهجية‪ ،‬وعليه ال بد من دراسة عالقة التنمية المحلية بالتخطيط باعتباره‬
‫أداة فعالة تمكن من االستخدام األمثل للموارد المتاحة‪ ،‬واستغالل المقومات التي تحوزها الجماعات‬
‫المحلية سواء المالية‪ ،‬البشرية أو التنظيمية‪ .‬كما أنه لكي تتحقق التنمية المحلية بأفضل صورة فإنها بحاجة‬
‫إلى الموارد المالية بشكل مستمر ومتجدد‪ ،‬وال بد من البحث عن أفضل السبل لتعبئة تلك الموارد من أجل‬
‫الوصول الى هيكل التمويل المحلي األمثل والذي يحقق أهداف التنمية المحلية بكفاءة وفعالية‪.‬‬

‫‪ .4‬دراسة (محمد خشمون‪ ،)2011/2010 ،‬وهي أطروحة دكتوراه علوم بعنوان‪ :‬مشاركة المجالس‬
‫البلدية في التنمية المحلية (دراسة ميدانية على مجالس بلديات والية قسنطينة)‪.‬‬

‫وقد توصل الباحث من خالل هذه الدراسة إلى أن مشاركة المجالس الشعبية البلدية في احداث‬
‫التنمية المحلية على مستوى البلديات التي انتخبوا فيها‪ ،‬مازالت محدودة وال تستجيب لتطلعات‬
‫المواطنين كما أنها ال تزال تعاني من مشكالت أخرى تقف عقبة في طريقها وتحول دون التجسيد‬
‫الحقيقي لكلمة مشاركة‪ ،‬وترجع هذه األسباب الى شدة وصرامة الوصاية اإلدارية التي يفرضها‬
‫القانون البلدي لسنة ‪ ،1990‬تخلف األسلوب اإلداري المتبع الذي يتميز بالمركزية في تخطيط وإدارة‬
‫شؤون التنمية المحلية بمختلف البلديات‪ ،‬التمويل المالي المركزي ( الوالئي بشكل خاص) مما يشكل‬
‫أداة ضغط على هذه المجالس و وصاية إضافية عليها‪ ،‬كثرة الخالفات والصراعات الداخلية التي‬
‫تشوب معظم المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬مما يجعل السلطات الوصية تبرر محدودية مشاركة هذه‬
‫المجالس في احداث التنمية المحلية‪ .‬وبالتالي فان هذه المعوقات وغيرها تحد كثيرا من فاعلية مشاركة‬
‫المجالس الشعبية البلدية في احداث التنمية المحلية الحقيقية التي يتطلع اليها المواطنون على مستوى‬
‫البلديات التي انتخبوا فيها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمـــــــــــــة‬

‫‪ .5‬دراسة (فواز حسين سعيد ناصر‪ ،)2013 ،‬وهي رسالة ماجستير بعنوان‪ :‬نموذج قبالن في التخطيط‬
‫التنموي االستراتيجي للهيئات المحلية الفلسطينية‪.‬‬

‫أظهرت نتائج هذه الدراسة أن تجربة التخطيط التنموي االستراتيجي في الهيئات المحلية‬
‫الفلسطينية الزالت حديثة‪ ،‬وأنها في تقدم مستمر‪ ،‬وهناك حاجة لتوصيل هذه المنهجية لباقي الهيئات‬
‫المحلية‪ ،‬كما أنها بحاجة إلتمام مرحلتي المتابعة والتقييم مما يساعد في رفع نسبة التنفيذ للمشاريع‬
‫التنموية‪ ،‬ومن نتائج الدراسة كذلك هي ريادة (قبالن) في نهج التخطيط التنموي وتميزها باتساع‬
‫المشاركة المجتمعية والتي تشير إلى التوافق االجتماعي والثقة بالقيادة‪.‬‬

‫‪ .6‬دراسة (حمادو سليمة‪ ،)2012 ،‬وهي رسالة ماجستير بعنوان‪ :‬اصالح الجماعات المحلية في‬
‫الجزائر كخيار استراتيجي‪.‬‬

‫إن أهم ما توصلت إليه الباحثة في هذه الدراسة أن هناك قصور واختالالت حالت دون ممارسة‬
‫الهيئات الالمركزية األدوار الموكلة اليها‪ ،‬وعجزها عن تحقيق أدوارها التنموية والذي يرجع لعدة أسباب‪.‬‬
‫وبالتالي كان البد من بحث سبل تنشيطها حتى تتمكن من االضطالع بمهامها‪ ،‬مع ضرورة رؤية مستقبلية‬
‫كآفاق إلصالحها بما تتطلبه مقتضيات ذلك‪ ،‬من خالل ضرورة تعزيز الالمركزية عن طريق إعادة‬
‫تعريف دور البلدية‪ ،‬وإعادة النظر في الرقابة المفروضة عليها‪ ،‬وكذا منح الجماعات المحلية وسائل العمل‬
‫الكافية واالمكانيات المادية الالزمة للقيام بدورها‪ .‬كما توصلت إلى أن التسيير المحلي الفعال لن يعرف‬
‫تطبيقاته اال من خالل اصالح مؤسساتي والذي يأخذ بعين االعتبار الجوانب اإلدارية والمنطق االقتصادي‬
‫لخلق مشاريع تنموية في اآلجال القصيرة‪ ،‬المتوسطة أو الطويلة حسب ما تقتضيه الحاجة‪.‬‬

‫دراسة (الهام تايب‪ ،)2003 ،‬وهي رسالة ماجستير بعنوان‪ :‬التخطيط االستراتيجي للموارد‬ ‫‪.7‬‬
‫البشرية في الوظيف العمومي الجزائري (دراسة حالة وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية)‪.‬‬

‫وقد كانت أهم النتائج التي توصلت إليها الباحثة أن جملة التغييرات والتحديات التي تواجه عصرنا‬
‫الحالي تتمثل في كيفية إقامة نظم إدارية تستطيع الدول العربية واإلسالمية من خاللها تحقيق التنمية‬
‫المنشودة‪ ،‬واالستخدام الفعال لمواردها المادية والبشرية‪ ،‬كما أن كل تخطيط البد له أن يركز على التعامل‬
‫مع المتغيرات البيئية بأكبر درجة‪ ،‬من خالل قيادات إدارية كفئة يتم اختيارها على أساس الكفاءة والجدارة‬
‫وليس على أسس أخرى‪ .‬باإلضافة إلى األخذ بمفاهيم اإلدارة اإلستراتيجية‪ ،‬واإليمان بجدوى المنهج‬
‫العلمي والتحليلي في إعداد االستراتيجيات ورسم السياسات واتخاذ القرارات‪ .‬باإلضافة الى التركيز على‬
‫التدريب والتطوير‪ ،‬واكتساب القيادات اإلدارية المهارات الالزمة لتحسين كفاءتها وحسن اختيار تلك‬
‫القيادات بناءا على أسس الكفاءة والجدارة‪.‬‬

‫‪ .8‬دراسة (إنزارن عادل‪ ،)2011 ،‬وهي رسالة ماجستير بعنوان‪ :‬الدور التنموي للمخططات البلدية‬
‫بين الواقع واألفاق دراسة حالة بلدية باتنة (‪.))2010-2002‬‬

‫أشارت نتائج هذه الدراسة تحول المخطط البلدي من أداة تنموية الى مجرد مصدر مالي تنتظره البلدية‬
‫لتفعيل برامجها‪ ،‬والتي ال ترقى لطموحات المواطنين‪ ،‬كما أن أداء المخططات البلدية تتحكم فيها عدة‬
‫متغيرات سواء على مستوى البيئة الداخلية للبلدية أو المحيط الخارجي‪ ،‬حيث أن إشكالية المخططات‬
‫البلدية والتنمية المحلية في الجزائر هي منظومة متكاملة تتفاعل فيها بيئة البلدية مع محيطها السياسي‬
‫واالجتماعي والثقافي واالقتصادي واإلداري‪ ،‬فهذه المتغيرات البيئية تؤثر بصفة كبيرة ومباشرة على أداء‬
‫التنمية والمخططات البلدية‪ ،‬كما أن درجة استقاللية الجماعات المحلية لها تأثير كبير على نجاح التنمية‬
‫المحلية‪ ،‬فالتبعية التي تميز الجماعات المحلية سواء من ناحية الرقابة أو التبعية المالية للمركز تقلص من‬
‫أداء المخططات البلدية و تقلص الالمركزية في التسيير والتخطيط واتخاذ القرار فيما يخص الشؤون‬
‫‪4‬‬
‫مقدمـــــــــــــة‬

‫المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى إبعاد القاعدة من المشاركة في صنع السياسات التنموية الخاصة بها‪ ،‬وبالتالي‬
‫االبتعاد عن التعبير الديموقراطي في تسيير وإدارة شؤون التنمية على المستوى المحلي‪.‬‬

‫‪ .9‬دراسة (زهير لخيار‪ ،)2009 ،‬وهو مقال بعنوان‪ :‬التخطيط االستراتيجي ورهان التنمية المحلية‬

‫من خالل هذا المقال توصل الباحث إلى أن كسب رهان التنمية المحلية ال يأتي إال عبر تخطيط‬
‫استراتيجي محكم ومتكامل على المستويين المركزي والالمركزي‪ ،‬غير أنه تواجه التخطيط االستراتيجي‬
‫عدة صعوبات تحول دون تحقيق الهدف المنشود منه‪ ،‬ولكي يتم تجنب هذه التحديات ال بد من التوفر على‬
‫بعض المهارات كالمهارات التصورية والتي تتطلب كفاءة عالية في الجانب الثقافي والمعرفي‪ ،‬والمهارات‬
‫التقنية والتي تتطلب بناءا منطقيا يضم عدة مراحل منتظمة ومرتبة تحكمها عالقة معقلنة وتنسيقية لمعرفة‬
‫نقاط القوة والضعف‪ ،‬باإلضافة الى المهارات البشرية من خالل التوفر أساسا على الموارد البشرية‪.‬‬

‫‪ .10‬دراسة (محمد موادي‪ )2005 ،‬هي رسالة ماجستير بعنوان‪ :‬التخطيط االستراتيجي‪ :‬وسيلة فعالة‬
‫لتنظيم االستثمارات العمومية المحلية‪«Planification stratégique : un moyen .‬‬
‫‪efficace pour harmoniser l’investissement public local, cas de lacrmoulay‬‬
‫»‪Bousselham‬‬

‫وقد توصل الباحث من خالل هذه الدراسة إلى أن تحسين وضع الجماعات المحلية ال يمكن أن يتم إال‬
‫من خالل إرادة سياسية لتطبيق الالمركزية وتكييفها مع متطلبات التنمية المحلية‪ ،‬وبالتالي أتت الحاجة إلى‬
‫تنسيق الخدمة العمومية المحلية باستخدام التخطيط االستراتيجي‪ ،‬وألن هذه األخير مهمة شاقة فهو يتطلب‬
‫دعم وتعبئة جميع ذوي المصلحة في مختلف مراحل التخطيط بصورة نشطة ومسؤولة‪ ،‬كما أن هذا النهج‬
‫المتكامل ضروري لتحقيق التنمية البشرية المستدامة‪ ،‬باإلضافة إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬
‫التي أطلقها جاللة الملك" محمد السادس" في خطاب ‪ 18‬ماي ‪ 2005‬تكريس لهذا النهج‪.‬‬

‫أما بخصوص هذه الدراسة موضوع البحث التخطيط االستراتيجي المحلي كآلية لإلدارة المحلية في‬
‫تحقيق التنمية المحلية‪ :‬دراسة حالة الجزائر‪ ،‬فإن ما يميزها عن الدراسات السابقة الذكر هو أنها‪ :‬ستركز‬
‫على مفهوم كل من التخطيط االستراتيجي‪ ،‬اإلدارة المحلية الجزائرية والتنمية المحلية‪ ،‬وكذا دور التخطيط‬
‫االستراتيجي المحلي كأسلوب إداري حديث لتحقيق التنمية المحلية في الجزائر والتحديات التي تواجه‬
‫تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر وكذا بعض الحلول المقترحة لمعالجتها‪.‬‬

‫إشكالية الدراسة‪:‬‬

‫في ظل اإلهتمام المتزايد والتوجه الجديد لإلدارات لتجسيد أسلوب التخطيط االستراتيجي‪ ،‬ستتم معالجة‬
‫اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫ما مدى قدرة االدارة المحلية على تحقيق التنمية المحلية الشاملة باألخذ بأسلوب التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي؟‬

‫التساؤالت الفرعية‪:‬‬
‫إلى جانب السؤال الجوهري لإلشكالية العامة يمكن طرح مجموعة من التساؤالت الفرعية المساعدة على‬
‫التحليل وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬فيما يتمثل كل من‪ :‬اإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية؟‬
‫‪ .2‬ما أهمية التخطيط االستراتيجي بالنسبة لإلدارة المحلية؟‬
‫‪5‬‬
‫مقدمـــــــــــــة‬

‫‪ .3‬هل يساهم التخطيط االستراتيجي المحلي في تحقيق التنمية على المستوى المحلي؟‬
‫‪ .4‬ماهي التحديات التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر؟‬
‫‪ .5‬كيف يمكن معالجة المشاكل التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر؟‬

‫الفرضيـــات‪:‬‬

‫إن اإلجابة على اإلشكالية السابقة والتساؤالت المندرجة تحتها‪ ،‬تستدعي وضع جملة من الفرضيات‬
‫والتي يمكن اخضاعها لالختبار الكتشاف مدى صحتها وضعفها في معالجة اإلشكالية وهي كالتالي‪:‬‬

‫الفرضية األولى‪ :‬إن اعتماد اإلدارة المحلية على أسلوب التخطيط االستراتيجي المحلي يساهم في تحقيق‬
‫التنمية المحلية‪.‬‬
‫الفرضية الثانية‪ :‬كلما كانت هناك عوامل مثبطة لتجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر كلما‬
‫تعثر تحقيق التنمية المحلية فيها‪.‬‬
‫الفرضية الثالثة‪ :‬تتطور التنمية المحلية كلما أدركت السلطات الجزائرية أهمية التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي وعملت على تجاوز كل معوقاته‪.‬‬

‫المناهـــج المستخدمـــة في الدراســــة‪:‬‬

‫نظرا لطبيعة موضوع الدراسة‪ ،‬فإنه يستلزم اعتماد مختلف المناهج المستخدمة في البحوث خاصة‬
‫اإلدارية منها‪ ،‬حيث سيتم االستعانة بالمناهج واإلقترابات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬المنهج التاريخي‪ :‬وهو المنهج الذي يقوم على مبدأ أنه يصعب فهم حاضر الشيء دون فهم ماضيه‪،‬‬
‫وذلك ألن الحاضر هو نتاج الماضي‪ ،‬كما أنه يضطلع بدور حيوي وأصيل في ميدان الدراسات‬
‫والبحوث العلمية وهذا ما يساعدنا للتعرف على مختلف المراحل التي مر بها ظهور التخطيط‬
‫االستراتيجي‪ ،‬وكذا تطور نظام اإلدارة المحلية في الجزائر‪ ،‬باإلضافة إلى التعرف على ظهور مفهوم‬
‫التنمية عموما والتنمية المحلية بشكل خاص‪.‬‬
‫‪ -‬المنهج الوصفي التحليلي‪ :‬والذي يهدف إلى دراسة الظاهرة بجميع خصائصها وأبعادها في إطار‬
‫معين‪ ،‬فاتباع طريقة الوصف تؤدي بنا إلى تبيان األطر النظرية والمفاهيمية لكل من التخطيط‬
‫االستراتيجي‪ ،‬اإلدارة المحلية والتنمية المحلية‪ ،‬بحيث سيتم التفصيل في كل من مفهوم التخطيط‬
‫االستراتيجي ومراحله األساسية وكذا مهام وصالحيات اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫مفهوم التنمية عموما وعملية التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬االقتراب النسقي‪ :‬والذي يفترض أن كل شيء في الحياة يمكن أن يدرك بوصفه نظاما‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت يمكن أن يدرك بوصفه نظاما فرعيا لنظام أكبر وأن هناك تفاعل بين النظام والبيئة المحيطة‬
‫به‪ ،‬كما يؤدي هذا التفاعل بين وحدات النظام وبين النظام وبيئته إلى حدوث عملية االعتماد المتبادل‪،‬‬
‫فاإلدارة المحلية تعتبر نظاما فرعيا تعمل في بيئة يحيطها الغموض‪ ،‬وأن هناك تفاعل واعتماد متبادل‬
‫بينها وبين البيئة المحيطة بها‪.‬‬
‫‪ -‬االقتراب القانوني المؤسسي‪ :‬تم استخدام االقتراب القانوني المؤسسي من أجل فهم التنظيم االداري‬
‫وصالحيات اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ،‬بحيث يتم البحث في كيفية بناءها وطريقة وصول أعضاء‬
‫المجالس الشعبية المحلية للسلطة فيها وكذا عالقتها بالحكومة المركزية‪.‬‬
‫‪ -‬االقتراب الوظيفي‪ :‬والذي يدرس الظواهر االجتماعية من خالل تحليل وظائفها‪ ،‬بحيث سيتم تحليل‬
‫الوظائف التنموية لإلدارة المحلية‪ ،‬وكذا التعرف على الدور الهام الذي يقدمه التخطيط االستراتيجي‬
‫كأسلوب تتبناه اإلدارة المحلية من أجل تحقيق التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬المقاربة التشاركية‪ :‬والتي تعني إمكانية انتقال أفراد المجتمع من مواقع القبول والتلقي السلبيين إلى‬
‫مواقع النقاش والتقرير على الصعيدين المحلي والوطني‪ ،‬وبالتالي فإن مشاركتهم المحلية هي ضمان‬
‫‪6‬‬
‫مقدمـــــــــــــة‬

‫لصحة الخطط والبرامج المحلية‪ ،‬وعليه فإن آلية التخطيط االستراتيجي بالمشاركة تعتمد على‬
‫مشاركة جميع األطراف المعنية في تحديد المشروعات التنموية التي تساهم في االرتقاء بمستوى‬
‫معيشة المواطنين المحليين‪.‬‬

‫طـــرق ووسائـــل جمــع المعلومـــات‪:‬‬

‫إن إنجاز هذه الدراسة يتطلب عدة طرق ووسائل لجمع المعلومات والبيانات الضرورية ومن هذه‬
‫الطرق نذكر‪ :‬التنقيب البيبليوغرافي‪ ،‬التقارير الحكومية‪ ،‬المقاالت العلمية‪ ،‬الملتقيات العلمية واأليام‬
‫الدراسية‪ ،‬وكذا االستفادة من الدراسات السابقة في مواضيع التخطيط االستراتيجي‪ ،‬اإلدارة المحلية‬
‫والتنمية المحلية‪ ،‬ومصادر أخرى كمواقع االنترنت‪.‬‬

‫هيكــــل الدراســــة‪:‬‬

‫من أجل اإلجابة على إشكالية الدراسة‪ ،‬وبناءا على األهداف والفرضيات الموضوعة‪ ،‬سيشمل هيكل‬
‫الدراسة على‪ :‬مقدمة‪ ،‬ثالث فصول وخاتمة‪.‬‬

‫بحيث خص الفصل األول لإلطار النظري لكل من اإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية‬
‫المحلية‪ ،‬وقد تم تقسيمه إلى ثالث مباحث حيث سيتم تناول اإلطار النظري لإلدارة المحلية في المبحث‬
‫األول من خالل تعريفها‪ ،‬مقومتها األساسية والتفرقة بينها وبين المفاهيم المشابهة لها باإلضافة إلى‬
‫األسباب الداعية لظهورها‪ ،‬وعالقتها بالحكومة المركزية‪ ،‬ثم التعرف على اإلدارة المحلية في القانون‬
‫اإلداري الجزائري بالتفصيل في كل من قانوني البلدية (‪ )09/90‬و (‪ )10/11‬وقانوني الوالية ( ‪)08/90‬‬
‫و (‪ ،)07/12‬أما المبحث الثاني فسيعالج اإلطار النظري للتخطيط االستراتيجي والذي بدوره سيتم التطرق‬
‫فيه لعدة عناصر وهي‪ :‬مفهوم وأهمية التخطيط االستراتيجي‪ ،‬حيث تم التفصيل في ظهور فكرة التخطيط‪،‬‬
‫مبادئه‪ ،‬شروطه‪ ،‬أنواعه‪ ،‬مراحله‪ ،‬وكذا عالقته باإلدارة المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى شروط نجاحه والعوائق‬
‫التي تواجهه‪ ،‬في حين سيتم في المبحث الثالث التطرق لإلطار النظري للتنمية المحلية بشيء من التفصيل‬
‫عن ظهورها‪ ،‬تعريفها‪ ،‬نظرياتها‪ ،‬مقوماتها‪ ،‬مؤشراتها‪ ،‬مبادئها‪ ،‬مجاالتها‪ ،‬وكذا المعوقات التي تحول دون‬
‫تحقيقها‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فقد خص بدراسة عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج‬
‫مختارة)‪ ،‬تم تقسيمه إلى ثالث مباحث حيث سيتم تناول الدور التنموي لإلدارة المحلية على المستوى‬
‫المحلي في المبحث األول والذي تم التفصيل فيه عن‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في كل من‬
‫المجاالت التالية‪ :‬المجال السياسي واإلداري‪ ،‬المجال االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬مجال اإلسكان وحماية‬
‫البيئة‪ ،‬أما المبحث الثاني فسيعالج مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي وشروط نجاحه‪ ،‬إذ تتمحور‬
‫مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي حول مجال العمران والتهيئة العمرانية‪ ،‬مجال تنمية الموارد‬
‫البشرية‪ ،‬التخطيط في المجال االجتماعي‪ ،‬المجال االقتصادي‪ ،‬ومجال حماية البيئة‪ ،‬وكذا العوامل‬
‫الخارجية المؤثرة على اإلدارة المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى شروط نجاح التخطيط االستراتيجي على المستوى‬
‫المحلي‪ ،‬أما المبحث الثالث فسيعالج دور التخطيط االستراتيجي المحلي في تحقيق التنمية المحلية‪ ،‬في حين‬
‫أن المبحث الرابع واألخير فسيتناول تجارب دولية في التخطيط االستراتيجي المحلي‪ ،‬بحيث ستتم دراسة‬
‫واقع كل من التخطيط االستراتيجي المحلي في كل من المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية‪،‬‬
‫وإمكانية االستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال‪.‬‬

‫وفي الفصل الثالث فقد تم تناول واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪ ،‬وقد تم تقسيمه إلى‬
‫ثالث مباحث حيث سيتم تناول نشأة التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪ ،‬أما المبحث الثاني فسيعالج‬
‫‪7‬‬
‫مقدمـــــــــــــة‬

‫عالقة التخطيط االستراتيجي بالتنمية المحلية في الجزائر‪ ،‬في حين سيتم في المبحث الثالث التطرق إلى‬
‫التحديات التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪ ،‬وفي المبحث األخير تم اقتراح‬
‫بعض الحلول لتفعيل تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪.‬‬

‫وسيتم ختم كل فصل بخالصة وجيزة قبل تفصيلها في الخاتمة النهائية‪.‬‬

‫صعوبات الدراسة‪:‬‬
‫ل قد واجهت الباحثة عدة صعوبات أثناء انجاز هذه الدراسة خاصة فيما يتعلق بقلة الدراسات‬
‫المتخصصة التي تناولت موضوع التخطيط االستراتيجي المحلي كآلية لإلدارة المحلية في تحقيق التنمية‬
‫المحلية‪ :‬دراسة حالة الجزائر‪ ،‬ماعدا تلك الدراسات التي ركزت على بعض الجوانب‪ .‬ومن جهة أخرى فقد‬
‫واجهت الباحثة صعوبات في الدراسة الميدانية وتجلى ذلك في الحصول على الوثائق الرسمية من الجهات‬
‫المعنية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصــــــــل األول‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪،‬‬
‫التنمية المحلية‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلطار النظري لإلدارة المحلية‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلدارة المحلية وعالقتها بالحكومة المركزية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المقومات األساسية لإلدارة المحلية واألسباب الداعية لألخذ بها‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإلدارة المحلية في القانون اإلداري الجزائري‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار النظري للتخطيط االستراتيجي‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التخطيط االستراتيجي وأهميته‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل عملية التخطيط االستراتيجي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي باإلدارة المحلية‬

‫المطلب الرابع‪ :‬شروط نجاح التخطيط االستراتيجي والمعوقات التي تحول دون‬
‫تطبيقه‬

‫المبحث الثالث‪ :‬اإلطار النظري للتنمية المحلية‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التنمية والتنمية المحلية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبادئ التنمية المحلية ومقوماتها‬

‫المطلب الثالث‪ :‬النظريات المفسرة للتنمية المحلية ومراحلها األساسية‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مجاالت التنمية المحلية والمعوقات التي تحول دون تحقيقها‬

‫خالصــــــــــــة واستنتاجـــــــــــات‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬
‫يعتبر التخطيط الوظيفة اإلدارية األولى‪ ،‬فكل المنظمات تخطط ألنها ال تستطيع اتخاذ قراراتها‬
‫المختلفة إال في ضوء التخطيط السليم‪ ،‬وهي تقوم بعملية التخطيط ألن المستقبل مجهول‪ ،‬كما أن البيئة التي‬
‫تعمل في اطارها تتعرض للكثير من المفاجآت والتغيرات‪ ،‬لذا فإنه ينبغي على المنظمات وألجل التخفيف‬
‫من حدة المخاطر المرتبطة بالمستقبل أن تقوم بالعملية التخطيطية حتى تتجنب الوقوع في مخاطر عدم‬
‫قدرتها على مواجهة تلك التغيرات غير المتوقعة‪.‬‬
‫إن هذا الفصل من الدراسة تم تقسيمه إلى ثالث مباحث حيث سيتم تناول اإلطار النظري لإلدارة‬
‫المحلية في المبحث األول‪ ،‬من خالل تعريفها‪ ،‬التعرف على مقومتها األساسية والتفرقة بينها وبين المفاهيم‬
‫المشابهة لها باإلضافة إلى التعرف على األسباب الداعية لظهورها‪ ،‬وكذا عالقتها بالحكومة المركزية‪،‬‬
‫ومن ثم التعرف على اإلدارة المحلية في القانون اإلداري الجزائري‪ ،‬حيث سيتم التطرق أوال إلى التنظيم‬
‫البلدي وال تنظيم الوالئي في الجزائر منذ الفترة االستعمارية إلى االستقالل وفصلنا في قانون البلدية رقم‬
‫(‪ )09/90‬وقانون الوالية (‪ ،)08/90‬وبعدها سيتم التطرق إلى صالحيات ومهام اإلدارة المحلية في‬
‫الجزائر من خالل قانوني البلدية والوالية (‪ )10/11‬و(‪ )07/12‬على التوالي‪.‬‬
‫أم ا المبحث الثاني فسيعالج اإلطار النظري للتخطيط االستراتيجي والذي بدوره سيتم التطرق فيه لعدة‬
‫عناصر وهي‪ :‬مفهوم وأهمية التخطيط االستراتيجي‪ ،‬حيث سيتم التفصيل في ظهور فكرة التخطيط‪،‬‬
‫مبادئه‪ ،‬فوائد التخطيط‪ ،‬أنواعه‪ ،‬األسس العلمية التي يستند إليها التخطيط ومراحله األساسية‪ ،‬كما سيتم‬
‫التطرق لظهور مفهوم االستراتيجية وتطوره‪ ،‬تعريف االستراتيجية‪ ،‬خصائصها‪ ،‬مستوياتها ومداخل‬
‫إعدادها‪ ،‬وذلك حتى نصل إلى مفهوم التخطيط االستراتيجي وتفرقته عن المفاهيم المشابهة له‪ ،‬وكذا‬
‫خصائص ومسؤولية التخطيط االستراتيجي‪ ،‬أهميته وأنماطه باإلضافة إلى المراحل األساسية لعملية‬
‫التخطيط االستراتيجي‪ ،‬ثم ستتم معالجة عالقة التخطيط االستراتيجي باإلدارة المحلية وشروط نجاحه وكذا‬
‫العوائق التي تحول دون تجسيده‪.‬‬
‫في حين سيتم في المبحث الثالث التطرق لإلطار النظري للتنمية المحلية بشيء من التفصيل ففي‬
‫البداية سنعرف التنمية ونتطرق إلى نشأتها وكذا التفرقة بينها وبين المفاهيم المشابهة لها‪ ،‬بعدها سيتم‬
‫التطرق إلى صيغ التنمية وخصائصها‪ ،‬ثم سيتم تعريف التنمية المحلية ودوافع االهتمام بها‪ ،‬ومن ثم‬
‫التطرق إلى نماذج التنمية المحلية ومؤشراتها‪ ،‬وكذا مبادئها ومقوماتها‪ ،‬ثم النظريات المفسرة للتنمية‬
‫المحلية ومراحلها األساسية‪ ،‬وفي األخير سنتناول مجاالت التنمية المحلية والمعوقات التي تحول دون‬
‫تحقيقها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلطار النظري لإلدارة المحلية‬
‫تحتل اإلدارة المحلية باعتبارها أسلوبا من أساليب التنظيم اإلداري مكانا هاما في أنظمة الحكم‬
‫الداخلية في مختلف دول العالم‪ ،‬لما لها من آثار ايجابية في كافة المجاالت السياسية واإلدارية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وقد خصص هذا المبحث للتعرف بشيء من التفصيل على اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪.‬‬
‫بحيث سيتم تقسيمه إلى ثالث مطالب‪ ،‬يتضمن المطلب األول مفهوم اإلدارة المحلية وعالقتها بالحكومة‬
‫المركزية‪ ،‬أما المطلب الثاني فيتناول المقومات األساسية لإلدارة المحلية واألسباب الداعية لألخذ بها‪ ،‬في‬
‫حين يخصص المطلب الثالث لإلدارة المحلية في القانون اإلداري الجزائري‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلدارة المحلية وعالقتها بالحكومة المركزية‬


‫في هذا المطلب سيتم التعريف باإلدارة المحلية في الفرع األول‪ ،‬ومن ثم تمييزها عن غيرها من النظم‬
‫القانونية في الفرع الثاني‪ ،‬وبعدها التعرف على عالقتها بالحكومة المركزية في الفرع الثالث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف اإلدارة المحلية‬
‫لقد تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم اإلدارة المحلية‪ ،‬نظرا لتعدد وجهات نظر المفكرين‪ ،‬إال أنه‬
‫‪1‬‬
‫يمكن تلخيص ثالثة اتجاهات رئيسية وهي‪:‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬وهذا االتجاه عرف اإلدارة المحلية استنادا إلى وظائفها‪ ،‬وما يؤخذ عنه أنه لم يكن جامعا‪ ،‬إذ‬
‫أن وظائف اإلدارة المحلية تتعدد وتختلف من دولة ألخرى تبعا للنظام المطبق والسياسة التي تنتهجها‬
‫الحكومة المركزية من آن آلخر‪ ،‬وحسب مراحل التطور السياسي والفكري لكل دولة‪.‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬أما االتجاه الثاني فقد أخذ بعين االعتبار أهداف اإلدارة المحلية‪ ،‬إال أن هذا التعريف عن‬
‫طريق األهداف لن يوصلنا إلى تعريف مؤسس على األصول الفنية‪ ،‬كما أن األهداف تختلف من زمن‬
‫آلخر ومن مرحلة تاريخية ألخرى‪.‬‬
‫االتجاه الثالث‪ :‬وهو االتجاه الذي نظر بعين االعتبار إلى جوهر الحكم ومبناه وهيئته‪ ،‬والمقصود بالهيكل‬
‫هو الجهاز اإلداري لهذا النظام الذي يتكون من المجالس المحلية باإلضافة إلى الجهاز التنفيذي للخدمات‬
‫المحلية‪ .‬وهذان الجهازان يكونان جوهر الحكم المحلي‪.‬‬
‫وال شك أن اختالف الجوانب التي يهتم بها كل مفكر وكذا األهداف التي يرمون إلى تحقيقها تدعونا‬
‫للتعرف على بعض تلك التعريفات التي لها عالقة بمفهوم اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫يرى محمد علي الخاليلة أن موضوع اإلدارة المحلية يندرج ضمن مظلة الالمركزية اإلقليمية والتي‬
‫تعني تنظيم الجهاز اإلداري في الدولة على نحو أشخاصها اإلدارية على أساس إقليمي‪ ،‬وذلك بأن‬
‫يتخصص في شؤون كل إقليم من أقاليم الدولة جهاز إداري يكون أكثر اتصاال بالجمهور وفي أغلب‬
‫األحيان منتخبا من قبل األفراد أنفسهم‪ ،‬ويتمتع بنوع من االستقالل اإلداري والمالي مع خضوعه إلشراف‬
‫‪2‬‬
‫ورقابة الحكومة المركزية في إطار ما يسمى بالوصاية اإلدارية‪.‬‬
‫ويأخذ أيمن عودة المعاني بنفس المعنى عندما يقول أن" اإلدارة المحلية إنما هي توزيع للوظيفة‬
‫اإلدارية فيما بين الحكومة المركزية وبين هيئات محلية منتخبة تعمل تحت رقابة الحكومة المركزية‬
‫‪3‬‬
‫وإشرافها‪".‬‬
‫أما مصطفى الجندي فهو يرى أنه بحسب التعريفات التي استقرت عليها األمم المتحدة واالتحاد الدولي‬
‫‪4‬‬
‫للسلطات المحلية فان اإلدارة المحلية هي‪:‬‬
‫‪ _1‬تقسيم جغرافي سياسي لدولة موحدة بسيطة‪ ،‬تكون دون مستوى الوالية أو الجمهورية أو المقاطعة في‬
‫الدول الفدرالية المركبة‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرزاق الشيخلي‪ ،‬اإلدارة المحلية دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،)2001 ،‬ص‪.18.‬‬
‫‪ 2‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬اإلدارة المحلية وتطبيقاتها في كل من األردن وبريطانيا وفرنسا ومصر (دراسة تحليلية مقارنة)‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار‬
‫الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،)2009 ،‬ص‪.40.‬‬
‫‪ 3‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬اإلدارة المحلية‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر‪ ،)2010 ،‬ص‪.18.‬‬
‫‪ 4‬مصطفى الجندي‪ ،‬اإلدارة المحلية واستراتيجيتها (اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ :‬منشأة المعارف‪ ،)1987 ،‬ص‪.20.‬‬
‫‪12‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ _2‬وجود هيئات منتخبة من أهل الوحدة المحلية‪ ،‬وهذا االنتخاب إما يشمل جميع أعضائها أو األكثرية‬
‫منهم‪ ،‬أو أن تكون مختارة محليا تعهد إليها اإلدارة المركزية باالضطالع بإدارة كل أو البعض من المرافق‬
‫والشؤون المحلية‪ ،‬كما يكون لها شخصية معنوية وذمة مالية مستقلة وكذا أجهزتها المحلية‪.‬‬
‫‪ _3‬رقابة وإشراف من السلطة المركزية على هذه الهيئات المحلية‪.‬‬
‫ويتفق معه عادل محمود حمدي في هذا التعريف بحيث يرى أن اإلدارة المحلية تعبر عن وحدات‬
‫جغرافية مقسم ة من إقليم الدولة‪ ،‬وهي عبارة عن هيئات مستقلة في الواليات والمدن والقرى‪ ،‬وتتولى‬
‫‪1‬‬
‫شؤون هذه الوحدات بالطرق المناسبة لها‪ ،‬كما أنها تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪.‬‬
‫ويعرفها الكاتب البريطاني آرام مودي ‪ Grame Modie‬على أنها مجلس منتخب تتركز فيه الوحدة‬
‫المحلية ويكون عرضة للمسؤولية السياسية أمام الناخبين سكان الوحدة المحلية ويعتبر مكمال ألجهزة‬
‫‪2‬‬
‫الدولة‪.‬‬
‫أما الباحث ‪ M. Waline‬فيعرف اإلدارة المحلية بأنها نقل أو تحويل سلطة إصدار قرارات إدارية‬
‫إلى مجالس منتخبة بحرية من المعنيين‪.‬‬
‫أي أنها تتمثل في نقل سلطة اتخاذ بعض القرارات اإلدارية من السلطات المركزية‪ ،‬فال تظل هذه‬
‫السلطات مختصة بإدارة الشؤون المحلية كالسابق‪ ،‬وبالتالي تصبح من اختصاص شخص معنوي جديد‬
‫‪3‬‬
‫يأتي عن طريق االنتخاب من ذوي العالقة‪.‬‬
‫كما تعرف اإلدارة المحلية بأنها توزيع الوظيفة اإلدارية بين األجهزة المركزية والمحلية مما يسهل‬
‫على األجهزة المحلية إدارة مرافقها في النطاق المرسوم لها قانونا‪ ،‬كما أنها تعني توزيع الوظيفة اإلدارية‬
‫بين الحكومة المركزية وهيئات محلية منتخبة تباشر اختصاصاتها ولكن تحت اشراف الحكومة ورقابتها‪.‬‬
‫أي أن السلطة المركزية في العاصمة تقوم بإسناد جزء من الوظائف اإلدارية الى هيئات محلية‪ ،‬وهذا‬
‫االسناد يتم بموجب القانون‪ ،‬وعادة ما تحتفظ األجهزة المركزية في العاصمة بإدارة المؤسسات والمرافق‬
‫‪4‬‬
‫ذات الطابع القومي وتترك الهيئات المحلية إلدارة األجهزة المحلية ذات الطابع المحلي المحدود‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التفرقة بين اإلدارة المحلية والمفاهيم المشابهة لها‬
‫إن تحديد مفهوم نظام اإلدارة المحلية يقتضي وضع تعريفا محددا لها وكذا التمييز بينها وبين النظم‬
‫القانونية المشابهة لها كنظام الحكم المحلي ونظام عدم التركيز اإلداري ونظام الالمركزية اإلدارية‬
‫المرفقية‪.‬‬
‫أوال التمييز بين نظام اإلدارة المحلية ونظام الحكم المحلي‪:‬‬
‫تباينت آراء الكتاب والباحثين حول أسس التفرقة بين الحكم المحلي واإلدارة المحلية‪ .‬وتتمثل أهم هذه‬
‫اآلراء فيما يلي‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬يرى فريق من الفقهاء أن االختالف بين اإلدارة المحلية والحكم المحلي يتمثل في أن اإلدارة‬
‫المحلية تشير إلى أسلوب معين من أساليب الالمركزية اإلدارية‪ ،‬والتي لها اختصاصات تنفيذية فقط وال‬
‫ترتبط بشكل الدولة أو وحدتها السياسية‪ ،‬إذ أنه باإلمكان إيجادها في الدول البسيطة والدول المركبة على‬

‫‪ 1‬عادل محمود حمدي‪ ،‬االتجاهات المعاصرة في نظم اإلدارة المحلية دراسة مقارنة (القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،)1973 ،‬ص‪.17.‬‬
‫‪ 2‬محمد محمود الطعامنة‪ " ،‬نظم اإلدارة المحلية _المفهوم والفلسفة واألهداف"‪( ،‬ورقة بحثية مقدمة في الملتقى العربي األول نظم اإلدارة المحلية‬
‫في الوطن العربي‪ ،‬المنعقد في صاللة‪ ،‬سلطنة عمان خالل‪18‬و‪ 20‬أغسطس ‪)2003‬‬
‫‪ 3‬علي خطار شطناوي‪ ،‬اإلدارة المحلية‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر‪ ،)2002 ،‬ص‪.97.‬‬
‫‪ 4‬محمد الصيرفي‪ ،‬إدارة األعمال الحكومية‪ ،‬ط‪( 1‬اإلسكندرية‪ :‬مؤسسة حورس الدولية للنشر والتوزيع‪ ،)2013 ،‬ص ‪.157.‬‬
‫‪13‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫حد السواء‪ .‬في حين أن الحكم المحلي يتعلق بالالمركزية السياسية‪ ،‬والتي تكون نابعة من النظام الدستوري‬
‫للدولة إذ يتم توزيع حقوق السيادة بين دولة االتحاد والوحدات األخرى المكونة لها والتي تملك سلطات‬
‫‪1‬‬
‫قضائية وتشريعية وتنفيذية وحق دستور االتحاد‪.‬‬
‫كما تتحدد اختصاصات الهيئات المحلية بقانون يصدر عن البرلمان (إما بصورة عامة أو على سبيل‬
‫الحصر)‪ ،‬بينما اختصاص الواليات في الدول المركبة يحددها الدستور االتحادي‪ ،‬وكذلك ال تخضع‬
‫الواليات في الدولة االتحادية لرقابة وإشراف الدولة االتحادية‪ ،‬أما الهيئات المحلية فإنها تخضع لرقابة‬
‫‪2‬‬
‫وإشراف الحكومة المركزية‪.‬‬
‫وعليه فا لحكم المحلي يتضمن مظاهر الحكم التقليدية من التشريع والتنفيذ بينما نظام اإلدارة المحلية ليس‬
‫‪3‬‬
‫له شأن بالتشريع وال القضاء بل إن عملها ينحصر في مجال الوظيفة التنفيذية في المرافق المحلية‪.‬‬
‫ويمثل الجدول الموالي معايير التمييز بين مصطلحي اإلدارة المحلية والحكم المحلي‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)01‬معايير التمييز بين مصطلحي اإلدارة المحلية والحكم المحلي‬
‫الحكم المحلي‬ ‫اإلدارة المحلية‬ ‫وجه الخالف‬
‫ينشأ بموجب الدستور‪.‬‬ ‫تنشأ بموجب القانون‪.‬‬ ‫النشوء‬
‫يرتبط بشكل الدولة‪ ،‬ويعتبر أسلوبا‬ ‫ترتبط بالتنظيم اإلداري للدولة‬ ‫االرتباط‬
‫من أساليب التنظيم السياسي‪.‬‬ ‫ولذلك تعتبر أسلوبا من أساليب‬
‫التنظيم اإلداري‪.‬‬
‫يمارس وظائف تنفيذية وتشريعية‬ ‫تمارس جزءا من وظيفة الدولة‬ ‫الوظيفة‬
‫وقضائية‪.‬‬ ‫اإلدارية فقط‪.‬‬
‫يتواجد فقط في الدول المركبة‪.‬‬ ‫تتواجد في ظل الدول البسيطة‬ ‫الموطن‬
‫والمركبة‪.‬‬
‫اختصاصاتها تتمتع بدرجة ثبات‬ ‫اختصاصاتها قابلة للتغيير زيادة‬ ‫مدى ثبات االختصاص‬
‫أكبر نسبيا كونها محددة بموجب‬ ‫أو نقصا كونها تحدد بموجب‬
‫دستور الدولة‪.‬‬ ‫التشريعات العادية في الدولة‪.‬‬
‫تمارس عليه رقابة غير مباشرة من‬ ‫تخضع لرقابة وإشراف السلطة‬ ‫الرقابة‬
‫قبل السلطة المركزية‪.‬‬ ‫المركزية‪.‬‬
‫يخضع لقوانين خاصة به صادرة‬ ‫تخضع لجميع القوانين السارية‬ ‫القوانين المطبقة‬
‫عن سلطته التشريعية‪.‬‬ ‫المفعول في الدولة‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬اإلدارة المحلية‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر‪ ،)2010 ،‬ص‪.44.‬‬

‫الرأي الثاني‪ :‬يعتقد هذا الفريق أن اإلدارة المحلية تشكل خطوة أولى أو مرحلة أساسية من خطط طويلة‬
‫المدى لتحقيق الحكم المحلي‪ ،‬فهي بالتالي تشكل جزءا من نظام الحكم ال يمكن فصله‪ .‬ووفقا لهذا الرأي فان‬
‫االختالف بين المصطلحين ال يكون في الكيف وإنما في الكم بحيث أن اإلدارة المحلية تتمتع بقدر محدود‬

‫‪ 1‬مصطفى الجندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17.‬‬


‫‪ 2‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57.‬‬
‫‪ 3‬مصطفى الجندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18.‬‬
‫‪14‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫من السلطات واالختصاصات تم تطويرها لتصبح حكما محليا كما أن االستقالل الذي تتمتع به اإلدارة‬
‫المحلية يكون أقل منه بالحكم المحلي‪ ،‬باإلضافة إلى عدم وجود تدرج في إتباع نظام الحكم المحلي بل أن‬
‫هناك صور من النظام تطبق كل دولة ما يناسبها منها وبالطريقة التي تراها‪ .‬المهم أن يدير الشعب شؤونه‬
‫‪1‬‬
‫بنفسه‪.‬‬
‫الرأي الثالث‪ :‬يرى الفريق الثالث أن اصطالحي (اإلدارة المحلية) و(الحكم المحلي) مترادفين‪ ،‬أي أن لهما‬
‫مدلوال واحدا‪ ،‬وأنهما يشيران إلى أسلوب واحد من أساليب اإلدارة يتباين تطبيقه من دولة إلى أخرى‪ ،‬بل‬
‫من منطقة إلى أخرى داخل الدولة الواحدة‪ ،‬وبالتالي ال يوجد مبرر لهذا التمييز بين نظام محلي وآخر سواء‬
‫كان ذلك على أساس التسمية أو المدلول اللغوي لأللفاظ أو االختالف في مدى درجة االختصاصات‬
‫‪2‬‬
‫والصالحيات أو الرقابة أو التمثيل أو المشاركة الشعبية‪.‬‬
‫ولذلك فال يوجد اختالف بينهما على الصعيد النظري والتطبيقي‪ .‬فمعظم المؤلفين والدول مستعملي‬
‫مصطلح اإلدارة المحلية وتعني به الحكم المحلي والعكس صحيح أيضا‪ ،‬وبالتالي فان هذين المصطلحين‬
‫يعنيان مفهوما واحدا ال غير‪ ،‬أال وهو االستقالل النسبي لمنطقة معينة في إدارة شؤونها المحلية تحت‬
‫‪3‬‬
‫رقابة المركز‪.‬‬
‫ثانيا التمييز بين نظام اإلدارة المحلية ونظام عدم التركيز اإلداري‪:‬‬
‫يرى فريق من الفقهاء أن نظام اإلدارة المحلية يعتبر نوعا من عدم التركيز اإلداري وهو األسلوب‬
‫الذي يتم تطبيقه من أجل تخفيف العبء عن السلطة المركزية في العاصمة وبالتالي يحقق السرعة في‬
‫انجاز الوظيفة اإلدارية في المسائل التي تهم الجمهور خاصة في المناطق النائية عن العاصمة‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫بتمكين القيادات التالية لمستوى الوزراء في األقاليم من اتخاذ القرار في بعض األمور‪ ،‬لكن هذا ال يعني‬
‫اختالط مفهومي أسلوب عدم التركيز اإلداري بنظام اإلدارة المحلية أو جعلهما صورتان لنظام قانوني‬
‫‪4‬‬
‫واحد‪.‬‬
‫وذلك على اعتبار أن اإلدارة المحلية تشترك مع عدم التركيز اإلداري في أنهما أسلوب من أساليب‬
‫ممارسة الوظيفة اإلدارية حيث أن كال النظامين ينتمي إلى جنس واحد هو كيفية ممارسة الوظيفة‪ ،‬فعدم‬
‫التركيز اإلداري واإلدارة المحلية تجمعهما خاصية مشتركة تتمثل في واقعة أن سلطة اتخاذ بعض‬
‫‪5‬‬
‫القرارات اإلدارية تصدر من يد السلطات المركزية وتمارس موقعيا‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ويمكن إجمال الفوارق بين نظامي عدم التركيز اإلداري واإلدارة المحلية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬يندرج أسلوب عدم التركيز اإلداري تحت مظلة المركزية اإلدارية‪ ،‬أما اإلدارة المحلية فهي‬
‫تندرج تحت مظلة الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .2‬ال يستلزم عدم التركيز اإلداري تعدد السلطات اإلدارية بل يقوم على توزيع اختصاصات الوظيفة‬
‫اإلدارية بين أعضاء سلطة إدارية واحدة بما يسمح بتخويل بعض أعضاء هذه السلطة اإلدارية‬
‫(ومنهم ممثلوها في األقاليم) الحق في البت النهائي في بعض القضايا اإلدارية بدون الرجوع إلى‬
‫الرئيس اإلداري األعلى‪ ،‬في حين أنه في نظام اإلدارة المحلية هناك تعدد للسلطات اإلدارية‪ ،‬حيث‬

‫‪ 1‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬البلديات والمحليات في ظل األدوار الجديدة للحكومة (القاهرة‪ :‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪،)2009 ،‬‬
‫ص‪.114.‬‬
‫‪ 2‬مصطفى الجندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20.‬‬
‫‪ 3‬عبد الرزاق الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21.‬‬
‫‪ 4‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.273.‬‬
‫‪ 5‬علي خطار شطناوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.109.‬‬
‫‪ 6‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.58.‬‬
‫‪15‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫يتم توزيع الوظائف بين الحكومة المركزية من جهة ومجالس محلية منتخبة وتتمتع عادة باستقالل‬
‫مالي وإداري من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ .3‬في حالة عدم التركيز اإلداري يتم اتخاذ القرارات اإلدارية وإبرام العقود اإلدارية باسم الدولة من‬
‫خالل موظفيها في األقاليم‪ ،‬في حين أن األمر يختلف في نظام اإلدارة المحلية إذ أن المجالس‬
‫المحلية ذاتها هي التي تتخذ القرارات وتبرم العقود باسمها ولحسابها‪.‬‬
‫‪ .4‬لإلدارة المحلية أهمية سياسية وبعد ديمقراطي‪ ،‬إذ أنها تترك أمر إدارة معظم المصالح المحلية‬
‫لممثلي المواطنين في األقاليم‪ ،‬إال أن عدم التركيز اإلداري ليس أكثر من مجرد تطبيق لقانون‬
‫"الفن اإلداري" من خالل تخفيف أعباء السلطة المركزية في العاصمة وتكليف موظفين تابعين لها‬
‫ويمثلونها في مختلف األقاليم للقيام بجزء من هذه األعباء‪.‬‬
‫‪ .5‬خضوع مجالس اإلدارة المحلية للوصاية اإلدارية أي رقابة وإشراف الحكومة المركزية‪ ،‬أما‬
‫موظفي األقاليم في ظل عدم التركيز اإلداري يخضعون للسلطة الرئاسية‪.‬‬
‫ثالثا التمييز بين نظام اإلدارة المحلية ونظام الالمركزية اإلدارية المرفقية‪:‬‬
‫هناك من يرى أن كال من نظامي اإلدارة المحلية والالمركزية اإلدارية المرفقية صورتان لنظام‬
‫الالمركزية اإلدارية إذ يتم توزيع الوظائف اإلدارية بين السلطة المركزية في العاصمة وبين هيئات محلية‬
‫أو مرفقية تمارس صالحيات واختصاصات باستقالل عن السلطة المركزية مع خضوع كال من الهيئات‬
‫المحلية المرفقية للرقابة اإلدارية من قبل السلطة المركزية‪ .‬إال أنه ال يجوز الجمع بين المصطلحين‬
‫‪1‬‬
‫كمترادفين‪ ،‬نظرا لتعدد الفوارق بينهما‪ ،‬ويمكن إجمال أهم الفوارق فيما يلي‪:‬‬
‫يمكن أن يتم قيام الالمركزية اإلدارية المرفقية في وحدات شاسعة ال تتوافر لسكان كل‬ ‫‪.1‬‬
‫منها عناصر التجانس ووحدة االنتماء في حين أنه يشترط لقيام اإلدارة المحلية أن تضم كل وحدة‬
‫من وحداتها األساسية مجتمعا متجانسا تجمع أفراده وحدة المصالح ووحدة االنتماء باإلضافة إلى‬
‫عنصر االنتخاب الذي يعد شرطا لقيامها وال يشترط توفره لقيام الالمركزية اإلدارية المرفقية‪.‬‬
‫إن الهيئات الالمركزية المرفقية (عادة ما تسمى بالمؤسسات العامة) تقوم بنشاط محدد‬ ‫‪.2‬‬
‫يتمثل في إدارة مرفق معين‪ ،‬في حين أن اإلدارة المحلية تمارس أنشطة مختلفة ومتنوعة في جزء‬
‫من إقليم الدولة‪.‬‬
‫تنشأ اإلدارة المحلية من حيث المبدأ العتبارات سياسية تتعلق بترسيخ النهج الديمقراطي‬ ‫‪.3‬‬
‫وتعزيز مشاركة المواطنين في الحكم على المستوى المحلي‪ ،‬أما الهيئات الالمركزية المرفقية تنشأ‬
‫العتبارات فنية تخصصية تستهدف بالمقام األول تقديم خدمات أفضل وبإنتاجية أكثر‪.‬‬
‫ال تخضع الهيئات الالمركزية المرفقية لنظام قانوني واحد‪ ،‬بل انه ينطبق على كل واحدة‬ ‫‪.4‬‬
‫منها أحكام القانون الخاص بها أو وفقا لطبيعة النشاط الذي تقوم به‪ ،‬إذ يختلف القانون الذي يحكم‬
‫الجامعات عن القانون الذي يحكم مؤسسة الضمان االجتماعي وغيرها‪ .‬في حين أن القانون الذي‬
‫‪2‬‬
‫يحكم اإلدارة المحلية ينطبق على جميع اإلدارات المحلية في الدولة‪.‬‬

‫‪ 1‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.274.‬‬


‫‪ 2‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43.‬‬
‫‪16‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عالقة اإلدارة المحلية بالحكومة المركزية (نظام الوصاية)‬


‫إن أسلوب الالمركزية اإلدارية اإلقليمية أصبح من أهم وأنجح أساليب التنظيم اإلداري للوحدات‬
‫اإلدارية في الدولة المعاصرة‪ ،‬مما أدى إلى اعتماده من قبل غالبية دول العالم سواء كانت تلك الدول‬
‫بسيطة أو مركبة‪ ،‬وبموجب هذا األسلوب يتم توزيع اختصاصات الوظيفة اإلدارية بين الحكومة المركزية‬
‫والمجالس المحلية المنتخبة في الوحدات اإلدارية اإلقليمية التابعة لها‪ ،‬على أن يكون أداء تلك‬
‫االختصاصات من قبل الحكومات المحلية ومجالسها المنتخبة تحت اشراف أو رقابة السلطة التنفيذية‬
‫التابعة للحكومة المركزية‪ ،‬أو تكون تلك الرقابة مفروضة من قبل البرلمان الوطني للدولة‪ ،‬وهذا النوع ن‬
‫‪1‬‬
‫الرقابة هو األفضل واألكثر فعالية ألنه يمارس من قبل ممثلي الشعب أي من قبل السلطة التشريعية‪.‬‬
‫إذن هناك عالقة بين اإلدارة المحلية واإلدارة المركزية وتتمثل في رقابة الحكومة المركزية على‬
‫الهيئات المحلية‪ ،‬أو ما يسمى بنظام الوصاية‪ ،‬أو الرقابة الوصائية‪ ،‬وتختلف هذه الرقابة في جوهرها عن‬
‫‪2‬‬
‫السلطة الرئاسية القائمة بين الرئيس والمرؤوس في ظل النظام المركزي‪.‬‬
‫وتختلف الرقابة المركزية على اإلدارة المحلية تبعا الختالف الدول وايديولوجياتها‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫‪3‬‬
‫يمكن تمييز اتجاهين عالميين في اشراف الحكومة المركزية على سلطاتها المحلية وهما‪:‬‬
‫‪ .1‬االتجاه الفرنسي‪ :‬ويستند هذا االتجاه الى األسلوب العام في تحديد اختصاصات المجالس المحلية‪،‬‬
‫اذ يعطي القانون المجالس المحلية اختصاصا مجمال يجعل مجلس المدينة مختصا بكل المرافق‬
‫المحلية‪ ،‬وله الحق أن يصدر قراراته فيما يشاء من شؤون وحدته المحلية‪ ،‬على أنه ال سبيل الى‬
‫نفاذ أكثر هذه القرارات اال إذا صادقت عليها السلطة المركزية‪ ،‬وتمتد هذه الوصاية الى‬
‫األشخاص الذين تتألف منهم المجالس المحلية‪ ،‬اذ يحق للسلطة المركزية الوقت والعزل واالقالة‬
‫وكذلك الحل في نهاية المطاف‪.‬‬
‫‪ .2‬االتجاه اإلنجليزي‪ :‬يحدد هذا االتجاه مراتب الوحدات المحلية‪ ،‬ويعطي لكل مرتبة االختصاصات‬
‫التي تتفق مع مستوى العمران وعدد السكان والموارد المالية‪ ،‬ثم يعطي كل مرتبة من هذه‬
‫المراتب اختصاصات معينة على سبيل الحصر ال تتعداها الى سواها‪ ،‬وعليه فانه في نطاق هذه‬
‫االختصاصات تكون أغلب قراراتها نافذة بغير حاجة الى مصادقة السلطة المركزية‪ ،‬وبالتالي فان‬
‫اشراف الحكومة المركزية على السلطات المحلية ينحصر في أمرين هما‪:‬‬
‫‪ -‬التأكد من عدم تجاوز أو مخالفة المجالس المحلية اختصاصها القانوني‪ ،‬وفي حالة اإلصرار‬
‫على المخالفة تتخذ اإلجراءات إللزامها على احترام القانون عن طريق القضاء‪.‬‬
‫التحقق من وصول الهيئات المحلية الى مستوى معين من الكفاية في انجاز األعمال الموكلة‬ ‫‪-‬‬
‫اليها‪ ،‬فقد ال تخالف هذه المجالس القانون ولكنها قد تهمل إنجاز اختصاصها أو ينخفض‬
‫مستوى أداءه في نشاطها اليومي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن أجهزة اإلدارة المحلية تتمتع بقدر متميز من االستقالل‪ ،‬إال أن ارتباطها مع‬
‫األجهزة المركزية يعتبر ركنا هاما من اركان نظام اإلدارة المحلية‪ .‬فهي تعتمد في كثير من األحيان على‬
‫اإلعانات والمنح ال تي تقدمها اإلدارة المركزية للقيام ببرامج معينة‪ ،‬أو لسد التقص أو عجز في مواردها‬

‫‪ 1‬إسماعيل جابوربي‪ " ،‬اختصاصات الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي في المحافظة على السكينة العمومية كأحد أهداف الضبط اإلداري في‬
‫الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 17‬جوان ‪ ،)2017‬ص‪.147 .‬‬
‫‪ 2‬حمادو سليمة‪ " ،‬اصالح الجماعات المحلية في الجزائر كخيار استراتيجي" (مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ ،3‬ديسمبر ‪ ،)2012‬ص‪.26 .‬‬
‫‪ 3‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬التنمية المحلية ممارسات وفاعلون‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،)2015 ،‬ص‪.77 .‬‬
‫‪17‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫المالية المحلية‪ ،‬كما أنه كثيرا ما تعهد الحكومة المركزية الى الهيئات المحلية بخدمات ومهام معينة نيابة‬
‫عنها‪ .‬اذن فالجانب األهم في عالقة اإلدارة المحلية بالحكومة المركزية يتعلق برقابة السلطات المركزية‬
‫على هذه األجهزة‪ ،‬وتتفاوت هذه الرقابة من بلد الى اخر‪ ،‬فقد تكون هذه الرقابة تفصيلية تصل الى حد ان‬
‫تحل األجهزة المركزية محل السلطات المحلية في بعض التصرفات أو أن تقوم بإلغاء تصرفات قامت بها‬
‫السلطات المحلية‪ ،‬بحيث يصبح تدخل السلطات المركزية مخال باالستقالل المفترض لألجهزة المحلية‬
‫والمثال عن ذلك النمط الفرنسي والمصري للرقابة على األجهزة المحلية‪ .‬كما قد تكون الرقابة مرنة‬
‫وعامة تؤكد استقاللية األجهزة المحلية وتعزز حريتها في التصرف كما في النمط اإلنجليزي للرقابة على‬
‫‪1‬‬
‫وحدات اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن مظاهر الرقابة المبسوطة على الجماعات المحلية نذكر‪:‬‬
‫‪ .1‬الرقابة على الهيئات ذاتها‪ :‬إن ذات القانون المنشئ لوحدات اإلدارة المحلية يخول السلطات‬
‫المركزية سلطة ايقاف (أي إيقاف وتعطيل نشاط وسير أعمال مجلس أو هيئة معينة مؤقتا أو طيلة‬
‫فترة محددة العتبارات معينة تستند الى مبدأ المشروعية أو مبدأ المالئمة)‪ ،‬كما تقوم اإلدارة‬
‫المركزية بحل وإزالة هذه الوحدات دون المساس بوجود الشخصية المعنوية لتلك اإلدارة‪.‬‬
‫‪ .2‬الرقابة على األشخاص‪ :‬تمارس السلطة الوصية رقابتها على األشخاص المعينين والمنتخبين‬
‫بالوحدات المحلية‪ ،‬حيث يمكنها توقيف العضو بهيئات اإلدارة المحلية لمدة محددة عن ممارسة‬
‫مهامه‪ ،‬اقالته ألسباب عملية (كتولي العضو لمهام إدارية في جهة أخرى)‪ ،‬عزله أو طرده أو‬
‫فصله بسبب ادانته الرتكاب أعمال مخالفة للقانون‪.‬‬
‫‪ .3‬الرقابة على األعمال‪ :‬وهي نوعان‪:‬‬
‫أ‪ .‬رقابة سابقة (سلطة التوجيه)‪ :‬إن األصل هو استقالل الهيئات المحلية فهي التي تعمل‬
‫وتتصرف‪ ،‬وعليه يجب استبعاد كل مظاهر الرقابة السابقة أو القبلية ألن في ذلك مساس‬
‫باستقالل الوحدات المحلية نظرا لتمتعها بالشخصية المعنوية وما يترتب عنها من مسؤولية‬
‫قانونية عن أعمالها وتصرفاتها‪.‬‬
‫ب‪ .‬رقابة الحقة (سلطة التعقيب)‪ :‬إن إقرار مبدأ مسؤولية الهيئات المحلية عن أعمالها يقتضي‬
‫استبعاد كل رقابة أو وصاية تتنافى مع ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬بالنسبة لسلطة التعديل فإنه ال تحول سلطة الوصاية تعديل تصرفات وقرارات الهيئات‬
‫الالمركزية ألن ذلك يمس باستقاللها‪ .‬وبالتالي فليس للسلطة الوصية إال أن توافق (تصادق)‬
‫أو ترفض (تلغي) أعمال اإلدارة الالمركزية دون ادخال أي تغييرات عليها بتعديلها أو‬
‫استبدالها‪.‬‬
‫‪ .2‬بالنسبة للتصديق أو اإللغاء‪ :‬تعني اجبارية اطالع السلطة الوصية على قرارات ومداوالت‬
‫وتصرفات اإلدارة المحلية وذلك قبل تنفيذها‪ ،‬بهدف مراقبة مدى مشروعيتها ومالئمتها‪،‬‬
‫وبالتالي التصديق عليها أو الغائها وفقا لإلجراءات التي يحددها القانون ضمانا الستقالل‬
‫اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وتهدف السلطة المركزية من وراء مراقبتها لإلدارة المحلية تحقيق الغايات التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬حمادو سليمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.28 .‬‬
‫‪ 3‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.78 .‬‬
‫‪18‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .1‬ضمان اتساق سياسة الوحدات المحلية مع السياسة العامة للدولة‪.‬‬


‫‪ .2‬ضمان بقاء الدولة كيانا إداريا وسياسيا موحدا‪ ،‬فعدم وضع قيود على استقالل اإلدارة المحلية‬
‫وجعله استقالال مطلقا يشكل اخالال بوحدة الدولة ويهددها بالتجزئة والتفكك‪.‬‬
‫‪ .3‬ضمان تحقيق مستوى مناسب من األداء للهيئات المحلية‪.‬‬
‫‪ .4‬تحقيق درجة عالية من التكامل واالنسجام في إدارة برامج التنمية المختلفة على المستوى المحلي‬
‫والوطني‪.‬‬
‫‪ .5‬حماية السكان من التعسف الذي قد ينجم عن سوء أداء السلطة اإلدارية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ .6‬اكتشاف نقاط الضعف والقوة في نظام اإلدارة المحلية‪ ،‬والعمل على تالفي األخطاء والحث على‬
‫اإليجابيات‪ ،‬مما يساعد في تطوير هذا النظام وتحسينه‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المقومات األساسية لإلدارة المحلية واألسباب الداعية لألخذ بها‬
‫في هذا المطلب سنتناول فيه المقومات األساسية لإلدارة المحلية في الفرع األول‪ ،‬وكذا األسباب‬
‫الداعية لألخذ بها في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المقومات األساسية لإلدارة المحلية‬
‫إنه وعلى الرغم من أ ن دول العالم تختلف في صور وأشكال تطبيقات نظم اإلدارة المحلية إال أنها‬
‫تتفق على أنها تقوم على ضرورة توافر العناصر األساسية التالية‪:‬‬
‫أوال وجود وحدات إدارية مستقلة تمثل مصالح محلية متميزة عن المصالح القومية‪:‬‬
‫إن نظام اإلدارة المحلية يتركز بالدرجة األولى على وجود وحدات إدارية تتمتع بالشخصية المعنوية‬
‫ضمن نطاق جغرافي معين من أقاليم الدولة‪ ،‬حيث تكون هذه الوحدات مستقلة عن أشخاص منشئيها‪،‬‬
‫وممثليها وأن إبرازها بهذا الشكل القانوني الموحد هو بمثابة حل لإلشكاالت الناجمة عن قيامها بنشاطاتها‪،‬‬
‫واعتبرت تلك النشاطات‪ ،‬وكأنها صادرة عن هذا الشخص الذي اعتبر أهال لاللتزام‪ ،‬وله القدرة على‬
‫مباشرة التصرفات القانونية بما تمنحه من حقوق وما تفرضه من التزامات‪ ،‬كما يتبع هذا األمر ذمة مالية‬
‫مستقلة لألشخاص المعنوية (كالمحافظات والبلديات)‪ ،‬بما يسمح لها للقيام باختصاصاتها‪1.‬‬

‫وتنظيم الوحدات المحلية في الدولة يقوم عن طريق تقسيم أقاليمها إلى تقسيمات فرعية مختلفة‪ ،‬حيث‬
‫يخضع هذا التقسيم العتبارات متعددة كالتضاريس الجغرافية‪ ،‬الموارد المالية‪ ،‬االقتصاد ومساحة الوحدة‪،‬‬
‫عدد السكان‪ ،‬االعتبارات االجتماعية والدينية والقومية‪2 .‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أنه إلى جانب الحاجات القومية العامة التي تهم جميع المواطنين في الدولة كحاجات‬
‫األمن‪ ،‬والدفاع والقضاء وغيرها‪ ،‬وبما أن اإلدارة المحلية تتمتع بالشخصية المعنوية فان هناك حاجات‬
‫محلية تهم سكان األقاليم‪ ،‬وقد تكون هذه الحاجات مادية مثل السكن والنقل والمواصالت والكهرباء‬
‫والمياه‪ ،‬كما أنها قد تكون حاجات معنوية كالصحة والتعليم إذ تقتضي المصلحة العامة ترك أمر إدارة هذه‬

‫‪ 1‬سناء قاسم محمد حسيبا‪" ،‬واقع واستراتيجيات تطوير اإلدارة المحلية في األراضي الفلسطينية" (مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية في نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،)2006 ،‬ص‪.34.‬‬
‫‪ 2‬عبد الرزاق الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.44.‬‬
‫‪19‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫الحاجات لمن يستفيد منها وأن تتولى الحكومة المركزية رسم السياسات العامة وإدارة الحاجات الوطنية‬
‫التي تهم الدولة بكاملها‪1.‬‬

‫فيجب أن يكون لها مصالح محلية خاصة بها تميزها عن اإلدارة المركزية‪ ،‬إذ أن هناك مسائال ال تهم‬
‫جميع المواطنين في الدولة‪ ،‬بقدر ما تهم قسما منهم من جهة معينة وذلك نتيجة لترابط المصالح االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬فالمرافق القومية العامة هي تلك التي يعم نفعها جميع المواطنين في الدولة على حد السواء‪،‬‬
‫أما المرافق المحلية فهي التي تعود أهميتها على مواطني جهة محلية معينة أكثر من غيرهم‪ .‬والمالحظ أنه‬
‫ال يمكن وضع معيارا للتمييز بين كل من المرافق القومية والمرافق المحلية‪ ،‬نظرا لمرونة المصالح‬
‫القومية والمحلية إلى حد كبير حيث تتأثر بالظروف المحيطة بها‪2 .‬‬

‫ثانيا قيام مجالس محلية منتخبة إلدارة المصالح المحلية‪:‬‬


‫بعد تقسيم أرض الدولة إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية المعنوية التي تكسبها أهلية االلتزام‬
‫وتؤهلها لممارسة الحقوق وااللتزام بالواجبات وكذا االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح‬
‫ال قومية خلقت من أجل الدفاع عنها‪ ،‬إن كل ذلك ال يكفي لقيام األشخاص المعنويون بإدارة شؤونها والتي‬
‫اعترف بها المشرع‪ ،‬فباعتبارها كائنا معنويا ال يستطيع التنفيذ والتعبير عن إرادته‪ ،‬فكان ال بد من‬
‫تشخيص إرادة تلك الوحدات من طرف من بإمكانه التعبير عنها ويمثل مصالحها أال وهو اإلنسان‬
‫الطبيعي‪3 .‬‬

‫وتمتع الهيئات المحلية بالشخصية المعنوية يترتب عليه أن يكون لها استقالل إداري واستقالل مالي‬
‫في عالقتها بالسلطة المركزية‪ .‬إذ أن االستقالل اإلداري يعني قدرة الهيئة المحلية على اتخاذ القرارات‬
‫اإلدارية التي تعود بالنفع على مواطنيها على نحو مستقل عن الحكومة المركزية‪ ،‬إال في حدود اإلشراف‬
‫والرقابة (الوصاية اإلدارية)‪ ،‬في حين أن االستقالل المالي فيعني االعتراف لهذه الهيئات بالقدرة على‬
‫تحصيل مواردها المالية المحلية إلى جانب الموارد التي تحصل عليها من السلطة المركزية‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى فإن ا الستقالل المالي يعني حرية الهيئات المحلية في إدارة أموالها على النحو الذي يحقق مصلحة‬
‫السكان المحليين‪4.‬‬

‫وجوهر اإلدارة المحلية هو أن يعهد إلى أبناء الوحدة اإلدارية إشباع حاجاتهم المحلية بأنفسهم‪ ،‬إذ ال‬
‫يكفي أن يعترف المشرع بوجود مصالح متميزة‪ ،‬بل يجب أن يشرف على هذه المصالح المحلية من يهمهم‬
‫األمر بأنفسهم‪ .‬ونظرا الستحالة قيام جميع أبناء األقاليم بهذه المهمة بأنفسهم مباشرة‪ ،‬وبالتالي فان االنتخاب‬
‫هو الطريقة األساسية والتي من خاللها يتم تكوين المجالس المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام‬
‫اإلقليمي‪5 .‬‬

‫إذ أن نظام اإلدارة المحلية ال يسعى فقط إلى تحقيق أهداف إدارية وتقديم الخدمات للمواطنين بصورة‬
‫جيدة فحسب ولكنه يهدف في نفس الوقت إلى تحقيق أهداف سياسية تتمثل في ترسيخ النهج الديمقراطي‬
‫والسماح للمواطنين بانتخاب ممثليهم على المستوى المحلي‪6 .‬‬

‫‪ 1‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.46.‬‬


‫‪ 2‬سناء قاسم محمد حسيبا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.35.‬‬
‫‪ 3‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.288.‬‬
‫‪ 4‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50.‬‬
‫‪ 5‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.117.‬‬
‫‪ 6‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.51.‬‬
‫‪20‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫كما أن منطق ومفهوم الديمقراطية المحلية يقتضي أن يتولى إدارة الشؤون المحلية هيئات محلية خاصة‬
‫على عالقة بسكان الوحدة المحلية‪ ،‬حيث أن تولي موظفي السلطات المركزية في األقاليم إدارة هذه‬
‫الشؤون المحلية يخل بمنطق وفكر وفلسفة اإلدارة المحلية ويخرجها من مضمونها ومحتواها‪1 .‬‬

‫وقد ثار خالف بين الفقهاء عندما اشترط بعضهم أن تكون المجالس المحلية معينة من قبل السلطة‬
‫المركزية‪ ،‬وبالتالي انقسمت اآلراء فهناك من يرى أن االنتخاب ليس شرطا أساسيا في تكوين المجالس‬
‫المحلية وإنما يصبح تكوين تلك المجالس بطريقة االنتخاب أو التعيين أو كليهما معا‪2 .‬‬

‫فالمؤيدون لطريقة االنتخاب المباشر يرون أنها طريقة تحقق الديمقراطية‪ ،‬وتكسب السكان المحليين‬
‫خبرة في العمل الديمقراطي والسياسي وتتضمن االستقاللية للهيئات المحلية‪ ،‬ويعتبرون أن طريقة التعيين‬
‫تجعل والء األعضاء للسلطة المركزية التي عينتهم مما يخل باستقالل اإلدارة المحلية‪ ،‬أما أنصار طريقة‬
‫التعيين فيرون أن االنتخاب ال يفرز بالضرورة أكفأ األشخاص رغم شعبيتهم‪ ،‬في حين أن التعيين يضمن‬
‫وجود أشخاص ذوي خبرة وكفاءة‪ ،‬وهناك رأي توفيقي والذي يعتبر أن الجمع بين االنتخاب والتعيين‬
‫لضمان توفير عناصر كفؤة وفي نفس الوقت تتحقق الديمقراطية بانتخاب السكان لممثليهم‪3 .‬‬

‫إال أن طريقة االنتخاب كطريقة ديمقراطية تبقى من أهم الوسائل التي تدعم استقالل الوحدات‬
‫الالمركزية اإلدارية في مختلف الدول واألنظمة‪.‬‬
‫ثالثا خضوع الجماعات المحلية فيما تباشره من اختصاصات لرقابة السلطة المركزية‪:‬‬
‫تشكل الرقابة على الهيئات المحلية ركنا من أركان اإلدارة المحلية ال تقوم دون تحقيقها إذ أن‬
‫االستقالل الذي تتمتع به الهيئات المحلية ليس استقالال مطلقا وإال أصبحت الوحدة المحلية دولة داخل‬
‫دولة‪ ،‬بل يبقى للسلطة المركزية الحق في الرقابة واإلشراف على هذه الهيئات لضمان الوحدة السياسية‬
‫العامة للدولة وكذا التأكد من أن الخدمات المختلفة تؤدى لسكان الوحدة المحلية بكفاءة ومساواة‪ .‬وعادة ما‬
‫تأخذ هذه الرقابة شكل المساندة والمشاركة وتقديم النصح واإلرشاد‪ ،‬وهو ما يطلق عليه الفقه اإلداري "‬
‫الوصاية اإلدارية "‪4 .‬‬

‫و المالحظ أن الرقابة تختلف من دولة ألخرى تبعا الختالف أنظمتها السياسية وأحوالها وظروفها‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬فان كانت الرقابة التي تمارسها الحكومة المركزية شديدة اتجاه أعمال وأشخاص‬
‫اإلدارات المحلية سميت "بالوصاية اإلدارية "إال أن بعض الفقهاء يرون أنه من األفضل استبدال هذا‬
‫المصطلح بـ " الرقابة اإلدارية " ألنها أقرب الى المعنى المقصود‪ ،‬إذ أن الهيئات المحلية ليست أشخاصا‬
‫ناقصة األهلية تمثلها الحكومة المركزية التي تراقبها‪ ،‬بل إن الهيئات المحلية لها كامل األهلية في مباشرة‬
‫تصرفاتها القانونية الموكلة لها‪ ،‬كما أن الغرض من الرقابة اإلدارية قد يكون تحقيق المصلحة العامة‬
‫للسلطة المركزية نفسها ومنع الهيئات المحلية من االعتداء عليها أي قد يكون الهدف منها حماية الهيئة‬
‫المركزية التي تتولى الرقابة‪5 .‬‬

‫وعلى الرغم من تعدد التعريفات التي قيل بها للتعبير عن الرقابة على الهيئات المحلية‪ ،‬إال أن معظمها‬
‫تدور حول مفهوم واحد يتمثل في كونها " مجموعة السلطات التي يقررها القانون للسلطة المركزية‬
‫لتمكينها من اإلشراف على نشاط الهيئات الالمركزية وأعمالها حماية للمصلحة العامة"‪6 .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األسباب الداعية لألخذ بنظام اإلدارة المحلية‬


‫‪ 1‬علي خطار شطناوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.102.‬‬
‫‪ 2‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.117.‬‬
‫‪ 3‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.53.‬‬
‫‪ 4‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.53.‬‬
‫‪ 5‬عبد الرزاق الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.141.‬‬
‫‪ 6‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.53.‬‬
‫‪21‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫هناك العديد من األسباب التي حفزت الدول المختلفة لألخذ بنظام اإلدارة المحلية‪ ،‬منها ما هي سياسية‬
‫واقتصادية ومنها ماهي اجتماعية وإدارية‪ ،‬ويمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫أوال األسباب السياسية‪:‬‬
‫إن األسباب السياسية التي تبرر قيام اإلدارة المحلية متعددة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ .1‬إن نظام اإلدارة المحلية هو تطبيق لمبدأ الديمقراطية إذ أنه يرمي إلى إشراك الشعب في شؤونه‬
‫المشتركة‪ .‬كما أن الشعب يحكم نفسه بنفسه من ناحية ويدير شؤون نفسه بنفسه من ناحية أخرى‪1.‬‬

‫‪ .2‬تقوية البناء االجتماعي والسياسي واالقتصادي للدولة‪ ،‬وذلك من خالل توزيع االختصاصات بدل‬
‫تركيزها في العاصمة ويظهر أثر ذلك في مواجهة األزمات والمصاعب التي تعترض الدولة‬
‫سواء من الخارج أو من الداخل‪ ،‬والتي قد تضعف البناء التنظيمي المركزي للدولة‪ ،‬وعندها تبقى‬
‫الوحدات المحلية قادرة على الوقوف على قدميها والقيام بواجباتها ومسؤولياتها دون شعورها‬
‫بالحاجة أو االعتماد المطلق على اإلدارة المركزية‪2 .‬‬

‫وبالتالي ظهرت الحاجة لإلدارة المحلية على أساس أنه في حالة تعرض عاصمة الدولة للدمار ال‬
‫يصاب الجهاز اإلداري في الدولة بالشلل الكلي‪ ،‬بل تبقى الوحدات المحلية وسلطاتها تقوم بواجباتها العادية‬
‫للمواطنين في األقاليم المختلفة للدولة‪3.‬‬

‫‪ .3‬التدريب على أساليب الحكم‪ :‬إن نظام اإلدارة المحلية يساعد المواطنين على تدريبهم تدريبا‬
‫سياسيا صالحا وعلى أساليب الحياة النيابية من خالل المجالس المحلية المنتخبة من السكان‬
‫المحليين‪ ،‬وحسب رأي الكثير فان هذه المجالس النيابية تعتبر خير مدرسة لتخريج أفضل وأكفأ‬
‫أعضاء المجالس النيابية وكبار موظفي الدولة‪ ،‬كما ينمي لديهم الشعور بالدور الذي يؤدونه في‬
‫أداء مرافقهم المحلية‪ ،‬مما يرفع من كرامتهم ويزيد إشعارهم بحقوقهم الوطنية وتكاليفهم القومية‪4.‬‬

‫‪ .4‬تساهم اإلدارة المحلية في إزالة عوامل الشك والريبة من أذهان األفراد اتجاه الحكومات‪ ،‬إذ أن‬
‫األشخاص الذين يتولون إدارة الشؤون المحلية هم من أبناء الوحدة المحلية نفسها كما أنهم‬
‫منتخبون من قبل المواطنين أنفسهم وبالتالي فان قدراتهم وتصرفاتهم عادة ما تلقى القبول من‬
‫المواطنين‪5.‬‬

‫‪ .5‬إن إشراك المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية من خالل تمكينهم من اختيار ممثليهم في المجالس‬
‫المحلية ينمي لديهم الشعور بتحمل المسؤولية‪ .‬كما يؤدي ذلك إلى تربيتهم تربية سياسية وتدريبهم‬
‫على ممارسة العملية الديمقراطية وانتخاب ممثليهم في البرلمان‪.‬‬
‫‪ .6‬ترسيخ مفهوم الرقابة الشعبية ‪ :‬ففي الوحدة المحلية يمارس السكان الرقابة على المجلس المحلي‬
‫للتأكد من قيام األعضاء بأعمالهم بكفاءة وفعالية‪ ،‬وتختلف صور هذه الرقابة باختالف نظم اإلدارة‬
‫المحلية المطبقة في الدول‪ ،‬إذ أنه في أمريكا وايطاليا يحق لسكان الوحدة المحلية قبول أو رفض‬
‫بعض قرارات المجلس المحلي قبل تنفيذها مثل عقد القروض‪ ،‬أما في فرنسا فانه يحق لسكان‬
‫الوحدة المحلية تعديل حدود المنطقة المحلية‪ ،‬وفي أمريكا كذلك فانه يحق لهؤالء السكان عزل‬

‫‪ 1‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.276.‬‬


‫‪ 2‬محمد محمود الطعامنة‪ ،‬المرجع السابق‬
‫‪ 3‬مصطفى الجندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.110.‬‬
‫‪ 4‬عبد الرزاق الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22.‬‬
‫‪ 5‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61.‬‬
‫‪22‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫األعضاء إذا ما ثبت لهم عدم قدرتهم على األداء الجيد أو فسادهم‪ ،‬وفي األردن يسمح لهؤالء‬
‫السكان بحضور اجتماعات المجلس المحلي مما يعزز الشفافية والوضوح في عملها‪1.‬‬

‫ثانيا األسباب االقتصادية‪:‬‬


‫وتتمثل األسباب االقتصادية الداعية لقيام نظام اإلدارة المحلية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬ضمان توزيع األعباء المالية‪ :‬إذ أن قيام اإلدارة المركزية بإدارة جميع المرافق العامة من قومية‬
‫ومحلية يتعارض مع عدالة توزيع األعباء المالية‪ ،‬مما يغبن دافعي الضريبة‪ ،‬حيث أن الجانب‬
‫المخصص من ميزانية الدولة لمرافق الوحدات المحلية يكون توزيعه بمشيئة الحكومة المركزية ال‬
‫بمشيئة أهالي هذه الوحدات‪ .‬إال أن الحال يختلف في نظام اإلدارة المحلية حيث يتم صرف ما‬
‫فرض من ضرائب في المرافق المحلية بالذات هذا باإلضافة إلى الضرائب المركزية لمواجهة‬
‫المرافق القومية والتي تتم تأديتها لخزانة الدولة‪2.‬‬

‫‪ .2‬ازدياد وظائف الدولة‪ :‬نظرا التساع وظائف الدولة وتدخلها في العديد من الميادين تحقيقا‬
‫لألهداف االجتماعية واالقتصادية ولرخاء ورفاهية المواطنين‪ ،‬أصبح من العسير عليها النهوض‬
‫و حدها باألعباء الجديدة الملقاة على عاتقها‪ ،‬ومن هنا ظهرت فكرة هيئات محلية لتتولى بعض تلك‬
‫الوظائف في نطاق الوحدات الجغرافية مما يخفف من مهام الدولة‪ .‬كما ظهرت فكرة تقسيم العمل‬
‫إذ أن هناك خدمات قومية تقوم بها الحكومة المركزية وخدمات محلية تتوالها اإلدارة المحلية‪3.‬‬

‫‪ .3‬القيام بمشروعات اقتصادية تنطلق من واقع المجتمعات المحلية‪ ،‬حيث تعمل على تنمية واستغالل‬
‫ما يتوفر لها من موارد طبيعية‪ ،‬وبالتالي فهي تعمل على تنمية وتقدم المجتمعات المحلية‪ ،‬وكذا‬
‫ترسيخ مفهوم التنمية المحلية لديها‪4.‬‬

‫ثالثا األسباب االجتماعية‪:‬‬


‫يمكن إيجاز األسباب االجتماعية الداعية لألخذ بنظام اإلدارة المحلية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أهمية نظام اإلدارة المحلية على اعتبار أنه وسيلة لعالج ظاهرة التخلف بين القرية والمدينة‬
‫وبصفة خاصة في الدول النامية من أجل تطوير وتحديث القرية حتى يمكن االرتفاع بمستوى‬
‫الخدمات في القرية وكذا تحقيق عدالة توزيع الموارد المالية بين الريف والحضر فال تستفيد‬
‫‪5‬‬
‫المدينة على حساب القرية‪.‬‬
‫‪ .2‬يساعد نظام اإلدارة المحلية على تطبيق مبدأ المشاركة االجتماعية للسكان المحليين كقاعدة‬
‫للديمقراطية‪ .‬كما أنها تؤدي إلى االستغالل األمثل للطاقات الفكرية والثقافية والفنية واإلبداعية‬
‫‪6‬‬
‫لدى السكان المحليين وتوظيفها للصالح العام محليا‪.‬‬
‫‪ .3‬تساهم اإلدارة المحلية في خلق الشعور لدى المواطنين بعدالة الضرائب التي تفرض عليهم‬
‫لمعرفتهم بأن حصيلتها سيتم دفعها إلنشاء مشاريع محلية يتم االستفادة منها بصورة مباشرة‪ ،‬كما‬

‫‪ 1‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21.‬‬


‫‪ 2‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.276.‬‬
‫‪ 3‬عبد الرزاق الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21.‬‬
‫‪ 4‬سناء قاسم محمد حسيبا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33.‬‬
‫‪ 5‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.277.‬‬
‫‪ 6‬سناء قاسم محمد حسيبا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33.‬‬
‫‪23‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أنها تساهم في خلق الشعور بوجود نوع من العدالة االجتماعية‪ ،‬إذ يكون للمواطنين نفس القدر‬
‫‪1‬‬
‫تقريبا من المزايا والخدمات في مختلف أرجاء الدولة‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلدارة المحلية هي أكثر إدراكا للحاجات المحلية‪ :‬إذ أن نظام اإلدارة المحلية يحاول إشراك أكبر‬
‫عدد ممكن من السكان المحليين في إدارة وتنظيم شؤونهم المحلية‪ ،‬فموظفي اإلدارة المحلية هم‬
‫أكثر تفهما للحاجات والرغبات وكذا المشاكل المحلية من موظفي اإلدارة المركزية الذين ال تتوافر‬
‫‪2‬‬
‫في الكثير منهم الدراية والتحسس الكافيين بحاجة المواطنين ورغباتهم‪.‬‬
‫رابعا األسباب اإلدارية‪:‬‬
‫وتتمثل األسباب اإلدارية التي تبرر قيام نظام اإلدارة المحلية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬التفاوت بين أجزاء إقليم الدولة الواحدة‪ :‬أي أنه مهما كانت أقاليم الدولة متماثلة في مسألة معينة أو‬
‫مجموعة مسائل إال أنها تختلف في مسائل عديدة أخرى كالناحية الجغرافية فهناك المناطق‬
‫الساحلية‪ ،‬وهناك المناطق القريبة من العاصمة والبعيدة عنها‪ ،‬كما أنها تختلف من حيث التعداد‬
‫السكاني (مدن مكتظة بالسكان وأخرى قليلة السكان) وهناك مناطق سياحية وأخرى ال تزخر‬
‫بذلك‪ .‬وبالتالي التفاوت الطبيعي بين الوحدات اإلدارية المحلية المختلفة يستدعي االستعانة بإدارة‬
‫محلية لتسيير شؤون اإلقليم‪ ،‬إذ ال يمكن أن نتصور تسيير كل المناطق على اختالف عواملها‬
‫‪3‬‬
‫وإمكاناتها وموقعها ومشاكلها بجهاز مركزي واحد مقره في العاصمة‪.‬‬
‫‪ .2‬القضاء على البيروقراطية التي تتصف بها اإلدارة الحكومية‪ .‬إذ تنتقل صالحية تقديم الخدمات‬
‫المحلية إلى هيئات وأشخاص يدركون طبيعة الحاجات المحلية ويستجيبون لها بدون أية عوائق أو‬
‫‪4‬‬
‫روتين وعن طريق رقابة وإشراف المستفيدين من تلك الخدمات‪.‬‬
‫‪ .3‬إفساح المجال لتجربة النظم اإلدارية على النطاق المحلي وكذا إعطاء الفرصة من أجل اإلبداع‬
‫‪5‬‬
‫الشعبي في هذا المجال ومن ثم االنتفاع بما تثبت صالحيته من األساليب اإلدارية والعمل بها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اإلدارة المحلية في القانون اإلداري الجزائري‬
‫تقوم اإلدارة الالمركزية اإلقليمية أو ما يطلق عليها أيضا باإلدارة المحلية أو المجموعات المحلية في‬
‫الجزائر على وحدتين إداريتين أساسيتين هما‪ :‬البلدية والوالية‪ ،‬وهما ما سيتم التعرض إليهما في هذا‬
‫الم طلب من خالل التنظيم البلدي بالجزائر في الفرع األول والتنظيم الوالئي الجزائري في الفرع الثاني‪،‬‬
‫أما الفرع الثالث سيخصص للرقابة على اإلدارة المحلية الجزائرية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التنظيم البلدي بالجزائر‬
‫تعتبر البلدية الخلية األساسية في هرم الدولة الجزائرية ولكونها تشكل قاعدة المجتمع‪ .‬وعليه سيتم‬
‫تناول كل من تعريف البلدية‪ ،‬لمحة تاريخية عنها‪ ،‬وكذا هيئات تسيير البلدية في ظل قانوني البلدية‬
‫(‪ )08/90‬و (‪.)10/11‬‬

‫‪1‬محمد علي الخاليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63.‬‬


‫‪ 2‬عبد الرزاق الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22.‬‬
‫‪ 3‬عمار بوضياف‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬ط‪( 2‬الجزائر‪ :‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،)2007 ،‬ص‪.223.‬‬
‫‪ 4‬محمد محمود الطعامنة‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 5‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.278.‬‬
‫‪24‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال تعريف البلدية‪:‬‬


‫لقد عرف المشرع الجزائري بموجب المادة األولى من القانون رقم (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل‬
‫‪ 1990‬البلدية على أنها " الجماعة اإلقليمية األساسية‪ ،‬وتتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‬
‫وتحدث بموجب قانون‪ ،‬ولها إقليم واسم ومركز ويديرها مجلس منتخب هو المجلس الشعبي البلدي وهيئة‬
‫‪1‬‬
‫تنفيذية‪".‬‬
‫كما تعرف البلدية الجزائرية على أنها‪ :‬جماعة إقليمية ال مركزية‪ ،‬كما أنها الخلية األساسية في تنظيم‬
‫‪2‬‬
‫البالد وهي الجماعة االقليمية القاعدية للدولة مزودة بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪.‬‬
‫إن تغيير اسم البلدية أو تعيين مقرها أو تحويله يتم بموجب مرسوم يتخذ بناءا على قرار من وزير‬
‫الداخلية وبعد استطالع رأي الوالي‪ ،‬وباقتراح من المجلس الشعبي البلدي يشعر المجلس الشعبي الوالئي‬
‫‪3‬‬
‫بهذا االقتراح‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى ضم أو فصل بلدية أو عدة بلديات عن بلدية واحدة فان ذلك يتم بناءا على قرار من‬
‫وزير الداخلية باإلجماع مع والي الوالية والمجالس الشعبية البلدية‪ .‬وتحول حقوق والتزامات البلديات‬
‫المنضمة إل البلدية التي ضمت إليها‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة للبلديات المنفصلة فان لكل بلدية حقوق‬
‫‪4‬‬
‫والتزامات خاصة بها‪.‬‬
‫ثانيا لمحة تاريخية عن البلدية‪:‬‬
‫يمكن أن نميز مرحلتين أساسيتين كانت قد مرت بهما البلدية الجزائرية وهما‪:‬‬
‫‪ .1‬مرحلة االستعمار‪ :‬أقام االحتالل الفرنسي منذ ‪ 1844‬على المستوى المحلي هيئات إدارية عرفت‬
‫بالمكاتب العربية‪ ،‬تم تسييرها من طرف ضباط االستعمار بهدف تمويل الجيش الفرنسي والسيطرة على‬
‫مقاومة الجماهير‪ .‬وبعد االستتباب النسبي للوضع بالجزائر قامت السلطات االستعمارية بتكييف ومالئمة‬
‫التنظيم البلدي تبعا لألوضاع والمناطق‪ .‬وهكذا ومنذ ‪ 1868‬أصبح التنظيم البلدي بالجزائر يتميز بوجود‬
‫‪5‬‬
‫ثالثة أصناف من البلديات وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬البلديات األهلية‪ :‬ووجد هذا النوع في الجنوب (الصحراء)‪ ،‬وفي بعض المناطق الصعبة‬
‫والنائية في الشمال الى غاية ‪ ،1880‬وقد تميزت إدارة هذه البلديات بالطابع العسكري‪ ،‬حيث‬
‫تولى تسييرها رجال الجيش الفرنسي وساعدهم بعض األعيان من األهالي تم تعيينهم تحت‬
‫تسميات مختلفة‪.‬‬
‫‪ .2‬البلديات المختلطة‪ :‬هذه البلديات كانت تغطي الجزء األكبر من اإلقليم الجزائري‪ ،‬حيث أنها‬
‫وجدت في المناطق التي يقل فيها تواجد الفرنسيين بالقسم الشمالي من الجزائر‪ .‬وإدارة البلدية‬
‫المختلطة ترتكز على هيئتين رئيسيتين هما‪:‬‬
‫أ‪ .‬المتصرف‪ :‬والذي يخضع للسلطة الرئاسية للحاكم أو الوالي العام من حيث التعيين‬
‫والترقية والتأديب‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر المواد (‪ )3 .2 .1‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬


‫‪ 2‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ 2016/06/07 :‬الساعة‪ 00.33 :‬على الرابط‬
‫التالي‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D :‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة (‪ )4‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪1990‬‬
‫‪ 4‬أنظر المواد (‪ )8 .7 .6‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪1990‬‬
‫‪ 5‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬قانون اإلدارة المحلية الجزائرية (عنابة‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،)2004 ،‬ص ‪.36.‬‬
‫‪25‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ب‪ .‬اللجنة البلدية‪ :‬ويرأسها المتصرف مع عدد من المنتخبين من الفرنسيين وبعض‬


‫األهالي الجزائريين الذين يعينون من طرف السلطة الفرنسية‪ ،‬استنادا الى التنظيم‬
‫القبلي القائم أصال على أساس مجموعة بشرية (الدوار)‪.‬‬
‫‪ .3‬البلديات ذات التصرف التام (العاملة)‪ :‬وأقيم هذا النوع في أماكن التواجد المكثف للفرنسيين‬
‫بالمدن الكبرى والمناطق الساحلية‪ ،‬وقد كانت هذه البلديات خاضعة للقانون البلدي الفرنسي‬
‫الصادر في ‪ 05‬أفريل ‪ ،1884‬والذي ينشئ بالبلدية هيئتين هما‪:‬‬
‫أ‪ .‬المجلس البلدي‪ :‬ويكون منتخبا من طرف سكان البلدية األوربيين والجزائريين‪،‬‬
‫حسب المراحل والتطورات السياسية التي عرفتها الجزائر‪ ،‬وله صالحيات متعددة‪.‬‬
‫ب‪ .‬العمدة‪ :‬ينتخبه المجلس البلدي من بين أعضائه‪.‬‬
‫وقد قامت السلطات الفرنسية بتدعيم البلديات بالطابع العسكري من خالل احداث األقسام اإلدارية‬
‫الخاصة في المناطق الريفية ‪ ،S.A.S‬واألقسام االدارية الحضرية في المدن ‪ ،S.A.U‬كل ذلك من أجل‬
‫قمع الجماهير ومقامة الثورة التحريرية ‪.1954‬‬
‫‪ .2‬مرحلة االستقالل‪ :‬إنه وبعد الهجرة الجماعية لإلطارات األوروبية عقب استقالل الجزائر‪ ،‬تم تقليص‬
‫عدد البلديات إلمكانية ادارتها وتسييرها عن طريق تعيين مندوبيات خاصة‪ ،‬والتي تشكلت من ممثلين عن‬
‫قدماء المجاهدين ومناضلين بالحزب‪ .‬فقد كان عدد البلديات غداة االستقالل ‪ 1578‬بلدية‪ ،‬تعاني من قلة‬
‫اإلمكانيات البشرية والموارد المالية لصغر حجمها‪ ،‬فقام مرسوم ‪ 16‬ماي ‪ 1963‬باختصارها الى ‪632‬‬
‫بلدية‪ ،‬من خالل انشاء بلديات على أساس تجزئة بعضها من اجل تنميتها‪ .‬وهو نفس التوجه الذي أكده‬
‫‪1‬‬
‫ميثاق الجزائر ‪.1964‬‬
‫وفي الحقيقة فإن األمر رقم (‪ )24-67‬الصادر في ‪18‬جانفي ‪ 1967‬والمتضمن قانون البلدية يشكل‬
‫أساس التنظيم البلدي في الجزائر‪ ،‬فقد مثل محاولة لبعث الديمقراطية في المجال اإلداري‪ .‬إذن فقد كان‬
‫‪2‬‬
‫التنظيم البلدي يقوم على الهيئات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬المجلس الشعبي البلدي‪ :‬هو هيئة يتم انتخابها باالقتراع العام المباشر والسري من طرف جميع‬
‫الناخبين بالبلدية‪ ،‬ويتألف من ‪ 09‬الى ‪ 39‬عضو حسب عدد سكان البلدية‪ ،‬وقد خوله األمر (‪-67‬‬
‫‪ )24‬اختصاصات متعددة ومتنوعة‪ ،‬تماشيا مع االختيار االشتراكي الذي كان سائدا آنذاك مبدئيا‪.‬‬
‫‪ .2‬المجلس التنفيذي البلدي‪ :‬هو مجلس منتخب يتم انتخابه من طرف المجلس الشعبي البلدي‪،‬‬
‫ويضم باإلضافة الى رئيس المجلس الشعبي البلدي عددا من نواب الرئيس‪.‬‬
‫‪ .3‬رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ :‬وينتخبه المجلس الشعبي البلدي من بين أعضائه‪ ،‬وهو يتمتع‬
‫باالزدواجية في االختصاص‪ ،‬حيث أنه يمثل الدولة تارة ويمثل البلدية تارة أخرى‪.‬‬
‫كما قد اهتم الدستور والميثاق الوطني لسنة ‪ 1976‬بهذا الموضوع‪ ،‬حيث تم تكريس سياسة‬
‫الالمركزية عن طريق المجالس المنتخبة محليا‪ ،‬كما لعب حزب جبهة التحرير الوطني دورا معتبرا في‬
‫تشكيل وتوجيه ومراقبة هيئات البلدية وذلك في ظل نظام تأسيسي قائم على مبدا الحزب الواحد منذ البداية‪.‬‬
‫كما أنه قد اقتضت قوانين وقرارات الحزب منذ المؤتمر الرابع للحزب (‪ ،)1979‬على ضرورة االنخراط‬
‫النظامي في الحزب كشرط للترشح لعضوية المجالس المنتخبة‪ ،‬ومنها المجلس الشعبي البلدي‪3.‬‬

‫‪ 1‬حمادو سليمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.35 .‬‬


‫‪ 2‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.41 .40.‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.41.‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا هيئات تسيير البلدية حسب القانون البلدي (‪:)08/90‬‬


‫تشير المادة (‪ )13‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬إلى أن هيئتا البلدية هما‪:‬‬
‫‪ -‬المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫أ‪ .‬المجلس الشعبي البلدي واختصاصاته‪:‬‬
‫يعرف المجلس الشعبي البلدي بأنه المؤسسة المنتخبة في البلدية وتحقق الديمقراطية على المستوى‬
‫المحلي‪ ،‬كما تكرس مبدأ االختيار للشعب‪ ،‬على أساس أن االنتخابات عنصر رئيسي من عناصر‬
‫الديمقراطية المحلية والتي من خاللها تعطى للمواطنين المحليين فرصة لتقييم أداء األعضاء المنتخبين‬
‫والحكم على مصداقيتهم في المستقبل‪ ،‬ويعتبر المجلس كذلك كهيئة مداوالت علنية على المستوى البلدي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫يسمح فيه للمواطنين بحضور جلساته واالطالع على محاضر المداوالت أو أخذ نسخة منها‪.‬‬
‫ويتكون المجلس الشعبي البلدي من عدد من األعضاء ويتراوح عددهم بين ‪ 7‬و‪ 33‬منتخبا بلديا حسب‬
‫عدد سكان البلدية‪ ،‬إذ يتم انتخابهم بطريقة األغلبية النسبية لمدة خمس سنوات‪ ،‬وتوزع المقاعد حسب عدد‬
‫‪2‬‬
‫األصوات التي تحصلت عليها كل قائمة مع تطبيق قاعدة الباقي لألقوى والمعامل االنتخابي‪.‬‬
‫ولتسيير أعمال المجلس الشعبي البلدي فانه يقوم بعقد عدة دورات منها الدورات العادية كل ثالثة‬
‫أشهر والدورات غير العادية كلما اقتضت شؤون البلدية ذلك‪ ،‬بطلب من رئيس المجلس الشعبي البلدي أو‬
‫من ثلث األعضاء أو من الوالي‪ .‬ويجب أن توجه استدعاءات كتابية من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫‪3‬‬
‫لألعضاء قبل عشرة أيام على األقل من موعد االجتماع‪.‬‬
‫وبالنسبة الختصاصات المجلس الشعبي البلدي فلقد حدد القانون البلدي (‪ )08/90‬صالحيات البلدية‬
‫بالمجاالت الرئيسية التالية‪:‬‬
‫‪ _1‬في مجال التهيئة العمرانية والتخطيط والتجهيز‪ :‬يكلف المجلس الشعبي البلدي بوضع مخطط تنموي‬
‫يتم تنفيذه على المدى القصير أو المتوسط أو البعيد‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار برنامج الحكومة ومخطط‬
‫الوالية‪ .‬كما يتولى مهمة رسم النسيج العمراني للبلدية‪ ،‬وقد اعترف المشرع للبلدية بممارسة الرقابة الدائمة‬
‫للتأكد من مطابقة عمليات البناء للتشريعات العقارية وكذا خضوع هذه العمليات لترخيص مسبق من‬
‫المصلحة التقنية بالبلدية مع ضرورة تسديد الرسوم التي حددها القانون‪ .‬وقد حمل المشرع البلدية ممثلة في‬
‫مجلسها حماية التراث العمراني والمواقع الطبيعية واآلثار والمتاحف وكل شيء ينطوي على قيمة تاريخية‬
‫أو جمالية‪ .‬وكذا تنظيم األسواق‪ ،‬وإقامة إشارات المرور التي ال تعود إلى مصالح األمن‪ ،‬السهر على‬
‫المحافظة على النظافة العمومية والطرق ومعالجة المياه القذرة وتوزيع المياه الصالحة للشرب ومكافحة‬
‫‪4‬‬
‫ناقالت األمراض المعدية‪ ،‬حماية التربة والثروة المائية‪.‬‬
‫‪ _2‬في المجال االقتصادي والمالي‪ :‬يعمل المجلس الشعبي البلدي على تطوير األنشطة االقتصادية‬
‫المسطرة في برنامجها التنموي وتشجيع المتعاملين االقتصاديين‪ ،‬ويطالب المجلس بإحداث تعاونيات‬
‫إنتاجية وأجهزة الت نسيق والتسويق لإلنتاج الفالحي وتشجيع االستثمارات الفالحية‪ ،‬ويشارك في العمليات‬

‫‪ 1‬ناجي عبد النور‪" ،‬دور اإلدارة المحلية في تقديم الخدمات العامة _ تجربة البلديات الجزائرية " في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،)2009( 01‬ص‪.156 .‬‬
‫‪ 2‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50 .‬‬
‫‪ 3‬أنظر المواد (‪ )16 .15 .14‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪1990‬‬
‫‪ 4‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.290.‬‬
‫‪27‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫المتعلقة بتعديل النظام الزراعي لألراضي الواقعة في نطاق الدائرة اإلدارية لبلديته‪ .‬ويقوم بتحضير وإعداد‬
‫برامج إنعاش المنتجات الفالحية‪ ،‬المساعدة في تموين أعضاء التعاونية بالتجهيزات والخبرات والمواد‬
‫الالزمة لإلنتاج الزراعي ومساعدة أعضاء التعاونية على تحسين ظروفهم الصحية والسكنية والثقافية‬
‫‪1‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫أما في الجانب المالي فإن المجلس الشعبي البلدي يتولى المصادقة سنويا على ميزانية البلدية سواء‬
‫األولية وذلك قبل ‪ 31‬أكتوبر من السنة السابقة للسنة المعنية‪ ،‬أو الميزانية اإلضافية وذلك قبل ‪ 15‬جوان‬
‫‪2‬‬
‫من السنة المعنية‪.‬‬
‫‪ _3‬في المجال االجتماعي والثقافي‪ :‬يتولى المجلس الشعبي البلدي إنجاز مؤسسات التعليم األساسي‬
‫وصيانتها‪ ،‬ويشجع كل إجراء من شأنه ترقية النقل المدرسي والتعليم ما قبل المدرسي‪ ،‬كما يتولى انجاز‬
‫المراكز والهياكل الصحية والثقافية والرياضية وصيانة المساجد والمدارس القرآنية‪ ،‬وكذا التكفل بحفظ‬
‫الصحة والمحافظة على النظافة العمومية خاصة المياه الصالحة للشرب‪ ،‬والمياه القذرة‪ ،‬النفايات‪ ،‬نظافة‬
‫‪3‬‬
‫األغذية واألماكن العمومية‪ ،‬ومكافحة التلوث وحماية البيئة‪.‬‬
‫ب‪.‬رئيس المجلس الشعبي البلدي واختصاصاته‪:‬‬
‫تشير المادة (‪ )48‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬إلى أنه يعين أعضاء القائمة التي نالت أغلبية المقاعد‬
‫عضوا من بينهم رئيسا للمجلس الشعبي البلدي‪ ،‬ويتم التنصيب في مدة ال تتعدى ثمانية (‪ )8‬أيام بعد‬
‫‪4‬‬
‫اإلعالن عن نتائج االقتراع‪ .‬يعين الرئيس للمدة االنتخابية للمجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫وبناءا على األحكام الواردة في قانون البلدية (‪ )08/90‬فانه يمكن حصر حاالت إنهاء المهام في سببين‬
‫‪5‬‬
‫اثنين هما‪:‬‬
‫‪ -‬االستقالة‪ :‬وتتمثل في تعبير رئيس المجلس الشعبي البلدي صراحة وكتابة عن رغبته في‬
‫التخلي إراديا عن رئاسة المجلس‪ ،‬وتقدم االستقالة للمجلس كهيئة مداولة ويتم إخطار الوالي‬
‫بذلك‪ .‬وقد تم تحديد مدة شهر حتى تصبح االستقالة سارية المفعول إذ بإمكان الرئيس سحب‬
‫استقالته قبل مضي المدة‪ .‬وخالل هذه المدة يبقى يباشر مهامه وال يجوز له االنقطاع عن أداء‬
‫واجبه بحجة انه قدم استقالته للمجلس‪.‬‬
‫‪ -‬سحب الثقة‪ :‬وتعتبر طريقة قانونية يبادر بمقتضاها أغلبية أعضاء المجلس (ثلثي األعضاء)‬
‫باإلطاحة بالرئيس نحو تجريده من صفته الرئاسية‪ ،‬ولم يذكر المشرع األسباب المؤدية إلى‬
‫سحب الثقة وقد ترك ذلك للممارسة العملية وباالستناد إلى ما حدث في كثير من البلديات فان‬
‫الحالة األكثر رواجا هي حالة تجاوز السلطة واالنفراد بالقرار من جانب رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي‪.‬‬
‫وبالنسبة لصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فهي تتنوع فمنها ما يعود إليه باعتباره ممثال للدولة‪،‬‬
‫ومنها ما يعود إليه باعتباره هيئة تنفيذية للمجلس الشعبي البلدي ومنها ما يعود إليه باعتباره ممثال للبلدية‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر المواد (من ‪ 152‬إلى ‪ )159‬من قانون البلدية ‪ 08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل‪1990‬‬


‫‪2‬‬
‫‪S. Benaissa, L’aide de l’état aux collectivités locales (Alger: offices des publications universitaires, 1983),‬‬
‫‪p.138.‬‬
‫‪ 3‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.82.‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة (‪ )48‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪1990‬‬
‫‪ 5‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.294.‬‬
‫‪28‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثال للدولة‪:‬‬


‫باعتبار أن رئيس المجلس الشعبي البلدي ممثال للدولة في إقليم البلدية‪ ،‬فإنه يتمتع بصالحيات واسعة‪،‬‬
‫واردة في القانون البلدي (‪ )08/90‬وفي العديد من النصوص القانونية األخرى تتعلق بعدة مجاالت نذكر‬
‫‪1‬‬
‫منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الحالة المدنية‪ :‬إذ تشير المادة (‪ )68‬من القانون البلدي (‪ )08/90‬أن للرئيس صفة ضابط الحالة‬
‫المدنية التي تخوله القيام بنفسه‪ ،‬أو التفويض ألحد نوابه أو لموظف البلدية‪ ،‬استالم تصريحات‬
‫الوالدات والزواج والوفيات وكذا تسجيل جميع الوثائق واألحكام القضائية في سجالت الحالة‬
‫المدنية‪.‬‬
‫‪ .2‬الشرطة القضائية‪ :‬وقد أشارت نفس المادة (‪ )68‬من القانون البلدي (‪ ،)08/90‬أن يتمتع الرئيس‬
‫بصفة ضابط الشرطة القضائية‪ ،‬طبقا للمادة (‪ )15‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وذلك تحت‬
‫سلطة النيابة العامة‪.‬‬
‫‪ .3‬الشرطة اإلدارية‪ :‬باعتبار أن رئيس المجلس الشعبي البلدي سلطة من سلطات الشرطة أو الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬فانه يتولى المحافظة على النظام العام والمتمثل أساسا فيما يلي‪( :‬الحفاظ على األمن‬
‫العام‪ ،‬الحفاظ على الصحة العامة‪ ،‬الحفاظ على السكينة العامة)‪.‬‬
‫‪ .4‬تنفيذ القوانين والتنظيمات‪ :‬يكلف رئيس المجلس الشعبي البلدي بمتابعة تنفيذ القوانين‬
‫والتنظيمات‪ :‬المراسيم الرئاسية والتنفيذية والقرارات التنظيمية الوزارية عبر كامل تراب البلدية‪.‬‬
‫ثانيا صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره هيئة تنفيذية للمجلس الشعبي البلدي‪:‬‬
‫وباعتبار رئيس المجلس الشعبي البلدي هيئة تنفيذية للمجلس الشعبي البلدي فإنه يتولى التحضير‬
‫لجلسات المجلس الشعبي البلدي إذ يقوم باستدعاء األعضاء ويبلغهم بجدول األعمال‪ .‬كما يتخذ جميع‬
‫اإلجراءات التي من شأنها تسهيل عملية تنفيذ مداوالت المجلس‪ ،‬وللقيام بهذه المهمة وفي آجال معقولة فقد‬
‫أجاز المشرع للرئيس االستعانة بهيئة تنفيذية تتولى اإلشراف والمتابعة بخصوص مداوالت المجلس‪،‬‬
‫وتضم هذه الهيئة إلى جانب الرئيس نوابه الذين يتراوح عددهم من ‪ 1‬إلى ‪ 6‬وذلك حسب تعداد أعضاء‬
‫‪2‬‬
‫المجلس‪:‬‬
‫‪ -‬نائبان في البلديات التي تتكون من ‪ 7‬إلى ‪ 9‬أعضاء‪.‬‬
‫‪ -‬ثالث نواب في البلديات التي تتكون من ‪ 11‬إلى ‪ 13‬عضو‪.‬‬
‫‪ -‬أربعة نواب في البلديات التي تتكون من ‪ 23‬منتخبا‪.‬‬
‫‪ -‬ستة نواب في البلديات التي تتكون من ‪ 33‬منتخبا‪.‬‬
‫ثالثا صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثال للبلدية‪:‬‬
‫على اعتبار أن البلدية تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬فهي تحتاج إلى من يعبر عن إرادتها‪ ،‬فقد أسند‬
‫القانون البلدي مهمة تمثيلها إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬وبالتالي فهو يتكفل بممارسة الصالحيات‬
‫‪3‬‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.90.‬‬


‫‪ 2‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.297.‬‬
‫‪ 3‬جعفر أنس قاسم‪ ،‬أسس التنظيم اإلداري واإلدارة المحلية في الجزائر‪ ،‬ط‪( 2‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،)1988 ،‬ص‪.50.‬‬
‫‪29‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .1‬التمثيل‪ :‬أي أن يمثل رئيس المجلس الشعبي البلدي البلدية في كل أعمال الحياة المدنية واإلدارية‬
‫وكل التظاهرات الرسمية‪ ،‬وفقا للشروط المنصوص عليها في التنظيمات‪.‬‬
‫‪ .2‬تسيير أموال البلدية والمحافظة على حقوقها‪ :‬إذ يتكفل رئيس المجلس الشعبي البلدي بتسيير‬
‫إيرادات البلدية ومتابعة تطور مالية البلدية‪ ،‬باإلضافة إلى المحافظة على الحقوق التي تتكون منها‬
‫ثروة البلدية‪.‬‬
‫‪ .3‬إبرام العقود‪ :‬يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي إبرام عقود اقتناء األمالك وعقود بيعها وقبول‬
‫الهبات والوصايا‪ ،‬وإبرام المناقصات والمزادات الخاصة بأشغال البلدية ومراقبة حسن تنفيذها‪.‬‬
‫‪ .4‬التوظيف والتعيين‪ :‬يعمل رئيس المجلس الشعبي البلدي على توظيف عمال البلدية وتعيينهم وفقا‬
‫للشروط المنصوص عليها في التنظيمات المعمول بها واتخاذ اإلجراءات المتعلقة بطرقات البلدية‪.‬‬
‫‪ .5‬تحضير جدول األعمال‪ :‬يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بتحضير جدول األعمال الخاص‬
‫بأشغاله ويقدم تقريرا منتظما حول الوضعية العامة للبلدية ومدى تنفيذ المداوالت‪.‬‬
‫رابعا هيئات تسيير البلدية في ظل قانون البلدية (‪:)10-11‬‬
‫‪1‬‬
‫تتوفر البلدية حسب القانون البلدي رقم (‪ )10-11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ 2011‬على‪:‬‬

‫هيئة تداولية تدعى المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫هيئة تنفيذية يرأسها رئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إدارة ينشطها األمين العام للبلدية تحت إشراف رئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪.1‬المجلس الشعبي البلدي واختصاصاته‪:‬‬

‫يعرف المجلس الشعبي البلدي بأنه المؤسسة المنتخبة في البلدية وتحقق الديمقراطية على المستوى‬
‫المحلي‪ ،‬كما تكرس مبدأ االختيار للشعب‪ ،‬على أساس أن االنتخابات عنصر رئيسي من عناصر‬
‫الديمقراطية المحلية والتي من خاللها تعطى للمواطنين المحليين فرصة لتقييم أداء األعضاء المنتخبين‬
‫والحكم على مصداقيتهم في المستقبل‪ ،‬ويعتبر المجلس كذلك كهيئة مداوالت علنية على المستوى البلدي‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫يسمح فيه للمواطنين بحضور جلساته واالطالع على محاضر المداوالت أو أخذ نسخة منها‪.‬‬

‫إذن المجل س الشعبي البلدي هو مجلس منتخب يتشكل من أعضاء منتخبين محليين عن طريق االقتراع‬
‫العام السري والمباشر لمدة خمسة (‪ )5‬سنوات‪ .‬ويجتمع المجلس كل شهرين في دورة عادية‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫يجتمع في دورة غير عادية كلما اقتضت شؤون البلدية ذلك بطلب من رئيسه أو بثلثي أعضائه أو بطلب‬
‫من الوالي‪ .‬كما أنه في حالة ظروف استثنائية مرتبطة بخطر وشيك أو كارثة كبرى يجتمع المجلس‬
‫‪3‬‬
‫الشعبي البلدي بقوة القانون‪ .‬ويخطر الوالي بذلك فورا‪.‬‬

‫‪ 1‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D‬‬
‫‪ 2‬ناجي عبد النور‪" ،‬دور اإلدارة المحلية في تقديم الخدمات العامة _ تجربة البلديات الجزائرية " في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،)2009( 01‬ص ‪.156.‬‬
‫‪ 3‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D‬‬
‫‪30‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ويتكون المجلس الشعبي البلدي من المنتخبين يتراوح عددهم ما بين ‪ 13‬و‪ 43‬عضو حسب عدد سكان‬
‫البلدية‪ .‬وقد حددت المادة (‪ )79‬من القانون العضوي (‪ )01/12‬عدد أعضاء المجالس الشعبية البلدية كما‬
‫‪1‬‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ 13‬عضوا في البلديات التي يقل عدد سكانها عن ‪ 10000‬نسمة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ 15‬عضوا في البلديات التي يتراوح عدد سكانها بين ‪ 10000‬و‪ 20000‬نسمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ 19‬عضوا في البلديات التي يتراوح عدد سكانها بين ‪ 20001‬و‪ 50000‬نسمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ 23‬عضوا في البلديات التي يتراوح عدد سكانها بين ‪ 50001‬و‪ 100000‬نسمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪33‬عضوا في البلديات التي يتراوح عدد سكانها بين ‪ 1000001‬و‪ 200000‬نسمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪43‬عضوا في البلديات التي يساوي عدد سكانها بين ‪ 200001‬نسمة أو يفوق‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ويمارس المجلس الشعبي البلدي مهامه من خالل انشاء اللجان ويتراوح عددها ما بين ‪ 03‬الى ‪06‬‬
‫لجان حسب التعداد السكاني للبلدية‪ ،‬وتختص هذه اللجان في المجاالت التالية‪ :‬االقتصاد والمالية‬
‫واالستثمار‪ ،‬الصحة والنظافة وحماية البيئة‪ ،‬تهيئة اإلقليم والتعمير والسياحة والصناعات التقليدية‪ ،‬الري‬
‫والفالحة والصيد البحري‪ ،‬الشؤون االجتماعية والثقافة والرياضة والشباب‪ ،‬كما أنه يمكن للمجلس احداث‬
‫‪2‬‬
‫لجان خاصة لدارسة موضوع محدد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫يحدد عدد اللجان الدائمة كما يلي‪:‬‬

‫‪ 03‬لجان بالنسبة للبلديات التي يبلغ عدد سكانها ‪ 20.000‬نسمة أو أقل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ 04 ‬لجان بالنسبة للبلديات التي يتراوح عدد سكانها بين ‪ 20.001‬الى ‪ 50.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ 05 ‬لجان بالنسبة للبلديات التي يتراوح عدد سكانها بين ‪ 50.001‬الى ‪ 100.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ 06 ‬لجان بالنسبة للبلديات التي يفوق عدد سكانها ‪ 100.000‬نسمة‪.‬‬
‫يقوم المجلس الشعبي البلدي بمعالجة شؤونه التابعة الختصاصه عن طريق مداولة‪ .‬تتخذ المداوالت‬
‫باألغلبية البسيطة أعضائه الحاضرين أو الممثلين عند التصويت‪ .‬في حالة تساوي األصوات يكون صوت‬
‫الرئيس مرجحا‪ .‬تصبح مداوالت المجلس الشعبي البلدي قابلة للتنفيذ بقوة القانون بعد واحد وعشرين(‪)21‬‬
‫يوما من إيداعها لدى الوالية‪.‬‬
‫أما بخصوص المداوالت المتضمنة الميزانية والحسابات وقبول الهبات والوصايا األجنبية واتفاقيات‬
‫التوأمة والتنازل عن أمالك البلدية ال تصبح نافذة إال بعد المصادقة عليها من طرف الوالي‪ .‬كما أنه تلغى‬
‫بقوة القانون مداوالت المجلس الشعبي البلدي المتخذة خرقا للدستور وغير المطابقة للقوانين والتنظيمات‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وفي هذه الحاالت فان الوالي يعاين بطالن المداولة بقرار‪.‬‬
‫وقد حظي المجلس الشعبي البلدي باختصاصات واسعة تدور كلها في محور التهيئة والتنمية‪ ،‬التعمير‬
‫والهياكل القاعدية والتجهيز‪ ،‬التربية‪ ،‬الحماية االجتماعية‪ ،‬الرياضة‪ ،‬الشباب والثقافة والتسلية والسياحة‪،‬‬
‫النظافة وحفظ الصحة والطرقات البلدية وغيرها من االختصاصات التي تساهم في تحسين التكفل‬
‫‪5‬‬
‫بانشغاالت المواطن‪.‬‬

‫‪ 1‬فريجات إسماعيل‪" ،‬األسس الديمقراطية لنظام الجماعات المحلية في الجزائر (كيفية تشكيل المجالس الشعبية البلدية)" في مجلة دفاتر السياسة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد الرابع عشر (جانفي ‪ ،)2016‬ص‪.193.‬‬
‫‪ 2‬سويقات أحمد‪" ،‬الجماعات اإلقليمية ووحدة إقليم الدولة في الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد‬
‫الرابع عشر (جانفي ‪ ،)2016‬ص‪.65.‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة (‪ )31‬من قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪2011‬‬
‫‪ 4‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D‬‬
‫‪ 5‬سويقات أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.65.‬‬
‫‪31‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أ‪ .‬رئيس المجلس الشعبي البلدي وصالحياته‪:‬‬


‫إن رئيس المجلس الشعبي البلدي يتم انتخابه من طرف سكان البلدية عن طريق االقتراع النسبي على‬
‫القائمة لمدة ‪ 05‬سنوات‪ ،‬غذ تنص المادة (‪ )65‬من قانون البلدية ‪ 10/11‬على أنه "يعلن رئيسا للمجلس‬
‫‪1‬‬
‫الشعبي البلدي متصدر القائمة التي تحصلت على أغلبية أصوات الناخبين"‪.‬‬
‫وبالتالي فإنه في غضون األيام الخمسة عشر (‪ )15‬الموالية إلعالن نتائج االنتخابات‪ ،‬يستدعي الوالي‬
‫المنتخبي ن قصد تنصيب المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬ويعلن رئيسا للمجلس الشعبي البلدي متصدر القائمة التي‬
‫تحصلت على أغلبية أصوات الناخبين‪ .‬أما في حالة تساوي األصوات فانه يعلن المرشح أو المرشحة‬
‫األصغر سنا رئيسا‪ .‬حيث يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي سلطاته باسم الجماعة اإلقليمية التي يمثلها‬
‫وباسم الدولة‪ ،‬كما أنه عليه أن يقيم بصفة دائمة وفعلية بإقليم البلدية‪ .‬إال في الحاالت االستثنائية فإنه يمكن‬
‫‪2‬‬
‫للوالي الترخيص بغير ذلك‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ويساعد رئيس المجلس الشعبي البلدي نائبان (‪ )2‬أو عدة نواب‪ .‬يكون عددهم كما يأتي‪:‬‬

‫نائبان (‪ )2‬بالنسبة للبلديات ذات المجلس الشعبي البلدي المتكون من سبعة (‪ )7‬إلى تسعة (‪)9‬‬ ‫‪‬‬
‫مقاعد‬
‫ثالثة (‪ )3‬نواب بالنسبة للبلديات ذات المجلس الشعبي البلدي المتكون من أحد عشر (‪ )11‬مقعدا‬ ‫‪‬‬
‫أربعة (‪ )4‬نواب بالنسبة للبلديات ذات المجلس الشعبي البلدي المتكون من خمسة عشر (‪)15‬‬ ‫‪‬‬
‫مقعدا‬
‫خمسة (‪ )5‬نواب بالنسبة للبلديات ذات المجلس الشعبي البلدي المتكون من ثالثة وعشرين (‪)23‬‬ ‫‪‬‬
‫مقعدا‬
‫ستة (‪ ) 6‬نواب بالنسبة للبلديات ذات المجلس الشعبي البلدي المتكون من ثالثة وثالثين (‪)33‬‬ ‫‪‬‬
‫مقعدا‪.‬‬

‫وطبقا لنص المادة (‪ )66‬من قانون البلدية فإنه بعد اختيار رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬يتم ارسال‬
‫محضر تنصيبه إلى الوالي ومن باب إعالم سكان إقليم المعني يتم أيضا إلصاق هذا المحضر بمقر البلدية‪،‬‬
‫وكذا الملحقات اإلدارية والمندوبيات البلدية التابعة للبلدية المعنية‪4.‬‬

‫وبالنسبة لصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فهي تتنوع فمنها ما يعود إليه باعتباره ممثال للبلدية‪،‬‬
‫ومنها باعتباره هيئة تنفيذية‪ ،‬ومنها كذلك ما يعود إليه باعتباره ممثال للدولة‪.‬‬
‫أوال صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثال للبلدية‪:‬‬
‫على اعتبار أن البلدية تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬فهي تحتاج إلى من يعبر عن إرادتها‪ ،‬فقد أسند‬
‫القا نون البلدي مهمة تمثيلها إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬وبالتالي فهو يتكفل بممارسة الصالحيات‬
‫‪5‬‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬يعيش تمام آمال‪ " ،‬المركز القانوني لرئيس المجلس الشعبي البلدي بين االستقاللية المحلية والتبعية للسلطة الوصية" في مجلة العلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد الثالث والثالثون (جانفي ‪ ،)2014‬ص‪.283 .‬‬
‫‪ 2‬أنظر المواد (‪ )65 .64 .63 .62‬من قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان‪2011‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة (‪ )69‬من قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪2011‬‬
‫‪ 4‬يعيش تمام أمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.285 .‬‬
‫‪ 5‬أنظر المواد (‪ )83 .82 .81 .80 .79 .78 .77‬من قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان‪2011‬‬
‫‪32‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .1‬التمثيل‪ :‬أي أن يمثل رئيس المجلس الشعبي البلدي البلدية في جميع المراسيم التشريفية‬
‫والتظاهرات الرسمية‪ .‬كما أنه يمثلها في كل أعمال الحياة المدنية واإلدارية‪ ،‬وفقا للشروط‬
‫المنصوص عليها في التشريع والتنظيم‪.‬‬
‫‪ .2‬تحضير جدول األعمال‪ :‬يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بتحضير مشروع جدول أعمال‬
‫الدورات ويترأسها‪ ،‬كما يسهر على تنفيذ مداوالت المجلس الشعبي البلدي ويطلعه على ذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬تنفيذ ميزانية البلدية‪ :‬حيث يقوم بتنفيذ ميزانية البلدية وهو االمر بالصرف‪ ،‬كما يقوم تحت رقابة‬
‫المجلس الشعبي البلدي بجميع التصرفات الخاصة بالمحافظة على األمالك والحقوق المكونة‬
‫للممتلكات البلدية وادارتها‪ .‬كما يقوم بالتقاضي باسم البلدية ولحسابها وكذا إدارة مداخيل البلدية‬
‫ومتابعة تطور مالية البلدية‪.‬‬
‫‪ .4‬إبرام العقود‪ :‬يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي إبرام عقود اقتناء األمالك والمعامالت‬
‫والصفقات وااليجارات وقبول الهبات والوصايا‪ ،‬والقيام بمناقصات أشغال البلدية ومراقبة حسن‬
‫تنفيذها‪ .‬كما يتخذ كل القرارات الموقفة للتقادم واالسقاط‪.‬‬
‫‪ .5‬المحافظة على حقوق البلدية‪ :‬من خالل ممارسة كل الحقوق على األمالك العقارية والمنقولة التي‬
‫تملكها البلدية بما في ذلك حق الشفعة‪ ،‬واتخاذ التدابير المتعلقة بشبكة الطرق البلدية‪ ،‬يسهر على‬
‫المحافظة على األرشيف‪ ،‬وكذا اتخاذ المبادرات لتطوير مداخيل البلدية‪ .‬كما أنه يسهر على وضع‬
‫المصالح والمؤسسات العمومية البلدية وحسن سيرها‪.‬‬
‫ثانيا صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره هيئة تنفيذية‪:‬‬
‫يعتبر رئيس المجلس الشعبي البلدي رئيسا للهيئة التنفيذية‪ ،‬وعلى هذا األساس فقد أعطى له قانون‬
‫البلدية الجديد في المادة (‪ )69‬الحق في اختيار نواب لمساعدته للقيام بهذه المهمة‪ ،‬حيث يشكلون مع‬
‫الرئيس على اختالف عددهم‪ ،‬فعددهم يتناسب طردا مع عدد المقاعد المخصص لكل بلدية على حدى‪ ،‬كحد‬
‫أدنى نائبين وكحد أقصى ستة نواب‪ ،‬ومن خالل هذه الصفة يمكنه تفويض إمضاءه لهم في حدود ما هو‬
‫موكل لهم من مهام طبقا لنص المادة (‪ )03/70‬من قانون البلدية‪ .‬وبصفة رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫رئيسا للهيئة التنفيذية فهو يتولى التحضير لجلسات المجلس وتنفيذ مداوالت المجلس الشعبي البلدي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أنه يعمل على اطالعه بموجب تقرير عن تنفيذ المداوالت بين كل دورة وأخرى حسب المادة‬
‫(‪ )80‬من قانون البلدية‪ ،‬وحسب المادة (‪ )81‬يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بتنفيذ ميزانية البلدية‪ ،‬وهو‬
‫اآلمر بالصرف على مستواها‪1 .‬‬

‫ثالثا صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثال للدولة‪:‬‬


‫باعتبار أن رئيس المجلس الشعبي البلدي ممثال للدولة في إقليم البلدية‪ ،‬فانه يتمتع بمجموعة من‬
‫الصالحيات تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الحالة المدنية‪ :‬إذ تشير المادتين (‪ 86‬و‪ )87‬من القانون البلدي (‪ )10/11‬أن للرئيس صفة ضابط‬
‫الحالة المدنية التي تخوله القيام بجميع العقود المتعلقة بالحالة المدنية طبقا للتشريع الساري‬
‫المفعول تحت رقابة النائب العام المختص إقليميا‪ .‬كما يمكنه تفويض امضائه للمندوبين البلديين‬
‫والمندوبين الخاصين والى كل موظف قصد‪ :‬استقبال التصريحات بالوالدة والزواج والوفيات‪،‬‬
‫تدوين كل العقود واالحكام في سجالت الحالة المدنية‪ ،‬اعداد وتسليم كل العقود المتعلقة‬

‫‪ 1‬يعيش تمام آمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.290 .‬‬


‫‪33‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫بالتصريحات المذكورة‪ .‬التصديق على كل توقيع يقوم به أي مواطن أمامهم بموجب تقديم وثيقة‬
‫‪1‬‬
‫هوية‪ .‬التصديق بالمطابقة على كل نسخة وثيقة بتقديم النسخة االصلية منها‪.‬‬
‫‪ .2‬تنفيذ القوانين والتنظيمات‪ :‬يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بتبليغ القوانين والتنظيمات على‬
‫إقليم البلدية‪ ،‬كما أنه يتولى السهر على النظام والسكينة والنظافة العمومية‪ .‬ويسهر على حسن‬
‫تنفيذ التدابير االحتياطية والوقاية والتدخل في مجال اإلسعاف‪ .‬يأمر رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫بتنفيذ تدابير األمن التي تقتضيها الظروف ويعلم الوالي بها فورا‪ ،‬كما يأمر بهدم الجدران‬
‫والعمارات والبنايات اآليلة للسقوط‪ ،‬وفي حالة حدوث كارثة طبيعية أو تكنولوجية على إقليم‬
‫البلدية فانه يأمر بتفعيل المخطط البلدي لتنظيم اإلسعافات‪ ،‬وفي هذا اإلطار يمكنه تسخير‬
‫‪2‬‬
‫األشخاص والممتلكات طبقا للتشريع المعمول به‪.‬‬
‫‪ .3‬الشرطة القضائية‪ :‬يتمتع رئيس المجلس الشعبي البلدي بصفة ضابط الشرطة القضائية‪ ،‬إذ يمكنه‬
‫عند االقتضاء تسخير قوات الشرطة او الدرك الوطني المختصة إقليميا حسب الكيفيات المحددة‬
‫عن طريق التنظيم‪.‬‬
‫‪ .4‬الشرطة اإلدارية‪ :‬في هذا اإلطار يسهر رئيس المجلس الشعبي البلدي على النظام العام وأمن‬
‫األشخاص والممتلكات‪ ،‬والتأكد من الحفاظ على النظام العام في كل األماكن العمومية التي يجري‬
‫فيها تجمع األشخاص ومعاقبة كل مساس بالسكينة العمومية وكل االعمال التي من شأنها االخالل‬
‫بها‪ .‬يقوم بتنظيم ضبطية الطرقات المتواجدة على اإلقليم‪ ،‬السهر على حماية التراث التاريخي‬
‫والثقافي ورموز ثورة التحرير الوطني‪ ،‬السهر على احترام المقاييس والتعليمات في مجال العقار‬
‫والسكن والتعمير وحماية التراث الثقافي المعماري‪ ،‬السهر على نظافة العمارات وضمان سهولة‬
‫السير في الشوارع والساحات والطرق العمومية‪ ،‬السهر على احترام التنظيم في مجال الشغل‬
‫المؤقت لألماكن التابعة لألمالك العمومية والمحافظة عليها‪ ،‬اتخاذ التدابير الضرورية لمكافحة‬
‫األمراض المتنقلة أو المعدية والوقاية منها‪ ،‬السهر على سالمة المواد الغذائية االستهالكية‬
‫المعروضة للبيع‪ ،‬السهر على احترام تعليمات نظافة المحيط وحماية البيئة‪ ،‬ضمان ضبطية‬
‫الجنائز والمقابر طبقا للعادات وحسب مختلف الشرائع الدينية‪3 .‬‬

‫ج‪ .‬األمين العام للبلدية‪:‬‬

‫إن األمين العام للبلدية يكون تحت إشراف رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬أما فيما يخص كيفية‬
‫وشروط تعيينه وكذا حقوقه وواجباته فإنها تحدد عن طريق التنظيم‪ .‬ويتولى األمين العام للبلدية القيام بما‬
‫‪4‬‬
‫يلي‪:‬‬

‫ضمان تحضير اجتماعات المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫تنشيط وتنسيق سير المصالح اإلدارية والتقنية البلدية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضمان تنفيذ القرارات ذات الصلة بتطبيق المداوالت المتضمنة الهيكل التنظيمي ومخطط تسيير‬ ‫‪‬‬
‫المستخدمين‪.‬‬
‫اعداد محضر تسليم واستالم (بين رئيس المجلس الشعبي البلدي المنتهية عهدته والرئيس الجديد‬ ‫‪‬‬
‫خالل ال ‪ 08‬أيام التي تلي تنصيبه)‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادتين (‪ )87 .86‬من قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪2011‬‬


‫‪ 2‬أنظر المواد (‪ )91 .90 .89 .88‬من قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪2011‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة (‪ )94‬من قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪2011‬‬
‫‪ 4‬أنظر المواد (‪ )129 .128 .127‬من قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪2011‬‬
‫‪34‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬يتلقى التفويض باإلمضاء من رئيس المجلس الشعبي البلدي قصد االمضاء على كافة الوثائق‬
‫المتعلقة بالتسيير اإلداري والتقني للبلدية باستثناء القرارات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التنظيم الوالئي بالجزائر‬


‫تحت هذا العنوان سيتم تناول تعريف الوالية‪ ،‬لمحة تاريخية عنها‪ ،‬وكذا هيئات تسيير الوالية حسب‬
‫قانوني الوالية‪.‬‬
‫أوال تعريف الوالية‪:‬‬
‫لقد عرفت المادة األولى من القانون (‪ )09_90‬الوالية بأنها" جماعة عمومية إقليمية تتمتع‬
‫‪1‬‬
‫بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ .‬وتشكل مقاطعة إدارية للدولة وتنشأ بقانون "‪.‬‬
‫كما تعرف أيضا بأنها " الجماعة اإلقليمية للدولة‪ ،‬تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وهي أيضا الدائرة اإلدارية غير الممركزة للدولة"‪.‬‬
‫فالوالية بهذه الصفة تشكل فضاء لتنفيذ السياسات العمومية التضامنية والتشاورية بين الجماعات‬
‫اإلقليمية والدولة وتساهم مع الدولة في إدارة وتهيئة اإلقليم والتنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫‪3‬‬
‫وحماية البيئة وكذا حماية وترقية وتحسين اإلطار المعيشي للمواطن‪.‬‬
‫وللوالية إقليم واسم ومقر ومجلس منتخب يسمى المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬ويحدد اسمها ومقرها‬
‫مرسوم يصدر بناءا على تقرير وزير الداخلية باقتراح من المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬ويطابق إقليم الوالية‬
‫ألقاليم البلديات التي تتكون منها‪ ،‬كما تكون تعديالت الحدود اإلقليمية للواليات والمتمثلة في فصل جزء‬
‫من تراب والية ما لضمه إلى والية أخرى من اختصاص القانون وتتم هذه التعديالت بعد استشارة‬
‫المجالس الشعبية الوالئية المعنية‪ .‬وفي حالة تعديل الحدود اإلقليمية‪ ،‬فان حقوق والتزامات بالواليات‬
‫‪4‬‬
‫المعنية تعدل تبعا لذلك‪.‬‬
‫ثانيا لمحة تاريخية عن الوالية‪:‬‬
‫يمكن أن نميز بين مرحلتين أساسيتين كان قد مر بهما التنظيم الوالئي بالجزائر وهما‪ :‬مرحلة االستعمار‬
‫ومرحلة االستقالل‪.‬‬
‫أ‪ .‬مرحلة االستعمار‪ :‬قام االحتالل الفرنسي منذ ‪ 1845‬وبصفة تعسفية تقسيم البالد الى ثالثة أقاليم‪ ،‬ثم‬
‫أحدثت تقسيمات تعسفية أخرى في األقاليم الثالثة إلخضاع السكان ألنظمة اإلدارة المدنية والعسكرية‬
‫‪5‬‬
‫االستعمارية حسب كثافة الجيش والمعمرين‪ .‬وفي هذه المرحلة يمكن تسجيل المالحظات األساسية التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬لقد تم اخضاع مناطق وإقليم الجنوب إلى السلطة العسكرية‪ ،‬بينما قسم الشمال في البداية إلى‬
‫ثالث عماالت (واليات)هي‪ :‬الجزائر‪ ،‬وهران‪ ،‬قسنطينة‪ .‬مع اخضاعها نسبيا إلى القانون‬
‫المتعلق بالعماالت في فرنسا وذلك منذ التقسيم الوارد باألمر الصادر في ‪ 15‬أفريل ‪1845‬‬
‫والمتعلق بإدارة األقاليم المدنية‪ ،‬إلى حين صدور المرسوم (‪ )601-56‬المؤرخ في ‪ 28‬جوان‬

‫‪ 1‬أنظر المادة (‪ )01‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬المؤرخ في ‪ 7‬أفريل ‪1990‬‬


‫‪ 2‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D‬‬
‫‪ 3‬سويقات أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60.‬‬
‫‪ 4‬أنظر المواد (‪ )7 .6 .5 .4 .3 .2‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬المؤرخ في ‪ 7‬أفريل ‪1990‬‬
‫‪ 5‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬قانون اإلدارة المحلية الجزائرية (عنابة‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،)2004 ،‬ص ص‪.113 .111.‬‬
‫‪35‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ 1956‬المتضمن اإلصالح اإلداري بالجزائر‪ .‬ومع نهاية االستعمار الفرنسي كان بالجزائر‬
‫‪ 15‬عمالة و‪ 91‬دائرة‪.‬‬
‫‪ .2‬إن نظام العماالت في الجزائر خالل الفترة االستعمارية شكل صورة لعدم التركيز اإلداري‪،‬‬
‫فقد كانت مجرد وحدة إدارية للتمكين االستعماري واطارا لتنفيذ سياساته وخططه الهدامة‪.‬‬
‫‪ .3‬قام المحافظ (الوالي) بإدارة وتسيير العمالة‪ ،‬وقد كان خاضعا للسلطة الرئاسية للحاكم العام‪،‬‬
‫كما كان يتمتع بصالحيات وسلطات واسعة يمارسها بمساعدة نواب له في نطاق الدوائر‬
‫كأجزاء إقليمية إدارية للعمالة‪.‬‬
‫‪ .4‬تم احداث هيئتين أساسيتين إلى جانب عامل العمالة (المحافظ أو الوالي) وهما‪:‬‬
‫أ‪ .‬مجلس العمالة‪ :‬حيث كان يمارس مهامه تحت رئاسة عامل العمالة وعضوية عدد من‬
‫الموظفين تعينهم السلطة المركزية (الحاكم العام)‪ ،‬وله عدة اختصاصات إدارية‬
‫وقضائية‪.‬‬
‫ب‪ .‬المجلس العام‪ :‬في البداية كان يتشكل عن طريق تعيين أعضائه من أعيان البلد‪ ،‬الى‬
‫حين اعتماد نظام االنتخاب سنة ‪ ،1908‬والذي أنشأ هيئتين انتخابيتين (المعمرين‬
‫واألهالي)‪ ،‬لتتحدد نسبة التمثيل لألهالي ب ‪ 5/2‬من مجموع مقاعد هذا المجلس سنة‬
‫‪ ،1944‬بعد أن كانت (ربع) ‪ 4/1‬سنة ‪.1919‬‬
‫ب‪ .‬مرحلة االستقالل‪ :‬قامت الحكومة الجزائرية بعد االستقالل بتبسيط الصالحيات العمالية وإعادة‬
‫‪1‬‬
‫تنظيمها وتحديدها على فترات كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الفترة األولى‪ :‬تم فيها احداث لجان عمالية (جهوية) للتدخل االقتصادي واالجتماعي ‪D.I..E.S .C‬‬
‫وتضم ممثلين عن المصالح اإلدارية وممثلين عن السكان يعينهم عامل العمالة (الوالي)‪ ،‬والذي‬
‫تؤول اليه رئاسة اللجنة‪ .‬كما أنه كان لها دور استشاري ومساعدة عامل العمالة في صالحياته‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وقد اختفت تماما هذه اللجان على الصعيد القانوني بعد صدور األمر‬
‫الذي أسس المجالس العمالية االقتصادية االجتماعية سنة ‪.1967‬‬
‫‪ .2‬الفترة الثانية‪ :‬بعد االنتخابات البلدية عام ‪ 1967‬تم استخالف اللجنة السابقة بمجلس جهوي‬
‫(عمالي أو والئي) اقتصادي واجتماعي ‪ A.D..E.S‬والذي كان يتشكل من جميع رؤساء المجالس‬
‫الشعبية البلدية بالعمالة‪ ،‬مع إضافة ممثل عن كل من الحزب‪ ،‬النقابة‪ ،‬والجيش‪.‬‬
‫وقد استمر هذا الوضع إلى أن صدر أول نص قانوني المتمثل في أمر(‪ )38-69‬المؤرخ في ‪23‬‬
‫ماي‪ 1969‬المتضمن قانون الوالية‪ ،‬والذي أوكلت بموجبه للوالية مهام سياسية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪،‬‬
‫وثقافية مع التركيز على دورها في مساعدة وتنشيط البلديات‪ ،‬باإلضافة الى مهامها ذات الطابع التنظيمي‬
‫واإلداري‪.‬‬
‫وطبقا لألمر (‪ )38-69‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ ،1969‬فقد قام التنظيم الوالئي في الجزائر على ثالثة‬
‫‪2‬‬
‫أجهزة أساسية وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬المجلس الشعبي الوالئي‪ :‬وهو هيئة منتخبة على غرار المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬

‫‪ 1‬حمادو سليمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.38 .‬‬


‫‪ 2‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.116 .115 .‬‬
‫‪36‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬المجلس التنفيذي للوالية‪ :‬ويتشكل تحت سلطة الوالي من مديري ومسؤولي مصالح الدولة‬
‫المكلفين بمختلف أقسام النشاط في إقليم الوالية‪.‬‬
‫‪ .3‬الوالي‪ :‬ويمثل سلطة الدولة في الوالية ومندوب الحكومة بها‪ ،‬ويتم تعيينه من طرف رئيس الدولة‪.‬‬
‫ثالثا هيئات تسيير الوالية حسب القانون الوالئي (‪:)09/90‬‬
‫للوالية هيئتان هما‪ :‬المجلس الشعبي الوالئي والوالي وهذا ما نصت عليه المادة (‪ )8‬من قانون الوالية‬
‫‪ 1990‬وسيتم التطرق لهاتين الهيئتين كما يلي‪:‬‬
‫أ‪.‬المجلس الشعبي الوالئي واختصاصاته‪:‬‬
‫يعرف المجلس الشعبي الوالئي على أنه جهاز مداولة على مستوى الوالية ويعتبر األسلوب األمثل‬
‫للقيادة الجماعية والصورة الحقيقية التي بموجبها يمارس سكان اإلقليم حقهم في تسييره والسهر على‬
‫‪1‬‬
‫شؤونه ورعاية مصالحه‪.‬‬
‫ويتشكل المجلس الشعبي الوالئي من مجموعة من المنتخبين تم اختيارهم وتزكيتهم من قبل سكان‬
‫الوالية من بين مجموعة من المترشحين المقترحين من قبل األحزاب أو المترشحين األحرار وعليه‬
‫فالمجلس يتشكل من المنتخبين فقط‪ .‬ويتراوح عدد أعضاء المجلس الشعبي الوالئي بين ‪ 35‬و ‪ 55‬عضوا‬
‫على أن تكون كل دائرة انتخابية ممثلة بعضو على األقل‪.‬‬
‫ويتم انتخاب رئيس المجلس الشعبي الوالئي للفترة االنتخابية (‪5‬سنوات) من طرف جميع أعضاء‬
‫المجلس باالقتراع السري وباألغلبية المطلقة في الدورة األولى‪ ،‬كما تجرى دورة ثانية يتم فيها االنتخاب‬
‫باألغلبية النسبية‪ ،‬وفي حالة تساوي األصوات يتم إعالن األكبر سنا رئيسا للمجلس‪ ،‬ويقوم رئيس المجلس‬
‫الشعبي الوالئي بتسيير شؤون المجلس بواسطة ديوان يتكون من موظفين بالوالية‪.‬‬
‫ويعقد المجلس الشعبي الوالئي أربعة دورات عادية في السنة مدة كل دورة ‪ 15‬يوما‪ ،‬يمكن تمديدها ‪7‬‬
‫أيام أخرى‪ ،‬ونص قانون الوالية (‪ )09/90‬على ضرورة إجراءها في تواريخ محددة‪ ،‬وإال عدت باطلة‪،‬‬
‫وهي أشهر‪ :‬مارس‪ ،‬جوان‪ ،‬سبتمبر وديسمبر‪ .‬وبالتالي يقوم رئيس المجلس الشعبي الوالئي بتوجيه‬
‫استدعاءات ألعضاء المجلس قبل عشرة أيام من تاريخ انعقاد الدورة مرفقة بجدول األعمال‪ .‬كما انه يعقد‬
‫دورات استثنائية (غير عادية) كلما اقتضت الحاجة لذلك‪ ،‬سواء بطلب من رئيس المجلس الشعبي الوالئي‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫أو ثلث (‪ )3/1‬أعضاء المجلس أو الوالي‪.‬‬
‫وبالنسبة الختصاصات المجلس الشعبي الوالئي فقد نصت المادة (‪ )55‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬أن‬
‫‪3‬‬
‫يعالج المجلس الشعبي الوالئي جميع الشؤون التابعة الختصاصاته عن طريق المداولة‪.‬‬
‫ويتداول المجلس الشعبي الوالئي في المجاالت التالية‪:‬‬
‫‪.1‬الفالحة والري‪ :‬وذلك من خالل توسيع وترقية الفالحة‪ ،‬الوقاية من اآلفات الطبيعية‪ ،‬التشجير وحماية‬
‫البيئة والغابات‪ ،‬الصحة الحيوانية‪ ،‬المياه الصالحة للشرب وتطهير المياه‪.‬‬
‫‪.2‬الهياكل األساسية االقتصادية‪ :‬ويتم ذلك بالقيام باألنشطة التالية (تهيئة طرق الوالية وصيانتها‬
‫وتصنيفها‪ ،‬ترقية هياكل استقبال األنشطة‪ ،‬اإلنارة الريفية وفك العزلة)‪.‬‬

‫‪ 1‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.232 .‬‬


‫‪ 2‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.119.‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة (‪ )55‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪37‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪.3‬التجهيزات التربوية والتكوينية‪ :‬إذ تتولى الوالية انجاز وصيانة مؤسسات التعليم الثانوي والتقني‬
‫والتكوين المهني‪.‬‬
‫‪.4‬النشاط االجتماعي والثقافي‪ :‬حيث يتولى المجلس القيام بعدة أعمال كالتشغيل‪ ،‬انجاز هياكل الصحة‬
‫العمومية‪ ،‬القيا م بأعمال الوقاية الصحية‪ ،‬مساعدة الفئات االجتماعية المحتاجة إلى رعاية (المعوقين‪،‬‬
‫المسنين)‪ ،‬إنشاء المؤسسات الثقافية والرياضية وبعث تنمية التراث الثقافي والسياحي بالوالية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.5‬السكن‪ :‬فالمجلس يساهم ويشجع على البناء والتعاونيات العقارية‪.‬‬
‫ب‪.‬الوالي وصالحياته‪:‬‬
‫يعتبر الوالي سلطة إدارية وسلطة سياسية في نفس الوقت‪ ،‬ويستخلص من النصوص القانونية بأنه‬
‫يشكل السلطة األساسية في الوالية‪ ،‬وعلى هذا األساس فهو يتمتع بصالحيات هامة جدا تتمثل في كونه من‬
‫جهة ممثل للدولة ومن جهة أخرى ممثل للوالية‪.‬‬
‫وطبقا للمرسوم الرئاسي رقم ‪ 44_89‬الصادر في ‪ 1989_04_10‬وغيره من النصوص خاصة‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 25_90‬المؤرخ في ‪ 1990_07_25‬المتعلق بالتعيين في الوظائف العليا في‬
‫اإلدارة المحلية‪ ،‬فانه ينعقد االختصاص بتعيين الوالي إلى رئيس الجمهورية بموجب مرسوم رئاسي يتخذ‬
‫في مجلس الوزراء بناءا على اقتراح من وزير الداخلية‪ .‬كما يتم انتهاء مهامه طبقا لقاعدة توازي األشكال‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫بموجب مرسوم رئاسي وباإلجراءات نفسها المتبعة لدى تعيينه‪.‬‬
‫تتعدد وتتنوع صالحيات الوالي‪ ،‬إذ أن الوالي يتمتع بوضعية قانونية مركبة ومتميزة فهو إلى جانب أنه‬
‫يمثل السلطة المركزية بمختلف الوزراء على مستوى إقليم الوالية‪ ،‬فهو يمثل هيئة تنفيذية للمجلس الشعبي‬
‫الوالئي‪ ،‬كما يعتبر الوالي كذلك الرئيس اإلداري للوالية‪.‬‬
‫أوال صالحيات الوالي باعتباره ممثال للدولة‪:‬‬
‫ذكرت المادة (‪ )92‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬أن الوالي هو ممثل للدولة ومندوب الحكومة في‬
‫مستوى الوالية وينفذ قرارات الحكومة زيادة على التعليمات التي يتلقاها من كل وزير من الوزراء‪،‬‬
‫وقد أشارت المادة (‪ )93‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬أن الوالي ينشط وينسق ويراقب عمل مصالح‬
‫الدولة المكلفة بمختلف قطاعات النشاط في الوالية باستثناء ما يلي‪( :‬العمل التربوي والتنظيم في‬
‫ميدان التربية والتكوين‪ ،‬وعاء الضرائب وتحصيلها‪ ،‬الرقابة المالية للنفقات العمومية وتصفيتها‪ ،‬إدارة‬
‫الجمارك‪ ،‬مفتشية العمل‪ ،‬مفتشية الوظيف العمومي‪ ،‬المصالح التي يتجاوز نشاطها بالنظر إلى‬
‫طبيعتها أو خصوصيتها إقليم الدولة) ‪.‬‬
‫وباعتباره ممثال للدولة فإنه يسهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات واألوامر‪ ،‬كما يتمتع الوالي بسلطة‬
‫الضبط اإلداري (الشرطة اإلدارية) وفقا لما جاءت به المادة (‪ )96‬من قانون الوالية(‪ ،)09/90‬إذ يعد‬
‫‪3‬‬
‫الوالي مسؤوال عن حماية النظام والحفاظ على أمن وسالمة السكان‪.‬‬
‫ثانيا صالحيات الوالي باعتباره هيئة تنفيذية للمجلس الشعبي الوالئي‪:‬‬
‫وبصفة الوالي هيئة تنفيذية للمجلس الشعبي الوالئي فانه يتولى تنفيذ القرارات الناتجة عن مداوالت‬
‫المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة (‪ )103‬من قانون الوالية (‪ ،)09/90‬إذ أنه ملزم قانونا‬

‫‪ 1‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.121.‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.125.‬‬
‫‪ 3‬أنظر المواد (‪ )96 .95 .94 .93 .92‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪38‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫بتقديم تقرير في كل دورة يتضمن تنفيذ مداولة المجلس الشعبي السابقة مصالح الدولة على مستوى‬
‫الوالية‪ ،‬كما أنه يزود المجلس بكافة الوثائق والمعلومات لحسن سير أعماله ودوراته‪ ،‬باإلضافة إلى أن‬
‫الوالي يسهر على إشهار مداوالت المجلس ويوجه التعليمات لمختلف المصالح من أجل تنفيذ ما تداول‬
‫‪1‬‬
‫حوله المجلس‪.‬‬
‫ثالثا صالحيات الوالي باعتباره ممثال للوالية‪:‬‬
‫يمثل الوالي الوالية في جميع األعمال المدنية واإلدارية طبقا للتشريع الساري المفعول‪ ،‬كما يمثلها أمام‬
‫‪2‬‬
‫القضاء سواء كان مدعيا أو مدعى عليه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ومن الناحية المالية يعد الوالي اآلمر بالصرف على مستوى الوالية‪ ،‬ويتولى إبرام العقود باسمها‪.‬‬
‫رابعا هيئات تسيير الوالية حسب القانون الوالئي (‪:)07/12‬‬
‫للوالية هيئتان هما‪ :‬المجلس الشعبي الوالئي والوالي‪.‬‬
‫أ‪.‬المجلس الشعبي الوالئي واختصاصاته‪:‬‬
‫يعرف المجلس الشعبي الوالئي على أنه جهاز مداولة على مستوى الوالية ويعتبر األسلوب األمثل‬
‫للقيادة الجماعية والصورة الحقيقية التي بموجبها يمارس سكان اإلقليم حقهم في تسييره والسهر على‬
‫‪4‬‬
‫شؤونه ورعاية مصالحه‪.‬‬
‫يعتبر المجلس الشعبي الوالئي هيئة المداولة في الوالية التي تحل عن طريق المداولة‪ ،‬الشؤون التي‬
‫تدخل في مجال اختصاصه‪ ،‬وحول كل شأن ذو مصلحة للوالية‪ .‬اما بالنسبة لنظامه الداخلي فان المجلس‬
‫الشعبي الوالئي يعد نظامه الداخلي ويصادق عليه ويعقد أربع (‪ )04‬دورات عادية في السنة برئاسة رئيس‬
‫المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬مدة كل دورة منها خمسة عشر (‪ )15‬يوما على األقل‪ .‬كما يمكن للمجلس الشعبي‬
‫‪5‬‬
‫الوالئي أن يجتمع في دورة غير عادية بطلب من رئيسه أو ثلث (‪ )3/1‬أعضائه أو بطلب من الوالي‪.‬‬
‫ويتشكل المجلس الشعبي الوالئي من مجموعة من المنتخبين الذين يتم انتخابهم من بين القوائم‬
‫المقترحين من قبل األحزاب أو المترشحين األحرار وينتخبون رئيسا خالل ‪ 08‬أيام التي تلي تنصيبه‬
‫وبدوره يقوم باختيار نوابه حسب المقاعد المكونة للمجلس الشعبي الوالئي‪ .‬ويتراوح عدد أعضاء المجلس‬
‫‪6‬‬
‫الشعبي الوالئي ما بين ‪ 35‬و‪ 55‬عضوا حسب التعداد السكاني للواليات‪.‬‬
‫وللقيام بأعماله على وجه حسن فإن المجلس الشعبي الوالئي يشكل من بين أعضاءه لجانا دائمة للمسائل‬
‫التابعة لمجال اختصاصه وال سيما المتعلقة باآلتي‪7:‬‬

‫‪ -‬التربية والتعليم العالي والتكوين المهني‪.‬‬


‫‪ -‬االقتصاد والمالية‪.‬‬
‫‪ -‬الصحة والنظافة وحماية البيئة‪.‬‬
‫‪ -‬االتصال وتكنولوجيات اإلعالم‪.‬‬

‫‪ 1‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.263 .‬‬


‫‪ 2‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.127.‬‬
‫‪ 3‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.263.‬‬
‫‪ 4‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.232.‬‬
‫‪ 5‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ 2016/06/07 :‬الساعة‪ 00.33 :‬على الرابط‬
‫التالي‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D :‬‬
‫‪ 6‬سويقات أحمد‪" ،‬الجماعات اإلقليمية ووحدة إقليم الدولة في الجزائر"‪ ،‬في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد‬
‫الرابع عشر (جانفي ‪ ،)2016‬ص‪.61.‬‬
‫‪ 7‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D‬‬
‫‪39‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬تهيئة اإلقليم والنقل‪.‬‬


‫‪ -‬التعمير والسكن‪.‬‬
‫‪ -‬الري والفالحة والغابات والصيد البحري والسياحة‪.‬‬
‫‪ -‬الشؤون االجتماعية والثقافة والشؤون الدينية والوقف والرياضة والشباب‪.‬‬
‫‪ -‬التنمية المحلية‪ ،‬التجهيز واالستثمار والتشغيل‪.‬‬
‫ويمكنه أيضا تشكيل لجان خاصة لدراسة كل المسائل األخرى التي تهم الوالية‪ ،‬وينتحب المجلس‬
‫الشعبي الوال ئي رئيسه من بين أعضاءه للعهدة االنتخابية‪ ،‬حيث يجري انتخاب هذا الرئيس باالقتراع‬
‫السري وباألغلبية المطلقة‪.‬‬
‫وبالنسبة الختصاصات المجلس الشعبي الوالئي فإنه يعالج جميع الشؤون التابعة الختصاصاته عن‬
‫طريق المداولة‪.‬‬
‫ويتداول المجلس الشعبي الوالئي في المجاالت التالية‪ :‬الصحة العمومية وحماية الطفولة واألشخاص‬
‫ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬السياحة‪ ،‬االعالم واالتصال‪ ،‬التربية والتعليم العالي والتكوين‪ ،‬الشباب‬
‫والرياضة والتشغيل‪ ،‬السكن والتعمير وتهيئة إقليم الوالية‪ ،‬الفالحة والري والغابات‪ ،‬التجارة واالسعار‬
‫والنقل‪ ،‬الهياكل ا لقاعدية واالقتصادية‪ ،‬التضامن ما بين البلديات المحتاجة والتي يجب ترقيتها‪ ،‬التراث‬
‫الثقافي المادي وغير المادي والتاريخي‪ ،‬حماية البيئة‪ ،‬التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬ترقية‬
‫‪1‬‬
‫المؤهل النوعية المحلية‪.‬‬
‫ب‪ .‬الوالي واختصاصاته‪:‬‬
‫يعتبر الوالي سلطة إدارية وسلطة سياسية في نفس الوقت‪ ،‬ويستخلص من النصوص القانونية بأنه‬
‫يشكل السلطة األساسية في الوالية‪ ،‬وعلى هذا األساس فهو يتمتع بصالحيات هامة جدا تتمثل في كونه من‬
‫جهة ممثل للدولة ومن جهة أخرى ممثل للوالية‪.‬‬
‫يعين الوالي عن طريق مرسوم رئاسي طبقا للمادة ‪ 78‬من الدستور‪ ،‬وهو يتمتع بازدواجية وظيفية‪،‬‬
‫فهو ممثل الدولة على مستوى الوالية ومفوض الحكومة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أ‪-‬صالحيات الوالي بصفته ممثال للوالية‪ :‬يقوم الوالي بصفته ممثال للوالية بالمهام التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬يسهر الوالي على تنفيذ القوانين والتنظيمات ويضمن تنفيذ قرارات المجلس الشعبي الوالئي طبقا‬
‫للمادة ‪ 102‬من القانون ‪ 07/12‬المؤرخ في ‪ 21‬فبراير ‪ 2012‬المتعلق بالوالية‪.‬‬
‫‪ .2‬يقدم الوالي عند افتتاح كل دورة عادية تقريرا عن تنفيذ المداوالت المتخذة خالل الدورات السابقة‪.‬‬
‫‪ .3‬يطلع المجلس الشعبي الوالئي سنويا على نشاط القطاعات غير الممركزة بالوالية‪ ،‬طبقا للمادة‬
‫‪ 103‬من قانون الوالية‪.‬‬
‫‪ .4‬ينشط الوالي وينسق ويراقب المصالح والمؤسسات العمومية الموضوعة في الوالية‪.‬‬
‫‪ .5‬يمثل الوالي الوالية في جميع أعمال الحياة المدنية واإلدارية‪ .‬ويؤدي باسم الوالية‪ ،‬كل أعمال‬
‫إدارة األمالك والحقوق التي تتكون منها ممتلكات الوالية‪ .‬ويبلغ المجلس الشعبي الوالئي بذلك‪.‬‬
‫‪ .6‬يمثل الوالي الوالية أمام القضاء كطالب أو مدافع ما عدا الحالة التي يكون فيها األطراف‬
‫المتنازعين هم الدولة والجماعات اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ .7‬يعد الوالي‪ ،‬في اإلطار التقني‪ ،‬مشروع الميزانية ويتولى تنفيذها بعد مصادقة المجلس الشعبي‬
‫الوالئي عليه‪ ،‬وهو اآلمر بصرفها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق فإن الوالي يقوم باألعمال التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬سويقات أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.62.‬‬


‫‪ 2‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D‬‬
‫‪ 3‬سويقات أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.64.‬‬
‫‪40‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .1‬السهر على وضع المصالح الوالئية ومؤسساتها العمومية وحسن سيرها ويتولى تنشيط ومراقبة‬
‫نشاطاتها حسب التشريع‪.‬‬
‫‪ .2‬تقديم بيان سنوي أمام المجلس الشعبي الوالئي حول نشاطات الوالية‪.‬‬
‫‪ .3‬حضور دورات المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬وكذا التدخل أثناء أشغال المجلس الشعبي الوالئي بناء‬
‫على طلبه أو بطلب من أعضاء المجلس‪.‬‬
‫‪ .4‬اخطاره من طرف رئيس المجلس عند انشاء لجنة تحقيق‪ ،‬واخطاره بالمداولة الخاصة بفقدان أي‬
‫عضو بالمجلس صفة المنتخب‪ ،‬وتبليغه بالمداولة الخاصة بإقرار استقالة أي عضو من المجلس‪.‬‬
‫‪ .5‬اقتراح مندوبية والئية خالل ‪ 10‬أيام التي تلي حل المجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬
‫‪ .6‬اقتراح المواضيع الخاصة بالوالية والتي تدخل في إطار صالحيات المجلس الشعبي الوالئي من‬
‫أجل التداول‪.‬‬
‫‪ .7‬اصدار قرارات من أجل تنفيذ مداوالت المجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬
‫‪ .8‬اعداد الحساب اإلداري للوالية‪.‬‬
‫‪ .9‬استدعاء المجلس الشعبي الوالئي في دورة غير عادية عندما ال يصوت على مشروع الميزانية‬
‫بسبب اختالل داخل المجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬
‫نقل االعتمادات داخل الباب الواحد أومن باب الى باب في حالة االستعجال باالتفاق مع‬ ‫‪.10‬‬
‫مكتب المجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬
‫الموافقة على القانون الداخلي للمجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬ ‫‪.11‬‬

‫‪1‬‬
‫ب‪-‬صالحيات الوالي باعتباره ممثال للدولة‪ :‬يمكن حصر صالحيات الوالي بصفته ممثال للدولة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬حماية حقوق المواطنين وحرياتهم‪.‬‬
‫‪ .2‬السهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات وعلى احترام رموز الدولة وشعاراتها على إقليم الوالية‪.‬‬
‫‪ .3‬المحافظة على النظام واألمن والسالمة والسكينة العمومية في إطار الضبطية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .4‬تنسيق نشاطات مصالح األمن المتواجدة على إقليم الوالية‪ ،‬ورؤساء مصالح األمن بإعالمه بكل‬
‫القضايا المتعلقة باألمن العام والنظام العمومي على مستوى الوالية‪.‬‬
‫‪ .5‬تسخير قوات الشرطة والدرك الوطني المتواجدة على إقليم الوالية ال سيما في الظروف‬
‫االستثنائية‪.‬‬
‫‪ .6‬وضع تدابير الدفاع والحماية التي ال تكتسي طابعا عسكريا والعمل على تنفيذها‪.‬‬
‫‪ .7‬توضع تحت تصرفه مصالح األمن قصد تطبيق القرارات الخاصة بحماية حقوق المواطنين‬
‫وتجسيد تدابير الدفاع والحماية‪.‬‬
‫‪ .8‬اعداد مخططات تنظيم اإلسعافات في الوالية وتحسينها وتنفيذها‪ ،‬كما يمكنه تسخير األشخاص‬
‫والممتلكات في إطار هذه المخططات‪.‬‬
‫‪ .9‬حفظ أرشيف الدولة والوالية والبلديات‪.‬‬
‫‪ .10‬اآلمر بصرف ميزانية الدولة الخاصة بالتجهيز المخصصة له بالنسبة لكل البرامج المقررة لصالح‬
‫تنمية الوالية‪.‬‬
‫‪ .11‬يرأس لجنة الصفقات الوالئية‪.‬‬

‫‪ 1‬سويقات أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63.‬‬


‫‪41‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .12‬يرأس اللجنة اإلدارية المتساوية األعضاء‪ ،‬ولجنة الطعن اإلداري على مستوى الوالية‪.‬‬
‫وقد كرس المشرع الجزائري دور الوالي كممثل للدولة على المستوى المحلي ومفوض الحكومة‬
‫بممارسة الضبط اإلداري والمحافظة على السكينة العمومية‪ ،‬فقد جاء في الفصل األول من الباب الثالث‬
‫في قانون الوالية في المادة ‪" 114‬أن الوالي مسؤول على المحافظة على النظام واألمن والسالمة والسكينة‬
‫العمومية‪ ،‬ويتخذ في ذلك القرارات ويتولى تنسيق نشاطات مصالح األمن الموجودة على إقليم الوالية"‪،‬‬
‫وتظهر سلطات الوالي محددة االختصاص النوعي والمكاني في المحافظة على السكينة العمومية في عدة‬
‫مجاالت نظمها القانون كاالجتماعات والمظاهرات العمومية وحركة المرور عبر الطرق وسالمته‬
‫‪1‬‬
‫وأمنها‪.‬‬
‫ج‪ .‬الدائـــرة‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫الدائرة هي امتداد إداري للوالية‪ ،‬تمثل مستوى وسيط يساعد البلديات في أداء مهامها‪ .‬وهي ال تتمتع‬
‫بالشخصية المعنوية وال باالستقاللية المالية‪.‬‬
‫يقوم رئيس الدائرة بمساعدة الوالي في مهامه خاصة فيما يتعلق بالرقابة‪ ،‬المتابعة وتنشيط البلديات‬
‫المرتبطة بكل دائرة‪.‬‬
‫يعمل رئيس الدائرة على التوجيه‪ ،‬التنسيق‪ ،‬مراقبة نشاط البلديات المرتبطة بدائرته‪ .‬كما يكلف بتشجيع‬
‫كل مبادرة فردية أو جماعية للبلديات التي ينشطها‪ .‬من صالحياته كذلك أنه يعطي رأي استشاري حول‬
‫تعيين مسؤولي الهياكل التقنية للدائرة التابعة إلدارة الدولة‪ .‬أما األمين العام للدائرة فانه يكلف بمتابعة‬
‫المهام الموكلة للهياكل المرتبطة بالدائرة والتنسيق فيما بينها‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الرقابة على اإلدارة المحلية الجزائرية‬


‫يقتضي تنظيم الدولة الموحدة البسيطة إيجاد نوع من التكامل بين مبدأ التسيير اإلداري الحر والمستقل‬
‫للجماعات اإلقليمية ومبدأ الرقابة على هذه الجماعات‪ ،‬فمن الضروري عند وضع التنظيم القانوني لهذه‬
‫الرقابة من طرف المشرع تنظيمها بشكل يسمح بفرض رقابة ناجعة على تدخالت الجماعات اإلقليمية‬
‫باعتبارها جزء من إقليم الدولة إللزامها بتطبيق القوانين الوطنية دون التضحية باالستقالل الذي يقتضيه‬
‫‪3.‬‬
‫تسيير الشؤون التي يخولها إياها القانون‬
‫أوال الرقابة على البلدية‪:‬‬
‫على الرغم من تمتع البلدية بشخصية معنوية واستقالل مالي إال أن أعمالها تخضع للرقابة وتمس هذه‬
‫الرقابة أعضاء المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬أعمال البلدية وتصرفاتها والرقابة على المجلس الشعبي البلدي‬
‫كهيئة‪.‬‬
‫‪ .1‬الرقابة على أعضاء المجلس الشعبي البلدي‪ :‬يخضع أعضاء المجلس الشعبي البلدي (المنتخبين‬
‫البلديين) إلى رقابة إدارية تمارسها الجهة الوصية (الوالية) وتأخذ هذه الرقابة الصور التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬إسماعيل جابوربي‪ "،‬اختصاصات الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي في المحافظة على السكينة العمومية كأحد أهداف الضبط اإلداري في‬
‫الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 17‬جوان ‪ ،)2017‬ص‪.‬‬
‫‪.147‬‬
‫‪ 2‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D‬‬
‫‪ 3‬زغداوي محمد‪ " ،‬المجموعات اإلقليمية في الجزائر‪ :‬أية إصالحات"‪ ،‬في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬العدد ‪( 35‬جوان‬
‫‪ ،)2011‬ص‪.206 .‬‬
‫‪42‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .1‬التوقيف‪ :‬تشير المادة (‪ )32‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬على أنه " عندما يتعرض منتخب إلى‬
‫متابعة جزائية تحول دون مواصلة مهامه يمكن توقيفه‪ ،‬ويصدر قرار التوقيف معلال من قبل‬
‫الوال ي بعد استطالع رأي المجلس الشعبي البلدي وذلك إلى غاية صدور قرار نهائي من‬
‫‪1‬‬
‫الجهة القضائية‪.‬‬
‫‪ .2‬االقالة‪ :‬جاء في المادة (‪ )31‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬أنه" يصرح للوالي فورا بإقالة كل‬
‫عضو في المجلس الشعبي البلدي تبين بعد انتخابه‪ ،‬أنه غير قابل لالنتخاب قانونا أو تعتريه‬
‫‪2‬‬
‫حالة من حاالت التنافي"‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلقصاء‪ :‬إن اإلقصاء يختلف عن اإلقالة على اعتبار أنه إجراء تأديبي وعقابي مقرون بعقوبة‬
‫جزائية‪ ،‬مما يتعارض مع بقاء العضو بالمجلس الشعبي البلدي وهو ما نصت عليه المادة‬
‫(‪ )33‬من قانون البلدية (‪ " )08/90‬يقصى نهائيا من المجلس الشعبي البلدي المنتخب البلدي‬
‫الذي تعرض إلدانة جزائية في إطار أحكام المادة (‪ )32‬من قانون البلدية (‪ ،)08/90‬ويعلن‬
‫‪3‬‬
‫المجلس الشعبي البلدي قانونا هذا اإلقصاء‪ ،‬يصدر الوالي قرار إثبات اإلقصاء "‪.‬‬
‫‪ .2‬الرقابة على أعمال البلدية وتصرفاتها‪ :‬وتتخذ الرقابة على أعمال البلدية عدة أشكال منها التصديق‬
‫على المداوالت الخاصة بالميزانيات والحسابات وكذا إحداث مصالح ومؤسسات عمومية بلدية‪ ،‬وقد حدد‬
‫‪4.‬‬
‫المشرع مجموع حاالت إبطال وإلغاء المداوالت من طرف الوالي‬
‫‪ .3‬الرقابة على المجلس الشعبي البلدي كهيئة‪ :‬وتكون هذه الرقابة بإنهاء حياة الهيئة انهاءا قانونيا ويتمثل‬
‫في حلها وتجريد أعضائها من الصفة التي يحملونها‪ ،‬وطبقا للمادة (‪ )34‬من قانون البلدية (‪)08/90‬‬
‫المتممة بموجب األمر ‪ 03_05‬المؤرخ في ‪ 18‬جويلية ‪ 2005‬فإن المجلس البلدي يحل في الحاالت‬
‫‪5‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عندما يصبح عدد المنتخبين أقل من نصف عدد األعضاء وبعد تطبيق أحكام االستخالف‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة االستقالة الجماعية ألعضاء المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة وجود اختالف خطير بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي الذي يحول دون السير العادي‬
‫لهيئات البلدية‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة ضم بلديات لبعضها أو تجزئتها‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يكون اإلبقاء على المجلس من شأنه أن يشكل مصدرا لالختالل في التسيير وفي اإلدارة‬
‫المحلية أو يمس بمصالح المواطن وسكينته‪.‬‬
‫وبموجب المادة (‪ )35‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬فإنه" ال يمكن حل المجلس الشعبي البلدي إال‬
‫بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءا على تقرير من وزير الداخلية‪ .‬وقد أشارت المادة (‪ )36‬أنه‬
‫إذا وقع حل المجلس الشعبي البلدي سواء انجر عنه تجديده الكامل أو لم ينجر يتولى تسيير شؤون البلدية‬
‫مجلس مؤقت يعينه الوالي بقرار منه في األيام العشرة التالية للحل‪ .‬وتنتهي مهامه بمجرد تنصيب المجلس‬

‫‪ 1‬أنظر المادة (‪ )32‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة (‪ )31‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪ 3‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.100.‬‬
‫‪ 4‬ناجي عبد النور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪159. .‬‬
‫‪ 5‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.301.‬‬
‫‪43‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫البلدي الجديد‪ .‬إذ تجرى انتخابات جديدة في مهلة أقصاها ستة أشهر من أجل إبدال المجلس الشعبي البلدي‬
‫‪1‬‬
‫المنحل‪.‬‬
‫ب‪ .‬الرقابة على أعمال المجلس الشعبي البلدي حسب قانون البلدية (‪:)10/11‬‬
‫لقد أخضع المشرع أعمال المجلس الشعبي البلدي لسلطة الوصاية‪ ،‬بهدف المحافظة على وحدة الدولة‬
‫من جهة ومنح الجماعات اإلقليمية استقاللية في التسيير من جهة أخرى‪ ،‬وما ترتب على هذه الوصاية هو‬
‫‪2‬‬
‫خضوع جميع مداوالت المجلس الشعبي البلدي للمصادقة سواء كانت صريحة أو ضمنية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وبالنسبة لحل المجلس الشعبي البلدي فانه توجد حاالت يتم فيها حله وتجديده الكلي تتمثل في‪:‬‬

‫في حالة خرق أحكام دستورية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫في حالة إلغاء انتخاب جميع أعضاء المجلس‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫في حالة استقالة جماعية ألعضاء المجلس‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫عندما يكون اإلبقاء على المجلس مصدرا الختالالت خطيرة تم إثباتها في التسيير‬ ‫‪.4‬‬
‫البلدي أو من طبيعته المساس بمصالح المواطنين وطمأنينتهم‪.‬‬
‫عندما يصبح عدد المنتخبين أقل من األغلبية المطلقة وذلك بالرغم تطبيق أحكام‬ ‫‪.5‬‬
‫ال مادة‪ 41‬من نفس القانون‪.‬‬
‫في حالة اندماج بلديات أو ضمها أو تجزئتها‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫في حالة حدوث ظروف استثنائية تحول دون تنصيب المجلس المنتخب‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫وفي حالة حل المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬يعين الوالي‪ ،‬خالل العشرة (‪ )10‬أيام التي تلي حل المجلس‪،‬‬
‫متصرفا ومساعدين‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬توكل لهم مهمة تسيير شؤون البلدية‪ .‬وتنتهي مهامهم بقوة القانون فور‬
‫تنصيب المجلس الجديد‪.‬‬

‫ج‪ .‬الرقابة على رئيس المجلس الشعبي البلدي حسب قانون البلدية (‪:)10/11‬‬
‫تتخذ الرقابة على رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره عضوا منتخبا مثل باقي أعضاء المجلس الشعبي‬
‫‪4‬‬
‫البلدي عدة صور وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬اإليقاف‪ :‬وهو عبارة عن تجميد مؤقت للعضوية فبموجبه يصبح رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫عضوا غير ممارس‪ ،‬وال يحق له حضور دورات المجلس الشعبي البلدي وال التصويت في‬
‫المداوالت‪ ،‬وذلك طبقا لنص المادة (‪ ،)43‬نتيجة لمتابعة قضائية بسبب جناية أو جنحة متعلقة‬
‫بالمال العام‪ ،‬أو ألسباب مخلفة بالشرف أو كان محل تدابير قضائية ال تمكنه من االستمرار في‬
‫ممارسة عهدته االنتخابية بصفة صحيحة كالحبس المؤقت مثال‪ .‬وتكون آلية اإليقاف بقرار من‬
‫الوالي إلى غاية صدور حكم نهائي ببراءته من الجهة القضائية المختصة فيلتحق تلقائيا بالمجلس‬
‫لمباشرة مهامه على أن يسلم القرار النهائي المثبت براءته كإجراء اداري يثبت وضعيته‪.‬‬
‫‪ .2‬االقصاء‪ :‬ويعتبر سقوط كلي ونهائي للعضوية ويكون ذلك بقوة القانون إذا كان رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي محل إدانة جزائية نهائية‪ ،‬وتكون آلية االقصاء بقرار من الوالي يثبت االقصاء‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلقالة‪ :‬تكون اإلقالة في حالة وجود رئيس المجلس الشعبي البلدي في إحدى حاالت التنافي أو‬
‫يتبين بعد انتخابه أنه غير قابل لالنتخاب قانونا‪ ،‬وقد أشارت المادة (‪ )02/70‬من قانون البلدية‬

‫‪ 1‬أنظر المواد (‪ 35‬و‪ )36‬من قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬


‫‪ 2‬سويقات أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.66.‬‬
‫‪ 3‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D‬‬
‫‪ 4‬يعيش تمام آمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.294 .‬‬
‫‪44‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫على "‪ ...‬يتم استخالف نائب الرئيس المتوفي أو المستقيل أو المقصى أو الممنوع قانونا حسب‬
‫نفس االشكال‪."....‬‬
‫‪ .4‬االستقالة التلقائية‪ :‬تكون االستقالة التلقائية لرئيس المجلس الشعبي البلدي في حالة الغياب غير‬
‫المبرر له ألكثر من شهر عن المجلس‪ ،‬فقد أطلق عليها المشرع مصطلح "التخلي عن المنصب"‪،‬‬
‫ويكون اثبات تخلي رئيس المجلس الشعبي البلدي عن المنصب باجتماع المجلس في جلسة‬
‫استثنائية بعد انقضاء ‪ 40‬يوما من غيابه حسب المادة (‪ )74‬من قانون البلدية‪.‬‬
‫‪ .5‬الحلول‪ :‬لقد أقرت المادة (‪ )101‬من قانون البلدية بأن حلول الوالي محل رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي ال يكون إال في حالة امتناع هذا األخير عن اتخاذ قرارات فرضت عليه القوانين‬
‫‪1:‬‬
‫والتنظيمات اتخاذها‪ .‬وال يتم ذلك إال بالشروط التالية‬
‫‪ -‬ال بد أن يقوم الوالي بإعذار رئيس المجلس الشعبي البلدي بضرورة اتخاذ القرار المطلوب‬
‫منه اتخاذه‪.‬‬
‫‪ -‬أن يحدد الوالي لرئيس المجلس الشعبي البلدي مهلة زمنية معينة بمقتضى هذا االعذار والتي‬
‫ينبغي على هذا األخير أن يتخذ القرار المطلوب منه خاللها‪.‬‬
‫‪ -‬مرور المدة القانونية المحددة في االعتذار دون قيام رئيس المجلس الشعبي البلدي باتخاذ‬
‫القرار المطلوب منها قانونيا‪.‬‬

‫ثانيا الرقابة على الوالية‪:‬‬


‫تخضع الوالية باعتبارها هيئة إدارية‪ ،‬إلى مختلف أنواع وصور الرقابة المبسوطة على البلدية‪،‬‬
‫وسيتم التطرق هنا إلى الرقابة اإلدارية المبسوطة على أعضاء وأعمال المجلس الشعبي الوالئي وباعتباره‬
‫إحدى هيئات الوالية‪.‬‬
‫أ‪ .‬الرقابة على األعضاء‪ :‬لقد أخضع المشرع أعضاء المجلس الشعبي الوالئي للرقابة للمحافظة على سير‬
‫وديمومة وانسجام المجلس الشعبي الوالئي وتتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلقالة الحكمية‪ :‬تشير المادة (‪ )40‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬أن "كل عضو في‬
‫مجلس شعبي والئي يجد نفسه تحت طائلة عدم قابلية لالنتخاب أو في حالة تنافي‬
‫منصوصا عليها قانونا يعد مستقيال فورا بموجب مداولة من المجلس الشعبي‬
‫‪2‬‬
‫الوالئي"‪.‬‬
‫أي أن سبب إبعاد العضو عن المجلس يكمن في عدم توافره على شروط االنتخاب أو أنه يشغل وظيفة‬
‫من بين الوظائف التي لم يسمح المشرع لمن يمارسها بحق الترشح‪ .‬ويعد العضو مستقيال بحكم القانون إذا‬
‫ثبت ذلك‪ .‬وعلى المجلس أن يتداول حول هذا األمر ويخطر الوالي بذلك‪ ،‬وإذا لم يتخذ المجلس المبادرة‬
‫‪3‬‬
‫جاز للوالي وبعد اعذار المجلس أن يخطر وزير الداخلية إلصدار قرار اإلقالة‪.‬‬
‫‪ .2‬اإليقاف‪ :‬وهي الحالة التي بموجبها يمكن توقيف عضوية المنتخب مؤقتا ألحد‬
‫األسباب التي ذكرتها المادة (‪ )41‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬وهي المتابعة‬
‫الجزائية إذ ال تسمح له بمتابعة ممارسة مهامه قانونا ويوقف بموجب مداولة من‬
‫المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬غير أن اإلعالن عن التوقيف يتم بقرار معلل صادر‬
‫‪4‬‬
‫عن وزير الداخلية إلى غاية صدور قرار الجهة القضائية‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلقصاء‪ :‬وهو إبعاد كلي ونهائي للعضو المنتخب في المجلس الشعبي الوالئي‬
‫بعدما تكون إدانته نهائية‪ ،‬وهو ما نصت عليه أحكام المادة (‪ )42‬تطبق أحكام‬

‫‪ 1‬يعيش تمام آمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.297 .‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة (‪ )40‬من قانون الوالية ‪ 09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪ 3‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.263 .‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة (‪ )41‬من قانون الوالية ‪ 09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪45‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫المادة (‪ )38‬على كل منتخب تعرض إلدانة جزائية تسلبه أهلية االنتخاب بعد‬
‫إقصائه يحل محله المترشح الوارد في نفس القائمة والذي يليه في المرتبة‬
‫‪1‬‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫ب‪ .‬الرقابة على أعمال المجلس الشعبي الوالئي‪ :‬تمارس على أعمال وتصرفات ومداوالت المجلس‬
‫الشعبي الوالئي عدة صور رقابية من قبل جهة الوصاية والمتمثلة في وزارة الداخلية‪ ،‬وتتمثل صور تلك‬
‫الرقابة في إجراءات التصديق واإللغاء‪.‬‬
‫‪ .1‬التصديق‪ :‬وهو نوعان تصديق ضمني وتصديق صريح‪.‬‬
‫التصديق الضمني‪ :‬إذ نصت المادة (‪ )49‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬على أنه تنفذ مداوالت‬
‫المجلس الشعبي الوالئي بحكم القانون فور قيام الوالي بنشرها وتبليغها إلى المعنيين في أجل ال‬
‫يتعدى ‪ 15‬يوما إال في حالة وجود أحكام مخالفة منصوص عليها في التشريع المعمول به وأحكام‬
‫‪2‬‬
‫المواد ‪50‬و‪51‬و‪ 52‬من قانون الوالية (‪.)09/90‬‬
‫التصديق الصريح‪ :‬إذ نصت المادة (‪ )50‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬ال تنفذ مداوالت المجلس‬
‫الشعبي الوالئي التي تتناول المواضيع التالية إال بعد المصادقة عليها‪:‬‬
‫‪ -‬الميزانيات والحسابات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬إحداث مصالح ومؤسسات عمومية والئية‪.‬‬
‫‪ .2‬اإللغاء‪ :‬ينعقد االختصاص بإلغاء مداوالت المجلس الشعبي الوالئي إلى وزير الداخلية بموجب قرار‬
‫مسبب إما لبطالنها بطالنا مطلقا أو بطالنا نسبيا‪.‬‬
‫البطالن المطلق‪ :‬عددت المادة (‪ )51‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬عيوب مداوالت المجلس الشعبي‬
‫الوالئي والتي تبطل بحكم القانون وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬المداوالت التي تخرق القانون أو التنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬مداوالت المجلس الشعبي الوالئي التي تخص مسألة خارجة عن صالحياته‪.‬‬
‫‪ -‬المداوالت التي تتم خارج االجتماعات القانونية للمجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬
‫البطالن النسبي‪ :‬اعتبر المشرع أن بعض المداوالت التي تكون معيبة بأحد العيوب تكون قابلة‬
‫لإل لغاء‪ ،‬وهي المداوالت التي يشارك فيها أعضاء من المجلس الشعبي الوالئي المعنيون بقضية‬
‫‪4‬‬
‫موضوع المداولة إما باسمهم الشخصي أو كوكالء‪.‬‬
‫ج‪ .‬الرقابة على الهيئة (المجلس الشعبي الوالئي)‪ :‬على الرغم من أن المجلس الشعبي الوالئي هيئة‬
‫منتخبة فقد خول المشرع للسلطة اإلدارية الرقابة عليه‪ ،‬وحتى ال يكون هناك تجاوز الستعمال هذه السلطة‬
‫فقد حددت بنص المادة (‪ )44‬من قانون الوالية (‪ )09/90‬المعدلة بموجب األمر رقم ‪ 04/05‬المؤرخ في‬
‫‪ 2005/7/18‬المتمم لقانون الوالية لسنة ‪ 1990‬إذ تضمنت هذه المادة الحاالت التي تؤدي إلى حل المجلس‬
‫الشعبي الوالئي والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬في حالة إلغاء نهائي النتخاب جميع أعضاء المجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬
‫‪ .2‬في حالة استقالة جماعية لجميع أعضاء المجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬
‫‪ .3‬عندما يصبح عدد المنتخبين أقل من نصف األعضاء حتى بعد تطبيق أحكام المادة (‪( )38‬أحكام‬
‫االستخالف)‪.‬‬
‫‪ .4‬في حالة اختالف خطير بين أعضاء المجلس والذي يعرقل السير العادي ألعمال للمجلس الشعبي‬
‫الوالئي‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادة (‪ )42‬من قانون الوالية ‪ 09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة (‪ )49‬من قانون الوالية ‪ 09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة (‪ )50‬من قانون الوالية ‪ 09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة (‪ )52‬من قانون الوالية ‪ 09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪46‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .5‬عندما يكون اإلبقاء على المجلس من شأنه أن يشكل مصدرا لالختالل في التسيير وفي اإلدارة‬
‫‪1‬‬
‫المحلية أو يمس بمصالح المواطن وسكينته‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار النظري للتخطيط االستراتيجي‬


‫إن التخطيط عملية ذهنية تسبق تنفيذ أي عمل‪ ،‬كما أنه ضرورة حتمية طالما يتعامل مع المستقبل الذي‬
‫يكتنفه الغموض ويرمي الى مواجهته بخطط منظمة سلفا لتحقيق أهداف محددة‪ .‬واإلنسان بطبعه كائن‬
‫مستقبلي مفطور على حاستين هما الذاكرة والتوقع‪ ،‬فهو ينظم حياته داخل شبكة ينسجها الماضي أو‬
‫الحاضر والمستقبل‪ ،‬فال غرور إذن أن يكون التخطيط استراتيجيا فظهور التخطيط االستراتيجي كأحدث‬
‫صورة من صور التخطيط في المنظمات أدى بهذه المنظمات إلى تغيير الكيفية التي تخطط بها‪ .‬وقد تم‬
‫تقسيم هذا المبحث الى أربعة مطالب اذ يتضمن المطلب األول مفهوم التخطيط االستراتيجي وأهميته‪ ،‬أما‬
‫المطلب الثاني فقد تناول مراحل التخطيط االستراتيجي‪ ،‬في حين أن المطلب الثالث تطرق الى شروط‬
‫نجاح التخطيط االستراتيجي‪ ،‬أما المطلب الرابع ففيه تناولنا معوقات التخطيط االستراتيجي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التخطيط االستراتيجي وأهميته‬
‫يعتبر التخطيط أسلوبا ومنهجا في التفكير المنطقي والعقالني‪ ،‬كما أنه يعد الوظيفة اإلدارية األولى في‬
‫المنظمة‪ ،‬اذ تتكامل هذه الوظيفة مع الوظائف اإلدارية األخرى من تنظيم وقيادة وتوجيه ورقابة وغيرها‪.‬‬
‫وتتم ممارسته من قبل الجميع وعلى كل المستويات‪ ،‬بدءا من المستوى الفردي والعائلي‪ ،‬وكذا المستويات‬
‫المحلية والوطنية والعالمية‪ ،‬ويتعلق التخطيط بالجوانب المستقبلية انطالقا من الحاضر‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم التخطيط‬
‫يعتبر التخطيط عملية علمية في غاية األهمية‪ ،‬ألنه يرسم الصورة التي ستكون عليها المنظمة‬
‫مستقبال‪ ،‬اعتمادا على معطيات الماضي كمقدمة من أجل توفير المتطلبات المادية والمالية والبشرية‬
‫الالزمة لتجسيده واقعيا في المستقبل‪.‬‬
‫أوال تعريف التخطيط‪:‬‬
‫يعد التخطيط نقطة البداية في أي عملية إدارية حيث ال يمكن أن نتخيل مديرا يؤدي عمله بكفاءة دون‬
‫أن يمارس وظيفة التخطيط‪ .‬وهناك عدة تعاريف تناولت مفهوم التخطيط نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫التعريف الذي قدمه جورج تيري والذي يرى أن‪" :‬التخطيط هو االختيار المرتبط بالحقائق ووضع‬
‫واستخدام الفروض المتعلقة بالمستقبل عند تصور وتكوين األنشطة المقترحة التي يعتقد بضرورتها‬
‫لتحقيق النتائج المنشودة‪2 .‬‬

‫في حين عرفه سليمان الطماوي بأنه‪" :‬التدبير الذي يرمي إلى مواجهة المستقبل بخطط منظمة سلفا‬
‫لتحقيق أهداف محددة‪ ،‬وهو بهذا المعنى ظاهرة اجتماعية عامة تشمل المشروعات الخاصة والمشروعات‬
‫العامة‪ ،‬ويمارسه األفراد في حياتهم الخاصة‪ ،‬وال ينعدم إال في الجماعات البدائية التي تعتمد اعتمادا كليا‬
‫على العادات والتقاليد‪ ،‬وتلك التي تكل أمورها للقوى الغيبية‪ ،‬فالتخطيط يقوم على عنصرين هامين هما‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫التنبؤ بالمستقبل واالستعداد لمواجهته‪".‬‬

‫‪1‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.267.‬‬


‫‪ 2‬سيد محمد جاد الرب‪ ،‬تنظيم وإدارة منظمات األعمال‪ :‬منهج متكامل في إطار الفكر اإلداري التقليدي والمعاصر (القاهرة‪ :‬مطبعة العشري‪،‬‬
‫‪ ،)2005‬ص‪.209.‬‬
‫‪ 3‬محمد محمد عبد الوهاب‪ ،‬البيروقراطية في اإلدارة المحلية (االزاريطة‪ :‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،)2004 ،‬ص‪.143 .‬‬
‫‪47‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ويتفق معه في هذا التعريف هنري فايول إذ يرى أن التخطيط يشمل التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل‬
‫‪1‬‬
‫مع االستعداد لهذا المستقبل‪.‬‬
‫في حين يرى جيمس ارشيرمان للتخطيط على أنه تصميم المستقبل المأمول وتطوير الخطوات الفعالة‬
‫‪2‬‬
‫لتحقيقه‪ ،‬ولقد حدده في العناصر اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه طريقة عقالنية ومنتظمة في صنع القرارات وحل المشكالت‪.‬‬
‫‪ .2‬يجمع بين الخبرات والمعرفة والمهارات من جهة‪ ،‬ويوفر أدوات تقييم واقعية لما بلغته من تقدم‬
‫وما كنت تريد أن تكون مستقبال من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ .3‬يشير الى المخاطر التي تواجهك عند رسم طريقك في دهاليز المستقبل التي تجهلها‪.‬‬
‫‪ .4‬يساعدك في التعرف على مصادر الخطر وكذا الفرص التي تحدد حظك في النجاح‪.‬‬
‫‪ .5‬يبين لك كيفية تحويل الفرص الى أهداف قابلة للتحقيق خالل فترات زمنية محددة‪.‬‬
‫‪ .6‬يساعدك في وصول المحطات بالغة األهمية على طريق النجاح‪.‬‬
‫‪ .7‬يحفزك على التفكير في مستقبلك بلغة الحقائق بدال من التخيالت الوهمية‪.‬‬
‫‪ .8‬يمدك بالقوة التي تحتاجها للتحكم في مستقبلك‪.‬‬
‫‪ .9‬كما أنه يأخذ ما تعرف حول الوضع الذي أنت عليه اآلن‪ ،‬وما ترغب أن تكون عليه مستقبال‪،‬‬
‫ويمزجه مع خبرتك ومعرفتك ومهاراتك ليزودك بمحصلة من النتائج الناجحة‪.‬‬
‫ويتفق معه أحمد سيد مصطفى في ذلك حيث أنه يرى بأن التخطيط هو" فن التعامل مع المستقبل‪،‬‬
‫وأنه الوظيفة المبكرة أو نقطة البداية في أي عملية إدارية‪ .‬وأنه يتضمن تصميم األهداف وتقييمها واختيار‬
‫المناسب منها‪ ،‬وكذا تحديد كيفية بلوغها من خالل برامج وجداول زمنية بتوظيف موارد معينة‪ ،‬وأن هذه‬
‫‪3‬‬
‫األهداف بمثابة معايير لقياس األداء الفعلي‪".‬‬
‫أما التعريف الذي قدمته (اليونسكو‪ )1973،‬فهو كالتالي‪" :‬التخطيط هو معالجة عقالنية وعلمية‬
‫للمشكالت‪ ،‬ومعالجة تستوجب المطابقة بين األهداف والموارد المتاحة‪ ،‬وتحري مضامين طرائق‬
‫الفعاليات البديلة واالختيار الواعي فيما بينها‪ ،‬وتحديد األهداف النوعية التي ينبغي الوصول اليها في‬
‫فترات زمنية محددة"‪4.‬‬

‫ويتفق مع هذا التعريف ألبرت واترستون ‪ Albert waterston‬إذ يرى أن التخطيط هو تنظيم‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫وسعي ذكي الختيار أفضل البدائل الموجودة لتحقيق األهداف الخاصة"‪.‬‬
‫ولكي يتوضح لنا مفهوم التخطيط علينا اإلجابة على ثالث أسئلة هي‪ :‬أين نحن اآلن ‪...‬؟ أين نريد أن‬
‫نصل ‪...‬؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك ‪...‬؟‬

‫‪ 1‬ليلى شحاتة‪ ،‬أحمد الزهري‪ ،‬علي المبيض‪ ،‬عادل شكري ومحمد سالم‪ ،‬اإلدارة العامة (القاهرة‪ :‬كلية التجارة‪ ،‬جامعة عين شمس‪،)1995 ،‬‬
‫ص‪.160.‬‬
‫‪ 2‬احمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬التخطيط للتنمية في الدول النامية (مصر‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،)2011 ،‬ص‪.52 .‬‬
‫‪ 3‬أحمد سيد مصطفى‪ ،‬تحديات العولمة والتخطيط االستراتيجي _رؤية مدير القرن الواحد والعشرين‪ ،‬ط‪( 2‬مصر‪ :‬جامعة الزقازيق‪ ،)1999 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.87‬‬
‫‪ 4‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬التخط يط االستراتيجي في المؤسسات العامة فكر معاصر ومنهج علمي في عالم متجدد‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار صفاء‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،)2014 ،‬ص‪.29 .‬‬
‫‪1 Eric E . Otenyo,Nancy S .Lind, Comparative public administration : the essential Reading , research in‬‬
‫‪public Policy analyse and management, volume15 ,first edition )British Library, 2006(, p. 362‬‬
‫‪48‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫السؤال األول‪ :‬أين نحن اآلن ‪...‬؟ أي تحديد الوضع الحالي لإلدارة‪ ،‬من خالل مراجعة وتقييم الظروف‬
‫الحالية سواء كانت داخلية أو خارجية وما تم انجازه حتى اآلن‪ ،‬وكذا التكاليف التي تم استخدامها لهذا‬
‫االنجاز‪ ،‬وعملية المراجعة هذه تتطلب العديد من البيانات والمعلومات سواء كانت كمية أو وصفية لمعرفة‬
‫ما تم في الماضي والحاضر‪.‬‬
‫السؤال الثاني‪ :‬أين نريد أن نصل ‪...‬؟ إن اإلجابة على هذا السؤال تتعلق بتحديد األهداف المرجوة‪،‬‬
‫ويتطلب تحديد األهداف توفر معلومات حول الظروف الماضية وكذا حصر لإلمكانيات المادية والبشرية‬
‫المتاحة خالل فترة إعداد الخطة‪.‬‬
‫السؤال الثالث‪ :‬كيف يمكن تحقيق ذلك ‪...‬؟ كما أن اإلجابة على هذا السؤال تتعلق بتحديد الكيفية التي‬
‫يمكن بموجبها بلوغ األهداف المحددة‪ ،‬وفي هذه المرحلة كذلك يتم تحديد األساليب والطرق والوسائل‬
‫الالزمة لتحقيق األهداف بأحسن كفاءة ممكنة‪ ،‬وكذا تحديد برامج العمل المختلفة واإلجراءات الالزمة‬
‫‪1‬‬
‫لألداء‪.‬‬
‫أما الباحث ناصر محمد سعود جرادات فإنه يرى أن التخطيط هو عملية التحديد التي تتم في الوقت‬
‫‪2‬‬
‫الحاضر لما سيتم عمله في المستقبل‪ ،‬ويتميز التخطيط بعدة خصائص نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه مستقبلي‪ ،‬أي أنه يرتبط بالمستقبل‪ ،‬سواء القريب أو البعيد‪.‬‬
‫‪ .2‬أنه توقعي‪ ،‬أي يستند الى التوقعات لما سيحدث في المستقبل‪.‬‬
‫‪ .3‬أنه يعتمد على القرارات واإلجراءات التي يتم اتخاذها في ضوء التوقعات المختلفة‪.‬‬
‫‪ .4‬أنه يركز على األهداف التي تضعها المنظمة وتسعى الى تحقيقها‪.‬‬
‫‪ .5‬إن التخطيط عملية مستمرة‪ ،‬فهو سابق التخاذ القرارات‪ ،‬ويسير بالتوازي مع عملية التنفيذ‪،‬‬
‫وبالتالي فإن التخطيط ال يتوقف‪ ،‬فهو الوظيفة األولى من وظائف العملية اإلدارية ويسبق كل‬
‫الوظائف األخرى‪.‬‬
‫والمالحظ أن هناك اختالف في التعاريف التي تناولت التخطيط ويرجع ذلك الختالف وجهات نظر‬
‫المفكرين فمنهم من يركز‪:‬‬
‫‪ -‬على اعتبار أن التخطيط هو دراسة الماضي والحاضر كأساس للتوقعات المستقبلية للظروف‬
‫المحتملة واالستعداد لهذه الظروف في جميع األحوال‪.‬‬
‫‪ -‬على أساس أن التخطيط بمثابة اتخاذ قرارات من أجل حل مشكلة أو موقف معين‪.‬‬
‫نستخلص أن التخطيط هو دراسة للمستقبل والتنبؤ بما سيكون عليه وبالتالي االستعداد له‪ ،‬وال تتم هذه‬
‫الدراسات والتنبؤات للمستقبل إال من خالل توفر البيانات والمعلومات وكذا الكفاءة اإلدارية للقائمين بعملية‬
‫‪3‬‬
‫التخطيط‪.‬‬
‫ثانيا ظهور التخطيط كمنهج علمي‪:‬‬
‫إن التخطيط فكرة قديمة تعود في جذورها إلى اإلغريق‪ ،‬حيث استخدم التخطيط في مختلف العصور‬
‫التاريخية وفي معظم جوانب الحياة‪ ،‬خاصة الجانب العسكري وذلك دون أي نوع من التأطير لمفهومه‬

‫‪ 1‬محمد عثمان إسماعيل حميد وحمدي مصطفى المعاز‪ ،‬اإلدارة العامة بين النظرية والتطبيق (القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،)2001 ،‬ص‪.242.‬‬
‫‪ 2‬ناصر محمد سعود جرادات‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية‪ ،‬منظور تكاملي حديث‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬اثراء للنشر والتوزيع‪ ،)2013 ،‬ص‪.159 .‬‬
‫‪ 3‬سيد محمد جاد الرب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.209 .‬‬
‫‪49‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫وفعاليته ومقوماته‪ ،‬واستمر على ذلك الوضع إلى أن ظهرت فكرة التخطيط االقتصادي في مطلع القرن‬
‫‪1‬‬
‫العشرين‪.‬‬
‫وعليه فإن بداية القرن العشرين تعد البدايات األولى لألخذ بمنهج التخطيط‪ ،‬كمنهج علمي يساعد على‬
‫تحقيق التقدم االقتصادي واالجتماعي وخاصة في الدول االشتراكية‪ .‬ويعتبر العالم االقتصادي النمساوي‬
‫كريستيان شو بنهيدر هو أول من أدخل لفظ التخطيط في مقال طبع له عام ‪ ،1910‬ثم بدأ يأخذ المصطلح‬
‫شكال تطبيقيا فنيا ظهرت آثاره من خالل إنجازات اإلدارة العسكرية في ألمانيا أثناء الحرب العالمية‬
‫األولى‪ .‬ولقد اشتهر هذا المصطلح في مختلف دول العالم بعدما استخدمه االتحاد السوفياتي عام ‪1928‬‬
‫عندما لجأت اليه بعد قيام ثورة أكتوبر ‪ 1917‬بتنفيذ الخطة الخمسية األولى (‪ )1932-1928‬كأسلوب‬
‫للخالص من حال ة التخلف التي كان يعاني منها المجتمع بعد الحرب العالمية األولى‪ ،‬باإلضافة الى الرغبة‬
‫في تحويل مجتمعهم من المجتمع الزراعي (المتخلف) الى المجتمع الصناعي (في طريق التقدم)‪ ،‬ومن ثم‬
‫‪2‬‬
‫اتجهت الدول االشتراكية لألخذ بأسلوب التخطيط لتحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬
‫وقد ساد االعتقاد بأن منهج التخطيط ال يصلح اال في المجتمعات االشتراكية حيث تتركز السلطة في يد‬
‫الدولة‪ ،‬نظرا ألن الدول االشتراكية قد سبقت غيرها من الدول في األخذ بهذا المنهج‪ .‬لكن ما كادت تضع‬
‫الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى سارعت الكثير من الدول الرأسمالية إلى األخذ بأسلوب التخطيط‬
‫بصور مختلفة وبدرجات متفاوتة‪ .‬والمالحظ أن الدول الغربية حاربت فلسفة التخطيط الشامل الى أن حلت‬
‫بها األزمة االقتصادية عام ‪ 1930‬حيث أصبح النظام الرأسمالي مهددا بحدوث كارثة‪ ،‬اذ تدهور االقتصاد‬
‫القومي تدهورا كبيرا‪ ،‬مما جعل بعض االقتصاديين الرأسماليين يطالبون بتدخل الدولة المباشر في الجهاز‬
‫االقتصادي‪ ،‬فالواليات المتحدة األمريكية والتي كانت متمسكة باالقتصاد الحر والحرية االقتصادية‬
‫أصبحت منذ عام ‪ 1935‬تأخذ بالتخطيط االقتصادي متأثرة بنظريات لورد كينز (الذي يحث على تدخل‬
‫الدولة)‪ ،‬كذلك فقد استمرت ألمانيا وإيطاليا في تطبيق أسلوب التخطيط وان كان بدرجات متفاوتة‪ .‬كما‬
‫أخذت الدول النامية كذلك بنظام التخطيط تمشيا مع عمليات النقل الثقافي من الدول المتقدمة التي ترتبط بها‬
‫في مشروعات وبرامج التنمية المتنوعة‪ .‬باإلضافة الى اقتناعها بأن التخطيط منهج ضروري لتحقيق تنمية‬
‫‪3‬‬
‫سريعة وتخليصها من مشكالتها التي ترسبت وتراكمت عبر السنين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وهناك مجموعة من العوامل ساعدت على االتجاه المتزايد نحو التخطيط نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أثر الكساد العظيم (‪ )1932-1929‬في زعزعة ثقة الناس في األسلوب التلقائي على تحقيق النمو‬
‫االقتصادي المستمر والتغلب على األزمات المتكررة والبطالة المزمنة وقد كان الطابع االقتصادي‬
‫حر في المجتمعات الغربية آنذاك‪.‬‬
‫‪ .2‬اندالع الحربين العالميتين األولى والثانية بحوالي ربع قرن بينهما مما جعله سببا مباشرا لتأييد‬
‫فكرة التخطيط االقتصادي لدى الكثير من الدول الغربية من أجل متابعة الحرب‪.‬‬
‫‪ .3‬الدمار المادي الذي خلفته الحرب العالمية الثانية في أوربا والحاجة الملحة إلعادة تعمير ما خربته‬
‫الحرب والنكبات‪.‬‬

‫‪ 1‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬التخطيط اإلقليمي ودوره في التنمية المحلية (دراسة مقارنة)‪( ،‬القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ :‬منشورات المنظمة‬
‫العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬سلسلة أطروحات الدكتوراه‪ ،)2016 ،‬ص‪.160 .‬‬
‫‪ 2‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.44 .‬‬
‫‪ 4‬محمد سرور الحريري‪ ،‬إدارة المؤسسات الحكومية والعامة‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬األكاديميون للنشر والتوزيع‪ ،)2016 ،‬ص‪.88 .‬‬
‫‪50‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .4‬وضوح الرؤيا ألسباب النمو االقتصادي وااليمان أن األسلوب الحر الذي سارت عليه الدول‬
‫الغربية له ظروف تاريخية معينة‪ ،‬وأن التخطيط هو األسلوب البديل لنجاح التنمية االقتصادية‬
‫السريعة‪.‬‬
‫ثالثا فوائد التخطيط‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫يحقق التخطيط العديد من الفوائد للمنظمات نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬وضع أهداف واضحة ومحددة للعمل وموافق عليها من مختلف الجهات ذات العالقة‪ ،‬فهو اذن‬
‫يحدد ويوضح أهداف المنظمة‪.‬‬
‫‪ .2‬تحقيق التناسق بين األهداف المتعددة للمنظمة لضمان التنفيذ الفعال للخطط الموضوعة‪.‬‬
‫‪ .3‬المساعدة على تنظيم العمل بشكل يضمن التنفيذ الفعال‪ ،‬ومعرفة مدى اإلنجاز الذي حققته‬
‫الوحدات واألقسام المختلفة‪.‬‬
‫‪ .4‬يساعد في وضع برامج زمنية محددة للتنفيذ‪ ،‬مما يقلل من اتخاذ قرارات اعتباطية وشخصية‪.‬‬
‫‪ .5‬يساهم في التعرف على المشكالت المستقبلية التي يمكن أن تواجه المنظمة‪ ،‬وبالتالي يجنب‬
‫المنظمة المفاجآت غير المتوقعة‪.‬‬
‫‪ .6‬يساعد في وضع ضوابط مناسبة لالستخدام األمثل للموارد المادية والبشرية المتاحة‪.‬‬
‫‪ .7‬يساهم في عملية الرقابة على العمل‪ ،‬والتأكد من مدى االلتزام بتنفيذ الخطط الموضوعة‪ ،‬فهو‬
‫يعتبر أساس لقياس مدى نجاح المنظمة في التطبيق‪.‬‬
‫ولذلك فإن الدول المتطلعة للنمو قامت بمواجهة التخلف االقتصادي عن طريق عدم ترك االقتصاد‬
‫القومي للعوامل التلقائية والمصالح الفردية وأخذت باألسلوب البديل وهو أسلوب التخطيط والذي يحوي‬
‫معاني ضمنية وهي كالتالي‪2 :‬‬

‫أ‪ .‬التخطيط وسيلة ال غاية‪ :‬فالتخطيط وسيلة علمية منظمة ومستمرة لحصر الموارد المادية‬
‫والبشرية والمالية في المجتمع وتقديرها وتحديد طريقة استغاللها وتوجيهها وتوزيعها‪ ،‬من أجل‬
‫تحقيق الغاية المرجوة في فترة أقصر وتكلفة أقل‪ ،‬وبالتالي تتشبع حاجات المجتمع من موارده‬
‫المتاحة‪.‬‬
‫ب‪ .‬التخطيط أسلوب علمي‪ :‬فهو يتضمن اتباع القواعد والمبادئ العلمية ال ارتجال فيها‪ ،‬وال عشوائية‬
‫وبأهداف ومعدالت للنمو محدودة ومرسومة‪ ،‬حيث يستهدف حصر الموارد المتاحة واستخدامها‬
‫بطريقة علمية وعملية‪ ،‬كما أنه يستهدف تقدير احتياجات المجتمع وكيفية اشباعها بنفس الطريقة‬
‫للقضاء على التخلف والفقر ورفع مستوى المعيشة حتى تواجه زيادة عدد السكان‪.‬‬
‫ت‪ .‬التخطيط أسلوب اقتصادي عام‪ :‬إن هذا األسلوب ال يستوجب بالضرورة ملكية الدولة ألدوات‬
‫اإلنتاج ولكن البد أن تكون للدولة سلطة توجيه النشاط االقتصادي في القطاع‪ ،‬من خالل تحديد‬
‫نوع النشاط االقتصادي وحجمه في القطاع المخطط أو مجموعة القطاعات المخططة‪.‬‬

‫‪ 1‬ناصر محمد سعود جرادات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.159 .‬‬


‫‪ 2‬محمد سرور الحريري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.89 .‬‬
‫‪51‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫رابعا أنواع التخطيط‪:‬‬


‫يصنف التخطيط إلى عدة أنواع تختلف وفقا لمعيار أو بعد معين‪ ،‬ويمكن أن نميز بين خمسة أبعاد وهي‪:‬‬
‫الجغرافي‪ ،‬الزمني‪ ،‬المضمون‪ ،‬المادي‪ ،‬الشمولية‪ ،‬الهرمي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫أ _ حسب المجال الجغرافي‪ :‬ووفقا لهذا البعد هناك سبعة أنواع للتخطيط وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬التخطيط الفضائي‪ :‬وهو التخطيط الذي يعنى باكتشاف الفضاء واستغالله من قبل دولة واحدة أو‬
‫بتعاون عدة دول‪.‬‬
‫‪ .2‬التخطيط الدولي‪ :‬وهو ما تقوم به هيئة األمم المتحدة فيما يخص منع التلوث‪ ،‬دراسة البحار‪،‬‬
‫ويخص أيضا وضع القدرات السياسية التي تتعلق بالعالقات السياسية الدولية‪.‬‬
‫‪ .3‬التخطيط الدولي اإلقليمي‪ :‬وهذا التخطيط يخص دولتين أو أكثر في منطقة معينة كدول مجلس‬
‫التعاون الخليجي‪.‬‬
‫‪ .4‬التخطيط القومي‪ :‬ويكون على مستوى دولة معينة‪.‬‬
‫‪ .5‬التخطيط المحلي اإلقليمي‪ :‬وهو التخطيط الذي يخص منطقة إقليمية تكون داخل حدود دولة معينة‬
‫بحيث أ نه يشمل أكثر من مدينة واحدة‪ .‬ويهدف التخطيط اإلقليمي إلى تحقيق التوازن بين األقاليم‬
‫المختلفة‪ ،‬واالستفادة من الموارد المتاحة والخاصة باإلقليم والمتميزة عن باقي األقاليم وكذا التغلب‬
‫على كافة المشاكل المترتبة عن التفاوت بين األقاليم من حيث معدالت النمو في الدخل ومستوى‬
‫‪2‬‬
‫معيشة األفراد وفرص العمل المتاحة‪.‬‬
‫‪ .6‬التخطيط المحلي‪ :‬ويخص في العادة مدينة واحدة أو قرية واحدة‪ ،‬وهو نوع من الالمركزية فيما‬
‫يتعلق بوضع الخطة وتنفيذها واإلشراف عليها وذلك لمقابلة االحتياجات المحلية لألفراد القاطنين‬
‫‪3‬‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ .7‬التخطيط لدائرة خاصة أو مجال خاص‪ :‬وهو التخطيط الذي يكون في دائرة داخل مدينة كدائرة‬
‫المواصالت أو دائرة الماء حيث أنه يعتبر تخطيطا محليا إال أنه ال يشمل كل الخدمات المحلية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ب_حسب المدى الزماني‪ :‬فوفقا للفترة الزمنية التي تغطيها الخطة فإن للتخطيط ثالث أنواع هي‪:‬‬
‫‪ .1‬التخطيط القصير المدى‪ :‬ويكون لمدة قصيرة حيث أنه ال يزيد عن سنة واحدة‪.‬‬
‫‪ .2‬التخطيط متوسط المدى‪ :‬وهذا النوع يغطي فترة زمنية بين سنة إلى خمس سنوات‪.‬‬
‫‪ .3‬التخطيط طويل المدى‪ :‬وهو الذي يزيد عن خمس سنوات‪ .‬بحيث أنه يركز على األهداف طويلة‬
‫المدى‪.‬‬
‫ج_ حسب مضمون التخطيط‪ :‬فوفقا لموضوع التخطيط وهي المادة التي تتكون منها الخطة فانه ال يمكننا‬
‫‪5‬‬
‫حصر أنواع التخطيط ولكن سنذكر أهمها وهي كاآلتي‪:‬‬
‫التخطيط السياسي‪ :‬وهذا النوع يخص النظام السياسي في الدولة كتحديد الدستور وتوزيع‬ ‫‪.1‬‬
‫السلطات بين الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية‪.‬‬
‫التخطيط االجتماعي‪ :‬وهذا النوع من التخطيط يخص تنمية الخلية األساسية في الدولة وهي‬ ‫‪.2‬‬
‫األسرة ويتعلق كذلك بخلق مجتمع سليم من المشاكل واآلفات بين أفراده‪.‬‬
‫التخطيط البشري‪ :‬ويخص موضوع النمو السكاني "كتنظيم النسل"‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫التخطيط الستغالل األرض‪ :‬يعتبر من أحدث أنواع التخطيط وأكثرها قربا لجودة حياة اإلنسان‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫فهو يتعلق بموضوع حسن استغالل األرض من خالل تخصيص األراضي الخصبة للزراعة‬

‫‪ 1‬خالد محمد الكيالي‪ ،‬فوزي عبد هللا العكش‪ ،‬فضل هللا علي فضل هللا وأحمد إبراهيم أبو سن‪ ،‬مدخل إلى اإلدارة العامة‪ ،‬ط‪( 3‬دبي‪ :‬المطبعة‬
‫العصرية‪ ،)1987 ،‬ص‪.94.‬‬
‫‪ 2‬محمد عثمان إسماعيل وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.263.‬‬
‫‪ 3‬محمد محمد عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪148. .‬‬
‫‪ 4‬خالد محمد الكيالي وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.94 .‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.97 .‬‬
‫‪52‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ومنع إنشاء مراكز تجارية ومصانع عليها وبالتالي منع تلوث التربة وما تحتويه من مياه جوفية‬
‫فالكثير من المواد الكيميائية المبيدة للحشرات السامة تبقى آثارها في التربة لعدة سنين كما تنقلها‬
‫األمطار والسيول إلى المياه الجوفية‪.‬‬
‫‪ .5‬التخطيط االقتصادي‪ :‬ويتعلق هذا النوع باإلنتاج القومي الزراعي والصناعي‪ ،‬ويسعى إلى تحقيق‬
‫ميزان ايجابي في التجارة الخارجية‪ .‬ويرتبط هذا النوع بالتخطيط المالي والتخطيط لليد العاملة‪.‬‬
‫‪ .6‬التخطيط المالي‪ :‬ويخص نسب ة السيولة النقدية بالدولة وما يتعلق بها من نسبة الفائدة على الديون‪،‬‬
‫ويخص أيضا القروض العامة والضرائب المطبقة في الدولة‪ ،‬وهذا النوع من التخطيط له صلة‬
‫‪1‬‬
‫وثيقة بإعداد موازنة الدولة‪.‬‬
‫د_ حسب الشمولية في التخطيط‪ :‬ووفقا لبعد الشمولية في التخطيط هناك ثالث أنواع من التخطيط وهي‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬التخطيط الشامل‪ :‬وهذا النوع يقوم بالدراسة الشاملة للمشكلة قبل حدوثها فيجمع معلومات‬
‫مستفيضة حولها ويضع الحلول الممكنة لها‪ ،‬ثم يقوم باختيار الحل األمثل‪ ،‬ويعتبر هذا النوع أحسن‬
‫أنواع التخطيط‪.‬‬
‫‪ .2‬التخطيط التجزيئي‪ :‬هو عكس التخطيط الشامل فهو يركز على دراسة جزء من المشكلة ويضع‬
‫حلول جزئية لها‪ ،‬ويتحرك هذا النوع من التخطيط عند مصادفة المشكلة وليس قبلها‪ ،‬ويعتبر أسوء‬
‫أنواع التخطيط ألنه ال يساعد على حل المشكالت وغالبا ما يتم اللجوء إليه عندما يكون هناك‬
‫ضيق في الوقت وقلة في اإلمكانيات والموارد‪.‬‬
‫‪ .3‬المسح المختلط‪ :‬هذا النوع يركز على المشكلة نفسها مع وجود نظرة بعيدة المدى للتغيرات‬
‫المستقبلية‪ ،‬كما أ نه يركز على جمع المعلومات األساسية فقط وليس جميع المعلومات وال يقيم‬
‫البدائل بل التي تبدو أكثر عملية من البدائل األخرى‪ ،‬وجاء هذا النوع بعد الجدل بين المنظرين‬
‫حول األخذ بالنوع األول أم الثاني‪ ،‬وبالتالي يعتبر هذا النوع كموفق‪.‬‬
‫ه_ حسب الهرمية في التخطيط ‪ :‬يمكن اإلشارة هنا أن تنوع التخطيط يكون وفقا لمكانه على المستوى‬
‫الهرمي للحكم في الدولة‪ .‬حيث يختلف التخطيط المعد من طرف الحكام عن الذي تعده الوزارة وعن الذي‬
‫يجري في المستوى األدنى‪ .‬وبالتالي يمكن القول أن هناك خمسة أنواع من التخطيط وهي‪:‬‬
‫التخطيط السياسي‪ :‬ويخص وضع السياسات العريضة من قبل الحكام‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫التخطيط االستراتيجي‪ :‬ويعتبر جوهر عملية التخطيط اإلداري‪ ،‬إذ يتم جمع المعلومات وتحليلها‬ ‫‪.2‬‬

‫ووضع البدائل وتقييمها من أجل صياغة إستراتيجية المنظمة باالعتماد على مواردها المالية‬
‫‪2‬‬
‫والبشرية‪.‬‬
‫التخطيط للطوارئ‪ :‬ويتعلق بوضع خطط إضافية للخطة اإلستراتيجية الرئيسية‪ ،‬وتوضع هذه‬ ‫‪.3‬‬
‫الخطط الطارئة في حالة عدم التأكد من الظروف التي توقعنا حدوثها عند وضع الخطة‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬
‫التخطيط التكتيكي‪ :‬قد يعد هذا النوع من التخطيط في مرحلة التنفيذ إذا تطلب األمر ذلك‪ ،‬فهو‬ ‫‪.4‬‬
‫يوضع ألغراض محدودة ولفترة زمنية قصيرة وفقا للمتغيرات الموجودة أمام المنفذ‪.‬‬
‫خطة التطبيق‪ :‬وهو الذي يحدد أساليب تنفيذ الخطة‪ ،‬وفيه يتم اإلجابة عن كلمة "كيف" أي كيف‬ ‫‪.5‬‬
‫نطبق الخطة اإلستراتيجية بحيث يتم تحقيق أكبر نسبة نجاح‪.‬‬

‫ويوضح الشكل الموالي أنواع التخطيط‬

‫خالد محمد الكيالي وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.97 .‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪2‬‬
‫‪the free encylopedia, "Strategic Planning", from Wikipedia, Retrived on: 23/10/2016‬‬
‫‪http : //en .wikipedia.org/wiki/strategic_planning‬‬
‫‪53‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل رقم (‪ :)01‬أنواع التخطيط‬

‫حسب المجال الجغرافي‬

‫(التخطيط الفضائي‪ ،‬الدولي‪،‬‬


‫حسب المدى الزماني‬ ‫الدولي اإلقليمي‪ ،‬القومي‪ ،‬المحلي‬
‫اإلقليمي‪ ،‬المحلي‪ ،‬التخطيط لدائرة‬
‫(التخطيط قصير‬
‫خاصة أو لمجال خاص)‪.‬‬
‫المدى‪ ،‬التخطيط‬
‫متوسط المدى‪،‬‬ ‫حسب مضمون التخطيط‬
‫التخطيط طويل المدى)‬
‫(التخطيط السياسي‪،‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬البشري‪،‬‬
‫أنـــــواع‬
‫التخطيط الستغالل األرض‪،‬‬
‫التخطيــــط‬ ‫التخطيط االقتصادي‪،‬‬
‫المالي)‪.‬‬

‫حسب الهرمية في‬


‫التخطيط‬
‫حسب الشمولية في‬
‫(التخطيط السياسي‪،‬‬ ‫التخطيط‬
‫االستراتيجي‪ ،‬التخطيط‬
‫للطوارئ‪ ،‬التكتيكي‪ ،‬خطة‬ ‫(التخطيط الشامل‪،‬‬
‫التطبيق)‪.‬‬ ‫التجزيئي‪ ،‬المختلط)‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة باالعتماد على المعلومات السابقة‬

‫خامسا مبادئ التخطيط‪:‬‬

‫تنشأ المبادئ وتتراكم نتيجة لخبرة ميدانية تحقيقا لممارسة مهنية وتأكيدا للقيم اإلنسانية لبلوغ األهداف‬
‫وتلزم المخطط أن يسترشد بها في عمليات التخطيط‪ ،‬ويمكن تحديد أكثر مبادئ العملية التخطيطية والتي‬
‫اتفق عليها معظم الباحثين فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الشمول‪ :‬أي أن تكون الخطة ملمة لجميع المجاالت والقطاعات الوظيفية القائمة في المجتمع دون‬
‫‪1‬‬
‫االخالل بمبدأ التوازن الجغرافي‪ ،‬وينقسم الشمول الى نوعين هما‪:‬‬
‫‪ -‬الشمول الوظيفي‪ :‬فالتخطيط الشامل البد أن يشمل جميع القطاعات والمجاالت الوظيفية‬
‫القائمة في المجتمع وحسب احتياجات المجتمع‪ ،‬مع مراعاة ما بينها من ترابط وتساند وظيفي‪،‬‬
‫ويتم وضع البرامج على مستوى جميع المناطق الجغرافية تحقيقا للعدالة االجتماعية وتجنبا‬
‫الختالل التوازن الجغرافي بين القطاعات والمجاالت الوظيفية‪.‬‬
‫‪ -‬الشمول المكاني‪ :‬أي أن يشمل وضع الخطة وتنفيذها جميع المستويات الجغرافية في المجتمع‬
‫بحيث ال ينمو جزء من تلك المناطق الجغرافية على حساب جزء أو مستوى جغرافي آخر‪.‬‬

‫‪ 1‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.74 .‬‬


‫‪54‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬الواقعية‪ :‬ويقصد بالواقعية بأن توضع الخطط على أسس علمية‪ ،‬حيث يتم تحديد األهداف وتصميمها‬
‫في إطار تقدير اإلمكانيات والطاقات والقوة الفعلية في المجتمع وحصر االحتياجات الحقيقية لألفراد‬
‫‪1‬‬
‫في إطار الظروف القائمة في المجتمع ويتم ذلك وفق المعايير التالية‪:‬‬
‫‪ -‬المقومات الديموغرافية‪ :‬وتتمثل في عدد السكان‪ ،‬خصائصهم‪ ،‬نوعيتهم‪ ،‬تخصصاتهم المهنية‪،‬‬
‫قيمهم‪ ،‬عاداتهم‪ ...‬وغيرها‬
‫‪ -‬المقومات االقتصادية‪ :‬وتتمثل في الموارد المادية والطبيعية الموجودة في المجتمع‪ ،‬والطاقات‬
‫المادية التي يمكن اتاحتها وبالتالي يتم تحديد األهداف التخطيطية على ضوئها‪.‬‬
‫‪ -‬المقومات االجتماعية‪ :‬وتتمثل في النظم االجتماعية الموجودة في المجتمع‪ ،‬مراعاة المراحل‬
‫التاريخية التي يمر بها المجتمع (الماضي‪-‬الحاضر‪-‬المستقبل)‪ ،‬حتى يتم تحديد األهداف‬
‫وبالتالي وضع الخطط بما يتالءم مع الواقع والوقت الحاضر‪ ،‬مع األخذ في االعتبار ما تم‬
‫تحقيقه من اهداف في الماضي الستكمال تحقيق هذه األهداف مع مراعاة توقعات المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬المقومات السياسية‪ :‬أي مراعاة األوضاع السياسية وايديولوجية المجتمع ونظام المجتمع‬
‫والحكم والتنظيمات السياسية والشعبية بحيث تكون الخطة ضمن اإلطار السياسي العام مما‬
‫يجعلها مقبولة من قبل المجتمع وهيئاته‪.‬‬
‫‪ .3‬التعاون وتنسيق الجهود‪ :‬ويعني الترابط والتساند الوظيفي على المستوى الرأسي (أي بين القطاع‬
‫وأجزائه المختلفة)‪ ،‬والتنسيق على المستوى األفقي (أي التنسيق بين القطاعات الوظيفية المختلفة)‪.‬‬
‫ويتم تنسيق الجهود من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التنسيق بين المعلومات والحقائق الالزمة لوضع الخطة واألجهزة التي تقوم بتوفير تلك‬
‫الحقائق والمعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون بين الخبراء والمتخصصين في تبادل تلك المعلومات والخبرات لصالح العملية‬
‫التخطيطية‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون والتنسيق بين األجهزة التنفيذية بما يحقق المشاركة بين كل األجهزة وأفراد المجتمع‬
‫وقياداته‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون والتنسيق بين الجهود األهلية والجهود الحكومية لتحقيق تنمية المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬التنسيق بين أهداف الخطة (االقتصادية واالجتماعية) بحيث ال يحدث تضارب أو تكرار في‬
‫األهداف أو تحقيق أحد على حساب اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬التنسيق بين الموارد والطاقات والجهود المبذولة سواء كانت هذه الموارد والطاقات طبيعية أو‬
‫بشرية أو مادية أو تنظيمية‪.‬‬
‫‪ -‬التنسيق بين القطاعات المختلفة للخطة بعد وضعها موضع التنفيذ إليجاد الترابط بين‬
‫التخصصات المختلفة والتعاون بينها من أجل تحقيق األهداف‪.‬‬
‫ويتم التنسيق وفق مستويين هما‪:‬‬
‫‪ -‬المستوى األول‪ :‬بين األهداف االستراتيجية واألهداف التكتيكية‪.‬‬
‫‪ -‬المستوى الثاني‪ :‬يكون التنسيق بين الوسائل واألدوات واإلجراءات والسياسات الالزمة لتنفيذ الخطة‪.‬‬
‫‪ .4‬المرونة‪ :‬ويقصد بها القدرة على التغير والتعديل طبقا للظروف الحالية والمستقبلية‪ ،‬وتعني أن يضع‬
‫‪2‬‬
‫المخطط في اعتباره أن التخطيط عملية مستمرة‪ .‬والمرونة نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬المرونة الزمانية‪ :‬وتعني أن تراعي الخطة التغيرات التلقائية التي تحدث في المجتمع أثناء‬
‫الفترة الزمنية المحددة للخطة عند تنفيذها‪ ،‬فالمجتمع يتغير باستمرار‪.‬‬
‫‪ -‬المرونة المكانية‪ :‬ويقصد بها أن يكون التخطيط الذي يوضع على المستوى القومي قابال‬
‫للتنفيذ على المستوى المحلي‪ ،‬مع إضافة تعديالت تستلزمها ظروف المجتمع المحلي في‬
‫حدود اإلطار العام للخطة‪.‬‬

‫‪ 1‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.76 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.78 .‬‬
‫‪55‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .5‬التقدمية‪ :‬اذ تتحقق التقدمية عن طريق مراعاة المخطط االستمرارية والتجدد بحيث ال تقف الخطة‬
‫عند حد معين دون بلوغ الهدف‪ ،‬مما يضمن عدم انفصال أي مرحلة تخطيطية عن المرحلة التالية‬
‫لها‪ .‬وقد تظهر التقدمية داخل العملية التخطيطية الواحدة بالربط بين خطواتها أوعن طريق تعديل‬
‫أساليبها وأجهزتها بما يؤدي الى تحسين نتائجها بحسب طبيعة البرامج والمشروعات في ظل‬
‫الظروف واألحوال السائدة‪.‬‬

‫‪ .6‬مراعاة الظروف الداخلية والخارجية‪ :‬فعلى المخطط مراعاة العوامل الداخلية والخارجية ال سيما‬
‫تلك التي تؤثر على احتماالت المستقبل‪ ،‬وذلك من أجل التأكد من نجاح الخطط التي تم وضعها وعدم‬
‫وجود عقبات تواجهها مستقبال‪ .‬اذن فعلى المخطط أن يهتم بالتنبؤ ألنه يفيد في وضع احتماالت‬
‫للعقبات التي تواجه التنفيذ‪.‬‬

‫‪ .7‬التفاعلية‪ :‬فالمخطط يعمل ضمن فريق عمل في مشروع محدد‪ ،‬فعمله هذا يتسم بالتفاعلية والتحاور‬
‫مع التخصصات األخرى‪ .‬وإذا افتقد المخطط الخبرات والتجارب التي تسمح له بالتفاعل اإليجابي‬
‫البناء مع المجتمع الذي يعمل معه‪ ،‬فانهم سوف ينفرون منه مما يعيق نجاح عملية التخطيط‪.‬‬

‫‪ .8‬القيمة المتزايدة‪ :‬على المخطط أن يهتم بالتغيرات ذات القيمة المتزايدة‪ ،‬أي احداث تغيرات مرغوبة‬
‫‪1‬‬
‫باستمرار وليست آنية فقط‪ ،‬ويمكن تمييز مبدأ القيمة المتزايدة من خالل عنصرين هما‪:‬‬
‫‪ -‬أنه مبدأ مختلف نظريا عن مبدأ استغالل الفرص‪ ،‬فاألول يعد اتجاه واقعي عقالني للتعامل مع‬
‫المشكالت‪ ،‬وهو يركز على ما هو قابل للتطبيق في حدود الوقت والموارد‪.‬‬
‫‪ -‬أنه مبدأ ضروري لمراجعة السياسات التي تم وضعها مراجعة شاملة تمكن من تحديد القيم‬
‫المتزايدة لخطة دون أخرى‪.‬‬

‫سادسا األسس العلمية التي يستند إليها التخطيط‪:‬‬


‫هناك عدد من األسس العلمية على درجة كبيرة من األهمية والتي ينبغي على التخطيط أن يستند اليها‬
‫‪2‬‬
‫وتشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬دراسة وتحليل الواقع‪ :‬أي تحديد الوضع الحالي للمؤسسة من أجل اإلجابة على السؤال الذي‬
‫طالما يطرح على المخطط وهو أين تقف اآلن؟ وما هو وضعنا الحالي؟ ما هي امكاناتنا؟ ما هي‬
‫مصادر قوتنا؟ ما هي نقاط ضعفنا؟‬
‫‪ .2‬التنبؤ بأهداف الخطة‪ :‬وتقوم عملية التنبؤ في األساس على فرضية أن اتجاهات األحداث في‬
‫الماضي سوف تمتد بنفس معدالتها في المستقبل‪ ،‬وبالتالي يمكن رسم صورة القادم من األشياء‬
‫بشكل تقريبي لكي تتكون لدينا تصورات موضوعية عن األهداف التي تسعى المؤسسة الى‬
‫تحقيقها‪ ،‬كما أنه البد أن تكون عملية التنبؤ عملية دقيقة وتعتمد على كمية وافية من البيانات‬
‫والمعلومات من أجل رسم صورة األحداث في المستقبل‪.‬‬
‫‪ .3‬تحديد األهداف‪ :‬ينظر لألهداف كونها النتائج التي تسعى المؤسسة لتحقيقها في المستقبل‪ ،‬وتختلف‬
‫من حيث مداها الزمني‪ ،‬فاذا كانت بعيدة المدى سميت باألهداف المستقبلية وإذا كانت قصيرة‬
‫المدى سميت باألهداف التكتيكية‪ ،‬وقد تكون األهداف شاملة على مستوى المؤسسة أو على‬
‫مستوى كل مديرية أو قسم فيها‪.‬‬

‫‪ 1‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.81 .‬‬


‫‪ 2‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬التخطيط االستراتيجي في المؤسسات العامة فكر معاصر ومنهج علمي في عالم متجدد‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار صفاء‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،)2014 ،‬ص‪.35 .‬‬
‫‪56‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫السياسات‪ :‬هي عبارة عن مجموعة من المبادئ والقواعد واالتجاهات العريضة التي تسهل‬ ‫‪.4‬‬
‫الوصول الى األهداف ال منشودة‪ ،‬أو هي دليل شفوي أو تحريري يتم بمقتضاه وضع الحدود التي‬
‫على أساسها يتم تحديد االتجاه الذي يجب اتباعه في مجاالت العمل المختلفة في المؤسسة‪،‬‬
‫فالسياسات تضع اإلطار العام لحركة العمل وأساليبه‪ .‬كما أنها تسمح لإلدارة العليا بتفويض بعض‬
‫صالحياتها أو سلطاتها الى المستويات اإلدارية األدنى مع استمرار الرقابة عليهم‪ ،‬ويجب أن‬
‫تتميز السياسات بالبساطة والوضوح والمرونة والشمولية وأال تتقاطع مع السياسات العامة للدولة‪.‬‬
‫اإلجراءات‪ :‬هي مجموعة الخطوات المتتابعة الالزمة إلتمام عمل معين ابتداء من نقطة بدايته‬ ‫‪.5‬‬
‫وحتى نهايته‪ ،‬وقد تكون هذه اإلجراءات بسيطة أو معقدة‪ ،‬طويلة أو قصيرة حسب طبيعة كل‬
‫عمل‪ ،‬ولكي تعطي نتائج جيدة ال بد أن تكون سهلة الفهم حتى يتعامل معها العاملين بإيجابية‪،‬‬
‫واضحة ومنظمة ومكتوبة بأسلوب لغوي واضح ال غموض فيه‪ ،‬قابلة للتعديل أو اإلضافة ومرنة‬
‫تستجيب للمستجدات‪ ،‬منسجمة ومتكاملة مع بعضها البعض‪ ،‬تستقطب رضا العاملين وتأييدهم لها‪،‬‬
‫تساعد على تقييم األداء في المؤسسة‪.‬‬
‫البرامج‪ :‬البرنامج هو عبارة عن خطة مصغرة تحتوي على أهداف وسياسات وإجراءات‬ ‫‪.6‬‬
‫وموازنات وغيرها من الوسائل الالزمة لتنفيذ عمل معين‪ ،‬وعادة ما يحدد لها رأس المال الالزم‬
‫والميزانيات التشغيلية‪.‬‬
‫الموازنات‪ :‬ويقصد بها الخطة المالية التي تمتد في الغالب سنة واحدة‪ ،‬وتدرج فيها تقديرات‬ ‫‪.7‬‬
‫المصروفات وااليرادات خالل هذه الفترة‪.‬‬
‫مستلزمات تنفيذ الخطة‪ :‬بعد وضع السياسات واإلجراءات التي تصف كيفية تنفيذ األعمال‪ ،‬البد‬ ‫‪.8‬‬
‫من توفر مستلزمات التنفيذ من أجل تحقيق األهداف المسطرة‪ ،‬وتتمثل هذه المستلزمات في‬
‫الموارد البشرية والمالية والمادية واالمكانيات التقنية المتاحة‪.‬‬

‫سابعا مراحل العملية التخطيطية‪:‬‬


‫على الرغم من أن عملية التخطيط متشابكة ومستمرة إال أنه يمكن التمييز بين أربعة مراحل للعملية‬
‫‪1‬‬
‫التخطيطية وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬مرحلة اعداد البيانات الالزمة‪ :‬من أجل وضع أي خطة ال بد من توفر مجموعة من البيانات‬
‫واإلحصاءات والتي تظهر بدقة الظروف السائدة واالمكانيات الموضوعية المتوفرة‪ ،‬فمثال يجب‬
‫التعرف على عدد السكان في أقرب تاريخ لبداية الخطة وتطورهم على مدى الزمن حتى يمكن‬
‫التنبؤ بالتغيرات التي ستطرأ أثناء تنفيذ الخطة‪ ،‬كما يجب معرفة توزيعهم الجغرافي وتركيبهم‬
‫حسب السن والمهنة والجنس‪ ،‬من أجل معرفة مدى توافر مختلف الخبرات في القطاعات‬
‫االقتصادية والجغرافية المختلفة‪ ،‬كذلك الحصول على حجم اإلنتاج وتوزيعه على القطاعات‬
‫المختلفة‪ ،‬كما يجب أن تتوفر معلومات عن مكونات الدخل القومي (دراسات عن االستهالك‬
‫واالدخار و االستثمار) وبيانات األسعار واألجور لحساب التكاليف والعائد من المشاريع‬
‫والبرامج‪ ،‬وكذا توفر معلومات عن الظروف الطبيعية وعن اإلمكانيات الطبيعية كمساحة األرض‬
‫الزراعية وكميات المياه أو االمطار واحتياطي المعادن السائلة والصلبة المتوافرة ومعدل استغالل‬
‫كل منها‪.‬‬
‫‪ .2‬مرحلة اعداد الخطة‪ :‬إن عملية اعداد الخطة تمر بالمراحل التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬التخطيط والتنمية من منظور اقتصادي‪-‬بيئي‪-‬اعالمي‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪ ،)2017 ،‬ص‬
‫ص‪.117.109.‬‬
‫‪57‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أ اعداد التوجيهات‪ :‬فال بد من اعداد األهداف العامة للخطة‪ ،‬وهذا من اختصاص السلطات السياسية‬
‫العليا في المجتمع‪ ،‬وتختلف التوجيهات باختالف طول فترة الخطة‪ ،‬فالخطة طويلة األجل تكون‬
‫األهداف العامة لها أقل تحديدا من الخطة متوسطة األجل‪.‬‬
‫ب‪ .‬اعداد المشروع األولي‪ :‬ويتم ذلك بتحديد هدف تجريبي إلنماء االقتصاد القومي اثناء فترة الخطة‪،‬‬
‫ويمكن اعداد ذلك مبدئيا عن طريق تقدير االتجاه الذي اتخذه الناتج القومي في الماضي وتعديل هذه‬
‫النتيجة بناءا على المعلومات المتوفرة والمتعلقة بالتغيرات االقتصادية المتوقعة‪ ،‬ومن الضروري أن‬
‫يقوم المخططون بإجراء التغييرات والتعديالت باستمرار كلما توفرت لديهم معلومات أكثر حتى يتم‬
‫الوصول الى اعداد مشروع خطة تنمية متسقة من الناحية االجتماعية في ظل إطار سياسة معينة‪.‬‬
‫ج‪ .‬وضع الخطة في شكلها النهائي‪ :‬بعد وضع المشروع األولي وإدخال التعديالت الضرورية يكون‬
‫قد أصبح لدى الجهاز التخطيطي مشروع خطة كاملة‪ ،‬ومن ثم ال يتبقى سوى إقرار مشروع الخطة‬
‫من السلطات السياسية العليا في المجتمع‪.‬‬
‫‪ .3‬مرحلة تنفيذ الخطة‪ :‬في حال أن الخطة الموضوعة واقعية فإنه لكي تستطيع تنفيذها بكفاءة‬
‫قصوى ال بد من توافر الظروف الهيكلية المالئمة والكادر الفني واإلداري الكفء باإلضافة إلى‬
‫وجود وسائل تحفيزية فعالة‪.‬‬
‫‪ .4‬مرحلة المتابعة والتقييم‪ :‬وتهدف هذه المرحلة الى دراسة المشكالت المختلفة التي تظهر أثناء‬
‫التنفيذ بهدف حلها‪ ،‬مما يقتضي أحيانا اجراء بعض التعديالت في الخطة على ضوء ما تم تنفيذه‬
‫فعال‪ ،‬كما أنه يستفاد كثيرا من عملية التقييم حيث يمكن التعرف على مواطن الضعف في اعداد‬
‫الخطة مما يستدعي بعض التعديالت في الخطة القائمة وكذلك االستفادة منها في وضع الخطة‬
‫الالحقة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ظهور مفهوم اإلستراتيجية وتطوره‬
‫تعبر اإلستراتيجية عن القرارات التي تتخذ على مستوى المنظمة ومستوى وحداتها اإلستراتيجية‬
‫وكذلك على مستوى الوظائف من أجل تحقيق أهدافها وبالتالي فهي ترسم رسالتها وتحدد غاياتها وتوجه‬
‫جهودها لتحليل المتغيرات البيئية للكشف عن الفرص والتهديدات وكذا نقاط القوة والضعف‪.‬‬
‫أوال بداية ظهور مصطلح االستراتيجية‪:‬‬
‫أول ما يخطر ببالنا عند سماع كلمة استراتيجية هو المفهوم العسكري لهذه الكلمة ألنها استخدمت ألول‬
‫مرة لتشير إلى الفن العسكري أو الحربي‪ ،‬حيث تعني فن توزيع القوات العسكرية في أرض المعركة‪.‬‬
‫وكغيره من المفاهيم فقد احتمل مفهوم االستراتيجية في البعد العسكري الكثير من المعاني والتأويالت‪ ،‬ولم‬
‫‪1‬‬
‫يتم االتفاق على معنى واحد‪ ،‬حيث أنه لكل دولة استراتيجية عسكرية خاصة بها‪.‬‬
‫إن مصطلح االستراتيجية يوجد في مختلف اللغات األوربية أو اللغات االغريقية‪/‬الالتينية‪ ،‬ففي األلمانية‬
‫نجد ‪ ،strategie‬وفي الروسية ‪ ،strategija‬وفي الهنغارية ‪ ،strategi‬وعندما نقول ‪stratos agein‬‬
‫فهو مصطلح االستراتيجية ذاته مقسم إلى جزئين ويعني الجيش الذي ندفع به الى األمام‪ ،‬وبوصل طرفي‬
‫المصطلح ‪ stratos‬و ‪ agein‬نحصل على ‪ strategos‬وهذا يعني الجنرال‪ ،‬وفعل ‪ strateg‬اليعني قاد‬
‫أو أمر‪ ،‬أما الصفة ‪ strategikos‬والتي تجمع ‪ strategika‬فهي تعني وظائف وأعمال الجنرال بالمفهوم‬
‫العسكري للكلمة‪ ،‬وتعني الصفات التي يمتلكها الجنرال‪ ،‬فاالستراتيجية إذن هي فن القيادة للجيش أو بشكل‬
‫‪2‬‬
‫أشمل هي فن القيادة‪.‬‬

‫‪ 1‬ناصر محمد سعود جرادات‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية منظور تكاملي حديث‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬اثراء للنشر والتوزيع‪ ،)2013 ،‬ص‪.28.‬‬
‫‪ 2‬بهلول نسيم‪ ،‬في االستراتيجية (الجزائر‪ :‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،)2010 ،‬ص‪.16 .‬‬
‫‪58‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ولذلك عرفها قاموس اكسفورد)‪":) Oxford‬على أنها الفن المستخدم في تعبئة وتحريك المعدات‬
‫‪1‬‬
‫الحربية بما يمكن من السيطرة على الموقف والعدو بصورة شاملة"‪.‬‬
‫وقد جاءت كلمة إستراتيجية من الكلمة اإلغريقية "‪ " Stratos‬والتي تعني " ‪ "Army‬أي الجيش‪،‬‬
‫والجزء الثاني" ‪ " Agein‬ومعناها " ‪ "Tolead‬أي القيادة‪ "Strategos" ،‬والتي تعني القائد المنتخب في‬
‫‪2‬‬
‫أثينا القديمة‪ .‬وقد تم وضع هذه الوظيفة عندما كانت أثينا في حرب مع الفرس عام ‪ 509‬قبل الميالد‪.‬‬
‫وتختلف اإلستراتيجية عن التكتيك وهي كلمة يونانية أيضا مشتقة من كلمة " تاسين "‪ ،‬والتي يقصد بها‬
‫فن القيادة في ميدان المعركة‪ ،‬أو أنها تخطيط يوضع لمعركة واحدة‪ ،‬أو طريقة تنفيذ وإدارة حملة‬
‫عسكرية‪ ،‬أو أنها مجموع الخطط المرحلية والبرامج الموضوعة لتنفيذ أهداف المنظمة‪ .‬كما تعبر‬
‫التكتيكات على أنشطة قصيرة المدى تستخدم لتنفيذ االستراتيجيات‪ ،‬فهي أكثر تحديدا من االستراتيجيات‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وتهيأ إرشادات للتنفيذ الفعلي للعمليات‪.‬‬
‫وقد تطور استخدام مصطلح اإلستراتيجية على يد كالوزوفيتز‪Clause witz carlvoy‬‬
‫(‪ )1831_1780‬فقد عرف اإلستراتيجية على أنها "نظرية استخدام المعارك كوسيلة للوصول إلى هدف‬
‫الحرب"‪.‬‬
‫أما في القرن التاسع عشر اتفق المنظرين العسكريين الرئيسيين مثل‪:‬‬
‫ليدل هارت )‪) 1970_1895 ( (Liddel Hart‬‬
‫واندريه بوفر)‪)1975_1902( (André Baufre‬‬
‫وماوتسي تونغ )‪)1975_1891( (Maotso_ Tong‬‬
‫وسوكولوفسكي )‪)1967_1897( (Soholovali Vassili‬‬
‫يتفق هؤالء الباحثين على أن اإلستراتيجية هي "علم وفن إعداد الخطط والوسائل التي تعالج الوضع‬
‫الكلي للصراع الذي تستخدم فيه القوة بشكل مباشر من أجل تحقيق هدف السياسة الذي يتعذر تنفيذه بوسائل‬
‫‪4‬‬
‫أخرى"‪.‬‬
‫وقد انتقلت كلمة "إستراتيجية" من المجال العسكري إلى دنيا االقتصاد واألعمال على يد بعض الكتاب‬
‫األمريكيين في مطلع الستينات من القرن الماضي‪ .‬والجدير بالذكر أن كلمة "إستراتيجية" هي من أكثر‬
‫األلفاظ شيوعا وتداوال في السنوات األخيرة في أوساط المال واألعمال وفي الجامعات ومؤسسات التكوين‬
‫‪5‬‬
‫في العديد من دول العالم‪.‬‬
‫أما في الجانب اإلداري‪ ،‬فقد لجأ المفكرون والمهتمون في علم اإلدارة لتوظيف مفهوم االستراتيجية في‬
‫عمل المنظمات نتيجة ازدياد الوعي بضرورة اعتماد مناهج جديدة في اإلدارة نظرا للتغيرات المستمرة‬
‫التي تفرزها البيئة المحيطة‪ ،‬وعليه فقد نشأ مفهوم االستراتيجية في الفكر اإلداري كاستجابة طبيعية‬

‫‪ 1‬عبد الحميد عبد الفتاح المغربي‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية _لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين‪ ،‬ط‪( 1‬القاهرة‪ :‬مجموعة النيل العربية‪،‬‬
‫‪ ،)1999‬ص‪.17.‬‬
‫‪ 2‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية منظور منهجي متكامل‪ ،‬ط‪(1‬عمان‪ :‬دار وائل للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،)2007‬ص‪.30 .‬‬
‫‪ 3‬أحمد سيد مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.97.‬‬
‫‪ 4‬الهام تايب‪" ،‬التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في الوظيف العمومي الجزائري (دراسة حالة وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية)"‪( ،‬مذكرة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية) ‪ ،2003‬ص‪.93 .‬‬
‫‪ 5‬شريف حمزاوي "عن مفهوم االستراتيجية في إدارة األعمال"‪ ،‬في مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية التواصل‪ ،‬جامعة باجي مختار عنابة‪ ،‬العدد‬
‫‪( 09‬جوان ‪ ،)2002‬ص‪.39.‬‬
‫‪59‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫للتطورات والتغيرات الحاصلة في بيئة األعمال وذلك من أجل توجيه المنظمة ورسم سياساتها في األمد‬
‫‪1‬‬
‫الطويل لغرض تحقيق أهدافها التي تسعى اليها‪.‬‬
‫ثانيا تعريف اإلستراتيجية‪:‬‬
‫إن كلمة إستراتيجية تبقى في نظر العديد من الناس كلمة مبهمة وفضفاضة‪ ،‬فاإلستراتيجية ظاهرة‬
‫معقدة ومتعددة الوجوه وبالتالي تتعدد معانيها ودالالتها في إدارة األعمال‪ ،‬ويرجع ذلك إلى اختالف‬
‫تصورات وافتراضات ومنطلقات الباحثين‪ ،‬كما أن هذا التعدد يرجع إلى مختلف التطورات التاريخية التي‬
‫مر بها الفكر اإلداري‪ .‬وهناك خمس تعاريف مختلفة لإلستراتيجية يمكن إدراجها كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ /‬اإلستراتيجية كخطة‪ :‬إن التيار الذي ارتبط اسمه أكثر من غيره بهذا المفهوم لإلستراتيجية هو التيار‬
‫التكنوقراطي (التايلوري _ الفوردي ) في التسيير والذي امتدت هيمنته على الفكر اإلداري حتى منتصف‬
‫السبعينيات من القرن الماضي‪ ،‬حيث استخدم رواد هذا التيار "اإلستراتيجية" كمرادف للتخطيط‬
‫االستراتيجي أو "التخطيط طويل المدى " من أجل الداللة على سلسلة اإلجراءات والخطوات المحددة سلفا‬
‫‪2‬‬
‫والمتبعة في تعبئة الموارد وتخصيصها لتحقيق األهداف المنشودة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار فإن غلويك ويليام ‪ Gluick William F‬يرى أن" اإلستراتيجية هي خطة متكاملة‬
‫‪3‬‬
‫مصممة لتؤكد بأن تحقيق األهداف ممكنا "‪.‬‬
‫أما الفرد تشاندلر ‪ Alfred D.Chandler‬والذي يعتبر من أوائل المهتمين بموضوع التنظيم‬
‫واإلستراتيجية في كتابه ‪ Stratégies et Structures de l’entreprise‬فقد سلط الضوء على عالقة‬
‫اإلستراتيجية بهيكل المنشأة بمقاربة تاريخية تناول فيها تطور الهياكل التنظيمية واالستراتيجيات ألهم‬
‫‪4‬‬
‫الشركات األمريكية‪*.‬‬
‫وفي تعريفه لإلستراتيجية فإن تشاندلر يرى أن "اإلستراتيجية هي تحديد المنظمة ألغراضها‬
‫وألهدافها األساسية طويلة األجل‪ ،‬واختيار خطط العمل وتخصيص الموارد الضرورية لبلوغ هذه‬
‫‪5‬‬
‫األهداف والغايات"‪.‬‬
‫في الحقيقة إن تعريف اإلستراتيجية كخطة يقوم على افتراض ضمني أساسي مفاده وجود وصفة‬
‫مثالية إلعداد االستراتيجيات وتنفيذها‪ ،‬وتقوم هذه الوصفة على التحليل والتخطيط الذي تنظمه وتشرف‬
‫عليه اإلدارة العليا‪ ،‬وتتلخص في الخطوات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬دراسة وتحليل عوامل البيئة الخارجية بقصد التنبؤ بتطوراتها واتجاهاتها المستقبلية‪.‬‬
‫‪ .2‬االستعداد لمواجهة التحديات والفرص البيئية المتوقعة بتحديد األهداف الكبرى ورسم الخطط‬
‫(البدائل اإلستراتيجية الممكنة) ثم المفاضلة بينها‪.‬‬
‫‪ .3‬اختيار الخطة اإلستراتيجية األفضل‪.‬‬

‫‪ 1‬ناصر محمد سعود جرادات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28.‬‬


‫‪ 2‬شريف حمزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.42.‬‬
‫‪ 3‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي ادريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31.‬‬
‫‪4 Alfred D. Chandler jr, Stratégies et Structures de l’entrepris, traduire par philipe schaufelberge) Paris,‬‬

‫‪France: les éditions d’organisation, 1972), p .14.‬‬


‫‪*_general motors، la standard oil، sears، new gersey, la united states rubber,B.F.goodrich, la union carbideand‬‬
‫‪carbon, la westinghouse electric, la great atlantic and pacific te aco ………….etc p. 28.‬‬
‫‪5 Michel Weil, Le Management (la Pensée, les Concepts, les Faits. (Paris, France: armand colin, 2001), p.‬‬

‫‪106.‬‬
‫‪60‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬
‫‪1‬‬
‫‪ .4‬تنفيذ الخطة اإلستراتيجية بعد تفكيكها إلى أهداف وسياسات وظيفية وفرعية‪.‬‬
‫ب‪ /‬اإلستراتيجية كخدعة‪ :‬هذا التعريف يعتبر أن اإلستراتيجية هي فعال خطة مقصودة للمستقبل ولكنها‬
‫خطة خاصة ومحددة‪ ،‬فهي مجرد خدعة أو حيلة أو مناورة جانبية أو تكتيكية‪ Ttratagème‬هدفها هو‬
‫تضليل الخصم والفوز عليه لكن دون الدخول معه في مواجهة مباشرة‪.‬‬
‫ومن أبرز الكتاب الذين عالجوا موضوع اإلستراتيجية من هذه الزاوية نذكر بورتر ‪Porter.M‬‬
‫الذي يرى أن اإلستراتيجية هي "عملية بناء وضع منفرد للمنظمة ذي قيمة للعمالء من خالل تصميم‬
‫‪2‬‬
‫مجموعة أنشطة مختلفة عما يؤديه المنافسون"‪.‬‬
‫إن أبرز ما يميز هذا التعريف هو أ نه يقودنا إلى ميدان المنافسة المباشرة‪ ،‬الحالية أو المحتملة‪ ،‬حيث‬
‫تسود لغة اإلشارات والتهديد والتمويه والمراوغة‪ ،‬فأي تحرك من جانب أحد األطراف المتنافسة يقابله‬
‫‪3‬‬
‫تحرك مضاد من األطراف األخرى للدفاع عن موقفها بالسوق‪.‬‬
‫ج ‪/‬اإلستراتيجية كممارسة‪ :‬مع مطلع الثمانينات من القرن الماضي بدأ تعريف اإلستراتيجية كممارسة‬
‫يعرف شعبية كبيرة في أوساط الفكر اإلداري‪ ،‬والذي يولي أهمية أكبر للعمل والممارسة والتعلم والخبرة‬
‫السابقة مقارنة مع التحليل الكمي والتنظير والتخطيط‪ ،‬والتي يعتبرها عوامل هامة وحاسمة في بناء‬
‫االستراتيجيات وتنفيذها بنجاح‪ .‬وقد جاء هذا التعريف كردة فعل للشكوك واالنتقادات التي وجهت ألنظمة‬
‫‪4‬‬
‫التخطيط االستراتيجي‪ ،‬ومنه لمفهوم اإلستراتيجية كخطة مقصودة‪.‬‬
‫ويمكن اختصار ذلك في النقطتين التاليتين‪:‬‬
‫‪ _1‬تعد اإلستراتيجية كخطة عن النيات والمقاصد والتوجهات المستقبلية الكبرى التي تحدد في أعلى هرم‬
‫السلطة فقط‪ ،‬لكن المعلوم هو أنها قد تبقى حبرا على ورق وال تنفذ‪ ،‬أي أنها ال تترجم إلى نسج من األفعال‬
‫والسلوكات‪ ،‬مما يدل على أن العبرة من وجهة نظر الفعالية اإلستراتيجية ال تكمن في التحليل والتنظير‬
‫‪5‬‬
‫وإعالن المقاصد مقدما بقدر ما تكمن في التنفيذ واالنجاز‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد طرح بعض الباحثين مجموعة من التساؤالت تمثلت في‪:‬‬
‫‪ .1‬ما لفائدة من "األفكار الكبيرة" التي ال تجد طريقها إلى التنفيذ؟‬
‫‪ .2‬ماذا عن المنظمات "التي تقول" شيئا ولكنها في الميدان "تفعل" شيئا آخر؟‬
‫‪ .3‬إذا كانت الخطط والمقاصد المعلنة مقدما تنعت بسهولة "باالستراتيجية" بالرغم من‬
‫أنها ال تتجاوز حدود الورق‪ ،‬فماذا عن األفعال االستراتيجية المكرسة فعليا في‬
‫الميدان؟‬
‫‪ .4‬هل يحق حرمانها من صفة استراتيجية لكونها غير مدونة أو غير معلنة سلفا؟‬
‫إن أصحاب هذه التساؤالت يريدون الوصول إلى أن الممارسات واألفعال هي أيضا إستراتيجية وليس‬
‫مهما إن كانت هذه السلوكيات مقصودة من قبل أو غير مقصودة‪.‬‬

‫‪ 1‬شريف حمزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43.‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.44.‬‬
‫‪ 3‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33.‬‬
‫‪ 4‬شريف حمزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45.‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.47.‬‬
‫‪61‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ _2‬إن نموذج اإلستراتيجية التقليدي هو نموذج معياري‪ ، Normative‬يهتم بالسلوك الرسمي المستقبلي‬
‫فقط ويتجاهل دور التعلم وتأثير القرارات الماضية والحاضرة على القرارات المستقبلية‪.‬‬
‫وحينما تسأل مدير عن إستراتيجية مؤسسته الحالية فإنه سيعمد إلى وصف االتساق في السلوكات‬
‫الماضية‪ ،‬حيث يحاول استنباط مالمح اإلستراتيجية المكرسة فعال في الميدان بصرف النظر إن كانت‬
‫مقصودة أو غير مقصودة‪ ،‬وهذا نتيجة إلدراكه أن االستراتيجيات ال يمكن أن تظهر مكتملة هكذا "في‬
‫طلقة واحدة" ومن فراغ إنما لها امتدادات وجذور تاريخية‪.‬‬
‫من تلك االنتقادات انطلق هنري مينتزبرغ ‪ Mintzberg.H‬ليصوغ تعريفا جديدا لإلستراتيجية مع‬
‫األخذ في الحسبان البعدين السابقين أي مدلول اإلستراتيجية كفعل وليس كشعار فقط وامتداد هذا الفعل في‬
‫الماضي‪ .‬إذ أنه يرى أنه يمكن لمنظمة ما أن تخطط (أي أن تأخذ المستقبل بعين االعتبار) من دون أن‬
‫‪1‬‬
‫تلتزم بتخطيط (أي إجراء شكلي) حتى ولو أنتجت مخططات (نوايا صريحة)‪.‬‬
‫وبالتالي فإ ن رواد هذه المقاربة "اإلستراتيجية كممارسة" يؤكدون على عدم البحث عن اإلستراتيجية‬
‫في الخطب والتصريحات والوثائق الرسمية بل إن البحث عنها يكون في األفعال والسلوكات والممارسة‬
‫القرارية الفعلية للعاملين بالمنظمة خالل فترة طويلة من الزمن‪.‬‬
‫د_ اإلستراتيجية كموقع‪ :‬هذا التعريف يعتبر أن اإلستراتيجية هي بمثابة قوة وسيطة بين سياق‬
‫داخلي(المنظمة) وسياق خارجي (البيئة الخارجية)‪ .‬بحيث أن وظيفتها األولى هي تكييف ومالئمة السياق‬
‫الداخلي (موارد المؤسسة ومهاراتها وعناصر ثقافتها) مع ديناميكية السياق الخارجي ومتطلباته‪.‬‬
‫فاالستراتيجية عبارة عن موقع ‪ Position‬أو هي وسيلة لتحديد موقع أو تموقع ‪ Positioning‬للمنظمة‬
‫في هذه البيئة الخارجية بشكل يتناسب مع مواردها وإمكانياتها وكذا يضمن لها البقاء والنمو‪.‬‬
‫يقول ريتشارد روملت "‪" Richard Rumelet‬ان االستراتيجية هي إيجاد الظروف المالئمة‬
‫لجني ثمار الريوع االقتصادي (أي الغالل الناتجة عن احتالل موقع فريد أو احتكاري) والعمل على‬
‫‪2‬‬
‫االحتفاظ بها‪".‬‬
‫ونتيجة لتغير حاجات الزبائن وتفضيالتهم وكذا التطور السريع للتكنولوجيا (كاحتكار منتجات جديدة‬
‫وكذا تقنيات إنتاج جديدة) مما يجعل من المواقع اإلستراتيجية الحالية غير مالئمة وبالتالي فانه يترتب على‬
‫اإلستراتيجية كموقع أن تهتم بمسايرة ومالئمة المنظمة مع هذه التحوالت وذلك بإعادة النظر في المواقع‬
‫الحالية من خالل تنمية وتطوير التوافق والتناغم بين الفرص والمخاطر بالمحيط الخارجي‪ ،‬من جهة‬
‫وقدرات المنظمة وعناصر ثقافتها ومهاراتها على استغالل هذه الفرص من جهة أخرى‪.‬‬
‫ه _اإلستراتيجية كمنظور‪ :‬يستند تعريف اإلستراتيجية كمنظور إلى فرضية "االختيار االستراتيجي"‬
‫والتي تفيد بأن منظمات األعمال هي كيانات إستراتيجية فاعلة تتواجد بها قدرات على التخيل وإرادات‬
‫حرة‪ .‬فقد صار اهتمام الباحثين هذه المرة منصبا على ما يجري داخل المنظمة وتحديدا على ما يجري‬
‫بأذهان الفاعلين االستراتيجيين وليس على ما يجري خارج المنظمة‪.‬‬
‫فيرى هنري مينتزبرغ ‪ Mintzberg.H‬أن "اإلستراتيجية هي نمط أو نموذج معين يعبر عن تدفق‬
‫مجموعة من القرارات أو التصرفات‪ ،‬سواء كان هذا النمط نتاجا الستراتيجيات مقصودة أو مخططة‪ .‬أو‬
‫‪3‬‬
‫نتاجا الستراتيجيات غير مقصودة أو غير مخططة أو طارئة "‪.‬‬

‫‪ 1‬ميشال غوديه وفيليب دوران وقيس الهمامي‪ ،‬االستشراف االستراتيجي للمؤسسات واألقاليم‪ ،‬تعريب‪ :‬محمد سليم قاللة وقيس الهمامي (باريس‪:‬‬
‫مخبر االبتكار‪ ،‬االستشراف االستراتيجي والتنظيم‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن)‪ ،‬ص‪.30.‬‬
‫‪ 2‬شريف حمزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.54.‬‬
‫‪ 3‬نبيل محمد مرسي‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية‪ :‬تكوين وتنفيذ استراتيجية التنافس (اإلسكندرية‪ :‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،)2003 ،‬ص‪.51.‬‬
‫‪62‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫يمكننا إيجاز األفكار القوية لالستراتيجية كمنظور في النقاط التالية‪:‬‬


‫‪ -‬تعبر االستراتيجية عن مفهوم يحمله صناع القرار في أذهانهم‪ ،‬فهي نظرة ثابتة للمستقبل من‬
‫صنع خيال شخص أو جماعة ما في المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬مساهمة جميع العاملين بالمنظمة في نفس النظرة سواء كانت النظرة معلنة (نفس المقاصد‪،‬‬
‫نفس اإلطار المرجعي) أو مبطنة (نفس السلوكيات والمواقف واألفعال) فالرؤية االستراتيجية‬
‫إذا استقر عليها األمر وتعممت في تصرفات األفراد وتصبح جزءا ال يتجزأ من ثقافة المنظمة‬
‫وتقاليدها‪.‬‬
‫‪ -‬إن مفهوم االستراتيجية كمنظور متجذرا بقوة في الدوام واالستقرار وليس في التغيير‪ ،‬حيث‬
‫أن استخدام المنظمات لالستراتيجية من أجل تحديد اتجاه عام ودعوة أعضاءها لالتحاد‬
‫وااللتفاف حول هذا االتجاه المشترك والبقاء معه مدة طويلة من الزمن‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وهناك من يرى أن االستراتيجية تتمثل في تحديد المراحل األساسية التالية‪:‬‬
‫‪ ‬المعرفة الصحيحة للمؤسسة ووضعية انطالقها وظروفها (المحيط‪ ،‬األنشطة‪ ،‬التنظيم‪ ،‬نقاط القوة‬
‫والضعف بها‪ ،‬مواردها‪ ،‬كفاءاتها‪.)....‬‬
‫‪ ‬تحديد الى أين تريد المؤسسة الوصول (الذهاب)‪( ،‬االستمرارية‪ ،‬الفرص المتاحة‪ ،‬نوعية‬
‫المنتجات والخدمات المقدمة‪ ،‬الزبائن‪ ،‬الصورة التي تبحث عنها جديدة أم قديمة‪ ،‬األماكن‬
‫واألسواق والبلدان المستهدفة‪.)....‬‬
‫‪ ‬ابتكار واختيار طريقة االنطالق (ماهي التكنولوجيا المستعملة‪ ،‬التحسينات‪ ،‬طريقة التسويق‪،‬‬
‫االستثمارات الالزمة‪ ،‬المعارف‪ ،‬شراكة أو ال‪ ،‬مستويات المخاطر‪.)....‬‬
‫‪ ‬تطبيق االستراتيجية (ماهي منهجية العمل؟ وماهي االستراتيجيات التنفيذية التي تم تحديدها؟)‪.‬‬
‫وعلى الرغم من كل ما أورده الباحثون بخصوص مفهوم االستراتيجية بوصفها خطة ‪ plan‬أو مناورة‬
‫‪ ploy‬والتي يقصد من خاللها التفوق على المنافسين‪ ،‬نمط من القرارات ‪ pattern‬أو موقف ‪position‬‬
‫والذي يعبر عن أسلوب التصرف لحماية الموقع التنافسي‪ ،‬منظور ‪ ،perspective‬أو عملية ‪process‬‬
‫تشمل عددا من األنشطة واألفعال المقصودة‪ .‬وبسبب تعدد مضامين العملية االستراتيجية وتنوع أساليبها‪،‬‬
‫ف قد وصفت االستراتيجية بكونها شيء في داخل عقول االستراتيجيين‪ ،‬بحيث أنها ترتكز على قدرة‬
‫‪2‬‬
‫االستراتيجي على التفكير العميق‪ ،‬فهي تعني توجيه أكثر من سؤال‪:‬‬
‫‪ -‬كيف يمكن تصور ما سيحدث في المستقبل؟‬
‫‪ -‬ما هي الخطوة أو الخطوات القادمة المطلوبة؟‬
‫‪ -‬ما هي الوسائل واالستحضارات الالزمة لجعل تلك الخطوة في صالح المنظمة؟‬
‫إن التعاريف السابقة لالستراتيجية وإ ن كانت تتضارب فيما بينها أحيانا‪ ،‬إال أنها تتكامل وتتآزر أحيانا‬
‫‪3‬‬
‫أخرى‪ ،‬فكل تعريف يحاول تسليط الضوء على نفس الظاهرة لكن من زاوية مختلفة‪.‬‬

‫‪ 1‬بلقيدوم صباح‪" ،‬أثر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت الحديثة (‪ )NTIC‬على التسيير االستراتيجي للمؤسسات االقتصادية" (أطروحة دكتوراه‬
‫علوم في علوم التسيير‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،)2013/2012 ،2‬ص‪.58 .‬‬
‫‪ 2‬صالح عبد هللا النعيمي‪" ،‬مواصفات المفكر االستراتيجي في المنظمة"‪ ،‬في المجلة العربية لإلدارة‪ ،‬المجلد ‪ ،23‬العدد ‪( 01‬يونيو ‪،)2003‬‬
‫ص‪.45.‬‬
‫‪ 3‬شريف حمزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.64.‬‬
‫‪63‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا خصائص االستراتيجية‪:‬‬


‫من أجل أن تحقق االستراتيجية التي تطمح اليها المنظمة‪ ،‬فإنه يتطلب أن تمتاز االستراتيجية بجملة من‬
‫‪1‬‬
‫الخصائص أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬الشمولية‪ :‬حيث أن االستراتيجية إطار شامل لمختلف أنشطة وفعاليات المنظمة على المدى البعيد‬
‫سواء كانت مالية‪ ،‬تجارية‪ ،‬تقنية‪ ....‬الخ‬
‫‪ .2‬االلتزام‪ :‬فاالستراتيجية تشكل التزاما على المنظمة‪ ،‬أي أنه متى اختارت المنظمة استراتيجية‬
‫معينة‪ ،‬فإنها تكون ملزمة باتباعها‪.‬‬
‫‪ .3‬المرونة والديناميكية‪ :‬إن التزام المنظمة باستراتيجية معينة ال يعني الجمود وعدم المرونة‪،‬‬
‫فاالستراتيجية تمتاز بمرونة عالية لتعديل االتجاهات وفقا لما تحمله البيئة من ظروف عدم التأكد‬
‫وعدم االستقرار‪ ،‬ففعالية االستراتيجية تنبع من قدرتها على مواجهة التقلبات والقابلية للتعديل من‬
‫أجل التأقلم‪.‬‬
‫‪ .4‬الوضعية المناسبة‪ :‬وتعني تحديد المعيار الذي يمكن العمالء من التمييز بين المنظمة والمنظمات‬
‫األخرى من خالل البحث عن أفضل طريقة القتناص الفرص وتجنب التهديدات وتعزيز نقاط‬
‫القوة والقضاء على نقاط الضعف‪.‬‬
‫رابعا مستويات االستراتيجية‪:‬‬
‫تتفاوت االستراتيجيات في مستوياتها من حيث مدى شمولها الهتمامات المنظمة ككل‪ ،‬أو في‬
‫انحصارها في اهتمامات قطاعات محددة في المنظمة‪ ،‬وعليه فإنه يمكن التمييز بين ثالث مستويات‬
‫لإلستراتيجية وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫أ_ استراتجيات المنظمة‪ :‬تعد هذه اإلستراتيجية أكثر أنواع االستراتجيات قربا لتحويل رسالة المنظمة إلى‬
‫أعمال وتصرفات فعلية‪ ،‬واالستراتيجيات على مستوى المنظمة هي استراتيجيات تخدم قضية اتخاذ‬
‫القرارات في األجل الطويل‪ ،‬وعليه فإن هذه االستراتيجيات ال تتغير بصورة دائمة‪ ،‬كما أنه عادة ما تكون‬
‫هذه االستراتيجيات مصاغة بصورة عامة وغير محددة إذا ما تمت مقارنتها باالستراتيجيات في‬
‫‪2‬‬
‫المستويات األخرى‪.‬‬
‫وتهتم االستراتيجيات على مستوى المنظمة بالمجاالت التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد طبيعة ميادين األعمال التي ستعمل بها المنظمة‪.‬‬
‫‪ .2‬تخصيص الموارد المتاحة للمنظمة أي تركيز الموارد على ميادين األعمال التي تمثل المستقبل‬
‫للمنظمة وتقليل الموارد الموجهة إلى ميادين األعمال المحتمل أن تتوقف المنظمة مستقبال‬
‫االستمرار فيها‪.‬‬
‫‪ .3‬خلق أعلى درجة من المشاركة بين وحدات األعمال لصالح المنظمة‪.‬‬
‫‪ .4‬تقييم كل ميدان من ميادين األعمال بالمنظمة ومدى مساهمته في تمويل المنظمة بالدرجة المتوقعة‬
‫منه أو وفقا لقدراته‪.‬‬

‫‪ 1‬ناصر محمد سعود جرادات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31.‬‬


‫‪ 2‬إسماعيل محمد السيد‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية _ مفاهيم وحاالت تطبيقية (مصر‪ :‬الدار الجامعية‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،)2000 ،‬ص‪.82.‬‬
‫‪64‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .5‬مراقبة مدى تكامل وتوافق أجزاء المنظمة للعمل كنظام واحد‪ ،‬مدى وجود االتصال‪ ،‬وضوح‬
‫السلطة والمسؤولية‪.‬‬
‫ب _استراتيجيات األعمال‪ :‬تعبر الوحدة اإلستراتيجية عن مجمع لعدد من األقسام التي تقدم بعض‬
‫المنتجات أو الخدمات المتشابهة‪ ،‬وعادة ما يكون لكل وحدة من هذه الوحدات سوقا مستقال ومنافسون‬
‫مستقلون ومن ثم تكون لها إستراتيجية مستقلة‪ .‬وتركز االستراتيجيات الخاصة بالوحدات اإلستراتيجية‬
‫‪1‬‬
‫على مجموعة من المجاالت سنذكر أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬خلق درجة عالية من التكامل والتنسيق بين وحدات األعمال اإلستراتيجية من أجل التأكد أنها تعمل‬
‫في إطار اإلستراتيجية الخاصة بالمنظمة ككل‪.‬‬
‫‪ .2‬محاولة خلق وتدعيم بعض المزايا التنافسية الفريدة والمتميزة لكل وحدة من هذه الوحدات‪ .‬لزيادة‬
‫قدرة الوحدات على المنافسة في كل قطاع من القطاعات السوقية‪.‬‬
‫‪ .3‬متابعة القطاع السوقي لكل منتج من أجل التأكد من أن اإلستراتيجية الخاصة بكل قطاع تتماشى‬
‫مع احتياجات السوق‪.‬‬
‫ج_ االستراتيجيات الوظيفية‪ :‬تهتم هذه االستراتيجيات ببعض القضايا الجزئية‪ ،‬مثل قضية تنمية وتحسين‬
‫األسواق‪ ،‬قضايا التوزيع‪ ،‬التمويل‪ ،‬اإلنتاج‪ ،‬القوى العاملة ‪ ...‬الخ‪ .‬والجدير بالذكر أن االستراتيجيات‬
‫الوظيفية تعمل دائما في ظل االستراتيجيات الخاصة بالمنظمة ككل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وتركز االستراتيجيات الوظيفية على المجاالت التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬االستخدام الفعال والكفء للمتخصصين الوظيفيين داخل المنظمة‪.‬‬
‫‪ .2‬خلق درجة عالية من التكامل والمشاركة داخل المجاالت الوظيفية كخلق التكامل بين اإلعالن‬
‫والترويج وبحوث السوق في المجال التسويقي‪.‬‬
‫‪ .3‬التأكد من تماشي االستراتيجيات الوظيفية مع االستراتيجيات الخاصة بكل وحدة من الوحدات‬
‫اإلستراتيجية التي تتواجد بها هذه المجاالت الوظيفية‪.‬‬
‫وبالتالي فإ ن االستراتيجيات الوظيفية أضيق نطاقا من استراتيجيات األعمال‪ ،‬ويجب عليها أن تدعم‬
‫‪3‬‬
‫إستراتيجية األعمال‪.‬‬
‫والمالحظ أن المستويات الثالثة لإلستراتيجية (المنظمة واألعمال والنشاط)‪ ،‬تكون ما يسمى‬
‫بهيراريكية اإلستراتيجية في المنظمات الكبيرة‪ ،‬ويجب أن يكون هناك تنسيق وتفاعل فيما بين‬
‫االستراتيجيات الثالث إذا ما كانت هناك رغبة في تحقيق النجاح للمنظمة ككل‪.‬‬
‫والشكل الموالي يظهر المستويات الثالث لإلستراتيجية أو ما يسمى بهيراريكية اإلستراتيجية‪ ،‬ويتضح‬
‫من خالله أن كل مستوى من المستويات اإلستراتيجية يمثل البيئة اإلستراتيجية للمستوى الذي يليه في‬
‫للمنظمة‪.‬‬

‫‪ 1‬إسماعيل محمد السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.83.‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.84.‬‬
‫‪ 3‬سيد محمد جاد الرب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.152.‬‬
‫‪65‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل رقم (‪ :)02‬مستويات اإلستراتيجية‬

‫المركز الرئيسي للمنظمة‬ ‫(‪ )1‬إستراتيجية المنظمة‬

‫وحدة أعمال‬ ‫وحدة أعمال‬ ‫وحدة أعمال‬ ‫(‪ )2‬إستراتيجية األعمال‬


‫إستراتيجية‬ ‫إستراتيجية‬ ‫إستراتيجية‬

‫(‪ )3‬إستراتيجية النشاط‬


‫البحوث‬ ‫الموارد‬
‫اإلنتاج‬ ‫التمويل‬ ‫التسويق‬
‫والتطوير‬ ‫البشرية‬

‫المصدر‪ :‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد المرسي‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية (مفاهيم ونماذج تطبيقية) (مصر‪ :‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،‬جامعة المنوفية‪ ،)2002 ،‬ص‪.49 .‬‬

‫أما الجدول الموالي فهو يوضح هيراريكية وضع االستراتيجيات بحيث أن أهداف واستراتيجيات أي‬
‫منظمة تتكون من عدة مستويات في ترتيب تنازلي من قمة الهرم إلى قاعدته‪ ،‬وهناك روابط رأسية تعمل‬
‫على توحيد أنشطة وضع هدف وأنشطة وضع االستراتجية‪.‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)02‬هيراريكية وضع االستراتيجيات‬

‫المهام الخاصة بوضع االستراتيجية ومجاالت‬ ‫المسؤول عن وضع االستراتيجية‬ ‫مستوى االستراتيجية‬
‫التركيز الرئيسية‬
‫‪-‬اختيار كيفية بناء وإدارة محفظة من وحدات‬
‫األعمال ذات األداء المرتفع‪.‬‬
‫‪-‬تنسيق االستراتيجيات واألنشطة لوحدات‬
‫مجلس إدارة الشركة وكبار المديرين‬
‫األعمال المترابطة في محاولة لتحقيق ميزة‬
‫تنافسية على مستوى الشركة ككل‪.‬‬
‫‪-‬مراجعة وتنقيح المداخل االستراتيجية‬ ‫استراتيجية الشركة ككل‬
‫الرئيسية والتحركات المقترحة بواسطة مديري‬
‫وحدات األعمال‪.‬‬
‫‪-‬توجيه استثمارات الشركة نحو األنشطة ذات‬
‫الفرص االستراتيجية‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-‬اختيار طريقة المنافسة وتحديد نوع الميزة‬


‫التنافسية التي يمكن تحقيقها‪.‬‬
‫‪-‬االستجابة الى الظروف المتغيرة في مجال‬
‫المدير العام ورؤساء وحدات‬ ‫استراتيجيات وحدات‬
‫المنافسة‪.‬‬
‫األعمال‬ ‫النشاط االستراتيجي‬
‫‪-‬تنسيق التحركات‪/‬المداخل الرئيسية للمجاالت‬
‫الوظيفية الرئيسية والتشغيلية‪.‬‬
‫‪-‬اتخاذ التصرف المالئم لمواجهة المشاكل‬
‫األخرى المرتبطة باالستراتيجية والقضايا التي‬
‫تواجه وحدة األعمال‪.‬‬
‫‪-‬البحث عن المداخل والتحركات المالئمة‬
‫لمساندة استراتيجيات وحدة االعمال‪.‬‬
‫استراتيجيات المجاالت‬
‫‪-‬مراجعة وتنقيح وقبول المداخل والتحركات‬ ‫الوظيفية‬
‫رؤساء الوحدات الوظيفية‬
‫الرئيسية المرتبطة باالستراتيجية المقترحة‬
‫بواسطة مديري المستوى األقل‪.‬‬
‫‪-‬البحث عن مداخل وتحركات ذات أفق أضيق‬ ‫رؤساء الوحدات الفرعية ومديري‬ ‫استراتيجيات المستوى‬
‫وأكثر تحديدا بغرض انجاز أهداف األداء‬ ‫المستوى األقل‬ ‫التشغيلي‬
‫الموضوعة للوحدات التشغيلية والوحدات‬
‫اإلدارية الفرعية لمساندة االستراتيجيات‬
‫الوظيفية‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬محمد سرور الحريري‪ ،‬إدارة المؤسسات الحكومية والعامة‪ ،‬ط‪(1‬عمان‪ :‬األكاديميون للنشر والتوزيع‪ ،)2016 ،‬ص ص‪.‬‬
‫‪161.160‬‬
‫‪1‬‬
‫خامسا مداخل إعداد اإلستراتيجية‪:‬‬
‫تسلك المنظمات في الواقع العملي مداخل مختلفة في إعداد خططها اإلستراتيجية‪ ،‬ويمكن التمييز بين‬
‫أربعة مداخل أو أنماط تتبعها المنظمات في الواقع العملي أثناء قيامها بإعداد استراتيجياتها وهي كاآلتي‪:‬‬
‫أ_ مدخل كبير االستراتيجيين‪ :‬وفق هذا المدخل يقوم المدير بأخذ الدور الريادي في تحليل الموقف وتقييم‬
‫البدائل اإلستراتيجية واختيار اإلستراتيجية المناسبة‪ .‬لكن هذا ال يعني أن كبير االستراتيجيين يقوم بكافة‬
‫جوانب الخطة اإلستراتيجية‪ ،‬بل يعني امتالكه لزمام المبادرة وإحكام قبضته على عملية إعداد‬
‫اإلستراتيجية في مختلف مراحلها‪.‬‬
‫إال أن أحد جوا نب الضعف الرئيسية لهذا المدخل هو أن نجاح اإلستراتيجية يعتمد بدرجة كبيرة على‬
‫مهارات صنع اإلستراتيجية لدى فرد واحد‪ .‬ومن ناحية أخرى فان هذه الدرجة العالية من المركزية في‬
‫صنع اإلستراتيجية يمكن أن تكون لها نتائج جيدة عندما يكون المدير المسؤول أكثر قوة ونفوذا‪ ،‬ولديه‬
‫رؤية وبصيرة عما يجب القيام به وكيف يتم ذلك‪.‬‬
‫ب‪-‬مدخل التفويض لآلخرين‪ :‬وفق هذا المدخل يقوم المدير المسؤول بتفويض جزء أو ربما مهمة إعداد‬
‫اإلستراتيجية بالكامل إلى أشخاص آخرين قد يتمثلون في بعض المساعدين الموثوقين‪ ،‬أو إلى فرقة مهام‬

‫‪ 1‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية (مفاهيم ونماذج تطبيقية) (مصر‪ :‬الدار الجامعية‪ ،‬جامعة المنوفية‪،‬‬
‫‪ ،)2002‬ص‪.78.‬‬
‫‪67‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫وظيفية أو فريق عمل ذو رقابة ذاتية مع تفويضهم السلطات الالزمة للقيام بهذه العملية‪ .‬وفي هذه الحالة‬
‫يقوم المدير المسؤول بمتابعة مدى التقدم في إعداد اإلستراتيجية‪ ،‬كما أنه يقوم بتوجيه النصائح‬
‫واإلرشادات عند الحاجة‪ ،‬باإلضافة إلى حجب الموافقة النهائية إلى أن يتم تقديم مقترحات اإلستراتيجية‬
‫رسميا‪ ،‬والنظر فيها أو تعديلها والحكم على صالحيتها للتنفيذ‪ ،‬ومن خالل هذا المدخل يمكن تحقيق‬
‫المشاركة الفعالة وتأمين تمثيل العديد من المديرين والمجاالت الوظيفية في عملية إعداد اإلستراتيجية‪ ،‬كما‬
‫أنه يمنح المدير بعض المرونة في المفاضلة بين األفكار اإلستراتيجية والتي تهب من أسفل إلى أعلى‪.‬‬
‫ولكن ما يعاب على هذا المدخل بأن نجاحه يعتمد بدرجة كبيرة على خبرات ومهارات األفراد في‬
‫المستويات األدنى والذين تم تفويضهم إلعداد اإلستراتيجية‪ .‬فقد ترتكز توجهات هؤالء األفراد على‬
‫القضايا ذات التأثير قصير المدى على المنظمة‪ ،‬باإلضافة الى أنه يمكن أن تستند جهودهم اإلستراتيجية‬
‫إلى رد الفعل بدال من المبادرة‪ ،‬وكذا التركيز على المشكالت اليومية عوض من توجيه موارد المنظمة من‬
‫أجل استغالل الفرص المستقبلية‪.‬‬
‫ج‪ -‬المدخل التعاوني ‪ :‬في ظل هذا المدخل يطلب المدير مساعدة الزمالء وكبار المساعدين في إعداد‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬أي أن اإلستراتيجية المتوصل إليها هي نتاج الجهد المشترك لكل من يهمه األمر وفي ظل‬
‫توجيهات المدير المسؤول‪ ،‬إن هذا المدخل يتالءم مع المواقف التي تتجاوز فيها القضايا اإلستراتيجية‬
‫الحدود التقليدية لألقسام واإلدارات الوظيفية‪ ،‬وعند الحاجة للمزج بين أفكار ومهارات األفراد ذوي‬
‫الخبرات والخلفيات المختلفة‪ ،‬وحينما تكون هناك ضرورة لتشجيع مشاركة األفراد في إعداد اإلستراتيجية‬
‫‪1‬‬
‫من أجل الحصول على دعمهم لعمليات التنفيذ‪.‬‬
‫د‪-‬مدخل المبادرة الذاتية‪ :‬وفق هذا المدخل فإن المدير ال يهتم بأخذ دور ريادي في إعداد اإلستراتيجية أو‬
‫الوقوف على تفاصيلها‪ ،‬باإلضافة إلى أنه ال يرغب في استنزاف الوقت في قيادة اآلخرين وتشجيعهم على‬
‫العمل الجماعي للقيام بمهمة إعداد اإلستراتيجية‪ ،‬وعليه فإنه يقوم بتشجيع األفراد والجماعات على تنمية‬
‫وإدارة وتنفيذ استراتيجيات جيدة وذلك وفق مبادراتهم الخاصة‪ ،‬ويقوم المدير هنا بدور القاضي‪ ،‬فيقيم‬
‫المقترحات اإلستراتيجية التي تحتاج إلى موافقته‪ .‬وفي الحقيقة فإن لهذا المدخل نتائج ايجابية في المنظمات‬
‫الت ي تتعدد فيها وحدات األعمال فمن غير الممكن أن يقوم كبير المدراء بتكوين إستراتيجية خاصة بكل‬
‫وحدة بمفرده‪ ،‬وبالتالي فان اإلستراتيجية الكلية للمنظمة تمثل مجموع االستراتيجيات الناتجة عن‬
‫المبادرات الفردية والجماعية والتي تمت الموافقة عليها‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن ه من الصعب االدعاء بأن أحد هذه المداخل هو أفضل من اآلخر‪ ،‬ولكن كل منها‬
‫يمكن أن ينجح أو يفشل وذلك في ضوء مدى استخدامه في الظروف المالئمة‪ ،‬ومستوى إدارته‪ ،‬وكذا‬
‫مستوى الخبرات والمهارات التي يمتلكها األفراد الذين يشاركون في إعداد اإلستراتيجية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬طبيعة التخطيط االستراتيجي‬
‫بعدما تعرفنا على كل من التخطيط واالستراتيجية سيتم من خالل هذا الفرع التعرف على التخطيط‬
‫االستراتيجي بحيث يعتبر مفهوم التخطيط االستراتيجي من أهم المفاهيم اإلدارية التي القت استحسانا‬
‫وانتشارا في السنوات األخيرة وعليه سيتم التطرق في هذا الفرع إلى التخطيط االستراتيجي بشيء من‬
‫التفصيل‪.‬‬

‫ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.80.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪68‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال تعريف التخطيط االستراتيجي ومسؤوليته‪:‬‬


‫يعتبر التخطيط حلقة الوصل الضرورية بين الحاضر والمستقبل والتي تزيد من احتماالت تحقيق‬
‫النتائج المرغوبة‪ .‬فالتخطيط هو دعامة وضع اإلستراتيجية الفعالة‪ ،‬كما أنه ضروري للنجاح في تطبيق‬
‫اإلستراتيجية‪ .‬وقد تعددت التعاريف التي تناولت مفهوم التخطيط االستراتيجي‪ ،‬سيتم إيراد البعض من هذه‬
‫التعاريف‪.‬‬
‫إذ يرى طاهر محمود الكاللدة " بأن التخطيط االستراتيجي عبارة عن عملية تحدد من خاللها المنظمة‬
‫أهدافها طويلة األمد والكيفية التي سوف تقوم بها لتحقيق تلك األهداف وتنمية الخطط طويلة األجل للتعامل‬
‫‪1‬‬
‫بفعالية مع الفرص والتهديدات الموجودة بالبيئة المحيطة بالمنظمة "‪.‬‬
‫ويتفق معه في هذا التعريف ستينر ‪ Steiner.GA‬والذي يرى أن التخطيط االستراتيجي هو" عملية‬
‫تقوم بواسطتها اإلدارة العليا بتحديد األهداف التنظيمية‪ ،‬واالستراتيجيات المطلوبة لتحقيق هذه األهداف بما‬
‫فيها أيضا التصرفات قصيرة األجل وتلك التي تتم في المستويات العليا والخاصة بتنفيذ اإلستراتيجية‬
‫‪2‬‬
‫بطريقة مناسبة‪.‬‬
‫ويتفق معهما كذلك في هذا التعريف كل من ‪ Hunger‬و ‪ Wheelen‬فحسبهما فإن التخطيط‬
‫االستراتيجي يمثل تطوير وبناء خطط طويلة األجل لتمكين المنظمة التعامل بفعالية مع الفرص والتهديدات‬
‫الموجودة في البيئة الخارجية المحيطة‪ ،‬وذلك تبعا لمصادر القوة والضعف للموارد التي تملكها المنظمة‬
‫متضمنا تعريف رسالة المنظمة وصياغة أهدافها وتطوير وتشكيل االستراتيجيات ووضع وتوجهات‬
‫‪3‬‬
‫السياسة العامة للمنظمة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يرى الباحث بوليكاسترو ‪ Polycastro‬بأن التخطيط االستراتيجي هو "الطريقة‬
‫‪4‬‬
‫المالئمة والمناسبة لتحديد األهداف بعيدة المدى وتوجه المنظمة الفعلي لتحقيق هذه األهداف "‪.‬‬
‫أما أحمد سيد مصطفى "فيرى أن التخطيط االستراتيجي عبارة عن عملية مستمرة لتصميم وتطوير‬
‫خطط تشمل وظائف المنظمة‪ .‬كما يؤكد على أن التخطيط االستراتيجي يقوم على نظام المعلومات وصنع‬
‫القرارات (اإلستراتيجية) على ضوء تقييم مستمر للمتغيرات البيئية المحلية واإلقليمية والعالمية وكذا‬
‫للمتغيرات البيئية الداخلية بالمنظمة‪ ،‬والهدف من ذلك هو تحديد نقاط القوة والضعف واكتشاف الفرص‬
‫‪5‬‬
‫والتهديدات‪ .‬واالستغالل األمثل لنقاط القوة من أجل اقتناص الفرص‪.‬‬
‫ويتفق معه في هذا التعريف بيتر دراكر ‪ Peter Drucker‬والذي يرى أن التخطيط االستراتيجي هو‬
‫عبارة عن "عملية" مستمرة لتنظيم تنفيذ القرارات الحالية وتوفير المعلومات الكافية الخاصة بمستقبل‬
‫‪6‬‬
‫تنفيذها‪ ،‬وتنظيم الجهود الالزمة لتنفيذ القرارات "‪.‬‬
‫كما يتفق معهما في هذا التعريف كل من ‪ Flashow‬و ‪ Glaister‬في أن التخطيط االستراتيجي هو‬
‫العملية التي يتم فيها تحديد رسالة المنظمة ووضع األهداف واالستراتيجيات والسياسات‪ ،‬لتأمين الموارد‬
‫‪7‬‬
‫وتقسيمها من أجل تحقيق هذه األهداف‪.‬‬

‫‪ 1‬طاهر محمود الكاللدة‪ ،‬تنمية وإدارة الموارد البشرية‪ ،‬ط‪(1‬عمان‪ :‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،)2005 ،‬ص‪.28.‬‬
‫‪ 2‬عبد السالم أبو قحف‪ ،‬أساسيات اإلدارة اإلستراتيجية (اإلسكندرية‪ :‬الدار الجامعية‪ ،)2005 ،‬ص‪.161.‬‬
‫‪ 3‬رقية منصوري‪ ،‬التخطيط االستراتيجي لنظم المعلومات‪ ،‬مدخل التوافق االستراتيجي في تحقيق التفوق التنافسي (عمان‪ :‬دار أسامة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،)2017 ،‬ص‪.22 .‬‬
‫‪ 4‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.104.‬‬
‫‪ 5‬أحمد سيد مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.88 .‬‬
‫‪ 6‬عبد السالم أبو قحف‪ ،‬سياسات واستراتيجيات األعمال (اإلسكندرية‪ :‬الدار الجامعية‪ ،)2004 ،‬ص‪.161.‬‬
‫‪ 7‬رقية منصوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24.‬‬
‫‪69‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أما الباحث ناصر محمد سعود جرادات يرى أن "التخطيط االستراتيجي يشير إلى تحديد األهداف‬
‫بعيدة األجل‪ ،‬أي تصميم مستقبل مرغوب به‪ ،‬ورسم الخطط الكفيلة بالوصول الى ذلك المستقبل من خالل‬
‫وضع الخطط التنفيذية‪ ،‬ومن خالل تخصيص الموارد المتاحة‪ ،‬سواء الموارد البشرية أو الموارد المالية‪،‬‬
‫أو المعدات‪ ،‬وفي إطار تحديد نقاط القوة والضعف والمخاطر التي تحملها البيئة الداخلية والبيئة الخارجية‬
‫‪1‬‬
‫للمنظمة"‪.‬‬
‫في حين تعتقد نادية العارف أن التخطيط االستراتيجي عبارة عن التبصر بالشكل المثالي للمنظمة في‬
‫‪2‬‬
‫المستقبل وتحقيق هذا الشكل‪ .‬إذن فالتخطيط االستراتيجي هو‪:‬‬
‫‪ -‬كشف حجب المستقبل الخاص بشكل المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬التبصر بمالمح المنظمة في المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬تصور توجهات ومسار المنظمة في المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬رؤية رسالة وأهداف المنظمة مستقبال‪.‬‬
‫‪ -‬تخيل مجال األعمال واألنشطة التي تدخل فيها المنظمة‪.‬‬
‫ويتفق الباحث بيترز ‪ Peters.T‬مع هذا التعريف فهو يرى أن التخطيط االستراتيجي يهتم بتحديد‬
‫المستقبل األساسي للمنظمة إلى جانب تحديد األهداف العريضة التي تسعى إلى تحقيقها من خالل مجموعة‬
‫من الخطط والبرامج‪ ،‬وأنه عملية منظمة تستند إلى نظرة مستقبلية لألمور‪ ،‬وعليه فإن التخطيط‬
‫‪3‬‬
‫االستراتيجي يتطلب دعم بنية تحتية تنظيمية باإلضافة إلى تحديد األدوار‪ ،‬وأن ما يميز هذا التخطيط هو‪:‬‬
‫أنه يثير التساؤل حول ماهي طبيعة أهدافنا وطبيعة عملنا األساسي؟‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ماهي الفلسفة السائدة والقيم التي تحكم مسار التخطيط؟‬
‫‪ -‬ماهي أهدافنا القصيرة والطويلة‪ .‬وماهي التغيرات التي تحدث في البيئة؟ وماهي اإلمكانيات‬
‫المتاحة‪ ،‬الفرص والمعوقات المحتملة؟ وماهي اإلستراتيجية الكلية؟‬
‫إال أنه على الرغم من اختالف التعريفات التي تناولت التخطيط االستراتيجي فإننا نجد أن مفهوم‬
‫وعمليات التخطيط االستراتيجي تشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عمليات إدارية منهجية (فكرية وعملية) إلدراك آفاق المستقبل‪ ،‬وتحديد أبعاده‪.‬‬
‫‪ -‬أهداف بعيدة المدى تعكس التصور الشامل للمنظمة في بيئة المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعة من الخيارات الناشئة عن مقارنة قدرات المنظمة وإمكانات وعوامل البيئة‪،‬‬
‫ويفترض أن تكون مالئمة إلنجاز األهداف‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬عمليات تحويل الخيارات إلى خطط عمل تفصيلية ومتابعة تنفيذ هذه الخطط‪.‬‬
‫إذن يمكن القول أن التخطيط االستراتيجي هو عملية ضرورية من أجل اتخاذ القرارات المستمرة‬
‫المبنية على المعلومات الممكن الحصول عليها وآثارها في المستقبل‪ ،‬ووضع األهداف واالستراتيجيات‬
‫والخطط والبرامج الزمنية‪ ،‬والتأكد من تنفيذها ضمن اطار زمني‪ ،‬بدعم كامل من اإلدارة ومشاركة جميع‬
‫‪5‬‬
‫العاملين والمعنيين بالمؤسسة‪.‬‬

‫‪ 1‬ناصر محمد سعود جرادات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.162 .‬‬


‫‪ 2‬نادية العارف‪ ،‬التخطيط االستراتيجي والعولمة (مصر‪ :‬الدار الجامعية‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،)2002 ،‬ص‪.9.‬‬
‫‪3 Peters. T, Concepts, Strategies and Practices (New York: longman, 1988(, p. 48.‬‬

‫‪ 4‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.105.‬‬
‫‪ 5‬ليلى بوحديد‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي كمدخل لتحسين أداء الموارد البشرية في المستشفيات العمومية الجزائرية‪-‬دراسة الحالة‪ ،"-‬في المجلة‬
‫الجزائرية للتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 01‬ديسمبر ‪ ،)2014‬ص‪.139 .‬‬
‫‪70‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫كما أنه عملية ذهنية تحليلية الختيار الموقع المستقبلي للمؤسسة تبعا للتغيرات الحاصلة في بيئتها سواء‬
‫الداخلية أو الخارجية‪ ،‬وهذه العملية ال تنشأ من فراغ بل تبدأ بعملية تحديد رسالة المؤسسة ثم التحليل‬
‫‪1‬‬
‫االستراتيجي للبيئة وتحديد األهداف واختيار استراتيجيات مناسبة للعمل على تحقيقها‪.‬‬
‫بناءا على التعريفات السابقة فالتخطيط االستراتيجي يعبر عن النظرة الشمولية للمنظمة بما يمكن من‬
‫أخذ صورة حقيقية عن واقعها الحالي والمنظور من خالل عملية تحليل الظروف البيئية الداخلية‬
‫والخارجية للمنظمة‪ ،‬وذلك من أجل وضع اإلستراتيجية المناسبة لتحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية‪.‬‬
‫ثانيا الفرق بين التخطيط االستراتيجي والمفاهيم المشابهة له‪:‬‬
‫هناك من يخلط بين كل من التخطيط االستراتيجي والتخطيط طويل المدى والتخطيط التكتيكي واإلدارة‬
‫االستراتيجية‪ ،‬نظرا لتقارب هذه المفاهيم فيما بينها‪ ،‬غير أنه في الحقيقية هناك اختالف كبير بينها سيتم‬
‫توضيحه في العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬الفرق بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط طويل المدى‬
‫قد يخلط البعض بين مفهومي التخطيط االستراتيجي والتخطيط طويل المدى‪ ،‬فعلى الرغم من تقارب‬
‫المفهومين في التطبيق‪ ،‬إال أن هناك العديد من الفروقات بينهما سيتم تلخيصها في الجدول الموالي‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)03‬الفرق بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط طويل المدى‬

‫التخطيط االستراتيجي‬ ‫التخطيط طويل المدى‬ ‫أوجه االختالف‬

‫يركز على تحديد ومواجهة القضايا ذات األهمية‬ ‫يركز على تحديد األهداف وترجمتها‬
‫البالغة للمنظمة‪ ،‬والتي تمثل قضايا استراتيجية‬ ‫الى موازنات وبرامج عمل‪ .‬أي يكون‬
‫تحديد األهداف‬
‫أساسية‪ ،‬أي يكون التركيز على مرحلة التفكير‪.‬‬ ‫التركيز على مرحلة االعداد والتنفيذ‪.‬‬
‫يركز على تحليل وتقييم البيئة‪ ،‬وال يفترض‬ ‫يفترض أن االتجاهات الحالية في‬
‫تواصل األحداث الحالية مستقبال‪ ،‬بل أنه يتوقع‬ ‫البيئة ستستمر الى حد كبير في‬
‫النظرة للبيئة‬
‫حدوث مفاجآت‪.‬‬ ‫المستقبل‪ ،‬وبالتالي فهو يفترض أن‬
‫هناك استمرارا لألحداث الحالية في‬
‫المستقبل في إطار البيئة التي تعمل‬
‫فيها المنظمة‪.‬‬
‫تمثل الخطة طويلة المدى امتدادا وحيد تميل الخطة االستراتيجية الى وضع تصور‬
‫االتجاه للحاضر واسقاط الحاضر على ورؤى نجاح المستقبل وكيفية تحقيقها‪.‬‬
‫صياغة الخطة‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫يعتمد على قيم لها جوانب فلسفية تعكس ايمان‬ ‫يعتمد على حقائق في شكل أرقام‬
‫اإلدارة بأهداف تضع امكانياتها وجهودها‬ ‫وبيانات محددة بزمن معين‪.‬‬
‫القيــــــم‬
‫للتمسك بها‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬جدول معد من طرف الباحثة باالعتماد على‪ :‬ناصر محمد سعود جرادات‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية‪ ،‬منظور تكاملي حديث‪،‬‬
‫ط‪(1‬عمان‪ :‬اثراء للنشر والتوزيع‪ ،)2013 ،‬ص‪.163 .‬‬

‫‪ 1‬عمر بن سديرة‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي‪ :‬اإلطار النظري والواقع التطبيقي في المؤسسة الصغيرة والمتوسطة الجزائرية‪-‬دراسة ميدانية في‬
‫المؤسسات المحلية بسطيف"‪ ،‬في مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬العدد ‪ ،)2013( 13‬ص‪.234 .‬‬
‫‪71‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬الفرق بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط التكتيكي‪:‬‬


‫ال بد من التمييز بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط التكتيكي‪ ،‬بحيث أن المنهج االبتكاري يكون‬
‫أكثر أهمية في األول‪ ،‬بينما تزيد أهمية المنهج الكمي في الثاني‪ ،‬وبالتالي فإن عدم التمييز بينهما قد يؤدي‬
‫إلى صعوبة ربط التخطيط االستراتيجي بالتخطيط التكتيكي رغم تكاملهما‪ ،‬حيث أنه بعد أن يتم اختيار‬
‫االستراتيجية في إطار التخطيط االستراتيجي تتم ترجمتها إلى خطط عمل قصيرة المدى في إطار‬
‫‪1‬‬
‫التخطيط التكتيكي‪ ،‬والمخطط الموالي يوضح ذلك‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)03‬العالقة بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط التكتيكي‬
‫التخطيط التكتيكي‬ ‫التخطيط االستراتيجي‬

‫تكامل الخطط‬ ‫الخطط النشاطية‬ ‫بناء‬ ‫صياغة األهداف‬


‫النشاطية‬ ‫االستراتيجية‬

‫المصدر‪ :‬عمر بن سديرة‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي‪ :‬اإلطار النظري والواقع التطبيقي في المؤسسة الصغيرة والمتوسطة الجزائرية‪-‬‬
‫دراسة ميدانية في المؤسسات المحلية بسطيف"‪ ،‬في مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬العدد ‪ ،)2013( 13‬ص‪.236 .‬‬

‫كما تجدر اإلشارة إلى أنه رغم ارتباط كل من التخطيط االستراتيجي والتخطيط التكتيكي إال أن هناك‬
‫العديد من الفروقات بينهما سيتم توضيحها من خالل الجدول الموالي‪.‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)04‬الفرق بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط التكتيكي‬
‫التمييز لكل معيار حسب طبيعة التخطيط‬
‫التخطيط التكتيكي‬ ‫التخطيط االستراتيجي‬ ‫معايير المقارنة‬
‫المستويات األدنى‬ ‫‪-‬‬ ‫قمة التنظيم‬ ‫‪-‬‬ ‫المستوى التنظيمي‬ ‫‪-‬‬
‫دوري‬ ‫‪-‬‬ ‫مستمر ولكن غير منتظم‬ ‫‪-‬‬ ‫مدى االنتظام والدورية‬ ‫‪-‬‬
‫كبير‬ ‫‪-‬‬ ‫كبير‬ ‫‪-‬‬ ‫عدد البدائل المتاحة‬ ‫‪-‬‬
‫محدود‬ ‫‪-‬‬ ‫كبير‬ ‫‪-‬‬ ‫عنصر عدم التأكد‬ ‫‪-‬‬
‫محددة ومتكررة‬ ‫‪-‬‬ ‫غير محددة ومتنوعة‬ ‫‪-‬‬ ‫طبيعة المشكالت‬ ‫‪-‬‬
‫محدودة وداخلية‬ ‫‪-‬‬ ‫كبيرة وخارجية‬ ‫‪-‬‬ ‫الحاجة إلى المعلومات‬ ‫‪-‬‬
‫المدى القصير‬ ‫‪-‬‬ ‫المدى البعيد‬ ‫‪-‬‬ ‫اإلطار الزمني‬ ‫‪-‬‬
‫نشاط محدد‬ ‫‪-‬‬ ‫يشمل المؤسسة ككل‬ ‫‪-‬‬ ‫درجة الشمولية‬ ‫‪-‬‬
‫التخطيط االستراتيجي‬ ‫‪-‬‬ ‫أصلية‬ ‫‪-‬‬ ‫مرجعية الخطط‬ ‫‪-‬‬
‫مفصلة‬ ‫‪-‬‬ ‫عامة‬ ‫‪-‬‬ ‫درجة التفصيل‬ ‫‪-‬‬
‫محدودة‬ ‫‪-‬‬ ‫عالية‬ ‫‪-‬‬ ‫درجة المرونة‬ ‫‪-‬‬
‫المصدر‪ :‬عمر بن سديرة‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي‪ :‬اإلطار النظري والواقع التطبيقي في المؤسسة الصغيرة والمتوسطة الجزائرية‪-‬‬
‫دراسة ميدانية في المؤسسات المحلية بسطيف"‪ ،‬في مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬العدد ‪ ،)2013( 13‬ص‪236. .‬‬

‫‪ 1‬عمر بن سديرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.235 .‬‬


‫‪72‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .3‬الفرق بين التخطيط االستراتيجي واإلدارة االستراتيجية‪:‬‬


‫يعتبر كل من التخطيط االستراتيجي واإلدارة االستراتيجية أسلوبين منظمين للتعامل مع المستقبل في‬
‫بيئة تتسم بالتعقيد والديناميكية‪ ،‬فهما يساعدان المنظمة في التعرف على الفرص المتاحة والعمل على‬
‫استغاللها‪ ،‬والتعرف على التهديدات المحتملة والعمل على تفاديها والتقليل من آثارها‪ ،‬كما أنهما يساعدان‬
‫المنظمة في التعرف على نقاط القوة والضعف وتحليلها‪ ،‬من أجل اتخاذ قرارات استراتيجية بنظام عقالني‬
‫وواقعي‪ .‬وعلى الرغم من الترابط الوثيق بين هذين المفهومين وقد استخدمهما الكثير من المديرين على‬
‫أنهما مصطلح واحد‪ ،‬إال أن الحقيقة غير ذلك فاإلدارة االستراتيجية أوسع وأشمل من التخطيط‬
‫االستراتيجي‪ ،‬بحيث أنها تحتوي جميع العمليات بما فيها التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة على‬
‫‪1‬‬
‫القرارات اإلدارية‪ ،‬أما التخطيط االستراتيجي فيعتبر أحد الوظائف األساسية لإلدارة االستراتيجية‪.‬‬
‫ويوضح الشكل الموالي أن عملية التخطيط االستراتيجي هي عبارة عن مرحلة ضمن مراحل اإلدارة‬
‫االستراتيجية‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)04‬مراحل اإلدارة االستراتيجية‬
‫الرقابة االستراتيجية‬ ‫التنفيذ‬ ‫التخطيط االستراتيجي‬ ‫التحليل االستراتيجي‬
‫تقييم األداء‬ ‫البرامج التنفيذية‬ ‫رسالة المؤسسة‬ ‫البيئة الخارجية‬

‫الفرص المتاحة‬

‫و‬ ‫الموازنات المالية‬ ‫األهداف االستراتيجية‬ ‫المخاطر‬

‫البيئة الداخلية‬

‫اإلجراءات التصحيحية‬ ‫اإلجراءات‬ ‫الخطط االستراتيجية‬ ‫عوامل القوة‬


‫السياسات‬ ‫عوامل الضعف‬

‫المصدر‪ :‬موفق محمد الضمور‪ " ،‬واقع التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في القطاع العام في األردن" (أطروحة دكتوراه مقدمة‬
‫إلى قسم إدارة األعمال‪ ،‬كلية العلوم المالية والمصرفية‪ ،‬األكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية‪ ،)2008 ،‬ص‪.36 .‬‬

‫ثالثا خصائص التخطيط االستراتيجي‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫تتمثل أهم خصائص التخطيط االستراتيجي فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬المستقبلية‪ :‬إن التخطيط االستراتيجي ينظر إلى المستقبل‪ ،‬فهو أسلوب مستقبلي بالرغم من أنه‬
‫يعتمد على مؤشرات من الماضي ومعطيات الحاضر لغرض معرفة واقع المنظمة اال أنه ينطلق‬
‫منها ليرسم أهداف المستقبل‪.‬‬
‫‪ .2‬العملية‪ :‬فالتخطيط االستراتيجي يمثل صيرورة تبدأ بتحديد األهداف ثم السياسات وطرائق‬
‫الوصول الى االستراتيجيات‪ ،‬وتطوير الخطط التفصيلية للتأكد من تنفيذ تلك األهداف‪ ،‬فهي العملية‬
‫التي تتضمن التحليل المسبق ألنواع الجهود التنظيمية المطلوبة‪ ،‬ومتى يتم اتخاذها‪ ،‬ومن يقوم بها‪،‬‬
‫وما الذي سيتم فعله بالنتائج المحققة‪.‬‬
‫‪ 1‬موفق محمد الضمور‪ " ،‬واقع التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في القطاع العام في األردن" (أطروحة دكتوراه مقدمة إلى قسم إدارة‬
‫األعمال‪ ،‬كلية العلوم المالية والمصرفية‪ ،‬األكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية‪ ،)2008 ،‬ص ‪.34.‬‬
‫‪ 2‬رقية منصوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28 .‬‬
‫‪73‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .3‬التفاعل بين المستويات اإلدارية المختلفة‪ :‬يقوم التخطيط االستراتيجي على التفاعل المستمر‬
‫والتغذية المرتدة من الكل الى الجزء ثم على الكل مرة ثانية‪ ،‬كما يقوم على التفاعل المستمر بين‬
‫مستويات التخطيط (مستوى القرارات االستراتيجية‪ ،‬مستوى القرارات اإلدارية والتنفيذية‪،‬‬
‫مستوى القرارات التشغيلية)‪.‬‬
‫‪ .4‬ترتيب الخيارات واألولويات‪ :‬فالتخطيط االستراتيجي يقوم بوضع الخيارات التي ستسلكها‬
‫المنظمة في خطته التنفيذية‪ ،‬كما يعمل على ترتيب البرامج التنفيذية وفق أولوياتها وأهميتها‪.‬‬
‫‪ .5‬التخطيط كعملية مستمرة‪ :‬حيث أنه يتم بصفة مستمرة مقارنة االفتراضات األساسية للخطط‬
‫االستراتيجية بما يحدث في الواقع وتعديل الخطط حتى تتناسب مع الواقع‪ ،‬وبالتالي فانه يختلف‬
‫مفهوم التخطيط كعملية مستمرة عن التخطيط كتقويم زمني‪ ،‬حيث يعني التخطيط كتقويم زمني‬
‫اعداد الخطة في فترة زمنية معينة ثم محاولة االلتزام بها أو تعديلها في فترات زمنية محددة‪،‬‬
‫بصرف النظر عن توقيتات التغيرات التي تحدث في ظروف وبيئة المنظمة‪.‬‬
‫‪ .6‬الحاجة إلى قدر كبير من المعلومات‪ :‬إال أنه قد يصعب الحصول على المعلومات بدقة وذلك ألن‬
‫معظم مصادر المعلومات الالزمة للتخطيط االستراتيجي تقع خارج المنظمة‪ ،‬كما أن التخطيط‬
‫االستراتيجي يحتاج الى كم هائل من المعلومات الخاصة بالمستقبل‪.‬‬
‫‪ .7‬المرونة‪ :‬أي أن تكون المنظمة قادرة على التحول من استراتيجية ألخرى عند تغيير الظروف‬
‫البيئية‪ ،‬وهذا يتطلب المرونة االستراتيجية لتطوير الموارد المختلفة وتنميتها‪.‬‬
‫‪ .8‬مبدأ النظم‪ :‬فالتخطيط االستراتيجي يتعامل مع المنظمة كنظام فرعي من نظام أكبر هو بيئة‬
‫المنظمة وكذلك كنظام أكبر يضم مجموعة من األنظمة الفرعية ترتبط ببعضها البعض بعالقات‬
‫متبادلة وتغذية مرتدة‪ ،‬فالتخطيط االستراتيجي يربط ثالث أنواع من الخطط بعضها ببعض‪ ،‬وهي‬
‫الخطة االستراتيجية والخطط متوسطة المدى والخطط قصيرة المدى‪ ،‬وجميعها تساعد اإلدارة‬
‫العليا على تحقيق األهداف النهائية‪.‬‬
‫‪ .9‬عملية شاملة‪ :‬إن التخطيط االستراتيجي عملية واسعة متعددة األوجه ومتنوعة األنشطة‪ ،‬تتجاوز‬
‫النظرة التقليدية لألنماط األخرى من التخطيط‪ ،‬فالتخطيط االستراتيجي ليس مجرد نشاط وظيفي‬
‫وديناميكي متخصص‪ ،‬وإنما هو أوسع شموال وأغنى أبعادا‪ ،‬وأعمق مستوى من التفكير العقالني‬
‫التحليلي‪ ،‬حيث يتسم بالتفكير الموضوعي المتبصر الذي يتطلق من محاولة صياغة نظرة شاملة‬
‫لكافة المتغيرات البيئية (الداخلية والخارجية)‪.‬‬
‫‪ .10‬اآلثار طويلة األجل‪ :‬فالتخطيط االستراتيجي يهدف إلى احداث تغييرات جوهرية وهامة في‬
‫المنظمة‪ ،‬وهذا ال يظهر في األجل القصير بل يحتاج إلى فترة طويلة األمد وتكاليف كبيرة وجهود‬
‫مهمة‪.‬‬
‫‪ .11‬المخاطرة المحسوبة‪ :‬بحيث أنه يجب اتخاذ القرارات تكون فيها درجة مقبولة من المخاطرة‪،‬‬
‫ويتوقف ذلك على الموارد المتاحة التي سيتم تخصيصها لالستراتيجية والفترة الزمنية التي سيتم‬
‫تغطيتها‪1.‬‬

‫‪ .12‬التفاعل بين التخطيط والتنفيذ‪ :‬فمن خصائص التخطيط االستراتيجي تحقيق التفاعل والتغذية‬
‫المرتدة بين التخطيط والتنفيذ وبالعكس‪ ،‬حيث تعتمد الخطط على نتائج التنفيذ كما أن التنفيذ يعكس‬
‫نتائج التخطيط‪.‬‬

‫‪ 1‬رقية منصوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30 .‬‬


‫‪74‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .13‬المشاركة الواسعة‪ :‬يشارك في التخطيط االستراتيجي بداية من وضعه من اإلدارة العليا ونزوال‬
‫إلى العاملين والمستفيدين واالفراد وغيرهم‪.‬‬
‫‪ .14‬عدم التأكد‪ :‬إن التخطيط االستراتيجي يبنى على حالة عدم التأكد‪ ،‬فالمتغيرات المستقبلية يكتنفها‬
‫الغموض واألخطار لعدم توفر المعلومات الكافية بشأنها‪ ،‬مع صعوبة التنبؤ المستقبلي لها‪ ،‬األمر‬
‫الذي يستلزم تعاون ومشاركة جميع المستويات اإلدارية لتحليل نقاط القوة والضعف في أداء‬
‫المنظمة والفرص والتهديدات البيئية‪ ،‬وال يتم ذلك إال من خالل التخطيط االستراتيجي لمواجهة‬
‫حاالت عدم التأكد‪.‬‬
‫‪.15‬الفلسفة‪ :‬يعتبر التخطيط االستراتيجي اتجاه وطريقة في الحياة‪ ،‬وجزء مهم من العملية اإلدارية‪،‬‬
‫وهو ال يمثل فقذ سلسلة من القواعد واإلجراءات والوسائل‪ ،‬إذ ال بد للمديرين والعاملين في أية‬
‫منظمة من االقتناع بفائدته وأهميته وال بد من ممارسته في جميع األنشطة الرئيسية‪ ،‬وهذا ال يتم‬
‫إال من خالل وجود فلسفة راسخة لدى المدراء في أية منظمة تقوم على اعتماد هذا النوع من‬
‫‪1‬‬
‫التخطيط في العمل‪.‬‬
‫رابعا مسؤولية التخطيط االستراتيجي‪:‬‬
‫إن االنطالقة األولى للتخطيط االستراتيجي تبدأ من اإلدارة العليا للمنظمة فهي التي تمتلك زمام‬
‫المبادرة وأفراد اإلدارة العليا هم أولئك الذين يتمتعون بامتالك النظرة الكلية أو الشاملة للنشاط ويتمكنون‬
‫من تحقيق التوازن بين االحتياجات الحالية والمستقبلية للمنظمة‪ ،‬ويمتلكون سلطة اتخاذ القرارات النهائية‬
‫‪2‬‬
‫ذات التأثير القوي والفعالية المرتفعة‪.‬‬
‫ويلعب رئيس مجلس اإلدارة دورا حيويا في مجال التخطيط االستراتيجي بالمنظمة‪ ،‬إذ يتبنى جهود‬
‫التخطيط‪ ،‬ويقود المناقشات ويعدل الخطط اإلستراتيجية ويوافق عليها ويعقد االجتماعات الخاصة بتحديد‬
‫األهداف ورسالة المنظمة واالستراتيجيات‪ ،‬كما أنه يتابع ويراقب تنفيذ الخطط‪ ،‬ويتلقى تقارير دورية عن‬
‫‪3‬‬
‫مدى التقدم في انجاز الخطط اإلستراتيجية‪ ،‬ويتدخل في حالة مواجهة المنظمة ألزمات أو كوارث‪.‬‬
‫وبالتالي فإ ن اإلدارة العليا تقوم بإدارة عملية التخطيط االستراتيجي وتشجع وتدعم العاملين على‬
‫ممارسته باألسلوب الصحيح‪ .‬كما أنه بإمكان اإلدارة العليا تحديد خططها اإلستراتيجية عن طريق طلبها‬
‫من وحدات األعمال والقطاعات الوظيفية إعداد خطة إستراتيجية فرعية لكل منها‪ ،‬أو أن تقوم اإلدارة‬
‫ب إعداد مقترح خطة إستراتيجية أولية للمنظمة ككل وتوزعها على الوحدات اإلدارية ثم يطلب منها وضع‬
‫المقترحات األولية بخصوص خططهم الفرعية ضمن هذه الرؤية الشاملة‪ ،‬ثم رفعها إلى اإلدارة العليا‬
‫للدراسة‪ ،‬كما قد تطلب اإلدارة العليا تنفيذ استراتيجيات وسياسات تم االتفاق عليها أو أتخذ بشأنها قرار‬
‫على مستوى القمة بحيث يتم تنفيذها على مستوى المنظمة ككل‪ .‬ومهما يكن األسلوب المتبع في إعداد‬
‫التخطيط االستراتيجي فان المتوقع من اإلدارة العليا إدارة العملية الشاملة للتخطيط االستراتيجي بأسلوب‬
‫‪4‬‬
‫يمكن جميع الوحدات الفرعية من التكامل مع بعضها ومع الخطة اإلستراتيجية الشاملة للمنظمة‪.‬‬
‫خامسا أهمية التخطيط االستراتيجي‪:‬‬
‫يعتبر التخطيط من أهم الوظائف اإلدارية‪ ،‬فإذا لم تتوفر لدى اإلدارة خطة يعني أنها لن تستطيع‬
‫ممارسة وظائف اإلدارة األخرى كالتنظيم والتوجيه والرقابة‪ .‬والمنظمات التي تهتم بتخطيط عملياتها‬

‫‪ 1‬رقية منصوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30 .‬‬


‫‪ 2‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.68.‬‬
‫‪ 3‬نادية العارف‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص‪.41.‬‬
‫‪ 4‬مؤيد سعيد السالم‪ ،‬أساسيات اإلدارة اإلستراتيجية‪ ،‬ط‪(1‬عمان‪ :‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،)2005 ،‬ص‪.51 .‬‬
‫‪75‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫وأنشطتها استراتيجيا تحقق العديد من المزايا والمنافع‪ ،‬وسنذكر أهم المزايا التي تعود على المنظمات‬
‫جراء استخدامها ألسلوب التخطيط االستراتيجي‪:‬‬
‫‪ .1‬التخطيط االستراتيجي يساعد المنظمة في وضوح رؤيتها المستقبلية‪ ،‬فصياغة اإلستراتيجية‬
‫تتطلب قدرا كافيا من الدقة في توقع األحداث المستقبلية والتنبؤ بمجريات األحوال مما يساعد على‬
‫التعامل معها بفعالية وبالتالي بقاء المنظمة ونموها‪.‬‬
‫‪ .2‬التخطيط االستراتيجي يساعد المنظمة على المدى الطويل في تحقيق التفاعل البيئي‪ ،‬فليس بإمكان‬
‫المنظمة التأثير في ظروف ومتغيرات بيئتها على المدى القصير‪ ،‬إال أنه يمكنها ذلك على المدى‬
‫الطويل من خالل قراراتها اإلستراتيجية التي تساعدها على استغالل الفرص المتاحة والحد من‬
‫أثر المخاطر البيئية‪.‬‬
‫‪ .3‬التخطيط االستراتيجي يساعد المنظمة في إحداث التغيير‪ ،‬إذ أنه يعتمد على موارد بشرية ذات‬
‫فكر ايجابي وقدرة على مواجهة التحديات‪ ،‬وكذا ذات رغبة في تطوير واقع المنظمة إلى األفضل‪.‬‬
‫‪ .4‬التخطيط االستراتيجي يساعد المنظمة على تخصيص الموارد واإلمكانيات بطريقة فعالة وذلك من‬
‫خالل توجيه جهود المنظمة التوجيه الصحيح على المدى البعيد‪ ،‬كما أنه يساهم في استخدام‬
‫‪1‬‬
‫مواردها وإمكاناتها بطريقة فعالة والتي تمكن من استغالل نقاط القوة والتغلب على نقاط الضعف‪.‬‬
‫‪ .5‬التخطيط االستراتيجي يساعد المنظمة على تحسين قدرتها على التعامل مع المشكالت‪ ،‬فبتشجيع‬
‫المديرين مساعديهم على االنخراط في عملية التخطيط يؤدي إلى زيادة قدراتهم التنبؤية‬
‫ومسؤولياتهم اإلستراتيجية عن طريق مشاركة أولئك الذين يدركون احتياجات التخطيط ومتطلبات‬
‫نجاحه‪.‬‬
‫إن االستناد على العمل الجماعي سوف يترتب عليه قرارات جيدة بسب التفاعل الجماعي‪ ،‬مما‬ ‫‪.6‬‬

‫يولد عدة بدائل إستراتيجية والذي بدوره يحسن من فرص االختيار االستراتيجي‪ .‬وكذا إيجاد‬
‫‪2‬‬
‫الحلول لمعظم المشاكل‪.‬‬
‫‪ .7‬يقوي التخطيط االستراتيجي من المركز التنافسي للمنظمة سواء على مستوى األسواق المحلية أو‬
‫الخارجية‪ .‬فالمنظمات التي تعتمده تنجح في بناء مزايا تنافسية تستند إلى فهمها لبيئتها الخارجية‬
‫وما تفرزه من فرص وتنميتها لمواردها الداخلية من أجل استغالل هذه الفرص بطريقة تفوق‬
‫منافسيها‪.‬‬
‫‪ .8‬يعمل التخطيط االستراتيجي على تزويد المنظمات بالفكر الرئيسي لها‪ ،‬بحيث أن هذا الفكر‬
‫الرئيسي مفيد من أجل تكوين وتقييم كل من األهداف‪ ،‬الخطط والسياسات‪.‬‬
‫‪ .9‬يفيد التخطيط االستراتيجي في إعداد كوادر لإلدارة العليا‪ ،‬بحيث أن التخطيط االستراتيجي‬
‫يعرض مديرو اإلدارات الوظيفية لنوع التفكير وكذا المشاكل التي يمكن مواجهتها بعد ترقيتهم إلى‬
‫مناصب اإلدارة العليا بالمنظمة‪ ،‬ومشاركة هؤالء المديرين في التخطيط االستراتيجي يساعد على‬
‫تنمية الفكر الشامل لديهم‪ ،‬وذلك من خالل رؤيتهم لكيفية خلق التكامل بين وحداتهم الفرعية مع‬
‫‪3‬‬
‫أهداف المنظمة ككل‪.‬‬

‫عبد الحميد عبد الفتاح المغربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.37.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Carter McNamara, "Strategic Planning (in nonprofit or for-profit organizations)" Copyright 1997-2008‬‬
‫‪Retrived on: 14/08/2014 http://managementhelp.org/plan_dec/str_plan/str_plan.htm‬‬
‫‪ 3‬إسماعيل محمد السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39.‬‬
‫‪76‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .10‬إن التخطيط االستراتيجي يمكن من زيادة قدرة المنظمة على االتصال بالمجموعات المختلفة داخل‬
‫بيئتها‪ ،‬وبالتالي فهو يساعد على وضوح صورة المنظمة أمام مجموعات المصالح التي تعمل مع‬
‫المنظمة‪.‬‬
‫‪ .11‬يعد التخطيط االستراتيجي ضرورة وليس ترفا بالنظر إلى أنه يؤدي إلى الكفاءة في األداء حيث‬
‫‪1‬‬
‫أنه يجعل المدير خالقا ومبتكرا ويبادر بصنع األحداث وليس متلقيا لها‪.‬‬
‫‪ .12‬يفيد التخطيط االستراتيجي في توفير وتحديد متطلبات تحسين األداء‪ ،‬وتحقيق نمو وتقدم المنظمة‪،‬‬
‫وكذا التأكد من تحقيق الترابط بين رسالة المنظمة وأهدافها وما يتم وضعه من سياسات وقواعد‬
‫‪2‬‬
‫وأنظمة للعمل‪.‬‬
‫‪ .13‬يعمل التخطيط االستراتيجي على تنمية اإلحساس بملكية الخطة وبالتالي ينتج إرضاء كبير بين‬
‫‪3‬‬
‫المخططين حول الرؤية العامة‪.‬‬
‫سادسا أنماط التخطيط االستراتيجي‪:‬‬
‫إن االتجاهات الشخصية للقيادة العليا وطبيعة رؤيتها للعالم الخارجي تؤثر على نمط التخطيط‬
‫االستراتيجي واتجاهه‪ ،‬وفي هذا الصدد يمكن التمييز بين ثالث أنماط للتخطيط االستراتيجي وهي‬
‫‪4‬‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬التخطيط الدفاعي‪ :‬ويغلب على هذا النوع من التخطيط االتجاه التكيفي مع معطيات ومتغيرات‬
‫البيئة الخارجية‪ ،‬وبالتالي فالتخطيط الدفاعي يركز على التوصل للحلول المالئمة لمواجهة‬
‫المشاكل القائمة‪ ،‬ان هذا النمط يميل ألن يكون مركزا أكثر من كونه شامال‪.‬‬
‫‪ .2‬التخطيط الريادي‪ :‬يغلب على هذا النوع من التخطيط االتجاه نحو كشف المستقبل ومحاولة‬
‫التعرف على المشكالت الكامنة قبل وقوعها والبحث عن الفرص الجديدة‪ ،‬ويميل هذا النمط إلى‬
‫أن يكون عاما أكثر من كونه مركزا‪.‬‬
‫‪ .3‬التخطيط التحليلي‪ :‬إن هذا النوع من التخطيط يعتمد على المسح البيئي الموضوعي‪ ،‬وما يسفر‬
‫عنه هذا المسح من معلومات ومؤشرات‪ ،‬كما أن هذا النوع من التخطيط يتضمن البحث عن‬
‫الفرص الجديدة وكذلك مواجهة المشكالت القائمة بالحلول المالئمة‪ ،‬ويميل هذا النمط من التخطيط‬
‫إلى أن يكون مركزا وشامال في نفس الوقت‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫في حين أن الباحث ‪ Ackoff‬يصنف التخطيط االستراتيجي إلى أربعة مداخل وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬التخطيط وفق رد الفعل‪ :‬ويحدث هذا النوع من التخطيط في البيئات الساكنة والتي تكون لدى‬
‫منظمات ا ألعمال التقليدية المتحفظة فيها تاريخ طويل من النجاحات‪ ،‬حيث تميل هذه المنظمات‬
‫الى التركيز على الماضي بدال من التركيز على المستقبل‪ ،‬ويتم ذلك من خالل مقاومة مطالب‬
‫البيئة الديناميكية الجديدة‪ ،‬ومعظم تخطيطها يكمن في تفادي التغييرات التي تراها تحدث من‬
‫حولها‪.‬‬

‫نادية العارف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬موفق محمد الضمور‪" ،‬واقع التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في القطاع العام في األردن" (أطروحة دكتوراه مقدمة إلى قسم إدارة‬
‫األعمال‪ ،‬األكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية‪ ،)2008 ،‬ص‪.24.‬‬
‫‪3 Carter McNamara, op.cit‬‬

‫‪ 4‬رقية منصوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57 .‬‬


‫‪ 5‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.58 .‬‬
‫‪77‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬التخطيط غير الفاعل‪ :‬يميل هذا النوع من التخطيط إلى تجاهل الحاجة إلى التخطيط واالعتماد‬
‫على الحاجة اآلنية ومحاولة تلبيتها‪ ،‬وفي الوقت الذي يعتبر هذا المدخل الشائع لمعظم األشخاص‬
‫في إدارة شؤونهم الشخصية‪ ،‬كما يصلح لمنظمات األعمال الصغيرة ذات الهياكل البسيطة جدا‪،‬‬
‫إال أنه تترتب عليه درجة كبيرة من المخاطرة‪ ،‬فمن غير المحتمل أن تترتب عليه مردودات‬
‫إيجابية كبيرة على المدى البعيد‪.‬‬
‫‪ .3‬التخطيط من خالل االستعداد للمستقبل‪ :‬يتطلب هذا النوع من منظمات األعمال رسم صورة‬
‫للمستقبل وفق ما سيؤثر في عملياتها ومن ثم التهيؤ واالستعداد لتلك المجموعة من الفعاليات‪،‬‬
‫فمنظمات األعمال التي تعمل وفق هذا المدخل من التخطيط تفترض بأن المستقبل هو حاجة مسلم‬
‫بها وأن أفضل استراتيجية لها هي صياغة الشكل أو اإلطار لذلك المستقبل واالستعداد له‪.‬‬
‫‪ .4‬التخطيط التفاعلي‪ :‬وفي هذا النوع من التخطيط ترى المنظمة بأن أعمالها واجراءاتها يمكن أن‬
‫تؤطر مستقبلها‪ ،‬فهذا النوع من التخطيط يستند على أساس االعتقاد بأن المستقبل ليس ثابتا وأنه‬
‫بمقدور منظمات األعمال أن تصيغ مستقبلها‪ ،‬ويركز هذا النوع في اإلجابة على السؤال التالي‪ :‬ما‬
‫الذي يجب أن تفعله منظمة األعمال بشكل مختلف في المستقبل؟‬
‫سابعا طرق التخطيط االستراتيجي‪:‬‬
‫يرى الكثير من الباحثين أن هناك عدة طرق لبدء الدورة التخطيطية في المنظمة‪ ،‬وال يعني استخدام‬
‫طريقة معينة االستغناء عن الطرق األخرى‪ ،‬وكذا فإن اختيار إحدى هذه الطرق هو مرتبط برؤية اإلدارة‬
‫العليا وفلسفتها في العمل‪ ،‬باإلضافة إلى الظروف البيئية المحيطة بالمنظمة‪ .‬كما أنه بإمكان المنظمة تغيير‬
‫الطريقة المستخدمة كلما وجدت ضرورة لذلك‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويمكن تلخيص طرق التخطيط فيما يلي‪:‬‬
‫أ_ طريقة التخطيط من أعلى إلى أسفل‪ :‬بموجب هذه الطريقة فإن دورة التخطيط تبدأ من االدارة العليا‬
‫والتي تضع التوجهات ال عامة‪ ،‬والغايات واألهداف اإلستراتيجية لصياغات تخطيطية يتم ذلك بعد سلسلة‬
‫من الحوار والنقاش من أجل إنضاجها واالتفاق عليها‪ .‬ومن ثم يطلب من اإلدارة الوسطى اشتقاق أهدافها‬
‫التشغيلية‪ ،‬وكذا صياغة خطط التنفيذ في ضوء التوجهات اإلستراتيجية للمنظمة‪ ،‬ويتم ذلك أيضا بعد‬
‫الحوار والنقاش لغرض اشتقاق هذه األهداف واالتفاق عليها‪ .‬بعد ذلك ترسل هذه األهداف إلى اإلدارة‬
‫العليا من أ جل اإلقرار‪ .‬وقد يسبق هذا اإلقرار نقاش وحوار وتعديل‪ .‬وبعد اإلقرار ترسل األهداف مجددا‬
‫إلى اإلدارة الوسطى والتي بدورها تطلب من اإلدارة الدنيا وضع أهداف تفصيلية في ضوء األهداف‬
‫والتوجهات اإلدارية العليا‪ .‬بعد ذلك يعاد األمر صعودا من أجل اإلقرار من طرف المستويات العليا في‬
‫الهيكل التنظيمي‪ .‬والمالحظ أن استخدام هذه الطريقة يعطي حرية أكبر لإلدارة العليا للتدخل في العملية‬
‫التخطيطية وتوجهاتها‪.‬‬
‫ب_ طريقة التخطيط من أسفل إلى أعلى‪ :‬وبموجب هذه الطريقة فإن دورة التخطيط تبدأ من اإلدارة الدنيا‪،‬‬
‫هذه األخيرة التي تضع أهدافها التفصيلية في ضوء ظروف عمل واقعية هي أقرب إليها‪ ،‬ومن ثم تقوم‬
‫بإرسال هذه األهداف التفصيلية إلى اإلدارة الوسطى‪ ،‬والتي من المفترض أن تناقشها وتستوعبها ضمن‬
‫إطار خ ططها التشغيلية‪ .‬ويمكن أن تعاد لإلدارة الدنيا من أجل تعديل أهدافها التفصيلية وخططها التكتيكية‪.‬‬
‫ثم ترسل مجددا لإلدارة الوسطى من أجل اإلقرار‪ ،‬بعد ذلك تصعد لإلدارة العليا والتي بدورها تحاور هذه‬
‫الخطط التشغيلية لغرض اإلقرار أو التعديل أو التغيير إذا تطلب األمر ذلك‪ ،‬وهكذا فان الحوار يتكرر بين‬

‫‪ 1‬خالد محمد بني حمدان ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬االستراتيجية والتخطيط االستراتيجي‪ :‬منهج معاصر (عمان‪ :‬دار اليازوردي العلمية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،)2007 ،‬ص‪.58.‬‬
‫‪78‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫المستويات اإلدارية الثالثة قبل االتفاق على الصيغة النهائية للخطة‪ .‬والمالحظ أن استخدام هذه الطريقة‬
‫يقيد من حرية اإلدارة العليا من التدخل ففي كثير من األحيان تجد نفسها ملزمة بما تم تطويره من أهداف‬
‫‪1‬‬
‫في المستويات األدنى‪.‬‬
‫ج_طريقة التخطيط من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى‪ :‬ويتم بموجب هذه الطريقة المزاوجة بين‬
‫الطريقتين األولى والثانية‪ ،‬وكذا التنسيق بينهما وذلك من خالل الحوار بين قيادات اإلدارات العليا ومديري‬
‫اإلدارات‪ ،‬وتتبع هذه الطريقة غالبا في المنظمات ذات الحجم الكبير والتي تتبع أسلوب الالمركزية‪ .‬وعليه‬
‫فانه بهذه الطريقة يتم التنسيق بين اإلدارة العليا واإلدارات األدنى حول وضع االستراتيجيات واألهداف‬
‫وكذا توظيف اإلمكانيات المتاحة والمحتملة وإمكانية التعديل من خالل الحوار وإشراك اإلدارات بفعالية‬
‫‪2‬‬
‫أكثر من أجل الرقابة على أداءها‪.‬‬
‫د _فريق التخطيط‪ :‬تستخدم هذه الطريقة في المنظمات الصغيرة والمتوسطة الحجم حيث تغلب عليها‬
‫المركزية‪ ،‬وقد تعتمد اإلدارة على فريق من المخططين يضعون الخطط بصيغها الرسمية بعد عقد سلسلة‬
‫‪3‬‬
‫من االجتماعات مع مختلف مستويات التنظيم واالتفاق على الصيغ النهائية للخطة‪.‬‬
‫وكلم ا كانت عالقة فريق المخططين والرئيس جيدة ويسودها التفاهم كلما كانت هذه الطريقة من‬
‫الطرق الناجحة‪ .‬أما في حالة ما إذا كان الرئيس أوتوقراطي السلوك فإن النتائج المرجوة قد ال تحقق‬
‫‪4‬‬
‫أهدافها‪.‬‬
‫ثامنا مستويات التدرج الهرمي للتخطيط االستراتيجي‪:‬‬
‫إن العملية التخطيطية تجري في إطار منهج علمي منظم وفي ظل ثالث مستويات للتدرج الهرمي‬
‫‪5‬‬
‫للتخطيط وهي‪ :‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التخطيط التكتيكي والتخطيط التشغيلي وسيتم توضيحها كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬مستوى التخطيط االستراتيجي‪ :‬يعتبر مستوى التخطيط االستراتيجي المظلة الرئيسية التي تغطي‬
‫وتوجه المستو يات التخطيطية األخرى‪ ،‬حيث يتضمن تحديد رؤية المؤسسة وبيان رسالتها‬
‫ومعرفة قيمها وتوضيح الغايات وتحديد األهداف العامة التي تسعى لتحقيقها‪ ،‬فهو يتسم بالمرونة‬
‫واالستمرارية والتكامل ألنه تخطيط انمائي طويل المدى‪ ،‬كما يمثل المسار العام للمؤسسة متضمنا‬
‫وضع خطط طويلة المدى تسمى خطط خمسية أو خطط عشرية أو أكثر من ذلك‪ ،‬بحيث تكون‬
‫شاملة ومتكاملة في الحاضر ومن شأنها أن تؤدي إلى احداث تغييرات جوهرية في المستقبل من‬
‫خالل االستثمار الفعال للموارد البشرية والمالية واإلمكانات المادية والمعلوماتية‪ .‬فالتخطيط‬
‫االستراتيجي يساعد اإلدارة العليا والمستويات اإلدارية األدنى على تحريك المؤسسة إلى األمام‬
‫وتحسين النوعية وتحقيق األهداف االستراتيجية التي ترتبط بأهداف المجتمع‪ ،‬كما يساهم في‬
‫تطوير مناخ صناعة القرار واالرتقاء بمستوى أداء العمل‪.‬‬
‫‪ .2‬مستوى التخطيط التكتيكي‪ :‬إن اإلدارة الوسطى في المؤسسة هي المسؤولة عن ترجمة‬
‫االستراتيجيات التي تم تصميمها وصياغتها على مستوى اإلدارة العليا في المؤسسة إلى خطط‬
‫عمل متوسطة األمد‪ ،‬وتقوم هذه اإلدارة بوضع األهداف التكتيكية المرتبطة باألداء والتي تعكس‬
‫في مجملها األهداف العامة االستراتيجية للمؤسسة‪ ،‬كما أنها تتولى أيضا تصميم الخطط التكتيكية‬

‫‪ 1‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.125 .‬‬
‫‪ 2‬خالد محمد بني حمدان ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60 .‬‬
‫‪ 3‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.126 .‬‬
‫‪ 4‬خالد محمد بني حمدان ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61 .‬‬
‫‪ 5‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬التخطيط االستراتيجي في المؤسسات العامة فكر معاصر ومنهج علمي في عالم متجدد‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار صفاء‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،)2014 ،‬ص ص‪.82.77 .‬‬
‫‪79‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫التي يتم التعبير عنها في صورة موازنات كالموازنة المالية وموازنة هيكل القوى العاملة‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫إن التخطيط التكتيكي يتميز بالتنسيق بين الوظائف األكثر أهمية في المؤسسة لخدمة الخطط‬
‫االستراتيجية‪ ،‬وفي ظل هذا النوع من التخطيط هناك درجات متفاوتة من عدم التأكد التي ترتبط‬
‫بقرارات هذا المستوى االداري‪ .‬كما أن التأثير البيئي في مستوى اإلدارة الوسطى هو ذو طبيعة‬
‫داخلية (بيئة داخلية)‪ ،‬مقارنة بالتخطيط االستراتيجي حيث أن التأثير البيئي يتسم بالطبيعة‬
‫الخارجية (البيئة الخارجية)‪.‬‬
‫‪ .3‬مستوى التخطيط التشغيلي (االجرائي)‪ :‬هو تخطيط قصير األمد ذو طبيعة تفصيلية ومركزة‬
‫بصفة أساسية على الجوانب الفنية واإلدارية والتنظيمية لألقسام والشعب والوحدات اإلدارية‪،‬‬
‫وغالبا ما تكون الخطط التشغيلية محددة وواضحة المعالم فهي عادة تنطوي على درجة بسيطة من‬
‫المخاطر‪ ،‬حيث أن توافر المعلومات الك افية في المستوى اإلداري التنفيذي تمكنه من التنبؤ بنتائج‬
‫القرارات والقيود البيئية ذات طبيعة داخلية إذ تشتمل على السياسات والبرامج والقواعد‬
‫واإلجراءات والموازنات التي تم وضعها على مستوى اإلدارات العليا والوسطى لالسترشاد بها‪.‬‬
‫كما أن الخطط في هذا المستوى يمكن أن تكون ذات طبيعة روتينية نمطية متكررة أكثر بالمقارنة‬
‫بغيرها من الخطط في المستويات اإلدارية األعلى‪.‬‬
‫ويوضح الجدول الموالي مستويات التدرج الهرمي للتخطيط‬
‫الجدول رقم (‪ :)05‬مستويات التدرج الهرمي للتخطيط‬
‫الهــدف‬ ‫نطــاق الممارسة‬ ‫المستـــوى‬
‫يمثل المسار العام للمؤسسة متضمنا وضع خطط‬
‫طويلة المدى‬
‫االستراتيجية العليا‬ ‫التخطيط االستراتيجي‬
‫ترجمة االستراتيجيات التي تم تصميمها‬
‫وصياغتها على مستوى اإلدارة العليا في‬
‫االستراتيجية على مستوى وحدة‬ ‫التخطيط التكتيكي‬
‫المؤسسة إلى خطط عمل متوسطة األمد‬
‫العمل‬
‫يعد خططا تفصيلية ومركزة بصفة أساسية على‬
‫الجوانب الفنية واإلدارية والتنظيمية لألقسام‬
‫االستراتيجية التشغيلية‬ ‫التخطيط التشغيلي‬
‫والشعب والوحدات اإلدارية‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة باالعتماد على المعلومات السابقة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل عملية التخطيط االستراتيجي‬


‫يعتبر التخط يط االستراتيجي عملية نظامية لتحديد كيفية انتقال المنظمة من الوضع الحالي إلى‬
‫مستقبلها المرغوب‪ ،‬بحيث أن التخطيط االستراتيجي عملية اتخاذ قرارات تستند أساسا على التساؤالت‬
‫التالية‪ :‬ما الذي تقوم به المنظمة؟ أين هي المنظمة اآلن؟ أين ترغب الوصول؟ كيف ستصل إلى هناك؟‬
‫‪1‬‬
‫كيف تقيس مدى تقدمها؟‬
‫وعملية التخطيط االستراتيجي على مستوى المنظمة تتضمن مجموعة من األنشطة والتي تتم وفق‬
‫تسلسل معين أو وفق نموذج معين‪ .‬وتبدأ بصياغة وتحديد رسالة المنظمة‪ ،‬على أثرها تحديد األهداف‬

‫طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.102 .‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪80‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫اإلستراتيجية‪ ،‬ومن ثم تحليل البيئتين‪ :‬الداخلية للتعرف على نقاط القوة والضعف‪ ،‬والخارجية الستكشاف‬
‫الفرص والتهديدات والوصول إلى مرحلة تحديد البدائل اإلستراتيجية وتقييمها واختيار البديل األمثل منها‪.‬‬
‫وستتم معالجة تلك المراحل في هذا المطلب من البحث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬صياغة الرسالة والرؤية اإلستراتيجية‬
‫إن السؤال ا لذي يطرح نفسه لدى أغلبية الناس في طفولتهم وربما أثناء حياتهم الوظيفية هو‪ :‬ما الذي‬
‫تود أن تكون عليه عندما تكبر؟ فكما يحتاج الناس إلى إصدار أحكام عن نوعية الشخصية واألنشطة‬
‫واالتجاهات التي يجب تنميتها وتبنيها‪ ،‬فان المنظمات كذلك تنتهج نفس األسلوب‪ .‬وسيتم التعرض لكل من‬
‫الرسالة والرؤية فيما يلي‪:‬‬
‫أوال مفهوم وأهمية رسالة المنظمة‪:‬‬
‫يرتبط وجود أي منظمة برسالة معينة تسعى إلى تحقيقها‪ .‬إذ تستمد هذه الرسالة مقوماتها األساسية من‬
‫القيم التي تحملها المنظمة ومن البيئة التي تعمل بها المنظمة ومن المجتمع الذي تنتمي إليه‪ ،‬فالرسالة هي‬
‫‪1‬‬
‫الغرض أو سبب وجود المنظمة في بيئة معينة‪.‬‬
‫تعكس رسالة المنظمة الهدف العام‪ ،‬والذي يوجه ويرشد عملية اتخاذ القرارات على مستويات‬
‫المنظمات المختلفة‪ ،‬ومن غير العملي والواقعي ألي منظمة أن تحدد أهدافها واستراتيجيتها بدون وجود‬
‫‪2‬‬
‫رسالة واضحة‪.‬‬
‫كما أن الرسالة تحمل إجابات ألسئلة تطرحها المنظمة‪ :‬من نحن؟ ماذا نريد أن نكون؟ ما الذي نرغب‬
‫‪3‬‬
‫فعله؟ فالرسالة تبين الطريق المباشر الذي ستتبعه المنظمة‪ .‬إذ أنها الدليل الختيار البديل‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ولتحديد رسالة المنظمة يجب مراعاة االعتبارات األساسية التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تكون مكتوبة‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تكون محددة‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تكون عامة‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يتم اعدادها من قبل أعلى سلطة في المنظمة‪.‬‬
‫والرسالة هي أحسن إحساس شخصي عميق والتزام واعي بالهدف الذي أنشأت من أجله المنظمة‪،‬‬
‫فهي تحدد سبب وجود المنظمة وطبيعة عملها‪ ،‬ومن المفترض أن يتحول هذا اإلحساس الشخصي‬
‫والجماعي إلى ال تزام ومسؤولية جماعية يشترك فيها أعضاء التنظيم‪ ،‬كما أن الرسالة تعطي اإلمكانيات‬
‫‪5‬‬
‫للمسؤولين في حشد جيد للموارد والطاقات الذهنية والبدنية للعمل معا نحو األهداف األساسية‪.‬‬
‫ولقد استعمل بيتر دراكر ‪ Peter Drucker‬مصطلح الرسالة لتبيين جواب واضح وشامل لكل‬
‫‪6‬‬
‫األسئلة الممكن طرحها للمسيرين‪ :‬ما هو عملنا؟‬

‫‪ 1‬مؤيد سعيد السالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71 .‬‬


‫‪ 2‬سيد محمد جاد الرب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.142.‬‬
‫‪3 Raymond _ Alain Thiétart, Jean _ Marc Xuereb, Stratégie Concepts. Méthodes mise en œuvre) Paris ,‬‬

‫‪France: dunod, 2005 (, p. 27.‬‬


‫‪ 4‬عبد هللا محمد الخياط‪" ،‬التخطيط االستراتيجي"‪( ،‬بحوث وأوراق عمل الملتقى العربي األول بعنوان‪ :‬التخطيط االستراتيجي للتفوق والتميز في‬
‫القطاع الحكومي‪ ،‬ورشة عمل نماذج تحسين األداء المؤسسي في الوحدات الحكومية‪ ،‬المنعقد في شرم الشيخ‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬يناير‬
‫‪ ،)2007‬ص‪.169.‬‬
‫‪ 5‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.134.‬‬
‫‪6 Jean_ Pierre Helfer, Michel Kalika, Jacques Orsoni, Management (Stratégie et Organisation). 3é édition‬‬

‫‪(Paris, France : vuibert, 2000), p.109.‬‬


‫‪81‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ويمكن أن نعرف الرسالة في كلمات بسيطة بأنها " اإلطار المميز للمنظمة‪ ،‬عن غيرها من المنظمات‬
‫األخرى من حيث مجال نشاطاتها ومنتجاتها وعمالئها وأسواقها‪ ،‬والتي تعكس السبب الجوهري لوجود‬
‫‪1‬‬
‫المنظمة وهويتها ونوعيات عملياتها وأشكال ممارساتها"‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن الرسالة الواضحة تصف القيم واألولويات في المنظمة‪ ،‬كما أن عملية وضع‬
‫رسالة المنظمة تجبر اإلستراتيجيي ن على التفكير في طبيعة ونطاق العمليات الحالية باإلضافة إلى تقييم‬
‫جاذبية األسواق وكذا األنشطة المستقبلية‪ .‬حيث تصور الرسالة الواضحة االتجاه المستقبلي للمنظمة‪ .‬فقد‬
‫أوضحت بعض الدراسات في الو‪.‬م‪.‬أ أن ‪%60‬من المنظمات تلتزم بالرسالة الرسمية التي تضعها‪ ،‬كما أن‬
‫‪2‬‬
‫المنظمات الناجحة عادة تكون قد قامت بإعداد رسالة واضحة بالمقارنة مع المنظمات ضعيفة األداء‪.‬‬
‫كما تلعب صياغة رسالة المنظمة دورا هاما في تنمية اإلستراتيجية‪ ،‬بحيث أنها تمثل معيار يتم‬
‫االستناد إليه في توليد وتصفية البدائل اإلستراتيجية أي أن االستراتيجيات التي ال تؤيد رسالة المنظمة‬
‫‪3‬‬
‫يجب إهمالها أو إعطاءها أولوية متدنية عند القيام بعملية تحليل وتقييم البدائل اإلستراتيجية‪.‬‬
‫ثانيا مفهوم وأهمية الرؤية اإلستراتيجية‪:‬‬
‫يعتبر وجود رؤية إستراتيجية واضحة ومميزة بمثابة حجر الزاوية في بناء وتحقيق اإلستراتيجية‬
‫الفعالة‪ ،‬فال يستطيع المدير ممارسة دوره القيادي واتخاذ قراراته اإلستراتيجية في ظل غياب مفهوم‬
‫التوجه المستقبلي للنشاط الذي يتضم ن أمورا عديدة من بينها نوعية احتياجات العمالء التي يجب إشباعها‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫ونوعية المركز السوقي الذي يجب تحقيقه في مواجهة المنافسين‪.‬‬
‫وقد تم وصف الرؤية االستراتيجية على أنها "فن رؤية األشياء غير المنظورة (غير الملموسة)"‪ ،‬كما‬
‫أنها " ذات عالقة باستكشاف المستقبل والحفاظ على توجهات المنظمة"‪ ،‬كذلك فهي تمثل " الحالة‬
‫المرغوبة لمستقبل المنظمة التي تعكس طموحات االستراتيجيين"‪ ،‬ويمكن وصفها بدقة أكثر وهو أن "‬
‫الرؤية ال تعني الهدف‪ ،‬وانما هي نقطة موجهة‪ ،‬ترشد حركة المنظمات باتجاه معين‪ ،‬وإذا ما كانت واقعية‬
‫‪5‬‬
‫وتخاطب مشاعر العاملين وذكاءهم فإنها يمكن أن تتكامل وتوجه المنظمة باالتجاه الصحيح"‪.‬‬
‫ف الرؤية تعبر عن صورة تخيلية ذهنية‪ ،‬أو حلم نصبو إليه مستقبال‪ ،‬وبصفة عامة يمكن القول عن‬
‫‪6‬‬
‫الرؤية أنها‪:‬‬
‫‪ -‬عبارة موجزة تخاطب القلب والروح‪.‬‬
‫‪ -‬تركز على رغبة المنظمة في التميز والتفوق واإلبداع‪.‬‬
‫‪ -‬تصاغ بلغة عاطفية مؤثرة‪.‬‬
‫‪ -‬تشد وتجذب العاملين وتشحذ هممهم لتحقيقها‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون واقعية وقابلة للتطبيق‪.‬‬
‫وبالنسبة لصياغة الرؤية اإلستراتيجية فإنها تمثل مباراة في الفكر االستراتيجي الخالق حول مستقبل‬
‫المنظمة‪ ،‬ونوعية األنشطة المرغوبة‪ ،‬ومكانتها السوقية المتوقعة‪ ،‬مما يساعد في وضع المنظمة على‬
‫‪7‬‬
‫مسار استراتيجي فعال والذي تلتزم به اإلدارة إلى أقصى حد ممكن لتنميتها‪.‬‬

‫‪ 1‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92 .‬‬
‫‪ 2‬نادية العارف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21.‬‬
‫‪ 3‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.94.‬‬
‫‪ 4‬مؤيد سعيد السالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72 .‬‬
‫‪ 5‬صالح عبد هللا النعيمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.48 .‬‬
‫‪ 6‬عبد هللا محمد الخياط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.168.‬‬
‫‪ 7‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.93.‬‬
‫‪82‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫والجدير بالذكر أنه حينما تنجح الرؤية االستراتيجية في ترسيخ تصور ملموس حول الموقف الذي‬
‫تنشده المنظمة ونوعية المسارات التي يجب إتباعها‪ ،‬وبالتالي سوف تكون الرؤية قادرة على توجيه عملية‬
‫اتخاذ القرارات‪ ،‬وتحديد مالمح إستراتيجية المنظمة‪ ،‬وكذا التأثير على الطريقة التي يدار بها النشاط‪ ،‬مما‬
‫‪1‬‬
‫يؤدي في النهاية إلى تحقيق قيمة إدارية حقيقية‪.‬‬
‫و هناك من يفرق بين الرؤية والرسالة‪ ،‬على اعتبار أن " الرسالة " تمثل الواقع الحالي للمنظمة‪ ،‬في‬
‫حين أن " الرؤية " تصف‪ :‬ماذا تريد أن تكون عليه المنظمة مستقبال‪ ،‬كما أنها أحالم المنظمة وطموحاتها‬
‫‪2‬‬
‫والتي ال يمكن تحقيقها في ظل اإلمكانات الحالية‪ ،‬وان كان من الممكن الوصول إليها في األجل الطويل‪.‬‬

‫والجدول الموالي يمثل الفروق األساسية بين الرؤية االستراتيجية والرسالة االستراتيجية‬

‫الجدول رقم (‪ :)06‬الفروق بين الرؤية االستراتيجية والرسالة االستراتيجية‬

‫الرسالة االستراتيجية‬ ‫الرؤية االستراتيجية‬ ‫الرقم‬


‫تستخدم عادة في وصف مشهد العمل الحالي‬ ‫تصور المشهد المستقبلي ألعمال المؤسسة‬ ‫‪01‬‬
‫(من نحن؟ وما ذا نعمل؟)‬ ‫(الى أين نحن ذاهبون؟)‬
‫تهتم بتحديد التوجه المستقبلي للمؤسسة مثل تهتم بتحديد التوجه الحالي للمؤسسة من األعمال‬ ‫‪02‬‬
‫واألنشطة التي تؤديها المؤسسة في الوقت‬ ‫تحديد النوع أو الشكل الذي تريد المؤسسة أن‬
‫الحاضر‪.‬‬ ‫تتقمصه في المستقبل‪.‬‬

‫الرسالة تشتق أفكارها من رؤية المؤسسة‪.‬‬ ‫تنبع الرؤية من الفلسفة والقيم والمعتقدات‬ ‫‪03‬‬
‫التي تتبناها المؤسسة وبالتالي فهي عامة‬
‫يصعب تحقيقها‪.‬‬
‫وثيقة تحدد غرض وأنشطة المؤسسة‪.‬‬ ‫وثيقة تحدد الصورة التي تحقق آمال المؤسسة‬ ‫‪04‬‬
‫مرحليا‪.‬‬
‫لها مدى زمني معين لتحقيقها‪.‬‬ ‫لها مدى زمني طويل جدا‪.‬‬ ‫‪05‬‬

‫المصدر‪ :‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬التخطيط االستراتيجي في المؤسسات العامة فكر معاصر ومنهج علمي في عالم متجدد‪ ،‬ط‪1‬‬
‫(عمان‪ :‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،)2014 ،‬ص‪.164.‬‬

‫ثالثا خصائص صياغة الرسالة والرؤية اإلستراتيجية‪:‬‬


‫إن صياغة الرؤية اإلستراتيجية ورسالة المنظمة تتسم بالعديد من الخصائص يمكن تلخيص أهمها‬
‫‪3‬‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن تكون واضحة وبسيطة وعباراتها دقيقة‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون لها القابلية للتحول إلى خطط وسياسات‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون واقعية وموضوعية‪.‬‬
‫‪ ‬إثارة وتعميق الحماس والتفاؤل لدى أعضاء المنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬التوجه بظروف السوق وحاجات العمالء‪.‬‬
‫‪ ‬االنسجام مع الغايات واألهداف اإلستراتيجية‪.‬‬
‫‪ ‬أن يتم قبولها وتأييدها من طرف أعضاء المنظمة‪.‬‬

‫‪ 1‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.94.‬‬
‫‪ 2‬مؤيد سعيد السالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.72.‬‬
‫‪ 3‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114.‬‬
‫‪83‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫تحقيق التناسق والترابط الموضوعي بين إمكانيات المنظمة وأهدافها من ناحية‪ ،‬وبين أهداف‬ ‫‪‬‬
‫المنظمة وأهداف المجتمع من ناحية أخرى‪.‬‬
‫تعزيز آلية المشاركة في اتخاذ القرارات اإلستراتيجية في المنظمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫االرتباط بقيم ومعتقدات المنظمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫القدرة على التكيف مع البيئة المحيطة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫رابعا مفهوم القيم وأهميتها‪:‬‬


‫تمثل القيم قواعد إرشادية وإطار سلوكي يعبر عن نظرة المنظمة وفلسفتها وأسلوب تعاملها مع المجتمع‬
‫والمتعاملين والموظفين‪ ،‬وتنطلق القيم من الثقافة المؤسسية التي تحرص المنظمة على تعميمها وضمان‬
‫‪1‬‬
‫التزام اإلدارة العليا والموظفين بتطبيقاتها ومتطلباتها‪.‬‬
‫وامتالك المنظمة لقيم ال يمكن أن يكون فعاال إال من خالل إعالنها وإيصالها لمختلف الجهات ذات‬
‫العالقة‪ .‬فمن المفترض أن تكون هذه القيم مدركة ومحسوسة ويتقاسمها الجميع ويعيشونها‪ ،‬وإذا ما امتلكت‬
‫جميع المنظمات قيما تجسدها سلوكياتها اليومية فان هذه القيم ال يتم تغييرها يوميا‪ ،‬بل إنها تمثل مبادئ‬
‫‪2‬‬
‫إرشادية للمنظمة وهي تتعامل مع من يحيط بها‪.‬‬
‫وتختلف القيم في المنظمات حسب خصوصية واعتبارات كل منظمة‪ ،‬وسنذكر منها ما يلي‪ :‬األخالق‪،‬‬
‫ال جودة‪ ،‬السالمة (أي األخذ بالبعد البيئي بعين االعتبار)‪ ،‬اإلبداع والمعرفة الربحية‪ ،‬تنوع المنتجات‬
‫‪3‬‬
‫والخدمات‪ ،‬تنوع العمالء‪ ،‬االستجابة للعمالء‪ ،‬التركيز الجغرافي ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫فالقيم تعتبر بمثابة موجهات يمكن الحكم بها على ما هو خير أو شر أو حسن أو قبيح‪ ،‬وما هو‬
‫مرغوب وما هو غير مرغوب‪ ،‬وفي الغالب ما تكون هذه القيم مستمرة نسبيا ويشترك في مراعاتها أفراد‬
‫جماعة من الجماعات‪ .‬وعندما تحرص منظمة ما على وضع قيم جوهرية فإنها تحدد القيم الرئيسية لتكون‬
‫موجهات لها الزبائن ولتفكير العاملين فيها ولعملية اتخاذ القرارات‪ ،‬وتحدد هذه القيم عالقات األفراد‬
‫بعضهم ببعض في وكيف يسلك العاملون سلوكا أخالقيا في المؤسسة‪ .‬وتنمو هذه القيم في المؤسسة بشكل‬
‫تدريجي المؤسسة‪ ،‬وكيفية اتخاذ القرارات واألشخاص الذين يتفاعلون معهم‪ ،‬وكيف يتم التعامل مع وغير‬
‫رسمي‪ ،‬وتغيرها يكون نسبيا عبر الزمن‪ ،‬بفعل قادة المؤسسة وتأثير الحوادث واألزمات التي تشكل ثقافة‬
‫‪4‬‬
‫وسلوك األفراد‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تحديد األهداف اإلستراتيجية‬


‫إن األهداف هي عروس التخطيط‪ ،‬فال وجود لتخطيط بدون أهداف‪ ،‬ويتعين على المنظمة تصميم‬
‫‪5‬‬
‫أهداف إستراتيجية طويلة األجل تهيئ إطارا لعمل اإلدارة بما يؤدي إلى بلوغ غايتها وتحقيق رسالتها‪.‬‬
‫أوال مفهوم األهداف اإلستراتيجية‪:‬‬
‫يمكن القول أن األهداف االستراتجية ماهي إال مجموعة غايات بعيدة األمد‪ ،‬تمثل مستويات أداء‬
‫مطلوب تحقيقها‪ ،‬على أن تكون مالئمة لقدرات المدراء ومعارفهم ومهاراتهم وما ينبغي أن تتوفر من‬
‫موارد واس تعدادات عند منظماتهم‪ .‬وبالتالي فهي ترجمة لطموحات وتوقعات مجموعات قوى المساهمين‬
‫في المنظمة واستجابة حية لها‪ .‬وقد قرن نجاح المنظمة والمدراء بتحقيق ذلك التناسق بين األهداف بعيدة‬
‫المدى وطلبات البيئة‪ .‬وضمن هذا السياق وصفت األهداف اإلستراتيجية بأنها تعبير عن توقعات‬

‫‪ 1‬عبد هللا محمد الخياط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.170.‬‬


‫‪ 2‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.205.‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.201.‬‬
‫‪ 4‬ليلى بوحديد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.141 .‬‬
‫‪ 5‬أحمد سيد مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95.‬‬
‫‪84‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫المساهمين داخل المنظمة وخارجها ومواردها البشرية وأغراضها ورسالتها‪ ،‬فهي غايات المنظمة ذات‬
‫‪1‬‬
‫المنطق الكمي‪.‬‬
‫ويتم تصميم األهداف اإلستراتيجية من قبل اإلدارة العليا بالمنظمة‪ ،‬بحيث أنها أهداف تركز على‬
‫مسائل عامة وعريضة ومن أمثلة هذه األهداف‪ " :‬أن تكون تكاليفنا أقل من منافسينا الرئيسيين "‪ " ،‬أن‬
‫نقدم أعلى مستوى جودة بالسوق "‪.‬‬
‫ثانيا أهمية تحديد األهداف‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫هناك العديد من األسباب تبرر ضرورة وضع األهداف بالنسبة للمنظمات‪ ،‬تتمثل أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تعتبر األهداف مرشدا التخاذ القرارات‪ ،‬فهي تمثل العامل المحدد ألنواع القرارات المناسبة‬
‫للمواقف التي تواجهها المنظمة‪ ،‬كما أن األهداف تفسر سبب تأثر المنظمة بالظروف البيئية‬
‫المحيطة‪ ،‬وبالتالي فان القرارات مرتبطة باألهداف ومستمدة منها‪.‬‬
‫‪ .2‬تساعد األهداف في تركيز جهود األفراد والوحدات لئال يحدث ازدواج أو تضارب فيما بين‬
‫اإلدارات واألقسام واألفراد‪.‬‬
‫‪ .3‬توفر األهداف األساس أو المعيار لتخصيص الموارد داخل التنظيم‪.‬‬
‫‪ .4‬تساهم األهداف في تفويض السلطة وذلك من خالل تحديد مسؤولية كل إدارة أو قسم أو فرد بناءا‬
‫على األهداف التي أنيطت لكل منهم‪.‬‬
‫‪ .5‬إن األهداف تساهم في تبيان العالقات بين المنتجات واألسواق وما يجب التركيز عليه‪ ،‬كما أنها‬
‫تساهم في تبيان العالقات بين اإلدارات المتعددة بالمنظمة‪ ،‬سواء كانت بشكل رأسي أو أفقي‪،‬‬
‫عالقات تعاون أو عالقات سلطة‪.‬‬
‫‪ .6‬تساعد األهداف في عملية تقييم األداء من خالل توفير األسس والمعايير التي تستخدم في الرقابة و‬
‫‪3‬‬
‫تقييم األداء سواء كان على مستوى المنظمة ككل أو على مستوى كل فرد‪.‬‬
‫ثالثا الشروط الواجب توفرها في األهداف اإلستراتيجية‪:‬‬
‫حتى تتسم األهداف بالفاعلية فقد أشارت نتائج الدراسات إلى ضرورة توافر مجموعة من الشروط‬
‫‪4‬‬
‫وهناك من يطلق عليها خصائص األهداف الجيدة وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬القبول‪ :‬ويتحقق القبول من خالل مشاركة العاملين في تحديد األهداف‪ ،‬وقد يمتد القبول ليشمل‬
‫الفئات الخارجية مثل جماعات الضغط أو المنظمات التشريعية وغيرها من الفئات التي قد تقف‬
‫عائقا دون تحقيق األهداف المزمعة‪.‬‬
‫‪ ‬القابلية للقياس‪ :‬يجب أن تعكس عملية صياغة األهداف بدقة ووضوح ما لذي يجب تحقيقه‬
‫ومتى‪ ،‬وبالتالي فان األهداف يجب أن تكون قابلة للقياس عبر الوقت‪.‬‬
‫‪ ‬المرونة‪ :‬أي قدرة األهداف على تحقيق التكيف مع المتغيرات غير المتوقعة في بيئة أعمال‬
‫المنظمة‪ ،‬وحتى ال تكون هذه المرونة على حساب دقة الهدف أو أن يكون لها تأثير على ثقة‬

‫‪ 1‬نعمة عباس الخفاجي‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية _ المداخل والمفاهيم والعمليات‪ ،‬ط‪( 1‬األردن‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،)2004 ،‬ص‪.94.‬‬
‫‪ 2‬عبد الحميد عبد الفتاح المغربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95.‬‬
‫‪ 3‬عبد السالم أبو قحف‪ ،‬أساسيات اإلدارة اإلستراتيجية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪Raymond _ Alain Thiétart, Jean_Marc Xuereb, op. cit, p.38.‬‬
‫‪85‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫العاملين في األهداف الموضوعة‪ ،‬فانه يحبذ أن يحدد نطاق للتعديل (أن يكون تغيير في مستوى‬
‫الهدف وليس طبيعته)‪.‬‬
‫‪ ‬الوضوح والفهم‪ :‬بمعنى ضرورة أن تصاغ األهداف باألسلوب الذي يوحد بين فهم كل من واضع‬
‫الهدف والقائم بتنفيذه على السواء‪.‬‬
‫‪ ‬المالئمة‪ :‬أي أن تتناسب األهداف الموضوعة مع األغراض العامة للمنظمة كما تم التعبير عنها‬
‫في رسالتها‪.‬‬
‫‪ ‬القابلية للتحقيق‪ :‬بمعنى أن تكون األهداف متسقة مع نوعية القدرات واإلمكانات (المادية‪ ،‬المالية‪،‬‬
‫البشرية) التي تمتلكها المنظمة‪ .‬وكذا يجب أن تعكس مصالح األطراف ذات العالقة بصورة‬
‫متوازنة‪ ،‬ومراعاة العالقة بين مصالح المنظمة ومصالح البيئة المحيطة‪.‬‬
‫‪ ‬التحفيز‪ :‬فكلما وضعت األهداف في مستوى تحفيزي كلما ارتفعت إنتاجية األفراد‪ .‬أي أن‬
‫األهداف المرتفعة تثير تحدي األفراد وتحثهم على األداء المتميز‪ .‬فال تثبط من هممهم‪ ،‬أو أن‬
‫تكون سهلة التحقيق للغاية‪.‬‬
‫رابعا نظريات صياغة األهداف اإلستراتيجية‪:‬‬
‫على الرغم من أن التنظير في هذا المجال الزال محدودا‪ ،‬ربما لحداثة علم اإلدارة اإلستراتيجية‬
‫ومعاصرته‪ ،‬إال أنه يمكن تقديم عدد من التفسيرات ألسلوب إدارة المنظمات في صياغة األهداف‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬النظرية العقالنية‪ :‬وبمقتضاها يتولى مؤسس المنظمة مهمة وضع أهدافها اإلستراتيجية‪ ،‬خاصة‬
‫عند والدتها وقد تناط هذه المهمة بالمدير األعلى أو اإلدارة العليا على افتراض امتالكهم معرفة‬
‫تامة بموارد وإمكانيات المنظمة ومحيطها الخارجي‪ ،‬فالسمة السائدة هي إتباع أسلوبا مركزيا في‬
‫‪1‬‬
‫صياغة األهداف اإلستراتيجية‪.‬‬
‫‪ .2‬النظرية السلوكية‪ :‬وفق هذه النظرية فإن روادها يتزعمون فكرة التعاون والمشاركة على اعتبار‬
‫أن المنظمة وحدة اجتماعية هادفة‪ ،‬وبالتالي فهي تشجع مشاركة الموارد البشرية في مختلف‬
‫مستويات المنظمة في صياغة أهدافهم لتتراكم وتؤلف بمجموعها األهداف اإلستراتيجية‪ .‬وبالتالي‬
‫فهي تحمل سمة أخالقية وتولد وعي وقبول مشترك بين اإلدارة العليا وباقي المستويات اإلدارية‪،‬‬
‫مما يجعل تحقيق األهداف اإلستراتيجية مسؤولية مشتركة وليست فردية‪.‬‬
‫‪ .3‬النظرية السياسية‪ :‬في ظل هذه النظرية فإن عملية صياغة األهداف اإلستراتيجية تأتي استجابة‬
‫واعية بمصالح المنظمة ومصالح المنظمات في بيئتها الخارجية واإلقليمية والقومية والدولية‬
‫والعالمية‪ ،‬واستجابة آللية الصراع االستراتيجي ما بين تلك المصالح‪ .‬مما يملي على اإلدارة العليا‬
‫التفكير باستخدام أساليب تفاوض ومساومة تحقق توازنا بين المصالح اإلستراتيجية بحيث تؤهل‬
‫المنظمة احتالل مركز القيادة اإلستراتيجية المهيمن أو التحدي في أسواقها الهادفة‪ .‬وتتأثر صياغة‬
‫األهداف اإلستراتيجية بتوقعات االئتالفات داخل المنظمة وخارجها‪ ،‬وأسلوب التعامل مع الخطر‬
‫والغموض البيئي‪ .‬ومن ثم االستعانة بلغة ميكيافلية أسلوبا يضمن نجاح المنظمة في تحقيق أهدافها‬
‫‪2‬‬
‫في البقاء والتكيف على األمد البعيد‪.‬‬
‫خامسا مستويات صياغة األهداف االستراتيجية‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫تصاغ األهداف االستراتيجية على ثالث مستويات وهي‪:‬‬

‫‪ 1‬نعمة عباس الخفاجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.96.‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.97.‬‬
‫‪ 3‬ليلى بوحديد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.140 .‬‬
‫‪86‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .1‬األهداف االستراتيجية‪ :‬تصاغ األهداف االستراتيجية بشكل عام وشامل من طرف اإلدارة العليا‪،‬‬
‫وتتركز حول النتائج الكلية المطلوب تحقيقها‪ ،‬وتكون على مستوى المؤسسة ككل‪ ،‬وتتصف بأنها‬
‫أهداف طويلة األجل‪.‬‬
‫‪ .2‬األهداف التكتيكية‪ :‬هي أهداف متوسطة األجل‪ ،‬يشارك في صياغتها كل من اإلدارة العليا‬
‫واإلدارة الوسطى‪ ،‬وتتم صياغتها على مستوى القطاعات أو اإلدارات الرئيسية في المؤسسة‪،‬‬
‫وتكون أكثر تحديدا من األهداف االستراتيجية وتشتق منها‪ ،‬فهي تمثل الوسائل التي من خاللها‬
‫تتحقق األهداف االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ .3‬األهداف التشغيلية‪ :‬تتم صياغتها على مستوى األقسام والوحدات واألفراد‪ ،‬يشارك في صياغتها‬
‫اإلدارة الوسطى مع اإلدارة االشرافية‪ ،‬تعد األهداف التشغيلية أكثر تفصيال وتحديدا من األهداف‬
‫التكتيكية وتشتق منها‪ ،‬وتمتاز أنها أهداف قصيرة األجل وتمثل وسائل وأساليب تحقيق األهداف‬
‫التكتيكية‪.‬‬
‫سادسا أساليب تحديد األهداف االستراتيجية‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫هناك عدة أساليب يمكن اتباعها من أجل تحديد األهداف االستراتيجية نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أسلوب المشاركة‪ :‬أي مشاركة عدد من العاملين في المؤسسة في صياغة األهداف االستراتيجية‬
‫لكونهم أكثر دراية ومعرفة بها وفي طبيعة الخدمات التي تقدمها ألنهم األفضل من غيرهم في‬
‫تحديد ما تريد المؤسسة تحقيقه في المستقبل‪ ،‬وعليه فان مساهمة عددا من الكوادر الوظيفية في‬
‫صياغة األهداف االستراتيجية يساعد على إرساء أهداف واقعية ممكنة التحقيق‪.‬‬
‫‪ .2‬دراسة الحالة‪ :‬وتعني تكليف جهة معينة داخل المؤسسة أو خارجها بإجراء تحليل شامل لوضع‬
‫المؤسسة وتحديد اتجاهاتها الحالية والمستقبلية في ضوء رؤيتها ورسالتها‪ ،‬ويشارك في هذه‬
‫الدراسة اإلدارات الوسطى والتنفيذية في المؤسسة والمديرون وفريق التخطيط االستراتيجي‪ ،‬ثم‬
‫يتم تحديد األهداف االستراتيجية بناءا على نتائج تلك الدراسة‪.‬‬
‫‪ .3‬فرق العمل‪ :‬وتعني تكليف فريق عمل متخصص من الخبراء لتحديد األهداف االستراتيجية‪ ،‬وقد‬
‫يكون فريقا واحدا متمثال بفريق التخطيط االستراتيجي يأخذ على عاتقه تحديد جميع األهداف‪ ،‬كما‬
‫أنه قد تشكل عدة فرق لذلك‪ ،‬حيث يأخذ كل فريق جانبا من نشاط المؤسسة ويرسم لها األهداف‬
‫االستراتيجية‪ ،‬ويجري التنسيق بين هذه األهداف من خالل فريق التخطيط االستراتيجي الرئيس‬
‫لضمان وحدة هذه األهداف وانسجامها‪.‬‬
‫‪ .4‬العصف الذهني‪ :‬ومن خالل هذا األسلوب يتم وضع األهداف االستراتيجية عن طريق تكليف‬
‫مجموعة من المتخصصين بدراسة ومناقشة تلك األهداف من خالل العصف الذهني مستندة على‬
‫خبراتها في هذا المجال ومعرفتها الواسعة بواقع المؤسسة وامكاناتها وقدراتها الذاتية ومواردها‬
‫البشرية والمالية والفنية والتقنية لوضع األهداف االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ .5‬أسلوب دلفي‪ :‬يقتضي هذا األسلوب قيام لجنة من اإلدارة العليا وفريق التخطيط االستراتيجي‬
‫المكلف بوضع االستراتيجية بصياغة مقترح لألهداف االستراتيجية‪ ،‬كل يعمل على انفراد‪ ،‬بعد‬
‫ذلك تجمع المقترحات وتوزع مجتمعة على كل األعضاء فيقوم كل واحد بمراجعة ما كتبه في‬
‫المرة السابقة‪ ،‬ثم يقدمها الى مقرر الفريق ليقوم بجمعها وتوزيعها مرة أخرى لمتابعتها ومراجعتها‬
‫للمرة الثانية وهكذا إلى أن يحصل التوافق على صياغة معينة ومحددة لألهداف االستراتيجية‪.‬‬

‫‪ 1‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.177 .‬‬


‫‪87‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تحليل البيئة الداخلية والخارجية‬


‫وهي المرحلة الثالثة من مراحل التخطيط االستراتيجي‪ ،‬حيث يعرف التحليل البيئي على أنه مراقبة‬
‫بيئات المنظمة لتحديد جوانب القوة والضعف والفرص والتهديدات المؤثرة في قدرة المنظمة للوصول إلى‬
‫غاياتها‪ ،‬وهو يتضمن تحليل البيئة الداخلية والبيئة الخارجية للمنظمة‪ .‬فالتحليل االستراتيجي يركز على‬
‫ب عدين مكملين‪ ،‬بعد داخلي (التحليل الداخلي للمنظمة)‪ ،‬وبعد خارجي (التحليل الخارجي) خاص بمحيط‬
‫المنظمة‪ ،‬على اعتبار أن المنظمة نظام مفتوح على المحيط‪ ،‬واالستراتيجية تحدد نمط العالقة بين المنظمة‬
‫‪1‬‬
‫والمحيط‪.‬‬
‫والشكل الموالي يوضح ذلك‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)04‬أبعاد التشخيص االستراتيجي‬

‫التحليل البيئي االستراتيجي‬

‫داخــــــــــلي‬ ‫خـــــارجي‬

‫المنظمة‬ ‫البيــــئة‬

‫نقاط القوة_ نقاط‬ ‫الفرص _ التهديدات‬


‫الضعف‬
‫الرؤية اإلستراتيجية‬
‫المهارات _ الموارد‬

‫القدرات اإلستراتيجية‬ ‫حالة بيئة المنظمة‬


‫للمنظمة‬
‫االتجاهات اإلستراتيجية الممكنة‬

‫‪Source : Jean_ Pierre Helfer, Michel Kalika, Jacques Orsoni, Management Stratégie et‬‬
‫‪Organisation) 3é édition (Paris, France : vuibert, 2000), p.55.‬‬

‫وأبسط طريقة الجراء التحليل البيئي هو تحليل ‪ ،*SWOT‬إذ يستخدم لتحديد الفرص والتهديدات‬
‫(المخاطر) في البيئة الخارجية للمنظمة والتي هي ليست تحت سيطرتها على المدى القصير‪ ،‬وتشكل هذه‬
‫المتغيرات االطار الذي تعمل فيه المنظمة وتتمثل في القوى واالتجاهات االجتماعية والثقافية واالقتصادية‬
‫والسياسية وكذلك القوى التكنولوجية‪ .......‬الخ‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪Jean_ Pierre Helfer, Michel Kalika, Jacques Orsoni, op.cit, p.54.‬‬
‫‪88‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ويستخدم مصطلح ‪ SWOT‬كذلك لتحديد عوامل القوة والضعف والتي ليست بالضرورة تحت‬
‫سيطرة اإلدارة العليا في األمد القصير‪ ،‬وتتمثل هذه العوامل في‪ :‬هيكل المنظمة‪ ،‬ثقافة المنظمة والموارد‬
‫المختلفة للمنظمة‪ ،‬وتشكل نقاط القوة الخصائص الرئيسية التي تستند اليها المنظمة في الحصول على ميزة‬
‫‪1‬‬
‫تنافسية‪.‬‬
‫أوال تحليل البيئة الداخلية للمنظمة‪:‬‬
‫في هذا الصدد سيتم تعريف البيئة الداخلية‪ ،‬العناصر المكونة للبيئة الداخلية‪ ،‬أهمية تحليل البيئة‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف البيئة الداخلية‪ :‬وهي التي يمكن للمنظمة التحكم فيها والتأثير عليها وتغييرها وفق ما تحتاجه‬
‫لصياغة إستراتيجيتها‪ ،‬والتي تتمكن من خاللها اإلدارة اإلستراتيجية من تسيير مؤسستها بفعالية أكبر‬
‫وأدق‪ .‬ولكي تتمكن المنظمة من صياغة إستراتيجيتها البد لها من تحليل كاف وجيد لبيئتها وإمكانياتها‬
‫‪2‬‬
‫الداخلية في وظائف ونشاطات المنظمة الرئيسية ألنها تعتبر األعمدة األساسية ألنشطتها‪.‬‬
‫والمقصود من تحليل البيئة الداخلية هو عملية فحص وتحليل العوامل الخاصة بوظائف وأنشطة‬
‫المنظمة‪ ،‬وكذا وظيفة المنظمة والكفاءات التي تتوفر عليها‪ ،‬ونظام المعلومات فيها‪ ،‬وبالتالي فهي عملية‬
‫تحليل األنشطة اإلستراتيجية الخاصة بالمنظمة كل على حدى‪ ،‬لتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف الداخلية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫ولمقارنتها مع المنافسين‪ ،‬من أجل تقدير الموقع النسبي للتوجه المثالي وفق الشروط التنافسية للبيئة‪.‬‬
‫فلكل مؤسسة مهما كان نوعها وحجمها مجاالت قوة والتي تختلف عن مجاالت الضعف‪ ،‬وسيتم‬
‫‪4‬‬
‫اإلشارة فيما يلي لمعنى القوة الداخلية والضعف الداخلي للمؤسسة كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مجاالت القوة الداخلية‪ :‬وهي عبارة عن بعض األشياء المتوفرة في المؤسسة والتي تسهم بشكل‬
‫إيجابي في تطوير العمل وتحسين أداء العاملين لكي تعطي للمؤسسة إمكانات جيدة تعزز عناصر‬
‫القوة فيها وتسهم في انجاز العمل بمهارة وخبرة عالية‪ ،‬كما تتمثل عناصر القوة في مهارة القيادة‬
‫اإلدارية وكفاءة الموارد البشرية والتنظيمية والمالية والمادية ونظم المعلومات وقدرة عالية‬
‫للتنافس وسمعة قوية ومخرجات نوعية تناسب متطلبات المجتمع وسوق العمل المعاصر وخطط‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫ب‪ -‬مجاالت الضعف الداخلي‪ :‬وتعني انخفاض في مستوى أداء المؤسسة وهي تشمل ضعفا في‬
‫مهارات القيادة اإلدارية وتدنيا في الموارد المالية والبشرية والمادية وانخفاضا في إمكاناتها وفشال‬
‫في نظم المعلومات وانعدام صلتها بمؤسسات المجتمع وضعف عالقتها مع بقية المؤسسات‬
‫المناظرة وغموض هيكلها التنظيمي وعدم تلبيتها لحاجات المؤسسة المستقبلية‪ ،‬وعليه ينبغي على‬
‫اإلدارات العليا أن تمتلك فكر استراتيجي واضح للمؤسسة وإدراك وتشخيص مجاالت الضعف‬
‫وتحديدها لغرض التقليل من آثارها السلبية‪ ،‬وتعمل جاهدة لتعزيز مجاالت القوة لديها‪.‬‬
‫‪ .2‬العناصر المكونة للبيئة الداخلية‪ :‬تشتمل البيئة الداخلية على ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬بلقيدوم صباح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67.‬‬


‫*‪ : SWOT‬هي كلمة مركبة من الحروف التي معناها‪Weaknes :‬عوامل الضعف‪ Strengts ،‬عوامل القوة‪ Threats ،‬التهديدات‪،‬‬
‫‪ Opportunities‬الفرص المتاحة‬
‫‪ 2‬الطيب الدوادي‪ " ،‬أثر تحليل البيئة الخارجية في صياغة اإلستراتيجية " في مجلة الباحث‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬العدد الخامس‬
‫(‪ ،)2007‬ص‪.39.‬‬
‫‪3 Raymond _ Alain Thietart, La Stratégie d’entreprise, 2é édition (paris ,France : édisience, 1993), p. 86.‬‬

‫‪ 4‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.198.‬‬


‫‪89‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أ‪ -‬هيكل المنظمة‪ :‬ويقصد به نظامها في االتصاالت‪ ،‬الصالحيات‪ ،‬تدفق العمل‪ ،‬تشريح المنظمة‬
‫وعلى شكل خريطة تنظيمية‪ ،‬وإذا تطابق هيكل المنظمة مع االستراتيجيات اآلنية والمستقبلية فان‬
‫ذلك يعتبر نقطة قوة كبرى في المنظمة والعكس صحيح فعدم التجانس والتوافق ينتج عنه ضعف‬
‫‪1‬‬
‫قد يعيق المنظمة لتنفيذ إستراتيجيتها مما ينعكس على أداءها العام‪.‬‬
‫ب‪ -‬حضارة المنظمة‪ :‬وهو مفهوم يستخدم لإلشارة إلى الفلسفة‪ ،‬واالتجاهات واالعتقادات والقيم‬
‫المشتركة والتي تكون األساس لكل أعمال وأنشطة المنظمة‪ .‬وتتكون حضارة المنظمة من خالل‬
‫الرسائل واالستراتيجيات السابقة التي تم انجازها‪ ،‬كما أنها تكون العامل المؤثر بصورة كبيرة جدا‬
‫في تشكيل الرسائل واالستراتيجيات المستقبلية للمنظمة‪ .‬فحضارة المنظمة توفر صورة متكاملة‬
‫والتي تعكس القيم واالعتقادات حول أين كانت المنظمة في الماضي‪ ،‬وكيف كانت‪ ،‬وماهي اآلن‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وكيف ستكون في المستقبل‪.‬‬
‫ت‪ -‬الموارد البشرية‪ :‬إن عمل أي مؤسسة يتحدد بناءا على وجود الموارد البشرية‪ ،‬وأصبحت تعد‬
‫الركيزة األساسية وحلقة الوصل بين مختلف اإلدارات واألقسام والوحدات اإلدارية والتقنية والفنية‬
‫والخدمية والبحثية في المؤسسة التي تهتم بالمتابعة واالشراف وتنظيم العمل إداريا لضمان تقديم‬
‫أفضل الخدمات للمستفيدين‪ ،‬كما أن نشاطها يتعلق بتحديد احتياجات المؤسسة من القوى العاملة‬
‫وتوفيرها باألعداد واالختصاصات المطلوبة مع االستفادة من هذه الثروة البشرية بأعلى كفاءة‬
‫ممكنة في ميادين العمل المختلفة في المؤسسة‪ ،‬واذا كانت المؤسسة تمتلك موارد بشرية ذات‬
‫‪3‬‬
‫مهارة وكفاءة عاليتين فإنها تستطيع وضع استراتيجيات مناسبة في ضوء األهداف االستراتيجية‪.‬‬
‫ث‪ -‬الموارد المالية والمادية‪ :‬يتوافر لدى أي مؤسسة قدر ما من البيانات والمعلومات عن أموالها أو‬
‫ما يعرف بميزانية المؤسسة بالقدر الذي يرضي اإلدارة العليا‪ ،‬ويتطلب نظام التخطيط‬
‫االستراتيجي تجميع ودراسة أكبر قدر من البيانات عن الجوانب المالية من الموازنات التقديرية‬
‫والتقارير المالية والحسابات الختامية وغيرها من المصادر المهمة‪ ،‬كما أنه كلما توفر التمويل‬
‫الالزم وتعددت مصادره وقنواته أصبحت المؤسسات أكثر قوة لتستطيع التوسع في تقديم خدماتها‬
‫واالرتقاء بمستوى أداء برامجها من حيث الكم والكيف نحو األفضل وتتطور أنشطتها لتخدم أكثر‬
‫عدد ممكن من المستفيدين‪ .‬أما الموارد المادية فهي أبنية المؤسسة واألجهزة التقنية والمرافق‬
‫الخدمية واألثاث المكتبي‪ ،‬فهي تتضمن موقع المبنى وتصميمه المعماري ومساحته وورش‬
‫الصيانة والمعامل الفنية واألجهزة والمعدات ومكاتب اإلدارات والخدمات والمكتبة العلمية‬
‫وقاعات الندوات واالجتماعات ومساحات الحدائق الخضراء وقاعات للمطاعم والكافتيريا ومكاتب‬
‫‪4‬‬
‫الطباعة والنسخ‪ ....‬الخ‬
‫‪ .4‬أهمية تحليل البيئة الداخلية‪ :‬إن دراسة البيئة الداخلية يساعد المنظمة لتبيان نقاط القوة من أجل‬
‫تعزيزها ونقاط الضعف من أجل معالجتها‪ ،‬ومن خالل النقاط التالية سنوضح أهمية تحليل البيئة‬
‫‪5‬‬
‫الداخلية‪:‬‬
‫‪ )1‬المساهمة في تقييم اإلمكانيات المادية والبشرية‪.‬‬
‫‪ )2‬اكتشاف نقاط القوة وبالتالي تصحيحها وتقويمها بسهولة‪.‬‬

‫‪ 1‬طاهر محمود الكاللدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33.‬‬


‫‪ 2‬إسماعيل محمد السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.75.‬‬
‫‪ 3‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.215.‬‬
‫‪ 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.218 .‬‬
‫‪ 5‬الطيب الدوادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.42.‬‬
‫‪90‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ )3‬معرفة نقاط الضعف‪.‬‬


‫‪ )4‬معرفة مدى كفاءة البناء التنظيمي الخاص بها ومدى قوة العالقات بين األفراد وتماسك‬
‫جماعات العمل والحرص على مؤسستهم‪.‬‬
‫‪ )5‬معرفة مدى توافر األفراد العاملين بها وقدراتهم ومهاراتهم الفنية‪.‬‬
‫‪ )6‬إمكانية التوسع الرأسي واألفقي‪ ...‬الخ‬
‫وبالتالي فإن تحليل البيئة الداخلية للمنظمة يهدف إلى تحديد جوانب القوة والضعف وهو أمر الزم‬
‫لتحديد الفرص التي يمكن أن تستغلها المنظمة‪ ،‬وكذا التهديدات وكيفية مواجهتها‪ ،‬وأن تحديد نقاط القوة‬
‫‪1‬‬
‫والضعف يساعد على تنمية عدد من االستراتيجيات البديلة الستغالل الفرص البيئية أو تجنب التهديدات‪.‬‬
‫ثانيا تحليل البيئة الخارجية للمنظمة‪:‬‬
‫يتضمن تحليل البيئة الخارجية للمنظمة مراحل يتم فيها جمع البيانات والمعلومات ثم تحليلها وتقييمها‪.‬‬
‫وسنتطرق إلى تعريف البيئة الخارجية‪ ،‬متغيرات البيئة الخارجية‪ ،‬أهمية تحليل البيئة الخارجية‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف البيئة الخارجية‪ :‬ويقصد بها مجموعة العوامل التي تحيط وتؤثر بشكل أو بآخر على‬
‫المنظمة واستراتيجيتها وتتمثل هذه العوامل في المتغيرات السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫الطبيعية‪ ،‬التكنولوجية والثقافية ‪..‬وغيرها‪.‬‬
‫كما تعرف البيئة الخارجية على أنها جميع الحاالت والظروف والمؤثرات التي تجري وتدور في‬
‫محيط المؤسسة ولها تأثير على مستويات نموها وتطورها وكذاك على أنظمتها وأنشطتها الداخلية‪ ،‬كما‬
‫أنها تشمل حياة المؤسسة في الخارج‪ ،‬وبما أن هذه الحياة غير ثابتة بل متحركة باستمرار ومتفاعلة بشكل‬
‫دائ م مع عناصرها وظروفها‪ ،‬فانه يتطلب من اإلدارة العليا في المؤسسة وفريق التخطيط االستراتيجي‬
‫ومدراء الوحدات اإلدارية االرتقاء بمستوى تفكيرهم وأن يعتمدوا في عملهم على المنهج واالبداع بحيث‬
‫ينسجم مع ديناميكية البيئة وحيويتها ونشاطها‪ ،‬والتي تتصف بالمتغيرات‪ ،‬كما يتطلب منهم السيطرة‬
‫‪3‬‬
‫واالحتواء من خالل اتخاذ قرارات صائبة ذات نتائج مثمرة وملموسة‪.‬‬
‫وعليه فإ ن البيئة الخارجية تتمثل في تلك المتغيرات التي تنشأ وتتغير خارج المنظمة والتي تؤدي إلى‬
‫تغيير حتمي في مسار المنظمة وبالتالي تؤثر في المنظمة‪ ،‬إال أن المنظمة ال يمكنها أن تؤثر فيها‪ .‬وعليه‬
‫فانه ينبغي على المنظمة دراسة ومتابعة هذه المتغيرات باستمرار‪ .‬ويمكن القول أن نجاح المنظمات أو‬
‫فشلها يتوقف إلى حد كبير على قدرتها في خلق درجة عالية من التوائم بين أنشطتها وبين البيئة التي تعمل‬
‫‪4‬‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ .2‬متغيرات البيئة الخارجية‪ :‬تعرف البيئة الخارجية على أنها بيئة الفرص والتهديدات وتشتمل البيئة‬
‫الخارجية على المتغيرات التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬المتغيرات االقتصادية‪ :‬وتشمل العديد من العناصر كالدخل القومي‪ ،‬معدل الفائدة‪ ،‬الناتج القومي‪،‬‬
‫متوسط دخل الفرد‪ ،‬نسبة البطالة‪ ،‬السياسة الجمركية‪ ،‬درجة النمو‪ ،‬الضرائب‪ ...‬وغيرها‪.‬‬

‫‪ 1‬إسماعيل محمد السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.168.‬‬


‫‪ 2‬الطيب الدوادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39.‬‬
‫‪ 3‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.233 .‬‬
‫‪ 4‬اسماعيل محمد السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111.‬‬
‫‪91‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫فالمنظمة تسعى إلى تحقيق أهدافها االقتصادية في ظل المحيط التنافسي‪ ،‬ولذلك فهي تقوم بتحليل‬
‫‪1‬‬
‫العوامل االقتصادية لمعرفة نقاط القوة والضعف لديها‪.‬‬
‫‪ )2‬المتغيرات االجتماعية‪ :‬وتشمل العادات والتقاليد‪ ،‬اللغة‪ ،‬نسبة األمية‪ ،‬معدالت النمو السكاني‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫توزيع السكان على المناطق الجغرافية‪ ،‬دور المرأة في المجتمع ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫‪ )3‬المتغيرات الفنية أو التكنولوجية‪ :‬فالتغير السريع الذي يحدث في التكنولوجيا يؤدي إلى صعوبة‬
‫التنبؤ بالخطر الحقيقي الذي يمكن أن تواجهه المنظمة‪ ،‬وبالتالي عليها المتابعة وبصفة مستمرة أي‬
‫تطور فني يحدث‪ .‬مثال عندما نزلت األقالم الجافة للسوق لكي تحل محل أقالم الحبر لم تتوقع‬
‫‪3‬‬
‫الشركات المنتجة ألقالم الحبر أن األقالم الجديدة سوف تشكل تهديدا أو خطرا عليها في السوق‪.‬‬
‫‪ )4‬المتغيرات السياسية والقانونية‪ :‬وتتمثل في درجة االستقرار السياسي‪ ،‬درجة التدخل الحكومي‬
‫في ميدان األعمال‪ ،‬األحزاب‪ ،‬القوانين السائدة‪ ،‬النقابات واالتحادات ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫‪ )5‬المتغيرات الدولية‪ :‬ومنها التكتالت الدولية االقتصادية‪ ،‬األحالف العسكرية‪ ،‬التجمعات االقتصادية‬
‫‪ ...‬الخ‪ .‬ويمكن القول إن مثل هذه القوى ال تؤثر بطريقة مباشرة على نشاطات المنظمة في المدى‬
‫‪4‬‬
‫المنظور‪ ،‬ولكن يمكن أن تؤثر على القرارات ذات المدى الطويل وعلى إستراتيجية المنظمة‪.‬‬
‫‪ .3‬أهمية تحليل البيئة الخارجية‪ :‬لتحليل البيئة الخارجية أهمية كبيرة نظرا ألن تأثير البيئة يختلف من‬
‫منظمة ألخرى‪ .‬وتتمثل أهمية تحليل البيئة الخارجية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬توفير المعلومات‪ :‬فعلى اإلدارة اإلستراتيجية تحليلها وتمحيصها‪ ،‬ألنه على ضوء هذه المعلومات‬
‫تتمكن من التحكم في العديد من األنشطة وتوجيهها حسب تلك المعلومات‪ ،‬كما أنه من الضروري‬
‫‪5‬‬
‫التأكد من صحة المعلومات الواردة ألن األخطاء الواردة غير مسموح بها‪.‬‬
‫‪ ‬في صياغة األهداف‪ :‬إن دراسة وتحليل البيئة الخارجية يساعد على وضع أو تعديل األهداف‬
‫والتي تسعى المنظمة لتحقيقها‪ .‬كما أنه يساعد في جعلها أهداف واقعية وعملية طالما صممت‬
‫‪6‬‬
‫ونفذت على ضوء استشراف متغيرات مستقبلية‪.‬‬
‫‪ ‬صياغة إستراتيجية الموارد‪ :‬حيث أن فهم المتغيرات البيئية المختلفة يساعد في بيان الموارد‬
‫المتاحة (مواد أولية‪ ،‬رأسمال‪ ،‬تكنولوجيا‪ ،‬أفراد‪ ...‬الخ) وبالتالي كيفية االستفادة منها‪.‬‬
‫‪ ‬النطاق والمجال المتاح أمام المنظمة‪ :‬يساهم تحليل البيئة الخارجية في تحديد نطاق السوق‬
‫المرتقب ومجال المعامالت المتاحة أمامها (السلع‪ ،‬الخدمات‪ ،‬طرق التوزيع ومنافذه وأساليب‬
‫وشروط الدفع وتحديد أسعار وخصائص المنتجات المسموح بها‪ ،‬القيود المفروضة من قبل‬
‫الجهات القانونية والتشريعية ‪ ...‬الخ) كما أنه يساعد في توضيح عالقة المنظمة بالمنظمات‬
‫األخرى (سواء كانت تمدها بالمنتجات أو تستقبل منها أو تعاونها في عملياتها ونشاطاتها)‪.‬‬
‫‪ ‬إن تحليل البيئة الخارجية يساهم في تحديد سمات المجتمع والجماهير التي تتعامل معها المنظمة‬
‫من خالل القيم السائدة‪ ،‬وأيها يحظى باألولوية وكذا أنماط السلوك اإلنتاجي واالستهالكي لألفراد‬
‫والمجتمعات‪.‬‬
‫‪1Alain‬‬ ‫‪Charles Martinet , Management Stratégique (Organisation et Politique) (paris, France : édisience,‬‬
‫‪1994), p. 34.‬‬
‫‪ 2‬طاهر محمود الكاللدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.32.‬‬
‫‪ 3‬إسماعيل محمد السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.123.‬‬
‫‪ 4‬طاهر محمود الكاللدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.32.‬‬
‫‪ 5‬الطيب الدوادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41.‬‬
‫‪ 6‬احمد سيد مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.121.‬‬
‫‪92‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬إن تحليل البيئة الخارجية يساهم في صياغة رسالة المنظمة ومجال عملها كما أنه يبين الفرص‬
‫‪1‬‬
‫التي يمكن اقتناصها وكذا المخاطر والمعوقات الواجب تجنبها‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد تحليل البيئة الخارجية المنظمة على تصميم االفتراضات الالزمة للتنبؤ بحجم الطلب‬
‫‪2‬‬
‫وتوزيعه جغرافيا أو زمنيا‪ ،‬وبتوجهات المنافسين والمشرعين والسياسيين‪.‬‬
‫إن دراسة البيئة المحيطة بالمؤسسة تعد من أولويات التخطيط االستراتيجي إذ تقدم لإلدارة العليا‬
‫واإلدارات األخرى بعدا علميا يسهم في تجاوز المعوقات والمشاكل ويوفر فرصة لالستعداد لتطوير آليات‬
‫عمل جديدة تساعدها في التصدي لكل المتغيرات البيئية المحيطة‪ ،‬حيث أن البيئة الخارجية ال بد أن تكون‬
‫موضع اهتمام اإلدارات العليا والوسطى والتنفيذية في المؤسسات العامة‪ .‬فللبيئة أهمية كبيرة ألنها قد تقدم‬
‫فرصا ذهبية للمؤسسة وأنه عند استثمارها لهذه الفرص تستطيع أن تحقق أهدافها بنجاح وبصورة سريعة‬
‫وتتفوق على منافسيها‪ ،‬أوقد تشكل تهديدا على مسيرة المؤسسة وقد تبرز مشاكل تحول دون تطورها‬
‫‪3‬‬
‫ولذلك ينبغي جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن البيئة‪.‬‬
‫مما سبق ف إن لتحليل البيئتين الداخلية والخارجية أهمية بالغة لرسم أي إستراتيجية للمنظمة‪ ،‬فالتحليل‬
‫الجيد للبيئة الداخلية يبين عدة نقاط أساسية تعتمدها المنظمة لصياغة إستراتيجيتها كنقاط القوة ونقاط‬
‫الضعف ‪ ،‬وبذلك تساهم في تحديد بعض األهداف‪ ،‬فتبرز مدى فعالية األنشطة ومدى تكاملية الهيكل‬
‫‪4‬‬
‫التنظيمية‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬تحديد البدائل اإلستراتيجية‬
‫وتعتبر المرحلة الرابعة من مراحل التخطيط االستراتيجي إذ أن تحديد البدائل اإلستراتيجية التي يمكن‬
‫‪5‬‬
‫أن تتبعها المنظمة يتوقف على نتائج تحليل البيئة الخارجية والبيئة الداخلية للمنظمة‪.‬‬
‫أوال تعريف البدائل االستراتيجية‪:‬‬
‫تعرف البدائل االستراتجية بأنها مسارات العمل‪ ،‬فهي صيغ تمثل االستراتيجيات الرئيسية في مجال‬
‫العمل الذي تختاره المؤسسة‪ ،‬حيث أنه بعد قيام المؤسسة بتحليل بيئتها الداخلية من خالل دراسة وتحليل‬
‫مكونات األداء الداخلي للمؤسسة لتحديد مجاالت القوة والضعف فيها‪ ،‬ثم دراسة وتحليل بيئتها الخارجية‬
‫العامة والخاصة المحيطة بها لمعرفة وتشخيص الفرص والتهديدات التي تواجهها في ميدان عملها‪،‬‬
‫والهدف من ذلك التحليل هو الوصول الى عدد من االستراتيجيات البديلة والتي تتناسب مع ظروف‬
‫‪6‬‬
‫وإمكانات المؤسسة‪.‬‬
‫ينبغي على االستراتيجيين التوصل إلى مجموعة معقولة من االستراتيجيات البديلة الجذابة‪ ،‬كما ينبغي‬
‫تحديد المزايا والعيوب والتكلفة والمنفعة المرتبطة بكل استراتيجية من هذه االستراتيجيات البديلة‪ .‬ويجب‬
‫أن تشمل عملية تعريف االستراتيجيات البديلة وتقييمها العديد من المديرين والعاملين الذين اشتركوا في‬
‫وضع رسالة المنظمة وفي عملية تحليل البيئتين الداخلية والخارجية‪ ،‬فيجب أن يكون هناك ممثلين عن كل‬
‫إدارة أو قسم في المنظمة في عملية تحديد االستراتيجيات البديلة‪ ،‬تماما كما حدث في أنشطة وضع‬
‫اإلستراتيجية‪ .‬ثم يتم جمع هذه االستراتيجيات البديلة التي اقترحها المشاركين وتناقش في اجتماع أو في‬

‫‪ 1‬الطيب الدوادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41.‬‬


‫‪ 2‬أحمد سيد مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.121.‬‬
‫‪ 3‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.236 .‬‬
‫‪ 4‬الطيب الدوادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.44.‬‬
‫‪ 5‬إسماعيل محمد السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.233.‬‬
‫‪ 6‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.278 .‬‬
‫‪93‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫سلسلة اجتماعات‪ ،‬على أن تكون هذه البدائل في صورة مكتوبة‪ ،‬وبعد دراسة كل االستراتيجيات‬
‫‪1‬‬
‫المقترحة‪ ،‬يتم ترتيبها وفقا لجاذبيتها من وجهة نظر كل المشاركين‪ ،‬والترتيب يكون على الشكل التالي‪:‬‬
‫الترتيب األول (‪ :)1‬ينبغي عدم تطبيقها‪.‬‬
‫الترتيب الثاني (‪ :)2‬محتمل تطبيقها‪.‬‬
‫الترتيب الثالث (‪ :)3‬غالبا البد من تطبيقها‪.‬‬
‫الترتيب الرابع (‪ :)4‬مؤكد البد من تطبيقها‪.‬‬
‫وعن هذه العملية تنتج قائمة من االستراتيجيات التي تعكس حكمة وفطنة وحنكة المجموعة‪.‬‬
‫ثانيا البدائل االستراتيجية المتاحة أمام المنظمة‪:‬‬
‫بما أنه يوجد لدى اإلدارة العليا عدد من البدائل اإلستراتيجية فإن عليها أن تختار منها ما يتالءم مع‬
‫ظروفها‪ .‬وقد وضع الباحثين العديد من البدائل اإلستراتيجية المتاحة أمام المنظمة سنتعرض إلى أهمها فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إستراتيجية التبلور التدريجي‪ :‬إن هذه اإلستراتيجية تعكس منهجا يقوم في مرحلة أولى منه على‬
‫التجريب‪ ،‬فال تتبلور منه إستراتيجية كلية إال من خالل تراكم خبرات وممارسات عالج مشكالت‬
‫هنا أوهناك‪ ،‬وتصحيح أنظمة في هذه المنظمة أو تلك‪ ،‬وتغيير ممارسات هذا القطاع الحكومي أو‬
‫ذاك‪ .‬وتعتبر هذه اإلستراتيجية أقرب إلى منهج المحاولة والخطأ منها إلى التجريب المخطط‪ ،‬إذ‬
‫أنها تمثل في أفضل حاالتها المنهج االستطالعي الذي يحاول استكشاف المسارات األفضل أو‬
‫األكثر مناسبة لبناء أنظمة إدارية أو للتغيير أو اإلصالح‪ .‬وتعتبر إستراتيجية التبلور التدريجي‬
‫غير ناضجة أو غير واضحة االتجاه‪ ،‬على األقل في المرحلة التي تتم فيها عمليات اإلصالح‬
‫والتطوير باالعتماد على المحاولة والخطأ‪ ،‬واالستطالع الصرف‪ .‬إذ أن ما يتم بناؤه من أنظمة‬
‫وما يتم تشكيله من كوادر وظيفية في المرحلة األولى هو بالقدر الذي يمكن المنظمة من اجتياز‬
‫مرحلة الميالد واكتساب الوجود الفعلي‪ .‬وبعد هذه المرحلة‪ ،‬تتضح أبعاد الوظائف واألدوار التي‬
‫تقوم بها المنظمة‪ ،‬وبالتالي يتم تعديل وتغيير األنظمة التي سارت عليها خالل المرحلة األولى‪،‬‬
‫واستكمال مالم يتم بناؤه ووضعه منها‪ .‬وهكذا تتراكم التعديالت هنا وهناك‪ ،‬ويصدر منها ما ينسخ‬
‫‪2‬‬
‫سابقه‪ ،‬حتى يتراكم في النهاية ما يشكل منهجا للتغيير واإلصالح‪.‬‬
‫‪ -2‬إستراتيجية رد الفعل‪ :‬وهي اإلستراتيجية التي تقوم على مواجهة المشكالت التي تعاني منها‬
‫المنظمات الحكومية بعد حدوثها وتراكم آثارها بالدرجة التي ال تسمح بتأجيل المواجهة والمعالجة‪.‬‬
‫وتعتبر هذه اإلستراتيجية تقليدية محافظة ألنها تحاول قدر اإلمكان تفادي هز وخلخلة االستقرار‬
‫الظاهري الذي يسود الهياكل واألنظمة والممارسات‪ .‬إال حينما تتفاقم المشكالت‪ ،‬فيصبح التغيير ال‬
‫بديل عنه‪ .‬وألن منهج هذه اإلستراتيجية يقوم على ردود األفعال‪ ،‬فان جهود اإلصالح اإلداري في‬
‫عالقتها ببيئة عمل المنظمات المستهدفة باإلصالح ال تسعى إلى أكثر من مالئمة نظم وممارسات‬
‫المنظمات المستهدفة باإلصالح لبعض أوضاع وظروف هذه البيئة‪ .‬وفي حقيقة األمر فان‬
‫إستراتيجية رد الفعل ال تسعى إلى إحداث تغيير في عناصر البيئة‪ ،‬أو السيطرة عليها لتوجه‬

‫‪ 1‬نادية العارف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.236.‬‬


‫‪ 2‬أحمد صقر عاشور‪ ،‬إصالح اإلدارة الحكومية آفاق استراتيجية لإلصالح اإلداري والتنمية اإلدارية العربية في مواجهة التحديات العالمية‬
‫(القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،)1995 ،‬ص‪.34.‬‬
‫‪94‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫مسارها‪ ،‬وإنما تكتفي بمجرد االستجابة لضغوطها وتغيراتها‪ .‬وتمثل هذه اإلستراتيجية الحد األدنى‬
‫‪1‬‬
‫الالزم لمواجهة ظواهر التفسخ اإلداري وانهيار األداء‪.‬‬
‫‪ -3‬إستراتيجية المبادأة واإلبداع المخطط‪ :‬وتعتبر هذه اإلستراتيجية هجومية مبادئة‪ ،‬باعتبار أن‬
‫توجهها مستقبلي إذ أنها تستهدف تنمية األداء وزيادة فعاليته وذلك ليس بسبب ضغوط تنبع من‬
‫مشكالت قائمة‪ ،‬وإنما من منطلق اإلبداع واالبتكار والتخطيط المسبق‪ .‬وفق هذه اإلستراتيجية ال‬
‫تؤخذ عناصر البيئة على أنها معطيات أو متغيرات مستقلة‪ .‬بل يتم البحث والتنقيب عن فرص‬
‫تطويع وتغيير البيئة التي تعمل فيها المنظمات المستهدفة باإلصالح‪ .‬ووفق هذه اإلستراتيجية ال‬
‫يقف اإلصالح اإلداري عند الحدود التقليدية الشائعة لتغيير وتطويع أنظمة وممارسات األجهزة‬
‫الحكومية‪ ،‬بل يمتد ليمتزج ببرامج إصالحية أخرى تستهدف تغيير هياكل وأوضاع اجتماعية أو‬
‫سياسية أو اقتصادية‪ ،‬إذ تقوم بين برامج اإلصالح اإلداري والتنمية االجتماعية والسياسية‬
‫واالقتصادية عالقة جدلية وتفاعل متبادل‪ .‬وعليه تكون جهود تطوير الهياكل واألنظمة‬
‫والممارسات اإلدارية متداخلة ومتفاعلة مع عوامل السياق البيئية تتلقى تأثيرها في جانب ولكنها‬
‫‪2‬‬
‫تؤثر وتطوع فيها في جانب آخر‪.‬‬
‫وبعد دراسة البدائل اإلستراتيجية وتقييم مميزات وعيوب كل منها يصبح من الالزم اختيار بديل معين‬
‫حتى يتم تنفيذه‪ .‬والختيار أفضل إستراتيجية من بين البدائل المتاحة يجب األخذ في عين االعتبار المعايير‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ _1‬قدرة اإلستراتيجية على التعامل مع العوامل اإلستراتيجية من خالل تحليل ‪* SWOT‬‬
‫وهي تقنية تعود إلى ألبرت هامفري ‪ Albert Humphrey‬من أجل تقييم نقاط القوة والضعف‪ ،‬الفرص‬
‫والتهديدات في المنظمة والكتشاف العوامل الداخلية والخارجية إن كانت مالئمة أو غير مالئمة من أجل‬
‫‪3‬‬
‫تحقيق أهدافها‪.‬‬
‫فإ ن لم تتمكن اإلستراتيجية البديلة من االستفادة من الفرص المتاحة في البيئة ومن مجاالت القوة التي‬
‫تتمتع بها المنظمة‪ ،‬وكذا تجنب التهديدات البيئية وتقليل ومعالجة مجاالت الضعف بالمنظمة فبطبيعة الحال‬
‫ستكون إستراتيجية فاشلة‪.‬‬
‫‪ _2‬قدرة اإلستراتيجية على مقابلة ما تم االتفاق عليه من أهداف ومن ثم انجازها بأقل الموارد وأقل اآلثار‬
‫‪4‬‬
‫السلبية‪.‬‬
‫تتبع معظم المنظمات تلك االستراتيجيات المذكورة‪ ،‬كما أن هناك إمكانية وجود استراتيجيات أخرى‬
‫تختارها المنظمات ويعود ذلك تبعا لوضعيتها ومحيطها االقتصادي والتكنولوجي ‪...‬الخ‪ ،‬وكذا ارتباطها‬
‫بأهدافها وغاياتها العامة وبطبيعة الحال إمكاناتها المادية والمالية والبشرية‪.‬‬
‫ثالثا المعايير األساسية لنجاح الخيارات االستراتيجية‪:‬‬
‫إن عملية االختيار االستراتيجي تتم بعد تقييم البدائل االستراتيجية والتعرف من خالل استخدام أدوات‬
‫التحليل المخ تلفة على قيمة كل بديل استراتيجي على مستوى المؤسسة‪ ،‬ويتم اختيار بديل أو أكثر من قبل‬

‫‪ 1‬أحمد صقر عاشور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36.‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.38.‬‬
‫*‪ : SWOT‬هي كلمة مركبة من الحروف التي معناها‪ Weaknes :‬عوامل الضعف‪ Strengts ،‬عوامل القوة ‪ Threats ،‬التهديدات‪،‬‬
‫‪ Opportunities‬الفرص المتاحة‬
‫‪3 Wikipedia،" SWOT analysis", Retrieved on: 23/10/2016 http://en.wikipedia.org/wiki/SWOT_analysis‬‬

‫‪ 4‬ثابت عبد الرحمان إدريس وجمال الدين محمد مرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.340 .‬‬
‫‪95‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫اإلدارة العليا بالمؤسسة بالتعاون مع اإلدارات األخرى وفريق التخطيط االستراتيجي بالمؤسسة‪ ،‬ومن أهم‬
‫‪1‬‬
‫المعايير التي تؤدي إلى تسهيل عملية االختيار االستراتيجي ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تمسك المؤسسة باالستراتيجيات السابقة والحالية‪ :‬إن االستراتيجيات الجديدة ال تأتي من‬
‫فراغ وال بد أن تستند إلى خلفية من االستراتيجيات الماضية أو الحالية‪ ،‬فالعديد من األبحاث‬
‫تشير إلى أن معظم المؤسسات تتمسك باالستراتيجيات السابقة والحالية وتتفاخر باعتمادها في‬
‫منهجيتها إذا تحققت النجاحات‪ ،‬أما في حالة الفشل فان المؤسسة تحاول خلق مسوغات لذلك‬
‫من دون االعتراف بفشل تلك االستراتيجيات‪ .‬كما أن االستمرار في االعتماد على‬
‫االستراتيجيات السابقة أو الحالية فقط قد يقلل من فرص قيام المؤسسة بالتغيير المطلوب‬
‫للتكيف مع البيئة المحيطة‪.‬‬
‫‪ .2‬القدرة على المخاطرة‪ :‬إن معيار المخاطرة يعد من المعايير الموضوعية المهمة للخيارات‬
‫االستراتيجية‪ ،‬فالمؤسسة عند وضعها لعدد من االستراتيجيات ال بد من أن تأخذ في حساباتها‬
‫درجة معينة من المخاطرة‪ ،‬وبدونها ال تستطيع المؤسسة مواجهة المستقبل‪ ،‬فكلما كانت ميول‬
‫اإلدارة العليا في المؤسسة تتجه نحو المخاطر العالية كلما كانت االستراتيجيات التي يتم‬
‫اختيارها تتسم بالهجومية وتسعى لكسب التنافسية‪ ،‬أما إذا كانت المخاطر محدودة فان اإلدارة‬
‫العليا تتجه لتبني االستراتيجيات الدفاعية فقط‪.‬‬
‫‪ .3‬الموارد واإلمكانات المتاحة للمؤسسة‪ :‬بحيث أنه كلما توفرت الموارد واإلمكانات المناسبة‬
‫للمؤسسة كلما أصبحت قادرة على تطبيق االستراتيجية التي تراها مناسبة‪ ،‬ومن أهم هذه‬
‫الموارد واإلمكانات تتمثل فيما يلي‪2:‬‬

‫أ‪ -‬الموارد البشرية‪ :‬إن توفر الموارد البشرية الماهرة ذات القدرة العالية في جميع المجاالت‬
‫الوظيفية واالختصاصات العلمية التي لها عالقة مباشرة باالستراتيجيات الجديدة يساهم‬
‫في نجاح تلك االستراتيجيات‪.‬‬
‫ب‪ -‬الموارد المالية‪ :‬فالمهمة األساسية لإلدارة العليا في المؤسسة هي توفير األموال الالزمة‬
‫لإلنفاق على االستراتيجية من خالل دراسة التدفقات النقدية الداخلة‪ ،‬مدى إمكانية زيادة‬
‫تخصيصات الميزانية‪ ،‬مدى توفر الدعم المالي من الحكومة وغيرها‪.‬‬
‫ت‪ -‬التسهيالت المادية‪ :‬فاإلدارة العليا عليها أن تقوم بدراسة المباني والتجهيزات والمعدات‪،‬‬
‫األراضي المخصصة‪ ،‬المختبرات العلمية والمعامل وورش الصيانة‪.‬‬
‫‪ .4‬ثقافة المؤسسة‪ :‬إن قيم وتقاليد العاملين في المؤسسة تؤثر في مدى جاذبية خيارات‬
‫استراتيجية معينة‪ ،‬وتتضاءل فرصة نجاح االستراتيجية إذا تعارضت مع ثقافة المؤسسة‪ ،‬مما‬
‫يؤدي الى تكاسل العاملين في العمل واإلحباط في أداء الواجبات‪ ،‬فمن الخطأ تجاهل ثقافة‬
‫المؤسسة إذا تعارضت مع االستراتيجية المقترحة ومن الصعوبة االستمرار في تطبيق‬
‫استراتيجية معينة دون االلتزام بتغيير ثقافة المؤسسة‪ ،‬كما أنه قد يؤدي تقيد المؤسسة‬
‫باالستراتيجيات التي تطابق تماما ثقافتها الى استبعاد خيارات استراتيجية مناسبة للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ .5‬اتجاهات ذوي النفوذ في المؤسسة‪ :‬تتميز اإلدارة العليا في المؤسسة بالنفوذ والقوة والقدرة‬
‫على ال تحكم في المناخ السائد في أي مؤسسة مما يؤثر على اختيار استراتيجية معينة من دون‬
‫غيرها‪ ،‬فعليها أن توازن بين رغبات وميول الكوادر الوظيفية وطموحات اإلدارة العليا‪.‬‬

‫‪ 1‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.282 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.285 .‬‬
‫‪96‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .6‬التوقيت المالئم لالستراتيجية‪ :‬يعتبر عامل الزمن عامال مهما في اختيار االستراتيجية ولذلك‬
‫يجب مراعاة الوقت المتاح لالختيار طويال لتكون لإلدارة الفرصة الكافية للدراسة والتقييم‬
‫والمفاضلة بين الخيارات المتاحة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي باإلدارة المحلية‬
‫يعتبر التخطيط في اإلدارة المحلية ضرورة من الضرورات والتي ال يتم االستغناء عنها‪ ،‬من أجل‬
‫النهوض بحياة المجتمعات في عصرنا الحاضر والقضاء على المشكالت التي تعوق مسيرتها التنموية‪.‬‬
‫ذلك على اعتبار أن التخطيط أسلوب علمي تنظيمي يستخدم فيه الذكاء العلمي في تسخير كل اإلمكانيات‬
‫والموارد المتاحة في المجتمع محليا ووطنيا‪ ،‬من أجل تحقيق أهداف محددة خالل فترة زمنية معينة في‬
‫‪1‬‬
‫مجال التنمية االقتصادية‪ ،‬االجتماعية وغيرها‪.‬‬
‫لقد كان ظهور التخطيط على المستوى المحلي ضرورة منشأها صعوبة التخطيط على المستوى‬
‫القومي من أجل معالجة مسائل محلية معينة يتميز بها كل مجتمع محلي عن األخر‪ ،‬كذلك عدم وجود‬
‫تجانس بين المجتمعات المحلية في الوطن الواحد‪ .‬لكن هذا ال يعني أن الخطة المحلية تنفصل عن الخطة‬
‫‪2‬‬
‫اإلقليمية أو القومية بل يجب أن تكون جزءا منها تتسق فيها الخدمات المحلية‪.‬‬
‫ويرتبط التخطيط المحلي بتنظيمات الحكم المحلي مثل المجالس المحلية‪ ،‬إذ يراعى فيه الظروف‬
‫واحتياجات البيئة المحلية المختلفة والمتنوعة‪ ،‬وكثيرا ما تستمد الخطط المحلية اتجاهاتها من الخطة العامة‬
‫للدولة مع مراعاة احتياجات وامكانيات وظروف هذا المجتمع المحلي‪ .‬وتقوم به أجهزة التخطيط المحلي‬
‫التي تتركز فيها سلطة اتخاذ القرارات الهامة‪ ،‬مما يتيح لها قدرا كبيرا من الحرية في توجيه الطاقات‬
‫وإدارة الموارد المحلية للمساهمة في تحقيق األهداف العامة للدولة من خالل تحقيق األهداف المحلية‪ .‬إذن‬
‫‪3‬‬
‫الخطط المحلية ما هي إال مراحل في طريق تحقيق الغايات التي يسعى لتحقيقها التخطيط العام‪.‬‬
‫وعليه فالتخطيط المحلي يتم على مستوى المجتمعات المحلية بغرض تنميتها باالستغالل األمثل‬
‫لمواردها المحلية واالستفادة من مشاركة السكان المحليين‪ .‬ومن أهم االعتبارات الواجب اتخاذها بعين‬
‫الحسبان بالنسبة للتخطيط المحلي هي مراعاته لالحتياجات المحلية واالعتماد في نفس الوقت قدر اإلمكان‬
‫على الموارد المتاحة محليا‪ ،‬وذلك في إطار االتجاهات واألفكار العامة للخطة الوطنية التي تضعها‬
‫‪4‬‬
‫الدولة‪.‬‬
‫وتعبر اإلدارة المحلية عن نظام إداري مصمم للعمل من أجل تحقيق مجموعة محددة من األهداف‪،‬‬
‫وفي سبيل ذلك يقبل مدخالت تتمثل في الموارد المتاحة‪ ،‬لتقوم بتحويلها إلى مخرجات والتي تقدم إلى سوق‬
‫الخدمات (خدمة عمومية‪ ،‬رضا المواطنين ‪...‬الخ)‪ .‬والشكل الموالي يبين ذلك‪:‬‬

‫‪ 1‬محمد خشمون‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية (دراسة ميدانية على مجالس بلديات والية قسنطينة)" (أطروحة دكتوراه علوم‪،‬‬
‫تخصص علم اجتماع التنمية‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،)2011/2010 ،‬ص‪.106 .‬‬
‫‪ 2‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬التخطيط للتنمية في الدول النامية (المكتب الجامعي الحديث‪ ،)2011 ،‬ص‪.103 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.104 .‬‬
‫‪ 4‬محمد خشمون‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية (دراسة ميدانية على مجالس بلديات والية قسنطينة)"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111 .‬‬
‫‪97‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل رقم (‪ :)06‬اإلدارة المحلية نظام العملية التحويلية‬

‫المخرجات‬
‫المدخالت‬
‫_ خدمات (تعليمية‪ ،‬صحية‪،‬‬ ‫_موارد بشرية‬
‫ثقافية‪...‬الخ)‬ ‫_ موارد مالية‬
‫_ طرق ومواصالت‬ ‫_قوانين وتشريعات‬
‫_ إسكان‬ ‫عمليات تشغيل‬ ‫_ موارد معلوماتية‬
‫_ أهداف سياسية‬ ‫وتحويل (أنشطة‬ ‫_ عادات وتقاليد‪ ،‬قيم‬
‫_ ممارسات ديمقراطية‬ ‫إدارية‪ ،‬أنشطة تقنية)‬ ‫وأعراف‬
‫_ فرز قيادات‬

‫تغذيـــــــة عكسيـــــة‬

‫المصدر‪ :‬محمد حاجي‪" ،‬إستراتيجية الجماعات المحلية لنظام التمويل – حالة البلدية الجزائرية " في مجلة العلوم االجتماعية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪( 16‬جوان‪ ،)2007‬ص ‪.78.‬‬

‫وبالتالي فإن التكامل بين عناصر النظام المتداخلة تمكن من الكشف على جميع االختالالت واالنحرافات‬
‫ومن ثم إعادة النظر لتصحيح الخلل‪ ،‬فحدوث تغير في عنصر من النظام سواء من حيث الكم أو الكيف‬
‫يؤدي إلى خضوع العناصر األخرى لضغوط والتي بدورها تؤدي إلى أن يغير النظام من سلوكه‪ ،‬وإما أن‬
‫يعاد العنصر المتمرد إلى وضعه السابق إن أمكن‪ .‬ومن بين العوامل البيئية المؤثرة في نظم اإلدارة‬
‫المحلية والتي تعتبر كمدخالت لها‪ :‬العوامل االجتماعية والسياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬الجغرافية والمكانية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫السكانية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬التاريخية‪.‬‬
‫إن التخطيط ضروري على مختلف المستويات إال أنه أكثر أهمية على المستوى المحلي وذلك‬
‫‪2‬‬
‫لعدة أسباب أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬اختالف الخصائص االجتماعية من منطقة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر‪ ،‬وبالتالي نحتاج‬
‫التخطيط لمعرفة معلومات تفصيلية عن تلك المناطق والتي تتأثر بالخطط الموضوعة‪ ،‬فمن‬
‫الصعب الحصول على معلومات من المستويات العليا (الدولة كلها)‪ ،‬فيستعاض بمعلومات على‬
‫مستوى المنطقة لكي يلم كوادر عملية التخطيط بكل ما يتصل بالمنطقة المحلية‪.‬‬
‫‪ .2‬يمكن في المستوى المحلي تنفيذ تلك المشروعات وتحديد المشكالت المصاحبة لها‪ ،‬كما تتضمن‬
‫تضافر جهود كل األطراف لنجاح المشروعات‪.‬‬
‫‪ .3‬تشتمل عملية التخطيط في مضمونها على عنصر المشاركة المجتمعية‪ ،‬وتتجلى المشاركة المحلية‬
‫في عملية الحصول على المعلومات عن المنطقة المراد تنميتها وكذا في جميع عمليات التخطيط‬
‫والتنفيذ‪.‬‬
‫‪ .4‬يمثل عامل الزمن أهمية قصوى في عملية التنمية فال يمكن اللحاق بركب النمو والحضارة إال‬
‫باختصار الزمن والتحكم فيه طبقا لما تسمح به الموارد المالية والبشرية المتاحة لتحقيق األهداف‬
‫المرجوة في أقصر وقت ممكن‪ ،‬فالتخطيط للتنمية المحلية يسمح باستثمار جيد لعنصر الزمن‪.‬‬

‫‪1‬محمد حاجي‪" ،‬إستراتيجية الجماعات المحلية لنظام التمويل – حالة البلدية الجزائرية " في مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد ‪( 16‬جوان ‪ ،)2007‬ص‪.79 .‬‬
‫‪ 2‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.168 .167.‬‬
‫‪98‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .5‬يساهم التخطيط المحلي في التقليل من فرص عدم التأكد من الوصول إلى نتائج فعالة‪ ،‬ففي ظل‬
‫غياب التخطيط يكون التنفيذيون غير متأكدين مما يجب فعله‪ ،‬مما يتيح لكل شخص أن يضع أهدافه‬
‫الشخصية كأهداف للمجتمع أو المنظمة التي يعمل فيها‪ ،‬فالتخطيط للتنمية المحلية يعمل على خلق‬
‫رؤية مجتمعية لالحتياجات والمشكالت‪.‬‬
‫‪ .6‬يقدم لنا التخطيط المحلي الوسائل العلمية لحل المشكالت وطرق صنع القرار‪ ،‬فهو يكشف كل‬
‫الوسائل والغايات المستهدفة‪ ،‬كما يعطي لكل من المسؤولين والتنفيذيين فرصة المراقبة الجيدة على‬
‫البرامج والمشروعات من خالل األهداف المحددة التي تمت الموافقة عليها والتصديق عليها‪.‬‬
‫‪ .7‬يعزز التخطيط المحلي المشاركة في صنع القرار والمشاركة من طرف السياسيين والتنفيذيين‬
‫وكذا الجمهور عندما يعبرون عن طلباتهم ويرفعونها للمسؤولين‪ ،‬إذن فان المشاركة هي نتيجة‬
‫منطقية للتخطيط‪ ،‬فتوضيح عملية صنع القرار وكشف الوسائل والغايات المقصودة واألولويات‬
‫المفروضة فان البدائل المتاحة والمناسبة تصبح مقبولة وقابلة للتنفيذ‪ ،‬كما يتيح التخطيط المحلي‬
‫فرص دراسة البدائل وما يستلزمه من مساهمة األفراد لتوفير المعلومات المطلوبة‪.‬‬
‫‪ .8‬ومن مميزاته كذلك أنه يساعد البلديات على استخدام المنطق العلمي في تحليل الموارد المختلفة‬
‫والسبل المثلى الستغاللها ويشجع على االبتكار واإلبداع في استغالل الموارد المتاحة بشكل مستدام‪،‬‬
‫كما أنه يعمل على تنظيم الجهود المبذولة من قبل المؤسسات المختلفة في إطار تحقيق التنمية الشاملة‬
‫والمستدامة ويزيد من دافعية المؤسسات وأفراد المجتمع في عملية تقبل وتنفيذ الخطط‪ ،‬كذلك يسهل‬
‫عملية التواصل بين مؤسسات المجتمع لخدمة المصلحة العامة ويمكن البلديات على التكيف مع‬
‫‪1‬‬
‫المتغيرات‪.‬‬
‫كما يسمح التخطيط المحلي بتحديد المشكالت المحلية والحاجات البيئية بدقة‪ ،‬باإلضافة إلى أنه‬
‫يمكن من استخدام الموارد المحلية بما يخفض من نفقات المشروعات المحلية‪ .‬فالتخطيط المحلي للتنمية‬
‫يعد تخطيطا من أجل الجماهير‪ ،‬فهو يهدف في المقام األول إلى تنظيم أوجه النشاط المختلفة لهم في كافة‬
‫القطاعات‪ ،‬وعلى كافة المستويات مما يتطلب تضافر جهود الدولة مع المسؤولين على المستوى‬
‫‪2‬‬
‫المحلي‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬شروط نجاح التخطيط االستراتيجي والمعوقات التي تحول دون تطبيقه‬
‫يعد التخطيط االستراتيجي منهجا علميا ونموذجا معاصرا وأسلوبا فعاال للتوصل إلى خطط تتسم‬
‫برؤى مستقبلية‪ ،‬وقد أشار عدد من الباحثين في مجال التخطيط االستراتيجي مجموعة من الشروط يتطلبها‬
‫تطبيق التخطيط االستراتيجي والتي سنتناولها في الفرع األول‪ ،‬كما أنهم قد وضعوا مجموعة من المعوقات‬
‫التي تحول دون تطبيقه بشكل سليم‪ ،‬سيتم التطرق لهذه المعوقات في الفرع الثاني من هذا المطلب‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروط نجاح التخطيط االستراتيجي‬
‫يتطلب التطبيق الفعال ألسلوب التخطيط االستراتيجي توفر مجموعة من العناصر األساسية وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون عمليات التخطيط االستراتيجي بكافة أبعادها شمولية‪ ،‬أي أن تشمل كافة القطاعات من‬
‫مجلس اإلدارة والموظفين واألفراد العاملين المعنيين بنجاح المنظمة‪ ،‬وتتسم هذه الشمولية بما‬
‫‪3‬‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬فريد صبح القيق‪" ،‬دور المشاركة المجتمعية في تحقيق التنمية المستدامة – الخطط التنموية االستراتيجية للمدن الفلسطينية كحالة دراسية" في‬
‫مجلة جامعة فلسطين لألبحاث والدراسات‪ ،‬العدد الثامن (يناير ‪ ،)2015‬ص‪.135 .‬‬
‫‪ 2‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.52 .‬‬
‫‪ 3‬طاهر محسن منصور الغالبي ووائل محمد صبحي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.127.‬‬
‫‪99‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أنها تساعد على بناء الحماس الداخلي والخارجي‪ ،‬واالرتباط بالمنظمة واستراتيجيتها‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ويكون األفراد هم نفسهم أصحاب األهداف والمجهودات المبذولة لتحقيق أفضل النتائج‪.‬‬
‫ب‪ -‬تؤكد الشمولية على أن قاعدة البيانات والمعلومات تعكس احتياجات األفراد وتوقعاتهم داخل‬
‫المنظمة وتطلعات الجهات الخارجية‪.‬‬
‫ت‪ -‬تبني مستوى من الموضوعية لعملية التخطيط‪.‬‬
‫ث‪ -‬توجد أساس لعالقات العمل المستقبلية‪.‬‬
‫ج‪ -‬تعمل على توحيد الهدف وسط كافة العناصر األساسية المعنية‪.‬‬
‫ح‪ -‬تؤسس قاعدة لتداول المعلومات بين العاملين واإلدارة والعمالء والعناصر والفئات األخرى‬
‫بصورة دائمة ومستمرة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون اإلستراتيجية محددة وواضحة‪ :‬فاالستراتيجية غير الواضحة وغير المشروحة بمستوى‬
‫كاف من الدقة لكل الجهات المشاركة في تنفيذها داخليا‪ ،‬ال يمكن أن تكون قابلة لالختيار أو المناقشة أو‬
‫المنازعة‪ ،‬ويصبح حظها في الفشل كبير‪ .‬فيجب أال تبقى اإلستراتيجية حبيسة فكر المسير مما يحول دون‬
‫‪1‬‬
‫تحقيق الهدف‪.‬‬
‫‪ -3‬يرى أدامس‪ Adams,D‬بأن أداء و نجاح التخطيط يعتمد على حقيقتين رئيسيتين ‪:‬‬
‫تتمثل األولى في أن يأتي التخطيط االستراتيجي سابقا للتخطيط التشغيلي‪ ،‬والثانية في أن ينبع التخطيط‬
‫االستراتيجي من اإلدارة العليا وصانعي السياسة‪ ،‬ويعود ذلك إلى أن المهام الرئيسية لهذه القيادات العليا‬
‫هي تركيزها على األبعاد السياسية والقوى االقتصادية واالجتماعية ذات األثر على المنظمة‪ ،‬وبطبيعة‬
‫الحال فإن هذا التركيز سوف يمكن القيادة العليا من االستعداد وتنمية األهداف اإلستراتيجية التي تحد مسار‬
‫‪2‬‬
‫األنشطة المستقبلية للمنظمة‪.‬‬
‫‪ -4‬ضرورة التنسيق وتوجيه مختلف اإلدارات (العليا‪ ،‬الوسطى والسفلى) في اتجاه عام موحد لتحقيق‬
‫نفس الهدف‪ ،‬ويتعزز ذلك بمشاركة مختلف اإلدارات عند دراسة األهداف وتحديد مؤشراتها‬
‫‪3‬‬
‫وحصر الموارد وتوزيعها‪.‬‬
‫‪ -5‬توفير المعلومات التي يتطلبها نظام التخطيط االستراتيجي إذ أنه من الضروري على المنظمة أن‬
‫تكون على دراية بعدة أمور أساسية نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحديد العناصر الداخلية والخارجية المطلوب توفير معلومات عنها من أجل إعداد الخطة‬
‫االستراتيجية‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحديد المعلومات المتوفرة والتي يمكن االستفادة منها إلعداد الخطة االستراتيجية‪.‬‬
‫ت‪ -‬تحديد المعلومات غير المتوفرة والتي يجب على المنظمة توفيرها إلعداد الخطة االستراتيجية‪.‬‬
‫ث‪ -‬تحديد المصادر التي من خاللها يتم الحصول على المعلومات سواء المتوفرة أو غير المتوفرة‪.‬‬
‫ج‪ -‬تحديد الوسائل وكذا األطراف التي تستخدم من أجل الحصول على المعلومات الضرورية إلعداد‬
‫الخطة اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪ 1‬ناصر دادي عدون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18.‬‬


‫‪ 2‬الهام تايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.83.‬‬
‫‪ 3‬ناصر دادي عدون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20.‬‬
‫‪100‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ح‪ -‬تحديد األساليب واألدوات الالزمة لتحليل وتفسير هذه المعلومات وتجهيزها لالستفادة منها في‬
‫إعداد الخطة اإلستراتيجية‪.‬‬
‫خ‪ -‬كيفية االستفادة من هذه المعلومات ومن نظم وقواعد تداولها وحفظها ومتابعة تحديثها‪.‬‬
‫‪ -6‬وجود فريق متكامل للقيام بعملية التخطيط االستراتيجي مكون من أفراد قادرين على االضطالع‬
‫بمسؤولية هذا التخطيط‪ .‬كما أن التخطيط االستراتيجي الذي يطبق ألول مرة يحتاج إلى جهود‬
‫‪1‬‬
‫تعريفية ومناقشات لغرض التدريب على خطواته‪.‬‬
‫‪ -7‬كما قد يتطلب التخطيط االستراتيجي التعاقد مع خبراء ومستشارين متخصصين في المجال‬
‫االستراتيجي‪ ،‬خاصة في حالة عدم تمكن المؤسسة من القيام بهذه العملية نظرا الفتقارها للكفاءات‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارية الالزمة‪.‬‬
‫‪ -8‬ويرى الباحث عاطف محمود عوض أنه لكي تنجح عملية التخطيط االستراتيجي ال بد أن يقوم‬
‫التخطيط االستراتيجي على نظام واقعي متكامل بعيدا عن التخمين والحدس‪ ،‬وأن تكون الخطة نابعة‬
‫من واقع بيئة العمل التي تتفاعل معها‪ ،‬كما يجب أن يشترك العاملون في وضع الخطة لضمان‬
‫تفاعلهم عند التطبيق‪ ،‬وأن تحقق األهداف العامة للتخطيط حاجة األفراد والمجتمعات إلى تنمية‬
‫وتطوير ذاتها‪ ،‬باإلضافة إلى أن تكون الخطة الموضوعة قابلة للتغيير والتطوير والزيادة والنقصان‪،‬‬
‫كما يجب أن تكون الخطة منسجمة مع األهداف الموضوعة لتحقيق النماء والتطور‪ ،‬وأن تركز على‬
‫‪3‬‬
‫األولويات في العمل بالمنظمة‪ ،‬على أن تكون الخطة كذلك قابلة للتقييم والمتابعة والرقابة‪.‬‬

‫‪ -9‬االستفادة من أفضل الممارسات باستخدام أدوات المقارنة المرجعية‪ ،‬وعلى الرغم من أن لكل منظمة‬
‫طبيعتها ومتغيراتها الخاصة بها‪ ،‬إال أن وجود المنافسين أمر جيد للمقارنة عند بناء الخطة‬
‫‪4‬‬
‫االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ -10‬المراجعة الدورية أو التغذية الرجعية والتحسين المستمر تعتبران من العوامل األساسية في نجاح‬
‫الخطة االستراتيجية‪ ،‬مما يخدم أهداف المنظمة االستراتيجية‪ ،‬ويعزز معدالت األداء المستهدفة في‬
‫‪5‬‬
‫الخطة‪.‬‬
‫‪ -11‬الصبر على التنفيذ‪ ،‬فالكثير من المنظمات تبدأ بحماسة بعد االنتهاء من التخطيط االستراتيجي‪،‬‬
‫ولكن سرعان ما يعتريها الفتور عند مواجهة المخاطر والعقبات المعيقة لتنفيذ الخطة االستراتيجية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق فإن التخطيط االستراتيجي يتطلب توفر مجموعة من األنظمة اإلدارية من‬
‫‪6‬‬
‫بينها‪:‬‬
‫‪ -‬توفر نظام متكامل للتخطيط بحيث يكون التخطيط االستراتيجي جزءا منه‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد موفق الضمور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30.‬‬


‫‪ 2‬عمر بن سديرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.243 .‬‬
‫‪ 3‬عاطف محمود عوض‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي في المنظمات غير الربحية (دراسة ميدانية على المنظمات غير الربحية في محافظة البقاع‬
‫اللبنانية" في مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،29‬العدد األول (‪ ،)2013‬ص ‪.161.‬‬
‫‪ 4‬علي بن عبد العزيز البخيت‪" ،‬فشل التخطيط االستراتيجي"‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2014/01/28 :‬الساعة ‪ ،23:07‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪ ،2017/06/15‬على الرابط التالي‪http://www.alhayat.com/Details/597708 :‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع‪ ،‬علي بن عبد العزيز البخيت‪" ،‬فشل التخطيط االستراتيجي"‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2014/01/28 :‬الساعة ‪ ،23:07‬تم تصفح‬
‫الموقع يوم‪ ،2017/06/15 :‬على الرابط التالي‪http://www.alhayat.com/Details/597708 :‬‬
‫‪ 6‬عمر بن سديرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.244.‬‬
‫‪101‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬توفر هيك ل تنظيمي يساعد على التخطيط االستراتيجي بحيث يكون مشجع على التفكير اإلبداعي‬
‫ويسهل عملية االتصال‪.‬‬
‫‪ -‬توفر نظام معلومات يمكن من خالله المؤسسة التعرف على بيئتها وتحديد اتجاهاتها المستقبلية‪.‬‬
‫‪ -‬توفر نظام للحوافز يرتبط باألهداف االستراتيجية للمؤسسة وليس فقط التركيز على النتائج واألهداف‬
‫قصيرة األجل‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معوقات استخدام التخطيط االستراتيجي‬
‫إن استخدام التخطيط االستراتيجي ليس باألمر السهل فهناك العديد من المعوقات التي تواجه استخدام‬
‫التخطيط االستراتيجي كمدخل لتحقيق أهداف المنظمة بعيدة المدى ومن أهم هذه المعوقات نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم وجود رغبة لدى المديرين في استخدام التخطيط االستراتيجي ويبررون ذلك بعدم توفر‬
‫الوقت الكافي لديهم‪ ،‬وكذا عدم إلمامهم بالمهارات التي يتطلبها استخدام التخطيط االستراتيجي‪.‬‬
‫‪ -‬االنطباع السيئ الذي تتركه مشاكل التخطيط االستراتيجي كصعوبة جمع المعلومات والبيانات‬
‫وتحليلها لوضع الخطة االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيط االستراتيجي يحتاج إلى وقت وتكلفة كبيرة‪ ،‬فالمناقشات لوضع رؤية ورسالة المنظمة‬
‫وأهدافها اإلستراتيجية تحتاج إلى وقت كبير كما أن عملية جمع المعلومات والبيانات تحتاج إلى‬
‫‪1‬‬
‫تكاليف عالية‪.‬‬
‫‪ -‬يتطلب التخطيط نوعا شاقا من التفكير ولذلك فهو يحتاج الى قدرة ذهنية عالية تتمتع بالوضوح‬
‫‪2‬‬
‫والرؤيا الشاملة ألبعاد الموقف‪.‬‬
‫مقاومة ومعارضة المنفذين بحيث أنه يترتب على التخطيط تغييرات في العمل وأسلوب األداء‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومن الطبيعي أن تؤدي هذه التغييرات إلى مقاومة من العاملين‪ .‬وقد تكون هذه المعارضة جذرية‬
‫أو جزئية بواسطة رفض بعض عناصرها (األفراد) أو تغيير جزء من أهدافها‪ ،‬لتتالءم أكثر مع‬
‫أهداف المنفذين عند لحظة التنفيذ‪ ،‬حتى وان كانوا قد استشيروا في عملية التحديد واإلعداد األولي‬
‫‪3‬‬
‫لإلستراتيجية‪.‬‬
‫عجز اإلدارة العامة عن استيعاب األساليب المتطورة والعلمية للتخطيط مما يؤدي إلى عدم‬ ‫‪-‬‬
‫‪4‬‬
‫االهتمام بالتخطيط‪.‬‬
‫صعوبة الحصول على بيانات دقيقة نتيجة عدم وجود نظم معلومات وقاعدة بيانات إحصائية دقيقة‬ ‫‪-‬‬
‫وشاملة ومتجددة باستمرار في أغلب المؤسسات‪ ،‬فعملية التخطيط االستراتيجي وظيفة ذات طبيعة‬
‫ديناميكية مستمرة‪ ،‬ترمي الى التكيف مع بيئة لها الصفة نفسها مما يتطلب وسيلة تحليل‬
‫‪5‬‬
‫استراتيجية لتوفير البيانات الالزمة عن البيئة من خالل نظم معلومات استراتيجية‪.‬‬
‫إن وجود البيئة المعقدة والمتغيرة باستمرار قد يجعل من التخطيط تخطيطا متقادما قبل أن يكتمل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫فتغير البيئة يضفي على من يقوم بالتخطيط االستراتيجي بضرورة متابعة البيئة عن قرب‬
‫وبصورة مستمرة‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة تكلفة هذا التخطيط‪ ،‬وعليه فمن الضروري أن يقوم المدير‬
‫بتوقع هذه التغيرات المحتملة في البيئة وأن يضع تصورا محتمال من أجل مواجهة هذا التغيير‪.‬‬

‫‪ 1‬نعيم إبراهيم الظاهر‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية_المفهوم _ األهمية _التحديات (األردن‪ :‬عالم الكتب الحديث‪ ،)2009 ،‬ص‪.84.‬‬
‫‪ 2‬سيد محمد جاد الرب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.218.‬‬
‫‪ 3‬ناصر دادي عدون‪ ،‬اإلدارة والتخطيط االستراتيجي (الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،)2001 ،‬ص‪.22.‬‬
‫‪4‬محمد عثمان إسماعيل وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.260.‬‬
‫‪ 5‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.100 .‬‬
‫‪102‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬قصور الموارد المتاحة للمنظمة‪ ،‬فالنقص في القدرات اإلدارية والمالية أو عدم القدرة على‬
‫‪1‬‬
‫الحصول على مواد أولية معينة يؤدي إلى قصور في عدد البدائل المتاحة أمام المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم رغبة السلطة العليا في المنظمة في اإلفصاح عن طبيعة التغيرات الهيكلية المطلوبة‪ ،‬خاصة‬
‫عندما يكون في هذه التغيرات مماس بمصالح سائدة‪ ،‬مما يؤدي إلى التضارب في عملية التخطيط‬
‫وعدم وضوح األهداف‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وضوح المسؤوليات في مختلف الوحدات في المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬انشغال اإلدارة العليا بالمشكالت الروتينية اليومية وإهمالها للمشكالت االستراتيجية والتي تتعلق‬
‫بتطور المنظمة على المدى الطويل‪.‬‬
‫‪ -‬ميل اإلدارة إلى القبول بنظام التفكير والتخطيط االستراتيجي في أوقات األزمات ولكن حالما‬
‫تنتهي األزمة يتم الرجوع إلى النظام التقليدي‪.‬‬
‫‪ -‬وضع نظم جديدة بالمنظمة دون مشاركة األفراد فيها أي دون تهيئة الثقافة المؤسسية الموائمة لهذه‬
‫النظم‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التشجيع على التفكير االبتكاري إجماال ويرجع ذلك إلى سيطرة النمط البيروقراطي في‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارة والتخطيط‪.‬‬
‫‪ -‬غياب الرابطة والتنسيق بين نظام التخطيط االستراتيجي وأنظمة التخطيط االستراتيجية الفرعية‬
‫في المؤسسة‪ ،‬وذلك ألن عملية التخطيط االستراتيجي وظيفة ذات طابع شمولي تعود فائدتها على‬
‫المؤسسة ككل‪ ،‬وأن وجود أي خلل في أنظمتها المالية أو التقنية أو في مواردها البشرية‪ ...‬الخ‬
‫سيؤدي الى عرقلة القيام بأداء هذه الوظيفة بشكل ناجح‪ ،‬ومن ثم اخفاقها في تحقيق األهداف‬
‫‪3‬‬
‫المسطرة‪.‬‬
‫‪ -‬الموارد المالية للمؤسسة‪ ،‬بحيث أنه أي خطة استراتيجية مهما كانت طموحة وصياغتها سليمة‬
‫فإنها قد تصطدم بعقبة الموارد المالية التي يتعين على إدارة المؤسسة التفكير بها منذ البداية‪ ،‬ألن‬
‫‪4‬‬
‫توفر األموال الالزمة وسيلة لتغطية نفقات الخطة واستمرارها‪.‬‬
‫‪ -‬تردد المديرين في استخدام أسلوب التخطيط االستراتيجي على اعتقاد منهم أنه ليس من‬
‫‪5‬‬
‫مسؤولياتهم كما أنه لن يتم مكافئتهم على عملية التخطيط االستراتيجي‪.‬‬
‫‪ -‬إن التعصب ألمجاد الماضي للمؤسسة يؤدي الى انعدام القدرة على رصد الحركة الحاضرة‬
‫واتجاهات المستقبل‪ ،‬كما يعتقد البعض أن تغيير االتجاه نحو التطور هو اعتراف بأن اتجاهات‬
‫‪6‬‬
‫الماضي كانت خاطئة‪.‬‬
‫ويرى الباحث عاطف محمود عوض أن من أهم معوقات التخطيط االستراتيجي والمشكالت التي‬
‫تواجهه هي مشكالت المتابعة وتنفيذ الخطط‪ ،‬بحيث أن هناك الكثير من الخطط تكون صياغتها جيدة‬
‫وعناصرها متكاملة‪ ،‬لكن ال ينجح القائمون على اإلدارات في تنفيذها‪ ،‬ويرجع ذلك لعدة اعتبارات منها‪:‬‬
‫ضعف الثقافة بأهمية التخطيط االستراتيجي‪ ،‬وقلة الخبرات والمؤهالت اإلدارية المتعلقة بأدوات اإلدارة‬

‫‪ 1‬إسماعيل محمد السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41.‬‬


‫‪ 2‬عبد هللا محمد الخياط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.174.‬‬
‫‪ 3‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.100 .‬‬
‫‪ 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.101.‬‬
‫‪ 5‬نادية العارف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12.‬‬
‫‪ 6‬حسين محمد جواد الجبوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.102 .‬‬
‫‪103‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫االستراتيجية‪ ،‬وبالتالي فهو يؤكد على أن العمليات التي تؤدي إلى وضع الخطة االستراتيجية الجيدة يجب‬
‫أن يشترك فيها كل فرد‪ ،‬أن ال تكون مقيدة أو محدودة بافتراضات تأخذها الشركة بأكملها كأمور مفروغ‬
‫منها‪ ،‬أن تتجدد بشكل دائم وتدفع إلى القاء أسئلة جديدة‪ ،‬أن ال ينفرد بها المخططون‪ ،‬كما أنها تستلزم قدرا‬
‫‪1‬‬
‫كبيرا من النقاش والتداول‪.‬‬
‫ومن خالل الجدول الموالي يتوضح لنا العقبات التي تحول دون تنفيذ األهداف االستراتيجية‬
‫الجدول رقم (‪ :)07‬عقبات تنفيذ األهداف االستراتيجية‬
‫اإلدارة‬ ‫الرؤيــــة‬
‫‪ % 85‬من المديرين الكبار يخصصون أقل من‬ ‫حوالي ‪ % 05‬فقط من العاملين في المنظمة يفهمون‬
‫ساعة شهريا لتحليل مدى تنفيذ االستراتيجية‬ ‫استراتيجية المنظمة‬
‫المـــوارد‬ ‫العاملــــون‬
‫‪ % 25‬فقط من المديرين لديهم حوافز إلنجاز‬ ‫‪ % 60‬من المنظمات ال يربطون بين االستراتيجية‬
‫أهداف استراتيجية‬ ‫والموارد المتاحة‬
‫المصدر‪ :‬مجموعة من الباحثين‪" ،‬التخطيط االستراتيجي للدول"‪ ،‬إشراف‪ :‬عصام بن يحي الفياللي‪ ،‬في سلسلة إصدارات نحو مجتمع‬
‫المعرفة‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬اإلصدار التاسع والعشرون (‪ ،)2010‬ص ‪.24.‬‬

‫وبما أن ‪ % 05‬فقط من العاملين في المنظمة على قدر من إدراك التخطيط االستراتيجي فإن ذلك‬
‫يشير إلى عدم جدوى الخطة‪ ،‬وأن المجهود الذي بذل في وضعها ذهب هباءا‪ ،‬وبالتالي فإنه يتحتم شراكة‬
‫العاملين في المنظمة‪ ،‬خاصة أولئك الذين على مستوى مسؤولية تنفيذية‪ ،‬باإلضافة إلى توضيح مزايا‬
‫التخطيط االستراتيجي وما سيكسبه العاملون من تحقيق أهداف الخطة االستراتيجية‪ .‬وقد أشار العديد من‬
‫الباحثين إلى أن غالبية عمليات التخطيط االستراتيجي لم تتعدى مرحلة الصياغة بينما هناك قصور كبير‬
‫‪2‬‬
‫في التنفيذ‪ ،‬ومن بين المشاكل التي تواجه تنفيذ الخطط االستراتيجية نذكر ما يلي‪:‬‬
‫الفشل في تعديل الخطط بصورة دورية أو تطويعها لتغيرات في بيئة المنظمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التحول عن األهداف األصلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم الثقة في إمكانية نجاح الخطط‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تدني كفاءة اإلدارة العليا وعدم اهتمام كبار المسؤولين بالخطة االستراتيجية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫نظام إداري قائم على التخويل من القمة إلى أسفل في كل األمور دون إتاحة الفرص للمشاركين‬ ‫‪-‬‬
‫في التنفيذ على استخدام صالحياتهم أو مواهبهم‪.‬‬
‫استراتيجيات غير واضحة وتتعارض مع األولويات في المؤسسة‪ ،‬والخطة االستراتيجية مبهمة‬ ‫‪-‬‬
‫وغير مفصلة‪.‬‬
‫عدم وجود التزام بالخطة االستراتيجية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سوء نقل وتوصيل الخطة من المخطط إلى المنفذ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫غياب الحوافز لمنفذي الخطة االستراتيجية مع غياب آليات محاسبتهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عجز المنفذين عن الوصل بين الخطة االستراتيجية وما يقومون به من مهام‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اهتمام العاملين بالنتائج قصيرة المدى‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 1‬عاطف محمود عوض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.159 .‬‬


‫‪ 2‬مجموعة من الباحثين‪" ،‬التخطيط االستراتيجي للدول"‪ ،‬إشراف‪ :‬عصام بن يحي الفياللي‪ ،‬في سلسلة إصدارات نحو مجتمع المعرفة‪ ،‬مركز‬
‫الدراسات االستراتيجية‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬اإلصدار التاسع والعشرون (‪ ،)2010‬ص ‪.24.‬‬
‫‪104‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬عدم االهتمام بالعوامل المحفزة والعوامل المثبطة مثل‪ :‬الثقافة والبنية المؤسساتية والعمليات‬
‫المتبعة في العمل ونظم تقنية المعلومات وأساليب اإلدارة وشؤون الموارد البشرية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اإلطار النظري للتنمية المحلية‬
‫إن التنمية عبارة عن حصيلة تدخل إرادة سياسية واعية وفاعلة في توجيه شؤون المجتمع‪ ،‬أي أنها‬
‫سلطة هندسة اجتماعية للحياة الحقيقية في فرصها للحصول على أساسياتها ومقوماتها في إطار عدالة‬
‫التوزيع وإزاحة االستغالل لكل صوره ومستوياته‪ ،‬وكذا إزاحة كل المعوقات ومظاهر التخلف السياسي‬
‫والتي سببتها قوى داخلية وخارجية عديدة‪ ،‬وذلك على أساس من العلم والتكنولوجيا والتنظيم العقالني‬
‫‪1‬‬
‫للعمل وتوفير الظروف المالئمة لتنمية اإلمكانيات الذاتية وتحريك إرادة الجماهير نحو الطموح واإلنجاز‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التنمية والتنمية المحلية‬
‫يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين‪ ،‬فقد أطلق على عملية تأسيس نظم‬
‫اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يسمى بـ "عملية التنمية"‪ ،‬ويشير المفهوم لهذا التحول بعد االستقالل في‬
‫الستينيات من القرن الماضي في آسيا وافريقيا بصورة جلية‪ .‬وتبرز أهمية مفهوم التنمية من خالل تعدد‬
‫‪2‬‬
‫أبعاده ومستوياته‪ ،‬وكذا تشابكه مع العديد من المفاهيم األخرى مثل التخطيط واإلنتاج والتقدم‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف التنمية ونشأتها‬
‫تعتبر التنمية ظاهرة اجتماعية نشأت مع نشأة البشر المستقر إنتاجا وارتقاء وعالقات‪ ،‬واتخذ مفهومها‬
‫صورا محددة في سياق الحضارة المعاصرة‪.‬‬
‫أوال تعريف التنمية‪:‬‬
‫التنمية لغة هي النماء أو االزدياد التدريجي‪ ،‬ويستخدم اصطالح التنمية عادة في المستويات‬
‫االقتصادية واالجتماعية وغيرها‪ ،‬فالتنمية هي العمليات المقصودة التي تسعى الى احداث النمو بطريقة‬
‫سريعة ضمن خطط مدروسة وفي فترات زمنية معينة‪ ،‬وتخضع لإلرادة البشرية وتحتاج الى دفعة قوية‬
‫تفرزها قدرات إنسانية بإمكانها اخراج المجتمع من حالة السبات الى حالة الحركة والتقدم‪ ،‬كما أنها تتطلب‬
‫‪3‬‬
‫حكما تسير حوله الى األفضل‪.‬‬
‫تعرف التنمية بأنها‪ ":‬العمل على تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة عبر فترة من الزمن‪ ،‬وأنها‬
‫تحتاج الى دفعة لكي يخرج المجتمع من حالة الركود والتخلف الى حالة التقدم والنمو‪ ،‬فالتنمية بهذا المفهوم‬
‫‪4‬‬
‫تشتمل على التغير والتغير بدوره اجتماعي وثقافي واقتصادي"‪.‬‬
‫وقد عرف والت روستو التنمية بأنها " عملية مجتمعية واعية وموجهة إليجاد تحوالت هيكلية تؤدي الى‬
‫تكوين قاعدة وإطالق طاقة إنتاجية ذاتية يتحقق بموجبها تزايد منتظم في متوسط إنتاجية الفرد وقدرات‬
‫المجتمع ضمن إطار من العالقات االجتماعية يؤكد ارتباطا بين المكافئة والجهد ويعمق متطلبات المشاركة‬
‫‪5‬‬
‫مستهدفا توفير االحتياجات األساسية وموفرا لضمانات األمن الفردي واالجتماعي والقومي"‪.‬‬

‫‪ 1‬عامر رمضان أبو ضاوية‪ ،‬التنمية السياسية في البالد العربية والخيار الجماهيري‪ ،‬دراسة تحليلية للمرتكزات الوظيفية للتنمية السياسية‪،‬‬
‫ط‪( ،1‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ :‬دار الرواد‪ ،)2002 ،‬ص‪.50.‬‬
‫‪ 2‬جمال حالوة وعلي صالح‪ ،‬مدخل الى علم التنمية (عمان‪ :‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،)2010 ،‬ص‪.20 .‬‬
‫‪ 3‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬التخطيط والتنمية من منظور اقتصادي‪-‬بيئي‪-‬اعالمي‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪ ،)2017 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.17‬‬
‫‪ 4‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬التنمية المحلية‪ ،‬ط‪( 1‬اإلسكندرية‪ :‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪ ،)2011 ،‬ص‪.77.‬‬
‫‪ 5‬عامر رمضان أبو ضاوية‪ ،‬المرجع السابق ص‪.46.‬‬
‫‪105‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أما الباحث أيمن عودة المعاني فهو يرى أن التنمية هي عملية االستغالل األمثل للموارد المادية‬
‫والبشرية لتطوير كافة الجوانب االقتصادية واالجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية في المجتمع بتكامل‬
‫كل من الجهود الرسمية والشعبية‪ ،‬اذن فهي جهد شامل ومستمر تعنى بمناحي الحياة المختلفة‪ ،‬وتهدف الى‬
‫‪1‬‬
‫تحسين مستوى معيشة المواطنين في شتى المجاالت‪.‬‬
‫ويتفق مع هذا التعريف الباحثان جمال حالوة وعلي صالح في أن التنمية هي أفضل استغالل للموارد‬
‫المادية والبشرية بكفاءة وفعالية‪ ،‬من أجل تطوير كافة الجوانب االقتصادية واالجتماعية والسياسية‬
‫واإلدارية والصحية والثقافية والبيئية‪ ،‬وذلك من خالل تضافر الجهود الرسمية والشعبية معا دون تبعية‬
‫‪2‬‬
‫ألي جهة كانت‪.‬‬
‫ويرى الباحث أحمد عبد الفتاح ناجي أن التنمية هي "عملية التغيير التي يقوم بها االنسان لالنتقال من‬
‫مجتمع تقليدي زراعي الى مجتمع متقدم صناعيا‪ ،‬أو من حالة الى حالة أفضل منها بما يتفق مع احتياجاته‬
‫‪3‬‬
‫االقتصادية واالجتماعية والفكرية‪ ،‬وذلك باالستثمار األمثل للموارد الطبيعية والبشرية"‪.‬‬
‫كما عرفت بأنها‪ ":‬توظيف جهود الكل من أجل صالح الكل‪ ،‬خاصة بتلك القطاعات والفئات‬
‫‪4‬‬
‫االجتماعية التي حرمت في السابق من فرص النمو والتقدم"‪.‬‬
‫وقد جاء في تعريف هيئة األمم المتحدة لعام ‪1956‬م أن "التنمية هي العمليات التي يمكن بها توحيد‬
‫جهود المواطنين والحكومة لتحسين األحوال االقتصادية واالجتماعية والثقافية في المجتمعات المحلية‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫ولمساعدتها على االندماج في حياة األمة والمساهمة في تقدمها بأقصى قدر مستطاع"‪.‬‬
‫إذن فالتنمية ال تهتم بجانب واحد فقط كالجانب االقتصادي أو االجتماعي أو السياسي‪ ،‬وإنما تشتمل كل‬
‫‪6‬‬
‫جوانب الحياة وعلى اختالف صورها وأشكالها فتحدث فيها تغييرات كيفية وكمية عميقة وشاملة‪.‬‬
‫ثانيا نشأة فكرة التنمية‪:‬‬
‫لقد ظهر مفهوم التنمية ‪ Development‬بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية‪ ،‬بحيث أن هذا‬
‫المفهوم لم يستعمل منذ ظهوره بصورة أولية في عصر االقتصادي البريطاني البارز "آدم سميث" في‬
‫الربع األخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية اال على سبيل االستثناء‪ ،‬فقد تم استخدام‬
‫مصطلحا (التقدم المادي والتقدم االقتصادي) للداللة على حدوث التطور المشار اليه في المجتمع‪ .‬وعندما‬
‫ثارت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوربا الشرقية في القرن التاسع عشر كانت االصطالحات‬
‫المستخدمة هي مصطلح التصنيع ‪ Industrialization‬ومصطلح التحديث ‪ Modernization‬والذي‬
‫يعني قدرة االنسان أن يتعلم كيف يتعلم‪ .‬كما قد استخدم مصطلح الثورة ‪ Revolution‬والتي تعني حدوث‬
‫تغيير سريع وعنيف واساسي في التنظيم السياسي وعالقات السلطة والطبقات االجتماعية ونظام التحكم‬
‫في الملكية االقتصادية والنظام االجتماعي لمجتمع ما‪ .‬وفيما بين عامي ‪1900-1875‬م نشرت في أوربا‬
‫كتب باللغة اإلنجليزية أ شارت عناوينها الى تطور الدستور األثيني والرواية اإلنجليزية ونظام النقل في‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬والزواج‪ ،‬تربية األبناء‪ ...‬وغيرها‪ ،‬من هنا فقد فضل بعض العلماء في عناوين كتبهم‬

‫‪ 1‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.137 .‬‬


‫‪ 2‬جمال حالوة وعلي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22 .‬‬
‫‪ 3‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬التخطيط للتنمية في الدول النامية (مصر‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،)2011 ،‬ص‪.33 .‬‬
‫‪ 4‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.78.‬‬
‫‪ 5‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.19 .‬‬
‫‪ 6‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.78.‬‬
‫‪106‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫كلمة (ارتقاء) ‪ ،Evolution‬وفضل آخرون كلمة (نمو) ‪ ،Grwth‬اال أنهم في النهاية استخدموا كلمة‬
‫‪1‬‬
‫(تنمية) ‪ Development‬في المتن باعتبارها الكلمة العمدة‪.‬‬
‫إن مفهوم التنمية برز بداية في علم االقتصاد‪ ،‬فقد استخدم للداللة على عملية احداث مجموعة من‬
‫التغييرات الجذرية في مجتمع معين‪ ،‬من أجل اكسابه القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن‬
‫التحسن المتزا يد في نوعية الحياة لكل أفراده‪ ،‬أي زيادة قدرة المجتمع على االستجابة للحاجات األساسية‬
‫والحاجات المتزايدة ألعضائه‪ ،‬بالصورة التي تكفل زيادة درجات اشباع تلك الحاجات عن طريق الترشيد‬
‫‪2‬‬
‫المستمر الستغالل الموارد االقتصادية المتاحة‪ ،‬وكذا حسن توزيع عائد ذلك االستغالل‪.‬‬
‫إن أول من تطرق الى فكرة التنمية هو المفكر األلماني برونو ميلد براند ‪Bruno Mild Brandt‬‬
‫في كتابه‪" :‬مراحل التنمية االقتصادية"‪ ،‬وقد سبق والت روستو ‪ W.Rostow‬في كتابه‪" :‬مراحل التنمية‬
‫‪3‬‬
‫االقتصادية ونظرية اقالع البلدان النامية" ‪ Take of‬بأكثر من مئة عام‪.‬‬
‫ومفاد فكرة التنمية من هذا المنطلق يتمثل في محاولة اقناع الدول النامية بأن طريق التطور الوحيد هو‬
‫‪4‬‬
‫اتباع نموذج الرأسمالية الغربية‪ ،‬ويكون ذلك من خالل تطبيق القواعد التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬االستثمار المكثف في البحوث والتطوير واالبتكار والتركيز على التكنولوجيات المستخدمة‪.‬‬
‫‪ .2‬ا العتماد على المعلومات كأحد أهم الموارد االقتصادية‪ ،‬على اعتبار أن مصدرها العقل اإلنساني‪،‬‬
‫وأنه متجدد وغير ناضب‪ ،‬ويمكن أن يتداوله الناس ويشتركوا فيه وينقلوه بسرعة فائقة محليا أو‬
‫دوليا‪.‬‬
‫‪ .3‬إيجاد صيغة جديدة إلنتاج المعرفة تعرف بعملية التكنولوجية وتكنولوجية العلم‪ ،‬أي تطبيق‬
‫المعارف وتحويلها الى مطلب انساني هو التكنولوجيا ذاتها‪.‬‬
‫وعليه أصبحت اعتمادات البحث والتطوير في هذه الدول تمثل بابا أساسيا لإلنفاق ونسبة من الناتج‬
‫القومي ال يستهان بها‪ ،‬واجراء حلقات تلتقي فيها الحكومة مع رجال الصناعة وأهل العلم في إطار بيئي‬
‫حضاري جعل من التكنولوجيا المتطورة والمتجددة رمزا لتقدم هذه الدول وأداة لقوتها‪.‬‬
‫ومنذ ستينات القرن العشرين انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة‪ ،‬فقد ظهر كحقل منفرد يهتم بتطوير‬
‫البلدان غير االوربية اتجاه الديموقراطية‪ ،‬فالتنمية السياسية تعرف على أنها "عملية تغيير اجتماعي متعدد‬
‫الجوانب‪ ،‬غايته الوصول الى مستوى الدول الصناعية"‪ ،‬والمقصود بمستوى الدول الصناعية هو إيجاد‬
‫نظم تعددية على شاكلة النظم االوربية تحقق النمو االقتصادي والمشاركة االنتخابية والمنافسة السياسية‬
‫‪5‬‬
‫وترسيخ مفاهيم الوطنية والسيادة والوالء للدولة القومية‪.‬‬
‫ثم تطور مفهوم التنمية فيما بعد ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية‪ ،‬فأصبح هناك التنمية الثقافية التي‬
‫تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية االنسان‪ ،‬والتنمية االجتماعية التي تهدف إلى تطوير‬
‫التفاعالت المجتمعية بين أطراف المجتمع (الفرد‪ ،‬الجماعة‪ ،‬المؤسسات االجتماعية المختلفة‪ ،‬المنظمات‬
‫االهلية)‪ ،‬كما استحدث مفهوم التنمية البشرية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته وتحسين‬
‫‪6‬‬
‫أوضاعه في المجتمع‪.‬‬

‫‪ 1‬جمال حالوة وعلي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.21 .‬‬
‫‪ 3‬عامر رمضان أبو ضاوية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.44 .‬‬
‫‪ 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.45 .‬‬
‫‪ 5‬جمال حالوة وعلي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21 .‬‬
‫‪ 6‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا الفرق بين مفهوم التنمية والمفاهيم المشابهة لها‪:‬‬


‫قد يخلط بعض الباحثين بين مفهوم التنمية وبين مجموعة من المصطلحات المشابهة له سواء من حيث‬
‫التقارب اللغوي كمصطلح "النمو" أو من حيث التشابه في المدلول كمصطلح "التحديث" أو "التطور"‬
‫‪1‬‬
‫وغيرهم من المصطلحات المتقاربة له‪ ،‬وتتمثل أهم الفروقات بين مفهوم التنمية وبقية المفاهيم فيما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬الفرق بين مفهومي التنمية والنمو‪:‬‬
‫يشير مفهوم النمو إلى عملية الزيادة الثابتة أو المستمرة التي تحدث في جانب معين من جوانب الحياة‪،‬‬
‫كما أنه يحدث في الغالب عن طريق التطور البطيء والتحول التدريجي‪ ،‬أما التنمية فهي عبارة عن تحقيق‬
‫زيادة سريعة تراكمية ودائمة خالل فترة من الزمن‪.‬‬
‫‪ )2‬الفرق بين مفهومي التنمية والتغير‪:‬‬
‫إن التقدم ال يؤدي بالضرورة الى التقدم واالرتقاء واالزدهار‪ ،‬فيمكن أن يحدث التغير الى السالب‪،‬‬
‫بينما التنمية فهدفها هو التغير نحو األفضل بوتيرة متصاعدة ومتقدمة‪.‬‬
‫‪ )3‬الفرق بين مفهومي التنمية والتطور‪:‬‬
‫يعتمد مفهوم التطور باألساس على التصور الذي يفترض أن كل المجتمعات تمر خالل مراحل محددة‬
‫ثابتة في مسلك يندرج من أبسط االشكال الى أعقدها‪.‬‬
‫‪ )4‬الفرق بين مفهومي التنمية والتقدم‪:‬‬
‫إن التقدم يأتي كمرحلة أخيرة ونهائية بعد حدوث التنمية والتنمية الشاملة‪.‬‬
‫‪ )5‬الفرق بين مفهومي التنمية والتحديث‪:‬‬
‫إن التنمية تعني الزيادة في القدرة اإلنتاجية بشكل يرفع مستوى المعيشة ماديا وثقافيا وروحيا مصحوبا‬
‫بقدرة ذاتية متزايدة على حل مشاكل التنمية‪ ،‬في حين أن التحديث فهو جلب رموز الحضارة الحديثة‬
‫وأدوات الحياة العصرية مثل التجهيزات التكنولوجية والمعدات اآللية والسلع االستهالكية‪.‬‬
‫رابعا صيغ التنمية‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫هناك أربعة مراحل أساسية تشكل صيغ تنمية المجتمع وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬التنمية كعملية‪ :‬ويكون فيها التركيز على سلسلة العمليات المتعاقبة التي ينتقل من خاللها النموذج‬
‫من البسيط الى األكثر تعقيدا‪ ،‬ويقاس هذا االنتقال في ضوء معايير متخصصة تدور حول‬
‫التغيرات السيكو اجتماعية‪.‬‬
‫‪ .2‬التنمية كمنهج‪ :‬ويتم فيها التركيز على التنمية كمدخل موجه للعمل‪ ،‬ويظل االهتمام في ظل هذا‬
‫البعد بالعملية القائمة‪ ،‬والخالف يكمن في نقاط التركيز‪ ،‬فالتركيز هنا يكون على المنجزات أكثر‬
‫من التركيز على العمليات المتعاقبة‪ ،‬وعليه تصبح حركة التنمية وسيلة لغاية أو طريقة عمل‬
‫تستهدف منجزات بعينها‪ ،‬وفي هذا اإلطار توجه العملية لخلق الهدف‪.‬‬

‫‪ 1‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬تحرير‪ :‬محمد غربي‪ ،‬سفيان فوكة‪ ،‬مشري مرسي‪ ،‬ط‪( 1‬الجزائر‪ :‬ابن النديم للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،)2014 ،‬ص‪.223 .‬‬
‫‪ 2‬خنفري خيضر‪" ،‬تمويل التنمية المحلية في الجزائر واقع وآفاق" (أطروحة دكتوراه فرع التحليل االقتصادي‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬العلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،)2011/2010 ،‬ص‪.10 .‬‬
‫‪108‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .3‬التنمية كبرنامج‪ :‬وتكون بالتركيز على مجموعة األنشطة‪ ،‬ويصبح البرنامج هو ذاته هدف‪.‬‬
‫‪ .4‬التنمية كحركة‪ :‬يكون التركيز هنا على االرتباط الجماهيري بقضية التنمية وعلى الشحنة‬
‫الوجدانية التي يجب أن يزود بها األهالي حتى يتحولوا إلى عنصر إيجابي في الموقف اإلنمائي‬
‫من خالل االيمان بقضية التقدم وتكريس الجهود لتحقيقها‪.‬‬
‫خامسا خصائص التنمية‪:‬‬
‫إن للتنمية طبيعة تميزها وتبرزها حتى تؤدي الهدف المقصود منها‪ ،‬ومن أبرز مالمح هذه الطبيعة‬
‫‪1‬‬
‫نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أنها ظاهرة إنسانية‪ :‬فالتنمية تقوم على االنسان باعتباره العنصر األساسي في عملية التطور‬
‫والتقدم‪ ،‬وال يمكن أن يكون هناك تنمية بدون تدخل االنسان‪ ،‬فمنذ وجد االنسان على وجه األرض‬
‫وهو يسعى الى أن يطور من امكانياته الذاتية ويجعلها قادرة على استيعاب ما حوله‪ ،‬وإعادة‬
‫صياغة تلك اإلمكانيات في قوة دافعة نحو التغيير‪ .‬ولقد استطاع االنسان أن يحقق نجاحا بارزا‬
‫في ذلك مما سهل له االستفادة من الطبيعة واخضاعها لتكون احدى العناصر المؤثرة في التطور‬
‫والتقدم اإلنساني‪ ،‬كما استطاع بعد ذلك تسخير المخترعات العلمية والتقنية لذات الهدف‪ ،‬مما يدل‬
‫على قدرة هذا االنسان الهائلة على األداء الدائم في المستقبل‪ ،‬ان االنسان هو العنصر األساسي‬
‫في أداء التنمية كما أنه الهدف المقصود من هذه التنمية‪ ،‬فكل خطط وبرامج التنمية توجه أساسا‬
‫لخدمة االنسان وحاجاته‪ .‬فحيثما وجد االنسان وجدت التنمية ووجد البحث والتنقيب‪ ،‬فالتنمية تبدو‬
‫كحالة مالزمة لحياة االنسان على األرض‪ ،‬وحين يتوقف االنسان عن العطاء فانه يتوقف عن‬
‫الوجود‪ .‬فقيمته تظهر بعطاءه وعمله المستمر الذي يجب أن يهدف الى التقدم والتطور نحو‬
‫األفضل‪.‬‬
‫‪ .2‬أنها ظاهرة دينية‪ :‬إن ما يسود من تصور خاطئ عند بعض المثقفين أن الدين يعد عائقا للتنمية أو‬
‫التطور‪ ،‬مرجعه وسببه موقف فكري أو سياسي أو عدم فهم لحقيقة الدين وأهدافه‪ ،‬وعجز عن‬
‫استيعاب ذلك بروح علمية منفتحة مستثمرة جميع العناصر والمؤثرات لدفع االنسان نحو التنمية‪،‬‬
‫والدين هو أحد هذه العناصر المؤثرة واإلسالم باعتباره خاتم األديان جاء بروح قوية تدفع‬
‫االنسان الى أن يتفكر فيما حوله ويستثمر ما منحه هللا من قدرات ذاتية أو من الطبيعة‪ ،‬وأن يجعل‬
‫منها فكرة مالزمة إليمان االنسان بدينه وربه‪ ،‬فقد دعا اإلسالم الى تعمير األرض واالستفادة من‬
‫خيراتها‪ ،‬ومفهوم التعمير يعبر عن التنمية في مفهومها اإلسالمي‪ ،‬اذ ليس المقصود من ذلك هو‬
‫التعمير المادي الحسي‪ ،‬بل التعمير بمعنى التطوير والتنمية‪.‬‬
‫‪ .3‬أنها ظاهرة تاريخية مستمرة‪ :‬ارتبطت التنمية بكثير من األطوار التاريخية التي مرت بها البشرية‬
‫من التخلف والحياة البدائية الى ظهور حاجات االنسان وبحثه عما يلبي تلك الحاجات‪ ،‬وما بذله‬
‫من جهد أدى الى تطور متنام في الحياة اإلنسانية‪ ،‬من خالل استخدام المعطيات الطبيعية والمادية‬
‫التي أسهمت فيما وصل اليه االنسان من تقدم ورقي‪ ،‬فقد شهد القرن الرابع عشر أو ما يقاربه من‬
‫القرن العاشر الميالدي تطورا في مختلف جوانب الحياة برزت من خالله االبداعات العلمية‬
‫والفكرية التي ساهمت في وضع اللبنات األولى للتطور العلمي في العصور التالية‪ ،‬فقد برز‬
‫العلماء والمفكرون المسلمون كرواد للحضارة اإلنسانية ومن خالل اسهاماتهم انطلقت حركة‬
‫البحث العلمي والتقدم الحضاري‪ ،‬ثم جاءت الثورة الصناعية واكتشاف اآللة البخارية وغيرها‬
‫تعتبر مؤشرا على ما وصل اليه االنسان في تلك المرحلة‪ ،‬ومازال عصر غزو الفضاء‬

‫‪ 1‬جمال حالوة وعلي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59 .‬‬


‫‪109‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫واالتصاالت والكمبيوتر والمعلوماتية يسجل يوما بعد يوم وقائع معاصرة ستصبح يوما ما حلقة‬
‫متصلة مع غيرها من الحلقات التاريخية التي عرفت البشرية من خالل استمرارها مرتبطة‬
‫بصورة مباشرة بما تصل اليه من تقدم وتنمية‪.‬‬
‫‪ .4‬أنها ظاهرة اجتماعية‪ :‬على اعتبار ان التنمية مرتبطة بحياة االنسان فهي عبارة عن عمليات‬
‫تغيير اجتماعي تلحق بالبناء االجتماعي ووظائفه‪ ،‬بغرض اشباع الحاجات االجتماعية لألفراد‪،‬‬
‫وألن هذا التغيير االجتماعي ينصب على كل تغيير يقع في التركيب السكاني للمجتمع أو في بناءه‬
‫الوظيفي أو في نظمه االجتماعية أوفي أنماط العالقات االجتماعية أو القيم والمعايير التي تؤثر‬
‫في سلوك االفراد والتي تحدد مكاناتهم وأدوارهم في مختلف التنظيمات االجتماعية التي ينتمون‬
‫اليها‪ .‬اذن فالتنمية االج تماعية تنصب على كل تلك الجوانب كما أنها تتناول مختلف المشكالت‬
‫المتصلة بالتغير االجتماعي كالفوارق الكبيرة في مستويات المعيشة بين األغنياء والفقراء‬
‫واإلصالح الزراعي والمشكالت العمالية ومشكالت الهجرة من الريف الى الحضر ومشكالت‬
‫‪1‬‬
‫التغير االجتماعي السريع‪.‬‬
‫‪ .5‬أنها ظاهرة اقتصادية‪ :‬إن مفهوم التنمية ارتبط كثيرا بالتنمية االقتصادية باعتبارها أوضح صور‬
‫التنمية‪ ،‬فيعرفها االقتصاديون على أنها‪" :‬عملية زيادة الدخل القومي الحقيقي واضطراد هذه‬
‫الزيادة خالل فترة زمنية طويلة بحيث تكون هذه الزيادة أكبر من زيادة عدد السكان"‪ ،‬وتعد‬
‫التن مية ظاهرة اقتصادية لما لالقتصاد من تأثير واضح في مدى تقدم برامج وخطط التنمية‪ ،‬ففي‬
‫الدول النامية ذات المستوى االقتصادي المتوسط أو المتدني تكون هذه البرامج محدودة وقاصرة‬
‫عن تحقيق متطلبات التنمية الشاملة‪ ،‬بينما في الدول الصناعية أو ذات المستوى االقتصادي‬
‫العالي تنفذ برامج تنموية متقدمة وخالل فترة وجيزة‪.‬‬
‫‪ .6‬أنها ظاهرة كلية‪ :‬بمعنى أن التنمية هي ظاهرة شاملة كلية في شتى جوانب الحياة‪ ،‬فالتنمية عملية‬
‫تشترك فيها كافة المتغيرات والمؤثرات التي يتكون منها المجتمع‪ ،‬اذ ال يمكن احداث تنمية مع‬
‫اهمال جانب من جوانب المجتمع‪ ،‬حيث يشير "جورج لوفاش" إلى وحدة الظواهر االجتماعية‬
‫وعلومها المختلفة وصعوبة الفصل فيما بينها‪ ،‬وذلك نظرا لصعوبة التحديد المنهجي لتقسيم هذه‬
‫العلوم‪ ،‬حيث يرى أن كثيرا من التقسيمات التي تمت قد ارتكزت على أسس أكاديمية صرفة بينما‬
‫االنسان كائن اجتماعي متكامل‪ ،‬ويجب النظر اليه والى حياته وسلوكياته التي تنبثق منها‬
‫الظواهر المختلفة كوحدة واحدة وأن التنمية هي الظاهرة الكلية التي تعبر عن حركة هذه الظواهر‬
‫مجتمعة‪.‬‬
‫الفرع الثاني تعريف التنمية المحلية وأهدافها‪:‬‬
‫تسعى التنمية المحلية إلى االرتقاء بكل المشاريع التنموية والنظم المؤسساتية التي تمكنها من تحسين‬
‫أوضاع السكان المحليين في مختلف المجاالت‪ ،‬وبالتالي سنتناول في هذا الفرع من البحث تعريف التنمية‬
‫المحلية وأهدافها‪.‬‬
‫أوال تعريف التنمية المحلية‪:‬‬
‫يعرفها ‪ P. Nelson Reid‬على أنها " جماعة من الناس يعيشون في مجتمع محلي معين يتخذون‬
‫قرارات تتعلق بالبدء في القيام بعمل اجتماعي (مثل التدخل المخطط) لتغيير ظروفهم وأوضاعهم‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية أو تعديل أوضاعهم البيئية"‪.‬‬

‫‪ 1‬جمال حالوة وعلي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.64 .‬‬


‫‪ 2‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬التنمية المحلية‪ ،‬ط‪( 1‬اإلسكندرية‪ :‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪ ،)2011 ،‬ص‪.21.‬‬
‫‪110‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫يؤكد هذا التعريف على أن التنمية المحلية تعتمد على الجهود الذاتية لتحسين األوضاع المجتمعية في‬
‫‪1‬‬
‫ضوء أهداف متعارف عليها‪.‬‬
‫أما التعريف الذي قدمه آرثر دانهام ‪ Arthur Dunham‬يعتبر من أهم التعاريف التي وردت عن‬
‫التنمية المحلية فهو يرى أنها العملية التي يتم من خاللها توحيد جهود األفراد مع الجهود الحكومية بهدف‬
‫تحسين الظروف االقتصادية واالجتماعية والثقافية للمجتمعات المحلية ضمن اإلطار العام للدولة بشكل‬
‫‪2‬‬
‫يساهم في تقدم األمة بشكل عام‪.‬‬
‫ويتفق هذا التعريف مع التعريف الذي قدمته األمم المتحدة للتنمية المحلية بأنها العمليات التي يمكن‬
‫بها توحيد جهود السكان والحكومة لتحسين األحوال االقتصادية واالجتماعية والثقافية في المجتمعات‬
‫‪3‬‬
‫المحلية‪ ،‬ولمساعدتها في االندماج في حياة الجماعية والمساهمة في تقدمها بأقصى قدر ممكن‪.‬‬
‫ويرى بعض الباحثين أن التنمية المحلية هي عبارة عن عملية التغيير التي تتم في إطار سياسة عامة‬
‫محلية تعبر عن احتياجات الوحدة المحلية‪ ،‬وذلك من خالل القيادات المحلية القادرة على استخدام‬
‫واستغالل الموارد المحلية وإقناع المواطنين المحليين بالمشاركة الشعبية واالستفادة من الدعم المادي‬
‫والمعنوي الحكومي وصوال الى رفع مستوى المعيشة لكافة سكان أفراد الوحدة المحلية ودمج جميع‬
‫‪4‬‬
‫الوحدات في الدولة‪.‬‬
‫كما تعرف التنمية المحلية على أنها عملية تنويع واثراء األنشطة االقتصادية واالجتماعية في إقليم‬
‫‪5‬‬
‫معين من خالل تعبئة وتنسيق موارده وطاقاته‪ ،‬وبالتالي فهي ستكون نتاج لجهود سكان هذا اإلقليم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫أما الباحث رشاد أحمد عبد اللطيف فهو يرى أن التنمية المحلية هي‪:‬‬
‫‪ .1‬كل الجهود البشرية المبذولة من أجل احداث التقدم وتحقيق النمو للمواطن والمجتمع‪.‬‬
‫‪ .2‬أنها ليست مجرد خطة أو برنامج أو مشروع للنهوض بحياة المواطنين اقتصاديا واجتماعيا‬
‫وثقافيا‪ ،‬بل هي عمل انساني مخطط ومرسوم يشمل كل القطاعات‪ ،‬ويمتد الى كل المجاالت وكافة‬
‫المستويات لتحقيق التغيير االجتماعي المطلوب واكتشاف الموارد المادية واإلنسانية وتوجيهها‬
‫لتصبح عونا على تحقيق التقدم والرضا للمجتمع‪.‬‬
‫‪ .3‬أنها تعتمد على الجهد المشترك ما بين الحكومة والمواطنين في كل العمليات حتى تكون الجهود‬
‫ومتناسقة وذات هدف مشترك‪.‬‬
‫‪ .4‬أنها تعتمد على القيم األخالقية والدينية وتستمد قوتها من تعزيز هذه القيم ألهدافها‪.‬‬
‫‪ .5‬أنها تطوير مستويات الحياة نحو األحسن من خالل االستخدام األكثر كفاءة للموارد الطبيعية‬
‫والقضاء على األمية ورفع المستويات الصحية والثقافية وتدعيم القيم الدينية‪.‬‬
‫‪ .6‬أنها عملية تفاعلية تعاونية تبدأ من المجتمع وتنتهي لصالح المجتمع‪.‬‬

‫‪ 1‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21 .‬‬


‫‪ 2‬محمد خشمون‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية‪-‬دراسة سوسيولوجية" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد ‪( 33‬جوان ‪ ،)2010‬ص‪.343 .‬‬
‫‪ 3‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬التنمية المحلية ممارسات وفاعلون‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،)2015 ،‬ص‪.31 .‬‬
‫‪ 4‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.138 .‬‬
‫‪5 Nait Merzoug et Kouadria Nouredine et Amara Fatah, "Gouvernance urbaine et développement local en‬‬

‫‪Algérie. Quels enjeux pour les métropoles régionales ? Cas d'Annaba", revue des sciences humaines, université‬‬
‫‪mohamed kheider biskra, No24 (mars 2012), p .10.‬‬
‫‪ 6‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.84.‬‬
‫‪111‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ويرى الباحث عبد الخبير محمود عطا محروس أن التنمية المحلية تتمثل في مجموع السياسات‬
‫والمشروعات والبرامج التي تتم وفق توجهات عامة إلحداث تغيير مقصود ومرغوب فيه في المجتمعات‬
‫المحلية بهدف رفع مستوى المعيشة في تلك المجتمعات وذلك بتحسين نظام الدخول وهي عملية شاملة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫فهي وان كانت تبدو عملية اقتصادية اال أن هدفها في نهاية المطاف هدف اجتماعي‪.‬‬
‫كما يمكن تعرف التنمية المحلية أنها عملية تتم بشكل قاعدي من األسفل‪ ،‬تعطي األسبقية لحاجات‬
‫المجتمع المحلي وتتأسس على المشاركة الفاعلة لمختلف الموارد المحلية من أجل رفع مستويات العيش‬
‫وا الندماج والشراكة والحركية‪ ،‬وتعتمد على تفصيل كل موارد مجتمع محلي ما باعتبار هذه الموارد‬
‫‪2‬‬
‫والمؤهالت المحلية فاعال مهما في صناعة التغير وضمان استمراريته مع اشراك االنسان المحلي‪.‬‬
‫وتعرف التنمية المحلية اجرائيا على أنها مجموعة العمليات واألنشطة المخططة التي تهدف إلى‬
‫تحسين مستوى الحياة االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪...‬الخ في المجتمع المحلي‪ ،‬والتي تقوم على أساس‬
‫اشراك أفراده المحليين وتوحيد جهودهم مع الجهود الحكومية باالعتماد قدر اإلمكان على الموارد الطبيعية‬
‫والطاقات البشرية المتوفرة محليا‪ ،‬في إطار متكامل ومتناسق مع االستراتيجية العامة للتنمية الوطنية‬
‫‪3‬‬
‫الشاملة‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أنه ال يوجد اجماع حول مفهوم التنمية المحلية‪ ،‬غير أنه يمكن استخالص جملة من‬
‫العناصر تساعد على ضبط حدود هذا المفهوم‪ ،‬منها أن التنمية المحلية هي مقاربة ذات أبعاد متعددة‬
‫(اقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬إقليمية)‪ ،‬وشاملة أفقية هي كذلك إرادية تشاركية‪ ،‬اذ تتطلب مشاركة أصناف‬
‫مختلفة من الفاعلين (عموميين‪ ،‬خواص‪ ،‬سكان)‪ ،‬وتتخذ من إقليم معين مجاال لها‪ ،‬من خالل كونه مجاال‬
‫معاشا يتمتع بهوية وعالقات أكثر كثافة بين الفاعلين المحليين‪ ،‬مما يسمح بتكوين اطار تفاهم وتشاور من‬
‫أجل صياغة استراتيجية متكاملة‪ ،‬كما أنها تتخذ من الموارد المحلية أداتها وغايتها عن طريق تفعيل‬
‫‪4‬‬
‫وتثمين تلك الموارد دون االنغالق على الذات‪.‬‬
‫ثانيا ظهور مصطلح التنمية المحلية‪:‬‬
‫لم يذكر مصطلح التنمية المحلية في األدبيات االقتصادية‪ ،‬فقد كان يركز المنظرون االقتصاديون‬
‫أبحاثهم ودراساتهم على النمو االقتصادي والتنمية االقتصادية بشكل عام‪ ،‬اال أنه منذ ستينات القرن‬
‫الماضي بدأت تظهر البوادر األولى لالهتمام بالتنمية المحلية من خالل تنامي اهتمام الدول بالتسيير على‬
‫المستوى المحلي كبديل وكرفض لنظام التسيير الموحد على المستوى المركزي الذي كان يسيطر على‬
‫غالبية اقتصاديات دول العالم‪ .‬وقد مر مصطلح التنمية المحلية بمرحلتين أساسيتين هما‪ :‬مرحلة النضال ثم‬
‫مرحلة االعتراف المتعدد األشكال‪ ،‬حيث عرفت فترة العشرينات العديد من المشاريع التي اهتمت بتطوير‬
‫‪5‬‬
‫المناطق الريفية فظهر مصطلح تنمية المجتمع‪ ،‬ثم التنمية الريفية‪ ،‬ثم التنمية الريفية المتكاملة‪.‬‬
‫وكان أول ظهور فعلي لمصطلح التنمية المحلية في فرنسا في بداية الستينات كرد فعل على قرارات‬
‫الدولة التي أرادت أن تجعل من اعداد التراب أولوية وطنية‪ ،‬وكان الهدف من هذه القرارات هو القضاء‬
‫ع لى الفوارق الجهوية بين العاصمة والضواحي وحتى داخل العاصمة نفسها‪ ،‬وذلك عن طريق سياسة‬

‫‪ 1‬عبد الخبير محمود عطا محروس‪" ،‬تجربة اإلدارة والتنمية المحلية في محافظة قنا‪ ،‬عملية اإلصالح المجتمعي المنهجي‪ :‬الضرورات‬
‫والمتطلبات‪ ،‬األدوار والمحددات‪ ،‬الرؤية والرسالة" (ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر تجارب اإلدارة والتنمية المحلية في محافظات جمهورية مصر‬
‫العربية‪ ،‬يومي ‪ 25‬و‪ 26‬ماي ‪ ،)2008‬ص‪.10 .‬‬
‫‪ 2‬األمين العوض حاج أحمد‪ ،‬حسن كمال الطاهر‪ ،‬رباب المحينة‪" ،‬األطر المؤسسية للمجتمع المحلي والشراكة في تحقيق التنمية"‪( ،‬ورقة بحثية‪،‬‬
‫أوت ‪ ،)2007‬ص ‪.09.‬‬
‫‪ 3‬محمد خشمون‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية‪-‬دراسة سوسيولوجية"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.343 .‬‬
‫‪ 4‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.32 .‬‬
‫‪ 5‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12 .‬‬
‫‪112‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫إدارية تعيد تنظيم األنشطة االقتصادية من فوق حسب منطق قطاعي للمصالح‪ ،‬وقد كانت هذه النظرة‬
‫الفوقية (اتخاذ القرارات من المركز دون التشاور مع السكان المحليين) مرفوضة من قبل مختلف الفاعلين‬
‫المحليين الذين يعتبرون أن تنمية أي إقليم يجب أن تأخذ بعين االعتبار حاجيات وتطلعات سكانه‪ ،‬مما‬
‫جعلهم يطالبون بتطبيق التنمية من تحت والتي تبنى على أساس استقاللية األقاليم سياسيا واقتصاديا‬
‫واجتماعيا عن مركز القرار بالعاصمة‪ .‬اال أن هذا األمر كان مرفوضا في البداية ألنه بني على بعد سياسي‬
‫يطالب بهوية خاصة لألقاليم‪ ،‬ثم استقر هذا المطلب على الجانب االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وفي بداية‬
‫الثمانينات أخذ مصطلح التنمية المحلية يحوز القبول‪ ،‬وكسب تدريجيا اعترافا من قبل مختلف الهيئات‬
‫الحكومية والمؤسسات والجمعيات منها مندوبية مراقبة التراب والعمل الجهوي ‪DATAR‬الفرنسية والتي‬
‫‪1‬‬
‫أقرت في مخطط (‪ )1988/1984‬التنمية المحلية كنمط من أنماط التنمية‪.‬‬
‫ثالثا أهداف التنمية المحلية‪:‬‬
‫تختلف أهداف التنمية في الهيئات المحلية (الوالية والبلدية) عن األهداف العامة للدولة‪ ،‬حيث أن‬
‫الهدف العام لها يرمي إلى ضرورة العمل على تحقيق مستوى رفاه متوازن لكل االفراد والجماعات‬
‫‪2‬‬
‫باإلضافة إلى األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬القضاء على الفقر والجهل والتخلف‪ ،‬من خالل فتح مناصب شغل مما يخفض من معدالت البطالة‬
‫ويرفع من القوة الشرائية لألفراد‪ ،‬كذلك توسيع الهياكل التربوية كبناء المدارس في مختلف‬
‫البلديات والتجمعات السكانية خاصة في الريف من أجل ضمان التمدرس لألطفال‪ ،‬باإلضافة الى‬
‫فك العزلة عن هذه المناطق ودفعها نحو االنفتاح والتحضر تدريجيا‪.‬‬
‫‪ .2‬تعزيز القدرات العامة للمجتمع كبناء الهياكل القاعدية وشق الطرقات واستصالح األراضي‬
‫وغيرها من المشاريع التي تزيد من قوة المجتمع‪.‬‬
‫‪ .3‬تحفيز السكان للمشاركة في عملية التنمية من خالل تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم‪ ،‬واشعارهم‬
‫بفعاليتهم في المجتمع وأنه بإمكانهم تقديم الخدمات الالزمة للتنمية في شتى المجاالت‪.‬‬
‫‪ .4‬تشجيع مزيد من االستثمارات الجديدة وزيادة مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني‪.‬‬
‫‪ .5‬تحقيق نمو متوازن يراعي اعتبارات الكفاءة االقتصادية في توزيع الموارد والتكافؤ االجتماعي‬
‫في توزيع ثمار التنمية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫كما تسعى عملية تنمية المجتمع المحلي إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تشمل مناطق الدولة المختلفة بالمشاريع التنموية مما يضمن تحقيق العدالة فيها‪ ،‬والحيلولة دون‬
‫تمركزها في العاصمة أو في مراكز الجذب السكاني‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم االخالل في التركيبة السكانية وتوزيعها بين أقاليم الدولة‪ ،‬والحد من الهجرات الداخلية من‬
‫الريف الى المناطق الحضرية‪.‬‬
‫‪ .3‬نقل المجتمع المحلي من حالة الالمباالة الى حالة المشاركة الفاعلة من خالل زيادة التعاون‬
‫والمشاركة بين السكان ومجالسهم المحلية‪.‬‬
‫‪ .4‬تنمية قدرات القيادات المحلية من أجل االسهام في تنمية المجتمع‪.‬‬

‫‪ 1‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13 .‬‬


‫‪ 2‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.37 .‬‬
‫‪ 3‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.140 .139 .‬‬
‫‪113‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .5‬تطوير الخدمات والنشاطات والمشروعات االقتصادية واالجتماعية في المجتمعات المحلية‬


‫والعمل على نقلها من الحالة التقليدية الى الحداثة‪.‬‬
‫‪ .6‬العمل على توفير المناخ المالئم لتمكين السكان المحليين من االبداع واالعتماد على الذات‪ ،‬دون‬
‫االعتماد الكلي على الدولة وانتظار مشروعاتها‪.‬‬
‫‪ .7‬توفير التسهيالت الممكنة من أجل تطوير المناطق المحلية وإتاحة المزيد من فرص العمل من‬
‫خالل جذب الصناعات والنشاطات االقتصادية المختلفة لهذه المناطق‪.‬‬
‫‪ .8‬ربط جهود الشعب مع جهود الحكومة للنهوض بالبالد اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وكذا تعزيز‬
‫روح العمل الجماعي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وبناءا على ما سبق يمكن تلخيص الهدف الرئيسي للتنمية المحلية في جانبين أساسيين وهما‪:‬‬
‫الجانب األول‪ :‬رفع المستوى المعيشي عبر تنوع األنشطة االقتصادية والتجارية واالجتماعية‪ ،‬وذلك‬
‫بتنشيط وتنويع موارد وطاقات المجال الجغرافي‪ ،‬مما يحدث تغيير نوعي في حياة المنطقة يمكن مالحظته‬
‫من خالل مستوى المعيشة وتطور البيئة الحياتية اليومية وتحسن مستوى الخدمات بفك العزلة عن المناطق‬
‫النائية‪ ،‬ويساهم في دمجها في االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫الجانب الثاني‪ :‬ويتعلق بتحديث بنية التنمية الريفية بإدخال التكنولوجيا الحديثة في اإلنتاج‪ ،‬وتحديث بنيات‬
‫الري‪ ،‬وتأهيل الكوادر‪ ،‬وبناء القدرات‪ ،‬وزيادة اإلنتاجية بإدخال المكننة واإلرشاد الزراعي لتحويل‬
‫المجتمعات القروية المنعزلة الى مجتمعات زراعية حديثة‪.‬‬
‫رابعا دوافع االهتمام بالتنمية المحلية‪:‬‬
‫تحتل التنمية المحلية مركزا هاما بين مواضيع التنمية في الفكر االقتصادي والدراسات االجتماعية‬
‫والسياسات الحكومية وبرامج المنظمات الدولية واإلقليمية‪ ،‬على اعتبار أنها عملية ومنهج يتم من خاللها‬
‫االنتق ال بالمجتمع من حالة التخلف والركود إلى وضع التقدم والقوة‪ ،‬والسير في طريق النمو واالرتقاء إلى‬
‫‪2‬‬
‫ما هو أفضل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ومن أهم األسباب والدوافع الكامنة وراء االهتمام المتزايد بالتنمية المحلية تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أسباب فكرية وسياسية وثقافية مترابطة‪ :‬وتتمثل في زيادة الوعي العام للسكان في المجتمعات‬
‫المعاصرة‪ ،‬فقد أدت الجهود التعليمية المختلفة ووسائل االعالم واالتصال الجماهيري الواسع‬
‫واالنفتاح والتفاعل الفكري والثقافي الى وعي الجماهير بحقوقها ومطالبها ضمن معايير العدالة‬
‫والمساواة والتوازن‪.‬‬
‫‪ -‬أسباب عملية‪ :‬وتتضمن جوانب اقتصادية وإدارية واجتماعية وبيئية‪ ،‬تتمثل أهمها في اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬الهجرة الداخلية من المحليات الى التجمعات السكانية المركزية والكبرى‪ ،‬مما‬
‫أدى الى ازدحام المدن والبطالة وتفريغ الريف والقرى وهجر األراضي المنتجة‬
‫والترف االستهالكي الزائد‪ ،‬وتزايد الطلب على الخدمات العامة في المدن‬
‫وغيرها من المشكالت‪.‬‬

‫‪ 1‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41 .‬‬


‫‪ 2‬فريدة كافي وزكية آكلي‪" ،‬التنمية المحلية في الجزائر قراءة للنهوض بالمقومات وتجاوز العوائق"‪ ،‬في مجلة اقتصاديات المال واألعمال‪ ،‬مارس‬
‫‪ ،2017‬ص‪.95 .‬‬
‫‪ 3‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36 .‬‬
‫‪114‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬االستفادة من المصادر والثروات المحلية في مجاالت عديدة كالزراعة والمياه‬


‫والسياحة وغيرها من المصادر وتوجيهها لخدمة التنمية القومية الشاملة‪.‬‬
‫‪ .3‬تعزيز المشاركة الشعبية في التنمية وتفعيل دور السكان في كافة المناطق لإلسهام‬
‫في الجهود التنموية تخطيطا وتنفيذا‪.‬‬
‫‪ .4‬التوجه نحو الالمركزية اإلدارية‪ ،‬بحيث تتطور كافة المناطق المحلية والمركزية‬
‫بشكل متقارب نسبيا‪ ،‬ويسمح بتقديم الخدمات العامة بسرعة وبكفاءة وفعالية‪.‬‬
‫‪ .5‬تعزيز االستقرار والوحدة والقوة والتعاون واالنسجام العام على المستوى الوطني‬
‫بشكل يساهم في تحقيق األمن الداخلي ويعزز قدرات الدفاع الخارجي‪.‬‬
‫إذن فالتنمية المحلية أصبحت عبارة عن نظام فرعي ضمن نظام كلي معقد ومفتوح وديناميكي‪ ،‬وينظر‬
‫لها كجزء فاعل وحيوي من التنمية الشاملة في المجتمع‪ ،‬وأن النظرة النظامية للتنمية بمختلف أبعادها‬
‫ومستوياتها هي نظرة تتفق مع متطلبات البيئة المعاصرة‪ ،‬حيث تساعد هذه النظرة في زيادة فعالية الجهود‬
‫التنموية وتوفير مدخالتها الضرورية وتوجيهها لتحقيق األهداف القومية والمحلية المترابطة‪ ،‬مما يساهم‬
‫‪1‬‬
‫في توزيع مكاسب التنمية بشكل يدعم االستقرار واألمن المجتمعي‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬نماذج ومؤشرات التنمية المحلية‬
‫إن ممارسة التنمية المحلية يعني العمل مباشرة على بناء القوة االقتصادية لمنطقة محلية ما بغية‬
‫تحسين مستقبلها االقتصادي ومستوى نوعية الحياة للسكان المحليين‪ ،‬ومن خالل هذا الفرع سنتناول كل‬
‫من نماذج التنمية المحلية ومؤشراتها‪.‬‬
‫أوال نماذج التنمية المحلية‪:‬‬
‫من الصعب وضع نموذج مثالي للتنمية المحلية نظرا لالختالفات المتباينة بين المجتمعات المحلية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ولذلك يمكن تصنيف نماذج التنمية المحلية الى ثالثة أصناف من النماذج اإلنمائية وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬النموذج التكاملي‪ :‬يشمل النموذج التكاملي كل البرامج التي تنطبق على المستوى القومي‪ ،‬والتي‬
‫بدورها تشمل كافة القطاعات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬كما أنها تشمل كافة المناطق الجغرافية في‬
‫الدولة‪ ،‬يقوم النموذج التكاملي على أساس استحداث وحدات إدارية وتنظيمية جديدة بغرض توفير‬
‫مؤسسات التنمية داخل المجتمعات المحلية والتي يشرف عليها جهاز مركزي منفصل عن‬
‫األجهزة الوظيفية القائمة على المستويات اإلدارية‪ .‬ولكي ينجح النموذج التكاملي يجب توافر‬
‫شبكات االتصال المزدوج من خالل قنوات ثابتة ومستمرة بين الهيئات العليا المركزية والهيئة‬
‫النوعية الوظيفية من خالل مؤسسات وهيئات ولجان دائمة أو مشتركة تسهر على مراقبة وتنفيذ‬
‫البرامج اإلنمائية‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق تكامل المستويات اإلدارية والتنظيمية المسؤولة عن إدارة‬
‫التنمية المحلية والتنمية القومية‪ ،‬وفي ظل توافر قدر معين من الالمركزية في اتخاذ القرارات‬
‫لتنفيذ برامج التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ .2‬النموذج التكيفي‪ :‬إن النموذج التكيفي يتفق مع النموذج التكاملي في أن برامجهما تنبثق على‬
‫المستوى المركزي‪ ،‬اال أن النموذج التكيفي يختلف عن النموذج التكاملي في أن النموذج التكيفي‬
‫يركز على عمليات التنمية على المستوى المحلي من خالل التركيز على الجهود الذاتية واالعتماد‬

‫‪ 1‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.37 .‬‬


‫‪ 2‬انزارن عادل‪" ،‬الدور التنموي للمخططات البلدية بين الواقع واآلفاق دراسة حالة بلدية باتنة (‪( ")2010-2002‬مذكرة ماجستير في العلوم‬
‫السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص‪ :‬إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬كلية العلوم السياسية واالعالم‪ ،‬جوان ‪ ،)2011‬ص‪.41 .‬‬
‫‪115‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫على التنظيمات الشعبية‪ ،‬وقد سمي بالنموذج التكيفي ألنه قابل للتنفيذ في ظل أي نوع من التنظيم‬
‫اإلداري وال يتطلب استحداث تغييرات في التنظيم اإلداري القائم‪.‬‬
‫‪ .3‬نموذج المشروع‪ :‬إن نموذج المشروع يطبق في منطقة جغرافية معينة تتوافر فيها ظروف‬
‫خاصة‪ ،‬ويتفق هذا النموذج مع النموذج التكاملي في أنه نموذج متعدد األغراض ولكنه يطبق في‬
‫منطقة جغرافية بعينها‪ ،‬في حين أن النموذج التكاملي يطبق على مستوى المجتمع ككل‪ .‬وحسب‬
‫بعض المهتمين بقضايا التنمية أن هذا النموذج يمكن أن يكون بمثابة نموذج تجريبي أو استطالعي‬
‫يطبق على المستوى القومي إذا ما ثبت نجاحه وفعاليته في المناطق التي تم تجريبه فيها‪.‬‬
‫ويمكن القول أن تنوع مشاريع وبرامج التنمية المحلية واختالف طبيعة البيئة المحلية تفرض تطبيقات‬
‫متنوعة للتنمية المحلية‪ ،‬وليس تطبيقا مثاليا ونمطيا لنماذج التنمية المحلية من خالل مراعاة الظروف‬
‫المجتمعية السائدة في كل دولة‪ ،‬كما أن نجاح تطبيق أي نموذج للتنمية المحلية مرهون بمدى االلمام‬
‫‪1‬‬
‫الشامل باإلمكانيات البشرية واالقتصادية المحلية واحتياجات المجتمعات المحلية‪.‬‬
‫ثانيا مؤشرات التنمية المحلية‪:‬‬
‫يشير المؤشر في المفهوم اللغوي إلى ما يدل أو يوضح الشيء‪ ،‬وهو من الناحية العملية يعكس بشكل‬
‫مباشر أو غير مباشر المقادير غير القابلة للقياس المباشر أو المالحظة المباشرة‪ .‬فمن المؤشرات ما يعكس‬
‫الواقع القائم‪ ،‬ومنها ما يعبر عن اتجاهات وقيم عامة‪ .‬فبعض المفكرين يعتمدون على مؤشر واحد لقياس‬
‫التنمية ومنهم ‪ Higgins‬والذي يربط بين التنمية والمساعدات األجنبية‪ ،‬و كذلك ‪ Ellis,s‬والذي يربط‬
‫بين التنمية واشباع احتياجات االفراد في المجتمع‪،‬إذ يرى أن المؤشرات التي تدل على التنمية في الدولة‬
‫يمكن أن تستدل عليها من خالل ما توفره الدولة لسكانها من خدمات لتشبع احتياجاتهم وتزيد من رفاهيتهم‪.‬‬
‫أما البعض االخر من المفكرين يعتمدون على أكثر من مؤشر يستدلون من خالله على التنمية ومن بينهم‬
‫‪ Rowk‬والذي ربط بين التنمية والمؤشرات التالية‪ :‬السكان‪ ،‬الصحة‪ ،‬التغذية‪ ،‬اإلسكان‪ ،‬الدخل‪،‬‬
‫االستهالك‪ ،‬العمالة‪ ،‬ظروف العمل‪ ،‬التعليم‪ ،‬الثقافة‪ ،‬الملكية الزراعية وأنواعها‪ ،‬أما ‪ Bauuer‬و‬
‫‪ Yamey,T‬فانهما أدرجا المؤشرات الدالة على التنمية بالشكل التالي‪ :‬طبيعة النشاط الزراعي‪ ،‬أساليب‬
‫‪2‬‬
‫اإلنتاج‪ ،‬نسبة األمية‪ ،‬معدل المواليد والوفيات‪.‬‬
‫والمالحظ أن هناك مؤشرات بعضها مرتبط بالنواحي االقتصادية‪ ،‬والبعض اآلخر مرتبط بالنواحي‬
‫االجتماعية‪ ،‬ولقد أشار تقرير األمم المتحدة عام ‪ 1954‬الى أن التنمية يمكن أن تقاس من خالل بعض‬
‫المؤشرات االجتماعية مثل‪ :‬مستوى المعيشة في المجتمع‪ ،‬قياس األهداف االجتماعية والسياسية‬
‫واالقتصادية المقبولة من المجتمع‪ ،‬والتي قررت بواسطة المؤسسات الوطنية أو القومية‪ .‬كما أضاف تقرير‬
‫ثاني لألمم المتحدة عام ‪ 1971‬بعدا آخر يمكن االعتماد عليه كمؤشر للتنمية وهو االستراتيجية التي يتبعها‬
‫‪3‬‬
‫المجتمع لتحقيق أهدافه ومجاالت العمل المتاحة كأساس لقياس التنمية‪.‬‬
‫ولقد رأى الباحث سيرز ‪ Seers, D‬في كتابه " قياس التنمية"‪ :‬أن التنمية مفهوم معياري ضمني‪ ،‬وأنه‬
‫غالبا ما يكون مرادفا للتحسن أو التقدم‪ ،‬حيث تهتم التنمية بتحسن أحوال المجتمع ومواجهة االحتياجات‬
‫التي يعبر عنها أفراده والتي تشبع االحتياجات اإلنسانية‪.‬‬
‫بينما أشار الباحث دونالد مجران ‪ Donald Maggrahan‬أن التنمية تعني حصر الرغبات‪ ،‬أو ما‬
‫يتطلع الناس اليه أو ما يتطلع المجتمع الى تحقيقه‪ ،‬أو صورة نموذجية للمستقبل‪ ،‬كما يرى أن التنمية‬

‫‪ 1‬انزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.42 .‬‬


‫‪ 2‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬التنمية المحلية‪ ،‬ط‪( 1‬اإلسكندرية‪ :‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪ ،)2011 ،‬ص‪.123.‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.124 .‬‬
‫‪116‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫تحتوي على تغيرات في البناء وتغيرات في االتجاهات‪ ،‬وهي ليست مهمة فقط بالنسبة لألفراد‪ ،‬ولكنها‬
‫مهمة كجزء من عملية تحقيق األهداف‪ .‬أي أن الباحث مجران يركز على األشياء المحسوسة من خالل‬
‫انجاز المشروعات التي تواجه احتياجات المجتمع‪ ،‬وعليه فان هناك أبعاد أخرى للمؤشرات الدالة على‬
‫التنمية وتتعلق باتجاهات سكان المجتمع‪ ،‬التغير في األنظمة‪ ،‬اشباع االحتياجات‪ ،‬درجة المسؤولية‬
‫‪1‬‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫بناءا على ما سبق يمكن اإلشارة إلى المؤشرات االقتصادية والمؤشرات االجتماعية والمؤشرات‬
‫الهيكلية للتنمية وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬المؤشرات االقتصادية‪ :‬يعتبر الدخل من المؤشرات األساسية ألنه هو الذي يستخدم في قياس التنمية‬
‫ودرجة التقدم االقتصادي‪ ،‬وتجدر اإلشارة الى أن هناك صعوبة في تحديد مفهوم الدخل الحقيقي واالتفاق‬
‫على البنود التي تحسب ضمن اجمالي الناتج القومي وكذلك عدم ثبات أسعار الصرف الخارجية واختالف‬
‫‪2‬‬
‫األسعار الرسمية الحقيقية من األمور التي يتعين أن تؤخذ بعين االعتبار عند تقرير تلك المؤشرات‪.‬‬
‫الدخل القومي الكلي‪ :‬إن زيادة الدخل القومي ال تعني نموا اقتصاديا عند زيادة عدد السكان‬ ‫أ‪-‬‬
‫بمعدل أكبر‪ ،‬كما أن نقص الدخل القومي ال يعني تخلفا اقتصاديا عند انخفاض عدد السكان‬
‫بمعدل أكبر‪ ،‬وعليه فان االعتماد على هذا المقياس قد يؤدي الى استنتاجات غير دقيقة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدخل القومي الكلي المتوقع‪ :‬بعض الباحثين يقترحون االعتماد على الدخل المتوقع في قياس‬
‫النمو االقتصادي‪ ،‬فقد يكون لدى الدولة موارد كامنة يمكنها أن تستغلها بتوظيف وسائل تقنية‬
‫متطورة‪.‬‬
‫ت‪ -‬معيار متوسط الدخل‪ :‬فالزيادة في متوسط دخل الفرد التي تعتبر مؤشرا للتقدم ولعملية التنمية‬
‫السريعة هي تلك الزيادة التي تصاحب تغير الوضع االجتماعي المترتب على تصحيح‬
‫االختالالت الهيكلية‪ ،‬أما بالنسبة للزيادة الفجائية في متوسط دخل الفرد نتيجة الكتشاف مورد‬
‫جديد أو ثروة طبيعية جديدة دون أن يصاحب ذلك تغير في البنيان االجتماعي واالقتصادي‬
‫والثقافي فإنها ال تعتبر تنمية على االطالق طالما بقيت كافة سمات التخلف بالرغم من‬
‫االرتفاع الكبير في متوسط دخل الفرد‪.‬‬
‫‪.2‬المؤشرات االجتماعية‪ :‬تتعلق المؤشرات االجتماعية بنوعية الخدمات التي تعايش الحياة اليومية ألفراد‬
‫المجتمع (جوانب صحية‪ ،‬جوانب التغذية‪ ،‬جوانب تعليمية وثقافية)‪ ،‬وما يعتريها من متغيرات‪ .‬ويمكن‬
‫اإلشارة للمؤشرات االجتماعية فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬المعايير الصحية‪ :‬من بين المعايير التي يمكن من خاللها قياس مدى التقدم الصحي ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدد الوفيات لكل ألف من السكان‪ ،‬حيث أن ارتفاع عدد الوفيات يعني عدم كفاية‬
‫الخدمات الصحية وعدم كفاية الغذاء‪.‬‬
‫‪ -‬معدل توقع الحياة عند الوالدة‪ ،‬أي متوسط عمر الفرد‪ ،‬فكلما زاد هذا المعدل دل‬
‫ذلك على درجة التقدم االقتصادي أما إذا انخفض هذا المعدل فانه يدل على درجة‬
‫التخلف االقتصادي‪.‬‬

‫‪ 1‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪124..‬‬


‫‪ 2‬بن الطاهر حسين‪" ،‬التنمية المحلية والتنمية المستدامة" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد ‪( 24‬مارس‪،)2012‬‬
‫ص‪.457 .‬‬
‫‪117‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫ب‪ -‬المعايير التعليمية‪ :‬للتعليم أثر إيجابي على اإلنتاج واالستهالك‪ ،‬اذ يساهم االنفاق على‬
‫التعليم في تنمية الموارد البشرية وتأهيلها‪ ،‬وللتعرف على المستوى التعليمي والثقافي‬
‫‪1‬‬
‫هناك مجموعة من المعايير منها‪:‬‬
‫‪ -‬نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة من أفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬نسبة المسجلين في كل مرحلة من مراحل التعليم في المرحلة األساسية‪ ،‬في‬
‫الثانوية‪....‬الخ‬
‫‪ -‬نسبة االنفاق على التعليم بجميع مراحله إلى اجمالي الناتج المحلي وكذلك إلى‬
‫اجمالي االنفاق الحكومي‪.‬‬
‫ت‪ -‬معايير التغذية‪ :‬وللتعرف على مستوى التغذية هناك مجموعة من المؤشرات منها‪:‬‬
‫‪ -‬متوسط نصيب الفرد اليومي من السعرات الحرارية‪.‬‬
‫‪ -‬نسبة النصيب الفعلي من السعرات الحرارية الى متوسط المقررات الضرورية‪.‬‬
‫ث‪ -‬معيار نوعية الحياة المادية‪ :‬إن هذا المعيار مركب‪ ،‬فهو يعتمد على أكثر من جانب من‬
‫جوانب الحياة‪ ،‬مثل‪( :‬توقع الحياة عند الميالد‪ ،‬معدل الوفيات عند األطفال‪ ،‬معرفة القراءة‬
‫والكتابة)‪ .‬إن هذا المعيار يهتم بالنتائج دون أن يتعرف الى الجهود المبذولة لتحقيقها‪ ،‬كما‬
‫أنه ال يأخذ في اعتباره مستويات الدخل والقدرة على الشراء‪.‬‬
‫ج‪ -‬معيار دليل التنمية البشرية‪ :‬فقد نجخ برنامج األمم المتحدة عام ‪ 1990‬في الوصول إلى‬
‫معيار جديد عرف بدليل التنمية البشرية أو معيار التقدم البشري‪ ،‬وهو معيار مركب كذلك‬
‫مثل معيار نوعية الحياة المادية‪ ،‬حيث يحاول الربط بين مفردات معيار نوعية الحياة‬
‫المادية والناتج القومي المعدل بالقوة الشرائية مثل‪( :‬توقع الحياة عند الميالد‪ ،‬معرفة‬
‫التحصيل العلمي‪ ،‬معرفة القراءة والكتابة ومتوسط عدد سنوات الدراسة في المؤسسات‬
‫التعليمية‪ ،‬متوسط نصيب الفرد من الدخل المعدل بالقوة الشرائية)‪.‬‬
‫‪ .3‬المؤشرات الهيكلية‪ :‬اتجهت الدول المتقدمة إلى التصنيع من أجل توسيع قاعدة انتاجها وتنويعه‪،‬‬
‫ب اإلضافة إلى تحقيق زيادة في الدخل ورفع مستويات المعيشة‪ ،‬بحيث كانت الدول النامية تمثل‬
‫سوقا لتصريف منتجات الدول المتقدمة من السلع المصنعة ومصدرا للمواد األولية‪ ،‬ومن بين‬
‫‪2‬‬
‫المؤشرات الهيكلية المستخدمة في قياس التنمية نذكر ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬األهمية النسبية لإلنتاج الصناعي إلى اجمالي الناتج المحلي‪.‬‬
‫ب‪ -‬األهمية النسبية للصادرات من السلع الصناعية إلى اجمالي الصادرات‪.‬‬
‫ت‪ -‬نسبة العمالة في القطاع الصناعي إلى اجمالي العمالة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبادئ التنمية المحلية ومقوماتها‬
‫إن التنمية المحلية ليست مجرد شعارات بل هي مجموعة من الحاجات والتي تحتاج إلى حلول واقعية‪،‬‬
‫وبالتالي ال بد من توافر بعض العوامل الهامة من أجل إنجازها‪ ،‬وعلى هذا األساس تم تقسيم هذا المطلب‬
‫إلى فرعين سيختص الفرع األول بمبادئ التنمية المحلية‪ ،‬في حين سيختص الفرع الثاني بدراسة مقومات‬
‫التنمية المحلية‪.‬‬

‫‪1‬بن الطاهر حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.458 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.459 .‬‬
‫‪118‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع األول مبادئ التنمية المحلية‪:‬‬


‫تعتبر عملية التنمية المحلية عملية تغيير حضاري مقصودة ومخطط لها‪ ،‬وهي تقوم على مجموعة من‬
‫‪‬‬
‫المبادئ‪ ،‬تتمثل هذه المبادئ في اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬مبدأ الشمول‪ :‬ويعني ضرورة تناول قضية التنمية من جميع جوانبها االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‬
‫والثقافية‪ ،‬كما يعني الشمول أيضا أن تشمل التنمية كل قطاعات المجتمع الجغرافية والسكانية‬
‫بحيث تغطي المشروعات والبرامج كل المجتمع قدر اإلمكان‪ ،‬من أجل تحقيق العدالة وتكافؤ‬
‫الفرص وارضاء المواطنين‪.‬‬
‫‪ .2‬مبدأ التكامل‪ :‬ويعني هذا المبدأ التكامل بين الريف والحضر‪ ،‬أي أنه ال يمكن اجراء تنمية ريفية‬
‫دون تنمية حضرية والعكس‪ ،‬حيث توجد هناك عالقة عضوية بين الريف والحضر‪ ،‬ويعني كذلك‬
‫التكامل بين الجوانب المادية والبشرية‪ ،‬فالتنمية ما هي اال احداث تغيير مرسوم في المجتمع‪ ،‬وهذا‬
‫التغيير له جوانب مادية وأخرى غير مادية‪ ،‬حيث يكون التغيير متوازنا في كال الجانبين المادي‬
‫وغير المادي‪.‬‬
‫‪ .3‬مبدأ التوازن‪ :‬ويعني االهتمام بجوانب التنمية حسب حاجة المجتمع‪ ،‬فلكل مجتمع احتياجات‬
‫تفرض وزنا خاصا لكل جانب منها‪ ،‬ففي المجتمعات الفقيرة مثال تحتل قضايا التنمية االقتصادية‬
‫فيها وزنا أكبر على ما عداها من القضايا واالهتمامات‪ ،‬مما يجعل تنمية الموارد اإلنتاجية هي‬
‫األساس المستهدف من التنمية‪ ،‬أما القضايا األخرى فهي بمثابة فروع منها‪.‬‬
‫‪ .4‬مبدأ التنسيق‪ :‬إن هذا المبدأ يهدف إلى توفير جو مناسب يسمح بتعاون جميع األجهزة القائمة على‬
‫خدمة المجتمع‪ ،‬وتظافر جهودها وتكاملها بما يمنح ازدواج الخدمة أو تضاربها‪ ،‬ألن ذلك يؤدي‬
‫ال ى تضييع الجهود وزيادة التكاليف‪ ،‬وعليه فانه تبذل محاوالت عديدة إلعمال مبدأ التنسيق بهدف‬
‫القضاء على هذه النقائص والتقليل من آثارها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫كما يضيف الباحث رشاد احمد عبد اللطيف مبادئ أخرى تتمثل في‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تستهدف مشروعات التنمية المحلية احداث تغيير في االتجاهات واشباع الحاجات‪ ،‬بحيث‬
‫أن اثارة وعي الناس واحساسهم بأن التحسن في أحوالهم ناتج عن جهودهم‪ ،‬وأن عليهم أن‬
‫ينتظروا المزيد من التحسن طالما أنهم يتزودون بالمعرفة ويقفون على الجديد من الوسائل‬
‫واألفكار‪ ،‬كما أن اشباع الحاجات واكساب األهالي أسلوب التفكير المناسب والتخطيط العلمي‬
‫وتنفيذ المشروعات‪.‬‬
‫‪ .2‬ضرورة مساهمة األهالي في شؤون مجتمعهم والعمل على تنشيط أجهزة الحكم المحلي‬
‫القائمة‪ ،‬من خالل االستفادة من الجمعيات األهلية‪ ،‬المدارس‪ ،‬المراكز االجتماعية في الريف‪،‬‬
‫النوادي‪ ،‬والعمل على إيجاد مجلس يضم كل هذه المؤسسات ويتفاعل مع المجتمع سواء كان‬
‫ريفيا أو حضريا‪.‬‬
‫‪ .3‬تدريب القادة المحليين للقيام بدورهم‪ ،‬من أجل معرفة كيفية التعامل مع الناس وتفهم مشاكلهم‪،‬‬
‫واكتساب المهارات األساسية في إدارة الجلسات‪.‬‬

‫‪ 1‬رحماني موسى والسبتي وسيلة‪" ،‬تمويل التنمية المحلية المستدامة من منظور إسالمي" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪،‬‬
‫العدد ‪( 23‬نوفمبر ‪ ،)2011‬ص ‪.296.‬‬
‫‪ 2‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.229 .227 .‬‬
‫‪119‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .4‬ضرورة مساعدة الجهات الحكومية في العمل التنموي‪ ،‬فال ينبغي لها أن تقف جهودها على‬
‫مجرد التشجيع وحث األهالي على العمل‪ ،‬بل عليها تقديم المساعدات الفنية لقيام هذه البرامج‬
‫على نحو يدعم سياسة الدولة في احداث التنمية‪.‬‬
‫‪ .5‬وضع سياسة ثابتة ونظام اداري خاص‪ ،‬اذ يضم هذا الجهاز ممثلين عن الهيئات والوزارات‬
‫المعنية ويكون هدف هذا الجهاز هو وضع السياسة العامة وتنسيق الجهود األهلية والحكومية‬
‫والقيام بأبحاث في مجال التنمية‪.‬‬
‫‪ .6‬ضرورة االستعانة بالمؤسسات األهلية في برامج ومشروعات التنمية سواء على المستوى‬
‫المحلي أو القومي‪ ،‬فالحكومة عليها أن تشجع تضافر الجهود األهلية على المستوى المحلي‬
‫وتنسيق األعمال مع المؤسسات األهلية وبعضها لضمان العمل المشترك في مجاالت التنمية‪.‬‬
‫‪ .7‬أن تسير التنمية االقتصادية واالجتماعية على المستوى المحلي في خطوط متوازية مع‬
‫المستوى القومي‪ ،‬فالمجتمعات المحلية ال يمكنها حل مشاكلها االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية في معزل عن الدولة‪ ،‬بحيث أنها تعتمد عدة أمور على ما جاورها من المجتمعات‬
‫وعلى المنطقة والمحافظة والدولة‪ ،‬فالتعاون المتبادل بين هذه األجزاء هام بالنسبة للتنمية‪،‬‬
‫وكذلك بالنسبة للدولة‪ ،‬فالكثير من المشاكل ال يمكن حلها اال ببرامج شاملة على المستوى‬
‫القومي مثل‪ :‬اصالح األراضي‪ ،‬البطالة‪ ،‬نقل التكنولوجيا‪ ،‬استخدام الطاقة الكهربائية‪،‬‬
‫الصرف الصحي‪ ،‬االنارة‪...‬وغيرها‪.‬‬
‫الفرع الثاني مقومات التنمية المحلية‪:‬‬
‫يقوم مفهوم التنمية المحلية على مشاركة السكان في جميع الجهود المبذولة لتحسين مستوى‬
‫معيشتهم وتوفير مختلف الخدمات ومشروعات التنمية المحلية بأسلوب يشجع على االعتماد على النفس‬
‫‪1‬‬
‫وعلى التشاركية في اتخاذ القرارات‪ ،‬وتتمثل مقومات التنمية المحلية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬المقومات المالية‪ :‬إذ بعد المال عامال أساسيا في عملية التنمية المحلية‪ ،‬فنجاح الهيئات المحلية في‬
‫أداء واجبها من ناحية وتوفير الخدمات للمواطنين يتوقف الى حد كبير على حجم مواردها المالية‪،‬‬
‫فكل ما زادت الموارد المالية التي تخص الجماعات المحلية كلما أمكنها ذلك من ممارسة‬
‫اختصاصاتها على الوجه األكمل معتمدة في ذلك على نفسها دون اللجوء الى الحكومة المركزية‬
‫للحصول على اإلعانات المالية‪ ،‬ويتطلب تسيير هذه الموارد وجود إدارة مالية على المستوى‬
‫المحلي تتولى تنظيم حركة األموال من خالل التخطيط المالي الجيد باإلضافة الى الرقابة المالية‬
‫المستمرة‪ .‬كذلك ضرورة توفر نظام محاسبي كفء وتنظيم رشيد للمعلومات‪ ،‬وتحليل مالي سليم‬
‫وموازنة محلية أو قيم مالية دقيقة‪.‬‬
‫‪ .2‬المقومات البشرية‪ :‬إن من أهم العناصر في العملية اإلنتاجية وفي نجاح التنمية المحلية هو‬
‫العنصر البشري‪ ،‬حيث أن هذا األخير هو الذي يفكر في كيفية استخدام الموارد المتاحة أفضل‬
‫استخدام‪ ،‬كما أنه يدير التمويل الالزم إلقامة المشروعات ويقوم بتنفيذ هذه المشروعات ومتابعتها‬
‫وإعادة النظر فيما يقابله من مشكالت‪ ،‬وكذا وضع الحلول المناسبة لها في الوقت المناسب‪ .‬يمكن‬
‫النظر لدور العنصر البشري في التنمية المحلية من خالل زاويتين هما‪:‬‬
‫‪ -‬األولى‪ :‬وهي أن العنصر البشري هو غاية التنمية‪ ،‬فهدف التنمية هو االنسان‪.‬‬
‫‪ -‬الثانية‪ :‬إن العنصر البشري هو وسيلة لتحقيق التنمية‪.‬‬
‫‪ 1‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.25 .‬‬
‫‪120‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫إذن فمن أهداف التنمية المحلية هو تنمية الموارد البشرية من مختلف الجوانب (االجتماعية‪،‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬السياسية‪ ،)...‬فاإلنسان لديه طاقات وقدرات ذهنية وجسدية تفوق كثيرا ما تم‬
‫استغالله فعال في مواقع العمل المختلفة‪ ،‬وأن االستفادة القصوى من تلك الطاقة والقوة هي المصدر‬
‫الحقيقي لتحقيق إنجازات التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ .3‬المقومات التنظيمية‪ :‬إن المقومات التنظيمية تتمثل في وجود نظام لإلدارة المحلية الى جوار‬
‫اإلدارة المركزية مهمته إدارة المرافق المحلية وتنظيم الشؤون المحلية‪ .‬حيث يقوم نظام اإلدارة‬
‫‪1‬‬
‫المحلية هذا على مبدأين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ الديموقراطية‪ :‬اذ تفتح اإلدارة المحلية الباب أمام المشاركة الشعبية في شؤون الحكم على‬
‫المستوى المحلي وتدفعه لالهتمام بالشؤون العامة‪ ،‬بحيث أنه كلما استعانت السلطة المركزية‬
‫باإلدارة المحلية ومجالسها المنتخبة كلما كان ذلك مؤشرا على الديموقراطية‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الالمركزية‪ :‬أي أن تستند مسألة الفصل في بعض األمور الى هيئات مستقلة عن الهيئات‬
‫المركزية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النظريات المفسرة للتنمية المحلية ومراحلها األساسية‬
‫اكتسبت التنمية المحلية أهمية كبيرة كونها وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة على مستوى الدولة‪ ،‬ولذلك‬
‫تم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين سنتناول النظريات المفسرة للتنمية المحلية في الفرع األول والمراحل‬
‫األساسية لعملية التنمية المحلية في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬النظريات المفسرة للتنمية المحلية‬
‫لقد شغل مفهوم التنمية المحلية أذهان الكثير من الباحثين المهتمين بالنواحي السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وقد ظهرت عدة نظريات تناولت موضوع التنمية المحلية سيتم التطرق إلى أبرزها وهي‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬نظرية أقطاب النمو‪ :‬ويمثلها كل من "فرانسوا بيرو"‪" ،‬بودفيل"‪" ،‬هيرشمان"‪ ،‬وغيرهم‪ .‬ظهرت‬
‫هذه النظرية في الستينيات‪ ،‬وقد ألهمت الحكومات في تلك الفترة محاولة منهم الى تعمير األرياف‬
‫والقضاء على الفوارق التي تميز المدينة عن الريف‪ .‬حيث تقوم هذه النظرية على أساس الفضاء‬
‫المتعدد األقطاب‪ ،‬من خالل تقسيم البلد (الفضاء) الى اقطاب كبيرة غير متجانسة سيؤدي‬
‫بالضرورة الى البحث عن كيفية تطوير كل قطب حسب خصوصيته ومن ثم سيؤدي في النهاية‬
‫إلى تنمية الدولة ككل‪.‬‬
‫‪ .2‬نظرية القاعدة االقتصادية‪ :‬وتعتمد هذه النظرية على فكرة الصادرات كأساس لتنمية المناطق‪،‬‬
‫فحسب هذه النظرية فان مستوى اإلنتاج والتشغيل ألي منطقة يعتمد على مدى قدرتها على‬
‫التصدير‪ ،‬والذي يتحدد بدوره بحسب الطلب الخارجي‪ .‬وتقوم هذه النظرية بتقسيم األنشطة‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادية داخل المنطقة إلى‪:‬‬
‫‪ -‬نشاطات قاعدية‪ :‬وهي النشاطات التي تغطي القطاعات المصدرة والتي تساهم في خلق مناصب‬
‫شغل وجلب مداخيل من الخارج مثل قطاع السياحة‪.‬‬

‫‪ 1‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27.‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪16 .13.‬‬
‫‪121‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬نشاطات داخلية‪ :‬وهي األنشطة الموجهة لتلبية الحاجيات الداخلية للمنطقة‪ ،‬والتكامل بين هذه‬
‫األنشطة يساهم في تطوير المنطقة ومن ثم تطوير البلد ككل‪.‬‬
‫‪ .3‬نظرية التنمية من تحت‪ :‬ظهرت هذه النظرية في بداية السبعينيات‪ ،‬حيث تميزت هذه الفترة بعدة‬
‫تحوالت مست االقتصاد العالمي‪ ،‬أهمها ارتفاع أسعار البترول وتكاليف النقل وانخفاض المالية‬
‫العمومية‪ ،‬مما ساهم في طرح أفكار للبحث عن تنمية تنطلق من األسفل نحو األعلى‪ ،‬خاصة بعد‬
‫التحوالت التي مست المجتمعات واهتمامها أكثر بالجوانب االجتماعية والبيئية‪ ،‬ومطالبة‬
‫المجتمعات المحلية بمساهمة أكبر في القرارات التي تمس حياتهم‪ .‬اذن تركز هذه النظرية على‬
‫فكرة تنظيم االقتصاد من طرف أعضاء المجموعات المحلية لصالحها‪.‬‬
‫‪ .4‬نظرية المقاطعة الصناعية‪ :‬إن بدايات هذه النظرية تعود الى أعمال "ألفريد مارشال" (‪،)1890‬‬
‫فقد كان أول من تحدث عن التجمعات التي تنشأ من تركز مجموعة من المؤسسات تنشط في نفس‬
‫المجال في منطقة واحدة‪ ،‬والتي أطلق عليها اسم المقاطعة الصناعية‪ .‬وقد تم تطوير هذه األفكار‬
‫على يد اإليطالي "بيكاتيني" (‪ )1979‬خاصة في منطقة الوسط الشمالي بإيطاليا‪ .‬فتؤكد هذه‬
‫النظرية على أن تركز مجموعة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في منطقة واحدة سوف يعود‬
‫عليها بالنفع من خالل تخفيض تكلفة النقل سواء عند الشراء أو البيع‪ ،‬االستفادة من يد عاملة‬
‫مؤهلة وقريبة‪ ،‬تسهيل تحويل المعارف والمعلومات بين المؤسسات‪.‬‬
‫‪ .5‬نظرية الوسط المجدد‪ :‬ظهرت هذه النظرية إثر بحث قام به مجموعة من الباحثين األوروبيين‬
‫يرأسهم "فيليب ايدلو" حول الوسط المجدد‪ ،‬وتعتبر هذه النظرية أن اإلقليم هو الوسط المجدد‬
‫والمنشئ لكل األنشطة‪ ،‬ويرى روادها أن التنمية المحلية هي نتاج تطور متسلسل ومتجدد على‬
‫إقليم معين‪ ،‬فالتنمية ال يمكن أن تحدث اال بوجود وسط (اإلقليم)‪ ،‬والذي يحوي عناصر وعوامل‬
‫قادرة على استيعاب مختلف المعارف والتأقلم مع مختلف المتغيرات‪ ،‬وهذا من خالل التراكمات‬
‫التاريخية التي توجد داخل الوسط‪ .‬فالوسط حسب هذه النظرية هو المكان األفضل للتطور‬
‫واحداث التنمية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مراحل التنمية المحلية‬
‫‪1‬‬
‫يرى الباحث أحمد عبد اللطيف أن عملية التنمية المحلية تمر بعدة مراحل وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬مرحلة البدء‪ :‬تتسم هذه المرحلة بشك المجتمع المحلي في مقدرته على حل مشكالته وتحقيق‬
‫أهدافه‪ ،‬اذ يرى أن الجهة الوحيدة القادرة على حل المشكالت هي "الحكومة"‪ ،‬وأنه ال قوة له في‬
‫دفع عملية التنمية‪ ،‬وبالتالي تتدخل الخدمة االجتماعية للتأثير على أفراد المجتمع المحلي واذكاء‬
‫الثقة لديهم بقدرتهم على التغير والوصول الى أهدافهم‪ ،‬وكذا توضيح المضار التي سوف تنجم‬
‫نتيجة عدم االعتماد على النفس في حل المشكالت‪.‬‬
‫‪ .2‬مرحلة االنطالق‪ :‬وفيها يشعر أفراد بأنه يمكنهم تغيير بعض األوضاع والقيام بالمسؤوليات‬
‫المسندة إليهم وتحقيق حدة مقاومتهم للتغيير‪ ،‬وان تم هذا الشعور ببطء اال أنه ال يتراجع ويسير‬
‫قدما نح و تحقيق الهدف وتقوم الخدمة االجتماعية في هذه المرحلة بإيضاح نواحي التقدم التي‬
‫أحرزها المجتمع‪ ،‬بث روح الثقة بين أفراد المجتمع‪ ،‬وكذا مواجهة أي معوقات مضادة قد تؤدي‬
‫الى خفض الروح المعنوية ومواجهة الشائعات التي قد تحد من قدرة المجتمع على مواجهة‬
‫المشكالت‪.‬‬

‫‪ 1‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.19 .16 .‬‬
‫‪122‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .3‬مرحلة االستقرار النسبي والشعور بقيمة اإلنجاز‪ :‬في هذه المرحلة يصل أفراد المجتمع إلى‬
‫تحقيق األهداف التي تحركوا من أجلها‪ ،‬ثم يسعون نحو تحقيق أهداف أخرى‪ ،‬وكلما تحقق هدف‬
‫كلما شعروا بالقوة والقدرة على اإلنجاز‪ ،‬وما يميز هذه المرحلة ارتفاع معدل الثقة بالنفس لدى‬
‫األهالي‪ ،‬تكامل الجهود األهلية والحكومية‪ ،‬القدرة على ترتيب االحتياجات حسب أهميتها‪،‬‬
‫التحرك في ضوء الموارد المتاحة داخليا وخارجيا‪ ،‬المغاالة في الثقة بالنفس‪ ،‬بدأ الهبوط‬
‫التدريجي لقوة المجتمع اذا لم يجد التوجيه المناسب‪ ،‬وبالتالي ففي هذه المرحلة على الخدمة‬
‫االجتماعية أن تساهم بـ‪:‬‬
‫‪ -‬حث المجتمع على االستمرار في عمليات التنمية ويتم ذلك باالستفادة من المهارات والقدرات‬
‫المتوفرة لديهم‪.‬‬
‫‪ -‬اكتشاف القيادات الجديدة وتوجيه المسؤولين نحو اعداد برامج تدريبية تناسبهم‪.‬‬
‫‪ -‬مواجهة أي مشكالت قد تؤثر على حماس المواطنين (كالتشكيك في قدرة المجتمع على حل‬
‫مشاكله)‪.‬‬
‫‪ .4‬مرحلة الهبوط التدريجي‪ :‬وفيها يشعر المجتمع أنه قد وصل الى أكبر قدر من المنفعة‪ ،‬مما قد يولد‬
‫لديه نوعا من الملل واالرهاق نتيجة استنفاذ قدر كبير من الجهد للوصول الى تحقيق تلك‬
‫األهداف‪ ،‬وشعوره أن العائد من التنمية ال يساوي الجهد المبذول‪ ،‬وقد يتعرض المجتمع الى‬
‫بعض المشكالت (كارثة‪ ،‬حرب‪ ،‬أمراض‪ ،‬نزاع بين األهالي أنفسهم‪ )...‬مما قد يحول دون تحقيق‬
‫األهداف المرجوة‪ .‬وفي هذه المرحلة على الخدمة االجتماعية أن تقوم بتعريف أهم المشكالت‬
‫التي يعاني منها المجتمع سواء ما يتعلق باألفراد أو المؤسسات الحكومية أو المؤسسات األهلية‪،‬‬
‫ومن ثم وضع اآلليات من أجل تفعيل الجهود المبذولة الستمرارية عملية التنمية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مجاالت التنمية المحلية والمعوقات التي تحول دون تحقيقها‬
‫إن التنمية المحلية عملية يمكن بواسطتها تحقيق التعاون الفعال بين المجهود الشعبي والحكومي‪ ،‬من‬
‫أ جل االرتقاء بمستوى التجمعات والوحدات المحلية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا‪ ،‬وفي هذا المطلب من‬
‫البحث سنتطرق إلى مجاالت التنمية المحلية في الفرع األول ثم المعوقات التي تحول دون تحقيقها في‬
‫الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مجاالت التنمية المحلية‬
‫تتسع مجاالت ونطاق التنمية المحلية كتخصص ليصل إلى معظم العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية والسياسية واإلدارية‪ ،‬بحيث تم طرح التنمية المحلية كمفهوم له روابط قوية مما أدى إلى‬
‫‪1‬‬
‫بروز عدة مجاالت تنموية‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬التنمية االقتصادية‪ :‬ويقصد بها عملية تحسين وتنظيم استغالل الموارد المادية والبشرية المتاحة‬
‫بهدف زيادة اإلنتاج الكلي من السلع والخدمات بمعدل أسرع من معدل الزيادة في السكان‪ ،‬بهدف‬
‫تحقيق زيادة متوسطة في دخل الفرد الحقيقي‪ .‬فغايتها هي رفاهية االنسان ماديا عن طريق تحسين‬
‫دخل الفرد وتحسين مستواه المعيشي‪ .‬كما أنها تهدف أساسا إلى وضع مخططات لتطوير الوضعية‬
‫االقتصادية للمجموعة المحلية سواء في الجانب الصناعي أو الزراعي وحتى المنشآت القاعدية‬
‫بما يسمح الحقا بتوازن يمكنها من توفير منتجات اقتصادية تلبي حاجات أفرادها‪.‬‬

‫‪ 1‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20 .‬‬


‫‪123‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬التنمية االجتماعية‪ :‬ظهرت التنمية االجتماعية ألول مرة وبطريقة علمية ورسمية في هيئة األمم‬
‫المتحدة سنة ‪ 1950‬فقد لفتت الخطة الخماسية للحكومة الهندية األنظار اليها بأساليبها وأهدافها‬
‫سنة ‪ ،1951‬ومنذ سنة ‪ 1955‬بدأ االهتمام األممي بالتنمية االجتماعية عن طريق المجلس‬
‫‪1‬‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫إن جوهر هذا المفهوم هو العنصر اإلنساني للتركيز على قواعد مشاركة الفرد في التفكير‬
‫واعداد وتنفيذ البرامج الرامية للنهوض به‪ ،‬وخلق الثقة في فعالية برامج التنمية االجتماعية والتي‬
‫تنحصر أساسا في الخدمات العامة والخدمات االجتماعية مثل‪ :‬الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬اإلسكان‪ ،‬الضمان‬
‫االجتماعي‪ ،‬والتي يمكن جمعها في عملية االستثمار في الموارد البشرية‪ .‬وترتبط التنمية‬
‫االجتماعية بالتنمية االقتصادية بحيث أنه ال يمكن أن تحدث تنمية اقتصادية دون تغيير اجتماعي‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫كما أنه ال يمكن أن تحدث تنمية اجتماعية دون تنمية اقتصادية‪.‬‬
‫‪ .3‬التنمية السياسية‪ :‬وتهدف إلى تنمية النظام الساسي القائم في دولة ما على اعتبار أن التنمية‬
‫السياسية تمثل استجابة النظام السياسي للتغيرات في البيئة المجتمعية والدولية‪ ،‬والسيما استجابة‬
‫النظام لتحديات بناء الدولة واألمة والمشاركة وتوزيع األدوار‪ .‬فال تكون التنمية السياسية اال من‬
‫خالل تحقيق استقرار النظام السياسي‪ ،‬هذا األخير الذي ال يتم اال إذا توافر فيه الشكل أو األخذ‬
‫بأشكال المشاركة الشعبية الجماهيرية والمتمثلة في حق المواطنين في اختيار من يمثلونهم لتولي‬
‫السلطة‪ ،‬كاختيار النخب الحاكمة أو اختيار أعضاء البرلمان والمجالس التشريعية أو المحلية‪،‬‬
‫ويلعب المواطن دورا كبيرا في دعم مسيرة التنمية السياسية من خالل المشاركة السياسية‪.‬‬
‫‪ .4‬التنمية اإلدارية‪ :‬وترتبط بتواجد قيادة إدارية فعالة لها القدرة على بث روح النشاط الحيوي في‬
‫جوانب التنظيم ومستوياته‪ ،‬كما يغرس في األفراد العاملين بالمنظمة روح التكامل واالحساس‬
‫بأنهم جماعة واحدة ومترابطة تسعى الى تحقيق األهداف والتطلع الى المزيد من العطاء‬
‫واإلنجازات‪ .‬ويرتبط مفهوم التنمية اإلدارية بتنمية وتطوير القدرات البشرية في اإلدارة لتحقيق‬
‫عنصر الكفاءة والفعالية في المؤسسات اإلدارية العلمية وزيادة مهاراتها وقدراتها على استخدام‬
‫هذه الطرق لحل مشاكلها ورفع مستوى أداءها وتطوير سلوكها‪.‬‬
‫‪ .5‬التنمية الثقافية‪ :‬حيث تعتمد التنمية الثقافية على تزايد عدد العلماء والمثقفين والباحثين والمفكرين‬
‫وعدد الطلبة في الجامعات‪ ،‬وبالتالي فالتنمية الثقافية هي أساس في ظهور تنمية اقتصادية‬
‫واجتماعية‪ ،‬فكلما ارتفع المستوى التعليمي وحجم الوعي ونسبة البحث العلمي في المجتمع كلما‬
‫‪3‬‬
‫أدى ذلك الى تزايد حظوظ نجاح التنمية الشاملة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معوقات التنمية المحلية‬
‫‪4‬‬
‫تواجه التنمية المحلية العديد من المشاكل يمكن ابرازها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬غياب المفهوم القومي لألهداف‪ :‬حيث تبين أن الجهود كانت مجرد انجاز أهداف بعض المهام‬
‫التي تتصل بعالج بعض المشكالت اليومية الملحة والتي ال ينتج عنها اشباع لألحداث القومية‪.‬‬
‫‪ .2‬اهمال مفهوم العملية في التنمية المحلية‪ :‬ويقصد بالعملية أنها الجهود المنظمة من أجل احداث‬
‫التغيير‪ ،‬فالمالحظ أنه ما أن يتم انجاز مهمة معينة فانه يفسر على أن المشروع قد اكتمل في حين‬

‫‪ 1‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.226 .‬‬
‫‪ 2‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.22 .21 .‬‬
‫‪ 3‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.227 .‬‬
‫‪ 4‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.191 .185.‬‬
‫‪124‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫أنه في الحقيقة يكون من المشروعات المستمرة أو الدائمة‪ ،‬ونظرا لعدم التركيز على رفع كفاءة‬
‫المجتمع وعدم تحقيق الحكم الذاتي فان كل ما تم احداثه من التغيرات سوف يتالشى بمجرد‬
‫مغادرة أخصائي التغيير وكذلك لعدم تفهم المجتمع لطبيعة هذا التغيير‪.‬‬
‫‪ .3‬ضعف المشاركة الشعبية‪ :‬فالالمباالة والعزلة والرضا باألمر الواقع من السمات الشائعة‬
‫للمجتمعات التي تعيش مرحلة ما بعد التصنيع والتي أصبحت قدرتها الذاتية غير قادرة على اتخاذ‬
‫القرار وال يدركها الفرد العادي في هذه المجتمعات‪ .‬وقد أشار ‪ Grosser‬إلى أن الدراسات أكدت‬
‫تشاؤم الفقراء فيما يتعلق باحتماالت تغيير بيئاتهم‪ ،‬نتيجة لقرون من اإلحباط واإلهمال وعدم تقدير‬
‫المسؤولية الحتياجاتهم األساسية التقدير المناسب‪.‬‬
‫‪ .4‬البيروقراطية‪ :‬ان هذه المشكلة تتطلب دراسة من جانب أخصائي تنظيم المجتمع لمواجهة أسبابها‬
‫والحد من آثارها الضارة على المجتمع المحلي‪ ،‬ويتطلب ذلك الكثير من الوقت والجهد لدراسة‬
‫هذه المشكلة من أجل أن تتمكن عمليات التنمية أن تسير بالسرعة المناسبة وتحقق األهداف‬
‫المرجوة منها‪.‬‬
‫‪ .5‬المثالية في تحقيق األهداف‪ :‬فنجد أن بعض القادة الشعبيين المتحمسين للتنمية‪ ،‬يحولون ميدان‬
‫العمل في التنمية المحلية الى ساحة لممارسة تخيالتهم المثالية بعيدا عن الواقع‪.‬‬
‫‪ .6‬عدم التشخيص السليم لمشكالت المجتمع‪ :‬فالتشخيص غير الصحيح أو غير الدقيق يؤدي الى‬
‫نتائج تؤثر سلبا على أفراد المجتمع‪ .‬وعليه البد أن تكون الدراسة العلمية للمجتمع وتشخيص‬
‫مشكالته متضمنة كافة المشكالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية وغيرها قبل أن‬
‫توضع أي استراتيجيات للتدخل العملي‪.‬‬
‫‪ .7‬التركيز على الجوانب النفسية في التنمية‪ :‬فبرامج التنمية المحلية تستهدف احداث تغييرات في‬
‫سيكولوجية الناس دون تغيير حقيقي في العالقات االجتماعية‪/‬االقتصادية‪ ،‬اذن االستغراق في‬
‫العوامل المتصلة بالشخصية هو أحد المعوقات األساسية التي تحول بين التنمية المحلية وبين‬
‫الهدف األساسي بأن تكون التنمية المحلية أداة فعالة لتحقيق التغيير المؤسسي الواسع النطاق التي‬
‫‪1‬‬
‫تعتمد على كافة المقومات (االجتماعية واالقتصادية والثقافية) وليس السيكولوجية فقط‪.‬‬

‫‪ 1‬رشاد أحمد عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.191 .185.‬‬


‫‪125‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫خالصة واستنتاجات‬
‫إن أهم ما خلصت إليه الباحثة في دراستها في الفصل األول ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تعرف اإلدارة المحلية على أنها توزيع للوظيفة اإلدارية فيما بين الحكومة المركزية وبين هيئات‬
‫محلية منتخبة تعمل تحت رقابة الحكومة المركزية وإشرافها‪ .‬ثم تطرقنا إلى التفرقة بينها وبين‬
‫المفاهيم المشابهة لها كنظام الحكم المحلي ونظام عدم التركيز اإلداري ونظام الالمركزية اإلدارية‬
‫المرفقية‪.‬‬
‫‪ ‬هناك عالقة بين اإلدارة المحلية واإلدارة المركزية وتتمثل في رقابة الحكومة المركزية على‬
‫الهيئات المحلية‪ ،‬أو ما يسمى بنظام الوصاية‪ ،‬أو الرقابة الوصائية‪ ،‬وتتمثل المقومات األساسية‬
‫لإلدارة المحلية في وجود وحدات إدارية مستقلة تمثل مصالح محلية متميزة عن المصالح القومية‪،‬‬
‫قيام مجالس محلية منتخبة إلدارة المصالح المحلية‪ ،‬خضوع الجماعات المحلية فيما تباشره من‬
‫اختصاصات لرقابة السلطة المركزية‪ ،‬باإلضافة إلى أسباب نشأتها والتي تنوعت بين سياسية‪،‬‬
‫اقتصادية‪ ،‬اجتماعية وإدارية‪ .‬ثم تطرقنا إلى اإلدارة المحلية في القانون اإلداري الجزائري منذ‬
‫ظهورها إلى القانون البلدي رقم ‪ 10/11‬والقانون الوالئي رقم ‪.07/12‬‬
‫‪ ‬يعرف التخطيط على أنه حلقة الوصل الضرورية بين الحاضر والمستقبل والتي تزيد من‬
‫احتماالت تحقيق النتائج المرغوبة‪ ،‬تعرفنا على مراحل تطوره حيث استخدم التخطيط في مختلف‬
‫العصور التاريخية وفي معظم جوانب الحياة‪ ،‬خاصة الجانب العسكري وذلك دون أي نوع من‬
‫التأطير لمفهومه وفعاليته ومقوماته‪ ،‬واستمر على ذلك الوضع إلى أن ظهرت فكرة التخطيط‬
‫االقتصادي في مطلع القرن العشرين‪ ،‬أما عن أنواع التخطيط فقد اختلفت وفقا لعدة معايير منها‬
‫معيار المجال الجغرافي‪ ،‬معيار المدى الزماني‪ ،‬معيار مضمون التخطيط‪ ،‬معيار الشمولية في‬
‫التخطيط‪ ،‬معيار الهرمية في التخطيط‪.‬‬
‫‪ ‬أما عن مفهوم االستراتيجية فهي عبارة عن ظاهرة معقدة ومتعددة الوجوه وبالتالي تعددت معانيها‬
‫ودالالتها في إدارة األعمال‪ ،‬ويرجع ذلك إلى اختالف تصورات وافتراضات ومنطلقات الباحثين‪،‬‬
‫كما أن هذا التعدد يرجع إلى مختلف التطورات التاريخية التي مر بها الفكر اإلداري‪ ،‬وتتميز‬
‫االستراتيجية بالشمولية‪ ،‬االلتزام‪ ،‬المرونة والديناميكية‪.‬‬
‫‪ ‬إن االستراتيجيات تتفاوت في مستوياتها من حيث مدى شمولها الهتمامات المنظمة ككل‪ ،‬أو في‬
‫انحصارها في اهتمامات قطاعات محددة في المنظمة فهناك استراتيجيات المنظمة‪ ،‬استراتيجيات‬
‫األعمال واالستراتيجيات الوظيفية‪ ،‬وبالنسبة لمداخل اعداد االستراتيجية فإنها تتمثل في‪ :‬مدخل‬
‫كبير االستراتيجيين‪ ،‬مدخل التفويض لألخرين‪ ،‬المدخل التعاوني ومدخل المبادرة الذاتية‪.‬‬
‫‪ ‬يعبر التخطيط االستراتيجي عن النظرة الشمولية للمنظمة بما يمكن من أخذ صورة حقيقية عن‬
‫واقعها الحالي والمنظور من خالل عملية تحليل الظروف البيئية الداخلية والخارجية للمنظمة‪،‬‬
‫وذلك من أجل وضع اإلستراتيجية المناسبة لتحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية‪.‬‬
‫‪ ‬كما يعد التخطيط االستراتيجي الوسيلة المنهجية لتقليل درجة عدم التأكد والمخاطر المرتبطة‬
‫بالمتغيرات الخارجة عن إرادة المنظمة وكذا التعرف على الفرص والتهديدات التي تواجهها‪،‬‬
‫وعليه فإ نه من خالل التخطيط االستراتيجي تتمكن المنظمة من التعرف على حقيقة إمكانياتها‬
‫الداخلية وكذا نقاط قوتها لالستفادة منها‪ ،‬ونقاط ضعفها لمعالجتها‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬تم تحديد الفرق بين كل من التخطيط االستراتيجي والمفاهيم المشابهة له كالتخطيط طويل المدى‬
‫والتخطيط التكتيكي واإلدارة االستراتيجية‪ ،‬وبالنسبة لمسؤولية التخطيط االستراتيجي فإن اإلدارة‬
‫العليا تقوم بإدارة عملية التخطيط االستراتيجي وتشجع وتدعم العاملين على ممارسته باألسلوب‬
‫الصحيح‪ .‬كما أنه بإمكان اإلدارة العليا تحديد خططها اإلستراتيجية عن طريق طلبها من وحدات‬
‫األعمال والقطاعات الوظيفية إعداد خطة إستراتيجية فرعية لكل منها‪.‬‬
‫‪ ‬إن العملية التخطيطية تجري في إطار منهج علمي وفي ظل ثالث مستويات للتدرج الهرمي‬
‫للتخطيط وهي‪ :‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التخطيط التكتيكي والتخطيط التشغيلي‪ ،‬وتمر عملية‬
‫التخطيط االستراتيجي بصياغة وتحديد رسالة المنظمة‪ ،‬على أثرها تحديد األهداف اإلستراتيجية‪،‬‬
‫ومن ثم تحليل البيئتين‪ :‬الداخلية للتعرف على نقاط القوة والضعف‪ ،‬والخارجية الستكشاف الفرص‬
‫والتهديدات والوصول إلى مرحلة تحديد البدائل اإلستراتيجية وتقييمها واختيار البديل األمثل منها‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر التخطيط في اإلدارة المحلية ضرورة من الضرورات والتي ال يتم االستغناء عنها‪ ،‬من أجل‬
‫النهوض بحياة المجتمعات في عصرنا الحاضر والقضاء على المشكالت التي تعوق مسيرتها‬
‫التنموية‪ ،‬على اعتبار أنه أسلوب جديد يساعدها في الكشف عن امكانياتها الحقيقية وكيفية التغلب‬
‫على التهديدات التي تواجهها‪.‬‬
‫‪ ‬تعرف ال تنمية على أنها عملية التغيير التي يقوم بها االنسان لالنتقال من مجتمع تقليدي زراعي‬
‫إلى مجتمع متقدم صناعيا‪ ،‬أو االنتقال من حالة إلى حالة أفضل منها بما يتفق مع احتياجاته‬
‫االقتصادية واالجتماعية والفكرية‪ ،‬وذلك باالستثمار األمثل للموارد الطبيعية والبشرية‪.‬‬
‫‪ ‬برز م فهوم التنمية بداية في علم االقتصاد‪ ،‬فقد استخدم للداللة على عملية احداث مجموعة من‬
‫التغييرات الجذرية في مجتمع معين‪ ،‬من أجل اكسابه القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل‬
‫يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده‪ ،‬أي زيادة قدرة المجتمع على االستجابة‬
‫للحاجات األساسية والحاجات المتزايدة ألعضائه‪ ،‬بالصورة التي تكفل زيادة درجات اشباع تلك‬
‫الحاجات عن طريق الترشيد المستمر الستغالل الموارد االقتصادية المتاحة‪ ،‬وكذا حسن توزيع‬
‫عائد ذلك االستغالل‪.‬‬
‫‪ ‬تعرف التنمية المحلية على أنها مجموعة العمليات واألنشطة المخططة التي تهدف إلى تحسين‬
‫مستوى الحياة االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪...‬الخ في المجتمع المحلي‪ ،‬والتي تقوم على أساس‬
‫اشراك أفراده المحليين وتوحيد جهودهم مع الجهود الحكومية باالعتماد قدر اإلمكان على الموارد‬
‫الطبيعية والطاقات البشرية المتوفرة محليا‪ ،‬في إطار متكامل ومتناسق مع االستراتيجية العامة‬
‫للتنمية الوطنية الشاملة‪ ،‬ولها عدة مؤشرات منها المؤشرات االقتصادية‪ ،‬المؤشرات االجتماعية‬
‫والهيكلية‪ ،‬وقد تنوعت مقوماتها بين مقومات مالية‪ ،‬بشرية وتنظيمية‪ ،‬أما بالنسبة لنظريات التنمية‬
‫المحلية فقد تمثلت في‪ :‬نظرية أقطاب النمو‪ ،‬نظرية القاعدة االقتصادية‪ ،‬نظرية التنمية من تحت‪،‬‬
‫نظرية المقاطعة الصناعية‪ ،‬نظرية الوسط المجدد‪.‬‬
‫‪ ‬تنوعت مجاالت التنمية المحلية فهناك التنمية االقتصادية‪ ،‬التنمية االجتماعية‪ ،‬التنمية السياسية‪،‬‬
‫التنمية اإلدارية والتنمية الثقافية‪ ،‬أما المعوقات التي تحول دون تحقيقها فتتلخص في غياب المفهوم‬
‫القومي لألهداف‪ ،‬اهمال مفهوم العملية في التنمية المحلية‪ ،‬ضعف المشاركة الشعبية‪،‬‬
‫البيروقراطية‪ ،‬المثالية في تحقيق األهداف‪ ،‬عدم التشخيص السليم لمشكالت المجتمع‪ ،‬التركيز‬
‫على الجوانب النفسية في التنمية‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫الفصــــــــل الثــــــانــــي‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية‬
‫(نماذج مختارة)‬
‫المبحث األول‪ :‬الدور التنموي لإلدارة المحلية على المستوى المحلي‬

‫المطلب األول‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في المجال السياسي واإلداري‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في المجال االقتصادي‬


‫واالجتماعي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في مجال اإلسكان وحماية البيئة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي وشروط نجاحه‬

‫المطلب األول‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العوامل الخارجية المؤثرة على التخطيط في اإلدارة المحلية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬شروط نجاح التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي‬

‫المبحث الثالث‪ :‬دور التخطيط االستراتيجي المحلي في تحقيق التنمية المحلية‬

‫المطلب األول‪ :‬مراحل عملية التخطيط االستراتيجي للتنمية المحلية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور الشراكة المحلية والعالمية في تحقيق التنمية المحلية الشاملة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التوجهات التنموية لإلدارة المحلية باستخدام آلية التخطيط االستراتيجي‬

‫المبحث الرابع‪ :‬تجارب دولية في التخطيط االستراتيجي المحلي‬


‫المطلب األول‪ :‬التخطيط االستراتيجي المحلي في المملكة المغربية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التخطيط االستراتيجي المحلي في جمهورية مصر العربية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الدروس المستخلصة من تجربتي المغرب ومصر في التخطيط‬


‫االستراتيجي المحلي‬

‫خالصــــــــــــــــــة واستنتاجـــــــــات‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬
‫إن ازدياد األعباء والواجبات التي تقوم بها األجهزة المركزية ألزم اإلدارة المحلية مواكبة التطور‪ ،‬إذ‬
‫عليها أال تكتفي بتقديم الخدمات األساسية وأعمال الجباية فحسب‪ ،‬بل عليها المساهمة في تحقيق التنمية‬
‫على المستوى المحلي بما تقدمه من خدمات وبرامج وأنشطة ومشاريع إنتاجية الى جانب ما تقوم به‬
‫األجهزة المركزية‪.‬‬
‫وبالتالي فقد تم تقسيم الفصل الثاني من الدراسة إلى أربعة مباحث حيث سيتم تناول الدور التنموي‬
‫لإلدارة المحلية على المستوى المحلي في المبحث األول فاإلدارة المحلية تختص بوجه عام بجميع المسائل‬
‫ذات األهمية المحلية وتشمل مختلف الخدمات االجتماعية والتعليمية والصحية والوقائية والثقافية‬
‫والعمرانية والمرافق العامة وعليه فقد تم التفصيل في هذا المبحث عن‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى‬
‫المحلي في كل من المجاالت التالية‪ :‬المجال السياسي واإلداري‪ ،‬المجال االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬مجال‬
‫اإلسكان وحماية البيئة‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني فسيعالج مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي وشروط نجاحه‪ ،‬فقد تنوعت‬
‫مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي بين‪ :‬التخطيط البيئي والتخطيط االقتصادي‪ ،‬التخطيط االجتماعي‪،‬‬
‫التخطيط لتنمية الموارد البشرية وغيرها‪ ،‬كما سيتم التطرق إلى العوامل الخارجية المؤثرة على اإلدارة‬
‫المحلية‪ ،‬فنظام اإلدارة المحلية نظام فرعي للنظام االجتماعي وبالتالي فهو يتأثر بالعوامل السياسية‪،‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬التاريخية‪ ...‬الخ‪ ،‬باإلضافة إلى شروط نجاح التخطيط على المستوى المحلي‪.‬‬
‫في حين سيتم في المبحث الثالث دراسة دور التخطيط االستراتيجي المحلي في التنمية المحلية‪ ،‬بحيث‬
‫سيتناول مراحل عملية التخطيط االستراتيجي المحلي وهي عبارة عن ‪ 05‬مراحل تتمثل األولى في تنظيم‬
‫الجهود من خالل تطوير فريق إدارة شبكة لربط الشركاء المعنيين أما الثانية فهي إجراء عملية تقييم لدمى‬
‫القدرة على المنافسة والثالثة عبارة عن إيجاد استراتيجية التنمية المحلية والمرحلة الرابعة تتمثل في تنفيذ‬
‫استراتيجية التنمية المحلية والمرحلة الخامسة األخيرة فهي مراجعة تنفيذ استراتيجية التنمية المحلية‪ .‬وكذا‬
‫سيتم تناول دور الشراكة المحلية والعالمية في تحقيق التنمية المحلية الشاملة فالتعامل مع مسألة التنمية ال‬
‫بد أن يتم من خالل المشاركات بين فاعلين مختلفين في عملية التخطيط‪ ،‬فعملية التخطيط تعد حتمية‬
‫للتنمية‪ ،‬كما أن اتساع مفهوم الشراكات وتعددها أصبح يمثل تحديا أمام الدول المختلفة من أجل احداث‬
‫التنمية الشاملة والمتواصلة‪ .‬ومن ثم سنتطرق إلى التوجهات التنموية لإلدارة المحلية باستخدام التخطيط‬
‫االستراتيجي‪.‬‬
‫أما المبحث الرابع فسيتناول تجارب دولية في التخطيط االستراتيجي‪ ،‬بحيث ستتم دراسة تجربة‬
‫التخطيط االستراتيجي المحلي في كل من المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية وإمكانية االستفادة‬
‫من هاته التجارب في مجال التخطيط االستراتيجي المحلي‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الدور التنموي لإلدارة المحلية على المستوى المحلي‬
‫لقد بينت عدة دراسات أهمية الدور الذي تقوم به الهيئات المحلية في العملية التنموية‪ ،‬فهي تعتبر‬
‫من أصلح البيئات التي تحدث التنمية الشاملة‪ ،‬على اعتبار أنها إدارة قريبة من المواطنين‪ ،‬كما أنها األكثر‬
‫معرفة بالظروف والحاجات المحلية‪ ،‬وكذا اشراك السكان المحليين فكرا وجهدا في وضع البرامج الهادفة‬

‫‪130‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫للنهوض بالمجتمع ا لمحلي‪ ،‬وتنفيذها من خالل اثارة الوعي واالقناع بأهمية هذه البرامج وعوائدها على‬
‫‪1‬‬
‫السكان المحليين وعلى الدولة عامة‪.‬‬
‫وتعد التنمية عملية ضرورية للتغيير المنظم‪ ،‬كما أنها عملية كلية وشاملة فقد تكون عملية داخلية ذاتية‬
‫وعملية مستمرة‪ ،‬تبرز فيها أهمية المشاركة الشعبية في جميع مراحل العمل التنموي‪ ،‬وكذا مراعاة الجانب‬
‫‪2‬‬
‫البيئي في جميع مشاريع التنمية االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬
‫ولقد تأكدت األولوية الممنوحة للتنمية المحلية في الجزائر من خالل مختلف البرامج كبرنامج‬
‫اإلنعاش االقتصادي وبرنامج دعم النمو االقتصادي والبرامج التنموية القطاعية والبرامج التنموية البلدية‬
‫‪3‬‬
‫والبرامج الخاصة كبرنامجي الجنوب والهضاب العليا‪.‬‬
‫وقد ظهر مفهوم التنمية المحلية خالل سنوات السبعينات في المناطق الريفية‪ ،‬ففي البداية شعرت‬
‫الجهات المحلية الفاعلة في هذه المناطق بالحاجة إلى تحديد شكل مختلف من أشكال التنمية بدال من النمو‬
‫االقتصادي أو التنمية المخطط لها‪ .‬تم جلب هذه الفكرة ألول مرة من قبل الحركات النقابية‪ ،‬وبعدها ظهرت‬
‫عدة انشغاالت مع حاجة السلطات المحلية لالستجابة لتحديات البطالة عن طريق زيادة الثقة بالوحدات‬
‫االقتصادية الصغيرة‪ .‬وتعتبر جهات محلية مختلفة أنه لتنمية إقليم ما يجب األخذ بعين االعتبار احتياجات‬
‫‪4‬‬
‫وتطلعات سكانه وهو ما يعرف بالتنمية من تحت‪.‬‬
‫إن قضية التنمية على المستوى المحلي تحتل موقعا مهما في أبحاث العلوم االجتماعية‪ ،‬ويتضح ذلك‬
‫من خالل استعراض تطور (نظرية التنمية) خالل نصف القرن الماضي‪ ،‬وتحيل التنمية المحلية في معظم‬
‫الكتابات الدولية المتخصصة‪ ،‬سواء منها ذات الطابع النظري أو التجريبي‪ ،‬إلى التنمية الحضرية‪ ،‬حيث‬
‫تتجه عملية تنمية المجتمعات المحلية لتحويلها إلى مراكز جذب مديني‪ ،‬غير أن ان النظرة المدققة تبين أن‬
‫‪5‬‬
‫هناك ثالثة اتجاهات أساسية تمثل نماذج مختلفة للتجارب الدولية في التنمية المحلية‪:‬‬
‫‪ ‬االتجاه األول‪ :‬وهذا االتجاه يعطي للحضر والمدن األولوية في سياق تنمية المجتمعات المحلية‪،‬‬
‫ويعتبر أن هذه المجتمعات مآلها الطبيعي في سياق التنمية االقتصادية واالجتماعية أن تتحول إلى‬
‫مجتمعات حضرية مدينية‪ ،‬وهذا النمط المعبر عن التجربة التاريخية لبناء صرح الحداثة في‬
‫أوربا الغربية والواليات المتحدة األمريكية‪ .‬كما يعبر هذا النمط عن تجارب التصنيع ذات الطابع‬
‫الحضري المديني والتي قامت على أساس (اإلحالل محل الواردات) في الدول المستقلة حديثا في‬
‫افريقيا وآسيا وأمريكا الالتينية خالل الخمسينات والستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي‪.‬‬
‫‪ ‬االتجاه الثاني‪ :‬يرى هذا االتجاه أن التنمية المحلية ترتبط بنمط معين للنمو الحضري‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل تكون المدن‪ ،‬رغم اختالف تجارب الدول من حيث الوتيرة التي يتم بها ذلك النمو‬
‫الحضري‪ ،‬ووفقا لمسار التجارب التنموية‪ ،‬بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬في دول آسيا وأوروبا‬
‫وأمريكا الالتينية‪ .‬ويمكن القول إن النمو الحضري اتجه في البداية إلى تقليل كثافة السكان‬
‫والتصنيع في المدن الكبرى‪ ،‬باتجاه التوسع الحضري في محيط المدن وهوامشها وأحيائها‬
‫المتفرعة‪ ،‬ثم في مرحلة تالية‪ ،‬تنمو المدن الصغيرة على حساب المدن الكبيرة‪ ،‬غير أن النجاح في‬
‫‪ 1‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145.‬‬
‫‪ 2‬نور الدين حاروش‪ " ،‬الخدمة العمومية المحلية كمؤشر للتنمية المستدامة " (ورقة مقدمة في الملتقى الوطني حول إشكالية الحكم الراشد في إدارة‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة المنعقد يومي ‪ 12‬و‪ 13‬ديسمبر ‪ ،)2010‬ص‪.03.‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.15.‬‬
‫‪4 Nait Merzoug et Kouadria Nouredine et Amara Fatah, "Gouvernance urbaine et développement local en‬‬

‫‪Algérie. Quels enjeux pour les métropoles régionales? Cas d'Annaba", revue des sciences humaines,‬‬
‫‪université mohamed kheider biskra, No24, mars 2012, p. 09.‬‬
‫‪ 5‬جناي محمد عالء وبلواضح فاتح‪" ،‬مكافحة التهرب الضريبي كهدف لتحقيق التنمية المحلية دراسة حالة بلدية المسيلة" (ورقة مقدمة في اليوم‬
‫الدراسي حول إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل‪ ،‬جامعة غرداية يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪.)2015‬‬
‫‪131‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫هذا التحول‪ ،‬يتطلب توفير جملة من المقومات منها االستثمار في هياكل البنية األساسية للمدن‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلدارة الفعالة للنشاط االقتصادي‪ ،‬ال مركزية الخدمات المالية‪ ،‬من أجل توفير الموارد‬
‫الال زمة للتوسع في األنشطة االقتصادية والتصنيعية في المواقع الجديدة خارج المراكز الحضرية‬
‫والمدينية القديمة‪.‬‬
‫‪ ‬االتجاه الثالث‪ :‬يرى هذا االتجاه أن التوسع الحضري المديني على حساب الريف ليس مقدورا‬
‫على المسار االقتصادي واالجتماعي والعمراني في البالد الساعية إلى النمو‪ ،‬وإنما يجب تبني‬
‫استراتيجية تنموية تراعي تحقيق التوازن بين المدن واالرياف‪ ،‬وهذا النمط يتضح من خالل‬
‫تجربة اليابان وتايوان في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية‪ .‬ويتضح ذلك بإتباع استراتيجية‬
‫مصممة "للتصنيع الموجه نحو األرياف"‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في المجال السياسي واالداري‬
‫تختص اإلدارة المحلية بوجه عام بجميع المسائل ذات األهمية المحلية وتشمل مختلف الخدمات‬
‫االجتماعية والتعليمية والصحية والوقائية والثقافية والعمرانية والمرافق العامة‪ ،‬ولإلدارة المحلية وظيفتين‬
‫‪1‬‬
‫أساسيتين هما‪:‬‬
‫‪-‬الوظيفة التنموية‪ :‬وهي المسؤولة عن تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية من خالل إدارة عملية التنمية‬
‫ويمكن تقسيمها الى‪:‬‬
‫‪ ‬وظائف مرتبطة باحتياجات السكان مباشرة‪.‬‬
‫‪ ‬وظائف مرتبطة بالتخطيط المستقبلي والتنمية‪.‬‬
‫‪-‬الوظيفة السياسية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬تحقيق الديمقراطية السياسية محليا من خالل التمثيل العادل ألفراد المجتمع في المؤسسات‬
‫السياسية‪.‬‬
‫‪ ‬دفع السكان المحليين للمساهمة والمشاركة الفعالة في أداء وممارسة دورهم السياسي‪.‬‬
‫‪ ‬تدريب القيادات السياسية على مستوى المجتمع‪.‬‬
‫والشكل الموالي يوضح الوظائف التنموية والسياسية لإلدارة المحلية‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرؤوف مشري‪" ،‬اإلدارة المحلية ودورها في تطوير المجتمعات النامية" في مجلة العلوم االنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،1‬عدد ‪( 40‬ديسمبر‬
‫‪ ،)2013‬ص‪.451 .‬‬
‫‪132‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشكل رقم (‪ :)07‬الوظائف التنموية والسياسية لإلدارة المحلية‬


‫وظائف اإلدارة المحلية‬

‫الوظائف السياسية‬ ‫الوظائف التنموية‬

‫التخطيط المستقبلي والتنمية‬ ‫احتياجات السكان المباشرة‬

‫مشاركة السكان المحليين في‬ ‫تحقيق الديمقراطية السياسية محليا‬ ‫تدريب القيادات السياسية على‬
‫ممارسة دورهم السياسي‬ ‫مستوى المجتمع‬

‫المصدر‪ :‬عبد الرؤوف مشري‪" ،‬اإلدارة المحلية ودورها في تطوير المجتمعات النامية" في مجلة العلوم االنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪،1‬‬
‫عدد ‪( 40‬ديسمبر ‪ ،)2013‬ص‪.452 .‬‬

‫‪1‬‬
‫ويتم تحقيق التنمية المحلية في المجال السياسي من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تدعيم النظام الديموقراطي‪ :‬فاإلدارة المحلية تهدف أساسا الى اشراك المواطنين في إدارة شؤونهم‬
‫بأنفسهم‪ ،‬فكثيرا ما يقال أن اإلدارة المحلية هي المدرسة النموذجية للديموقراطية‪ ،‬والديموقراطية‬
‫على المستوى المحلي ديموقراطية إدارية حيث تسمح باشتراك المواطنين في إدارة شؤونهم‬
‫ومرافقهم المحلية التي تتصل بحياتهم اتصاال مباشرا‪.‬‬
‫‪ .2‬تنمية الوعي السياسي لدى المواطنين‪ :‬ان عملية اشراك المواطنين في إدارة مصالحهم المحلية‬
‫أوفي االشراف والرقابة على هذه المصالح‪ ،‬كما أن تدريبهم على كيفية اختيار ممثليهم في‬
‫المجالس المحلية وبالتالي ممارسة الحرية الديموقراطية‪ ،‬ان كل ذلك يساعد على تنمية الوعي‬
‫السياسي لدى هؤالء المواطنين والقدرة على ممارسة حقوقهم السياسية والدستورية‪ ،‬فاإلدارة‬
‫المحلية تعتبر مدرسة عامة للحياة السياسية‪ .‬فهي تعد المحكومين ويؤهلهم للقيام بدورهم كحاكمين‬
‫عندما يحين الوقت الذي يتولون فيه سلطة الحكم‪ .‬كما تنمي روح التعاون والتضامن بين األفراد‬
‫حتى يعملوا ليس فقط على مباشرة مصالحهم المشتركة بأنفسهم وانما أيضا بالنسبة للمصالح‬
‫القومية‪.‬‬
‫‪ .3‬إزالة التعارض بين السلطة والحرية‪ :‬فبإتاحة الفرصة للمواطنين المشاركة في إدارة الشؤون‬
‫العامة على المستوى المحلي‪ ،‬انما يتيح في الوقت نفسه فرص المناقشة والتداول بحرية مع‬
‫القيادات أو األشخاص المسؤولين عن اتخاذ القرارات في مثل هذه الشؤون‪ ،‬حتى يتعرف كل منهم‬
‫على وجهة نظر الطرف اآلخر‪ ،‬مما يفسح المجال لحوار دائم ومستمر بين المحكومين والحكام‪،‬‬
‫وبالتالي تزول الرهبة أو الخوف في التعبير عن الرأي أو في التعامل مع المسؤولين‪.‬‬

‫‪ 1‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬البلديات والمحليات في ظل األدوار الجديدة للحكومة (القاهرة‪ :‬المنظمة العربية للتنمية االدارية‪،)2009 ،‬‬
‫ص‪.237.‬‬
‫‪133‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ .4‬مواجهة األزمات والكوارث‪ :‬فاإلدارة المحلية وسيلة فعالة لحماية إدارة الدولة وقت الحروب أو‬
‫الكوارث‪ ،‬فكل وحدة إقليمية على مستوى الدولة تستطيع أن تقف بمفردها لتحقق األمن وتتولى‬
‫الدفاع وذلك على عكس المركزية التي إذا اتخل أمر في العاصمة أو الحكومة المركزية اختل‬
‫الجهاز اإلداري للدولة ككل‪ .‬كما أن اإلدارة المحلية وسيلة لمجابهة مشاكل بعض األقليات‬
‫السياسية في الدولة اذ تكفل لهم حرية القيام بإشباع حاجاتهم وإدارة مرافقهم‪ ،‬ومن ثم تضمن لهم‬
‫عدم المساس بمعتقداتهم أو تقاليدهم‪ ،‬مما يخلق نوع من التجانس والتفاعل بين مختلف طوائف‬
‫المجتمع وأجناسه‪ ،‬وبالتالي يتحقق االمن واالستقرار السياسي في المجتمع‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫أما في المجالي اإلداري فانه يتم تحقيق التنمية المحلية من خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬تحقيق فاعلية الوظيفة اإلدارية‪ :‬حيث يجري توزيع وتجزئة الوظيفة اإلدارية بين الحكومة‬
‫المركزية ووحدات إقليمية مستقلة‪ ،‬وتزاول هذه الجماعات المحلية النشاط اإلداري على المستوى‬
‫المحلي تحت رقابة واشراف الحكومة المركزية‪ ،‬وتتفرغ هذه األخيرة ألمهات المسائل وكلياتها‪،‬‬
‫والتي تهم المجتمع بأسره تاركة التفاصيل والجزئيات لهذه الهيئات المحلية‪.‬‬
‫‪ .2‬الحد من البيروقراطية اإلدارية‪ :‬ان اسناد المصالح المحلية ألجهزة المركزية يؤدي الى القضاء‬
‫على بيروقراطية اإلدارة واليت تهتم بالشكل أكثر من اهتمامها بالنتائج‪ ،‬أي أنه يؤدي الى تبسيط‬
‫اإلجراءات اإلدارية وتجنبها الى حد كبير الروتين والنمط الحكومي العقيم الذي يعتبر من سمات‬
‫المركزية في اإلدارة‪ ،‬فتركيز الوظيفة اإلدارية في العاصمة قد يضطر المواطنين الى االنتقال‬
‫اليها أو انتظار زمنا طويال للرد على مطالبهم وهذا ما يتنافى في الواقع مع الوظيفة اإلدارية‬
‫عصب الحياة العصرية المتسمة بالسرعة والجدية‪ .‬كما أن سلطة اتخاذ القرارات في المسائل‬
‫المحلية أو العمل على تنفيذها بأيدي موظفين تابعين للحكومة المركزية يؤدي الى سيطرة هؤالء‬
‫الموظفين وارتفاع منطقهم على منطق أهالي الوحدات المحلية أصحاب المصلحة الحقيقيين‪ ،‬كما‬
‫أن هؤالء الموظفين ال يتوافر لديهم غالبا ال الدافع وال االستعداد لتقبل اآلراء المحلية أو إقامة‬
‫وزن كبير لها فالشكوى ضدهم يجري تحقيقها ال بالنظر الى المسائل التي تهم الوحدة المحلية‬
‫وانما بالنظر الى مسائل عامة تتعلق باإلدارة ككل‪ .‬وغالبا ما تكون النتيجة مراجعة القرار من هذه‬
‫الزاوية‪ ،‬وحيث أن تنفيذ هذا القرار سوف يتم بنفس الموظفين وبنفس الروح المتأصلة فيهم فان‬
‫ذلك غالبا ما يؤدي الى نفس النتائج السابقة‪ .‬وبالتالي فان دور اإلدارة المحلية يتضح من خالل‬
‫استقالل المجتمعات المحلية بتقدير حاجاتها وباختيار أفضل الوسائل إلشباع هذه الحاجات‪.‬‬
‫‪ .3‬سهولة القيام باإلصالح االداري‪ :‬تتيح اإلدارة المحلية تجربة نظم إدارية واقتصادية حديثة على‬
‫مستوى ضيق كالقرية أو المدينة‪ ،‬فاذا ما ثبت نجاح هذه النظم أمكن تعميمها على مستوى الدولة‪،‬‬
‫أما إذا ثبت فشلها فان ضرر تطبيقها سيكون محدودا بحدود القرية أو المدينة‪ ،‬وبالتالي فان العدول‬
‫‪2‬‬
‫عنها يكون أمرا سهال‪.‬‬
‫‪ .4‬تحقيق الكفاية اإلدارية‪ :‬تعتبر اإلدارة المحلية من أكثر األساليب استجابة لمتطلبات ومصالح‬
‫الهيئات المحلية المختلفة‪ ،‬وذلك على أساس أن لسكان كل إقليم من أقاليم الدولة مصالح معينة‬
‫يأملون في تحقيقها بشكل يشبع رغباتهم وأمانيهم‪ ،‬فاذا تركت لهم مهمة مباشرة هذه المصالح فانهم‬
‫سيكونون أقدر من غيرهم على تحقيقها‪ ،‬نظرا إلدراكهم ألهميتها‪.‬‬
‫‪ .5‬ضغط النفقات والعدالة في توزيع األعباء‪ :‬فاإلدارة المحلية تكفل العدالة في توزيع األعباء العامة‬
‫على المستفيدين الفعليين من خدمات المرافق المختلفة‪ ،‬فهناك من المرافق ما تقتصر أهميته على‬

‫‪ 1‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.240.‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.243 .‬‬
‫‪134‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إقليم معين بالذات دون بقية األقاليم فمن العدل في هذه الحالة أن يقتصر تمويل هذه المرافق على‬
‫سكان هذا اإلقليم باعتبارهم المستفيدين من خدماتها‪ ،‬واألقدر على مراقبة االنفاق عليها بما يمنع‬
‫االسراف أو التبذير في االنفاق العام‪ ،‬اذن اإلدارة المحلية تؤدي الى إيجاد توازن في مختلف أنحاء‬
‫البالد بصورة عادلة وبشكل يمنع افادة جماعات على حساب جماعات أخرى‪ ،‬أو طغيان المدن‬
‫الكبرى على حساب القرى والمدن الصغرى‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في المجال االقتصادي واالجتماعي‬
‫إن ازدياد األعباء والواجبات التي تقوم بها األجهزة المركزية ألزم اإلدارة المحلية مواكبة التطور‪،‬‬
‫إذ عليها أال تكتفي بتقديم الخدمات األساسية وأعمال الجباية فحسب‪ ،‬بل عليها المساهمة في تحقيق التنمية‬
‫على المستوى المحلي بما تقدمه من خدمات وبرامج وأنشطة ومشاريع إنتاجية إلى جانب ما تقوم به‬
‫‪1‬‬
‫األجهزة المركزية‪.‬‬
‫على اإلدارة المحلية زيادة الوعي لدى السكان المحليين لتقبل التغيير اإليجابي السريع وكذا زيادة‬
‫‪2‬‬
‫تفاعلهم واشراكهم في تخطيط وتنفيذ المشروعات الهادفة الى خدمتهم ورفع مستوى معيشتهم‪.‬‬
‫وتعني التنمية االقتصادية المحلية العمل مباشرة على بناء القوة االقتصادية لمنطقة محلية ما‪ ،‬وذلك‬
‫بغية تحسين مستقبلها االقتصادي ومستوى نوعية الحياة لسكان تلك المنطقة‪ ،‬وينبغي أن تبدأ عملية التنمية‬
‫االقتصادية المحلية ببلورة استراتيجية لها‪ .‬وتركز هذه االستراتيجية على التنافس اإلقليمي والتجمعات‬
‫واالختصاصات االقتصادية وتطبق بدورها التحليل االستراتيجي غير التقليدي لألنشطة والقطاعات على‬
‫مستوى المنطقة من أجل إدخال تحليل سوات ‪( SWOT‬نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات)‪ .‬كما‬
‫أن استراتيجية التنمية االقتصادية على المستوى المحلي البد أن تشكل احدى المكونات األساسية لخطة‬
‫استراتيجية واسعة على نطاق المجتمع المحلي‪ ،‬ويبلغ األفق الزمني الستراتيجية التنمية االقتصادية‬
‫‪3‬‬
‫المحلية حوالي خمس سنوات مع ما يصاحبها من األداء على المدى القصير والمتوسط والطويل‪.‬‬
‫تتمثل أهم النشاطات التي يمارسها المجلس الشعبي البلدي في مجال التنمية االقتصادية واالجتماعية‬
‫في وضع البرامج الخاصة بالتجهيز والتخطيط المحلي في حدود اإلمكانيات المتاحة وفقا للسياسة العامة‬
‫للمخطط الوطني للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وفيما يخص التنمية الصناعية فانه يمكن للمجلس‬
‫الشعبي البلدي أن يحدث في دائرة البلدية مؤسسة أو أكثر للتوسع الصناعي‪ ،‬السيما في مجال الصناعة‬
‫التقليدية‪ .‬كما يسهم المجلس في انشاء التعاونيات الخاصة باإلنتاج والتسويق ويقوم بتشجيعها من أجل‬
‫التنمية الفالحية ويشارك في جميع األعمال المتعلقة بتعديل النظام الزراعي لألراضي الواقعة في دائرة‬
‫‪4‬‬
‫البلدية‪ ،‬ويساهم كذلك في تشجيع استصالح وزيادة األراضي الفالحية‪.‬‬
‫ويظهر دور اإلدارة المحلية في إنشاء المشروعات الضرورية إلشباع حاجات السكان من انشاء‬
‫الطرق واألرصفة والحدائق وتوفير المياه والكهرباء ومخططات تنظيم المواقع واألراضي وخدمات‬
‫النظافة وغيرها‪ .‬كما تعمل على إقامة المشاريع االقتصادية ودعم الصناعات الحرفية الصغيرة والتوسع‬
‫فيها‪ ،‬والعمل على تأمين خدمات النقل العام‪ ،‬وكذلك إقامة المشروعات االسكانية لخدمة أبناء المنطقة‬
‫المحلية وانشاء األسواق التجارية وأسواق الخضار المركزية ومواقف المركبات وغيرها من االنشاءات‬

‫‪ 1‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.137 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 3‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.238 .‬‬
‫‪ 4‬حسين فريجة‪" ،‬الرشادة اإلدارية ودورها في تنمية اإلدارة المحلية" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات‬
‫المحلية في الدول المغاربية‪ ،‬من طرف مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ )2009‬في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.89‬‬
‫‪135‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التي يمكن تأجيرها للم واطنين لتدر دخال ثابتا للمجالس المحلية لتعزيز قدراتها المالية‪ .‬كما تقوم بتطوير‬
‫‪1‬‬
‫أنواع جديدة من النشاط الزراعي والصناعي من أجل االستغالل األفضل إلمكانيات المنطقة المحلية‪.‬‬
‫ومن أجل إنجاز تلك المشروعات االقتصادية ال بد من تمويل محلي‪ ،‬حيث تتجلى أهمية التمويل‬
‫‪2‬‬
‫المحلي في النواحي التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تمويل مشروعات البنية التحتية في األقاليم كمشروعات الصرف الصحي والكهرباء والمياه النقية‬
‫والنقل والمواصالت واالتصاالت‪ ،‬مما ينعكس إيجابيا على تحسين جودة ومستوى الخدمات المقدمة إلى‬
‫قاطني هذه األقاليم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن التمويل المخ صص لتطوير البنية األساسية يؤدي دورا رئيسيا في جذب وتشجيع االستثمارات‬
‫الخاصة الوطنية واألجنبية على التوطن في األقاليم‪ ،‬وبالتالي التركيز على االستثمار الخاص في دعم‬
‫النمو االقتصادي من خالل زيادة اإلنتاج والقضاء على البطالة وتطوير فنون اإلنتاج وتحقيق االستقرار‬
‫االقتصادي في األقاليم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يعمل التمويل المحلي على تحقيق االستقرار االجتماعي من خالل الحد من الهجرة الداخلية بين‬
‫الريف والحضر مما يحقق في النهاية تنمية اقتصادية حقيقية ومتوازنة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تؤدي الالمركزية المالية إلى تحسن في التوزيع الكفء للموارد على القطاعات االقتصادية المختلفة‬
‫حسب التوزيع الجغرافي لها في الدولة‪ ،‬وهذا سيؤثر ايجابيا في النمو االقتصادي ومعدل الرفاهية لسكان‬
‫األقاليم‪.‬‬
‫أما اجتماعيا فإن اإلدارة المحلية تهدف إلى تحقيق ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تذكية الشعور باالنتماء الى مجتمع محلي متميز‪ :‬عندما تتشكل مجالس الوحدات المحلية من بين‬
‫أبناء هذه الوحدات ومباشرتها لكافة األنشطة التي تهدف الى اشباع حاجات المواطنين وتحقيق‬
‫رغباتهم‪ ،‬انما يغرس في نفوس هؤالء المواطنين اإلحساس بأن هذه الوحدات ما وجدت إال بهم‬
‫ومن أجلهم‪ ،‬مما يجعلهم يلتفون حولها والعمل على تعضيدها‪ ،‬وهذا ينمي لديهم الشعور باالنتماء‬
‫الى المجتمع الذي تعمل فيه هذه الوحدات والشعور بأنهم في مجموعهم يشكلون وحدة اجتماعية‬
‫أصيلة تتبلور فيها عالقاتهم وارتباطاتهم ووالئهم نحو المجتمع المحلي‪ .‬فقيام الوحدات المحلية‬
‫بتوعية االفراد وتوجيه طاقاتهم الى مجاالت التنمية المختلفة يعد بمثابة تدريبات سلوكية لهم‬
‫تدفعهم الى زيادة ارتباطهم بواقعهم اإلقليمي واذكاء االهتمامات الجادة لديهم‪ ،‬مما يساعد على‬
‫صياغة شخصيتهم على أسس جديدة من الوالء واالنتماء‪ ،‬نظرا القتناعهم بمردود مجهوداتهم‬
‫‪3‬‬
‫التطوعية ممثال في النهوض بالمناطق التي يعيشون فيها وتحديثها‪.‬‬
‫‪ .2‬تسهيل تطبيق مبدأ المشاركة الشعبية في الشؤون المحلية‪ :‬تعبر المشاركة الشعبية عن عملية‬
‫إحساس بالمسؤولية الوطنية واالقتناع بضرورة البذل والعطاء من أجل بناء المجتمع وتطويره‪.‬‬
‫ولكي تؤتي المشاركة ثمارها الحقيقية ينبغي التخطيط لها والتشجيع عليها بوسائل مختلفة‪ .‬ويمكن‬
‫أن تؤدي الجماعات المحلية في هذا الخصوص دورا بالغ األهمية من خالل حفز وتنمية الوعي‬
‫وزيادة الحماس واالهتمام لدى المواطنين بمدى أهمية المشاركة الفعلية بجهودهم الذاتية في تنمية‬

‫‪ 1‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.145 .‬‬


‫‪ 2‬محمد إبراهيم الشافعي‪" ،‬تمويل الالمركزية المحلية في مصر (طبيعته ومشكالته وسبل عالجه)" في مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬كلية القانون‪،‬‬
‫جامعة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬السنة السابعة والعشرون‪ ،‬العدد السادس والخمسون (أكتوبر ‪ ،)2013‬ص‪.362 .‬‬
‫‪ 3‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.246 .‬‬
‫‪136‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫شؤونهم المحلية مع بيان الفرص والوسائل التي يمكن لهم عن طريقها المساهمة في تحمل أعباء‬
‫‪1‬‬
‫ومتطلبات مخططات التنمية المحلية‪ ،‬وبالتالي تحقيق مبدأ المشاركة الشعبية‪.‬‬
‫‪ .3‬قيادة عملية التغيير نحو األفضل‪ :‬حيث تعمل على تخليص المجتمع من العادات والتقاليد السلبية‬
‫والحد من مقاومة السكان المحليين للتغير اإليجابي البناء‪ ،‬كذلك العمل على زيادة قدراتهم‬
‫الستيعاب المتغيرات المتسارعة التي تصاحب خطط التنمية والتطوير‪ ،‬باإلضافة الى توعية‬
‫‪2‬‬
‫السكان وترغيبهم في عملية المشاركة لضمان مساهمتهم في تنمية مجتمعهم المحلي‪.‬‬
‫‪ .4‬تعميق الثقة باإلنسان وبالقيم اإلنسانية‪ :‬على اإلدارة المحلية النظر الى المواطنين والتعامل معهم‬
‫على أساس أن كل واحد منهم انما هو كائن اجتماعي يرتبط بأفراد مجتمعه وينتمي الى بيئة محلية‬
‫معينة يؤثر فيها ويتأثر بها‪ ،‬له رغبة في اإلدارة واختيار من يمثله وتطوير مجتمعه المحلي‬
‫والتعامل مع كل ما يطرأ فيه من مشكالت‪ .‬اذن فاإلدارة المحلية تقوم على ركنين من الناحية‬
‫االجتماعية هما‪ :‬الجوار أي الصلة بين أعضاء المجتمع المحلي كجيران تتبلور فيهم صالت‬
‫االنسان بغيره‪ ،‬والركن الثاني هو االسهام‪ :‬أي المشاركة فيهيأ الفرصة لكل فرد لالشتراك في‬
‫‪3‬‬
‫اشباع حاجات المجتمع الذي يعيش فيه‪.‬‬
‫‪ .5‬تحقيق العدالة االجتماعية‪ :‬تهدف اإلدارة المحلية باإلضافة الى تحقيق العدالة االجتماعية بين‬
‫مختلف مواطني الدولة عن طريق عدالة توزيع األعباء المالية من خالل أن ما يتم تحصيله من‬
‫ضرائب ورسوم يتم انفاقه على المرافق المحلية والتي تعمل في خدمة ممولي هذه الضرائب أو‬
‫الرسوم‪ ،‬كما تهدف الى تحقيق العدالة االجتماعية بين الريف والحضر وذلك بمساعدة األول على‬
‫الخروج من تخلفه واللحاق بالثاني‪ ،‬خاصة في الدول النامية وذلك لتطوير الريف وتحديثه‪ ،‬أو‬
‫على األقل تحقيق عدالة توزيع الموارد المالية بين القرية والمدينة‪ ،‬فال تستفيد المدينة على حساب‬
‫القرية‪ ،‬مما يمكن من االرتفاع بمستوى الخدمات في الريف‪.‬‬
‫‪ .6‬إشراك السكان في تخطيط المشروعات وتنفيذها‪ :‬حيث تعمل اإلدارة المحلية على إشراك السكان‬
‫المحليين في تخطيط المشروعات وكذا تنفيذها‪ ،‬كما تقوم أنها تقوم كذلك بتوفير الخدمة للمواطن‬
‫‪4‬‬
‫ضمن مبادئ الكفاية والفاعلية‪ ،‬والحد من الروتين والتسويف والمماطلة في اتخاذ اإلجراءات‪.‬‬
‫وقد حدد الباحث بوزيدة حميد أنشطة الجماعات المحلية في المجال االجتماعي وكذا الثقافي في النقاط‬
‫‪5‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ ‬اإلهتمام بالمستشفيات والقطاع الصحي‪ ،‬حيث تقوم الجماعات المحلية ببناء الهياكل الصحية‬
‫المتمثلة في قاعات العالج وعيادات الوالدة‪ ،‬إضافة الى مكافحة نقل األمراض المعدية‪.‬‬
‫‪ ‬اإلهتمام بالتربية والتكوين المهني‪ ،‬حيث تقوم الجماعات المحلية بإنجاز مؤسسات تعليمية‬
‫وملحقات التكوين كما تشجع تنمية النظام التربوي‪ ،‬إضافة الى انجاز وتجهيز مؤسسات التعليم‬
‫األساسي والثانوي والتقني‪.‬‬
‫‪ ‬تقوم بمساعدة العجزة والمسنين ودمجهم في المراكز الخاصة بهم‪ ،‬كما تساعد المعوقين إلمكانية‬
‫حصولهم على ملفاتهم الخاصة باإلعاقة‪.‬‬

‫‪ 1‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.247.‬‬


‫‪ 2‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.145 .‬‬
‫‪ 3‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.248 .‬‬
‫‪ 4‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.146 .‬‬
‫‪ 5‬بوزيدة حميد‪" ،‬تحديات تمويل ميزانيات الجماعات المحلية في الجزائر" (أعمال المؤتمرات للمنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ " ،‬إدارة التغيير في‬
‫اإلدارات المحلية والبلديات"‪ ،‬بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات المحلية والبلديات‪-‬خيارات وتوجهات‪،‬‬
‫إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو‪ ،)2011‬ص‪.121 .‬‬
‫‪137‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬إنجاز مؤسسات ثقافية وتسييرها وصيانتها كالمتاحف وقاعات السينما‪ ...‬الخ‬


‫‪ ‬القيام بتشجيع وتطوير األنشطة التربوية والرياضية للشبيبة بإنجاز دور الشباب‪.‬‬
‫‪ ‬تساهم في تنمية السياحة وذلك عن طريق انجاز الفنادق الصغيرة والمطاعم والمراكز العائلية‬
‫والمخيمات الصيفية وحدائق التسلية‪.‬‬
‫‪ ‬حماية الثقافة والمحافظة على التراث الوطني وحماية الفنون الشعبية‪.‬‬
‫إذن فإن جوانب البعد االجتماعي للتنمية تتمثل في الهياكل االجتماعية واتجاهات السكان والمؤسسات‬
‫الوطنية‪ ،‬وت قليل الفوارق في المداخيل والقضاء على الفقر المدقع وكذا إشباع الحاجات األساسية‪ ،‬وبهذا فقد‬
‫تغيرت فلسلفة التنمية من كونها مستندة إلى الحاجات اإلنسانية وبالتالي أصبحت التنمية هي تنمية االنسان‪.‬‬
‫فعملية التنمية إذن هي عملية حضارية شاملة لمختلف أوجه النشاط في المجتمع بما يحقق رفاهية االنسان‬
‫وكرامته‪ ،‬كما أنه بناء لإلنسان وتحرير له وتطوير لكفاءاته وإطالق لقدراته في العمل البناء واالبداع بما‬
‫‪1‬‬
‫يحقق سعادته ورفاهيته‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في مجال اإلسكان وحماية البيئة‬
‫يضع المجلس الشعبي البلدي في مجال اإلسكان المخطط العمراني البلدي اذ يخضع مشروع هذا‬
‫المخطط لمصادقة وزير اإلسكان‪ ،‬كما أنه يعمل على تشجيع بناء العقارات والوحدات السكنية‪ ،‬ويقوم‬
‫بإحداث مؤسسات البناء العقاري والتعاونيات العقارية‪ .‬فالمجلس الشعبي البلدي يساهم في تحقيق برامج‬
‫االسكان في نطاق المخطط الوطني الشامل‪ ،‬كما أنه يدير الممتلكات العقارية التي تضعها الدولة تحت‬
‫‪2‬‬
‫اشرافه في نطاق البلدية‪.‬‬
‫وتقوم اإلدارة المحلية بإنجاز المراكز والهياكل الصحية والثقافية والرياضية وصيانة المساجد‬
‫والمدارس القرآنية‪ ،‬باإلضافة الى توفير شروط الترقية العقارية كالتشجيع على انشاء التعاونيات‬
‫‪3‬‬
‫العقارية‪.‬‬
‫كما أن اإلهتمام بالبيئة وحمايتها والحفاظ عليها من المواضيع التي تلقى ترحيبا على المستوى الوطني‬
‫والدولي ويظهر ذلك من خالل اعتبارها سياسة وأولوية وطنية وربطها بالتنمية المستدامة‪ ،‬وعليه فهي تقع‬
‫على عاتق الدولة‪ ،‬فالحفاظ على البيئة من شأنه أن يضمن تنمية مستدامة لألجيال الحاضرة والمستقبلية من‬
‫خالل ترشيد استغالل الموارد األولية المتجددة واالستغالل األمثل للموارد المتجددة وضمانها الى األجيال‬
‫‪4‬‬
‫الحاضرة والمستقبلية‪.‬‬
‫وتعتبر المحافظة على البيئة ونظافتها وحسن تنظيمها من أهم األدوار التي يتوجب على اإلدارة المحلية‬
‫النهوض بها حفاظا على الحياة‪ ،‬حيث تقع على عاتقها مهمة جمع النفايات والتخلص منها بشكل سريع‬
‫وبطرق تضمن تقليل مخاطرها‪ ،‬كذلك مكافحة اآلفات الضارة بالقضاء على أسباب وجودها وتكاثرها‬

‫‪1‬علي بقشيش‪" ،‬إشكالية تأثير ال فساد اإلداري على برامج التنمية وتطبيق آليات الحكم الراشد في البلدان النامية مع اإلشارة إلى حالة الجزائر"‬
‫(أطروحة دكتوراه علوم في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬كلية العلوم السياسية واالعالم‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،)2013/2012 ،3‬ص‪124. .‬‬
‫‪ 2‬حسين فريجة‪" ،‬الرشادة اإلدارية ودورها في تنمية اإلدارة المحلية" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات‬
‫المحلية في الدول المغاربية‪ ،‬من طرف مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ )2009‬في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.90‬‬
‫‪ 3‬حمادو سليمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45 .‬‬
‫‪ 4‬محمد لموسخ‪" ،‬دور الجماعات المحلية في حماية البيئة" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في‬
‫الدول المغاربية‪ ،‬من طرف مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ )2009‬في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس ص‪.146 .‬‬
‫‪138‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫باإلضافة إلى التوسع في تشجير المناطق المحلية وانشاء الحدائق الخضراء‪ ،‬كما تعمل على مراقبة‬
‫‪1‬‬
‫الضجيج ومنع زيادته‪ ،‬كما أنها تقوم بتعميق الوعي البيئي لدى السكان بشتى الطرق الممكنة‪.‬‬
‫ولرئيس البلدية صالحيات واسعة فيما يخص الحفاظ على النظام العام واألمن العمومي‪ ،‬وكل ما‬
‫يشمله من ضمان الصحة العامة واآلداب العامة وغيرها وهذا تحت السلطة الوصية للوالي‪ ،‬حيث يقوم‬
‫رئيس البلدية بالحفاظ على النظام العام وسالمة األشخاص واألمالك‪ ،‬الحافظة على حسن النظام‪ ،‬اتخاذ‬
‫االحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة األمراض المعدية والوقاية منها‪ ،‬القضاء على الحيوانات المؤذية‬
‫وا لمضرة‪ ،‬السهر على نظافة الموارد االستهالكية المعروضة للبيع‪ ،‬السهر على احترام المقاييس‬
‫‪2‬‬
‫والتعليمات في مجال التعمير‪ ...‬وغيرها‪.‬‬
‫وقد نص المشرع الجزائري للمجلس الشعبي البلدي صالحية المحافظة على السكينة العمومية في‬
‫المادة ‪2/88‬من قانون البلدية رقم ‪ 10-11‬حيث نصت بما يلي "يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي تحت‬
‫إشراف الوالي بالسهر على النظام والسكينة والنظافة العمومية"‪ ،‬فالغاية من وجود الضبط االداري هو‬
‫تحقيق المحافظة على السكينة العمومية أو الطمأنينة العمومية كعنصر معنوي على المستوى المحلي‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫ويمارس رئيس المجلس الشعبي هذه الصالحيات في حدود بلديته‪.‬‬
‫فالبلدية تتكفل بحفظ الصحة وكذا المحافظة على النظافة العمومية خاصة بالنسبة للمياه الصالحة‬
‫‪4‬‬
‫للشرب والمياه القذرة والنفايات ونظافة األغذية واألماكن العمومية وحماية البيئة‪.‬‬
‫ويضطلع الوالي بالمحافظة على السكينة العمومية في تنظيم حركة المرور عبر الطرق وسالمتها‬
‫وأمنها‪ ،‬فقد بين القانون ‪ 14-01‬المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسالمتها وأمنها وكذا المرسوم‬
‫التنفيذي ‪ 381-04‬المحدد لقواعد حركة المرور سلطة الوالي المختص إقليميا في المحافظة على السكينة‬
‫العمومية‪ ،‬فالقانون يمنع استعمال األبواق ذات األصوات المتعددة وصفارات اإلنذار والزمارات‪ ،‬كما‬
‫يشير إلى ضرورة أن توجه التنبيهات أثناء الليل باإلنارة المتقطعة إما ألضواء الطريق المتساوية أو‬
‫أضواء الطريق فقط‪ ،‬وال يجيز استعمال المنبهات إال في حالة الضرورة القصوى‪ ،‬باإلضافة إلى أنه يمنع‬
‫اس تعمال المنبهات الصوتية في التجمعات السكنية إال في حالة خطر داهم‪ ،‬أو مخالفة األحكام المتعلقة‬
‫بتصاعد األدخنة والغازات السامة وإصدار الضجيج عند تجاوز المستويات المحددة‪ ،‬وتظهر سلطة الوالي‬
‫في كل هذه الحاالت في إمكانية إصداره في حالة معاينة مخالفة التعليق المؤقت لرخصة السياقة أو منع‬
‫‪5‬‬
‫تسليمها وذلك بعد أخذ رأي لجنة رخصة السياقة‪.‬‬
‫كما يقوم المجلس الشعبي الوالئي بدور جوهري في مجال ترقية المناطق الزراعية وحماية الغابات‬
‫والحماية من الكوارث والوقاية منها خصوصا الفيضانات والجفاف‪ ،‬والمبادرة بحماية الصحة العمومية‬
‫والتطهير ومساعدة البلديات في هذا المجال وبصفة خاصة توفير الرعاية الصحية والمياه الصالحة‬
‫‪6‬‬
‫للشرب‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫مما سبق يمكن توضيح دور اإلدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية من خالل العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.146 .‬‬


‫‪ 2‬محمد لموسخ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.147 .‬‬
‫‪ 3‬إسماعيل جابوربي‪ " ،‬اختصاصات الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي في المحافظة على السكينة العمومية كأحد أهداف الضبط اإلداري في‬
‫الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 17‬جوان ‪ ،)2017‬ص‪.‬‬
‫‪.149‬‬
‫‪ 4‬حمادو سليمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45 .‬‬
‫‪ 5‬إسماعيل جابوربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.148 .‬‬
‫‪ 6‬محمد لموسخ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.148.‬‬
‫‪ 7‬عبد الكريم مسعودي‪ " ،‬تفعيل الموارد المالية للجماعات المحلية دراسة حالة بلدية أدرار" (مذكرة ماجستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬تخصص‬
‫تسيير المالية العامة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،)2013/2012 ،‬ص‪.21 .‬‬
‫‪139‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ .1‬مشاركة المواطنين‪ :‬فمن أجل نجاح عملية التنمية ال بد من تعاون ومشاركة المجتمع ككل‪ ،‬وال‬
‫يمكن تحقيق ذلك إال من خالل الهيئات المحلية‪ ،‬فاشتراك أعضاءها في عمليات التنمية يعتبر من‬
‫القواعد األساسية لتنمية المجتمع المحلي‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلدارة المحلية‪ :‬وتعتبر مدرسة لتدريب أفراد المجتمع‪ ،‬وتثقيف السكان المحليين وتهيئتهم‬
‫وإكسابهم تقاليد ترتبط بممارسة مفاهيم الديموقراطية والشعبية‪ ،‬وتدريبهم على أساليب الحكم‬
‫واإلدارة المدنية وعلى أساليب الحوار‪ ،‬والتفاعل اإلنساني واحترام الرأي اآلخر‪ ،‬والتعاون وعقد‬
‫المؤتمرات لحل المشكالت والتعامل مع الكوارث‪.‬‬
‫‪ .3‬اللجان المحلية‪ :‬حيث تمارس المجالس المحلية أعمالها من خالل تشكيل اللجان التي تتصدى‬
‫للمجاالت المختلفة سواء بالدراسة أو بجمع اآلراء‪ ،‬أو بإعداد مشاريع القرارات‪ ،‬ومن أهم األدوار‬
‫التي يمكن أن تلعبها المجالس المحلية في خدمة مجتمعاتها المحلية تتمثل في‪ :‬الدور الخدمي‬
‫‪1‬‬
‫واالنتاجي‪ ،‬الدور االجتماعي والتثقيفي‪ ،‬الدور السياسي واإلداري‪ ،‬باإلضافة إلى الدور البيئي‪.‬‬
‫ويمثل الشكل الموالي الدور التنموي لإلدارة المحلية على المستوى المحلي‬
‫الشكل رقم (‪ :)08‬الدور التنموي لإلدارة المحلية على المستوى المحلي‬

‫بيئة نظيفة‬ ‫وحدة محلية مناسبة الحجم‬

‫الحد من البطالة‬ ‫جهاز موظفين مؤهل‬


‫دور خدمي وانتاجي‬

‫درجة عالية من الوعي‬ ‫قيادات محلية واعية ممثلة‬


‫والمشاركة‬ ‫في المجلس المحلي رئيسا‬
‫دور اجتماعي‬
‫جذب استثماري‬
‫وتثقيفي‬
‫جهاز عالقات عامة فعال‬
‫دور اداري وسياسي‬
‫إشباع حاجات‬
‫قوانين وأنظمة متطورة‬
‫سرعة اإلنجاز والحد من‬ ‫دور بيئي‬
‫الروتين‬

‫التكامل والتعاون بين‬ ‫موارد عالية كافية‬


‫السكان المحليين‬

‫المصدر‪ :‬عبد الكريم مسعودي‪ " ،‬تفعيل الموارد المالية للجماعات المحلية دراسة حالة بلدية أدرار" (مذكرة ماجستير في العلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬تخصص تسيير المالية العامة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪،‬‬
‫‪ ،)2013/2012‬ص‪.22 .‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي وشروط نجاحه‬


‫إن أغلب الناس تكون حياتهم ضمن نطاق إدارة الكوارث‪ ،‬أي أنهم ينتظرون حتى تبدأ كارثة أو مشكلة‬
‫ثم يسعون في طلب الحل وبالتالي غياب التخطيط في حياتهم‪ ،‬والتخطيط عملية معقدة قد يجيدها البعض‬

‫‪ 1‬عبد الكريم مسعودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21 .‬‬


‫‪140‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والبعض اآلخر ال يجيدها ألنها تتطلب مهارة تحديد أهم األنشطة التي ينبغي تخطيطها وتحديد األولويات‬
‫في تلك األنشطة واستثمار أهم عنصر في التخطيط هو الوقت‪ .‬فالتخطيط هو العملية التي تنطلق من واقع‬
‫معين بمحدداته المختلفة‪ ،‬وترمي الى تحقيق مجموعة من األهداف لطرف أو مجموعة من األطراف‬
‫استنادا الى حجم الموارد الحالية والمستقبلية المتاحة‪ ،‬وتتم بمشاركة كافة الفاعلين ذوي الصلة بموضوع‬
‫‪1‬‬
‫الخطة‪ ،‬وتضع في حسبانها حجم الضغوط أو الفرص في البيئة التي سيتم فيها التنفيذ‪.‬‬
‫والتخطيط االستراتيجي هو عملية ذهنية تحليلية الختيار المكانة المستقبلية للمؤسسة‪ ،‬تبعا للتغيرات‬
‫التي تحصل في البيئة الخارجية‪ ،‬وتبدأ هذه العملية بتحديد رسالة المؤسسة وتحليل البيئة فيها ووضع‬
‫األهداف وتقييمها واختيار األنسب منها‪ ،‬كما يسعى التخطيط االستراتيجي لتحديد التوجهات المستقبلية‬
‫دون التقيد في التفكير بالماضي او الحاضر مرتكزا على التفكير فيما يرغب الوصول إليه‪ ،‬وعليه فهو‬
‫‪2‬‬
‫ينطلق من الداخل نحو الخارج‪ ،‬ويبحث في المؤثرات الداخلية والخارجية ويتناول القضايا بشكل شمولي‪.‬‬
‫ويعد التخطيط االستراتيجي المحلي أداة قوية وعملية يمكنها أن تساعد كثيرا في التصدي للقضايا‬
‫المحلية‪ ،‬فهو سيوفر الوسيلة لتوضيح المزايا التنافسية والتعرف على الفرص التعاونية‪ ،‬كما سيخلق‬
‫‪3‬‬
‫الخيارات االبتكارية ويولد استراتيجيات تهدف الى تحقيق أولويات محلية وذلك بأفضل األساليب المتاحة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي‬
‫إن التخطيط عملية هادفة الغرض منها اختيار أفضل السبل لتحقيق رغبات المجتمع وتطلعاته‪ ،‬لبلوغ‬
‫أعلى مستويات الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬من خالل االستخدام األمثل للوسائل واالمكانيات التي‬
‫يستطيع المجتمع توفيرها خالل مدة زمنية معينة‪ ،‬كما أنه أسلوب لتنظيم عملية التطوير والتنمية ووسيلة‬
‫‪4‬‬
‫لتحقيقها‪.‬‬
‫وتنبع أهمية التخطيط االس تراتيجي في أنه يساعد على رفع درجة التنبؤ بالتغيرات في البيئة المحيطة‬
‫بالمنظمات وكيفية التأقلم معها‪ ،‬كما أنه يوضح صورة المنظمة أمام جماعات وأصحاب المصالح كافة‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫باإلضافة إلى أنه يزود المنظمة بدليل ارشادي حول ما الذي تسعى إلى تحقيقه‪.‬‬
‫ويعتبر التخطيط المحلي أسلوبا للتغيير العلمي ألوضاع المجتمع المحلي مع األخذ في عين االعتبار‬
‫اإلمكانيات التي تميز كل إقليم عن غيره من األقاليم‪ ،‬وذلك بهدف خلق توازن بين الوحدات المحلية لتحقيق‬
‫التنمية المحلية من خالل إشراك المواطنين في العملية التنموية باعتبارهم المستهدف األساسي من عملية‬
‫‪6‬‬
‫التخطيط‪.‬‬
‫وتتنوع مجاالت التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي فنجد التخطيط في مجال العمران والتهيئة‬
‫العمرانية‪ ،‬التخطيط في مجال تنمية الموارد البشرية‪ ،‬التخطيط في المجالين االجتماعي واالقتصادي‬
‫والتخطيط في مجال حماية البيئة وهذا ما سيتم التطرق إليه في هذا المطلب‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الخبير محمود عطا محروس‪" ،‬تجربة اإلدارة والتنمية المحلية في محافظة قنا‪ ،‬عملية اإلصالح المجتمعي المنهجي‪ :‬الضرورات‬
‫والمتطلبات‪ ،‬األدوار والمحددات‪ ،‬الرؤية والرسالة" (ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر تجارب اإلدارة والتنمية المحلية في محافظات جمهورية مصر‬
‫العربية‪ ،‬يومي ‪ 25‬و ‪ 26‬ماي ‪ ،)2008‬ص‪.08 .‬‬
‫‪ 2‬عاطف محمود عوض ‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي في المنظمات غير الربحية (دراسة ميدانية على المنظمات غير الربحية في محافظة البقاع‬
‫اللبنانية" في مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،29‬العدد األول (‪ ،)2013‬ص ‪.157.‬‬
‫‪" 3‬االرتقاء بالتنمية االقتصادية المحلية من خالل التخطيط االستراتيجي" (أوراق عمل التنمية االقتصادية‪ ،‬المجلد الثالث‪ :‬األدوات‪ ،‬سلسلة التطوير‬
‫االقتصادي على المستوى المحلي‪ ،‬تعزيز التطوير االقتصادي المحلي من خالل التخطيط االستراتيجي‪ ،‬برنامج األمم المتحدة للمستوطنات‬
‫البشرية‪ ،)UN HABITAT ( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.06 .‬‬
‫‪ 4‬أديب الخل يل‪ " ،‬تكامل التخطيط القطاعي والتخطيط اإلقليمي ودوره في تشكيل منظومة اقتصادية متكاملة في المنطقة اإلدارية (مثال‪ :‬منطقة نهر‬
‫البارد في إقليم الغاب)" في مجلة جامعة دمشق‪ ،‬المجلد ‪ ،30‬العدد ‪ ،)2014( 4+3‬ص‪.761 .‬‬
‫‪ 5‬عاطف محمود عوض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.158 .‬‬
‫‪ 6‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50 .‬‬
‫‪141‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع األول‪ :‬التخطيط في مجال العمران والتهيئة العمرانية‬


‫يعد التضخم العمراني أحد المشكالت الرئيسية التي تواجه المجتمعات الحضرية والريفية في وقتنا‬
‫الحالي‪ ،‬فهو يحد من تحقيق أهداف خطط التنمية االقتصادية واالجتماعية بالمعدالت المالئمة‪ ،‬والتخطيط‬
‫العمراني يقوم على تفهم احتياجات المجتمعات ودراسة اإلمكانيات المتاحة من األراضي والطاقات الكافية‬
‫فيها ومن ثم يقوم بإفراغ هذه الخطط في مخططات عمرانية مناسبة لطبيعة وظروف االنسان والبيئة التي‬
‫يعيش فيها‪ .‬وهناك مجموعة من المشاكل العمرانية تواجه الوحدات المحلية تؤثر على أداءها بشكل جيد‬
‫‪1‬‬
‫من بين هذه المشاكل نذكر ما يلي‪:‬‬
‫عدم وجود أراضي أو منشآت سكنية حكومية كافية للزيادة السكانية في الوحدات المحلية‪ ،‬وينجم‬ ‫‪.1‬‬
‫عن ذلك مخالفات للقوانين واللوائح الخاصة بالبناء واالمتدادات والتقسيمات العشوائية‪.‬‬
‫عدم وجود خ دمات وضعف االرتباط بين االمتدادات العشوائية والمدينة األم‪ ،‬وينجم عن ذلك‬ ‫‪.2‬‬
‫مشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية متعددة‪.‬‬
‫عدم تحديد وظيفة ودرجة الطرق الخاصة بالمرور‪ ،‬فضال عن عدم وجود تصميم يناسب ذلك‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫وعدم وجود أماكن انتظار‪.‬‬
‫عدم وجود تصميم معماري يعالج الواجهات والمساحات والفتحات وغيرها‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫عدم تخصيص مناطق خدمية متدرجة (رئيسية‪ ،‬فرعية ‪...‬الخ) سواء على مستوى الخدمات‬ ‫‪.5‬‬
‫االجتماعية أو العامة أو األنشطة االقتصادية‪.‬‬
‫وقد نتج عن المشاكل السالفة الذكر خلل وسوء توزيع السكان وارتفاع الكثافة السكانية في بعض المدن‬
‫وانتشار اإلسكان العشوائي بالتعدي على األراضي الزراعية‪ ،‬وهذا االمر يتطلب تفعيل دور التخطيط‬
‫‪2‬‬
‫العمراني واإلسراع بإعداد المخططات العمرانية ويتم ذلك باتخاذ االجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬القيام بتدعيم الهيئة العامة للتخطيط العمراني وتوفير التمويل الالزم لها حتى تستطيع القيام‬
‫بمهامها الموكلة لها‪ ،‬وهذا يؤدي إلى الحفاظ على األراضي الزراعية وتوفير األراضي الصالحة للبناء‪.‬‬
‫إزالة المناطق المتدهورة وإعادة تخطيطها‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ .3‬اعداد تخطيط عمراني للمددن والقدرى يتحددد فيده اسدتخدام األراضدي والشدروط البنائيدة والكثافدات‬
‫السكانية‪.‬‬
‫‪ .4‬تشددجيع المدددن والقددرى ذات الظهيددر الصددحراوي واعطاءه دا أولويددة فددي إقامددة الخدددمات الجديدددة‬
‫واالستثمار لجعلها مناطق جاذبة للمواطنين‪.‬‬
‫‪ .5‬القيددام برسددم خريطددة عمرانيددة جديدددة تتحدددد فيهددا كافددة األنشددطة الصددناعية والزراعيددة والخدميددة‬
‫يراعى فيها خلق أقاليم إدارية تنموية جديدة‪.‬‬
‫وترجع المحاوالت األولى للتخطديط العمراندي إلدى مجهدودات االقتصداديين فدي محداولتهم الدربط بدين‬
‫التطورات االقتصادية وموارد الثروة في الدبالد‪ ،‬خاصدة بعدد الثدورة الصدناعية وتعدرض بعدض المنداطق‬
‫الزراعية لخطر التصحر والزحف العمراني وتحولها إلى مجتمعات صناعية‪ ،‬وهجرة عمال الزراعة من‬

‫‪ 1‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬التخطيط اإلقليمي ودوره في التنمية المحلية (دراسة مقارنة)‪( ،‬القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ :‬منشورات المنظمة‬
‫العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬سلسلة أطروحات الدكتوراه‪ ،)2016 ،‬ص ‪.234.‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.235 .‬‬
‫‪142‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الريف إلى المدن‪ ،‬مما أدى إلى تركز عدد كبير من السكان في مناطق صغيرة محدودة المسداحة وبالتدالي‬
‫سددوء توزيددع السددكان بالنسددبة لتلددك المسدداحات‪ ،‬كددل ذلددك يددؤثر فددي تلددوث المدداء والهددواء والتربددة فددي تلددك‬
‫المندداطق‪ ،‬باإلضددافة إلددى سددوء اإلسددكان وقلددة العنايددة الصددحية ونقددص مختلددف الخدددمات‪ ،‬ممددا ينددتج عندده‬
‫‪1‬‬
‫انخفاض مستوى المعيشة واستنزاف الموارد الطبيعية ونضوب الموارد االقتصادية‪.‬‬
‫أما التخطيط العمراني االستراتيجي فهو العملية التي تتيح توضيح مبادرات أصحاب المصالح من‬
‫الجهات الخاصة والعامة والذين يبحثون عن تآزر في تعمير المدينة‪ ،‬وعليه فإن التخطيط العمراني‬
‫‪2‬‬
‫االستراتيجي يفضي إلى‪:‬‬
‫أنه أسلوب مرن للتخطيط يسهل تطويعه وفق الظروف والمالبسات بحيث أن المرونة شرط‬ ‫‪-‬‬
‫ضروري مسبق‪.‬‬
‫آلية للتعمير المحلي تؤدي إلى تدخل استراتيجي يضمن جودة الحياة والتقدم االجتماعي‬ ‫‪-‬‬
‫واالقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬طريقة للترويج لسبل إدارة متقدمة تساعد على تطوير الديموقراطية المحلية إلى درجة رفيعة من خالل‬
‫التعاون الحقيقي بين أصحاب المصالح من الجهات الخاصة والعامة‪.‬‬
‫نمط حديث وديموقراطي من التفكير المشترك عن التعمير الحضري‪ ،‬يتيح وضع مرجعية لكل‬ ‫‪-‬‬
‫تلك القوى االقتصادية واالجتماعية التي يمكنها التنسيق بين استراتيجياتها والصور المختلفة المرغوبة‬
‫لمدينتها أو منطقتها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التخطيط في مجال تنمية الموارد البشرية‬
‫إن التنمية البشرية تعني تنمية اإلنسان الذي هو رأس المال الحقيقي هدفا وغاية مطلقة‪ ،‬ويأتي ذلك‬
‫في إطار توفير واشباع جميع حاجاته المادية والالمادية وتوفير الظروف واألجواء المجتمعية التي تحقق‬
‫‪3‬‬
‫له قدر من االستمتاع بحقوقه كإنسان‪.‬‬
‫فالمتتبع لتاريخ المؤسسات الناجحة عبر أنحاء العالم‪ ،‬بالنظر إلى نموها وكبر حجمها وفتح فروع لها‬
‫وجودة منتجاتها‪ ،‬يجد أن من وراءها عمال ومسيرون جمعوا بين الكفاءة وحسن القيادة إلى أن وصلوا‬
‫بمؤسساتهم إلى الشهرة والنجاح‪ ،‬على الرغم من التقلبات والمفاجآت المستمرة التي يعرفها المحيط‪،‬‬
‫فالعنصر البشري يقوم بدور حاسم في قيام المؤسسة وبقاءها ونموها باإلضافة إلى االسهام في تكوين‬
‫الثروة‪ ،‬كما أنه هو من سيمكن المؤسسة من مواجهة التحديات االقتصادية واالجتماعية والتكنولوجية‬
‫‪4‬‬
‫والمعرفية المختلفة‪.‬‬
‫إذن فالموارد البشرية تعد عنصرا رئيسيا في تحقيق النمو االقتصادي‪ ،‬فقد صرحت األمم المتحدة ومن‬
‫خالل االستراتيجية الدولية الرابعة للتنمية‪ ،‬بأن المورد البشري والتنمية البشرية هي احدى األولويات‬
‫الالزمة لتحقيق التنمية (بخالف استئصال الفقر‪ ،‬إزالة الجوع‪ ،‬السكان‪ ،‬البيئة)‪ ،‬وهذه االستراتيجية تركز‬
‫على التعامل لتنمية الموارد البشرية مع عمليات التحول االقتصادية والتكنولوجية (كإحداث تكيف العمالة‬

‫‪ 1‬أميرة عبد هللا بدر‪ " ،‬التخطيط العمراني كأحد آليات اإلدارة المحلية في مواجهة تحديات التنمية المستدامة دراسة مقارنة"‪ ،‬في مجلة تشريعات‬
‫التعمير والبناء‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ،‬العدد الثالث (سبتمبر ‪ ،)2017‬ص‪.03 .‬‬
‫‪" 2‬التخطيط العمراني االستراتيجي واإلدارة االستراتيجية للمدن"‪ ،‬في سلسلة دراسات نحو مجتمع المعرفة‪ ،‬مركز اإلنتاج اإلعالمي‪ ،‬جامعة الملك‬
‫عبد العزيز‪ ،‬اإلصدار الخامس عشر لسنة ‪ ،1428‬ص‪.29 .‬‬
‫‪ 3‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬ط‪ ،1‬تحرير‪ :‬محمد غربي‪ ،‬سفيان فوكة‪ ،‬مشري مرسي (الجزائر‪ :‬ابن النديم للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،)2014،‬ص‪.251 .‬‬
‫‪ 4‬ابراهيمي عبد هللا وحميدة المختار‪ " ،‬دور التكوين في تثمين وتنمية الموارد البشرية " في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪،‬‬
‫العدد السابع (فيفري ‪ ،)2005‬ص‪.02 .‬‬
‫‪143‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الموجودة‪ ،‬بحيث يتناسب العرض مع الطلب سواء على المستوى المحلي أو الدولي)‪ .‬وفي هذا المجال‬
‫‪1‬‬
‫يجب التركيز على ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تخطيط السكان‪ :‬فالسياسات المتعلقة بتخطيط السكان تتأثر بشدة بالعوامل الديموغرافية‪،‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬السياسية‪ ،‬والثقافية السائدة‪.‬‬
‫‪ .2‬تخطيط التشغيل‪ :‬ويجب أن يتكامل مع مستويات العمل المتاحة والرغبة في الحفاظ على رأس‬
‫المال البشري كمتغير واضح داخل وخارج التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .3‬تخطيط القوى العاملة‪ :‬ويتعلق هذا النوع بالحوافز والمعوقات المرتبطة بالعمل سواء مادية‬
‫(أجور‪ ،‬مكافآت)‪ ،‬أو غير مادية (ظروف العمل‪ :‬اضاءة‪ ،‬تهوية‪ ،‬وضع اجتماعي‪ ،‬تدريب)‪ ،‬والتي‬
‫تعمل على جذب القوى العاملة من قطاع ألخر‪.‬‬
‫‪ .4‬التخطيط التعليمي‪ :‬ال يجب أن يرتبط بسوق العمل فقط‪ ،‬ولكن يجب أن يتناسب أو يتناغم أيضا مع‬
‫سياسات التعليم‪.‬‬
‫لقد برز مفهوم التنمية البشرية بعد أن كانت قضايا النمو االقتصادي مقتصرة على شكل رأس المال‬
‫واستثماراته‪ ،‬وبعد أن كان االهتمام مركزا على االنسان كمورد اقتصادي فقط‪ ،‬ينتظر منه زيادة اإلنتاج‬
‫وتطويره‪ ،‬وبالتالي اتسع الحديث عن تحسين األحوال الصحية لقوة العمل حتى تكون قادرة على اإلنتاج‪،‬‬
‫فيجب مراعاة كون االنسان له حقوق يجب أن تلبى للوصول الى تطوير الشخصية اإلنسانية والحفاظ على‬
‫‪2‬‬
‫كرامتها‪.‬‬
‫فباعتبار أن المورد البشري عنصر استراتيجي فاعل ومؤثر على نجاح المنظمات ومتأثرا بالمتغيرات‬
‫التكنولوجية واالقتصادية والسياسية فهو يحتاج إلى إعادة نظر في استراتيجيات وأساليب تأهيلية وتدريبية‬
‫‪3‬‬
‫لكي يتوافق ويتواكب ويتكامل مع تلك المتغيرات‪.‬‬
‫وطالما أن العنصر البشري يمثل العامل الرئيسي في أداء الجهاز الحكومي بصفة عامة‪ ،‬فان تطوير‬
‫نظم إدارة هذا العنصر ينبغي أن تعطى أولوية في برنامج اإلصالح‪ ،‬وال ينتظر أن يتحقق تطوير في‬
‫ممارسات األجهزة الحكومية ما لم يتم اعتبار أن األفراد العاملين يمثلون بكل نوعياتهم ومستوياتهم‬
‫‪4‬‬
‫العنصر الحاسم والمحدد لألداء واإلنتاجية والفعالية‪.‬‬
‫إذن فان رأ س المال البشري يعتبر مصدرا للتنمية ولذا نجد أن المادة الخام لرأس المال البشري‬
‫تتمثل في القدرات واألصول البشرية بالمجتمعات والمنظمات على حد سواء‪ ،‬والتي يمكن حشدها‬
‫‪5‬‬
‫إلحداث التنمية المطلوبة في المجتمع‪.‬‬
‫وقد ركزت تقارير برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ‪ PNUD‬منذ عام ‪ 1990‬على مفهوم نوعية‬
‫الحياة وعلى محورية البشر في التنمية وزيادة قدراتهم على االختيار وتمكينهم من ممارسة هذه‬
‫الخيارات وتفجير طاقاتهم اإلبداعية‪ ،‬وتمكينهم من المشاركة في أمور حياتهم وأصبح النمو‬
‫‪6‬‬
‫االقتصادي ليس غاية في حد ذاته بل وسيلة لتحقيق التنمية‪.‬‬

‫‪ 1‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.172 .‬‬


‫‪ 2‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.254 .‬‬
‫‪ 3‬محمد بن إبراهيم التويجري‪" ،‬التدريب اإلداري وآفاق تطويره في البلدان العربية"‪ ،‬في إدارة‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬المجلد ‪ ،14‬العدد ‪27‬‬
‫(‪ ،)2004‬ص‪.14.‬‬
‫‪ 4‬أحمد صقر عاشور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.85.‬‬
‫‪ 5‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.174 .‬‬
‫‪ 6‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.256 .‬‬
‫‪144‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التخطيط في المجال االجتماعي‬


‫إن التخطيط بمفهومه الواسع أصبح المحرك األساسي للتطور االقتصادي واالجتماعي في دول العالم‬
‫كلها‪ ،‬على اختالف أنظمتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وطبيعة المشكالت التي تواجهها‪،‬‬
‫فمستوى تطور القوى المنتجة وطابع اإلنتاج االجتماعي يتطلبان تطوير اقتصاد مخطط وموجه وهادف‬
‫ومتناسب‪ ،‬وعليه فإن العديد من الحكومات تبذل مساعي كبيرة من أجل االستخدام العملي للتخطيط في‬
‫مختلف مجاالت الحياة‪ ،‬ومنها المجال االقتصادي واالجتماعي وذلك لقناعتها التامة أن تحقيق التنمية‬
‫‪1‬‬
‫الشاملة يرتبط ارتباطا وثيقا بالتخطيط القائم على أسس علمية وسليمة‪.‬‬
‫ويعتبر التخطيط االجتماعي من سمات العصر الحديث في كل دولة‪ ،‬باعتباره الطريق الذي يقود‬
‫األفراد والجماعات نحو الرفاهية والتقدم االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬فالهدف منه هو رفع نوعية المواطن‬
‫وتطوير شخصيته ليكون مواطن صالح منتج‪ ،‬لديه انتماء لمجتمعه وعامل من عوامل تقدمه‪ .‬كما يقوم‬
‫بتوفير الخدمات االجتماعية المالئمة (التعليم‪ ،‬الصحة‪ ،‬األمن‪ ،‬العدالة‪ ،‬اإلسكان‪ ،‬المرافق األخرى‬
‫وغيرها)‪ .‬كما أن هذا األسلوب يبدأ بفهم وتحليل مكونات المجتمع والتعرف على المشاكل االجتماعية‬
‫‪2‬‬
‫الموجودة أو المحتملة ثم يصل إلى وضع خطط وبرامج للتغلب على تلك المشاكل‪.‬‬
‫في هذا المجال يكون األساس في التخطيط اجتماعيا‪ ،‬لذلك تعلب العوامل االجتماعية هنا دورا كبيرا‪،‬‬
‫مع ضرورة مراعاة عوامل أخرى موازية وهامة كتقييم حجم الموارد المالية المتاحة لإلنفاق على تلك‬
‫‪3‬‬
‫الخدمات االجتماعية وكذا تقييم العوائد االجتماعية الناجمة عن عوائد عملية التخطيط نفسها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ويتضمن التخطيط في المجال االجتماعي العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه وسيلة المجتمع لالنتقال من الحاضر الى المستقبل مع تحقيق قدر من التغيير االجتماعي‬
‫المقصود المرغوب فيه‪.‬‬
‫‪ .2‬يقوم على جهود تعاونية بين جماعات المجتمع وقياداته الشعبية والخبراء والفنيين الالزمين‬
‫لتحقيق التغيير المطلوب‪.‬‬
‫‪ .3‬يتم وفق مجموعة من المراحل العلمية والتي تبدأ بتقدير وتحديد االحتياجات الملحة‪ ،‬ثم وضع‬
‫واتخاذ القرارات التي من شأنها احداث التغيير سواء بمقابلة االحتياجات أو مواجهة المشكالت في‬
‫حدود اإلمكانيات المتاحة والموارد المجتمعية وفق خطة زمنية محددة‪.‬‬
‫‪ .4‬إن هذا األسلوب يعطي أهمية إليديولوجية المجتمع والقيم واالتجاهات السائدة‪ ،‬وقد يهدف في‬
‫بعض برامجه الى احداث تغييرات أو تعديالت في نسق القيم داخل المجتمع‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ويهدف التخطيط االجتماعي إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬األمن الشخصي‪ :‬وذلك عن طريق توفير الحرية الفكرية التي ال تتصادم مع معتقدات المجتمع‪ ،‬اذ‬
‫تشمل التقليل من نسبة الجريمة ونسبة الحوادث مع توفير الخدمات األمنية الدقيقة‪.‬‬
‫‪ .2‬األمن الصحي‪ :‬وذلك عن طريق إيجاد البيئة الصالحة للسكن الجاذبة لالستقرار ورفع مستوى‬
‫الخدمات الصحية على مستوى الفرد والجماعات‪.‬‬

‫‪ 1‬أديب الخليل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.760.‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.54 .‬‬
‫‪ 3‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.177 .‬‬
‫‪ 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.57 .‬‬
‫‪ 5‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.236 .‬‬
‫‪145‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ .3‬األمن التعليمي‪ :‬وذلك عن طريق توفير سبل العلم ومناهجه الكفيلة بتنمية الفكر والمحافظة عليه‬
‫من األخطار الفكرية والتي تولد التناقض في المجتمع‪ ،‬كما أنها تشمل على توفير الخدمات‬
‫التعليمية على مستوى األفراد والمجموعات وعلى مستوى المناطق‪.‬‬
‫‪ .4‬األمن االقتصادي‪ :‬ويكون عن طريق العمل على دراسة أحوال الناس لتنمية قدراتهم وربطها‬
‫بالخطط االقتصادية لرفع مستويات الدخول‪ ،‬باإلضافة إلى أنه يشمل توفير الخدمات الترويحية‬
‫التي يرتادها أفراد المجتمع كالرياضة والفروسية والسباحة والرماية‪ ...‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ .5‬ومن األسباب التي دعت لألخذ بالتخطيط االجتماعي كذلك هي االنتفاع المدروس بالموارد‬
‫المحدودة التي لها تأثيرات اجتماعية على اإلنسان ومحاولة النهوض بالقوى العاملة إلى المستوى‬
‫الفني المطلوب وحمايتها من البيروقراطية والبطالة المقنعة وغيرها من مشاكل العمالة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى السيطرة على ظاهرة التحضر السريع بالمدن وهجرة الريف‪ ،‬مما سبب مشاكل اجتماعية‬
‫هائلة في المدينة والريف‪ ،‬ففي المدينة زادت نسبة البطالة والجريمة وانخفضت األجور‪ ،‬أما في‬
‫األرياف فقد خلت من العمالة الجيدة مما أدى إلى انهيار سمات الريف الزراعية واإلنتاجية‬
‫والسكانية‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التخطيط في المجال االقتصادي‬
‫لقد برزت فكرة التخطيط في المجال االقتصادي ألول مرة على يد العالم النرويجي (كريستيان‬
‫شونهيدر ‪1990‬م)‪ .‬ثم تطورت فكرة التخطيط من الناحية العلمية أثناء الحرب العالمية األولي في‬
‫ألمانيا‪ ،‬حيث تم استخدامه كوسيلة إلدارة دفة الحرب‪ .‬أما التخطيط االقتصادي ألغراض التنمية فقد‬
‫تم استخدامه للمرة األولى من قبل روسيا عام (‪1928‬م) في الخطة الخماسية األولى بهدف التحويل‬
‫‪1‬‬
‫السريع لروسيا من دولة زراعية متخلفة إلي دولة صناعية متقدمة‪.‬‬
‫يهدف التخطيط االقتصادي إلى رفع مستوى المعيشة وتوفير االحتياجات الضرورية لمختلف‬
‫طبقات المجتمع‪ ،‬واستغالل القوى المنتجة وتوجيهها الوجهة الصالحة وتوفير االستقرار الدائم للعمل‪،‬‬
‫وضمان دخل ثابت لكل فرد وتخفيض ساعات العمل وتنمية روح العمل والتوزيع العادل للدخل‬
‫‪2‬‬
‫القومي‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإن من أهداف التخطيط االقتصادي تحقيق ما يلي‪:‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ .1‬زيادة معدالت النمو االقتصادي‪.‬‬


‫‪ .2‬إقامة قاعدة صناعية كافية وصالحة لتكون نقطة انطالق التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .3‬عالج أو إزالة معوقات التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .4‬تكوين الفائض االقتصادي واستقطاب هذا الفائض من مختلف قطاعات االقتصاد‪.‬‬
‫‪ .5‬تحقيق قدر كافي من التشغيل لتأمين فرص عمل الستيعاب القوة البشرية المعطلة‪.‬‬
‫‪ .6‬رفع مستوى استغالل الموارد االقتصادية الطبيعية والبشرية إلى المستوى األمثل‪.‬‬
‫ويتمتع المجلس الشعبي الوالئي باختصاصات عديدة في مجال التخطيط واالنعاش االقتصادي‪ ،‬فهو‬
‫يقوم بكافة األعمال التي تسهم في تنمية الوالية‪ ،‬وبالتالي فيحق له في هذا اإلطار أن يشجع كل مبادرة‬
‫تساعد على تنسيق العمل بالنسبة لمشروعات التنمية‪ ،‬وخالل وضع المخطط الوطني للتنمية تتم دعوة‬
‫المجلس للتعبير عن رأيه بالنسبة للعمليات المتصلة مباشرة بالحياة االجتماعية واالقتصادية والثقافية‬

‫‪ 1‬علي الحسن محمد نور زروق‪" ،‬أثر التخطيط االستراتيجي على التنمية االقتصادية في السودان‪ ،‬دراسة حالة الخطة العشرية‬
‫(‪ ")2002/1992‬في مجلة جامعة بخت الرضا العلمية‪ ،‬العدد الخامس عشر (ديسمبر ‪ ،)2015‬ص ‪.05.‬‬
‫‪ 2‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.87 .‬‬
‫‪ 3‬محمد عبد هللا شاهين محمد‪ ،‬التحديات السياسية واالقتصادية للدول العربية وسبل معالجتها‪ ،‬ط‪( 1‬االمارات العربية المتحدة‪ :‬دار الكتاب‬
‫الجامعي‪ ،)2017 ،‬ص‪.40 .‬‬
‫‪146‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫للوالية‪ ،‬ويتم أخذ رأيه في توزيع االعتمادات المالية التي يتصرف فيها الوالي‪ ،‬كما يبدي رأيه كذلك في‬
‫أولويات الصرف في االعتمادات المالية وفي برنامج التجهيز والتنمية المقدم من طرف الوالي والمتعلق‬
‫بالوالية‪ .‬فالمجلس الشعبي الوالئي يصادق على مخطط الوالية في المجال االقتصادي‪ ،‬كما يعمل على‬
‫ترقية االستثمار على مستوى المنطقة ويقدر النفقات الواجب تقصيها في هذا المجال‪ ،‬باإلضافة الى أنه‬
‫يعمل على إيجاد التجهيزات التي يتجاوز حجمها قدرات البلديات‪ .‬كما يساهم المجلس الشعبي الوالئي في‬
‫‪1‬‬
‫برامج ترقية التشغيل بالتشاور مع البلديات أو المتعاملين االقتصاديين‪.‬‬
‫وهناك تداخل كبير بين التخطيط االجتماعي والتخطيط االقتصادي‪ ،‬فإذا ما أراد المخطط االقتصادي‬
‫أن يرفع من مستوى المعيشة إلقليم أو منطقة ما ال يمكن أن يتم له ذلك دون إجراء مسح اجتماعي يدرس‬
‫ف يه الناس وأحوالهم االجتماعية‪ ،‬كما أن نفس الشيء يساعد المخطط االجتماعي من خالل تحويل دفة‬
‫التخطيط االقتصادي نحو المناطق التي تعاني مثال من البطالة وانخفاض مستويات المعيشة من خالل‬
‫‪2‬‬
‫المسح االجتماعي الذي يتم إجراءه على تلك المناطق‪.‬‬
‫ويوضح الشكل التالي إطار مقترح للتخطيط االقتصادي على مستوى األقال‬
‫الشكل رقم (‪ :)09‬إطار مقترح للتخطيط االقتصادي على مستوى األقاليم‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬


‫‪.6‬‬
‫وضع برنامج‬ ‫فحص وتحليل‬ ‫تنظيم الجهود‬ ‫التحليل والتقويم‬
‫للتغيير‬ ‫النتائج االقتصادية‬ ‫إلحداث التغيير‬ ‫االستراتيجي‬ ‫مؤشر اإلمكانيات‬
‫لالستراتيجية‬ ‫على مستوى‬ ‫االقتصادية‬
‫المحافظات‬
‫‪.3‬‬ ‫‪-‬قطاع األعمال‬
‫‪-‬تحليل‬
‫‪-‬الحكومة‬ ‫التجمعات‬ ‫‪.7‬‬
‫نظام معلومات على‬
‫مستوى األقاليم‬ ‫‪-‬المجتمع المدني‬ ‫االقتصادية‬
‫وضع واختيار‬
‫والمحافظات‬ ‫أهداف مستقبلية‬
‫‪-‬المجتمع المحلي‬ ‫‪-‬تحليل متعدد‬
‫‪.13‬‬ ‫القطاعات‬ ‫بديلة‬
‫‪-‬القيادات المحلية‬
‫وضع مؤشرات ومقاييس‬
‫‪.8‬‬

‫‪.12‬‬ ‫وضع توجهات‬


‫استراتيجية‬
‫مراجعة وإعادة صياغة‬ ‫‪10‬‬
‫جديدة‬
‫االستراتيجية‬
‫االستراتيجية‬

‫‪.11‬‬ ‫‪-‬الهدف االستراتيجي‬ ‫‪.9‬‬

‫خطة العمل‬ ‫‪-‬التوجهات االستراتيجية‬ ‫تحليل خارجي‬


‫فرص وتهديدات‬
‫خطة خمسية‪ ،‬خطة سنوية‪،‬‬ ‫‪-‬المخطط االستراتيجي‬
‫خطة مالية‬ ‫‪-‬المحركات االقتصادية‬
‫المصدر‪ :‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬التخطيط اإلقليمي ودوره في التنمية المحلية (دراسة مقارنة)‪( ،‬القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ :‬منشورات‬
‫المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬سلسلة أطروحات الدكتوراه‪ ،)2016 ،‬ص‪.241 .‬‬

‫‪ 1‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.66 .65.‬‬


‫‪ 2‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.237 .‬‬
‫‪147‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الخامس‪ :‬التخطيط في مجال حماية البيئة‬


‫يعرف التخطيط البيئي بأنه مفهوم ومنهج جديد يقدم خطط التنمية من منظور بيئي‪ ،‬فهو التخطيط الذي‬
‫يحكمه بالدرجة األولى البعد البيئي واآلثار البيئية المتوقعة لخطط التنمية على المدى المنظور وغير‬
‫المنظور‪ ،‬كما أنه التخطيط الذي يهتم بالقدرات البيئية بحيث ال تتعدى مشروعات التنمية وطموحاتها الحد‬
‫البيئي الحرج‪ ،‬وهو الحد الذي ال يجب أن نتوقف عنده وال نتعداه حتى ال تحدث نتائج عكسية‪ .‬إذن‬
‫‪1‬‬
‫فالتخطيط البيئي هو التخطيط الذي ينتج من خالل عملياته خططا مدمجة بالبعد البيئي‪.‬‬
‫و يستخدم مفهوم التخطيط للتنمية االيكولوجية عن طريق العديد من المنظمات غير الحكومية‪ ،‬اذ يتم‬
‫‪2‬‬
‫تحديد السمات الرئيسية لهذا النوع من التنمية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تنمية الموارد بهدف اشباع الحاجات اإلنسانية األساسية‪.‬‬
‫‪ .2‬تطوير نظام بيئي اجتماعي يحقق االشباع‪.‬‬
‫‪ .3‬االستخدام الفعال العقالني للموارد الطبيعية وبطريقة تكاملية بما يحفظ حقوق األجيال‬
‫القادمة‪.‬‬
‫‪ .4‬استخدام مصادر الطاقة البديلة خاصة تلك المتعلقة باستخدام الشمس كمصدر للطاقة‪.‬‬
‫‪ .5‬استخدام أنماط إنتاجية من شأنها المحافظة على البيئة‪.‬‬
‫‪ .6‬تطوير واستخدام التقنية الي ال تعمل على تلويث البيئة‪.‬‬
‫‪ .7‬تحقيق المشاركة الشعبية بما يحمي من اآلثار الضارة للبيئة‪.‬‬
‫‪ .8‬تعليم أساسي لخلق وعي اجتماعي بقضايا المجتمع والبيئة‪.‬‬
‫وتشكل الجماعات المحلية الحلقة األهم في تنفيذ السياسات العامة للبيئة على المستوى الوطني‬
‫باستخدام الوسائل واإلمكانات المادية والبشرية المتاحة وممارسة صالحياتها المنصوص عليها في‬
‫القوانين‪ ،‬وكذا االستعانة بشركائها في هذه العملية مثل تشكيالت المجتمع المدني خاصة الجمعيات المهتمة‬
‫بقضايا البيئة‪ .‬وقد أسند القانون في الجزائر للجماعات المحلية صالحيات واسعة في مجال حماية البيئة‪،‬‬
‫سواء تعلق األمر بالبيئة الطبيعية (الهواء‪ ،‬الماء‪ ،‬التربة‪ ،‬التنوع البيولوجي)‪ ،‬أو البيئة الصناعية والمشيدة‬
‫(تخطيط وتنظيم التجمعات السكنية‪ ،‬الحفاظ على الصحة العمومية‪ ،‬تسيير النفايات‪ ،‬حماية المواقع األثرية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫الحد من تلوث المنشآت المصنفة‪ ،‬الوقاية من الكوارث الكبرى)‪.‬‬
‫إن التخطيط البيئي من خالل معالجته للمشكالت البيئية وتقييمه لمختلف المشاريع لتجنب آثارها‬
‫البيئية‪ ،‬يؤدي إلى خلق بيئة صحية وآمنة يعيش أفرادها أصحاء بعيدين عن ضغوطات المشاكل البيئية‪،‬‬
‫ونتيجة لذلك فإن هؤالء األفراد يكونون أكثر قدرة على العمل واإلنتاج‪ ،‬مما يؤدي ذلك إلى تحقيق نمو‬
‫اقتصادي‪ ،‬باإلضافة إلى أنه يقلل من النفقات المصروفة على العالج الصحي‪ .‬فالتخطيط البيئي يعمل على‬
‫‪4‬‬
‫وقف استنزاف الموارد الطبيعية وترشيد استخدامها‪ ،‬مما يدر منافعا وأرباحا اقتصادية كبيرة‪.‬‬
‫وقد أكدت بعض الدارسات فعالية التوعية البيئية في التقليل من المشاكل البيئية من خالل برامج‬
‫التوعية المختلفة‪ ،‬فالبشرية تحتاج إلى أخالق اجتماعية عصرية ترتبط باحترام البيئة‪ ،‬فقد أصبح من‬
‫الضروري تنمية الوعي البيئي لدى المواطنين للمحافظة على البيئة وصيانتها‪ ،‬حيث أن نشر الوعي البيئي‬
‫بين المواطنين يؤدي إلى ترشيد النفقات التي تتحملها الدولة للمحافظة على البيئة‪ ،‬كما أنه يساهم في تنمية‬

‫‪ 1‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199 .‬‬


‫‪ 2‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.177.‬‬
‫‪ 3‬عبد المجيد رمضان‪" ،‬اآلليات القانونية واإلدارية لحماية البيئة في الجزائر –دراسة ميدانية من منظور الحوكمة البيئية" (حوكمة التنمية‬
‫المستدامة في النظرية والتطبيق دراسة لبعض النماذج والمؤشرات‪ ،‬تأليف عدد من الباحثين‪ ،‬إشراف‪ :‬بوحنية قوي‪ ،‬الجزائر‪ :‬المكتبة الوطنية‬
‫الجزائرية‪ ،)2017 ،‬ص‪177. .‬‬
‫‪ 4‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.200 .199.‬‬
‫‪148‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫السلوك الحضاري للمواطنين‪ .‬ويتم ذلك من خالل تكثيف جهود جميع األجهزة المعنية بالبيئة عن طريق‬
‫تكثيف حمالت التوعية في األجهزة االعالمية المختلفة‪ ،‬ووضع برامج تدريبية للعاملين في المجاالت‬
‫البيئية‪ ،‬والمشاركة في الندوات والمؤتمرات وورش العمل ذات العالقة بالعمل البيئي‪ ،‬والتوسيع في مناهج‬
‫‪1‬‬
‫حماية البيئة‪ ،‬والمحافظة على الحياة الفطرية في جميع مراحل التعليم‪.‬‬
‫فعلى المخططين عند وضع األهداف الخاصة بتحقيق التنمية االيكولوجية أن يأخذوا في االعتبار‬
‫الطبيعة السياسية والثقافية وااليكولوجية‪ ،‬والتي تضع درجة اعتمادها األساسي على العوامل الداخلية‬
‫المحلية فقط‪ ،‬دون االعتماد على المصادر الخارجية التي غالبا ما تكون بعيدة عن االحتياجات والمشكالت‬
‫‪2‬‬
‫الفعلية للمجتمع‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العوامل الخارجية المؤثرة على التخطيط في اإلدارة المحلية‬
‫إن نظام اإلدارة المحلية نظام فرعي للنظام االجتماعي وبالتالي فهو يتأثر بالعوامل السياسية‪،‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬التاريخية‪ ...‬الخ‪ ،‬وعليه فان دراسة بيئة اإلدارة المحلية أو ما أصطلح على تسميته‬
‫بإيكولوجية اإلدارة المحلية‪ ،‬تساعد على تحليل الدور الذي تقوم به وحدات اإلدارة المحلية‪ ،‬أو في المقارنة‬
‫بين هذه الوحدات مع بعضها البعض‪ ،‬سواء داخل الدولة الواحدة أوبين دولة ودولة أخرى‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وتتمثل العوامل البيئية المؤثرة في اإلدارة المحلية في العوامل التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬العوامل السياسية‪ :‬على اعتبار أن نظام اإلدارة المحلية نظاما فرعيا للنظام السياسي فإنه يتأثر‬
‫بالعوامل السياسية فمن الصعب قيام إدارة محلية ديموقراطية في دولة ال تمارس الديموقراطية‬
‫على المستوى المركزي‪ ،‬كما يلعب االستقرار السياسي دورا في إتاحة الفرص للوحدات المحلية‬
‫للتمتع بالمزيد من السلطات واالختصاصات‪ ،‬في حين أن عدم االستقرار السياسي في الدولة يؤدي‬
‫إلى ادخال تعديالت عديدة في نظام اإلدارة المحلية مما يؤدي إلى إضعاف النظام وخلخلة جذوره‬
‫التاريخية‪.‬‬
‫كما أنه ال يمكن الحديث عن تنمية محلية راشدة في معزل عن طبيعة النظام السياسي وسلوكياته‪ ،‬وال‬
‫يمكن الحديث عن نظام ديموقراطي في معزل عن التنمية المحلية‪ ،‬فهناك عالقة وطيدة ومترابطة ما بين‬
‫الديموقراطية والتنمية‪ ،‬فال تنمية بدون ديموقراطية‪ ،‬كما أن أساس الديموقراطية المشاركة الشعبية في‬
‫اتخاذ القرارات‪ ،‬وهذا ال يتأتى في اإلطار التنموي إال من خالل التنمية المحلية التي تقوم بدورها على مبدأ‬
‫إشراك القاعدة في صنع وتنفيذ البرامج التنموية‪ ،‬إذن ال بد للدولة أن تتأسس على أساس شرعي برضا‬
‫الشعب وتقبلهم لها‪ ،‬وبالتالي فهم يساهمون في التأسيس الشرعي لها‪ ،‬وفي إدارة شؤونهم العامة في جو‬
‫‪4‬‬
‫تسوده الشفافية والحرية والعدالة‪.‬‬
‫‪ .2‬العوامل االقتصادية‪ :‬إن المدينة الصغيرة تختلف عن المدينة الكبيرة‪ ،‬كذلك األمر بالنسبة للتباين‬
‫بين المدينة التجارية والمدينة الصناعية‪ ،‬باإلضافة إلى أن طبيعة النظام االقتصادي في الدولة‬
‫ينعكس على نظام اإلدارة المحلية فيها‪ ،‬ففي ظل التوجه العالمي نحو اقتصاد السوق وتبني‬
‫سياسات اإلصالح االقتصادي حدث تطور في دور الدولة والوحدات المحلية‪ ،‬إذ أنه لم تعد هذه‬

‫‪ 1‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.268 .‬‬


‫‪ 2‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.178 .‬‬
‫‪ 3‬بلجياللي أحمد‪" ،‬إشكالية عجز ميزانية البلديات‪ ،‬دراسة تطبيقية لبلديات‪ :‬جياللي بن عمار‪ ،‬سيدي علي مالل‪ ،‬قرطوفة بوالية تيارت" (مذكرة‬
‫ماجستير في إطار مدرسة الدكتوراه‪ ،‬فرع تسيير المالية العامة‪ ،‬قسم العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان‪ ،)2010/2009 ،‬ص‬
‫ص‪.23 .22.‬‬
‫‪ 4‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.77 .‬‬
‫‪149‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الوحدات مسؤولة مباشرة على تقديم الخدمات بل أصبح في إمكانها اسناد هذه المهمة أو جزء منها‬
‫‪1‬‬
‫إلى القطاع الخاص‪.‬‬
‫إن معظم ا لدراسات المتعلقة بالتنمية المحلية تتفق على أنه ال يمكن تصور تنمية محلية بدون توفر‬
‫مناخ اقتصادي مالئم لها‪ ،‬فبنية االقتصاد تعلب دورا كبيرا في نجاح أو فشل المشاريع التنموية‪ ،‬وبالنسبة‬
‫لالقتصاد الجزائري فقد تميز ببعض السمات والتي كان لها تأثير على التنمية المحلية مثل اعتماده الواسع‬
‫على ريع النفط وعدم تنويع الصادرات مما جعله معرضا لهزات عنيفة بفعل عوامل خارجية‪ ،‬كما أنه قد‬
‫برزت عدة مظاهر لهذه االختالالت كاالقتصاد غير الرسمي والتهرب الضريبي‪ ،‬ارتفاع االحتجاجات لدى‬
‫الفئة العمالية للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي‪ ،‬بروز مؤشرات االختالس والرشوة وتبديد األموال‬
‫العمومية في صفقات مشبوهة‪ ،‬عدم تحقيق للبرامج التنموية سواء على المستوى الوطني أو المحلي‪،‬‬
‫وغيرها من المظاهر التي أثرت بطريقة مباشرة على مسيرة التنمية المحلية‪ .‬فقد انعكست هذه المظاهر‬
‫على أداء الجماعات المحلية في تنفيذها لمختلف مشاريعها التنموية‪ ،‬حيث أصبح المقاولون وذوي‬
‫المصالح االقتصادية يلعبون دورا كبيرا في الضغط على المصالح المحلية من أجل استمالة اإلدارة‬
‫‪2‬‬
‫واالستحواذ على مختلف المشاريع لتحقيق أغراضهم الشخصية‪.‬‬
‫‪ .3‬العوامل الجغرافية والطبيعية‪ :‬يتأثر نظام اإلدارة المحلية بعدة عوامل جغرافية وطبيعية كمساحة‬
‫الدولة‪ ،‬فالدول ذات المساحة الكبيرة تكون بحاجة الى وجود نظام إدارة محلي قوي‪ ،‬وقد ال تكون‬
‫هذه الحاجة بنفس الدرجة بالنسبة للدول صغيرة المساحة‪ .‬كذلك هناك تأثير لتضاريس الدولة على‬
‫اإلدارة المحلية خاصة فيما يتعلق بظاهرة توزيع األقاليم الطبيعية في نطاقها‪ ،‬ووجود العوائق‬
‫الطبيعية كالجبال واألنهار‪ ،‬وبالتالي فان للموقع أهمية بالغة في نجاح الوحدة المحلية لتحقيق‬
‫التنمية مقارنة بوحدات محلية أخرى ال تتمتع بنفس الموقع‪ .‬حيث أن أغلب الوحدات المحلية‬
‫الناجحة تقع اما في مناطق حضرية ديناميكية نسبيا‪ ،‬أو في مناطق ريفية لديها إمكانيات زراعية‬
‫عالية أو موارد طبيعية أخرى مثل المعادن واألنهار والبحار‪ .‬لكن هذا ال ينفي وجود وحدات‬
‫محلية كثيرة في مناطق ذات إمكانيات عالية في دول عديدة لكنها ليست فعالة جدا في تعبئة‬
‫‪3‬‬
‫واستخدام الموارد‪.‬‬
‫‪ .4‬العوامل التاريخية‪ :‬غالبا ما ن سمع أن نظام اإلدارة المحلية في دولة ما يرتبط بتاريخ هذه الدولة‬
‫وأنه جزء ال يتجزأ منها‪ ،‬وأن حقوق المجتمعات المحلية في حكم نفسها بنفسها هي مكاسب‬
‫حصلت عليها هذه المجتمعات عبر التاريخ السياسي الطويل للدولة‪ ،‬وهذا قد يشكل سندا لهذه‬
‫المجتمعات في مقاومة أي حركة اصالح أو تطوير لإلدارة المحلية‪ ،‬ومن بين العوامل التاريخية‬
‫نذكر‪ :‬أسلوب نشأة الدولة‪ ،‬االستعمار‪ ،‬أسلوب نشأة اإلدارة المحلية وتطورها‪.‬‬
‫‪ .5‬العوامل االجتماعية والثقافية‪ :‬للنمو الحضري تأثير على اإلدارة المحلية‪ ،‬فارتفاع معدل الهجرة‬
‫من الريف نحو المدن مما يضخم حجم المدن وتتكدس بالسكان مما يصعب ادارتها‪ ،‬حيث تزداد‬
‫المشاكل في الحضر وتنتشر المناطق العشوائية‪ ،‬ومن ناحية أخرى فهو يحرم الريف من الكفاءات‬
‫والتي هو في أشد الحاجة اليها‪ ،‬كما أن للزيادة السكانية تأثير على اإلدارة المحلية بحيث أنه‬
‫انخفاض معدل النمو الطبيعي يؤدي الى انخفاض حجم العائلة نسبيا وبالتالي انخفاض عبء‬
‫اإلعالة وارتفاع مستوى المعيشة‪ ،‬مما يعني الحد من االنفاق المحلي بالنسبة لإلدارة المحلية نظرا‬
‫النخفاض معدالت نمو الخدمات المقدمة‪ ،‬مما يتيح الفرصة للسلطات المحلية للتوسع في خدمات‬
‫الرفاهية‪ .‬باإلضافة الى أن تعدد األصول العرقية في الدولة يؤثر على اإلدارة المحلية فيها‪،‬‬

‫‪ 1‬بلجياللي أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23 .‬‬


‫‪ 2‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.79.‬‬
‫‪ 3‬بلجياللي أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22 .‬‬
‫‪150‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وحينما تريد الحكومة المركزية القضاء على الطابع المميز لهذه األقليات والطوائف فإنها تمارس‬
‫المزيد من الرقابة على الوحدات المحلية إلضعاف نظام اإلدارة المحلية فيها والحد من‬
‫‪1‬‬
‫استقالليتها‪.‬‬
‫‪ .6‬العوامل اإلدارية‪ :‬إن نجاح برامج التنمية المحلية مرتبط بمعطيات اإلدارة العامة ونوعية التسيير‬
‫سواء على المستوى المركزي أو المحلي‪ ،‬إذ تعد اإلدارة األداة األساسية لتفعيل وتنفيذ السياسة‬
‫العامة للدولة‪ ،‬ونجاح هذه السياسات مرتبط بمدى قوة ورشادة اإلدارة في تنفيذها‪ ،‬وكذا تسيير‬
‫‪2‬‬
‫شؤونها االجتماعية والسياسية واالقتصادية‪.‬‬
‫وقد أثبتت تجارب عدة دول أن مشكلة التنمية األولى والمزمنة هي الفجوة اإلدارية الناجمة عن الفرق‬
‫الحاصل بين القدرة اإلدارية التي يتطلبها التنفيذ والمتابعة الفعالة لخطط التنمية وبين القدرة اإلدارية‬
‫لألجهزة الموكل إليها تنفيذ هذه الخطط ومتابعتها‪ .‬ومن أجل النهوض بعملية التنمية يجب على الدولة أن‬
‫تطور الجهاز اإلداري باستمرار سعيا وراء رفع القدرة اإلدارية لألفراد ووضع الهياكل التنظيمية المناسبة‬
‫لحاجات التنمية وكذا تبسيط نظم العمل وإجراءاته وتحسين بيئة العمل التي تؤثر في الجهاز اإلداري‬
‫وتتأثر به‪ ،‬كل ذلك من أجل تحقيق أهداف خطط التنمية االقتصادية بكفاءة عالية وبأقل التكاليف‪ .‬فالجهاز‬
‫اإلداري يلعب دورا رئيسيا في نجاح أو فشل خطط التنمية‪ ،‬والتطور الشامل للجهاز اإلداري للدولة يرفع‬
‫مستوى قدراته اإلدارية التي تمكن الدولة من القيام بوظائفها بشكل عام وخاصة الوظائف المرتبطة بإدارة‬
‫‪3‬‬
‫التنمية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط نجاح التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي‬
‫إن التخطيط التنموي االستراتيجي هو عبارة عن منهج علمي يستخدم لتحديد األولويات واألهداف‬
‫التنموية للبلديات واختيار البرامج والمشاريع التطويرية القادرة على تحقيق هذه االهداف خالل فترة زمنية‬
‫‪4‬‬
‫معينة بما يتماشى مع تطلعات األهالي أخذا بعين االعتبار االمكانات المتاحة والمعوقات المحتملة‪.‬‬
‫ويعتمد تقدم وتحسن أداء المؤسسة على فعالية التخطيط التنموي االستراتيجي والذي بدوره يعتمد في‬
‫‪5‬‬
‫نجاحه على مراعاة أسس ومبادئ معروفة عند االخصائيين والخبراء تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد االتجاه‪ :‬أي تحديد الوضع الراهن للمؤسسة والوضع المراد االنتقال إليه‪ .‬وكذا تحديد‬
‫اآلليات واالحتياجات الالزمة لتحقيق ذلك ضمن اإلمكانات المتاحة‪.‬‬
‫‪ .2‬تركيز الجهود والموارد‪ :‬أي توجه المخططين لتجميع الطاقات وتركيزها في استغالل الموارد‬
‫والفرص المتاحة لتحقيق األهداف االستراتيجية المرسومة‪ ،‬تجنبا لتشتت الجهود والطاقات‪.‬‬
‫‪ .3‬الثبات والمرونة‪ :‬بمعنى الثبات في االتجاه والتركيز للطاقات كافة أثناء عملية التخطيط‪ ،‬مما ينتج‬
‫لنا مخرجات تتصف بالتكامل والتعاضد واالنسجام‪ ،‬باإلضافة إلى المرونة في التعامل مع‬
‫المتغيرات الخارجة عن اإلرادة والسيطرة‪ ،‬سواء في البيئة الداخلية أو الخارجية‪.‬‬
‫‪ .4‬التوافق والتوازن بين الماضي والحاضر والمستقبل‪ :‬فال بد من الترابط بين العناصر الثالثة‪،‬‬
‫وذلك بالنظر إلى الماضي وتقييمه‪ ،‬والتركيز على االستخدام األمثل إلمكانات الحاضر‪،‬‬
‫وتسخيرها لتحقيق أهداف المستقبل‪.‬‬
‫‪ 1‬بلجياللي أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23 .‬‬
‫‪ 2‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.80 .‬‬
‫‪ 3‬علي بقشيش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.131 .‬‬
‫‪ 4‬فريد صبح القيق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.131 .‬‬
‫‪ 5‬فواز حسين سعيد ناصر‪ " ،‬نموذج قبالن في التخطيط التنموي االستراتيجي للهيئات المحلية الفلسطينية "(مذكرة ماجستير في التخطيط والتنمية‬
‫السياسية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،)2013 ،‬ص ‪.24.‬‬
‫‪151‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬
‫‪1‬‬
‫كما أنه لكي تنجح عملية التخطيط على المستوى المحلي يجب مراعاة النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬دراسة البيئة المحيطة بكافة متغيراتها‪ ،‬وتقدير االحتياجات الراهنة واحتماالت التغير والتطور في‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫‪ .2‬احتياجات مجموعة من األهداف المحددة‪ ،‬والتي تنطلق من رؤية دقيقة كما نريد إنجازه‪ ،‬ويتناسب‬
‫مع إمكانات الفاعلين أو المشاركين في الخطة‪.‬‬
‫‪ .3‬دراسة حجم المشكالت التي تواجه المنظمة‪ ،‬وكذلك الموارد المتاحة بكافة أنواعها‪ ،‬واحتياجات‬
‫الخطة بما يتالءم مع اإلمكانيات القائمة سواء المادية أو المعنوية أو البشرية‪.‬‬
‫‪ .4‬تحديد الشركاء أو الفاعلين‪ ،‬سواء الذين سيشاركون في احتياجات الخطة أو تنفيذها‪ ،‬والتعرف‬
‫على آرائهم وامكانياتهم‪.‬‬
‫‪ .5‬طرح مجموعة من المؤشرات لقياس النتائج المترتبة على الخطة في مراحل تنفيذها المختلفة‪ ،‬أو‬
‫فيما يتعلق بالغايات واألهداف النهائية‪.‬‬
‫‪ .6‬التقويم المستمر‪ ،‬اعتمادا على ما يتم استنتاجه من خالل مؤشرات قياس النتائج‪.‬‬
‫وقد أضاف الباحث أحمد عبد الفتاح ناجي بعض النقاط ال بد من مراعاتها أثناء التخطيط المحلي تتمثل‬
‫‪2‬‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن نجاح التخطيط المحلي مرتبط بدرجة مساهمة السكان المحليين والذين يوكل إليهم تنفيذ الخطة‪.‬‬
‫‪ .2‬مراعاة مقدار احتياج المواطنين‪ ،‬كما يجب ان يتسم بالواقعية‪.‬‬
‫‪ .3‬مراعاة الخصائص التي تتميز بها المجتمعات المحلية مثل حجم المنطقة‪ ،‬عالقات السكان‬
‫وتمسكهم بالمسائل الدينية‪ ،‬خاصة المناطق الريفية‪.‬‬
‫‪ .4‬ضرورة ان تتسم الخطة بالوضوح والتسلسل المنطقي لخطواتها وان تكون موضوعية‪ ،‬فال تنحاز‬
‫لفئة على حساب فئة أخرى‪ ،‬مما قد يعرض الخطة للفشل‪.‬‬
‫كما قد اقترح الباحث عبد الخبير محمود عطا محروس بعض المبادئ واألسس والتي يرى أنه‬
‫‪3‬‬
‫بمراعاتها يتم توفير بعض الضمانات المبدئية لنجاح عملية التخطيط ومن بين هذه األسس نذكر‪:‬‬
‫‪ .1‬المشاركة‪ :‬أي اشراك كافة الفاعلين أو األطراف ذات الصلة بموضوع الخطة إضافة الى‬
‫متخصصين في مجال التخطيط‪ ،‬وكذا مشاركة ذوي الخبرة من مجاالت وتخصصات مختلفة‬
‫من أجل األهداف العامة للخطة‪ ،‬وال يمنع ذلك من االستعانة ببعض المستهدفين من تلك‬
‫الخطة بهدف التعرف بصورة أكبر على مجموع المشكالت واالحتياجات التي تساعد في‬
‫صياغة الخطة وتحديد أهدافها‪.‬‬
‫‪ .2‬الواقع والمعلومات‪ :‬فنجاح أي خطة يتوقف على وجود مجموعة من المعلومات الدقيقة حول‬
‫الواقع الذي سيتم فيه تنفيذ الخطة‪ ،‬ويجب البعد عن الخيال والحسابات المتفائلة التي قد تشوه‬

‫‪ 1‬عبد الخبير محمود عطا محروس‪" ،‬تجربة اإلدارة والتنمية المحلية في محافظة قنا‪ ،‬عملية اإلصالح المجتمعي المنهجي‪ :‬الضرورات‬
‫والمتطلبات‪ ،‬األدوار والمحددات‪ ،‬الرؤية والرسالة" (ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر تجارب اإلدارة والتنمية المحلية في محافظات جمهورية مصر‬
‫العربية‪ ،‬يومي ‪ 25‬و‪ 26‬ماي ‪ ،)2008‬ص‪.08 .‬‬
‫‪ 2‬أحمد عبد الفتاح ناجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.105 .‬‬
‫‪ 3‬عبد الخبير محمود عطا محروس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09 .‬‬
‫‪152‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تحليلنا لهذا الواقع‪ ،‬وفي هذا اإلطار يمكن االستناد الى مجموعة من البيانات والتقديرات‬
‫الكمية المرصودة بطريقة صحيحة لالنطالق منها نحو خطة جيدة‪.‬‬
‫‪ .3‬دراسة المتغيرات البيئية‪ :‬ال يمكن الحديث عن خطة ناجحة دون التأكيد على أهمية توافقها‬
‫مع البيئة التي سيتم فيها التنفيذ‪ ،‬سواء كانت محلية او إقليمية أو عالمية‪ ،‬فينبغي مراعاة دور‬
‫المتغيرات الخارجية في الخطة‪ ،‬فالفصل بين الداخل وعدم حساب متغيرات البيئة الخارجية‬
‫واحتماالت تطورها وصورة التحوالت المستقبلية تعد مسألة في غاية الخطورة‪.‬‬
‫‪ .4‬دقة األهداف وتحديدها‪ :‬تتضمن بعض الخطط أهدافا عامة وغير محددة‪ ،‬مما يؤثر سلبا على‬
‫كافة عناصر الخطة‪ ،‬كما يجب مراعاة تكامل األهداف وإمكانية قياس مدى تحقيقها‪ ،‬لتقييم‬
‫الخطة وحسن صياغة السياسات والبرامج التي تنتج عنها‪.‬‬
‫‪ .5‬دراسة إمكانية التنفيذ‪ :‬حيث أنه في بعض الحاالت يتم الفصل بين أجهزة التخطيط وأجهزة‬
‫التنفيذ أثناء تطبيق الخطة‪ ،‬ويمكن أن تفشل الخطة في تحديد أهدافها نظرا لصعوبة التنفيذ‪،‬‬
‫لذلك يجب إيجاد آليات للتشاور وتبادل اآلراء بين المنفذين والمخططين دون أن يؤدي ذلك‬
‫الى تداخل كال الوظيفتين في إطار الخطة‪.‬‬
‫‪ .6‬استخدام تكنولوجيا المعلومات‪ :‬ان هذه الوسائل تقدم كما هائال من اإلمكانيات والتي يمكن‬
‫توظيفها في التخزين وجلب المعلومات وعرضها واستخدام األساليب اإلحصائية في بناء‬
‫سيناريوهات المستقبل ورسم بعض العالقات بين المتغيرات والمحددات التي تلعب دورا‬
‫مؤثرا في الخطة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫كما يجب أال نغفل نقاط أخرى من الضروري مراعاتها أثناء التخطيط المحلي وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬أن ينبع التخطيط المحلي للتنمية من الخطة المركزية العامة للدولة‪ ،‬فال بد أن تسير خطة تنمية‬
‫المجتمع المحلي في ضوء السياسة التخطيطية الوطنية‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق التكامل االقتصادي‬
‫واالجتماعي عبر مختلف مناطق الوطن‪.‬‬
‫‪ ‬أن يعمل التخطيط المحلي للتنمية على االستغالل األمثل للموارد المادية والبشرية المحلية المتاحة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يعمل التخطيط المحلي للتنمية على تنمية الشعور بالمسؤولية لدى أفراد المجتمع المحلي‪ ،‬من‬
‫أجل زيادة استغالل الطاقات البشرية والخبرات الفنية المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬أن يهتم التخطيط المحلي للتنمية بالثقافات الفرعية والعادات والتقاليد والقيم‪...‬السائدة في المجتمع‬
‫المحلي وأخذها بعين االعتبار عند أي اجراء أو رسم سياسة تنموية محلية‪.‬‬
‫‪ ‬أن تصبح أجهزة التخطيط المحلية أجهزة بحث تزود أجهزة التخطيط المركزي بنتائج تجربة‬
‫الخطط وأهم العقبات التي واجهت عملية التنفيذ من أجل االستفادة منها مستقبال‪.‬‬
‫إذن فنجاح التخطيط المحلي يرتبط ارتباطا وثيقا بدرجة مساهمة األهالي المحليين فيه‪ ،‬كما يرتبط‬
‫بالقيادات المحلية الذين يتولون أمره‪ ،‬وكذلك الموكل إليهم أمر تنفيذ خططه‪ ،‬كما يعتمد على المهارات‬
‫الفنية وقدرة التصرف واالبتكار التي تتوفر فيهم‪ ،‬كما يجب أن يراعي التخطيط المحلي الظروف‬
‫‪2‬‬
‫االجتماعية والتراث الثقافي والحضاري لكل إقليم‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد خشمون‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية (دراسة ميدانية على مجالس بلديات والية قسنطينة)"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.112 .‬‬
‫‪ 2‬خنفري خيضر‪ " ،‬تمويل التنمية المحلية في الجزائر واقع وآفاق" (أطروحة دكتوراه علوم‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‪ ،‬العلوم التجارية وعلوم‬
‫التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،)2011/2010 ،3‬ص‪.24 .‬‬
‫‪153‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويرى الباحث حسين الطالفحة بأن نجاح التخطيط االستراتيجي يتطلب مجموعة مقومات مهمة جدا ً‬
‫‪1‬‬
‫والزمة لنجاح التخطيط االستراتيجي وكذلك التخطيط متوسط المدى تتمثل هذه المقومات في اآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬توفر اإلرادة السياسية‪:‬‬


‫ً‬
‫يعتبر التزام السلطتين التنفيذية والتشريعية بالتخطيط مهم جدا إلصدار وإنجاح العملية التخطيطية‪ .‬وال‬
‫بد أن يكون هذا االلتزام طويل األجل وال يتغير بتغير األشخاص والحكومات‪ .‬كما أن انشغال الحكومة‬
‫بمالحقة الشؤون اليومية يجب أال يبعدها عن التخطيط والتزام المسار وإال فإن ذلك سيؤدي إلى هدر‬
‫الموارد والوقت ويعقد المشكالت‪.‬‬

‫‪-2‬التبني المجتمعي والتعبئة الشعبية‪:‬‬


‫تهدف جميع الخطط بشكل عام إلى رفع المستوى المعيشي للمواطن لذلك فالخطة تتعامل مع مصالح‬
‫الجمهور والمؤسسات الخاصة والعامة لذلك ال بد من أن يتم تبينها من المجتمع لتيسير تنفيذها‪ .‬فالخطة‬
‫يجب أن تشكل عقدا ً اجتماعيا ً يقبله المواطن والمؤسسات االقتصادية والمؤسسات السياسية ويسعى الجميع‬
‫لتنفيذها‪ .‬لذلك فإن وجود خطة إعالمية مكثفة للوصول إلى جميع مؤسسات المجتمع المحلي والمؤسسات‬
‫االقتصادية والحكومية وإقناعهم بالخطة مهم جدا ً لنجاحها‪.‬‬

‫‪-3‬توفر الخبرات الفنية المؤهلة في عملية التخطيط‪:‬‬


‫تعتبر عملية التخطيط عملية متينة فتية وهي ليست مجرد نصوص ليس لها أساس علمي‪ .‬لذلك فإن‬
‫توفر الخبرات الفنية ضروري إلعداد وتنفيذ الخطط بنجاح كما أن توفر القدرات الفنية والموارد البشرية‬
‫المؤهلة والالزمة لنمو االقتصاد مهم جدا ً وأساسي لنجاح التخطيط وتحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪-4‬حسن إعداد الخطة‪:‬‬
‫فالتخطيط الناجح ال بد وأن يقوم على خطة محكمة اإلعداد تكون فيها الرؤية واضحة واألهداف‬
‫االستراتيجية محددة وبالتالي فإن األهداف المرحلية تكون محددة وواضحة وواقعية ومنسجمة ومتناسقة‬
‫وقابلة للقياس فتؤدي إلى توحيد الجهود وال تشتتها‪.‬‬
‫وتقوم الخطة الجيدة على تنبؤات مستقبلية دقيقة وجيدة تعتمد على عملية مستمرة في استشراف‬
‫المستقبل‪ ،‬فيكون التنبؤ باألحداث والتغيرات االقتصادية جيدا ً والمعلومات اإلحصائية دقيقة‪ .‬وبالتالي تكون‬
‫السياسات االقتصادية والتنموية رشيدة وكذا اإلجراءات تكون مناسبة‪ .‬كما أن الخطة تتصف بالوضوح‬
‫والمرونة وتراعي الجوانب اإلنسانية عند التنفيذ‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن التخطيط للمستقبل ال يعتبر هدرا للوقت كما يفكر بعض األفراد ويميلون إلى‬
‫األهداف اليومية‪ ،‬أل ن الوقت الذي يستغرق من قبل اإلدارة العليا في التفكير للمستقبل يعتبر نوعا من‬
‫العطاء واالستثمار‪ ،‬وعليه هناك مجموعة من الخطوات التي تجعل من التفكير االبتكاري واالبداعي‬
‫‪2‬‬
‫والوقت في خدمة االبتكار واالبداع االستراتيجي ومن أهم هذه الخطوات نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تستثمر اإلدارة العليا في المنظمة الوقت الباقي في التفكير الطويل وفي التخطيط من أجل‬
‫األهداف االستراتيجية سواء في األفراد أو في المكونات األخرى للمنظمة‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تؤمن اإلدارة العليا بأن التفكير الجيد والصحيح يعد من أهم الخطوات لتحقيق األهداف التي‬
‫ستساهم في تفعيل االبتكار واالبداع وفي تحسين مستوى األداء‪.‬‬

‫‪ 1‬حسين الطالفحة‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي والتنمية االقتصادية (إشارة الى االقتصاد العماني)"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2017/09/12 :‬على‬
‫الرابط التالي‪http://altalafha.blogspot.com/2012/05/blog-post_31.html :‬‬
‫‪ 2‬عامر عاشور أحمد أبو دية‪" ،‬التفكير االبتكاري وتأثيره االستراتيجي والتنظيمي على القيادات المحلية" (بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل بين‬
‫األجهزة الحكومية واإلدارات لمحلية والبلديات خيارات وتوجهات‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو ‪ ،2010‬أعمال المؤتمرات‪ ،‬إدارة التغيير في اإلدارات‬
‫المحلية والبلديات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬منشورات المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،)2011 ،‬ص‪.160 .‬‬
‫‪154‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ .3‬أن يلتزم العنصر البشري داخل المنظمة بحدود الوقت المطلوب في تأدية كافة األدوار وفي جميع‬
‫الوظائف وبشكل متكامل ومنسجم‪.‬‬
‫‪ .4‬أن تنظر اإلدارة العليا في المنظمة الى أفرادها على اختالف مستوياتهم على أنهم يمثلون جزء من‬
‫االستراتيجية وعنصرا هاما في إنجاح األعمال والتحسينات في أساليب المنظمة وانجازاتها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬دور التخطيط االستراتيجي المحلي في تحقيق التنمية المحلية‬
‫إن الحديث عن استراتيجيات للتنمية ينطوي على التسليم بمحورية التخطيط االستراتيجي الشامل‪،‬‬
‫ويقتضي ذلك الرجوع إلى بنود التخطيط االستراتيجي والذي يعتبر وسيلة إدارية تستخدم إراديا بغرض‬
‫استخدام الموارد اإلنتاجية المتاحة بأسلوب رشيد كفء يحقق أقصى عائد مع أقل قدر من الهدر‪ ،‬من أجل‬
‫تحقيق أهداف مستقبلية مرغوبة في إدارة اقتصادات الدول النامية ومن ثم في صياغة االستراتيجيات‬
‫‪1‬‬
‫التنموية المالئمة لها‪.‬‬
‫والتخطيط على المستوى اإلقليمي والمحلي يعالج مشاكل إقليمية بحتة يلمسها كل أفراد المجتمع في‬
‫حياتهم‪ ،‬كما يتميز بضرورة إشراك أفراد المجتمع المحلي اشتراكا فعليا وماديا ومعنويا في دراسة ورسم‬
‫‪2‬‬
‫الخطة المحلية وتنفيذها‪.‬‬
‫وتعتبر البلدية المؤسسة األساسية والتي تأخذ زمام المبادرة لتحديد االحتياجات المحلية‪ ،‬كما تحدد‬
‫توجهات التنمية البلدية ذات األولوية الواجب اتخاذها‪ ،‬كما أنها تقترح على هياكل الدولة مشارعيها‬
‫العمومية ليتم تنفيذها على مستوى اقليمها‪ ،‬وتبقى البلدية العامل الرئيسي والفاصل بين الرؤية الشاملة‬
‫‪3‬‬
‫للتنمية والنشاطات الجوارية التي تعكس حقيقة طموحات وآمال مختلف الجهات الفاعلة المحلية‪.‬‬
‫وتعرف التنمية على أنها " عمليات مخططة وموجهة تحدث تغييرا في المجتمع لتحسين ظروفه‬
‫وظروف أفراده‪ ،‬من خالل مواجهة مشكالته وإزالة العقبات وتحقيق االستغالل األمثل لإلمكانات‬
‫والطاقات لتحقيق التقدم والنمو للمجتمع والرفاهية والسعادة لألفراد"‪ .‬نالحظ من هذا التعريف للتنمية أنه‬
‫يتضمن عناصر أساسية بحيث أنها تعتمد على عملية التخطيط‪ ،‬وتركز على الجانب االقتصادي من خالل‬
‫‪4‬‬
‫االستغالل األمثل للطاقات واإلمكانات‪.‬‬
‫إن التنمية المحلية من حيث المفهوم المحدد يتم فصلها تحليليا عن العملية الشاملة للتنمية‪ ،‬ومعالجتها‬
‫من خالل وحداتها التكوينية األولية المسماة بالمجتمعات المحلية التي تتكون من عاملين أساسيين هما‪:‬‬
‫القرب الجغرافي أو االشتراك في محل جغرافي للعيش من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى وحدة المصالح‬
‫واالهتمامات بين أعضاء المجتمع المحلي الواحد‪ .‬وبالتالي يكون معنى التنمية المحلية أقرب إلى التعامل‬
‫مع الواقع السائد بمنطق التغيير النظامي من داخل المنظومة السائدة‪ ،‬واألخذ بأيادي أعضائها أنفسهم‪ ،‬من‬
‫أجل تحقيق العديد من األهداف‪ ،‬يأتي في مقدمتها زيادة الدخل وتخفيف حدة الفقر‪ ،‬وتحقيق درجة أعلى من‬
‫العدالة والمساواة‪ ،‬وتحسين نوعية الحياة خاصة في الجوانب التعليمية والصحية والبيئية‪ .‬لهذا يكون‬
‫المدخل المفضل للتنمية المحلية هو المدخل المسمى بالتمكين وبناء القدرات‪ .‬أما الفاعلون في مثل هذا‬
‫النمط فهم المنظمات (مؤسسات الخدمات االجتماعية‪ ،‬جمعيات المجتمع المدني‪...‬إلخ) واألفراد (رؤساء‬

‫‪ 1‬وليد عبد مواله‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي للتنمية" في جسر التنمية‪ ،‬سلسلة دورية تعنى بقضايا التنمية في الدول العربية‪ ،‬المعهد العربي للتخطيط‬
‫بالكويت‪ ،‬السنة الحادية عشر‪ ،‬العدد ‪( 114‬يونيو حزيران ‪ ،)2012‬ص ‪.02.‬‬
‫‪ 2‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.48 .‬‬
‫‪3 Nait Merzoug et Kouadria Nouredine et Amara Fatah, "Gouvernance urbaine et développement local en‬‬

‫‪Algérie. Quels enjeux pour les métropoles régionales ? Cas d'Annaba", revue des sciences humaines, université‬‬
‫‪mohamed kheider biskra, No24, mars 2012, p. 10.‬‬
‫‪ 4‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.08 .‬‬
‫‪155‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المجالس البلدية والوالئية‪...‬إلخ)‪ ،‬فهم النشطاء والمنشطون وقادة العمل المحلي والقيادات الطبيعية للمجتمع‬
‫‪1‬‬
‫المحلي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مراحل عملية التخطيط االستراتيجي للتنمية المحلية‬
‫تقوم عملية التنمية المحلية بشكل قاعدي من األسفل فهي تعطي أولوية لحاجات المجتمع المحلي‬
‫وتتأسس على المشاركة الفاعلة لمختلف الموارد المحلية‪ ،‬كل ذلك من أجل رفع مستويات العيش واالندماج‬
‫والشراكة والحركية‪ ،‬وتعتمد على تفصيل كل موارد مجتمع محلي ما باعتبار هذه الموارد والمؤهالت‬
‫‪2‬‬
‫المحلية فاعال مهما في صناعة التغيير وضمان استمراريته مع إشراك االنسان المحلي‪.‬‬
‫إن أي استراتيجية للتنمية المحلية ال بد أن تشكل إحدى المكونات لخطة استراتيجية واسعة على نطاق‬
‫المجتمع المحلي‪ ،‬ويبلغ اإلطار الزمني الستراتيجية التنمية المحلية خمس سنوات مع ما يصاحبها من‬
‫األداء على المدى القصير والمتوسط والطويل‪ .‬ويمر التخطيط االستراتيجي للتنمية المحلية بخمس مراحل‬
‫‪3‬‬
‫وهي كاآلتي‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬تنظيم الجهود من خالل تطوير فريق إدارة شبكة لربط الشركاء المعنيين‬
‫إن تحقيق نجاح عملية التنمية االقتصادية المحلية يعتمد على وجود جهود جماعية للقطاعات‬
‫الحكومية‪ ،‬ولقطاع أنشطة األعمال ولقطاعات المنظمات غير الحكومية والمتمثلين في المنظمات التي‬
‫ترتكز على قاعدة أهالي المجتمعات المحلية مثل النقابات الحرفية‪ ،‬جمعيات اجتماعية ومدنية ودينية‪،‬‬
‫منظمات مهنية خاصة‪ ،‬مراكز أبحاث ومؤسسات تدريب وغيرها من الجماعات التي لها مصالح معهودة‬
‫في االقتصاد المحلي‪.‬‬
‫وتبدأ عملية التخطيط االستراتيجي بتحديد األفراد والمؤسسات العامة واألنشطة والصناعات‬
‫والمنظمات المدنية والمنظمات المهنية ومراكز البحوث ومؤسسات التدريب باإلضافة إلى الفئات األخرى‬
‫التي يتكو ن منها أو تؤثر في االقتصاد المحلي‪ ،‬كما تساهم المهارات والخبرات والموارد التي تشارك بها‬
‫مجموعات المصالح في عملية التخطيط االستراتيجي وكذا تكوين عالقات عمل قوية وهياكل تنظيمية‬
‫لدعم عملية التخطيط االستراتيجي ستؤدي إلى تحقيق شراكة بين القطاع العام والخاص والقطاع غير‬
‫‪4‬‬
‫الحكومي‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬اجراء تقييم لمدى القدرة على المنافسة‬
‫ال بد من معرفة إطار االقتصاد المحلي من أجل مساعدة ذوي الشأن لوضع االستراتيجيات المستقبلية‪،‬‬
‫وسيعمل تقييم أولي على استخدام ما تتوفر من معرفة كمية ونوعية ومهارات وغيرها من الموارد المتاحة‬
‫من أجل تحديد االتجاه االستراتيجي الذي ينبغي أن يسلكه االقتصاد المحلي‪ ،‬حيث سترشد هذه المعلومات‬
‫إلى إيجاد مشروعات وبرامج والتي من شأنها أن تبني قدرة المنطقة المحلية على المنافسة‪ ،‬وأول خطوة‬
‫في عملية التقييم للمنافسة هي جمع المعلومات‪ ،‬وهناك عدة أدوات للتحليل من بينها تحليل سوات‬
‫)‪.(SWOT‬‬

‫‪ 1‬جناي محمد عالء وبلواضح فاتح‪" ،‬مكافحة التهرب الضريبي كهدف لتحقيق التنمية المحلية (دراسة حالة بلدية المسيلة)" (ورقة مقدمة في اليوم‬
‫الدراسي حول " إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل"‪ ،‬بجامعة غرداية يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪.)2015‬‬
‫‪ 2‬األمين عوض حاج أحمد وحسن كمال الطاهر ورباب المحينة‪ " ،‬األطر المؤسسية للمجتمع المحلي والشراكة في تحقيق التنمية" (ورقة بحثية‪،‬‬
‫أوت ‪ ،)2007‬ص‪.09 .‬‬
‫‪ 3‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.56 .54.‬‬
‫‪ 4‬ج وين سوينبرن وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ " ،‬التنمية االقتصادية المحلية‪ ،‬دليل وضع وتنفيذ استراتيجيات تنمية االقتصاد المحلي وخطط‬
‫العمل بها" (دراسة مشتركة صادرة عن مدن التغيير‪ ،‬البنك الدولي وبيرتلزمان ستيفتانج‪ ،‬سبتمبر ‪ ،)2004‬ص‪.15 .‬‬
‫‪156‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويمثل الجدول الموالي أمثلة عن القضايا المتعلقة بتقييم االقتصاد المحلي‬


‫الجدول رقم (‪ :)08‬أمثلة عن القضايا المتعلقة بتقييم االقتصاد المحلي‬
‫أمثلة عن القضايا المتعلقة بتقييم االقتصاد المحلي‬
‫معدالت األجور التنافسية‪ ،‬قوة العمل الماهرة‪ ،‬المؤسسات التعليمية والبحثية‪،‬‬ ‫نقاط القوة‬
‫شبكة مواصالت جيدة‪ ،‬توافر األمن‪ ،‬توافر شركات منتجة‪ ،‬القرب من مصادر‬
‫األصول المحلية‬
‫المواد الخام أو الموارد الطبيعية األخرى‪.‬‬
‫زيادة حدة الفقر‪ ،‬تعقد اإلجراءات التنظيمية واإلدارية المحلية‪ ،‬البنية األساسية‬ ‫نقاط الضعف‬
‫غير مالئمة‪ ،‬صعوبة الحصول على القروض‪ ،‬القضايا الخاصة بالصحة التي‬
‫معوقات النمو‬
‫تؤثر على العمل (األمراض)‪.‬‬
‫التطور التكنولوجي‪ ،‬ترتيبات التجارة الدولية الجديدة‪ ،‬التطورات السياسية‬ ‫الفرص‬
‫وتطورات االقتصاد الكلي‪ ،‬توسيع نطاق األسواق‪ ،‬تطوير المطارات اإلقليمية‪،‬‬
‫ظروف خارجية مالئمة‬
‫بزوغ قوة عمل تتسم بالمهارة‪.‬‬
‫التطورات الديموغرافية‪ ،‬انخفاض حجم األنشطة ذات الطابع الدولي‪ ،‬فقد‬ ‫التحديات‬
‫األسواق ومن ثم إغالق مصانع محلية‪ ،‬عدم استقرار أسعار الصرف مما يمنع‬
‫اتجاهات خارجية غير مواتية‬
‫تدفق االستثمارات المحلية‪ ،‬هجرة السكان المتعلمين إلى مناطق أخرى‪ ،‬الهجرة‬
‫إلى الخارج‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬جوين سوينبرن وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ " ،‬التنمية االقتصادية المحلية‪ ،‬دليل وضع وتنفيذ استراتيجيات تنمية االقتصاد‬
‫المحلي وخطط العمل بها" (دراسة مشتركة صادرة عن مدن التغيير‪ ،‬البنك الدولي وبيرتلزمان ستيفتانج‪ ،‬سبتمبر ‪ ،)2004‬ص‪.16 .‬‬

‫والجدير بالذكر أن عملية تجميع بيانات تفصيلية عن االقتصاد المحلي قد تكون تكلفتها باهضة بحيث‬
‫يصعب على المحليات بميزانيتها المحدودة أن تقوم بذلك‪ ،‬وبالتالي ال بد من دراسة الوسائل والمناهج‬
‫المختلفة الستيعاب وفهم أبعاد االقتصاد المحلي‪ ،‬وقد تتضمن هذه األساليب عقد اجتماعات مع الشركات‬
‫‪1‬‬
‫وفئات المجتمع األخرى‪ ،‬باإلضافة إلى عقد لقاءات وأبحاث ودراسات ميدانية مبسطة‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬إيجاد استراتيجية التنمية المحلية‬
‫إن استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية عبارة عن خطة إجمالية ذات أهداف وإجراءات قصيرة‬
‫ومتوسطة أو طويلة األجل‪ ،‬فضال عن أنها تحدد األهداف التي يجب تحقيقها‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تضع‬
‫برنامج عمل لتعزيز وتنمية نقاط القوة في اقتصاد المجتمع المحلي سواء المادية واالجتماعية والبيئية‪ ،‬كما‬
‫‪2‬‬
‫تتناول التحديات والفرص المتاحة‪.‬‬
‫والغاية من استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية هي أن تتحقق منهجية شمولية لتحقيق التنمية المحلية‪،‬‬
‫وهو نفس الحال في وضع خطط استراتيجية التنمية للمدن الشامة‪ ،‬وبالتالي فإنه على المهنيين في‬
‫الحكومات المحلية وذوي الشأن الرئيسيين أن يدركوا التوازن بين االحتياجات التنموية االقتصادية مع‬
‫‪3‬‬
‫المتطلبات البيئية واالجتماعية‪.‬‬
‫ويمثل الجدول الموالي عناصر استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية‬

‫‪ 1‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.17 .‬‬


‫‪2‬جوين سوينبرن وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18.‬‬
‫‪ 3‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.55 .‬‬
‫‪157‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الجدول رقم (‪ :)09‬عناصر استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية‬


‫عناصر استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية‬
‫توضح إجماع أصحاب المصالح على طبيعة المستقبل االقتصادي المرجو‬ ‫الرؤية‬
‫للمجتمع‪.‬‬
‫تتوقف على الرؤية الكلية والنتائج المحددة المرجوة لعملية التخطيط االقتصادي‪.‬‬ ‫األهداف‬
‫وضع معايير لألداء فضال عن األنشطة المستهدفة لعملية التنمية لتحقيق كل هدف‪،‬‬ ‫األغراض‬
‫ويكون لها إطار زمني وقابلة للقياس‪.‬‬
‫مجموعة من األساليب لتحقيق األهداف الواقعية للتنمية االقتصادية‪ ،‬ويكون لها‬ ‫البرامج‬
‫إطار زمني وقابلة للقياس‪.‬‬
‫تنفيذ أجزاء محددة من البرنامج‪ ،‬يجب أن تحدد األولويات كما يجب‪ ،‬تقدير التكلفة‪،‬‬ ‫المشروعات وخطط العمل‬
‫ويكون لها إطار زمني وقابلة للقياس‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬جوين سوينبرن وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ " ،‬التنمية االقتصادية المحلية‪ ،‬دليل وضع وتنفيذ استراتيجيات تنمية االقتصاد‬
‫المحلي وخطط العمل بها" (دراسة مشتركة صادرة عن مدن التغيير‪ ،‬البنك الدولي وبيرتلزمان ستيفتانج‪ ،‬سبتمبر ‪ ،)2004‬ص‪.18 .‬‬

‫المرحلة الرابعة‪ :‬تنفيذ استراتيجية التنمية المحلية‬


‫إن ما يسهل عملية تنفيذ االستراتيجية هو وجود خطة واسعة تنفيذية‪ ،‬والتي بدورها تسيرها خطط‬
‫عمل مشروعات منفردة‪ ،‬حيث تبين خطة التنفيذ ما هي الدالالت بالنسبة للموازنة‪ ،‬وكذا الموارد البشرية‬
‫والدالالت المؤسسية واالجرائية‪ ،‬وعليه فهي نقطة االندماج لكل المشروعات والبرامج في إطار‬
‫استراتيجية ما للتنمية المحلية‪ ،‬كما أن خطة العمل تبين تسلسل هرمي من المهام‪ ،‬واألطراف المسؤولة‬
‫عنها وجداول زمنية واقعية واالحتياجات من الموارد البشرية والموارد المالية‪ ،‬مصادر التمويل‬
‫والمخرجات والتأثيرات المتوقعة‪ ،‬وإجراءات األداء واألنظمة لتقييم سير التقدم في كل مشروع على‬
‫حدى‪ ،‬كما أن خطة التنفيذ تلعب دور الوسيط فيما بين المشروعات المختلفة لضمان عدم المنافسة فيما‬
‫‪1‬‬
‫بينها على الموارد المتاحة‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة‪ :‬مراجعة استراتيجية التنمية المحلية‬
‫من المهم أن يتم اجراء مراجعة الستراتيجية التنمية المحلية على األقل مرة واحدة في السنة‪ ،‬حيث‬
‫تستخدم في هذه المراجعة مؤشرات متابعة وتقييم مثبتة وسابقة لالقتصاد المحلي وللموارد المتاحة في‬
‫مجهود تنفيذ االستراتيجية‪ ،‬وتغطي عملية المراجعة المدخالت والمخرجات والتأثيرات وكذا عملية التنفيذ‬
‫ومستويات المشاركة ودينام يات األحوال المحلية المتغيرة والعالقات االقتصادية والسياسية المتغيرة في‬
‫االقتصاد المحلي في اطار اإلقليم أو في اطار األسواق الوطنية والدولية‪ ،‬بجانب المراجعة لالستراتيجية‬
‫بأكملها‪ ،‬باإلضافة الى أنه من الضروري وضع أنظمة متابعة لمراقبة سير التقدم في كل مشروع على‬
‫حدى‪ ،‬فهذه األنظمة ستعطي لصانعي القرارات األدوات التي يحتاجونها لتكييف االستراتيجية بما يتجاوب‬
‫‪2‬‬
‫مع األحوال المحلية الحيوية الفعالة‪.‬‬
‫ولضمان نجاح االستراتيجية ال بد من استخدام أساليب تتالءم تماما مع الظروف واألوضاع المحلية‬
‫‪3‬‬
‫نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.56 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪ 3‬جوين سوينبرن وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20 .‬‬
‫‪158‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-‬منهج متكامل يشمل القضايا االجتماعية والبيئية والمادية فضال عن الجوانب االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬وضع استراتيجية دقيقة يشترك في إعدادها كافة األطراف ذوي الصلة وتعتمد على تنفيذ الرؤية‬
‫المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة أوضاع االقتصاد غير الرسمي ألنه قد يمثل جزء كبير من حجم االقتصاد المحلي في بعض‬
‫الم حليات‪ ،‬باإلضافة إلى ارتباطه الشديد باألنشطة الرسمية‪ ،‬كما أنه يوفر القواعد االقتصادية للعديد من‬
‫الفقراء‪.‬‬
‫‪ -‬حزمة متنوعة من المشروعات قصيرة ومتوسطة وطويلة األجل لتحفيز الشركاء في التنمية وتدعيم ثقة‬
‫أصحاب المصالح‪.‬‬
‫‪ -‬وجود زعماء محليين يتمتعون بقوة التأثير والفاعلية فمن خاللهم يتم تدعيم مظاهر االلتزام بهذه العملية‬
‫والمصداقية والقدرة على حشد أصحاب المصالح‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم قدرات اإلدارة على مستوى فرق العمل الميدانية يعتبر أمرا ضروريا لتنفيذ المشروع‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتولى الحكومة المحلية بنفسها وضع استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية وأن تتمتع باإلرادة‬
‫السياسية القوية من أجل تنفيذ هذه االستراتيجية‪.‬‬
‫‪-‬الحصول على الدعم والتأييد السياسي والمالي والفني من جانب المستويات األخرى في الحكومة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتم تنفيذ المشروع وخطط العمل بعدما يتم تحديد المدير المسؤول أو الطرف المساند والذي يلتزم‬
‫بنجاح عملية التنفيذ‪.‬‬
‫ويمثل الشكل الموالي المراحل األساسية لعملية التخطيط االستراتيجي للتنمية المحلية‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)10‬المراحل األساسية لعملية التخطيط االستراتيجي للتنمية المحلية‬

‫مرحلة تنفيذ االستراتيجية‬ ‫مرحلة التخطيط االستراتيجي‬

‫تنفيذ استراتيجية التنمية المحلية‬ ‫تنظيم الجهود من خالل تطوير فريق‬


‫إدارة شبكة لربط الشركاء المعنيين‬

‫مراجعة استراتيجية التنمية المحلية‬ ‫اجراء تقييم لمدى القدرة على‬


‫المنافسة‬

‫إيجاد استراتيجية التنمية المحلية‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة باالعتماد على المراحل السابقة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور الشراكة المحلية والعالمية في تحقيق التنمية المحلية الشاملة‬
‫على إثر التحوالت العالمية الكبرى عرفت الدولة تغييرات كثيرة في أدوارها‪ ،‬فقد تعالت الدعوة إلى‬
‫تبني المقاربة التشاركية في التنمية المحلية‪ ،‬بحيث لم تعد الدولة الفاعل الوحيد في عملية التنمية‪ ،‬بل تعدتها‬
‫‪1‬‬
‫إلى فواعل أخرى‪.‬‬
‫وعليه فقد أصبحت الشراكة من أعظم عناصر التنمية في الدول النامية‪ ،‬إذ تساهم الشراكة بصورة‬
‫واضحة تقليل تكاليف التنمية وتساعد في تخفيف العبء على الدولة‪ ،‬فقد أصبحت التنمية المحلية في الكثير‬

‫‪ 1‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71 .‬‬


‫‪159‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫من المجتمعات الحديثة مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمواطنين‪ ،‬كما أنه يقع على الجهات المحلية‬
‫‪1‬‬
‫دور عظيم في بناء قاعدة قوية للمشاركة عن طريق توفير اإلمكانات البشرية والمادية للمجتمع المحلي‪.‬‬
‫وبالتالي فإن التعامل مع مسألة التنمية ال بد أن يتم من خالل المشاركات بين فاعلين مختلفين من خالل‬
‫الت خطيط‪ ،‬فعملية التخطيط تعد حتمية للتنمية‪ ،‬كما أن اتساع مفهوم الشراكات وتعددها أصبح يمثل تحديا‬
‫أمام الدول المختلفة من أجل احداث التنمية الشاملة والمتواصلة‪ .‬وبالتالي أضحى من الضروري تغيير‬
‫طريقة عمل المؤسسات الحكومية حيث أنها لم تعد الفاعل الوحيد في احداث التنمية‪ ،‬فقد أفرزت العولمة‬
‫بتجلياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية مجموعة من التحديات أمام دول العالم المختلفة من‬
‫خالل إزالة الحدود وصعوبة الفصل بين الداخل والخارج‪ .‬باإلضافة الى وجود الفرص والتحديات العالمية‬
‫للتنمية‪ ،‬والتي من غير الممكن تالفيها‪ ،‬فالتعامل مع مسألة التنمية البد أن يتم من خالل مفهوم المشاركات‬
‫‪2‬‬
‫بين فاعلين مختلفين مثل‪:‬‬
‫‪ ‬الحكومات والمؤسسات العامة‪.‬‬
‫‪ ‬مؤسسات القطاع الخاص المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬مؤسسات المجتمع المدني المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬المنظمات العالمية الحكومية وغير الحكومية‪.‬‬
‫‪ ‬المنظمات اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ ‬مؤسسات القطاع الخاص العالمي والشركات عالمية النشاط‪.‬‬
‫‪ ‬منظمات المجتمع المدني العالمية‪.‬‬
‫‪ ‬المجالس الشعبية المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬األفراد وبين الشعوب داخل الدولة أو خارجها‪.‬‬
‫إن التنمية القائمة على مساندة المجتمع المحلي تعتمد على خبرات وقدرات المجتمعات المحلية لمعرفة‬
‫ما هو مطلوب إنجازه وكيفية إنجازه‪ ،‬فمن خالل هذه الخبرات والتجارب يمكن اعداد الخطط والبرامج‪،‬‬
‫وبالتالي فانه ال يوجد نموذج بعينه أو مقاربة محددة تصلح لجميع المناطق إلعداد برامجها وخططها‪،‬‬
‫ولكي تتمكن المجتمعات المحلية من تحديد خياراتها فان ذلك يتطلب بناء المؤسسات التي تستطيع زيادة‬
‫وريادة عملية التنمية على المستوى المحلي‪ ،‬عن طريق تبني األهداف المتوخاة والمسارات التي تمكن من‬
‫تعزيز قدرات المجتمع المحلي وإعادة اتجاهات اإلدارة المحلية لتمكينها من استثمار الرأس المال المحلي‬
‫‪3‬‬
‫من خالل الشراكة في صنع القرار ووضع الخطط وتصميم البرامج التنموية ومتابعتها‪.‬‬

‫ويعتبر المواطن فاعل أساسي تقوم عليه السياسة العامة المحلية‪ ،‬فالمواطن مستهلك وهو نواة الجمعية‬
‫وهيئات المجتمع المدني‪ ،‬ونواة القطاع الخاص‪ ،‬فعملية إشراكه في صياغة السياسة العامة المحلية يعد‬
‫فرصة لمشاورة الطرف المتلقي للسياسة العامة‪ ،‬فالتشاور معه يسمح بتفادي الفشل التنموي واألخطاء‬
‫‪4‬‬
‫التسييرية التي تضيع الفرص التنموية على السكان‪.‬‬

‫‪ 1‬األ مين العوض حاج أحمد‪ ،‬حسن كمال الطاهر‪ ،‬رباب المحينة‪" ،‬األطر المؤسسية للمجتمع المحلي والشراكة في تحقيق التنمية" (ورقة بحثية‪،‬‬
‫أوت ‪ ،)2007‬ص‪.23 .‬‬
‫‪ 2‬عبد الخبير محمود عطا محروس‪" ،‬تجربة اإلدارة والتنمية المحلية في محافظة قنا‪ ،‬عملية اإلصالح المجتمعي المنهجي‪ :‬الضرورات‬
‫والمتطلبات‪ ،‬األدوار والمحددات‪ ،‬الرؤية والرسالة" (ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر تجارب اإلدارة والتنمية المحلية في محافظات جمهورية مصر‬
‫العربية‪ ،‬يومي ‪ 25‬و‪ 26‬ماي ‪ ،)2008‬ص‪.07 .‬‬
‫‪ 3‬األمين العوض حاج أحمد‪ ،‬حسن كمال الطاهر‪ ،‬رباب المحينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28 .‬‬
‫‪ 4‬عصام بن الشيخ واألمين سويقات‪ " ،‬إدماج مقاربة الديموقراطية التشاركية في تدبير الشأن المحلي حالة الجزائر والمغرب"‪ ،‬في الديمقراطية‬
‫التشاركية في ظل اإلصالحات السياسية واإلدارية في الدول المغاربية‪ ،‬ط‪ ،1‬إشراف‪ :‬بوحنية قوي‪ ،‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص‪.70.‬‬
‫‪160‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومشاركة المجتمعات المحلية في عملية التنمية ال تقتصر على فكرة االستشارة‪ ،‬بل يجب أن تشارك‬
‫هذه المجتمعات المحلية في تحديد مشكالت التنمية الخاصة بها والسعي لحلها واتخاذ القرارات حول كيفية‬
‫‪1‬‬
‫تنفيذ تلك الحلول‪ ،‬وهناك مستويات مختلفة لمشاركة المجتمعات المحلية موضحة في الشكل الموالي‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)11‬مستويات مشاركة المجتمعات المحلية‬

‫المستوى األول للمشاركة‬

‫االضطالع بتحمل المسؤولية لتنفيذ نشاط التنمية‪.‬‬

‫المستوى الثاني للمشاركة‬

‫المشاركة الفعالة في القرارات والحوار وتحديد‬


‫اإلجراءات‪ ،‬وفي تخطيط المدخل الواجب اتباعه‬
‫(مؤشرات المشاركة الحقيقية)‬

‫المستوى الثالث للمشاركة‬

‫المشاركة في تقييم الجهد من قبل األفراد المحليين‬


‫الذين قاموا بالتخطيط ويقومون بتنفيذ العمل‬
‫التنموي (اإللمام بكل المبادرة)‬

‫المصدر‪ :‬آمنة حسين صبري‪" ،‬الشراكة المنتجة باالتصال التنموي استراتيجية فاعلة من أجل التغيير"‪ ،‬في مجلة المخطط والتنمية‪،‬‬
‫المعهد العالي للتخطيط الحضري واإلقليمي‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬العدد ‪ ،)2006( 15‬ص‪.20 .‬‬

‫وتسمى هذه العملية بالتسيير المحلي التشاركي والذي يشير إلى عمل المنتخبين المحليين على ادماج‬
‫جميع فواعل اإلقليم في تسيير الشأن المحلي‪ ،‬حيث ال يقتصر األمر على حضور المواطن كمالحظ فقط‪،‬‬
‫بل يقتضي األمر مشاورات فعلية حول الخيارات التنموية الكبرى التي تمس مختلف أبعاد حياة المواطنين‪،‬‬
‫فهو يستهدف الحد من انتشار الفساد وبالتالي إعادة بناء الثقة بين المنتخب والناخب المحلي‪ .‬ويتطلب تفعيل‬
‫‪2‬‬
‫التسيير المحلي التشاركي الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إجراءات ادماج المواطن في المخططات البلدية للتنمية‪ ،‬المخططات السنوية لالستثمار والميزانية‪.‬‬
‫‪ -‬أطر التشاور والحوار والتقييم للمشاريع التنموية‪.‬‬
‫‪ -‬النشر لقرارات المجلس الشعبي البلدي عبر وسائل االعالم المحلي‪.‬‬

‫‪ 1‬آمنة حسين صبري‪" ،‬الشراكة المنتجة باالتصال التنموي استراتيجية فاعلة من أجل التغيير"‪ ،‬في مجلة المخطط والتنمية‪ ،‬المعهد العالي‬
‫للتخطيط الحضري واإلقليمي‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬العدد ‪ ،)2006( 15‬ص‪.19 .‬‬
‫‪ 2‬بن لعبيدي مفيدة‪" ،‬التسيير المحلي التشاركي آلية لتحقيق التنمية المحلية المستدامة في الجزائر"‪ ،‬في دراسات وأبحاث‪ ،‬جامعة زيان عاشور‪،‬‬
‫الجلفة‪ ،‬المجلد ‪ ،07‬العدد ‪ ،21‬ص‪.368 .‬‬
‫‪161‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقد اعتبر الباحث ‪ Pierre Calame‬أن التشاركية شرطا أساسيا للتسيير الفعال والكفؤ للشأن‬
‫العام‪ ،‬كما أكد على أن األهداف اإلنمائية لأللفية ال يمكن تحقيقها إال في ظل مقاربة تشاركية بين الدول‬
‫‪1‬‬
‫والجماعات المحلية‪ ،‬وبين الجماعات المحلية والقطاع الخاص المحلي في مرحلة الحقة‪.‬‬
‫ويتطلب تنفيذ التنمية المحلية إعادة تنظيم وتخطيط الموارد البشرية على المستوى اإلقليمي والمحلي‬
‫عالوة على إعادة تنظيم الموارد المالية‪ .‬والتخطيط المحلي يساهم في زيادة فاعلية نظام اإلدارة المحلية‬
‫‪2‬‬
‫المتطورة وذلك من خالل المقومات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬وضوح الهدف من التخطيط للعاملين عليه والمتأثرين بنتائجه مع توافر اطمئنانهم إليه‪.‬‬
‫‪ ‬الدقة في اختيار الوسيلة المحققة للهدف واقتناع الناس بأنها أحسن الوسائل جميعا مستعينين على‬
‫ذلك بالتفكير الجماعي‪.‬‬
‫‪ ‬القدرة على التحكم في الموقف الذي يخطط له في مجال التنمية المحلية بوجود تنظيم شعبي‬
‫مسؤول عن احتياجات خطط وبرامج مشروعات التنمية المحلية والمزودة باإلمكانيات والموارد‬
‫والحقائق‪.‬‬
‫‪ ‬لكي يكون التخطيط صورة معبرة عن أمال الجماهير وآالمهم ال بد أن يبدأ من القاعدة الشعبية‬
‫وينتهي الى القمة في األجهزة المركزية‪.‬‬
‫‪ ‬يتطلب التخطيط المحلي وجود القيادات الشعبية المحلية المدربة عليه أو القيادات الوظيفية التنفيذية‬
‫والتي تتماشى أهدافها مع قوانين المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬يتطلب التخطيط المحلي ضرورة التنسيق بين الجهود العاملة في مجاالتها المختلفة بهدف تحقيق‬
‫التكامل في مشروعاتها النوعية‪.‬‬
‫‪ ‬كما يتطلب توفير األجهزة المسؤولة عن الدراسات والبحوث واإلحصاءات خاصة على‬
‫المستويات األعلى‪.‬‬
‫ويوضح الشكل الموالي الشركاء المحليين والعالميين للتنمية الشاملة‬
‫الشكل رقم (‪ :)12‬الشركاء المحليين والعالميين للتنمية الشاملة‬
‫المبادرات الفردية‬ ‫المؤسسات‬ ‫مؤسسات القطاع‬
‫للمواطنين‬ ‫العامة في الدول‬ ‫الخاص المحلي‬
‫ومشاركاتهم‬
‫المنظمات‬
‫مبادرات االفراد‬ ‫االقليمية‬
‫والشعوب في‬ ‫التنميـة الشاملـة‬
‫الدول األخرى‬
‫المنظمات العالمية‬
‫الحكومية وغير‬
‫منظمات المجتمع‬ ‫منظمات القطاع‬ ‫الحكومية‬
‫الخاص العالمي‬ ‫المجالس‬
‫المدني العالمي‬
‫الشركات العابرة‬ ‫الشعبية المحلية‬
‫القومية‬

‫المصدر‪ :‬عبد الخبير محمود عطا محروس‪" ،‬تجربة اإلدارة والتنمية المحلية في محافظة قنا‪ ،‬عملية اإلصالح المجتمعي المنهجي‪:‬‬
‫الضرورات والمتطلبات‪ ،‬األدوار والمحددات‪ ،‬الرؤية والرسالة" (ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر تجارب اإلدارة والتنمية المحلية في‬
‫محافظات جمهورية مصر العربية‪ ،‬يومي ‪ 25‬و‪ 26‬ماي ‪ ،)2008‬ص‪.08 .‬‬

‫‪ 1‬بن لعبيدي مفيدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.368 .‬‬


‫‪ 2‬عبد الخبير محمود عطا محروس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11 .‬‬
‫‪162‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وبالنسبة للجزائر فقد تضمن كل من قانون البلدية والوالية إشارة صريحة إلى وجوب تعزيز التوجه‬
‫التشاركي على المستوى المحلي‪ ،‬فقد اعتبر قانون البلدية (‪ )10/11‬أن البلدية تعد إطارا مؤسسيا لممارسة‬
‫الديموقراطية والتسيير الجواري على المستوى المحلي‪ ،‬وأنها مكلفة بالسهر على توفير أطر مالئمة‬
‫للمبادرات المحلية التي تحفز المواطنين على المشاركة‪ ،‬كما قد أقر قانون الوالية (‪ )07/12‬عددا من‬
‫اآلليات التي تساهم في تعزيز المقاربة التشاركية فأتاح إمكانية إقامة عالقات تعاون المركزي مع‬
‫‪1‬‬
‫جماعات إقليمية أجنبية وكذا إمكانية التعاون ما بين الواليات والبلديات داخل التراب الوطني‪.‬‬
‫وتلعب منظمات المجتمع المدني دورا هاما في تقديم الخدمات لمختلف فئات المجتمع‪ ،‬فهي تحرص‬
‫على تقديم مستوى مناسب من الخدمات المحلية لفئات معينة من المواطنين كالفقراء واألقليات‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى أنه يمكنها التأثير على السياسات العامة للحكومة أو الوحدة المحلية‪ ،‬وبالتالي فهي تلعب دورا مهما في‬
‫عملية التنمية المحلية من خالل أنها تساعد اإلدارة المحلية عن طريق العمل المباشر معها أو التأثير غير‬
‫المباشر من خالل مجمل النشاطات التي تقوم بها‪ ،‬وتقديم شكل أفضل من الخدمات للمواطنين‪ .‬كما أن‬
‫المجتمع المدني يعبر عن أحكام وآراء المواطنين إذ يقوم بإشراك المواطنين في عملية صنع القرار على‬
‫‪2‬‬
‫المستوى المحلي‪.‬‬
‫فمؤسسات المجتمع المدني تتسم بالقدرة على تقديم الخدمات لجماعات مختلفة‪ ،‬ومراعاة البعد‬
‫االجتماعي واإلنساني‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تستطيع التأثير على السياسات العامة من خالل تعبئة جهود‬
‫قطاعات من المواطنين وحملها على المشاركة في الشأن العام‪ ،‬وتعميق المساءلة والشفافية عبر نشر‬
‫المعلومات والسماح بتداولها على نطاق واسع‪ ،‬كما أنها تقوم بتنشئة أعضاءها على مبادئ الديموقراطية‪،‬‬
‫كما أنها تستطيع مساعدة الحكومة عن طريق العمل المباشر أو التمويل أو الخبرة على أداء أفضل‬
‫‪3‬‬
‫للخدمات العامة وتحقيق رضا المواطنين بتقديم السلع والخدمات لذوي الدخل المنخفض بأسعار مناسبة‪.‬‬
‫فالمجتمع المدني بمؤسساته المختلفة الخيرية والخدمية والثقافية والتربوية يلعب دورا مؤثرا داخل‬
‫المجتمع‪ ،‬فهو يسعى لتوعية أفراد المجتمع وتوجيه المواطنين إلى االهتمام والمشاركة الفعالة داخل‬
‫مجتمعاتهم المحلية‪ ،‬فالمجتمع المدني ينظر إليه كشريك في إعادة بناء المواطن فكريا وثقافيا‪ ،‬إذ يساهم في‬
‫بناء ثقافة اجتماعية تستند إلى مفاهيم المبادرة والمشاركة والتطوع وخدمة المجتمع والتمسك بالحقوق‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وهذه المفاهيم تمثل جوهر المشاركة السياسية والتفاعل اإليجابي نحو المجتمع المحلي‪.‬‬
‫وعليه فإن المجتمع المدني يعد فاعال أساسيا للنهوض باألعمال االجتماعية المحلية وتأكيد الفاعلية‬
‫السياسية للمواطن‪ ،‬خاصة بعد تأكد دوره في معرفة حاجيات ومتطلبات المجتمع المحلي‪ ،‬من خالل‬
‫احتكاك ه بواقع المواطن وقدرته الفعالة على متابعة وصياغة وتنفيذ المبادرات التنموية التي تحل مشاكل‬
‫المجتمع‪ ،‬ومساهمة المجتمع المدني الهامة في تثقيف المجتمع بقضاياه التي تقترب من واقعه‪ ،‬وكذا دعم‬
‫التدبير العقالني للموارد والمشاريع التنموية في إدارة الشؤون المحلية عن طريق إظهار األنماط التسييرية‬
‫‪5‬‬
‫األكثر تفضيال لدى المواطن‪.‬‬

‫‪ 1‬بن لعبيدي مفيدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.369 .‬‬


‫‪ 2‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪73. .‬‬
‫‪ 3‬سمير محمد عبد الوهاب‪" ،‬التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات المحلية والبلديات خيارات وتوجهات" (بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل‬
‫بين األجهزة الحكومية واإلدارات لمحلية والبلديات خيارات وتوجهات‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو ‪ ،2010‬أعمال المؤتمرات‪ ،‬إدارة التغيير في‬
‫اإلدارات المحلية والبلديات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬منشورات المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،)2011 ،‬ص ص‪.28 .27 .‬‬
‫‪ 4‬األمين العوض حاج أحمد‪ ،‬حسن كمال الطاهر‪ ،‬رباب المحينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29 .‬‬
‫‪ 5‬عصام بن الشيخ واألمين سويقات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71 .‬‬
‫‪163‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما بالنسبة للقطاع الخاص فإن تدخله في التنمية على المستوى المحلي أصبح اليوم ضرورة حتمية لما‬
‫يوفره هذا القطاع من خدمات ذات جودة عالية للمواطنين من جهة‪ ،‬و متطلبات تعظيم موارد البلدية المالية‬
‫من جهة ثانية‪ ،‬باعتبار أن االستقالل المالي للبلديات نابع أساسا من توفيرها للموارد المالية الالزمة لقيامها‬
‫بمهامها بعيدا عن تدخل السلطة المركزية فيها‪ ،‬حيث أنه متى تدخلت هذه األخيرة بتمويل البلديات فإن ذلك‬
‫سيؤثر ال محالة على استقاللها في اتخاذ القرارات المناسبة حسب ما تقتضيه حاجات المواطنين فيها‪ ،‬وهو‬
‫‪1‬‬
‫ما سيؤثر سلبا على التنمية المحلية فيها‪.‬‬
‫لقد أدركت العديد من الدول أهمية القطاع الخاص في المساهمة في التنمية المحلية‪ ،‬ورفع مستوى‬
‫معيشة المواطنين‪ ،‬وتوفير فرص العمل‪ ،‬وتحسين مستوى الخدمات لهم‪ ،‬فالقطاع الخاص يتميز بالقدرة‬
‫ع لى االبتكار والتجديد وتقديم الخدمات بالمواصفات المطلوبة‪ ،‬ويمكن للحكومة تقوية القطاع الخاص من‬
‫‪2‬‬
‫خالل توفير البيئة االقتصادية المناسبة والمستقرة لذلك القطاع‪.‬‬
‫ففي فرنسا تستطيع البلدية إنشاء شراكة مع القطاع الخاص في مجال مشروعات البنية التحتية‪ ،‬كما‬
‫أن الخدمات الرئيسية كالنظافة وصيانة الطرقات تمنح للشركات الخاصة عن طريق عقود االمتياز‪ ،‬وقد‬
‫تم إنشاء هيئة الخدمات العامة مكلفة بمتابعة هذه العقود وتزويد البلديات العاجزة بكل الضرورات التقنية‬
‫إلتمام هذه الصفقات‪ ،‬أما في الواليات المتحدة األمريكية حيث تتمتع اإلدارة المحلية باستقاللية واسعة عن‬
‫السلطة الفدرالية بحيث أن لكل مقاطعة قوانين خاصة بها وكل والية لها دستورها الخاص بشرط أن ال‬
‫تتعارض مع الدستور والقوانين الفدرالية‪ ،‬ففيها تتبع البلديات نظام التعاقد مع الغير من أجل القيام‬
‫‪3‬‬
‫بالخدمات الضرورية كالنظافة والصيانة وإنجاز المباني والطرق‪.‬‬
‫و في الجزائر تعطي قوانين اإلدارة المحلية للهيئات المحلية إمكانية االعتماد على القطاع الخاص في‬
‫كثير من المجاالت التي تختص بمباشرتها‪ ،‬حيث يمكنها في هذا اإلطار إبرام صفقات عمومية و مناقصات‬
‫يكون طرفها المتعاقد أحد عناصر القطاع الخاص ( شركات المقاولة‪ ،‬شركات التوريد و الخدمات)‪ ،‬و في‬
‫نفس اإلطار نص قانون البلدية ‪ 10/11‬على إمكانية إنشاء مصالح عمومية بلدية تتولى القيام بتلبية حاجات‬
‫مواطني البلدية و إدارة أمالكها‪ ،‬و هي عبارة عن مرافق تتكفل بمعالجة مجاالت متعددة في الحياة‬
‫اليومية‪ ،‬و يمكن تسيير هذه المرافق عن طريق القطاع الخاص بواسطة عقد االمتياز أو عقد االلتزام‪ ،‬أو‬
‫عن طريق تفويض تسيير مصالحها عن طريق عقد برنامج أو صفقة طلبية‪ ،‬أو عن طريق الشركة‬
‫‪4‬‬
‫المختلطة‪.‬‬
‫وفي ظل التحول نحو القطاع الخاص فإن دور اإلدارة المحلية سيقتصر على تحديد نوعية ومواصفات‬
‫الخدمة ا لمطلوبة واالشراف على أداءها بصورة صحيحة‪ ،‬فتتولى مهام التوجيه‪ ،‬وعليه يمكن للبلديات‬
‫التعاقد مع شركات خاصة لتنظيف المدينة وصيانة بعض المنشآت‪ ،‬ومن المزايا التي يحققها التعاقد مع‬
‫‪5‬‬
‫القطاع الخاص نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬توفير التكلفة ودراسة الجدوى للمشاريع الخدمية بما يحقق الكفاءة والتنافسية لكون أن اإلدارة‬
‫المحلية ال تتوفر بمفردها على الموارد المالية‪.‬‬

‫‪ 1‬البرج محمد‪" ،‬دور القطاع الخاص في التنمية البلدية" (ورقة مقدمة في اليوم الدراسي حول‪ :‬إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪،‬‬
‫اإلنجاز والتمويل"‪ ،‬بجامعة غرداية يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪ ،)2015‬ص‪.03.‬‬
‫‪ 2‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27 .‬‬
‫‪ 3‬قوي بوح نية ومحمد الطاهر قزيز‪ " ،‬دور الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في التنمية المستدامة‪ :‬مدخل اإلدارة المحلية"‪ ،‬في الديمقراطية‬
‫التشاركية في ظل اإلصالحات السياسية واإلدارية في الدول المغاربية‪ ،‬ط‪ ،1‬إشراف‪ :‬بوحنية قوي‪ ،‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص‪.147 .‬‬
‫‪ 4‬البرج محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.03 .‬‬
‫‪ 5‬بن لعبيدي مفيدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.371 .‬‬
‫‪164‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ .2‬توفير الخبرات والمعارف الالزمة للعملية التنموية وزيادة االهتمام بالمورد البشري تأهيال‬
‫وتكوينا‪.‬‬
‫‪ .3‬توفير إيرادات مالية فورية تستغل عائداتها في المشاريع التنموية‪ ،‬وفي هذا الصدد نجد أن بعض‬
‫الواليات كالجزائر وسكيكدة وعنابة قد أبرمت شراكة مع شركة ‪DISLORADO‬اإلسبانية في‬
‫مجال تحلية مياه البحر من أجل تغطية احتياجات الواليات بالمياه الصالحة للشرب‪.‬‬
‫وتظهر أهمية القطاع الخاص في التنمية المحلية من خالل دوره في تشجيع األعمال الخاصة ودعم‬
‫عمليات االدخار واالستثمار والتوظيف‪ ،‬وبالتالي يصبح من أصحاب المصلحة على المستوى المحلي‪ ،‬مما‬
‫يساهم في خلق توازن بين قوى السوق‪ ،‬باإلضافة إلى أن القطاع الخاص يساعد في رفع مستوى معيشة‬
‫‪1‬‬
‫المواطنين وتحسين مستوى الخدمات المقدمة لهم‪ ،‬كما يعمل على توفير مناصب شغل للعاطلين‪.‬‬
‫ونظرا ألن القطاع الخاص والمجتمع المحلي يعتبرون من كبار المستفيدين من برنامج التنمية‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادية المحلية فإن إشراكهم في عملية التخطيط االستراتيجي للتنمية االقتصادية المحلية يؤدي إلى‪:‬‬
‫زيادة كفاءة وفعالية عملية التخطيط االستراتيجي من خالل تدبير حجم كبير من الموارد (المواد‬ ‫‪-‬‬
‫الخام والموارد المالية) والمعرفة الفنية والخبرات والتي في الغالب ال تكون متوفرة في المحليات‪.‬‬
‫إضفاء المشروعية على عملية التخطيط والمساعدة على عدم تسييس مشروعات التنمية‬ ‫‪-‬‬
‫االقتصادية المحلية‪ ،‬مما يساعد على ضمان استمرارية هذه العملية على المدى الطويل‪.‬‬
‫توسيع نطاق اإلجماع والدعم الستراتيجية التنمية االقتصادية المحلية ومن ثم المساعدة على‬ ‫‪-‬‬
‫تعزيز ثقة المستثمرين المرتقبين‪.‬‬
‫عالج المشاكل وذلك بإقحام الشركاء وأصحاب المصالح في هذه العملية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫زيادة درجة تفهم االقتصاد المحلي‪ ،‬على اعتبار أن الشركاء في النشاط االقتصادي يكون لديهم‬ ‫‪-‬‬
‫معلومات أكثر بدرجة كبيرة عن ممثلي المحليات فيما يتعلق بالوضع الحقيقي لالقتصاد المحلي كالمشاكل‬
‫المحلية والمشروعات التي يمكن أن تتناولها استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية‪.‬‬
‫تشجيع الجهود التطوعية بالمجتمع من أجل تقديم الدعم لبرامج تنفيذ استراتيجية التنمية االقتصادية‬ ‫‪-‬‬
‫المحلية‪.‬‬
‫إشراك الفئات ذوي الدخل المنخفض والفئات العاملة في إطار االقتصاد غير الرسمي فضال عن‬ ‫‪-‬‬
‫الجمعيات واالتحادات (سكان المناطق العشوائية وجمعيات البائعين المتجولين) في عملية التخطيط نظرا‬
‫لتفهمهم أفضل للقضايا التي تؤثر على أنشطتهم االقتصادية‪.‬‬
‫ويمثل الشكل الموالي تكامل الجهود التنموية بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص‬

‫‪ 1‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72 .‬‬


‫‪ 2‬جوين سوينبرن وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30 .‬‬
‫‪165‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشكل رقم (‪ :)13‬تكامل الجهود التنموية بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص‬
‫الدولـــــة‬
‫(الوزارات واألجهزة المحلية)‬

‫الالمركزيــــة‬ ‫الالمركزيــــة‬
‫(حوافــــز)‬ ‫تكامل الجهود‬ ‫(حوافــــز)‬
‫التنموية‬

‫القطاع الخاص‬ ‫المجتمع المدني‬


‫(منتجي السلع والخدمات)‬ ‫(منظمات المجتمع المدني)‬

‫المصدر‪ :‬سمير محمد عبد الوهاب‪" ،‬التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات المحلية والبلديات خيارات وتوجهات" (بحوث وأوراق‬
‫عمل ملتقى التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات لمحلية والبلديات خيارات وتوجهات‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو ‪ ،2010‬أعمال‬
‫المؤتمرات‪ ،‬إدارة التغيير في اإلدارات المحلية والبلديات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬منشورات المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،)2011 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.28‬‬
‫كما تلعب الشركات المتعددة الجنسيات دورا هاما في مجال التنمية المحلية وهذه الشركات هي عبارة‬
‫عن مجموعة من المؤسسات غالبا ما تكون كبيرة الحجم تنطلق من قاعدة وطنية أي الوطن األصلي لهذه‬
‫الشركات‪ ،‬حيث تقع الشركة في بلد صناعي متقدم‪ ،‬كما تكون الشركة االم رائدة في قطاعها‪ ،‬ويسبقه‬
‫تصدير قوي‪ ،‬وبالتالي فإن كل شركة متعددة الجنسية ذات الحجم الكبير تكون نابعة من قطاعات ذات‬
‫تركيز صناعي قوي‪ ،‬والمتمثل في الصناعات الغذائية والتأمينات والصناعة والمناجم والسينما والبنوك‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫الخ‪.‬‬
‫فقد سجل استثمار هذه الشركات على الناتج المحلي اإلجمالي قفزة نوعية في حجم هذا األخير ما بين‬
‫سنة ‪ 1991‬والذي بلغ ‪ 45.715‬مليون دوالر‪ ،‬وسنة ‪ 2012‬والذي قدر ب ‪ 205.798‬مليون دوالر‪،‬‬
‫ويرجع ذلك إلى حجم التدفقات الهائلة لرؤوس األموال األجنبية إلى الجزائر‪ ،‬كما تم تسجيل انخفاض في‬
‫نسب البطالة من سنة إلى أخرى نتيجة زيادة تدفق رؤوس األموال األجنبية من خالل استثمار الشركات‬
‫المتعددة الجنسيات‪ .‬والجدير بالذكر أن هذا االستثمار يعد مصدرا متجددا لتمويل برامج وخطط التنمية‬
‫وبالتالي االبتعاد عن القروض والحد من زيادة حجم المديونية‪ ،‬باإلضافة إلى رفع المساهمة في دور‬
‫القطاع الخاص في الناتج القومي‪ ،‬وبالنسبة للجزائر فقد استطاعت استقطاب عددا ال بأس به من الشركات‬
‫المتعددة الجنسيات من مختلف الدول‪ ،‬وذلك بفضل تحسين وضعها السياسي واالقتصادي واألمني وكذا‬
‫‪2‬‬
‫تخلصها من المديونية‪.‬‬
‫ويوضح الجدول الموالي العالقة بين تدفق االستثمارات األجنبية والناتج المحلي اإلجمالي من جهة‬
‫والبطالة من جهة أخرى في الجنوب الشرقي للجزائر في الفترة من (‪ 1991‬إلى ‪.)2012‬‬

‫‪ 1‬شريفة جعدي‪ ،‬محمد الخطيب نمر‪ ،‬محمد بركة‪" ،‬أثر استثمار الشركات المتعددة الجنسيات على التنمية المحلية في الجنوب الشرقي الجزائري‬
‫خالل الفترة (‪ ")2012-2006‬في المجلة الجزائرية للتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬عدد ‪( 01‬ديسمبر ‪ ،)2014‬ص‪.16 .‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.23 .‬‬
‫‪166‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الجدول رقم (‪ :)10‬العالقة بين تدفق االستثمارات األجنبية والناتج المحلي اإلجمالي من جهة والبطالة‬
‫من جهة أخرى في الجنوب الشرقي للجزائر‬
‫الوحدة‪ :‬مليون دوالر‬
‫نسبة البطالة ‪%‬‬ ‫الناتج المحلي االجمالي‬ ‫حجم تدفق استثمار الشركات متعددة الجنسيات‬ ‫السنوات‬

‫‪20.3‬‬ ‫‪45 715‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪1991‬‬

‫‪21.4‬‬ ‫‪48 003‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪1992‬‬


‫‪23.2‬‬ ‫‪49 946‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1993‬‬

‫‪24.4‬‬ ‫‪42 543‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1994‬‬


‫‪28.1‬‬ ‫‪41 764‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1995‬‬

‫‪28‬‬ ‫‪46 941‬‬ ‫‪270‬‬ ‫‪1996‬‬

‫‪28‬‬ ‫‪48 178‬‬ ‫‪260‬‬ ‫‪1997‬‬

‫‪28‬‬ ‫‪48 188‬‬ ‫‪607‬‬ ‫‪1998‬‬

‫‪29.3‬‬ ‫‪48 641‬‬ ‫‪292‬‬ ‫‪1999‬‬


‫‪29.5‬‬ ‫‪54 790‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪2000‬‬

‫‪27.3‬‬ ‫‪54 745‬‬ ‫‪1 108‬‬ ‫‪2001‬‬


‫‪25.7‬‬ ‫‪56 760‬‬ ‫‪1 065‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪23.7‬‬ ‫‪67 864‬‬ ‫‪634‬‬ ‫‪2003‬‬

‫‪17.7‬‬ ‫‪85 325‬‬ ‫‪882‬‬ ‫‪2004‬‬


‫‪15.3‬‬ ‫‪1 03 199‬‬ ‫‪1 156‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪12.5‬‬ ‫‪1 17 027‬‬ ‫‪1 841‬‬ ‫‪2006‬‬


‫‪13.8‬‬ ‫‪1 34 978‬‬ ‫‪1 834‬‬ ‫‪2007‬‬

‫‪11.3‬‬ ‫‪1 71 000‬‬ ‫‪2 675‬‬ ‫‪2008‬‬

‫‪10.2‬‬ ‫‪1 37 212‬‬ ‫‪3 053‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪1 61 207‬‬ ‫‪2 331‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪1 99 071‬‬ ‫‪2 721‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪2 05 789‬‬ ‫‪1 602‬‬ ‫‪2012‬‬

‫المصدر‪ :‬شريفة جعدي‪ ،‬محمد الخطيب نمر‪ ،‬محمد بركة‪" ،‬أثر استثمار الشركات المتعددة الجنسيات على التنمية المحلية في الجنوب‬
‫الشرقي الجزائري خالل الفترة (‪ ")2012-2006‬في المجلة الجزائرية للتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬عدد ‪01‬‬
‫(ديسمبر ‪ ،)2014‬ص‪.19 .‬‬

‫من خالل الجدول نالحظ تزايد حجم تدفق استثمار الشركات متعددة الجنسية من ‪12‬مليون دوالر سنة‬
‫‪ 1991‬إلى ‪ 30‬مليون دوالر سنة ‪ ،1992‬في حين انعدم إلى الصفر في السنوات ‪1995 ،1994 ،1993‬‬
‫ويرجع انعدام التدفق إلى تدهور األوضاع األمنية في الجزائر في تلك الفترة‪ ،‬ثم عاد تدفق استثمار‬
‫‪167‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشركات متعددة الجنسية مجددا سنة ‪ 1996‬إلى غاية سنة ‪ 2000‬حيث وصل إلى ‪ 270‬مليون دوالر سنة‬
‫‪ 1996‬و‪ 280‬مليون دوالر سنة ‪ ،2000‬ونتج عنه انخفاض لمعدل البطالة وزيادة الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬
‫ومنذ ‪ 2001‬عرفت الجزائر االستقرار األمني والسياسي الذي شجع المستثمرين األجانب على االستثمار‬
‫في الجزائر نظرا لالمتيازات والضمانات والتحفيزات التي كفلها قانو االستثمار سنة ‪ ،2003‬وبالتالي تم‬
‫تسجيل زيادة ملحوظة في الناتج المحلي اإلجمالي وانخفاض مستمر في نسبة البطالة إلى أن استقرت في‬
‫السنوات ‪ 2012 ،2011 ،2010‬بنسبة ‪ %10‬ووصول الناتج المحلي اإلجمالي إلى ‪ 205.789‬مليون‬
‫دوالر سنة ‪.2012‬‬
‫وعليه فإن أي استراتيجية للشراكة المحلية ال بد أن تشكل إحدى مكونات الخطة االستراتيجية الشاملة‬
‫على نطاق المجتمع المحلي‪ ،‬وإشراك الجماعات ذات الشأن من أصحاب المهارات والموارد وتمثل‬
‫القاعدة األساسية ف ي االستراتيجية‪ ،‬كما يجب أن يقرر المجتمع المحلي البرامج الرئيسية في االستراتيجية‪،‬‬
‫وعادة ما يستخدم المجتمع المحلي خيارات كثيرة لتحديد ما هو المطلوب لتحقيق التنمية المحلية وذلك‬
‫حسب ما تقتضيه الظروف المحلية‪ ،‬ومن بين هذه الخيارات االستراتيجية الرئيسية المطلوب التركيز عليها‬
‫‪1‬‬
‫نذكر ما يلي‪:‬‬
‫تشجيع منظمات األعمال المحلية من خالل تقديم المشورة‪ ،‬والدعم والموارد لتمكينها من النمو‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المحافظة على النشاطات القائمة حاليا وتقويتها‪ ،‬وضمان بيئة تمكينية مواتية لها في إطار السلطة المحلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تشجيع المشاريع االستثمارية الخاصة الجديدة‪ ،‬وتقديم المشورة والدعم التقني والمعلومات والموارد‬ ‫‪-‬‬
‫لمساعدة األفراد في إنشاء نشاطات جديدة‪.‬‬
‫تحسين مناخ االستثمار المحلي واتخاذ كافة اإلجراءات لجلب االستثمار المحلي والعالمي في إطار شراكة‬ ‫‪-‬‬
‫فاعلة‪.‬‬
‫العمل على قيام بنية تحتية أساسية تؤدي إلى تحسين خدمات النقل والمياه الصالحة للشرب‪ ،‬وخدمات‬ ‫‪-‬‬
‫الصرف الصحي‪ ،‬وأنظمة الطاقة‪ ،‬وأنظمة االتصاالت وأجهزة مكافحة الجريمة‪ ،‬وبناء مواقع صناعية‬
‫وتجارية‪ ،‬وتوفير وسائل الراحة كالحدائق‪ ...‬وغيرها‪.‬‬
‫تحسين البيئة االقتصادية واالجتماعية من خالل إصالح عملية التنظيم والتدريب لرفع المهارات‪ ،‬والتعليم‬ ‫‪-‬‬
‫واألبحاث والتطوير وتقديم الخدمات والمشورة وتكوين الشبكات لمنظمات األعمال باإلضافة إلى التوجه‬
‫لمصادر رأس المال والتمويل‪.‬‬
‫تعزيز الصناعات المتجهة نحو النمو والتي توفر فرص عمل للمواطنين من ذوي الدخل المتدني تشمل في‬ ‫‪-‬‬
‫ذلك القطاع العام والقطاع األهلي‪.‬‬
‫وتعت مد التنمية في تحقيقها على توظيف جهود الكل من أجل صالح الكل‪ ،‬فهي تخطيط شامل ومتوازن‬
‫‪2‬‬
‫للتنمية يراعي ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلهتمام باإلنسان على اعتبار أنه الهدف والوسيلة في نفس الوقت من عملية التنمية‪.‬‬
‫‪ .2‬التعامل مع التنمية على اعتبار أنها منظومة حضارية متكاملة متواكبة لكنها متعددة األبعاد‬
‫والمكونات من جهة‪ ،‬كما أنها تصل ماضي األمة بحاضرها ومستقبلها‪ ،‬كما ال يتم التركيز على‬
‫البعد القتصادي والثقافي دون أن يكون نفس االهتمام بالبعد السياسي واالجتماعي والتعليمي‬
‫والتربوي‪ ،‬وال يقبل كذلك تجاهل البعد القيمي واألخالقي عند إدارة عملية التنمية‪.‬‬

‫‪ 1‬األمين العوض حاج أحمد‪ ،‬حسن كمال الطاهر‪ ،‬رباب المحينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30 .‬‬
‫‪ 2‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.155. 154 .‬‬
‫‪168‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ .3‬أن يتم وضع الخطط والسياسات وتتخذ القرارات لالرتقاء بخصائص المواطن وسماته وقيمه‬
‫وأخالقياته بجانب االرتقاء بمستواه االقتصادي والمادي وبما يحقق التوازن في شخصية الفرد‬
‫وحياته‪.‬‬
‫‪ .4‬يجب إعادة تشكيل عقلية متخذي القرارات وراسمي السياسات وواضعي األنظمة لوضع منظومة‬
‫متكاملة للتنمية تشتمل على المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والتعليمية‬
‫والتربوية‪.‬‬
‫‪ .5‬ضرورة تحديد مواطن الخلل في توصيف دقيق لفجوة التخلف وتحديد تفعيل جهود بناء شخصية‬
‫المواطن وإعادة التوازن الذاتي إليه ونقله من حالة الشخصية السلبية االستهالكية الخاضعة لغرائز‬
‫التسلط واالستقالل والهيمنة إلى الشخصية اإليجابية اإلبداعية المنتجة‪ ،‬ونقله كذلك من الشخصية‬
‫الباحثة عن توسيع دائرة سلطاتها وتعظيم حقوقها ومنافعها إلى الشخصية المؤهلة لتحمل‬
‫مسؤولياتها والقيام بواجباتها والتضحية من أجل وطنها ومبادئها وقضاياها‪.‬‬
‫‪ .6‬تهيئة المناخ العلمي وبناء المجتمع المعرفي ليتم تخليق القدرة الذاتية للدولة كمدخل استراتيجي‬
‫لحماية المجتمع من التبعية لغيره من المجتمعات التي يستورد منها احتياجاته المادية والثقافية‬
‫والقيمية أي أن تكون لدى المجتمع القدرة الذاتية التي تمكنه من حسن االختيار لما يفيده وأن يحمي‬
‫نفسه من استيراد األضرار‪.‬‬
‫‪ .7‬تعد عملية التنمية منهجا للتفكير القومي ورؤية النخبة الواعية المخلصة‪ ،‬وإرادة أفراد األمة‬
‫بكاملها‪.‬‬
‫‪ .8‬وترى الباحثة حنان عبد القادر خليفة أنه ال يمكن أن تتحقق التنمية بالشكل المطلوب في ظل‬
‫غياب القدوة القيادية فالرؤية المستقبلية ال تكتسب أية مصداقية لدى الجماهير ما لم تقدم القيادات‬
‫النموذج في فكرها وسلوكها ومظهرها‪ ،‬وأن فشل أية تجربة تنموية يرجع في بعض أسبابها إلى‬
‫غياب القدوة التي تجسد كل القيم ومعايير السلوك التي تتطلبها عملية التنمية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التوجهات التنموية لإلدارة المحلية باستخدام آلية التخطيط االستراتيجي‬
‫إن التخطيط االستراتيجي للتنمية هو عبارة عن نشاط علمي ينطوي على تدخل إرادي من جانب هيئة‬
‫مركزية في مجريات األمور االقتصادية واالجتماعية بغرض التأثير عليها ودفعها في مسار مرغوب فيه‬
‫‪1‬‬
‫وانطالقا من نظرة استراتيجية شاملة‪.‬‬
‫إنه ومن أجل تحقيق التنمية السريعة لالقتصاديات النامية البد من تخطيط علمي رشيد يقوم على تدبير‬
‫اإلمكانيات المادية والبشرية المتوفرة علي أساس تحقيق أهداف رئيسية لإلنتاج والعمالة في االقتصاد من‬
‫حيث الكم‪ ،‬النوع‪ ،‬الزمن‪ ،‬واالستثمارات الالزمة لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬حيث أنه ال يتم تحقيق التقدم في أي‬
‫بلد من البلدان إال بوجود نظام تخطيط كفء تتفاعل معه جميع قطاعات وشرائح المجتمع‪ ،‬لذلك كان البد‬
‫من تطوير آليات ووسائل تمكن الشرائح االجتماعية األكثر فقرا وضعفا من التحول من مستهلك إلي‬
‫‪2‬‬
‫مشارك ومساهم في عجلة التنمية‪.‬‬

‫‪ 1‬وليد عبد مواله‪" ،‬التخطيط االستراتيجي للتنمية" في جسر التنمية‪ ،‬سلسلة دورية تعني بقضايا التنمية في الدول العربية‪ ،‬المعهد العربي للتخطيط‬
‫بالكويت‪ ،‬السنة الحادية عشر‪ ،‬العدد ‪( 114‬يونيو حزيران ‪ ،)2012‬ص‪.04 .‬‬
‫‪ 2‬علي الحسن محمد نور زروق‪" ،‬أثر التخطيط االستراتيجي على التنمية االقتصادية في السودان‪ ،‬دراسة حالة الخطة العشرية‬
‫(‪ ")2002/1992‬في مجلة جامعة بخت الرضا العلمية‪ ،‬العدد الخامس عشر (ديسمبر ‪ ،)2015‬ص‪.03 .‬‬
‫‪169‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والجدير بالذكر أن الحكومات المحلية عندما تضع خططها الخاصة بالتنمية المحلية فإنها تكون‬
‫‪1‬‬
‫مسترشدة بالتوجه االستراتيجي الوطني‪.‬‬
‫ترتبط قضايا التنمية المحلية في األساس بعمليات التغيير المخطط على المستوى المحلي‪ ،‬على اعتبار‬
‫أن التخطيط هو الوسيلة الفعالة لبلوغ أهداف التنمية‪ ،‬ولكي يكون التخطيط للتنمية المحلية سليما ال بد من‬
‫‪2‬‬
‫توفر مجموعة من األسس وهي‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون التخطيط واقعيا وعلى أساس الموارد البشرية والمادية المتاحة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون التخطيط شامال ومتكامال لمختلف األنشطة االقتصادية واالجتماعية من أجل تحقيق‬
‫األهداف المنشودة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون التخطيط مرنا بحيث يعاد تشكيله في ضوء التجربة والتقييم‪.‬‬
‫تتحقق أهداف التنمية المحلية من خالل استخدام التخطيط االستراتيجي‪ ،‬بحيث أنه من خالل التوجهات‬
‫‪3‬‬
‫التنموية نصل الى األفكار التخطيطية التنموية‪ ،‬وتأخذ هذه التوجهات التنموية المحاور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬توجهات لتنمية الموارد الطبيعية والبيئية‪ :‬وتشمل دراسة الطبيعة ومحيطها ومكان مواقع األشياء‬
‫وارتباطاتها‪ ،‬مثل تخطيط المدن والقرى وأماكن العمل والترفيه والسياحة والخدمات وسبل‬
‫المواصالت واستصالح األراضي ‪ ......‬الخ‬
‫‪ -2‬توجهات التنمية السكانية‪ :‬وفيها تتم دراسة جميع النواحي السكانية والبشرية أي كل ما يتعلق‬
‫بالمجتمع وتشمل (الحجم المطلق‪ ،‬التركيب الهرمي‪ ،‬التوزيع‪ ،‬الكثافات‪ ،‬التركيب الجنسي‪،‬‬
‫التركيب االجتماعي‪ ،‬الوضع الثقافي‪ ،‬الوضع الصحي ‪ ،)...‬وكذلك القيم والسلوك والعالقات‬
‫االجتماعية لتنمية المجتمع من خالل السيطرة على النمو السكاني ومالئمة التوزيع الحجمي‬
‫للسكان في المدينة‪.‬‬
‫‪ -3‬توجهات التنمية االقتصادية‪ :‬وتشمل دراسة جميع النواحي االقتصادية (صناعية‪ ،‬سياحية‪،‬‬
‫زراعية‪ ،‬تجارية‪ ،‬الثروات الباطنية‪ ،‬الحيوانات‪ ،)....‬ووفق متطلبات كل نوع من النشاطات يتم‬
‫تحديد الركائز األساسية الستراتيجية التنمية االقتصادية من خالل تطوير استراتيجية إنتاجية‬
‫تضمن دمج مبادئ التنمية المستدامة في برامج التنمية االقتصادية ب‪( :‬تنظيم طرق استغالل‬
‫الموارد الطبيعية‪ ،‬التنمية الزراعية‪ ،‬الصناعة والحرف‪ ،‬دراسات التشييد والبناء‪ ،‬تطوير األنظمة‬
‫التجارية والمالية نحو االنفتاح)‪.‬‬
‫‪ -4‬توجهات التنمية العمرانية‪ :‬بحيث يتم تقييم مساحة األرض المطلوبة من خالل تحديد حجم مختلف‬
‫التجمعات العمرانية ومساحة المناطق العمرانية االحتياطية والمرافق والشبكات والبنى التحتية‬
‫والخدمات االجتماعية‪.‬‬
‫إن التخطيط للتنمية هو عملية تحديد المشاكل واالحتياجات واألولويات والموارد فضال عن تصميم‬
‫خطط العمل بهدف تحسين الرفاهية للمواطنين‪ ،‬وتشمل عملية تخطيط التنمية صياغة الخطط وتنفيذها‬
‫‪4‬‬
‫ورصدها وتقييمها‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪The Republic Of Uganda, Uganda Vision 2040,"The Local Government Development Planning Guidelines",‬‬
‫‪April 2014, p. 07.‬‬
‫‪ 2‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22 .‬‬
‫‪ 3‬فائق مشعل العبيدي وصباح فيحان محمود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.243 .‬‬
‫‪4 The Republic Of Uganda, Uganda Vision 2040, op.cit, p. 07.‬‬

‫‪170‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تعمل هذه الخطط على دفع عجلة التنمية المحلية وتعزيز مبادئ الحكم واالدارة الرشيدة كما تسعى الى‬
‫االرتقاء بمستوى ونوعية حياة السكان في ضوء ما هو متاح من فرص وامكانات مع األخذ بعين االعتبار‬
‫المعوقات المحتملة وسبل التغلب عليها‪ ،‬وصوالً الى خطط واقعية تعكس طموحات وآمال أبناء المدينة من‬
‫أجل أن تحقق أ هدافهم ‪ ،‬حيث تصبح هذه الخطط بعد اعتمادها بمثابة مرجعية علمية التخاذ القرارات‬
‫واعتماد المشاريع التنموية حسب الموازنات المتاحة للسنوات االربعة القادمة بما يلبي احتياجات المجتمع‬
‫‪1‬‬
‫المحلي باعتباره شريكا اساسيا في عملية التنمية ووضع الخطط للمستقبل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وتتطلب التنمية في المجتمعات المحلية ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬برنامجا مخططا يهتم بالحاجات الكلية للمجتمع المحلي‪ ،‬باإلضافة الى وسائل حلها‪.‬‬
‫‪ ‬معونة فنية من الهيئات الحكومية واألهلية وهذا يشتمل الموظفين واآلالت‪...‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬اتباع أسلوب الفريق التعاوني في العمل من أجل مساعدة المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع ممارسة أسلوب المساعدة الذاتية والمشاركة من جانب المقيمين في المجتمع‪ ،‬والقطاع‬
‫الخاص والجمعيات األهلية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أنه قد أفصحت التوجهات المعاصرة عن تحول جذري في مضمون أدوار اإلدارة‬
‫المحلية‪ ،‬اذ باتت تشكل حلقة هامة في معادلة التنمية المعبرة عن الواقع والمستجيبة للتطلعات‬
‫المستقبلية‪ .‬فاألدوار التنموية لإلدارة المحلية تتوزع على معظم خطوات ومراحل اعداد وتنفيذ‬
‫استراتيجية التنمية المحلية مع النظرة المتفاوتة في االهتمامات الى جوانب تلك األدوار والتي تظهر‬
‫‪3‬‬
‫من خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬تهيئة األجواء وتحفيز أدوار المجتمع المحلي باتجاه رسم استراتيجية التنمية المطلوبة‪ ،‬فاإلدارة‬
‫المحلية وقياداتها تعتبر وحدها القادرة على تحقيق ذلك‪ ،‬اذ تستطيع بقدرتها واتجاهاتها صياغة‬
‫القرارات الجوهرية التي من شأنها التأكيد في بلورة سبل بلوغ غايات وأهداف مختلف شرائح بيئة‬
‫المجتمع المحلي‪ ،‬كما تساهم في تعزيز القدرة اإلدارية والتنظيمية إلشراك المجتمع المحلي‬
‫بصورة أكثر فعالية‪.‬‬
‫‪ .2‬تعد اإلدارة المحلية إدارة نشيطة‪ ،‬فهي تقدم التفسيرات الشاملة والمتكاملة لآلراء واألفكار‬
‫المطروحة من قبل الجهات ذات العالقة بعملية التنمية وما يترتب عليها من توحيد الجهود‬
‫واالنسجام في التوقيت واالتجاه ضمانا لتحقيق األهداف‪ ،‬وعليه فان إدارة تنمية المجتمع هي‬
‫اختصاص أصيل لإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ .3‬متابعة وتقويم خطوات ومراحل استراتيجية التنمية المحلية‪ ،‬بحكم طبيعة السلطة اإلدارية‬
‫الممنوحة لإلدارة في المجتمع المحلي‪.‬‬
‫‪ .4‬توفير األسس السليمة في التعامل مع المشكالت والحاالت المختلفة التي تواجه المجتمع المحلي‪،‬‬
‫بحكم المسؤولية واالشراف ومواكبة كل جديد في إدارة المشاريع التنموية‪ ،‬وكذا العمل على بناء‬
‫اتجاهات إيجابية بصددها‪.‬‬

‫‪ 1‬فريد صبح القيق‪" ،‬دور المشاركة المجتمعية في تحقيق التنمية المستدامة – الخطط التنموية االستراتيجية للمدن الفلسطينية كحالة دراسية" في‬
‫مجلة جامعة فلسطين لألبحاث والدراسات‪ ،‬العدد الثامن (يناير ‪ ،)2015‬ص‪.131 .‬‬
‫‪ 2‬عبد الخبير محمود عطا محروس‪" ،‬تجربة اإلدارة والتنمية المحلية في محافظة قنا‪ ،‬عملية اإلصالح المجتمعي المنهجي‪ :‬الضرورات‬
‫والمتطلبات‪ ،‬األدوار والمحددات‪ ،‬الرؤية والرسالة" (ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر تجارب اإلدارة والتنمية المحلية في محافظات جمهورية مصر‬
‫العربية‪ ،‬يومي ‪ 25‬و‪ 26‬ماي ‪ ،)2008‬ص‪.10 .‬‬
‫‪ 3‬فائق مشعل العبيدي وصباح فيحان محمود‪" ،‬التوجهات التنموية ومتطلبات اصالح وتطوير اإلدارة المحلية (رؤية استراتيجية)"‪ ،‬أعمال‬
‫المؤتمرات للمنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ " ،‬إدارة التغيير في اإلدارات المحلية والبلديات" (بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل بين األجهزة‬
‫الحكومية واإلدارات المحلية والبلديات‪-‬خيارات وتوجهات‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو ‪ ،)2010‬ص ‪.245.‬‬
‫‪171‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما فيما يخص االستراتيجيات التي تقوم عليها التنمية المحلية والتي توجه السلوك والجهد التنموي في‬
‫مختلف المجاالت وعلى كافة المستويات المحلية والقومية فهي عديدة‪ ،‬فاالستراتيجيات المالئمة تنبثق من‬
‫البيئة المحيطة بالخطط وبالبرامج التنموية‪ ،‬إذ أنها ال تأتي من فراغ بل تنطلق من الواقع العملي وما فيه‬
‫من خصائص اقتصادية وسياسية واجتماعية وإدارية وغيرها‪ ،‬بحيث أن لكل مجتمع خصوصياته‬
‫وامكانياته الوفيرة المحدودة لهذا ال بد من تبني االستراتيجيات التنموية المالئمة للظروف البيئية المحلية‬
‫‪1‬‬
‫والقومية المترابطة‪ ،‬ومن بين هذه االستراتيجيات التنموية نذكر ما يلي‪:‬‬
‫أوال التخطيط المركزي والتنفيذ المحلي‪:‬‬
‫ويتم بقيام الحكومة المركزية بوضع الخطط المالئمة لكافة أقاليم الدولة وتكليف جهات محلية بتنفيذ‬
‫هذه الخطط أو االلتزام بها في أي مجال من المجاالت التنموية‪ ،‬يمكن القول أن هذه االستراتيجية قد تكون‬
‫مالئمة في حالة عجز اإلمكانات المحلية وتخلفها العام خصوصا في مجال الكفاءات البشرية أو المالية أو‬
‫التكنولوجية و غيرها من اإلمكانات‪.‬‬
‫ثانيا المشاركة المتوازنة‪:‬‬
‫وتعني أن تكون هناك مشاركة في الجهود التنموية وبمختلف مراحل التخطيط والتنفيذ والمتابعة‬
‫والتقييم والرقابة المستمرة‪ ،‬وقد تكون هذه االستراتيجية مالئمة في حالة توفر إمكانات محلية جيدة بما فيها‬
‫القدرات البشرية والوعي االجتماعي والسياسي وتوفر المصادر المالية وغيرها‪.‬‬
‫ثالثا الالمركزية في التخطيط والتنفيذ للجهود التنموية‪:‬‬
‫إن هذه االستراتيجية تكون مالئمة في مراحل متقدمة من التنمية القومية الشاملة‪ ،‬بحيث أنه قد تظهر‬
‫أسباب عملية وفكرية وسياسية تدعو لذلك‪ ،‬فعندما يتعقد المجتمع وينمو ويتطور بدرجات عالية وعندما‬
‫تتوفر اإلمكانيات المحلية المناسبة‪ ،‬فانه قد يكون هذا التوجه الالمركزي عمليا وناجحا‪ ،‬ويمكن القول ان‬
‫اختيار االستراتيجية التنموية المالئمة للبيئة المحلية والوطنية محصلة لتفاعل عوامل اقتصادية وإدارية‬
‫وسياسية واجتماعية وفكرية وثقافية وبيئية عديدة ومترابطة‪.‬‬
‫فالتخطيط االستراتيجي للتنمية هو حصيلة مرغوبة ألنشطة بعيدة المدى‪ ،‬فهو يرتكز باإلضافة إلى‬
‫التشاركية على البعد اإلنساني كمحور للعملية التنموية وعلى االستدامة في محافظة الخطط التنموية على‬
‫حقوق األجيال القادمة في الموارد المتاحة‪ ،‬كما أن التخطيط االستراتيجي للتنمية هو باألساس عملية علمية‬
‫‪2‬‬
‫تستخدم األدلة العلمية والمؤشرات الكمية لوضع الرؤى بعيدة المدى واألهداف االستراتيجية‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬تجارب دولية في التخطيط االستراتيجي المحلي‬


‫تم التطرق في المباحث السابقة لإلطار النظري للتخطيط االستراتيجي وعالقته باإلدارة المحلية وكذا‬
‫دوره في تحقيق التنمية على المستوى المحلي‪ ،‬وفي هذا المبحث سنحاول اسقاط الجانب النظري على‬
‫الواقع من خالل دراسة تجربة كل من المغرب ومصر في تطبيق هذا األسلوب اإلداري من أجل تحقيق‬
‫التنمية المحلية‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن هذا المبحث تم تقسيمه إلى ثالث مطالب‪ ،‬ففي المطلب األول سيتم‬
‫تناول التخطيط االستراتيجي المحلي في المملكة المغربية‪ ،‬وفيه سنتطرق إلى وحدات اإلدارة المحلية في‬
‫المغرب‪ ،‬التخطيط االستراتيجي الالمركزي التشاركي في المغرب‪ ،‬ثم التخطيط االستراتيجي في جماعة‬
‫سكورة الحدرة المغربية‪.‬‬

‫‪ 1‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.53 .‬‬


‫‪ 2‬وليد عبد مواله‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.04 .‬‬
‫‪172‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما المطلب الثاني فسيعالج التخطيط االستراتيجي المحلي في جمهورية مصر العربية وفيه سيتم‬
‫التطرق إلى اإلدارة المحلية في جمهورية مصر العربية‪ ،‬األسباب الداعية لألخذ بأسلوب التخطيط اإلقليمي في‬
‫مصر‪ ،‬ومن ثم تجربة التخطيط المحلي التشاركي في مصر‪ ،‬وفي األخير المشاكل التي يواجهها التخطيط اإلقليمي‬
‫في مصر‪.‬‬
‫في حين سيعالج المطلب الثالث الدروس المستخلصة من تجربتي كل من المملكة المغربية وجمهورية مصر‬
‫العربية في تطبيق أسلوب التخطيط االستراتيجي المحلي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التخطيط االستراتيجي المحلي في المملكة المغربية‬


‫إنه وفي خضم اإلصالحات االقتصادية واالجتماعية والمالية والمؤسساتية التي يعرفها المغرب‪،‬‬
‫فاالرتقاء بالجماعة المحلية لمرتبة فاعل اقتصادي يوفر فرصا كبيرة لتنمية مختلف الكيانات الالمركزية‪.‬‬
‫وبفعل ضغط المعطيات الجديدة لالقتصاد والمجتمع‪ ،‬أصبح الفضاء المحلي‪ ،‬وبشكل متزايد‪ ،‬اإلطار‬
‫‪1‬‬
‫المالئم إلعداد وتفعيل استراتيجيات التنمية االقتصادية واالجتماعية والتخطيط لإلعداد الترابي‪.‬‬

‫وقد وضعت الحكومة المغربية مخططا لتحقيق التنمية المحلية أصطلح على تسميته "مخطط الجماعة‬
‫‪ ،" 2015‬قامت بتخطيط وترسيم رؤيته ومقاصده وزارة الداخلية المغربية‪ ،‬بهدف بحث التحوالت‬
‫المستقبلي ة للجماعات المحلية‪ ،‬وقد راهن هذا المخطط على تفعيل دور اإلدارة المالية وتعبئة موارد‬
‫الجماعة وتحقيق احترافية في تدبير مرافق الجماعة ضمن ميدان التخطيط‪ ،‬وكذا تحديث هيكلة اإلدارة من‬
‫خالل تطوير نظام معلوماتي وآليات تدبير حديثة وعصرية في شكل ورشات‪ ،‬للبحث عن سبل تحقيق‬
‫توظيف أمثل للكفاءات البشرية وكذا تحقيق آليات للتأطير اإلداري األفضل للموارد البشرية المتاحة أمام‬
‫الجماعة المحلية‪ ،‬باإلضافة الى تعبئة الموارد المالية عن طريق تدبير الممتلكات التي توفر مداخيل‬
‫للجماعات من خالل قانون تدبير الممتلكات‪ ،‬وكذا توفير الدالئل المسطرية قدر اإلمكان‪ ،‬وذلك بعد تأكد‬
‫الحكومة وجود اختالالت تسييرية واسعة نظرا لنقص االلمام بالمساطر وحدوث خروقات قانونية واضحة‬
‫‪2‬‬
‫مؤثرة على تحصيل الميزانية المالية السنوية المخصصة للجماعة المحلية‪.‬‬
‫إن المخطط الجماعي للتنمية يعد بمثابة خارطة طريق ووثيقة ترابية بالغة األهمية‪ ،‬إذ أنها تسطر‬
‫االختيارات اإلستراتيجية للتراب في المجاالت التي تتوافق مع حاجيات السكان وتحقق التنمية المستدامة‬
‫‪3‬‬
‫بكل إبعادها‪.‬‬
‫فالتخطيط االستراتيجي هو مقاربة تدعو إلى التفكير العميق في المستقبل‪ ،‬فهو يكشف حاجبات‬
‫السكان الحالية والمستقبلية‪ ،‬كما أنه يمكن من التنبؤ بالمتغيرات التي يمكن أن تحدث‪ ،‬باإلضافة إلى أنه‬
‫‪4‬‬
‫يمكن الجماعات المحلية من تحديد الطريق الذي بواسطته تتمكن من تحقيق أهدافها بكل تنافسية‪.‬‬

‫وتعتبر الجماعات المحلية قاطرة للتنمية الشاملة‪ ،‬ومرجعا لتطوير آليات التدبير الناجع من خالل‬
‫التخطيط المحكم المبني على معطيات واقعية‪ ،‬والتنسيق الشامل الكفيل بإشراك كل الطاقات والمؤهالت‬
‫في وقت كثرت فيه الحاجيات وتراجعت فيه الموارد‪ .‬وبالتالي فانه من الضروري التفكير وعلى كل‬
‫المستويات من أجل الدفع بالجماعات المحلية (ناخبا ومنتخبا)‪ ،‬لمواكبة اإلصالحات العميقة التي تقوم بها‬

‫‪ 1‬المنتدى الحضري المغرب‪" ،‬المخطط االستراتيجي لتنمية تطوان"‪ ،‬ديسمبر ‪2005‬‬


‫‪ 2‬عصام بن الشيخ واألمين سويقات‪ " ،‬إدماج مقاربة الديموقراطية التشاركية في تدبير الشأن المحلي حالة الجزائر والمغرب"‪ ،‬في الديمقراطية‬
‫التشاركية في ظل اإلصالحات السياسية واإلدارية في الدول المغاربية‪ ،‬ط‪ ،1‬إشراف‪ :‬بوحنية قوي‪ ،‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص‪.64.‬‬
‫‪ 3‬حميد القستلي‪" ،‬الجماعات المحلية واشكاليات التخطيط االستراتيجي الترابي"‪ ،‬تاريخ ادراج المقال‪ :‬الثالثاء ‪ 29‬جانفي ‪ 2013‬الساعة ‪15:16‬‬
‫على الرابط التالي‪ http://www.hespress.com/opinions/71421.html :‬تم تصفح الموقع يوم‪ 2016/06/09 :‬على الساعة‪11.47 :‬‬
‫‪ 4‬الهام عقادي‪" ،‬معيقات التخطيط االستراتيجي وسبل انجاحه"‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪ ،‬على الرابط التالي‪www.marocdroit.com :‬‬
‫مقال منشور يوم‪ :‬السبت ‪ 22‬أوت‪ ،2015‬تم تصفح الموقع يوم‪2017/09/28 :‬‬
‫‪173‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مصالح الدولة قصد االرتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين‪ ،‬وتفعيل البرامج المحددة األهداف‪ ،‬والتي‬
‫ترمي إلى الرفع من تنافسية االقتصاد الوطني وتأهيله للحد من آثار األزمات االقتصادية المتتالية التي‬
‫‪1‬‬
‫أصبحت تعرفها اقتصاديات الدول المتقدمة‪.‬‬

‫وتمثل الجماعة المستوى القاعدي في هرم الالمركزية اإلدارية في المغرب‪ ،‬إذ تتوفر على االستقالل‬
‫المالي واإلداري لتدبير الشؤون المحلية و هي التي عهد إليها الدفع بعجلة التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬من خالل تبني التخطيط االستراتيجي التشاركي بإعداد وانجاز المخطط الجماعي للتنمية‬
‫وفق مقاربة تشاركية‪ ،‬طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 36‬من الميثاق الجماعي المصادق عليه بالقانون رقم ‪-78‬‬
‫‪ 00‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪ 1423‬هجرية الموافق ل ‪ 03‬أكتوبر ‪ 2002‬ميالدية‪ ،‬و الذي ثم تعديله‬
‫وتتميمه بالقانون ‪ 08-17‬الصادر بتاريخ ‪ 22‬صفر ‪ 1430‬هجرية الموافق ل ‪ 18‬فبراير ‪ .2009‬وينص‬
‫الفصل ‪ 36‬على ما يلي‪ (:‬يدرس المجلس الجماعي ويصوت على مشروع مخطط جماعي للتنمية‪...‬بتشاور‬
‫‪2‬‬
‫مع الساكنة والفاعلين المعنيين‪.)...‬‬

‫إن اعتبار الجماعات المحلية شريك رئيسي في المسلسل التنموي يرجع باألساس إلى التحوالت التي‬
‫عرفتها الدولة و ما نتج عنه من تخليها عن بعض وظائفها‪ ،‬في مقابل الوظائف الجديدة التي أصبحت‬
‫تمارسها في تدبير الشأن العام‪ ،‬كما أن تزايد حاجيات السكان وارتفاع وتيرة النمو الديمغرافي‪ ،‬إضافة إلى‬
‫التوسع العمراني غير المتحكم فيه أفرز مجموعة من الظواهر السلبية‪ ،‬التي أصبحت معالجتها تتطلب‬
‫تدخال مباشرا من الفاعلين المحليين المؤهلين لتشخيص االحتياجات الحقيقية للسكان و كذا ترتيب‬
‫األولويات ومن ثم وضع الخطط االستراتيجية الكفيلة بمعالجة االختالالت و االرتقاء بإطار عيش المواطن‬
‫و ذلك تجسيدا لسياسة القرب و تقريب الخدمات من المواطنين‪ ،‬فالجماعات المحلية لم يعد دورها يقتصر‬
‫على تقديم بعض الخدمات اليومية البسيطة للمواطنين ‪ ،‬بل تعداه ليصبح لها دور فعال في تنشيط الحركة‬
‫االقتصادية و خلق الثروة و استثمارها في البنية التحتية و تأهيل المجال الحضري والرفع من جودة‬
‫‪3‬‬
‫الخدمات استجابة لتطلعات المواطنين الواسعة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وحدات اإلدارة المحلية في المغرب‬


‫شهد المغرب منذ االستقالل اهتماما متزايدا بموضوع الالمركزية بأبعادها االقتصادية واالجتماعية‬
‫والسياسية والمالية‪ ،‬فعلى مدى العقود الثالثة األخيرة ظل اختيار الالمركزية اإلدارية في المغرب انشغاال‬
‫حقيقيا لدى مختلف النخب المغربية المعنية بتدبير الشأن العام‪ ،‬ولدى مختلف الدوائر التشريعية والتنفيذية‬
‫ومراكز القرار السياسي والمجالي‪ ،‬وذلك من أجل أن تكون الجهة بمثابة اآللية التنظيمية المؤطرة لالختيار‬
‫الجهوي عمليا على أرض الواقع‪ ،‬كما تكون فاعال وشريكا في تحقيق تنمية وطنية ومحلية منسجمة‬
‫‪4‬‬
‫ومتوازنة‪.‬‬

‫‪ 1‬حميد القستلي‪ ،‬المرجع السابق‪http://www.hespress.com/opinions/71421.html ،‬‬


‫‪ 2‬المملكة المغربية‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج دعم التخطيط الجماعي‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة‪- 2011‬‬
‫‪ ،"2016‬نسخة مصادق عليها في الدورة العادية لشهر أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪.09 .‬‬
‫‪ 3‬حميد القستلي‪ ،‬المرجع السابق‪http://www.hespress.com/opinions/71421.html ،‬‬
‫‪ 4‬عبد الغني الهواري ونبيل بن تيري ومحمد العمراوي‪ " ،‬الحكامة الترابية في مجالي التعمير وحماية البيئة وأفاق التصور الجديد لسياسة إعداد‬
‫التراب وفق الجهوية الموسعة بالمغرب"‪ ،‬في مجلة تشريعات التعمير والبناء‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ،‬العدد الثالث (سبتمبر ‪ ،)2017‬ص‪.‬‬
‫‪.76‬‬
‫‪174‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومنذ أواسط السبعينات من القرن الماضي شهدت الالمركزية الترابية بالمغرب تطورا متدرجا‪،‬‬
‫فالبداية كانت من الميثاق الجماعي سنة ‪ ،1976‬مرورا بدسترة التنظيم الجهوي سنة ‪ ،1996‬وصوال إلى‬
‫االنخراط بإرادة سياسية في تعميق نهج الجهوية المتقدمة سنة ‪ ،2011‬استنادا إلى قاعدة موسعة لمشاركة‬
‫كل الفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪ ،‬على اعتبار أن الالمركزية يمكن أن تقود إلى أفضل اإلنجازات‬
‫‪1‬‬
‫فيما يتعلق بإعداد وتطبيق السياسات العمومية والحكامة والديموقراطية وكذا الشفافية‪.‬‬

‫يتألف المغرب حسب التقسيم الجهوي لسنة ‪ 2015‬من ‪ 12‬جهة ويرأس الجهة الوالي‪ ،‬وكل جهة‬
‫تنقسم إلى عدة أقاليم وعماالت‪ ،‬فالعمالة هي تقسيم إداري تضم مدينة أو جزء من مدينة‪ ،‬أما اإلقليم فهو‬
‫‪2‬‬
‫جزء يضم عاصمة اإلقليم ومدن وقرى‪ ،‬ولكل إقليم عاصمته هي مقر العامل‪.‬‬

‫ويوضح الجدول الموالي ترتيب التقسيم اإلداري في المغرب‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)11‬ترتيب التقسيم اإلداري في المغرب‪.‬‬

‫مالحظة‬ ‫اسم الرئيس‬ ‫عدد التقسيمات‬ ‫اسم التقسيم‬ ‫ترتيب التقسيم‬

‫تمثل مجموع التراب‬ ‫وزارة الداخلية المغربية‬ ‫‪01‬‬ ‫المملكة المغربية‬ ‫‪0‬‬
‫المغربي من طنجة شماال إلى‬
‫الكويرة جنوبا‬

‫حسب التقسيم الجديد لسنة‬ ‫والي الجهة‬ ‫‪12‬‬ ‫الجهة‬ ‫‪01‬‬


‫‪ 2015‬قلصت الجهات من‬
‫‪ 16‬والية إلى ‪ 12‬جهة ذات‬
‫صالحيات واسعة عن‬
‫الحكومة المركزية‬

‫‪ 13‬عمالة و‪ 62‬إقليم‬ ‫عامل اإلقليم‬ ‫‪75‬‬ ‫عمالة أو اقليم‬ ‫‪02‬‬

‫‪ 199‬باشوية و‪ 258‬دائرة‬ ‫الباشا‬ ‫‪457‬‬ ‫الباشوية أو الدائرة‬ ‫‪1-02‬‬

‫‪ 516‬قيادة و‪ 467‬ملحقة‬ ‫القائد‬ ‫‪983‬‬ ‫القيادة أو الملحقة‬ ‫‪2-02‬‬


‫إدارية‬ ‫اإلدارية‬

‫‪ 221‬جماعة حضرية‬ ‫العمدة المنتخب‬ ‫‪1.503‬‬ ‫الجماعة الحضرية أو‬ ‫‪03‬‬


‫و‪ 1.282‬جماعة قروية‬ ‫القروية‬

‫المصدر‪ :‬موسوعة ويكيبيديا‪" ،‬التقسيم اإلداري في المغرب"‪ ،‬على الرابط التالي‪ ،ar.m.wikipedia.org :‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪2017/09/29‬‬

‫‪ 1‬عبد الغني الهواري ونبيل بن تيري ومحمد العمراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.76 .‬‬
‫‪ 2‬موسوعة ويكيبيديا‪" ،‬التقسيم اإلداري في المغرب"‪ ،‬على الرابط التالي‪ ،ar.m.wikipedia.org :‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪2017/09/29‬‬
‫‪175‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الوالية‪ :‬هي وحدة غير متمتعة بالشخصية المعنوية‪ ،‬تدخل في إطار عدم التركيز ويبلغ عددها ‪ 17‬والية‪،‬‬
‫حسب المرسوم ‪ 2.03.527‬الصادر في ‪ 10‬سبتمبر ‪ .2003‬والوالية بنية إدارية ليس لها اختصاصات‬
‫محددة بناءا على نصوص قانونية عامة‪ ،‬بل مجرد إطار ترابي‪ ،‬يرأسها والي والذي يقوم بتنسيق مختلف‬
‫‪1‬‬
‫أعمال عمال العماالت المكونة للوالية‪.‬‬

‫العمالة أو اإلقليم‪ :‬ال تختلف هذه الوحدات من حيث التنظيم واالختصاص‪ ،‬غير أن الفرق بينهما يكمن في‬
‫كون العماالت تتشكل دائما في المدن الحضرية الكبرى‪ .‬وقد كان يبلغ عدد العماالت ‪ 20‬عمالة بينما عدد‬
‫األقاليم يبلغ ‪ 49‬اقليما حسب مرسوم ‪ 10‬سبتمبر ‪ ،2003‬لكن في التقسيم الجهوي الجديد لسنة ‪ 2015‬فقد‬
‫بلغ عدد العماالت واالقاليم ما مجموعه ‪ 13‬عمالة و‪ 62‬إقليما‪.‬‬

‫الدائرة‪ :‬عرف التقسيم اإلداري المغربي نوعين من الدوائر‪ ،‬دوائر قروية ودوائر حضرية‪ ،‬وهي وحدات‬
‫إدارية مرتبطة باإلدارة المركزية‪ ،‬ويتولى رئيس الدائرة تحت سلطة العامل تدبير وإدارة الدائرة‪.‬‬

‫القيادة‪ :‬عبارة عن تقسيم اداري مرتبط بالمجال القروي يسمح بالتوفر على موقع متقدم للدولة داخل البيئة‬
‫القروية‪ ،‬وهي مقاطعة تقع بين الدائرة والجماعة القروية‪ ،‬يترأسها القائد وهو ممثل السلطة التنفيذية داخل‬
‫دائرة نفوذه‪ ،‬فهو مسؤول عن النظام العام واالمن والمحافظة عليهما‪ .‬ويتولى القائد مهامه تحت سلطة‬
‫ومراقبة العامل ورئيس الدائرة‪.‬‬

‫الدوار‪ :‬المقصود بالدوار هو القرية‪ ،‬حيث يقطن به مجموعة من السكان تجمعهم روابط عائلية أو قبلية‪،‬‬
‫يقومون بانتخاب ممثلهم لدى مجلس الجماعة المحلية‪ .‬وتقوم السلطة بتعيين أعوان سلطة يمثلونها على كل‬
‫دوار أو مجموعة من الدواوير‪ ،‬حيث يلعبون دور الصلة بين السكان والجهة‪ ،‬وبين القائد أو الباشا أو‬
‫الدرك الملكي أو مؤسسات الدولة األخرى كالبريد والجماعات وغيرها من جهة أخرى‪ ،‬ويطلق على‬
‫‪2‬‬
‫هؤالء األعوان اسم الشيخ أو أمغاز والمقدم حسب التراتبية‪.‬‬

‫وأمام تبني المغرب سنة ‪ 2015‬لخيار الجهوية المتقدمة كنقطة تحول في نظامه اإلداري‪ ،‬بعد‬
‫التجارب العديدة على مستوى الالمركزية الترابية‪ ،‬تبرز العالقة بين الدولة والجهات‪ ،‬خاصة وأن الرهان‬
‫الوطني يكبر يوما بعد يوم على هذا الخيار‪ ،‬على أمل أن تعطى للجهات اإلمكانيات المناسبة من أجل‬
‫تحقيق تنمية مجالية في ضوء االختصاصات الجديدة التي أقرها دستور ‪ 2011‬والقانون التنظيمي للجهات‬
‫رقم ‪ . 111-14‬وقد ترتب عن هذا االعتراف وجود وحدات ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل‬
‫المالي‪ ،‬وضرورة مشاركة الجهات والجماعات الترابية األخرى في إعداد السياسات الترابية‪ ،‬وكذا توزيع‬
‫االختصاصات بين الدولة وهذه الوحدات الترابية‪ ،‬فقد تم إسناد مجموعة من االختصاصات ذات الطابع‬
‫‪3‬‬
‫المحلي أو اإلقليمي أو الجهوي ومن بينها إعداد التراب للوحدات الترابية‪.‬‬

‫‪ 1‬موسوعة ويكيبيديا‪" ،‬التقسيم اإلداري في المغرب"‪ ،‬على الرابط التالي‪ ،ar.m.wikipedia.org :‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪2017/09/29‬‬
‫‪ 2‬موسوعة ويكيبيديا‪" ،‬دوار المغرب"‪ ،‬على الرابط التالي‪ ،ar.m.wikipedia.org :‬تم تصفح الموقع يوم‪2017/09/29 :‬‬
‫‪ 3‬عبد الغني الهواري ونبيل بن تيري ومحمد العمراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.77 .‬‬
‫‪176‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التخطيط االستراتيجي الالمركزي التشاركي في المغرب‬


‫لقد تميز التطور الذي عرفته المدن بالمغرب على مدى عقود من الزمن بظهور اختالالت عميقة‬
‫وبروز تحديات كبرى ومشاكل معقدة من بينها‪ :‬البطالة‪ ،‬ضعف البنية التحتية‪ ،‬السكن العشوائي‪ ،‬ارتفاع‬
‫معدالت الفقر والهشاشة‪ ،‬ضعف وسائل النقل‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك النمو الديمغرافي المتزايد‪ ،‬التوسع‬
‫العمراني الكبير والهجرة القروية‪ ،‬مما أفرز مجاال حضريا متنافرا يفتقد في بعض أجزائه لمقومات العيش‬
‫الكريم‪ .‬وقد أخفقت السياسات العمومية في العقود الماضية في الحد من االختالالت السالفة الذكر‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن المسؤولية اليوم ملقاة على الجماعات المحلية من أجل ابتكار وإيجاد األجوبة المالئمة للمشاكل‬
‫المطروحة وفق مقاربة ترابية تشاركية ترتكز على الخصوصيات المحلية وتمكن من تنسيق جهود كل‬
‫‪1‬‬
‫الفاعلين المحليين مع اعتماد مبادئ الحكامة الرشيدة‪.‬‬

‫الجدير بالذكر أ ن المخططات الوطنية مهما كانت فعاليتها في الدقة من حيث اإلعداد والدراسة قد‬
‫أصبحت ال تستطيع اإللمام بجميع القضايا والشؤون المحلية‪ ،‬ويعود ذلك لتعدد العناصر الفاعلة في التنمية‬
‫والصعوبات التي يعرفها أثناء تطبيقه على المستويات المحلية‪ ،‬ومن ثم أصبحت الجماعة باعتبارها الخلية‬
‫األساسية للتنمية المحلية تقوم بإعداد مخططات غالبا ما تكون مكملة للمخطط الوطني ومحترمة لتوجهاته‬
‫العامة‪ .‬فالتخطيط المحلي هو مجموع القرارات والتدابير التي تتخذها الوحدات الترابية الالمركزية لبلوغ‬
‫أهداف تنموية معينة ومحددة في مدة زمنية تبعا للمدة االنتخابية والموضوعة في إطار القواعد القانونية‬
‫والتنظيمية التي تحددها السلطة المركزية‪ ،‬وعليه فهو يعطي نظرة واضحة لسياسة التخطيط ولما يجب أن‬
‫يتخذه من حيث مراعاة الخصوصيات التنموية المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى إنبثاقه من القاعدة الملمة بمشاكل‬
‫‪2‬‬
‫وتطلعات السكان المحليين‪.‬‬

‫فالمالحظ أن التسيير المحلي الكالسيكي لم يستطع مواكبة التحوالت العميقة التي عرفتها المدن و‬
‫التي أدت إلى انتشار الفقر وبروز ظواهر اجتماعية سلبية في محيط و أطراف المدن ‪ ،‬لذا أصبحت‬
‫الحاجة ملحة العتماد سياسة تخطيط منسجمة تعتمد على تعبئة مختلف الفاعلين المحليين (مؤسسات‬
‫عمومية و خصوصية‪ ،‬غرف مهنية‪ ،‬وكاالت حضرية‪ ،‬مجتمع مدني‪ )...‬قصد إعداد مشروع تنمية محلية‬
‫مندمج قادر على مواجهة تحديات المدن و محيطها و كذا استشراف المستقبل مع استغالل كل الطاقات و‬
‫اإلمكانات المتاحة في المجال و كذا جعل المواطن في صلب عملية صنع القرار‪ ،‬بحيث أن إعداد المخطط‬
‫الجماعي للتنمية يهدف إلى تحقيق التنمية االقتصادية و االجتماعية و اعتبارا لدور التخطيط في استشراف‬
‫المستقبل وفي ترجمة رؤى الفاعل السياسي المؤهل إلطالق مسلسل التخطيط المجالي القائم على تصور‬
‫مندمج للمجال بكل خصوصياته‪ ،‬مع ضرورة التكيف إليجاد األرضية المناسبة لتنفيذ السياسات العمومية‬
‫على مستوى الجماعة المحلية‪ ،‬إذ المالحظ اختالل تناسق حكامة هذه المخططات و السياسات الذي يجب‬
‫معالجته باعتماد اآلليات الالزمة لتفاعلها ضمن منظور استراتيجي شامل يتناسب مع المجال ويتجاوز‬
‫‪3‬‬
‫النظرة القطاعية الضيقة‪.‬‬

‫‪ 1‬حميد القستلي‪ ،‬المرجع السابق‪http://www.hespress.com/opinions/71421.html ،‬‬


‫‪ 2‬رشيد البوني‪" ،‬التخطيط المحلي ورهان الحكامة المحلية الجيدة"‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪ ،‬على الرابط التالي‪www.marocdroit.com :‬‬
‫مقال منشور يوم‪ :‬الثالثاء ‪ 04‬يونيو ‪ ،2013‬تم تصفح الموقع يوم‪2017/09/26 :‬‬
‫‪ 3‬حميد القستلي‪ ،‬المرجع السابق‪http://www.hespress.com/opinions/71421.html ،‬‬
‫‪177‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويندرج التخطيط لتدبير الشأن المحلي في المملكة المغربية ضمن مسلسل اإلصالحات الرامية إلى‬
‫تطوير نظام الالمركزية الترابية‪ ،‬والذي يسمح للجماعة المحلية أن تبقى على تواصل مع المجتمع المحلي‬
‫وأن تضمن عدم فقدان االتصال بالحياة اليومية للمواطن‪ ،‬كما أنها تمكن السكان من توحيد إرادتهم‬
‫ومطالبهم اتجاه حاجاتهم إلى تجسيد مشاريع تخدم مطالبهم‪ ،‬وتشجعهم على مراقبة وتتبع كيفيات تدبير‬
‫الشأن المحلي من منطلق حقهم في االطالع وبكل شفافية على القرارات اإلدارية والصفقات العمومية‬
‫والعقود واالتفاقيات التي تبرمها السلطة المحلية‪ ،‬كما تحاسب المجلس المنتخب للجماعة المحلية خصوصا‬
‫حول مدى تحقيق النجاح التنموي‪ ،‬وتحقيق مبادئ العدالة االجتماعية وتخفيض مشاعر االقصاء والتهميش‬
‫‪1‬‬
‫وعدم التشاور مع المواطن وهيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص‪.‬‬

‫ويقوم رئيس المجلس الجماعي بإعداد المخطط وفق نموذج محدد من طرف اإلدارة ثم يعرض بعد‬
‫ذلك على المجلس الجماعي للدراسة والتصويت‪ ،‬ويعد التخطيط االستراتيجي أداة فعالة للنهوض بالتنمية‬
‫المحلية للجماعة عبر اعتماد مخطط جماعي للتنمية مدته ست سنوات‪ ،‬بحيث يتم اعداده وفق منهجية‬
‫‪2‬‬
‫تشاركية‪ .‬ويجب أن تتضمن وثيقة المخطط الجماعي للتنمية لزوما ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬تشخيص اإلمكانيات االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة‪.‬‬


‫‪ .2‬الحاجيات ذات األولوية المحددة بتشاور مع الساكنة واإلدارات والفاعلين المعنيين‪.‬‬
‫‪ .3‬الموارد والنفقات التقديرية المتعلقة بالسنوات الثالث األولى التي تم فيها العمل بالمخطط‪.‬‬
‫وحسب المادة (‪ )36‬من القانون ‪ 00-78‬المتعلقة بالتنمية االقتصادية واالجتماعية خاصة الفقرة (‪)01‬‬
‫‪3‬‬
‫والتي تتعلق باالختصاصات الذاتية فإنها تنص على‪:‬‬

‫يدرس المجلس الجماعي مخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية للجماعة ويصوت عليها طبقا‬ ‫‪-‬‬
‫لتوجهات وأهداف المخطط الوطني‪.‬‬
‫يضع برنامج تجهيز الجماعة في حدود وسائلها الخاصة والوسائل الموضوعة رهن اشارتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يقترح كل األعمال الواجب إنجازها بتعاون أو شراكة مع اإلدارة والجماعات المحلية األخرى أو‬ ‫‪-‬‬
‫الهيئات العمومية‪.‬‬
‫يقوم بجميع األعمال الكفيلة بتحفيز وإنعاش تنمية االقتصاد المحلي والتشغيل‪ ،‬ولهذا فهو يتخذ كل‬ ‫‪-‬‬
‫التدابير التي من شأنها المساهمة في الرفع من قدرات الجماعة االقتصادية خاصة في مجال‬
‫الفالحة والصناعة التقليدية والسياحة والخدمات‪.‬‬
‫يعمل على إنعاش وتشجيع االستثمارات الخاصة ال سيما انجاز البنيات التحتية والتجهيزات وإقامة‬ ‫‪-‬‬
‫مناطق لألنشطة االقتصادية وتحسين ظروف المقاالت‪.‬‬
‫يبث في شأن مساهمة الجماعات في مقاوالت وشركات االقتصاد المختلط ذات الفائدة الجماعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يقرر ابرام كل اتفاقية للتعاون والشراكة من أجل إنعاش التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 1‬عصام بن الشيخ واألمين سويقات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61 .‬‬


‫‪ 2‬رشيد البوني‪ ،‬المرجع السابق‪www.marocdroit.com ،‬‬
‫‪ 3‬حميد أبوالس‪ " ،‬مجال التدخالت االقتصادية للجماعات المحلية على ضوء اإلصالحات األخيرة قانون ‪( "08-17‬ورقة مقدمة في الملتقى‬
‫الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ 2009‬من طرف مخبر أثر االجتهاد‬
‫القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل)‪ ،‬في‬
‫مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.43 .‬‬
‫‪178‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويعد التخطيط االستراتيجي التشاركي أحد أشكال الحكامة المحلية الجيدة والتي توفر إطار مرجعي‬
‫من أجل إنعاش التنمية المحلية‪ ،‬كما أنه يشكل عنصر تواصل وانسجام بين الفاعليين المحليين داخل‬
‫الجماعة‪ .‬ويحدد هذا المخطط األنشطة التنموية المزمع إنجازها لمدة ست سنوات ضمن مقاربة التنمية‬
‫المستدامة والمقاربة التشاركية‪ ،‬مع مراعاة البعد البيئي‪ ،‬ومقاربة النوع (إشراك المرأة‪ ،‬الشباب‪ ،‬ذوي‬
‫االحتياجات الخاصة ‪...‬الخ)‪ .‬فالتخطيط االستراتيجي يمكن من بناء رؤية مشتركة بين كافة الفاعلين‬
‫المحليين لواقع حال جماعتهم‪ ،‬وتصور مستقبلي لما يأملون أن تكون عليه بمنهج يجمع بين الطموح‬
‫المشروع والواقعية المؤسسة على استغالل مؤهالت الجماعة الذاتية وفرصها الممكنة‪ .‬ولتفادي معيقاتها‬
‫‪1‬‬
‫التنموية والتهديدات التي يمكن أن تعترضها‪.‬‬

‫فالمخطط الجماعي للتنمية يحدد األعمال التنموية المقرر إنجازها بتراب الجماعة لمدة ست سنوات‬
‫في أفق تنمية مستدامة وفق منهج تشاركي يأخذ بعين االعتبار على الخصوص مقاربة النوع‪ .‬كما يجب أن‬
‫‪2‬‬
‫تتضمن وثيقة المخطط الجماعي للتنمية لزوما التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تشخيص اإلمكانيات االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة‪.‬‬


‫‪ -‬الحاجيات ذات األولوية المحددة بتشاور مع السكان واإلدارات والفاعلين المحليين‪.‬‬
‫‪ -‬الموارد والنفقات التقديرية المتعلقة بالثالث سنوات األولى التي تم فيها العمل بالمخطط الجماعي‬
‫للتنمية‪.‬‬
‫و يأتي التخطيط االستراتيجي الالمركزي كمقابل للتخطيط االستراتيجي المركزي القطاعي فهو الذي‬
‫يتم إنجازه من طرف الوحدات الترابية وبالتالي فهو يكتسب مشروعية سياسية محلية تستمد من العملية‬
‫االنتخابية ومن الممارسة الديموقراطية المحلية‪ ،‬وعليه فهو أقرب إلى التخطيط من أسفل إلى أعلى من‬
‫حيث االتجاه‪ .‬أما بالنسبة للتخطيط االستراتيجي الالمركزي التشاركي فيأخذ بعدا أكثر شموال واتساعا‬
‫على مستوى المشاركة‪ ،‬ألنه يتعدى مساهمة الفئة المنتخبة لكي يشمل الفئة الناخبة وحتى غير الناخبة‪ ،‬فهو‬
‫‪3‬‬
‫يسمح بتوسيع قاعدة المشاركة لتشمل جميع الفئة المعنية‪.‬‬
‫ويقوم التعمير التشاركي في المغرب في ظل قانون ‪ 12-90‬على أساس اشراك المواطنين وممثليهم‬
‫وطلب آراءهم في اتخاذ القرار ضمانا لوضوح الرؤية وتبادل اآلراء‪ ،‬وانسياب المعلومات وااللتزام‬
‫بالتنفيذ وتجويد نوعية القرارات‪ ،‬فعملية اشراك اإلدارة ألطراف أخرى في عملها تمكنها من الحصول‬
‫على معلومات جيدة بل وحتى على الحلول وطرق التدخل‪ ،‬فقد يتوفر لدى المواطنين معارف وآراء‬
‫مختلفة عن معارف وآراء المختصين‪ ،‬فالمجالس المنتخبة تلعب دورا مهما بمشاركتها في عرض مختلف‬
‫المشاكل التي يعاني منها السكان المحليين مع طرح الحلول التي تراها مناسبة‪ ،‬لكون أن المجالس المنتخبة‬
‫‪4‬‬
‫تملك كل المعلومات عن األحياء والسكان الذين يمثلونهم‪.‬‬
‫فقد حرص الملك محمد السادس على تعزيز مكانة المجتمع المدني ودسترها حيث جاء في الفصل ‪12‬‬
‫من دستور ‪ " 2011‬أن تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات غير الحكومية في إطار‬

‫‪ 1‬المملكة المغربية‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج دعم التخطيط الجماعي‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة‬
‫(‪ ،")2016/2011‬نسخة مصادق عليها في الدورة العادية لشهر أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪.09 .‬‬
‫‪ 2‬حميد أبوالس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45 .‬‬
‫‪ 3‬زهير لخيار‪" ،‬التخطيط االستراتيجي ورهان التنمية المحلية" في مجلة دفاتر القانون واالقتصاد والتدبير‪ ،‬مجلة علمية متعددة االختصاصات‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول سطات‪ ،‬العدد الثاني (‪ ،)2009‬ص‪.111 .‬‬
‫‪ 4‬الميلود بوطريكي‪ " ،‬التعمير التشاركي في ظل قانون ‪ 12-90‬المتعلق بالتعمير في المغرب"‪ ،‬في مجلة تشريعات التعمير والبناء‪ ،‬جامعة ابن‬
‫خلدون تيارت‪ ،‬العدد الثالث (سبتمبر ‪ ،)2017‬ص‪.61 .‬‬
‫‪179‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الديموقراطية التشاركية‪ ،‬في اعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية‪ ،‬وكذا‬
‫في تفعيلها وتقييمها"‪ .‬ولتجسيد ما جاء في هذا الفصل من الدستور فقد شكلت الحكومة لجنة سميت اللجنة‬
‫الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني أدواره الدستورية الجديدة‪ ،‬وذلك من أجل البحث عن أنجع‬
‫السبل التي تمكن تنظيمات المجتمع المدني من ممارسة حقها الدستوري‪ ،‬وقد انبثق عنها الميثاق الوطني‬
‫للديموقراطية التشاركية‪ ،‬حيث نص هذا الميثاق على ضرورة تفعيل الديموقراطية التشاركية وفق تصور‬
‫‪1‬‬
‫اجرائي مقيد بأهداف خاصة حددها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد مساهمة الهيئات المدنية في تدبير الشأن العام بشكل متكامل مع المؤسسات التمثيلية‬
‫والسلطات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ القرار تمثيليا والتأثير فيه تشاركيا‪.‬‬
‫‪ -‬تمكين المواطنين من المعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية أسس الشفافية في التدبير والتمويل‪.‬‬
‫‪ -‬تتبع ومواكبة المشاريع والقرارات من مرحلة التشخيص والتخطيط إلى التنفيذ والمتابعة والتقييم‪.‬‬
‫‪ -‬تكريس القيام بالمساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬
‫‪ -‬الرفع من القدرات التسييرية والتدبيرية للهيئات المدنية‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على تقوية أسس التزام مختلف األطراف بمبادئ الحكامة‪.‬‬
‫إذن فتبني مقاربة التخطيط االستراتيجي التشاركي هو الطريقة الوحيدة التي يمكن من خاللها التخفيف‬
‫من مشكل قلة الموارد الذي يطبع تدبير الشؤون العمومية المحلية‪ ،‬كما أن هذا التخطيط سيمكن من تسيير‬
‫‪2‬‬
‫أفضل لإلمكانيات المتاحة‪ ،‬ويتمثل التخطيط االستراتيجي التشاركي في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬أنه منهجية تشجع التفكير الموجه نحو المستقبل وبالتالي تكوين نظرة مستقبلية لتحديد‬
‫االستراتيجيات المناسبة لتلبية حاجيات السكان‪.‬‬
‫‪ -‬هو مقاربة تحسن التدبير‪ ،‬إذ أنه يمكن من التركيز على األولويات وتحديد الهياكل والوسائل‬
‫المناسبة لتنسيق مختلف التدابير‪.‬‬
‫‪ -‬يمثل إطارا لتتبع مشاريع التنمية وذلك عبر مؤشرات يمكن مالحظتها وقياسها‪.‬‬
‫‪ -‬عبارة عن منهجية تسهل وتوجه الحوار مع جميع المتدخلين سواء داخل أو خارج الجماعة‪ ،‬كما‬
‫توفر إطارا للتوافق على أفق التنمية من خالل منهجية تشاركية‪.‬‬
‫‪ -‬يمثل مقاربة تحسن التواصل داخل الجماعات المحلية قصد التتبع والتقييم مما يمكن من انخراط‬
‫والتزام كافة الجهات المعنية‪.‬‬
‫ويسمح التخطيط االستراتيجي التشاركي بإعطاء األولوية لالستراتيجيات والمشاريع التنموية التي‬
‫‪3‬‬
‫تستجيب لطموحات السكان‪ ،‬كما يسمح كذلك بتقوية القدرة على تعبئة موارد أخرى من أجل تنميتها‪.‬‬

‫وقد كرس دستور سنة ‪ 2011‬في المغرب مبدأ المشاركة الذي تبناه في تدبير الشأن المحلي‪ ،‬بحيث أنه‬
‫نص في الفصل (‪ )139‬على أن تضع مجالس الجهات والجماعات الترابية األخرى آليات تشاركية للحوار‬
‫والتشاور لتسيير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها‪ ،‬كما أنه‬

‫‪ 1‬األمين سويقات‪ " ،‬دور المجتمع المدني في تكريس الديموقراطية التشاركية‪ :‬دراسة حالتي الجزائر والمغرب" في مجلة دفاتر السياسة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 17‬جوان ‪ ،)2017‬ص‪.246 .‬‬
‫‪ 2‬رشيد البوني‪ ،‬المرجع السابق‪www.marocdroit.com ،‬‬
‫‪ 3‬زهير لخيار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111 .‬‬
‫‪180‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أعطى للمواطنات والمواطنين والجمعيات حق تقديم عرائض لمطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في‬
‫‪1‬‬
‫اختصاصه ضمن جدول أعماله‪.‬‬

‫وبالنسبة آلليات مشاركة الفاعل المدني في مسار اتخاذ القرار العمومي فقد حددها الميثاق الوطني‬
‫‪2‬‬
‫للديموقراطية التشاركية في أربعة آليات وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬المرافقة من أجل ايصال مطالب المواطنين واسماع صوتهم للمؤسسات المنتخبة والعمومية عبر‬
‫العرائض والملتمسات‪.‬‬
‫‪ .2‬االتفاق المتعاقد بشأنه‪ ،‬وهو التزام مكتوب للتعاون والتضامن مبني على التراضي‪.‬‬
‫‪ .3‬العضوية في هيئات الحكامة‪.‬‬
‫‪ .4‬المساءلة المدنية للمؤسسات العمومية‪.‬‬
‫ولكي ينجح التخطيط االستراتيجي للجماعات المحلية في المغرب‪ ،‬البد من اعتماد منهجية علمية تقوم‬
‫على التشخيص الدقيق للمعيقات التي تضعف قدرة المجالس المنتخبة على القيام بدورها الرئيسي في‬
‫‪3‬‬
‫صناعة المستقبل‪ ،‬ونخص بالذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬غياب ثقافة التخطيط االستراتيجي عند جزء مهم من الفاعلين المحليين‪.‬‬


‫‪ ‬ضعف الموارد البشرية المحلية المؤهلة لرسم سياسات ترابية مندمجة ولمواكبة القرار السياسي‪،‬‬
‫مع غياب برنامج تكوين محددة األهداف‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف اإلمكانات المالية مع الثقل الكبير الذي تشكله ميزانية التسيير‪.‬‬
‫‪ ‬عدم التوفر على بنك موحد للمعطيات يمكن من معرفة التشخيص الحقيقي للتراب وإبراز المشاكل‬
‫الحقيقية للمواطنين‪.‬‬
‫‪ ‬عدم إيالء األهمية الالزمة لدور التنسيق وأثره في توحيد الرؤى وتجنب العمل المزدوج وتوحيد‬
‫الوسائل وتسطير نموذج تنموي موحد‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف النسيج الجمعوي المحلي القادر على استكشاف الحاجيات ومالمستها عن قرب‪ ،‬والمساهمة‬
‫في صنع القرار المحلي‪ ،‬إذ تبقى تدخالت المجتمع المدني في غالبها مشتتة في الزمان والمكان‬
‫كما أنها تتسم بطابع الظرفية وتفتقد للبعد االستراتيجي‪.‬‬
‫كما أنه ال بد من التحلي ببعض المهارات األساسية في إعداد التخطيط االستراتيجي والتي بدونها‬
‫يكون التخطيط ناقصا ومعرضا للفشل وبالتالي ضياع الجهد والمال والوقت‪ .‬وتتمثل هذه المهارات فيما‬
‫‪4‬‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬المهارات التصورية‪ :‬وتشمل هذه المهارات الكفاءة العالية المطلوبة في الجانب الثقافي والمعرفي‪،‬‬
‫فللتخطيط االستراتيجي عالقة بالتصورات الفلسفية السياسية التي تؤطر المجتمع والدولة‪ ،‬فهو‬
‫يترجم هذه التصورات على مستوى برامجه وخططه‪ ،‬فعدم معرفة الخصوصيات الثقافية للمجتمع‬

‫‪ 1‬األمين سويقات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.252 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.246 .‬‬
‫‪ 3‬حميد القستلي‪ ،‬المرجع السابق‪http://www.hespress.com/opinions/71421.html ،‬‬
‫‪ 4‬زهير لخيار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114 .‬‬
‫‪181‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وللمناطق المستهدفة يساهم في ضعف التشخيص ويعرض عملية التخطيط االستراتيجي إلى‬
‫الفشل وإلى صعو بات في التنفيذ‪ ،‬كما يجب معرفة التحوالت الحاصلة على المستوى الثقافي‬
‫والقيمي للمجتمع في أفق الزمن المنظور الذي يغطيه التخطيط االستراتيجي‪.‬‬
‫‪ .2‬المهارات التقنية‪ :‬إن التخطيط االستراتيجي لديه بناء منطقي يضم عدة مراحل منتظمة ومرتبة‬
‫تحكمها عالقة معقلنة وتنسيقية وهي تختلف باختالف المدارس المعتمدة في التخطيط‬
‫االستراتيجي‪ ،‬لكن يمكن القول أن هذه األنواع من المخططات االستراتيجية تختلف من حيث نقطة‬
‫بداية التخطيط وأحيانا أخرى من حيث تفصيل هذه المراحل‪ ،‬ويمكن إجمال هذه المخططات في‬
‫‪1‬‬
‫المراحل األساسية التي يضمها التخطيط االستراتيجي في الشكل الموالي‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)14‬المهارات التقنية للتخطيط االستراتيجي الالمركزي التشاركي‬
‫نقــــاط الضعـــــف‬ ‫نقــــاط القـــوة‬
‫‪W.weknesses‬‬ ‫‪S. stengths‬‬

‫األهـــــــداف‬ ‫الرؤيــــة االستراتيجيـــــة‬

‫التهديــــدات‬ ‫الفـــــرص‬
‫‪T. threats‬‬ ‫‪O.opportunies‬‬

‫المصدر‪ :‬زهير لخيار‪" ،‬التخطيط االستراتيجي ورهان التنمية المحلية" في مجلة دفاتر القانون واالقتصاد والتدبير‪ ،‬مجلة علمية‬
‫متعددة االختصاصات‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول سطات‪ ،‬العدد الثاني (‪ ،)2009‬ص‪.115 .‬‬

‫‪ .3‬المهارات البشرية‪ :‬فالتخطيط االستراتيجي يقوم بإنجازه مجموعة من أطر الموارد البشرية‬
‫المتوفرة لدى اإلدارة المكلفة به‪ ،‬والكثير من الخبراء يرجعون نجاح التخطيط من عدمه إلى مدى‬
‫التوفر على مهارات بشرية قادرة على إدارة عملية التخطيط بمختلف مراحله‪ ،‬ومن بين المهارات‬
‫األساسية التي تفرض نفسها في هذا المجال نجد‪ :‬مهارات تنشيط المجموعات‪ ،‬مهارات التواصل‬
‫التنموي‪ ،‬مهارات التفاوض‪ ،‬مهارات اإلنصات‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تطبيق التخطيط االستراتيجي لجماعة سكورة الحدرة المغربية‬
‫يتضمن المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة (‪ )2016-2011‬ثالث توجهات إستراتيجية‬
‫كبرى‪ ،‬وقد تم تقدير القيمة اإلجمالية للمخطط بالتعاون مع المصلحة التقنية للجماعة والمصالح الخارجية‪،‬‬
‫بـ‪ :‬مائة و أربعة و ستون مليون و مائتين و ستة و سبعون ألف درهم ( ‪ 164 276 000.00‬درهم)‪ .‬حيث‬
‫يهدف هذا المخطط إلى تشجيع التنمية المتماسكة والمتالحمة بين جميع القطاعات التي تضمن للساكنة‬
‫مستوى عيش أفضل وكذا التقليص من التأخر الذي تشهده جميع القطاعات لتحقيق التوازن على مستوى‬
‫التراب الوطني‪ .‬لقد تم إعداد هذا المخطط بطريقة تشاركية مع المصالح التقنية‪ ،‬جمعيات المجتمع المدني‬

‫‪ 1‬زهير لخيار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114 .‬‬


‫‪182‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والساكنة‪...‬الخ‪ .‬ويعد هذا المخطط بمثابة صياغة لألنشطة المزمع إنجازها من طرف المجلس الجماعي‬
‫‪1‬‬
‫خالل الـ ‪ 06‬سنوات القادمة‪.‬‬
‫فالتخطيط المحلي يعتبر من اآلليات األساسية للحكامة المحلية الجيدة لبلورة رؤية موحدة ومستقبلية‬
‫‪2‬‬
‫لتحقيق التنمية المحلية‪ ،‬إلى جانب االستثمار المحلي لخلق إقالع اقتصادي واجتماعي وثقافي‪.‬‬
‫يمكن القول أن المخطط الجماعي من خالل التوجهات واألنشطة هو بمثابة مجموعة من التزامات‬
‫الجماعة اتجاه الساكنة‪ .‬إن هذا المخطط الجماعي يتسم بالواقعية‪ ،‬بالمرونة‪ ،‬القابلية لإلنجاز‪ ،‬والمالئمة مع‬
‫‪3‬‬
‫واقع وإمكانيات الجماعة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬بطاقة تعريفية لجماعة سكورة الحدرة المغربية‬
‫تقع جماعة سكورة الحدرة في منطقة الرحامنة الشمالية‪ ،‬يقدر عدد سكانها بـ ‪ 8116‬نسمة‪ ،‬يحدها‬
‫شماال جماعة سيدي عبد هللا‪ ،‬أما جنوبا جماعة جعافرة‪ ،‬وفي الشرق جماعة صخور الرحامنة وجماعة‬
‫عين بالل غربا (إقليم سلطات)‪ ،‬تتشكل هذه الجماعة من قبائل الرحامنة ذوي األصول الصحراوية الذين‬
‫توافدوا إلى المنطقة في بداية القرن الـ ‪ ،20‬من أجل استغالل األراضي الفالحية الشاسعة للزراعة‬
‫وممارسة أنشطة تربية المواشي‪ .‬تتكون جماعة سكورة الحدرة من ‪ 22‬دوارا‪ ،‬وتمتد على مساحة تقدر بـ‬
‫‪ 303,97‬كلم‪ ²‬أي ما يعادل ‪ % 5.5‬من تراب إقليم الرحامنة‪* 4.‬‬
‫ومن حيث تضاريس الجماعة فإنه يغلب عليها الطابع السهلي‪ ،‬ذو تربة من النوع الحمري والذي يشكل‬
‫عامال إيجابيا للنشاط الزراعي‪ .‬كما أنها تتميز بعدد من الخصائص منها‪:‬‬

‫‪ .1‬موارد مائية نادرة في أغلب تراب الجماعة باستثناء الجزء الشرقي على ضفة واد أم الربيع حيث‬
‫يوجد سد المسيرة‪.‬‬
‫‪ .2‬غياب المركز في الجماعة مع وجود التبعية اإلدارية واالقتصادية إزاء مركز صخور رحامنة‪.‬‬
‫‪ .3‬موارد مهمة بالنسبة لتنوع األنشطة االقتصادية‪ :‬الصبار‪ ،‬الزيتون‪ ،‬الحلزون‪ ،‬السياحة‪ ،‬الصيد‪.‬‬
‫‪ .4‬رؤوس مهمة من األغنام مع مهارات متميزة على مستوى تربية الماشية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مراحل إنجاز المخطط الجماعي للتنمية‬


‫‪5‬‬
‫مر المخطط الجماعي للتنمية بستة مراحل كبرى وهي كالتالي‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬وهي مرحلة التحضير وانطالق مسلسل انجاز المخطط الجماعي للتنمية‬
‫تهدف هذه المرحلة إلى خلق نوع من التفاعل بين جميع الفاعلين المعنيين وإعطاء دفعة قوية لمسلسل‬
‫إعدادا المخطط الجماعي للتنمية‪ ،‬وتتم هذه المرحلة من خالل ثالث خطوات أساسية وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬تنظيم ورشات تحسيسية وتعبوية‪ :‬وتكون هذه الورشات على المستويين اإلقليمي والجماعي‪.‬‬

‫‪ 1‬المملكة المغربية‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج دعم التخطيط الجماعي‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة‬
‫(‪ ،")2016/2011‬نسخة مصادق عليها في الدورة العادية لشهر أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪.02 .‬‬
‫‪ 2‬رشيد البوني‪ ،‬المرجع السابق‪www.marocdroit.com ،‬‬
‫‪ 3‬المملكة المغربية‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة (‪ ،")2016/2011‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09 .‬‬
‫‪ 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.15 .‬‬
‫*أنظر خريطة سكورة الحدرة في الملحق رقم (‪)01‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪.13 .11 .‬‬
‫‪183‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬على المستوى اإلقليمي وتحت اإلشراف الفعلي للسيد عامل اإلقليم‪ ،‬تم تنظيم ورشات تواصلية‬
‫تهدف إلى تعبئة جميع الفاعلين وضمان انخراطهم ومشاركتهم الفعالة وتبنيهم الجيد للمقاربة‬
‫المعتمدة‪.‬‬
‫‪ -‬على المستوى الجماعي وبحضور كافة الفاعلين من منتخبين‪ ،‬سلطات محلية‪ ،‬أطر جماعية‪،‬‬
‫مصالح خارجية‪ ،‬جمعيات وهيئات مدنية‪ ،‬السكان والفاعلين االقتصاديين والمهنيين وذلك لضمان‬
‫مشاركتهم الهادفة والفعالة في إعداد وإنجاز المخطط الجماعي وغايتهم في ذلك تنشيط وإنعاش‬
‫التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ .2‬تشكيل اللجنة المحلية للتخطيط والفريق اإلقليمي للدعم من أجل السهر على سير هذا المخطط على‬
‫المستوى اإلقليمي وعلى التنسيق بين المشاريع الجماعية‪.‬‬
‫‪ .3‬تكوين وتقوية قدرات الفاعلين المحليين المنخرطين في هذا المخطط بهدف تأهيلهم للمشاركة‬
‫الفاعلة في انجاز التشخيصات المجالية التشاركية‪ ،‬وفي إنجاح عملية التخطيط االستراتيجي‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬وهي مرحلة إنجاز التشخيص المجالي التشاركي‬
‫ويتم ذلك من خالل المعرفة العميقة لطبيعة المجال وخصوصياته والعالقات القائمة على مستوى‬
‫مكوناته‪ ،‬حيث أن تحليل وفهم التركيبة والخصائص الطبيعية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬االقتصادية والمؤسساتية‬
‫للجماعة‪ ،‬تحليال معمقا يسمح بتحديد الرهانات اإلستراتيجية الممكنة لتنمية الجماعة‪ ،‬ويتم ذلك من خالل‬
‫تتبع الخطوات التالية‪*1:‬‬
‫‪ .1‬تحليل أولي لحالة الجماعة‪ :‬وفيها تم جمع وتحليل المعطيات اإلحصائية الرسمية الكيفية والكمية‬
‫لدى الفاعلين المحليين واإلقليمين‪ ،‬بغية تحديد االختالالت والتساؤالت التي ينبغي التركيز عليها‬
‫أتناء البحث الميداني‪.‬‬
‫‪ .2‬ج مع المعطيات من الميدان‪ :‬وفيها تم زيارة مجمل الدواوير والمقابالت المباشرة مع جميع‬
‫الفاعلين في ورشات جماعية ومحاورات فردية مع مختلف الفئات االجتماعية‪ :‬من رجال‪ ،‬نساء‬
‫وشباب‪ ،‬لجمع المعلومات الكمية والكيفية حول واقع الحال واآلفاق المستقبلية‪.‬‬
‫‪ .3‬تحليل المعطيات‪ :‬وفيها تم التحليل االستراتيجي للبنيات والخصائص المجالية في مختلف الجوانب‬
‫(التحليل الديمغرافي‪ ،‬الخدمات االجتماعية األساسية‪ ،‬االقتصاد والمؤسسات) مما مكن من فهم‬
‫نسق اشتغال المجال‪ ،‬هويته‪ ،‬توجهاته المستقبلية وتحديد االختيارات اإلستراتيجية‪ ،‬الرهانات‬
‫واقتراح التوجهات التنموية الممكنة للجماعة‪.‬‬
‫‪ .4‬وضع نظام معلوماتي جغرافي‪ :‬حيث مكن هذا النظام من توطين جميع المعطيات وتنظيمها في‬
‫هذا البرنامج‪ ،‬ومن ثم تم إعداد خرائط تخص (الموقع الجغرافي‪ ،‬التوزيع السكاني‪ ،‬التطور‬
‫الديمغرافي‪ ،‬البنيات التحتية‪ ،‬الموارد المائية‪ ،‬التغطية الصحية والمدرسية‪ ،‬البنيات التحتية الثقافية‬
‫واالقتصادية وتركيب جماعي للبنيات التحتية) ومن ثم تم وضع هذه الخرائط في تقرير التشخيص‬
‫لتسهيل اتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ .5‬تحرير تقرير التشخيص‪ :‬تم بالموازاة مع إنجاز التشخيص الميداني القيام بتحاليل إستراتيجية‬
‫للسياق الجماعي في إطار مجاله الحيوي‪ ،‬ولهذه الغاية تم تحديد مناطق التجانس المجالية‪ ،‬التي‬
‫شملت الجماعات ذات العالقات التكاملية‪ ،‬من خالل تعميق دراسة وتحليل النسق المجالي وتم‬
‫اغناءه أتناء ورشة إرجاع النتائج‪.‬‬
‫‪ .6‬إرجاع نتائج التشخيص التشاركي‪ :‬وفيها تمت مناقشة وتقويم نتائج التشخيص المجالي التشاركي‬
‫والمصادقة عليها من طرف الفاعلين المحليين في إطار ورشة عمل موسعة توجت بالحسم في‬

‫‪ 1‬المملكة المغربية‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة (‪ ،")2016/2011‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11 .‬‬
‫*أنظر المخطط الخاص بمراحل إنجاز المخطط الجماعي للتنمية في الملحق رقم (‪.)02‬‬
‫‪184‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫االختيارات اإلستراتيجية للمخطط الجماعي للتنمية‪ .‬ومكنت هذه الورشة من تحقيق األهداف‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم ملخص تركيبي لتقرير التشخيص قصد المصادقة عليه من طرف الفاعلين المحليين‪.‬‬
‫‪ -‬فتح النقاش حول الفرضيات واإلشكاليات التنموية والمحاور اإلستراتيجية المقترحة‪.‬‬
‫‪ -‬صياغة المقترحات والمحاور االستراتجية والمصادقة عليها بناءا على نتائج التشخيص‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء االنطالقة للمرحلة الموالية من التخطيط االستراتيجي التشاركي‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬وهي مرحلة انجاز المخطط االستراتيجي التشاركي‬
‫تتمحور هذه المرحلة أساسا في تقوية وتعزيز قدرات الفاعلين‪ ،‬نقل الخبرات من أجل إنجاح هذه‬
‫العملية‪ ،‬وصوال إلى بناء إستراتيجية مشتركة‪ ،‬برمجة توافقية‪ ،‬ومشاريع منسجمة والتقائية وقد كانت‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬التخطيط االستراتيجي‪ :‬فبناءا على نتائج التشخيصات المجالية التشاركية وفي ورشة‬
‫إرجاع النتائج تم حسم في الرؤية اإلستراتيجية التنموية للجماعة ومصادقة الفاعلين عليها‬
‫بعد التداول والتشاور واالتفاق بشأنها‪ .‬بعد ذلك تم تفكيك هذه اإلستراتيجية إلى مجاالت‬
‫إستراتيجية وهذه األخيرة إلى محاور إستراتيجية للتدخل‪ ،‬وبذلك تم رسم الخطوط‬
‫التوجيهية لإلستراتيجية الكلية للتنمية المجالية‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلستراتيجية العملية‪ :‬وفيها تم حصر البرامج والمشاريع في طور اإلنجاز أو المبرمجة‬
‫من طرف المصالح الخارجية بهدف إدماجها في المخطط الجماعي لضمان االلتقائية‬
‫والترابط المنشودين بين المخطط الجماعي‪ ،‬المبادرة المحلية للتنمية البشرية والمشاريع‬
‫القطاعية‪...‬الخ‪ .‬كما تم تحديد األنشطة لكل محور استراتيجي في إطار ورشات عمل‬
‫اللجان الموضوعاتية‪ ،‬قياسها‪ ،‬ترتيبها وتحديد التمويالت المحققة والمحتملة لمدة زمنية‬
‫تمتد على ست سنوات‪ .‬وتوجت هذه المرحلة ببناء اإلطار المنطقي الذي يحتوي على‬
‫مؤشرات قياس النتائج‪ ،‬مخطط العمل السداسي‪ ،‬الثالثي‪ ،‬السنوي‪ ،‬إضافة إلى بنك‬
‫للمشاريع ملحق بوثيقة المخطط يحتوي على المشاريع الكبرى المهمة التي تتطلب‬
‫إلنجازها إمكانيات تمويلية تفوق القدرات االستثمارية للفاعلين المحليين‪.‬‬

‫المرحلة الرابعة‪ :‬وهي مرحلة إرجاع المخطط الجماعي للتنمية والمصادقة عليه من طرف المجلس‬
‫تعد هذه المرحلة الخطوة األخيرة في االعداد‪ ،‬وقد تمت ضمن ورشة عمل‪ ،‬وتهدف أساسا إلى إخبار‬
‫الفاعلين حول الخيارات المعتمدة والتعديالت التي أجريت عليها في مرحلة دعم الترابط وااللتقائية‪،‬‬
‫والهدف م ن ذلك دفع المنتخبين المحليين إلى االلتزام بمقتضيات المخطط اتجاه باقي الفاعلين والتعريف به‬
‫على نطاق واسع ابتداءا من هذه الورشة‪ .‬وقد تم المصادقة على مشروع المخطط النهائي بالتداول‬
‫والمصادقة عليه في الدورة العادية لشهر أكتوبــر‪.2010‬‬

‫المرحلة الخامسة‪ :‬وهي مرحلة أجرأة المخطط الجماعي للتنمية‬


‫تستند هذه المرحلة أساسا على تواصل داخلي حول المخطط لضمان انخراط ومشاركة جميع الشركاء‬
‫المحليين المعنيين‪ ،‬وتواصل خارجي لتعبئة الموارد الضرورية (بشرية‪ ،‬تقنية والمالية) إلنجاز المخطط‪.‬‬
‫وعليه سيتم االعتماد على مخطط للتواصل من أجل تحسين شروط تدبير وإنجاز المخطط الجماعي‪،‬‬

‫‪185‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫باإلضافة إلى عقد شراكات وضمان االلتقائية‪ .‬إن هذه المرحلة هي بحاجة إلى الدعم والمصاحبة من أجل‬
‫‪1‬‬
‫الرفع من القدرات التدبيرية للجماعة وتتم عبر ‪ 04‬خطوات أساسية وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬التواصل والتعريف بالمخطط‪.‬‬
‫‪ .2‬عقد شركات (شركات البرنامج)‪.‬‬
‫‪ .3‬المرافعة وتعبئة الموارد‪.‬‬
‫‪ .4‬المراجعة والبرمجة‪.‬‬
‫المرحلة السادسة‪ :‬وهي مرحلة إنجاز المخطط‬
‫ويتم فيها إنشاء لجنة للقيادة وفريق تقني للدعم والتتبع والتقييم والسهر على ضمان التنظيم والتنسيق‬
‫من أجل تحقيق غايات وأهداف المخطط الجماعي للتنمية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التصور االستراتيجي لتنمية جماعة سكورة الحدرة‬
‫تندرج الرؤية المشتركة لتنمية جماعة سكورة الحدرة ضمن إستراتيجية شاملة تتشكل من عدة محاور‬
‫إستراتيجية من طرف المجلس الجماعي والفاعلين المحليين حيث تم األخذ بعين االعتبار مجموعة‬
‫القطاعات والتكامل الممكن بينها كالصحة‪ ،‬التعليم فك العولة‪ ،‬الفالحة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬التكوين والتي بدورها‬
‫تندرج ضمن التوجهات الوطنية‪ ،‬والتي تكون مستمدة من مجاالت إستراتيجية للنتائج لتترجم بذلك‬
‫‪2‬‬
‫التوجهات اإلستراتيجية‪ .‬ويمكن اختصار الرؤية التنموية المستقبلية في الجدول التالي‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)12‬االستراتيجية العامة لتنمية جماعة سكورة الحدرة‬

‫التوجهات‬
‫المحاور االستراتيجية‬ ‫المجاالت االستراتيجية للنتائج‬
‫االستراتيجية‬

‫المحور االستراتيجي االول‪ :‬تحسين تزويد الدواوير بالماء الصالح‬


‫للشرب الربط بالشبكة الكهربائية‬
‫تحسين الظروف االجتماعية للساكنة‬

‫المحور االستراتيجي الثاني‪ :‬تحسين البنية التحتية الطرقية‬ ‫تحسين البنيات التحتية‬

‫المحور االستراتيجي الثالث‪ :‬تهيئ وبناء المرافق االقتصادية‬


‫والسوسيوثقافية‬

‫المحور االستراتيجي االول‪ :‬المساهمة في الرفع من نسبة التمدرس‬


‫تعميم التمدرس والولوج إلى‬
‫المحور االستراتيجي الثاني‪ :‬تسهيل الولوج إلى الخدمات الصحية‪.‬‬ ‫الخدمات االجتماعية مدعمة‬
‫والحفاظ على البيئة والنظافة‬
‫الموارد الطبيعية‬
‫وتأهيل االقتصاد‬

‫المحور االستراتيجي االول‪ :‬تحسين اإلنتاج الفالحي‬


‫عقلنه تدبير‬

‫الرفع من اإلنتاج الفالحي‬


‫المحلي‬

‫وتثمين المنتجات الفالحية‬


‫المحور االستراتيجي الثاني‪ :‬تثمين المنتوجات المحلية‬

‫‪ 1‬المملكة المغربية‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة (‪ ،")2016/2011‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13.‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪28‬‬
‫‪186‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المحور االستراتيجي االول‪ :‬تشجيع التشجير‬


‫المحافظة على الموارد الغابوية‬
‫المحور االستراتيجي الثاني‪ :‬المحافظة على البيئة‬

‫المحور االستراتيجي االول‪ :‬تقوية قدرات المؤسسة الجماعية‬

‫تقوية قدرات المؤسسات والفاعلين‬


‫تقوية قدرات المؤسسة‬
‫المحور االستراتيجي الثاني‪ :‬تنمية الموارد المالية للجماعة‬ ‫الجماعية‬

‫المحليين‬
‫المحور االستراتيجي االول‪ :‬تقوية قدرات الفاعلين المحليين والتنظيمات‬
‫المحلية‬ ‫قدرات الفاعلين المحليين‬
‫والتنظيمات المحلية تقوت‬
‫المحور االستراتيجي الثاني‪ :‬تنمية خلق الشراكات بين المؤسسات‬ ‫وشراكات عقدت‬
‫العمومية‬
‫المصدر‪ :‬المملكة المغربية‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج دعم التخطيط الجماعي‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة‬
‫سكورة الحدرة (‪ ،")2016/2011‬نسخة مصادق عليها في الدورة العادية لشهر أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪.28 .‬‬

‫ثم بعد ذلك يتم تحديد برنامج عمل مدته ‪ 06‬سنوات (‪ ،)2016/2011‬يترجم األنشطة القابلة للتمويل‬
‫بنك المشاريع*‪ ،‬والتي تم ترتيبها حسب األولويات وتقدير التكلفة اإلجمالية وتحديد مصادر التمويل‬
‫المعتمدة أو المحتملة إما األنشطة التي يصعب تمويلها خالل والية المجلس الحالي‪ ،‬أو التي تتجاوز‬
‫القدرات االستثمارية للجماعة‪ ،‬ومن ثم يتم ترتيب المشاريع حسب أهميتها اعتمادا على معايير واضحة‬
‫منها‪ :‬تحسين الدخل وأثره االجتماعي القوي على الساكنة‪ ،‬إمكانية التمويل‪ ،‬تنمية الموارد المالية للجماعة‪،‬‬
‫سنة اإلنجاز‪.‬‬
‫وللتمكن من تتبع وتقييم درجة تنفيذ المشاريع المقترحة في المخطط الجماعي للتنمية البد من وضع‬
‫نظام للتتبع والتقييم قوامه لجنة تقنية دائمة يتم تزويدها باإلمكانيات البشرية والمادية الالزمة‪ ،‬وتعتمد على‬
‫‪1‬‬
‫مصادر وآليات للتتبع والتقييم كفيلة لالستجابة لألهداف التالية‪:‬‬
‫‪ -‬رفع تقارير عن حالة تقدم مشاريع المخطط الجماعي للتنمية‪.‬‬
‫‪ -‬رفع تقارير حول مدى بلوغ األهداف المسطرة لتلك المشاريع‪.‬‬
‫‪ -‬رفع تقارير سنوية‪.‬‬
‫‪ -‬تحيين المشاريع السنوية باستمرار‪.‬‬
‫وفي األخير فإن هذا المخطط الجماعي للتنمية ساهم في تقوية قدرات الجماعات المحلية باالعتماد على‬
‫نهج تشاركي مما خلق تواصال جيدا بين مختلف الفاعلين‪ ،‬كما سهل اتخاذ القرار وإيجاد حلول للتنمية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وقد كانت أهم المكتسبات األساسية خالل هده المرحلة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تمكين الجماعات المحلية من تقوية قدراتها (التعلم بالممارسة)‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف المعلومات التي ثم جمعها خالل مرحلة التشخيص التشاركي المجالي في وضع نظام‬
‫معلوماتي جماعي‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية قدرات المجلس الجماعي خاصة في مجال جمع وتحليل المعطيات وذلك عن طريق التعلم‬
‫بالممارسة‪.‬‬

‫‪ 1‬المملكة المغربية‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة (‪ ،")2016/2011‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66.‬‬
‫*أنظر المخطط المالي لألنشطة المقترحة في المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة للفترة الممتدة (‪ )2016-2011‬في الملحق رقم‬
‫(‪)03‬‬

‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.67.‬‬


‫‪187‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫توفر المجلس الجماعي على معطيات أساسية حول مجالها (وضعية مرجعية)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تقوية روح الفريق داخل المجلس الجماعي‪ ،‬كما أن السكان أصبحوا على معرفة أكثر بإمكانيات‬ ‫‪-‬‬
‫مجال الجماعة‪.‬‬
‫دعم المشاركة واإلحساس بالمواطنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تقوية عالقات التعاون بين الجماعة والمصالح التقنية وسلطات الوصاية‪ ،‬مما ساهم في االنسجام‬ ‫‪-‬‬
‫بين المخطط الجماعي للتنمية والسياسات القطاعية‪.‬‬
‫الفرع الرابع معيقات التخطيط االستراتيجي المحلي في المغرب‪:‬‬
‫هناك الكثير من الصعوبات والعوائق التي كان لها تأثير بالغ في تعثر السياسات التنموية في المغرب‬
‫‪1‬‬
‫نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫أوال العوائق البنيوية والمالية‪ :‬تتحدد العوائق البنيوية من كونها نابعة من طبيعة النظام اإلداري ذاته‪ ،‬أما‬
‫العوائق المالية فهي مرتبطة بظواهر أخرى‪.‬‬

‫‪ .1‬العوائق البنيوية ‪ :‬إن االختالالت والفوارق التي يعاني منها المغرب هي تراكم تاريخي بتدبير سيء‬
‫مشوب بالعديد من النقائص واالختالالت‪ ،‬واالعتماد على مقاربة تنموية قطاعية منفردة غير منظمة‬
‫تفتقر إلى النظرة الشمولية في تنمية المجال‪ ،‬ألن اعداد المجال هو مجهود للتنسيق بين كل المتدخلين‬
‫من أجل الوصول إلى هدف معين‪ ،‬وكذا جعل هذا االعداد يشمل كل الميادين والقطاعات واألجهزة‬
‫والمعلومات‪ ،‬وبالتالي فأن التعامل مع تنمية المجال الوطني والمحلي لن تأتي إال في نظرة شمولية‬
‫تدمج مختلف األبعاد والمقاربات (اجتماعية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬سياسية‪ ،‬بيئية ‪ ،)...‬في إطار شراكة‬
‫وتوازن بين مختلف القطاعات والمبادرات‪.‬‬
‫‪ .2‬العوائق المالية ‪ :‬تتلخص أزمة مالية الجماعات المحلية في كونها تتسم بطابع الضعف‪ ،‬ونظرا الزدياد‬
‫المطالب التنموية المحلية أصبحت الجماعات المحلية تلجأ إلى كل وسائل التمويل الجماعي سواء‬
‫كانت ذاتية أو استثنائية‪ ،‬مما أدى إلى حصول عدة ظواهر مالية سلبية تجلت في ضعف االستقالل‬
‫المالي لها‪ ،‬باإلضافة إلى مشكل عدم المتابعة في اإلنجاز والذي امتد إلى مسألة تتبع المخططات‬
‫القطاعية مما أدى إلى زيادة الجهود والطاقات واهدار موارد مالية‪ ،‬كما أن اعداد المخططات‬
‫الجهوية والمحلية لم يعبر عن رؤية استراتيجية حقيقية للتنمية المحلية فالمخططات الجهوية كانت‬
‫تفتقر إلى طاقات محلية كفئة قادرة على رسم استراتيجية تدبير محلية كما أنها لم تتمكن من التناغم‬
‫مع المخطط الوطني‪ ،‬كذلك فإن ضعف تكوين المنتخب الجماعي يحد من مساهمته العلمية في وضع‬
‫مخططات تنموية لجماعته‪ ،‬عدم انتظام المخطط الوطني والمخطط الجماعي الناتج عن تباين الفترة‬
‫الزمنية بينهما فالمجلس الجماعي يرتبط بفترة انتخابية محددة ال تساير في الغالب فترة تنفيذ المخطط‬
‫الوطني األمر الذي يؤدي إلى التعارض بين هذين المخططين‪ ،‬فالمجلس الجماعي ستكون رؤيته‬
‫محدودة حيث سيجعل من مجهوداته مجاال يرتكز باألساس على تحقيق مشاريع قصيرة األمد من‬
‫شأنها أن تضمن ثقة السكان والناخبين خالل الفترة االنتخابية المقبلة‪ .‬كذلك من بين السمات السلبية‬
‫هي سوء التوزيع الجغرافي للموارد المالية الجماعية على الصعيد الجهوي فالثروة المالية المحلية ال‬
‫تتصف بالمساواة والتوازن ما بين الجماعات التابعة لمختلف المناطق والجهات حيث أن هناك‬

‫‪ 1‬الهام عقادي‪" ،‬معيقات التخطيط االستراتيجي وسبل انجاحه"‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪ ،‬على الرابط التالي‪www.marocdroit.com :‬‬
‫مقال منشور يوم‪ :‬السبت ‪ 22‬أوت ‪ ،2015‬تم تصفح الموقع يوم‪2017/09/28 :‬‬
‫‪188‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اختالف وفرق كبير في الحصص المالية المخصصة لقطاع التجهيزات الجماعية بين الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬كما أن االستفادة من مداخيل الجماعات ذات الطبيعة الجبائية تتفاوت بين الجماعات‬
‫الحضرية والقروية وذلك لوجود أغلب هذه الرسوم في المجال الحضري وغيرها من المعيقات‬
‫‪1‬‬
‫المالية‪.‬‬
‫ثانيا العوائق البشرية‪ :‬كشفت التجربة عن افتقار الكثير من الجماعات المحلية إلى منتخبين ذو كفاءة‪،‬‬
‫ولذلك فقد نص المشرع أنه "ال يجوز ألعضاء المجالس الجماعية الذين ال يثبتون توفرهم على مستوى‬
‫تعليمي يعادل على األقل المستوى نهاية الدروس االبتدائية أن ينتخبوا رؤساء وال أن يزاولوا هذه المهام‬
‫بصفة مؤقتة"‪ .‬فمن أجل جودة التدبير اإلداري والمالي للجماعات المحلية تتطلب توفر رؤساء هذه‬
‫الجماعات على مستويات تعليمية عالية باإلضافة إلى التأهيل الالزم لممارسة هذه المهام‪ .‬كما تعاني‬
‫الجماعات المحلية من الصراعات السياسية والشخصية التي ترجع إلى غياب االنسجام والتعاون بين‬
‫المنتخبين الجماعيين حيث أن الصراعات الشخصية ترجع إما إلى الخالفات السياسية أو الحزبية وإما إلى‬
‫النزاعات األيديولوجية‪ ،‬كما أن تضارب المصالح الشخصية الناتج إما عن أسباب مادية صرفة أو عن‬
‫التعصب الحزبي مما يسقط المسؤولية الجماعية في ثنايا التنافر والتصدع وبالتالي ضياع مصالح السكان‬
‫والجماعة ككل‪ .‬كذلك تجدر اإلشارة إلى أن حسن التوظيف في الجماعات المحلية يجب أن يتم بطريقة‬
‫تمكن م ن استثماره لتنمية الجماعة والرفع من تنافسيتها إال أن واقع الوظيفة الجماعية يفتقر كذلك الى‬
‫التأهيل والتكوين الضروريين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التخطيط االستراتيجي المحلي في جمهورية مصر العربية‬

‫إن نظام اإلدارة في مصر شديد المركزية‪ ،‬فحكومة العاصمة تسيطر سيطرة شبه كاملة على شؤون‬
‫المحليات من محافظات ومدن وقرى‪ ،‬فالقاعدة الشعبية ليس لها سلطة فعلية وحقيقية في إدارة شؤونها‬
‫المحلية أوفي التأثير على مسار الشؤون القومية العامة‪ ،‬ولهذه المركزية في مصر مبرراتها التاريخية‬
‫والجغرافية‪ ،‬فقد قامت حضارة مصر منذ فجر التاريخ على الزراعة النهرية ذات الدورات السنوية الثابتة‪،‬‬
‫مما يتطلب حكومة مركزية تضبط توزيع المياه وتنظيم الري وإقامة وصيانة الجسور‪ ،‬كما ساعدت طبيعة‬
‫مصر الجغرافية وشكل المعمور المصري في الوادي والدلتا‪ ،‬مثل واحة تحف بها الصحراء والبحار على‬
‫‪2‬‬
‫حتمية المركزية في كيان وإدارة الدولة‪.‬‬

‫إال أن االتجاه العالمي في إدارة الدولة الحديثة يتجه نحو الحد من المركزية والتوسع في تطبيق‬
‫الالمركزية‪ ،‬إذ يقتصر دور الحكومة المركزية على األمور السيادية كالدفاع والسياسة الخارجية وإدارة‬
‫االقتصاد القومي‪ ،‬باإلضافة إلى إنشاء المشروعات القومية الكبرى والمرافق العامة التي تربط األقاليم‬
‫بعضها ببعض‪ ،‬في حين تقوم حكومة األقاليم أساسا بتقديم الخدمات االجتماعية من تعليم وصحة وإسكان‬
‫وثقافة وأمن‪ ،‬كما أنها تقوم بتخطيط وتنفيذ وتشغيل مشروعات المرافق‪ ،‬وكذا التنمية اإلنتاجية والخدمية‬
‫‪3‬‬
‫داخل اإلقليم‪.‬‬

‫‪ 1‬الهام عقادي‪" ،‬معيقات التخطيط االستراتيجي وسبل انجاحه"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ www.marocdroit.com‬مقال منشور يوم‪ :‬السبت ‪ 22‬أوت ‪ ،2015‬تم تصفح الموقع يوم‪2017/09/28 :‬‬
‫‪ 2‬جمهورية مصر العربية‪" ،‬اإلطار االستراتيجي لخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية حتى عام ‪( 2022‬مقترح ألغراض الحوار المجتمعي)"‪،‬‬
‫وزارة التخطيط والتعاون الدولي‪ ،‬نوفمبر ‪ ،2012‬ص‪.117 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪189‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما أن ا العتماد على اإلدارة المحلية أصبح أمر ال غنى عنه من أجل التغلب على مشكالت المواطنين‬
‫وتحسين الخدمات التي تقدم لهم في مجال الصحة والتعليم والبنية التحتية واألمن وغيرها من الخدمات‬
‫العامة‪ .‬وقد ضاعف االهتمام باإلدارة المحلية الزيادة الهائلة في عدد السكان وتنامي حاجاتهم إلى المزيد‬
‫من الخدمات التي تقدمها الهيئات المحلية‪ ،‬ونتيجة لذلك قامت الدولة بالتوسع في منح الصالحيات‬
‫واالختصاصات لإلدارة المحلية‪ ،‬ومما يشجع الدول على تبني نظم اإلدارة المحلية هو أن أفراد المجتمع‬
‫المحلي يعرفون بعضهم البعض كما أنهم أجدر الناس معرفة بمشكالتهم‪ ،‬مما يجعل اإلدارة المحلية األكثر‬
‫‪1‬‬
‫قدرة على تنفيذ الخدمات لهؤالء المواطنين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وحدات اإلدارة المحلية في مصر‬


‫يشكل نظام الحكم المحلي مطلبا مهما في منظومة التنمية‪ ،‬بما يلعبه من أدوار في احداث التواصل بين‬
‫اإلدارة المركزية على مستوى الدولة وكافة قطاعات المجتمع الشعبية في المحافظات والمدن والقرى‪ ،‬وقد‬
‫تزايد االهتمام بدعم الالمركزية في مصر السيما في ظل عجز الحكومة المركزية عن الوفاء بكافة‬
‫‪2‬‬
‫احتياجات المجتمع من جهة‪ ،‬وندرة وسوء استغالل الموارد الطبيعية والبشرية من جهة أخرى‪.‬‬
‫وتعتبر اإلدارة المحلية في مصر وسيلة من الوسائل التي تساعد أفراد المجتمع في إدارة شؤونهم‬
‫المحلية‪ ،‬إذ أن للمحليات القدرة على اتخاذ القرار في بعض االختصاصات مما يقلل من المركزية‬
‫‪3‬‬
‫اإلدارية‪ ،‬وتقوم بممارسة سلطتها حسب القانون‪.‬‬
‫إن نظام اإلدارة المحلية في مصر مر بأطوار عديدة‪ ،‬فقد بدأت إرهاصاته في العقد السادس من القرن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬حيث ربط البعض نشأة الالمركزية المحلية في مصر بميالد الحركة النيابية عندما أصدر‬
‫الخديوي إسماعيل عام ‪ 1866‬مرسوما بإنشاء مجلس نيابي للبالد وإنشاء مجالس للمديريات‪ ،‬مما يعد بداية‬
‫لنظام إدارة محلية رغم ثانوية االختصاصات وعدم االعتراف بمجالس المديريات كشخصية معنوية أو‬
‫اعتبارية‪ .‬أما عام ‪ 1909‬يعتبر الميالد الحقيقي لنظام اإلدارة المحلية في مصر وذلك بصدور القانون ‪22‬‬
‫لسنة ‪ ،1909‬والذي اعترف بالشخصية المعنوية لمجالس المديريات وتصريف أمورها بنفسها‪ ،‬كما حدد‬
‫اختصاصاتها وحقها في فرض رسوم مؤقتة وكذا حقها في إبداء الرأي في كل األمور التي تهم المديرية‬
‫‪4‬‬
‫وسكانها‪.‬‬
‫ويأخذ النظام المحلي المصري في إطار القانون رقم ‪ 34‬لسنة ‪ 1979‬وما طرأ عليه من تعديالت شكل‬
‫الهر م المتعدد المستويات‪ ،‬فوحدات اإلدارة المحلية تضم خمس مستويات هي‪ :‬المحافظة‪ ،‬المركز‪ ،‬المدينة‪،‬‬
‫األحياء‪ ،‬القرى‪ ،‬ووحدات إدارية أخرى مهمة في النظام المحلي المصري قد تكون فوق هرم النظام خارج‬
‫الطبيعة النمطية الموحدة لذلك الهرم وهي المدن ذات الوضع الخاص والمدن أو التجمعات العمرانية‬
‫الجديدة‪ ،‬وتتدرج كافة أنحاء الدولة تحت لواء وحدات محلية على نحو هرمي وتحت االشراف العام لهيئة‬
‫‪5‬‬
‫مركزية وهي المجلس األعلى لإلدارة المحلية‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد إبراهيم الشافعي‪" ،‬تمويل الالمركزية المحلية في مصر (طبيعته ومشكالته وسبل عالجه)" في مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬كلية القانون‪،‬‬
‫جامعة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬السنة السابعة والعشرون‪ ،‬العدد السادس والخمسون (أكتوبر ‪ ،)2013‬ص‪.356 .‬‬
‫‪ 2‬ايمان مرعي‪" ،‬إشكاليات نظام الحكم المحلي في مصر واتجاهات التطوير"‪ ،‬مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‪ ،‬مقال منشور يوم‪:‬‬
‫‪ ،2017/01/30‬على الرابط التالي‪ ،acpss.ahram.org.eg :‬تم تصفح الموقع يوم‪2017/09/28 :‬‬
‫‪ 3‬األمين عوض حاج أحمد وحسن كمال الطاه ر ورباب المحينة‪ " ،‬األطر المؤسسية للمجتمع المحلي والشراكة في تحقيق التنمية" (ورقة بحثية)‪،‬‬
‫أوت ‪ ،2007‬ص‪.18 .‬‬
‫‪ 4‬محمد إبراهيم الشافعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.379 .‬‬
‫‪ 5‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50 .‬‬
‫‪190‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقد أصبحت أهم االختصاصات لألجهزة المحلية هي التنمية والعمران والتي تؤثر تأثيرا مباشرا على‬
‫‪1‬‬
‫المواطن المحلي والتي تمثلت في‪:‬‬
‫‪ -‬تتولى في حدود السياسة العامة للدولة الرقابة على مختلف المرافق واألعمال التي تدخل في‬
‫اختصاصات المحافظة‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم باإلشراف على التنمية الحضرية ومتابعتها‪.‬‬
‫‪ -‬إقرار مشروعات خطط التنمية االجتماعية واالقتصادية ومشروع الموازنة السنوية للمحافظة‬
‫ومتابعة تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬الموافقة على المالية العامة بما يفي متطلبات اإلسكان والتنسيق واقتراح التخطيط العمراني‬
‫والتعمير‪.‬‬
‫وبالنسبة لوحدات اإلدارة المحلية هي المحافظات والمراكز والمدن واألحياء والقرى‪ ،‬يكون لكل منها‬
‫‪2‬‬
‫الشخصية االعتبارية ويتم إنشاءها وتحديد نطاقها وتغيير أسماءها وإلغاءها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬المحافظات‪ :‬بقرار من رئيس الجمهورية‪ ،‬ويجوز أن يكون نطاق المحافظة مدينة واحدة‪.‬‬
‫‪ -‬المراكز والمدن واألحياء‪ :‬بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي‬
‫للمحافظة‪.‬‬
‫‪ -‬القرى‪ :‬بقرار من المحافظ بناءا على اقتراح المجلس الشعبي المحلي للمركز المختص وموافقة‬
‫المجلس الشعبي المحلي للمحافظة‪.‬‬
‫تقوم وحدات اإلدارة المحلية في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة بإنشاء وإدارة جميع‬
‫المرافق العامة الواقعة في دائرتها‪ ،‬كما تتولى جميع االختصاصات التي تتوالها الوزارات بمقتضى‬
‫ال قوانين واللوائح المعمول بها‪ ،‬فيما عدى المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار‬
‫من رئيس الجمهورية‪ ،‬وتحدد الالئحة التنفيذية المرافق التي تتولى المحافظات إنشاءها وإدارتها الوحدات‬
‫‪3‬‬
‫األخرى لإلدارة المحلية‪.‬‬
‫وتنقسم مصر إلى ‪ 27‬محافظة وتضم حوالي ‪ 433‬مركزا و‪ 220‬مدينة و‪ 4641‬قرية‪ ،‬وقد خولت‬
‫السلطات الالمركزية اختصاصات كبيرة في شتى المجاالت الصحية والتعليمية واألمنية واالجتماعية‬
‫‪4‬‬
‫وغيرها من االختصاصات‪.‬‬
‫وفيما يلي سيتم عرض وحدات اإلدارة المحلية في مصر‪:‬‬
‫‪ .1‬المحافظات‪ :‬ويكون لكل محافظة محافظ ممثال للسلطة التنفيذية بالمحافظة ويشرف على تنفيذ‬
‫السياسة العامة للدولة وعلى مرافق الخدمات واإلنتاج في نطاق المحافظة‪ ،‬ويكون مسؤوال عن‬
‫كفالة األمن الغذائي ورفع كفاءة اإلنتاج الزراعي والصناعي والنهوض به‪ ،‬وله أن يتخذ كافة‬
‫اإلجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك في حدود القوانين واللوائح‪ .‬وله أن يتخذ كافة اإلجراءات الكفيلة‬
‫بحماية أمالك الدولة العامة والخاصة‪ .‬ويكون لكل محافظ سكرتير عام له سلطات واختصاصات‬
‫وكيل الوزارة في المسائل المالية واإلدارية المنصوص عليها في القوانين واللوائح‪ .‬ويشكل في كل‬
‫محافظة مجلس شعبي محلي من ‪ 08‬أعضاء عن كل مركز أو قسم اداري على أن يكون أحدهم‬

‫‪ 1‬األمين عوض حاج أحمد وحسن كمال الطاهر ورباب المحينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.19 .‬‬
‫‪ 2‬محمد الصيرفي‪ ،‬إدارة األعمال الحكومية‪ ،‬ط‪(1‬اإلسكندرية‪ :‬مؤسسة حورس الدولية‪ ،)2013 ،‬ص‪.172 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪ 4‬محمد إبراهيم الشافعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.382 .‬‬
‫‪191‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫باالنتخاب الفردي‪ ،‬وينتخب رئيس ووكيلين المجلس الشعبي للمحافظة من بين أعضاءه في أول‬
‫اجتماع لدور االنعقاد العادي ولمدة هذا الدور‪.‬‬
‫ويعتبر المحافظ رأس السلطة التنفيذية المحلية وممثال للحكومة المركزية إال أنه ال يملك إال اقتراح‬
‫الخطط أو االشراف العام غير المقترن بسلطة على الهيئات العامة ألن تلك الوظائف تدخل في اختصاص‬
‫‪1‬‬
‫الوزارات المركزية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وللمجلس الشعبي المحلي العديد من االختصاصات نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يتولى في حدود السياسة العامة للدولة الرقابة على مختلف المرافق واألعمال التي تدخل في‬
‫اختصاصات المحافظة‪.‬‬
‫‪ -‬يطلب عن طريق المحافظ أية بيانات تتعلق بنشاط الوحدات األخرى اإلنتاجية واالقتصادية‬
‫وغيرها العاملة في دائرة المحافظة‪.‬‬
‫‪ -‬يتولى االشراف على تنفيذ الخطط الخاصة بالتنمية المحلية ورعايتها‪.‬‬
‫‪ -‬إقرار مشروعات خطط التنمية االقتصادية واالجتماعية ومشروع لموازنة السنوية للمحافظة‬
‫ومتابعة تنفيذها والموافقة على مشروع الحساب الختامي‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد وإقرار خطة المشاركة الشعبية بالجهود واالمكانيات الذاتية للمعاونة في المشروعات‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬الموافقة على المشروعات العامة بما يفي بمتطلبات اإلسكان والتشييد واقتراح مشروعات‬
‫التخطيط العمراني والتعمير‪.‬‬
‫‪ -‬الموافقة على انشاء المرافق التي تعود بالنفع العام على المحافظة ‪...‬وغيرها من االختصاصات‬
‫‪ .2‬المراكز‪ :‬يكون لكل مركز رئيس وهو رئيس المدينة عاصمة المركز‪ ،‬يختاره رئيس مجلس‬
‫الوزراء وتكون له سلطات وكيل الوزارة ورئيس المصلحة في المسائل المالية واإلدارية بالنسبة‬
‫ألجهزة وموازنة المركز على النحو الذي تبينه الالئحة التنفيذية ويجوز بقرار من المحافظ تعيين‬
‫نائب لرئيس المركز‪ .‬ولرئيس المركز تفويضه في بعض اختصاصاته‪ .‬وبالنسبة للمجلس التنفيذي‬
‫فهو يقوم بمعاونة رئيس المركز في وضع الخطط اإلدارية والمالية الالزمة لشؤون المركز‬
‫ولتنفيذ قرارات المجلس الشعبي المحلي للمركز وله مهام عديدة أخرى‪ .‬ويشكل في كل مركز‬
‫مجلس شعبي محلي تمثل فيه المدينة عاصمة المركز ب ‪ 10‬أعضاء على أن يكون أحدهم‬
‫باالنتخاب الفردي‪ ،‬وتمثل المدينة التي تضم أكثر من قسم إداري ب ‪ 12‬عضوا على أن يكون‬
‫أحدهم باالنتخاب الفردي‪ ،‬مع مراعاة تمثيل جميع األقسام اإلدارية المكونة للمدينة‪ ،‬أما باقي‬
‫الوحدات المحلية فتمثل ب ‪ 08‬أعضاء عن كل وحدة على أن يكون أحدهم باالنتخاب الفردي‪.‬‬
‫ويختص المجلس الشعبي المحلي للمركز في نطاق السياسة العامة للمحافظة باإلشراف والرقابة على‬
‫قراراتها في الحدود التي تقررها الالئحة التنفيذية‪ ،‬كما يتولى الرقابة على مختلف المرافق ذات الطابع‬
‫المحلي التي تخدم أكثر من وحدة محلية في نطاق المركز‪ ،‬وله العديد من االختصاصات كذلك نذكر منها‬
‫‪3‬‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬ايمان مرعي‪" ،‬إشكاليات نظام الحكم المحلي في مصر واتجاهات التطوير"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪acpss.ahram.org.eg‬‬
‫‪ 2‬محمد الصيرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.176 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.180 .‬‬
‫‪192‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬إقرار مشروع الخطة ومشروع الموازنة السنوية للمركز ومتابعة تنفيذها وإقرار مشروع الحساب‬
‫الختامي‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد وإقرار خطة المشاركة الشعبية بالمجهود واالمكانيات الذاتية على مستوى المركز في‬
‫المشروعات المحلية ومتابعة تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬اقتراح إنشاء مختلف المرافق التي تعود بالنفع العام على المركز‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد وإقرار القواعد العامة إلدارة واستخدام ممتلكات المركز والتصرف فيها‪.‬‬
‫‪ -‬الموافقة على القواعد العامة لتنظيم تعامل أجهزة المركز مع الجماهير في كافة المجاالت‪.‬‬
‫‪ -‬الموافقة على القواعد الالزمة لتنظيم المرافق العامة المحلية للمركز ورفع كفاءة العمل بها‪.‬‬
‫‪ -‬اقتراح خطط رفع الكفاية اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ .3‬المدن‪ :‬ويكون لكل مدينة رئيس له سلطات وكيل الوزارة ورئيس مصلحة في المسائل المالية‬
‫واإلدارية بالنسبة ألجهزة وموازنة المدينة‪ ،‬ويشكل بكل مدينة مجلس تنفيذي برئاسة رئيس المدينة‬
‫وعضوية كل من‪ :‬مديري إدارات الخدمات واإلنتاج بالمدينة الذين تحددهم الالئحة التنفيذية‪،‬‬
‫سكرت ير المدينة ويكون أمينا للمجلس‪ ،‬ويتولى المجلس التنفيذي معاونة رئيس المدينة في وضع‬
‫الخطط اإلدارية والمالية الالزمة لشؤون المدينة ولتنفيذ قرارات المجلس الشعبي المحلي للمدينة‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمجلس الشعبي المحلي للمدينة فيمثل فيه كل قسم اداري ب ‪12‬عضوا على أن يكون‬
‫أحدهم باالنتخاب الفردي‪ ،‬ويكون تمثيل المدينة ذات الواحد ب ‪ 20‬عضوا على أن يكون أحدهم‬
‫باالنتخاب الفردي‪ ،‬ويتولى المجلس الشعبي المحلي للمدينة في نطاق السياسة العامة للمركز‬
‫الرقابة واإلشراف على مجالس األحياء والتنسيق بينها والرقابة على مختلف المرافق ذات الطابع‬
‫‪1‬‬
‫المحلي في نطاق المدينة‪.‬‬
‫‪ .4‬األحياء‪ :‬يتم إنشاءها وتحديد نطاقها وتغيير أسماءها وإلغاءها بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد‬
‫موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة‪ ،‬وعند تقسيم المدن الكبرى إلى أحياء يجب مراعاة‬
‫العنصر السكاني وتكامل وحدات الخدمات واإلنتاج ووفقا للقواعد واألوضاع التي يصدر بها قرار‬
‫‪2‬‬
‫من رئيس مجلس الوزراء‪.‬‬
‫ويكون لكل حي رئيس له‪ ،‬يتمتع هذا الرئيس بسلطات وكيل وزارة ورئيس المصلحة في المسائل‬
‫المالية واإلدارية‪ ،‬ويشكل بكل حي مجلس تنفيذي برئاسة الحي وعضوية كل من‪ :‬رؤساء األجهزة التنفيذية‬
‫في نطاق الحي الذين تحددهم الالئحة التنفيذية‪ ،‬وسكرتير الحي ويكون أمينا للمجلس‪ ،‬ويتولى المجلس‬
‫التنفيذي معاونة رئيس الحي في وضع الخطط اإلدارية والمالية الالزمة لشؤون الحي‪ ،‬أما المجلس الشعبي‬
‫المحلي للحي فهو يضم قسما إداريا واحدا من ‪ 16‬عضوا على أن يكون أحدهم باالنتخاب الفردي‪ ،‬ويتولى‬
‫المجلس الشعبي المحلي للحي في نطاق السياسة العامة للمدينة الرقابة واإلشراف على مختلف المرافق‬
‫ذات الطابع المحلي في نطاق الحي‪ ،‬وكذا تحصيل الموارد لحساب المدينة فيما عدى الموارد الي يقرر‬
‫‪3‬‬
‫المجلس الشعبي للمدينة تحصيلها مباشرة‪.‬‬
‫‪ .5‬القرى‪ :‬لكل قرية رئيس يتمتع بسلطات رئيس المصلحة في المسائل المالية واإلدارية بالنسبة‬
‫ألجهزة وموازنة القرية‪ ،‬ويشكل في كل قرية مجلس شعبي محلي من ‪ 20‬عضوا على أن يكون‬

‫‪ 1‬محمد الصيرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182.‬‬


‫‪ 2‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.54 .‬‬
‫‪ 3‬محمد الصيرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.185 .‬‬
‫‪193‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أحدهم باالنتخاب الفردي‪ ،‬ويتولى المجلس الشعبي المحلي للقرية مراقبة تحصيل موارد القرية‪،‬‬
‫مساعدة المرافق والمنشآت واألجهزة المحلية‪ ،‬وضع القواعد التي تكفل حسن سير العمل باألجهزة‬
‫اإلدارية والتنفيذية بالقرية‪ ،‬بحث احتياجات القرية من المرافق والخدمات والمشروعات الالزمة‬
‫للتنمية االقتصادية واالجتماعية والعمرانية للقرية‪ ...‬وغيرها من االختصاصات‪ .‬والجدير بالذكر‬
‫‪1‬‬
‫أنه ينشأ بكل قرية حساب خاص للخدمات والتنمية المحلية‪.‬‬
‫ويوضح الشكل الموالي تدرج نظام اإلدارة المحلية في مصر‬
‫الشكل رقم (‪ :)15‬تدرج نظام اإلدارة المحلية في مصر‬

‫رئيس الجمهورية‬

‫رئيس الوزراء‬

‫المجلس األعلى لإلدارة المحلية‬

‫األقاليم االقتصادية‬

‫المحافظات‬

‫المحافظ‬

‫منطقة خدمات االستثمار‬

‫المجلس الشعبي المحلي‬ ‫المجلس التنفيذي للمحافظة‬


‫المركز‬

‫المجلس الشعبي المحلي‬ ‫المجلس التنفيذي المحلي‬

‫القرى‬ ‫المدن‬

‫المجلس الشعبي‬ ‫المجلس التنفيذي‬ ‫المجلس الشعبي‬ ‫المجلس التنفيذي‬

‫األحياء‬

‫المجلس الشعبي‬ ‫المجلس التنفيذي‬

‫المصدر‪ :‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬التخطيط اإلقليمي ودوره في التنمية المحلية (دراسة مقارنة)‪( ،‬القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪:‬‬
‫منشورات المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬سلسلة أطروحات الدكتوراه‪ ،)2016 ،‬ص‪.55 .‬‬

‫‪ 1‬محمد الصيرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.186 .‬‬


‫‪194‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سلبيات النظام اإلداري في مصر‬


‫تنقسم اإلدارة الحكومية في مصر إلى مستويين إداريين هما اإلدارة المركزية في العاصمة وتتمثل في‬
‫وزارات الدولة السيادية والوزارات اإلنتاجية والخدمية‪ ،‬واإلدارة المحلية والتي تقوم بإدارة المحافظات‬
‫والمدن والقرى‪ .‬إال أن النظام اإلداري المصري أعطى للمستوى األول (اإلدارة المركزية) هيمنة شبه‬
‫كاملة على المستوى الثاني (اإلدارة المحلية)‪ ،‬إذ يمكن القول أن اإلدارة المحلية ال تتمتع بذاتية مستقلة بل‬
‫إنها تعمل لدى الحكومة المركزية وتعتبر امتدادا لها‪ ،‬وقد اتسم النظام اإلداري المصري بظاهرتين‬
‫خطيرتين‪ ،‬تتمثل األولى في عدم التنسيق الكافي بين الوزارات المركزية في مجالي التنمية والخدمات‬
‫حيث تقوم كل منها بوضع خططها وتنفيذها وهي في معزل عن غيرها‪ ،‬ونفس األمر يحدث على المستوى‬
‫المحلي بحيث أن أنشطة المديريات المختلفة في المحافظة الواحدة ال يجمعها نسيج إداري واحد‪ ،‬مما يعني‬
‫أن العالقات األفقية بين الوزارات على المستوى المركزي وبين المديريات على المستوى المحلي شبه‬
‫غائبة‪ ،‬باإلضافة إلى أن األداء على المستوى المركزي ينصب في األساس على إيجاد الحلول للمشاكل‬
‫اآلنية في المدى القصير‪ ،‬ويمكن توضيح هيمنة اإلدارة المركزية على اإلدارة المحلية في مصر في النقاط‬
‫‪1‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬لكل وزارة من غالبية الوزارات المركزية مديرية تابعة لها في كل محافظة من محافظات مصر‬
‫مثل مديرية اإلسكان التابعة لوزارة اإلسكان والمرافق والتنمية العمرانية ومديرية الشؤون‬
‫الصحية التابعة لوزارة الصحة والسكان وغيرها‪ ،‬وتقوم كل وزارة باإلشراف الفني واإلداري‬
‫على المديرية التابعة لها‪ ،‬كما أن المديرية تقوم بتنفيذ خطط وبرامج الوزارة داخل المحافظة‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم الحكومة المركزية بتعيين وتغيير الموظفين العموميين بالمحافظات كالمحافظين ورؤساء‬
‫المدن واألحياء ومديري المديريات القطاعية‪ ،‬وذلك دون مشاركة محلية في اتخاذ قرارات التعيين‬
‫والتغيير لهؤالء الموظفين‪.‬‬
‫‪ -‬ال تتوفر باإلدارات المحلية موارد مالية كبيرة إذ انها تعتمد اعتمادا شبه كامل على ما تمنحه لها‬
‫الخزينة العامة من تمويل‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم الحكومة المركزية بوضع الخطط التنموية وتوفير الخدمات في مختلف المحافظات‪ ،‬كما تقوم‬
‫باإلشراف على تنفيذها من خالل مديرياتها بالمحافظات دون مشاركة محلية في التخطيط والتنفيذ‪.‬‬
‫وبعد تطبيق النظام اإلداري في مصر على مدى ستين عاما أدى إلى قصور في واضح في إدارة‬
‫‪2‬‬
‫التنمية‪ ،‬ويمكن إيجاز النتائج السلبية لهذا النظام فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الخلل في النظام المؤسسي للتخطيط‪ ،‬نظرا النفصال التخطيط االقتصادي عن التخطيط المكاني‪،‬‬
‫إذ تقوم هيئة التخطيط العمراني التابعة لوزارة اإلسكان بإعداد التخطيط العمراني على المستوى‬
‫القومي واإلقليمي وعلى مستوى المدن والقرى‪ ،‬دون تعاون وتكامل مع الوزارات والهيئات التي‬
‫تقوم بالتخطيط االقتصادي (الزراعة‪ ،‬الصناعة‪ ،‬التعدين‪ ،‬السياحة‪ ،‬النقل‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬الطاقة‪،‬‬
‫الموارد الم ائية وغيرها)‪ ،‬مما يعني أن الخطط االقتصادية والخطط المكانية ال تصب كلها في‬
‫وعاء تنموي واحد‪.‬‬

‫‪ 1‬جمهورية مصر العربية‪" ،‬اإلطار االستراتيجي لخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية حتى عام ‪( 2022‬مقترح ألغراض الحوار المجتمعي)"‪،‬‬
‫وزارة التخطيط والتعاون الدولي‪ ،‬نوفمبر ‪ ،2012‬ص ‪.118.‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.119 .‬‬
‫‪195‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬عدم العدالة في توزيع االستثمارات بين المحافظات وتركيزها في المراكز الحضرية الكبرى‬
‫وحرمان المحافظات النائية منها‪ ،‬األمر الذي أدى إلى تضخم هذه المراكز تضخما أخل بمنظومة‬
‫العمران في مصر وأفقدها توازنها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وجود سياسة للتنمية المكانية تتناسب مع النمو السكاني المتزايد‪ ،‬ولم توضع االستراتيجيات‬
‫والخطط لمواجهة الزيادة السكانية وتوفير ما تحتاجه من حيز مكاني وفرص عمل يسيران في‬
‫تناسب وتزامن مع هذه الزيادة المستمرة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم توفر الكف اءات الفنية باإلدارات المحلية من أجل القيام بمسؤولياتها التي خولها لها القانون‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال فإن قانون البناء الموحد وضع مسؤولية التخطيط العمراني للمدن والقرى على‬
‫عاتق المحليات‪ ،‬ونتيجة لعدم توفر األجهزة الفنية القادرة على القيام بهذه المهمة فقد تنازلت عنها‬
‫المحافظات وتركتها للهيئة العامة للتخطيط العمراني التابعة للحكومة المركزية لتقوم بتخطيط كل‬
‫مدن وقرى مصر‪.‬‬
‫‪ -‬عدم االهتمام بالتنمية البشرية المحلية‪ ،‬خاصة الكفاءات القادرة على استيعاب التكنولوجيات‬
‫الحديثة واستخدامها في االرتقاء بالصناعات التقليدية لكي تكتسب المنتجات المحلية قدرة تنافسية‬
‫عالية في السوق المحلي والسوق العالمي‪.‬‬
‫‪ -‬أدى تركيز السلطة في العاصمة وانفرادها بوضع السياسات واتخاذ القرارات الهامة والحاكمة إلى‬
‫عدم إتاحة الفرصة الكافية للقواعد الشعبية في المشاركة اإليجابية في وضع هذه السياسات واتخاذ‬
‫القرارات حتى في األمور التي تمس حياتهم بصورة مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬لم يتم االتفاق على تعريف موحد للكيان اإلقليمي بين الوزارات المختلفة‪ ،‬حيث قامت العديد من‬
‫الوزارات بصورة منفردة بتقسيم مصر إلى أقاليم بما يتناسب مع طبيعة أنشطتها‪ ،‬مما أفرز العديد‬
‫من التقسيمات اإلقليمية القطاعية مثل األقاليم التي حددتها كل من وزارة الصناعة ووزارة‬
‫الزراعة ووزارة السياحة ووزارة اإلسكان والمرافق والتنمية العمرانية وغيرها‪ ،‬أي أن كل‬
‫وزارة من تلك الوزارات سارت في مسارها الخاص في تحديد حدود أقاليمها‪ ،‬دون أن يجمعها‬
‫مفهوم موحد لإلقليمية اإلدارية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬األسباب الداعية لألخذ بأسلوب التخطيط اإلقليمي في مصر‬
‫يعرف التخطيط اإلقليمي بأنه "دراسة الموارد الطبيعية والبشرية المستثمرة وغير المستثمرة في‬
‫منطقة محددة من األرض‪ ،‬تتصف بميزات خاصة وتواجه مشكالت محددة بهدف معرفة امكانياتها‬
‫‪1‬‬
‫والنهوض بها ورفع مستوى معيشة سكانها لتحقيق أهداف معينة"‪.‬‬
‫ويعتمد التخطيط اإلقليمي في إدارة االقتصاد وتخطيطه على التقسيم اإلقليمي االقتصادي الشامل‪ ،‬أي‬
‫‪2‬‬
‫على تحديد األقاليم االقتصادية وإظهار إمكانيات تطورها األفقي والرأسي وتأمين الوسائل الالزمة لذلك‪.‬‬
‫الجدير بالذكر أن هناك العديد من العوامل التي ساهمت لالعتماد على نظام التخطيط اإلقليمي في‬
‫مصر‪ ،‬وفي نفس الوقت تبرز هذه العوامل أهمية اللجوء إلى هذا النوع من التخطيط والذي يركز على‬
‫البعد المكاني ويجعله أساسا لكل نشاط تنموي‪ ،‬وفيما يلي سيتم عرض أهم العوامل التي تدعو إلى األخذ‬
‫‪3‬‬
‫بأسلوب التخطيط اإلقليمي في مصر وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ 1‬أديب الخليل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪767 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.769.‬‬
‫‪ 3‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.205 .204 .‬‬
‫‪196‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ .1‬المشكلة السكانية‪ :‬إن المشكلة السكانية في مصر تثير قضية من ثالثة أبعاد وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬البعد األول‪ :‬وهو خاص بمعدل الزيادة السنوية للنمو السكاني والذي وصل إلى ‪.% 2.1‬‬
‫‪ -‬البعد الثاني‪ :‬ويتمثل في محدودية األرض الزراعية الحالية وعدم قدرتها على الوفاء باحتياجات‬
‫الغذاء األساسية للسكان الحاليين‪.‬‬
‫‪ -‬البعد الثالث‪ :‬ويتمثل في تكدس السكان في مساحة ضيقة ومحدودة وهي وادي ودلتا النيل‪ ،‬حيث‬
‫‪.2‬‬
‫تبلغ الكثافة السكانية في هذه الرقعة أكثر من ‪ 1000‬نسمة‪ /‬كم‬
‫وعليه فإنه إذا لم يصاحب الزيادة السكانية إعادة توزيع السكان سيترتب على ذلك زيادة الكثافة‬
‫السكانية على المساحة المؤهلة (الوادي ودلتا النيل)‪ ،‬فمن المتوقع أن تزيد الكثافة السكانية على المساحة‬
‫المؤهلة من ‪ 10‬آالف نسمة للكيلومتر مربع عام ‪ 2001‬إلى ‪ 20‬ألف نسمة عام ‪ .2021‬ومن ثم فإن األخذ‬
‫بأسلوب التخطيط اإلقل يمي من خالل أن كل إقليم يقوم بوضع خطة متكاملة للتنمية المكانية وتنظيم عملية‬
‫الجذب السكاني خارج الوادي والدلتا‪ ،‬حيث تتم إعادة توزيع مراكز التوطن الصناعي والزراعي داخل‬
‫األقاليم‪ ،‬مما يؤدي إلى إعادة توزيع السكان على كامل السطح الجغرافي في مصر‪.‬‬
‫‪ .2‬عالج مشكلة التفاوتات اإلقليمية‪ :‬تعرف التفاوتات اإلقليمية بأنها "عدم تناسب وقصور في‬
‫عملية التنمية في بعض األقاليم مع ازديادها في إقليم آخر‪ ،‬أي أنها تعبر عن االختالفات بين‬
‫النظام القومي والنظام اإلقليمي بالنسبة إلى معدالت التنمية"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ومن بين أهم األسباب التي أدت إلى ظاهرة التفاوتات اإلقليمية بين األقاليم نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تركيز المشروعات في مناطق معينة لالستفادة من وفرات الحجم الكبير‪ ،‬وقد ساعدت األرباح‬
‫المرتفعة على تركيز رؤوس األموال في بعض األقاليم‪ ،‬في حين أن انخفاض مستوى المعيشة‬
‫وعدم استقرار العمل في األقاليم األخرى ساعد على الهجرة إلى المناطق األكثر تقدما‪.‬‬
‫‪ -‬ترك الحرية لقوى السوق التلقائية دون تدخل من جانب الدولة تجعل المنشآت التي تدر عائدا كبيرا‬
‫تتجه إلى التوطن في بعض األقاليم دون غيرها‪.‬‬
‫‪ -‬تعمل حركة رأس المال على زيادة التباين بين األقاليم ففي األقاليم األكثر تقدما تساعد الزيادة في‬
‫الطلب على االستثمار والذي يؤدي إلى زيادة الدخل والطلب ومن ثم حدوث دورة جديدة من‬
‫االستثمار وهكذا‪.‬‬
‫‪ -‬تعمل الهجرة على زيادة معدالت النمو في األقاليم المتقدمة وانخفاضها في األقاليم األقل تقدما‪.‬‬
‫ومن هنا فإن التخطيط اإلقليمي يهدف إلى إحداث ذلك التوازن بين اقتصاديات األقاليم بعضها البعض‪،‬‬
‫حتى ال ينمو إقليم كبير تكون قد وجهت إليه عناية خاصة‪ ،‬بينما تظل بقية األقاليم في التخلف‪ ،‬فتطبيق‬
‫التخطيط اإلقليمي في األقاليم األقل نموا فإن التنمية فيه ستزداد تباعا وبالتالي تزداد ثروتها وتقل الفجوة‬
‫بينها وبين تلك األقاليم األكثر نموا‪.‬‬
‫‪ .3‬التحضر السريع (تضخم المدن)‪ :‬إن التمركز الصناعي في المدن وزيادة فرص العمل نتيجة‬
‫تطور الصناعات وارتفاع األجور نسبيا بها‪ ،‬وتطور الخدمات والمرافق ووجود فوارق بين حياة‬
‫الحضر والريف كل ذلك أدى إلى تطلع سكان الريف إلى المدن والهجرة إليها واالستمتاع‬
‫بخدماتها رغبة في الحصول على مستوى معيشي اجتماعي أفضل‪ ،‬وقد نتج عن ذلك التوسع‬

‫‪ 1‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.206 .‬‬


‫‪197‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الحضري‪ .‬ومشكلة التحضر السريع تعتبر من المشاكل الرئيسية في مصر‪ ،‬ويبلغ أشد التركز في‬
‫القاهرة واإلسكندرية فقد بلغت الكثافة السكانية في بعض أحياء القاهرة أكثر من ‪ 120‬ألف‬
‫نسمة‪/‬كم‪ ،2‬في حين أنه يجب أن يكون طبقا لقانون التخطيط العمراني حوالي ‪ 36‬ألف نسمة ‪/‬كم‪.2‬‬
‫وقد نتج عن التحضر السريع الكثير من المشاكل تتمثل أهمها في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬ارتفاع خيالي ألسعار أرض الحضر السيما في قلب المدينة‪.‬‬
‫‪ -‬النمو العشوائي واالمتدادات العمرانية غير المخططة خارج المدينة‪.‬‬
‫‪ -‬تدهور الخدمات والمرافق نظرا لعدم قدرتها على استيعاب الزيادة السكانية‪.‬‬
‫‪ -‬مشكلة النقل والمرور واختناق المرور لزيادة عدد السكان عن وسائل النقل وكذا زيادة وسائل‬
‫النقل عن طاقة الطرق‪.‬‬
‫‪ -‬مشاكل التلوث بكافة أنواعها‪.‬‬
‫‪ -‬المشاكل االجتماعية والتي تمثلت في انتشار الجريمة والبطالة والتفكك االجتماعي‪.‬‬
‫فالخطة اإلقليمية المتكاملة تبحث لتطوير البنية االقتصادية وتعميق التخصص االقتصادي للمنطقة أو‬
‫االقليم‪ ،‬فهي وسيلة أساسية لتكامل التخطيط القطاعي واإلقليمي‪ ،‬وتكمن أهميتها في حل القضايا‬
‫‪1‬‬
‫االقتصادية العامة والقضايا بين القطاعية اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬االستثمار المتكامل للموارد الطبيعية في المنطقة اإلدارية (اإلقليم اإلداري االقتصادي)‪ ،‬واختيار‬
‫النموذج األكثر فعالية في عملية االستثمار‪.‬‬
‫‪ .2‬االستثمار الهادف لموارد القوى العاملة‪ ،‬من خالل التطوير المتكامل لقطاعات البنية اإلنتاجية‬
‫والخدمية في المنطقة اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .3‬تشكيل البنية القطاعية والبنية اإلقليمية المثلى للمنظومة االقتصادية في المنطقة اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .4‬توظيف االحتياطات بين القطاعية لنمو إنتاجية العمل من خالل تنظيم المجمعات بين القطاعية‬
‫التي تتشكل على أساس المحاصيل أو الموارد ذات االستثمار المشترك والمتكامل مثل الشمندر‬
‫السكري والقطن والنفط والغاز‪ ...‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ .5‬تطوير العالقات االقتصادية الداخلية بين أجزاء المنطقة اإلدارية وبينها وبين المناطق األخرى‪،‬‬
‫على أساس التقسيم الجغرافي للعمل (التخصص اإلنتاجي والتكامل االقتصادي)‪.‬‬
‫‪ .6‬إزالة الفروقات في مستويات التطور االقتصادي واالجتماعي بين أجزاء المنطقة اإلدارية ورفع‬
‫مستوى حياة السكان‪.‬‬
‫‪ .7‬تخطيط شبكة المراكز العمرانية وتشكيل المنظومة الموحدة للتوطن السكاني‪.‬‬
‫‪ .8‬صيانة البيئة الطبيعية والحفاظ عليها وحمايتها من التلوث والتدهور ويستوجب حل هذه القضايا‬
‫التكامل األمثل للتخطيط القطاعي والتخطيط اإلقليمي والتحسين المستمر للخطط اإلقليمية‬
‫المتكاملة‪.‬‬

‫‪ 1‬أديب الخليل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.771 .‬‬


‫‪198‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تجربة التخطيط المحلي التشاركي في مصر‬


‫تعتمد آلية التخطيط بالمشاركة على مشاركة جميع األطراف المعنية في تحديد المشروعات التنموية‬
‫التي تساهم في االرتقاء بمستوى معيشة المواطنين المحليين‪ ،‬ويقصد باألطراف المشاركة‪ :‬المجالس‬
‫المحلية‪ ،‬القيادات التنفيذية المحلية‪ ،‬جمعيات تنمية المجتمع المحلي‪ ،‬القطاع الخاص والقيادات بالمجتمعات‬
‫‪1‬‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫إن مفهوم المشاركة في العملية التخطيطية تعتمد على األسس التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تبدأ العملية التخطيطية من المستوى المستهدف (المحلي) إلى المستوى األعلى‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫المستوى المحلي هو األقدر على تحديد احتياجات ومشاكل المجتمع بدقة‪ ،‬كما أنه القادر على‬
‫ابتكار الحلول‪.‬‬
‫‪ .2‬جماعية التخطيط عن طريق تفاعل كل األطراف في عمل جماعي‪.‬‬
‫‪ .3‬المعايشة مع الواقع المحلي حيث يتطلب ممارسة العملية التخطيطية في الموقع واشتراك كافة‬
‫األطراف المحلية من خالل خبراتها ومعلوماتها‪.‬‬
‫‪ .4‬ديموقراطية العملية التخطيطية أي أن تحديد المشاكل وصياغة األهداف واختيار الحلول يكون من‬
‫‪ .5‬مصالح القطاع األكبر من المجتمع‪.‬‬
‫‪ .6‬االستمرارية والتواصل للتنمية البشرية أي أن العملية التخطيطية ليست عملية مستقلة زمانية‪ ،‬ذات‬
‫بداية ونهاية وهدف مرحلي وإنما هي أداة للتنمية البشرية ورفع القدرات وتنمية الخبرات من‬
‫خالل الممارسة‪.‬‬
‫وقد أضحى للمشاركة الشعبية دور بارز داخل المجتمعات المصرية خاصة في التخطيط والخدمات‬
‫االجتماعية وتحسين البيئة‪ ،‬إذ يعد مشروع الناصرية أحد المشاريع الخاصة بالتنمية في مصر سنة ‪،1987‬‬
‫وقد كان االهتمام بالمشروع نابع من تمكين السكان بالقيام عن طريق جهودهم بإصالح التدهور في‬
‫المرافق العامة والخدمات‪ ،‬وقد أظهر األهالي رغبة في تطوير مواقعهم والمساهمة في إصالحها جنبا إلى‬
‫جنب مع جهود اإلدارة المحلية‪ ،‬فقد تم االعتماد على الجمعيات الطوعية واألهلية لحشد الجهود والقيام‬
‫بالنشاطات األساسية للمشروع حيث قاموا بالحفر وبالتوصيالت الصحية وغيرها‪ ،‬إن هذه المشاركة‬
‫‪3‬‬
‫ساهمت في تخفيض نفقات المشروع‪ ،‬حيث تم توفير‪ % 25‬من نفقات األعمال اإلنشائية‪.‬‬
‫وتأتي أهمية المشاركة الشعبية في عملية التخطيط للتنمية المحلية من منطلق أن الناس هم أدرى‬
‫بمشاكلهم‪ ،‬وبالتالي فمن الضروري مشاركتهم حتى تأتي الخطة معبرة عن االحتياجات الحقيقية للمواطنين‬
‫‪4‬‬
‫المحليين‪ ،‬وتتم هذه المشاركة من خالل اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬اللقاءات بين المواطنين والمسؤولين المحليين‪ :‬إذ تعتبر هذه اللقاءات وسيلة مهمة لتحقيق التفاهم‬
‫المتبادل بين المواطن المحلي والمسؤولين المحليين المنوطة بهم عملية التنمية المحلية‪ ،‬حيث أن‬
‫ذلك يخلق مناخ مالئم للتعاون في المستقبل وتشخيص الواقع المحلي وكذا تهيئة المواطنين‬
‫للمشاركة في هذه العملية‪.‬‬

‫‪ 1‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39.‬‬


‫‪ 2‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.312 .‬‬
‫‪ 3‬األمين عوض حاج أحمد وحسن كمال الطاهر ورباب المحينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.25 .‬‬
‫‪ 4‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.315 .‬‬
‫‪199‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬الوسائل التي توفرها الدولة للمواطنين‪ :‬مثل نظام صندوق البريد ونظام االستعالمات التلفونية‬
‫من أجل إبداء آراءهم وتلقي الشكاوى الخاصة بالقصور في أداء الخدمات المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫ذلك هناك أخصائي تنمية المجتمع والذي يعمل على إيجاد عالقات قوية بين المواطنين المحليين‬
‫والقيادات المحلية‪ ،‬كما أن هناك أسلوب النشرات الدورية وطبع الكتيبات والتي من شأنها معالجة‬
‫بعض المشكالت المحلية أو مقترحات تخص القضايا المحلية‪ ،‬وتعتبر االستفتاءات المحلية كذلك‬
‫وسيلة للتعبير عن احتياجات ورغبات المواطنين وإعالمهم بالسياسة المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬وسائل اإلعالم والجمعيات األهلية‪ :‬فاألجهزة الوسيطة كاإلذاعة والتلفزيون والهيئات االجتماعية‬
‫والثقافية تمثل أهم القنوات االتصالية بين المواطنين والقيادات المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬المشاركة من خالل األنترنت (الحكومة المحلية اإللكترونية)‪ :‬إذ بإمكان المواطنين المشاركة في‬
‫التصويت في االنتخابات المحلية وفي التعبير عن آراءهم ومشاكلهم ومعرفة جداول ومحاضر‬
‫اجتماعات المجالس المحلية والمشاركة في هذه االجتماعات من خالل الحكومة المحلية‬
‫اإللكترونية‪.‬‬
‫وبالنسبة لتجربة مصر في التخطيط بالمشاركة فقد تم تشكيل مجموعة التخطيط بالمشاركة في بعض‬
‫المحافظات وتكونت من األطراف التالية‪ :‬الجهاز التنفيذي بالقرية وممثله في ورش القرية وتنفيذيين‬
‫أخرين حسب الحاجة خاصة المسؤول عن مركز المعلومات بالقرية والمسؤول عن التخطيط بالقرية‪،‬‬
‫رئيس وحدة التضامن االجتماعي بالقرية‪ ،‬المجلس الشعبي المحلي المنتخب بالقرية وممثله في ورش‬
‫العمل رئيس ووكيل المجلس الشعبي المحلي وأعضاء لجنة الخطة والموازنة بالمجلس‪ ،‬ممثلين عن‬
‫الجمعيات األهلية بالقرية‪ ،‬ممثلين عن شباب القرية "لجنة الشباب التطوعي"‪ ،‬ممثلين عن المرأة بالقرية‬
‫‪1‬‬
‫"لجنة المرأة التطوعية"‪ ،‬القادة الطبيعيون بالقرية‪ ،‬قادة الرأي بالقرية‪.‬‬
‫وقد تم تحديد مهام مجموعة التخطيط بالمشاركة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬اعداد الخطة السنوية الشاملة للقرية انطالقا من المشكالت والحلول التي تحدد في ورش العمل‬
‫ويكون هناك اجماع حولها‪.‬‬
‫‪ .2‬اعداد البرامج الزمنية لتنفيذ الخطة السنوية‪.‬‬
‫‪ .3‬الحصول على موافقة المجلس الشعبي المحلي‪.‬‬
‫‪ .4‬المتابعة والتقييم المستمر لتنفيذ البرامج التي تم تحديدها‪.‬‬
‫‪ .5‬الحوار المستمر مع ممثلي المجتمع المدني (مجموعة الشباب التطوعية‪ ،‬ومجموعة المرأة‬
‫التطوعية‪ ،‬الجمعيات األهلية‪ ،‬أهالي الوحدة المحلية)‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أنه تم اختيار منسقين لورش العمل من الجامعات المتاخمة للوحدة المحلية وتم توجيههم‬
‫لاللتزام بهذه المنهجية‪ ،‬كما تمت االستعانة بمراكز التدريب بالجامعات‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وبالنسبة للمنهجية التي تم اتباعها في ورش العمل فقد كانت كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تحديد الرؤى المستقبلية للقرية (الرؤى االستراتيجية) أي أين نحن اآلن؟ وما هو الوضع الذي نرغب‬
‫أن نكون عليه مستقبال؟ فقد طلب من المشاركين أن يفصحوا عن أحالمهم الخاصة بقريتهم وكيف يأملون‬
‫أن تكون في المستقبل القريب‪ ،‬كما طلب منهم تحديد نقاط قوتهم سواء كانت تتمثل في أفكار أو قدرات‬

‫‪ 1‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.54 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.55 .‬‬
‫‪200‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بشرية أو موارد طبيعية‪ ،‬باإلضافة إلى تحديد مواطن الضعف لديهم وكذا تحديد الفرص البيئية وأيضا‬
‫التهديدات والمخاطر البيئية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تطبيق المنهجية المعتمدة من خالل الخطوات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تدريب نظري على التخطيط‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬المتابعة‪ ،‬التقييم‪ ،‬التحليل الرباعي للقرية‪.‬‬
‫‪ -‬التدريب العملي في النزول الميداني لتجميع احتياجات المجتمع من خالل أعضاء المنتديات وفرق‬
‫التخطيط بالمشاركة‪.‬‬
‫‪ -‬ترتيب األولويات للمشكالت طبقا لنتائج التحليل الرباعي‪.‬‬
‫‪ -‬صياغة أهداف عامة لكل قطاع للعمل من أجل حل المشكالت‪.‬‬
‫‪ -‬صياغة مشروعات محددة تساهم في حل المشكالت‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد الموازنات التقديرية لكل مشروع بحسب خبرات المشاركين‪ ،‬كما يمكن الرجوع ألهل‬
‫الخبرة في المجاالت المختلفة وتحديد المساهمات الخاصة بالمجتمع سواء عينية أو مالية‪.‬‬
‫‪ -‬صياغة الخطة وتحديد اإلطار الزمني للمشروعات وتحديد المسؤوليات في المتابعة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الصياغة النهائية للخطة واالعالن عنها‪.‬‬
‫وبعد انتهاء كل قرية من وضع خطتها‪ ،‬تم إحداث تكامل بين خطط القرى التي تنتمي للمركز‪،‬‬
‫على اعتبار أن الخطط التنموية لكل قرية تصب في تنمية المركز ككل‪ .‬وعلى إثر ذلك تم اعتماد‬
‫‪1‬‬
‫معايير ومؤشرات بحيث ال يكون هناك اجحافا ألي وحدة محلية وتمثلت هذه المعايير فيما يلي‪:‬‬
‫المعيار األول‪ :‬عدد المستفيدين من المشروع سنويا إلى اجمالي سكان المركز‪.‬‬
‫المعيار الثاني‪ :‬مدى توافق المشروع مع األولويات المحددة على مستوى القرية من قبل المشاركين في‬
‫ورش عمل التخطيط بالمشاركة‪.‬‬
‫المعيار الثالث‪ :‬قيمة االستثمارات المطلوبة للمشروع منسوبة إلى اجمالي االستثمارات على مستوى‬
‫القرية‪.‬‬
‫المعيار الرابع‪ :‬قيمة االستثمارات المطلوبة للمشروع منسوبة إلى اجمالي االستثمارات على مستوى‬
‫المركز‪.‬‬
‫المعيار الخامس‪ :‬عدد القرى التي ستستفيد من المشروع‪.‬‬
‫ومن ثم تم تطبيق هذه المعايير من خالل إعطاء كل معيار ‪ 10‬درجات بحيث تكون النتيجة النهائية ‪50‬‬
‫درجة‪ ،‬أما في الحاالت التي توافقت فيها قيمة المشروعات المحددة مع ما تم تحديده من موازنات سنوية‬
‫للوحدة المحلية فإنه ال يصبح هناك ضرورة لتطبيق تلك المعايير‪.‬‬
‫كما قامت الهيئة العامة للتخطيط العمراني في مصر بجهود لجعل عملية التخطيط عملية ال مركزية‬
‫نتيجة خسران األرض الزراعية لحساب العشوائية غير الرسمية في المباني‪ ،‬حيث قام برنامج األمم‬
‫المتحدة للمستوطنات البشرية بمساعدة مصر إلعداد خطط عمرانية استراتيجية لـ ‪ 48‬مدينة صغيرة إزاء‬
‫غياب الرؤية في التداول مع اإلدارة العمرانية في كثير من المدن المصرية‪ ،‬وقد تبنى برنامج األمم‬

‫‪ 1‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.56 .‬‬


‫‪201‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المتحدة للمستوطنات البشرية أسلوب الالمركزية والشمولية في التعامل مع ثالث قضايا رئيسية هي‪:‬‬
‫المأوى والخدمات الحضرية األساسية والتنمية االقتصادية المحلية‪ ،‬كما يشارك أصحاب المصالح‬
‫المحليون من خالل شراكة عملية في وضع خطة عمرانية استراتيجية‪ ،‬من أولوياتها تحسين أحوال‬
‫المساكن والخدم ات البلدية واالقتصاديات المحلية‪ ،‬فهدف الخطة العمرانية االستراتيجية وضع خريطة‬
‫طريق لتنمية المدينة لعقدين قادمين‪ .‬ويقوم البرنامج بوضع نظم معلومات عن األرض والتعمير للمساهمة‬
‫في سياسة عمرانية لإلدارة الفعالة‪ ،‬ويوفر تدريبات على نظم األراضي وإدارة المدن‪ ،‬ويجري تنفيذ‬
‫البرنامج بشركات تخطيط عمراني محلية بدعم من برنامج األمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومؤسسات‬
‫عالمية لديها خبرة عملية وابتكارية في حل قضايا السكن والخدمات البلدية األساسية والتنمية االقتصادية‬
‫المحلية في إطار التخطيط العمراني االستراتيجي‪ ،‬وقد استخدمت آليات برنامج المدن المستدامة الذي دعم‬
‫‪1‬‬
‫التخطيط البيئي العمراني لعدة سنوات في مصر خاصة مشروع اإلسماعيلية المستدام‪.‬‬
‫وبالنسبة للمشاركة في تنفيذ سياسات ومشروعات التنمية المحلية فإنها تتمثل في الجهود الذاتية التي‬
‫تعرف بأنها حفز واستثارة المواطنين المحليين للتبرع سواء برأس المال أو العمل لتنفيذ مشروعات‬
‫‪2‬‬
‫اقتصادية واجتماعية تعود بالفائدة المباشرة على المجتمع المحلي الذي تتم فيه هذه المشروعات‪.‬‬
‫بحيث أنه في أحد المؤتمرات الشعبية بمحافظة الغريبية بمصر أثار بعض المواطنين مشكلة الطريق‬
‫الموصل بين قرية أخناوي ومدينة طنطا واللتان تبعدان عن بعضهما بحوالي ‪ 06‬كلم‪ ،‬بحيث أن هذا‬
‫الطريق تغمره المياه طوال فترة الشتاء ألنه منخفض ويعوق الحركة مما يعطل مصالح السكان‪ ،‬وعندما‬
‫طرحت هذه القضية والتي كانت من وجهة نظرهم صعبة جدا ألنهم يعلمون أن رصف الكيلومتر الواحد‬
‫يتكلف أكثر من خمسة عشر ألف جنيه عالوة على التعويضات الالزمة ألصحاب األراضي‪ ،‬فتمت‬
‫اإلشارة إلى أنه باإلمكان تعلية هذا الطريق وتمهيده بالجهود الذاتية‪ ،‬ومن ثم بدأ العمل بأن يتنازل كل‬
‫فالح عن جزء من أرضه لتوسيع الطريق دون الحاجة إلجراءات نزع الملكية وبالتالي عدم المطالبة‬
‫بالتعويض ات عن األراضي المتنازل عنها‪ ،‬وعلى إثر ذلك قام السكان بتجنيد القوى البشرية للعمل‪ ،‬كما‬
‫أنهم استخدموا دوابهم لنقل األتربة‪ ،‬وقد استلزم هذا األمر كمية كبيرة من الردم لتعلية الطريق ففكر‬
‫األهالي في شق مصارف على جانبي الطريق لتستفيد منها األراضي الزراعية في رفع الكفاءة اإلنتاجية‬
‫لألرض وزيادة محصولها هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى استخدام الردم الناتج من المصارف في تعلية‬
‫هذا الطريق‪ .‬وقد اقتصرت المعونة الحكومية على اإلمكانيات الفنية المتمثلة في خبرة المهندسين واآلالت‬
‫والمعدات وبعض الجرارات‪ ،‬وقد تم إنجاز هذا الطريق في مرحلته األولى بالجهود الذاتية للسكان‪ ،‬وتم‬
‫‪3‬‬
‫رصفه بعد ذلك بتمويل من إعانات الحكومة المركزية‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬المشاكل التي يواجهها التخطيط اإلقليمي في مصر‬
‫إن اعداد الخطط اإلقليمية المتكاملة وتنظيمها يواجه عدة مشاكل أهمها غياب األساس المنهجي‬
‫المحدد وعدم وضوح ال دور الوظيفي لها‪ ،‬بحيث أنها تتشابه في منهجيتها وبنيتها ومؤشراتها مع‬
‫الخطط القطاعية‪ ،‬وبالتالي يصعب تحديد المستويات اإلقليمية للتطور االقتصادي واالجتماعي‬
‫واظهار التناسب اإلقليمي والتناسب بين القطاعي (بين القطاعات االقتصادية) من حيث حجم‬
‫اإلنتاج ونوعيته‪ ،‬باإلضافة إلى الدور الضعيف لمراقبة األعضاء المخططين المحليين لسير‬

‫‪" 1‬التخطيط العمراني االستراتيجي واإلدارة االستراتيجية للمدن" في سلسلة دراسات نحو مجتمع المعرفة‪ ،‬مركز اإلنتاج اإلعالمي‪ ،‬جامعة الملك‬
‫عبد العزيز‪ ،‬اإلصدار الخامس عشر لسنة ‪ ،1428‬ص‪.101 .‬‬
‫‪ 2‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.316 .‬‬
‫‪ 3‬حياة بن سماعين ووسيلة السبتي‪" ،‬التمويل المحلي للتنمية المحلية‪ :‬نماذج من اقتصاديات الدول النامية" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي حول‪:‬‬
‫سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات‪-‬دراسة حالة الجزائر والدول النامية‪ ،-‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير مخبر العلوم‬
‫االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬المنعقد يومي‪ 21 :‬و‪ 22‬نوفمبر ‪ ،)2006‬ص‪.07 .‬‬
‫‪202‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مؤشرات الخطط المتكاملة وتنفيذها‪ ،‬في ظل غياب قاعدة المعلومات والمعطيات اإلحصائية في‬
‫المناطق والنواحي‪ ،‬إلى جانب محدودية حقوق األعضاء المحليين وصالحياتهم في إعداد خطط‬
‫‪1‬‬
‫التطوير اإلقليمي والمحلي المتكاملة وإقرارها‪.‬‬
‫تواجه المحافظات المصرية العديد من المشاكل تتمثل أساسا في اختالل توزيع السكان وتآكل‬
‫األراضي الزراعية وسوء توزيع األنشطة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬واستقطاب المدن الكبرى للتنمية‬
‫والهجرة غير المنظمة من الحضر إلى الريف‪ ،‬واختالل هيكل توزيع االستثمارات‪ ،‬باإلضافة إلى مشاكل‬
‫‪2‬‬
‫إقليمية أخرى نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬عدم وجود شخصية اعتبارية لهيئات التخطيط اإلقليمي‪ :‬تم إنشاء هيئات تخطيط إقليمي بأقاليم‬
‫الدولة من طرف وزارة التخطيط بمصر‪ ،‬حتى تقوم بدراسة الظروف االجتماعية واالقتصادية‬
‫لألقاليم والقيام بالبحوث والدراسات الالزمة واقتراح اتجاهات التنمية وترجمتها إلى مشروعات‬
‫محددة‪ ،‬وكذا القيام بإعداد الكوادر الفنية وإعداد التخطيط اإلقليمي باإلضافة إلى متابعة تنفيذ الخطة‬
‫بعد إقرارها‪ .‬إال أن الواقع أثبت أن هذه الهيئات لم تحقق الهدف الذي أنشأت من أجله‪ ،‬فهذه الهيئات‬
‫غير قادرة على مباشرة اختصاصاتها‪ ،‬وأنها عاجزة عن إعداد وتنفيذ ومتابعة مخطط كامل للتنمية‬
‫اإلقليمية قطاعيا ومكانيا‪ .‬وبالتالي فإن ما يطلق عليه خطط التنمية اإلقليمية الذي تعده هذه الهيئات‬
‫ال يعدو إال أن يكون مجرد مجموعة من المشروعات دون ارتباط هذه الهيئات بأهداف عامة‬
‫واضحة في إطار استراتيجية إقليمية بعيدة المدى‪ ،‬باإلضافة إلى أن اللجان العليا للتخطيط اإلقليمي‬
‫باألقاليم المختلفة والتي تتكون من محافظي اإلقليم ورؤساء المجالس المحلية ليس لها سلطة‬
‫تنفيذية‪ ،‬فدورها يقتصر على التخطيط فقط‪ ،‬مما يحد كثيرا من سلطاتها ويجعلها أجهزة غير فعالة‪.‬‬
‫كما أن هذه اللجان العليا وهيئات التخطيط اإلقليمي تعمل في مناخ تسيطر فيه الوزارات المركزية‬
‫سيطرة شبه تامة على شؤون األقاليم والمحافظات‪ .‬كما قد اقتصر دور هيئات التخطيط اإلقليمي‬
‫على الخطط قصيرة المدى وليس على دراسة إمكانات وموارد اإلقليم واستخدامها االستخدام‬
‫األمثل في إطار مخطط مستقبلي للتنمية اإلقليمية على المدى الطويل‪.‬‬
‫‪ .2‬تعدد الجهات المعنية بالتخطيط اإلقليمي‪ :‬بحيث أن هناك تعارض في االختصاص بين األجهزة‬
‫الموكل إليها إعداد التخطيط اإلقليمي ألقاليم الدولة المختلفة‪ ،‬خصوصا بين وزارة التخطيط‬
‫ووزارة اإلسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية‪ ،‬ومن أبرز صور هذا التعارض في االختصاص‬
‫أن وزارة التخطيط أنشأت هيئات تخطيط إقليمي في أغلب األقاليم‪ ،‬وقامت وزارة التعمير بدورها‬
‫بإنشاء مراكز إقليمية تابعة لها في ذات اإلقليم وتقوم بنفس الدور الذي تقوم به وزارة التخطيط‪ ،‬أي‬
‫أنه في كل إقليم توجد مؤسستان منفصلتان تقومان بتخطيط اإلقليم وتنميته إحداهما تابعة لوزارة‬
‫التخطيط واألخرى تابعة لوزارة اإلسكان والمرافق‪ ،‬وكل منهما تعمل بمعزل عن األخرى‪ .‬ويمثل‬
‫هذا التعارض وعدم التكامل بين أطراف العملية التخطيطية تشتتا في الجهد وضياعا للوقت‬
‫والمال‪ ،‬بي نما يتطلب التخطيط القومي واإلقليمي تكامل الجهود على جميع المستويات القومي‬
‫واإلقليمي والمحلي‪.‬‬
‫‪ .3‬ضعف مشاركة السكان المحليين في إعداد الخطط المحلية‪ :‬أشارت عدة دراسات ميدانية إلى‬
‫ضعف مشاركة المواطنين وضعف جهودهم الذاتية في البرامج والمشروعات اإلنمائية‪ ،‬وترجع‬
‫‪3‬‬
‫أسباب ضعف مشاركة المواطنين في تنفيذ المشروعات اإلنمائية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬انخفاض وعي بعض القيادات المحلية بدورها في تشجيع الجهود الذاتية واستثارة المواطنين‬
‫للمساهمة في مشروعات التنمية‪.‬‬

‫‪ 1‬أديب الخليل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.773 .‬‬


‫‪ 2‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.242 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.246 .‬‬
‫‪203‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬انخفاض دخل الغالبية العظمى من المواطنين المحليين‪ ،‬خاصة في الريف مما يجعلهم ال يساهمون‬
‫بفائض عملهم في مشروعات التنمية‪ ،‬فالعمل التطوعي بدون أجر يتعارض مع جهود هؤالء‬
‫المواطنين للحصول على لقمة العيش‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وعليه فإن نجاح التخطيط اإلقليمي مرهون بثالث شروط هي‪:‬‬
‫‪ -‬االيمان بالتخطيط اإلقليمي وضرورته كصورة مثلى لتنظيم الحياة االقتصادية واالجتماعية في‬
‫األقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬تشكيل السلوك وتعديله طبقا لهذا االيمان في كافة نواحي الحياة كجماعات وكأفراد‪.‬‬
‫‪ -‬شعور كل فرد أنه في ظل التخطيط يتوقف انتاج ونشاط غيره على ما ينتجه هو‪ ،‬وأن أي تقصير‬
‫منه في نشاطه سيؤثر في نشاط اآلخرين نظرا للترابط بين األنشطة المختلفة في الخطة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى شعور كل فرد أن عمله مهما صغر يتوقف عليه نجاح الخطة في مجموعها‪.‬‬
‫‪ .4‬ضعف الهياكل التنظيمية اإلدارية التي تربط الوحدات اإلقليمية بالمستوى القومي‪ :‬يقوم تنظيم‬
‫الخدمات النوعية تبعا للتقسيم اإلداري (تقسيم الدولة إلى أقاليم إدارية)‪ ،‬ويتم التنسيق بين هذه‬
‫الخدمات في مختلف األقاليم اإلدارية عن طريق اإلدارات المركزية‪ ،‬ومن ثم تتحقق االتصاالت‬
‫بين الخدمات المختلفة في اإلقليم اإلداري أو في عدد من األقاليم اإلدارية بواسطة السلطة‬
‫المركزية‪ .‬وقد تتمكن المركزية من تنسيق العمل في نطاق خدمة معينة‪ ،‬لكنها غالبا ما تقصر عن‬
‫تحقيق هذا التنسيق بين عدد من الخدمات داخل نطاق اإلقليم اإلداري‪ .‬وبالتالي فإنه لكي تقوم‬
‫اإلدارة بدورها كأداة فعالة لسياسة التنمية اإلقليمية يجب عليها من جهة إعادة تنظيم الهياكل القائمة‬
‫ومن جهة أخرى خلق هياكل جديدة لخدمة هذه السياسة‪ ،‬كما يتطلب األمر كذلك تحديد أنواع‬
‫العالقات التي تربط بين مختلف الخدمات داخل اإلقليم اإلداري وتحديد العالقات بين اإلقليم‬
‫واإلدارات المركزية‪.‬‬
‫‪ .5‬عدم توفر نظام متكامل للتوصيف الوظيفي في المحليات‪ :‬إن غياب نظام متكامل للتوصيف‬
‫الوظيفي في المحليات أدى إلى غياب معايير اختيار القيادات المحلية على أسس موضوعية‪،‬‬
‫فأحيانا تعد المحليات أماكن لتأديب بعض الموظفين وابعادهم عن مواقع اتخاذ القرار‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى غياب قواعد العدالة االجتماعية في توزيع األجور وفرص الترقي على اعتبار أن المعيار هو‬
‫العالقات الشخصية وليس الكفاءة‪ ،‬باإلضافة كذلك إلى ضعف وقلة البرامج التدريبية المخصصة‬
‫‪2.‬‬
‫لموظفيها‪ ،‬وعدم تصميمها للتعامل مع المشكالت الواقعية‬
‫‪ .6‬انخفاض مستوى التمكين المالي للمحليات‪ :‬إذ يعد انخفاض مستوى التمكين المالي للمحليات‬
‫واعتمادها الدائم على اإلعانات المركزية والتي تصل إلى أكثر من ‪ %80‬من أجل التغلب على‬
‫إلشكالية العجز في الموازنة المحلية من أهم العقبات التي تواجه التمويل المحلي في ظل ضعف‬
‫دخل موظفي المحليات‪ ،‬وانشاء صناديق خاصة وفق نظام محاسبة خارج الموازنة العامة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى غياب اعتبارات العدالة والمساواة في تحديد طبيعة وحجم الخدمات المقدمة لألقاليم‪،‬‬
‫فالعاصمة تستأثر بجل اهتمام الدولة بينما تتناقص الخدمات كلما ابتعدنا جغرافيا عن مركز السلطة‬
‫اإلدارية فيها‪.‬‬
‫‪ .7‬هيمنة الحكومة المركزية على وحدات اإلدارة المحلية‪ :‬إن الحكومة المركزية في مصر تعمل‬
‫على تقوية سلطاتها على المحليات‪ ،‬ال أن تجعلها مستقلة أو أكثر استقرارا‪ ،‬بل إنها حاولت خلق‬
‫هياكل إدارية للحفاظ على سيطرتها وتكون في جوهرها برامج الحكومة المركزية ويتم تطبيقها‬

‫‪ 1‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.246 .‬‬


‫‪ 2‬ايمان مرعي‪" ،‬إشكاليات نظام الحكم المحلي في مصر واتجاهات التطوير"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪acpss.ahram.org.eg‬‬
‫‪204‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫على المستوى المحلي‪ ،‬وبالتالي فتطبيق الالمركزية ال زال يواجه العديد من الصعوبات‪ ،‬كما أنه‬
‫يتطلب عملية معقدة وطويلة لنقل مراكز القوة والمسؤوليات والموارد المالية مع تحقيق عنصر‬
‫‪1‬‬
‫المساءلة وتطبيق آليات المشاركة من المستويات المركزية إلى المستويات المحلية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الدروس المستخلصة من تجربتي المغرب ومصر في التخطيط‬
‫االستراتيجي المحلي‬
‫من خالل دراسة تجربة كل من المغرب ومصر في تطبيق هذا األسلوب اإلداري من أجل تحقيق‬
‫ال تنمية المحلية‪ ،‬تم استخالص بعض الدروس ال بد من إدراجها حتى تتم االستفادة منها وقد تم تقسيمها في‬
‫فرعين بحيث سيتناول الفرع األول الدروس المستخلصة من تجربة المغرب والفرع الثاني فسيتطرق إلى‬
‫الدروس المستخلصة من تجربة مصر في التخطيط االستراتيجي المحلي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الدروس المستخلصة من تجربة المغرب في التخطيط االستراتيجي المحلي‬
‫إن أهم ما تم استخالصه من تجربة المغرب في التخطيط االستراتيجي المحلي ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تمثل الجماعة المستوى القاعدي في هرم الالمركزية اإلدارية في المغرب‪ ،‬إذ تتوفر على‬
‫االستقالل المالي واإلداري لتدبير الشؤون المحلية وهي التي عهد إليها الدفع بعجلة التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية من خالل تبني أسلوب التخطيط االستراتيجي التشاركي بإعداد‬
‫وانجاز المخطط الجماعي للتنمية وفق مقاربة تشاركية‪ ،‬فالجماعات المحلية لم يعد دورها‬
‫يقتصر على تقديم بعض الخدمات اليومية البسيطة للمواطنين‪ ،‬بل تعداه ليصبح لها دور فعال‬
‫في تنشيط الحركة االقتصادية و خلق الثروة و استثمارها في البنية التحتية و تأهيل المجال‬
‫الحضري والرفع من جودة الخدمات استجابة لتطلعات المواطنين الواسعة‪.‬‬
‫‪ ‬قامت وزارة الداخلية المغربية بتخطيط وترسيم رؤية ومقاصد "مخطط الجماعة ‪،"2015‬‬
‫وذلك من أجل بحث التحوالت المستقبلية للجماعات المحلية‪ ،‬وقد راهن هذا المخطط على‬
‫تفعيل دور اإلدارة المالية وتعبئة موارد الجماعة وتحقيق احترافية في تدبير مرافق الجماعة‬
‫ضمن ميدان التخطيط‪ ،‬باإلضافة إلى تحديث هيكلة اإلدارة من خالل تطوير نظام معلوماتي‬
‫وآليات تدبير حديثة وعصرية في شكل ورشات‪ ،‬للبحث عن سبل تحقيق توظيف أمثل‬
‫للكفاءات البشرية وكذا تحقيق آليات للتأطير اإلداري األفضل للموارد البشرية المتاحة أمام‬
‫الجماعة المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬يعد المخطط الجماعي للتنمية بمثابة خارطة طريق ووثيقة ترابية بالغة األهمية‪ ،‬إذ أنها تسطر‬
‫االختيارات اإلستراتيجية للجماعة في المجاالت التي تتوافق مع حاجيات السكان المحليين‪،‬‬
‫بحيث أن التخطيط المحلي يعطي نظرة واضحة لسياسة التخطيط ولما يجب أن يتخذه من‬
‫حيث مراعاة الخصوصيات التنموية المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى إنبثاقه من القاعدة الملمة بمشاكل‬
‫وتطلعات السكان المحليين‪.‬‬
‫‪ ‬أثناء إعداد التخطيط االستراتيجي ال بد من التحلي ببعض المهارات األساسية‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫المهارات فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ .‬المهارات التصورية‪ :‬وتشمل الكفاءة العالية المطلوبة في الجانب الثقافي والمعرفي‪ ،‬فالتخطيط‬
‫االستراتيجي له عالقة بالتصورات الفلسفية السياسية التي تؤطر المجتمع والدولة‪ ،‬فهو يترجم هذه‬

‫‪ 1‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.230 .‬‬


‫‪205‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التصورات على مستوى برامجه وخططه‪ ،‬وبالتالي فإن عدم معرفة الخصوصيات الثقافية‬
‫للمجتمع وللمناطق المستهدفة يساهم في ضعف التشخيص مما يعرض عملية التخطيط‬
‫االستراتيجي إلى الفشل وإلى صعوبات في التنفيذ‪ ،‬كما يجب معرفة التحوالت الحاصلة على‬
‫المستوى الثقافي والقيمي للمجتمع في أفق الزمن المنظور الذي يغطيه التخطيط االستراتيجي‪.‬‬
‫ب‪ .‬المهارات التقنية‪ :‬إن التخطيط االستراتيجي لديه بناء منطقي يضم عدة مراحل منتظمة ومرتبة‬
‫تحكمها عالقة معقلنة وتنسيقية وهي تختلف باختالف المدارس المعتمدة في التخطيط‬
‫االستراتيجي‪ ،‬إذ ينبغي على المخطط االستراتيجي تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف بالجماعة‪،‬‬
‫وكذا تحديد الفرص والتهديدات والتي من خاللها يتمكن من بناء الرؤية االستراتيجية واألهداف‬
‫االستراتيجية الخاصة بالجماعة‪.‬‬
‫ت‪ .‬المهارات البشرية‪ :‬إذ يتم إنجاز التخطيط االستراتيجي بواسطة أطر من الموارد البشرية المتوفرة‬
‫لدى اإلدارة المكلفة به‪ ،‬ومن بين المهارات األساسية التي تفرض نفسها في هذا المجال نجد‪:‬‬
‫مهارات تنشيط المجموعات‪ ،‬مهارات التواصل التنموي‪ ،‬مهارات التفاوض‪ ،‬مهارات اإلنصات‪.‬‬
‫‪ ‬تضمن المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة المغربية (‪ )2016-2011‬ثالثة‬
‫توجهات إستراتيجية كبرى وهي‪ :‬تحسين الظروف االجتماعية للساكنة‪ ،‬عقلنة تدبير الموارد‬
‫الطبيعية وتأهيل االقتصاد المحلي‪ ،‬وتقوية قدرات المؤسسات والفاعلين المحليين‪ ،‬ويعد هذا‬
‫المخطط بمثابة صياغة لألنشطة المزمع إنجازها من طرف المجلس الجماعي خالل الـ ‪06‬‬
‫سنوات القادمة‪ ،‬إذ يتم فيه ترتيب المشاريع حسب أهميتها اعتمادا على المعايير التالية‪ :‬تحسين‬
‫الدخل وأثره االجتماعي القوي على الساكنة‪ ،‬إمكانية التمويل‪ ،‬تنمية الموارد المالية للجماعة‪،‬‬
‫سنة اإلنجاز‪ ،‬باإلضافة إلى تقدير التكلفة اإلجمالية وتحديد مصادر التمويل المعتمدة أو‬
‫المحتملة‪.‬‬
‫‪ ‬مر المخطط الجماعي للتنمية بجماعة سكورة الحدرة المغربية بستة مراحل كبرى تمثلت في‪:‬‬
‫مرحلة التحضير وانطالق مسلسل انجاز المخطط الجماعي للتنمية‪ ،‬مرحلة إنجاز التشخيص‬
‫المجالي التشاركي‪ ،‬مرحلة انجاز المخطط االستراتيجي التشاركي‪ ،‬مرحلة إرجاع المخطط‬
‫الجماعي للتنمية والمصادقة عليه من طرف المجلس‪ ،‬مرحلة أجرأة المخطط الجماعي‬
‫للتنمية‪ ،‬مرحلة إنجاز المخطط‪.‬‬
‫‪ ‬لقد استفادت جماعة سكورة الحدرة من خالل تجربتها في مجال التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي بما يلي‪:‬‬
‫تقوية قدرات المجلس الجماعي خاصة في مجال جمع وتحليل المعطيات وذلك عن طريق التعلم‬ ‫‪-‬‬
‫بالممارسة‪.‬‬
‫توفر المجلس الجماعي على معطيات أساسية حول مجالها (وضعية مرجعية)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تقوية روح الفريق داخل المجلس الجماعي‪ ،‬كما أن السكان أصبحوا على معرفة أكثر بإمكانيات‬ ‫‪-‬‬
‫مجال الجماعة‪ ،‬مما ساهم في دعم المشاركة واإلحساس بالمواطنة‪.‬‬
‫تقوية عالقات التعاون بين الجماعة والمصالح التقنية وسلطات الوصاية‪ ،‬مما ساهم في االنسجام‬ ‫‪-‬‬
‫بين المخطط الجماعي للتنمية والسياسات القطاعية‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬إن ما يمكن استخالصه من هذه التجربة هو‪:‬‬


‫‪ -‬ضرورة الدعم والمصاحبة من أجل إنجاز نظام معلوماتي للجماعة المحلية‪ ،‬وكذا المخطط‬
‫الجماعي للتنمية‪.‬‬
‫‪ -‬مساهمة الفاعلين في هذا المخطط التنموي يكون حسب مستوى تكوينهم ودرجة تحفيزهم‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة التزام السلطات اإلقليمية في التنسيق لتعبئة المصالح الخارجية على المستوى اإلقليمي‬
‫في جميع مراحل إنجاز مخطط الجماعة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الدروس المستخلصة من تجربة مصر في التخطيط االستراتيجي المحلي‬


‫إن أهم ما تم استخالصه من تجربة مصر في التخطيط االستراتيجي المحلي ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إدراك مصر أهمية األقاليم االقتصادية لما يقدمه من وسائل علمية وطرق فنية لتحقيق‬
‫التنمية االقتصادية المتوازنة بين مختلف األقاليم االقتصادية‪ ،‬والعمل على تقريب الفوارق‬
‫بين األقاليم من حيث المستويات المعيشية للوحدات اإلدارية المكونة لإلقليم‪.‬‬
‫‪ ‬يلعب التخطيط اإلقليمي دورا هاما في عملية التنمية‪ ،‬إذ يركز التخطيط اإلقليمي على‬
‫البعد المكاني ويجعله أساسا لكل نشاط تنموي‪ ،‬بحيث أن الخطة اإلقليمية المتكاملة تبحث‬
‫لتطوير البنية االقتصادية وتعميق التخصص االقتصادي للمنطقة أو االقليم‪ ،‬فهي وسيلة‬
‫أساسية لتكامل التخطيط القطاعي واإلقليمي‪.‬‬
‫‪ ‬إن التخطيط من أسفل يعمل على تحقيق مبدأ رئيسي من مبادئ التنمية الناجحة ويتمثل في‬
‫مبدأ تعزيز احترام الذات والذي يعظم من قدرة االنسان على االختيار‪ ،‬كما أن التخطيط‬
‫من أسفل يساعد في تحديد أهداف التنمية اإلقليمية التي تعكس خصوصية اإلقليم قيد‬
‫التخطيط‪.‬‬
‫‪ ‬ظهور التفاوت اإلقليمي نتيجة للتوزيع غير المتوازن للسكان على مستوى األقاليم‪،‬‬
‫وبالتالي فإن تنمية الوحدات المحلية الكبيرة تتطلب تخطيطا إقليميا وتمويال مناسبين‪،‬‬
‫فالمدن والقرى ال تتشابه في أنشطتها‪.‬‬
‫‪ ‬لم تعطى الشخصية االعتبارية لهيئات التخطيط اإلقليمي بسبب عدم وضوح العالقة‬
‫التنظيمية بين كل من هيئات التخطيط اإلقليمي وأجهزة اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬نقص اإلطارات المكلفة بالتخطيط في اإلدارة المحلية أثر بشكل كبير في إعداد الخطط‬
‫ومتابعتها وكذا تقييم نتائجها‪.‬‬
‫‪ ‬ال بد من اتباع أسلوب التخطيط اإلقليمي من أجل إيجاد حلول لمشاكل المدن‪ ،‬وحتى ال‬
‫تتسع الفجوة بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية‪ ،‬وكذا خلق مناطق وأقاليم متنافسة‬
‫وتجتذب أنشطة جديدة مما يخفف الهجرة بين األقاليم‪.‬‬
‫‪ ‬إن نجاح التخطيط اإلقليمي مرهون بثالث شروط هي‪:‬‬
‫أ‪ .‬االيمان بالتخطيط اإلقليمي وضرورته كصورة مثلى لتنظيم الحياة االقتصادية‬
‫واالجتماعية في األقاليم‪.‬‬
‫ب‪ .‬تشكيل السلوك وتعديله طبقا لهذا االيمان في كافة نواحي الحياة كجماعات وكأفراد‪.‬‬
‫ت‪ .‬شعور كل فرد أنه في ظل التخطيط يتوقف انتاج ونشاط غيره على ما ينتجه هو‪ ،‬وأن‬
‫أي تقصير منه في نشاطه سيؤثر في نشاط اآلخرين نظرا للترابط بين األنشطة‬

‫‪207‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المختلفة في الخطة‪ ،‬باإلضافة إلى شعور كل فرد أن عمله مهما صغر يتوقف عليه‬
‫نجاح الخطة في مجموعها‪.‬‬
‫‪ ‬ال بد من تحقيق الالمركزية اإلدارية وزيادة دور المشاركة الشعبية في عملية التنمية‬
‫المحلية‪ ،‬إذ تلعب المشاركة الشعبية دورا بارزا في عملية التنمية المحلية‪ ،‬بحيث أن‬
‫االهتمام بمشروع الناصرية في مصر نابع من تمكين السكان بالقيام عن طريق جهودهم‬
‫بإصالح التدهور في المرافق العامة والخدمات‪ ،‬وقد أظهر األهالي رغبة في تطوير‬
‫مواقعهم والمساهمة في إصالحها جنبا إلى جنب مع جهود اإلدارة المحلية‪ ،‬فقد تم‬
‫االعتماد على الجمعيات الطوعية واألهلية لحشد الجهود والقيام بالنشاطات األساسية‬
‫للمشروع حيث قاموا بالحفر وبالتوصيالت الصحية وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬تتشكل مجموعة التخطيط بالمشاركة من األطراف التالية‪ :‬الجهاز التنفيذي بالقرية‬
‫وممثله في ورش القرية وتنفيذيين أخرين حسب الحاجة خاصة المسؤول عن مركز‬
‫المعلومات بالقرية والمسؤول عن التخطيط بالقرية‪ ،‬رئيس وحدة التضامن االجتماعي‬
‫بالقرية‪ ،‬المجلس الشعبي المحلي المنتخب بالقرية وممثله في ورش العمل رئيس ووكيل‬
‫المجلس الشعبي المحلي وأعضاء لجنة الخطة والموازنة بالمجلس‪ ،‬ممثلين عن‬
‫الجمعيات األهلية بالقرية‪ ،‬ممثلين عن شباب القرية "لجنة الشباب التطوعي"‪ ،‬ممثلين‬
‫عن المرأة بالقرية "لجنة المرأة التطوعية"‪ ،‬القادة الطبيعيون بالقرية‪ ،‬قادة الرأي‬
‫بالقرية‪ .‬وقد طلب منهم‪ :‬تحديد الرؤى المستقبلية للقرية (الرؤى االستراتيجية) أي أين‬
‫نحن اآلن؟ ومن ثم تم تدريبهم على التخطيط االستراتيجي ثم النزول إلى الميدان لتجميع‬
‫متطلبات المجتمع المحلي‪ ،‬وبعد ترتيب األولويات تتم صياغة الخطة والميزانية‬
‫التقديرية للمشاريع‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خالصة واستنتاجات‬
‫لقد خلصت الباحثة في دراستها للفصل الثاني من هذا البحث إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أهمية الدور الذي تقوم به الهيئات المحلية في العملية التنموية‪ ،‬فهي تعتبر من أصلح البيئات التي‬
‫تحدث التنمية الشاملة‪ ،‬على اعتبار أنها إدارة قريبة من المواطنين‪ ،‬كما أنها األكثر معرفة‬
‫بالظروف والحاجات المحلية‪ .‬وتقوم اإلدارة المحلية بالعديد من المهام على المستوى المحلي من‬
‫أجل تحقيق متطلبات المواطنين المحليين ويتم ذلك من خالل عدة مجاالت من بينها المجال‬
‫السياسي واإلداري‪ ،‬المجال االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬مجال اإلسكان وحماية البيئة‪ .‬فاإلدارة‬
‫المحلية تختص بوجه عام بجميع المسائل ذات األهمية المحلية وتشمل مختلف الخدمات‬
‫االجتماعية والتعليمية والصحية والوقائية والثقافية والعمرانية والمرافق العامة‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر التخطيط للتنمية المحلية ضرورة من الضرورات والتي ال يتم االستغناء عنها‪ ،‬من أجل‬
‫النهوض بحياة المجتمعات في عصرنا الحاضر والقضاء على المشكالت التي تعوق مسيرتها‬
‫التنموية‪ ،‬على اعتبار أن التخطيط أسلوب علمي تنظيمي يستخدم فيه الذكاء العلمي في تسخير كل‬
‫اإلمكانيات والموارد المتاحة في المجتمع محليا ووطنيا‪ ،‬من أجل تحقيق أهداف محددة خالل فترة‬
‫زمنية معينة في مجال التنمية االقتصادية‪ ،‬االجتماعية وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬تتنوع مجاالت التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي فنجد التخطيط في مجال العمران‬
‫والتهيئة العمرانية والذي يقوم على تفهم احتياجات المجتمعات ودراسة اإلمكانيات المتاحة من‬
‫األراضي والطاقات الكافية فيها ومن ثم يقوم بإفراغ هذه الخطط في مخططات عمرانية مناسبة‬
‫لطبيعة وظروف االنسان والبيئة التي يعيش فيها‪ ،‬والتخطيط في مجال تنمية الموارد البشريةعلى‬
‫اعتبار أن المورد البشري عنصر استراتيجي فاعل ومؤثر على نجاح المنظمات ومتأثرا‬
‫بالمتغيرات التكنولوجية واالقتصادية والسياسية فهو يحتاج إلى إعادة نظر في استراتيجيات‬
‫وأساليب تأهيلية وتدريبية لكي يتوافق ويتواكب ويتكامل مع تلك المتغيرات‪ ،‬والتخطيط في المجال‬
‫االجتماعي وهو الطريق الذي يقود األفراد والجماعات نحو الرفاهية والتقدم االجتماعي‬
‫واالقتصادي‪ ،‬فالهدف منه هو رفع نوعية المواطن وتطوير شخصيته ليكون مواطن صالح منتج‪،‬‬
‫لديه انتماء لمجتمعه وعامل من عوامل تقدمه‪ .‬كما يقوم بتوفير الخدمات االجتماعية المالئمة‬
‫(التعليم‪ ،‬الصحة‪ ،‬األمن‪ ،‬العدالة‪ ،‬اإلسكان‪ ،‬المرافق األخرى وغيرها)‪ .‬والتخطيط االقتصادي‬
‫يهدف إلى رفع مستوى المعيشة وتوفير االحتياجات الضرورية لمختلف طبقات المجتمع‪،‬‬
‫واستغالل القوى المنتجة وتوجيهها الوجهة الصالحة وتوفير االستقرار الدائم للعمل‪ ،‬وضمان دخل‬
‫ثابت لكل فرد وتخفيض ساعات العمل وتنمية روح العمل والتوزيع العادل للدخل القومي‬
‫والتخطيط في مجال حماية البيئة وهو التخطيط الذي ينتج من خالل عملياته خططا مدمجة بالبعد‬
‫البيئي‪.‬‬
‫‪ ‬هناك عوامل خارجية تؤثر على نظام اإلدارة المحلية‪ ،‬فنظام اإلدارة المحلية نظام فرعي للنظام‬
‫االجتماعي وبالتالي فهو يتأثر بالعوامل السياسية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬التاريخية‪ ...‬الخ‪ ،‬وعليه‬
‫فإن دراسة بيئة اإلدارة المحلية أو ما أصطلح على تسميته بإيكولوجية اإلدارة المحلية‪ ،‬تساعد‬
‫على تحليل الدور الذي تقوم به وحدات اإلدارة المحلية‪ ،‬أو في المقارنة بين هذه الوحدات مع‬
‫بعضها البعض‪ ،‬سواء داخل الدولة الواحدة أوبين دولة ودولة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬لكي ينجح التخطيط االستراتيجي المحلي ال بد من توفر مجموعة من الشروط من بينها‪ :‬دراسة‬
‫البيئة المحيطة بكل متغيراتها وتقدير االحتياجات الراهنة واحتماالت التغير والتطور في‬
‫المستقبل‪ ،‬إشراك كافة الفاعلين أو األطراف ذات الصلة بموضوع الخطة‪ ،‬وجود معلومات دقيقة‬
‫‪209‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حول الواقع الذي سيتم تنفيذ الخطة فيه‪ ،‬إيجاد آليات للتشاور وتبادل اآلراء بين المنفذين‬
‫والمخططين‪.‬‬
‫‪ ‬تمر عملية التخطيط االستراتيجي المحلي بخمسة ‪ 05‬مراحل تتمثل األولى في تنظيم الجهود من‬
‫خالل تطوير فريق إدارة شبكة لربط الشركاء المعنيين أما الثانية فهي إجراء عملية تقييم لمدى‬
‫القدرة على المنافسة والثالثة عبارة عن إيجاد استراتيجية التنمية المحلية والمرحلة الرابعة تتمثل‬
‫في تنفيذ استراتيجية التنمية المحلية والمرحلة الخامسة األخيرة فهي مراجعة تنفيذ استراتيجية‬
‫التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬للشراكة المحلية والعالمية ادور هام في تحقيق التنمية المحلية الشاملة فالتعامل مع مسألة التنمية‬
‫ال بد أن يتم من خالل المشاركات بين فاعلين مختلفين في عملية التخطيط‪ ،‬فعملية التخطيط تعد‬
‫حتمية للتنمية‪ ،‬كما أن اتساع مفهوم الشراكات وتعددها أصبح يمثل تحديا أمام الدول المختلفة من‬
‫أجل احداث التنمية الشاملة والمتواصلة‪.‬‬
‫‪ ‬ترتبط قضايا التنمية المحلية في األساس بعمليات التغيير المخطط على المستوى المحلي‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن التخطيط هو الوسيلة الفعالة لبلوغ أهداف التنمية‪ ،‬وتأخذ هذه التوجهات التنموية لإلدارة‬
‫المحلية باستخدام التخطيط االستراتيجي المحاور التالية‪ :‬توجهات لتنمية الموارد الطبيعية والبيئية‪،‬‬
‫توجهات التنمية السكانية‪ ،‬توجهات التنمية االقتصادية وتوجهات التنمية العمرانية‪.‬‬
‫‪ ‬تتمثل وحدات اإلدارة المحلية في المغرب في الواليات‪ ،‬العماالت أو األقاليم‪ ،‬الدوائر‪ ،‬القيادات‪،‬‬
‫الدواوير‪ ،‬إذ يتألف المغرب حسب التقسيم الجهوي لسنة ‪ 2015‬من ‪ 12‬جهة ويرأس الجهة‬
‫الوالي‪ ،‬وكل جهة تنقسم إلى عدة أقاليم وعماالت‪ ،‬فالعمالة هي تقسيم إداري تضم مدينة أو جزء‬
‫من مدينة‪ ،‬أما اإلقليم فهو جزء يضم عاصمة اإلقليم ومدن وقرى‪ ،‬ولكل إقليم عاصمته هي مقر‬
‫العامل‪.‬‬
‫‪ ‬إن تبني مقاربة التخطيط االستراتيجي التشاركي هو الطريقة الوحيدة التي يمكن من خاللها‬
‫التخفيف من مشكل قلة الموارد الذي يطبع تدبير الشؤون العمومية المحلية‪ ،‬كما أن هذا التخطيط‬
‫سيمكن من تسيير أفضل لإلمكانيات المتاحة‪.‬‬
‫‪ ‬يتضمن التخطيط االستراتيجي لجماعة سكورة الحدرة المغربية (‪ )2016-2011‬ثالثة توجهات‬
‫كبرى تمثلت في تحسين الظروف االجتماعية للساكنة‪ ،‬عقلنة تدبير الموارد الطبيعية وتأهيل‬
‫االقتصاد المحلي‪ ،‬تقوية قدرات المؤسسات والفاعلين المحليين‪.‬‬
‫‪ ‬تتمثل اإلدارة المحلية في مصر في المحافظات‪ ،‬المراكز‪ ،‬المدن‪ ،‬األحياء‪ ،‬القرى‪ ،‬إال أن اإلدارة‬
‫المحلية في مصر ال تتمتع بذاتية مستقلة بل إنها تعمل لدى الحكومة المركزية وتعتبر امتدادا لها‪.‬‬
‫‪ ‬هناك العديد من العوامل التي ساهمت لالعتماد على نظام التخطيط اإلقليمي في مصر‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت تبرز هذه العوامل أهمية اللجوء إلى هذا النوع من التخطيط والذي يركز على البعد المكاني‬
‫ويجعله أساسا لكل نشاط تنموي كالمشكلة السكانية ومشكلة التفاوتات اإلقليمية وتضخم المدن‪.‬‬
‫‪ ‬تأتي أهمية المشاركة الشعبية في عملية التخطيط للتنمية المحلية من منطلق أن الناس هم أدرى‬
‫بمشاكلهم‪ ،‬وبالتالي فمن الضروري مشاركتهم حتى تأتي الخطة معبرة عن االحتياجات الحقيقية‬
‫للمواطنين المحليين‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة)‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬تواجه المحافظات المصرية العديد من المشاكل تتمثل أساسا في اختالل توزيع السكان وتآكل‬
‫األراضي الزراعية وسوء توزيع األنشطة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬واستقطاب المدن الكبرى‬
‫للتنمية والهجرة غير المنظمة من الحضر إلى الريف‪ ،‬واختالل هيكل توزيع االستثمارات‪.‬‬
‫‪ ‬إن التخطيط من أسفل يعمل على تحقيق مبدأ رئيسي من مبادئ التنمية الناجحة ويتمثل في مبدأ‬
‫تعزيز احترام الذات والذي يعظم من قدرة االنسان على االختيار‪ ،‬كما أن التخطيط من أسفل‬
‫يساعد في تحديد أهداف التنمية اإلقليمية التي تعكس خصوصية اإلقليم قيد التخطيط‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫الفصــــــــل الثــــــالـــث‬
‫الفصل الثالث‪ :‬واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬
‫المبحث األول‪ :‬نشأة التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬

‫المطلب األول‪ :‬تطور منظومة التخطيط في الجزائر خالل الفترة (‪)2003-1962‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تطور منظومة التخطيط في الجزائر خالل الفترة (‪)2012-2003‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مخططات التنمية المحلية في الجزائر‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي بالتنمية المحلية في الجزائر‬


‫المطلب األول‪ :‬أسس سياسات التنمية المحلية في الجزائر‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف سياسات التنمية المحلية في الجزائر‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التحديات التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في‬
‫الجزائر‬
‫المطلب األول‪ :‬التحديات السياسية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات االجتماعية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التحديات اإلدارية‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تحديات المالية المحلية‬

‫المبحث الرابع‪ :‬بعض الحلول المقترحة لتفعيل تجسيد التخطيط االستراتيجي‬


‫المحلي في الجزائر‬
‫المطلب األول‪ :‬تطوير القدرات الفنية واإلدارية لإلداريين والمنتخبين‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مكافحة الفساد اإلداري في تسيير الجماعات المحلية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تفعيل التعاون ما بين البلديات ودعم دورها على المستوى الدولي‬
‫المطلب الرابع‪ :‬إعادة النظر في ميكانيزمات التمويل المحلي‬
‫المطلب الخامس‪ :‬توفر مجتمع مدني فعال‬
‫المطلب السادس‪ :‬ضرورة االعتماد على المقاربة التشاركية‬

‫خالصــــــــــــة واستنتاجـــــــــــات‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الفصل الثالث‪ :‬واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬


‫يتطلب بعث إعادة التنمية المحلية في الجزائر رسم استراتيجيات جديدة للتنمية المحلية تنطلق من اإلقليم‬
‫المحلي وتحدد الجماعات المحلية تصوراتها ومحتوياتها‪ .‬وهذا حتى يتناسب وخصوصياتها المختلفة‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن السلطات المحلية هي التي يمكنها بالفعل أن تعبر عن حاجات اإلقليم والمواطنين التابعين له‪،‬‬
‫بحكم أنها الجسر الرابط بين المواطنين والدولة لتلبية مطالبهم واحتياجاتهم‪.‬‬
‫إن هذا الفصل من الدراسة تم تقسيمه إلى ثالث مباحث حيث سيتم تناول نشأة التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي في الجزائر في المبحث األول‪ ،‬فالتخطيط عبارة عن منهج عملي وأداة فعالة يمكن تطبيقه على‬
‫المستوى الوطني والمحلي فهو عملية تغيير اجتماعي وتوجيه واستثمار طاقات المجتمع وموارده بواسطة‬
‫مجموعة من القرارات الرشيدة التي يشترك في اتخاذها الخبراء وأفراد الشعب والمسؤولين المحليين من‬
‫أجل تحقيق وضع اجتماعي أفضل للمجتمع على كافة مستوياته‪ .‬وسيعالج هذا المبحث تطور منظومة‬
‫التخطيط في الجزائر خالل الفترة (‪ )1980-1962‬وتطوره خالل الفترة (‪ ،)2003-1980‬ثم الفترة‬
‫(‪ ،)2012-2003‬كما سنتطرق إلى مخططات التنمية في الجزائر‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني فسيعالج عالقة التخطيط االستراتيجي بالتنمية المحلية في الجزائر إذ يشير بعض‬
‫الباحثين إلى أن أي منظمة ناجحة ال بد أن تكون لديها استراتيجية فعالة ألن أحد أسباب النجاح هو وجود‬
‫استراتيجية محددة إلنجاز أداء مطلوب‪ ،‬في هذا المبحث سنعالج أسس سياسات التنمية المحلية في الجزائر‬
‫وكذا أهدافها‪ ،‬كما سنتطرق إلى مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر والتي تتمحور حول‪:‬‬
‫التخطيط االقتصادي‪ ،‬التخطيط البيئي‪ ،‬التخطيط االستراتيجي للتمويل المحلي‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‬
‫للموارد البشرية والقضاء على البطالة‪ ،‬التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية‪.‬‬
‫في حين سيتم في المبحث الثالث التطرق إلى التحديات التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي في الجزائر تمثلت هذه التحديات في التحديات السياسية كالصراع الحزبي داخل المجالس المنتخبة‬
‫و شرط اعتماد الترشيح‪ ،‬الرقابة والوصاية وغيرها من التحديات‪ ،‬كذلك التحديات االجتماعية والتي‬
‫يتصدرها ضعف تنظيم العمل الجمعوي‪ ،‬أما التحديات اإلدارية كاستفحال ظاهرة الفساد‪ ،‬تعقد اإلجراءات‬
‫وغموض االصالحات‪ ،‬األمية الحاصلة في اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ،‬ضعف نظام األجور الخاص‬
‫بموظفي االدارة المحلية غياب معايير تقييم أداء رؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة وغيرها من التحديات‪.‬‬
‫أما تحديات المالية المحلية فقد تمثلت في نقص التمويل المحلي والعجز المالي للبلديات‪.‬‬
‫وفي المبحث األخير سيتم اقتراح بعض الحلول لتفعيل تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في‬
‫الجزائر من خالل تطوير القدرات الفنية واإلدارية لإلداريين والمنتخبين‪ ،‬مكافحة الفساد اإلداري في‬
‫تسيير الجماعات المحلية‪ ،‬تفعيل التعاون ما بين البلديات ودعم دورها على المستوى الدولي‪ ،‬إعادة النظر‬
‫في ميكانيزمات التمويل المحلي‪ ،‬توفر مجتمع مدني فعال وضرورة االعتماد على المقاربة التشاركية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬نشأة التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬
‫يمثل التخطيط منهجا عمليا وأداة فعالة وحيادية‪ ،‬إذ يمكن تطبيقه على المستوى الوطني والمحلي مهما‬
‫كانت طبيعة النظام االقتصادي المعتمد‪ ،‬فهو عملية تغيير اجتماعي وتوجيه واستثمار طاقات المجتمع‬
‫وموارده عن طريق مجموعة من القرارات الرشيدة التي يشترك في اتخاذها الخبراء وأفراد الشعب‬
‫والمسؤولين المحليين من أجل تحقيق وضع اجتماعي أفضل للمجتمع على كافة مستوياته خاصة على‬

‫‪214‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫مستوى البلدية كنسق وفي فترة زمنية معينة وفي ضوء أيديولوجية واضحة المعاني يمكن استخدامها في‬
‫‪1‬‬
‫احداث التغيير المطلوب‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطور منظومة التخطيط في الجزائر خالل الفترة (‪)2003-1962‬‬
‫بعد االستقالل ورثت الجزائر وضعا اقتصاديا مستنزفا تميز بالتخلف من جهة ألن قوته اإلنتاجية‬
‫كانت تتمثل في سيادة النشاط الزراعي والصناعة االستخراجية‪ ،‬ومن جهة أخرى تميز بالتبعية لالقتصاد‬
‫الفرنسي‪ ،‬هذا الوضع ألزم الجزائر لمواجهة هذه التحديات مهما كانت تعقيداتها‪ ،‬وبالتالي اعتبر الميثاق‬
‫الوطني أن التخطيط هو األداة المثلى لتوجيه االقتصاد والسير به في طريق الديمقراطية‪ ،‬وأنه وسيلة فعالة‬
‫للتوزيع العادل لثمار التنمية وتكاليفها‪ .‬وعليه فقد أنشأت الجزائر عدة أجهزة مكلفة بعملية التخطيط‪ .‬وسيتم‬
‫‪2‬‬
‫التطرق الى هذه األجهزة كالتالي‪:‬‬
‫الفرع األول خالل الفترة (‪:)1980-1962‬‬
‫شهدت هذه الفترة انشاء المجلس الوطني للتخطيط ومديرية الدراسات االقتصادية والتخطيط باإلضافة‬
‫إلى كتابة الدولة للتخطيط‪.‬‬
‫‪ .1‬المجلس الوطني للتخطيط‪:‬‬
‫بتاريخ ‪ 25‬أوت ‪ 1962‬قامت الجزائر بإنشاء المجلس الوطني للتخطيط من أجل مراقبة تنفيذ‬
‫المخططات المستقبلية وبرامج التنمية االقتصادية‪ ،‬بحيث يضم ممثلين عن القطاع العام وممثلين عن‬
‫القطاع الخاص واألجهزة الوطنية‪ ،‬وقد كلف برسم مشاريع المخططات والبرامج‪.‬‬
‫‪ .2‬مديرية الدراسات االقتصادية والتخطيط‪:‬‬
‫تم انشاء مديرية الدراسات االقتصادية والتخطيط بتاريخ ‪ 25‬أوت ‪ 1962‬لدى محافظة الشؤون‬
‫االقتصادية‪ ،‬وقد كلفت برسم وتوجيه وربط أشغال مؤسسات التخطيط وبرامج التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬كما أنها تقوم بمتابعة ومراقبة تنفيذ المخططات والبرامج‪ ،‬وكذا القيام بكل األشغال‬
‫والدراسات والتحقيقات الضرورية لتحضير المخططات والبرامج وتنفيذها‪.‬‬
‫‪ .3‬كتابة الدولة للتخطيط‪:‬‬
‫تم انشاء كتابة الدولة للتخطيط بناءا على المخطط الرباعي ‪ ،1973-1970‬وقد كلفت بإعداد مشاريع‬
‫مخططات التنمية االقتصادية واالجتماعية على أساس االختيارات والتوجيهات الكبرى المقررة من جانب‬
‫المحافل العليا للوطن‪ ،‬كما أنها تقوم بتوجيه المعلومات الدورية المتعلقة بآفاق التنمية االقتصادية الوطنية‬
‫المتممة تبعا للدراسات المنجزة حول الطاقات الكامنة في البالد واإلمكانات التي يفتحها تقدم العلوم‬
‫والتقنيات‪.‬‬
‫الفرع الثاني خالل الفترة (‪:)2003-1980‬‬
‫شهدت هذه الفترة انشاء وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية‪ ،‬احداث المجلس الوطني للتخطيط وكذا‬
‫صدور القانون رقم ‪ 02-88‬المتعلق بالتخطيط‪ ،‬وصوال إلى الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف‬
‫‪3‬‬
‫بالتخطيط‪.‬‬

‫‪ 1‬شويح بن عثمان‪" ،‬دور الجماعات المحلية في التنمية المحلية‪-‬دراسة حالة البلدية" (مذكرة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪،‬‬
‫تلمسان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،)2011/2010‬ص‪.81.‬‬
‫‪ 2‬عطاهلل خالد‪ ،‬السياسة العامة في الجزائر بين التخطيط والتنفيذ الجزائر أنموذجا‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪،)2017 ،‬‬
‫ص‪.128 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.131 .‬‬
‫‪215‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ .1‬وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية‪:‬‬


‫تم انشاء وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية بموجب المرسوم ‪ 262-81‬المؤرخ في‪ 26‬سبتمبر‬
‫‪ ،1981‬حيث يكلف وزير التخطيط والتهيئة العمرانية بتنظيم األشغال الخاصة بإعداد المخططات الوطنية‬
‫للتنمية وضمان تماسكها‪ ،‬وتنسيق األعمال الرامية الى تحقيق األهداف المقررة ومتابعة تنفيذ المخططات‬
‫الوطنية للتنمية والمشاريع ذات اإلجراءات التصحيحية الضرورية‪ ،‬ومراقبتها وتقييمها وتقديم عرض‬
‫عنها للحكومة‪ ،‬كما يكلف بوضع نظام للتخطيط يعتمد على أسلوب علمي شامل ومتناسق ووحدوي‪.‬‬
‫‪ .2‬المجلس الوطني للتخطيط‪:‬‬
‫تم انشاء المجلس الوطني للتخطيط بموجب المرسوم رقم ‪ 266-87‬المؤرخ في ‪ 08‬ديسمبر ‪،1987‬‬
‫حيث يهدف الى القيام بمهام التخطيط وبالتالي فهو يقترح على الحكومة االختيارات والقرارات التي تتعلق‬
‫بالسياسة االقتصادية واالجتماعية المتوسطة والقصيرة األمد‪ .‬ويتكون المجلس الوطني للتخطيط من وزير‬
‫الداخلية‪ ،‬وزير المالية‪ ،‬الوزير المكلف بالعمل‪ ،‬الوزير المكلف بالتجارة‪ ،‬أما الكتابة التقنية في المجلس‬
‫فيتوالها مندوب للتخطيط يكلف بمرسوم‪.‬‬
‫‪ .3‬الوزارة المنتدبة للتخطيط‪:‬‬
‫بناءا على المرسوم التنفيذي رقم ‪ 257-96‬المؤرخ في ‪ 29‬يوليو ‪ 1996‬فان الوزير المنتدب لدى‬
‫رئيس الحكومة المكلف بالتخطيط يقترح في إطار السياسة العامة للحكومة وبرنامج عملها‪ ،‬عناصر‬
‫السياسة الوطنية في مجال التخطيط‪ ،‬ويتولى تنسيق اعداد االستراتيجيات والسياسات الشاملة للتنمية على‬
‫األمد البعيد‪ ،‬كما يبادر بأعمال رسم استراتيجيات التنمية االقتصادية واالجتماعية على األمد المتوسط‬
‫وتنسيقها في اطار من التشاور‪ ،‬كما أنه يقوم بإعداد مشروع التقرير التقني عن التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية على األمد المتوسط المرافق لقانون المشروع التوجيهي الذي يمثل االطار المرجعي لقوانين‬
‫البرمجة القطاعية وعقود البرامج‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطور منظومة التخطيط في الجزائر خالل الفترة (‪)2012-2003‬‬
‫لقد عرفت هذه الفترة االهتمام باالستشراف‪ ،‬حيث أنشأت لدى رئيس الحكومة محافظة عامة للتخطيط‬
‫واالستشراف سنة ‪ ،2003‬وأنشأت وزارة االستشراف واالحصائيات سنة ‪ 2010‬والتي تحولت فيما بعد‬
‫‪1‬‬
‫إلى كتابة الدولة لدى رئيس الحكومة مكلفة باالستشراف واالحصائيات‪.‬‬
‫أوال المحافظة العامة للتخطيط واالستشراف‪:‬‬
‫تم انشاء المحافظة العامة للتخطيط واالستشراف لدى رئيس الحكومة بموجب المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 84-03‬المؤرخ في ‪ 01‬مارس ‪ ،2003‬وفي ‪ 02‬أكتوبر ‪ 2006‬وضعت المحافظة العامة للتخطيط تحت‬
‫وصاية الوزير المكلف بالمالية وتتمتع باالستقاللية المالية‪ ،‬وبموجب المرسوم ‪ 346-06‬يتضمن انشاء‬
‫المحافظة العامة للتخطيط واالستشراف والذي ألغى أحكام المرسوم الرئاسي ‪ .84-03‬وبموجب المرسوم‬
‫‪ 346-06‬تكلف المحافظة بمساعدة الحكومة في اختيار استراتيجيتها واعدادها في ميادين التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية وفي مجال المحيط‪ ،‬كما تكلف بمتابعة التطور االجتماعي واالقتصادي وتحليله‬
‫وت قديره وباالستشراف‪ .‬وبالنسبة لتنظيمها فانه يدير المحافظة محافظ عام‪ ،‬يساعده مدير مركزي يكلف‬
‫بتنشيط األعمال وتنسيقها‪ ،‬يساعد المدير المركزي مدير للدراسات يكلف بالعالقات مع المجلس الوطني‬
‫لإلحصاء وبتطوير االحصائيات وبالتنظيم الداخلي لإلعالم اآللي‪ .‬وفي جوان ‪ 2009‬أصبح يساعد‬
‫المحافظ العام أمين مكلف بتنشيط أعمال المحافظة وتنسيقها ويساعده ثالث مدراء للدراسات‪.‬‬

‫‪ 1‬عطاهلل خالد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.135 .‬‬


‫‪216‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ثانيا وزارة االستشراف واالحصائيات‪:‬‬


‫تم انشاء وزارة االستشراف واالحصائيات بموجب المرسومين التنفيذيين رقم ‪ 282-10‬ورقم ‪-10‬‬
‫‪ 283‬المؤرخان في ‪ 14‬نوفمبر ‪ ،2010‬وتعتبر وزارة االستشراف واالحصائيات الوزارة المسؤولة عن‬
‫التخطيط المشترك بين القطاعات والمؤسسات في الجزائر‪ ،‬وتطوير سياسات التنمية الشاملة بمشاركة‬
‫جميع المؤسسات الجزائرية ذات الصلة‪ ،‬وتنسيق التخطيط في وزارات معينة من أجل ضمان التنسيق‬
‫‪1‬‬
‫المنظم والمشترك بين الوزارات والمؤسسات في الجزائر‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مخططات التنمية المحلية في الجزائر‬
‫لقد عرفت مخططات التنمية المحلية في الجزائر تطورات عديدة‪ ،‬حيث كان الهدف األساسي منها هو‬
‫إيجاد برامج تنموية ناجحة للقضاء على التدهور االقتصادي واالجتماعي الموروث عن االستعمار‬
‫الفرنسي وخوض معركة البناء والتشييد بكل الوسائل واالمكانيات المتاحة كبرامج التجهيز‬
‫المحلي(‪ ،)E.L.P‬وبرنامج نفقات التجهيز الريفي (‪ ،)D.E.L‬وبرنامج التشغيل الكامل وبرامج التنمية‬
‫الصناعية‪ .‬وقد عرفت مرحلة التخطيط التي سبقت سنة ‪ 1970‬العديد من المشكالت المالية واإلدارية‬
‫والتي كان مصدرها األساسي هو المركزية الشديدة للتخطيط‪ ،‬باإلضافة الى تعدد هذه المخططات‬
‫وصعوبة ادراجها ضمن المخطط الوطني‪ ،‬مما أفرز غياب منهجية موحدة للعمل‪ ،‬والتي يمكن من خاللها‬
‫تقييم هذه البرامج وتحديد آجال محددة إلنجازها‪ .‬ونظرا لتذبذب وتيرة سير هذه المخططات وتأخر‬
‫إنجازها فقد لجأت السلطات الجزائرية الى العمل على توحيدها قانونيا‪ ،‬من خالل المخطط البلدي للتنمية‬
‫ومخطط التحديث الحضري‪ ،‬من خالل المرسوم رقم ‪ 136/73‬المؤرخ في ‪ 1973/08/09‬بشروط تسيير‬
‫وانجاز المخططات البلدية للتنمية‪ .‬فقد حدد هذا المرسوم شروط التسيير الممثلة في االعتمادات المالية‬
‫لفائدة الوالي الذي يعتبر اآلمر بالصرف وشروط وطرق اإلنجاز المتمثلة في االستغالل المباشر أوعن‬
‫طريق المنافسة بدعوة المؤسسات العمومية‪ .‬مما جعل اعانات الدولة المالية مشروطة ومركزية‪ ،‬حيث‬
‫يقتصر دور الجماعات المحلية في اقتراح المشروعات التي يجب أن تتماشى مع أولويات المخطط الوطني‬
‫‪2‬‬
‫للتنمية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫لقد اعتمدت الجزائر في سياستها التنموية على البرامج التالية‪:‬‬
‫‪ ‬التخطيط المركزي في صورة برامج ممركزة ‪Plans Sectoriels Concentrées‬‬
‫‪ ‬التخطيط اإلقليمي في شكل برامج قطاعية غير ممركزة ‪Plans Sectoriels Développées‬‬
‫‪ ‬المخططات البلدية التنموية ‪Plans Communal De Développement‬‬

‫الفرع األول المخططات الوطنية التنموية‪:‬‬


‫‪4‬‬
‫وتتمثل أهم المخططات الوطنية للتنمية التي عرفتها الجزائر بعد االستقالل في اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬المخطط الثالثي (‪ :)1969/1967‬وقد كان الهدف منه احداث تصنيع حقيقي يمكن من مضاعفة‬
‫مناصب الشغل وكذا التمكين من إيجاد فالحة مهيكلة قادرة على تلبية حاجات السكان الذين يزداد‬
‫عددهم بشكل كبير‪.‬‬

‫‪ 1‬عطاهلل خالد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.139 .‬‬


‫‪ 2‬محمد خشمون‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية (دراسة ميدانية على مجالس بلديات والية قسنطينة" (أطروحة دكتوراه علوم‪،‬‬
‫تخصص علم اجتماع التنمية‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،)2011/2010 ،‬ص ‪.205.‬‬
‫‪ 3‬شويح بن عثمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.81 .‬‬
‫‪ 4‬محمد خشمون‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية (دراسة ميدانية على مجالس بلديات والية قسنطينة"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.205 .‬‬
‫‪217‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ .2‬المخطط الرباعي األول (‪ )1973/1970‬والثاني (‪ :)1977/1974‬فمن خالل هذين المخططين‬


‫يتم وضع األسس المادية األولى لالنطالق االقتصادي‪ ،‬وكانا يهدفان الى تدعيم االستقالل المالي‬
‫للبالد وتحقيق التكامل في مجهوداتها التنموية‪ .‬وقد تميزت هذه الفترة بظهور مشكالت‬
‫ديموغرافية وإنجاز مشروعات ضخمة واسترجاع الثروات الوطنية وتأميم المحروقات‪ ،‬في حين‬
‫كان االهتمام بالتهيئة العمرانية ضعيفا‪.‬‬
‫‪ .3‬المخطط الخماسي األول (‪ :)1984/1980‬والذي حاول تكريس االنطالق الفعلي لعملية إعادة‬
‫تنظيم جذري لالقتصاد الوطني‪ ،‬من خالل إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية والتحضير لمرحلة ما‬
‫‪1‬‬
‫بعد البترول‪ .‬ومن أهدافه‪:‬‬
‫‪ -‬إشباع الحاجيات األساسية للمواطنين من خالل القضاء على النقص الفادح في المواد‬
‫االستهالكية‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير وتشجيع مشاريع السكن االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين خدمات الصحة والنقل والتعليم‪.‬‬
‫‪ -‬القضاء على التفاوت في توزيع الدخول بين فئات المجتمع‪.‬‬
‫‪ .4‬المخطط الخماسي الثاني (‪ :)1989/1985‬إن هذا المخطط كان يشكل امتدادا للمخطط الخماسي‬
‫األول‪ ،‬وقد اهتم هذا المخطط بالنمو الديمغرافي وتلبية حاجات السكان في ظل هذا النمو المتزايد‪،‬‬
‫كما اهتم بالميادين المالية والتهيئة العمرانية والقطاع الخاص‪ .‬إن المخطط الخماسي الثاني كان‬
‫المخطط األخير في سلسلة المخططات المتتابعة‪ ،‬فقد وجهت عدة انتقادات إلى سياسة التصنيع‬
‫الثقيل في الجزائر وحتى الى طبيعة النظام السياسي السائد آنذاك‪ .‬وقد نجم عن ذلك تغيير الدستور‬
‫سنة ‪ ،1989‬وتغيير الوجهة االقتصادية للجزائر من االقتصاد الموجه إلى االقتصاد الحر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن أهداف المخطط الخماسي الثاني (‪ )1989/1985‬تحقيق ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تغطية الحاجيات األساسية للمواطنين باالعتماد على اإلنتاج الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬تعبئة القدرات واإلمكانات الوطنية خارج قطاع المحروقات‪.‬‬
‫‪ -‬محاولة التحكم في التوازن المالي داخليا وخارجيا‪.‬‬
‫‪ -‬دعم الالمركزية اإلقليمية لتحسين التخطيط المحلي‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمام بقطاع الفالحة والري‪.‬‬
‫‪ -‬احترام آجال وتكاليف اإلنجاز‪.‬‬
‫لقد مثلت األهداف السابقة شعور المسؤول الجزائري بخطورة األوضاع االقتصادية والمالية للجزائر‪،‬‬
‫وتقلص الموارد المالية الناتجة عن تصدير البترول والغاز‪.‬‬
‫الفرع الثاني المخططات االستثمارية التنموية‪:‬‬
‫وقد شرعت الجزائر منذ ‪ 2001‬في وضع مخططات استثمارية تنموية في ظل الوفرة المالية‪ ،‬جراء‬
‫التحسن المستمر نسبيا في أسعار النفط‪ ،‬حيث تهدف مجملها الى إنعاش االقتصاد الوطني وإعادة وتيرة‬
‫التنمية والنمو االقتصادي الى المعدالت المقبولة‪ ،‬وذلك من أجل إيجاد حلول مرضية للمشكالت‬
‫االقتصادية واالجتماعية الحادة التي عرفتها الجزائر منذ انهيار أسعار النفط وكذا اختالل التوازنات‬
‫‪3‬‬
‫االقتصادية العامة للبالد‪.‬‬

‫‪ 1‬علي بقشيش‪ " ،‬إشكالية تأثير الفساد اإلداري على برامج التنمية وتطبيق آليات الحكم الراشد في البلدان النامية مع اإلشارة إلى حالة الجزائر"‪،‬‬
‫(أطروحة دكتوراه علوم في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬كلية العلوم السياسية واالعالم‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،)2013/2012 ،3‬ص‪.189 .‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.190.‬‬
‫‪ 3‬عطاهلل خالد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.165 .‬‬
‫‪218‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وبالنسبة للمخططات التنموية التي عرفتها الجزائر بعد انفتاحها االقتصادي النسبي فهي تتمثل فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .1‬البرامج القطاعية‪ :‬والتي تنقسم إلى قسمين أساسيين هما‪:‬‬
‫البرامج القطاعية المركزية‪ :‬هي عبارة عن مشروعات كبرى ذات بعد وطني أو جهوي‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫هدفها تهيئة اإلقليم وتحتوي على المستوى المحلي على أبعاد جغرافية‪ ،‬من شانها أن تشكل‬
‫محاور للتشغيل‪ ،‬وتسجل هذه المشروعات بعنوان الوزارات والهيئات المختصة‪.‬‬
‫ب‪ -‬البرامج القطاعية غير الممركزة‪ :‬إن الهدف األساسي من هذه البرامج هو يتمثل في تحقيق‬
‫التوازنات الجهوية وتسجيل هذه البرامج برمز الوالي‪ ،‬والذي يعتبر اآلمر بالصرف الوحيد‪.‬‬
‫ت‪ -‬برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي‪ :‬يمثل برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي برنامج‬
‫االستثمارات العمومية الذي طرحته السلطات العمومية للفترة (‪ ،)2004/2001‬حيث يهدف‬
‫هذا البرنامج الى تفعيل األنشطة اإلنتاجية الفالحية وتدعيم الخدمات العمومية في مجاالت‬
‫النقل‪ ،‬البنية التحتية‪ ،‬الري‪ ،‬التنمية المحلية‪ ،‬تحسين معيشة السكان وتطوير الموارد البشرية‪.‬‬
‫وقد رصدت السلطات العمومية مبلغ ‪ 525‬مليار دينار جزائري لهذا البرنامج تم توزيعها‬
‫‪2‬‬
‫بالشكل التالي‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)13‬التوزيع السنوي للمبالغ المالية المخصصة لبرنامج دعم اإلنعاش‬
‫االقتصادي‬
‫نسبة المبالغ ‪%‬‬ ‫المبالغ المالية (مليار دج)‬ ‫السنوات‬
‫‪39.12‬‬ ‫‪205.4‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪35.41‬‬ ‫‪185.9‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪21.56‬‬ ‫‪113.2‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪3.90‬‬ ‫‪20.5‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪100‬‬ ‫‪525‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬فوزية خلوط‪" ،‬برامج التنمية بين األهداف المنشودة والنتائج المحدودة" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة‪ ،‬العدد التاسع والعشرون (فيفري ‪ ،)2013‬ص‪.99 .‬‬

‫وتطبيقا لبرنامج الحكومة فإن برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي يدفع باألنشطة االقتصادية عبر كل‬
‫التراب الوطني وعلى وجه الخصوص في المناطق األكثر حرمانا‪ ،‬كما ترمي تلك األنشطة الى خلق‬
‫مناصب شغل وتحسين القدرة الشرائية‪ .‬فهي تندرج في إطار مكافحة الفقر وسياسة التهيئة العمرانية‬
‫‪3‬‬
‫الرامية إلى التقليص من عدم التوازن الداخلي وما بين الجهوي‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد خشمون‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية (دراسة ميدانية على مجالس بلديات والية قسنطينة"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.206 .‬‬
‫‪ 2‬فوزية خلوط‪" ،‬برامج التنمية بين األهداف المنشودة والنتائج المحدودة" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد التاسع‬
‫والعشرون (فيفري ‪ ،)2013‬ص‪.98 .‬‬
‫‪ 3‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.266 .‬‬
‫‪219‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪1‬‬
‫ومن بين أهم األولويات التي ركز عليها برنامج اإلنعاش االقتصادي نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬استعادة السلم المدني بإقامة دولة القانون التي تعتمد على العدل وتطهير الحياة السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬من خالل التوجه إلى المستقبل وعدم النظر إلى مخلفات الماضي‪.‬‬
‫‪ -‬وضع حد للبيروقراطية التي شلت الحياة االقتصادية خاصة ضعف االستثمار الوطني واألجنبي‪،‬‬
‫وتحديث مصالح الخدمات المشتركة كاإلدارة والجمارك وحماية أمالك الدولة‪ ،‬وجعلها تتأقلم مع المحيط‬
‫الوطني والدولي الجدي‪ ،‬باإلضافة إلى تنشيط الدبلوماسية الجزائرية لشرح فرص االستثمار في الجزائر‬
‫وتشجيع سياسة التضامن الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة النظر في المنظومة التربوية وجعلها تتماشى مع المتغيرات الجديدة ومنسجمة مع أهداف التنمية‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة الهيكلة الصناعية وهيكلة القطاع العام بما يتماشى والنظرة الجديدة لالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة النظر في النظام المالي وتشجيع االدخار‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة هيكلة القطاع الفالحي‪.‬‬
‫‪ -‬تفعيل سياسة التضامن الوطني‪.‬‬
‫ث‪ .‬البرنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي للفترة (‪:)2009/2005‬إن البرنامج التكميلي لدعم النمو‬
‫االقتصادي هو برنامج االستثمارات العمومية الذي طرحته السلطات العمومية يوم ‪ 07‬أفريل ‪،2005‬‬
‫ويعد كتكملة لمسار إعادة بناء االقتصاد الوطني‪ ،‬وقد خصص لهذا البرنامج مبلغ أولي قدر ب ‪4202.7‬‬
‫مليار دج أي ما يقارب ‪ 55‬مليار دوالر‪ ،‬وزعت على األبواب التالية‪ ، :‬برنامج تحسين ظروف معيشة‬
‫السكان والتي خصص لها نسبة ‪ %45‬من المبلغ اإلجمالي للبرنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي‪،‬‬
‫برنامج تطوير المنشآت األساسية (كقطاع النقل‪ ،‬االشغال العمومية‪ ،‬الماء والسدود والتحويالت‪ ،‬تهيئة‬
‫اإلقليم)‪ ،‬والتي خصص لها نسبة ‪ % 40.5‬من المبلغ اإلجمالي للبرنامج‪ ،‬برنامج دعم التنمية االقتصادية‬
‫والتي خصص لها نسبة ‪ %08‬من المبلغ اإلجمالي للبرنامج‪ ،‬حيث تم التركيز على قطاع الفالحة والتنمية‬
‫الريفية‪ ،‬تطوير الخدمة العمومية وتحديثها والتي خصص لها نسبة ‪ % 04.8‬من المبلغ اإلجمالي للبرنامج‬
‫موزعة على العدالة‪ ،‬الداخلية‪ ،‬المالية‪ ،‬التجارة‪ ،‬البريد والتكنولوجيا الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬قطاعات‬
‫الدولة األخرى‪ ،‬برنامج التكنولوجيات الجديدة لالتصال والذي خصص له نسبة ‪ %01.1‬من المبلغ‬
‫‪2‬‬
‫اإلجمالي للبرنامج‪.‬‬
‫وتعتبر سنة ‪ 2006‬سنة مميزة في انطالق مجمل ورشات برنامج دعم النمو للفترة (‪،)2009-2005‬‬
‫بحيث أن ‪ % 90‬من المشاريع التي تم تسجيلها في البرنامج الخاص بالهضاب العليا انطلقت فعليا في هذه‬
‫السنة‪ ،‬كما كان هناك نشاط سريع في عمليات إعادة تأهيل شبكة الطرق الوطنية والمنشآت القاعدية‬
‫الهامة‪ ،‬إذ شكل مشروع الطريق السيار شرق‪-‬غرب ‪ Autoroute Est-Ouest‬مركز اهتمامات‬
‫السلطات العمومية في الجزائر في مجال المنشآت القاعدية‪ ،‬إذ يمتد هذا الطريق على طول ‪ 1216‬كلم‪،‬‬
‫وخصص له غالف مالي أكثر من ‪ 560‬مليار دينار‪ .‬كما قد تم تخصيص ‪ 600‬مليار دينار لصيانة‬
‫الطر ق‪ ،‬وقد سمح برنامج دعم النمو بالتسريع في العديد من المشاريع التي كانت متوقفة منذ وقت طويل‬
‫كأشغال ميترو الجزائر‪ ،‬وقد استفاد قطاع الصحة العمومية من غالف مالي قدره ‪ 244‬مليار دينار من‬
‫‪3‬‬
‫أجل إنجاز أكثر من ‪ 800‬منشأة صحية‪.‬‬

‫‪ 1‬علي بقشيش المرجع السابق‪ ،‬ص‪.196 .‬‬


‫‪ 2‬عطاهلل خالد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.172 .‬‬
‫‪ 3‬مصيطفى عبد اللطيف وبن سانية عبد الرحمان‪" ،‬دور الدولة في النشاط االقتصادي من خالل تجربة التنمية االقتصادية في الجزائر من االقتصاد‬
‫الموجه إلى اقتصاد السوق" (ورقة مقدمة في الملتقى الوطني حول‪ :‬مستقبل الدولة الوطنية في ظل العولمة ومجتمع المعلومات‪-‬دراسة حالة‬
‫الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 05‬و‪ 06‬ماي ‪ ،)2009‬ص‪.19 .‬‬
‫‪220‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ج‪ .‬البرنامج التكميلي لتنمية مناطق الجنوب (‪ :)2009/2006‬تم اعداد البرنامج التكميلي لتنمية مناطق‬
‫الجنوب من قبل الحكومة وفقا للتعليمات التي أصدرها رئيس الجمهورية أثناء زيارته الى كل من ورقلة‬
‫واألغواط في شهر سبتمبر سنة ‪ ،2005‬ويهدف هذا البرنامج الى تحسين ظروف معيشة سكان المنطقة‬
‫من جهة ومن جهة أخرى الى ترقية أسباب تنمية اقتصادية مستدامة في هذه المناطق‪ ،‬وقد تم إقرار هذا‬
‫البرنامج في اجتماع مجلس الوزراء يوم السبت ‪ 2006/01/14‬برئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز‬
‫بوتفليقة‪ ،‬كما قدد خصص له مبلغ مالي يفوق ‪ 250‬مليار دج‪ .‬باإلضافة الى مشروع نقل الماء الشروب‬
‫على مسافة تزيد عن ‪ 700‬كلم من المياه الجوفية الوفيرة الموجودة في منطقة عين صالح نحو مدينة‬
‫تمنراست وناحيتها‪ ،‬وكذا مشروع انجاز مدينة حاسي مسعود الجديدة في إطار تجنيب هذا الحقل البترولي‬
‫المخاطر الكبرى‪ .‬ويتضمن البرنامج التكميلي لتنمية مناطق الجنوب ثالثة قطاعات رئيسية وهي‪ :‬قطاع‬
‫تحسين ظروف حياة السكان‪ ،‬وقطاع يتضمن برنامج إضافي للتنمية االقتصادية‪ ،‬وقطاع تحسين وسائل‬
‫‪1‬‬
‫اإلدارة‪.‬‬
‫د‪ .‬البرنامج التكميلي لتنمية مناطق الهضاب العليا (‪ :)2009/2006‬ان البرنامج التكميلي لتنمية واليات‬
‫الهضاب العليا شأنه شأن البرنامج المقرر لواليات الجنوب‪ ،‬يأخذ في الحسبان الخصوصيات الجغرافية‬
‫لهذين القطرين ويأتي ليعزز المساواة من حيث التنمية لصالح السكان المحليين‪ ،‬وقد أعلن رئيس‬
‫الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عن هذا البرنامج في سبتمبر ‪ ،2005‬بمخصص اجمالي قدره ‪ 620‬مليار‬
‫دج‪ ،‬تم توزيعها كاآلتي‪ 288.5 :‬مليار دج لتحسين ظروف معيشة السكان‪ 233 ،‬مليار دج لترقية التنمية‬
‫االقتصادية‪ 18 ،‬مليار دج لتعزيز مصالح الدولة من بينها ‪ 11.3‬مليار دج لقطاع العدالة‪ 36.8 ،‬مليار دج‬
‫‪2‬‬
‫للمشاريع البلدية للتنمية‪ ،‬و ‪ 29‬مليار دج النطالق ورشة انجاز مدينة بوغزول الجديدة‪.‬‬
‫ه‪ .‬برنامج التنمية الخماسي (‪ :)2014/2010‬جاء هذا البرنامج عقب مجموعة من البرامج التي تبنتها‬
‫الجزائر منذ ‪ 10‬سنوات‪ ،‬وقد استلزم من النفقات ‪ 21421‬مليار دج أي ما يعادل ‪ 286‬مليار دوالر‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫ويشمل هذا البرنامج شقين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ ‬استكمال المشاريع الكبرى الجاري إنجازها على الخصوص في قطاع السكة الحديدية والطرق‬
‫والمياه بمبلغ ‪ 9700‬مليار دج أي ما يعادل ‪ 130‬مليار دوالر‪.‬‬
‫‪ ‬إطالق مشاريع جديدة بمبلغ ‪ 11534‬مليار دج أي ما يعادل ‪ 156‬مليار دوالر‪.‬‬
‫وحسب ما جاء في ملحق بيان السياسة العامة ‪ ،2010‬فإن هذا البرنامج يتوافق مع االلتزام الذي قطعه‬
‫رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على نفسه أمام الشعب من أجل برنامج جديد بمبلغ ‪ 150‬مليار‬
‫دوالر باإلضافة الى ‪ 130‬مليار دوالر تكملة للمشاريع السابقة‪ ،‬أما ما يمكن استنتاجه من هذا البرنامج هو‬
‫مواصلته للجهود المبذولة في سبيل إرساء قواعد توطيد النمو من خالل دفع وترقية قطاع االشغال‬
‫العموم ية‪ ،‬وكذا دعم كل ما يخص التنمية البشرية فقد استفاد هذا القطاع من حوالي ‪ %40‬من إجمالي‬
‫‪4‬‬
‫البرنامج الخماسي‪.‬‬
‫وقد انعقد المجلس الحكومي في جانفي ‪ 2015‬والذي خصص للتنمية المحلية في واليات الجنوب‬
‫والهضاب العليا تحت رئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بالجزائر‪ ،‬ومن أهم جاء فيه أنه‬

‫‪ 1‬عطاهلل خالد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.178 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.181 .‬‬
‫‪ 3‬فوزية خلوط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111 .‬‬
‫‪ 4‬عطاهلل خالد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.184 .‬‬
‫‪221‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫في إطار تجسيد األهداف المسطرة ضمن البرنامج الخماسي (‪ )2019-2015‬عبر واليات الجنوب‬
‫‪1‬‬
‫والهضاب العليا فإنه تم تسجيل اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تحسين ظروف الدراسة السيما من خالل تحسين تكوين المعلمين على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز التغطية في مجال الصحة العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬تكثيف االستجابة لطلبات السكن من خالل دعم البناء الذاتي للسكنات االجتماعية والريفية‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين ظروف معيشة السكان‪.‬‬
‫‪ -‬إنجاز برامج تنموية بلدية هامة‪.‬‬
‫‪ -‬توسيع شبكات الطرقات والطرقات السريعة والسكك الحديدية‪.‬‬
‫‪ -‬ستستفيد واليات الجنوب والهضاب العليا من الدعم لفائدة تنمية قدراتها االقتصادية وتنويعها‬
‫وزيادة عروض التشغيل على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز قدرات التكوين المهني وتكييفها مع مقتضيات االقتصاد المحلي السيما في قطاعات‬
‫المحروقات والمناجم والسياحة‪.‬‬
‫‪ -‬في المجال الفالحي سيتم استصالح مليون هكتار عبر واليات الجنوب والهضاب العليا‬
‫وتعزيز الري مع إعطاء أهمية خاصة لترقية المستثمرات الفالحية لصالح الشباب‪.‬‬
‫‪ -‬إنجاز عدد معتبر من المناطق الصناعية وعصرنة الوحدات الصناعية العمومية وبناء‬
‫محطات لتكرير المحروقات والتحضير الستغالل حقول الحديد بغار جبيالت وتكثيف‬
‫استغالل المحاجر‪.‬‬

‫و‪ .‬المخطط البلدي للتنمية (‪ :)P.C.D‬يعتبر المخطط البلدي للتنمية من أكثر البرامج استعماال منذ سنة‬
‫‪ ،1974‬أي بعد صدور المرسوم رقم ‪ ،1973‬المتعلق بشروط تسيير وإنجاز المخططات البلدية للتنمية‬
‫‪ 02/136/73‬المؤرخ في ‪ 09‬أوت ‪ ،1973‬إذ يعتبر هذا البرنامج من االختصاصات المباشرة للمجلس‬
‫الشعبي البلدي من حيث االختيار ومالئمة المشاريع المقترحة وموقعها وأثرها المباشر على الجماعات‬
‫‪2‬‬
‫المحلية والسعي التساهمي مع المواطنين‪.‬‬
‫فالمخطط البلدي للتنمية عبارة عن برنامج عمل تقرره السلطات المختصة في إطار المخطط الوطني‬
‫ويتم إنجازه على مراحل‪ ،‬حيث تكلف كل بلدية بإعداد واعتماد مشاريعها التنموية وترفعها للوالية‪،‬‬
‫وتسعى المخططات البلدية للتنمية لتكريس المركزية التخطيط على المستوى المحلي واشراك البلدية في‬
‫اتخاذ القرار من خالل إعطاء حق للمجالس المحلية في اقتراح المشاريع‪ ،‬وكذا العمل على تطوير‬
‫المب ادرات المحلية والبحث عن حلول لمشاكل الجماعات المحلية دون اللجوء الى الوصاية ومحو‬
‫االختالالت الجهوية بين البلديات‪ .‬ومن جهة أخرى تسعى هذه المخططات لتحسين الخدمات العمومية‬
‫المقدمة للمواطنين‪ ،‬ألنها تمس جوانب متعلقة بالحياة اليومية للمواطنين‪ ،‬كما أنها تشجع على تطوير‬
‫التضامن والتعاون المحلي من خالل إمكانية الشراكة بين البلديات‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تعتبر أداة لدعم‬
‫‪3‬‬
‫التنمية الوطنية الشاملة‪.‬‬
‫ه‪ .‬المخطط الوالئي للتنمية‪ :‬يعد هذا المخطط أداة للتعبير عن الالمركزية وللتخطيط المحلي‪ ،‬وهو الكفيل‬
‫بإعداد مشاريع تنموية متناسقة ومكيفة مع الشروط واإلمكانات المحلية‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق هياكل‬
‫التخطيط والتهيئة العمرانية غير الممركزة على مستوى الوالية في إطار المجلس التنفيذي للوالية‪ ،‬ويعمل‬

‫‪ 1‬كربوش أحمد ومحمد تشعبت‪" ،‬واقع التنمية المحلية بالجنوب الجزائري قراءة في البرامج الحكومية فترة ‪( "2015-2010‬ورقة مقدمة في‬
‫اليوم الدراسي حول‪ :‬إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل"‪ ،‬جامعة غرداية يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪ ،)2015‬ص‪.‬‬
‫‪.07‬‬
‫‪ 2‬فريدة كافي وزكية آكلي‪" ،‬التنمية المحلية في الجزائر قراءة للنهوض بالمقومات وتجاوز العوائق"‪ ،‬في مجلة اقتصاديات المال واألعمال‪ ،‬مارس‬
‫‪ ،2017‬ص‪.102 .‬‬
‫‪ 3‬انزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.55 .‬‬
‫‪222‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المخطط الوالئي على تحديد األهداف العامة للتنمية المحلية على مستوى الوالية وتحديد آليات ومصادر‬
‫‪1‬‬
‫تمويلها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي بالتنمية المحلية في الجزائر‬
‫إن عملية التنمية المحلية يتم تجسيدها من منطلق قاعدي إذ تمنح األولوية الحتياجات المجتمع المحلي‪،‬‬
‫كما أنها تتأسس على مجموعة من المرتكزات التي تساهم في بلورتها ونجاح عملية بناءها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أسس سياسات التنمية المحلية في الجزائر‬
‫لقد بدأ الشعور بأهمية التنمية المحلية والدور الذي تؤديه برامجها للتكفل بالحاجيات المحلية الخاصة‬
‫بكل بلدية مع بداية تطبيق المخطط الثالثي األول (‪ ،)1969/1967‬كما تم بجانبه إقرار ‪ 08‬برامج خاصة‬
‫من أجل استدراك النقائص التي تضمنها‪ ،‬وقد وجهت هذه البرامج الى ‪ 08‬واليات شمالية‪ ،‬ثم تطورت الى‬
‫‪ 18‬برنامج بعد التقسيم اإلداري لسنة ‪ ،1974‬والذي رفع عدد الواليات من ‪ 15‬إلى ‪ 31‬والية‪ .‬وعند وضع‬
‫المخطط الرباعي األول (‪ )1974-1970‬تنازلت الوزارات عن تسيير البرامج الخاصة لصالح الواليات‪،‬‬
‫أما في ظل المخطط الرباعي الثاني (‪ )1977-1974‬تعمق التوجه نحو العمل المحلي أكثر حيث تم إقرار‬
‫نوع جديد من البرامج االستثمارية األكثر محلية وإقليمية وذات طابع المركزي تعرف بإسم المخططات‬
‫البلدية للتنمية إلى جانب البرامج القطاعية غير المركزة ‪ PSD‬والتي ساهمت بشكل كبير في تلبية‬
‫‪2‬‬
‫االحتياجات المحلية للسكان وتحقيق نوع من التوازن الجهوي واإلقليمي‪.‬‬
‫أي أن ظهور االعتراف الرسمي بالتنمية المحلية في الجزائر كوسيلة للتقدم كان مع انطالق العديد من‬
‫السياسات بما في ذلك برامج التنمية البلدية )‪(PCD‬والبرامج القطاعية الالمركزية )‪ (PSD‬والبرامج‬
‫‪3‬‬
‫الخاصة بمناطق الجنوب وبرامج دعم النمو)‪. (PSRE‬‬
‫وتتمحور هذه البرامج حول عدد من اإلجراءات الموجهة لدعم النشاطات المنتجة وتدعيم الخدمات‬
‫العمومية والمنشآت القاعدية وتحقيق التنمية المحلية والبشرية‪ ،‬ومن ثم توفير الفضاء االقتصادي المالئم‬
‫لتدعيم القدرات الوطنية لإلنتاج وحشد االدخار الوطني‪ ،‬وبالتالي فإن هذه البرامج جاءت لدعم اإلنعاش‬
‫‪4‬‬
‫ومن ثم النمو‪.‬‬
‫فبالنسبة لبرنامج دعم االنعاش االقتصادي )‪ (PSRE‬فقد غطى الفترة (‪ )2004-2000‬وخصص له‬
‫غالف مالي قدره ‪ 525‬مليار دينار‪ ،‬وأكد هذا البرنامج إرادة الدولة في تحسين البنية التحتية الضرورية‬
‫لتحسين بيئة االستثمار ويظهر ذلك من خالل المبالغ الهامة المستثمرة في إنجاز العديد من الهياكل القاعدية‬
‫في مختلف قطاعات البناء واألشغال العمومية والري والنقل‪ ،‬وتتمثل أهم المحاور األساسية لهذا البرنامج‬
‫‪5‬‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحسين شروط الحياة‪.‬‬
‫‪ -‬الهياكل القاعدية‪.‬‬
‫‪ -‬األنشطة اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪ 1‬انزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.54 .‬‬


‫‪ 2‬شويح بن عثمان‪" ،‬دور الجماعات المحلية في التنمية المحلية‪-‬دراسة حالة البلدية " (مذكرة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‬
‫تلمسان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،)2011/2010‬ص‪.80 .‬‬
‫‪3 Nait Merzoug et Kouadria Nouredine, Amara Fatah, "Gouvernance urbaine et développement local en Algérie.‬‬

‫‪Quels enjeux pour les métropoles régionales ? Cas d'Annaba", revue des sciences humaines, université‬‬
‫‪mohamed kheider biskra, No24 (mars 2012), p .09.‬‬
‫‪ 4‬مصيطفى عبد اللطيف وبن سانية عبد الرحمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18 .‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.19 .‬‬
‫‪223‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬حماية المحيط‪.‬‬
‫‪ -‬الموارد البشرية والحماية االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬الهياكل القاعدية اإلدارية‪.‬‬
‫وعليه فإنه من أجل تحقيق البرامج التنموية واألهداف المنشودة بكفاءة وفعالية وشمولية وتوازن‬
‫‪1‬‬
‫وتكامل‪ ،‬فإن سياسة التنمية المحلية في الجزائر تقوم على األسس التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬تدخل الدولة‪ :‬لقد تم إعطاء الدور القيادي للدولة في عملية التنمية االقتصادية واالجتماعية وطنيا‬
‫ومحليا باعتبارها ممثلة للمجتمع والمعبرة عن إرادة المواطنين‪ ،‬وتعمل على تحقيق طموحاتهم في‬
‫التقدم االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وهناك عدة اعتبارات بسببها تم اختيار هذا المبدأ ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬أن الدولة هي األكثر قدرة على تحقيق أهداف التنمية لما تملكه من إمكانات مادية وبشرية‬
‫وتنظيمية ومالية‪.‬‬
‫‪ -‬أن الدولة هي القوة السياسية الوحيدة القادرة على مواجهة االحتكار المحلي واالجنبي‪ .‬كما أن لها‬
‫المقدرة واالحاطة الكاملة بمختلف العوامل والمتغيرات اإلقليمية والعالمية التي تؤثر على األهداف‬
‫والبرامج‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على حماية االقتصاد الوطني من المنافسة األجنبية وتوجيهه نحو خدمة األهداف‬
‫االستراتيجية للمجتمع‪ ،‬كما أن الدولة تؤدي دور تحفيزي لتوجيه النشاط االقتصادي الوجهة األكثر‬
‫احتياجا في المجتمع عن طريق تقديم الحوافز المتعددة‪.‬‬
‫‪ -‬أن الدولة تمثل السلطة القانونية والتنفيذية المؤهلة والقادرة على اجراء التغييرات االجتماعية‬
‫الضرورية لدعم التنمية‪.‬‬
‫‪ .2‬المشاركة الشعبية‪ :‬نظرا للظروف المأساوية التي عاشها الشعب الجزائري في ظل االحتالل‬
‫الفرنسي‪ ،‬فانه أصبح يتطلع الى عالم تسوده العدالة والمساواة لالستفادة من ثمار التنمية‪ ،‬ويتحقق‬
‫ذلك من خالل مشاركته الفعالة والفعلية في اعداد وتنفيذ ومراقبة وتوجيه برامجها وخططها‪ ،‬مما‬
‫أدى الى إقرار أساليب وأنظمة تسيير جماعية‪ ،‬كانت بدايتها بالتسيير الذاتي في القطاع الزراعي‬
‫ونظام الثورة الزراعية والتسيير االشتراكي للمؤسسات‪ ،‬وكذا صدور المراسيم المنظمة لإلدارة‬
‫المحلية وتشكيلها عن طريق االنتخاب الكلي والمباشر‪ ،‬و بصدور دستور ‪1989‬م تم إقرار‬
‫التعددية الحزبية والسماح بإنشاء الجمعيات المدنية وفسح المجال أمامها للمساهمة في خدمة‬
‫المجتمع ومراقبة تنفيذ المشاريع وتوفير أطر المشاركة عبر جمعيات األحياء ومجالس المدينة‪.‬‬
‫‪ .3‬التخطيط‪ :‬يعد التخطيط منهجا عمليا وأداة فعالة وحيادية يمكن تطبيقه على المستوى الوطني‬
‫والمحلي مهما كانت طبيعة النظام االقتصادي والسياسي المعتمد‪ ،‬فهو عملية تغيير اجتماعي‬
‫وتوجيه واستثمار طاقات المجتمع وموارده عن طريق مجموعة من القرارات الرشيدة‪ ،‬والتي‬
‫يشترك في اتخاذها الخبراء وأفراد الشعب وقادتهم السياسيين‪ ،‬لتحقيق وضع اجتماعي أفضل‬
‫للمجتمع على كافة مستوياته كنسق في فترة زمنية في ضوء األيديولوجية والحقائق العالمية والقيم‬
‫التي يمكن استخدامها وتوظيفها في احداث التغيير المطلوب‪ ،‬وقد اختارت الجزائر التخطيط لبناء‬
‫وتنفيذ البرامج التنموية وطنيا ومحليا من خالل تطبيق التخطيط المركزي في صورة برامج‬
‫ممركزة ‪ PSC‬والتخطيط اإلقليمي في شكل برامج قطاعية غير مركزة ‪ PSD‬والمخططات‬
‫البلدية للتنمية ‪.PCD‬‬

‫‪ 1‬فؤاد بن رمضان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.253 .248 .‬‬


‫‪224‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ .4‬الالمركزية‪ :‬استندت عملية التنمية المحلية في الجزائر سياسة الالمركزية باعتبارها األسلوب‬
‫الناجح لتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة جهويا ومحليا‪ ،‬ويعود اختيار الجزائر ألسلوب‬
‫‪1‬‬
‫الالمركزية في التنظيم والعمل الى األسباب التالية‪:‬‬
‫أن الالمركزية تعطي لعملية تنفيذ البرامج بعدها االجتماعي المتمثل في الدافعية واالنتمائية‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫كما أنها تحقق التوافق بين الحاجات المحلية وقرارات السياسة المركزية‪.‬‬
‫ب‪ -‬العالقة القوية والمباشرة بين التنمية المحلية والالمركزية‪ ،‬فهي تعكس بعمق وصدق واقعية‬
‫مشكالت التخلف وطموحات وأولويات كل إقليم ومجتمع محلي‪ ،‬كما أنها تساهم في تفعيل‬
‫وتجنيد وتحريك اإلمكانات المحلية‪.‬‬
‫ت‪ -‬تخفف العبء عن اإلدارة المركزية وتعمق الشعور بالمسؤولية لدى المسؤولين المحليين‬
‫وافراد الشعب‪ ،‬كما أنها تساهم في تحقيق العدالة في التكاليف والحقوق من خالل توزيع‬
‫الدخل الوطني وأعباء الجباية‪.‬‬
‫‪ .5‬التوازن الجهوي‪ :‬ل قد شكلت سياسة التوازن الجهوي محورا رئيسيا في استراتيجية التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية للجزائر‪ ،‬حيث اقتنعت السلطات المركزية بأن التقدم االجتماعي ال يتحقق‬
‫اال من خالل نمو كافة أجزاء البناء االجتماعي نموا متوازنا ومتزامنا‪ ،‬عبر التوزيع المتوازن‬
‫والعادل للموارد والمرافق االجتماعية والثقافية واألنشطة اإلنتاجية والسكان عبر كامل اإلقليم‬
‫وجهات الدولة‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬تخفيف التمركز الصناعي وتنظيم المجالين الريفي والحضري والحفاظ على العقار الزراعي‪،‬‬
‫باإلضافة الى كبح التمركز السكاني في المناطق الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية والمهددة‬
‫بمخاطر طبيعية كبرى‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحقيق استقرار السكان وخاصة في المناطق الداخلية والجنوبية‪ ،‬وعكس تيار الهجرة الداخلية‬
‫نحوها عبر نشر وتعزيز مختلف المؤسسات اإلنتاجية والمرافق الخدمية‪.‬‬
‫ت‪ -‬تشجيع االستثمار العمومي والخاص المحلي واألجنبي في مختلف جهات الدولة ويتم ذلك عن‬
‫طريق التشريعات التحفيزية المالية والنقدية ومشاريع البنية التحتية وكذا تطوير قطاع الخدمات‪.‬‬
‫‪ .6‬الترقية االجتماعية والثقافية للمواطنين‪ :‬لقد أعطت الجزائر أولوية قصوى لترقية االنسان‬
‫الجزائري وتحسين إطار معيشته‪ ،‬وتأهيله من خالل حجم االستثمارات الضخمة التي وجهتها‬
‫للتكفل باحتياجاته األساسية عبر برامج البنية التحتية االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬فهي تسعى بذلك‬
‫الى بناء االنسان الجزائري المتكامل فكريا وروحيا وبدنيا وتحسين مستواه المادي‪ ،‬بحيث أن‬
‫التنمية التي يكتب لها النجاح هي التي يشعر فيها االنسان بالعدل وتتكفل باحتياجاته وتحقيق‬
‫رغباته بيسر‪ ،‬وتغير حالته االقتصادية واالجتماعية نحو األفضل واالنفتاح واالستفادة بكل ما‬
‫تجود به المعرفة اإلنسانية‪ ،‬وما يحتويه العصر من مستجدات وابتكارات في اطار يسمح بالتطور‬
‫ويحفظ الشخصية الذاتية للمجتمع‪.‬‬
‫‪ .7‬االعتماد على اإلمكانات الوطنية والدولية‪ :‬يعد االعتماد على اإلمكانات والجهود الذاتية الركيزة‬
‫األساسية لنجاح وتحقيق التنمية‪ ،‬وتسمح لها باالستمرارية وتضمن لها االستقرار واالستدامة‬
‫واستقاللية القرار السياسي واالقتصادي‪ ،‬أما االعتماد الكلي أو شبه المطلق على المساعدات‬
‫واإلم كانات األجنبية فيشكل تهديدا خطيرا لها ويقود حتما الى التبعية وترهن مستقبل الدولة‬

‫‪ 1‬فؤاد بن رمضان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.253 .248 .‬‬


‫‪225‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وتجلب األزمات‪ ،‬وقد عرفت الجزائر أهمية االعتماد على اإلمكانات الوطنية بالدرجة األولى‪ ،‬ثم‬
‫االستفادة من الموارد واإلمكانات الدولية من خالل القرارات التي اتخذتها السلطات‪ ،‬والمتمثلة في‬
‫تسديد جميع ديونها وعدم اللجوء الى االقتراض األجنبي والعمل على جلب االستثمارات األجنبية‬
‫المنتجة وكذا إبرام اتفاقيات الشراكة التي تتكامل فيها الجهود واإلمكانات الوطنية واألجنبية‪.‬‬
‫‪ .8‬التمويل المحلي للتنمية المحلية‪ :‬إن الموارد المالية هي بمثابة المدخالت التي تؤدي من خالل‬
‫عملية التنمية إلى إحداث مزيدا من التنمية في المجتمعات المحلية‪ ،‬فاإلدارة المحلية مرتبطة دائما‬
‫بالتمويل المحلي‪ ،‬والذي يعبر عن واقع التنمية ومدى نجاحها واستمرارها من خالل االعتماد على‬
‫التمويل الذاتي للتنمية المحلية‪ ،‬مما يضمن االستقاللية لإلدارة المحلية في رسمها لبرامج التنمية‬
‫‪1‬‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪ .9‬ضرورة تناسب المشروعات المنفذة مع الحاجات األساسية في المجتمع‪ :‬بحيث أن أساس نجاح‬
‫المشروعات يتوقف على االستجابة لرغبات األهالي التي يعبرون عنها‪ ،‬على اعتبار أن برامج‬
‫التنمية تقوم على أساس حل للمشكالت التي يعبر عنها المواطنون في مختلف قنوات االتصال‬
‫المتوفرة‪ ،‬فاإلعالم يلعب دورا هاما في إثارة الوعي بالمشاكل التي يواجهها المجتمع المحلي‪.‬‬
‫‪ .10‬أن تكون التنمية المحلية ضمن خطة التنمية القومية‪ :‬بحيث أنه ال يمكن للجماعات المحلية حل‬
‫مشاكلها في معزل عن الدولة‪ ،‬فهي تعتمد في الكثير من األمور على ما جاورها من المجتمعات‬
‫‪2‬‬
‫وعلى المنطقة والمحافظة والدولة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف سياسات التنمية المحلية في الجزائر‬
‫إن التنمية المحلية الناجحة هي التنمية التي تبني وتعد برامجها على أساس التخطيط العلمي الواعي‬
‫الهادف الى اشباع االحتياجات األساسية للسكان وتحسين ظروفهم وإطار معيشتهم‪ ،‬لذلك يجب أن تكون‬
‫‪3‬‬
‫أهدافها بالضرورة ذات أبعاد مختلفة ومن بين هذه األهداف ما يلي‪:‬‬
‫حشد وتثمين الموارد البشرية والطبيعية واألمالك المحلية وترشيد استعمالها‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫دعم األنشطة االقتصادية المنتجة للثروات (صناعة‪ ،‬زراعة‪ ،‬خدمات)‪ ،‬وتشجيع انشاء المقاوالت‬ ‫‪.2‬‬
‫والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة اإلنتاجية بما فيها تعزيز شبكة الخدمات في الوسط الريفي‬
‫والحضري بتكاثف وتوحيد الجهود‪.‬‬
‫التخفيف من الفوارق التنموية بين األقاليم والواليات وداخل اإلقليم الواحد‪ ،‬وكذا ترقية األنشطة‬ ‫‪.3‬‬
‫االقتصادية المالئمة لكل إقليم من خالل مراعاة الخصوصية التي تميز كل جهة‪.‬‬
‫وضع سياسة اقتصادية جوارية وتفعيلها لتتوافق معها مختلف األنشطة القطاعية االقتصادية‬ ‫‪.4‬‬
‫واالجتماعية‪ ،‬باإلضافة الى اقحام المواطنين في تحديد االحتياجات واشراكهم في األعمال المراد‬
‫القيام بها‪.‬‬
‫تحسين ظروف حياة المواطنين بتطوير مراكز الحياة وترقية نوعية الخدمات الجوارية‪ ،‬وتحسين‬ ‫‪.5‬‬
‫فاعلية البرامج واألجهزة االجتماعية لضمان االستقرار االجتماعي‪ ،‬وتثبيت السكان وباألخص في‬
‫المناطق الريفية‪.‬‬
‫ضمان العدالة في االستفادة من المرافق والخدمات األساسية (التطهير‪ ،‬الصرف الصحي‪ ،‬التزود‬ ‫‪.6‬‬
‫بالماء الشروب‪ ،‬االنارة‪ ،‬الغاز‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬المواصالت‪ ،‬الصحة‪ ،‬التربية والتكوين‪ ،‬الرياضة‪،‬‬
‫الترفيه‪ ،‬الثقافة والشؤون االجتماعية والدينية)‪.‬‬
‫‪ 1‬إنزارن عادل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40.‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.41 .‬‬
‫‪ 3‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.254 .‬‬
‫‪226‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ .7‬محاربة الفقر واالقصاء والفوارق االجتماعية والتهميش ودعم الفئات الضعيفة والمهمشة‬
‫وادماجها في المجتمع‪ ،‬وكذا القضاء على البناء غير الالئق عبر توسيع برامج السكن االجتماعي‬
‫الموجه للفئات الضعيفة الدخل‪.‬‬
‫‪ .8‬التصدي لآلفات االجتماعية مثل (الجريمة والعنف والسرقة والمخدرات ‪...‬الخ)‪ ،‬والعمل على نشر‬
‫الفضيلة عبر برامج التوعية واالبواب المفتوحة والحمالت المنظمة وتنظيم الندوات والمحاضرات‬
‫التي تغرس القيم النبيلة والتضامن‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬
‫إن التخطيط المحلي عبارة عن عملية تعبئة وتنسيق وتوجيه الموارد والطاقات المتاحة لتحقيق أهداف‬
‫اقتصادية واجتماعية على مستوى المدينة أو القرية وعلى أساس من الواقع والالمركزية‪ ،‬وتتنوع مجاالت‬
‫التخطيط االستراتيجي المحلي ما بين التخطيط االقتصادي واالجتماعي والبيئي وتنمية الموارد البشرية‬
‫والتخطيط للتنمية السياحية سيتم التطرق إليها بالتفصيل في هذا المطلب من البحث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التخطيط االقتصادي المحلي في الجزائر‬
‫إن كل مجتمع يتميز بمجموعة فريدة من الظروف واألوضاع المحلية والتي قد تزيد أو تقلل من فرص‬
‫تحقيق التنمية االقتصادية المحلية‪ ،‬إذ تحدد هذه الظروف الميزة النسبية لمنطقة معينة فيما يتعلق بقدرتها‬
‫على جذب وتوليد والحفاظ على االستثمارات‪ ،‬كما أن تصميم وتنفيذ استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية‬
‫يعتمد على األوضاع االقتصادية واالجتماعية والمالية للمجتمع‪ ،‬ولبناء اقتصاد محلي قوي ال بد على كل‬
‫مجتمع أن يبذل جهدا تعاونيا لتفهم طبيعة وهيكل االقتصاد المحلي‪ ،‬والقيام بتحليل نقاط القوة والضعف‬
‫والفرص والتحديات بالمنطقة‪ ،‬مما يساعد على تسليط الضوء على القضايا والفرص األساسية التي تتوافر‬
‫‪1‬‬
‫باالقتصاد المحلي‪.‬‬
‫يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي إعداد برامجه السنوية والمتعددة السنوات الموافقة لمدة عهدته‬
‫ويصادق عليها ويسهر على تنفيذها‪ ،‬وقد اشترط المشرع عليه أن تكون برامجه موافقة للمخطط الوطني‬
‫‪2‬‬
‫للتهيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬كما تتالءم أيضا مع المخططات التوجيهية القطاعية‪ ،‬وذلك كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬ففي مجال التهيئة يكلف المجلس الشعبي البلدي بكل اإلجراءات المتعلقة بإعداد العمليات وتنفيذها‬
‫المرتبطة بهذا المخطط‪ ،‬كما تدخل في مهامه كل العمليات التي تنجز في إطار المخطط البلدي‬
‫للتنمية‪ ،‬كما يعمل على الحفاظ وحماية األراضي الفالحية وحماية المساحات الخضراء‪.‬‬
‫‪ .2‬وفي مجال التنمية ومن أجل تشجيع االستثمار وترقيته في مختلف البلديات فإنه يعهد للمجلس‬
‫البلدي اتخاذ كافة التدابير واإلجراءات التي من شأنها المساهمة في النهوض به وتطويره‪ ،‬واتخاذ‬
‫كل اإلجراءات التي تؤدي إلى تشجيع وتحفيز وتحقيق تنمية اقتصادية محلية‪ ،‬على أن تكون كل‬
‫العمليات االقتصادية التي يتخذها المجلس البلدي تتماشى مع إمكانيات البلدية ومخططها التنموي‪.‬‬
‫وبالتالي فالمجلس الشعبي البلدي يبادر بكل عملية ويتخذ كل إجراء من شأنه التحفيز وبعث تنمية‬
‫نش اطات اقتصادية تتماشى مع طاقات البلدية ومخططها التنموي‪ ،‬وبالتالي يتخذ كافة التدابير التي من‬
‫‪3‬‬
‫شأنها تشجيع االستثمار وترقيته‪.‬‬

‫‪ 1‬جوين سوينبرن وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ " ،‬التنمية االقتصادية المحلية‪ ،‬دليل وضع وتنفيذ استراتيجيات تنمية االقتصاد المحلي وخطط‬
‫العمل بها" (دراسة مشتركة صادرة عن مدن التغيير‪ ،‬البنك الدولي وبيرتلزمان ستيفتانج‪ ،‬سبتمبر ‪ ،)2004‬ص‪.09 .‬‬
‫‪ 2‬لطيفة بهى‪ " ،‬استقاللية البلدية في التشريع الجزائري" (مذكرة ماجستير‪ ،‬تخصص تنظيم إداري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الوادي‪،‬‬
‫‪ ،)2014/2013‬ص ‪.54.‬‬
‫‪ 3‬عبد الكريم مسعودي‪ " ،‬تفعيل الموارد المالية للجماعات المحلية دراسة حالة بلدية أدرار" (مذكرة ماجستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬تخصص‬
‫تسيير المالية العامة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،)2013/2012 ،‬ص‪.57 .‬‬
‫‪227‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وللبلدية القيام بكل مبادرة ترمي من وراءها تطوير األنشطة االقتصادية في نطاق مخططها التنموي‪،‬‬
‫وتعمل على تشجيع المتعاملين االقتصاديين وتوسيع قدراتهم السياحية من خالل تشجيعهم على المجال‬
‫السياحي‪ ،‬وهناك بلديات سياحية بطبيعتها الجغرافية ومناظرها الخالبة مثل جميلة‪ ،‬تيمقاد‪ ،‬القالة وغيرها‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وبالتالي يمكنها االستثمار في المجال السياحي‪.‬‬
‫إن تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات يعتبر أداة جيدة لترجمة نتائج التقييمات المختلفة‬
‫لالقتصاد المحلي في شكل يساعد على صياغة استراتيجيات يمكنها االستفادة من نقاط القوة والفرص‬
‫المتاحة باالقتصاد المحلي‪ ،‬فضال عن تقليل نقاط الضعف والتهديدات والمخاطر التي يواجهها قدر‬
‫اإلمكان‪ 2.‬ويمثل الجدول الموالي أمثلة عن تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات التي تواجه‬
‫االقتصاد المحلي‬
‫الجدول رقم (‪ :)14‬أمثلة عن تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات التي تواجه االقتصاد‬
‫المحلي‬
‫نقاط الضعف‬ ‫نقاط القوة‬
‫‪ .1‬وجود عدد متزايد من المباني التي تم إنشاءها بطرق‬ ‫‪ .1‬الموقع الجغرافي الجيد‪ ،‬وجود شبكة طرق جيدة‬
‫غير قانونية‪ ،‬مما يعرقل تحديد المناطق الصناعية‬
‫‪ .2‬المنطقة غنية بالموارد الطبيعية‬
‫وتوفير أراضي للنشاط الصناعي‪.‬‬
‫‪ .3‬نسبة الشباب كبيرة وغالبيتهم ذوي مستويات تعليمية‬
‫‪ .2‬عدم كفاية الميزانيات المخصصة للمحليات‪ ،‬وعدم‬
‫جيدة‪.‬‬
‫القدرة على تقديم الدعم الالزم للقطاع الخاص الناشئ‪.‬‬
‫‪ .4‬ظروف جغرافية ومناخية مالئمة لتنمية سياحة الجبال‬
‫‪ .3‬بيئة غير مالئمة لالستثمار‪.‬‬
‫والزراعة‬
‫‪ .4‬ضعف البنية التحتية وعدم إمكانية االعتماد على‬
‫‪ .5‬عالقات جيدة بين القطاعين العام والخاص‬
‫خدمات وامدادات المياه والصرف الصحي والطاقة‪.‬‬
‫‪ .5‬عدم كفاية نظام الري لتغطية األراضي الصالحة‬
‫للزراعة‪.‬‬

‫التحديات‬ ‫الفرص‬
‫‪ .1‬عدم الرغبة في العمل في إطار عالقات للشراكة مع‬ ‫‪ .1‬جذب رؤوس األموال واالستثمارات والعوائد من‬
‫الحكومات المحلية األخرى‪.‬‬ ‫الخارج نتيجة الهجرة‪.‬‬
‫‪ .2‬ارتفاع نسبة الرسوم ونظام الضرائب تحول دون تنمية‬ ‫‪ .2‬تزايد اهتمام الشركات األجنبية باالستثمار في القطاع‬
‫النشاط المحلي‪.‬‬ ‫الخاص المحلي‪.‬‬
‫‪ .3‬تباطؤ عملية الخصخصة مما يؤدي إلى تدهور وضع‬ ‫‪ .3‬إعادة تأهيل العديد من المصالح المحلية التي سبق‬
‫الشركات التي كانت مملوكة للدولة سابقا‪.‬‬ ‫إغالقها من خالل الشركات األجنبية‪.‬‬
‫‪ .4‬نقص عدد الوحدات المصرفية وكذا عدم توافر‬ ‫‪ .4‬التعاون مع العالم الخارجي مع احتمال اإلعالن عن‬
‫الفرصة لدى المزارعين والمنتجين المحليين األخرين‬ ‫المنطقة المحلية كمنطقة للتجارة الحرة‪.‬‬
‫للحصول على االئتمان بشكل قانوني‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬جوين سوينبرن وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ " ،‬التنمية االقتصادية المحلية‪ ،‬دليل وضع وتنفيذ استراتيجيات تنمية االقتصاد‬
‫المحلي وخطط العمل بها"‪ ،‬دراسة مشتركة صادرة عن مدن التغيير‪ ،‬البنك الدولي وبيرتلزمان ستيفتانج‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2004‬ص ‪51‬‬

‫‪ 1‬مزياني فريدة‪" ،‬دور الجماعات المحلية في مجال االستثمار" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في‬
‫الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ ،2009‬مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل) في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.59 .‬‬
‫‪ 2‬جوين سوينبرن و سريا جوجا و فيرجس ميرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50 .‬‬
‫‪228‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كما يقوم المجلس الشعبي الوالئي بإعداد مخطط للتنمية على المدى المتوسط يبين من خالله األهداف‬
‫والبرامج والوسائل المعب ئة من الدولة في إطار مشاريع الدولة والبرامج البلدية للتنمية‪ ،‬ويتم اعتماد هذا‬
‫المخطط كإطار للترقية والعمل من أجل التنمية االقتصادية واالجتماعية للوالية‪ ،‬فيتم تحديد المناطق‬
‫الصناعية التي سيتم إنشاءها كما يساهم في إعادة تأهيل المناطق الصناعية ومناطق النشاط وذلك في إطار‬
‫‪1‬‬
‫البرامج الوطنية إلعادة التأهيل ويبدي رأيه في ذلك‪ ،‬حيث يقوم بما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬يبادر باالتصال مع المصالح المعنية بكل األعمال الموجهة إلى تنمية حماية األمالك الغابية في‬
‫مجال التشجير وحماية التربة واصالحها‪ ،‬كما يساعد تقنيا وماليا بلديات الوالية في مشاريع‬
‫التزويد بالمياه الصالحة للشرب والتطهير وإعادة استعمال المياه التي تتجاوز اإلطار اإلقليمي‬
‫للبلديات المعنية‪.‬‬
‫‪ .2‬يبادر باألعمال المرتبطة بأشغال تهيئة الطرق والمسالك الوالئية وصيانتها والحفاظ عليها‪.‬‬
‫‪ .3‬يقوم بتصنيف وإعادة تصنيف الطرق والمسالك الوالئية حسب الشروط المحددة في التنظيم‬
‫المعمول به‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وفي المجال الفالحي فإن المجلس الشعبي الوالئي يقوم بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يجسد العمليات التي تهدف إلى حماية وتوسيع األراضي الفالحية ويشجع تدابير الوقاية من‬
‫الكوارث واآلفات الطبيعية‪ ،‬حماية التربة واستصالحها‪ ،‬تهيئة المساحات الفالحية‪.‬‬
‫‪ -‬يتخذ اإلجراءات الالزمة لمواجهة أخطار الفيضانات والجفاف والتصحر‪ ،‬كما يعمل على إنجاز‬
‫أشغال التهيئة وتطهير مجاري المياه‪.‬‬
‫‪ -‬يبادر بكل األعمال التي تهدف إلى حماية الثروة الغابية والثروة الحيوانية‪ ،‬المساهمة في عملية‬
‫التشجير‪ ،‬حماية الغابات وتوسيعها وتسهيل إنتاج مشاتل الغابات‪ ،‬تنمية تربية الحيوانات وتحسين‬
‫المراعي‪.‬‬
‫‪ -‬يعمل على تطوير الري ويساعد البلديات تقنيا وماليا في مشاريع التمويل بالمياه الصالحة للشرب‬
‫وتطهير المياه‪.‬‬
‫وفي االتجاه نحو الريف خاصة المناطق الصحراوية فإنه مع وجود األراضي الشاسعة وتوافر المياه‪،‬‬
‫فقد أثبتت التجارب أن التربة والمناخ صالح لكل أنواع المنتوجات الزراعية كالقمح‪ ،‬الشعير‪ ،‬الزيتون‪،‬‬
‫الطماطم وغيرها‪ ،‬والنتائج فيها دائما إيجابية والمردود مرتفع‪ ،‬إذ أن هذه المنتوجات الزراعية تعد من‬
‫‪3‬‬
‫المواد االستهالكية األساسية للمواطن كما يمكن أن تصدر للخارج‪.‬‬
‫وقد تم تسجيل العديد من المشاريع التنموية في واليات الجنوب الجزائري من خالل استفادتها من‬
‫مختلف صيغ البرامج التنموية كصندوق تنمية واليات الجنوب باإلضافة إلى مشاريع المخطط الخماسي‬
‫(‪ ،) 2014-2010‬والذي تضمن عدة برامج تنموية لهذه الواليات من أجل الدفع بوتيرة التنمية المحلية‪ ،‬بما‬
‫‪4‬‬
‫يسمح باالستجابة للمتطلبات الملحة‪.‬‬
‫حيث سجل قطاع الفالحة بواليات الجنوب قفزة نوعية‪ ،‬فباإلضافة إلى تطوير زراعة النخيل التي‬
‫تشتهر بها هذه الواليات‪ ،‬فقد نجحت تجارب زراعية جديدة كالبطاطا والزيتون خاصة في واليتي الوادي‬

‫‪ 1‬عبد الكريم مسعودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.71.‬‬


‫‪ 2‬مزياني فريدة‪" ،‬دور الجماعات المحلية في مجال االستثمار"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪ 4‬كربوش أحمد ومحمد تشعبت‪" ،‬واقع التنمية المحلية بالجنوب الجزائري قراءة في البرامج الحكومية فترة ‪( "2015-2010‬ورقة مقدمة في‬
‫اليوم الدراسي حول‪ :‬إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل"‪ ،‬جامعة غرداية يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪ ،)2015‬ص‪.‬‬
‫‪.04‬‬
‫‪229‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫واألغواط‪ ،‬فخالل الموسم الفالحي ‪ 2014‬تمكنت والية الوادي من تحقيق المرتبة األولى وطنيا في انتاج‬
‫محاصيل البطاطا حيث تم جني ما يفوق ‪ 06‬ماليين قنطار من البطاطس غير الموسمية‪ ،‬وحققت المرتبة‬
‫الثانية في إنتاج التمور بعد والية بسكرة‪ .‬كما وصل إنتاج الزيتون خالل نفس الموسم الفالحي إلى ‪ 15‬ألف‬
‫بين زيتون المائدة ب نحو ‪ 06‬آالف قنطار وزيتون الزيت بنحو ‪ 09‬آالف قنطار‪ ،‬باإلضافة إلى أنه تم‬
‫‪1‬‬
‫إنتاج أكثر من ‪ 23‬ألف لتر من الزيت خالل نفس الموسم الفالحي‪.‬‬
‫أما بخصوص إنتاج حليب األبقار فقد عرف نموا مضطردا في والية غرداية فقد تحولت منطقة‬
‫القرارة* إلى حوضا للحليب يضم هذا الحوض ثالث وحدات مصغرة إلنتاج الحليب بطاقة إنتاجية اجمالية‬
‫تقدر بحوالي ‪ 15.000‬لتر يوميا‪ ،‬ويرجع فضل ذلك لإلجراءات التحفيزية والمرافقة المتخذة بخصوص‬
‫شعبة إنتاج الحليب‪ ،‬والتي كانت داعمة لخيار السطات المحلية في رفع إنتاج الحليب بهذه المنطقة‪ .‬وقد‬
‫سجل نشاط جمع الحليب تحسنا ملموسا بعدما استفاد من دعم الدولة والذي مكن من انشاء ‪ 06‬وحدات‬
‫مصغرة لبسترة الحليب بطاقة ‪ 52.500‬لتر يوميا‪ ،‬والتي تمون من قبل شبكة تتكون من ‪ 16‬مجمعا للحليب‬
‫‪2‬‬
‫الذين يجمعون ‪ 15.400‬لتر يوميا من الحليب الطازج‪.‬‬
‫كما تقوم المجالس الشعبية الوالئية بإنشاء وإدارة الصناعات الصغيرة وتشجيع الخواص على إنشاءها‬
‫كالصناعات التقليدية والخفيفة ألنها تساهم في النمو االقتصادي وتؤمن فرص عمل للكثير من الشباب‬
‫وتزيد من إيراداتها وتحقق االكتفاء الذاتي كما أنها تقلل من االستيراد من الخارج خاصة األمور البسيطة‬
‫والتي يمكن تصنيعها محليا كاألواني المنزلية‪ ،‬األلبسة والمنتجات الغذائية‪ ،‬بحيث أن هذه المشروعات ال‬
‫تحتاج إلى خبرة فنية عالية‪ ،‬بل تستعمل الخبرات المحلية وتستغل الموارد المحلية المتاحة‪ ،‬فالصناعة تدر‬
‫أرباحا كبيرة وتتيح للمجالس فرض بعض الضرائب والرسوم المحلية مما يحقق للهيئات المحلية االستقالل‬
‫‪3‬‬
‫المالي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التخطيط البيئي المحلي في الجزائر‬
‫يعرف التخطيط البيئي بأنه مفهوم ومنهج جديد يقدم خطط التنمية من منظور بيئي‪ ،‬وبعبارة أخرى‬
‫هو التخطيط الذي يحكمه بالدرجة األولى البعد البيئي واآلثار البيئية المتوقعة لخطط التنمية على المدى‬
‫المنظور وغير المنظور‪ ،‬إذن فالتخطيط البيئي هو التخطيط الذي ينتج من خالل عملياته خططا مدمجة‬
‫بالبعد البيئي‪ ،‬فهو ال ينتج فقط الخطط البيئية التي تهدف مباشرة إلى حماية البيئة والحفاظ على الموارد‬
‫‪4‬‬
‫الطبيعية وانما األنواع األخرى من الخطط التي تأخذ البعد البيئي بعين االعتبار‪.‬‬
‫ويؤدي التخطيط البيئي إلى خلق بيئة صحية آمنة‪ ،‬يعيش فيها أفراد أصحاء بعيدين عن ضغوطات‬
‫المشاكل البيئية‪ ،‬مما يجعلهم أكثر قدرة على العمل واإلنتاج‪ ،‬مما يحقق نمو اقتصادي ويقلل من النفقات‬
‫المصروفة على العالج الصحي‪ ،‬كما أنه يعمل على وقف استنزاف الموارد الطبيعية وترشيد استخدامها‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال فإن مشروعات االستفادة من المخلفات وإعادة تدويرها له مردود اقتصادي من خالل‬
‫‪5‬‬
‫انتاج العديد من المنتجات‪.‬‬
‫يقسم التخطيط في المجال البيئي إلى تخطيط قطاعي وتخطيط شمولي‪ ،‬فالتخطيط القطاعي يمثل كل‬
‫من التخطيط المتعلق بقطاع المياه والمخطط الوطني لتسيير النفايات الخاصة والتخطيط العمراني للمهام‬

‫‪ 1‬كربوش أحمد ومحمد تشعبت‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‬


‫* تقع هذه المنطقة في والية غرداية وتشتهر بكونها منطقة ذات إمكانيات فالحية واعدة بمساحة تقدر ب‪ 4.150‬هكتار مستصلحة‪.‬‬
‫‪ 2‬كربوش أحمد ومحمد تشعبت‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.05 .‬‬
‫‪ 3‬مزياني فريدة‪" ،‬دور الجماعات المحلية في مجال االستثمار"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63 .‬‬
‫‪ 4‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199 .‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.200 .‬‬
‫‪230‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫البيئية‪ ،‬أما التخطيط البيئي الشمولي فيعطي حيزا خاصا للتخطيط البيئي المحلي لتجميع وتوحيد الرؤية‬
‫‪1‬‬
‫القطاعية للبيئة‪.‬‬
‫أما التخطيط البيئي المحلي فهو عملية وضع تصور مسبق لما يجب عمله على المستوى المحلي‪ ،‬بغية‬
‫الحصول على الهدف‪ ،‬عبر استشراف كافة األنشطة الضرورية للوصول إلى الغاية من التنمية البيئية‬
‫المحلية‪ .‬سواء تضمن في فحواه موضوع البيئة المحلية بشكل كامل أو جزئي‪ ،‬إذ يعود ذلك للطابع‬
‫التشاوري بين األشخاص المحليين في اعداده والذي يعمل على تحليل األوضاع الحالية والمستقبلية‬
‫‪2‬‬
‫للعنصر البيئي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وبإجراء تصنيف بسيط للبلديات الجزائرية سنجد أنه‪:‬‬
‫من حيث الموقع هناك‪ :‬بلديات ساحلية‪ ،‬بلديات ريفية‪ ،‬بلديات صحراوية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬من حيث نوع النشاط السائد بها‪ :‬بلديات صناعية‪ ،‬بلديات فالحية‪ ،‬بلديات سياحية‪.‬‬
‫وعلى أساس هذا التصنيف فإن المشاكل البيئية تختلف من منطقة إلى أخرى‪ ،‬فالمشاكل التي تالقيها‬
‫البلديات الساحلية والصناعية غير تلك التي تواجهها البلديات الجبلية أو الصحراوية‪ ،‬فإذا كانت البلديات‬
‫األولى تعاني من الفضالت الصناعية وتلوث الشواطئ‪ ،‬فإن الثانية تعاني من مشاكل جلب المياه الصالحة‬
‫‪4‬‬
‫للشرب وكذا مكافحة التصحر‪.‬‬
‫فالجدير بالذكر أن واقع البيئة في الجزائر يتخبط في عدة مشكالت أثرت على مختلف جوانب الحياة‬
‫‪5‬‬
‫ومن هذه المشكالت نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬نمو القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص بشكل كبير دون األخذ بعين االعتبار واقع البيئة أثناء‬
‫تصميم وتنفيذ المنشآت الصناعية‪ ،‬مما أدى الى زيادة األضرار البيئية الناتجة عن هذه النشاطات‬
‫للمنشآت الصناعية‪.‬‬
‫‪ .2‬تزايد استهالك الطاقة بشكل كبير وسريع‪ ،‬كما أن الطاقة المستخدمة تعد ملوثة للبيئة‪.‬‬
‫‪ .3‬انتشار التلوث بكل أشكاله‪ ،‬انقراض بعض أنواع الحيوانات والنباتات‪ ،‬وتراكم النفايات بأنواعها‬
‫وتضرر األراضي بفعل غبار المصانع‪ ....‬الخ‪ ،‬فالبيئة مازالت تعاني منه من جراء االستغالل المفرط‬
‫للموارد الطبيعية بطرق غير مستديمة‪.‬‬
‫‪ .4‬تزايد النزوح الريفي وما نتج عنه من تضخم واختناق المدن‪ ،‬وتمركز التنمية في الساحل‪ ،‬وانتشار‬
‫الفقر وكذا اآلفات المتنقلة من جراء تلوث المياه‪.‬‬
‫‪ .5‬في كثير من األحيان تختلط المياه الصالحة للشرب مع قنوات صرف المياه‪ ،‬نتيجة لقدمها أو عدم‬
‫توافر مقاييس النوعية والجودة في األنابيب المستعملة‪ ،‬مما يؤدي الى تسرب المياه الملوثة في مراكز‬
‫التخزين للمياه الصالحة للشرب‪ ،‬وقد ساعدت هذه الوضعية بشكل مباشر على تفشي أنواع مختلفة من‬

‫‪ 1‬بن تفات عبد الحق‪ " ،‬جهود واصالحات الدولة الجزائرية في التنظيم البيئي وتهيئة اإلقليم" (ورقة مقدمة في الملتقى العلمي الوطني حول‪:‬‬
‫مستقبل الدولة الوطنية في ظل العولمة ومجتمع المعلومات حالة الجزائر‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬يومي ‪05‬و‪ 06‬ماي ‪ ،)2009‬ص‪.10 .‬‬
‫‪ 2‬ريحاني أمينة‪ " ،‬التخطيط البيئي المحلي في التشريع الجزائري" في مجلة المفكر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪،‬‬
‫العدد الثالث عشر‪ ،‬ص‪.572 .‬‬
‫‪ 3‬خنفري خيضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91 .‬‬
‫‪ 4‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪ 5‬مليكة بوضياف‪ " ،‬تقييم السياسة البيئية في الجزائر في ظل العولمة" (ورقة مقدمة في الملتقى العلمي الوطني حول‪ :‬مستقبل الدولة الوطنية في‬
‫ظل العولمة ومجتمع المعلومات حالة الجزائر‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬يومي ‪05‬و‪ 06‬ماي ‪ ،)2009‬ص‪.04 .‬‬
‫‪231‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫االمراض المعوية كاإلسهال وااللتهاب الكبدي الوبائي والدفتيريا والمالريا والبلهارسيا باإلضافة الى‬
‫أمراض جلدية أخرى‪ ،‬كما أن له آثار على الحياة البيولوجية للكائنات الحية األخرى‪.‬‬
‫‪ .6‬باإلضافة إلى نفايات خدمات الرعاية الصحية والتي تم تصنيفها من قبل كل من المشرع الجزائري‬
‫ووزارة الصحة واصالح المستشفيات ووزارة البيئة وتهيئة اإلقليم‪ ،‬وتصنيف منظمة الصحة العالمية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وتتفق مجمل هذه التصنيفات في وجود خمسة أنواع لنفايات خدمات الرعاية الصحية وهي‪:‬‬
‫‪ -‬النفايات غير الخطيرة وهي نفايات عامة شبيهة بالنفايات المنزلية‪.‬‬
‫‪ -‬النفايات المعدية‬
‫‪ -‬النفايات السامة‬
‫‪ -‬النفايات الجارحة أو الحادة‬
‫‪ -‬النفايات المتكونة من األعضاء الجسدية‪.‬‬
‫وبالتالي فإن نفايات الخدمات الطبية تقسم إلى نوعين‪ :‬نفايات غير خطرة والتي تشكل ما نسبته ‪%75‬‬
‫إلى ‪ %90‬م ن النفايات الناتجة عن الرعاية الصحية وهي نفايات عامة تشبه النفايات المنزلية‪ ،‬وتنتج غالبا‬
‫عن األقسام والوظائف اإلدارية وأعمال النظافة العامة لمؤسسات الرعاية الصحية‪ ،‬كما قد تحتوي على‬
‫النفايات الناتجة أثناء عمليات الصيانة لمباني الرعاية الصحية‪ ،‬أما نسبة ‪ %10‬إلى ‪ % 25‬الباقية من‬
‫نفايات الرعاية الصحية تعتبر نفايات خطرة وتتمثل في المخلفات التي لها خواص طبيعية أو كيميائية أو‬
‫‪2‬‬
‫بيولوجية تتطلب تداوال أو طرقا خاصة من أجل التخلص منها ومن مخاطرها على الصحة العامة والبيئة‪.‬‬
‫وقد أناط المشرع الجزائري من خالل قانون حماية الصحة وترقيتها رقم ‪ 05/85‬المؤرخ في‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،1985/02/16‬للبلدية مهام عديدة بموجبه تدخل ضمن مفهوم حماية البيئة ونذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬اتخاذ البلدية لكافة اإلجراءات المناسبة لتطبيق تدابير النظافة ومحاربة األمراض الوبائية ومكافحة‬
‫تلوث المحيط‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تتولى تطبيق اإلجراءات التي تهدف إلى ضمان احترام القواعد والمقاييس الصحية في جميع‬
‫أماكن الحياة‪ ،‬تشارك في أعمال وحمالت الوقاية من األمراض المعدية واآلفات االجتماعية التي‬
‫تنظمها الهياكل الصحية ومستخدميها إلى جانب السلطات العمومية األخرى‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تشارك في تمويل برنامج الوقاية والنظافة والتربية الصحية‪ ،‬كما يجوز لمصالح الصحة أن‬
‫تطلب من البلدية المساهمة في تمويل اإلنجازات ذات الطابع الصحي‪.‬‬
‫‪ .4‬أن تقوم البلدية بإنشاء مخطط بلدي لتسيير النفايات المنزلية وما شابهها‪ ،‬بحيث يشمل هذا المخطط‬
‫على جرد كمية النفايات وخصائصها‪ ،‬كما أنه يتضمن جرد وتحديد مواقع المنشآت المتخصصة‬
‫بمعالجة هذه النفايات المتواجدة على تراب البلدية‪.‬‬
‫‪ .5‬تتحمل البلدية مسؤولية تسيير النفايات المنزلية فهي ملزمة بتنظيم الخدمة العمومية الخاصة بجمع‬
‫هذه النفايات المنزلية وما شابهها‪ ،‬وقد خول المشرع اسناد هذه المهمة المرتبطة بجمع النفايات‬
‫إلى أحد األشخاص سواء كان خاضعا للقانون العام أو الخاص‪.‬‬

‫‪ 1‬زاير وافية وسراي أم السعد‪ " ،‬التسيير الفعال لنفايات خدمات الرعاية الصحية في المؤسسات العمومية االستشفائية الجزائرية" في مجلة‬
‫األبحاث االقتصادية‪ ،‬جامعة البليدة ‪ ،2‬العدد ‪( 12‬جوان ‪ ،)2015‬ص‪.100 .‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪ 3‬ريحاني أمينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.573 .‬‬
‫‪232‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كما قد قررت الجزائر أن تستثمر في التنمية المستدامة‪ ،‬وقد كان هذا القرار المبدأ األساسي‬
‫الستراتيجية البيئة والمخطط الوطني لألفعال البيئية والتنمية المستدامة "‪ ،"PNAE-DD‬وتمثلت‬
‫‪1‬‬
‫األهداف االستراتيجية المسطرة بهذا الخصوص فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تحسين صحة ونوعية الحياة للمواطن‪ ،‬حيث تسعى السلطات من خالل هذا الهدف الى التقليل من‬
‫التلوث الصناعي الخطير‪ ،‬والذي يساهم في تقليص المناطق الخضراء وتدهور صحة المواطن‪ ،‬ومن‬
‫النتائج المنتظرة على المدى المتوسط والطويل هو تحسين الحصول على المياه الصالحة للشرب‬
‫والتطهير‪ ،‬التقليل من المخاطر المرتبطة بالتلوث من مصدر صناعي‪ ،‬تحسين نوعية الهواء في المدن‬
‫الكبرى والتقليل من إنتاجية النفايات‪.‬‬
‫‪ ‬المحافظة على الرأس المال الطبيعي وتحسين انتاجيته‪ ،‬وينتج عنها إيضاح دفتر شروط العقار‬
‫(حقوق الملكية‪ ،‬االستعمال)‪ ،‬توزيع المياه بصفة عقالنية وتبني أحسن التقنيات اإلنتاجية‪ ،‬زيادة في‬
‫الغطاء الغابي وعدد المناطق المحمية‪.‬‬
‫‪ ‬التخفيض من الضياع االقتصادي وزيادة التنافسية‪ ،‬من خالل تحسين تنافسية المؤسسات والهيئات‬
‫االجتماعية‪-‬االقتصادية والزيادة في كفاءة النفقات العامة‪ ،‬ومن النتائج المنتظرة هي ترشيد استعمال‬
‫الموارد المائية وموارد الطاقة‪ ،‬ترشيد استعمال المواد األولية في الصناعة‪ ،‬تقوية تدوير النفايات‬
‫واسترجاع المواد األولية‪ ،‬تحسين صورة المؤسسات‪ ،‬تحويل أو غلق المؤسسات العمومية األكثر تلويثا‬
‫للبيئة‪.‬‬
‫حماية البيئة الكلية‪ ،‬وينتج عنها الرفع من الغطاء الغابي‪ ،‬التقليل من االنبعاثات الغازية ذات األثر‬ ‫‪‬‬
‫السيء‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫القيام بخطوات التسيير المستدام لنفايات الرعاية الصحية‪ ،‬ويتم ذلك من خالل‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬القيام بعملية فرز وتوضيب نفايات خدمات الرعاية الصحية‪ ،‬حيث تتم عملية الفرز تحت مسؤولية‬
‫منتج النفايات وبالضبط عند منبع اإلنتاج‪ ،‬وبممارسة جميع أشخاص المؤسسة الصحية لها‪ ،‬فيتم‬
‫وضع النفايات حسب المكان المخصص لها‪ ،‬وفي البداية يمكن العمل بنظام الفصل الثالثي فيتم‬
‫تقسيم النفايات إلى ثالث أقسام‪( :‬نفايات خدمات الرعاية الصحية االعتيادية والشبيهة بالمنزلية‪،‬‬
‫نفايات خدمات الرعاية الصحية الخطرة وتضم النفايات المعدية والنفايات الكيميائية السامة‬
‫وغيرها‪ ،‬النفايات الجارحة والحادة القاطعة‪ ،).‬بعد عملية الفرز يتم توضيب مختلف تلك األصناف‬
‫بمعدات موافقة للقوانين ونظام التسيير المستدام لها‪ ،‬ثم ترميز وعنونة تلك التوضيبات بالشكل‬
‫المتعارف عليه دوليا‪ ،‬فالتوضيب يعتبر الحاجز الفيزيائي بين أصناف نفايات خدمات الرعاية‬
‫الصحية ومختلف الجراثيم والميكروبات‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بعملية جمع وتخزين ونقل نفايات خدمات الرعاية الصحية‪ ،‬إن الهدف من جمع تلك النفايات‬
‫هو ضمان عدم تكدسها وتراكمها في مواقع انتاجها‪ ،‬كما تساعد على تفادي حدوث مخاطر وآثار‬
‫غير مرغوب فيها‪ ،‬كالتفاعالت السلبية التي تضر بالصحة العامة‪ ،‬ويفضل عند الجمع مراعاة ما‬
‫يلي‪ :‬جمع النفايات يوميا أو بشكل متكرر حسب الحاجة ونقلها إلى موقع التخزين المركزي‬
‫المعين‪ ،‬ال يتم نقل األكياس ما لم يكن عليها بطاقة بيان تحد مكان تولدها (المستشفى أو الجناح أو‬
‫القسم) والمحتويات‪ ،‬ضرورة استبدال الحاويات أو األكياس فورا بأخرى جديدة من نفس النوع‪،‬‬

‫‪ 1‬بن تفات عبد الحق‪ " ،‬جهود واصالحات الدولة الجزائرية في التنظيم البيئي وتهيئة اإلقليم" (ورقة مقدمة في الملتقى العلمي الوطني حول‪:‬‬
‫مستقبل الدولة الوطنية في ظل العولمة ومجتمع المعلومات حالة الجزائر‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬يومي ‪05‬و‪ 06‬ماي ‪ ،)2009‬ص‪.11 .‬‬
‫‪ 2‬زاير وافية وسراي أم السعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.103 .102 .‬‬
‫‪233‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ضرورة توفير امدادات أكياس أو حاويات جديدة في كل المواقع التي تنتج النفايات‪ ،‬وبعد االنتهاء‬
‫من الجمع يتم االحتفاظ بهذه النفايات في مناطق التخزين بشكل يتناسب مع أسلوب معالجتها‪،‬‬
‫فينبغي تحديد مناطق التخزين سواء كانت منطقة منفصلة أو غرفة أو مبنى وفقا لكميات النفايات‬
‫المتحصل عليها ووتيرة جمعها‪ .‬أم بالنسبة لعملية نقل النفايات فإنها تتم داخل المؤسسة الصحية إذا‬
‫ما توفرت على وسيلة المعالجة على مستواها‪ ،‬وفي حالة عدم توفرها فإن عملية نقل النفايات تتم‬
‫خارج المؤسسة الصحية وبالتالي يجب توفير عربات وشاحنات مناسبة لنقل النفايات من منطقة‬
‫التخزين المركزية لمعالجتها أو التخلص منها سواء داخل الموقع أو خارجه‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بعملية معالجة نفايات خدمات الرعاية الصحية‪ ،‬ويقصد بها الطرق التي تمكن من تغيير‬
‫ميزات وخواص المواد الخطيرة لجعلها أقل خطورة ويمكن التعامل معها بأمان أكثر‪ ،‬كما يمكن‬
‫نقلها أو جمعها أو تخزينها أو التخلص منها بدون أن تسبب أضرار لألفراد أو للبيئة‪ ،‬أما طرق‬
‫المعالجة فهي متعددة ومختلفة ولكل طريقة ميزاتها وعيوبها‪ ،‬ولكل صنف من النفايات طريقة‬
‫معالجة تتالءم مع خاصية وطبيعة المواد المكونة لها‪ ،‬ومن بين هذه الطرق نذكر‪ :‬الطريقة اآللية‪،‬‬
‫الطريقة الحرارية‪ ،‬الطريقة الكيميائية‪ ،‬الطريقة االشعاعية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه هناك العديد من الوسائل القانونية التي يمكن لإلدارة المحلية استعمالها من‬
‫أجل مكافحة المخاطر التي تواجه البيئة وتعمل على المحافظة عليها‪ ،‬ومن بين هذه الوسائل نذكر ما‬
‫‪1‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الحظر‪ :‬أي منع بعض التصرفات التي يمكن أن تضر بالبيئة وقد يكون الحظر مطلقا أو نسبيا‪.‬‬
‫‪ .2‬األمر أو االلزام‪ :‬ويتم استخدامه من أجل اصالح األضرار التي تلحق بالبيئة وارجاع الحال الى ما‬
‫كان عليه‪.‬‬
‫‪ .3‬الترخيص‪ :‬وهو اإلذن الصادر من الجهة اإلدارية المختصة وهذا بعد دراسة الملف التقني والفني‬
‫وتوافر الشروط القانونية واتمام دارسة التأثير على البيئة‪ ،‬وقد يصدر الترخيص من الجهة المحلية‬
‫كاختصاص أصيل أو قد يصدر من الجهة المركزية بعد أخذ الرأي االستشاري من الجهة المحلية‬
‫المختصة‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلبالغ‪ :‬إن القانون يسمح لألفراد بالقيام ببعض األعمال التي تكون أقل خطرا أو تلويثا للبيئة دون‬
‫شرط الترخيص لكن بشرط اإلبالغ على أي شك أو عمل سواء قبل أو بعد مرور مدة من الشروع‬
‫في األشغال‪.‬‬
‫‪ .5‬الترغيب ومنح المزايا‪ :‬ويتم ذلك بإعطاء األولوية في منح مشاريع أو امتيازات مادية أو معنوية‬
‫أو تقليل وتخفيف الضرائب لكل من يقوم بمشاريع تحافظ على البيئة ويعمل على حمايتها‪ ،‬كالقيام‬
‫بإعادة استرجاع النفايات واستعمالها أو وضع مصفاة للتقليل من التلوث‪ ....‬وغيرها‪.‬‬
‫ولكي يكون للجماعات المحلية دور أساسي وجوهري في حماية البيئة تم استحداث التخطيط البيئي‬
‫المحلي كأسلوب حديث لحماية البيئة فقد كانت وثائق التهيئة والتعمير من أولى أدوات التخطيط البيئي اال‬
‫أنها أثبتت قصورها نتيجة للسياسات العامة وعدم تحقيق األهداف المرجوة منها‪ ،‬وعليه تمت إعادة التفكير‬
‫في نم ط جديد للتسيير واعداد التخطيط المحلي في مجال البيئة بشكل يستوعب كل االهتمامات المحلية‬

‫‪ 1‬محمد لموسخ‪" ،‬دور الجماعات المحلية في حماية البيئة" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في‬
‫الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ ،2009‬مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل) في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.151 .‬‬
‫‪234‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المتمايزة من جهة واالهتمامات المتجانسة بالنسبة لألقاليم التي لها نفس العوامل الطبيعية كالسهوب‬
‫‪1‬‬
‫والصحراء والساحل‪ ...‬الخ‪ .‬وعلى هذا األساس ظهر نوعان من التخطيط المحلي هما‪:‬‬
‫‪ .1‬الميثاق البلدي للبيئة والتنمية المستدامة‪ :‬اعتمد هذا الميثاق ضمن برنامج اإلنعاش االقتصادي‬
‫(‪ ،) 2004-2001‬ويهدف الى توضيح وتحديد األعمال التي يجب أن تقوم بها السلطات البلدية من‬
‫أجل الحفاظ على بيئة ذات نوعية جيدة‪ .‬وقد اشتمل الميثاق على ثالثة أجزاء وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬تضمن الجزء األول منه اإلعالن العام للنوايا وااللتزام األخالقي للمنتخبين وذلك عن طريق تحلي‬
‫المنتخب المحلي بمجموعة من المبادئ األخالقية كالوعي بالمسؤولية الجماعية لحماية البيئة‬
‫وضرورة المحافظة على الموارد الطبيعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة واشراك جميع‬
‫ا لفاعلين من إدارات وجمعيات للحفاظ على البيئة وااللتزام بعدم نقل المشاكل البيئية الحالية الى‬
‫األجيال القادمة‪.‬‬
‫‪ -‬أما الجزء الثاني فقد تضمن المخطط المحلي للعمل البيئي والذي يعتمد على التنبؤ والتصور في‬
‫العمل المحلي البيئي‪ ،‬ويهدف هذا المخطط الى تحسين الوضع البيئي وضمان تنمية مستدامة‬
‫للبلدية‪ ،‬اثراء أسلوب التسيير المحلي البيئي من خالل المشاركة والمشاورة مع الشركاء الفاعلين‬
‫والمجتمع المدني‪ ،‬تبني الجماعات المحلية المتجانسة طبيعيا برنامجا مشتركا من خالل آليات‬
‫للتعاون‪ ،‬ضمان التسيير المستديم للموارد الطبيعية والبيولوجية‪ ،‬تهيئة المناطق الصناعية ومناطق‬
‫التوسع السياحي والمناطق المحمية والمواقع االثرية والثقافية والتاريخية وتسييرها‪...‬الخ‬
‫‪ -‬وتناول الجزء الثالث المؤشرات الخاصة بتقييم البيئة‪ ،‬حيث تقوم البلديات بعمليات جرد واحصاء‬
‫لجملة من البيانات البيئية وتقييمها خالل الفترة الممتدة من (‪ ،)2004-2001‬وتخصيص عائدات‬
‫مالية لكل برنامج مقترح للتدخل على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ .2‬التخطيط الجهوي كبديل للميثاق البلدي لحماية البيئة‪ :‬يعتمد التخطيط الجهوي على خصوصيات‬
‫موضوع حماية البيئة بالنظر لالمتداد الطبيعي لعناصرها وأنظمتها من خالل األوساط الطبيعية‬
‫المت جانسة وعلى أساس مواجهة التلوث البيئي الذي يمتد الى حدود إدارية لجماعات محلية أخرى‬
‫(مثال تلوث وادي شلف الذي يجمع تجمع عمراني ألزيد من ‪ 05‬واليات)‪ ،‬فاستحداث المخطط‬
‫الجهوي والذي يشمل مجموعة من الجماعات المحلية المتجانسة من أجل توحيد التدخل لمواجهة‬
‫انتشار التلوث‪ ،‬اعداد برامج متكاملة في وسط طبيعي معين كبرامج السهوب ومناطق الساحل‬
‫وحماية التصحر‪...‬الخ‪ .‬اال أنه يواجه غياب التنسيق بين الجماعات المحلية لكونها تعودت على‬
‫العمل االنفرادي من جهة ونظرا لغياب نصوص قانونية تؤطر هذا العمل على المستوى المحلي‬
‫والجهوي من جهة أخرى‪.‬‬
‫ويرتكز التخطيط البيئي على جملة من المقومات الواجب توفرها لضمان فعالية ونجاح التخطيط في‬
‫‪2‬‬
‫مهمة حماية البيئة‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬توافر معلومات بيئية شاملة وشفافة‪ :‬أي ضرورة توفر جملة من المعلومات الشاملة والتفصيلية‬
‫حول حالة البيئة للمنطقة أو اإلقليم المراد التخطيط له وقدراتها االستيعابية‪ ،‬وكذا توافر المعلومات‬
‫حول الموارد الطبيعية المتاحة والتعداد السكاني للمنطقة من أجل التخطيط لوضع اآلليات الكفيلة‬

‫‪ 1‬محمد لموسخ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.157 .154 .‬‬


‫‪ 2‬محرز نور الدين وصيد مريم‪ " ،‬التخطيط البيئي كآلية وقائية لحماية البيئة في الجزائر"‪ ،‬في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،2017 ،‬ص‪.185 .‬‬
‫‪235‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫للتسيير المستدام لهذه الموارد وكذا سد الحاجيات المتنوعة اآلنية والمستقبلية للسكان من دون‬
‫اإلضرار بنوعية البيئة‪.‬‬
‫‪ -‬المخطط البيئي‪ :‬فالتخطيط البيئي يتطلب وجود فئة معينة من المخططين البيئيين‪ ،‬والمخطط البيئي‬
‫هو كل متخصص في مجال صيانة البيئة وحمايتها والمحافظة عليها‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة البيئية‪ :‬فالرقابة البيئية أداة مهمة لضمان التزام كافة األطراف المعنية بحماية البيئة‬
‫بالشروط المدرجة في المخطط‪ ،‬وهي توفر آلية تصحيحية للتغذية العكسية (االسترجاعية)‪ ،‬والتي‬
‫يمكن من خاللها تعديل المخطط وتكييفه مع متغيرات كل من البيئة الداخلية والبيئة الخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬التوعية البيئية‪ :‬والتوعية البيئية مقوم أساسي لنجاح التخطيط البيئي‪.‬‬
‫‪ -‬المشاركة الشعبية‪ :‬وتتمثل في ميثاق يقر مشاركة الجماهير في الحوار ووضع السياسات‬
‫وتنفيذها‪ ،‬وبمشاركة جميع األهالي والهيئات الرسمية واتباع أسلوب الالمركزية‪ ،‬فالحكومات‬
‫والمجالس الشعبية والقروية دور هام في المحافظة على البيئة‪.‬‬
‫غير أن إشكاالت المخططات المحلية بقيت عالقة ولم تسمح بتحديد دقيق لعالقة الجماعات المحلية مع‬
‫السلطات المركزية في تسيير وحماية البيئة‪ ،‬وبالتالي فإنه ال تتضح حدود مسؤولية الجماعات المحلية في‬
‫تنفيذ أو عدم تنفيذ توجهات هذه المواثيق البيئية المحلية‪ .‬وتبرز أهم أسباب قصور التخطيط البيئي المحلي‬
‫‪1‬‬
‫في اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬استنزاف الموارد الطبيعية‪ :‬ويتمثل هذا االستنزاف في التقليل من قيمة المورد أو اختفاءه عن أداء‬
‫دوره العادي في شبكة الحياة والغذاء‪ ،‬وال تكمن خطورة استنزاف المورد فقط عند حد اختفاءه أو‬
‫التقليل من قيمته‪ ،‬وإنما األخطر هو تأثير هذا االستنزاف على توازن النظام البيئي والذي ينتج عنه‬
‫أخطار غير مباشرة بالغة الخطورة‪ ،‬كاإلفرازات الملوثة الناتجة عن التصنيع وصعوبة تسيير‬
‫نفاياتها بالشكل السليم‪.‬‬
‫‪ .2‬قلة الوعي البيئي‪ :‬حيث ال يهتم االعالم الموجه للمواطنين المحليين بالبرامج التوعوية عن‬
‫األخطار المحيطة بالبيئة وال حتى بالدراسات البيئية‪ ،‬إذ ال بد من معرفة المشكالت البيئية‬
‫وأسبابها وآثارها والبحث عن حلول لها‪ ،‬كما ال بد من ثقافة بيئية للمشاركة في وضع التخطيط‬
‫البيئي بما يتماشى مع متطلبات البيئة المحلية وخلق التزام لدى األفراد اتجاه بيئتهم‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم فعالية اإلدارة‪ :‬حيث تكشف تجربة اإلدارة البيئية في الجزائر قبل استقرارها في وزارة تهيئة‬
‫اإلقليم والبيئة فشلها في تصور الحلول الضبطية المالئمة مع طبيعة المشاكل البيئية القائمة‪،‬‬
‫ويرجع السبب إلى الطابع غير المستقر في الجهات المركزية المنوط لها مهمة حماية البيئة‪ ،‬من‬
‫خالل التغيير المستمر في هياكلها بفعل السياسة المناوئة للبيئة‪ ،‬وغياب المقومات الموضوعية‬
‫للنظام البيئي واالفتقار لعامل التنسيق البيئي بين الوزارات التي لها صلة بالموضوع‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫عدم االستقرار الذي عاشته اإلدارة المركزية للبيئة انعكس سلبا على فعالية الحلول ومصداقية‬
‫التنظيم البيئي‪ ،‬مما أدى إلى استمرار تدهور الوضع البيئي خاصة على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم وضوح جهة الرقابة القضائية‪ :‬يعد تطبيق التخطيط المحلي تجسيد واضح للحماية اإلدارية‬
‫البيئية‪ ،‬اذ يعتبر منشئا للمشروعية اإلدارية الواجب اتباعها في كل اإلجراءات الوقائية المنفذة‬
‫لمحتوى مخططات البيئة‪ ،‬كما أن رقابة القضاء اإلداري المتخصص إقليميا على هذه اإلجراءات‬
‫هو بمثابة آلية ثانية لضمان الرعاية البيئية‪ ،‬وعليه فأنه على الجهة القضائية المختصة تطبيق‬

‫‪ 1‬ريحاني أمينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.580 .578 .‬‬


‫‪236‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫النص التشريعي على الدعوى المنشورة أمامه‪ ،‬وفي حالة انعدام النص القانوني عليها ابتكار الحل‬
‫لذلك‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التخطيط االستراتيجي للتمويل المحلي‬
‫بالنظر لواقع الجماعات المحلية من حالة عدم التوازن ما بين مواردها المالية وثقل المهام الملقاة عليها‬
‫وما زاد من حدة الوضع االلتزامات التي يفرضها وضعها الجواري وحقائق الميدان‪ ،‬وتطبيقا لتوجيهات‬
‫وتعليمات الحكومة فقد تم بتاريخ ‪ 9‬جويلية ‪ 2007‬إنشاء لجنة وزارية مشتركة حول إصالح المالية‬
‫والجباية المحلية‪ .‬وقد قدمت هذه اللجنة اقتراحات تتضمن أعماال يجب القيام بها فورا وورقة عمل على‬
‫المدى القصير والمدى الطويل من أجل تنفيذ إصالح عميق قصد تصحيح النقائص واالختالالت المسجلة‬
‫على مستوى مالية الجماعات المحلية‪ .‬وعليه تم التكفل ببعض األعمال من قبل السلطات المحلية من أجل‬
‫‪1‬‬
‫تحسين الوضعية المالية للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن بين أهم اإلجراءات العملية التي قامت بها الدولة في هذا الخصوص ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تطهير ديون البلديات التي بلغت بين سنتي ‪ 2000‬و‪ 2007‬قيمة ‪ 22.9‬مليار دج‪.‬‬
‫‪ -‬تكفل ميزانية الدولة باالنعكاسات المالية للزيادة في أجور عمال الجماعات المحلية التي بلغت‬
‫‪ 18.4‬مليار دج‪.‬‬
‫‪ -‬الزيادة في حصص البلديات من مداخيل بعض الضرائب والرسوم‪.‬‬
‫‪ -‬الزيادة في مخصصات المعادلة لتعويض نقص المداخيل الجبائية التي ارتفعت بذلك من ‪ 5.5‬إلى‬
‫‪ 25‬مليار دج في ‪.2008‬‬
‫وبخصوص األهداف المتوخاة من إصالح الجباية المحلية الذي بادرت به وزارة الداخلية ذكر الوزير‬
‫السابق دحو ولد قابلية أن إصالح الجهاز التنظيمي للجماعات المحلية سيتم "بصفة تدريجية ووفق مراحل‬
‫متعددة" موضحا أن مسار هذا اإلصالح "يتضمن عدة إجراءات تخص تكريس العقلنة في تسيير النفقات‬
‫المحلية وممارسة المراقبة المستمرة على هذه النفقات باإلضافة إلى تحسين تأطير التسيير المالي‬
‫للجماعات المحلية من خالل التكوين المستمر لرؤساء المجالس الشعبية البلدية واألمناء العامين للبلديات‬
‫‪3‬‬
‫بغية التكفل األنجع بانشغاالت المواطنين‪.‬‬
‫وقد أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية السابق السيد دحو ولد قابلية أن النتائج األولية إلصالح‬
‫المنظومة الجبائية الذي باشرته الدولة منذ سنوات قد أظهرت "تطورا محسوسا ومؤكدا" في إصالح‬
‫الجباية المحلية ومكنت من تقليص العجز المسجل في ميزانية البلديات‪ .‬كما أكد أن الدولة مسحت ديون‬
‫‪4‬‬
‫البلديات والتي بلغت قيمتها ‪ 120‬مليار دج لكل من سنوات ‪ 2002‬و‪ 2005‬و‪.2008‬‬
‫ويمثل الشكل الموالي تناقص العجز المسجل في ميزانية البلديات خالل الفترة (‪)2004-2000‬‬

‫موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬إصالح المالية والجباية المحليتين"‪ ،‬تمت تصفح الموقع يوم‪ 2015/04/20 :‬على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪http://www.interieur.gov.dz/Dynamics/frmItem.aspx?html=1&s=4‬‬
‫‪ 2‬نور الدين حاروش‪" ،‬الخدمة العمومية كمؤشر للتنمية المستدامة" (ورقة مقدمة في الملتقى الوطني حول إشكالية الحكم الراشد في إدارة‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 12‬و‪ 13‬ديسمبر ‪.)2010‬‬
‫‪ 3‬بوابة الوزير األول‪" ،‬إصالح الجباية المحلية سمح بتخفيض العجز المالي للبلديات"‪ ،‬بتاريخ‪ ،2010/10/14 :‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪ 2015/05/23‬على الرابط التالي‪http://www.premierministre.gov.dz/arabe/index.php?option=com_content&task :‬‬
‫‪" ،______4‬ولد قابلية‪ :‬مشروع قانون البلدية كفيل بإنجاح مهام المجالس البلدية"‪ ،‬المجاهد‪ ،‬يومية اخبارية وطنية‪ ،‬بتاريخ‪ ،2011/05/25 :‬تم‬
‫تصفح الموقع يوم‪ 2015/06/17 :‬على الرابط التالي‪http://www.elmoudjahid.com/ar/actualites/1154 :‬‬
‫‪237‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الشكل رقم (‪ :)16‬تناقص عدد البلديات العاجزة للفترة (‪)2014-2000‬‬

‫المصدر‪ :‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬إصالح المالية والجباية المحليتين"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ 2018/02/28 :‬على‬
‫الرابط التالي‪http://www.interieur.gov.dz/index.php :‬‬

‫نالحظ من خالل الشكل رقم (‪ )17‬تناقص عدد البلديات العاجزة بشكل تدريجي من ‪ 1184‬بلدية‬
‫عاجزة سنة ‪ 2000‬إلى ‪ 1138‬بلدية عاجزة سنة ‪ ،2006‬نظرا إلصالح المنظومة الجبائية التي قامت بها‬
‫الدولة الجزائرية‪ ،‬كما استمر تناقص عدد البلديات العاجزة من ‪ 919‬بلدية عاجزة سنة ‪ 2007‬إلى ‪791‬‬
‫بلدية عاجزة سنة ‪ 2008‬ليصل إلى ‪ 417‬بلدية عاجزة فقط سنة ‪ ،2009‬ثم استمر هذا التناقص ليصل إلى‬
‫‪ 14‬بلدية عاجزة فقط سنة ‪ ،2010‬ومن سنة ‪ 2011‬و‪ 2012‬و‪ 2013‬و‪ 2014‬انعدم وجود بلديات عاجزة‬
‫تماما‪ ،‬فقد كان عدد البلديات العاجزة في تلك السنوات يساوي الصفر‪.‬‬
‫وقد أكد الوزير األول السابق أحمد أو يحي أنه يجب أن يأتي الوقت الذي "تضمن فيه البلدية مداخلها"‬
‫مشيرا إلى ضرورة أن يتضمن دفتر شروط البلديات مستقبال "جلب االستثمارات وبرامج تنموية محلية"‪.‬‬
‫وأكد السيد أحمد أويحيى على ضرورة أن تكون للبلدية "استقاللية مالية وكذا االستقاللية في اتخاذ‬
‫‪1‬‬
‫القرارات" ملحا على التنسيق بين المنتخب وممثل الدولة للحفاظ على المصاريف‪.‬‬
‫وبالنسبة لقانون البلدية الجديد فإن وزير الداخلية والجماعات المحلية السابق دحو ولد قابلية أكد أن هذا‬
‫القانون يتعلق بتعزيز قدرات البلدية في اتخاذ القرار وفي التسيير "بصفة فعالة" كما أنه يشدد على‬
‫ضرورة مواصل ة التفكير في إلزامية إصالح الجباية المحلية ومواصلة التكوين الموجه لفائدة المنتخبين‬
‫‪2‬‬
‫وأعوان اإلدارة المحلية قصد إضفاء االحترافية على تسيير البلديات وتحسين أداء الخدمة العمومية‪.‬‬
‫ويشير بعض الباحثين إلى أن أي منظمة ناجحة ال بد أن تكون لديها استراتيجية فعالة ألن أحد أسباب‬
‫النجاح هو وجود استراتيجية محددة إلنجاز أداء مطلوب‪ ،‬كما أن المنظمات الفاشلة عادة ما تكون لديها‬
‫استراتيجية لكنها غير فعالة أو ال يكون لديها استراتيجية أصال‪ ،‬إذن فان االستراتيجيات الفعالة هي أحد‬
‫عناصر النجاح‪ .‬والمناجمت االستراتيجي في جوهره هو أن يكون لدى اإلدارة المحلية المبادأة للتعامل مع‬
‫األشياء والمواقف على ضوء المعرفة‪ ،‬والتفكير االستراتيجي كمنهج وفلسفة ينتج عنه رؤية استراتيجية‬
‫وحس استراتيجي وإدراك استراتيجي وتوجه استراتيجي يتم التفكير في اطاره‪ ،‬فغياب منهج التفكير‬
‫االستراتيجي يدل على ضياع فرص تتاح من البيئة الخارجية بما في ذلك اهدار جزء من اإلمكانيات‬
‫‪" ،___________1‬أويحيى يعلن عن رسكلة ‪ 5‬آالف إطار وتوظيف ‪ 10‬آالف جامعي على مستوى الجماعات المحلية"‪ ،‬وكالة األنباء الجزائرية‪،‬‬
‫بتاريخ‪ 2010/12/22 :‬تم نصفح المواقع يوم‪ ،2014/08/17 :‬على الرابط التالي‪http://www.djazairess.com/aps/99064 :‬‬
‫‪ 2‬بوابة الوزير األول‪" ،‬ضرورة االنتقال إلى مرحلة جديدة في تسيير البلديات"‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2011/03/13‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2015/04/20 :‬على‬
‫الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.premierministre.gov.dz/arabe/index.php?option=com_content&task=view&id=1437&Itemid=267‬‬
‫‪238‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫والموارد المالية وعدم االستفادة منها نتيجة لعدم إدراك هذه المحليات من نقاط قوة وكيفية االنتفاع بها‪.‬‬
‫ولتطبيق المناجمنت االستراتيجي باإلدارة المحلية هناك متطلبات تتمثل في التهيئة المعنوية والسلوكية‬
‫والتهيئة اإلدارية‪ ،‬التهيئة الفنية المهنية‪ .‬ان االستراتيجيات تعبر عن خطط شاملة تعكس أهداف واحتياجات‬
‫وتوجهات اإلدارة المحلية في األجل الطويل‪ ،‬وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمستويات اإلدارية العليا‬
‫كاستراتيجية الدولة في التنمية المحلية والوطنية‪ .‬ومن بين االستراتيجيات التي تتبعها اإلدارة المحلية نذكر‬
‫‪1‬‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬االستراتيجية التقديرية النابعة من اإلدارة‪ :‬تهدف صياغة هذه االستراتيجية الى تثبيت وتدعيم‬
‫مركز اإلدارة المحلية وقدراتها المالية والبشرية‪ ،‬وتأثيرها في البيئة التي تعمل فيها من خالل‬
‫الخدمات التي تقدمها‪ ،‬وبالتالي االنتقال الى مستقبل جديد ومتميز بالتفاعل اإليجابي مع المتغيرات‬
‫الخارجية في ظل رؤية واضحة‪ .‬من أجل تنويع المصادر المالية والحد من المؤثرات الخارجية‪.‬‬
‫وتعتبر هذه االستراتيجية األفضل للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ .2‬استراتيجية التغيير الجذري الموجهة من الخارج‪ :‬تتجه الى هذه االستراتيجية نتيجة الضغوط‬
‫الخارجية أكثر من تطلعات اإلدارة المحلية مما سيؤثر على رسالتها‪ ،‬أو تغييرها كلية‪.‬‬
‫‪ .3‬االستراتيجية السياسية‪ :‬تتطلب تغيير في الهيكل والمسؤوليات لكي يتماشى مع القوى الجديدة‬
‫السائدة‪ ،‬فالخدمات مطلوبة لكن هناك قصور ونقص في الموارد قد يكون نتيجة التبذير أو توجيهها‬
‫جهات أخرى‪.‬‬
‫‪ .4‬االستراتيجية الوقائية‪ :‬وتشير الى ضعف اإلمكانيات والموارد ومحدوديتها خاصة ما تعلق‬
‫بالموارد البشرية والمالية‪ ،‬وهنا ترتكز اإلدارة المحلية على التكيف مع المؤثرات الخارجية‬
‫واالحتفاظ بالوضع الداخلي وتكون في حالة عدم وضوح الرؤيا والرسالة المحددة‪ ،‬وهذه‬
‫االستراتيجية تعتمدها اإلدارة المحلية من خالل عالقتها القوية مع الجهات األخرى‪.‬‬
‫ويمكن توضيح التوجهات االستراتيجية لإلدارة المحلية في مجال التمويل المحلي من خالل الجدول‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ 1‬محمد حاجي‪" ،‬إستراتيجية الجماعات المحلية لنظام التمويل – حالة البلدية الجزائرية " في مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد ‪(16‬جوان ‪ ،)2007‬ص‪.88 .‬‬

‫‪239‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الجدول رقم (‪ :)15‬التوجهات االستراتيجية لإلدارة المحلية في مجال التمويل المحلي‬


‫التهديدات المحتملة‪:‬‬ ‫الفرص المتاحة‪:‬‬
‫_ عدم توفير الموارد المالية الالزمة‬ ‫_ظروف اقتصادية‪ ،‬سياسية مواتية‬
‫لتوفير تنمية محلية حقيقية‪.‬‬
‫_ظروف سياحية مواتية‬ ‫البيئة الخارجية‬
‫_موارد أخرى‪.‬‬
‫البيئة الداخلية‬

‫التوجه االستراتيجي‪:‬‬ ‫التوجه االستراتيجي‪:‬‬ ‫نقاط القوة‪:‬‬


‫(استراتيجيات دفاعية)‬ ‫(استراتيجيات هجومية)‬ ‫_خبرة وسمعة لدى اإلدارة والمنطقة‬
‫المحلية‪.‬‬
‫_التنسيق بين اإلدارات المحلية‬ ‫_ إعداد دراسات باستخدام تقنيات‬
‫األخرى والمؤسسات والبنوك‬ ‫جديدة لالهتمام بالسياحة كمصدر‬ ‫_وجود آثار تاريخية‪.‬‬
‫المتخصصة من أجل الحصول على‬ ‫للتمويل الذاتي‪.‬‬
‫_مناظر طبيعية‪.‬‬
‫األموال لالستثمار في المجال‬
‫_متطلبات تنظيمية وتشجيعية‪.‬‬
‫السياحي‪.‬‬
‫_جهود ذاتية مع الجمعيات ورجال‬
‫األعمال في إقامة مشروعات محلية‪.‬‬
‫التوجه االستراتيجي‪:‬‬ ‫التوجه االستراتيجي‪:‬‬ ‫نقاط الضعف‪:‬‬
‫(استراتيجيات انكماشية)‬ ‫(استراتيجيات إصالحية)‬ ‫_آليات تسيير المالية المحلية (تقنية‪،‬‬
‫قانونية‪.)...‬‬
‫_عجز تدفق الموارد المالية (التمويل‬
‫_تقليل الضعف والتهديدات‪.‬‬ ‫_المطالبة بتجديد وإصالح المالية‬
‫الجبائي‪ ،‬ضعف في التحصيل‬
‫المحلية‪ ،‬الجباية المحلية‪ ،‬إصدار قانون‬
‫_اختيار الخدمة التي لها القدرة عليها‬ ‫الجبائي‪.)...‬‬
‫بلدي جديد يزيد منم إعطاء الفرص‬
‫وترك بعض الخدمات لجهات أخرى‬
‫للمشاركة من خالل اإلدارة البلدية‬ ‫_ضعف في التنمية المحلية‪.‬‬
‫(التصفية الجزئية للخدمات) إيجاد سبل‬
‫والجهات الفاعلة األخرى (تأجير‬
‫جديدة لزيادة التمويل ويمكن ربط ذلك‬
‫تمويلي‪ ،‬تشغيلي‪ ،‬تسيير المياه‪،‬‬
‫من خالل نظام الحوافز والتشجيع‬
‫األمالك العمومية‪ )...‬من أجل تطوير‬
‫وخاصة بما تعلق بالتحصيل الجبائي‬
‫أساليب تقديم الخدمة وتنويعها‪.‬‬
‫على المستوى المحلي‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬محمد حاجي‪" ،‬إستراتيجية الجماعات المحلية لنظام التمويل – حالة البلدية الجزائرية " في مجلة العلوم االجتماعية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪( 16‬جوان ‪ ،)2007‬ص‪.90.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬التخطيط االستراتيجي لتنمية الموارد البشرية والقضاء على البطالة‬
‫إن النظرة السلبية للعنصر البشري بأنه تكلفة قد تغيرت إلى النظرة اإليجابية على أنه مورد‬
‫واالستثمار فيه يمكن أن يؤدي إلى مكاسب ضخمة‪ ،‬وبالتالي أصبحت المنظمات على وعي كامل بأن‬
‫نماءها وازدهارها يتوقف على تلك النخبة المتميزة من الموارد البشرية التي تحمل الخبرة والمعرفة‬

‫‪240‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫والقدرة اإلبداعية‪ ،‬والقادرة على إدارة الموارد المادية والمالية بكفاءة وفعالية والتي تتمثل أساسا في‬
‫‪1‬‬
‫الرأسمال الفكري‪.‬‬
‫وتعتبر الموارد البشرية الركيزة األساسية التي تعتمد عليها المؤسسات من أجل تحقيق أهدافها على‬
‫اعتبار أنها مصدر االبداع والتطوير‪ ،‬كما أنها القادرة على تشغيل وتوظيف باقي الموارد المادية األخرى‬
‫المتاحة أمامها‪ ،‬مما يعطي لقرارات وأنشطة تسيير الموارد البشرية بعدا استراتيجيا في حياة المؤسسات‬
‫يتصدرها التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية‪ ،‬فهو الفكر المسيطر في التسيير االستراتيجي للموارد‬
‫‪2‬‬
‫البشرية‪.‬‬
‫ولكي تتمكن الجماعات المحلية من مواجهة التغييرات وتنفيذ الخطة الشاملة‪ ،‬فذلك ال يتجسد بمعزل‬
‫عن الموارد البشرية والتي تشكل أحد الشروط الهامة الواجب توفرها كما ونوعا‪ ،‬على اعتبار أنها رهان‬
‫حاسم‪ ،‬إذ أنها تسمح للجماعات المحلية باالرتقاء بمستوى المهام التي تفرضها التعددية الحزبية والعصرنة‬
‫من جهة ومتطلبات اقتصاد السوق من جهة أخرى‪ .‬فالجماعات المحلية تحتاج إلى مهارات عالية مما‬
‫يجعل تأهيل المستخدمين أمر حتمي‪ ،‬فمقتضيات السوق تتطلب من الجماعات المحلية تسطير برنامج‬
‫للتدريب وتحسين المستوى يتم إعداده وفقا لمنهجية عقالنية تتمحور حول تحديد االحتياجات الحالية‬
‫والمستقبلية‪ .‬وهذا الكالم ال يقتصر فقط على العمال والموظفين واإلطارات بمختلف مستوياتهم‪ ،‬بل يتعدى‬
‫‪3‬‬
‫ذلك إلى الهيئات المنتخبة والمعنية بالدرجة األولى بالتسيير الفعال‪.‬‬
‫ويعتبر التغيير عملية ديناميكية منظمة تحتاج إلى خطة طويلة المدى لكي يتم تنفيذها بدقة وشمول‪،‬‬
‫و يتطلب األمر تحسين العنصر البشري ورعايته‪ ،‬اختياره وانتقاءه إعداده وتدريبه‪ ،‬معرفة حقوقه وواجباته‬
‫في مساره الوظيفي من بدايته إلى نهايته‪ ،‬إذ يهدف التغيير إلى الوصول بالفرد لتعميق الدور الفردي‬
‫‪4‬‬
‫وتوافقه مع األهداف التنظيمية‪ ،‬وهناك ثالث مراحل أساسية تمر بها عملية التغيير وهي كما يلي‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬وهي مرحلة الحاجة إلى احداث التغيير واتخاذ القرار لمواجهة الموقف الحالي وهي ال‬
‫تحتاج إلى تفصيل دقيق يكفي أنها مرحلة أولية‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬وتتمثل في تحديد المشكلة‪ ،‬إذ ال يمكن ألي واقعة أن تصبح مشكلة إال إذا كانت ال تتوافق‬
‫مع نموذج األشخاص المالحظين لها‪ ،‬فالمشكلة هي تمثيل للواقع كيف يجب أن يكون‪ ،‬أومن خالل‬
‫مالحظة االنحراف والسير غير المتوازن‪ ،‬فتحديد المشكلة يكون بتقابل بين النموذج األمثل مع مبدأ ما‬
‫يكون‪ ،‬وعليه فال بد من جمع المعلومات سواء كانت علنية أو خفية‪ .‬ثم يتم تحديد نقاط القوة (اإلمكانات‬
‫والطاقات المتاحة) ونقاط الضعف سواء البشرية أو المادية‪ ،‬وبعدها يتم تحديد األهداف المرجوة من وراء‬
‫التغيير‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬ويتم فيها وضع أساليب احداث التغيير فمثال إذا انطلق أحد الباحثين من رؤية المنظمة‬
‫ككل ووصل إلى تحديد مركز المشكلة وهو في النظام الجزئي النفسي يمكنه االستعانة بأسلوب مشتق من‬
‫علوم السلوكيات وهو تغيير األفراد‪.‬‬

‫‪ 1‬مكيد علي ويحياوي فاطمة‪ " ،‬أثر استراتيجية التمكين في تنمية السلوك اإلبداعي لرأس المال الفكري (دراسة حالة مؤسسة صيدال فرع‬
‫أنتيبيوتيكال المدية)" في مجلة العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة المسيلة‪،‬‬
‫العدد ‪ ،)2015( 14‬ص‪.184 .‬‬
‫‪ 2‬عائشة سمسوم‪ " ،‬تنمية االبداع التنظيمي ضمن نموذج التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في المؤسسة" في مجلة االقتصاد الجديد‪ ،‬المجلد‬
‫‪ ،01‬العدد ‪ ،)2016( 14‬ص‪.48 .‬‬
‫‪ 3‬عيسى مرازقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.200.‬‬
‫‪ 4‬دغمان زبير وبن رجم محمد خميسي‪ " ،‬التغيير المخطط كاستراتيجية مفضلة لتحسين أداء األفراد والمنظمات" في مجلة العلوم االقتصادية‬
‫والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬العدد ‪ ،)2015( 14‬ص‪.171 .‬‬
‫‪241‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ويستند نموذج تغيير األفراد على تغيير اتجاهات الفرد وقيمه انطالقا من كون أن الرأسمال البشري‬
‫هو رأسمال التنمية‪ ،‬ولكون أن الدولة التي ال تستطيع استثمار وتطوير رأسمالها البشري لن تستطيع أن‬
‫‪1‬‬
‫تحقق ما ترغب فيه‪ ،‬ويقوم نموذج تغيير الفرد على دراسة ثالثة مواضيع وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬تحليل التغيير باعتباره عملية وهدف‪.‬‬
‫‪ .2‬دراسة التفاعل بين التقليد والتحديث كإطار مرجعي قابل للتطبيق من خالل استحداثه في‬
‫استراتيجيات وخطط التنمية‪.‬‬
‫‪ .3‬تغيير القيم واالتجاهات السلوكية‪.‬‬
‫كما ويعتبر التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية على مستوى المؤسسة حجر األساس الذي تقوم‬
‫عليه مختلف األنشطة نظرا لحتمية تكامل خططها مع تخطيط القوى العاملة‪ ،‬إذ أنه يحقق فوائد عديدة نذكر‬
‫‪2‬‬
‫منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬يساعد في التخلص من الفائض وسد العجز‪ ،‬وبالتالي ترشيد استخدام الموارد البشرية وتخفيض‬
‫التكلفة الخاصة بالعمالة إلى أقل حد‪.‬‬
‫‪ .2‬يساهم في عمليات االختيار والتعيين‪ ،‬إذ ما لم يكن معروفا عدد العاملين المطلوبين في المؤسسة ال‬
‫يمكن البدء بعمليات التعيين واالختيار‪.‬‬
‫‪ .3‬يساعد على إظهار نقاط الضعف والقوة في نوعية أداء الموارد البشرية وبالتالي في تحديد نوعية‬
‫برامج التدريب والتطوير المطلوبة من أجل رفع مستويات أداء العاملين‪.‬‬
‫‪ .4‬يساعد على تحقيق التكامل والترابط بين مختلف برامج إدارة الموارد البشرية‪ ،‬حيث أن تخطيط‬
‫االحتياجات ال يعمل بمعزل عن التخطيط للتدريب أو التخطيط لألجور واالستقطاب واالختيار‪.‬‬
‫إن تطبيق استراتيجية تنمية الموارد البشرية سيمكن من توفير المناخ المالئم لتطوير وتفعيل دور‬
‫العنصر البشري الذي يعتبر منطلقا وغاية التنمية‪ ،‬يجب أن تركز استراتيجية تنمية الموارد البشرية على‬
‫‪3‬‬
‫مجموعة من المحاور وهي‪:‬‬
‫‪ ‬الرعاية االجتماعية‪ :‬وتشمل توفير شروط الحياة الكريمة أي االحتياجات األساسية الستمرار‬
‫الحياة وتتمثل في‪ :‬الغذاء‪ ،‬الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬السكن‪ ،‬التوظيف‪.‬‬
‫‪ ‬التأهيل الفني‪ :‬يتمثل في توفير المؤهالت العلمية والعملية المختلفة والتي تمكن األفراد من تحقيق‬
‫التواصل الدائم والمستمر بالمتطلبات اإلنتاجية والتكنولوجية التي تسمح بمواكبة متطلبات التنمية‪،‬‬
‫من خالل عمليات التدريب‪ ،‬االعالم‪ ،‬نشر الوعي الثقافي والفكري‪.‬‬
‫‪ ‬المشاركة الجماعية (الشعبية)‪ :‬أي اشراك المواطنين في تحديد احتياجات التنمية وصيانة برامج‬
‫العمل وتنفيذها وتقييمها وإشاعة أسباب الثقة والصدق بين الناس‪ ،‬بمعنى تحقيق مفهوم المواطنة‬
‫من خالل تحسيس المواطن بدوره وأهميته في المجتمع وفي العملية التنموية‪.‬‬
‫إن التطلع للمستقبل يستوجب االهتمام بالموارد البشرية‪ ،‬مما يجعل المؤسسات تلجأ للتخطيط‬
‫االستراتيجي لهذه الموارد كأداة القراءة واستشراف المستقبل‪ ،‬باعتبارها أحد أركان المنظومة اإلدارية‬

‫‪ 1‬دغمان زبير وبن رجم محمد خميسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.181 .‬‬
‫‪ 2‬عائشة سمسوم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50 .‬‬
‫‪ 3‬خنفري خيضر‪" ،‬تمويل التنمية المحلية في الجزائر‪ ،‬واقع وآفاق" (أطروحة دكتوراه فرع التحليل االقتصادي‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬العلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،)2011/2010 ،‬ص‪.26 .‬‬
‫‪242‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫التي تتوج المسار الناجح للمؤسسة وتشكل حجر الزاوية والمؤشر الرئيسي لتقدمها وتنمية االبداع‬
‫التنظيمي على مستواها‪ ،‬وبالتالي ال بد من وجود محفزات لألفراد العاملين ليكونوا مبدعين نذكر منها ما‬
‫‪1‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬العوامل البشرية‪ :‬حيث يتم تحفيز الموارد البشرية عن طريق التدريب والتطوير فالمؤسسة‬
‫المتعلمة هي التي تسعى إلى تدريب وتطوير موظفيها بصورة مستمرة مما يجعل معارفهم حديثة‬
‫دوما‪ ،‬ذلك ألن البرامج التدريبية تكسب العاملين مهارة جديدة أما التطوير فهو لتوسيع األفق‬
‫واالدراك لمستويات المدراء‪.‬‬
‫‪ .2‬عوامل الهيكل التنظيمي ‪ :‬يؤثر الهيكل التنظيمي بشكله والتركيب التنظيمي فيه على االبداع من‬
‫خالل الهيكل العضوي الذي تكون فيه السلطة المركزية مع القليل من اإلجراءات والقواعد‪ ،‬كما‬
‫أن األفراد فيه يستطيعون التحرك فيه بحرية‪ ،‬باإلضافة إلى وفرة الموارد التي من شأنها تسهيل‬
‫بناء لبنات اإلبداع‪ ،‬ويستطيع المدراء بها تأمين كل البنى التحتية التي تشجع عمل المبدعين وتسهل‬
‫شراء ملكياتهم الفكرية مع تجسيدها كمنتجات‪ ،‬كما أن توافر االتصاالت بمختلف أنواعها يؤثر‬
‫على عمليات الجمع والمبادلة إيجابيا ويقضي على بعض مصاعب اإلبداع‪.‬‬
‫‪ .3‬الثقافة التنظيمية السائدة‪ :‬تختلف المؤسسات في ثقافتها من الثقافة المستقرة إلى الثقافة المرنة‪،‬‬
‫وبالتالي فالثقافة التنظيمية تؤثر بشكل كبير على سلوكيات االفراد واتجاهاتهم وعمليات اإلبداع‬
‫وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬نشر ثقافة تحمل المخاطر‪ ،‬فالمؤسسات ذات الثقافة المرنة والمشجعة لإلبداع تسمح لألفراد‬
‫المبدعين للمخاطرة دون الخوف من الفشل الذي يعد نوعا من أنواع التعلم لغرض عدم الوقوع فيه‬
‫مرة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬قبول الغموض الذي يعني عدم التأكد‪ ،‬فلغرض الخوض في األشياء الغامضة ال بد من التركيز‬
‫على شيئين أساسيين هما التأكيد على األهداف واإلبداع‪.‬‬
‫‪ -‬قلة الرقابة‪ ،‬أي التقليل من القوانين والسياسات واإلجراءات إلى الحد األدنى لغرض فتح المجال‬
‫أمام المبدعين أفرادا كانوا أو جماعات‪.‬‬
‫إن دينامية إصالح الجماعات المحلية تتوقف إلى حد كبير على تحديث وسائل التسيير وعلى الموارد‬
‫البشرية ناهيك عن تحسين الكفاءات‪ ،‬فلتحقيق ذلك تم اتخاذ جملة من اإلجراءات نذكر منها خاصة إعداد‬
‫قانون أساسي لموظفي الجماعات المحلية يؤسس للتسيير القائم على الكفاءة كما يتيح إضفاء االحترافية‬
‫على الفاعلين المنوطة بهم الخدمة العمومية المحلية‪ ،‬ويرتكز هذا القانون على مخطط توجيهي للتكوين‬
‫‪2‬‬
‫لفائدة الجماعات المحلية‪.‬‬
‫ك ما أن تنفيذ السياسة المتخذة على المستوى المحلي تتطلب موظفين يتمتعون بالقدرات العلمية‬
‫والكفاءة الضرورية‪ ،‬بحيث أن الموارد البشرية تعمل على ارتقاء الجماعات المحلية لمستوى المهام التي‬
‫يفرضها اقتصاد السوق والتقدم والعصرنة والعولمة‪ ،‬فالجماعات المحلية تحتاج إلى مهارات كما تحتاج‬

‫‪ 1‬عائشة سمسوم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.56 .‬‬


‫‪ 2‬نور الدين حاروش‪" ،‬الخدمة العمومية المحلية كمؤشر للتنمية المستدامة " (ورقة مقدمة في الملتقى الوطني حول إشكالية الحكم الراشد في إدارة‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬المنعقد يومي ‪12‬و‪ 13‬ديسمبر ‪.)2010‬‬
‫‪243‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إلى تخصصات متنوعة كالهندسة المعمارية‪ ،‬الهندسة المدنية‪ ،‬الطب‪ ،‬الزراعة‪ ،‬البيطرة‪ ،‬الري‪ ،‬التسيير‬
‫‪1‬‬
‫واالحصاء‪ ،‬االعالم اآللي‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬الحقوق وغيرها‪.‬‬
‫وألهمية الدور الذي تقوم به القيادات المحلية فقد لمسنا توفر اإلرادة السياسية بالفعل‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يوم السبت ‪ 26‬جويلية ‪ 2008‬أمام رؤساء‬
‫المجالس الشعبية البلدية وعددها ‪ 1541‬رئيس مجلس شعبي بلدي والمنبثقين عن االنتخابات البلدية‬
‫األخيرة‪ ،‬إذ تناول الرئيس الجوانب األساسية من حياة الجماعات المحلية وبصفة خاصة إصالح الجماعات‬
‫االقليمية وإشكالية الالمركزية وما يترتب عنها من فك للتمركز والتنمية المحلية وتسيير الجماعات المحلية‬
‫واألهمية البالغة التي يكتسيها المورد البشري وكذا التكوين في هذا التسيير‪ .‬كما قام السيد الرئيس بتذكير‬
‫رؤساء البلديات بالمسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتقهم إذ أن األصوات التي تحصلوا عليها تحمل الكثير من‬
‫المطالب واآلمال والتطلعات المتعددة التي عقدها عليهم ناخبوهم من المواطنين‪ ،‬كتحسين المحيط ونوعية‬
‫المعيشة والتكفل الناجع بالخدمة العمومية وكذا المزيد من الشفافية في القرارات التي تعنيهم من خالل‬
‫‪2‬‬
‫إعالم منظم والمزيد من االستماع واإلشراك في الخيارات المتصلة بتنمية بلدياتهم‪.‬‬
‫وعليه بات من الضروري عقد دورات تدريبية للقيادات اإلدارية في المحليات على مستوى عال‬
‫وليست دورات صورية‪ ،‬الهدف منها هو استكمال إجراءات التعيين‪ ،‬إذ يجب أال تقل مدة هذه الدورات عن‬
‫عامين على األقل ويحصل بعدها المتدرب على شهادة تجيز له العمل في اإلدارة المحلية كرئيسا للحي أو‬
‫سكرتيرا عاما للمحافظة أو أي منصب آخر في اإلدارة المحلية‪ .‬مع ضرورة أن تكون المواد التدريبية‬
‫تتصل بقوانين اإلدارة المحلية وقوانين اإلدارات الهندسية (المباني والتخطيط العمراني‪...‬الخ) وقوانين‬
‫‪3‬‬
‫العاملين وغيرها من كل ما يتعلق باإلدارة المحلية لكي يكون على دراية بالعمل الذي سوف يلتحق به‪.‬‬
‫فمن خالل التدريب يتم تزويد األفراد بمعلومات ومهارات وسلوكيات لتحقيق استراتيجية المؤسسة‬
‫خاصة وأنها تعمل في بيئة شديدة التغيير‪ ،‬األمر الذي يجبر المؤسسات على ضرورة إيجاد توافق بين هذه‬
‫المستجدات الحاصلة في بيئتها ومهارات وسلوكيات أفرادها‪ ،‬فأصبح لزاما عليها االهتمام بالبحث عن‬
‫البرامج التدريبية المناسبة واختيار المدربين والمتدربين المناسبين وكذا اختيار الطريقة المثلى لتلقين تلك‬
‫‪4‬‬
‫المهارات الجديدة‪ ،‬ويظهر أثر التدريب على أداء العاملين من خالل اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬رفع مستوى أداء العاملين وتحسينه كما ونوعا‪.‬‬
‫‪ -‬بعث سلوكيات جديدة في األفراد تتوافق واستراتيجيات المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية الروح المعنوية لألفراد‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية العالقات اإلنسانية بين األفراد وترشيد توجهاتهم‪.‬‬
‫‪ -‬تنمية شعور العاملين بالوالء التنظيمي‪.‬‬
‫‪ -‬اكساب العامل طرق البحث واالبداع‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في إدارة المعرفة داخل المؤسسة‪.‬‬
‫إذ يعتبر التكوين عملية منظمة ومستمرة تهدف إلى إعداد الفرد للعمل المتميز والمثمر‪ ،‬وألن يكون‬
‫أكثر معرفة واستعدادا وكفاءة ألداء المهام المطلوبة منه‪ .‬ويعد التكوين االستراتيجي استثمار هام‬
‫ومطلوب‪ ،‬وضروري للعنصر البشري الذي يمثل الثروة الحقيقية للتنظيم‪ .‬فالعنصر البشري أساس أي‬

‫‪ 1‬مزياني فريدة‪" ،‬دور الجماعات المحلية في مجال االستثمار" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في‬
‫الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ ،2009‬مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل) في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.58 .‬‬
‫‪ 2‬للمزيد من التفاصيل الرجاء العودة إلى الملحق رقم (‪ )04‬الخاص بـ "افتتاح لقاء رؤساء المجالس الشعبية البلدية"‬
‫‪ 3‬محمد محمد عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.177.‬‬
‫‪ 4‬فريد خميلي‪ " ،‬التدريب كمدخل لتحسين أداء الموارد البشرية – دراسة حالة مجمع صيدال فرع فرمال بعنابة‪ "-‬في مجلة االستراتيجية‬
‫والتنمية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‪ ،‬العدد ‪( 06‬جانفي ‪ ،)2014‬ص‪.73 .‬‬
‫‪244‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫عمل يراد له النجاح‪ ،‬فهو المكلف بتقديم الخدمة العمومية وتحسين نوعيتها‪ ،‬وعليه فان أي هيئة ومهما‬
‫كانت طبيعتها ال يمكن أن تصل إلى تحقيق أهدافها إال باالعتماد على قاعدة بشرية تتمتع بالمؤهالت‬
‫العلمية والمهنية التي تمكنها من أداء مهامها بصفة فعالة‪.‬‬
‫كما يعتبر التكوين مشروع استثماري مهم يهدف إلى اكتساب الخبرات والمعارف الحديثة‪ ،‬وبالتالي‬
‫يجب تنظيم دورات للتكوين وتحسين المستوى تتناول برامجها الواقع الحالي لإلدارة ومحيطها وكذا‬
‫التحديات والرهانات المطلوب الوصول إليها‪ .‬وقد عبر األستاذ ‪ *Robert Reich‬في كتابه‬
‫‪ L’économie Mondialisée‬عن حقيقة جوهرية ال تزال ماثلة للعيان بل وتزداد مثوال يوما بعد آخر‪:‬‬
‫" إننا نعيش اليوم تحوال جذريا يهدف إلى إعادة تركيب شعوب واقتصاديات القرن القادم‪ ،‬بحيث لن تكون‬
‫هناك منتجات أو تكنولوجيات وطنية‪ ،‬وال منشآت وطنية وال حتى صناعات وطنية‪ ،‬وبالتالي لن يكون‬
‫هناك أي اقتصاد وطني ‪ ....‬عنصر وحيد فقط سيبقى متجذرا داخل الحدود القطرية هو األفراد المكونون‬
‫لألمم‪ ،‬وسوف تكون األصول األساسية أو رأس مال كل أمة كفاءاتها وعزيمة مواطنيها "‪.‬‬
‫ويندرج برنامج التكوين الذي بادرت به وزارة الداخلية والجماعات المحلية لفائدة رؤساء المجالس‬
‫الشعبية البلدية في إطار البرنامج الشامل للتكوين الذي شرعت فيه منذ سنوات وزارة الداخلية لصالح‬
‫‪1‬‬
‫إطارات اإلدارة اإلقليمية‪.‬‬
‫إذ تتوقف فعالية المؤسسات وتحسين أجواءها االجتماعية إلى حد بعيد على فعالية إطاراتها لما يتمتع‬
‫به هؤالء من سلطة تنظيمية في ميادين االتصال‪ ،‬المشاركة‪ ،‬التوجيه والتكوين‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن‬
‫اإلطارات هي أكثر الفئات المهنية قدرة على التكيف مع التطور والتغير‪ ،‬كما أنها أكثرها مساهمة في‬
‫‪2‬‬
‫توجيه هذا التغير‪ ،‬وبالتالي تصبح عمليات التكوين‪ ،‬الرسكلة والتحسين ضرورية‪.‬‬
‫فاالرتقاء بأداء المؤسسة في ظل تزايد درجة التدويل واشتداد حدة المنافسة مرهون بقدر كبير بأداء‬
‫مختلف موظفيها مهما اختلفت مستوياتهم السلمية ورتبهم (مهندسون‪ ،‬إداريون‪ ،‬إطارات مسيرة‪ ،‬إطارات‪،‬‬
‫تقنيون‪ ،‬أعوان وغيرهم)‪ ،‬وبالتالي ال بد من بذل المزيد من المجهودات واتخاذ الكثير من اإلجراءات‬
‫والتدابير من أجل رفع جودة أداء العاملين فرديا وجماعيا‪ ،‬وكذا تحقيق االنسجام والتكامل بشكل يؤدي إلى‬
‫تحقيق األهداف العامة للمؤسسة‪ ،‬وقد زاد االهتمام بالتكوين واعتبر أولوية في السياسة العامة للمؤسسة‬
‫‪3‬‬
‫بهدف تثمين المعارف وتجسيد البحث والتطوير واالبداع واالندماج‪.‬‬
‫فباعتبار أن المورد البشري عنصر استراتيجي فاعل ومؤثر على نجاح المنظمات ومتأثرا بالمتغيرات‬
‫التكنولوجية واالق تصادية والسياسية فهو يحتاج إلى إعادة نظر في استراتيجيات وأساليب تأهيلية وتدريبية‬
‫‪4‬‬
‫لكي يتوافق ويتواكب ويتكامل مع تلك المتغيرات‪.‬‬
‫وطالما أن العنصر البشري يمثل العامل الرئيسي في أداء الجهاز الحكومي بصفة عامة‪ ،‬فإن تطوير‬
‫نظم إدارة هذا العنصر ينبغي أن تعطى أولوية في برنامج اإلصالح‪ ،‬وال ينتظر أن يتحقق تطوير في‬
‫ممارسات األجهزة الحكومية ما لم يتم اعتبار أن األفراد العاملين يمثلون بكل نوعياتهم ومستوياتهم‬
‫‪5‬‬
‫العنصر الحاسم والمحدد لألداء واإلنتاجية والفعالية‪.‬‬

‫* ‪ Robert Reich‬هو المستشار االقتصادي للرئيس األمريكي األسبق ‪Ronald Reagan‬‬


‫‪ " ،_____1‬رئيس الجمهورية يفتتح اليوم ندوة رؤساء البلديات من أجل تكفل أفضل بانشغاالت المواطنين"‪ ،‬المساء إخبارية يومية‪ ،‬مقال منشور‬
‫يوم‪ ،2008/07/25 :‬تم تصفح الموقع يوم‪2016/01/07 :‬على الرابط التالي‪/http://www.el-massa.com/ar/content/view/9750 :‬‬
‫‪ 2‬عبد الكريم بوحفص‪ ،‬التكوين االستراتيجي لتنمية الموارد البشرية (الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،)2010 ،‬ص‪.130 .‬‬
‫‪ 3‬ابراهيمي عبد هللا وحميدة المختار‪" ،‬دور التكوين في تثمين وتنمية الموارد البشرية" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪،‬‬
‫العدد السابع (فيفري ‪ ،)2005‬ص‪.05 .‬‬
‫‪ 4‬محمد بن إبراهيم التويجري‪" ،‬التدريب اإلداري وآفاق تطويره في البلدان العربية"‪ ،‬في إدارة‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬المجلد ‪ ،14‬العدد ‪27‬‬
‫(‪ ،)2004‬ص ‪.14.‬‬
‫‪ 5‬أحمد صقر عاشور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.85.‬‬
‫‪245‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ومن ثم ال بد من االستثمار في التكوين‪ ،‬والذي هو عبارة عن تضحية حاضرة بالجهد والوقت والمال‬
‫(أساليب‪ ،‬أدوات‪ ،‬تجهيزات‪ ،‬قاعات‪ ،‬مخابر‪ ،‬برامج‪ ،‬أجور‪ ،‬تنقالت‪ ،‬مصاريف وغيرها)‪ ،‬من أجل تحقيق‬
‫عوائد في المستقبل‪ ،‬على شكل يد عاملة ماهرة وعالية الكفاءة وقادرة على مقاومة المنافسة‪ ،‬وعليه فإن‬
‫التكوين هو استثمار حقيقي في الموارد البشرية نظرا لآلثار التي يحدثها على جميع المستويات (الفرد‪،‬‬
‫المؤسسة‪ ،‬المجتمع)‪ ،‬ولما يضمنه ويؤمنه من استقرار واستمرار ومرونة للمؤسسة‪ ،‬مما يعني قدرة‬
‫المؤسسة على الحفاظ على فاعليتها رغم فقدانها أحد أفرادها األساسيين نظرا لوجود رصيد االستثمار في‬
‫الموارد البشرية لشغل المناصب فور خلوها‪ ،‬أما المرونة فتعني قدرة المؤسسة على التكيف في األجل‬
‫القصير مع أي تغير في محيط العمل أو ظهور وظائف جديدة ويتطلب هذا أيضا وجود أفراد من ذوي‬
‫‪1‬‬
‫المهارات المتعددة لتولي المناصب التي تحتاج إليهم‪.‬‬
‫ونتيجة لكل ما سبق فقد قامت وزارة الداخلية والجماعات المحلية بعمل تحليلي للنشاطات والكفاءات‬
‫المرتبطة بمتطلبات التسيير الجيد مما سمح بتحديد ‪ 8‬مجاالت تكوينية ذات أولوية تحقق في ‪ 4‬أسابيع من‬
‫‪ 6‬أيام أو ما يعادل ‪ 144‬ساعة تكوين لكل منتخب‪ .‬وذلك على مستوى ‪ 8‬مراكز وهي‪ :‬باتنة‪ ،‬تيارت‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬سطيف‪ ،‬عنابة‪ ،‬المدية‪ ،‬ورقلة ووهران‪ .‬إذ تم توزيع رؤساء المجالس الشعبية البلدية ال ‪1541‬‬
‫على ‪ 64‬فوج بيداغوجي بمتوسط ‪ 25‬شخص‪ .‬كما تم تجنيد ‪ 250‬خبير وأستاذ جامعي لتأطير هذه الدورة‬
‫‪2‬‬
‫التكوينية والتي تم تنظيمها بالتعاون مع جامعة التكوين المتواصل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ويهدف برنامج وزارة الداخلية والجماعات المحلية لدعم أداء اإلدارة المحلية تحقيق ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إدراج مسعى التسيير عن طريق التأهيل في سير اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬انتهاج تسيير نوعي وناجع لإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬تبني نظرة شاملة حيث يتعين على جميع الفاعلين في الحياة المحلية اكتساب مهارات وتحسين‬
‫قدراتهم في التسيير والعمل‪.‬‬
‫وقد تم تخصيص برنامج تكويني ثري لفائدة رؤساء البلديات والذي يشتمل على ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬االتصال ‪ :‬نظرا لطبيعة الدور الذي يقوم به رئيس المجلس الشعبي البلدي بحكم المسؤولية الملقاة‬
‫على عاتقه والصالحيات التي يتمتع بها‪ ،‬فان تفاعله االيجابي مع المجتمع الذي يعيش فيه ومع‬
‫أعضاء الفريق الذي يعمل معه‪ ،‬ويتوقف نجاحه في القيام بتلك المهام إلى حد كبير على مدى‬
‫تحكمه في مهارات االتصال وقدرته على توظيفها‪ ،‬وذلك بالشكل الذي يساعده على تحسين‬
‫صورته باستمرار في محيطه المهني واالجتماعي‪.‬‬
‫فال يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يستغني عن االتصال في حياته االجتماعية فإن حاجته إلى‬
‫التواصل في حياته المهنية أكبر‪ ،‬ألنه ال يتواصل مع غيره أثناء العمل ضمن ضرورات القيام بالمهمة‬
‫الموكلة إليه فحسب ولكن ألنه أيضا يتبادل مع أعضاء فريق العمل وباستمرار مختلف الرسائل الذاتية‬
‫االيجابية منها والسلبية وبدون شك أن تلك الرسائل تلعب دورا في ضبط التفاعل وتوازن العالقات ضمن‬
‫‪4‬‬
‫فريق العمل وبالتالي مساعدته على بلوغ األهداف المسطرة‪.‬‬

‫‪ 1‬ابراهيمي عبد هللا وحميدة المختار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09 .‬‬


‫‪ 1541 "،__________2‬رئيس بلدية في دورة تكوينية ابتداءا من السبت_ عصرنة التسيير المحلي"‪ ،‬جريدة المساء يومية وطنية إخبارية‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ ،2008/03/19‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2014/10/04 :‬على الرابط التالي‪http://www.el-:‬‬
‫‪massa.com/ar/content/view/4550/‬‬
‫‪ 3‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬التكوين ‪:‬الحصيلة واآلفاق"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2015/04/20 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/Dynamics/frmItem.aspx?html=2&s=31‬‬
‫‪ 4‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬الحقيبة البيداغوجية لتكوين رؤساء البلديات"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2014/12/12 :‬على الرابط‬
‫التالي‪http://www.interieur.gov.dz/Ministere/frmItem:‬‬
‫‪246‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ .2‬التخطيط االستراتيجي‪ :‬والمقصود هنا التخطيط االستراتيجي المحلي وهو التخطيط الذي يتم‬
‫انجازه من طرف الوحدات الترابية وبالتالي فانه يكتسب مشروعية سياسية محلية تستمد من‬
‫العملية االنتخابية ومن الممارسة الديمقراطية المحلية‪ ،‬وبالتالي فانه أقرب إلى التخطيط من أسفل‬
‫‪1‬‬
‫إلى أعلى‪.‬‬
‫ويسمح التكوين في مجال التخطيط االستراتيجي لرؤساء البلديات من اكتساب أدوات تحليل المحيط‬
‫الداخلي والخارجي لتحديد وضعية التنمية في البلدية والفرص المتاحة‪ ،‬وكذا تحديد نقاط القوة والضعف‬
‫في البلدية من أجل إعداد مخطط استراتيجي يضبط الرهانات ويحدد أهداف التنمية على مدى ‪ 5‬سنوات‬
‫لعهدته‪ .‬فتحليل المحيط يفضي إلى إعداد مصفوفة تحدد مواقع مختلف قطاعات النشاط في البلدية‪.‬‬
‫ومن خالل الشكل الموالي يتبين لنا مصفوفة لبعض نشاطات البلدية‬
‫الشكل رقم(‪ :)17‬مصفوفة لبعض نشاطات البلدية‬
‫البعــد الداخلـــــــــــــــي‬
‫ضعف‬

‫قوة‬
‫فرص‬
‫الصناعة‬
‫التعليم‬ ‫البعــــد‬

‫الصحة‬
‫الخارجــــي‬
‫السكن‬

‫مخاطر‬

‫المصدر‪ :‬الحقيبة البيداغوجية لتكوين رؤساء المجالس الشعبية البلدية لسنة ‪2008‬‬

‫من خالل الجدول يتضح أن قطاع التعليم يتواجد في منطقة ذات نقطة ضعف متوسطة‪ ،‬لكن توجد له‬
‫فرصة قوية لالنتقال إلى الخانة الموالية‪ .‬وبالتالي فمن الضروري معالجة نقاط الضعف من أجل دفع‬
‫القطاع‪ .‬في حين يتضح أن قطاع الصناعة يمثل نجم البلدية إذ أنه يتميز بنقاط قوة كبيرة وفرص أكبر‪ ،‬مما‬
‫يتوجب االعتماد عليه كرهان للتنمية‪ .‬وعليه فإنه بهذه الكيفية تحلل مختلف قطاعات البلدية‪.‬‬
‫‪ .3‬المالية المحلية‪ :‬إن تكوين رؤساء المجالس الشعبية البلدية في مجال المالية المحلية يسمح بالتحكم‬
‫‪2‬‬
‫في تقنيات الميزانية وتقنيات التسيير ومردودية ثروة البلدية‪ .‬وبالتالي فهو يهدف أساسا لما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد مفهوم ميزانية البلدية‪ ،‬تركيبتها ومختلف تقنيات تسييرها‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد إجراءات تحضير الميزانية إلى غاية كيفيات تنفيذها والرقابة عليها‪.‬‬

‫‪ 1‬زهير لخيار‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص‪.111.‬‬


‫‪ 2‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬الحقيبة البيداغوجية لتكوين رؤساء البلديات"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2014/12/12 :‬على الرابط‬
‫التالي‪http://www.interieur.gov.dz/Ministere/frmItem:‬‬
‫‪247‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬تحديد مفهوم ممتلكات البلدية المختلفة‪.‬‬


‫‪ -‬التعريف بأهم التقنيات التي تسمح بتثمين وترقية الممتلكات‪.‬‬
‫‪ .4‬إدارة الموارد البشرية‪ :‬وقد شمل برنامج التكوين في هذا المجال فهم أهمية وجدوى رأس المال‬
‫البشري ودور رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال تسيير الموارد البشرية‪ .‬وكافة العمليات والوظائف‬
‫التي تقوم بها إدارة الموارد البشرية‪ ،‬باإلضافة إلى بعض الدراسات التطبيقية كإعداد مخطط التسيير‬
‫‪1‬‬
‫السنوي وتنفيذه‪.‬‬
‫‪ .5‬الحالة المدنية‪ :‬إذ يسمح التكوين في هذا المجال اكتساب المعارف المتعلقة باإلجراء القانوني‬
‫والتنظيمي والتحكم في عوامل تسيير الخدمة العمومية اذ يكتسي نظام الحالة المدنية أهمية بالغة‬
‫األثر في حياة المواطنين اليومية ألن الحالة المدنية هي قواعد تنظم التواجد القانوني للفرد داخل‬
‫األسرة والمجتمع‪ ،‬وتعتمد على أهم األحداث المميزة لحياته ومنها الوالدة‪ ،‬الزواج والوفاة ويبقى‬
‫اإلنسان في حاجة لخدمات مصلحة الحالة المدنية طيلة حياته القانونية‪.‬‬
‫‪ .6‬رخص وشهادات التعمير‪ :‬وفي هذا المجال يسمح التكوين بجعل المنتخبين شركاء مطلعين في‬
‫مجال التحكم في تسيير العقار وعمليات التنمية والتسيير النوعي والدائم لبلدياتهم‪ .‬إذ أن التعمير‬
‫هو شعبة علمية التي توفر األدوات المنهجية من أجدل الحفاظ وتشكيل اإلقليم البلدي‪ ،‬يكون الهدف‬
‫منه التنظير وتسيير نمو التجمعات السكانية‪ .‬والتعمير هو بعد تطبيقي الذي يسعى إلى إعداد‬
‫المخططات التي تشير أو تتوقع العمران وكيفية تعمير اإلقليم البلدي‪ .‬وللتعمير بعد قانوني‪ ،‬فهو‬
‫منظم بمجموع ة من النصوص التي يمكن أن يطلق عليها تقنين التعمير‪ .‬وقد تضمن هذا المجال‬
‫مفاهيم أولية حول قانون التعمير وعالقته بالقوانين األخرى ذات الصلة كالقانون المدني‪ ،‬القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬القانون الجبائي‪ ،‬قانون البلدية‪ ،‬القوانين المنظمة للعقار‪ ،‬القوانين المنظمة للفضاء (تهيئة‬
‫اإلقليم والمحافظة على البيئة)‪ ،‬المحافظة على التراث في كافة أشكاله (الثقافي األثري‬
‫والتاريخي)‪.‬‬
‫‪ .7‬تسيير العمليات‪ :‬لقد تم إدراج تسيير العمليات في إطار البرنامج التكويني لرؤساء المجالس‬
‫الشعبية البلدية‪ ،‬على اعتبار أن البلدية هي حجر الزاوية في عملية التنمية المحلية‪ ،‬وقد شمل‬
‫تسيير العمليات عدة محاور نذكر منها ما يلي‪ :‬التزويد بتقنيات التنظيم والتسيير على المستوى‬
‫المحلي التي يضطلع بها رئيس البلدية من أجل تحسين الخدمة العمومية وتحسين اإلطار العام‬
‫للحياة وتنفيذ البرامج المحلية للتنمية‪ .‬وبالتالي فرئيس المجلس الشعبي البلدية مطالب بالقيام بالمهام‬
‫التسييرية المعروفة والمتمثلة في‪ :‬التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التوجيه‪ ،‬اإلشراف والمراقبة‪.‬‬
‫‪ .8‬المشروع الجواري للتنمية الجوارية المدمجة‪ :‬في هذا المجال من التكوين تم فيه التعريف‬
‫بالسياسة الوطنية للتجديد الريفي وبرنامج تدعيم التجديد الريفي ودور رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي وعالقاته مع الفاعلين في سياسة التجديد الريفي‪ ،‬باإلضافة إلى مراحل تركيب سياسة‬
‫‪2‬‬
‫التجديد الريفي وتنفيذه وبعض النماذج أو دراسة الحالة‪.‬‬
‫فتحسين أدوات التسيير باألساس يقع على عاتق المنتخبين المحليين الواجب خضوعهم إلى تدريبات‬
‫مكثفة أو أنشطة تكوينية وخاصة أن مدة العهدة االنتخابية تقدر بـ ‪ 05‬سنوات ‪-‬ليست بالمدة القصيرة ‪-‬‬
‫فاللجوء إلى دورات تكوينية لمعرفة ماهية المرفق العام وصالحياته وطرق تسييره القانونية قد تكون جد‬
‫‪3‬‬
‫إيجابية إلدارة البلدية وخاصة إذا اعتمدت في األشهر األولى من كل استحقاق جديد‪.‬‬

‫‪ 1‬نفس المرجع‪" ،‬الحقيبة البيداغوجية لتكوين رؤساء البلديات"‪ ،‬على الرابط التالي‪http://www.interieur.gov.dz/Ministere/frmItem:‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪" ،‬الحقيبة البيداغوجية لتكوين رؤساء البلديات"‪ ،‬على الرابط التالي‪http://www.interieur.gov.dz/Ministere/frmItem:‬‬
‫‪3 Essaid Tai, op.cit. P5‬‬

‫‪248‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وبالنسبة لتقييم التكوين المبرمج لرؤساء المجالس الشعبية البلدية في مركز ورقلة فقد كانت نتائج‬
‫االستبيان المقدم لرؤساء البلديات لإلجابة عليه بعد استفادتهم من برامج التكوين التي خصصت لهم‬
‫والنتائج مبينة في الملحق رقم (‪ )05‬إذ تم استجوابهم في كل مقياس تم دراسته أثناء الدورة التكوينية‬
‫‪1‬‬
‫المبرمجة‪.‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)16‬نتائج االستبيان المقدم لرؤساء البلديات في مركز ورقلة أثناء الدورة التكوينية‬
‫مجاالت التكوين لرؤساء المجالس الشعبية البلدية‬
‫الحالة المدنية‬ ‫الماليــــة المحليــــــة‬
‫والنظافة والصحة‬ ‫وإدارة الموارد‬
‫التخطيط االستراتيجي‬ ‫االتصـــــــال‬
‫العمومية والتعمير‬ ‫البشرية وتسيير‬
‫العمليات‬
‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا‬ ‫االتساق بين التكوين‬
‫وأنشطة رؤساء‬
‫المجالس الشعبية‬
‫البلدية‬
‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا‬ ‫تحقيق األهداف‬
‫التعليمية‬
‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضية جدا‬ ‫مدة المقياس‬
‫(الوحدة)‬
‫مرضية‬ ‫مرضية‬ ‫مرضية‬ ‫مرضية‬ ‫نوعية الرسومات‬
‫فقد تباينت اإلجابات‬ ‫فقد تباينت اإلجابات‬ ‫فقد تباينت اإلجابات‬ ‫فقد تباينت اإلجابات‬
‫إال أن األغلب يرى‬ ‫إال أن األغلب يرى‬ ‫إال أن األغلب يرى‬ ‫إال أن األغلب يرى‬
‫المواد التعليمية‬
‫أنها مرضية‬ ‫أنها مرضية جدا‬ ‫أنها مرضية جدا‬ ‫أنها مرضية جدا‬
‫مرضية جدا‬ ‫مرضية جدا‬ ‫مرضية جدا‬ ‫مرضية جدا‬ ‫الوسائل التعليمية‬
‫مرضية جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫جودة االستقبال‬
‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫مرضيا جدا‬ ‫ترتيبات اإلقامة‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة باالعتماد على نتائج االستبيان المقدمة لرؤساء المجالس الشعبية البلدية لوالية ورقلة‬

‫من خالل الجدول نالحظ الرضا التام لرؤساء المجالس الشعبية البلدية عن التكوين الذي استفادوا منه‬
‫للفترة من ‪ 22‬مارس إلى ‪ 25‬جوان ‪ 2008‬فقد استحسنوا هذه المبادرة األولى من نوعها لوزارة الداخلية‬
‫والجماعات المحلية‪ ،‬لكن هناك من يرى أن مدة التكوين غير كافية بالنظر إلى المهام الكبيرة التي يضطلع‬
‫بها رؤساء البلديات‪ .‬كما قد لمس مؤطري التكوين (األساتذة الذين قاموا بتدريس األميار) رغبة رؤساء‬
‫المجالس الشعبية البلدية في معرفة كل ماله عالقة بالبلدية وتسييرها‪.‬‬

‫‪ 1‬للمزيد من التفاصيل حول نتائج االستبيان الرجاء العودة للملحق رقم (‪ )05‬الخاص بتكوين رؤساء المجالس الشعبية البلدية ‪ ،2008‬مركز‬
‫ورقلة‬
‫‪249‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وقد سمحت جهود تطوير اإلدارة التي تمت مباشرتها في مجال تأهيل الموارد البشرية بالتدخل في‬
‫مجال نقص تأطير وتأهيل العمال وذلك بإرسال ‪ 3500‬إطار تقني وإداري إلى الدوائر والبلديات و‪2500‬‬
‫إطارا آخر لتعزيز الخاليا التقنية للدوائر الواقعة بالجنوب ومن أجل تعزيز قدرات متابعة المشاريع‬
‫‪1‬‬
‫اإلنمائية المحلية‪.‬‬
‫كما قد استفاد ‪ 204‬أمين عام لبلديات يفوق تعداد سكانها ‪ 20000‬نسمة من دورة تكوينية في التسيير‬
‫العمومي المحلي بالمعهد العالي للتسيير والتخطيط (‪ 12‬مادة بمعدل أسبوع في الشهر)‪ .‬وكذا جميع مدراء‬
‫اإلدارة المحلية ورؤساء المكاتب المكلفين بالصفقات العمومية‪ 96 ،‬إطارا‪( ،‬إدارة الصفقات العمومية‬
‫لضمان الصرامة الالزمة في النفقات المرتبطة بالبرامج التنموية)‪ .‬باإلضافة إلى المفتشون العامون‬
‫ومفتشو الواليات‪ 114 ،‬إطارا‪ ،‬في المجاالت التالية (تقنيات االتصال‪ ،‬تدقيق الحسابات ومراقبة التسيير)‪.‬‬
‫أما رؤساء الدوائر فتكوينهم كان في كل المجاالت المرتبطة بممارسة مهنتهم السيما االتصال وتسيير‬
‫نوعية الخدمات العمومية والتسيير العملياتي والتسيير العمومي والعالقات العمومية وكذا اإلعالم وعلم‬
‫االجتماع والبيئة وتسيير األزمات‪ .‬وانطلقت هذه الدورة التكوينية التي شملت ‪ 216‬رئيس دائرة في فيفري‬
‫‪2‬‬
‫‪.2007‬‬
‫فالتكوين يهتم بالتوجيه واالدماج والتحفيز ورفع األداء والتصحيح ونقل المعارف والعلوم وتغيير‬
‫السلوك واالتجاهات وترقية جودة العمل على المستويين اإلداري والتشغيلي‪ ،‬كما أنه امتد ليساهم في رفع‬
‫مستوى التفكير ا الستراتيجي لدى المسيرين‪ ،‬والتعريف بتقنيات ومداخل التسيير الحديثة‪ ،‬والتعريف‬
‫بمتغيرات ومستجدات المحيط بأبعاده المختلفة ومستوياته المتعددة‪ ،‬ويؤكد األستاذ برنار مارتوري‬
‫‪ Bernard Martory‬بأن ضرورة التطور خالل الحياة المهنية تشدد على أهمية أفعال التكوين كوسيلة‬
‫‪3‬‬
‫لتكييف وتنمية اإلمكانيات المتوفرة للمؤسسة‪.‬‬
‫فإستراتيجية التكوين التي أطلقتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية تهدف إلى تطوير الموارد‬
‫البشرية وتحسين إمكانياتها البشرية من أجل ضمان أداء أفضل وتحسين معارف أعوانها‪ ،‬فضال عن‬
‫إدراج مسعى التسيير عن طريق التأهيل في سير اإلدارة المحلية‪ ،‬واالنتقال إلى تسيير نوعي وناجع‬
‫لإلدارة المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى تبنّي نظرة شاملة إذ يتعين على جميع الفاعلين في الشؤون المحلية اكتساب‬
‫مهارات وتحسين قدراتهم في التسيير والعمل‪ ،‬كما تعتمد وزارة الداخلية والجماعات المحلية في هذه‬
‫اإلستراتيجية التكوينية على مدارس ومعاهد منها المدرسة الوطنية لإلدارة والمراكز الوطنية للتكوين‬
‫وتحسين المستوى وإعادة تأهيل مستخدمي الجماعات المحلية‪ ،‬وعددها ثالثة توجد في كل من وهران‬
‫‪4‬‬
‫وبشار و ورڤلة‪.‬‬

‫وقد كشف السيد نور الدين بدوي وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية أن مصالحه‬
‫تعكف على توسيع شبكة مؤسسات التكوين التابع للوزارة من خالل انشاء مراكز وطنية لتكوين مستخدمي‬
‫الجماعات المحلية وتحسين مستوياتهم وتجديد معلوماتهم وفي هذا اإلطار وضع حيز الخدمة خالل سنة‬
‫‪ 2017‬مركز التكوين بواليتي قسنطينة والجلفة ليضاف إلى مراكز وهران ورقلة وبشار‪ .‬كما أضاف‬
‫الوزير أن نظمت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية عدة دورات تكوينية منذ سنة‬

‫‪ 1‬نور الدين حاروش‪" ،‬الخدمة العمومية المحلية كمؤشر للتنمية المستدامة "‪ ،‬المرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 2‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬التكوين‪ :‬الحصيلة واآلفاق"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2015/04/20 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/Dynamics/frmItem.aspx?html=2&s=31‬‬
‫‪ 3‬ابراهيمي عبد هللا وحميدة المختار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.08 .‬‬
‫‪ 4‬كهينة ب‪ " ،‬في إطار تحسين الخدمة العمومية‪ :‬وزارة الداخلية تفتتح دورة تكوينية لفائدة ‪ 2000‬رئيس بلدية"‪ ،‬مقال منشور يوم‪،2014/11/26 :‬‬
‫على الساعة ‪ ،23:52‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2016/09/20 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.elikhbaria.com/ar/permalink/30473.html‬‬
‫‪250‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ 2015‬استفاد منها ‪ 40.389‬موظف منهم ‪ 10.389‬موظفا خالل سنة ‪ 2017‬وقد شملت هذه الدورة‬
‫التكوينية رؤساء الدوائر واألمناء العامين للدوائر والبلديات ورؤساء المصالح والمكاتب ومهندسي االعالم‬
‫اآللي والتسيير التقني والحضري وكذا األعوان المكلفين بملفات رخص السياقة وبطاقات ترقيم العربات‬
‫‪1‬‬
‫والوثائق البيومترية‪.‬‬

‫وتهدف هذه الدّورات التكوينية إلى مرافقة المنتخبين المحليين‪ ،‬قصد تحسين تسييرهم المحلي وتقديم‬
‫خدمة نوعية تستجيب لتطلعات المواطنين‪ .‬وقد استفاد ‪ 1783‬منتخب محلي عبر ‪ 48‬والية يوم ‪ 11‬مارس‬
‫‪ 2018‬من هذه الدورة التكوينية المسطرة من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة‬
‫العمرانية‪ ،‬وتتمحور حول المجاالت المرتبطة بالتسيير المحلي على غرار مهام وتنظيم البلدية‪ ،‬المالية‬
‫المحلية‪ ،‬الصفقات العمومية‪ ،‬التنمية المحلية‪ ،‬الحالة المدنية وتنقل االشخاص والممتلكات‪ ،‬المنازعات‪،‬‬
‫تسيير الموارد البشرية والتسيير والوقاية من المخاطر‪ ،‬يتم تأطيرها بواسطة ‪ 180‬مكون من اطارات‬
‫وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية وكذا ‪ 4‬إطارات سامية من الدائرة الوزارية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫باإلضافة إلى ‪ 96‬إطار تابع للحماية المدينة‪.‬‬

‫وقد أكد نور الدين بدوي وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية خالل افتتاح الدورة‬
‫التكوينية الخاصة بالمنتخبين المحليين في المدرسة الوطنية لإلدارة يوم ‪ 11‬مارس ‪ 2018‬على أن هدف‬
‫القطاع هو تكريس مبدأ عصرنة وتحديث المرفق العام‪ ،‬بغية إضفاء الشفافية على ممارسة المتعاملين من‬
‫المنتخبين‪ ،‬كما أكد الوزير على أنه تم وضع الفضاء االفتراضي حيّز الخدمة أمام المنتخبين‪ ،‬للولوج إليه‬
‫كمنصة للتكوين عن بعد‪ ،‬بحيث يمسح هذا الفضاء االفتراضي لمؤسسات التكوين التابعة للقطاع‪ ،‬بتوسيع‬
‫‪3‬‬
‫مجاالت التكوين‪ ،‬ضمانا لمواصلة الخدمة العمومية‪ ،‬وعدم انقطاعها‪.‬‬

‫كما تعمل وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية على توسيع مجاالت التعاون في‬
‫مجال التكوين مع مختلف الشركاء األجانب‪ ،‬حيث تم ابرام العديد من االتفاقيات مع فرنسا والصين وكندا‬
‫وهوالندا‪ ،‬وتم على إثرها تكوين ‪ 331‬موظف خارج الوطن ما بين سنتي ‪ 2016‬و‪ 2017‬إلى جانب تنظيم‬
‫ورشات عمل دولية مع خبراء أجانب في عدة مواضيع أهمها المالية المحلية‪ ،‬الشراكة بين القطاع‬
‫‪4‬‬
‫العام والخاص‪ ،‬نظام األحزاب والجمعيات والديمقراطية التشاركية‪.‬‬

‫كما أنه ال بد من تمكين العاملين في مجال اإلدارة المحلية‪ ،‬إذ يعتبر مفهوم تمكين العاملين من المفاهيم‬
‫التي صاحبت تطور الفكر اإلداري في السنوات األخيرة من خالل منحهم السلطة وتوثيق العالقة بينهم‬
‫وبين المنظمة في كل المستويات اإلدارية بما يحفزهم على تقديم أفكارهم وتنمية مساهماتهم االبتكارية‬
‫لخدمة منظماتهم‪ ،‬مما جعل العديد من المنظمات تنادي بتمكين العاملين وتقوية مركزهم بغية إتاحة‬
‫‪5‬‬
‫الفرصة لإلبداع واالبتكار وزيادة اإلنتاجية على اعتبار أنهم جزء أساسي من النظام اإلداري بالمنظمة‪.‬‬
‫فالتمكين يعطي الفرد مزيدا من المسؤولية المناسبة للقيام بما هو مسؤول عنه‪ ،‬أي إعطاء الفرد األقرب‬
‫للمشكلة مسؤولية كاملة وحرية التصرف فيها ألنه األكثر فهما بها‪ ،‬فالتمكين يهدف إلى فك قيود العاملين‬

‫‪ 1‬وكالة األنباء الجزائرية‪ " ،‬فتح مركز للتكوين عن بعد لموظفي الجماعات المحلية والمنتخبين المحليين مطلع ‪ ،"2018‬مقال منشور‬
‫يوم‪ ،2017/10/31:‬الساعة ‪ ،11:51‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2018/04/28 :‬الساعة ‪ ،17:30‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.aps.dz/ar/algerie/49163-2018‬‬
‫‪ 2‬سامية بوفادن‪" ،‬الداخلية تشرع في تكوين آالف المنتخبين المحليين"‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2018/03/10 :‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪ ،2018/04/28‬على الساعة ‪ ،17:30‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.algeriemondeinfos.com/ar/2018/03/10‬‬
‫‪ 3‬مروة عيجاج‪" ،‬بدوي‪ :‬أرضية افتراضية لتكوين المنتخبين المحليين عن بعد"‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2018/03/11 :‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪ ،2018/04/28‬على الساعة ‪ ،17:30‬على الرابط التالي‪https://www.ennaharonline.com :‬‬
‫‪ 4‬وكالة األنباء الجزائرية‪ " ،‬فتح مركز للتكوين عن بعد لموظفي الجماعات المحلية والمنتخبين المحليين مطلع ‪ ،"2018‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 5‬مكيد علي ويحياوي فاطمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.186 .‬‬
‫‪251‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وتحريرهم من اإلجراءات البيروقراطية والرقابة المشددة إلى المشاركة في المعلومات وصنع واتخاذ‬
‫القرارات الجماعية والتوسع في استخدام الصالحيات وتحمل المزيد من المسؤوليات إلطالق قدراتهم‬
‫وقواهم الجسدية والمعرفية الكافية نحو االبداع والتجديد‪ ،‬إذ أن المعرفة الضمنية تكمن في عقول البشر‬
‫وإذا لم يتم شحذ هذه األفكار وطرحها فأنه لن يكون هناك ابتكار‪ ،‬فالتمكين إذن يهدف إلى تحويل المعرفة‬
‫الضمنية للعاملين إلى معرفة عملياتية داخل المنظمة التي يعملون بها مما يؤدي إلى زيادة فعاليتها وتطوير‬
‫‪1‬‬
‫أداءها‪.‬‬
‫الجدير بالذكر أن أغلب الدراسات والبحوث تشير إلى وجود عالقة إيجابية بين التمكين اإلداري‬
‫وإ بداع العاملين‪ ،‬فتمكين العاملين يحفز طاقات إبداعية لدى العاملين‪ ،‬بحيث أن توفير االستقاللية للعاملين‬
‫يجعلهم يشعرون بأنهم أقل تقييدا من اآلخرين فيما يخص الجوانب الفنية أو التقييد بقواعد العمل‪ ،‬وهناك‬
‫من يرى بأن التمكين يسمح للعاملين باستغالل الفرص وتحمل المخاطر واتخاذ اإلجراءات التصحيحية‬
‫دون الحاجة إلى موافقة المستوى األعلى‪ .‬فالتمكين عامل حاسم لزيادة رغبة العاملين في تحمل المخاطر‬
‫‪2‬‬
‫من خالل تقديم األفكار الجديدة‪.‬‬

‫ويمكن اإلشارة هنا أنه في هذا اإلطار برمجت المديرية العامة للموارد البشرية بوزارة الداخلية‬
‫والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية دورة تكوينية بالصين لفائدة ‪ 25‬إطار من اإلدارة المركزية‬
‫والمحلية للقطاع (أمناء عامون للواليات‪ ،‬رؤساء دوائر‪ ،‬مديرو اإلدارة المحلية‪ ،‬أمناء عامون للبلديات‬
‫وإطارات مركزية)‪ ،‬وذلك تنفيذا التفاق التعاون الثنائي القائم مع األكاديمية الصينية للحكامة‪ ،‬وقد تم إجراء‬
‫هذه الدورة التكوينية بمقر األكاديمية الصينية للحكامة* (بكين)‪ ،‬من ‪ 11‬إلى ‪ 31‬ماي ‪ ،2017‬حول‬
‫موضوع التخطيط اإلقليمي وتسيير تنمية االقتصاد المحلي لفائدة هذه اإلطارات في شكل دروس نظرية‬
‫وزيارات ميدانية‪ ،‬في مجال إصالح المالية المحلية وتفعيل استراتيجية تنمية االقتصاد المحلي‪ ،‬وذلك من‬
‫‪3‬‬
‫خالل االستفادة من التجربة الصينية في تجسيد وتنفيذ هذه اإلصالحات‪.‬‬

‫أما بالنسدبة للتخطييط االسيتراتيجي للقضياء عليى البطالية فإنده يعتمدد علدى ثالثدة خطدوات رئيسدية‬
‫‪4‬‬
‫تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬القيددام بجمددع المعلومددات والبيانددات األساسدية عددن مشددكلة البطالددة‪ ،‬مددن خددالل بندداء قاعدددة معطيددات‬
‫تتغذى من شبكة معلومات إحصائية تقوم بإحصاء عدد العاطلين عن العمل وتصنيفهم علدى حسدب‬
‫القطاعات والمناطق والمهارات المكتسبة لديهم‪.‬‬
‫‪ .2‬تحليل المعلومدات المحصدل عليهدا وإعطائهدا األهميدة الالزمدة مدن خدالل تحديدد األولويدات ومددى‬
‫تطابقها مع المعايير المحددة مسبقا‪.‬‬
‫‪ .3‬إيجاد خطة إستراتيجية محكمة مبنية على أسس ومعطيات محيندة‪ ،‬وباالعتمداد علدى خبدراء أكفداء‬
‫في كل المجاالت‪ :‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬السياسية‪ ،‬والتعليمية‪ ،‬يدتم تحديدد الدزمن الدالزم للخطدة‬

‫‪ 1‬مكيد علي ويحياوي فاطمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.187 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.192 .‬‬
‫‪ 3‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬دورة تكوينية حول التخطيط اإلقليمي وتسيير وتنمية االقتصاد المحلي"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪ ،2018/04/28‬الساعة ‪ ،17:30‬على الرابط التالي‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar :‬‬
‫*األكاديمية الصينية للحكامة‪ :‬هي مؤسسة حكومية مكلفة من طرف الحكومة الصينية بتكوين إطارات الدولة الصينية (من وزراء‪ ،‬أمناء عامون‬
‫إل دارات مركزية‪ ،‬والة‪ ،‬مدراء عامون لوزارات‪ ،)...‬كما تعتبر األكاديمية كأحد أهم مراكز التخمين ‪ Think-Thank‬للحكومة الصينية فيما‬
‫يتعلق باالقتصاد‪ ،‬الحكامة أو السياسات العامة في الصين‪.‬‬
‫‪ 4‬محمد بوديسة ونورالدين عسلي‪" ،‬نحو بناء إستراتيجية متكاملة للحد من البطالة وتحقيق التنمية المستدامة ‪-‬دراسة تحليلية لتجربة تركيا" (مخبر‬
‫االستراتيجيات والسياسات االقتصادية في الجزائر‪ ،‬الملخص الرابع‪ :‬دراسات وتجارب دولية في القضاء على البطالة‪ ،‬جامعة المسيلة)‪ ،‬ص‪.11.‬‬
‫‪252‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وأهم المراحل التي تمر بها‪ ،‬وتحديد توجهات سوق العمل‪ ،‬وعدد طالبي العمل‪ ،‬وعارضيه‪ ،‬ومدى‬
‫توفر المهارات الالزمة لشغل فرص العمل المتواجدة والمستقبلية‪.‬‬
‫إذ تتمثل ظاهرة البطالة في وجود أشخاص في مجتمدع معدين قدادرين علدى العمدل ومدؤهلين لده بدالنوع‬
‫والمستوى المطلوب وراغبين فيه وباحثين عنده‪ ،‬ومدوافقين علدى الولدوج فيده فدي ظدل األجدور السدائدة وال‬
‫‪1‬‬
‫يجدونه خالل فترة زمنية معينة‪.‬‬
‫وقد أشار تقريدر مجلدس الوحددة االقتصدادية التدابع لجامعدة الددول العربيدة أن نسدبة البطالدة فدي الدوطن‬
‫العربي عام ‪ 2004‬تتراوح بين ‪ %15‬و‪ ،%20‬ويرجع ارتفاع نسبة البطالة في الددول العربيدة إلدى بدرامج‬
‫التنمية التي ال تقوم على أساس مستقر بما يسمح بخلق فرص عمل جديدة‪ ،‬باإلضافة إلى ضعف االسدتثمار‬
‫المنتج والمحفز على العمل‪ ،‬وكذا تأثير سياسدات اإلصدالح الهيكلدي وقصدور الطاقدة االسدتيعابية للقطداعين‬
‫‪2‬‬
‫الرسمي والخاص‪.‬‬
‫وبالنسبة للجزائر فقد عملت على القضاء على البطالة منذ االستقالل في ظل االقتصاد المخطط‪ ،‬بحيث‬
‫أنها لجدأت إلدى تطبيدق بدرامج االسدتقرار والتصدحيح الهيكلدي المدعومدة مدن طدرف صدندوق النقدد الددولي‬
‫والبندك الدددولي‪ .‬ذلددك مددا أدى إلددى تسددجيل تخفدديض ملحددوظ فددي وتيددرة خلددق مناصددب الشددغل فيمددا تراجعددت‬
‫البطالة بصفة معتبرة خالل مرحلة السبعينيات‪ ،‬حيث انخفضت نسبتها من ‪ %33‬سنة ‪ 1967‬إلى ‪%16.5‬‬
‫سن ‪ ،1985‬ثددم بدددأت فددي االرتفدداع بدايددة مددن عددام ‪ 1987‬حيددث وصددلت نسددبتها ‪ ،%17‬وفننع م ن ‪1989‬‬
‫وصلت نسبتها إلى ‪ ،%19‬وابتدداءا مدن ‪ 1993‬بددأت نسدبة البطالدة فدي التضداعف حيدث بلغدت ‪ %27‬سن‬
‫‪ ،1994‬و‪ %29.29‬سنة ‪ ،1999‬ومع عام ‪ 2000‬عادت معددالتها إلدى االنخفداض حيدث بلغدت ‪%28.71‬‬
‫‪3‬‬
‫سنة ‪ ،2000‬و‪ %27.30‬سنة ‪ ،2001‬و‪ %23.7‬سنة ‪ ،2003‬و‪ %17‬سنة ‪.2004‬‬

‫وقد بلغت نسبة البطالة بالجزائر خالل شهر أفريل ‪ 2017‬بـ ‪ %12.3‬مقابل ‪ %10.5‬في سبتمبر‬
‫‪ 2016‬حسب ما أعلنه الديوان الوطني لإلحصائيات‪ ،‬ووفقا ألرقام الديوان الوطني لإلحصائيات فإن اليد‬
‫العاملة النشيطة بلغت ‪ 12.277‬مليون شخص مقابل ‪ 12.117‬في سبتمبر ‪ 2016‬ما يمثل‬
‫زيادة ايجابية قدرت بـ ‪ 160‬ألف شخص ما يمثل ارتفاع بـ ‪ ،%1.3‬بحيث أن اليد العاملة النشيطة تمثل‬
‫مجموع االشخاص الذين بلغوا سن العمل والمتوفرين في سوق الشغل سوآءا كانوا حائزين على عمل او‬
‫‪4‬‬
‫متواجدين في حالة بطالة‪.‬‬

‫وقددد اسددتلزم اهتمددام الدولددة بقضددايا التشددغيل وتكثيددف الجهددود لمواجهددة ظدداهرة البطالددة تددوفير الشددروط‬
‫الالزمة لضمان تحقيق األهداف المرجدوة‪ ،‬مدن خدالل وضدع هياكدل قويدة ومتخصصدة قدادرة علدى تحمدل‬
‫حجم المهام الموكلة إليها‪ ،‬إذ تدم إنشداء وزارة خاصدة بالتشدغيل والتضدامن الدوطني مهيلكدة علدى المسدتوى‬
‫المركزي في مديريتين عدامتين واحددة للتشدغيل واألخدرى للتضدامن الدوطني‪ ،‬وتتفرعدا إلدى عددة مدديريات‬
‫مركزيددة وعلددى المسددتوى المحلددي فددي مددديريتين والئيتددين‪ ،‬واحدددة للتشددغيل واألخددرى للنشدداط االجتمدداعي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى الوكاالت المتخصصة والتي وضعت تحت الوصاية المباشرة للوزارة وهي‪ :‬الوكالة الوطنية‬
‫للتشدددغيل )‪ ،(ANEM‬الوكالدددة الوطنيدددة لددددعم تشدددغيل الشدددباب )‪ ،(ANSEJ‬وكالدددة التنميدددة االجتماعيدددة‬

‫‪ 1‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.299 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 3‬سميرة العابد وزهية عباز‪" ،‬ظاهرة البطالة في الجزائر بين الواقع والطموحات" في مجلة الباحث‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،)2012(11‬ص‪.77 .‬‬
‫‪ 4‬موقع اإلذاعة الجزائرية‪" ،‬ارتفاع نسبة البطالة إلى ‪ 12.3‬بالمائة خالل أفريل ‪ ،"2017‬مقال منشور يوم‪ ،2017/08/12 :‬على‬
‫الساعة ‪ ،17:10‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2018/04/28 :‬الساعة ‪ ،17:30‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20170812/119295.html‬‬
‫‪253‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫)‪ ،(ADS‬الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر )‪ ،(ANGEM‬باإلضافة إلى المرصد الوطني للتشغيل‬
‫‪1‬‬
‫ومكافحة الفقر‪.‬‬
‫وبعد القيام بعمليدة التخطديط االسدتراتيجي وتحديدد الهددف والرؤيدة‪ ،‬يدتم تطبيدق الخطدةّ‪ ،‬وهدذا التطبيدق‬
‫يكون بواسطة خبراء وإطارات مؤهلة لذلك‪ ،‬بحيث ال يوجد مجال للخطأ‪ ،‬ويجب توفير كل الوسائل المادية‬
‫والبشرية والمالية الالزمة‪ .‬ومن ثم تأتي مرحلة تقيديم المسدار االسدتراتيجي‪ ،‬بقيداس مددى مطابقدة األهدداف‬
‫المحققة باألهداف والمسطرة‪ ،‬وتحليل االنحرافات‪ ،‬والعمل على التغذية العكسية للخطة األولية‪ ،‬وبتصحيح‬
‫‪2‬‬
‫األخطاء وتوجيه العاملين فيه واستبدالهم إذا تطلب األمر‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية‬
‫تعرف التنمية السياحية بأنها " االرتقاء والتوسع بالخدمات السياحية واحتياجاتها‪ ،‬وتتطلب التنمية‬
‫السياحية التخطيط السياحي باعتباره أسلوبا علميا يستهدف تحقيق أكبر معدل ممكن من النمو السياحي‬
‫‪3‬‬
‫وذلك بأقل تكلفة وفي أقرب وقت ممكن"‪.‬‬
‫يهدف التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية إلى وضع برامج من أجل استخدام األماكن والمناطق‬
‫والمواد سياحيا‪ ،‬وبعد ذلك تطويرها لتكون مراكز سياحية ممتازة تجذبين مختلف السائحين إليها سواء كان‬
‫مباشرا أو عن طريق اإلعالن السياحي أو غيره من مزيج االتصال التسويقي‪ ،‬ومن أجل تحقيق التنمية‬
‫‪4‬‬
‫السياحية ال بد من مراعاة االعتبارات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تدريب الجهاز البشري الذي يحتاجه القطاع السياحي‪ ،‬ألن جذب السياح إلى هذه المناطق قد يعتمد‬
‫على المناخ أو الطبيعة أو التاريخ أو أي عامل آخر تتميز به المنطقة السياحية‪.‬‬
‫‪ -‬االستغالل الجيد للموارد السياحية المتاحة مع توفير المرونة لها لتتمكن من مواكبة احتياجات‬
‫الطلب السياحي المحلي والعالمي‪.‬‬
‫‪ -‬اجراء دراسة شاملة للتأكد من الجدوى االقتصادية لالستثمارات السياحية المقترحة وفيما إذا كان‬
‫هذا االستثمار سيدر أرباحا أم ال‪.‬‬
‫‪ -‬دعم الدولة للقطاع السياحي عبر معاونة القطاع الخاص في تنفيذ البرامج السياحية من خالل خطة‬
‫إعالنية تسويقية متكاملة‪.‬‬
‫‪ -‬ربط خطة التنمية السياحية مع خطط التنمية االقتصادية األخرى لمختلف القطاعات االقتصادية‬
‫من أجل تحقيق نمو متوازن‪ ،‬بحيث أنه ال يتم االهتمام بالسياحة فقط‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد المشاكل التي يمكن أن تعترض التنمية السياحية‪ ،‬ثم وضع خطط بديلة في حاالت الطوارئ‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة السوق السياحية المحلية من أجل معرفة نوعية وتفضيالت السياح الوافدين للسعي إلى‬
‫تأمينها قدر اإلمكان‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على توفير شبكة من الفنادق المناسبة لكل شكل من أشكال الدخل‪ ،‬فحركة السياحة لم تعد‬
‫مقتصرة على األغنياء‪.‬‬

‫‪ 1‬سميرة العابد وزهية عباز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.79 .‬‬


‫‪ 2‬محمد بوديسة ونورالدين عسلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11 .‬‬
‫‪ 3‬شريط حسين األمين‪ " ،‬فعالية التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية في الجزائر" في مجلة العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬كلية‬
‫العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬العدد ‪ ،)2015( 14‬ص‪.135 .‬‬
‫‪ 4‬شريط حسين األمين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.136 .‬‬
‫‪254‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وفي الجزائر يوجد على مستوى كل والية مديرية للسياحة محدثة بموجب مرسوم تنفيذي يحدد هياكلها‬
‫‪1‬‬
‫ويكلفها للقيام بالمهام التالية‪:‬‬
‫‪ -‬رقابة ومتابعة المؤسسات الفندقية الواقعة في إقليم واليتها من خالل عمليات التفتيش والمعاينة‬
‫وفرض تقارير إحصائية تقدمها المؤسسات الفندقية دوريا‪.‬‬
‫‪ -‬ترقية االستثمار بخلق جو مناسب ومحفز عن طريق توفير المعلومات وممارسة سياسة الجذب‬
‫السياحي بدعائم اشهارية واتصالية لتسويق المقومات المتوفرة محليا‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة المشاريع االستثمارية المسجلة واعداد دفاتر الشروط الخاصة بها باإلضافة إلى توفير كافة‬
‫التسهيالت التي ينص عليها القانون الساري المعمول به في هذا المجال‪.‬‬
‫إن للنشاط السياحي انعكاسات على مستوى معيشة المواطنين وعلى مستواهم الثقافي‪ ،‬فالسياحة تعمل‬
‫على رفع مستوى المعيشة وتحسين نمط حياة األفراد وإيجاد تسهيالت ترفيهية وثقافية للمواطنين‪ ،‬كما أن‬
‫‪2‬‬
‫لها آثار إيجابية من حيث معرفة ثقافة اآلخرين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫كما أن للسياحة تأثيرات إيجابية على البيئة تتمثل أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعمل السياحة على حماية السمات المادية للبيئة والمواقع والمعالم التاريخية والحياة البرية‬
‫والبحرية‪ ،‬باعتبارها مشوقات مطلوبة من السائحين ومقصدهم‪.‬‬
‫‪ -‬السياحة هي القوة الدافعة وراء إنشاء وتحسين القرى السياحية والمنتجعات الصحية الصيفية‬
‫والشتوية‪ ،‬مما يعود بالفائدة على البيئة المجاورة بتوفير مرافق البنية األساسية (إمدادات المياه‪،‬‬
‫شبكات الصرف الصحي‪ ،‬الطرقات والكهرباء وغيرها)‪.‬‬
‫يعمل نمو سياحة المزارع أو السياحة الريفية على التقليل من النزوح الريفي نحو الحضر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تساعد ا لسياحة على تحسين نوعية ومستويات البيئة‪ ،‬على اعتبار أن النظافة ونقاء البيئة والبنية‬
‫التحتية الجيدة من أهم شروط السياحة البيئية‪.‬‬
‫‪ -‬تعمل السياحة على نشر الوعي البيئي لدى السكان المحليين عند رؤيتهم حرص السياح على البيئة‬
‫واهتمامهم بها وتمسكهم بالسلوك الصحيح اتجاه التعليمات البيئية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وتمر عملية التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية بالمراحل التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬اعداد الدراسات األولية وتحديد األهداف بشكل أولي بحيث يمكن تعديلها من خالل التغذية‬
‫االسترجاعية أثناء عملية اعداد الخطة ومرحلة تقييم اآلثار‪.‬‬
‫‪ .2‬جمع المعلومات واجراء المسوحات وتقييم الوضع الراهن للمنطقة السياحية‪ ،‬فجمع البيانات‬
‫والمسموحات تشكل المدخالت األساسية لخطط التنمية السياحية‪ ،‬وأهم الجوانب التي يمكن جمع‬
‫المعلومات عنها هي‪ :‬عناصر الجذب السياحي ووسائل النقل‪ .‬إن هذه المرحلة تتطلب األخذ بآراء‬
‫المسؤولين في الدولة حسب تخصصاتهم‪ ،‬وكذلك ممثلي القطاع الخاص وممثلي المجتمعات‬

‫‪ 1‬هادية يحياوي‪ " ،‬السياحة والتنمية في المغرب العربي" (أطروحة لنيل شهادة دكتوراه علوم في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص تنظيمات سياسية‬
‫وإدارية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،)2012/2011 ،‬ص‪.91 .‬‬
‫‪ 2‬مزياني فريدة‪" ،‬دور الجماعات المحلية في مجال االستثمار"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61 .‬‬
‫‪ 3‬بوعقلين بديعة‪ " ،‬السياحة البيئية كآلية للحفاظ على البيئة"‪ ،‬في مجلة علوم االقتصاد والتسيير والتجارة‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬المجلد ‪ ،02‬العدد‬
‫‪ ،)2013( 28‬ص‪.172 .‬‬
‫‪ 4‬شريط حسين األمين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.137 .136 .‬‬
‫‪255‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى مراجعة الدراسات المتوفرة والخرائط والبيانات الجغرافية والخصائص‬
‫الطبيعية والبيئية ودراسة األسواق السياحية وخصائص السياح‪ ،‬ومعدالت انفاقهم وأوجه االنفاق‬
‫السياحي وكفاءة السياحة المحلية‪.‬‬
‫‪ .3‬تحليل وتفسير البيانات التي تم جمعها من خالل المسوحات‪ ،‬والخروج بحقائق تساعد في اعداد‬
‫الخطة ورسم خطواتها العامة والتفصيلية‪.‬‬
‫‪ .4‬اعداد الخطة ويتم فيها وضع السياسات الختيار ما هو مالئم لتنفيذ الخطة‪ ،‬كما يتم تحديد البرامج‬
‫والمشاريع التي يجب تنفيذها لتحقيق أهداف الخطة‪.‬‬
‫‪ .5‬تنفيذ الخطة بتوصياتها وبالوسائل التي تم تحديدها في المرحلة السابقة‪.‬‬
‫‪ .6‬تقييم ومتابعة الخطة السياحية وتعديلها إذا تطلب األمر ذلك وفق التغذية االسترجاعية‪.‬‬
‫ويعد تكريس مبادئ مفهوم السياحة الجديدة في الجزائر وارتكازه على قاعدة الجودة والنوعية يفترض‬
‫دخولها مرحلة جديدة من التموقع الجيد في السوق السياحية العالمية‪ ،‬فحسب تقرير ‪Euro Monitor‬‬
‫‪International‬الذي نشر في نوفمبر ‪ 2007‬أن الجزائر أصبحت تحصى من بين الوجهات السياحية‬
‫المفضلة لدى مستهلكي السياحة االيكولوجية الطبيعية‪ .‬وبالتالي حاولت الحكومة الجزائرية الترويج لهذا‬
‫التوجه من خالل مشاركتها في اللقاءات الدولية كالصالون الدولي للسياحة في باريس سنة ‪ ،2007‬كما تم‬
‫‪1‬‬
‫تدعيم هذه السياسة كذلك من خالل المخططات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬المخطط األزرق الموجه لتطوير السياحة الساحلية الجزائرية في الواليات التالية‪ :‬عنابة‪ ،‬جيجل‪،‬‬
‫بجاية‪ ،‬بومرداس‪ ،‬الجزائر العاصمة‪ ،‬تيبازة‪ ،‬مستغانم‪ ،‬تلمسان‪.‬‬
‫‪ -‬مخطط السياحة المدنية والذي يهدف إلى تنمية سياحة المدن واألعمال في الواليات التالية‪ :‬عنابة‪،‬‬
‫قسنطينة‪ ،‬الجزائر العاصمة‪ ،‬وهران‪ ،‬غرداية‪.‬‬
‫‪ -‬مخطط السياحة العالجية الصحية عبر الواليات التي تتوفر على المراكز المعدنية وكذا المنابع‬
‫الطبيعية وهي‪ :‬قالمة‪ ،‬بسكرة‪ ،‬البليدة‪ ،‬عين الدفلى‪ ،‬معسكر‪ ،‬سعيدة‪.‬‬
‫‪ -‬مخطط السياحة الصحراوية ويشمل‪ :‬إليزي‪ ،‬تمنراست‪ ،‬بسكرة‪.‬‬
‫وقد حاول هذا التصور احترام العدالة بين األنماط السياحية وتنويعها حسب الطلب المسجل في السوق‬
‫الجزائرية واألجنبية ومحاولة االستجابة للتخطيط الفعال والناجح‪ ،‬والذي سيخلص الجزائر من هاجس‬
‫السعة اإلستقبالية‪ .‬وهذه المحاولة ترغب في جعل الجزائر وجهة سياحية من الطراز العالي مقصودة‬
‫ومرغوب فيها‪ ،‬من خالل الرفع من مستوى الجذب الفعال عبر تثمين ثروات منجمها الطبيعي‬
‫‪2‬‬
‫واإليكولوجي‪.‬‬
‫وفي إطار دفع عجلة التنمية السياحية ضمن المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية ‪ 2030‬فقد تم التخطيط‬
‫‪3‬‬
‫إلنجاز قرى سياحية عبر كامل األقطاب السياحية وهي موضحة في الجدول التالي‪:‬‬

‫‪ 1‬هادية يحياوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.112 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.113.‬‬
‫‪ 3‬شريط حسين األمين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.142.‬‬
‫‪256‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الجدول رقم (‪ :)17‬القرى السياحية المراد إنجازها في إطار المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية ‪2030‬‬
‫األسرة‬ ‫المستثمر‬ ‫اسم المشروع‬ ‫األقطاب‬
‫‪2440‬‬ ‫الشركة اإلماراتية ‪ELLC‬‬ ‫القرية السياحية مسيدة‬ ‫القطب السياحي شمال شرق‬

‫‪4938‬‬ ‫الشركة السعودية سيدار‬ ‫القرية السياحية سيدي سالم‬ ‫القطب السياحي شمال شرق‬
‫‪1282‬‬ ‫سيفيتال‬ ‫القرية السياحية أقريون بجاية‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫‪2697‬‬ ‫الشركة اإلماراتية ‪ELLC‬‬ ‫القرية السياحية صيران بومرداس‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬

‫‪17510‬‬ ‫الشركة االمريكية التونسية‬ ‫القرية السياحية ‪MEDISEA‬‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫الجزائرية سياح‬ ‫بومرداس‬
‫‪5985‬‬ ‫الشركة اإلماراتية ‪ELLC‬‬ ‫القرية السياحية عين طاية الجزائر‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫والمجموعة الكويتية‬
‫‪2004‬‬ ‫المجموعة اإلماراتية‬ ‫القرية السياحية موريتي الجزائر‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫‪EMIRAL‬‬

‫‪460‬‬ ‫شركة التنمية الفندقية‬ ‫القرية السياحية الساحل الجزائر‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫الجزائرية‬
‫‪360‬‬ ‫الشركة اإلماراتية القدرة‬ ‫القرية السياحية سيدي فرج الجزائر‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫‪6885‬‬ ‫الشركة السعودية سيدار‬ ‫القرية السياحية زرالدة‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫‪1240‬‬ ‫الشركة اإلماراتية إعمار‬ ‫القرية السياحية العقيد عباس تيبازة‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫‪1426‬‬ ‫مجموعة سيفيتال‬ ‫القرية السياحية وادي بالح سيزاري‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬
‫تيبازة‬
‫‪5900‬‬ ‫مراغ وهران‬ ‫الحلم السياحي وهران‬ ‫القطب السياحي شمال غرب‬
‫‪220‬‬ ‫إقامة هيليو فرنسا‬ ‫هيليوس كريستيل وهران‬ ‫القطب السياحي شمال غرب‬
‫‪732‬‬ ‫الشركة اإلماراتية ‪ELLC‬‬ ‫موسكاردة تلمسان‬ ‫القطب السياحي شمال غرب‬

‫‪92‬‬ ‫مجموعة الجنوب ‪SID‬‬ ‫قصر ماسين تيميمون أدرار‬ ‫القطب السياحي شمال غرب‬

‫‪1000‬‬ ‫الشركة اإلماراتية ‪ELLC‬‬ ‫حديقة دنيا الجزائر‬ ‫القطب السياحي شمال وسط‬

‫‪55166‬‬ ‫المجمــــــــوع‬
‫المصدر‪ :‬شريط حسين األمين‪ " ،‬فعالية التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية في الجزائر" في مجلة العلوم االقتصادية والتسيير‬
‫والعلوم التجارية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬العدد ‪ ،)2015( 14‬ص‪.143 .‬‬

‫نالحظ من خالل الجدول وجود ‪ 16‬قرية سياحية موزعة في الجزائر العاصمة والواليات المجاورة‪،‬‬
‫في حين وجود قرية سياحية واحدة في الجنوب الواسع وهي قرية ماسين تيميمون أدرار‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫استحواذ الشركات الخليجية على معظم المشاريع السياحية في الجزائر نظرا لخبرتهم الكبيرة في مجال‬
‫السياحة‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وتهدف الجزائر من خالل المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية ‪ 2030‬إلى زيادة حصتها من السوق‬
‫‪1‬‬
‫السياحي العالمي وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬إمكانية تعويضه لقطاع المحروقات‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم العرض السياحي بحسب السوق الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬جعل الجزائر وجهة سياحية عالمية تعتمد على المميزات والهوية الخاصة بها‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في تحسين الموازنات الكبرى (الميزان التجاري للمدفوعات‪ ،‬توازنات الميزانية)‪.‬‬
‫‪ -‬الدفع بواسطة األثر العكسي على قطاعات أخرى (الفالحة‪ ،‬البناء‪ ،‬األشغال العمومية‪ ،‬الصناعة‬
‫وغيرها)‪.‬‬
‫‪ -‬تثمين التراث التاريخي والثقافي والشعائري‪.‬‬
‫‪ -‬التحسين الدائم لصورة الجزائر‪.‬‬

‫وقد أوكل المشرع للبلدية في الجزائر مهمة ترقية السياحة وتنميتها‪ ،‬لهذا أوجب عليها السهر على‬
‫تطبيق القوانين واألنظمة الرامية لتسيير السياحة في المحيط البلدي‪ .‬وقد منحها القانون أيضا حق إنشاء أي‬
‫مؤسسة أو هيئة ذات نفع محلي يكون لها طابع سياحي‪ ،‬وبالتالي فالبلدية تسهر على حماية التراث‬
‫المعماري الذي تتميز به البلدية عند إنشاء السكنات‪ ،‬والمحافظة على التراث الثقافي وحمايته والمحافظة‬
‫على األمالك العقارية والثقافية‪ ،‬والحفاظ على االنسجام الهندسي للتجمعات السكانية‪ ،‬كما أنها تشجع‬
‫‪2‬‬
‫وتسهل أي مبادرة تساعد على ترقية السياحة وكل األعمال المرتبطة بها‪.‬‬
‫إال أن واقع السياحة في الجزائر يعاني من عدة مشاكل والتي تعيق عملية التنمية السياحية نذكر منها ما‬
‫‪3‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن هياكل االيواء ذات نوعية رديئة وبأسعار باهضة نسبيا بالنسبة للسكان المحليين‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف االتصال الداخلي والخارجي‪ ،‬باإلضافة إلى ضعف التعاون بين مختلف القطاعات‬
‫والشركات في قطاع السياحة‪ ،‬مع غياب أدوات للتسويق االستراتيجي عن النشاط السياحي‪.‬‬
‫‪ ‬نقص في تأهيل ومهنية المستخدمين في مؤسسات الخدمات السياحية‪.‬‬
‫‪ ‬غياب نظام لوكاالت األسفار وميثاق يحكم المهنة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم مالئمة وكذا ضعف وسائل الدفع العصرية على مستوى كل من البنوك والمؤسسات‬
‫المستقبلة للسياح‪.‬‬
‫‪ ‬وجود تعارض لطريقة تمويل االستثمار والنشاط السياحي مع طبيعة االستثمار السياحي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التحديات التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬

‫إن الهدف من اإلدارة المحلية هو تخفيف العبء عن كاهل الحكومة المركزية في العاصمة‪ ،‬كما أنها‬
‫تعد لقربها من المواطنين وسيلة فعالة للتعبير بصدق عن حاجات وأماني السكان المحليين‪ ،‬اال أننا في‬
‫الواقع نجد أن اإلدارة المحلية في الجزائر تواجه العديد من المصاعب والتحديات التي تؤثر على تجسيد‬
‫التخطيط االستراتيجي المحلي وبالتالي تؤثر على أداء دورها الخدماتي والتنموي المحلي‪ ،‬وتتنوع هذه‬
‫التحديات من سياسية واجتماعية الى إدارية ومالية‪ .‬ومن خالل هذا المبحث سنحاول التفصيل في هذه‬
‫التحديات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التحديات السياسية‬


‫يواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر جملة من التحديات السياسية سنذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬شريط حسين األمين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.143 .‬‬


‫‪ 2‬لطيفة بهى‪ " ،‬استقاللية البلدية في التشريع الجزائري" (مذكرة ماجستير‪ ،‬تخصص تنظيم إداري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الوادي‪،‬‬
‫‪ ،)2014/2013‬ص‪.59 .‬‬
‫‪ 3‬شريط حسين األمين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.144 .‬‬
‫‪258‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ .1‬الصراع الحزبي داخل المجالس المنتخبة‪:‬‬


‫إن الصراع الحزبي داخل المجالس المنتخبة أدى إلى تعطيل المشاريع التنموية وبسبب تجميد‬
‫االجتماعات والمداوالت (سحب الثقة‪ ،‬عدم المصادقة على المداوالت‪ .)...‬فالتعددية داخل المجالس الشعبية‬
‫المنتخبة كانت شكلية متحزبة ومضرة بمصلحة المواطنين المحليين‪ .‬فالنظام الحزبي في الجزائر لم يستطع‬
‫القيام بوظائفه على المستوى المحلي‪ ،‬سواء كان ذلك من حيث التجنيد وتقديم مرشحين يتمتعون بمؤهالت‬
‫وخبرة وتجربة‪ ،‬أو من حيث التعاون والشراكة‪ ،‬إذ طغت الصراعات الحزبية على مستوى المجالس‬
‫الشعبية البلدية مما أثر سلبا على أدائها الخدماتي‪1.‬‬

‫كما تمارس األحزاب السياسية ضغطا على مناضليها المنتخبين في المجالس المحلية‪ ،‬وبالتالي ينشغل‬
‫المنتخبون المحليون في محاوالت مرهقة للتوفيق بين االلتزامات الحزبية وااللتزامات اإلدارية للبلدية‪،‬‬
‫ويكون ذلك على حساب الجهد الذي كان من المفروض أن يدخر في التفكير لتخفيض حاالت البؤس‬
‫‪2‬‬
‫ومشاكل بلديته‪.‬‬
‫‪ .2‬شرط اعتماد الترشيح‪:‬‬
‫بحيث أنه من الضروري اعتماد الترشيح من طرف حزب أو عدة أحزاب أو بموجب تدعيم شعبي‬
‫يتمثل في تقديم قائمة تحتوي على نسبة معينة من توقيعات الناخبين بالبلدية ان كانت تعني المجلس الشعبي‬
‫‪3‬‬
‫البلدي أو نسبة معينة من توقيعات الدائرة االنتخابية ان كانت تعني العضوية في المجلس الشعبي الوالئي‪.‬‬
‫كما تلعب األحزاب السياسية دورا كبيرا في التأثير على تشكيل المجالس المحلية على اعتبار أنها‬
‫المصدر الرئيسي بالمرشحين لعضوية المجالس البلدية‪ ،‬لكنها لم تضع معايير موضوعية لالنتقاء‬
‫والترشيح مما أفرز قيادة غير مؤهلة تتحكم فيها عوامل تقليدية كالعروشية والجهوية وذلك على حساب‬
‫المصلحة العامة‪4.‬‬

‫فاألحزاب السياسية تعد من المؤسسات الضرورية للعملية الديمقراطية لما لها من دور في تنمية‬
‫الرأي العام والتعبير عنه في القضايا الرئيسية بين الفرد والدولة‪ .‬فعادة ما تقدم نفسها على أنها المعبر‬
‫الفعلي عن تطلعات ومطالب المواطنين بتجميعها والعمل على بلورتها في شكل بدائل لسياسات عامة‪5.‬‬

‫‪ .4‬الرقابة على خطط التنمية والمشاريع‪:‬‬


‫حيث تعمل السلطة المركزية على مساعدة البلدية في اعداد خطط التنمية والتأكد من عدم تعارضها مع‬
‫الخطط الوطنية‪ ،‬ويتم ذلك من خالل تقديم اإلعانات المالية ومراقبة كيفية انفاقها من طرف الوالي بصفته‬
‫ممثال للدولة على المستوى المحلي‪ ،‬والذي يأمر بالصرف وتسيير ميزانية التجهيز القطاعية والبرامج‬
‫‪6‬‬
‫البلدية للتنمية‪.‬‬
‫‪ .5‬فرض الوصاية على أعمال الجماعات المحلية‪:‬‬
‫لقد أخضع المشرع أعمال الجماعات المحلية لسلطة الوصاية‪ ،‬والذي ترتب عنه خضوع جميع‬
‫مداوالت المجلس الشعبي البلدي للمصادقة سواء الضمنية أو الصريحة‪ ،‬وهي تعد رقابة صارمة على تلك‬
‫‪ 1‬ناجي عبد النور‪ "،‬دور اإلدارة المحلية في تقديم الخدمات العامة_ تجربة البلديات الجزائرية"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.160 .‬‬
‫‪ 2‬حسين زبيري‪" ،‬الحكم الراشد والتسيير المحلي (دراسة ميدانية تحليلية على المجالس الشعبية البلدية لوالية الجزائر العهدة االنتخابية‬
‫‪ ")2004_1997‬في مجلة دراسات اجتماعية‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد الثاني (أكتوبر ‪ ،)2009‬ص‪.12 .‬‬
‫‪ 3‬موالي هاشمي‪" ،‬تطور شروط الترشح للمجالس الشعبية المنتخبة في الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد الثاني عشر (جانفي ‪ ،)2015‬ص‪.196.‬‬
‫‪ 4‬ناجي عبد النور‪" ،‬إصالح اإلدارة المحلية في الجزائر‪ :‬الواقع واالتجاهات المستقبلية‪( ،‬ورقة بحثية مقدمة في الملتقى الوطني‪ :‬مستقبل الدولة‬
‫الوطنية في ظل العولمة ومجتمع المعلومات‪-‬حالة الجزائر ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬المنعقد يومي ‪05‬‬
‫و‪ 06‬ماي ‪.)2009‬‬
‫‪ 5‬صالح زياني‪" ،‬إشكالية تفعيل المنظمات غير الرسمية في صناعة السياسة العامة في الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬السداسي الثاني (جوان ‪ ،)2010‬ص‪.10.‬‬
‫‪ 6‬ناجي عبد النور‪" ،‬إصالح اإلدارة المحلية في الجزائر‪ :‬الواقع واالتجاهات المستقبلية"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12 .‬‬
‫‪259‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المداوالت‪ .‬مما يستنتج أن المشرع الجزائري الزال الى آخر نص يتخوف كثيرا من تصرفات المنتخبين‬
‫‪1‬‬
‫على مستوى المجالس الشعبية البلدية‪.‬‬
‫فهذه المراقبة الممارسة عليها من قبل السلطة الوصية ال يخولها القيام بأعمالها التنموية على وجه من‬
‫األريحية مما يؤثر على عطائها فيما بعد‪ .‬فالمجالس الوالئية تمارس صالحيات تقليدية كالتصويت على‬
‫الميزانية‪ ،‬إدارة أمالك الوالية‪ ،‬ابرام الصفقات وكل هذه الصالحيات تحافظ على الوضع الراهن وليس‬
‫على التنمية والتطوير‪ ،‬وان كانت لها بعض الصالحيات االقتصادية واالجتماعية التنموية فهي تقوم فقط‬
‫‪2‬‬
‫على تشجيع مبادرات المساهمة في التنمية من أجل ترقية االستثمار وغيرها‪.‬‬

‫‪ .6‬نقص التعاون ما بين البلديات‪:‬‬


‫فيما يخص التعاون ما بين البلديات فإن هناك جملة من العوامل التي قلصت من إمكانية هذا التعاون‬
‫‪3‬‬
‫لعل أهمها ما يلي‪:‬‬
‫عدم التناسب ما بين الموارد البشرية والمادية وتعدد االختصاصات وتعقدها‪ ،‬مما جعل كل بلدية ال‬ ‫‪‬‬
‫تفكر في فتح آفاق للتعاون ما بين البلديات األخرى‪ ،‬فهذا التعاون قد يوفر لها موارد لتتمكن من‬
‫تلبية احتياجات المواطن‪ ،‬كما قد تسمح بتطوير خدماتها عن طريق االستفادة من الشركاء‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫عدم التمكن من قواعد التسيير وأنظمته‪ ،‬وعدم وجود ثقافة خاصة باإلدارة المحلية تسمح بإدراج‬ ‫‪‬‬
‫التعاون والشراكة كعنصر إيجابي يساهم في التكفل بالمرافق والمشاريع المشتركة مما يوفر‬
‫موارد وقدرات لألطراف المتعاونة ويسمح بتبادل الخبرات واآلراء ويطور نوعية الخدمات‬
‫المقدمة للمواطن المحلي في فضاء التعاون ما بين البلديات‪.‬‬
‫عدم صدور النصوص التنظيمية لمجال التعاون‪ ،‬رغم النص عليه في القوانين ساهم في إبقاء‬ ‫‪‬‬
‫التعاون ما بين البلديات في أخفض مستوياته‪.‬‬
‫ثقل الوصاية على البلديات قلص من استقالليتها ومنحها المبادرة والتفاعل وربط عالقات مع‬ ‫‪‬‬
‫محيطها وباألخص البلديات المجاورة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات االجتماعية‬


‫هناك العديد من التحديات االجتماعية التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬
‫يتصدرها ضعف تنظيم العمل الجمعوي على المستوى المحلي‪.‬‬
‫إذ تعد الجزائر من الدول الناشئة التي تتميز بوجود نسيج معتبر من مؤسسات المجتمع المدني سواء‬
‫كانت ذات طابع وطني أو محلي‪ .‬ويكتسي العمل الجمعوي أهمية بالغة في خدمة أهداف التنمية المحلية‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫يمكن حصر هذه األهمية والمزايا فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إذ يعد العمل الجمعوي تعبيرا حقيقيا عن اإلرادة الشعبية بحكم التصاقه بهموم وتطلعات‬
‫المواطنين‪ ،‬وبالتالي تصبح الجمعيات الفضاء األساسي والملجأ الرئيسي الذي يتمكن من خالله‬
‫المواطنين من طرح قضاياهم وانشغاالتهم‪ ،‬خاصة في المناطق النائية‪.‬‬

‫‪ 1‬سويقات أحمد‪" ،‬الجماعات اإلقليمية ووحدة إقليم الدولة في الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد‬
‫الرابع عشر(جانفي‪ ،)2016‬ص‪.66.‬‬
‫‪ 2‬صفاء بن عيسى ونوري ياسمين‪ ،‬المرجع السابق‬
‫‪ 3‬بن عيسى قدور‪" ،‬التعاون ما بين البلديات بين القانون والممارسة" في المجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬مجلة سداسية محكمة‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬المجلد ‪ ،05‬العدد ‪ ،)2012( 01‬ص‪.322.‬‬
‫‪ 4‬صالح زياني‪" ،‬موقع مؤسسات المجتمع المدني في إدارة التنمية المحلية في الجزائر" في مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬عدد ‪( 16‬جوان‪ ،)2007‬ص‪.271.‬‬
‫‪260‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬وتساهم مؤسسات المجتمع المدني في تنمية الخبرات المحلية وخدمة المواطن من خالل انجاز‬
‫مشاريع مختلفة تكون مصدرا لتوفير فرص الشغل‪ ،‬وتعزيز البنى التحتية مما ينعكس إيجابا على‬
‫اإلدماج الحقيقي للعديد من الفئات االجتماعية المقصية من عملية التنمية‪ .‬فدمج المواطنين في‬
‫‪1‬‬
‫عملية التنمية يعد وسيلة هامة إلرساء قواعد االستقرار السياسي والسلم االجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬كما يساهم في تحقيق هدف تنمية الموارد البشرية كجمعية اقرأ والتي تعد أداة فعالة لمحاربة‬
‫األمية في الجزائر‪ .‬وكذا ترقية مشاركة المواطنين في الحياة المحلية وطرح همومهم وقضاياهم‬
‫على ممثليهم مما يؤدي إلى صياغة عالقة جديدة بينهم وبين منتخبيهم‪.‬‬
‫فالمجتمع المدني هو المكان لتعلم المواطنة والمشاركة السياسية‪ ،‬عن طريق ممارسات التربية‬
‫الشعبية‪ ،‬إذ تشكل هذه التنظيمات مواطنين أحرار متعلمين‪ ،‬ينخرطون طوعيا في الحياة العامة‪ ،‬حيث‬
‫تهدف التربية الشعبية إلى تحرير الفرد والجماعة عن طريق تكوين مواطنين واعين بحقوقهم‪ ،‬مستعدين‬
‫للمشاركة في الحوار العام أو الوطني‪ .‬فعلى الرغم من أهمية العمل الجمعوي في التنمية المحلية وتأكيد‬
‫القانون البلدي على تشجيع تأسيس الجمعيات وتعاون البلدية مع هذه الجمعيات‪ ،‬إال أن هذه األخيرة تبقى‬
‫‪2‬‬
‫خاضعة إلى رقابة اإلدارة المركزية‪ ،‬سواء من حيث االعتماد أو التمويل أو النشاط‪.‬‬
‫وبالنظر إلى النشاط الجمعوي في الجزائر فإنه يعاني من عدة عوائق‪ ،‬كعدم احترام الرسالة الحقيقية‬
‫للعمل الجمعوي وأهدافها‪ ،‬من خالل محاولة العديد من أجهزة السلطة وكذا األحزاب السياسية احتواء‬
‫وتوجيه نشاط الجمعيات ألغراض تكون في بعض األحيان زائلة بجعل هذه الجمعيات مكاتب خدمات‬
‫ودعاية‪ ،‬إذ يالحظ إغداق بعض الجمعيات بالمنح وحجبها عن جمعيات أخرى‪ ،‬بل ويتم التضييق على‬
‫نشاط جمعيات ذات أهداف جادة في مقابل دعم نشاط جمعيات ذات أهداف آنية‪ ،‬السيما الدعم الذي‬
‫تتحصل عليه بعض الجمعيات خالل الفترات االنتخابية بحكم توليها مهمة الدعاية االنتخابية والسياسية‬
‫‪3‬‬
‫ألحزاب وشخصيات سياسية معينة‪.‬‬
‫وقد باشرت الجزائر إصالحات سياسية في إطار المبادرة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية عبد‬
‫العزيز بوتفليقة من خالل خطابه الموجه إلى الشعب بتاريخ ‪ 15‬أفريل ‪ ،2015‬مما تجسد عنها القانون‬
‫‪ 06-12‬المتعلق بالجمعيات‪ ،‬إال أن هذا القانون بدل أن يعطي المزيد من الحرية واالستقاللية‪ ،‬فقد كرس‬
‫تدخل الحكومة في العمل الجمعوي بالتشديد في شروط وإجراءات التأسيس أو تعديل النظام الداخلي‬
‫والتعامل مع الجهات األجنبية‪ ،‬باإلضافة إلى صالحيات أخرى تمكن الحكومة من حل الجمعيات وتجميد‬
‫‪4‬‬
‫نشاطها خاصة أن القانون استعمل مصطلحات مبهمة كالمساس بالهوية الوطنية والوحدة الوطنية‪.‬‬
‫كما أن هناك بعض العراقيل األخرى والتي حالت دون إرساء مجتمع مدني قوي وفعال تتلخص فيما‬
‫‪5‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬العراقيل البيروقراطية‪ :‬فالجمعيات تعاني من تأخرها الدائم وكثرة وتعقد إجراءات الحصول على‬
‫االعتماد‪ ،‬مما يؤثر على حرية واستقاللية الجمعيات لتسيير شؤونها‪ ،‬مما يؤثر سلبا على أهدافها‪.‬‬
‫كذلك قلة اإلمكانيات المالية والمادية والتي تمثل فعال حاجزا أمام تطور الجمعيات‪ ،‬اذ أدى ذلك‬
‫في العديد من األحيان الى توقيف نشاطها‪ ،‬فبدل أن تكون الجمعية وساطة إليصال المتطلبات‪،‬‬

‫‪ 1‬غنية شليغم‪" ،‬دور تنظيمات المجتمع المدني في تكريس المشاركة السياسية" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 02‬ديسمبر ‪ ،)2009‬ص‪.4.‬‬
‫‪ 2‬ناجي عبد النور‪ " ،‬دور اإلدارة المحلية في تقديم الخدمات العامة_ تجربة البلديات الجزائرية"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.160.‬‬
‫‪ 3‬صالح زياني‪" ،‬موقع مؤسسات المجتمع المدني في إدارة التنمية المحلية في الجزائر"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.264.‬‬
‫‪ 4‬األمين سويقات‪ " ،‬دور المجتمع المدني في تكريس الديموقراطية التشاركية‪ :‬دراسة حالتي الجزائر والمغرب" في مجلة دفاتر السياسة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 17‬جوان ‪ ،)2017‬ص‪.247 .‬‬
‫‪ 5‬حمادو سليمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.98 .‬‬
‫‪261‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أصبحت بدورها مشكلة تحتاج الى حل‪ .‬باإلضافة الى انتهازية بعض االفراد الستغالل الجمعيات‬
‫ألهداف غير أهدافها الحقيقية‪ ،‬فقد عرفت بعض الجمعيات منافسة تصل الى حد العنف بين‬
‫أعضاء الجمعية‪ ،‬الحتالل مناصب الصدارة‪ ،‬مما يؤدي الى انقسامات داخلية‪ ،‬وهذا راجع النعدام‬
‫الثقافة السياسية وعدم الوعي وغياب التنشئة السياسية‪.‬‬
‫‪ .2‬ضعف تنظيم المجتمع المدني‪ :‬إن تحقيق تطور ونمو مجتمع ما تستند على المشاركة النشطة‬
‫للمواطنين المجتمعين في إطار جمعيات مدنية‪ ،‬تتنوع على شكل جمعيات أحياء‪ ،‬جمعيات ثقافية‬
‫دينية‪ ،‬رياضية‪ ...‬الخ حسب هدف ومصلحة كل جمعية‪ .‬والمالحظ في الواقع أن هذه الجمعيات‬
‫غير نشطة وذلك لعدم استطاعتها على خلق نشاط اجتماعي فعلي‪ ،‬بالرغم من ان المجتمع المدني‬
‫مازال ولو بضعف معبأ من طرف الشخصيات الدينية والمرموقة والمثقفة في إطار تنظيمات‬
‫تقليدية كالقبيلة والعشيرة‪ .‬كما أن غالبية المواطنين ليس لهم تأطير ووعي سياسي واجتماعي‬
‫يتالءم مع طريقة المطالبة بحقوقه وطرح انشغاالته‪ .‬كذلك فان المجتمع يفتقد معنى المواطنة‪ ،‬وما‬
‫تعنيه من عقلنة وترشيد لسلوك المواطن نحو المشاركة الفعلية من خالل انضمامه للجمعيات‬
‫واالبتعاد عن أنماط السلوك والتفكير التقليدي (العشائر‪ ،‬القبائل‪ ،)...‬فهذا المنطق ظل يحكم العديد‬
‫من تشكيالت المجتمع خاصة الشباب الذين ال يملكون ثقافة االنضمام واالنخراط في الجمعيات‪،‬‬
‫فهم يرون أنه مضيعة للوقت‪ ،‬باإلضافة الى ضعف مشاركة المرأة نظرا لطبيعة المجتمع المحافظ‬
‫والذي يسعى كذلك لتهميشها وتقزيم دورها‪.‬‬
‫‪ .3‬منافسة التنظيمات غير الرسمية‪ :‬ان الحركات الجمعوية تعاني في عالقتها مع اإلدارة من منافسة‬
‫التنظيمات غير الرسمية والتي لها نفوذ واسع في الواقع العملي‪ ،‬والمقصود بالتنظيمات غير‬
‫الرسمية هي تلك التنظيمات القائمة على الروابط التقليدية والعشائرية والتي صعبت امتداد الحركة‬
‫الجمعوية‪ ،‬ويظهر دور هذه التنظيمات في توجيه السلوك االنتخابي والذي يعتمد عليها تقريبا‬
‫بصفة كلية لما لها من قدرة على التعبئة والتوجيه لسلوك الناخبين استنادا الى فكرة الوالءات‬
‫التقليدية كالقبيلة والعشيرة‪.‬‬
‫كما أن هناك اعتبارات األمن القومي وظهور ما يسمى بالمؤسسات العابرة للقارات‪ ،‬حيث يلجأ اليها‬
‫المجتمع المد ني غالبا من أجل الضغط على الدولة واالستقواء بها‪ ،‬وعليه تحاول الدولة إنقاص دور‬
‫المجتمع المدني في التنمية المحلية من أجل الحفاظ على أمنها‪ .‬فالمالحظ على المجتمع المدني أنه يبقى‬
‫غائبا بشكل كبير على الساحة الممارساتية‪ ،‬كما أثبت الواقع ضعف مشاركته بصفة عامة في التنمية‬
‫‪1‬‬
‫المحلية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التحديات اإلدارية‬
‫يواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر جملة من التحديات اإلدارية سنذكر منها ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬استفحال ظاهرة الفساد‪:‬‬
‫لم تفلت الجزائر شأنها شأن غيرها من الدول النامية من هذه المعضلة التي أصبحت تمثل خطرا بارزا‬
‫على أجهزتها‪ ،‬والتي تعمل على نسف أسس المجتمع وتقويض أركان الدولة‪ ،‬وذلك من خالل ما تشهده من‬
‫اختالس لألموال ونهبها وتبذيرها‪ ،‬وتعاطي الرشوة‪ ،‬واستغالل للنفوذ‪ ،‬والمحسوبية‪ ،‬وتزوير الوثائق‬
‫والمحررات الرسمية‪ ،‬واإلهمال‪ ،‬وكذا عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب‪ ،‬وعدم اإلحساس‬
‫بالمسؤولية‪ ،‬وانتشار مختلف أشكال التسيب والعراقيل البيروقراطية‪ ...‬وغيرها من المظاهر التي تعبّر عن‬
‫حقيقة معضلة الفساد في الدولة الجزائرية‪ .‬وقد حظيت قضية الفساد في الجزائر باهتمام الحكومات‬

‫‪ 1‬صفاء بن عيسى ونوري ياسمين‪ ،‬المرجع السابق‬


‫‪262‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المتعاقبة‪ ،‬وأخذت حيّزا كبيرا في برامج األحزاب السياسية والدوائر الحكومية‪ ،‬وفي تصريحات‬
‫الشخصيات الوطنية‪ ،‬ففي تاريخ ‪ 29‬ماي ‪ 1999‬وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خطابا‬
‫لألمة يصف فيه حالة الدولة الجزائرية وما أصابها من فساد خطير في أجهزتها اإلدارية حيث قال‪" :‬إن‬
‫الدولة مريضة معتلة‪ ،‬إنها مريضة في إدارتها‪ ،‬مريضة بممارسة المحاباة‪ ،‬مريضة بالمحسوبية‪ ،‬والتعسف‬
‫بالنفوذ والسلطة‪ ،‬وعدم جدوى الطعون والتظلمات‪ ،‬مريضة باالمتيازات التي ال رقيب عليها وال حسيب‪،‬‬
‫مريضة بتبذير الموارد العامة ونهبها بال ناه وال رادع‪ ،‬كلها أعراض أضعفت الروح المدنية لدى األفراد‬
‫والجماعات‪ ،‬وأبعدت القدرات‪ ،‬وه ّجرت الكفاءات ونفّرت أصحاب الضمائر الحية واالستقامة‪ ،‬وحالت‬
‫وشوهت مفهوم الدولة وغاية الخدمة العمومية ما بعده‬‫ّ‬ ‫بينهم وبين اإلسهام في تدبير الشؤون العامة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫تشويه‪." ...‬‬
‫كما قد ألقى خطابا آخرا أمام والة الجمهورية والذي صدر في جريدة النصر ليومي ‪ 13-12‬ماي‬
‫‪ ،2000‬حيث بيّن واقع اإلدارة المحلية الجزائرية واصفا إياها‪ ..." :‬بأنها إدارة غير موصلة العرى‬
‫بالمواطنين وباألوضاع الحقيقية الملموسة‪ ،‬وغير مبالية برغبات الناس الذين تشرف عليهم وال بحاجتهم‪،‬‬
‫إدارة عملت على تكوين منطق خاص بها يعاكس أحيانا ما هو بمثابة العمود الفقري للدولة‪ ،‬وهي تضاعف‬
‫من إجراءات اإلكراه وأشكال التقعر التي ال فائدة ترجى من ورائها بالنسبة لرعاياها‪ ،‬وهي تتسبب في‬
‫تمييع المسؤوليات واعتماد التعتيم في مضمار اتخاذ القرارات‪...‬وتؤدي في غالبية األحيان إلى تشجيع‬
‫الالكفاءة وتعميم الت فاهة‪ ،‬إدارة هي أميل ما تكون إلى التبذير منها إلى التسيير‪ ،‬إدارة متقادمة في مناهجها‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وال تكاد تل ّم بأسباب التقدم العلمي"‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى قناعة المواطن الجزائري وإدراكه المتزايد بأن الفساد منتشر في األجهزة اإلدارية‪،‬‬
‫ومتهيئة النتشار أوسع لهذه الظاهرة في ظل التغييب المستمر للشفافية‪ ،‬المساءلة‪ ،‬الرقابة وحكم القانون‪،‬‬
‫وما يعمق من شعور المواطنين بتفشي الفساد في األجهزة اإلدارية المحلية هو أن الخطاب الرسمي لم ينفك‬
‫باالعتراف بالفساد‪ ،‬والوعود بالقضاء عليه‪ ،‬ولكن من دون جدوى‪ ،‬إذ أن حمالت المكافحة اقتصرت على‬
‫‪3‬‬
‫التضحية ببعض الكوادر اإلدارية الوالئية والوزارية كوسيلة المتصاص الغضب‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ضعف الرقابة والمحاسبة الشعبية وانعدامها في كثير من األحيان‪ ،‬ويرجع ذلك الى عدم‬
‫انتشار الوعي بضرورة المشاركة في األنشطة العمومية من جهة ولقة آليات المحاسبة الشعبية ونوافذها‬
‫‪4‬‬
‫من جهة أخرى‪ .‬ناهيك عن احباط المواطنين من النشاط السياسي بسبب عدم االلتزام بالعهود‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ومن مظاهر الفساد اإلداري على مستوى اإلدارة المحلية في الجزائر نذكر ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬االنحرافات التنظيمية‪ :‬ويقصد بها تلك المخالفات التي تصدر عن الموظف في أثناء تأديته‬
‫لوظيفته والتي تتعلق بصفة أساسية بالعمل‪ ،‬ومن أهم هذه المخالفات نذكر‪:‬‬
‫‪ ‬عدم احترام العمل‪ :‬كالتأخر في الحضور صباحا‪ ،‬الخروج في وقت مبكر عن وقت‬
‫العمل الرسمي‪ ،‬النظر الى الزمن المتبقي من العمل بدون النظر الى انتاجيته‪ ،‬قراءة‬
‫الجرائد واستقبال الزوار‪ ،‬التنقل بين المكاتب‪ ...‬الخ‬
‫‪ 1‬بن مرزوق عنترة وخليل بن علي‪" ،‬تحديات ترشيد اإلدارة المحلية الجزائرية" (ورقة مقدمة في الملتقى الوطني حول إشكالية الحكم الراشد في‬
‫إدارة الجماعات المحلية واالقليمية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬المنعقد يومي ‪12‬و‪ 13‬ديسمبر ‪.)2010‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪.‬‬
‫‪ 3‬بومدين طاشمة‪" ،‬الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات اإلدارة المحلية الجزائرية" (ورقة مقدمة في الملتقى الوطني حول التحوالت السياسية‬
‫وإشكالية التنمية في الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة حسين بن بو علي‪ ،‬الشلف‪ ،‬المنعقد يومي ‪16‬و‪ 17‬ديسمبر ‪.)2008‬‬
‫‪ 4‬مليكة فريمش‪" ،‬المعوقات السياسية للتنمية في الجزائر" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬عدد ‪( 38‬ديسمبر‪،)2012‬‬
‫ص‪.222.‬‬
‫‪ 5‬برابح حمزة‪" ،‬الحوكمة المحلية كآلية لتسيير الجماعات المحلية في الجزائر" في حوكمة التنمية المستدامة في النظرية والتطبيق‪-‬دراسة لبعض‬
‫النماذج والمؤشرات‪ ،‬تأليف عدد من الباحثين‪ ،‬اشراف بوحنية قوي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الكتاب الحديث‪ ،2017 ،‬ص‪.41 .‬‬
‫‪263‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬امتناع الموظف عن أداء العمل المطلوب منه‪ :‬ويظهر ذلك من خالل رفض الموظف‬
‫أداء العمل المكلف به من قبل رؤسائه واالمتناع عن القيام بأعمال وظيفية أو‬
‫مباشرتها على نحو غير صحيح أو التأخير في أداءها‪.‬‬
‫‪ ‬التراخي‪ :‬أي التراخي من قبل القيادات اإلدارية اتجاه السلوكيات السلبية من جانب‬
‫المرؤوسين بجانب التباطؤ والتكاسل من جانب الموظفين في انجاز االعمال الموكلة‬
‫إليهم‪ ،‬وعدم بذل الجهد الالزم إلنجازها في الوقت المحدد‪.‬‬
‫‪ ‬عدم االلتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء‪ :‬وترجع هذه الظاهرة للتصرفات التي قد‬
‫يمارسها الرؤساء على الموظفين مثل حرمان الموظف من عالوة أو مكافأة تشجيعية‪،‬‬
‫أو تمييز في الترقيات والحوافز مما قد يصيب الموظف بالعدوانية اتجاه الرئيس‪.‬‬
‫‪ ‬السلبية‪ :‬ومن صورها‪ :‬الالمباالة‪ ،‬عدم ابداء الرأي‪ ،‬عدم الميل الى التجديد والتطوير‬
‫واالبتكار‪ ،‬العزوف عن المشاركة في اتخاذ القرارات‪ ،‬االنعزالية‪ ،‬عدم الرغبة في‬
‫التعاون‪ ،‬عدم تشجيع العمل الجماعي‪ ،‬تجنب االتصال باألفراد‪ ...‬الخ‬
‫‪ ‬عدم تحمل المسؤولية‪ :‬ومن صورها‪ :‬تحويل األوراق من مستوى اداري الى مستوى‬
‫اداري آخر‪ ،‬التهرب من االمضاءات والتوقيعات لعدم تحمل المسؤولية‪...‬الخ‬
‫‪ ‬افشاء أسرار العمل‪.‬‬
‫ب‪ .‬االنحرافات السلوكية‪ :‬ويقصد باالنحرافات السلوكية تلك المخالفات اإلدارية التي يرتكبها‬
‫‪1‬‬
‫الموظف وتتعلق بمسلكه الشخصي‪ ،‬ومن أهم هذه االنحرافات نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬عدم المحافظة على كرامة الوظيفة‪ :‬ومن صورها‪ :‬ارتكاب الموظف لفعل مخل‬
‫بالحياء في العمل كاستعمال المخدرات أو التورط في جرائم أخالقية‪.‬‬
‫‪ ‬سوء استعمال السلطة‪ :‬كتقديم الخدمات الشخصية وتسهيل األمور وتجاوز‬
‫اعتبارات العدالة الموضوعية في منح أقارب أو معارف المسؤولين ما يطلب منهم‪.‬‬
‫‪ ‬المحسوبية‪ :‬ويترتب عن هذه الظاهرة شغل الوظائف العامة بأشخاص غير مؤهلين‬
‫مما يؤثر على انخفاض كفاءة اإلدارة في تقديم الخدمات‪.‬‬
‫‪ ‬الوساطة‪ :‬حيث يستعمل بعض الموظفين الوساطة شكال من اشكال تبادل المصالح‪.‬‬
‫ج‪ .‬االنحرافات المالية‪ :‬وتعني المخالفات المالية واإلدارية التي تتصل بسير العمل المنوط بالموظف‪،‬‬
‫وتتمثل هذه المخالفات في اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬مخالفة القواعد واألحكام المالية المنصوص عليها داخل المنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬فرض المغارم‪ :‬أي أن يقوم الموظف بتسخير سلطة وظيفته لالنتفاع من األعمال‬
‫الموكلة اليه في فرض االتاوة على بعض األشخاص أو استخدام القوة البشرية‬
‫الحكومية من العمال والموظفين في األمور الشخصية في غير األعمال الرسمية‬
‫المخصصة لهم‪.‬‬

‫‪ 1‬برابح حمزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.42.‬‬


‫‪264‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬االسراف في استخدام المال العام‪ :‬كتبديد األموال العامة في االنفاق على األبنية‬
‫واألثاث‪ ،‬المبالغة في استخدام المقتنيات العامة في األمور الشخصية‪ ،‬إقامة الحفالت‬
‫والدعايات ببذخ على الدعاية واالعالن والنشر في الصحف والمجالت في مناسبات‬
‫التهاني والتعازي والتأييد والتوديع‪...‬الخ‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬االنحرافات الجنائية‪ :‬ومن أكثر االنحرافات الجنائية نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الرشوة‪ :‬تعرف الرشوة على أنها " ما يعطيه الشخص لقاض أو صاحب سلطة‬
‫لحمله على ما يريد ويدخل في حكم صاحب السلطة كل مكلف بخدمة عامة سواء‬
‫أكان وزيرا أو مديرا أو عامال أو عضوا في لجنة‪ ." ...‬وهناك الرشوة المحلية‬
‫والدولية‪ ،‬بالنسبة للرشوة المحلية فانه يتم دفعها لكبار المسؤولين في الدول النامية‪،‬‬
‫حيث تقوم الحكومات بشراء مواد ومستلزمات من السوق المحلية بكميات كبيرة‪،‬‬
‫وتطرح عددا من المشاريع للتنفيذ من قبل القطاع الخاص من خالل مناقصات‬
‫يتقدم بها القطاع الخاص المحلي‪ ،‬ان التنافس على مثل هذه المناقصات يدفع‬
‫بالقطاع الخاص لدفع رشوة لبعض المسؤولين الحكوميين للحصول على مثل هذه‬
‫المناقصات‪ .‬مما يترتب على هذا السلوك أن يقوم المسؤول الحكومي بزيادة في‬
‫أسعار المواد والسلع الموردة وزيادة في القيمة االجمالية للمشاريع االقتصادية‬
‫والخدمية المتوسطة والكبيرة‪ ،‬اذ يقوم القطاع الخاص بإضافة الرشوة والعموالت‬
‫الى التكاليف مما يؤدي الى تحميل الدولة نفقات إضافية تتراوح بين ‪ 25‬و‪% 40‬‬
‫من قيمة العقود والمشاريع‪ .‬أما بخصوص الرشوة الدولية فتدفع لقاء قيام حكومة‬
‫في دولة من الدول النامية بشراء معدات ومستلزمات وتجهيزات تحتاجها من‬
‫شركة دون أخرى (المناقصات الدولية لتنفيذ مشروعات ضخمة‪ ،‬امتيازات‬
‫التنقيب عن البترول والغاز والمعادن‪ ،‬شراء الطائرات المدنية‪ ،‬العتاد العسكري‬
‫الثقيل والخفيف وبضمنها الطائرات الحربية‪ ،‬مناقصات قطاع االتصاالت الخليوية‬
‫والفضائية)‪ ،‬مما يدفع بالشركات األجنبية الى دفع عموالت كبيرة من أجل‬
‫الحصول على المناقصات الخارجية واالمتيازات في الدول النامية‪.‬‬
‫‪ ‬التزوير‪ :‬ويتم التزوير عن طريق التالعب والتحريف للمستندات أو الوثائق أو‬
‫القيود الرسمية بهدف التضليل والحصول على مكاسب خاصة مادية أو معنوية‪،‬‬
‫وكذا منع الحقوق عن أصحابها‪.‬‬
‫‪.2‬تعقد اإلجراءات وغموض اإلصالحات‪:‬‬
‫حيث أن النظام الحالي يعتبر ممركز إلى درجة أن المجالس الشعبية البلدية ليست لها سلطة على‬
‫أموالها‪ ،‬إذ تكتفي بإرسال كشوفات شهرية يأذن الوالي بصرفها على أساس االعتمادات المخصصة‪،‬‬
‫وبالتالي فان رئيس المجلس الشعبي البلدي لم يعد اآلمر بالصرف‪ ،‬بل أصبح كوسيط مكلف لحساب‬
‫اإلدارة المركزية وذلك بتنفيذ العمليات المسجلة في المخططات البلدية للتنمية‪ ،‬وخاصة بعد ما مرت‬
‫البلديات بمرحلة المندوبيات التنفيذية البلدية‪ ،‬إذ تحولت بعض الصالحيات إلى اإلدارة‪ ،‬ولم تسترجعها‬
‫‪2‬‬
‫البلديات كال‪ *PCD‬البرامج البلدية للتنمية‪.‬‬

‫‪ 1‬برابح حمزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43 .‬‬


‫‪2‬عيسى مرازقة‪" ،‬معوقات تسيير الجماعات المحلية‪ :‬بعض عناصر التحليل" في مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‬
‫‪14‬جوان (‪ ،)2006‬ص‪.195.‬‬
‫*‪ :PCD‬وهو عبارة عن مخطط شامل للتنمية في البلدية‪.‬‬
‫‪265‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪.3‬تفشي ظاهرة المحسوبية والوالء للقبيلة والعرش‪:‬‬


‫حيث تم استبدال القواعد واإلجراءات التنظيمية التي تحكم أي إدارة عصرية بنوع من العالقات القائم‬
‫على العصبية والوالء األبوي وتأثير األعيان المحليين والزوايا عليها‪ ،‬فأدى هذا الوالء القبلي واألبوي الى‬
‫التأثير سلبيا على الرشاد في التسيير واضعاف إمكانية اإلنتاج الى جانب اهمال مصالح المواطن‬
‫‪1‬‬
‫والمصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ .4‬األمية الحاصلة في اإلدارة المحلية الجزائرية‪:‬‬
‫سواء األمية العلمية فكم من رئيس مجلس شعبي بلدي ال يعرف القراءة وال الكتابة‪ ،‬إضافة إلى األمية‬
‫التي فرضتها الثورة التكنولوجية وهي األمية اإللكترونية والتي يعاني منها أغلب موظفي اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫فقد أجمع خبراء شاركوا في ندوة نظمتها وزارة العالقات مع البرمان يوم ‪ 30‬ديسمبر ‪ 2009‬على تحميل‬
‫المسؤولية لألحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني في اختيار األشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط‬
‫الموضوعية والصفات األخالقية الحسنة لتحمل مسؤولية التمثيل الوطني‪ ،‬مع معايير الكفاءة وحيازة‬
‫المؤهالت العلمية الضرورية ألداء هذه المهام الجسيمة‪ .‬والجدير بالذكر أن قانون االنتخابات(‪ )01/12‬لم‬
‫يتطرق لهذا الشرط رغم أهميته‪ .‬فمن غير المعقول أن يشترط المشرع المؤهالت العلمية لشغل الوظائف‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارية ويسكت عن هذا الشرط بالنسبة للوظائف االنتخابية‪.‬‬
‫‪.5‬صعوبة تجسيد مشروع البلدية الذكية‪:‬‬
‫إن مصطلح اإلدارة االلكترونية يعتبرا مصطلحا عاما للخدمات المستندة على األنترنت لخدمات الدولة‬
‫المحل ية وخدمات الحكم المحلي الفدرالي‪ ،‬فمن خالل اإلدارة االلكترونية تستخدم الحكومة تكنولوجيا‬
‫‪3‬‬
‫المعلومات وخاصة االنترنت لدعم العمليات الحكومية واشراك المواطنين وتوفير الخدمات الحكومية‪.‬‬
‫فتجسيد مشروع البلدية الذكية يواجه عدة عقبات تحول دون إنجازه‪ ،‬حيث تعاني البلديات ضيقا شديدا‬
‫في مقراتها إذ ال تستوعب الذين يقصدونها الستخراج الوثائق الالزمة‪ ،‬باإلضافة إلى غياب الكفاءة المهنية‬
‫لدى بعض الموظفين‪ ،‬باإلضافة إلى افتقار الكثير من الجماعات المحلية إلى الربط بشبكة االنترنت أو‬
‫انقطاعها بشكل متكرر‪ ،‬مما يحول دون تحقيق السلطات إلى تجسيد البلديات الذكية في الجزائر‪ .‬فحسب‬
‫التقديرات فإن ‪ %80‬من البلديات الجزائرية ال تمتلك موقعا الكترونيا‪ ،‬أما البلديات التي تمتلكه فأغلبها ال‬
‫يتم تفعيلها وتحيينها وطرح األخبار واألنشطة البلدية التي تهم المواطنين من إعالنات ومستجدات تتعلق‬
‫‪4‬‬
‫بمجاالت التنمية واألحوال العامة للمواطنين‪.‬‬
‫كما قد عددت الباحثة طلحي فاطمة الزهراء مجموعة من المعوقات التي تواجه تجسيد اإلدارة‬
‫االلكترونية في الجزائر والتي يجب تذليلها من أجل توفير بيئة مناسبة لتطبيقها‪ ،‬وتتمثل هذه المعوقات فيما‬
‫‪5‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬معوقات تشريعية‪ :‬متمثلة في عدم مواكبة التشريعات القائمة للتطورات العلمية ووسائل التعامل‬
‫معها كموضوع اعتماد التوقيع االلكتروني‪.‬‬

‫‪ 1‬مليكة فريمش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.221.‬‬


‫‪ 2‬موالي هاشمي‪" ،‬تطور شروط الترشح للمجالس الشعبية المنتخبة في الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪،‬‬
‫العدد الثاني عشر (جانفي ‪ ،)2015‬ص‪.195.‬‬
‫‪3 Djilali Idoughi and Dejddi Abdelhakim, "Towards an Algerian E-Government Strategy and Achievements", In‬‬

‫‪International Journal Of eBusiness and eGovernment Studies, Vol 05, No 01 (2013), p.89.‬‬
‫‪ 4‬بوحنية قوي وعبد المجيد رمضان‪" ،‬اإلدارة االلكترونية كآلية لتطوير أداء الجماعات المحلية في الجزائر" في حوكمة التنمية المستدامة في‬
‫النظرية والتطبيق‪-‬دراسة لبعض النماذج والمؤشرات‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الكتاب الحديث‪ ،2017 ،‬ص‪.22 .‬‬
‫‪ 5‬طلحي فاطمة الزهراء‪ " ،‬أهمية تدريب الموارد البشرية لتفعيل اإلدارة االلكترونية في الجزائر" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة‪ ،‬العدد ‪( 35/34‬مارس ‪ ،)2014‬ص‪.268 .‬‬
‫‪266‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬معوقات مؤسسية‪ :‬تتمثل في جمود الهياكل التنظيمية في المؤسسات الجزائرية ومقاومة بعض‬
‫القيادات للتغيير‪ ،‬نتيجة خوفها على مراكزها القانونية واإلدارية والمادية‪.‬‬
‫‪ ‬معوقات فنية‪ :‬تتمثل في نقص الخبرات اإلدارية والفنية المتخصصة في مشاريع التحول للحكومة‬
‫االلكترونية‪ ،‬سواء من ناحية اعداد األنظمة االلكترونية التشغيلية الالزمة‪ ،‬أومن ناحية اعداد‬
‫الحمالت اإلعالمية التوعوية المطلوبة لجميع المستفيدين‪.‬‬
‫‪ ‬معوقات مالية‪ :‬وتتمثل في سوء التقدير للميزانية الالزمة للتحول نحو حكومة الكترونية‪ ،‬أو عدم‬
‫كفاية التقديرات المالية المرصودة لهذه المشاريع أو سوء التصرف في الميزانية المقررة فعليا‬
‫لهذه البرامج الضخمة‪.‬‬
‫‪ ‬معوقات معرفية‪ :‬وتتمثل في وجود أمية الكترونية عند بعض المواطنين الجزائريين‪ ،‬حيث أن‬
‫نسبة استخدام هذه التقنية الواسعة االنتشار عالميا ال زال ضعيفا في الجزائر مقارنة حتى بالدول‬
‫المجاورة‪.‬‬
‫‪ . 6‬أزمة الوظيف البلدي‪:‬‬
‫إذ يعاني موظفي البلدية من التضخم الكمي (بسبب ما تلعبه البلدية من دور على المستوى االجتماعي‬
‫وهذا عن طريق االدماج العشوائي في اسالكها فتولد عنه فائض على حساب المناصب الحقيقية)‪ ،‬وكذا‬
‫النقص النوعي (فالبلديات تعاني من نقص التأطير البشري‪ ،‬إذ ال تتالئم مستوياتهم مع المهام الملقاة على‬
‫البلدية ومتطلباتها‪ ،‬فهي تعاني من غياب الفئات الجامعية والفنية المتخصصة والمؤهلة لحسن التسيير‬
‫‪1‬‬
‫والتنظيم والتخطيط‪.‬‬
‫فتضخم حجم العمالة في الوحدات المحلية وانخفاض مستوى أداءها من شأنه أن يعقد اإلجراءات‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارية ويضعف التواصل مع المواطنين‪ ،‬باإلضافة إلى أنه يعد هدرا لموارد الدولة‪.‬‬
‫ناهيك عن التهرب من المسؤولية وانتشار ثقافة االتكال على الغير من طرف الموظفين وهذا لعدم‬
‫وجود حوافز قوية تغرس فيهم البحث عن التجديد والتغيير ومحاولة تكييف األساليب األحسن والتي أثبتت‬
‫‪3‬‬
‫كفاءتها في التسيير مع خصوصية اإلدارة المحلية في الجزائر‪.‬‬

‫ضعف نظام األجور الخاص بموظفي اإلدارة المحلية‪*4 .‬‬ ‫‪.7‬‬

‫نقص التكوين‪ :‬يعتبر التكوين عملية منظمة ومستمرة تهدف إلى إعداد الفرد للعمل المتميز‬ ‫‪.8‬‬
‫والمثمر‪ ،‬وألن يكون أكثر معرفة واستعدادا وكفاءة ألداء المهام المطلوبة منه‪ .‬فالعنصر البشري‬
‫أساس أي عمل يراد له النجاح‪ ،‬فهو المكلف بتقديم الخدمة العمومية وتحسين نوعيتها‪ ،‬وعليه فان‬
‫أي هيئة ومهما كانت طبيعتها ال يمكن أن تصل إلى تحقيق أهدافها إال باالعتماد على قاعدة بشرية‬
‫تتمتع بالمؤهالت العلمية والمهنية التي تمكنها من أداء مهامها بصفة فعالة‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن المنتخبين المحليين المسئولين عن تسيير البلديات ال يتم انتقاؤهم على أساس‬
‫الكفاءات والشهادات أو أدنى شرط‪ ،‬وحتى بعد اختيارهم فهم ال يخضعون ألدنى تكوين لمعرفة ماهية‬
‫المرافق العمومية‪ ،‬القصد من وجودها‪ ،‬أهدافها‪ ،‬صالحياتها‪ ...‬الخ أو حتى معرفة طبيعة الخدمة التي‬
‫يسهرون على أدائها‪ ،‬الجهل بقوانين التسيير وطرقه‪ ،‬والجهل األكثر ضرر‪ ،‬هو الجهل بحالة البلدية التي‬

‫‪ 1‬حمادو سليمة‪" ،‬اصالح الجماعات المحلية في الجزائر كخيار استراتيجي" (مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ ،3‬ديسمير ‪ ،)2012‬ص‪.93 .‬‬
‫‪ 2‬بومدين طاشمة‪" ،‬الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات اإلدارة المحلية في الجزائر" في التواصل‪ ،‬عدد ‪ ،)2010( 26‬ص‪.39.‬‬
‫‪ 3‬مليكة فريمش‪" ،‬المعوقات السياسية للتنمية في الجزائر" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬عدد ‪( 38‬ديسمبر ‪،)2012‬‬
‫ص‪.222.‬‬
‫‪ 4‬بن مرزوق عنترة وخليل بن علي‪ ،‬المرجع السابق‬
‫* وفي هذا اإلطار نشير إلى إضراب عمال البلديات في ماي ‪ 2011‬إلرغام وزارة الداخلية والجماعات المحلية على االستجابة لمطالبهم‪ ،‬في‬
‫مقدمتها تحسين رواتب أزيد من ‪ 300‬ألف عامل بلدي‪ ،‬التي ال تزيد أحسنها عن ‪ 30‬ألف دج شهريا‪ ،‬وجعلها تتناسب مع رواتب باقي أسالك‬
‫الوظيفة العمومية‪ ،‬وكذا ضرورة اإلفراج عن القانون األساسي الخاص بهم‪ ،‬فضال عن إعادة النظر في المنح والنظام التعويضي‪ ،‬مع الحفاظ على‬
‫سن التقاعد‪ ،‬وإدماج المتعاقدين الذين يشكلون نسبة جد هامة ضمن إجمالي عمال البلديات‪ ،‬ال تقل حسب بعض التقديرات عن األربعين في المائة‪.‬‬
‫‪267‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ينتمي إليها المنتخب‪ ،‬الجهل بقدرتها المالية على إنجاز المشاريع وكفاءة موظفيها في هذا الميدان‪ .‬الشيء‬
‫الذي غالبا ما ينعكس على البرامج التي كان قد وعد بها قبل انتخابه في صعوبة إنجازها‪ ،‬لسبب من‬
‫‪1‬‬
‫األسباب‪ ،‬الشيء الذي يؤدي بالمنتخب إلى تجاهل منتخبيه وبالتالي الطالق بين المنتخب والمواطن‪.‬‬

‫إال أنه وعلى اعتبار أن التكوين مدرج في النفقات غير االجبارية لميزانية البلدية‪ ،‬فالبلدية ترى نفسها‬
‫غير ملزمة قانونا بتكوين الموظفين التابعين لها‪ ،‬لكن حتى وان توفرت اإلرادة في ذلك فكيف لهذه البلدية‬
‫‪2‬‬
‫العاجزة أن تغطي نفقات التكوين لموظفيها وهي عاجزة عن تسديد أجورهم‪.‬‬

‫عملية توزيع المستخدمين‪:‬‬ ‫‪.9‬‬


‫إن هذه العملية ال تحدد على أساس الكفاءات الفردية وقابلية تكيفهم مع الوظائف التي يشغلونها وانما‬
‫هو خاضع لتنظيم البلدية وملء المناصب الشاغرة وبأي طريقة كانت‪ ،‬كما أن هناك تفاوتات ما بين‬
‫المنصب وما يتطلبه من مواصفات يجب توافرها في الشخص الذي يشغل ذلك المنصب‪ ،‬فمثال في مكتب‬
‫الحالية المدنية فانه ال يتوفر على االفراد الذين يتميزون بحسن االتصال مع المواطنين وقدرة االحتمال في‬
‫‪3‬‬
‫جو مليء بالضغوطات والقلق‪.‬‬
‫غياب معايير تقييم أداء رؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة‪:‬‬ ‫‪.10‬‬
‫إذ يالحظ غياب معايير يتم على أساسها تقييم أداء اإلدارة المحلية من األمين العام للبلدية إلى رئيس‬
‫المجلس واألعضاء‪ ،‬مثل عالقة المجلس بالمواطنين‪ ،‬كيفية التصرف في حالة األزمات‪ ،‬االنجازات‬
‫‪4‬‬
‫الكمية‪ ،‬مدى تناسب أهداف البرامج مع االنجازات‪.‬‬

‫‪ .11‬االعتماد على األساليب القديمة في التسيير‪:‬‬


‫حيث أن هذه األساليب تكون قائمة على سد الثغرات ووضع الحلول المؤقتة واآلنية والتي ال يمكن‬
‫أن تكون عالجا شافيا للمشاكل‪ ،‬حيث تتحول هذه الحلول الى مشاكل جديدة‪ ،‬باإلضافة الى االرتباط‬
‫بنموذج إدارة المستعمر مما تنساق وراءه رغم وجود نماذج قد تكون األنسب لخصوصية ادارتنا‬
‫‪5‬‬
‫المحلية بعد تكيفها وفقا للثقافة والعادات المحلية‪.‬‬
‫كما أنه يتم االعتماد على الحلول المعدة مسبقا‪ ،‬وتقبل كل ما هو جديد دون مراجعة‪ ،‬ودون اعتبار‬
‫االختالف في الظروف والبيئة الثقافية واالجتماعية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬فال بد من توفير األصالة‬
‫التي ال تستغني عن االبتكار والخلق واالبداع من أجل توليد التجديد في ضوء الظروف والمستجدات‬
‫‪6‬‬
‫البيئية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى انتشار المظاهر السلبية في اإلدارة المحلية‪ ،‬نتيجة انحسار المد القيمي األخالقي وتحلل‬
‫العاملين فيها من القيم المهنية واألخالق الوظيفية التي توجه سلوكهم وتحكم قراراتهم وترشد‬
‫‪7‬‬
‫تصرفاتهم الرسمية وغير الرسمية‪.‬‬
‫وبالتالي فالجزائر في حاجة ماسة إلى إدارة محلية قوية‪ ،‬فعالة ورشيدة قادرة على تلبية وتحقيق‬
‫رغبات وأهداف المجتمع‪ ،‬ولن يتأتى ذلك إال من خالل القضاء على كل مظاهر الفساد اإلداري من رشوة‪،‬‬
‫اختالس‪ ،‬تسيب‪ ،‬إساءة استعمال السلطة‪.‬‬
‫‪1‬‬‫‪Essaid TAIB ," Note sur les problèmes de gestion de la commune ", Bulletin CDRA, ENA Alger, N° 01, 1990.‬‬
‫‪P.5.‬‬
‫‪ 2‬حمادو سليمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.93 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.94 .‬‬
‫‪ 4‬ناجي عبد النور‪" ،‬إصالح اإلدارة المحلية في الجزائر‪ :‬الواقع واالتجاهات المستقبلية"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12 .‬‬
‫‪ 5‬مليكة فريمش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.221.‬‬
‫‪ 6‬بومدين طاشمة‪" ،‬الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات اإلدارة المحلية في الجزائر"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39 .‬‬
‫‪ 7‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.40 .‬‬
‫‪268‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تحديات المالية المحلية‬

‫يعتبر التمويل المحلي أداة لتحقيق التنمية المحلية وتسيير مصالح اإلدارة المحلية في الجزائر‪ ،‬إذ يمثل‬
‫التمويل المحلي كل الموارد المالية المتاحة والتي يمكن توفيرها من عدة مصادر لتمويل مختلف المشاريع‬
‫التنموية على المستوى المحلي‪ ،‬ويقصد بالمالية المحلية أنها مجموعة الظواهر والقواعد المنظمة‬
‫‪1‬‬
‫لإليرادات والنفقات والتي تخص الهيئات المحلية‪.‬‬
‫إال أنه تواجه الوحدات المحلية في تحقيق برامج التنمية المحلية مشكلة التمويل‪ ،‬وضعف الموارد‬
‫المالية المحلي ة المخصصة ألغراض التنمية المحلية‪ ،‬مما يصعب على هذه الوحدات تنفيذ كافة أو بعض‬
‫من برامجها التنموية الضرورية لسكان الوحدات المحلية‪ .‬ومشكلة التمويل هذه تخص االستقالل الفعلي‬
‫والحقيقي للوحدات المحلية في الحصول على مواردها المالية‪ ،‬بحيث تتقيد حريتها برقابة السلطة المركزية‬
‫في فرض الضرائب والرسوم المحلية وعلى االقتراض كذلك‪ ،‬كما تتقيد حريتها بالرقابة على ميزانيتها‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وعلى أوجه الصرف الخاص بإيراداتها المختلفة‪.‬‬
‫وبالنسبة إليرادات الجماعات المحلية فإنها تتنوع بين إيرادات ذاتية والتي تجبى بواسطة الجماعة‬
‫المحلية ضمن حد ودها اإلقليمية أو تجبى عن طريق الحكومة المركزية‪ ،‬وايرادات خارجية والتي تتلقاها‬
‫‪3‬‬
‫البلدية من الدولة ومن بعض المؤسسات األخرى على شكل هبات ووصايا‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإليرادات الذاتية للجماعات المحلية‬
‫تحتاج الجماعات المحلية الى موارد مالية ذاتية ثابتة من أجل تغطية وظائفها المتعددة التي تتوالها في‬
‫مختلف الميادين المنوطة بها‪ .‬وكلما زادت هذه الموارد وحسن استخدامها زادت فعالية الجماعات المحلية‪،‬‬
‫مما يمكنها من تلبية حاجات السكان المتزايدة‪.‬‬
‫ويقصد باإليرادات الذاتية المحلية مجموعة الموارد الناتجة عن الضرائب والرسوم المحلية األصلية‬
‫والمضافة على الضرائب والرسوم الوطنية‪ ،‬إضافة الى الموارد الخاصة الناتجة عن تشغيل واستثمار‬
‫‪4‬‬
‫المرافق المحلية‪ ،‬وتتمثل هذه اإليرادات فيما يلي‪:‬‬
‫الضرائب والرسوم المحلية‪ :‬ان السياسة الضريبية للجماعات المحلية تأخذ دائما في‬ ‫‪.1‬‬
‫الحسبان أن جباية الضرائب ذات الطابع الوطني أصعب من جباية الضرائب المحلية‪ ،‬اال أن‬
‫هدف هذه األخيرة هو زيادة الحصيلة الضريبية الوطنية من خالل تغطيتها لجملة االستثمارات‬
‫المحلية‪ ،‬كما تعمل على تحقيق التوازن بين إيرادات ونفقات الجماعات المحلية‪ ،‬وتعد من العناصر‬
‫األساسية في التنمية المحلية‪ ،‬وتتمثل هذه الضرائب والرسوم فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الضرائب المباشرة‪ :‬وتتمثل أهم الضرائب المباشرة المحصلة لفائدة الجماعات المحلية‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد الرزاق الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17.‬‬


‫‪ 2‬حي اة بن سماعين ووسيلة السبتي‪" ،‬التمويل المحلي للتنمية المحلية‪ :‬نماذج من اقتصاديات الدول النامية" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي حول‪:‬‬
‫سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات‪-‬دراسة حالة الجزائر والدول النامية‪ ،-‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير مخبر العلوم‬
‫االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬المنعقد يومي‪ 21 :‬و‪ 22‬نوفمبر ‪ ،)2006‬ص‪.02 .‬‬
‫‪ 3‬محمد حاجي‪" ،‬استراتيجية الجماعات المحلية لنظام التمويل ‪-‬دراسة حالة البلدية الجزائرية" في مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة‬
‫باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪( 16‬جوان ‪ ،)2007‬ص‪.81 .‬‬
‫‪ 4‬لخضر مرغاد‪" ،‬اإليرادات العامة للجماعات المحلية في الجزائر" في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد السابع (فيفري‬
‫‪ ،)2005‬ص‪.03 .‬‬
‫‪269‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬الدفع الجزافي‪ :‬وهو عبارة عن ضريبة مباشرة تفرض على مجموعة معينة من‬
‫المستخدمين‪ ،‬وتخضع المبالغ المدفوعة لقاء المرتبات واألجور والتعويض‬
‫والعالوات‪ ،‬بما في ذلك قيمة االمتيازات العينية للدفع الجزافي‪ ،‬الذي يقع على‬
‫عاتق األشخاص الطبيعيين والمعنويين والهيئات المقيمة بالجزائر أو الممارسة‬
‫بها نشاطاتها‪ ،‬والتي تدفع مرتبات وأجور وتعويضات وعالوات‪.‬‬
‫‪ -‬الرسم على النشاط المهني‪ :‬ان هذا الرسم يشمل األشخاص الذي يعتمدون في‬
‫أنشطتهم على العمل الذهني الفردي كاألطباء والمحامين والمهندسين‬
‫والمحاسبين‪ ....‬الخ‪ .‬ويستحق هذا الرسم سنويا من اإليرادات االجمالية المحققة‬
‫من قبل الخاضعين للضريبة الذين يمارسون نشاطاتهم الدائمة في الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬الرسم الفرعي على البنزين الممتاز والعادي والغازوال والمواد الصيدالنية‪ :‬يتم‬
‫حساب هذا الرسم على أساس مبلغ سعر بيع التجزئة بهذه المنتجات‪ ،‬حيث يدفع‬
‫الى صندوق قابض الضرائب المختلفة قبل ال ‪ 25‬من الشهر التابع للشهر الذي‬
‫تمت فيه فوترة المنتوج‪.‬‬
‫‪ -‬الرسم العقاري‪ :‬ويتعلق الرسم العقاري بالملكيات المبنية وغير المبنية‪ ،‬اذ تخضع‬
‫للرسم العقاري الملكيات المبنية التالية‪ :‬المنشآت المخصصة إليواء األشخاص‬
‫والمواد أو لتخزين المنتوجات‪ ،‬المنشآت التجارية الكائنة في محيط المطارات‬
‫الجوية والموانئ ومحطات السكك الحديدية ومحطات الطرقات بما فيها ملحقاتها‬
‫المتكونة من مستودعاتها وورشات الصيانة‪ ،‬أرضيات البنايات بجميع أنواعها‬
‫وقطع األرضية التي تشكل ملحقا مباشرا لها وال يمكن االستغناء عنها‪ ،‬األراضي‬
‫غير المزروعة والمستخدمة الستعمال تجاري أو صناعي كالورشات وأماكن‬
‫إيداع البضائع وغيرها من األماكن من نفس النوع سواء كان يشغلها المالك أو‬
‫يشغلها آخرون مجانا‪ .‬ويعفى من هذا الرسم العقارات التابعة للدولة وللجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬والتابعة للمؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري (التي تمارس نشاطا‬
‫في ميدان التعليم والبحث العلمي والحماية الصحية واالجتماعية وفي ميدان‬
‫الثقافة والرياضة)‪ ،‬كما تعفى البنايات المخصصة للشعائر الدينية واألمالك‬
‫العمومية التابعة للوقف والعقارات التابعة للدولة األجنبية والمخصصة لإلقامة‬
‫الرسمية لبعثاتهم الدبلوماسية والقنصلية المعتمدة‪ .‬أما بالنسبة للرسم العقاري على‬
‫الملكيات غير المبنية فهو يخص كل من المحاجر ومواقع استخراج الرمل‬
‫والمناجم‪ ،‬مناجم الملح والسبخات‪ ،‬األراضي الكائنة في القطاعات العمرانية أو‬
‫‪1‬‬
‫القابلة للتعمير‪ ،‬األراضي الفالحية‪.‬‬
‫‪ -‬الرسم التطهيري‪ :‬ويمثل كل من الرسم على رفع القمامات المنزلية وتفريغ الماء‬
‫في المجاري‪ ،‬ويحصل لفائدة الجماعات المحلية التي بها شبكات قنوات الصرف‬
‫فقط‪ ،‬ويحسب دوريا باسم المستفيد من الصرف الصحي من قبل الهيئة المكلفة‬
‫بتوزيع المياه الصالحة للشرب أو المياه الصناعية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬الضرائب غير المباشرة‪ :‬وتتمثل الضرائب غير المباشرة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬لخضر مرغاد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.05 .‬‬


‫‪ 2‬محمد حاجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.83 .‬‬
‫‪270‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬الرسم على القيمة المضافة (‪: )T.V.A‬وهو عبارة عن نسبة تفرض على المبيعات‬
‫وتأدية الخدمات الموجهة لالستهالك‪ ،‬تحسب خارج الرسم للمواد الموجهة للبيع أو‬
‫االستهالك‪.‬‬
‫‪ -‬الرسم على الذبح‪ :‬وهذا الرسم تحصله البلدية بمناسبة هذه العملية من خالل المذابح‬
‫البلدية‪ ،‬ويحسب استنادا الى الوزن فيقدر ‪ 05‬دج للكغ من اللحم تذهب منه ‪ 03.5‬دج‬
‫للكغ بصندوق البلدية‪ 01.5 ،‬دج للكغ الى صندوق حماية الصحة الحيوانية‪.‬‬
‫‪ -‬قسيمة السيارات‪ :‬يتحملها كل األشخاص الطبيعيين أو المعنويين الذين يملكون‬
‫سيارات أو شاحنات وغيرها‪.‬‬
‫ممتلكات الجماعات المحلية‪ :‬بحيث أنه يوضع تحت تصرف الجماعات المحلية كل‬ ‫‪.2‬‬
‫األمالك العامة المنقولة وغير المنقولة‪ ،‬والتي تدر دخال‪ ،‬كقيمة ايجار عقاراتها وفوائدها المودعة‬
‫بالمصارف أو المقروضة للغير‪ ،‬وايرادات األوراق المالية (األسهم والسندات) المملوكة لها‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وأرباح مشروعاتها‪ ،‬وتتصرف فيها وفقا للشروط المحددة في القوانين والتنظيمات المعمول بها‪.‬‬
‫مشروعات الجماعات المحلية المشتركة‪ :‬فالجماعات المحلية يمكنها أن تؤسس فيما بينها‬ ‫‪.3‬‬
‫مشاريع ومؤسسات مشتركة تحقق لها النفع العام‪ ،‬وتستفيد من إيراداتها المحلية‪ ،‬وذلك التساع‬
‫‪2‬‬
‫حاجيات ومصالح السكان وعدم كفاية اقليم معين في تلبية حاجيات مواطنيه‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإليرادات الخارجية للجماعات المحلية‬
‫تشير بعض التقارير أن أغلب البلديات تعاني من العجز المالي في ميزانيتها‪ ،‬فهناك اختالل في‬
‫الموازنة العامة بين اإليرادات والنفقات‪ ،‬وبالتالي فالبلدية بحاجة إلى التدخل الحكومي لضمان سير‬
‫‪3‬‬
‫المشروعات التنموية والبرامج والهياكل القاعدية ومن بين الموارد الخارجية نجد‪:‬‬
‫‪ .1‬التبرعات والهبات‪ :‬وهي عبارة عن موارد محلية على شكل منح وهبات من المتبرعين‬
‫المحليين‪ ،‬وقد تكون نتيجة وصية تركها أحد المواطنين بعد وفاته في حالة انعدام الورثة‬
‫أو هبة يقدمها أحد المغتربين لتخليد اسمه في بلده‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلعانات الحكومية‪ :‬وتتمثل في المساعدات التي تمنحها الحكومة الى الوحدات المحلية‪،‬‬
‫وقد تكون هذه المساعدات المتنفس الوحيد للتخلص من العجز والديون‪ ،‬وتسمى هذه‬
‫المساعدات المالية الموجهة لتغطية نفقات التنمية المحلية باإلعانات‪ ،‬اذ تؤدي هذه‬
‫اإلعانات أهدافا اقتصادية واجتماعية تتمثل في تعميم الرخاء في مختلف مناطق الدولة‪،‬‬
‫واذابة الفوارق بين المناطق الفقيرة والنائية والمناطق الغنية‪.‬‬
‫‪ .3‬القروض‪ :‬تستخدم القروض في تمويل المشاريع القاعدية على مستوى اإلدارة المحلية‬
‫والتي تعجز موارد الميزانية على تغطية العجز في النفقات وغالبا ما تكون القروض‬
‫الممنوحة مشروطة تمنح تحت وصاية الحكومة المركزية‪ .‬ويكون هذا النوع من القروض‬
‫بفائدة بسيطة عادة ومدة القرض تعتمد على طبيعة المشروع المراد إنفاق قيمة القرض‬
‫فيه‪.‬‬

‫‪ 1‬لخضر مرغاد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.07 .‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪ 3‬قادري النعاس‪" ،‬دور سياسات التمويل في تطوير البلديات‪-‬بلدية ورقلة نموذجا" في حوكمة التنمية المستدامة في النظرية والتطبيق‪-‬دراسة‬
‫لبعض النماذج والمؤشرات‪ ،‬تأليف عدد من الباحثين‪ ،‬اشراف بوحنية قوي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الكتاب الحديث‪ ،2017 ،‬ص‪.229 .‬‬
‫‪271‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ .4‬اعانات الصندوق المشترك للجماعات المحلية‪ :‬وهو عبارة عن مؤسسة عمومية إدارية‬
‫تتميز بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وتسمى بالصندوق المشترك‪ ،‬تشرف عليه‬
‫مديرية المجلس وبرئاسة وزير الداخلية أو ممثل عنه‪ ،‬ويعتبر الصندوق المشترك‬
‫للجماعات المحلية أحد اآلليات التي استخدمتها الجزائر في سبيل تدعيم وتطوير البلديات‪،‬‬
‫أنشأ بموجب المرسوم ‪ 266/86‬المؤرخ في ‪ 04‬نوفمبر ‪ ،1986‬وقد جعلت التعليمة‬
‫الصادرة عن وزارة الداخلية بتاريخ ‪ 20‬جانفي ‪ 1988‬مهامه ال مركزية في مجال‬
‫التجهيز واالستثمار من خالل منح الصندوق تخصيصات اجمالية للوالة الذين يقومون‬
‫بتوزيعها‪.‬‬
‫‪ .5‬صندوق الضمان أو التضامن‪ :‬من خالل المادة ‪ 211‬من قانون البلدية المؤرخ في ‪22‬‬
‫جوان ‪ 2011‬ومن أجل تجسيد التضامن المالي بين البلديات وضمان مداخيل الجباية فان‬
‫البلدية تتوفر على صندوقين هما‪ :‬الصندوق البلدي للتضامن والذي يتكفل بتخصص مالي‬
‫سنوي بالمعادلة يوجه لقسم التسيير في ميزانية البلدية لتغطية النفقات االجبارية كأولوية‬
‫قصوى‪ ،‬اعانات التجهيز الموجهة لقسم التجهيز واالستثمار لميزانية البلدية‪ ،‬اعانات‬
‫الت وازن للبلديات التي تواجه وضعية غير متوقعة‪ ،‬تقيد اعانات التجهيز للصندوق البلدي‬
‫للتضامن بتخصيص خاص وصندوق الجماعات المحلية للضمان والذي يتكفل بتعويض‬
‫ناقص قيمة إيرادات الجباية بالنسبة للمبلغ المتوقع تحصيله من اإليرادات‪ ،‬ويتم تمويل‬
‫صندوق الضمان من المساهمات االجبارية للجماعات المحلية فهي التي تحدد نسبة المبلغ‬
‫المتوقع تحصيله من اإليرادات‪.‬‬
‫ويوضح الشكل الموالي إيرادات الجماعات المحلية في الجزائر‬
‫الشكل رقم (‪ :)18‬إيرادات الجماعات المحلية في الجزائر‬

‫إيرادات الجماعات المحلية في الجزائر‬

‫اإليرادات الخارجية للجماعات المحلية‬


‫اإليرادات الذاتية للجماعات المحلية‬

‫‪ .1‬التبرعات والهبات‬ ‫‪ .1‬الضرائب والرسوم المحلية‬

‫‪ .2‬اإلعانات الحكومية‬
‫الضرائب غير المباشرة‬ ‫الضرائب المباشرة وتشمل‪( :‬الدفع‬
‫‪ .3‬القروض‬ ‫وتشمل‪( :‬الرسم على القيمة‬ ‫الجزافي‪ ،‬الرسم على النشاط‬
‫‪ ،‬الرسم على ‪T.V.A‬المضافة‬ ‫المهني‪ ،‬الرسم الفرعي على‬
‫‪ .4‬اعانات الصندوق‬ ‫الذبح‪ ،‬قسيمة السيارات)‬ ‫البنزين الممتاز والعادي والغازوال‬
‫المشترك للجماعات‬ ‫والمواد الصيدالنية‪ ،‬الرسم‬
‫المحلية‬ ‫العقاري‪ ،‬الرسم التطهيري)‬

‫‪ .5‬صندوق الضمان أو التضامن‬


‫‪ .2‬ممتلكات الجماعات المحلية‬

‫‪ .3‬مشروعات الجماعات المحلية المشتركة‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة باالعتماد على المعلومات السابقة‬

‫‪272‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫والجدير بالذكر أن اإلعانات التي تقدمها الحكومة للوحدات المحلية تؤثر على استقاللية هذه األخيرة‪،‬‬
‫فهذه اإلعانات تقدم في إطار قانوني محدد مسبقا والتي تحدد بموجبه إجراءات منح االعانة وكيفية انفاقها‬
‫والرقابة عليها لضمان استغاللها بما يحقق المصلحة العامة‪ .‬وعليه تحتفظ السلطة المركزية بحق االشراف‬
‫‪1‬‬
‫والتوجيه والرقابة كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬توجيه القرار المحلي‪ :‬تتمتع الهيئات المحلية بالشخصية المعنوية واالستقالل في ممارسة‬
‫صالحياتها‪ ،‬واالعانات التي تقدمها الحكومة لالستثمارات المحلية تبين رغبتها في المشاركة‬
‫في سياسة التنمية المحلية ألنها تهم كل من الدولة والهيئات المحلية‪ .‬وعليه فالهيئات المحلية‬
‫تكون تحت اشراف ورقابة السلطة المركزية من حيث اختيار المشاريع االستثمارية واالنفاق‬
‫المالي عليها‪ ،‬بحيث أنها في مجال التهيئة العمرانية وترقية البلديات والتي تتطلب موارد مالية‬
‫كبيرة وبالتالي فهي تتم بقرارات صادرة عن السلطة المركزية مع استشارة السلطات المحلية‪.‬‬
‫‪ .2‬تخصيص اإلعانات‪ :‬انه وفي حالة عدم كفاية أو عدم توافر الموارد المالية تقدم الحكومة‬
‫اإلعانات للوحدات المحلية وتكون اإلعانات االجمالية بموجبه يقدم الغالف المالي المخصص‬
‫لالستثمارات المحلية وال يتم فيها تحديد المشاريع التي سوف تمول‪ ،‬كما أن هناك اعانات‬
‫تخصيصية من أجل تغطية نفقات التجهيز واالستثمار تمنح لهدف تحقيق برامج التنمية‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪ .3‬الرقابة‪ :‬ان تلقي الهيئات المحلية إلعانات الحكومة المركزية يخضعها لرقابة السلطة‬
‫المركزية‪ ،‬كالرقابة التي تباشرها المصالح التقنية عند التأشيرة التقنية على المشاريع‬
‫ومتابعتها‪ ،‬كما تلتزم الهيئات المحلية بتقديم تقارير دورية للسلطة المركزية عن نسبة استهالك‬
‫المبالغ المالية التي وردت في الغالف المالي وكذا نسبة انجاز المشروع‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬محدودية إيرادات المالية المحلية‬
‫على الرغم من تعدد وتنوع اإليرادات العامة للجماعات المحلية إال أنها تبقى غير كافية لتلبية حاجات‬
‫السكان المتزايدة وتحقيق أهداف ومهام الجماعات المحلية‪ ،‬فمشكلة التمويل المحلي تعد من أهم الصعوبات‬
‫التي تواجه اإلدارة المحلية في الجزائر‪ ،‬فالعجز المستمر الذي تعاني منه موازنات أغلب البلديات والذي‬
‫أصبح يتطور سنة بعد سنة انعكس بشكل مباشر على مستوى التنمية المحلية‪ .‬فباإلضافة إلى محدودية‬
‫اإليرادات المالية المحلية‪ ،‬فإن الجماعات المحلية بصفة عامة مثقلةٌ بالديون‪.‬‬
‫فمحدودية ايرادات المالية المحلية تحول دون أداء الجماعات المحلية األعمال المنوطة بها إلشباع‬
‫احتياجات المجتمع المحلي وتحقيق التنمية المحلية‪ ،‬ويمكن ارجاع ضعف وعدم كفاية الموارد المالية‬
‫‪2‬‬
‫المحلية الى العوامل التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬قلة مردودية الجباية المحلية‪ :‬حيث أن نظام الجباية المحلية يتميز بضآلة عائداته على‬
‫الموازنات المحلية‪ .‬فالجماعات المحلية على الرغم من تمتعها بمصادر مالية خاصة بها وحقها في‬
‫تسيير شؤونها المالية اال أنها ال تمتلك سلطة فرض وتحصيل الرسوم والضرائب‪ ،‬فهي تنفرد‬
‫بسلطة تأسيس الضرائب وتحديد القاعدة الخاضعة للضريبة المحلية للحكومات المركزية‪ ،‬مما‬
‫يطغى على الضريبة الطابع المركزي‪ .‬باإلضافة الى الغش والتهرب وقلة الوعي الجبائي‪،‬‬

‫‪ 1‬مزياني فريدة‪" ،‬المجالس الشعبية المحلية في ظل نظام التعددية السياسية في التشريع الجزائري" (أطروحة دكتوراه الدولة في القانون‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري قسنطينة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،)2005 ،‬ص‪.40 .‬‬
‫‪ 2‬حمادو سليمة‪" ،‬اصالح الجماعات المحلية في الجزائر كخيار استراتيجي" (مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ ،3‬ديسمير ‪ ،)2012‬ص‪.86 .‬‬
‫‪273‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫فالخاضع للضريبة يعتبرها نوع من أنواع السرقة من طرف السلطة المركزية‪ ،‬وعن جدوى دفع‬
‫الضريبة دون مقابل‪ .‬كذلك عدم وجود ثقة بين المواطن والسلطة‪ .‬ونقص اإلمكانيات المادية‬
‫والبشرية في االدارات الجبائية‪.‬‬
‫‪ .2‬صغر مساحة بعض الوحدات المحلية‪ :‬مما يحول دون حصولها على الموارد الكافية ذاتيا‪ ،‬حيث‬
‫أن المساحة الكافية من األرض والعدد غير القليل من الناس يعتبران مؤشرين ممتازين لوجود‬
‫موارد مالية واقتصادية محلية‪.‬‬
‫‪ .3‬سوء التسيير المالي‪ :‬وهو سبب آخر من أسباب محدودية التمويل الذاتي‪ ،‬اذ يستخدم أحيانا المالي‬
‫الممنوح قانونا للبلديات والواليات بما ال يخدم المصلحة العامة‪ ،‬كالمبالغة في بعض أوجه االنفاق‬
‫المحلي الغير تنموي‪ ،‬أو التالعب بأموال الهيئات المحلية‪ ،‬كعمليات االختالس وتواطؤ المتعاملين‬
‫باستعمال فواتير صورية وخيالية وصفقات وهمية‪.‬‬
‫كما ترجع الوضعية المالية المحلية المتأزمة بالدرجة األولى إلى كيفية توزيع اإليرادات (الموارد‬
‫الجبائية) بين الجماعات المحلية التي يظهر فيها عدم التوازن بين مردودية ضرائب الدولة والضرائب‬
‫‪1‬‬
‫المحلية‪ ،‬ومن جهة أخرى عدم عدالة توزيعها على الجماعات المحلية فيما بينها‪.‬‬
‫فقد عمدت الجزائر إلى اسناد مهمة توزيع الموارد الجبائية على الجماعات المحلية إلى السلطة‬
‫المركزية باعتبارها الهيئة المسؤولة على المالية العامة للدولة‪ ،‬وذلك ألن مقاييس كفاءة الهيئات المحلية‬
‫المنتخبة لجباية هذا النوع من الموارد ضعيفة وترجح الكفة للسلطة المركزية‪ ،‬وتتمثل اآلثار السلبية لتبعية‬
‫‪2‬‬
‫الجباية المحلية للسلطة المركزية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬عدم فعالية نظام توزيع الموارد الجبائية‪ :‬حيث تقتصر سلطة البلدية على تحديد المبالغ اإلجمالية‬
‫المتوقعة لألسس الضريبية المحلية والتي تخول لها من قبل خزينة الوالية‪ ،‬وقد نتج عن هذا‬
‫التضييق لالستقالل المالي في المجال الجبائي للجماعات المحلية نتائج سلبية أثرت على سير‬
‫المهام وخلق المشاكل تمثلت أساسا في عدم التوازن بين النفقات المحلية والموارد الجبائية‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم كفاية الموارد الجبائية المحلية مقارنة بالنفقات‪ :‬تعتبر اإليرادات الجبائية العائدة للجماعات‬
‫المحلية غير كافية وال تحقق الهدف المنشود طالما ال تواكب تطورات النفقات المحلية للبلديات‪،‬‬
‫ولهذا لوحظ ارتفاع مستمر للنفقات المحلية يقابله زيادة بطيئة في الموارد الجبائية المحلية‪.‬‬
‫ومن المعوقات االقتصادية كذلك التهرب والغش الضريبيين حيث أن بعض الثغرات القانونية تفتح‬
‫الباب أمام ظاهرتي الغش والتهرب الضريبيين‪ ،‬حيث تفقد الخزينة مبالغ مالية هامة بسبب هاتين‬
‫الظاهرتين‪ ،‬ويرجع ذلك نتيجة نقص التوعية بالدور التنموي للموارد الجبائي‪ ،‬وكذا عدم تطبيق إجراءات‬
‫‪3‬‬
‫ردعية للحد منها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ويمكن ارجاع أسباب التهرب والغش الضريبيين الى‪:‬‬

‫‪ 1‬بوزيدة حميد‪" ،‬تحديات تمويل ميزانيات الجماعات المحلية في الجزائر" (أعمال المؤتمرات للمنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ " ،‬إدارة التغيير في‬
‫اإلدارات المحلية والبلديات"‪ ،‬بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات المحلية والبلديات‪ -‬خيارات وتوجهات‪،‬‬
‫إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو‪ ،)2011‬ص‪.135 .‬‬
‫‪ 2‬شوقي جباري وعولمي بسمة‪ " ،‬تعبئة الموارد الجبائية كخيار استراتيجي لتغطية العجز المالي للبلديات الجزائرية"‪ ،‬في المجلة الجزائرية‬
‫للتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 02‬جوان ‪ ،)2015‬ص‪ .‬ص‪33 .32 .‬‬
‫‪ 3‬صفاء بن عيسى ونوري ياسمين‪" ،‬واقع التنمية المحلية في الجزائر‪ :‬رهانات وآفاق" (ورقة مقدمة في اليوم الدراسي حول إدارة التنمية المحلي‬
‫في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة غرداية‪ ،‬المنعقد يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪.)2015‬‬
‫‪ 4‬بن صغير عبد المومن‪" ،‬واقع إشكالية تطبيق الجباية المحلية في الجزائر‪ /‬صعوبات االقتطاع وآفاق التحصيل" في مجلة الندوة للدراسات‬
‫القانونية‪ ،‬العدد األول (‪ ،)2013‬ص ‪.105.‬‬
‫‪274‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أوال أسباب خاصة بالنظام الضريبي‪ :‬وجدت الجزائر نفسها خاصة بعد االستقالل أنها تعاني من فراغ‬
‫قانوني في المجال المالي‪ ،‬لذلك فقد سعت جاهدة لتساير الواقع‪ ،‬وفي كل مرة تجد نفسها أمام نظام جبائي ال‬
‫يستجيب ل متطلبات التنمية االقتصادية الجديدة‪ ،‬خاصة بعد توجه االقتصاد الوطني من االقتصاد الى‬
‫الموجه الى اقتصاد السوق الحر‪ ،‬مما دفع الدولة الى اصالح النظام الجبائي‪ ،‬وقد تميز النظام الجبائي‬
‫الجزائري بما يلي‪ :‬تعقد التشريعات الضريبية‪ ،‬ضعف العدالة الضريبية‪ ،‬الضغط الضريبي‪.‬‬
‫ثانيا أسباب خاصة باإلدارة الجبائية‪ :‬تعرف اإلدارة الجبائية بأنها منظمة رسمية وقانونية لها السلطة‬
‫العمومية‪ ،‬تضم مجموعة من الوسائل واالمكانيات المادية والبشرية والقانونية‪ ،‬ولها دور أساسي في تسيير‬
‫حصيلة العائد الجبائي‪ ،‬فأهميتها تكمن في مراقبة التصريحات الخاصة بالمكلفين وكذا تصفية الضرائب‬
‫والرسوم‪ ،‬كما أنها تراقب بعض القطاعات االقتصادية وتعقد االتفاقيات الجبائية العالمية‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس كلما كانت اإلدارة الجبائية ضعيفة الكفاءة والنزاهة كلما سهل التهرب والغش الضريبيين‪ ،‬ويمكن‬
‫ابراز أوجه قصور اإلدارة الجبائية فيما يلي‪ :‬قصور اإلمكانيات البشرية‪ ،‬قصور اإلمكانيات المادية‪ ،‬عدم‬
‫فاعلية الرقابة واإلجراءات اإلدارية والتنظيمية‪ ،‬تعقد االجراءات اإلدارية الخاصة بالتحصيل‪ ،‬صعوبة‬
‫تقدير الوعاء الضريبي‪ ،‬عدم المساواة في التطبيق وغياب العدالة الضريبية‪.‬‬
‫ثالثا أسباب تتعلق بالمكلف‪ :‬وتتمثل فيما يلي‪ :‬ضعف الواجب الجبائي‪ ،‬انعدام تربية وتوعية جبائية لدى‬
‫المكلف‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أنه ال يمكن اعتبار المكلف بالضريبة وحده المسؤول عن ضعف الجباية المحلية بل‬
‫حتى السلطة المركزية لها نصيب في تفشي ظاهرة افالس البلديات وكذا تزايد عدد البلديات العاجزة في‬
‫‪1‬‬
‫السنوات األخيرة‪ ،‬فقد ساهمت الدولة من جهتها في تقليص الجباية المحلية وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬التقسيم اإلداري إلقليم الدولة‪ :‬ساهم التقسيم اإلداري في تقليص الجباية المحلية نظرا النعدام‬
‫معايير تحديد إقليم الدولة‪ ،‬فكان الغرض من هذا التقسيم هو تقريب اإلدارة من المواطن وتحسين‬
‫نوعية الخدمات‪ ،‬على اعتبار أن البلدية تعد مؤسسة خدمية بالدرجة األولى الى جانب تكريس‬
‫مبادئ الالمركزية اإلدارية‪ ،‬اال أن بعض البلديات المنشأة ال تتوفر على أدنى نشاط اقتصادي مدر‬
‫للمداخيل الجبائية مما زاد من عدد البلديات العاجزة سنويا‪.‬‬
‫‪ .2‬تمركز الجباية في يد السلطة المركزية‪ :‬ان وضع اإليرادات الجبائية في يد السلطة المركزية يعد‬
‫من أهم األسباب المؤدية الى عجز البلديات‪ ،‬وتتجلى تبعية تلك اإليرادات على مستوى تأسيس‬
‫الضريبة وقبضها أو تحصيلها‪ ،‬بحيث يعود اختصاص تأسيس الضريبة الى السلطة التشريعية‬
‫فهي التي تقوم بتأسيس وعاء الضريبة ونسبها وطرق تحصيلها‪.‬‬
‫‪ .3‬سياسة التحريض الضريبي‪ :‬جاءت سياسة التحريض الضريبي (الحث الضريبي) تبعا لسياسة‬
‫اإلصالحات الجبائية في الجزائر‪ ،‬ومفادها منح االمتيازات الضريبية والتسهيالت واالعفاءات‬
‫لألعوان االقتصاديين خاصة الشباب المستثمر في المناطق الواجب ترقيتها‪ ،‬اال أن سياسة‬
‫التحريض الضريبي فوتت على الخزينة العمومية مبالغ ضخمة‪ ،‬كون أن المورد الرئيسي‬
‫للميزانية المحلية يتمثل في إيرادات الجباية المحلية‪ ،‬فالتسهيالت الممنوحة من طرف السلطة‬
‫المركزية تسهر على تطبيقها هيئات إدارية عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية وهي الوكالة‬
‫الوطنية لدعم وتشغيل الشباب ‪ ANSEJ‬والوكالة الوطنية لتطوير االستثمارات ‪ APSI‬والتي اتسع‬
‫نطاق عملها منذ انشاء شبابيك محلية على مستوى الواليات تحت اسم الشباك الوحيد للوكالة‬
‫الوطنية لتطوير االستثمار ‪.ANDI‬‬

‫‪ 1‬بسمة عولمي‪" ،‬تشخيص نظام اإلدارة المحلية والمالية المحلية في الجزائر" في مجلة اقتصاديات شمال افريقيا‪ ،‬عدد ‪ ،04‬ص‪.275 .‬‬
‫‪275‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وبخصوص االستثمار األجنبي المباشر في الجزائر فقد دخلت الجزائر في المنافسة الدولية لجذب‬
‫االستثمار األجنبي المباشر في بداية التسعينيات من خالل اهتمامها بتحسين العوامل المحفزة لجعل المناخ‬
‫االستثماري في الجزائر محفزا للمستثمرين األجانب‪ ،‬حيث صدرت هيئات وتشريعات في تلك الفترة‬
‫كوكالة دعم وترقية االستثمارات في الجزائر بتاريخ ‪ ،1993/10/17‬باإلضافة إلى جملة من القوانين تقدم‬
‫‪1‬‬
‫التسهيالت الالزمة لالستثمارات األجنبية في الجزائر‪.‬‬
‫وقد أظهر تقرير الحرية االقتصادية لسنة ‪ 2009‬تحسن وضع الجزائر في دليل المؤشر بحصولها‬
‫على ‪ 72.5‬في حرية األعمال‪ ،‬بحيث أن المتوسط العالمي هو ‪ ،64.3‬ومن بين ما ورد في التقرير ما‬
‫‪2‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن القطاع الحكومي ال زال يهيمن على العديد من الصناعات الحساسة‪ ،‬كما أن الجودة والشفافية في‬
‫االنفاق الحكومي في حاجة إلى تحسين‪ ،‬كما يجب على الحكومة مواصلة تعزيز اإلدارة المالية وتحديث‬
‫إدارة الميزانية‪.‬‬
‫‪ -‬إجراءات التخليص الجمركي والرقابة على الصادرات والواردات تؤدي إلى تأخير التجارة ة وزيادة‬
‫التكاليف‪.‬‬
‫‪ -‬أن قانون االستثمار شفاف‪ ،‬ويسمح للمستثمرين األجانب بتحويل األرباح إلى الخارج ولكن بسبب‬
‫اإلجراءات اإلدارية المعقدة والبيروقراطية قد يكون بطيئا‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬بعض الحلول المقترحة لتفعيل تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في‬
‫الجزائر‬
‫بعد تشخيص أهم العوائق التي تحول دون تطبيق التخطيط االستراتيجي المحلي على الرغم من أهمية‬
‫دوره في تحقيق التنمية على المستوى المحلي‪ ،‬سنحاول اقتراح مجموعة من الحلول بغرض المساهمة في‬
‫عملية النهوض بالتنمية المحلية من خالل االعتماد على آلية التخطيط االستراتيجي في اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطوير القدرات الفنية واإلدارية لإلداريين والمنتخبين‬
‫لتشكيل المجالس الشعبية المحلية المنتخبة ال بد من إعادة النظر في النظام االنتخابي بما يضمن تعزيز‬
‫كفاءة المنتخبين المحليين‪ ،‬باشتراط مستوى تعليمي جامعي يمكن من التحكم في أساليب التسيير‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى برمجة دورات تكوينية مستمرة في مجال طرق التسيير الحديثة‪ ،‬بحيث أن تطوير قدرات الهياكل‬
‫‪3‬‬
‫التنظيمية للهيئات المحلية يتطلب توظيف الكوادر المحلية لزيادة الفعالية اإلدارية‪.‬‬
‫وبالتالي تبقى مسؤولية األحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني قائمة في اختيار وانتقاء‬
‫األشخاص الذين تتوفر فيها الشروط الموضوعية والصفات األخالقية الحسنة لتحمل مسؤولية التمثيل‬
‫الشعبي‪ ،‬بقدرات وكفاءات تتناسب ودور كل مجلس خدمة للمصلحة الوطنية وبعيدا عن الممارسات‬
‫‪4‬‬
‫السلبية التي طغت على الساحة السياسية مما أفقد مصداقية التمثيل الشعبي‪.‬‬
‫ومن أجل ترشيد سلوك القيادة وبناء عامل الثقة المواطنين فيها‪ ،‬ال بد أن تقوم استراتيجية دعم التنمية‬
‫المحلية على اساس توفر قيادات إدارية محلية كفؤة تتناسب مع الوظائف القيادية العليا والتي تتميز‬
‫‪5‬‬
‫بالخصائص التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬بولرباح غريب‪ " ،‬العوامل المحفزة لجذب االستثمارات األجنبية المباشرة وطرق تقييمها دراسة حالة الجزائر" في مجلة الباحث‪ ،‬دورية علمية‬
‫محكمة سنوية تنشر األبحاث التطبيقية في العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪،)2012( 10‬‬
‫ص‪.107.‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 3‬صفاء بن عيسى ونوري ياسمين‪ ،‬المرجع السابق‬
‫‪ 4‬موالي هاشمي‪" ،‬تطور شروط الترشح للمجالس الشعبية المنتخبة في الجزائر" في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪،‬‬
‫العدد الثاني عشر (جانفي ‪ ،)2015‬ص‪.197.‬‬
‫‪ 5‬بومدين طاشمة‪" ،‬الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات اإلدارة المحلية في الجزائر" في التواصل‪ ،‬عدد ‪ ،)2010( 26‬ص ص‪.43 .42 .‬‬
‫‪276‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أ‪ -‬القدرة على استيعاب التنمية وتحدياتها وحل التناقضات التي تنشأ بين األطراف المختلفة‪ ،‬وكذا‬
‫فك التحالفات التي تقاوم اإلصالح وكسر حدة المقاومة لدى العناصر المقاومة للتغيير أو‬
‫استمالتهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬القدرة على تحديد األهداف والسياسات واإلجراءات بوضوح‪ ،‬ودراستها دراسة جيدة تعتمد على‬
‫التحليل والمقارنة حتى تكون أهدافا قابلة للتحقيق‪ ،‬فوضوح األهداف يساعد على توجيه الجمهور‬
‫والطاقات واالمكانيات المتوفرة‪.‬‬
‫ت‪ -‬القدرة على الحركة والمبادأة واالبتكار ومواجهة المواقف والتغيرات التنظيمية أو التكنولوجية أو‬
‫البشرية‪ ،‬باإلضافة الى القدرة على مواجهة االزمات‪.‬‬
‫ث‪ -‬القدرة على اتخاذ القرارات الموضوعية من خالل انتهاج المعرفة العلمية في اتخاذ القرارات‬
‫واالبتعاد عن العشوائية والعمل في حدود القدرات البشرية والتنظيمية والمادية‪.‬‬
‫ج‪ -‬القدرة على التنفيذ بكفاءة وفعالية‪ ،‬باإلضافة الى المهارة على بلورة السياسات وتحديد األهداف‬
‫ضمن القدرات المتوفرة‪ ،‬ثم القدرة على ترجمة السياسات الى الواقع العملي وكذا القدرة على‬
‫حشد الطاقات للوصول الى األهداف المنشودة‬
‫إذ أن القاعدة األساسية لنجاح التنمية المحلية تكون بالمشاركة‪ ،‬بحيث أن نجاح أي دولة في النمو يعود‬
‫إلى اعتمادها على مواردها المحلية وأثمن هذه الموارد هو العنصر البشري‪ ،‬وإذا ما تم تجاهل هذا‬
‫العنصر من طرف الدولة وتركيزها على عناصر أخرى سيخلق عبء مستمر على التنمية من خالل‬
‫‪1‬‬
‫وجود عنصر بشري يزداد عددا ويقل كفاءة دون أن يقدر على تقديم جهد متزايد لخدمة التنمية‪.‬‬
‫فمن الضروري االهتمام بالعنصر البشري عن طريق تدعيم التأطير وتأهيل اإلطارات المحلية وتنمية‬
‫مهاراتها وتدريبها على أساليب التسيير العصرية‪ ،‬وتوفير الحوافز المادية والمعنوية حتى تصبح اإلدارة‬
‫‪2‬‬
‫المحلية جاذبة ألصحاب الكفاءات والخبرة‪.‬‬
‫فال بد إذن من تدريب وتطوير المهارات لدى األفراد العاملين في اإلدارات المحلية وتمكينهم من‬
‫‪3‬‬
‫تكنولوجيات المعلومات من خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬دمج التعليم العالي ومجاالت التكوين المهني مع ميادين تكنولوجيات المعلومات واالتصاالت‪.‬‬
‫‪ .2‬تدريب جميع الشرائح االجتماعية على تكنولوجيات المعلومات واالتصاالت‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫إذن فاالهتمام بالموارد البشرية في المحليات يتطلب عدة أمور من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬تصحيح هيكل الرواتب وحوافز العاملين بحيث تتماشى مع سوق العمل ومع مستويات األسعار‪.‬‬
‫‪ -‬وضع نظام متكامل لتدريب الموظف المحلي والقيادات المحلية على اختالف أنواعها ومستوياتها‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء رؤساء الوحدات المحلية السلطات التي تمكنهم من استقطاب واختيار العناصر ذات‬
‫الكفاءات من أجل العمل بوحداتهم المحلية بدال من النقص الشديد الذي تعانيه بعض اإلدارات‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون للموظفين المحليين لوائح خاصة بهم في التعيين والترقية والجزاءات بعيدا عن قانون‬
‫نظام العاملين بالدولة‪.‬‬
‫‪ 1‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬تحرير‪ :‬محمد غربي‪ ،‬سفيان فوكة‪ ،‬مشري مرسي ط‪( 1‬الجزائر‪ :‬ابن النديم للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،)2014 ،‬ص‪.96 .‬‬
‫‪ 2‬ناجي عبد النور‪" ،‬إصالح اإلدارة المحلية في الجزائر‪ :‬الواقع واالتجاهات المستقبلية" (ورقة بحثية مقدمة في الملتقى الوطني‪ :‬مستقبل الدولة‬
‫الوطنية في ظل العولمة ومجتمع المعلومات‪-‬حالة الجزائر ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬المنعقد يومي ‪05‬‬
‫و‪ 06‬ماي ‪ ،)2009‬ص‪.13 .‬‬
‫‪3 Djilali Idoughi and Dejddi Abdelhakim, OP- Cit, p.92.‬‬

‫‪ 4‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.307 .‬‬

‫‪277‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬أن يقتصر دور الحكومة المركزية على التأكد من تطبيق معايير الشفافية والعدالة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مكافحة الفساد اإلداري في تسيير الجماعات المحلية‬
‫لقد اكتسب موضوع مكافحة الفساد في العالم أهمية كبرى في ظل تنامي أثر الفساد سلبا على جهود‬
‫التنمية‪ ،‬وزيادة االدراك بأن مكافحة الفساد وتعزيز جهود منعه يعد مدخال أساسيا لعمليات اإلصالح‪.‬‬
‫وقد جاءت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد الصادرة بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ‪4/58‬‬
‫المؤرخ في ‪ 2003/10/31‬استجابة لهذا الوعي العالمي بخطورة هذه اآلفة‪ ،‬وقد وقعت عليها ‪ 140‬دولة‬
‫وصادقت عليها ‪ 107‬دول‪ ،‬وقد صادقت الجزائر على هذه االتفاقية طبقا للمرسوم الرئاسي رقم ‪128/04‬‬
‫‪1‬‬
‫بتاريخ ‪ 19‬أفريل ‪.2004‬‬
‫ومن أجل مواجهة الفساد اإلداري وعالجه في اإلدارة المحلية البد من العمل باالتجاه الذي يحقق ما‬
‫‪2‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬التوظيف‪ :‬فيجب مراعاة القواعد التالية في توظيف مستخدمي اإلدارة المحلية وفي تسيير حياتهم‬
‫المهنية‪:‬‬
‫‪ -‬مبادئ الشجاعة والشفافية والمعايير الموضوعية مثل الجدارة واالنصاف والكفاءة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلجراءات المناسبة الختيار وتكوين االفراد المرشحين لتولي المناصب العمومية والتي تكون‬
‫األكثر عرضة للفساد‪.‬‬
‫‪ -‬أجر مالئم باإلضافة الى تعويضات كافية‪.‬‬
‫‪ -‬اعداد برامج تعليمية وتكوينية لتمكين الموظفين العموميين من األداء الصحيح والنزيه لوظائفهم‬
‫وافادتهم من تكوين متخصص يزيد من وعيهم بمخاطر الفساد‪.‬‬
‫‪ ‬التصريح بالممتلكات‪ :‬فمن أجل ضمان الشفافية في الحياة السياسية والشؤون العمومية وحماية‬
‫الممتلكات العمومية‪ ،‬وصون نزاهة األشخاص المكلفين بالخدمة العمومية‪ ،‬يلزم الموظف‬
‫العمومي بالتصريح بممتلكاته في بداية عهدته االنتخابية أو تنصيبه في وظيفته‪ ،‬مع تجديده فور‬
‫كل زيادة معتبرة في ذمته المالية وكذلك عند نهاية العهدة االنتخابية أو نهاية الخدمة‪.‬‬
‫‪ ‬وضع مدونات قواعد سلوك الموظفين العموميين‪ :‬تعمل الدولة والمجالس المنتخبة والجماعات‬
‫المحلية والمؤسسات العمومية على تشجيع النزاهة واألمانة وكذا روح المسؤولية بين موظفيها‬
‫ومنتخبيها‪ ،‬ال سيما من خالل وضع مدونات وقواعد سلوكية تحدد اإلطار الذي يضمن األداء‬
‫السليم والنزيه والمالئم للوظائف العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬ابرام الصفقات العمومية‪ :‬ففي مجال الصفقات العمومية يجب أن تؤسس اإلجراءات المعمول بها‬
‫على قواعد الشفافية والمنافسة الشريفة وعلى معايير موضوعية‪ .‬مع حق كل طرف في الطعن في‬
‫حالة عدم احترام قواعد ابرام الصفقات العمومية‪ .‬وفي هذا اإلطار فقد عهدت الجزائر لهيئات‬

‫‪ 1‬علي بقشيش‪" ،‬إشكالية تأثير الفساد اإلداري على برامج التنمية وتطبيق آليات الحكم الراشد في البلدان النامية مع اإلشارة إلى حالة الجزائر"‬
‫(أطروحة دكتوراه علوم في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص التنظيم السياسي واإلداري‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،)2013/2012 ،3‬ص‪.‬‬
‫‪.220‬‬
‫‪ 2‬برابح حمزة‪" ،‬الحوكمة المحلية كآلية لتسيير الجماعات المحلية في الجزائر" في حوكمة التنمية المستدامة في النظرية والتطبيق‪-‬دراسة لبعض‬
‫النماذج والمؤشرات‪ ،‬تأليف عدد من الباحثين‪ ،‬اشراف بوحنية قوي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الكتاب الحديث‪ ،2017 ،‬ص‪45. .‬‬
‫‪278‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إدارية وقضائية مهمة مكافحة الفساد كالمفتشية العامة للمالية ومجلس المحاسبة والهيئة الوطنية‬
‫لمكافحة الفساد‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تفعيل التعاون ما بين البلديات ودعم دورها على المستوى الدولي‬
‫تعتبر البلدية أسلوبا من أساليب اإلدارية الحديثة‪ ،‬فهي عبارة عن قناة اتصال بين المواطن والدولة‪،‬‬
‫كما أنها الجهاز التنفيذي الذي يقوم بتنفيذ المشاريع التنموية المحلية‪ ،‬ومن أجل القيام بذلك يمكن للبلديات‬
‫أن تتعاون فيما بينها لتحقيق المصالح المشتركة‪ ،‬كما يمكنها االستفادة من الخبرات الدولية في مجاالت‬
‫التنمية المحلية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تفعيل التعاون ما بين البلديات‬
‫يندرج التعاون ما بين البلديات في إطار الشراكة بين القطاع العام‪-‬العام‪ ،‬وبالتالي فهو يكتسي أهمية‬
‫اقتصادية واجتماعية‪ ،‬اذ توفر عملية التعاون تجميع الموارد وإنجاز مشاريع مشتركة وتبادل للخبرات‬
‫والتجارب في فضاء أوسع يسمح بحركية وتفاعل بين أطراف متعددة متنافسة‪ ،‬كما أن هذا التعاون يساعد‬
‫على احداث وتراكم للثروة مما يساهم في توسيع الوعاء الضريبي للموارد المحلية‪ ،‬فالتعاون بين البلديات‬
‫‪1‬‬
‫يمكن أن يشكل حجر زاوية لتطوير التنمية االقتصادية واالجتماعية في هذا الفضاء‪.‬‬
‫كثيرا ما ترغب البلديات ببسط سلطتها على كل المجاالت التي يحق لها التدخل فيها‪ ،‬إال أنها تصطدم‬
‫بشح امكانياتها‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك بلديات معروفة بغناها سواء لكثرة إيراداتها أو ضخامة امكانياتها‬
‫ووسائلها الخاصة‪ ،‬مما يثير التساؤل عن مدى إمكانية التعاون والتضامن ما بين البلديات لخلق نوع من‬
‫‪2‬‬
‫التوازن بين البلديات الغنية والفقيرة‪ .‬ويمكن أن يأخذ هذا التعاون ما بين البلديات األشكال التالية‪:‬‬
‫‪ ‬المعاهدات البلدية‪ :‬حيث تتضمن هذه المعاهدات انجاز مشاريع تتجاوز بلدية واحدة وتكون منفعتها‬
‫لعدة بلديات متجاورة‪ ،‬فيتم تقسيم األعباء بين البلديات وتنسيق المجهودات إلنجاز المطلوب من‬
‫المنشآت وتحسين الخدمات‪ .‬ويمكن القول أن المعاهدات البلدية تمثل حال ناجعا لالستجابة‬
‫لحاجيات السكان أمام الوضعية المتدنية للبلديات خاصة النائية منها‪.‬‬
‫‪ ‬الشركات المختلطة‪ :‬ان من أهم مبررات اللجوء الى هذا النوع من الشركات هو التحول نحو‬
‫اقتصاد السوق وتالشي التفرقة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬حيث تساهم الجماعات المحلية في‬
‫هذه الشركات بأغلبية تفوق ‪ % 50‬أما الباقي فيكون اسهاما من متعاملين خواص أو عموميين‬
‫كغرف التجارة والصناعة‪ ،‬وتهتم هذه الشركات بترقية نشاطات البناء والتسيير العقاري واستغالل‬
‫المرافق العامة‪ .‬كما قد تكون مساهمة الجماعات المحلية بتكتل ما بين عدد من البلديات‪.‬‬
‫‪ ‬المؤسسات العمومية البلدية‪ :‬ويتم هذا التعاون من خالل أن تشترك المجالس الشعبية لبلديتين أو‬
‫أكثر في مؤسسة عمومية مشتركة بين البلديات تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪،‬‬
‫وذلك من أجل تقديم الخدمات أو التجهيزات أو المصالح ذات المنفعة المشتركة بينها‪ ،‬من أجل‬
‫تطوير نظام اإلدارة المحلية وخلق التعاون بين المجالس المحلية لتنفيذ وإدارة مشاريع الخدمات‬

‫‪ 1‬بن عيسى قدور‪" ،‬التعاون ما بين البلديات بين القانون والممارسة" في المجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬مجلة سداسية محكمة‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬المجلد ‪ ،05‬العدد ‪ ،)2012( 01‬ص‪.316.‬‬
‫‪ 2‬بلجياللي أحمد‪" ،‬إشكالية عجز ميزانية البلديات‪ ،‬دراسة تطبيقية لبلديات‪ :‬جياللي بن عمار‪ ،‬سيدي علي مالل‪ ،‬قرطوفة بوالية تيارت" (مذكرة‬
‫ماجستير ‪ ،‬قسم العلوم االقتصادية في إطار مدرسة الدكتوراه‪ ،‬فرع تسيير المالية العامة‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان‪ ،)2010/2009 ،‬ص‬
‫ص‪.227 .226 .‬‬
‫‪279‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المشتركة‪ 1 .‬فمثال تنشأ البلدية (أ) مؤسسة مختصة في البناء‪ ،‬أما البلدية (ب) فتنشأ مؤسسة‬
‫مختصة في تعبيد الطرقات وإنجاز قنوات الصرف الصحي‪ ،‬لتستفيد كلمن البلديتين من نشاط كال‬
‫المؤسستين‪.‬‬
‫‪ ‬األخذ بتقنية المقارنة المرجعية‪ :‬تعرف المقارنة المرجعية على أنها " البحث عن كيفية تحسين‬
‫أنفسنا عن طريق التعلم من اآلخرين"‪ ،‬ويمكن للبلديات أن تخطو هذه الخطوة عن طريق تبادل‬
‫األفكار وتحسين األداء العام بالتعلم من البلديات الرائدة في مجال التسيير‪ ،‬وإدارة الموارد والبحث‬
‫في أسباب غناها‪ ،‬وبالتالي تحاول البلديات التي تعاني نقصا في اإلمكانيات األخذ بتلك األسباب‪،‬‬
‫كما يمكن للبلديات أن تتعاقد مع الجامعات والمعاهد وتضمن للطلبة وسطا للقيام بالدراسات‬
‫‪2‬‬
‫التطبيقية على مستواها‪ ،‬وفي مقابل ذلك يتم تكوين موظفي البلديات في تلك المعاهد والجامعات‪.‬‬
‫وفي الجزائر فقد نصت الدساتير والقوانين على إمكانية التعاون ما بين البلديات منذ االستقالل‪ ،‬وأول‬
‫نص قانوني في هذا المجال يتمثل في األمر ‪ 24/67‬الذي نص في بابه الثاني المعنون تجمعات البلديات‬
‫على إمكانية التعاون ما بين البلديات‪ ،‬بتجميع مواردها قصد انجاز مشاريع أو القيام بأعمال ذات منفعة‬
‫مشتركة‪ ،‬كما أنه قد حدد األمر ‪ 24/67‬ثالثة أشكال لهيئات ومصالح التعاون ما بين البلديات تتمثل فيما‬
‫‪3‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬نقابات البلديات‪ :‬تحدث نقابات البلديات على شكل مرافق عامة تتمتع بالشخصية المعنوية لمدة‬
‫غير محددة‪ ،‬بقرار من مجالس البلديات المعنية بموجب قرار الوالي أو الوزير‪ ،‬وانشاء هذه النقابة‬
‫يهدف الى انجاز مشاريع أو مصالح ذات منفعة مشتركة‪ .‬وتخضع هذه النقابة ما بين البلديات‬
‫لنفس أحكام الوصاية وللقواعد اإلدارية والمحاسبة المطبقة على البلديات‪ ،‬يتم تسييرها من طرف‬
‫لجنة مشكلة من أعضاء منتخبين من قبل المجالس البلدية المكونة للنقابة ما بين البلديات‪ ،‬تمويل‬
‫نفقات احداث وتسيير وصيانة وتجهيز النقابة تدرج في ميزانية النقابة وتخصص اعانات‬
‫ومساهمات للتجهيز وكذا مداخيل القروض والهبات والوصايا لنفقات التجهيز واالستثمار‪.‬‬
‫ب‪ .‬لقاءات ما بين البلديات‪ :‬يمكن لمجالس بلديتين أو أكثر عقد اجتماعات لمناقشة المواضيع ذات‬
‫االهتمام المشترك والتي تدخل في اختصاصاتها‪.‬‬
‫ت‪ .‬لجان تسيير األمالك والحقوق المشاعة‪ :‬انه وفي حالة وجود أمالك وحقوق مشاعة ما بين بلديتين‬
‫أو أكثر بموجب المادة ‪ 27‬من االمر ‪ 24/67‬يمكن لهذه البلديات احداث لجنة من أجل تسيير هذه‬
‫األمالك والحقوق المشاعة‪ ،‬وتتشكل هذه اللجنة من مندوب عن كل بلدية‪ ،‬رئيس اللجنة ينتخب من‬
‫بين م ندوبي البلديات المعنية من قبل المجالس البلدية المعنية‪ ،‬تتجدد هذه اللجنة بتجدد المجالس‬
‫البلدية المعنية‪.‬‬
‫إذن فإحداث فضاء للتعاون ما بين البلديات في إقليم محدد يساهم في حل عدة مسائل إدارية ومالية‪،‬‬
‫ويساعد على التنسيق ما بين البلديات المتجانسة للتكفل بقضايا التنمية االقتصادية واالجتماعية والمسائل‬
‫البيئية والتهيئة العمرانية‪ ،‬كما يحل مشكل الصراعات على الحدود ما بين البلديات‪ ،‬ان التشابه ما بين‬
‫البلديات في الظروف والجوارية تتطلب انجاز مشاريع مشتركة في عدة مجاالت كالمجال االجتماعي‬

‫‪ 1‬فريدة مزياني‪" ،‬دور الجماعات المحلية في مجال االستثمار" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في‬
‫الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ 2009‬من طرف مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل) في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.63 .‬‬
‫‪ 2‬بلجياللي أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.227 .‬‬
‫‪ 3‬بن عيسى قدور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.318 .‬‬
‫‪280‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫والهياكل القاعدية والمرافق الرياضية والثقافية‪ ،‬وقد تساهم في حل مشكلة العقار خاصة في البلديات‬
‫‪1‬‬
‫الساحلية حيث تمكن من انشاء مناطق عمرانية ما بين عدة بلديات‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دعم دور البلديات على المستوى الدولي‬
‫فمن الضروري أن تكون البلديات الجزائرية مؤهلة إلبرام اتفاقيات تعاون مع بلديات تابعة لدول‬
‫أجنبية‪ ،‬وذلك لالستفادة من تجارب وخبرات ومساعدات البلديات األجنبية‪ ،‬كما أن االنضمام إلى‬
‫‪2‬‬
‫المنظمات الدولية يمكنها من االستفادة من خدماتها في مجال القانون البلدي الدولي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ويتحقق دور البلديات على المستوى الدولي وفق ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬اتفاقية التوأمة لدعم دور البلديات على المستوى الدولي‪ :‬إن اتفاقية التوأمة تعد أسلوبا للتعاون‬
‫بين بلديات تابعة لدول صديقة أو شقيقة‪ ،‬من أجل تبادل الخبرات في الميادين االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية والفنية‪ ،‬وتظهر أهميتها في التعريف بالبلديات على المستوى الدولي وخلق‬
‫جو التعاون‪.‬‬
‫‪ ‬عمل البلديات على المستوى الدولي‪ :‬هناك منظمات دولية ذات طابع بلدي تضم البلديات‬
‫المنخرطة فيها وتقوم بمباشرة األنشطة واللقاءات على المستوى الدولي‪ ،‬وقد يمتد نشاطها في‬
‫نطاق رقعة جغرافية معينة كمنظمة المدن العربية‪ ،‬ومنظمة العواصم والمدن اإلسالمية‪ ،‬واتحاد‬
‫المدن ا الفريقية‪ ،‬كما قد يمتد نشاطها على مستوى العالم ككل كاالتحاد الدولي للمدن والسلطات‬
‫المحلية‪ ،‬واالتحاد العالمي للمدن المتوأمة‪ ،‬الجمعية العالمية لكبريات المدن‪ ،‬المركز التعاوني لمدن‬
‫العالم‪ ،‬مؤتمر العواصم اإلسالمية‪ ،‬الجمعية الدولية لكبريات المدن الناطقة كليا أو جزئيا باللغة‬
‫الفرنسية‪ .‬فعلى البلديات الجزائرية إبرام اتفاقيات التوأمة لتشمل مجاالت التعاون الدولي‬
‫االجتماعية والثقافية والرياضية والفنية واالقتصادية‪ ،‬كما عليها أن تشارك في التظاهرات الدولية‬
‫التي تعقدها المنظمات الدولية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬إعادة النظر في ميكانيزمات التمويل المحلي‬
‫إن تحسين أداء الجماعات المحلية واستقالليتها في تسيير شؤونها مرتبط بتطور نظامها المالي‪،‬‬
‫هذا األخير الذي كان موضع اهتمام السلطات العمومية باستمرار سواء على مستوى الخطاب السياسي‬
‫أو على مستوى االهتمامات الحكومية‪ ،‬للتفكير في كيفية جعل الجماعات المحلية قادرة على امتالك‬
‫الوسائل المالية الكافية‪ ،‬وكذا كيفية تحفيز أو دفع هذه الجماعات على تسييرها بشكل محكم قصد توفير‬
‫‪4‬‬
‫خدمات إدارية واقتصادية واجتماعية وثقافية تلبي الحاجات الضرورية للمواطنين‪.‬‬
‫كما أن نجاح اإلصالح المالي للجماعات المحلية مرتبط بمدى إصالح جهازها اإلداري‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن الجانب البشري يساهم في السير الحسن للموارد المالية‪ ،‬وعليه فإن تفعيل دور الجماعات‬
‫المحلية يستدعي وجود أفراد على درجة عالية من المهارة والكفاءة‪ ،‬إذ أن االهتمام باإلجراءات‬
‫التنظيمية واإلدارية وتطبيق قوانين الجماعات المحلية‪ ،‬يمكن الجماعات المحلية من تجاوز العجز‬
‫‪5‬‬
‫الدائم لميزانيتها‪ ،‬ويساهم في تحقيق التنمية المحلية‪.‬‬

‫‪ 1‬بن عيسى قدور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.327.‬‬


‫‪ 2‬فريدة مزياني‪" ،‬دور الجماعات المحلية في مجال االستثمار"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.64 .‬‬
‫‪ 3‬فريدة مزياني‪" ،‬المجالس الشعبية المحلية في ظل نظام التعددية السياسية في التشريع الجزائري" (أطروحة دكتوراه دولة في القانون‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،)2005 ،‬ص ‪.225.‬‬
‫‪ 4‬زغداوي محمد‪ " ،‬المجموعات اإلقليمية في الجزائر‪ :‬أية إصالحات"‪ ،‬في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬العدد ‪( 35‬جوان‬
‫‪ ،)2011‬ص‪.204 .‬‬
‫‪ 5‬عبد الكريم مسعودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.145 .‬‬
‫‪281‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ومن أجل تنمية الموارد المالية ال بد من توسيع سلطات الوحدات المحلية في الحصول على‬
‫إيراداتها الذاتية‪ ،‬كما يجب أن يكون لكل منها ميزانية مستقلة يتم إعدادها على المستوى المحلي‪،‬‬
‫بحيث يتم ترشيد اإلنفاق العام‪ ،‬وتطوير القدرات الفنية واإلدارية للعاملين في اإلدارة المحلية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى إعداد دراسات فنية واقتصادية وتهيئة المناخ المناسب لالستثمار‪ ،‬وضرورة تنظيم‬
‫الجهود الذاتية الخاصة باألفراد والقطاع الخاص‪ ،‬كما أن دعم الالمركزية المالية يكون من خالل‬
‫‪1‬‬
‫توسيع صالحيات الوحدات المحلية في فرض الضرائب والرسوم في إطار ضوابط مركزية‪.‬‬
‫وتفرض التحديات التي تعيشها الدولة في ظل العولمة إعادة النظر في السياسات المتبعة خاصة‬
‫في المجال المالي‪ ،‬وبالتالي فإنه عليها البحث عن طرق وأفكار جديدة تساهم في تحسين األداء وتلبية‬
‫‪2‬‬
‫احتياجات المواطنين من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تفعيل نظام الزكاة‪ :‬فالزكاة تعتبر من الموارد المالية األساسية في النظام المالي اإلسالمي‬
‫وأداة فعالة لتمويل التنمية المحلية‪ ،‬خاصة وأنها تتسم بطابع محلي اذ أنه ال يجوز نقل‬
‫حصيلتها من مكان جمعها الى مكان آخر حتى يكتفي أهل ذلك اإلقليم تماما‪ ،‬ويساهم ذلك في‬
‫إعادة توزيع الدخل توزيعا عادال متوازنا وشامال‪ ،‬ومنه فان موارد الزكاة تساهم في تدعيم‬
‫األشخاص الراغبين في العمل والقادرين عليه إلنشاء مؤسسات صغيرة تعمل على سد‬
‫الطلبات المحلية‪ ،‬وبالتالي فهي تخفف العبء عن الدولة وعن الهيئات المحلية‪ ،‬وتلك‬
‫المشروعات تعتبر نواة تدعيم القطاع الخاص المحلي للمشاركة في التنمية‪.‬‬
‫‪ ‬االستفادة من المورد المالي الوقفي‪ :‬اذ يعد الوقف أحد مصادر التمويل المحلي البديلة والتي‬
‫يمكن للوحدات المحلية توفيرها إلنجاز المشروعات التنموية المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬تدعيم االستثمار المحلي‪ :‬اذ أنه يمكن للجماعات المحلية الدخول في شراكة مع متعاملين‬
‫عموميين أو خواص لالستثمار في مشاريع منتجة ذات عوائد وأرباح‪ ،‬وعدم االعتماد على‬
‫اعانات الدولة وحدها ألن ذلك يؤدي الى عرقلة السير الحسن لتطور المشاريع فاللجوء الى‬
‫التمويل الخارجي ال يكون اال في حالة المشاريع الكبرى التي تستدعي تدخل الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬اصالح آلية اإلقتراض المصرفي‪ :‬حيث أن الشروط التي تضعها المؤسسات المالية تجعل‬
‫الجماعات المحلية عاجزة عن طلب هذه القروض‪ ،‬وبالتالي ال بد من إعادة النظر في شروط‬
‫االقتراض المصرفي وإعطاء الحق للجماعات المحلية بطلب القروض حسب قدرتها المالية‪،‬‬
‫وأن تكون طويلة المدى وتتشكل ضماناتها من موارد دائمة‪.‬‬
‫‪ ‬انشاء صناديق معاشات محلية‪ :‬تعمل هذه الصناديق على استقطاب المدخرات واستثمارها‬
‫في مشاريع منتجة للمداخيل‪ ،‬وهذه اآللية تطبقها الدول المتقدمة لتمويل ميزانياتها المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬إعادة النظر في اإلعانات الحكومية المقدمة للجماعات المحلية‪ :‬وذلك من خالل المعايير التي‬
‫تمنح على أساسها تلك اإلعانات‪ ،‬ووضع معايير موحدة لتوزيع اإلعانات الحكومية على‬
‫المجالس الشعبية المحلية‪ ،‬من بين هذه المعايير عدد السكان‪ ،‬حجم النشاط‪ ،‬وكذا الوضع‬
‫المالي للوحدة المحلية‪.‬‬

‫‪ 1‬حياة بن سماعين ووسيلة السبتي‪" ،‬التمويل المحلي للتنمية المحلية‪ :‬نماذج من اقتصاديات الدول النامية" (ورقة مقدمة في الملتقى الدولي حول‪:‬‬
‫سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات‪-‬دراسة حالة الجزائر والدول النامية‪ ،-‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير مخبر العلوم‬
‫االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬المنعقد يومي‪ 21 :‬و‪ 22‬نوفمبر ‪ ،)2006‬ص‪.02 .‬‬
‫‪ 2‬صفاء بن عيسى ونوري ياسمين‪" ،‬واقع التنمية المحلية في الجزائر‪ :‬رهانات وآفاق" (ورقة مقدمة في اليوم الدراسي حول‪ :‬إدارة التنمية المحلية‬
‫في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة غرداية يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪.)2015‬‬
‫‪282‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫باإلضافة إلى العمل على زيادة عصرنة تقنيات تسيير الجماعات المحلية‪ ،‬باالهتمام بالمورد البشري‬
‫وتعميم الحوسبة‪ ،‬كذلك جعل الجماعات المحلية فاعال مهما مع اإلدارة المركزية في تحمل المسؤولية‬
‫والمهام في المجال الجبائي‪ ،‬من أجل تحسين عملية التحصيل الضريبي‪ ،‬وكذا تفعيل الرقابة الجبائية للحد‬
‫‪1‬‬
‫من خسائر الخزينة العمومية‪ ،‬وعجز البلديات جراء التهرب والغش الضريبيين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن أجل تطوير الجباية المحلية وتمكنها من تغطية العجز المالي للبلديات ال بد من القيام بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعميق اصالح النظم الضريبية المركزية والمحلية وتحسين فعالية اإليرادات‪ ،‬بما يضمن تشكيل‬
‫محاور فعالة لتوجيه السياسة االقتصادية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬اعداد برامج توعية للمواطنين واألحزاب السياسية لتنمية الوعي بأهمية الضريبة والرفع من‬
‫درجات تحمل المسؤولية خاصة على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ -‬تكوين الموارد البشرية للجماعات المحلية وللمصالح الضريبية لمعالجة سوء التسيير وعدم كفاءة‬
‫السلطات المحلية من جهة وإلى المساهمة في تقليص ظاهرتي الغش والتهرب الضريبي‪.‬‬
‫‪ -‬التنسيق بين الجماعات المحلية وبقية القطاعات ذات العالقة بالملف الضريبي مما يؤدي إلى تفعيل‬
‫الرقابة الجبائية والمجتمعية ويضمن تطور الجباية المحلية ويحد من آثار التهرب الضريبي‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد واضح للمسؤوليات وتعريف دقيق للموارد الجبائية الخاصة بالجماعات المحلية‪ ،‬من أجل‬
‫تنميتها وإزالة الغموض والتعقيدات التي تنتاب بعض النصوص التشريعية‪ ،‬هذا األمر يؤدي إلى‬
‫تحقيق التزام أكبر في جمع الضريبة وإعادة توزيعها‪.‬‬
‫كما أنه على الجماعات المحلية أن تتوفر على موارد خاصة وكافية حتى تمكنها من أداء مهامها‬
‫وتحقيق التكافؤ بين النفقات واإليرادات‪ ،‬ويتم ذلك من خالل‪ :‬تحسين مردودية الجباية المحلية وتكيفها مع‬
‫المتطلبات الحالية والمستقبلية وذلك من أجل تحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬البحث عن أوعية ضريبية‬
‫متنوعة‪ ،‬االهتمام بالموارد غير الجبائية وإعادة النظر فيها‪ ،‬تطوير األداء الخدماتي ألعوان النظام من‬
‫خالل تعميق المعارف نظريا وتطبيقيا من أجل التحكم تقنيا في ضبط وتحديد أسس الضريبة وكذا زيادة‬
‫التحصيل الضريبي‪ ،‬العمل على رفع الوعي الضريبي للمكلفين من خالل المنشورات والدوريات واأليام‬
‫الدراسية وتفعيل تجسيد العدالة الضريبية والرشادة في االنفاق العام‪ ،‬العمل على محاربة الغش الجبائي‬
‫‪3‬‬
‫عن طريق أساليب وقائية على المستوى التشريعي وعلى مستوى اإلدارة الجبائية ويتم ذلك عن طريق‪:‬‬
‫أ‪ -‬العمل على تبسيط النظام الجبائي ومحاولة التخفيض من حدة الضغط الجبائي والرفع من شدة‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫ب‪ -‬توفير إمكانيات مادية واستعمال وسائل حديثة ذات تكنولوجيا متطورة‪.‬‬
‫ت‪ -‬تخصيص المكافئات المهنية والحوافز ألعوان الجهاز اإلداري الضريبي‪.‬‬
‫ث‪ -‬ايقاظ الحس الجبائي بترشيد سياسة االنفاق وتحديد مصير اإليرادات الجبائي‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬توفر مجتمع مدني فعال‬
‫فحيوية المجتمع المدني تكمن في قدرته على تأطير المواطنين على العمل التطوعي والمشاركة في‬
‫التنمية الحقيقية للبالد‪ ،‬وبالتالي ال بد من السماح لهذه الجمعيات ودعمها بكافة الوسائل نحو هيكلة الفرد‪،‬‬

‫‪ 1‬بوزيدة حميد‪" ،‬تحديات تمويل ميزانيات الجماعات المحلية في الجزائر" (أعمال المؤتمرات للمنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ " ،‬إدارة التغيير في‬
‫اإلدارات المحلية والبلديات"‪ ،‬بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات المحلية والبلديات‪-‬خيارات وتوجهات‪،‬‬
‫إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو‪ ،)2011‬ص‪.136 .‬‬
‫‪ 2‬شوقي جباري وعولمي بسمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.40 .‬‬
‫‪ 3‬بن صغير عبد المومن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.108 .‬‬
‫‪283‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫من أجل اشراكه في العمل المشترك في تنفيذ المشاريع مع األجهزة الرسمية في إطار صنع السياسات‬
‫‪1‬‬
‫المحلية واضفاء الرقابة والمشاركة في تنفيذ المشاريع‪.‬‬
‫ويتم تفعيل دور جمعيات األحياء من خالل إشراكها في البرامج التنموية بشكل مباشر استثماري أو‬
‫غير مباشر تطوعي لتصبح أداة رقابة ومتابعة لهذه المشاريع في األحياء التي تنتمي إليها‪ ،‬مثل عملية‬
‫تزيين المحيط واالنارة العمومية والنظافة والحفاظ على البيئة‪ ،‬على شرط أن تجد هذه الجمعيات الصغيرة‬
‫‪2‬‬
‫تأطيرا لها على مستوى لجان المجالس المحلية حتى تكون لها سلطة اإلشراف والمراقبة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ولمشاركة المجتمع المدني في تدبير الشأن المحلي أهمية كبيرة وتكمن هذه األهمية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يعتبر المجتمع المدني اإلطار األنسب لتمثيل شرائح كبيرة من المواطنين‪ ،‬يتقاسمون انشغاالت‬
‫مشتركة بخصوص حياتهم اليومية‪ ،‬ومن خالل المشاركة يستطيعون صياغة القرارات المتعلقة‬
‫بتسيير الشأن المحلي وتنفيذها‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن للمجتمع المدني من ممارسة الضغط على الجهات الرسمية بالنقد والرقابة لضمان شفافية‬
‫تسييرها للشأن العمومي على المستوى المحلي‪ ،‬فحسب الكسيس توكفيل فإنه‪" :‬ال بد من عين‬
‫فاحصة ومستقلة‪ ،‬هذه العين الفاحصة ليست سوى مجموعة متعددة من الجمعيات المدنية الدائمة‬
‫اليقظة والقائمة على التنظيم الذاتي‪ ،‬وهي الضرورة الالزمة لدعم الديموقراطية وتحقيق غاياتها‬
‫في اشراك النسبة األكبر من المجتمع في مؤسسات الدولة أو مراقبتها"‪.‬‬
‫‪ ‬يتيح تفعيل دور المجتمع المحلي للسلطات المحلية اطارا مالئما للحوار وحل المشاكل اليومية‬
‫للمواطن بشكل يساهم في دعم الثقة بينها وبين المواطنين‪.‬‬
‫‪ ‬تؤدي مشاركة المواطنين في تدبير الشأن العام من خالل الجمعيات إلى تجميع الطاقات وتبادل‬
‫اآلراء للوصول إلى اآلليات المناسبة للتكفل بانشغاالتهم‪ ،‬ومن ثم تبليغها للجهات الرسمية‬
‫لتجسيدها في مشاريعها ومخططاتها التنموية‪ ،‬مما يجعل هذه المخططات عبارة عن انعكاس‬
‫لمقترحات وطموحات المواطنين وبالتالي تحظى بقبولهم‪.‬‬
‫‪ ‬تعتبر مشاركة المجتمع المدني شرطا أساسيا إلرساء قواعد الحكم الراشد‪ ،‬على اعتبار أنه أحد‬
‫أطراف الحكم الراشد (الحكومة‪ ،‬القطاع الخاص‪ ،‬المجتمع المدني)‪.‬‬
‫فينبغي على السلطة المحلية السماح بإنشاء الجمعيات المدنية وفسح المجال أمامها للمساهمة في خدمة‬
‫المجتمع ومراقبة تنفيذ المشاريع وتوفير أطر المشاركة عبر جمعيات األحياء ومجالس المدينة‪ ،‬فهي دعامة‬
‫لقرارات الجماعات المحلية وكوسيلة لتحديث االقتراحات وترشيد القرارات ودمج متطلبات واحتياجات‬
‫المجتمع المحلي ضمن مخططات وسياسات واستراتيجيات تحقيق متطلبات التنمية المحلية والتنمية‬
‫‪4‬‬
‫القومية‪.‬‬
‫حيث تستطيع تنظيمات المجتمع المدني المشاركة في تسيير الشؤون العامة على المستوى المحلي من‬
‫خالل عدة آليات تتيح لها إمكانية التأثير في عملية اتخاذ القرار وضمان الشفافية في عملية رسم وتنفيذ‬

‫‪ 1‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.126 .‬‬
‫‪ 2‬قوي بوحنية ومحمد الطاهر قزيز‪ " ،‬دور الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في التنمية المستدامة‪ :‬مدخل اإلدارة المحلية"‪ ،‬في الديمقراطية‬
‫التشاركية في ظل اإلصالحات السياسية واإلدارية في الدول المغاربية‪ ،‬ط‪ ،1‬إشراف‪ :‬بوحنية قوي‪ ،‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص‪.142 .‬‬
‫‪ 3‬األمين سويقات‪ " ،‬دور المجتمع المدني في تكريس الديموقراطية التشاركية‪ :‬دراسة حالتي الجزائر والمغرب" في مجلة دفاتر السياسة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪( 17‬جوان ‪ ،)2017‬ص‪.245 .‬‬
‫‪ 4‬فريدة كافي وزكية آكلي‪" ،‬التنمية المحلية في الجزائر قراءة للنهوض بالمقومات وتجاوز العوائق"‪ ،‬في مجلة اقتصاديات المال واألعمال‪ ،‬مارس‬
‫‪ ،2017‬ص‪.111 .‬‬
‫‪284‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫السياسات العامة وممارسة دور هام في عمليتي الرقابة والتقويم‪ .‬ومن بين آليات مساهمة تنظيمات‬
‫‪1‬‬
‫المجتمع المدني في تسيير الشؤون العامة على المستوى المحلي نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬المشاركة في ضمان نزاهة االنتخابات المحلية‪ :‬فلكي يتمكن المجتمع المدني من ضمان الشفافية‬
‫وممارسة دوره الرقابي فإنه يعطى له دور هام في اللجان الخاصة بمراقبة االنتخابات التي تفضي‬
‫إلى انتخاب أعضاء المجالس المحلية‪ ،‬ومن أجل ذلك قامت الجزائر في إطار اإلصالحات التي‬
‫عرفتها بدسترة عضوية تنظيمات المجتمع المدني في الهيئة العليا المستقلة لمراقبة االنتخابات‪ ،‬إذ‬
‫تنص المادة ‪ 194‬من التعديل الدستوري ‪ 2016‬على أن تحدث هيئة عليا مستقلة لمراقبة‬
‫االنتخابات‪ ،‬تترأسها شخصية وطنية يعينها رئيس الجمهورية بعد استشارة األحزاب‪ ،‬وتتكون‬
‫بشكل متساو من قضاة يتم اقتراحهم من المجلس األعلى للقضاء ويعينهم رئيس الجمهورية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى كفاءات مستقلة يعينها رئيس الجمهورية بعد اختيارهم من ضمن المجتمع المدني‪.‬‬
‫‪ .2‬المشاركة في التشريع والرقابة‪ :‬حتى يساهم المجتمع المدني في تسيير الشأن المحلي ال بد أن‬
‫يكون له دور في رسم السياسات العامة وإبداء رأيه وطرح انشغاالته على المؤسسة التشريعية‬
‫حتى تكون النصوص القانونية معبرة عن آراءه وتحمل الحلول المناسبة النشغاالته وطموحاته‪،‬‬
‫وحتى آليات طرق مشاركته وممارسته في ضمان الشفافية والرقابة على المستوى المحلي‪.‬‬
‫والمالحظ في الجزائر أن آليات مشاركته في البرلمان محدودة جدا وال تلبي مطالب هذه‬
‫التنظيمات‪ ،‬هذا ما يدفعها إلى تجاوز المؤسسة البرلمانية واللجوء إلى الهيئة التنفيذية باستعمال كل‬
‫الوسائل المتاحة من أجل الضغط عليها كاإلضرابات واالحتجاجات خاصة في ظل وجود صحافة‬
‫مستقلة يمكن من خاللها طرح انشغاالتها ليزيد من اكسابها قوة إضافية تضطر الحكومة لتلبية‬
‫مطالبها والتكفل بانشغاالتها‪ ،‬وخير مثال عن ذلك ما قامت به الجمعيات النسوية في الجزائر‪ ،‬عند‬
‫مطالبتها بتخصيص كوتا خاصة بالنساء في القوائم االنتخابية تتوافق ونسبة تمثيلها في المجتمع‪،‬‬
‫وقد عززت طلبها بنسبة تواجد المرأة في قوائم الترشيح لالنتخابات والتي تبين تخلف المرأة‬
‫الجزائرية عن نظيراتها في كل من تونس والمغرب‪ ،‬وقد جسدت مطالبها في مذكرة تتضمن جملة‬
‫من االقتراحات من أجل ضمان تمثيل مناسب للمرأة في المؤسسات السياسية والعمومية‪.‬‬
‫‪ .3‬المشاركة في تدبير الشأن المحلي‪ :‬حيث تلعب منظمات المجتمع المدني دورا هاما في اتخاذ‬
‫القرار وضمان الشفافية والمراقبة باعتبارها فاعال هاما في إرساء مبادئ الحكم الراشد على‬
‫المستوى المحلي‪ ،‬والذي ال يمكن تحقيقه إال بتطبيق الديموقراطية التشاركية‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫بإرساء اتصال دائم بين المنتخبين والناخبين خالل كل عهدة‪ ،‬وليس فقط أثناء االنتخابات‪ ،‬فال‬
‫بدمن اشراك المواطنين وال سيما من خالل منظمات المجتمع المدني في تسيير شؤونهم المحلية‬
‫والمساهمة الفعالة في التنمية المحلية‪ ،‬إذ أن تغييب المواطن عن المشاركة في اتخاذ القرارات‬
‫وعند غياب أو فشل من يلبي احتياجاته فإنه يلجأ للتعبير عن استياءه بالفوضى واغالق الطريق‬
‫العام باإلضافة إلى القيام بأعمال تخريبية‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬ضرورة االعتماد على المقاربة التشاركية‬
‫إن التنمية لم تعد من مسؤولية الدولة وأجهزتها فقط‪ ،‬بل أصبحت تعني المجتمع ككل‪ ،‬تقودها الحكومة‬
‫وبمشاركة حقيقية وفعالة من مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬وفي ظل تفتح الدولة على المجتمع المدني بات من‬
‫الضروري البحث عن أرضية اتفاق جديدة تقوم على مبادئ وآليات عمل مشتركة ومتكاملة‪ ،‬عوضا عن‬

‫‪ 1‬األمين سويقات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.247 .‬‬


‫‪285‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫عالقة التوتر والتنافر التي أثرت بشكل سلبي على مسيرة التنمية في الماضي‪ ،‬ويمكن تحديد هذه المبادئ‬
‫‪1‬‬
‫واآلليات فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬إرساء ثقافة الشأن العام التي ستسمح بتجاوز النظرة السائدة في التصور الذهني الغالب بأن المال‬
‫العام هو مال سائب (ال صاحب له)‪ ،‬حيث ستسمح هذه الثقافة الجديدة باندماج السكان في العملية‬
‫التنموية عبر وسائط تشاركية لتخفيض التوترات االجتماعية‪ ،‬كما أنها تؤدي الى اكتساب‬
‫المصداقية والتأي يد للمجهود التنموي الذي يهدف الى تحقيق حاجات الفئات االجتماعية المختلفة‪،‬‬
‫من خالل تنقل المسؤولين لمعاينة المشاريع والتقاء القيادات المدنية واستقبال المواطنين والتكفل‬
‫بانشغاالتهم‪.‬‬
‫‪ .2‬المكاشفة والمحاسبة والشفافية وتعزيز الرقابة الشعبية‪ ،‬مما يسمح بإزالة الغموض واالبهام حول‬
‫إدارة الشأن العام وإبراز األهداف المتوخاة من مجهود التنمية المحلية‪ ،‬والتي تتواصل مع التنمية‬
‫الوطنية الشاملة‪.‬‬
‫‪ .3‬تنمية وتوسيع فضاءات الحوار والنقاش المحلي حول قضايا الحياة اليومية والمشتركة للسكان‬
‫(كالسكن الالئق‪ ،‬المحيط النظيف‪ ،‬المياه الصالحة للشرب‪ ،‬الصرف الصحي‪ ،‬الطريق‬
‫المرصوف‪ ،‬تمدرس الئق‪ ،‬مساحات خضراء‪ ،‬حدائق عمومية‪ ...‬الخ)‪ ،‬وهذا يسمح ببلورة رؤية‬
‫مشتركة حول أولويات التنمية المحلية وتجميع الطاقات الالزمة لتحقيقها‪.‬‬
‫‪ .4‬اعتماد مبدأ المرافقة من أجل إزالة العراقيل اإلدارية‪ ،‬وبالتالي االطالع على سير تنفيذ المشاريع‬
‫عن قرب‪.‬‬
‫‪ .5‬اعالم المواطنين بتفاصيل المجهود التنموي على المستوى المحلي‪ ،‬ويتم ذلك باالعتماد على‬
‫وسائل التبليغ الجوارية (إذاعة‪ ،‬ملصقات‪ ...‬الخ)‪ ،‬باإلضافة الى بيان تأثير مشاريع التنمية المحلية‬
‫في تحسين إطار حياة السكان‪.‬‬
‫‪ .6‬تعزيز الرقابة الشعبية على أداء القائمين على الشأن العام وتعزيز الديمقراطية المحلية‪ ،‬من خالل‬
‫القيام على ترقية عمل المجتمع المدني عبر اعتماده على الكفاءات المتخصصة والدراسات‬
‫المعمقة لألولويات والمشاريع‪ ،‬مما يحول المجتمع المدني الى قوة اقتراح وضغط على السلطات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪ .7‬االعتماد على قنوات مرنة لالتصال والعمل الجواري‪ ،‬وبلورة آليات للتشاور والمرافقة‪ ،‬من أجل‬
‫اكتسابها قوة في التأثير ومصداقية في التجنيد على المستوى الجماهيري‪ ،‬مما يسهل اندماج‬
‫السكان والمجهود التنموي المحلي‪.‬‬
‫وقد أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على الحكومة بترقية مشاركة أوسع للمجتمع‬
‫المدني في صياغة تصور للتنمية المحلية ومتابعتها من خالل البرامج التنموية البلدية مبرزا أن مشاركة‬
‫‪2‬‬
‫ممثلي السكان إلى جانب المنتخبين المحليين‪ ،‬واإلدارة اإلقليمية ستشكل تكريسا للديمقراطية التشاركية‪.‬‬

‫وعليه فقد طورت وزارة الداخلية والجماعات المحلية مقاربة تشاركية جديدة على المستوى المحلي‬
‫قائمة على إدماج المقاربة التشاركية في برامج التنمية المحلية‪ ،‬من خالل تكوين حاملي شهادات على‬

‫‪ 1‬فؤاد بن غضبان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.236 .‬‬


‫‪ 2‬كربوش أحمد ومحمد تشعبت‪" ،‬واقع التنمية المحلية بالجنوب الجزائري قراءة في البرامج الحكومية فترة ‪( "2015-2010‬ورقة مقدمة في‬
‫اليوم الدراسي حول‪ :‬إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة غرداية يوم‬
‫الخميس ‪ 30‬أفريل ‪ ،)2015‬ص‪.08 .‬‬
‫‪286‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المستوى المحلي على المقاربة التشاركية‪ ،‬وكذا تنظيم ندوات ولقاءات حول ترقية المقاربة اإلقليمية‬
‫‪1‬‬
‫والتشاركية‪.‬‬

‫فإدماج ال مواطن في العملية التنموية أصبح ضروريا في إطار النظرة الجديدة للتنمية المحلية التي‬
‫تقوم على المقاربة التشاركية من خالل إشراكه في رسم السياسات المحلية‪ ،‬تنفيذها والرقابة عليها‪ ،‬حيث‬
‫لم تعد التنمية مسؤولية الدولة وأجهزتها فقط بل أصبحت مسؤولية المجتمع بأسره‪ ،‬لهذا البدّ أن يتم إعالم‬
‫المواطن بتفاصيل المجهود التنموي على المستوى المحلي‪ ،‬عن طريق اعتماد وسائل إعالم جواري‪ ،‬يتم‬
‫فيها طرح انشغاالت المواطنين وتوعيتهم بضرورة مشاركتهم في المجهود التنموي‪ ،‬مثل جمعيات األحياء‬
‫التي تعمل على تقديم اقتراحاتها في مختلف ميادين التنمية المحلية‪ ،‬كما أنّه البدّ كذلك من تفعيل المجالس‬
‫االستشارية التي تض ّم متخصصين بهدف استغالل الكفاءات المحلية في التسيير المحلي وتحقيق الشفافية‬
‫‪2‬‬
‫التامة في تسيير المرافق العمومية‪.‬‬
‫فالمواطن المحلي له دور هام في المشاركة في التفكير واالعداد والتنفيذ للخطط المحلية بما يتفق مع‬
‫األهداف الرئيسية للخطة القومية‪ ،‬وهذا األمر يساعد على وصول المجتمع المحلي إلى عالقة مرضية ما‬
‫بين تطلعاته المشروعة وبين خطط التنمية على المستويات األعلى‪ ،‬فال بد من ربط مشروعات المساعدة‬
‫الذاتية على المستوى المحلي وما بين األهداف القومية‪ ،‬من أجل أن تكون مشاركة المواطنين مشاركة‬
‫فعلية وفعالة‪ ،‬وبالتالي تصبح برامج التنمية نابعة عن المجتمع المحلي نفسه أكثر من أن تكون خططا معدة‬
‫‪3‬‬
‫مسبقا من قبل المسؤولين في مجاالت التنمية المختلفة‪.‬‬
‫وقد تجسدت في الجزائر إرادة للعمل على إرساء آليات تكرس مبدأ المشاركة وتجلى ذلك في عدة‬
‫‪4‬‬
‫محطات أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬الطبعة الثالثة للقاءات الجزائرية الفرنسية لرؤساء البلديات ومسؤولي الجماعات اإلقليمية المنعقدة‬
‫بالجزائر يومي ‪ 25‬و‪ 26‬ماي ‪ ،2016‬والتي جاءت لتكريس التعاون بين البلدين في هذا المجال حيث تمت‬
‫دعوة بعض المنتخبين المحليين لتنشيط الورشات بمداخالت تتناول الموضوع من منظور محلي بالتركيز‬
‫على الجانب العملي وعرض تجربة الجماعة اإلقليمية التي يمثلونها‪ ،‬وقد تم النقاش حول‪ :‬الديموقراطية‬
‫التشاركية‪ ،‬المالية والجباية المحلي في التنمية اإلقليمية‪ ،‬تسيير المدن الكبرى والتنمية المستدامة‪ ،‬الشراكة‬
‫بين القطاع العام والقطاع الخاص في تسيير الشؤون العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬لقاء الحكومة‪-‬الوالة يومي ‪ 12‬و ‪ 13‬نوفمبر ‪ 2016‬وقد حمل هذا اللقاء شعار االقتصاد المحلي عامل‬
‫مشجع للتنمية الوطنية‪ ،‬وقد أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية في الجلسة االفتتاحية من خالل مداخلته‬
‫على توجه الجزائر لتكريس الديموقراطية التشاركية حين قال‪ ...":‬رغم الجهد المبذول‪ ،‬ورغم ما تقوم به‬
‫الجماعات المحلية والمسؤولين المحليين في خدمة المواطن‪ ،‬إال أنه ما يزال مطلوبا منا ومنكم المزيد من‬
‫الجهد‪ ،‬حيث أن المحبذ هو أن يندرج عملكم‪ ،‬من اآلن فصاعدا‪ ،‬ضمن شكل آخر من العالقات بينكم وبين‬
‫اإلدارة وبينكم وبين المواطنين‪ ،‬من خالل تحديد حاجياتهم وترتيبها واالستجابة لتطلعاتهم‪ ،‬بل وعليكم‬
‫مساعدتهم لالنخراط في المسعى التشاركي الكفيل بتطوير الديموقراطية المحلية الحقة"‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ويتم تعزيز المشاركة السياسية المحلية عن طريق‪:‬‬

‫‪ 1‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬ترقية المقاربة التشاركية"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2018/02/28 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar‬‬
‫‪ 2‬صفاء بن عيسى ونوري ياسمين‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.166 .‬‬
‫‪ 4‬األمين سويقات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.252 .‬‬
‫‪ 5‬ناجي عبد النور‪" ،‬إصالح اإلدارة المحلية في الجزائر‪ :‬الواقع واالتجاهات المستقبلية"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.14 .‬‬
‫‪287‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬تهيئة السبل واآلليات المناسبة للمواطنين المحليين كأفراد وجماعات حتى يساهموا في عملية صنع‬
‫القرار من خالل حضور االجتماعات وتنظيم لقاءات مع المواطنين من أجل النقاش حول القضايا‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل دور األحزاب حتى تقوم بدورها في التعبئة والتنشئة والتجنيد وتقديم البرامج والسياسات‬
‫المحلية وتشجيع العمل األهلي‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل العمل البلدي وتعميم مفهوم لجان األحياء‪.‬‬
‫‪ ‬تعبئة األفراد والجماعات في حقل التنمية المحلية وخلق الوعي البلدي المحلي‪ ،‬من خالل حث‬
‫المواطنين على المشاركة في التعريف بمشاكل البلدية‪ ،‬وبهذا الصدد يظهر دور االعالم المحلي‬
‫في التنمية ونشر الوعي لدى المواطنين المحليين‪.‬‬
‫وعليه ينبغي على المسؤولين خلق الوعي التخطيطي بين الناس وإفهامهم ببساطة ماهية التخطيط‬
‫والهدف من الخطة ودور كل جهاز في تنفيذ ما يخصه باإلضافة إلى دور كل فرد‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق‬
‫‪1‬‬
‫األهداف المطلوبة خالل الفترة الزمنية المحددة‪.‬‬

‫‪ 1‬حنان عبد القادر خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.166 .‬‬


‫‪288‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫خالصة واستنتاجات‬
‫إن أهم ما خلصت إليه الباحثة في دراستها في الفصل الثالث ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يمثل التخطيط منهجا عمليا وأداة فعالة وحيادية‪ ،‬إذ يمكن تطبيقه على المستوى الوطني والمحلي‬
‫مهما كانت طبيعة النظام االقتصادي المعتمد‪ ،‬فهو عملية تغيير اجتماعي وتوجيه واستثمار طاقات‬
‫المجتمع وموارده عن طريق مجموعة من القرارات الرشيدة التي يشترك في اتخاذها الخبراء‬
‫وأفراد الشعب والمسؤولين المحليين من أجل تحقيق وضع اجتماعي أفضل للمجتمع على كافة‬
‫مستوياته خاصة على مستوى البلدية كنسق وفي فترة زمنية معينة وفي ضوء أيديولوجية واضحة‬
‫المعاني يمكن استخدامها في احداث التغيير المطلوب‪.‬‬
‫‪ ‬ال بد من رسم استراتيجيات جديدة للتنمية المحلية تنطلق من اإلقليم المحلي وتحدد الجماعات‬
‫المحلية تصوراتها ومحتوياتها‪ .‬وهذا حتى يتناسب وخصوصياتها المختلفة‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫السلطات المحلية هي التي يمكنها بالفعل أن تعبر عن حاجات اإلقليم والمواطنين التابعين له‪ ،‬بحكم‬
‫أنها الجسر الرابط بين المواطنين والدولة لتلبية مطالبهم واحتياجاتهم‪.‬‬
‫‪ ‬مرت منظومة التخطيط في الجزائر بعدة مراحل حيث شهدت الفترة (‪ )1980-1962‬انشاء‬
‫المجلس الوطني للتخطيط ومديرية الدراسات االقتصادية والتخطيط باإلضافة الى كتابة الدولة‬
‫للتخطيط‪ ،‬أما الفترة (‪ )2003-1980‬فقد شهدت انشاء وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية‪ ،‬احداث‬
‫المجلس الوطني للتخطيط وكذا صدور القانون رقم ‪ 02-88‬المتعلق بالتخطيط‪ ،‬وصوال إلى‬
‫الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالتخطيط‪ ،‬في حين عرفت الفترة (‪)2012-2003‬‬
‫االهتمام باالستشراف‪ ،‬حيث أنشأت لدى رئيس الحكومة محافظة عامة للتخطيط واالستشراف‬
‫سنة ‪ ،2003‬وأنشأت وزارة االستشراف واالحصائيات سنة ‪ 2010‬والتي تحولت فيما بعد إلى‬
‫كتابة الدولة لدى رئيس الحكومة مكلفة باالستشراف واالحصائيات‪.‬‬
‫‪ ‬تمثلت أهم المخططات الوطنية للتنمية التي عرفتها الجزائر بعد االستقالل في‪ :‬المخطط الثالثي‬
‫(‪ ،)1969/1967‬المخطط الرباعي األول (‪ )1973/1970‬والثاني (‪ ،)1977/1974‬المخطط‬
‫الخماسي األول (‪ ،)1984/1980‬المخطط الخماسي الثاني (‪ ،)1989/1985‬برنامج دعم‬
‫اإلنعاش االقتصادي(‪ ،)2004/2001‬البرنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي للفترة‬
‫(‪ ،)2009/2005‬البرنامج التكميلي لتنمية مناطق الجنوب (‪ ،)2009/2006‬البرنامج التكميلي‬
‫لتنمية مناطق الهضاب العليا (‪ ،)2009/2006‬برنامج التنمية الخماسي (‪،)2014/2010‬‬
‫المخطط البلدي للتنمية‪ ،‬المخطط الوالئي للتنمية‪.‬‬
‫‪ ‬من أج ل تحقيق البرامج التنموية واألهداف المنشودة بكفاءة وفعالية وشمولية وتوازن وتكامل‪،‬‬
‫فإن سياسة التنمية المحلية في الجزائر تقوم على األسس التالية‪ :‬تدخل الدولة‪ ،‬المشاركة الشعبية‪،‬‬
‫التخطيط‪ ،‬الالمركزية‪ ،‬التوازن الجهوي‪ ،‬الترقية االجتماعية والثقافية للمواطنين‪ ،‬االعتماد على‬
‫اإلمكانيات الوطنية والدولية‪ ،‬التمويل المحلي للتنمية المحلية‪ ،‬ضرورة تناسب المشروعات المنفذة‬
‫مع الحاجات األساسية في المجتمع‪ ،‬أن تكون التنمية المحلية ضمن خطة التنمية القومية‪.‬‬
‫‪ ‬تتعدد مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي فمنها التخطيط االستراتيجي االقتصادي‪ ،‬التخطيط‬
‫االستراتيجي البيئي‪ ،‬التخطيط االستراتيجي للتمويل المحلي‪ ،‬التخطيط االستراتيجي للموارد‬
‫البشرية والقضاء على البطالة‪ ،‬التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية‪.‬‬
‫‪ ‬تواجه عملية تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر جملة من التحديات تمثلت هذه‬
‫التحديات في تمثلت هذه التحديات في التحديات السياسية كالصراع الحزبي داخل المجالس‬
‫‪289‬‬
‫واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المنتخبة و شرط اعتماد الترشيح‪ ،‬الرقابة والوصاية وغيرها من التحديات‪ ،‬كذلك التحديات‬
‫االجتماعية والتي يتصدرها ضعف تنظيم العمل الجمعوي‪ ،‬أما التحديات اإلدارية كاستفحال‬
‫ظاهرة الفساد‪ ،‬تعقد اإلجراءات وغموض االصالحات‪ ،‬األمية الحاصلة في اإلدارة المحلية‬
‫الجزائرية‪ ،‬ضعف نظام األجور الخاص بموظفي االدارة المحلية غياب معايير تقييم أداء رؤساء‬
‫وأعضاء المجالس المنتخبة وغيرها من التحديات‪ .‬أما تحديات المالية المحلية فقد تمثلت في نقص‬
‫التمويل المحلي والعجز المالي للبلديات‪.‬‬
‫‪ ‬من أجل تفعيل تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر البد من تطوير القدرات الفنية‬
‫واإلدارية لإلداريين والمنتخبين إذ تحتاج الجماعات المحلية إلى مهارات عالية مما يجعل تأهيل‬
‫المستخدمين أمر حتمي‪ ،‬فمقتضيات السوق تتطلب من الجماعات المحلية تسطير برنامج للتدريب‬
‫وتحسين المستوى يتم إعداده وفقا لمنهجية عقالنية تتمحور حول تحديد االحتياجات الحالية‬
‫والمستقبلية‪ .‬وهذا الكالم ال يقتصر فقط على العمال والموظفين واإلطارات بمختلف مستوياتهم‪،‬‬
‫بل يتعدى ذلك إلى الهيئات المنتخبة والمعنية بالدرجة األولى بالتسيير الفعال‪ ،‬كما أنه البد من‬
‫مكافحة الفساد اإلداري في تسيير الجماعات المحلية‪ ،‬تفعيل التعاون ما بين البلديات ودعم دورها‬
‫على المستوى الدولي‪ ،‬إعادة النظر في ميكانيزمات التمويل المحلي فاالهتمام باإلجراءات‬
‫التنظيمية واإلدارية وتطبيق قوانين الجماعات المحلية‪ ،‬يمكن الجماعات المحلية من تجاوز العجز‬
‫الدائم لميزانيتها‪ ،‬ويساهم في تحقيق التنمية المحلية‪ ،‬توفر مجتمع مدني فعال ويتم تفعيل دور‬
‫جمعيات األحياء من خالل إشراكها في البرامج التنموية بشكل مباشر استثماري أو غير مباشر‬
‫تطوعي لتصبح أداة رقابة ومتابعة لهذه المشاريع في األحياء التي تنتمي إليها باإلضافة إلى‬
‫ضرورة االعتماد على المقاربة التشاركية فإدماج المواطن في العملية التنموية أصبح ضروريا‬
‫في إطار النظرة الجديدة للتنمية المحلية التي تقوم على المقاربة التشاركية من خالل إشراكه في‬
‫رسم السياسات المحلية‪ ،‬تنفيذها والرقابة عليها‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫الخاتمــــــــــــــة‬
‫الخاتمـــــــــة‬

‫الخاتمـــــــــــــــة‬
‫لم تعد إدارة الجهاز الحكومي من األمور االرتجالية التي تعتمد على االجتهادات الشخصية‬
‫والمهارات الفردية‪ ،‬فقد أصبحت تستند إلى مبادئ علمية ثابتة ومعترف بها‪ ،‬وقد ظهرت في هذا الحقل‬
‫عدة كتابات اتفقت جميعها على ضرورة تطوير اإلدارة الحكومية بما يتالءم مع طبيعة وأهداف‬
‫وتطلعات المجتمعات الحديثة مما يؤدي إلى رفع مستوى أداء الخدمة العامة‪ ،‬والقضاء على مظاهر‬
‫الروتين والضعف والبطء في األداء‪ ،‬وسوء إدارة الموارد العامة للدولة‪.‬‬
‫ولقد جاءت هذه الدراسة"التخطيط االستراتيجي المحلي كآلية لإلدارة المحلية في تحقيق التنمية‬
‫المحلية‪ :‬دراسة حالة الجزائر"‪ ،‬كمحاولة لإلجابة عن إشكالية مدى قدرة اإلدارة المحلية على تحقيق‬
‫التنمية المحلية الشاملة باألخذ بأسلوب التخطيط االستراتيجي المحلي‪.‬‬

‫ومن خالل هذه الدراسة فإنه قد تم التوصل إلى النتائج التالية‪:‬‬


‫‪ -‬يعبر التخطيط االستراتيجي عن النظرة الشمولية للمنظمة بما يمكن من أخذ صورة حقيقية عن‬
‫واقعها الحالي والمنظور من خالل عملية تحليل الظروف البيئية الداخلية والخارجية للمنظمة‪،‬‬
‫وذلك من أجل وضع االستراتيجية المناسبة لتحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية‪.‬‬
‫‪ -‬يساعد التخطيط االستراتيجي المنظمة على تحسين قدرتها في التعامل مع المشكالت‪ ،‬فمن‬
‫خالل تشجيع المديرين مساعديهم على االنخراط في عملية التخطيط‪ ،‬يؤدي إلى زيادة قدراتهم‬
‫التنبئية ومسؤولياتهم االستراتيجية عن طريق مشاركة أولئك الذين يدركون احتياجات التخطيط‬
‫ومتطلبات نجاحه‪.‬‬
‫‪ -‬إن عملية التحليل االستراتيجي تركز على بعدين مكملين‪ ،‬بعد داخلي (التحليل الداخلي‬
‫للمنظمة)‪ ،‬وبعد خارجي (التحليل الخارجي للمنظمة)‪ ،‬وأبسط طريقة إلجراء التحليل البيئي هو‬
‫تحليل سوات (‪ )SWOT‬إذ يستخدم لتحديد الفرص والتهديدات في البيئة الخارجية للمنظمة‬
‫والتي هي ليست تحت سيطرتها على المدى القصير‪ ،‬وتشكل هذه المتغيرات اإلطار الذي تعمل‬
‫فيه المنظمة وتتمثل في القوى واالتجاهات االجتماعية والثقافية واالقتصادية والسياسية وكذلك‬
‫القوى التكنولوجية وغيرها‪ ،‬كما يستخدم تحليل (‪ )SWOT‬لتحديد نقاط القوة والضعف والتي‬
‫ليست بالضرورة تحت سيطرة اإلدارة العليا في األمد القصير‪ ،‬وتتمثل هذه العوامل في‪ :‬هيكل‬
‫المنظمة‪ ،‬ثقافة المنظمة‪ ،‬موارد المنظمة المختلفة‪ ،‬وتشكل نقاط القوة الخصائص الرئيسية‬
‫للمنظمة التي تستند إليها للحصول على ميزة تنافسية‪.‬‬
‫‪ -‬تحتل اإلدارة المحلية باعتبارها أسلوبا من أساليب التنظيم اإلداري مكانا هاما في أنظمة الحكم‬
‫الداخلية في مختلف دول العالم‪ ،‬نظرا آلثارها اإليجابية في كافة المجاالت السياسية واإلدارية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ .‬وعلى الرغم من أن أجهزة اإلدارة المحلية تتمتع بقدر متميز من‬
‫االستقالل‪ ،‬إال أن ارتباطها مع األجهزة المركزية يعتبر ركنا هاما من أركان اإلدارة المحلية‪،‬‬
‫فهي غالبا ما تعتمد على اإلعانات والمنح من الحكومة المركزية للقيام ببرامج معينة أو لسد‬
‫النقص أو عجز في مواردها المالية المحلية‪ ،‬فالجانب األهم في عالقة اإلدارة المحلية‬
‫بالحكومة المركزية يتعلق برقابة السلطات المركزية عليها‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم اإلدارة المحلية في الجزائر على وحدتين إداريتين أساسيتين هما البلدية والوالية‪ ،‬وعلى‬
‫اعتبار أن اإلدارة المحلية تمثل المحرك القاعدي لعجلة التنمية في الجزائر‪ ،‬ونظرا لطبيعة‬
‫قربها من المواطنين‪ ،‬فإنه تسند لها جملة هامة من الصالحيات واالختصاصات خاصة فيما‬
‫يتعلق بالخدمة العمومية‪ ،‬كونها حلقة الربط بين السلطة العليا للبالد والشعب في إطار‬
‫الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬إن التنمية المحلية عبارة عن عملية التغيير التي تتم في إطار سياسة عامة محلية تعبر عن‬
‫احتياجات الوحدة المحلية‪ ،‬وذلك من خالل القيادات المحلية القادرة على استخدام واستغالل‬
‫ال موارد المحلية وإقناع المواطنين المحليين بالمشاركة الشعبية واالستفادة من الدعم المادي‬

‫‪292‬‬
‫الخاتمـــــــــة‬

‫والمعنوي الحكومي وصوال الى رفع مستوى المعيشة لكافة سكان أفراد الوحدة المحلية ودمج‬
‫جميع الوحدات في الدولة‪.‬‬
‫بينت دراسات عديدة أهمية الدور الذي تقوم به الهيئات المحلية في العملية التنموية في مختلف‬ ‫‪-‬‬
‫المجاالت سواء السياسية‪ ،‬اإلدارية االقتصادية‪ ،‬االجتماعية وغيرها‪ ،‬فهي تعتبر من أصلح‬
‫البيئات التي تحدث التنمية الشاملة‪ ،‬على اعتبار أنها إدارة قريبة من المواطنين‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫أنها األكثر معرفة بالظروف والحاجات المحلية‪.‬‬
‫تأكدت األولوية الممنوحة للتنمية المحلية في الجزائر من خالل مختلف البرامج كبرنامج‬ ‫‪-‬‬
‫اإلنعاش االقتصادي وبرنامج دعم النمو االقتصادي والبرامج التنموية القطاعية والبرامج‬
‫التنموية البلدية والبرامج الخاصة كبرنامجي الجنوب والهضاب العليا‪.‬‬
‫يعتبر التخطيط االستراتيجي المحلي أداة قوية وعملية يمكنها أن تساعد كثيرا في التصدي‬ ‫‪-‬‬
‫للقضايا المحلية‪ ،‬فهو سيوفر الوسيلة التي توضح المزايا التنافسية والتعرف على الفرص‬
‫التعاونية‪ ،‬كما أنه سيخلق الخيارات االبتكارية ويولد استراتيجيات تهدف إلى تحقيق أولويات‬
‫محلية عن طريق أفضل األساليب المتاحة‪.‬‬
‫يرتبط التخطيط االستراتيجي المحلي بتنظيمات الحكم المحلي كالمجالس المحلية‪ ،‬إذ يراعى فيه‬ ‫‪-‬‬
‫ظروف واحتياجات البيئة المحلية المختلفة والمتنوعة‪ ،‬وكثيرا ما تستمد الخطط المحلية‬
‫اتجاهاتها من الخطة العامة للدولة مع مراعاة احتياجات وامكانيات وظروف هذا المجتمع‬
‫المحلي‪.‬‬
‫تقوم الهيئات المحلية بالتخطيط المحلي والتي تتركز فيها سلطة اتخاذ القرارات الهامة‪ ،‬مما‬ ‫‪-‬‬
‫يتيح لها قدرا كبيرا من الحرية في توجيه الطاقات وإدارة الموارد المحلية من أجل المساهمة‬
‫في تحقيق األهداف العامة للدولة من خالل تحقيق األهداف المحلية‪.‬‬
‫تتنوع مجاالت التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي فنجد التخطيط في مجال العمران‬ ‫‪-‬‬
‫والتهيئة العمرانية‪ ،‬التخطيط في مجال تنمية الموارد البشرية‪ ،‬التخطيط في المجال االجتماعي‬
‫وفي المجال االقتصادي والتخطيط في مجال حماية البيئة‪.‬‬
‫يتأثر نظام اإلدارة المحلية بالعوامل السياسية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬التاريخية‪ ...‬الخ‪ ،‬وعليه‬ ‫‪-‬‬
‫فإن دراسة بيئة اإلدارة المحلية أو ما أصطلح على تسميته بإيكولوجية اإلدارة المحلية‪ ،‬تساعد‬
‫على تحليل الدور الذي تقوم به وحدات اإلدارة المحلية‪ ،‬أو في المقارنة بين هذه الوحدات مع‬
‫بعضها البعض‪ ،‬سواء داخل الدولة الواحدة أوبين دولة ودولة أخرى‪.‬‬
‫إن أي استراتيجية للتنمية المحلية ال بد أن تشكل إحدى المكونات لخطة استراتيجية واسعة على‬ ‫‪-‬‬
‫نطاق المجتمع المحلي‪ ،‬ويبلغ اإلطار الزمني الستراتيجية التنمية المحلية خمس سنوات مع ما‬
‫يصاحبها من األداء على المدى القصير والمتوسط والطويل‪ .‬ويمر التخطيط االستراتيجي‬
‫للتنمية المحلية بخمسة مراحل وهي كاآلتي‪ :‬تنظيم الجهود من خالل تطوير فريق إدارة شبكة‬
‫لربط الشركاء المعنيين‪ ،‬إجراء تقييم لمدى القدرة على المنافسة‪ ،‬إيجاد استراتيجية للتنمية‬
‫المحلية‪ ،‬تنفيذ استراتيجية التنمية المحلية‪ ،‬مراجعة استراتيجية التنمية المحلية‪.‬‬
‫أفرزت العولمة بتجلياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية مجموعة من التحديات‬ ‫‪-‬‬
‫أمام الدول من خالل إزالة الحدود وصعوبة الفصل بين الداخل والخارج‪ ،‬باإلضافة إلى وجود‬
‫الفرص والتحديات العالمية للتنمية‪ ،‬والتي ال يمكن تالفيها‪ ،‬إذن فإن التعامل مع مسألة التنمية ال‬
‫بد أن يتم من خالل المشاركات بين فاعلين مختلفين كالحكومات والمؤسسات العامة‪ ،‬مؤسسات‬
‫القطاع الخاص المحلي‪ ،‬مؤسسات المجتمع المدني المحلية‪ ،‬المنظمات العالمية الحكومية وغير‬
‫الحكومية‪ ،‬المنظمات اإلقليمية‪ ،‬مؤسسات القطاع الخاص العالمي والشركات عالمية النشاط‪،‬‬
‫منظمات المجتمع المدني العالمية‪ ،‬المجالس الشعبية المحلية‪ ،‬مبادرات األفراد داخل الدولة‬
‫وخارجها‪.‬‬
‫تتحقق أهداف التنمية المحلية من خالل استخدام التخطيط االستراتيجي‪ ،‬بحيث أنه من خالل‬ ‫‪-‬‬
‫التوجهات التنموية نصل إلى األفكار التخطيطية التنموية‪ ،‬وتأخذ هذه التوجهات التنموية‬

‫‪293‬‬
‫الخاتمـــــــــة‬

‫المحاور التالية‪ :‬توجهات لتنمية الموارد الطبيعية والبيئية‪ ،‬توجهات التنمية السكانية‪ ،‬توجهات‬
‫التنمية االقتصادية‪ ،‬توجهات التنمية العمرانية‪.‬‬
‫وضعت الحكومة المغربية مخططا لتحقيق التنمية المحلية أصطلح على تسميته "مخطط‬ ‫‪-‬‬
‫الجماعة ‪ ،"2015‬قامت بتخطيط وترسيم رؤيته ومقاصده وزارة الداخلية المغربية‪ ،‬بهدف‬
‫بحث التحوالت المستقبلية للجماعات المحلية‪ ،‬وقد راهن هذا المخطط على تفعيل دور اإلدارة‬
‫المالية وتعبئة موارد الجماعة وتحقيق احترافية في تدبير مرافق الجماعة ضمن ميدان‬
‫التخطيط‪ ،‬وكذا تحديث هيكلة اإلدارة من خالل تطوير نظام معلوماتي وآليات تدبير حديثة‬
‫وعصرية في شكل ورشات‪ ،‬للبحث عن سبل تحقيق توظيف أمثل للكفاءات البشرية وكذا‬
‫تحقيق آليات للتأطير اإلداري األفضل للموارد البشرية المتاحة أمام الجماعة المحلية‪.‬‬
‫تمثل الجماعة المستوى القاعدي في هرم الالمركزية اإلدارية في المغرب‪ ،‬إذ تتوفر على‬ ‫‪-‬‬
‫االستقالل المالي واإلداري لتدبير الشؤون المحلية وهي التي عهد إليها الدفع بعجلة التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬من خالل تبني التخطيط االستراتيجي التشاركي بإعداد وانجاز‬
‫المخطط الجماعي للتنمية وفق مقاربة تشاركية‪.‬‬
‫يعد التخطيط االستراتيجي التشاركي أحد أشكال الحكامة المحلية الجيدة والتي توفر إطار‬ ‫‪-‬‬
‫مرجعي من أجل إنعاش التنمية المحلية‪ ،‬كما أنه يشكل عنصر تواصل وانسجام بين الفاعليين‬
‫المحليين داخل الجماعة‪ .‬ويحدد هذا المخطط األنشطة التنموية المزمع إنجازها لمدة ست‬
‫سنوات ضمن مقاربة التنمية المستدامة والمقاربة التشاركية‪ ،‬مع مراعاة البعد البيئي‪ ،‬ومقاربة‬
‫النوع (إشراك المرأة‪ ،‬الشباب‪ ،‬ذوي االحتياجات الخاصة ‪...‬الخ)‪.‬‬
‫تضمن المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة المغربية (‪ )2016-2011‬ثالثة‬ ‫‪-‬‬
‫توجهات إستراتيجية كبرى وهي‪ :‬تحسين الظروف االجتماعية للساكنة‪ ،‬عقلنة تدبير الموارد‬
‫الطبيعية وتأهيل االقتصاد المحلي‪ ،‬تقوية قدرات المؤسسات والفاعلين المحليين‪.‬‬
‫لقد ساهم هذا المخطط الجماعي للتنمية في تقوية قدرات الجماعات المحلية باالعتماد على نهج‬ ‫‪-‬‬
‫تشاركي مما خلق تواصال جيدا بين مختلف الفاعلين‪ ،‬كما سهل اتخاذ القرار وإيجاد حلول‬
‫للتنمية المحلية‪.‬‬
‫واجه المغرب العديد من الصعوبات والعوائق التي كان لها تأثير بالغ في تعثر السياسات‬ ‫‪-‬‬
‫التنموية في المغرب كالعوائق البنيوية والمالية والعوائق البشرية‪.‬‬
‫تنقسم اإلدارة الحكومية في مصر إلى مستويين إداريين هما اإلدارة المركزية في العاصمة‬ ‫‪-‬‬
‫وتتمثل في وزارات الدولة السيادية والوزارات اإلنتاجية والخدمية‪ ،‬واإلدارة المحلية والتي‬
‫تقوم بإدارة المحافظات والمدن والقرى‪ .‬إال أن النظام اإلداري المصري أعطى لإلدارة‬
‫المركزية هيمنة شبه كاملة على اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫ال تتمتع اإلدارة المحلية في مصر بذاتية مستقلة بل إنها تعمل لدى الحكومة المركزية وتعتبر‬ ‫‪-‬‬
‫امتدادا لها‪ ،‬ويأخذ النظام المحلي المصري في إطار القانون رقم ‪ 34‬لسنة ‪ 1979‬وما طرأ‬
‫عليه من تعديالت شكل الهرم المتعدد المستويات‪ ،‬فوحدات اإلدارة المحلية تضم خمس‬
‫مستويات هي‪ :‬المحافظة‪ ،‬المركز‪ ،‬المدينة‪ ،‬األحياء‪ ،‬القرى‪.‬‬
‫ساهمت عدة عوامل لالعتماد على نظام التخطيط اإلقليمي في مصر‪ ،‬فهذه العوامل تبرز أهمية‬ ‫‪-‬‬
‫اللجوء إلى هذا النوع من التخطيط والذي يركز على البعد المكاني ويجعله أساسا لكل نشاط‬
‫تنموي‪ ،‬ومن بين هذه العوامل‪ :‬المشكلة السكانية‪ ،‬عالج مشكلة التفاوتات اإلقليمية‪ ،‬تضخم‬
‫المدن‪.‬‬
‫يواجه التخطيط اإلقليمي في مصر عدة مشاكل أهمها غياب األساس المنهجي المحدد وعدم‬ ‫‪-‬‬
‫وضوح الدور الوظيفي لها‪ ،‬إذ أنها تتشابه في منهجيتها وبنيتها ومؤشراتها مع الخطط‬
‫القطاعية‪ ،‬وبالتالي يصعب تحديد المستويات اإلقليمية للتطور االقتصادي واالجتماعي واظهار‬
‫التناسب اإلقليمي والتناسب بين القطاعي (بين القطاعات االقتصادية) من حيث حجم اإلنتاج‬
‫ونوعيته‪ ،‬باإلضافة إلى الدور الضعيف لمراقبة األعضاء المخططين المحليين لسير مؤشرات‬
‫الخطط المتكاملة وتنفيذها‪ ،‬في ظل غياب قاعدة المعلومات والمعطيات اإلحصائية في المناطق‬
‫‪294‬‬
‫الخاتمـــــــــة‬

‫والنواحي‪ ،‬إلى جانب محدودية حقوق األعضاء المحليين وصالحياتهم في إعداد خطط‬
‫التطوير اإلقليمي والمحلي المتكاملة وإقرارها‪.‬‬
‫‪ -‬أنشأت الجزائر عدة أجهزة مكلفة بعملية التخطيط إذ شهدت الفترة (‪ )1980-1962‬انشاء‬
‫المجلس الوطني للتخطيط ومديرية الدراسات االقتصادية والتخطيط باإلضافة الى كتابة الدولة‬
‫للتخطيط‪ ،‬أما الفترة (‪ )2003-1980‬فقد شهدت انشاء وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية‪،‬‬
‫احداث المجلس الوطني للتخطيط وكذا صدور القانون رقم ‪ 02-88‬المتعلق بالتخطيط‪ ،‬وصوال‬
‫إلى الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالتخطيط‪ ،‬في حين عرفت الفترة (‪-2003‬‬
‫‪ )2012‬االهتمام باالستشراف‪ ،‬حيث أنشأت لدى رئيس الحكومة محافظة عامة للتخطيط‬
‫واالستشراف سنة ‪ ،2003‬وأنشأت وزارة االستشراف واالحصائيات سنة ‪ 2010‬والتي‬
‫تحولت فيما بعد إلى كتابة الدولة لدى رئيس الحكومة مكلفة باالستشراف واالحصائيات‪.‬‬
‫‪ -‬تتمثل أهم المخططات الوطنية للتنمية التي عرفتها الجزائر في‪ :‬المخطط الثالثي (‪-1967‬‬
‫‪ ،)1969‬المخطط الرباعي األول (‪ )1973-1970‬والثاني (‪ ،)1977-1974‬المخطط‬
‫الخماسي األول (‪ )1984-1980‬والمخطط الخماسي الثاني (‪ ،)1989-1985‬باإلضافة إلى‬
‫برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي (‪ )2004-2001‬والبرنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي‬
‫(‪ ،)2009-2005‬البرنامج التكميلي لتنمية مناطق الجنوب والهضاب العليا (‪،)2009-2006‬‬
‫برنامج التنمية الخماسي (‪ .)2014-2010‬باإلضافة إلى المخططات التنموية البلدية والوالئية‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم سياسة التنمية المحلية في الجزائر على األسس التالية‪ :‬تدخل الدولة‪ ،‬المشاركة الشعبية‪،‬‬
‫التخطيط‪ ،‬الالمركزية‪ ،‬التوازن الجهوي‪ ،‬الترقية االجتماعية والثقافية للمواطنين‪ ،‬االعتماد‬
‫على اإلمكانات الوطنية والدولية‪ ،‬التمويل المحلي للتنمية المحلية‪ ،‬ضرورة تناسب‬
‫المشروعات المنفذة مع الحاجات األساسية في المجتمع‪ ،‬أن تكون التنمية المحلية ضمن خطة‬
‫التنمية القومية‪.‬‬
‫‪ -‬تتطلب التنمية المحلية في الجزائر رسم استراتيجيات جديدة للتنمية المحلية تنطلق من اإلقليم‬
‫المحلي وتحدد الجماعات المحلية تصوراتها ومحتوياتها‪ .‬وهذا حتى يتناسب وخصوصياتها‬
‫المختلفة‪ ،‬على اعتبار أن السلطات المحلية هي التي يمكنها بالفعل أن تعبر عن حاجات اإلقليم‬
‫والمواطنين التابعين له‪ ،‬بحكم أنها الجسر الرابط بين المواطنين والدولة لتلبية مطالبهم‬
‫واحتياجاتهم‪.‬‬
‫‪ -‬تواجه اإلدارة المحلية الجزائرية جملة من المشاكل والعراقيل في مختلف المجاالت (االدارية‪،‬‬
‫المالية‪ ،‬السياسية واالجتماعية وغيرها) والتي تحول دون تطبيقها ألسلوب التخطيط‬
‫االستراتيجي المحلي‪ .‬ولمواجهة هذه العراقيل فإنه قد تم اقتراح الحلول التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬تطوير القدرات الفنية واإلدارية لإلداريين والمنتخبين‪ ،‬فلكي تمارس اإلدارة المحلية دورها‬
‫الخدماتي والتنموي‪ ،‬البد من وجود جهاز إداري ذو كفاءة وخبرة عاليتين‪ ،‬يعتمد على تقنيات‬
‫االتصال الحديثة لتقديم الخدمات وكذا القدرة على التخطيط واالستشراف‪ ،‬ولتحقيق ذلك البد من‬
‫تحسين مستوى اإلداريين وكذا المنتخبين المحليين ورفع مهاراتهم وكفاءتهم‪ .‬وبالتالي فقد قامت‬
‫الحكومة الجزائرية بمبادرة تكوين رؤساء المجالس الشعبية البلدية ال ‪ 1541‬من أجل تطوير أداء‬
‫القيادات المحلية‪ ،‬حيث قامت وزارة الداخلية والجماعات المحلية بمباشرة برنامج لتعزيز منشآت‬
‫التكوين بتحويل وصاية المدرسة الوطنية لإلدارة إلى وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ ،‬وتعزيز‬
‫شبكة التكوين الخاص برؤساء المجالس الشعبية البلدية من أجل خلق شبكة من ثماني مؤسسات‬
‫للتكوين وهي‪ :‬باتنة‪ ،‬تيارت‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سطيف‪ ،‬عنابة‪ ،‬المدية‪ ،‬ورقلة ووهران‪.‬كما أنها قد قامت‬
‫بعمل تحليلي للنشاطات والكفاءات المرتبطة بمتطلبات التسيير الجيد مما سمح بتحديد ‪ 8‬مجاالت‬
‫تكوينية ذات أولوية تحقق في ‪ 4‬أسابيع من ‪ 6‬أيام أو مايعادل ‪ 144‬ساعة تكوين لكل منتخب‪ .‬تتمثل‬
‫في‪:‬‬

‫‪295‬‬
‫الخاتمـــــــــة‬

‫االتصال والذي ال يمكن أن يستغني عنه رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬حيث يتوقف نجاحه في‬ ‫‪‬‬
‫عمله الى حد كبير على مدى تحكمه في مهارات االتصال وقدرته على توظيفها‪.‬‬
‫التخطيط االستراتيجي وذلك من أجل اكتساب أدوات تحليل المحيط الداخلي والخارجي لتحديد‬ ‫‪‬‬
‫وضعية التنمية في البلدية والفرص المتاحة وكذا تحديد نقاط القوة والضعف‪.‬‬
‫المالية المحلية وذلك من أجل التحكم في تقنيات الميزانية وتقنيات التسيير ومردودية ثروة‬ ‫‪‬‬
‫البلدية‪.‬‬
‫ادارة الموارد البشرية من أجل فهم أهمية رأس المال البشري ودور رئيس البلدية في مجال‬ ‫‪‬‬
‫تسيير الموارد البشرية‪.‬‬
‫الحالة المدنية وذلك للتحكم في عوامل تسيير الخدمة العمومية‪ :‬الوالدة‪ ،‬الزواج والوفاة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫رخص وشهادات التعمير من أجل التحكم في تسيير العقار وعمليات التنمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تسيير العمليات وذلك من أجل التزويد بتقنيات التنظيم والتسيير على المستوى المحلي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مكافحة الفساد اإلداري في تسيير الجماعات المحلية‪ ،‬ومن أجل القضاء على كل أشكال‬ ‫‪.2‬‬
‫البيروقراطية في استخراج الوثائق‪ ،‬فإنه قد تم إلغاء التصديق على الوثائق في البلديات‪،‬‬
‫ولتخفيف إجراءات إصدار الوثائق اإلدارية تمت رقمنة سجالت الحالة المدنية وإنشاء‬
‫السجل الوطني اإللكتروني للحالة المدنية وتمكين المواطن من سحب شهادة الميالد‬
‫الخاصة رقم ‪12‬من كافة بلديات الوطن والقنصليات في الخارج‪.‬‬
‫تفعيل التعاون ما بين البلديات ودعم دورها على المستوى الدولي‪ ،‬إذ يندرج التعاون ما‬ ‫‪.3‬‬
‫بين البلديات في إطار الشراكة بين القطاع العام‪-‬العام‪ ،‬وبالتالي فهو يكتسي أهمية اقتصادية‬
‫واجتماعية‪ ،‬إذ توفر عملية التعاون تجميع الموارد وإنجاز مشاريع مشتركة وتبادل‬
‫للخبرات والتجارب في فضاء أوسع يسمح بحركية وتفاعل بين أطراف متعددة متنافسة‪،‬‬
‫كما أنه من الضروري أن تكون البلديات الجزائرية مؤهلة إلبرام اتفاقيات تعاون مع‬
‫بلديات تابعة لدول أجنبية‪ ،‬وذلك لالستفادة من تجارب وخبرات ومساعدات البلديات‬
‫األجنبية‪ ،‬كما أن االنضمام إلى المنظمات الدولية يمكنها من االستفادة من خدماتها في‬
‫مجال القانون البلدي الدولي‪.‬‬
‫إعادة النظر في ميكانيزمات التمويل المحلي‪ ،‬ويتم ذلك من خالل تفعيل نظام الزكاة‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫االستفادة من المورد المالي الوقفي‪ ،‬تدعيم االستثمار المحلي‪ ،‬إنشاء صناديق معاشات‬
‫محلية‪ ،‬إعادة النظر في اإلعانات الحكومية المقدمة للجماعات المحلية‪.‬فال بد من حل‬
‫إشكالية التمويل المحلي والذي يعتبر عصب حياة الجماعات المحلية لنجاحها في أداء‬
‫مهامها المنوطة بها‪ .‬وقد تضمن اصالح الجباية والمالية المحلية الذي قامت به الحكومة‬
‫الجزائرية‪ ،‬تكريس العقلنة في تسيير النفقات المحلية وممارسة المراقبة المستمرة على هذه‬
‫النفقات وكذا تحسين تأطير التسيير المالي للجماعات المحلية من خالل التكوين المستمر‬
‫لرؤساء المجالس الشعبية البلدية واألمناء العامون للبلديات‪.‬‬
‫توفر مجتمع مدني فعال ومنحه مزيدا من الحرية في العمل‪ ،‬حيث تساهم الجمعيات في‬ ‫‪.5‬‬
‫تحديد االحتياجات الحقيقية للسكان وتساعد على تفادي التصادم الناجم عن تعارض‬
‫مقترحات الجهات الرسمية مع طموحات المواطنين على المستوى المحلي‪ .‬كماأنه تستطيع‬
‫تنظيمات المجتمع المدني المشاركة في تسيير الشؤون العامة على المستوى المحلي من‬
‫خالل عدة آليات تتيح لها إمكانية التأثير في عملية اتخاذ القرار وضمان الشفافية في عملية‬
‫رسم وتنفيذ السياسات العامة وممارسة دور هام في عمليتي الرقابة والتقويم‪.‬‬
‫ضرورة االعتماد على المقاربة التشاركية فمن الضروري إدماج المواطن في العملية‬ ‫‪.6‬‬
‫التنموية في إطار النظرة الجديدة للتنمية المحلية التي تقوم على المقاربة التشاركية من‬
‫خالل إشراكه في رسم السياسات المحلية‪ ،‬تنفيذها والرقابة عليها‪ ،‬حيث لم تعد التنمية‬
‫مسؤولية الدولة وأجهزتها فقط بل أصبحت مسؤولية المجتمع بأسره‪ ،‬وبالتالي ال بد من‬
‫إعالم المواطن بتفاصيل المجهود التنموي على المستوى المحلي‪ ،‬عن طريق اعتماد‬
‫‪296‬‬
‫الخاتمـــــــــة‬

‫وسائل إعالم جواري‪ ،‬يتم فيها طرح انشغاالت المواطنين وتوعيتهم بضرورة مشاركتهم‬
‫في عملية التنمية المحلية‪ ،‬كجمعيات األحياء التي تعمل على تقديم اقتراحاتها في مختلف‬
‫ميادين التنمية المحلية‪ .‬باإلضافةإلى ضرورة التواصل مع المواطنين وحثهم على‬
‫المشاركة والتعريف بمشاكل البلدية‪.‬‬
‫من خالل ما سبق يتوضح أنه من الضروري تضافر مجهودات كل من االدارة المركزية‬
‫والجماعات المحلية من أجل تحقيق التنمية المحلية‪ ،‬وكذا الخروج بالجماعات المحلية من جماعة‬
‫منطوية على نفسها إلى جماعة منفتحة ومتكاملة مع البيئتين الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫وفي األخير فإنه ال شك أنه رغم الجهد المبذول من أجل إتمام هذه الدراسة‪ ،‬إال أنها ال تخلو من‬
‫النقائص بسبب تعذر تناول كل شيء بالتفصيل‪ ،‬لكنها يمكن أن تكون جسرا تربط بين بحوث سبقت‬
‫فأضافت إليها بعض المستجدات إلثرائها‪ ،‬وبحوث مقبلة كتمهيد لمواضيع يمكنها أن تكون إشكاليات‬
‫ألبحاث أخرى نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬معوقات تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪.‬‬
‫‪ ‬التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في البلدية الجزائرية‪.‬‬
‫‪ ‬استراتيجيات اإلدارة المحلية لتحقيق التنمية المحلية في الجزائر‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫قائمــــــــة المراجـــــــــــــع‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫قائمـــــــــــة المراجــــــــــع‬
‫أوال باللغـــــــة العربيــــة‪:‬‬
‫الكتــــب‪:‬‬
‫‪ .1‬إبراهيم الظاهرنعيم‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية_المفهوم _ األهمية _التحديات‪ ،‬األردن‪ :‬عالم‬
‫الكتب الحديث‪.2009،‬‬
‫‪ .2‬أبو قحف عبد السالم‪ ،‬أساسيات اإلدارة االستراتيجية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪:‬‬
‫الدارالجامعية‪.2005،‬‬
‫‪ .3‬أبو قحف عبد السالم‪ ،‬سياسات واستراتيجيات األعمال‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ :‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ .4‬أحمد عبد اللطيف رشاد‪ ،‬التنمية المحلية‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪ :‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ .5‬الجبوري حسين محمد جواد‪ ،‬التخطيط االستراتيجي في المؤسسات العامة فكر معاصر‬
‫ومنهج علمي في عالم متجدد‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪.2014 ،‬‬
‫‪ .6‬الجندي مصطفى‪ ،‬اإلدارة المحلية واستراتيجيتها‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ :‬منشأة‬
‫المعارف‪.1987،‬‬
‫‪ .7‬الحريري محمد سرور‪ ،‬إدارة المؤسسات الحكومية والعامة‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪:‬‬
‫األكاديميون للنشر والتوزيع‪.2016 ،‬‬
‫‪ .8‬الخاليلة محمد علي‪ ،‬اإلدارة المحلية وتطبيقاتها في كل من األردن وبريطانيا وفرنسا ومصر‬
‫(دراسة تحليلية مقارنة)‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.2009،‬‬
‫‪ .9‬الشيخلي عبد الرزاق‪ ،‬اإلدارة المحلية دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار المسيرة للنشر‬
‫والتوزيع والطباعة‪.2001 ،‬‬
‫‪ .10‬الصيرفي محمد‪ ،‬إدارة األعمال الحكومية‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪ :‬مؤسسة حورس الدولية للنشر‬
‫والتوزيع‪.2013 ،‬‬
‫‪ .11‬العارف نادية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي والعولمة‪ ،‬مصر‪ :‬الدار الجامعية‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ .12‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬البلديات والمحليات في ظل األدوار الجديدة للحكومة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬بحوث وأوراق عمل‪.2009 ،‬‬
‫‪ .13‬أنس قاسمجعفر‪ ،‬أسس التنظيم اإلداري واإلدارة المحلية في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2‬الجزائر‪ :‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.1988،‬‬
‫‪ .14‬بعلي محمد الصغير‪ ،‬القانون اإلداري التنظيم اإلداري‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار العلوم للنشر‬
‫والتوزيع‪.2002،‬‬
‫‪ .15‬بعلي محمد الصغير‪ ،‬القانون اإلداري التنظيماإلداري النشاط اإلداري‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار‬
‫العلوم للنشر والتوزيع‪.2004 ،‬‬
‫‪ .16‬بعلي محمد الصغير‪ ،‬قانون اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار العلوم للنشر‬
‫والتوزيع‪.2004،‬‬
‫‪ .17‬بن غضبان فؤاد‪ ،‬التنمية المحلية ممارسات وفاعلون‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬دار صفاء للنشر‬
‫والتوزيع‪.2015 ،‬‬
‫‪ .18‬بهلول نسيم‪ ،‬في االستراتيجية‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪.2010 ،‬‬
‫‪ .19‬بوحفص عبد الكريم‪ ،‬التكوين االستراتيجي لتنمية الموارد البشرية‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.2010،‬‬
‫‪ .20‬بوضياف عمار‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬ط‪ ،2‬الجزائر‪ :‬جسور للنشر والتوزيع‪.2007،‬‬
‫‪299‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .21‬جميل مخيمرعبد العزيز‪ ،‬قياس األداء المؤسسي لألجهزة الحكومية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪:‬‬
‫منشورات المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪.2000،‬‬
‫‪ .22‬حالوة جمال وصالح علي‪ ،‬مدخل إلى علم التنمية‪ ،‬عمان‪ :‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ .23‬خطار شطناوي علي‪ ،‬اإلدارة المحلية‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .24‬خليفة حنان عبد القادر‪ ،‬التخطيط اإلقليمي ودوره في التنمية المحلية (دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ :‬منشورات المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬سلسلة‬
‫أطروحات الدكتوراه‪.2016 ،‬‬
‫‪ .25‬دادي عدون ناصر‪ ،‬اإلدارة والتخطيط االستراتيجي‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ .26‬رمضان أبو ضاوية عامر‪ ،‬التنمية السياسية في البالد العربية والخيار الجماهيري‪ ،‬دراسة‬
‫تحليلية للمرتكزات الوظيفية للتنمية السياسية‪ ،‬ط‪ ،1‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ :‬دار الرواد‪.2002 ،‬‬
‫‪ .27‬سعيد السالم مؤيد‪ ،‬أساسيات اإلدارة االستراتيجية‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر‬
‫والتوزيع‪.2005 ،‬‬
‫‪ .28‬سيد مصطفى أحمد‪ ،‬إدارة الموارد البشرية_ منظور القرن الحادي والعشرين‪ ،‬مصر‪ :‬جامعة‬
‫بنها‪.2000،‬‬
‫‪ .29‬سيد مصطفى أحمد‪ ،‬تحديات العولمة والتخطيط االستراتيجي _رؤية مدير القرن الواحد‬
‫والعشرين‪ ،‬ط‪ ،2‬مصر‪ :‬جامعة الزقازيق‪.1999 ،‬‬
‫‪ .30‬شحاتة ليلى وآخرون‪ ،‬اإلدارة العامة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬كلية التجارة‪ ،‬جامعة عين شمس‪،‬‬
‫‪.1995‬‬
‫‪ .31‬صقر عاشورأحمد‪ ،‬إصالح اإلدارة الحكومية آفاق إستراتيجية لإلصالح اإلداري والتنمية‬
‫اإلدارية العربية في مواجهة التحديات العالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬المنظمة العربية للتنمية‬
‫اإلدارية‪.1995 ،‬‬
‫‪ .32‬عباس الخفاجي نعمة‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية _ المداخل والمفاهيم والعمليات‪ ،‬ط‪ ،1‬األردن‪:‬‬
‫دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.2004 ،‬‬
‫‪ .33‬عبد الرحمان إدريس ثابت ومحمد مرسي جمال الدين‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية (مفاهيم ونماذج‬
‫تطبيقية)‪ ،‬مصر‪ :‬الدار الجامعية‪ ،‬جامعة المنوفية‪.2002 ،‬‬
‫‪ .34‬عبد الفتاح المغربي عبد الحميد‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية _لمواجهة تحديات القرن الحادي‬
‫والعشرين‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬مجموعة النيل العربية‪.1999 ،‬‬
‫‪ .35‬عبد الفتاح ناجي أحمد‪ ،‬التخطيط للتنمية في الدول النامية‪ ،‬مصر‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ .36‬عثمان إسماعيل حميد محمد ومصطفى المعازحمدي‪ ،‬اإلدارة العامة بين النظرية والتطبيق‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار النهضة العربية‪.2001 ،‬‬
‫‪ .37‬عطاهلل خالد‪ ،‬السياسة العامة في الجزائر بين التخطيط والتنفيذ الجزائر أنموذجا‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪:‬‬
‫دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪.2017 ،‬‬
‫‪ .38‬عوابدي عمار‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ :‬النظام اإلداري‪ ،‬ط‪ ،4‬الجزائر‪ :‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.2007،‬‬
‫‪ .39‬عودة المعاني أيمن‪ ،‬اإلدارة المحلية‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر‪.2010 ،‬‬
‫‪ .40‬غوديه ميشال ودوران فيليب والهمامي قيس‪ ،‬االستشراف االستراتيجي للمؤسسات واألقاليم‪،‬‬
‫(تعريب‪ :‬محمد سليم قاللة وقيس الهمامي)‪ ،‬باريس‪ :‬مخبر االبتكار‪ ،‬االستشراف االستراتيجي‬
‫والتنظيم‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن‪.‬‬
‫‪ .41‬قوي بوحنية‪ ،‬الديمقراطية التشاركية في ظل اإلصالحات السياسية واإلدارية في الدول‬
‫المغاربية‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪.2015 ،‬‬

‫‪300‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .42‬كافي مصطفى يوسف‪ ،‬التخطيط والتنمية من منظور اقتصادي‪-‬بيئي‪-‬اعالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪:‬‬


‫دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪.2017 ،‬‬
‫‪ .43‬محسن منصورالغالبي طاهرومحمد صبحي إدريس وائل‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية_منظور‬
‫منهجي متكامل‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر والتوزيع‪.2007 ،‬‬
‫‪ .44‬محمد السيد إسماعيل‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية _ مفاهيم وحاالت تطبيقية‪ ،‬مصر‪ :‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪.2000 ،‬‬
‫‪ .45‬محمد الكيالي خالد وآخرون‪ ،‬مدخل إلى اإلدارة العامة‪ ،‬ط‪ ،3‬دبي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪:‬‬
‫المطبعة العصرية ‪.1987،‬‬
‫‪ .46‬محمد بني حمدان خالد ومحمد صبحي إدريس وائل‪ ،‬االستراتيجية والتخطيط االستراتيجي‪:‬‬
‫منهج معاصر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار اليازوردي العلمية للنشر والتوزيع‪.2007،‬‬
‫‪ .47‬محمد جاد الرب سيد‪ ،‬تنظيم وإدارة منظمات األعمال‪ :‬منهج متكامل في إطار الفكر اإلداري‬
‫التقليدي والمعاصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬مطبعة العشري‪.2005 ،‬‬
‫‪ .48‬محمد سعود جرادات ناصر‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية‪ ،‬منظور تكاملي حديث‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬اثراء‬
‫للنشر والتوزيع‪.2013 ،‬‬
‫‪ .49‬محمد عبد هللا شاهين محمد‪ ،‬التحديات السياسية واالقتصادية للدول العربية وسبل معالجتها‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬االمارات العربية المتحدة‪ :‬دار الكتاب الجامعي‪.2017 ،‬‬
‫‪ .50‬محمد عبد الوهاب محمد‪ ،‬البيروقراطية في اإلدارة المحلية‪ ،‬االزاريطة‪ ،‬مصر‪ :‬دار الجامعة‬
‫الجديدة للنشر‪.2004 ،‬‬
‫‪ .51‬محمد مرسي نبيل‪ ،‬اإلدارة االستراتيجية‪ :‬تكوين وتنفيذ استراتيجية التنافس‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪ :‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪.2003 ،‬‬
‫‪ .52‬محمود الكاللدة طاهر‪ ،‬تنمية وإدارة الموارد البشرية‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر‬
‫والتوزيع‪.2005 ،‬‬
‫‪ .53‬محمود حمدي عادل‪ ،‬االتجاهات المعاصرة في نظم اإلدارة المحلية دراسة مقارنة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪ :‬دار الفكر العربي‪.1973 ،‬‬
‫‪ .54‬محيوأحمد‪ ،‬محاضرات في المؤسسات اإلدارية‪( ،‬ترجمة‪ :‬محمدعرب صاصيال)‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.2006 ،‬‬
‫‪ .55‬منصوري رقية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي لنظم المعلومات‪ ،‬مدخل التوافق االستراتيجي في‬
‫تحقيق التفوق التنافسي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪.2017 ،‬‬
‫‪ .56‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬التحوالت السياسية واشكالية التنمية‪ ،‬ط‪ ،1‬تحرير‪ :‬محمد غربي‪،‬‬
‫سفيان فوكة‪ ،‬مشري مرسي‪ ،‬الجزائر‪ :‬ابن النديم للنشر والتوزيع‪.2014،‬‬

‫الرسائـــل الجامعيــــــــة‪:‬‬
‫أ‪ .‬أطروحات الدكتوراه‪:‬‬
‫‪ .1‬بقشيش علي‪" ،‬إشكالية تأثير الفساد اإلداري على برامج التنمية وتطبيق آليات الحكم الراشد في‬
‫البلدان النامية مع اإلشارة إلى حالة الجزائر"‪ ،‬أطروحة دكتوراه علوم في العلوم السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬كلية العلوم السياسية واالعالم‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2013/2012 ،3‬‬
‫‪ .2‬خشمون محمد‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية (دراسة ميدانية على مجالس‬
‫بلديات والية قسنطينة"‪ ،‬أطروحة دكتوراه علوم‪ ،‬تخصص علم اجتماع التنمية‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪.2011/2010 ،‬‬
‫‪ .3‬خنفري خيضر‪ " ،‬تمويل التنمية المحلية في الجزائر واقع وآفاق"‪ ،‬أطروحة دكتوراه علوم‪،‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية‪ ،‬العلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2011/2010 ،3‬‬

‫‪301‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .4‬مزياني فريدة‪" ،‬المجالس الشعبية المحلية في ظل نظام التعددية السياسية في التشريع‬


‫الجزائري"‪ ،‬أطروحة دكتوراه الدولة في القانون‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .5‬محمد الضمورموفق‪"،‬واقع التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في القطاع العام في‬
‫األردن"‪ ،‬أطروحة دكتوراه مقدمة إلى قسم إدارة األعمال‪ ،‬األكاديمية العربية للعلوم المالية‬
‫والمصرفية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .6‬يحياوي هادية‪ " ،‬السياحة والتنمية في المغرب العربي" أطروحة لنيل شهادة دكتوراه علوم في‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬تخصص تنظيمات سياسية وإدارية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫الحاج لخضر باتنة‪.2012/2011 ،‬‬

‫ب‪ .‬مذكرات الماجستير‬


‫‪ .1‬إنزارن عادل‪" ،‬الدور التنموي للمخططات البلدية بين الواقع واآلفاق دراسة حالة بلدية باتنة‬
‫(‪ ،")2010-2002‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص‪ :‬إدارة‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬كلية العلوم السياسية واالعالم‪ ،‬جوان ‪.2011‬‬
‫‪ .2‬بلجياللي أحمد‪" ،‬إشكالية عجز ميزانية البلديات‪ ،‬دراسة تطبيقية لبلديات‪ :‬جياللي بن عمار‪،‬‬
‫سيدي علي مالل‪ ،‬قرطوفة بوالية تيارت"‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬قسم العلوم االقتصادية في إطار‬
‫مدرسة الدكتوراه‪ ،‬فرع تسيير المالية العامة‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان‪.2010/2009 ،‬‬
‫‪ .3‬بلرنب منصور‪" ،‬اإلصالح اإلداري والبيروقراطية في الجزائر بين النظرية والتطبيق"حالة‬
‫وزارة الداخلية والجماعات المحلية"‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالمية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬يناير ‪.1982‬‬
‫‪ .4‬بن عثمان شويح "دور الجماعات المحلية في التنمية المحلية‪-‬دراسة حالة البلدية"‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان السنة‬
‫الجامعية ‪.2011/2010‬‬
‫‪ .5‬بهى لطيفة‪ " ،‬استقاللية البلدية في التشريع الجزائري"‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬تخصص تنظيم‬
‫إداري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الوادي‪.2014/2013 ،‬‬
‫‪ .6‬تايب الهام‪" ،‬التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في الوظيف العمومي الجزائري (دراسة‬
‫حالة وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية)"‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪،‬‬
‫قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ .7‬حامد راشد عبد العزيز أحمد‪ " ،‬استراتيجية تطوير الهيئات المحلية في منطقة أريحا‬
‫واألغوار"‪ ،‬مذكرة ماجستير في التخطيط الحضري واإلقليمي‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪.2009 ،‬‬
‫‪ .8‬حمادو سليمة‪" ،‬اصالح الجماعات المحلية في الجزائر كخيار استراتيجي"‪ ،‬مذكرة ماجستير‬
‫في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬ديسمير ‪.2012‬‬
‫‪ .9‬مسعودي عبد الكريم‪ " ،‬تفعيل الموارد المالية للجماعات المحلية دراسة حالة بلدية أدرار"‪،‬‬
‫مذكرة ماجستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬تخصص تسيير المالية العامة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‬
‫والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.2013/2012 ،‬‬
‫‪ .10‬فواز حسين سعيد ناصر‪ " ،‬نموذج قبالن في التخطيط التنموي االستراتيجي للهيئات المحلية‬
‫الفلسطينية "‪ ،‬مذكرة ماجستير في التخطيط والتنمية السياسية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪.2013 ،‬‬
‫قاسم محمد حسيباسناء‪" ،‬واقع واستراتيجيات تطوير اإلدارة المحلية في األراضي‬ ‫‪.11‬‬
‫الفلسطينية"‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية في نابلس‪،‬‬
‫فلسطين‪.2006 ،‬‬

‫‪302‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫الدوريـــــات والمقــــــاالت‪:‬‬
‫‪ .1‬ابراهيمي عبد هللا وحميدة المختار‪ " ،‬دور التكوين في تثمين وتنمية الموارد البشرية"‪ ،‬في‬
‫مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬فيفري ‪.2005‬‬
‫‪ .2‬أبوالس حميد‪ " ،‬مجال التدخالت االقتصادية للجماعات المحلية على ضوء اإلصالحات‬
‫األخيرة قانون ‪ ،"08-17‬ورقة مقدمة في الملتقى الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة‬
‫الجماعات المحلية في الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪ 04‬ماي ‪ 2009‬من طرف مخبر‬
‫أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل‪ ،‬في مجلة االجتهاد القضائي‪،‬‬
‫العدد السادس‪.‬‬
‫‪ .3‬الحسن محمد نور زروق علي‪" ،‬أثر التخطيط االستراتيجي على التنميةاالقتصادية في‬
‫السودان‪ ،‬دراسة حالة الخطة العشرية (‪ ،")2002/1992‬في مجلة جامعة بخت الرضا‬
‫العلمية‪ ،‬العدد الخامس عشر‪ ،‬ديسمبر ‪.2015‬‬
‫‪ .4‬الخليل أديب‪ " ،‬تكامل التخطيط القطاعي والتخطيط اإلقليمي ودوره في تشكيل منظومة‬
‫اقتصادية متكاملة في المنطقة اإلدارية (مثال‪ :‬منطقة نهر البارد في إقليم الغاب)"‪ ،‬في مجلة‬
‫جامعة دمشق‪ ،‬المجلد ‪ ،30‬العدد ‪.2014 ،4+3‬‬
‫‪ .5‬الدوادي الطيب‪ " ،‬أثر تحليل البيئة الخارجية في صياغة اإلستراتيجية "‪ ،‬في مجلة الباحث‬
‫(جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة)‪ ،‬العدد الخامس‪.2007 ،‬‬
‫‪ .6‬الشافعي محمد إبراهيم‪" ،‬تمويل الالمركزية المحلية في مصر (طبيعته ومشكالته وسبل‬
‫عالجه)"‪ ،‬في مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬السنة‬
‫السابعة والعشرون‪ ،‬العدد السادس والخمسون‪ ،‬أكتوبر ‪.2013‬‬
‫‪ .7‬العابد سميرة وعباز زهية‪" ،‬ظاهرة البطالة في الجزائر بين الواقع والطموحات"‪،‬في مجلة‬
‫الباحث‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬عدد ‪.)2012(11‬‬
‫‪ .8‬العلمي محمد سعد‪" ،‬تحديث اإلدارة العمومية العربية ‪ ..‬خيار استراتيجي ال محيد عنه"‪ ،‬في‬
‫مجلة إدارة‪ ،‬مجلة دورية متخصصة تصدر عن المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬يوليو ‪.2010‬‬
‫‪ .9‬الفرا ماجد محمد وسمر رجب عطاهلل‪" ،‬التخطيط االستراتيجي في شركات المقاوالت في‬
‫قطاع غزة"‪ ،‬في مجلة الدراسات والبحوث التجارية‪ ،‬جامعة الزقازيق‪.2006 ،‬‬
‫‪ .10‬النعيمي صالح عبد هللا‪" ،‬مواصفات المفكر االستراتيجي في المنظمة"‪ ،‬في المجلة العربية‬
‫لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،23‬ع‪ ،1‬يونيو‪.2003‬‬
‫‪ .11‬الهواري عبد الغني وبن تيري نبيل والعمراوي محمد‪ " ،‬الحكامة الترابية في مجالي التعمير‬
‫وحماية البيئة وأفاق التصور الجديد لسياسة إعداد التراب وفق الجهوية الموسعة بالمغرب"‪،‬‬
‫في مجلة تشريعات التعمير والبناء‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬سبتمبر ‪.2017‬‬
‫‪ .12‬برابح حمزة‪" ،‬الحوكمة المحلية كآلية لتسيير الجماعات المحلية في الجزائر"‪ ،‬في حوكمة‬
‫التنمية المستدامة في النظرية والتطبيق‪-‬دراسة لبعض النماذج والمؤشرات‪ ،‬تأليف عدد من‬
‫الباحثين‪ ،‬اشراف بوحنية قوي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الكتاب الحديث‪.2017 ،‬‬
‫‪ .13‬بن إبراهيم التويجري محمد‪" ،‬التدريب اإلداري وآفاق تطويره في البلدان العربية"‪ ،‬في إدارة‪،‬‬
‫مجلة المدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬المجلد‪ ،14‬العدد‪.2004 ،27‬‬
‫‪ .14‬بن الشيخ عصام وسويقات األمين‪ " ،‬إدماج مقاربة الديموقراطية التشاركية في تدبير الشأن‬
‫المحلي حالة الجزائر والمغرب"‪ ،‬في الديمقراطية التشاركية في ظل اإلصالحات السياسية‬
‫واإلدارية في الدول المغاربية‪ ،‬ط‪ ،1‬إشراف‪ :‬بوحنية قوي‪ ،‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر‬
‫والتوزيع‪.2015 ،‬‬
‫‪ .15‬بن الطاهر‪ ،‬حسين‪ " ،‬التنمية المحلية والتنمية المستدامة"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خيضر بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،24‬مارس ‪.2012‬‬
‫‪303‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .16‬بن لعبيدي مفيدة‪" ،‬التسيير المحلي التشاركي آلية لتحقيق التنمية المحلية المستدامة في‬
‫الجزائر"‪ ،‬في دراسات وأبحاث‪ ،‬جامعة زيان عاشور‪ ،‬الجلفة‪ ،‬المجلد ‪ ،07‬العدد ‪.21‬‬
‫‪ .17‬بن سديرةعمر‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي‪ :‬اإلطار النظري والواقع التطبيقي في المؤسسة‬
‫الصغيرة والمتوسطة الجزائرية‪-‬دراسة ميدانية في المؤسسات المحلية بسطيف"‪ ،‬في مجلة‬
‫العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬العدد ‪ ،13‬سنة ‪.2013‬‬
‫‪ .18‬بن صغير عبد المومن‪" ،‬واقع إشكالية تطبيق الجباية المحلية في الجزائر‪ /‬صعوبات االقتطاع‬
‫وآفاق التحصيل"‪ ،‬في مجلة الندوة للدراسات القانونية‪ ،‬العدد األول لعام ‪.2013‬‬
‫‪ .19‬بن عيسى قدور‪" ،‬التعاون ما بين البلديات بين القانون والممارسة"‪ ،‬في المجلة األكاديمية‬
‫للبحث القانوني‪ ،‬مجلة سداسية محكمة‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬المجلد ‪ ،05‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬العدد ‪.2012 ،01‬‬
‫‪ .20‬بوحديد ليلى‪" ،‬التخطيط االستراتيجي كمدخل لتحسين أداء الموارد البشرية في المستشفيات‬
‫العمومية الجزائرية‪-‬دراسة الحالة‪ ،"-‬في المجلة الجزائرية للتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬عدد‪ ،01‬ديسمبر ‪.2014‬‬
‫‪ .21‬بوديسة محمد وعسلي نورالدين‪" ،‬نحو بناء إستراتيجية متكاملة للحد من البطالة وتحقيق‬
‫التنمية المستدامة ‪-‬دراسة تحليلية لتجربة تركيا"‪ ،‬في مخبر االستراتيجيات والسياسات‬
‫االقتصادية في الجزائر‪ ،‬الملخص الرابع‪ :‬دراسات وتجارب دولية في القضاء على البطالة‪،‬‬
‫جامعة المسيلة‪.‬‬
‫‪ .22‬بوطريكي الميلود‪ " ،‬التعمير التشاركي في ظل قانون ‪ 12-90‬المتعلق بالتعمير في المغرب"‪،‬‬
‫في مجلة تشريعات التعمير والبناء‪ ،‬جامعة ابن خلدون تيارت‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬سبتمبر ‪.2017‬‬
‫‪ .23‬بوعقلين بديعة‪ " ،‬السياحة البيئية كآلية للحفاظ على البيئة"‪ ،‬في مجلة علوم االقتصاد والتسيير‬
‫والتجارة‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬المجلد ‪ ،02‬العدد ‪.2013 ،28‬‬
‫‪ .24‬بولرباح غريب‪ " ،‬العوامل المحفزة لجذب االستثمارات األجنبية المباشرة وطرق تقييمها‬
‫دراسة حالة الجزائر"‪ ،‬في مجلة الباحث‪ ،‬دورية علمية محكمة سنوية تنشر األبحاث التطبيقية‬
‫في العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪،10‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ .25‬جابوربي إسماعيل‪ " ،‬اختصاصات الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي في المحافظة على‬
‫السكينة العمومية كأحد أهداف الضبط اإلداري في الجزائر"‪ ،‬في مجلة دفاتر السياسة‬
‫والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،17‬جوان‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ .26‬جباري شوقي وعولمي بسمة‪ " ،‬تعبئة الموارد الجبائية كخيار استراتيجي لتغطية العجز المالي‬
‫للبلديات الجزائرية"‪ ،‬في المجلة الجزائرية للتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪،‬‬
‫ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،02‬جوان ‪.2015‬‬
‫‪ .27‬جعدي شريفة ومحمد الخطيب نمر ومحمد بركة‪" ،‬أثر استثمار الشركات المتعددة الجنسيات‬
‫على التنمية المحلية في الجنوب الشرقي الجزائري خالل الفترة (‪ ،")2012-2006‬في المجلة‬
‫الجزائرية للتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬عدد ‪ ،01‬ديسمبر ‪.2014‬‬
‫‪ .28‬حاجي محمد‪" ،‬إستراتيجية الجماعات المحلية لنظام التمويل – حالة البلدية الجزائرية "‪ ،‬في‬
‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪( ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر)‪ ،‬العدد ‪ ،16‬جوان ‪.2007‬‬
‫‪ .29‬حمزاوي شريف‪" ،‬عن مفهوم اإلستراتيجية في إدارة األعمال"‪ ،‬في مجلة العلوم االجتماعية‬
‫واإلنسانية " التواصل"(جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة)‪ ،‬عدد ‪ ،09‬جوان ‪.2002‬‬
‫‪ .30‬خشمون محمد‪" ،‬مشاركة المجالس البلدية في التنمية المحلية‪-‬دراسة سوسيولوجية"‪ ،‬في مجلة‬
‫العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،33‬جوان ‪.2010‬‬
‫‪ .31‬خلوط فوزية‪" ،‬برامج التنمية بين األهداف المنشودة والنتائج المحدودة"‪ ،‬في مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد التاسع والعشرون‪ ،‬فيفري ‪.2013‬‬

‫‪304‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .32‬خميلي فريد‪ " ،‬التدريب كمدخل لتحسين أداء الموارد البشرية – دراسة حالة مجمع صيدال‬
‫فرع فرمال بعنابة‪ ،"-‬في مجلة االستراتيجية والتنمية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية‬
‫وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‪ ،‬العدد ‪ ،06‬جانفي ‪.2014‬‬
‫‪ .33‬دغمان زبير وبن رجم محمد خميسي‪ " ،‬التغيير المخطط كاستراتيجية مفضلة لتحسين أداء‬
‫األفراد والمنظمات"‪ ،‬في مجلة العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬العدد ‪.2015 ،14‬‬
‫‪ .34‬رامي عبد الهادي‪ " ،‬واقع التخطيط المكاني في دولة فلسطين وأثره على التنمية"‪ ،‬في أوراق‬
‫للنقاش‪ ،‬معهد أبحاث السياسات االقتصادية الفلسطيني (ماس ‪ ،)MAS‬القدس ورام هللا‪،‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪ .35‬رحماني موسى والسبتي وسيلة‪ " ،‬تمويل التنمية المحلية المستدامة من منظور إسالمي"‪ ،‬في‬
‫مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،23‬نوفمبر ‪.2011‬‬
‫‪ .36‬رمضان عبد المجيد "اآلليات القانونية واإلدارية لحماية البيئة في الجزائر –دراسة ميدانية من‬
‫منظور الحوكمة البيئية"‪ ،‬في حوكمة التنمية المستدامة في النظرية والتطبيق دراسة لبعض‬
‫النماذج والمؤشرات‪ ،‬تأليف عدد من الباحثين‪ ،‬اشراف‪ :‬بوحنية قوي‪ ،‬الجزائر‪ :‬المكتبة‬
‫الوطنية الجزائرية‪.2017 ،‬‬
‫‪ .37‬ريحاني أمينة‪ " ،‬التخطيط البيئي المحلي في التشريع الجزائري"‪ ،‬في مجلة المفكر‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد الثالث عشر‪.‬‬
‫‪ .38‬زاير وافية وسراي أم السعد‪ " ،‬التسيير الفعال لنفايات خدمات الرعاية الصحية في المؤسسات‬
‫العمومية االستشفائية الجزائرية"‪ ،‬في مجلة األبحاث االقتصادية‪ ،‬جامعة البليدة ‪ ،2‬العدد ‪،12‬‬
‫جوان ‪.2015‬‬
‫‪ .39‬زبيري حسين‪" ،‬الحكم الراشد والتسيير المحلي (دراسة ميدانية تحليلية على المجالس الشعبية‬
‫البلدية لوالية الجزائر العهدة االنتخابية ‪ ،")2004_1997‬في مجلة دراسات اجتماعية‪ ،‬دار‬
‫الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬أكتوبر ‪.2009،‬‬
‫‪ .40‬زغداوي محمد‪ " ،‬المجموعات اإلقليمية في الجزائر‪ :‬أية إصالحات"‪ ،‬في مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬العدد ‪ ،35‬جوان ‪.2011‬‬
‫‪ .41‬زياني صالح‪" ،‬إشكالية تفعيل المنظمات غير الرسمية في صناعة السياسة العامة في‬
‫الجزائر"‪ ،‬في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪،‬‬
‫العدد الثالث (السداسي الثاني)‪ ،‬جوان ‪.2010‬‬
‫‪ .42‬زياني صالح‪" ،‬موقع مؤسسات المجتمع المدني في إدارة التنمية المحلية في الجزائر"‪ ،‬في‬
‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬عدد‪ ،16‬جوان ‪.2007‬‬
‫‪ .43‬سمسوم عائشة‪ " ،‬تنمية االبداع التنظيمي ضمن نموذج التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية‬
‫في المؤسسة"‪ ،‬في مجلة االقتصاد الجديد‪ ،‬العدد ‪ ،14‬المجلد ‪.2016 ،01‬‬
‫‪ .44‬سويقات أحمد‪" ،‬الجماعات اإلقليمية ووحدة اإلقليم في الجزائر"‪ ،‬في مجلة دفاتر السياسة‬
‫والقانون‪( ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة)‪ ،‬العدد الرابع عشر‪ ،‬جانفي ‪2016‬‬
‫‪ .45‬سويقات األمين‪ " ،‬دور المجتمع المدني في تكريس الديموقراطية التشاركية‪ :‬دراسة حالتي‬
‫الجزائر والمغرب"‪ ،‬في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،17‬جوان ‪.2017‬‬
‫‪ .46‬سوينبرن جوين وسريا جوجا وفيرجس ميرفي‪ " ،‬التنمية االقتصادية المحلية‪ ،‬دليل وضع‬
‫وتنفيذ استراتيجيات تنمية االقتصاد المحلي وخطط العمل بها"‪ ،‬في دراسة مشتركة صادرة‬
‫عن مدن التغيير‪ ،‬البنك الدولي وبيرتلزمانستيفتانج‪ ،‬سبتمبر ‪.2004‬‬
‫‪ .47‬شريط حسين األمين‪ " ،‬فعالية التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية في الجزائر"‪ ،‬في مجلة‬
‫العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم‬
‫التجارية‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬العدد ‪.2015 ،14‬‬

‫‪305‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .48‬شليغم غنية‪" ،‬دور تنظيمات المجتمع المدني في تكريس المشاركة السياسية"‪،‬في مجلة دفاتر‬
‫السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،02‬ديسمبر ‪.2009‬‬
‫‪ .49‬صبح القيق فريد‪" ،‬دور المشاركة المجتمعية في تحقيق التنمية المستدامة – الخطط التنموية‬
‫االستراتيجية للمدن الفلسطينية كحالة دراسية"‪ ،‬في مجلة جامعة فلسطين لألبحاث‬
‫والدراسات‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬يناير ‪.2015‬‬
‫‪ .50‬صبري آمنة حسين‪" ،‬الشراكة المنتجة باالتصال التنموي استراتيجية فاعلة من أجل التغيير"‪،‬‬
‫في مجلة المخطط والتنمية‪ ،‬المعهد العالي للتخطيط الحضري واإلقليمي‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬العدد‬
‫‪.2006 15‬‬
‫‪ .51‬طاشمة بومدين‪" ،‬الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات اإلدارة المحلية في الجزائر"‪ ،‬في‬
‫التواصل‪ ،‬عدد ‪.2010 ،26‬‬
‫‪ .52‬طلحي فاطمة الزهراء‪ " ،‬أهمية تدريب الموارد البشرية لتفعيل اإلدارة االلكترونية في‬
‫الجزائر"‪ ،‬في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،35/34‬مارس‬
‫‪.2014‬‬
‫‪ .53‬عبد هللا بدر أميرة‪ " ،‬التخطيط العمراني كأحد آليات اإلدارة المحلية في مواجهة تحديات‬
‫التنمية المستدامة دراسة مقارنة"‪ ،‬في مجلة تشريعات التعمير والبناء‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪،‬‬
‫تيارت‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬سبتمبر ‪.2017‬‬
‫‪ .54‬عبد مواله وليد‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي للتنمية"‪ ،‬في جسر التنمية‪ ،‬سلسلة دورية تعنى‬
‫بقضايا التنمية في الدول العربية‪ ،‬المعهد العربي للتخطيط بالكويت‪ ،‬العدد ‪ ،114‬يونيو‬
‫حزيران ‪ ،2012‬السنة الحادية عشر‪.‬‬
‫‪ .55‬عولمي بسمة‪" ،‬تشخيص نظام اإلدارة المحلية والمالية المحلية في الجزائر"‪ ،‬في مجلة‬
‫اقتصاديات شمال افريقيا‪ ،‬عدد ‪.04‬‬
‫‪ .56‬فريجات إسماعيل‪" ،‬األسس الديموقراطية لنظام الجماعات المحلية في الجزائر (كيفية تشكيل‬
‫المجالس الشعبية البلدية)"‪ ،‬في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة ورقلة‪ ،‬العدد الرابع عشر‪ ،‬جانفي ‪.2016‬‬
‫‪ .57‬فريجة حسين‪" ،‬الرشادة اإلدارية ودورها في تنمية اإلدارة المحلية"‪ ،‬ورقة مقدمة في الملتقى‬
‫الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪03‬‬
‫و‪ 04‬ماي ‪ 2009‬من طرف مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل‪،‬‬
‫في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪.‬‬
‫‪ .58‬فريمش دليلة‪ " ،‬المعوقات السياسية للتنمية في الجزائر"‪ ،‬في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة‬
‫قسنطينة ‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،38‬ديسمبر ‪.2012‬‬
‫‪ .59‬قادري النعاس‪" ،‬دور سياسات التمويل في تطوير البلديات‪-‬بلدية ورقلة نموذجا"‪ ،‬في حوكمة‬
‫التنمية المستدامة في النظرية والتطبيق‪-‬دراسة لبعض النماذج والمؤشرات‪ ،‬تأليف عدد من‬
‫الباحثين‪ ،‬اشراف بوحنية قوي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الكتاب الحديث‪.2017 ،‬‬
‫‪ .60‬قوي بوحنية ورمضان عبد المجيد‪" ،‬اإلدارة االلكترونية كآلية لتطوير أداء الجماعات المحلية‬
‫في الجزائر"‪ ،‬في حوكمة التنمية المستدامة في النظرية والتطبيق‪-‬دراسة لبعض النماذج‬
‫والمؤشرات‪ ،‬تأليف عدد من الباحثين‪ ،‬اشراف بوحنية قوي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ .61‬قوي بوحنية ومحمد الطاهر قزيز‪ " ،‬دور الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في التنمية‬
‫المستدامة‪ :‬مدخل اإلدارة المحلية"‪ ،‬في الديمقراطية التشاركية في ظل اإلصالحات السياسية‬
‫واإلدارية في الدول المغاربية‪ ،‬ط‪ ،1‬إشراف‪ :‬بوحنية قوي‪ ،‬عمان‪ :‬دار ومكتبة الحامد للنشر‬
‫والتوزيع‪.2015 ،‬‬

‫‪306‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .62‬كافي فريدة وآكلي زكية‪" ،‬التنمية المحلية في الجزائر قراءة للنهوض بالمقومات وتجاوز‬
‫العوائق"‪ ،‬في مجلة اقتصاديات المال واألعمال‪ ،‬مارس ‪2017‬‬
‫‪ .63‬لخيار زهير‪" ،‬التخطيط االستراتيجي ورهان التنمية المحلية "‪ ،‬في مجلة دفاتر القانون‬
‫واالقتصاد والتدبير‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول‬
‫سلطات‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬العدد الثاني‪.2009 ،‬‬
‫‪ .64‬لموسخ محمد‪" ،‬دور الجماعات المحلية في حماية البيئة"‪ ،‬ورقة مقدمة في الملتقى الدولي‬
‫الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 03‬و‪04‬‬
‫ماي ‪ 2009‬من طرف مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل‪ ،‬في‬
‫مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪.‬‬
‫‪ .65‬محرز نور الدين وصيد مريم‪ " ،‬التخطيط البيئي كآلية وقائية لحماية البيئة في الجزائر"‪ ،‬في‬
‫مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬المجلد الثالث‪.2017 ،‬‬
‫‪ .66‬مرازقة عيسى‪" ،‬معوقات تسيير الجماعات المحلية‪ :‬بعض عناصر التحليل"‪ ،‬في مجلة العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪14‬جوان‪.2006 ،‬‬
‫‪ .67‬محمود عوض عاطف‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي في المنظمات غير الربحية (دراسة ميدانية‬
‫على المنظمات غير الربحية في محافظة البقاع اللبنانية"‪ ،‬في مجلة جامعة دمشق للعلوم‬
‫االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،29‬العدد األول‪.2013 ،‬‬
‫‪ .68‬مرغاد لخضر‪" ،‬اإليرادات العامة للجماعات المحلية في الجزائر"‪ ،‬في مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬فيفري ‪.2005‬‬
‫‪ .69‬مزياني فريدة‪" ،‬دور الجماعات المحلية في مجال االستثمار"‪ ،‬ورقة مقدمة في الملتقى‬
‫الدولي الخامس حول‪ :‬دور ومكانة الجماعات المحلية في الدول المغاربية‪ ،‬المنعقد يومي ‪03‬‬
‫و‪ 04‬ماي ‪ 2009‬من طرف مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬قسم الحقوق‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة بالتنسيق مع جمعية هانس صيدل‪،‬‬
‫في مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد السادس‪.‬‬
‫‪ .70‬مشري عبد الرؤوف‪" ،‬اإلدارة المحلية ودورها في تطوير المجتمعات النامية"‪ ،‬في مجلة‬
‫العلوم االنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،1‬عدد ‪ ،40‬ديسمبر ‪.2013‬‬
‫‪ .71‬مكيد علي ويحياوي فاطمة‪ " ،‬أثر استراتيجية التمكين في تنمية السلوك اإلبداعي لرأس المال‬
‫الفكري (دراسة حالة مؤسسة صيدال فرع أنتيبيوتيكال المدية)"‪ ،‬في مجلة العلوم االقتصادية‬
‫والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة‬
‫المسيلة‪ ،‬العدد ‪.2015 ،14‬‬
‫‪ .72‬ناجي عبد النور‪" ،‬دور اإلدارة المحلية في تقديم الخدمات العامة _ تجربة البلدياتالجزائرية "‪،‬‬
‫في مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪،01‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ .73‬هاشمي موالي‪ " ،‬تطور شروط الترشح للمجالس الشعبية المنتخبة في الجزائر"‪ ،‬في مجلة‬
‫دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد الثاني عشر‪،‬‬
‫جانفي ‪.2015‬‬
‫‪ .74‬يعيش تمام آمال‪ " ،‬المركز القانوني لرئيس المجلس الشعبي البلدي بين االستقاللية المحلية‬
‫والتبعية للسلطة الوصية"‪ ،‬في مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد‬
‫الثالث والثالثون‪ ،‬جانفي ‪.2014‬‬
‫‪ .75‬مجموعة من الباحثين‪" ،‬التخطيط العمراني االستراتيجي واإلدارة االستراتيجية للمدن"‪ ،‬في‬
‫سلسلة دراسات نحو مجتمع المعرفة‪ ،‬مركز اإلنتاج اإلعالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪،‬‬
‫اإلصدار الخامس عشر‪.2007،‬‬

‫‪307‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .76‬مجموعة من الباحثين‪"،‬التخطيط االستراتيجي للدول"‪ ،‬إشراف‪ :‬عصام بن يحي الفياللي‪ ،‬في‬


‫سلسلة دراسات نحو مجتمعالمعرفة‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية‪ ،‬جامعة الملك عبد‬
‫العزيز‪ ،‬اإلصدار التاسع والعشرون‪.2010 ،‬‬

‫الملتقيــــــات العلميــــة‪:‬‬
‫أبو دية عامر عاشور أحمد‪" ،‬التفكير االبتكاري وتأثيره االستراتيجي والتنظيمي على القيادات‬ ‫‪.1‬‬
‫المحلية"‪ ،‬بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات لمحلية‬
‫والبلديات خيارات وتوجهات‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو ‪ ،2010‬منشورات المنظمة العربية‬
‫للتنمية اإلدارية‪ ،‬أعمال المؤتمرات‪ ،‬إدارة التغيير في اإلدارات المحلية والبلديات‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪.2011،‬‬
‫البرج محمد‪" ،‬دور القطاع الخاص في التنمية البلدية"‪ ،‬ورقة مقدمة في اليوم الدراسي حول‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة غرداية يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪.2015‬‬
‫العبيدي فائق مشعل وصباح فيحان محمود‪" ،‬التوجهات التنموية ومتطلبات اصالح وتطوير‬ ‫‪.3‬‬
‫اإلدارة المحلية (رؤية استراتيجية)‪ ،‬بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل بين األجهزة الحكومية‬
‫واإلدارات المحلية والبلديات‪-‬خيارات وتوجهات‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو ‪ ،2010‬منشورات‬
‫المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬أعمال المؤتمرات‪ ،‬إدارة التغيير في اإلدارات المحلية‬
‫والبلديات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2011 ،‬‬
‫بن تفات عبد الحق‪ " ،‬جهود واصالحات الدولة الجزائرية في التنظيم البيئي وتهيئة اإلقليم"‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ورقة مقدمة في الملتقى العلمي الوطني حول‪ :‬مستقبل الدولة الوطنية في ظل العولمة ومجتمع‬
‫المعلومات حالة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬يومي‬
‫‪05‬و‪ 06‬ماي ‪.2009‬‬
‫بن سماعين حياة والسبتي وسيلة‪" ،‬التمويل المحلي للتنمية المحلية‪ :‬نماذج من اقتصاديات‬ ‫‪.5‬‬
‫الدول النامية"‪ ،‬ورقة مقدمة فيالملتقى الدولي حول‪ :‬سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات‬
‫والمؤسسات‪-‬دراسة حالة الجزائر والدول النامية‪ ،-‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير مخبر‬
‫العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬المنعقد يومي‪ 21 :‬و‪ 22‬نوفمبر‬
‫‪.2006‬‬
‫بن عيسى صباح ونوري ياسمين‪" ،‬واقع التنمية المحلية في الجزائر‪ :‬رهانات وآفاق"‪ ،‬ورقة‬ ‫‪.6‬‬
‫مقدمة في اليوم الدراسي حول إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز‬
‫والتمويل‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة غرداية‪ ،‬المنعقد يوم الخميس ‪ 30‬أفريل‬
‫‪.2015‬‬
‫بن مرزوقعنترةوبن علي خليل‪" ،‬تحديات ترشيد اإلدارة المحلية الجزائرية"‪ ،‬ورقة مقدمة في‬ ‫‪.7‬‬
‫الملتقى الوطني حول إشكالية الحكم الراشد في إدارة الجماعات المحلية واالقليمية‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬المنعقد يومي ‪12‬و‪ 13‬ديسمبر‬
‫‪.2010‬‬
‫بوزيدة حميد‪" ،‬تحديات تمويل ميزانيات الجماعات المحلية في الجزائر"‪ ،‬أعمال المؤتمرات‬ ‫‪.8‬‬
‫للمنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪" ،‬إدارة التغيير في اإلدارات المحلية والبلديات"‪ ،‬بحوث‬
‫وأوراق عمل ملتقى التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات المحلية والبلديات‪-‬خيارات‬
‫وتوجهات‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو ‪.2010‬‬
‫بوضياف مليكة " تقييم السياسة البيئية في الجزائر في ظل العولمة"‪ ،‬ورقة مقدمة في الملتقى‬ ‫‪.9‬‬
‫العلمي الوطني حول‪ :‬مستقبل الدولة الوطنية في ظل العولمة ومجتمع المعلومات حالة‬
‫الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬يومي ‪05‬و‪ 06‬ماي‬
‫‪.2009‬‬
‫‪308‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .10‬جناي محمد عالء وبالواضح فاتح‪" ،‬مكافحة التهرب الضريبي كهدف لتحقيق التنمية المحلية‬
‫(دراسة حالة بلدية المسيلة)"‪ ،‬ورقة مقدمة في اليوم الدراسي حول " إدارة التنمية المحلية في‬
‫الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة غرداية‪،‬‬
‫المنعقد يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪.2015‬‬
‫‪ .11‬حاج أحمد األمين العوض حسن كمال الطاهر‪ ،‬رباب المحينة‪" ،‬األطر المؤسسية للمجتمع‬
‫المحلي والشراكة في تحقيق التنمية"‪ ،‬ورقة بحثية‪ ،‬أوت ‪.2007‬‬
‫‪ .12‬حاروش نور الدين‪" ،‬الخدمة العمومية المحلية كمؤشر للتنمية المستدامة "‪ ،‬ورقة مقدمة في‬
‫الملتقى الوطني حول إشكالية الحكم الراشد في إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬المنعقد يومي ‪12‬و‪ 13‬ديسمبر ‪.2010‬‬
‫‪ .13‬شكرين محمد وبالهادي محمد‪" ،‬إصالح الجباية المحلية وآثاره المرتقبة على التنمية المحلية "‪،‬‬
‫ورقة مقدمة في الملتقى الوطني حول التنمية المحـلية في الجزائر‪ :‬واقع وآفاق‪ ،‬المركز‬
‫الجامعي برج بوعريريج‪ ،‬المنعقد يومي ‪14‬و‪ 15‬أفريل ‪.2008‬‬
‫‪ .14‬طاشمة بومدين‪"،‬الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات اإلدارة المحلية الجزائرية"‪ ،‬ورقة مقدمة‬
‫في الملتقى الوطني حول التحوالت السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة حسين بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪ ،‬المنعقد يومي ‪16‬و‪ 17‬ديسمبر ‪.2008‬‬
‫‪ .15‬عبد الوهاب سمير محمد‪" ،‬التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات المحلية والبلديات‬
‫خيارات وتوجهات"‪ ،‬بحوث وأوراق عمل ملتقى التكامل بين األجهزة الحكومية واإلدارات‬
‫لمحلية والبلديات خيارات وتوجهات‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬يونيو ‪ ،2010‬منشورات المنظمة‬
‫العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬أعمال المؤتمرات‪ ،‬إدارة التغيير في اإلدارات المحلية والبلديات‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪.2011،‬‬
‫‪ .16‬فخار حمو بن ابراهيم‪ " ،‬معوقات إدارة التنمية المحلية (البلدية نموذجا)"‪ ،‬ورقة مقدمة في‬
‫اليوم الدراسي حول إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة غرداية‪ ،‬المنعقد يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪.2015‬‬
‫‪ .17‬قرباتي مليكة‪ " ،‬تطبيق نظام اإلدارة االلكترونية كأحد اإلصالحات التنموية في الجزائر"‪،‬‬
‫ورقة مقدمة في اليوم الدراسي حول إدارة التنمية المحلية في الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز‬
‫والتمويل‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة غرداية‪ ،‬المنعقد يوم الخميس ‪ 30‬أفريل‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ .18‬كربوش أحمد وتشعبت محمد‪ " ،‬واقع التنمية المحلية بالجنوب الجزائري قراءة في البرامج‬
‫الحكومية فترة ‪ ،"2015-2010‬ورقة مقدمة في اليوم الدراسي حول إدارة التنمية المحلية في‬
‫الجزائر بين المشاريع‪ ،‬اإلنجاز والتمويل‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة غرداية‪،‬‬
‫المنعقد يوم الخميس ‪ 30‬أفريل ‪.2015‬‬
‫‪ .19‬محمد الخياط عبد هللا‪" ،‬التخطيط االستراتيجي"‪ ،‬بحوث وأوراق عمل الملتقى العربي األول‬
‫بعنوان‪ :‬التخطيط االستراتيجي للتفوق والتميز في القطاع الحكومي‪ ،‬ورشة عمل نماذج تحسين‬
‫األداء المؤسسي في الوحدات الحكومية‪ ،‬المنعقد في شرم الشيخ‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪،‬‬
‫يناير ‪.2007‬‬
‫‪ .20‬محمود الطعامنة محمد‪" ،‬نظم اإلدارة المحلية _المفهوم والفلسفة واألهداف"‪ ،‬ورقة بحثية‬
‫مقدمة في الملتقى العربي األول نظم اإلدارة المحلية في الوطن العربي‪ ،‬صاللة‪ ،‬سلطنة عمان‪،‬‬
‫خالل ‪18‬و‪ 20‬أغسطس ‪.2003‬‬
‫‪ .21‬محمود عطا محروس عبد الخبير‪" ،‬تجربة اإلدارة والتنمية المحلية في محافظة قنا‪ ،‬عملية‬
‫اإلصالح المجتمعي المنهجي‪ :‬الضرورات والمتطلبات‪ ،‬األدوار والمحددات‪ ،‬الرؤية‬
‫والرسالة"‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر تجارب اإلدارة والتنمية المحلية في محافظات جمهورية‬
‫مصر العربية‪ ،‬يومي ‪ 25‬و‪ 26‬ماي ‪.2008‬‬

‫‪309‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .22‬مصيطفى عبد اللطيف وبن سانية عبد الرحمان‪" ،‬دور الدولة في النشاط االقتصادي من خالل‬
‫تجربة التنمية االقتصادية في الجزائر من االقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق"‪ ،‬ورقة مقدمة‬
‫في الملتقى الوطني حول‪ :‬مستقبل الدولة الوطنية في ظل العولمة ومجتمع المعلومات‪-‬دراسة‬
‫حالة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬المنعقد‬
‫يومي‪ 05‬و‪ 06‬ماي ‪.2009‬‬
‫‪ .23‬ناجي عبد النور‪" ،‬إصالح اإلدارة المحلية في الجزائر‪ :‬الواقع واالتجاهات المستقبلية"‪ ،‬ورقة‬
‫مقدمة في الملتقى الوطني مستقبل الدولة الوطنية في ظل العولمة ومجتمع المعلومات‪-‬حالة‬
‫الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباحورقلة‪ ،‬المنعقد يومي‪ 5‬و‪6‬‬
‫ماي ‪.2009‬‬
‫‪" .24‬االرتقاء بالتنمية االقتصادية المحلية من خالل التخطيط االستراتيجي"‪ ،‬أوراق عمل التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬المجلد الثالث‪ :‬األدوات‪ ،‬سلسلة التطوير االقتصادي على المستوى المحلي‪ ،‬تعزيز‬
‫التطوير االقتصادي المحلي من خالل التخطيط االستراتيجي‪ ،‬برنامج األمم المتحدة‬
‫للمستوطنات البشرية‪ ،)UN HABITAT ( ،‬د‪.‬ت‬
‫القوانيــــــن والمراسيــــــــم‪:‬‬
‫‪ .1‬المملكة المغربية‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج دعم التخطيط الجماعي‪" ،‬المخطط‬
‫الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة ‪ ،"2016-2011‬نسخة مصادق عليها في الدورة‬
‫العادية لشهر أكتوبر ‪.2010‬‬
‫‪ .2‬المنتدى الحضري المغرب‪" ،‬المخطط االستراتيجي لتنمية تطوان"‪ ،‬ديسمبر ‪.2005‬‬
‫‪ .3‬جمهورية مصر العربية‪" ،‬اإلطار االستراتيجي لخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية حتى‬
‫عام ‪( 2022‬مقترح ألغراض الحوار المجتمعي)"‪ ،‬وزارة التخطيط والتعاون الدولي‪ ،‬نوفمبر‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ .4‬قانون البلدية (‪ )08/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪ .5‬قانون الوالية (‪ )09/90‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.1990‬‬
‫‪ .6‬قانون البلدية (‪ )10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪.2011‬‬
‫‪ .7‬قانون الوالية (‪ )07/12‬المؤرخ في ‪ 21‬فبراير ‪.2012‬‬
‫المواقــــــــع االلكترونيــــــة‪:‬‬
‫‪ .1‬البخيت علي بن عبد العزيز‪" ،‬فشل التخطيط االستراتيجي"‪ ،‬مقال منشور يوم‪:‬‬
‫‪ ،2014/01/28‬الساعة ‪ ،23:07‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2017/06/15 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.alhayat.com/Details/597708‬‬
‫‪ .2‬البوني رشيد‪" ،‬التخطيط المحلي ورهان الحكامة المحلية الجيدة"‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪ ،‬مقال‬
‫منشور يوم‪ :‬الثالثاء ‪ 04‬يونيو ‪ ،2013‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2017/09/26 :‬على الرابط‬
‫التالي‪www.marocdroit.com :‬‬
‫‪ .3‬الطالفحة حسين‪ " ،‬التخطيط االستراتيجي والتنمية االقتصادية (إشارة الى االقتصاد‬
‫العماني)"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2017/09/12 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://altalafha.blogspot.com/2012/05/blog-post_31.html‬‬
‫‪ .4‬القستلي حميد‪" ،‬الجماعات المحلية واشكاليات التخطيط االستراتيجي الترابي"‪ ،‬مقال منشور‬
‫يوم‪ :‬الثالثاء ‪ 29‬جانفي ‪ 2013‬الساعة ‪ ،15:16‬تم تصفح الموقع يوم‪ 2016/06/09 :‬على‬
‫الساعة ‪ ،11.47‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.hespress.com/opinions/71421.html‬‬
‫‪ .5‬ب‪ .‬كهينة‪ " ،‬في إطار تحسين الخدمة العمومية‪ :‬وزارة الداخلية تفتتح دورة تكوينية لفائدة‬
‫‪ 2000‬رئيس بلدية"‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2014/11/26 :‬على الساعة ‪ ،23:52‬تم تصفح‬
‫‪310‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫الموقع يوم‪ ،2016/09/20 :‬على الرابط التالي‪:‬‬


‫‪http://www.elikhbaria.com/ar/permalink/30473.html‬‬
‫‪ .6‬بوابة الوزير األول‪" ،‬إصالح الجباية المحلية سمح بتخفيض العجز المالي للبلديات"‪ ،‬بتاريخ‪:‬‬
‫‪ ،2010/10/14‬تم تصفح الموقع يوم‪2015/05/23 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.premierministre.gov.dz/arabe‬‬
‫‪ .7‬بوابة الوزير األول‪" ،‬ضرورة االنتقال إلى مرحلة جديدة في تسيير البلديات"‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 2011/03/13‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2015/04/20 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.premierministre.gov.dz/arabe‬‬
‫‪ .8‬بوفادن سامية‪" ،‬الداخلية تشرع في تكوين آالف المنتخبين المحليين"‪ ،‬مقال منشور يوم‪:‬‬
‫‪ ،2018/03/10‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2018/04/28 :‬على الساعة ‪ ،17:30‬على الرابط‬
‫التالي‪http://www.algeriemondeinfos.com/ar/2018/03/10 :‬‬
‫‪ .9‬عقادي الهام‪" ،‬معيقات التخطيط االستراتيجي وسبل انجاحه"‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪ ،‬مقال‬
‫منشور يوم‪ :‬السبت ‪ 22‬أوت ‪ ،2015‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2017/09/28 :‬على الرابط‬
‫التالي‪www.marocdroit.com :‬‬
‫‪ .10‬عيجاج مروة‪" ،‬بدوي‪ :‬أرضية افتراضية لتكوين المنتخبين المحليين عن بعد"‪ ،‬مقال منشور‬
‫يوم‪ ،2018/03/11 :‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2018/04/28 :‬على الساعة ‪ ،17:30‬على‬
‫الرابط التالي‪https://www.ennaharonline.com :‬‬
‫‪ .11‬مرعي ايمان‪"،‬إشكاليات نظام الحكم المحلي في مصر واتجاهات التطوير"‪ ،‬مركز األهرام‬
‫للدراسات السياسية واالستراتيجية‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2017/01/30 :‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪ ،2017/09/28‬على الرابط التالي‪acpss.ahram.org.eg :‬‬
‫‪ .12‬مريم‪.‬م‪" ،‬تراجع عدد البلديات العاجزة ماليا إلى ‪ 417‬عبر الوطن"‪ ،‬جريدة النهار‪ ،‬مقال‬
‫منشور يوم‪ 2010/07/21 :‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2015/08/24 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.ennaharonline.com/ar/national/65444.html‬‬
‫‪ .13‬موسوعة ويكيبيديا‪" ،‬التقسيم اإلداري في المغرب"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪،2017/09/29 :‬‬
‫على الرابط التالي‪ar.m.wikipedia.org :‬‬
‫‪ .14‬موسوعة ويكيبيديا‪" ،‬دوار المغرب"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2017/09/29 :‬على الرابط‬
‫التالي‪ar.m.wikipedia.org :‬‬
‫‪ .15‬موقع اإلذاعة الجزائرية‪" ،‬ارتفاع نسبة البطالة إلى ‪ 12.3‬بالمائة خالل أفريل ‪ ،"2017‬مقال‬
‫منشور يوم‪ ،2017/08/12 :‬على الساعة ‪ ،17:10‬تم تصفح الموقع يوم‪،2018/04/28 :‬‬
‫الساعة ‪ ،17:30‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20170812/119295.html‬‬
‫‪ .16‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬التكوين‪ :‬الحصيلة واآلفاق"‪ ،‬تم تصفح الموقع‬
‫يوم‪ ،2015/04/20 :‬علىالرابط‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/Dynamics/frmItem.aspx?html=2&s=31‬‬
‫‪ .17‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬الحقيبة البيداغوجية لتكوين رؤساء البلديات"‪،‬‬
‫تمتصفح الموقع يوم‪ ،2014/12/12 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/Ministere/frmItem‬‬
‫‪.18‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪"،‬إصالح المالية والجباية المحليتين"‪ ،‬تم تصفح‬
‫الموقع يوم‪ ،2015/04/20 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.interieur.gov.dz/Dynamics/frmItem.aspx?html=1&s=4‬‬

‫‪311‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

‫‪ .19‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬ترقية المقاربة التشاركية"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪ ،2018/02/28‬على الرابط التالي‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar:‬‬
‫‪ .20‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪" ،‬تنظيم الجماعات اإلقليمية"‪ ،‬تم تصفح الموقع‪ :‬يوم‬
‫‪ 2016/06/07‬الساعة‪ 00.33 :‬على الرابط‬
‫التالي‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar/%D:‬‬
‫‪ .21‬موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية‪ " ،‬دورة تكوينية حول التخطيط اإلقليمي وتسيير‬
‫وتنمية االقتصاد المحلي"‪ ،‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2018/04/28 :‬الساعة ‪ ،17:30‬على‬
‫الرابط التالي‪http://www.interieur.gov.dz/index.php/ar :‬‬
‫‪ .22‬وكالة األنباء الجزائرية‪ " ،‬فتح مركز للتكوين عن بعد لموظفي الجماعات المحلية والمنتخبين‬
‫المحليين مطلع ‪ ،"2018‬مقال منشور يوم‪ ،2017/10/31:‬الساعة ‪ ،11:51‬تم تصفح الموقع‬
‫يوم‪ ،2018/04/28 :‬الساعة ‪ ،17:30‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.aps.dz/ar/algerie/49163-2018‬‬
‫‪ 1541"،___________ .23‬رئيس بلدية في دورة تكوينية ابتداءا من السبت_ عصرنة التسيير‬
‫المحلي"‪ ،‬جريدة المساء يومية وطنية إخبارية‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2008/03/19 :‬تم تصفح‬
‫الموقع يوم‪2014/10/04 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.el-massa.com/ar/content/view/4550/‬‬
‫‪" ،____________ .24‬أويحيى يعلن عن رسكلة ‪ 5‬أالف إطار وتوظيف ‪ 10‬آالف جامعي‬
‫على مستوى الجماعات المحلية"‪ ،‬وكالة األنباء الجزائرية‪ ،‬مقال منشور يوم‪،2010/12/22 :‬‬
‫تم تصفح الموقع يوم‪ ،2014/08/17 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.djazairess.com/aps/99064‬‬
‫‪.25‬فضيلة مختاري‪" ،‬وزارة الداخلية تحصي عجز أكثر من ‪ 1000‬بلدية سنويا"‪ ،‬جريدة الشروق‬
‫اليومي‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2007/10/27 :‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2015/08/24:‬على الرابط‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪http://www.echoroukonline.com/ara/national/18089.html?print‬‬
‫‪"،________ .26‬رئيس الجمهورية يفتتح اليوم ندوة رؤساء البلديات من أجل تكفل أفضل‬
‫بانشغاالت المواطنين"‪ ،‬المساء إخبارية يومية مقال منشور يوم‪ ،2008/07/25 :‬تم تصفح‬
‫الموقع يوم‪ ،2016/01/07 :‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.el-massa.com/ar/content/view/9750/‬‬
‫يوم‪:‬‬ ‫‪" .27‬افتتاح لقاء رؤساء المجالس الشعبية البلدية_خطاب"‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫السبت‪26‬جويلية‪ ،2008‬تم تصفح الموقع يوم‪ ،2016/01/07:‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.el-mouradia.dz/arabe/Discoursara/2008/07/html/D260708.htm‬‬
‫‪" ،_________ .28‬ولد قابلية‪ :‬مشروع قانون البلدية كفيل بإنجاح مهام المجالس البلدية"‪،‬‬
‫المجاهد‪ ،‬يومية اخبارية وطنية‪ ،‬مقال منشور يوم‪ ،2011/05/25 :‬تم تصفح الموقع يوم‪:‬‬
‫‪ ،2015/06/17‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.elmoudjahid.com/ar/actualites/1154‬‬

‫‪312‬‬
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

:‫ثانيا باللغة األجنبية‬


Livres :

1. Chandler Alfred D. jr, Stratégies et Structures de l’entreprise,


Traduire par philipeschaufelberger, Paris, France : les éditions
d’organisation, 1972.
2. Eric E .OtenyoNancy S .Lind, Comparative public
administration: the essential Reading, research in public Policy
analyse and management, volume15, first edition, British Library,
2006.
3. Helfer Jean_ Pierre, Michel Kalika, Jacques Orsoni, Management
(Stratégie et Organisation), 3é édition, Paris, France : vuibert,
2000.
4. Martinet Alain Charles, Management Stratégique (Organisation
et Politique), Paris, France : édisience, 1994.
5. Peters. T, Concepts, Strategies and Practices, New york,longman,
1988.
6. S. Benaissa, L’aide de l’état aux collectivités locales, Alger :
offices des publications universitaires, 1983.
7. Thietart, Raymond _ Alain, La Stratégie d’entreprise, 2é édition,
paris, France : édisience, 1993.
8. Thiétart Raymond _ Alain, Xuereb, Jean _ Marc, Stratégie.
Concepts. Méthodes mise en œuvre, Paris, France : dunod, 2005.
9. WeilMichel, Le Management (la Pensée, les Concepts, les Faits),
Paris, France : armand colin, 2001.

Revues
1. Baghdad Chaib et Naima Baroudi, "La stratégie du développement
rural en Algérie dans un cadre de renouveau et approche participative",
revue algérien de développement économique, N 01, déc 2014.
2. Djilali Idoughi and DejddiAbdelhakim, "Towords an Algerian E-
Government Strategy and Achievements", In International Journal
Of eBusiness and eGovernment Studies, Vol 05, No 01 2013.
3. Nait Merzoug etKouadriaNouredine et Amara Fatah, "Gouvernance
urbaine et développement local en Algérie. Quels enjeux pour les
métropoles régionales ? Cas d'Annaba", revue des sciences humaines,
universitémohamedkheiderbiskra, N24, mars 2012.
4. Taib Essaid, "Note sur les problèmes de gestion de la commune",
Bulletin CDRA, ENA Alger, N° 01, 1990.
5. The Republic Of Uganda, Uganda Vision 2040,"The Local
Government Development Planning Guidelines", April 2014.

313
‫قائمــــــة المراجـــــع‬

Cites Electroniques :

1. Carter McNamara",Strategic Planning (in nonprofit or for-profit


organizations)" Copyright 1997-2008
http://managementhelp.org/plan_dec/str_plan/str_plan.htm, Retrived
on14/08/2014
2. the free encylopedia, "Strategic Planning",from Wikipedia, on site
web :
http: //en .wikipedia.org/wiki/strategic_planning , Retrived
on23/10/2016http://en.wikipedia.org/wiki/SWOT_analysis
3. Wikipedia",SWOT analysis",,Retrived on23/10/2016, on site web
http://en.wikipedia.org/wiki/SWOT_analysis

314
‫المالحــــــــــــــــــق‬
‫الملحــــق رقم (‪)01‬‬

‫خريطة سكورة الحدرة‬


‫المصدر‪ :‬المملكة المغربية‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج دعم التخطيط الجماعي‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة‬
‫سكورة الحدرة (‪ ،")2016/2011‬نسخة مصادق عليها في الدورة العادية لشهر أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪.15 .‬‬

‫‪317‬‬
‫الملحــــق رقم (‪)02‬‬

‫مراحل إنجاز المخطط‬


‫الجماعي للتنمية‬
‫مراحل إنجاز المخطط الجماعي للتنمية‬

‫المرحلة ‪1‬‬
‫‪.‬تشكيل لجنة قيادية للمشاريع‬
‫أجرأة برنامج‬
‫إنشاء فريق تقني مسؤول عن دعم ومتابعة المخطط‬ ‫العمل‬

‫بلورة األنشطة المبرمجة‪.‬‬


‫‪ ‬الورشة اإلقليمية النطالقة البرنامج‪.‬‬ ‫إعداد وإانطالقة‬

‫المرحلة ‪2‬‬
‫‪ ‬ورشات تحسيسية على مستوى الجماعات‪.‬‬ ‫المسلسل‬
‫‪ ‬تشكيل فريق إقليمي للدعم‪.‬‬
‫‪ ‬إنشاء لجنة التخطيط‪.‬‬

‫التشخيص األولي لوضعية الجماعة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الدعم المواكبة عن قرب للفاعلين المحليين ولمشاريعهم التنموية و نقل الخبرات‬


‫المرحلة ‪3‬‬
‫إنجاز التشخيص‬
‫جمع المعطيات الميدانيات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫معالجة وتحليل المعطيات‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫الترابي التشاركي‬
‫وضع نظام المعلومات الجغرافية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫استرجاع نتائج التشخيص‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحرير وثيقة التشخيص الترابي التشاركي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التحضير للتخطيطاإلستراتيجي التشاركي‪:‬‬

‫‪ ‬عقد الورشة اإلقليمية لتعبئة الفاعليين المحليين حول‬


‫المخطط اإلستراتيجيالتشاركي ‪.‬‬
‫‪ ‬تحيين المعطيات المتعلقة بالمشاريع في طور اإلنجاز أو‬
‫تقوية قدرات الفاعلين المحليين‬

‫المبرمجة من طرف المصالح الخارجيالتخطيط‬


‫اإلستراتيجي‪:‬‬
‫‪ ‬تنظيم ورشة بالجماعة إلعطاء انطالقة التخطيط‬ ‫إعداد‬

‫المرحلة‪4‬‬
‫اإلستراتيجي‪.‬‬ ‫المخططالتشاكي‬
‫وضع رؤية تنموية للجماعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬تحديد التوجه اإلستراتيجي‪ ،‬المجال اإلستراتيجي للنتائج‪،‬‬
‫المحاور اإلستراتيجية‪.‬‬
‫‪ ‬تشكيل لجنة موسعة للتخطيط‪.‬‬
‫‪ ‬وضع برنامج عمل اللجن الموضوعاتية‬
‫التخطيط العملي‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد األنشطة‪.‬‬
‫‪ ‬ترتيب األنشطة المقترحة حسب األولويات‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد اإلطار المنطقي‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد المصفوفة المالية‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد مخطط العمل الثالثي السنوات‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد مخطط العمل السنوي‪.‬‬
‫‪ ‬الموافقة يبن برامج العمل‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير وثيقة المخطط الجماعي للتنمية‪.‬‬
‫المرحلة ‪5‬‬

‫استرجاع‬
‫المصادقة‪ ،‬وتبني‬
‫استرجاع نتائج التخطيط الجماعي للتنمية‬ ‫المخطط من طرف‬
‫المصادقة وتبني المخطط من طرف المجلس في الدورة العادية‬ ‫المجلس‬

‫إنجاز مخطط للتواصل والتعريف بالمخطط الجماعي للتنمية‬


‫المرحلة ‪6‬‬

‫وضع برنامج‬
‫عمل‬
‫وضع نظام للتتبع والتقييم‬

‫التعاقد( البرامج القطاعية‪).‬‬

‫دعمالمشاريع‪.‬‬
‫التخطيط الجماعي‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة‬ ‫بطائق‬ ‫المصدر‪ :‬المملكة المغربية‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪،‬بلورة‬
‫برنامج‬
‫سكورة الحدرة (‪ ،")2016/2011‬نسخة مصادق عليها في الدورة العادية لشهر أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪.14 .‬‬
‫المرافعة‬
‫‪319‬‬
‫الملحــــق رقم (‪)03‬‬
‫المخطط المالي لألنشطة‬
‫المقترحة في المخطط‬
‫الجماعي للتنمية لجماعة‬
‫لسكورة الحدرة للفترة‬
‫الممتدة ما بين‬
‫‪2016-2011‬‬
‫تمويالت للبحث‬ ‫مساهمة‬ ‫مساهمة‬
‫التكلفة اإلجمالية‬ ‫المجاالت االستراتيجية‬ ‫التوجهات‬
‫و التعبئة‬ ‫الشركاء‬ ‫الجماعة‬ ‫عدد المشاريع‬ ‫المحاور االستراتيجية‬
‫(بمليون درهم)‬ ‫للنتائج‬ ‫االستراتيجية‬
‫(بمليون درهم)‬ ‫(بمليون درهم)‬ ‫(بمليون درهم)‬
‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬تحسين تزويد الدواوير ب لم ء‬
‫‪4,02‬‬ ‫‪26,56‬‬ ‫‪6,02‬‬ ‫‪36,6‬‬ ‫‪3‬‬

‫تحسين الظروف االجتماعية‬


‫الص لح للشرب الربط ب لشبك الكهرب ئي‬
‫‪36,8‬‬ ‫‪26,8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪64,6‬‬ ‫‪16‬‬ ‫تحسين البنيات التحتية المحور االستراتيجع االول‪ :‬تحسين الب ي التحتي الطرقي‬
‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬تهيئ وب ء المرافق االقتص دي‬

‫للساكنة‬
‫‪13,17‬‬ ‫‪1,12‬‬ ‫‪1,13‬‬ ‫‪15,42‬‬ ‫‪13‬‬
‫والسوسيوثق في‬
‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬المس هم فع الرفع من سب‬
‫‪1,62‬‬ ‫‪0,49‬‬ ‫‪0,27‬‬ ‫‪2,38‬‬ ‫‪6‬‬ ‫تعميم التمدرس والولوج‬
‫التمدرس‬
‫إلى الخدمات االجتماعية‬
‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬تسهيل الولوج إلى الخدم ت‬
‫‪0,3‬‬ ‫‪0,04‬‬ ‫‪0,24‬‬ ‫‪0,58‬‬ ‫‪3‬‬ ‫مدعمة‬
‫الصحي ‪ .‬والحف ظ ملى البيئ وال ظ ف‬
‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬تحسين اإل ت ج الفالحع‬ ‫الرفع من اإلنتاج‬

‫عقلنه تدبير الموارد‬


‫‪0,82‬‬ ‫‪0,8‬‬ ‫‪0,48‬‬ ‫‪2,1‬‬ ‫‪7‬‬

‫الطبيعية و تأهيل‬
‫االقتصاد المحلي‬
‫الفالحي وتتمين‬
‫‪0,5‬‬ ‫‪19,34‬‬ ‫‪0,01‬‬ ‫‪19,85‬‬ ‫‪5‬‬ ‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬تتمين الم توج ت المحلي‬
‫المنتجات الفالحية‬
‫‪0,52‬‬ ‫‪0,12‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0,64‬‬ ‫‪1‬‬ ‫المحافظة على الموارد المحور االستراتيجع االول‪ :‬تشجيع التشجير‬
‫‪0‬‬ ‫‪0,12‬‬ ‫‪0,06‬‬ ‫‪0,18‬‬ ‫‪2‬‬ ‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬المح فظ ملى البيئ‬ ‫الغابوية‬

‫تقوية قدرات المؤسسات و‬


‫‪0‬‬ ‫‪0,03‬‬ ‫‪0,09‬‬ ‫‪0,12‬‬ ‫‪3‬‬ ‫تقوية قدرات المؤسسة المحور االستراتيجع االول‪ :‬تقوي قدرات المؤسس الجم مي‬

‫الفاعلين المحليين‬
‫الجماعية‬
‫‪7‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪3‬‬ ‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬ت مي الموارد الم لي للجم م‬
‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬تقوي قدرات الف ملين المحليين‬
‫‪0,8‬‬ ‫‪0,6‬‬ ‫‪0,2‬‬ ‫‪1,6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫قدرات الفاعلين المحليين‬
‫والت ظيم ت المحلع‬
‫والتنظيمات المحلي‬
‫المحور االستراتيجع االول‪ :‬ت مي خلق الشراك ت بين‬
‫‪0,01‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0,01‬‬ ‫‪0,02‬‬ ‫‪3‬‬ ‫تقوت وشراكات عقدت‬
‫المؤسس ت العمومي‬

‫المصدر‪ :‬المملكة المغربية‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج دعم التخطيط الجماعي‪" ،‬المخطط الجماعي للتنمية لجماعة سكورة الحدرة (‪ ،")2016/2011‬نسخة مصادق عليها في الدورة العادية‬
‫لشهر أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪.03 .‬‬

‫‪321‬‬
321
‫الملحــــق رقم (‪)04‬‬

‫افتتاح لقاء رؤساء المجالس‬


‫الشعبية البلدية‬
‫افتتاح لقاء رؤساء المجالس الشعبية البلدية‬
‫خطاب‬
‫(الجزائر‪ ،‬السبت ‪ 26‬جويلي ‪)2008‬‬

‫ب س هللا الرحم ن الرحي‬


‫والصالة والسال ملى أشرف المرسلين‬
‫وملى آله وصحبه إلى يو الدين‬

‫أصحاب الدولة و المعالي‪،‬‬


‫السيدة و السادة الوالة‪،‬‬

‫حضرات السيدات و السادة رؤساء الدوائر‪،‬‬


‫حضرات السيدات و السادة رؤساء المجالس الشعبية البلدية‪،‬‬
‫الجمع الكريم‪،‬‬

‫لكم أنا سعيد بوجودي اليوم‪ ،‬معكم‪ ،‬في هذا اللقاء‪ ،‬الذي يجمع ‪ 1541‬رئيس مجلس شعبي بلدي‪،‬‬
‫المنبثقين عن االنتخابات البلدية األخيرة‪ ،‬و أغتنمها فرصة ألهنئكم بانتخابكم الذي ازداد شرعية بالظروف‬
‫التي جرت فيها تلك االنتخابات‪ ،‬و بالمصداقية التي يتمتع بها نظامنا االنتخابي الذي يضمن احترام اإلرادة‬
‫التي يعبر عنها الناخبون بكل شفافية‪ .‬سأتناول معكم اليوم‪ ،‬الجوانب األساسية من حياة الجماعات المحلية‪،‬‬
‫و بوجه خاص‪ ،‬إصالح الجماعات اإلقليمية و إشكالية الالمركزية وما يترتب عنها من فك للتمركز‪ ،‬و‬
‫التنمية المحلية‪ ،‬وتسيير الجماعات المحلية‪ ،‬و األهمية البالغة التي يكتسيها المورد البشري و كذا التكوين‬
‫في هذا التسيير‪.‬‬

‫إن ما تتمتعون به من شرعية اليوم‪ ،‬هو بالنسبة لكم مدعاة لالفتخار‪ ،‬لكنه في ذات الوقت يحملكم‬
‫مسؤولية ثقيلة‪ ،‬ذلك‪ ،‬أن األصوات التي حصلتم عليها تحمل الكثير من المطالب واآلمال التي عقدها عليكم‬
‫ناخبوكم من المواطنين‪.‬‬

‫مكرسة‬
‫إن المواطنات و المواطنين الذين اختاروكم‪ ،‬أناطوا بكم بمسؤولية جسيمة في عدة مجاالت ّ‬
‫دستوريا و مدرجة ضمن نشاطاتنا اليومية‪.‬‬

‫إن المواطنين الجزائريين عموما‪ ،‬و فئة الشباب خصوصا‪ ،‬ينتظرون منكم االستجابة لتطلعاتهم‬
‫المتعددة‪ .‬إنهم ينتظرون منكم تحسين المحيط ونوعية المعيشة‪ ،‬والتكفل الناجع بالخدمة العمومية و كذا‬
‫المزيد من الشفافية في القرارات التي تعنيهم من خالل إعالم منظم‪ ،‬والمزيد من االستماع و اإلشراك في‬
‫الخيارت المتصلة بتنمية بلدياتهم‪.‬‬

‫إن نتائج االنتخابات المحلية األخيرة لتعكس جليا التغيرات الهامة التي طرأت على مجتمعنا‪،‬‬
‫بحيث إن‪:‬‬

‫‪ 70% -‬من المنتخَبين ورؤساء المجالس الشعبية البلدية تقل أعمارهم عن الخمسين سنة‪ ،‬وهو ما‬
‫ينم عن نسبة الشباب ضمن التركيبة السكانية في بالدنا‪ ،‬ويؤكد مدى انخراطه في الحياة السياسية المحلية‪.‬‬

‫‪ -‬أكثر من‪ %30‬من هؤالء المنتخبين من حملة الشهادات العليا‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫إن هذه التركيبة الجديدة للمجالس الشعبية المنتخبة تكشف عن تجند كبير لدى فئة الشباب التي تعبّر‬
‫بذلك عن إرادتها في استالم المشعل من جيل مرحلة التحرير الوطني قصد تشييد الجزائر الجديدة‪.‬‬

‫إننا حينما وضعنا إصالح الجماعات اإلقليمية في صلب إصالحات مهام الدولة و هياكلها‪ ،‬إنما‬
‫كان قصدنا تعزيز الديمقراطية المحلية و منحها كافة الوسائل لتثبت وجودها‪.‬‬

‫لقد قطعنا اليوم‪ ،‬شوطا كبيرا في مسعانا القائم على انتهاج الالمركزية و فك التمركز بأسلوب‬
‫عملي و تدريجي‪ ،‬و ت ّم إعداد جملة من مشاريع قوانين بغية توضيح مهام كافة الفاعلين المحليين‬
‫وصالحياتهم‪ ،‬و تحسين تنظيم الجماعات اإلقليمية و تسييرها‪.‬‬

‫فعالوة على كل التحسينات المنتظرة من هذه اإلصالحات‪ ،‬ستتجسد قريبا جهود إعادة التنظيم‬
‫اإلقليمي في تعيين والة منتدبين على رأس مقاطعات اعتبرت هامة من حيث عدد ساكنتها‪ ،‬و عدد بلدياتها‪،‬‬
‫و من حيث طابعها‪ ،‬و صعوبة تسييرها‪ ،‬وذلك من أجل التحكم األفضل في الواقع الميداني‪ ،‬و تقريب‬
‫المسافات بين مراكز القرار و الفضاء اإلقليمي المعني من أجل تحقيق تسيير جواري أفضل‪.‬‬

‫و ضمن هذا المسعى‪ ،‬أولينا عناية خاصة إلعادة صياغة المالية والجباية المحليتين باعتبار أنهما‬
‫تشكالن الشرط المسبق ألي إصالح للجماعات المحلية‪ .‬وإعادة الصياغة هذه‪ ،‬التي ستضاعف موارد‬
‫البلدية بقدر له بال‪ ،‬ستمنح في ذات الوقت المنتخب الوسائل التي ستمكنه من االضطالع بمهامه و تجعله‬
‫أقدر على خوض المزيد من المبادرات‪.‬‬

‫حضرات السيدات و السادة‪،‬‬

‫لقد كانت التنمية المحلية دوما حجر الزاوية في نشاطنا االقتصادي و االجتماعي‪.‬‬

‫و قد سبق لقانون المالية التكميلي لسنة ‪ ،2008‬أن أدرج جملة من اإلجراءات العملية لتحسين‬
‫الموارد المالية المحلية‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬تطهير ديون البلديات التي بلغت ما بين ‪ 2000‬و ‪ ،2007‬قيمة ‪ 22,9‬مليار د ج؛‬

‫‪ -‬تكفل ميزانية الدولة باالنعكاسات المالية للزيادات في أجور عمال الجماعات المحلية التي‬
‫بلغت‪ 18,4‬مليار دج؛‬

‫‪ -‬الزيادة في حصص البلديات من مداخيل بعض الضرائب و الرسوم‪.‬‬

‫‪ -‬الزيادة في مخصصات المعادلة لتعويض نقص المداخيل الجبائية التي بذلك ارتفعت من ‪ 5,5‬إلى‬
‫‪ 25‬مليار دج في ‪.2008‬‬

‫لقد بات من الضروري‪ ،‬اليوم‪ ،‬أن تتحلوا بحسن التعاطي مع الواقع و العزم و روح المبادرة‬
‫تدر موارد جديدة‪ ،‬ذلك أن التنمية المحلية التي كان‬
‫والشفافية في تسيير بلدياتكم من أجل إيجاد نشاطات ّ‬
‫ينظر إليها دوما على أنها من مسؤوليات الدولة المركزية وحدها هي اليوم محل مراجعة لكي تندرج ضمن‬
‫مسؤوليات البلديات‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫و لقد تأكدت هذه األولوية الممنوحة للتنمية المحلية من خالل مختلف البرامج و منها برنامج‬
‫اإلنعاش االقتصادي‪ ،‬و برنامج دعم النمو االقتصادي‪ ،‬و البرامج التنموية القطاعية‪ ،‬و البرامج التنموية‬
‫البلدية‪ ،‬و البرامج الخاصة كبرنامجي الجنوب والهضاب العليا‪.‬‬

‫و لقد أنجزت كل هذه البرامج قصد تمكين المواطنين من التمتع بتجهيزات عمومية قاعدية‬
‫وجوارية و تشجيع المشاريع االقتصادية من باب األولوية‪.‬‬

‫و جدير بالتذكير‪ ،‬أن األمر يشمل على الصعيد الوطني أكثر من ‪ 110.000‬عملية في مجال‬
‫توصيل المياه الصالحة للشرب والتطهير‪ ،‬وإنجاز هياكل موجهة للشباب و الرياضة‪ ،‬و الثقافة‪ ،‬والتربية‪،‬‬
‫والصحة‪ ،‬و البيئة‪ ،‬والهياكل اإلدارية و فك العزلة‪.‬‬

‫و قد تم تخصيص أكثر من ‪ 530‬مليار دج ما بين ‪ 1999‬و‪ ،2008‬أي ما معدله ‪ 50‬مليار دج‬


‫سنويا مقابل معدل ‪ 8‬ماليير دج سنويا ‪ ،‬ما بين ‪ 1962‬و ‪.1999‬‬

‫إنكم اليوم‪ ،‬مطالبون بالتكفل باإلنجازات المحققة في إطار البرامج التنموية من سائر جوانب‬
‫التسيير‪ ،‬و الصيانة و المتابعة‪ ،‬وكذا باستغاللها استغالال رشيدا تجنبا ألي إتالف قد يضر بمصالح‬
‫المجموعة‪.‬‬

‫حضرات السيدات و السادة‪،‬‬

‫إن وسائل االتصال الجديدة توفر لشبابنا فرصة أكبر للتفتح على العالم و ما يحصل فيه من مظاهر‬
‫التقدم‪ ،‬و هو ما يجعلهم أكثر تطلبا فيما ينتظرونه وأكثر وعيا بالرهانات االقتصادية و االجتماعية‪.‬‬

‫و في نفس الوقت‪ ،‬زادت العولمة العالقات الدولية تعقيدا وصعوبة‪ ،‬و جعلت االعتماد على النفس‬
‫أمرا ال مفر منه‪.‬‬

‫في هذا المحيط العالمي المعقد‪ ،‬اخترنا مباشرة تنمية حقيقية‪ ،‬تنمية تحافظ على توازن ميزان‬
‫المدفوعات و وفرة المنتوجات األساسية و توفير متواصل لمناصب الشغل و ضمان خدمات عمومية‬
‫مجدية‪.‬‬

‫إن تنمية كهذه‪ ،‬ال تقوم إال على النشاطات التي تخلق ثروات حقيقية‪ ،‬و معنى هذا أنه يجب علينا‬
‫العمل قبل كل شيئ على جعل الجزائر أكثر استقطابا للمستثمر المحلي و كذا للمستثمر األجنبي‪.‬‬

‫و هذه االستثمارات تمر وجوبا عبر توفير محيط مالئم و مستوى معيشي أفضل و سير جيد‬
‫للخدمات العمومية (األمن العمومي و السكن و التعليم والصحة و النقل و حتى وسائل الترفيه) و منشآت‬
‫قاعدية ناجعة‪.‬‬

‫إن المجالس الشعبية البلدية تتحمل مسؤولية التكفل بمتطلبات الواقع اليومي للمواطنين المقيمين في‬
‫إقليمها‪ ،‬كما يتعين عليها االضطالع بدور أساسي في تشجيع االستثمارات المنتجة‪.‬‬

‫لكن كل هذه الدينامية اإلصالحية للجماعات المحلية تتوقف‪ ،‬وإلى حد كبير‪ ،‬على تحديث وسائل‬
‫التسيير و تصرفاته‪ ،‬و على الموارد البشرية ناهيك عن تحسين الكفاءات‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫فمن أجل التوصل إلى تحقيق ذلك تم اتخاذ جملة من اإلجراءات منها‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬إعداد‬
‫قانون أساسي لموظفي الجماعات المحلية يؤسس للتسيير القائم على الكفاءة و يتيح اضفاء اإلحترافية على‬
‫الفاعلين المنوطة بهم الخدمة العمومية المحلية‪ .‬و القانون األساسي الجديد هذا يرتكز على مخطط توجيهي‬
‫للتكوين لفائدة الجماعات المحلية‪.‬‬

‫و قد تم حديثا تسجيل بناء ست مؤسسات تكوينية وبها سيرتفع عدد مؤسسات تكوين الجماعات‬
‫المحلية إلى إحدى عشرة مؤسسة تسع‪ 9000‬مقعد بيداغوجي‪.‬‬

‫ستكون المؤسسات هذه األداة المعول عليها في تنفيذ السياسة التي اعتمدناها لتحديث التسيير‬
‫والمرتكز إلدخال أعوان الجماعات المحلية في طور االحترافية‪.‬‬

‫لقد أردنا أيضا‪ ،‬أن نضع المدرسة الوطنية لإلدارة تحت وصاية وزارة الداخلية و الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬بحيث يفضي إصالحها إلى استجابة أفضل لحاجيات اإلدارة العمومية و بوجه خاص الجماعات‬
‫المحلية‪.‬‬

‫إن مشروع إنشاء مدرسة المهندسين اإلقليميين سيك ّمل شبكة التكوين التي تم اعتمادها‪.‬‬

‫إننا على يقين‪ ،‬من أن التغيير الحقيقي‪ ،‬سيتم من خالل التكوين‪ ،‬و مطلب االحترافية يعني أول ما‬
‫يعني‪ ،‬الموظفين اإلقليميين السامين و كذا المنتخبين‪.‬‬

‫لقد سبق لألمناء العامين للبلديات و رؤساء الدوائر والمفتشين العامين للواليات والمديرين وحتى‬
‫األمناء العامين للواليات و الوالة الحقا‪ ،‬أي كافة اإلطارات اإلقليميين‪ ،‬أن راجعوا أنفسهم من خالل تكوين‬
‫في التسيير العمومي سيمكنهم من اإللمام جيدا بالدور المنوط بهم وبنشاطاتهم‪ ،‬وتطوير أدائهم الشخصي و‬
‫التحكم في مناهج التسيير الحديث‪.‬‬

‫فاالتصال و نوعية الخدمة العمومية و تسيير األزمات و نظم تقويم الجودة و النجاعة في أداء‬
‫الخدمة العمومية‪ ،‬كلها مشاكل تم التصدي لها تأكيدا إلرادة االنتقال إلى تسيير أكثر جودة‪ ،‬تسيير يقوم على‬
‫كفاءات تسيير حقيقية‪.‬‬

‫حضرات السيدات و السادة‪،‬‬

‫إن التكوين‪ ،‬األول من نوعه‪ ،‬الذي تلقيتموه‪ ،‬يندرج ضمن هذا التصور الشامل الذي يكتسب فيه‬
‫جميع الفاعلين في الحياة المحلية‪ ،‬و أنتم منهم‪ ،‬بعض الكفاءات و يطورون قدراتهم على التسيير و العمل‪.‬‬

‫فالتكفل بالجوانب المعقدة من التسيير البلدي وترقية ناجعة لألعمال‪ ،‬واعتماد الشفافية واإلصغاء‪،‬‬
‫و تطوير المبادرة المحلية‪ ،‬كلها عناصر المنطق الذي ندعو إليه في سبيل ترقية األساليب واألعمال‬
‫الجديدة‪.‬‬

‫والمحبذ هو أن يندرج عملكم‪ ،‬من اآلن فصاعدا‪ ،‬ضمن شكل آخر من العالقات بينكم وبين اإلدارة‬
‫و بينكم و بين المواطنين‪ ،‬هؤالء المواطنين الذين يتعين عليكم إشراكهم في إعداد مخططات التنمية البلدية‬
‫من خالل تحديد حاجياتهم وترتيبها‪ ،‬على أن يتخلص المواطن من المواقف السلبية و أال يكتفي بالمطالبة و‬
‫كفى‪ ،‬بل عليكم مساعدة هذا المواطن على االنخراط في المسعى التشاركي القمين بتطوير الديمقراطية‬
‫المحلية الحقة‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫إن هذه المقاربة الدينامية لحياة المجموعة كفيلة بجعل الجميع يشاطرون بصورة أفضل البلدية‬
‫طموحاتها البلدية وقيمها وتنميتها‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يجب أن يكون في وسعكم التخطيط لتنمية بلدياتكم على مدى عهدتكم (خمس‬
‫سنوات) والتشاور حولها مع السلطات المحلية وصياغة ذلك في شكل برنامج تعاقدي يكون بمثابة العقد‬
‫الذي يحدد مسؤوليات كل واحد منكم و يسمح بتقويم نتائج التسيير المحلي‪.‬‬

‫حضرات السيدات و السادة‬

‫أود أن أشكركم جزيل الشكر على تلبيتكم دعوتنا‪ ،‬و على إدالئكم بدلوكم في إنجاح هذه المهمة التي‬
‫ينبغي‪ ،‬من اآلن فصاعدا‪ ،‬أن يتم تكريسها كعمل دائم ومتواصل بغية تشجيع المبادرات ودعم االزدهار‬
‫االقتصادي لجماعاتنا‪.‬‬

‫بق ولي هذا الطافح بالتفاؤل والثقة في المستقبل‪ ،‬أختتم كلمتي وأتمنى لكم التوفيق‪،‬كل التوفيق‪ ،‬في‬
‫أعمالكم و في أداء مهامكم وتجسيد مشاريع بلدياتكم‪ .‬فالنجاح الذي نصبو إليه‪ ،‬إنما يتوقف على قوة عزمكم‬
‫ومثابرتكم في خدمة الشأن العام‪.‬‬

‫أشكركم على كرم اإلصغاء‪.‬‬


‫و السالم عليكم و رحمة هللا تعالى و بركاته‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬افتتاح لقاء رؤساء المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬على الرابط التالي‪:‬‬

‫‪http://www.el-mouradia.dz/arabe/Discoursara/2008/07/html/D260708.htm‬‬

‫‪327‬‬
‫الملحــــق رقم (‪)05‬‬

‫نتائج االستبيان الخاص‬


‫بتكوين رؤساء المجالس‬
‫الشعبية البلدية لسنة ‪2008‬‬
‫مركز ورقلة‬
Formation des présidents des APC 2008
Centre de : Ouargla Module : Communication

Graphe d’évaluation

442
‫جامعة التكوين المتواصل لوالية ورقلة‬:‫المصدر‬

Formation des présidents des APC 2008


Centre de : Ouargla Module : Planification Stratégique

Graphe d’évaluation

1- Cohérence entre la formation et vos activités 2- Atteinte des objectifs pédagogiques définis

3- Durée du module 4- Qualité de l’animation

5- Documents pédagogiques 6- Moyens didactiques


1- Cohérence entre la formation et vos activités 2- Atteinte des objectifs pédagogiques définis
7- Qualité de l’accueil 8- Organisation de l’hébergement
3- Durée du module 4- Qualité de l’animation

5- Documents pédagogiques 6- Moyens didactiques

7- Qualité de l’accueil 8- Organisation de l’hébergement

443
Formation des présidents des APC 2008
Centre de : Ouargla Module : Finances / GRH / Management opérationnel

Graphe d’évaluation

1- Cohérence entre la formation et vos activités 2- Atteinte des objectifs pédagogiques définis

3- Durée du module 4- Qualité de l’animation

5- Documents pédagogiques 6- Moyens didactiques

7- Qualité de l’accueil 8- Organisation de l’hébergement


444
Formation des présidents des APC 2008
Centre de : Ouargla Module : Etat civil/Hygiène / Urbanisme

Graphe d’évaluation

1- Cohérence entre la formation et vos activités 2- Atteinte des objectifs pédagogiques définis

3- Durée du module 4- Qualité de l’animation

5- Documents pédagogiques 6- Moyens didactiques

7- Qualité de l’accueil 8- Organisation de l’hébergement

445
‫فهـرس الجـداول‬
‫واألشكـــــــال‬
‫فهـــــرس الجـــــداول‬
‫الصفحة‬ ‫عنـــــوان الجـــدول‬ ‫رقم الجدول‬
‫‪14‬‬ ‫معايير التمييز بين مصطلحي اإلدارة المحلية والحكم المحلي‬ ‫‪01‬‬
‫‪66‬‬ ‫هيراريكية وضع االستراتيجيات‬ ‫‪02‬‬
‫‪71‬‬ ‫الفرق بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط طويل المدى‬ ‫‪03‬‬
‫‪72‬‬ ‫الفرق بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط التكتيكي‬ ‫‪04‬‬
‫‪80‬‬ ‫مستويات التدرج الهرمي للتخطيط‬ ‫‪05‬‬
‫‪83‬‬ ‫الفروق بين الرؤية االستراتيجية والرسالة االستراتيجية‬ ‫‪06‬‬
‫‪104‬‬ ‫عقبات تنفيذ األهداف االستراتيجية‬ ‫‪07‬‬
‫‪157‬‬ ‫أمثلة عن القضايا المتعلقة بتقييم االقتصاد المحلي‬ ‫‪08‬‬
‫‪158‬‬ ‫عناصر استراتيجية التنمية االقتصادية المحلية‬ ‫‪09‬‬
‫العالقة بين تدفق االستثمارات األجنبية والناتج المحلي اإلجمالي من جهة ‪167‬‬ ‫‪10‬‬
‫والبطالة من جهة أخرى في الجنوب الشرقي للجزائر‬
‫‪175‬‬ ‫ترتيب التقسيم اإلداري في المغرب‬ ‫‪11‬‬
‫‪186‬‬ ‫االستراتيجية العامة لتنمية جماعة سكورة الحدرة‬ ‫‪12‬‬
‫‪219‬‬ ‫التوزيع السنوي للمبالغ المالية المخصصة لبرنامج دعم اإلنعاش‬ ‫‪13‬‬
‫االقتصادي‬
‫‪228‬‬ ‫أمثلة عن تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات التي تواجه‬ ‫‪14‬‬
‫االقتصاد المحلي‬
‫‪240‬‬ ‫التوجهات االستراتيجية لإلدارة المحلية في مجال التمويل المحلي‬ ‫‪15‬‬
‫‪249‬‬ ‫نتائج االستبيان المقدم لرؤساء البلديات في مركز ورقلة أثناء الدورة‬ ‫‪16‬‬
‫التكوينية‬
‫‪257‬‬ ‫القرى السياحية المراد إنجازها في إطار المخطط التوجيهي للتهيئة‬ ‫‪17‬‬
‫السياحية ‪2030‬‬

‫‪334‬‬
‫فهــــرس األشكـــــــال‬
‫الصفحة‬ ‫عنـــــــــــــــــــــوان الشكـــــــل‬ ‫رقم الشكل‬
‫‪54‬‬ ‫أنواع التخطيط‬ ‫‪01‬‬
‫‪66‬‬ ‫مستويات اإلستراتيجية‬ ‫‪02‬‬
‫‪72‬‬ ‫العالقة بين التخطيط االستراتيجي والتخطيط التكتيكي‬ ‫‪03‬‬
‫‪73‬‬ ‫مراحل اإلدارة االستراتيجية‬ ‫‪04‬‬
‫‪88‬‬ ‫أبعاد التشخيص االستراتيجي‬ ‫‪05‬‬
‫‪98‬‬ ‫اإلدارة المحلية نظام العملية التحويلية‬ ‫‪06‬‬
‫‪133‬‬ ‫الوظائف التنموية والسياسية لإلدارة المحلية‬ ‫‪07‬‬
‫‪140‬‬ ‫الدور التنموي لإلدارة المحلية على المستوى المحلي‬ ‫‪08‬‬
‫‪147‬‬ ‫إطار مقترح للتخطيط االقتصادي على مستوى األقاليم‬ ‫‪09‬‬
‫‪159‬‬ ‫المراحل األساسية لعملية التخطيط االستراتيجي للتنمية‬ ‫‪10‬‬
‫المحلية‬
‫‪161‬‬ ‫مستويات مشاركة المجتمعات المحلية‬ ‫‪11‬‬
‫‪162‬‬ ‫الشركاء المحليين والعالميين للتنمية الشاملة‬ ‫‪12‬‬
‫‪166‬‬ ‫تكامل الجهود التنموية بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع‬ ‫‪13‬‬
‫الخاص‬
‫‪182‬‬ ‫المهارات التقنية للتخطيط االستراتيجي الالمركزي التشاركي‬ ‫‪14‬‬
‫‪194‬‬ ‫تدرج نظام اإلدارة المحلية في مصر‬ ‫‪15‬‬
‫‪238‬‬ ‫تناقص عدد البلديات العاجزة للفترة (‪)2014-2000‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪247‬‬ ‫مصفوفة لبعض نشاطات البلدية‬ ‫‪17‬‬
‫‪272‬‬ ‫إيرادات الجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫‪18‬‬

‫‪335‬‬
‫فهــــرس‬
‫المحتويــــــــــات‬
‫فهـــــــرس المحتويــــــــــــات‬

‫فـهرس المحتويـــــــــات‬
‫الصفحــــة‬ ‫العنـــــوان‬
‫مقدمــــــــة‪)8-1( ..........................................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪ ،‬التخطيط االستراتيجي‪ ،‬التنمية المحلية‪11...........‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلطار النظري لإلدارة المحلية‪11 ....................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلدارة المحلية وعالقتها بالحكومة المركزية ‪12.........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف اإلدارة المحلية‪12.................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التفرقة بين اإلدارة المحلية والمفاهيم المشابهة لها‪13............................................‬‬
‫أوال التمييز بين نظام اإلدارة المحلية ونظام الحكم المحلي‪13..................................................‬‬
‫ثانيا التمييز بين نظام اإلدارة المحلية ونظام عدم التركيز اإلداري‪15.........................................‬‬
‫ثالثا التمييز بين نظام اإلدارة المحلية ونظام الالمركزية اإلدارية المرفقية‪16...............................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عالقة اإلدارة المحلية بالحكومة المركزية (نظام الوصاية) ‪17..................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المقومات األساسية لإلدارة المحلية واألسباب الداعية لألخذ بها ‪19..........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المقومات األساسية لإلدارة المحلية ‪19 ...............................................................‬‬
‫أوال وجود وحدات إدارية مستقلة تمثل مصالح محلية متميزة عن المصالح القومية ‪19 ................‬‬
‫ثانيا قيام مجالس محلية منتخبة إلدارة المصالح المحلية ‪20...................................................‬‬
‫ثالثا خضوع الجماعات المحلية فيما تباشره من اختصاصات لرقابة السلطة المركزية‪21................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األسباب الداعية لألخذ بنظام اإلدارة المحلية‪22.....................................................‬‬
‫أوال األسباب السياسية ‪22.............................................................................................‬‬
‫ثانيا األسباب االقتصادية ‪23...........................................................................................‬‬
‫ثالثا األسباب االجتماعية ‪23...........................................................................................‬‬
‫رابعا األسباب اإلدارية ‪24..............................................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اإلدارة المحلية في القانون اإلداري الجزائري‪24.................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التنظيم البلدي بالجزائر‪24...............................................................................‬‬
‫أوال تعريف البلدية ‪25..................................................................................................‬‬
‫ثانيا لمحة تاريخية عن البلدية ‪25....................................................................................‬‬
‫ثالثا هيئات تسيير البلدية حسب القانون البلدي (‪27.................................................. )08/90‬‬
‫رابعا هيئات تسيير البلدية في ظل قانون البلدية (‪30................................................. )10-11‬‬
‫‪337‬‬
‫فهـــــــرس المحتويــــــــــــات‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التنظيم الوالئي بالجزائر‪35..............................................................................‬‬


‫أوال تعريف الوالية ‪35..................................................................................................‬‬
‫ثانيا لمحة تاريخية عن الوالية ‪35...................................................................................‬‬
‫ثالثا هيئات تسيير الوالية حسب القانون الوالئي (‪37................................................. )09/90‬‬
‫رابعا هيئات تسيير الوالية حسب القانون الوالئي (‪39................................................ )07/12‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الرقابة على اإلدارة المحلية الجزائرية ‪42...........................................................‬‬
‫أوال الرقابة على البلدية ‪42............................................................................................‬‬
‫ثانيا الرقابة على الوالية ‪45...........................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار النظري للتخطيط االستراتيجي‪47............................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التخطيط االستراتيجي وأهميته ‪47..........................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم التخطيط ‪47........................................................................................‬‬
‫أوال تعريف التخطيط ‪47................................................................................................‬‬
‫ثانيا ظهور التخطيط كمنهج علمي‪49................................................................................‬‬
‫ثالثا فوائد التخطيط ‪51.................................................................................................‬‬
‫رابعا أنواع التخطيط ‪52................................................................................................‬‬
‫خامسا مبادئ التخطيط ‪54.............................................................................................‬‬
‫سادسا األسس العلمية التي يستند إليها التخطيط ‪56.............................................................‬‬
‫سابعا مراحل العملية التخطيطية ‪57.................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ظهور مفهوم اإلستراتيجية وتطوره ‪58................................................................‬‬
‫أوال بداية ظهور مصطلح االستراتيجية ‪58.........................................................................‬‬
‫ثانيا تعريف اإلستراتيجية ‪60..........................................................................................‬‬
‫ثالثا خصائص االستراتيجية ‪64.......................................................................................‬‬
‫رابعا مستويات االستراتيجية ‪64.....................................................................................‬‬
‫خامسا مداخل إعداد اإلستراتيجية ‪67................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬طبيعة التخطيط االستراتيجي ‪68.......................................................................‬‬
‫أوال تعريف التخطيط االستراتيجي ومسؤوليته ‪69................................................................‬‬
‫ثانيا الفرق بين التخطيط االستراتيجي والمفاهيم المشابهة له‪71...............................................‬‬
‫ثالثا خصائص التخطيط االستراتيجي ‪73............................................................................‬‬
‫‪338‬‬
‫فهـــــــرس المحتويــــــــــــات‬

‫رابعا مسؤولية التخطيط االستراتيجي ‪75...........................................................................‬‬


‫خامسا أهمية التخطيط االستراتيجي ‪75.............................................................................‬‬
‫سادسا أنماط التخطيط االستراتيجي ‪77..............................................................................‬‬
‫سابعا طرق التخطيط االستراتيجي ‪78...............................................................................‬‬
‫ثامنا مستويات التدرج الهرمي للتخطيط االستراتيجي ‪79.......................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل عملية التخطيط االستراتيجي ‪80............................................................‬‬
‫الفرع األول صياغة الرسالة والرؤية اإلستراتيجية‪81..............................................................‬‬
‫أوال مفهوم وأهمية رسالة المنظمة ‪81..............................................................................‬‬
‫ثانيا مفهوم وأهمية الرؤية اإلستراتيجية ‪82.......................................................................‬‬
‫ثالثا خصائص صياغة الرسالة والرؤية اإلستراتيجية ‪83.......................................................‬‬
‫رابعا مفهوم القيم وأهميتها ‪84.......................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني تحديد األهداف اإلستراتيجية ‪84.........................................................................‬‬
‫أوال مفهوم األهداف اإلستراتيجية ‪84................................................................................‬‬
‫ثانيا أهمية تحديد األهداف ‪85.........................................................................................‬‬
‫ثالثا الشروط الواجب توفرها في األهداف اإلستراتيجية ‪85.....................................................‬‬
‫رابعا نظريات صياغة األهداف اإلستراتيجية ‪86...................................................................‬‬
‫خامسا مستويات صياغة األهداف االستراتيجية ‪86...............................................................‬‬
‫سادسا أساليب تحديد األهداف االستراتيجية ‪87...................................................................‬‬
‫الفرع الثالث تحليل البيئة الداخلية والخارجية ‪88....................................................................‬‬
‫أوال تحليل البيئة الداخلية للمنظمة ‪89...............................................................................‬‬
‫ثانيا تحليل البيئة الخارجية للمنظمة ‪91.............................................................................‬‬
‫الفرع الرابع تحديد البدائل اإلستراتيجية ‪93...........................................................................‬‬
‫أوال تعريف البدائل االستراتيجية ‪93.................................................................................‬‬
‫ثانيا البدائل االستراتيجية المتاحة أمام المنظمة ‪94...............................................................‬‬
‫ثالثا المعايير األساسية لنجاح الخيارات االستراتيجية ‪95........................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي باإلدارة المحلية ‪97 ................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬شروط نجاح التخطيط االستراتيجي والمعوقات التي تحول دون تطبيقه‪99..................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروط نجاح التخطيط االستراتيجي‪99 ................................................................‬‬
‫‪339‬‬
‫فهـــــــرس المحتويــــــــــــات‬

‫الفرع الثاني‪ :‬معوقات استخدام التخطيط االستراتيجي ‪102 .......................................................‬‬


‫المبحث الثالث‪ :‬اإلطار النظري للتنمية المحلية‪105..................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التنمية والتنمية المحلية ‪105 ...............................................................‬‬
‫الفرع األول تعريف التنمية ونشأتها ‪105 .............................................................................‬‬
‫أوال تعريف التنمية ‪105................................................................................................‬‬
‫ثانيا نشأة فكرة التنمية ‪106...........................................................................................‬‬
‫ثالثا الفرق بين مفهوم التنمية والمفاهيم المشابهة لها ‪108....................................................‬‬
‫رابعا صيغ التنمية ‪108.................................................................................................‬‬
‫خامسا خصائص التنمية‪109...........................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني تعريف التنمية المحلية وأهدافها ‪110 .................................................................‬‬
‫أوال تعريف التنمية المحلية ‪110.....................................................................................‬‬
‫ثانيا ظهور مصطلح التنمية المحلية ‪112...........................................................................‬‬
‫ثالثا أهداف التنمية المحلية ‪113.....................................................................................‬‬
‫رابعا دوافع االهتمام بالتنمية المحلية ‪114.........................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬نماذج ومؤشرات التنمية المحلية ‪115 ...............................................................‬‬
‫أوال نماذج التنمية المحلية ‪115......................................................................................‬‬
‫ثانيا مؤشرات التنمية المحلية ‪116..................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبادئ التنمية المحلية ومقوماتها ‪118 ...........................................................‬‬
‫الفرع األول مبادئ التنمية المحلية ‪119 ..............................................................................‬‬
‫الفرع الثاني مقومات التنمية المحلية ‪120............................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النظريات المفسرة للتنمية المحلية ومراحلها األساسية ‪121...................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬النظريات المفسرة للتنمية المحلية ‪121 ..............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مراحل التنمية المحلية ‪122.............................................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مجاالت التنمية المحلية والمعوقات التي تحول دون تحقيقها ‪123 ..........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مجاالت التنمية المحلية‪123 ............................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معوقات التنمية المحلية ‪124 ..........................................................................‬‬
‫خالصة واستنتاجات‪126 .................................................................................................‬‬

‫‪340‬‬
‫فهـــــــرس المحتويــــــــــــات‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي المحلي بالتنمية المحلية (نماذج مختارة) ‪130.........‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الدور التنموي لإلدارة المحلية على المستوى المحلي ‪130 ....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في المجال السياسي واإلداري‪132....................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في المجال االقتصادي واالجتماعي‪135 .............‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تحقيق التنمية على المستوى المحلي في مجال اإلسكان وحماية البيئة‪138.................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي وشروط نجاحه‪140 ....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي‪141..................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التخطيط في مجال العمران والتهيئة العمرانية ‪142................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التخطيط في مجال تنمية الموارد البشرية ‪143.....................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التخطيط في المجال االجتماعي ‪145 ................................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التخطيط في المجال االقتصادي‪146 .................................................................‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬التخطيط في مجال حماية البيئة‪148 ..............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العوامل الخارجية المؤثرة على التخطيط في اإلدارة المحلية ‪149.............................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط نجاح التخطيط االستراتيجي على المستوى المحلي ‪151...............................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬دور التخطيط االستراتيجي المحلي في تحقيق التنمية المحلية‪155 ...........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مراحل عملية التخطيط االستراتيجي للتنمية المحلية ‪156.......................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور الشراكة المحلية والعالمية في تحقيق التنمية المحلية الشاملة‪159.....................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التوجهات التنموية لإلدارة المحلية باستخدام آلية التخطيط االستراتيجي ‪169..............‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬تجارب دولية في التخطيط االستراتيجي المحلي‪172.............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التخطيط االستراتيجي المحلي في المملكة المغربية ‪173 ........................................‬‬
‫الفرع األول وحدات اإلدارة المحلية في المغرب‪174 ...............................................................‬‬
‫الفرع الثاني التخطيط االستراتيجي الالمركزي التشاركي في المغرب‪177......................................‬‬
‫الفرع الثالث تطبيق التخطيط االستراتيجي لجماعة سكورة الحدرة المغربية‪182 .............................‬‬
‫الفرع الرابع معيقات التخطيط االستراتيجي المحلي في المغرب‪188 ............................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التخطيط االستراتيجي المحلي في جمهورية مصر العربية ‪189 ..............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وحدات اإلدارة المحلية في مصر ‪190 ...............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سلبيات النظام اإلداري في مصر‪195 .................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬األسباب الداعية لألخذ بأسلوب التخطيط اإلقليمي في مصر‪196.................................‬‬
‫‪341‬‬
‫فهـــــــرس المحتويــــــــــــات‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تجربة التخطيط المحلي التشاركي في مصر ‪199...................................................‬‬


‫الفرع الخامس‪ :‬المشاكل التي يواجهها التخطيط اإلقليمي في مصر ‪202.....................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الدروس المستخلصة من تجربتي المغرب ومصر في التخطيط ‪205..........................‬‬
‫االستراتيجي المحلي‬
‫الفرع األول‪ :‬الدروس المستخلصة من تجربة المغرب في التخطيط االستراتيجي المحلي‪205 .............‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الدروس المستخلصة من تجربة مصر في التخطيط االستراتيجي المحلي ‪207 ..............‬‬
‫خالصة واستنتاجات ‪209.................................................................................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬واقع التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر ‪214 ....................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬نشأة التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪214 .............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطور منظومة التخطيط في الجزائر خالل الفترة (‪215 ...................... )2003-1962‬‬
‫الفرع األول خالل الفترة (‪215 ...................................................................... )1980-1962‬‬
‫الفرع الثاني خالل الفترة (‪215 ...................................................................... )2003-1980‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطور منظومة التخطيط في الجزائر خالل الفترة (‪216...................... )2012-2003‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مخططات التنمية المحلية في الجزائر ‪217........................................................‬‬
‫الفرع األول المخططات الوطنية التنموية‪217 ........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني المخططات االستثمارية التنموية‪218 ..................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة التخطيط االستراتيجي بالتنمية المحلية في الجزائر‪223 ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أسس سياسات التنمية المحلية في الجزائر ‪223 .................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف سياسات التنمية المحلية في الجزائر‪226..................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مجاالت التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪227..........................................‬‬
‫الفرع األول التخطيط االقتصادي المحلي في الجزائر‪227...........................................................‬‬
‫الفرع الثاني التخطيط البيئي المحلي في الجزائر ‪230...............................................................‬‬
‫الفرع الثالث التخطيط االستراتيجي للتمويل المحلي‪237............................................................‬‬
‫الفرع الرابع التخطيط االستراتيجي لتنمية الموارد البشرية والقضاء على البطالة‪240 ......................‬‬
‫الفرع الخامس التخطيط االستراتيجي للتنمية السياحية‪254 .......................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التحديات التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪258 ...............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التحديات السياسية‪258 ................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات االجتماعية ‪260 ............................................................................‬‬
‫‪342‬‬
‫فهـــــــرس المحتويــــــــــــات‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التحديات اإلدارية ‪269.................................................................................‬‬


‫المطلب الرابع‪ :‬تحديات المالية المحلية ‪269 .........................................................................‬‬
‫الفرع األول اإليرادات الذاتية للجماعات المحلية‪271................................................................‬‬
‫الفرع الثاني اإليرادات الخارجية للجماعات المحلية‪275............................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬محدودية إيرادات المالية المحلية ‪273 ...............................................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬بعض الحلول المقترحة لتفعيل تجسيد التخطيط االستراتيجي المحلي في الجزائر‪276....‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطوير القدرات الفنية واإلدارية لإلداريين والمنتخبين ‪276.....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مكافحة الفساد اإلداري في تسيير الجماعات المحلية ‪278 .....................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تفعيل التعاون ما بين البلديات ودعم دورها على المستوى الدولي‪279......................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تفعيل التعاون ما بين البلديات ‪279 ....................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دعم دور البلديات على المستوى الدولي ‪281 ......................................................‬‬
‫المطلب الرابع إعادة النظر في ميكانيزمات التمويل المحلي‪281 .................................................‬‬
‫المطلب الخامس توفر مجتمع مدني فعال‪283 ........................................................................‬‬
‫المطلب السادس ضرورة االعتماد على المقاربة التشاركية ‪285.................................................‬‬
‫خالصة واستنتاجات‪289..................................................................................................‬‬
‫خاتمـــــــة‪292 ............................................................................................................‬‬
‫قائمــــة المراجــــع‪299 ..................................................................................................‬‬
‫المالحــــــق‪315 ...........................................................................................................‬‬
‫فهرس الجـــداول واألشكــــال‪334......................................................................................‬‬
‫فهـــرس المحتويـــــات‪337..............................................................................................‬‬
‫ملخــــص الدراســــة‪344.................................................................................................‬‬

‫‪343‬‬
‫ملخــــــــــص الدراســــــــــــــــــة‪:‬‬

‫لقد أثبتت التجارب التطبيقية للتخطيط االستراتيجي أن اإلدارة التي تخطط استراتيجيا تتفوق في أداءها‬
‫الكلي على اإلدارة التي ال تخطط استراتيجيا‪ ،‬وعلى اعتبار أن اإلدارة المحلية وسيط بين المواطن‬
‫واإلدارة المركزية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالخدمة العمومية‪ ،‬إذ يتم من خاللها تنفيذ السياسة االقتصادية‬
‫واالجتماعية للدولة‪ ،‬فإن تبنيها ألسلوب التخطيط االستراتيجي سيساعدها على بلورة رؤيتها االستراتيجية‬
‫بشكل واضح باإلضافة إلى صياغة رسالتها وغاياتها وأهدافها االستراتيجية‪ ،‬كما أنه سيساعدها على تحديد‬
‫مسارها ووضع اإلطار العام لتصرفاتها عند مواجهة التغييرات البيئية بكل أشكالها‪ .‬فالتخطيط‬
‫االستراتيجي يعد الوسيلة المنهجية لتقليل درجة عدم التأكد والمخاطر المرتبطة بالمتغيرات الخارجة عن‬
‫إرادة اإلدارة المحلية وكذا التعرف على الفرص المتاحة لها والتهديدات التي تواجهها‪.‬‬
‫وقد جاءت هذه الدراسة لتعالج موضوع التخطيط االستراتيجي المحلي كآلية لإلدارة المحلية في تحقيق‬
‫التنمية المحلية‪ :‬دراسة حالة الجزائر‪ ،‬في محاولة إلبراز أهمية التخطيط االستراتيجي في تحقيق التنمية‬
‫على المستوى المحلي‪ ،‬ومحاولة الوقوف على أهم التحديات التي تواجه تجسيد التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي في الجزائر وسبل معالجتها‪ ،‬وذلك من خالل اإلجابة على اإلشكالية المطروحة والتي تمحورت‬
‫حول مدى قدرة اإلدارة المحلية على تحقيق التنمية المحلية الشاملة باألخذ بأسلوب التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي‪.‬‬
‫وقد خلص البحث إلى مجموعة من الحلول المقترحة من أجل تفعيل تجسيد التخطيط االستراتيجي‬
‫المحلي في الجزائر‪ ،‬من بينها تطوير القدرات الفنية واإلدارية لإلداريين والمنتخبين‪ ،‬مكافحة الفساد‬
‫اإلداري في تسيير الجماعات المحلية‪ ،‬تفعيل التعاون بين البلديات ودعم دورها على المستوى الدولي‪،‬‬
‫إعادة النظر في ميكانيزمات التمويل المحلي‪ ،‬توفر مجتمع مدني فعال واالعتماد على المقاربة التشاركية‪،‬‬
‫وبالتالي فإن تحقيق التنمية المحلية في الجزائر يتطلب رسم استراتيجيات تنطلق من اإلقليم المحلي تحدد‬
‫فيها الجماعات المحلية تصوراتها ومحتوياتها‪ ،‬وهذا حتى يتناسب مع خصوصياتها المختلفة‪ ،‬فالسلطات‬
‫المحلية هي التي يمكنها بالفعل أن تعبر عن حاجات اإلقليم مع مشاركة المواطنين التابعين لهذا اإلقليم‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬التخطيط االستراتيجي المحلي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬التنمية المحلية‪ ،‬اإلدارة المحلية‬

‫‪344‬‬
Résumé:
Les mis en place des plannings stratégiques ont confirmé que les administrations qui sont
stratégiquement bien planifiées réussissent dans leurs rendements devant les administration
qui n’ont jamais eu de planification stratégique ; étant donne que l’administration locale est
un intermédiaire entre le citoyen et les autorités centrales , notamment en ce qui concerne le
service public , et à travers ce lien des programme économique , sociaux de l’état sont mise en
œuvre , l’adoption d’un planning stratégique par l’administration permet à cette dernière
d’avoir une vision stratégique éclaire qui lui facilite le définition de ses objectives et buts
stratégiques , en outre , il lui permet de bien tracer son chemin et le cadre général de ses
mouvements en cas de changement environnementaux de toute formes . le planning
stratégiques est un moyen méthodologique qui sert à démineur l’insécurité et les risques
relatifs à changements extérieurs qui ne dépend pas à la volonté de l’administration , et lui fait
connaitre ainsi ses opportunités et les menaces auxquelles elle pourrait en faire face.

Cette étude s’intervienne dans le traitement du sujet de planning stratégique local comme
un mécanisme pour l’administration locale afin de réaliser le développement local : étudier
l’Algérie comme un cas , dans le but de démonter l’importance du planning stratégique dans
la réalisation du développement au niveau local , en essayant de dévoiler les défis qui pourrait
faire obstacle dans la concrétisation de ce planning stratégique local en Algérie et les
méthodes pour en remédier , à travers la réponse au problématique posé qui se focalise sur la
capacité de l’administration locale de réaliser un développement total avec un planning
stratégique local.

A travers cette étude , nous avons pu tirer quelque solutions pour concrétiser le planning
stratégique local en Algérie , tel que le développement du potentiel et capacités technique des
administrateurs et les élus , lutter contre la corruption administrative dans la gestion des
collectivités locales , établir une collaboration intercommunales et soutenir son rôle au niveau
international , revoir les mécanisme de financement au niveau local , faire naitre une société
civile efficace qui se base sur une approche de partage , par conséquence , la réalisation du
développement local en Algérie nécessite de mettre en place une stratégie qui démarre par le
territoire local dans laquelle les objectives et les envisagements sont bien définies , qui
serraient adéquate avec ses spécification divers, à cet effet , les autorités locales sont les
seules réellement compétent qui pourrait manifestent son besoins avec la collaboration de ses
citoyens dépendant d’une même territoire.

Mots clés : planning stratégique local , Algérie , développement local , administration local.

345
Abstract:

Implementing strategic plans has confirmed that administrations that are strategically well
planned perform well comparing with the administrations that have never had strategic
planning; given that the local administration is an intermediary between the citizen and the
central authorities, especially with regard to the public service, and through this link the
economic, social programs of the state is being executed , the adoption of 'a strategic planning
by the administration allows to it have an enlightened strategic vision which facilitates the
definition of its objectives and strategic goals, in addition, it allows it to chart his way and the
general framework of his movements in cases of environmental change of any form. Strategic
planning is a methodological method that serves to reduce insecurity and risks related to
external changes that does not depend on the will of the administration, and thus makes
known its opportunities and the threats it would face.

This study deal with the topic of local strategic planning as a mechanism for the local
administration to realize the local development: we took Algeria as our case, with the aim of
disassembling the importance of the strategic planning in the implementation of local
development, trying to uncover the challenges that could impede the realization of this local
strategic planning in Algeria and methods to find solution , through the answer to the posed
problem, which focuses on the ability of local administration to achieve total development
with local strategic planning.

Through this study, we have been able to find some solutions to concretize the local
strategic planning in Algeria, such as the development of the potential and technical capacities
of administrators and elected officials, fight against administrative corruption in the
management of local authorities , establish a collaboration inter-municipal and support its role
at the at the international level, review funding mechanisms at the local level, create an
effective civil society based on a sharing approach, therefore, the realization of local
development in Algeria requires to implement a strategy starting from the local territory in
which the objectives and the plans are well defined, which would be adequate with its various
specifications for this purpose, the local authorities are the only really competent who could
manifest his needs with the collaboration of his citizens belonging to the same territory.

key word : strategic planning ,Algeria, local development , local administration

346

You might also like